المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

1 - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 2   -‌ ‌ كتاب الْإِيمَان وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ - الذخيرة للقرافي - جـ ٤

[القرافي]

فهرس الكتاب

1 -

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

2

-‌

‌ كتاب الْإِيمَان

وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا حَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِذَلِكَ وَقِيلَ الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَسُمِّيَ الْعُضْوُ يميتا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} الحاقة 45 أَيْ بِالْقُوَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ عَنِ الْوُجُودِ أَوِ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ يَمِينًا بِخِلَافِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هُوَ رَبْطُ الْعَقْدِ بِالِامْتِنَاعِ أَوِ التَّرْكِ أَوْ بِالْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلٍ بِمَعْنًى مُعْظَّمٍ حَقِيقَةً أَوِ اعْتِقَادًا وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ أَحَدُهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ يُتَصَوَّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّي السَّاكِتَ حَالِفًا وَثَانِيهَا أَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَقَدِ كَمَا فِي الْغَمُوسِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَكُونُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ أَوْ تَرْكِهِ فَلَا يَكُونُ فِيهَا إِقْدَامٌ وَلَا إِحْجَامٌ وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ هُوَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ وَضْعًا إِنْشَائِيَّةٌ بِمَعْنى مُتَعَلقَة بمنى مُعْظَّمٍ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مُؤَكَّدَةً بِجُمْلَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا فَقَوْلُنَا خَبَرِيَّةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ صِيغَتُهَا وَقَوْلنَا إنشائية لِأَنَّهَا لَا تجمل التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ فَهِيَ نَحْوُ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَأَنْتَ حُرٌّ وَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا احْتِرَازًا مِنْ تَكْرِيرِ الْقَسَمِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى حَالِفًا إِلَّا إِذَا ذَكَرَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَبَقِيَّةُ الْقُيُودِ ظَاهِرَةٌ وَقَدْ خَصَّصَ الشَّرْعُ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ مَوَارِدِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَظَّمُ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ الْعُلَى كَمَا صَنَعَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَغَيرهمَا وَفِي الْكتاب سِتَّة أَبْوَاب

ص: 5

1

-‌

‌ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهِ

وَفِي الْمُقْدِّمَاتِ هُوَ مُبَاحٌ فِي الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَمُحَرَّمٌ وَهُوَ الْحَلِفُ بِاللَّاةِ وَالْعُزَّى وَمَا يعبد من دون الله تَعَالَى لِأَن الْحَلِفَ تَعْظِيمٌ وَتَعْظِيمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُفْرٌ وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ الْحَلِفُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ وَقَالَهُ ش لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام إِنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَلْزَمُ كَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَإِلَى مَا لَا يَلْزَمُ كَالْتِزَامِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَالْحَلِفُ بِالرَّسُولِ عليه السلام أَوِ الْكَعْبَةِ أَوِ الْمَشْيِ إِلَى السُّوقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ كَالنَّبِيِّ عليه السلام وَالْكَعْبَةِ مَمْنُوعٌ فَمَنْ فَعَلَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْحَلِفِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْقُدْرَةِ فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ وَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: الْكَرَاهَةُ فِي: لَعَمْرُ الله وَأَمَانَة الله وان احْلِف بالقران والمصحف لَيْسَ بِيَمِين والاكفارة فِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِصِفَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ كَالرِّزْقِ وَالْخَلْقِ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلَّخْمِيِّ دُونَ الْمُقَدِّمَاتِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ الْقَدِيمَةِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ أَيُّوبَ عليه السلام قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ

ص: 6

سُؤَالٌ قَالَ عليه السلام فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ السَّائِلِ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ فَقَدْ حَلَفَ عليه السلام بِمَخْلُوقٍ وَجَوَابُهُ إِمَّا مَنْعُ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّأِ أَوْ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَإِمَّا بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ تَوْطِئَةِ الْكَلَامِ لَا الْحَلِفَ نَحْوَ قَوْلهم قَاتله الله مَا أكْرمه وَقَوْلِهِ عليه السلام لِعَائِشَةَ تَرِبَتْ يَدَاكِ وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ خَرَجَ عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى تَوْطِئَةِ الْكَلَامِ قَاعِدَةٌ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّعْظِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا كَتَوْحِيدِهِ بِالْعِبَادَةِ وَالْخَلْقِ وَالْإِرْزَاقِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يُشْرِكَ مَعَهُ تَعَالَى غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِجْمَاعًا كَتَوْحِيدِهِ بِالْوُجُودِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِهِمَا فَيجوز أَن يُوصف غَيره بِذَلِكَ إِجْمَاعًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِيهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقْسَمَ على الله تَعَالَى بِبَعْض مخلوقاته فَإِن لقسم بِهَا تَعْظِيمٌ لَهَا نَحْوَ قَوْلِنَا بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا وَنَحْوِهِ وَقَدْ حَصَلَ فِيهِ تَوَقُّفٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَرُجِّحَ عِنْدَهُ التَّسْوِيَةُ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ حَلِفُهُ تَعَالَى بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَالسَّمَاءِ وَالشَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنَ الْعلمَاء من قَالَ تَقْدِيره أقسم بهَا لينَة عِبَادَهُ عَلَى عَظَمَتِهَا عِنْدَهُ فَيُعَظِّمُونَهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْحَجْرِ عَلَيْنَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيد

ص: 7

1

-‌

‌ الْبَاب الثَّانِي فِي الْمُوجب لكفارة

وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ أَمَّا الصَّرِيحُ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِنُطْقِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى نِيَّةٍ فَفِي الْكِتَابِ الْحَلِفُ بِجَمِيعِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ نَحْو الْعَزِيز اللَّطِيف أَو عزة اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَلَعَمْرُ اللَّهِ وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ ذِمَّتُهُ أَوْ كَفَالَتُهُ أَوْ مِيثَاقُهُ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش الْعَهْدُ وَالْكَفَالَةُ وَالْمِيثَاقُ وَقَوْلُنَا وَحَقِّ اللَّهِ وَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَلِيمِ وَالْجَبَّارِ كِنَايَاتٌ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ إِنْ نَوَى الْقَدِيمَ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْعَهْد أَرْبَعَة: تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي وَجْهٍ، وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ، ومختلف فِي الرَّابِعِ، فَالْأَوَّلُ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، وَالِاثْنَانِ: لَكَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَأُعْطِيكَ عَهْدَ اللَّهِ، وَالرَّابِع: أعَاهد الله، اعْتَبرهُ ابْن حبيب وأسقطه ابْنُ شَعْبَانَ، قَالَ: وَهُوَ أَحْسَنُ، وَقَالَ ابْنُ عبد الحكم: لآها اللَّهِ، يَمِينٌ، نَحْوُ بِاللَّهِ وَفِي الْبَيَانِ: إِذَا قَالَ: يعلم 1 الله لافعلت، اسْتَحَبَّ لَهُ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ احْتِيَاطًا، تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ أَيْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِنْ أَرَادَ الْحَلِفَ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ حُرُوفَ الْقَسَمِ قَدْ تُحْذَفُ، وَإِذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ: فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْكَفَّارَةُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْقَدِيمِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْحُرُوفِ لِأَن الْمُتَبَادِرُ فِي الْعُرْفِ إِلَى الذِّهْنِ وَالْفَهْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَيْمُ اللَّهِ يَمِينٌ وَفِي الْكِتَابِ وَعِزَّةِ اللَّهِ لِمَالِكٍ فِي إِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ رِوَايَتَانِ

ص: 8

فَوَائِدُ أَمَانَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَكْلِيفُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الْأَحْزَاب 72 الْآيَة إِلَى قَوْله {وَحملهَا الْإِنْسَان} وَتَكْلِيفُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ فَهِيَ صِفَتُهُ تَعَالَى وَعَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بَقَاؤُهُ وَهُوَ اسْتِمْرَارُ وَجُودِهِ مَعَ الْأَزْمَانِ وَوُجُودُهُ ذَاتُهُ وَعَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى إِلْزَامُهُ لقَوْله تَعَالَى {وأوفوا بعهدي} الْبَقَرَة 40 أَيْ تَكْلِيفِي فَهُوَ صِفَةُ ذَاتِهِ تَعَالَى وَذِمَّتُهُ إِلْزَامه فَيَرْجِعُ إِلَى خَبَرِهِ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ وَالْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالْحَلِفِ فَيَرْجِعُ إِلَى كَلَامه تَعَالَى وأيمن الله تَعَالَى قَالَ سسيبويه هُوَ مِنَ الْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ ش هُوَ كِنَايَةٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمُحْدَثِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَرْزَاقِ وَبَيْنَ الْقَدِيمِ الَّذِي هُوَ جَلَالُ اللَّهِ وَعَظَمَتُهُ تَعَالَى وَمِنْهُ قَوْلُهُ تبارك وتعالى {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} الْملك 1 أَي عظم شَأْنه وَكبر عَلَاؤُهُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ جَمْعُ يَمِينٍ فَيَكُونُ الْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي أَيمن الْمُسْلِمِينَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَيُقَالُ أَيْمَنُ اللَّهِ وَأَيْمُ اللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَمُ اللَّهِ

‌فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ لَيْسَ لِمَالِكٍ وَلَا لِأَصْحَابِهِ فِيهَا نَصٌّ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ فَأَجْمَعُوا عَلَى لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ وَالْعَتَاقِ فِي جَمِيعِ الْعَبِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَالْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ فِي الْحَجِّ وَالتَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ

أَمْوَالِهِ وَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَقَالَ أَبُو بكر بن عبد الرحمان وَأَكْثَرُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَقَالَ أَبُو عمرَان والعراقيون وَاحِدَة وَاخْتَارَ الْأُسْتَاذ أَن لَا تَلْزَمَهُ إِلَّا ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ حَمْلًا لِلْيَمِينِ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ الْمَشْرُوعُ قَالَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ عُرْفًا وَحَمْلًا لِلصِّيغَةِ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمَة لي أَوْ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ أَوِ الْأَيْمَانُ كُلُّهَا تَلْزَمُنِي وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ تَلْزَمُهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَيَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَنِ

ص: 9

اعْتَادَ الْحلف بِصَوْم سنة لزمَه وَهَكَذَا يَجْرِي فِي حُكْمِ أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَهِيَ أَيْمَانٌ رتبها الْحجَّاج فِيهَا الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْحَجِّ وَصَدَقَةِ الْمَالِ يَحْلِفُ بِهَا النَّاس عِنْد الْبيعَة قَالَ صَاحب التخليص وَاخْتُلِفَ هَلِ الطَّلْقَةُ بَائِنَةٌ أَوْ رَجْعِيَّةٌ قَالَ ومنشأ الْخلاف اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي أَشَدِّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ هَلْ تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ قَوَاعِدُ الْيَمِينُ حَقِيقَتُهُ لُغَةً الْحَلِفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ فَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَلِفٌ مُحْدَثٌ وَالْعَلَاقَةُ فِي هَذَا الْمَجَازِ أَنَّ الْحَالِفَ مُلْتَزِمٌ لِحُكْمٍ عَلَى تَقْدِيرٍ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحِنْثِ وَالْمُعَلَّقُ مِنَ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى تَقْدِيرِ وُجُوبِ الشَّرْطِ ثُمَّ هَذَا الْمَجَازُ مِنْهُ خَفِيٌّ لَمْ يَتَرَجَّحْ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا سِوَاهَا نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ هدي أَو بِنَاء مَسْجِد أَو الْغَزْو وَمِنْهُ رَاجِحٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ مُسَاوٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَيَدُلُّ عَلَى الشُّهْرَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَوْلُهُ عليه السلام الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ يَمِينُ الْفُسَّاقِ فَسَمَّاهُمَا أَيْمَانًا وَمِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مُسَمَّيَاتِهِ وَغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي مجازاته المستوية ومجازه وَحَقِيقَته فَلذَلِك حَمَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ اللَّفْظَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ التَّعَالِيقِ وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا الْيَمِينُ أَصْلُهُ مِنَ الْقُوَّةِ لِأَنَّهُ يُقَوِّي الْمُخْبَرَ عَنْهُ فَالتَّعَالِيقُ أَيْضًا مُقَوِّيَاتٌ لِلْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ فَيَكُونُ اللَّفْظُ مُتَوَاطِئًا فِي الْجَمِيعِ وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْعُمُومِ فَيَعُمُّ الْجَمِيعَ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ بِالْإِجْمَاع وَقد تقدم تَقْرِيره أول الْكتاب

ص: 10

وَقَاعِدَةُ ش حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقَائِقِهِ وَمَجَازَاتِهِ وَمَجَازِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَصله فَقَالَ إِن نوى شَيْئا لزمَه وَإِلَّا فَلَا مُحْتَجًّا بِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ فَيَتْبَعُ النِّيَّةَ وَالصَّرِيحُ هُوَ النُّطْقُ بِالِاسْمِ الْمُعْظَّمِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كُلَّ مَا يُعْتَقَدُ صَرِيحًا فَلَفْظُ الْيَمِينِ صَادِقٌ عَلَيْهِ حَقِيقَةً فِي اللُّغَةِ فَلَفْظُ الْأَيْمَانِ تَتَنَاوَلُ الصَّرِيحَ بِالْوَضْعِ وَالْكِنَايَةُ لَا تَتَنَاوَلُ بِالْوَضْعِ بَلْ تَصْلُحُ لِلتَّنَاوُلِ فَلَيْسَتْ بِكِنَايَةٍ فَإِنْ قِيلَ لَفْظُ الْيَمِينِ يَتَنَاوَلُ قَوْلَنَا وَاللَّهِ مِنْ جِهَةِ عُمُومِ كَوْنِهِ حَلِفًا لَا مِنْ جِهَةِ خُصُوصِ قَوْلِنَا وَاللَّهِ بَلْ لَفْظُ الْيَمِينِ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِنَا وَالْكَعْبَةِ وَحَيَاتِي وَلَعَمْرِي وَالدَّالُّ عَلَى الْأَعَمِّ غَيْرُ الدَّالِّ عَلَى الْأَخَصِّ وَغَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لَهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً قُلْنَا الْقَائِلُ أَيْمَانُ الْمُسلمين والأيمان نَطَقَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ الشَّامِلَةِ لِكُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِأَنَّ اللَّامَ لِلْعُمُومِ وَاسْمُ الْجِنْسِ إِذَا أُضِيفَ عَمَّ فَكَانَتِ الصِّيغَةُ مُتَنَاوِلَةً لِكُلِّ يَمِينٍ مَخْصُوصَةٍ فَيَكُونُ صَرِيحًا أَجْمَعْنَا عَلَى سُقُوطِ مَا لَمْ يُشْرَعْ وَمَا لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا بَقينَا فِي صِفَةِ الْعُمُومِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ قَالَ ابْن يُونُس إِذا قَالَ أَشد مَا أَخذ أحد على أحد وَلَا نِيَّة لَهُ وَحنث طلق نساؤه وَعَتَقَ عَبِيدَهُ وَمَشَى إِلَى الْبَيْتِ وَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْخِصَالِ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ صِيغَةً اللَّهُ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ ولعمر الله وَوَاللَّه وَيعلم الله ووحق الله وأيم الله وباسم اللَّهِ وَبِعِزَّةِ اللَّهِ وَبِكِبْرِيَاءِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ وعظمة الله وَأَمَانَة الله وَعَهْدِ اللَّهِ وَذِمَّةِ اللَّهِ وَكَفَالَةِ اللَّهِ وَمِيثَاقِ اللَّهِ وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ وَأَعْزِمُ بِاللَّهِ وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ وَعَلَيَّ نَذْرٌ لِلَّهِ وَبِالْقُرْآنِ وَبِالْمُصْحَفِ وَبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَبِالتَّوْرَاةِ وَبِالْإِنْجِيلِ وَالْكِنَايَةُ مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَغَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ فَفِي الْكِتَابِ إِذا قَالَ أشهد أَو أقسم أَو أَحْلف أَو أعز إِن أَرَادَ بِاللَّه فَهُوَ يَمِين إِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْحَابُنَا مَعَاذَ اللَّهِ لَيْسَتْ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يُرِيد الْيَمين

ص: 11

وَقيل معَاذ الله وحاشا لله لَيست يَمِينًا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَعَاذَ مِنَ الْعَوْذِ وَمُحَاشَاةَ اللَّهِ مِنَ التَّبْرِئَةِ إِلَيْهِ فَهُمَا فِعْلَانِ مُحْدَثَانِ تمهيد لما تقدم أَن أَسمَاء الله تَعَالَى كُلَّهَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهَا وَتُوجِبُ الْكَفَّارَةَ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي إِمَّا لِدَلَالَتِهَا كُلِّهَا عَلَى الذَّاتِ إِمَّا مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ وَهُوَ قَوْلُنَا وَاللَّهِ لِأَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ مَوْضُوعٌ لِلذَّاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ عَلَمًا عَلَيْهَا لِجَرَيَانِ النعوت عَلَيْهِ فَنَقُول الله الرحمان الرَّحِيمُ وَقِيلَ لِلذَّاتِ مَعَ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ وَإِمَّا لدلالتها على الذَّاتِ مَعَ مَفْهُومٍ زَائِدٍ وُجُودِيٍّ قَائِمٍ بِذَاتِهِ تَعَالَى نَحْوَ قَوْلِنَا عَلِيمٌ أَوْ وُجُودِيٌّ مُنْفَصِلٌ عَنِ الذَّاتِ نَحْوَ خَالِقٍ أَوْ عَدَمِيٍّ نَحْوَ قُدُّوسٍ ثُمَّ هُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَا وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ وَلَا يُوهِمُ نَقْصًا نَحْوَ الْعَلِيمِ فَيَجُوزُ إِطْلَاقُهُ إِجْمَاعًا وَمَا لَمْ يَرِدِ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ مُوهِمٌ فَيَمْتَنِعُ إِطْلَاقُهُ إِجْمَاعًا نَحْوَ متواضع وَمَا ورد السّمع وَهُوَ مُوهِمٌ فَيُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى مَحَلِّهِ نَحْوَ مَاكِرٌ وَمَا لَمْ يَرِدِ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُوهِمٍ فَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَيَجُوزُ عِنْدَ الْقَاضِي وَقِيلَ بِالْوَقْفِ نَحْوَ السَّيِّدِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَكُلُّ مَا جَازَ إِطْلَاقُهُ جَازَ الْحَلِفُ بِهِ وَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ وَإِلَّا فَلَا فَتُنَزَّلُ الْأَقْسَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا وَمَا يُسَمَّى صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قَدِيمٌ وَمُحْدَثٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ وَالْمُحْدَثُ قِسْمَانِ وُجُودِيٌّ نَحْوَ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ فَلَا يُحْلَفُ بِهِ وَلَا يُوجِبُ كَفَّارَةً وَسَلْبِيٌّ نَحْوَ الْحِلْمِ وَالْإِمْهَالِ وَالْعَفْوِ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ تَأَخُّرُ الْعُقُوبَةِ وَالثَّالِثَ إِسْقَاطُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْوُجُودِيِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا بِخُصُوصِهِ وَالْقَدِيمُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا هُوَ عَائِدٌ إِلَى نَفْسِ الذَّاتِ كَالْوُجُودِ وَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ فَيَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَا هُوَ زَائِدٌ عَلَى الذَّاتِ وُجُودِيٌّ وَهُوَ سَبْعَةٌ الْعِلْمُ

ص: 12

وَالْكَلَامُ وَالْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْحَيَاةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَمَا لَحِقَ بِهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا وَإِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ كَالْأَمَانَةِ وَالْعَهْدِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ هَلْ هُمَا وُجُودِيَّانِ أَمْ لَا وَفِي الْوَجْهِ والعينيين وَالْيَدَيْنِ هَلْ تَرْجِعُ إِلَى السَّبْعَةِ عَلَى حَسْبِ مَا تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ التَّعْبِيرِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَوْ هِيَ صِفَاتٌ وُجُودِيَّةٌ لَا نَعْلَمُهَا وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ وَمَا هُوَ سَلْبِيٌّ قِسْمَانِ سَلْبُ نَقْصٍ كَسَلْبِ الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ عَنْ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ تَعَالَى وَسَلْبِ الْمُشَارِكِ فِي الْكَمَالِ وَهُوَ الْوَحْدَانِيَّةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْوُجُودِيِّ وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا بِخُصُوصِهَا مفصلة وَالثَّالِث الَّذِي اخْتلف فِيهِ هـ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ كَالْغَضَبِ وَالسَّخَطِ وَالرِّضَا وَالرَّحْمَةِ فَإِنَّ حَقَائِقَهَا اللُّغَوِيَّةَ مُسْتَحِيلَةٌ عَلَيْهِ تَعَالَى لِكَوْنِهَا تَغَيُّرَاتٍ فِي الْأَمْزِجَةِ وَهُوَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْمِزَاجِ وَتَغَيُّرَاتِهِ فَحَمَلَهَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عَلَى إِرَادَةِ آثَارِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكَوْنِ الْمُتَّصِفِ بِهَا مِنَ الْمُحْدَثِينَ يُرِيدُ هَذِهِ الْآثَارَ عِنْدَ قِيَامِ هَذِهِ الْمَعَانِي بِهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُمُورُ قَدِيمَةً فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَحَمَلَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى آثَارِهَا لِكَوْنِهَا مُلَازِمَةً لَهَا غَالِبًا فَعَبَّرَ عَنْهَا فَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ الْإِحْسَانُ وَالْغَضَبِ الْعُقُوبَةُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مُحْدَثَةً فَلَا تُوجِبُ كَفَّارَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْحَالِفُ بِرِضَا اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَسَخَطِهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفُتْيَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّيْخِ دُونَ الْقَاضِي وَبُسِطَ هَذَا كُلُّهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَإِنَّمَا الْفَقِيه يحْتَاج هَا هُنَا إِلَى مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَا لَا يُوجِبُ وَقَدْ تَلَخَّصَ ذَلِكَ مُسْتَوْعَبًا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى تَنْبِيهٌ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي اللُّغَةِ تَكُونُ لِلْعَهْدِ فَالْقَائِلُ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى مَا عُهِدَ الْحَلِفُ بِهِ وَهُوَ الْقَدِيمُ وَأَنَّ اللَّفْظَ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْمُحْدَثَ وَالْقَدِيمَ وَأَمَّا الْإِضَافَةُ فَلَمْ تُوضَعْ للْعهد وعَلى هَذَا قَالَ وَعِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِزَّتِهِ انْدَرَجَ فِيهِ الْقَدِيمُ وَالْمُحْدَثُ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إِذَا أُضِيفَ عَمَّ وَالْإِضَافَةُ تَكْفِي فِيهَا أَدْنَى نِسْبَةٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلَيِ الْخَشَبَةِ مِثْلَ طَرَفِكَ وَالْمُحْدَثَاتُ تُضَافُ إِلَى الله

ص: 13

تَعَالَى لِأَنَّهُ خَلَقَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} التَّحْرِيم 12 قَالَ نَفَخَ فِيهِ رُوحًا مِنْ أَرْوَاحِهِ إِشَارَةً إِلَى أَرْوَاحِ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا وَإِنَّ رُوحَ عِيسَى عليه السلام مِنْ جُمْلَتِهَا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَهُوَ مُتَّجِهٌ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ لَا فِي الْجَوَازِ أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلِأَنَّ الصِّيغَةَ لِلْعُمُومِ فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الْقَدِيمُ وَالْمُحْدَثُ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمُوجِبُ وَغَيْرُ الْمُوجِبِ وَجَبَ الْحُكْمُ وَأَمَّا الْجَوَازُ فَلِانْدِرَاجِ مَا لَا يُبَاحُ مَعَ مَا يُبَاحُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ بِخُصُوصِهِ فِي الْقَدِيمِ حَتَّى صَارَ مَنْقُولًا لَهُ وَمَا هُوَ أَيْضًا مُتَّجِهٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَرَادَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ الْقَدِيمَةَ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ أَوِ الْمُحْدَثَةَ لَمْ تَجِبْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يصفونَ} الصافات 185 {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} النِّسَاء 85 وَالْقَدِيمُ لَا يَكُونُ مَرْبُوبًا وَلَا مَأْمُورًا بِهِ وَلِهَذِهِ الْمَدَارِكِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى قِسْمَانِ مِنْهُمَا مَا هُوَ مُخْتَصّ بِهِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْحَلِفِ كَقَوْلِنَا وَاللَّهِ وَالرَّحِيمِ وَمِنْهَا مَا لَا يخْتَص بِهِ كَالْحَكِيمِ وَالرَّشِيدِ وَالْعَزِيزِ وَالْقَادِرِ وَالْمُرِيدِ وَالْعَالِمِ فَهِيَ كِنَايَاتٌ لَا تَكُونُ يَمِينًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَجْلِ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَغَيْرِ الْمُوجِبِ كَمَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فِي سِيَاق الْحلف اشْتهر عَادَة يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى فَأَذْهَبَ الِاحْتِمَالُ اللُّغَوِيُّ النَّقْلَ الْعُرْفِيَّ وَأَمَّا فِي غَيْرِ سِيَاقِ الْحَلِفِ فَاللَّفْظُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَهَذَا الْجَوَابُ يَسْتَقِيمُ فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْحَلِفِ بِهَا أَمَّا الْحَكِيمُ وَالرَّشِيدُ وَنَحْوُهُمَا فَلَعَلَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاس لَا يعلمهَا أَسمَاء الله وَلَمْ يَشْتَهِرِ الْحَلِفُ بِهَا وَأَصْحَابُنَا عَمَّمُوا الْحُكْمَ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا وَهُوَ مُشْكِلٌ وَوَافَقَنَا جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ لَكِنَّهُمْ خَالَفُونَا فِي الصِّفَاتِ فَقَالُوا إِنْ تَعَارَفَ النَّاسُ بِالْحَلِفِ بِهَا كَانَتْ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ صِفَاتِ الذَّاتِ أَوْ صِفَاتِ الْفِعْلِ فَاشْتَرَطُوا الشُّهْرَةَ دُونَنَا وَسَوَّوْا بَيْنَ الْفِعْل وَغَيره

ص: 14

2

-‌

‌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّهُ الْتَزَمَ انْتِهَاكَ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَقْدِيرٍ مُمْكِنٍ وَاللَّائِقُ بِالْعَبْدِ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْإِثْمِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ لِمَا يُرْوَى

عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَقُولُ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي الْيَمِينِ يَحْلِفُ بِهَا فَيَحْنَثُ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَيْسَ بِإِثْمٍ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ مُعْظِّمٌ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي هَذَا السِّيَاقِ شِدَّةُ قُبْحِهَا عِنْدَ الْحَالِفِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ مُلَابَسَتَهَا مَانِعَةً لَهُ مِنَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ وَإِذَا كَانَ مُعَظِّمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ لِتَعْظِيمِهِ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قَالَ لِسَيِّدِهِ إِنْ لَمْ أُسْرِجِ الدَّابَّةَ فَأَنا أصفعك أَو فسق بِامْرَأَتِكِ لَاسْتَحَقَّ الْأَدَبَ فِي الْعُرْفِ لِذِكْرِ هَذِهِ الْقَبَائِحِ لِسَيِّدِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَوْ عرضت عَليّ هَذِه الْأُمُور لَا أَفْعَلُهَا وَلَوْ قُطِّعْتُ أَوِ انْطَبَقَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا قَبُحَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ فَأَوْلَى فِي حَقِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ تَعْظِيمٌ اتِّفَاقًا وَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَة

فرع فِي الْكتاب إِذا قَالَ لرجل أَعْزِمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ إِلَّا مَا فَعَلْتَ وَأَسْأَلُكَ بِاللَّه لتفعلن فَامْتنعَ فَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ فَيَحْنَثُ إِذَا لَمْ يُجِبْهُ الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا ينْعَقد وَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةٌ لَغْوٌ وَغَمُوسٌ وَمُنْعَقِدَةٌ وَفِي الِاسْتِذْكَارِ فِي اللَّغْوِ خَمْسَةُ مَذَاهِبَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خِلَافُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَوَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ غَيْرِ

ص: 15

قَصْدٍ إِلَى الْيَمِينِ وَبِهِ قَالَ ش وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ مِنَّا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بِالْمَذْهَبَيْنِ وَيَمِينُ الْغَضَبِ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ عليه السلام لَا يَمِينَ فِي غَضَبٍ وَلَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيَتْرُكُهَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَتَحْرِيمُ الْمُبَاحِ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالْغَمُوسُ فِي الْكِتَابِ الْحَلِفُ عَلَى تَعَمُّدِ الْكَذِبِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ أَوْ عَلَى الشَّكِّ وَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ أَن تكفر وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش تُكَفَّرُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَالتَّكْفِيرُ شَأْنُ الْمَعَاصِي وَجَوَابُهُ أَنَّ كَفَّارَةَ الْأَيْمَانِ لَيْسَتْ لِزَوَالِ الْإِثْمِ لِقَوْلِهِ عليه السلام {فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَالْمَأْمُورُ بِهِ لَا يكون مَعْصِيّة بل هِيَ تشريف بِالتَّكْلِيفِ وَالْمَعْصِيَةُ تُنَافِي شَرَفَ الْمُخَاطَبَةِ وَفَتْحَ بَابِ الْقرْبَة وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْغَمُوسُ لَا تَقْبَلُ الْحَلَّ فَلَا تَقْبَلُ الْعَقْدَ كَمَا لَا يُقَالُ لِلْحَائِطِ أَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بَصِيرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهَا فِي الْحَدِيثِ مَعْدُودَةٌ مِنْهَا وَالْمُنْعَقِدَةُ فِي الْكِتَابِ هِيَ الْحَلِفُ عَلَى إِيجَادِ الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ عَدَمِهِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ

ص: 16

1

-‌

‌ الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ وَاتِّحَادَهَا

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا قَصَدَ الْحَالِفُ بِتَكْرَارِ يَمِينِهِ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ تَعَدَدَتْ أَوِ اتِّحَادَهَا اتَّحَدَتْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ أَو مُتَعَدد اتّحدت كَالْحَلِفِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ تَعَدَدَ الْمَعْنَى تَعَدَّدَتْ كَالْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَشْيَاءَ بِالْعَطْفِ وَقَصَدَ اتِّحَادَ الْيَمِينِ اتَّحَدَتْ وَهَلْ يَقَعُ الْحِنْثُ بِبَعْضِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ بِالْجَمِيعِ قَوْلَانِ وَإِذا أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ تَكَرَّرَتِ الْكَفَّارَةُ نَحْوَ كُلَّمَا أَوْ مَتَى وَإِلَّا فَلَا تَتَكَرَّرُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ كَالْحَالِفِ لَا يَتْرُكُ الْوِتْرَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اجْتِنَابُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ لِشَرَفِ الْوِتْرِ وَالْمَدِينَةِ بِخِلَافِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَرَّرَ الْأَسْمَاءَ أَوْ الِاسْمَ الْوَاحِدَ بِغَيْرِ عَطْفٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ لِلْأَوَّلِ وَبِالْعَطْفِ كَفَّارَتَانِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ التَّعَدُّدَ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ للْحَاكِم تَأْكِيدُ الْيَمِينِ بِغَيْرِ عَطْفٍ وَلَا يَجُوزُ بِالْعَطْفِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الْخَصْمِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذا يغشى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} اللَّيْل 1 وَنَحْوِهِ هَلِ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ لِلْعَطْفِ أَوْ لِلْقَسَمِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا حُفِظَتْ بِالْعَطْفِ لَا بِالْقَسَمِ لِأَنَّ الْقَسَمَ بِالشَّيْءِ تَعْظِيمٌ لَهُ وَالِانْتِقَالُ عَنْهُ إِلَى الْقَسَمِ بِغَيْرِهِ إِعْرَاضٌ عَنْهُ وَالْإِعْرَاضُ يَأْبَى التَّعْظِيمَ وَأَمَّا الْعَطْفُ عَلَيْهِ فَتَقْدِيرٌ لَهُ يَجْعَلُ غَيْرَهُ تَابِعًا لَهُ فِي مَعْنَاهُ فَيَكُونُ الْقَسَمُ وَاحِدًا وَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ فَالْمُتَعَدِّدُ مُتَعَلَّقُهُ لِأَنَّهَا أَقْسَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَإِذَا اتَّحَدَ الْقَسَمُ اتَّحَدَتِ

ص: 17

الْكَفَّارَةُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ عَلَيَّ عَشْرُ كَفَّارَاتٍ أَوْ مَوَاثِيقَ أَوْ نُذُورٍ لَزِمَهُ عَدَدُ ذَلِكَ كَفَّارَاتٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ النُّطْق بِالْعدَدِ يَقْتَضِي إِرَادَته بِخِلَاف التكرير فَحمل على التَّأْكِيد وَإِن قَالَ وَالْعَزِيزِ وَعِزَّةِ اللَّهِ فَكَفَّارَتَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَلَفَ بِعِدَّةِ أَسْمَاءٍ أَوْ كَرَّرَ اسْمًا وَاحِدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ تَعَدُّدُ الصِّفَاتِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ غَيْرَ الذَّاتِ وَقِيلَ بِتَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْقُدْرَةِ غَيْرُ مَفْهُومِ الْعِلْمِ وَالْأَسْمَاءُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ مُسَمًّى وَاحِدٍ وَمَا امْتَنَعَ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْغَيْرِ إِلَّا لِأَنَّ الْغَيْرَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي شَأْنُهُ الْمُفَارَقَةُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْغَيْرِ عَلَيْهَا يُوهِمُ ذَلِكَ وَإِطْلَاقُ الْمُوهِمِ مَمْنُوعٌ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيل فَمَا يرجع لِمَعْنى وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَالْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ وَكَالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ وَكَالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صِفَةِ الْكَمَالِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَو قَالَ وَاللَّهِ ثُمَّ وَاللَّهِ ثُمَّ وَاللَّهِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالتَّعَدُّدِ فِي الْوَاوِ مَعَ وَاوِ الْقَسَمِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَلَفَ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَجَامَعَ وَاحِدَةً أَوِ الْجَمِيعَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِمُخَالَفَةِ الْيَمِينِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ وَالْقَائِلُ وَاللَّهِ لَا دَخَلْتُ هَذَا الدَّارَ وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُ فُلَانًا تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ وَلَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَ النَذْرِ تَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَةُ نَوَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ عَليّ ثَلَاث نذور فَثَلَاث كَفَّارَات ولفرق بَيْنَ تَكْرَارِ الطَّلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِنْشَاءِ دُونَ التَّأْكِيدِ وَالْيَمِينُ عَلَى التَّأْكِيدِ أَنَّ الطَّلَاقَ مُخْتَلِفٌ فَأولى بِوُجُوب التَّحْرِيم وَالثَّانِيَةُ تَقَرُبُ مِنَ الثَّلَاثِ وَالثَّالِثَةُ تَحْرِيمٌ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَمَعْنَى الْأَيْمَانِ وَاحِدٌ وَهُوَ إِيجَاب الْكَفَّارَة وَبَين النّذر وَالْيَمِين أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ الْيَمِينِ لِتَأْكِيدِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ فَلَمَّا كَانَ أَصْلُهَا لِلتَّأْكِيدِ حُمِلَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَمَوْضُوعُ النَذْرِ اللُّزُومُ فَحُمِلَ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَمَنْ حَلَفَ فَقِيلَ لَهُ يُحْنِثُكَ فَحَلِفَ لَا يَحْنَث

ص: 18

فكفارتان وَإِنْ حَلَفَ لَا بَاعَ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ آخَرُ وَأَنَا فَقَالَ وَاللَّهِ وَلَا أَنْتَ فَكَفَّارَتَانِ إِنْ بَاعَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَرَدَّهَاَ عَلَيْهِ فَبَاعَهَا مِنَ الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم وَلَو حَلَفَ لَا بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْكِتَابِ وَالْحَالِفُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ قَالَ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ فَهُمَا يَمِينَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ بَعْدَ غَدٍ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا فَكَفَّارَتَانِ إِنْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ وَإِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَلَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ فَكَلَّمَهُ غَدا فكفارتان لِأَنَّهُمَا يمينان على متابينين وَقَدْ تَنَاوَلَا غَدًا فَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْحَلَّتْ بِالْغَدِ لِأَنَّهُ جُزْءُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ الثَّانِي وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَقَطْ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُكَ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا كَلَّمْتُكَ غَدًا فَكَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى اقْتَضَتْ مُطْلَقَ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِيَةَ خُصُوصُ الثَّانِي وَقَيَّدَتْ ذَلِكَ الْمُطْلَقَ وَالْمُطْلَقُ فِي ضِمْنِ الْمُقَيَّدِ فَاجْتَمَعَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ أَوْ بَعْدَ غَدٍ لَأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةَ مُنْشِئَةٌ لِلْحَلِفِ فِيهِ فَلَمْ يَتَرَادَفَا وَفِي الْكِتَابِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَكَلَّمَهُ فِيهَا مِرَارًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْبَيَان إِذا قُلْنَا بِالْكَفَّارَةِ فِي الْحلف بِالْقُرْآنِ فَقَالَ وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ فَثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْمُسَمَّيَاتِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا وَهُوَ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ تَمْهِيدٌ يَقَعُ التَّدَاخُلُ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ فِي الطَّهَارَاتُ كَالْوُضُوءِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْغُسْلُ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهُ أَوْ تَكَرَّرَ السَّبَبُ الْوَاحِدُ وَالْوُضُوءُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَفِي تَدَاخُلِ طَهَارَةِ الْحَدث

ص: 19

وَالْخَبَثِ خِلَافٌ وَفِي الْعِبَادَاتُ كَسُجُودِ السَّهْوِ إِذَا تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْفَرْضِ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ وَفِي الْكَفَّارَاتِ فِي الْأَيْمَانِ وَكَمَا لَوْ أَفْطَرَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِنْ رَمَضَانَ مِرَارًا بِخِلَافِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِ ح فِي إِيجَابِهِ كَفَارَّةً وَاحِدَةً فِي جُمْلَةِ رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الرَّمَضَانَيْنِ وَفِي الْحُدُودِ إِذَا تَمَاثَلَتْ وَهِيَ أَوْلَى بِالتَّدَاخُلِ لِكَوْنِهَا مُهْلِكَةً وَفِي لعدد عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْأَمْوَالِ كَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالصَّدَقَاتِ فِي وَطْء الشُّبُهَات إِذا تكَرر الْوَطْء فيالشبهة الْوَاحِدَةِ وَيَدْخُلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُتَأَخِّرِ كَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْمُتَأَخِّرُ فِي الْمُتَقَدِّمِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالْكَثِيرُ فِي الْقَلِيلِ كَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ كَالْأُصْبُعِ مَعَ النَّفْسِ وَالْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ وَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ

ص: 20

1

-‌

‌ الْبَاب الرَّابِع فِي الِاسْتِثْنَاء

وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الثَّنْيِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجَعَ إِلَى كَلَامِهِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ كَمَا يَرْجِعُ نِصْفُ الثَّوْبِ عَلَى نِصْفِهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْإِخْرَاجِ بِإِلَا وَأَخَوَاتِهَا ثُمَّ يُطْلَقُ عَلَى قَوْلِنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَجَازًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَشْرُوطٌ وَالشَّرْطُ لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ مُخْرِجٌ مِنَ الْمَشْرُوطِ أَحْوَالَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَالشَّرْطُ مُخْرِجٌ لِبَعْضِ الْأَحْوَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ وَيَدُلُّ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا الشَّرْطِ اسْتِثْنَاءً قَوْلُهُ عليه السلام مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى عَادَ كَمَنْ لم يحلف وَمرَاده ذَلِك فَإِن الِاسْتِثْنَاءَ بِإِلَّا لَا يُبْطِلُ حُكْمَ الْيَمِينِ إِجْمَاعًا وَهَاهُنَا بحثان الْبَحْث الْأَوَّلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَغَيْرِ وَسِوَى وَحَاشَا وَخَلَا وَلَيْسَ وَلَا يَكُونُ وَنَحْوِهَا وَلَا بُدَّ مِنِ اتِّصَالِهِ بِالْكَلَامِ وَالنُّطْقِ بِهِ على الْفَوْر عَادَة احْتِرَازًا مِنَ الْعُطَاسِ أَوِ السُّعَالِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْكَلَامِ وَفِي الْمُقَدَّمَاتِ لَا يَقَعُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا مِنَ الْأَعْدَادِ وَإِنِ اتَّصَلَ مَا لَمْ يَبْنِ كَلَامَهُ عَلَيْهِ نَحْوَ وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّكَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إِلَّا درهما وَكَذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً بِخِلَافِ الْعُمُومِ وَبِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهَا الِاتِّصَالُ وَإِنْ لَمْ يَبْنِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ وَلَا يدْخل الِاسْتِثْنَاء أَيْضًا فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِالْعَطْفِ نَحْوَ

ص: 21

وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَوْ خَالِدًا إِلَّا زَيْدًا فَإِنَّ فِيهِ إِبْطَالَ حُكْمِ زَيْدٍ وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا انْدَرَجَ مَعَ الْمَخْصُوصِ ضِمْنًا وَقَالَ الْقَاضِي يَجُوزُ عِنْدَنَا اسْتِثْنَاءُ شَطْرِ الشَّيْءِ وَأَكْثَرِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَمِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ خِلَافًا لِ ح الْبَحْث الثَّانِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَجَازِيِّ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَلَفَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَاتِهِ الْعُلَى أَوْ نَذَرَ نَذْرًا لَا مَخْرَجَ لَهُ وَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ انْحَلَّتْ يَمِينه أَو التَّبَرُّك لقَوْله تَعَالَى {وَلَا قولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الْكَهْف 23 فَيَمِينُهُ مُنْعَقِدَةٌ وَيَكْفِي حُدُوثُ الْقَصْدِ إِلَيْهِ بَعْدَ اللَّفْظِ إِذَا وَصَلَهُ بِالْيَمِينِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّلَفُّظِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَفِي الْجَلَّابِ إِنْ قَطْعَهُ بِسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تثاؤب لم يضرّهُ ووافقنا الْأمة عَلَى وُجُوبِ الِاتِّصَالِ وَعَنِ ابْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا يَجُوزُ الِانْفِصَالُ مَا لَمْ يَطُلْ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَدَبٌ لِأَجْلِ الْيَمِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} الْكَهْف 24 قَوَاعِدُ كل مُتَكَلم لَهُ عرف يحمل لَفظه على عُرْفِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْإِقْرَارَاتِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَالشَّرْع لَهُ فِي الْحلف نوعى شُرِّعَ لَهُ وَاخْتُصَّ بِهِ فَهُوَ عُرْفُهُ وَهُوَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى فَيُخْتَصُّ قَوْلُهُ عليه السلام مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى بِهِ وَلَا يتَعَدَّى إِلَى الطَّلَاق وَالْعتاق وَالنُّذُور خلافًا

ص: 22

ل ش فَالِاسْتِثْنَاءُ جَعَلَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا حَالًّا لِلْيَمِينِ وَالْأَصْلُ عدم نَصبه سَبَبًا لِحَلِّ غَيْرِهِ وَسَلَامَةِ غَيْرِهِ عَنِ الْحَلِّ وَالنَّقْضِ وَالنَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ كَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلِذَلِكَ سُوِّيَ بِالْيَمِينِ وَلَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ لِأَنَّ الْمَنْصُوبَ سَبَبًا لِلْحَلِّ إِنَّمَا هُوَ هَذَا اللَّفْظُ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْقَصْدُ إِلَى الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَالنِّيَّةُ إِنَّمَا نُصِبَتْ سَببا فِي التَّخْصِيص وَالتَّقْيِيد فِيمَا لم يبْق الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَلَا جَرَمَ يَسْتَقِلُّ بِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ الِاسْتِثْنَاءُ يَصِحُّ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ آدَمِيٍّ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مَا فِيهِ النُّطْقُ وَالنَّسَقُ وَالنِّيَّةُ قَبْلَ الْيَمِينِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَوْ سَكَتَ لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ مَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَإِلَّا نَحْوَ لَقِيتُ الْقَوْمَ وَيَنْوِي فِي نَفْسِهِ إِلَّا فُلَانًا فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا إِلَّا تَحْرِيكُ اللِّسَانِ وَقِيلَ يَكْفِي قي (إِلَّا) النِّيَّة بِخِلَاف الآخرين وَلم تخْتَلف أَن المحاشاة تَكْفِي فِيهَا النِّيَّة وَهِي الْإِخْرَاج قَبْلَ الْيَمِينِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ حَرْفٍ مِنَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ حِينَئِذٍ لَمْ تَنْعَقِدْ أَمَّا بَعْدَ الْإِتْمَامِ لَا يُمْكِنُ رَفْعُ الْمُنْعَقِدِ وَالْبَحْثُ مَعَهُ هَلْ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلسَّبَبِ الْمُنْعَقِدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَإِنَّمَا نَصَبَهُ الشَّرْعُ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ {مَنْ حَلَفَ} كَمَالُ الْحَلِفِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَعَ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ اللَّهُ كَقَوْلِهِ يَشَاءُ اللَّهُ وَفِي الْبَيَان قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا قَالَ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى غَيْرَ ذَلِكَ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِنَ الْيَمِينِ قبل قَوْله خرج لَفْظُ الْمَشِيئَةِ فَالدَّلِيلُ نَفَى بَقِيَّةَ أَلْفَاظِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ عَلَى الْأَصْلِ وَقَالَ عِيسَى هُوَ ثُنْيَا لِلْمُسَاوَاةِ فِي الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُرِنِي اللَّهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَهُمَا فَمَنَعَ الْأَخِيرَ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْخِلَافِ فِي الْأَسْبَاب الشَّرْعِيَّة هَل الْقيَاس عَلَيْهِمَا إِذَا عُقِلَ مَعْنَاهَا أَمْ لَا كَمَا قِيلَ فِي قِيَاسِ النَّبْشِ عَلَى السَّرِقَةِ وَاللِّوَاطِ عَلَى الزِّنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ الِاسْتِثْنَاءُ حَلٌّ لِلْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي

ص: 23

وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَوْ بَدَلٌ مِنَ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَأَنَّ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْكَفَّارَةُ لانْتِفَاءِ سَببه أولى من انتفاءه لِقِيَامِ مَانِعِهِ وَيُعَضِّدُ الثَّانِيَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِيجَابِ الْيَمِينِ لِلْكَفَّارَةِ وَحَيْثُ اشْتَرَطْنَا النُّطْقَ فَيَكْفِي فِيهِ تَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ جَهْرٍ إِلَّا الْمُسْتَحْلَفَ لَا بُدَّ مِنْ جَهْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَصْدِ حَالِ الْيَمِينِ أَوِ التَّفْوِيضِ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى

1

-‌

‌ الْبَابُ الْخَامِسُ فِي مدارك الْبر والحنث

وَهِي أَرْبَعَة عشر مدْركا الْمدْرك الأول النِّيَّةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحِنْثَ فِي اللُّغَةِ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِثْمِ وَمِنْهُ بَلَغَ الصَّبِيُّ الْحِنْثَ أَيْ زَمَانًا يُكْتَبُ عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَبَيْنَ الْمُخَالَفَةِ لِلْيَمِينِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْبِرُّ فِي اللُّغَةِ ضِدُّ الْعُقُوقِ وَمِنْهُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَيْ مُوَافَقَتُهُمَا فَالْمُوَافِقُ لِمُقْتَضَى الْيَمِينِ بَارٌّ وَالْمُخَالِفُ حَانِثٌ سَوَاءٌ كَانَ آثِمًا أَمْ لَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلِلْبِرِّ لَفْظَانِ لَا فَعَلْتُ وَإِنْ فَعَلْتُ وَيَجْمَعُهُمَا الْتِزَامُ عَدَمِ الْفِعْلِ وَلِلْحِنْثِ لَفْظَانِ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ وَلَأَفْعَلَنَّ وَيَجْمَعُهُمَا الْتِزَامُ وُجُودِ الْفِعْلِ فَهُوَ الْآنَ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ هُوَ عَلَى حِنْثٍ إِلَّا أَنْ يَضْرِبَ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ أَنْ لَا يُخَلِّيَ ذَلِكَ الزَّمَانَ مِنَ الْفِعْلِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ خُلُوُّهُ إِلَّا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ النِّيَّةُ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَاتِ وَتُخَصِّصُ الْعُمُومَاتِ إِذَا صَلَحَ لَهَا اللَّفْظُ كَانَتْ مُطَابِقَةً لَهُ أَوْ زَائِدَة فِيهِ أَو نَاقِصَة مِنْهُ قَالَ الخمي هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إِنْ كَانَتْ فِي الطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ وَأَحْلَفَهُ الطَّالِبُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي بَيِّنَةٍ وَقُضِيَ بِالظَّاهِرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ يَمِينُهُ مِمَّا لَا يُقْضَى بِهَا فَهَلْ هِيَ عَلَى نِيَّةِ الطَّالِبِ أَوِ الْحَالِفِ قَوْلَانِ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِالْيَمِينِ وَكَانَ لَهُ التَّخَلُّصُ بِغَيْرِهَا فَلَهُ نِيَّتُهُ وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الطَّالِبِ وَإِنْ دَفَعَ بِهَا ظُلْمًا فَلَهُ نِيَّتُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِالْحَرَامِ عَلَى قَضَاءِ حَقٍّ قَالَ مَالِكٌ لَا تَنْفَعُهُ مُحَاشَاةُ زَوْجَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ اسْتَحْلَفَهُ الطَّالِبُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ حَتَّى بَدَرَ بِالْيَمِينِ وَإِنْ حَلَفَ بِهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا إِلْجَاءٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالك تَنْفَعهُ المحاشاة فِي الْحرم وَإِنْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا لِلْخِلَافِ فِي الْحَرَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا

ص: 24

لَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيح قبُولهَا إِذَا ظَهَرَ لَهَا مَحْمَلٌ وَإِنِ احْتَمَلَهَا اللَّفْظُ عَلَى قُرْبٍ قُبِلَتْ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِلَّا قُضِيَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ حَيْثُ وُجِدَ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسْتَحْلَفَ فِي حَقٍّ يُقْضَى عَلَيْهِ بِظَاهِرِ يَمِينِهِ فَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي حِنْثِهِ أَقْوَالٌ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الْحَلِفُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ مُطْلَقًا اسْتُحْلِفَ أَمْ لَا وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَقِيلَ عَكْسُ قَوْلِ مَالِكٍ لِلْمُسْتَحْلِفِ نِيَّتُهُ والمتطوع على نِيَّة الْمَحْلُوف لَهُ وَقِيلَ يَنْفَعُهُ فِيمَا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَيَفْتَرِقُ الْمُتَطَوِّعُ وَغَيْرُهُ فِيمَا يُقْضَى بِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا قَاعِدَةٌ يَجُوزُ عِنْدَنَا التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ فِي مَدْلُولِ اللَّفْظِ الْمُطَابِقِيِّ والتضميني والإلتزامي وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَجُوزُ فِي الِالْتِزَامِيِّ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَالِفِ لَا آكُلُ فَيَجُوزُ لَهُ عِنْدَنَا تَخْصِيصُهُ أَوْ تَقْيِيدُهُ إِنْ قِيلَ بِعَدَمِ الْعُمُومِ بِبَعْضِ الْمَأْكُولَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا سِوَاهُ وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفِعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَأْكُولَاتِ الْتِزَامًا فَيَحْنَثُ عِنْدَهُ بِجُمْلَةِ الْمَأْكُولَاتِ وَلَا تَنْفَعُهُ النِّيَّةُ لَنَا مَدْرَكَانِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} يُوسُف 66 فأَخْرَجَ حَالَةَ الْإِحَاطَةِ مِنَ الْحَالَاتِ الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ إِلَّا الْتِزَامًا فَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ بِالنِّيَّةِ لِبَعْضِ الْمَفَاعِيلِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ بِجَامِعِ احْتِيَاجِ الْمُكَلَّفِ إِلَى تَمْيِيزِ مَوْضِعِ الْمَصْلَحَةِ وَكِلَاهُمَا إِخْرَاجُ الثَّانِي وَوَافَقَنَا عَلَى مَا إِذَا قَالَ لَا آكُلُ أَكْلًا أَنَّ النِّيَّةَ تَنْفَعُهُ وَالْأَكْلُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَأْكُولَاتِ الْتِزَامًا وَهُوَ بِعَيْنِهِ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ تَنْبِيهٌ يُسْأَلُ الْحَالِفُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ لَا يُلْتَفَتُ لِنِيَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ عُمُومُ لَفْظِهِ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ مُؤَكِّدَةٌ لِلَّفْظِ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ غَيْرُ صَارِفَةٍ لَهُ على بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصَّصَةِ أَنْ تَكُونَ صَارِفَةً فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ إِخْرَاجَ مَا عَدَا هَذَا النَّوْعَ حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَهَذَا مَقَامٌ لَا يُحَقِّقُهُ أَكْثَرُ مفتي الْعَصْر

ص: 26

الْمدْرك الثَّانِي السَّبَب الْمُنِير للْيَمِين وَيُسمى الْبسَاط وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ عندن مُعْتَبَرٌ فِي تَخْصِيصِ اللَّفْظِ لِبَعْضِ مَعَانِيهِ وَتَعْمِيمِهِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ نَحْوَ قَوْلِ الْحَالِفِ لَا شَرِبْتُ لَكَ مَاءً مِنْ عَطَشٍ عَقِيبَ كَلَامٍ يَقْتَضِي الْمِنَّةَ فَإِنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى عُمُومِ مَا فِيهِ مِنَّةٌ لِأَجْلِ السَّبَبِ الْمُؤثر للْيَمِين وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا ل ش وح لَنَا إِنَّ اللَّفْظَ بَعْدَ انْضِمَامِهِ لِلسَّبَبِ يَصِيرُ ظَاهِرًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَالْعُرْفِ مَعَ اللَّفْظ بِجَامِع مُوجب الظُّهُور وَلقَوْله تَعَالَى {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا} النِّسَاء 77 {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرة خيرا يره وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} الزلزلة 7 وَالْمُرَادُ الْعُمُومُ فَالتَّنْبِيهُ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الشَّيْءِ أَوْ إِفْرَاده عَلَيْهِ كَلَامٌ عُرْفِيٌّ مَعْلُومٌ وَقَرِينَةُ تَقْدِيمِ السَّبَبِ تُصَيِّرُهُ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى يُسْتَغْنَى بِظُهُورِهِ عَنِ النِّيَّةِ كَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ وَتَمَسَّكَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي وُرُودِ الْخِطَابِ عَقِيبَ السَّبَبِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ ثَمَّةَ إِنَّمَا هُوَ هَلْ يُخْتَصُّ بِالسَّبَبِ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى عُمُومِ اللَّفْظِ أَمَّا تَعْمِيمُ الْحُكْمِ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ اللَّفْظِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ثَمَّةَ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّخْرِيجُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ لَوْ مَنَّ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ لَبَنِهَا وَلَا لَحْمِهَا حَنِثَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا أَكْلًا أَوْ لِبَاسًا بِخِلَافِ غَيْرِ ثَمَنِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ الْمَدْرَكُ الثَّالِثُ الْعُرْفُ وَهُوَ قِسْمَانِ فِعْلِيٌّ وَقَوْلِيٌّ وَالْقَوْلِيُّ قِسْمَانِ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُرَكَّبَاتِ وَعُرْفُ الْمُفْرَدَاتِ قِسْمَانِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْهَا فَالْفِعْلِيُّ هُوَ غَلَبَةُ مُلَابَسَةِ بَعْضِ أَنْوَاعِ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى اللُّغَةِ وَلَا مُعَارِضٌ لِلْوَضْعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمَلِكُ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَعَادَتُهُ أَكْلُ الْحُوَّارَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْجَرِيشِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يُخْتَصَّ بِالْحُوَّارَى وَالْأَصْل

ص: 27

اعْتِبَارُ اللُّغَةِ وَالْقَوْلِيُّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَلَفْظِ الدَّابَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحِمَارِ حَتَّى صَارَ لَا يُفْهَمُ مِنَ اللَّفْظِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَاصْطِلَاحَاتُ أَرْبَابِ الْعُلُومِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالْأَجْنَبِيُّ مِنَ الْحَقِيقَةِ نَحْوَ لَفْظِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُّ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْفَضْلَةِ الْخَارِجَةِ من الْإِنْسَان وَهِي لَيْسَتْ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الْمُطَمْئِنَّةِ وَعُرْفُ الْمُرَكَّبَاتِ كَغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ مُرَكَّبٍ مَخْصُوصٍ وَمَعْنًى مَخْصُوصٍ فِي سِيَاقٍ مَخْصُوصٍ حَتَّى يَصِيرَ أَشْهَرَ فِيهِ مِمَّا لَا تَقْتَضِيهِ لُغَةُ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِغَرِيمِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ فِي قَصْدِ عَدَمِ التَّأْخِيرِ عَنْ هَذِهِ الْغَايَةِ دُونَ التَّأْخِيرِ إِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ وَقَوْلِ الْقَائِلِ لِامْرَأَتِهِ وَاللَّهِ لَا كَسَوْتُكِ فِي إِرَادَةِ التَّضْيِيقِ دُونَ خُصُوصِ الْكِسْوَةِ حَتَّى يَحْنَثَ بِدفع الدَّرَاهِم إِلَيْهَا وَهَذَا الْقسم من الْعُرْفِ غَيْرُ بِسَاطِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْبِسَاطَ حَالَةٌ تَتَقَدَّمُ الْحَلِفَ تَخْتَلِفُ فِي صُوَرِهِ وَهَذَا الْعُرْفُ يُعلمهُ مِنْ نَفْسِ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالَةِ كَيْفَ كَانَتْ فَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ كُلُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ الْمُسَمّى اللّغَوِيّ فَهُوَ نَاسخ اللُّغَة وَالنَّاسِخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْسُوخِ بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ لَيْسَ مُعَارضا للفظ النِّيَّة فَفَرْقٌ بَيْنَ غَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مُسَمَّاهُ وَبَيْنَ غَلَبَةِ مُلَابَسَةِ بَعْضِ أَنْوَاعِ مُسَمَّاهُ فَتَفَطَّنْ لِهَذِهِ الْمَدَارِكِ فَهِيَ حَسَنَةٌ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَقْضِينَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ بر خلافًا ل ش قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَوْ سَأَلَهُ قَرْضَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَلَفَ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا عَشْرَةٌ فَوَجَدَهَا تِسْعَةً لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْعَادة لَيْسَ مَعنا إِلَّا عشرَة فَمَا دون وَلَو وجدهَا أحد عَشَرَ حَنِثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَا يَبِيعُ بِمِائَةِ دِينَارٍ يُزَادُ لِلْمِائَةِ دِينَارٌ وَلِلْخَمْسِينَ نِصْفُ دِينَارٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبَرُّ بِأَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَكْسُو زيدا أَو

ص: 28

امْرَأَتَهُ فَأَعْطَاهُ أَوْ إِيَّاهَا مَا اشْتَرَى بِهِ ثَوْبًا حَنِثَ وَإِنِ افْتَكَّ ثِيَابَهَا مِنَ الرَّهْنِ حَنِثَ ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ امْحُهَا وَأَرَى أَن لَا يَحْنَث إِن واشرا ثوب أوهبه وَلَا حنث نَظَائِرُ الْمَمْحُوَّاتُ فِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةٌ هَذِهِ وَإِذَا وَلَدَتِ الْأُضْحِيَّةُ فَحَسُنَ أَنْ يَذْبَحَ مَعَهَا وَلَدَهَا وَإِنْ أَبَى لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ إِنْ ذَبَحَ فَحَسَنٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ وَيُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَا وَكَانَ يَقُولُ لَا يَثْبُتُ وَإِنْ صَحَّا فَمَحَاهُ وَقَالَ يَثْبُتُ وَإِذَا سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شلاء قَالَ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ امْحُهَا بَلْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَالْحَالِفُ لَا يَهَبُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوِ امْرَأَتِهِ دَنَانِيرَ فَيَكْسُوهُمَا أَوْ يُعْطِي الرَّجُلَ فَرَسًا أَوْ عَرَضًا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا فِي الْعَادَةِ تَجَنُّبُ النَّفْعِ فَإِنْ نَوَى الدَّنَانِيرَ دُونَ غَيْرِهَا نُوِيَ فِي الزَّوْجَةِ دُونَ الرَّجُلِ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَرَاهَةُ دَفْعِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ لِسُوءِ نَظَرِهِنَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْوِي عِنْدِي فِي الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ إِذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ سُوءُ نَظَرِهِ فِي الذَّهَبِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَعْنِي فِي الزَّوْجَةِ غَيْرَ الثِّيَابِ اللَّازِمَةِ أَمَّا اللَّازِمَةُ فَلَا يَحْنَثُ وَفِي الْبَيَانِ الْحَالِفُ لَيُوَفِّيَنَّهُ حَقَّهُ بِمَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَجِدْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْمدْرك الرَّابِع مُقْتَضى اللَّفْظَة لُغَة فِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ تَرْتِيبُ هَذِهِ الْمَدَارِكِ فِي الِاعْتِبَارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِنْ فُقِدَتِ النِّيَّةُ فَالْبِسَاطِ فَإِن فقد فالعرف فَإِن فقد فاللغة وَقَالَ ش وح وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ فُقِدَتِ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ فَهَلْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى اللُّغَةِ أَوِ الْعُرْفِ أَوْ مُقْتَضَاهُ شَرْعًا إِنْ وُجِدَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا فِي الْمَظْنُونِ أَمَّا الْمَعْلُومُ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ لَأُرِيَنَّهُ النُّجُومَ بِالنَّهَارِ وَنَحْوِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ قَالَ اللَّخْمِيّ إِذا

ص: 29

اجْتَمَعَ الْبِسَاطُ وَالْعَادَةُ وَاللُّغَةُ قِيلَ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَةِ دُونَ الْبِسَاطِ وَالْعَادَةِ وَقِيلَ عَلَى الْبِسَاطِ دُونَ الْعَادَةِ وَقِيلَ عَلَيْهِمَا تَفْرِيعٌ عَلَى هَذَا الْمَدْرَكِ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَلْبَسُ ثِيَابَ فُلَانٍ وَلَا يَسْكُنُ دَارَهُ وَلَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ فَاشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ وَفَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَكْرَهَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لِمَعَانٍ فِيهَا وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ بِالْهِبَةِ دُونَ الصَّدَقَةِ فَفَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ حَنِثَ إِنْ كَانَ الْحلف لدفع الْمِنَّة وَلَو أطْعم الْمَحْلُوف وَلَدَ الْحَالِفِ خُبْزًا فَأَكَلَ مِنْهُ الْأَبُ غَيْرُ عَالِمٍ حَنِثَ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا لَهُ رَدُّ مَا وهب للصَّبِيّ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالْعَبْدُ وَالْوَلَدُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا وُهبَ لَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ لِلْأَبِ رَدُّهُ أَمَّا مَاله بَال لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ فَلَا يَنْبَغِي الْحِنْثُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ فُلَانٍ فَأَطْعَمَ فُلَانٌ وَلَدَ الْحَالِفِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَدْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةَ ابْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ يَحْنَثُ بِالْوَلَدِ دُونَ الْأَبِ وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ مَالِكٌ وَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ فَاشْتَرَيَا طَعَامًا فَأَكَلَاهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ إِلَّا طَعَامًا خَالِصًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَحْنَثُ إِذَا أَكَلَ مِثْلَ طَعَامِهِ فَأَقَلَّ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لِزَوْجَتِهِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا فِي سَفَرٍ أَوْ حَيْثُ لَا تَسْمَعُهُ وَأَشْهَدَ فَخَرَجَتْ بَعْدَ إِذْنِهِ وَقيل علمهَا بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ حانث خلافًا ل ش لِأَنَّهَا خرجت بداعيتها لَا بِإِذْنِهِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْذَنُ لَهَا إِلَّا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ مَضَتْ إِلَى حَاجَةٍ أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَقَالَ ش إِذَا قَالَ لَهَا إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مَرَّةً

ص: 30

بِإِذْنِهِ انْحَلَّتِ الْيَمِينُ فَإِنْ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْر إِذْنه لم يَحْنَث خلافًا ل ش ول ح لنا أَن الْيَمين لَا تحل إِلَّا بِالْحِنْثِ وَلَمْ يَحْنَثْ قَاعِدَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَمِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ لُغَةً وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ حَلَفَ عَلَى أَمْرَيْنِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا آذَنُ لَكِ إِلَّا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَاللَّهِ لَا تَخْرُجِينَ لِلْمَرِيضِ إِلَّا بِإِذْنِي وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَكِ فِي غَيرهَا فَإِن خرجت لمريض بِغَيْرِ إِذْنِهِ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ وَاللَّهِ لَا لَبِسْتُ ثَوْبًا إِلَّا الْكَتَّانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ إِذَا لَمْ يَلْبَسِ الْكَتَّانَ وَقَعَدَ عُرْيَانًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ خِلَافًا لَنَا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْهُ حَلَفَ شَخْصٌ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لَا لَعِبْتُ مَعَكَ شَطْرَنْجًا إِلَّا هَذَا الدَّسْتَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَخَبَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الدَّسْتَ قَالَ اخْتَلَفَتْ فَتَاوَى الْفُقَهَاءِ فِيهِ حِينَئِذٍ فَأَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِعَدَمِ حِنْثِهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُمْ بِحِنْثِهِ وَاجْتَمَعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالطُّرْطُوشِيِّ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ حُجَّتُنَا مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ إِنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءُ إِثْبَاتٍ مِنَ الْحَلِفِ لَا مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْكَتَّانُ غَيْرَ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ قَبْلَ النُّطْقِ بإِلَّا كَانَ حُكْمُ الْيَمِينِ مُتَقَرِّرًا فَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَهَا أَمْرَانِ حُكْمُ الْيَمِينِ وَكَوْنُهُ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ صَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى عَدَمِ اللُّبْسِ بِأَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْحَلِفِ بَلِ الْحَلِفُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الْكَفَّارَةِ الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ نَفْيٍ وَهُوَ عَدَمُ اللُّبْسِ فَيَكُونُ مُخْبِرًا عَنِ اللُّبْسِ فِيمَا بَعْدَ إِلَّا لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ الثَّالِثُ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَقْتَضِي فِي اللُّغَةِ أَنَّ مَا بعد إِلَّا محلوف عَلَيْهِ لكا إِذا لم لَكِن إِلَّا بِمَعْنى غير وَسَوَاء فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَاهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الْأَنْبِيَاء 22 أَيْ غَيْرُ اللَّهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ اللُّبْسُ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ مُغَايِرًا لِلْكَتَّانِ وَالْكَتَّانُ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ الرَّابِعُ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيست لصفة لَكِن الْعرف

ص: 31

اقْتَضَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ عُرْفًا إِلَّا ذَلِكَ وَالْعُرْفُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ الْحَالِفُ لَا خَرَجْتِ بِإِذْنِي ثُمَّ قَالَ اخْرُجِي حَيْثُ شِئْتِ فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لَا خَرَجْتِ لِمَوْضِعٍ إِلَّا بِإِذْنِي ثُمَّ قَالَ اخْرُجِي حَيْثُ شِئْتِ فَخَرَجَتْ حَنِثَ وَقِيلَ هُوَ كَالْأَوَّلِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى مَنَعَهَا حَنِثَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ خَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ لِحَاجَتِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ رَجَعَتْ رَفْضًا لِخُرُوجِهَا حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حَانِثٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ لَمْ تَبْلُغِ الْمَوْضِعَ الَّذِي خَرَجَتْ إِلَيْهِ لم يَحْنَث والأحنث وَإِنْ حَلَفَ لَا خَرَجْتِ إِلَّا بِإِذْنِي فَرَآهَا تَخْرُجُ وَلَمْ يَمْنَعْهَا حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا أَذِنت لَك فرآها وَلم يمْنَعهَا فَإِن أَرَادَ منعهَا مِنَ الْخُرُوجِ حَنِثَ وَإِنْ حَلَفَ لَا خَرَجَتْ إِلَّا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ لِغَيْرِ مَرِيضٍ أَوْ لِمَرِيضٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ حَنِثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَائِلُ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ خَرَجْتِ إِلَى أَهْلِكِ فَخَرَجَتْ وَلَمْ تَبْلُغْ أَهْلَهَا حَتَّى رَدَّهَا حَنِثَ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ لِهَذَا الْغَرَضِ

(تَفَارِيعُ اثْنَا عَشَرَ)

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَيَقْطَعُهُ قِبَاءً أَوْ قَمِيصًا أَوْ غَيْرَهُ يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ إِلَّا أَنْ يَكْرَهَهُ لِضِيقِهِ وَإِنِ اتَّزَرَ بِهِ أَوْ لَفَّ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ جَعَلَهُ عَلَى مِنْكَبِهِ حَنِثَ وَلَوْ جَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ عَلَى فَرْجِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ لُبْسًا قَالَ ابْن يُونُس من سما أَشهب إِن حلف أَن لَا يضطجع عَلَى فِرَاشٍ فَفَتَقَهُ وَالْتَحَفَ وَالْتَفَّ بِهِ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَكْرَهَهُ لِحَشْوِهِ

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ يَحْنَث إِذا لَوِ اشْتَرَى الْعَبْدَ مَنْ يُعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ عُتِقَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ

ص: 32

الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إنَّ الْحَالِفَ لَا ثَوْبَ لَهُ وَله ثوب مَرْهُون فَحنث كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا وَإِنْ حَلَفَ لَيُعْلِمَنَّهُ أَوْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِكَذَا فَعَلِمَاهُ جَمِيعًا لَمْ يبر حَتَّى أَسَرَّهُ الْمُسِرُّ لِآخَرَ ثُمَّ ذَكَرَهُ الْآخَرُ لِلْحَالِفِ فَقَالَ لَهُ مَا حسبت أَنه أسره إِلَى غَيْرِي حَنِثَ وَالْحَالِفُ لَا يَتَكَفَّلُ بِالْمَالِ يَحْنَثُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّهَا كَفَالَةٌ بِالْمَالِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عدم المَال لَا يَحْنَثُ وَالْحَالِفُ لَا يَتَكَفَّلُ لِفُلَانٍ فَتَكَفَّلَ لِوَكِيلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَكِيلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَالْحَالِفُ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَيَجْمَعُهَا وَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لَمْ يَبَرَّ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خلافًا ل ش وح لِأَنَّهُ ضَرْبٌ بِمِائَةِ سَوْطٍ وَلَمْ يَضْرِبْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ خَمْسِينَ أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُؤْلِمٍ لَأَنَّ الْعُرْفَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الضَّرْبِ وَالْمَسِّ بِالْإِيلَامِ

الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إِلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ فَوَجَدَ فِيهِ نَقْصًا بَيِّنًا أَوْ دَانَقًا لَا يجوز وَاسْتحق مِنْ يَدِهِ فَطَالَبَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ حَنِثَ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا بِحَقِّهِ فَأَحَالَهُ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ يَحْنَثُ وَلَوْ أَعْطَاهُ عَرَضًا يُسَاوِيهِ بَرَّ ثُمَّ اسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا بِحَقِّهِ فَفَرَّ مِنْهُ أَوْ أَفْلَتَ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا أَتْرُكُهُ إِلَّا أَن يفر أَو أغلب عَلَيْهِ

الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ الْحَالِفُ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ لَا يَبَرُّ بِالْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ وَالْحِوَالَةِ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ إِلَّا بِنَفَقَةٍ يَبَرُّ بِالثَّلَاثَةِ وَالْحَالِفُ لَا يُفَارِقُهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ يَبَرُّ بِالْحَوَالَةِ دُونَ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ

السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْحَالِفُ لَيَبِيعَنَّ عَبْدَهُ إِلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَرُدَّ بِعَيْبٍ فَفِي تَحْنِيثِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَيَحْنَثُ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ فَلَا يَحْنَثُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَالِفُ لَا يَنْفَعُهُ مَا عَاشَ فَمَاتَ فَكَفَّنَهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْكَفَنَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ

ص: 33

خلافًا لسَحْنُون وَلَو حلف لَا يَنْفَعهُ فنفع بنهي عَنْ شَتْمِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ لَا تَحْصِيلُ نَفْعٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَّصَهُ مِنْ يَدِ خَصْمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا حَنِثَ

السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لِامْرَأَتِهِ لَا قَبَّلْتُكِ أَوْ ضَاجَعْتُكِ فَقَبَّلَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ أَوْ ضَاجَعَتْهُ نَائِمًا لَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَسْتَرْخِيَ لِلْقُبْلَةِ وَالْحَالِفُ لَا قبلتني أَو ضاجعتني يحننث مُطلقًا

الثَّامِن فِي الْحَالِفِ لَيَقْضِينَّهُ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ إِذَا اسْتَهَلَّ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَإِنْ قَالَ إِلَى رَمَضَانَ أَوْ إِلَى اسْتِهْلَالِهِ حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِهْلَالِ وَلَمْ يَبَرَّ بِهِبَة الْحق أَو إِسْقَاطه صَدَقَة أَو صلَة لِأَنَّهُ لَيْسَ نقصا وَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ دَفَعَهُ لوَرثَته أَو وَصِيَّة أَو رق لِلسُّلْطَانِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَالْحَالِفُ لَا يَهَبُهُ يَحْنَثُ بِالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَةِ وَنَحْوِهِمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونُسِيُّ حِنْثُهُ بِالِاسْتِهْلَالِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ فِي الْمُسَاكَنَةِ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ مُوَسَّعًا مَا دَامَ يُسَمَّى هِلَالًا وَهُوَ لَيْلَتَانِ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ لأقضينك فِي آخر الشَّهْر أَنه فِي عشر أَيَّامٍ مِنْهُ وَالْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ بُكْرَةً أَوْ غُدْوَةً فَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ النَّهَارِ وَقِيلَ فِي بُكْرَةٍ يُعَجِّلُ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا لَمْ يَقُلْ إِلَى شَعْبَانَ بَلْ ذَكَرَ اللَّامَ أَوْ عِنْدَ أَوْ لَدَى فَلَهُ لَيْلَةُ يَهِلُّ الْهِلَالُ أَوْ يَوْمُهُ وَإِنْ قَالَ إِلَى انْسِلَاخِهِ فَبِالْغُرُوبِ أَوْ عِنْدَ انْسِلَاخِهِ أَوْ فِي انْسِلَاخِهِ وَإِذَا انْسَلَخَ فَلَيْلَةٌ وَيَوْمٌ وَفِي انْقِضَائِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ هُوَ كَانْسِلَاخِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالك أَن الانسلاخ والاستهلال أَوْ رُؤْيَتَهُ كُلُّ ذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَأَقْضِيَنَّكَ فِي رَمَضَانَ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ قَالَ نِصْفُهُ فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِاحْتِمَالِ نَقْصِهِ فَإِنْ قَضَى يَوْمَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ النِّصْفُ الْمُعْتَادُ وَقَالَهُ أَشهب

ص: 34

أَيْضًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي انْسِلَاخِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى اسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى رَمَضَانَ أَوْ فِي آخِرِهِ أَوْ فِي انْقِضَائِهِ أَوْ إِلَى دُخُولِ الْهِلَالِ أَوْ عِنْدَ آخِرِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى ذَهَابِ الْهِلَالِ أَوْ إِلَى رَأْسِ الْهِلَالِ أَوْ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ فِيهِ أَوْ إِلَى حُلُولِ رَمَضَانَ حَنِثَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَلَوْ قَالَ حِينَ مَحَلِّهِ أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ لِمَجِيئِهِ أَوْ إِلَى مَجِيئِهِ فَكَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ حِينَ يَنْقَضِي أَوْ حِينَ يَسْتَهِلُّ أَوْ حِينَ يَذْهَبُ أَوْ إِذَا اسْتَهَلَّ أَوْ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ إِذَا رِيءَ الْهِلَالُ أَوْ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ عِنْدَ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَهِيَ نَحْوُ خَمْسِينَ صِيغَةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ يَحْنَثُ فِيهَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ سَوَاءٌ سَمَّى مَعَهَا آخِرَ شَعْبَانَ أَوْ أَوَّلَ رَمَضَانَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ إِلَى فَمَا اقْتَضَى الْفِعْلُ قَبْلَ تَمَامِ شَعْبَانَ فَكَذَلِكَ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ فَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ وَمِنْهَا مَا هُوَ بَيِّنٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُشْكِلٌ نَحْوَ قَوْلِكَ لِحُلُولِ رَمَضَانَ فَحَنِثَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ بِخِلَافِ لِمَجِيئِهِ وَلِرُؤْيَتِهِ لَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَنَحْوُ قَوْلِهِ عِنْدَ آخِرِ الْهِلَالِ يَحْنَثُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ انْسِلَاخِ الْهِلَالِ لَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَجَعَلَ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَا جَعَلَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنَ الْغُرُوبِ إِلَى الضُّحَى حَتَّى تَقُومَ الْأَسْوَاقُ وَيَشْهَدَ النَّاسُ عَلَى حُقُوقِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ ضُحًى لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا يَكُفُّ عَنْ كَلَامِهِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ قَالَ أَيَّامًا أَمْسَكَ ذَلِكَ الْعَدَدَ إِلَى ذَلِكَ الْحِينِ وَقِيلَ يَكْفِي بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَالْحَالِفُ بِالنَّهَارِ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلًا أَوْ بِاللَّيْلِ لَا يكلمهُ نَهَارا لم يكن عَلَيْهِ الْإِمْسَاك بَقِيَّة يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ وَلِسَحْنُونٍ فِي الْحَالِفِ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلَةً يُكْمِلُ عَلَى بَقِيَّةِ لَيْلَتِهِ وَأَوَّلُهُ بِهَذِهِ اللَّيْلَة وَيلْزمهُ ذَلِك فِي الْيَوْم وَال فِيهِ لَا بُدَّ مِنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلَةِ جُنُوحًا إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّيْلَ مِنَ الطُّلُوعِ إِلَى الطُّلُوعِ وَمِنَ الْغُرُوبِ إِلَى الْغُرُوبِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لقَوْله تَعَالَى {سخرنا عَلَيْهِم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام} الحافة 7 بَلْ مَتَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ لَيْلًا اجْتَنَبَ اللَّيْلَ أَبَدًا أَوْ نَهَارًا اجْتَنَبَ النَّهَارَ أَبَدًا إِلَّا أَن

ص: 35

يَنْوِيَ التَّخْصِيصَ وَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ قَبْلَ الْبَيَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ عَادَةً وَقَالَ أَصْبَغُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ نَظَرًا إِلَى اللُّغَةِ وَإِنْ حَلَفَ نَهَارا فَإلَى هدو النَّاس إِن حلف عشَاء قَالَ وَالصَّوَابُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ بَائِتًا فِي الْمَكَانِ إِلَّا إِذَا أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَلِذَلِكَ يُسْأَلُ أَيْنَ تَبِيتُ إِذَا لُقِيَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَيُقَالُ لَهُ بَعْدُ أَيْنَ بِتَّ

التَّاسِعُ فِي الْبَيَانِ المحالف لَا يَشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَاشْتَرَى هُوَ وَشُرَكَاؤُهُ ثَلَاثِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ إِذا قاسمهم فَحصل لَهُ عشر فَأَقَلَّ وَإِلَّا حَنِثَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ دِيكًا لَا يَحْنَثُ بِالدَّجَاجِ وَبِالْعَكْسِ يَحْنَثُ لِأَنَّ الدِّيكَ أخص من الدَّجَاج أَو لَا يَرْكَبُ فَرَسًا حَنِثَ بِالْبِرْذَوْنِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ دِرْهَمًا فَأَخَذَ ثَوْبًا فِيهِ دَرَاهِمُ لَا يَعْلَمُ بِهَا حَنِثَ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم لوُجُود الْأَخْذ خلافًا لأصبع وَيَأْتِي فِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ مِنَ السَّرِقَةِ إِنْ كَانَ شَأْنُهُ وَضْعَ الدَّرَاهِمِ فِيهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ أَبَدًا فَمَاتَ فَلَا يَدْخُلُهُ حَتَّى يُدْفَنَ لِبَقَاءِ صِدْقِ الْإِضَافَةِ وَالْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ فِي الصَّيْفِ أَوِ الْخَرِيفِ أَوِ الشِّتَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّبِيعُ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الْحَمَلَ بِنِصْفِ شَهْرٍ وَتُكْمَلُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَبْتَدِئُ الصَّيْفُ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْفُصُولِ كَذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الرَّبِيعُ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الْحَمَلَ بِشَهْرٍ ثمَّ تترتب الْفُصُولُ عَلَى ذَلِكَ لِكُلِّ فَصْلٍ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ شَمْسِيَّةٍ قَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الرَّبِيعَ يَرْجِعُ إِلَى اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَآخِرُ كُلِّ فَصْلٍ شَبِيهٌ بِمَا يَلِيهِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ حَلَفَ إِلَى الْحَصَادِ لَا يَحْنَثُ بِآخِرِهِ لِأَنَّ الْغَايَةَ تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ حَتَّى يَأْكُلَ زَيْدٌ أَوْ لَا يَبِيعُ حَتَّى يَبِيعَ فَفَعَلَا ذَلِكَ مَعًا حَنِثَ لِأَنَّ الْغَايَةَ شَأْنُهَا التَّأْخِيرُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْحَالِفُ لَيَفْعَلَنَّ فِي الْعِيدِ أَوْ إِلَى الْعِيدِ قِيلَ تَدْخُلُ لَيْلَةُ الْعِيدِ لِأَنَّ اللَّيْلَ سَابِقُ النَّهَارِ وَقِيلَ لَهُ

ص: 36

صَلَاةُ الْعِيدِ وَالِانْصِرَافُ مِنْهُ وَفِي انْتِهَاءِ الْعِيدِ ثَلَاثَة أَقْوَال بِانْقِضَاء يَوْمه بِانْقِضَاء ثَلَاثَة أَيَّام التَّفْرِقَة بَيْنَ الْأَضْحَى فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبَيْنَ الْفِطْرِ فَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ يَوْمِهِ

الْعَاشِرُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَلَفَ عَبْدٌ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ إِلَى أَجَلٍ فقضاه قبله من عين سَيّده أَو سَرقَة مِنْ مَالِهِ إِنْ عَلِمَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَأَنْكَرَ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا الْقَضَاءِ وَإِلَّا بَرَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْحِنْثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَجَازَ السَّيِّدُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهر الْكتاب فِيمَا إِذا اسْتحق مَا قضى لِأَنَّهُ وَإِن أجَاز فَهُوَ بعد الْأَجَل وَعَكْسُهُ لِأَشْهَبَ لِحُصُولِ الْقَضَاءِ فِي الْأَجَلِ وَالتَّفْرِقَةُ لِابْنِ كنَانَة بَين إجَازَة السَّيِّد فَيبرأ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ النَّقْدِ أَمَّا إِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَوْ قَامَتْ وَقُلْنَا النَّقْدَانِ لَا يتعينان بر الْعَبْدُ وَرَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ غَرِيمِهِ

الْحَادِي عَشَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَأَقْضِيَنَّكَ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْم الْجُمُعَة غَدا أَو ذَلِك ظَنّه وَظهر يَوْم الْخَمِيس إِن لم يقص فِيهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِلَى آخِرِ الْقَامَةِ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ فَإِلَى انْصِرَافِ النَّاسِ مِنَ الْجَامِعِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ هُوَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ فَإِلَى آخِرِ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا وَهَبَ لَهُ لحق قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَقَبِلَهُ حَنِثَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْقَضَاءُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَقَضَاهُ بَرَّ وَلَا قِيَامَ لَهُ بِالْهبةِ أَو الصَّدَقَة إِلَّا أَن لَا يَظْهَرَ مِنْهُ رَدٌّ وَلَا قَبُولٌ وَإِنْ وَرِثَهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَاسْتَحْسَنَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنْ يَقْضِيَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ أَوْ لَيَرْهَنَنَّهُ فَقَضَاهُ النِّصْفَ وَرَهَنَ النِّصْفَ بَرَّ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ أَوْ يَرْهَنَنَّهُ دَارَهُ فَقَضَاهُ النِّصْفَ وَرَهَنَ نِصْفَ دَارِهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ أَوَّلًا حَلَفَ عَلَى مُسَمَّى الْقَضَاءِ أَوِ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيد وَقد

ص: 37

فَعَلَ وَثَانِيًا الْتَزَمَ الرَّهْنَ فِي جُمْلَةِ الدَّارِ بَدَلًا عَنِ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ جُمْلَةَ الْحَقِّ وَلَا فَعَلَ بَدَلَهُ وَإِذَا غَابَ الطَّالِبُ وَاحْتَجَبَ عَنْهُ السُّلْطَانُ أَوْ خَشِيَ مِنْ طَلَبِهِ فَوَاتَ الْأَجَلِ أَوْ كَانَ بِقَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا سُلْطَانٌ دَفعه إِلَى عدُول وَأشْهد عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَجِدْ سُلْطَانًا مَأْمُونًا وَدَفَعَ إِلَى ثِقَةٍ مِنْ أَهْلِ الطَّالِبِ أَوْ وَكِيلِ ضَيْعَتِهِ أَوْ إِلَى أَخِيهِ بَرَّ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ إِلَى وُصُولِهِ إِلَى رَبِّهِ وَقِيلَ إِنْ دَفَعَ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَرَّ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْإِمَامِ يأكلها عَالِمًا بِذَلِكَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا وَلَا يحلف فال ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ غَابَ الْحَالِفُ وَأَرَادَ بَعْضُ أَهْلِهِ تَخْلِيصَهُ مِنَ الْحِنْثِ بِالدَّفْعِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَبَرَّ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ وَكِيلُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَبْرَأُ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ قَالَ ابْن حبيب وَإِن جُنَّ الْحَالِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ قَضَى عَنْهُ الْإِمَامُ وبريء لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ لَمْ يَحْنَثْ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينِهِ وَحَنَّثَهُ أَصْبَغُ نَظَرًا إِلَى انْعِقَادِ السَّبَبِ حَالَةَ التَّكْلِيفِ وَهُوَ الْيَمِينُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ كَانَ الْحَقُّ عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ أَو ظهر البيع حَرَامًا أورد بِالْعَيْبِ لَا يَبَرُّ حَتَّى يُوَفِّيَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ وَالْحَالِفُ لَا يَضَعُ فَيُنْظِرُ حَنَّثَهُ مَالِكٌ لِأَن النظرة إِسْقَاطٌ فِي الْمَعْنَى وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِاسْتِيفَاءِ جملَة حَقه قَالَ وَفِي الْكتاب لأقضين لَك حَقك يَوْمَ كَذَا إِلَّا أَنْ تَشَاءَ فَمَاتَ الطَّالِبُ صَحَّ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ وَوَصِيُّ الصَّغِيرِ إِنْ كَانَ لَا دِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْزِئُهُ تَأْخِيرُ الْغُرَمَاءِ إِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ يَمِينٌ وَلَا حِنْثٌ وَالْحَالِفُ لَا يَفْعَلُ كَذَا إِلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لَمْ يُجُزِهِ إِذْنُ وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ حَتَّى يَنْتَقِلَ إِلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ عَلَّقَ عَلَى إِذْنِ الْأَمِيرِ فَمَاتَ الْأَمِيرُ أَوْ عُزِلَ نَابَ إِذْنُ الَّذِي يَلِي بَعْدَهُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنْ كَانَ تَحْلِيفُ الْوَالِيِ لَهُ نَظَرًا وَعَدْلًا

ص: 38

الثَّانِي عَشَرَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّهُ صَدْرًا مِنْ حَقِّهِ قَالَ مَالِكٌ الصَّدْرُ الثُّلُثَانِ قَالَ وَلَو قيل النّصْف لَكَانَ وَجها وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الثُّلُثُ وَالْحَالِفُ لَا يَبِيعُ عَبْدًا رَهَنَهُ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ يَجْرِي عَلَى الْخلاف فِي حنث الْحَالِف لأَفْعَل فِعْلًا فَقَضَى عَلَيْهِ السُّلْطَانُ بِهِ وَإِذَا قُلْنَا بِحِنْثِهِ لَمْ تَرْجِعِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إِلَّا عَلَى القَوْل بِأَن الْمَالِك الثَّانِي عبد ثَان

الْمَدْرَكُ الْخَامِسُ كَوْنُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا فَلَا يَفْعَلُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يُطَلِّقُ أَوْ يُعْتِقُ إِنْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَرُفِعَ إِلَى الْحَاكِمِ فَإِنِ أجترأ وَفعل قبل النّظر فِي أمره بر لِأَنَّ حِنْثَهُ كَانَ تَقْدِيرًا شَرْعِيًّا وَالْمَحْسُوسُ الْمُنَاقِضُ لِلْمُقَدَّرِ يُبْطِلُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ وَإِلَّا فَالْحَانِثُ مُحَقَّقًا لَا يَنْقَلِبُ بَارًّا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَهُوَ على بر وَطَلَاق حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَاكِمَ إِنَّمَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ أَوْ يُعْتِقُ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمَحْلُوفُ بِهِ ثَلَاثًا أَوْ تَتِمَّتَهَا وَالْعِتْقُ مُعَيَّنٌ أَمَّا الْوَاحِدَةُ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا فَائِدَة فِي تَعْجِيل ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْحِنْثُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ التَّسْوِيَةُ فِي الْعِتْقِ الْمَدْرَكُ السَّادِسُ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَهُوَ على حنثه وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ التَّزَوُّجِ طَلَّقَهَا وَارْتَجَعَ وَبَرَّ وَقَالَ ش لَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ لِأَنَّ حِنْثَهُ مُغَيًّا بِانْقِضَاءِ الْعُمْرِ فَلَا يَحْنَثُ قَبْلَ ذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ الْآنَ فِي عُهْدَةِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ فِي بِرِّهِ مِنْ فِعْلِهِ أَوِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعِبَادَاتِ الْمُوَسَّعَةِ لَا بُدَّ مِنْ بَدَلٍ وَهُوَ الْعَزْمُ وَكَمَا أَنَّهُ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ إِذَا عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ فِي جُمْلَةِ الْوَقْتِ تَتَحَقَّقُ مُخَالَفَتُهُ لِلْأَمْرِ فَكَذَلِك تتَحَقَّق مُخَالفَته هَا هُنَا للْيَمِين ومخالفته الْيَمِينَ هُوَ الْحِنْثُ فَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ

ص: 39

يَضْرِبَ أَجَلًا فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ فِي عُهْدَةِ الْيَمِينِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ فِي الْحَالِفِ ليفعلن أَنه مغيابا لعمر وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ عَلَى التَّعْجِيلِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْخِيرَ فَإِنْ أَخَّرَ وَلَمْ يَنْوِ حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ لِأَنَّ سَبَبَ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْحِنْثُ مُتَحَقِّقٌ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ جَعَلَ لَهُ رَفْعَ هَذَا السَّبَبِ بِالْبِرِّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى السَّبَبِ زَوَالُ الْعِصْمَة فَلَا أقل من منع الوطئ الْمدْرك السَّابِع تزيل بعض الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مَنْزِلَةَ كُلِّهِ فِي سِيَاقِ الْبِرِّ دُونَ الْحِنْثِ وَله ثَلَاث صور إِحْدَاهَا أَن يكون الْمُسَمّى وَاحِدًا وَنَحْو وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ وَمَعَ الْعَطْفِ نَحْوَ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا أَوِ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ نَحْوَ لَا كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الرِّجَالَ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى اجْتِنَابِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَإِذَا تَرَكَ بَعْضَهُ فَقَدْ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي نَفْيِ كُلِّ مُرَكَّبٍ نَفْيُ أَحَدِ أَجْزَائِهِ وَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا كَانَ بَارًّا فَلَا يَحْنَثُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ للأصحاب مَالك الأول طَرِيقَةُ الْفَرْضِ وَالْبِنَاءِ وَهِيَ أَنْ تَقُولَ فِي صُورَةِ الْعَطْفِ لَوْ قَالَ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا اتِّفَاقًا وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ اللُّغَة على أَن لَا فِي الْعَطف للأكيد وَالتَّأْكِيدُ لَا يَزِيدُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ شَيْئًا فَكَمَا يَحْنَثُ مَعَ لَا يَحْنَثُ مَعَ عَدَمِهَا وَإِذَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَمَّ جَمِيعَ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَصْمَ يُمْكِنُهُ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْحَقِيقَة الْوَاحِدَة بالرغيف مَثَلًا وَبَيَّنَ حُصُولَ مُوَافَقَةِ الْيَمِينِ بِتَرْكِهِ لِجُزْئِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ نَقُولُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ فينعكس المسلك بِعَيْنِه للخصم الثَّانِي أَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحُرْمَةِ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَمِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مُبَاحٌ فَتَذْهَبُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ بِعَقْدِ الْأَبِ عَلَيْهَا من غير وطئ والمبتوتة لَا

ص: 40

تذْهب حرمتهَا إِلَّا بِعقد الْمُحَلّل ووطئه وَعقد الأول عَلَيْهِ وَالْمُسْلِمُ مُحَرَّمُ الدَّمِ لَا تَذْهَبُ هَذِهِ الْحُرْمَةُ إِلَّا بِالرِّدَّةِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا أُبِيحَ دَمُهُ يَحْرُمُ بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ أَيْسَرُ مِنَ الرِّدَّةِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالْحَرَابَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةُ لَا يَزُولُ تَحْرِيمُ وَطْئِهَا إِلَّا بِالْعقدِ المتوقف عَلَيْهَا وعَلى الْوَالِي وَالزَّوْجِ وَإِبَاحَتُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ يَكْفِي فِيهِ الطَّلَاقُ الَّذِي يَسْتَقِلُّ الزَّوْجُ بِهِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْع وَكَذَلِكَ الْخُرُوجُ إِلَى الْحِنْثِ يَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى الْبِرِّ يُشْتَرَطُ فِيهِ سَبَبٌ أَقْوَى وَهُوَ فِعْلُ الْجَمِيعِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّكُمْ إِنِ ادَّعَيْتُمُوهَا كُلِّيَّةً فَمَعْنَاهَا لِانْدِرَاجِ صُورَةِ النِّزَاعِ فِيهَا وَلِأَنَّ الدَّعْوَى الْكُلِّيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِالْمُثُلِ الْجُزْئِيَّةِ وَإِنِ ادَّعَيْتُمُوهَا جُزْئِيَّةً فَتَحْتَاجُونَ إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ يُوجِبُ كَوْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ فَأَيْنَ الْجَامِعُ الْمُنَاسِبُ لِخُصُوصِ الْحُكْمِ السَّالِم عَن الْفَارِق أَو غير الْقيَاس فبينوه الثَّالِث إِذا حلف ليفعلن فَهُوَ كالإبراء أَولا يَفْعَلُ فَهُوَ كَالنَّهْيِ وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ أَجْزَائِهِ فَيَكُونُ فَاعِلُ الْجُزْءِ مُخَالِفًا وَالْمُخَالِفُ حانث وَيَرِدُ عَلَيْهِ إنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ بِالْعَكْسِ بَلِ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِأَجْزَائِهِ كَإِيجَابِ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ وَالنَّهْي عَن الشَّيْء لَيْسَ نهيا عَن أجزاءه كالنهي عَن خمس رَكْعَات فَعم النَّهْي عَن الشَّيْء نهي عَن جُزْء فَإِنَّهُ كالنهي عَن مَفْهُوم الْخِنْزِير وَهُوَ نهي عَن الْخِنْزِير الطَّوِيل والقصير وَهَذَا وَذَلِكَ وَالْأَمر بالشَّيْء لَيْسَ أمرا بجزئياته كَالْأَمْرِ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ لَيْسَ أَمْرًا بِإِعْتَاقِ هَذِهِ وَتلك فَيثبت مَا بَيْنَ حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَالْجُزْئِيَّاتِ فَلَا يَغْتَرُّ بِذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ جُزْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَجُزْءِ الشَّرْطِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مَسْأَلَتَانِ مُتَنَاقِضَتَانِ فِي كتاب الْعتْق إِحْدَاهمَا قَوْله لأمته لَئِن دَخَلْتِ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إِحْدَاهُمَا عُتِقَتْ وَالْأُخْرَى قَوْلُهُ لِأَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ إِنْ دَخَلْتُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ

ص: 41

فَدخلت إِحْدَاهمَا لم تعْتق وَاحِدَة مِنْهُمَا وَفِي الصُّورَتَيْنِ وجد جُزْء الشَّرْط مَعَ أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ نَقَلَ فِي الْأَخِيرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ يُعْتَقَانِ لَا يُعْتَقَانِ تُعْتَقُ الدَّاخِلَةُ فَقَط وَفِي الْجلاب قَول بِعَدَمِ التحنيث تَحْرِير الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَقَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْقَائِلُ إِنْ رُزِقْتُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَرُزِقَ اثْنَيْنِ فَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رُزِقَ الثَّالِثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْآنَ تَحَقَّقَ وَقَوْلُ الْقَائِلِ إِنْ قَضَى اللَّهُ عَنِّي ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَضَى الله عَنهُ نِصْفَهَا وَصَامَ مَا ذَكَرَ ثُمَّ قَضَى الْبَاقِيَ أَجْزَأَهُ مَا تَقَدَّمَ وَكَانَ يُضَعِّفُهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ إِلَّا أَنَّهُ لَاحَظَ خِفَّةَ ثِقَلِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَقِيلَ يَصُومُ بِقَدْرِ مَا قَضَى عَلَيْهِ فَتَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَهَذَا أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْحَالِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إِنْ وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَوَضَعَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ آخَرُ يَحْنَثُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْوَطْءِ حنث بمغيب الْحَشَفَة وَقيل على الْإِنْزَال وَإِنْ أَلْحَقَ بِالْيَمِينِ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَصْدًا للإلحاق لزم فِي الْيَمِينِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا يَمْشِي عَلَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ بِخِلَافِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِخُصُوصِ عَدَدِ الثَّلَاثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْبَيَانِ إِنْ حَلَفَ لَا يَشْهَدُ حَيَاتَهُ وَلَا مَمَاتَهُ فَشَهِدَ جِنَازَةَ ابْنه حنث قَالَ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى الرُّجُوعِ

‌تَفْرِيعٌ

قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ مُحَمَّد إِذا قَالَ لَا أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ كُلَّهُ حَنِثَ بِبَعْضِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ كُلَّهُ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ فَلَا يَزِيدُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ وَخَالَفَ

ص: 42

ابْنُ سَحْنُونٍ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ بَلِ التَّصْرِيحُ بِالْكُلِّ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْبَعْضِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا أُجَامِعُكُنَّ حنث بوطئ وَاحِدَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْحَالِفُ لَا يَتَزَوَّجُ يَحْنَثُ بِالْعَقْدِ دُونَ الدُّخُولِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ إِنِ اسْتَوَى بِجَسَدِهِ عَلَيْهَا يَحْنَث اتِّفَاقًا وَإِن لم يعْقد عَلَى السَّرْجِ وَإِنْ عَمِلَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ وَاسْتَقَلَّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ وَلَمْ يَضَعْ رِجْلَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى لَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا وَإِنْ وَضَعَ رِجْلَهُ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَلَمْ يَسْتَوِ بِجَسَدِهِ فَقَوْلَانِ الْحِنْث ونفيه كالقولين فِيمَا إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَدَخَلَ بِرِجْلِهِ فَرْعٌ قَالَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَعْطَيْتِنِي الْوَدِيعَةَ فَأَعْطَتْهُ عَشَرَةً فَادَّعَى أَنَّ الْوَدِيعَةَ عشرُون طلقت فِي الْقَضَاء دون الفتياء لِأَنَّ غَرَضَهُ الَّذِي طَلَّقَ لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَشَرَةً فَأَعْطَتْهُ خَمْسَة الْمدْرك الثَّامِن تعَارض الْمَقَاصِد والوضع اللّغَوِيّ والشرعي وَإِنَّهَا تَغْلِبُ فَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئا أَو زَمَانًا أَوْ دَهْرًا فَذَلِكَ كُلُّهُ سَنَةٌ وَقَالَ ش يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ فَإِنْ فُقِدَ فاللغة وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ الْحِينُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} إِبْرَاهِيم 45 أَيْ فِي كل سِتَّة أشهر وَلَيْسَ كَمَا قَالَاهُ بَلِ النَّخْلَةُ تَحْمِلُ وَيَكْمُلُ حَمْلُهَا فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي شبهت فِيهَا الْإِنْسَان فِي قَوْلِهِ عليه السلام أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمُ النَّخْلَةَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ تَرَدُّدَهُ فِي الدَّهْرِ هَلْ هُوَ سَنَةٌ أَمْ لَا وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سنة

ص: 43

لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ حَنِثَ بِالْخُبْزِ وَالسَّوِيقِ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ تُؤْكَلُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الطَّلْعِ حنث ببسره وربطه وَتَمْرِةِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلْعَ نَفْسَهُ أَوْ من هَذَا اللَّبن حنث بزيده إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَقَالَ ح لَا يَحْنَثُ فِي الْجَمِيعِ لِانْتِقَالِ الْأَسْمَاءِ لَنَا أَنَّ صِيغَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ لُغَةً وَالزُّبْدُ بَعْضُ اللَّبَنِ وَالتَّمْرُ فِيهِ أَجْزَاءُ الطَّلْعِ وَلِذَلِكَ أَجْمَعْنَا عَلَى الْحَالِفِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الرَّغِيفِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِلُبَابِة مِنْهُ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ بُسْرَ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ مِنْ بُسْرِهَا لَا يَحْنَثُ بِالْبَلَحِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَلَحًا أَوْ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِنْ طَعَامٍ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ فِيهِمَا مِنَ الرَّدَاءَةِ وَالْحَالِفُ لَا يَشْرَبُ هَذَا السَّوِيقَ فَأَكَلَهُ يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الشُّرْبَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَيَأْكُلُ سَوِيقًا لُتَّ بِسَمْنٍ يَحْنَثُ وَجَدَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ اسْتِخْرَاجُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ لَخَرَجَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ خَلًّا فَأَكَلَ مَرَقًا طُبِخَ بِخَلٍّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا طُبِخَ بِهِ وَقَالَهُ ش فِيهِمَا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ عَسَلًا يَحْنَثُ بِعَسَلِ الْقَصَبِ وَبِالْعَسَلِ مَطْبُوخًا وَبِالْفَالَوْذَجِ وَبِالْخَبِيصِ وَطَعَامٍ فِيهِ عَسَلٌ وَيُحْتَمَلُ على قَول أَشهب أَن لَا يَحْنَثَ بِعَسَلِ الْقَصَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعَادَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَلِّ فِي الْكتاب قَالَ وَلَمْ يُفَرِّقِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ وُجُودِ طَعْمِ السَّمْنِ وَعَدَمِهِ وَفَرَّقَ ابْنُ مَيْسِرٍ قَالَ وَلَوْ أَنَّ الدَّقِيقَ وَالْخُبْزَ لُتَّ بِخَلٍّ حَنِثَ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّتَّ غَيْرُ مُسْتَهْلَكٍ وَوَافَقَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْخَلِّ وَاخْتَلَفَا فِي السَّمْنِ وَحَنَّثَهُ سَحْنُونٌ فِي الْخَلِّ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُل لَحْمًا يَحْنَث بالشحم خلافًا ل ش وَلَوْ عَكَسَ لَا يَحْنَثُ بِاللَّحْمِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَحَرَّمَ شَحْمَهُ وَحَرَّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّحْمَ وَلَمْ يُحَرِّمِ اللَّحْمَ وَيحنث

ص: 45

بِلَحْم الْحُوت أَو لَا يَأْكُل رؤسا أَو بيضًا حنث برؤس السّمك وبيضها خلافًا ل ش لِأَن لفظ الرؤس وَالْبَيْضِ لَمْ يَخْتَصَّ فِي الْعُرْفِ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا بَلْ مَنْ قَالَ رَأَيْتُ رَأْسًا يُقَالُ لَهُ رَأَسُ أَيِّ شَيْءٍ وَيَحْسُنُ جَوَابُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا اخْتُصَّ الْأَكْلُ بِبَعْضِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْقَوْلِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحْنَث فِي ثمن الْحِنْطَة وَلَا فِيهَا أَشْبَهَهُ وَاسْتَحْسَنَ أَشْهَبُ فِي الطَّلْعِ عَدَمَ الْحِنْثِ بالبسر أَو الرطب لبعد مَا بَينهَا فِي الطَّعْمِ وَالِاسْمِ وَالْمَنْفَعَةِ كَالْخَلِّ مَعَ الْعِنَبِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحِنْثَ بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فِي الشَّحْمِ مِنَ اللَّحْمِ وَالنَّبِيذِ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَصِيرِ مِنَ الْعِنَبِ وَالْمَرَقِ مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ مِنَ الْقَمْحِ وَقَدْ جَمَعَهَا الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ

(أمراق لحم وخبز قَمح

نَبِيذ تَمْرٍ مَعَ الزَّبِيبِ)

(وَشَحْمُ لَحْمٍ وَعَصْرُ كَرْمٍ

يَكُونُ حِنْثًا عَلَى الْمُصِيبِ)

وَالِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ يَعْسُرُ تَقْرِيرُهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ مِنَ الْقَمْحِ لِبُعْدِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ أَوْ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ وَاسْتَحْسَنَهُ مُحَمَّدٌ وَلَا يُحَنِّثُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا أَوِ اللَّبَنَ بِالزُّبْدِ أَوِ السَّمْنِ وَلَا يَأْكُلُ رُطَبًا بِالتَّمْرِ أَوْ لَا يَأْكُلُ عَسَلًا بِالرَّبِّ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ مِنْ وَعَمَّمَ ابْنُ وَهْبٍ الْحِنْثَ فِي ذَلِكَ قِيَاسًا وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِ هَذَا فَيَحْنَثَ أَوْ يُنَكَّرَ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تَتَنَاوَلُ الْخُصُوصَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ زَعْفَرَانًا يَحْنَثُ بِالطَّعَامِ الْمُزَعْفَرِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ عَلَى اللَّحْم يَحْنَث بالكرش وَالرَّأْس والمعاء والدماغ وَغَيرهَا خلافًا ل ش وَابْنِ حَنْبَلٍ فَهُمَا يُلَاحِظَانِ الْعُرْفَ وَهُوَ يُلَاحِظُ اللُّغَةَ وَالْحَالِفُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالشَّحْمِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ شَحْمًا وَالْحَالِفُ عَلَى اللَّحْمِ يَحْنَثُ بالقديد دون

ص: 46

الْعَكْس وَقَالَ أَشهب الْحَالِف على اللَّحْم والرؤس لَا يَحْنَث إِلَّا بِلَحْم الْأَنْعَام ورؤسها كَقَوْلِ ش لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالْأَثْمَانِ عَادَةً فَهُوَ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ فِي خُصُوصِ أَلْفَاظِ الْأَيْمَانِ وَالْعُرْفُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْبيض وَالْفرق بَعْدَمَا بَيْنَ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَتَقَارُبُ بَيْضِ الدَّجَاجِ وَالطَّيْرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْضُ الطَّيْرِ دُونَ الْحُوتِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ إِدَامًا يَحْنَثُ بِالْإِدَامِ عُرْفًا وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلَيْسَ الْمِلْحُ مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَحَنَّثَهُ أَشْهَبُ بِالْمِلْحِ لِأَنَّهُ عَادَةُ الضُّعَفَاءِ بِمِصْرَ وَالْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ كَالتَّمْرِ وَالزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ وَوَافَقَنَا ش وَخَصَّصَهُ ح بِمَا يُصْنَعُ فِيهِ دُونَ اللَّحْمِ وَالشِّوَاءِ لِقَوْلِهِ عليه السلام نِعْمَ الإدام الْخلّ وائتدموا بِالزَّيْتِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنه مَفْهُوم لقب لَا حجَّة فِيهِ سلمناه وَلكنه معَارض بقوله عليه السلام الحم سَيِّدُ إِدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلِأَنَّ الْإِدَامَ مَعْنَاهُ الِائْتِلَافُ لِأَنَّهُ يُؤَلِّفُ الْخُبْزَ مَعَ النَّفْسِ وَمِنْهُ سُمِّيَ آدَمُ عليه السلام لِأَنَّهُ أُلِّفَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ عليه السلام هَلَّا نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَوْلَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا أَيْ تأتلفان

ص: 47

فَرْعٌ وَقَالَ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَإِدَامًا لَا يَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْجَمْعُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً يَحْنَثُ بِرُطَبِهَا وَيَابِسِهَا مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ والفتاء والبطيخ والقصب والفول والحمض وَالْجُلُبَّانِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحَالِفُ عَلَى الْخُبْزِ يَحْنَثُ بِالْكَعْكِ دُونَ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْكَعْكَ خُبْزٌ وَزِيَادَةٌ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ غَنَمًا يَحْنَثُ بِالضَّأْنِ وَالْمَعِزِ وَالْحَالِفُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ وَالْحَالِفُ عَلَى الدَّجَاجِ يَحْنَثُ بِالدِّيكِ وَعَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَحْنَثُ بِالْآخَرِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ كِبَاشًا يَحْنَثُ بِكِبَارِ النِّعَاجِ وَصِغَارِهَا لِدُخُولِهَا فِي الِاسْمِ وَلَوْ قَالَ كَبْشًا وَلَمْ يَقُلْ كِبَاشًا لَمْ يَحْنَثْ بِصِغَارِ الذُّكُورِ وَلَا الْإِنَاثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ الْكِبَاشُ لَا يَحْنَثُ بِهَا عِنْدَنَا فِي الصِّغَارِ وَلَا الْإِنَاثِ الْكِبَارِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ وَلَاحَظَ مُحَمَّدٌ اللُّغَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ نَعْجَةً أَوْ نِعَاجًا لَا يَحْنَثُ بِصِغَارِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَكِبَارِ الذُّكُورِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ خَرُوفًا لَا يَحْنَثُ بِالْكَبْشِ وَالْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ تَيْسًا أَوْ تُيُوسًا يَحْنَثُ بِالْعَتُودِ دُونَ الْعَكْسِ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَانْتَفَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ جَمْعِ مَالِهِ وَدَفْنِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ وَصَايَا وَلَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دِينٌ دُونَ الْوَصَايَا لِأَنَّ الدّين يقْضِي على ملكه والوصايا أَرْبَابهَا وَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ وَالْحَالِفُ لَا يَنْفَعُهُ مَا عَاشَ أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا عَاشَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا أَوْ كَفَّنَهُ فَقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ والحالف لَا يكلمهُ فيؤم قوما فِيهِمْ فَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ أَوْ صَلَّى خَلْفَهُ عَالِمًا بِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ مِنَ الصَّلَاةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامًا عَادَةً وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ لَيْلًا حَنِثَ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْحِنْثِ وَلَوْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ حَنِثَ خلافًا ل ش وَابْنِ حَنْبَلٍ إِلَّا

ص: 48

أَنْ يَنْوِيَ الْمُشَافَهَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْكَلَامِ إِنَّمَا مَا هُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْحُرُوفُ الْكِتَابِيَّةِ فِي ذَلِكَ كَالنُّطْقِيَّةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَنْوِي فِي الْكِتَابِ وَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْكِتَابُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ سَلَّمَ اثْنَتَيْنِ فَأَسْمَعَهُ الثَّانِيَة حنث قَالَ ابْن ميسر لَا يَحْنَث وَإِن أرتج عَلَى الْحَالِفِ فَلَقَّنَهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَاف الْعَكْس وَأما إِذا أم الْحَالِف فَرد عَلَيْهِ الْمَحْلُوف قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ سَمِعَ رَدَّهُ وَحنث قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَو مر الْمَحْلُوف نَائِمًا فَقَالَ لَهُ الصَّلَاةُ يَا نَائِمُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَعَرَفَهُ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِشِدَّةِ النَّوْمِ كَالْأَصَمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِكَلَامِ رَجُلٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ تَيَقَّنَ نَوْمَهُ وَلَمْ يَنْتَبِهْ لِكَلَامِهِ لَا يَحْنَثُ كَالْمَيِّتِ وَالْبَعِيدِ وَلَوْ كَلَّمَ غَيْرَهُ يَظُنُّهُ إِيَّاهُ قَاصِدًا لِلْحِنْثِ لم يَحْنَث لِأَن الْقَصْد إِنَّمَا يوثر فِي الْحِنْثِ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ وَهُوَ هَا هُنَا عَلَى بِرٍّ وَلَوْ كَلَّمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ عُذْرًا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا نَاسِيًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَالِفُ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَتْ كَلَامًا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا حُرُوفٌ كَالْكَلَامِ وَحُرُوفُهَا دَالَّةٌ عَلَى حُرُوفِ الْقَوْلِ فَيَتَنَزَّلُ أَحَدُهُمَا مَنْزِلَةَ الْآخَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْنَثُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} آل عمرَان 41 والْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّسُولِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ وَلَا فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَهُ الْكَلَامَ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ الرَّسُولَ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ بِالْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَو رَجَعَ الْكتاب بعد قِرَاءَته بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يقْرَأ جَهرا لَا يَحْنَث بقراة قلبه وَلَو كتب الْمَحْلُوف إِلَى الْحَالِفِ فَقَرَأَ كِتَابَهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَوْ أَمَرَ الْحَالِفُ مَنْ يَكْتُبُ فَكَتَبَ وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَى الْحَالِفِ وَلَا قَرَأَهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَرَأَهُ الْحَالِفُ أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ حَنِثَ إِذَا قَرَأَهُ

ص: 49

الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ عُنْوَانُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَو يُرْسل رَسُولا} الشورى 51 فَجعل ذَلِكَ كَلَامًا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي قَبُولِ النِّيَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالرَّسُولِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا تُقْبَلُ فِي الرَّسُولِ دُونَ الْكِتَابِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأِ الْمَحْلُوفُ الْكِتَابَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ فَرْعٌ قَالَ لَوِ انْتَقَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إِلَى مَا لَيْسَ مُعَدًّا لَهُ كَالْحَالِفِ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَيَفْسَدُ بِأَكْلِهِ فَقِيلَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ أَكَلَهُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ الْمُعْتَادَ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ إِلَّا مَا هُوَ مُعَدٌّ لَهُ فَإِنَّ نَطَقَ بِ مِنْ نَحْوَ لَا أَكَلْتُ مِنْ هَذَا فَإِنْ قَرُبَ تَغَيُّرُهُ فَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْحِنْثِ وَإِنْ بَعُدَ كَانْتِقَالِ الطَّلْعِ إِلَى الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ فَالْمَشْهُورُ الْحِنْث وَلَا يَحْنَث بالمتولد الَّذِي لَيْسَ جزأ كالحلف عَلَى الشَّاةِ فَيَأْكُلُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَرْكَ الِانْتِفَاعِ مُطْلَقًا وَفِي تَحْنِيثِهِ بِوَلَدِهَا خِلَافٌ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَةَ مِنْ وَنَكَّرَ فَالْمَذْهَب عَدَمُ الْحِنْثِ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ قَرُبَ التَّغَيُّرُ جِدًّا وَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا كَذَلِكَ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتًا فَدَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِفِ بَيْتًا أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إِلَى عَدَمِ الْحِنْثِ وَقِيلَ يَحْنَثُ وَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ اتِّفَاقًا لِبُعْدِ لَفْظِ الْبَيْتِ عَنِ الْمَسْجِدِ إِلَّا بِإِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْنَثُوهُ بِالْحَمَّامِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمَّامَ لَا يَلْزَمُ دُخُولُهُ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ وَخَالَفَ اللَّخْمِيُّ فِي الْحَمَّامِ وَالْحَالِفُ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ دَارٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا يَعُودُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ حِنْثًا إِنْ رَجَعَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا يَعُودُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنَّ الشَّهْرَ مُعْتَبَرٌ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَانْتِزَاعِ مَالِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ بِشَهْرٍ وَالْحَالِفُ لَيُطِيلَنَّ الْهِجْرَانَ بَرَّ بِشَهْرٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ حِنْثًا إِنْ رَجَعَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا أُحِبُّ لَهُ الِانْتِقَالَ بِنِيَّةٍ مُؤَقَّتَة قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْحَالِفُ لَيُخْرِجَنَّ فُلَانًا مِنْ دَارِهِ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ

ص: 50

شَهْرٍ وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَحَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ فَتَأَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الطَّلَبِ وَلَمْ يَجِدْ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْحَالِفُ لَيَخْرُجَنَّ من الْمَدِينَة وَلم ينْو إِلَى بلد معِين خَرَجَ إِلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَيُقِيمُ فِيهِ شهرا قَالَ مَالِكٌ وَقِيلَ إِلَى مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ فِيهِ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ فَيُقِيمُ فِيهِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَيَرْجِعُ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا فَسَكَنَهَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ حَنِثَ لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ قَالَ دَارَ فُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ لِزَوَالِ الْإِضَافَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَالِفُ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ حَنِثَ بِدَارٍ لَهُ فِيهَا شِرْكٌ لِصِدْقِ الْإِضَافَةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِأَدْنَى سَبَبٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلَيِ الْخَشَبَةِ شُلَّ طَرَفُكَ قَالَ أَشْهَبُ الْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ مَنْزِلَ فُلَانٍ فَدَخَلَ الدَّارَ دُونَ الْبَيْتِ إِنْ كَانَتِ الدَّارُ لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِذْنٍ وَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ حَنِثَ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَحْنَثُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ حَنِثَ بِحَانُوتِهِ وَقَرْيَتِهِ وَخِبَائِهِ وكل مَوضِع لَهُ فِيهِ أهل أَو متا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ لِأَنَّ الدَّارَ مِنَ الدَّائِرَةِ تُعْمَلُ حَوْلَ الْبَيْتِ خَشْيَةَ السَّيْلِ فَسُمِّيَتِ الدَّارُ دَارًا لِذَلِكَ وَخَالَفَ أَصْبَغُ فِي الْحَانُوتِ وَالْخِبَاءِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا غَزَلَتْهُ فُلَانَةٌ حَنِثَ بِمَا غَزَلَتْهُ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا فَسَكَنَ بَيْتَ شَعْرٍ وَهُوَ بَدَوِيٌّ أَوْ حَضَرِيٌّ حَنِثَ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ أَولا يَكْسُوهَا هذَيْن الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّته مُجْتَمعين فكساهما أَحدهَا حنث لِأَنَّهُ جُزْء الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أَو لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ طَرِيقًا وَدَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ بُنِيَتْ وَدَخَلَهَا حَنِثَ لِأَنَّهُ يُقَالُ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ عُمِّرَتْ فَالْمُشَارُ إِلَيْهِ عَادَ أَوْ لَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَغُيِّرَ أَوْ نُقِلَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَابُ دُونَ الدَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا بُنِيَتِ الدَّار بعد هدمها مَسْجِدا لم يَحْنَث وَقَالَ مَالِكٌ الْحَالِفُ لَا خَرَجَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الدَّارِ فَهَدمهَا سيل أَو أخرجهَا ملك الدَّارِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الدَّارِ الثَّانِيَةِ أَوْ يَرْجِعُ إِلَى الْأُولَى قَالَ سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَهَا السُّلْطَانُ لِيُحْلِفَهَا

ص: 51

فِي حَقٍّ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوِ انْتَقَلَ الزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَيْثُ انْتَقَلَ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ صَوْنُهَا وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا الْحَالِفُ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَابِ بَيْتِهَا حَتَّى يَقْدُمَ فَنَزَلَتْ بِمَوْضِعِهَا فتْنَة فخافت فَخرجت من دبر بَيتهَا يَحْنَثْ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا فَذَاقَهُ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى جَوْفِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّغَذِّي وَلَمْ يَحْصُلْ وَالْحَالِفُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي دَارٍ فَسَكَنَا فِي مَقْصُورَتَيْنِ فِي دَارٍ أَوْ كَانَا قَبْلَ الْحَلِفِ كَذَلِكَ حَنِثَ وَإِنْ كَانَا فِي مَنْزِلٍ فَلَا وَالْحَالِفُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي دَارٍ فَقُسِّمَتْ وَاسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِهَا كَرِهَهُ مَالِكٌ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ فَحَلَفَ لَا يُجَاوِرُهُ أَوْ لَيَنْتَقِلَنَّ عَنْهُ فَانْتَقَلَ إِلَى قَرْيَةٍ وَالْمَضْرِبُ وَاحِدٌ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْتَقِلَ بَيْتُهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنِ انْقِطَاعِ خُلْطَةِ الصِّبْيَانِ وَالْعِيَالِ وَتَكُونُ رِحْلَتُهُ كَرِحْلَةِ أَهْلِ الْعَمُودِ قَالَ مَالِكٌ حَيْثُ لَا تلتقي أَغْنَامُهُمْ فِي الرَّعْيِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَحْنَثُ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ أَقَامَ أَيَّامًا أَوْ مَرَضَهُ قَالَ مَالِكٌ وَالزِّيَارَةُ تَخْتَلِفُ كَمَا فِي الْحَضَرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَتِ الزِّيَارَةُ مُسَاكَنَةً وَإِنْ طَالَتْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ السُّكْنَى وَقَالَ أَيْضًا إِذَا أَكثر الْمبيت والمنام فِي غير الْحَضَر حَنِثَ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْحَالِفُ لَا يجاوره فِي أُمَّهَات الْقرى يَحْنَث بِالطَّرِيقِ الَّتِي تَجْمَعُهُمَا فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْمُجْتَمَعِ وَلَا يَحْنَث قَالَ أَبُو الطَّاهِر وَلَو رفع مَالًا فَنَسِيَهُ فَحَلَفَ لِزَوْجَتِهِ لَقَدْ أَخَذْتِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ حَيْثُ دَفَنَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِن كَانَ تلف فَأَنت أَخَذته وَالْحَالِفُ لَيْسَ مَعِي أَوْزَنُ مِنْ هَذَا الدِّرْهَمِ فَوَجَدَ مَعَهُ وَزْنَهُ لَا يَحْنَثُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى عَلَى امْرَأَته فَذهب

ص: 52

مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ التَّسَرِّيَ الْوَطْءُ وَقِيلَ الْإِيلَادُ وَقِيلَ الِاتِّخَاذُ لِلْوَطْءِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْوَطْءُ لَا تَجُوزُ لَهُ إِلَّا الْمُبَاشَرَةُ مِنَ التَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَلَا يُنْزِلُ وَقِيلَ وَطْأَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا يَحْنَثُ إِلَّا بِتَمَامِهَا الْمَدْرَكُ الْعَاشِرُ النَّظَرُ إِلَى التَّمَادِي عَلَى الْفِعْل هَلْ يُجْعَلُ كَابْتِدَائِهِ فَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَسْكُنُ هَذَهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا يَخْرُجُ مَكَانَهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ أَقَامَ إِلَى الصَّبَاحِ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ فَإِنْ وَجَدَ مَنْزِلًا لَا يُوَافِقُهُ أَوْ غَالِيًا انْتَقَلَ إِلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ سِوَاهُ وَإِلَّا حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْتَقِلُ بِحَسَبَ الْعَادَةِ وَيَرْتَحِلُ بِوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَجَمِيعِ مَتَاعِهِ إِلَّا الْوَتَدَ وَمَا لَا يُعْبَأُ بِهِ فَإِن بَقِي مَتَاعه حنث وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا ل ش فِي قَوْلِهِ يَكْفِي نَقْلُهُ بِنَفْسِهِ لَنَا أَنَّهُ كُلُّ يَوْمٍ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَلَا بُدَّ لِلْيَمِينِ مِنْ غَرَضٍ زَائِدٍ عَلَى الْمُعْتَاد وَقَالَ أَبُو يُونُس قَالَ أَشهب لَا يَحْنَث بإقامته يَوْم وَلَيْلَةً وَلَا يَتْرُكُ قَشَّهً فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى مُسَاكَنَةً وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَالِفِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي الْهِلَالِ لَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَو ابْتَدَأَ فِي النقلَة وَأقَام أَيَّامًا لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ مَتَاعَهُ إِعْرَاضًا عَنْهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ تَرْكَ الْوَتَدَ وَنَحْوَهُ إِعْرَاضًا عَنْهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ نِسْيَانًا حَنِثَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَالِفُ عَلَى رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ لِبَاسِ ثَوْبٍ وَهُوَ رَاكِبٌ أَوْ لَابِسٌ يَنْزِعُ وَيَنْزِلُ فَإِنْ تَمَادَى كَانَ كَابْتِدَاءِ الْفِعْلِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَهُوَ فِيهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وش لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَغْدُو رَاكِبًا وَلَابِسًا وَلَا يَغْدُو رَاجِلًا وَلَوْ قَالَ لِلْحَائِضِ إِذَا حِضْتِ أَوِ الطَّاهِرِ إِذَا طَهُرْتِ أَوِ الْحَامِلِ إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ عَلَى

ص: 53

وُجُودِ هَذِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ حَاضَتْ أَوْ طَهُرَتْ أَوْ حَمَلَتِ الْيَوْمَ بَلْ مُنْذُ مُدَّةٍ الْمَدْرَكُ الْحَادِي عَشَرَ مَا يُعَدُّ عذرا وَهُوَ الْإِكْرَاه والسيان وَالْجَهْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا يَحْنَثُ بِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا وَلَا يَحْنَثُ مُكْرَهًا وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى الْإِكْرَاهِ عَلَى الْيَمين وَخَالَفنَا ح فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ وَوَافَقَنَا فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ وَخَالَفَنَا ش فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ تَمْهِيدٌ اللَّفْظ لُغَة لَا يخْتَص بِحَالَة فقد دلّت الْعَادة على أَن النَّاس يستنون هَذِهِ الْحَالَةَ حَتَّى يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا فَعَلْتُ كَذَا مَا لَمْ أَنْسَ أَوْ أُكْرَهْ أَوْ أَجْهَلْ وَلَا يَقْصِدُونَ ذَلِكَ فَنَحْنُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا قَصْدُهُمْ فَاعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ وَاسْتَثْنَيْنَا الْإِكْرَاهَ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ أَيْ فِي إِكْرَاهٍ وَإِذَا تَمَهَّدَ عذرا فِي الطَّلَاقِ تَمَهَّدَ فِي غَيْرِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ الإيثار للْفِعْل وش يَرَى أَنَّ هَذِهِ الْحَالَاتِ مُسْتَثْنَيَاتٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا مَالَ عِنْدَهُ وَوَرِثَ مَالًا لَا يَعْلَمُ بِهِ حَانِثٌ وَالْحَالِفُ لَا يَدْخُلُ دَارًا لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا مُكْرَهًا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ هَجَمَتْ بِهِ دَابَّتُهُ كُرْهًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إِنْ دَخَلْتِ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكْرَهَهَا غَيْرُهُ عَلَى الدُّخُولِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَمَّا بِإِكْرَاهِهِ هُوَ فَقَالَ سَحْنُونٌ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رِضًا بِالْحِنْثِ فَيَحْنَثَ قَالَ مَالِكٌ وَالْمُكْرَهُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُعْتَبَرُ يَمِينُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِك وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ مِنَ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالْحَالِفُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ تُصُدِّقْ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ نَظَرًا لِتَأْخِيرِ

ص: 54

كَمَالِ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ لَيَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ فَتُسْرَقُ يَحْنَثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ السَّارِقُ فَإِنْ مَاتَتْ بَرَّ لِتَعَذُّرِ الْفِعْل وَمنع الغاضب وَالْمُسْتَحِقِّ كَالسَّارِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ أَوْ لَيَبِيعَهَا فَوَجَدَهَا حَامِلًا لِأَنَّ الْمَانِعَ شَرْعِيٌّ وَالْفِعْلَ مُمْكِنٌ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَالْحَالِفُ لَيَطَأَنَّهَا فَوَجَدَهَا حَائِضًا قِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقيل إِن وطىء بَرَّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَبَرُّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا نَذَرَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَصَادَفَ يَوْمَ الصِّيَامِ مَرَضٌ أَفْطَرَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ الْحَالِفُ لَيَصُومَنَّ رَمَضَانَ وَشَوَّالَ إِنْ صَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَرَّ وَإِلَّا فَلَا قَاعِدَةٌ الْمَانِعُ مَتَى كَانَ عَقْلِيًّا اعْتُبِرَ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ عَادِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا فَقَوْلَانِ وَالْمَدْرَكُ أَنَّ قَوْلَ الْحَالِفِ لَأَفْعَلَنَّ هَلْ يَعُمُّ الْأَحْوَالَ أَوْ يُخَصَّصُ بِحَالَةِ التَّمَكُّنِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ لِلْعُقَلَاءِ فَلَا يَحْنَثُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُتَعَذِّرِ عَقْلًا وَغَيْرِهِ مُحَافَظَةً عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْغَيْرِ كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَفِي الْإِكْرَاهِ قَوْلَانِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ تَحْنِيثُ النَّاسِي وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مُحَقِّقِي الْأَشْيَاخِ عَدَمُ تَحْنِيثِهِ وَرَامُوا تَخْرِيجَهُ مِمَّا فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ فِي الْحَالِفِ بِالطَّلَاقِ لَيَصُومَنَّ يَوْمًا سَمَّاهُ فَأَفْطَرَهُ نَاسِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْقَضَاءِ دُونَ الْحِنْثِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُفطر فِي النذور وفيمن حَلَفَ لَا يُبَايِعُ إِنْسَانًا فَبَايَعَ مَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ أَوْ مِمَّنِ اشْتَرَاهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَلم يعلم وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مُرَاعَاةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَلَا يَحْنَثُ بِمُبَايَعَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ عُذْرٌ الْمَدْرَكُ الثَّانِي عَشَرَ تَنْزِيلُ الْوَكِيلِ مَنْزِلَةَ الْمُوكل تَحْقِيقًا لِلنِّيَابَةِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ش وَقَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ كُلُّ مَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئا فَأمره

ص: 55

غَيْرُهُ فَفَعَلَهُ حَنِثَ إِلَّا فِي مِثْلِ الْحَالِفِ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ النِّيَابَةَ فِي ضَرْبِهِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَا يَشْتَرِي عَبْدًا فَيَأْمُرُ غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيهِ لَهُ يَحْنَثُ وَالْحَالِفُ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَيَأْمُرُ غَيْرَهُ فَيَضْرِبُهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ إِيلَامِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ وَالْحَالِفُ لَا يَبِيعُ لِفُلَانٍ شَيْئًا فَيَدْفَعُ فُلَانٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَيَدْفَعُهُ الرَّجُلُ لِلْحَالِفِ فَيَبِيعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ صَدِيقًا ملاطفا أَو من عماله أَو نَاحِيَتِهِ وَإِلَّا حَنِثَ وَكَذَلِكَ الْحَالِفُ لَا يَبِيعُ مِنْهُ فَيَبِيعُ مِمَّنْ يَشْتَرِي لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي مِنْ نَاحِيَتِهِ وَلَا مِنْ سَبَبِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَحَلَّفَهُ فَقَالَ لَهُ أَنَا أَبْتَاعُ لِنَفْسِي ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ ابْتِيَاعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ فُلَانٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ قَالَ أَبِيعُكَ بِشَرْطِ أَنَّكَ إِنِ ابْتَعْتَ لِفُلَانٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَتَبَيَّنَ الشَّرْطُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا يَحْنَثُ وَلَوِ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ وَلَّى لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَحْتَمِلُ الْحِنْثَ وَنَفْيَهُ فَقَدْ قِيلَ فِي الْحَالِفِ لَا يَشْتَرِي لِامْرَأَتِهِ ثَوْبًا فَاشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ وَلَّاهُ لَهَا اسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْحَالِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَا يَبِيعُهُ فَرَهَنَهُ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي الرَّهْنِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ زَمَانُ وُقُوعِ الْعِتْقِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ قَالَ وَالْمَعْلُومُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وُقُوعُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ بِغَيْرِ عِتْقِ الْعَبْدِ لَجَرَى فِي حِنْثِهِ خِلَافٌ الْمَدْرَكُ الثَّالِث عشر تعذر الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ إِمَّا عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ بِآدَمِيٍّ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ أَوْ لَيَرْكَبَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ هَذَا إِلَى أَجَلٍ فَتَعَذَّرَ ذَلِكَ بِمَوْتٍ بَرَّ بِخِلَاف السّرقَة إِلَّا أَن

ص: 56

يَنْوِيَ أَنْ لَا يَسْرِقَ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُمْكِنٌ فِي السَّرِقَةِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحْنَثُ فِي مَوْتٍ وَلَا سَرِقَةٍ لِضَرْبِهِ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا لَحَنِثَ فِي الْمَوْتِ وَالسَّرِقَة أَن مكنه الْفِعْلُ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ خَشَبَةً غَدًا فَوَجَدَهَا مَقْطُوعَةً مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقَطْعُ فَتَرَكَهُ حَنِثَ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ لَيَذْبَحَنَّ حَمَامَةً ثُمَّ قَامَ مَكَانَهُ فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْعَاقِلَ إِنَّمَا يَلْتَزِمُ الْفِعْلَ الْمُمْكِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَالِفِ لَيَبِيعَنَّ أَمَتَهُ فَيَجِدُهَا حَامِلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا سَحْنُونٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ مَنَعَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَالِفَ لَيَفْعَلَنَّ لَا يُعْذَرُ بِالْإِكْرَاهِ وَالْغَلَبَةِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَضْرِبَنَّ امْرَأَتَهُ إِلَى سَنَةٍ فَمَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ لِمَوْتِهَا وَهُوَ عَلَى بِرٍّ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا مُنِعَ مِنْ بَيْعِ الْعَبْدِ حَتَّى يَبَرَّ فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ وَالْحَالِفُ صَحِيحٌ عَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْ مَرِيضٌ فَمِنْ ثُلُثِهِ نَظَرًا إِلَى حَالَةِ الْحِنْثِ دُونَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْحِنْثَ إِنْ كَانَ السَّبَبَ فَقَدْ وُجِدَ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوِ الشَّرْطَ فِي اعْتِبَارِ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ هُوَ السَّبَبُ فَالْآنَ حَالَةُ الِاعْتِبَارِ وَقِيلَ ذَلِكَ لَغْوٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُصَدَّقُ الْحَالِفُ أَنَّهُ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوِ امْرَأَتَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى قَضَاءِ الْحَقِّ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْإِشْهَادُ عَلَى قَضَاءِ الْحَقِّ دُونَ الضَّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ صدقه الطَّالِب وَهُوَ من أصل الصِّدْقِ حَلَفَ مَعَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ اتُّهِمَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْعَدْلُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ يُقْبَلُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا لم تعلم يَمِينه إِلَّا بالإقراء قبل قَوْله بِغَيْر بَيِّنَة لعدم التُّهْمَة قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطَّالِبِ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ لِرَجُلٍ أَوْ ضَمَانُ عَارِيَةٍ يُغَابُ عَلَيْهَا فَحلف بِالطَّلَاق ثَلَاثًا ليودين ذك وَحَلَفَ الطَّالِبُ بِالطَّلَاقِ

ص: 57

ثَلَاثًا لَا يَقْبَلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الدَّيْنِ لِتَعَيُّنِ الْمِنَّةِ فِي تَرْكِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَدْيُونَ إِيَّاهَا وَيَحْنَثُ الطَّالِبُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يُجْبَرُ فِي أَخْذِ قِيمَةِ الْعَارِيَةِ وَيَحْنَثُ الْمُسْتَعِير لعدم تعْيين الْمِنَّةِ بِتَرْكِ شَيْءٍ مُحَقَّقٍ قَبْلَهُ فَإِنَّ ضَمَانَهَا ضَمَانُ التُّهَمِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ يُعْطِيهِ قبله أَولا لَمْ يَحْنَثْ كِلَاهُمَا الْمَدْرَكُ الرَّابِعَ عَشَرَ النِّيَّةُ الْعرية عَن اللَّفْظ هَلْ يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْل حنث أَو بر حَكَى أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلَيْنِ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ النِّيَّةِ على أَلْسِنَة الْأَصْحَاب من مشكلات الْمَذْهَب فَقَط غَلِطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ لَا تَحْصِيلَ لَهُمْ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ وَأَبُو الْوَلِيد فِي صَرِيحه وكناياته فِي الْمُقَدَّمَاتِ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ النِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ وَاحِدًا فَقَدْ تَنَاقَضَ قَوْلُهُمْ وَلَزِمَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ حَتَّى حَكَوْا فِي الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ قَوْلَيْنِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعَازِمَ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يلْزمه بعزمه الطَّلَاق فَأَيْنَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَيْنَ مَحَلُّ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ النِّيَّةَ هِيَ مِنْ بَابِ الْقُصُودِ وَالْإِرَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مَنِ اعْتَقَدَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ فَفِي لُزُومِ الطَّلَاقِ لَهُ قَوْلَانِ فَقَدْ عَبَّرَ عَنِ النِّيَّةِ بِالِاعْتِقَادِ وَهُوَ غَيْرُ النِّيَّةِ وَهَذِهِ مُعَمَّيَاتٌ تَحْتَاجُ إِلَى الْكَشْفِ وَالَّذِي يَكْشِفُ الْغِطَاءَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ النِّيَّةِ عِنْدَ الْأَصْحَاب مُشْتَرك بَين الْإِرَادَة المخصصة والحقائق الْمُتَرَدِّدَةِ وَهِيَ الْمُشْتَرَطَةُ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ فَإِذَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّة فَهُوَ

ص: 58

الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَإِذَا قَالُوا لَا بُدَّ مَعَ الصَّرِيحِ مِنَ النِّيَّةِ الْمُرَادُ الثَّانِي بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُطْلِّقَ بِكَلَامِهِ النَّفْسَانِيِّ كَمَا يُطلق بِاللِّسَانِ فَإِن اللساني دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ مَعَ عَدَمِ الْمَدْلُولِ بَاطِلٌ وَإِذَا قَالُوا فِي الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَوْلَانِ مُرَادهم بالْكلَام النفساني وَيدل عَلَيْهِ استدلاهم بِأَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا بِقَلْبِهِ وَالْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ خَبَرَانِ نَفْسَانِيَّانِ فَالتَّشْبِيهُ يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي وَسَمَّاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ اعْتِقَادًا لِأَنَّ كُلَّ مُعْتَقِدٍ مُخْبِرٌ عَنْ مُعْتَقَدِهِ فَالْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ لَازِمٌ لِلْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ فَعُبِّرَ عَنْهُ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُلَازَمَةِ وَالْمرَاد هَا هُنَا الْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْقَلْبِ دُونَ اللِّسَانِ فَهَل يلغوا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا نَصَبَ سَبَبَ اللَّفْظِ وَلَمْ يُؤَجِّلْ أَوْ يُعَبِّرْ نَظَرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِن يؤاخذهم بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْعَقْدُ إِنَّمَا هُوَ بِالْقَلْبِ فَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا تُنَزَّلُ أَقْوَالُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَالله أعلم

ص: 59

صفحة فارغة

ص: 60

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْكَفَّارَةِ)

2 -

وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكفْر بِفَتْح الْكَاف وَهُوَ التستر وَمِنْهُ سُمِّيَ الزَّارِعُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ الْحَبَّ بِالتُّرَابِ وَالْبَحْرُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ مَا فِيهِ وَالْمُشْرِكُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ الْحَقَّ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَكُفْرُ النِّعْمَةِ عدم شكرها لما لم يظْهر لَهَا أَثَرٍ عَادَتْ كَالْمَسْتُورَةِ وَالْمَشْكُورَةِ كَالْمَشْهُورَةِ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْكَفَّارَةِ لِزَوَالِ الْإِثْمِ وَسَتْرِهِ كَمَا فِي الظِّهَارِ سُمِّيَتْ كَفَّارَةً وَهِيَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا تُزِيلُ إِثْمًا لِأَنَّ الْحِنْثَ قَدْ لَا يَكُونُ حَرَامًا وَهُوَ أَكْبَرُ مَوَارِدِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّافِعِيَّةُ الْحِنْثُ أَرْبَعَةٌ وَاجِبٌ إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمُسْتَحَبٌّ إِنْ كَانَتْ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَمُبَاحٌ إِنْ كَانَتْ عَلَى مُبَاحٍ وَيَضُرُّهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَمَكْرُوهٌ إِنْ كَانَ الْمُبَاحُ لَا يَضُرُّهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَالْمَأْمُورُ بِهِ لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً فَلَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عَلَى وَضْعِهَا وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ الْحِنْثُ حَرَامٌ وَهِيَ تُزِيلُ الْإِثْمَ الَّذِي بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الْيَمِينِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ حِنْثًا وَالْحِنْثُ الْإِثْمُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْمُؤَاخَذَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْإِثْمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحِنْثَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِثْمِ وَمُخَالفَة

ص: 61

الْيَمين نَقله الْجَوْهَرِي وَعَن الثَّانِي أَنَّ عَقْدَ الْيَمِينِ لَا إِثْمَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِنْثِ فَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَمَا تَقُولُونَ بِهِ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي أَنْوَاعِهَا وَأَحْكَامِهَا وَالْمُخَاطَبِ بِهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُول الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَلَى التَّخْيِيرِ وَهِيَ الْعِتْقُ وَالْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالرَّابِع مُرَتّب بعد الْعَجز عَن اثلاثة وَهُوَ الصِّيَامُ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} الْمَائِدَة 89 النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْإِطْعَامُ وَفِي الْكِتَابِ يُطْعِمُ مُدَّ قَمْحٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَلَا تُغَرْبَلُ الْحِنْطَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَغْلُوثَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُجْزِئُ الْعِوَضُ وَإِنْ غُذِّيَ أَوْ عُشِّيَ بِالْخُبْزِ وَالْإِدَامِ أما الزَّيْت وَاللَّحم وَهُوَ أَجْوَدُهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ إِطْعَامٌ مُعْتَادٌ وَيُعْطَى الْفَطِيمُ مِنَ الطَّعَامِ كَمَا يُعْطَى الْكَبِيرُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُ بِالْوَسَطِ فَحُمِلَ عَلَى الْوَسَطِ جِنْسًا وَمِقْدَارًا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَغْلُوثَةُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ مَعًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَفْتَى ابْنُ وَهْبٍ بِمِصْرَ بِمُدٍّ وَنِصْفٍ وَأَشْهَبُ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُعْطِي الذُّرَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ وَلَا الشَّعِيرَ وَهُوَ يَأْكُلُ الْبُرَّ وَيُجْزِئُ الشَّعِيرُ وَهُوَ يَأْكُلُ الذُّرَةَ فَإِنْ أَطْعَمَ خَمْسَةً الْبُرَّ ثُمَّ غَلَا السِّعْرُ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى بَلَدٍ عَيْشُهُمُ الشَّعِيرُ أَجْزَأَهُ الشّعير قَالَ اللَّخْمِيّ وَقيل يُجزئهُ الْخبز قفازا وَالْقِفَارُ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الَّذِي لَا إِدَامَ مَعَهُ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا يُعْتَبَرُ وسط

ص: 62

عَيْشِ الْمُكَفِّرِ دُونَ الْبَلَدِ وَحَمَلَ الْأَهْلَ عَلَى الْأَخَصِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ لَا يُقَالُ لَهُمْ أَهْلُ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا يُضَيِّقُ عَلَى أَهْلِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الرَّضِيعِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الطَّعَامِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى مُسْلِمًا حُرًّا فَقِيرًا لَا تَلْزَمُ الْمُكَفِّرَ نَفَقَتُهُ فَإِنْ أَعْطَى عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَو غَنِيا لم يُجزئهُ إِنْ عَلِمَ وَاخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ وَهَذَا ذَا فَاتَتْ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً انْتُزِعَتْ وَصُرِفَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا وَإِنْ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنُوهَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَغَرُّوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَأَكَلُوهَا وَصَانُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ فَخِلَافٌ وَالْغُرْمُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَائِهَا فَيَغْرَمُونَهَا لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ الْمُسَلَّطَ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ أَحْسَنُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ وَالزَّكَاةُ فِي الْمَالِ وَتَسْقُطُ بِالضَّيَاعِ بَعْدَ الْعَزْلِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ عَلَيْهِ يَمِينَانِ فَأَطْعَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا مَسَاكِينَ أَكْرَهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ لِلْيَمِينِ الْأُخْرَى وَلَا يُطْعِمُ عَبْدًا وَلَا ذِمِّيًّا وَلَا أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُحْتَاجًا وَإِنْ أَعْطَى غَنِيًّا لَمْ يَجُزِهِ وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ وَيُعْطَى صَاحِبُ دَارٍ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَ فِي ثَمَنِهَا عَنْ سِوَاهُمَا كَالزَّكَاةِ وَلَا يُعْجِبُنِي الْإِعْطَاء لقريب الَّذِي لَا تلْزم نَفَقَته وَيجْزِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا كُرِهَ إطعامهم من الْيَمين الثَّانِيَة لَيْلًا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ أَمَّا إِذَا تَمَيَّزَتْ تَصِحُّ وَوَافَقَهُ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فَإِذَا قُلْنَا يُخْرِجُ الشَّعِيرَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُطْعِمُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُشْبِعُ الْقَمْحُ وَلَا يُخْرِجُ السَّوِيقَ لِأَنَّهُ لَا يقوت غَالِبًا قَالَهُ أَصْبَغُ وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ إِذَا أَعْطَى قدر ربعه وَلَا يُجزئهُ الْقُطْنِيَّةُ وَلَا التِّينُ وَإِنْ كَانَ عَيْشَ قَوْمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُوتٍ النَّوْعُ الثَّانِي الْكِسْوَةُ فَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا مَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِيهِ

ص: 63

ثَوْبٌ لِلرَّجُلِ وَلَا تُجْزِئُ الْعِمَامَةُ وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وخمار وَقَالَ ش وح أَقَلُّ مَا يُسَمَّى كِسْوَةً مِنْدِيلٌ أَوْ عِمَامَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْكِسْوَةَ أُطْلِقَتْ فِي الْآيَةِ وَيَجُوزُ إِعْطَاءُ كِسْوَةِ الْكَبِيرِ لِلطِّفْلِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا أَنَّ الْكِسْوَةَ أُطْلِقَتْ فِي الْآيَةِ عَلَى الْكِسْوَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ مَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ حَمْلُ كَلَامِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ عَلَى عُرْفِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} الْمَائِدَة 90 فَأَضَافَ الْكِسْوَةَ إِلَيْهِمْ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ كِسْوَةِ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِ الْبَلَدِ لِأَنَّهَا أُطْلِقَتْ فِي الْآيَةِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ وَإِن كسا صَبيا أَو صبية كسْوَة مثلهمَا أجزاه وَإِن لم تومر بِالصَّلَاةِ لَمْ تُعْطَ خِمَارًا أَوْ يُسْتَحَبُّ كِسْوَةُ من أَمر بِالصَّلَاةِ كَمَا يسْتَحبّ عتقه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكْسَى الْمَأْمُورُ بِالصَّلَاةِ كِسْوَةَ رَجُلٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُكْسَى الصَّبِيَّةُ كِسْوَةَ رَجُلٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا يُعْطَى الصَّغِيرُ مِثْلَ الْكَبِيرِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ ليستخلص للوظائف الْوَاجِبَات وَيُجْزِئُ الرَّضِيعُ لِأَنَّهُ رَقَبَةٌ وَالْأَعْجَمِيُّ وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا سَلِيمٌ مُؤْمِنٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي السَّوْدَاءِ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ وَلَا يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَالْمَكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ وَأَجَازَ الْأَعْرَجَ وَرَجَعَ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَرَجًا خَفِيفًا وَلَا يُعْجِبُنِي الْخَصِيُّ وَلَا يُجْزِئُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى شَرْطٍ وَمَنِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَأَعْتَقَهَا لَمْ تُجْزِئْهُ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْحَمْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَ أَعْجَمِيًّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ وأجزأه خلافًا لأَشْهَب لِأَن الأعجمي لَيْسَ مضيها عَلَى دِينٍ سَابِقٍ وَإِنَّمَا تَبَعٌ لِسَيِّدِهِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ عِتْقَ الصَّغِيرِ أَبَوَاهُ

ص: 64

كَافِرَانِ إِذَا أَرَادَ إِدْخَالَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُجْزِئُ أَقْطَعُ أُصْبُعٍ أَوِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ أَجْذَمُ أَوْ أَبْرَصُ أَوْ أَصَمُّ وَأَجَازَ مَالِكٌ عِتْقَ الْأَعْوَرِ فِي الظِّهَارِ وَاخْتُلِفَ فِي الْخَصِيِّ بِالْإِجْزَاءِ أَوْ عَدَمِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ الْقَرَوِيُّونَ إِذَا كَانَ النَّقْصُ يُمْكِنُ مَعَهُ التَّصَرُّفُ الْكَامِلُ والتسبب غَالِبًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ تَخْلِيصُ الرَّقِيقِ لِاكْتِسَابِهِ وَوَظَائِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ قَالَ ابْن حبيب والجدع وَالصَّمَمُ الْخَفِيفُ وَذَهَابُ الضِّرْسِ وَلَا يُجْزِئُ أَقْطَعُ الْيَد أَو الرجل والأشل أَوِ الْأَعْمَى أَوِ الْمُقْعَدِ أَوِ الْأَخْرَسِ أَوِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ أَوِ الْمَفْلُوجِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُجزئ البرص الْخَفِيف وَلَا يُجزئ الْمَرِيض النازع وَلَا الْمَقْطُوعُ الْإِبْهَامَيْنِ مِنَ الْيَدَيْنِ أَوِ الرِّجْلَيْنِ وَيُجْزِئُ الْمَحْمُومُ وَالرَّمِدُ وَلِمَالِكٍ فِي الْأَعْرَجِ قَوْلَانِ وَجَوَّزَ ح أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ خِلَافًا لَنَا وش لَنَا أَنَّ إِطْلَاقَ الرَّقَبَةِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ عُرْفًا وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَصِيَّ لِنَقْصِ خِلْقَتِهِ كَالْأَعْوَرِ وَجَعَلَهُ أَشْهَبُ كَالْقَبِيحِ الْمَنْظَرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ وَإِذَا أَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ وَاجِبٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ رَجَعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يُجْزِئُ الْآبِقُ إِلَّا إِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْعِتْقِ سَلِيمًا وَتُعْلَمُ سَلَامَتُهُ عَنِ الْعُيُوبِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَلَا يُجْزِئُ الْأَصَمُّ عِنْدَ مَالِكٍ لِخَلَلِهِ بِالْعَمَلِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَجَوَّزَ الشَّافِعِيَّةُ أَقْطَعَ الْأُذُنَيْنِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ ش الْأَخْرَس " النَّوْع الرَّابِع الصّيام ويسترط فِيهِ الْعَجْزُ عَنِ الْخِصَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَعَذَّرَتِ الْخِصَالُ الثَّلَاثَةُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَتَابُعُهَا أَفْضَلُ وَقَدْ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَقَالَهُ ش وَأَوْجَبَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَإِذَا أَفْطَرَ فِيهَا قَضَاهُ وَلَا يُجْزِئُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَّا الرَّابِعُ فعساه

ص: 65

يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ عليه السلام هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ وَلَا لَهُ دَارٌ أَوْ خَادِمٌ وَإِنْ قَلَّ ثَمَنُهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ فَصَامَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَجْزَأَهُ وَقَالَ صَاحب الْبَيَان الإعتبار بِحَال التفكير دُونَ حَالِ الْيَمِينِ وَحَالِ الْحِنْثِ فِي الْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ فَإِنْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ أَجْزَأَهُ التَّمَادِي عَلَيْهِ فَإِنْ أَيْسَرَ عِنْدَ الْحِنْثِ ثُمَّ أَعْسَرَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يعْتق وَالْأول الْمَشْهُور الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْحُكْمُ الأول تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ قَالَ فِي الْكِتَابِ اسْتَحَبَّ مَالك تَأْخِيرهَا بعد الْحِنْث فَإِن تقدمها أَجزَأَهُ قَاعِدَة الْيَمين عندنَا وَعند الشَّافِعِي وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي إِبَاحَةٍ وَلَا مَنْعٍ قَالَ ح يُغَيِّرُ حَنى قَالَ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حُرِّمَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَوْ لَيَفْسُقَنَّ وَجَبَ الْفُسُوقُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَاجِبًا مِنْ وَجْهٍ حَرَامًا مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْيَمِينِ عِنْدَهُ حَرَامٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَدْرَكُهُ وَجَوَابُهُ وَبَنَى على ذَلِك منع التفكير قَبْلَ الْحِنْثِ وَأَنَّ مَنْ حَرَّمَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَحْرِيمَهُ بِالْيَمِينِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ فِطْرِ رَمَضَانَ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالظِّهَارِ لَنَا أَنَّ مَوْضُوعَ الْحَلِفِ لُغَةً تَأْكِيدُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّأْكِيدُ لَا يُغَيِّرُ الْأَصْلَ وَقَالَ ش يَجُوزُ تَقْدِيمُ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ لِتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ دُونَ الصَّوْمِ كَامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ رَمَضَانَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى الْيَمِينِ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَيُرْوَى فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ وَيُرْوَى ثُمَّ يُكَفِّرْ قَوَاعِدُ إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُ الْحُكْمِ دُونَ شَرْطِهِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ

ص: 66

الْقِصَاصِ قَبْلَ زُهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجِرَاحَةُ وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ ملك النّصاب على الْخلاف وَالْيَمِين هَا هُنَا هُوَ السَّبَبُ وَالْحِنْثُ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ بَعْدَ السَّبَبِ وَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ السَّبَب اتِّفَاقًا حَكَاهُ فِي الْإِكْمَال بتقدم الْعَفْوِ عَلَى الْجِرَاحَةِ وَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هَلِ الْحِنْثُ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ قَوْلَانِ وَخَرَّجَ الْخِلَافَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَن قَول الشَّافِعِي فِي الصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ قَبْلَ الْهِلَالِ تَقْدِيمٌ على السَّبَب وعَلى قَول ح فِي الْقيَاس فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَعَنْ قَوْلِهِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ بِتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ الثَّانِيَةُ الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاءُ تَقْتَضِيهِ فَمُلَاحَظَةُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ عليه السلام فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلِيُكَفِّرْ لَا تَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْكَفَّارَةِ عَنِ الْحِنْثِ أَوْ تَقْتَضِيهِ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمه فَالْجَوَاب عَنْهُ أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَلْيُكَفِّرْ تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ لِرُؤْيَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ فَيَكُونُ تَعْقِيبُهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُعَارِضًا لِتَرْتِيبِ الْوَاوِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَيَنْعَكِسُ هَذَا التَّقْدِيرُ بِعَيْنِهِ فَيُقَالُ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ عليه السلام فليأت يَقْتَضِي تَعَقُّبَ الْحِنْثِ لِرُؤْيَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ الثَّالِثَةُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ نَحْوَ اقْتُلُوا الْكَافِرَ وَاقْطَعُوا السَّارِقَ وقَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ

ص: 67

إِذَا حَلَفْتُمْ} الْمَائِدَة 89 وَلَمْ يَقُلْ إِذَا حَنِثْتُمْ يَقْتَضِي أَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا هُوَ الْحَلِفُ فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ هِيَ مَدَارِكُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَالِفُ إِنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ كَرَاهِيَةُ التَّكْفِيرِ لِمَالِكٍ وَالْإِجْزَاءُ لَهُ وَالْمَنْع أَيْضا لَهُ ويخصص الْجَوَازُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ دُونَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَشْيِ مَا لَمْ تَكُنْ آخِرَ طَلْقَةٍ أَوْ عَبْدٌ مُعَيَّنًا وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَالْإِجْزَاءُ لِمَالِكٍ وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْكِتَابِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِجْزَاءُ لَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ فيجزي وَغَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْحُكْمُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ جُمْلَةَ الطَّعَامِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يَجُوزُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ سَدَّ عَشْرَ خَلَّاتٍ فِي مَحَلٍّ فَهُوَ كَسَدِّ عَشْرِ خَلَّاتٍ فِي مَحَالٍّ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلُّهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّصَّ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ فَيَجِبُ امْتِثَالُهُ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ اتِّفَاقًا فَاللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ فِي الْعَدَدِ وَلِيٌّ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تُحْفَظَ بِنْيَتُهُ مَا لَا يُتَوَقَّعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فَهَذِهِ الْمَصَالِحُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِتَصْرِيحِ الشَّرْعِ بِالْعَدَدِ فَلَا تهمل تصريحه الحكم الثَّالِث تلفيفها قَالَ اللَّخْمِيّ اخْتلف قَول ابْن الْقَاسِم لَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً فَفِي الْكِتَابِ الْمَنْعُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ دون أَجْزَائِهَا وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وح وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْإِجْزَاءُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَالَهُ الْحَنَفِيُّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّوْعَيْنِ سَدَّ مَسَدَّ الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ وَكَسَا وَأَطْعَمَ وَأَشْرَكَ فِي الْجَمِيعِ بَطَلَ الْعِتْقُ وَيُعْتَدُّ مِنَ الْإِطْعَامِ بِثَلَاثَةٍ وَيُكْمِلُ عَلَيْهَا سَبْعَةً وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينٍ بِمَا أَحَبَّ

ص: 68

فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْسُوَ عَمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ يُطْعِمَ سَبْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ قَالَ وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ يُحْتَسَبُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّلْفِيقِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُحْتَسَبُ بِتِسْعَةٍ لِأَنَّهُ أَطْعَمَ عَشَرَةً عَنْ ثَلَاثَةِ أَيْمَان يجْزِيه مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ وَيَبْطُلُ مِسْكِينٌ وَاحِدٌ لِلشَّرِكَةِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْزِيهِ اثْنَا عَشَرَ وَعَنِ الثَّانِي يُخَيَّرُ بَيْنَ إِطْعَامِ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ كَسَا وَأَطْعَمَ وَأَعْتَقَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا لِأَحَدِهِمَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُحْتَاجُ إِلَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا وَأَسْبَابُ الْكَفَّارَاتِ مُسْتَوِيَةٌ وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ لِدَلَالَةِ النَّصِّ عَلَيْهَا كَمَا فِي الزَّكَاة الحكم الرَّابِع إِجْزَاءُ التَّكْفِيرِ عَنِ الْغَيْرِ فَفِي الْكِتَابِ الْمُكَفِّرُ عَن غَيره بعير إِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَجْزَأَهُ كَالتَّكْفِيرِ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ ش يُجْزِئُهُ بِإِذْنِهِ دُونَ عَدَمِ إِذْنِهِ لِأَنَّ إِذْنَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَكَالَةِ فِي التَّمْلِيكِ وَالتَّكْفِيرِ وَقَالَ ح إِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْبَدَل لم يُجزئهُ ووافقنا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَنَا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ فَوَجَبَ خُرُوجُهُ عَنِ الْعُهْدَةِ كرد الْوَدِيعَة والمغضوب عَنْهُ وَلِأَنَّهُ إِحْسَانٌ فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِن اله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} النَّحْل 90 وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ يُجزئ وَلَا لَعَرِيَ الْأَمْرُ عَنِ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ الْفَصْل الثَّالِث فِي الْمُخَاطب بِالْكَفَّارَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُسْلِمُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنَ الْكَافِرِ الْمُكَلَّف لِأَنَّهَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الحانث لتحَقّق السَّبَب شَرطه وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي يَمِينِ الصَّبِيِّ يَحْنَثُ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ هَذَا على أَن الْحِنْث سَبَبٌ أَوْ شَرْطٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَنْعَقِدُ

ص: 69

يَمِينُ الْكَافِرِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ حَنِثَ فِي الْكُفْرِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه يَا رَسُول الله إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ عليه السلام أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَلِأَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَنْعَقِدُ يَمِينُهُ كَالْمُسْلِمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مُرَادَهُ أَيَّامُ الْجَاهِلِيَّةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقُلْ وَأَنَا كَافِرٌ وَعَنِ الثَّانِي الْكَفَّارَةُ عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ كَالطَّلَاقِ وَفِي الْكِتَابِ الْكَافِرُ يَحْلِفُ فَيَحْنَثُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَطْعَمَ الْعَبْدُ أَو كسا بِإِذن سَيّده رَجَوْت أَن تُجزئه وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَا يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ حَنِثَ وَهُوَ رَقِيقٌ وَكَفَّرَ بَعْدَ عِتْقِهِ أَجْزَأَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُجْزِئُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِضَعْفِ إِذْنِ السَّيِّدِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُخْرِجَهُ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَنِثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوع وَإِلَّا فَلهُ

ص: 70

(كِتَابُ النَذْرِ)

وَفِي الْإِكْمَالِ نَذِرَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نِذَارَةً عَلِمَ بِالشَّيْءِ وَنَذَرْتُ لِلَّهِ تَعَالَى نذرا يفتحها وَمَعْنَاهُ وعدت وَقَالَ عَرَفَةُ النَذْرُ مَا كَانَ وَعْدًا عَلَى شَرْطٍ فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً فَلَيْسَ بِنَذْرٍ فَإِنْ قَالَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَهُوَ نذر وَبِه قَالَ ش وَلم يَجِبِ الْوَفَاءُ بِغَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَإِنِ اسْتَحَبَّهُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ النُّصُوصِ إِيَّاهُ قَالَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْوَعْدُ الْمُجَرَّدُ يُسَمَّى نَذْرًا لِقَوْلِ جَمِيلٍ

(فَلَيْتَ رِجَالًا فِيكِ قَدْ نَذَرُوا دَمِي

وَهَمُّوا بِقَتْلِي يَا بُثَيْنُ لَقُونِي)

وَقَالَ عَنْتَرَةُ

(الشَّاتِمِي عِرْضِي وَلَمْ أَشْتُمْهُمَا

وَالنَّاذِرِينَ دَمِي وَلَمَ أَلْقَاهُمَا)

وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ الْكِتَابِ بِبَيَانِ الْمُلْتَزِمِ وَالْمُلْتَزَمِ وَصِيغَةِ الِالْتِزَامِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ

ص: 71

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمُلْتَزِمِ)

2 -

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ وَالْكَافِرُ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْعِبَادَاتُ أَعْنِي فعلهَا

(الْبَابُ الثَّانِي (فِي الْمُلْتَزَمِ)

2 -

وَهُوَ إِمَّا فِعْلٌ أَوْ تَرْكٌ وَكِلَاهُمَا إِمَّا مَنْدُوبٌ فَيَلْزَمُ أَوْ وَاجِبٌ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّذْرِ أَو مَكْرُوه أومحرم فَهُوَ على أَصله لقَوْله عليه السلام فِي البُخَارِيّ من نذر أَن يطع اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ فَخَصَّصَ الْوُجُوبَ بِالطَّاعَةِ فَتَأْثِيرُهُ عِنْدَنَا خَاصٌّ بِالْمَنْدُوبِ كَيْفَ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبًا أَمْ لَا وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي نَذْرِ الْمُبَاحِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ وَاجِبَةٌ فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ فَقَاسَ الْمُبَاحَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكِ بِالدُّفِّ فَقَالَ عليه السلام أَوْفِ بِنَذْرِكِ إِلَّا أَنَّهُ خَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمُبَاحِ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ خَيَّرَ فِي نذر اللجاج

ص: 72

وَلم بشترط كَوْنَ الْمَنْذُورِ قُرْبَةً وَلَا مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَمَا ورد فِي قَوْله عليه السلام وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَلْيُكَفِّرْ كَفَّارَةَ يَمِينٍ فَالْمُرَادُ الْإِتْيَانُ بِمَا يُزِيلُ الْإِثْمَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام مَنْ قَالَ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ قَالَ تَعَالَى أقامرك فَيصدق وَعَن الثَّانِي إِظْهَارُ الْمَسَرَّةِ لَهُ عليه السلام بِهِ مَنْدُوبٌ وَقَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إِلَّا مَنْدُوبٌ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ احْتِرَازًا مِنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرْعِ وُضُوءٌ وَاجِبٌ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ وَنَحْوَ عِيَادَةِ المرضى وزيارة القادم وإفضاء السَّلَامِ وَقَالَ مُتَأَخِّرُوهُمْ الْمَنْدُوبَاتُ كُلُّهَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إِلَّا مَا يُفْضِي إِلَى تَرْكِ رُخْصَةٍ احْتِرَازًا مِنْ نَذْرِ الصَّوْمِ وَالْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ أَوِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُبَاحَاتِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ وُقُوعهَا قربات كَالْأَكْلِ ليقوى على الْعِبَادَة وَكَذَلِكَ النّوم لنا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ قُرْبَةٌ وَاجِبَةٌ كَمُتَقَدِّمِي الشَّافِعِيَّةِ وَلم يشترطوا التَّعْلِيق على الشَّرْط خلافًا ل ش وَقَالُوا الْمُعَلَّقُ إِنْ كَانَ شَرْطُهُ قُرْبَةً وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَعْصِيَةً خُيِّرَ بَينه وَبَين كَفَّارَة يَمِين لنا الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَهُوَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الطَّاعَةِ عَلَى الْإِطْلَاق وَصفَة الْعِبَادَات كإطاعة الرُّكُوعِ وَالْمُبَاحُ الَّذِي يُمْكِنُ التَّقَرُّبُ بِهِ كَالنَّوْمِ لِقِيَامِ اللَّيْلِ فَرْعٌ فَإِنِ الْتَزَمَ تَحْرِيمَ مَا ليْسَ بِحَرَامٍ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَالَ فِي

ص: 73

الْجَلَّابِ هُوَ حَلَالٌ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ وَيَنْوِيَ بِهِ عُنُقهَا فَتُعْتَقَ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ دُونَ الْمَلْبُوسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ياأيها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إِلَى قَوْله قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} التَّحْرِيم 1 وَقد حرم عسلا فَأمره لله تَعَالَى بِالْكَفَّارَةِ وَجَوَابُهُ مَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ عليه السلام إِنَّمَا حَرَّمَ أُمَّ وَلَدِهِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَلْبُوسِ تَفْرِيعٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ الْتَزَمَ مُطْلَقَ الصَّوْمِ فَيَوْمٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ أَوْ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ فَرَكْعَتَانِ أَوْ مُطْلَقَ الصَّدَقَةِ فَأَقَلُّ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ الِاعْتِكَافَ فَلَيْلَةٌ وَيَوْمٌ أَوِ الصَّلَاةَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ قَعَدَ وَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ أَوِ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُعَبِّرُ عَنِ الْيَوْمِ بِاللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَلَمْ يَقُلْ بِسِتَّةٍ وَنَاذِرُ صَوْمِ نِصْفِ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ رَكْعَةٍ يُتِمُّهُمَا كَالْمُطَلِّقِ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَالْمُعْتَبَرُ فِي النُّذُورِ النِّيَّةُ فَإِنْ عُدِمَتْ فَالْعُرْفُ فَإِنْ كَانَ لِلَّفْظِ مُقْتَضَيَانِ فَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى الْأَكْثَرِ قَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى أَن الأَصْل براة الذِّمَّةِ أَوْ إِلَى الْأَحْوَطِ وَمَتَى الْتَزَمَ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ فَالْمَشْهُورُ لُزُومُهُ إِذَا مَلَكَهُ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا لَمْ يُعَيِّنْ لِنَذْرِهِ مَخْرَجًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرَانِ فَكَفَّارَتَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمِينِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْيَمِينِ لِلتَّأْكِيدِ وَالنَذْرَ لِلِالْتِزَامِ فَلِذَلِكَ اتَّحَدَتِ الْأَيْمَانُ وَتَعَدَّدَتِ النذور وَسَتَأْتِي زِيَادَة تَقْرِير وَفِي الْبَيَان اقائل عَلَيَّ نَذْرٌ لَا كَفَّارَةَ لَهُ إِلَّا الْوَفَاءُ بِهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ الْوَفَاءُ بِهَذَا النّذر الْمُطلق

ص: 74

ثُمَّ أَنْوَاعُ الْقُرُبَاتِ الَّتِي يَتَّسِعُ الْكَلَامُ فِيهَا سَبْعَةٌ النَّوْعُ الْأَوَّلُ النُّسُكُ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْمَدْرَكُ إِمَّا لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ الْعَادَةُ تُلْزِمُ أَحَدَهُمَا وَإِمَّا لِأَنَّ دُخُولَ مَكَّةَ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِالْإِحْرَامِ بِأَحَدِهِمَا فَكَانَ الْفظ دَالًّا عَلَيْهِمَا بِالِالْتِزَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِحْرَامُهُ من الميقاة لَا مِنْ مَوْضِعِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّاذِرُ الْمَشْيَ إِنْ نَوَى حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ طَوَافًا أَوْ صَلَاةً لَزِمَهُ وَيَدْخُلُ مُحْرِمًا إِذَا نَوَى حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَإِنْ نَوَى طَوَافًا يُخَرَّجُ دُخُولُهُ مُحْرِمًا عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ دُخُولِهِ مَكَّةَ حَلَالًا وَنَاذِرُ السَّعْيَ وَحْدَهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَسْقُطُ نَذْرُهُ أَوْ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ بِانْفِرَادِهِ فَيُصَحَّحُ نَذْرُهُ بِحَسَبَ الْإِمْكَانِ وَإِنْ نَوَى الْوُصُولَ خَاصَّةً مُعْتَقِدًا أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ مُعْتَقِدًا عَدَمَ الْقُرْبَةِ فَتَكُونُ مَعْصِيَةً فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْمَشْيِ فِي عُمْرَةٍ أَوْ طَوَافٍ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ فَإِنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ أَوْ بِقُرْبَةٍ بِدُونِ شَرْطِهَا كَصَلَاة الْحَائِض أَو جزئها كَصِيَامِ نِصْفِ يَوْمٍ مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا نَذْرَهُ بِالتَّكْمِيلِ لِأَن الْقَاعِدَة أَن يصرف الْعَاقِل مَتَى دَارَ بَيْنَ الْإِلْغَاءِ وَالِاعْتِبَارِ وَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى الِاعْتِبَارِ أَوْلَى صَوْنًا لِلْإِنْسَانِ عَنْ خُطَطِ الْفَسَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَشَى فِي حَجٍّ أَوْ عمْرَة لِأَنَّهَا عاداتهم فَقَامَ مَقَامَ الصَّرِيحِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ مَشَى فِي حَجٍّ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ عَلَى اللُّغَةِ دُونَ الْعُرْفِ يَسْقُطُ نَذْرُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ إِذَا نَذَرَتِ الْمَرْأَةُ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا كَمَا يَمْنَعُهَا التَّطَوُّعَ لِأَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ الْمَشْيُ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِنْ نَوَى مَكَّةَ مَشَى وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ فَلَا تتَعَيَّن الْقرْبَة إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَكَذَلِكَ السّفر أَوْ الِانْطِلَاقُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ

ص: 75

الْقَاسِمِ فِي الْإِيجَابِ بِالرُّكُوبِ وَأَوْجَبَ أَشْهَبُ بِهَذِهِ كُلِّهَا الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَالْقَائِلُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ هُوَ الْكَعْبَةُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ لِاشْتِهَارِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْيُ إِلَّا مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوِ الْكَعْبَةِ أَوِ الْحَجَرِ أَوِ الرُّكْنِ بِخِلَافِ الصَّفَا والمروة وَمنى وَذي طوى وَالْحرَام وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ جِبَالِ الْحَرَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بُقْعَةٍ مِنَ الْحَرَمِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ رُكُوبٌ إِلَى مَكَّةَ فَأَلْزَمَهُ مَالِكٌ مَرَّةً وَلَمْ يُلْزِمْهُ أُخْرَى وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الذَّهَابُ أَوِ السَّيْرُ أَو الانطلاق إِلَى مَكَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَأَلْزَمَهُ أَشْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي الْمَشْيِ إِلَى مَكَّةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِدَلَالَةِ جَمِيعِهَا عَلَى الْوُصُولِ إِلَى مَكَّةَ فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَتَأَخُّرِ الْوُصُولِ وَهُوَ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا هُوَ فِي دَاخِلِ الْقَرْيَةِ كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْأَبْطُحِ وَالْحُجُونِ وَقُعَيْقِعَانَ وَأَبِي قُبَيْسٍ فَإِنَّهُ لَا وُصُولَ لِلْبَلَدِ إِلَّا بِالْإِحْرَامِ فَاعْتَبَرَ الدَّلَالَةَ الْمَعْنَوِيَّةَ دُونَ الْعَادِيَّةِ وَقَالَ ابْن حبيب تلْزمهُ إِذَا سَمَّى الْحَرَمَ أَوْ مَا هُوَ فِيهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْقَرْيَةِ دُونَ مَا خَرَجَ عَنْهَا إِلَّا عَرَفَاتٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَشَاعِرِ الْحَجِّ وَأَلْزَمَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْقَرْيَةِ دُونَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَهُمَا دَاخِلَانِ فِيهَا وَمِنَ الْمَشَاعِرِ وَأَلْزَمَهُ بِالْمَسْجِدِ دُونَ الْمقَام وَهُوَ دَاخل الْمَسْجِد قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ اللُّغَةَ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ وَاسْتِلْزَامُ الْقَرْيَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَجَدَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا فِي زَمَانِهِ فَاعْتَبَرَهُ ثُمَّ زَالَ وَبَقِيَتِ الْفَتْوَى قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَاذِرُ الْمَشْيِ لَا يُجْزِئُهُ الرُّكُوبُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَنَاذِرُ الرُّكُوبِ لَا يُجْزِئُهُ الْمَشْيُ إِنْ قَصَدَ نَفَقَةَ مَالِهِ فِي الرُّكُوبِ وَإِلَّا

ص: 76

أَجْزَأَ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ أَوِ الذَّهَابُ أَوْ الِانْطِلَاقُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَإِنْ قَالَ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ نَذْرُهُ فِعْلًا نَحْوَ إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ لَا يَنْبَغِي الْخِلَافُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى مَشِيئَةِ آدَمِيٍّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ تَمْهِيدٌ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْكِتَابِ وَابْنِ يُونُسَ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ عَلَى الْمُحَصِّلِينَ فَضْلًا عَلَى المبتئدين وَمثل هَذِه الْحجَّة العمياء والداهية والدهياء قَوْلُ صَاحِبِ الْجَلَّابِ الْقَائِلُ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَلَيَّ الْحَجُّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إِنْ أَعَادَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى كَلَامِ زِيدٍ وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى النَذْرِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ فَإِعَادَتُهُ عَلَى كَلَامِ زَيدٍ إِمَّا بِاعْتِبَارِ وَجُودِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ عَدَمِهِ وَالْأَوَّلُ لَا يُسْقِطُ النَذْرَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِالْمَشِيئَةِ لَكَانَتْ مَعْلُومَةً فَإِنَّهُ مِنَ الْمحَال أَن يكلم زيدا إِلَّا بِالْمَشِيئَةِ وَالْمَعْلُومُ فِي حُكْمٍ إِذَا صُرِّحَ بِهِ لَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ يَلْزَمُنِي الْحَجُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَلَامِ إِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمَهُ وَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَمَهُ لَا يَقَعُ بِسَبَبِ عَدَمِ اللُّزُومِ وَالتَّقْدِيرُ وُقُوعُهُ فَيَتَنَاقَضُ قَوْلُهُ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ كَلَامَهُ لَا تَنَاقُضَ فِيهِ وَكَشْفُ الْغِطَاءِ عَنِ الْحَقِّ أَنْ يُقَالَ الْأَسْبَابُ الشَّرْعِيَّةُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أصل شَرعه وام يَكِلْهُ إِلَى خِيرَةِ خَلْقِهِ كَالزَّوَالِ لِلظُّهْرِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلصَّوْمِ وَمِنْهَا مَا فَوَّضَهُ لِخِيرَةِ عِبَادِهِ فَإِن شاؤا جَعَلُوهُ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ شُرُوطُ التَّعْلِيقِ فَمَنْ شَاءَ جَعَلَ دُخُولَ الدَّارِ سَبَبًا

ص: 77

لِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَشَأْ يَكُنْ سَبَبًا فِي حَقِّهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النُّذُورِ وَغَيْرُهَا وَكُلُّ سَبَبٍ مُفَوَّضٍ إِلَى الْعَبْدِ لَا يَصِيرُ سَبَبًا إِلَّا إِذَا جَزَمَ بِسَبَبِيَّتِهِ فَمَعْنَى عود الْمَشِيئَة على كَلَام زيد أَي لَا أَجْزم يجَعْلِهِ سَبَبًا إِلَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى جَعْلَهُ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ لِأَنَّهُ لم شَاءَ لَجَزَمَ الْعَبْدُ فَجَعَلَهُ سَبَبًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِسَبَبِيَّتِهِ إِلَّا ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُ زَيْدٍ سَبَبًا لَا يَلْزَمُ الْحَجُّ بِهِ أَمَّا إِذَا أَعَادَهُ عَلَى الْحَجِّ فَمَعْنَاهُ أَنِّي جَزَمْتُ بِجَعْلِهِ سَبَبًا فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَزِمَنِي الْحَجُّ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَلَامِ قُلْنَا لَهُ قد شَاءَ الله بِالضَّرُورَةِ أَنا نعلم أَن من أَرَادَهُ الله تَعَالَى لسَبَب حُكْمٍ فَقَدْ أَرَادَهُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ فَمَنْ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِصْدَارِ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ أَرَادَهُ بَيْنَ نَقْلِ الْمِلْكِ بِالضَّرُورَةِ وَمَنْ أَرَادَهُ بِالسَّرِقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَقَدْ أَرَادَهُ بِاسْتِحْقَاقِ الْقَطْعِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْبَابِ وَالْأَحْكَامِ وَقَدْ صَحَّتْ فَجُعِلَ الْكَلَامُ سَبَبًا لِلْحَجِّ فَنَجْزِمُ نَحْنُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَكَ بِحُكْمِ هَذَا السَّبَبِ فَيَلْزَمُكَ الْحَجُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَيْ جَزَمْتُ بِالِالْتِزَامِ وَإِنْ بَدَا لِي نقصته وَهُوَ إِذَا جَزَمَ فَلَا خِيرَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الِالْتِزَامَ سَبَبٌ وَلَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ خِيرَةٌ فِي إِبْطَالِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا فِي اقْتِطَاعِ مسبباتها ويهذا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَجُّ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ الِالْتِزَامُ بَلْ عَلَّقَ ذَلِكَ على شَرط وَلم يُعْلَمْ وُجُودُهُ إِلَى الْآنِ فَإِذَا وُجِدَ انْعَقَدَ السَّبَبُ فَلَوْ فَرَضْنَاهُ جَزَمَ بِاللُّزُومِ وَقَالَ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْنِي شَيْءٌ لَمْ يَنْفَعْهُ وَإِلَى هَذَا الْمِنْهَاجِ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ فَهَذِهِ قَوَاعِد مجمع عَلَيْهَا عقلا ونقلا يخرج عَلَيْهَا كَلَامُهُمْ رحمهم الله فَعَلَى هَذَا إِذَا قَالَ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ أَمْكَنَ انْتِفَاعُهُ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ وَعَدَمُ انْتِفَاعِهِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ أَيْ فِي

ص: 78

حَلِّ السَّبَبِ الْمُلْزَمِ كَمَا يُحِلُّ الْيَمِينُ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ أَمَّا إِذَا عَلَّقَ عَلَيْهَا سَبَبَيْةَ الْمُسَبّب فَيتَعَيَّن الْجَزْم بنفعها وان لَا يُخْتَلَفَ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ قَالَ إِنَّ الْمَشِيئَةَ إِنْ عَادَتْ إِلَى الْفِعْلِ دُونَ الْيَمِينِ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَهُوَ يَتَّجِهُ إِذَا أَعَادَهَا عَلَى الْفِعْلِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِهِ حَتَّى يَكُونَ عُلِّقَ عَلَى كَلَامِ زَيْدٍ عَلَى تَقْدِيرِ إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعَدَمِهِ فَيَكُونُ مُحَالًا فيجزي فِيهِ الْخِلَافُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ أَمَّا عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ وَعَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ إِنَّ صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى الْفِعْلِ لَا يَنْفَعُ دَرْكٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ عُلِّقَ عَلَى صِفَةٍ مستحيلة وَهُوَ فعل مَا لَا يشاءه اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَالْأَصَحُّ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ خِلَافُهُ وَإِذَا أَحَطْتَ بِهَذِهِ الْمَدَارِكِ أَمْكَنَكَ صَرْفُ كُلِّ فُتْيَا إِلَى مَدْرَكٍ يَلِيقُ بِهَا وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْأَصْحَابِ التَّعْلِيقُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْلِيقٌ على مَشِيئَة من لَا نعلم مشئيته بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ آدَمِيٍّ هُوَ عَلَى الْعَكْسِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِمَّا الْوُجُودُ وَإِمَّا الْعَدَمُ وَالْوَاقِعُ أَحَدُهُمَا بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِالضَّرُورَةِ فَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةٌ بِالضَّرُورَةِ أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا تُعْلَمُ بِإِخْبَارِهِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ بَلِ الظَّنَّ فَعُلِمَ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةٌ وَمَشِيئَةَ غَيْرِهِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ نَاذِرُ الْمَشْيِ حَافِيًا يَنْتَعِلُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْهَدْيُ لِأَنَّهُ عليه السلام رَأَى امْرَأَةً تَمْشِي حَافِيَةً نَاشِرَةً رَأسهَا فاستر مِنْهَا بِيَدِهِ وَقَالَ مَا شَأْنُهَا فَقَالُوا نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ حَافِيَةً نَاشِرَةً رَأْسَهَا فَقَالَ عليه السلام فلتتخمر

ص: 79

وَلْتَنْتَعِلْ وَلْتَمْشِ وَنَظَرَ عليه السلام إِلَى رَجُلٍ يمشي إِلَى الْكَعْبَة الْقَهْقَرِي فَقَالَ مرّة فَلْيَمْشِ لِوَجْهِهِ وَإِنْ قَالَ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا حَمَلْتُ فُلَانًا إِلَى الْبَيْتِ وَأَرَادَ التَّعَبَ بِحَمْلِهِ حَجَّ مَاشِيًا وَأَهْدَى وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِحْجَاجُ الرَّجُلِ وَإِلَّا حَجَّ رَاكِبًا وَأَحَجَّ الرَّجُلَ مَعَهُ وَلَا هَدْيَ فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّجُلُ تَرَكَهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَأَنه نوى احجاج الرجل من مَاله فَلَيْسَ عليبه إِلَّا إِحْجَاجُهُ فَإِنِ امْتَنَعَ سَقَطَ النَذْرُ وَالنَّاذِرُ حمل عَمُود أَو غَيره إِلَى مَكَّة طلب الْمَشَقَّة يحجّ مَا شَاءَ غير حَامِل شَيْئا وَيهْدِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَرَادَ التَّعَبَ بِحَمْلِ الرَّجُلِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ كَهَدْيِ نَاذِرِ الحفا وَإِذَا لَمْ يُرِدْ حَمْلَهُ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ إِذَا نَوَى ذَلِكَ ثمَّ إِذا تعين الْمَشْي فَالْكَلَام فِي مبدأه وَمُنْتَهَاهُ وَالْعَجْزُ عَنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ الْمَبْدَأُ وَفِي الْكِتَابِ يَمْشِي الْحَالِفُ مِنْ مَكَانَهُ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ السَّبَبِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ وَإِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ فَكَلَّمَهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ إِلَّا إِلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مِنْ حَيْثُ حِنْثِهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَقْتَ حِنْثِهِ إِلَّا أَنْ تَبْعُدَ ارفقة وَيَخَافَ فَيُؤَخِّرَهَا حَتَّى يَجِدَ فَيُحْرِمَ وَيُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ لَا مِنْ مِيقَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ الميقاة الْمَكَانِيَّ أَخَفُّ مِنَ الزَّمَانِيِّ وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَلِذَلِكَ قَالَ يُؤَخر إِلَى الْأَشْهر دون الميقاة الْمَكَانِيِّ وَالْقَائِلُ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ فَهُوَ مُحْرِمٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَوْفِيَةً بِمُقْتَضَى الصِّيغَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ حَلَفَ بِمِصْرَ وَحَنِثَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مِصْرَ حَتَّى يَمْشِيَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَنِثَ بِبَلَدِ الْحَلِفِ فَلْيَمْشِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ حَنِثَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَد ثمَّ يمشي فِيهِ مَا قدر ثمَّ

ص: 80

يركب وَيهْدِي قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ مَضَرَّةٌ رَجَعَ وَإِلَّا مَشَى مِنْ حَيْثُ حَنِثَ وَأَهْدَى قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي طَرِيقٍ أَخْصَرَ مِنْ طَرِيقٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ انْتَقَلَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَسَافَةِ مَشَى مِنْهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَدُ الْخُطَى فِي الْقُرْبَةِ فَإِنِ انْتَقَلَ إِلَى أَقْرَبَ مِنْهُ بِالْيَسِيرِ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ يُهْدِي هَدْيًا وَيُجْزِئُهُ وَإِنْ كَثُرَ الْبُعْدُ لَمْ يُجْزِهِ وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ بِهَا خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ وَأَتَى بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَوَائِلُ الْحِلِّ وَالْقَائِلُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ بِمَكَّةَ مَشَى إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَقَالَ مَرَّةً يَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ وَإِنْ قَالَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ وَدَخَلَ بِعُمْرَةٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ فَأَنَا مُحْرِمٌ فَهُوَ مُحْرِمٌ بِنَفْسِ الْحِنْثِ وَهُوَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَإِنْ قَالَ أَنَا أُحْرِمُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْحِنْثِ حَتَّى يُحْرِمَ وَقَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ صُحْبَةً وَالْقَائِل أَنا محرم يَوْم ُأكَلِّمهُ وَلَا يكون محرما بِمُضِيِّ ذَلِك الْيَوْم وَيجْرِي فِيهِ الْخلاف بَين مَالك وَسَحْنُون وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْحَالِفُ بِصِقِلِّيَةَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ أَقْرَبِ الْبَرِّ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي حَلِفِهِمْ وَقِيلَ مِنَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يأْتونَ افريقية للتجر وَقَوْلُهُ لَا يُحْرِمُ حَتَّى تَدْخُلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ يَصِلُ أَمَّا الْبَلَدُ الْبَعِيدُ فَيُحْرِمُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَابِسِيِّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَيُحْرِمُ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ وَالْأَوَّلُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ إِنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ الطَّرَفُ الثَّانِي نِهَايَةُ الْمَشْيِ فَفِي الْكِتَابِ يَمْشِي فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَسْعَى وَإِنْ رَكَبَ بَعْدَ السَّعْيِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الْحَجِّ إِلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَالَهُ ش لِفَرَاغِ أَرْكَانِ النُّسُكَيْنِ وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ بِمِنًى وَإِنْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَلَا يَرْكَبُ فِي الرَّمْيِ لِبَقَاءِ رُكْنِ الْحَجِّ

ص: 81

وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي حَوَائِجِهِ كَمَا يَرْكَبُ فِي الْمَدِينَةِ فَإِنَّ الْمَشْيَ إِنَّمَا هُوَ قُرْبَةٌ فِي آخِرِ الْعِبَادَةِ وَإِذَا ذَكَرَ حَاجَةً نَسِيَهَا رَكِبَ فِي رُجُوعه لَهَا وَيَرْكَبُ فِي الْمَنَاهِلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ لَا يَنْتَهِي مَشْيُهُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ إِنَّمَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْمَشْيَ إِلَى الْبَيْتِ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْهَدْيِ {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} الْحَج 33 وَمَحِلُّهَا فِي الْحَجِّ مِنًى الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْعَجْزِ عَنِ الْمَشْيِ فَفِي الْكِتَابِ يَرْكَبُ فِيمَا عَجَزَ فَإِذَا اسْتَرَاحَ نَزَلَ ثُمَّ يَمْشِي ثَانِيًا فِيمَا رَكِبَ فَقَطْ وَيُهْدِي لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْحَرُ بَدَنَةً فَإِنْ عَجَزَ عَمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشْيِ ثَانِيًا لم يعد ثَالِثَة وَأهْدى وَلم عَلِمَ فِي الثَّانِيَةِ عَجْزَهُ عَنِ الْمَشْيِ قَعَدَ وَأَجْزَأَهُ الْهَدْيُ فَإِنْ عَلِمَ عَجْزَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ كَانَ شَيخا وَمنا أَوِ امْرَأَةً ضَعِيفَةً أَوْ مَرِيضًا أَيِسَ مِنَ الْبُرْءِ خَرَجَ رَاكِبًا وَمَشَى وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ وأجزأه مَعَ الْهَدْيِ بَعْدَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا رَجَا الْمَرِيضُ قُدْرَةً عَلَى الْمَشْيِ انْتَظَرَهَا وَإِذَا مَشَى حَجَّهُ كُلَّهُ وَرَكِبَ فِي الْإِفَاضَةِ أَوْ رَكِبَ الْأَمْيَالَ لِمَرَضٍ لَمْ يُعِدْ ثَانِيَةً وَأَهْدَى وَلَوْ مَشَى السَّعْيَ فَقَطْ قَضَى مَشْيَهُ قَابِلًا فِيمَا رَكِبَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ رُكُوبٌ كَثِيرٌ وَلِأَنَّ رُكُوبَهُ فِي مَوَاضِعِ الْحَجِّ أَسْهَلُ مِمَّنْ رَكِبَ فِي الطَّرِيقِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ قَالَ مَالك وَيهْدِي أحب لي مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الْهَدْيَ مِثْلَ مَنْ عَجَزَ فِي الطَّرِيقِ عَجْزًا يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ بَلَغَ مَكَّةَ وَطَافَ وَتَمَّ مَشْيُهُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ وَفِي الْكِتَابِ يَرَى عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ وَلَهُ جَعْلُ مَشْيِهِ الثَّانِي

ص: 82

فِي عير مَا مَشَى فِيهِ أَوَّلًا إِنْ أَبْهَمَ نَذْرَهُ وَإِلَّا فَفِي مِثْلِ الْأَوَّلِ لِتَعْيِينِهِ وَلَا يَجْعَلُ الْأَوَّلَ وَلَا الثَّانِيَ فِي فَرِيضَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهُ فِي عَوْدِهِ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ مَشْيَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ رَكِبَ ليقص الطَّرِيقَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَهْدَى بِخِلَافِ الْعُذْرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ صِيَامِ التَّتَابُعِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِلِ الْمَشْيَ الْمُتَتَابِعَ أَجْزَأَهُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ كَمَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ يَمْشِي ثَانِيًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِنَذْرِهِ لَا لِمَا شَرَعَ فِيهِ قَالَ ابْن حبيب وَالْهَدْي هَا هُنَا بَدَنَة فَإِن لم يجد فبقرة فَإِن لم يَجِدْ فَشَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَتَى شَاءَ وَتُجْزِئُ شَاةٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَشْيُ نِصْفَ الطَّرِيقِ فَأَكْثَرَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَمْشِي الطَّرِيقَ كُلَّهُ وَنَحْوُهُ لِمَالِكٍ وَإِنْ كَانَ نَذْرُهُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ نَحْوَ مِصْرَ فَلِمَالِكٍ فِي رُجُوعه قَولَانِ قَالَ وَعدم الْعَوْدِ أَحْسَنُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَعُدْ بِحَالٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَضْمُونِ أَمَّا عَامُ تَعَيُّنِهِ فَلَا يَقْضِي وَلَوْ مَرِضَهُ كُلَّهُ وَإِنْ حَضَرَ خُرُوجَ الْحَاجِّ وَهُوَ فِي الْقُرْبِ مِثْلَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ خَرَجَ رَاكِبًا وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا أَخَّرَ لِعَامٍ آخَرَ وَلَوْ نَوَى الْمَرِيضُ أَنْ يَمْشِيَ قُدْرَتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَكَذَلِكَ الشَّابُّ الضَّعِيفُ الْقُوَّةِ وَالْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي مَشْيُهَا عَوْرَةٌ تَمْشِي الْأَمْيَالَ عُزْلَةً عَنِ النَّاسِ ثُمَّ تَرْكَبُ وَتُهْدِي وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ جَعْلُ الْمَشْيِ الثَّانِي فِي حَجٍّ إِذَا نَوَى الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ لِانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ النَّاذِرُ مِنَ الْمَشْيِ مَا لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ يَمْشِي مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن 16 قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنْ عَجَزَ هَذَا وَرَكَبَ لَا يَرْجِعُ ثَانِيَةً لِأَجْلِ ركُوبه وَعَلِيهِ الْهَدْي لذَلِك لِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنَ النَذْرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الثَّانِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إِنْ لَمْ يَرْكَبْ أَوَّلًا فِي حَجَّتِهِ

ص: 83

فِي الْمَنَاسِكِ وَلَوْ رَكِبَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ فِي حجه الأول كَيفَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ الثَّانِيَةَ فِي عُمْرَةٍ وَهُوَ لَا يَصِلُ أَنْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يَجْعَلُ الثَّانِيَةَ فِي عُمْرَةٍ لِأَنَّهَا أقصر من عمل الْحَج يُرِيد إِن كَانَ مَشْيه فِي غير الْمَنَاسِك فرع فِي الْكِتَابِ إِذَا نَوَى بِحَجِّهِ فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ أَجْزَأَهُ لِنَذْرِهِ وَقَضَى فَرْضَهُ أَوْ قَارِنًا الْعُمْرَةَ لِنَذْرِهِ وَالْحَجَّ لِفَرْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ مِنَ الْفَرْضِ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَلِمَالِكٍ فِي الْقَارِن يجزيء فِي النَذْرِ وَيَقْضِي الْفَرْضَ لِقُوَّتِهِ وَلَهُ أَيْضًا لَا يجزيء عَنْهُمَا للتشريك قَالَ وَأرى أَن يجزيء عَنْهُمَا لِأَن الْقرَان لَا يحل بفريضة الْإِسْلَام وكل مَا جَازَ تَطَوّعا حَاز وَفَاءُ النَذْرِ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُفْرِدِ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَنْوِي بِنَذْرِهِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَأَمَّا إِذَا نوى فَلَا يجزيء عَنْهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ مَشَى بِحَجٍّ لِنَذْرِهِ فَفَاتَهُ لَمْ تُجْزِئْهُ عُمْرَةُ التَّحَلُّلِ عَنْ مَشْيِهِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ حَجَّةٍ وَهُمَا حَجَّتَانِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْوِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ يُجْزِئُهُ لِنَذْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعِيدُهُمَا جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُجْزِئُهُ عَنِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهَا أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ الْعَمَلِ وَيُعِيدُ النَّذْرَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَلَوْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةِ الْحَجِّ وَنَوَى مَشْيَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إِلَّا بِنَذْرٍ قَالَ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْمُحْرِمِ بِنَافِلَةٍ يَنْوِي قِيَامَهَا فَلَهُ صَلَاتُهَا جَالِسًا وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى قراة سُورَة طَوِيلَة النَّوْع الثَّانِي اتيان الْمَسَاجِد فَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ إِتْيَانُ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوِ الْمَشْيُ إِلَيْهِمَا فَلَا يَأْتِيهِمَا حَتَّى يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يَنْوِيَ فِيهِمَا أَوْ يُسَمِّيهِمَا لِتَعْيِينِ الْقُرْبَةِ أَوْ مَا يُلَازِمهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ فِيهِمَا أَتَاهُمَا رَاكِبًا وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْمَسَاجِدِ صَلَّى بِمَوْضِعِهِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ وهب عَلَيْهِ أَن يَأْتِي مَسْجِد الْمُقَدّس وَالْمَدِينَةِ مَاشِيًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَرُبَ مَشَى وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ نَاذِرُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام لَا يلْزمه الشي قَالَ وَالْمَشْيُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الْقُرَبِ قُرْبَةٌ وَمُقْتَضَى أَصْلِ مَالِكٍ يَأْتِي الْمَكِّيّ الْمَدِينَة لِأَنَّهَا أفضل فإتيانها مِنْ مَكَّةَ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا وَقدم ش وَابْن حَنْبَل الْمَسْجِد الْحَرَام

ص: 84

عَلَيْهَا فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْجِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَمْشِي إِلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا كَالْأَمْيَالِ الثَّلَاثَةِ الْيَسِيرَةِ مَاشِيًا وَيُصَلِّي فِيهِ قَالَ ابْن حبيب إِن كَانَ بِمَوْضِعِهِ مَسْجِدُ جُمُعَةٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إِلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَهُوَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّاذِرُ الْمَكِّيُّ أَوِ الْمَدَنِيُّ الصَّلَاةَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَالْمَقْدِسِيُّ يَمْشِي إِلَيْهِمَا وَالْمَدَنِيُّ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَكِّيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عليه السلام لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا لِثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ فَذَكَرَ مَسْجده عليه السلام وَمَسْجِدَ إِيلِيَا وَالْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَاقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمَ لُزُومِ الْمَشْيِ إِلَى غَيْرِهَا فَإِنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ الْمَشْيُ إِلَيْهِ وَجَبَ إِعْمَالُ الرِّكَابِ إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَاعِدَةٌ النَذْرُ عِنْدَنَا لَا يُؤَثِّرُ إِلَّا فِي مَنْدُوبٍ فَمَا لَا رُجْحَانَ فِي فِعْلِهِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَسَائِرُ الْمَسَاجِدِ مُسْتَوِيَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا بُيُوتُ التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى بِالصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ الْإِتْيَانُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ الرُّجْحَانِ وَيَخْتَلِجُ فِي نَفْسِ الْفَقِيهِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا إِجْمَاعًا وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ طَاعَةِ اللَّهِ فِيهَا إِمَّا لِقِدَمِ هِجْرَتِهِ أَوْ لِكَثْرَةِ جَمَاعَتِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّفْضِيلِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ فِيهَا بِالنَّذْرِ لِأَجْلِ الرُّجْحَانِ فِي نَظَرِ الشَّرْع ويندفع هَذَا الْإِشْكَالُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يَكُونُ رَاجِحًا فِي نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ ضَمُّهُ لِغَيْرِهِ أَوْ ضَمُّ غَيْرِهِ لَهُ رَاجِحًا وَقد يكون فَمِنَ الْأَوَّلِ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ رَاجِحَانِ وَلَيْسَ ضَمُّهُمَا رَاجِحًا فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ بل قد يكون الْفِعْلَيْنِ راحجين وضمهما مَرْجُوح كَالصَّوْمِ ووقوف عَرَفَة والتنقل وَصَلَاة الْعِيد فِي الْمصلى وَالرُّكُوع وقراة الْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ وَبَعْضِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَمِمَّا

ص: 85

رُجِّحَ مُنْفَرِدًا وَمَضْمُومًا الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالتَّسْبِيحُ وَالرُّكُوعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَاعْتِقَادُ رُجْحَانِ الْمَسَاجِدِ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ رُجْحَانُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لَا يُوجِبُ اعْتِقَادَ رُجْحَانِ ضَمِّ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا لِأَنَّ اعْتِقَادَ الرجحان الشَّرْعِيّ يُوقف على مدرك شَرْعِي بتوقيف عَلَى مَدْرَكٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَرِدْ بَلْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ بَعْدَ ذَلِكَ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْهَدَايَا وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ عَلَيَّ هَدْيٌ فَمَا نَوَى وَإِلَّا فَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَلَوْ قَالَ بَدَنَةٌ فَلَمْ يَجِدْهَا فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَسَبْعٌ مِنَ الْغنم فَإِن لم يجد فَلَا يحب صَوْمٌ فَإِنْ أَحَبَّ فَعَشَرَةُ أَيَّامٍ لِأَنَّهَا بَدَلٌ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ فَإِنْ أَيْسَرَ فَعَلَ مَا نَذَرَ وَإِنْ قَالَ لِحُرٍّ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا أَهْدَيْتُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَحْنَثُ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه شَاةٌ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْمُكَلَّفِ بِأَقْرَبِ وُجُوهِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ قَالَ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ دَارُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ هَدْيٌ فَحَنِثَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْحَجِّ الْقَائِلُ عَلَيَّ هَدْيٌ يُجْزِئُهُ شَاةٌ وَالْمَدْرَكُ هَلْ يُنْظَرُ إِلَى أعلا مَرَاتِبِ الْهَدْيِ احْتِيَاطًا أَوْ لِأَقَلِّهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَمَنْ نَذَرَ شَهْرًا فَقِيلَ يَصُومُ ثَلَاثِينَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ إِذَا عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى اسْم هَل يقْتَصر على أدناه أَو يَرْتَفِعُ لِأَعْلَاهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُجْزِئُهُ الْبَقَرَةُ عِنْدَ الْعَجْزِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعْرِفُونَ الْبُدْنَ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ وَإِنْ صَدَقَتْ عَلَى الْبَقَرِ لُغَةً قَالَهُ الْخَلِيلُ وَدَلِيلُ الْغَنَمِ حَدِيثُ جَابِرٍ نَحَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِذَا أَعْسَرَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إِنْ قَالَ عَليّ هدي وَإِن قَالَ عَليّ بَدَنَة صَاح سبعين يَوْمًا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَحَبَّ صَامَ تسعين يَوْمًا وَقَالَ أَشْهَبُ

ص: 86

إِنْ أَحَبَّ صَامَ سَبْعِينَ أَوْ أَطْعَمَ سَبْعِينَ مِسْكِينًا لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ جَزُورٍ يَنْحَرُهَا مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ بِالْبَصْرَةِ وَسَوْقُ الْبُدْنِ إِلَى غَيْرِ مَكَّةَ مِنَ الضَّلَالِ وَقَالَ أَيْضًا يَنْحَرُهُ حَيْثُ نَوَى لِتَعَلُّقِ حَقِّ تِلْكَ الْمَسَاكِينِ بِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَالِهِ عَلَى بَلَدٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ تِلْكَ الْبَلَد والبحث هَا هُنَا كَالْبَحْثِ فِي إِتْيَانِ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالنَّاذِرُ هَدْيًا مُعَيَّنًا يُوَفِّي بِهِ إِنْ كَانَ يَبْلُغُ سَالِمًا مِنَ الْعُيُوبِ وَفِي سُنَنِ الْهَدْيِ وَيَبْعَثُ الْإِبِلَ وَإِنْ بَعُدَ الْمَوْضِعُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مِنَ الْإِبِلِ إِنْ بَلَغَ أَوْ مِنَ الْبَقَرِ وَإِلَّا فَمِنَ الْغَنَمِ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ شَاءَ وَقَالَ مَالِكٌ يَجْعَلُهُ فِيمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْكَعْبَةُ قَالَ وَالرَّأْيُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ بِمَكَّةَ وَلَوْ شَرَكَ بِهِ فِي هَدْيٍ لَكَانَ لَهُ وَجه وَيَشْتَرِي بِمَوْضِعٍ يَرَى أَنَّهُ يَبْلُغُ أَصْلَحُ وَلَا يُؤَخر إِلَى مَوضِع أعلا إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ سَائِقُهُ فَيُؤَخِّرُ الشِّرَاءَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ يَخْرُجُ بِهِ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْهَدْيِ وَإِنْ وَجَدَ شِرَاءَ الْأَقَلِّ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَشِرَاؤُهُ بِمَكَّةَ يُوجَدُ أَفْضَلُ اشْتُرِيَ الْآنَ وَسِيقَ إِلَى مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ خَمْسًا أَوْ سِتًّا مِنَ الْغَنَمِ وَوَجَدَ بِثَمَنِهَا بَقَرَةً اشْتَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَ فَأَكْثَرَ فَشِرَاؤُهَا أَفْضَلُ من شِرَاء الْبدن إِن كفاها الثّمن لِأَن ابدنة جُعِلَتْ عَنْ سَبْعٍ فَالسَّبْعَةُ أَفْضَلُ وَإِنْ نَذَرَ عَبْدًا أَوْ دَارًا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِنْ مَوْضِعٍ هُوَ أَصْلَحُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ نَذَرَ بَدَنَةً عَوْرَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ مُعَيَّنَةً أَهْدَاهَا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَهْدَى سَلِيمَةً قَالَ وَأَرَى الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ سَوَاءً إِذَا قَصَدَ الْقُرْبَةَ وَإِلَّا فَهُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ بَدَنَةٍ أَوْ هَدْيٌ يُنْحَرُ بِمَكَّةَ وَإِنْ قَالَ جَزُورٌ نُحِرَ بِمَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَّةَ وَإِنْ نَوَى مَوْضِعًا أَوْ سَمَّاهُ لَا يُخْرِجُهَا إِلَيْهِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَاذِرُ مَالِ غَيْرِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ مَالِهِ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا فَإِنْ بَعَثَ بِهِ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ هُنَاكَ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ هَدْيًا فأقله شَاة أَو فضل عَنهُ مَالا يَبْلُغُ هَدْيًا دُفِعَ

ص: 87

لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفَقُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَحَبَّ تَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ وَأَعْظَمَ مَالك أَن يُشْرك مَعَ الحجبة غَيْرَهُمْ لِأَنَّهَا وَلَايَةٌ مِنْهُ عليه السلام لِدَفْعِهِ المفاتح إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ وَإِنْ خَافَ عَلَى الْمَنْذُورِ هَدْيًا عَدَمَ الْوُصُولِ لِلْبُعْدِ بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِ الْغَنَمِ غَنَمًا وَبِثَمَنِ الْإِبِلِ إِبِلًا وَبِثَمَنِ الْبَقَرِ بَقَرًا وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِ الْبَقَرِ إِبِلًا لِأَنَّهَا لَمَّا بِيعَتْ صَارَتْ كَالْعَيْنِ وَأَكْرَهُ شِرَاءَ الْغَنَمِ بِثَمَنِهَا حَتَّى يَعْجِزَ عَنِ الْبُدْنِ وَالْبَقر من مَكَّة أوومن مَوْضِعٍ تَصِلُ وَإِنِ ابْتَاعَهَا مِنْ مَكَّةَ أَخْرَجَهَا لِلْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْحَرَمَ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْهَدْيِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْقَائِلُ عَلَيَّ هَدْيٌ إِنْ نَوَى شَيْئًا فَعَلَهُ وَإِلَّا فَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ وَقَالَ أَشْهَبُ أَدْنَى مَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَفْضَلَ مِنْهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَإِنِّي أَنْحَرُ وَلَدِي فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ نَظَرًا لِفِدَاءِ إِسْحَاقَ عليه السلام أَوْ لِأَنَّهُ نَذْرٌ لَا مَخْرَجَ لَهُ لتعذر هَذَا الْمخْرج شرعا ثمَّ رَجَعَ مَالك فَقَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّقَرُّبَ بِالْهَدْيِ فَيُهْدِيَ وَالْقَائِلُ أَنْحَرُ وَلَدِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ بِمِنًى فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِأَنَّ طُرُقَ مَكَّةَ وَفِجَاجَهَا كُلَّهَا مَنْحَرٌ فَصَارَ لِلَّفْظِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّقَرُّبِ بِالْهَدْيِ لَكِنْ بِمَا لَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ بِهِ فَيَسْقُطُ الْخُصُوصُ لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَيَبْقَى الْعُمُومُ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ وَهُوَ مَفْهُومُ الْهَدْيِ فَيُوفِي بِهِ وَيَلْزَمُهُ فِي أَبَوَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إِنَّمَا يُهْدِي فِي الْوَلَدِ إِذَا ذَكَرَ فِعْلًا نَحْوَ قَوْلِهِ إِنْ فَعَلْتُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيَّ نَحْرُ وَلَدِي لِلَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَذَرَ مَعْصِيَةً قَالَ وَالْكُلُّ عِنْدِي سَوَاءٌ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَجْهَ الْهَدْيِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَ لِلْحَالِفِ عِدَّةُ أَوْلَادٍ أَهْدَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ هَدْيًا وَقِيلَ يَكْفِي هدي

ص: 88

النَّوْعُ الرَّابِعُ الضَّحَايَا فِي الْجَوَاهِرِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ لَمْ تَقُمْ مَقَامَهَا بَقَرَةٌ مَعَ الْقُدْرَةِ وَفِي إِخْرَاجِهَا مَعَ الْعَجْزِ خِلَافٌ وَفِي إِخْرَاجِ سَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ بَقَرَةٍ خِلَافٌ وَفِي الْكِتَابِ الْإِجْزَاءُ فيهمَا تنيه الْأَصْلُ فِي النَذْرِ أَنْ لَا يُجْزِئَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَنَاذِرُ التَّصَدُّقِ بِدِرْهَمٍ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ أَلْفٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَنْدُوبَاتِ لِأَنَّ النَذْرَ وَاجِبٌ وَفِعْلَ غَيْرِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَغَيْرُ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ خُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي نَاذِرِ الرُّكُوبِ يُجْزِئُهُ الْمَشْيُ وَلَيْسَ مِنْهُ نَاذِرُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْدِسِ وَهُوَ بِالْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَكَانَهُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَمَيْنِ لِلصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِمَا لَيْسَ قُرْبَةً فَلَمْ يَنْعَقِدِ النَذْرُ فِي أَصْلِهِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ النَّوْعُ الْخَامِسُ الرِّبَاط فَفِي الْكِتَابِ نَاذِرُ الرِّبَاطِ أَوِ الصَّوْمِ بِمَوْضِعِ إِتْيَانِهِ قُرْبَةً كَعَسْقَلَانَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الرِّبَاطَ فِيهِمَا لِلْعَدُوِّ وَلَيْسَ فَضِيلَةً فِي غَيْرِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ نَذَرَ الْمَكِّيُّ إِتْيَانَ هَذِهِ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ وَيَعُودُ صَلَّى مَوْضِعَهُ وَلَمْ يَأْتِهَا وَفِي الْجَوَاهِر وَلَا يلْزمه الْمَشْي هَا هُنَا وَإِنْ سَمَّاهُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِهِ قُرْبَةً فِي الرِّبَاط النَّوْع السَّادِس الصَّدَقَة فَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ مَالِي أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ أُهْدِي أَوْ حَلَفَ فَحَنِثَ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَإِنْ سَمَّى دَارًا أَوْ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهُمَا أَخْرَجَهُ وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ فَكَذَلِكَ إِنْ سَمَّى حُرًّا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ مَا لَمْ يَقُلِ الْكُلَّ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وأجاروك وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُول فَقَالَ

ص: 89

لَهُ عليه السلام يُجْزَئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ فَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْتَزَمَ الصَّدَقَةَ بِجُمْلَةِ الْمَالِ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ فَرْعُ شُغْلِ الذِّمَّةِ فَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا أَخْرَجَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ بِالْمِيرَاثِ وَالْأَصْلُ الْوَفَاءُ بالصيغة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ بِكُلِّ الْمَالِ غَيْرَ مَطْلُوبَةٍ لِلشَّرْعِ فَلَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ إِذَا أَخْرَجَ الثُّلُثَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ كَالزَّكَاةِ وَقِيلَ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُوَ كَذَلِكَ إِنْ قَالَ هَدْيٌ وَإِنْ قَالَ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ بِالْمَوْضِعِ مَسَاكِينٌ قَالَ مَالِكٌ النَّفَقَةُ مِنَ الثُّلُثِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ الثُّلُثَانِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ لِأَنَّ مَنْ أَوْجَبَ هَدْيًا فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ إِيصَالَهُ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَلْزَمُهُ فِي صَدَقَةِ مَالِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَنِ ابْنِ مَسْلَمَةَ زَكَاةُ مَالِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ مَالُهُ كُلُّهُ أَخْرَجَ الثُّلُثَ وَرُوِيَ عَنْ مَالك إِذا سمى أَكثر من الثُّلُث اقتصرعلى الثُّلُثِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالثُّلُثُ وَإِلَّا فَرُبُعُ عُشْرِهِ أَوْ مُعْدِمًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَالْحَالِفُ بِصَدَقَةِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَبَدًا فَيَحْنَثُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا فَإِنْ قَيَّدَهُ بِمُدَّةٍ أَوْ بَلْدَةٍ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا يَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ وَإِذَا قَالَ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ إِلَى كَذَا مِنَ الْأَجَلِّ صَدَقَةٌ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ ثُلُثُ مَا يَمْلِكُهُ الْآنَ وَمَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِابْنِ عَبْدِ الحكم وَثلث مَا لَهُ الْآنَ وَجَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَثُلُثُ مَا يَمْلِكُ الْآنَ فَقَطْ وَجَمِيعُ مَا سَيَمْلِكُهُ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ لَفْظُ أَمْلِكُهُ

ص: 90

هَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ لَهُمَا وَكُلُّهُ نَقَلَهُ النُّحَاةُ وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَا يُفِيدُهُ إِلَى مُدَّةٍ أَوْ فِي بَلَدِة أَخْرَجَ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الْمَائِدَة 1 وقَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين فَلَمَّا أَتَاهُم من فَضله يخلوا بِهِ وتولوا وَهُوَ معرضون} التَّوْبَة 75 الْآيَة قَالَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنُصَّ فِي كِتَابِهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بَينهمَا وَفِي الْجَوَاهِر قَالَ سَحْنُون عين مَا لَا أَن لَا يخرج مَا لَا يضر بِهِ وَفِي الْكِتَابِ الْحَالِفُ يُهْدِي عَبْدَهُ الْمُعَيَّنَ وَجَمِيعَ مَالِهِ يُهْدِي الْمُعَيَّنَ وَثُلُثَ بَاقِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَغَيْرُهَا وَلَوْ قَالَ فَرَسِي وَمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِثَمَنِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِهِ صَدَقَةٌ وَفِي السَّبِيلِ يَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِنْ وَجَدَ وَإِلَّا يَبْعَثُ بِهِ وَالْفَرَسُ وَآلَةُ الْحَرْبِ يَبْعَثُهُ بِعَيْنِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَعَثَ بِثَمَنِهِ يُجْعَلُ فِي مِثْلِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْهَدْيِ يُبَاعُ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا إِبِلٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْجَمِيعِ الْأَكْلُ وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ صَدَقَةٌ فَيَبِيعُ الْجَمِيعَ وَالسَّبِيلُ هُوَ الْجِهَادُ وَالرِّبَاطُ تَفْرِيعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَنِثَ مَرَّةً أُخْرَى قَبْلَ إِخْرَاجِ الثُّلُثِ أَخْرَجَ الثُّلُثَ وَثُلُثَ الْبَاقِي ثمَّ قَالَ بكفيه الثُّلُث وبالأول أَخذ مُحَمَّد وَأَشْهَب قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ ثُمَّ زَادَ مَالُهُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ الْحَلِفِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ السَّبَبُ وَإِنْ نَقَصَ فَثُلُثُهُ يَوْمَ حَنِثَ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَإِذَا حَنِثَ ثُمَّ نَمَا مَالُهُ ثُمَّ حَنِثَ فَنَمَا مَالُهُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَاله ثمَّ حنث فنما مَاله أَخْرَجَ ثُلُثَ مَا مَعَهُ الْآنَ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْأَوَّلِ وَثُلُثُ الزِّيَادَاتِ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ لَمْ يُخْرِجْ إِلَّا ثُلُثًا وَاحِدًا وَلَوْ حَنِثَ وَمَالُهُ مِائَةٌ ثُمَّ حَنِثَ وَهُوَ سَبْعُونَ ثُمَّ حَنِثَ وَهُوَ أَرْبَعُونَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الْمِائَةِ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مَا بِيَدِهِ عَنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ بِإِتْلَافِهِ أَوْ أَكْلِهِ فَيَلْزَمُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ فِي إِخْرَاجِهِ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ كَالشَّرِيكِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ ضَمِنَ مَا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ

ص: 91

وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا أَخْرَجَ الثُّلُثُ فَمِنَ الْعَيْنِ وَالدّين وَقِيمَة الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتِبُ يَوْمًا وَفِي قِيمَةِ رِقَابِهِمْ فَضْلٌ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَلَا شَيْءَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا الْمُدَبَّرِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُخْرِجُ ثُلُثَ قِيمَةِ خِدْمَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ ثُلُثَهُ حَتَّى ضَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَرَّطَ أَمْ لَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْمُفَرِّطُ كَالزَّكَاةِ وَالْفرق للْمَذْهَب أَنَّ الْحَالِفَ بِالصَّدَقَةِ قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ حَلِفَ مَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَجَدَّدُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ السَّبَبِ إِيَّاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْوَاضِحَةِ إِنْ حَلَفَ فَحَنِثَ وَقَدْ زَادَ مَالُهُ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِمَتْجَرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ ثُلُثِهَا أَوْ بِوِلَادَةٍ أَخْرَجَ ثُلُثَهَا وَثُلُثَ الْأَصْلِ وَالْقَائِلُ كُلُّ مَا أَرْبَحُهُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ صَدَقَةٌ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ صَدَقَةٌ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ مَا لي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ رِتَاجِهَا أَوْ حَطِيمِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى وَالرِّتَاجُ الْبَاب وَمِنْه أرتج على الْخَطِيب والقارئ بتَخْفِيف الْجِيم إِذَا انْغَلَقَ دُونَهُ بَابُ الْكَلَامِ فَإِنْ قَالَ فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ طِيبِهَا دَفَعَ ثُلُثَ مَاله للحجية وَإِنْ قَالَ أَضْرِبُ بِمَالِي أَوْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَطِيمَ الْكَعْبَةِ أَوِ الرُّكْنَ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ بِطَاعَةٍ وَيُصَحَّحُ لَفْظُهُ بِحَسْبَ الْإِمْكَانِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهَا لِلْقُرْبَةِ الْمُعْتَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جنَاح} النِّسَاء 101 الْآيَة قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَصَدَّقُ بِمَالِهِ النَّوْع السَّابِع الصَّوْم وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّاذِرُ الصَّوْمَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَفِي لُزُومِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ الْمُتَعَدِّدِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا إِنْ ذَكَرَ أَعْوَامًا أَوْ شُهُورًا جُمْلَةً أَوْ آحَاد لَزِمَهُ أَوْ أَيَّامًا فَلَا وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ عَدَمُ اللُّزُومِ مُطْلَقًا وَقَالَ فِي الْكِتَابِ وَنَاذِرُ الشُّهُورِ الْمُتَتَابِعَةِ وَغَيْرِ الْمُتَتَابِعَةِ لَهُ صَوْمُهَا بِالْأَهِلَّةِ وَبِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ فَإِنْ صَامَهَا بِالْأَهِلَّةِ وَكَانَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعشْرين أَجزَأَهُ أَو بِغَيْر الْأَهِلَّةِ أَكْمَلَهُ ثَلَاثِينَ وَإِنْ صَامَ بَعْضَ شَهْرٍ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ بِالْأَهِلَّةِ ثُمَّ يُكْمِلُ الْأَوَّلَ وَنَاذِرُ سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ يَصُومُ

ص: 92

اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لَيْسَ فِيهَا رَمَضَانُ وَلَا يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا أَيَّامُ الذَّبْحِ وَمَا صَامَ مِنَ الْأَشْهُرِ فَعَلَى الْأَهِلَّةِ وَمَا أَفْطَرَ فِيهِ لِعُذْرٍ أَتَمَّهُ ثَلَاثِينَ وَلَوْ عَيَّنَ يَوْمًا بِصَوْمٍ تَعَيَّنَ وَلَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ لَزِمَهُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَالْقَائِلُ أَصُومُ هَذِهِ السَّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ أَيَّامِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَرَمَضَانَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ وَرُوِيَ أَنَّ نَاذِرَ ذِي الْحِجَّةِ يَقْضِي أَيَّامَ النَّحْرِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَدَمَ الْقَضَاءِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي الْكتاب يَصُوم فِي السَّنَةَ الْمُعَيَّنَةَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمَا أَفْطَرَهُ فِيهَا لِعُذْرٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا قَضَاهُ وَإِن أَفْطَرَ شَهْرًا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ مُتَتَابِعًا أَحَبُّ إِلَيَّ وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا أَدْرِي مَا السَّفَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَكَأَنَّهُ أحب أَنْ يَقْضِيَ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ وَنَاذِرُ سَنَةٍ لَا يَكْفِيهِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا وَلَا يسْقط رَمَضَان وَلَا العيدان وَالْحَيْضُ وَنَاذِرُ صَوْمِ يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا يَصُومُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَصُومُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْقُدُومِ فِي الْيَوْمِ وَهُوَ النَّهَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الْبَقَرَة 184 وَجَوَابُهُ أَنَّ اللَّيْلَةَ تَبَعٌ لِلنَّهَارِ لِقَوْلِهِ عليه السلام من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ بِسِتَّة مِنْ شَوَّالٍ وَلَمْ يَقُلْ بِسِتَّةٍ فَإِنْ قَدِمَ نَهَارا فَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب وش وح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِهِ عَلَيْهِ شَرْعًا وَقَالَ أَشْهَبُ يَصُومُ غَيْرَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَقْتَضِي مَشْرُوطَهُ بعده والقدوم فِي الْيَوْم مشترط وَلَوْ قَدِمَ فِي الْأَيَّامِ الْمُحَرَّمِ صَوْمُهَا فَالْمَنْصُوصُ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَالْقَضَاءُ فَرْعُ سَبَبِ وجود الْأَدَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ عَلِمَ بِقُدُومِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ فَبَيَّتَ الصِّيَامَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلْيَصُمِ الْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهِ

ص: 93

وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ أَبَدًا لَزِمَهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ يَوْمًا مُحَرَّمًا فَلَا يَقْضِي وَكَذَلِكَ إِن مَرضه وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْضِي فِي الْمَرَضِ أَوَّلَ مَا يَصِحُّ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ سَمَّاهُ فَوَافَقَ يَوْم حيض أَو مرض لَمْ يَقْضِهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شَهْرًا وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَفِي الْكِتَابِ نَاذِرُ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ يُفْطِرُهُ مُتَعَمِّدًا يَقْضِي عَدَدَ أَيَّامِهِ مُتَتَابِعَاتٍ أَفْضَلُ فَإِنْ نَذَرَهُ مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ عِلَّةٍ فَأَفْطَرَ مِنْهُ ابْتَدَأَهُ وَنَاذِرُ صَوْمِ يَوْمٍ بِعَيْنِه يقطره مُتَعَمِّدًا يَقْضِيهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ نَذْرَ صَوْمِ يَوْمٍ لِوَقْتِهِ وَنَاذِرُ صَوْمِ الدَّهْرِ يَلْزَمُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لأيام الْعِيدِ وَالْحَيْضِ وَرَمَضَانَ وَلَهُ الْفِطْرُ بِالْمَرَضِ وَالسِّفْرِ وَلَا قَضَاءَ لِتَعَذُّرِهِ وَقَالَهُ ش وَنَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ أَوِ الشَّكِّ مُلْغًى كَنَذْرِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَقَالَهُ ش وَهُوَ مَذْهَبُ الْكتاب

ص: 94

(الْبَاب الثَّالِث فِي صِيغ الِالْتِزَام)

2 -

وَفِي الْجَوَاهِرِ فَهِيَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ نَحْوُهُ مُطْلِقًا أَوْ مُعَلِّقًا الشَّرْطَ نَحْوَ إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّ النَذْرَ الْوَعْدُ كَيْفَ كَانَ وَمَدْرَكُهُ فَإِنْ قَالَ إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ كَذَا وَنَحْوُهُ مِنَ الشُّرُوطِ الْمَقْصُودَةِ الْإِعْدَامِ لَا الْإِيجَادِ لَزِمَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَكْفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تَمْهِيدٌ فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام كَفَّارَةُ النَذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ حَمَلَهُ ش وَابْنُ حَنْبَل على نذر الْحَاج وَهُوَ مَا قُصِدَ بِهِ حَثٌّ عَلَى الْإِقْدَامِ وَالْإِحْجَامِ نَحْوَ إِنْ عَصَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى فَعَلَيَّ صَوْمٌ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْوَفَاءِ بِالنذرِ فِي الدراقطني قَالَ عليه السلام مَنْ جَعَلَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فِي أَمْرٍ لَا يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ وَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى النَّذْرِ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ وَهُوَ أَوْلَى لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَن لفظ الحَدِيث مُطلق فيجمل عَلَى الْمُطْلَقِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ وَثَانِيهَا أَنَّ النُّصُوصَ دَالَّةٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمَاتِ

ص: 95

وَهَذَا لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَتُسَلَّمُ النُّصُوصُ على التَّخْصِيص بِخِلَاف مَا قَالَه وثالثهما مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ قَاعِدَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة قِسْمَانِ مَا قَرَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَصْلِ شَرْعِهِ وَلَمْ يكله إِلَى اخْتِيَار عبيده كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ لِاخْتِيَارِهِمْ وَحَصَرَ ذَلِكَ فِي بَابٍ وَاحِدٍ وَهُوَ نَقْلُ مَا شَاءُوا مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُوبِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ نَقْلُ النَذْرِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَرَادُوا إِيجَابَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ شَرَعَ لِكُلِّ حُكْمٍ سَبَبًا وَجَعَلَ الْأَسْبَابَ قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا قَرَّرَ سَبَبِيَّتَهُ فِي أَصْلِ شَرْعِهِ وَلَمْ يَكِلْهُ لِاخْتِيَارِ عِبَادِهِ كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَأَسْبَابِ الْعَقُوقَاتِ وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ لِاخْتِيَارِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا كَانَ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ شَرْطُ النَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا أَسبَاب يلْزم من وجودهَا الْوُجُود من عَدَمِهَا الْعَدَمُ وَلَمْ يَحْصُرْ ذَلِكَ فِي الْمَنْدُوبَاتِ كَمَا عَمِلَ فِي الْأَحْكَامِ بَلْ عَمَّمَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمُمْكِنَاتِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَمَا لَيْسَ مِنَ الْمُكْتَسَبَاتِ كَهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَنُزُولِ الْأَمْطَارِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَا اكْتِسَابٌ اخْتِيَارِيٌّ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ النَذْرُ إِمَّا مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْمُطْلَقُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا قَضَى أَوْ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْمُفَكَّرُ مَعَ الْأَيَّامِ مَخَافَةَ التَّفْرِيطِ أَوْ مُبَاحٌ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِر والمقدمات هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنِ النَذْرِ وَقَالَ إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ قَالَ وَالْكُلُّ لَازِمٌ وَكَيْفَمَا تَصَرَّفَ لَا يَقْضِي بِهِ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ وَهِي متعذرة مَعَ الْإِكْرَاه

(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ)

1 -

وَفِيهِ بَابَانِ

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبَاحُ لِلْمُخْتَارِ)

2 -

وَالْمَأْكُولُ إِمَّا جَمَادٌ وَإِمَّا حَيَوَانٌ أَوْ نَبَاتٌ وَالْحَيَوَانُ ضَرْبَانِ بَحْرِيٌّ وَبَرِّيٌّ فَالْبَحْرِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ يُؤْكَلُ جَمِيعُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَلَا تَسْمِيَةٍ سَوَاءٌ صِيدَ أَوْ وُجِدَ طَافِيًا أَوْ فِي بَطْنِ طَيْرِ الْمَاءِ وَبَطْنِ حُوتٍ صَادَهُ مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ كَانَ لَهُ شَبَهٌ فِي الْبَرِّ أَمْ لَا وَقَالَ ش السَّمَكُ حَلَالٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الدَّوَابِّ مِمَّا لَيْسَ لَهُ شيبَة فِي الْبر أَوله شيبَة حَلَالٌ فَهُوَ حَلَالٌ وَفِي افْتِقَارِهِ إِلَى الذَّكَاةِ قَولَانِ نظرا إِلَّا كَوْنِهِ سَمَكًا أَمْ لَا وَمَا لَهُ شَبَهٌ حَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَهُوَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ كَالضُّفْدَعِ فَهُوَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ مِنَ الْخَبَائِثِ أَوِ السِّبَاعِ كَالتِّمْسَاحِ وَقَالَ ح يَحْرَمُ غَيْرُ السَّمَكِ الَّذِي يمون بِنَفْسِهِ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْمَيْتَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الضُّفْدَعِ وَالتِّمْسَاحِ وَتَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمْقُتُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِالتَّحْرِيمِ لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَلحم الْخِنْزِير} وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَا تَطُولُ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ يَفْتَقِرُ إِلَى الذَّكَاةِ

ص: 96

وَاخْتُلِفَ فِي كَرَاهَةِ كَلْبِ الْمَاءِ وَخِنْزِيرِهِ احْتَجَّ ح بِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ أَكْلِ الطَّافِي وَقَالَ مَا جَزَرَ عَنْهُ الْبَحْرُ فَكُلُوهُ وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ وَلِأَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا يُؤْكَلُ كَالشَّاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَعَنِ الثَّانِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْبَرِّيَّ حَرَّمَهُ الشَّرْعُ إِذَا لَمْ تُسْتَخْرَجْ مِنْهُ الْفَضَلَاتُ الْمُسْتَخْبَثَةُ بِأَيْسَرِ الطُّرُقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الذَّكَاةُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَالصَّيْدِ وَقَدْ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْفَضَلَاتِ فِي الْبَحْرِيِّ بِدَلِيلِ الْمَصِيدِ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لكم} وَلَا طَعَام بعد المصيد إِلَّا الطافي واما فِي الصِّحَاحِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ رضي الله عنه مَعَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَجَدُوا عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ دَابَّةً تُدْعَى الْعَنْبَرَ فَأَكَلُوا مِنْهَا وَادَّهَنُوا وَأَتَوْهُ عليه السلام فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عليه السلام هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَطْعِمُونِي

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِذَا مَاتَ الطَّيْرُ وَالْحُوتُ فِي بَطْنِهِ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ نَجِسٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي نَجَاسَةٍ وَكَالْجَدْيِ يُرْضِعُ خِنْزِيرَةً وَالطَّيْرِ الَّذِي يَأْكُلُ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يُغْسَلُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَيُؤْكَلُ

ص: 98

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ شُيُوخُنَا إِذَا اشْتَرَى حُوتًا فَوَجَدَ فِيهِ جَوْهَرَةً غَيْرَ مَعْمُولَةٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا إِنْ كَانَ صَيَّادًا وَإِنْ عَلِمَ تَدَاوُلَ الْأَمْلَاكِ عَلَيْهَا فَهِيَ لُقَطَةٌ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَشْبَانِيُّ إِنْ كَانَتْ مَثْقُوبَةً فَلُقَطَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ تَدَاوَلَهَا الْأَمْلَاكُ وَأَمَّا الْبَرِّيُّ فَحَلَالٌ إِجْمَاعًا كَالْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ وَالطَّيْرِ السَّالِمِ عَنِ السَّبُعِيَّةِ وَالْمِخْلَبِ وَالِاسْتِخْبَاثِ وَحَرَامٌ إِجْمَاعًا وَهُوَ الْخِنْزِير قَالَ اللَّخْمِيّ لَحْمه وسحمه وَجِلْدُهُ وَلَبَنُهُ وَخَصَّصَتِ الْآيَةُ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ غَالِبًا وَقَدْ يُؤْكَلُ الْحَيَوَانُ مَسْمُوطًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ فِي الْكتاب تُؤْكَل الضرايب وَفِي التَّنْبِيهَات جَمِيع ضرب مثل ثَمَر وَهُوَ حَيَوَان لَهُ شوك

(فرو خَمْسَةٌ)

الْأَوَّلُ السِّبَاعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ التَّحْرِيمُ

ص: 99

وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَدَنِيُّونَ فِي تَحْرِيمِ الْعَادِيِ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَادِيِ كَالضَّبِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ وَالْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ فَمَكْرُوهٌ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ كُلُّ مَا يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ فَلَا يُؤْكَلُ وَغَيْرُهُ يُؤْكَلُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طَعَام يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فسقا أهل لغير الله} فَخَرَجَتِ السِّبَاعُ عَنِ التَّحْرِيمِ وَوَرَدَ عَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ الأول إِن هَذَا أجَاز عَنِ الْمَاضِي مِنَ الْوَحْيِ فَيَبْقَى الْمُسْتَقْبَلُ فَيَبْطُلُ الْحصْر وَثَانِيهمَا يَنْتَقِضُ بِذَبَائِحِ الْمَجُوسِ وَثَالِثُهَا أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَوُجُودُ الْوَحْيِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ مَعْلُومٌ وَرَابِعُهَا فِي الْمُوَطَّأ قَالَ عليه السلام اكا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ زَادَ فِي مُسْلِمٍ وَذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ لَا لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي فَلَيْسَ صَرْفُهَا لِلْمَاضِي بِأَوْلَى مِنْ صَرْفِ الْمَاضِي الَّذِي هُوَ أَرْجَى إِلَى الْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْفِعْلِ أَوْلَى مِنَ الْحَرْف لِأَنَّهُ مَحل التصريف وَالتَّصَرُّف عَن الثَّانِي أَنَّ قِيَامَ الدَّلِيلِ عَلَى التَّخْصِيصِ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالنَّصِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ قَوْله لَا أحد عَامٌّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَخَبَرُهُ عليه السلام حَقٌّ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ يَنْتَقِضُ بالثعلب والضبع مَعَ قَول الْخصم بإباحتمهما سلمنَا

ص: 100

عدم المنتقض لَكِن أصابة الْمَصْدَرِ إِلَى الْفَاعِلِ أَوْلَى مِنَ الْمَفْعُولِ فَيَكُونُ ذَوا النَّابِ هُوَ الْآكِلَ فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا مَا افْتَرَسَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ تَمْهِيدٌ أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى عَادَته بتغيير الأغذية للأخلاق حت وَصَفَ الْأَطِبَّاءُ قُلُوبَ الْأُسُودِ مِنَ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ لِلشَّجَاعَةِ وَقُوَّةِ الْقَلْبِ فَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا اسْتَحَالَ طَبْعُهُ إِلَيْهِ وَالسِّبَاعُ ظَالِمَةٌ غَاشِمَةٌ قَاسِيَةٌ بَعِيدَةٌ مِنَ الرَّحْمَةِ فَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى بَنِي آدم من أكلهَا لَيْلًا يصير كَذَلِك فتعبد مِنْ رَحْمَتِهِ بِكَثْرَةِ الْفَسَادِ وَالْعِنَادِ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ نَهَضَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَنْهَضْ عِنْدَهُ إِلَّا لِلْكَرَاهَةِ الثَّانِي ذَوَات الْحَافِر المقانسة وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَيْلُ مَكْرُوهَةٌ وَقَالَ ح دُونَ كَرَاهَةِ السِّبَاعِ وَقِيلَ مُبَاحَةٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَل وَقيل مُحرمَة {وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} النَّحْل 8 فَلَوْ كَانَتْ يَجُوزُ أَكْلُهَا لَكَانَ الِامْتِنَانُ بِهِ أَوْلَى وَمَذْكُورًا مَعَ الرُّكُوبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخَيْلُ أَخَفُّ مِنَ الْحَمِيرِ وَالْبِغَالُ بَيْنَهُمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ نَهَى عليه السلام عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا دَجَنَ حمَار وَحش وَصَارَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَ مَالِكٍ نَظَرًا لِحَالِهِ الْآنَ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ الثَّالِثُ مَا اخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ مَمْسُوخٌ كالفيل والدب والقنفذ والقرد

ص: 101

وَالضَّبِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي إِبَاحَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ ثَمَنِ الْقِرْدِ وَلَوْ أُبِيحَ أَكْلُهُ لَمْ يَحْرُمْ ثَمَنُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ القرد إِن كَانَ يرْعَى كل الْحَشِيشِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ تَنْبِيهٌ فِي مُسْلِمٍ سُئِلَ عليه السلام عَنْ أَكْلِ الضِّبَابِ فَقَالَ عليه السلام إِنَّ أُمَّةً مُسِخَتْ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يُعَقِّبُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّهُ عليه السلام كَانَ يُخْبَرُ بِالْأَشْيَاءِ مُجْمَلَةً ثُمَّ يُفَصَّلُ لَهُ فَيُقَدَّمُ التَّفْصِيلُ عَلَى الْإِجْمَالِ وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ بِالدَّجَّالِ مُجْمَلًا فَقَالَ حِينَئِذٍ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ لَمْ أكن فِيكُم فامرء حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَتَعْلِيلُ هَذِهِ بِالسَّبُعِيَّةِ وَالِاسْتِخْبَاثِ أَوْلَى الرَّابِعُ الْحَيَوَانَاتُ الْمُسْتَقْذَرَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَحْكِي الْمُخَالِفُونَ لَنَا عَنَّا جَوَازَهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث} الْأَعْرَاف 157 وَقَالَهُ الْأَئِمَّة وأباح ابْنُ حَنْبَلٍ الضَّبَّ لِأَنَّهُ أُكِلَ عَلَى

ص: 102

مائدته علبه السَّلَامُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى إِبَاحَةِ الْجَرَادِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الْبُخَارِيِّ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً وَالْغَالِبُ مَوْتُهُ فَلَوْ كَانَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ لَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ صَوْنًا لِلطَّعَامِ عَنِ النَّجَاسَةِ فَيَكُونُ أَصْلًا لَا نَفْسَ لَهُ وَقَوله عليه السلام أحلّت لي مييتان الْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَالْعَجَبُ مِنْ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْجِلْدِ وَالْوَبَرِ وَإِذَا ذُكِّيَتِ الْحَيَّاتُ مَوْضِعَ ذَكَاتِهَا جَازَ أَكْلُهَا لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ خشَاش الأَرْض وَهُوَ مِمَّا إِذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةَ الْجَرَادِ وَتُؤْكَلُ الضَّفَادِعُ وَإِنْ مَاتَتْ لِأَنَّهَا مِنْ صَيْدِ الْمَاءِ وَالْحِلَزُونُ كَالْجَرَادِ فَيُؤْكَلُ مِنْهُ مَا سُلِقَ أَوْ شُوِيَ وَمَا مَاتَ فَلَا فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ مِنَ الْخَبَائِثِ بَعْدَ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ وَالْحَيَّاتِ فَائِدَةٌ ذَكَاةُ الْحَيَّاتِ لَا يُحْكِمُهَا إِلَّا طَبِيبٌ مَاهِرٌ وَصِفَتُهَا أَنْ يمسك برأسها وذنبها من غير عنق وَهِي على مِسْمَار مَضْرُوب فِي لوح يَضْرِبُ بِآلَةٍ حَادَّةٍ رَزِينَةٍ عَلَيْهَا وَهِيَ مَمْدُودَةٌ عَلَى الْخَشَبَةِ فِي حَدِّ الرَّقِيقِ مِنْ رَقَبَتِهَا وَذَنَبِهَا مِنَ الْغَلِيظِ الَّذِي هُوَ وَسَطُهَا وَيَقْطَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَتَى بَقِيَتْ جِلْدَةٌ يَسِيرَةٌ فَسَدَتْ وَقَتَلَتْ بِوَاسِطَةِ جَرَيَان السم

ص: 103

مِنْ رَأْسِهَا فِي جِسْمِهَا بِسَبَبِ عَصَبِهَا أَوْ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنَ السُّمِّ مِنْ ذَنَبِهَا فِي جِسْمِهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ مَوْضِعُ ذَكَاتِهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَا أَكْرَهُ الْجَلَّالَةَ مِنَ الْأَنْعَامِ وَلَوْ كَرِهْتُ ذَلِكَ لَكَرِهْتُ الطَّيْرَ الْآكِلَ لِلنَّجَاسَةِ وَكَرِهَهَا ابْنُ حَبِيبٍ وَحَرَّمَهَا ش إِنْ تَغَيَّرَتْ رَائِحَةُ لَحْمِهَا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ حَرُمَ لَبَنُهَا وَلَحْمُهَا وَفِي بَيْضِهَا قَوْلَانِ لَهُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ نَهَى عليه السلام عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا وَأَمَّا النَّبَاتُ الْمَسْقِيُّ بِالنَّجَاسَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَبَاحَهُ ش وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ نَفْسَ النَّجَاسَةِ الْمُسْتَقْذَرَةِ يُشَاهَدُ دُخُولُهَا فِي الْحَيَوَان فتعافه النُّفُوس فيصان اإنسان عَنْهُ بِخِلَافِ النَّبَاتِ فَائِدَةٌ الْجَلَّالَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجِلَّةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدَّ اللَّامِ وَهِيَ الْعَذِرَةُ تَمْهِيدٌ قَدْ يَتَخَيَّلُ الْفَقِيهُ أَنَّ الْجَوَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} عَسِيرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ {وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا} الْأَعْرَاف 58 وَالْمُرَادُ ضَعْفُ الْإِنْبَاتِ وقَوْله تَعَالَى {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} النُّور 26 وَالْمُرَادُ الْعُصَاةُ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الْبَقَرَة 167 وَالْمُرَادُ بِهِ الدَّنِيَّةُ وقَوْله تَعَالَى {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} إِبْرَاهِيم 26 الْمُرَادُ بِهِ الْمُؤْلِمَةُ وَإِذَا كَانَ الْخَبِيثُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ بَقِيَ مُحْتَمِلًا فَسَقَطَ

ص: 104

الِاسْتِدْلَال بِهِ أَو يحمل على المستعبد فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ حَمْلُ كَلَامِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ عَلَى عُرْفِهِ وَالْبُعْدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِنَّمَا يُعْلَمُ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَالنِّزَاعُ فِيهِ الْخَامِسُ الطَّيْرُ فَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّهُ مُبَاحٌ ذُو الْمِخْلَبِ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُؤْكَلُ ذُو الْمِخْلَبِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِنَهْيِهِ عليه السلام فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَرْوِهَا الزُّهْرِيُّ وَلَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُمَا وَالْمُنْفَرِدُ بِهَا قَلِيلُ الرِّوَايَةِ وَالْفَرْقُ الْمَشْهُورُ بِأَنَّ الِاسْتِخْبَاثَ فِي الظُّلم والسبيعة فِي السِّبَاعِ وَالْوَحْشِ أَعْظَمُ وَهُوَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ وَالْقُصُورُ فِي الْعِلَّةِ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ وَفِي الْكِتَابِ كَرَاهَةُ الْخُطَّافِ وَنَحْوِهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَعَلَّهُ لِقِلَّةِ لَحْمِهَا فَيَكُونُ تَعْذِيبًا مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ يُؤْكَلُ جَمِيعُ الْحَيَوَانِ مِنَ الْفِيلِ إِلَى النَّمْلِ وَالدُّودِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلَّا الْآدَمِيَّ وَالْخِنْزِيرَ وَهُوَ عَقْدُ الْمَذْهَبِ فِي رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ إِلَّا أَن مِنْهُ مُبَاح وَمِنْه مَكْرُوه وَأَمَّا النَّبَاتُ وَالْجَمَادُ فَفِي الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُ مَا كَانَ نَجِسًا فَإِنْ خَالَطَ الطَّاهِرَ نَجِسٌ فَالْمَائِعُ يُطْرَحُ جَمِيعُهُ وَالْجَامِدُ تُطْرَحُ النَّجَاسَةُ وَمَا حَوْلَهَا وَيُؤْكَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ دَلِيلُهُ وتفصيله وَلَا يُؤْكَل المغير بِالْأَجْسَامِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيُكْرَهُ آكِلُ الطِّينِ وَحَرَّمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِإِفْسَادِهِ الْأَجْسَامَ وَمَا كَانَ طَاهِرًا وَلَا ضَرَرَ فِيهِ أُبِيحَ وَحَرَّمَ ش الْمُخَاطَ وَالْمَنِيَّ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا عِنْدَهُ وَنَحْوَهُمَا مِنَ الْمُسْتَقْذَرَاتِ

ص: 105

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا جَوَازُ أَكْلِ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ إِذَا جُمِعَ فِي إِنَاءٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَحَرَّمَهُ ح لِأَنَّهُ جُزْءٌ آدَمِيٌّ فَيَحْرُمُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْأَلْبَانِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الدَّمَ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَسْفُوحًا وَسَوَّى مَالِكٌ بَيْنَ جُمْلَةِ الدِّمَاءِ فِي السَّمَكِ وَالْبَرَاغِيثِ وَغَيْرِهِمَا فِي النَّجَاسَةِ وَكُلُّ نَجِسٍ حَرَامٌ وَقَالَ أَيْضًا لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنَ الدَّمِ الْيَسِيرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمَسْفُوحِ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنَّمَا يَحْرُمُ الْمَسْفُوحُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها لَوْلَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مسفوحا} لَاتَّبَعَ الْمُسْلِمُونَ مَا فِي الْعُرُوقِ كَمَا اتَّبَعَهُ الْيَهُودُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَدَمُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَلَيْسَ عَلَى رُتْبَةٍ مِنْ لَحْمِهِ وَدَمُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ قَبْلَ الذَّكَاةِ كَذَلِكَ وَبَعْدَهَا يَحْرُمُ الْمَسْفُوحُ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَمِنْهُ سَفْحُ الْجَبَلِ لِأَنَّهُ يَسِيلُ عَلَيْهِ السَّيْلُ وَالسِّفَاحُ الَّذِي يُقَابَلُ بِهِ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ إِرَاقَةُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فَإِذَا اسْتُعْمِلَتِ الشَّاةُ قَبْلَ تَقْطِيعِهَا وَظُهُورِ دَمِهَا كَالْمَشْوِيَّةِ جَازَ أَكْلُهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ قُطِّعَتْ فَظَهَرَ الدَّمُ فَقَالَ مَرَّةً حَرَامٌ وَحَمَلَ الْإِبَاحَةَ عَلَى مَا لَمْ يَظْهَرْ نَفْيًا لِحَرَجِ التَّتَبُّعِ وَمَرَّةً قَالَ حَلَالٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَلَوْ خَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا وَدَمُ مَا لَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَكَاتِهِ وَهُوَ الْحُوتُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ

ص: 106

إِذَا صُلِيَ بِهِ حَلَالٌ وَالْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ وَعَدَمِ حِلِّهِ أَوْلَى وَمَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ على القَوْل بذكاته يحرم رُطُوبَتُهُ قَبْلَ الذَّكَاةِ وَيُخْتَلَفُ فِيمَا ظَهَرَ بَعْدَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا فَقَبْلَهَا وَبَعْدَهَا سَوَاءٌ يُخْتَلَفُ فِيهِ إِذَا فَارَقَ

(فَرْعٌ)

يُوجَدُ فِي وَسَطِ صفار الْبيض أَحْيَانًا نقطة دم يتَوَلَّد مِنْهُ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ لَا تَكُونُ نَجِسَةً وَقَدْ وَقَعَ فِيهَا الْبَحْثُ مَعَ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ إِذا سلق بيض فَوجدَ فِي بَعْضهَا فرخ ميتَة لَا يُؤْكَلُ الْبَيْضُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَيَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّحْمَ إِذَا طُبِخَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَالْبَيْضُ يَخْرُجُ مِنَ الدَّجَاجَةِ الْمَيِّتَةِ لَا يُؤْكَلُ لِشُرْبِهَا رُطُوبَةَ الْمَيِّتَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُؤْكَلُ إِذَا اشْتَدَّ كَمَا لَوْ أُلْقِيَ فِي نَجَاسَةٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ أَوَانِي أَهْلِ الْكِتَابِ الَّتِي تُطْبَخُ فِيهَا الْمَيْتَاتُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ تُغْسَلُ وَتُسْتَعْمَلُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ إِنَّا

ص: 107

بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ فَقَالَ عليه السلام إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَلِأَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لِكُلِّ شَيْءٍ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَكْلَهُ أَوْ حَلَّلَهُ إِمَّا لِوَصْفِهِ أَوْ سَببه فَكُلُّ مَا حُرِّمَ لِوَصْفِهِ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِسَبَبِهِ وَكُلُّ مَا حَلَّ لِوَصْفِهِ لَا يَحْرُمُ إِلَّا بِسَبَبِهِ فَالسِّبَاعُ وَالْمَيْتَةُ وَالْخَبَائِثُ مَمْنُوعَةٌ لِوَصْفِهَا فَلَا تَحِلُّ إِلَّا بِسَبَبِهَا كَالِاضْطِرَارِ وَالْبَرِّ وَالْأَطْعِمَةُ الْمُحْسِبَةُ وَالْمَلَابِسُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْأَنْعَامُ حَلَالٌ لِوَصْفِهَا فَلَا تَحْرُمُ إِلَّا بِسَبَبِهَا كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَذَكَاةِ الْمَجُوسِ وَالْمُرْتَدِّ وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذِهِ الْفُرُوعِ وَطَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الذَّبَائِحِ

ص: 108

(الْبَاب الثَّانِي فِي الِاضْطِرَار)

2 -

وَفِيه ثَلَاثَة مياحث الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي حَدِّ الضَّرُورَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ خَوْفُ الْمَوْتِ أَوِ الْجُوعِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمُوَاسَاةَ لِقَوْلِهِ عليه السلام أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَإِذَا وَجَبَتِ الْمُوَاسَاةُ جَازَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ وَإِذَا جَازَ مَالُهُ جَازَتِ الْمَيْتَةُ بِالْقِيَاسِ فَعَلَى هَذَا يَأْكُلُ شِبَعَهُ وَيَتَزَوَّدُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَزِيدُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ قَالَهُ ش وَإِذَا أَكَلَ مَالَ مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ طُولَ طَرِيقِهِ فَيَتَزَوَّدَ لِأَنَّ مُوَاسَاتَهُ تَجِبُ إِذَا جَاعَ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ يَأْكُلُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَيَتَزَوَّدُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَن تغذى حرمت عَلَيْهِ يَوْمه أَو تغشى حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لَيْلَتَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الضَّرُورَةُ ظَنُّ خَوْفِ الْهَلَاكِ عَلَى النَّفْسِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْرَافُ عَلَى الْمَوْتِ لِأَنَّ الْأَكْلَ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ

ص: 109

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ سَبَبُ الِاضْطِرَارِ مَعْصِيَةً كَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الْمَشْهُورُ جَوَازُ الْأَكْلِ وَقَالَهُ ح وَلَا نَقَلَ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ أَنَّ مَنْعَهُ يُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ وَهُوَ لَيْسَ عُقُوبَةَ جِنَايَتِهِ بِخِلَافِهِمَا وَقَالَ ابْن الْجلاب وش لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُفَارِقَ الْمَعْصِيَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {غير بَاغ وَلَا عَاد} الْبَقَرَة 173 أَي وَلَا بَاغ بالمعصية وَلَا مُتَعَدٍّ مَا يَجُوزُ لَهُ مِنْهَا وَلِأَنَّ التَّوْبَةَ مُمْكِنَةٌ فَمَوْتُهُ مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ منع الشَّرْعِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا أَظُنُّ أَحَدًا يُخَالِفُهُ وَالْقَائِلُ بِذَلِكَ مُخْطِئٌ قَطْعًا وَتَوَقَّفَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ كَالْمُسَافِرِ إِلَى الْقَتْلِ أَوِ الزِّنَا لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْأَكْلِ مِنَ الْمَيْتَةِ لِغَيْرِ الْعَاصِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ حفظا للنَّفس يجب هَا هُنَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِبَاحَةِ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِسْلَامِ لِلصَّيَّالِ وَهُوَ قَول سَحْنُون يمْنَع هَا هُنَا فَإِنِ اضْطُرَّ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فَكَغَيْرِ العَاصِي الميحث الثَّانِي فِي جنس المستباح وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَا يَرُدُّ عَنْهُ جُوعًا أَو عطشا دفع الضَّرُورَة أَو خففها كالأشرية النَّجِسَة وَالْميتَة من كل حَيَوَانٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِ الْخَمْرِ لِأَنَّهَا لَا تحل إِلَّا إساغة الْغُصَّةِ عَلَى الْخِلَافِ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرُورَةِ بِهَا مَعْلُوم وَأما الْعَطش فتزيده تَحْرِيمًا وَقيل وَقِيلَ يَجُوزُ لِتَخْفِيفِهَا الْعَطَشَ وَالْجُوعَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَة وَاخْتَارَهُ القَاضِي أَبُو بكر وش لِأَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ يَكْتَفِي بِهَا عَنْ شُرْبِ الْمَاءِ وَقَالَ ش يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ حِفْظًا لِلْحَيِّ وَقِيلَ الْحَيُّ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزَّانِي

ص: 110

الْمُحْصَنُ لَهُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَإِنَّمَا فِيهِ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِتْلَافُ مَا لَا حُرْمَة لَهُ لما لَهُ حُرْمَة متعينة بِخِلَاف الذِّمِّيّ الْمعَاهد

(فُرُوعٌ خَمْسَةٌ)

الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ الْوَاجِدُ لِطَعَامِ غَيْرِ مُضْطَرٍّ يَطْلُبُهُ مِنْهُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَيُظْهِرُ لَهُ الْحَاجَةَ فَإِنْ أَبَى اسْتَطْعَمَهُ فَإِنْ أَبى أعلمهُ أَنه يقاتله فَإِن امْتنع غَضَبه لِأَنَّ إِحْيَاءَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَهُ جَازَتْ مُدَافَعَتُهُ لَهُ وَإِنْ أَدَّتْ إِلَى الْقَتْلِ كَدَمِ الْمُحَارِبِ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمَالِكُ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا وَإِنْ بَذَلَ لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَجَبَ الشِّرَاءُ أَوْ بِأَكْثَرَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ الثَّانِي قَالَ إِذَا وَجَدَ الْمَيْتَةَ وَطَعَامَ الْغَيْرِ أَكَلَ الطَّعَامَ إِنْ أَمِنَ أَنْ يُعَدَّ سَارِقًا وَحَيْثُ قُلْنَا يَأْكُلُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ أدَّت الضَّرُورَةُ إِلَى بَذْلِ الطَّعَامِ أَمَّا مَجَّانًا فَلَا وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الدَّفْعَ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ خَافَ الْقَطْعَ بِنِسْبَتِهِ إِلَى السَّرِقَةِ فَإِنْ خَافَ الْمَوْتَ أَكَلَ تَقْدِيمًا لِلنَّفْسِ عَلَى الطَّرَفِ وَإِلَّا فَلَا يَأْكُلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الِاضْطِرَارِ وَقَدْ قِيلَ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي سَنَةِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا عُذْرُ الضَّرُورَةِ الثَّالِثُ قَالَ يُقَدِّمُ الْمُحْرِمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ لِأَن الِاضْطِرَار يُبِيح الْميتَة وَقد وجد مُبِيح الصَّيْدِ الْإِحْلَالُ وَلَمْ يُوجَدْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقَدِّمُ الصَّيْدَ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ خَاصٌّ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَا لِوَصْفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتَةِ فِيهِمَا

ص: 111

فَلِذَلِكَ يُقَدِّمُ لَحْمَ الصَّيْدِ الرَّابِعُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الْخِنْزِيرِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَارِضٌ بِسَبَبِ عَدَمِ الذَّكَاةِ وَتَحْرِيمَهُ مُتَأَصِّلٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَحَيْثُ يَأْكُلُ الْخِنْزِيرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ الْخَامِسُ فِي الْجَلَّابِ لَا يَتَدَاوَى بِخَمْرٍ وَلَا بِنَجَاسَة خلافًا ل ش عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا وَالْجَعْلُ بِمَعْنَى الْخَلْقِ وَاقِعٌ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُ النَّفْيِ إِلَى الْمَشْرُوعِيَّةِ صَوْنًا لِلْخَبَرِ عَنِ الْمُخَالَفَةِ وَمِثْلُهُ {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} الْمَائِدَة 103 أَيْ شَرَعَ وَمَنْعُ الشَّرِيعَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فَيَكُونُ حَرَامًا

ص: 112

(كتاب الْأَشْرِبَة)

فِي الْكِتَابِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مِنْ خَمْرٍ أَوْ نَبِيذٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ تِينٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يحرم أَرْبَعَةُ أَشْرِبَةٍ عَصِيرُ الْعِنَبِ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَالْعَصِيرُ إِذَا طُبِخَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِهِ وَهِيَ الطِّلَاءُ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُهُ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ وَيُسَمَّى الْمُنَصَّفَ وَالثَّالِثُ نَقِيعُ الرُّطَبِ الْمُشْتَدُّ وَالرَّابِعُ نَقِيعُ الزَّبِيبِ الْمُشْتَدُّ إِذَا غَلَى وَأَبَاحَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ غَيْرُهُ وَيَخْتَصُّ عِنْدَهُ دُونَ الْخَمْرِ بِعَدَمِ الْحَدِّ فِي قَلِيلِهَا وَخِفَّةِ نَجَاسَتِهَا وَجَوَازِ بَيْعِهَا وَتَضْمِينِهَا بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمِثْلِ وَيُبَاحُ عِنْدَهُ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ وَالذُّرَةِ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ وَإِنْ سَكِرَ وَقَالَ أَيْضًا نَبِيذُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إِذَا طُبِخَ حَلَالٌ وَإِنِ اشْتَدَّ إِذَا شَرِبَ مَا يَغْلُبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ السُّكْرِ وَخُصِّصَ اسْمُ الْخَمْرِ بِمَا يُعْتَصَرُ مِنَ الْعِنَبِ وَلَا يَنْدَرِجُ غَيْرُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخمر إِلَى قَوْلِهِ فَاجْتَنِبُوهُ} الْمَائِدَة 90 وَنَحْنُ عِنْدَنَا اسْمُ الْخَمْرِ لِمَا خَامَرَ الْعَقْلَ أَيْ غَطَّاهُ وَمِنْهُ تَخْمِيرُ الْآنِيَةِ وَخِمَارُ الْمَرْأَةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالْعَجَبُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَالصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمَّا

ص: 113

حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْخَمْرُ أَرَاقُوهَا وَكَسَرُوا دِنَانَهَا وَبَادَرُوا إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ عَصِيرُ عِنَبٍ بَلْ نَبِيذُ التَّمْرِ وَقَالَ ح لَوْ جُعِلَ السَّيْفُ عَلَى رَأْسِي أَنْ أَشْرَبَ النَّبِيذَ مَا شَرِبْتُهُ وَلَوْ وُضِعَ السَّيْفُ عَلَى رَأْسِي أَنْ أُحَرِّمَهُ مَا حَرَّمْتُهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يَشْرَبُونَهُ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ مَا شَرِبَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّمَا النَّابِت أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُنْتَبَذُ لَهُ فَيَشْرَبُ وَلَعَنَ عليه السلام فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَالْمُبْتَاعَ لَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَشَاهِدَهَا قَالَ وَيَنْدَرِجُ فِي بَائِعِ الْخَمْرِ بَائِعُ الْعِنَبِ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْصِرُهُ خَمْرًا إِلَّا الذِّمِّيَّ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي خِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ قَالَ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ أَصْحَابُنَا مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ فَلَيْسَ بِصَحِيح احْتَجَّ ح بِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} النَّحْل 67 وَالِامْتِنَانُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمُبَاحِ لِلْمِقْدَارِ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِهَا وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَقَوْلِهِ عليه السلام اشْرَبُوا وَلَا تسكروا

ص: 114

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّكَرَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالتَّسْكِيرَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا سكرت أبصارنا} الْحجر 15 أَي منعت وغلقت وَمنع تَسْكِيرُ الْبَابِ أَيْ غَلْقُهُ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا يُتَّخَذُ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَالْأَمْرَاضَ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْخَلِّ وَالْأَنْبِذَةِ قَبْلَ الشِّدَّةِ وَهِيَ حَلَالٌ إِجْمَاعًا فَمَا تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ اشْرَبُوا مِنْهُ غَيْرَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي مُسْلِمٍ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ} الْمَائِدَة 90 وَوَجْهُ الدَّلِيلِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا عَطْفُ الْمَيْسِرِ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَالْمُسَاوَى بِالْحَرَامِ حَرَامٌ الثَّانِي عَطْفُ الأنصاب عَلَيْهِ لما سبق الثَّالِث عطف الأزلام عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ قَوْلُهُ رِجْسٌ وَالرِّجْسُ النَّجَسُ لُغَةً وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْجَمِيعِ خَرَجَتِ الثَّلَاثَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ إِجْمَاعًا بَقِيَ الْحُكْمُ مُسْتَصْحَبًا فِي الْخَمْرِ فَتَكُونُ نَجِسَةً فَتَحْرُمُ وَهِيَ كُلُّ مَا خَامَرَ كَثِيرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ يَقُولُ الرِّجْسُ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْبُعْدِ الشَّرْعِيِّ وَالْبُعْدُ شَرْعًا مُحَرَّمٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِدَوَرَانِ هَذَا الْبَحْثِ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى لِمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ

ص: 115

الْخَامِس قَوْله تَعَالَى {من عمل الشَّيْطَان} فَإِضَافَتُهُ إِلَى الشَّيْطَانِ تُفِيدُ التَّحْرِيمَ فِي عُرْفِ الشَّرْع السَّادِس قَوْله فَاجْتَنبُوهُ وَالْأَمْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ يُسْكِرُ كَثِيرُهَا فَيَحْرُمُ قَلِيلُهَا قِيَاسًا عَلَى مَحْمَلِ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأَقْيِسَةِ فَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْآثَارُ وَوُجُوبُ الِاعْتِبَارِ وَالْعَجَبُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ يقدمُونَ الْقيَاس على النُّصُوص وَهَا هُنَا رَفَضُوا الْقِيَاسَ الْمَعْضُودَ بِالنُّصُوصِ الْمُتَضَافِرَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسّنة الصَّحِيحَة فِي عدَّة مَوَاضِع وَلَا جرم قَالَ ش أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ فِي النَّبِيذِ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَقَالَ مَالِكٌ أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ قَاعِدَةٌ الْمُرَقِّدَاتُ تُغَيِّبُ الْعَقْلَ وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهَا وَيَحِلُّ قَلِيلُهَا إِجْمَاعًا وَلَا يُنَجِّسُ قَلِيلُهَا وَلَا كَثِيرُهَا فَفَارَقَتِ الْمُسْكِرَاتِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْكَامِ مَعَ اشْتِرَاكِهَا فِي إِفْسَادِ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فَمَا الْفَرْقُ وَبِمَاذَا يَنْضَبِطُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَمْتَازَ عَنْ صَاحِبِهِ فَالضَّابِطُ أَنَّ مُغَيِّبَ الْعَقْلِ إِنْ كَانَ يُحْدِثُ سُرُورًا لِلنَّفْسِ فَهُوَ الْمُسْكِرُ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُرَقِّدُ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ

(وَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا

وَأُسْدًا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ)

وَأَمَّا الْمُرَقِّدُ فَإِمَّا غَيْبَتُهُ كُلِّيَّةٌ كَالْأَفْيُونِ أَوْ يُهَيِّجُ مِنْ مِزَاجِ مُسْتَعْمِلِهِ مَا هُوَ غَالب عَلَيْهِ من الخلاط فَتَارَةً خَوْفًا وَتَارَةً بُكَاءً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْفرق فَلِأَن الْمُسكر لما أسر النَّفْسَ تَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي عَلَى تَنَاوُلِهِ تَحْصِيلًا لِلْمَسَرَّةِ فَزَجَرَ الشَّرْعُ عَنْهُ بِالْحَدِّ وَالتَّنْجِيسِ وَالْمُرَقِّدُ خَسَارَةٌ مَحْضَةٌ وَمَوْتٌ صِرْفٌ فَالدَّوَاعِي مُنْصَرِفَةٌ عَنْهُ فَاكْتُفِيَ فِي ذَلِكَ بِالتَّعْزِيرِ

ص: 116

(فُرُوعٌ سَبْعَةٌ)

الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ عَصِيرُ الْعِنَبِ وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ وَجَمِيعُ الْأَنْبِذَةِ حَلَالٌ مَا لَمْ تُسْكِرْ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ بِزَمَانٍ وَلَا هَيْئَةٍ وَلَا يُحَدُّ الطَّبْخُ بِثُلُثَيْنِ وَلَا غَيْرِهِمَا بَلْ مَا منع إسكاره كَثِيرِهِ لِأَنَّ الْعِنَبَ إِذَا كَثُرَتْ مَائِيَّتُهُ احْتَاجَ إِلَى طَبْخٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلَّ فَطَبْخٌ قَلِيلٌ وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَلَا يُنْبَذُ تَمْرٌ مَعَ زَبِيبٍ وَلَا بُسْرٌ وَلَا زَهْوٌ مَعَ رُطَبٍ وَلَا حِنْطَةٌ مَعَ شَعِيرٍ وَلَا أَحَدُهُمَا مَعَ تِينٍ أَوْ عَسَلٍ لِأَنَّ خَلْطَهَا يُسْرِعُ بِشِدَّتِهَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح وَفِي مُسْلِمٍ نَهْيُهُ عليه السلام عَنْ شُرْبِ الْخَلِيطَيْنِ وَإِذَا نُبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ لَا يَنْبَغِي خَلْطُهُمَا عِنْدَ الشُّرْبِ وَلَا يُجْعَلُ دُرْدِيُّ الْمُسْكِرِ وَلَا عَكَرُهُ فِي شَرَابٍ وَلَا طَعَامٍ وَأَرْخَصَ مَالِكٌ فِي جَعْلِ الْعَجِينِ والسويق والدقيق فِي النَّبِيذ قَلِيلًا ثُمَّ نَهَى عَنْهُ قَالَ وَفِي الْمَغْرِبِ تُرَابٌ يُجْعَلُ فِي الْعَسَلِ لِيُعَجِّلَهُ أَكْرَهُهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي انْتِبَاذُ الْبُسْرِ الْمَدَنِيِّ لِأَنَّهُ رُطَبٌ وَبُسْرٌ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْخُبْزِ بِالنَّبِيذِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرَابًا وَكَرِهَ نَبْذَ الْخبز فِيهِ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ لَيْلًا تَتَعَجَّلَ شِدَّتُهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ طَرَّدَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ النَّهْيَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى فِي أَشْرِبَةِ الْأَطِبَّاءِ

ص: 117

الثَّانِي فِي الْكِتَابِ كُرِهَ الِانْتِبَاذُ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزْفَتِ زَادَ فِي الْجَلَّابِ الْحُنْتُمَ وَالنَّقِيرَ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَلِأَنَّهَا تُعَجِّلُ الشِّدَّةَ فِي الْخَلِيطَيْنِ فَائِدَةٌ الدُّبَّاءُ الْيَقْطِينُ وَالْمُزْفَتُ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِسُكُون الزَّاي ماطلي بِالزِّفْتِ وَهُوَ الْقَارُ الَّذِي تُطْلَى بِهِ السُّفُنُ وَالْحُنْتُمُ الْجِرَارُ الْخُضْرُ وَقِيلَ الْحُمْرُ وَقِيلَ الْفَخَّارُ كَيْفَ كَانَ وَهُوَ جَمْعُ حَنْتَمَةٍ وَهِيَ الْجَرَّةُ الثَّالِث فِي الْجلاب تُبَاح السوبية وَالْفُقَّاعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا مَلَكَ الْمُسْلِمُ خَمْرًا فَلْيُرِقْهَا فَإِنِ اجْتَرَأَ فَخَلَّلَهَا أَكَلَهَا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَكَرِهَ أَكْلَ الْخَمْرِ يُجْعَلُ فِيهَا الْحيتَان فَتَصِير مريا وَفِي الْجَوَاهِر تَحْلِيل الْخَمْرِ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِبَاحَةُ كُلِّ مَا تَخَلَّلَ مِنْهَا وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إِذَا خُلِّلَتْ بِشَيْءٍ طُرِحَ فِيهَا كَالْمِلْحِ وَالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ فَأَمَّا لَوْ خُلِّلَتْ بِنَفْسِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهَا فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ أَكْلِهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ فِي تَخْلِيلِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ش وَالْكَرَاهَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اقْتِنَائِهَا لِتَصِيرَ خمرًا وَبَيْنَ مَا يَصِيرُ خَلًّا مِنْ عَصِيرِهِ لَمْ يردهُ خمرًا وبسبب الْخِلَافِ هَلِ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّلٌ بِالتَّعَدِّي فِي الِاقْتِنَاءِ فَيَجُوزُ لِمَنْ صَارَ عصيره خمرًا أَو بالتهمة لقنيتها فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ التَّخْلِيلُ لِمَا عِنْدَهُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَإِذَا مَنَعْنَا التَّخْلِيلَ فَفِي جَوَاز

ص: 118

الْأَكْلِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ وَهُوَ الْإِسْكَار وَالْمَنْع مُؤَاخذَة لَهُ ينقيض قَصْدِهِ وَلِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَقَالَهُ ش وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَا يلقى الْخَمْرَ يَصِيرُ نَجِسًا بِالْخَمْرِ فَيَصِيرُ خَلًّا مُخْتَلِطًا بِنَجَاسَةٍ فَيَحْرُمُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِتَنْجِيسِ الْخَمْرِ وَمَا لَابَسَهَا هُوَ وَصْفُ الْإِسْكَارِ وَقَدْ ذَهَبَ فَيَطْهُرُ مَا فِي أَجْزَاءِ الدَّوَاءِ الْمُعَالَجِ بِهِ فَلَا يَنْجُسُ الْخَلُّ وَجَوَّزَ ح التَّخْلِيلَ لِقَوْلِهِ عليه السلام يُحِلُّ الْخَلُّ الْخَمْرَ كَمَا يُحِلُّ الدِّبَاغُ الْجِلْدَ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَمْرِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ بِإِرَاقَةِ الْخَمْرِ الَّتِي أُهْدِيَتْ لَهُ فَلَوْ كَانَ التَّخْلِيلُ مَشْرُوعًا لَأَمَرَ بِهِ حِفْظًا لِلْمَالِيَّةِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ تَخْلِيلِ مَا اقْتَنَاهُ مِنَ الْخَمْرِ فَيُمْنَعُ أَوْ مَا تَخَمَّرَ عِنْدَهُ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَمْرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الطَّهَارَةِ ثَلَاثَةٌ إِزَالَةٌ كَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ أَوْ إِحَالَةٌ كَانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا وَالدَّمِ مَنِيًّا ثُمَّ آدَمِيًّا وَبِهِمَا كَالدِّبَاغِ الْخَامِسُ فِي الْجَلَّابِ مَنْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ خَمْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُرِيقَتْ عَلَيْهِ وَكُسِرَتْ ظُرُوفُهَا تَأْدِيبًا لَهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَدَّبَ بِالْمَالِيَّةِ فِي الْكَفَّارَاتِ

ص: 119

وَقَالَ غَيره يشق مِنْهَا مَا أَفْسَدَتْهُ الْخَمْرُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا فِيهَا وَمَا لَا فَلَا صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ عَنِ الْفَسَادِ وَإِذَا قُلْنَا لَا تَفْسَدُ فَفِي النَّوَادِرِ تُغْسَلُ وَيُنْتَفَعْ بِهَا وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ الرَّائِحَةِ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَمَّا الزِّقَاقُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَأَمَّا الْقِلَالُ فَيُطْبَخُ فِيهَا الْمَاءُ مَرَّتَيْنِ وَتُغْسَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَفِي الْجَلَّابِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَيْعُهَا مِنْ كَافِرٍ وَلَا مُسْلِمٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ إِنَّ الَّذِي حرم سربها حَرَّمَ ثَمَنَهَا وَمَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ أُرِيقَتْ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ ثَمَنُ خَمْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الاسلام يجب مَا قبله وَإِذا تبَايع نصرانيان خَمْرًا فَقُبِضَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ مِنْ جُمْلَةِ دُيُونِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ مُشْتَرِيهَا فَعَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ دِينٌ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ قبل قبض الْخمر فسح الْبَيْعُ وَرُدَّ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّسْلِيمِ وَالْمَنْع الشَّرْعِيّ كالحسي فَيصير كَالْبيع الْمُسْتَحق قيل الْقَبْضِ وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْرِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ شرعا وَقد توقف فِيهَا مَالك مرّة وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يُظْلَمَ الذِّمِّيُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ قَالَ غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ دُونَ الْمَثْمُونِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ دُونَ ثَمَنِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَأْخُذُ الثَّمَنَ وَفِي الْجَلَّابِ وَإِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ مَنْ نَصَرَانِيٍّ خَمْرًا وَفَاتَتْ لَمْ يَدْفَعْ للْبَائِع شَيْئا لِأَنَّهُ مَمْنُوع من البيع الْمُسلم فَإِن قبض الثّمن تصدق بِهِ تأديبا لَهُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ ذَمِّيٍّ ثَمَنَ خَمْرٍ أَوْ

ص: 120

يَبِيعَهُ بِهِ أَوْ يَأْخُذَهُ بِوَجْهٍ أَوْ يَأْكُلَ مَا اشْتُرِيَ بِهِ وَيَجُوزُ أَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ كَمَا يَأْخُذ فِي الْجِزْيَةِ السَّابِعُ فِي الْجَلَّابِ لَا يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْ أَمْلَاكِهِ فِي عَمَلِ الْخَمْرِ لِمُسْلِمٍ وَلَا نَصْرَانِيٍّ فَإِنْ أَخَذَ أجره تصدق بهَا وَلم يتملكها لتَحْرِيم الْمَنْفَعَة المعاوض عَلَيْهَا

ص: 121

(كِتَابُ الذَّبَائِحِ)

وَالنَّظَرُ فِي الْمُذَكِّي وَالْمُذَكَّى وَالْمُذَكَّى بِهِ وَصِفَةِ الذَّكَاةِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُذَكِّي قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ سِتَّةٌ لَا تَجُوزُ ذَبَائِحُهُمْ وَسِتَّةٌ تُكْرَهُ وَسِتَّةٌ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِ ذَبَائِحِهِمْ فَالْأول الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ حَالَةَ جُنُونِهِ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزِّنْدِيقُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَالثَّانِيَةُ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْأَغْلَفُ وَالْفَاسِقُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ النَّظَرُ إِلَى أَنَّ ضَعْفَ طَبْعِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الذَّكَاةِ عَلَى وَجْهِهَا وَمُشَابَهَةَ الْخَصِيِّ بِهِمْ وَنَقْصَ الْآخَرِينَ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ أَوْ أَنَّ الْقَصْدَ وَالْفِعْلَ مِنَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ فَتَصِحُّ وَالثَّالِثَةُ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالسَّكْرَانُ الَّذِي يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَالْمُبْتَدِعُ الْمُخْتَلَفُ فِي كُفْرِهِ وَالنَّصْرَانِيُّ الْعَرَبِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ الذَّابِحُ لِمُسْلِمٍ بِأَمْرِهِ وَالْعَجَمِيُّ يُجِيبُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْبُلُوغِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله وَفِي الْكِتَابِ تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَرْأَةِ وَالْكِتَابِيِّينَ رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ وصبيانهم وَالْمَرْأَة أولى مِنْهُم يكره أَكْلُ مَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ لِكَنِيسَةٍ أَوْ عِيدٍ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ فِسْقًا أهل لغير الله لَهُ} الْأَنْعَام 145 قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَا سَمَّوْا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ عليه السلام وَمَا ذَبَحُوهُ فَوَجَدُوهُ

ص: 122

حَرَامًا عَلَى أَصْلِهِمْ كَرِهَهُ مَالِكٌ ثُمَّ أَجَازَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا لَا يَسْتَحِلُّونَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذِي الظُّفْرِ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالنَّعَامُ وَالْبَطُّ مَا لَيْسَ مَشْقُوقَ الْأَصَابِعِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَبَائِحَهُمْ وَالشِّرَاءَ مِنْهُمْ وَأَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه ان يقاموا مِنْ أَسْوَاقِنَا كُلِّهَا الْجَزَّارُونَ وَغَيْرِهِمْ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي شُحُومِ ذَبَائِحِ الْكِتَابِيِّ فَحَرَّمَهُ مَرَّةً لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ الذَّكَاة تتبعض بِاعْتِبَارِهِ قِيَاسا على الدَّم وَأَجَازَهُ مرّة لِأَن الذَّكَاة لَا تتبعض فِيمَا هُوَ قَابل وَاخْتُلِفَ فِي ذِي الظُّفْرِ كَالشَّحْمِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ حَنْبَل وَقيل يجوز الشَّحْم بخلافة لِأَن الزَّكَاة لَا تَتَبَعَّضُ وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَحْرِيمِهِ كَذِي الظُّفْرِ وَالشُّحُومِ حُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ مَا حَرَّمُوهُ هُمْ وَمَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبَاحَهَا ابْنُ وَهْبٍ نَظَرًا إِلَى نسخ ذَلِك ويؤكل جلّ السحوم لما فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ معقل أصبت جرة شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ مِنْ هَذَا أَحَدًا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فتبسما وَفِي الْجَوَاهِر يجوز ذَبِيحَة السامرية وهم صنف من الْيَهُود وَالْمَشْهُور من مَذْهَب ملك كَرَاهَته الشحوم والصابئة يُنْكِرُونَ بَعْثَ الْأَجْسَامِ

ص: 123

وَلَا تَجُوزُ ذَبِيحَةُ مَنْ لَيْسَ بِكِتَابِيٍّ وَلَا الصَّابِئَةِ الْمُعْتَقِدَةِ تَأْثِيرَ النُّجُومِ لِأَنَّهُمْ كَالْمَجُوسِ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا بَاشَرْنَا الذَّكَاةَ أَمَّا إِذَا غَابَ الْكِتَابِيُّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ فَإِنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لِلْمَيْتَةِ كَبَعْضِ النَّصَارَى أَوْ شَكَكْنَا لَمْ نَأْكُلْ وَإِنْ علمنَا تذكينهم أَكَلْنَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَكْرَهُ قَدِيدَ الرُّومِ وَجُبْنَهُمْ وَجُبْنَ الْمَجُوسِ لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنْ إنفحة الْميتَة تَنْبِيه كراهيته يَنْبَغِي أَن تحمل عَلَى التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ كَرَاهِيَتِهِ لِجُبْنِ الْمَجُوسِ وَهِيَ مُحرمَة وَلَا يخْتَلف اثْنَان مِمَّن يُسَافر أَن الافرنج لَا تَتَوَقَّى الْمَيْتَةَ وَلَا تُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الذَّكِيَّةِ وَأَنَّهُمْ يَضْرِبُونَ الشَّاةَ حَتَّى تَمُوتَ وَقِيذَةً بالعصا وَغَيرهَا ويسلون رُؤْس الدَّجَاجِ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ وَهَذِهِ سِيرَتُهُمْ وَقَدْ صَنَّفَ الطَّرْطُوشِيُّ رحمه الله فِي تَحْرِيمِ جُبْنِ الرُّومِ كِتَابًا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ حَانُوتٍ فِيهَا شَيْء مِنْهُ لِأَنَّهُ ينجس الْمِيزَان وَالْبَائِع والآنية

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْغُلَام إِذَا ارْتَدَّ إِلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ النَّصْرَانِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ إِذَا تنصر

ص: 124

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ أَبُوهُ كِتَابِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ فِي الدِّينِ لِأَبِيهِ وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا تُؤْكَل ذَبِيحَة من أَبوهُ محوسي أَوْ وَثَنِيٌّ وَقَالَ ح يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ أمة كِتَابِيَّةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُ فِي الدِّينِ بِالْأُمِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُذَكَّى وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيَوَانُ كُلُّهُ يَقْبَلُ الذَّكَاةَ وَتَطْهُرُ بِهَا جَمِيعُ أَجْزَائِهِ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَجِلْدِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَالسِّبَاعِ وَالْكِلَابِ وَالْحُمُرِ وَالْبِغَالِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ فَإِنَّ تَذْكِيَتَهُ ميتَة لغلط تَحْرِيمِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَذَلِكَ تَنْبِيهٌ أَلْحَقَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ الْحُمُرَ بِالسِّبَاعِ وَفِي الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ السِّبَاعِ إِذَا ذُكِّيَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ وَتَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ نَصَّ عَلَى طَهَارَةِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكِلَابَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَيَوَانُ ثَلَاثَةٌ بَرِّيٌّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا تَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَبَحْرِيٌّ لَا حَيَاةَ لَهُ فِي الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَبَرِّيٌّ لَيْسَ لَهُ نفس سَائِلَة وبحري يعيس فِي الْبَرِّ اخْتُلِفَ فِيهِمَا قَالَ مَالِكٌ مَا لَا دَمَ لَهُ كَالْعَقْرَبِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالزُّنْبُورِ وَالسُّوسِ والدود

ص: 125

وَالذُّبَابِ وَسَائِرِ الْحَشَرَاتِ ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ الْجَرَادِ إِذَا احْتِيجَ إِلَى دَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هِيَ كَدَوَابِّ الْبَحْرِ لَا تَنْجُسُ فِي نَفْسِهَا وَلَا تُنَجِّسُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْتَاجُ الْجَرَادُ إِلَى ذَكَاةٍ لِأَنَّ عَامَّةَ السَّلَفِ أَجَازُوا أَكْلَ مَيْتَةِ الْجَرَادِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَحْتَاجُ فَرَسُ الْبَحْرِ إِلَى ذَكَاةٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَعْيٌ فِي الْبَرِّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَذْكِيَةِ طَيْرِ الْمَاءِ خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهَلْ يَجْرِي فِي ذَكَاةِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ مَا عَدَا الْجَرَادَ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ذَكَاةِ الْجَرَادِ أَوْ يَفْتَقِرُ إِلَى الذَّكَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا طَرِيقَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَاعِدَةٌ الذَّكَاةُ شُرِعَتْ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَضَلَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْأَجْسَادِ الْحَلَالِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَمَنْ لَاحَظَ عَدَمَ الْفَضَلَاتِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ وَجَعَلَهَا أَصْلًا وَإِرَاحَةَ الْحَيَوَانِ تِبَعًا أَجَازَ مَيْتَتَهُ وَمَنْ لَاحَظَ شَرْعِيَّةَ زُهُوقِ الرُّوحِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي نَفْسِهَا لَمْ يُجِزْهَا قَاعِدَةٌ النَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ فِي الشَّرْعِ فَمَنْ لَاحَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَسْقَطَ ذَكَاةَ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ نَظَرًا لِغَالِبِهِ وَمَنْ لَاحَظَ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى وَأَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَمْ يُسْقِطْهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة} أَوْ يَحْمِلُهُ عَلَى سَبَبِ وُرُودِهِ وَهُوَ الْمَيْتَةُ الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَهَا مِنَ الْبَرِّ وَيَقُولُونَ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ فَائِدَةٌ النَّفْسُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا الدَّمُ لِقَوْلِهِ

(تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظِّبَاتِ نُفُوسُنَا

وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الظِّبَاتِ تَسِيلُ)

ص: 126

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْهُ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَرِيضَةِ إِذَا لَمْ تُشَارِفِ الْمَوْتَ فَإِنْ شَارَفَتْ صَحَّتْ ذَكَاتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ لَا تَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن امة لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ تَمُوتُ فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ فَسُئِلَ النَّبِيُّ عليه السلام فَقَالَ كُلُوهَا وَفِيهِ أَرْبَعُ فَوَائِدَ ذَكَاةُ النِّسَاءِ وَبِالْحَجَرِ وَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَذَكَاةُ غَيْرِ الْمَالِكِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَإِذَا لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنَ الذَّبِيحَةِ شَيْءٌ بَعْدَ الذَّبْحِ أُكِلَتْ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا سفح دَمُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَكَذَلِكَ أَرَى فِي الْمَرِيضَةِ الظَّاهِرَةِ الْحَيَاةِ فَإِنْ قَرُبَتْ مِنَ الْمَوْتِ لَمْ تُؤْكَلْ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى الْحَيَاةِ عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَذَلِكَ اضْطِرَابُ عَيْنِهَا أَوْ ضَرْبُ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوِ اسْتِمَاعُ نَفَسِهَا فِي جوفها وَنَحْوهَا وَإِذَا أُشْكِلَ الْأَمْرُ لَمْ تُؤْكَلْ

ص: 127

وَالِاخْتِلَاجُ الْخَفِيفُ تَرْكُ الْأَكْلِ مَعَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَخْتَلِجُ بَعْدَ السَّلْخِ وَخُرُوجُ الدَّمِ لَيْسَ دَلِيلًا وَحْدَهُ لِخُرُوجِهِ مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِقُوَّةٍ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِالْحَيَاةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِ عَلَامَاتِ الْحَيَاةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بَعْدَ الذَّبْحِ مَعَهُ يَكْفِي وُجُودُهَا قَبْلَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي تُضْرَبُ حَتَّى تَمُوتَ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مَا مَاتَ مِنْهَا فَحَرَامٌ وَمَا لَوْ تُرِكَ لَعَاشَ يُذَكَّى وَغَيْرُ الْمَرْجُوِّ وَالَّذِي حَدَثَ بِهِ فِي مَوْضِعِ الذَّكَاةِ لم تُؤْكَل وَفِي غَيْرِهِ يُذَكَّى وَيُؤْكَلُ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوِ انْتَثَرَتِ الْحَشْوَةُ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا ذكيتم} بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّهُ الأَصْل وَقيل لَا يُؤْكَل لِأَنَّهُ متقطع أَيْ مِنْ غَيْرِهِنَّ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ قَوْله تَعَالَى {حرمت عليمن الْميتَة} يَعْنِي عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَ أَبُو الْوَلِيدِ جَرَيَانَ الْخلاف الَّذِي ذكره اللَّخْمِيّ إِذا كَانَ المقتل فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ وَقَالَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ على الْمَنْع وَإِنَّمَا الْخلاف إِذا بلغت النَّاس بِغَيْرِ إِصَابَةِ مَقْتَلٍ وَالْمَقَاتِلُ خَمْسَةٌ انْقِطَاعُ النُّخَاعِ ونثر الدِّمَاغ وفري الأدواج وَانْثِقَابُ الْمُصْرَانِ وَنَثْرُ الْحَشْوَةِ وَفِي الْبَيَانِ اخْتُلِفَ فِي دق الْعُنُق مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الْأَوْدَاجِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَقْتَلًا وَفِي خَرْقِ الْأَوْدَاجِ مِنْ غَيْرِ قِطْعِ الْأَوْدَاجِ فَلَمْ يَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ مَقْتَلٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّ خَرْقَ الْمُصْرَانِ مَقْتَلٌ إِذَا كَانَ فِي مَجْرَى الطَّعَامِ قَبْلَ كَوْنِهِ رَجِيعًا أَمَّا حَيْثُ يَكُونُ رَجِيعًا فَلَيْسَ مَقْتَلًا لِأَنَّ الْغِذَاءَ مَحْفُوظٌ عَنِ الْجَسَدِ وَقَدْ وَجَدْنَا مَنْ يَعِيشُ مِنْ بَنِي آدَمَ وَالدَّوَابِّ من هُوَ

ص: 128

كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ سُقِيَ عُمَرُ رضي الله عنه اللَّبَنَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ مَجْرَى الطَّعَامِ قِيلَ لَهُ أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِذَلِكَ تُؤْكَلُ الْبَهِيمَةُ إِذَا ذُكِّيَتْ فَوُجِدَتْ مَثْقُوبَةَ الْكَرِشِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَرْثِ وَأَمَّا إِذَا شَقَّ الْجَوْفَ فَلَا تُذَكَّى وَلَا تُؤْكَلُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُنْفِذُ مَقَاتِلَ رَجُلٍ ثُمَّ يُجْهِزُ عَلَيْهِ آخَرُ يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَيُعَاقَبُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يُقْتَلُ بِهِ وَيُعَاقَبُ الثَّانِي قَالَ فِي الْبَيَانِ وَفِي الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا إِذَا سَلِمَتْ مَقَاتِلُهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَين الميؤس مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْنَ الْمَرْجُوِّ فَيَجُوزُ وَجَعَلَهَا ابْنُ الْقَاسِم بِخِلَاف الْمَرِيضَة الميؤسة وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَنِينُ إِذَا لَمْ تَجْرِ فِيهِ حَيَاةٌ لَمْ تَنْفَعْ فِيهِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَلَا يُؤْكَلُ وَإِذَا جَرَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَعَلَامَتُهُ عِنْدَنَا كَمَالُ الْخَلْقِ وَنَبَاتُ الشَّعَرِ فَإِنْ ذُكِّيَتِ الْأُمُّ وَخَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْفَوْرِ كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ وَحَرَّمَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا انْفَرَدَ بِحُكْمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ تُذَكَّ الْأُمُّ وَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حَيًّا حَيَاةً لَا يَعِيشُ مَعَهَا عُلِمَ ذَلِكَ أَوْ شُكَّ فِيهِ وَإِنْ ذُكِّيَتِ الْأُمُّ فَخَرَجَ مَيِّتًا فَذَكَاتُهَا ذَكَاتُهُ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ عليه السلام فِي أَبِي دَاوُدَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ يُرْوَى بِرَفْعِ الذَّكَاتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْكَثِيرُ وَبِنَصْبِ الثَّانِيَةِ وَرَفْعِ الأولى فعلى الرَّفْعِ يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُبْتَدَأ يجب انحصاره فِي الْخَبَر وَمِنْه تَحْرِيمهَا التَّكْبِير

ص: 129

وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ أَيْ ذَكَاتُهُ مَحْصُورَةٌ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِغَيْرِهَا وَعَلَى النَّصْبِ مَعْنَاهُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ ذَكَاةِ أمه ثمَّ حدف مِثْلُ وَمَا قَبْلَهُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ فَيَفْتَقِرُ الْجَنِينُ إِلَى الذَّكَاةِ وَعَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ شَاذٌّ الثَّانِي أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ الثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَاهُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ ثُمَّ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ فَنُصِبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا} الْأَعْرَاف 155 أَيْ مِنْ قَوْمِهِ وَهَذَا أَوْلَى لِقِلَّةِ الْإِضْمَارِ وَاتِّفَاقِهِ مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِلَّا نَقَضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأُخْرَى وَالْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بِمَوْتِ الْأُمِّ فَإِنَّمَا مَاتَ خَنْقًا

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّابَّةُ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا بِطُولِ مَرَضِهَا أَوْ تَتْعَبُ عَنِ السَّيْرِ فِي أَرْضٍ لَا عَلَفَ فِيهَا ذَبْحُهَا أَوْلَى مِنْ بَقَائِهَا تَتَعَذَّبُ وَقِيلَ تعقر لَيْلًا يُغَرَّ النَّاسُ بِذَبْحِهَا عَلَى أَكْلِهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا تُذْبَحُ وَلَا تُعْقَرُ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان لعير مأكله

ص: 130

(تَفْرِيعٌ)

قَالَ لَوْ تَرَكَهَا فَأَعْلَفَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ مَالِكٌ هُوَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ تَرَكَهَا مُضْطَرًّا كَالْمُكْرَهِ وَيُعْطِيهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَقيل هِيَ لعالفها إِعْرَاض الْمَالِكِ عَنْهَا النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الْمُذَكَّى بِهِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ بِالْحَجَرِ وَالْعُودِ وَالْعَظْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الذَّكَاةُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ مُجْهِزٍ مِنْ حَدِيدٍ أَو قصب أَو زجاج لما فِي الصحيحن عَنْهُ عليه السلام مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْهُمَا أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفْرُ فمدى الْحَبَشَة مَعْنَاهُ عظم يرض وَلَا بفري وَالظُّفْرُ يَخْنُقُ وَلَا يَذْبَحُ أَوْ يَكُونُ ذِكْرُ الْحَبَشَةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْكُفَّارِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ قَالَ وَفِي الْعَظْمِ وَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ الْعَظْمَ وَالظُّفْرَ ومنعهما ابْن حبيب وح إِذَا كَانَا مُرَكَّبَيْنِ وَجَوَّزَا الْمَنْزُوعَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ الذَّبْحُ بِهِمَا لِكِبَرِهِمَا وَكُرِهَ السِّنُّ وَأُبِيحَ الْعَظْمُ وَمَنَعَ ش الثَّلَاثَةَ حَتَّى لَوْ عُمِلَ الْعَظْمُ نِشَابًا لَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَرَدَ مُطْلَقًا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِمَا سَبَقَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذَكَّى بِغَيْرِ الْحَدِيدِ إِلَّا عِنْد عَدمه لقَوْله عَلَيْهِ

ص: 131

فِي مُسْلِمٍ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ مُدْيَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَته النّظر الرَّابِع فِي صفة الذَّكَاة وَهِيَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ عَقْرٌ فِي الصَّيْدِ الْبَرِّيِّ ذِي الدَّمِ وَتَأْثِيرٌ مِنَ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِالرَّمْيِ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ أَوْ قَطْعُ الرؤس أَو أرجل أَو أَجْنِحَة فِي الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ ذِي الدَّمِ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم فِي الْكتاب وَقَالَ أَشْهَبُ فِي مُدَوَّنَتِهِ لَا يُؤْكَلُ إِذَا قُطِعَتْ أَجْنِحَتُهُ أَوْ أَرْجُلُهُ قَبْلَ السَّلْقِ وَلَا من قطع الرؤس قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ أَجْنِحَتُهَا كَصُوفِ الْمَيْتَةِ وَتُؤْكَلُ وَلَوْ سُلِقَتْ أَفْخَاذُهَا بَعْدَ قَطْعِهَا مِنْهَا لَمْ يُؤْكَلِ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْمُبَانَ عَنِ الْحَيِّ مَيْتَةٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا غَلَطٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ فِعْلِ الذَّكَاةِ مِنْ سَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ الثَّالِثُ الذَّبْحُ فِي نُحُورِ الْغَنَمِ الرَّابِعُ النَّحْرُ فِي الْإِبِلِ الْخَامِسُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا مَعَ أَفْضَلِيَّةِ الذَّبْحِ فِي الْبَقَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْبَقَرَة 67 وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ نَحَرَ عليه السلام عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّكَاةِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ الْفَضَلَاتُ الْمُسْتَقْذَرَةُ وَبَيْنَ اللَّحْمِ الْحَلَالِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ على الْحَيَوَان فَمَا طَالَتْ عُنُقه كَالْإِبِلِ فتحره أَسْهَلُ لِزُهُوقِ رُوحِهِ لِقُرْبِهِ مِنَ الْجَسَدِ وَبْعْدِ الذَّبْحِ مِنْهُ وَالذَّبْحُ فِي الْغَنَمِ أَسْهَلُ عَلَيْهَا لِقُرْبِهِ مِنَ الْجَسَدِ وَالرَّأْسِ مَعًا وَلَمَّا تَوَسَّطَتِ الْبَقَرُ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ جَازَ الْأَمْرَانِ وَأُشْكِلَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ النَّعَامَةُ فَفِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا تُذْبَحُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا مَعَ طُولِ عُنُقِهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِبِلِ أَنَّ نَحْرَهَا مُمْكِنٌ من جوفها فنحرها شقّ لجوفها وَلذَلِك حُرِّمَ نَحْرُ الْغَنَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إِذَا نُحِرَ الْفِيلُ انْتُفِعَ بِعَظْمِهِ وَجلده

ص: 132

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَخَصَّهُ بِالنَّحْرِ مَعَ قِصَرِ عُنُقِهِ لِأَنَّهُ لَا عُنُقَ لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّحْرُ فِي الْبَقَرَةِ وَيُجْزِئُ مِنْهَا مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ كَالذَّبْحِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِجْزَاءُ الطَّعْنِ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَنْحَرِ إِذَا كَانَ فِي الْوَدَجِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَ مُنَادِيًا النَّحْرُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَلَا يَكْفِي الطَّعْنُ فِي الْحُلْقُومِ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ بَعْدَ شَقِّهِ وَإِذَا وَقَعَ النَّحْرُ فِي الْمَنْحَرِ قَطَعَ الْوَدَجَيْنِ لِأَنَّهُ مَجْمَعُهُمَا وَيُجْزِئُ قَطْعُ وَدَجٍ فَائِدَةٌ اللَّبَّةُ وَاللَّبَبُ وَسَطُ الصَّدْرِ وَفِي الْكتاب الذّبْح فِي الْأَوْدَاج والحلقوم لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْمَرِّيءَ وَاعْتَبَرَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ مَعَ الْحُلْقُومِ لِأَنَّهُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَاعْتَبَرَ ح ثَلَاثَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ لَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّكَاةِ إِخْرَاجُ الْفَضَلَاتِ بِأَسْهَلِ الطُّرُقِ وَالْمَرِّيءُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَقَطْعُهُ لَا يُرْجِئُ الْمَوْتَ وَبَقَاء الوريد مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَقَطْعُهُ لَا يُرْجِئُ الْمَوْتَ وَبَقَاءُ الْوَرِيدِ يَمْنَعُ الْمَوْتَ فَانْحَصَرَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُلْقُومِ لِأَنَّهُ مَجْرَى النَّفَسِ وَلَا حَيَاةَ بَعْدَهُ وَفِي الوريدين بتعذر الْحَيَاةِ بَعْدَ الدِّمَاءِ وَسَقْطِ الْمَرِيءِ وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ عليه السلام مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْهَارُ الدَّمِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْأَوْدَاجِ وَأَصْلُ الْإِنْهَارِ السَّعَةُ وَمِنْهُ النَّهْرُ لِاتِّسَاعِهِ لِلْمَاءِ وَالنَّهَارُ لِاتِّسَاعِ الضَّوْءِ فِيهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ غَالِبًا قَالَ لِأَنَّهُ قبلهمَا فَيدل اللَّفْظ على الودجين مُطَابقَة وعَلى الْحُلْقُوم التزاما وَأما المرئ فَوَرَاءَهُمَا مُلْتَصِقٌ بِعَظْمِ الْقَفَا فَلَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بُدَّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْوَدَجَيْنِ لِخُرُوجِ الدَّمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ وَنصف الْحُلْقُوم اجزأ

ص: 133

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمَاتِ وَفَرَائِضُ الذَّكَاةِ خَمْسٌ النِّيَّةُ إِجْمَاعًا وَقَطْعُ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومِ وَالْفَوْرُ وَالتَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ ش وَصَاحب النكت وَقَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهَا مَعَ الذِّكْرِ دُونَ النسان وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا لَا يُؤْكَلُ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الْأَنْعَام 121 وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَعْرَابِ يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَ سَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَقَدْ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَةِ مَعْنَاهَا مَا ذُبِحَ عَلَى مِلَّتِكُمْ فَكُلُوا وَمَا لَا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حبيب باسم اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تُجْزِئُ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ لَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى باسم اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لِأَنَّهُ دُعَاءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَفْضَلُ فِي الْأُضْحِيَّةِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْرِفُ مَالِكٌ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَك خلافًا ل ش وَمَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِالتَّسْمِيَةِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا وَهُوَ يَقُول سميت لم يَسْمَعْهُ صَدَّقَهُ وَأَكَلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ ترك التَّسْمِيَة نَاسِيا لَا يضرّهُ 1 لَك قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ مُتَهَاوِنًا لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى اخْتِلَافٍ أَوْ عَامِدًا فَقَوْلَانِ نَظَائِرُ أَرْبَعٌ مَسَائِلُ أَسْقَطَ مَالِكٌ فِيهَا الْوُجُوبَ مَعَ النِّسْيَانِ التَّسْمِيَةُ وَمُوَالَاةُ الطَّهَارَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَتَرْتِيبُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ لِضَعْفِ مَدْرَكِ الْوُجُوبِ بِسَبَبِ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فَقَوِيَ السُّقُوطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ

ص: 134

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لَوِ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى الذَّبْحِ وَإِسْمَاعِ التَّسْمِيَةِ فَذَبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ وَقَالَ سَمَّيْتُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا يُغَرَّمُ الذَّبِيحَةَ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَهُ تَغْرِيمُهُ وَقَالَ أَبُو عمرَان وَهِي مجزئة لِأَنَّهُ إِن أَسَرَّهَا فَالسِّرُّ كَالْعَلَانِيَةِ فِيهَا وَإِنْ نَسِيَ فَنِسْيَانُهَا لَا يَقْدَحُ وَلَا يُظَنُّ بِالْمُسْلِمِ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ لِلْبَيْعِ فَيَنْقُصُهَا ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَوَرُّعِ النَّاسِ فَلَهُ مَا نَقُصَ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ أَيْضًا إِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْإِسْمَاعِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ السِّرِّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي الْكِتَابِ الذَّابِحُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَيُسَمِّي اللَّهَ عِنْدَ الذّبْح وَليقل باسم اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لِقَوْلِهِ عليه السلام ذَلِكَ وَلَيْسَ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ الذَّبْحُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ فَعَلَ أُكِلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَتُكْرَهُ وَقَالَ ابْن حبيب إِن الْعمد حُرِّمَتْ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ أَخَفُّ مِنَ التَّسْمِيَةِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ النُّصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِخِلَاف التَّسْمِيَة تظافرت النُّصُوصُ عَلَى الْأَمْرِ بِهَا وَإِنَّمَا الذَّبِيحَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ جِهَةٍ فَاخْتِيرَ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ وَهِيَ جِهَةُ الْكَعْبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِقْبَالِ لِلْبَوْلِ وَإِنْ كَانَ الدَّمُ نَجَاسَةً كَالْبَوْلِ وَجْهَانِ أَنَّ الدَّمَ أَخَفُّ

ص: 135

تَنْجِيسًا لِأَكْلِ قَلِيلِهِ وَالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَإنَّ الذَّبَائِح فِي حَبسهَا قُرُبَاتٌ بِخِلَافِ الْبَوْلِ وَأَيْضًا الْبَوْلُ تَنْضَافُ إِلَيْهِ الْعَوْرَة

(تَفْرِيع)

فِي الْكتاب إِذا نحرت الْغنم إو ذبحت الْإِبِل مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ تُؤْكَلْ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يَسُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ مَسَدَّ الْآخَرِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ وَالْوَاقِعُ مِنَ الْغَنَمِ فِي بِئْرٍ لَا يُوصَلُ لِذَكَاتِهِ إِلَّا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ فَيُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ وَلَا يَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إِلَّا فِي الصَّيْدِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ هَذَا صَيْدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَادَ الْوَحْشِيُّ إِلَى التَّوَحُّشِ بَعْدَ التَّأَنُّسِ فَذَكَاتُهُ بِالِاصْطِيَادِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِنْسِيِّ يَتَوَحَّشُ أَوْ يَسْقُطُ فِي بِئْرٍ فَلَا يُؤْكَل بِمَا يُؤْكَل بِهِ الصَّيْد عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤْكَلُ الْبَقَرُ الْمُتَوَحِّشُ بِالْعَقْرِ لِأَنَّ مِنْ جِنْسِهَا مُتَوَحِّشًا وَكَذَلِكَ الْأَنْعَامُ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ وَيُعْجَزُ عَن ذكاتها وَقَالَهُ ش إِذا تدفق الدَّمُ لِمَا يُرْوَى أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ أَبُو العشراء تردى لَهُ بِغَيْر فِي بِئْرٍ فَهَلَكَ فَقَالَ عليه السلام لَهُ وَأَبِيك لَو طعنت فِي حاضرتها لَحَلَّتْ لَكَ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ النَّحْرَ مَكَانَ الذَّبْحِ وَبِالْعَكْسِ وَقَالَ ابْنُ بَكِيرٍ يُؤْكَلُ الْبَعِيرُ بِالذَّبْحِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا تُؤْكَلُ الشَّاةُ بِالنَّحْرِ لِأَنَّهُ بَعْضُ أَعْضَاءِ الذّبْح

ص: 136

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَوْزَةُ الَّتِي فِي رَأْسِ الْحُلْقُومِ وَتُسَمَّى الْغَلْصَمَةُ إِنْ وَقَعَ الذَّبْحُ فِيهَا أَجْزَأَ إِذَا اسْتَكْمَلَ دَائِرَهَا فَإِنْ قَطَعَ نِصْفَهَا أُكِلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَهُمَا عَلَى أَصْلَيْهِمَا فَإِنْ صَارَ جَمِيعُهَا إِلَى الْبَدَنِ دُونَ الرَّأْسِ لَمْ تُؤْكَلْ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا الْتِزَامًا وَأَشْهَبُ يَرَى انْقِطَاعَ النَّفَسِ حَاصِلًا وَهُوَ كَافٍ فِي زُهُوقِ الرُّوحِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرط الذَّكَاة الْفَوْر فَإِن رفع يَده فَبل كَمَالِ الذَّكَاةِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ طُولٍ لَمْ تُؤْكَلْ أَوْ بِفَوْرِ ذَلِكَ أُكِلَتْ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُؤْكَلُ وَقَالَ أَيْضًا تُكْرَهُ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ بِمَا إِذَا رَفَعَ يَده مختبرا فَأَتمَّ على الْفَوْر فتؤكل وَإِن رَفَعَ جَازِمًا لَمْ تُؤْكَلْ قَالَ وَلَوْ عُكِسَ لَكَانَ أَبْيَنَ لِأَنَّهُ أَعْذَرُ مِنَ الشَّكِّ قَالَ وَرَأى أَن تُؤْكَل فِي الْحَالين لِأَن الْفَوْر كالمتحد وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إِنْ كَانَتْ حِينَ الرَّفْعِ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ أُكِلَتْ لَأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ كَالْمُتَرَدِّيَةِ وَأَخَوَاتِهَا

ص: 137

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا تَمَادَى حَتَّى قَطَعَ الرَّأْس أكلت وَأَن لَمْ يَتَعَمَّدْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُؤْكَلُ وَإِنْ تَعَمَّدَ لِحُصُولِ الذَّكَاةِ الْمَشْرُوعَةِ وَزِيَادَةُ الْأَلَمِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ تَعَمَّدَ لَمْ تُؤْكَلْ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ ذَلِكَ أَوَّلًا وَلَمْ يَنْوِ مَوْضِعَ الذَّكَاةِ فَلَا تُؤْكَلُ فَإِنْ ذَبَحَ مِنَ الْقَفَا لَمْ تُؤْكَلْ لِنُفُوذِ مَقْتَلِهَا الَّذِي هُوَ النُّخَاعُ قَبْلَ الذَّكَاةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ تُؤْكَلُ إِنِ اسْتَمَرَّتِ الْحَيَاةُ عِنْدَ أَعْضَاءِ الذَّبْحِ لِحُصُولِ الذَّكَاةِ فِي الْحَيِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَا تُسْلَخُ الشَّاةُ وَلَا تُنْخَعُ وَلَا يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى تَمُوتَ فَإِنْ فَعَلَ أُكِلَتْ مَعَ الْمَقْطُوعِ وَالنَّخْعُ قَطْعُ مُخِّ عَظْمِ الْعُنُقِ وَمِنْ ذَلِكَ كَسْرُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ سَنُّ الْمُدْيَةِ بِحَضْرَةِ الشَّاةِ وَالذَّبْحُ بِحَضْرَتِهَا فَقَدْ أَمَرَ عليه السلام أَنْ تُحَدَّ الشِّفَارُ وَتُوَارَى عَنِ الْبَهَائِمِ وَرَأَى عُمَرُ رضي الله عنه رجلا يحد شفرة وَقَدْ أَخَذَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ أَتُعَذِّبُ الرُّوحَ أَلَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَهَا وَتُؤْخَذُ الْبَهِيمَةُ

ص: 138

أَخْذًا رَفِيقًا وَتُضْجَعُ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ لِيَتَمَكَّنَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَلِأَنَّهُ أهيأ لِلْحَيَوَانِ وَلِذَلِكَ كَانَ عليه السلام يَنَامُ عَلَى الْأَيْمَنِ حَتَّى لَا يَقْوَى نَوْمُهُ فَيَنَامَ عَنْ ورده بِسَبَب ميل الْقلب إِلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ دَاخِلَ الصَّدْرِ وَيُعْلِي رَأْسَهَا وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى الْجِلْدَةَ الَّتِي عَلَى حَلْقِهَا مِنَ اللحي الْأَسْفَل فيجد لَحْمَهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ السِّكِّينِ ثُمَّ يُمِرُّ السِّكِّينَ مَرًّا مُجْهِزًا فَإِنْ كَانَ أَعْسَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَيْمَنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ لِلْأَعْسَرِ الذَّبْحُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَ الدَّجَاجِ وَالطَّيْرِ قَائِمًا فَإِنْ فُعِلَ أُكِلَتْ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُنْحَرُ الْإِبِلُ قَائِمَةً مَعْقُولَةً وَيَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} الْحَج 36 أَيْ سَقَطَتْ وَهُوَ يَدُلُّ على نحرها قَائِمَة

ص: 139

(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَسْكِينِ الضَّادِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتُكْسَرُ الْهَمْزَةُ وَالْبَاقِي عَلَى حَالِهِ وَالْجَمْعُ أَضَاحِيُّ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَضَحِيَّةٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلِيَّةٍ وَالْجَمْعُ ضَحَايَا وَأَضْحَاتٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَسْكِينِ الضَّادِ وَالْجَمْعُ أَضْحَا مثل أَرْطَأَة وأرطأة وَبَهْمَاةٌ وَبهمَا سُمِّيَ يَوْمُ الْأَضْحَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الضُّحَى بِالْقَصْرِ وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْس أَو من الضحاء المدود مَعَ فَتْحِ الضَّادِ وَهُوَ حِينَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ فِيهِمَا وَيَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ بِالنَّظَرِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَمَا يُجْزِئُ فِيهَا وَزَمَانِهَا وَأَحْكَامِهَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْظَارٍ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَفِي الْكِتَابِ الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ مُسَافِرًا أَوْ حَاضرا إِلَّا الْحَاج فَإِن سنتهمْ بِالْهَدْي وساكني منى والمكي الَّذِي يَشْهَدُ الْمَوْسِمَ كَالْآفَاقِيِّ وَقَالَ ح لَا يُؤْمَرُ الْمُسَافِرُ بِالْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَانَا إِذَا سَافَرَا لَا يُضَحِّيَانِ وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ رَبِيعَةُ هِيَ أَفْضَلُ من صَدَقَة

ص: 140

سَبْعِينَ دِينَارًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ وَعَظِيمِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ أَفْضَلُ من النطوع وَقَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلِيِّهِ كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْحَجُّ عَنْهُ وَالصَّدَقَةُ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الْمَيِّتَ يصل إِلَيْهِ كَمَا عمل يُعلمهُ الْحَيُّ وَفِي الْكِتَابِ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ قَالَ اللَّخْمِيّ المُرَاد بِالْوُجُوب السّنة المؤكذة وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا فَوَكَلَ ذَلِكَ لِإِرَادَتِهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بِالْوُجُوبِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لِتَصْرِيحِهِ بِتَأْثِيمِ مَنْ أَخَّرَ أُضْحِيَّتَهُ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَوَافَقَهُ ح لِقَوْلِهِ عليه السلام لأبي بردة فِي جَذَعَة الماعز تجزئك وَلَا تُجزئ أحدا بعْدك والإجزاء

‌فرع

شَغْلِ الذِّمَّةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالتَّأْثِيمِ فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ إِذَا اشْتَرَاهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ أَلَّا يَقُصَّ شَعَرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ إِذَاَ أَهَّلَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ

ص: 141

وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مَنْ شَعَرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا فَإِذَا ضَحَّى أَخَذَ مِنْ كُلِّ مَا مُنِعَ مِنْ أَخْذِهِ وَقَالَهُ ش وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ فَقِيلَ تَشَبُّهًا بِالْمُحْرِمِينَ وَيُشْكِلُ بِالطِّيبِ وَالْمَخِيطِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عليه السلام قَالَ كَبِّرْ أُضْحِيَّتَكَ يُعْتِقِ الله بِكُل جُزْء مِنْهَا جزأ مِنْكَ مِنَ النَّارِ وَالشَّعَرُ وَالظُّفُرُ أَجْزَاءٌ فَيُتْرَكُ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْعِتْقِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ وُلِدَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ آخِرَ أَيَّامِهِ يُضَحَّى عَنْهُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ لِبَقَاءِ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفطر

(فَرْعٌ)

وَلَا يُؤمر بهَا من تجعف بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَيُضَحَّى عَنِ الصَّبِيِّ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ كَمِلْكِ النِّصَابِ

(فَرْعٌ)

وَفِي الْبَيَانِ لِلْغُزَاةِ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ غَنَمِ الرُّومِ لِأَنَّ لَهُمْ أَكْلَهَا وَلَا يَرُدُّوهَا لِلْمُقَاسِمِ النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا يُجْزِئُ مِنْهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسهَا قَالَ اللَّخْمِيّ يخْتَص بالغنم الابل وَالْبَقر وَالْغنم وَالْإِبِلُ دُونَ الْوَحْشِ كَانَ لَهُ نَظِيرٌ مِنَ النَّعَمِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ص: 142

{عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ الْحَج 28 وَأَفْضَلُهَا الْغَنَمُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْإِبِلُ وَقَالَ ش وح أَفْضَلُهَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ لِقَوْلِهِ عليه السلام مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّاتِ مَطْلُوبٌ لِلشَّرْعِ وَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّهُ عليه السلام قَالَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَلَمْ يَقُلْ فِي أَيِّ بَابٍ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهَدَايَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَن الْمَطْلُوب من الضَّحَايَا لَيْسَ كَثْرَةَ اللَّحْمِ وَسَدَّ الْخَلَّاتِ بِخِلَافِ الْهَدَايَا لِقَوْلِهِ عليه السلام خَيْرُ الْأُضْحِيَّةِ الْكَبْشُ وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِحْيَاءُ قِصَّةِ الْخَلِيلِ عليه السلام لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وفديناه بِذبح عَظِيم وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} الصافات 107 قِيلَ جَعَلْنَاهُ سُنَّةً لِلْآخِرِينَ وَلِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَهُ بِالْعَظِيمِ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْوَصْفُ لِغَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إِن الْمُفَدَّى لَمْ تَكُنْ نَفَاسَتُهُ لِعِظَمِ جِسْمِهِ بَلْ لِعِظَمِ مَعْنَاهُ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِدَاؤُهُ تَحْصِيلًا لِلْمُنَاسَبَةِ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمَّا ضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ ضَحَّى بِالْكَبْشِ وَفِي مُسْلِمٍ أَمَرَ عليه السلام بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحى بِهِ قَالَ يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ثُمَّ قَالَ اشحذيها بِحجر

ص: 143

فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ وَحَيْثُ ضَحَّى بِالْبَقَرِ إِنَّمَا كَانَ عَنْ أَزْوَاجِهِ وَقَالَ ابْنُ شعْبَان أفضلهما الْغَنَمُ ثُمَّ الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ وَقَالَ أَشْهَبُ الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ وَقَالَ أَيْضًا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ لِمَنْ هُوَ بِمِنًى لِأَنَّهُ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ بَلْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْهَدْيِ وَذُكُورُ كُلِّ جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ إِنَاثِهِ وَإِنَاثُهُ أَفْضَلُ مِنَ الْجِنْسِ الْآخَرِ وَقَالَ أَيْضًا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ سَوَاءٌ وَالْفَحْلُ عِنْدَهُ أَفْضَلُ مِنَ الْخَصِيِّ لِشَبَهِهِ بِالْأُنْثَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْخَصِيُّ السَّمِينُ أَفْضَلُ مِنَ الْفَحْلِ الْهَزِيلِ لِأَنَّهُ عليه السلام ضحى بكبشين أملحين موجوئين أَي خصيبين لِأَنَّ الْوِجَاءَ الْقَطْعُ فَائِدَةٌ مِنَ الْإِكْمَالِ الْأَمْلَحُ الْأَبْيَضُ كَلَوْنِ الْمِلْحِ يَشُوبُهُ سَوَادٌ مُمَازِجٌ وَالَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ أَوْ سَوَادٌ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ أَوْ بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ أَوْ فِي خِلَالِ بَيَاضِهِ طَبَقَاتُ سَوَادٍ أَوِ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا إِنْ كَانَتِ الْإِنَاثُ مِنْ غَيْرِ الْأَنْعَامِ لَا تُجْزِي اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرَ النَّاطِقِ إِنَّمَا يَلْحَقُ بِأُمِّهِ وَلِذَلِكَ إِنَّمَا يُسَمَّى يَتِيمًا إِذَا مَاتَتْ أُمُّهُ فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَنْعَامِ فَالْإِجْزَاءُ لِأَنَّهَا هِيَ

ص: 144

الْأَصْلُ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الشَّرْعِ مَا خَلُصَ مِنَ الْأَنْعَامِ وَهَذَا لَمْ يَخْلُصْ فَائِدَةٌ الْأَنْعَام وَالنعْمَة وَالنعَم والنعماء وَالنَّعِيم قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الزِّينَةِ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ لَفْظَةِ نَعَمْ فِي الْجَوَابِ لِأَنَّهَا تَسُرُّ النُّفُوسَ غَالِبًا فَاشْتُقَّ اسْمُ مَا يَسُرُّ مِنْهَا وَقِيلَ النَّعَمُ مِنْ نَعَامَةِ الرِّجْلِ وَهِيَ صَدْرُهَا وَهِيَ تَمْشِي عَلَى صُدُورِ أَرْجُلِهَا فَسُمِّيَتْ نَعَمًا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سَنِّهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُ مَا دُونَ الثَّنِيِّ مِنَ الْأَنْعَامِ كُلِّهَا فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا إِلَّا فِي الضَّأْنِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ عِنْدِي جَذَعَةٌ مِنَ الْمَعِزِ هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ فَقَالَ عليه السلام اذْبَحْهَا وَلَنْ تُجْزِئَ أَحَدًا بَعْدَكَ وَفِيهِ لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّة فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنْيَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَسِنُّ الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ سَنَةٌ وَقَالَهُ ح قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالثَّنِيُّ مِنَ الْمَعِزِ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَقَالَهُ ش وَمِنَ الْبَقَرِ ابْنُ أَرْبَعٍ وَمِنَ الْإِبِلِ ابْنُ سِتٍّ وَقَالَهُ ش وَابْن حَنْبَل قَالَ عبد الْوَهَّاب وح الثَّنِيُّ مِنَ الْمَعِزِ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ وَمِنَ الْبَقَرِ مَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَقَالَهُ ش وح وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيُّ بن زِيَاد وَابْن حبيب الْجذع مَاله سَنَةٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ وَعَنْ عَلَيٍّ سَنَةٌ قَالَ وَالتَّحَاكُمُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عِنْدَهُمْ قَالَهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ

ص: 145

تَنْبِيه إِنَّمَا اخْتلف أَسْنَانُ الثَّنَايَا لِاخْتِلَافِهَا فِي قَبُولِ الْحَمْلِ وَالنَّزَوَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا فِي الْأَسْنَانِ الْمَذْكُورَةِ وَيَحْصُلُ فِي الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَمَّا كَانَ مَا دُونَ الْحَمْلِ مِنَ الْآدَمِيِّ نَاقِصًا فِي حِينِ الصِّغَرِ كَانَ مِنَ الْأَنْعَامِ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّقَرُّبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ اسْتِيعَابُ هَذَا الْمَعْنَى الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِفَتِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَفْضَلَ نَوْعِهَا وَيُقْتَدَى فِيهَا بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي السُّنَّةِ وَلَا يُقْصَدُ بِهَا الْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ فَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا الْخَالِصَ لَهُ فَإِنَّهُ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ وَفِي الصَّحِيحِ سُئِلَ عليه السلام أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ فَقَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَالْمَشْهُورُ تَسْمِينُ الْأُضْحِيَّةِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقُوطِيِّ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الْيَهُودِ وَالْعُيُوبُ الْمُخِلَّةُ بِهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يُخِلُّ بِاللَّحْمِ كَقَطْعِ الْأُذُنِ وَمَا يُفْسِدُ اللَّحْمَ كَالْمَرَضِ وَالْجَرَبِ وَمَا يُخِلُّ بِالْجَمَالِ فَقَطْ كَشَقِّ الْأُذُنِ وَقَطْعِ الذَّنَبِ الَّذِي لَا لَحْمَ فِيهِ وَعَطَبِ الضَّرع عَن الحلاب فتطرد النُّصُوص فِي ذَلِك ووفي الْكِتَابِ تُجْزِئُ الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ إِلَّا أَنْ يُدْمِيَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَرَضٌ وَلَا تُجْزِئُ الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَلَا الْبَشِمَةُ وَلَا الْجَرِبَةُ لِأَنَّهُمَا مَرَضٌ وَلَا بَأْسَ بِالْبَيَاضِ الْيَسِيرِ فِي الْعَيْنِ عَلَى غَيْرِ النَّاظِرِ وَالشَّقُّ الْوَسْمُ وَيَسِيرُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ جُلِّهَا وَلَا يُجْزِئُ الْعَرَجُ الْبَيِّنُ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْنَعُ لُحُوقَ

ص: 146

الْغَنَمِ وَلَا تُجْزِئُ الْعَمْيَاءُ وَلَا الْعَوْرَاءُ وَلَا الْعَجْفَاءُ وَلَوْ حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ حُدُوثه بالهدايا بعد التقلييد لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ وَلَا تُجْزِئُ النَّاقِصَةُ الْخَلْقِ وَلَا بَأْسَ بِالْجَلْحَاءِ وَهِيَ الْجَمَّاءُ وَالسَّكَّاءُ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ الْأُذُنِ وَهِيَ الصَّمْعَاءُ وَمِنْهُ صَوْمَعَةُ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا لَا يَبْرُزُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا تُجْزِئُ الْمَخْلُوقَةُ بِغَيْرِ الْأُذُنَيْنِ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عليه السلام أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلْعُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تنقى قَالَ اللَّخْمِيّ تسحب الْمُنَافَسَةُ فِي الْأُضْحِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ بِجَامِعِ الْقُرْبَةِ وَإِذَا كَثُرَ عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِي الحَدِيث فَالْمَذْهَب قِيَاسا عَلَيْهَا وَقَصَرَ الْبَغْدَادِيُّونَ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَقَالَ ابْن حَنْبَل لَا يجزيء مَا لَا نَقْيَ لَهَا وَهُوَ الشَّحْمُ وَقِيلَ الَّتِي لَا مُخَّ لَهَا فَعَلَى هَذَا تُجْزِئُ أَوَّلَ ذَهَابِ شَحْمِهَا وَلَا يُجْزِئُ الْجَرَبُ الْبَيِّنُ لِأَنَّهُ يفْسد اللَّحْم وَقَالَ ملك تجزيء الْهَرِمَةُ مَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنًا وَلَا يُجْزِئُ الْجُنُونُ اللَّازِمُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّعْيَ فَيَنْتَقِضُ اللَّحْمُ وَيَمْنَعُ الْجِمَالَ بِخِلَافِ مَا يَحْدُثُ فِي الْأَحَايِينِ وَإِذَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَمْ تُجْزِئْ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ مِنْهَا وَالشَّرْقَاءُ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَالْخَرْقَاءُ الْمَثْقُوبَتُهَا وَالْمُقَابَلَةُ الْمَقْطُوعُ أُذُنُهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا وَالْمُدَابَرَةُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهَا وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ ح قَالَ إِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَ الذَّبْحِ أَجْزَأَتْ خِلَافًا لِ ش كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَبْقَ لَهُ زَمَانٌ يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُهُ وَلَمْ ير مَالك وش الْخِصَاءَ عَيْبًا لِأَنَّ الْخُصْيَةَ لَا تُجَمِّلُ

ص: 147

الْحَيَوَانَ وَلَا تُقْصَدُ بِالْأَكْلِ غَالِبًا وَعَدَمُهَا يُطَيِّبُ اللَّحْمَ وَلَا خِلَافَ فِي الْأُنْثَى الْكَثِيرَةِ الْوِلَادَةِ وَالذَّكَرِ الْكَثِيرِ النَّزْوِ إِنْ فَسَدَ لَحْمُهُمَا بِذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ عِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ ذَهَابُ أَكْثَرِ الْأُذُنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُ مَاله بَالٌ لِنَقْصِ الثَّمَنِ فَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَيَسِيرٌ أَوْ فَوْقَهُ فَكَثِيرٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وح الثُّلُثُ كَمَا هُوَ فِي الدِّيَةِ وَمَنَعَ ش الْإِجْزَاءَ بِذَهَابِ قِطْعَةٍ مِنَ الْأُذُنِ بِخِلَافِ الشَّقِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ النِّصْفُ كَثِيرٌ وَلَا أَحُدُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّقُّ أَيْسَرُ مِنَ الذَّهَابِ فَيُجْزِئُ النِّصْفُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ إِذَا ذَهَبَتْ جُمْلَةُ قُرُونِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَجُوزُ الْعَضْبَاءُ وَهِيَ الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ وَإِنْ لَمْ يُدْمِ بِخِلَافِ ذَهَابِ جارحة فَقَط قَالَ اللَّخْمِيّ وَلَا أرى تُجزئ من ذَلِك مَا يكثر لَهُ شَبِيها وَقَالَ أَشْهَبُ تُجْزِئُ وَإِنْ كَانَتْ تُدْمِي إِذَا كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا لِسَلَامَةِ اللَّحْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَكْسُورَةُ الْخَارِجِ تُسَمَّى قَصْمَاءَ وَالذَّكَرُ أَقْصَمَ وَالْمَكْسُورَةُ الدَّاخِلِ تُسَمَّى عَضْبَاءَ وَالذَّكَرُ أَعْضَبَ وَقَالَ مَالك فِي الْكَبْش يطول ذَنبه فتنقطع مِنْهُ قَبْضَةٌ يُجْتَنَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْكَثِيرُ مَكْرُوهٌ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَلَا خَيْرَ فِي مَشْطُورِ الضَّرْعِ كُلِّهِ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا يَبُسَ ضَرْعُهَا كُلُّهُ لَا يُضَحَّى بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تُرْضِعُ بِبَعْضِهِ جَازَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْمَخْلُوقَةُ بِغَيْرِ ذَنَبٍ لَا تُجْزِئُ لِنُقْصَانِ اللَّحْمِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِقَصْرِ الْعُيُوبِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا تُجْزِئُ الذَّاهِبَةُ الْأَسْنَانِ بِكَسْرٍ وَنَحْوِهِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُجْزِئُ إِذَا كَانَ بِإِثْغَارٍ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْكِبَرُ وَمَنَعَهُ مَرَّةً وَالنَّتَنُ فِي الْفَمِ مِمَّا يُتَّقَى لِنُقْصَانِ الْجَمَالِ وَاسْتِلْزَامُهُ يُغَيِّرُ اللَّحْمَ أَوْ بعضه

ص: 148

النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي زَمَانِهَا وَفِي الْكِتَابِ يُضَحِّي الْإِمَامُ بِالْمُصَلَّى بَعْدَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَذْبَحُ النَّاسُ بَعْدَهُ وَالذَّبْحُ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهَا وَقبل ذبحه غير مجزيء ويجزيء أَهْلَ الْبَوَادِي وَمَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ أَقْرَبُ الْأَئِمَّةِ إِلَيْهِمْ فَإِنْ صَادَفُوا قبْلَة أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ الِاجْتِهَادُ كَالْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ فَعَلُوا وَقَالَ ح الْمُعْتَبَرُ الصَّلَاةُ دُونَ الذَّبْحِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَقَالَ ش الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ دُونَ الصَّلَاةِ وَالذَّبْحِ وَابْنُ حَنْبَلٍ الْفَرَاغُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ لَنَا مَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى وَفِي الْكِتَابِ أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِلَيْلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} الْحَج 28 فَذَكَرَ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ عليه السلام من ضحى

ص: 149

بِلَيْلٍ فَلْيُعِدْ وَسُمِّيَتْ مَعْلُومَاتٍ أَيْ عُلِمَ الذَّبْحُ فِيهَا وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ أَيْ تُعَدُّ فِيهَا الْجِمَارُ فَيَوْمُ النَّحْرِ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ وَالرَّابِعُ مِنْهُ مَعْدُودٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْمُتَوَسِّطَانِ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ وَفِي الْإِكْمَالِ رُوِيَ عَنْ مَالك الْإِجْزَاء بِاللَّيْلِ وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِانْدِرَاجِ اللَّيَالِي فِي الْأَيَّامِ لُغَةً وَقَالَا الذَّبْحُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَتَكُونُ أَيَّامُ الذَّبْحِ عِنْدَهُمَا أَرْبَعَةً سُؤَالٌ إِذَا فَاتَهُ الذَّبْحُ نَهَارًا لَا يَذْبَحُ لَيْلًا وَإِذَا فَاتَهُ الرَّمْيُ نَهَارًا رَمَى لَيْلًا مَعَ تَنَاوُلِ النَّصِّ الْأَيَّامَ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ اللَّيْلُ يَنْدَرِجُ فَفِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَنْدَرِجُ جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ لَهُ رَمْيٌ يَخُصُّهُ فَتَعَيَّنَ الْقَضَاءُ لِلَّيْلِ وَالذَّبْحُ وَاحِدٌ فَلَا ضَرُورَةَ لِليْل وَثَانِيها أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ إِظْهَارُ الشَّعَائِرِ وَلِذَلِكَ شُرِعَتْ فِي الْآفَاقِ وَاللَّيْلُ يَأْبَى الظُّهُورَ بِخِلَافِ الرَّمْيِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْحَرُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقْتَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الذَّبْحُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ لِلسُّنَّةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الطَّاعَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُرَاعَى فِي الْيَوْمَيْنِ ذَبْحُ الْإِمَامِ بَلْ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَالَ مَالِكٌ وَكُرِهَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ الثَّانِي فَإِنْ زَالَتِ الشَّمْس أخر إِلَى الثَّالِث لشبه الْأُضْحِية بِالصَّلَاةِ مِنْ جِهَةِ ارْتِبَاطِهَا بِهَا وَالصَّلَاةُ لَا تُفْعَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقِيلَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ أَفْضَلُ مِنَ الثَّانِي وَالثَّانِي كُلُّهُ أَفْضَلُ مِنَ الثَّالِثِ تَعْجِيلًا لِلْقُرْبَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ قَالَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا لَمْ يُخْرِجِ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ تَحَرَّوْا ذَبْحَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُمْ أَجْزَأَهُمْ كَالْقِبْلَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ ذَبَحَ رَجُلٌ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فِي

ص: 150

مَنْزِلِهِ فِي وَقْتٍ لَوْ ذَبَحَ الْإِمَامُ فِي الْمُصَلَّى لَكَانَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ يَتَحَرَّوْنَ أَقْرَبَ الْأَئِمَّةِ إِلَيْهِمْ فَيُخْطِئُونَ لَا يُجْزِئُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَبَحَ أَهْلُ الْمُسَافِرِ عَنْهُ رَاعَوْا إِمَامَهُمْ دُونَ إِمَامِ بَلَدِ السَّفَرِ وَلَا يُرَاعَى الْإِمَامُ فِي الْهَدْيِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ يُبْرِزِ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ فَذَبَحَ رَجُلٌ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يَتَوَانَى الْإِمَامُ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَذْبَحِ الْإِمَامُ بِالْمُصَلَّى قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ وَهُوَ أَحْسَنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَالْإِمَامُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَمَنْ أَقَامَهُ وَأَمَّا السُّلْطَانُ يَمْلِكُ بِالْقَهْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ هُوَ وَلَا نُوَّابُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ كَأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَا إِمَامَ لَهُمْ وَالْخِلَافُ فِي الذَّبْحِ لَيْلًا إِنَّمَا هُوَ فِيمَا عَدَا لَيْلَةَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ النَّظَرُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِهَا وَهِيَ قِسْمَانِ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الذَّبْحِ وَهُوَ سَبْعَةُ أَحْكَامٍ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ تَعْيِينُهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ جَعَلْتُ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي تَعَيَّنَتْ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى تَعْيِينِ الْعَبْدِ لِلْعِتْقِ وَالدَّارِ لِلْحَبْسِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا سَمَّى أُضْحِيَّتَهُ فَلَا يَجُزَّهَا لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالتَّسْمِيَةِ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِذَا قَالَ أَوْجَبْتُهَا أُضْحِيَّةً تَعَيَّنَتْ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَلَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا بِالذَّبْحِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّسْمِيَةِ إِذَا قَالَ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي بَعْدَ أَنْ حَمَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَحَمَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ بِالتَّأْثِيمِ إِذَا أَخَّرَ الْأُضْحِيَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالشِّرَاءِ بِالْأَصَالَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالشِّرَاءِ إِذَا قَصَدَ شِرَاءَهَا لِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إِذَا قَالَ هَذِهِ

ص: 151

أضحيتي وَجَبت وَلَا يجوز أبدا لَهَا فَيَتَلَخَّصُ لِتَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ خَمْسَةُ أَسْبَابٍ النَذْرُ وَالذَّبْحُ وَالْإِيجَابُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالشِّرَاءُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالْأَوَّلَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ لَهُ إِبْدَالُ أُضْحِيَّتِهِ وَلَا بدلهَا إِلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا وَلَا يَسْتَفْضِلُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا وَإِنْ ضَلَّتْ ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ ذَبْحَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَحَّى بِبَدَلِهَا وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ وَلَوْ حَبَسَهَا حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِنَّمَا تَعَيَّنَتِ الْهَدَايَا لِأَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ فِعْلُ قُرْبَةٍ فَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُهُ وَالضَّحَايَا لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إِلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ الْحُكْمُ الثَّانِي الِاشْتِرَاكُ فِيهَا وَفِي الْكِتَابِ لَا يَشْتَرِكُ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَذْبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى السَّبْعَةِ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي الثَّوَابِ دُونَ اللَّحْمِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أُضْحِيَّةٌ أَوْ عَتِيرَةٌ وَالْعَتِيرَةُ شَاةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ ثُمَّ نُسِخَتْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَهُوَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ التَّقَرُّبُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَبْدَانِ فَأَشْبَهَتِ النَّفَقَةَ وَأَجَازَ الْأَئِمَّةُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ الِاشْتِرَاكَ فِي هذي التَّطَوُّعِ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْأَضَاحِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَتَحْصِيلُ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِي جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ قَوْلَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَجُوزُ فِي الشَّاةِ وَالْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ يَشْتَرِكُ سَبْعَةٌ فَأَكْثَرُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ فَقَطْ يَشْتَرِكُ عَشَرَةٌ فِي الْبَدَنَةِ وَسَبْعَةٌ فِي الْبَقَرَةِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ

ص: 152

مُطْلَقًا الْمَنْعُ فِيمَنْ عَدَا أَهْلَ بَيْتِهِ الثَّالِثُ لَهُ ذَبْحُهَا عَنْهُ وَعَمَّنْ سِوَاهُ وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ شَتَّى الْمَشْهُورُ الْقِيَاسُ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْعِتْقِ وَعَلَى الشَّاةِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَأْمُور بِمَا يُسمى أضْحِية وجزؤها لَا يُسَمَّى كَذَلِكَ فَلَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا تُجْزِئُهُ وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ نَحَرْنَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الذَّبَائِحَ كَانَتْ مِنْ عِنْدِهِ عليه السلام وَأُمَّتُهُ عِيَالُهُ فَلِذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه اشْتَرَيْتُ بَقَرَةً لِأُضَحِّيَ بِهَا فَوَلَدَتْ فَمَا تَرَى فِيهَا وَفِي وَلَدِهَا فَقَالَ لَا تَحْلِبْهَا إِلَّا فَضْلًا عَنْ وَلَدِهَا وَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ سَبْعٍ مِنْ أَهْلِكَ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَهْلِ وَمَا يُشْبِهُ الْأَهْلَ وَلَيْسَ فِي تَصْرِيحٍ بِالْأَجَانِبِ بَلْ ذِكْرُ الْعَدَدِ وَالسُّكُوتُ عَنِ الْمَعْدُودِ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا عَلَيْنَا وَنَحْنُ مُتَمَسِّكُونَ بِالْقَوَاعِدِ وَالْقِيَاسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأُضْحِيَّةُ عَنِ الْغَيْرِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ الْقَرِيبُ اللَّازِمُ النَّفَقَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إِمَّا بِشَاةٍ شَاةٍ أَوْ عَنِ الْجَمِيعِ بِشَاةٍ أَوْ يُدْخِلُ الْبَعْضُ فِي أُضْحِيَّتِهِ وَعَن الْبَاقِي بِشَاة الثَّانِي الْقَرِيبُ الْمُتَطَوَّعُ بِنَفَقَتِهِ كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِخْوَةِ وَابْنِ الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ وَلَهُ ذَلِكَ عَنِ الْأَقْسَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِذَا فَعَلَ أَسْقَطَ الْأُضْحِيَّةَ عَنِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِهَا لِلْيَسَارَةِ وَالثَّالِثُ الْأَجْنَبِيُّ الْمُتَطَوَّعُ بِنَفَقَتِهِ إِنْ كَانَ أَشْرَكَهُ فِيهَا لَمْ تُجْزِ وَاحِدًا مِنْهَا الرَّابِع الْأَجْنَبِيُّ الْوَاجِبُ النَّفَقَةَ كَالْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ هُوَ كَالثَّالِثِ إِلَّا الزَّوْجَةَ فَلَهُ إِدْخَالُهَا لَمَّا شَمِلَهَا اسْمُ الْأَهْلِ وَقَدْ قَالَ عليه السلام اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَالْآلُ الْأَهْلُ

ص: 153

الْخَامِسُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَا يُشْرِكُهُ وَفِي الْكِتَابِ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ لِمَنْ قَدَرَ دُونَ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَفِي النُّكَتِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُضَحِّي عَمَّنْ فِي الْبَطْنِ يُرِيدُ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْبَطْنِ فَيُضَحِّي عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِشَاةٍ وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ ذَكَرَ فِيهِ كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً الْحُكْمُ الثَّالِثُ نَسْلُهَا وَغَلَّتُهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ فَحَسُنَ ذَبْحُ وَلَدِهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَقَالَهُ ش قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَمْحُوَ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ غَيْرَ وَاجِبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ خَرَجَ بَعْدَ الذَّبْحِ حَيًّا فَهُوَ كَأُمِّهِ فَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الذَّبْحِ قَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ لِأَنَّهُ دُونَ السِّنِّ وَهِيَ لَا تَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالذَّبْحِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الرَّقِيقِ وَبِخِلَافِ الْهَدْيِ وَإِنْ بَعُدَ زَمَانُ الْوِلَادَةِ عَنِ الذَّبْحِ لَمْ يُذْبَحْ وَاخْتَلَفُوا فِي لَبَنِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ وَلَدُهَا وَأَضَرَّ بِهَا تَصَدَّقُ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَالصُّوفُ بَعْدَ الذَّبْحِ كَاللَّحْمِ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُ جَزُّهُ قَبْلَ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ جَمَالٌ لَهَا فَإِنْ جَزَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَبِيعُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْحُكْمُ الرَّابِعُ التَّعَدِّي عَلَيْهَا وَفِي الْجَوَاهِر إِن عصبت فَلْيَشْتَرِ بِقِيمَتِهَا أُخْرَى تَوفِيَةً بِالْقُرْبَةِ وَقِيلَ يَصْنَعُ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ تَفِ الْقيمَة بِشَاة تصدق بهَا بِهِ أَوْ صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ

ص: 154

الْحُكْمُ الْخَامِسُ مَوْتُهُ قَبْلَهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ وُرِثَتْ عَنْهُ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَبْحَ الْوَرَثَةِ لَهَا عَنْهُ تَنْفِيذًا لِمَا قَصَدَ مِنَ الْقُرْبَةِ وَلَمْ يَرَهُ أَشْهَبُ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ وَانْقِضَاءِ تَقَرُّبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ الْحُكْمُ السَّادِسُ مُبَاشَرَةُ ذَبْحِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ذَبَحَهَا وَلَدُكَ أَوْ بَعْضُ عِيَالِكَ مِمَّنْ فَعَلَهُ لِيَكْفِيَكَ مُؤْنَتَهَا بِغَيْرِ أَمْرِكَ أَجْزَأَ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْأُضْحِيَّةِ اقْتِدَاءً بِهِ عليه السلام وَإِلَّا وَكَّلَ مَنْ لَهُ دِينٌ فَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَتَخَيَّرُونَ لِضَحَايَاهُمْ أَهْلَ الدِّينِ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالتَّقَرُّبِ فَإِنْ وَكَّلَ تَارِكَ الصَّلَاةِ اسْتُحِبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ للْخلاف فِي حل زَكَاته أَوْ كِتَابِيًّا فَفِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لن أستعين بمشرك وَجوزهُ أَشهب وح وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَالْقُرْبَةُ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ مِنَ الذَّابِحِ بَلْ نِيَّةُ الذَّبْحِ وَنِيَّةُ التَّقَرُّبِ مِنَ الْمَالِكِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مُسْلِمًا فَفَعَلَ وَنَوَى الذَّابِحُ الْقُرْبَةَ أَجْزَأَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَحَّتِ اسْتِنَابَةُ الْكِتَابِيِّ فَلْيَنْوِ الْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاذَا ذَبَحَ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ مَنْ لَا شَأْنُهُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ الذَّابِحِ خُيِّرَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَأَخْذِهَا وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ وَقَالَ أَشهب لَا يجزيء الذَّبْحُ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَلَوْ كَانَ وَلَدًا فَقَاسَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْعِتْقِ عَنِ الْغَيْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْمُعْتَقَ عَنْهُ لَمْ يَنْوِ التَّقَرُّبَ وَلِأَنَّهُ عليه السلام نَحَرَ عَنْ أَهْلِهِ الْبَقَرَ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ

ص: 155

وَقَاسَهَا أَشْهَبُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ عَنِ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ وَكَّلَ بِالتَّضْحِيَةِ وَالنِّيَّةِ جَازَ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ ذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ خَطَأً فَفِي الْكِتَابِ لَا تُجْزِئُ صَاحِبَهَا وَلَا الذَّابِحَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُجْزِئُ الذَّابِحَ إِذَا ضَمِنَ تَنْزِيلًا لِلْقِيمَةِ مَنْزِلَةَ الثَّمَنِ فِي الشِّرَاءِ وَقَالَ ح تُجْزِئُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْوَكِيلِ وَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْوَكِيلِ

(فَرْعٌ)

لَوْ نَوَى الْوَكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَتْ صَاحِبَهَا وَقَدِ اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما شَاةً مِنْ رَاعٍ فَأَنْزَلَهَا مِنَ الْجَبَلِ وَأَمَرَهُ بِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا الرَّاعِي وَقَالَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ أَنْزَلَهَا مِنَ الْجَبَلِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُجزئه لِأَن النِّيَّة الْمُعْتَبرَة مَا قاربت الْفِعْلَ الْحُكْمُ السَّابِعُ اخْتِلَاطُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا اخْتَلَطَتْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّتَهُ ضَحَّى بِهَا وَأَجْزَأَهُ الْقِسْمُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ لَا تَبِعْ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ لَحْمًا وَلَا جِلْدًا وَلَا شَعَرًا وَلَا غَيره وَقَالَهُ

ص: 156

الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقُرُبَاتُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ وَإِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى أَذِنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ وَمَنْعِ الْبَيْعِ كَأَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ لَهُ مَنْفَعَتُهَا دُونَ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى أَعْيَانِهَا وَجَوَّزَ ح إِبْدَالَ الْجِلْدِ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ بَقَاءِ عَيْنِهِ دُونَ مَا يُسْتَهْلَكُ لِأَنَّ الْبَدَلَ يقوم مقَام الميدل فَإِنْ عَاوَضَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يتَصَدَّقُ بِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجْعَلُ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ وَثَمَنَ الْجِلْدِ فِي مَاعُونٍ أَوْ طَعَامٍ تَنْزِيلًا لِلْبَدَلِ مَنْزِلَةَ الْمُبْدَلِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا قُرْبَةٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ مَنْعُ إِجَارَةِ جِلْدِهَا لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فِي قُرْبَةٍ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ بَقَاءِ الْأَصْلِ كَالِاسْتِعْمَالِ

(فَرْعٌ)

قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ وَهَبَ جِلْدَهَا أَوْ لَحْمَهَا مُنِعَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنَ الْبَيْعِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَاهِبِ وَقِيلَ لَهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَرِّبٍ وَإِنَّمَا يمْنَع المتقرب لَيْلًا يَجْتَمِعَ لَهُ الْعِوَضُ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَالْمُعَوَّضُ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةُ الْقُرْبَةِ مِنَ الثَّوَابِ وَلِذَلِكَ مُنِعَ بَيْعُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ

ص: 157

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحب الْبَيَان الضَّأْن يَوْم التَّرويَة يَوْم النَّحْر فينحر قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَبِيعُ لَحْمَهَا كَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ وَلَيْسَ هُمَا سَوَاءً لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُجْزِئُهُ عِنْدَ جَمَاعِةٍ وَالْأُولَى لَيْسَ مَنْعُهَا بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ وَإِذَا بَاعَتِ امْرَأَته جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ لَحْمَهَا تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يُنْفِقُوهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِيهِ أَمَّا إِذَا أَرْخَصَ تَصَدَّقَ بِالثّمن أَو بدله إِن أنْفق وَكَذَلِكَ إِنْ أَنْفَقُوهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي اخْتِلَاطُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُجْزِئُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِهَا وَلَا يَأْكُلُونَهَا وَقَالَ مُحَمَّد إِذا اخْتلطت رؤسها عِنْدَ الشِّوَاءِ كُرِهَ أَكْلُهَا لَعَلَّكَ تَأْكُلُ مَتَاعَ من لم يَأْكُل متاعك وَلَو اخْتلطت برؤس الشِّوَاءِ لَكَانَ خَفِيفًا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ ضَمَانَ لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تُؤْكَلُ الشَّاةُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كُرِهَ لاحْتِمَال كَون لاخر لَمْ يَأْكُلْ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَعَدَمُ أَكْلِهِ لَا يَمْنَعُ لِأَنَّهُ كَلُقَطَةِ طَعَامٍ لَا يَتَعَيَّنُ وَفِي الشِّوَاءِ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَيُمْكِنُ الرَّدُّ عَلَيْهِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ مَا يُصْنَعُ بِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِلتَّصَدُّقِ وَالْأَكْلِ حَدٌّ مَعْلُومٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْحَج 36 وَلَمْ يُحَدِّدْ وَالْقَانِعُ الْفَقِيرُ وَالْمُعْتَرُّ الزَّائِدُ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ

ص: 158

وَيَدَّخِرُ الثُّلُثَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام إِنَّمَا كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ لِأَجَلِ الدَّافَّةِ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا وَفِي الْجَلَّابِ يَأْكُلُ الْأَقَلَّ وَيُطْعِمُ الْأَكْثَرَ وَلَوْ قِيلَ يَأْكُلُ الثُّلُثَ وَيُقَسِّمُ الثُّلُثَيْنِ كَانَ حَسَنًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَجُوزُ عَدَمُ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْقُرَبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَنْبَغِي الْأَكْلُ وَالْإِطْعَامُ كَمَا وَرَدَ فِي الْآيَةِ وَأَوْجَبَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَكْلُ شَيْءٍ مَا لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِذْن لقرينته الْقُرْبَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الصَّدَقَةُ بِهَا كُلِّهَا أَفْضَلُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَمَرَ عليه السلام ثَوْبَانَ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ أُضْحِيَّتَهُ زَادًا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ أَكْلِهِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ كَبِدِهَا لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي خُطْبَتِهِ إِنَّ أَمِيرَكُمْ قَدْ رَضِيَ فِي سَنَتِهِ بِقِطْعَةِ كَبِدٍ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ إِطْعَامَ الْكَافِرِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ جَارًا أَوْ مُرْضِعَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعِيَالِ وَكَانَ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ يُخَفِّفُهُ وَفِي الْحَدِيثِ لَا تُطْعِمُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ لُحُومِ ضَحَايَاكُمْ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مَوْتُهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ

ص: 159

وَيَأْكُلُهَا الْوَرَثَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قُرْبَةً بِالذَّبْحِ فَصَارَتْ كَالْحُبْسِ وَلِلزَّوْجَةِ وَجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِيهَا حَقٌّ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَذَلِكَ قَصَدَ وَيَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى إِذَا اسْتَوَى الْأَكْلُ وَقَالَ أَشْهَبُ تُقَسَّمُ عَلَى الْمَوَارِيثِ وَلَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنٌ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْغَرِيمِ بَيْعُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الذَّبْحِ بِخِلَافِ بَعْدَهُ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالذَّبْحِ فَأَشْبَهَ الْعِتْقَ

(فَرْعٌ)

قَالَ مَالِكٌ الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِسْمَاعِيلُ لِقَوْلِهِ عليه السلام أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ يَعْنِي عليه السلام أَبَاهُ إِسْمَاعِيلَ وَأَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ لِأَنَّ جَدَّهُ عَبَدَ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِذَا بَلَغَ وَلَدُهُ عَشَرَةً أَنْ يَنْحَرَ مِنْهُمْ وَاحِدًا فَلَمَّا أَكْمَلُوا عَشَرَةً أَتَى بِهِمُ الْبَيْتَ وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ بِالْقِدَاحِ لِيَذْبَحَ مَنْ خَرَجَ قَدَحُهُ وَكَتَبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدَحٍ فَخَرَجَ قَدَحُ عَبْدِ اللَّهِ فَفَدَاهُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْإِبِلِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْإِبِلِ فَخَرَجَ قَدَحُهُ فَفَدَاهُ بِعِشْرِينَ إِلَى أَنْ تَمَّتْ مِائَةً فَخَرَجَ الْقَدَحُ عَلَى

ص: 160

الْجَزُورِ فَنَحَرَهَا وَسَنَّ الدِّيَةَ مِائَةً وَلِأَنَّ الذَّبْحَ كَانَ بِمِنًى وَإِسْحَاقُ كَانَ بِالشَّامِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ قِصَّةِ الذَّبِيحِ {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} الصافات 112 فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ غَيْرُ الْمُبَشَّرِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} هود 71 قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ وَالْوَرَاءُ وَلَدُ الْوَلَدِ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يُبَشِّرَهُ بِأَنَّهُ يُعَقِّبُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِذَبْحِهِ فَيَعْتَقِدُ الْخَلِيلُ عليه السلام الذَّبْحَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَمَّ يُسَمَّى أَبًا وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَجَازِ مَا رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا بَشَّرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ باسحق عليه السلام نَذَرَ ذَبْحَهُ إِذَا وُلِدَ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أَيِ الْعَمَلَ وَالْقُوَّةَ قِيلَ لَهُ أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام قَالَ لاسحق عليه السلام يَا بُنَيَّ اذْهَبْ بِنَا نَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قُرْبَانًا فَذَهَبَا فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هُوَ الْقُرْبَانُ وَالْقِصَّةُ طَوِيلَةٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْأَضَاحِيِّ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ قِيلَ كَانَ الذَّبْحُ بِالْمَقْدِسِ أَوْ لِأَنَّ الْخَلِيلَ كَانَ يَرْكَبُ الْبُرَاقَ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا وَرَدَ فَلَعَلَّهُ جَاءَ مَعَهُ فِي يَوْمِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُرَادَ وبشرناه بنبوة إِسْحَق لِصَبْرِهِ عَلَى الْمِحْنَةِ كَمَا تَقُولُ بَشَّرْتُكَ بِوَلَدِكَ قَادِمًا أَيْ بِقُدُومِهِ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ بِالْوُجُودِ فَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بَعْدُ وَعَنِ الرَّابِعِ أَن لفظ الْوَلَد مُشْتَرَكٌ بَيْنَ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْجِهَةِ الْمُضَادَّةِ لِلْأَمَامِ فَاللَّفْظُ يَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ عَلَى حَدِّ السَّوَاءِ فَلَا يدل على احدهما

ص: 161

(كتاب الْعَقِيقَة)

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَقِيقَةُ الشَّعَرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ كَأَنَّ بَقَاءَهُ عُقُوقٌ فِي حَقِّ الْجَنِينِ وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى فَسُمِّيَتِ الشَّاةُ عَقِيقَةً لِأَنَّهَا تُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْعَقِيقَةُ الذَّبْحُ نَفْسُهُ لِأَنَّهُ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ وَغَيْرِهَا وَلِذَلِكَ سُمِّيَ قَطْعُ الرَّحِم عقوقا فالذبيحة عقيقة فَعَلَيهِ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ مَقْطُوعَةٍ كَرَهِينَةٍ بِمَعْنَى مَرْهُونَةٍ وَالْعَقِيقَةُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْمَوْلُودِ قَالَ مَالِكٌ كَمَا يَعْمَلُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِدُخُولِ صِبْيَانِهِمْ فِي أَدْيَانِهِمْ كَمَاءِ الْمَعْمُودِيَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح بِدْعَةٌ وَفِي النَّسَائِيِّ قَالَ عليه السلام كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى وَقَالَ عليه السلام مِنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ

ص: 162

فَأَحَبَّ أَنْ يُنْسِكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ فَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الطَّلَبِ وَتَعْلِيقُهَا عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَتَعَيَّنُ النَّدْبُ وَمَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَشَاتَانِ وَلَا يُشْتَرَكُ فِيهَا كَالْأُضْحِيَّةِ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ شَاة وَقَالَ ش وح لِلْغُلَامِ شَاتَانِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَلِأَنَّ النِّعْمَةَ فِي الْغُلَامِ أَتَمُّ فَيكون الشُّكْر أعلا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمُعَارَضَةُ بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عليه السلام عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ كَبْشًا وَعَنِ الْحُسَيْنِ كَبْشًا قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا قُرْبَةٌ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهَا كَالْأُضْحِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ جِنْسُهَا جِنْسُ الْأَضَاحِيِّ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُعَقُّ إِلَّا بِجَذَعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ الْمَعِزِ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي سَلَامَتِهَا مِنَ الْعُيُوبِ وَسِنِّهَا وَمَنَعَ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا وَتُكَسَّرُ عِظَامُ الْعَقِيقَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ مُخَالَفَةً لِلْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَفْصِلُونَهَا مِنَ الْمَفَاصِلِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ الْمَوْلُودِ مِنَ الْكَسْرِ وَالِاسْتِعَاذَةُ بِمَا لَمْ يَجْعَلْهُ الشَّرْعُ عَوْذَةً مَمْنُوعٌ وَلِذَلِكَ نَهَى الشَّرْعُ عَنْ شَدِّ الْأَوْتَارِ عَلَى الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ قَالَ مَالِكٌ أرَاهُ من الْعين قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكَسْرُ مُبَاحٌ لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى النَّاسِ حَلْقُ رَأْسِ المولو وَالتَّصَدُّقُ بِوَزْنِ شَعْرِهِ وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا وَيَجُوزُ فِعْلُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ ش وَفِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَهُ مَالِكٌ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَقَّ عليه السلام بِشَاةٍ عَنِ الْحَسَنِ وَقَالَ يَا فَاطِمَةُ

ص: 163

احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً قَالَ فَوَزَنَّاهُ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ الدِّرْهَمِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَطَّخَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ بِزَعْفَرَانٍ عِوَضًا مِنَ الدَّمِ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَقِيقَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُسَمَّى إِلَّا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَنْ فَاتَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ فِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَعُقَّ بَعْدَهُ وَقِيلَ يَعُقُّ فِي الْأُسْبُوع الثَّانِي فَإِن فَاتَهُ فَفِي الثَّالِث وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ فَإِنْ فَاتَهُ فَفِي الرَّابِعِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَعُقُّونَ عَنِ الْكَبِيرِ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عليه السلام عق نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ عليه السلام كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ مُرْتَهِنًا حَتَّى يُعَقَّ عَنْهُ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى فَوَاتِ زَمَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الْأَسَابِيعَ الثَّلَاثَةَ كَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِلْأُضْحِيَّةِ يُعَقُّ فِيهَا وَلَا تَتَعَدَّى وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ إِنْ فَاتَ الْأَوَّلُ

ص: 164

فَفِي الثَّانِي وَلَا يُتَعَدَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى السَّابِعِ كتقدم الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَالزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْيَمِينَ وَالنِّصَابَ سَبَبَانِ وَالْحِنْثَ وَالْحَوْلَ شَرْطَانِ وَتَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ يجوز وَالسَّابِع هَا هُنَا سَبَبٌ كَيَوْمِ النَّحْرِ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالتَّقْدِيمُ عَلَيْهِ كَالتَّقْدِيمِ عَلَى الْيَمِينِ وَمِلْكِ النِّصَابِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُذْبَحُ ضُحًى كَالضَّحَايَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُذْبَحُ سَحَرًا وَلَا عِشَاءً بَلْ مِنَ الضُّحَى إِلَى الزَّوَالِ قَالَ صَاحب الْبَيَان قَالَ عبد الْملك تُجزئ بَعْدَ الْفَجْرِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِهَا بِالصَّلَاةِ فَقِيَاسُهَا عَلَى الْهَدَايَا أَوْلَى مِنَ الضَّحَايَا وَفِي وَقْتِ حِسَابِ السَّابِعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ سَبْعَةُ أَيَّام بليالها يبتدأ من غرُوب الشَّمْس ويلغى مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ وُلِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ أُلْغِيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ أَوْ قَبْلَهُ حُسِبَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِنْ وُلِدَ قَبْلَ الزَّوَالِ حُسِبَ أَوْ بَعْدَهُ أُلْغِيَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُحْسَبُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيُكَمَّلُ السَّابِعُ إِلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَيَعْمَلُ طَعَامًا وَيَدْعُو إِلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي جَعْلُهَا صَنِيعًا يَدْعُو إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِطْعَامُ كَالْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الدَّعْوَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ مَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ السَّابِعِ فَلَا عَقِيقَةَ عَلَيْهِ وَلَا تَسْمِيَةَ لِفَوَاتِ السَّبَبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسَمَّى وَكَذَلِكَ السِّقْطُ وَفِي الْحَدِيثِ يَقُولُ السِّقْطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَكْتَنِي بِلَا اسْمٍ فَلَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ لَا يُعَقُّ عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسَمَّى

ص: 165

يَوْمَ يُولَدُ وَقَدْ أُتِيَ عليه السلام بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ وُلِدَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَ سَابِعُهُ يَوْمَ الْأَضْحَى قَالَ مَالِكٌ يَعُقُّ بِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يكون آخر أَيَّام منى فَلْيُضَحِّ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ إِمَّا وَاجِبَةٌ وَإِمَّا سُنَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ وَالْعَقِيقَةُ إِمَّا سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ بِدْعَةٌ عَلَى الْخِلَافِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إِذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا تُجْزِئُهُ فَلَوْ طَعَّمَهَا وَلِيمَةً لِلْعُرْسِ أَجْزَأَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إِرَاقَةُ الدَّمِ وَإِرَاقَةٌ لَا تُجْزِئُ عَنْ إِرَاقَتَيْنِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ

(فَصْلٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْخِتَانُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَقَالَ ش فَرْضٌ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى قَصِّ الظُّفْرِ وَسَائِرِ تَحْسِينَاتِ الْبَدَنِ وَيَدُلُّ عَلَى

ص: 166

طَلَبِهِ قَوْلُهُ عليه السلام عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فَذَكَرَ الْخِتَانَ وَالْفِطْرَةُ هِيَ السُّنَّةُ وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ الْخَلِيلُ عليه السلام من مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعَاشَ بَعْدَهَا عِشْرِينَ سَنَةً وَاخْتُتِنَ إِسْمَاعِيلُ عليه السلام ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَاخْتُتِنَ إِسْحَاقُ عليه السلام ابْنَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَيَوْمَ السَّابِعِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ قَالَ وَحَدُّ الْخِتَانِ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إِلَى عَشْرٍ قَالَ ابْنُ حبيب الْخِتَان سنة للرِّجَال مكرمَة لِلنِّسَاءِ وَأَصْلُهُ فِي النِّسَاءِ أَنَّ هَاجَرَ كَانْتْ أَمَةً لِسَارَّةَ رضي الله عنها فَوَهَبَتْهَا لِلْخَلِيلِ عليه السلام ثُمَّ غَارَتْ مِنْهَا فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاث أشراق فَأَمَرَهَا أَنْ تَثْقُبَ أُذُنَيْهَا وَتُخْفِضَهَا وَقَالَ عليه السلام لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَكَانَتْ تَخْفِضُ النِّسَاءَ يَا أُمَّ عَطِيَّةَ أَشِمِّي وَلَا تَنْهَكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَسر لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ يَعْنِي لَا تُبَالِغِي فِي الْقَطْعِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ لِلْوَجْهِ وَلِلْجِمَاعِ وَالشَّأْنُ عَدَمُ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ وَالسَّتْرُ وَأَمَّا خَتْنُ الرَّجُلِ فَكَانُوا يَدْعُونَ إِلَيْهِ وَأَمَرَ عليه السلام بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ فَقَالَ لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي خُرْسٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ إِعْذَارٍ فَالْعُرْسُ الْبِنَاءُ بِالزَّوْجَةِ وَالْخُرْسُ نِفَاسُهَا

ص: 167

وَالْإِعْذَارُ الْخِتَانُ كَمَا أَنَّ الْعَتِيرَةَ طَعَامٌ يُبْعَثُ بِهِ لأهل الْمَيِّت والنقيعة طَعَام يعْمل ليصلح بَيْنَ النَّاسِ وَالْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ وَالْوَكِيرَةَ مَا عُمِلَ لِبِنَاءِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَدْعُو إِلَيْهِ

ص: 168

(كِتَابُ الصَّيْدِ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مُبَاح للمعاش حَالَة الإختبار وَمَنْدُوبٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَوَاجِبٌ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ نَفْسُ الصَّائِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَكْرُوهٌ لِلَّهْوِ عِنْدَ مَالِكٍ مُبَاحٌ عِنْدَ ابْن عبد الحكم ومحرم بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ عَبَثًا لِنَهْيِهِ عليه السلام عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان لغير مأكلة أوما أُدي لترك الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ وَيَتَهَذَّبُ فِقَهُ الْبَابِ بِالنَّظَرِ فِي الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ بِهِ وَالصَّيْدِ وَفِعْلِ الصَّائِدِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّائِدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُسْلِمُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمُمَيِّزَ كَالْبَالِغِ وَكَرِهَهُ أَبُو مُصْعَبٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الذَّبَائِحِ وَفِي الْكِتَابِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ الَّذِي فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ وَبِالْإِبَاحَةِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ مِنْ أهل الذَّكَاة حجَّة الْمَنْع قَوْله تَعَالَى {وليبلونكم اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} الْمَائِدَة 94 فَظَاهِرُ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَنْعُ اخْتِصَاصِ الْخِطَابِ بِالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَصْلَ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعُمُومِ

ص: 169

فِي الْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قد قيل إِنَّهَا تَقْتَضِي الْمَنْع لِأَنَّهَا حطاب مَعَ الْمُحْرِمِينَ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ سَلَّمْنَا عَدَمَ ذَلِكَ لَكِنَّ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الْمَائِدَة 4 عَامٌّ فِي الْخَلْقِ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْمرَاد فِي ذَلِك مامات بِالِاصْطِيَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الْمَائِدَة 5 مَفْهُومُهُ تَحْرِيمُ طَعَامِ مَنْ لَا كتاب لَهُ وهم الجوس وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبًا لمُسلم لم يُؤْكَل الصَّيْد أَو مُسْلِمٌ كَلْبَ مَجُوسِيٍّ أُكِلَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الصَّائِدُ دُونَ الْآلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ سَهْمَيْهِمَا لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا أَنْ يُوقِنَ إِنْفَاذَ سَهْمِ الْمُسْلِمِ مَقَاتِلَهُ دُونَ سَهْمِ الْمَجُوسِيّ وَقَالَ ش وَقَالَ ابْن حبيب إِن انفذ سَهْمُ الْمُسْلِمِ الْمَقْتَلَ وَوَقَعَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي أَطْرَافِهِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَإِنْ قَالَ الْمَجُوسِيُّ أَنَا لَا آكُلُ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا ثمن لَهُ فختص بِهِ الْمُسْلِمُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ السَّكْرَانِ وَلَا الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَا ذَبِيحَةُ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ كَالْمَجُوسِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ فَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَجُوسِيِّ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَصِيدِ بِهِ وَهُوَ كل حَيَوَان معلم وَقَالَهُ ش وح لِقَوْلِهِ عليه السلام إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذكرت اسْم

ص: 2170

اللَّهِ عَلَيْهَا فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ وَإِنْ قَتَلْنَ وَإِنْ أَكَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَاشْترط التَّعْلِيم ليَكُون كالآلة للصائد لَيْلًا يُمْسِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَصِيرَ مَيْتَةً أَوْ سِلَاحٌ مَحْدُود رِفْقًا بِالْحَيَوَانِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عليه السلام عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ إِنْ أَصَابَهُ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ وَقَالَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ مَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ وَفِي الْكِتَابِ الْمُعَلَّمُ مِنَ الْحَيَوَانِ هُوَ الَّذِي إِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَإِذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَالسَّلَالِقَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي صِفَةِ التَّعْلِيمِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا فِي الْكِتَابِ وَالثَّانِي إِذَا دُعِيَ أَجَابَ مِنَ الْكِلَابِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّيْرِ الِانْزِجَارُ الثَّالِثُ التَّسْوِيَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأَوْصَافِ الرَّابِعُ الِانْزِجَارُ لَيْسَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الصَّيْدَ يَنْهَشُ وَفَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ أَكَلَ قَالَ هَذِهِ حِكَايَةُ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَإِنَّمَا يُقَال كَا مَا يُمْكِنُ مِنَ التَّعْلِيمِ فَهُوَ مُشْتَرَطٌ وَالْمَقْصُودُ انْتِقَالُ الْجَارِحِ عَنْ طَبْعِهِ حَتَّى يَصِيرَ لِلصَّائِدِ كَالْآلَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ش إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنَ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ وَمَذْهَبُ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا لَا يُؤْكَلُ بِخِلَافِ الْبَازِيِّ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الْمَائِدَة 4 وَهُوَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجَوَاب

ص: 171

عَنِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عليه السلام فِي أَبِي دَاوُدَ إِنْ أَكَلَ فَكُلْ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِجَعْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا أَشَارَتْ إِلَى مَنْعِ الْأَكْلِ بِغَيْرِ إِرْسَالٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَدْ أُنْكِرَ عَلَى الْفُقَهَاءِ إِطْلَاقَهُمُ الْإِشْلَاءَ عَلَى الْإِرْسَالِ وَإِنَّمَا هُوَ الدُّعَاءُ وَلَعَلَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَعْمَلُوهُ مَجَازًا لِأَنَّ الدُّعَاءَ قَبْلَ الْإِرْسَالِ وَسَبَبُهُ فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ إِطْلَاقِ التَّسَبُّبِ عَلَى السَّبَب وَلَا يكون الْحَيَوَان معلما بمطاوعته مَرَّةً وَلَا غَيْرَ مُعْلَّمٍ بِمَعْصِيَتِهِ مَرَّةً بَلْ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ دُونَ تَحْدِيدٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَحَدَّدَ ح بِتَرْكِ الْكَلْبِ لِلْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَوَارِدَ عِدَّةٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ فِي الْخِيَارِ وَالْهِجْرَانِ والإحراد وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا قَدْ لَا يُوجِبُ الْوُثُوقَ بِتَعْلِيمِ الْحَيَوَانِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ وَخَصَّصَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما الْحَيَوَانَ الْمَصِيدَ بِهِ بِالْكِلَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُكَلِّبِينَ} وَرَآهُ مأخوذا من الْكَلْب وَجَوَابه أَنه مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَلَبِ بِتَحْرِيكِ اللَّامِ الَّذِي هُوَ الْحِرْصُ لِأَنَّ الْمُعَلَّمَ يَزْدَادُ حِرْصُهُ بِالزَّجْرِ وَقِيلَ التَّكْلِيبُ التَّسْلِيطُ وَقِيلَ التَّعْلِيمُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنَ الْكَلْبِ لَكِنَّ السِّبَاعَ كِلَابٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَهْدُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ إِذَا عُلِّمَتْ كَالْكَلْبِ إِلَّا النِّمْسَ لِأَنَّهُ لَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّيْدُ ذَكَاتُهُ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْجَارِحِ التَّعْلِيمُ

ص: 172

وَالْإِرْسَالُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ وَثَلَاثَةٍ فِي الْمَصِيدِ الْعَجْزُ عَنهُ ورؤية الْجَوَارِح لَهُ احْتِرَازًا من الغيضة أَو يَمُوت من الْجزع لَا من الصدوم وَثَلَاثَةٍ فِي الْمُرْسِلِ صِحَّةُ ذَكَاتِهِ وَإِسْلَامُهُ وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَنِ الطَّلَبِ فَائِدَةٌ الْجَوَارِحُ جَمْعُ جَارِحَةٍ وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجُرْحِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَقِيلَ مِنَ الْجَرْحِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْكَسْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} الْأَنْعَام 60 تَمْهِيدٌ الْمَطْلُوبُ فِي الْحَيَوَانِ الْقَصْدُ إِلَى اسْتِخْرَاجِ الدَّمِ الْحَرَامِ من اللَّحْم الْحَلَال بأسهل الطّرق عَلَيْهِ إِن أَمْكَنَ بِآلَةٍ تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَيَسِّرٌ فِي الْإِنْسِي ويتعذر فِي الْوَحْشِيِّ اسْتِخْرَاجُ الدَّمِ وَسُهُولَةُ الطَّرِيقِ وَبَقِيَ الْقَصْدُ وَالْآلَةُ وَنُزِّلَ السَّهْمُ مَنْزِلَةَ الْمُدْيَةِ لِضَرُورَةِ النِّفَارِ وَالتَّوَحُّشِ فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَيَلِيهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ الْجَارِحُ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا يبعد بِهِ عَن كَوْنه آلَةً لَكِنَّ عَدَمَ الْعَقْلِ فِيهِ مُخِلٌّ بِاخْتِيَارِهِ فَسقط اعْتِبَاره وَلذَلِك لَا يَصح أَنْ يَكُونَ الْمَجُوسِيُّ آلَةً لِعَقْلِهِ وَكَمَالِ اخْتِيَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَارَكَ الْمُعَلَّمَ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ أَوْ كَلْبٌ غَيْرُ مُرْسَلٍ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ ذَكَاةُ الْمُعَلَّمِ أَوِ الْمُرْسَلِ دُونَ غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ فَإِنْ أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابًا وَتَوَافَقَتْ جَمِيعًا أُكِلَ وَهُوَ لَهُمْ وَإِنِ اخْتُصَّ كَلْبُ أَحَدِهِمْ بِقَتْلِهِ اخْتُصَّ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا بَعْدَ كَلْبٍ فَقَتَلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أُكِلَ قَالَ أَصْبَغُ مَا لَمْ يَكُنْ إِرْسَالُ الثَّانِي بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ لَهُ فَقَتَلَهُ الثَّانِي أَوْ شَارَكَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَو كَانَ لوَاحِد جارح وَللْآخر اثْنَان افتسما الصَّيْدَ نِصْفَيْنِ أَوْ جَارِحٌ وَاحِدٌ مِلْكُهُمَا فِيهِ مُخْتَلِفُ الْأَجْزَاءِ فَكَذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْأَجْزَاءِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْبَازِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَأَنْكَرَ الْمَازِرِيُّ

ص: 173

عَلَى اللَّخْمِيِّ أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ الْقِسْمَةُ عَلَى عَدَدِ الْكِلَابِ بَلْ قَالَ الْمَذْهَبُ إِلْغَاءُ تَفَاوُتِ الْعَدَدِ وَالْأَجْزَاءِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ سِتَّةُ مَسَائِلَ تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ الصَّيْدُ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكلاب وَأُجْرَة الْقَاسِم وكنس المراحض وَحِرَاسَةُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُور وحراسة الدَّابَّة وَأَرْبَعَة مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاءُ الشُّفْعَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَكَنْسُ السَّوَاقِي

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَازِرِيُّ فَلَوْ غَصَبَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًّا فَصَادَ بِهِمَا فَقِيلَ الصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَوِ انْفَرَدَ بِهِ لَكَانَ مَيْتَةً فَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ الصَّائِدُ لِقَصْدِهِ وَتَسْمِيَتِهِ فَيَكُونُ لَهُ وَقيل لصَاحب الْجَارِح لِأَنَّهُ الْمُبَاشر لِلْمُمْسِكِ بِقَصْدِهِ وَقُوَّتِهِ وَالصَّائِدُ مُتَسَبِّبٌ فَيُقَدَّمُ الْمُبَاشِرُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ كَمَا فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَلَوْ غَصَبَ سِلَاحًا فَلِلْغَاصِبِ لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا قَصْدَ لَهُ وَفِي الْكِتَابِ الْمَصِيدُ بِحَجَرٍ أَوْ بُنْدُقٍ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ بَلَغَ مَقَاتِلَهُ لِأَنَّهُ رَضٌّ وَكَذَلِكَ الْمِعْرَاضُ إِذا أصَاب بعرضه وَقَالَهُ ح وش وَكُلُّ مَا جَرَحَ بِحَدِّهِ أُكِلَ كَانَ عُودًا أَوْ عَصًا أَوْ رُمْحًا وَالْمِعْرَاضُ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا زَجٌّ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَقِيلَ سَهْمٌ طَوِيلٌ لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ رِقَاقٍ إِذَا رُمِيَ بِهِ اعْتَرَضَ وَقَالَ الْخَلِيلُ هُوَ سَهْمٌ دُونَ رِيشٍ وَقِيلَ عُودٌ رَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ غَلِيظُ الْوَسَطِ وَالْخَذَفُ لَا يُبَاحُ الرَّمْيُ بِهِ لِأَنَّ مَصِيدَهُ وَقِيذٌ كَالْبُنْدُقِيَّةِ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يُؤْكَلُ مَا أصَاب

ص: 174

الْمِعْرَاضُ بِعَرَضِهِ خِلَافًا لِأَهْلِ الشَّامِ وَلَا مَصْيَدُ الْبُنْدُقِيَّةِ خِلَافًا لِ ش وَجَمَاعَةٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ ابْتِدَاءً وَإِنْ ذُكِّيَ مَرْمِيُّهِ وَبِهِ قَالَ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَلَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي إِبَاحَةِ الرَّمْيِ بِهِ السِّبَاعَ الصَّوَائِلَ وَالْعَدُوَّ الْمُحَارِبَ وَفِي الْكِتَابِ مَا قَتَلَتِ الْحِبَالَةُ وَهِيَ الشَّرَكُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا مَا ذكي وَلَو كَانَت فِيهِ جَدِيدَة أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْقَتْلِ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُؤْكَلُ مَصِيدُ السَّهْمِ الْمَسْمُومِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَدْ يَكُونُ بِالسُّمِّ دُونَ السَّهْمِ وَلِأَنَّ آكلَهُ قَدْ يهْلِكُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مَوْضِعُ نَابِ الْكَلْبِ يُؤْكَلُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَقَالَ ش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يُغْسَلُ سَبْعًا لنجاسة وَيقطع مَوضِع اللعاب

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ اتِّخَاذُ أَبْرِجَةِ الْحَمَامِ وَإِنْ عُمِّرَتْ مِنْ حَمَامِ النَّاسِ قَالَ وَهَذَا إِذَا لَمْ يُحَدَثِ الثَّانِي بِقُرْبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ قَالَ وَإِذَا دَخَلَ حَمَامُ بُرْجٍ عَلَى آخَرَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ عُرِفَ وَقُدِرَ عَلَى رَدِّهِ رُدَّ وَإِنْ عُرِفَ وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى رَدِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم هُوَ للثَّانِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ تُرَدُّ فِرَاخُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَوْ عُرِفَ وَلَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ فَلِلثَّانِي لِأَن الْأَوَّلَ إِنَّمَا مَلَكَهُ بِسَبَبِ الْحِيَازَةِ وَقَدْ ذَهَبَتْ لَا أَنه ملك مُحَقّق فَإِن أَوَى إِلَّا دَارِ رَجُلٍ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ بَرِيء فَلهُ ملكه

ص: 175

وان عرف بِوَجْه رَدَّهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ حمام الْبيُوت رده وَلم يتَعَرَّض لحبسه فَهُوَ لُقَطَةٌ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ بَيْعِهِ لِلصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ وَبَيْنَ حَبْسِهِ وَالصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ فَإِنْ حَبَسَهُ وَلم يتَصَدَّق بِشَيْء فواسع لسيارته وَالْأَجْبَاحُ يَجْرِي نَصْبُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَبْرَاجِ فَلَا تُنْصَبُ فِي الْقُرْبِ فَإِنْ فُعِلَ وَلَيْسَ ثمَّ الأنحل مَرْبُوبٌ فَهُوَ فِيمَا دَخَلَ إِلَيْهِ أُسْوَةٌ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَحْلٌ كَثُرَ غَيْرُ مَرْبُوبٍ فِيمَا دخل إِلَيْهِ فلينصب وَمَا دخل إبيه فَهُوَ لَهُ فَإِن دخل فرخ جبج آخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ لِمَنْ دَخَلَ إِلَيْهِ كَالْحَمَامِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرُدُّهُ إِنْ عَرِفَ مَوْضِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ رَدَّ فِرَاخَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِرَدِّ ذَلِكَ الْعَسَلِ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ فِي النَّحْلِ أَقْوَى مِنَ الْحَمَامِ لِأَنَّهُ يُصَادُ وَالنَّحْلُ لَا يُصَادُ بَلْ يَأْوِي بِنَفْسِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ صَادَ حَمَامَ بُرْجٍ رَدَّهُ إِنْ قَدِرَ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ وَضَعَ جَبَحًا فَلَهُ مَا دَخَلَ مِنَ النَّحْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذا تزوجت جمَاعَة مِنَ الْبُيُوتِ مَعَ ذَكَرٍ لَهُ رَدَّهَا لَهُ مَعَ نصف الْفِرَاخ فَإِن الْأَب وَالأُم يستركان فِي الْفَرْخِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يُتَّخَذُ النَّحْلُ وَالْحَمَامُ حَيْثُ يُؤْذِيَانِ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ مِنْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ مِنْ كِلَابِ الدُّورِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تُقْتَلُ وَلَا تُتْرَكُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كَلْبٍ سُوقِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَتْلُ الْكِلَابِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ لِلصَّيْدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَعِنْدِي أَنَّ الْجَمْعَ بَين الْأَحَادِيث الِاقْتِصَار بالفتل عَلَى الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ

ص: 176

الْفَصْل الثَّالِث فِي المصيد وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ حَيَوَانٍ مَأْكُولِ اللَّحْمِ مَعْجُوزٍ عَنْهُ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ احْتِرَازًا مِنَ النَّادِّ مِنَ الْأَنْعَامِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ مُرَاعَاةً لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ بِالْعَقْرِ عَلَى خِلَافِ الأَصْل أَيْضا وحجتهم أَن الْمُوجب لزكاة الْعقر هُوَ الْعَجز وَهُوَ مَوْجُود فَنحْن نقصنا هَذِهِ الْعِلَّةَ وَهُمْ طَرَدُوهَا وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً لِأَنَّ لَهَا أَصْلًا فِي التَّوَحُّشِ وَفِي الْكِتَابِ مَا دَجَنَ مِنَ الْوَحْش ثمَّ تَوَّحَشَ أُكِلَ بِالْعَقْرِ لِاجْتِمَاعِ الْأَصْلِ فِي الْعِلَّةِ وَفِي مُسلم أصبْنَا نهب إبل وغنم فندمنها بِغَيْر فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ عليه السلام إِن لهَذِهِ الْإِبِل أَو ابد كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا وَجَوَابُهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ السَّهْمَ قَتَلَهُ بَلْ حَبَسَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَذْكِيَةِ الْمُتَرَدِّي فِي مَهْوَاةٍ مِنَ الْأَنْعَامِ فَائِدَةٌ أَبَدَتِ الدِّيَارُ وَالْحَيَوَانَاتُ تَأَبُّدًا إِذَا تَوَحَّشَتْ وَأَتَى بِآبِدَةٍ أَيْ بِكَلِمَةٍ مُتَوَحِّشَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيَّةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ كَالصَّيْدِ فَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهَا فَكَالْأَنْعَامِ تَنْبِيه الْحَيَّة مَتى أكلت بالعقر قتل آكلهَا بَلْ لَا يُمْكِنُ أَكْلُهَا إِلَّا بِذَكَاةٍ مَخْصُوصَةٍ تَقَدَّمَتْ فِي الْأَطْعِمَةِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي فعل الصَّائِد وَالصَّيْدُ ابْتِدَاءً إِرْسَالُ الْجَارِحِ أَوِ

ص: 177

السِّلَاحِ الْمُحَدَّدِ نَاوِيًا بِذَلِكَ الصَّيْدَ وَالذَّكَاةَ مُسَمِّيًا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَاشْتَرَطَ ش رُؤْيَةَ الْمَنَوِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَو تُؤْكَل وَقَالَهُ ح وَابْن خنبل خِلَافًا لِ ش أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ أُكِلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا لَا يَضُرُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَمُتَهَاوِنًا لَمْ تُؤْكَلْ أَوْ عَامِدًا فَقَوْلَانِ نَظَائِر أَربع مسَائِل أسقط مَالك فِيهَا الْوُجُوبَ مَعَ النِّسْيَانِ التَّسْمِيَةُ وَالْمُوَالَاةُ فِي الطَّهَارَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ مِنَ الصَّلَوَاتِ لضعف دَلِيل الْوُجُوب بِسَبَب تعَارض المدارك فتقوي الْإِسْقَاطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَصِيدُ أَرْبَعَةٌ حَلَالٌ كَالْغِزْلَانِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْوَحْشِ وَالطير غير ذِي الْمِخْلَبِ فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ بِتَذْكِيَةٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَحَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام لينزلن فِيكُم عِيسَى بن مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ إِلَّا أَن يضْطَر أحد إِلَى أكله فَيُسْتَحَب لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَمَكْرُوهٌ كَسِبَاعِ الْوَحْشِ يُخَيَّرُ بَيْنَ نِيَّةِ الذَّكَاةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ نِيَّةِ الْقَتْلِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَكَالْخِنْزِيرِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ إِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ نَوَى وَمَا كَانَ ذَا مخلب مؤذ كالغراب خير بَين ميه بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ أَوِ الْقَتْلِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ

ص: 178

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا تَوَارَى الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثمَّ وجد مَيِّتًا فِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ بَازِيِّهِ أَوْ سَهْمه أكله فَإِن بَات لم يَأْكُلهُ وَإِن نفذت مقاتله أَوْ وَجَدَ فِيهِ سَهْمَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَلِبُ عَلَى السَّهْمِ فَيُنَفِذُ مَقَاتِلَهُ بِغَيْرِ فِعْلِ الصَّائِدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا غَابَ الصَّيْدُ مِنْ غَيْرِ بَيَاتٍ فَلَهُ أَرْبَعُ حَالَاتٍ يُؤْكَلُ فِي حَالَتَيْنِ إِذَا عَرَفَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَازِيُّهُ وَلَا فِيهِ سَهْمُهُ أَوْ فِيهِ سَهْمُهُ وَمَعَهُ بازيه أَو كَلْبه وَلَا يُؤْكَل فِي حَالين إِذَا لَمْ يَعْرِفُهُ وَلَا فِيهِ سَهْمٌ وَلَا مَعَه جارح وبقربه صَيْدٌ يُشَكِّكُهُ فِيهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي إِبَاحَتِهِ إِذَا فَاتَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ وَالْإِصْمَاءُ مَا حَضَرَ مَوْتُهُ وَالْإِنْمَاءُ مَا غَابَ عَنْهُ مَوْتُهُ وَثَانِيهَا الْإِبَاحَةُ وَقَالَهُ ح عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ السَّهْمِ فَيَحِلُّ لِأَنَّ أَثَرَهُ لَا يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْجَارِحِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْكَرَاهَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَلَوْ تَوَارَى فَرَجَعَ فَوَجَدَهُ مَيتا من يَوْمه لم يَأْكُلهُ إِذا لَعَلَّهُ لَوْ بَقِيَ أَدْرَكَ ذَكَاتُهُ وَهُوَ مُفَرِّطٌ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَمَتَى أَدْرَكَ الصَّيْدَ لَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَارِحُ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَغَلَ بِإِخْرَاجِ السِّكِّينِ أَوِ انْتِظَارِ عَبْدِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَارِحُ وَقَالَهُ ش فَإِنْ أَدْرَكَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ يَضْطَرِبُ فَحَسَنٌ أَنْ يَفْرِيَ أَوْدَاجَهُ إيحاء لِلْمَوْتِ فَإِنْ تَرَكَهُ أُكِلَ لِأَنَّهُ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنَ الْجَارِحِ لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَإِنْ غَلَبَ أُكِلَ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَذْكِيَتِهِ فِي أَفْوَاهِهَا وَلَوْ ذَكَّاهُ فِي أَفْوَاهِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ لم يُؤْكَل إِذا شكّ أذكاته قتلته أَو نَهْشًا فَإِنْ تَيَقَّنَ ذَكَاتَهُ أَكَلَ

ص: 179

وَإِنْ أَدْرَكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ حَتَّى أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ لَمْ يُؤْكَلْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّيْدِ الْبَائِتِ عَنْهُ خَطَأٌ عَنْ بَلَاغٍ ضَعِيفٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا انفذالهم مَقَاتِلَهُ ثُمَّ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ أُكِلَ قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي العتيبة إِذَا اشْتَغَلَ بِإِخْرَاجِ الْمُدْيَةِ مِنْ حِزَامِهِ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ بِخِلَافِ إِخْرَاجِهَا مِنْ جُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ مَرَّ بِهِ غَيْرُ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُخَلِّصْهُ مِنَ الْجَارِحِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْكَلْ وَعَلَيْهِ قِيمَةٌ مَجْرُوحًا قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أُكِلَ وَاخْتُلِفَ فِي تَغْرِيمِهِ الْقِيمَةَ قَالَ وَعَدَمُ الْغُرْمِ أَحْسَنُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ ذَكَاتَهُ وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ فَخَشِيَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَلَمْ يُذَكِّهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ يَخَافُ عَدَمَ التَّصْدِيقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُغَرَّمُ الْمَارُّ مُطْلَقًا وَخَرَّجَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّرْكِ هَلْ هُوَ فِعْلٌ فَيَضْمَنُ أَمْ لَا وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَنْ رَأَى إِنْسَانًا يَسْتَهْلِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَالَّذِي لَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ حَتَّى يُتْلِفَ الْحَقَّ أَوْ يَحْبِسُ الْوَثِيقَةَ عِنْدَهُ حَتَّى يُتْلِفَ الْحَقَّ وَالتَّارِكُ لِلْمُوَاسَاةِ الْقَادِرُ عَلَيْهَا حَتَّى يَهْلَكَ الْمُحْتَاجُ وَالْمَانِعُ مَا يخاط بِهِ الجرج حَتَّى يَهْلَكَ وَالْمَانِعُ فَضْلَ الْمَاءِ حَتَّى يَهْلَكَ الزَّرْع وَالْمَانِع

ص: 180

مَا يُقَامُ بِهِ حَائِطٌ حَتَّى يَقَعَ وَالْمُقَطِّعُ لِوَثِيقَةٍ فَيَضِيعُ مَا فِيهَا أَوْ يَقْتُلُ شُهُودَهُ وَلَوْ أَضْعَفُ مِنَ التَّقْطِيعِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَى سَبَبِ الشَّهَادَةِ وَالْأَوَّلُ مُتَعَدٍّ عَلَى نَفْسِهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْكتاب قَالَ وَالرسل كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَيَأْخُذُ غَيْرُهُ لَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ وَيَنْوِي أَيَّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهَا أَوْ عَلَى جَمَاعَتَيْنِ أَكَلَ لِحُصُولِ النِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدًا فَأَصَابَ غَيْرُهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُؤْكَلُ نَظَرًا لِأَصْلِ النِّيَّةِ وَإِنْ رَأَى جَمَاعَةً فَنَوَاهَا وَنَوَى أَنْ يُجَاوِزَهَا لِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ أَيْضًا يُؤْكَلُ مَا صِيدَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَأْكُلُ مَا صَادَهُ مِنْ غَيرهَا وَلَا مَا أرسل عَلَيْهِ فِي غَيْضَةٍ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ صَيْدٌ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ لِنَدُورِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُبِيحُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِرْسَالَ إِلَّا عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَحْصُورِ وَأَشْهَبُ لَا يُجِيزُهُ إِلَّا عَلَى الْمَرْئِيِّ كالذبيحة لَا يَنْوِي إِلَّا معينا وأصيغ يُبِيحُ الْمُعَيَّنَ بِالْجِهَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ نَوَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَصَابَ اثْنَيْنِ أَكَلَ الْأَوَّلَ فَقَطْ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ ذَكِيٍّ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ نَوَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أُكِلَ الْجَمِيعُ فِي السَّهْمِ وَالْجَوَارِحِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْجَوَارِحِ دُونَ السَّهْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّهْمَ يَقْتُلُ الْجَمِيعَ عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِ الْجَوَارِحِ

ص: 181

(فَرْعٌ)

فِي الْكتاب إِذا أثار صيدا واشللى كَلْبه وَهُوَ مُطلق من غير إرْسَال من يَده أكل لِوُجُودِ الْإِشْلَاءِ ثُمَّ قَالَ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُرْسِلَهُ مِنْ يَدِهِ لِتَكُونَ حَرَكَةُ الْجَارِحِ مِنْ يَدِهِ كَالْمُدْيَةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا لَو ابْتَدَأَ الْكَلْب طلبه وأفلت مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَشْلَاهُ بَعْدُ لَمْ يُؤْكَلْ لِقُوَّةِ إِضَافَتِهِ لِلْجَارِحِ لَا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ أَصْبَغُ أَكْلَ مَا يَبْتَدِئُ الْكَلْبُ طلبه إِذا أتبعه الانشلاء وَالتَّسْمِيَة لِأَن الْجَارِح لابد من مشاركته للصائد يطبعه قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا رَأَى جَارِحَهُ يَحُدُّ النَّظَرَ وَيَنْقَلِبُ فَأَرْسَلَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرَهُ الصَّائِدُ أَكَلَ مَا أَخَذَهُ كَالْإِرْسَالِ فِي الْغِيَاضِ وَقَالَهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ أُرْسِلَ عَلَى مَظْنُونِ الْوُجُودِ فَلَعَلَّ الْمُمْسَكَ غَيْرُ المرئي أَو لَا لِلْجَارِحِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَهُ وَلَوِ اضْطَرَبَ الْجَارِحُ فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِي حُفْرَةٍ لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهَا أَوِ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَتَمَادَى عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ الْمُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ يَرْجِعُ ثُمَّ يَعُودُ إِنْ كَانَ رُجُوعُهُ مُرَاوَغَةً أُكِلَ وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا لِجِيفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُؤْكَلْ لِبُطْلَانِ الْإِرْسَالِ وَهُوَ شَرط

ص: 182

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا قُطِعَ رَأْسُ صَيْدٍ أُكِلَ إِنْ نَوَى اصْطِيَادَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قُطِعَ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ أَوْ مَا يَعِيشُ بَعْدَهُ أُكِلَ بَقِيَّتُهُ دُونَ الْمُبَايِنِ لِمَا يُرْوَى أَنَّهُ عليه السلام قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يَجُزُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ مَا أُبِينَ مِنَ الْحَيِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَ يَعُودُ الْتِحَامُ مَا قُطِعَ أُكِلَ جَمِيعُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَوَافَقَنَا ش فِي أَكْلِ النِّصْفَيْنِ وَمَنَعَ ح إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَلِي الرَّأْسَ أَقَلَّ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى التَّذْكِيَةِ وَأَجَازَ ش أَكْلَ الْعُضْوِ الْمُبَانِ مُطْلَقًا إِذَا مَاتَ الصَّيْدُ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَنْ عَنْ حَيٍّ إِلَّا إِذَا تَعَدَّدَ الضَّرْبُ فَقَدْ أُبِينَ عَنْ حَيٍّ وَالتَّذْكِيَةُ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِالثَّانِيَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَان لَا خلاف أَنه لَا يُؤْكَل المبان إِذَا كَانَ الْفَخْذَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ الْجَمِيعُ إِذَا قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ فَإِنْ أَبَانَ وِرْكَيْهِ مَعَ فَخْذَيْهِ وَلَمْ تَبْلُغِ الضَّرْبَةُ إِلَى الْجَوْفِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَذَلِكَ إِنْ أُبِينَ الْعَجُزُ مَعَ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَكْلُ الْجَمِيعِ وَإِنْ بَقِيَ الْعَجُزُ لِأَنَّهُ لَا يعِيش بعد الفخذين فَلَو قُطِعَ خَطْمُهُ لَمْ يُؤْكَلِ الْخَطْمُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّعْيُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ فَقَدْ يُصَبُّ المَاء فِي حلقه

ص: 183

(فَرْعٌ)

فِي الْكتاب إِذا شَحَّتِ الصَّيْدُ فَمَاتَ مِنْ الِانْبِهَارِ دُونَ جُرْحٍ يُؤْكَل وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَأَشْهَبَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ أصل الذَّكَاة إِخْرَاج الدِّمَاء بجملتها اقْتُصِرَ عَلَى الْجُرْحِ فِي الْوَحْشِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَهُوَ مَيْتَةٌ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى ظَاهر قَوْله {مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} وَهَذَا مُمْسِكٌ عَلَيْنَا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ رَمَى صَيْدًا فِي الْهَوَاءِ فَسَقَطَ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي جَبَلٍ فَتَرَدَّى فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَل إِذْ لَعَلَّ سَبَبَ مَوْتِهِ الْغَرَقُ أَوِ التَّرَدِّي دُونَ الرَّمْيِ إِلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ وَقَالَهُ ش وح

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا رَمَى غَزَالًا يَظُنُّهُ بَقَرَ وَحْشٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ نوى الصَّيْد وَقَالَ أصيغ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ خُصُوصَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا إِذَا نَوَى ذَكَاةَ كَبْشٍ فَظَهَرَ أَنه نعجة

ص: 184

(فَرْعٌ)

قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبَيْهِمَا وَلَمْ يُعْلَمِ اسْتِقْلَالُ كَلْبِ الْمُسْلِمِ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ وَحْدَهُ كَلْبَهُ فَرَدَّ كلب الْمَجُوسِيّ على كلب مُسلم الصَّيْدَ أَجَازَهُ ش وَمَنَعَهُ ح قَالَ وَهُوَ مُقْتَضَى أُصُولِنَا لِأَنَّا نَقْتُلُ الْمُمْسِكَ لِلْقَتْلِ وَإِنْ لم يقتل مَعَ أَن ش وح لَا يقتلاه فَبَقِيَ ش عَلَى أَصْلِهِ وَغَلَّبَ ح حُكْمَ التَّحْرِيم هَا هُنَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ح أَنَّ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ لَو قرب الصَّيْد سهم الْمُسْلِمِ أُكِلَ اتِّفَاقًا وَإِذَا أَمْسَكَ مَجُوسِيٌّ كَبْشًا لِمُسْلِمٍ حَتَّى ذَكَّاهُ أُكِلَ اتِّفَاقًا مَعَ وُجُودِ الْإِعَانَةِ قَالَ وَعِنْدِي فِي السَّهْمِ نَظَرٌ وَلَوْ أثار كَلْبَهُ فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ أُكِلَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَقَالَهُ ح لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِرْسَالُ وَإِذَا شَارَكَ الْمُعَلَّمُ غَيْرَ معلم إِنْ تَيقَّنَ الْمُعَلَّمَ أُكِلَ أَوْ غَيْرَ الْمُعَلَّمِ لم يُؤْكَل أوشك لَمْ يُؤْكَلْ أَوْ ظَنَّ فَقَوْلَانِ

(فُرُوعٌ)

فِي الْكِتَابِ مَنْ طَرَدَ صَيْدًا فَدَخَلَ دَارَ إِنْسَانٍ لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَضْطَرُّهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَمَا وَقَعَ فِي الْحِبَالَةِ فَأَخَذَهُ أَجْنَبِي هُوَ لِرَبِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنِ اضْطَرَّ صَيْدًا إِلَى حِبَالَةٍ بِإِلْجَائِهِ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلِرَبِّهَا وَإِنْ تَعَمَّدَ وُقُوعَهُ فِيهَا فَلَهُمَا بِقَدْرِ مَا يَرَى ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ لِلطَّارِدِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الِانْتِفَاعِ بِالْحِبَالَةِ كَمَنْ صَادَ بِكَلْبِ رَجُلٍ أَوْ سَهْمِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لِطَالِبِهِ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ أَوْ أَلْجَأَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَلَو

ص: 185

كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ مُلْجِئٍ فَلِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ لِأَنَّهَا كَيْدُهُ بِسَبَبِ نَصْبِهَا لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّيْدُ بِكَلْبِ رَجُلٍ لَهُ الْأُجْرَةُ وَالصَّيْدُ لِرَبِّ الْكَلْبِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَبَعَثَهُ يَصِيدُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْفَرَسِ الصَّيْدُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الْفَرَسَ لَيْسَ مُمْسِكًا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا نَدَّ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ بِصَيْدٍ أَوْ بِشِرَاءٍ ثُمَّ صِيدَ بِقُرْبٍ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلِمَنْ صَادَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْأَئِمَّةُ هُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ طَالَ تَوَحُّشُهُ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ لَا تَبْطُلُ بِالْغَيْبَةِ عَنِ الْمَالِكِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ دُونَ يَدِهِ مَلَكَهُ وَإِنِ انْفَلَتَ فَلِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ عِنْدَ الأول قَالَ ابْن عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا هُوَ لِلْأَوَّلِ وَقِيلَ لِلثَّانِي بِخِلَافِ نُدُودِهِ بَعْدَ تَأَنُّسِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْحَرْبِيِّ يُؤْسَرُ ثُمَّ يُبْقَ إِلَى بَلَدِ الْحَرْبَ ثُمَّ يُؤْسَرُ فَإِنَّهُ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِالْمَصِيدِ وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ وَالصَّيْدُ بَقِيَ دُونَ مَانِعٍ كَمَوَاتِ الْأَرْضِ إِذَا أُحْيِيَ ثُمَّ خُرِّبَ وَالرِّوَايَاتُ عَلَى التَّسْوِيَة بَين مَالك الْأَوَّلِ بِصَيْدٍ أَوْ شِرَاءٍ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتْ بِشِرَاءٍ فَلِلْأَوَّلِ أَوْ بِصَيْدٍ فَلِلثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي إِحْيَاءِ الْأَرْضِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا حِيزَ مِنْ نَهْرٍ ثُمَّ انصب فِيهِ إِن الْملك يسْقط وَنقل عَن الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِي الْمَاءِ

ص: 186

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ مَنْ صَادَ ظَبْيًا فِي أُذُنه قرطان عرفهما وَإِن كَانَ هُرُوبُهُ هُرُوبَ انْقِطَاعٍ فَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَمَا عَلَيْهِ فَلِرَبِّهِ فَإِنْ قَالَ رَبُّهُ نَدَّ مِنْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ الصَّائِدُ لَا عِلْمَ لِي فعلى ربه البنية لِأَنَّهُ مُدَّعٍ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَرْبُوطًا بِخَيْطٍ أَوْ فِي شَجَرَةٍ فَلِلْأَوَّلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ على الصَّائِد أَنه مُدع زَوَال مِلْكِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَش وح هُوَ لِلْأَوَّلِ طَالَ زَمَانُهُ أَوْ قَصُرَ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ السَّابِقِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى صَيْدِ الْمَاءِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ تَنْزِعُ إِلَى قَاعِدَةِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَأَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ إِحْيَاؤُهُ عَادَ مَوَاتًا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّرْعَ أَصْدَرَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ فَقَالَ من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَيَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الشَّرْط انْتِفَاء الْمَشْرُوط وَهَا هُنَا بِصِيغَةِ الْإِذْنِ وَالتَّمْلِيكِ كَالْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا الْمَائِدَة 2 وَلِأَنَّ الْمَوَاتَ إِذَا خرب بترك مَجِيئه لَهُ كَانَ ذَلِكَ إِعْرَاضًا عَنْ مِلْكِهِ وَإِسْقَاطًا لَهُ وَالصَّيْدُ فَرَّ بِنَفْسِهِ نَظِيرُهُ غَصْبُ الْمَوَاتِ المحيى فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْمِلْكَ فِيهِ

ص: 187

‌كِتَابُ النِّكَاحِ

وَهُوَ فِي اللُّغَةِ التَّدَاخُلُ تَقُولُ أنكحت الأَرْض الْبذر وَنكَحَتِ الْحَصَاةُ خُفَّ الْبَعِيرِ وَالْوَطْءُ تَدَاخُلٌ فَسُمِّيَ نِكَاحًا وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ مَجَازًا مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَيُقَالُ كُلُّ نِكَاحٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ إِلَّا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 330 وَيُطْلَقُ عَلَى الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ كَالْعَقْدِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} النُّور 32 أَيْ صَدَاقًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِضْمَارِ أَيْ سَبَبَ نِكَاحٍ لَكِنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنَ الْإِضْمَارِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ غَيْرُ مُوَسَّعٍ لِمَنْ

ص: 188

خشِي الزِّنَا وَعجز عَن التَّسَرِّي ول يَذْهَبُ عَنْهُ بِالصَّوْمِ وَوَاجِبٌ مُوَسَّعٌ إِنْ كَانَ كَذَلِك وَيقدر عَن التَّسَرِّي وَيَذْهَبُ بِالصَّوْمِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ يُذْهِبُهُ الصَّوْمُ وَجَبَ أَحَدُ الثَّلَاثَة عَلَى التَّخْيِيرِ وَالزَّوَاجُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ عليه السلام يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ فَقَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَى الصَّوْمِ وَالسِّرَارِي تَنْتَقِلُ طِبَاعُهُنَّ لِلْوَلَدِ وَمَنْدُوبٌ لِآمِنٍ مِنَ الزِّنَا الرَّاغِبِ فِي النِّسَاءِ وَهُوَ يُولَدُ لَهُ وَمُبَاحٌ لِلْمُعْرِضِ عَنِ النِّسَاءِ وَهُوَ لَا نَسْلَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِلَّا فِي التَّسَرِّي قَالَ صَاحِبُ الْمُعْلِمِ وَمَكْرُوهٌ لِمَنْ لَا يَشْتَهِيهِ وَيَنْقَطِعُ بِهِ عَنِ الْعِبَادَةِ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِوُجُوبِهِ لِظَاهِرِ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي الْحَدِيثِ وَفِي قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النِّسَاء 3 وَغَيْرِهَا وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} النِّسَاء 4 فَخير بَين النِّكَاح وَملك الْيَمين لوملك الْيَمين ايجب إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ لِتَعَذُّرِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَمَا لَيْسَ وَاجِبًا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ هم لفروجهم حافظون إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا

ص: 189

مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} الْمُؤْمِنُونَ 5 فَوَائِدُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ الْبَاءَةُ الْمَنْزِلُ وَيُقَالُ لَهُ مَبَاءَةٌ وَمُبَوَّأٌ وَلَمَّا كَانَ الْمُتَزَوِّجُ يَتَبَوَّأُ بِامْرَأَتِهِ بَيْتًا سُمِّيَ النِّكَاحُ بَاءَةً وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ الْمَدُّ مَعَ التَّاءِ وَمَعَ حَذْفِهَا وَبَاهَةٌ بِإِبْدَالِ الْهَاءِ مِنَ الْهَمْزَةِ وَالْقَصْرُ مَعَ الْهَاءِ وَقَوْلُهُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ يُرِيد المَال الْموصل إِلَى الوطئ وَلَيْسَ المُرَاد الوطئ وَإِلَّا لَفَسَدَ قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ غَالِبًا لِإِضْعَافِهِ الْقُوَّةَ وَتَجْفِيفِهِ الرُّطُوبَةَ الَّتِي تُوَلِّدُ الْمَنِيَّ وَقَدْ يَزِيدُ فِي النِّكَاحِ فِي حَقِّ الْمَرْطُوبِينَ فَيَقْرُبُونَ بِهِ مِنَ الِاعْتِدَالِ فَيَقْوَى عِنْدَهُمْ بِالصَّوْمِ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ فِي النَّاسِ

(فَرْعٌ)

النِّكَاحُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَلَى أَحْوَالِ النَّاكِحِينَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَتَركه لنوافل الْعِبَادَة عندنَا وَعَن ش أَفْضَلُ لِمَنْ لَمْ تَمِلْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَعِنْدَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ تَقْدِيمُهُ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ إِعْفَافَ الزَّوْجَيْنِ وَوُجُودَ مَنْ يُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَاثِرُ بِهِ عليه السلام فَهُوَ مُتَعَدٍّ لِهَذِهِ الْمَصَالِحِ الْعَظِيمَةِ وَالْمُتَعَدِّي أَفْضَلُ مِنَ الْقَاصِرِ وَلِتَقْدِيمِهِ لَهُ عليه السلام عَلَى الصَّوْمِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ لِضَعْفِ مَدْرَكِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ شَهْوَةُ النَّفْسِ وَشَهْوَةُ النَّفْسِ مُقْتَطَعٌ عَنِ الرَّبِّ تَعَالَى وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِمَا ذَكَرُوهُ وَالنَّوَافِلُ قُرُبَاتٌ فِي أَنْفُسِهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالرَّبِّ تَعَالَى بِمَعْزِلٍ عَنِ النَّفْسِ وَالْمَقَاصِدُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَسَائِلِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنَّ تَقْدِيمَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ فِي حَقِّ الشَّبَابِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ فَرْطُ الْمَيْلِ وَخَشْيَةُ الْفَسَادِ والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِي غَيرهم

ص: 190

وَتَنْحَصِرُ مَقَاصِدُ الْكِتَابِ فِي ثَلَاثِ مُقَدَّمَاتٍ وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَقْطَابِ الْعَقْدِ ثُمَّ أَسْبَابِ الْخِيَارِ فِيهِ ثُمَّ تَوَابِعِهِ وَيَتَمَهَّدُ الْجَمِيعُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يَنْظُرُ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ قَبْلُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَّا إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَيَحْتَاجُ إِلَى أذنها عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَن البغتة قَدْ تُوقِعُ فِي رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَكْفِي إِذْنُ الشَّرْعِ تَمْهِيدٌ أُبِيحَ هَذَا النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ لِضَرُورَةِ دَوَامِ الصُّحْبَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَعْلُومٍ كَمَا أُبِيحَ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَجْهِ وَالْفَرْجِ فِي غَيْرِ الزِّنَا وَفِي الزِّنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيُبَاحُ ذَلِكَ مِنَ الْأمة الْمُبَاحَة الوطئ أَعْنِي الْفَرْجَ وَمِنَ الزَّوْجَةِ إِبَاحَةً مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَقِيلَ يُكْرَهُ نَظَرُ الْفَرْجِ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الْبَصَرَ الْمُقَدَّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ الْخِطْبَةُ مُسْتَحَبَّةٌ وَالتَّصْرِيحُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ حَرَامٌ وَالتَّعْرِيضُ جَائِزٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُفْهِمُ لِمَقْصُودِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ مَأْخُوذٌ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ نَاحِيَتُهُ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ هُجُومٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا

ص: 191

تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} الْبَقَرَة 135 فَدَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ الْإِكْنَانِ وَالتَّعْرِيضِ وَتَحْرِيمِ الْمُوَاعَدَةِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ غَيْرَ أَنَّ ش وَابْن حَنْبَل منعا من التَّعْرِيض للرجعية لِأَنَّهَا زَوْجَة وَلَسْتُ أَنْقُلُ فِيهِ عِنْدَنَا شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْإِبَاحَةَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالَّذِي مَالَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي التَّعْرِيضِ أَنْ يَقُولَ إِنِّي بِكِ لَمُعْجَبٌ وَلَكِ مُحِبٌّ وَفِيكِ رَاغِبٌ قَالَ وَهَذَا عِنْدِي أَقْوَى التَّعْرِيضِ وَأَقْرَبُ إِلَى التَّصْرِيحِ قَالَ وَالَّذِي أرى أَن يَقُول إِن شَاءَ اللَّهَ تَعَالَى سَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا فَأَنْتِ نَافِعَةٌ فَإِنْ زَادَ فَهُوَ تَصْرِيحٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْهَدِيَّةِ لِأَنَّهَا تَعْرِيضٌ قَاعِدَةٌ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا قِسْمَانِ مَقَاصِدُ وَهِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ للْحكم فِي أَنْفُسِهَا وَوَسَائِلُ تَابِعَةٌ لِلْمَقَاصِدِ فِي أَحْكَامِهَا مِنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ الْمُفْضِيَةُ إِلَى تِلْكَ الْمَقَاصِدِ خَالِيَةٌ عَنِ الْحُكْمِ فِي أَنْفُسِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ وَسَائِلُ وَهِيَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنَ الْمَقَاصِدِ فَالْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ مَقْصِدًا وَالسَّعْيُ وَاجِبٌ وَسِيلَةً وَالزِّنَا مُحَرَّمٌ مَقْصِدًا وَالْخَلْوَةُ مُحَرَّمَةٌ وَسِيلَةً وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَالْوَسَائِلُ أَقْسَامٌ مِنْهَا مَا يَبْعُدُ جِدًّا فَلَا يُعْطَى حُكْمَ الْمَقْصِدِ كَزِرَاعَةِ

ص: 192

الْعِنَبِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْخَمْرِ وَمَا قَرُبَ جِدًّا فَيُعْطَى حُكْمَ الْمَقْصِدِ كَعَصْرِ الْخَمْرِ وَمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ كاقتناء الْخمر للتخليل وَالْمحرم مقصدا هَا هُنَا اخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ بِاجْتِمَاعِ الْمَائَيْنِ فِي الرَّحِمِ مِنَ الزَّوْجِ السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ وَالْعَقْدُ حَرَامٌ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْوَطْءِ وَالتَّصْرِيحُ كَذَلِكَ لِإِفْضَائِهِ لِلْعَقْدِ فَهُوَ وَسِيلَةُ الْوَسِيلَةِ وَلَمَّا بَعُدَ التَّعْرِيضُ عَنِ الْمَقْصِدِ لَمْ يَحْرُمْ وَالْإِكْنَانُ أَبْعَدُ مِنْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ تَحْرُمُ دَخَلَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا مُنَاقَضَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ كَالْقَاتِلِ عَمْدًا وَلَا تَحْرُمُ إِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِانْتِفَاءِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْعَقْدِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ دَخَلَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فُسِخَ وَمَا هُوَ بالحرام الْبَين لحُصُول بَرَاءَة الرَّحِم قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ أَيْضا تحرم بِالْعَقْدِ تَنْزِيلًا لِلْوَسِيلَةِ مَنْزِلَةَ الْمَقْصِدِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا تَحْرُمُ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْعِدَّةِ قِيَاسا على الزِّنَا بهَا وَقَالَهُ ش وح فَإِنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِي الْعِدَّةِ حُرِّمَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا تَحْرُمُ أَمَةُ الْأَبِ بِالْمُبَاشَرَةِ عَلَى الِابْنِ وَلِمَالِكٍ قَوْلَانِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَان والقبلة والمباشرة بعد الْعدة لَا تُحَرِّمُ اتِّفَاقًا وَفِي الْجَلَّابِ الْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَيَجِبُ الْمُسَمَّى

ص: 193

بِالدُّخُولِ لِقَوْلِهِ عليه السلام أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَهَا هُنَا كَذَلِكَ وَلَا يَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلَ بِهَا عُوقِبَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَة وَالشُّهُود إِن علمُوا

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ زِنًا لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حُرِّمَتْ أَبَدًا كَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَكُرِهَتْ عِنْدَ أَصْبَغَ وَفِي الْجَوَاهِرِ دُخُولُ وَطْءٍ عَلَى وَطْءٍ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ وَطْءُ نِكَاحٍ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي عِدَّةِ شُبْهَةِ نِكَاحٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ غَصْبٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ زِنًا وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ مِلْكٍ وَوَطْءُ نِكَاحٍ فِي اسْتِبْرَاءِ مِلْكٍ بَعْدَ الْعِتْقِ وَوَطْءُ مِلْكٍ فِي اسْتِبْرَاءِ مِلْكٍ وَوَطْءٌ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فِي عِدَّةٍ أَوِ اسْتِبْرَاءٍ بِغَصْبٍ أَوْ زِنًا فَيَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الْوَاطِئِ أَبَدًا اتِّفَاقًا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَفِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَفِي الْخَامِسِ قَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ فَلَا يَحْرُمُ أَوْ قُصِدَ تَعْجِيلُ شَيْءٍ بِالنِّكَاحِ فَيَحْرُمُ وَلَا يَحْرُمُ فِي السَّادِسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَخَفُّ مِنِ اسْتِبْرَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يَحْرُمُ فِي السَّابِعِ اتِّفَاقًا لِأَن الْملك مَقْصُوده الِاسْتِخْدَامُ دُونَ الْوَطْءِ فَضَعُفَتْ آثَارُ الْوَطْءِ

ص: 194

فِيهِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلسَّرَارِي وَيَكُونُ مُضَيِّقًا عَلَى نَفْسِهِ إِذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَإِنْ أُبْقِيَ السِّرَارِي وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ كَمَا أَنَّ شُبْهَةَ النِّكَاحِ كَالنِّكَاحِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الثَّامِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْجِيلَ شَيْءٍ بَلْ أَقْدَمَ عَلَى الْحَرَامِ مَعَ قَطْعِ النّظر على شَيْء يتعجل أَو يتأجل وَالْأَصْلُ فِي هَذَا التَّحْرِيمِ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَالْقِيَاسُ عَلَى قَاتِلِ الْمَوْرُوثِ عَمْدًا وَعَلَى الْمُلَاعِنِ بِجَامِعِ إِدْخَالِ الشُّبْهَةِ فِي النَّسَبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فِي اسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا وَدَخَلَ بِهَا فَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا حُرِّمَتْ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَشهب إِذا اغتصبت امْرَأَة حَامِلًا لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَطْرَأُ عَلَى الْحَمْلِ إِلَّا فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ وَكَرِهَهُ أَصْبَغُ

(فَرْعٌ)

إِنْ وَاعَدَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ عَقَدَ بَعْدَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ دَخَلَ أَمْ لَا لِلنَّهْيِ ثُمَّ يَخْطِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعَقْدِ وَمَقْصُودِهِ مِنَ الْعِدَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْسَخُ وَتَحْرُمُ أَبَدًا وَطِئَ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ بَعْدَ الْعِدَّةِ سَبَبُهُ الْمُوَاعَدَةُ فِي الْعِدَّةِ وَهِيَ حَرَامٌ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ

ص: 195

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ الرَّجْعِيَّةُ تَتَزَوَّجُ فِي الْعِدَّةِ فَيَرْتَجِعُهَا زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا قَالَ مَالِكٌ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَإِنْ أَصَابَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنَ الثَّانِي لَمْ تَحْرُمْ لِأَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَتَهُ وَكَذَلِكَ الْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا فَيَقْدُمُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي فَيُصِيبُهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الَّتِي تَزْنِي فَيُصِيبُهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ تَتَزَوَّجُ فِي الْعِدَّةِ لَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُمَا فَإِنْ فَعَلَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْبَائِنَ أَجْنَبِيَّةٌ وَالرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ دَخَلَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ أَوْ مِنَ الثَّانِي

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ تَحْرُمُ أَبَدًا قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنَّهَا إِنْ طَلَبَتْ مَا أَعْطَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ فَطَلَبَتْهُ فَرَدَّهُ وَرَاجَعَهَا وَأَصَابَهَا فِي عِدَّتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ حِلُّهَا لِأَن الماءين لوَاحِد وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيِّ الْمُتَزَوِّجِ فِي الْعِدَّةِ دُونَ الْوَطْءِ فِيهَا قَوْلَانِ لِابْنِ

ص: 196

الْقَاسِمِ وَلَوْ تَصَادَقَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْء حرمت أبدا وَلَا تصدق عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَوْ صُدِّقَتْ فِي هَذَا لَأُسْقِطَتِ الْعِدَّةُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَو تزَوجهَا فِي عدتهَا مَجُوسِيَّانِ أَوْ نَصْرَانِيَّانِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَطِئَ فِيهَا أَمْ لَا وَإِنْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ فُسِخَ إِنْ كَانَ العقد قبل حَيْضَة وَقيل قبل ثَلَاث وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ حَرُمَتْ أَبَدًا عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى تُسْتَحَبُّ الْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ وَصِفَتُهَا أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّهِ عليه السلام ثُمَّ يَقُولُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} آل عمرَان 102 {وَاتَّقوا الله الَّذِي تسْأَلُون بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النِّسَاء 1 {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} الْأَحْزَاب 70 الْآيَة ثُمَّ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فُلَانًا رَغِبَ فِيكُمْ وَانْضَوَى إِلَيْكُمْ وَفَرَضَ لَكُمْ مِنَ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا فأنكحوه هَذِه السّنة وَفِي الْجَوَاهِرِ تُسْتَحَبُّ أَيْضًا عِنْدَ الْعَقْدِ

ص: 197

(فَرْعٌ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ الْغِيبَةُ فِي ذِكْرِ مَسَاوِئِ الْخُطَّابِ لِلْحَذَرِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِزَيْنَبَ بِنْتِ قَيْسٍ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ صُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ إِذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ وَأَصَابَ فِي الْعِدَّةِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا فَإِنْ لَمْ يُصِبْ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بعد الْعدة بِعقد جَدِيد الْمُقَدَّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ وَالتَّرَاكُنِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَخْطِبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَقِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ لِتَحَقُّقِ الْخِطْبَةِ بِدُونِهِ بِدَلِيلِ التَّفْوِيضِ وَوَافَقَهُ ابْنُ نَافِعٍ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْهُ نَادِرٌ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهَذَا فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَوْرِدُ الْحَدِيثِ أَمَّا فَاسِقٌ وَصَالِحٌ فَلَا لِتَحْصِيلِ الْمصلحَة للْمولى عَلَيْهَا

ص: 198

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَو اقْتَحَمَ النَّهْيَ أُدِّبَ وَلَا يُفْسَخُ عَقْدُهُ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وش وح لِأَنَّ النَّهْيَ حَقٌّ لِلْغَيْرِ لَا لِمَفْسَدَةٍ فِي الْعَقْدِ وَيُفْسَخُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ نَظَرًا لِلنَّهْيِ وَرُوِيَ عَنْهُ يُفْسَخُ مُطْلَقًا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْفَسْخُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بكر الصَّحِيح عَدمه

(فرع مُرَتّب)

قَالَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُفْسَخْ للعاقد النّوبَة وَعَرَضَهَا عَلَى الْخَاطِبِ الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَّلَهُ مَضَى وَإِنْ أَبَى فَارَقَهَا فَإِنْ نَكَحَهَا الْأَوَّلُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ عَقْدَهُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُحَلِّلْهُ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

ص: 199

فارغة

ص: 200

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَقْطَابِ الْعَقْدِ)

وَهِيَ خَمْسَةٌ الْقُطْبُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَوِ الْوَلِيُّ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَلَا عَلَى غَيْرِهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً أَذِنَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَهُ ح فِي الرَّشِيدَةِ لقَوْله تَعَالَى {أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} الْبَقَرَة 232 {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 فَأَضَافَ الْعَقْدَ إِلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مَالِهَا فَفِي نَفْسِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ مِلْكُ الْإِنْسَانِ لِمَصَالِحِ نَفْسِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنَ الْمَرْأَةِ وَإِذَا تَعَذَّرَتِ الْحَقِيقَةُ فَحَمْلُهُ عَلَى التَّمْكِينِ مِنْهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْمَجَازَاتِ إِلَى الْحَقِيقَةِ وَيُوَضِّحُهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} النُّور 32 فَخَاطَبَ الْأَوْلِيَاءَ دُونَ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ عليه السلام عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ تَصَرُّفَهَا فِي نَفْسِهَا مَعَ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا يُخْشَى مِنْهُ الْعَار عَلَيْهَا وعَلى أولياءها يَأْخُذهَا غير

ص: 201

كفؤ وَهِيَ مَفْسَدَةٌ تَدُومُ عَلَى الْأَيَّامِ بِخِلَافِ الْمَالِ فَيَكُونُ الْحَجْرُ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنَ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ فِي مَالِهِ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا خلاف عندنَا أَنَّهَا لَا تكون وليا على الْمَرْأَة وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وِلَايَتُهَا عَلَى عَبِيدِهَا وَمَنْ وُصِّيَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَصَاغِرِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَالْفَرْقُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَنَّ لِلصَّبِيِّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى رَفْعِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْولَايَة عَلَيْهِمَا لَيْسَ لطلب الكفات الْمُحْتَاجَةِ لِدَقِيقِ النَّظَرِ بِخِلَافِ الْأُنْثَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ سَحْنُونٌ لِلْمَرْأَةِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ عَلَى مَنْ يَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِوِكَالَتِهِ لَهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوِكَالَةَ لَا تَقَعُ إِلَّا بَعْدَ النَّظَرِ فِي تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ مِنَ الْعَقْدِ فَلَا خَوْفَ وَتَجِبُ لِلدُّخُولِ بِهَا فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيِّ الْمُسَمَّى وَيَسْقُطُ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَيُفْسَخُ وَلَوْ طَال بعد الدُّخُول بالأولاد فطلاق عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِغَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ نَظَرًا إِلَى الْخِلَافِ أَوْ تَمَكُّنِ الْفَسَادِ لِقَوْلِهِ

ص: 202

عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل بَاطِلٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ من لَا ولي لَهُ

وَأَمَّا مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْعَقْدِ فَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الزَّوْجُ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ لِلصِّحَّةِ وَشُرُوطٌ لِلِاسْتِقْرَارِ أَمَّا شُرُوطُ الصِّحَّةِ فَأَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَنْ فُرُوجِ الْمُسْلِمَاتِ وَالتَّمْيِيزُ وَالْعَقْلُ حَتَّى يَتَأَتَّى مِنْهُ الْإِنْشَاءُ لِلْعَقْدِ فَيَخْرُجُ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَمَّا الَّذِي لَا يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنَ الْمَرْأَةِ وَلَا السَّمَاءَ مِنَ الْأَرْضِ فَكَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ اتِّفَاقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ النَّاسِ إِلَّا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ فَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَكُونُ سَبَبَ الرُّخْصَةِ وَالتَّوَسُّعِ وَأَمَّا من فِيهِ بَقِيَّة من عقله وَهُوَ مختلط فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ كَالْمَجْنُونِ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه لَيْسَ لِلْمَجْنُونِ وَلَا السَّكْرَان طَلَاق وَقَالَ ابْن نَافِع فِي الْكتاب وش وح هُوَ كَالصَّاحِي فِي جُمْلَةِ أَحْوَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى خِطَابًا لِلسُّكَارَى {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} النِّسَاء 43 وَقَالَ اللَّيْثُ تَلْزَمُهُ الْأَفْعَالُ دُونَ الْأَقْوَالِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُحَدُّ فِي الزِّنَا دُونَ الْقَذْفِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لِاحْتِيَاجِ الْفِعْلِ إِلَى مُقَدِّمَاتٍ أَكْثَرَ من القَوْل قَالَ وَمذهب مَالك وَعَامة أَصْحَابه تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ دُونَ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُودِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِأَنَّ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ إِذَا لَمْ تَلْزَمِ الصَّبِيَّ فَهُوَ أَوْلَى وَتَلْزَمُهُ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا وَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالِاخْتِلَاطِ دُونَ السُّكْرِ حَلَفَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَإِذَا لَمْ يَرْجِعْ فِي وَصِيَّة حَتَّى

ص: 203

مَاتَ نفذت الرَّابِع تَحَقُّقُ الذُّكُورِيَّةِ فَالْخُنْثَى قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ وَيُحْمَلُ فِي صِلَاتِهِ وَشَهَادَتِهِ وَجُمْلَةِ أَحْكَامِهِ عَلَى الْأَحْوَطِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَيَتَقَدَّمُ عَنْ صُفُوفِ النِّسَاءِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَله وَطْء جَارِيَته بِملك الْيَمين وَأَمَّا شُرُوطُ الِاسْتِقْرَارِ فَخَمْسَةٌ

الشَّرْطُ الْأَوَّلِ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَسْتَقِرُّ نِكَاحُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَوَافَقَنَا ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ بِإِجَازَةِ سَيِّدِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي أَبِي دَاوُدَ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى مَنْعِهِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلِ الرِّقُّ مَانِعٌ مِنَ الصِّحَّةِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَوَجْهُ تَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ أَنَّ زَوَاجَ الْعَبْدِ يُنْقِصُ الرَّغَبَاتِ فِيهِ لِتَعَذُّرِ نَقْلَتِهِ مِنْ بَلَدِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِامْرَأَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَصَرْفِ كَسْبِهِ لَهُم سرا وَعَلَانِيَة وَلَيْسَ لَهُ أَن ينقص مَالَ سَيِّدِهِ بِتَنْقِيصِ مَالِيَّتِهِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ وَفَسْخُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ جَمِيعَ طَلَاقِ الْعَبْدِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِجَازَةِ ثُمَّ أَجَازَ فَإِنْ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْفَسْخَ انْفَسَخَ وَإِلَّا صَحَّتِ الْإِجَازَةُ مِنْ قُرْبٍ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ نَفَذَ وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي فَسْخُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ مِلْكٌ مَعِيبٌ وَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَيَفْسَخُهُ الْبَائِعُ إِنْ أَرَادَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ فَلِوَرَثَتِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْأَبْهَرِيِّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ وَأَرَى لِلْبَائِعِ فَسْخَهُ قَبْلَ رَدِّهِ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدَّهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ لَا يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ بِسَبَبِ

ص: 204

عَادَةِ الْعَبْدِ لِذَلِكَ وَإِذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ رَدَّ مَا نَقَصَ النِّكَاحَ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ كَالْحُدُوثِ عِنْدَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْعَبْدِ زَوَاجُ أَرْبَعٍ وَرُوِيَ عَنْهُ لَا يَتَعَدَّى اثْنَتَيْنِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَيُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَقْبَلُ التَّفَاضُلَ فَيَتَشَطَّرُ قِيَاسًا عَلَى الْحُدُودِ وَالْعِدَدِ وَالطَّلَاقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ ثَمَّةَ إِنَّمَا هِيَ كَوْنُهَا عَذَابًا فَانْدَرَجَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النِّسَاء 24 وَهَا هُنَا نُعَيْمٌ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ بَلْ يَمْنَعُهُ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} النِّسَاء 3 وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ تَنْبِيهٌ آيَةُ التَّشْطِيرِ إِنَّمَا تَنَاوَلَتِ الْإِنَاث لقَوْله تَعَالَى {فعليهن} وَإِنَّمَا أُلْحِقَ الذُّكُورُ بِالْإِجْمَاعِ تَمْهِيدٌ لِلْعَبْدِ مَعَ الْحَرَائِر أَرْبَعُ حَالَاتٍ التَّشْطِيرُ كَالْحُدُودِ وَالْمُسَاوَاةُ كَالْعِبَادَاتِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَعِدَدِ الزَّوْجَاتِ وَأَجَلِ الْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَعَلَى النِّصْفِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقِيلَ بِالْمُسَاوَاةِ وَسَاقِطٌ عَنْهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرِّ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ

ص: 205

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلْعَبْدِ إِذَا رَدَّ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ ثُمَّ عَتَقَ فِي الْعِدَّةِ الشَّرْطُ الثَّانِي الْبُلُوغُ فَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ صَبِيٌّ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ بِغَيْرِ إِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ إِنْ أَجَازَهُ وَلِيُّهُ جَازَ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَإِنْ فَسَخَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّ إِصَابَتَهُ كَلَا شَيْءٍ

(فَرْعٌ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ إِجَازَةَ عَقْدِ الصَّبِيِّ مُطْلَقًا وَجَعْلَ الْبُلُوغَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَسْلُوبُ الْأَهْلِيَّةِ وَالْعَقْدُ بِغَيْرِ عَاقِدٍ مُعْتَبَرٍ لَا يَصِحُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ قَوَاعِدُ الصَّبِيُّ يَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ دُونَ طَلَاقِهِ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ سَبَبُ إِبَاحَةِ الْوَطْءِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْخِطَابِ بِالْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ دُونَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهَا التَّكْلِيفُ وَالطَّلَاقُ سَبَبُ التَّحْرِيمِ بِإِسْقَاطِ عِصْمَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحْرِيمِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبُهُ فِي حَقِّهِ وَاشْتَرَكَ السَّبَبَانِ فِي أَنَّهُمَا خِطَابُ وَضْعٍ وَانْضَافَ إِلَى أَحَدِهِمَا كَوْنُهُ خِطَابَ تَكْلِيفٍ فَلَا جَرَمَ انْتَفَى عَنْهُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ الرُّشْدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ السَّفِيهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ أَمْضَاهُ إِنْ كَانَ سَدَادًا وَإِلَّا رَدَّهُ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَفِيمَا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ رُبُعُ دِينَارٍ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَتْرُكُ لَهَا شَيْئًا لِعَبْدِ الْمِلْكِ نَظَرًا لِإِبْطَالِ الْعَقْدِ الْمُوجَبِ بِالْفَسْخِ وَيَجْتَهِدُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى رُبُعِ دِينَارٍ لِذَاتِ الْقَدْرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ نَفْيًا لِلضَّرُورَةِ وَيُزَادُ مَا لَا يَبْلُغُ صَدَاقَ الْمِثْلِ لِأَصْبَغَ لِأَنَّهَا إِصَابَةٌ خَالَطَهَا إِذْنٌ فَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ فَرُبُعُ دِينَارٍ فَقَطْ

ص: 206

فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ حَتَّى مَاتَ السَّفِيهُ وَالزَّوْجَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَلِيِّ النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنْ رَدَّ سَقَطَ الْمِيرَاثُ وَإِلَّا أَخَذَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا بِمَوْتِ الزَّوْجِ وَلَا نَظَرَ للْوَصِيّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ مَاتَتْ وَتَزْوِيجُهُ غِبْطَةٌ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفُ أَهْلِ الرُّشْدِ وَإِلَّا فَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَهِيَ الزَّوْجِيَّةُ وَيُنْظَرُ فِي الصَّدَاقِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي السَّفِيهِ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ يَتَوَارَثَانِ وَيَمْضِي الصَّدَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْضَاءِ حَتَّى يَرُدَّ وَأَنَّ النَّظَرَ يَرْتَفِعُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا يَبْطُلُ النَّظَرُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَيَبْطُلُ الصَّدَاقُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا رُبُعُ دِينَارٍ بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يَمْضِيَ وَإِنَّ النَّظَرَ يَرْتَفِعُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَيَتَوَارَثَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ دَخَلَ أَمْ لَا وَإِلَّا بَطَلَ الصَّدَاقُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَرُبُعُ دِينَارٍ قَالَهُ أَصْبَغُ وَيَتَوَارَثَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَيَبْطُلُ الصَّدَاقُ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ وَيُنْظَرُ فِيهِ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْمَرْأَةَ فَإِنْ كَانَ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُلْ وَإِلَّا بَطَلَ الصَّدَاقُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَرُبُعُ دِينَارٍ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيَتَوَارَثَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَيَثْبُتُ الصَّدَاقُ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ دُونَ الْمَرْأَةِ وَيَتَوَارَثَانِ وَيُنْظَرُ فِيهِ إِن كَانَ الْمَرْأَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِنَاءً عَلَى الرَّدِّ وَارْتِفَاعِهِ بِمَوْتِ الْمَرْأَةِ وَالثَّامِنُ إِنْ كَانَ غِبْطَةً ثَبَتَ الْمِيرَاثُ وَالصَّدَاقُ وَإِلَّا انْتَفَيَا إِلَّا أَنْ يدْخل فربع دِينَار قَاعِدَة السَّفِيه لَا تنفذ تَصَرُّفَاتِهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَتُنَفَّذُ

ص: 207

وَصَايَاهُ صونا لمَاله على مَصَالِحه فَلَو ردَّتْ الْوَصِيَّةُ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالسَّفَهُ مَعْنًى وَاحِدٌ اقْتَضَى الرَّدَّ وَالتَّنْفِيذَ وَيُسَمَّى جَمْعَ الْفَرْقِ الشَّرْطُ الرَّابِعِ الصِّحَّةُ وَأَصْلُهُ نَهْيُهُ عليه السلام عَنْ إِدْخَالِ وَارِثٍ وَإِخْرَاجِ وَارِثٍ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الصِّحَّةِ اتِّفَاقًا فَتَعَيَّنَ الْمَرَضُ وَالْمُتَزَوِّجُ يدْخل فَوَجَبَ الْمَنْع لِحَقِّ الْوَرَثَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ نِكَاحُ الْمَرِيضِ ثَلَاثَةٌ جَائِزٌ وَمَمْنُوعٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ الْمَرَضَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ مَخُوفٍ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ وَكَذَلِكَ الْمَخُوفُ الْمُتَطَاوِلُ كَالسُّلِّ وَالْجُذَامِ إِذَا تَزَوَّجَ فِي أَوَّلِهِ وَمَخُوفٌ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَيَمْتَنِعُ وَمَخُوفٌ غَيْرُ متطاول وَلم يشرف فَثَلَاثَة أَقْوَال فَاسد ول مِيرَاثَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا يَجُوزُ إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِلْإِصَابَةِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِجَازَتُهُ مُطْلَقًا وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ صِحَّةُ نِكَاحِ الْمَرْضَى كَيْفَ كَانَ الْمَرَضُ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْمَنْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ عُثِرَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُفْسَخُ وَإِن دخل وَقَالَ ابْن كنَانَة يفْسخ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْفُرْقَةُ اسْتِحْبَابًا لِصِحَّتِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ مَرِيضٍ وَلَا مَرِيضَةٍ وَيُفْسَخُ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ مَاتَتِ الْمَرِيضَةُ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَإِنْ دَخَلَ الْمَرِيضُ فَصَدَاقُهُ فِي

ص: 208

ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَرَضِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا وَالْعِتْقِ لِأَنَّهُ كَالْمُعَاوَضَةِ وَلَا تَرِثُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِالتَّرِكَةِ قَبْلَهَا وَإِنْ صَحَّ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ دَخَلَ أَمْ لَا وَلَهَا الْمُسَمَّى وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يُفْسَخُ ثُمَّ أَمَرَنِي بِمَحْوِهِ وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّ فَرْضَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ إِلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ الْمَفْرُوضِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا مِيرَاثَ لِمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إِنَّ الْمَمْحُوَّاتِ فِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةٌ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَوَلَدُ الْأُضْحِيَةِ قَالَ حَسَنٌ أَنْ يُذْبَحَ مَعَهَا قَالَ أُبَيٌّ لَمْ أَرَهُ وَاجِبًا ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ ذَبْحَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى عَدَمَ الْوُجُوبِ وَالْحَالِفُ لَا يَكْسُو امْرَأَتَهُ ثُمَّ افتك لَهَا ثِيَابهَا مِنَ الرَّهْنِ قَالَ لَا يَحْنَثُ وَمَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِين لَهُ أَو يَمِين شلاء قَالَ يقطع رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهَا وَقَالَ بَلْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ أَيْضًا إِذَا بَنَى بِهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى وَإِنْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي الثُّلُثِ إِلَّا الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ وَقَالَ أَيْضًا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ مَخْرَجَهُمَا الثُّلُثُ وَهَذَا مَعَ الْمَانِعِ بِخِلَاف ذَلِك وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ زَادَ صَدَاقُهَا عَلَى الْمِثْلِ رُدَّ إِلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا وَالْمُدَبَّرِ فِي الصِّحَّةِ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عِنْدَهُ وَقِيلَ يُحَاصُّ بِهِ فِي الْوَصَايَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تُوَرَّثُ فَلَا يَكُونَ لَهَا الزَّائِدُ لِأَنَّهَا وَصِيَّة لوَارث أَولا فَيَكُونَ لَهَا لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ

ص: 209

وَاخْتُلِفَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْكَافِرَةِ فَجَوَّزَهُ أَبُو مُصْعَبٍ لِعَدَمِ الْمِيرَاثِ وَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِاحْتِمَالِ الْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ قَبْلَ الْمَوْتِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَوْ نَكَحَ تَفْوِيضًا ثُمَّ سَمَّى ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَيَكُونَ فِي ثُلُثِهِ وَلَوْ كَانَ أَضْعَافُ صَدَاقِ الْمِثْلِ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصَايَا وَقَالَ أَصْبَغُ يُقَدَّمُ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ بِالْوَطْءِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ صَدَاقُ الْمَرِيضِ مُطْلَقًا فِي رَأْسِ الْمَالِ قِيَاسًا عَلَى جِنَايَتِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ رُبُعُ دِينَارٍ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحَاصُّ بِهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَنَظِيرُهُ تَرْكُ السَّيِّد لزوجة العَبْد الْمَدْخُول بِهَا رُبُعَ دِينَارٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ وَرَثَتِهِ لَا يَجُوزُ لِإِمْكَانِ فَوَاتِ الْإِذْنِ وَانْتِقَالِ الْمِيرَاثِ لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا نَادِرٌ وَأَرَى جَوَازَهُ سُؤَالٌ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الْمَرِيضُ مِنَ الْوَطْءِ خَشْيَةَ إِدْخَالِ وَارِثٍ لِظَاهِرِ النَّهْيِ كَالتَّزْوِيجِ وَلَمْ يُمْنَعْ جَوَابُهُ الْمَرْأَةُ وَارِثٌ مُحَقَّقٌ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْوَطْءِ حَمْلٌ وَقَدْ لَا يكون

ص: 210

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا غَصَبَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً فَصَدَاقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْحَجْرِ بِخِلَافِ الْمُخْتَارَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ الزَّاحِفُ فِي الصَّفِّ وَرَاكِبُ الْبَحْرِ وَالْمُقَرَّبُ لِلْقَتْلِ وَالْمَحْبُوسُ لَهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِر والمحبوس فِي هَؤُلَاءِ قَولَانِ وَالْحَامِل تمْتَنع أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنَ الْعَاقِدِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيّ الْإِقْرَار بِالنِّكَاحِ فِي الْمَرَض فِي الصِّحَّة أَو فِي الْمَرَض لَا يَجُوزُ وَلَا مَهْرَ وَلَا مِيرَاثَ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَرَضِهَا بِزَوْجٍ فِي الصِّحَّةِ فَصَدَّقَهَا الْوَلِيُّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيِّ وَإِنْ أَقَرَّتْ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ وَقَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُهَا مِنْهُ فِي صِحَّتِهَا وَادَّعَى ذَلِكَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَهُ الْمِيرَاثُ وَعَلِيهِ الصَدَاق الشَّرْط الْخَامِس الْكَفَاءَة والكفوء لُغَةً الْمِثْلُ وَأَصْلُ اعْتِبَارِهَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ النِّكَاحِ السُّكُونُ وَالْوُدُّ وَالْمَحَبَّةُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الرّوم 21 وَنَفْسُ الشَّرِيفَةِ ذَاتِ الْمَنْصِبِ لَا تَسْكُنُ لِلْخَسِيسِ بَلْ ذَلِكَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ وَالْفِتَنِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَارِ عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ

ص: 211

فِي الأخلاف والأسلاف فَإِن مقاربة الدنيء تضع ومقاربة الْعَلِيِّ تَرْفَعُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَا يُحَصِّلُ الْحِكْمَةَ الَّتِي شُرِعَ لِأَجْلِهَا لَا يُشْرَعُ وَالْكَفَاءَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ فَعِنْدَ ش تَحْصُلُ بِخَمْسَةِ أَوْصَافٍ الصَّلَاحِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ إِلَيْهِ عليه السلام أَوْ لِلْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ أَوْ لِلصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعُهُ دُونَ الْمُلُوكِ وَشِيَعِهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا قَدْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِظُلْمِهِمْ وَالسَّلَام مِنَ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسْخِ كَالْجُذَامِ وَنَحْوِهِ وَعَدَمِ خَوْفِ الدَّنِيَّةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْجَمَالِ وَلَا الْيَسَارِ لِحُصُولِ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ فِي النِّكَاحِ بِدُونِ التَّسَاوِي فِيهِمَا وَعِنْدَ ح خَمْسَةُ أَوْصَافٍ الدِّينُ وَالْحُرِّيَّةُ والحرفة والغنا لِمَا يُقَالُ مَالُ الرَّجُلِ جَيْبُهُ وَفِي الْحَدِيثِ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ فَذَكَرَ الْمَالَ وَالْخَامِسُ النَّسَبُ وشدد فِيهِ فَقَالَ لَا تكافئ قُريْشًا غَيرهَا من الْعَرَب وَلَا تكافئ الْعَرَب غَيْرهَا وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي بُيُوتِ الْعَرَبِ وَقَالَ إِذا زوجت نَفسهَا من غير كفؤ فَلِلْأَوْلِيَاءِ التَّفْرِيقُ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُمْ وَإِذَا زَوَّجَ الْأَب الصَّغِير أَو الصَّغِيرَة من غير كفؤ نفذ وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ عَلَى مَا فَصله والغنا وَالْحِرْفَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحُرِّيَّةَ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِبَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَوْ رَاجَعْتِيهِ وَأَمَّا نَحْنُ فَنَعْتَبِرُ فِيهِ خَمْسَةَ أَوْصَافٍ

ص: 212

الْوَصْف الأول الدّين فَفِي الْجَوَاهِر مُتَّفق علبه فَإِنْ زَوَّجَهَا لِفَاسِقٍ بِجَوَارِحِهِ فَلَا خِلَافَ مَنْصُوصٌ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَصِحُّ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَلِلزَّوْجَةِ وَمَنْ قَامَ لَهَا فَسْخُهُ قَالَ وَكَانَ بعض الْأَشْيَاخ يهرب من الْفتيا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ نَقْضِ أَكْثَرِ الْأَنْكِحَةِ وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِاعْتِقَادِهِ فَقَالَ مَالك لَا يُزَوّج الْقَدَرِيَّةَ وَلَا يُزَوَّجُ إِلَيْهِمْ الْوَصْفُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كَفَاءَةُ الرَّقِيقِ يُشِيرُ لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ ذَاتُ الْقدر إِذا رضيت بِعَبْد أَو مولى الْمُسلمين بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ وَلِلْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ سَيِّدِهِ وَاسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ الصَّحِيحُ عدم كِفَايَته وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُفْسَخُ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَنَاكِحَ عُرِفَتْ بِهِمْ وَعُرِفُوا بِهَا وَنَفْيًا لِلْمَعَرَّةِ وَالضَّرَرِ وَفِي الْكتاب قَالَ غَيره وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَمِثْلِهِ إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ وَهِيَ ذَاتُ قَدْرٍ يَكُونُ الْوَلِيُّ عَاضِلًا بِرَدِّهِ وَاسْتَثْقَلَ مَالِكٌ زَوَاجَ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ ابْنَةَ سَيِّدِهِ قَالَ صَاحِبُ النكت إِنَّمَا استثقله لِأَنَّهُمَا قد يرثهما فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَزَوُّجِ أَمَةِ الْوَلَدِ مَعَ تَوَقُّعِ الْإِرْثِ أَنَّ الْوَطْءَ يَبْقَى لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ مُكَاتَبٌ حُرَّةً فَعَرَفَتْ بِهِ بَعْدَ سِنِينَ وَعَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ حَلَفَتْ وَخُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَهُوَ لَيْسَ بكفؤ وَيَكُونُ لَهَا الْمُسَمَّى بِالْمَسِيسِ وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ لَهَا مَقَالٌ لِأَنَّهُ كُفْءٌ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهُ غَرَّهَا وَأَخْبَرَهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْلِفُ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم

ص: 213

الِاشْتِرَاطِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَخُيِّرَتْ وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْهُ والتنقل يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْكَفَاءَةِ الْوَصْفُ الثَّالِث النّسَب فَفِي الْكتاب الْمولى كفؤ الْعَرَبيَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} الحجرات 13 فَإِنْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا فِي الْحَسَبِ وَامْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقيل لَيْسَ بكفؤ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى نِكَاحِ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ إِذَا كَانَ رَغْبَةً فِي دِينِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَهَدْيَهُ فَزَوِّجُوهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ أَجْدَعَ أَجْذَمَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالنِّكَاحُ مَرْدُودٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيُعَاقَبُ النَّاكِحُ وَالْمُنْكِحُ وَالشُّهُودُ فَائِدَةٌ الْفرق بَين النّسَب والحسب أَنَّ النَّسَبَ يَرْجِعُ إِلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْحَسَبَ إِلَى الْمُرَتّب وَالصِّفَاتِ الْكَرِيمَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِسَابِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا تَفَاخَرَتْ حَسَبَتْ مَآثِرَهَا فَتَقُولُ أَضَفْنَا بني فلَان وأجرنا بني فلَان وحملنا وَفعلنَا فَسُمي ذَلِكَ حَسَبًا الْوَصْفُ الرَّابِعُ كَمَالُ الْخِلْقَةِ وَفِي الْجَوَاهِر يُؤمر الْوَلِيّ بِاخْتِيَار كَامِل الْخلق لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لَا يُزَوِّجُ الرَّجُلُ وَلِيَّتَهُ لِلْقَبِيحِ الذَّمِيمِ وَلَا الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ يَضُرُّ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ أَوْ يُؤَدِّي إِلَى نقص الْوَطْء كالعيوب المثبتة للخيار أبطل الله الْكَفَاءَةَ وَكَانَ لَهَا رَدُّ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا

ص: 214

الْوَصْفُ الْخَامِسُ الْمَالُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْعَجْزُ عَنْ حُقُوقِهَا يُوجِبُ مَقَالَهَا وَكَذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحُقُوقِ لَكِنَّهُ يُؤَدِّيهَا فِي مَالِهَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَظَاهر الْكتاب لَيْسَ لَهَا مَقَالٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام مَالُ الرَّجُلِ حَسَبُهُ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ الْمَعَرَّةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا خَالَفَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ فِي خَاطِبٍ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ إِنْ كَافَأَهَا فِي الْقَدْرِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ إِنْ رَأَى مَنْعَهُ عَضْلًا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَجْمَعَ أَصْحَابُ مَالِكٍ تَنْبِيهٌ قَالَ الْكَفَاءَةُ حَقُّهَا وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ فَإِذَا اتَّفَقَتْ مَعَهُمْ عَلَى تَرْكِهَا جَازَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِتَزْوِيجِهِ عليه السلام ابْنَتَهُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَبِيهَا وَأَبِيهِ مَعْلُومٌ وَلَا مُكَافِئَ لَهُ فِي الثَّقَلَيْنِ وَتَزَوَّجَ سَلْمَانُ وَبِلَالٌ وَصُهَيْبٌ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَوَالِي وَالْعَجَمِ الْعَرَبِيَّاتِ الْعَلِيَّاتِ وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا الْإِمَامِيَّةُ

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيَ الْوَلِيُّ بِعَبْدٍ وَمن لَيْسَ بكفؤ فَزَوَّجَهُ ثُمَّ طَلَّقَ فَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ وَيُؤَاخَذُ بِاعْتِرَافِهِ أَوَّلًا أَنَّ زَوَاجَهُ مَصْلَحَةٌ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ عَلَى خِلَافِ مَا عَلِمَهُ مِنْهُ أَوَّلًا

ص: 215

(تَفْرِيع)

قَالَ اللَّخْمِيّ الْعَرَبِيّ كفوء لِلشَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشِينُهَا أَمَّا الْبَرْبَرِيُّ وَالْمَوْلَى فكفوء إِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً لِأَنَّ النَّسَبَ سَاقِطٌ مَعَ الْفَقْرِ عَادَةً وَأَمَّا الْغَنِيَّةُ فَإِنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا عَدَمَ الْمَعَرَّةِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى زُوِّجَتْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُمْتَنِعِ مِنَ الْأَبِ أَوِ ابْنَتِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَمَعَرَّةٌ لِلْغَنِيَّةِ وَالْفَقِيرَةِ فَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَبُ وَالِابْنَةُ وَلَا عُصْبَةَ لَهَا زُوِّجَتْ إِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَلَهَا عُصْبَةٌ قَرِيبَةٌ فَلَهُمْ مَنْعُهَا دَفْعًا لِلْمَعَرَّةِ وَيُنْظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى عَادَةِ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ فَيُحْمَلُونَ عَلَيْهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوِلَايَةِ وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ شَرْطٌ إِلَّا ح فِي الرَّشِيدَةِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} الْبَقَرَة 232 وَقَوْلِهِ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 فَأَضَافَهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهَا دُونَ الْوَلِيِّ وَقَوْلِهِ عليه السلام الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا قِيَاسًا لِبُضْعِهَا عَلَى مَالِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَدْ تَقَدَّمَ فِي عَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ الثَّيِّبُ فَتَكُونُ هِيَ الْمُرَادَةَ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ عِنْدَنَا لَا تُجْبَرُ بَلْ لَفْظَةُ أَحَقُّ بِصِيغَةِ تَفْضِيلٍ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي أَصْلِ الْحَقِّ فَمِنْهَا الْإِذْنُ فِي نَفْسِهَا وَمِنْهَا الْعَقْدُ وَفِعْلُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى فِعْلِهَا وَهِيَ أَتَمُّ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِلُزُومِ الْمَعَرَّةِ عَلَى الْأَبَدِ لِلْوَلِيِّ وَلَهَا بِوَضْعِهَا نَفْسَهَا فِي غير كفوء بِسَبَبِ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا عَلَى عَقْلِهَا

ص: 216

بِخِلَافِ الْمَالِ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهَا فَهَلْ يَكْفِي أَيُّ وَلِيٍّ كَانَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ عَلَى مَرَاتِبِهَا عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ ثُمَّ هِيَ على الْمَذْهَب قِسْمَانِ خَاصَّة لِلْقَرَابَةِ الْوَلَاء وَالْمِلْكِ وَعَامَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُفِيدَةِ لَهَا وَهِيَ تِسْعَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ وَهِيَ أَعْظَمُهَا لِأَنَّ مَزِيدَ شَفَقَةِ الْأَبِ عَلَى الْقَرَابَاتِ يُوجِبُ مِنْ سَدَادِ النَّظَرِ مَا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ غَيْرُهُ غَالِبًا لَا جرم اخْتصَّ الْإِجْبَار بِهِ بِأحد علتين الصغر أَو الْبكارَة فيجير الصَّغِيرَةَ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَالْبِكْرَ وَإِنْ كَانَتْ بَالِغًا وَبِالْإِجْبَارِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح وَجَوَّزَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ أَبًا أَوْ جَدًّا لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِمَا وَلَهُمَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ غَيْرِهِمَا وَلَا تُجْبَرَ الثَّيِّبُ الْبَالِغُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ الْعِلَّتَيْنِ وَفِي الْبِكْرِ الْمُعَنَّسَةِ رِوَايَتَانِ نَظَرًا لِلْبَكَارَةِ وَعَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْوَطْءِ أَوْ يُقَالُ طُولُ عمرها يفيدها بِالسَّمَاعِ مَا يحصل من الِاسْتِمْتَاع وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سِنُّهَا أَرْبَعُونَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ثَلَاثُونَ وَفِي الْمُنْتَقَى خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَنَقَلَ غَيْرُهُ خَمْسُونَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِئْذَانُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَفِي الْمُنْتَقى ل يَلْحَقُ الْجَدُّ بِالْأَبِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُهُ فِي الْمِيرَاثِ فَلَا يَجْبُرُ قِيَاسًا عَلَى الْأَخِ

ص: 217

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَإِذَا طُلِّقَتِ الْبِكْرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَوِلَايَتُهُ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ بَنَى بِهَا انْتَفَى الْإِجْبَارُ وَتَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَتْ إِلَّا أَنْ يَخْشَى سُوءَ حَالِهَا فَيَمْنَعَهَا الْأَبُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالزِّنَا لَا يُسْقِطُ الْإِجْبَارَ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُ يُوجِبُ مَزِيدَ الْحَيَاءِ الْمَانِعِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِمَصَالِحِ النِّكَاحِ وَبِخِلَافِ التَّزْوِيجِ الْحَرَامِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ فَآثَارُ التَّزْوِيجِ مَوْجُودَةٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ قِيلَ كَالْبِكْرِ مُطْلَقًا وَقِيلَ كَالثَّيِّبِ مُطْلَقًا وَقِيلَ كَالْبِكْرِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالصَّمْتِ وَكَالثَّيِّبِ فِي اشْتِرَاطِ الرِّضَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أُلْزِمَتْ فِي الْمُنَاظَرَةِ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا الزِّنَا حَتَّى تُجَاهِرَ بِهِ فَالْتَزَمَتِ التَّسْوِيَةَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ سَقَطَ الْإِجْبَارُ لِمَعْرِفَتِهَا بِمَصَالِحِ النِّكَاحِ بِسَبَبِ الْخُلْطَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّةً وَنَحْوَهَا وَالْقُرْبُ مُلْغًى وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْوَطْء نظر إِلَى قريب الْمُدَّةِ وَبِعِيدِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا بِرُبُعِ دِينَارٍ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِينَارٍ مِنْ فَقِيرٍ وَضَرِيرٍ وَعَلَى ضَرَّةٍ وَغير الكفوء إِلَّا مَجْنُونًا مَخُوفًا أَوْ أَبْرَصَ قَبِيحًا أَوْ مجذوما مقطعا فَفِي هَذِه الثَّلَاثَة لَهَا الْمقَال وَتسقط ولَايَته عَنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ رَجَعَتْ ثَيِّبًا بِالنِّكَاحِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثَبَتَ الْجَبْرُ لِعِلَّةِ الصِّغَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِ ش وَقَالَ سَحْنُونٌ يُجْبِرُهَا وَإِنْ حَاضَتْ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَا يُسْقِطُ الْإِجْبَارَ بِدَلِيلِ الْبكر

ص: 218

وَرُوِيَ فِي الطَّوِيل الْمُزِيلِ لِلْإِجْبَارِ لَا يُحَدُّ بِسَنَةٍ بَلْ بِالْعَادَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا أَثَرَ لِلتَّسْوِيَةِ بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ بِالسَّقْطَةِ وَنَحْوِهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا الْتَمَسَتِ الثَّيِّبُ الْبَالِغ التَّزْوِيج وَجَبت الْإِجَابَة وَإِن ثَبت الْإِجْبَارُ وَلَا يَكُونُ الْأَبُ عَاضِلًا بِرَدِّ خَاطِبِينَ فِي ابْنَته الْبكر وَغَيره عاضلا برد كفوء والكفوء الَّذِي تُعَيِّنُهُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا أَوْلَى مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ

(تَفْرِيعٌ)

فِي التَّلْقِينِ لِلْأَبِ إِنْكَاحُ صَغِيرِ الذُّكُورِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا الذُّكْرَانُ فَلِلْأَبِ إِجْبَارُ الصَّغِيرِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش عَمَلًا بِمَا يُظَنُّ مِنْ شَفَقَةِ الْأُبُوَّة من تَحْصِيل الْمصَالح وأختار فِي الْكِتَابِ تَزْوِيجَ الْكَبِيرِ اسْتِقْلَالًا وَمَنَعَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الرُّشْدُ إِذَا بَلَغَ فَتَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ أَوْلَى وَقَالَ أَيْضًا لَهُ ذَلِك إِذا زوجه من ذَات شرف أَو ابْنة عَمٍّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِجْبَارَ الْبَالِغِ السَّفِيهِ قَالَ وَمنعه عبد الْملك وَاسْتحبَّ مَالِكٌ عَدَمَ تَزْوِيجِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَلِلسَّفِيهِ أَرْبَعُ حَالَاتٍ إِنْ خُشِيَ الْفَسَادُ وَأُمِنَ الطَّلَاقُ وَجَبَ الْإِنْكَاحُ وَإِنْ أُمِنَ الْفَسَادُ وَالطَّلَاقُ أُبِيحَ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ إِلَيْهِ فَيَجِبُ وَإِنْ خُشِيَ

ص: 219

الطَّلَاقُ وَأُمِنَ الْفَسَادُ حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَالِ دُعِيَ إِلَى ذَلِكَ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ يَسِيرًا وَإِنْ خَشِيَ الْفَسَادَ وَقَدَرَ عَلَى حِفْظِهِ فَعَلَ وَلَمْ يُزَوَّجْ وَإِنْ عَجَزَ زَوَّجَهُ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ إِنْ لَمْ يُفِقْ لَمْ يَنْفُذْ طَلَاقُهُ وَإِنْ خُشِيَ فَسَادُهُ زُوِّجَ وَإِلَّا فَلَا

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الْكَبِيرَ غَائِبًا عَنْهُ ذَاكِرًا أَنَّهُ بِأَمْرِهِ فَقَدِمَ فَأَنْكَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ وَلَا صَدَاقَ عَلَى الْأَبِ فَإِن مَاتَ قبل الْقدوم وَعلم رِضَاء وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَمِينَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا وَقَالَ رَبِيعَةُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ أَبِيهَا فَيَقْدُمُ فَيَعْتَرِفُ بِالْوِكَالَةِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا فِيمَنْ لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي الْبِكْرِ لِعَدَمِ الْأَبِ

ص: 220

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا مَاتَ الْأَبُ فَادَّعَتْ أَنَّهَا يَتِيمَةٌ عِنْدَهُ لَيْسَتِ ابْنَتَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلزَّوْجِ بِتَعْيِينِهَا وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنَ الْأَبِ أَنَّ لَهُ ابْنَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلِ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الصَّغِيرِ شُرُوط فَأَجَازَهَا وَلِيُّهُ أَوْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ بِهَا سَقَطَتْ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَلْتَزِمَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ خُيِّرَ فِي الدُّخُولِ وَالْفَسْخِ وَدَخَلَ لَزِمَتْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا وَإِنْ عَلِمَ وَكَرِهَ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّلَاقِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَالَ إِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ خُيِّرَ فِي الدُّخُول أَو الْفَسْخ وَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ إِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ زَوَّجَهُ لَا مَالَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيْنَا إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَيَثْبُتَ النِّكَاحُ عَلَى مَا أَحَبَّ الزَّوْجُ أَوْ كَرِهَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدُّهُ الْوَلِيُّ حَتَّى كَبُرَ مَضَى

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا صَرَّحَ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ أَوِ الْيَتِيمِ حَتَّى الْبُلُوغِ أَوِ الرُّشْدِ فَسَدَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا وَلَوْ صَرَّحَ بِثُبُوتِهَا فِي مَالِهَا لِجَازَ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَهْمَلَ فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ نَظَرًا إِلَى حَمْلِ تَصَرُّفِ

ص: 221

الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْبُطْلَانِ وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَوِ الْبَيَانُ شَرْطٌ وَلَمْ يُوجَدْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ إِذَا دَخَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَحَّ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَاشْترط النَّفَقَة على الزَّوْجَة وَلها صدَاق مثلهَا وَإِن كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَاشْتَرَطَ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذا زوجه أَبوهُ وَلَا مَال لَهُ فَإِن الصَدَاق عَلَى الْأَبِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الِابْنِ بِيُسْرِهِ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِعْسَارِ مَعَ مَزِيدِ شَفَقَةِ الْأُبُوَّةِ لتقتضي الْتِزَام ذَلِك فِي ذمَّة الْأَب وَله مَالٌ فَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْأَبِ بعسره لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْعِوَضِ عَلَى مُسْتَوْفِي الْمُعَوَّضِ فَإِنْ أَيْسَرَ الِابْنُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَعْسَرَ عِنْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فَإِنِ امْتَنَعَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهَا إِلَّا بَعْدَ أَخْذِ الصَّدَاقِ فَإِنْ شَرَطَهُ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّغِيرِ أَوِ السَّفِيهِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ لَا يَمْنَعُهُ أَبُوهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ سَفَهًا فَإِنْ زَوَّجَهُ وَهُوَ غَائِبٌ أَوِ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ فَرَضِيَا بِفِعْلِهِ لَمْ يَجُزْ

ص: 222

لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا لَمْ يَتَوَارَثَا فَإِنْ زَوَّجَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْأَبُ قَالَ لَمْ أَرْضَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ إِنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالنُّكُولِ شَيْءٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ نَكَلَ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَضِيَ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ كَبِيرٌ فِي عِيَالِهِ وَقَالَ لَا أَغْرَمُ مِنَ الْمَهْرِ شَيْئًا أَرَدْتُهُ عَلَيْكَ لَا يَكُونُ عَلَى وَاحِد مِنْهُمَا وَيفرق بَينهمَا بعد أيمانهما قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ فَيَبْرَأَ الْأَبُ بِحَلِفِهِ وَيَغْرَمُ الِابْنُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يكون مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ السَّبَبُ الثَّانِي فِي خلَافَة الْأُبُوَّة وَهُوَ الْوَصِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا كَالْأَبِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَل إِن عين الزَّوْج وَمنع ش وح وِلَايَتَهُ فِي الْبُضْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أَثْبَتَ الشَّرْعُ وِلَايَةَ الْقَرَابَةِ مَنْفِيٌّ عَنْهُ وَهُوَ الشَّفَقَة الجلية والغيرة الطبيعية وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيمَا لَهُ مِنِ الْوِلَايَةِ حَالَ حَيَاتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي الثَّيِّبِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ شَفَقَةَ الْأَبِ تَمْنَعُ مِنِ اسْتِخْلَافِ مَنْ لَا يُوفِّي بِمَقَاصِدِ إِشْفَاقِهِ وَإِذا حصلت مَقَاصِد الإشقاق فَهُوَ كَمُبَاشَرَةِ الْمُشْفِقِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَبَ فِي الثَّيِّبِ كَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ وَالتَّحَكُّمَ عَلَيْهَا فِي مَصَالِحِهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ كَتَقْدِمَةِ الْأَخِ عَلَى الْعَمِّ فَكَمَا أَنَّ تَقْدِمَةِ الْأَخِ لَا تُوجِبُ لَهُ نُفُوذَ وَصِيَّتِهِ فَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي الثَّيِّبِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ حَقُّهُ فِيهَا مُتَمَكِّنٌ بِدَلِيلِ الْخَبَرِ فَكَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ فَظهر

ص: 223

الْفَرْقُ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْأَبِ فِي حَيَاتِهِ فَيَكُونُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالْمَالِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ الْبَالِغِ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ فَإِنْ عَقَدَ وَلِيُّهَا بِرِضَاهَا لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْوَصِيُّ فَإِنِ اخْتَلَفُوا نَظَرَ السُّلْطَانُ وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ كَالْوَصِيِّ وَإِنْ بَعُدَ فِي الْبِكْرِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنَ الْوَلِيِّ وَيُشَاوِرُ الْوَلِيَّ قَالَ مَالِكٌ وَالْوَصِيُّ فِي الثَّيِّبِ كَالْوَلِيِّ لِاسْتِقْلَالِهَا بِنَفْسِهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ إِلَّا الْأَبُ دُونَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ ويوكلا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا وَالْمَرْأَةُ الْوَصِيُّ لَا تَلِي الْعَقْدَ لِنَقْصِهَا عَنْ مَرْتَبَةِ ذَلِكَ لَكِنْ تُوَكِّلُ رَجُلًا بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيَّةِ وَرِضَاهَا وَقَبْلَ ذَلِكَ فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِجْبَارُ لِلْآبَاءِ وَلِمَنْ أَقَامُوهُ فِي حَيَاتِهِمْ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ إِذَا عَيَّنَ الْأَبُ الزَّوْجَ فَإِنْ فَوَّضَهُ إِلَيْهِ فَلَهُ الْإِجْبَارُ مِمَّنْ يَرَاهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِجْبَارَهُ لِاخْتِصَاصِ الْأَبِ بِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَإِذَا زَوَّجَ الْوَصِيُّ صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فُسِخَ فَإِنْ بَلَغَتْ قَبْلَ النَّظَرِ قِيلَ فَاسِدٌ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ لِوُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْرُوعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقِيلَ جَائِزٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهَا إِنْ أَسْقَطَتْهُ سَقَطَ وَإِنْ رَدَّتْهُ بَطَلَ إِلَّا أَنْ يَطُولَ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ يَدْخُلَ بِهَا عَالِمَةً بِالْخِيَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَبْلُغْ مَالِكٌ بِهِمَا قَطْعَ الْمِيرَاثِ وَأَرَى أَنْ يَتَوَارَثَا لِإِجَازَةِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُزَوِّجُ وَصِيٌّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا إِنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ فِي الْمَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أَثْبَتَ الشَّرْعُ وِلَايَةَ الْقَرَابَةِ مَفْقُودٌ فِيهِ وَهِيَ الشَّفَقَةُ الجلية قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ إِنْ أُوصِيَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَلَا يُزَوِّجُ الْإِنَاثَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بعده

ص: 224

دُونَ اسْتِئْمَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَهُ تَزْوِيجُ الذُّكُورِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ دُونَ إِذْنٍ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُطلقَة أَو مفسرة قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَقَطْ أَوْ وَصِيٌّ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَبْكَارًا كُنَّ أَوْ ثُيَّبًا فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي تَزْوِيجِهِنَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ قَالَ على مَالِي فَالْقِيَاس أَنه مَعْزُول على الْأَبْضَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ الْأَبُ لِلْوَصِيِّ زَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِمَّنْ تَرْضَاهُ أَوْ زَوِّجْهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ كَالْأَبِ فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَقَطْ أَوْ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ امْتَنَعَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ رِضَاهُنَّ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ وَصَّاهُ بِزَوَاجِ فَاسِقٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ حَتَّى يَنْتَقِلَ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ قَالَ زَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ مُدَّةٍ وَفَرْضِ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَذَلِكَ لَازِمٌ إِذَا طَلَبَهُ الْمُعَيَّنُ وَيُحْكَمُ بِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْوَصِيُّ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ مِنَ الْجَوْدَةِ إِلَى الدَّنَاءَةِ فَلَهُ مَقَالٌ وَلَيْسَ لَهَا مَقَالٌ بِسَبَبِ أَنَّهُ صَارَ لَهُ زَوْجَاتٌ أَوْ سِرَارِي

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ إِنْكَاحُ إِمَاءِ الْيَتَامَى وَعَبِيدِهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَالَ إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَقَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي مِنِ ابْن أخي قَالَ سَحْنُون إِن قيل ابْنُ الْأَخِ بِالْقُرْبِ جَازَ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ إِلَى أَجَلٍ كَمَا لَوْ قَالَ إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَقَدْ زَوَّجْتُكَ

ص: 225

ابْنَتِي فُلَانَةً وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَلَا يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ فِي جَارِيَتِهِ الْمُعْتَقَةِ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُهَا عَلَى صَدَاقِ كَذَا وَهِيَ غَائِبَةٌ وَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ انْعَقَدَ عَلَى خِيَارٍ مِنْ أَصْلِهِ لِاتِّحَادِ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ الْغَائِبَةَ وَأَعْلَمَ الزَّوْجَ بِعَدَمِ الْإِذْنِ بَلْ لَا يَجُوزُ هَذَا وَإِنْ رَضِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَطَاوَلَ لَا يُفْسَخُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوْلَادِ وَرِثَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْأَيَّامِ بَعْدَ يَمِينِهَا أَنَّهَا رَضِيَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي يَكُونُ فِي حِجْرِهِ الْيَتِيمُ لَهُ مَالٌ يُزَوِّجُهُ لِابْنَتِهِ إِنْ كَانَ سَدَادًا لِلْيَتِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ حَتَّى يَعْلَمَ السَّدَادَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ يَتِيمَتَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا من ابْنه السَّبَب الثَّالِث الْعُصُوبَة كَالْبُنُوَّةِ وَالْجُدُودَةِ وَالْعُمُومَةِ وَأُخُوَّةِ الشِّقَاقَةِ وَأُخُوَّةِ الْأَبِ وَلَا وِلَايَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُمْ أَخُ الْأُمِّ وَعَمُّ الْأُمِّ وَجَدُّ الْأُمِّ وَأَبْنَاءُ الْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتُ والعمات وَنَحْوهم مِمَّن يُدْلِي بأنثى لِأَن الْوَلِيّ شُرِعَ لِحِفْظِ النَّسَبِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا مَنْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِهِ وَخَالَفَ ش فِي الْبُنُوَّةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ

ص: 226

نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَابْنُهَا لَيْسَ مِنْ مَوَالِيهَا وَلِأَنَّهُ يُدْلِي بِهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا كَتَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهَا وَلِأَنَّ أَبَاهُ لَا يَلِي فَلَا يَلِي كَالْخَالِ وَابْنِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا وَهُوَ وَلِيُّهَا لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مِنَ الْوَلَاءِ مِنْ قَوْلِنَا هَذَا يَلِي هَذَا وَابْنُهَا يَلِيهَا أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا فَيَكُونَ وَلِيَّهَا وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بَيْنَ قُوَّةِ عَقْلِهِ وَنَقْصِ عَقْلِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ عَارُهَا بِخِلَافِ أَبِيهِ وَابْنِ الْخَالِ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَنَا قَوْلُهُ عليه السلام لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قُمْ فَزَوِّجْ أُمَّكَ وَزَوَّجَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أُمَّهُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَصَبَاتِ فِي الْمِيرَاثِ فَيُقَدَّمُ فِي النِّكَاحِ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُعْتَبَرُ وِلَايَةُ الْعَصَبَةِ إِلَّا فِي الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الرَّاضِيَةِ الْآذِنَةِ بِالتَّصْرِيحِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِالسُّكُوتِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ إِذْنَهَا صِمَاتُهَا احْتِيَاطًا فِي أَمْرِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ يُقَالُ لَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنْ رَضِيتِ فَاصْمُتِي وَإِنْ كَرِهْتِ فَانْطِقِي لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا صِمَاتُهَا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّيِّبَ إِذْنُهَا نُطْقُهَا بِمَفْهُومِهِ

ص: 227

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِذْنِ فَأَقْوَالٌ ثَالِثُهَا فِي الْكِتَابِ أَنْ يَعْقُبَهُ الْإِذْنُ عَلَى قُرْبٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِفَقْدِ الْإِذْنِ وَهُوَ شَرط قَالَ صَاحب الْبَيَان ويكوف الْفَسْخ بِطَلَاق وَهل يتوارتان إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ فِي رِضَاهَا بِالْقُرْبِ الْجَوَازُ وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا الْخِيَارُ لِأَنَّهُ أَدَّى إِلَيْهِ الْحُكْمُ دُونَ الْعَقْدِ فَلَوْ أَعْلَمَ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ بِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ مَالِكٌ يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْخِيَارِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْخِيَارِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ وَهُوَ أَعْذَرُ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ الْمُمَيِّزَةِ لِمَصَالِحِهَا كَارِهَةً اتِّفَاقًا فَإِنْ زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَسِتَّةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَرَضِيَتْ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفْسَخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} النِّسَاء 3 مَعْنَاهُ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي تَزْوِيجِهِنَّ وَهُوَ دَلِيلُ جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهِم قَبْلَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ مَنْ بَلَغَ لَا يُقَالُ لَهُ يَتِيمٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ وَتَلِدَ الْأَوْلَادَ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ وَالسَّنَتَيْنِ وَهَلْ تُخَيَّرُ إِذَا بَلَغَتْ مَا لَمْ يَطُلِ الْأَمْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَقَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يُفْسَخْ وَقَالَ أصبغ

ص: 228

إِنْ شَارَفَتِ الْحَيْضَ لَا يُفْسَخُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ فَطَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَهُ لَزِمَهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ بِالدُّخُولِ وَالْمِيرَاثُ بِالْمَوْتِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ فَزَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ فَفَعَلَ فَأَقَرَّتْ بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرَتْ أَنَّهُ زَوْجُهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ إِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ وَالْعَقْدِ وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ فَهُوَ كَالْوَكَالَةِ عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ ثُمَّ يُتَنَازَعُ فِي الْقَبْضِ فَإِذَا أَقَامَ الزَّوْجُ أَوِ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ صُدِّقَ الْوَكِيلُ فِي التَّلَفِ وَإِلَّا ضَمِنَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ لِتَصْدِيقِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ يَدَّعِي قَبْضَ الثَّمَنِ وَالضَّيَاعَ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْبَيْعِ وَكَالَةٌ فِي قَبْضِ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ إِذَا أَنْكَرَتِ الرِّضَا وَالْعِلْمَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَتْ أَسْبَابًا ظَاهِرَةً كَالْوَلِيمَةِ وَنَحْوِهَا حَلَفَتْ أَنَّهَا مَا عَلِمَتْ أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَهَا وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا تَحْلِفُ وَقِيلَ لَا تَحْلِفُ مُطلقًا لِأَنَّهَا إِذا نكلت لايلزمها النِّكَاحُ وَقِيلَ تَحْلِفُ رَجَاءَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ حَلَفَتْ بَطَلَ النِّكَاحُ وَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ

ص: 229

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِشُرُوطٍ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ فَزَوَّجَهَا بِدُونِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْتَ فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يعين لَهُ الزَّوْجُ وَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ لِأَنَّ رِضَاهَا شَرط وَهُوَ بِالْمَجْهُولِ مُتَعَدٍّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ زَوَّجَهَا مَنْ غَيْرِهِ صَحَّ نَظَرًا لِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ فَرَضِيَتْ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنِ ابْنِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُ الْقَاضِي ضَرَرًا فَلَا مَقَالَ لَهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ الْبُلُوغُ الْمُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِ الْعَصَبَةِ الْحَيْضُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَوْ بُلُوغُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي الْإِنْبَاتِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ زُوِّجَتْ بِهِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبعده وَاخْتَارَهُ مُحَمَّد السَّبَب الرَّابِع الْوَلَاء لِقَوْلِهِ عليه السلام الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ

ص: 230

النَّسَبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى كَالْعَصَبَاتِ عِنْدَ عَدَمِهَا فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ امْرَأَةً اسْتَحْلَفَتْ رَجُلًا وَلَا وَلَاءَ لِلْأَسْفَلِ عَلَى الْأَعْلَى لِأَنَّ الْوِلَايَةَ سَبَبُ تَصَرُّفٍ وَاسْتِيلَاءٍ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُنَاسِبُ الِاسْتِيلَاءُ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ الْوِلَايَةُ تَسْوِيَةً بَيْنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا أَوْ صَغِيرَةً لَمْ يَجُزْ عَقْدُهُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَبْلُغَا لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ خَاصَّةٌ بِالْآبَاءِ والملاك السَّبَب الْخَامِس التَّوْلِيَة لِقَوْلِهِ عليه السلام أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنَّمَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ الْبَالِغَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ عَضْلِهِ وَلَا يُزَوِّجُ الْيَتِيمَةَ حَتَّى تَبْلُغَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُتْيَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عليه السلام لَا تُزَوَّجُ الْيَتِيمَةُ حَتَّى تَبْلُغَ وَرُوِيَ أَنَّ جُمْلَةَ الْأَوْلِيَاءِ يُزَوِّجُونَهَا وَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وَرُوِيَ إِنْ دَعَتْهَا حَاجَةٌ وَضَرُورَةٌ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَلَهَا فِي النِّكَاحِ مَصْلَحَةٌ جَازَ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إِنَّمَا هُوَ حَقٌّ لَهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الَّتِي يُخْشَى عَلَيْهَا الْفَسَادُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَنْعِ فَرُوِيَ يُفْسَخُ وَإِنْ بَلَغَتْ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقِيلَ يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ وَقِيلَ الْخِيَارُ لَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ تَرَدُّدُ الْفَائِتِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وحقها

ص: 231

السَّبَب السَّادِس الْملك لِأَنَّ الرَّقِيقَ مَالٌ وَلِلسَّيِّدِ إِصْلَاحُ مَالِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنْ تَزْوِيجٍ وَغَيْرِهِ رَضِيَ الرَّقِيقُ أَوْ كَرِهَ كَسَائِرِ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَلَا تُخَيُّرَ لَهُمَا وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش فِي الْعَبْدِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} النُّور 32 وَقِيَاسًا عَلَى الْأَمَةِ بِجَامِعِ الْمَالِيَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِجَارةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لَهُ إِضْرَارُهَا بِتَزْوِيجِهَا مِمَّنْ يَضُرُّ بِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ وَرَقِيقَ الطِّفْلِ الَّذِي تَحْتَ نَظَرِهِ بِالْمَصْلَحَةِ وَأَمَةُ الْمَرْأَةِ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ إِنْ زَوَّجَهَا أَجْنَبِيٌّ وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ مَفْسُوخٌ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُجْبَرُ مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ لِتَعَدِّي التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِ الْمِلْكِ وَلَا يَجْبُرُ مَالِكٌ بَعْضَهُ عَلَى تَزْوِيجِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ ضِرَارًا تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الْمَالِ وَمَنْ فِيهِ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ فِي إِجْبَارِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَة بَين الذُّكُور فيجبروا لقدرتهم عَلَى الْحَلِّ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْإِنَاثِ وَرَابِعُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِهِ فَيُجْبَرُ لِقُوَّةِ التَّصَرُّفِ وَمَنْ لَا فَلَا وَالْمَنْعُ لِمَالِكٍ وَابْن الْقَاسِم

ص: 232

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ تَزْوِيجَ أُمِّ وَلَدِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كره لدناءة المرؤة وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْعَقْدِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَهُ إِجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لِقُوَّةِ الْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْمَالِيَّةِ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ أُمِّ وَلَدِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ انْتِزَاعًا مِنْ أُمِّ الْوَلَد بل إصلاحا لما لَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا بَاشَرَتِ الْأَمَةُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهَا لَمْ يَجُزْ بِإِجَازَةِ السَّيِّدِ لِفَسَادِهِ بِعَدَمِ الْوَلِيِّ فَإِنْ وَكَّلَتْ غَيْرَهَا فَرِوَايَتَانِ الْبُطْلَانُ لِأَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ وَهَذَا إِنَّمَا زَوَّجَ بِالتَّوْكِيلِ فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ وَفِي الْكِتَابِ الْجَوَازُ إِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْأَمَةُ وَالْعَبْدُ سَوَاءٌ فِي إِجَازَةِ السَّيِّدِ إِذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ كَقَوْلِ ح

ص: 233

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَوِ اشْتَرَى أَمَةً مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَوَطِئَهَا حُدَّ وَرَقَّ وَلَدُهُ لِسَيِّدِهَا بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَمَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَأَخْبَرَتْهُ بِحُرِّيَّتِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ كَذِبَهَا فَلَا يَرِقُّ الْوَلَدُ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَهَذَا إِذَا أَشْهَدَ عَلَى إِقْرَارِهِ بزواجها وَأما بعد الاخال فَلَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي إِرْقَاقِ الْوَلَدِ لِتَسْقُطَ الْقِيمَةُ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ عَدِيمًا أُتْبِعَ وَلَا قِيمَةَ فِيمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ فَالْمَهْرُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لَا فِي رَقَبَتِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ جِنَايَةً وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ خَطَبَ لَهُ وَسمي بعد فَعَلَى السَّيِّدِ لِقَرِينَةِ الْمُبَاشَرَةِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَقَطْ فَعَلَى الْعَبْدِ وَقَالَ ش الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ فِي كَسْبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَنَفَّذَ الْمَهْرَ وَبَنَى فَلِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ وَيَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَإِنْ أَعْدَمَتْ أُتْبِعَتْ بِهِ فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ اتَّبَعَهُمَا إِنْ عَرَّاهَا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَبْطَلَهُ السَّيِّدُ أَوِ السُّلْطَانُ قَبْلَ الْعِتْقِ بَطَلَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِذَا أُعْتِقَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ السَّيِّدُ حَتَّى أُعْتِقَ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَكُلُّ مَا لَزِمَ ذِمَّةَ الْعَبْدِ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِهِ وَلَا من عَمَلِ يَدِهِ وَلَا مِمَّا فَضَلَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ بَلْ فِيمَا أَفَادَهُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّة وديون الْمَأْذُون لَهُ فِيمَا فِي يَده مِنْ كَسْبِهِ مِنَ التِّجَارَةِ لِأَنَّ

ص: 234

السَّيِّدَ سُلِّطَ عَلَيْهِ بِإِذْنِهِ دُونَ خَرَاجِهِ وَعَمَلِ يَدَيْهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ السَّيِّدُ بِدَيْنِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّفَقَةُ لَازِمَةٌ لِلْعَبْدِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَهْرِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ اشْتِرَاطَهَا عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ اتَّبَعَتْهُ بِالْمَهْرِ أَوْ قَبْلَهُ سَقَطَ لِلْفَسْخِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اشْتَرَتْهُ بِالْمَهْرِ الَّذِي ضَمِنَهُ السَّيِّدُ وَظَهَرَ مِنْ قَصْدِ السَّيِّدِ إِفْسَادُ النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْقَصْدُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَحَّ وَانْفَسَحَ النِّكَاحُ وَبَقِيَ مِلْكًا لَهَا إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا عَادَ لِسَيِّدِهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَان إِذا أعتق سيد الْأَمَةِ وَلَدَ الزَّوْجِ رَجَعَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مُعْدِمًا أَوْ لَا أَبَ لَهُ لِأَنَّ عِتْقَ الصَّغِيرِ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ إِلَّا الْأَبُ الْمُوسِرُ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهُ طَرْحُ وَلَدِهَا مِنْ حِينِهِ حَتَّى يَجِدَ لَهُ مَوْضِعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مولودة لَهُ بِوَلَدِهِ} الْبَقَرَة 233

ص: 235

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْعَبْدِ مِنَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ وَلَا يَجُوزُ لأحد أَن يتَزَوَّج أمته إِلَّا هَذِه

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ لَهَا زَوْجَهَا فَرَدَّهُ سَيِّدُهَا فَهُمَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ لِقَصْدِ فَسْخِ النِّكَاحِ وَأَنْ يُحَلِّلَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَحْرُمْ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا قَبِلَ الْعَبْدُ الْهِبَةَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قَصَدَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ أَمْ لَا وَلَا حُجَّةَ إِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ قَصْدَهُ لِلْفَسْخِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْقَصْدُ مِنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَقْبَلْ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ وَيُفْسَخُ وَإِنْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَوِلَايَتِهِ فَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَرِيبِ وَلَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ فُسِخَ لِتَمَكُّنِ الْفَسَادِ وَلَا يَنْكِحُهَا الزَّوْجُ إِلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ وَإِنْ لَحِقَ بِهِ نَسَبُ وَلَدِهَا وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ تَمْيِيزًا بَيْنَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ كُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ

ص: 236

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا نَفْيًا لِلْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّ أَحَدِهِمَا فَإِنْ عَقَدَهُ أَحَدُهُمَا لِلْأَمَةِ لَمْ يَجُزْ بِإِجَازَةِ الْآخَرِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَيَكُونُ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمَا إِنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ نَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّ لِلْغَائِبِ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّ لِلْغَائِبِ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ إِنْ طَلَبَهُ فَإِنْ غَرَّ الْعَاقِدُ الزَّوْجَ بِقَوْلِهِ هِيَ مِلْكِي أَوْ هِيَ حُرَّةٌ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لِشَرِيكِهِ وَيَرْجِعُ أَيْضًا عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ إِلَّا نِصْفَ رُبُعِ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَلِلْآخَرِ فَسْخُ نِكَاحِهِ وَيَأْخُذُ مِنَ الْمَرْأَةِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَيَكُونُ بِيَدِ الْعَبْدِ مَعَ مَاله إِلَّا أَن يتَّفقَا على تَسْمِيَته وَلَا يَتْرُكُ لَهَا مِنْهُ رُبُعَ دِينَارٍ إِنْ كَانَتْ عَالِمَةً فَإِذَا اقْتَسَمَا أَخَذَتْ مِنَ الْآخَرِ حِصَّتَهُ مِنَ الصَّدَاقِ وَلَوْ غَرَّهَا الْآخَرُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا رَجَعَتْ بِمِثْلِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ وَلَوِ اسْتَهْلَكَتْهُ اتَّبَعَهَا غَيْرُ الْآذِنِ بِجَمِيعِهِ وَاتَّبَعَتْ هِيَ الْآذِنَ بِمِثْلِهِ وَلَهَا اتِّبَاعُ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ غَيْرُ الْآذِنِ قَالَ وَقَوْلُهُ كُلُّهُ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا قَوْلَهُ لَا يَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَفِي الْكِتَابِ يَتْرُكُ لَهَا ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا زَوَّجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ فَأَجَازَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُ التَّسْمِيَةِ نَقَصَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ زَادَ لِأَنَّ إِجَازَتَهُ رِضًا بِهِ وَلَا بُدَّ مِنَ الْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَلَا يَنْقُصُ عَنْ نِصْفِ صَدَاقِ الْمِثْلِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الصَّدَاقِ مِنَ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ بِجُمْلَةِ الصَّدَاقِ أَوِ الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُزَوِّجِ وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّ مَا أَخَذَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِيهِ رُبُعُ دِينَارٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ يَتْرُكُ لِلْعَاقِدِ نِصْفَ رُبُعِ دِينَارٍ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا غَرَّهُ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَحْدِي أَوْ هِيَ حُرَّةٌ أَمَّا إِنْ أَعْلَمَهُ فَلَا يَرْجِعُ

ص: 237

عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَجَازَ غَيْرُ الْآذِنِ على الْقرب فَإِنْ عَلِمَتِ الْمَرْأَةُ بِالشَّرِيكِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ وَيُتْرَكُ الصَّدَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ وَإِنِ اقْتَسَمَاهُ رَجَعَتْ عَلَى الْحَاضِرِ بِنَصِيبِهِ وَإِنْ غَرَّهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْدَمَ بِيعَ لَهَا بِنَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا رَضِيَ الثَّانِي جَرَى الْفَسْخُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَزْوِيجِ الْأَجْنَبِيِّ الْأَمَةَ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِي الْعَقْدِ وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ أَوْ بَعْدَهُ لِلْعَاقِدِ الْمُسَمَّى وَفِي الآخر ثَلَاثَة أَقْوَاله الْمِثْلُ لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ فَتَتَعَيَّنُ الْقِيِمَةُ وَالْمُسَمَّى لِتَقْدِيمِ قَوْلِ الزَّوْجِ عَلَيْهِ وَالْأَكْثَرُ لِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ وَالْفَرْضِ وَإِذَا غَرَّ الْأَوَّلُ الزَّوْجَ فَفِي رُجُوعِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِمَا وَزَنَ أَوْ بِهِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى الْمُسَمَّى

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَا يُطْلِقُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ إِذَا عَقَدَ بِإِذْنِهِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا يَمْنَعُهُ الرَّجْعَةَ لِاسْتِلْزَامِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ تَمْكِينَ الْعَبْدِ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَبْطُلُ اسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ بِالزَّوَاجِ اسْتِبْقَاءً لِحَقِّ الْمِلْكِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ إِبَاحَةَ الْوَطْءِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَيحرم الِاسْتِمْتَاع على السَّيِّد لَيْلًا تَخْتَلِطَ الْأَنْسَابُ وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُنْزِلَهَا مَعَهُ بَيْتًا إِلَّا

ص: 238

أَنْ يَشْتَرِطَهُ أَوْ يَكُونَ عُرْفًا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَحَقُّ السَّيِّدِ آكَدُ بِدَلِيلِ رِقِّ الْوَلَدِ وَقَالَهُ ح وَأَوْجَبَهُ ش لَيْلًا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ تُرْسَلُ إِلَيْهِ لَيْلَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ وَقْتُ الضَّرُورَةِ غَالِبًا وَيَأْتِيهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلِلسَّيِّدِ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنَ الْخُرُوجَ مَعَهَا وَإِنْ بِيعَتْ بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا فَلَهُ طَلَبُهَا وَفِي لُزُومِ النَّفَقَةِ رِوَايَاتٌ ثَالِثُهَا إِنْ بُوِّئَتْ مَعَهُ بَيْتًا لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَهُ ح وَرَابِعُهَا إِنْ بَاتَتْ عِنْدَهُ وَكَانَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا نَهَارًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَمَنَ تَأْتِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ تَغْلِيبُ الْمِلْكِ فَيَسْقُطُ أَوْ يُلَاحَظُ الِاسْتِمْتَاعُ وَهُوَ سَبَبُ النَّفَقَةِ فِي الْحَرَائِرِ وَحَيْثُ قُلْنَا فِي النَّفَقَةِ يُسَافِرُ بِهَا السَّيِّدُ سَقَطَ كَنُشُوزِ الْحُرَّةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَمَهْرُ الْأَمَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا مَا لَمْ يَنْتَزِعْهُ وَلَو قَتلهَا أَجْنَبِي أالسيد أَو مَاتَت لم يسْقط لوُجُود سَببه

(فَرْعٌ)

قَالَ وَإِذَا بَاعَهَا لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْقُلُ الْأَعْيَانَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ وَكَمَالٍ وَيُسَلِّمُ الْمَهْرَ لِلْبَائِعِ كَمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَحَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُهَا لِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا تَصَرُّفٌ وَلَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ لَهُ فَيَسْتَفِيدَ الزَّوْجُ بِالْبَيْعِ سُقُوطَ الْمَنْعِ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ

ص: 239

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ فَلَا بُد من الصَدَاق لِأَنَّهُ حق لله تَعَالَى فَقَطْ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْوَفَاءُ أَوْ أُعْتِقَتْ بَعْدَهَا عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَوْ زَوَّجَهَا السَّيِّدُ تَفْوِيضًا فَعَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ لَهَا وَلِلسَّيِّدِ أَخْذُ صَدَاقِ الْأَمَةِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى السَّبَبُ السَّابِعُ وَالثَّامِن الْكفَالَة والالتقاط قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قِيلَ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَقِيلَ لَهُمَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَالِالْتِقَاطَ يَتَضَمَّنَانِ حُسْنَ النَّظَرِ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ هَلْ تَقُومَانِ مَقَامَ الْوَصِيِّ أَمْ لَا السَّبَب التَّاسِع الْإِسْلَام وَهِيَ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} التَّوْبَة 71 وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلَتِ الدَّنِيَّةُ كَالْمُعْتَقَةِ وَالْمِسْكِينَةِ أَجْنَبِيًّا فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ سُلْطَانٌ أَوْ فِيهِ لَكِنْ يَعْسُرُ وُصُولُهَا إِلَيْهِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا جَازَ وَمَنْ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ أَبُوهَا لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْكَافِلُ فِي الدَّنِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَتْ ذَاتُ الْقَدْرِ غَيْرَ وَلِيِّهَا فَزَوَّجَهَا فَرَضِيَ الْوَلِيُّ تَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ أَوِ السُّلْطَانُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَجَازَ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ جَازَ وَإِنْ فَسَخَهُ بِالْقُرْبِ انْفَسَخَ أَمَّا بَعْدَ الطَّوْلِ وَالْأَوْلَادِ فَلَا إِن

ص: 240

كَانَ صَوَابًا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يجوز وَإِن أجَازه الْوَلِيّ قَالَ اللَّخْمِيّ فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَرُوِيَ إِمْضَاؤُهُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الدُّخُولَ فَوْتٌ وَفِي السَّلْمَانِيَّةِ يُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّ ولَايَة الْإِسْلَام صَحِيحَة وَأَن للْوَلِيّ منع وليته مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَرَّةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تَقْدِيمُ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تفِيد الْإِجَازَة أَوله فَتُفِيدَ إِجَازَتُهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ

(فَرْعٌ)

فَلَوْ وَكَّلَتْ أَجْنَبِيًّا فَزَوَّجَهَا وَلَهَا وَلِيَّانِ أَقْرَبُ وَأَبْعَدُ فَأَجَازَهُ الْأَبْعَدُ وَرَدَّهُ الْأَقْرَبُ رُدَّ بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ عَقَدَهُ ولي وَهَا هُنَا أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ وَأَرَادَ الْأَبْعَدُ فَسْخَهُ بعث إِلَيْهِ السُّلْطَان وانتظره إِن كَانَ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْبَعِيدِ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا زَوَّجَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْخَاصَّةِ الْإِجْبَارِيَّةِ كَالْأَبِ وَالسَّيِّدِ فُسِخَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَالسَّيِّدِ إِجَازَتُهُ لِقُوَّةِ حَقِّ وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ لِلَّهِ تَعَالَى نَظَرًا لمولى عَلَيْهِ وَرُوِيَ فِي السَّيِّدِ الْإِجَازَةُ تَغْلِيبًا لِحَقِّهِ بِسَبَبِ الْمَالِيَّةِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ فِي الدَّنِيَّةِ لَا تَجُوزُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْخَاصَّةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ إِلَّا وِلَايَةُ الْحَكَمِ مُنِعَ الْولَايَة الْعَامَّة وَلَو فِي الدنية لَيْلًا تضيع الْفروج وَجوزهُ مرّة فِي الْبَادِيَةِ إِذَا كَانَ صَوَابًا لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَصِلُ إِلَى السُّلْطَانِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَازَهُ فِي الدَّنِيَّةِ وَأَنْكَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ

ص: 241

إِلَّا فِي الْعَجَمِيَّةِ الْوَغْدَةِ تَسْتَنِدُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَصِيرُ لَهَا نَاظِرًا فِي مَصَالِحِهَا كَمَوْلَاتِهِ ثُمَّ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسْخِ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَتَوَارَثَانِ وَيَنْفُذُ الْخُلْعُ بِالْمَالِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ مَاتَ ورثته أَو مَاتَت كَانَ للْوَلِيّ مَنعه الْمِيرَاثَ وَهُوَ يُفْسَخُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ صَوَابًا الْبَحْثُ الثَّانِي فِي مَوَانِعِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ اخْتِلَافُ الدِّينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} الْأَنْفَال 72 وقَوْله تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بعض} وَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الْأَنْفَال 73 مَفْهُومُهُ لَا يَلِي أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْقِدُ النَّصْرَانِيُّ لِمُسْلِمَةٍ وَيَعْقِدُ لِوَلِيَّتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ مُسْلِمٍ إِنْ شَاءَ يَعْقِدُهُ وَلِيُّهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نسَاء الْجِزْيَةِ قَدْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ وَلَا يَعْقِدُ الْمُرْتَدُّ فَإِنْ عَقَدَ هُوَ أَوْ نَصَرَانِيٌّ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَتِ الْمُعْتَقَةُ مِنْ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ لَا يُزَوِّجْهَا مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فُسِخَ نِكَاحُهُ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ نَصْرَانِيٍّ لَمْ يُفْسَخْ لِكَوْنِهِ بَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا زَوَّجَ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ أَفْسَخْهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهَا الْمُسْلِمِ تَزْوِيجُهَا وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهَا جِزْيَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالَهُ مَالِكٌ وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ مِنْ

ص: 242

أَهْلِ الصُّلْحِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ عِنْدَهُمْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَلْ إِنْ كَانَتِ الْكَافِرَةُ ذَاتَ جِزْيَةٍ مُنِعَ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ أَمْ لَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّصْرَانِيَّةُ لَا وَلِيَّ لَهَا تُوَلِّي مُسْلِمًا لَا يَعْقِدُ وَلِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ مَنْ نَصْرَانِيٍّ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا مِنْ بَابِ مُعَاقَدَةِ الْأَدْيَانِ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ النَّصْرَانِيُّ مَنْ يُزَوِّجُ وَلَا يَطْلُبُ رِضَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا لِمُسْلِمٍ وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ فَلَهُ اسْتِخْلَافُ مُسْلِمٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ لِمُسْلِمٍ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ إِلَّا مِنْ مُسْلِمٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً أَوِ الذِّمِّيُّ حَرْبِيَّةً فَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِلْأَبِ فِي الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ آثَارِ الدِّينِ وَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَفِي الْكِتَابِ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ تَبَعٌ لِذِي الْعَقْدِ مِنْهُمَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَلَدَ الْحُرِّ مِنَ الْأَمَةِ رَقِيقٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ الْمَانِعُ الثَّانِي الرِّقُّ لِأَنَّهُ فَرْعُ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مَنْصِبٌ وَاسْتِيلَاءٌ فَلَا تَثْبُتُ مَعَ الرِّقِّ كَالشَّهَادَةِ وَالْمَنَاصِبِ الْعَلِيَّةِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقبُول لنَفسِهِ لِأَنَّهُ لَا يتَضَرَّر بِنَفسِهِ وَلَا فِي الْوَكَالَةِ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ سلْطَنَة الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوِلَايَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ يُفْسَخُ مَا عَقَدُوهُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ فَلَوْ كَانَتْ الِابْنَةُ حُرَّةً فَأَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْإِجَازَةَ

ص: 243

لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالْعَبْدُ إِذَا اسْتَخْلَفَهُ حُرٌّ فَلْيُوَكِّلْ غَيْرَهُ عَلَى الْعَقْدِ وَلِلْمُكَاتَبِ إِنْكَاحُ إِمَائِهِ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ يُنَمِّي مَالَهُ وَلِغَيْرِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ وَلَهُ رَدُّهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا مِيرَاثَ فِيمَا عَقَدَهُ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَإِنْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَهِلَ الْعَبْدُ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَقْدِ ابْنَتِهِ الْحُرَّةِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمَانِعُ الثَّالِثُ مَا يَقْدَحُ فِي النَّظَرِ كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا يُقِرُّ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ يَقُومُ لِمَصَالِحِهَا الْمَانِعُ الرَّابِعُ السَّفَهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ بَلْ يَعْقِدُ عَلَى ابْنَتِهِ بِإِذْنِ وَلَيِّهِ لِأَنَّ شَفَقَةَ طَبْعِهِ لَا تُحْتَرَمُ بِتَبْذِيرِهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُمْنَعُ وَتُنْقَلُ الْوِلَايَةُ لِوَلِيِّهِ وَقَالَ ش لِأَنَّ مَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يُؤْتَمَنَ عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ عَقَدَ

(تَفْرِيعٌ)

قَالَ إِنْ عَقَدَ لِابْنَتِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لِوَلِيِّهِ إِجَازَتُهُ وَرَدُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مَضَى عَقْدُهُ إِنْ كَانَ صَوَابًا وَكَذَلِكَ أُخْتُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُهُ صَحِيحٌ إِلَّا قَوْلَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلِيٌّ فَيَجُوزُ بَلْ يَبْطُلُ مِنَ الْجَمِيعِ غَيْرُ الصَّوَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْسِكٍ لِمَالِهِ جَبَرَ ابْنَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي عجز عَنهُ غير الَّذِي طلب مِنْهُ

ص: 244

وتستحب مُطَالَعَةُ الْوَصِيِّ وَإِنْ نَقَصَ تَمْيِيزُهُ نَظَرَ الْوَلِيُّ وَلَا يُزَوّج إِلَّا بعد الْبلُوغ والاستيذان كَالْيَتِيمَةِ وَيَعْقِدُ الْأَبُ إِلَّا أَنْ يَعْدِمَ الْعَقْلَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا زَوَّجَ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ مَوْلَاتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فُسِخَ وَقِيلَ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ذَا رَأْيٍ فَعَلَيْهِ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ أَوْ زَوَّجَ غَيْرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ نُظِرَ فِيهِ أَوْ أُخْتَهُ مَضَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ صَوَابٍ أَوْ أَمَتَهُ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ نِكَاحٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ السَّفِيهَ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَاخْتُلِفَ هَلْ لِوَصِيِّهِ تَزْوِيجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بَعْدَ بُلُوغِهِنَّ وَأَمَّا أَخَوَاتُهُ وَعَمَّاتُهُ وَمَوْلَاتُهُ فَلَا يُزَوِّجُهُنَّ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى وَقَالَ أَصْبَغُ الْأَوْلِيَاءُ أَحَقُّ مِنْهُ وَلَهُ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْفِسْقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ مَنْعِهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ حَمِيَّتَهُ تَمْنَعُ إِيقَاعَ وَلِيَّتِهُ فِي الدَّنِيَّاتِ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى نَفْسِهِ فَأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ الْمَانِعُ السَّادِسُ غَيْبَةُ الْوَلِيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يَنْظُرُ حَتَّى يُقَدِّمَ الْوَلِيُّ حِفْظًا لِحَقِّ الْوِلَايَةِ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ وَحَضَرَ الْأَبْعَدُ قِيلَ حَقُّ الْغَائِبِ قَائِمٌ وَالسُّلْطَانُ وَكِيلُهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلْوِكَالَةِ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاضِرِ صَوْنًا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيَّةِ وَإِذَا غَابَ الْأَبُ عَنِ الْبِكْرِ وَلَمْ تَدْعُ لِلزَّوَاجِ لَا تُزَوَّجُ إِنْ كَانَتْ فِي صِيَانَةٍ وَإِنْ دَعَتْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ زُوِّجَتْ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَهُوَ أَسِيرٌ أَوْ فَقِيرٌ زُوِّجَتْ لِتَعَذُّرِ قُدُومِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ حَيَاتَهُ وَلَيْسَ أَسِيرًا

ص: 245

فَظَاهِرُ الْكِتَابِ تُزَوَّجُ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا تُزَوَّجُ خَشْيَةً مِنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَتْ غَيْبَةُ الْأَبِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ أَوْ بَعِيدَةً نَحْوَ إِفْرِيقِيَا مِنْ مِصْرَ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْإِمَامُ يُزَوِّجُهَا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ جَارِيَةً وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا وَلَا اسْتَوْطَنَ الْبَلَدَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ الْمَقَامَ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا لَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ ابْنَتَهُ الْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لَا تُزَوَّجُ إِلَّا أَنْ يَسْتَوْطِنَ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَيُيْأَسَ مِنْ رَجْعَتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا يُمْنَعُ أَبَدًا إِلَّا إِنْ كَانَ أَسِيرًا أَوْ فَقِيرا فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِمَامَ يُزَوِّجُهَا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفَقَتِهِ وَأُمِنَ عَلَيْهَا الْمَانِعُ السَّابِعُ الْإِحْرَامُ وَهُوَ يَسْلُبُ عِبَادَةَ الْمُحَرِمِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَج الْبَحْث الثَّالِث فِي تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء قَاعِدَةٌ إِنَّمَا يُقَدِّمُ الشَّرْعُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِهَا فَلِلْقَضَاءِ الْعَارِفُ بِالْفِقْهِ وَأَحْوَالِ الْخُصُومِ وَالْبَيِّنَاتِ وَلِلْحُرُوبِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَكَائِدِهَا وَسِيَاسَةِ جُيُوشِهَا وَلَا يُقَدِّمُ هَذَا لِلْقَضَاءِ وَلَا الأول للحروب وَكَذَلِكَ سَائِر الولايات وَرُبَّ كَامِلٍ فِي وِلَايَةٍ نَاقِصٌ فِي أُخْرَى كَالنِّسَاءِ نَاقِصَاتٌ فِي الْحُرُوبِ كَامِلَاتٌ فِي الْحَضَانَةِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِنَّ وَصَبْرِهِنَّ فَيُقَدَّمْنَ عَلَى الرِّجَالِ فَكَذَلِك هَا هُنَا إِذَا اجْتَمَعَ الْأَوْلِيَاءُ يُقَدَّمُ مَنْ وَصْفُهُ أَقْرَبُ لحسن النَّظَرِ فِي الْوَلِيَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّسَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَأَوْلَى النَّسَبِ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْعَمُّ ثمَّ ابْن الْعم وَإِن سفل وَأَسْبَاب التَّقَدُّم هَا هُنَا هِيَ أَسْبَابُ التَّقَدُّمِ فِي الْمَوَارِيثِ وَسَوَّى فِي الْكتاب بَين الْأَخ الشَّقِيق لِلْأَبِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إِنَّمَا هُوَ جِهَةُ الْأَبِ وَالْأُمُومَةُ وَالْإِدْلَاءُ بِهَا سَاقِطٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَقَدْ قُدِّمَ الشَّقِيقُ فِي كِتَابِ ابْن حبيب وَجعل

ص: 246

الأمومة مرجحة كالميراث وَالْجَوَاب فِي أَبْنَائِهِمَا وَفِي الْعَمَّيْنِ أَحَدُهُمَا شَقِيقٌ وَالْآخَرُ لِلْأَبِ وَفِي أَبْنَائِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ عُمُومَةٌ فَالرَّجُلُ مِنَ الْعَصَبَةِ ثُمَّ مِنَ الْبَطْنِ ثُمَّ مِنَ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلُ ثُمَّ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ تَقْدِيمُ الِابْنِ فِي الثَّيِّبِ عَلَى غَيره وَقيل يقدم الْوَلِيّ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِر رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْأَبُ ثُمَّ الِابْنُ نَظَرًا إِلَى مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَنَا فِي بَقِيَّةِ التَّرْتِيبِ وَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ الْجَدَّ وَأَبَاهُ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَهُ ش وَبَقِيَّةُ التَّرْتِيبِ عِنْده كَمَذْهَبِنَا إِلَّا الِابْنَ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ أَلْبَتَّةَ تَمْهِيدٌ قُدِّمَ الْأَخُ عَلَى الْجَدِّ فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب النِّكَاح وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ بِخِلَافِ مِيرَاثِ النَّسَبِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْجَدَّ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ فَيَقُولُ أَنَا أَبُو أَبِيهِ وَالْأَخ يُدْلِي بالبنوة فَيَقُول أَنَا ابْنُ أَبِيهِ وَالْبُنُوَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ يحجب الِابْنُ الْأَبَ عَنْ جُمْلَةِ الْمَالِ إِلَى السُّدُسِ فَهَذِهِ الْعُمْدَةُ فِي الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَلِأَن الْجد يسْقط فِيهِ الْإِخْوَة للْأُم وَلَا يَقْدِرُ الْأَخُ عَلَى ذَلِكَ وَيَرِثُ مَعَ الِابْنِ بِخِلَافِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَهَذَانِ مَنْفِيَّانِ فِي الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ تَعْصِيبٌ مَحْضٌ فَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِإِخْوَةِ الْأُمِّ حَتَّى يَثْبُتَ التَّرْجِيحُ بِحُجَّتِهِمْ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْفُرُوضِ فَيَسْقُطَ السُّدُسُ الَّذِي يَرِثهُ مَعَ الابْن فَيبقى نصف الْبُنُوَّةِ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ قَالَ الْعَبْدِيُّ وَالْجَدُّ أَقْوَى مِنَ الْأَخِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ كَالْأَبِ وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا بِجَارِيَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ وَتُغَلَّظُ الدِّيَة عَلَيْهِ فِي قتل الْعَمْدِ بِخِلَافِ الْأَخِ فِي الثَّلَاثَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْجَدُّ كَالْأَبِ فِي الِاعْتِصَارِ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ وَيُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَلَا تجب

ص: 247

النَّفَقَةُ لَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْأَخِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقَصَاصِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ فعصابته ثمَّ مُعْتقه ثمَّ عِصَابَة مُعْتقه يترتبون كعصبة لقرابة قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ وَلِيُّ النَّسَبِ بَعِيدًا جِدًّا فَالْمَذْهَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى السُّلْطَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ السُّلْطَانُ أَوْلَى مِنَ الرَّجُلِ مِنَ الْبَطْنِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَنْ تُوَكِّلَ عَدْلًا فَإِنِ اسْتَوَى أَوْلِيَاؤُهَا فِي الدَّرَجَةِ فَفِي الْكِتَابِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ أَفْضَلُهُمْ فَإِنْ اسْتَوُوا فَأَسْبَقُهُمْ فَإِنْ اسْتَوُوا عَقَدَ الْجَمِيعُ الْعَقْدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَفْضَلُ كَانَ حَسَنًا لِأَنَّ نَظَرَ الْمَفْضُولِ إِلَى الْفَاضِلِ لَا يَضُرُّ الْبَحْثُ الرَّابِعُ تَزْوِيجُ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ يَنْفُذُ فِي الثَّيِّبِ الرَّاضِيَةِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَنْكَرَ وَالِدُهَا وَالْبِكْرِ الْبَالِغِ غَيْرِ ذَاتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَقْرَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوْصَى بِهَا إِلَى الشَّقِيقِ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم عَلَى الْأَقْرَبِ وَيَمْضِي نِكَاحُ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا مَعَ وُجُودِ الْأَخِ وَالْجَدِّ وَيُزَوِّجُ مَوْلَاتَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَ الْأَبْعَدُ لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْي من أَهلهَا أَو السُّلْطَان وَذُو الرَّأْي من أَهلهَا الرَّجُلُ مِنَ الْعَشِيرَةِ كَابْنِ الْعَمِّ أَوِ الْمَوْلَى وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَصَبَةِ وَقَالَ أَكثر الروَاة لَا يُزَوّج الْأَبْعَد مَعَ وجود الْأَقْرَب فَإِنْ فَعَلَ نَظَرَ

ص: 248

السُّلْطَانُ وَقَالَ آخَرُونَ لِلْأَقْرَبِ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ إِلَّا أَن يطول وَبِذَلِك قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْأَقْرَبِ النَّظَرُ مَا لَمْ يَبْنِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تَقْدِمَةُ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ كَقِيَامِةِ بِالدَّمِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَعَلُّقِ الْحَقِّ وَهَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْحَقُّ بِمُعَارَضَةِ اطِّلَاعِ الزَّوْجِ عَلَى عَوْرَتِهَا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ لَا قَدْرَ لَهَا مَضَى الْعَقْدُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ الْأَخُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ إِجَازَتُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَرْغُوبٌ عَنْهُ لِتَمَكُّنِ وِلَايَةِ الْأَبِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهُ وَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ جَازَ وَإِنْ كَرِهَ وَلَدُهَا الْبَحْثُ الْخَامِس فِي تولي طرفِي العقد وَفِي الْجَوَاهِر ابْن الْعَمِّ وَالْمُعْتِقُ وَوَكِيلُ الْمَوْلَى وَالْحَاكِمُ يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِهَا وَيَتَّحِدُ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ كَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي اشْتِرَاءِ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ وَالْوَكِيلِ مَالَ مُوَكِّلِهِ وَقَالَ ح قَالَ أَبُو الطَّاهِر وَقيل لَا يَجُوزُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مُخَاطَبَةٌ بِالْقَوْلِ وَيَتَعَذَّرُ مُخَاطَبَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ تَعَذُّرُ مُرَاجَعَةِ الْوَلِيِّ لِلْإِمَامِ فِي الْمُحَقَّرَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا عَلَى أَصْلِكُمْ فِي اشْتِرَاطِ أَعْيَانِ الصِّيَغِ وَنَحْنُ نَكْتَفِي بِكُلِّ صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بدوام الْإِبَاحَة وَلَا تشْتَرط مُخَاطبَة من الْجَانِبَيْنِ

ص: 249

وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ بَيْعَ الْوَلِيِّ مِنْ نَفْسِهِ نَادِر فَإِن كَانَت الْمُشَاورَة متعذرة ففهما وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْهِدُ عَلَى رِضَاهَا وَإِذْنِهَا خَوْفًا من منازعتها قَالَ أَبُو عَمْرو صِيغَةُ الْعَقْدِ قَدْ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى صَدَاقِ كَذَا فَتَقُولُ رَضِيتُ أَوْ تَسْكُتُ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا الْبَحْث السَّادِس فِي تَوْكِيل الْوَلِيّ وَالزَّوْج وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ على وليته بَعْدَ تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَلِلزَّوْجِ التَّوْكِيلُ فِي الْعَقْدِ عَنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوْلِيَاءِ بَلْ يَصِحُّ بِالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ لِأَن الْوَكِيل كالخادم للْمُوكل فَلَا تنَافِي منصبه الصِّفَات الدنية وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يُوَكِّلُهُ بَعْدَ الْخِبْرَةِ بِحَالِهِ وَسَدَادِ تَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ لَوْ جُعِلَ وَلِيًّا أَصْلِيًّا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَوْلِيَاءِ صَوْنًا لِلْعَقْدِ عَنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَيَقُولُ الْوَكِيلُ زَوَّجْتُ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَقُولُ مِنْهُ وَيَقُولُ الْوَكِيلُ قَبِلْتُ لِفُلَانٍ وَلَوْ قَالَ قَبِلْتُ كَفَى إِذَا نَوَى مُوَكِّلُهُ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ فَرَدَّهُ بَطَلَ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ عَنْهُمَا فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْعَقْدِ بِأَلْفٍ فعقده بِأَلْفَيْنِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إِنْ رَضِيَ بِهِمَا وَإِلَّا فُرِّقَ بِطَلْقَةٍ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ فَإِنِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدُ وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ لَمْ يَلْزَمِ الْعَقْدُ دَفْعًا لِلْمِنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى دَخَلَ بِهَا لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجَ غَيْرُ الْأَلْفِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ شَيْءٌ لِأَنَّهَا

ص: 250

صَدَقَتُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَأْمُورُ بِالتَّعَدِّي بَعْدَ الْبِنَاءِ غَرِمَ الزَّائِدَ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَإِنْ دَخَلَ الزَّوْجُ بعد علمه بِالتَّعَدِّي لزمَه الْجَمِيع علمت الْمَرْأَة أَمْ لَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ تعدى فِي شِرَاء الْأمة فَوَطِئَهَا عَالِمًا بِالزَّائِدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْن زِيَاد يضمن الْوَكِيلُ نِصْفَ الصَّدَاقِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ فسخ بِطَلَاق وَإِن طَلَّقَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِذَا لَمْ تكن على عقد الْوَكِيل بالألفين بَيِّنَةٌ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ الزَّوْجُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَلْفٍ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ حُلِّلَ فِي الصَّدَاقِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ بَنَى الزَّوْجُ قَبْلَ عِلْمِهِ حَلَفَ عَلَى الْأَلْفِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ حَتَّى بَنَى فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَإِنْ لم تكن لَهُ على الْأَلفَيْنِ بَيِّنَة حلف الزَّوْج أَيْضا وَإِن نَكَلَ لَمْ يَغْرَمْ حَتَّى تَحْلِفَ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَلْفَيْنِ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَمَرَ بِهِمَا وَلَهَا تَحْلِيفُ الرَّسُولِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قَالَ أَصْبَغُ وَلَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ غَلَطٌ وَلَوْ أَقَرَّ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ يَمِينِ الزَّوْجِ فَلَمَّا تَرَكَ الْيَمِيَنَ فَقَدْ أَلْزَمَ ذَلِكَ نَفْسَهُ قَالَ أَصْبَغُ وَهَذَا فِيمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا فَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ بَنَى حَلَفَ وَبَلَغَ بِهَا الْمِثْلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَنْكَرَ مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَقَرَّ فَإِنْ كَانَ إِنْكَارُهُ رَدًّا وَفَسْخًا لَمْ يُجِزْهُ بَعْدُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَإِلَّا فَلَهُ إِجَازَته وَإِن طَال وَإِن جهل الْحل بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَانُ تَوَارَثَا اسْتِحْبَابًا وَثَبت حُرْمَة الطَّهَارَة رَدَّهُ أَوْ قَبِلَهُ قَالَ أَصْبَغُ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ

ص: 251

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى تَزْوِيجِهِ مِمَّنْ أَحَبَّ فَيُزَوِّجُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ لَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ حَيْثُ قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا ذَلِكَ وَالْفَرْقُ قُدْرَةُ الرَّجُلِ عَلَى الطَّلَاقِ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْوَكِيلُ جُعْلًا لِلْوَلِيِّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِاحْتِمَالِ الْعَزْلِ وَلِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعَ حُصُولِ غَرَضِ الْوَكِيلِ الْبَحْثُ السَّابِعُ فِيمَا يجب على الْوَلِيّ فِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ عَلَى الْأَخِ الْإِجَابَةُ إِذَا طلبت كُفؤًا فَإِن كَانَا أَخَوَيْنِ وَجب عَلَيْهِمَا وَيسْقط ببعد لأَحَدهمَا فَإِنِ امْتَنَعَا زَوَّجَ السُّلْطَانُ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا فيمتنعا نفيا للضَّرَر عَن وليته وَعَلَى الْمُجْبِرِ تَزْوِيجُ الْمُجْبَرَةِ إِذَا خَشِيَ فَسَادَهَا وَكَانَ مَصْلَحَةً وَلَا تَجِبُ إِجَابَةُ الصَّغِيرِ إِلَى النِّكَاحِ

(فَرْعٌ)

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا خُطِبَ من الْوَلِيّ الْمُجبر إِحْدَى أبنيته إِذَا اسْتَوَيَا فِي الصَّلَاحِ وَالْمَيْلِ لِلنِّكَاحِ يُجْبَرَا وَفِي الصَّلَاحِ دُونَ الْمَيْلِ قُدِّمَ أَمْيَلُهُمَا فَإِنْ زَادَ مَيْلُ الصَّالِحَةِ وَخِيفَ مِنْ مَيْلِ الطَّالِحَةِ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الطَّالِحَةِ

ص: 252

لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ فُجُورِهَا وَالصَّالِحَةُ يَزَعُهَا صَلَاحُهَا وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام إِنِّي لِأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكِبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ مَنْ وَلِيَ وِلَايَةَ النِّكَاحِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِالتَّشَهِّي إِجْمَاعًا بل تجب مُرَاعَاة مصلحَة الْمولى عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ الْبَحْثُ الثَّامِنُ فِي تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ من رجلَيْنِ وَفِي الْكتاب إِذا زَوجهَا هَذَا من كفوء وَهَذَا من كفوء بعد توكيلهما فَالْمُعْتَبَرُ أَوَّلُهُمَا إِنْ عُرِفَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الْآخَرُ فَهُوَ أَحَقُّ لِقَضَاءِ عُمَرَ رضي الله عنه بِذَلِكَ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا مُطْلَقًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَجَوَابُهُ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الثَّانِي وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَدِيثُ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَين مَا ذَكرْنَاهُ وَقد رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ فُسِخَا جَمِيعًا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَإِنْ قَالَتْ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي النِّكَاحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَتْ لِلثَّانِي وَإِنْ دَخَلَ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ لَهُ وَلَوْ عَقَدَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيم فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فُسِخَا جَمِيعًا وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُول لعلمهما بِالْفَسَادِ وَفِي الْجَوَاهِر إِن اتَّحد زَمَانُ الْعَقْدِ تَرَافَعَا وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْعِلْمُ وَلَا اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ

ص: 253

إِذَا عَلِمَ الْأَوَّلُ فَطَلَّقَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي ثُمَّ دَخَلَ الثَّانِي وَكَانَ عَقْدُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى دَخَلَ ثَبَتَ وَفَاتَ النَّظَرُ كَمَا لَوْ دَخَلَ حَالَة الْحَيَاةِ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنَ الْأَوَّلِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ فُسِخَ وَاعْتَدَّتْ مِنَ الْأَوَّلِ لِيَتَيَقَّنَ صِحَّتَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ عَقَدَ الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ طَلَاقِهِ فَيُفْسَخُ فِي الْمَوْتِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِي عِدَّةٍ دُونَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ عِدَّةٍ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيمَا أَظُنُّهُ إِنْ عَقَدَ الثَّانِي بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثَبَتَ نِكَاحُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ دَخَلَ الْأَخِيرُ وَالْأَوَّلُ لَمْ يُثْبِتْ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَأَقَرَّ الْقَاضِي أَوِ الْأَبُ أَوِ الْوَكِيلُ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِتَزْوِيجِ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إِقْرَارِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ الثَّانِي فَيُفْسَخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُسْمَعُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بِعِلْمِهِ بِتَقْدِيمِ الْأَوَّلِ قبل إِقْرَاره عَلَى نَفْسِهِ وَفُسِخَ وَكَانَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ بِطَلَاقٍ وَاعْتِرَافُ الزَّوْجَةِ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِ خِلَافٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسْخِ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ مَوْقُوف إِن تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَزِمَ الْآخَرَ لِتَحِلَّ لِلزَّوْجِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُمَا وَقَعَ عَلَيْهِمَا

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا مِنْهُمَا بِدُخُولٍ أَوْ سَبْقٍ وَرِثَهَا وَوَجَبَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَإِنْ جُهِلَ فَفِي ثُبُوتِ الْمِيرَاث قَولَانِ

ص: 254

لِلْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا لِلشَّكِّ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا وَيَثْبُتُ الصَّدَاقُ حَيْثُ يَثْبُتُ الْمِيرَاث لِأَنَّهُمَا أثران للْعقد فيتلازمان وَحَيْثُ يَنْبَغِي يَكُونُ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا مِيرَاثَ وَلَا صَدَاقَ وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجَيْنِ يَقُولُ لَهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَكِ عِنْدَنَا حَقٌّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ هُوَ الآخر وَلَا يقوم لَهَا على وَاحِد مِنْهَا حجَّة وَتقوم الْحجَّة عَلَى وَرَثَتِهَا فَإِنَّهَا مَوْرُوثَةٌ قَطْعًا وَإِنَّمَا التَّدَاعِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَصَدَّقَتْ أَحَدَهُمَا ثَبَتَ لَهَا الصَّدَاقُ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِاعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ شَهِدَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ أَنَّهُ الْأَوَّلُ تساقطتا وَالْمَشْهُور لَا يرجح هَا هُنَا بمزيد الْعَدَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَمَلًا بِالرُّجْحَانِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ سِتُّ مَسَائِلَ يُفِيتُهُنَّ الدُّخُولُ مَسْأَلَةُ الْوَلِيَّيْنِ وَامْرَأَةُ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ بَعْدَ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ وَقِيلَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا وَالْعَالِمَةُ بِالطَّلَاقِ دُونَ الرَّجْعَةِ وَامْرَأَةُ الْمُرْتَدِّ وَشُكَّ فِي كُفْرِهِ هَلْ هُوَ

ص: 255

إِكْرَاهٌ أَوِ اخْتِيَارٌ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ الْإِكْرَاهُ وَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشَرَةٍ ثُمَّ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَوَجَدَهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمَ يَخْتَارُ مِنَ الْبَوَاقِي مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَقِيلَ لَا يُفِيتُهُنَّ الدُّخُولُ وَالْمُطَلَّقَةُ لِلْغَيْبَةِ ثُمَّ يَقْدُمُ بِحُجَّتِهِ وَأَرْبَعٌ لَا يُفِيتُهُنَّ الدُّخُولُ الْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ تتبين حَيَاته وَقَالَ إِسْمَاعِيل هُوَ كالمفقود يفيتها الدُّخُولُ وَالْمُطَلَّقَةُ لِلنَّفَقَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ إِسْقَاطُهَا لَهَا وَالْقَائِلُ عَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ حَاضِرَةٌ تُسَمَّى عَائِشَةَ فَقَالَ لَمْ أُرِدْهَا وَلِي أُخْرَى تُسَمَّى عَائِشَةَ بِغَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ فَطُلِّقَتْ هَذِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ وَالْأَمَةُ تَخْتَارُ نَفْسَهَا ثُمَّ يَتَبَيَّنُ عِتْقُ زَوْجِهَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يُفِيتُهَا زَادَ الْعَبْدِيُّ فِي السِّتِّ الْأُوَلِ الَّتِي تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إِسْلَامِهِ عَلَيْهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأَمَةَ فَرَاجعهَا فِي سَفَره فَوَطِئَهَا السَّيِّد قبل علمه بالرجعة فَلَا رَجْعَة لَهُ لِأَن وَطئهَا بِالْمِلْكِ كَوَطْئِهَا بِالنِّكَاحِ الْقُطْبُ الثَّانِي الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْخَالِيَةُ مِنَ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ الْمُحَرَّمَاتُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مُؤَبَّدَاتٌ سَبْعٌ مِنَ النَّسَبِ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَالْأُخْتُ والعمة وَالْخَالَة وبنتا الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَمِثْلُهُنَّ مِنَ الرَّضَاعِ وَأَرْبَعٌ بِالصِّهْرِ أم الزَّوْجَة

ص: 256

وَبِنْتُهَا وَزَوْجَةُ الْأَبِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْجَمِيع الْمَرْأَةُ مَعَ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَهَذِهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْمُلَاعَنَةُ وَالْمَنْكُوحَةُ فِي الْعِدَّةِ وَنِسَاؤُهُ عليه السلام وَسِتَّ عَشْرَةَ لِعَوَارِضَ الْخَامِسَةُ والمزوجة والمعتدة وَالْمُسْتَبْرَأَةُ وَالْحَامِلُ وَالْمَبْتُوتَةُ وَالْمُشْرِكَةُ وَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ وَالْأَمَةُ الْمُسَلِمَةُ لِوَاجِدِ الطَّوْلِ وَأَمَةُ الِابْنِ وَالْمُحْرِمَةُ وَالْمَرِيضَةُ وَذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجِهَا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَالْيَتِيمَةُ وَالْمَنْكُوحَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَالْمَنْكُوحَةُ بَعْدَ الرُّكُونِ لِلْغَيْرِ زَادَ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُرْتَدَّةَ وَغَيْرَ الْكِتَابِيَّةِ وَأَمَةَ نَفْسِهِ أَوْ تَكُونَ سَيِّدَتَهُ أَوْ أُمَّ سَيِّدِهِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ وَزَادَ ابْنُ حَنْبَل الزَّانِيَة حَتَّى تتوب لظَاهِر الْآيَة فأذكر هَذِهِ الْمَوَانِعَ مُفَصَّلَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ النَّسَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهُ الْأُصُولُ وَالْفُصُولُ أَوْ فُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ وَإِنْ عَلَا فَالْأُصُولُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَإِنْ عَلَوْا وَالْفُصُولُ الْأَبْنَاءُ وَالْبَنَاتُ وَإِنْ سَفَلُوا وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ الْأَخَوَاتُ وَالْإِخْوَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا احْتِرَازًا مِنْ فُصُولِ ثَانِي الْأُصُولِ وَثَالِثُهَا وَإِنْ عَلَا ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِمْ أَوْلَادَ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَهُنَّ مُبَاحَاتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لنَبيه صلى الله عليه وسلم َ - {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} الْأَحْزَاب 50 وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَهُمُ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ فَيَنْضَبِطُ الْمُحَرَّمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} النِّسَاء 23 وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا اللَّفْظ الْقَرِيب والبعد مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ} {يَا بَنِي

ص: 257

إِسْرَائِيل} {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} الْحَج 38 ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُم وربائيكم اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا تنْكِحُوا إِلَّا مَا قد سلف} النِّسَاء 23 وَقَالَ قبل ذَلِك {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قد سلف} يُرِيد فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ مغْفُور والحلية لُغَة الزَّوْجَة وَقَوله تَعَالَى {من أصلابكم} احتزازا من الَّتِي دُونَ الرَّضَاعِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ النُّصُوصِ وَحَرَّمَ عليه السلام مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ تَنْبِيهٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ أُمٍّ حُرِّمَتْ بِالنَّسَبِ حُرِّمَتْ أُخْتُهَا وَكُلُّ أُخْتٍ حُرِّمَتْ لَا تُحَرَّمُ أُخْتُهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ خَالَةً فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ فَالْوَلَدُ مِنْهُمَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَكُلُّ عَمَّةٍ حُرِّمَتْ قَدْ لَا تُحَرَّمُ أُخْتُهَا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ أُخْتَ أَبِيهِ وَلَا أُخْتَ جَدِّهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ وَلَدُ الزِّنَا مُحَرَّمٌ عَلَى أُمِّهِ وَابْنَةُ الزِّنَا حَلَال لأَبِيهَا عِنْد عبد الْملك وش لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ فَلَا تُحَرَّمُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ قَالَ سَحْنُونٌ الْجَوَازُ خَطَأٌ صُرَاحٌ وَمَا عَلِمْتُ مَنْ قَالَهُ غَيْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهَا مخلوقة من مائَة فَتحرم عَلَيْهِ لظَاهِر النَّص وَقَالَهُ ح

ص: 258

(فَرْعٌ)

قَالَ المنفية بِاللّعانِ لَا تحل لِأَنَّهُ لَو استحلقها للحقته بِخِلَافِ ابْنَةِ الزِّنَا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الزَّانِيَةِ الْمُجَاهِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} النُّور 3 وَيُسْتَحَبُّ مُفَارَقَتُهَا إِنْ كَانَتْ زَوْجَةً إِلَّا أَنْ يُبْتَلَى بِحُبِّهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام لَمَّا قَالَ لَهُ الرجل إِن امْرَأَتي لَا ترد يَد لَا مس قَالَ فَارِقْهَا قَالَ إِنِّي أُحِبُّهَا قَالَ أَمْسِكْهَا قَالَ عليه السلام خَشْيَةَ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ وَمَا عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَبْرَأَهُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ فِي الْحُرَّةِ وَحَيْضَةٍ فِي الْأَمَةِ وَكَرِهَ مَالِكٌ نِكَاحَ الزَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ إِمَّا لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ رضي الله عنهما أَوْ لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بقوله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} قَالَه ابْن الْمسيب

الْمَانِعُ الثَّانِي الظِّهَارَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ نُصُوصُ تَحْرِيمِهَا فِي النّسَب

ص: 259

قَاعِدَةٌ عُقُوقُ ذَوِي الْمَحَارِمِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ حَرَامٌ إِجْمَاعًا من حث الْجُمْلَةِ قَاعِدَةٌ الْوَسَائِلُ تَتْبَعُ الْمَقَاصِدَ فِي أَحْكَامِهَا فَوَسِيلَةُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَوَسِيلَةُ أقبح من الْمُحرمَات أقبح الْوَسَائِل ووسيلة أفضل الْوَاجِبَات أفضل الْوَسَائِلِ وَمُضَارَّةُ الْمَرْأَةِ بِأُخْرَى بِجَمْعِهَا مَعَهَا فِي حَالِ الْوَطْءِ وَسِيلَةُ الشَّحْنَاءِ فِي الْعَادَةِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا وَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ عِيسَى عليه السلام فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ إِلَّا الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ وَدَفْعًا للشحناء وَعكس ذَلِك فِي التَّوْرَاة فجوز الْجَمْعُ غَيْرَ مَحْصُورٍ فِي عَدَدٍ تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ عَلَى مَصْلَحَةِ النِّسَاءِ وَجُمِعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ فِي شَرِيعَتِنَا الْمُفَضَّلَةِ عَلَى سَائِرِ الشَّرَائِعِ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الرِّجَالِ فَشُرِعَ لَهُمْ أَرْبَعُ حَرَائِرَ مَعَ التَّسَرِّي وَمَصَالِحِ النِّسَاءِ فَلَا تُضَارُّ زَوْجَةٌ مِنْهُنَّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَمَّا كَانَتِ الثَّلَاثُ مُغْتَفَرَاتٍ فِي مَوَاطِن كَثِيرَة اغتفرت هَا هُنَا فَتَجُوزُ هِجْرَةُ الْمُسْلِمِ ثَلَاثًا وَالْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثٌ وَالْخِيَارُ ثَلَاثٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ هَذَا فِي الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْبَعِيدِ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَحَافَظَ الشَّرْعُ عَلَى الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَصَوْنِهَا عَنِ الْعُقُوقِ وَالشَّحْنَاءِ فَلَا يجمع بَين الْأُم وأبيها وَهُمَا أَعْظَمُ الْقَرَابَاتِ حِفْظًا لِبِرِّ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَيَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَيَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَبِرُّهُا آكَدُ مِنَ الْأَبِ وَيَلِيهِ الْمَرْأَةُ وَعَمَّتُهَا ثُمَّ خَالَةُ أُمِّهَا ثُمَّ خَالَةُ أَبِيهَا ثُمَّ عَمَّةُ أُمِّهَا ثُمَّ عَمَّةُ أَبِيهَا فَهَذَا من بَاب تَحْرِيم الْوَسَائِل لَا مِنْ بَابِ تَحْرِيمِ الْمَقَاصِدِ وَلَمَّا كَانَتِ الْأُمُّ أَشد برا

ص: 260

بِابْنَتِهَا مِنَ الِابْنَةِ بِأُمِّهَا لَمْ يَكُنِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَافِيا فِي بغضتها لِابْنَتِهَا إِذَا عُقِدَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ مَيْلِهَا لِلزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ فَاشْتُرِطَ فِي التَّحْرِيمِ إِضَافَةُ الدُّخُولِ وَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي بِغْضَةِ الْبِنْت لضعف ودها فَيحرم العقد لَيْلًا تَعُقَّ أُمَّهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ يشْتَرط الدُّخُول فيهمَا لقَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وربائيكم اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهن} فَقَوله تَعَالَى {اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن} صِفَةُ تَعْقِيبِ الْجُمْلَتَيْنِ فَتَعُمُّهُمَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ إِمَّا بِمَنْع عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْجُمَلِ أَوْ تَسْلِيمِهِ وَنَقُولُ هُوَ هَا هُنَا مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَالْعَامِلُ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ كَانَ صِفَةً لِلْجُمْلَتَيْنِ لَعَمِلَ فِي الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ عَامِلَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ قَاعِدَةٌ لَمَّا دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى تَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ إِذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ نِسَائِنَا عُرْفًا إِلَّا الْحَرَائِرُ اللَّاتِي لَا يُسْتَبَحْنَ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَأُلْحِقَ الْمِلْكُ بِالْعَقْدِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَأُلْحِقَتْ شُبْهَتُهُمَا بِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ لِأَنَّهَا أُلْحِقَتْ بِهِمَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا الزِّنَا الْمَحْضُ فَمَطْلُوبُ الْإِعْدَامِ فَلَوْ رُتِّبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَقَاصِدِ لَكَانَ مَطْلُوبَ الْإِيجَادِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَثَرٌ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّأِ وَلَاحَظَ فِي الْكِتَابِ كَوْنَهُ يُوجِبُ نِسْبَةً وَاخْتِصَاصًا وَرُبَّمَا أَوْجَبَ مَيْلًا شَدِيدًا فَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ وَبَالَغَ حَتَّى قَالَ

ص: 261

إِذَا الْتَذَّ بِهَا حَرَامًا كَانَ كَالْوَطْءِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةَ فِي الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ وَالشُّبْهَةِ وَوَافَقَ ح فِي الْمُلَامسَة بلذة وَالنَّظَر إِلَى الْفَرْجِ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ لِعَدَمِ إِفْضَائِهِ إِلَى الْوَطْءِ وَهُوَ إِنَّمَا حُرِّمَ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وَالْوَسِيلَةُ إِذَا لَمْ تُفِضْ إِلَى الْمَقْصِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا وَمَنَعَ ش التَّحْرِيمَ بِالْمُلَامَسَةِ لِلَذَّةٍ وَالنَّظَرَ مُطْلَقًا وَأَثْبَتْنَاهُ بهما مُطلقًا وَقَالَ أَبُو الطَّاهِر اللَّمْس للذة من الْبَالِغ ينشر حُرْمَة الطَّهَارَة وَمِنْ غَيْرِ الْبَالِغِ قَوْلَانِ وَبِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا يَنْشُرُ مُطْلَقًا وَنَظَرُ الْبَالِغِ لِلَذَّةٍ الْمَشْهُورُ نَشْرُهُ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَوَاسِّ وَالشَّاذُّ لَا يَنْشُرُ لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْوَجْهِ لَا يَحْرُمُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ وَاكْتُفِيَ فِي تَحْرِيمِ زَوْجَات الْآبَاء وَالْأَبْنَاء بِالْعَقْدِ لِأَنَّ أَنَفَاتِ الرِّجَالِ وَحَمِيَّاتِهِمْ تَنْهَضُ بِالْغَضَبِ والبغض بِمُجَرَّد نِسْبَةِ الْمَرْأَةِ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَيَخْتَلُّ نِظَامُ وُدِّ الْآبَاء للأبناء وَالْأَبْنَاء للآباء وَهُوَ سياج عَظِيم عِنْدَ الشَّرْعِ جُعِلَ خَرْقُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا نزوج امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَمَاتَتْ فَقَبَّلَهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ حُرِّمَتِ ابْنَتُهَا لِأَنَّهُ الْتَذَّ بِهَا وَهِيَ زَوْجُهُ يَجُوزُ لَهُ غُسْلُهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ غسلهَا لَا تحرم قَالَ وَالْقِيَاس عدم الْحُرْمَة لِأَن وَطئهَا لَا يُوجِبُ إِحْصَانًا وَيَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا حِينَئِذٍ وَالْخَامِسَةِ سُؤَالٌ الْمَشْهُورُ فِي تَحْلِيلِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ اشْتِرَاطُ الْوَطْءِ

ص: 262

فِي الْحَلَالِ وَحُمِلَ آيَةُ التَّحْلِيلِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ عُرْفٌ يُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ فَحُمِلَ النِّكَاحُ فِيهَا عَلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ وَخُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى فِي أُمَّهَات الربائب إِن كُنْتُم دَخَلْتُم بِهن فَاعْتَبَرَ مَالِكٌ مُطْلَقَ الْوَطْءِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا وَهُوَ خلاف الْقَاعِدَة جَوَابه أَنه احْتِيَاطٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَخُولِفَتِ الْقَاعِدَةُ لِمُعَارَضَةِ الِاحْتِيَاطِ تَفْرِيع فِي الْجَوَاهِر تحرم بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَامْرَأَةُ الِابْنِ وَالْحَفَدَةِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كُلُّ نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَنُصَّ الْكِتَابُ وَلَا السُّنَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَقَالَ أَيْضًا إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ جَازَ لِابْنِهِ تَزْوِيجُهَا قَالَ مَالِكٌ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إِنْ كَانَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيثبت بعده كالشغار الَّذِي يُسمى مَهْرُهُ وَالْعَقْدِ بِالصَّدَاقِ الْمَجْهُولِ أَوْ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُسَمًّى أَوْ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقِ وَالْعَقْدُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يُحَرِّمُهَا عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْخَامِسَةِ وَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَالْأُخْتِ عَلَى الْأُخْتِ وَعَلَى الْعَمَّةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِلتَّحْلِيلِ أَوْ غير مهر فَلَا يحرم وَلَا تحرم بَنَات الزَّوْجَة إِلَّا بِالْوَطْءِ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلَذَّةٍ وَالنَّظَرِ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ بِشَهْوَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُنَّ فِي حِجْرِهِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إِجْمَاعًا حِينَئِذٍ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَنَا بِأُمِّ امْرَأَته

ص: 263

يُفَارِقُهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ لَا يُفَارِقُهَا وَعَلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَفِي حَمْلِ الْمُفَارَقَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ قَوْلَانِ فَإِنِ انْفَرَدَتِ الشُّبْهَةُ عَنِ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي التَّحْرِيمِ إِلَّا قَوْلَ سَحْنُونٍ إِذَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى امْرَأَتِهِ لَيْلًا فَوَقَعَتْ عَلَى ابْنَتِهِ مِنْهَا فَوَطِئَهَا غَلَطًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ فَاخْتَلَفُوا إِذَا حَاوَلَ وَطْءَ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَالْتَذَّ بِهَا هَلْ تَحْرُمُ الْأُمُّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَمْ لَا تَحْرُمُ لِأَنَّ الْمَلْمُوسَةَ لَيْسَتْ رَبِيبَةً فَيَتَنَاوَلَهَا تَحْرِيمُ الرَّبَائِبِ وَلَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ لِأَنَّ ابْنَتَهُ لَا تَكُونُ مِنْ نِسَائِهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْوَطْءِ نَفْسِهِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَجُمْهُورُ قَائِلِيهِ إِنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّحْرِيمُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيِ التَّحْرِيمِ بِالزِّنَا قَالَ ضُعَفَاؤُهُمْ بَلْ يَتَخَرَّجُ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى مُفَارَقَةِ الْأُمِّ وُجُوبًا وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو الْحَسَنِ اسْتِحْبَابًا قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْأُمِّ إِذَا غَلِطَ بِابْنَتِهِ مِنْهَا تَحْرُمُ بِنْتُ الْخَالَةِ إِذَا غَلِطَ بِجَدَّتِهِ لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا تَحْرُمُ

(فَرْعٌ)

فَلَو وطئ امْرَأَة مكْرها قَالَ اللَّخْمِيّ يتَخَرَّج ايجابه للْحُرْمَة على الْخلاف فِي الْحَد فَإِنْ قُلْنَا يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيِ الزِّنَا وَإِلَّا فَهُوَ كَوَطْءِ الْغَلَطِ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ الْجَدَّاتُ كَالْأُمَّهَاتِ وَبَنَاتُ الْأَبْنَاءِ كَالْبَنَاتِ كَمَا انْدَرَجْنَ فِي تَحْرِيمِ النَّسَبِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ أُمَّهَا أَوْ

ص: 264

أُخْتَهَا أَقَامَ مَعَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ عَقْدَ الْأُولَى غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَهِيَ تَحِلُّ لِآبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ عَلَى ذَات محرم أَو رضَاع وزنى بِامْرَأَةٍ أَوِ الْتَذَّ مِنْهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا وَتَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْبِنْتِ كَصَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ إِحْدَاهمَا وَيفْسخ العقد وَله تزوج أَيَّتهمَا شَاءَ إِنْ كَانَ لَمْ يَبْنِ بِهِمَا وَقِيلَ تَحْرُمُ الْأُمُّ لِلشُّبْهَةِ فِي الْبِنْتِ وَإِنْ بَنَى بهَا حرمت عَلَيْهِ لِلْأَبَد وَإِن بنى بِأَحَدِهِمَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَخَطَبَ الَّتِي بَنَى بِهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ أُمًّا كَانَتْ أَوْ بِنْتًا وَحُرِّمَتِ الْأُخْرَى أَبَدًا وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حَتَّى دَخَلَ بِالِابْنَةِ فَارَقَهُمَا جَمِيعًا وَلَا صَدَاقَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مَجْبُورٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالرَّضَاعِ ويتزوج الِابْنَة بعد ذَلِك واستبراء ثَلَاث حيض أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمَاءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ الْأُمِّ فِي الْعِصْمَة لَا يحل وَتحرم الْأُم لِلْأَبَد لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ أَخِيرًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَبَنَى بِهَا أَوْ بِالْأُمِّ حُرِّمَتْ لِلْأَبَدِ أَمَّا الْأُمُّ فَلِلْعَقْدِ على الْبِنْت وَأما الْبِنْت فللدخول مَعَ العقد فِي الْأُم وَلَا صَدَاقَ لِلِابْنَةِ إِنْ لَمْ يَبْنِ بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِهِ لكنه لم يتعمده وَإِن لم يبن بِالآخِرَة ثَبَتَتِ الْأُولَى أُمًّا كَانَتْ أَوْ بِنْتًا بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَتُفْسَخُ الثَّانِيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَزَوَّجَ الْأُمَّ بَعْدَ الْبِنْتِ أَوِ الْبِنْتَ بَعْدَهَا فَوَطِئَ الثَّانِيَةَ وَحْدَهَا فُسِخَ نِكَاحُهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلِلْأُولَى نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ بَعْدَ الْبِنْتِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَدَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِبْطَالَ عِصْمَتِهَا

ص: 265

قَالَ صَاحب الْمُقدمَات إِذا نزوج الْأُمَّ وَالْبِنْتَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَلَهُ سِتُّ حالات الْحَالة الأولى أَن يعْقد عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَيَبْقَى مَعَ الْأُولَى إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ بِلَا خِلَافٍ أَوِ الْأُمَّ بِخِلَافٍ وَإِنْ جَهِلَ السَّبْقَ فَارَقَهُمَا وَله زواج الْبِنْتِ وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَقِيلَ رُبُعُهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ رُبُعُ أول الصداقين وَذَلِكَ إِن لم تدع كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَلَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَإِن جرى ذَلِك وَحلفت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَكْثَرِ مِنَ الصَّدَاقَيْنِ يَقْتَسِمَانِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ صَدَاقَيْهِمَا وَإِنْ نَكَلَتَا بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ لَهُمَا نِصْفُ أَقَلِّ الصَّدَاقَيْنِ يَقْتَسِمَانِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا فَلِلْحَالِفَةِ نِصْفُ صَدَاقِهَا فَإِنْ نَكَلَ هُوَ وَحَلَفَتَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلِلْحَالِفَةِ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِنْ نَكَلَتْ بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَهُمَا أَقَلُّ الصَّدَاقَيْنِ لَا بِقَدْرِ صَدَاقَيْهِمَا وَإِنْ أَقَرَّ لِإِحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ وَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا وَلَيْسَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ غَرِمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ مَاتَ وَلَمْ تَعْلَمِ الْأُولَى فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَتعْتَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عدَّة الْوَفَاة الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ الدُّخُولُ بِهِمَا فَيُفَارِقُهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نصف صَدَاقهَا

ص: 266

بالمسيس وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاء بِثَلَاث حيض وحرمتا لِلْأَبَد وَلَا مِيرَاث وَالْحَالة الثَّالِثَة أَن يدْخل بِالْأولَى فتقر مَعهَا إِن كَانَت الْبِنْت اتِّفَاقًا أَو الْأُم عَلَى الْخِلَافِ وَتَحْرُمُ الثَّانِيَةُ أَبَدًا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ الدُّخُولُ بِالثَّانِيَةِ يُفَارِقُهُمَا وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا وَتَحِلُّ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ أَوِ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا وَلَا يَرِثَانِهِ إِنْ مَاتَ الْحَالة الْخَامِسَة دُخُوله بِوَاحِدَة لَا يَعْلَمُ سَبْقَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا وَإِن كَانَت الِابْنَة فراقها وَلَهُ زَوَاجُهَا وَعَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَلَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَنِصْفُ الْمِيرَاث وَقَالَ مُحَمَّد لَا شَيْءَ لَهَا قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ الْحَالَةُ السَّادِسَةُ دُخُولُهُ بِوَاحِدَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ حُرِّمَتَا أَبَدًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِهَا فَيُعْطِيهَا صَدَاقَهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا واستحقت جملَة صادقها فَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ مَاتَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا عِنْدَ سَحْنُونٍ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَقَلُّ الصَّدَاقَيْنِ عَلَى قَدْرِ صَدَاقِهِمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَتَعْتَدُّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا

ص: 267

عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا إِنْ كَانَتِ الْآخِرَةَ لَمْ يَرِثَا وَلَا مِيرَاثَ مَعَ الشَّكِّ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إِحْدَاهُمَا لِلْخِدْمَةِ وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ وَأَيُّهُمَا وَطِئَ حُرِّمَتِ الْأُخْرَى أَبَدًا وَإِنْ جَمعهمَا فِي الْوَطْء بِالْملكِ فِي أحديهما وَالْعقد فِي الْأُخْرَى فَإِن وطئهما أَو أحديهما فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَمْلُوكَتَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَمْلُوكَةُ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ خَاصَّةً مَا لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ أَوْ تَكُونُ الْبِنْتَ فَيَتَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتَحْرُمُ امْرَأَةُ الْجَدِّ لِلْأُمِّ وَالْجَدِّ لِلْأَبِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي لَفْظِ الْآبَاءِ كَمَا تَنْدَرِجُ جَدَّاتُ امْرَأَتِهِ وَجَدَّاتُ أُمِّهَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} وَبِنْتُ بِنْتِ الزَّوْجَةِ وَبِنْتُ ابْنِهَا وَكُلُّ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ وَإِنْ سَفَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وربائبكم} تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الِانْدِرَاجَاتِ لَيْسَتْ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِالثُّلُثِ لِلْأُمِّ وَلَمْ يُعْطِهِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم لِلْجَدَّةِ بَلْ حَرَمُوهَا حَتَّى رُوِيَ لَهُمُ الْحَدِيثُ فِي السُّدُسِ وَصُرِّحَ بِالنِّصْفِ لِلْبِنْتِ وَلِلْبِنْتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ على التَّسْوِيَة وَوَرِثَتْ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ بِالسُّنَّةِ وَابْنُ الِابْنِ كَالِابْنِ فِي الْحَجْبِ وَالْجَدُّ لَيْسَ كَالْأَبِ وَالْإِخْوَةُ تَحْجُبُ الْأُمَّ

ص: 268

وَبَنُوهُمْ لَا يَحْجُبُونَ فَعَلِمْنَا أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ حَقِيقَةٌ فِي الْأَبِ الْقَرِيبِ مَجَازٌ فِي آبَائِهِ وَلَفْظَ الِابْنِ حَقِيقَةٌ فِي الْقَرِيبِ مَجَازٌ فِي أَبْنَائِهِ إِنْ دَلَّ إِجْمَاعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَجَازِ وَإِلَّا أُلْغِيَ وَإِنَّ هَذِهِ الِانْدِرَاجَاتِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالنَّصِّ وَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِنَفْسِ اللَّفْظِ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَجَازِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَقِيقَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ الِابْنُ امْرَأَةً فَقَالَ الْأَبُ كُنْتُ تَزَوَّجْتُهَا فَإِنْ فَارَقَهَا لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَ الْأَبُ ثِقَةً وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ مَعَ الْأَبِ وَهُوَ عَدْلٌ حُكِمَ بِالْفِرَاقِ قَالَ وَفِي الصَّدَاقِ نَظَرٌ لِأَجْلِ شَهَادَةِ الْأَبِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا زَوَّجَ امْرَأَتَهُ مِنْ غُلَامِهِ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لَا تَحِلُّ الْجَارِيَةُ لِابْنِهِ وَرَوَى ابْنُ دِينَارٍ الْجَوَازَ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ بَيْنَهُمَا وَاتَّفَقُوا عَلَى حِلِّ مَا وَلَدَتِ امْرَأَةُ ابْنِهِ قَبْلَ أَبِيه وَفِيمَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ لِمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْكَرَاهَةُ لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَالَّذِي تخيل فِي الْمَنْع بَقَاء ابْن من

ص: 269

الأول بعد وَطْء الثَّانِي وَإِن ولد مِنَ الْأَوَّلِ حَاضَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَعَشَ بِمَاءِ الثَّانِي

(الْمَانِع الثَّانِي الرَّضَاعُ)

وَيُقَالُ الرَّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا وَالرَّضَاعَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَنَدُهُ وَيَتَعَلَّقُ الْفِقْهُ فِيهِ بِالْمُرْضِعَةِ وَالْمُرْضِعِ وَاللَّبَنِ الْمُرْضَعِ وَإِثْبَاتِهِ وَمَنْ يَحْرُمُ بِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُرْضِعَةِ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ الْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ وَالْبَهِيمَةِ وَقَالَهُ ش وح وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ نِكَاحِ مَنْ أَرْضَعَهُ الرِّجَال قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ ابْن اللبان تقع الْحُرْمَةُ بِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إِذَا وَقَعَتْ بِاللَّبَنِ عَنْ وَطْئِهِ فَبِلَبَنِهِ أَوْلَى وَيُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم عَلَى الْغَالِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَيَحْرُمُ ارْتِضَاعُ الْمَيْتَةِ وَفَحْلُهُ أَبٌ لِأَنَّهُ يُغَذِّي وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ لِشَبَهِهَا بِالْبَهِيمَةِ بَلْ بالجماد وَيحرم لبن الْبكر والآيسة وَغير الموطؤة وَالصَّبِيَّةِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ لَبَنَهَا يُغَذِّي وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ مَا لَمْ تَنْقُصْ الصَّبِيَّةُ عَنْ سِنِّ مَنْ تُوطَأُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تُجْبَرُ ذَاتُ الزَّوْجِ عَلَى رضَاع وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا لِشَرَفِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ

ص: 270

كَامِلَيْنِ} الْبَقَرَة 133 وَلِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى ذَلِكَ عُرْفًا فيلزمها شرعا فَإِن مَاتَ الْأَب وَالصَّبِيّ قَالَ فلهَا الِاسْتِئْجَار من مَاله عل إرضاعه إِلَّا أَن لَا يَقْبَلَ غَيْرُهَا فَتُجْبَرَ بِالْأُجْرَةِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَزِمَهَا إِرْضَاعُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ قَبِلَ غَيْرُهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِرْضَاعِ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَقَالَ عبد الْوَهَّاب لَا يلْزمهَا إِلَّا أَن لَا يقبل غَيرهَا لِأَن الأَصْل عدم تعلق حَقه بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ لَبَنٌ أَوْ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَعَلَيْهَا إِرْضَاعُهُ لِلْآيَةِ وَتَأْخِيرِهِ عليه السلام الْغَامِدِيَّةَ حَتَّى إِذا أرضعت وَلَدهَا حِينَئِذٍ رَجَمَهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَعَيُّنِهَا لَهُ وَفِي الْكتاب على الرَّجْعِيَّة الْإِرْضَاع كَالزَّوْجَةِ فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَتْ بَائِنًا فعلى الْأَب أجر الرَّضَاع فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِمَا يَرْضَى بِهِ غَيْرُهَا وَلَيْسَ لِلْأَبِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَبَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا إِلَّا أَن لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا فَتُجْبَرَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِمَا زَادَ سَوَاءٌ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُ غَيْرُ الْأُمِّ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْدِمًا فَوَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بَاطِلًا قِيلَ لِلْأُمِّ إِمَّا أَنْ تُرْضِعَهُ بَاطِلًا أَوْ تُسَلِّمَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَو وجد مَنْ يُرْضِعُهُ بَاطِلًا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُهُ إِلَّا بِمَا وَجَدَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الطَّلَاق 6

ص: 271

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهَا طَرْحُ وَلَدِهَا مِنْ حِينِهِ حَتَّى يَجِدَ مُرْضِعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} الْبَقَرَة 135

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذا أقدم الْأَبُ أُجْرَةَ رَضَاعِ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ رَجَعَ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَقَالَ مَالِكٌ ذَاكَ عَطِيَّةُ الابْن اسْتحقَّهَا بالحوز الْفَصْل الثَّانِي الْمُرْضع فِي الْكِتَابِ لَا يُحَرَّمُ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إِلَّا بِنَحْوِ الشَّهْرَيْنِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَوْلَيْنِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح ثَلَاثُونَ شَهْرًا لَنَا ظَاهِرُ الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وَلِأَنَّهُ من الْحَاجَةِ غَالِبًا وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عليه السلام لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنِ انْفَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَمْ يُحَرِّمْ رَضَاعُهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْيَسِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ يُحَرِّمُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَقَالَ أَيْضًا مِثْلَ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْهُ بَعْدَهَا بِشَهْرٍ وَرُوِيَ بِثَلَاثَة أشهر الْفَصْل الثَّالِث اللَّبن الْمُرْضع قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ لِبَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ بَلْ لِبَانٌ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ حَلَالٍ عَلَى مَشْهُور الرِّوَايَتَيْنِ

ص: 272

وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُدْرَأُ الْحَدُّ يَنْشُرُ لَبَنُهُ الْحُرْمَةَ وَإِنْ وَجَبَ الْحَدُّ وَانْتَفَى الْوَلَدُ لَا يَنْشُرُ وَإِنِ انْتَفَى الْوَلَدُ وَسَقَطَ الْحَدُّ فَالرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ نَشَرَهُ لِظُهُورِ شِبْهِ النِّكَاحِ الْمَشْرُوعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الرَّاضِعِ وَأَمَّا الْمُرْضِعَةُ فَالْأُمُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُنَافِي الْأُمُومَةَ وَلَوْ وُطِئَتِ الْمُتَزَوِّجَةُ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا فَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً فَهِيَ ابْنَةُ مَنْ يثبت لَهُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَإِذَا دَامَ لَبَنُ الْمُطَلَّقَةِ سِنِينَ فَهُوَ مَنْسُوبٌ لِلزَّوْجِ وَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِوَطْءِ زَوْجٍ ثَانٍ وَإِنْ دَامَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ فَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِالْحَمْلِ وَقِيلَ بِالْوِلَادَةِ وَقِيلَ لَا يَنْقَطِعُ إِلَّا بِانْقِطَاعِهِ وَحَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِانْقِطَاعِهِ فَالْوَلَدُ لَهُمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يَكُونُ طرؤ الزَّوْجِ أَوِ الْحَمْلِ مُغَيِّرًا لِلَّبَنِ حَتَّى تَكُونَ نسبته إِلَى الطَّارِئ أولى أَمْ لَا

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فَولدت ثمَّ تزوجت وَطَلقهَا ثُمَّ ثَالِثًا وَلَبَنُ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَطَالَتِ الْمُدَّةُ عَنْ إِصَابَةِ الْوَسَطِ سَقَطَ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ التَّكْثِيرِ وَالطُّولُ يُبْطِلُهُ وَالْحُرْمَةُ تَقَعُ بِالْإِنْزَالِ بِالْوَطْءِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا يَسْقِ أَحَدُكُمْ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ وَلَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَدَرَّتِ اللَّبَنَ لَمْ يَكُنْ أَبًا إِجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ وجود سَبَبَهُ لِبُعْدِ السَّبَبِ

ص: 273

(فَرْعٌ)

لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ عَدَدُ رَضَعَاتٍ بَلْ مُطْلَقُ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ وَقَالَهُ ح وَاشْتَرَطَ ش خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي مُسْلِمٍ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نسخن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي عليه السلام وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَاللِّعَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِحَالَتَهُ عَلَى الْقُرْآنِ الْبَاقِي بَعْدَهُ عليه السلام يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قُرْآنًا لَتُلِيَ الْآن لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الْحجر 9 وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ فِي سَنَدِهِ طَعْنًا سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَهُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَقد ظهر بُطْلَانه وَعَن الثَّالِث أَنه مغلوب بِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخَمْسِ كَاللِّعَانِ وَمُعَارَضٌ بِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ على الْعدَد كَالنِّكَاحِ على غير الزَّوْج كَالطَّلَاقِ على الزَّوْجِ إِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ مُطْلَقٌ وَالسُّنَّةَ مُقَيَّدَةٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ الْوَجُورُ يُحَرِّمُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكَذَلِكَ السَّعُوطُ وَالْحُقْنَةُ الْوَاصِلَةُ إِلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ فَائِدَةٌ الْوَجُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الصَّبُّ فِي وَسَطِ الْفَمِ وَاللَّدُودُ الصَّبُّ فِي أحد جانبيه من لديدي الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي السَّعُوطِ

ص: 274

وَالْحُقْنَةِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَشْتَرِطِ ابْنُ حَبِيبٍ الْوُصُولَ إِلَى الْجَوْفِ فِي السَّعُوطِ والحقنة وَقَالَ إِذا خلط اللَّبن بكحل نَفاذ كَالْمُرِّ وَالصَّبْرِ وَالْعَنْزَرُوتِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَعْتَبِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَسَمَيْنِ لِأَنَّ مُرُورَ اللَّبَنِ فِي الدِّمَاغِ كَمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ الْجِسْمِ لَا يَحْصُلُ غِذَاءٌ وَلَوْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ وَكَانَ مُسْتَهْلَكًا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ وَهِيَ وَطْءُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الصَّحِيحِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ وَقِيلَ هِيَ إِرْضَاعُ لَبَنِ الْحَامِلِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمُتَوَقَّعُ مِنَ الْفَسَادِ إِضْعَافُ الْمَنِيِّ اللَّبَنَ لِمُشَارَكَةِ الرَّحِمِ الثَّدْيَ فِي الْمَجَارِي وَلِذَلِكَ تَتَحَرَّكُ شَهْوَةُ النِّسَاءِ بِمَسْكِ الثَّدْيِ وَإِنَّ الْحَمْلَ يَمْنَعُ الْحَيْضَ فَيَنْحَصِرُ فِي الْجَسَدِ فَيَفْسُدُ اللَّبَنُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ الْإِنْزَالَ وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِمَنِيِّ الْمَرْأَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذا درت مَا لَا يُحَرَّمُ وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ اللَّبَنُ الْمُغَذِّي

ص: 275

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُهْلِكَ اللَّبَنُ أَوْ صَارَ مَغْلُوبًا بِطَعَامٍ أَوْ دَوَاءٍ لَمْ يُحَرَّمْ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحُكْمِ لِلْغَالِبِ وَقَالَهُ ح فِي الْمَغْلُوبِ بِالْمَاءِ وَالْمُخْتَلِطِ بِالطَّعَامِ إِنْ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا لِأَنَّ الطَّعَامَ أَصْلُ اللَّبن وَاللَّبن تَابع والهواء كَالْمَاءِ عِنْدَهُ وَإِذَا اخْتَلَطَ عِنْدَهُ لَبَنُ الْمَرْأَتَيْنِ تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِأَغْلَبِهِمَا وَيَشْهَدُ لَنَا أَنَّ النُّقْطَةَ مِنَ الْخَمْرِ لَا يُحَدُّ عَلَيْهَا إِذَا اسْتُهْلِكَتْ مُطلقًا قَالَ ابْن يُونُس وَقَالَ مطرف تحرم لحُصُول الإغتداء بِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَإِنِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا وَالنُّقْطَةُ مِنَ الْخَمْرِ إِذَا اخْتَلَطَتْ لَا تُسْكِرُ وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِسْكَارِ مَعَ أَمْثَالِهَا فَظَهَرَ الْفَرْقُ قَاعِدَةٌ إِذَا نَصَبَ الشَّرْعُ سَبَبًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حِكْمَةٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى عَيْنِ السَّبَبِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَنْصِبْ غَيْرَهُ وَيَجُوزُ اعْتِبَارُ الْحِكْمَةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ وَضْعِ السَّبَبِ وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنَ الْفَرْع كَمَا شرع السّرقَة سَببا فِي الْقطع لحكمة صون الْأَمْوَال وَالزِّنَا سَببا للحد لحكمة صون الْأَنْسَاب وَهَا هُنَا شَرَعَ الرَّضَاعَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ لِحِكْمَةِ كَوْنِهِ يُغَذِّي حَتَّى يَصِيرَ جُزْءُ الْمَرْأَةِ الَّذِي هُوَ لَبَنُهَا جُزْءَ الْمُرْضَعِ كَمَا يَصِيرُ مَنِيُّهَا وَطَمْثُهَا جُزْءًا مِنَ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ فَإِذَا حَصَلَتِ الْمُشَارَكَةُ حَصَلَتِ الْبُنُوَّةُ فَإِذَا اسْتُهْلِكَ اللَّبَنُ عُدِمَ مَا يُسَمَّى رَضَاعًا وَلَبَنًا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْحِكْمَةُ فَهَلْ تُعْتَبَرُ أَمْ لَا هَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَصْحَابِ اللَّبَنُ الْمُسْتَهْلك لَا يغذي وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن لبن الْحَيَوَان يحصل آخر

ص: 276

الْغذَاء مِمَّا خالطهما فِي جَوْفِهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَثُرَ الْمُخَالِطُ وَذَلِكَ مَعْلُوم عِنْد الْأَطِبَّاء وَيدل على عدم اعْتِبَاره هَذِهِ الْحِكْمَةَ إِذَا انْفَرَدَتْ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تقع بدمها وَلَا لَحمهَا وَإِن أغذيا الْوَلَد إِجْمَاعًا وَإِن الْكَبِير يغذى بِاللَّبَنِ وَلَا يُحَرِّمُهُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ إِرْضَاع الذُّكُور ورضاع الْكَبِيرِ وَالْحُقْنَةُ وَالسَّعُوطُ وَالْكُحْلُ وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُرُوعِ فَتَأَمَّلْهَا بِفِكْرٍ حَسَنٍ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ كَرِهَ لَبَنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْكِتَابِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لِتَوَلُّدِهُ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَقَدْ تُطْعِمُهُ ذَلِكَ خُفْيَةً وَنَهَى عليه السلام عَنِ اسْتِرْضَاعِ الْفَاجِرَةِ وَقَالَ اتَّقوا إِرْضَاع الحمقاء فَإِنَّهُ يغذي الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي إِثْبَاتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَإِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَلَا صَدَاقَ إِنْ سُمِعَ مِنْهُ قبل العقد وَإِلَّا فَعَلَيهِ جَمِيع الصَّدَاقِ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الْإِنْسَانِ لَا يُسْمَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنِ ادَّعَتْ هِيَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِسَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهَا قبل العقد وَلَا يقدر على

ص: 277

طَلَبِ الْمَهْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا وَإِقْرَارُ أَبَوَيِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَإِقْرَارِهِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّ لَهُمَا مَدْخَلًا فِي الْعَقْدِ فَيُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا وَأَمَّا بعد النِّكَاح فَلَا إِلَّا أَن يتنزه عَنْهَا لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ حِينَئِذٍ وَيُتَّهَمَانِ فِي إِسْقَاطِ الْمَهْرِ بِالْفَسْخِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَتَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ ش لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا تستقل بِهِ النِّسَاءُ وَيَثْبُتُ عِنْدَنَا بِامْرَأَتَيْنِ إِنْ فَشَا ذَلِك من قَوْلهمَا حَتَّى يكون بِشَهَادَة سَمَاعٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ فِي الرجل وَالْمَرْأَة وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَامَا حِينَ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ إِذْ لَا يُتَّهَمَانِ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَأُمُّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قِيلَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَقِيلَ أَرْفَعُ مِنْهَا لِاخْتِصَاصِهَا بالاطلاع ولنفي التُّهْمَة وَكَذَلِكَ أَبُو الزَّوْج أَو الزَّوْجَة هَل هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ إِذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ أَمْ لَا فَإِنْ تَوَلَّاهُ فَهُوَ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ أُجْبِرَ ثُمَّ تَوَلَّاهُ فُسِخَ فَإِنْ أُخِّرَ حَتَّى كَبُرَ الْوَلَدُ وَصَارَتِ الْوِلَايَةُ إِلَيْهِ فَهَلْ يُفْسَخُ نَظَرًا لتوليه أم لَا يفْسخ وَيكون شَاهِدًا نَظَرًا لِفَسْخِ وِلَايَتِهِ خِلَافٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ لم يفرق فَيُسْتَحَب وَفِي الْكِتَابِ اعْتِرَافُ الْأَبِ يُؤَاخَذُ بِهِ فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ أَرَادَ شِرَاءَهَا أَوْ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ الْأَبُ قَدْ تَزَوَّجَتِ الْحُرَّةُ أَوْ وطِئت الْأمة لَا يقبل قَوْله لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقِرًّا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَإِنْ فَشَا مِنْ قَوْلِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَاقِدَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِذَا أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ بِالرَّضَاعِ وَصَدَّقَهَا

ص: 278

رَجَعَ عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ كَالْغَارَةِ فِي الْعدة وَإِن لَمْ يُصَدِّقْهَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى فِرَاقِهِ وَإِنْ صَدَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يتْرك لَهَا شَيْئا نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا الرَّضَاعُ وَالْحَمْلُ وَالْحَبْسُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَهَلْ يُقْضَى بِالْمَالِ فَقَطْ أَوْ بِالنَّسَبِ قَوْلَانِ وَالْمَوْتُ وَالنِّكَاحُ وَتَوْلِيَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ وترشيد السَّفِيه واليتيم والولادة وَالضَّرَر زَادَ الْعَبْدِيُّ مَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ مِنَ الْأَشْرِيَةِ وَالْعَدَالَة والجرحة وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَأَنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ الصَّدَقَاتُ الْمُتَقَادِمَةُ وَالْحِيَازَاتُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْقِسْمَةُ وَقَالَ هِيَ ثَلَاث وَعِشْرُونَ وَعَدَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَن يحرم مِنْهُ وَفِي الْجَوَاهِر تحرم مِنْهُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ الْمُرْضِعَةُ فَتَصِيرُ أُمًّا وَزَوْجُهَا فَيَصِيرُ أَبًا وَالصَّبِيُّ فَيَصِيرُ ابْنًا وَالْفُرُوعُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ كَحُرْمَةِ النَّسَبِ لِقَوْلِهِ عليه السلام يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النّسَب مُتَّفق على صِحَّته فَيحرم الرَّاضِعِ أُمَّهَاتُ الْمُرْضِعَةِ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ وَأَخَوَاتِهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ خَالَاتٌ وَأَوْلَادَهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَكَذَلِكَ فُرُوعُ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى قَانُونِ النَّسَبِ فَلَا يُسْتَثْنَى إِلَّا أَوْلَادُ الْأَعْمَام

ص: 279

وَالْعَمَّاتُ كَالْقَرَابَاتِ وَلَا تُحَرَّمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أَبِي الرَّضِيعِ وَلَا أَخِيهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا وَقَالَ غَيره كل مَا حرم من النّسَب حرم مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمَّ ابْنِهِ مِنَ الرَّضَاعِ وَأُخْتَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْضَعَتْ صَبِيًّا بَعْدَ فِطَامِ وَلَدِهَا فَهُوَ مَنْ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْضَعَتْهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ دَرَّتْ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ لِأَنَّ اللَّبَنَ بِسَبَبِ وَطْءِ الزَّوْجِ وَلَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ فَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ ابْنٌ لَهُمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ اللَّبَنُ يَكُونُ لِلْفَحْلِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أَنْ يُوجِدَهُ أَوْ يُكَثِّرَهُ أَوْ يُبَاشِرَ مَنِيُّهُ الْوَلَدَ فِي الْبَطْنِ وَإِذَا أَصَابَهَا وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْهَا حَتَّى عَاد البن إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ سَقَطَ حُكْمُ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا وَطِئَ أَمَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ وَقَعَتِ الْحُرْمَةُ بِالْوَطْءِ وَيُعْتَقُ ذَلِكَ الْوَلَدُ عَلَى الْوَاطِئِ بِالسِّرَايَةِ لِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يُوجِبْ سَحْنُونٌ الْعِتْقَ وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهَا ابْنَتُهُ وَإِذَا أَصَابَ أَمَةً رَجُلَانِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا وَقَعَتِ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الْعِدَّةِ فَأَصَابَهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ أَوْ أَصَابَ أَمَةً قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ صَارَتِ الْحُرْمَةُ لِلْوَاطِئِ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي هَذَيْنِ لَا حُكْمَ لِلثَّانِي تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَفِي الْأَمَةِ تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا تَسْقُطُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ بِلَبَنِ الزِّنَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّانِي لِسُقُوطِ نَسَبِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الرَّضَاعِ وَلَبَنُ الْمُلَاعَنَةِ يُحَرِّمُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ

ص: 280

لِقَبُولِهِ الِاسْتِلْحَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّبَنُ فِي الْوَطْءِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَبِالزِّنَا يُحَرِّمُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ لَبَنُ الرَّجُلِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ لَا يحرم لبنه للفحل إِلْحَاقًا لِلرَّضَاعِ بِالنَّسَبِ ثُمَّ قَالَ يَحْرُمُ نَظَرًا لِوُجُودِ اللَّبَنِ وَالْعَمُّ مِنَ الرَّضَاعِ لَا يُحَرِّمُ أَخُوهُ مِنَ النَّسَبِ وَلَا الرَّضَاعِ كَمَا لَا يحرم أُخْتَ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْأُمُّ لِانْقِطَاعِ النَّسَبِ بَيْنَ الْجَنِينَيْنِ وَكَذَلِكَ أُخْتُ أَخِ النَّسَبِ مِنَ الرَّضَاعِ وَيُحَرِّمُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا مِنَ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا كَبِيرَةٌ اخْتَارَ وَاحِدَةً وَفَارَقَ الْأُخْرَى وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ كَمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِانْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا فَأَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ أُخْرَى فَاخْتَارَ الثَّانِيَة ثمَّ أرضعت ثَالِثَة اخْتَار أَيْضًا فَإِنْ فَارَقَ الثَّالِثَةَ فَأَرْضَعَتْ رَابِعَةً حَبَسَ الثَّالِثَةَ إِنْ شَاءَ أَوِ الرَّابِعَةَ وَفَارَقَ الْأُخْرَى فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ كُلَّهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يرى ابْن الْقَاسِم الْمُفَارَقَةِ صَدَاقًا لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا ثَمَنُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُنَّ كَانَ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ بَيْنَهُنَّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْطِي كُلَّ مُفَارَقَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ وَلَيْسَ كَالْفَسْخِ وَاخْتِيَارُهُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم لعدم الصَدَاق عِنْده وبطلاق عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ لَهُنَّ وَإِنْ تَعَدَّتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَلِّقٍ وَعَلَيْهَا لِلزَّوْجِ مَا غَرِمَ كَالرُّجُوعِ عَلَى الشَّاهِدِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ لِلْمُفَارَقَةِ صَدَاقٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَصَدَاقٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ وَتَتَّفِقُ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا لِثُبُوتِ نِكَاحِ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ التَّدَاعِي فِي صَدَاقِهَا قَالَ ابْنُ

ص: 281

حبيب وَكَذَلِكَ الْمَجُوسِيّ يسلم عَن عَشْرِ نِسْوَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا فَيُعْطِي كُلَّ مُفَارَقَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَرَضِيعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَسَمَّى لكل وَاحِدَة صَدَاقهَا فأرضعت الْكَبِيرَة أحديهما قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْكَبِيرَةُ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ بَعْدَ فِرَاقِهَا حُرِّمَتْ لِلْأَبَدِ لِأَنَّهَا أُمُّ نِسَائِهِ دُونَهُنَّ لعدم الدُّخُول وَالصَّغِيرَة وَهن ربائب بعد بنائِهِ بهَا فلهَا الصَّدَاقُ وَحُرِّمَتِ الصَّغِيرَةُ مَعَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَإِنْ فَارَقَ الْكَبِيرَةَ بَعْدَ أَنْ مَسَّهَا أَوِ الْتَذَّ بهَا فَتَزَوَّجَ صَغِيرَةً بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَرْضَعَتْهَا حُرِّمَتِ الصَّغِيرَة وَلَو أَرْضعهَا أهل الأَرْض حر من عَلَيْهِ لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا غُرْمَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَاسْتَقَرَّ اللَّخْمِيُّ الْغرم على المتعدية فَلَو ارتضعت نَائِمَة لأغرم عَلَيْهَا قَوْلًا وَاحِدًا

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمُطَلَّقَةُ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ حُرِّمَتْ عَلَى المُطلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتِ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَوْلِدَةُ

ص: 282

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلَانِ كَبِيرَةً وَأُخْرَى رَضِيعَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةَ الْآخَرِ فَأَرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتِ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا أُمُّ الصَّغِيرَةِ الَّتِي كَانَتِ امْرَأَتَهُمَا وَالصَّغِيرَةُ ربيبته فَينْظر أَدخل بِالْكَبِيرَةِ أَمْ لَا

(فَرْعٌ)

قَالَ تَحْتَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِهَا الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ أُمُّ امْرَأَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ ابْنَتُهُ فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ فَالصَّغِيرَةُ رَبِيبَتُهُ إِنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حُرِّمَتَا وَإِلَّا فَالْكَبِيرَةُ وَحْدَهَا فَلَوْ كَانَ مَعَ الْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ صَغَائِرَ فَأَوْجَرْنَ لَبَنَهَا مِنْ غَيْرِهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا حُرِّمْنَ مَعَ الْكَبِيرَةِ أَوْ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا حُرِّمَتْ وَحُرِّمَ الْجَمِيعُ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ حُرِّمَ الْجَمِيعُ دَخَلَ أَمْ لَا لِأَنَّهُنَّ بَنَاتٌ لَا رَبَائِبُ فَلَوْ كَانَ لِلْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَغِيرَةً فَالْكَبِيرَةُ جَدَّةُ الصِّغَارِ وَحُرِّمَتْ وَالصِّغَارُ ربائب

(الْمَانِعُ الرَّابِعُ اللِّعَانُ)

وَاللِّعَانُ فِي اللُّغَةِ الْبُعْدُ سميت هَذِه الْأَيْمَان لعانا إِمَّا لِذِكْرِ اللَّعْنَةِ مَعَهَا وَإِمَّا لِبُعْدِ الزَّوْجَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنَ الِائْتِلَافِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَوُدِّهَا وَإِمَّا لِأَنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِ لِلْأَبَد وَهُوَ بعد

ص: 283

وَيَتَمَهَّدُ هَذَا الْمَانِعُ بِالْبَحْثِ عَنِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْقَذْفِ ثُمَّ عَنْ حَقِيقَةِ مَا يُوجِبُ اللِّعَانَ مِنْهُ ثُمَّ بَيَانِ الْمُلَاعَنِ وَالْمُلَاعَنَةِ وَصِفَةِ اللِّعَانِ وثمرته فَهَذِهِ سِتَّةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُبِيحَةِ لِلْقَذْفِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الدَّفْعُ عَنِ النّسَب لَيْلًا يخْتَلط بِهِ غَيره فيزوج غَيْرُ الْوَلِيِّ وَيَحْجُبَ غَيْرُ الْوَارِثِ وَيُخَالِطَ غَيْرُ الْقَرِيبِ وَتَنْتَشِرَ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اللِّعَانُ لِذَلِكَ وَاجِبٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا إِذَا اجْتَمَعَ الِاسْتِبْرَاءُ وَالرُّؤْيَةُ وَأَتَى بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَبَعِيدٌ بِالْأَمَدِ دُونَ رُؤْيَةٍ وَلَا اسْتِبْرَاءٍ فَيَقُولُ لَمْ أُصِبْهَا مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الَّذِي يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ أَوْ يَقُولُ لَمْ أُصِبْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ يَقُول لم تَلد بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ لَمْ تَلِدْ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَأَى مِنْهَا حَمْلًا حَتَّى وَضَعَتْهُ إِنْ لَمْ يَنْتَفِ مِنْهَا لَاعَنَ وَإِنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَلَمْ تَلِدْ بِهِ لَحِقَ بِهِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهَا فالمختلف فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِانْفِرَادِهِ وَالرُّؤْيَةُ بِانْفِرَادِهَا وَإِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَفْيِهِ بِالرُّؤْيَةِ بِانْفِرَادِهَا أَوِ الِاسْتِبْرَاءِ بِانْفِرَادِهِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْتُهُ دَلِيلًا عَلَى النَّفْيِ مِنِّي وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ

ص: 284

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ ابْن الْقَاسِم وش الْقيام بِالْوَلَدِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ سَكَتَ بَطَلَ قِيَامُهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ إِقْرَارٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِذَا قَالَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ رِبْحًا لَهُ الْمُلَاعنَة إِذا لم تجاور ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ يَظْهَرْ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِثْلَ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ قَبْلَ الثَّلَاثِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ وَإِذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ حَمْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي اللِّعَانُ الْأَوَّلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُلَاعِنُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّفْيِ زَنَتْ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي اللِّعَانِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَلَمْ يُحَدَّ لِإِسْقَاطِ اللِّعَانِ الْأَوَّلِ الْحَدَّ إِلَّا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ إِنَّ أَصْلَ اللِّعَانِ لِنَفْيِ النَّسَبِ وَسُقُوطُ الْحَدِّ تَبَعٌ وَفِي الْإِكْمَالِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَنْفِي الْحَمْلَ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَقَالَ ش يُلَاعِنُ بِالْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ عَنْ رُؤْيَا الزِّنَا وَفِي نَفْيِ الْحَمْلِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى اللِّعَانِ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنَ الزَّوْجِ أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِمَّا لِقِصَرِ الْمُدَّةِ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِطُولِ الْمسَافَة بَين الزَّوْجَيْنِ أَو لصباء الزَّوْجَيْنِ أَو لصباء الزَّوْج أَوْ لَا يُولَدُ لَهُ فَلَا يُلَاعِنُ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ لِبَاقِي الْأُنْثَيَيْنِ إِنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فِي الْعَادة بِخِلَاف

ص: 285

مَا فِي الذَّكَرِ إِلَّا أَنْ يُولَدَ لِمِثْلِهِ عَادَةً وَالْإِقْرَارُ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ مَعَ الْإِنْزَالِ يُلْحِقُ الْوَلَدَ وَلَا يُلَاعِنُ لَهُ وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ امْرَأَته قبل قَوْله واستل عَنْهَا لَحِقَ الْوَلَدُ وَلَا لِعَانَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي إِحْلِيلِهِ مِنَ الْأَوَّلِ مَاءٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا كَانَ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ يُنْزِلَانِ لَاعَنَا وَيُلَاعِنُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعِنِّينُ فِي الرُّؤْيَةِ وَنَفْيِ الْحَمْلِ لِوُجُودِ الْإِمْكَانِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذَا أَقَرَّ بِحَمْلِهَا ثُمَّ ادَّعَى رُؤْيَةَ الزِّنَا فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُلَاعِنُ لإِقْرَاره بِالْحَمْلِ وَهُوَ سَبَبُ أَصْلِ مَشْرُوعِيَّةِ اللِّعَانِ وَيُلَاعِنُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ عَنْ ظَنٍّ كَاذِبٍ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِإِقْرَارِهِ وَيُلَاعِنُ لدرء الْحَد كَمَا يُلَاعن لَوْ رَمَى مَنْ لَا تَلِدُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا مَاتَتْ فِي غَيْبَتِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا حِفْظًا لِلنَّسَبِ وَيَرِثُهَا السَّبَبُ الثَّانِي التَّشَفِّي بِانْفِرَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ إِذَا تَيَقَّنَ الزِّنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يُبَاحُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ عَلَى الْعَزْل

ص: 286

السَّبَبُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ دَفْعُ الْعُقُوبَةِ عَنْ نَفسه سَوَاء كَانَت حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الْقَذْفِ الْمُوجب للعان وَالْأَصْلُ فِي الْقَذْفِ التَّحْرِيمُ وَإِيجَابُ الْحَدِّ كَمَا هُوَ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلزَّوْجِ لِضَرُورَةِ حفظ النّسَب وشفاء الصُّدُورِ وَلَمَّا خَرَجَ مِنْ حَيِّزِ التَّحْرِيمِ لَمْ يُنَاسِبِ الْعُقُوبَةَ بِالْجَلْدِ مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ وَجُعِلَ لَهُ مَخْلَصٌ بِالْأَيْمَانِ الْمُبَاحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} النُّور 6 تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ يَجِبُ اللِّعَانُ بِاثْنَيْنِ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِمَا رُؤْيَةِ الزِّنَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَنَفْيِ حَمْلٍ يُدَّعَى قَبْلَهُ الِاسْتِبْرَاءُ أَو وَاحِد مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ قَذْفُهَا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى رُؤْيَةٍ وَلَا نَفْيِ حَمْلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكثر الرِّوَايَات عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إِنَّمَا تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ فِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ وَتَوَجُّهِهِ عَلَيْهَا وَالسَّنَدُ لَا بُدَّ أَنْ يَصِفَ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْقَذْفِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَكْفِي فِي دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ حَيْضَةٌ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهَا قَالَه مَالك وَأَصْحَابه إِلَّا عبد الْملك اشْترط ثَلَاثًا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى صِفَةِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَشْتَرِطْهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِحِفْظِ نَسَبِهِ وَلَا حَاجَةَ لِلشُّهُودِ فَغَلَّظَ عَلَيْهِمْ

ص: 287

طَلَبًا لِلسَّتْرِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ مَيِّتًا أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفَاهُ لَاعَنَ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ وَإِذَا زَنَتْ فَحُدَّتْ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُهَا تَزْنِي وَلَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ الْتَعَنَ لِلتَّشَفِّي أَوْ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ قَاذِفُ زَانِيَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ لَاعَنَهَا فَأَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِاسْتِيفَاءِ مُوجِبِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ رَبِيعَةُ يُحَدُّ وَإِنْ قَذَفَهَا بِزَنْيَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُلَاعَنْ وَحُدَّتْ لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ لِسُقُوطِ حَصَانَتِهَا بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ بِمُوجِبِ لِعَانِهِ وَإِنْ لَاعَنَتْ وَجَبَ الْحَدُّ وَإِنْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَأَوْلَى بِالْحَدِّ لِأَنَّ أَثَرَ لِعَانِ الزَّوْجِ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ قَاعِدَةٌ الْحَصَانَةُ لَا تَعُودُ بِالْعَدَالَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْجَبَ الْحَدَّ فِي الْمُحْصَنَاتِ فَمن ثَبت جِنَايَته بِالزِّنَا ذهبت حصانته وَهَذَا مقَام تزلزل فِيهِ الْفِكر وتضطرب العبر وَكَيف يَصِيرُ الْمَقْذُوفُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَالْعَدَالَةِ وَجَانِبُهُ مَهْضُومٌ وَالزَّنْيَةُ الثَّانِيَةِ الَّتِي رَمَاهُ بِهَا أَوْ رَمَى الْمَرْأَةَ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا مُصَدِّقٌ لِلرَّامِي وَأي فرق بَين هَذِه الأذية هَا هُنَا وَبَيْنَ أَذِيَّةِ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ زِنًا وَهُمَا مُولِمَانِ مُؤْذِيَانِ لِلرَّمْيِ أَذِيَّةً ظَاهِرُهَا الْكَذِبُ أَمَّا إِذَا رُمِيَ بِالْفِرْيَةِ الْأُولَى فَهُوَ صَادِقٌ فَلَا يَلْحَقُ بِمَحَلِّ الْإِجْمَاعِ بِالْحَدِّ بَلْ فِي التَّعْزِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا نَصَبَ سَبَبًا لِحِكْمَةٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَجُوزُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى تِلْكَ الْحِكْمَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْصِبْهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ كَمَا نَصَبَ السَّرِقَةَ سَبَبًا لِلْقَطْعِ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ فَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ السَّرِقَةِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَنَصَبَ الزِّنَا سَبَبًا لِلرَّجْمِ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَنْسَابِ فَمَنْ سَعَى فِي لَبْسِهَا بِغَيْر الزِّنَا لَا يجوز

ص: 288

رجمه وَكَذَلِكَ هَا هُنَا شَرَعَ الْقَذْفَ سَبَبًا لِلْحَدِّ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَعْرَاضِ وصونا للقلوب عَن الأذيات لَكِن اشْترط فِيهِ الْإِحْصَان من جُمْلَةِ عَدَمِ مُبَاشَرَةِ الزِّنَا فَمَنْ بَاشَرَ فَقَدِ انْتَفَى فِي حَقِّهِ عَدَمُ الْمُبَاشَرَةِ فَإِنَّ النَّقِيضَيْنِ لَا يَصْدُقَانِ وَالْعَدَالَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُنَافِي كَوْنَهُ بَاشَرَ فَإِنْ لَاحَظْنَا الْحِكْمَةَ دُونَ السَّبَبِ كَانَ ذَلِكَ لِحُسْنِ إِيجَابِ الْحَدِّ فَإِنِ اقْتَصَرْنَا عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ لَا يُوجَبُ الْحَدُّ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُدُودَ تَعَبُّدِيَّةٌ مِنْ جِهَةِ مَقَادِيرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْقُولَةَ الْحِكْمَةِ مِنْ جِهَةِ أُصُولِهَا وَالتَّعَبُّدُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْأَذِيَّةِ الِاسْتِوَاءُ فِي الْحَدِّ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَذَفَ فَلَاعَنَ انْدَفَعَ الْحَدُّ الثَّانِي وَاسْتَوْفَى الْأَوَّلَ لِأَنَّ اللِّعَانَ لَا يَدْفَعُ قَذْفًا قَبْلَ الزَّوْجِيَّةِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا قَذَفَهَا وَقَدْ كَانَتْ غُصِبَتِ الْتَعَنَ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِ الْغَصْبِ تَلَاعَنَا جَمِيعًا وَإِنْ غُصِبَتْ وَاسْتَمَرَّتْ حَامِلًا لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلِعَانٍ وَلَا تَلْتَعِنُ هِيَ لِأَنَّهَا تَقُولُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكَ فَمِنَ الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِنْ عُلِمَ الْغَصْبُ بِرُؤْيَتِهَا مُتَعَلِّقَةً تَدْمِي أَوْ غَابَ عَلَيْهَا وَإِنِ انْفَرَدَتْ دَعْوَاهَا فَلَا بُدَّ مِنَ اللِّعَانِ قَالَ مَالِكٌ وَتَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا زَنَيْتُ وَلَقَدْ غُلِبْتُ على نَفسِي

ص: 289

قَالَ مُحَمَّدٌ وَتَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين وَلَا يسْقط الْحَد عَنْهَا مُوَافَقَةُ الزَّوْجِ لَهَا عَلَى الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ عَلَى الْغَصْبِ لَا يَنْفِي الْوَلَدَ مِنْهُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ تَصْدِيقِهِ عَلَى الزِّنَا عِنْد ابْن الْقَاسِم لانْتِفَاء التُّهْمَة بتزوجه الْحَدَّ عَلَيْهَا فَصُدِّقَتْ عَلَى قَطْعِ النَّسَبِ وَلَوْ رَجَعَتْ عَنْ إِقْرَارِهَا قَبْلَ الْحَدِّ اسْتَوَى الْمَسْأَلَتَانِ وَتقبل دَعْوَى الْغَصْبِ مِنْ ذَاتِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ فِيمَا ظَهَرَ مَنْ حَمَلٍ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْإِلْحَاق بِالزَّوْجِ بِخِلَاف الغرية إِلَّا أَن تصح وَتَفْضَحَ نَفْسَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَنْكَرَ حَمْلَ امْرَأَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ مَاتَ لَحِقَهُ لِعَدَمِ لِعَانِهِ وَلَهَا الصَّدَاقُ لِأَنَّ الْمَوْتَ يكمله وَلَا يُلَاعن لِأَنَّ سَبَبَ لِعَانِهَا لِعَانُهُ وَلَمْ يُوجَدْ وَتَرِثُ فِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ وَجَدْتُهَا مَعَهُ فِي لِحَافٍ أَوْ تَجَرَّدَتْ لَهُ أَوْ ضَاجَعَتْهُ لَمْ يَلْتَعِنْ وَيُؤَدَّبُ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَتَّى يَصِفَ الْوَطْءَ وَلَمْ يُجْعَلْ هَذَا تَعْرِيضًا بِالْقَذْفِ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ لِعُذْرِ الزَّوْجِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ أُمُّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ لِقَبُولِ اللِّعَانِ لِلِاسْتِلْحَاقِ وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ

ص: 290

حُدَّ قَالَهُ رَبِيعَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يحد بِذكر المضاجعة كَمَا لَو قَالَه لأَجْنَبِيّ وَلَو طالبته بذلك فَقَالَ أَجْنَبِي رَأَيْتُهَا تَزْنِي فَلَهُ الْمُلَاعَنَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَو قَذفهَا بعد لعان الزَّوْج أخر حَتَّى يلتعن فَيحد أَوَّلًا وَإِلَّا فَلَا لِثُبُوتِ زِنَاهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤَخِّرُهُ وَلَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ تَمَامِ لِعَانِ الزَّوْج لم يُؤَخر وَإِن أخر لَا يَسْقُطِ الْحَدُّ إِذَا الْتَعَنَتْ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ رَبِيعَةَ فِي حد الزَّوْج لقذفه بَعْدَ اللِّعَانِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا لَاعَنَ لِقَذْفِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا قَذَفَهَا بِمُعَيَّنٍ فَحُدَّ لَهُ سَقَطَ اللِّعَانُ وَحَقُّ الزَّوْجَةِ كَقَاذِفِ رَجُلَيْنِ يُحَدُّ لِأَحَدِهِمَا وَإِن طُولِبَ بِاللّعانِ فنكل فتحد سَقَطَ حَدُّ الرَّجُلِ وَفِي الْكِتَابِ الْقَائِلُ رَأَيْتُهَا تَزْنِي بِفُلَانٍ فَيُلَاعِنُ فَتُحَدُّ لِفُلَانٍ لِبَقَاءِ حَقِّهِ وَالْمُنْكِرُ لِلَوْنِ وَلَدِهِ لَا يُلَاعِنُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عليه السلام أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ فَقَالَ لَهُ عليه السلام هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا لَوْنُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا من أوراق قَالَ نَعَمْ قَالَ عليه السلام فَأَنَّى هُوَ فَقَالَ لَعَلَّه يَا رَسُول الله يكون نَزعه عرق لَهُ فَقَالَ لَهُ عليه السلام وَهَذَا لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَرْفَعِ الْقَذْف إِلَى الإِمَام فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ أَقَرَّتْ عِنْدِي بِالزِّنَا حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ لِجَوَازِ حَمْلِ الْإِقْرَارِ عَلَى قَبْلِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِي الْقَذْفِ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ

(فَرْعٌ)

وَإِذَا قَالَ لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ لَا يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ لِأَنَّ الْعُذْرَةَ تذْهب بالوثبة وَالْحيض والتغييس

ص: 291

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لَا يَمْنَعُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَذْفِ مِنَ اللِّعَانِ وقَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أنفسهم} خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَسَقَطَ مَفْهُومُهُ إِجْمَاعًا وَبِهِ قَالَ ش خِلَافًا لِ ح وَفِي الْكِتَابِ إِذا شهد عَلَيْهِمَا أَرْبَعَة أَحدهمَا زَوْجُهَا لَاعَنَ الزَّوْجُ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِالتُّهْمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَجَمَهَا الْإِمَامُ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ لَمْ يَحُدَّ الثَّلَاثَةَ لِلْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ وَيُلَاعَنُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ قَذَفَ فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ ثُمَّ لَا قِصَاصَ عَلَى الْإِمَامِ لِلْخِلَافِ فِيهِ كَشَهَادَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ الرَّجْمِ فَعَرَضَ اللِّعَانَ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ فَعَلَ قِيلَ لَهَا الْتَعِنِي فَإِنْ فَعَلَتْ حُدَّ الثَّلَاثَةُ وَإِلَّا حُدَّتْ دُونَهُمْ لِأَنَّهُ حَقَّ عَلَيْهَا مَا شَهِدُوا بِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَيَكْفِي نِسْبَتُهَا لِوَطْءٍ حَرَامٍ فِي الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ فَإِنْ قَذَفَهَا بِأَجْنَبِيٍّ وَذَكَرَهُ فِي اللِّعَانِ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ إِعْلَامُهُ لِأَنَّهُ يبلغهُ ذَلِك غَالِبا وَرُوِيَ ذَلِك عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ وَاغْدُ يَا أنيس على مرأة هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَيْسَ السَّتْرُ الْإِعْلَامَ فَإِن الْحُدُود يُؤمر بالستر فِيهَا فَإِنْ قَامَ الْمَقْذُوفُ بِالْحُدُودِ وَحُدَّ لَهُ قَالَ سَحْنُون يسْقط اللّعان لتداخل حُدُود الْقَذْف فَإِن لَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ أَذِيَّةِ غَيْرِ الْمعِين

ص: 292

فَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَيْنِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَامَتْ إِحْدَاهُمَا فَقَالَ كَذَبْتُ عَلَيْكِ فَجُلِدَ ثُمَّ قَامَتِ الْأُخْرَى فَلَا حَدَّ لِتَدَاخُلِ الْحُدُودِ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْحَد كذبت عَلَيْكُمَا أَو للَّتِي قَامَتْ أَخِيرًا صَدَقْتُ عَلَيْكِ حُدَّ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بَعْدَ الْحَدِّ وَلَوْ قَالَ لِلَّتِي حُدَّ لَهَا صَدَقْتُ عَلَيْكِ حُدَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا ثَانِيًا خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا ادَّعَتِ الْقَذْفَ فَأَنْكَرَ فَأَثْبَتَتْهُ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةً فَيَلْتَعِنَ وَيُقْبَلَ مِنْهُ بَعْدَ جُحُودِهِ بِخِلَاف الْأَجْنَبِيّ لِأَنَّهُ مَأْمُور بالستر وَلَو أنشأ قذفا آخر فَلهُ اللّعان وَلَو أَقَامَت بَيِّنَة على إِقْرَاره بذلك لَاعَنَ مِنْهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ عَنِ الرُّؤْيَةِ مَعَ نَفْيِ الْحَمْلِ فَلَا حَدَّ لِبَقَاءِ لِعَانِ الرُّؤْيَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إِذَا لَاعَنَ الْكِتَابِيَّةَ بِنَفْيِ الْحَمْلِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ ثُمَّ طَلَبَ الْوَلَدُ الْحَدَّ لِقَطْعِ نِسْبَةٍ لَمْ يُحَدَّ الْأَبُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَذْفِ أُمُّهُ دُونَهُ وَهُوَ كَمَنْ عَرَّضَ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لَا يحد لبعده من التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ إِلَّا بِغَيْرِ الْمُحْتَمل كقتله

ص: 293

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَو امْتنع من اللّعان فَعرض لِلْحَدِّ فَلَهُ الِالْتِعَانُ حِينَئِذٍ وَهَلْ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ أم لَا قَالَ بِالْأولِ أَبُو بكر ابْن عبد الرحمان قِيَاسًا عَلَى النُّكُولِ فِي الزِّنَا وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَالْفَرْقُ تَعَلُّقُ حَقِّ الزَّوْجِ بِالنُّكُولِ فِي اللِّعَانِ بِخِلَافِ الزِّنَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا قَالَ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّة حد عِنْد ابْن الْقَاسِم فَإِن أَقَامَ بَيِّنَةً وَرَآهُ تَعْرِيضًا قَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ فِي غَيْرِ الْمُشَاتَمَةِ وَيُحَدُّ فِي الْمُشَاتَمَةِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ اللِّعَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ للوالد ولد حسي وَلَوْ نَفَاهُ فَلَمَّا مَاتَ اسْتَلْحَقَهُ قِيلَ إِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَإِلَّا فَلَا لِتُهْمَةِ الْمِيرَاثِ

(الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي الْمُلَاعِنِ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ أَهْلِيَّةُ الْيَمِينِ إِلَّا الْكَافِرَ وَقَالَهُ ش غَيْرَ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُلَاعَنُ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا وَيَنْقَطِعُ النِّكَاحُ بِلِعَانِهَا فَإِنْ أَبَتْ فَهُمَا

ص: 294

على الزَّوْجِيَّة وَترد إِلَى أهل دينهَا بعد الْعُقُوبَةُ لِأَجْلِ خِيَانَةِ زَوْجِهَا الشَّرْطُ الثَّانِي الزَّوْجِيَّةُ وَقَالَهُ ش فَكُلُّ نِكَاحٍ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ إِن فسخ لاندراجه فِي الْآيَة فَيخرج الْأَجْنَبِيّ ويندرج الْمُطَلِّقُ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّهُ زَوْجٌ فَإِنْ قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانهَا لَاعن لدفع النّسَب أَو لدفع الْحَدِّ لِتَقَدُّمِ اللِّعَانِ حِينَ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ قَذَفَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَاعَنَ لِلْحَمْلِ فَقَطْ وَيُحَدُّ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ زَوْجًا وَإِنْ قَذَفَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِالرُّؤْيَةِ لَاعَنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ لِأَنَّهَا مِنْ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُحَدُّ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ قَذَفَهَا فِي النِّكَاح فزنى قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُلَاعِنْ وَيُحَدُّ لِانْتِفَاءِ ضَرَرِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ الْفَاحِشَةِ خِلَافًا لِ ح

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ يُلَاعِنُ الْأَعْمَى فِي الْحَمْلِ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ وَفِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ الزِّنَا باللمس وَالْآخر بِالْإِشَارَةِ وبالكناية وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِ ح لِحُصُولِ فَهْمِ الْمَقْصُود وَإِذا رَأَى الزَّوْجُ الْحَمْلَ ظَاهِرًا فَسَكَتَ حَتَّى وَضَعَتْهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رَآهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لم يُنْكِرْهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ نَفَاهُ لَمْ يَنْفَعْهُ النَّفْيُ وَيُحَدُّ لِلْمُسْلِمَةِ دُونَ الْأَمَةِ وَالْقَائِلُ رَأَيْتُهَا تَزْنِي الْيَوْمَ وَلَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَوَطئهَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْ يُلَاعَنُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ مَا تَأْتِي بِهِ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَلِمَالِكٍ أَيْضًا لَا يَلْحَقُ بِهِ وَقَالَ أَيْضًا يَنْفِيهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لِأَنَّ مِثْلَهَا لَا يُؤْمَنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَلْحَقَهُ الْحَمْلُ الظَّاهِرُ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ

ص: 295

لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّنَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ إِنْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَادَّعَى رُؤْيَةً لَاعَنَ وَإِنْ أَتَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ لَحِقَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ قَذَفَهَا فَبَانَتْ وَتَزَوَّجَتْ فَقَامَتْ بِالْقَذْفِ تَلَاعَنَا لِتَقَدُّمِ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَيُحَدُّ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا وَمَنْ لَمْ تُعْلَمْ خَلْوَتُهُ بِامْرَأَتِهِ وَأَنْكَرَ وَلَدَهَا وَمَسِيسَهَا وَادَّعَتْهُمَا هِيَ وَهُمَا مُمْكِنَانِ لَا يَنْتَفِيَانِ إِلَّا بِلِعَانِ طَلَّقَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِذَا لَاعَنَ فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا مُتْعَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي تَارِيخِ الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى رَأْيِ الزَّوْجِ فَلَا بُدَّ مِنَ اللِّعَانِ لِتَسَاوِي التَّدَاعِي قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَقُولُ فِي اللِّعَانِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَمَا تَزَوَّجْتُهَا إِلَّا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَتَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَمَا تَزَوَّجَنِي إِلَّا مِنْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنَّهُ مِنْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ إِذَا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قَالَ ش يُقْتَلُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِي بأَرْبعَة شُهَدَاء وَاكْتفى أَحْمد بِشَاهِدين وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُهْدَرُ دَمُهُ كَانَ مُحْصَنًا أَمْ لَا إِلْحَاقًا لَهُ بِالْمُحَارِبِ وَتُسْتَحَبُّ الدِّيَةُ فِي غير الْمُحصن

ص: 296

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذَا رَمَاهَا بِالزِّنَا فَأَقَرَّتْ بِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِحَمْلٍ فَرُوِيَ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ لِاعْتِرَافِهَا وَرُوِيَ لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِاللِّعَانِ لِحَقِّ الْوَلَدِ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي الْمُلَاعَنَةِ وَفِي الْكِتَابِ اللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ مَحْدُودَيْنِ أَوْ كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ الْكَافِرِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَعَدَمِ انْدِرَاجِ الْكَافِرِ لِبُطْلَانِ عَقْدِهِمَا وَلِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا فِي الْقَذْفِ وَأَمَّا الْأَمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ فَلَا يُلَاعَنُ الزَّوْجُ فِيهِمَا إِلَّا لِنَفْيِ الْحَمْلِ إِذا ادّعى الِاسْتِبْرَاء ورؤية لم يتَبَيَّن بَعْدَهَا وَلَا يُلَاعَنْ لِرُؤْيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُا فَإِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِهِ عَلَيْهِمَا لَمْ يُمْنَعْ وَقَالَ ح إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُا فَلَا لعان بَينهمَا لِأَن اللّعان شَهَادَات لَا تكون إِلَّا لمن لَهُ أَهْلِيَّة الشَّهَادَات وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَهَادَاتٍ لَمَا قُبِلَ مِنَ الْمُدَّعِي وَلَمَا شُرِعَ فِيهِ اللِّعَانُ وَالْغَصْبُ بل الْحق أَنه فِيهِ شَائِبَةَ الشَّهَادَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي حُرٍّ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَابْتَاعَهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ إِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ أَوْ قَدْ أَصَابَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ زَوْجٌ أَوْ لسِتَّة أشهر فَأكْثر بعد الشِّرَاء وَالْوَطْء لَحِقَ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ مِنْ مَسِيسِ الْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَوَضَعَتْهُ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْئِهِ لَمَّا كَانَ زَوْجًا بِخمْس سِنِين فأدنى فَاللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ عَلِمَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَو أَتَت

ص: 297

بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ لِلنِّكَاحِ مَا لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَتَأْتِي بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرَوَى سَحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ بِحَيْضَتَيْنِ فَهُوَ لِلْوَاطِئِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَا يَنْفِيهِ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً وَالزَّوْجُ نَصْرَانِيًّا إِمَّا لِأَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ تَعَدَّتْ فِي تَزْوِيجِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ بِتَزْوِيجِهِ زَانِيَةً لَاعَنَ بِقَذْفِهَا فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ لَمْ تُحَدَّ بِأَيْمَانِهِ لِأَنَّهَا أُقِيمَت مقَام الشَّهَادَة وَفِي الْكتاب يُلَاعن من لَا يدْرِي لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ إِنْ كَانَتِ الصَّغِيرَةِ قَدْ جُومِعَتْ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَتَلْتَعِنُ الْكَبِيرَةُ دُونَ الصَّغِيرَةِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ تَوَجُّهِ الْحَدِّ عَلَيْهَا وَتَبْقَى زَوْجَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا لَاعَنَ النَّصْرَانِيَّةَ فَامْتَنَعَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ حَتَّى تَلِدَ وَإِن امْتنع وَطْئِهَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَيَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَمَا يُسْتَمْتَعُ بِالْحَائِضِ عَلَى الْخلاف فِي المستبرأة حَامِلا وتلاعن النَّصْرَانِيَّةُ دُونَ الصَّغِيرَةِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِنُكُولِهِ حَدٌّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا قَدْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَهْلِ دِينِهَا عُقُوبَةٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَوَافَقَ الْكِتَابِيُّونَ بِحُكْمِنَا فِي اللِّعَانِ فَنَكَلَتِ الزَّوْجَة رجمت على رَأْي عِيسَى ابْن دِينَارٍ وَلَا تُرْجَمُ عَلَى رَأْيِ الْبَغْدَادِيِّينَ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ وَيَجِبُ الْحَدُّ كَالْمُتَلَاعِنَيْنَ قَبْلَ الْبِنَاءِ

ص: 298

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذَا أَتَتِ الْمَنْكُوحَةُ فِي الْعِدَّةِ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ النِّكَاحِ الثَّانِي أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَبْلَ حَيْضَةٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْحَيْضِ الدَّالِّ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَوْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَحَيْضَةٍ لَحِقَ بِالثَّانِي لِوُجُودِ الْأَجَلِ الصَّالِحِ وَالدَّالِّ عَلَى الْبَرَاءَةِ إِلَّا أَن يَنْفِيه بِاللّعانِ بيلحق بِالْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ فَيَنْتَفِيَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَإِن اسْتَلْحقهُ أَحدهمَا لحق بِهِ وَقَالَ مُحَمَّد وَالْمُرَادُ دُخُولُ الثَّانِي دُونَ عَقْدِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْعَقْدِ لِقُوَّةِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ وَضَعْفِ الثَّانِي وَإِنِ اسْتَلْحَقَاهُ مَعًا كَانَ لِلثَّانِي وَلَا تُلَاعَنُ إِلَّا مَعَ الثَّانِي إِذَا نَفَاهُ إِلَى الْفِرَاشِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أصبغ من اسْتَلْحقهُ مِنْهُمَا حد وَلحق بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لحقه وحد لِأَنَّهُ نَفَاهُ إِلَى غَيْرِ أَبٍ وَمَنِ اسْتَلْحَقَهُ أَوَّلًا لَحِقَ بِهِ وَلَا دَعْوَى لِلثَّانِي فِيهِ وَلَوِ ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ بَعْدَ لِعَانِهِ وَقَبْلَ لِعَانِ الثَّانِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ لِلثَّانِي حَتَّى يَنْفِيَهُ وَلَوِ اسْتَلْحَقَاهُ بَعْدَ لِعَانِهِمَا اخْتُصَّ بِالْأَوَّلِ وَيُحَرَّمُ عَلَى الثَّانِي أَبَدًا وَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ لِأَنَّهُ نَاكِحٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَى الأول وَإِن التعن لِأَنَّهَا لم تلاعنه كالمغتصبة وَقَالَ أصبغ وَإِذا تَلَاعَنَا جَمِيعًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا لِبُطْلَانِ النِّسْبَةِ لِلثَّانِي بلعانه وَلَو عقد عَلَيْهَا حَامِلا فَأتى للستة أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ لِلْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانِهِ وَلَا تَلْتَعِنُ هِيَ وَلَحِقَ بِالْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ وَتَلْتَعِنُ فَيَلْتَعِنُ فَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ

ص: 299

تَنْبِيهٌ مُرَادُ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ لِأَقَلَّ من سِتَّة أشهر إِذا كَانَ تَامًّا أَمَّا لَوْ وَضَعَتْهُ نَاقِصًا لِأَجْلِ ذَلِكَ النَّقْصِ لَحِقَ بِهِ لَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَاعِدَةٌ الْوَلَدُ يَتَحَرَّكُ لِمِثْلِ مَا يُخْلَقُ فِيهِ وَيُوضَعُ لِمِثْلِ مَا تَحَرَّكَ فِيهِ وَهُوَ يَتَخَلَّقُ فِي الْعَادَةِ تَارَةً لِشَهْرٍ وَتَارَةً لِشَهْرٍ وَخَمْسَةِ أَيَّام وَتارَة لشهر وَنصف فيتحرك فِي الْأَوَّلِ لِشَهْرَيْنِ وَيُوضَعُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي الثَّانِي شَهْرَيْن وَثُلُثٍ وَيُوضَعُ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَالثَّالِثِ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيُوضَعُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مَنْ عَجَزَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنِ الْأَوَّلِينَ لِآفَةٍ مُؤَخَّرَةٍ فَلِذَلِكَ لَا يَعِيشُ ولد الثَّمَانِية أشهر لِكَوْنِهِ إِمَّا مُتَقَدِّمًا عَلَى التِّسْعَةِ لِآفَةٍ مِنْ عجز أَو تَأَخّر عَن الْأَوَّلين لآفة مؤخرة والموصوف لَا يعِيش فَلَا يعِيش فلهذه القوانين يعْتَبر النَّقْص مَعَ الْآجَالِ فَكُلُّ حَمْلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ يَمْتَنِعُ لُحُوقه أَو مَعَ أَجَلِهِ لَحِقَ فَائِدَةٌ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَوْلُهُ عليه السلام يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ صَبَاحًا إِشَارَةً إِلَى الْأَطْوَارِ الثَّلَاثَةِ تَقْرِيبًا فَإِنَّ الْأَرْبَعِينَ تَقْرُبُ مِنَ الثَّلَاثِينَ وَمِنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ

ص: 300

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَا تُلَاعَنُ الْحَائِضُ وَالنَّفْسَاءُ إِذَا قُذِفَتْ حَتَّى تَطْهُرَ حَتَّى تَقَعَ الْعِدَّةُ فِي طُهْرٍ كَالطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ لَا يُطَلَّقُ عَلَى الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وَالْعِنِّينِ حَتَّى تَطْهُرَ بِخِلَافِ الْمُوَلِّي وَرَوَى أَشْهَبُ التَّسْوِيَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَتُؤَخَّرُ هِيَ

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذَا أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ لَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَلِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه مَا بَال رجال يطأون وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِنِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا إِلَّا لَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي قَبُولِ قَوْله كَانَت من الْعلي أم لَا قتال وَأَرَى أَنْ يُخْتَلَفَ فِي الْعَلِيِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا لَا يَنْتَفِي وَلَدُهَا حَتَّى يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ فِي الْإِمَاءِ كَاللِّعَانِ فِي الْحَرَائِرِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ عِوَضُ اللِّعَانِ وَلَوْ أَنْكَرَ وِلَادَتهَا لم يلْحق بِهِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ امْرَأَتَانِ ثِقَتَانِ بِوِلَادَتِهِ لِاحْتِمَالِ الْتِقَاطِهِ تَوَسُّلًا لِلْعِتْقِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْحُرَّةِ فِي الْوِلَادَةِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ إِذَا وَطِئَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُمَا لَحِقَ بِمَنِ أَلْحَقَتْهُ بِهِ الْقَافَةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها دَخَلَ عَلَيَّ

ص: 301

رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وزيدا وَعَلَيْهِمَا قطيفة قد غطيا رؤسهما وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ أُسَامَةُ شَدِيدَ السَّوَادِ وَأَبُوهُ شَدِيدَ الْبَيَاضِ وَطَعَنَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَسُرَّ عليه السلام بِتَرْكِ الطَّعْنِ عِنْدَ ذَلِكَ وَهُوَ عليه السلام لَا يُسَرُّ إِلَّا بِسَبَبٍ حَقٍّ وَبِالْقَافَةِ قَالَ ش خِلَافًا لِ ح وَنَفَاهُ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ التَّسْوِيَةُ وَيَكْفِي وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ أَنَّ فِرَاشَ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ بِالْعَقْدِ وَالثَّانِي فَاسد فَاعْتبر العقد الْأَوَّلُ دُونَ الْعَقْدِ الثَّانِي وَأُلْحِقَ بِهِ تَارَةً وَلَا مُرَجِّحَ فِي وَطْءِ السَّيِّدَيْنِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ سَبْعٌ الْقَائِفُ والترجمان وَقيل يَكْفِي الْوَاحِدُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ وَأَمَّا الْكَاشِفُ عَنِ الْبَيِّنَاتِ وَقَائِسُ الْخَرَاجِ وَالنَّاظِرُ فِي الْعُيُوبِ كَالطَّبِيبِ وَالْبَيْطَارِ فَوَاحِدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ كَانَ الْبَيْطَارُ فَاسِقًا وَكَذَلِكَ الْمُسْتَنْكِهُ لِلسَّكْرَانِ إِذَا أمره الْحَاكِم وَاخْتلف فِي الْحكمَيْنِ فَقيل اثْنَان وَقيل وَاحِد وَلَا بُد فِي تَقْوِيمِ السِّلَعِ وَالْعُيُوبِ مِنِ اثْنَيْنِ تَمْهِيدٌ الْحُكْمُ بتردد بَيْنَ الْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِمَا وَلَا يُمْكِنُ تَمَيُّزُهُمَا بِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ وَقَبُولِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَة فِي الْخَبَر لِأَن ذَلِك فرع تميزهما فَيلْزم الدّور فَهَذَا مقَام عَزِيز يحْتَاج الْفَقِيه الْمُحَصِّلُ إِلَى كَشْفِهِ وَهُوَ عَزِيزٌ فِي صُدُورِ الْأَئِمَّةِ النُّبَلَاءِ وَمَعْدُومٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ

ص: 302

وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ أَيْضًا خَبَرٌ وَالرِّوَايَةَ أَيْضًا خَبَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمُخْبِرِ وَالْمُخْبَرِ عَنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ فَمَتَى كَانَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ حُكْمًا عَامًّا فِي الْأَزْمَانِ والأشخاص بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ بِقَصْدِ أَذِيَّةِ الْخَلْقِ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَمَتَى كَانَ خَاصًّا فِيهِمَا فَهُوَ الشَّهَادَةُ كَالْإِخْبَارِ عَنْ ثُبُوتِ دِرْهَمٍ عِنْدَ زيد فَيشْتَرط فِيهِ الْعدَد للتُّهمَةِ وَيرد الصَدَاق وَالْمَرْأَةُ لِتَضَرُّرِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّقِيصَةِ مَعَ الِاخْتِصَاصِ فَمَتَى اجْتَمَعَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ لِتَرَدُّدِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا كَالْخَبَرِ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ عَامٌّ فِي أَهْلِ الْبِلَادِ خَاصٌّ فِي الْأَزْمَانِ فَجَرَى الْخِلَافُ فِيهِ لِذَلِكَ وَالْقَائِفُ وَالتَّرْجُمَانُ إِنْ لَاحَظْنَا فيهمَا نصيبهما لِلْخلقِ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِمُعَيَّنٍ وَلَا هُمَا تَابِعَانِ لِادِّعَاءِ خَصْمٍ بَلِ الْحَاكِمُ هُوَ الْمُصَرِّفُ لَهُمَا كَانَا مِنْ بَابِ الْمُخْبِرِينَ دُونَ الشُّهُودِ وَإِنْ لَاحَظْنَا اسْتِئْنَافَ أَخْبَارِهِمَا عِنْدَ كُلِّ وَاقِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَانَا مِنْ بَابِ الشُّهُودِ فَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِمَا الْعُمُومُ مِنْ وَجْهٍ وَالْخُصُوصُ مِنْ وَجْهٍ وَكَذَلِكَ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعلمَاء فِي التَّزْكِيَة هَل يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ أَمْ لَا إِنْ لَاحَظْنَا أَنَّ الْمُزَكِّيَ يحصل مصلحَة وَاحِدَةً لِشَخْصٍ خَاصٍّ كَانَ شَاهِدًا أَوْ أَنَّهُ يُوجِبُ قَبُولَ الْمُزَكِّي عَلَى الْخَلْقِ كَافَّةً مَعَ الْأَزْمَانِ كَانَ مُخْبِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ إِنْ زَكَّى شَاهِدًا مُلَاحَظَةً لِخُصُوصِ الشَّهَادَة وَمن بَاب الْخَبَر أَن يُزكي رَاوِيًا نَظَرًا لِلْعُمُومِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ التَّرَدُّدُ وَاقِعٌ بَيْنِ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ لَا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ وَالْحُكْمُ هُوَ الْخَبَرُ الْمُلْزِمُ وَالشَّهَادَةُ الْخَبَرُ عَنْ أَمْرٍ خَاصٍّ وَالرِّوَايَةُ خَبَرٌ عَنْ

ص: 303

أَمْرٍ عَامٍّ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْفُرُوعِ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِنَا فَإِنَّكَ إِذَا اعْتَبَرْتَ الْقَائِفَ وَالتَّرْجُمَانِ وَالْمُقَوِّمَ وَالطَّبِيبَ وَالْبَيْطَارَ وَجَدْتَ أَقْوَالَهُمْ مُلْزِمَةً فَتَنْدَرِجُ فِي حَقِيقَةِ الْحُكْمِ وَالْحَاكِمُ وَاحِدٌ إِجْمَاعًا فَيَظْهَرُ التَّخْرِيجُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَةِ لِوُجُودِ الْإِلْزَامِ وَإِذَا اعْتَبَرْتَ الْمُزَكِّيَ وَالْإِخْبَارَ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَنَحْوَهُمَا تَجِدْهُ عَرِيًّا عَنِ الْإِلْزَامِ فَيَتَعَذَّرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ وَيَتَعَيَّنُ مَقَالُ الْأَصْحَابِ الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي صِفَات اللّعان وَالنَّظَرِ فِي لَفْظِهِ وَتَغْلِيظِهِ وَسُنَّتِهِ فَلَفْظُهُ فِي الْجَوَاهِرِ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَلَا يُبَدَّلُ بِالْحَلِفِ وَلَا لَفْظِ الْغَضَبِ بِاللَّعْنِ اتِّبَاعًا لِلْآيَةِ وَيَجِبُ تَأْخِير اللَّعْن وَتقوم مَقَامَ اللَّفْظِ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ مِنَ الْأَخْرَسِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ انْطِلَاقِ لِسَانِهِ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لم يقبل مِنْهُ وَلَو اعْتقد لِسَانُ النَّاطِقِ وَهُوَ مَرْجُوُّ الْبُرْءِ انْتُظِرَ التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ فِي الْجَوَاهِرِ يَلْتَعِنَانِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَيَّ سَاعَةٍ يَرَى الْإِمَامُ وَأثر الْمَكْتُوبَة أحب إِلَيّ وَرُوِيَ عَن ابْن وَهْبٍ كَانَ اللِّعَانُ عِنْدَنَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَمْ يَكُنْ سُنَّةً بَلْ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ الْإِمَامُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ مَقْطَعُ حَقٍّ إِلَّا بِإِثْرِ صَلَاةٍ فَجَعَلَهُ شَرْطًا كَالْمَكَانِ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَفِي الْكِتَابِ يَلْتَعِنُ الْمُسْلِمُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْإِمَامِ دُبُرَ الصَّلَاةِ وَالنَّصْرَانِيَّةُ فِي كَنِيسَتِهَا حَيْثُ تُعَظِّمُ وَتَحْلِفُ بِاللَّهِ وَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ فِي

ص: 304

الْحُضُورِ مَعَهَا وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِجَنَابَتِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَبْعَثُ الْإِمَامُ لِلْمَرِيضِ عُدُولًا وَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ إِلَّا فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَالتَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ وَاجِبٌ وَبِالزَّمَانِ مُسْتَحَبٌّ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ الْوُجُوبُ وَأَمَّا الْجَمْعُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَحْضُرُ أَرْبَعَةٌ فَأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الزِّنَا {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} النُّور 2 فَيَحْضُرُونَ هَا هُنَا بِجَامِعِ التَّغْلِيظِ وَلِأَنَّ قَطْعَ الْأَنْسَابِ وَفَسَادَ الْأَعْرَاضِ أَمر عَظِيم فيغلظ فِي سَببه وَأما سنته فتخويفهما فِي الْجَوَاهِرِ يُقَالُ لِلرَّجُلِ تُبْ إِلَى اللَّهِ عز وجل تُحَدَّ وَيَسْقُطْ عَنْكَ الْمَأْثَمُ وَلِلْمَرْأَةِ نَحْوَ ذَلِكَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْخَامِسَةِ اتَّقِ اللَّهَ فَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِلْعَذَابِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ عِنْدَ الْخَامِسَةِ أَقِيمُوهَا فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ إِنَّهَا الْمُوجِبَةُ وَفِي الِاسْتِذْكَارِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ إِيقَاعُ اللِّعَانِ بِنَفْسِهِ دُونَ السُّلْطَانِ إِجْمَاعًا تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ يُبْدَأُ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ لِعَانَهُ سَبَبٌ عَنْ قَذْفِهِ فَيَدْرَأُ عَنْ نَفْسِهِ الْحَدَّ وَسَبَبٌ لِلِعَانِهَا لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ مِثْلَ الْبَيِّنَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ لِعَانِهُ {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} النُّور 8 فَدَلَّ عَلَى تَوَجُّهِ الْعَذَابِ عَلَيْهَا وَهُوَ الْحَد فَتشهد أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَيَقُولُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي وَفِي نَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ

ص: 305

لَزَنَتْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ مُطَابَقَةُ الْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ لِلدَّعْوَى وَفِي الْخَامِسَةِ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي لِأَنَّهَا مُكَذِّبَةٌ لَهُ فَتُعَيِّنُ دَعْوَاهُ فِي لَفْظِهَا وَفِي الْحَمْلِ أشهد بِاللَّه مَا زَنَيْت أَربع مَرَّات وَفِي الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ زَادَ أَصْبَغُ فِي حَلِفِ الرُّؤْيَةِ تَزْنِي كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَفِي حَلِفِ الْمَرْأَةِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَإِنَّهُ لَمِنْهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَلَزَنَتْ لِنَفْيِ احْتِمَالِ الْغَصْبِ قَالَ أَصْبَغُ وَإِنْ بَدَّلَ مَكَانَ إِنْ كنت من الْكَاذِبين إِن كنت كذبتها اجزأ وَالْمَرْأَةُ فِي الْخَامِسَةِ مَكَانَ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقين إِنَّه من الْكَاذِبين اجزأها لِاتِّحَاد الْمَعْنَى لَكِنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ أَوْلَى وَقَالَ ح يُخَاطِبُهَا فَيَقُولُ فِيمَا رَمَيْتُكِ بِهِ وَتَقُولُ هِيَ فِيمَا رَمَيْتَنِي بِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذا بدئت الْمَرْأَةُ لَا يُعَادُ اللِّعَانُ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَيْمَانِ عَلَى الصِّدْقِ لَا تَخْتَلِفُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعَادُ حَتَّى يَكُونَ بَعْدَ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ لِعَانُ الزَّوْجِ وَتَقَدُّمُ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ يُبْطِلُهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ يُوجِبُ النُّكُولُ حَدَّ الْقَذْفِ عَلَيْهِ وَالرَّجْمِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَلَا تُؤَخَّرُ إِلَّا فِي الْحَمْلِ لِحَقِّ الْوَلَدِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح يحبس النَّاكِلِ مِنْهُمَا أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ لِأَنَّ ضَعْفَ اللِّعَانِ سَبَبٌ يَدْرَأُ الْحَدَّ لَنَا

ص: 306

أَنَّ قَذْفَ الزَّوْجَةِ لَا يُوجِبُ غَيْرَ اللِّعَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَصْلَ الْقَذْفِ الْحَدُّ حَتَّى يُخْلَصَ مِنْهُ بِالْيَمِينِ

(فَرْعٌ)

إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ كَمَالِ لِعَانِهَا فَفِي الْكِتَابِ وَرِثَهَا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْتِعَانِهِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنَ اللِّعَانِ وَرِثَتْهُ وَرُجِمَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَبَ اللِّعَانُ فَمَاتَتْ قَبْلَ لِعَانِهِ لَا لِعَانَ عَلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ لِعَانِهُ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ السَّبَبِ وَإِذَا الْتَعَنَتْ بعد مَوته فَلَا عدَّة عَلَيْهَا لوفاته وَقَالَ أَشْهَبُ تَرِثُهُ وَإِنِ الْتَعَنَتْ لِتَأْخِيرِ الْبَيْنُونَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ الْتَعَنَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَعُرِضَ اللِّعَانُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا مِيرَاثَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَرِثَهَا وَحُدَّ وَإِنْ كَانَتِ الْتَعَنَتْ لَمْ أُعِدْ لعانها لحُصُول الْمَقْصُود وَقَالَ أَشهب أُعِيدهُ لتقديم يَمِينُ الطَّالِبِ فِي الْحُقُوقِ الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي ثَمَرَته فِي الْكِتَابِ تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا الْحَاكِم لتَمام لعانهما وَتحرم عَلَيْهِ لِلْأَبَد وَإِن أكذب نَفسه لم يحد وَلحق بِهِ الْوَلَد إِلَّا أَن يَنْفِي مِنْ لِعَانِ الزَّوْجَةِ وَلَوْ مَرَّةً فَتُحَدُّ وَتَبْقَى لَهُ زَوْجَةً وَقَالَ ح لَا يَقَعُ الْفِرَاقُ إِلَّا بِقَضَاء الْحَاكِم وَإِذا أكذب نَفسه حَلَّتْ لَهُ وَلَهُ تَزَوُّجُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَقَالَ ش يَقَعُ الْفِرَاقُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ وَالنَّسَبِ عَنْهُ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لنا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ

ص: 307

أَبَدًا وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ لَهُ وَالْمُسَبَّبُ مُتَأَخِّرٌ عَنِ السَّبَبِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَيَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَائِهِ وَلَوْ لَاعَنَ مِنْ نَفْيِ الْحَمْلِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِاحْتِمَالِ السَّقْطِ وَالْكِتْمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ سُقُوطُ الْحَدِّ وَانْتِفَاءُ النَّسَبِ وَتَوَجُّهُ الْحَدِّ عَلَيْهَا وبلعانها ثَلَاثَة سُقُوطُ حَدِّهَا وَالْفِرَاقُ وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ وَقِيلَ فِي هَذَيْنِ يَتَعَلَّقَانِ بِلِعَانِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَفُرْقَتُهُمَا فَسْخٌ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لَنَا أَنَّهُمَا مَجْبُورَانِ عَلَى الْفَسْخِ فَيَكُونُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ لَا صَدَاقَ لَهَا لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَالَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ نِصْفُ الصَّدَاقِ لِمَا لِلزَّوْجِ فِيهِ من السَّبَب بِالْقَذْفِ وَلَهَا مِنَ الضَّرُورَةِ فِي دَرْءِ الْحَدِّ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ لَاعَنَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا كَمَا إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا إِلَّا بعد زوج لِأَن حل الْوَطْء أَصله العقد لَا الْملك

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا لَاعَنَ لِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ فَأَتَتْ بِتَوْأَمَيْنِ انْتَفَيَا وَلَهُ نَفْيُ أَوْلَادٍ عِدَّةٍ بِلِعَانٍ وَاحِد وَتثبت للتوأمين اخوة للْأُم مَعَ أُخُوَّةِ الْأَبِ لِأَنَّ التَّوْأَمَيْنِ لَا يُكُونَانِ إِلَّا من مَاء وَاحِد وَقَالَهُ ش وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَ مَعَ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ حَمْلٌ وَاحِد إِن أقرّ بِأَحَدِهِمَا لَحقا بِهِ وحدا وَإِلَّا فهما حملان وَإِن أقرّ بِالْأولِ وَنفي الثَّانِي وَقَالَ لم أَطَأ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ لَاعَنَ وَانْتَفَى الثَّانِي وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ وَقَالَ لَمْ أَطَأْهَا

ص: 308

بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَزِمَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَإِنْ قَالَ النِّسَاءُ الْحَمْلُ هَكَذَا لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حد وَلحق بِهِ بِخِلَاف الَّتِي تَأتي بِولد لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَيُقِرُّ بِهِ وَيَنْفِي الْوَطْءَ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِي ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَإِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَالْتَعَنَ مِنْهُ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَاللِّعَانُ الْأَوَّلُ يَنْفِي كُلَّ وَلَدٍ بَعْدَهُ فَإِنِ ادَّعَى الثَّانِيَ حُدَّ وَلَحِقَا بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَى عَدَمِ الْمَسِيسِ ثُمَّ يظْهر حَمْلٌ فَتَقُولُ هُوَ مِنْهُ لَحِقَهُ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْوَلَدِ وَلَا يُكْمِلُ لَهَا صَدَاقَهَا لِإِقْرَارِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُكْمِلُ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَوِ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ وَلَمْ يُحَدَّ وَكَمُلَ الصَّدَاقُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِنْكَارِهِ لَاعَنَ وَزَالَ عَنْهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا يُكْمِلُ الصَّدَاقَ وَيُحَدُّ إِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَإِنْ نَكَلَ لَحِقَهُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ بِغَيْرِ لِعَانٍ انْتَفَى وَحُدَّتْ وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلِعَانٍ لِحَقِّ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ يَلْتَعِنُ الزَّوْجُ دُونَهَا لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا إِذَا ثَبَتَتْ عَلَى قَوْلِهَا وَإِنْ رَجَعَتْ قَبْلَ اللِّعَانِ عَادَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَ لَحِقَ بِهِ وَلَا يحد لِأَنَّهَا مقرة وَفِي الْكتاب إِذا لَاعن لنفي الْوَلَدَ ثُمَّ زَنَتْ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لَحِقَهُ وَلَا يُحَدُّ لَهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ زَانِيَةً

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا جَنَى عَلَى الْجَنِينِ بَعْدَ نَفْيِهِ بِاللّعانِ أَو قَتله بالغيرة للْأُم وَلمن يَرث الْجَنِين من عصبتها وترثه إِذَا مَاتَ أُمُّهُ وَعَصَبَتُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذا

ص: 309

أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ بَعْضِهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ مُدَّةَ يَسَارِهِ وَإِلَّا فَلَا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا لَاعَنَ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً فَوَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ لَحِقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدُّ لِتَقَدُّمِ لِعَانِهُ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ اسْتَبْرَأْتُهَا وَنَفَاهُ كَانَ اللِّعَانُ الْأَوَّلَ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لِلْمُلَاعَنَةِ السُّكْنَى دُونَ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهَا آثَرَتِ الْفِرَاقَ فَلَا تُجْبَرُ بِالْمُتْعَةِ وَلَا تُنْكَحُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا الْمَانِعُ الْخَامِسُ وَطْءُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غير الْمَوْطُوءَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} النِّسَاء 23 يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عليه السلام لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَضَابِطُهُ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا من النّسَب أَو الرَّضَاع مَا يمْنَع تناكحها لَوْ قُدِّرَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِعَقْدٍ وَلَا مِلْكٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ خَرَجَ بِقَيْدَيِ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ الْمَرْأَةُ وَابْنَةُ زَوْجِهَا وَأُمُّهُ

ص: 310

(تَفْرِيع)

فِي الْكتاب إِذا تزوج امْرَأتَيْنِ من لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا فُسِخَ الثَّانِي بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى إِنْ دَخَلَ وَالْمِثْلُ إِنْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فُسِخَ وَتَزَوَّجَ أَيَّتهمَا شَاءَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْأَوَّلِ إِنْ بَنَى بِهَا وَلَمْ تَعْلَمِ الْأُولَى وَادَّعَيَا ذَلِكَ حَلَفَتَا وَأَخَذَتَا صَدَاقَيْهِمَا وَاقْتَسَمَتَا بَيْنَهُمَا الْمِيرَاثَ وَاعْتَدَّتَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ مَعَ الْإِحْدَادِ فِي الْمَوْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَعَ ثَلَاثِ حِيَضٍ قَالَ ابْن يُونُس فَإِن كَانَت فِي الْعِدَّةِ أَجْزَأَهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ لم يبن فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِنْ بَنَى بِوَاحِدَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَهَا الصَّدَاقُ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى نِصْفُ الصَّدَاقِ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ وَفِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ الْمِيرَاثُ وَالصَّدَاقُ لِلْمَبْنِيِّ بِهَا دُونَ الْأُخْرَى قَالَ أَشْهَبُ إِذَا نَسِيَتِ الْبَيِّنَةُ تَارِيخَ الْعَقْدَيْنِ فَالزَّوْجُ مُصَدَّقٌ فِي تَعْيِينِ الْأُولَى وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا صَدَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الزَّوْجُ فَارَقَهُمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَطِئَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا تَوَقَّفَ حَتَّى يَخْتَارَ أَيَّتُهُمَا شَاءَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ لِتَقَدُّمِ مَانِعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَقْدُ النِّكَاحِ تَحْرِيمٌ لِلْأَمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ بِالْوَطْءِ مِنَ الْمِلْكِ فَيَنْدَفِعُ الْمِلْكُ لِلتَّضَادِّ وَلَوْ بَاعَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ لَمْ يَطَأْ إِلَّا الزَّوْجَةَ لِوُرُودِ الْمِلْكِ بَعْدَ الْمَانِعِ وَإِذَا وَطِئَ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ بِالْمِلْكِ لَا يَطَأُ الْأُخْرَى حَتَّى تَحْرُمَ الْأُولَى بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَطِئَ

ص: 311

الثَّانِيَة ثمَّ اشْترى الْمَبِيعَة تَمَادى على الأولى وَلَوْ لَمْ يَطَأِ الثَّانِيَةَ حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ تخير فِيهِمَا وَلَوْ جَمَعَهُمَا فِي الْوَطْءِ قَبْلَ تَحْرِيِمِ إحديهما خُيِّرَ بَيْنَهُمَا فَإِنِ اخْتَارَ الْمَوْطُوءَةَ الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا من المَاء الْفَاسِد وَتَحْرِيم إحديهما بِالظِّهَارِ لَا يَكْفِي إِذْ لَهُ الْكَفَّارَةُ وَكَذَلِكَ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ النَّزْعِ بِالِاعْتِصَارِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ زَوَاجٍ فَاسِدٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ مَاضٍ حَتَّى يُرَدَّ أَوْ إِبَاقِهَا أَوْ أسرها من الاياسر وَزَادَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ إِذَا دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَيْعِ لَا يُفْسِدُهُ التَّحْرِيمُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَخَذَهُمَا سَنَةً لَا يحل أُخْتُهَا أَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً أَوْ حَيَاةَ الْمَخْدَمِ حَلَّتْ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا كُفَّ عَنِ الزَّوْجَةِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَلِأَنَّهُ أَقْعَدَ بِحَلِّ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ زُوِّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ أَقَامَ عَلَى وَطْءِ الْأَمَةِ لِسَبْقِهِ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَمَةُ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ تُخُيِّرَ بَيْنَهُمَا لِتَسَاوِي أَمْرِهِمَا إِلَّا أَنْ يَطَأَ أُولَاهُمَا رُجُوعًا وَمَنْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ حَلَّتْ أُخْتُهَا فِي عِدَّتِهَا وَالْخَامِسَةُ وَقَالَهُ ش لِانْقِطَاعِ الْمُوَارَثَةِ وَالْعِصْمَةِ وَإِنَّمَا الْعدة حفظا للأنساب وَقَالَ ح وَابْن حَنْبَل يحرمان لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي

ص: 312

رَحِمِ أُخْتَيْنِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ وَلَا قَائِلَ بِالْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الِاخْتِصَاصُ بِالزَّوْجِ حَتَّى تَحْصُلَ الْقَطِيعَةُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ بِالْجَمْعِ وَعَنِ الثَّانِي أَنه مُطلق فِي الْأَزْمَان فيحمله عَلَى زَمَانِ الِاخْتِصَاصِ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ وَتُحَرَّمُ فِي عدَّة الرّجْعَة اتِّفَاق

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنِ ادَّعَى اعْتِرَافَهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي مُدَّةِ مِثْلِهَا فَأَكْذَبَتْهُ مُنِعَ مِنَ الْأُخْتِ وَالْخَامِسَةِ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ فِي الْعِدَّةِ عَلَى قَوْلِهَا فَإِنْ عَقَدَ فُسِخَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تُحَرَّمُ الْأُخْتُ بِالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّزْوِيجِ دُونَ الْحَيْضِ وَالْعِدَّةِ وَالرِّدَّةِ وَالْإِحْرَامِ وَبَيْعٍ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ أَوْ بِعُهْدَةٍ أَوْ خِيَارٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ ذَلِكَ تَمْهِيدٌ الْأُخْتَانِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَرَّمَهُمَا قَوْله تَعَالَى {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} وأحلهما قَوْله تَعَالَى {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَخَصَّ مِنَ الْأُخْرَى حَتَّى تُقَدَّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأُولَى تَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَتَيْنِ وَالْحُرَّتَيْنِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ تَتَنَاوَلُ الْأُخْتَيْنِ وَغَيْرَهُمَا فَهِيَ أَعم من الأولى يكون كُلٌّ مِنْهُمَا أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ فَيَسْتَوِيَانِ وَلِذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ وَالتَّرْجِيحُ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أوجه أَحدهمَا أَنَّ الْأُولَى سِيقَتْ لِلتَّحْرِيمِ وَالثَّانِيَةَ سِيقَتْ لِلْمَدْحِ لحفظ الْفروج وَالْقَاعِدَة أَن الْكَلَام إِذا سبق لِمَعْنَى لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ فَلَا تُعَارِضُ الْأُولَى وَثَانِيهَا أَنَّ الْأُولَى لَمْ يُجْمَعْ عَلَى تَخْصِيصِهَا وَالثَّانِيَةَ أُجْمِعَ عَلَى تَخْصِيصِهَا بِمَا لَا يَقْبَلُ الْوَطْءَ مِنَ الْمَمْلُوكَاتِ وَبِمَا يَقْبَلُ

ص: 313

لكنه محرم وَغير الْمَخْصُوص أرجح ثَالِثهَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفُرُوجِ التَّحْرِيمُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْحل فتترجح الأولى

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى وكما يَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ فَكَذَلِكَ النَّظَرُ بِلَذَّةٍ لِلْمِعْصَمِ وَالصَّدْرِ قِيَاسًا عَلَى مَا سَوَّى الشَّرْعُ فِيهِ بَين الْوَطْء وَالنَّظَر للذة

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا تَزَوَّجَ أُخْتًا عَلَى أُخْتٍ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَوَطِئَ حُدَّ إِلَّا أَنْ تَكُونَا أُخْتَيْنِ مِنَ الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ أَصْلُ كُلِّ مُحَرَّمٍ بِالسنةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَإِذا قَالَتْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعَةِ انْحَبَسَ الدَّمُ عَنِّي حُرِّمَتِ الْأُخْتُ وَالْخَامِسَةُ وَصُدِّقَتْ إِلَى سَنَةٍ لِظُهُورِ الْحَمْلِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ الْمَانِعُ السَّادِس حُصُول أَربع فِي الْعِصْمَة فَفِي الْجَوَاهِر تمْتَنع الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} النِّسَاء 3 وَمَعْنَى مَثْنَى عِنْدَ الْعَرَبِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ غير منحصر وَمعنى ثَلَاثَ غَيْرَ مُنْحَصِرٍ وَكَذَلِكَ رُبَاعَ إِلَى عُشَارَ جعلت هَذِه الصِّيغَة عوض التّكْرَار فَيكون معنى الْآيَة

ص: 314

إِمَّا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ فَظَهَرَ غَلَطُ مَنْ أَبَاحَ التِّسْعَ بِنَاءً عَلَى ضَمِّ الِاثْنَيْنِ إِلَى مَا بَعْدَهَا تَمْهِيدٌ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّوَاجَ فِي التَّوْرَاة غير منحصر حِفْظًا لِمَصَالِحِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَحَرَّمَ فِي الْإِنْجِيلِ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدَةِ حِفْظًا لِمَصَالِحِ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَجَمَعَ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُعَظَّمَةِ بَيْنَ مَصَالِحِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا مُضَارَّةُ الْمَرْأَةِ بِثَلَاثٍ فَلِأَن الثَّالِثَة مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ الْقَوَاعِدِ تُبَاحُ مِنَ الْإِحْدَادِ ثَلَاثٌ وَمِنَ الْهِجْرَةِ ثَلَاثٌ وَمِنَ الْخِيَارِ ثَلَاثٌ وَمِنَ الْعُهْدَةِ ثَلَاثٌ وَهُوَ كَثِيرٌ قَالَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ تَحْرُمُ الثَّالِثَةُ عَلَى الْعَبْدِ وَقَالَهُ ش قِيَاسا على طَلَاقه وحدوده وَجَوَابه أَنَّ التَّشْطِيرَ خَاصٌّ بِالْعَذَابِ لِلْآيَةِ وَهُمَا عَذَابٌ وَهَذَا تَعْمِيم فَافْتَرَقَا وَتَحِلُّ الْخَامِسَةُ بِطَلَاقِ إِحْدَى الْأَرْبَعِ طَلَاقًا بَائِنًا خِلَافًا لِ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ دُونَ الرَّجْعِيِّ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ بَطَلَ الْعَقْدُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الْأَرْبَعِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَطَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْخَامِسَةُ إِلَّا بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ خَرَجَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَتَأَخَّرَ حَمْلُهَا خمس سِنِين فَإِن طَلقهَا بعد خُرُوجه بِسنة انْتَظَرَ أَرْبَعًا أَوْ بَعْدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَثَلَاثٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ وَيُفَرَّقُ الْحيض فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ كَمَالِ سَنَةٍ لَا حَيْضَ فِيهَا أَوْ تَكْمُلُ ثَلَاثُ حيض

ص: 315

الْمَانِعُ السَّابِعُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا لِلْحُرِّ وَاثْنَتَانِ لِلْعَبْدِ لِتَعَذُّرِ تَشْطِيرِ طَلْقَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الْبَقَرَة 229 أَيِ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ لِذِكْرِهَا بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَالطَّلَاقُ عِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْفِعْلِ بِفَاعِلِهِ آكَدُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ فَطَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ وَلَو كَانَت امْرَأَته حرَّة وَالْحر ثَلَاث وَإِن كَانَت امْرَأَته أَمَةً وَقَالَ ح مُعْتَبَرٌ بِالنِّسَاءِ فَلِلْحُرَّةِ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ كَيْفَ كَانَ زَوْجُهَا وَالْأَمَةِ اثْنَتَانِ كَيْفَ كَانَ زَوْجُهَا لِمَا يُرْوَى عَنْهُ عليه السلام طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ تَنْبِيهٌ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبُ الزَّوَاجِ الْإِعْفَافَ وَتَكْثِيرَ النَّسْلِ عَاقَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُطَلِّقَ ثَلَاثًا بِاحْتِيَاجِهِ إِلَى وَطْءِ غَيْرِهِ لِامْرَأَتِهِ لِصُعُوبَةِ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَائِدَةٌ يُقَالُ كُلُّ نِكَاحٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْوَطْءُ مَعَ الْعَقْدِ قَوَاعِدُ حَتَّى لِلْغَايَةِ فَيَثْبُتُ بَعْدَهَا نَقِيضُ مَا قَبْلَهَا وَالْمَرْأَةُ لَا تَحِلُّ بِوَطْءِ الثَّانِي بَلْ حَتَّى تُطَلَّقَ وَتَعْتَدَّ ويعقد الأول فَهَل ترك مُقْتَضى الْآيَة أَوْ هُوَ بَاقٍ فَنَقُولُ التَّحْرِيمُ يَتَضَاعَفُ بِسَبَبِ اجْتِمَاع الْأَسْبَاب كَالزِّنَا

ص: 316

بِمحرم وبالأم أَشد وَبهَا فِي الصَّوْم أَشد وَمَعَ الْإِحْرَام أَشد وَفِي الْكَعْبَة كَذَلِك هَذِه مُحَرَّمَةٌ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَمُطَلَّقَةً ثَلَاثًا وَالْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ تَحْرِيمُ الثَّلَاثِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِوَطْءِ الثَّانِي وَيَبْقَى تَحْرِيمُ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَوْنُهَا زَوْجَةً لِلْغَيْرِ فَإِذَا طَلقهَا ارْتَفع كَونهَا زَوْجَة للْغَيْر وَبَقِيَ كَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً فَإِذَا عَقَدَ حَلَّتْ مُطْلَقًا تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَحْتَلِمْ وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْوَطْءِ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهُ الْمَرْأَةَ وَلَا يُحَصَّنُ وَلَا مَهْرَ وَلَا عِدَّةَ وَتُحَرَّمُ على آبَائِهِ وعَلى أبنائه لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ يَتَوَقَّفُ على أعلا الْمَرَاتِبِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْخَصِيُّ الْقَائِمُ الذَّكَرِ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَجْبُوبُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِمْ لِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَإِنْ عَلِمَتْ أَحَلُّوهَا وَحَصَّنُوهَا لِسُقُوطِ خِيَارِهَا وَلَا يَحِلُّ الْمَجْبُوبُ وَلَا يُحَصَّنُ لِعَدَمِ الْوَطْءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا وَطِئَهَا الْمَجْنُونُ فِي جِنِّهِ بَعْدَ عِلْمِهَا لَا يُحِلُّهَا وَلَا يُحَصِّنُهَا لِنُقْصَانِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالصَّحِيح يحل الْمَجْنُون وَيُحَصِّنُهَا لِأَنَّ الْوَطْءَ لِلرَّجُلِ وَإِنَّمَا الْمَرْأَةُ مُمَكِّنَةٌ قَالَ ابْن يُونُس قَالَ بعض شُيُوخنَا وَسَوَاء كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْكتاب وَقَالَ أَشهب إِذا اخْتَار السَّيِّدُ أَحَلَّ وَطْءُ الْعَبْدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَدْخَلَتْ حَشَفَةَ الشَّيْخِ بِيَدِهَا وَانْتَعَشَ بَعْدَ الإدخال أحلهَا وَإِلَّا فَلَا وَإِن أَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ فَدَخَلَ الْمَاءُ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَتْ لَا يُحِلُّهَا لِعَدَمِ النِّكَاحِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ وَيَكْفِي مِنْ مَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ مِقْدَارُهَا وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ دُونَ عِلْمِ الزَّوْجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يَنْكِحَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي أَدَبِ الْمُطَلِّقِ وَعَكَسَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ مِنْ فِعْلِ الزَّوْجِ فَوَطْءُ الْمَجْنُونِ يُحِلُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ فَلَوْ كَانَتْ

ص: 317

هِيَ الْمَجْنُونَةَ حَلَّتْ عِنْدَ أَشْهَبَ دُونَ ابْنِ الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك تحل فِي الْحَالين نَظَرًا لِحُصُولِ الْوَطْءِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَتِ الْوَطْءَ وَأَنْكَرَهُ لَا يُحَدُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أَمْنَعُ الْمُطَلِّقَ مِنْهَا خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارُهُ إِضْرَارًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يُعْلَمِ التَّحْلِيلُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهَا لَا يُقْبَلْ فِي الْأَمَدِ الْقَرِيبِ وَيُقْبَلُ فِي الْأَمَدِ الْبَعِيدِ إِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ إِذَا طَالَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَوْتُ شُهُودِهَا وَهِيَ كَالْغَرِيبَةِ وَأَمَّا الطَّارِئَةُ فَتَدِينُ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهَا إِلَّا أَن يقرب الْموضع ولملك قَوْلٌ ثَالِثٌ إِنْ قَالَتْ ذَلِكَ بِقُرْبِ طَلَاقِهَا لَمْ تَحِلَّ أَوْ بَعْدَ الطَّوْلِ عِنْدَ إِرَادَةِ الرُّجُوعِ لَمْ تُصَدَّقْ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ كُلُّ مَوْضِعٍ تُصَدَّقُ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ فِي دَعْوَى الْوَطْء صدقت فِي الْإِحْلَال ومالا فَلَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ ذُكِرَ ذَلِكَ عِنْدَ الْفِرَاقِ لَمْ يُحِلَّهَا ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتُوُهِّمَ الدُّخُولُ لم تحل حَتَّى يُعْلَمَ الدُّخُولُ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَرِدَّتُهُ لَا تُبْطِلُ الْإِحْلَالَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَيْهَا وَلَا الْحَاجَةَ إِلَى الْإِحْلَالِ بِخِلَافِ الْإِحْصَانِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْعِتْق وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ أَنَّ هَذِهِ كَفَّارَاتٌ وَأُمُورٌ فِي الذِّمَّةِ فَتَسْقُطُ كالكافر الْأَصْلِيّ لَا تقبل ذمَّته بعد توبتها بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْإِحْلَالُ وَتَحْرِيمُ الْمَبْتُوتَةِ سَبَبَانِ شَرْعِيَّانِ لَا يُوجِبَانِ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ بَلْ

ص: 318

إِذَا أَسْلَمَ قُلْنَا لَهُ تَحْرُمُ عَلَيْكَ هَذِهِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ لَا أَنْ نُلْزِمَهُ شَيْئًا وَتَحِلُّ لِلْمُطَلِّقِ هَذِهِ بِوَطْئِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ يَسْقُطُ الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ بِرِدَّتِهَا بِخِلَافِ رِدَّتِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِرِدَّتِهِ كَالْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوِ ارْتَدَّا ثُمَّ رَجَعَا جَازَ أَنْ يَتَنَاكَحَا قَبْلَ زَوْجٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ كَالْحَرْبِيَّيْنِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يجوز لِأَنَّهُمَا يعودان على مَا كَانَا عَلَيْهِ وَإِنِ ارْتَدَّ الْمُحِلُّ خَاصَّةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحِلُّ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحِلُّ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُحِلُّ إِلَّا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا اخْتِيَار لِأَحَدٍ فِيهِ مَعَ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ وَمَا فِيهِ خِيَارٌ فَالْوَطْءُ بَعْدَ الْخِيَارِ لِاسْتِقْرَارِهِ حِينَئِذٍ وَبِاشْتِرَاطِ الْوَطْءِ قَالَ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ عليه السلام فَذَكَرَتْ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا مَثَلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَتَبَسَّمَ عليه السلام وَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ يُرِيد بعسيلته إيلاج الْحَشَفَة وَاشْترط بعض الْعلمَاء الْإِنْزَال وَلم يشْتَرط الشَّافِعِي الانتشار وبعسيلتها مُبَاشَرَةَ فَرْجِهَا بِالْحَشَفَةِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ عِلْمِهَا وَبُلُوغِهَا وَجَوَّزَ ش الْمُرَاهِقَ وَالصَّغِيرَ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الطِّبَاعُ مِنْ لَذَّةِ الْمُبَاشَرَةِ وَلَوْ صَغُرَ السِّنُّ وَقِيَاسًا لِإِحْلَالِ الصَّغِيرِ عَلَى إِحْلَالِ الصَّغِيرَة المبتوتة وَجَوَّزَ ح الْمُرَاهِقَ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُرَاهِقِ يُحَدُّ فِي الزِّنَا يحل وَفِي الْكتاب وَطْء الْحَائِض أَو أَحدهمَا مُعْتَكِفٌ أَوْ صَائِمٌ رَمَضَانَ أَوْ مُحْرِمٌ لَا يحل وَلَا

ص: 319

يحصن وَاشْترط ش حِلَّ الْوَطْءِ وَلَا يُحِلُّ وَطْءُ النَّصْرَانِيِّ النَّصْرَانِيَّة إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَيْضًا يُحَلِّلُهَا النَّصْرَانِيُّ وَهُوَ أَصْوَبُ لِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ الْأَزْوَاجِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَهَا مَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ لتبر يَمِينه فَثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ ايْنَ الْقَاسِم يحلهَا لِأَنَّهُ لم يعزم عَلَى التَّحْلِيلِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يُحِلُّهَا كَانَتْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بَلِ الْخُرُوجَ مِنْ يَمِينه فَأشبه الْمُحَلِّلَ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ كَانَتْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا قَاعِدَةٌ كُلُّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ عُرْفٌ فِي لَفْظِهِ إِنَّمَا يُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ وَلِذَلِكَ تُحْمَلُ عُقُودُ كُلِّ بَلَدٍ عَلَى نَقْدِهِ وَوَصَايَاهُمْ وَأَوْقَافُهُمْ وَنُذُورُهُمْ عَلَى عَوَائِدِهِمْ وَالشَّرْعُ لَهُ عُرْفٌ فِي النِّكَاح وَهُوَ الْمُجْتَمع للأسباب وَالشَّرَائِطَ وَالِانْتِفَاءِ لِلْمَوَانِعِ فَحَمَلْنَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} عَلَيْهِ فَخَرَجَ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ وَالْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ وَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَطْءُ النَّصْرَانِيِّ لِفَسَادِ عَقْدِهِ وَفِي الْكتاب لَا يحلل إِلَّا نِكَاح الغبة غَيْرِ الْمُدَلَّسَةِ قِيلَ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَحْتَسِبُ ذَلِكَ قَالَ يَحْتَسِبُ فِي غَيْرِ هَذَا لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي التِّرْمِذِيِّ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ وَاللَّعْنَةُ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ وَسَبَبُهُ فِي الْمُحَلِّلِ مَا فِيهِ مِنْ دَنَاءَةِ الْمُرُوءَةِ مِنْ عَزْمِ الْإِنْسَانِ عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ لِتَمْكِينِ غَيْرِهِ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا لَهُ وَمَنْسُوبَةً

ص: 320

إِلَيْهِ وَفِي الْمُحَلَّلِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ امْتِنَاعُ مُؤَاخَذَةِ الْإِنْسَانِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إِمَّا لِاسْتِبَاحَتِهِ بِهَذَا التَّحْلِيلِ الْفَاسِدِ إِنْ فَعَلَ وَإِمَّا لِأَنَّ طَلَاقه ثَلَاثًا محرم وَهُوَ الْمخْرج إِلَى هَذَا وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَطَ التَّحْلِيلَ وَاللَّعْنُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ فَيُفْسَخُ أَبَدًا وَلَا يُحَلَّلُ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَبَسِ قَالَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْوَطْءُ الْحَرَامُ يُحَلِّلُ وَيُحَصِّنُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُحَصِّنُ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ يَرْجِعُ إِلَى وُجُوبِ الرَّجْمِ وَالْمَعْصِيَةُ تُنَاسِبُ الْعقُوبَة وَلَا يحلل لِأَنَّ الْإِحْلَالَ نِعْمَةٌ تُنَافِيهَا الْمَعْصِيَةُ وَالْوَطْءُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَنَذْرِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ يُحِلُّ وَيُحَصِّنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لِحُصُولِ الْعُسَيْلَتَيْنِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ نَوَى إِمْسَاكَهَا إِنْ أَعْجَبَتْهُ وَإِلَّا حلهَا لَا يحل لِمُشَارَكَةِ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ وَوَافَقْنَا ابْنَ حَنْبَلٍ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلَ مَعَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ نَوَاهُ وَقَالَ ش وح يَحِلُّ إِذَا نَوَاهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَجَوَّزَ ح نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ وَالْإِقَامَةَ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ ذَلِكَ قُرْبَةٌ بِالْإِحْسَانِ لِلْمُطَلِّقِ لَنَا عَلَيْهِمْ مَا تَقَدَّمَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَضُرُّ إِرَادَةُ الزَّوْجَيْنِ التَّحْلِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُحَلِّلُ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ بِالْوَطْءِ وَالطَّلَاقِ مِنْ جِهَتِهِ دُونَهُمَا قَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بِطَلْقَةٍ أَبَدًا وَلَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بِالْمَسِيسِ وَقَالَ أَيْضًا الْمُسَمَّى وَإِن ردهَا زَوجهَا بِدَلِيل النِّكَاح الْفَاسِد فسخ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا عَقَدَ الْمُحَلِّلُ لِلتَّحْلِيلِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ثَبَتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ إِقْرَارُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ قَالَ وَعِنْدِي يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ

ص: 321

أَنْ يُعْلِمَ الْأَوَّلَ بِقَصْدِهِ لِلتَّحْلِيلِ حَتَّى يَمْتَنِعَ وَإِذَا اشْتَرَى الْمَبْتُوتَةَ لَا تَحِلُّ لَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ الْآيَةَ اشْتَرَطَتِ النِّكَاحَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّزْوِيجِ دُونَ الْمِلْكِ

(الْمَانِعُ الثَّامِنُ الْكُفْرُ)

(وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ)

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَحِلُّ وَفِي الْجَوَاهِر الْكفَّار ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ الْكِتَابِيُّونَ يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ وَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ لِسُوءِ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَلِأَمْرِ عُمَرَ رضي الله عنه الصَّحَابَةَ بِمُفَارَقَةِ الْكِتَابِيَّاتِ فَفَعَلُوا إِلَّا حُذَيْفَةَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَازَهُ ش مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الْمَائِدَة 5 وَالْمُرَادُ بالمحصنات هَا هُنَا الْحَرَائِر والزنادقة والمعطلة لَا يناكحوا وَلَا تُؤْخَذ مِنْهُم الْجِزْيَة وَالْمَجُوس لَا يناكحوا وَتُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي أَطْعِمَتِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَبِهَذِهِ الْجُمْلَةِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَقِيلَ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِ الْمَجُوس نظرا لأَنهم لَهُم كتاب وَعقد وَهَذَا لَا عِبْرَةَ بِهِ فَإِنَّ الْوَثَنِيِّينَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ حَالَتُهُمُ الْحَاضِرَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْوَثَنِيَّاتِ بِنِكَاحٍ وَلَا مِلْكٍ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الْبَقَرَة 221 وَقِيلَ الصَّابِئُونَ مِنَ النَّصَارَى والسامرية من الْيَهُود وَقيل لَيْسُوا مِنْهُمَا فَيَجُوزَ نِكَاحُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي

ص: 322

تَمْهِيدٌ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ} الْآيَةُ مُتَأَخِّرَةُ النُّزُولِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَلا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} فأبيحت الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْحَرَائِرِ بِجَامِعِ الشَّرَفِ بِالْكتاب وتسوية بَيْنَ الْمَنَاكِحِ وَالْأَطْعِمَةِ وَقِيلَ الْمُشْرِكَاتُ خَاصٌّ بِالْوَثَنِيَّاتِ وَإِنْ أَشْرَكَ الْيَهُودُ بِعُزَيْرٍ وَالنَّصَارَى بِعِيسَى عليهما السلام لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} الْبَيِّنَة 1 فَبَايَنَ بَيْنَهُمْ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْكِتَابِ تَنْبِيهٌ لَمَّا تَشَرَّفَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَنِسْبَتِهِمْ إِلَى الْمُخَاطَبَةِ مِنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ أُبِيحَ نِسَاؤُهُمْ وَطَعَامُهُمْ وَفَاتَ غَيرهم هَذَا الشّرف بحرمانهم وَأَمَّا الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ فَلَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْأَمَةَ الْمُؤْمِنَةَ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ صِيَانَةٌ لِلْوَلَدِ عَنِ الرِّقِّ وَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ تَجْمَعُ بَيْنَ الْإِرْقَاقِ وَتَلْقِينِ الْكُفْرِ وَتَغْذِيَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَحُرِّمَتْ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَازَهَا ح تَسْوِيَةً بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ عَكْسُهُ الْمَجُوسُ وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا اجْتِمَاعُ الْمَفْسَدَتَيْنِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ تُوطَأُ الْأَمَةُ الْمَجُوسِيَّةُ الصَّغِيرَةُ إِذَا أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَعَقِلَتْ مَا يُقَالُ لَهَا وَفِي اللُّبَابِ تُوطَأُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ بِالْمِلْكِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَا يُمْنَعُ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نِكَاحِ مَجُوسِيَّةٍ وَلَا مَجُوسِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيَّةٍ لِأَن لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ

ص: 323

(فَرْعٌ)

قَالَ الْوَلَدُ تَبَعٌ لِلْوَالِدِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلِأُمِّهِ فِي الْمِلْكِ وَالْجِزْيَةِ لِأَنَّ الْأَدْيَانَ إِنَّمَا تقوم بالنصرة وَهِي بِالرِّجَالِ أليق وَالرّق مَهَانَةٌ وَاسْتِيلَاءٌ وَهُمَا بِالنِّسَاءِ أَنْسَبُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ يَتْبَعُ الْأُمَّ كَيْفَ كَانَتْ قِيَاسًا عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَقِيلَ أَحْسَنَهُمَا دِينًا تَغْلِيبًا للأسلام وَقَالَهُ ش وَمَا ولد لِلْمُرْتَدِّ بَعْدَ رِدَّتِهِ هَلْ يَكُونُ كَوَلَدِ الْكَافِرِ فِي السَّبْيِ وَالرِّقِّ وَالْجَبْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ يُجْبَرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا بِبَقَائِهِمْ فَهَلْ نَفَقَتُهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ قَوْلَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ إِذَا أَسْلَمْنَ وَرَجَّحَ ابْنُ مُحْرِزٍ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ لِوُجُوبِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْقَرَابَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِسْلَامُ الْأَبِ إِسْلَامٌ لِصِغَارِ بَنِيهِ وَإِذَا زَوَّجَ النَّصْرَانِيُّ ابْنَتَهُ الطِّفْلَةَ مِنْ كِتَابِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَبُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ فُسِخَ نِكَاحُهَا وَكَذَلِكَ الطِّفْلُ لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَجُوسِيَّةً يُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَتَطَاوَلْ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُرَاهِقًا ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً حَالَةَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُجْبَرْ عَلَيْهِ إِلَى الْبُلُوغِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ لَمْ يُعْرَضْ لَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنْ تُرِكَ الْأَطْفَالُ حَتَّى رَاهَقُوا فَإِنْ أَبَوُا الْإِسْلَامَ لَمْ يُجْبَرُوا لِأَنَّهَا حَالَةٌ تَأْبَى التَّبَعِيَّةَ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يُجْبَرُونَ نَظَرًا لِحَالَةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَكْثَرُ مَذَاهِبِ الْمَدَنِيِّينَ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ مَاتَ أَبُو الْمُرَاهِقِ وُقِفَ الْمَالُ إِلَى أَنْ بَلَغَ وَأَسْلَمَ وَرِثَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ احْتِلَامِهِ لَمْ يَتَعَجَّلْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْتَلِمَ لِأَنَّهُ لَو رَجَعَ لم

ص: 324

يقتل وَقيل يُقْتَلْ وَلَهُ الْمِيرَاثُ وَلَوْ رَجَعَ ضُرِبَ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَمُوتَ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ قَالَ الْوَلَدُ إِنِّي لَا أُسْلِمُ إِذَا بَلَغْتُ لَا يعْتَبر ذَلِك الْفَصْلُ الثَّانِيُ فِي أَنْكِحَتِهِمْ وَهِيَ عِنْدَنَا فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهَا خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَطَأُ الذِّمِّيُّ مُسْلِمَةً بِنِكَاحٍ وَلَا ملك وليقدم فِي ذَلِكَ إِلَى الذِّمَّةِ وَيُعَاقَبُونَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَلَا يُحَدُّونَ وَيُعْفَى عَنِ الْجَاهِلِ وَتُبَاعُ الْأَمَةُ عَلَيْهِ نَفْيًا لِاسْتِيلَاءِ الْكُفْرِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَتُحَدُّ الْمُسْلِمَةُ إِنْ لَمْ تُعْذَرْ بِجَهْلٍ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَطَلَاقُهُمْ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ سَاقِط مَعَ الْكفْر وَحقّ للْمَرْأَة وَهُوَ فِي مَعْنَى هِبَتِهَا نَفْسَهَا وَنَحْنُ لَا نُجْبِرُهُمْ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْهِبَاتِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْعِتْقِ فَإِنْ جَارَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَالْعَبْدُ نَفْسَهُ لم يمكنا من الرُّجُوع وَإِن امْتَنَعَا مَا لَمْ يُضْرَبْ عَلَى الْعَبْدِ الْجِزْيَةُ فَلَا يُمَكَّنْ مِنَ الرِّضَا بِالرِّقِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَبَانَهَا عَنْهُ مُدَّةً لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِمُحَلِّلٍ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا رَضِيا بِحكم الْإِسْلَام فحكمنا الثَّلَاث لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِلزَّوْجِيَّةِ قَهْرًا لِأَجْلِ حُكْمِنَا وَلَهُ ذَلِكَ بِرِضَاهَا لِأَنَّ طَلَاقَ الْكُفْرِ غَيْرُ لَازِمٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَإِذَا أَسْلَمَا لَهُ رَدَّهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَفِي الْكِتَابِ طَلَاقُهُمْ غير لَازم وَإِن رفع إِلَيْنَا لَا يحكم بِهِ إِلَّا بِرِضا الزَّوْجَيْنِ بِحُكْمِنَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا رَضِيَا بِحُكْمِنَا فَفِي اعْتِبَار رضَا أَسَاقِفَتِهِمْ قَوْلَانِ نَظَرًا لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِمْ أم لَا وَإِذا حكمنَا فِي الطَّلَاق فلمتأخرين أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُحْكَمُ بِالثَّلَاثِ إِنْ أَوْقَعَهَا أَوْ

ص: 325

بِتَطْلِيقَةٍ أَوْ بِالْفُرْقَةِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ تُعْتَبَرُ أَنْكِحَتُهُمْ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ حَكَمْنَا بِالطَّلَاق وَإِلَّا فبالفراق مُجْمَلًا وَفِي الْكِتَابِ الْأَفْضَلُ عَدَمُ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ لقَوْله تَعَالَى {فَإِن جاؤوك فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} الْمَائِدَة 42 وَلَوْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ امْرَأَةَ غَيْرِهِ مُنِعَ لِأَنَّهُ مِنْ بَاب التظالم الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إِسْلَامِهِمْ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَثْبُتُ مِنْ عُقُودِهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهِيَ عِنْدَنَا فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا نُقِرُّهُمْ عَلَى مَا هُوَ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ يكون صَحِيحا عندنَا وَلَو اعتقدوا غضب امْرَأَة أَوْ رِضَاهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ش وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مُفْسِدٍ يَدُومُ كَجَمْعِ الْأُخْتَيْنِ أَوْ لَا يَدُومُ لَكِنْ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ كَالزَّوَاجِ فِي الْعِدَّةِ فَيسلم فِيهَا فَهُوَ مُبْطل وَمَا لَا فَلَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عُقُودُهُمْ صَحِيحَةٌ تَنْبِيهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَنَا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَاسِدَةٌ مُشْكِلٌ فَإِنَّ وِلَايَةَ الْكَافِرِ لِلْكَافِرِ صَحِيحَةٌ وَالشَّهَادَةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى نَقُولَ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ لِكُفْرِهِمْ وَلَوْ قُلْنَا إِنَّهَا شَرْطٌ وَأَشْهَدَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ أَمَّا الْقَضَاءُ بِالْبُطْلَانِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ صَدَاقَهُمْ قَدْ يَقَعُ بِمَا لَا يَحِلُّ وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَتَخْتَلُّ بَعْضُ الشُّرُوطِ أَوْ كُلُّهَا أَحْيَانًا وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ فَكَمَا لَا يُقْضَى بِفَسَادِ أَنْكِحَةِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ وَجُهَّالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ نُفَصِّلُ وَنَقُولُ مَا صَادَفَ الشُّرُوطَ فَهُوَ صَحِيحٌ سَوَاءٌ أَسْلَمُوا أَمْ لَا وَمَا لَمْ يُصَادِفْ فَبَاطِل

ص: 326

أَسْلَمُوا أَمْ لَا وَعَلَى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يُخَيَّرَ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا بَلْ نَقُولُ إِنْ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْبِنْتِ صَحِيحًا تَعَيَّنَتْ وَكَذَلِكَ لَا نُخَيِّرُهُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ بَلْ نَقُولُ إِنْ وَقَعَ أَربع مِنْهَا أَولا عَلَى الصِّحَّةِ تَعَيَّنَ وَكَذَلِكَ يَلِيقُ إِذَا حَكَمْنَا بفسادها جملَة أَن لَا نُفَرِّقَ بَيْنَ الْمَوَانِعِ الْمَاضِيَةِ وَمَا بَقِيَ مُقَارِنًا لِلْإِسْلَامِ إِذِ الْكُلُّ فَاسِدٌ وَقَدْ أَقَرَّ عليه السلام مَنْ أَسْلَمَ عَلَى نِكَاحِهِ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عليه السلام رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ على أبي العَاصِي بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا وَفِي الْكِتَابِ لَا يَثْبُتُ مِنْ شُرُوطِهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا مَا يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ وَتُرَدُّ إِلَى مَا يَجِبُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِمَا لَا يُجِيزُونَهُ وَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ لِلْمُسْلِمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُقَرِّرُ عُقُودَهُمْ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ لِاسْتِحْلَالِهِمْ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَبَتَ النِّكَاحُ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ ذَلِكَ الْخَمْرَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهَا حَتَّى أَسْلَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ قَبَضَتْ خُيِّرَ بَيْنَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوِ الْفِرَاقِ لِأَنَّا لَا نُبيح وَطئهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَالْفِرَاقُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ فِي الْإِسْلَامِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا قَبَضَتْ لَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَو باعت خمرًا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَبَضَتْ نِصْفَهُ كَانَ لَهَا نصف صَدَاقُ الْمِثْلِ وَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ إِذَا بَنَى وَإِلَّا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا أَسْلَمَا أَمَّا إِذَا أَسْلَمَتْ دُونَهُ فُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا فِيمَا قبضت

ص: 327

مِنْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ تَغْلِيبًا لِمِلْكِهَا وَقِيلَ عَلَيْهَا قيمَة الْمَقْبُوض وَإِن كَانَ قَائِما وتراق الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ مِنْهُ بِإِسْلَامِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَصْدَقَهَا ثَمَنَ خَمْرٍ فَلَهَا قَبْضُهُ بَعْدَ إِسْلَامِهَا وَلَوْ أَصْدَقَهَا دَيْنًا لَهُ رِبًا فَأَسْلَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إِلَّا رَأس المَال لِأَنَّهُ الَّذِي يسْتَحقّهُ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمَيْنِ وَأَصْلُهَا بِرِبَاهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ نَظَرًا لِأَصْلِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَسْلَمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالصَّدَاقُ خَمْرٌ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعْطِيهَا رُبُعَ دِينَارٍ وَإِلَّا فُسِخَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيمَةُ الْخَمْرِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرُدُّ قِيمَةَ الْخَمْرِ فَاتَتْ أَمْ لَا وَتُكْسَرُ عَلَيْهَا وَقَالَ أَيْضًا لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُسْتَهْلَكَةٌ شَرْعًا قَالَ وَأَرَى رَدَّهُ خَمْرًا لِأَنَّ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ عُرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَتْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً مَا لَمْ يَبْعُدْ بَيْنَ إِسْلَامِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَالشَّهْرُ وَنَحْوُهُ قَلِيلٌ فَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُعْرَضْ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَلَكِنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا كَانَتْ لَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ تقع الْفرْقَة إِذا امْتنعت الوثنية أَو الْمَجُوسِيَّة فِي الْحَالِ وَقَالَ ش يُنْتَظَرُ إِسْلَامُهَا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ وَرَدَّ عليه السلام ابْنَتَهُ زَيْنَبَ على أبي العَاصِي بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَقِيلَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ تَأَخّر الْحيض بقوله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} الْبَقَرَة 228 أَيْ فِي الْعِدَّةِ إِجْمَاعًا وَجَوَابُهُ أَنَّ

ص: 328

قِصَّةَ زَيْنَبَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ مَعَ أَنَّهُ رَدَّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ زِيَادَةً عَلَى النَّفْيِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا عَلَى مِثْلِ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ وَالْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ الْوَارِدَةُ فِي إِسْلَامِ الْوَثَنِيِّينَ مُعَارِضَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الممتحنة 15 وَقَالَ ح إِنْ لَمْ يُسْلِمْ زَوْجُهَا بَعْدَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ إِنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَقِيَتِ الزَّوْجَةُ حَتَّى تَقْضِيَ الْعِدَّةَ وَحَمَلَ الْقِصَصَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمَجُوسِيَّةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُمَا زَوْجَانِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ تَقَعُ الْفُرْقَةُ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا وَالصَّوَابُ أَن الْمُعْتَبر اخْتِلَاف الدّين لَا اخْتِلَافُ الدَّارِ وَقَبُولُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقُرْبِ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا تَبْقَى زَوْجَتَهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ بِالْقُرْبِ جِدًّا وَيُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى أَبَوَيِ الصَّغِيرَةِ كَعَرْضِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ لِأَنَّهَا تُسْلِمُ تَبَعًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبَوَانِ بَقِيَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا حَتَّى تَعْقِلَ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبِ الْفَسْخِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا أَسْلَمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَإِنْ أَبَتِ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا بِحَيْضَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ إِسْلَامُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ تَحْتَ مَجُوسِيٍّ أَوْ كِتَابِيٍّ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا رَجْعَةَ إِنْ أَسْلَمَ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ وَإِسْلَامُ الزَّوْجِ كَالرَّجْعَةِ وَلَا يَمْلِكُ عِصْمَتَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْفِرَاقُ فِي هَذَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ لكَونه

ص: 329

مُتَّفقا عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وش وَقَالَ ح يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنِ امْتَنَعَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى فِي اللائي أَسْلَمْنَ دُونَ أَزْوَاجِهِنَّ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} الممتحنة 15 وَأَسْلَمَ صَفْوَانُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا أَرَادَ الْإِسْلَامَ فافتدت لَهُ على أَن لَا يسلم حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا أَو على إِسْقَاطِ الرَّجْعَةِ لَا يَصِحُّ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّدَّةِ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ أَنَّ الرِّدَّةَ صَادِرَةٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَالْمُسْلِمُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَسْلَمَتْ دُونَهُ فَثَلَاثُ حِيَضٍ وَقَالَ مَالِكٌ تَكْفِي النَّصْرَانِيَّةَ يُطَلِّقُهَا النَّصْرَانِيُّ حَيْضَةٌ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجُوسِيَّة تأبى الْإِسْلَام تكفيها حَيْضَة لِأَن الزَّائِد تَعَبُّدٌ وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا هَاجَرَتْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَتْ حِضْتُ بَعْدَ إِسْلَامِي ثَلَاثَ حِيَضٍ وَقَالَ الزَّوْجُ إِنَّمَا أَسْلَمَتْ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ وَافَقَ عَلَى أَمَدِ الْعِدَّةِ وَقَالَ أَسْلَمْتُ قَبْلَكِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وأكذبته لم تصدق لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ إِذَا أَسْلَمَتْ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَا مَعًا لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَكُونُ زَوْجَ مَسْلِمَةٍ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْفُرْقَةَ فَسْخٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ حَتَّى تزوجت فَروِيَ عَن

ص: 330

مَالك اسْتِقْلَالُهَا بِالْعَقْدِ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَدْخُلْ وَرُوِيَ عَنْهُ اسْتِقْلَالُهَا أَبَدًا لِأَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَلَا عِدَّةَ سَوَاءٌ دَخَلَ الْأَوَّلُ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الدُّخُولُ يُفِيتُهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَدِمَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ لِامْرَأَتِهِ الرُّجُوعُ لِبَلَدِ الْحَرْبِ مُحْتَجَّةً بِالْأَمَانِ لِأَنَّهَا أَلْزَمَتْ نَفْسَهَا اسْتِيلَاءَ زَوْجِهَا عَلَيْهَا وَفِي الْكِتَابِ إِسْلَامُ الْحَرْبِيِّ الْكِتَابِيِّ لَا يُزِيلُ عِصْمَتَهُ وَيُكْرَهُ وَطْؤُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا يُكْرَهُ الزَّوَاجُ بِهَا خَشْيَةً عَلَى الْوَلَدِ مِنِ اتِّبَاعِ الْأُمِّ وَالْمُؤْمِنَانِ كَالذِّمِّيَّيْنِ فِي إِسْلَامِهِمَا وَإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ صَبِيًّا وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ يفْسخ نِكَاحه حَتَّى يثبت على إِسْلَامُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتَقَعَ الْفُرْقَةُ إِلَّا أَنْ تُسْلِمَ هِيَ لِأَنَّهُ لَوِ ارْتَدَّ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْتَلْ وَإِذَا وَجَبَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمَجُوسِيَّيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَلَا مُتْعَةَ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا وَإِذَا تَزَوَّجَ صَغِيرٌ بِغَيْرِ إِذْنِ أَبِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَبَتَ عَقْدُهُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ مَضَى وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ الْمَبْتُوتَةَ قبل زوج وَإِذا أسلم العَبْد وَتَحْته أَمَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فُسِخَ كَالْمَجُوسِيَّةِ إِلَّا أَنْ تُسْلِمَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَتَزَوَّجُ الْكِتَابِيَّةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لعدم الْخطاب حَالَة العقدلطريان الطَّوْلِ عَلَى الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِسْلَامُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي سِنِّ عَدَمِ التَّمْيِيزِ لَا يُؤَثِّرُ فِرَاقًا وَفِي الْإِثْغَارِ فَمَا فَوْقَهُ قِيلَ يَلْحَقُ بِالْبَالِغِ وَقِيلَ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا عَقَدَ عَلَى أَرْبَعٍ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ الْعِدَّةِ ثَبَتْنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بَنَى بِهِنَّ أَمْ لَا وَقَبْلَ الْعِدَّةِ فَارَقَهُنَّ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثُ

ص: 331

حِيَضٍ إِنْ مَسَّهُنَّ أَوْ بَعْدَ عِدَّةِ بَعْضِهِنَّ فَارق مَا فِيهِ الْعَدَّةِ كُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا بنى بِهن أَمْ لَا وَلَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْإِصَابَةِ حَالَ الْكُفْرِ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَهَا ثُمَّ تَخَلَّفَتْ لَمْ تَسْتَحِقَّ نَفَقَةً لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَتَأَخَّرَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا لِأَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ وَقَالَ أَيْضًا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِامْتِنَاعِهَا بِإِسْلَامِهَا قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ بَنَى بِهَا وَهُمَا مَجُوسِيَّانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ فَافْتَرَقَا لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا فَلَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي اخْتِيَارِهِ مِنَ الْعَدَدِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ اخْتَارَ أَرْبَعًا كُنَّ أَوَائِلَ الْعُقُودِ أَوْ أَوَاخِرَهَا وَيُفَارِقُ الْبَاقِيَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ وَوَافَقَنَا ش وَقَالَ ح إِنَّمَا يَخْتَارُ من تقدم عقدهن لِفَسَادِ مَا بَعْدَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَاتِ الَّتِي لَا تُقَارِنُ الْإِسْلَامَ لَا نَعْتَبِرُهَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِالِاخْتِيَارِ فِي إِنْشَاءِ حُكْمٍ وَتَأْسِيسِ قَاعِدَةٍ

ص: 332

فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا لَذَكَرَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْأُخْتَانِ يُفَارِقُ إِحْدَاهُمَا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ فَقَالَ لَهُ عليه السلام فَارِقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمَجُوسِيُّ يَخْتَارُ كَالْكِتَابِيِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُعْطِي لِمَنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفَ صَدَاقِهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِاخْتِيَارِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فَسْخٌ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ حَتَّى مَاتَ جَمِيعهنَّ فللمدخول صَدَاقُهَا وَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ خُمُسُ صَدَاقِهَا إِنْ كُنَّ عَشَرَةً لِأَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ صَدَاقَاتٍ تَنْقَسِمُ عَلَى عَشَرَةٍ وَيَسْقُطُ نِصْفُ ذَلِكَ لِعَدَمِ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ غَيْرَ مُعَيِّنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسُ صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ طَلَّقَ مَعْلُومَةً لَمْ يَخْتَرْ مِنَ الْبَوَاقِي إِلَّا ثَلَاثًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ أَوْ مَجْهُولَةً ثَلَاثًا بَطَلَ اخْتِيَاره لاختلاط الْحَرَام بالحلال وَفِي الْجَوَاهِر لَا مَهْرَ لِلْمُفَارَقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْفِرَاقِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ كَالْمُتَنَقِّلِ وَفِي الِاخْتِيَارِ كَالْمُطْلَقِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ قِيلَ يَرِثُهُ جَمِيعُهُنَّ الرُّبُعَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلِكُلِّ مَبْنِيٍّ بهَا صَدَاقهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِر الْمَشْهُور ربع صَدَقَاتٍ لِجَمِيعِهِنَّ بِالْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِجَمِيعِهِنَّ سبع صدقَات أَربع لأَرْبَع وَثَلَاث لِسِتَّةٍ يُقَسَّمُ الْجَمِيعُ أَعْشَارًا

ص: 333

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَو كن ثَمَان كتابيات فَأسلم أَربع وَمَات قبل التبين لم يُؤثر لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ يُفَارِقُ الْمُسْلِمَاتِ كَمَا لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَمُسْلِمَةً وَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَمَاتَ قبل التبين

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَنْ أُمٍّ وَابْنَتِهَا اخْتَارَ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَلَا تَحْرُمُ الْأُمُّ بِالْعَقْدِ لِفَسَادِهِ وَالْإِسْلَامُ لَا يُصَحِّحُهُ مَعَ الِابْنَةِ وَقَالَ غَيره يفارقها لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُصَحِّحُهُ فَهُوَ كَالْعَقْدِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَبَسَ الْأُمَّ لَا يُعْجِبُنِي نِكَاحُ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ نِكَاحُ شُبْهَةٍ وَإِنْ بَنَى بِهِمَا حُرِّمَتَا أَبَدًا أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا لِتَحْرِيمِ الْأُخْرَى لَهَا بِالْعَقْدِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَإِذَا مَاتَتِ امْرَأَةُ الذِّمِّيِّ فَتَزَوَّجَ أُمَّهَا ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ كَالْمَجُوسِيِّ يُسْلِمُ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَيُسْلِمَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ تَحْرُمُ الْأُم إِذا أسلم عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَثْبُتُ الْبِنْتُ لِأَنَّهُ عَقْدُ شُبْهَةٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَمْسَكَ أَرْبَعًا فَوَجَدَهُنَّ أَخَوَاتٍ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ مَنْ بَقِيَ كَانَ لَهُ عَنْهُنَّ تَمَامُ الْأَرْبَعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَزَوَّجْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِنَّ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ أَحَلَّهُنَّ بِالْفَسْخِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ دَخَلَ بِهَا إِنِ اخْتَارَهَا أَوْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الِاخْتِيَارِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَلْحَقُ بِالصَّرِيحِ مَا

ص: 334

أَفَادَ مَعْنَاهُ كَطَلَاقِ وَاحِدَةٍ أَوْ ظِهَارِهَا وَالْإِيلَاءِ مِنْهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ لَوْ قَالَ فَسَخْتُ نِكَاحهَا انْفَسَخ الْفَصْل الرَّابِع فِي الرِّدَّة نسْأَل الله الْعَفو والعافية وَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلنِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الزمر 65 وَالْمُرَادُ آثَارُ الْعَمَلِ لِاسْتِحْلَالِهِ رَفْعَ الْمَانِعِ فَيَبْطُلُ آثَارُ الْعَقْدِ مِنْهَا الْحَلُّ فَإِنِ ارْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوا بعصم الكوافر} أَيْ مَنْ كَفَرَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلكُمْ} وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا ارْتَدَّا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنَ وَقَالَ ح هِيَ مُبْطَلَةٌ إِلَّا أَنْ يَرْتَدَّا مَعًا فَيَثْبُتَ لِتَسَاوِيهِمَا أَوْ يَرْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ فَيَنْتَظِرَ فِي الْعِدَّةِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي مُوجِبِ الْإِبْطَالِ فَهُمَا كَكَافِرَيْنِ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَطَلَتِ الْعِصْمَةُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي إِبْطَالِ الْعَمَلِ بِالرِّدَّةِ وَفِي انْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِلْبَيْنُونَةِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِبُطْلَانِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ أَسِيرًا وَجَهِلَ طَوْعًا كَفَرَ أَمْ كُرْهًا اعْتَدَتِ امْرَأَتُهُ وَوَقَفَ مَالُهُ وَسُرِّيَّتُهُ فَإِنْ مَاتَ حَكَمْنَا بِرِدَّتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْإِكْرَاهُ فَهُوَ عَلَى حَالِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ يُعِيدُهَا لِلْعِصْمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لِلزَّوْجِ لَا لَهَا فَرِدَّتُهَا ضَعِيفَةٌ فِي الْإِبْطَالِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الرِّدَّةُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ وَقِيلَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَلَا طَلَاقَ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا ارْتَدَّ وَامْرَأَتُهُ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ يَهُودِيَّةٌ لَا

ص: 335

تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ عَاوَدَ الْإِسْلَامَ تَسْوِيَةً بَيْنَ رِدَّتِهِ وَالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُ عُقُودَ الْبِيَاعَاتِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى رِدَّتَهَا فَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ أَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أُقِرَّ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الَّذِي عُوهِدَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَلَوْ تَزَنْدُقَ أَحَدُهُمَا قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ كُفْرٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُقْتَلُ كَالْمُسْلِمِ يَتَزَنْدَقُ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ فِي رِدَّتِهِ فَلَا صَدَاقَ وَإِنْ دَخَلَ بهَا لِأَن مَاله للْمُسلمين إِذا قل وَلِلْحَجْرِ بَعْدَ الرِّدَّةِ بِحَيْثُ لَا يُنْفَقُ عَلَى وَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَدَّ وَتَحْتَهُ ذِمِّيَّةٌ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَإِنِ ارْتَدَّ إِلَى دِينِهَا وَلَوْ تَزَوَّجَ حَالَ رِدَّتِهِ ذِمِّيَّةً لَمْ يَجُزْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا لِلْحَجْرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ حَبْسِهِ لِلِاسْتِتَابَةِ فُسِخَ وَإِنْ قُتِلَ فَلَا صَدَاقَ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَثْبُتُ نِكَاحُهُ إِذَا

ص: 336

رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لِزَوَالِ الْحَجْرِ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي عَدَمِ الصَّدَاقِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً وَقَالَ لَوْ لَمْ تَعْلَمْ لَمْ يَسْقُطْ رُبُعُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَكَانَ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَام سَقَطت عِنْد حُقُوق اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا تَرَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مِنْ صَلَاة وَصَوْم وَزَكَاة وحد وَنذر وَيَمِين بِعِتْقٍ وَظِهَارٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَتَثْبُتُ حُقُوقُ الْعِبَادِ مِنَ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ كَمَا يُؤْخَذُ بِهِ الذِّمِّيُّ وَيَأْتِي قَتْلُهُ عَلَى الرِّدَّةِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا الْقَذْفَ فَيُحَدُّ ثُمَّ يُقْتَلُ لِيَرْتَفِعَ عَارُ الْقَذْفِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَإِذَا رَجَعَ ابْتَدَأَ الْحَجَّ وَالْإِحْصَانَ لِحُبُوطِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا تَابَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَرْتَدَّ لَهُ وَعَلَيْهِ فَيَقْضِي الصَّلَاةَ الْمَنْسِيَّةَ وَلَا يَقْضِي الْحَجَّ الْمَفْعُولَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمن يرْتَد مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الْبَقَرَة 217 وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَيَّدَةٌ وَتِلْكَ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ش وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَائِلَ لِعَبْدِهِ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ وَكَلَّمْتَ زَيْدًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِالدُّخُولِ وَحْدَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ جعل لعقته سبيلين لِأَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد

ص: 337

وَثَانِيهمَا سلمناه وَلَكِن الْمُرَتَّبَ عَلَى الرِّدَّةِ الْمُوَافَاةِ عَلَيْهَا أَمْرَانِ الْحُبُوطُ وَالْخُلُودُ وَتَرْتِيبُ شَيْئَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ بِالْآخَرِ وَيَجُوزُ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ وَلَيْسَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيَسْقُطَ الِاسْتِدْلَالُ بَلِ الرَّاجِحُ الِاسْتِقْلَالُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّرْكِيبِ وَفِي الْكِتَابِ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ وَرَثَتِهِ إِنْ قُتِلَ وَلَا يَرِثُ هُوَ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فَهُوَ مُبَايِنٌ لِجُمْلَةِ الْمِلَلِ وَلَا يَأْخُذُ مِيرَاثًا بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ حَالَةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا كَالدِّينِ وَقَالَ سَحْنُون لَا يسْقط حد الزِّنَا لَيْلًا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ بِالرِّدَّةِ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا حَنِثَ فِي ظِهَارِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بَيْنَهُمَا فِي السُّقُوط وَفِي التَّنْبِيهَات قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ الْقَابِسِيُّ إِذَا تَابَ رَجَعَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا

(فَرْعٌ)

إِذَا ارْتَابَ فِي امْرَأَةٍ هَلْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَمْ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحِلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي تَصَرُّفَات الْعُقَلَاء

ص: 338

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فالمولود بعد الرِّدَّة وَلَده الصَّغِيرُ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمْلُ قَبْلَ الرِّدَّةِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يَحْتَلِمْ فَيُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ بِالضَّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْلُودُ حَالَ الرِّدَّةِ يُجْبَرُ قَبْلَ الْحُلُمِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا فَيَتْبَعَهَا الْوَلَدُ فَإِذَا بَلَغَ تُرِكَ لِاسْتِقْلَالِهِ وَقَالَ أَيْضًا فِي أَهْلِ حِصْنٍ ارْتَدُّوا يُقْتَلُونَ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَوُلِدَ لَهُ ثُمَّ تَابَ هُوَ وَولده وَإِلَى ولد وَلَده فَحكمه كحاكم جده وَلَا يسبى وَيقتل من لم يسب مِنَ الْكِبَارِ تَغْلِيبًا لِإِسْلَامِ جَدِّهِمُ السَّابِقِ وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ مَنْ بَلَغَ تُرِكَ قَالَ فَإِنْ قُتِلَ الْأَبُ وَالْوَلَدُ صَغِير أرى أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ وَلَدِ الذِّمِّيِّ وَالْفَرْقُ عَدَمُ اعْتِبَارِ دِينِ الرِّدَّةِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي السَّبي وَفِي الْكتاب السَّبي يَهْدِمُ النِّكَاحَ سُبِيَا جَمِيعًا أَمْ لَا وَعَلَى الْمَسْبِيَّةِ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ وَلَا عِدَّةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ أمة وَأَصله مَا روى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أصبْنَا سبابا يَوْم أَوْطَاس ولهن أَزوَاج فكرهنا أَن نقع عَلَيْهِنَّ فسألنا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُم} النِّسَاء 24 فاستحللناهن قَالَ ابْنُ قُسَيْطٍ وَإِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا وَامْرَأَتَهُ مِنَ السَّبْيِ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَسْمِ بَيْنَهُمَا فَلَكَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَوَطْءُ الْأَمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ قِيلَ إِذَا لَمْ يُقِرُّهُمَا السُّلْطَانُ عَلَى النِّكَاحِ وَقِيلَ قَوْلُهُ خِلَافٌ وَبَيْعُهُمَا جَمِيعًا إِقْرَارٌ عَلَى النِّكَاحِ سُبِيَا جَمِيعًا أَوِ

ص: 339

الزَّوْج ثمَّ دخلت الْمَرْأَةُ بِأَمَانٍ فِي الْعِدَّةِ وَرُوِيَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ السَّبْيَ يُسْقِطُ عُقُودَ الْأَجَانِبِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَهْدِمُ السَّبْيُ النِّكَاحَ إِذَا وطئ السَّيِّد بعد الِاسْتِبْرَاء وَلم يعلم بعد بِالزَّوْجِيَّةِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ بِدَارِ الْحَرْبِ رَقِيقًا وَذَكَرَ الرَّقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمْ نِكَاحًا إِنْ عُلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِسَبْيٍ وَإِلَّا فَلَا لِاتِّهَامِهِمْ فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَتَى إِلَيْنَا وَقَدِمَ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ وَسُبِيَتِ امْرَأَتُهُ فَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ إِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِذْ لَا يَنْكِحُ الْمُسْلِمُ أَمَةً كِتَابِيَّةً وَهِيَ وَوَلَدُهَا وَمَهْرُهَا الَّذِي عَلَيْهِ فَيْءٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا قَدِمَتْ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَتْ أَمْ لَا ثُمَّ سُبِيَ الزَّوْجُ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَأَسْلَمَ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ لِأَجْلِ رِقِّهِ بِالسَّبْيِ وَيُصَدَّقُ التُّجَّارُ الْكُفَّارُ فِي الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الْمَمْلُوكَيْنِ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَهُوَ إِقْرَارٌ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ شَهَادَةً الْمَانِعُ التَّاسِعُ الرِّقُّ عَلَى أحد الشخصين للْآخر وَهُوَ يمْنَع فِي جَمِيع

ص: 340

الْحَالَاتِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ نِكَاحُ أَمَتِهِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ نِكَاحُ عَبْدِهَا وَمَتَى مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قَاعِدَةٌ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ فَلِذَلِكَ لَا يُحَدُّ الْمَجْنُونُ بِسَبَبٍ فِي الصِّحَّةِ وَلَا السَّكْرَانُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَدِّ الزَّجْرُ بِمَا يُشَاهِدهُ الْمُكَلف من المؤلمات والملذات فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِمِرْآةِ الْعَقْلِ وَكَذَلِكَ لَا يشرع اللّعان فِي الْمَجْنُون وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدِ الْعِوَضَيْنِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ حِينَئِذٍ وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَا يُشْرَعُ نِكَاحُ الرَّجُلِ أَمَتَهُ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النِّكَاحِ حَاصِلَةٌ قَبْلَ الْعَقْدِ بِالْمِلْكِ فَلَمْ يُحَصِّلِ الْعَقْدُ شَيْئًا فَلَا يشرع قَاعِدَة مَقْصُود الزَّوْجِيَّة التراكن والود وَالْإِحْسَان مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الرّوم 21 وَمَقْصُودُ الرِّقِّ الِامْتِهَانُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَالْقَهْرُ بِسَبَبِ سَابِقَةِ الْكُفْرِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ زَجْرًا عَنْهُ وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ مُضَادَّةٌ لِمَقَاصِدِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ قَاعِدَةٌ مِنْ مُقْتَضَى الزَّوْجِيَّةِ قِيَامُ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْحِفْظِ وَالصَّوْنِ وَالتَّأْدِيبِ لِإِصْلَاحِ الْأَخْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} النِّسَاء 34 والسترقاق يَقْتَضِي قَهْرَ السَّادَاتِ وَالْقِيَامَ عَلَى الرَّقِيقِ بِالْإِصْلَاحِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالِاسْتِهَانَةِ فَيَتَعَذَّرُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ زَوْجَةً وَسَيِّدَةً لِتَنَافِي الْبَابَيْنِ قَاعِدَةٌ كُلُّ أَمْرَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ يقدم الشَّرْع وَالْعرْف وَالْعقل أَقْوَاهُمَا وَالرِّقُّ أَقْوَى مِنَ النِّكَاحِ لِكَوْنِهِ يُوجِبُ التَّمَكُّنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَافِعِ

ص: 341

وَالرَّقَبَةِ وَبَعْضُ الْمَنَافِعِ إِبَاحَةُ الْوَطْءِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي النِّكَاحُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الْمِلْكُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ أَمَتَهُ لِلْقَاعِدَةِ الْأُولَى وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا لِلْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَمَتَى دَخَلَتِ الزَّوْجِيَّةُ عَلَى الرِّقِّ وَالرِّقُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمُشْتَرِي امْرَأَتِهِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا الرِّقُّ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لِلْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فُسِخَ النِّكَاحُ وَاتَّبَعَتْهُ بِالْمَهْرِ كَمَنْ دَايَنَ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مهر إِلَّا أَن سرى هِيَ وَسَيِّدُهُ فَسْخَ النِّكَاحِ أَيْ يَقْصِدَانِ فَلَا يجوز وَتبقى زَوْجَة لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِ الْعَبْدِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ بِالضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اشْتَرَتْهُ مُكَاتَبًا أَوِ اشْتَرَاهَا مُكَاتَبَةً قِيلَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْآنَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ حَصَلَ الْعَجْزُ فَحِينَئِذٍ يفْسخ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا وَهبهَا انْفَسَخ نِكَاحه وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ عَرَضٌ فَاسد وَقَالَ أَصْبَغُ يُكْرَهُ وَيَجُوزُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا جَازَ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَإِلَّا بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَلَا يُفْسَخُ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا يَدُلُّ مَنْ مَلَكَ عَلَى إِجْبَارِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِمَقْصِدِ السَّيِّدِ تَأْثِيرٌ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ عَدَمَ الْقَبُولِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِلَّا بِقَبُولِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَارِضِ أَوْ بِالْعُهْدَةِ انْفَسَخَ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَلِذَلِكَ شُرِطَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ كَانَ المَاء مَاء قَالَ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ الْفَسْخِ الْآنَ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ

ص: 342

مُكَاتَبَتَهُ وَلَا أَمَتَهُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا وَلَا مُكَاتَبَهَا وَلَا يَتَزَوَّجُ أَمَةَ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَوْ زَنَا بِهَا لَمْ يُحَدَّ كَأَمَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ فَعَلَ سَقَطَ الْحَدُّ وَتَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ بِالْمُصَاهَرَةِ وَيَلْحَقُ النَّسَبُ وَيَنْعَقِدَ الْوَلَدُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَتصير أم وَلَده وَيُنْقَلُ الْمِلْكُ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَتَثْبُتُ قِيمَةُ الْوَلَد من غير خِيَاره وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكَ لَهُ الْتَمَسُّكُ فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ مَا لَمْ تَحْمِلْ إِذَا كَانَ الِابْنُ مَأْمُونًا عَلَى غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِلِابْنِ مَلَكَهَا الْأَبُ بِالِاسْتِيلَادِ وَحُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا بِوَطْءِ الِابْنِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَفِي الْكتاب نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَلِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَعَلِمَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَلِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِمُقَارَنَةِ الْعَبْدِ مَعَ وصف الإستيلاد قَالَ اللَّخْمِيّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهَا الْخِيَارُ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا اشْتَرَى أَمَةً مِنْ أَبِيهِ لَمْ تكن لَهُ أم ولد يحملهَا وَلَا وَلَدهَا وَلَا قبل الشِّرَاء الْمُعتقَة على هَذِه بِخِلَافِ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لَهَا لعتق حملهَا على الْحَد

(فَرْعٌ)

قَالَ الْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَطَأَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يُزَوَّجَهَا مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ الِانْتِزَاعِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ انْتِزَاعٌ وَلَا يَصِحُّ زَوَاجُ أَحَدٍ لِأَمَتِهِ إِلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَة

ص: 343

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَخْدَمَ السَّيِّد عَبده لامْرَأَته لعبد وَالْأَمَةَ لِزَوْجِهَا إِنْ كَانَ مَرْجِعُ الْعَبْدِ لِلْحُرِّيَّةِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ إِنْ قَبِلَ الْمُخْدَمُ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إِلَى سَيّده أَو غير بِالْمِلْكِ لَمْ يَنْفَسِخْ لِتَعَذُّرِ مِلْكِ غَيْرِهِ الْمَرْأَةَ عَلَيْهِ الْمَانِعُ الْعَاشِرُ الرِّقُّ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ وَهُوَ الرِّقُّ الثَّابِتُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ تَزْوِيج الْأمة جَائِز وَيخْتَلف فِيهِ فَالْجَائِزُ كُلُّ أَمَةٍ يَكُونُ وَلَدُهَا حُرًّا مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ كَأَمَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَقِيلَ الْأَبُ وَالْأُمُّ خَاصَّةً وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَمَةَ الِابْنِ وَكُلُّ هَذَا إِذَا كَانَ السَّيِّدُ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا يكون الْوَلَد رَقِيقا للسَّيِّد إِلَّا بعد نِكَاح لَا يُرْجَى نَسْلُهُ كَالْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي فَإِنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا مَنَعَ الْأَمَةَ صَوْنًا لِلْوَلَدِ عَنِ الرّقّ وَنِكَاح العَبْد إِذا لَا عَارَ عَلَيْهِ فِي رِقِّ وَلَدِهُ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ حَيْثُ يَكُونُ وَلَدُ الْحُرِّ رَقِيقًا مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَشْيِ الْعَنَتِ وَكَوْنِهَا مَسْلِمَةً وَقَالَهُ ش لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات إِلَى قَوْلِهِ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} النِّسَاء 25 وَرُوِيَ عَن مَالك الْجَوَاز مُطلقًا ومنشأ الْخِلَافِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ الَّذِي فِي الْآيَةِ هَلْ هُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَيَتَأَتَّى قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَدُلَّ عَلَى الْمَنْعِ بِمَنْطُوقِهَا بَلْ بِالْمَفْهُومِ أَوْ حُجَّةً فَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَفِي الْكِتَابِ الطَّوْلُ صدَاق الْحرَّة لقَوْله تَعَالَى {استأذنك أولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ} التَّوْبَة 86 {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات} فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّوْلَ الْمَالُ وَالْقُدْرَةُ وَقَالَهُ ش وَلَا يرْعَى الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا فِي الْعَقْدِ وَاشْتَرَطَهَا أَصْبَغُ

ص: 344

لِأَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ إِنْ عُلِمَ عَجْزُهُ عَنْهَا وَرُوِيَ أَنَّ الطَّوْلَ وُجُودُ الْحُرَّةِ فِي عِصْمَتِهِ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا إِذَا امْتَنَعَتْ فَهُوَ أَوْلَى وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ عَدِمَ الْمَالَ وَخَشِيَ الْعَنَتَ أُبِيحَتْ لَهُ الْأَمَةُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثُ حَرَائِرَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ قَدَرَ على صدَاق كِتَابَته للزَّوْج الْأَمَةَ وَلَوْ عَالَتْهُ الْحُرَّةُ فِي الْمَهْرِ فَسُرِقَ فَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَلَوْ قَنِعَتْ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ حُرِّمَتِ الْأَمَةُ وَأَمَّا الْعَنَتُ فَهُوَ الزِّنَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَن أَصله التَّضْيِيق وَالْمَشَقَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} الْبَقَرَة 220 أَي لضيق عَلَيْكُمْ وَمِنْهُ التَّعَنُّتُ فِي الصُّحْبَةِ وَلَمَّا كَانَ الزِّنَا يُؤَدِّي إِلَى عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَفَى بِهِ جرحا سُمِّيَ عَنَتًا مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ بِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَضَعْفِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ حُرِّمَتِ الْأَمَةُ

(فَرْعٌ)

لَوْ هَوِيَ أَمَةً بِعَيْنِهَا وَخَشِيَ مِنَ الزِّنَا مَعَهَا دُونَ غَيْرِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الصَّبْرُ فَرُوِيَتْ إِبَاحَتُهَا دَفْعًا لِلزِّنَا وَخَرَّجَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّرْطَيْنِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى صَرْفِ الْعَنَتِ بِالتَّسَرِّي يَمْنَعُ الْأَمَةَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا تَزَوَّجَهَا لِحُصُولِ الشَّرَائِطِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْحُرَّةِ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ قُلْنَا الْحُرَّةُ طَوْلٌ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ صَحِيحًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ إِذَا أَفَادَ طَوْلًا أَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ وُجُوبَ الْمُفَارَقَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا إِنْ أُمِنَ الْعَنَتُ لَا يُؤْمَرْ مَعَهُ بِالْمُفَارَقَةِ قَوْلًا

ص: 345

وَاحِدًا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَيْلَ الشَّهَوَاتِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَلَا مَأْمُونٍ بِخِلَافِ وُجُودِ الْمَالِ قَاعِدَةٌ الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَاسْتِمْرَارَهُ كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَيَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَالرِّقِّ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَمِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءً فَقَطْ كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ الْعَقْدَ وَإِذَا طَرَأَ لَا يَمْنَعُ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي كَوُجُودِ الطَّوْلِ وَالْمَاءُ فِي التَّيَمُّمِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ التَّيَمُّمِ وَهَلْ يُبْطِلُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَالْإِحْرَامُ يَمْنَعُ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ وَهَلْ يحرم الْإِمْسَاك خلاف وينعطف الْبَحْث هَا هُنَا عَلَى قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الشَّرْعَ إِذا نصب سَببا أَو شرطا بِحكمِهِ هَلْ يَجُوزُ اعْتِبَارُ تِلْكَ الْحِكْمَةِ إِنْ وُجِدَتْ مُنْفَرِدَةً الْأَصَحُّ مَنْعُهُ كَنَصْبِ السَّرِقَةِ سَبَبًا لِلْقَطْعِ لِحِكْمَةِ صِيَانَةِ الْمَالِ وَقَدْ وُجِدَتِ الْحِكْمَةُ فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُقْطَعُ وَالزِّنَا سَبَبُ الرَّجْمِ لِحِكْمَةِ صِيَانَةِ الْأَنْسَابِ فَلَوْ خَلَطَ الْأَنْسَابَ بِغَيْر الزِّنَا لَا يرْجم وَكَذَلِكَ هَا هُنَا نَصْبُ الطَّوْلِ سَبَبًا لِلْمَنْعِ مِنَ الْعَقْدِ عَلَى الْأَمَةِ لِحِكْمَةِ إِرْقَاقِ الْوَلَدِ فَهَلْ تُرَاعَى هَذِهِ الْحِكْمَة حَيْثُ وجدنَا أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَتُحَرَّمَ الْأَمَةُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الرَّضَاعِ وَغَيْرِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ مَا تَلِدُهُ حُرٌّ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ وَلَهَا الْمُسَمَّى وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَالْوَلَاء لسَيِّده تَنْزِيلا لاشتراطه منزلَة عقده قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدُهَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى إِنْ لَمْ يَبِعْ وَفُسِخَ الشَّرْطُ أَوْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِيهِ قَبْلَ تَحَمُّلٍ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْفَاسِدِ لَا يَلْزَمُ فَإِنِ اسْتَحَقَّتْ أَخذ الْمُسْتَحق وَلَدهَا وَبَطل مَنْ عَتَقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ غَرَّهُ السَّيِّدُ بِأَنَّهَا

ص: 346

ابْنَتُهُ عَتَقَ الْوَلَدُ لِنَشْأَتِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْأَبِ الْقِيمَةُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً بِشُرُوطِهَا فَلَمْ تُغْنِهِ فَلَهُ الزِّيَادَةُ إِلَى الْأَرْبَعِ وَلَوِ اسْتَغْنَى بِالْأُولَى فَفِي إِبَاحَةِ مَا زَادَ خلاف لتعين الرّقّ هَل ووافقنا ح وَقَالَ ابْن حَنْبَل وش لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهَا وَأَبَاحَ حَمَّادٌ اثْنَتَيْنِ لَنَا أَنَّ الْحَاجَةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي غَيْرِ الْوَاحِدَةِ وَهِيَ المبيحة للواحدة فَوَجَبَ أَن تبيح مَا عَدَاهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَا تُتَزَوَّجُ حُرَّةٌ عَلَى أَمَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَذِيَّةِ الْحُرَّةِ بِسُوءِ الْمُقَارَنَةِ فَإِنْ فُعِلَ جَازَ وَخُيِّرَتِ الْحُرَّةُ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ كَعَيْبٍ حَدَثَ فِي الزَّوْجِ يُوجِبُ الْفِرَاقَ بِخِلَافِ اخْتِيَارِ الْمُعْتَقَةِ لِتَوَقُّعِ عِتْقِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ تُخَيَّرُ إِذَا تَزَوَّجَ أُخْرَى قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا نَفَذَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ أَمَةً عَلَى الْحُرَّةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّوْلِ وَالْعَنَتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْد ابْن الْقَاسِم خلاف الْمَشْهُور عَن مَالِكٍ فَلَا كَلَامَ لِلْحُرَّةِ إِلَّا عِنْدَ التُّونِسِيِّ لِأَنَّهَا من نِسَائِهِ ابْتِدَاء كَالْحرَّةِ الدنية وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ فِي نَفسهَا كَانَت دَاخِلَة عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالثَّانِي إِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً تُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا لِأَنَّهَا فَرَّطَتْ فِي التَّعَرُّفِ وَالْأَمَةُ الدَّاخِلَةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْأَمَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالثَّالِثُ إِنْ دَخَلَتِ الْأَمَةُ عَلَيْهَا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي

ص: 347

نَفْسِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَالرَّابِعُ إِنْ دَخَلَتِ الْأَمَةُ عَلَيْهَا فُسِخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْحُرَّةَ طَوْلٌ وَالْخَامِسُ إِنْ دَخَلَتِ الْأَمَةُ فُسِخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ دَخَلَتِ الْحُرَّةُ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا مَقَالَ لِلْحُرَّةِ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَأَوَّلَ التُّونِسِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي يَرَى الْخِيَارَ لَهَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عبدا وَقَالَ ح وش لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَوْ أَذِنَتْ لِأَنَّهَا طَوْلٌ عِنْدَهُمَا وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ نِكَاحُ الْحُرَّةِ طَلَاق الْأمة قَالَ الخمي وَلَا أَرَى الْخِيَارَيْنِ بَلْ تُخَيَّرُ هَلْ تَرْضَى الْمَقَامَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تَرْضَ كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ يُطَلِّقُ أَيُّهُمَا أَحَبَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهَا إِنْ كَانَ يُؤْثِرُ الْأَمَةَ فَعَلَّهَا تَخْتَارُ الْبَقَاءَ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَلِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَعَلِمَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَلِأَنَّهَا رضيت بمقارنة العَبْد مَعَ وصف الِاسْتِيلَاء وَقَالَ اللَّخْمِيّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهَا الْخِيَارُ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ

(فَرْعٌ)

إِذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ فِي عَقْدٍ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا فُسِخَ فِي حَقِّ الْأَمَةِ وَبَقِيَتِ الْحُرَّةُ ثُمَّ قَالَ إِنْ عَلِمَتِ الْحُرَّةُ جَازَ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِلَّا خُيِّرَتْ فِي نَفْسِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَلِمَتْ بِالْأَمَةِ وَأَنَّ الرَّجُلَ لَا تَكْفِيهِ حُرَّةٌ وَلَا يَجِدُ طَوْلَ الْأُخْرَى فنكاح الْأمة جَائِز إِلَّا أَن نقُول الْحُرَّةُ طَوْلٌ وَإِنْ تَكْفِهِ الْحُرَّةُ أَوْ يَجِدْ طَوْلًا فُسِخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِأَنَّ الَّتِي مَعَهَا أَمَةٌ وَالزَّوْجُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاح

ص: 348

الْأَمَةِ كَانَ الْحَقُّ لِلْأَمَةِ وَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ وَإِذا أفسد نِكَاح الْأمة فسخ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَإِنِ اتَّحَدَ الْعَقْدُ لِافْتِرَاقِ الْمِلْكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْسُدُ لِجَمْعِهِ حَلَالًا وَحَرَامًا كَالْأُمِّ وَابْنَتِهَا فِي عَقْدٍ فَإِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ مِلْكًا لِلْحُرَّةِ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِجَمْعِ الْعَقْدِ بَين حَلَال وَحرَام لملك وَاحِد الْمَانِعُ الْحَادِي عَشَرَ كَوْنُهَا أَمَةً لِلِابْنِ لِأَنَّهَا كَأَمَتِهِ لِعَدَمِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح الْمَانِعُ الثَّانِي عَشَرَ كَوْنُهَا أُمَّ السَّيِّدِ لِأَنَّ مِلْكَ ابْنِهَا كَمِلْكِهَا فَكَمَا لَا تَتَزَوَّجُ بِعَبْدِهَا فَكَذَلِكَ عَبَدُ ابْنِهَا الْمَانِعُ الثَّالِثَ عَشَرَ الْإِحْرَامُ فَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُحْرِمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْحَجِّ الْمَانِعُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْمَرَضُ فَلَا تَجُوزُ الْمَرِيضَةُ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي أَحْوَالِ الزَّوْجِ الْقُطْبُ الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ بِهِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ يُقَالُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا وَأَصْدَقَهُ وَصَدَقَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ التَّرَاضِي بِإِسْقَاطِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} الْأَحْزَاب 50 أَيْ مِنَ الصَّدَاقِ وقَوْله تَعَالَى ( {وهبت نَفسهَا} يَقْضِي اخْتِصَاصَ الْمَرْأَةِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - دون الْمُؤمنِينَ وَقَوله تَعَالَى {خَالِصَة} لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّكْرَارِ وَهِيَ اخْتِصَاصُ الْهِبَةِ بِهِ دون الْمُؤمنِينَ فَلَا يجوز لِغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ اشْتِرَاطُ الصَّدَاقِ وَلَا يَلْزَمُ التَّصْرِيحُ بِهِ

ص: 349

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} الْبَقَرَة 236 فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى شَرْعِيَّةِ الطَّلَاقِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْفَرْضِ وَمَشْرُوعِيَّتُهُ دَلِيلُ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْوَاجِبُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَدَّرَ حَتَّى يَخْرُجَ الْمُكَلَّفُ عَنْ عُهْدَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَدْرُهُ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا وَقِيلَ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْقَبَسِ قَالَ ابْن وهب أَقَله دِرْهَم وَنَحْوه لِطَلَبِهِ عليه السلام خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَعِنْدَ ح عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ عِنْدَهُ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِخَمْسَةٍ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَخَذَتْهَا لِأَنَّ الصَّدَاقَ الْوَاجِبَ عِنْدَهُ لَا يَتَشَطَّرُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه السلام لَا صَدَاقَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعِنْدَ ش هُوَ غير مُقَدّر بل مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْمُ مَالٍ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ مَا ينْطَلق عَلَى نِصْفِهِ اسْمُ مَالٍ لِيَبْقَى لَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَ التَّشْطِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} النِّسَاء 24 فَيَقْتَصِرَ عَلَى الْمُسَمَّى قِيَاسًا كَسَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي أُطْلِقَتْ فِيهَا النُّصُوصُ وَجَوَابُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ صَحِيحَةٌ لَكِنَّ السُّنَّةَ أَبْطَلَتْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمُسَمّى هَا هُنَا وَهِيَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عليه السلام جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَقَالَ عليه السلام هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ فَقَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا فَقَالَ

ص: 350

عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا فَقَالَ لَا أَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عليه السلام هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ فَقَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ عليه السلام قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا قَوْلُهُ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي وَمَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْجِزُ عَنْ حَجَرٍ أَوْ حَطَبٍ أَوْ مَا يُسَاوِي فَلْسًا فَدَلَّ ذَلِكَ على أَن المُرَاد مَاله بَالٌ وَإِلَّا فَالْعَادَةُ تُكَذِّبُهُ وَكَانَ عليه السلام يكذبهُ حِينَئِذٍ وَثَانِيهمَا قَوْلُهُ مَا أَجِدُ شَيْئًا بَعْدَ قَوْلِهِ عليه السلام الْتَمِسْ شَيْئًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوِ الْتَمَسَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَوَجَدَهُ وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ عليه السلام الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فِي مَعْرِضِ الْمُبَالَغَةِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يُجَزِئُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَاتَمَ أَعْظَمُ مِنْ أَقَلِّ مَا يتمول وَرَابِعهَا قَوْله فالتمس فَلم يجد شَيْئا وَمَعْلُوم أَنه يَجِد مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ مَا لَهُ قَدْرٌ مِنَ الْمَالِ فَيَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّهُ عُضْوٌ فَيُسْتَبَاحُ بِالْمَالِ فَوَجَبَ أَنْ يُقَدَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ وَأَمَّا ح فَوَافَقَنَا فِي الْمُدْرَكِ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَ فِي نِصَابِ السَّرِقَةَ فَنُجِيبُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ قَالَ سحْنُونٌ يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْفَسْخِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِبُطْلَانِ مَا حَصَلَ الرِّضَا بِهِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ

ص: 351

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ عَدَمَ الْمُغَالَاةِ فِي الصَّدَاقِ لِأَنَّ صَدَاقَ أَزْوَاجِهِ عليه السلام كَانَ خَمْسَمِائَةَ دِرْهَمٍ لِغَالِبِهِنَّ مَعَ فَرْطِ شرفه وشرفهن

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ مَا يُسَاوِيهِمَا فُسِخَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَيُجْبَرَ عَلَى الْإِتْمَامِ وَلَا يُفْسَخَ لِلْخِلَافِ فِي هَذَا الصَّدَاقِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ أَتَمَّ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا دِرْهَمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الْبَقَرَة 237 قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِذَا لَمْ يُتِمَّ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الدِّرْهَمَيْنِ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّ التَّشْطِيرَ فَرْعُ الصِّحَّةِ وَنَحْنُ لَا نصححه قَالَ وَالصَّوَاب لَهَا إِلَّا نصف الدرهمين وَالْفَسْخ عندنَا اسْتِحْبَابا وَفِي الصَّدَاقِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحِ وَفِيهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَصْلًا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَالْغَرَرُ الْفَاحِشُ مَمْنُوعٌ فِيهِ ابْتِدَاءً اتِّفَاقًا فَإِذَا وَقَعَ فَفِي مُضِيِّهِ بِالْعَقْدِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

ص: 352

مِنْ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ أَوْ بِالدُّخُولِ لِأَنَّهُ فَوْتٌ لَهُ وَيُفْسَخُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا وَالصَّدَاقُ رُكْنُ الْعَقْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَفِي الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ قَوْلَانِ وَأَمَّا غَيْرُ الْفَاحِشِ فَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى بَيْتٍ أَوْ خَادِمٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَلَهَا الْوَسَطُ وَالْبَيْتُ اللَّائِقُ بِهَا وَعَلَى شَوْرَةٍ إِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الشَّوَارُ بِفَتْحِ الشِّينِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَيْت من الْمَتَاع الْحسن والشارة والهيئة وَحسن الملبس والشورة بِالضَّمِّ الْحَال وَعَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ غَيْرِ مَوْصُوفَةٍ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنَ الْأَسْنَانِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ دَفْعُ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى وَوَافَقَنَا ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِمَعْلُومٍ مَوْصُوفٍ كَالْبَيْعِ وَمَتَى أُطْلِقَ النَّقْدُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ حَالٌ لِأَنَّهُ أصل الْمُعَامَلَات وَإِنْ أَظْهَرُوا مَهْرًا وَأَسَرُّوا دُونَهُ فَالْمُعْتَبَرُ السِّرُّ إِنْ شَهِدُوا بِهِ لِأَنَّ اللُّزُومَ يَتْبَعُ الرِّضَا بِالْبَدَلِ وَقَالَ ابْن حَنْبَل لَا تعْتَبر الْعَلَانِيَة وَلَو أظهرو تَجَمُّلًا لِأَنَّهَا تَسْمِيَةٌ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ فَتَجِبُ وَقَالَ ح إِنْ خَالَفَتِ الْعَلَانِيَةُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ سِرًّا فَالْعَلَانِيَةُ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَا عَلَى السِّرِّ فَتَدُلَّ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَبْدًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَهُوَ مِنَ الْحُمْرِ أَوْ مِنَ السُّودَانِ فَلَهَا وَسَطُ الْأَمْرَيْنِ وَلَهَا فِي الثَّلَاثَةِ رَأْسٌ مِنْ وَسَطِ الْجِنْسِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْآخَرِ يَوْمَ وَقَعَ الْعَقْدُ نَفْيًا لِلشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَشْبَهُ الشَّرِكَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ لَهَا بَيْتًا وَهِيَ بُقْعَةٌ مُعَيَّنَةٌ فِي مِلْكِهِ وَوَصَفَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْبِنَاءَ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فَلَا لِفَرْطِ الْغَرَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَهَا الْأَغْلَبُ مِنْ رَقِيقِ الْبَلَدِ فَإِنِ اسْتَوَى أُعْطِيَتِ النِّصْفَ مِنَ السُّودَانِ وَالنِّصْفَ مِنَ الحمران على قدر قيمَة ذَلِك يَوْمَ الْعَقْدِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ عَلَى خَادِمٍ حَتَّى يُسَمَّى جِنْسُهَا فَيَتَعَيَّنَ

ص: 353

وَسَطَ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ عبد الْحَكَمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ كَقَوْلِ ش لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام الصَّدَاقُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ قَاعِدَةٌ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزٌ إِجْمَاعًا فِي جُمْلَةِ الْعُقُودِ كَجَهَالَةِ أَسَاسِ الدَّارِ وَبَطْنِ الْأَجِنَّةِ وَغَرَرِ كَوْنِ الْمَبِيع لَا يبْقى حَتَّى يقبض وممنوع إِجْمَاعًا فِي عُقُود الْمُعَاوَضَات كالطير فِي الْهَوَاء أَو مُخْتَلف فِيهِ كَبيع الْغَائِب وَالسّلم فِي الْحَيَوَان أَو النِّكَاح على مَا بَين جِنْسُهُ لَا نَوْعُهُ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالثَّانِي قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يُنَافِي مَقْصُودُهُ الْجَهَالَةَ وَالْغَرَرَ كَالْبَيْعِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ مَعَهُمَا فَلِذَلِكَ امْتَنَعَا فِيهِ إِجْمَاعًا وَمِنْهَا مَا لَا يُنَافِيَانِ مَقْصُودَهُ كَالْهِبَةِ فَإِن مقصودها الرَّد وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَهُمَا وَكَالصُّلْحِ الْمَقْصُودِ بِهِ دَفْعُ الْخُصُومَةِ وَهِيَ مُنْدَفِعَةٌ بِالرِّضَا بِمَا هُمَا فِيهِ وَكَالْخُلْعِ مَقْصُودُهُ خَلَاصُ الْمَرْأَةِ مِنْ رِقِّ النِّكَاحِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالرِّضَا بِمَا هُمَا فِيهِ فَلَا جَرَمَ قُلْنَا بِجَوَازِهِمَا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَمِنْهَا مَا يُنَافِيَانِهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَالنِّكَاحِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَقْصُودَهُ الْمُوَاصَلَةُ لَا يُنَافِيَانِهِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَالِيَّةَ شَرْطٌ يُنَافِيَانِهِ فَإِذَا قَاسَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْبَيْعِ بَطَلَ قِيَاسه بِالْفرقِ أَو رام الِاسْتِدْلَالَ بِالنَّصِّ فَلَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا يتَنَاوَل صُورَة النزاع وَلَو تنَاولهَا حَتَّى خصصناها بِالْفرقِ

ص: 354

الْمَذْكُور وَلِهَذَا التَّقْدِير جَوَّزْنَا مِنْهُمَا فِي الْخُلْعِ مَا لَا يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ فَائِدَةٌ الْغَرَرُ هُوَ الْقَابِلُ لِلْحُصُولِ وَعَدَمِهِ قَبُولًا مُتَقَارِبًا وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا كَالْآبِقِ إِذَا كَانَا يَعْرِفَانِهِ وَالْمَجْهُولُ هُوَ الَّذِي لَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِحُصُولِهِ كَالْمُعَاقَدَةِ عَلَى مَا فِي الْكُمِّ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ كَالْآبِقِ الْمَجْهُول فَلَا يعْتَقد أَنَّ الْمَجْهُولَ وَالْغَرَرَ مُتَسَاوِيَانِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ تَنْبِيهٌ الْغَرَرُ سَبْعَة أَقسَام فِي الْمَوْجُود كَالْآبِقِ وَالْحُصُولِ كَالطَّائِرِ فِي الْهَوَاءِ وَالْجِنْسِ كَسِلْعَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا وَالنَّوْعِ كَعَبْدٍ لَمْ يُعَيَّنْ نَوْعُهُ وَالْمِقْدَارِ مَا تَصِلُ إِلَيْهِ رَمْيَةُ الْحَجَرِ وَالتَّعْيِينِ كَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْبَقَاءِ كَالثَّمَرَةِ قَبْلَ بَدو صَلَاحهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْأَبُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ مَاتَ أَخَذَتْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يَدْفَعَ الصَّدَاقَ لِأَنَّ بُضْعَهَا بِيَدِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنَهُ أَجْنَبِيٌّ عَنِ الزَّوْجِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَعَدَ بِشَيْءٍ وَأَدْخَلَ الْمَوْعُودَ لَهُ فِي أَمْرٍ بِسَبَبِ وَعْدِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا طَلَّقَ الِابْنُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ ضَمِنَ عَنْهُ الْأَبُ رَجَعَ النِّصْفُ لِلْأَبِ وَلَا يَأْخُذُهُ الِابْنُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ مَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ وَهَبَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ رَجَعَتْ جُمْلَتُهُ لِلْأَبِ وَلَوْ تَفَادَى الزَّوْجَانِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى الْمُتَارَكَةِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ رَجَعَ الْأَبُ

ص: 355

بِمَا ودى وَسَقَطَ عَنْهُ إِنْ لَمْ يُؤَدِّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ مَا وَجَبَ لَهُ بِالطَّلَاقِ كَمَا لَوْ بَارَاهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْعَطَايَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُعْطِي لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ لَا تَرْجِعُ إِلَى الْمُعْطِي وَقِيلَ تَرْجِعُ الْعَطَايَا لِلْأَبِ إِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَتَحَمُّلِ الصَّدَاقِ وَصُورَةُ الْعَطَايَا قَوْلُهُ تَزَوَّجِ ابْنَتِي وَأَنَا أُعْطِيهَا كَذَا أَوِ ابْنِي وَأَنَا أُعْطِيهِ كَذَا وَفِي الْجَوَاهِرِ الصَّدَاقُ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ إِنْ كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَتِهِ وَإِلَّا فَلَا كَالْبَيْعِ وَحُكْمُهُ فِي التَّلَفِ وَالتَّعْيِيبِ وفوات الْمَنَافِع وتوفيتها بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا زَوَّجَ الْيَتِيمَةَ الْبِكْرَ وَلِيُّهَا بِأَمْرِهَا وَقَبَضَ صَدَاقَهَا لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الشَّرْعُ أَمْرَ الْمَالِ وَإِذَا قَبَضَهُ الْأَبُ لِلثَّيِّبِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْقَبْضِ بِغَيْرِ وكَالَة كَمَا لَو قبض ديونها فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَى الْغَرِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَبَضَهُ الْأَبُ بِاقْتِضَاءٍ مِنَ الزَّوْجِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ أَرْسَلَ الْأَبَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلزَّوْجِ وَأَمَّا قَبْضُهُ لِلْبِكْرِ بِالْبَيِّنَةِ وَتُضَيِّعَهُ الِابْنَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَعَلَى الزَّوْجِ دَفْعُ الصَّدَاقِ ثَانِيَةً سَدًّا للذريعة فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ لِتَفْرِيطِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَقَرَّ الْأَبُ بِقَبْضِهِ وَضَاعَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الزَّوْجِ صُدِّقَ الْأَبُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ قَالَ الْأَبُ جهزتها بِهِ

ص: 356

وَأَنْكَرَتْ حَلَفَ وَبَرِئَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةَ الدُّخُولِ وَتُكَذِّبُهُ قَرِينَةُ الْعُرْفِ وَلَوِ ادَّعَى تَجْهِيزَهَا بِإِرْثِ أُمِّهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْ لَمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّ فِي التَّجْهِيزِ بِالْمَهْرِ عَادَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَو ادّعى أَن بعض مَا جَهَّزَهَا بِهِ عَارِيَّةٌ صُدِّقَ بِشَرْطَيْنِ حِدْثَانِ الْبِنَاءِ وَبَقَاءِ مَا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا مَعَ يَمِينِهِ وَهَذَا فِي الْأَبِ خَاصَّةً فِي الْبِكْرِ وَهُو فِيَ الثَّيِّبِ كَالْأَجْنَبِيِّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي وِلَايَتِهِ وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ

(فَرْعٌ)

قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِالْوَصِيَّةِ لَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا قَبَضَ السَّيِّدُ الصَّدَاقَ ثُمَّ فَلَّسَ فَبَاعَهَا السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فَاشْتَرَاهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا بِالشِّرَاءِ فَهُوَ كَالْمُطَلِّقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا من السُّلْطَان غير عَالم بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى السَّيِّدِ بِخِلَافِ إِذَا بَاعَهَا السَّيِّدُ مِنْهُ لَا شَيْءَ لَهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ أَمْلَكَ بِالْبَيْعِ غَلَبَ أَمْرُهُ عَلَى أَمْرِ الزَّوْجِ فَكَأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَلَوْ بَاعَهَا لِمَنِ اشْتَرَاهَا لِلزَّوْجِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ كَبَيْعِ السُّلْطَانِ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَقَالَ عِيسَى بَيْعُ السُّلْطَانِ كَبَيْعِ السَّيِّدِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ قَالَ وَهُوَ بعيد

ص: 357

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَبَضَتْهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي عَقْدِهِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبعد تلفه لم تضمنه كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فِي الصَّدَاقِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِهَا كَانَ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَالْفَاسِدُ فِي عَقْدِهِ لَهَا عَيْنُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ فَأَشْبَهَ الصَّحِيحَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَرْأَة ضامنة الْمعِين وَمَا يغلب عَلَيْهِ مِنَ الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ كَالْعَارِيَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَلَّاتِ تخْتَص بهَا تضمن وَإِن قَامَت الْبَيِّنَة وَمَا يُغَاب عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَاب عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَن مَالك الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي هِبَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَتْهُ لِلزَّوْجِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ وَهِيَ نَافِذَةُ التَّصَرُّفِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا أَوْ بَعْضَهُ فَلَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ نَفَذَتِ الْهِبَةُ إِنْ حَمَلَهَا ثُلُثَهَا وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بَطَلَ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا إِلَّا فِي الثُّلُثِ فَيَكُونُ هَذَا التَّصَرُّفُ بَاطِلًا إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى طُلِّقَتْ مُوسِرَةً قَبْلَ الْبِنَاءِ أَخَذَهُ مِنَ الزَّوْجِ لِذَهَابِ الْحَجْرِ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ أَوْ مُعْسِرَةً حَبَسَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ وَدَفَعَ نِصْفَهُ وَلَوْ قَبَضَهُ كُلَّهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَمْ يَرْجِعِ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ مُعْسِرَةً أَوِ الْآنَ وَيُتْبِعُهَا الزَّوْجُ بِنِصْفِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِسَبَبِهَا عِنْدَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِن كَانَت موسرة يَوْم الْهِبَة وَلم تقبضه حَتَّى طُلِّقَتْ لَمْ يُنْظَرْ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ ويدفعه الزَّوْج للْمَوْهُوب وَيُتْبِعُهَا بِنِصْفِهِ نَظَرًا إِلَى حَالَةِ

ص: 358

التَّصَرُّفِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا وَهَبَتْهُ لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا يَدْخُلُ بهَا حَتَّى يُعْطِيهَا ربع دِينَار لَيْلًا يُعَرَّى الْبُضْعُ مِنَ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى طَلَّقَ الزَّوْجُ وروعي عسرها ويسرها يَوْم الطَّلَاق وَلَا يُنْظَرُ إِلَى ثُلُثِهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِنَّمَا يُرَاعَى عُسْرُهَا بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَقَطْ لِزَوَالِهَا عَنْ عِصْمَةِ الزَّوْجِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِي اعْتِبَارِ يُسْرِهَا يَوْمَ الْهِبَةِ يُنْظَرُ إِلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ وَقت للتزويج وَفِي الْجَوَاهِر إِذا وهبته جملَته ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ كَأَنَّهَا عَجَّلَتْ إِلَيْهِ مَا تَسْتَحِقُّهُ بِالطَّلَاقِ وَإِذَا وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فَهَل يرجع عَلَى الْمَوْهُوبِ كَوَاهِبِ الْمُسْتَحَقِّ أَمْ لَا لِأَنَّهَا وَهَبَتْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِتَوَقُّعِ الِارْتِجَاعِ وَكَمَا أَنَّهَا لَا تنقض البيع فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى طُلِّقَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِقْبَاضِ إِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى تَعْوِيضِ الزَّوْجِ وَلَا تُجْبَرُ إِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ وَالطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ مُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُجْبَرُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُجْبَرُ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِقْرَارِ ملكهَا وَلَو خالفته قبل الْبناء بِنصفِهِ كَانَ لَهَا نضف مَا بَقِيَ أَوْ جُمْلَتُهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَكَذَلِكَ عين غَيره لِأَن المخالعة بِغَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى إِسْقَاطِهِ وَتَرُدُّهُ إِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ رَدَّهُ أَوْ بِمَا أَقَلَّ مِنَ الصَّدَاقِ رَجَعَتْ بِنِصْفِ الصَدَاق

ص: 359

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ فَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ هَلَكَ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ سَقَطَ وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَخَذَ نِصْفَهُ مَعِيبًا وَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَهَبَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ صَدَاقٌ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ لِأَنَّهُ مُكِّنَ من ذَلِك وَاسْتحْسن رد الْهِبَة وَإِن كَانَ طَعَامًا أَكَلَهُ أَوْ ثَوْبًا لَبِسَهُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْعَادَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمُ من تزوج بكرا بِمِائَة فأعطتها مَنْ عِنْدَهَا فَعَلِمَ الْأَبُ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِوُجُودِ التَّسْمِيَةِ وَيَرُدُّهَا وَمَنْ أَعْطَتْهُ امْرَأَةٌ مَالًا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَزَادَهَا رُبُعَ دِينَارٍ عَلَى عَطِيَّتِهَا جَازَ أَوْ بِكْرًا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا فَإِنْ أَتَمَّ الصَّدَاقَ وَإِلَّا فُسِخَ أَوْ بَنَى فَصَدَاقُ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُفْسَخُ بَنَى أَمْ لَا وَيُعْطِي الْبِكْرَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ عَطِيَّتِهَا وَيَزِيدُ الثَّيِّبَ رُبُعُ دِينَارٍ وَأَمَّا رَدُّ الْمَهْرِ إِلَى الزَّوْجِ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ هُوَ نِكَاحٌ وَسَلَفٌ لَا يَجُوزُ إِن وَقعت العيبة على النَّقْد وَإِن لم يعب وَاشْتَرَطَ ذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَإِذَا فَسَدَ ثَبَتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَفُسِخَ قَبْلَهُ لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي صَدَاقِهِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي التَّغَيُّرَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَغَيَّرَ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٍ مِنْ وَجْهٍ فَالزِّيَادَةُ

ص: 360

عَلَيْهِمَا وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ وَعَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ الْمُشَطَّرِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِقْرَارِ مِلْكِهَا عَلَى الْكُلِّ وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ كُلُّ مَا هُوَ مُعَيَّنٌ فَقَبَضَتْهُ أَمْ لَا فَحَالَ سُوقُهُ أَوْ نَقَصَ بَدَنُهُ أَوْ نَمَى أَوْ تَوَالَدَ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُ مَا وُجِدَ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَلَوْ هَلَكَ بِيَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ أَوْ بِيَدِهِ بَنَى مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِذَا هَلَكَ ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَيَكُونَ مِنْهَا وَمَنْ أَهْلَكَ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِصَاحِبِهِ وَمَنْ أَنْفَقَ شَيْئًا حُوسِبَ بِهِ وَإِنْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فَالْجِنَايَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ جَنَى بِيَدِهَا خُيِّرَتْ فِي افْتِدَائِهِ فَإِنْ فَدَتْهُ لَا يَأْخُذِ الزَّوْجُ نِصْفَهُ إِلَّا بِدَفْعِ نِصْفِ الْفِدْيَةِ أَوْ أَسْلَمَتْهُ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ إِلَّا أَنْ يُحَابِيَ فَتَبْطُلَ مُحَابَاتُهَا فِي نِصْفِ الزَّوْجِ وَلَوْ جَنَى بِيَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ بَلْ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّ مِلْكَهَا هُوَ الْأَصْلُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَسْلِيمِهِ كَانَ مِثْلَهَا فِي نصفه فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا ادَّعَتْ تَلَفَهُ صُدِّقَتْ فِيمَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ تَضْمَنُ الْعَيْنَ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَإِذَا ادَّعَتِ التَّلَفَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهَا بِالشَّوَارِ مِنْ مَالِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَلْزَمُ فِي الصَّدَاقِ بِالْعَادَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ وَفِي إِلْزَامِ بَاقِيهِ ضَرَرٌ كَالرَّقِيقِ يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ مِنَ الْوَطْءِ وَالسَّفَرِ فَلَهَا رَدُّهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهُ أَوْ تَحْبِسَ الْبَقِيَّةَ وَتَأْخُذَ قِيمَةَ الْمُسْتَحق فَإِن كَانَ تَافِهًا وَمَا لَا يَضُرُّ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ إِلَّا فِي الرَّقِيقِ فَلَهَا الرَّدُّ وَإِنْ قَلَّ فَإِنِ اسْتَحَقَّ الْبَعْضَ فَكَالْبُيُوعِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَبَيْنَ الْمُعَيَّنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتَحَقَّتْ جُمْلَتَهُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَأَتْبَعَتْهُ بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَو بقمته إِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ تلوم السُّلْطَان

ص: 361

لَهُ فَإِنْ جَاءَ بِهِ وَإِلَّا فُرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَصْبَغُ إِنْ دَخَلَ مُنِعَ حَتَّى يَدْفَعَ وَلَوْ رُبُعَ دِينَارٍ أَوْ بَقِيَ دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ رُبُعُ دِينَارٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ اسْتِعَارَةً أَوْ سَرِقَةً حِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ دَخَلَ حَتَّى يَدْفَعَ جُمْلَةَ الْمَهْرِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ اتَّبَعَتْهُ بِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى عَدَمِ الصَّدَاقِ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِعَبْدِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْدِمًا اتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَه ملك كَشِرَائِهِ لِنَفْسِهِ وَكَعِتْقِهِ عَنْ نَفْسِهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَكَانَ حُرًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا عِنْدَ عَبْدِ الْمِلْكِ لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ زَادَتِ الْقِيمَةُ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَلَا يفْسخ النِّكَاح تعمد أَمْ لَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا جَمِيعًا لَمْ يُفْسَخْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ قِيلَ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ لَكَانَ وَجْهًا لِرِضَاهَا بِالْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَمْ تَرْضَ إِلَّا بِمَا يَكُونُ قِيمَةَ الْعَبْدِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا عَتَقَ بِالْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَعْتَقَهُ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ كَمُعْسِرٍ أَعْتَقَ بِعِلْمِ غَرِيمِهِ وَالزَّوْجُ كَانَ عَالِمًا وَقَدِ اسْتَحْسَنَ بَعْضَهُ أَيْضًا مَالِكٌ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا لم

ص: 362

تَنْتَفِعْ بِمَالٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ بِصَدَاقِهَا لِقَرَابَتِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجُ أَنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْهَا إِلَّا عِنْدَ الطَّلَاقِ أَخَذَ نِصْفَهُ وَعَتَقَ نِصْفُهُ إِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِاتِّبَاعِهَا فَيُعْتِقَ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ كَالْمُقَارِضِ يَشْتَرِي مَنْ يُعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا وَقَالَ أَيْضًا يُعْتِقُ عَلَيْهَا عَلِمَتْ أَمْ لَا لِوُجُودِ سَبَبِ عِتْقِهِ وَهُوَ مِلْكُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ أَصْدَقَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهَا غَيْرَهُ وَكَانَ عَلِمَ فَلَيْسَ لَهُ رد الْعتْق لِأَنَّهُ دخل عَلَيْهِ وأتبَعَهَا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ نِصْفِهِ وإتبَاعها وَقِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الثَّيِّبِ أَمَّا فِي الْبِكْرِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ ذَلِك لِأَنَّهُ ضَرَر قَالَ عبد الْملك فَإِن تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ لَهَا أَبَاهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْهَا فَالْوَلَاءُ لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَيُفْسَخُ فِي الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ الْمُعْتَبَرِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عِتْقِ أَبِيهَا عَلَى نَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ جَوَازُهُ إِنْ قَالَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْهَا لِمَالِكٍ وَلَا يَجُوزُ لَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَعَنْهَا يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَالْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ عَدَمُ الْجَوَازِ لِلْغَرَرِ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَجَوَازُ النِّكَاحِ إِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا لَهَا وَلَاؤُهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ مَاله بعد الشِّرَاء وَلَو قَالَت أَعطيتك مَالًا وَتُعْتِقُهُ جَازَ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ فِي الْكِتَابِ لَوْ وَهَبَتْهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ يَوْمُ

ص: 363

الْإِتْلَافِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الضَّمَانُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَعْتَقَتِ الْعَبْدَ غَرِمَتْ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ مُوسِرَةً أَوْ معسرة وَينفذ الْعتْق إِذا علم الزَّوْج أَنه رَضِيَ وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ فَلَهُ رَدُّهُ إِنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَلَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ كَهِبَةِ أَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُهُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا نِصْفُهُ لِأَنَّ كُلَّ عِتْقٍ رُدَّ لِلْحَجْرِ يُنَفَّذُ عِنْدَ زَوَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْتَقَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِرَدِّ الزَّوْجِ الْعِتْقَ أَوَّلًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ

(فَرْعٌ)

قَالَ أَصْبَغُ لَوِ اشْتَرَتْ بِالْعَيْنِ الْجِهَازَ الْمَعْرُوفَ فَتَلَفَ لَمْ تَضْمَنْ لِإِذْنِ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَهَا أَنْ تَأْكُلَ مِنْ صَدَاقِهَا بِالْمَعْرُوفِ وتكتسي وَفِي الْكتاب إِذا اشترت بِهِ مَالا يَصْلُحُ لِلْجِهَازِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُ نِصْفُ الْمُشْتَرَى لِأَنَّهُ إِذن فِي الشِّرَاءِ عُرْفًا وَإِنِ اشْتَرَتْ بِغَيْرِهِ رَجَعَ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ دُونَ الْمُشْتَرَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ شِرَاءَهُ لِلْجِهَازِ فَلَهُ نِصْفُهُ لِلْعَادَةِ فِي طَلَبِ ذَلِكَ مِنَ الزَّوْجَاتِ فَهِيَ مُتَصَرِّفَةٌ بِوَكَالَتِهِ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ إِمْسَاكُهُ وَدَفْعُ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَلْ تؤْمَرُ بِأَنْ تَتَشَوَّرَ بِصَدَاقِ الْعَيْنِ أَوْ تَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَتْ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ أَمَّا إِنْ كَانَ دَارًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُوزَنُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا بَيْعُهُ حَتَّى تَتَشَوَّرَ بِهِ وَيَأْتِي الزَّوْج بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَمَّ عَادَةٌ فَيَجْرِيَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ كَانَ يُزَادُ فِي الصَّدَاقِ لِذَلِكَ أُجْبِرَ الْأَبُ عَلَيْهِ

ص: 364

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ فِي صِنَاعَةٍ نَفَقَةً عَظِيمَةً أَوْ تَأْدِيبِ الْجَارِيَةِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا فِيهِ حَيَاةُ الْعَبْدِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ لِأَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِغَرَضِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَرْجِعُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُون فِيهِ وَلَو باعته بمحاباة رَجَعَ بِنِصْفِ الْمُحَابَاةِ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي زِيَادَةِ الزَّوْج بعد التَّقْدِير وَفِي الْكِتَابِ إِذَا زَادَهَا وَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الزِّيَادَةِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ فِي الْحَيَاةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْقِيَاسُ وُجُوبُهَا فِي الْمَوْتِ لِأَنَّهَا مَهْرٌ لَا هِبَةٌ وَإِلَّا لَمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا بِالطَّلَاقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ زَادَهَا وَلَمْ يُلْحِقْهَا بِالصَّدَاقِ وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَهَا حُكْمُ الْهِبَاتِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَل الزِّيَادَة بعد العقد لَازِمَة أَنه زمن يعوض فِيهِ للمعوضة وَمَنَعَ ش قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَأَسْقَطَ ح الزِّيَادَةَ بِالطَّلَاقِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا اشْتَرَطَ وَلِيُّهَا مَعَ الصَّدَاقِ كُسْوَةً أَوْ غَيْرَهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَدَاق قبل الدُّخُول أَو بعده فِي التشطير لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ عليه السلام أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفَّى مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ فَإِنْ أَهْدَى إِلَيْهَا أَوْ لِأَهْلِهَا هَدِيَّةً أَوْ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهِ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخطْبَة قبل العقد إِنْ تَمَّ الْعَقْدُ فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ وَإِلَّا رَجَعَ بِهَا الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ عِنْدَ الْعَقْدِ وَشُرِطَتْ فَكَالصَّدَاقِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لِوَلِيِّهَا ثُمَّ طُلِّقَتْ رَجَعَ الزَّوْجُ بِالنِّصْفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ كَهِبَةِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ كَالْعَقْدِ عَلَى هِبَةِ عَبْدٍ

ص: 365

لِفُلَانٍ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلِلْوَلِيِّ الْمُهْدَى لَهُ لِقَوْلِهِ عليه السلام أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَ لَهُ وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَو أُخْته أخرجه أَبُو دَاوُدَ فَلَوْ دَفَعَ لَهُمْ عَيْنًا وَأَشْهَدَ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ نَفَعَهُ الْإِشْهَادُ إِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ هَدِيَّةٌ وَيَأْخُذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي امتهانه وَإِن زَاد على امتهان العواري إِذا لَمْ يَعْلَمُوا وَإِنْ ضَاعَ لَزِمَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةٌ عَلَى الذَّهَابِ كَالْعَوَارِيِّ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُونَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا ضَمَانَهُ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ فَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ هَدِيَّةٌ لَمْ يَنْفَعِ الْإِشْهَادُ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ الْهَدِيَّةَ لَمْ يَنْفَعْهُ الْإِشْهَادُ فِي السِّرِّ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ على القَوْل بِالْقضَاءِ بِالْعرْفِ ولمالك فِيهِ قَولَانِ وَإِذَا أَهْدَى لِلَّتِي مَلَكَ عَلَيْهَا هَدِيَّةً فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ طَلَّقَ فَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رُجُوعَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ طَلَاقٌ يُوجِبُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَعَلَى رَأْيِ ابْنِ نَافِعٍ فِي كَوْنِهِ فَسْخًا كَالْعُيُوبِ يَكُونُ لَهَا الرُّجُوعُ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْجِعُ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً لِأَنَّ سَبَبَ إِهْدَائِهَا بَطَلَ وَلَوْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُولِ اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْفَسْخُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي هَدِيَّةِ التَّطَوُّعِ مِنْ غَيْرِ عُرْفٍ وَأَمَّا الْمُشْتَرَطَةُ فَكَالصَّدَاقِ وَذَاتُ الْعُرْفِ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ بِالْعُرْفِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِهَا فِي الطَّلَاقِ وَأَبْطَلَهَا مَالِكٌ عَنِ الزَّوْجِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ

ص: 366

الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي التَّفْوِيضِ وَهُوَ الصَّدَاقُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} الْبَقَرَة 236 فَشَرَعَ الطَّلَاقَ حَالَةَ عَدَمِ الْفَرْضِ وَهُوَ دَلِيلُ صِحَّةِ النِّكَاحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ ثَلَاثَةٌ جَائِزٌ وَهُوَ التَّفْوِيضُ إِلَى الزَّوْجِ أَوْ عَقْدٌ عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ وَفَاسِدٌ وَهُوَ دُخُولُهَا على دفع الْخِيَار بِأَيّ شَيْء فرض ومختلف فِيهِ وَهُوَ التَّفْوِيضُ إِلَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَلِيِّهَا أَو أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى حُكْمِي أَوْ حُكْمِكِ أَوْ حُكْمِ وَلِيِّكِ أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ فَيَمْتَنِعُ ابْتِدَاءً فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَقِيلَ يُفْسَخُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ عَلَى حُكْمِهِ لِأَنَّهُ أَصْلُ التَّفْوِيضِ دُونَ حُكْمِهَا وَإِذَا قُلْنَا بِإِمْضَائِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْفَرْضُ يَرْجِعُ إِلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ جُعِلَ الحكم لَهُ أَو لغيره ورافقه أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنَ الرِّضَا مِنِ الْجِهَتَيْنِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاتَّفَقَتِ الْأَقْوَالُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ إِلَى الْأَجْنَبِيّ أَن لَا يَلْزَمَ الزَّوْجَ فَرْضُهَا وَلَا فَرْضُهُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ وَإِنْ بَنَى بِهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فِي الْمَالِ وَالْجَمَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الدِّينُ وَالْجَمَالُ وَالْحَسَبُ وَالْمَالُ والأزمنة والبلدان فيهمَا اخْتِلَافُ الرَّغَبَاتِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يُعْتَبَرُ نسَاء عصبتها وَعند ح نِسَاءُ الْعَشِيرَةِ الْعَصَبَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا بَلْ نَعْتَبِرُ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَإِنْ خَرَجَتْ بِهَا عَمَّنْ ذَكَرُوهُ وَعِنْدَهُمْ لَا يَخْرُجُ عَنْهُنَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يُعْتَبَرُ مَعَ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ

ص: 367

نِسَاءُ قَوْمِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا دُونَ أُمِّهَا غَيْرَ مُقْتَصَرٍ عَلَيْهِنَّ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ فَذَكَرَ عليه السلام مُتَعَلِّقَ الرَّغَبَاتِ وَهِيَ مَنَاطُ صَدَاقِ الْمِثْلِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَفِي الْكِتَابِ يُعْتَبَرُ حَالُ الرَّجُلِ أَيْضا فِي ذَلِك لِأَن الْعَادة التَّخْفِيف عَن الصَّالِحِ وَالتَّثْقِيلُ عَلَى الطَّالِحِ وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ حَتَّى يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى بِدُونِهِ أَو يُطلق لِأَنَّهَا كَالْبَائِعِ فِي السِّلْعَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمهَا حَتَّى يقبض الثّمن وَإِن طلق بعد الرِّضَا قبل الْبِنَاءِ فَنِصْفُ مَا رَضِيَا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الْبَقَرَة 237 وَلِأَنَّ الْفَرْضَ بَعْدَ الْعَقْدِ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ أَنْ يُنَصَّفَ بِالطَّلَاقِ كَالْمُقْتَرِنِ بِالْعَقْدِ وَقَالَ لَا يُنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ وَإِنْ فُرِضَ فِي مَرَضِهِ لَا يجوز لِأَنَّهُ إِخْرَاجُ الْمَالِ لَا يَجِبُ إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فِي مَرَضِهِ فَيَكُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يَبْطُلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالك إِلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً فَلَهَا الزَّائِدُ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِثَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْأَمَةُ كَذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا شَيْءَ لَهَا إِذَا سَمَّى وَلَمْ يَدْخُلْ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ إِلَّا لِلْمُصَابِ وَلَمْ تُصَبْ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ سَمَّى لِلْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَمَاتَتْ وَصَحَّ هُوَ لَزِمَتْهُ التَّسْمِيَةُ وَكَرِهَهُ أَصْبَغُ لِأَنَّهُ كَانَ بَاطِلًا فِي أَصْلِهِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْفَرْضِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَالْمُتْعَةُ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ دُونَ الإصداق لِأَن الأَصْل أَن لَا تَسْتَحِقَّ الْمَرْأَةُ شَيْئًا حَتَّى تُسَلِّمَ بُضْعَهَا وَلَمْ تُسَلِّمْ وَرَدُّ النَّصِّ فِي الْمَفْرُوضِ بَقِيَ مَا عداهُ على الأَصْل وَقَالَهُ ابْن عُمَرَ خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَخْلُو بِهَا حَتَّى يُعْطِيَ رُبُعَ دِينَارٍ فَإِن

ص: 368

مَسَّهَا ثُمَّ طَلَّقَ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وَلَو قَالَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَ فَلَهَا نِصْفُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى عِشْرِينَ نَقْدًا وَبَقِيَّةِ الْمَهْرِ تَفْوِيضًا فَفُرِضَ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَفَارَقَ فَلَهُ أَخْذُ الْعِشْرِينَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا مَهْرًا

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيَتِ الثَّيِّبُ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلَا قَوْلَ لِوَلِيِّهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْبِكْرِ وَلَوْ وَافَقَهَا الْوَلِيُّ إِلَّا الْأَبَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَظَرًا فَيُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَمَهْمَا فُرِضَ صَدَاقُ الْمِثْلِ لَزِمَ قَبُولُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لأَب وَلَا وَصِيّ التَّنْقِيصُ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِتَعَيُّنِهِ لَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَجُوزُ وَضْعُهَا عَنِ الزَّوْجِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَبِ وَحْدَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَضْعُهَا إِذْ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا رَضِيَتِ السَّفِيهَةُ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَهِيَ غَيْرُ مُوَلًّى عَلَيْهَا فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهَا وَهُوَ نَظَرٌ صَحَّ رِضَا الْوَلِيِّ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَفِي صِحَّةِ رِضَا الْوَلِيِّ بِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَة فَتَصِح فِي حق ذَات الْأَبِ لِشَفَقَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلِلْمَرْأَةِ طَلَبُ الْفَرْضِ لتقدير التشطير وَفِي الْوَاضِحَة إِن طَلَبَتِ النَّقْدَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَبَى الزَّوْجُ إِلَّا عِنْد الْبناء فَذَلِك لَهُ إِلَّا أَن تُرِيدُ تَعْجِيلَ الْبِنَاءِ وَيَجُوزُ إِثْبَاتُ الْأَجَلِ فِي الْمَفْرُوضِ وَلَو أبرأت قبل الْفَرْض يخرج عَلَى الْفَرْضِ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَجَرَى بِسَبَبِ وُجُوبه وَلَو فرض لَهَا خمر أُلْغِيَ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّشْطِيرِ

ص: 369

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ جَازَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ وَقَالَ ح لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ جَهَالَةٌ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْرَهُهُ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ يَبْنِ بِهَا إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا وَرُوِيَ فِي الْكِتَابِ يَلْزَمُهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ فَرَضَتْ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ يَفْرِضُ لَهَا الزَّوْجُ صَدَاقَ الْمِثْلِ كَوَاهِبِ السِّلْعَةِ إِذَا أُعْطِيَ قِيمَتَهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوب الْقيمَة وَأما تحكيم فلَان يفْرض صَدَاقَ الْمِثْلِ لَازِمٌ لَهُمَا لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ إِذا فَرَضَ الزَّوْجُ أَقَلَّ فَرْضٍ وَالْوَصِيُّ وَالزَّوْجَةُ جَازَ أَو أَحدهمَا لَا يلْزم لقُصُور الْوَصِيّ عَن الْأَبِ قَالَ وَأَرَى اعْتِبَارَ رِضَا الْوَصِيِّ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ فِي الْمَالِ وَمَتَى كَانَ الْفَرْضُ فِي الْمَرَضِ كَانَ لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ فِي رَأْسِ الْمَالِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الِاسْتِيفَاءِ لَا يَوْمُ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ وَإِذَا اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ اتَّحَدَ الْمَهْرُ وَإِنْ وَطِئَ مرَارًا وَإِذا لم تكن شُبْهَة كوطأة الزَّانِي الْمُكْرَهِ وَجَبَ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ لَوْ كَانَتْ بَعْدَ عَقْدٍ أَوْجَبَتْ مهر الْمثل أَو الْمُسَمّى وَلما نزلت الشُّبْهَة منزلَة العقد وَلَا

ص: 370

العقد لَا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الصَّدَاقُ فَلَا يَتَكَرَّرُ فِيهَا تَنْبِيهٌ لَوِ اتَّحَدَتِ الشُّبْهَةُ وَاخْتَلَفَتْ أَحْوَالُ الْمَوْطُوءَةِ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ مِمَّا يُوجِبُ اخْتِلَافَ صدَاق الْمثل فِي تِلْكَ الْأَحْوَال فَهَل يخيرها فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ بَيْنَ الْوَطْأَةِ الْأُولَى أَوِ الْأَخِيرَةِ أَوِ الْوُسْطَى لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَزِيدُ لَهَا فِي صَدَاقهَا أَو يحتم عَلَيْهَا الْحَالَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْوَطْأَةِ الْأُولَى وَلَمْ أَرَ فِيهِ نقلا للأصحاب وَظَاهر أَقْوَالهم تَعْيِينُ الْحَالَةِ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ تَأْخُذ صدَاق الْمثل بِاعْتِبَار أفضل الْحَالَات وَيسْقط مَا عَدَاهَا لِأَنَّ الْوَطَآتِ كُلَّهَا مَنَافِعُهَا فَلَهَا الْأَخْذُ بِأَيِّهَا أَحَبَّتْ الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ الْبَقَرَة 237 أَيْ لَهُنَّ ثُمَّ قَالَ {إِلَّا أَن يعفون} أَيْ يَعْفُوَ النِّسَاءُ الرَّشِيدَاتُ عَنِ النِّصْفِ فَيَسْقُطَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} قَالَ مَالِكٌ هُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَهُوَ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْهُ عليه السلام وَلِأَنَّ إِسْقَاطَ الْوَلِيِّ مَال المولية خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ بَلْ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الزَّوْجِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ حُكْمَ الْوِلَايَةِ بِتَصَرُّفِ الْوَلِيِّ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ الْعَفْوُ أَحْسَنَ لِاطِّلَاعِ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ يرغب فِيهَا من فِي وصلته غِبْطَةٌ عَظِيمَةٌ ثُمَّ الْآيَةُ تَدُلُّ لَنَا مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَات وَمن الْإِثْبَات نفي والمتقدم قبل

ص: 371

إِلَّا إِثْبَات لِلنِّصْفِ فَعَلَى رَأْيِنَا يَنْتَفِي فَتَطَّرِدُ الْقَاعِدَةُ وَعَلَى رَأْيِهِمْ يَعْفُو الزَّوْجُ فَيُكْمِلُ الصَّدَاقَ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ وَثَانِيهَا الْأَصْلُ فِي الْعَطف بِأَو التَّشْرِيك فِي الْمَعْنى لقَوْله تَعَالَى {إِلَّا أَن يعفون} مَعْنَاهُ الْإِسْقَاطُ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي} عَلَى رَأْيِنَا لِلْإِسْقَاطِ فَيَحْصُلُ التَّشْرِيكُ وَعَلَى رَأْيِهِمْ فَيَكُونُ قَوْلُنَا أَرْجَحَ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلنَا إِلَّا أَن يكون كَذَا وَكَذَا تَنْوِيعُ ذَلِكَ الْكَائِنِ إِلَى شَيْئَيْنِ وَالتَّنْوِيعُ فَرْعُ الِاشْتِرَاك فِي الْمَعْنى وَلَا مُشْرك بَين الاسقاط والإعطاء فَحسن تَنْوِيعُهُ وَعَلَى رَأْيِنَا الْمُتَنَوِّعُ الْإِسْقَاطُ إِلَى إِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ أَوِ الْوَلِيِّ وَرَابِعُهَا أَنَّ الْعَفْوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِسْقَاطِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَعَلَى رَأْيِهِمْ يَكُونُ الْتِزَامُ مَا سَقَطَ بِالطَّلَاقِ وَالْتِزَامُ مَا لَمْ يَجِبْ لَا يُسَمَّى عَفْوًا وَخَامِسُهَا أَنَّ إِقَامَةَ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّوْجَ لَقِيلَ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ تَعْفُونَ عَمَّا اسْتُحِقَّ لَكُمْ فَلَمَّا عَدَلَ إِلَى الظَّاهِرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُمْ وَسَادِسُهَا أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِنَا بِيَدِهِ كَذَا أَيْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالزَّوْجُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ بَلْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْحَلِّ وَالْوَلِيُّ الْآنَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْعَقْدِ فَتَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ دُونَ الزَّوْجِ وَسَابِعُهَا سَلَّمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَمَضَى فَهُوَ مُجَازٌ وَالْوَلِيُّ بِيَدِهِ الْآنَ فَهُوَ حَقِيقَة فَتقدم عَلَى الْمَجَازِ وَثَامِنُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِلا أَن يعفون الرشيدات اتِّفَاقًا إِذِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لَا يُنْفِذُ الشَّرْعُ تَصَرُّفَهَا فَالَّذِي يَحْسُنُ مُقَابَلَتُهُنَّ بِهِنَّ الْمَحْجُورَاتُ عَلَى أَيْدِي أَوْلِيَائِهِنَّ أَمَّا بِالْأَزْوَاجِ فَلَا مُنَاسَبَةَ وَتَاسِعُهَا أَنَّ الْخِطَابَ كَانَ مَعَ الْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ فرضتم وَهُوَ خِطَابُ مُشَافَهَةٍ فَلَوْ كَانُوا مُرَادِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} وَهُوَ خِطَابُ غَيْبَةٍ لَلَزِمَ تَغْيِيرُ الْكَلَامِ مِنِ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَعَاشِرُهَا أَنَّ وُجُوبَ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ قَبْلَ الْمَسِيسِ خِلَافُ الْأَصْلِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ

ص: 372

يَقْتَضِي بَقَاءَ الْمُعَوَّضِ قَابِلًا لِلتَّسْلِيمِ أَمَّا مَعَ تعذره فَلَا فالاستشهاد بِشَهَادَةِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بِإِسْقَاطِ الْأَوْلِيَاءِ لِلنِّصْفِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ وَتَكْمِيلُ الزَّوْجِ عَلَى خِلَافِهِ وَمُوَافَقَةُ الْأُصُولِ أَوْلَى تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا بِوَجْهِ نَظَرٍ مِنْ عُسْرِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْحَقُ الْوَصِيُّ بِالْأَبِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا عَفْوَ وَلَا تَصَرُّفَ لِوَلِيِّ الثَّيِّبِ مَعَهَا وَلِوَلِيِّ الْبِكْرِ الْمُطَالَبَةُ دُونَ الْإِسْقَاطِ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَلِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ النَّصِّ دُونَ قَبْلِ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدِ الدُّخُولِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَسُلِّطَ الْأَبُ عَلَيْهِ إِذَا رَآهُ نَظَرًا بِخِلَافِ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِتَعْيِينِ الِاسْتِحْقَاقِ فَغَلَبَ حق الزَّوْجَة الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي التَّسْلِيمِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِن أعْسر قبل الْبناء ضربت لَهُ الْأَيَّامَ أَجَلًا بَعْدَ أَجَلٍ بِحَسَبِ مَا يُرْجَى مِنْ حَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَاتَّبَعَتْهُ قَاعِدَةٌ الْأَعْوَاضُ فِي جُمْلَةِ الْعُقُودِ وَسَائِلُ وَالْمُعَوَّضُ فِيهِ مَقْصِدٌ وَالْمَقَاصِدُ أَعْظَمُ رُتْبَةً مِنَ الْوَسَائِلِ فَلِذَلِكَ إِذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ أَيُّهُمَا سَلَّمَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَقْصِدِ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فِي النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَجِدِ الصَّدَاقَ وَلَمْ يَبْنِ كُلِّفَ النَّفَقَةَ وَفُسِحَ لَهُ فِي الصَّدَاقِ إِلَى السَّنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّفَقَةَ أَجَّلَ

ص: 373

الْأَشْهُرَ إِلَى السَّنَةِ وَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الصَّدَاقِ أَوِ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ فُرِّقَ لِعَدَمِ الصَّدَاقِ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ جُنَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ فِي الْفِرَاقِ وَفِي الْكِتَابِ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِجُمْلَةِ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَهُوَ بَالِغٌ وَلَا تَكْفِي قُدْرَتُهُ عَلَى الْوَطْءِ بِخِلَافِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يُطَلَّقُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْإِعْسَارِ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلِلرَّشِيدَةِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ عِنْدَ حُلُولِهِ وَرِوَايَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ ذَلِكَ لِوَلِيِّ السَّفِيهَةِ وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَأْخِيرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ قَبْلَ تَقْدِيمِ شَيْءٍ جَازَ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يدْخل حَتَّى يُعْطي ربع دِينَار لِأَنَّهُ حق لله تَعَالَى فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ لِسَنَةٍ إِنْ كَانَ غَرِيبًا يُرِيدُ السَّفَرَ بِهَا وَأَرَادُوا بَقَاءَهَا عِنْدَهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ صَحَّ الشَّرْطُ وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ مَنَعَهَا أَهْلُهَا حَتَّى يُسَمِّنُوهَا فَلَهُمُ الْوَسَطُ من ذَلِك وَلَهُم الْمَنْع للصغر وَإِن دعى وَهِي رتقاء فَإِن فَارق فالصداق لَهَا إِلَّا أَنْ تُعَالِجَ نَفْسَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا تُجْبَرُ عَلَى الْعِلَاجِ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا عَلَيْهَا وَلَوْ تَجَذَّمَتْ بَعْدَ النِّكَاحِ حَتَّى لَا تُجَامَعَ فَدَعَتْهُ إِلَى الْبِنَاءِ قِيلَ لَهُ ادْفَعِ الصَّدَاقَ وَادْخُلْ أَوْ طَلِّقْ لِأَنَّ الْمَنْعَ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً أَوْ مَمْنُوعَةً لِعُذْرٍ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُعَيَّنِ مِنْهَا وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَجَبَ التَّسْلِيمُ فَإِنْ رَجَعَتْ سَقَطَ طَلَبُهَا إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فَيَسْتَقِرَّ الصَّدَاقُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مَرَّةً فَإِنَّ الْأَحْكَامَ

ص: 374

نِيطَتْ بِهِ وَيُمْهَلُ لِمَا جَرَتِ الْعَوَائِدُ بِهِ وَلَا يمْنَع لِحَيْضٍ لِحُصُولِ الِاسْتِمْتَاعِ مَعَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أُمِرَ بِإِعْطَاءِ رُبُعِ دِينَارٍ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْكَفُّ وَكَرِهَ مُحَمَّدٌ التَّمَادِي حَتَّى يُعْطِيَ إِنْ كَانَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي الدُّخُول الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي الْخَلْوَةِ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَضَى فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْخَى السِّتْرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَقَالَ لَمْ أَمَسَّهَا وَصَدَّقَتْهُ فلهَا نصف الصَدَاق وَعَلَيْهَا الْعدة لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِقَوْلِهَا مَعَ وُجُودِ مَظِنَّتِهِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ وَقَالَ ح الْخَلْوَةُ تُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ وَطِئَ أَمْ لَا دَعَتْهُ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَانِعٌ كَالْمَرَضِ وَالْإِحْرَامِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْمَى لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَالَ ش لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ وَلَا يَكْمُلُ الْمَهْرُ إِلَّا بِالْوَطْءِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فَإِنْ طَالَ مُكْثُهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْعُذْرَ مِنْ قِبَلِهِ وَقَدِ أَخْلَقَ شَوَارَهَا وَحَصَلَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَطْءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اخْتُلِفَ فِي طُولِ الْمُدَّةِ فَقِيلَ سَنَةٌ وَقِيلَ مَا يُعَدُّ طُولًا فِي الْعَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ قِيلَ لَهَا نَصِفُ

ص: 375

الصَّدَاقِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ وَإِنِ ادَّعَتِ الْوَطْءَ فِي دُخُولِ الْبِنَاءِ كَمُلَ الصَّدَاقُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُ جُمْلَةِ النِّسَاءِ حَتَّى الصَّغِيرَةِ إِذَا بَلَغَتِ الْوَطْءَ لَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَصِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ فَيُقْبَلَ قَوْلُهُنَّ كَالْحَيْضِ وَالسَّقْطِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبِكْرِ وَالْأَمَةِ فِي عَدَمِ الْوَطْءِ بَلْ يَكْمُلُ الصَّدَاقُ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ فِي دَعْوَى الْوَطْءِ فِي دُخُولِ الِاهْتِدَاءِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالْخَلْوَةُ كَالشَّاهِدِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَهِيَ تُدْمِي فَالصَّدَاقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهَا أفضحت نَفْسَهَا وَذَلِكَ عَظِيمٌ وَقَالَ أَيْضًا عَلَيْهَا الْيَمِينُ والتعلق كالخلوة كَالشَّاهِدِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَلَا بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا مِنْ غَيْرِ دُخُولِ بِنَاءٍ صَدَقَ فِي عدم الْوَطْء ويشطر الصَّدَاقُ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ كَمُلَ الصَّدَاقُ وَاعْتَدَّتْ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فَإِنَّ الْأَقَارِيرَ تُقْبَلُ عَلَى الْمُقِرِّينِ لَا لَهُمْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا نِسْوَةٌ شَاهَدْنَهُ قَبْلُ وَانْصَرَفَ فَلَا عِدَّةَ وَلَا يَكْمُلُ الصَّدَاقُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَكَذَّبَتْهُ فَلَا عِدَّةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَلَهَا جُمْلَةُ الصَّدَاقِ لِإِقْرَارِهِ وَإِنْ خَلَا بِهَا مَعَ نِسْوَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَى الْوَطْءَ وَأَنْكَرَتْهُ فَلَا عِدَّةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ خَلَا بِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ رَأَيْنَ افْتِضَاضَهَا صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ مُحَمَّدٌ الْأَصْلُ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الصَّدَاقِ دُونَ الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْله الزَّائِرُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الزَّائِرَ يَمْنَعُهُ الْحيَاء

ص: 376

(فَرَّعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ قَالَ أَبُو بكر بن عبد الرحمان إِذَا فُقِدَ غَائِبا عَنِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ بِكْرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهَا وَامْتَنَعَ مِنَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إِذَا طُلِّقَتْ بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْهُ واعتدت عدَّة الْوَفَاة لَهُ وَتَأَخر كَمَالُ الصَّدَاقِ فَإِنْ قَدِمَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ تَرُدُّ نِصْفَهُ لِعَدَمِ الدُّخُولِ وَعَدَمِ الْمَوْتِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا دَخَلَ بِهَا غَصْبًا إِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً صُدِّقَ وتشطر الصَّدَاقُ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ فَتَحْلِفَ وَيَكْمُلَ فَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يَحْلِفِ الزَّوْجُ ثَانِيَةً وَإِنْ نَكَلَ كَمُلَ وَلَا يَحْلِفُ إِذَا بَلَغَتْ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ إِذَا كَانَتْ صَغِيرَة وَرُوِيَ عَن ابْن معدل لَا يحلف وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً بَلْ يَجِبُ الصَّدَاقُ بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا افْتَضَّهَا بِيَدِهِ وَأَمْسَكَهَا فَلَا أَدَبَ وَلَا أَرْشَ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَى نَفسه مَاله إِفْسَادُهُ وَيَكْمُلُ الصَّدَاقُ وَلَوْ فَارَقَهَا فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا ذَلِكَ كَالْوَطْءِ يَكْمُلُ بِهِ الصَّدَاقُ وَفِي غَيْرِ امْرَأَته يُؤَدب

ص: 377

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ قَالَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فَطُلِّقَتْ بِالْيَمِينِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ فَإِنْ دَخَلَ قَالَ مَالِكٌ يَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ صَدَاقُ الدُّخُولِ وَنِصْفُ صَدَاقِ الْيَمين لِأَنَّهُ دخل بهَا ثَانِيَة مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْأُخْتَيْنِ يَتَزَوَّجُهُمَا أَخَوَانِ فَيَدْخُلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْرِ امْرَأَتِهِ فَيُفَرَّقُونَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَدَاقَانِ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ وَصَدَاقِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِن دَخَلَ بِهَا مُحْرِمَةً أَوْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ شَاهِدٌ لِحَثِّ الطَّمَعِ عَلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْحَرَامِ فِي غَيْرِ هَذَا الْفَصْلُ الْحَادِي عَشَرَ فِي التَّقْرِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ يَتَقَرَّرُ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ وَالْمَوْتُ يُقَرِّرُ الْكُلَّ وَقِيلَ نِصْفُهُ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَالْمَوْتُ مُكَمِّلٌ وَقِيلَ جَمِيعُهُ بِالْعقدِ وَالطَّلَاق مسْقط لِلنِّصْفِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ قَوَاعِدُ الْأَصْلُ فِي الْأَعْوَاضِ وُجُوبُهَا بِالْعُقُودِ فَإِنَّهَا أَسْبَابُهَا وَالْأَصْلُ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى الْأَسْبَابِ فَمَنْ لَاحَظَ ذَلِكَ أَوْجَبَ الْجَمِيع بِالْعقدِ كَثمن الْمَبِيع وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الْعِوَضَ فِي النِّكَاحِ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ لَا مُقَابِلٌ لِلْعُضْوِ وشأن الشَّرْط أَن لَا يُعْتَبَرَ إِلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَشْرُوطِ وَالْمَشْرُوطُ هُوَ الْمُقْتَضِي لَهُ عَلَى التَّحَقُّقُ فَلَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ إِلَّا عِنْد

ص: 378

الدُّخُول أَو الْمَوْت لِأَن الصَدَاق إِنَّمَا الْتزم إِلَى قصر الزَّوْجَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِمُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الْعُضْوِ عَدَمُ تَقْرِيرِ الْمَنَافِعِ وَلَيْسَ الْمَطْلُوبُ الْوَطْأَةَ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ غَرَضَ الْعُقَلَاءِ فِي بَذْلِ الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ أَوْجَبَ بِهَا الصَّدَاقَ لِتَحَقُّقِ أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَمَنْ لَاحَظَ قَاعِدَة أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ لَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} الْبَقَرَة 237 فَرَتَّبَ النِّصْفَ عَلَى الطَّلَاقِ فَيكون سَببه أَو جب النّصْف بِالطَّلَاق الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي التَّشْطِيرِ فِي الْجَوَاهِرِ سَبَبُهُ اخْتِيَارُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْمَسِيسِ فِي تَسْمِيَةٍ أَوْ فَرْضٍ صَحِيحَيْنِ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَصْدَقَ جَارِيَةً فَلَا يَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ عَلَيْهَا وَاخْتُصَّتْ بِمُصِيبَتِهَا لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ بَنَى بِهَا جَازَ التَّزْوِيجُ لِحُصُولِ الْمِلْكِ وَكَرِهَهُ ابْنُ كِنَانَةَ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي مَالِ امْرَأَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ إِذَا زَنَى بِأَمَتِهَا الْفَصْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِيمَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أُعْتِقَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ سَقَطَ لِأَنَّ النِّصْفَ إِنَّمَا وَجَبَ بِغَيْرِ مَسِيسٍ جَبْرًا لِكَسْرِ الطَّلَاق وَهِي المختارة لَهُ فَلَا كَسْرَ فَلَا جَبْرَ وَكَذَلِكَ إِذَا خَيَّرَ

ص: 379

امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَكَذَلِكَ إِذَا مَلَكَهَا فَطُلِّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا ارْتَدَّتْ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا رِوَايَةٌ بِأَنَّ لَهَا النِّصْفَ نَظَرًا لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَيست اخْتِيَارا للفراق بَلْ إِيثَارًا لِلدِّينِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ تَبَعًا وَلَاحَظَ الْأَوَّلُ أَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَى الْفِرَاقِ كَالرَّضَاعِ وَلَوْ لاعنها قبل الدُّخُول سقط لِأَن الْفرْقَة بلعانها وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا وَسَكَتَ عَن الصَدَاق قلا الْبِنَاءِ سَقَطَ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِانْدِرَاجِهِ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَإِذَا ضَمِنَ سَيِّدُهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا فِي الصَّدَاقِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ لِأَنَّهَا مُخْتَارَةٌ لِلْمُعَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْ سَبَبِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي التَّنَازُعِ فِيهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي مِقْدَارِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ مُدَّعَاهَا وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا تَسْمِيَتَهُ وَالزَّوْجُ تَفْوِيضًا وَلَوِ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ بُضْعَهَا بِيَدِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَسْلِيمُهُ إِلَّا بِمَا تَرْضَى فَإِنْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا كَالْبَيْعِ وَلَا صَدَاقَ لِعَدَمِ التَّقَرُّرِ وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْهُ وَتَدَّعِي شُغْلَ ذِمَّتِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا وَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّسْلِيمِ أَوْ وَرَثَتُهَا فَلَا قَوْلَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا لِوَرَثَتِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَقَوْلُ وَرَثَتِهَا وَقَالَ ح إِذَا تَنَازَعَا فِي الْمِقْدَارِ فُرِضَ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ حَتَّى يَثْبُتَ غَيْرُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُؤَجَّلِ وَقَدْ بَنَى بِهَا بَعْدَ الْأَجَلِ

ص: 380

صُدِّقَ وَإِنْ بَنَى بِهَا قَبْلَ الْأَجَلِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَبْضُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ قَبضه قبل الْأَجَل وَقَالَ ش وح الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِالْأَصْلِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَلَو وَقَعَ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ عَلَى كل حَال لِأَنَّهُ تَدعِي عَلَيْهِ غَرَامَةٌ يُنْكِرُهَا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَحْلِفُ الثَّيِّبُ فِي الِاخْتِلَافِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَحْلِفُ أَبُو الْبكر كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الْمِقْدَار أَو فِي النَّوْع ويتحالفا وينفسخ النِّكَاح وَيبقى زَوْجَيْنِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالتَّحَالُفِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمِقْدَارِ رُدَّتِ الْمَرْأَةُ إِلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ إِلَّا أَن يرضيا بِمَا ذكرت وَإِنَّمَا حَلَفَ الْأَبُ فِي الْبِكْرِ لِأَنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ فِي الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنْ تَحَالَفَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الرِّضَا بِمَا قَالَه الآخر صَحَّ وَيجْرِي هَا هُنَا الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الْبَيْعِ وَإِتْيَانُ أَحَدِهِمَا بِمَا يُشْبِهُ وَقِيلَ لَا يُرَاعَى ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَتْ تَزَوَّجْتُكَ عَلَى أَبِي وَقَالَ بَلْ عَلَى أُمِّكِ وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَتُعْتَقُ الْأُمُّ لِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا وَبَعْدَ الدُّخُولِ يَحْلِفُ وَتُعْتَقُ الْأُمُّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَعَتَقَ الْأَبُ وَقَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا يَكُونُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنِ اخْتَلَفَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي قَبْضِ الْمَالِ وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ أَخْذُ الْوَثِيقَةِ عِنْدَ الدَّفْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يُبْدَأُ بِالْمَرْأَةِ أَوْ بِالزَّوْجِ وَهَلْ تَحَالُفُهُمَا فَسْخٌ كَاللِّعَانِ أَوْ حَتَّى يَتَفَاسَخَا وَهَلْ نكولهما كأيمانهما أَو يعود الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا أَوَّلًا وَهَلْ يُعْتَبَرُ إِتْيَانُ أَحَدِهِمَا بِمَا يُشْبِهُ أَمْ لَا فَقَالَ سَحْنُونٌ التَّحَالُفُ فَسْخٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ فِي الْتِزَامِ مَا ادَّعَتْ وَتَرْكِهِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْضَى بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ بَلِ

ص: 381

الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهَا سَلَّمَتْ بُضْعَهَا وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِمَّا تَدَّعِيهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا وَسَلَّمَتْهُ فَالْقَوْلُ قَول للزَّوْج لِتَسْلِيمِهِ وَقَالَ يَحْيَى الْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ أَخَذَتْ حَمِيلًا وَأَقَرَّتْ بِالْقَبْضِ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْحَمِيلُ أَيُّهُمَا دَفَعَ وَاتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَإِنْ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ سُئِلَتِ الْمَرْأَةُ أَيُّهُمَا الدَّافِعُ فَإِنْ قَالَتِ الزَّوْجُ حَلَفَتْ لِلْحَمِيلِ وَلَا مَقَالَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْحَمِيلِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَرَجَعَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَالَتِ الْحَمِيلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الدَّفْعِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ مَا اشْتَرَيْتُ حَتَّى دفعت مَا عَليّ وَلم يدْفع أحد عني شَيْئا وَيحلف أَيْضا للحميل مَا أعلم أَنَّك دفعت قبل دفعي شَيْئا فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الزَّوْجُ وَغَرِمَتْ لِلْحَمِيلِ وَإِنْ حَلَفَ لَهَا وَنَكَلَ الْحَمِيلُ حَلَفَ الْحَمِيلُ إِنَّكَ تعلم دفعي قبل دفعك وَترجع عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ قَالَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ أَقْبِضْ مِنْهُمَا شَيْئًا وَادَّعَيَا دَفْعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَأَخَذَتْ مِنَ الزَّوْجِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَمِنَ الْحَمِيلِ وَإِنِ ادَّعَيَا دَفْعَهُمَا مُفْتَرِّقَيْنِ حَلَفَتْ لَهُمَا يَمِينَيْنِ فَإِنْ حَلَفَتْ لِلْحَمِيلِ ونكلت للزَّوْج حلف الزَّوْج وَبَرِئَ وَلَا شَيْءَ لِلْحَمِيلِ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا لم يدع الْعلم وَإِن

ص: 382

حَلَفَتْ لِلزَّوْجِ وَنَكَلَتْ لِلْحَمِيلِ حَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ يَمِينَهَا لِلزَّوْجِ يُوجِبُ لَهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْحَمِيلِ عِنْدَ نُكُولِهَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَمِيلُ هُوَ الدَّافِعَ وَإِنْ حَلَفَتْ لَهُمَا وَادَّعَى الْحَمِيلُ عِلْمَ الزَّوْجِ بِدَفْعِهِ عَنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ حَلَفَ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْحَمِيلُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ وَاسْتَقَرَّتْ عَادَةٌ صِيرَ إِلَيْهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَدْخُولًا بِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ قَالَ أَبُو اسحق ذَلِكَ بِبَلَدٍ عَادَتُهُمُ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ تُكْتَبْ وَثِيقَةٌ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْبِلَادِ عَادَتُهُمُ التَّعْجِيلُ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ عَلَى الْغَالِبِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا ادَّعَى أَنَّ الْوَلِيَّ شَرَطَ لَهَا شُرُطًا وَعَطَايَا وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَنَكَلَ عَنِ الْحَلِفِ حَلَفَ الزَّوْجُ وَرَجَعَتْ إِلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ لَحِقَهُ فِي ذَلِكَ وَيَرْجِعُ بِمَا زَادَتِ التَّسْمِيَةُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى وَلِيِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَرَى إِن حلف الزَّوْج أَن يسْتَحق الشَّرْط لِامْرَأَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ لَهَا وَالْوَكِيلُ يَحْلِفُ فِي مُعَامَلَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ يُشْكِلُ بِمَا إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنَ التَّسْمِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِدَعْوَاهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَتْ أَلْفَيْنِ بِعَقْدَيْنِ وَشَهِدَتِ الْبَقِيَّةُ بِهِمَا لَزِمَا وَقُدِّرَ تَخَلُّلُ الطَّلَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَلْ يُقَدَّرُ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَيَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ بَيَانُ أَنَّهُ

ص: 383

قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَعَلَى الْمَرْأَةِ بَيَانُ أَنَّهُ بَعْدَهُ يَسْتَقِرُّ لَهَا الْكُلُّ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِقْرَارِ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ أَمْ لَا النَّظَرُ الثَّانِي فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَلِفَسَادِهِ سَبْعَةُ أَسْبَابٍ السَّبَبُ الْأَوَّلُ الشِّغَارُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَشْغَرَ الْكَلْبُ بِرِجْلِهِ إِذَا رَفَعَهَا لِيَبُولَ ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِيمَا يُشْبِهُ فَقَالُوا أَشْغَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا لِلْجِمَاعِ وَأَشْغَرَتْ هِيَ إِذَا فَعَلَتْهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الْجِمَاعِ بِغَيْرِ مَهْرٍ إِذَا كَانَ وَطْئًا بِوَطْءٍ فِي قَوْلِهِمْ أَنْكِحْنِي وَلِيَّتَكَ وَأُنْكِحَكَ وَلِيَّتِي بِغَيْرِ مَهْرٍ وَفُسِّرَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُلُوِّهِ عَنِ الصَّدَاقِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَدٌ شَاغِرٌ إِذَا خَلَتْ قَالَ وَهُوَ حَرَامٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأِ نَهَى عليه السلام عَنِ الشِّغَارِ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قِيلَ التَّفْسِيرُ مِنْهُ عليه السلام وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَقِيلَ مِنْ نَافِعٍ رَاوِيهِ وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَنْ يَعْرَى عَنِ الصَّدَاقِ ففساده فِي عقده وَأَن يُسمى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَفَسَادُهُ فِي صَدَاقِهِ فَيَجْرِي الْخلاف فِي إمضائه بِالْعقدِ وَأَن يُسمى لِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ وَيُتَصَوَّرَ فِي الْمَجْبُورَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَصْوِيرِهِ فِي غَيْرِهَا وَلِمَالِكٍ أَنَّ الشِّغَارَ كُلَّهُ يَمْضِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِهِ هَلْ هِيَ جعل على بُضْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَكُونَ للزَّوْج شريك فِي امْرَأَتِهِ وَلِذَلِكَ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِكَوْنِ الْفَسَادِ فِي الْعَقْدِ أَوْ عَدَمِ الصَّدَاقِ وَعَلَى هَذَا يُفْسَخُ قَبْلُ فَقَطْ وَقِيلَ يَمْضِي بِالْعَقْدِ لِوُقُوعِ الْمُوَارَثَةِ وَالْحُرْمَةِ فِيهِ إِجْمَاعًا وَقَالَهُ ح وَيَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ وَقَالَ ش فَاسِدٌ وَيُفْسَخُ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الشِّغَارُ فَاسِدٌ وَيَصِحُّ مِنْهُ وَجْهُ الشِّغَارِ وَهُوَ الصُّورَتَانِ الأخيرتان وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ ابْتِدَاءً

ص: 384

وَالْخِلَافُ بَعْدُ إِمَّا لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ أَوْ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْعَقْدِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا يُفْسَخُ وَلَوْ وُلِدَتِ الْأَوْلَادُ وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لَا غَيْرُ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ وَإِنْ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي بِمِائَةٍ وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَلَهُمَا الْأَكْثَرُ مِنَ التَّسْمِيَةِ أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِجَمْعِهِمْ فِي الصَدَاق جَائِزا وحراما وَإِنْ سُمِّيَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ ثَبَتَ نِكَاحُ الْمُسَمَّى لَهَا بعد الدُّخُول وَيفْسخ الآخر وَلَهُمَا صَدَاقُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي صَرِيحِ الشِّغَارِ أَحَبُّ إِلَيَّ فَسْخُهُ بِطَلَاقٍ وَقَالَ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ إِذَا سمي لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمُسَمَّى قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو حَازِمٍ إِذَا وَضَعَ مِنْ صَدَاقِ مُوَلِّيَتِهِ ليضع الآخر عَنْهُ فِي وَجْهِ الشِّغَارِ إِنَّهُ جَائِزٌ السَّبَبُ الثَّانِي كَونه مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِعَيْنِهِ كَالْخَمْرِ أَوْ لِغَرَرِهِ كَالْآبِقِ أَوْ دَارِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهَا فَفِي الْكِتَابِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بعده بِصَدَاق الْمثل وَيرد مَا قَبَضَتْ مِنَ الْغَرَرِ وَإِنْ هَلَكَ بِيَدِهَا ضَمِنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَغَيَّرَ فِي يَدَيْهِ أَوْ سَوَّقَهُ فَهُوَ فَوْتٌ تَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْض والمثلي بِالْمِثْلِيِّ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فَسَادُهُ فِي صَدَاقِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّكَاحِ الْمُوَاصَلَةُ دُونَ التَّنْمِيَةِ لِلْمَالِ فَتَأْثِيرُهُ فِيهِ ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَو وَقع مثله فِي الْمَبِيع لم يجز قَالَ ابْن يُونُس وَرُوِيَ عَنْهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ أَحَدُ أَرْكَان العقد وَقَالَ ش وح

ص: 385

لَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ بِالْعَبْدِ الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ كَمَسِيرَةِ الشَّهْرِ عَلَى الصِّفَةِ وَالضَّمَانُ مِنَ الزَّوْجِ وَلَا يَدْخُلُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَإِنْ قَدَّمَ رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّ النَّقْدَ فِي الْبَعِيدِ لَا يَجُوزُ وَيَدْخُلُ فِي الْقَرِيبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا هَلَكَ الْقَرِيبُ فَلَهَا قِيمَتُهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُتَقَوِّمَاتِ وَقيل مثله فِي الصّفة كَالْمُسلمِ وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِهَا فَعَلِمَتْ فِيهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الزَّوْجِ غَرِمَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ مَعِيبًا يَوْمَ الْقَبْضِ وَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ فِي صِفَتِهِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بثمرة لم يبد صَلَاحهَا فَأَصْبَحت كُلُّهَا فَهِيَ مِنَ الزَّوْجِ وَلَهَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُصِيبَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُكَارَمَةٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقى إِذا تزَوجهَا بمغصوب مَاله فِيهِ شُبْهَةٌ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ فِي وِلَايَتِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْأَبَ إِنْ كَانَ مَيْسُورًا كَانَ للزَّوْجَة كَمَا لَو اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ وَاتبع بِالْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهَا فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مُعْسِرًا فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَنَعَ مُطَرِّفٌ كَالِاسْتِهْلَاكِ وَإِذَا قُلْنَا هُوَ لِلِابْنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ لِلْمَرْأَةِ بِالدُّخُولِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ قَدْ تَمَّتْ بِاسْتِيفَاءِ الْبُضْعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْإِمَامُ مِنَ التَّزْوِيجِ بِمَالِ ابْنِهِ وَإِلَّا فَحِينَئِذٍ الِابْنُ أَحَقُّ بِهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ انْتُزِعَ مِنَ الْمَرْأَةِ فَإِنْ فقد فَلَا

ص: 386

شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا أَكَلَتْهُ أَوْ ثَوْبًا لَبِسَتْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلِمَتْ بِهِمْ أَمْ لَا كَالِابْتِيَاعِ مِنَ الْغَاصِبِ فَإِن لم يكن لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ كَالسَّرِقَةِ ثَبَتَ النِّكَاحُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ جَهِلَتْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَخَرَّجَ أَبُو الطَّاهِرِ الصِّحَّةَ مَعَ الْعِلْمِ مِنَ الْخِلَافِ فِيمَا اشْترى مِنْ غَاصِبٍ وَهُوَ يَعْلَمُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَزَوَّجَ بِمَغْصُوبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ قيمًا وَقيل أَيْضا يغرم الْمِثْلَ وَقِيلَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِيمَا إِذَا أَصْدَقَهَا مَعِيبًا فَاخْتَارَتْ رَدَّهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ فِي الْمَغْصُوبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُوَى خَمْسِينَ لِأَنَّهَا المحققة

(فَرْعٌ)

فِي الْكتاب إِذا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِلْجَهَالَةِ بِالْأَجَلِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ نَقْدًا كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَلِمَالِكٍ لَهَا قِيمَةُ الْمُؤَجَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّ الْقِيمَةَ فَرْعُ الثُّبُوتِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوْ مِائَةٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ مِائَةٍ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ وَدَخَلَ وَرُوعِيَ صدَاق

ص: 387

الْمِثْلِ يُقَالُ كَمْ صَدَاقُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى أَنَّ فِيهِ مِائَةً مُؤَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُمَا وَيُعْطِي مِائَةً مُعجلَة وَمِائَة إِلَى أجل وَإِن زَاد أُعْطِيَتِ الزَّائِدَ مُعَجَّلًا وَاخْتُلِفَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةٍ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ يَكُونُ لَهَا

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ عَلَى حَمِيلٍ تُعَيِّنُهُ غَائِبٍ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَا نِكَاحَ وَإِنْ قَالَ إِنْ لَمْ يَرْضَ أُتِيَتْ بِرَهْنٍ أَوْ بِغَيْرِهِ جَازَ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا مَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بعده بِصَدَاق الْمثل قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَسَادَهُ فِي عَقْدِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي وُقُوعَهُمَا مَعًا وَالنِّكَاحُ وَالْمِلْكُ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقيل شَرط عَلَيْهَا مَا لَا يلْزمهَا بعد الْعتْق فَإِن رضيت بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى فَسْخٍ وَقَالَ ش يَجُوزُ جَعْلُ عِتْقِهَا صَدَاقَهَا وَهِيَ بِالْخِيَارِ فَإِنِ امْتَنَعَتْ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا وَأَلْزَمَهَا ابْنُ حَنْبَلٍ النِّكَاحَ إِذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ إِذَا قَالَ أُعْتِقُ على أَن تتزوجي بِي وَيكون الْعتْق صَدَاقهَا فَلَا يَلْزَمُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي النِّكَاحِ وَالنِّكَاحُ لَا سَلَفَ عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا ح فِي الْمَنْعِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ

ص: 388

أَنَّهُ عليه السلام جَعَلَ عِتْقَ صَفِيَّةَ صَدَاقَهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ عليه السلام كَالْمَوْهُوبَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْعَقْدَ إِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْعِتْقِ نَاقَضَهُ الْمِلْكُ أَوْ بَعْدَهُ امْتَنَعَ الْإِجْبَارُ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ إِنْ تَقَرَّرَ لَهَا حَالَةَ الرِّقِّ تَنَاقَضَ أَو حَالَة الْحُرِّيَّة وَالصَّدَاق يتَقَدَّم تَقْدِيره قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَقَعُ الْعَقْدُ حَالَةَ امْتِنَاعِ الْإِجْبَارِ مُجْبَرًا وَهُوَ مُحَالٌ فَيَتَعَيَّنُ اخْتِصَاصُهُ بِهِ عليه السلام وَقَالَهُ الروَاة مَا لم ير صدَاق وَيكون نِكَاح تَفْوِيض أَو بِغَيْر صدَاق وَهُوَ جَائِز لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي التَّلْقِينِ إِنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهَا ذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَزِمَهُ الصَّدَاقُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَعْطَاهَا مَالًا فَاسْتَحَقَّ فَهَلْ تَمْنَعُهُ مِنَ التَّمَادِي عَلَى وَطئهَا حَتَّى يوفيها حَقّهَا أَرْبَعَة أَقْوَال لَهُ ذَلِكَ غَرَّهَا أَمْ لَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَغُرَّهَا أَمْ لَا يُكْرَهُ التَّمَادِيَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ تمْتَنع حَتَّى يُعْطِيَ رُبُعَ دِينَارٍ إِنِ اسْتَحَقَّ جَمِيعُهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى بُسْتَانٍ عَشَرَةَ فرز فَظَهَرَ خَمْسَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا قِيمَةُ الْخَمْسَةِ إِنْ رَضِيَتْ إِمْسَاكَهُ وَلَوْ رَدَّتْهُ فَقِيمَةُ جَمِيعِهِ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ كَالِاسْتِحْقَاقِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ وَصَدَاقَ الْمِثْلِ أَوِ التَّمَاسُكَ وَنِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَالٍ حَرَامٍ قَالَ مَالِكٌ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ زِنًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} النِّسَاء 24 وَهَذَا لَيْسَ مَالَهُ وَلَكِنِّي لَا أَقُولُ ذَلِكَ

ص: 389

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَلٍّ فَوُجِدَ خَمْرًا فَهُوَ كَظُهُورِ الْعَيْبِ تَرُدُّهُ وَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ فَظهر حرا فَالنِّكَاح فَاسد لخلو العقد عَن الصَّدَاقِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهُ خَمْرٌ فَوُجِدَ خَلًّا صَحَّ النِّكَاحُ إِنْ رَضِيَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَرِهَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتِمَّ النِّكَاحُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قُلْنَا بِالْمِثْلِ إِذَا وُجِدَتْ خَمْرًا فَتَلِفَتِ الْقلَّةُ غَرِمَ الْقِيِمَةَ وَكَذَلِكَ إِذَا تزَوجهَا بِطَعَام مُعَيَّنٍ عَلَى الْكَيْلِ فَاسْتَحَقَّ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَل أَو يُوزن بِخِلَاف البيع لِأَن اسْتِحْقَاق الْمعِين لَا يفْسخ النِّكَاح وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ رُجُوعُهَا بِمِثْلِ الْخَمْرِ خَلًّا إِمَّا بِأَنْ تُغْسَلَ الْجَرَّةُ ثُمَّ تُمْلَأَ أَوْ تَعْرِفَ مَا تَحْمِلُ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ يُكَالَ مِثْلُهُ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِيهِ الْقِيمَةُ كَالْجُزَافِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مَعْدُوم شرعا فَهُوَ كَنِكَاح بِغَيْرِ شَيْءٍ السَّبَبُ الثَّالِثُ كَوْنُهُ مَنَافِعَ الزَّوْجِ كخدمتها مُدَّة مَعْلُومَة أَو تعليمها الْقُرْآن وَفِي الْجَوَاهِر مَنعه لمَالِك لقَوْله تَعَالَى {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} وَقَالَهُ ح وَأَجَازَهُ أصبغ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي مُسْلِمٍ زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن أَي بتعليمك إِيَّاهَا وَجَوَابه أَنه إِنْ كَانَ إِجَارَةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ أَوْ جَعَالَةً وَهِيَ فِي مِثْلِ هَذَا مَعَ عَدَمِ تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ وَلِأَنَّ الْجَعَالَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَالنِّكَاحَ لَازِمٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الصَّدَاقُ بِالْعَجْزِ جَعَلَ عليه السلام حِفْظَهُ الْقُرْآنَ فَضِيلَةً تُوجِبُ تَزْوِيجَهُ وَأُخِّرَ الصَّدَاقُ فِي

ص: 390

ذمَّته تفويضا كَمَا زوج أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ لَا يَكُونُ صَدَاقًا بَلْ تَفْوِيضًا تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَنَافِعِ صَدَاقٌ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَبْطُلُ الْخِدْمَةُ الْمُقَدَّمَةُ فَإِنْ خَدَمَ رَجَعَ بِقِيمَتِهَا وَكَذَلِكَ إِن وَقع على إحجاجها قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَى إِحْجَاجِ مِثْلِهَا وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شَوْرَةٍ وَمَنَعَتْهُ مِنَ الدُّخُول حَتَّى يحجها أَوْ يُعْطِيَهَا نَفَقَةَ مِثْلِهَا فِي الْحَجِّ فَيَكُونَ ذَلِكَ صَدَاقَهَا إِنْ شَاءَتْ حَجَّتْ أَمْ لَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَحْسَنُ الْجَوَازُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَجَّلًا وَالْمَنَافِعُ تَقْتَضِي التَّأْجِيلَ وَكُلُّ من تزوج بِشَيْء فَهُوَ حَال فَإِذا حل زَمَنُ الْحَجِّ تَعَيَّنَ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبِنَاءَ حَتَّى يُقَدِّمَ رُبُعَ دِينَارٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِمِائَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَإِنْ أَتَى زَمَنُ الْحَجِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى يُحِجَّهَا كَالْمُؤَجَّلِ يَحِلُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ السَّبَبُ الرَّابِعُ تَفْرِيقُ الصِّفَةِ فَيُصْدِقُهَا عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ تَرُدَّ أَلْفًا فَنِصْفُهُ مَبِيعٌ وَنِصْفُهُ صَدَاقٌ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ الْبَيْعَ أَوِ النِّكَاحَ مَجْهُولٌ فَيُؤَدِّي إِلَى النِّكَاحِ بِالْمَجْهُولِ وَإِلَى عُرُوِّ النِّكَاحِ عَنِ الصَّدَاقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ وَرَابِعُهَا إِنْ بَقِيَ بعد ثمن السَّبْعَة رُبُعُ دِينَارٍ جَازَ وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِنِ اعْتُبِرَ قَبْلَ الْبِنَاءِ جَازَ اتِّفَاقًا وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مُفْرد فَيَجُوزُ مُجْتَمِعًا كَالسِّلْعَتَيْنِ

ص: 391

قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ أَسْبَابٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى تَحْصِيلِ حُكْمِهَا فِي مُسَبِّبَاتِهَا بِطَرِيقِ الْمُنَاسَبَةِ وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ بِالِاعْتِبَارِ الْوَاحِدِ لَا يُنَاسِبُ الْمُتَنَافِيَيْنِ فَلِذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ لِتَضَادِّهِمَا فِي الْمُكَايَسَةِ وَالْمُسَامَحَةِ وَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَيْعِ عُقُودٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ جص مشنق الْجِيمُ لِلْجَعَالَةِ وَالصَّادُ لِلصَّرْفِ وَالْمِيمُ لِلْمُسَاقَاةِ وَالشِّينُ لِلشَّرِكَةِ وَالنُّونُ لِلنِّكَاحِ وَالْقَافُ لِلْقِرَاضِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لِغَيْرِكَ فُسِخَ أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ جَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ لرجل وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى إنْ أَعْطَاهَا الْأَبُ دَارًا فَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مُسَمًّى عَلَى إنْ أَعْطَاهَا الْأَبُ دَارًا صَحَّ لِأَن الدَّار هَا هُنَا هِبَةٌ مَحْضَةٌ السَّبَبُ الْخَامِسُ الشَّرْطُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَأَلْفَانِ لَمْ يَجُزْ كَالْغَرَرِ أَوْ وَضَعَتْ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا وَإِنْ أَخْرَجَهَا فَمَهْرُهَا أَلْفَانِ فَلَهُ إِخْرَاجُهَا وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا مَا تَقَرَّرَ كَالْقَائِلِ إِنْ أَخْرَجَتْكَ مِنَ الدَّارِ فَلَكَ أَلْفٌ فَإِنْ حَطَّتْ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِذَلِكَ فَلَهَا الرُّجُوعُ لِتَعَيُّنِهِ لَهَا بِالْعَقْدِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ حَطَّتْ فِي الْعَقْدِ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا لَهَا الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذا قرر قبل الْملك سِتِّينَ وَوضع عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ عِشْرِينَ لِأَجْلِ الشَّرْطِ فَلَهَا الرُّجُوعُ وَإِنَّمَا الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ أَنْ يَقُولَ أَتَزَوَّجُكِ بِمِائَةٍ ثُمَّ أَضَعُ خَمْسِينَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا نِصْفُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لم يُخَالِفهُ وَفِي الْكتاب وَإِن أَعْطَتْهُ مَالًا لِشَرْطٍ وَإِنْ خَالَفَهُ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَالَفَهُ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا آثَرَتْ طَلَاقَهَا بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ وَإِنْ أخرجهَا من بَلَدهَا فَمِائَتَانِ فَأَخْرَجَهَا فَلَهَا

ص: 392

الْمِائَتَانِ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوِ الْمِائَتَيْنِ قَالَ وَهُوَ أَقْيَسُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا اشْتَرَطَتِ السُّكْنَى عِنْدَ أَبِيهَا بِمَالٍ اشْترطت مَا لَا يُبَاعُ وَتَرْجِعُ بِهِ وَإِنِ اشْتَرَطَتْ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ فِي وَقْتِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَوِ الشَّرْطُ فِيهِ خِلَافٌ وَإِذَا شَرَطَ فِي الصَّدَاقِ أَنه لمَوْت أَو فِرَاق وَفَاتَ بِالْبِنَاءِ فَقَالَ مَرَّةً لَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ مَرَّةً تَتِمَّةُ الْمُسَمَّى نَقْدًا فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوْ مِائَةٍ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَقَالَ صَدَاقُ الْمثل مُطلقًا وَقَالَ مرّة مَا لم ينقص عَن الْمِائَة وَقِيلَ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنِ الْمِائَةِ وَيَزِيدُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ وَقِيلَ يَقُومُ بِأَجَلِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَت الْعَادة بِمَوْت أَوْ فَرَاقٍ وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ هَلْ يَجُوزُ وَتَأْخُذُهُ مَتَى أَحَبَّتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُلُولُ وَالتَّأْخِيرُ مُكَارَمَةٌ أَوْ فَسَادٌ لِلْعَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ إِلَى سَنَةٍ وَإِنْ وَقَعَ جَازَ وَلِلزَّوْجِ إِذَا أَتَى بِالْمُؤَجَّلِ الدُّخُولُ وَتَتَأَخَّرُ بَقِيَّتُهُ إِلَى الْأَجَلِ وَيَجُوزُ فِي الْبَعِيدِ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ وَفِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ تَأْجِيلَ بَعْضِ الصَّدَاقِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَابْنُ وَهْبٍ لِسَنَةٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يُفْسَخُ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى عِشْرِينَ سنة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا أفسخ إِلَّا الْأَرْبَعين وَرُوِيَ السِّتُّونَ وَالْمُدْرَكُ أَنَّ الصَّدَاقَ قُبَالَةَ الْإِبَاحَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى الْأَجَلَ الْقَرِيبَ فِي حُكْمِ النَّقْدِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَحِلُّ قَرِيبًا فَإِنْ أُخِّرَ بَعْضُهُ إِلَى غَيْرِ حَدٍّ فَسَخَهُ مَالِكٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَرْطِ الْغَرَرِ وَيُعْطِي صَدَاقَ الْمثل بعد

ص: 393

الْبِنَاءِ مُعَجَّلًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أقل من الْمُعَجل فَلَا ينْقض مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُعَجَّلِ وَالْمُؤَجَّلِ فَيُعْطَاهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِتَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ أَوِ الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِهِ فَلَا يَنْفَسِخَ وَإِنْ شُرِطَ فِي بعض الصَدَاق إِلَى يسره وَهُوَ مولى أَوْ مُطَالَبَتِهَا بِهِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِحُصُولِ الملاة وَهُوَ حَالٌّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لِاشْتِرَاطِهِ أَجَلًا غَيْرَ مَعْلُومٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهَا فِي الصَّدَاقِ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ صَحَّ أَوله فَسْخٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَمْرُ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ لَهَا وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأُمِّهَا أَلْفًا صَحَّ وَهُمَا لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا الْبَاذِلَةُ لِلْعِوَضِ السَّبَبُ السَّادِسُ أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتُهُ رَفَعَهُ كَمَا إِذَا زَوَّجَ عَبَدَهُ وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا فَفِي الْجَوَاهِرِ يَفْسُدُ السَّبَبُ السَّابِعُ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ فِيمَا يُسَمَّى فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ وَالتَّزْوِيجُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَدْخُلْ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى بِأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إِلَّا بِهِمَا وَلَوِ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَفِي إِجْبَارِ الزَّوْجِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْمِنَّةِ أَو مُرَاعَاة للْعقد وَلَو رضيت بِالْألف لَزِمَ الزَّوْجَ وَلَوْ دَخَلَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لُزُومُ الْأَلْفِ لِلزَّوْجِ وَالزَّائِدُ لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَيَسْقُطُ الزَّائِدُ عَنِ الرَّسُولِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُغَرَّمَ إِلَّا مُسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْأَلْفِ وَالزَّائِدُ عَلَى الرَّسُولِ لِتَغْرِيرِهِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوْلِ الزَّوْجِ وَالْعَقْدِ بَيِّنَةٌ وَرَضِيَ بِالْأَلْفَيْنِ لَزِمَ النِّكَاحُ وَإِلَّا إِنْ رَضِيَتِ الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تُحَلِّفَ الزَّوْجَ فَإِنْ نكل حَلَفت

ص: 394

وَاسْتَحَقَّتِ الْأَلْفَيْنِ وَصَحَّ النِّكَاحُ وَإِنْ دَخَلَ وَتَرَاضَيَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالتَّعَدِّي لَزِمَ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا فتَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ إِلَّا بِأَلْفٍ وَيَبْرَأُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَهُمَا قَالَ وَهَذِهِ يَمِينٌ لَا تَرْجِعُ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ تَحْقِيقًا فَتَرْجِعَ وَبلا خطّ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَنْ سُلِّطَ عَلَى مَالِهِ خَطَأً هَلْ تُسْقِطُ الْغَرَامَةُ لَهُ التَّسْلِيطَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ سُلِّطَتْ عَلَى بُضْعِهَا خَطَأً

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا نَكَلَ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الرَّسُولِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ فِيهِ خِلَافٌ سَبَبُهُ هَلْ يَمِينُ الزَّوْجِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ لِذَلِكَ وَإِبْطَالِ قَوْلِ الرَّسُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعَدُّ مُقِرًّا إِذَا نَكَلَ وَلَا يُحَلِّفُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَهُ تَحْلِيفُهُ وَأَصْلٌ آخَرُ هَلِ النُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ فَلَا يُحَلِّفَهُ أَوْ لَا فَيُحَلِّفَهُ وَإِنْ دَخَلَ فَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ إِلَّا الْألف ثمَّ إِن أقرّ الرَّسُول بِالتَّعَدِّي فَهَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَإِنْ أَنْكَرَ وَقُلْنَا يغرم فَللزَّوْج تَحْلِيفه فَإِن نكل حلف وَاسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَغْرَمُ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّوْكِيلِ بَيِّنَةٌ دُونَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَدْخُلْ حَلَفَتْ إنَّ الْعَقْدَ بِأَلفَيْنِ فَإِن رَضِي الزَّوْج وَإِلَّا لَهُ الْفَسْخُ وَإِنْ نَكَلَتْ صَحَّ بِالْأَلْفِ إِلَّا أَنْ يكون الزَّوْج علم مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَيَحْلِفَ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ التَّوْكِيلِ يَحْلِفُ إنَّ التَّوْكِيلَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِمَا قَالَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ فَإِنْ حَلَفَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرَضِيَتِ الْمَرْأَةُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ يَمِينٌ لَا

ص: 395

تَرْجِعُ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ التَّحْقِيقَ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ إِذَا نَكَلَ الزَّوْجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فَإِنْ دَخَلَ حَلَفَ وَمَضَى النِّكَاحُ بِالْأَلْفِ وَإِنْ نَكَلَ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي تَحْقِيقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ حَلَفَتْ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ لَا تَرْجِعُ وَيُخْتَلَفُ فِي تَحْلِيفِهِ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمَا بِالتَّعَدِّي أَمَّا إِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ دُونَهَا فَعَلَيْهِ الألفان لدُخُوله عَلَيْهِمَا أَو هِيَ دونه فمالها إِلَّا أَلْفٌ أَوْ هُمَا جَمِيعًا وَعَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ الْأَلْفَانِ أَوْ ل يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ فَلَهَا الْأَلْفَانِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ مُعَارَضٌ بِعِلْمِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَلْفٌ وَيَقْتَسِمَانِ الْأُخْرَى وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِعِلْمِهِ فَلَهَا الْأَلْفُ فَقَطْ أَوْ عَلِمَتْ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعِلْمِهَا فَعَلَيْهِ الْأَلْفَانِ لِأَنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ دَخَلَا وَأَصْلُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ مَا دخل عَلَيْهِ الْقُطْبُ الرَّابِعُ الْعَقْدُ نَفْسُهُ وَفِيهِ تِسْعَةُ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِيغَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالنِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَلَفَظُ الصَّدَقَةِ وَقَالَ الْأَصْحَابُ إِنْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ النِّكَاحَ صَحَّ وَيَضْمَنُ الْمَهْرَ وَيَكْفِي قَوْلُ الزَّوْجِ قَبِلْتُ بَعْدَ الْإِيجَابِ مِنَ الْوَلِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَلَوْ قَالَ لِلْأَبِ فِي الْبِكْرِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الثَّيِّبِ زَوِّجْنِي فَقَالَ فَعَلْتُ أَوْ زَوَّجْتُكَ فَقَالَ لَا أَرْضَى لَزِمَهُ النِّكَاحُ لِاجْتِمَاعِ جُزْأَيِ الْعَقْدِ فَإِنَّ السُّؤَالَ رِضًا فِي الْعَادَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَلَّا يَنْعَقِدَ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُقُودِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ الْمَنْعُ كَمَذْهَبِ ش وَالْجَوَازُ كَمَذْهَبِ ح لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَأَنَّ النِّكَاحَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الصَّرِيحِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَة فتقاس عَلَيْهِ الْهِبَة وَقَالَ صَاحب القبس

ص: 396

جَوَّزَهُ ح بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَالِكٌ بِكُلِّ لَفْظٍ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُتَنَاكِحَانِ مَقْصِدَهُمَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ الْمُؤَبَّدَ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَسَوَاءٌ ذُكِرَ الصَّدَاقُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَمْ لَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ وَالنِّكَاح وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْقُرْآنِ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النِّسَاء 22 {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الْأَحْزَاب 37 وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَجَابُوا عَمَّا احْتَجَجْنَا بِهِ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ فَيَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهَا بَلِ الْوَاقِعُ أَحَدُهَا وَالرَّاوِي رَوَى بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ ح غَيْرَ الْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِحْلَالِ وَجَوَّزَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَالْجَوَابِ بِقَوْلِهِ فَعَلْتُ قَاعِدَةٌ كُلُّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِبَاحَةُ الْمَرْأَةِ حُكْمٌ فَلَهُ سَبَبٌ يَجِبُ تَلَقِّيهِ مِنَ السَّمْعِ فَمَا لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الشَّرْعِ لَا يَكُونُ سَبَبًا وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اعْتَمَدَ ش وَالْمُغِيرَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي النَّقْل عَن الْمَذْهَبِ قَاعِدَةٌ الشَّرْعُ كَمَا يَنْصِبُ خُصُوصَ الشَّيْءِ سَبَبًا كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالِ وَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَكَذَلِك ينصب مُشْتَركا بَين أَشْيَاء ويلغي خصوصياتها كَأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مَا دَلَّ على

ص: 397

انْطِلَاقِهَا مِنْ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَى النِّسْبَةِ إِلَى الزِّنَا أَوِ اللِّوَاطِ وَأَلْفَاظُ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِ الرِّسَالَةِ النَّبَوِيَّةِ وَالنِّكَاحُ عِنْدَنَا عَلَى مَا حَكَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْخُصُوصِ فَيَتَعَيَّنُ الْعُمُومُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَاعِدَةٌ يَحْتَاطُ الشَّرْعُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْإِبَاحَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنِ الْإِبَاحَةِ إِلَى التَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَعْتَمِدُ الْمَفَاسِدَ فَيتَعَيَّن الِاحْتِيَاط لَهُ فَلذَلِك حُرِّمَتِ الْمَرْأَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْأَبِ وَلَا تَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعدة وَالْعقد الْأَوَّلِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَوْقَعَنَا الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَاتِ وَإِنْ بَعُدَتْ حَتَّى أَوْقَعْنَاهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنَ الْحِلِّ فَيَكْفِي فِيهِ أَدْنَى سَبَبٍ وَلَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ بِكُلِّ لَفْظٍ بَلْ بِمَا فِيهِ قُرْبٌ مِنْ مَقْصُودِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الْحِلِّ وَجَوَّزْنَا الْبَيْعَ بِجُمْلَةِ الصِّيَغِ وَالْأَفْعَالِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا ينْقل الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي السِّلَعِ الْإِبَاحَة حَتَّى تملك بِخِلَاف النِّسَاء ولعموم الْحَاجة للْبيع ولقصوره فِي الِاحْتِيَاط عَن الْفُرُوجِ فَإِذَا أَحَطْتَ بِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ ظَهَرَ لَكَ اخْتِلَاف موارد الشَّرْعِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَسَبَبُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَنَشَأَتْ لَكَ الْفُرُوقُ وَالْحِكَمُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَهْدِينَا سَوَاء السَّبِيل الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقدمَات لَا يجب فِي العقد وَيجب للدخول فَإِنْ دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ فِي نِكَاحِ السِّرّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِطَلْقَةٍ لِإِقْرَارِهِمَا بِالنِّكَاحِ وَحُدَّ إِنْ وَطِئَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ فَاشِيًا أَوْ يَكُونَ عَلَى الْعَقْدِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَيُدْرَأَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَإِنْ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ وَأَمَرَ بِالْكِتْمَانِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إِلَّا أَنْ

ص: 398

يَطُولَ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عَلَى الْفَسْخِ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الدُّخُول وَقَالَ ذَلِك ذَرِيعَة للْفَسَاد وَمنع التَّغْرِير عَلَى الْخَلْوَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُشْهِدْ إِلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا فُسِخَ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْإِشْهَادُ عِنْدَنَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ دُونَ الْعَقْدِ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْأَصْحَابِ خَالَفَ فِي هَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الدُّخُولِ وَاشْتَرَطَ الْأَئِمَّةُ الشَّهَادَةَ فِي الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحُدُّهَا أَنَّ النَّفْيَ دَائِرٌ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَلَمْ يُنَصَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ مُطْلَقٌ فِيهِمَا وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَلَا يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَمَّا الْحِلُّ فَثَابِتٌ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَثَانِيهَا أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الدُّخُولِ لِأَن اللَّفْظ فِيهِ حَقِيقَةٌ وَفِيمَا ذَكَرُوهُ مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَجَازِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الصَّدَاقَ مَذْكُورٌ مَعَ عَدَمِ شَرْطِيَّتِهِ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ التَّفْوِيضِ فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ قِيَاسًا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ دَاخِلٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْبَيِّنَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْعَقْدِ وَرَابِعُهَا يُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى الْكَمَالِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الصَّدَاقِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَمَالِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ عَقَدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ غَيْرَ مُسِرٍّ أَشْهَدَ الْآنَ وَجَازَ وَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّقِيقُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَالصَّدَاقِ وَإِنْ أَشْهَدَ الْأَبُ وَأَجْنَبِيٌّ عَلَى إِذْنِ

ص: 399

الثَّيِّبِ فِي الْعَقْدِ وَأَنْكَرَتْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْأَبَ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ فَشَهِدَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا بعقدها لم يجز نِكَاحه ويعاقبان وَإِنْ نَكَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيَّةً بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَشْهَدَ الْآنَ مُسْلِمَيْنِ وَلَزِمَ النِّكَاحُ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْأَدَاءِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ ش وَاكْتَفَى بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ غَيْرَ أَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ عِنْدَهُ تُقْبَلُ وَسَوَّى ح بَيْنَ تَحَمُّلِ شَهَادَةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ فَجَوَّزَ شَهَادَةَ الْفَاسِقَيْنَ لِأَنَّهُمَا قد يكونَانِ عدلي عقد الْأَدَاءِ لَنَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْحَالِ دَفْعُ مفْسدَة التُّهْمَة بالزنى والتغرير عَلَى الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَإِثْبَاتُ نَسَبِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يحصل بأهلية الْأَدَاء فتشترط الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إِظْهَارِهِ قَالَ عليه السلام أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ وَيُرْوَى بِالدُّفُوفِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الغربال الدُّف المدور وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْمَغْشِيُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَحْسَنُ الْمِزْهَرُ الْمُرَبَّعُ وَلَا بَأْسَ بِالدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَلَا يَجُوزُ الْغِنَاءُ فِي الْعُرْسِ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا كَمَا كَانَ يَقُولُ نسَاء الْأَنْصَار أَو الرجز الْخَفِيف مِنْ غَيْرِ إِكْثَارٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِعْلَانُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَنِكَاحُ السِّرِّ حَرَامٌ وَاخْتلف فِيهِ فَقيل مَا أَمر الشُّهُود يكتمانه وَإِنْ كَثُرُوا وَقِيلَ مَا عُقِدَ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ وَلَوْ بِامْرَأَةٍ وَعَلَى

ص: 400

الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُعْلَنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُفْسَخُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرِ الشَّاهِدَانِ بِالْكِتْمَانِ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يُفْسَخُ نِكَاحُ السِّرِّ لنا نَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ نِكَاحِ السِّرِّ وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ مَنِ اسْتَكْتَمَ الْبَيِّنَةَ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ دَخَلَا وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَيُعَاقَبُ الزَّوْجَانِ وَالْبَيِّنَةُ قَالَ ابْنُ يُونُس إِذا قَالَ لَهُمُ اكْتُمُوهُ عَنِ امْرَأَتِي الْأُخْرَى أَوْ فِي مَنْزِلِ الْعَقْدِ فَقَطْ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَظْهَرُوهُ فَهُوَ نِكَاحُ السِّرِّ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ فعل ذَلِك بعد العقد وَلم يكن نَوَاه عِنْدَ الْعَقْدِ جَازَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَفْسُدُ إِذَا أَضْمَرَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ وَنِيَّتُهُ الْفِرَاق الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي لُزُومِهِ وَالْخِيَارُ عِنْدَنَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الْخِيَارِ اسْتِدْرَاكُ الْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَالنِّكَاحُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْفَحْصِ وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى بَذْلَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَذَوَاتِ الْأَعْيَانِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ

ص: 401

الشَّرْعُ لَهُنَّ نِصْفَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ جَبْرًا لِكَسْرِ الرَّدِّ وَأَبْطَلَ الْأَئِمَّةُ شَرْطَ الْخِيَارِ وَزَادَ ش إِبْطَالَ النِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِجَمِيعِهِمْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا قَبْلَ الْخِيَارِ لَمْ يَتَوَارَثَا وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبناء بِالْمُسَمّى وَكَذَلِكَ إِذا تَزَوَّجَ عَلَى إَنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ فِيهِمَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ إِنْ لَمْ آتِ بِالصَّدَاقِ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ إِذَا مَضَى شَهْرٌ تَزَوَّجْتُكِ وَرَضُوا بِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى مُشَاوَرَةِ فُلَانٍ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الرِّضَا فِي الْمُشَاوَرَةِ الْبَعِيدَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ على القَوْل بالفسح بَعْدَهُ جَرَى التَّوَارُثُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمِيرَاثِ وَالطَّلَاقِ وَفِيمَا يُفْسَخُ مِنَ الْأَنْكِحَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَشَارُ لَا أَرْضَى وَرَضِيَ الزَّوْجُ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَحَكَى التُّونِسِيُّ لُزُومَ قَوْلِ الْمُسْتَشَارِ لِأَنَّهُ الْمُشْتَرط

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِمَالِكٍ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ قَوْلَانِ وَأَجَازَهُ ح وَمَنَعَهُ ش وَصِفَتُهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَيُوقِفَهُ عَلَى إِجَازَتِهَا وَيَعْلَمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَصِحُّ أَنْ يُوقَفَ عَلَى إِذْنِ الْوَلِيِّ بَعْدَ رِضَا

ص: 402

الزَّوْجِ دُونَهَا لِأَنَّ الْخِيَارَ فِيهِ لَيْسَ عَامًّا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَصِحُّ مَعَ الْقُرْبِ اسْتِحْسَانًا قَالَ وَالْمَوْقُوفُ طَرَفَاهُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَوْلَانِ وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِمَّا الزَّوْجُ أَوِ الْوَلِيّ فِي كَرَاهَةِ مَا قَرُبَ مِنْهُ قَوْلَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اتِّفَاقًا وَفِي بُطْلَانِ مَا بَعْدُ قَوْلَانِ الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي هَزْلِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ أَنْ هَزْلَ النِّكَاحِ كَجِدِّهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عليه السلام ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَفِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفًا على سعيد ابْن الْمُسَيِّبِ وَعِوَضُ الرَّجْعَةِ الْعِتَاقُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَزْلَهُ هَزْلٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لامرئ مَا نَوَى

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا خَطَبَ الْمَرْأَةَ فَقَالَ الْوَلِيُّ تَزَوَّجْتِ فَلَانًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْتُ الدَّفْعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَفَ فُلَانٌ ثَبَتَ نِكَاحُهُ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إِقْرَارِهِ وَأَمَّا بِقَوْلِ الْأَبِ الْخَاطِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ أَصْبَغُ النِّكَاحُ لِفُلَانٍ طَلَبٌ بِنِكَاحٍ سَابِقٍ أَوْ بِهَذَا القَوْل لِأَن

ص: 403

النِّكَاحَ لَا لَعِبَ فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُ بِهَذَا وَلَا بِدَعْوَى مُتَقَدِّمَةٍ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ الْأَقْوَالِ قَاعِدَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَحْكَامٌ فِي الظَّاهِرِ عَلَى يَدِ الْحَاكِمِ لَا تَثْبُتُ فِي الْبَاطِنِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُفْتِينَ كَالْأَقْضِيَةِ الْمُسْتَنِدَةِ إِلَى الْأَقَارِيرِ وَالْبَيِّنَاتِ الْكَاذِبَةِ وَكُلُّ حُكْمٍ فِي الْبَاطِنِ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ إِذَا ثَبَتَ وَقَدْ يَثْبُتُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يَثْبُتُ فِي الْفَتْوَى فَمَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ هَزْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جَدٌّ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا دَلَّتِ الْقَرَائِنُ فِيهِ عَلَى اللَّعِبِ بَلِ الْمُسْتَعْمِلُ لِلَّفْظِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ تَارَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فَهَذَا يَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَتَارَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ مَجَازًا فَهَذَا لَا يَلْزَمُ فِي الْفَتْوَى وَيَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَتِهِ الْمَجَازَ وَتَارَةً يُطْلِقُ اللَّفْظَ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي شَيْءٍ فَهَذَا هُوَ الْهَزْلُ لَا يَلْزَمُ فِي الْفَتْوَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ لَا يَلْزَمْ وَإِلَّا لَزِمَ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَكَانَ فَتَحْقِيقُهُ عَزِيزٌ وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّرْعُ الْهَزْلَ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْجَدِّ احْتِيَاطًا لَهُ لِشَرَفِهِ وَعَظِيمِ مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي تَوْقِيتِهِ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ نَهَى عليه السلام عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَنِيَّتُهُ فِرَاقُهَا بَعْدَ لَذَّةٍ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَكَذَلِكَ إِذَا نَوَى طَلَاقَهَا عِنْدَ سَفَرِهِ مِنْ بَلَدِ الْغُرْبَةِ فَلَوْ عَلِمَتِ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ فَهُوَ مُتْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَأَمَّا النَّهَارِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي تَتَزَوَّجُ عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَهَا إِلَّا نَهَارًا قَالَ ابْنُ

ص: 404

دِينَارٍ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي الْعَقْدِ وَالَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيَأْتِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهَلْ يَجِبُ بَعْدَ الْبِنَاءِ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِتَأْثِيرِ الشَّرْطِ فِي الصَدَاق الْفَصْلُ السَّابِعُ فِيمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنَ الشُّرُوطِ وَفِي الْجَوَاهِر الشُّرُوط ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَالْإِنْفَاقِ وَالْوَطْءِ فَلَا يُؤَثِّرُ ذِكْرُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يناقص الْعَقْدَ كَعَدَمِ الْقِسْمَةِ وَنَحْوِهِ فَيَمْتَنِعُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِي فَسْخِهِ بَعْدَهُ خِلَافٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ كَشَرْطِ عَدَمِ إِخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ أَسْبَابِ الْخُصُومَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الشُّرُوطِ إِلَّا مَا فِيهِ تَمْلِيكٌ أَوْ عِتْقٌ فَإِذَا شَرَطَ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِيَمِينٍ وَلَا تَمْلِيكٍ وَلَا وَضَعَتْ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا لِأَجْلِهِ فَلَهُ مُخَالَفَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ اللَّازِمُ يَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَقَالَ ش إِنَّمَا تُقْدَحُ الشُّرُوطُ إِذَا كَانَتْ مُنَافِيَةً لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ إِنْ ذُكِرَتْ مَعَهُ وَإِنْ ذُكِرَتْ قَبْلَهُ وَسُكِتَ عَنْهَا مَعَهُ فَلَا وَإِذَا سَقَطَتِ الشُّرُوطُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ ح تَبْطُلُ الشُّرُوطُ كُلُّهَا وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَكْمُلُ لَهَا الْمَهْرُ إِن لَمْ يَفِ لِقَوْلِهِ عليه السلام كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِكُلِّ شَرْطٍ فِيهِ فَائِدَة

ص: 405

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا جَعَلَ أَمْرَ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ وَأَقَامَتْ مُدَّةً لَا تَقْضِي بِشَيْءٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ مَضَى شَهْرٌ وَنَحْوُهُ سَقَطَ مَا كَانَ بِيَدِهَا إِلَّا أَنْ تُشْهِدَ أَنَّ ذَلِكَ بِيَدِهَا لِتَنْظُرَ فِيهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لم يدْخل أَو يطلّ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَهُ مَالِكٌ وَذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لم تدخل قَالَه مَالك

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنِ اشْتَرَطَتْ فِي الْعَقْدِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً فَقَالَتْ أَرَدْتُ ثَلَاثًا قَالَ ملك طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّ لَفْظَ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا بِخِلَافِ إِذَا تَطَوَّعَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَقِيلَ ذَلِكَ سَوَاءٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ أَبَدًا لِمُنَاقَضَتِهِ الْعَقْدَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَيْهِ حَتَّى وَلَدَتْ لَا يُفْسَخُ لِذَهَابِ الشَّرْطِ وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ كُلُّ وَلَدٍ حُرٍّ فُسِخَ أَبَدًا اتِّفَاقًا فَإِنْ بَاعَهَا السَّيِّدُ أَوْ أَصْدَقَهَا قَبْلَ أَنْ تَحْمِلَ بَطَلَ الشَّرْطُ وَرَقَّ الْوَلَدُ وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إِذَا حَمَلَتْ إِلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ فَتُبَاعَ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُبَاعُ فِيهِ حِفْظًا لِلْعِتْقِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّد

ص: 406

قَبْلَ وَضْعِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَرَثَةِ قِسْمَتُهُ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَمَنَعَ أَصْبَغُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ وَيُخَافَ عَلَى الْمِيرَاثِ التَّلَفُ إِذَا حُمِلَ ثُلُثُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَنَعَهُ وَإِلَّا بِيعَتْ وَقُسِّمَتْ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ رَضِيتُ بِالشُّرُوطِ وَلَا أَلْتَزِمُهَا إِلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَبَنَى بِخِلَافِهَا فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ إِنِّي قُلْتُ لَا أَلْتَزِمُهَا إِلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَتْ مَا بَيَّنَ لِي هَذَا لَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ وَإِنِ الْتَزَمَ الشُّرُوطَ الْآنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِسُقُوطِ الشُّرُوطِ لَا يَنْفَعُ بَعْدَ الطُّولِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَرْأَةِ فِي الْقُرْبِ قَالَ وَالْأَظْهَر هَا هُنَا الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِعِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا الْخِيَارُ إِذَا اطَّلَعَتْ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا اشْتَرَطَتْ إِنْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَهُ أُمُّ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ لَا يُشَارِكَهَا غَيْرُهَا وَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّ السِّرِّيَّةَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُقْضَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِتَأْثِيرِ الشَّرْطِ فِي الصَّدَاقِ وَابْنُ دِينَارٍ يلْزمه الشَّرْط

ص: 407

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِشَرْطِ إِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَأَمْرُهَا بِيَدِهِ إِنْ أَرَادَ مَا هُوَ ضَرَرٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ وَالتَّمْلِيكُ أَوْ مَا يَكْرَهُهُ هُوَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عِنْدَ النَّاسِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُكْرَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ جَازَ وَلَزِمَ التَّمْلِيكُ لِقَوْلِهِ عليه السلام إِنَّ أَوْلَى الشُّرُوطِ أَنْ يُوفى بِهَا مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ وَالْكَرَاهَةُ لِأَصْبَغَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْعَقْدِ وَالرَّابِعُ إِنْ دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الشَّرْطُ وَالْأَخِيرُ الْمَشْرُوطُ فَإِنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ إِنْ رَأَيْتُ مَا أَكْرَهُ إِلَّا الْجَوَازَ ابْتِدَاءً دُونَ كَرَاهَةٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ عَلَى ابْنِهَا الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتُعْطَى صَدَاقَ الْمِثْلِ لِمَا وَضَعَتْهُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِلْجَهْلِ بِالنَّفَقَةِ فَلَعَلَّهُ لَا يَعِيشُ قَالَ وَعَلَى قَوْلِهِ لَوْ ضَرَبَ أَجَلًا صَحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلَى حِينِ الْفَسْخِ أَوْ تَصْحِيحِهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَصِحُّ إِذَا طَرَحَتِ الشَّرْطَ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ

ص: 408

(فَرْعٌ)

قَالَ وَإِذَا قَالَ إِنْ أَخْرَجْتُكِ مِنْ بَلَدِكِ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ ثُمَّ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَالَتْ رَدَدْتُ عَلَيْكَ أَمْرَكَ وَأَسْقَطْتُ الشَّرْطَ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُقْضَى بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَسْقَطَتْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ طَلِّقِ الْأَمَةَ وَلَكَ عَلَيَّ مِائَةٌ صَدَاقُ حُرَّةٍ إِنْ أَرَدْتَ الزَّوَاجَ فَفَعَلَ ثُمَّ طَالَتِ الْمُدَّةُ فَعَتَقَتْ وَرَدَّهَا وَقَدْ مَاتَ الْقَائِلُ قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَقَادَمَ الْأَمْرُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي مَالِهِ وَإِلَّا وَجَبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ هِبَةً تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بَلْ بِحَقِّ الطَّلَاقِ وَتَحَاصَصَ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ هِيَ هِبَةٌ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إِذَا أَعْطَاهُ دَارًا لَهُ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ هَلْ ذَلِكَ لِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ الْحَقَّ تَقَادَمَ أَمْ لَا وَفَاءً بِالشَّرْطِ أَمَّا لَوْ قَالَ إِنْ فَعَلْتَ لِي كَذَا زَوَّجْتُكَ مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ جُعْلٌ لَا يَلْزَمُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَبَنَى بِهَا وَمَعَهَا ابْنَةٌ صَغِيرَةٌ عَالِمًا بِهَا لَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ يَحْضُنُهَا لِأَنَّ عِلْمَهُ رِضًا بِهَا وَإِنْ لَمْ يكن لَهُ وَلِيٌّ يَحْضُنُهَا سَوَاءٌ عَلِمَ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالطَّلَاقِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ عَلِمَ بِهَا وَلَهَا وَلِيٌّ فَلَهُ إِخْرَاجُهَا لِأَنَّ السُّكُوتَ رِضًا

ص: 409

بِالْحَالَةِ الْحَاضِرَةِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُمْنَعُ أَخُو الْمَرْأَةِ مِنْ زِيَارَتِهَا إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ إِفْسَادُهُ لَهَا فَيُمْنَعَ بَعْضَ الْمَنْعِ لِأَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِ مَوَالِيهَا فَهَلَكَ مَوْلَاهَا فَبِيَدِ وَرَثَتِهِ أَوْ وَصِيِّهِ دُونَهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَوْ جَعَلَهُ بِيَدِ غَيْرِ مَوَالِيهَا انْتَقَلَ لَهَا لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ حَقٌّ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَجَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ أَبِيهَا إِنْ تَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَ فَأَرَادَ الْأَبُ الْفِرَاقَ وَكَرِهَتْهُ الْبِنْتُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَيَتَّبِعُ الْمَصْلَحَةَ وَقَالَ مَالِكٌ الْقَوْلُ قَوْلُهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِنْ شرطت عَلَيْهِ يَوْمَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَأَمْرُ امْرَأَتِهُ بِيَدِهَا أَوْ هِيَ طَالِقٌ وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ بَائِنٌ ثُمَّ صَالَحَهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَدْ تَعَذَّرَ شَرْعًا بِالْبَيْنُونَةِ قَالَ قَوْلَهُ هَذَا بِنَاءً عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ وَأَمَّا مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ مَعَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا شَرَطَ إِنْ كَانَ حُرًّا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا يُوقَفُ عَنْهَا دَخَلَ أَمْ لَا وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ الِاشْتِرَاطِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ فُسِخَ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَهَا الصَّدَاقُ بِالْبِنَاءِ وَلَيْسَ هَذَا اخْتِيَارا فِي العقد بل اخْتِيَار لحَال الزَّوْج

ص: 410

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا اشْتَرَطَ أَمْرُ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَحَنِثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا أَبَدًا فَإِنْ تَزَوَّجَ فُسِخَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ النِّكَاحِ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ كُلُّ مَا اشْتَرَطَهُ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ لَازِمٌ لَهُ عِنْدَ الْكِبَرِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ الْأَبَ مُقَامَ الِابْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يعلم بهَا فَيَدْخُلَ عَلَيْهَا فَإِنَّ لِلْأَبِ مَنْدُوحَةً عَنِ الشَّرْطِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْعُقُودِ فَإِنِ اخْتَلَفَ هُوَ وَأَهْلُ الْمَرْأَةِ هَلْ شَرَطَ ذَلِكَ حَالَةَ الْكِبَرِ أَوِ الصِّغَرِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الْإِسْقَاطِ وَالَّذِي يَحْلِفُ مِنْ أَهْلِهَا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ دُونَ غَيْرِهِمَا فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ الزَّوْجُ وَكَانَ ذَلِكَ كَالْبَيِّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ وَقَالَا لَا عِلْمَ لَنَا حَلَفَتِ الْمَرْأَةُ كَمَا تَحْلِفُ فِي الْإِنْفَاقِ فَإِنِ امْتَنَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنَ الِالْتِزَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ مِنَ الصَّدَاقِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الشُّرُوطِ فَإِن دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ قَبْلَ الْعِلْمِ سَقَطَتْ عَنْهُ لِلْفَوَاتِ بِالدُّخُولِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ تَرْضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ قِيلَ لَهُ إِمَّا أَنْ تَرْضَى وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ فَإِنْ طَلَّقَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ شَرَطَ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ لِلصَّغِيرَةِ أَنَّ أَمْرَ نَفْسِهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ إِنْ عَرَفَتِ الطَّلَاقَ فَالْخِيَار لَهَا فِي ذَلِك وَإِلَّا انْتظر تعلقهَا فَإِنِ اشْتَرَطَا أَنَّ أَمْرَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا

ص: 411

تَعْقِلُ فُسِخَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى اخْتِيَارِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ كَانَتْ تَعْقِلُ فَلَهَا الْخِيَارُ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَوْ شَرَطَ أَبُو النَّصْرَانِيَّةِ إِنْ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِي فَأَسْلَمَ سَقَطَ الشَّرْطُ لِأَنَّ شُرُوطَ الْكُفْرِ لَا تَلْزَمُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَانَتْ مِمَّا يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الْعَقْدِ عَلَى جَمَاعَةٍ دُفْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ جَمْعُ النِّسَاءِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُكَارَمَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِالْجَهْلِ بِحِصَّةِ الصَّدَاقِ فَإِنْ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ هَذِهِ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ تُزَوِّجَنِي الْأُخْرَى بِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِيهِمَا عَلَى انْفِرَادٍ جَازِ فَإِنْ أَصْدَقَهَا سِتِّينَ عَلَى أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَصَدَاقُ مِثْلِ إِحْدَاهُمَا أَرْبَعُونَ وَالْأُخْرَى عِشْرُونَ يُطَلِّقُ قَلِيلَةَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُول يرجع عَلَيْهَا بِعَشَرَةٍ وَيَبْقَى بِيَدِهَا عِشْرُونَ عَشَرَةٌ مِنْهَا لِصَاحِبَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى أُخِذَ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِنْ صَاحِبَتِهَا تَمَامُ الْعِشْرِينَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا تزَوجهَا فِي عَقْدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَفَاتَ قُسِّمَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ صَدَاقِ مثلهَا وَلَا يَلْحَقُ بِالْغَرَرِ فَيَبْطُلَ أَوْ يَتَعَيَّنُ صَدَاقُ الْمِثْلِ كَجَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ إِذَا فَاتَا قُسِّمَ الْمُسَمَّى وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ لَا شَيْءَ لَهُمَا لِلْجَهَالَةِ والأمتان

ص: 412

كَالْحُرَّتَيْنِ وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْمِلْكِ وَجَوَّزَهُ الْأَئِمَّةُ ابْتِدَاءً وَإِنْ لَمْ يُسَمّ كَالسِّلْعَتَيْنِ الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي تَدَاعِيهِ وَلَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا إِلَّا بِشَهَادَة رجلَيْنِ وَعند ش وح بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَنَا أَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ الْعَقْدَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَأَنْكَرَتْهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ غَلَبَهَا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَإِنِ ادَّعَاهَا رجلَانِ وَأَقَامَا ببينتين وَلَمْ يَعْلَمِ الْأَوَّلُ فُسِخَ عَقْدُهُمَا بِطَلْقَةٍ لِتَحِلَّ يَقِينا وافقتهما أَو أَحدهمَا أم لَا ول يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ بِخِلَافِ الْبُيُوعِ احْتِيَاطًا لِأَحْكَامِ الْأَبْدَانِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي الْقَضَاءِ بِأَعْدَلِ الْبَيْتَيْنِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْبِيَاعَاتِ وَالنِّكَاحَاتِ وَقِيلَ ل يفْسخ بِطَلَاق بل يتَوَقَّف فَإِنْ تَمَادَى الْفِرَاقُ لَزِمَتْ طَلْقَةٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ لِتَرَجُّحِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِأَعْدَلِهِمَا كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ إِذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ وَاللَّفْظُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَتَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِشَاهِدٍ فَفِي تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْآخَرِ خِلَافٌ ثُمَّ إِنْ نَكَلَ لَمْ يَثْبُتِ النِّكَاحُ وَلَا يُحْبَسْ وَيُغَرَّمُ الصَّدَاقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَظِرُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً قَرِيبَةً وَيُرَى لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ فَإِنْ عَجَزَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا وَقَدْ نُكِحَتْ أَوْ لَمْ تُنْكَحْ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ وَمَنِ ادَّعَى زَوَاجَ امْرَأَةِ رَجُلٍ قَبْلَهُ وَأَتَى بِشَاهِدٍ فَلْيَعْزِلْ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَ الْبَيِّنَةَ إِنِ ادَّعَى أَمْرًا قَرِيبًا فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ لَا يَحْلِفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ فَلَانَا زَوْجُهَا وَفُلَانٌ مُنْكِرٌ وَجُهِلَ التَّارِيخُ يُفْسَخُ النِّكَاحَانِ مَا لَمْ يَقَعِ الدُّخُولُ لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ وَيُقِيمُ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَة هِيَ تُنْكِرُ وَأَقَامَتْ أُخْتُهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ زَوْجُهَا وَهُوَ مُنْكِرٌ وَجُهِلَ التَّارِيخُ فُسِخَ النِّكَاحَانِ

ص: 413

قَالَ مُحَمَّدٌ لِإِنْكَارِهِ نِكَاحَ الْأُخْرَى فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ لِقُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُكَذِّبُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ جَحُودُ مُدَّعِيَةِ السَّبْقِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَثْبَتَتْ نِكَاحَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ مَالِكٌ تُكْشَفُ الْبِكْرُ لِلشُّهُودِ عَلَى رُؤْيَتِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى قَوْلِهَا إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ صَمْتِهَا إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِذَا ادَّعَتِ النِّكَاحَ على ميت وأقامت شَاهد وَاحِدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَحْلِفُ وَتَرِثُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَالٌ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ حَتَّى يَثْبُتَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ فَرعه وَلَو أقرّ فِي صِحَّته بِامْرَأَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَتْهُ بِإِقْرَارِهِ إِنْ كَانَ طارئا وَإِلَّا فخلاف إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ فَيلْحق بِهِ ويرثه وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَجَرَى الْخِلَافُ وَإِقْرَارُ أَبِي الصَّبِيِّ أَوِ الصَّبِيَّةِ مَقْبُولٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إقيما مقامهما وَإِقْرَارُ الْمُحْتَضَرِ بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا بِمَكَّةَ مَقْبُولٌ وَكَذَلِكَ الْمُحْتَضَرَةُ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَلَمْ أَتَزَوَّجْكِ أَمْسِ فَقَالَت بلَى ثمَّ حجد فَاسْتِفْهَامُهُ إِقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ بَلَى تَزَوَّجْتَنِي فَقَالَ مَا تَزَوَّجْتُكِ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِهَذَا وَقَوْلُهَا خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي وَقَوْلُهُ اخْتَلَعَتْ مِنِّي إِقْرَارٌ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فِي الطَّلَاقِ قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ وَكَذَلِكَ أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ بِخِلَافِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَذَلِكَ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالزَّوْجِيَّةِ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَالصَّدَاقُ كَذَا ثَبَتَ ذَلِكَ إِنْ كَانَت فِي

ص: 414

عِيَالِهِ وَحَوْزِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً عَنْهُ فِي أَهْلِهَا لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا أَنْ يُقِيمَهَا عَلَى إِقْرَارِهِ فِي حَيَاتِهِ لِأَنَّ انْقِطَاعَهَا رِيبَةٌ فَإِنْ تَقَارَّا جَمِيعًا وَلَمْ تَكُنْ فِي حَوْزِهِ فَقَالَ ابْن الْقَاسِم يتوارثان إِذا أشهد عَلَى ذَلِكَ وَتَقَادَمَ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ فِي مَرَضِهِ لِمَنْ عُرِفَتْ مَمْلُوكَتَهُ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْتَقْتُهَا فِي صِحَّتِي وَتَزَوَّجْتُهَا وَهِيَ الْآنَ طَالِقٌ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ وَلَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ يَقُلْ أَمْضُوا هَذَا الْعِتْقَ فَإِنْ صَحَّ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الصَّدَاقِ وَفِي الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ وَلَدًا أُعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ كَلَالَةً لَمْ يُعْتَقْ مُطْلَقًا لِلتُّهْمَةِ وَلِمَالِكٍ أَيْضًا إِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَلَدًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا فَمِنَ الثُّلُثِ فَيَجْرِي الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَالصَّدَاقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِذَا أُعْتِقَتْ مِنْهُ أَوْ مِنَ الثُّلُثِ إِنْ أُعْتِقَتْ مِنْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا ادَّعَتِ الثَّلَاثَ وَهِيَ بَائِنَةٌ مِنْهُ ثُمَّ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا لَمْ تُمَكَّنْ مِنْهُ قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ خَالَعَهَا فَقَالَتْ كَذَبْتُ وَأَرَدْتُ الرَّاحَةَ مِنْهُ صُدِّقَتْ مَا لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِلتُّهْمَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تُصَدَّقُ فِي الْمِيرَاثِ دُونَ الرَّجْعَةِ فِي الْحَيَاةِ وَفِي تَصْدِيقِهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ حَالَ الْحَيَاةِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ إِنْ نَكَلَتْ لَمْ تُمْنَعْ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْع كالنكول

ص: 415

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَ زَوْجٍ وَهُمَا طَارِئَانِ وَعَجَزَ عَنْ إِثْبَاتِ ذَلِكَ حَلَفَتْ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ كَانَتْ زَوْجَةً وَقِيلَ لَا تَحْلِفُ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَثْبُتِ النِّكَاحُ قَالَ وَالْقِيَاسُ إِذَا نَكَلَتْ يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَثْبُتُ النِّكَاح الْقُطْبُ الْخَامِسُ فِي مُقْتَضَاهُ وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ الْوَطْءِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَالْوَطْءُ عِنْدَ مَالِكٍ وَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ فِي الْجُمْلَةِ إِذَا انْتَفَى الْعُذْرُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لَنَا الِاتِّفَاقُ عَلَى إِلْزَامِهِ فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ كَالنِّكَاحَاتِ وَالْإِجَارَاتِ تَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَزْمَانِ إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْعُرْفُ كَزَمَانِ الْأَغْذِيَةِ وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَوِ اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ كَأَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ وَزَمَانِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَنْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبَاحُ مِنَ الزَّوْجَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَقْدُ النِّكَاحِ يُبِيحُ كُلَّ اسْتِمْتَاعٍ إِلَّا الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَالِكٍ كَذِبٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قُلْتُ لِمَالِكٍ إِنَّهُمْ حَكَوْا عَنْكَ حِلَّهُ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَنْتُمْ قَوْمًا عَرَبًا قُلْتُ بَلَى قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} الْبَقَرَة 223 وَهَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الزَّرْعِ أَوْ مَوْضِعِ النَّبْتِ وَقَالَ إِسْرَائِيلُ بْنُ رَوْحٍ سَأَلْتُهُ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَقَالَ مَا أَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الزَّرْعِ أَلَا تَسْمَعُونَ اللَّهَ يَقُولُ {نِسَاؤُكُمْ

ص: 416

حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَاعِدَة وقائمة وعَلى جنبها وَلَا يَتَعَدَّى الْفَرْجَ قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَنْقُلُونَ عَنْكَ حِلَّهُ فَقَالَ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ يَكْذِبُونَ عَلَيَّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَنَا قَوْمٌ بِمِصْرَ يُحَدِّثُونَ عَنْكَ أَنَّكَ تُجِيزُ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ فَقَالَ كَذَبُوا عَلَيَّ فَالرِّوَايَاتُ مُتَظَافِرَةٌ عَنْهُ بِتَكْذِيبِهِمْ وَكَذِبِهِمْ عَلَيْهِ وَعُزِيَ إِلَى ش وَنَقَلَ الْمَازِنِيُّ تَكْذِيبَهُ لِذَلِكَ كَمَالِكٍ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ خِلَافَ مَا يَتَوَهَّمُهُ الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ عليه السلام تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم وذكاة الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ فَلَا يَحْصُلُ تَحْرِيمٌ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ وَلَا تَحْلِيلٌ بِغَيْرِ سَلَامٍ وَلَا ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِغَيْرِ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَا النَّسْلُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْثِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ الْمُفْضِي إِلَى النَّسْلِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ قَالَ عليه السلام لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا وَرُوِيَ قَالَ عليه السلام إِن الله لايستحي مِنَ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ وروى الزمدوني قَالَ عليه السلام مَنْ

ص: 417

أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا حَرَّمَ اللواط والاستمناء لَيْلًا يُسْتَغْنَى بِهِمَا عَنِ الْوَطْءِ الْمُوجِبِ لِلنَّسْلِ الْمُوجِبِ لِبَقَاءِ النَّوْعِ وَالْمُكَاثَرَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بأمته وَهَذَا الْمَعْنى قَائِم هَا هُنَا فَيَحْرُمُ لِانْدِرَاجِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} الْأَعْرَاف 157 وَتَلَطُّخُ الْإِنْسَانِ بِالْعَذِرَةِ مِنَ الدُّبُرِ مِنْ أَخْبَثِ الْخَبَائِثِ وَلَا يَمِيلُ إِلَى ذَلِكَ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إِلَّا النُّفُوسُ الْخَبِيثَةُ خَسِيسَةُ الطَّبْعِ بَهِيمِيَّةُ الْأَخْلَاقِ وَالنُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فِي إِفْسَادِ الْعِبَادَاتِ وَإِيجَابِ الْغسْل من الْجَانِبَيْنِ وَوُجُوب الْكَفَّارَة وَالْحَد وَالْعِدَّةِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ دُونَ التَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ وَاخْتُلِفَ فِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ بِهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يُكَلِّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَيُعَرِّيَهَا وَقَالَ الْقَاسِمُ بن مُحَمَّد وَقد سُئِلَ عَن التخير فَقَالَ إِذَا خَلَوْتُمْ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ وَكَرِهَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَجَازَ أَصْبَغُ النَّظَرَ إِلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوَطْءِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَزْلِ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا

ص: 418

بِإِذْنِهَا لِأَنَّهُ يخل بِوَطْئِهَا وَلها حق فِي الْوَطْءِ وَكَمَالِهِ وَلَا عَنِ الْأَمَةِ الزَّوْجَةِ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا دُونَ إِذْنِهَا لِأَنَّ زَوَاجَ الرَّقِيقِ حق للسادات لأجل مَالِيَّة النَّسْل وَيَجُوزُ عَنِ السِّرِّيَّةِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا إِجْمَاعًا لِعَدَمِ حَقِّهَا فِي الْوَطْءِ وَأَصْلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ خَرَجْنَا مَعَهُ عليه السلام فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سبي الْعَرَب واشتهينا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِك فَقَالَ مَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِهِ وَإِذَا قَبَضَ الرَّحِمُ الْمَنِيَّ فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ إِذَا تَخَلَّقَ وَأَشَدُّ مِنْهُ إِذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّهُ قَتْلُ نَفْسٍ إِجْمَاعًا

(1

‌الْبَابُ الثَّانِي فِي أَسبَاب الْخِيَار وَهِي ثَلَاث)

السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ وَفِيهِ فَصْلَانِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجب وَفِي الْكتاب ترد النِّسَاءُ بِالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَدَاءِ الْفَرْجِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بني بياضة فَوجدَ بكشحها بَيَاضًا فَرَدَّهَا وَقَالَ دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ وَرُوِيَ عَنْ

ص: 419

عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ رَدُّ النِّسَاءِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا تُرَدُّ بِعَيْبٍ أَلْبَتَّةَ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا تُرَدُّ الْمَرْأَةُ بِعَيْبٍ وَجَوَابُهُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ مَوْرِدِ السُّنَّةِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فِي الرجل وَفِي الْجَوَاهِر الْجُنُون الصرع والوسواس الَّذِي ذهب مَعَه الْعقل والجذام مَا يُنَفِّرُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَاشْتَرَطَ ش تَفَاحُشَهُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْعِلَاجَ لَنَا أَنَّهُ مُنَفِّرٌ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِي النَّسْلِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ تُرَدُّ إِذَا اطَّلَعَ أَنَّ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ كَذَلِكَ لِتَوَقُّعِهُ فِي الذُّرِّيَّةِ قَالَ وَرَأَيْتُ امْرَأَةً كَانَ أَبُوهَا أَجْذَمَ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهَا وَظَهَرَ فِي عَدَدٍ مِنْ وَلَدِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ تُرَدُّ الْمَرْأَةُ بِالْبَرَصِ وَلَوْ خيط وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ ش كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُذَامِ وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِيهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِي الرَّجُلِ وَإِنْ عَظُمَ فَإِنَّ النَّفْرَةَ مِنَ الْمَرْأَةِ لَا تَمْنَعُ التَّمْكِينَ وَيَمْنَعُ تَعَاطِيَ الْوَطْءِ مِنَ الرَّجُلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُعْتَبَرُ الْجُنُونُ وَلَوْ كَانَ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً وَتُرَدُّ بِالْبَخْرِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ مُنَفِّرٌ وَقَاسُوهُ عَلَى الْجَرَبِ وَالصُّنَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ أَفْحَشُ بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ وَبِالْإِفْضَاءِ وَهُوَ اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْمَنِيِّ وَمَسْلَكِ الْبَوْلِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُرَدُّ بِالْقَرَعِ الْفَاحِشِ لِتَنْفِيرِهِ كَالْبَرَصِ وَمَنَعَ أَبُو الْوَلِيدِ قِيَاسًا عَلَى الْجَرَبِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي الرَّدِّ بِنَتْنِ الْفَرجِ وَالْقَرَعِ وَالسَّوَادِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الرَّدُّ وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ الْبَخْرَ فِي الْفَمِ وَالْأنف

ص: 420

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ يَرُدُّهَا إِذَا وَجَدَهَا عِذْيَوْطَةً وَهِيَ الَّتِي تُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فَإِنْ تَدَاعَيَاهُ قَالَ ابْنُ الْمُعَذَّلِ يُطْعَمُ أَحَدُهُمَا تِينًا وَالْآخَرُ فَقُّوصًا وَخَرَّجَ الْحَنَابِلَةُ عَلَيْهِ النَّاسُورَ وَالْقُرُوحَ السَّائِلَةَ فِي الْفَرْجِ وَمَنَعُوا فِي البخر فَائِدَة قَالَ الجوالقي فِيمَا تَغْلَطُ فِيهِ الْعَامَّةُ يَقُولُونَ الْعُضْرُوطُ لِلَّذِي يحدث فِي الْجِمَاع وَإِنَّمَا هُوَ العدبوط بِكَسْر الْعين وَفتح الْبَاء بِوَاحِدَة من تحتهَا وَالدَّال وَالْوَاو ساكنين والعضروط الَّذِي تَقول لَهُ الْعَامَّةُ هُوَ الَّذِي يَخْدِمُكَ بِطَعَامِهِ وَجَمْعُهُ عَضَارِيطُ وَعَضَارِطَةُ وَفِي الْكِتَابِ مَا عَلِمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْفَرْجِ رُدَّتْ بِهِ وَإِنْ جومعت مَعَه فَإِن الْمَجْنُونَة قَدْ تُجَامَعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي قَطْعِهِ وَلَا عَيْبَ فِي الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إِلَى الْقَطْعِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ رِضَاهَا بِالْقَطْعِ تَشْطر الصَّدَاقَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا يَضُرُّهَا وَلَا عَيْبَ فِيهِ فَالْخِيَارُ لَهَا دونه وَمَا لَا يضر وَلَا يعيب فَالْخِيَار لَهُ دونهَا فَإِن أحب لُزُومهَا وَإِنْ فَارَقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا يَضُرُّ وَيَعِيبُ فَلِكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْتَنِعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ الرَّتْقُ مِنَ الْخِتَانِ أُزِيلَ وَإِنْ كَرِهَتْ إِذَا قَالَ النِّسَاءُ لَا يَضُرُّهَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا أَقَامَتْ لِلْعِلَاجِ نَحْوَ السَّنَةِ وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ كَالْعِنِّينِ وَفِي الرَّدِّ بِالسَّوَادِ وَالْقَرَعِ وَالْبَخْرِ وَالْخَشَمِ وَهُوَ نَتْنُ الْأَنْفِ قَوْلَانِ قَالَ

ص: 421

وَأَرَى رَدَّهَا بِالصِّغَرِ نَحْوَ خَمْسِ سِنِينَ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ كَالرَّتْقَاءِ وَالصَّبْرُ إِلَى الْبُلُوغِ ضَرَرٌ وَكَذَلِكَ الْهَرَمُ الْمُفْرِطُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ الْكُفْرَ عَيْبًا فِي الزَّوْجَيْنِ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَالَ لَهَا أَنَا نَصْرَانِيٌّ فَقَالَ لَهَا الرَّدُّ وَقَالَ رَبِيعَةُ الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ الرَّدُّ بِالسَّوَادِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إِذَا كَانَ أَهْلُهَا بِيضًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَارِفًا بِأَهْلِهَا وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةٌ مِنَ التَّنْبِيهَاتِ الْعَفَلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فِي النِّسَاءِ كَالْأُدْرَةِ فِي الرِّجَالِ لَحَمٌ يَبْدُو مِنَ الْفَرْجِ وَقَالَ غَيْرُهُ رَغْوَةٌ فِي الْفَرْجِ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَالْقَرْنُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مِثْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً وَقَدْ يَكُونُ عَظْمًا وَقَدْ يَكُونُ لَحْمًا وَالرَّتْقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْتِصَاقُ مَوْضِعِ الْوَطْءِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَكْذَبَتْهُ فِي دَاءِ الْفَرْجِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَا ينظر إِلَيْهَا النِّسَاءُ لِأَنَّ النَّظَرَ جَرْحَةٌ فِي الشَّاهِدِ فَإِنْ شَهِدَ امْرَأَتَانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يَنْظُرُ إِلَيْهَا النِّسَاءُ لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْخِصَامِ وَالضَّرَرِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ رَوَى ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي نَظَرَ النِّسَاءِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ مَا عَلِمَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ دَاءِ الْفَرْجِ قَالَ أَبُو الْفضل وَفِيه نظر لِأَنَّهُ يُمكن بقاؤهما عَلَيْهِ وَيُسْأَلُ عَنْهُ النَّاسُ

ص: 422

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَا حَدَثَ بِهَا عِنْدَ الزَّوْجِ مِنَ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَة فَلَا خِيَار لَهَا وَقَالَهُ ش قِيَاسا على عُيُوب البيع قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنَ الْبَرَصِ الْفَاحِشِ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا وَخَالَفَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ حَنْبَلٍ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ حَدَثَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ وَلَا يُحْتَمَلَ النَّظَرُ إِلَيْهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ ثُمَّ كَرِهَتْهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهَا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَهَا نَفْيًا لِلضَّرَرِ لِأَنَّهُ لَا تُؤْمَنُ زِيَادَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ وَإِنْ أُمِنَتْ زِيَادَتُهُ

(فَرْعٌ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا تخشى زِيَادَته من البرص ومالا فَلَا وَرَابِعُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ كَثِيرِ الْبَرَصِ وَقَلِيلِهِ

ص: 423

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنِ ادَّعَى الْأَبُ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ التَّدَاعِي بَعْدَ الدُّخُول لِأَنَّهُ مدعى عَلَيْهِ الرَّد وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ كَقَوْلِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الأيمَانَ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى الْبَتِّ مِنَ الْأَبِ وَالزَّوْجِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَدَاعَيَا تَقَدُّمَهُ عَلَى الْعَقْدِ فِي الْمَرْأَةِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ أَخًا عَلَيْهِ الْيَمين أَو غَيرهمَا فاليمين عَلَيْهَا فَجعل مَحل الْغرم مَحَلَّ الْيَمِينِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُؤَخَّرُ فِي الْجُنُونِ بَعْدَ الْعَقْدِ سَنَةً لِعِلَاجِهِ فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَالْأَجْذَمُ لَهَا مُفَارَقَتُهُ بِخِلَافِ الْأَبْرَصِ لِكَثْرَةِ أَذِيَّةِ الْجُذَامِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ يُرْجَى عِلَاجُ الْأَجْذَمِ أُجِّلَ سَنَةً

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ عَلِمَ بِعَيْبِهَا ثُمَّ دَخَلَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِرِضَاهُ وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَأَمْسَكَهَا فَإِنْ أَنْكَرَ الْعِلْمَ حَلَفَ وَإِنِ ادَّعَتِ الْمَسِيسَ بَعْدَ الْعِلْمِ وَأَنْكَرَهُ حَلَفَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ

ص: 424

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ الْوَلِيُّ هِيَ سَالِمَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ أَصْبَغُ شَرْطٌ وَلَوْ قَالَهُ أَجْنَبِيٌّ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ وَهُوَ سَاكِتٌ فَهُوَ غَرَرٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَوْ كُتِبَ فِي الْعَقْدِ صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ تَلْفِيقُ الْوَثَاقَةِ وَلَوْ قَالَ سَلِيمَةُ الْبَدَنِ فَهُوَ شَرْطٌ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنِ اللَّفْظِ الْمُعْتَادِ يُشْعِرُ بِالشَّرْطِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ لَا تُرَدُّ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْفَحْصِ فَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا تُرَدَّ بِعَيْبٍ أَلْبَتَّةَ صَوْنًا لِلْحَرَائِرِ عَنْ بَذْلَةِ الرَّدِّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ تَنْبِيهٌ فِي الْجُلَّابِ إِنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا جَاهِلًا وَدَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ رَدُّهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعُيُوبِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَالَ الشُّرَّاحُ يُرِيدُ فِي الرُّجُوعِ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْوَلِيِّ قَالَ الْأَبْهَرَيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنِ اسْتِدَامَةِ الْوَطْءِ وَالصَّدَاقُ مَبْذُولٌ لِلِاسْتِدَامَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ وَيَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ مُصِيبٌ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْمُوجِبِ وَفِي الْكِتَابِ يَسْقُطُ الصَّدَاقُ إِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الرَّدِّ وَإِنْ بَنَى فَلَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى وَلِيِّهَا إِنْ كَانَ أَبًا أَوْ أَخًا أَوْ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَلَا يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهُ بِالْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّهُ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ ش يَسْقُطُ قَبْلَ الْمَسِيسِ

ص: 425

وَبَعْدَهُ وَتَرْجِعُ بَعْدَهُ إِلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْفَسْخِ تَرَادُّ الْعِوَضَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إِنْ غَرَّتْ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ لَنَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُمَا فَكَانَ إِجْمَاعًا تَنْبِيهٌ فِي الْجُلَّابِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا فَطَلَّقَهَا وَاخْتَارَ رَدَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا قَالَ الشُّرَّاحُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَجُوزُ لِأَنَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ يَتَعَذَّرُ الرَّدُّ بَلْ مَعْنَاهُ فَرَدَّهَا وَطَلَّقَهَا بِالرَّدِّ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مُعْدِمًا أَوْ مَاتَ دُونَ شَيْءٍ لَمْ يرجع على الْمَرْأَة قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مَلِيَّةً أَوْ عَلَى أَوَّلِهِمَا يُسْرًا إِن كَانَت عديمة كالضامن مَعَ الْمَضْمُون عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ عَلِمَ الْبَعِيدُ ذَلِكَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَيَحْلِفُ إِنِ ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِأَمْرِ عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ لَقَدْ عَلِمَ وَغَرَّنِي فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا لِإِقْرَارِهِ بِغَرَرِ الْوَلِيِّ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ زَوَّجَ الْأَخُ الْبِكْرَ بِإِذْنِ الْأَبِ فَالْغُرْمُ عَلَى الْأَبِ أَوِ الثَّيِّبَ فَعَلَى الْأَخِ لِانْتِفَاءِ الْإِجْبَارِ وَإِنْ زَوَّجَ غَيْرُ وَلِيٍّ غَارًّا رَجَعَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ كَالْمُوَكَّلِ عَلَى الْبَيْعِ وَيَعْلَمُ الْمُشْتَرِي الْوَكَالَةَ

ص: 426

(فَرْعٌ)

قَالَ وَإِذَا رَجَعَ بِالصَّدَاقِ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ مَا اشْتَرَتْهُ لِشَوَارِهَا لِأَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ فِي تَصَرُّفِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ لَا يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَالْعَبْدِ الْمَعِيبِ يُبَاعُ قَبْلَ الْعِلْمِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا غَرَّ الْوَلِيُّ فَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَضَمِنَ الْوَلِيُّ الصَّدَاقَ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ تُرِكَ لَهَا رُبُعُ دِينَار قَالَ اللَّخْمِيّ فَإِن غراه جَمِيعًا تخرج فِي الرُّجُوعِ بَيْنَهُمَا فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ رَجَعَ عَلَيْهَا وَالْمَرْأَةُ وَالْوَلِيُّ فِي الْعُيُوبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَقِسْمٌ يُحْمَلُ فِيهِ الْأَبُ فِيهِ وَحْدَهُ عَلَى الْعِلْمِ كَعَيْبِ الْفَرْجِ الَّذِي تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْأُمُّ حَالَةَ التَّرْبِيَةِ وَقِسْمٌ يُحْمَلُ جَمِيعُهُمْ عَلَى الْجَهْلِ فِيمَا يَخْفَى عَلَى الْأُمِّ أَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ نَفْسُهَا أَوْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَالْعَفَلِ أَوْ يَكُونُ مِنْ ذَوِي الْقَدْرِ فَلَا يُخْبِرُ بِعَيْبٍ بِابْنَتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا اتَّهَمَ الْوَلِيَّ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَنَكَلَ لَهُ الرُّجُوع على الْمَرْأَة خلاف مَا تَقَدَّمَ قَالَ وَهَذَا أَصْوَبُ لِأَنَّهَا تُخْفِي عَيْبَهَا فَلَا يَضُرُّ الزَّوْجَ عُدُولُهُ عَنْهَا إِلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ أَمَرَتْهُ أَنْ يُخْبِرَ بِعَيْبِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَيْهَا فِيمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ وَلَيْسَ لَهَا بَيْعُ مَعِيبٍ وَأَخْذُ ثَمَنِ سَالِمٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَتَهُمْ لَا يَتْرُكُونَ مِنْ صَدَاقٍ لِعَيْبٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبُ غَائِبًا يَخْفَى خَبَرُهَا عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا عَلِمَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ الْغُرْمُ

ص: 427

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ فَارَقَ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ خَالَعَ ثُمَّ عُلِمَ الْعَيْبُ بَعْدَ ذَلِكَ بَطَلَ الرُّجُوعُ وَيُغَرَّمُ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ كَالْمَبِيعِ الْمَعِيب يَفُوتُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَإِنْ غَرَّتْهُ رَجَعَ عَلَيْهَا وَإِنْ غَرَّهَا رجعت بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي عُيُوبِ الرِّجَالِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ لِلْمَرْأَةِ رَدُّ الرَّجُلِ بِالْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الْبَقَرَة 228 قَالَ مَالِكٌ تَرُدُّهُ بِالْجَبِّ وَالْخِصَاءِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ خِلَافًا لِ ش فِي كَوْنِهِ فَسْخًا كَالْبَيْعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ فَلَا يدْفع حكمه إِلَّا الطَّلَاق لِأَنَّهُ الْوَاقِع الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَمَا عَدَاهُ مَمْنُوعٌ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْأمْلَاكَ يُؤْثِرُ الِاخْتِيَارَ فِي إِسْقَاطِهَا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا فَأُمِرَ فِي رَفْعِهَا بِالْإِقَالَةِ وَالْفَسْخِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ قَالَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ إِنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ دُونَ أُنْثَيَيْهِ وَهُوَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ وَإِنْ عَلِمَتْ بِعَيْبِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بعده ومكنته سقط قَوْلهَا إِلَّا فِي الْعنَّة لِأَنَّهَا تَرْجُو عِلَاجَهُ قَالَ الْأَبْهَرَيُّ وَلَهَا الْمُفَارَقَةُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ لَا أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ فَارَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ إِلَّا فِي الْعِنِّينِ لِأَنَّهُ غَارٌّ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعُيُوبُ الرَّجُلِ أَرْبَعَةٌ الْجَبُّ وَهُوَ قَطْعُ الذَّكَرِ والأنثيين والخصاء وَهُوَ قطع أَحدهمَا وَالْعُنَّةُ وَهُوَ فَرْطُ صِغَرِ الذَّكَرِ وَالِاعْتِرَاضُ وَهُوَ

ص: 428

عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ لِعِلَّةٍ وَيُسَمَّى أَيْضًا عُنَّةً فَإِنَّ الْعُنَّةَ مِنَ الِاعْتِنَانِ وَالْعَنَنِ وَهُوَ الِاعْتِرَاضُ وَمِنْهُ عَنَانُ السَّمَاءِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَنَانَةَ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقِيلَ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعْتَرِضُ قُبُلَ الْمَرْأَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْآفَةَ عَرَضَتْ لَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْخَصِيُّ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَهُ عَلَى مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ يُضْرَبُ لِلْمُعْتَرِضِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ تَرَافُعِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَعَمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْعِلَّةِ فِي أَحَدِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا فِي الْأَجَلِ فَلَهَا الْفُرْقَةُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُمَا وَتَعْتَدُّ لِوُجُودِ مَظِنَّةَ الْوَطْءِ وَلِحَقِّ الْوَلَدِ وَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ لِطُولِ الْمُدَّةِ وَإِخْلَاقِ الْجِهَازِ وَقِيلَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُضْرَبُ لِلْعَبْدِ نِصْفُ سَنَةٍ لِأَنَّ تَحْدِيدَ مُدَّةِ النِّكَاحِ عَذَابٌ وَيَتَشَطَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النِّسَاء 25 وَلِأَنَّهُ مُقَرَّبٌ مِنِ الْفِرَاقِ وَهُوَ عَذَابٌ وَقِيلَ سَنَةٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الضَّرْبَ رِفْقٌ بِهِ وَانْتِقَالُ الْأَمْرَاضِ فِي الْفُصُولِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالضَّرْبُ هَا هُنَا مِنْ يَوْمِ الْمُرَافَعَةِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِخِلَافِ الْمُوَلِّي مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَلِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْتُ الْمُسَامَحَةَ فَأَخَّرْتُ الْمُعَالَجَةَ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْعُنَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ وَإِذَا قَالَ جَامَعْتُهَا فِي الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ

ص: 429

لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ اسْتِحْقَاقَ الْفِرَاقِ وَقَالَ ش الْقَوْلُ قَوْلُهَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْبِكْرُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا النِّسَاءُ وَالثَّيِّبُ يُقَالُ أَخَرَجَ مَاءُكِ فَإِنَّ الْعِنِّينَ يَعْجِزُ عَنِ الْإِنْزَالِ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا وُضِعَ عَلَى النَّارِ فَإِنَّ الْمَنِيَّ يَذُوبُ وَفِي الْكِتَابِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً وَنَزَلَتْ فِي الْمَدِينَةِ فَأَفْتَى فِيهَا غَيْرُ مَالِكٍ بِأَنْ يُجْعَلَ الصُّفْرَةُ فِي فَرْجِهَا وَقِيلَ تُجْعَلُ النِّسَاءُ مَعَهَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الَّذِي أَفْتَى بِالصُّفْرَةِ هُوَ ابْنُ أَبِي صُفْرَةَ لَكِنْ بِعَكْسِ مَا فِي الْكِتَابِ قَالَ تُجْعَلُ عَلَى ذَكَرِهِ وَتُلْتَمَسُ فِي فَرْجِهَا وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مُفَسِّرًا لِلْكِتَابِ تُبْطَحُ عَلَى ظَهْرِهَا فِي الْأَرْضِ وَيَكْشِفُ هُوَ مَا خلفهَا لَيْلًا يَجْعَلَ الصُّفْرَةَ بِإِصْبَعِهِ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ بَلْ مَوَاضِعُ الْوَطْءِ لَا يَصِلُهَا الْإِصْبَعُ وَقِيلَ يُجْعَلُ النِّسَاءُ مَعَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحْلِفُ إِلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَعْوَى الْإِصَابَةِ ثُمَّ حَيْثُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَأَقَامَتْ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ وَمَذْهَبُ ش لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ مُطلقًا من غير حَاكم كالإقامة فِي الْبَيْعِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ فَيُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بالحاكم وَهُوَ حجتنا على الشَّافِعِي فِي أَصْلِ الْعُنَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَمْرٌ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُؤْمَرَ هُوَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَإِنِ امْتَنَعَ أوقع الْحَاكِم فَإِن وَطئهَا ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا أَوْ زَمِنَ فَلَا حُجَّةَ لَهَا وَقَالَ ش السُّقُوطُ حَقُّهَا بِالْوَطْأَةِ الْأُولَى إِلَّا مَعَ قَصْدِ الضَّرَرِ كَالْمُوَلِّي وَإِنْ أَصَابَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَهَا مُرَافَعَتُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِالْعَيْبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجْلٌ ثَانٍ فَإِنْ أَصَابَ وَإِلَّا خُيِّرَتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَتَوَقَّعُ

ص: 430

بُرْءَهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ لَا مَقَالَ لَهَا لِأَنَّهَا عَلِمَتْ بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ إِذَا تَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَعَلِمَتِ الثَّانِيَةُ بِمَا تَقَدَّمَ أَوْ ضُرِبَ لَهُ أَجْلٌ فَلَمْ يُصِبْ وَرَضِيَتْ بِالْمَقَامِ ثُمَّ قَامَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ قَامَتْ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَلَا مَقَالَ وَالْقِيَاسُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدَمُ مَقَالِهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ وَلَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ إِلَّا لِمَنْ يُرْجَى وَلَمْ يُعَالَجْ قَبْلَ ذَلِكَ سَنَةً فَإِنْ مَرِضَ فِي أَجَلِهِ لَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ مَضَتِ السَّنَةُ وَهُوَ مَرِيضٌ اسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَرِضَ بَعْضُهَا لَمْ تُطَلَّقْ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ مَانِعًا مِنْ زَوَالِ عِلَّتِهِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ إِنْ مَرِضَ جَمِيعُهَا فَإِنْ صَحَّ النِّصْفُ الثَّانِي كُمِّلَ عَلَيْهِ وَإِنْ صَحَّ الْأَوَّلُ اسْتُؤْنِفَ الْأَجَلُ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَتِ الْعَيْبَ وَأَنْكَرَ فَالْمَجْبُوبُ وَالْمَحْصُورُ وَمَمْسُوحُ الذَّكَرِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأُنْثَيَيْنِ مُخْتَبَرٌ بِالْجَسِّ مِنْ عَلَى الثَّوْبِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعِنِّينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَجَازَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ قَوْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ وَأَرَى أَنْ تُسْأَلَ الْمَرْأَةُ فَإِنْ شَكَتْ عَدَمَ الِانْتِشَارِ نُظِرَ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقُ فَإِنْ قَالَتْ يَذْهَبُ انْتِشَارُهُ إِذَا دَنَا فَيَجُوزُ أَنْ تُصَدَّقَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْرِضُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا تُصَدَّقَ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ حُدُوثَ عِلَّتِهِ

ص: 431

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لِوُلَاةِ الْمِيَاهِ وَصَاحِبِ الشُّرَطِ ضَرْبُ أَجَلِ الْعِنِّينِ وَالْمَفْقُودِ لِأَنَّهُمْ حُكَّامٌ

(فَرْعٌ)

إِذَا حَدَثَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ بَعْدَ النِّكَاحِ عُزِلَ عَنْهَا وَأُجِّلَ سَنَةً لِعِلَاجِهِ فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه وَقَالَ رَبِيعَةُ إِنْ أَذَاهَا لَمْ تُحْبَسْ عِنْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ طَلَاقُهُ وَلَهَا مُفَارَقَةُ الْبَيِّنِ الْجُذَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رُجِيَ عِلَاجُهُ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ يُفَرَّقُ بِالْبَرَصِ الْمُنْتِنِ الرَّائِحَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إِنْ أَضَرَّ بِهَا وَفِي الْجُلَّابِ رُوِيَ الرَّدُّ بِالْبَرَصِ كَمَا تُرَدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ وَرُوِيَ عَدَمُ الرَّدِّ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِمْتَاعِ كَالْمَرْأَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرَدُّ بِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا دُونَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا مُؤْذِيًا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ إِذَا حَدَثَ الْخِصَاءُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا مَقَالَ لَهُ لِنَيْلِهَا الْوَطْءَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ خُصِيَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ

ص: 432

(فَرْعٌ)

فِي الْجُلَّابِ إِذَا فُرِّقَ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَامْرَأَته بحداثة نِكَاحِهِ فَفِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ رِوَايَتَانِ وَيُكْمِلُ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ سُؤَالٌ كَيْفَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِحَدَاثَةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنه لَا يدمن مَنْ ضَرَبَ أَجَلَ سَنَةٍ اتِّفَاقًا جَوَابُهُ تَقَعُ الْفرْقَة لعدم النَّفَقَة أَو المضارة وَغَيْرِهِمَا قَبْلَ السَّنَةِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ مَنْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ وَتَرَكَ الْوَطْءَ لَمْ يُنْهَ عَنْ تَبَتُّلِهِ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْفِرَاقِ إِنْ طَالَبَتْهُ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا هَرِمَ الرَّجُلُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى ذَلِكَ تَمْهِيدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعُيُوبُ ثَلَاثَةٌ مَا يَجِبُ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ عُقِدَ مَعَهُ صَحَّ كَالْقَطْعِ وَالْعَمَى وَالشَّلَلِ وَمَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ اجْتِنَابُهُ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ خَصِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَزِمَهَا وَقِيلَ لَا مَقَالَ لَهَا فِي الْجُذَامِ الْفَاحِش وَقَالَ سَحْنُون لَهَا الْمقَام فِي الْجُنُون والجذام وَغير الْكبر لِأَنَّهُ ضَرَر وَلَو كَانَت الْمَجْنُونَة اغْتُفِرَ عَيْبُهُ لِعَيْبِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَ ذَاهِبَ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ قَالَ سَحْنُونٌ مَضَى نِكَاحُهُ وَلَا مقَال لَهَا فِي عدم النَّسْل كالعقم وَقَالَ مَالِكٌ يُرَدُّ لِنَقْصِ جِمَاعِهِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ وَلِلْمَرْأَةِ رَدُّهُ بِقَطْعِ الْحَشَفَةِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْمَجْنُونَةِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ مَجْنُونَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ بَلْ إِذَا اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ صَاحِبِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقيام

ص: 433

وَإِن كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَجُذَامٍ وَجُذَامٍ أَوْ غَيْرِهِ السَّبَب الثَّانِي الْغرُور وَفِيهِ نَظَرَانِ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي الْغُرُورِ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ وَبِالْقَوْلِ الَّذِي هُوَ الْإِخْبَارُ مِنْ غَيْرِ مُبَاشِرَةِ الْعَقْدِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ دون القَوْل لقُوته فَائِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ أَو بِسَبَب الْإِتْلَاف كحفر بِئْر غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَهْلِكُ فِيهِ مَعْصُومُ النَّفْسِ أَوِ الْمَالِيَّةِ أَوْ وَضْعِ يَدٍ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَيْدِ الْغَاصِبِ وَيَدِ الْمُخْتَبِرِ لِلسِّلْعَةِ لِيَشْتَرِيَهَا فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ وَإِنْ لَمْ يُتْلِفَا وَلَا كَانَا سَبَبًا لِلْإِتْلَافِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِنَا وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ فَإِنَّ يَدَ الْمُسْتَامِ لَيْسَتْ عَادِيَّةً وَمَتَى اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ قُدِّمَتِ الْمُبَاشَرَةُ كَحَافِرِ بِئْرٍ وَالْإِلْقَاءِ فِيهِ فَيُقَدَّمُ الْإِلْقَاءُ لِقُرْبِهِ مِنَ الْأَثَرِ إِلَّا أَنْ يَقْوَى التَّسَبُّبُ جِدًّا فَيُقَدَّمَ كَتَقْدِيمِ السُّمِّ فِي طَعَامِ الْإِنْسَانِ أَوْ يَسْتَوِيَانِ فِي الْقُوَّةِ فَيُعْتَبَرَانِ مَعًا كَإِكْرَاهٍ عَلَى الْقَتْلِ لِيُقْتَصَّ مِنْهُمَا فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ ضَمَانُ الصَّدَاقِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغُرُورَ تَسَبُّبٌ وَتَضْمِينُ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا فَأَبْطَلَ الْأَبُ رقّه بظنة الْحُرِّيَّة فَهُوَ مُبَاشرَة الْإِبْطَالِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ غَرَّتْهُ بِحُرِّيَتِهَا فَعَلِمَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِرِقِّهَا وَإِذْنِ سَيِّدِهَا فِي إِنْكَاحِهَا فَلَهُ الْفِرَاقُ لِعَيْبِ الرِّقِّ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَن يَبْنِي فَلَهَا الْمُسَمَّى لِاسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُهُ إِلَّا أَنْ يزِيد على صدَاق الْمثل وَيسْقط الزَّائِد

ص: 434

وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَهَا الْمُسَمَّى لِتَغْرِيرِهِ بِالْعَقْدِ وَلَا يفْسد العقد بالغرور عِنْد ملك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش يَفْسُدُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ فَرَسًا فَوَجَدَهُ حِمَارًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَاتِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدَ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاض وَتمّ فَاتَتِ الذَّاتُ بِالْكُلِّيَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّهُ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ للرضا بِالْمُسَمّى كَمَا لَو زنى بِهَا طَائِعَةً وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ غَيْرُهُمَا لَيْسَ لَهَا إِلَّا رُبُعُ دِينَارٍ قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُزَادُ عَلَى مَا أَعْطَاهَا إِنْ كَانَ رُبُعَ دِينَارٍ وَلَوْ نَقصهَا وَطْؤُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا أَعْطَاهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ أَصْدَقَهَا مِثْلَ صَدَاقِ مِثْلِهَا أُعْطِيَتْ نِصْفَ صَدَاقِ حُرَّةٍ وَنِصْفَ صَدَاقِ أَمَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي ادِّعَاءِ ظَنِّ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ أَصْبَغُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى السَّيِّدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْأَبَ مُدَّعٍ حُرِّيَّةَ وَلَدِهِ وَهُوَ وَلَدُ أَمَةِ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ بِرِقِّهَا وَقَدْ فَشَا غُرُورُهُ لَهُ وَوَلَدَتْ لَمْ تُصَدَّقْ لِاتِّهَامِهِ فِي نَسَبِ الْوَلَدِ وَإِسْقَاطِ الْقِيمَةِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا أخبرهُ رجل أَنَّهَا حرَّة زَوجهَا إِيَّاهُ غَيْرُهُ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُخْبِرِ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرِ الْعَقْدَ وَكَذَلِكَ إِنْ بَاشَرَهَا جَاهِلًا بِالرِّقِّ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ دُونَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرُّهُ مَنْ

ص: 435

ولد وَلَو أعلمهُ أَنه غير ولي وَلم يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ عَلَى تَوَقُّعِ الْفَسْخِ مِنَ الْوَلِيِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا عَلِمَ بِالرِّقِّ وَبَاشَرَ كَانَ وَلِيًّا أَمْ لَا وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبُعَ دِينَارٍ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْبُضْعَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَوْ غَرَّ عَبْدُهُ حُرَّةً فَإِنْ أَجَازَ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ فَلَهَا الْخِيَارُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ عِلْمِهَا فَإِنَّهُ رِضًا فَإِنْ كَرِهَتْهُ فَرَّقَ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يُفَارِقَ الزَّوْجُ النَّظَرُ الثَّانِي فِي الْوَلَدِ وَهُوَ حُرٌّ إِجْمَاعًا وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْأَبِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَوْمَ الْوَضْعِ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ مِنَّا فِي الْجَوَاهِرِ لِقَضَاءِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم بِذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ مَنْعُ السَّيِّدَ مِنَ الْوَلَدِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ لِتَفْوِيتِ الرِّقِّ لَضَمِنَهُ جَنِينًا لِتَخَلُّقِهِ حُرًّا وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَقَدْ قَضَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهما بِمِثْلِهِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا أَعْدَلُ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ قُتِلَ فَأَخَذَ أَبُوهُ دِيَتَهُ حُرًّا ثُمَّ اسْتَحَقَّتِ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَتْلِ عَبْدًا أَوْ بِمَا أَخَذَهُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إِنْ كَانَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِلَّا عَبْدٌ أَوِ الدِّيَةُ فَيَقُولُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ أَضْمَنْ شَيْئًا وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الدِّيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا لَوِ اقْتَصَّ الْأَبُ مِنْ قَاتِلِهِ أَوْ هَرَبَ قَاتِلُهُ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا فَإِنَّهُ لِأَبِيهِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا اسْتَهْلَكَ الْقِيمَةَ فَوَجَدَهُ

ص: 436

السَّيِّدُ مُعْدِمًا لَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى غَارِمِ الدِّيَةِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا لَزِمَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ جُنِيَ عَلَى الْوَلَدِ جِنَايَةً دُونَ النَّفْسِ تَزِيدُ دِيَتُهَا عَلَى قِيمَتِهِ فَالْفَاضِلُ لِلْوَلَدِ لِأَنَّهُ بَدَلُ أَجْزَائِهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ فَعَلَى الْأَبِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوَضْعِ وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَلْقَتْهُ بِجِنَايَةٍ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْأَبِ غُرَّةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْهَا أَوْ مِنْ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَتْلِ وَلِلْوَلَدِ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَالْجِنَايَاتِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَبَعْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الْقَتْلِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَحَقَّتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا مُعْدِمًا أَوْ فِي حَيَاتِهِ مُعْدِمًا وَوَلَدُهَا مُوسِرٌ فَالْقِيمَةُ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْفِدَاءِ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَعَلَيْهِ إِذَا أَيْسَرَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ أَبِيهِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا رُجِعَ عَلَيْهِ عِنْد عدم الْأَب يقوم بِغَيْر مَال لَيْلًا يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَالِهِ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ آخَرُونَ يُقَوَّمُ بِمَالِهِ لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ التَّقْوِيم

ص: 437

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَوِ اسْتَحَقَّ الْأَمَةَ عَمُّ الْوَلَدِ أَخَذَ قِيمَتَهُ إِذْ لَا عِتْقَ عَلَيْهِ أوجده فَلَا قِيمَةَ لَهُ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ لِتَخَلُّقِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَإِنَّمَا أُخِذَتِ الْقِيمَةُ فِيهِ بِالسُّنَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَاؤُهُ لِأَبِيهِ وَلَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أَمَتَهُ عَالِمًا فَالْوَلَاءُ لِجَدِّهِ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ إِذْ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَجْنَبِيًّا لَكَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ فَإِنَّهُ حُرٌّ فِي الْوَلَدِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ غَرَّتْهُ أَمَةُ أَبِيهِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ أَمَةُ الِابْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي أَمَةِ الِابْنِ يُغَرَّمُ الْأَبُ قِيمَتَهَا دُونَ وَلَدِهَا وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ وَالتَّزْوِيجُ فِيهَا مُلْغًى وَأَمَّا أَمَةُ الْأَبِ الْغَارَّةُ لِلِابْنِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَأْخُذهُ الْأَبُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكتاب إِذا غرت أم الْوَلَدِ فَلِسَيِّدِهَا قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى رَجَاءِ عِتْقِهِ بِعِتْقِ أُمِّهِ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ لِعِتْقِهِمْ بِالْمَوْتِ وَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلِلْأَبِ دِيَةُ الْأَحْرَارِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِمَّا أُخِذَ أَوْ قِيمَتُهُمْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ يُغَرَّمُ الْأَقَلَّ مِنَ الْمَأْخُوذِ أَوْ قِيمَةَ الْوَلَدِ عَبْدًا لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ تُأْخَذُ قِيمَتُهُ عَبَدًا قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْأَبَ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ تَخْفِيفًا عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بِخِلَافِ الْقَاتِلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا قِيمَةَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْعَمَلَ مِنْ وَلِدِ أُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى مَا فَاتَ

ص: 438

السَّيِّدَ مِنَ الْعَمَلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيمَتُهُ يَوْمَ وُلِدَ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ فِيهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِلَّا غُرِّمَ أُجْرَتُهُ كُلَّ يَوْمٍ كُلَّمَا كَبُرَ زَادَ الْأَبُ أُجْرَتَهُ وَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ بَعْدَ أَنْ صَارَ رَجُلًا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَإِنْ مَرِضَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَصِحَّ وَإِذَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الْأُمُّ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَتَتَّفِقُ الْأَقْوَالُ لِأَنَّ الْمُرَاعَى يَوْمَ الْحُكْمِ إِلَّا قَوْلَ الْمُغِيرَةِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا الْوَلَدِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ تُقَوَّمُ خِدْمَةُ وَلَدِ الْمُعْتِقِ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَوَّمُ عَبْدًا لَا عِتْقَ فِيهِ كَمَا لَوْ قَتَلَتْهُ أُمُّهُ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ الْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فِي عَدَمِ عِتْقِهِمْ ثُمَّ أَصْلُ مَنْ عَتَقَ أُمَّ الْوَلَدِ وَقِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ مَوْقُوفَةٌ إِنْ عَجَزَتِ الْأُمُّ أُخِذَتْ وَإِنْ أَدَّتْ دُفِعَتْ لِلْأَبِ لِظُهُورِ حُرِّيَّتِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ قِيمَتُهُ رَقِيقًا لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّدْبِيرِ لِأَنَّ مَنِ اشْتَرَى مُدَبَّرًا فَأَعْتَقَهُ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِتَدْبِيرِهِ وَإِنْ كَانَتْ غُرَّةً وَالْقِيمَةُ الْمَدْفُوعَةُ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَاسْتَحَبَّ مُحَمَّدٌ تَعْجِيلَ دَفْعِهَا لِلسَّيِّدِ بِحَسَبِهَا فِي الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ أَوْ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِأَنَّ كُلَّ مَا وَلَدَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا فَكَاتِبُهَا أَحَقُّ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا كَمَا لَوْ قُتِلَ أَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ مِمَّنْ يَسْعَى بِرِضَا الْأُمِّ فَيَسْقُطُ عَنْهَا بِمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ غُصِبَتْ مُكَاتَبَتُهُ فَبِيعَتْ فَوَلَدَتْ عِنْدَ

ص: 439

الْمُشْتَرِي أَخَذَهَا السَّيِّدُ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا رَقِيقًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُوقَفُ الْقِيمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ يُعْطَى لِلْأُمِّ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يلْزم الْأَبَ إِلَّا الْأَقَلُّ كَمَا لَوْ قُتِلَ السَّيِّدُ مِنْ وَلَدِهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ تُحْسَبُ قِيمَتُهُ مِنْ آخِرِ الْكِتَابَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى الْأَبِ قِيمَةُ وَلَدِ الْمَبِيعَةِ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ عِنْد الْأَجَل قَالَ اللَّخْمِيّ إِذَا كَانَ الْغُرْمُ يَسْقُطُ إِذَا أَدَّتِ الْمُكَاتَبَةُ وَيَسْقُطُ إِذَا عَجَزَتْ أَنْ لَا يُعَجِّلَ الْغَرَامَةَ بِالشَّكِّ إِذَا أَمِنَتْ غَيْبَتَهُ أَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ وَإِلَّا دُفِعَتْ لِلسَّيِّدِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِنْ خِيفَ وُقِفَتْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ أَدَّتْ رُدَّتْ لِلْأَبِ وَإِنْ خِيفَ عَجْزُهَا وَكَانَ فِي بعض الْقيمَة وَفَاء أَخذ والفاضل لِلْأَبِ وَإِلَّا دُفِعَتْ لِلسَّيِّدِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ ولد العَبْد الْمَغْرُور رَقِيق لسَيِّدهَا وَقَالَهُ ح إِذْ لَا بُدَّ مِنْ رِقِّهِ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَقِيلَ هُوَ حُرٌّ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِحُرِّيَّةِ ولد الْأمة ظن حريتها وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْحَرِيَّةِ لَمْ تَجِدْ مَنْ تَتْبَعُهُ بِالْقِيمَةِ وَفِي الْكِتَابِ لَا قِيمَةَ لَهُ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ فَلَمْ يَفُتْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْمَهْرِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ مَنْ غَرَّهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَغُرُّهُ غَيْرُهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْفَضْلِ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَوَهَّمُ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ بَحُرِّيَّتِهَا فَبَذَلَ لِذَلِكَ زِيَادَةً وَهَذَا إِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ بَنَى عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ بِخِلَافِ الْحُرِّ لَا يَشْتَرِطُ حُرِّيَّتَهَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهَا أَمَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ

ص: 440

يَمْنَعُ زَوَاجَ الْأَمَةِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا الْخِيَارُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهَا بَتْلًا أَوْ كُلُّهَا لَكِنْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا لِأَنَّ سَبَبَ خِيَارِهَا عَدَمُ اتِّصَافِهَا بِالرِّقِّ فَلَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ كُفؤًا لَهَا وَإِنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ وَأَصْلُهُ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عليه السلام أَيُّمَا أَمَةٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَعَتَقَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنْ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ فَخَيَّرَهَا عليه السلام فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ لَهَا عليه السلام لَو راجعته فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرٍ مِنْكَ فَقَالَ لَا إِنَّمَا أَنَا شَفِيعٌ فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ وَقَالَ الْأَسْوَدُ كَانَ حُرًّا قَالَ الْبُخَارِيُّ قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ وَقِيلَ لَهَا الْخِيَارُ مَعَ الْحُرِّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهَا مَجْبُورَةً عَلَى النِّكَاح فتختار عِنْدَ زَوَالِ الرِّقِّ فَإِنْ عَتَقَتْ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ قَالَ وَلَوْ قِيلَ بِمَنْعِهَا مِنَ الطَّلَاقِ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ أَنَا لَا أَرْتَجِعُ كَانَ حَسَنًا وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ فِي الْمصلحَة وَكَذَلِكَ السفيهة أَن لَا تُبَادِرَ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا لِأَنَّ لَهَا عِصْمَةَ نَفْسِهَا كَالِامْتِنَاعِ مِنَ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً وَرِضَاهَا بِالْمَقَامِ لَا يَلْزَمُهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَظَرًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ تَصَرُّفِهَا وَيَلْزَمُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمَالِ وَالسَّفِيهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا

ص: 441

(فَرْعٌ)

قَالَ فَلَوْ رَفَعَهَا الزَّوْجُ عِنْدَ الْعِتْقِ وَقَالَ أما تَخْتَارِينِي أَوِ الطَّلَاقَ فَقَالَتْ أَنْظُرُ وَأَسْتَشِيرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح خِيَارُهَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعِلْمِ لَنَا قَوْلُهُ عليه السلام فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَاسْتُحْسِنَ أَنْ تُؤَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَطَلَبَتْ بِالنَّفَقَةِ عَنِ الْمَاضِي لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ لِمَنْعِهَا نَفْسَهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي كِتَابِ التَّمْلِيكِ إِذَا قَالَ إِنْ لَمْ أَبِعْكِ إِلَى السَّنَةِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَقَالَتْ إِنْ خُنْتَ فَقَدِ اخْتَرْتُ نَفْسِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْأَوَّلَ عَدَمُ وُجُودِ السَّبَبِ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْقَسْمِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ وَالْإِبْرَاءِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُ وَاتَّفَقَا إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْكِ إِلَى سَنَةٍ فَأَمْرُكِ بِيَدِكِ فَقَالَتْ إِنْ فَعَلْتَ فَقَدِ اخْتَرْتُ أَنَّهُ لَازِمٌ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَ الزَّوْجُ بَتْلًا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لحُصُول الْمُسَاوَاة

ص: 442

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنِ اخْتَارَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَيَرُدُّهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَهَلْ يَسْقُطُ خِيَارُهَا لِأَنَّ ثُبُوتَهُ يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاطِهِ بِبُطْلَانِ الْعِتْقِ بِهِ مِنَ الصَّدَاقِ أَوْ يَثْبُتُ وَيُبَاع فِي الصَدَاق لوُقُوع ذَلِك تبعا إِذْ يَثْبُتُ وَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ طَارِئٌ بِاخْتِيَارِهَا فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَالَهُ ش خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الْعُيُوبِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَتْبَعُهَا كَمَالِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ قَبَضَهُ أَوِ اشْتَرَطَهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ وَاخْتِيَارُهَا طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فَسْخٌ كَالْبَيْعِ قَاعِدَةٌ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لِكُلِّ حُكْمٍ سَبَبًا لِثُبُوتِهِ وَسَبَبًا لِنَفْيِهِ إِذَا ثَبَتَ وَشَرَعَ فِي أَسْبَابِ الْأَمْلَاكِ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَغَيْرَهَا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِهَا حَوْزَهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ زَائِدٍ فِي الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا مِلْكٌ وَلَمَّا شَرَعَ حَوْزَهَا سَبَبًا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ شَرَعَ تَرْكَهَا وَالْإِعْرَاضَ عَنْهَا سَبَبًا فِي الِانْتِفَاءِ كَالْمَطْرُوحِ مِنْ تَافِهِ الثِّمَارِ وَسَائِرِ الْمُتَمَوَّلَاتِ وَالْإِقَالَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا فَإِنَّهَا إِبْطَالٌ لِلْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ الْإِعْرَاضِ وَلَمْ يُشْرَعِ الْحَوْزُ سَبَبًا مُسْتَقِلًّا فِي النِّكَاحِ لِخَطَرِهِ وَعِظَمِ رُتْبَتِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ سَبَبًا لِعَدَمِهِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ

ص: 443

مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ غَيْرِ الْإِعْرَاضِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَلَا يَبْطُلُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ إِلَّا بِطَلَاقٍ لِتَحِلَّ لِلثَّانِي يَقِينًا قَالَ فَإِنْ مَضَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَفِي لُزُومِ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِيَدِهَا كَالزَّوْجِ أَوِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَصَرُّفِهَا فِي الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ فِي الْكِتَابِ وَالْأَوَّلُ رَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَفِي الْكِتَابِ الْوَاحِدَةُ بَائِنَةٌ لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ لَا ينْدَفع الضَّرَر إِلَّا بِهِ فَهُوَ بَائِن الْإِطْلَاق الْمُعْسِرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ عَتَقَ لَهُ الرَّجْعَةُ كَالْمُعْسِرِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ لِتَزَلْزُلِ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ وِلَايَتَهُ لَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لِتَعَيُّنِهَا بِتَعَيُّنِ سَبَبِهَا الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَلَوْ بَلَغَهَا الْعِتْقُ بَعْدَ زَمَانٍ وَهُوَ يَطَؤُهَا فَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ الْعِلْمِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يَطَأْ وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا سَنَةً وَقَالَتْ لَمْ أَسْكُتْ رِضًا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَالتَّمْلِيكِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ يُؤَخَّرُ اخْتِيَارُهَا عَنْ زَمَنِ الْحَيْضِ إِنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ لِتَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الطُّهْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا خِيَارَ لَهَا لِحُصُولِ التَّسْوِيَةِ فَلَوِ اخْتَارَتْ فِيهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَائِنَةٌ يمضى الطَّلَاق وَقَالَ بعض الْمُتَأَخّرُونَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالرَّجْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْضَى لِأَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ أَنْ يُجْبَرَ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ إِذَا أَوْقَعَ فِي الْحَيْضِ

(فَرْعٌ)

قَالَ يبطل خِيَارهَا بالتصريح بالإسقاط أَو يفعل مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِسْقَاطِ كَالتَّمْكِينِ مِنَ الْوَطْءِ عَالِمَةً فَإِنْ جَهِلَتِ الْحُكْمَ خَاصَّةً فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ خِيَارِهَا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتْبَعُ أَسْبَابَهَا وَإِنْ جَهِلَ

ص: 444

الْمُكَلَّفُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الْعِتْقَ سَبَبُ خِيَارِهَا فَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا أُعْتِقَتْ وَهُوَ غَائِبٌ فَاخْتَارَتْ ثمَّ ثَبت تقدم عُنُقه فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَجْرَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنِ اخْتُلِفَ فِي الْمَسِيسِ وَأَنْكَرَتِ الْخَلْوَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْمَسِيسِ طَوْعًا وَاخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِالْعِتْقِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ بِغَيْرِ يَمِينٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ عَتَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بَعْدَهُ فَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَصَدَاقُ حُرَّةٍ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ صَحِيحًا وَعَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَالْحُكْمِ فَالْمُسَمَّى فَقَطْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ

ص: 445

(1

‌الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّوَابِعِ وَهِيَ سِتَّةٌ)

التَّابِعُ الْأَوَّلُ تَمْيِيزُ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ) وَفِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ كُلُّ نِكَاحٍ لِلْوَلِيِّ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا إِمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِقَبُولِهِ لِلصِّحَّةِ كَالْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَيُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ أَوْ يُخَالِعُهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَيُنَفَّذُ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ كُلُّ نِكَاحٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ كَالشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْرَمِ وَفَاسِدِ الصَّدَاقِ أَوْ عَدِيمِهِ وَأُدْرِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَوِ الْعَبْدِ عَلَى غَيْرِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ مَا فُسِخَ بَعْدَهُ لَهُمَا فَسَادُهُ فِي عَقْدِهِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ وَكُلُّ مَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ فِيهِ وَتَرُدُّهُ إِنْ قَبَضَتْهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ رَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَالٍ تَرُدُّهُ لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ فَسخه كالمخالعة يطلع عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ

ص: 446

تَمْضِي الْمُخَالَعَةُ وَيُرَدُّ الْمَالُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا زُوِّجَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَعَلِمَ بِقُرْبِ الْعَقْدِ كَانَ بِالْخِيَارِ بِالْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِعَدَمِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَجِدْ خِلَافًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ طَلَاقٌ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ تُرَدُّ الْمَجْنُونَةُ وَالْمَجْذُومَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَقَوْلِ ش فِي الْعُيُوبِ قَالَ وَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ يَكُونُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنَّمَا زَادَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُوَكِّلُ مِنَ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَرْضَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ وَقَالَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ نِكَاحُ الْعَبْدِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ قِيلَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْجَوَاهِرِ آخِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالك إِن مَا نَصه اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْعِهِ أَوْ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِجَازَتِهِ وَرَدِّهِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِقَبُولِهِ الصِّحَّةَ عَلَى قَوْلٍ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَزَادَ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ وَضَابِطُ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ أَنَّ النِّكَاحَ إِنِ اتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَيْهِ فُسِخَ قَبْلُ وَبَعْدُ وَإِلَّا فَالْخَلَلُ إِنْ كَانَ فِي الْعَقْدِ فُسِخَ قَبْلُ وَفِي فَسْخِهِ بَعْدُ خِلَافٌ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ أَوْ فِي الصَّدَاقِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَبْلُ وَبَعْدُ وَلَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ قَبْلُ فَقَطْ

ص: 447

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ الَّذِي يُفْسَخُ مُطْلَقًا يَصِحُّ فِيهِ اللِّعَانُ وَلُحُوقُ النَّسَبِ فِيهِ دُونَ الظِّهَارِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَلْزَمُ الْإِيلَاءُ إِنْ تَزَوَّجَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ تَمْهِيدٌ لِلشَّرْعِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَطْلُوبَانِ إِبْطَالُ الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْفَسَادِ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِالْفَسْخِ وَالْحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَلِذَلِكَ شُرِعَ فِي الْفَسْخِ الطَّلَاقُ لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ بِالْحِلِّ فَحَيْثُ يُمْكِنُ الْفَسَادُ إِمَّا بِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ أَوْ بِالْمَنْعِ مِنِ اخْتِيَارِ الْإِمْضَاءِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ ظَهَرَ لِيَحِلَّ الثَّانِي بِدُونِ الطَّلَاقِ فَلَا يُشْرَعُ الطَّلَاقُ لِئَلَّا يَنْقُصَ الْمِلْكُ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنِ الْفَسَادُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَوِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِمْضَاءِ تَعَيَّنَ الِاحْتِيَاطُ لِيَحِلَّ لِوُجُودِ أَمَارَةِ قَبُولِ الْعَقْدِ لِلصِّحَّةِ فَلَا يَضُرُّ نُقْصَانُ الْمِلْكِ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلأبْضَاعِ أَوْلَى مِنَ الْأَمْلَاكِ وَكَذَلِكَ تَخْصِيصُ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ نَظَرًا لِخِفَّةِ الْفَسَادِ فَتَأَكَّدَ الصِّحَّةُ بِالدُّخُولِ لِأَجْلِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَتَيْنِ وَذَهَابِ الْحُرْمَتَيْنِ وَارْتِفَاعِ الْجَنَابَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ

(التَّابِعُ الثَّانِي الْمُتْعَةُ)

وَهِيَ عِنْدَنَا مُسْتَحَبَّةٌ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ بِوُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ومتعوهن} وَقَوْلِهِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَلِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ فِي غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا وَالصَّدَاقُ وَاجِبٌ فَتجب وَالْجَوَاب على الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْله

ص: 448

تَعَالَى فِيهِ {حَقًا على الْمُتَّقِينَ} الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَعُمُّ الْمُحْسِنَ وَغَيْرَهُ فَلَمَّا خَصَّصَهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَيَرِدُ عَلَيْهِمَا تَمَسُّكٌ بِالْمَفْهُومِ وَخُصُومُنَا تَمَسَّكُوا بِالْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنِ الصَّدَاقِ بَلْ مَعْرُوفٌ مُسْتَأْنَفٌ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ وُجُوبَ النِّصْفِ دُونَ انْتِفَاعٍ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا تَكْثُرُ مُخَالَفَتُهُ

(تَفْرِيعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ هِيَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ اخْتَارَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لَا تَحْتَاجُ جَبْرًا وَلَيْسَتْ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا لِمُجْبِرِهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا لِمَنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِسَبَبِهَا كَالْمُخْتَلِعَةِ وَالْمُلَاعِنَةِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهَا فَلَا تُجْبَرُ مِنْهُ فِي الْفِرَاقِ جَبْرًا لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يُجْبِرُ الزَّوْجَ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا لِلْمُجْبَرَةِ إِذَا اخْتَارَتْ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْكَسِرَةٍ وَرُوِيَ لَهَا الْمُتْعَةُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنَ الزَّوْجِ وَلَا لِلرَّجْعِيَّةِ وَإِنِ ارْتُجِعَتْ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَتَمُّ مِنَ الْمُتْعَةِ وَإِلَّا فَلَهَا قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهَا لَا تمتّع حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَلَو كَانَت بانيا فَرد بهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا قَبْلَ الرَّدِّ وَاسْتَقَرَّ للخمي نَفيهَا

ص: 449

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ مِقْدَارُهَا مَوْكُولٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيرُهَا بِعُسْرِهِ وَيُسْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُتْعَةُ دُونَ النَّفَقَةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَسِيسِ وَقَدْ طَلَّقَهَا صُدِّقَتْ فِي الصَّدَاقِ دُونَ الْمُتْعَةِ وَالصَّغِيرَةُ وَالْأَمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ لَهُنَّ الْمُتْعَةُ

(فَرْعٌ)

قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا وَالَّتِي طُلِّقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا أَمْ لَا أَيُّهُمَا آكَدُ ثَلَاثَةُ أَقْوَال قَالَ مَا لَك هُمَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ وَقِيلَ سَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ الْوُجُوبُ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا لِأَنَّهَا مَوْرِدُ النَّصِّ نَقَلَهُ هَكَذَا بِصِيغَةِ الْوُجُوبِ

(فَرْعٌ)

قَالَ فَإِنْ بَانَتْ فَهَلْ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوق وَقيل لَا لِفَوَاتِ إِزَالَةِ أَلَمِ الطَّلَاقِ

(التَّابِعُ الثَّالِثُ الْوَلِيمَةُ وَالْمَهْرُ)

قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ الْوَلِيمَةُ فِي اللُّغَةِ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْإِمْلَاكِ وَالْإِعْذَارُ طَعَامُ الْخِتَانِ وَالنَّقِيعَةُ طَعَامُ الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ وَالْخُرْسُ طَعَامُ

ص: 450

النِّفَاسِ وَالْمَأْدُبَةُ طَعَامُ الدَّعْوَةِ وَالْوَكِيرَةُ بِنَاءُ الدَّارِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالْعَقِيقَةُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ وَالْحَذَاقُ طَعَامُ الصَّبِيِّ عِنْدَ حَذَاقِ الْقُرْآنِ جُهْدَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ لِلْأَطْعِمَةِ فِي اللُّغَةِ وَأَصْلُهَا مَا فِي مُسْلِمٍ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَهِيَ أَقَلُّهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِلَّا فَبِحَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِالْخُبْزِ وَالتَّمْرِ وَالْأَقِطِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَهِيَ يَوْمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ سَرَفٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُولِمُ ذُو الْقُدْرَةِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ النِّكَاحِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ يَتَكَرَّرُ عَلَى طَعَامِي ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ مُبَاهَاةٌ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ تُشْرَعُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ لِلْأَوَّلِ وَتُسْتَحَبُّ لِلثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجْعَلُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَاسِعٌ فَقَدْ أَوْلَمَ صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى صَفِيَّةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِتْيَانُهَا وَاجِبٌ خِيفَةَ الْعَدَاوَة وَأَن لَا يُهْدَوْنَ إِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا مَنْ يَشْهَدُ النِّكَاحَ بِهِ وَمُبَاحٌ إِنْ حَضَرَهَا وَخَالَفَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ قَالَ

ص: 451

وَيَجِبُ إِتْيَانُهَا عَلَى مَنْ دُعِيَ إِلَيْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا وَصِفَةُ مَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَنْ يُعَيِّنَ الرَّجُلُ الدَّعْوَةَ فَإِنْ قَالَ لِلرَّسُولِ ادْعُ مَنْ تُحِبُّ لَمْ تَجِبْ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَهَلْ يَجِبُ الْأَكْلُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ الْوُجُوبُ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي الصَّحِيحِ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ مَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ الْإِجَابَةِ قَالَ وَلَا يَحْضُرُ ذُو الْهَيْئَةِ مَوْضِعَ اللَّهْوِ وَيَرْجِعُ الْمَدْعُوُّ إِنْ وَجَدَ الْمُنْكَرَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّ الْمَفَاسِدَ مُقَدَّمَةُ الدَّفْعِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ الْمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ فَيُطِيعُ اللَّهَ طَاعَتَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الْخِطَابُ بِهِ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ الْبَاطِلِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَيَلْحَقُ بِالْمُنْكَرِ فَرْشُ الْحَرِيرِ أَوْ تَأَذٍّ بِحُضُورِ السِّفْلَةِ أَوِ الزِّحَامُ أَوْ غَلْقُ الْبَابِ دُونَهُ أَوْ عَلَى جِدَارِ الدَّارِ صُوَرٌ أَوْ سَاتِرٌ وَلَا بَأْسَ بِصُوَرِ الْأَشْجَارِ وَاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ الْخَفِيفِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ فِي الْوَلِيمَةِ وَالْعُرْسِ وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُمَا كَالْغِرْبَالِ وَمَنَعَ أَصْبَغُ وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَبَرِ دُونَ الْمِزْهَرِ وَلِابْنِ كِنَانَةَ إِجَازَةُ الْبُوقِ وَالزِّمَارَةِ الَّتِي لَا تُلْهِي فِي الْعُرْسِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مَا أُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ هُوَ إِبَاحَةٌ وَقِيلَ كَرَاهَةٌ وَقِيلَ يَعُمُّ الْجَوَازُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَخَصَّصَهُ أَصْبَغُ بِالنِّسَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 452

وَيُسْتَحَبُّ الرَّجَزُ الْخَفِيفُ كَقَوْلِ جَوَارِي الْأَنْصَارِ

(أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ

فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ)

قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي التَّصْفِيقُ وَقد قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ بَاطِلٌ إِلَّا ثَلَاثًا مُلَاعَبَةَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَرَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الدُّفُّ بِضَمِّ الدَّالِّ هُوَ الْمُدَوَّرُ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْغِرْبَالُ وَالْمُرَبَّعُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الْمِزْهَرُ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَالْمِزْهَرُ عِنْدَ الْعَرَبِ عُودُ الْغِنَا

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا تُتْرَكُ الْإِجَابَةُ لِأَجْلِ الصَّوْمِ بَلْ يُتْرَكُ الْأَكْلُ

(فَرْعٌ)

وَيُكْرَهُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ وَشِبْهِهِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح لِأَنَّهُ يَقَعُ نَهْبًا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تَحِلُّ النُّهْبَةُ وَالْمُثْلَةُ

ص: 453

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيّ كره مَا لَك لِأَهْلِ الْفَضَائِلِ إِتْيَانَ طَعَامِ غَيْرِ الْعُرْسِ قَالَ وَأَرَادَ إِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ قَرِيبًا أَوْ صَدِيقًا أَوْ جَارًا كَانَ الْعُرْسُ وَغَيْرُهُ سَوَاءً وَإِلَّا كَرِهَ غَيْرَ الْعُرْسِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهِ الْغَنِيُّ دُونَ الْفَقِيرِ وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ فَلَا بَأْسَ بِعَدَمِ الْأَكْلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الشَّرِيفُ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْوَحْشَةَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَلْيَأْتِ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ أَيْ يَدْعُ

(التَّابِعُ الرَّابِعُ الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ)

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تميلوا كل الْميل} وَقَالَ تَعَالَى {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَينهمَا جَاءَ

ص: 454

يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ عِنْدَهَا وَيُسْتَحَبُّ لِتَحْصِينِهَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَجِبُ لَهَا فِي كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ لَيْلَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ كَانَ لَهَا ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ ضَرَرَ إِتْيَانِ الضَّرَّةِ مَنْفِيٌّ هَا هُنَا وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعٌ وَتَرَكَ الْجَمِيعَ جَازَ وَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ السَّرَارِي لِعَدَمِ حَقِّهِنَّ فِي الْوَطْءِ وَلَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَى كَفُّ الْأَذَى وَيَجِبُ الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ إِجْمَاعًا وَتَسْتَحِقُّهُ الْمَرِيضَةُ وَالرَّتْقَاءُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ وَالْمُحْرِمَةُ وَالْمُوَلَّى عَنْهَا وَالْمُظَاهَرَةُ وَكُلُّ مَنْ لَهَا عُذْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ طَبْعِيٌّ بِحُصُولِ الِاثْنَيْنِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّة وَلَا تجب الْمُبَاشرَة وَلَا جمع أَنْ يَنْشَطَ فِي يَوْمِ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى إِلَّا أَن يقْصد الضَّرَر عَنْهَا لَيْسَ فِي لغَيْرهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْإِتْيَانُ عَلَى أَرْبَعَة أَقسَام جَائِز وَهُوَ ميل الْقلب والمحسنة وإنشاط إِلَى الْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ وَكَذَلِكَ بِمَا يَجِبُ لَهَا لِارْتِفَاعِ مَنْزِلَتِهَا وَتَفْضِيلِهَا بِالْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِزِيَادَةِ نَفَقَةٍ عَلَى الْأُخْرَى بِمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ مَعَ تَوْفِيَةِ الْأُخْرَى نَفَقَتَهَا فِيهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرْ وَالْمَنْعُ لِأَنَّهُ مَيْلٌ بِمَا يَمْلِكُهُ وَالْأَذِيَّةُ لِلْأُخْرَى وَالرَّابِعُ تَنْقِيصُ إِحْدَاهُمَا بِمَا يَجِبُ لَهَا أَوْ بِتَرْكِ الْجِمَاعِ قَصْدًا وَيُتْرَكُ لِلْأُخْرَى وَهُوَ مَمْنُوعٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجِبُ الْقَسْمُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِتَحْصِيلِ الْأُنْسِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ يَقْدِرُ على

ص: 455

الْقَسْمِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجِدَ لِإِقَامَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ كَمَا أَقَامَ صلى الله عليه وسلم َ - عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي مَرَضِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقِيلَ إِذَا غَلَبَ الْمَرَضُ وَإِحْدَاهُنَّ تَصْلُحُ لِتَمْرِيضِهِ دُونَ غَيْرِهَا تَعَيَّنَتْ وَإِنْ تَسَاوَيْنَ فَبِالْقُرْعَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُود بعث صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى نِسَائِهِ فِي الْمَرَضِ فَاجْتَمَعْنَ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ فَإِنْ رَأَيْتُنَّ أَنْ تَأْذَنَّ لِي فَأَكُونَ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها إِنْ فَعَلْتُنَّ فَأَذِنَّ لَهُ وَالْمَشْهُورُ يرْوى أَنه صلى الله عليه وسلم َ - فَعَلَ ذَلِكَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ إِذَا سَافَرَتْ إِحْدَاهُنَّ مُدَّةً لَمْ تُحَاسِبْهُ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حُقُوقَهَا وَإِذَا أَقَامَ عِنْدَ إِحْدَاهُنَّ مُدَّةً عَنْ ذَلِك وَلم تُحَاسِبْهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقَسْمِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْحَاضِرِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَانِهِ وَكَالْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَا يُحَاسِبُهُ بِهَذَا الْإِبَاقِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش يَجِبُ الْقَضَاءُ فِيمَا ظَلَمَ فِيهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُقُوقَ إِنَّمَا وَجَبَ دَفْعُهَا بَعْدَ زَمَانٍ لِحُصُولِ مَصْلَحَتِهَا بعد زمانها وَهَا هُنَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ لِفَوَاتِ الزَّمَانِ فَلَا مُضِيَّ لِلْقَضَاءِ وَفِي

ص: 456

الْجَوَاهِرِ اسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ الْقَضَاءَ إِذَا أَقَامَ عِنْدَ غَيْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ نَوْبَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ إِذَا أَقَامَ عِنْدَ إِحْدَاهُنَّ شَهْرَيْنِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ وَحَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوَفِّيَ الْبَاقِيَاتِ لَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعَدْلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَاده الاستيناف دُونَ الْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَكُونَ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ الضَّرَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَغْلَقْنَ الْبَابَ دُونَهُ ضَرَرًا لَهُ فَلَهُ الذَّهَابُ إِلَى الْأُخْرَى وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَبِيتِ فِي حُجْرَتِهَا فَعَلَ لِأَنَّهَا وَإِنْ ظَلَمَتْهُ فَلَمْ تُسْقِطْ حَقَّهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ كَانَ ظَالِما عَلَيْهَا لم يذهب بغَيْرهَا وَإِنْ كَانَتْ ظَالِمَةً ذَهَبَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَهَا أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ مِنْ بَيْتِهَا فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَيَأْكُلَ مِنْ طَعَامٍ يَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَعَمُّلِ مَيْلٍ وَقَالَ لَا يَأْتِي فِي يَوْمهَا إِلَّا لحَاجَة أَو عِيَادَة وَلَهُ جَعْلُ ثِيَابِهِ عِنْدَ إِحْدَاهُمَا مَا لَمْ يُرِدْ ضَرَرًا أَوْ مَيْلًا

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا أَقَامَهُ عِنْدَ أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يحسبه ويأتنف الْقسم لِأَن الْمَقْصُود اللَّيْل فقد ذَهَبَ قَالَ وَأُحِبُّ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَإِذَا كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ جَازَتِ الْمُفَاضَلَةُ فِي النَّفَقَةِ وَالْأَحْسَنُ التَّسْوِيَةُ فَقَدْ كَانَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ امْرَأَتَانِ يَمْتَنِعُ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مِنْ عِنْدِهِمَا وَإِنَّهُمَا مَاتَتَا فَلَمْ يَدْفِنْهُمَا إِلَّا بِالْقُرْعَةِ

ص: 457

(فَرْعٌ)

إِذَا رَضِيَتْ بِذَاكَ أَيَّامَهَا وَآثَرَتْ بِهَا غَيْرَهَا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا جَازَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ إنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبُرَتْ جَعَلَتْ يَوْمهَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِعَائِشَةَ رضي الله عنها فَكَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَيْنِ وَلَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ فِيمَا ذَهَبَتْ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَاعِدَةٌ كُلُّ حَقٍّ تَعَيَّنَ سَبَبُهُ نَفَذَ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ فَقَدَ شَرْطَهُ كَدَفْعِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ وَإِنْ فَقَدَ الشَّرْطَ الَّذِي هُوَ الْحَوْلُ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقَصَّاصِ وَالدِّيَةِ قَبْلَ الْمَوْت والتكفير قبل الْحِنْث وَغير ذَلِك وَهَا هُنَا تَحَقَّقَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَفَّذَ التَّصَرُّفُ فَيُشْكِلُ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَالَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّصَرُّفَاتِ تَنْقَسِمُ إِلَى النَّقْلِ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَالْإِسْقَاطِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إِلَيْهِ مَا كَانَ لِلسَّيِّدِ بَلْ سَقَطَ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ فَقُلْنَا أَنْ يُجْعَلْ هَذَا مِنْ بَابِ النَّقْلِ بِالْهِبَةِ وَالْهِبَةُ إِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ لَا تَتِمُّ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ مِلْكِهِ مُتَحَقِّقًا أَمَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ فَلَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَاعِدَةِ فِي إِسْقَاطِ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ أَشْبَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يملك الْمُطَالبَة بِأَن يوطئ كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَّا إِنْ دَفَعَتْهُ لِضَرَّتِهَا فَلَيْسَ إِسْقَاطًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الضَّرَّةِ حَتَّى يَسْقُطَ بِالْهِبَةِ لَكِنَّ الْهِبَةَ إِذَا كَانَت

ص: 458

بِشَرْطٍ تَجْرِي مَجْرَى الْمُعَاوَضَةِ تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا أَنْزَلَهُ لَكِنَّ الْوَاهِبَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بَلْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ وَالْإِلْزَامُ بِالتَّسْلِيمِ إِذَا أعرض الْمَوْهُوب مَعَ الْقُدْرَة سقط حَقه وَهَا هُنَا لَمْ تَتَمَكَّنِ الضَّرَّةُ مِنِ اسْتِيفَاءِ الْمَوْهُوبِ لِكَوْنِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَسْتَوْفِيَ إِلَّا مِنْهُ

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْهِبَةِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَاهِبَةِ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبَةِ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ وُهِبَتْ مِنَ الزَّوْجِ نَفْسِهِ فَلَهُ تَخْصِيصُ بَعْضِهِنَّ بِالْمَوْهُوبِ قِيَاسًا عَلَى مَالِهِ بِالْأَصَالَةِ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي زَمَانِ الْقَسْمِ وَفِي الْكِتَابِ يَوْمٌ بِيَوْمٍ لَا أَكْثَرُ وَيَعْدِلُ فِي الْمَبِيتِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش وح أَقَلُّهُ لَيْلَةٌ وَيَجُوزُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِسُرَّتِهَا فِي الْبَيْت للعروس لما فِي أبي دَاوُود كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ فِي مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ الْبِدَايَةُ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَأَظْهَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا الْبِدَايَةُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَى النَّهَارِ فِي اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى اللَّيْلَةِ إِلَّا بِرِضَاهُنَّ وَرِضَاهُ أَوْ يَكُنَّ فِي بِلَاد

ص: 459

مُتَبَاعِدَةٍ فَيُقَسِّمَ الْجُمُعَةَ وَالشَّهْرَ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَا يَنْصُصِ اللَّيْلَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَصَّارِ أَنْ يُسَبِّعَ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ اعْتِبَارًا بِالْبِكْرِ الْعَرُوسِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي بَيْعِهَا الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ فَجَوَّزَهُ مَالِكٌ فِي اللَّيْلَةِ وَكَرَّهَ غَيْرَهَا وَحَرَّمَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى جَوْرٍ وَلِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ لَا يُقَابَلُ بِالْعِوَضِ وَفِي نَظَرِ الشَّرْعِ إِلَّا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَمَّا أَيَّامًا مَعْلُومَةً فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ شِرَاءُ الْمَرْأَةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً لِصَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ شِرَاءِ الرَّجُلِ ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا مِنَ الْوَطْءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ يتَعَذَّر وَالرجل مُتَمَكن من الِاسْتِمْتَاع وَالْمَرْأَة الطَّوِيلَةُ فَيُكْرَهُ مِنْهُمَا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى فِي نَوْبَتِهَا جَازَ وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ إِسْقَاطُ يَوْمِهَا إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ بَالِغٍ أَوْ هِيَ حَامِلٌ فَيَسْقُطُ حَقُّهَا زَمَنَ الْحَمْلِ الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَقَامِ الْقَسْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ جَمْعُهُنَّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ إِلَّا بِرِضَاهُنَّ وَلَا فِي فِرَاشٍ وَإِنْ رَضِينَ لِمَا فِيهِ من قلَّة المرؤة وَكَرِهَهُ فِي الْإِمَاءِ أَوْ أَنْ يَتَعَرَّيْنَ بِغَيْرِ ثِيَابٍ وَأَنْ يَطَأَ وَفِي الْبَيْتِ مَعَهُ مَنْ يَسْمَعُ حِسَّهُ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ نَائِمًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُخْرِجُ الصَّبِيَّ مِنَ الْمَهْدِ وَالْبَهِيمَةَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَهُ فِي أَمَتَيْهِ أَنْ يَنَامَ مَعَهُمَا دُونَ وَطْءٍ قَالَ مَالِكٌ وَلْيَأْتِهِنَّ وَلَا يَأْتِينَهُ لِفِعْلِهِ

ص: 460

- صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَأْتِينَهُ لِتَوْفِيَتِهِ حَقَّهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالذَّهَابِ وَبِالتَّفْرِيقِ فِي الْمَسَاكِنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنَعَ مَالِكٌ جَمْعَ الْحُرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَكَرِهَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَفِي الْإِمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ وَالْكَرَاهَةُ لِغَيْرِهِ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ بِحَقِّهِمَا فَإِنْ رَضِيَا جَازَ وَالْمَنْعُ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى وَطْءِ إِحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى

(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي التَّفَاضُلِ وَلَهُ أَسْبَابٌ)

السَّبَبُ الْأَوَّلُ تَجَدُّدُ النِّكَاحِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا نَكَحَ بِكْرًا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا أَوْ ثَيِّبًا فَثَلَاثًا لما فِي أبي دَاوُود أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لما تزوج أم مسلمة أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سبعت لَك لِنِسَائِي وَإِنْ شِئْتِ ثَلَاثَةً ثُمَّ دُرْتُ وَقَالَ أَنَسٌ فِي الصَّحِيحِ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ فَائِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَالْإِكْمَالِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ هُوَ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ أَهْلٌ لِصَاحِبِهِ وَمَعْنَاهُ لَا أَفْعَلُ بِكِ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى هَوَانِكِ عِنْدِي قَالَ ابْنُ

ص: 461

الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ حَقٌّ لَهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَضَافَهُ لَهَا الْمُقْتَضِيَة لملك ويأتنف الْقسم وروى أَشهب حق المزوج لِيَتَمَتَّعَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى بِهِ كَسَائِر الْحُقُوق ووافقنا الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يُفَضِّلُ الْجَدِيدَةَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْقَدِيمَةَ أَوْلَى بِالتَّأْنِيسِ لِأَنَّهُ أَضَرَّهَا بِالْجَدِيدَةِ وَلِأَنَّهَا أَتَمُّ حُرْمَةً لِسَابِقِ مَحَبَّتِهَا وَيُقَالُ لِذَلِكَ لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ وَلِكُلِّ قَدِيمٍ حُرْمَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْجَدِيدِ التَّفْضِيلُ بِالْبِدَايَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَمَّا كَانَتِ الثَّيِّبُ مُبَاشِرَةً لِلرِّجَالِ مُسْتَوْحِشَةً مِنْهُ خَاصَّةً اكْتفي بِالثلَاثِ وَالْبكْر مستوحشة مُطْلَقًا اسْتُحِبَّ سَبْعًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ بِالَّتِي كَانَ عِنْدهَا أَو بغَيْرهَا وَقَالَهُ مَا لَك فِي الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ بِإِحْدَاهُنَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِقَامَةُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ وَنُقِلَ قَوْلَانِ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لَهَا وَفِي وُجُوبِ الْإِقَامَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ قَوْلَانِ

(فَرْعٌ)

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَتَخَلَّفُ الْعَرُوسُ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ وَقِيلَ يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَمَاعَاتِ دُونَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْعَادَةُ الْيَوْمَ عَدَمُ الْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ وَالْحَاجَاتِ وَأَرَى الْتِزَامَ الْعَادَةِ لِأَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَرَّةً فِي ذَلِكَ عِنْدَ النِّسَاء

ص: 462

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا زُفَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتَانِ فِي لَيْلَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ يَتَخَيَّرُ وَإِذَا انْقَضَتْ أَيَّامُ الْبِنَاءِ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ هَلْ يَبْتَدِئُ بِغَيْرِ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا أَوْ يَتَخَيَّرُ أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَ مَنْ عزلها ثَلَاثَة أَقْوَال أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَ مَنْ عَزَلَهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَبْتَدِئَ بِغَيْرِهَا ثُمَّ بِالَّتِي كَانَ لَهَا الْحَقُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوِ الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ ثُمَّ يَكُونُ عِنْدَ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ تَسْتَوِي فِي الْإِقَامَةِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَالصَّحِيحُ الْقَضَاءُ بِالْإِقَامَةِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَوِ الْتَمَسَتِ الثَّيِّبُ الزِّيَادَةَ مُنِعَتْ لِحَقِّ غَيْرِهَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يُكْمِلُ لَهَا سَبْعًا إِنِ اخْتَارَتْ وَيَقْضِي لِلنِّسَاءِ سَبْعًا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا لِلسَّبْعِ يُبْطِلُ حَقَّهَا مِنَ الثَّلَاثِ السَّبَبُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ وَفِي الْكتاب المسلمات والكتابات وَالْحَرَائِرُ وَالْإِمَاءُ سَوَاءٌ فِي الْقَسْمِ لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي الطباع وَفِي الْجَوَاهِر رُوِيَ للْأمة لَيْلَة وللحرة لَيْلَتَانِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - للْحرَّة

ص: 463

ثَلَاثًا الْقَسْمُ قَالَ وَرَجَعَ إِلَيْهِ مَالِكٌ لِأَنَّهَا حَقِيرَةٌ عِنْدَ نَفْسِهَا فَلَا تَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ مَا تَجِدُهُ فَالْأَمَةُ تَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ مَا لَا تَجِدُهُ الْحُرَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ خِيَارُ الْحُرَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَيْهِ فَبَدَأَ بِالْحُرَّةِ فَعَتَقَتِ الْأَمَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ لَيْلَتِهَا أَكْمَلَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَمْ يَزِدْهَا وَسَوَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ بَدَأَ بِهَا فَعَتَقَتْ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا صَارَتْ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وُفِّيَتِ الْحُرَّةُ لَيْلَتَيْنِ لِأَنَّهُ تَمَامُ حُكْمٍ وَقَعَ فِي الرِّقِّ ثُمَّ سَوَّى بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى التَّسْوِيَةِ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ لِرِضَا الْحُرَّةِ بِمُسَاوَاةِ الرَّقِيقِ زَوْجًا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي السَّفَرِ بِهِنَّ فِي الْكِتَابِ إِذَا سَافَرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْو أَو حَاجَة سَافر بأيتهن سَاءَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ ضَرَرٍ وَلَا مَيْلٍ فَإِنْ كَانَتِ الْقُرْعَةُ فَفِي الْغَزْوِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذا أَرَادَ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا يُسَافِرُ لِلْحَجِّ وَلِأَنَّ حَقَّهُنَّ يَسْقُطُ بِالسَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ وَيَتْرُكَهُنَّ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا بُدَّ مِنَ الْقُرْعَةِ فِي كُلِّ سَفَرٍ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ وَإِذَا قَدِمَ ابْتَدَأَ وَلَا يُقَاصُّ الَّتِي مَعَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرُوِيَ الْقُرْعَةُ فِي السَّفَرِ كُلِّهِ وَالْفرق للمشهور عَن الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا تَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَفِيهِنَّ مَنْ تَصْلُحُ سَافَرَ بِهَا مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ حَيْثُ التَّسَاوِي وَفِي الْجَوَاهِرِ تَرْكُ الْقُرْعَةِ مُطْلَقًا اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ

ص: 464

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ وَإِنْ قَالَتْ حَتَّى آخُذَ صَدَاقِي وَقَدْ بَنَى بِهَا فَلَهُ الْخُرُوجُ وَتَتْبَعُهُ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ وَيُنْظَرُ إِلَى صَلَاحِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهَا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ضَرَرِهَا

(التَّابِعُ الْخَامِسُ النَّفَقَةُ)

وَأَسْبَابُهَا النِّكَاحُ وَالْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ السَّبَبُ الْأَوَّلُ النِّكَاحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ مُوجِبٌ بِشَرْطِ التَّمَكُّنِ وَبُلُوغِ الزَّوْجِ وَإِطَاقَةِ الْمَرْأَةِ الْوَطْءَ لِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الزَّوْجُ لَا يَحْصُلُ مِنْهَا الْبُلُوغُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا التَّمْكِينُ وَهُوَ حَاصِلٌ دُونَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالدُّخُولُ إِذَا بَلَغَ الْوَطْءَ قِيَاسًا عَلَيْهَا قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا دَعَوْهُ لِلدُّخُولِ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ أَوِ النَّفَقَةُ دُونَ الدُّخُولِ فَلَا وَكَذَلِكَ إِنْ مَرِضَتْ فَعَرَضُوهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ جِهَتِهِ وَوَافَقَنَا ح فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ وَخَالَفَنَا ش وَأَصْلُ وُجُوبِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِيهِ فُصُولٌ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِ الْوَاجِبِ وَهِيَ سِتَّةٌ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الطَّعَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَال

ص: 465

الزَّوْجَاتِ وَالْإِنْكَاحِ وَالْبِلَادِ وَعُسْرِ الزَّوْجِ وَيُسْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رُبَّ رَجُلٍ ضَعِيفٍ وَسُعُرٍ غَالٍ فَالْوَسَطُ مِنَ الشِّبَعِ وَقَالَ مَالِكٌ الْمُدُّ وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُ مُدًّا وَثُلُثًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الشَّهْر وَنصف إِلَى ثَلَاث قَالَ ابْن حبيب والوتيد اثْنَانِ وَعِشْرُونَ مُدًّا بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ وَأَرَى بِالْقُرْطُبِيِّ فِي الشَّهْرِ وَسَطًا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ مُدًّا قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَامًّا وَقَدْ تَكْفِي الْوَيْبَتَانِ فِي بَعْضِ النَّاسِ قَالَ وَمُدُّ مَرْوَانَ وَسَطُ الشِّبَعِ فِي الْأَمْصَارِ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثٌ وَمُدُّهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَسَطٌ بِالْمَدِينَةِ وَيُفْرَضُ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالذُّرَةُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهُ عَلَى عَادَةِ قُوَّةِ الزَّوْجَيْنِ وَتَقَدَّمَ الطَّعَامُ بِالْكَيْلِ قَالَهُ ش وَقَدَّرَ مُدًّا لِلْمُعْسِرِ وَمُدَّيْنِ لِلْمُوسِرِ وَمُدًّا وَنِصْفًا لِلْمُتَوَسِّطِ وَقَالَ لَا يَلْزَمُهَا الْأَكْلُ مَعَهُ كَقَوْلِنَا وَقَالَ ح إِذَا تَمَكَّنَتْ مِنَ الْأَكْلِ مِنْ مَائِدَتِهِ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ وَلَا يُفْرَضُ لَهَا شَيْءٌ وَإِلَّا فُرِضَ لَهَا كِفَايَتُهَا فَوْقَ التَّقْتِيرِ وَدُونَ السَّرَفِ سُؤَالٌ تَقْدِيرُ الْحَبِّ بِالْكَيْلِ مُشْكِلٌ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَصْرِفُونَ لِنِسَائِهِمُ الْحَبَّ بَلْ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ خُبْزٍ وَغَيْرِهِ وَثَانِيهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَمُوتَ الْإِنْسَانُ وَنَفَقَةُ امْرَأَتِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عليه السلام بِمَالِهِ وَثَالِثُهَا لَمْ يُسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ عَاوَضَ امْرَأَتَهُ وَلَا أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِالنَّفَقَةِ وَلَا حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ النَّوْعُ الثَّانِي الْإِدَامُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ مَا يُنَاسِبُهُمَا ويفرض الْخلّ

ص: 466

وَالزَّيْتُ لِلْأَكْلِ وَالْوَقِيدُ وَالْحَطَبُ وَاللَّحْمُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَالْمَاءُ لِلشُّرْبِ وَالْغُسْلِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُجْمَعُ ثَمَنُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ الْقَمْحِ وَقَالَهُ ش وح وَلَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ ح فِي جَمِيعِ النَّفَقَةِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُفْرَضُ الْعَسَلُ وَلَا التَّمْرُ وَلَا الْحَالُومُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا الْقُطْنِيَّةُ وَلَا فَاكِهَةٌ خَضْرَاءُ وَلَا يَابِسَةٌ بَلْ مَا لَا غِنَى عَنْهُ بِقَدْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَيُفْرَضُ مُشْطُ رَأْسِهَا وَدُهْنُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِذَا كَانَ الْإِعْسَارُ بَيِّنًا فَلَا أَقَلَّ مِمَّا يَعِيشُ بِهِ كَوِيَّتَيْنِ بِمِصْرَ وَطَبْخِهِمَا وَخَبْزِهِمَا وَدُرَيْهِمَاتٍ لِزَيْتٍ وَمَاءٍ وَحَطَبٍ وَالطَّبْخَةِ بَعْدَ الطَّبْخَةِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ وَيُزَادُ لِلْمُرْضِعِ مَا يُقَوِّيهَا عَلَى الرَّضَاعِ النَّوْعُ الثَّالِثُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِذَاتِ الْقَدْرِ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ عَلَيْهَا خِدْمَةُ بَيْتِهَا وَلَا غَزْلٌ وَلَا غَيْرُهُ وَغَيْرُ ذَاتِ الْقَدْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِخْدَامُهَا أَوْ عَلَيْهَا خِدْمَةُ مِثْلِهَا فَالشَّرِيفَةُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالدَّنِيَّةُ مُبَاشِرَةٌ لِفِعْلٍ فَإِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ اسْتِقَاءَ الْمَاءِ فَعَلَيْهَا لِأَنَّ الْعَوَائِدَ كَالشُّرُوطِ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْخَادِمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شِرَاؤُهَا بَلْ يَكْفِيهِ اسْتِئْجَارُهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ أَرَادَ إِبْدَالَ خَادِمِهَا الْمَأْلُوفَةِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَزِمَهُ الْإِنْفَاق عَلَيْهَا

ص: 467

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ كَانَتْ هِيَ وَهُوَ بِحَيْثُ يَخْدِمُهَا خَادِمَانِ فَأَكْثَرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْرِضُ نَفَقَةَ خَادِمٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ أَيْضًا يُعْطِي زَكَاةَ الْفطر عَن خادمين من خدم امْرَأَته عَن كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ لَا تَكْفِيهَا وَاحِدَةٌ قَالَ أَصْبَغُ لَوْ كَانَتْ بِنْتَ مَلِكٍ لَزِيدَتْ إِلَى الْخَمْسِينَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ مَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا طَالَبَهَا بِمَا تَكْثُرُ الْخِدْمَةُ فِيهِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُلُوكِ وَأَمَّا الْمَقْصِدُ فَخَادِمٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا كِفَايَةُ حَالِهِ

(فَرْعٌ)

قَالَ لَوْ كَانَ لَهَا خَادِمٌ خُيِّرَتْ بَيْنَ اسْتِخْدَامِهَا وَمُطَالَبَتِهِ بِنَفَقَتِهَا وَبَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِخَادِمٍ

(فَرْعٌ)

قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلسُّلْطَانِ ضَمُّ نَفَقَةِ الْوَلَدِ مَعَ نَفَقَة الْأُم إِلَّا إِن تضربه لِفَقْرَةٍ فَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ لِحَدَثِهِ فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ حَقُّ الْوَلَدِ بِالْعَجْزِ النَّوْعُ الرَّابِعُ الْكُسْوَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا يُنَاسِبُ حَالَهُ وَحَالَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَمِيصٌ وَوِقَايَةٌ عَلَى قَدْرِهِمَا فِي الْجَوْدَةِ وَالدَّنَاءَةِ وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ مَا يَدْفَعُ الْبَرْدَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ مَا يَصْلُحُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ قَمِيصٍ وَجُبَّةٍ وَخِمَارٍ وَمِقْنَعَةٍ وَوِسَادَةٍ وَإِزَارٍ وَشِبْهِهِ مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ وَالسَّرِيرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنَ الْعَقَارِبِ وَالْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُكْسَى الْقُطْنَ وَمِثْلُهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ فُرِضَ قَالَ أَشْهَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَوْ كَسَاهَا الصُّوف

ص: 468

أُنْصِفَ وَأُخْرَى لَوْ كَسَاهَا الصُّوفَ أُدِّبَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الْحَرِيرُ وَلَوْ كَانَ يَسَعُهُ الْحَالُ وَأَجْرَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إِلَيْهِ وَالْوَاجِبُ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ فَحَمَلَهُ عَلَى الْمَدَنِيَّةِ وَأَلْزَمَهُ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَوْ ضَرُورِيٌّ فَرْضٌ وَمَا لَا فَلَا وَكُلُّ مَا يَخْتَصُّ بِالْأَغْنِيَاءِ وَضَرَرُهُ خَاصٌّ بِهِمْ فِيهِ فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ ضَرَرٌ أَمْ لَا وَقَالَ ش خِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَسِرْوَالٌ وَمُكَعَّبٌ فِيهِ وَلَا يَجِبُ الْخُفُّ فِي الصَّيْفِ وَمِثْلُهُ فِي الشِّتَاءِ مَعَ جُبَّةٍ وَمِلْحَفَةٍ وَشِعَارٍ وَمَضْرَبَةٍ وَمِخَدَّةٍ وَلَبَدٍ وَحَصِيرٍ وَالْمَاعُونِ وَقَالَ ح الْكُسْوَةُ عَلَى الْعَادَةِ الْوَسَطِ وَالْمُعْتَبَرُ حَالُهُ دُونَ حَالِهَا وَيُفْرَضُ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْخُفَّ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْقَرَارِ فِي بَيْتِهَا وَتَسْتَحِقُّ الْمُكَعَّبَ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَنْزِلِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَتْ كُسْوَتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا بَاقِيَةً لِقُرْبِ عَهْدِ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ كُسْوَةٌ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي بَذْلِ الصَّدَاقِ وَإِنْ طَالَ الْأَمَدُ وَاخْتلفت الْكُسْوَةُ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ الصَّدَاقِ لِقِلَّتِهِ فَعَلَيْهِ الْكُسْوَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ إِذَا كَانَ عِنْدَهَا شَوَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ لَا تَجِبُ الْكُسْوَةُ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ يُجَدِّدُ مَا أَخْلَقَ مِنَ الْكُسْوَةِ

ص: 469

(فَرْعٌ)

وَلَا يَلْزَمُهُ الْكُحْلُ وَالْحِنَّاءُ وَالصِّبَاغُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ حِنَّاءُ رَأْسِهَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ زِينَتِهَا إِلَّا مَا يُتَضَرَّرُ بِتَرْكِهِ كَالْكُحْلِ وَالْمُشْطِ وَالدُّهْنِ لِمَنِ اعْتَادَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَعَ الْعَادَةِ يُفْسِدُ الشَّعْرَ بِخِلَافِ الْخِضَابِ وَغَيْرِهِ النَّوْعُ الْخَامِسُ آلَةُ التَّنْظِيفِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهِ مُشْطٌ وَلَا مُكْحُلَةٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّمَا أَسْقَطَ الْمُكْحُلَةَ دُونَ الْكُحْلِ وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ مَا تُمَشِّطُ دُونَ الْآلَةِ وَأَوْجَبَهَا ش

(فَرْعٌ)

قَالَ مَالِكٌ وَلَا تَسْتَحِقُّ الدَّوَاءَ لِلْمَرَضِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَا أُجْرَةَ الْحِجَامَةِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْحَمْلِ عِنْدَ أَصْبَغَ مُطْلَقًا وَوَافَقَهُ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَلَدِ أَوْ لَهَا فَعَلَيْهَا أَوْ لَهُمَا فَعَلَيْهِمَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ أَصْبَغَ النَّوْعُ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَيْهِ إِسْكَانُهَا مَا يَلِيقُ بِهَا إِمَّا بِعَارِيَّةٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ مِلْكٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَاعْتُبِرَ حَالُهُ دُونَ حَالِهَا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَيْفيَّة الْإِنْفَاق وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا الطَّعَامُ فَيَجِبُ دَفْعُهُ وَفِي دَفْعِ ثَمَنِهِ خِلَافٌ مُعَلَّلٌ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّلٍ فَيَمْتَنِعُ أَوْ مُعَلَّلٌ بِالْعَيِّنَةِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِهَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَيَدْفَعُ ثَمَنَ مَا يَطْحَنُهُ وَيُصْلِحُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَرَدَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي

ص: 470

دَفْعِ الثَّمَنِ عَنِ الْجَمِيعِ وَمَنْعِهِ وَقَالَ هُمَا سَوَاءٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ ثَمَنٍ وَلَهُ دَفْعُهُ إِلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَخْذِ غَيْرِ مَا فُرِضَ لِمَشَقَّةِ الشِّرَاءِ

(فَرْعٌ)

فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُكَلِّفُهَا الْأَكْلَ مَعَهُ وَقَالَهُ ش قِيَاسًا عَلَى الصَّدَاقِ وَإِنْ نَكَلَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ بَلَغَتْ وَفَرْضُ النَّفَقَةِ بِالزَّمَانِ عَلَى قَدْرِ ملاء الزَّوْج قَالَ قَالَ فِي الْكِتَابِ يُفْرَضُ بِالْيَوْمِ وَيُزَادُ بِقَدْرِ الْإِشْبَاعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْفَرْضُ سَنَةً وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِاحْتِمَالِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَالَ وَأَرَى تَوْسِعَةَ الْمُدَّةِ مَعَ الْيَسَارِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْمُقَابَحَةِ فَفِي تَقْلِيلِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَتُفْرَضُ الْكُسْوَةُ وَالطَّعَامُ وَالْوِطَاءُ مَرَّتَيْنِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَهِيَ ضَامِنَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الْمُصِيبَةُ مِنَ الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى الصَّدَاقِ الْغَائِبِ إِذَا كَانَ عَيْنًا وَلِأَنَّهُ لَوْلَا كَسَاهَا بِغَيْرِ حَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْ وَالْقَضَاءُ لَا يُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهَا مِثْلُهُ فَإِن قَامَت بِبَيِّنَة بِالْهَلَاكِ فَظَاهر

ص: 471

الْكِتَابِ التَّضْمِينُ فِي نَفَقَتِهَا دُونَ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا لِنَفْسِهَا بَلْ مَأْخُوذَةٌ بِحَقٍّ كَالرِّهَانِ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهَا فِي نَفْسِهَا عِنْدَ الْبَيِّنَةِ

(فَرْعٌ)

قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَسَاهَا قَبْلَ وَقْتِ الْفَرْضِ قِيلَ حُكْمٌ مَضَى كَخَطَأِ الْخَارِصِ وَقَالَ لَا قَالَ وَأَرَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَا تَبَيَّنَ لِأَنَّ هَذَا حَقِيقَةٌ وَالْأَوَّلَ ظَنٌّ وَلِأَنَّ الْأَمَدَ لَوِ انْقَضَى وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تُبْلِيَ

(فَرْعٌ)

قَالَ إِذَا طَلَبَتِ النَّفَقَةَ عِنْدَ سَفَرِهِ فَلَهَا خَمْسُ حَالَاتٍ إِنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَعْطَاهَا نَفَقَةَ السَّفَرِ أَوْ حَمِيلًا بِهَا أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَهِيَ حَامِلٌ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ أَوْ مُدَّةِ سَفَرِهِ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ بَائِنٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فَإِنْ طَلَبَتْ حَمِيلًا خَوْفَ الْحَمْلِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَالَ أصبغ لَهَا ذَلِك لوُجُود مظنته بالوطيء قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ قِيَامُهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَإِلَّا أَقَامَ حَمِيلًا بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوِ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ سَفَرِهِ أَوِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَعَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ تُرَاعَى عَلَى مُدَّةِ الْحَمْلِ وَإِنِ اتُّهِمَ فِي طُولِ السَّفَرِ حَلَفَ أَنْ لَا يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُقِيمَ حَمِيلًا قَالَ

ص: 472

ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ خُشِيَ طُولُ سَفَره وخيض الْحَمْلُ أَقَامَ حَمِيلًا أَوْ يُوقِفُ وَفِي الْكِتَابِ وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ عَلَى النَّفَقَةِ وَقَالَهُ ح وَخَالَفَنَا فَقَالَ لَوِ اسْتَدَانَتْ لَيْسَ لَهَا مطالبتها لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ وِلَايَةُ الِاسْتِدَانَةِ إِلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا الْقَاضِي بِوِلَايَةِ الْقَاضِي عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ قَالَ وَلَا يُفْرَضُ عَلَى الْغَائِبِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافًا لَنَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ

(فَرْعٌ)

فِي الْكِتَابِ يُبَاعُ عَلَى الْغَائِبِ عَرْضُهُ فِي النَّفَقَةِ وَرَبْعُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْنٌ وَمَنَعَ ح بَيْعَ الْعَرْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّمَا هَكَذَا يَنْتَهِي مخطوط خزانَة ابْن يُوسُف بمراكش مبتورا يَلِيهِ الْجُزْء الْخَامِس وأوله كتاب الْبيُوع الْقسم الأول اتِّحَاد الْعين وَالصّفة

ص: 473