المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم 1   -‌ ‌ كِتَابُ الْجَعَالَةِ 1 - وَهِيَ مِنَ الْجَعْلِ - الذخيرة للقرافي - جـ ٦

[القرافي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

1

-‌

‌ كِتَابُ الْجَعَالَةِ

1 -

وَهِيَ مِنَ الْجَعْلِ وَالْجَعْلُ فِي اللُّغَةِ - بِفَتْحِ الْجِيمِ - لَهُ خَمْسَةُ مَعَانٍ بِمَعْنَى صَيَّرَ نَحْوِ جَعَلْتُ الطِّينَ خَزَفًا وَسَمَّى نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عِنْد الرَّحْمَن إِناثا} أَي سَمَّوْهُمْ لأَن سُلْطَانَ الْمُشْرِكِينَ إِنما هُوَ عَلَى الأَسماء دُونَ الذَّوَاتِ وَبِمَعْنَى خَلَقَ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجعل الظُّلُمَات والنور} أَي خَلَقَهُمَا وَبِمَعْنَى أَلقى نَحْوِ جَعَلْتَ مَتَاعَكَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ أَي أَلقيته وَبِمَعْنَى قَارَبَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ نَحْوِ جَعَلَ يَقُولُ كَذَا وَالْجَعَالَةُ مِنْ فَعَلَ أَي الْتَزَمَ مَالًا لِمَنْ يأْتي بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَو نَحْوِ ذَلِكَ وأَنكره جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِغُرُورِهِ وأَصله قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ

ص: 5

وأَنا بِهِ زعيم} وَلِمُسَاقَاتِهِ عليه السلام أَهل خَيْبَرَ وَهِيَ جَعَالَةٌ لأَن المساقي إِن كمّل أَخذه وإِلا فَلَا شَيْء لَهُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي أَركانها وأَحكامها النَّظَرُ الأَول فِي أَركانها وَهِيَ أَربعة الأَول وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلا أَهلية الِاسْتِئْجَارِ وَالْعَمَلِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَجْعُولِ لَهُ تَكْمِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ بَلْ لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِعَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ صحَّ فإِن أَحْضَرَهُ قَبْلَ أَن يَجْعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَعَادَتُهُ طَلَبُ الْآبِقِ وَالِاكْتِسَابُ بِذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي قَدْرِ تَعَبِهِ وَسَفَرِهِ وَإِلَّا فَلَهُ نَفَقَتُهُ فَقَطْ - قَالَهُ أَصْبَغُ وَعَبْدُ الْمَالِكِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَدَمُ النَّفَقَةِ أَيْضًا وَقَالَ (ش) الرَّادُّ لَلْآبِقِ ابْتِدَاءً مُتَبَرِّعٌ لَا شَيْءَ لَهُ - كَانَ شأْنه رَدَّ الْآبِقِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِن أَذِنَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَوْ يَأْذَنُ فُضُولِيٌّ يَقُولُ قَالَ فُلَانٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا عَلَيْهِ وَقَالَ (ح) لَهُ الْأَجْرُ فِي الْعَبْدِ دُونَ سَائِرِ الضَّوَالِّ إِذَا رَدَّهُ مِنْ دُونِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بَرَدِّ الْأُبَّاقِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا أَوْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا اسْتِحْسَانًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ وَقَالَ أَحْمَدُ لَهُ دِينَارٌ كَانَ مَعْرُوفًا أَمْ لَا وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَالْحَنَفِيَّةُ بِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ مَنْ رَدَّ آبِقًا فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لِمَنْ جَاءَ بِآبِقٍ خَارِجَ الْحَرَمِ دِينَارًا وَعَنْهُ عَلَيْهِ

ص: 6

السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآبِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهِيَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ بِدَلِيلِ النُّقُودِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَتَعَيُّنِ الْأَعْمَالِ فِي الْإِجَارَاتِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ قَاعِدَةٌ مَذْهَبِيَّةٌ مَنْ فَعَلَ لِغَيْرِهِ فِعْلًا مَا شَأْنُهُ فِعْلُهُ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ الْمَالُ وَأُجْرَةُ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ وَاجِبًا كَأَدَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ هُوَ مِمَّنْ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَقَالَ (ش) لَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْءٌ لَنَا الْقَضَاءُ بِالْعَوَائِدِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَنَفَقَةُ الْآبِقِ تَجِبُ بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ وَلَا تَجِبُ قِيَاسًا عَلَى الْغَيْبَةِ وَلَيْسَ شَأْنُ النَّاسِ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْآبِقِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا وَشَأْنُ النَّاسِ طَلَبُ الْآبِقِ فَوَجَبَتِ الْأُجْرَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ شَأْنُهُ ذَلِك وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ لَمْ يَسْمَعِ الْآتِي بِالْآبِقِ قَوْلَ سَيِّدِهِ مَنْ جَاءَنِي بِهِ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ الْإِتْيَانَ بِالْآبِقِ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ كَمَا لَوْ جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْقَوْلِ وَجَعَلَ لَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بَعْدَ الْقَوْلِ الْجَعْلَ سَمِعَ أَمْ لَا - كَانَ ذَلِكَ شَأْنُهُ أَمْ لَا قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ - إِذَا قَالَ لَمْ أَتَطَوَّعْ وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ جَعْلُ مِثْلِهِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ مَنْ سَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِهِ وَقَالَ لَمْ أَعْمَلْ عَلَى قَوْلِ السَّيِّدِ لِأَنَّ لِي طَلَبَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَفَدْتُ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْعَبْدَ آبق حلف

ص: 7

وَأَخَذَ جَعْلَ مِثْلِهِ - إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُسَمَّى فَإِنْ طَلَبَ مَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ - قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطَى بِقَدْرِ تَعَبِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ سَيِّدُهُ لَا يَخْرُجُ لَهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّرْ عَلَى السَّيِّدِ شَيْئًا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْعَمَلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ عَمَلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ احْتِرَازًا مِمَّنْ وَجَدَ آبِقًا أَوْ ضَالًّا بِغَيْرِ عَمَلٍ فَلَا جَعْلَ لَهُ وَمِمَّنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَدَلَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِك وَاجِب عَلَيْهِ وَيشْتَرط ان لَا تَحْصُلَ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَمْتَنِعُ فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ بِذَهَابِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ بَاطِلًا وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُقَدَّرِ مِنَ الْأَعْمَالِ بِزَمَنٍ فَمَتَى قَرَّرَ لَمْ يَكُنْ جَعْلًا بَلْ إِجَارَةً قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ لِلْجَعَالَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا غَيْرَ مَنْقُودٍ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَلَا يُضْرَبُ لِلْعَمَلِ أَجَلٌ وَقَالَ (ش) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَلِ الْعِلْمُ وَلَا الْجَهْلُ وَيُمْنَعُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَالِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ شَرْعًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا قَاعِدَةٌ تُعْرَفُ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَيَّنُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ

ص: 8

يَقْتَضِي حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ كَوَصْفِ السَّفَهِ يَقْتَضِي إِبْطَالَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ صَوْنًا لِمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَيَقْتَضِي تَنْفِيذَ وَصَايَاهُ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَهُ الْوَارِثُ فَصَارَ السَّفَهُ يَقْتَضِي التَّنْفِيذَ وَالرَّدَّ وَكَذَلِكَ كَوْنُ الْعَمَلِ غَيْرَ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْإِجَارَةُ مَجَّانًا فَهُوَ غَرَرٌ وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْجَعَالَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَدَّى ذَلِكَ لِضَيَاعِ عَمَلِ الْمُجَاعَلِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ وُجُودِ الضَّالِّ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ يَزِيدُ الْمُجَاعِلُ فِي الطَّلَبِ فَيَجِدُ الضَّالُّ وَلَا يَذْهَبُ فِيهِ تَعَبُهُ بَاطِلًا فَصَارَتْ جَهَالَةُ الْعَمَلِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْبُطْلَانَ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ فَمَنْ قَالَ بِعْ ثَوْبِي وَلَكَ دِرْهَمٌ جَازَ حَدَّ فِي الثَّوْبِ ثَمَنًا أَمْ لَا فَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ أَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يَتْرُكَ مَتَى شَاءَ لِئَلَّا يَذْهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ فِيهِ وَإِنْ بَاعَ فِي نِصْفِهِ أَخَذَ الْجَعْلَ كَامِلًا وَيَسْقُطُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ فَهُوَ خَطَرٌ فَلَا يَكُونُ الْجَعْلُ مُؤَجَّلًا وَاشْتَرَطَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير} وَلَمْ يُقَدِّرْ أَجَلًا وَلَا يَجُوزُ الْجَعْلُ عَلَى بَيْعِ كَثِيرِ السِّلَعِ وَالدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ كَالْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ وَلَا عَلَى مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ فَيَبْقَى فِي الْقَلِيلِ لِاحْتِمَالِ ضَيَاعِ كَثْرَةِ الْعَمَلِ دُونَ الْمَقْصُودِ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ فِي الْبَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ بَيْعُ ذَلِكَ عَنْ شُغْلِهِ فَإِنْ بَاعَ أَخَذَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَجَازَ الْجَعْلَ عَلَى الْيَسِيرِ كَالثَّوْبَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُسَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ جَعْلُهُ - كَمَا قِيلَ

ص: 9

فِي الْآبِقِينَ وَفِيهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا فِيهِمَا وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِيمَا لَا يَبْقَى لِلْجَاعِلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بَعْدَ تَمَامِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا يَصِحُّ فِي الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا حَتَّى يَبِيعَ جَمِيعَهَا وَأَمَّا إِنْ أَخَذَ بِقَدْرِ مَا بَاعَ فَجَائِزٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ شَيْئًا أَوْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيَمِ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ الْأُجْرَةُ عَلَى الْعَدَدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقِيَمِ امْتَنَعَ لِجَهَالَتِهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يُعْرَضُ لِلْبَيْعِ كَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهُ يَمْنَعُ الْجَعْلَ إِلَّا فِي الْيَسِيرِ كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ الْمُجَاعِلُ عَنْ مَصَالِحِهِ وَمَا لَا يُعْرَضُ لِلْبَيْعِ وَلَا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَعْلُ وَكَذَلِكَ الْجَعْلُ فِي عَمَلِ الْأَيْدِي جَائِزٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَتْ ثِيَابًا كَثِيرَةً فِي بَيْتِ صَاحِبِهَا وَيَأْتِي السِّمْسَارُ بِمَنْ يَشْتَرِيهَا وَيَأْخُذُ مِنْهَا ثَوْبًا يَعْرِضُهُ لِيَبِيعَ بِهِ جَمِيعَهَا أَوْ تُنْقَلُ إِلَى دُكَّانِ السِّمْسَارِ فَيَبِيعُهَا فِيهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُهَا مَنْ يَحْمِلُهَا لَهُ وَقْتَ الْعَرْضِ أَوْ يَقُولُ بِعْ أَيَّهَا شِئْتَ جَازَ لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِضَيَاعِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى الْمُجَاعَلِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْمَذْهَبِ مَنْعُ الْجَعْلِ فِي الْآبِقِ لِطُولِهِ وَحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْجَاعِلِ بِكَشْفِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ وَمَنْعُ الْمُغَارَسَةِ لِأَنَّهَا تَطُولُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ أَنَّهُمْ أَجَازُوهَا وَأَجَازُوا الْجَعْلَ عَلَى السَّفَرِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْبَلَاغِ إِنْ وَصَلَ أَخَذَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ جَعْلٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا وَيَجُوزُ عِنْد

ص: 10

مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْجَعْلُ عَلَى الشِّرَاءِ الْحَاضِرِ وَعَلَى السَّفَرِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَدْ قَالَ إِذَا قَالَ إِنِ ابْتَعْتَ لِي بِهَذِهِ الْمِائَةِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ كَذَا فَلَكَ كَذَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ إِنْ كَانَ خُرُوجه لَهُ وللمائة جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا بِأَجَلٍ مُؤَقَّتٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهُوَ أَحْسَنُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ كُلُّ مَا جَازَتِ الْجَعَالَةُ فِيهِ جَازَتِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْجَعْلُ فِيهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ عَلَى كَثِيرِ السِّلَعِ وَالطَّعَامِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ عَلَى ثِيَابٍ يَشْتَرِيهَا لَهُ نِصْفُهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا يُشْبِهُ تِجَارَتَهُ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَعْلُ عَلَى الْآبِقِ جَائِزٌ عَلِمَ الْمَجْعُولُ لَهُ مَوْضِعَهُ أَمْ لَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَا عَصَرْتَ مِنْ زَيْتُونِي فَلَكَ نِصْفُهُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي

ص: 11

كَيْفَ يَخْرُجُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إِذَا شَرَعَ فَلَيْسَ كَالْحَصَادِ يَتْرُكُهُ مَتَى شَاءَ وَيَجُوزُ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْكَيْلِ وَيُعْلَمُ صِفَتُهُ بِالْفَرْكِ لِلسُّنْبُلِ وَتَأَخُّرِ دَرْسِهِ إِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَرِيبٍ لِلضَّرُورَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُكره عَلَى الْخُصُومَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِإِدْرَاكِ الْحَقِّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِنْ فَعَلَ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ الْمَنْعُ إِلَّا فِيمَا قَلَّ حَتَّى إِذَا تُرِكَ قَبْلَ التَّمام لم ينْتَفع الْجَاعِل لشَيْء أَمَّا إِذَا طَالَ وَانْتَفَعَ الْجَاعِلُ بِالْحِجَاجِ فَلَا فَإِنْ وَكَّلَ آخَرَ فَأَتَمَّ الْخُصُومَةَ هَلْ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ الطَّالِبُ مِنْ عَمَلِهِ خِلَافٌ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْجَعْلُ عَلَى ثُلُثِ مَا يَقْتَضِي مِنْ ذَلِكَ فَصَالَحَ الْجَاعِلُ الْمَطْلُوبَ عَلَى أَخْذِ الثُّلُثَيْنِ وَتَأْخِيرِ الثُّلُثِ وَأَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا أَخَذَ وَيَكُونُ فِي الْبَاقِي عَلَى شَرْطِهِ جَازَ وَإِذَا قَالَ الْأَجِيرُ لَا أُجِيزُ تَأْخِيرَ رَبِّ الْحَقِّ بِالثُّلُثِ حَتَّى آخُذَ ثُلُثَهُ لَزِمَ الْغَرِيمَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ رَبُّ الْحَقِّ الدَّيْنَ لَأَسْقَطَ حِصَّةَ الْأَجِيرِ قَالَ وَأرى اذا كَانَ الْجعل بعد خُصُومَة لِأَنَّهُ إِذَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ الْوَكِيلُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا رُدَّ الصُّلْحُ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْجَوَازُ إِذَا وَصَفَ لَهُ أَصْلَ الْحَقِّ وَكَيْفَ هُوَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى أَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي حُجَجِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ إِنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْخُصُومَةِ أَجَلًا وَتَرَكَ الطَّلَبَ وَأَضَرَّ ذَلِكَ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ الْمَجْعُولُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَى مِنَ

ص: 12

الدَّيْنِ شَيْئًا لَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ كَالْعَامِلِ يَمُوتُ قَبْلَ الشَّغْلِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَقِّ لَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِلُّ لَهُمْ مَا تَعَيَّنَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ الْجَاعِلُ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْعُولِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَةُ الْجَاعِلِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُمْ أَوْ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلِلْمُجَاعَلِ جَعْلُهُ فِي التَّقَاضِي وَلَا يُجَاعِلُ عَلَى تَخْلِيصِ الْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا وَلَا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ الشِّقْصِ وَلَوْ أَجَزْنَاهُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَيَجُوزُ مَا قَضَيْتَ مِنَ الدَّيْنِ فَلَكَ رُبُعُهُ إِذَا عَرِفَ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ فِي سَفَرِهِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ وَيَمْتَنِعُ فِي طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ اسْتَخَفَّ مَالِكٌ أَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى مَنْ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِي أَوْ يَسْتَأْجِرُ وَدَلَالَةُ الرَّجُلِ عَلَى مَنْ يَتَزَوَّجُ أَوِ الْمَرْأَةِ مَمْنُوعٌ ولاشيء لَهُ إِنْ فَعَلَ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا كِرَاء وانما يكون الْجعل يكون ذَلِكَ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِعُمُومِ الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ اسْعَ لِي فِي زَوَاجِ بِنْتِ فُلَانٍ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَفَرٌ لِئَلَّا يَضِيعَ تَعَبُهُ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَعْلَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الطَّرِيقِ وَانْتِقَادِ الْمَالِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْجَعْلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَقْدُورًا كَالْأُجْرَةِ وَيَمْتَنِعُ بِنِصْفِ الْآبِقِ لِلْغَرَرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يَمْتَنِعُ بِعْهُ وَلَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ كَذَا إِذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَإِنْ قَالَ إِنْ بِعْتَهُ بِعَشَرَةٍ فَلَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ سُدُسُهُ جَازَ فَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا

ص: 13

سُدُسُ الْعَشَرَةِ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ وَلَكَ سُدُسُهَا وَلَوْ قَالَ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ فَسَدَ لِلْجَهَالَةِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ وَإِذَا قَالَ لَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ سُدُسٌ فَبَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ لَكَ الْجَعْلُ بِعْتَهُ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ جَعْلٍ فَاسِدٍ فَفِيهِ إِجَارَةُ الْمِثْلِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مِنْ أُصُولٍ إِذَا فَسَدَتْ هَلْ تُرَدُّ إِلَى صَحِيحِ نَفْسِهَا فِيمَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ صَحِيحِ أَصْلِهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ اسْتَثْنَى الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ إِذَا كَانَ شَرْعِيًّا وَالْفَاسِدُ لَمْ يُسْتَثْنَ فَيُرَدُّ إِلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهَذَا كفاسد الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَالْجَعَالَةُ فِيهَا قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُمْنَعُ إِذَا بِعْتَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِلَّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَاعَ أَمْ لَا وَقِيلَ إِنْ بَاعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَمَلِ وَفَسَادِ الْعَقْدِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ السُّكُوتُ عَلَى الْجَعْلِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا عَادَةً لِتَعْيِينِ النَّقْدِ بِالْعَادَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ يَشْتَرِيهَا دِينَارٌ وَلَهُ رَدُّ الْمَالِ مَتَى شَاءَ وَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ

ص: 14

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِنْ جِئْتَنِي بِالْعَبْدَيْنِ الْآبِقَيْنِ فَلَكَ دِينَارٌ يُمْنَعُ فَإِنْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ نِصْفُ دِينَارٍ نَظَرًا لِلرِّضَى بِالتَّسْمِيَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ يَوْمَ الْإِبَاقِ لِأَنَّ الْجَعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْهُ يَوْمَ الْإِبَاقِ وَالْمَشْهُورُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ الْجَعْلَ عَلَى الْعَدَدِ أَوِ الْقِيَمِ وَلَوْ جَعَلَاهُ عَلَى الْقِيَمِ لَفُضَّ أَوْ عَلَى الْعَدَدِ لَقُسِّمَ نِصْفَيْنِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَهُمَا وَإِنْ قَالَا يَوْمَ الْوُجُودِ فَسَدَ اتِّفَاقًا لِلْجَهْلِ بِحَالَةِ الْوُجُودِ حِينَئِذٍ وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ عَبْدٍ جَعْلًا مُخْتَلِفًا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ وَالْمَجْعُولُ لَهُ يَعْرِفُهُ جَازَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَرَجَعَ لِلْمَنْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْبِضُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ غَيْرَهُ فَإِنِ اسْتَوَى الْجَعْلُ وَاخْتَلَّتِ الْقِيَمُ فَلَهُ قَوْلَانِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنَّمَا يَجُوزُ الْجَعْلُ عَلَى الْأَعْدَادِ لَا على الْقيم فعلى هَذَا تجوز المسئلة لِأَنَّ حِصَّةَ مَنْ يَأْتِي بِهِ مَعْلُومَةٌ وَالْخِلَافُ إِنَّمَا يَجْرِي حَيْثُ أُبْهِمَ اللَّفْظُ لَوْ قَالَ إِنْ جِئْتَ بِهِمَا فَلَكَ دِينَارٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا لِئَلَّا يَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَأَجَازَ مَالِكٌ لَكَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ تَبِيعُهُ دِرْهَمٌ وَمَنَعَ فِي كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمٌ وَأَجَازَ فِي كُلِّ آبِقٍ يَأْتِي بِهِ دِينَارٌ إِذَا سَمَّى عَدَدَهُمْ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْجَعْلُ مَضْمُونًا وَيَمْتَنِعُ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ قَبْلَ وُجُودِ الْآبِقِ فَإِنْ جَعَلَا مَبْدَأَ الْأَجَلِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ فَإِنْ كَانَ الْجعل عينا

ص: 15

مُعَيَّنَةً امْتَنَعَ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَيَغْرَمُ الْمِثْلَ إِذَا أَتَى بِالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا يُخْشَى تَغْيِيرُهُ إِلَى وُجُودِ الْآبِقِ أَوْ ثَوْبًا جَازَ وَيُوقَفُ وَإِنْ خُشِيَ تَغْيِيرُهُ كَالْحَيَوَانِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ حَصَادُ الزَّرْعِ وَجَدُّ النَّخْلِ وَالزَّيْتُونِ بِنِصْفِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَبَيْعُ نَصِفِهِ إِنْ قَالَ افْعَلْ وَلَكَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَهُوَ جَعْلٌ وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَمَنَعَ غَيْرُهُ هَذَا التَّوَهُّمَ لِجَهَالَةٍ فِي الْمَعْمُولِ وَالْمَأْخُوذِ وَيَمْتَنِعُ فَمَا حَصَدْتَ الْيَوْمَ فَلَكَ نِصْفُهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَيَمْتَنِعُ انْفُضِ الشَّجَرَ بِنِصْفِ مَا يُنْتَفَضُ لِلْجَهَالَةِ وَيَجُوزُ انْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَكَ نِصْفُهُ لِجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَصَادِ الزَّرْعِ بِنِصْفِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مَحْصُودًا وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْعَقْدِ لَا بِالْحَصَادِ لِأَنَّ الْهَالِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْحَصَادِ وَبَعْدَهُ مِنَ الْأَجِيرِ وَهُوَ بَاعَ مَنَافِعَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ فَهُوَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ النِّصْفُ هُوَ الْمَبِيعُ قَائِمًا لَا مَحْصُودًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَصَدَهُ أَوْ نَفَضَهُ فَاحْتَرَقَ فمنهما وَعَلِيهِ حصد مثل بَقِيَ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ الزَّرْعِ دُونَ حَصَادِ مِثْلِ نِصْفِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَخْتَلِفُ وَلَوْ قَالَ فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ

ص: 16

نِصْفُهُ وَضَمَانُ مَا حَصَدَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَحْصُدْ مِنْ رَبِّهِ وَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ وَلَوْ قَالَ احْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَصَفِّهِ وَلَكَ نِصْفُهُ فَهَلَكَ بَعْدَ حَصَادِهِ فَضَمَانُهُ كُلُّهُ مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ مُنِعَ مَا لَقَطْتَ الْيَوْمَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ التَّرْكَ مَتَى شَاءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ احْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَكَ نِصْفُ مَا يَخْرُجُ لِأَنَّ الْخَارِجَ مَجْهُولٌ بِخِلَافٍ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ النِّصْفَ الْآنَ عَلَى هَيْئَتِهِ وَهُوَ شَرِيكٌ يَحْصُدُ وَيَدْرُسُ لِنَفْسِهِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَمَلْتَ الدَّابَّةَ قَبْلَ عَمَلٍ فِيهَا ثُمَّ طَلَبْتَ الْجَعْلَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَانَةً وَالْأَمَانَةُ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهَا جَعْلٌ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ تَجُوزُ الْمُجَاعَلَةُ عَلَى بِنَاءِ طَاحُونٍ وَلَهُ نِصْفُهَا وَعَلَى إِصْلَاحِ الْقَنَاةِ سَنَةً وَعَلَى بِنَاءِ الدَّارِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِسُكْنَاهَا سَنَةً لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ عَادَة النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَفِي الْكِتَابِ هِيَ عَلَى الْجَوَازِ لِلْمُجَاعَلِ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ جَائِزَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يشرع فِي الْعلم كَالْقِرَاضِ وَلِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ عَلَى شَرْطٍ فَأَشْبَهَتِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ شَرَعَ فَمِنْ جَانِبِ الْجَاعِلِ خَاصَّةً وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ إِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فِي حَقِّ الْجَاعِلِ خَاصَّةً دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ وَإِنَّهَا كَالْإِجَارَةِ تَلْزَمُهُمَا بِالْقَوْلِ وَبِالْجَوَازِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ قَالَ (ش) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ تَلْزَمُ الْجَعَالَةُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا تلْزم

ص: 17

الْمَجْعُولَ لَهُ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَسْتَلْزِمُ مَصَالِحَهَا الَّتِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهَا فَشُرِعَتْ عَلَى اللُّزُومِ - كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَعُقُودِ الْوِلَايَاتِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ يُمْكِنُ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَمِنْهَا مَا لَا يَسْتَلْزِمُ مَصْلَحَتَهُ كَالْجَعَالَةِ فَإِنَّ رَدَّ الْآبِقِ قَدْ يَتَعَذَّرُ فَشُرِعَتْ عَلَى الْجَوَازِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ مَا لَا يَتَعَيَّنُ مَصْلَحَتُهُ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْقِرَاضُ

نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ لَا تُلْزِمُ بِالْعَقْدِ الْجَعَالَةُ وَالْقِرَاضُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُلْزِمُ وَالْمُغَارَسَةُ وَالْوَكَالَةُ وَتَحْكِيمُ الْحَاكِمِ مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ مَالِكٍ لِلْمَجْعُولِ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْجَاعِلُ بِمَا عَمِلَ مِثْلَ حَمْلِ خَشَبَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَيَتْرُكُهَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَيَحْفِرُ بَعْضَهَا فَيَسْتَأْجِرُ الْمَالِكُ عَلَى الْبَاقِي فَيَكُونُ لِلثَّانِي أُجْرَةٌ وَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ الْجَاعِلُ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ أُجْرَةِ الثَّانِي لِئَلَّا يَكُونَ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَو كَانَ جعل الأول خَمْسَة وَبلغ النِّصْفُ وَأُجْرَةُ الثَّانِي عَشَرَةٌ فَلِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ لِفِعْلِهِ مِثْلَ الثَّانِي قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْجَعْلَ يَجُوزُ مَعَ الْغَبْنِ وَالْإِجَارَةُ قَدْ تَغْلُو بَعْدَ ذَلِكَ

فَرْعٌ - قَالَ مَالِكٌ الْمُجَاعِلُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الثَّمَنِ وَلَا السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَلَهُ جَعْلُهُ إِنْ ضَاعَا

ص: 18

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْلُ عَلَى الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يُسَمَّى الْجَعْلُ أَوِ الثَّمَنُ وَلَا يُسَمِّيهِمَا وَيَقُولُ بِعْ بِمَا رَأَيْتَ وَإِنْ لَمْ تَبِعْ فَلَا شَيْءَ لَكَ مِنْهَا فَهَذَانِ جَائِزَانِ وَالثَّالِثُ بِعْتَهُ أَمْ لَا فَلَكَ دِرْهَمٌ يَمْتَنِعُ إِلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إِجَارَةٌ فَإِنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَبِعْ فَلَكَ أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِالْجَعْلِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا قَالَ لَا تَبِعْ إِلَّا بِإِذْنِي فَسَدَ لِلْحَجْرِ وَالْأَشْبَهُ رَدُّهُ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَانَ الْمَطْلُوبُ الْإِشْهَارَ فَقَطْ فَإِذَا وَصَلَ الْقِيمَةَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ وَإِنْ أَشْهَرَ بَعْدَ الْإِشْهَارِ وَفَطِنَ بِهِ فَفَسَخَ فَهَلْ لَهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ جَعَالَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَدْرَكْتَ الْجَعَالَةَ الْفَاسِدَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَسَخْتَ أَوْ بَعْدَهُ مُكِّنَ مِنَ التَّمَادِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجَعَالَةَ الْفَاسِدَةَ تُرَدُّ إِلَى الْجَعَالَةِ الصَّحِيحَةِ دُونَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ فَسْخَهَا قَدْ يَذْهَبُ بِعَمَلِهِ بَاطِلًا وَإِنْ رَدَدْنَاهَا لِلْإِجَارَةِ فَلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فَلَا يُمْنَعُ مِنَ التَّمَادِي فَإِنْ أَتَى مِنَ الثَّمَنِ بِمَا تُبَاعُ بِهِ فَلَهُ جَعْلُ الْمِثْلِ بَاعَ الْجَاعِلُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا فَوَصَلَهُ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا فَلَا

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ نَفَقَةُ الْآبِقِ عَلَى الْمَجْعُولِ لَهُ وَلَهُ الْجَعْلُ فَقَطْ لِأَنَّ الْجَعْلَ قُبَالَةَ إِحْضَارِهِ مَكْفِيُّ الْمَئُونَةِ وَقَالَهُ (ش) وَلَوْ قَالَ إِذَا لَمْ آتِ بِهِ فَلِيَ

ص: 19

النَّفَقَةُ فَفَاسِدٌ فَإِنْ جَاءَ بِهِ فَجَعْلُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَرَدَّهُ إِلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لَمَّا جَعَلَ لَهُ شَيْئًا ثَابِتًا عَلَى كُلِّ حَالٍ

فَرْعٌ - قَالَ إِنْ هَرَبَ الْآبِقُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ لَيْلَةَ قُدُومِهِ عَلَى سَيِّدِهِ سَقَطَ الْجَعْلُ وَالنَّفَقَةُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَقَالَهُ (ش)

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا جَعَلَ فِي عَبْدِهِ لِرَجُلٍ عَشَرَةً ثُمَّ لِآخَرَ خَمْسَةً فَأَتَيَا بِهِ فَالْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّهَا بِنِسْبَةِ الْخَمْسَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَشَرَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جَعْلِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ وَيَقَعُ التَّشْطِيرُ بِالْمُنَاجَمَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا عَرْضًا وَلِلْآخَرِ عَشَرَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ وَيُخَيِّرُ الْآخَرُ بَيْنَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَوْ مَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرْضِ وَهُوَ ثُلُثَا ذَلِكَ الْعَرْضِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَعَيَّبَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْوُصُولِ عَيْبًا لَا يُسَاوِي الْجَعْلَ أَوْ قَبْلَ وِجْدَانِهِ قَالَ مَالِكٌ لَهُ الْجَعْلُ كَامِلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ

ص: 20

وَظُهُورُ الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَجْعُولِ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُرْجَعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ جَعْلِ مِثْلِهِ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِآبِقٍ لَهُ جَعْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَهُوَ الْأَقْيَسُ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ يَطْلُبُهُ بِنَفْسِهِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا هَرَبَ الْآبِقُ مِنْهُ فَتَرَكَ الْعَمَلَ فجَاء على غَيره بعد عودته إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ أَخَذَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَلَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ وَقَدْ جَعَلَ لِلثَّانِي جَعْلَ مَوْضِعِ الْهَرَبِ فَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ سَيِّدُهُ وَإِنْ جَعَلَ لِلثَّانِي طَلَبَهُ حَيْثُ يَجِدُهُ - قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَكَانَ الْجَعْلُ فِيهِ الْآنَ مِثْلُ الْجَعْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ وَالْأَوَّلُ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ أَخَذَ آبِقًا فَأَرْسَلَهُ عَمْدًا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِمَالِ مَعْصُومٍ

فَرْعٌ - قَالَ فَإِنْ أَتْلَفَ مِنْهُ قَرِيبًا فَجَاءَ بِهِ آخَرُ قَالَ مَالِكٌ الْجَعْلُ بَيْنَهُمَا

ص: 21

فَرْعٌ - قَالَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْجَعْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَامِلِ

فَرْعٌ - قَالَ إِنْ أَنْكَرْتَ سَعْيَ الْعَامِلِ فِي الرَّدِّ صَدَقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّعْيِ أَوْ تَنَازَعْتُمَا فِي مِقْدَارِ الْجَعْلِ تَحَالَفْتُمَا وَلَهُ جَعْلُ الْمِثْلِ

تَنْبِيهٌ - قَالَ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْجَعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ الطِّبيبُ عَلَى الْبُرْءِ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَاسْتِخْرَاجُ الْمِيَاهِ مِنَ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْمُغَارَسَةُ وَكِرَاءُ السُّفُنِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ هَلْ هِيَ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجَعَالَةِ أَمْ لَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ لَوْ جَعَلَ عَلَى تَقَاضِي الْغَرِيمِ فَأَبْرَأَهُ أَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ شُرُوعِ الْمُجَاعَلِ فِي التَّقَاضِي أَوْ جَعَلَ فِي آبِقٍ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلِلْمُجَاعَلِ الْجَعْلُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِ الْجَاعِلِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فَلَا شَيْءَ لَهُ

ص: 22

(كِتَابُ الْقِرَاضِ)

وَفِيهِ مُقَدِّمَتَانِ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي لَفْظِهِ وَلَهُ اسْمَانِ الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ أَمَّا لَفْظُ الْقِرَاضِ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ أَقْرَضْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَعْطَيْتَهُ لِيُعْطِيَكَ فَالْمُقَارِضُ يُعْطَى الرِّبْحَ كَمَا يُعْطَى الْمُقْتَرِضُ مِثْلَ الْمَأْخُوذِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مِنَ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ وَمِنْهُ تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْإِنْشَادِ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالرِّبْحِ وَقِيلَ مِنَ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ قَرَضَ الْفَأْرُ الثَّوْبَ لِأَنَّكَ قَطَعْتَ مِنْ مَالِكَ لَهُ قِطْعَةً وَهُوَ قَطَعَ لَكَ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِسَعْيِهِ وَيُسَمَّى مُقَارِضًا مَعَ أَنَّ الْمُفَاعِلَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ نَحْوَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُضَارَبَةِ إِمَّا لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يُسَاوِي صَاحِبَهُ فِي الرِّبْحِ وَيَقْطَعُ لَهُ مِمَّا تَحْتَ يَدِهِ أَوْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلِّقِ أَوْ هِيَ مِنَ الصِّيَغِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الشَّرِكَةَ نَحْوَ الْمُسَافِر وَعَافَاهُ اللَّهُ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ إِذَا جَعَلْتَهُ طَاقًا عَلَى طَاقٍ فَأَمَّا لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ فَإِمَّا أَنَّ كِلَيْهِمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِنَصِيبٍ وَإِمَّا مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ السَّفَرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ

ص: 23

يَبْتَغُونَ من فضل الله} قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ فَرْقٌ بَيْنَ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ وَضَرَبَ الْأَرْضَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْقُرُبَاتِ كَأَنَّ الْمُسَافِرَ لِلتِّجَارَةِ مُنْغَمِسٌ فِي الْأَرْضِ وَمَتَاعِهَا فَقِيلَ ضَرَبَ فِيهَا وللمتقرب إِلَى اللَّهِ عز وجل بَرِيءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ يُجْعَلْ فِيهَا وَيُسَمَّى مُفَاعَلَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُقَارِضِ وَالْمُقَارِضُ بِالْكَسْرِ رَبُّ الْمَالِ وَبِالْفَتْحِ الْعَامِلُ وَالْمُضَارِبُ بِالْكَسْرِ الْعَامِلُ عَكْسَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْرِبُ بِالْمَالِ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ اسْمٌ مِنَ الْمُضَارَبَةِ بِخِلَاف الْقَرَاض الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْكتاب قَوْله تَعَالَى {وأحلَّ الله البيع} وَهُوَ بَيْعُ مَنَافِعَ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ وَمِنْ عمل الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ خَرَجَا فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أنفعكما بِهِ ثمَّ قَالَ بلَى هَهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعا من مَتَاع الْعِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَكُونُ لَكُمَا الرِّبْحُ فَقَالَا وَدِدْنَا فَفَعَلَ وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ عُمَرُ أَكُلَّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا قَالَا لَا فَقَالَ عمر أَبنَاء أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكُمَا أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا لَوْ نَقَصَ الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ يَا أَمِير

ص: 24

الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا فَقَالَ عُمَرُ قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا فَأَخَذَ عُمَرُ الْمَالَ وَنِصْفَ رِبْحِهِ وَأخذ أبناؤه نصف الرِّبْح وَيُقَال الرجل عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ سُؤَالٌ كَيْفَ يُمْكِنُ جَعْلُهُ قِرَاضًا بَعْدَمَا كَانَ قَرْضًا وَإِلْزَامُ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ الرِّبْحَ مِلْكٌ لِلْمُقْتَرِضِ إِجْمَاعًا فَأَخْذُهُ مِنْهُ غَصْبٌ جَوَابُهُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي سِرَاجِ الْمُلُوكِ جَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه انْتِفَاعَهُمْ بِجَاهِ الْعَمَلِ لِلْمُسْلِمِينَ لَهُ نصف الرِّبْح كَأَن الْمُصَلِّين ساعدوهما فِي ذَلِك وَهُوَ مُسْتَنده فِي تَشْطِيرِ عُمَّالِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ كَالْقِرَاضِ سُؤَالٌ أَبُو مُوسَى حَكَمٌ عَدْلٌ وَقَدْ تَصَرَّفَ بِوَجْهِ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ الْمَالَ يَصِيرُ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَعْثِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ مُضَافًا إِلَى إِكْرَامِ مَنْ يَنْبَغِي إِكْرَامُهُ فَهُوَ تَصَرُّفٌ جَامِعٌ لِلْمَصَالِحِ فَيَتَعَيَّنُ تَنْفِيذُهُ وَعَدَمُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ جَوَابُهُ أَنَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ إِنَّمَا هُوَ بَيْنَ النَّظَرِ مِنَ الْأُمَرَاءِ أَمَّا الْخَلِيفَةُ فَلَهُ النَّظَرُ فِي أَمْرِ نُوَّابِهِ وَإِنْ كَانَ سدادا أَو تَقول كَأَنَّ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ تُهْمَةً تَتَعَلَّقُ بِعُمَرَ بِسَبَبِ أَنَّهُ إِكْرَامٌ لِابْنَيْهِ فَأَرَادَ إِبْطَالَهَا وَالذَّبَّ عَنْ عِرْضِ الْإِمَامَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دَفَعَ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ الَّتِي هِيَ مَوْرِدُ السُّنَّةِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ إِذْ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْدِرُ عَلَى تَنْمِيَةِ مَالِهِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ

2

-‌

‌ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ

وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلَّا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُوَكَّلِ وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ لِأَنَّكَ لَمْ تُؤْمَنِ

ص: 25

الْغَيْرَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ بِشَرْطِ تَوْزِيعِ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعُمَّالِ بِقَدْرِ الْأَعْمَالِ كَتَوْزِيعِ الْأَثْمَانِ عَلَى السِّلَعِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْقِرَاضِ وَأَخْذُهُ لِأَنَّهُ تِجَارَةٌ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمَأْذُونُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الْقِرَاضُ إِجَارَةٌ فَلَا يَأْخُذُهُ كَمَا لَا يُؤْجِرُ نَفْسَهُ وَإِذَا أَخَذَ قِرَاضًا فَالرِّبْحُ كَخَرَاجِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ فَلَا يَقْضى مِنْهُ دَيْنَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ إِنْ عَتَقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قَارَضَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلِسَيِّدِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِرِضَاهُ بِالْمُسَمَّى أَوِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَكَ مُقَارَضَةُ عَبْدِكَ وَأَجِيرِكَ إِذَا كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الْأَجِيرَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبْضَعَ وَيَدْفَعَ قِرَاضًا وَيَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ مَنَعَ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الْقِرَاضَ أَخَفُّ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ فَأَلْحَقَهَا بِمَصْلَحَةٍ اشْتَرَطَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ الْأَجِيرَ بَاقٍ عَلَى الْخِدْمَةِ وَهُوَ يَتَّجِرُ

ص: 26

فِي خِلَالِهَا إِذْ وَجَدَ سِلْعَةً ابْتَاعَهَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَتَّجِرَ لَهُ جَازَ الْقَرَاض لِأَنَّهُ من الْمَنْفَعَة الأولى وللخدمة امْتَنَعَ أَوْ لِيُقَارِضَهُ امْتَنَعَ أَيْضًا لِأَنَّ عَمَلَ الْقِرَاضِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ وَمَا اسْتَأْجرهُ فِيهِ بَعْضُهُ عَمَلُ الْقِرَاضِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ يَحْيَى قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيئَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ عَلَيْهِ مَا يَأْتِيهِ بِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ بِالسُّوقِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ بِالْقِرَاضِ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ بَلْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ عَمَلًا بِعَيْنِهِ كَالْبِنَاءِ امْتَنَعَ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْعَامِلِ أَخْذُ قِرَاضٍ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إِنْ كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنَافِعِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا لِالْتِزَامِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَجَوَّزَهُ (ش) مُطْلَقًا كَالْوَكَالَةِ وَمَنَعَهُ أَحْمَدُ مُطْلَقًا صَوْنًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَنِ الْخَلَلِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا أُحِبُّ مُقَارَضَةَ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَامَ أَوْ لَا يَعْرِفُهُ - وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا الْجَاهِلُ بِالصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَام قبل قَبضه وَنَحْوهمَا فَيتَصَدَّق بِالرِّبْحِ غير من جبر إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ عَمِلَ بِذَلِكَ فَيُجْبَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْفَضْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَإِنْ تَوَقَّعَ تَجْرَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اسْتَحَبَّ الصَّدَقَةَ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ

ص: 27

فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أُجْبِرَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ فِيمَا لَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ فَالْمَالُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ

قَاعِدَةٌ - الْأَمْوَالُ الْمُحَرَّمَةُ مِنَ الْغُصُوبِ وَغَيْرِهَا إِذَا عُلِمَتْ أَرْبَابُهَا رُدَّتْ إِلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ تصرف فِي مَصَارِفِهِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنَ الْأَبْوَابِ وَالْأَشْخَاصِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الصَّارِفِ مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نُوَّابِهِ أَوْ مَنْ حَصَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ من الْمُسلمين فَلَا تتَعَيَّن الصَّدَقَة قَدْ يَكُونُ الْغَزْوُ أَوْلَى فِي وَقْتٍ أَوْ بِنَاء جَامع اَوْ قنطرة فَتحرم الصَّدَقَة لتعيين غَيْرِهَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَإِنَّمَا يَذْكُرُ الْأَصْحَابُ الصَّدَقَةَ فِي فَتَاوِيهِمْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ - كَمَا ذَكَرْتُهُ لَكَ

قَاعِدَةٌ - كُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا أَوْ قَالَ قَوْلًا أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مِنَ الْمُعَامَلَاتِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ الله تَعَالَى فِي ذَلِك فان تعلم وَعلم أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى طَاعَتَيْنِ بِالتَّعَلُّمِ الْوَاجِبِ وَبِالْعَمَلِ إِنْ كَانَ قُرْبَةً وَإِلَّا فَبِالتَّعَلُّمِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ وَلَمْ يَعْمَلْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ مَعْصِيَتَيْنِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَبِتَرْكِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَبِتَرْكِ التَّعَلُّمِ فَقَطْ وَإِنْ تَعَلَّمَ وَلَمْ يَعْمَلْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى بِالتَّعَلُّمِ الْوَاجِبِ وَعَصَى بِتَرْكِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي رِسَالَتِهِ وَالْغَزَّالِيُّ فِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ مِنَ الْعِلْمِ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ عِلْمُكَ بِحَالَتِكَ الَّتِي

ص: 28

أَنْتَ فِيهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ عليه السلام طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَا عَدَا هَذَا الْقِسْمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ حُرِّمَ عَلَى الْجَاهِلِ كَسْبُهُ الْحَرَامُ كَالْعَامِدِ سُؤَالٌ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَظُنُّهُ خَلًّا أَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَعْتَقِدُهَا مُبَاحَةً أَوْ أَكَلَ طَعَامًا نَجِسًا يَعْتَقِدُهُ طَاهِرًا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا لَا يَعْذَرُ وَيَأْثَمُ فَمَا ضَابِطُ الْقِسْمَيْنِ

- قَاعِدَةٌ - الْجَهْلُ قِسْمَانِ مِنْهُ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا أَوْ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَجَعَلَهُ الشَّرْعُ عُذْرًا لِمَنِ ابْتُلِيَ بِهِ وَهُوَ تِلْكَ الْمُثُلُ وَنَحْوُهَا وَمِنْهُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ فَالْفَحْصُ عَنْ طَهَارَةِ الْمَأْكُولَاتِ وَحل كل عقد تنَاولهَا بعسر عَلَى النَّاسِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النَّظَائِرِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَهْلَ لَا يُجْدِي خَيْرًا وَلَا يَكُونُ عُذْرًا

- فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَخْذَ قِرَاض الذِّمِّيّ أَو مساقاته للمذمة وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَأَبَاحَهُ (ش) لِأَنَّكَ تَعْمَلُ بِالْحَلَّالِ وَكَرِهَ دَفْعَكَ لَهُ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالْحَرَامِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ مُسَاقِيًا إِنْ كَانَ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَارَضْتَ ذِمِّيًّا عَالِمًا بِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ فَيُفْسَخُ وَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ عَامِلًا فُسِخَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَارَضَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَاشْتَرَى خَمْرًا فَأَسْلَمَ رَبُّ الْمَالِ وَالْخَمْرُ قَائِمَةٌ بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَالَ رَبُّ المَال

ص: 29

قَارَضْتُكَ بِمَالٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَالِي وَالْخَمْرُ اكْسِرْهَا يُعْطَى لِلْعَامِلِ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَمْرًا وَيُرَاقُ مَا يَخُصُّ الْمُسْلِمَ وَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ عَامِلًا فَاشْتَرَى خَمْرًا هَلْ يَضْمَنُ لِدُخُولِهِ عَلَى بِيَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ (ش) كَأَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَنْعِ الْمُسْلِمِ امْرَأَتَهُ الذِّمِّيَّةَ مِنَ الْكَنِيسَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَمْنَعُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا كَانَ الذِّمِّيُّ الْعَامِلُ يَعْصِرُ نَصِيبَهُ خَمْرًا يَخْتَلِفُ هَلْ يُفْسَخُ أَوْ يُمْضَي وَيُبَاعُ نَصِيبُهُ عَلَيْهِ إِذَا تَمَّ الْعَمَلُ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى تَمَّ لَكَانَ لَهُ الْمُسَمَّى وَيُبَاعُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي عَمَلُ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً لِلتُّهْمَةِ وَلِيُقَارِضَ لَهُ غَيْرَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ مَضَى وَإِلَّا رُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ

‌الرُّكْنُ الثَّالِثُ رَأْسُ الْمَالِ وَشُرُوطُهُ سِتَّةٌ

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ نَقْدًا وَقَالَهُ (ش) وَ (ح) فَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ دُونَ الْفُلُوسِ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ وَعَنْهُ الْجَوَازُ خِلَافًا لِ (ش)(ح) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النَّقْدِ وَيَمْتَنِعُ بِالْعُرُوضِ وَالْمُثْلَى مِنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِلْغَرَرِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ عِنْدَ الْمُفَاضَلَةِ لِأَنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا أَخذ فَيذْهب عمله مجَّانا بغلاء السّعر وَرَأس الْمَالِ يُرْخِصُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي الْبِيَعِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي التَّجْرِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ نَزَلَ بِالْفُلُوسِ رَدَّ فُلُوسًا مِثْلَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ صَرْفَهَا دَرَاهِمَ وَيَعْمَلَ بِهَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقِرَاضُ الْمِثْلِ وَعَنْ مَالِكٍ

ص: 30

إِجَازَتُهُ بِهَا ابْتِدَاءً قَالَ اللَّخْمِيُّ لِمَالِكٍ فِي الْحُلِيِّ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ عَرْضٌ وَهُوَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ جَائِزٌ إِنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهِ وَإِلَّا فمكروه ان لم يتَعَذَّر وَإِلَّا الْمثل فَمَمْنُوعٌ وَفِي الْفُلُوسِ أَقْوَالٌ وَثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ لِشَبَهِهَا بِالْعَرُوضِ وَالنُّقُودِ اعْتِبَارًا لِلشَّبَهَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ لَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ إِنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ فَهُوَ غَرَرٌ أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ فَهُوَ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ لَكَ مِنْ حَمْلِ مَؤُونَةِ الْبَيْع أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الدَّفْعِ كَانَ بَيْعًا مِنْكَ لِلْعَرْضِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ فَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ جَبَرَهُ بِالرِّبْحِ فَهُوَ غَرَرٌ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّفَاضُلِ فَهُوَ يَعْمَلُ بِرَأْسِ مَالٍ مَجْهُولٍ وَتَخْتَلِفُ هَذِهِ الْوُجُوهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَهُ فِي الثَّانِي أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ إِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَهُ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ التُّونِسِيُّ بِعْ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ وَلَكَ فِي إِجَارَتِهَا كَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهَا قِرَاضًا الْقِيَاسُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْقِرَاضَ فِي حُكْمِ الْجَعْلِ فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقِرَاضُ بِالْمِثْلِيَّاتِ وَالْعُرُوضُ إِنْ جُعِلَ رَأْسُ الْمَالِ مَا تُبَاعُ بِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَقِرَاضٌ فِي عَقْدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا وَيَكُونَ شَأْنُهُ يَعْمَلُ ذَلِكَ لَهُ مِنْ غَيْرِ قِرَاضٍ أَوْ يَقُولَ كَلِّفْ مَنْ يَبِيعُ وَيَأْتِيكَ بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الْإِجَارَة وان بَاعَ الْعرض بِعرْض ثمَّ ينْقد فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْعَرْضَيْنِ ثُمَّ قِرَاضُ مثله فِي وَقت الْعين فَإِنْ قَالَ لَهُ بِعْهُ بِالْعَيْنِ فَبَاعَ بِالْعَرْضِ تَعَديا خيرا بَيْنَ إِجَارَةِ فِعْلِهِ فَيَكُونُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ يَضْمَنُهُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ وَلَهُ قِرَاض الْمثل

ص: 31

فِيمَا عَمِلَ فِيهِ بَعْدَ بَيْعِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ الثَّانِي أكبر مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ رِبْحُ الزَّائِدِ وَخَسَارَتُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَةُ الْأَوَّلِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَبِيعَ بِعَيْنٍ فَبَاعَ بِعَرْضٍ وَإِنْ أَمْرَهُ بِالْعَيْنِ فَرَأْسُ الْمَالِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ وَثَمَنِ الثَّانِي وَلَهُ الْأُجْرَةُ فِي بَيْعِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَعْلُهُ الْأُجْرَةَ لَهُ مَعَ جَعْلِهِ رَأْسَ الْمَالِ قِيمَتَهُ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ دَاخِلٌ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ

فَرْعٌ مُرَتَّبٌ - فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ شِرَاءَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ سِلْعَةً لِرُجُوعِ رَأْسِ الْمَالِ وَصَارَ الْقِرَاضُ بِهَذَا الْعَرْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْهُ إِبَاحَتُهُ وَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ جَازَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ لَكَ بَيْعُ عُرُوضٍ مِنَ الْعَامِلِ لِلْقِرَاضِ بِالنَّقْدِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ بِالنَّسِيئَةِ وَإِنْ بَاعَ كَأَنَّهُ أَخَّرَهُ ليرضخه فِيهِ وَفِي الْمُنْتَقَى إِذَا اشْتَرَى مِنْكَ عُرُوضًا بِمَالِ الْقِرَاضِ لِلْقِرَاضِ كَرِهَهُ مَالِكٌ حَذَرًا مِنْ مُغَابَنَتِهِ لَكَ وَعَنْهُ التَّخْفِيفُ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ بَاعَ مِنْكَ بِعَرْضٍ قَبْلَ التَّفَاضُلِ جَوَّزَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمَنْعَهُ مَالِكٌ وَبَعْدَ التَّفَاضُلِ يَجُوزُ نَقْدًا وَيَمْتَنِعُ نَسِيئَةً عِنْدَ مَالِكٍ خَشْيَةَ الرِّبَا وَجوزهُ ابْن الْقَاسِم بِرَأْس المَال فَأَقل وَيمْنَع إِلَى أَجَلٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ بَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ فَسَخَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَلْزَمَ

ص: 32

الْقِيمَةَ عِنْدَ الْفَوْتِ مُعْجَلَةً وَأَجَازَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ابْتِدَاءً فَإِنْ غَابَ الْعَرْضُ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا خَشْيَةَ خَسَارَةِ رَأْسِ الْمَالِ فَيُؤَخِّرُهُ فَيَتَوَقَّعُ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِيُعْلَمَ الرِّبْحُ وَمَا يُرَدُّ عِنْدَ الِانْفِصَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ بِصُبْرَةِ دَرَاهِمَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَسْكُوكًا فَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ بِالنِّقَارِ وَقَالَهُ (ش وح) لاحتياجها للتَّصَرُّف فِيهَا قَبْلَ عَمَلِ الْقِرَاضِ كَالْعَرْضِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَزَلَ بِالنِّقَارِ أُمْضِىَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَأَمْضَاهُ أَصْبَغُ قَبْلَهُ لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرُدُّ مِثْلَهَا عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ إِنْ عَرَفَ الْوَزْنَ وَإِلَّا فَمَا بِيعَتْ بِهِ وَالْعدَد الْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ بِعْهَا أَوِ اسْتَصْرِفْهَا فَمَا بَاعَهَا بِهِ أَوْ مَا حَصَلَ فِي الصَّرْفِ عَرَفَ وَزْنَهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ الَّذِي قَدَّرَ رَأْسَ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرَتُهُ فِي الصَّرْفِ وَالضَّرْبِ إِنْ كَانَ لَهُ مؤونة وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ التَّبَرُّؤُ وَلَيْسَ خِلَافًا لِلْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالنَّقْدَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي النِّقَارِ أَقْوَالٌ لِمَالِكٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا فَإِنَّ الْمَغْشُوشَ فِيهِ عَرْضٌ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ كَانَ الْغِشُّ النِّصْفَ فَأَقَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْمَسْكُوكَ مِنْهَا فِي بَلَدٍ يَكُونُ التَّعَامُلُ فِيهِ بِهَا لِأَنَّهَا هُنَاكَ أُصُولُ الْأَمْوَالِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَهُوَ دَلِيلُ إِعْطَائِهَا حُكْمَ الْخَالِصِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مُسَلَّمًا فَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ جَعْلُ وَدِيعَتِكَ عِنْدَهُ أَوْ دَيْنِكَ عَلَيْهِ قِرَاضًا لِئَلَّا يَزِيدَكَ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ وَلَعَلَّهُ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ فَتَصِيرُ

ص: 33

دَيْنًا قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقِرَاضُ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ إِذَا كَانَ عَلَى مُوسِرٍ حَاضِرٍ غَيْرِ مُلِدٍّ وَيَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُ الْعَامِلِ بِهِ كَأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ مِنْكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ يَخْرُجُ لِطَلَبِهِ فَهُوَ فِي معنى الْإِجَارَة والقراض فَيمْنَع لِلْجَهَالَةِ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا بَعْضُ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَأَحْضَرَهُ وَاسْتَشْهَدَ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ جَازَ أَخْذُهُ قِرَاضًا فَإِنْ عَمِلَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ اسْتِصْحَابَا لِحُكْمِ الدَّيْنِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْخَسَارَةُ مِنْكَ وَإِذَا كَانَ الْمُودِعُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الْوَدَائِعِ جَازَ جَعْلُهَا قِرَاضًا أَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا غَالِبًا كَالْعَرْضِ جَازَ إِذَا قَالَ كُلِّفَ مَنْ يَبِيعُهُ - وَالثَّمَنُ قِرَاضٌ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا وَهُوَ مِمَّنْ يَتَسَلَّفُ مُنِعَ إِلَّا بَعْدَ إِحْضَارِهَا فَإِنْ عَمِلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَادَّعَى ضَيَاعًا أَوْ خَسَارَةً صَدَقَ لِأَنَّهُ إِمَّا مُودِعٌ أَوْ عَامِلٌ وَكِلَاهُمَا أَمِينٌ يَصْدُقُ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا وَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى ذَلِكَ فَيَصْدُقُ بِالرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ التَّصَرُّفَ فِي الْوَدَائِعِ لَا يَصْدُقُ فِي الضَّيَاعِ لِلتُّهْمَةِ وَجَوَّزَ (ش) الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اصْرِفْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ ثُمَّ اعْمَلْ بِهَا أَوِ اقْبِضْ مِنْ غَرِيمِي دَيْنًا وَاعْمَلْ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَهُ أُجْرَةُ الصَّرْفِ وَالتَّقَاضِي وَقِرَاضُ الْمِثْلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هَذَا إِذَا كَانَ الصَّرْفُ لَهُ بَالٌ وَإِذَا كَانَتْ مُعَامَلَةُ الْبَلَدِ بِالدَّرَاهِمِ وَيَصْرِفُهَا لِيَشْتَرِيَ بِالدَّرَاهِمِ جَازَ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّجْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا دَفعهَا

ص: 34

لِيَصْرِفَهَا بِالدَّرَاهِمِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ الدَّرَاهِمَ وَيَكُونُ بَيْعُهَا بِالدَّرَاهِمِ مِنْ جِنْسِ النَّظَرِ جَازَ وَإِنْ كَانَ لِيَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ الدَّرَاهِمَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ أَجِيرًا لِبَيْعِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَتَوَلَّى بَيْعًا بَلْ يَجْلِسُ عِنْدَ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَيَجُوزُ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ إِذَا لَمْ يُحْضِرِ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا رَأْسُ مَالِكَ أَوْ أَحْضَرَهُ وَلَمْ تَقْتَضِهِ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا أَحْضَرَ الْغَاصِبُ الدَّرَاهِمَ وَقُلْتَ لَا أَقْبِضُهَا اجْعَلْهَا قِرَاضًا يَجُوزُ فَيَجُوزُ فِي الدَّيْنِ وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بِأَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَحْضَرَ الْمَالَ تَبَرُّعًا وَالْمَدْيُونُ اتَّفَقَ مَعَكَ عَلَى الْإِحْضَارِ فَلَوْ تَبَرَّعَ كَانَ كَالْقَبْضِ فَإِنْ نَزَلَ فَلَكَ الدَّيْنُ فَقَطْ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَفْتَقِرُ إِلَى نَقْدٍ وَوَزْنٍ وَلَمْ يَتَّفِقْ فَلَا قَبْضَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَمْضِي لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْضَرَهُ عُلِمَتْ بَرَاءَتُهُ وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ فَكَرِهَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يُحْضِرَهَا وَكَرِهَهَا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ غَيْرِ الثِّقَةِ وَجَوَّزَهَا مُحَمَّدٌ فَإِذَا نَزَلَ فَالرِّبْحُ بَيْنَكُمَا عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ أَحْضَرَهَا انْتَفَتِ الْكَرَاهَةُ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَخْرُجُ الْمَالُ مِنَ الذِّمَّةِ إِلَى الْأَمَانَةِ فِي ثَمَانِ مَسَائِلَ إِذَا عَزَلَ عُشْرَ زَرْعِهِ فِي بَيْتِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ وَقَالَ المَخْزُومِي لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَذَا قلت كل فِي طَعَامِ السِّلْمِ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ بَيْتِكَ ثُمَّ قَالَ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَمَرْتَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مِرَمَّةِ دِرَاكٍ مِنَ الْكِرَاءِ صَدَقَ إِذَا ظَهَرَ مَا يُصَدِّقُهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا

ص: 35

يُصَدِّقُهُ إِلَّا الْبَيِّنَةُ وَإِذَا بَاعَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ سَنَةً جَازَ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ وَقِيلَ يَصْدُقُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِذَا قُلْتَ اشْتَرِ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْك عبدا فَقَالَ فعلت وأبق صدقه ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ قُلْتَ اعْمَلْ بِدَيْنِي قِرَاضًا مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَإِذَا قَالَ أَنْفَقْتُ الْوَدِيعَةَ وَرَدَدْتُهَا مَوْضِعَهَا فَأَقْوَالٌ ثَالِثُهَا يَصْدُقُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْخُرُوج من الْأَمَانَة كَالْوَدِيعَةِ تُجْعَلُ قِرَاضًا وَالْخُرُوجُ مِنَ الْأَمَانَةِ إِلَى الذِّمَّةِ كَالْمُودِعِ يَقْتَرِضُ أَوِ الْعَامِلِ أَوِ الْوَكِيلِ أَوِ الشَّرِيكِ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَجُوزُ إِن احتجت (إِلَى فضل) فَإِذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ فَأَخَذَ الْفَضْلَ جَازَ وَإِنْ قَالَ هَذَا مَالُ الْقِرَاضِ كُلَّمَا اشْتَرَيْتَ دَفَعْتُ لَكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ الشَّرْط السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ احْتِرَازًا مِنَ الْقِرَاضِ عَلَى دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَجُعِلَ هَذَا الشَّرْطُ مَعَ شَرْطِ التَّسْلِيمِ شَرْطًا آخَرَ الرُّكْن الرَّابِع الْعَمَل وَهُوَ عِوَضُ الرِّبْحِ فِي الْجَوَاهِرِ شُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً غَيْرَ مُضَيَّقَةٍ بِالتَّعْيِينِ أَوِ التَّأْقِيتِ فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَالتَّحْدِيدُ بِبَعْضِ السِّلَعِ أَوْ زَمَانٍ مُعَيَّنٍ تَحْجِيرٌ يُخِلُّ بِحِكْمَةِ الْقِرَاضِ لِاحْتِمَالِ أَلَّا تُسَاعِدَهُ الْأَسْوَاقُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ أَوْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ عَمَلِ يَد الْعَامِل الْخفاف أَو الصياغة وان ترك كَانَ أَجِيرًا وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَكَ وَعَلَيْكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا نَزَلَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا تَقَدَّمَ

ص: 36

وَقَالَ أَشْهَبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا عَمِلَ وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ سِوَى عَمَلِ يَدِهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُمَا عَلَى قِرَاضِهِمَا وَلَا أُجْرَةَ وَصَنْعَتُهُ كَتَجْرِهِ وَسَفَرِهِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا بِصَنْعَتِهِ وَيُفَضُّ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَمَا قَابَلَ الصَّنْعَةَ فَلَهُ أَوِ الْمَصْنُوعُ فَلَكَ عَلَى الْقِرَاضِ لَهُ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضُ الْمِثْلِ فَإِنِ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَكُمَا عَلَى قَدْرِ الشَّرِكَةِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ هُوَ أَحَقُّ بِمَا عَمِلَ مِنَ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَأْخُذَ أُجْرَتَهُ فِيمَا عَمِلَ دُونَ الْقِرَاضِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ عَمَلِكَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يُوجِبُ زِيَادَةَ جَهَالَةٍ فِي الْعَمَلِ فَإِنْ نَزَلَ فَأَنْتَ أَجِيرٌ وَإِنْ عَمِلْتَ بِغَيْرِ شَرْطٍ كُرِهَ إِلَّا الْيَسِيرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ بِالشَّرْطِ وَالتَّطَوُّعِ قَبْلَ شُرُوعِهِ لِأَنَّ لَكَ انْتِزَاعَهُ وَتَضْعُفُ التُّهْمَةُ بَعْدَ طُولِ الْعَمَلِ وَلَكَ الْمُسَمَّى وان أعنته بغلامك فَعمل مَعَه ودابتك أَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ لَكُمَا لَا تَخْتَصُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَجُوزُ جَعْلُ غُلَامِكَ مَعَهُ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ لِلْعَبْدِ دُونَكَ كَالْعَامِلِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لِلْغُلَامِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ عَامِلٌ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ وَخَادِمٌ لِلْمَالِ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَأَمِينٌ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ الثَّالِثُ فَقَطْ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنَّ الْعَامِلَ وَصْفُهُ الْأَمَانَةُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَتَنْقُدَ أَنْتَ أَوْ تَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ تَجْعَلَ مَعَهُ غَيْرك

ص: 37

كَذَلِكَ لِإِخْرَاجِهِ عَنِ الْأَمَانَةِ وَأَنْ تَجْعَلَ مَعَهُ صديقا لبيع الصَّدِيقُ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى امْتِنَاعِ اشْتِرَاط الا يَشْتَرِي من فلَان أَولا يَبِيعَ إِلَّا مِنْهُ أَوْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا مِنْ نَوْعٍ لَا يَعُمُّ وَعَلَى امْتِنَاعِ التَّوْقِيتِ وَجَوَّزَ (ح) جَمِيعَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْفَرْقُ عَدَمُ الْغَرَرِ وَحُصُولُ الْمَقْصُودِ فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ مَوْضُوعُهُ الْتِمَاسُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَرْبَاحِ حَيْثُ كَانَتْ وَذَلِكَ يُنَاقِضُهُ التَّحْجِيرُ وَالْوكَالَة وَضعهَا أَن يكون فِي الْأَمْرِ الْخَاصِّ حَتَّى مَنَعَ (ش) الْوَكَالَةَ الْمُطْلَقَةَ فَالتَّحْجِيرُ شَأْنُهَا وَمُنَاقِضٌ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّ وَضْعَ الْعَامِل أَن يقوم مقَاما فِي تَنْمِيَةِ مَالِكَ وَتَصَرُّفُكَ لَا يَخْتَصُّ بِتَصَرُّفِهِ الرُّكْن الْخَامِس الرِّبْح وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَضْبُوطًا بِالْجُزْءِ لَا بِالْعَدَدِ احْتِرَازًا مِنْ قَوْلِهِ لَكَ مِنَ الرِّبْحِ مَا شَرَطَ فُلَانٌ أَوْ لَكَ مِنَ الرِّبْحِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَلَا يُشْتَرَطُ تَخْصِيصُهُ بِالْعَامِلِ بَلْ لَوْ شَرَطَهُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهَا صَدَقَة من الْعَامِل أولك لِأَنَّهَا هِبَةُ مَنَافِعِهِ لَكَ وَوَافَقَنَا (ش) فِيمَا تَقَدَّمَ وَمَنَعَ (ح) تَخْصِيصَهُ بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الشَّرِكَةُ فَلَا يُغَيَّرُ وَقَالَ (ش) إِنْ شَرَطْتَهُ لِنَفْسِكَ فَهُوَ بِضَاعَةٌ أَوْ لَهُ فَهُوَ قَرْضٌ وَنَحْنُ نُجَوِّزُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ إِسْقَاطَ الْحُقُوقِ مِنْ مَالِكِهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ لَكَ شِرْكٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ تَنْزِيلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى مَا قَيَّدَهُ الْعُرْفُ وَأَبْطَلَهُ (ش) لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي

ص: 38

الْكِتَابِ فِي الشِّرْكِ لَهُ النِّصْفُ كَمَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي لَهُ النِّصْفُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا قَالَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ قَالَ سَحْنُونٌ يَكُونُ ضَامِنًا كَالسَّلَفِ قَالَ فَضْلُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ الشَّرْطَ يُخْرِجُهُ عَنِ الْقِرَاضِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ خُذْهُ قَرْضًا أَوْ عَلَى أَنَّ لَكَ جُزْءًا وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَسَدَ وَإِذَا قَالَ اعْمَلْ بِهِ وَلَكَ رِبْحُهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ قِرَاضًا ضَمِنَهُ الْعَامِلُ وَإِنْ سَمَّاهُ فَلَا وَلَفْظُ الْقِرَاضِ كَاشْتِرَاكِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَضَمَّنَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ سَمَّاهُ وَيَمْتَنِعُ لَكَ مِنَ الرِّبْحُ دِينَارٌ فَقَدْ يَكُونُ كَمَالَ الرِّبْحِ وَيَجُوزُ لَكَ دِينَارٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ إِنْ سَلِمَ وَعَادَ إِلَيَّ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَيَجُوزُ لَكَ دِينَارٌ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الْعُشْرُ وَلَكَ دِينَارٌ وَالْبَاقِي بَيْنَنَا نِصْفَانِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ قَدْ يَكُونُ دِينَارًا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَكَ نَقْلُهُ بَعْدَ الْعَمَل عَن النّصْف الى الثُّلثَيْنِ لَهُ أولك كَالزِّيَادَةِ فِي الْجَعْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ بَعْدَ الْعَمَلِ لِلتُّهْمَةِ فِي عَدَمِ الْمَعْرُوفِ بَلْ لِطَلَبِ الِاسْتِمْرَارِ فَإِنْ تَفَاصَلَا جَازَ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نقص جَازَ حركه أَو لَا لِأَن كليكما ملك الْمُقَاسَمَة وَإِلَّا فَلَا تُهْمَة قِيلَ إِذَا قَبِلَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الْعَمَلِ الثُّلُثَ وَكَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَهِيَ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ فَلَّسَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ فَمَاتَ سَقَطَتْ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تقبض

ص: 39

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ مُقَارَضَةُ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُ الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ خِلَافًا لِ (ش وح) كَمَا لَوِ اشْتَرَكَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ بَعْضَ رِبْحِ صَاحِبِهِ احْتَجَّا بِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى عَقْدَانِ وَالْقِسْمَةُ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ لَا عَلَى الْعَمَلِ وَلَا مَالَ لَهُمَا هَهُنَا وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَا مِنْ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ كَمَا قُلْنَاهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إِذَا كَانَ عَمَلُهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا لِتَشْبِيهِهِ بِالشَّرِكَةِ وَقَالَ حَمْدِيسٌ إِنَّ عَمَلًا مَضَى قَالَ فَضْلُ الْقيَاس ردهما إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِمَا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَهَبَ أَحَدَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطْتَ التَّفَاوُتَ فَهُمَا أَجِيرَانِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا مَضَى بِالْعَمَلِ فَالنِّصْفُ لِلْعَامِلِينَ عَلَى مَا شرطناه وَيَرْجِعُ صَاحِبُ السُّدُسِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِفَضْلِ أُجْرَتِهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِمَّا فَضله بِهِ من الرِّبْح قَالَ ابْن مُحَمَّدٌ لَوْ شَرَطُوا الْعَمَلَ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ كُرِهَ فَقَطْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ شَارَكْتَ كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ عَلَى التَّفَاوُتِ فَاشْتَرَطَا مِنْ غَيْرِ رِضَاكَ أَوْ بِرِضَاكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الْقِرَاضِ جَازَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إِلَّا مَا رَضِيَ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِكَ فَسَدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ بِمَا شَاءَ وَإِنْ قُلْتَ اعْمَلَا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا رُبُعَ الرِّبْحِ وَلَمْ تَشْتَرِطْ عَمَلَهُمَا مَعًا فَعَمِلَا عَلَى فَضْلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرِ فَهِيَ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ وَيَسْتَوِيَانِ فِي الرِّبْحِ إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْعَمَلِ الْمَفْرُوضِ لَهُمَا وَإِنْ فَضَلَ صَاحِبَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ جَازَ لِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنْ قُلْتَ لِيَ النِّصْفُ وَلَكُمَا النِّصْفُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِسْمَتِهِ بَيْنَهُمَا قُضِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَهْضَتِهِمَا فِي التَّجْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْتَرِطُهُ لَوِ انْفَرَدَ فَهَذِهِ سِتُّ حَالَاتٍ لِشَرِكَةِ التَّفَاوُتِ

ص: 40

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ دَفْعُ مِائَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي كُلِّ مِائَةٍ وَحْدَهَا وَرِبْحُ مِائَةٍ لِأَحَدِكُمَا وَرِبْحُ الْأُخْرَى بَيْنَكُمَا أَوْ رِبْحُ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا لَكَ وَرِبْحُ الْأُخْرَى لَهُ لِلْغَرَرِ وَهُوَ أجِير فيهمَا وَكَذَلِكَ على أَن الْمِائَة عَلَى النِّصْفِ وَمِائَةٌ عَلَى الثُّلُثِ وَيَعْمَلُ بِكُلِّ مِائَةٍ وَحْدَهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَذْهَبُ عَمَلُهُ فِي إِحْدَاهُمَا مَجَّانًا وَكَذَلِكَ مُسَاقَاةُ الْحَائِطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُبَاعُ فِي إِحْدَاهُمَا لِأَجْلِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْمِائَتَيْنِ وَرِبْحُ مِائَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ رِبْحُ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا لَكَ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْخَلْطِ لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْء مُسَمّى وَكَذَلِكَ المائتان على الجزئين الْمُخْتَلِفَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ شَرَطْتَ رِبْحَ أَحَدِهِمَا لِلْعَامِلِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مالم تجَاوز الرِّبْح وان كَانَت عَلَيْهِ خسارتهما كَانَ سَلَفًا فَاسِدًا وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَفِيمَا يَجِبُ فِي الَّتِي يُشْتَرَطُ رِبْحُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِرَاضُ الْمِثْلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمّى وقراض الْمثل إِن شَرط ربح المنفردة لَك والاكثر إِنْ شُرِطَ رِبْحُهَا لَهُ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا قِرَاضًا وَالْأُخْرَى سَلَفًا قِيلَ يَكُونُ فِي مِائَةِ الْقِرَاضِ أَجِيرًا وَقِيلَ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَقِيلَ الْأَكْثَرُ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الْأَكْثَرُ مَا لَمْ يَقْبِضِ السَّلَفَ وَيَتِمَّ الرِّيَا بَيْنَهُمَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ الْمُسَمَّى إِنْ أُسْقِطَ السَّلَفُ لِذَهَابِ الْمَفْسَدَةِ وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ وَرِبْحُ السَّلَفِ لِلْعَامِلِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَلَّا يَبِينَ بِهِ بَلْ يَعْمَلُ بِهِ فِي جُمْلَةِ الْقِرَاضِ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يَضْمَنُ وَالرِّبْح لَهُ أولك وَالضَّمَانُ مِنْكَ لِتَحْجِيرِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعْتَ مِائَتَيْنِ على جزئين متفقين على عدم الْخَلْط امْتنع للتحجير وَأَن لَا يَجْبُرَ إِحْدَاهُمَا بِرِبْحِ الْأُخْرَى وَإِنْ أَخَذَ مِائَةً عَلَى النِّصْفِ فَلَمْ يَشْغَلْهَا حَتَّى أَخَذَ مِائَةً عَلَى النِّصْفِ أَوِ الثُّلُثِ جَازَ وَلَهُ الْخَلْطُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَمَهُ فَيُرَدَّ الْجَوَابُ

ص: 41

الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ أَشْغَلَ الْأُولَى جَازَ فِي الْمُوَافِقِ وَفِي الْكِتَابِ جَوَازُ الْمُخَالِفِ وَمَنْعُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَيَمْتَنِعُ أَخْذُ الثَّانِيَةِ بِشَرْطِ الْخَلْطِ بِالْأُولَى فِي الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ لِأَنَّ الْأُولَى قَدْ تَكُونُ فِيهَا خَسَارَةٌ فَيَجْبُرَهَا بِالثَّانِيَةِ وَيَكُونُ لِلثَّانِيَةِ بَعْضُ رِبْحِ الْأُولَى وَمَحْمَلُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْحِلِّ حَتَّى يُشْتَرَطَ الْخَلْطُ وَإِنْ نَضَّتِ الْأُولَى وَفِيهَا رِبْحٌ أَوْ خَسَارَةٌ امْتَنَعَ أَخْذُ الثَّانِيَةِ بِمُوَافِقٍ أَوْ مُخَالِفٍ عَلَى الْخَلْطِ وَالِانْفِرَادِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ فِي الْأُولَى رِبْحٌ وَالْجُزْءُ مُوَافِقٌ وَعَلَى عَدَمِ الْخَلْطِ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ فِي الْأُولَى خَسَارَةٌ لِأَنَّ مَعَ الْخَسَارَةِ يُكْرَهُ الْعَامِلُ عَلَى التَّمَادِي فَتُعْطِيهِ لِيَرْضَى وَيَجْبُرَ الْخَسَارَةَ وَلَوْ عُلِمَ مِنَ الْعَامِلِ رَدُّهُ الْأُولَى لِيَسْتَعْجِلَ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ مُنِعَ مَعَ الرِّبْحِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي إِذَا عُلِمَتْ رَغْبَتُهُ فِي التَّمَادِي أَنْ تَجُوزَ الثَّانِيَةُ بِجُزْءٍ مُخَالِفٍ وَإِذَا عَمِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ بِشَرْطِ الْخَلْطِ قُسِّطَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمِائَتَيْنِ يَوْمَ الْخَلْطِ فَمَا نَابَ الْأُولَى جَبَرَ بِهِ خَسَارَتَه وَمَا نَابَ الثَّانِيَةَ فَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ - مَا لَمْ يُجَاوِزِ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنْ يَجْبُرَ خَسَارَةَ الْأُولَى مِنْ جَمِيعِ الرِّبْحِ فَإِذَا سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأُولَى فِي عُرُوضٍ وَخَلْطُهُ بِالثَّانِي فَضَّ الْآنَ مَا نَضَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَقَعُ بِهِ الْأَوَّلُ فِي الثَّانِي فَمَا نَابَ الْأَوَّلَ يَجْبُرُ الْخَسَارَةَ وَفِي الرِّبْحِ عَلَى الْمُسَمَّى وَمَا نَابَ الثَّانِي عَلَى الْأَقَلِّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ - إِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ ذَلِكَ الْيَوْمَ خَسَارَةٌ فَإِنْ جَهِلَ مَا بِيعَ بِهِ الْأَوَّلُ فَالْفَضُّ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ خُلِطَ الثَّانِي لِلضَّرُورَةِ

ص: 42

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ لَا أُحِبُّ الرُّجُوعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّ الْقُرُبَاتِ لَا يُقْضَى بِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شَرَطَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَا فِيهِ فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وللمساكين السُّدس

2

-‌

‌ الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّ الْقِرَاضَ الْفَاسِدَ يُرَدُّ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِلَّا فِي تِسْعِ مَسَائِلَ الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ وَإِلَى أَجَلٍ وَعَلَى الضَّمَانِ وَالْمُبْهَمِ وَبِدَيْنٍ يَقْبِضُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَلَى شِرْكٍ فِي الْمَالِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إِلَّا بِالدِّينِ فَاشْتَرَى بِالنَّقْدِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إِلَّا سِلْعَةَ كَذَا لِمَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ فَاشْتَرَى غَيْرَهَا وَعَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ بِمَالِ الْقِرَاضِ ثُمَّ يَبِيعَهُ وَيَتَّجِرَ بِثَمَنِهِ وَأُلْحِقَ بِالتِّسْعَةِ عَاشِرَةٌ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِدِ فَفِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفَا وَأَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ لَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَالضَّابِطُ كُلُّ مَنْفَعَةٍ اشْتَرَطَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَيْسَتْ خَارِجَةً عَنِ الْمَالِ وَلَا خَالِصَةً لِمُشْتَرِطِهَا وَمَتَى كَانَتْ خَارِجَةً مِنَ الْمَالِ أَوْ كَانَ غَرَرًا حَرَامًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَعَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأُمُورِ تَدُورُ الْمَسَائِلُ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ إِجَارَةَ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ لَه وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ رَبِحَ أَمْ لَا وَقِرَاضُ الْمِثْلِ مُتَعَلِّقٌ بِالرِّبْحِ إِنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَن

ص: 43

مَالِكٍ قِرَاضُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِرَاضُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ الْمُشْتَرِطَ وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ قِرَاض الْمثل والاجرة أَو الْمُسَمّى وَقَالَ ابْن نَافِع فِي المغيا إِلَى أَجَلٍ يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَعَنْهُ أَيْضًا لِمُشْتَرِطِ الزِّيَادَةِ إِسْقَاطُهَا وَتَصِحُّ كَإِسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ أَتَمَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِالْأُجْرَةِ مُطْلَقًا فِي كُلِّ فَاسِدٍ وَ (ش) وَ (ح) نَظَرَا لِاسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ صَحِيحٍ وَإِلْغَاءِ الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ فَقِرَاضُ الْمِثْلِ أَوِ الزِّيَادَةِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَرَابِعُهَا لِمُحَمَّدٍ الْأَقَلُّ مِنْ قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوِ الْمُسَمَّى وَخَامِسُهَا تَفْصِيلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ غَيْرُهُ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَائِلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ

(وَأُجْرَةُ مِثْلٍ فِي الْقِرَاضِ تَعَيَّنَتْ

سِوَى تِسْعَةٍ قَدْ خَالَفَ الشَّرْعَ حُكْمُهْ)

(قِرَاضُ عُرُوضٍ وَاشْتِرَاطُ ضَمَانِهِ

وَتَحْدِيدُ وَقْتٍ وَالْتِبَاسٌ يَضُمُّهْ)

(وَإِنْ شَرَطَا فِي الْمَالِ شِرْكًا لِعَامِلٍ

وَأَنْ يُشْتَرَي بِالدَّيْنِ فَاخْتَلَّ رَسْمُهْ)

(وَأَنْ يَشْتَرِي غَيْرُ الْمُعَيَّنِ لِلشِّرَا

فَاعْطِ قِرَاضَ الْمِثْلِ مِنْ حَالِ عَزْمِهْ)

(وَأَنْ يَقْتَضِي الدَّيْنَ الَّذِي عِنْدَ غَيْرِهِ

وَيَتَّجِرَ فِيهِ عَامِلًا لَا يَذُمُّهْ)

(وَأَنْ يَشْتَرِي عَبْدٌ لِزَائِدِ بَيْعِهِ

وَيَتَّجِرَ فِيمَا ابْتَاعَهُ وَيَلُمَّهْ)

وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهَا كُلُّ مَا شَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَمْرًا فَضُرُّهُ بِهِ عَلَى نَظَرِهِ أَوِ اشْتَرَطَ زِيَادَةً لِنَفْسِهِ أَوْ شَرَطَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَقِرَاضُ الْمِثْلِ قَالَ وَفَصَّلَ ابْنُ الْحَارِثِ أَنَّ مَا فَسَدَ لِزِيَادَةٍ لَا تَحِلُّ أَوْ

ص: 44

تَخْصِيصٍ لَا يَنْبَغِي فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَقِرَاضُ الْمثل إِلَّا فى مسئلتين اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ وَإِمْسَاكُ الْمَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَقِرَاضُ الْمِثْلِ قَالَ وَعَكَسَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ غَيْرِهِ فَجَعَلَ الْقِرَاضَ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ فَإِذَا جُمِعَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّهَاتِ تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ

تَمْهِيدٌ - مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنَ الْعُقُودِ إِذَا فَسَدَتْ هَلْ تُرَدُّ إِلَى صَحِيحِ أَنْفُسِهَا كَفَاسِدِ الْبَيْعِ أَوْ إِلَى صَحِيحِ أَصْلِهَا وَالْقِرَاضُ مُسْتَثْنَى مِنَ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ الْمُسْتَحَقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا اسْتَثْنَى الصَّحِيحَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْقَوَانِينِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِذَا فَسَدَ الْمُسْتَثْنَى رَجَعْنَا إِلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَسْتَثْنِ الْفَاسِدَ فَهُوَ مَبْقِيٌّ عَلَى الْعَدَمِ وَلَهُ أَصْلٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ آخَرُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ أَسْبَابَ الْفَسَادِ إِذَا تَأَكَّدَتْ بَطَلَتْ حَقِيقَةُ الْقِرَاضِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَتَعَيَّنُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ لَمْ تَتَأَكَّدِ اعْتَبَرْنَا الْقِرَاضَ ثُمَّ النَّظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُفْسِدِ هَلْ هُوَ مُتَأَكَّدٌ أَمْ لَا هُوَ تَحْقِيقٌ مُنَاطٌ وَأَمَّا جَعْلُ الْجَمِيعِ فِي الرِّبْحِ فَلِرِضَاهُ بِالرِّبْحِ وَجَعْلُ الْجَمِيعِ فِي الذِّمَّةِ فَلِسُقُوطِ الْعَقْدِ

فَرْعٌ مُرَتَّبٌ - فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَحَيْثُ يَكُونُ قِرَاضُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْمَالِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَنْبَغِي إِذَا كَانَ أَجِيرًا فِي الْمُسَاقَاةِ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالثَّمَنِ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ لَهُ

ص: 45

أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَفِيمَا عَمِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قِرَاضُ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَلَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ

فَرْعٌ - فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْسَخُ الْقِرَاضُ الْفَاسِدُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتُفْسَخُ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ إِنْ كَانَت ترد إِلَى مُسَاقَاة الْمثل لم يفْسخ وَإِلَّا فُسِخَتْ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُفْسَخُ بَعْدَ الْعَمَل مُطلقًا

فرع - قَالَ ابْن يُونُس نمْنَع هَدِيَّة كليكما لِصَاحِبِهِ لِلتُّهْمَةِ عَلَى التَّمَادِي فَهُوَ بَذْلُ مَالٍ فِي مَجْهُولٍ وَقَدْ أَجَازَ مُحَمَّدٌ تَرْكَ الْعَامِلِ للنَّفَقَة بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ وَهُوَ هِبَةٌ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُ بِالسَّفَرِ وَمَنْعُهُ قَبْلَ الشَّغْلِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْقِرَاضِ فَكَأَنَّكَ اشْتَرَطْتَ عَدَمَ النَّفَقَةِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمُخَالَفَةٍ مُوجِبَةٍ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذا اختلفما فِي جُزْءِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْعَمَلِ رُدَّ الْمَالُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِقَوْلِكَ أَوْ بَعْدَهُ صَدَقَ كَالصَّانِعِ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِعَمَلِهِ إِنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَقِرَاضُ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ فَإِنِ ادَّعَى جُزْءًا مَا نَحْوَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَنِصْفِ مَا بَقِيَ صَدَقْتَ لِدَعْوَاكِ الْحَلَالِ لِأَنَّهُ أَصْلُ تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سُلِّمَ الْمَالُ بَعْدَ الْعَمَلِ تَسْلِيمَ إِيدَاعٍ حَتَّى يَنْفَصِلَا فَكَعَدَمِ التَّسْلِيمِ أَوْ تَسْلِيمَ بَتٍّ

ص: 46

وَيَكُونُ جُزْءُ الْمَالِ سَلَفًا عِنْدَكَ صَدَقْتَ لِحُصُولِ يَدِكَ عَلَى الْمَالِ فَإِنِ ادَّعَى النِّصْفَ وَادَّعَيْتَ مِائَةً وَلَهُ ثُلُثُ الرِّبْحِ جَمَعَ كِلَاكُمَا بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَنَفى دَعْوَى صَاحِبِهِ فَإِنْ نَكَلْتَ وَحَلَفَ فَلَهُ دَعْوَاهُ إِنْ حَلَفْتُمَا عَلَى إِثْبَاتِ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَإِنْ حَلَفْتَ وَنَكَلَ خُيِّرَ بَيْنَ قِرَاضِ الْمِثْلِ بِالْيَمِينِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ تَحَلَّفَ يَمِينًا ثَانِيَةً عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاكَ وَتَأْخُذَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ حَلَفَ أَوَّلًا وَنَكَلْتَ خُيِّرَ بَيْنَ قِرَاضِ الْمِثْلِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى أَوْ يَحْلِفُ ثَانِيَةً عَلَى إِثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ عَقَدَا عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَاخْتَلَفَا لِمَنْ هُمَا صدق لِأَنَّهُ الْبَائِعُ لِعَمَلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ تَبْيِينِ ذَلِكَ جَعَلْتَهُ لِمَنْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَشْبَهَهُمَا فَلِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِعَمَلِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِإِخْرَاجِهِ بِدُونِ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَصْدُقُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَالَ كَانَتْ نِيَّتِي ذَلِكَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ كَذَلِكَ نَوَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ عَلَى نِيَّتِكَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا إِذَا كَانَ ادَّعَى كِلَاهُمَا أَنَّهُ فَهِمَ عَنْ صَاحِبِهِ ذَلِكَ أَمَّا إِنْ قَالَ لَمْ أَفْهَمْ عَنْ صَاحِبِي شَيْئًا لَكِنِّي ظَنَنْتُ ذَلِكَ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا سَلَّمَ الثُّلُثَ لِصَاحِبِهِ وَنَازَعَ فِي الثُّلُثِ الْآخَرِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إِذَا ادَّعَيَاهُ مُطْلَقًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعَامِلُ حَائِزًا صَدَقَ فِيهِمَا وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَالَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ اشْتِرَاطُ مُحَمَّدٍ الْأَشْبَهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ ادَّعَى كِلَاهُمَا أَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ عَن صَاحبه بقرائن فَكَمَا فِي النكت وَإِن لم

ص: 47

يكون إِلَّا الْعَقْدُ فَسَدَ الْقِرَاضُ وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ بِمَجْهُولٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً فَيَأْخُذَ الثُّلُثَيْنِ مَنْ عَادَتُهُ الثُّلُثَانِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ مَالِي سَلَفٌ عِنْدَكَ وَقَالَ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ وَهُوَ يَدَّعِي إِسْقَاطَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قُلْتَ قِرَاضٌ وَقَالَ سَلَفٌ صَدَقَ لِأَنَّكَ تَدَّعِي الرِّبْحَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِكَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنَّمَا يَصْدُقُ فِي السَّلَفِ إِذَا حَرَّكَ الْمَالَ فَإِنْ تَسَلَّفَ قَبْلَ الْعَمَلِ صَدَقَ وَعَنْ مَالِكٍ يَصْدُقُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِذَا قُلْتَ وَدِيعَةٌ وَقَالَ قِرَاضٌ أَوْ قُلْتَ قِرَاضٌ وَقَالَ وَدِيعَةٌ أَوْ قُلْتَ قِرَاضٌ وَقَالَ بِضَاعَةٌ أَوْ قلت غصب وَقَالَ وَدِيعَة أَو قلت أقبضتك من قِرَاض أَوْ رَدَدْتُهُ إِلَيْكَ مِنْ قِرَاضٍ كَانَ لَكَ عِنْدِي وَقَالَ أَو دعتنيه قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذَا كُلِّهِ تَصْدُقُ أَنْتَ وَإِنَّمَا يُفَارِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قُلْتَ قَرْضٌ وَقَالَ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ قُلْتَ وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ وَقَالَ قَرْضٌ أَوْ قُلْتَ وَفَّيْتُكَهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ رَدَدْتَهُ مِنْ قِرَاضٍ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَدْ ضَاعَ صَدَقْتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ فَقَطْ وَإِذَا قُلْتَ قَرْضٌ وَقَالَ قِرَاضٌ وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ وَقَفَ نَصِيبُكَ مِنَ الرِّبْحِ لِأَنَّكَ أَنْكَرْتَهُ فَإِنْ طَالَ تَصَدَّقَ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ وَدِيعَةٌ عَن ابْنِ الْقَاسِمِ لِوَرَثَتِكَ أَخْذُهُ إِنْ أَحَبَّ الْمُقَدَّمُ دَفعه من غير قَضَاء لِأَن موروثهم مَاتَ عَنْ غَيْرِ حَقٍّ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قُلْتَ أَبْضَعْتُكَهُ فَعَمِلَ بِهِ وَقَالَ قِرَاضٌ صَدَقْتَ مَعَ يَمِينِكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ من

ص: 48

الرِّبْحِ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَهُ الْأَقَلُّ فَإِنْ نَكَلْتَ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاضِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ الرِّبْحُ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَو مثلهَا لَا يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ أَوْ أَكْثَرَ حَلَفْتَ فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ إِنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاضِ وَقِيلَ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ أَنْ لِلْبِضَاعَةِ أَجْرًا صَدَقَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى اخْتِلَافٍ فِي الرِّبْحِ كَقَوْلِك الثُّلُث وَقَوله النّصْف فَيصدق اذا أشبه مَعَ يَمِينِه وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةُ مِثْلِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ فَأَكْثَرَ فَلَا أَيْمَانَ وَيُعْطَى نِصْفَ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَتِ الْبِضَاعَةُ لَا أَجْرَ لَهَا فَهُوَ كَقَوْلِكَ عَمِلْتَهُ لِي بَاطِلًا وَقَالَ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَتَحَالَفَانِ وَلَهُ الْأَقَلُّ من أُجْرَة الْمثل أَوْ مَا أَقَرَّ بِهِ قَالَ وَقَوْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْقِرَاضِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ نَكَلَ فَقَدْ مَكَّنَ خَصْمَهُ مِنْ دَعَوَاهُ أَشْهَدَ أَمْ لَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قُلْتَ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ صَدَقْتَ أَوْ مِثْلُهُ لَا يُقَارَضُ أَوْ مِثْلُ تِلْكَ السِّلْعَةِ لَا تَكُونُ قِرَاضًا لِيَسَارَتِهَا صَدَقْتَ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَقُلْتَ قِرَاضٌ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ على الْإِجَارَة وَأَنت تَقول جعَالَة وَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ فَأَيُّكُمَا يَصْدُقُ قَولَانِ لمَالِك وَقَالَ أَشهب يصدق بعد تَحْرِيك لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَتَصْدُقُ أَنْتَ إِذَا ضَاعَ بَعْدَ التَّجْرِ لِأَنَّهُ يُدَّعَي تَحْرِيكُهُ عَلَى مِلْكِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى الْقِرَاضَ صَدَقْتَ لِدَعْوَاهُ طَرْحَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْمَالُ فِي

ص: 49

سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَبِيعَتْ بِفَضْلٍ قِيلِ لَهُ إِنْ سَلَّمْتَ أَنَّهُ قِرَاضٌ ادْفَعِ الرِّبْحَ مِنْ غَيْرِ قَضَاء فَإِن دفع لَا يقْضى عَلَيْك بِأُجْرَة وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ وَادَّعَيْتَ الْقِرَاضَ وَالْمَالَ فِي سِلْعَةٍ صَدَقَ لِأَنَّكَ تَدَّعِي الرِّبْحَ وَإِنْ رَجَعَ إِلَيْكَ بَعْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَصْدُقْ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ صَدَقَ لِأَنَّهُ أَمِين قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ ادَّعَى أَنَّ نِصْفَهُ رَبِحَ وَقُلْتَ الْكُلُّ رَأْسُ الْمَالِ صَدَقَ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيل كَذِبِهِ كَقَوْلِ أَهْلِ سُوقِه لَيْسَ فِي سِلْعَةٍ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَائِدَةٌ أَوْ يَدُلُّ الْمُشْتَرِي لِعِظَمِهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَتَصْدُقُ أَنْتَ فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَوَافَقَكَ أَحَدُهُمَا صَدَقَ الْآخَرُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى النِّصْفِ وَلَهُ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الرِّبْحِ فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يجرتها مَنْفَعَةً فَإِنْ قُلْتَ مِائَتَانِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقَالَ الْآخَرُ مِائَةٌ أَخَذَ الْأَخِيرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ - إِنْ كَانَ الْقِرَاضُ عَلَى النِّصْفِ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قِيلَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنَ الرِّبْحِ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ عَلَى شَرْطِكُمَا وَقَدْ كَانَ لَكَ جُزْءَانِ وَلَهُ جُزْءٌ وَقِيلَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ يَدَهُ على مائَة فَلهُ مِنْهَا مَا يقربهُ وَالْآخَرُ غُصِبَ صَاحِبُهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّكَ تَبْدَأُ بِرَأْسِ مَالِكَ وَرِبْحِهِ عَلَى الْعَامِلِينَ ثُمَّ يُقْسَمُ الْعَامِلَانِ مَا تَدْفَعُ يَدَكَ عَنْهُ وَأَحَدُهُمَا غَصَبَ صَاحِبَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَالَ أَحَدُهُمَا رَأْسُ الْمَالِ خَمْسُونَ وَقَالَ الثَّانِي مِائَةٌ وَقَالَ الثَّالِثُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ - وَأَتَوْا بِثَلَاثِمِائَةٍ فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ على

ص: 50

مائَة فَلهُ من الرِّبْح مَا يقربهُ فَالْأَوَّلُ يَقُولُ يَدَيَّ عَلَى مِائَةٍ رَأْسُ الْمَالِ فِيهَا ثُلُثُ الْخَمْسِينَ وَالْبَاقِي لَهُ فِيهِ نِصْفُهُ وَيَقُولُ الْآخَرُ رَأْسُ الْمَالِ الْمِائَةُ الَّتِي فِي يَدِي ثُلُثُ مِائَةٍ فَلَهُ فِي الْبَاقِي نِصْفُهُ وَيَقُولُ الثَّالِثُ رَأْسُ الْمَالِ فِي الَّتِي فِي يَدِي خَمْسُونَ وَالرِّبْحُ خَمْسُونَ فَلَهُ نِصْفُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْجَمِيعِ إِذَا أَخَذَ الْأَوَّلُ أَحَدًا وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ يَكُونُ لِلثَّانِي خُمُسَا الرِّبْحِ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ على قَول الثَّانِي مائَة وَثَمَانمِائَة وَخَمْسُونَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ لَهُ خُمُسُهَا وَلِصَاحِبِهِ الثَّالِثِ خُمُسٌ وَلَكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى قَوْلِ الثَّالِثِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ - وَالرِّبْحُ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ وَثُلُثَانِ هِيَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعَامِلِ أَرْبَاعٌ لَهُ مِنْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ وَالْبَاقِي لَكَ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إِذَا أَخَذَ الْأَوَّلُ أَحَدًا وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ وَعَادَ الْمَقَالُ بَيْنَ الثَّانِي وَبَيْنَكَ تَكُونُ لَكَ مِائَةٌ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ مِائَتَانِ لَكَ نِصْفُهَا وَهُوَ مِائَةٌ وَالْأَوَّلُ غَصَبَكَ وَغَصَبَ صَاحِبَهُ وَلَهُ نِصْفُ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ إِلَّا ثُلُثًا ثُمَّ يُرْجَعُ إِلَى الْقَائِلِ بِرَأْسِ الْمَالِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَالرِّبْحُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّكَ مُبْدَأٌ عَلَيْهِمْ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَقَدْ كَانَ الْبَاقِي يعد مَا أَخَذَ الْأَوَّلَانِ مِائَتَيْنِ وَتِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَنِصْفًا لَكَ مِنْهَا مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلثَّالِثِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَإِنْ قَالَ الْعَامِلَانِ إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ رِبْحٌ وَالْأُخْرَى لَكَ وَقَالَ الْآخَرُ إِحْدَاهُمَا لَكَ وَالْأُخْرَى رَأْسُ مَالٍ قَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْمُدَّعَي لِنَفْسِهِ الْمِائَةَ وَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الرِّبْحِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الْمِائَةِ فَيَصْدُقُ فِي مِلْكِهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا خَسِرَ فِي الْبَزِّ فَقُلْتُ نَهَيْتُكَ عَنْهُ صَدَقَ فِي عَدَمِ النَّهْيِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَالضَّمَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أداك وَاخْتَلَفْتُمَا فِي الْإِذْنِ فِي الدَّيْنِ صُدِّقْتَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعُدُولَ بَعْدَ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ الثَّانِي

ص: 51

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ قَالَ رَدَدْتُ رَأْسَ الْمَالِ إِلَيْكَ وَالْبَاقِي فِي يَدِي رِبْحٌ صُدِّقْتَ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ إِذَا قَالَ الَّذِي بِيَدِي رِبْحٌ بَيْنَنَا لِإِقْرَارِهِ بِقِيَامِ حَقِّكَ أَمَّا لَوْ قَالَ هُوَ نَصِيبِي فَقَطْ وَأَخَذْتَ نَصِيبَكَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي رَدِّهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْقَابِضَ بِبَيِّنَةٍ لَا يُعْطِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ خَشْيَةً مِنْهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُقْبَلُ الْكَرْيُ فِي الرَّدِّ وَإِن قبض بِبَيِّنَة فعلى هَذَا يصدق هَهُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ إِذَا قَالَ رَدَدْتُ الْمَالَ وَهَذَا رِبْحُهُ بَيِّنًا كَمَا لَوِ ادَّعَى رَدَّ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ (تَنْبِيهٌ - تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ فِي الرَّدِّ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَتُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ)

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَنْفَقْتُ فِي سَفَرِي مِنْ مَالِي مِائَةَ دِرْهَمٍ لِأَرْجِعَ بِهَا فِي الْقِرَاضِ يُصَدَّقُ رَبِحَ أَمْ خَسِرَ إِنْ أَشْبَهَ نَفَقَةَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ وَالتَّصَرُّفِ وَإِنِ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ فَلَا لِانْفِصَالِ عَقْدِ الْأَمَانَةِ بَيْنَكُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا بَقِيَ وَلَا شَيْء عَلَيْكَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي شَغْلِ ذِمَّتِكَ وَعَنْ مَالِكٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ فِي النَّفَقَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي نِسْيَانِ الزَّكَاةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُعْرَفُ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ تَأْخِيرِهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ

ص: 52

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَالِ فَقَالَ عِنْدِي وَأَقَرَّ فَأَرَدْتَ أَخْذَهُ فَقَالَ هَلَكَ مِنْهُ كَذَا أَوْ قُلْتَ ذَلِكَ لِتُقِرَّهُ عِنْدِي لَمْ يُصَدَّقْ لِتَقَدُّمِ إِقْرَارِهِ الْمُكَذِّبِ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَقَالَ لِي فِيهَا كَذَا صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الشِّرَاءِ

تَمْهِيدٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي الْقَرَاض فِي سَبْعَة مَوَاضِع ضيَاعه ورده وخسارة وَجُزْءِ الرِّبْحِ وَالَّذِي رَبِحَهُ وَقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَهَلْ هُوَ بِضَاعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ أَوْ قَرْضٌ وَفِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِ وَغَرَقِهِ وَسَرِقَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّكَ أَمَّنْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِهِ قَالَ وَأَرَى غَيْرَ الْمَأْمُونِ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ على كذبه لم يصدق واغرم وَاخْتلفَا فِي الْجُزْءِ صُدِّقْتَ قَبْلَ الشُّرُوعِ لِأَنَّ لَكَ الِانْتِزَاعَ وَإِلَّا صُدِّقَ فِيمَا يُشْبِهُ لِأَنَّ لَهُ أَن لَا يُسَلِّمَ إِلَّا بِمَا يُرِيدُ - كَالْبَائِعِ وَالْأَجِيرِ وَيُصَدَّقُ فِي الْخَسَارَةِ لِأَجْلِ السِّرَاقِ - إِنْ أَتَى بِمَا يُعَضِّدُ السَّرِقَةَ مِنَ الْقَافِلَةِ أَوِ الضَّيْعَةِ بِمَا يُشْبِهُ وَيُصَدَّقُ فِي الرِّبْحِ فِيمَا يَقُولُهُ أَهْلُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَمَا يُشْبِهُ دُونَ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ فِي ثَمَنِ الَّذِي يَقْدَمُ بِهِ فَإِنْ أُشْكِلْ جَمِيعُ ذَلِكَ صُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا حَلَفَ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ التُّهْمَةِ فَيَحْلِفَ الْجَمِيعُ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ مَسْتُورَةٌ لَا تَبْلُغُ الْعَدَالَةَ حَلَفَ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مُدَّعِي الْفَسَادِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمُدَّعِي الْفَسَادِ عِنْدَ

ص: 53

عَبْدِ الْحَمِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ

قَاعِدَةٌ - فِي ضبط الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَو أعطي النَّاس بدعواهم لادعى قوم دِمَاء قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَلَيْسَ الْمُدَّعِي الطَّالِبَ وَلَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَطْلُوبَ بَلْ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهر فَهُوَ الْمُدَّعِي - وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَالظَّاهِرُ يَنْقَسِمُ إِلَى الْعَادَةِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَالْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ وَالْمَقَالِيَّةِ وَكُلِّ مَا أَفَادَ ظَنَّ الصِّدْقِ كَمُدَّعِي شَغْلَ الذِّمَّةِ وَالْأَصْلُ براءتها كولادة الْإِنْسَانِ بَرِيئًا مِنْ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَمُدَّعِي الرَّدِّ وَقَدْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ فَالْعَادَةُ تُؤْثِرُ سُوءَ الظَّنِّ فِي الرَّدِّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَكَمُدَّعِي إِنْفَاقِ مَالِ الْمَحْجُورِ فِيمَا لَا يُشْبِهُ عَادَتَهُ فَهَؤُلَاءِ مَطْلُوبُونَ وَهُمْ مُدَّعُونَ وَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ وَمَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهِرٍ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَخُصُومِ هَؤُلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ أَرْجَحُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَالْآخَرُ الْمُدَّعِي وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ التَّدَاعِي فِي الْقِرَاضِ وَغَيْرِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَكَ رَدُّ الْمَالِ مَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ الْعَامِلُ أَوْ يُسَافِرْ وَلَيْسَ لَكَ رَدُّهُ بَعْدَ سَفَرِهِ لِذَهَابِ عَنَائِهِ مَجَّانًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى مِثْلَ الزَّادِ وَرَضِيتَ بِأَخْذِهِ بِمَا يُشْبِهُ لَكَ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَعْمَلْ وَقَالَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ شَرَطَ نَضَّةً وَاحِدَةً لَزِمَكَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَبْقَى على الْخِيَار أم يلْزمه على أحد الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَعَالَةِ فَإِنْ أَشْغَلَ جَمِيعَ الْمَالِ ارْتَفَعَ الْخِيَارُ وَلَيْسَ لِأَحَدِكُمَا أَخْذُهُ إِلَّا بَعْدَ النُّضُوضِ أَوِ الْبَعْضِ امْتَنَعَ أَخْذُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبَعْض إِن

ص: 54

كَانَ الْأَقَلَّ كَانَ قَصْرُهُ عَلَيْهِ ضَرَرًا وَكَذَلِكَ الْمُسَاوِي أَوْ أَكْثَرَ فَالْأَقَلُّ تَبَعٌ لَهُ فَإِنْ أَشْغَلَ جَمِيعَهُ ثُمَّ نَضَّ فَأَشْغَلَ بَعْضَهُ فَلَكَ أَخْذُ مَا لَمْ يُشْغَلْ لِحُصُولِ التَّوْفِيَةِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ بِالشَّغْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ تَجَهَّزَ بِتِجَارَةِ السَّفَرِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ السَّفَرِ إِنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي السّفر إِذْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ السَّفَرَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ إِلَّا أَنْ يَنْفُقَ سُوقُهَا قَبْلَ السَّفَرِ وَيَحْصُلَ مَا يُرْجَى فِي السَّفَرِ فَلَكَ بَيْعُهَا وَمَنْعُهُ مِنَ السَّفَرِ وَكُلَّ مَوْضِعٍ تَمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ يُمْنَعُ هُوَ مِنَ الرَّدِّ إِلَّا بِرِضَاكَ

قَاعِدَة - الْعُقُود قِسْمَانِ مُسْتَلْزم لمصلحته عِنْدَ الْعَقْدِ فَشُرِعَ عَلَى اللُّزُومِ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ وَتَرْتِيبًا لِلْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَهُوَ الْأَصْلُ كَالْبَيْعِ فَإِن بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ يَتَمَكَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَأَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَغَيْرُهَا وَقِسْمٌ لَا يسْتَلْزم مصْلحَته كَالْقِرَاضِ وَالْجَعَالَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الرِّبْحُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بَلْ رُبَّمَا ضَاعَ تَعَبُ الْعَامِلِ وَخَسِرَ الْمَالَ وَمَقْصُودُ الْجَعَالَةِ رَدُّ الْآبِقِ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَيَضِيعُ التَّعَبُ فَجُعِلَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ عَلَى الْجَوَازِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَظْهَرُ أَمَارَتُهُ فَلَا يَلْزَمُ بِمَا يُتَوَقَّعُ ضَرَرُهُ

نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسَةُ عُقُودٍ لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْمُغَارَسَةُ وَتَحْكِيمُ الْحَاكِم

فرع - فِي الْكتاب لَيْسَ جَبْرُهُ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ لِيَرُدَّ الْمَالَ بَلْ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ وَيُؤَخِّرُ مَا يُرْجَى لِسَوْقِهِ نَفْيًا للضَّرَر عَنهُ وان لم يكن لتأخير وَجْهٍ بِيعَتْ وَاقْتَسَمْتُمَا رِبْحًا إِنْ كَانَ صَوْنًا لِلْمَالِ بِجَعْلِهِ تَحْتَ يَدِكَ

ص: 55

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يَشْغَلِ الْمَالَ حَتَّى نَهَيْتَهُ فَتَعَدَّى وَأَشْغَلَهُ ضَمِنَ الْمَالَ وَالرِّبْحَ لَهُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ نَهْيِكَ عَنْ سِلْعَةٍ فَابْتَاعَهَا لِبَقَاءِ الْإِذْنِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ بِالدَّيْنِ بِإِذْنِكَ فَأَرَدْتَ أَنْ يُحِيلَكَ بِهِ - وَفِي الْمَالِ وَضِيعَةٌ فَلَكَ إِجْبَارُهُ عَلَى التَّقَاضِي أَوْ يُحِيلُكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَعَلَيْهِ التَّقَاضِي إِلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ وَيُسَلِّمَ لَكَ رِبْحَكَ لِأَنَّ التَّقَاضِيَ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِ الْجُزْءُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَشْخَصَ فِي تَقَاضِي الدَّيْنِ أَنْفَقَ مِنَ الْمَالِ - وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ عَمَلِ الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رَضِيتَ أَنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِالتَّقَاضِي وَجُزْؤُهُ بَاقٍ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوف وَإِنْ كَانَ عَلَى إِسْقَاطِ الرِّبْحِ فَهِيَ أُجْرَةٌ مَجْهُولَةٌ عَلَى الِاقْتِضَاءِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ بَيْعَ السِّلَعِ وَأَرَدْتَ أَخْذَهَا بِمَا تُسَاوِي فَأَنْتَ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا مَاتَ قِيلَ لِوَرَثَتِهِ تَقَاضُوا الدُّيُونَ وَبِيعُوا السِّلَعَ فَإِنْ كَانُوا غَيْرَ أُمَنَاءَ وَأَتَوْا بأمين فَلهم سهم موروثهم فَإِن لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ وَلَمْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ أَخَذْتَ مَالك

ص: 56

وَلَا رِبْحَ لَهُمْ لِعَدَمِ الْعَمَلِ فَإِنْ مِتَّ فَالْعَامِلُ عَلَى قِرَاضِهِ وَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الْمَالِ إِنْ كَانَ عَيْنًا دُونَ السِّلَعِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إِلَيْهِمْ كَمَا كَانَ لَكَ وَإِذَا عَلِمَ بِمَوْتِكَ وَالْمَالُ بِيَدِهِ لَا عَيْنًا لَا يَعْمَلُ بِهِ لِانْتِقَالِ الْحق لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى ابْتَاعَ سِلْعَةً مَضَى عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ كَالْوَكِيلِ يَتَصَرَّفُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ إِذَا ظَعْنَ بِالْمَالِ قَبْلَ الْعِلْمِ يمْضِي عَلَى قِرَاضِهِ كَمَا إِذَا اشْتَرَى وَمُرَادُهُ إِذَا عَلِمَ وَهُوَ عَيْنٌ فِي يَدِهِ إِذَا كَانَ فِي بَلَدِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَلِمَ بِمَوْتِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَعَمِلَ قَبْلَ إِذْنِهِمْ فَخَسِرَ ضَمِنَ وَإِنْ رَبِحَ وَكَانَ تَجْرُهُ لَهُمْ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمْ أَو لنَفسِهِ فَالرِّبْح لَك فَإِنْ تَجَرَ قَبْلَ الْعِلْمِ فَخَسِرَ يُخْتَلَفُ هَلْ يضمن لخطئه أَو لَا لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ - وَإِنْ رَبِحَ فَعَلَى الْقِرَاضِ وَإِذَا قَالَ لِلْغُرَمَاءِ أَضْمَنُ لَكُمْ مَالَكُمْ وَأَقِرُّوا الْمَالَ فِي يَدِي فَإِنْ كَانَ الْمَالُ عُرُوضًا أَوْ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ وَقَالَ ذَلِكَ لِيَنِضَّ وَيَقْضِيَهِمْ فَإِنْ عَجَزَ أَتَمَّ لَهُمْ أَخْذَهُ وَضَمَانُهُ تَفَضُّلٌ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجَعْلٍ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ غَرَضَهُ التَّخْفِيفُ عَنِ الْمَيِّتِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَالضَّمَانِ عَنِ الْمَيِّتِ وَلَا يَلْزَمُ وَرَثَةَ الْعَامِلِ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ لِتَعَلُّقِ الْعَمَلِ بِالْمَالِ دُونَ الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ أَوْ عَجَزَ هُوَ وَسَلَّمَ الْمَالَ وَفِيهِ رِبْحٌ لَيْسَ لَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُجَاعِلِ عَلَى الْبِئْرِ يَتْرُكُهُ اخْتِيَارًا بَعْدَ بَعْضِ الْعَمَلِ فَيَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْبِئْرِ عَلَى إِتْمَامِهِ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ هَهُنَا وَإِذَا مَاتَ الْأَجِيرُ لَيْسَ لِوَارِثِهِ الْقِيَامُ بِبَقِيَّةِ الْعَمَلِ بَلْ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ مَوْرُوثُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِالتَّمَامِ فَكَانَ الْوَارِثُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَإِذَا كَانَ الْوَارِثُ مُوَلًّى عَلَيْهِ نَظَرَ الْوَصِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْإِجَارَةِ لَا تَفِي بِهِ أَوْ مِثْلِهِ سَلَّمَ الْمَالَ وَإِلَّا اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَا عَامِلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرُ بِجَمِيعِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خُيِّرْتُ بَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْقِرَاضِ وَبَيْنَ

ص: 57

تَضْمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّرَاءُ إِلَّا بِإِذْنِكَ لِأَجْلِ مَوْتِ شَرِيكِهِ فَإِنِ اشْتَرَى قَبْلَ الْمَوْتِ بِبَعْضِ الْمَالِ كَانَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ شُرَكَاءَ فِيمَا اشْتَرَى قَبْلَ الْمَوْتِ وَيَعْمَلُونَ مَعَهُ فِيهِ وَمَا اشْتَرَى بَعْدَ الْمَوْتِ خُيِّرْتَ فِيهِ

سُؤَالٌ - يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ عَمَلُ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَخِيَارُ الْبَيْعِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَلَا النِّكَاحُ وَلَا خِيَارُ البيع إِذا جعل الْأَجْنَبِيّ وَهُوَ وَارِثُهُ وَهُوَ كَثِيرٌ مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ حَقٌّ لِلْمَوْرُوثِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ فَمَا الْفَرْقُ وَمَا ضَابِطُ الْبَابَيْنِ

قَاعِدَةٌ - كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ الْمَالَ يُوَرَّثُ فَيُورَثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ خِيَارٍ وَعَمَلٍ وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِبَدَنِ الْمَوْرُوثِ كَالنِّكَاحِ أَوْ رَأْيِهِ وَعَقْلِهِ - كَخِيَارِ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَرِثُ عَقْلَهُ وَلَا بَدَنَهُ وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَظْهَرُ الْفُرُوقُ وَالضَّوَابِطُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْقِرَاضُ أَوِ الْوَدَائِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَهِيَ فِي مَالِهِ لِتَفْرِيطِهِ يُحَاصُّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِقِرَاضٍ بِعَيْنِهِ أَوْ وَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا فِي مَرَضِهِ - وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِبَيِّنَةٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ هَذَا قَبْلَ إِقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ بَعْدَ قرب الْقَرَاض أَوِ الْوَدِيعَةِ أَخَذَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِقُوَّةِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا حُوصِصَ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا فِي الْمَوْت وَأما فِي الْفلس ان عينهَا اخْتصَّ بهَا والا فَلَا يحاصص كَمَا يُصَدَّقُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَفِيه

ص: 58

خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا لَمْ تُوجَدِ الْوَدِيعَةُ وَلَمْ يُوصِ بِهَا اخْتُلِفَ هَلْ تَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كَوْنِهَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ الْقِرَاضُ فِي الذِّمَّةِ بَلْ أَوْلَى لِإِمْكَانِ تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِهِ شَرْعًا وَإِذَا خَلَّفَ مَالًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ مَحْمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ لِلْقِرَاضِ قَلِيلًا كَانَ أَو كثيرا إِلَّا أَن لَا يشبه فَيكون لصَاحب الْقَرَاض مَا يشبه وَالزَّائِد مِيرَاثٌ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ لِنَفْسِهِ يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَوَجَدَ الْمَالَانِ مُخْتَلِطَيْنِ فُضَّ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِهِمَا عَلَى مَا يَقُولُ رُفَقَاؤُهُ أَنَّهُ رَبِحَ فِي كُلِّ صِنْفٍ فَإِنْ جَهِلَ فَعَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَكَذَلِكَ الْخَسَارَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَوْجُودِ وَفَاءٌ بِالتِّجَارَتَيْنِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ خَسِرَ فِي أَحَدِهِمَا حُمِلَتِ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فُضَّتْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ جُهِلَ مَالُهُ وَعُلِمَ قَدْرُهُ اشْتَرَكَا فِي الرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ بِمَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فَإِنْ جُهِلَ قَدْرُهُ وَكَانَ فِي سِلَعِ الْقِرَاضِ رَبِحَ بُدِئَ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَبِمَا يُرَى أَنَّهُ رَبِحَ فِيهِ وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا نَفَقَةَ لِلْعَامِلِ الْمُقِيمِ وَلَا كُسْوَةَ لِأَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا تَنَاوَلَ جُزْءَ الرِّبْحِ وَلَا يُنْفِقُ فِي تَجْهِيزِهِ لِلسَّفَرِ وَيُنْفِقُ إِذَا سَافر لطعامه وَمَا يصله بِالْمَعْرُوفِ - ذَاهِبًا وَرَاجِعًا - إِنْ حَمَلَ الْمَالُ ذَلِكَ وَتُلْغَى النَّفَقَةُ قُرْبَ السَّفَرِ أَوْ بَعْدُ وَإِنْ لم يسم شَيْئا وَله مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّفَقَةِ وَلَا يُنْفِقُ إِذَا رَجَعَ الى مصره لِأَن عَادَة السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ يُقْضَى بِهَا وَيَكْتَسِي فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ إِنَّ حَمَلَ الْمَالَ دُونَ قَرِيبِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعِ إِقَامَةٍ تُحْوِجُ لِلْكُسْوَةِ وَمَنَعَ (ش) النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَتَبْقَى عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةُ جَهَالَةٍ فِي الْأُجْرَةِ وَاشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ

ص: 59

يَخْتَصُّ بِهَا الْعَامِلُ وَوَافَقَنَا (ح) لَنَا أَنَّ السَّفَرَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَتَجِبُ نَفَقَتُهُ كَأُجْرَةِ الْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَلِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَوْ كَانَتْ عَلَى نَفْسِهِ لَاسْتَغْرَقَتِ الرِّبْحَ فَيَضِيعُ عَنَاؤُهُ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ قُبَالَةَ التِّجَارَةِ وَالنَّفَقَةَ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ كَالصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ فِي النِّكَاح وَلِأَنَّهُ عرف فَكَانَ كاشتراطه جُزْء مِنَ الرِّبْحِ وَيُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ فَكَانَتْ عَلَى الْمَالِ وَهَذِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَعَلَى الثَّانِي النَّقْضُ بِنَفَقَةِ الْحَضَرِ وَعَلَى الثَّالِثِ لَوْ صَحَّ التَّشْبِيهُ لَوَجَبَتْ فِي الْحَضَرِ وَعَلَى الرَّابِعِ مَنْعُ الْعَادَةِ وَالْمُعَارَضَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْأَجِيرِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْعُمْدَةُ الْعَادَةُ وَيُقَالُ إِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ قَبْلَ (ش) وَالْمُقِيمُ شَأْنُهُ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ غَيْرِ قِرَاضٍ فَالسِّفْرُ يُجَدِّدُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ فِي أَقْيِسَةِ الْمُعَارِضَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ اللَّيْثُ فِي الْكِتَابِ إِنْ شَغَلَ الْحَاضِرَ البيع تغدى بِالْإِفْلَاسِ وَأَبَاهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِي قَلِيلِ الْمَالِ نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ وَلَا رُكُوبٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ غَيْرَ أَنَّ الْأَرْبَعِينَ كَثِيرٌ عِنْدِي وَالْبِضَاعَةَ مِثْلُ الْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ فَيُنْفِقُ مِنَ السِّلْعَةِ تُبْعَثُ مَعَهُ يَبِيعُهَا وَيَشْتَرِي بِهَا سِلْعَةً قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَمَّا إِنْ خَرَجَ لِتِجَارَةِ نَفْسِهِ فَبَعَثَ مَعَهُ الْبِضَاعَةَ فَالْعُرْفُ عِنْدِي أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِخِلَافٍ إِذَا خَرَجَ لَهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَهُ النَّفَقَةُ فِي الْقِرَاضِ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ - وَلَوْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ لِأَنَّ الْمَالَ أَخْرَجَهُ فَلَوْ دفع بِهِ المَال بِغَيْر بَلَاغٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ بِهِ إِلَى بَلَدِهِ بِخِلَافِ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ بِالْمَالِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَهُ بَلَدَانِ يُقَارِضُ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا نَفَقَةَ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْبَلَدِ الْآخَرِ وَلَا فِي رُجُوعِهِ لِأَنَّهُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ بَلَدَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِرَاضٍ

ص: 60

وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ النَّفَقَةُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا لِأَنَّ حَرَكَتَهُ لِأَجْلِ الْقِرَاضِ وَإِذَا تَزَوَّجَ بِبَلَدٍ أَنْفَقَ حَتَّى يَدْخُلَ فَتَصِيرَ بَلَدًا لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِالْمَالِ الْقَلِيلِ إِلَّا بِإِذْنِكَ قَالَ وَفِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ فِي الْبِضَاعَةِ نَظَرٌ لِعَدَمِ الْعَادَةِ وَلَا يُنْفِقُ فِي الْمَالِ الْيَسِيرِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ قِرَاضًا أَكْثَرَ فَيُنْفِقَ مَا يُخَصَّصُ لِعَدَمِ الْإِجْحَافِ مَعَ الْمُحَاصَّةِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِرَاضَ وَسَافَرَ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْغَزْوِ فَلَا نَفَقَةَ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِغَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُقيم بعد قَضَاء ذَلِك الْعَمَل بِالْمَالِ فَيُنْفِقُ قَدْرَ إِقَامَتِهِ وَيُنْفِقُ فِي الرُّجُوعِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ وَحمل مَعَه رَأس مَال قَضَت النَّفَقَةُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا نَفَقَةَ لَهُ كَالْغَازِي قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ خَرَجَ لِإِصْلَاحِ مَالِهِ أَمَّا لَوْ خَرَجَ لِزِيَارَةِ أَهله فَلَا نَفَقَة كَالْحَجِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ عَقَدَ نِكَاحًا قَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ لِيَبْنِيَ بِهَا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ أَوْ يَبْنِيَ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَأَقَامَ لِأَجْلِ الْمَالِ أَنْفَقَ كَالْمُسَافِرِ وَإِنْ نَوَى الْبِنَاءَ بَعْدَ الْخُرُوجِ لِأَمْرٍ ثُمَّ يُقِيمُ إِذَا أَتَى لَمْ يُنْفِقْ وَإِنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ لِأَجْلِ مُقَامِهِ لِلْعَمَلِ بِالْمَالِ وَلَوْلَاهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَلَمْ يُقِمْ لَمْ تَسْقُطِ النَّفَقَةُ وَمَحْمَلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي عَدَمِ نَفَقَةِ الْمُقِيمِ أَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَقْطَعْهُ عَنِ الْوُجُوهِ الَّتِي يُنْفِقُ مِنْهَا فَقَدْ يَكُونُ مُنْقَطِعًا قَبْلَ الْمُقَارَضَةِ أَمَّا إِنْ عَطَّلَ صِنَاعَتَهُ لِأَجْلِ الْمَالِ أَنْفَقَ كَالْمُسَافِرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِلْمُسَافِرِ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ الَّتِي لَوْلَا السَّفَرُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهَا فِي الْحَضَرِ وَمَحْمَلُهُ عَلَى مَنْ كَانَتْ مُؤْنَتُهُ فِي الْمَقَامِ مِنْ غَلَّاتٍ أَوْ مَتَاجِرَ يَرْجُو حِوَالَةَ أَسْوَاقِهَا أَمَّا الْمُدِيرُ أَوْ ذُو الصَّنْعَةِ يُعَطِّلُهَا لِأَجْلِ السَّفَرِ فَلَهُ جَمِيعُ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ

فَرْعٌ - فِي الْمُنْتَقَى إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ النَّفَقَةِ فِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ مَنَعَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ

ص: 61

خِلَافُ وَضْعِ الْقِرَاضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ أَمْضَى كَاشْتِرَاطِ الْجُزْءِ مِنَ الرِّبْحِ لَكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَنْ أَخَذَ قِرَاضًا بِغَيْرِ بَلَده ليقيم بتجر فِيهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْمَالَ حَبَسَهُ إِلَّا أَن يوطنها وَلَو أَخذه بالفسفاط وَلَهُ بِهِ أَهْلٌ فَخَرَجَ بِهِ إِلَى بَلَدٍ لَهُ بِهِ أهل لم ينْفق ذَاهِبًا وَرَاجِعًا لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ أَهْلِهِ وَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَلَوْ أَخَذَ فِي غَيْرِ بَلَدِ أَهْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ فَتَجَرَ هُنَاكَ لَمْ يُنْفِقْ فِي ذَهَابِهِ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا فِي إِقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ وَأَنْفَقَ فِي رُجُوعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا أَخَذَهُ بِالْفُسْطَاطِ وَلَهُ بِهِ أَهْلٌ وَبِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَهْلٌ فَخَرَجَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَهُ النَّفَقَةُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا دُونَ إِقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْحِجَامَةِ وَشُرْبِ الدَّوَاءِ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ لِلْعَامِلِ فَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ قَدِيمًا وَخَفَّفَ فِي المتمرض فِي الْحَمَّامِ وَالْحِجَامَةِ وَإِذَا سُلِبَ اكْتَسَى مِنَ الْقِرَاضِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَنْ يَخْدِمُهُ فِي السَّفَرِ إِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَمِثْلُهُ لَا يَخْدِمُ لنَفسِهِ وَيُؤَجِّرُ لِلْأَعْمَالِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا وَيَكْتَرِي الْبُيُوتَ وَالدَّوَابَّ وَلَا يَهَبُ شَيْئًا وَلَا يُكَافِئُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ يَأْتِي غَيْرُهُ بِمِثْلِهِ إِن لم

ص: 62

يسْتَعْمل التفضل وَإِذَا ضَمَّ إِلَى الْمَالِ قِرَاضًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وُزِّعَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَالَيْنِ وَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ هلك لم يلزمك لتَعَلُّقه بِالْمَالِ دُونَ الذِّمَّةِ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ سِلَعًا وَاكْتَرَى مِنْ عِنْدِهِ فَإِنْ أَدَّيْتَهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ وَإِنِ اغْتَرَقَهُ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوَفَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي السِّلَعِ بِالْكِرَاءِ وَأَمَّا صَبْغُ الثِّيَابِ أَوْ قَصْرُهَا فَكَزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ إِنْ دَفَعْتَهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا شَارَكَ بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ قِيمَةَ الصَّبْغِ لَمْ يَكُنِ الصَّبْغُ عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ كَقِرَاضٍ ثَانٍ عَلَى أَنْ يُخْلَطَ بِالْأَوَّلِ بَعْدَ الْعَمَلِ بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْعَامِلِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهُ كَقِرَاضٍ ثَانٍ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الصَّبْغ لم يكن على الْقَرَاض وَلَك أَن لَا تعطيه ذَلِك وتضمنه قِيمَةَ الثِّيَابِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي السَّلَفِ فَإِنْ أَبَيْتَ تَضْمِينَهُ كَانَ شَرِيكًا فِي الثِّيَابِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ مِنْ قِيمَةِ الثِّيَابِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا صَبَغَهَا بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِع إِذا دفعت اليه مَا ودى كَانَ عَلَى الْقِرَاضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَيْرِ بَلْ شَرِيكُهُ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ فَمَا نَابَ رَأْسَ الْمَالِ فَعَلَى شَرْطِهِمَا وَقِيمَةُ الصَّبْغِ وَمَا حَار لَهُمَا مِنَ الرِّبْحِ فَلَكَ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ الثَّانِي لَك ان لَا تُعْطِيَهُ شَيْئًا وَتُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثِّيَابِ عِنْدَ الْغَيْرِ وَابْن

ص: 63

الْقَاسِمِ لَا يَرَى تَضْمِينَهُ وَالثَّالِثُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إِذَا لَمْ تُدْفَعْ إِلَيْهِ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا ودى وَعِنْدَ الْغَيْرِ إِذَا لَمْ تُضَمِّنْهُ وَلَا أَعْطَيْتَهُ شَيْئًا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الثِّيَابِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ من قيمَة الثِّيَاب لَا بِمَا ودى قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَخَذَ مَالَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدًا لَا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ وَيَحْمِلَانِ النَّفَقَةَ مُجْتَمِعَيْنِ لَهُ النَّفَقَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهَا لِأَن كليها يَقُولُ مَالِي لَا تَجُبْ فِيهِ النَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِغَيْرِي إِدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَيَّ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا كَثِيرًا وَالْآخَرُ قَلِيلًا لَمْ أَرَ عَلَى الْقَلِيلِ شَيْئًا

نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُوجِبُ الصَّبْغُ الشَّرِكَةَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْقِرَاضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالثَّوْبِ الْمُسْتَحَقِّ بَعْدَ شِرَائِهِ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَبْيَضَ وَالثَّوْبِ الَّذِي فَلَّسَ رَبُّهُ شَارَكَ الصَّبَّاغُ صَاحِبَ الدَّيْنِ وَالثَّوْبِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ بَعْدَ صَبْغِهِ يُشَارِكُ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ وَالثَّوْبِ الْوَاقِعِ فِي الْمِصْبَغَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يُشَارِكُ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ وَلَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ صَبْغِ الْغَاصِبِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ إِلَّا الْمُرَاجَعَةُ بِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصَبْغِ الثَّوْبِ الَّذِي غَلِطَ فِي دَفْعِهِ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ الْقَصَّارُ إِذَا دَفَعَ غَيْرَ الثَّوْبِ غَلَطًا فَصَبْغَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَتَرَاجَعُ هُوَ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ دُونَ الْقَصَّارِ

نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ مَسَائِلُ الْخَمْسِينَ خَمْسٌ الْأَرْبَعُونَ إِلَى الْخَمْسِينَ تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ فِي الْقِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْخَمْسُونَ ثمن الرائعة وَقِيلَ السِّتُّونَ دِينَارًا فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ وَيَكُونُ وَصِيُّ الْأُمِّ وَصِيًّا فِيهَا وَالْخَمْسُونَ إِلَى السِّتِّينَ حِيَازَة على الْأَقَارِب وَالْخَمْسُونَ سنة التعنيس

ص: 64

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا ضَاعَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ خَسِرَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَهُوَ أَمِينٌ فَإِنْ عَمِلَ بِبَقِيَّتِهِ جُبِرَ بِرِبْحِ ذَلِكَ وَيَقْتَسِمَانِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُفِيدُ جَعْلُهُمَا رَأْسَ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَالْمُحَاسَبَةُ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ لِأَنَّ وَضْعَ الْقِرَاضِ أَنْ تُجْبَرَ خَسَارَتَهُ بِرِبْحِهِ وَمَا اسْتَهْلَكَهُ أَوْ تَسَلَّفَهُ ضَمِنَهُ وَلَا حِصَّةَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ لِانْتِقَالِهِ عَنِ الْقِرَاضِ إِلَى الذِّمَّةِ بِالضَّمَانِ وَالْبَاقِي رَأْسُ الْمَالِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ضَاعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ قبل النَّقْدِ خُيِّرَ بَيْنَ إِخْلَافِهِ وَيَكُونُ الْمَتَاعُ قِرَاضًا وَرَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ مَا يَدْفَعُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ لَهُ لِأَنَّكَ لَمْ تَلْتَزِمْ غَيْرَ مَا دَفَعْتَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ تُجْبَرُ عَلَى الْإِخْلَافِ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ فِي الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً فَضَاعَ خَمْسُونَ خُيِّرْتَ بَيْنَ الْإِخْلَافِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَوْ لَا تُخْلِفُهَا وَيَغْرَمُهَا الْعَامِلُ وَيُشَارِكُ بِالنِّصْفِ وَإِذَا اخْتَلَفْتُمَا فَبِيعَ الْمَتَاعُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَقِرَاضُكُمَا عَلَى النِّصْفِ فَلَهُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ نِصْفَ السِّلْعَةِ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَرَأْسُ مَالِهِ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ وَنِصْفُهَا لِلْقِرَاضِ الثَّانِي وَرَأْسُ مَالِهِ خَمْسُونَ وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْأَوَّلُ بِرِبْحِ الثَّانِي لِأَنَّهُمَا قِرَاضَانِ لِدَفْعِكَ بَعْدَ الشَّغْلِ الْأَوَّل وَإِنْ لَمْ تُخْلِفْهَا شَارَكَ بِالنِّصْفِ فِيمَا يُبَاعُ بِهِ وَلَا رِبْحَ لَهُ فِيمَا يَنُوبُ الْقِرَاضَ إِلَّا أَنْ يَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَكَ أَنَّ تُخْلِفَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَيَكُونَ الْمَتَاعُ بَيْنَكُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءَ رُبُعٌ لِلْعَامِلِ وَرُبُعٌ لَكَ عَليّ للقراض رَأْسُ مَالِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَاعَ بِمِائَتَيْنِ فَلَهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ خَمْسُونَ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْهَا - وَهُوَ الرُّبُعُ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ نَصِيبُهُ مِنَ الرِّبْحِ عَنِ الرُّبُعِ الْآخَرِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي

ص: 65

النِّصْفِ لِأَنَّ رِبْحَهُ جَبْرٌ لِلْوَضِيعَةِ فَإِنْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى غَاصِبِ الْخَمْسِينَ كَانَتِ الرِّبْحَ فَتُقَسِّمُ وَلَوْ أَكَلَ خَمْسِينَ وَتَجَرَ فِي خَمْسِينَ فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلَكَ رَأْسُ مَالِكَ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الْقِرَاضُ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَنَقَّصَهُ السَّيِّدُ بِجِنَايَة ألفا وَخمْس مائَة فتجر فِي الْخمس مائَة فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ فِعْلُ السَّيِّدِ مُفَاصَلَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَحْضَرَ الْمَالَ وَحَاسَبَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَخَلَا رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ فَهُوَ فَسْخٌ لِلْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ صَحَّ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يقسم ربح إِلَّا بَعْدَ كَمَالِ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا ذَهَبَ اللِّصُّ بِجُمْلَةِ الْمَالِ فَأَعْطَاهُ غَيْرُهُ فَلَا جَبْرَ إِنَّمَا الْجَبْرُ إِذَا بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ شَيْءٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ رَبِحَ فِي الْمِائَة مائَة ثمَّ أكل مائَة ربح فِي الْبَاقِي فَالْمِائَةُ فِي ضَمَانِهِ وَالْبَاقِي عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَوْ ضَاعَ لَمْ يَعُدْ مَا فِي ذِمَّتِهِ رِبْحًا إِلَّا بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ فَلَّسَ وَقَدْ أَخَذَ مِنَ الْمِائَةِ خَمْسِينَ قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ ثُمَّ تَجَرَ فِي الْبَاقِي فَصَارَ مِائَةً ثُمَّ فَلَّسَ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمِائَةِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصُ بِالْخَمْسِينَ لِأَنَّ الرِّبْحَ أَوْلَى أَنْ يجير بِهِ من أَن يكون لِلْعَامِلِ كَمَا لَوْ ضَاعَ خَمْسُونَ وَتَجَرَ فِي الْبَاقِي فَصَارَ مِائَةً فَإِنَّكَ أَوْلَى بِهَا

ص: 66

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى فَضَاعَ الْمَالُ أَوْ تَسَلَّفَهُ قَبْلَ النَّقْدِ غَرِمَهُ الْعَامِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا خَافَ إِنْ قَدَّمَ مَالَهُ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَقَعَ الرُّخْصُ فِي مَالِهِ فَالصَّوَابُ خَلْطُهُمَا وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَعَدِّيًا وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ لَكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ لِأَنَّ يَدَ الشَّرِيكِ تَصِيرُ عَلَى الْمَالِ وَقَدْ لَا تُرْضَى أَمَانَتُهُ وَيَضْمَنُ لِلتَّعَدِّي وَلَا عَاملا آخَرَ كَمَا لَا يَسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ مَنْ لَكَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَقَدْ يُؤْتَمَنُ الرَّجُلُ عَلَى الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَلَا يَبِيعُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بِمُحَابَاةٍ لِأَنَّهُ خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا يَبْضَعُ مَعَ غَيْرِهِ بِضَاعَةً وَيَضْمَنُ إِنْ فَعَلَ - وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ عَبْدٍ لَكَ اشْتَرَطَ مَعُونَتَهُ وَلَا يُوَجِّهُ مَعَ عَبْدِهِ بَعْضَ الْمَالِ لبلد ليتجر فِيهِ لِأَنَّك لم تأتمن عَبده وَلَا عَبدك وتضمن وَتَعْذُرُ فِي الْإِيدَاعِ فِي السَّفَرِ وَبِخَرَابِ الْمَنْزِلِ أَوْ كَوْنِهِ لَيْسَ حِرْزًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ بَلْ يُكْرَهُ وَلَا يُفْسَخُ وَلَمْ يَكْرَهْهُ أَشْهَبُ وَلَوْ رَبِحَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرِّبْحِ وَهُوَ بَيْنَ صَاحِبَيِ الْمَالَيْنِ لِأَنَّهُمَا بِيَدِ أَعْيَانٍ وَلَا يُمْكِنُهُ إِيدَاعُهَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ حَقِّهِ فِي أَي من وَجه لِخُصُومَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ عَلَى النِّصْفِ وَمِنْ آخَرَ عَلَى الثُّلُثِ فَاشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ صَفْقَتَيْنِ بِثَمَنَيْنِ

ص: 67

مُخْتَلِفَيْنِ فَكُلُّ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ أُشْكِلَتِ الرفيعة من أَي الْمَالَيْنِ هِيَ فادعاها صَاحِبُ الْمَالَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوِ اخْتلطت الودائع بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان الْوَدِيعَة الْكَثِيرَة وَتبقى القليلة بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ هَهُنَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى بِالْمَالَيْنِ جَارِيَتَيْنِ فَاخْتَلَطَتَا عَلَيْهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا إِلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالشّركَةِ فيهمَا فَإِن خسر لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ رَبِحَا فَعَلَى شَرْطِهِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِيمَنْ أَوْدَعَ مِائَةً فَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَمْ يَدْرِ الْمُودَعُ لِمَنْ هِيَ قِيلَ يَضْمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ وَيَقْتَسِمَانِهَا بَيْنَهُمَا وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ التَّدَاعِي إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عشرَة وَللْآخر عشرُون فَاشْترى جارتين قِيمَةُ إِحْدَاهُمَا أَرْبَعُونَ وَالْأُخْرَى عِشْرُونَ وَأَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الْأَرْبَعِينَ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ بِعَشَرَةٍ وَالْمُشْتَرَاةُ بِعِشْرِينَ فَبِيعَتِ الْوَاحِدَةُ بِأَرْبَعِينَ فَادَّعَيَاهَا فَيَقُولُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ لِي رِبْحُ ثَلَاثِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَقُولُ الْآخَرُ لِي رِبْحُ عَشَرَةٍ وَلِلْعَامِلِ عَشَرَةٌ فَيُقَالُ لَهُ سَلَّمْتَ خَمْسَةً مِنَ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّكَ لَا تَدَّعِي مِنَ الرِّبْحِ إِلَّا عَشَرَةً وَهُوَ يَدَّعِي خَمْسَةَ عَشَرَ تُقَسَّمُ بَيْنَكُمَا عَشَرَةٌ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ ثُلُثَ نِصْفِ الرِّبْحِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَكْسُ هَذَا وَقَالَ يَقْتَسِمَانِ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَارَكَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ شَرِكَةُ الْعَامِلِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يَنْفَرِدُ بِشِرَائِهِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ أَوْ يَلِيَانِ الشِّرَاءَ جَمِيعًا أَوْ يَكُونُ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا فَإِنَّ نَظَرَ الْعَامِلِ يَغِيبُ وَيَمْتَنِعُ إِذَا كَانَ الْآخَرُ هُوَ مُتَوَلِّي الشِّرَاءِ أَوْ تَحْتَ يَدِهِ لِاسْتِقْلَالِ مَنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُ بِالتَّصَرُّفِ وَالْحِفْظِ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ إِذَا انْفَرَدَ الْعَامِلُ بِالشِّرَاءِ

ص: 68

أَو اجْتمعَا وَيكون تَحْتَ يَدِهِ أَوْ يَدَيْهِمَا وَيَمْتَنِعُ إِذَا كَانَ الْآخَرُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِلشِّرَاءِ وَالدَّفْعِ وَيَخْتَلِفُ فِي الضَّمَان فَإِن انْفَرد الآخر بِالشِّرَاءِ وَالدَّفْع ضمن الخسارة الضّيَاع وَكَذَلِكَ إِذَا انْفَرَدَ بِالشِّرَاءِ وَكَانَتْ تَحْتَ يَدِكَ فَإِنْ وَلِيتَ الشِّرَاءَ وَجَعَلْتَ تَحْتَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ الضَّيَاعُ لِتَسْلِيمِهِ دُونَ الْخَسَارَةِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِنَظَرِكَ فَإِنْ كُنْتَ فَقِيرًا وَالْأَجْنَبِيُّ غَنِيٌّ عَالِمٌ بِأَنَّ الْمَالَ قِرَاضٌ لَا تَضْمَنُ خَسَارَةً وَلَا ضَيَاعًا كَمَنِ اشْتَرَى مِنْ غَاصِبٍ ثُمَّ بَاعَ ثمَّ اسْتحق لاضمان عَلَى الْمُشْتَرِي - وَفِيهِ خِلَافٌ وَإِذَا أَبْضَعَ مَعَ غَيْرِهِ فَخَسِرَ أَوْ ضَاعَ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ رَبِحَ وَالْبِضَاعَةُ بِأُجْرَةٍ فَلِلْأَجْنَبِيِّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ ذِمَّةِ الْعَامِلِ ثُمَّ إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجُزْءِ فَخَسَارَةُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ أَقَلُّ فَالْفَضْلُ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ لِلْعَامِلِ لِيَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَعْمَلْ فَإِنْ كَانَتِ الْبِضَاعَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَعُونَةِ لِلْمُكَارَمَةِ لِلْعَامِلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلِلْعَامِلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْجُزْءِ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَمْ يَتَطَوَّعْ بِعَمَلِهِ إِلَّا لِلْعَامِلِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ إِنْ وَهَبَ أَوْ حَابَى يَجُوزُ فِي نَصِيبِهِ وَيَتَفَاصَلَانِ فِي الْوَقْتِ إِذْ لَيْسَ لَهُ تَنْقِيصُ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الْعَامِلَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ بمحاباة والمالان لَك ان خسرا جَمِيعًا فَلَا مَقَالَ لَكَ وَإِنَّمَا تَقُومُ حُجَّتُكَ إِذَا خَسِرَ الْمُحَابِي لِأَنَّكَ تَقُولُ لَوْ كَانَ مَعَهُ الَّذِي حَابَى بِهِ لَمْ يَخْسَرْ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يُقَارِضُ إِلَّا بِإِذْنِكَ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ أَمَانَةَ غَيْرِهِ وَجَوَّزَ لَهُ (ح) الْإِبْضَاعَ وَالْإِيدَاعَ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّصَرُّفِ فِي المَال

ص: 69

الَّذِي فُوِّضَ إِلَيْهِ تَنْمِيَتُهُ وَحِفْظُهُ فَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى النِّصْفِ فَتَعَدَّى فَدَفَعَهُ بِالثُّلُثَيْنِ ضَمِنَ وَرَبِحَ الثَّانِي بَيْنكُمَا نِصْفَانِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي بِبَقِيَّةِ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ خَسِرَ مَعَ الْأَوَّلِ النِّصْفَ ثُمَّ دَفَعَهُ لِلثَّانِي عَلَى شَرْطِهِ فَزَادَ الرِّبْحُ وَلَمْ يَعْلَمِ الثَّانِي بِذَلِكَ أَخَذْتَ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ الزَّائِدِ وَأَخَذَ الثَّانِي مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَمَامِ النِّصْفِ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْسِبُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الثَّانِي إِلَّا النِّصْفَ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ فَيَأْخُذُهُ وَنِصْفُ الرِّبْحِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ فَإِنْ أَتْلَفَ الْأَوَّلُ النِّصْفَ مُتَعَدِّيًا رَجَعَ عَلَيْهِ بِتمَام عشرَة ومئة إِذْ أَصْلُ الْمَالِ ثَمَانُونَ وَإِنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ رَجَعَ بِتَمَامِ تِسْعِينَ عَشَرَةٍ بَقِيَّةُ رَأْسِ الْمَالِ وَعَشَرَةٍ حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ وَلَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنَ الثَّانِي فَيَظْلِمَهُ وَيُبْطِلَ عَمَلَهُ وَرُجُوعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِتَعَدِّيهِ وَإِذَا أَمَرَ مَنْ يَقْتَضِي الدُّيُونَ بِغَيْرِ أَمْرِكَ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِيَدِ الْوَكِيلِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَطْتَ أَلَّا يَبِيعَ إِلَّا بِنَسِيئَةٍ فَبَاعَ بِنَقْدٍ لَا يَكُونُ هَذَا الْقِرَاضُ جَائِزًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ الْعَقْدِ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُتَعَدٍّ كَمَا لَوِ اشْتَرَطْتَ أَلَّا يَشْتَرِيَ إِلَّا صِنْفًا فَاشْتَرَى غَيْرَهُ ضَمِنَ وَالْفَضْلُ وَالْوَضِيعَةُ لَكَ وَعَلَيْكَ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْوَضِيعَةِ وَلَهُ فِي الْفَضْلِ قِرَاضُ مِثْلِهِ لِأَنَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ قَدْ تَذْهَبُ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ وَبِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فَيَكُونُ نَالَ بِتَعَدِّيهِ مَا طَلَبَ قَالَ التُّونِسِيُّ وَلَمْ يُجِبِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَاذَا يَكُونُ إِذَا نَزَلَ وَعِنْده إِذا أَمر رجلا بِبيع

ص: 70

سلْعَة نَسِيئَة فَبَاعَ بِنَقْدٍ فَفَاتَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا نَقْدًا فَإِنْ بَاعَهَا نَقْدًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَتِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ مَا سُمِّيَ مِنَ الْأَجَلِ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَمِنْ مَذْهَبِهِ فِي التَّحْجِيرِ فِي الْقِرَاضِ يُرَدُّ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَمَّا أَمَرَهُ أَلَّا يَبِيعَ مَا اشْتَرَى إِلَّا بِنَسِيئَةٍ فَقَدْ أَذِنَ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ فِي الشِّرَاءِ وَيُفْسَخُ الْقِرَاضُ فَإِنْ بَاعَ بِنَسِيئَةٍ فَلَا تَعَدٍّ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَيُفْسَخُ وَيَقْتَضِي رَبُّ الْمَالِ الثَّمَنَ أَوْ ينْقد فَسَخَ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ وَمَا بَاعَ بِهِ ثَمَنَهَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي بَيْعِهَا لِأَنَّكَ تَقُولُ أُغَرِّمُكَ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ مِنْ إِجَارَةِ الْبَيْعِ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الشِّرَاءِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا بَاعَ بِالنَّقْدِ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِجَارَةِ الْبَيْعِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ فَإِنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ أَوْ تَأْخُذُ الثَّمَنَ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الشِّرَاءِ أَوِ الْبَيْعِ هَذَا الَّذِي يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ فَأَخَّرْتَ الْمُبْتَاعَ بِالثَّمَنِ جَازَ ذَلِكَ فِي حِصَّتِكَ فَإِنْ هَلَكَتْ وَقَدْ قَبَضَ حِصَّتَهُ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ هِبَتُكَ فِي حِصَّتِكَ

فَرْعٌ - مَنَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَعَ الْقِرَاضِ شَرْطَ سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَلَا يَشْتَرِطُ أَحَدُكُمَا لِنَفْسِهِ شَيْئًا خَالِصًا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَإِذَا نَزَلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَجِيرٌ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْعَمَلِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ شُرُوطُ الْقِرَاضِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ سَنَةِ

ص: 71

الْقِرَاضِ وَمَا لَا يُخْرِجُهُ وَهُوَ قِسْمَانِ مَا يجوز ابْتِدَاء من غير كَرَاهَة مثل أَن لَا يَشْتَرِيَ حَيَوَانًا وَلَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ وَلَا يَخْرُجَ مِنَ الْبَلَدِ وَنَحْوِهِ وَمَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ نَزَلَ مَضَى كَالتُّجَّارِ يَنْزِلُونَ بِمَكَانٍ فَيُعْطِي أَحَدُهُمُ الآخر المَال على أَن يَشْتَرِي وَيبِيع مِنْهُم وَنَحْوِهِ وَمَا يُفْسِدُهُ يُفْسَخُ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ وَيُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْل أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يُرَدُّ فِيهَا إِلَى مُسَاقَاة الْمثل لَا تفسخ بعد العقد وَحَيْثُ يفْسخ فَيَتَمَادَى فِي بَيْعِ عُرُوضِ الْقِرَاضِ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الصِّقِلِّيِّينَ لَا يُفْسَخُ مَا يُرَدُّ فِيهِ إِلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ - كَالْمُسَاقَاةِ - يُرِيدُ إِذَا عَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّغْلِ فِي السِّلَعِ لَا يَرُدُّهَا سلفا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا إِلَّا فِي سُوقِهَا وَلَا يُرِيدُ التَّمَادِيَ بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَهَا أَجَلٌ فَيُنْتَظَرُ وَإِنْ كَانَ أَعْوَامًا وَالْقِرَاضُ لَا أَجَلَ لَهُ بَلْ نَضُوضُ الْمَالِ فَإِذَا شَرَعَ اسْتَوَى قِرَاضُ الْمِثْلِ وَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فِي التَّمَادِي إِلَى الْأَجَلِ الْمُعَيَّنِ اللَّائِقِ بِهِمَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطْتَ أَنْ يُسَلِّفَكَ الْعَامِلُ فَهُوَ أَجْرُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ نَفْعٌ فَلَوِ اشْتَرَطْتَ إِخْرَاجَ مَالٍ مِنْ عِنْدِهِ يَعْمَلُ بِهِ مَعَ مَالِكَ امْتَنَعَ لِانْتِفَاعِكَ بِتَكْثِيرِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِلَّا أَنْ يقل حَتَّى لَا يقْصد بِهِ التكثر وَإِنْ وَقَعَ الْكَثِيرُ أَمْضَيْتَهُ عَلَى قِرَاضِهِمَا مَا لَمْ يُقْصَدْ تَكْثِيرُ الرِّبْحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شرطت عَلَيْهِ ضَمَانَ الْمَالِ - إِنْ هَلَكَ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي دَعْوَى الْهَلَاكِ سَقَطَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَضْمَنْ وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ قِرَاضِ الْمِثْلِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ بَيْعُكَ عَبْدًا مِنَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إِذَنِ الْعَامِلِ وَلَهُ رده

ص: 72

وَإِجَازَتُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ بِعَقْدٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَلَا يُنْزَعُ التَّصَرُّفُ مِنْ يَدِهِ كَالْأَجِيرِ وَلَمْ يُوقِفْهُ (ح) عَلَى إِجَازَتِهِ كَالْوَكِيلِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ أَخْذُ الْقِرَاضِ على أَن لَا يَشْتَرِيَ بِهِ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ الْبَلَدَ الْمُعَيَّنَ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَقْصِدَ الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ سَفَرُ الْعَامِلِ وَمَنْعُهُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ إِنْ لَمْ يُشْتَرَطِ الْمُقَامُ وَلَا السَّفَرُ فَلَهُ السَّفَرُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْقِرَاضِ وَقَالَهُ (ح) وَمَنَعَ (ش) السَّفَرَ إِلَّا بِإِذْنِكَ لِلْغَرَرِ بِالْمَالِ فِي الْبَرَارِي وَالْبِحَارِ وَجَوَابُهُ الْإِذْنُ الْعَادِيُّ حَاصِلٌ فِي ذَلِكَ وَوَافَقَ ابْنُ حَبِيبٍ (ش) قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ سَافَرَ أَوْ صَانِعًا أَوْ مُدِيرًا شَأْنُهُ الْإِقَامَةُ لَا يُسَافِرُ وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ جَازَ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمَتْجَرَ قَدْ يَضِيقُ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا لِمَالِكٍ فَإِنْ خَالَفَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ضَامِنٌ وَإِنْ أَبَاحَ لَهُ السَّفَرَ مُطْلَقًا أَوْ مَوْضِعًا مُعَيَّنًا أَوِ الْمَوَاضِعَ إِلَّا مَوْضِعًا مُعَيَّنًا جَازَ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ السَّفَرَ وَمَنَعَهُ مِنَ التَّجْرِ فِي الْبَلَدِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أصبغ وعَلى أَصله يجوز ان يقارضه فِيمَا يدّخر يجوز لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ كَالتَّأْخِيرِ عَنِ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ فَاشْتَرَى مَا يَجْلِسُ بِهِ لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَزَّازًا فَاشْتَرَى غير شَأْنه

فرع - فِي الْكتاب يمْتَنع بَيْعه بِالنَّسِيئَةِ الا بإذنك خلافًا (ح) فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ الَّذِي غَرَّرَ بِالْمَالِ وان احتال بِالثّمن على مالىء أَوْ مُعْدَمٍ إِلَى أَجَلٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ

ص: 73

يَوْمَ الْبَيْعِ إِذَا تَلِفَ وَإِذَا بَاعَ بِالنَّقْدِ فَاحْتَالَ ضَمِنَ الثَّمَنَ بِعَيْنِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يشْتَرط عَلَيْهِ أَن لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا الْبَزَّ لِلتَّحْجِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَقَالَهُ (ش) وَجَوَّزَهُ (ح) فِي النَّادِرِ كَالْوَكَالَةِ وَحَيْثُ جَازَ الشَّرْطُ فَلَا يَتَعَدَّاهُ وَلَا يَبِيعُ الْبَزَّ بِعَرْضٍ غَيْرِهِ لِئَلَّا يبْتَاع غير الْبَز وَله اشْتِرَاطُ ذَلِكَ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ وَقَبْلَ تَحْرِيكِهِ فِي شَيْء وَلَك اشْتِرَاط ان لَا يَنْزِلَ وَاديا وَلًا يَسِيرَ لَيْلًا وَلَا فِي بَحر وَلَا يَشْتَرِي سلْعَة كَذَا فَإِن فعل ضمن فَإِن اشْتَرَطْتَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بَعْدَ الْعَقْدِ فَاشْتَرَاهَا ضَمِنَ وَلَكَ أَخْذُهَا لِلْقِرَاضِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ فُضُولِيّ تصح إِجَارَتُهُ وَلَكَ تَضْمِينُهُ الْمَالَ فَلَوْ بَاعَهَا فَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِكُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ خَاصَّةً لِلْمُخَالَفَةِ وَكَذَلِكَ ان سلف من المَال مَا اشْترى بهَا سلْعَة لنَفسِهِ ضمن الخسران للشراء لنَفسِهِ - وَالرِّبْحُ بَيْنَكُمَا لِلشِّرَاءِ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَإِذَا اشْتَرَى الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فَحَصَلَ فِيهِ وَضِيعَةٌ أَوْ تَجَرَ بِمَا تَعَدَّى فِيهِ فَخَسِرَ فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ أَنْتَ أُسْوَتُنَا إِنْ ضَمِنْتَهُ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ مَالُكَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُشْرِكَهُ فِي السِّلَعِ أَوْ تُسَلِّمَهَا أَوْ تُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَالِ فَإِن اسلمتها كنت أُسْوَة بالغرماء وَإِنْ نَهَيْتَهُ عَنِ الْخُرُوجِ بِالْمَالِ مِنْ مِصْرٍ فَخَرَجَ بِهِ وَرَدَّهُ عَيْنًا قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ فَتَجَرَ بِمِصْرٍ فَخَسِرَ أَوْ ضَاعَ لَمْ يضمن لرده قبل تحريطه كَرَادِّ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ إِنْفَاقِهَا وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ تَجَهُّزِهِ لِلسَّفَرِ فَلَهُ الْخُرُوجُ لِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ بِالْعَقْدِ فَإِنْ شَرَطْتَ لِلْعَمَلِ حَانُوتًا مُعَيَّنًا أَوْ سُوقًا أَوْ لَا يَشْتَرِي إِلَّا مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ امْتَنَعَ لِلْحَجْرِ وَهُوَ أَجِيرٌ وَالزَّرْعُ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَكَ وَعَلَيْكَ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ لَا يَشْتَرِي إِلَّا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مُتَّسِعُ الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا

ص: 74

قِيَاسًا عَلَى الصِّنْفِ الْمُتَّسِعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَشْغَلْ حَتَّى نَهَاهُ عَنِ التَّجْرِ فَاشْتَرَى مُتَعَدِّيًا ضَمِنَ الْمَالَ وَالرِّبْحَ لَهُ كَالْمُشْتَرِي بِوَدِيعَةِ سِلْعَةٍ بِخِلَافِ نَهْيِهِ عَنْ سِلْعَةٍ فَيَشْتَرِيَهَا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي حَرَكَةِ الْمَالِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِالرِّبْحِ بتعديه وَهَذَا مالم يُقِرَّ بِشِرَائِهَا لِلْقِرَاضِ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ عَلَى الْقِرَاضِ وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنَ الضَّمَانِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنَ السَّفَرِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالسَّفَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَكَ نَهْيُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ فِيمَا لَا غَايَةَ لَهُ كَالْكِرَاءِ مُشَاهَرَةً وَاخْتُلِفَ إِذَا اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ أَنْ يزرع بِهِ فأجيز وَكره فَإِنْ زَرَعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ جَازَ فَإِنْ خسر لِأَنَّهُ لم يتم أَوْ لِرُخْصِ السِّعْرِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ ظُلِمَ ظُلْمًا حَادِثًا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ مُتَقَدِّمًا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ ضَمِنَ كَانَتِ الْخَسَارَةُ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ الظُّلْمِ لِتَعَدِّيهِ فِي أَصْلِ فِعْلِهِ وَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ فِي أَوَّلِ مَا زَرَعَ وَإِنْ عَمِلَ مُسَاقَاةً بِشَرْطٍ فَعَلَى الْخِلَافِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّرْعِ وَإِنْ أَخْذَهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَّجِرَ إِلَّا فِي الْبَزِّ فَتَجَرَ فِي غَيْرِهِ فَخَسِرَ ضَمِنَ أَوْ رَبِحَ فَعَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرِّبْحُ بِتَعَدِّيهِ وَالْقِيَاس أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضُ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ تَعَدَّى فَأَسْلَمَ فِي طَعَامٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمُ رَأْسَ الْمَالِ وَيَنْتَظِرُ بِالطَّعَامِ حَتَّى يَقْبِضَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ اقْتَسَمَاهُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا قَامَ غُرَمَاؤُكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِالْمَالِ وَأَمْكَنَ بَيْعُ السِّلَعِ بِيعَتْ وَأَخذه الْغُرَمَاء وَأما غرماؤك فَلَا شَيْءَ لَهُمْ إِلَّا بَعْدَ وُصُولِ الْمَالِ إِلَيْكَ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا لِغُرَمَائِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ وَيمْتَنع أَن

ص: 75

يشْتَرط عَلَيْهِ شِرَاءَ حَيَوَانٍ لِلنَّسْلِ أَوْ لِلْغَلَّةِ أَوْ يَشْتَرِيَ بِدَيْنٍ لِلتَّحْجِيرِ وَمَا تَسَلَّفَ أَوِ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْقِرَاضِ فَرِبْحُهُ لَهُ دُونَكَ لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْأَصْلَ وَلَوِ اشْتَرَى ظُهْرًا فَأَكَرَاهُ ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يشْتَرط عَلَيْهِ غرم ذَلِكَ بِخِلَافِ أَنْ يَزْرَعَ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْقِرَاضَ لَا يُقْصَدُ لِذَلِكَ قَالَ مَعَ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُشَارِكُهُ الزَّرْعَ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً أَي أَخذه قبل شراها وَلَمْ يُسَمِّهَا لَكَ وَلَا بَائِعَهَا بَلْ قَالَ وَجَدْتُ سِلْعَةً رَخِيصَةً فَأَعْطَى ثَمَنَهَا جَازَ وَقَدْ فَعَلَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه وَإِنْ قُلْتَ اشْتَرِ لِي سِلْعَةَ فُلَانٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قِرَاضٌ عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا سِلْعَةً مُعَيَّنَةً فَإِنْ نَزَلَ غَرِمَ مِثْلَ الْمَالِ الَّذِي قَبَضَ وَالسِّلْعَةُ لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْقِرَاضِ أَجِيرًا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ مِثْلَ مَا قَبَضَ إِذَا اشْتَرَى وَلَمْ يَنْقُدْ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِيُضَمَّنَ مَا زَادَ دَيْنًا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ سُنَّةَ الْقِرَاضِ أَلَّا يَشْتَرِيَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ فَالرِّبْحُ حِينَئِذٍ لَكَ وَإِنِ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَنَقَدَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ لِأَنَّهُ ضَمُّ قِرَاضٍ إِلَى قِرَاضٍ وَإِن كَانَ الزَّائِد دَيْنًا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْقِرَاضِ قُوِّمَ بِالنَّقْدِ وَشَارَكَ بِالْقِيمَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ يَكُونُ شَرِيكًا قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ مَعْنَاهُ اشْتَرَى بِالزَّائِدِ لنَفسِهِ وَلَو اشْترى للقراض خيرت كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ فَضْلٌ بَلْ لَوِ اشْتَرَى لِلْقِرَاضِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ شَرِيكًا إِنْ لرب المَال

ص: 76

الدَّفْعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا اشْتَرَى بِدَيْنٍ عَلَى الْقِرَاضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ رِبْحُ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتُرِيَتْ بِذَلِكَ خَاصَّةً وَخَسَارَتُهَا لَهُ وَعَلَيْهِ لِضَمَانِهِ قِيمَتَهَا وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَبْتَاعَ زَائِدًا وَيَطْلُبَ مِنْكَ الثَّمَنَ عَلَى الْقِرَاضِ لِتَعَلُّقِ ثَمَنِهَا بِذِمَّتِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ حَتَّى يَبِيعَ وَيُوَفِّيَهُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَى الْقِرَاضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يمْتَنع الشِّرَاء بِالدّينِ على الْقَرَاض وَالسَّلَف عَليّ أَذِنْتَ فِيهِ أَمْ لَا لِأَنَّكَ تَأْخُذُ رِبْحَ مَا ضَمِنَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا رِبْحَ مَالِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوِ اشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ وَاسْتَلَفَ مَا نَقَدَ مِنْكَ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَنَقَدَ ثُمَّ بَاعَهَا وَاشْتَرَى بِمَال الْقَرَاض فَرَبِحَ السِّلْعَتَيْنِ وَخَسَارَتَهُمَا أَوْ إِحْدَاهُمَا فِي الْقِرَاضِ وَيَجْبُرُ خَسَارَةَ إِحْدَاهُمَا بِالرِّبْحِ فِي الْأُخْرَى لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ نَقْدُهُ عَاجِلًا وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا اشْتَرَى قِرَاضًا دَيْنًا عَلَيْهِ قُوِّمَتِ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ بِذَلِكَ الزَّائِدِ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ بَلْ يَقُومُ الزَّائِدُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الشَّرِكَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّدَايُنِ عَلَى الْقِرَاضِ والاجاز عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا لَيْسَ مَعَهُ عَلَى النَّقْدِ لِيَدْفَعَ مِنَ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ بَعْضُ الثَّمَنِ فَأَخَذَ مِنْ رَجُلٍ قِرَاضًا فَنَقَدَهُ بِهَا لَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ لِئَلَّا يَكُونَ قَدِ اسْتَغْلَاهَا وَإِنْ سَأَلَكَ أَنْ تَنْقُدَ عَنْهُ ثَمَنَ سِلْعَةٍ وَيَكُونَ قِرَاضًا بَيْنَكُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَلَكَ مَالُكَ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتَغْلَاهَا إِذَا عَجَزَ بَعْضُ الثَّمَنِ أَجَزْتُهُ وَأَكْرَهُهُ ابْتِدَاءً قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ انْكَشَفَ أَنَّهُ اسْتَغْلَاهَا رَجَعَ عَلَيْهِ

ص: 77

بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ الشِّرَاءِ دُونَ يَوْمِ الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ أَخَذَ مَالَكَ لينقده فِي سلْعَته عَلَى أَنَّهَا قِرَاضٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْجِبَهَا وَتَجَرَ عَلَيْهِ ضَمَانهَا وان لم يُسَمِّهَا جَازَ كَأَصْلِ الْقِرَاضِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا قُيِّمَ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَحَطَّ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوِ اشْتَرَى مِنْ وَالِدِهِ فَمَا كَانَ نَظَرًا بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ جَازَ وَلَوِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا فَرَدَّهُ بِعَيْبٍ فَرَضِيتَهُ مَنَعْتُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي جَبْرِ الْخَسَارَةِ بِفَضْلِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْتَ إِنْ لَمْ تَرْضَ اَتْرُكُ الْقِرَاضَ وَلَوْ رَضِيَ هُوَ بِالْعَيْبِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَازَ لِتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ دُونَكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا نَقَدَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ فَلَو علمت قَبضه للثّمن بِإِقْرَارِهِ فلك تغريمها لِتَعَدِّيهِمَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَا الْمَالَ بِحَضْرَتِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِرِضَاكَ فَلَا تَعَدِّي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ دَفَعَ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ غَرِمَ قِيمَتَهَا لِتَفْرِيطِهِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ قَتَلَ عَبْدًا مِنَ الْقِرَاضِ عَبْدٌ لِرَجُل فَاخْتَلَفْتُمَا فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْو عَلَى مَالٍ قُدِّمَ الْعَافِي وَجُعِلَ الْمَأْخُوذُ قِرَاضًا مَوضِع العَبْد لِأَنَّهُ أقرب لوضع الْقَرَاض وَقَالَ (ش) ان لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ قَبْلَ الْقَتْلِ فَلَكَ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ حَقِّ الْعَامِلِ وَإِنْ عَفَوْتَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ مَوْضِعُهُ لِلْقِرَاضِ

ص: 78

وَإِلَّا فَلَيْسَ لَكَ الْقِصَاصُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَلَوْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ فَقِيمَتُهُ فِي الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ بَعْضُ الْمَالِ وَاتَّفَقَا عَلَى الْقِصَاصِ جَازَ وَلَا يُحَطُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالَّذِي يَهْلِكُ مِنْهُ وَإِنْ طَلَبْتَ الْقِصَاصَ وَالْمَقْتُولُ جَمِيعُ الْمَالِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ وَقَالَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ أفتدي أَو أسلم قدمت لِأَنَّك مَالِكٌ وَلَا حَقَّ لِلْعَامِلِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَقْتُولِ فَضْلٌ وَقَالَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ أَفْتَدِي أَوْ فِي الْقَاتِلِ فَضْلٌ وَقَالَ أُسَلِّمُهُ قُدِّمَ الْعَامِلُ فِي عَدَمِ الْقَتْلِ لِحَقِّهِ فِي الْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي الْقِصَاصِ - كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا لِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفِهِ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَكَ الْقِصَاصُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ لَكَ وَالْعَامِلُ يَتَوَقَّعُ ارْتِفَاعَ سُوقِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَأَمَّلْ قَوْلَهُ فِي الْكِتَابِ وَهَذَا فِي الْقَتْلِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَ بِخِلَافِهِ قَالُوا لِأَن فِي الْقَتْل مفاصلة وَفِي الْجِرَاحِ يَبْقَى الْعَبْدُ بِيَدِ الْعَامِلِ فَيَكُونُ الْقِصَاصُ تَنْقِيصًا لِرَأْسِ الْمَالِ وَيَجْبُرُهُ الْعَامِلُ بِالرِّبْحِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَجَرَ فِي الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ وَالتَّلَفَ لِتَعَدِّيهِ وَالرِّبْحُ عَلَى الْقِرَاضِ إِنْ كَانَ التَّجْرُ فِي وَقْتِ الْإِذْنِ لِأَنَّ تَعَدِّيهِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ وَإِلَّا فَلَهُ لِتَمَحُّضِ الْغَصْبِ وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَعْمَلَ بِهِ فِي الْبَلَدِ فِي صِنْفٍ بِعَيْنِهِ وَأَمْكَنَهُ الْعَمَلُ فِيهِ فَاشْترى غَيره فَالرِّبْح على الْقَرَاض وَالْقِيَاس عَلَى الْأَقَلِّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ نظرا للْعقد ولكونه عمل على غير المسأجر عَلَيْهِ وَإِنْ تَجَرَ لِنَفْسِهِ حِينَ تَعَذَّرَ التَّجْرُ فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ فَالرِّبْحُ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ بالتعذر

ص: 79

وَإِنْ تَجَرَ فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ وَبَاعَهُ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ وَكَانَ أَخْذُهُ لِلْمَالِ عَلَى وَجْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَربح فالصفقة الثَّانِيَة لَهُ إِلَّا أَن يحسبه عَنْكَ فَيَكُونَ لَهُ كَالْغَصْبِ وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَخْرُجُ إِلَيْهِ فَاشْتَرَى قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَاعَهُ هُنَاكَ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ مِنَ الشِّرَاءِ وَإِنْ قَارَضْتَهُ لِيَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِنِ اشْتَرَى غَيره لنَفسِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ سَيِّدِ الْعَبْدِ مِنْ بَيْعِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ وَالتَّمَكُّنِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طَلَبِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ فَالرِّبْحُ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الرِّبْحَ بِتَعَدِّيهِ مَعَ إِمْكَانِ الْمَأْذُونِ فِيهِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ بَيْعُ أَحَدِكُمَا عرض الْقَرَاض قبل أَو ان يَبِيعهُ وَيُرَدَّ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمَقْصُودِ الْقِرَاضِ فَإِنْ فَاتَ بِهِ الْمُشْتَرِي مَضَى بِالثَّمَنِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُغَرِّمَكَ الْعَامِلُ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنَ الرِّبْحِ إِنْ بِعْتَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ عَالِمًا بِذَلِكَ مَلِيئًا عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ رَأْسَ الْمَالِ لَكَ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ لِأَن بِعِلْمِهِ دخل على الْتِزَام المَال ولملئه يُنَفِّذُ عِتْقَ قَرِيبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِيهِ فَضْلٌ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَعْضَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ فَيَكْمُلُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَمْ يُعْتَقْ وَبِيعَ أَوْ فِيهِ فَضْلٌ وَلَا مَالَ لِلْعَامِلِ عَتَقَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِمِلْكِهِ إِيَّاهَا وَبِيعَ الْبَاقِي إِذْ لَا تَكْمِيلَ عَلَى مُعْسِرٍ عَلِمَ أَمْ لَا وَإِنِ اشْتَرَى أَبَاكَ وَلَمْ يَعْلَمْ عَتَقَ عَلَيْكَ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِكَ لِقَوْلِهِ عليه السلام مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ - وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَتَغْرَمُ حِصَّته

ص: 80

مِنَ الرِّبْحِ إِنْ كَانَتْ وَإِنْ عَلِمَ وَهُوَ مَلِيءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ لِضَمَانِهِ بِالتَّعَدِّي عَلَى إِفْسَادِ الْمَالِ بِإِدْخَالِ قَرِيبِكَ فِي مِلْكِكَ وَالْوَلَاءُ لَكَ لِعِتْقِهِ عَلَى مِلْكِكَ وَيَغْرَمُ لَكَ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ صَوْنًا لِمَالِكَ عَنْ إِفْسَادِ الْعَامِلِ لَهُ إِذْ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ مَلِيءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُعْتِقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ إِذَا كَانَ مَلِيئًا عَلِمَ أَمْ لَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ فَقَدْ يَكُونُ عَلِمَ بِذَلِكَ فَكَتَمَهُ فَيُتَّهَمُ فِي بَيْعِ قيمَة ولائه لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً مِنَ الْقِرَاضِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ فِي الْقِرَاضِ فَضَلَ أَمْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتَبِرُ هَذِهِ الشُّبْهَةَ وَالْفرق أَن الْعتْق احسان فَلَا يتشاحح فِيهِ وَالْوَطْءُ انْتِفَاعٌ فَتُشُوحِحَ فِيهِ كَمَا أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَعْرُوفٌ وَالثَّانِي مُعَاوَضَةٌ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِيهِ فَضْلٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ إِلَّا بِبَخْسٍ عَنْ قِيمَةِ الْجُمْلَةِ لِدُخُولِ الْعِتْقِ فِيهِ بِيعَ كُلُّهُ وَأَخَذْتَ نَصِيبَكَ وَجَعَلْتَ نَصِيبَهُ فِي رَقَبَةٍ أَوْ يُعَيَّنُ بِهَا كَمَنْ أَعْتَقَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَفِي الْعَبْدِ فَضْلٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى أَبَاكَ عَالِمًا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِيهِ فَضْلٌ عَتَقَ الْجَمِيعَ وَاتَّبَعَ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِالْعَقْدِ فَإِنْ تَنَازَعْتُمَا بَعْدَ الشِّرَاءِ صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ إِذَا اشْتَرَى أَبَا نَفْسِهِ وَهُوَ عَالِمٌ أَمْ لَا وَفِيهِ فَضْلٌ خَمْسُونَ وَلَا مَالَ لَهُ فَيُبَاعُ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَيَبْقَى نِصْفُ مَا بَقِيَ مَمْلُوكًا لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى الْعَامِلِ كشخص فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مُعْسِرًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا اشْتَرَى أَبَا نَفْسِهِ مُعْسِرًا غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَتَقَ وَعِتْقُهُ إِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَهُوَ مُوسِرٌ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْقِيمَةِ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَلَهُ رِبْحُهُ

ص: 81

وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَالْقِيمَةُ فِي جَمِيعِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَعْتَبِرُ قِيمَةَ نَصِيبِ الْوَلَدِ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ شِرَائِهِ وَيَكُونُ الِاسْتِكْمَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تَبْدِئَةِ الْعَامِلِ عَلَيْكَ قَبْلَ وُصُولِ مَالِكَ إِلَيْكَ وَقَدْ يَهْلِكُ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ فَلَوِ اعْتَبَرْتَ الْقِيمَةَ فِي نَصِيبِ الْعَامِلِ أُخِذَ رِبْحًا وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَهْلِكْ وَتَغَيَّرَ سُوقُهُ بِنَقْصٍ لَمْ يَقِفِ الْعَامِلُ عَلَى جُزْئِهِ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الشِّرَاءِ فَقَدْ يَكُونُ الْبَاقِي كَفَافَ رَأْسِ الْمَالِ فَيكون أَخذ ربحا دُونك وان اشْترى غير عَالم فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ يُقَام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَلَدُهُ وَجَهِلَ الْحُكْمَ وَظَنَّ جَوَازَ مِلْكِهِ عَتَقَ بِالْقِيمَةِ وَهَلَاكُهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَنُوبُ الْعَامِلَ مِنَ الرِّبْحِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْمَالِ فَضْلٌ بِيعَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَعَتَقَ الْفَاضِلُ عَلَيْهِ

تمهيد - مَذْهَبنَا هَهُنَا مَبْنِيّ على خمس قَوَاعِد أَحدهَا ان من مَلَكَ أُصُولَهُ أَوْ فُصُولَهُ عَتَقُوا عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِمْ خِلَافٌ وَثَانِيهَا أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ مُشَتَرَاهُ قَرِيبُهُ يَقْتَضِي ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَ ثَمَنَهُ برا بِهِ وَإِلَّا فَالطِّبَاعُ تَمِيلُ إِلَى امْتِهَانِ الْأَجَانِبِ بِالْمِلْكِ دُونَ الْأَقَارِبِ فَمُخَالَفَةُ الطَّبْعِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَثَالِثهَا ان الملئ إِذَا أَعْتَقَ شِقْصًا بِالْإِنْشَاءِ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَمُلَ عَلَيْهِ لِلْحَدِيثِ وَرَابِعُهَا أَنَّ كُلَّ مَا يَشْتَرِيهِ يَقَعُ عَلَى مِلْكِكَ صَلَحَ لِلتَّنْمِيَةِ أَمْ لَا لِظَاهِرِ التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ وَخَامِسُهَا أَنَّ التَّسَبُّبَ فِي الْإِتْلَافِ يُوجِبُ الضَّمَانَ فَإِذَا تَسَبَّبَ بِإِدْخَالِ قَرِيبِكَ فِي مِلْكِكَ ضَمِنَ وَمَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ عَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ مَعْنَاهُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْعِتْقُ عَلَيْكَ وَقَالَ (ش) إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْكَ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ الشِّرَاءُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَلَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ دَفَعَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضُمِّنَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْقِرَاضِ التَّنْمِيَةُ فَلَا يُقْبَلُ مَا يُبْطِلُهَا وَإِنِ اشْتَرَى مَنْ

ص: 82

يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَالشِّرَاءُ مَاضٍ لِلْقِرَاضِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي عَلَيْكَ أَوْ فِيهِ رِبْحٌ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ صَحَّ أَيْضًا وَلَوْ قُلْنَا يَمْلِكُ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِمُنَاقَضَةِ مَقْصُودِ الْقِرَاضِ فَهَذَا تَفْرِيعُ (ش) وَقَوَاعِدُهُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَطِئَ الْعَامِلُ أَمَةً مِنَ الْمَالِ فَحَمَلَتْ وَلَهُ مَالٌ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَجَبَرَ بِهَا رَأْسَ الْمَالِ لِلشُّبْهَةِ فِي الْمَالِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَتَعَدَّى فِي الْوَطْءِ وَقِيلَ لَا فَرْقَ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا بِيعَتْ وَاتَّبَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا فَضْلٌ عَنْ قِيمَتِهَا وَهَذَا أَصْلٌ لمَالِك وَقَول ابْن الْقَاسِم ضَعِيف عِنْدهم قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ أَوِ الثّمن لِأَنَّهُ رَضِي بِالثّمن وَالْحمل وَالْوَطْء سَبَب إِتْلَافٍ فَلَهُ اعْتِبَارُ أَيِّهِمَا شَاءَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اتَّبَعَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي عَدَمِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ لِاتِّهَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ بِبَيْعِ أُمِّ وَلَدِهِ وَبِدَفْعِ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّتِهِ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ بِيعَتْ فِي عَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ - وَهُوَ عَدِيمٌ بِيعَتْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْقِيمَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ حَمَلَتْ وَهُوَ عَدِيمٌ وَلَا رِبْحَ فِيهَا تُبَاعُ إِذَا وُضِعَتْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ وَيَتَّبَعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ وَضَعَتْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَيُبَاعَ مِنْهَا بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَدْرِ حِصَّةِ ربه من الرِّبْح وَالْبَاقِي ام وَلَده قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ اسْتَلَفَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ثَمَنَ الْأَمَةِ فَحَمَلَتْ

ص: 83

أُخِذَ مِنْهُ الثَّمَنُ فِي عَدَمِهِ وَمِلَائِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سَوَاءٌ وَطِئَهَا مِنَ الْقِرَاضِ أَوِ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَتَحْمَلُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي تسلف ذَلِك وَلنَا مُلَاحَظَةُ تَقْدِيرِهَا فِي الْقِرَاضِ إِلَّا إِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنِ الثَّمَنِ بِيعَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ وَوَقَفَ نُصِيبَهُ مِنْهَا لَعَلَّهُ يَيْسَرُ فَيَشْتَرِيَ بَاقِيَهَا وَتَبْقَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ بِيعَتْ كُلُّهَا فِي الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ تُوَفِّ اتَّبَعَ بِتَمَامِهِ وَالْوَلَدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَا شَيْءَ فِيهِ لِضَمَانِهَا بِالْوَطْءِ فَالْوَلَدُ نَشَأَ عَلَى مِلْكِهِ وَتَسْوِيَةُ ابْنِ حَبِيبٍ بَيْنَ مَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ وَجَارِيَةِ الْقِرَاضِ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ لَعَلَّهُ يَيْسَرُ فَيَشْتَرِيَ بَاقِيَهَا فَتَكْمُلَ أُمَّ وَلَدٍ إِنَّمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إِذَا أَوْلَدَهَا ثَانِيَةً وَقَوْلُهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ شَيْءٌ فِيهِ خِلَافٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَعْتَقَ مِنَ الْقِرَاضِ عَبْدًا جَازَ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَيَغْرَمُ لَكَ رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ إِنْ كَانَ مَلِيئًا وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِكَ مِنْ رِبْحِهِ وَعَتَقَ الْبَاقِي وَلَوْ أَعْتَقْتَهُ أَنْتَ جَازَ وَضَمِنْتَ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ لَزِمَ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْجَارِيَةِ يَطَؤُهَا فَتَحْمَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُعْتِقُ بِالْقَيِّمَةِ عَلَى الْعَامِلِ إِذَا اشْتَرَاهُ لِلْقِرَاضِ وَهُوَ مُوسِرٌ وان اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ فالأكثر من الثّمن وَالْقيمَة يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّ الْعِتْقُ إِلَّا أَن يكون فِيهِ فضل فَيعتق الْفضل وَقَالَ غَيره إِنَّك بِالْخِيَارِ فِي إِمْضَاء عتقه ورده وان كَانَ مُوسِرًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَينفذ الْعِتْقُ لِنَصِيبِهِ فِيهِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ أَرْبَعٌ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْكَ أَوْ

ص: 84

يُعْتِقُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً مِنَ الْقِرَاضِ أَوْ يَطَؤُهَا فَتَحْمَلُ وَشِرَاؤُهُ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ - فِيهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ أَرْبَعٌ فِي الْعَالِمِ وَأَرْبَعٌ فِي غَيْرِ الْعَالِمِ لِأَنَّ الْعَالِمَ الْمُوسِرَ إِمَّا مَعَ الرِّبْحِ أَوْ عَدَمِهِ وَالْعَالِمَ الْمُعْسِرَ إِمَّا مَعَ الرِّبْحِ أَوْ عَدَمِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْعَالِمِ فَالْعَالِمُ الْمُوسِرُ مَعَ الرِّبْحِ يُعْطِي رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الْحُكْمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَيُعْطِيكَ مَالَكَ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ مِنَ الثَّمَنِ لِرِضَاهُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الشِّرَاءِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِالْأَكْثَرِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعْتِقُ عَلَيْهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَتَقُومُ عَلَيْهِ حِصَّتُكَ يَوْمَ الْحُكْمِ وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُوسِرُ وَلَا رِبْحَ يُعْطِيكَ الْأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالثمن لِأَنَّ عِلْمَهُ يَقْتَضِي رِضَاهُ بِالثَّمَنِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا عتق لعدم الْفضل وَيُبَاع ثمنه لَكَ وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُعْسِرُ مَعَ الرِّبْحِ فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُبَاعُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِكَ - يُرِيدُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَيُعْتِقُ مَا بَقِيَ إِنْ كَانَ مِثْلَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ أَقَلَّ وَأما الْأَكْثَر من الْقيمَة يَوْم الحكم فَتَتْبَعُهُ بِمَا يَجِبُ لَكَ مِنَ الزَّائِدِ فِي ذِمَّتِهِ نَحْو شِرَائِهِ بِمِائَتَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَيُبَاعُ لَكَ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الرِّبْحِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَبَيْعُهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَكَ مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَإِنْ أَرَدْتَ فَخُذْ مِنَ الْعَبْدِ بِرَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى مَا يُسَاوِي جُمْلَةً لِأَنَّهُ أَوْفَرُ لِنَصِيبِهِ الَّذِي يُعْتِقُ بِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ لَكَ الْأَخْذُ بِمَا يُبَاعُ بِهِ لوبيع وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُعْسِرُ مَعَ عَدَمِ الرِّبْحِ فَلَا يعْتق عَلَيْهِ وَيتبع بِالثّمن الا ان يَشَاء فَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ لَكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الشِّرَاءِ أَكْثَرَ فَلَهُ اتِّبَاعُهُ بِالزَّائِدِ لِعِلْمِهِ بذلك عِنْد الشِّرَاء واما غير الْعَالم الْمُعسر مَعَ الرِّبْحِ يَقُومُ عَلَيْهِ سَائِرُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ كَعِتْقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ

ص: 85

وَهُوَ مُوسِرٌ وَهُوَ مُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يُخَالف الْمُغيرَة هَهُنَا بَلْ مَعَ الْعِلْمِ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ الْمُوسِرِ مَعَ عَدَمِ الرِّبْحِ فَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ لَكَ مَالُكَ وَكَذَلِكَ الْمُعْسِرُ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ الْمُعْسِرُ مَعَ الرِّبْح يُبَاع مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ يَوْم الحكم وبعتق الْبَاقِي وَلَك الْأَخْذُ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ عَلَى مَا تُسَاوِي جُمْلَتُهُ لِأَنَّهُ أَوْفَرُ لِلْعِتْقِ وَلَيْسَ لَك الْأَخْذ الْأَخْذُ بِمَا كَانَ يُبَاعُ مِنْهُ قَالَ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ من بِعِتْق عَلَيْكَ فَفِيهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْعَالِمُ الْمُوسر مَعَ الرِّبْح يَوْم الشِّرَاء يعْتق فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهِ ويعطيك رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ إِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَالثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ - وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لِعَدَمِ الرِّبْحِ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ مَعَ الرِّبْحِ يَوْمَ الشِّرَاءِ يُبَاعُ مِنْهُ لَكَ بِرَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ مِنَ الرِّبْحِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إِلَّا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بيع جَمِيعه لَك وَاتبعهُ بِمَا نَقَصَ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ وَحِصَّتِكَ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْكَ وَتَقُومُ حِصَّةُ ربحه يَوْمَ الشِّرَاءِ عَلَيْكَ كَعِتْقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إِنْ كَانَ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ بَقِيَ حَظُّهُ رَقِيقًا - كَانَ الْعَامِلُ مَلِيئًا أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ عَتَقَ عَلَيْكَ - يُرِيدُ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ حِصَّةَ رِبْحِهِ - يُرِيدُ بِهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ إِذَا اشْتَرَى قَرِيبُكَ عَالِمًا يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ يُريد وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ لِأَنَّكَ لَا تَرْبَحُ فِيمَنْ يُعْتِقُ عَلَيْكَ بِخِلَافِ إِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ فَإِنِ اشْتَرَى مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْك وَكَانَ ربح الشِّرَاء نَحْو رَأس المَال مائَة قبل فَيَصِيرُ مِائَتَيْنِ فَيَشْتَرِي بِهِمَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ بَلْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِنْ لم

ص: 86

يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ وَأُعْطِيتَ رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتَكَ مِنَ الرِّبْحِ يُرِيدُ الرِّبْحَ يَوْمَ الشِّرَاءِ نَحْوَ رَأْسِ الْمَالِ مِائَةً فَصَارَ مِائَتَيْنِ فَاشْتَرَاهُ بِهِمَا وَهُوَ عَالِمٌ مُعْدَمٌ فَيُبَاعُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَيُعْتَقُ الْفَاضِلُ كَانَ رُبُعَ الْعَبْدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ان يُسَاوِي أَكثر لم يُمكن أَنْ يُبَاعَ لَكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي يعدى عَلَيْهِ مِنْ مَالِكَ وَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لَكَ فَتَعَذَّرَ رِبْحُهُ وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ بِيعَ وَلَوْ جَمِيعه لعدو ان الْعَامِلَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ اتَّبَعْتَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ وَفِي شِرَائِهِ مَنْ يُعْتِقْ عَلَيْكَ وَهُوَ عَالِمٌ سِتَّةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ الْكِتَابِ يُعْتِقُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا بِيعَ وَيُعْتِقُ عَلَيْكَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مَا يَقْتَضِيهِ وَفِي كِتَابِ الْعِتْقِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنُ وَلَهُ العَبْد وَالسَّادِس يُخَيّر بَيْنَ أَخْذِهِ فَيُعْتِقُ عَلَيْكَ وَلِلْعَامِلِ فَضْلُهُ إِنْ كَانَ وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ لِتَعَدِّيهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ يُعْتِقُ عَلَيْكَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْتِقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَأَمَّا إِنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا مِنَ الْقِرَاضِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ لِلْعِتْقِ عَتَقَ وَغَرِمَ لَكَ رَأْسَ مَالِكَ وَحِصَّتَكَ وان اشْتَرَاهُ للقراض مُوسر فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ إِلَّا حِصَّةُ الرِّبْحِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُغِيرَةُ إِنْ كَانَ رَبِحَ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ نُصِيبُكَ وان لم يكن ربح لم يعْتق عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا إِنِ اشْتَرَاهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا إِنِ اشْتَرَاهُ بِبَعْضِهِ عَتَقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَبَرَ الْقِرَاضَ مِنْ مَالِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ - إِنِ اشْتَرَاهُ أَوِ الثَّمَنِ إِنِ اشْتَرَاهُ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَتُعْتَقُ حِصَّتُهُ وَيُبَاعُ الْبَاقِي لَكَ وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً لِلْقِرَاضِ فَأَحْبَلَهَا مُوسِرًا جَبَرَ الْقِرَاضَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا فِيهَا فَضْلٌ بِيعَتْ وَاتَّبَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ فِيهَا فَضْلٌ فَقِيلَ تُبَاعُ لَكَ بِرَأْسِ مَالِكَ وَرِبْحِكَ وَالْبَاقِي أم ولد لَهُ وَقيل كالأمة

ص: 87

بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا فَيُحْبِلُهَا وَلَا مَالَ لَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَعْلُومِ فِي ذَلِكَ وَإِنِ اشْتَرَى لِلْوَطْءِ فَأَحْبَلَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَيَجْبُرُ بِهَا الْقِرَاضَ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا بِيعَتْ وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ فَإِنْ كَانَ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ هَكَذَا حَكَى الِاخْتِلَافَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ قَالَ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي بَيْعِهَا - إِذَا حَمَلَتْ وَهُوَ مُعْدَمٌ إِنَّمَا هُوَ إِذَا اشْتَرَى وَوَطِئَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَكَانَ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ أَوْ لِنَفْسِهِ أَوِ اسْتَلَفَ مِنَ الْقِرَاضِ فَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى الْقِرَاضِ دُونَ السَّلَفِ فَبَاعَهَا فِي الْقِيمَةِ إِذَا عسر وَحَمَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى السَّلَفِ فَقَالَ لَا تُبَاعُ أَمَّا إِذَا عُلِمَ شِرَاؤُهَا لِلْقِرَاضِ بِبَيِّنَةٍ تُبَاعُ اتِّفَاقًا فِيمَا لَزِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ مِنَ الْقِرَاضِ فَلَا تُبَاعُ وَيُتْبَعُ بِالثَّمَنِ الْمُشْتَرَى بِهِ اتِّفَاقًا

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَاتَبَ عَبْدًا مِنَ الْقِرَاضِ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا قَبَضَ مِنْهُ كَالْغَلَّةِ قَالَ أَحْمد بن ميسر مالم يُؤَدِّ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ لِيُعْتِقَهُ فَإِنْ أَجَزْتَ عِتْقَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَيْسَتِ الْكِتَابَةُ كَالْعِتْقِ فِي الرَّدِّ لِنُفُوذِ عِتْقِ الْوَصِيِّ لِعَبْدِ يَتِيمِهِ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَلَا تَنْفُذُ كِتَابَتُهُ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا اشْتَرَى جُلُودًا فَبَارَتْ عَلَيْهِ فَقَطَّعَهَا خِفَافًا فَلْيَسْتَأْجِرْ عَلَيْهَا وَلَا يَعْمَلْهَا هُوَ أَخَذَ أُجْرَةً أَمْ لَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ إِنْ أَخذ فَهِيَ إِجَارَةٌ وَقِرَاضٌ وَإِلَّا فَذَلِكَ كَزِيَادَةٍ اشْتَرَطَهَا وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ أَثَرَ صَنْعَتِهِ مَوْجُودٌ

ص: 88

فَرْعٌ - قَالَ يَمْتَنِعُ خُذْ هَذَا الْقِرَاضَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ مِثْلَهُ وَيَكُونَا شَرِيكَيْنِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ لَا يُضَمُّ إِلَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنِ اشْتَرَكْتُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ

فَرْعٌ - قَالَ مَعَهُ مِائَةٌ قِرَاضٌ اشْتَرَى بِمِائَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مُؤَجَّلَةٌ فَبَاعَ بِرِبْحٍ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى الْمِائَةِ الْقِرَاضِ وَقِيمَة الْمُؤَجَّلَةِ أنْ لَوْ كَانَتْ عُرُوضًا إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ بَلْ بِالْقِسْمَةِ وَقَالَهُ (ش) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ الْعَمَلُ فَلَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ مَالك بالظهور لِأَنَّهُمَا شريكان وَفِي الْجَوَاهِر الْمَشْهُور لَهُ حق مؤكل يُورث عَنهُ وَلَو أتلف الْمَالِك اَوْ أجنى الْمَالَ غَرِمَ حِصَّتَهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَالِ جَارِيَة حرم على الْمَالِك وَطْؤُهَا وَعَلَى الشَّاذِّ يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ مِلْكًا مُزَلْزَلًا لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ عَنِ الْخَسَارَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ بِإِذْنِكَ امْتَنَعَ شِرَاؤُكَ إِيَّاهَا نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ

فَرْعٌ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي اشْتِرَاطِ أَحَدِكُمَا زَكَاةَ رِبْحِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ جوزه ابْن

ص: 89

الْقَاسِمِ مِنْكُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَمَنَعَهُ مِنْ كِلَيْكُمَا وَيَجُوزُ لَكَ دُونَ الْعَامِلِ وَعَكَسُهُ مُخَرَّجٌ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَن الْمُشْتَرط يدْفع الْمُشْتَرط عَلَيْهِ بالغرر إِنَّمَا يَكُونُ فِي اشْتِرَاطِكَ دُونَهُ فَإِنْ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ نَقَصَ نُصِيبُهُ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ عَلَيْكَ فَيَكُونُ لَكَ الْفَضْلُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ يَكُونُ لِمِشْتَرِطِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ وَيَتَخَرَّجُ الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَكُمَا إِنْ لَمْ تَكُنْ زَكَاةً فَيَحْصُلُ الْغَرَرُ بِالتَّقْدِيرَيْنِ وَحُمِلَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ أَنَّ النُّضُوضَ لَا تَكُونُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دُونَ النّصاب فالغالب كَمَا لَهُ وَفِي الْمُنْتَقَى يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَكَاةِ رِبْحِهِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْتَغْرِقُ حِصَّتَهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَيْكَ فَإِنْ شَرَطَ زَكَاةَ الْمَالِ عَلَيْكَ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْجَهَالَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ

فَرْعٌ - فِي الْمُنْتَقَى إِذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْكَ لَا يُبَاعُ لَهُم لِيَأْخُذُوا مِنَ الرِّبْحِ لِأَنَّ أَخْذَهُ إِنَّمَا يَكُونُ بعد الْمُقَاسَمَة أَو قَامَ غرماؤه وَالْمَالُ عَيْنٌ قُضِيَ الدَّيْنُ وَدُفِعَ لَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ - قَالَهُ مَالِكٌ أَوْ سِلَعٌ لَمْ يُحْكَمْ بِالْبَيْعِ حَتَّى يُرَى لَهُ وَجْهٌ لِتَعَلُّقِ حَقه بالقراض

فرع - فِي الْجَوَاهِر اذا نض الْمَالُ بِخُسَارَةٍ أَوْ رَبْحٍ امْتَنَعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَخْذُ قِرَاضٍ آخَرَ - لَا عَلَى الْخَلْطِ وَلَا عَلَى الِانْفِرَادِ كَانَ الْجُزْءُ مُتَّفَقًا أَوْ مُخْتَلفا للتُّهمَةِ

ص: 90

وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ وُجُودُ الرِّبْحِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ عَلَى التَّمَادِي لِلتَّنْمِيَةِ وَمُوَافَقَةُ الْجُزْءِ لِئَلَّا يَزِيدَ أَوْ يَضَعَ لِلتَّمَادِي عَلَى الْقِرَاضِ وَعَدَمُ الْخَلْطِ لِيَبْرَأَ مِنَ التُّهْمَةِ فِي الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا عَامَلَ عَامِلًا آخَرَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَإِنِ اتَّفَقَ الْجُزْءانِ فَالرِّبْحُ بَيْنَ الْعَامِلِ الثَّانِي وَبَيْنَكَ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ لِعَدَمِ عَمَلِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَكَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّانِي فَالزَّائِدُ لَكَ أَوْ أَقَلُّ فَلَكَ شَرْطُكَ عَمَلًا بِالْعَقْدِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَقِيلَ لِلثَّانِي حِصَّتُهُ كَامِلَةٌ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَاقِي حِصَّتِكَ

فَرْعٌ - قَالَ أَخَذَ أَلْفَيْنِ فَتَلِفَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ النَّقْدِ فَأَخْلَفْتَهُمَا فَرَأْسُ الْمَالِ مَا أَخْلَفْتَهُ خَاصَّةً وَإِنْ لَمْ تُخْلِفْهُمَا فَالسِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ تُجْبَرُ عَلَى الْخُلْفِ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَعَمِلَ فِي الْبَقِيَّةِ فَرَأْسُ الْمَالِ أَلْفَانِ وَإِنِ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ النَّقْدِ فَعَوَّضْتَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا اسْتَحَقَّهُ عَقْدُ الشِّرَاءِ فَإِنِ امْتَنَعْتَ عُوِّضَ الْعَامِلُ وَشَارَكَ بِالنِّصْفِ وَلَوْ تَسَلَّفَ نِصْفَ الْمَالِ فَأَكَلَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ الْبَاقِي لِضَمَانِهِ الْمُتَسَلَّفِ وَلَا رِبْحَ لِلْمُتَسَلِّفِ وَلَوْ رَبِحَ فِي مِائَةٍ فَأَنْفَقَ مِائَةً تَعَدِّيًا ثُمَّ تَجَرَ بِمِائَةٍ فَرَبِحَ فَمِائَةٌ فِي ضَمَانِهِ وَمَا رَبِحَ أَوَّلًا وَآخِرًا بَيْنَكُمَا وَلَوْ ضَاعَ ذَلِك وَلم يبْق إِلَّا الْمِائَةُ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ ضَمِنَهَا وَلَا رِبْحَ إِذْ لَا رِبْحَ إِلَّا بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنِ اشْتَرَى بِالْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فجنيت عَلَيْهِ مَا ينقصهُ مائَة وَخمسين

ص: 91

ثُمَّ بِيعَ بِخَمْسِينَ فَعَمِلَ فِيهَا فَرَبِحَ أَوْ خَسِرَ لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُكَ قَبْضًا لِرَأْسِ مَالِكَ وَربحه حَتَّى يحاسبه وَتُفَاصِلَهُ وَإِلَّا فَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْكَ مُضَافٌ لِهَذَا الْمَالِ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ إِذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْمَرْكَبِ الْأُجْرَةَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ أَوْلَانِي خَيْرًا اخْتَصَّ الْكِرَاءُ بِكَ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْمَرْكَبِ أَنَّ الْمَالَ قِرَاضٌ أَوْ عَلِمَ وَقَالَ مَا تَرَكَهَا إِلَّا لِرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ قَالَ تَرَكَتُهَا مُكَافَأَةً وَلَمْ يَقُلْ لَكَ فَهِيَ بَيْنُكُمَا عَلَى قِرَاضِكِمَا

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى صِفَةُ الْقِسْمَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنَ الْعَيْنِ مِثْلَ مَا دَفَعْتَ أَوْ تَأْخُذَ بِهِ سِلَعًا إِنِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ عَيْنًا أَوْ سِلَعًا - قَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَ دُيُونًا بِإِذْنِكَ فَسَلَّمَهَا إِلَيْكَ جَازَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَفَاصَلْتُمَا خُلِّيَ لِلْعَامِلِ مِثْلُ خَلْقِ الْقِرْبَةِ وَالْجُبَّةِ وَالْأَدَاةِ وَالْغِرَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِك وَمَاله بَاعَ فَيُبَاعُ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ مَنَعَ مَالِكٌ أَخْذَ الْقِرَاضِ لِيُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّكَ لَمْ تَسْتَأْمِنِ الثَّانِي وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَخْذِ الْقِرَاضِ أَنْ يَبْضَعَ بِإِذْنِكَ بِخِلَافِ قَبْلِ أَخْذِهِ لِنَفْسِهِ فَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاط ذَلِك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إجَازَة وقراض

ص: 92

1

-‌

‌ كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

وَفِيهِ مُقَدَّمَتَانِ وَبَابَانِ

‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي لَفْظِهَا

وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السَّقْيِ لِأَنَّ غَالِبَ عَمَلِهَا يَكُونُ فِيمَا يُسْقَى بِالدَّوَالِيبِ وَالدِّلَاءِ وَلَفْظُهَا مُفَاعَلَةٌ إِمَّا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ من الْوَاحِد وَهُوَ قَلِيل نَحْوُ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ أَوْ يُلَاحَظُ الْعَقْدُ وَهُوَ مِنْهُمَا فَيَكُونُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلِّقِ عَنِ الْمُتَعَلَّقِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ يَسْقِي لِصَاحِبِهِ كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَنَحْوِهِمَا

‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا

وَبِجَوَازِهَا قَالَ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَهَا (ح) لنَهْيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ خَيْبَرَ أَيْ نَهَى عَنِ الْفِعْلِ الَّذِي وَقَعَ فِي خَيْبَرَ مِنَ الْمُسَاقَاةِ فَيَكُونُ حَدِيثُ الْجَوَازِ مَنْسُوخًا أَوْ يسلم عدم نسخه وَيَقُولُ كَانَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ مَعَ الْعَبْدِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَالَّذِي قدره صلى الله عليه وسلم َ - من شطر الثَّمَرَة وَهُوَ قُوتٌ لَهمْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْعَبْدِ عَلَى الْمَالِكِ ولنهيه صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 93

السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ - وَأُجْرَةُ الْأَجِيرِ فِيهَا غَرَرٌ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ إِذَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ رُدَّ إِلَيْهَا وَحَدِيثُ الْجَوَازِ عَلَى خِلَافِ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ بَيْعُ الْغَرَرِ فَإِنَّ الثَّمَنَ الْمَبِيعَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ وَإِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَبَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ - وَالْكُلُّ حَرَامٌ إِجْمَاعًا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى تَنْمِيَةِ الْمَاشِيَةِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْرِفُ الْمُخَابَرَةَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ عِنْدُهُمْ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَأْخُوذَةٌ مِنِ الْخِبْرَةِ الَّتِي هِيَ الْعِلْمُ بِالْخَفِيَّاتِ وَلِذَلِكَ مَا تَمَدَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا إِلَّا بَعْدَ التَّمَدُّحِ بِالْعِلْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {عليم خَبِير} لِكَوْنِهَا أَمْدَحَ فَإِنَّ إِدْرَاكَ الْخَفِيِّ أَفْضَلُ مِنْ إِدْرَاكِ الْجَلِيِّ وَالْحِرَاثُ يُخْرِجُ خَفِيَّاتِ الْأَرْضِ بِالْحَرْثِ فَاشْتُقَّ ذَلِكَ لِكِرَاءِ الْأَرْضِ لِتُحْرَثَ بِجُزْءِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحْرُوثِ وَقِيلَ الْخِبْرَةُ الْحَرْثُ وَالْمُخَابَرَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَزَارِعُ خَبِيرًا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عَبِيدًا امْتَنَعَ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَإِخْرَاجُهُمْ إِلَى الشَّامِ وَنَفْيُهُمْ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَكُونَ تَضْيِيعًا لِمَا فِيهِمْ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حَدِيثَ الْجَوَاز وَهُوَ مَا فِي البُخَارِيّ عَامل صلى الله عليه وسلم َ - أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خلَافَة أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تيما واريحا - خَاص وَحَدِيث النَّبِي - عَنِ الْغَرَرِ عَامٌّ وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ وَكَيف يتخيل أَنه مفسوخ وَقد عمل بِهِ الصَّحَابَة رضوَان عَلَيْهِم بعده صلى الله عليه وسلم َ - وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ حَرَامٌ إِجْمَاعًا

ص: 94

وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا يَجِبُ رَدُّهُ لِلْقَوَاعِدِ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ أَمَّا إِذَا عُمِلَ بِهِ قَطَعْنَا بِإِرَادَةِ مَعْنَاهُ فَيُعْتَقَدَ وَلَا يَلْزَمُ الشَّارِعُ أَنَّهُ مَتَى شَرَّعَ حُكْمًا شَرَّعَهُ مِثْلَ غَيْرِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُشَرِّعَ مَا لَهُ نَظِيرٌ وَمَا لَا نَظِيرَ لَهُ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَوَاشِيَ لَا يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْإِقَامَةِ بِهَا بِخِلَافِ الزَّرْعِ الصَّغِيرِ وَالثَّمَرَةِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ

2

-‌

‌ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرُ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلِلْوَصِيِّ مُسَاقَاةُ حَائِطِ الْأَيْتَامِ لِغَيْرِهِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَهُمْ وَلِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْمُسَاقَاةِ وَأَخَذِهَا وَلَهُ مُسَاقَاةُ أَرْضِهِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهَا لِأَنَّهَا تَنْمِيَةٌ كَالْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَلَوْ سَاقَى أَوْ أكرى بعد قيامهم فَلهم فَسْخُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْبَيْعِ بِالْمُسَاقَاةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَاقَى قَبْلَ قِيَامِهِمْ بِعَقْدٍ يمْنَع بِبيع الرِّقَابِ فَلَهُمُ الرَّدُّ فِي الْكِرَاءِ وَالْمُسَاقَاةِ لِاتِّهَامِهِ فِي مَنْعِهِمْ وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ فَهَلَكَ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ لَمْ تُرَدَّ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَ أَمَدِهَا أَوْ

ص: 95

قَبْلَهَا فَلَهُمْ بَيْعُ الْحَائِطِ دُونَ نَقْضِ الْمُسَاقَاةِ - قَامُوا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُبَاعُ عَلَى أَنَّهُ مُسَاقَى وَلَيْسَ بِاسْتِثْنَاءِ الثَّمَرَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُمْنَعُ الْبَيْعُ وَيَبْقَى مَوْقُوفًا إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ بِتَرْكِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ كَانَتْ عَامًا وَاحِدًا وَالثِّمَارُ مُزْهِيَةٌ جَازَ بَيْعُ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا وَيُبَاعُ نَصِيبُ الْمُفْلِسِ مُنْفَرِدًا إِنْ كَانَ أَرْجَحَ وَإِلَّا بِيعَ مَعَ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتِ الثِّمَارُ مَأْبُورَةً جَازَ بَيْعُ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا وَيُخْتَلَفُ فِي إِدْخَالِ نَصِيبِ الْمَدْيُونِ فِي الْبَيْعِ مَعَ الأَصْل اجازه ابْن الْقَاسِم وَلم يَجعله اسْتثِْنَاء لِنَصِيبِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ لِتَقَدُّمِ بَيْعِهِ بِالْمُسَاقَاةِ وَإِذَا أَرَادَ تَأْخِيرَ الثِّمَارِ لِتَتِمَّ فَيَتَوَفَّرُ ثَمَنُهَا وَمَنَعَ الْغُرَمَاءُ ذَلِكَ قُدِّمُوا لِحَقِّهِمْ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الثِّمَارُ مَأْبُورَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بَيْعُ الرِّقَابِ وَنَصِيبِ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُعْقَدْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ يُوقَفُ بَيْعُ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَمْتَنِعُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الثَّمَرَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْمُسَاقَاةُ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِينَ يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْعُ الرِّقَابِ وَنُصِيبِكَ دُونَ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُمُ الْفَسْخُ هُوَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ قَبْلَ الْإِبَارِ لَهُمُ الْفَسْخُ - إِذَا كَانَ يَحُلُّ دَيْنُهُمْ قَبْلَ جَوَازِ بَيْعِهَا لِأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ بِالْمُسَاقَاةِ مِنَ الْبَيْعِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُسَاقِيَ نَخْلَهُ إِلَّا أَنْ يُحَابَى فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَسَاقَاهُ سَنَةً وَنَحْوَهَا فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّخْلِ إِلَيْهِ جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُحَابَاةٌ لَا يُحَمِّلُهَا الثُّلُثَ كَمُسَاقَاةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَمُسَاقَاةِ مثله الرّبع فقد

ص: 96

أوصى لَهُ بِالنِّصْفِ فَخير الْوَرَثَةَ بَيْنَ إِمْضَائِهِ أَوْ يَقْطَعَ لَهُ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ وَيَكُونُ لَهُمْ عَدَمُ الْإِجَازَةِ كَوَصِيَّةٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ لَا يُحَمِّلُهُ الثُّلُث وَيحمل خدمته لِأَنَّهُ عون عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَيُخَيَّرُوا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَدَفْعِ الثُّلُثِ بَتْلًا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ اذا زَاد على مُسَاقَاة مثله بِأَمْر بَين فَهُوَ كَهِبَتِهِ يُوقَفُ السَّقْيُ إِلَى مَا لَا يَطُولُ وَلَا يَضُرُّ فَإِنْ صَحَّ نَفَذَ وَإِنْ مَاتَ وَحَمَلَ ثُلُثَهُ الْحَائِطُ نَفَذَ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَحَمَلَ الْمُحَابَاةَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ قَطْعِ الثُّلُثِ لَهُ بَتْلًا وَتُسْتَحَبُّ الْمُسَاقَاةُ وَلَا يُمَكَّنُ الْعَامِلُ حَالَةَ الْوَقْفِ مِنَ السَّقْيِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْحَائِطِ فُسِخَتِ الْمُسَاقَاةُ قَبْلَ الصِّحَّةِ وَالْمَوْتِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ عَمَلُكَ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ مُسَاقَاةً لِأَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِ بِمِلْكِ مَنَافِعِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَسَاقِيَهُ إِنْ أَمِنْتَ ان يعصر نصِيبه خمرًا الرُّكْن الثَّالِث الْعَمَل وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَضُمُّ إِلَيْهِ عَمَلًا آخَرَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ الْآخَرُ إِجَارَةً بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وان استبد الْعَامِلُ بِالْعَمَلِ فَلَا يَشْتَرِطُ مُشَارَكَةَ الْمَالِكِ لَهُ فِيهِ لِئَلَّا تَكْثُرَ الْجَهَالَةُ فِي الْعَمَلِ - وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَ (ش) وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْغُلَامِ فِيهِ جَازَ اشْتِرَاطُ عَمَلِ الْمَالِكِ قِيَاسًا عَلَى الْغُلَامِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَيْسَ الْغُلَامُ كَالْمَالِكِ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ إِذَا بَقِيَتْ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ الْعَامِلِ بِخِلَاف الْغُلَام وَيجوز اشْتِرَاط غُلَام الْمَالِك كمساقاة عاملين اذا كَانَ الْحَائِط كَبِيرا وَاشْتِرَاط بَقَاءَهُ مُدَّةَ الْمُسَاقَاةِ

ص: 97

لِيَنْضَبِطَ الْعَمَلُ وَأَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أَخْلَفَهُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ النَّخْلِ وَفِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ قَبْلَ طِيبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ فِي كل ذِي أصل من الشّجر مَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا فَيَمْتَنِعُ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَة حِينَئِذٍ وَلَا تجوز الا الى مُدَّة مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْخَبَرِ لَهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ جَوَازِهَا وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ تَقْلِيلًا لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ تَأْجِيلُهُ يُبْطِلُ حِكْمَتَهُ وَقِيلَ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مِنْ جِدَادٍ إِلَى جِدَادٍ - كَالْقِرَاضِ مِنْ مُحَاسَبَةٍ إِلَى مُحَاسَبَةٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الشَّأْنُ فِيهَا الْجِدَادُ وَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلَاهُ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ مُنْتَهَى الْمُسَاقَاةِ فِي الثَّمَرِ جِدَادُهُ بَعْدَ إِثْمَارِهِ وَفِي التِّينِ وَالْكَرْمِ قِطَافُهُ وَيُبْسُهُ وَفِي الزَّرْعِ تَهْذِيبُهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ مِنَ النَّخْلِ أَوِ الشَّجَرِ فَعَلَيْهِ سَقْيُ جَمِيعِ الْحَائِطِ حَتَّى يَجِدَ مَا بَقِيَ وَيُسْقَى فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالنَّخْلِ وَالرُّمَّانِ حَتَّى يَفْرُغَ الْجَمِيعُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ كُلَّمَا قُطِعَتْ ثَمَرَةٌ انْقَضَتْ مُسَاقَاتُهَا - قُلْتُ أَوْ كَثُرَتْ تَشْبِيهًا لِلْأَصْنَافِ بِالْحَوَائِطِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا دَخَلَ الْحَائِطَ سَيْلٌ فَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ فَلَا تُحَاسِبُهُ بِذَلِكَ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا هَارَتْ بِئْرُكُ جَازَ لِجَارِكَ أَخْذُ حَائِطِكَ مُسَاقَاةً يَسْقِيهِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ يَسْقِي بِفَضْلِ بِئْرِهِ لِأَنَّ لَكَ أَخذه مِنْهُ

ص: 98

كَرْهًا فَلَمْ تَزِدِ الْمُسَاقَاةُ شَيْئًا ثُمَّ مَنَعَهَا سَحْنُونٌ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تَأْخُذُ الْمَاءَ حَتَّى تُصْلِحَ بئرك وَهَهُنَا تَتْرُكُ إِصْلَاحَ الْبِئْرِ لِمَائِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَهُ اشْتِرَاطُ مَا فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْعَقْدِ مِنَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُكَ نَزْعَ ذَلِكَ مِنْهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ اشْتَرَطْتَهَا لِنَفْسِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَدَّعِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَشْتَرِطُ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ إِلَّا مَا قَلَّ كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ لِأَنَّهُ كَزِيَادَةٍ تَخْتَصُّ بِهِ وَفِي الْحَائِطِ الصَّغِيرِ الَّذِي تَكَادُ تَكْفِيهِ الدَّابَّةُ يَصِيرُ جُمْلَةُ الْعَمَلِ عَلَيْكَ وَلَا يُشْتَرَطُ إِخْلَافُ مَا جَاءَ بِهِ من الدَّوَابّ اَوْ الرَّقِيق لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَنْزِعْ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ وَلَمْ يُعْطِهِمْ وَمَا كَانَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَخُلْفُهُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ دَخَلَ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُكَ خُلْفَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ تَخْتَصُّ بِكَ وَتَبْقَى بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ وَعَلَيْهِ نَفَقَة نَفسه ودواب الْحَائِط ورقيقه وَجَمِيع المئونة - كَانَ الرَّقِيق لَك أَوله وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ نَفَقَتِهِمْ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْعَامِلِينَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ش) نَفَقَةُ غِلْمَانِكَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُمْ مِلْكُكَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ إِخْلَافُهُمْ وَعَلَيْهِ الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ وَالْجِدَادُ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَإِنْ شَرَطْتَ قِسْمَةَ الزَّيْتُونِ حَبًّا جَازَ أَوْ عَصِيرًا جَازَ وَلَا يَشْتَرِطُ عَلَيْك حرم النَّخْلِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ وَالتَّلْقِيحُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْعَامِلِ النَّفَقَةُ والمئونة وَالدَّوَابُّ وَالدِّلَاءُ وَالْحِبَالُ وَأَدَاةُ الْحَدِيدِ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا أَسْبَابُ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ وَقَدِ الْتَزَمَ إِصْلَاحَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ عَلَى الْعَامِلِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ مَا يُصْلِحُ الثَّمَرَةَ كَالْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَحِفْظِ الثَّمَرَةِ

ص: 99

وَعَلَيْكَ كُلُّ مَا يَحْفَظُ الْأَصْلَ كَشَدِّ الْحِيطَانِ / وحفر الْأَنْهَار وَعمل الدولاب وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَكُلُّ مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَعَلَيهِ وَمَا لَا يتَكَرَّر فَعَلَيْكَ كَالْبَقَرِ وَالدَّوَابِّ فَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخر مَالا يَلْزَمُهُ فَسَدَتْ قَالَ وَإِذَا دَخَلَ عَلَى أَدَاةٍ وَنَحْوِهَا لَا يَعْمَلُ بِهَا فِي حَائِطِ غَيْرِكَ فَإِنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ ذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ اسْتِسْقَاءٍ وَقُلْتَ إِنَّمَا سَاقَيْتُكَ الْحَائِطَ وَحْدَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ لِاسْتِوَاءِ الدَّعَاوِى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا شَرَطَ عَلَيْكَ خُلْفَ مَا جَاءَ بِهِ أَوِ اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ خُلْفَ مَالَكَ فَلَهُ إِجَارَةُ مِثْلِهِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لِمُشْتَرِطِهَا قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَأَمَّا الدِّلَاءُ وَالْحِبَالُ فَلَهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ تَفْنَى فِيهِ بِخِلَافِ الدَّوَابِّ فَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْغُلَامِ وَالدَّابَّةِ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ فَعَلَيْكَ خُلْفُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِذَا كَانَ الأجراء لَك فَعَلَيْك أجرتهم وَعَلِيهِ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ عَلَيْكَ مَا يَحْفَظُ الْأَصْلَ وَعَلَيْهِ إِقَامَةُ مَا يُصْلِحُ الثَّمَرَةَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْحَائِطِ أَربع حالات فِيهِ كِفَايَته مِنَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ كِفَايَةُ بَعْضِهِ أَوْ فِيهِ أُجَرَاءٌ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَا فِيهِ وَلَا يَعْمُرُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ قَالَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَزِدْ وَلَا نَقَصَ مِنْ خَيْبَرَ شَيْئًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَكُونُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ لَا يَدْخُلُ الرَّقِيقُ إِلَّا بِالشَّرْطِ فَإِنِ اخْتَلَفَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا لَيْسَ فِيهِ لِأَن ذَلِك أصل الاجارة وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَدْ لَاحَظَ مَالِكٌ الْقِيَاسَ دُونَ السُّنَّةِ حَيْثُ جَعَلَ الْخُلْفَ عَلَيْكَ فِيمَا هَلَكَ مِنَ الرَّقِيقِ الْكَائِنِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ كِفَايَةُ الْبَعْضِ فَعَلَى الْعَامِلِ تَمَامُهُ لِلسَّنَةِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامُ إِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ يَكُونُ لِرَبِّهِ فِيهِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّمَامِ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أُجَرَاءُ عَلَى غَيْرِ وَجِيبَةٍ فَكَالَّذِي لَا رَقِيقَ فِيهِ أَوْ عَلَى وَجِيبَةٍ إِلَى مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا الْمُسَاقَاةُ فَهُمْ كَرَقِيقِ الْحَائِطِ وَيَمْتَنِعُ إِخْرَاجُهُمْ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ - وَيَسْتَعْمِلُهُمْ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ انْقِضَاءُ الْإِجَارَةِ فِي نِصْفِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ فَمَا بَعْدَ الْأَمَدِ عَلَيْهِ - كَالْحَائِطِ الْخَالِي وَخُلْفُ مَنْ يَمُوتُ

ص: 100

عَلَيْكَ إِلَى انْقِضَاءِ أَمَدِ الْإِجَارَةِ وَحَيْثُ جَوَّزْنَا فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ اشْتِرَاطَ الدَّابَّةِ وَالْغُلَامِ إِنِ اشْتَرَطَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَتَيْتَ بِهِ فَهَلَكَ أَوْ تَلِفَ أَخْلَفْتَهُ كَالْإِجَارَةِ أَوْ مُعَيَّنًا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْكَ خُلْفَهُ لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ غَرَرٌ وَلَيْسَ هَذَا كَإِجَارَةِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ مَا فِي الْحَائِطِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُونَ لَكَ وَعَنْ مَالِكٍ نَفَقَةُ الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ عَلَيْكَ لِأَنَّهَا مِلْكُكَ فَتُنْفِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَلِأَنَّ خِلَافَهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَرَةِ عِوَضٌ عَنِ المئونة وَعَلَى هَذَا تَكُونُ نَفَقَةُ الْأُجَرَاءِ عَلَيْكَ كَرَقِيقِكَ وَإِذَا سُرِقَتِ الْحِبَالُ أَوِ الدِّلَاءُ فَعَلَيْكَ خُلْفُهَا وَيُمْكِنُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْجَدِيدِ مَا يَرَى أَنَّهُ بَقِيَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَأْخُذُهَا وَيَأْتِي هُوَ بِمَا يَسْتَعْمِلُهُ مَكَانَهَا وَعَلَيْهِ كَنْسُ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَتَنْقِيَةُ مَا حَوْلَ النَّخْلِ لِيُنْتَقَعَ فِيهِ الْمَاءُ وَبِنَاءُ الزُّرْنُوقِ وَالْقُفِّ وَإِصْلَاحِ مَا انْفَسَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكَ لِأَنَّ عَلَيْكَ حِفْظَ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ إِصْلَاحُ الثَّمَرَةِ فَإِنِ اشْتَرَطْتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَازَ فِيمَا قَلَّتْ نَفَقَتُهُ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَى الْخَبَرِ وَلَهُ فِي التَّأْبِيرِ قَوْلَانِ هَلْ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَقَوْلُهُ عَلَيْكَ أَيِ الشَّيْءُ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ وَعَلَيْهِ وَضْعُهُ فِي مَوْضِعِ النَّفْعِ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ عَصْرِ الزَّيْتُونِ أَو قسمته حبابل ذكر اشتراطهما وَقَالَ مُحَمَّد ابْن سَحْنُونٍ ذَلِكَ عَلَيْكُمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَمُنْتَهَى الْمُسَاقَاةِ جَنَاهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعَصْرُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الزَّيْتُونِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْكَ وَلَهُ قَدْرٌ امْتَنَعَ وَلَهُ إِجَارَةُ الْمِثْلِ وَالْمَذْهَبُ أَصْوَبُ وانما تَتَضَمَّن الْمُسَاقَاة مَا تحتاجه الثَّمَرَة قَائِمَة وَالْعَصْرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى فِي الدِّرَاسِ وَالسَّاقِطِ مِنَ الْبَلَحِ وَاللِّيفِ وَتِبْنِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهَا عَلَيْكُمَا قَالَ التُّونِسِيُّ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلثَّمَرَةِ وَلَا يَبْقَى نَفْعُهُ لَكَ أَوْ يَبْقَى مَا لَا قَدْرَ لَهُ - كَإِصْلَاَحِ الْيَسِير فِي الضفيرة وَأَمَّا سَرْوُ الشُّرْبِ وَهُوَ تَنْقِيَةُ مَا حَوْلَ النَّخْلَةِ وَأَمَّا خَمُّ الْعَيْنِ وَهُوَ كَنْسُهَا فَتَبْقَى مَنْفَعَتُهُ لَكَ فَلَا

ص: 101

يَلْزَمُهُ وَيَلْزَمُ بِالِاشْتِرَاطِ شَدُّ الْحِظَارِ وَهُوَ تَحْصِينُ الْجُدُرِ وَرَمُّ الْقُفِّ وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يَجْرِي مِنْهُ الْمَاءُ إِلَى الظَّفِيرَةِ كَالصِّهْرِيجِ - وَإِبَارِ النَّخْلِ وَهُوَ تَذْكِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ - وَهِيَ عَلَيْكَ إِلَّا الْجِدَادَ وَالتَّذْكِيرَ وَسَرْوَ الشُّرْبِ فَعَلَيهِ وان لم تشترطه وانما جوز اشْتِرَاطَ عَصْرِ الزَّيْتُونِ لِخِفَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ كُلُّ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الثَّمَرَةِ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ إِمَّا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ أَوْ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ وَيَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا أَوْ بَعْدَهَا بِالْيَسِيرِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَبْقَى بَعْدَهَا كَثِيرٌ - كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاء كن يُجْنَى فِيهِ أَوْ إِنْشَاءِ غَرْسٍ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ تَخْتَصُّ بِكَ فَهِيَ إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا تَخِفُّ مَئُونَتُهُ كَخَمِّ الْعَيْنِ وَشَدِّ الْحِظَارِ وَيُرْوَى سَدُّ وَشَدُّ وَالْيَسِيرُ مِنْ إِصْلَاحِ الظَّفِيرَةِ وَهِيَ مَحْبِسُ الْمَاءِ كَالصِّهْرِيجِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ هَذِهِ الْأُمُورَ فَهِيَ عَلَيْكَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهِ رم قضبة الْبِئْرِ وَأَشْطِنَتِهِ وَآلَةِ الْحَدِيدِ وَإِذَا انْقَضَى عَمَلُهُ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ إِصْلَاحُ كَسْرِ الزُّرْنُوقِ وَيُسْتَحَبُّ إِصْلَاحُ الْقُفِّ - وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ الدَّلْوُ وَيَجْرِي مِنْهُ إِلَى الظَّفِيرَةِ وَعَنْهُ إِجَازَةُ اشْتِرَاطِ إِصْلَاحِ الزُّرْنُوقِ لِأَنَّ إِصْلَاحَهُ يَسِيرٌ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الزُّرْنُوقِ كُلِّهِ فَإِنْ سَاقَيْتَهُ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ وَيَقْطَعَ وَيَجْنِيَ وَيَحْرُثَهُ ثَلَاثَ حرثات فحرث حرثتين حَطَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِنِسْبَةِ الْمَتْرُوكِ لِلْمَعْمُولِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا يُشْتَرَطُ لِلْعَامِلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ جُزْءُ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ لَا بِالتَّقْدِيرِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ السُّنَّةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ - وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ وَعَلَى أَيِّ جُزْءٍ كَانَ كَالرِّبْحِ فِي

ص: 102

الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ مِنَ الْحَوَائِطِ مَا لَوِ اشْتَرَطَ صَاحِبُهُ شَيْئًا لَا يَجِدُ مِنْ يُسَاقِيهِ فَعَلَى تَعْلِيلِهِ يُجْبِرُ الْعَامِلَ عَلَى الْعَمَل أَو يسْتَأْجر من يعْمل إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ الْهِبَةِ مِنْ قِلَّةِ الْمَئُونَةِ وَكَثْرَةِ الْخَرَاجِ فَلَا يُجْبِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَيَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الْهِبَةِ وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ حُمِلَ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ لِأَحَدِكُمَا مَكِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ إِلَّا تِلْكَ الْمَكِيلَةُ فَهُوَ غَرَرٌ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالثَّمَرَةُ لَكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ أَثْمَرَتِ النَّخْلُ أَمْ لَا لِاسْتِيفَائِكَ مَنْفَعَتَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَكَذَلِكَ لَهُ نَخْلَةٌ مَعْلُومَةٌ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا وَلَكَ نِصْفُ الْبَرْنِيِّ وَبَاقِي الْحَائِطِ لَهُ أَوْ نَفَقَتُهُ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ فِي حِصَّةِ أَحَدِكُمَا لِرُجُوعِهِ إِلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ بُدِئَ بِالزَّكَاةِ وَقَسَمْتُمَا الْبَاقِي فَإِنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فَأَصَابَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَة أوسقٍ قِيلَ يَكُونُ عُشْرُ مَا أَصَابَ لَكَ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ وَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ مَا أَصَابَ عَلَى تِسْعَة واذا شَرط لَك نصف البرني فَلَهُ فِي الْبَرْنِيِّ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَفِي الْبَاقِي أجِير وَالْقِيَاس هَهُنَا ان كَانَ زِيَادَةً يَسْتَبِدُّ بِهَا أَحَدُكُمَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالثَّمَرَةُ لَكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ يَمْتَنِعُ لَك من كل نَخْلَة تنوء بِخِلَافِ لَكَ مَنْ كُلِّ نَخْلَةٍ كَيْلٌ وَتَمْتَنِعُ مُسَاقَاةُ حَائِطَيْنِ بِثَمَرَةٍ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخِرُ لَكَ لِأَنَّهُ قد يرطب حَائِطه وَهُوَ أجِير فيهمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ ثَمَرَةُ هَذَا الْحَائِطِ بَيْنَكُمَا وَالْآخَرُ لَكَ أَوْ لَهُ وَيَخْتَلِفُ فِيمَا بَيْنَكُمَا هَلْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ قَالَ وَأَرَى لَهُ الْأَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ إِجَارَةَ الْمِثْلِ - إِنْ شَرَطْتَ

ص: 103

الْمُنْفَرِدَ لَكَ وَإِنْ شَرَطَهُ لَهُ فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ إِجَارَةِ الْمِثْلِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُسَاقَاة الْحَائِط خمس سِنِين فِيهَا بَيَاض فاشترطته أَوَّلَ سَنَةٍ لَهُ وَهُوَ لَكَ بَاقِي السِّنِينَ لِلْغَرَرِ فَقَدْ تَتَعَذَّرُ الزِّرَاعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ حائطان بيعملهما سَنَةً ثُمَّ يُرَدُّ أَحَدُهُمَا وَيَعْمَلُ فِي الْآخَرِ سَنَةً

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَقْتَسِمَانِ سَوَاقِطَ النَّخْلِ مِنْ بَلَحٍ وَغَيْرِهِ وَالْجَرِيدِ وَاللِّيفِ وَتِبْنِ الزَّرْعِ عَلَى شَرْطِكُمَا

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ تَمْتَنِعُ الْمُسَاقَاةُ أَرْبَعَ سِنِينَ سَنَتَيْنِ عَلَى النِّصْفِ وَسَنَتَيْنِ عَلَى الرُّبُعِ لِلْغَرَرِ بِفَوَاتِ أَحَدِهِمَا بِجَائِحَةٍ مَعَ الْعَمَلِ فِي الْآخَرِ وَيَمْتَنِعُ حَائِطٌ بِمَوْضِعٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ مَعَ آخَرَ إِلَّا بِجُزْءٍ وَاحِدٍ كَمَا اتَّفَقَ فِي خَيْبَر الرُّكْن الْخَامِس الصِّيغَة الصِّيغَةُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَنْعَقِدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهَا كَمَا لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ فَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى عَمَلِ حَائِطِي بِنصْف من الثَّمَرَة وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ لِاخْتِلَافِ الْبَابَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ سَاقَيْتُكَ عَلَى مَا فِي النَّخْلِ بِالنِّصْفِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ سَاقَيْتُكَ فَيَقُولُ قَبِلْتُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ لِأَنَّ مَطْلُوبَ الشَّرْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرضى وَاخْتلف

ص: 104

فِي لَفْظِ الْإِجَارَةِ فَأَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُبَايَنَةِ الْبَابَيْنِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْغَرَرِ وَنَفْيِهِ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ لِأَن كيلهما عُقِدَ عَلَى مَنَافِعَ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الْأَعْمَالِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكِ جَوَازُ مُسَاقَاةِ نَخْلٍ بِثَمَرٍ مِنْ نخل آخرى مُزْهِيَةٍ فَجَعَلَهُ إِجَارَةً وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ تُذْهِبُ عَمَلَهُ بَاطِلًا وَفِي الْإِجَارَةِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَهُمَا بَابَانِ مُتَبَايِنَانِ

2

-‌

‌ الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَفِي لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا سَحْنُونٌ أَوَّلُهَا لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ وَآخِرُهَا إِذَا عَجَزَ كَالْجَعْلِ لِأَنَّ الْجَعْلَ إِذَا عَجَزَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ وَقَالَهُ (ش) وَقِيلَ الْمُزَارِعَةُ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ وَلَا تلْزم الا بِالْعَمَلِ وَقيل تَنْعَقِد وَتلْزم بِالشُّرُوعِ وَلَا تَلْزَمُ الشَّرِكَةُ بِاللَّفْظِ وَلَا بِالْعَمَلِ وَاخْتُلِفَ بِمَاذَا تَنْعَقِدُ هَلْ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْعَمَلِ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا تَلْزَمُ الْمُسَاقَاة بِالْعقدِ وَكَذَلِكَ الْمُزَارعَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسْلِمٍ لِيَهُودَ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا لَمَّا سَأَلُوهُ الْمُسَاقَاةَ عَلَى الشَّطْرِ وَلَوْ كَانَتْ لِلذِّمَّةِ لَمْ تَجُزْ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - خبْرَة وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا عُقِدَ ضَرُورَةً فَالشَّبَهُ أَقْوَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ تُجَدَّدُ وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الرَّاوِي لِنَفْيِ ذَلِكَ فَيَجِبُ اعْتِقَادُهُ جُمْلَةً لِتَصَرِّفِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَالا جَهَالَةَ فِيهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا أَيْ فِي الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الْعُقُودِ الْمُتَجَدِّدَةِ

ص: 105

وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ أَرْبَاحَ الْقِرَاضِ مَنُوطَةٌ بِالْأَسْوَاقِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَكَانَت غَايَة نَضُوضِ الْمَالِ وَغَايَةُ الْمُسَاقَاةِ الْجِدَادُ وَمَا تَجَدَّدَ مِنَ الْمُدَّةِ وَيَكُونُ آخِرُهَا الْجِدَادَ فَلَا يَخْتَلُّ مَقْصُودُهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ الْمُسَاقَاةُ فِيهَا الْبَيَاضُ الْيَسِيرُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ بِبَذْرِهِ أَوْ ببذرك وَيعْمل فِيهِ عَلَى أَنَّ مَا تُنْبِتُهُ لَكَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ تَخُصُّكَ فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْغَرَرِ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ نِصْفَ الْبَذْرِ عَلَيْكَ أَوْ حَرْثَ الْبَيَاضِ وَإِنْ جُعِلَ الزَّرْعُ بَيْنَكُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَزْرَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَعْمَلَهُ وَمَا يَنْبُتُ بَيْنَكُمَا كَالْمُسَاقَاةِ وَإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ الْيَسِيرِ أَحْسَنُ كَمَا أُلْغِيَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ فِي الزَّرْعِ مَا يَشْغَلُهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ وَتَبَعٌ لَهُ جَازَ اشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ لِيَزْرَعَهُ كَبَيَاضِ النَّخْلِ وَإِنْ كَانَ فِي زَرْعِ شَجَرٍ مُتَفَرِّقٍ تَبَعٌ لَهُ جَازَ أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَى مَا يَشْتَرِطُ فِي الزَّرْعِ وَلَا يَشْتَرِطُهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قُلْتَ بِخِلَافِ الْبَيَاضِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى أَنَّ ثَمَرَهَا لِأَحَدِكُمَا بَلْ بَيْنَكُمَا عَلَى جُزْءِ الزَّرْعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ تَشْتَرِطَ بَيَاضَ الْحَائِط لنَفسك إِنْ كَانَ بَعْلًا أَوْ يُسْقَى بِغَيْرِ مَاءِ الْحَائِطِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ سَكَتَا عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ لَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ سَكَتَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَتَشَاحًّا عِنْدَ الزِّرَاعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ يَسِيرًا سُوقِيَ بِالْجُزْءِ وَإِلَّا اكْتُرِيَ بِالذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ وَكَانَ بَيَاضُ خَيْبَرَ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِلْغَاءُ الْبَيَاضِ لَهُ أَحَلُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ شَرَطْتَهُ لِنَفْسِكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةُ الْأُجْرَةِ فَإِنِ ادَّعَيْتَ قَبْلَ الْعَمَلِ اشْتِرَاطَهُ لِنَفْسِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا كَدَعْوَى نَزْعِ رَقِيقِ الْحَائِطِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ بِاللَّفْظِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ زَرَعَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَمْ تُنْكِرْ عَلَيْهِ فَعَلَيهِ كِرَاء

ص: 106

الأَرْض وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِنَّمَا يُرَاعَى كَوْنُهُ تَبَعًا لِثَمَرَةِ جَمِيعِ الْحَائِطِ إِنِ اشْتَرَطْتُمَا أَنَّ مَا يَنْبُتُ فِيهِ بَيْنَكُمَا فَأَمَّا إِنْ أُلْغِيَ لَهُ فَإِنَّمَا يُرَاعى مَا هُوَ تبع لحصته خَاصَّةً وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ أُجِيحَتِ الثَّمَرَةُ وَقَدْ زَرَعَ الْعَامِلُ الْبَيَاضَ فَلَهُ كِرَاؤُهُ وَلَوْ عَجَزَ الدَّاخِلُ عَنِ الْأَصْلِ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا شَرَطْتَ الْعَمَلَ وَالْبَذْرَ عَلَيْهِ وَمَا يَنْبُتُ لَكَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَمَا يَنْبُتُ لَهُ لِقُوَّةِ سَبَبِهِ بِالْبَذْرِ وَالْعَمَلِ وَإِنْ شَرَطْتَ الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِكَ وَالْعَمَلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَا يَنْبُتُ لَكَ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي عَمَلِ الْبَيَاضِ وَالزَّرْعُ لَكَ لِقُوَّةِ سَبَبِكَ بِالْبَذْر قَالَ وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ شَرَطْتَ الْبَيَاضَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْكَ الْبَذْرُ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ أَصْبَغُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا كَانَ الشَّجَرُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَالزَّرْعُ تَبَعٌ لِلشَّجَرِ أَنَّهُ بِخِلَافِ الْبَيَاضِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ وَلَا يُلْغَى لِلْعَامِلِ وَيَمْتَنِعُ إِلَّا عَلَى مُسَاقَاةٍ وَاحِدَةٍ كَأَصْنَافٍ فِي حَائِطٍ وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ إِلْغَائِهِ لِلْعَامِلِ إِنْ كَانَ تَبَعًا كَمُكْتَرِي الدَّارِ وَالْأَرْضُ فِيهَا نَخْلٌ تَبَعٌ شَرَطَ ثَمَرَتَهَا فَهِيَ لَهُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَكُمَا فَإِنْ شَرَطَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْبَيَاضِ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ إِمَّا مُسَاقَاةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَكُمَا أَوْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِ الْكُلِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُهُ لَكَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ اشْتِرَاطُ كُلِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ امْتَنَعَ إِدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَجَازَ إِبْقَاؤُهُ لَكَ وَإِنْ سَكَتُّمَا عَنْهُ عِنْدَ الْعَقْدِ صَحَّ وَهُوَ لَكَ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ إِدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ بَيَاضَ خَيْبَرَ كَانَ تَبَعًا فَإِنْ سَكَتُّمَا عَنْهُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ لَكَ فَإِنْ زَرَعَهُ بِغَيْرِ عِلْمِكَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لَهُ لِأَنَّهَا سنته صلى الله عليه وسلم َ - فِي خَيْبَرَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بُنِيَ الزَّرْعُ الْفَاسِدُ عَلَى الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إِنَّ الزَّرْعَ لِمَنْ لَهُ الْبَذْرُ قَالَ وَأَرَى أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ إِذَا زَرَعَ عَلَى أَنْ لَا

ص: 107

شَرِكَةَ لَكَ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ لَكَ قَالَ وَإِنْ بَذَرَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّكَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَ مِنْهُ الْبَذْرَ شِرَاءً فَاسِدًا وَأَمَرْتَهُ بجعله فِي أَرْضك وَعَلَيْك مثل مَا بذر وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِكَ وَزَرَعَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْبَذْرِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْكَ الْبَذْرَ شِرَاءً فَاسِدًا وَفِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ فِي الْبَيَاضِ التَّبَعِ أَنْ يُشْتَرَطَ أَوَّلُ سَنَّةٍ لِلْعَامِلِ ثُمَّ بَاقِي السِّنِينَ لَكَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ نَزَلَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ لَهُ وَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فِيمَا بَعْدُ عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ لَكَ فَيَكُونُ فِي الأول النّصْف مثلا وَفِي الْأَخير الثُّلُثَانِ وَعَلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ أَجِيرٌ فِي السِّنِينَ كُلِّهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَتَى كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ امْتَنَعَ دُخُولُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَإِلْغَاؤُهُ لَهُ بَلْ لَكَ أَوْ أَقَلُّ وَسَكَتُّمَا عَنْهُ فَلَهُ عِنْدُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِشَرْطِ ان لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُ عَلَى ثُلُثِ نَصِيبِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالك ان لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُ عَلَى ثُلُثِ الْجَمِيعِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَكَ إِذَا سَكَتُّمَا عَنْهُ تَمْهِيدٌ يُحْذَرُ فِي الْبَيَاضِ مِنْ أُمُورٍ أَحَدُهَا كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُ وَثَانِيهَا اشْتِرَاطُ زِيَادَةٍ لَك أَوله فانه زِيَادَة غرر فِي الْمُسَاقَاة لاحْتِمَال أَن لَا يَحْصُلَ مَا يُقَابِلُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَوْ يَحْصُلُ لَكِنْ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ وَثَالِثُهَا الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ فِي الزَّرْعِ بِأَنْ تُقَابِلَ الْأَرْضَ أَوْ بَعْضَهَا بالبذر أَو بعضه فاذا ألغى لِلْعَامِلِ وَهُوَ تَبَعٌ سَلِمَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ

فَائِدَةٌ - إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَالِي مِنَ الْأَرْضِ بَيَاضًا وَالْمَزْرُوعُ سَوَادًا لِأَنَّ الْأَرْضَ

ص: 108

مُشْرِقَةٌ بِضَوْءِ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ وَبِنُورِ الْكَوَاكِبِ بِاللَّيْلِ فَالْأَرْضُ كُلُّهَا بَيَاضٌ - بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِذَا قَامَ فِيهَا قَائِمٌ حَجَبَ عَنْكَ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْإِشْرَاقِ فَتَصِيرُ جِهَتُهُ سَوَادًا فَسُمِّيَ كُلُّ قَائِمٍ سَوَادًا وَمَا عَدَاهُ بَيَاضًا وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ بَينا نَحن سوادا جُلُوسٌ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا سَوَادٌ فَيُسَمُّونَ كُلَّ قَائِمٍ فِي الْأَرْضِ سَوَادًا لِمَا تَقَدَّمَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ مُسَاقَاةُ مَا لَمْ يَرَهُ مِنْ ثَمَرِ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ قِيَاسًا عَلَى الَّذِي يَظْهَرُ وَمَنْعَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْغَائِبِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ حُكْمَ الْأَصْلِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يَأْكُلُ الْعَامِلُ مِنَ الثَّمَرِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَزْهَى بَعْضُ الْحَائِطِ امْتَنَعَتْ مُسَاقَاتُهُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ حِينَئِذٍ فَلَا ضَرُورَةَ وَإِذَا عَجَزَ الْعَامِلُ وَقَدْ حَلَّ بَيْعُهَا لَا يُسَاقِي غَيْرَهُ وَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا بَيْعُ نَصِيبِهِ فَعَلَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلَهُ وَإِنْ نَقَصَ فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى أَنْتَ بِأَخْذِهِ وَتُعْفِيَهُ مِنَ الْعَمَلِ فَذَلِكَ لَكَ وَلِمُسَاقِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ مُسَاقَاةُ غَيْرِهِ فِي مِثْلِ أَمَانَتِهِ فَإِنْ سَاقَى غَيْرَ أَمِينٍ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمُسَاقَاةُ بِالنَّقْدَيْنِ كَبَيْعِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْبَحَ فِي الْمُسَاقَاةِ إِلَّا ثَمَرًا مِثْلَ أَخْذِهِ عَلَى النِّصْفِ وَإِعْطَائِهِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قُلْتَ اسْتَأْجِرْ عَلَيْكَ لِتَمَامِ الْعَمَلِ وَأَبِيعُ مَا صَارَ لَك من الثَّمَرَة وَأسْتَوْفي مَا أَدَّيْتَ وَالْفَاضِلُ لَهُ

ص: 109

وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَكَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمَل كَانَ لَازِما لَهُ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ خُذْ مَا أَنْفَقْتَ وَاخْرُجِ امْتَنَعَ وَإِنْ رَضِيَ كَأَنَّهُ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحه وان اجْتَمَعْتُمَا عَلَى بَيْعِ الزَّرْعِ أَوِ الثَّمَرِ قَبْلَ طِيبِهِ وَزَهْوِهِ مِمَّنْ يَحْصُدُهُ أَوْ يَجِدُهُ جَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَخَذَ عَلَى النِّصْفِ وَأَعْطَى عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَعَلِمْتَ بِذَلِكَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَقِيَ لَهُ - قَالَهُ مَالِكٌ وَتَجُوزُ لَهُ مُسَاقَاتُكَ بِأَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ إِذَا لَمْ تَطْلُبِ الثَّمَرَةَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَيَمْتَنِعُ بِمَكِيلَةٍ مُسَمَّاةٍ وَبِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَعْرُوفَةٍ كَأَصْلِ الْمُسَاقَاةِ وَبِأَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ مِنْكَ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ يُعْطِيكَ مِنْ حَائِطٍ آخَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَدْ أَجَازَ الدَّفْعَ بِالْأَكْثَرِ لِلْأَجْنَبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يُعْطي من حَائِط آخر فَيجوز هَهُنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يُعْطِيكَ مِنْ حَائِطٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ كَانَ عَالِمًا امْتَنَعَ فِيهِمَا وَإِذَا رَجَعَ الْأَجْنَبِيّ عَلَيْهِ بعد أخذك الْفَاضِل مَالِهِ وَهُوَ الرُّبُعُ مَثَلًا رَجَعَ بِرُبُعِ قِيمَةِ إِجَارَتِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَقُولَ لَهُ اخْرُجْ مِنَ الْحَائِطِ وَلَكَ رُبُعُ الثَّمَرَةِ - إِذَا طَابَتْ وَيَجُوزُ إِعْطَاؤُكَ قَبْلَ الطِّيبِ جُزْءًا شَائِعًا بِخِلَافِ كَيْلٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهَا قَدْ تعطب بالجوانح فَهُوَ غَرَرٌ بِخِلَافِ الْجُزْءِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَعْمَلْ جَازَ إِعْطَاؤُهُ جُزْءًا شَائِعًا وَيَمْتَنِعُ بعد الْعَمَل لِأَنَّهُ أَعْطَيْتَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ مَا جعلت لَهُ مِنْهَا وَهُوَ مَجْهُول وكأنك أَعْطَيْتَهُ الْجُزْءَ الْمَجْهُولَ عَنْ أَشْهُرٍ مَضَتْ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ فَهِيَ إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَرَكَ وَدَفَعَ لَكَ جَعْلًا مِنْ غَيْرِ مَا سَاقَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِدَادِ أَوْ بَعْدَهُ رَدَدْتَ الْجَعْلَ وَرَجَعَ لِمُسَاقَاتِهِ وَعَلَيْهِ

ص: 110

لَكَ أَجْرُ الْعَمَلِ بَعْدَ الرَّدِّ وَلَوْ كَانَا اثْنَيْنِ فَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لِصَاحِبِهِ بِجُزْئِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ جَازَ وَكَذَلِكَ الْمَالِكَانِ لِأَنَّهَا مُسَاقَاةٌ فَلَوْ كَانَا حَائِطَيْنِ - لِعَامِلَيْنِ أَوْ مَالِكَيْنِ امْتَنَعَ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِ أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ - لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ بِجُزْءٍ مِنْهُمَا وَإِذَا بِعْتَ الْحَائِطَ امْتَنَعَ إِخْرَاجُ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ تُعْطِيهِ لَهُ كَمَا يَمْتَنِعُ مِنْكَ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِالْعَقْدِ مَا كَانَ لَكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْبَيْعُ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ كَمَا يَجُوزُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَبَرْتَ الثَّمَرَةَ أَوْ طَابَتْ جَازَ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَمْ لَا وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلِمَ أَمْ لَا لِامْتِنَاعِ اسْتِيفَائِكَ شَيْئًا مِنَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ النَّخْلِ الْكَبِيرِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِطْعَامِ عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَمْ لَا كَانَتْ فِيهِ ثَمَرَةٌ أَمْ لَا - السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَتَمْتَنِعُ فِي الَّذِي لَمْ يُطْعَمُ وَالْكَثِيرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ - عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَتَمْتَنِعُ فِي عَقْدِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَمَا لَمْ يَبْدُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَجُوزُ مِنْهَا الْأَوَّلُ دُونَ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا أَزْهَى بَعْضُ الْحَائِطِ وَلَيْسَ بِبَاكُورٍ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ جَازَ بَيْعُ جَمِيعِهِ وَتَمْتَنِعُ مُسَاقَاتُهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ وَعَنْهُ جَوَازُ مُسَاقَاةِ حَائِطٍ بِثَمَرٍ مِنْ حَائِطٍ آخَرَ عَلَى أَنَّ لَكَ جُزْءًا مِنَ الثَّمَرَةِ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ الَّتِي يُعْطِي مِنْهَا وَكَانَ السَّقى مَعْرُوفًا بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ وَهِيَ إِجَارَةٌ وَإِذَا كَانَ الَّذِي طَابَ بَاكُورًا بَعِيدَ اللُّحُوقِ وَسَاقِيَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الْحَائِطِ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ مِمَّا طَابَ خَاصَّةً جَازَ وَهُوَ إِجَارَةٌ كَإِعْطَائِكَ حَائِطَيْنِ طَابَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا طَابَ وَتَمْتَنِعَ مُسَاقَاتُهُمَا وَتَأْخُذَ مِمَّا لم

ص: 111

يطب أَو مِنْهُمَا لِأَنَّهَا مُسَاقَاةٌ لَا إِجَارَةٌ وَإِنْ كَانَ يَسْقِي مَا طَابَ وَحْدَهُ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ جَازَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لمَالِك أَو يسْقِي مالم يَطِبْ مِنْهُ - جَازَ اتِّفَاقًا أَوْ يَسْقِي الْجَمِيعَ وَيَأْخُذُ مِمَّا لَمْ يَطِبْ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالَّذِي طَابَ يسير مختلط بِمَا لَمْ يَطِبْ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ لِطِيبِ بَعْضِ الْحَائِطِ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ نَخْلِكِ مَعَك رمان طَابَ يضيق بِالنَّخْلِ يشرب مَعَهَا وَهُوَ لَكَ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي جَوَازِ مُسَاقَاة مَا يسقيها بِمَاء البَائِع مَا لم يَكُنْ فِي الْحَائِطِ رَقِيقٌ وَلَا دَوَابُّ أَوْ كَانُوا وَشَرْطُ طَعَامِهِمْ عَلَيْكَ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فَسَدَ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ مُسْتَأْخِرٍ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي مُسَاقَاةِ مَا صَلَحَ إنَّهَا إِجَارَةٌ تَكُونُ الْجَائِحَةُ قَبْلَ الْيُبْسِ مِنْكَ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ إِجَارَتِهِ فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْقِيهَا بِمَاءِ الْبَائِعِ وَعَمَلُهُ فِي ذَلِكَ تَبَعٌ وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ مُوسِرًا اسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ من مَاله حَتَّى يكمل الْعَمَل رَضِيَ الْوَارِثُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ فِي ذمَّته فان لم يخلفا مَالًا وَعَجَزَ الْوَارِثُ عَنِ الْقِيَامِ سَلَّمَ الْحَائِطُ لَكَ وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِشِبْهِ الْمُسَاقَاةِ بِالْجَعَالَةِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يكون لَهُ اذا عجز ولوارثه بِقدر مَا انْتَفَعْتَ بِهِ مِنَ الْعَمَلِ إِذَا تَمَّمْتَ الْعَمَلَ وَسَلَّمْتَ الثَّمَرَةَ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي حَافِرِ الْبِئْرِ إِذَا تَرَكَهُ فِي الْجَعَالَةِ فَأَجَّرْتَ غَيْرَهُ إَنَّ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعْتَ بِهِ وَلَهُ أَنْ يُسَاقِيَكَ عَلَى مِثْلِ الْجُزْءِ فَإِنِ اسْتَفْضَلَ شَيْئًا وَلَمْ يَعْمَلْ جَازَ فَإِنْ عَمِلَ فَظَاهر الْمُدَوَّنَة الْجَوَاز وَمنعه فِي العتيبة لِلتُّهْمَةِ أَنْ يَكُونَ عَمِلَ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ شَهْرًا ثُمَّ يُعِيدَهُ - قَبْلَ الطِّيبِ وَيَأْخُذَ جُزْءًا بَعْدَ الطِّيبِ وَإِذَا انْقَضَى الْعَامُ الْأَوَّلُ جَازَتِ الْإِقَالَةُ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الثَّانِي شَيْئًا فَإِنْ عَمِلَ وَتَقَايَلْتُمَا فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إِلَّا قَبْلَ

ص: 112

الْعَمَلِ وَمُوَافَقَةِ الْجُزْءِ وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ خَائِنٌ أَوْ سَارِقٌ سُرِّحَ فِي الْمُسَاقَاةِ أَوْ إِجَارَةِ الدَّارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَخْرُجَانِ وَيُتَحَفَّظُ مِنْهُمَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ذَلِكَ عَيْبٌ فِيهِمَا وَيُعْجَزُ عَنْ تَحَفُّظِهِمَا قَالَ وَأَرَى أَنْ تُكْرَى الدَّارُ وَتُسَاقِيَ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ أَوْ تَسَاقِيَهُ - الْخِيَارُ لَكَ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ الْمُسَاقَاةُ الْفَاسِدَةُ إِذَا أُدْرِكَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فُسِخَتْ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَفِي الْوَاجِبِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُسَاقَاة الْمثل مُطلقًا مَا لم نَكُنْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُشْتَرِطِ إِنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقِي أَوِ الْأَقَلَّ إِنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقِي - التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِنْ خَرَجَا إِلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَاشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةً مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْمَالِكُ مُسْتَأْجِرٌ بِأُجْرَةٍ فَاسِدَةٍ وَالْعَامِلُ مُشْتَرٍ لِلثَّمَرَةِ بِمَا زَادَهُ وَإِلَّا فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ يَخْرُجَا عَنْ حُكْمِهَا بَلْ عقداها على غرر الْحَائِط على النّصْف وَآخر على الثُّلُث - وَاشْترط من الْعَمَل مَا لَا يلْزم مِمَّا لَا يَبْقَى مُؤَبَّدًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ اثْنَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا سَاقَاهُ - وَفِي الْحَائِط ثَمَر اطعم أَو اشْترط المساقي الْعَمَل مَعَه

ص: 113

وَاثْنَتَانِ فِي العتيبة اجتماعها مَعَ البيع فِي عقد (أَو ساقاه) سَنَةً عَلَى النِّصْفِ وَسَنَةً عَلَى الثُّلُثِ الْحَالُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَعْثُرَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَيفْسخ وَالْوَاجِب فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ - إِذَا انْتَهَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْصِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ - وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ إِلَى حِينِ الْعُثُورِ وَلَا يُفْسَخُ مَا الْوَاجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ بَلْ يَمْضِي وَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ أَعْوَامًا وَبَقِيَ بَعْضُهَا بَعْدَ الْعُثُورِ بُنِيَ عَلَى مُسَاقَاتِهِ فِيهَا مُسَاقَاة الْمثل فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحْوَال لِلْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمُسَاقَاةُ الْفَاسِدَةُ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْقِرَاضِ هَلْ لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ مُطْلَقًا أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوِ التَّفْرِقَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ لِزِيَادَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ أَو شَيْء يرجع الى المَال بقراض الْمثل

فَرْعٌ - وَفِي الْكِتَابِ الْمُسَاقَاةُ إِلَى الْجِدَادِ وَتَمْتَنِعُ إِلَى سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ فَإِنْ أُطْعِمْتَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فَالْجِدَادُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَشْتَرِطَ الثَّانِي وَتجوز مُسَاقَاة السنين مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْمُشَارَكَةُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ لَازِمٌ إِلَّا أَنْ يَتَتَارَكَا بِغَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَلَيْسَ كَبَيْعِ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا سَاقَاهُ بَعْدَ الْمُغَارَسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ هَذَا وَالْغَرْسُ مِنْ عِنْدِكَ فَهُوَ أَجِيرٌ فِيمَا عَمِلَهُ قَبْلَ

ص: 114

الْإِطْعَامِ وَيَخْرُجُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْإِطْعَامَ فَيَبْقَى فِي يَدَيْهِ عَلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْأَجَلِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ الْغَرْسُ من عِنْده وَفَاتَ بِالْعَمَلِ قبل فَوْتٍ وَلَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ وَضْعِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَاف وَقِيمَة خدمته الى وَقت خُرُوج مَا لَمْ يَبْلُغِ الْإِطْعَامَ فَيَمْضِي عَلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْل وَقِيلَ لَيْسَ فَوْتًا لِأَنَّهُ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى أَنْ تَبْقَى يَدُهُ عَلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِثَمَرَتِهِ بَعْدَ الطِّيبِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ مِنَ الْبَائِعِ وَالْغَرْسُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَصْلَحَتِ الْأَرْضُ وَتَنْمِيَتُهُ فِيهِ وَلَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَخْرُجُ عَنِ الْأَرْضِ قَائِمًا لِأَنَّهُ غَرَسَهُ بِإِذْنِكَ وَقِيلَ مَقْلُوعًا لِفَسَادِ الْإِذْنِ شَرْعًا

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ يُزَكَّى الْحَائِطُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ إِنْ كَانَ خَمْسَةَ اوسق وان لم ينْتَه إِلَّا وَسْقَيْنَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ وَيُزَكِّي الْعَامِلُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ كَذَلِكَ لَمْ يُزَكِّ الْعَامِلُ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَطِيبُ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ الْعَمَلَ بِالْجَائِحَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ وَعَلَى هَذَا يَطِيبُ عَلَى مِلْكِ الْعَامِلِ وأِنْ يَسْقِيهَا مِنَ الْآنَ لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إِلَّا عَلَى مَنْ فِي نَصِيبِهِ نِصَابٌ فَإِنْ أَصَابَ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ نَخْلٌ إِذَا أَضَافَهَا لِثَمَرِ الْمُسَاقَاة كَمُلَ النِّصَابُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ وَاشْتِرَاطُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ هَلْ يَقْتَسِمَانِ عَلَى عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ سِتَّةٌ لَكَ وَأَرْبَعَةٌ لَهُ أَوْ عَلَى تِسْعَةٍ أَجْزَاءٍ عَلَى مَا كُنْتُمَا لَوْ أُخْرِجَتِ الزَّكَاةُ أَوْ نِصْفَيْنِ لِعَدَمِ النِّصَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ سَقْيِ النَّخْلِ بِمِائَةٍ وَتصرف مَالك حَيْثُ شِئْت

ص: 115

كاشتراطك زِيَادَة دِينَار

فرع - قَالَ اذا اجتمعتما عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الطِّيبِ أَوِ الزَّهْوِ لِمَنْ يَحْصُدُ أَوْ يَجِدُ جَازَ كَالشُّرَكَاءِ

فَرْعٌ - قَالَ تَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ عَلَى شَيْءٍ يُعْطِيكَ إِيَّاهُ - شُرِعَ فِي الْعَمَلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِنْ أَثْمَرَتِ النَّخْلُ فَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ الطِّيبِ وَإِلَّا فَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا صَدَقَ فِيمَا يُشْبِهُ وَيُصَدِّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ يُرِيدُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ وَإِذَا قُلْتَ سَاقَيْتُكَ بِغَيْرِ دَوَابَّ وَلَا رَقِيقٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ عَدَمَ كِرَاءِ الدَّوَابِّ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصْدُقَ كالاجارات والبيوع واذا قلت بعيد الْفَرَاغِ لَمْ يُعْطَ ثَمَرًا صَدَقَ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ حَقَّكَ فِي الثَّمَرِ لَا فِي حِصَّتِهِ وَالْعَادَةُ عَدَمُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدَّفْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْجُزْءِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَأَتَيْتُمَا بِمَا يُشْبِهُ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا أَوْ بَعْدَ الْعَمَلِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَيْتَ بِمَا يُشْبِهُ وَأَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكِ فَإِنْ نَكَلْتُمَا أَوْ أتيتما بِمَا لَا يُشْبِهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَإِنْ أَتَى أَحَدُكُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ بِمَا يُشْبِهُ دُونَ الْآخَرِ يُخْتَلَفُ هَلِ

ص: 116

الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَتَثْبُتُ الْمُسَاقَاةُ أَوْ تَتَحَالَفَانِ وَتَتَفَاسَخَانِ قَوْلَانِ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ شَرَطْتَ مَكِيلَةً وَالْبَاقِي بَيْنَنَا وَقُلْتَ نِصْفَانِ مِنْ غَيْرِ تَبْدِئَةٍ فَقَدِ اعْتَرَفْتَ لَهُ بِالْأَكْثَرِ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْحَلَالِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبعده وَيحلف قبل الْعَمَل وَأما بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ النِّصْفَ فَلَا يَمِينَ أَوْ أَكْثَرَ حَلَفَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَامِلُ وَأَخَذَ الْفَضْلَ وَإِنْ قُلْتَ نِصْفَيْنِ وَقَالَ بَلْ أَبْدَأُ بِمَكِيلَةٍ فَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ يَحْلِفُ مُدَّعِي الْفَسَادِ مَعَ الْقِيَامِ وَحْدَهُ وَتُفْسَخُ الْمُسَاقَاةُ وَإِذَا قُلْتَ لِي نِصْفُ كَذَا وَلَكَ نِصْفُ كَذَا وَقَالَ بَلِ الْجَمِيع نِصْفَانِ صدقت مَعَ يَمِينك - وان دعيت الْفساد لِأَنَّك لم تقر بِبيع شَيْء من ذَلِك النّصْف

قَاعِدَة - قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَو أعطي النَّاس بدعواهم لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ مُدَّعِيًا وَلَا كُلُّ مَطْلُوبٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ بَلْ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهِرٍ فَهُوَ الْمُدَّعِي الَّذِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ الظَّاهِرُ عَادَةً أَوْ قَرِينَةً حَالِيَّةً أَوْ مَقَالِيَّةً وَكُلُّ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ أَصْلٍ أَو ظَاهر فَهُوَ الْمُدعى عَلَيْهِ وَيصدق مَعَ يَمِينِهِ كَالطَّالِبِ مِنْ غَيْرِهِ دَيْنًا فَهُوَ مُدَّعٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ وُلِدَ بَرِيئًا من حق وكمدعي الْوَدِيعَة بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقَدْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ مَطْلُوبٌ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَدَّعِي إِنْفَاقَ مَالِ الْيَتِيمِ فِي مُدَّةٍ لَا يُنْفَقُ فِيهَا مِثْلُهُ وَهُوَ مَطْلُوبٌ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَالطَّالِبُ مِنْهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ونظائره

ص: 117

كَثِيرَةٌ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الدَّعَاوِى فِي الْمُسَاقَاةِ وَغَيْرِهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ أَرْجَحُهُمَا سَبَبًا وَالْمُدَّعِي هُوَ الْمَرْجُوحُ السَّبَبِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلْتَهُ فِي دَفْعِ نَخْلٍ مُسَاقَاةً فَقَالَ دَفَعْتُهَا لِزَيْدٍ وَصَدَّقَهُ وَكَذَّبْتَهُ أَنْتَ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ لِدَفْعِ الْمَالِ يُكَذِّبُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ يُغَرَّمُ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ إِعْرَاءُ نَصِيبِهِ مِنَ الْمُسَاقَاةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ نَصِفِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ نَخْلةِ أَوْ نَخْلٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِذَا أَعْرَى جَمِيعَ نَخْلِهِ أَوْ نَخْلَة جَازَ نَصِيبُهُ مِنْهَا كَالشَّرِيكِ وَلَيْسَ لِلْمُعَرَّى جَمِيعُ نَصِيبِ الْعَامِلِ مِنَ الْمُسَاقَاةِ فِي هَذِهِ النَّخْلَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْرَيْتَ أَنْتَ

فَرْعٌ - قَالَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْبَعْلِ مِنَ الشَّجَرِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ الْمَاءِ لِحَاجَتِهِ لِلْعَمَلِ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إِنِ اسْتَغْنَى عَنِ السَّقْيِ وَاحْتَاجَ للمؤونة وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا حِفْظُهُ وَحَصَادُهُ وَتَصْفِيَتُهُ امْتَنَعَ لِأَنَّ هَذِهِ مَئُونَةٌ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَهِيَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَيْسَ زَرْعُ الْبَعْلِ كَشَجَرِ الْبَعْلِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي زَرْعِ الْبَعْلِ عِنْدَ الضَّرُورَة وَالْخَوْف عَلَيْهِ قَالَ ابْن يُونُس لَيْسَ تَمْتَنِعُ مُسَاقَاةُ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ لَهُ مَا يَسْقِي لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الدَّوَابِّ وَالأِجْرَاءِ وَتَمْتَنِعُ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ مِنَ الْأَرْضِ لِفَرْطِ الْجَهَالَةِ وَتَمْتَنِعُ بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ سَاقَاهُ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ طَلَعَ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ

ص: 118

امْتَنَعَ أَيْضًا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي زَرْعٍ تَبَعٍ لِلنَّخْلِ وَالشَّجَرِ بِخَيْبَرَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَتَجُوزُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْجَزَرِ وَالْأُصُولِ الْمُغَيَّبَةِ عَجَزَ عَنْهَا أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْقُطْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أَصْلِهِ كَالزَّرْعِ وَجَوَّزَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْبَصَلِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ لِأَنَّهُ ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ وَيشْتَرط فِي ذَلِك كُله ان يَصِلَ إِلَى حَدِّ جَوَازِ الْبَيْعِ وَمَنَعَ مَالِكٌ مُسَاقَاةَ الْقَصَبِ لِأَنَّهُ يُسْقَى بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ وَكَذَلِكَ الْقِرْطُ وَالْبَقْلُ الَّذِي يُجَزُّ وَيُخْلَفُ وَالْمَوْزُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُجْنَى بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَلَيْسَ بِشَجَرٍ فِي أَصْلِهِ

تَمْهِيدٌ - قَالَ وَأَصْلُ قَوْلِهِمْ إِنَّ كُلَّ مَا يُجَزُّ أَصْلُهُ وَيُخْلَفُ يَمْتَنِعُ وَكُلُّ مَا تُجَزُّ ثَمَرَتُهُ وَلَا يُخْلَفُ يَجُوزُ كَانَ أَصْلُهُ ثَابِتًا أَمْ لَا أَوْ تَقُولُ كُلُّ أَصْلٍ ثَابِتٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ يَجُوزُ مَا لَمْ يُجْنَ بَيْعُ ثَمَرَتِهِ وَكُلُّ أَصْلٍ غَيْرُ ثَابِتٍ وَيُجَزُّ مَعَ ثَمَرَته كالزرع والبصل واللفت والجزر والمقاثئ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ وَيَظْهَرَ مِنَ الْأَرْضِ وَكُلِّ مَا يُجَزُّ أَصْلُهُ وَيُخْلَفُ كَالْبَقْلِ وَالْكُرَّاثِ وَالْقَصَبِ وَالْمَوْزِ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا وَاخْتُلِفَ فِي الرَّيْحَانِ وَالْقَصَبِ الْحُلْوِ بِالْمَنْعِ لِأَنَّهُ يُجَزُّ وَيُخْلَفُ كَالْبَقْلِ وَالْجَوَازُ لِلْحَاجَةِ لِلْمُسَاقَاةِ فِي الْجَزَّةِ الْأُولَى دُونَ الْخِلْفَةِ لِأَنَّهَا كَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْأَرْضِ وَقِيلَ الْقِيَاسُ جَوَازُ الْخِلْفَةِ مَعَهُ لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَتَجُوزُ كَبَيْعِهَا مَعَ الْأَصْلِ تَبَعًا وَجَوَّزَهَا أَحْمد فِي كل شجر مثمر وخصصه (ش) بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ الصَّغِيرَيْنِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ثَمَرِهَا قَالَ وَمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا لَا ثَمَرَ لَهُ وَاتَّفَقَ الْإِمَامَانِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الصَّفْصَافِ وَالْجَوْزِ وَكُلِّ مَا لَا ثَمَرَ لَهُ أَوْ لَهُ ثَمَرٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ - كَالصَّنَوْبَرِ وَالْأَرْزِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ وَلِأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ بِجُزْءِ الثَّمَرِ وَلَا ثَمَر فَلَا تجوز لنا جُمْلَةُ صُوَرِ الْخِلَافِ عُمُومُ قَوْلِهِ شَطْرُ مَا يخرج مِنْهَا من ثَمَر أَو زرع ونظرا لِوُجُودِ الْحَاجَةِ فِي جُمْلَةِ تِلْكَ الصُّوَرِ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ

ص: 119

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ سَاقَى نَخْلًا فِيهَا مَوْزٌ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ جَازَ تَبَعًا إِنْ دخل فِي الْمُسَاقَاة وان اشترطها أَحَدكُمَا فالعامل امْتَنَعَ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الزَّرْعِ والقطاني وَنَحْوهَا أَرْبَعَة أَقْوَال الْجَوَاز فِي الْمُدَوَّنَة بِثَلَاث شُرُوطٍ الظُّهُورُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْعَجْزُ عَنْهُ وَعَدَمُ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ لِابْنِ نَافِعٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ قِيَاسًا عَلَى الشَّجَرِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ قَالَ وَأَرَى الْجَوَازَ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ قَبْلَ الْبُرُوزِ مِنَ الْأَرْضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَارِزَ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلِمَالِكٍ الْمَنْعُ فِي الْمَرْسِينِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَجَرًا فَالْمَأْخُوذُ وَرَقُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا يُجَزُّ وَعَنْهُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الشَّجَرِ وَعَلَى الْجَوَازِ لَهُ اشْتِرَاطُ الْخِلْفَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مَعَ الْأَصْلِ وَأَمَّا مُسَاقَاةُ قَصَبِ السُّكَّرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُجَزُّ وَيُخْلِفُ إِنْ كَانَ أَوَّلَ بَطْنٍ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الزَّرْعِ فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ امْتَنَعَ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ فِي الرَّأْسِ وَحْدَهَا وَتَكُونُ إِجَارَةً بَاعَ نَصِفَهَا بِعَمَلِهِ وَيَمْتَنِعُ ضَمُّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَعَ مَا بَدَا وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ إِنَّهَا إِجَارَةُ جَوَازِ ذَلِكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الشَّجَرَةِ وَالنَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَالْقِرَاضِ بِالْمَالِ الْقَلِيلِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا فَلَّسْتَ لَمْ تُفْسَخِ الْمُسَاقَاةُ عَمِلَ أَمْ لَا وَيَبِيعُهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا مَسَاقِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَامِلِ قَبْلَ الْغُرَمَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنَعَ غَيْرُهُ بَيْعَ الْغُرَمَاءِ لَهُ وَتَوَقَّفَ حَتَّى يَرْضَى الْعَامِلُ بِتَرْكِهِ لِأَنَّهُ بيع لَهُ واستثناء ثَمَرَة لِلْعَامِلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا كَانَتِ الْمُسَاقَاة سنة بِجَوَاز بَيْعِ الرُّبُعِ وَالْحَوَائِطِ عَلَى أَنْ

ص: 120

يَقْبِضَهَا بَعْدَ سَنَةٍ وَالْأَجِيرُ بِدَرَاهِمَ عَلَى السَّقْيِ أَحَقُّ بِالثَّمَرَةِ فِي الْفَلَسِ لِأَنَّهُ كَالْبَائِعِ لِمَا تَوَلَّدَ عَنْ مَنَافِعِهِ وَالْأَرْضُ قَائِمَةٌ لَهُ فَهُوَ أَحَق بِمَا لِسِلْعَتِهِ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَمْتَنِعُ مُسَاقَاةُ بيع أَوْ إِجَارَةٍ فِي عَقْدٍ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا فِي اخْتِصَاصِ الْغُرَمَاءِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ بَيَاضُ تَبَعٍ امْتَنَعَ كِرَاؤُهُ وَمُسَاقَاةُ الْحَائِطِ وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ سَوَادُ تَبَعٍ امْتَنَعَتْ مُسَاقَاتُهُ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ وَحْدَهَا

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ مُسَاقَاةُ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي عَقْدِ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَجُوزُ إِنْ كَانَتْ حَائِطا وَاحِدًا مُخْتَلفَة لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ فِي حَوَائِطَ إِذَا كَانَتْ مُسَاقَاةَ كُلِّ وَاحِدٍ إِذَا انْفَرَدَ مِثْلَ مُسَاقَاةِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ وساقى على كل وَاحِدٍ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ فان كَانَت فِي حَائِط وَاحِد غير مُخْتَلفَة يَسِيرَةٍ وَلَا يُسَاقِي النِّصْفَ الْوَاحِدَ لِقِلَّتِهِ فَهُوَ كَالْمُخْتَلِطِ أَوْ كَثِيرَةٌ فَكَالْحَوَائِطِ

فَرْعٌ - قَالَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ ذَوَاتِ الْأُصُولِ كَالنَّخْلِ مَعَ غَيْرِ ذِي أَصْلٍ كَالْقَطَانِيِّ إِذَا كَانَ كُلُّ صِنْفٍ نَاحِيَةً عَنِ الْآخَرِ وَكَانَتِ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا يَجُوزُ أَو كَانَا نقدين فَيجوز فِي ذِي أصل وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ وَفِي غير ذِي الأَصْل اذا برزا وَعَجَزَ عَنْهُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ فِي الْمُخْتَلِطَيْنِ إِذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمُسَاقَاةِ لَوْ أُفْرِدَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ وَكُلّ وَاحِد مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ مُتَنَاصِفًا أَوْ قَرِيبًا مِنَ النِّصْفِ أَوِ الزَّرْعِ الْأَكْثَرِ أَوِ النَّخْلِ الْأَقَلِّ جَازَ كَالْمُنْفَرِدِ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَتِ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ يَعْجِزْ عَنهُ لم

ص: 121

يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْمُسَاقَاةِ وَعَلَى مِثْلِ النَّخْلِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ إِلْغَاؤُهُ لِأَحَدِهِمَا وَلَا أَنْ يَكُونَ جُزْؤُهُ مُخَالِفًا لِلنَّخْلِ وَعَنْ مَالك الْقَلِيل كالثمرة فِي الدَّار المكتراة وَجعله لِلْعَامِلِ خَاصَّةً وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ النَّخْلُ فِي الْأَكْثَرِ فَالزَّرْعُ لِلْعَامِلِ أَوِ الزَّرْعُ الْأَكْثَرُ وَالنَّخْلُ الثُّلُثُ فَأَدْنَى فَثَمَرَتُهُ لِلْعَامِلِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ عَنْهُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْجِدَادِ وَبَقَاءِ نَخَلَاتٍ يَسِيرَةٍ سَقْيُ الْحَائِطِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ وَالْأُصُولِ وَإِذَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةَ الطِّيبِ فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْأَنْوَاعُ الْمُخْتَلِفَةُ إِذَا بَقِيَ بَعْضُهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ الْمُتَأَخِّرُ نَخَلَاتٍ مُتَأَخِّرَةَ الطِّيبِ فَسَقْيُ الْحَائِط عَلَيْك وَقد برِئ من الْحَائِط بِحُصُول الطِّيبِ الْغَالِبِ وَيُوَفَّى نَصِيبَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِ الطِّيبِ فَإِنَّ الْمُتَأَخِّرَ الطِّيبِ الْأَكْثَرَ سَقَاهُ كُلَّهُ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ أَوْ مُتَنَاصِفًا سَقَى الْمُتَأَخِّرَ وَحْدَهُ وَسَقَيْتَ الْبَاقِي وَالثِّمَار الْمُخْتَلفَة لمتأخر الطِّيبِ مَعَ مُتَقَدِّمِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا جَنَى صِنْفًا انْقَضَى حُكْمُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ

فَرْعٌ - فِي الْمُنْتَقَى إِذَا غَارَتْ عَيْنُ الْمُسَاقَاةِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَنْفَقَ الْعَامِلُ إِلَّا مَا لِلْمُتَعَدِّي مِنَ النَّقْصِ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَتَأَخَّرُ قَدْرُ مَالك مِنَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ طَرْحِ الْمَئُونَةِ إِلَى وَقْتِ الْبَيْعِ وَتَكَلُّفِ تَعْجِيلِ ذَلِكَ وَإِنْفَاقِهِ فَإِنْ عُدِمَتْ قِيلَ لِلْعَامِلِ أَنْفِقْ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَتَكُونُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ رَهْنًا بِيَدِكَ وَإِلَّا سَلَّمَ الْحَائِطَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

ص: 122

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَيْكَ وَالْمَئُونَةُ وَهُوَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ بِجُزْءِ الثَّمَرَةِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ اشْتِرَاطُ جُزْءِ الْعَمَلِ عَلَيْكَ فَيَمْتَنِعُ كَالْقِرَاضِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَاقَيْتَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ بِمَا يبْقى امْتنع لانه اشْتِرَاط الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَإِنْ أَلْغَيْتَهُ صَحَّ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَاقَيْتَهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لَهُ جَازَ كَرِبْحِ الْقِرَاضِ إِلَّا أَنْ تُسَاقِيَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَشْهُرٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ فَإِنْ أُلْغِيَ جَازَ عِنْدِي

ص: 123

صفحة فارغة

ص: 124

3

-‌

‌ كِتَابُ الْمُزَارِعَةِ

وَفِيهِ مُقَدِّمَةُ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الزَّرْعِ وَهِيَ عِلَاجُ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ آنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون} وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ شَأْنُهَا أَلَّا تَكُونَ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ الْآخَرُ بِهِ نَحْوَ الْمُضَارَبَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَمُقْتَضَاهُ هَهُنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْرَعُ لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَيُشْكِلُ مَا تُشْكِلُ الْمُسَاقَاةُ وَيُجَابُ هَهُنَا بِمَا أُجِيبَ ثَمَّ وَيُرَاجَعُ مِنْ هُنَاكَ

2

-‌

‌ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَنْفَعَةُ وَلَهَا شَرْطَانِ

ص: 125

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ سَلَامَتُهَا عَنْ مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ أَوْ بَعْضِهَا بِمَا يَمْتَنِعُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم َ - عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ وَمَا عَدَاهُمَا بَيْنَهُمَا أَوْ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِالْبَذْرِ أَوِ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا بِكِرَاءٍ أَوْ مِلْكٍ جَازَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ عِنْدِهِمَا إِذَا كَانَ مُقَابَلَةً مِنَ الْعَمَلِ وَالْبَقَرِ مُسَاوِيَةً أَوِ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِمَا وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا جَازَ إِنْ سَاوَاهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْأَرْضَ مُقَابَلَةٌ بِالْعَمَلِ دُونَ الْبَذْرِ فَمَتَى كَانَ الْبَذْرُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ قُبَالَةَ الْأَرْضِ أَوْ جُزْءًا امْتَنَعَ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَثُلُثَيِ الزَّرِّيعَةِ وَالْآخِرُ ثُلُثَهَا وَالْعَمَلُ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جَازَ لِأَنَّ الْأَرْضَ وَفَاضِلَ الزَّرِّيعَةِ مُقَابَلَةٌ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَخْرَجَ الْعَامِلُ ثُلُثَيِ الزَّرِّيعَةِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ ثُلُثَهَا عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِأَنَّ فَاضِلَ الزَّرِّيعَةِ لِلْأَرْضِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيِ الْأَرْضِ وَثُلُثَ الْبَذْرِ وَالْآخَرُ ثُلُثَ الْأَرْضِ وَثُلُثَيِ الْبَذْرِ وَالْعَمَلُ وَالزَّرْعُ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِسُدُسِ الْبَذْرِ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يُشْتَرَطُ مِنَ الْعَمَلِ عَلَى أَحَدِهِمَا الْحَرْثُ فَقَطْ دُونَ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَل تمّ أَمْ لَا وَلَا كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ فِي تَمَامِهِ يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ أَمْ لَا قَالَ التُّونِسِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ خِلَافٌ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ تَعَادَلَا فِي الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ - وَالْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا أَعْطَاهُ الْآخَرُ نِصْفَ كِرَائِهَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمِثْلِهَا جَازَ إلغاؤها بَينهمَا وَلَو تعَارض فِي الْعَمَلِ وَالْأَرْضِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفَ الْبذر بِثمن

ص: 126

جَازَ إِذَا اشْتَرَاهُ بِمَا يُشْتَرَى مَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ حِصَّةٌ مِنَ الْبَذْرِ وتُكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ اكْتَرَيْتَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَإِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ بَيْنَكُمَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ وَأَخْرَجْتَ الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ خَالَفَ ابْنُ دِينَارٍ مَالِكًا فِي الْجَوَازِ وَجَعَلَهُ كَذَهَبٍ وَعُرُوضٍ بِذَهَبٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا جَائِزٌ بِخِلَافِ الْمُرَاطَلَةِ الشَّرْطُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ التَّعَادُلُ بَيْنَ الْأَشْرَاكِ فِي الْمَخْرَجِ أَوْ قِيمَتِهِ بِحَسَبِ حِصَصِهِمْ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ حَذَرًا مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ إِلَّا فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَلَوْ عقدت على التَّسَاوِي لم تفْسد بِمَا ينفضل بِهِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ لِتَقَدُّمِ الصِّحَّةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمْتَنِعُ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِكَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ نِصْفَانِ وَإِنْ سَاوَى عَمَلُهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِأَنَّكَ أَجَّرْتَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ فَإِنْ نَزَلَ فَالزَّرْعُ لَكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ لَهُ ازْرَعْ بَذْرَكَ فِي أَرْضِي وَهُوَ بَيْنَنَا وَلَوْ أَخْرَجْتَ الْبَذْرَ وَالْبَقَرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْأَرْضَ مُسَاوَاةً وَلَكَ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ امْتَنَعَ لِلتَّفَاضُلِ وَالزَّرْعُ لَكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَتُهُ الشَّرْطُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُون لابد مِنْ خَلْطِ الْبَذْرِ أَوْ جَمْعِهِ فِي بَيْتٍ أَو يحصل الْجَمِيعُ إِلَى الْفَدَّانِ فَيَبْدَأُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِهِ فَيَزْرَعَانِ زَرْعَةً وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدٍ يَزْرَعُ لِلْآخَرِ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي بَيْتٍ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ الِامْتِزَاجِ بِوَجْهٍ مَا وَالشَّرِكَةُ تَقْتَضِي السَّلْطَنَةَ عَلَى مِلْكِ الشَّرِيك بِسَبَب الشياع والخلط فلابد من تحقق السَّبَب بِصُورَة أَوْ مَعْنًى فَإِنْ زَرَعَ أَحَدُهُمَا بَذْرَهُ فِي فَدَّانِ الْآخَرِ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدِ الشَّرِكَةُ لِعَدَمِ الْخَلْطِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ حَبُّهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فَضْلَ الْأَكْرِيَةِ وَيَتَقَاصَّانِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ش) يَمْنَعُ الْمُزَارَعَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْعَمَلُ مِنَ الْعَامِلِ لِيَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ عِنْدِكَ كَالْمُسَاقَاةِ

ص: 127

2

-‌

‌ الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا فَسَدَتْ وَعُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْعَمَلِ فُسِخَتْ فَإِنْ فَاتَتْ بِهِ وَقَدْ دَفَعَ أَرْضَهُ لِمَنْ يَزْرَعُهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ فَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ بِبَذْرِهِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كِرَاؤُهَا وَإِنْ دَفَعْتَ أَرْضَكَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَقُلْتَ أَخْرِجِ الْبَذْرَ وَعَلَيَّ نِصْفُهُ امْتَنَعَ لِشَرْطِ السَّلَفِ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ لِضَمَانِكُمَا الْبَذْرَ نِصْفَيْنِ وتكافئكما فِي غَيْرِهِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الزَّرِّيعَةِ مُعَجَّلًا وَقَالَ سَحْنُونٌ الزَّرْعُ لِمُسَلِّفِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ قَبَضَ رَبُّ الْأَرْضِ حِصَّتَهُ مِنَ الْبَذْرِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْلَفَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ وَلَوْ دَفَعْتَ بَذْرَكَ لِيَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى النِّصْفِ فَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الزَّرْعُ لَكَ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَكِرَاءُ أَرْضِهِ وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَكِيلَةُ الْبَذْرِ وَإِنْ أَخْرَجْتَ الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْأَرْضَ وَتَكَافَأْتُمَا مَا عَدَاهُمَا عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ نِصْفَانِ وَعَلَيْكَ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَكِيلَةِ الْبَذْرِ وَلَا تراجع لعدم التكافئ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا فَاتَتِ الْمُزَارِعَةُ الْفَاسِدَةُ بِالْعَمَلِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَلَمْ يَخُصَّ وَجْهًا مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ أَحَدُهَا الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا أَخْرَجُوهُ وَثَانِيهَا الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَثَالِثهَا الزَّرْع لمن اجْتمع لَهُ شَيْئَانِ أَو انْفَرد بِشَيْء فالزرع بَينهم سَوَاء لِتسَاوِيهِمْ فَإِنِ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ شَيْئَانِ مِنْهَا فَالزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ وَرَابِعُهَا الزَّرْعُ لِمَنِ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ وَخَامِسُهَا الزَّرْعُ لِمَنِ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ وَسَادِسُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا سَلِمَتِ الْمُزَارِعَةُ مَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا

ص: 128

فالزرع على شرطهم ويتعادلوا فِيمَا أَخْرَجُوهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى قُوَّةِ السَّبَبِ فَمَنِ اعْتَقَدَ قُوَّةَ سَبَبِ جَعْلِ الزَّرْعِ لِصَاحِبِهِ وَفِي النَّوَادِرِ أَخْرَجْتُ الْأَرْضَ وَنِصْفَ الْبَذْرِ وَآخَرُ نِصْفَ الْبَذْرِ وَثَالِثٌ الْعَمَلَ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَكُمْ أَثْلَاثًا امْتَنَعَ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْبَذْرِ وَالزَّرْعُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَكَ - عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَغْرَمَانِ الْأُجْرَةَ لِلْآخَرِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ هُوَ لِصَاحِبَيِ الزَّرِّيعَةِ وَعَلَيْهِمَا كِرَاءُ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا قَالَ مُحَمَّدٌ أَصَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لِمَنْ وَلِيَ الْعَمَلَ إِذَا سُلِّمَتِ الْأَرْضُ إِلَيْهِ وَيُعْطَى كِرَاءَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَآخَرُ الْبَذْرَ وَآخَرُ الْبَقَرَ وَآخَرُ الْعَمَلَ امْتَنَعَ وَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي حِرَاثِ الزَّرْعِ فَهُوَ عَلَيْكُمَا وَالتَّفْضِيلُ وَالْحَصَادُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْأَرْضِ الْمَأْمُونَةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِفِعْلِهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجُوزُ مُزَارِعَةُ أَرْضِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً كَجَوَازِ كِرَائِهَا بِغَيْرِ نَقْدٍ فَإِذَا لَمْ تُرْوَ أَوْ عَطِشَتْ فَمُصِيبَتُهَا مِنْكُمَا بِخِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مُشْتَرٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَالشَّرِكَةُ تَقْتَضِي التَّسَاوِيَ فِي الْعَوَارِضِ فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْأَرْضُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي إِبَّانِهَا رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ الْأَرْضُ بِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَائِهَا قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْبَقَرَ فَاسْتُحِقَّتِ الْأَرْضُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فِي إِبَّانِهَا رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْكَ بِنِصْفِ كِرَائِهَا كَأَنَّهُ حَرَثَ لَهُ شَرِيكُكَ نِصْفَهَا وَآجَرَهُ بِالرُّبُعِ بِنِصْفِهَا وَبِنِصْفِ الْبَذْرِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ نِصْفِ الْبَذْرِ وَكِرَاءِ نِصْفِهَا مُعْتَدِلًا رَجَعَ عَلَيْكَ الْمُسْتَحِقَّ أَيْضًا بِرُبُعِ قِيمَةِ عَمَلِ

ص: 129

الْعَامِلِ وَهُوَ الَّذِي أُخِذَ فِي كِرَاءِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْبَذْرِ وَكِرَاءِ نِصْفِ الْأَرْضِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ فَإِنْ كُنْتَ عَدِيمًا اتَّبَعَكَ بِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ شَرِيكَكَ بِرُبُعِ قِيمَةِ الْعَمَلِ وَلَوِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ فَوَاتِ الزِّرَاعَةِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْحَرْثِ وَقَبْلَ الزَّرْعِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لِلشَّرِيكِ فِي حَرْثِهَا

فَرْعٌ - قَالَ أَعْطَيْتَ أَرْضَكَ وَبَذْرَكَ وَبَقَرَكَ على أَن تَأْخُذ الْبذر وتقتسمان فَادَّعَى أَنَّ نِصْفَ الْبَذْرِ لَهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ وَتَتَرَاجَعَانِ الْفَضْلَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْبَذْرُ بَيْنَكُمَا فَادَّعَى الزَّارِعُ أَنَّهُ أَسْلَفَكَ نِصْفَ الْبَذْرِ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالزَّرْعُ تَحْتَ يَدِهِ وَصَاحِبُ الْبَذْرِ مُصَدَّقٌ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا لاعْتِرَافه بِالشّركَةِ وتتراجحان الْفَضْلَ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَلَوْ أَعْطَيْتَهُ أَرْضَكَ حِينَ الْقَلْبِ مُنَاصَفَةً يَحْرُثُهَا ثُمَّ رَوَيْتَ فَقُلْتَ عَلَيْكَ حَرْثُهَا فَخُذْ نِصْفَ الزَّرِّيعَةِ مِنِّي وَقَالَ إِنَّمَا حَرَثْتُ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهَا أَحْرُثُهَا لِنَفْسِي أَوْ قَالَ اكْتَرَيْتُهَا صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْحَرْثَ عَمَلُهُ وَيَدُهُ عَلَيْهِ وَإِذَا قَلَبَ أَرْضَكَ وَقُلْتَ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ شَارَكْتُكَ وَالْأَرْضُ مِنْ عِنْدِي وَالْعَمَلُ وَالْقَلْبُ عَلَيْكَ وَالْبَذْرُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ قَالَ قَلَبْتُهَا عَلَى أَنْ أُقَاسِمَكَ تَزْرَعُ نِصْفَهَا وَأَزْرَعُ نِصْفَهَا أَوْ قَالَ اكْتَرَيْتُهَا صَدَقَ لِحَوْزِهِ بِعَمَلِهِ وَلَوِ ادَّعَى الشَّرِكَةَ وَالتَّسَاوِي فِي الزَّرِّيعَةِ صُدِّقَ مَنْ صَرَفَ الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُزَارِعَةِ إِخْرَاجُ الْبَذْرِ وَيُصَدَّقُ أَبَدًا مَنْ يَدَّعِي التَّسَاوِيَ وَالصِّحَّةَ عَلَى مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوِ اخْتَلَفْتُمَا وَلَمْ تَتَحَاكَمَا وَامْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنَ الْعَمَلِ عَلَى مَا قَالَ فَزَرَعَ نِصْفَهَا لِنَفْسِهِ بِبَذْرِهِ وَأَبْقَى نِصْفَهَا لَكَ فَالْمَزْرُوعُ بَيْنَكُمَا وَتَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ وَلَكَ كِرَاءُ مَا تَعَطَّلَ إِنِ ادَّعَيْتَ الِاعْتِدَالَ كَمَا لَوْ أَبْطَلَ ذَلِكَ بِزِرَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ مُدَّعِي الِاعْتِدَالِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ

ص: 130

الْعَمَلِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مُزَارَعَةٍ لَمْ يَخْتَلِفَا فِيهَا

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا غَلِطَ وَكِيلُكَ فَزَرَعَ أَرْضَكَ بِبَذْرِ امْرَأَتِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّرْعُ لَكَ وَعَلَيْكَ مَكْيَلَةُ الْبَذْرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَلَهُ مَا أَخْرَجَ الْبَذْرُ مِنَ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْبَذْرِ فَلَكَ الْفَضْلُ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بَذَرَ بِالضَّمَانِ وَقَدْ عَطِبَ وَلَوْ أَمَرْتَهُ بِقَمْحٍ فَزَرَعَ شَعِيرًا أَوْ سَمْرَاءَ فَزَرَعَ بَيْضَاءَ قَالَ مُحَمَّدٌ الزَّرْعُ لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ وَإِنْ بَذَرَ مِنْ عِنْدِهِ مِثْلَ بَذْرِكَ فَالزَّرْعُ لَكَ لِوُجُودِ صُورَةِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا تُجْبَرَ فِي إِعْطَائِكَ الْبَذْرَ وَأَخْذِ الزَّرْعِ لِئَلَّا يَكُونَ شِرَاءُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِمَا يُعْطِيهِ وَقِيلَ يَنْتَظِرُ دِرَاسُ الزَّرْعِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْبَذْرُ وَالْفَاضِلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا آجَرْتَهُ بَقَرَةً بِإِرْدَبِّ شَعِيرٍ عَلَى حَرْثِ إِرْدَبِّ شَعِيرٍ فِي أَرْضِكَ فَحَرَثَ الْإِرْدَبَّيْنِ فِي أَرْضِهِ بِغَيْرِهِمَا فَإِنْ عَطِبَ الزَّرْعُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنْ إِرْدَبَّيْنِ وَإِجَارَةُ مِثْلِهِ إِرْدَبٌّ أَوْ أَقَلُّ دُفِعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ مَعَ الْإِرْدَبِّ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ وَدُفِعَ مَا بَقِيَ لِرَبِّ الزَّرِّيعَةِ وَكَانَتْ إِجَارَةُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ إِرْدَبٍّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَحَدُ الْإِرْدَبَّيْنِ وَدُفِعَ مَا بَقِيَ لِصَاحِبِ الزَّرِّيعَةِ فَإِنْ لَمْ يخرج الا إردبا فحوصص بِهِ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا بَذَرَ أَرْضَ جَارِهِ غَلَطًا أَوْ بَنَى فِي عَرْصَتِهِ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَأَمَّا الْبَانِي فَلَا يُعْذَرُ وَيُعْطَى قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا أَوْ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ وَأَمَّا الزَّارِعُ فَلَهُ الزَّرْعُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَهُوَ عَلَى الْغَلَطِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ عَمَدُهُ وَالْفَرْقُ

ص: 131

مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ أَنَّ سُرْعَةَ الزَّرْعِ تُوجِبُ الْغَلَطَ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فِيهِ التَّرَوِّي وَقَالَ سَحْنُونٌ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى جَمْعِ حَبِّهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ مَنْ حَرَثَ أَرْضَكَ لَيْلًا غَلَطًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْرُثْ إِلَّا لِنَفْسِهِ فَإِنْ زَرَعَ أَرْضك إذلالا عَلَيْكَ فَلَكَ قَلْعُ زَرْعِهِ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَالْكِرَاءِ بَعْدَ الْإِبَّانِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ

فَرْعٌ - قَالَ آجَرْتَهُ عَلَى زِرَاعَةِ إِرْدَبٍّ فِي أَرْضِكَ فَخَلَطَهُ بِإِرْدَبِّهِ وَزَرَعَهُ فَهُوَ غَاصِبٌ إِنْ عَثَرَ عَلَيْهِ قبل قرب حَصَاده فَلَا شَيْء لَهُ لِأَنَّهُ غَاصِب أَوْ بَعْدَ قُرْبِ حَصَادِهِ فَلَهُ مِنَ الزَّرْعِ بِحِصَّةِ بَذْرِهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ وَلَوْ زَرَعَ الْإِرْدَبَّ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ الْآنَ وَإِذَا دُرِسَ الزَّرْعُ أَخَذْتَ كُلَّ مَا خَرَجَ مِنْ بذرك الا مِقْدَار بذرك لِأَنَّك أَخَذته أَو لَا تعطيه عمله ومئونته وَكِرَاءَ أَرْضِهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اذا اخْتَلَط زرع الْفَدادِين عِنْدَ الْحَصَادِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى بَذْرِهِ وَتَقْتَسِمَانِ الطَّعَامَ عَلَى عَدَدِ الْكَيْلِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا حَرَثْتَ أَرْضَكَ قَمْحًا وجارك شَعِيرًا فتطاير البذران لأرض الْآخَرِ فَهُوَ لِمَنْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَكُمَا جِسْرٌ أَوْ خَطٌّ فَتَطَايَرَ

ص: 132

الْبَذْرُ فِيهِ فَذَلِكَ بَيْنَكُمَا اتَّفَقَتِ الزَّرِّيعَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ أَرْضِكُمَا

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا حَرَثَا الْأَرْضَ وَغَابَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الزِّرَاعَةِ فَخَافَ الْآخَرُ الْفَوَاتَ فَبَذَرَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزَّرْعُ لِلْبَاذِرِ وَلِلْآخَرِ كِرَاءُ الْأَرْضِ مَحْرُوثَةً لِأَنَّ الزَّرْعَ لِلزَّارِعِ وَلَوْ قَسَّمَ الْأَرْضَ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وَحَرَثَ فِي نَصِيبِهِ لَا يَنْفَعهُ ذَلِك وَعَلِيهِ كِرَاءُ مَا زَرَعَ إِلَّا أَنْ يُقَسِّمَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ فَلَوْ زَرَعَهَا شَرِكَةً فَقَدِمْتَ فَرَضِيتَ جَازَ كَبيع الْفُضُولِيّ وَلَو زَرعهَا لنَفسِهِ امْتنع ان يُعْطِيهِ نصيبك من الْبذر لِيَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَكُمَا لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بَدو صَلَاحه

فرع - قَالَ دَفَعْتَ أَرْضَكَ لِيَزْرَعَهَا وَعَلَيْكَ نِصْفُ الْبَذْرِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ بِشَرْطٍ - وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا وَتَتَكَافَآنِ فِي الْكِرَاءِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الْبَذْرِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ إِذَا شَرَطَ السَّلَفَ لِلزَّرْعِ لَهُ يَأْخُذُ الْبَذْرَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ

فَرْعٌ - قَالَ فَإِنْ أَعْطَيْتَهُ ثَمَنَ نَصِيبِكَ مِنَ الْبَذْرِ فَادَّعَى بَعْدَ الزَّرْعِ عَدَمَ الشَّرِكَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ لَكَ شَيْئًا بَلْ زَرَعَ لِنَفْسِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَالزَّرْعُ بَيْنَكُمَا فَإِنْ صَدَّقْتَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ وَكُنْتَ شَرِيكًا أَوْ أَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتَهُ لَهُ وَالزَّرْعُ لَهُ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِذَا صَدَّقْتَهُ أَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ فَالزَّرْعُ لَهُ وَيَمْتَنِعُ رِضَاكَ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ لِلزَّرْعِ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ

ص: 133

فَرْعٌ - قَالَ أَخْرَجْتَ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَالْآخِرُ الْبَقَرَ وَالْعَمَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ مَكَانًا مُعَيَّنًا - وَالْبَاقِي بَيْنَكُمَا يَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ وَالزَّرْعُ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْبَقِرِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطَ أُجْرَةً مَعْلُومَةً

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُخْرِجُ أَحَدُهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ شَعِيرًا أَوْ صِنْفًا آخَرَ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْمُخْرَجِ صفة ومقدارا شَرْط فَإِنْ نَزَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ الْأَكْرِيَةَ وَعَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ إِذَا اسْتَوَتِ الْقِيَمُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي أَرضين إِحْدَاهمَا بِالشَّام وَالْأُخْرَى بِمِصْرَ يَجُوزُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَا هَذِهِ ثُمَّ يَذْهَبَا لِتِلْكَ فَيَزْرَعَاهَا وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُخْرِجَ بَذْرَ هَذِهِ وَالْآخَرُ بَذْرَ تِلْكَ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي وَالْخَلْطُ

فَرْعٌ - قَالَ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يُحْمَلَ الْبَذْرُ إِلَى الْفَدَّانِ وَيَبْذُرَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِهِ فَيَزْرَعَانِ بَذْرَ أَحَدِهِمَا فِي فَدَّانٍ أَوْ بَعْضِهِ وَزَرِّيعَةُ الْآخَرِ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ إِحْدَى الزَّرِّيعَتَيْنِ فَعَلَيْهِ مَثَلُ نِصْفِ بَذْرِ صَاحِبِهِ إِنْ عَلِمَ وَلَا عِوَضَ لَهُ فِي بَذْرِ صَاحِبِ الْبَذْرِ الْفَاسِدِ لِفَسَادِهِ وَإِلَّا فَلَهُ نِصْفُ بَذْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ بَذْرِ النَّابِتِ - وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا غَرَّهُ أَمْ لَا وَلَوْ عُلِمَ الْغُرُورُ مِنْهُ فِي الْإِبَّانِ فَضَمَانُهَا مِنْهُ وَيُخْرِجُ مَكِيلَتَهَا فَتُزْرَعُ ثَانِيًا وَلَا غُرْمَ عَلَى الآخر

ص: 134

وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ أَخْرَجَا قَفِيزًا آخَرَ فَزَرَعَاهُ - إِنْ أَحَبَّا وَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ - قَالَهُ سَحْنُونٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوَّلًا وَعَنْهُ إِذَا لَمْ تَنْبُتْ إِحْدَاهُمَا بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَ بذره غره أم لَا لتبيين عَدَمِ خَلْطِ الْبَذْرِ أَوَّلًا وَلَوِ اشْتَرَيْتَ بَذْرًا جَيِّدًا وَالْآخِرُ رَدِيئًا فَتَجَاوَزْتَهُ فَزَرَعْتَ بِبَذْرِكَ ثَلَاثَةَ فَدَادِينَ وَزَرَعَ بِبَذْرِهِ فَدَّانَيْنِ ثُمَّ شَاحَحْتَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَدِّي كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ ثَمَنَ نِصْفِ بَذْرِهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى إِذَا صَحَّ الْعَقْدُ ثُمَّ أَخْرَجْتَ بَذْرَكَ فَزَرَعْتَهُ فِي مَوْضِعٍ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ بَذْرَهُ فَزَرْعَهَ فَلَمْ يَنْبُتْ فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَالنَّابِتُ لَكُمَا إِذَا لَمْ يُغَرَّ مِنْ بَذْرِهِ لِأَنَّهُ فَسَادٌ لَمْ يَقْصِدْهُ وَيَتَرَاجَعَانِ الْأَكْرِيَةَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا امْتَنَعَ أَحَدُكُمَا مِنَ التَّمَادِي عَلَى مَا دَخَلَ عَلَيْهِ أُجْبِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم ان لم يبذر لم يجْبر وَإِلَّا أجبر فَإِنْ عَجَزَ عَمِلَ شَرِيكُهُ وَإِذَا طَابَ الزَّرْعُ بَاعَ وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ فَإِنْ فَضَلَ اتبِعَ بِهِ لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِمَا يَلْزَمُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُمَا التَّفَاضُلُ وَلَا أَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ فِي أَرْضٍ زُرِعَ بَعْضُهَا إِلَّا فِيمَا لَمْ يُزْرَعْ مِنْهَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلزَّرْعِ قَبْلَ صَلَاحِهِ

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ ذَهَبَ السَّيْلُ بِالزَّرْعِ فِي الْإِبَّانِ فَأَرَدْتَ إِعَادَةَ الْبَذْرِ وَأَبَى الْآخَرُ لم

ص: 135

يُجْبَرُ لِأَنَّ عَمَلَكُمَا قَدْ تَمَّ بِخِلَافِ ذَهَابِ الْبَذْرِ قَبْلَ الزَّرْعِ أَوِ الثَّوْرِ أَوِ الْعَبْدِ فَلَو أخرجت أَرْضك نصف الْبَذْرِ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَنِصْفَ الْبَذْرِ - فَقَلَّبَ الْأَرْضَ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ فَدَفَعَهَا لِآخَرَ لِيُخْرِجَ عَنْهُ نِصْفَ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ فَالزَّرْعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَسَقَطَ الْأَوْسَطُ لِعَدَمِ مَا بِهِ الشَّرِكَةُ مِنْهُ

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ غِبْتَ وَزَرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَلَمْ تُحْضِرْ زَرِّيعَةً فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ وَلَوْ جِئْتَ بِالْبَذْرِ بَعْدَ الزَّرْعِ امْتَنَعَ أَخْذُهُ لِبُطْلَانِ الشَّرِكَةِ لِعَدَمِ الْخَلْطِ وَهُوَ الْآنُ بَيْعُ الزَّرْعِ قبل بَدو صَلَاحه وَلَو قلت أَقْرِضْنِي الْبَذْرَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لَكَ الْآنَ امْتَنَعَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ الْحَرْثُ فَقُلْتَ حَرْثَةً وَقَالَ حَرْثَتَيْنِ حُمِلْتُمَا عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فَإِنْ عُدِمَتْ فَمَا قَلْتَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِد

ص: 136

1

-‌

‌ كِتَابُ الْمُغَارَسَةِ

وَفِيهَا مُقَدِّمَةٌ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهَا وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ وَأَصْلُهَا أَنْ تَكُونَ لِصُدُورِ الْفِعْل من اثْنَتَيْنِ نَحْو الْمُضَاربَة والمناظرة وَالْمُدَافَعَةِ فَمُقْتَضَاهَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ يَغْرِسُ لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَحَدُهُمَا الْغَارِسُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُضَارَبَةِ فيطالع من هُنَاكَ

2

-‌

‌ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ فَإِن المغارسة مركبة مِنْهَا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْعَمَلُ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُغَارَسَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ إِجَارَةٌ مَحْضَةٌ كَقَوْلِكَ اغْرِسْ أَرْضِي تِينًا وَنَحْوَهُ وَلَكَ كَذَا فَإِنْ كَانَتِ الْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِكَ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْجَوَاز سيمت عَدَدَ مَا يُغْرَسُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا نَعَمْ لَا بُدَّ أَنْ تَصِفَ قَدْرَ الْغَرْسِ فِي الصِّغَرِ

ص: 137

وَالْكِبْرِ لِاخْتِلَافِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَإِنْ كَانَتِ الْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا دَخَلَ فِي اشْتِرَاطِ الْجَصِّ وَالْآجِرِ على الْبناء لانه إِجَارَة وَسلم فأحكامها مُخْتَلفَة إِذا كَانَ الْأَجِير بِعَيْنِه فان أسلم لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَتَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْأَجِيرُ الْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ الْمُعَيَّنُ وَالْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَهَا قِيمَةٌ إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ تَعْجِيلُ الْإِجَارَةِ وَالشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ وَأَنْ يَكُونَ الْغَرْسُ لَا يَتِمُّ إِلَّا فِي مُدَّةٍ طَوِيلَة يستخف فِيهَا مَا بتعجل مِنَ الْغَرْسِ فِي جَنْبِ مَا يَتَأَخَّرُ وَأَمَّا إِنِ اسْتَأْجَرَهُ إِجَارَةً مَضْمُونَةً فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنَّ الْغَرْسَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَهَا قِيمَةٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَضْمُونَةَ كَالسَّلَمِ فَإِنْ قَدَّمَ إِجَارَتَهُ إِلَيْهِ وَضَرَبَ لِلْغَرْسِ أَجَلًا كَقَوْلِكَ اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى غَرْسِ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي شَهْرِ كَذَا وَالْغَرْسُ مِنْ عِنْدِكَ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقُبَالَةِ وَقَدَّمَ نَقْدَهُ الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الْجَعْلِ كَقَوْلِكَ اغْرِسْ أَرْضِي تِينًا أَوْ نَحْوَهُ وَلَكَ فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ تَنْبُتُ كَذَا فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ جَعْلٌ مَحْضٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يُغَارِسَهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا فَلَيْسَتْ إِجَارَةً مُنْفَرِدَةً وَلَا جَعَالَةً بَلْ أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ فِيهِ الشَّبَهَانِ فَيُشْبِهُ الْإِجَارَةَ فِي اللُّزُومِ بِالْعَقْدِ وَالْجَعَالَةُ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْمَغَارِسِ إِذَا بَطَلَ الْغَرْسُ وَلَا يُعِيدُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى الْجَعْلِ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَعَلَى هَذَا الْمُغَارَسَةُ قِسْمَانِ فَقَطْ الْجَعْلُ وَالْإِجَارَةُ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَا وَمَنَعَ (ش) الْقِسْمَ الثَّالِثَ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ شَرِكَةً وَلَا قِرَاضًا وَلَا إِجَارَةً لِعَدَمِ شُرُوط الْأَقْسَام فَلَا تجوز وَقَاسَهَا مَالِكٌ عَلَى الْمُسَاقَاةِ وَتَمْتَنِعُ عَلَى جُزْءٍ من الأَرْض الا أَن يكون الى حد دُونَ الْإِطْعَامِ وَفِي التَّحْدِيدِ بِالْإِطْعَامِ أَوِ السِّنِينَ دُونَ الْإِطْعَامِ أَوْ سَكَتَا

ص: 138

عَنِ التَّحْدِيدِ قَوْلَانِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ أَوِ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا دُونَ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ يُشْتَرَطُ أَمْرَانِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا مَعَ مَا فِيهَا لِئَلَّا يَنْتَفِعَ الْعَامِلُ بِالْأَرْضِ مُدَّةً غَيْرَ مَحْصُورَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الِانْتِهَاءُ الْإِطْعَامَ أَوْ دُونَهُ دُونَ مَا فَوْقَهُ

2

-‌

‌ الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا

قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمُغَارَسَةُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْضَهُ يَغْرِسَهَا نَوْعًا أَوْ أَنْوَاعًا مِنَ الشَّجَرِ يُسَمِّيهَا فَإِذَا بَلَغَتْ حَدًّا سَمَّاهُ فِي ارْتِفَاعِهَا كَانَتِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَيَمْتَنِعُ التَّحْدِيدُ كَمَا بَعْدَ الْإِثْمَارِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَكُونُ نِصْفُ الثَّمَرَةِ لَهُ إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ فَقَدْ آجَرَ نَفْسَهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَبِنِصْفِ الْأَرْضِ وَمَا يَنْبُتُ فِيهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ الْحَدِّ جَازَ وَيَكُونُ إِلَى الْكَمَالِ التَّامِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ فَاسِدٌ حَتَّى يُبَيِّنَا حَدًّا وَلَوْ سَمَّيَا سِنِينَ جَازَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مَأْمُونَةَ النَّبَاتِ وَلَا يَتِمُّ الشَّجَرُ قَبْلَهَا وَإِنِ اشْتَرَطَا أَنَّ كُلَّ نَخْلَةٍ تَنْبُتُ لَهُ فِيهَا حق وَلَا شَيْء لَهُ فِيهَا لَا تَنْبُتُ وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ شَاءَ تَرَكَ وَشَرَطَا حَدًّا مَعْلُومًا جَازَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قُلْتَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَغْرِسَهَا كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً فَإِنْ نَبَتَتْ فَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَهُوَ جَعْلٌ لَا إِجَارَةٌ وَلَهُ التَّرْكُ إِنْ شَاءَ وَعَنْ مَالِكٍ تَمْتَنِعُ الْمُغَارَسَةُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجَعْلِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِنَّمَا يَجُوزُ الْأَجَلُ إِذَا قَالَ اغْرِسْهَا شَجَرَ كَذَا وَلَكَ نِصْفُهَا الْحَدُّ الَّذِي سَمَّيَاهُ عَلَى أَنْ تَقُومَ بِنِصْفِي كَذَا وَكَذَا سَنَةً لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ

ص: 139

عَلَى غَرْسِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَيَأْتِي بِمَا يَغْرِسُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَخْدِمُهُ كَذَا وَكَذَا سَنَةً بِنِصْفِ الْأَرْضِ فَإِنْ بَطَلَ الْغَرْسُ بَعْدَ أَنْ غَرَسَهُ أَتَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِغَرْسٍ مِثْلِهِ يَقُومُ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ الْمُغَارَسَةُ بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ وَمَالِكٌ يَنْظُرُ إِلَى تَصَرُّفِهِمَا لَا إِلَى قَوْلِهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ مَاتَ أَوْ عَاشَ جَازَ أَوْ عَلَى عَمَلِهِ بِعَيْنِهِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ بِتَوَقُّعِ مَوْتِهِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا يمْنَع مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَعْلٌ وَبَيْعٌ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَثْمَرَ النَّخْلُ وَبَقِيَ التَّافِهُ فَهُوَ تَبَعٌ وَالْعَامِلُ عَلَى شَرْطِهِ وَيَسْقُطُ الْعَمَلُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ لَهُ بَالٌ أَوِ النِّصْفَ وَهُوَ مُبَايِنٌ سَقَطَ الْعَمَلُ عَنْهُ فِي الْمُثْمِرِ أَوْ مُخْتَلِطًا سَقَى الْجَمِيعَ وَثَمَرُ مَا أَثْمَرَ بَيْنَهُمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ نَبَتَ يَسِيرٌ وَبَلَغَ الْحَدَّ وَبَطل الْبَاقِي أَو بَطل مِنْهُ يسير وَبَطل الْحَدُّ وَبَطَلَ سَائِرُ ذَلِكَ فَقِيلَ الْقَلِيلُ أَبَدًا تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ قَدْرٌ قَالَهُ ابْنُ عَاصِمٍ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي الثَّابِتِ وَيُبْطَلُ مِمَّا بَطَلَ وَقِيلَ حَقُّهُ فِيمَا نَبَتَ وَمَا بَلَغَ وَيَبْطَلُ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْ يَسِيرًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا تَبَعًا أَوْ غَيْرَ تَبَعٍ وَهُوَ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُغَارَسَةَ فِي الْأَرْضِ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا تَمْتَنِعُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْجَعْلِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا

ص: 140

فَرْعٌ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ حَيْثُ قُلْنَا بِفَسَادِهَا فَإِنْ لم يَجْعَل لَهُ جُزْءا من الأَصْل بَلِ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا أَوِ الشَّجَرُ دُونَ مَوْضِعِهَا فَهَلْ يُجْعَلُ كَالْكِرَاءِ الْفَاسِدِ أَوِ الْأُجْرَةِ الْفَاسِدَةِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمَغْرُوسَ عَلَى مِلْكِ الْغَارِسِ فَيَكُونُ كِرَاءً فَاسِدًا أَوْ مِلْكِ رَبِّ الْأَرْضِ فَتَكُونُ إِجَارَةً فَاسِدَةً وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنَ الْأَرْضِ مَعَ الْفَسَادِ كَالْمُغَارَسَةِ إِلَى أَجَلٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيمَةُ غَرِسِهِ يَوْمَ وَضَعَهُ فِي أَرْضِهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ وَجَمِيعُ الْغَلَّةِ لَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَرْسَ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَرْسِهَا بِنِصْفِهَا وَقِيلَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ وَقَدْ فَاتَ بِالْغَرْسِ فَعَلَى الْغَارِسِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَرْسِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ الْفَاسِدِ يَوْمَ أَخَذَهَا أَوْ يَوْمَ الْغَرْسِ فِيهَا أَوْ يَوْمَ الْفَوْتِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَيَقْلَعُ الْغَارِسُ غَرْسَهُ الا إِلَّا أَنْ تَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَرَوَى يَحْيَى لَكَ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ - قَائِمًا لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الْموضع - وَجَمِيعُ الْغَلَّةِ لِلْغَارِسِ وَهُوَ عَلَى أَنَّ الْغَرْسَ عَلَى مِلْكِ الْغَارِسِ وَقِيلَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فِي نصف الأَرْض فَاتَ بالغرس على الغارس قِيمَته يَوْمَ غَرْسِهِ وَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ عَلَيْكَ فِيهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا يَوْمَ وَضْعِهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ إِلَى وَقْتِ الْحُكْمِ وَقِيلَ يَكُونُ عَلَيْكَ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ قَائِمًا يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهِ لِأَجْلِ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ عَلَيْكَ لِلْغَارِسِ نِصْفُ غَرْسِهِ يَوْمَ بَلَغَ وَأَجْرَتُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِهَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ عَلَيْكَ الْقِيمَةُ فِيهِ مَقْلُوعًا وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ

ص: 141

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَلَا تَكُونُ الْمُغَارَسَةُ فِيمَا يُزْرَعُ سَنَةً بَلْ فِي الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ وَتَمْتَنِعُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجَعْلِ بَلْ لِلْإِثْمَارِ أَوْ قَبْلَهُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا بَطَلَتِ الشَّجَرَةُ بَعْدَ تَمَامِهَا فِي الْمُغَارَسَةِ الْفَاسِدَةِ قَبْلَ أَنْ يُنْظَرَ بَيْنَهُمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ مَا عَمِلَ وَلَا رَدَّ مَا أَنْفَقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ لِيُعَوَّضَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَنْفَقَ لِيَأْخُذَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ وَقَدْ ذَهَبْتَ وَتَمْضِي الْغلَّة لمن اغتلها قبل ذهَاب الشّجر اغلالها جَمِيعًا أَوِ الْغَارِسُ وَلَا يُنْظَرُ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ إِذَا ذَهَبَ الْغَرْسُ الَّذِي تَعَامَلَا عَلَيْهِ وَفَاتَ مَوضِع تَصْحِيحه بِالْقيمَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُعْطَى قِيمَةَ عَمَلِهِ يَوْمَ تَمَّ كَشِرَائِهِ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ فَتَفُوتُ وَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ أَصْبَغَ إِذَا أَعْطَاهُ نِصْفَ الْأَرْضِ عِوَضًا عَنْ غَرْسِهِ النِّصْفَ الْآخَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فَسَدَتْ بِعَدَمِ ذِكْرِ حَدٍّ تَنْتَهِي إِلَيْهِ أَوْ حد مَعْلُوم - الى حد الإثمار دُونَهُ وَفَاتَ فَالْغَرْسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيُلْزَمُ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا بَرَاحًا لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا فَأَفَاتَهَا بِالْغَرْسِ فَإِنِ اغْتَلَّهَا زَمَانًا طَوِيلًا فَمَا اغْتَلَّ فِي نِصْفِهِ الَّذِي أَلْزَمْنَاهُ قِيمَتَهُ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ كَأَنَّكَ أَكَرَيْتَهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَتَرُدُّ أَنْتَ الثَّمَرَةَ الَّتِي قَبَضْتَ إِلَى الْعَامِلِ وَتَأْخُذ مِنْهُ كِرَاء حَالِيًّا يَوْمَ اغْتَلَّهَا وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ غَلَّةُ جَمِيعِ الْأَرْضِ لِرَبِّهَا يَرُدُّهَا الْعَامِلُ وَلَهُ

ص: 142

قِيمَةُ غَرَسِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ الثَّمَرَةَ كَانَ بَيْعُهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم لَو أَخذهَا بِحَدّ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَكَ فِي نِصْفِكَ سِنِينَ مَعْلُومَةً بَعْدَ الْقَسْمِ عَمَلًا مَضْمُونًا عَاشَ أَوْ مَاتَ وَهُوَ عَمَلٌ مَعْرُوفٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ بِيَدِهِ امْتَنَعَ لِلْخَطَرِ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ جَعْلٌ وَبَيْعٌ وَالَّذِي أَنْكَرَهُ أَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَسَادِ وَاغْتَلَّ الشَّجَرُ زَمَانًا وَبَطَلَ الْغَرْسُ لَمْ يَبْطُلْ مَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَهُ غَلَّةُ جَمِيعِ الشَّجَرَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ يَوْمِ اغْتَلَّهَا وَلَهُ عَلَيْكَ قِيمَةُ عَمَلِهِ فِي نِصْفِكَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْحَد الْمُشْتَرط فَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَالْجَعْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَكَ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أعرت أَرْضك عشر سِنِين للغرس وَيسلم اليك بعد الْمدَّة بغرسها ويغتلها هُوَ فِي الْمُدَّةِ يَمْتَنِعُ لِلْجَهْلِ بِحَالِ الْمَالِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ كَالْبُنْيَانِ إِذَا سُمِّيَ مِقْدَارُ الشَّجَرِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا اشْتَرَطَ مَعَ غَرْسِ الشَّجَرِ بِنَاءَ جِدَارٍ حَوْلَهُ أَوْ حَفْرَ سِيَاجٍ وَكَانَ يَخَافُ أَلَّا يَتِمَّ الْغَرْسُ إِلَّا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمَوَاشِي وَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا جَازَ أَوْ لَا يَخَافُ ذَلِكَ وَمَئُونَةُ الْمُشْتَرِطِ يَسِيرَةٌ جَازَ أَيْضًا وَإِلَّا امْتَنَعَ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أصبغ اذا غرس النّصْف قبل عَجَزَ قَبْلَ التَّمَامِ أَوْ غَابَ فَأَقَمْتَ مِنْ

ص: 143

عَمَلِ مَا بَقِيَ أَوْ عَمِلْتَهُ بِنَفْسِكَ ثُمَّ قُدِّمَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ وَكَذَلِكَ الْحَاضِرُ إِذَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ تَرَكَ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ بِالْخُرُوجِ وَيُعْطِي الْمُكَمِّلَ قَدْرَ مَا كَفَاهُ مِمَّا لَوْ وَلِيَهُ هُوَ لَزِمَهُ مِثْلُهُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الْمُغَارَسَةَ وَقَعَتْ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ فَقَطْ أَوِ الشَّجَرَةَ بَيْنَكُمَا وَادَّعَى نِصْفَ الْأَرْضِ بِغَرْسِهَا وَلِلْبَلَدِ عَادَةُ صِدْقِ مُدَّعِيهَا صَحِيحَةً أَمْ لَا وَإِلَّا صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ مُعَامَلَةِ الْإِسْلَامِ وَعَنْهُ إِذَا كَانَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِعَمَلِ الْأَمْرَيْنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ

فَرْعٌ - قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ خَاصَّةٌ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَفَاتَتْ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ وَعَالَجَ حَتَّى بَلَغَتِ الْإِطْعَامَ ثُمَّ هُوَ فِيمَا أَكَلَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَرَةِ عَلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ النِّصْفَ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُكُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِسُدُسِ الثَّمَرَةِ أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ رَجَعَ عَلَيْكَ بِالسُّدُسِ يَوْمَ فُسِخَ الْعَمَلُ بَيْنَكُمَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا سِنِينَ مَعْلُومَةً فَكَمَا تَقَدَّمَ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ لَكَ رَحًى بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِجَمِيعِ أَدَوَاتِهَا فَإِذَا تَمَّتْ فَلَهُ نِصْفُهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ بِجُزْءِ ذَلِكَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ جَعْلٌ وَالْكَلَفُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَيْكُمَا لِأَنَّكُمَا شَرِيكَانِ وَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ والاستحقاق بعد

ص: 144

التَّمَامِ فَإِنْ شَرَطْتَ أَنَّ عَلَيْهِ إِصْلَاحَهَا مَا بَقِيَ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ فَإِنْ فَاتَ بِالْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَهُ عَلَيْكَ نِصْفُ قِيمَةِ مَا بُنِيَ وَأُصْلِحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَصِيرُ الرَّحَى بَيْنَكُمَا وَعَلَيْكُمَا إِصْلَاحُهَا فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى طَحَنَا زَمَانًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا مِنْ يَوْمِ طَحَنَتْ وَإِنْ وَلِيَ هُوَ الطحين فِيهَا للنَّاس فَلهُ الْغلَّة وَعَلِيهِ كِرَاءُ نِصْفِهَا وَتَأتَنفَانِ فِي أَمْرِهَا مَا أَحْبَبْتُمَا فَلَوْ كَانَتِ الْمَرَمَّةُ مِنْ عِنْدِكَ فَهُوَ سَوَاءٌ وَإِنْ كُنْتَ الْعَامِلَ فِيهَا فَلَكَ الْغَلَّةُ وَعَلَيْكَ كِرَاءُ نِصْفِهَا لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا لَمْ يَصْفُ الْبِنَاءُ وَفَاتَ بِالْبِنَاءِ أَوْ بِمَا فِي فَسْخِهِ ضَرَرٌ يَكُونُ بَيْنَكُمَا وَلَكَ قِيمَةُ نِصْفِ أَرْضِكَ وَعَلَيْكَ لَهُ نِصْفُ قِيمَةٍ مَا عَمِلَ وَبَنَى وَتَبْقَى بَيْنَكُمَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ فَرَغْتَ أَمْ لَا لِأَنَّهَا مُجَاعَلَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَوْ شَرَطْتُمَا أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَكُمَا دُونَ الرَّحَى وَفَاتَ لَا يَكُونُ لَهُ فِي الرَّحَى وَلَا فِي الْبِنَاءِ وَلَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعِ الْمُبَايَعَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُ مَاءَهُ وَمَا يَدْخُلُ مِنَ الْكَسْبِ فَالرَّحَى بِمَا فِيهَا لَكَ وَعَلَيْكَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَمَا وُضِعَ فِيهَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَمَّ

ص: 145

صفحة فارغة

ص: 146

1

-‌

‌ كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمُوَاتِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُوَاتُ بِضَمِّ الْمِيمِ الْمَوْتُ وَبِفَتْحِهَا مَا لَا رُوحَ فِيهِ وَأَيْضًا هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا مُنْتَفِعَ بِهَا وَالْمَوَتَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الأَرْض الَّتِي لم تحي وَهُوَ أَيْضًا ضِدُّ الْحَيَوَانِ يُقَالُ اشْتَرِ الْمَوَتَانَ وَلَا تَشْتَرِ الْحَيَوَانَ أَيِ اشْتَرِ الْعَقَارَ دُونَ الرَّقِيقِ وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُ الْكِتَابِ بِالنَّظَرِ فِي الْإِحْيَاءِ وَمَوَانِعِهِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ مَا يَقَعُ مِنَ التَّزَاحُمِ فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَمَنَافِعِ الْبِقَاعِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ وَالْأَعْيَانِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنَ الْأَرْضِ كَالْمَعَادِنِ وَالْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ فِيمَا يَقَعُ النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْإِحْيَاء وَفِيه ثَلَاث أبحاث الْبَحْث الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْإِحْيَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ الْإِحْيَاءُ بِغَيْرِ إِذَنِ الْإِمَامِ وَإِحْيَاؤُهَا شَقُّ الْعَيْنِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ وَغَرْسُ الشّجر وَالْبناء وَالْحَرْث قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرض ذَات بَيَاض وَقَطَعَ مِنَ الْغَيْضَةِ مَا يَسْقِي ذَلِكَ الْبِئْرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يَسْقِي ذَلِكَ الْبِئْرَ وَكَذَلِكَ إِذا لم تكن فِيهَا شعراء وَإِن حَفَرَ الْبِئْرَ لِمَاشِيَتِهِ لِيَسْكُنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَهُوَ

ص: 147

أَحَق بِمَا يَحْتَاجهُ ليسكن وَإِنْ كَانَ لِيَرْعَى غَنَمَهُ وَيَذْهَبَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ إِحْيَاءً وَهُوَ أَحَقُّ بِمَا تَرْعَى غَنَمُهُ وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَفْرُ لِأَجْلِ الْكَلَأِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ لِلتَّمْلِيكِ وَالرَّعْيِ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ إِحْيَاءً وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا نَزَلَ قَوْمٌ وَرَعَوْا مَا حَوْلَهُمْ فَهُمْ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ لِلسَّبْقِ حَقًّا لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِحْيَاءُ مَا تَقْتَضِي الْعَادَةُ أَنَّهُ إِحْيَاءٌ لِمِثْلِ تِلْكَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَطْلَقَ الْإِحْيَاءَ فَيَتَقَيَّدُ بِالْعَادَةِ - وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ إِذَا لَمْ يَسْقَفِ الدَّارَ وَلَا قَسَّمَ الْبُيُوتَ وَقَدْ أَحْيَا لِلسُّكْنَى فَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ وَإِنْ حَفَرَ الْبِئْرَ وَلَمْ يَطْوِهَا فَلَيْسَ بِإِحْيَاءٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَالْإِحْيَاءُ يَقَعُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ سَبْعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا تَفْجِيرُ الْمَاءِ بِالْحَفْرِ وَبِالشَّقِّ وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ والحرث والحرق السَّابِعُ تَكْسِيرُ الْحِجَارَةِ وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا التَّحْجِيرُ ورعي الْكلأ وحفر بِئْر مَاشِيَة فَهِيَ لَيْسَتْ إِحْيَاءً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ

فَرْعٌ - قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا أَحْيَا بِأَجْرٍ مَغْصُوبٍ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَلَّكَهُ لِيَنْتَفِعَ بِإِحْيَائِهِ وَهَذَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعَ بِخِلَافِ الِاصْطِيَادِ بِقَوْسِ الْغَيْرِ أَوْ

ص: 148

سَيْفِهِ وَالْفَرَسُ يُجَاهِدُ عَلَيْهِ لَهُ السِّهَامُ فَفِي هَذِهِ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَنْفَعَةَ لِأَنَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَلَوْ نُزِعَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بَقِيَتِ الثَّمَرَةُ لِلْغَاصِبِ وَهِيَ الصَّيْدُ وَالسِّهَامُ وَلَو نزع الْمَغْصُوب هَهُنَا لم يبْق لَهُ شَيْء الْبَحْث الثَّانِي فِي مَوَانِعِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الْمَانِعُ الْأَوَّلُ الْعِمَارَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مَعْمُورٌ وَإِنِ انْدَرَسَتِ الْعِمَارَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عِمَارَةَ إِحْيَاءٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ هِيَ كَعِمَارَةِ غَيْرِ الْإِحْيَاءِ لَا تملك بالاندراس لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمُوَطَّأِ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ قَالَ مَالِكٌ والعرق الظَّالِم كل مَا أحتفر أَو أَخذ أَوْ غُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوَاتَ لُغَةً مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَلَا يَنْتَفِعْ بِهِ وَمَنْطُوقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْإِحْيَاءِ فِي الْمَيِّتِ وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ تَرَتُّبِهُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَقِيَاسًا لِلْإِحْيَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ وَقِيَاسًا عَلَى تَمَلُّكِ لُقَطَةٍ ثُمَّ ضَاعَتْ مِنْهُ فَإِنَّ عَوْدَهَا عَلَى حَالِ الِالْتِقَاطِ لَا يُبْطِلُ مِلْكَ الْمُتَمَلِّكِ وَوَافَقَ (ش) سَحْنُونٌ وَقَالَ لَا يَسْقُطُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ بِعَوْدِهِ مَوَاتًا إِلَّا إِنْ جَهِلَ الْمُحْيِي بِالْكُلِّيَّةِ كَخَرَابِ عَادٍ وَثَمُودَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ مَعْنَاهُ يَقْتَضِي تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْإِحْيَاءِ وَهَذَا الثَّانِي قَدْ أَحْيَا فَيَكُونُ الْمِلْكُ لَهُ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِحْيَاءَ سَبَبٌ فِعْلِيٌّ تُمَلَّكُ بِهِ الْمُبَاحَاتُ مِنَ الْأَرْضِ وَأَسْبَابُ تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ الْفِعْلِيَّةِ تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَالصَّيْدِ إِذَا تَوَحَّشَ بَعْدَ اصطياده والسمك إِذا انفلت فِي النَّهر وماؤه إِذا حيّز

ص: 149

ثُمَّ اخْتَلَطَ بِالنَّهْرِ وَالطَّيْرِ الْبَرِّيِّ وَالنَّحْلِ إِذَا تَوَحَّشَ وَذَهَبَ وَطَالَ زَمَانُهُ وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ الْقَوْلِيَّةِ لَا يَبْطُلُ الْمِلْكُ بِبُطْلَانِهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُرَدُّ عَلَى مَمْلُوكٍ غَالِبًا فَلَهَا أَصْلُ الْمِلْكِ قَبْلَهَا قَوَّى إِفَادَتَهَا لِلْمِلْكِ وَأَمَّا الْإِقْطَاعُ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا قَوْلِيًّا فَهُوَ حُكْمٌ مِنَ الْإِمَامِ وَأَحْكَامُ الْأَئِمَّةِ تُصَانُ عَنِ النَّقْضِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنْ تَمَلَّكَ الْمُلْتَقَطَ وَرَدَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيهِ الْمِلْكُ وَتَقَرَّرَ فَكَانَ تَأْثِيرُ السَّبَبِ فِيهِ أَقْوَى مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ السَّبَبُ عَلَى مِلْكٍ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ السَّبَبَ إِذَا رَفَعَ مِلْكَ الْغَيْرِ كَالْبَيْعِ وَتَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ كَانَ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَأَمَّا الْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ رَفْعِ الْمِلْكِ الْمُعْتَبَرِ بَلْ يَبْطُلُ ذَلِكَ الْفِعْلُ كَمَنْ بَنَى فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ ذَهَبَ أَثَرُهُ بِذَهَابِهِ وَهَذَا فِقْهٌ حَسَنٌ عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمَذْهَبُ (ش) فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَقْوَى وَأَظْهَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ أَحْيَا الثَّانِي بِحِدْثَانِ خَرَابٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَيُعْطَى قِيمَةَ عِمَارَتِهِ قَائِمًا إِنْ عَمَّرَهَا بِجَهْلٍ وَمَنْقُوضًا إِنْ عَمَّرَ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ وَإِنْ عَمَّرَ بَعْدَ الطُّولِ الَّذِي يُعَدُّ كَالْإِعْرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِيمَنْ أَحْيَاهُ بَعْدَ غَيْرِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَحَقُّ وَالثَّانِي أَحَقُّ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَحْيَا فَالثَّانِي أَحَقُّ أَوِ اخْتَطَّ أَوِ اشْتَرَى فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ وَفِي الصَّيْدِ إِذَا صِيدَ بَعْدَ انْفِلَاتِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ صَادَهُ فَالثَّانِي أَحَقُّ أَوِ ابْتَاعَهُ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ فِي خَرَابٍ عَنِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِنَحْوِ الْمِيلَيْنِ لَا يُعْرَفُ لَهُ

ص: 150

أَهْلٌ صَارَ أَكْوَامًا لَا يُحْيِيهِ أَحَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا بِقَطِيعَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ لِتَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مِلْكٌ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا صَارَتِ الْأَمْلَاكُ الْعَامِرَةُ شِعَارَى وَطَالَ زَمَانُهَا نَظَرَ فِيهَا السُّلْطَانُ وَقَالَ (ح) إِذَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ وَبَادُوا مَلَكَ بِالْإِحْيَاءِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ قِيَاسًا عَلَى اللُّقَطَةِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ رَبُّهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ الْمَانِعُ الثَّانِي حَرِيمُ الْعِمَارَةِ فَيَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَة وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَلَا لِلزَّرْعِ وَلَا لِلْعُيُونِ حَرِيمٌ مَحْدُود إِلَّا مَا أضرّ وَقَالَهُ (ش) فبئر فِي أَرْضٍ رَخْوَةٍ وَبِئْرٍ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ أَو فِي صفاء وَلِأَهْلِ الْبِئْرِ مَنْعُ مَنْ يَبْنِي أَوْ يَحْفِرُ فِي ذَلِكَ الْحَرِيمِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِمُ الْحَفْرُ لِصَلَابَةِ الْأَرْضِ لِمَنْعٍ لِتَعَذُّرِ مُنَاخِ الْإِبِلِ وَمَرَابِضِ الْمَوَاشِي عِنْدَ الْوُرُودِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِبِئْرِ الْعَادِيَةِ مِنَ الْحَرِيمِ خَمْسُونَ ذِرَاعا وبئر الْبَادِيَة خَمْسَة وَعشْرين وَبِئْرِ الزَّرْعِ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَلِلْعُيُونِ خَمْسُمِائَةٍ قَالَ أَشْهَبُ هَذِهِ حُكُومَةٌ تَبْتَدِئُ كَحُكُومَةِ الصَّيْدِ بِقَدْرِ الضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْأَوَّلِ مَنْعُ مَا يُنْقِصُ المَاء وَيمْنَع المرعى وَحَفْرُ الثَّانِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِنْ كَانَتِ الأرضان غير مَمْلُوكَة وَالْمَاءُ الْأَوَّلُ لِلْمَاشِيَةِ أَوِ الْأُولَى مَمْلُوكَةً مُنِعَ الثَّانِي مِنَ الْحَفْرِ حَيْثُ أَضَرَّ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتَا مَمْلُوكَتَيْنِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَحَقُّ - وَإِنْ كَانَ حفره أخيرا لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ

ص: 151

الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَلَيْسَ تَأَخُّرُ حَفْرِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ يَقْطَعُ حَقَّهُ إِلَّا أَنْ يَغْرِسَ الثَّانِي فَيَتْرَكَهُ عَالِمًا بِمَضَرَّتِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَفْرُ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَاخْتُلِفَ إِذَا جَهِلَ السَّابِقُ فَعَنْ مَالِكٍ لِلْحَافِرِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي يَدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَطَّ أَوَّلًا أَوْ أَبَاهُ أَوْ بَائِعه فَلَا يُنْزَعُ بِالشَّكِّ وَعَنْهُ لَا يُمْنَعُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلثَّانِي مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْحَفْرِ هُنَاكَ لعدم تعين الْحَوْز وَإِلَّا مَنَعَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الْمَاءُ إِنَّمَا يَأْتِي مَنْ أَرْضِ الْأَوَّلِ قُدِّمَ أَوْ مِنْ أَرْضِ الثَّانِي لَمْ يَمْنَعْ لِأَنَّهُ مَاؤُهُ وَكَانَ يَصِلُ الْأَوَّلُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ فَلَهُ أَخْذُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَوْ أحدث بِئْرا للنجاسات فأضر بِئْر جَاره ردفتا عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ بُلُوغَ النَّجَاسَةِ كَبُلُوغِ الدُّخَانِ وَغَيْرِهِ وَيَتْرُكُ لِبِئْرِ الزَّرْعِ مَا يَظُنُّ أَنَّ بِئْرَ الْأَوَّلِ يَسْقِيهِ فَإِنْ كَانَ يَعْجِزُ عَنْهُ تَرَكَ لَهُ مَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَطَعَ تِلْكَ الْغِيَاضَ تَرَكَ وَإِنْ كَانَ فَوق مَا يسْقِيه تِلْكَ الْعَيْنُ صَوْنًا لِتَعَبِهِ عَنِ الضَّيَاعِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى عِمَارَةِ مَا يسْقِيه بذلك المَاء ترك غير الْمَعْجُوزِ عَنْهُ هَذَا كُلُّهُ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَفْيِ الضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ حَرِيمُ الْعَادِيَّةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَالْبِئْرُ الَّتِي بِيَدِ صَاحِبِهَا خَمْسُونَ وَبِئْرُ الزَّرْعِ خَمْسُمِائَةٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ حَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَالَّتِي ابْتُدِئَ عَمَلُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ قَطَعَ غِيَاضًا لَا يَسْتَطِيعُ حَرْثَهُ وَلَا عِمَارَتَهُ تُرِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَهُ بَيْعُهُ وَحَرِيمُ الشَّجَرِ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهَا وَنَفْيُ ضَرَرِهَا وَقَدْ قِيلَ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا مِنْ نَوَاحِيهَا وَإِنْ كَانَتِ الشَّجَرَةُ الْآخِرَةُ مثل الأولى ترك بَينهمَا نَحْو الْعشْرين ذِرَاعًا لِتَبْعُدَ الْعُرُوقُ فَلَا

ص: 152

يَزْدَحِمَانِ فِي السَّقْيِ فَإِنْ خُولِفَ ذَلِكَ وَأُشْرِكَتِ الْعُرُوقُ أَوِ الْفُرُوعُ قُطِعَ مَا وَصَلَ لِلْأَوَّلِ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ وَظَاهِرِهَا وَلَوْ بِيعَتْ نَخْلَةٌ وَاشْتَرَطَ حُقُوقَهَا وَفِنَاءَهَا تَرَكَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِيهَا وَإِذَا أَحْيَيْتَ لِلسُّكْنَى وَأَرَادَ الثَّانِي الْإِحْيَاءَ لِلسُّكْنَى فَلَكَ إِبْعَادُهُ عَنْكَ لِئَلَّا يَكْشِفَكَ وَقَدْ قَضَى عُمَرُ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ بِمِائَةِ ذِرَاعٍ حَيْثُ لَا تَبِينُ امْرَأَتُهُ وَلَا يُسْمَعُ كَلَامُهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَبْعُدَ أَكْثَرَ مِنَ الْمِائَةِ وَلَا يُضَيَّقَ عَلَى النِّسَاءِ فِي تصرفهن

فرع - فِي الْجَوَاهِرِ حَرِيمُ الدَّارِ الْمَحْفُوفَةِ بِالْمَوَاتِ مَرَافِقُهَا الْعَادِيَّةُ كَطَرْحِ التُّرَابِ وَمَصَبِّ الْمِيزَابِ وَمَوْضِعِ الِاسْتِطْرَاقِ مِنْهَا وَإِلَيْهَا الْمَانِعُ الثَّالِثُ الْإِقْطَاعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَطَعَ الْإِمَامُ أَرْضًا لِأَحَدٍ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَمِّرْهَا وَلَا عَمَلَ فِيهَا شَيْئًا يَبِيعُ وَيَهَبُ وَيُورَثُ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءً فِي الْفَيَافِي أَو الْقرْيَة وَلَا يُطَالِبُهُ الْإِمَامُ بِعِمَارَتِهَا بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ وَقَالَهُ (ش) قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَقْطَعَهُ أَرْضًا عَلَى عِمَارَتِهَا فَلَهُ الْهِبَةُ وَالْبَيْعُ وَالصَّدَقَةُ مَا لَمْ يَنْظُرْ فِي عَجْزِهِ فَيَقْطَعْهَا لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ان الإقطاع لَا يشْتَرط الْعِمَارَة يُوجِبُ تَرْكَهَا لَهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ عمارتها لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ مِنَ الْعَقِيقِ مَا يصلح لِلْعَمَلِ فَلَمْ يَعْمَلْهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ _ رضي الله عنه _ إِنْ قَوِيتَ عَلَى عَمَلِهِ فَاعْمَلْهُ وَإِلَّا أقطعته للنَّاس فَقَالَ لَهُ أَنَّهُ عليه السلام قَدْ أَقْطَعَنِي إِيَّاهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه عليه السلام قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْكَ فِيهِ شَرْطًا فَأَقْطَعَهُ عُمَرُ رضي الله عنه لِلنَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ بِلَالٌ عَمِلَ شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذا أقطع أَرضًا فَأَعْرض عَنْهَا فبناها

ص: 153

عيره فَهِيَ لِلثَّانِي وَلَيْسَ لِلْعُمَّالِ إِقْطَاعٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ كَالْإِعْطَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَقْطَعَهُ مَوَاتًا طَالَبَهُ بِالْإِحْيَاءِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أَقْطَعَهُ غَيْرَهُ إِذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْجُرَ الْأَرْضَ عَنْ نَفْعِهِ وَنَفْعِ غَيْرِهِ وَهَذَا خِلَافُ النَّقْلِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ عَجْزِهِ قَبْلَ نَظَرِ الْإِمَامِ نُفِّذَتِ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَلَّا تَتَعَطَّلَ الْأَرْضُ مِنَ النَّفْعِ وَالْمُبْتَاعُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَحُلُّ الْبَائِعَ وَالْوَاهِبَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ مِنْ مَعْمُورِ الْأَرْضِ الْعَنْوَةَ لِأَنَّهَا وَقْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا الْإِقْطَاعُ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ وَبَيْنَ الْخِطَطِ كَأَبْنِيَةِ الْفُسْطَاطِ قَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إِقْطَاعُهَا جَائِزٌ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَكُونُ الْإِقْطَاعُ فِي أَرَاضِي مِصْرَ وَلَا الْعِرَاقِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَفَهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَرَاضِي الصُّلْحِ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى أَرْضِهِمْ مِنْ غَيْرِ غَلَّةٍ وَلَا صُلْحٍ يَبْقُونَ فِيهَا عَلَى حَالَةِ إِسْلَامِهِمْ عَلَيْهَا بِمَا هُوَ مَعْمُورٌ مَحْدُودٌ فَمِلْكٌ لِرَبِّهِ وَأَمَّا جِبَالُهُمْ وَأَوْدِيَتُهُمْ وَمَرَاعِيهِمْ فتتقسم عَلَى الْمَوَارِيثِ وَلَا تُمَلَّكُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ وَأَمَّا أَرَاضِي الْعَرَبِ فَمَا لَمْ يُعْرَفْ بِحَيٍّ مِنْ أحيائهم فَلِمَنْ أَحْيَاهُ وَمَا عرف بأحيائهم مِنْ بُطُونِ أَوْدِيَتِهِمْ وَمَرَاعِيهِمْ وَحَازُوهَا بِالسُّكْنَى مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ وَلَا غَرْسٍ بَلْ هِيَ مَرَاعِي وَعَفَاءٌ فَهِيَ لَا تُمْلَكُ مِلْكَ الْمَوَارِيثِ بَلْ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ وَفِيهَا كَانَتِ الْأَئِمَّةُ تَحْمِي وَتُقْطِعُ وَمَا لَمْ يُحَزْ بِعِمَارَةٍ مِنْ أَرْضِ الصُّلْحِ فَهُوَ لِمَنْ أَحْيَاهُ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْعَنْوَةِ وَأَصْلُ الإقطاعات مَا تقدم وأقطع صلى الله عليه وسلم َ - الزُّبَيْرُ مَسِيرَةَ عَدْوِ فَرَسِهِ وَأَقْطَعَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ الْمَانِعُ الرَّابِعُ التَّحْجِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَحْجُرُ مَا يَضْعُفُ عَنْهُ فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ لِمَنْ حَجَرَ قُوَّةً عَلَى الْعِمَارَةِ لِلَّذِي حَجَرَ إِلَى عَامَيْنِ أَوْ

ص: 154

ثَلَاثَةٍ خَلَّاهُ وَإِلَّا قَطَعَهُ لِغَيْرِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يَكُونُ أَوْلَى لِأَجْلِ التَّحْجِيرِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَجَرَهُ لِيَعْمَلَهُ إِلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لَا لِيَقْطَعَهُ عَنِ النَّاسِ وَيَعْمَلَهُ يَوْمًا مَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْعِمَارَةَ بعد زَوَال مَانع من يبس الأَرْض أَوله عَمَلٌ عَلَى الْأَجْرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ فَهُوَ أَحَقُّ فَإِنْ حَجَرَ مَا لَا يَقْوَى عَلَى عَمَلِهِ سَوَّغَ لِلنَّاسِ مَا لَمْ يَعْمَلْ إِذَا لَمْ يَقْوَ عَلَى الْبَاقِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْرِفُ مَالِكُ التَّحْجِيرِ إِحْيَاءً وَلَا مَا قِيلَ مَنْ حَجَرَ أَرْضًا تُرِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَإِنْ أَحْيَاهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا وَقَالَ (ش) التحجير بِالْحَائِطِ وَالشرَاب وَنَحْوِهِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ الْإِحْيَاءَ يُصَيِّرُهُ أَحَقَّ بِهِ مَنْ غَيْرِهِ فَإِنْ تَمَّمَ الْإِحْيَاءَ وَإِلَّا فَلَا شَيْء لَهُ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُبَاحَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْأَسْبَابِ الْمُمَلِّكَةِ لَهَا وَمَا دُونُ ذَلِكَ مِنَ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى إِرَادَةِ تَحْصِيلِ السَّبَبِ لَا يَمْنَعُ الْغَيْرَ مِنْ تَحْصِيلِهِ كَنَصْبِ الشِّبَاكِ لِلْأَسْمَاكِ وَالطَّيْرِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَصِيرُ صَاحِبُهَا أَوْلَى وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَبَقَ بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا انْتَقَضَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَجَرَ وَشَرَعَ غَيْرُهُ فِي الْإِحْيَاءِ فَقَامَ الْمُحْجِرُ فَهُمَا شَرِيكَانِ الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْحِمَى وَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْن وهب انه صلى الله عليه وسلم َ - حَمَى النَّقِيعَ لِخَيْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَهُوَ قَدْرُ مِيلٍ فِي ثَمَانِيَةٍ ثُمَّ زَادَ الْوُلَاةُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَمَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الربوة لِمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَمْسَةَ أَمْيَالٍ فِي مِثْلِهَا وَحَمَى ذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَحمى أَيْضا الشّرف وَهُوَ حِمَى الرَّبَذَةِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ

ص: 155

يحمي إِذا احْتَاجَ للحمى قَالَ سَحْنُون وَلَا حمية إِنَّمَا تَكُونُ فِي بِلَادِ الْأَعْرَابِ الْعَفَاءِ الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا فِي أَطْرَافِهَا حَيْثُ لَا تَضِيقُ عَلَى سَاكِنٍ وَكَذَلِكَ الْأَوْدِيَةُ الْعَفَاءُ وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْقَطَائِعُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ مَوَاتُ أَرْضِ الصُّلْحِ والعنوة إِذا لم تحز وَلَا جرى فِيهِ مِلْكٌ

فَائِدَةٌ - قَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّقِيعُ بِالنُّونِ وَصَحَّفَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحْدَثِينَ بِالْبَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالنُّونِ وَالَّذِي بِالْبَاءِ بِالْمَدِينَةِ مَوْضِعُ الْقُبُورِ وَمَعْنَاهُ بِالنُّونِ بطن من الأَرْض ينْتَفع فِيهِ الْمَاءُ فَإِذَا نَضَبَ أَنْبَتَ الْكَلَأَ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدٍ جَمَعَ أَسْعَدُ الْجُمُعَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَام الْإِحْيَاء فِي الْكتاب فِي معنى قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي وَأَمَّا مَا قَرُبَ مِنَ المعمورة ويتشاح النَّاسُ فِيهِ لَا يَحْيَا إِلَّا بِقَطِيعَةٍ مِنَ الْإِمَامِ نَفْيًا لِلتَّشَاجُرِ بِتَزَاحُمِ الدَّوَاخِلِ عَلَيْهِ كَمَا فعله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمَعَادِنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَحْيَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا غَيْرَ أَنَّ مَنْ أَحْيَا فِي الْبَعِيدِ عَنِ الْعِمَارَةِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لِلْعِمَارَةِ بِهِ فَهُوَ لَهُ أَو فِي الْقَرِيب نظر فِيهِ الْإِمَامُ إِمَّا أَبْقَاهُ أَوْ أَقْطَعُهُ غَيْرَهُ أَوْ يُبْقِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا عَمَّرَ مَنْقُوضًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 156

وَمَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْيِي الْقَرِيبَ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ أَمْضَيْتَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَحَدُّ الْقَرِيبِ مَا تَلْحَقُهُ الْمَوَاشِي وَالِاحْتِطَابُ بِخِلَافِ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَيَصِيرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لَا يُحْيِيهِمَا إِلَّا بِإِذْنِهِ التَّفْرِقَة وبالأول قَالَ (ش) وَبِالثَّانِي قَالَ (ح) المسئلة مَبْنِيَّة على قَاعِدَة وَهُوَ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِطَرِيقِ الْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَبِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ الْقَاضِي الْأَحْكَمُ وَبِطَرِيقِ الْفُتْيَا لِأَنَّهُ الْمُفْتِي الْأَعْلَمُ وَيَتَّفِقُ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِضَافَتِهِ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ ويختلفون فِي بَعْضهَا كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ - لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا شكته لَهُ بِالْبُخْلِ خُذِي لَكِ وَلِوَلَدِكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَجَمَاعَةٌ هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى تَصَرُّفِهِ التَّبْلِيغُ فَمَنْ ظَفِرَ بِحَقِّهِ مِنْ خَصْمِهِ الْعَاجِزِ عَنْهُ أَخَذَهُ من غير علمه ويؤكد أَنه لم يلْزمهَا بِإِثْبَات دَعَوَاهَا وَلَا بِإِحْضَارِ خَصْمِهَا وَلَوْ كَانَ تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ أَوْ بِالْقَضَاءِ لَتَعَيَّنَ ذَلِكَ وَقَالَ قَوْمٌ هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ مَالِ خَصْمِهِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّمَا تَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ بِالْقَضَاءِ وَكَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ قَالَ (ش) هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ غَالِبُ تَصَرُّفِهِ وَقَالَ مَالِكٌ هَذَا تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ سَلْبًا إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَخَالَفَ أَصْلَهُ السَّابِقَ لِمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْجِهَادِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ هَهُنَا هَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا فَلَا يَحْتَاجُ الْإِحْيَاءُ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِالْإِمَامَةِ فَيَحْتَاجُ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ بِالْفُتْيَا مِنْهُمْ مَنْ رَاعَى قَوَاعِدَ مَصْلَحَتِهِ يفرق بَين مَا فِيهِ ضَرَر وَمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِك فَهَذَا الْبَاب فقه هَذِه المسئلة ثمَّ تَأَكد

ص: 157

مَذْهَبُ (ش) بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَسَائِرُ أَسْبَابِ الْمِلْكِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ وَتَأَكَّدَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْغَنَائِمِ وَلِأَنَّهُ مَحْمَلُ اجْتِهَادٍ فَافْتَقَرَ لِلْإِمَامِ كَاللِّعَانِ وَضَرْبِ الْآجَالِ وَلِظَاهِرِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ قَبْلَ الْأَخْذِ فَافْتَقَرَ إِلَى إِذْنٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى إِخْرَاجِ الْخَمُسِ وَتَقْرِيرِ حُقُوقِ الْغَانِمِينَ مِنْ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ وَعَنِ الثَّالِثِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ بَلْ مَحْمُولٌ على الْعَادة وَعَن الرَّابِع أَنه صلى الله عليه وسلم َ - إِمَامُ الْأُمَّةِ وَقَدْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِالْمِلْكِ لِتَصْرِيحِهِ بِذَلِكَ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا عَمَّرَ بِقُرْبِ الْعِمَارَةِ أَرَى أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ هَلْ يَضُرُّ بِالنَّاسِ فِي ضِيقِ الْمَرْعَى وَالسَّكَنِ أَوْ هُوَ شِرِّيرٌ يُخْشَى مِنْ شَرِّهِ هُنَاكَ أَوْ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ وَغَيْرُهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فَيُمْنَعُ أَوْ هُوَ بَعِيدٌ لَا يَضِيقُ وَالْإِحْيَاءُ لِلزَّرْعِ دُونَ الْبِنَاءِ تُرِكَ قَالَ وَلَوْ قِيلَ إِذَا أُخْرِجَ أُعْطِيَ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا لَكَانَ وَجْهًا لِأَنَّهُ بَنَى بِشُبْهَةٍ فَقَدْ أَمْضَاهُ أَشْهَبُ قَالَ سَحْنُونٌ سَوَاءٌ كَانَتْ أَرْضَ صُلْحٍ أَوْ عَنْوَةٍ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا يُنْظَرُ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لِأَنَّ الْعَفَاءَ الْبَعِيدَ خَارِجٌ عَمَّا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَالْإِسْلَامُ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ حِينَئِذٍ

فَرْعٌ - قَالَ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِحْيَاءَ الذِّمِّيِّ وَقَالَهُ (ح) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ إِلَّا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ قَالَ

ص: 158

مَالِكٌ وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْحِجَازُ وَمَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنْ فَعَلَ أُعْطِيَ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ وَأُخْرِجَ وَمَا عَمَّرَهُ فِي قُرْبِ الْعِمَارَةِ أُخْرِجَ وَأُعْطِيَ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا إِذْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهُ إِيَّاهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْمَوَاتَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ وَهِيَ دَارُ إِسْلَامٍ وَقِسْنَا عَلَى الصَّيْدِ وَالْبيع وَنَحْوهَا فَفَرَّقُوا بِأَنَّ الصَّيْدَ يُخَلِّفُ فَلَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْأَرْضُ لَا تُخَلِّفُ وَالْبَيْعُ يَقَعُ بِرِضَى الْبَائِعِ وَلم يرض النَّاس هَهُنَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا عَمَّرَ فِيمَا قَرُبَ مِنَ الْعِمَارَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِنْ أَقَرَّهُ وَإِلَّا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ - مَقْلُوعًا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَفْعَلُ فِيمَا قَرُبَ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ أَمْضَيْتَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْملك الْمَالِك يَمْنَعُ فِيمَا قَرُبَ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أُعْطِيَ قِيمَتَهُ وَنُزِعَ مِنْهُ لِأَنَّ مَا قَرُبَ كَالْفَيْءِ وَلَا حَقَّ لِذِمِّيٍّ فِيهِ النَّظَرُ الثَّانِي فِيمَا يُسْتَفَاد من الأَرْض مِنَ الْمَعَادِنِ وَالْمِيَاهِ وَغَيْرِهَا وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَعَادِنُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ هِيَ لِمَنْ ظَهَرَتْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا وَلِلْإِمَامِ يَرَى فِيهَا رَأْيَهُ يُعْطِيهَا لِمَنْ شَاءَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ وَمَا ظَهَرَ فِيمَا هُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْبَرَارِي مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ وَالْعَنْوَةِ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مُدَّةً مَحْدُودَةً أَوْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ وَلَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا كَمَا يُقْطَعُ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنْهَا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَقْطَعَهَا الْإِمَامُ لِأَنَّ الصُّلْحَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهِيَ هُنَا لِأَهْلِ الصُّلْحِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَنَاوَلَهَا الصُّلْحُ إِذْ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ كُلِّ مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ اتِّفَاقًا وَمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالنُّحَاسِ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلِيهَا الْإِمَامُ كَالْعَنْبَرِ وَجُمْلَةِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ وَلِعَدَمِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَقَالَ (ش) الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالْقَارِ لَا يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ لِأَنَّهَا كَالْمَاءِ والباطنة يقطعهَا

ص: 159

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أُقْطِعْتَ الْمَعْدِنَ فَتَرَكْتَهُ وَغِبْتَ عَنْهُ أَوْ طَالَ عَمَلُكَ فِيهِ وَانْتِفَاعُكَ بِهِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَهُ غَيْرَكَ إِلَّا أَنْ يُقْطِعَكَ حَيَاتَكَ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَلَا حَتَّى يَمُوت أَو تَنْقَضِي الْمدَّة لِأَنَّك ملكك ذَلِك لحكمه لَكَ بِهِ وَلَا يُقْطِعُهُ فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِقَامَةِ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ الْمِيَاهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ خَاصٌّ مُحْرَزٌ فِي الْأَوَانِي وَالْآبَارِ الْمُحْتَفَرَةِ فِي الْأَمْلَاكِ فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَهُ (ش) وَعَامٌّ مُنْفَكٌّ عَنْ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ ضَرْبَانِ الضَّرْبُ الْأَوَّلُ مَا طَرِيقُهُ مُبَاحَةٌ كَالْجَارِي مِنَ الْجَبَلِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ فَيُسْقَى بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُرْسِلُ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْمَاءِ فِي حَائِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ كَعْبَ مَنْ يَقُومُ فِيهِ فَيُغْلِقُ مَدْخَلَ الْمَاءِ وَقَالَهُ (ش) لما فِي الْمُوَطَّأ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي سَبِيل مَهْزُورٍ وَمُذَيْنَبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسَلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ وَهُمَا اسْمَا وَادِيَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَلَمَّا رُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَرَجُلًا تَنَازَعَا فِي شِرَاجٍ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَأَحَدُهُمَا شرج بالإسكان وَهُوَ مجْرى المَاء من الْجِدَار إِلَى السَّهْلِ وَأَصْلُهُ مُجْتَمَعُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الدُّبُرُ شَرَجًا وَالْمَجَرَّةُ شَرَجَ السَّمَاءِ وَالْحَرَّةُ أَرْضٌ مليئة الْحِجَارَةِ سُودِهَا فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلزُّبَيْرِ سَرِّحْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمَاءَ أَيْ أَرْسِلْهُ فَأَبَى الزُّبَيْرُ فَاخْتَصَمَا إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لِلزُّبَيْرِ اسْقِ أَرْضَكَ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ أنْ كَانَ ابْنُ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ

ص: 160

وَجهه صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ يَا زُبَيْرُ اسْقِ أَرْضَكَ وَأمْسِكِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَسْكِينِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ فَوَائِد أَمر صلى الله عليه وسلم َ - قَرِيبَهُ بِالْمُسَامَحَةِ فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ لَهَا مَوْقِعٌ عِنْدَ خَصْمِهِ أَمَرَ قَرِيبَهُ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ لِئَلَّا يَضِيعَ غَبْنًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْجَدْرُ وَالْجِدَارُ الْحَائِطُ وَجمع الْجِدَار جدر وَالْجُدُرُ جُدْرَانٌ كَبُطُنٍ وَبُطْنَانٌ وَالْجَذْرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْأَصْلِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِذَا وَصَلَ الْمَاءُ الْجَذْرَ فَقَدْ وَصَلَ الْكَعْبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ بَلَغَنَا أَنَّهُ إِذَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ الزَّرْعُ أُمْسِكَ حَتَّى يَبْلُغَ النَّعْلَ وَفِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ وَإِمْسَاكُهُ فِي الْجَمِيعِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الرَّيِّ وَقَالَ ابْن وهب يمسك الأول بِقدر حَائِطِهِ مِنَ الْكَعْبَيْنِ إِلَى الْأَسْفَلِ ثُمَّ يُرْسَلُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا وَصَلَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَرَوَى أَرْسَلَهُ كُلَّهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فَإِنِ اخْتَلَفَا بِالِانْخِفَاضِ وَالِارْتِفَاعِ أَمَرَ صَاحِبَهُ بِتَسْوِيَتِهِ فَإِنْ تعذر سقِِي كل مَكَان على حِدته هُنَا إِذا لم يكن احيا الْأَسْفَل قبل الْأَعْلَى فَلَو أَحْيَاهُ للأسفل ثمَّ أَرَادَ غَيره يحيي لِيَنْفَرِدَ بِالْمَاءِ وَذَلِكَ يُفْسِدُ عَلَيْهِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَاءِ فضل لعُمُوم قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - يُمْسِكُ الْأَعْلَى حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ وَيُقَدَّمُ أَقْدَمُ الْمَوْضِعَيْنِ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِن كَانَا مُتَقَابلين قَالَ سَحْنُون يُقَسَّمُ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا لِتُسَاوِيهِمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ قَابَلَ الْأَسْفَلُ بَعْضَ الْأَعْلَى حُكِمَ لِلْمُقَابِلِ بِحُكْمِ الْأَعْلَى وَلِلْآخَرِ بِحَكَمِهِ

ص: 161

الضَّرْبُ الثَّانِي مَجْرَاهُ أَرْضٌ مَمْلُوكَةٌ فَهُوَ لِمَالِكِهَا وَيَمْنَعُهُ إِنْ شَاءَ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ كَجَمَاعَةٍ حَفَرُوا نَهْرًا يَحْمِلُونَهُ إِلَى أَرْضِهِمْ أَوْ فِي أَرْضِهِمْ قَسَّمُوهُ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ بِالْقِلْدِ وَقَالَهُ (ش) وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَصِفَةُ الْقِلْدِ تَخْرِقُ قِدْرًا فِي أَسْفَلِهَا وَتُمْلَأُ بِالْمَاءِ وَتَكُونُ قَدْرَ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مِقْدَارًا يَجْرِي مَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ الْخَرْقِ فَيَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ كُلِّهِ إِلَى أَنْ يَفْنَى مَاءُ الْقِدْرِ وَيَمْلَأَ لَهُمْ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ أَوْ تُثْقَبُ خَشَبَةٌ ثُقْبًا يَجْرِي مِنْهَا الْمَاءُ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِسْطِهِ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ مِنَ الطُّرُقِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَوَائِدُ وَالْقَصْدُ حُصُولُ الْعَدْلِ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَهُوَ بِئْرُ الْفَيَافِي وَالْبَوَادِي لِلْمَاشِيَةِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ بَلْ حَافِرُهَا أَحَقُّ بِمَائِهَا هُوَ وَوَرَثَتُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَا حَظَّ فِيهَا لِلزَّوْجِ وَلَا لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا يُقْصَدُ بحفرها فِي الْعَادَةِ الْخَلَفُ اللَّازِمُ وَالزَّوْجِيَّةُ عَارِضٌ غَيْرُ مُحَقِّقٍ وَمَا فَضَلَ لَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْعَادَةَ الصَّدَقَةُ بِالْفَاضِلِ حَمْلًا لِلْحَفْرِ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ أَشْهَدْ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّمْلِيكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ كَمَا أَحْيَا فِي الْقُرْبِ أَوِ الْبُعْدِ

فرع - قَالَ صَاحب الْمُقدمَات إِذا تشاح أَهْلُ الْبِئْرِ فِي التَّبْدِئَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتْ عَادَةً حَمَلُوا عَلَيْهَا وَإِلَّا اسْتَهَمُوا قَالَ وَذَلِكَ عِنْدِي إِذَا اسْتَوَى قُعْدُدُهُمْ مِنْ حَافِرِهَا وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إِلَيْهِ أَحَقُّ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِلزَّوْجَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ

فَرْعٌ - قَالَ وَالْمَاجِلُ وَالْجُبُّ كَالْبِئْرِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي عَدَمِ مَنْعِ النَّاسِ مِنْ فَضْلِهِ وَقَالَ

ص: 162

الْمُغيرَة لَهُ فِي الْجب الْعَظِيم نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ مَاؤُهُ يُخْلَفُ كَالْبِئْرِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَبْدَأُ أَهْلُ الْمَاءِ حَتَّى يُرْوَوْا ثُمَّ الْمَارَّةُ حَتَّى يُرْوَوْا ثُمَّ دَوَابُّ أَهْلِ الْمَاءِ حَتَّى تُرْوَى ثُمَّ دَوَابُّ الْمَارَّةِ حَتَّى تُرْوَى ثُمَّ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ حَتَّى تُرْوَى ثمَّ الْفضل لمواشي النَّاس وَبَدَأَ أَشهب بدواب الْمُسَافِرين على دَوَاب أهل المَاء لفط الْحَاجة تبعثها للسَّفر فَإِن ضَاقَ المَاء بُدِئَ من أضربه تَبْدِئَةُ صَاحِبهِ أَكْثَرَ بِنَفْسِهِ وَدَوَابِّهِ فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الضَّرَرِ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقُدِّمَ أهل المَاء عِنْد ابْن لبَابَة بِأَنْفسِهِم ودوابهم نظرا لتقدم الِاسْتِحْقَاق وَاسْتِحْقَاق الْمَاءِ ضَعِيفٌ فِي أَصْلِهِ فَيُطْرَحُ عِنْدَ الضَّرَرِ فَإِنْ قَلَّ الْمَاءُ جِدًّا وَخِيفَ الْهَلَاكُ بِالتَّبْدِئَةِ بُدِئَ بِنَفْسِ أَهْلِ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ ثُمَّ الْمُسَافِرُونَ كَذَلِكَ ثُمَّ دَوَابُّ أَهْلِ الْمَاءِ كَذَلِكَ ثُمَّ دَوَابُّ الْمُسَافِرِينَ كَذَلِكَ وَرَوَى ابْن وهب أَنه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ لَا يقطع طَرِيقٌ وَلَا يُمْنَعُ فَضْلٌ وَلِابْنِ السَّبِيلِ عَارِيَةُ الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ وَالْحَوْضِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اداة تعينه ويخلى ببينه الرَّكِيَّةُ وَأَهْدَرَ عُمَرُ رضي الله عنه جِرَاحَاتِ أَهْلِ الْمَاءِ وَأَغْرَمَهُمْ جِرَاحَاتِ ابْنِ السَّبِيلِ حِينَ اقْتَتَلُوا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ أَوْلَى بِالْمَاءِ من أَبنَاء الساقي حَتَّى يردوا

فَرْعٌ - قَالَ هَلْ لِأَصْحَابِ الْأَخْشَابِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْأَنْهَارِ جَرُّهَا وَإِنْ أَخَرَقَتْ سَدَادَ السَّمَكِ قَوْلَانِ

فَرْعٌ - فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جَرَى فَضْلُ مَائِكَ فِي أَرْضِ آخَرَ فغرس آخر

ص: 163

عَلَيْهِ لَيْسَ لَكَ مَنْعُ الْفَضْلِ بَعْدَ ذَلِكَ ولايبعه لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْغَرْسِ إِلَّا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا لِنَفْسِهِ وَيَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ هَلِ السُّكُوتُ إِذَنْ أَمْ لَا وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ فَلَكَ بَيْعه لَهُ إِن كَانَ لَهُ بِغَيْر إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنِ مَنَعَ بَيْعَ الْمَاءِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ قُضِيَ لَهُ بِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْحَطَبِ النَّابِتِ فِي ملكه وَقَالَ (ح) لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - النَّاس شُرَكَاء فِي ثَلَاث المَاء وَالنَّار والكلاء وَقِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الَّذِي يُجْرِيهِ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا يُفَرَّخُ فِي أَرْضِهِ مِنَ الطَّيْرِ أَلَا يَجُرَّهُ فَيَحْمِلَهُ فَيَبِيعَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَبِيعُ مَا فِي مُرُوجِهِ وَحَمَاهُ مِمَّا يَمْلِكُ مِنَ الْأَرْضِ وَمَا سِوَاهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَالَهُ (ش) قِيَاسًا عَلَى صُوفِ غَنَمِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الَّذِي يَمْنَعُهُ وَيَبِيعُهُ مِنَ الْخِصْبِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ مَا فِي حِمَاهُ وَمُرُوجِهِ وَأَمَّا مَا فِي أَوْدِيَتِهِ وَفُحُوصِ أَرْضِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى إِبَاحَتِهِ إِنِ اسْتغنى عَنهُ إِلَّا أَن تضربه إِبَاحَتُهُ فِي زَرْعٍ حَوْلِهِ وَإِذَا أَوْقَفَ أَرْضَهُ لِلْكَلَأِ فَلَهُ مَنْعُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مَنَافِعَهُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ وَلَا يَبِيعُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَلَهُ الْمَنْعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مُحْظَرَةٌ بِحَوَائِطَ فَلَهُ الْمَنْعُ وَالْبَيْعُ احْتَاجَ إِلَيْهِ أَمْ لَا اتِّفَاقًا وَمُرُوجُ الْقَرْيَةِ وَعَفَاؤُهَا لَا تُمْنَعُ وَلَا تُبَاعُ اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَهُ دُخُولُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَرْضٌ تَرَكَ زِرَاعَتَهَا لِيَرْعَاهَا قِيلَ يَمْنَعُهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيَبِيعُهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ

ص: 164

إِلَيْهِ وَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى تَخْلِيَتِهِ لِلنَّاسِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الْمَنْعُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ دُونَ البيع وفحوص أرضه الَّتِي لم يبورها لَهُ الْمَنْعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيَبِيعُهُ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يَبِيعُ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَدِمَ اثْنَانِ إِلَى الْكَلَأِ الْمُبَاحِ فَهْمَا سَوَاءٌ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَنَزَلَهُ وَجَعَلَ يَرْعَى مَا حَوْلَهُ أَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ أُسْوَةٌ لِلنَّاسِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ أَحَقُّ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهِ لِسَبْقِهِ إِنِ انْتَجَعَ إِلَيْهِ وَقَصَدَهُ مِنْ بَعْدُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فَهُوَ أَحَقُّ وَإِلَّا فَلَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا عَجَزَ الْمُسَافِرُ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ دِيَتُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ وَالْأَدب لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْمُوَطَّأِ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَخْذَ الْمَاءِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ بِخِلَافِ الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ مَعَ أَنَّ النَّفْسَ أَعْظَمُ قَالَ وَالْأَوْلَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ الثَّمَنُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمُنْهَارِ وَالْبِئْرِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنَّمَا كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِ أَرْبَاب المَاء لِأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ مَائِهِمْ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْعُدْوَانُ وَإِلَّا أَمْكَنَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا حَرَثَ جَارُكَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَلَكَ مَنْعُهُ فَضْلَ مَاءِ بِئْرِكَ إِلَّا بِثَمَنٍ

ص: 165

إِنْ شِئْتَ لِأَنَّهُ مُغَرَّرٌ بِخِلَافِ الْحَارِثِ عَلَى الْبِئْرِ فَتُهَوِّرُ لَهُ فَضْلَ مَائِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ قِيلَ هُوَ إِذَا انْهَارَتْ بِئْرُ جَارِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ الْبِئْرُ بَين الشَّرِيكَيْنِ يسْقِي هَذَا يَوْمًا فَيَسْقِي أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ يَوْمِهِ نَخْلَهُ فَإِنَّهُ يُعْطِي الْبَقِيَّةَ لِشَرِيكِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَيْسَ لِلَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ تَأْخِيرُ الْإِصْلَاحِ اتِّكَالًا عَلَيْكَ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يلزمك دَفعه وان كَانَ نخله لَا يملك ثَمَرُهُ لَا يَلْزَمُكَ أَيْضًا فَيَكُونُ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى بِئْرٍ وَأَنْ يَخْشَى الْهَلَاكَ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الدَّفْعِ وَأَنْ يَفْضُلَ عَنْكَ وَأَنْ يَشْرَعَ فِي عِمَارَةِ بِئْرِهِ وَحَكَى الْبَوْنِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الثَّمَنِ لِلْمَاءِ عَلَى الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ كَالْمُضْطَرِّ لِلطَّعَامِ

فَرْعٌ - قَالَ الْآبَارُ ثَلَاثٌ بِئْرُ مَاشِيَةٍ وَشَفَةٌ وَزَرْعٌ وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ أَحَقُّ بِحَاجَتِهِ ثُمَّ إِنْ جَعَلَ الْفَضْلَ صَدَقَةً جُعِلَتْ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِلَّا كَانَ فِي مَنْعِهِ الْمُحْتَاجَ قَوْلَانِ نَظَرًا لِمَالِكِ الْعَادَةِ أَوْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ فَإِنْ جَعَلَهُ لِلصَّدَقَةِ فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ لِزَرْعِهِ وَآخَرُ لِمَاشِيَتِهِ بُدِئَ بِأَحْوَجِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا اقْتَسَمَا وَإِنْ جُعِلَ الْفَضْلُ لِأَهْلِ الْمَاشِيَةِ بُدِئَ بِهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ أَهْلُ الزَّرْعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي بِئْرِ الْمَاشِيَةِ إِنْ تَسَاوَوْا فَالْقُرْعَةُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ وَيَدْفَعُ كُلٌّ نِصْفَ ضَرُورَتِهِ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ شَاةٍ وَلِآخَرَ مِائَتَانِ اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْمَاءَ لَوْ سُلِّمَ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ هَلَكَتْ مِائَةٌ فَالْمِائَةُ

ص: 166

هَالِكَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ لِأَنَّ نِصْفَ الزَّرْع للكثير هَالك جزؤها وَإِنْ كَانَ يَكْفِي زَرْعَ أَحَدِهِمَا وَنِصْفَ الْآخَرِ اقْتَسَمَاهُ أَثْلَاثًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَضْلُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَشَأْنُهُمْ بَيْعُ الْمِيَاهِ فَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ إِلَّا إِنِ انْهَارَتِ الْبِئْرُ فَيُقْضَى لِرَبِّهَا بِالثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَادَةُ الْبَيْعَ فَفِي مَنْعِهِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ وَعَدَمُ الْمَنْعِ فِي الْفَضْلِ أَحْسَنُ تَكْثِيرًا لِلْمَعْرُوفِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ ادِّعَاءَ الْمِلْكِيَّةِ وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُونَ عَلَى الْمَاشِيَةِ إِنْ كَانُوا عَلَى ظَهْرٍ لِأَنَّ الْمَاءَ يُخْلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا نَازِلِينَ قدمت الْمَاشِيَة ان اضربها تَبْدِئَةُ الْمُسَافِرِينَ لِقُدْرَةِ الْآدَمِيِّ عَلَى التَّحَيُّلِ بِخِلَافِهَا وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهِ مُنِعَ الْمُسَافِرُونَ مِنْهُ وَإِنْ أَضَرَّ شُرْبُهُمْ بِالزَّرْعِ مُنِعُوا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِحْقَاقُ الْبِئْرِ لِلْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ وَإِنَّمَا لِغَيْرِهِمَا الْفَضْلُ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ مِنْ رَدِّهِمْ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يُمْنَعُوا إِنْ فَضَلَ عَنْ شرب أهل الْموضع وَإِنَّمَا يجتاجونه لِلْمَاشِيَةِ أَوِ الزَّرْعِ وَنَفَاسَةُ الْآدَمِيِّ عِنْدَ تَعَّيُّنِ الْهَلَاكِ فَإِنْ نَقَصَتِ الْمَاشِيَةُ أَوِ الزَّرْعُ ضَمِنُوا النَّقْصَ كَضَمَانِ الْمُضْطَرِّ لِلطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فضل وَصرف المسافرون إِلَى غَيره هَلَكُوا لَهُم أَخذه بِالثّمن ان كَانَ شَأْنهَا الْبَيْعَ وَإِنْ كَرِهُوا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ثمن وهم فُقَرَاء اخْتلف هَل يتبعوا إِذَا أُيْسِرُوا قِيَاسًا عَلَى مَنْ وَجَبَتْ مُوَاسَاتُهُ لِفَقْرِهِ وَإِنْ كَانُوا مَيَاسِيرَ فِي بِلَادِهِمُ اتُّبِعُوا فَإِنِ امْتَنَعُوا مِنْ دَفْعِهِ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِتَالَهُمْ لِمَنْعِهِمُ الْوَاجِبَ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ أَحَدَ العملين لَازِمٌ فَلَا يُشْرَعُ الْقِتَالَ كَالصِّيَالِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ النَّاسُ أَوْلَى بِفَضْلِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَصَاحِبُ بِئْرِ الزَّرْعِ أَوْلَى بِفَضْلِهِ

ص: 167

لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ لِلتَّمْلِيكِ آكَدُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ شِرَاءُ شُرْبِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ دُونَ الْأَصْلِ وَشِرَاءُ أَصْلِ شُرْبٍ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مِنَ النَّهْرِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عَادَةً وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ قَدْ قُسِّمَتْ فَإِنْ لَمْ تُقَسَّمْ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ مِنَ الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ فَلَا شُفْعَةَ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْمَاءِ إِذَا لَمْ تُقَسَّمِ الْأَرْضُ تَبَعًا لَهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَجْرِي مَجْرَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ

فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُرْوَى نَقْعُ بِئْرٍ وَرَهْوُ بِئْرٍ وَهُوَ الْمَاءُ الْوَاقِفُ الَّذِي لَا يُسْقَى عَلَيْهِ أَوْ يُسْقَى وَفِيهِ فَضْلٌ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {واترك الْبَحْر رهوا} والماشية إِذْ لَمْ تَشْرَبِ الْمَاءَ لَا تَأْكُلُ الْكَلَأَ فَصَارَ مَنْعُ الْمَاءِ مَنْعَ الْكَلَأِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ نَقْعُ الْبِئْرِ بِالْقَافِ السَّاكِنَةِ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَرُوِيَ بِالْفَاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَهُوَ كُلُّ مَا اسْتَقَرَّ فِيهَا وَقِيلَ أَصْلُ مَائِهَا وَقِيلَ الْجَارُ تَنْهَارُ بِئْرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ فَضْلَهُ لِإِحْيَاءِ زَرْعِهِ وَقِيلَ الْبِئْرُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَبْقَى مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ شَرِيكِهِ وَقِيلَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَلْقَى فِيهِ مَا يُكْنَسُ مِنَ الْبِئْرِ وَقِيلَ مَخْرَجُ سَيْلِ الْمَاءِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَنْعِ بيع المَاء على الْعُمُوم وَنَحْوه فِي العتيبة وَالْكَلَأُ مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ مَفْتُوحُ الْكَافِ الْعُشْبُ وَمَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الْمَوَاشِي

ص: 168

فرع - فِي الْكتاب لَك أَرض بَين أرضه لَكَ مَنْعُ جَرْيِ الْمَاءِ فِي أَرْضِكَ مِنْ أَرْضِهِ لِأَرْضِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ فِي أَرْضِكَ فَأَرَادَ تَحْوِيلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ أَقْرَبَ لِأَنَّكَ مَالِكٌ لِمَنَافِعِ أَرْضِكِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا بِرِضَاكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي أَرْضِكَ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّحْوِيلُ لِمَكَانٍ أَقْرَبَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَرَادَ تَحْوِيلَهُ لِمَوْضِعٍ لَا يَضُرُّ أَوْ أَرَدْتَ ذَلِكَ فَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ فِي الْمَنْعِ وَعَنْهُ جَوَازُ التَّحْوِيلِ دُونَ إِنْشَاءِ الْمَجْرَى حَذَرًا مِنَ التَّحْوِيلِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ أَحْيَيْتَ بعده بَين بئره وأرضه لَهُ إِجْرَاءُ الْمَاءِ فِي أَرْضِكَ لِأَنَّكَ مَنَعْتَهُ حَقَّهُ وَإِلَّا فَلَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يُمْنَعُ من الصَّيْد فِي الْبِئْر الَّتِي فِي أَرْضك مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا تَبِيعُ سَمَكَه سَنَةً لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَلَكَ بَيْعُ الْخِصْبِ مِنْ أَرْضِكَ مِمَّنْ يَرْعَاهُ عَامَهُ ذَلِكَ بَعْدَ نَبَاتِهِ وَلَا تَبِيعُهُ عَامَيْنِ لِلْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ لَكَ مَنْعُ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ فِي مَلِكِكَ وَحَوْزِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ طَرَحْتَهَا فَوَلَدَتْ فَلَكَ مَنْعُهَا لِأَنَّهَا مِنْ مَالِكَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ وَقَفَ غَدِيرًا فِي أَرْضِهِ لِلْحَرْثِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مَنَافِعَهُ وَسَحْنُونٌ يُجَوِّزُ بَيْعَ حِيتَانِ الْغَدْرِ مُطْلَقًا وَلَا يُرَاعَى أَرْضُهُ لِأَنَّهَا فِي حَوْزِهِ وَمَلِكِهِ قَالَ عبد الْملك

ص: 169

فِي مصائد الْحِيتَانِ فِيمَا هُوَ فِي أَرْضِهِمْ وَإِلَّا فَلَا وَلَو عمِلُوا مصائد مِنْ خَشَبٍ لَيْسَ لَهُمُ الْحَجْرُ عَلَى النَّاسِ لَكِن يبدؤون ثُمَّ النَّاسُ بَعْدَهُمْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْجَمَاعَةِ عَلَى النَّهْرِ أَنْ يَنْصِبَ مَا يَمْنَعُ الْحِيتَانَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يسْتَحق بالتقدم لِأَنَّهُ متكرر فان كَانَ النصب إِذَا قَلَعَ لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ خُيِّرُوا بَيْنَ أَمْرِهِ بِالْقِلْعِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ وَإِلَّا خُيِّرُوا بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا أَوِ الشَّرِكَةِ فِيهِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَ فِي الْقَرْيَةِ غَامِرٌ فَأَرَادُوا خَرْقَهُ وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقَسِّمُونَهُ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ إِنِ ادَّعَوْهُ لأصل الْقرْيَة لتتبع الْأَجْزَاءَ كَمَا تَبِعَتِ الْجُمْلَةُ الْجُمْلَةَ وَعَلَى عَدَدِ الرؤوس إِنِ ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ كسلعة ادَّعَاهُ اثتان وَكَسَاحَةِ الدَّارِ ذَاتِ الْبُيُوتِ هَذَا إِذَا كَانَ دَاخِلَ الْقَرْيَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ لِتَعَلُّقِ حَقهم بِهِ قَالَ أَصْبَغُ هَذَا إِذَا اجْتَمَعَ جُلُّهُمْ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ عِمَادُ أَمْرِهِمْ وَالْمَشْهُورُ كِفَايَةُ طَلَبِ بَعْضِهِمْ كَالْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْقَرْيَةِ فَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ كَالَّذِي دَاخَلِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَسَّمُ وَإِنِ اتَّفَقُوا لما فِيهِ من الرِّفْق لعامة الْمُسلمين والاحتطاب والرعي الا أَن يثبت أَنه من خير قربتهم فَيُقَسَّمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ شَرْقِيَّةٍ وَغَرْبِيَّةٍ أَوْ شَمَالِيَّةٍ وَجَنُوبِيَّةٍ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ قِسْمَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ بِالسَّهْمِ بَلْ يُعَدَّلُ بِالْقِيمَةِ وَيُجْعَلُ نَصِيبُ كُلِّ قَرْيَةٍ مِمَّا يَلِيهَا نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَبِدُخُولِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الشِّعَارَى الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ

ص: 170

الْقرى لَا تجْرِي مجْرى الْموَات يُقْطِعُهَا الْإِمَامُ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِهِمْ بِهَا إِنَّمَا الْمَوَاتُ العفاء وَمَا لَا يتَنَاوَلهُ مواشيه وَجَوَّزَ الْفَضْلُ إِقْطَاعَ مَا قَرُبَ مِنَ الْقُرَى فَإِن كَانَ الغامر حذاء القريتين لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْقِسْمَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِهَا فَلَا يُقَسَّمُ بِالسَّهْمِ بَلْ يَعْدِلُ لِكُلِّ قَرْيَةٍ مَا هُوَ جَارُهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْفَحْصَ الْعَظِيمَ يُرْعَى فِيهِ النَّاسُ وَيَحْتَطِبُونَ لَا يُقَسِّمُهُ أَهْلُ الْمَنَازِلِ الْمُحِيطَةِ بِهِ وَلَا أَنْ يَرْتَدُّوا إِلَى غَامِرِهِمْ مِنْهُ فَيَمْلِكُوهُ لِضَرَرِ ذَلِكَ بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيِّزِ الْمَنَازِلِ وَفِي النَّوَادِرِ قَرْيَةٌ فِيهَا ذِمِّيُّونَ وَمُسْلِمُونَ وَلَهَا بُورٌ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ كَانَتْ عَنْوَةً فَالْبُورُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْعَنْوَةِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا فِي بُورٍ مَلَكَهُ أَهْلُ الْعَنْوَةِ وَحَمَوْهُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فَإِنْ كَانُوا صُلَحَاءَ فَالْبُورُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يحوزه الْمُسلمُونَ عَنْهُم الزَّمَان الطَّوِيل لِأَن عقده الصُّلْحِ يَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ وَحَرِيمَهَا فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الذِّمَّةِ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّعْرَاءِ لِأَنَّا عَلَى صُلْحٍ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى عَنْوَةٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَهْلِ الصُّلْحِ مَعَ الشَّعْرَاءِ مَا يَلِيهِمْ بِقَدْرِ مَلِكِهِمْ مَعَ الْقَرْيَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِيمَا بَعُدَ مِنْهَا وَمَا يَلِي الْمُسلمُونَ فَلِجَمَاعَتِهِمْ إِذَا لَمْ يُوقِفُوهُ - كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه لمصر وَالْعراق بِقدر ملكهم من الْقرْيَة مِمَّا قَرُبَ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْقُرَى وَمَا بَعدَ مَوَات وَالصُّلْحِ وَالْعَنْوَةِ إِنَّمَا يَدْخُلَانِ فِي الْمَعْمُورِ وَحَرِيمِهِ فَإِنْ جَهِلَتِ الْقَرْيَةُ أَصُلْحٌ أَمْ عنْوَة وفيهَا الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْوَارِثُ وَغَيْرُهُ - وَكَلٌّ يَدَّعِي الشَّعْرَاءَ لِنَفْسِهِ أَوْ بَعْضَهَا قُسِّمَتْ عَلَى عَدَدِهِمْ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِمَّنْ بَلَغَ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَسْبٌ لِتَسَاوِي دَعَاوِيهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا خَرَجَ أَحَدُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَبَنَى فِي أَرْضٍ خَارِجهَا

ص: 171

بِأَمْيَالٍ وَسَكَنَ وَبَيْنَ مَوْضِعِهِ وَبَيْنَ الْقَرْيَةِ شَعْرَاءُ كَانَ هُوَ وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ يَرْعُونَ فِيهَا فَتَشَاحُّوا فَالشَّعْرَاءُ لِلْقَرْيَةِ وَلَا أَقْسِمُ لَهُ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا مِنْ حَرِيمِ الْقَرْيَةِ وَقَدْ أَعْرَضَ عَنِ الْقَرْيَةِ فَبَطَلَ حَقُّهُ مِنْ حَرِيمِهَا

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خَرِبَةٌ بَيْنَ الْقُرَى لَمْ تُعَمَّرْ مُنْذُ دَخَلَ الْعَرَبُ وَلَهَا بَيَاضٌ نَحْوُ ثَلَاثِينَ إِرْدَبًّا وَبِئْرٍ فَعَمَّرَهَا صَاحِبُهَا أَوِ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَطَالَ انْتِفَاعُهُمْ جَمِيعًا بِشَعْرَاءَ بَيْنَ الْخَرِبَةِ وَالْقُرَى نَحْوَ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَشَاحُّوا فَلَا حَقَّ لِصَاحِبِ الْخَرِبَةِ فِي الشَّعْرَاءِ وَلَو كَانَت مسكونة مُنْذُ دخل الْعَرَب فلهَا حق فِي الشُّعَرَاء لِأَن الْعِمَارَة هِيَ الَّتِي توجب اسْتِحْقَاق الْغَرِيم وَمَا عَمَرَ رَبُّ الْخَرِبَةِ فِي الشَّعْرَاءِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فَلَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى قِيمَةُ عِمَارَتِهِ إِنْ كَانَتْ لَمْ تُعَمَّرْ مُنْذُ دَخَلَ الْعَرَبُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْخَرِبَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي الشَّعْرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فِي الشَّعْرَاءِ حَقًّا بِجِوَارٍ وَكَذَلِكَ الْكَنَائِسُ الْعَامِرَةُ وَالْمَحَارِسُ وَالصَّيْدُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الشَّعْرَاءِ وَلَكِن تتْرك للخرائب وبجميع ذَلِكَ مِنَ الشَّعْرَاءِ طُرُقُهَا وَأَفْنِيَتُهَا وَمَدَاخِلُهَا وَمَخَارِجُهَا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّ لَهَا مِنَ الشَّعْرَاءِ شَيْئًا لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لَمْ تُوضَعْ لِلسُّكْنَى بِخِلَافِ الْقُرَى فَلَوْ عَمَّرَ أَهْلُ الْخَرَائِبِ خَرَائِبَهُمْ حَتَّى صَارَتْ قُرًى قَبْلَ قِسْمَةِ الشَّعْرَاءِ فَلَهُمْ مُقَاسَمَةُ الْقُرَى فِيهَا كَمَا لَوْ أَقْطَعَ الْإِمَامُ فِي حَوَاشِي الشَّعْرَاءِ مَوَاتًا فَعَمَّرَ قَرْيَةً فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنَ الشَّعْرَاءِ إِذَا جَاوَرَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا النَّفَرُ الْيَسِيرُ فَلَا يُقْسَمُ لَهُمْ إِلَّا الِاسْتِطْرَاقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 172

وَسَوَّاهَا ابْنُ نَافِعٍ بِالْقُرَى فِي الْقِسْمَةِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذِمِّيٌّ لَهُ قَرْيَةٌ وَخَرِبَةٌ بَاعَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَتَنَازَعَا الشَّعْرَاءَ الَّتِي بَينهمَا يُعْطي للخربة حَقّهَا لِأَن مسلكه انْتقل إِلَيْهَا عَلَى صُورَتِهِ فِي الْحُقُوقِ بِخِلَافِ الْخَرِبَةِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ عِمَارَةٌ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الْخَرِبَةَ انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا كَانَ لَهَا حَقٌّ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اشْتَرَى خَرِبَةً وَاشْتَرَطَ غَامِرَهَا فَبَنَاهُ وَقَطَعَ شَجَرَهُ فَظَنَّ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِالْإِحْيَاءِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالْخَرِبَةِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِالْفَاضِلِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ لِدُخُولِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَخْذُ عِمَارَتِهِ فِيمَا قَطَعَ مِنْهَا فَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَلَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ

فرع - قَالَ قَالَ عبد الْملك قَرْيَة لَهَا شَعْرَاءُ وَأَحَاطَتْ أَرْضُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ الشُّعَرَاء فَصَارَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ هُوَ أَحَقُّ بِمَا أَحَاطَ بِهِ فِي أَرْضِهِ مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ عَلَى مِلْكِهِ الطُّرُقُ فَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَرْضِهِ فَلَا لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَالْمُرُوجِ وَالْأَحْمِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ فِي الْقُرَى كَالشَّعْرَاءِ إِذَا أَحَاطَتْ أَرْضَهُ بِذَلِكَ مَعَ كُلِّ جَانِبٍ

فَائِدَةٌ - الغامر بِالْغبنِ الْمُعْجَمَةِ ضِدُّ الْعَامِرِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ كَالصَّالِحِ وَالطَّالِحِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا عَمَّرَ فِي غَامِرِ الْقَرْيَةِ غَيْرُ أَهْلِهَا بِحُضُورِهِمْ فَهُوَ كَمَنْ

ص: 173

حَازَ مَالَ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ غَيْرَ أَنَّ مُدَّة الْحِيَازَة هَهُنَا أطول مِمَّا يعتذ ربه مِنِ افْتِرَاقِ سِهَامِهِمْ وَقِلَّةِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَدُونَ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْأَصْهَارِ وَهَذَا إِنِ ادَّعَى شِرَاءَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَوْ هِبَةً وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى أَصْلِ ابْن الْقَاسِم ان عَامر الْقَرْيَةِ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُمْ وَلَا بقسمه إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ لَهُمْ فَمَا عَمَّرَهُ لَهُ وَإِذَا أَخْرَجُوهُ هَلْ لَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ منقوضا أَو قَائِما وَهُوَ الأنظر إِنْ قَامُوا بِحِدْثَانِ الْعِمَارَةِ النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي التراحم فِي الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَغَيْرِهَا وَدَفْعِ الضَّرَرِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ نَارًا فَوَصَلَتْ إِلَى زَرْعِ جَارِهِ فَأَفْسَدَتْهُ فَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ وُصُولُهَا وَإِنَّمَا حَمَلَهَا رِيحٌ أَوْ نَحْوُهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِلَّا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَمَنْ قُتِلَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَامُوا لِلنَّارِ لِيَرُدُّوهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَدَمَهُمْ هَدْرٌ - لَا دِيَةَ وَلَا غَيْرَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَافَقَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي النَّارِ وَخَالَفَهُ فِي الْمَاءِ وَقَالَ إِنْ كَانَ يُسَيِّرُ الْمَاءَ بِالرَّدِّ فَأَغْفَلَ حِينَ تَسْرِيحِهِ ضَمِنَ وَإِنْ وَلِيَهُ الْخِدْمَةَ ضمن وان حَبسه تحامل عَلَى الْجِسْرِ بِغَيْرِ خَرْقٍ وَلَا ضَعْفٍ مِنَ الْجِسْرِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ محسرة فتحامل المَاء بِالرِّيحِ أَو لزِيَادَة لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ سَبَبِهِ

ص: 174

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ يُمْنَعُ فَتْحُ الْكُوَّةِ يُكْشَفُ مِنْهَا الْجَارُ وَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ يُوقَفَ عَلَى سَرِيرٍ فَإِنْ نَظَرَ إِلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ مُنِعَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ رَفْعِ الْبُنْيَانِ وَإِنْ مَنَعَ عَنْكَ الْهَوَاء أَو الشَّمْس لِأَنَّهُ تصرف يتَوَقَّع فيع غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ فَتْحِ الْكُوَّةِ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُدْفَعُ عَنْكَ بِضَرَرِهِ بَلْ أَنْتَ بِالضَّرَرِ أَوْلَى لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ يَضُرُّ بِجَارِهِ وَلَا نَفْعَ لَهُ فَيُمْنَعُ لِتُعَيُّنِ الْفَسَادِ وَفِي كِتَابِ تَضْمِينِ الصِّنَاعِ لَوْ كَانَت الكوة قديمَة لم يعرض من لَهُ وَلَوْ أَضَرَّتْ لِرِضَاهُمَا بِذَلِكَ وَقِيلَ يُمْنَعُ لِرِضَاهُمَا بِمَا لَا يَحِلُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُمْنَعُ مِنْ سَدِّ الطَّاقَاتِ بِبُنْيَانِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أوجب لظلام الْمنزل أَو منع الْهَوَاء خلافًا لما فِي الْمُدَوَّنَة قَالَ التّونسِيّ إِلَّا الَّذِي فِي نَصْبِ الْأَسِرَّةِ لَعَلَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ فِيهِ نَصْبُ الْأَسِرَّةِ وَأَمَّا الْمَجَارَاتُ فَإِنَّمَا يعْتَبر فِيهَا ادراك الْقَائِم دَار الْجَار فَيمْتَنع وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ بَنَى جِوَارَ الْأَنْدَرِ مَا يَمْنَعُ مَهَبَّ الرِّيحِ لِلتَّذْرِيَةِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَنْدَرِ الْمُتَقَادِمِ لِثُبُوتِ حَقِّهِ فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لِتَصْفِيَةِ الزَّرْعِ وَإِصْلَاحِهِ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ مَقْصُودَةِ السُّتْرَةِ وَالصَّوْنِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَإِمْكَانِ صَرْفِ مَنْفَعَةِ الْأَنْدَرِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِحْدَاثَ الْأَنْدَرِ حَوْلَ الْجِنَانِ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ كَإِحْدَاثِ الْحَمَّامِ وَالْفُرْنِ وَلَا يُمْنَعُ الدَّقَّاقُ وَالْغَسَّالُ يُؤْذِيَانِ جَارَهُمَا بِضَرْبِهِمَا لِخِفَّتِهِ بِخِلَافِ نَتِنِ - الدِّبَاغِ وَيُمْنَعُ ضَرَرُ تِبْنِ الأندر بالجنان -

ص: 175

وَلَوْ كَانَ الْجَنَانُ طَارِئًا كَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُهُ مِنْ وَقْعِ التِّبْنِ فِي أَرْضِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ مَنْعُهُ مِنَ الْكُوَّةِ فَلَكَ أَنْ تَبْنِيَ فِي مِلْكِكَ مَا تَسُدُّهَا بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ رَفَعَ الْبِنَاءَ وَإِنْ سَتَرَ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ وَمَنْ لَهُ غُرْفَةٌ يَطَّلِعُ مِنْهَا أَوْ مِنْ كُوَاهَا عَلَى جَارِهِ وَهِيَ قَدِيمَةٌ قَبْلَ دَارِ الْجَارِ لِأَنَّ الْجَارَ إِنَّمَا مَلَكَ مَعِيبًا وَإِنْ كَانَتْ أَو الكوة محدثة أَمر إِزَالَتهَا أَو سترهَا وَلَو كَانَ بجارك يَوْمَ بنيت الْغُرْفَةُ أَوْ كُوَاهَا دَارٌ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ مَنْعَكَ لِتَوَقُّعِ ضَرَرِهِ إِذَا بَنَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ سَبَقْتَهُ إِلَيْهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَهُ مَنْعُكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَلَوْ سَكَتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَهُ الْمَقَالُ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ اشْتَرَيْتَ الْغُرْفَةَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ مَنْعُكَ فِي إِحْدَاثِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ دَارَهُ وَقَدْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ جَارُهُ الْكُوَّةَ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ أَوْ غَيْرَهُ فَلَمْ يُخَاصِمْ حَتَّى بَاعَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى مَعِيبًا فَحَقُّهُ سَاقِطٌ فِي الْعَيْبِ وَالضَّرَر فَلَو خَاصَمَ وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحُكْمُ حَتَّى بَاعَ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ لِأَنَّهُ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ كَيْفَ يَصِحُّ الْبَيْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ شِرَاءُ خُصُومَةٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ وَأنَّ الْأَمْرَ تَوَجَّهَ لِلْبَائِعِ فَبَاعَ وَأَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّ لَهُ سَدَّ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ مَا أَحْدَثَهُ فِي عَرْصَتِهِ مِنْ فُرْنٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ رَحَى مَاءٍ أَوْ كِيرِ الْحَدِيدِ أَوْ بِئْرٍ أَوْ كَنِيفٍ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَضَرَّ مِنْهُ بِالْجَارِ وَاسْتَخَفَّ اتِّخَاذَ التَّنُّورِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَالَ أَسَدُّ الْكُوَّةَ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَوْ بِلَبِنَةٍ مُنِعَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَيُقَالُ لم يزل هَذَا الْبَاب هَهُنَا

ص: 176

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَخَذَتْ إِلَى دَارِكِ شَيْئا مِمَّا بَين الأندر مِنَ الرِّحَابِ وَالشَّوَارِعِ جَازَ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْمَوْضِعِ أَوِ الْمَارَّةِ فَيُهْدَمُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَى التَّمْلِيكِ بِالْإِحْيَاءِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الضَّرَرُ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمنعه سَحْنُون وَقَالَ يهدم لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنِ اقْتَطَعَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَفْنِيَتِهِمْ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعَ أَرَضِينَ وَلَيْسَ هُوَ فِي الصَّحِيحِ وَلِلْجَوَازِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْبُخَارِيِّ إِذَا تَشَاحُّوا فِي الطَّرِيقِ فَسَبْعَةُ أَذْرُعٍ

فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ قِيلَ مَنْ دَعَا إِلَى قِسْمَةِ بُورِ الْقَرْيَةِ الَّذِي يَرْتَفِقُ بِهِ أُجِيب لِأَنَّهُ حَقه كَفَنَاءِ الدَّارِ بَعْدَ قِسْمَةِ الْبُيُوتِ وَقِيلَ لَا كَالشَّارِعِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْقَرْيَةِ وَهِيَ مُحْتَفَّةٌ بِهِ قُسِّمَ وَإِلَّا فَلَا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَفَرْتَ فِي دَارِكَ مَا يضر بجارك لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ - إِذَا وَجَدْتَ مِنْهُ بُدًّا وَلَمْ تُضْطَرَّ إِلَيْهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فَلَكَ لِأَنَّهُ يَضْرِبك تَرْكُهُ كَمَا يَضُرُّ بِهِ فِعْلُهُ وَأَنْتَ مُقَدَّمٌ بِالْمِلْكِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْجَار سبق

ص: 177

إِلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَة فَلَا تُفْسِدْهَا عَلَيْهِ

فَرْعٌ - قَالَ لَيْسَ لَكَ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ النَّافِذِ فَتْحُ بَابٍ وَلَا نقبه لِقُوَّةِ حَقِّ أَهْلِهِ فِيهِ بِانْحِصَارِهِ لَهُمْ وَلَكَ ذَلِكَ فِي النَّافِذِ مَا لَمْ تُضَيِّقِ الْفِنَاءَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ قُبَالَةَ بَابِ رَجُلٍ وَإِلَّا جَازَ وَلَكَ فَتْحُ حَوَانِيتَ فِي دَارِكَ لِلشَّارِعِ النَّافِذِ كَالْبَابِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّوَارِعِ عَلَى الْإِحْيَاءِ حَتَّى يتَعَيَّن الضَّرَر وَله تَحْويل بَابه فِي بِئْر النَّافِذِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِجَارِهِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الْحَانُوتَ فِي النَّافِذِ إِذَا أَضَرَّ بِالْجَارِ بِجُلُوسِ النَّاسِ عَلَيْهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ أَصْبَغُ لَكَ شَجَرَاتٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَرَادَ التَّحْجِيرَ عَلَى أَرْضِهِ بِجِدَارٍ مُنِعَ إِنْ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً لَا يَضُرُّ بِهِ تَرْكُهَا فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالسُّهُولَةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الضَّرَرَ إِذَا تَعَيَّنَ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ حُمِلَ عَلَى أَيْسَرِهِمَا نَصِيبًا وَيَفْتَحُ لَكَ بَابا إِلَيْهَا وَيَكُونُ غَلْقُهُ بِيَدِكَ إِنْ طَلَبْتَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَت شجر كَثِيرَة غياضا لَيْسَ لَهُ التَّحْجِيرُ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْثَرَ الضَّرَرِ عَلَيْكَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَضَرَّتْ شَجَرَةُ جَارِكَ بِجِدَارِكَ وَهِيَ أَقْدَمُ مِنْ جِدَارِكَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْم من الانتشار لَا تقطع لِأَنَّهُ إِنَّمَا مَلَكْتَ مَعِيبًا فَإِنْ زَادَتِ الْأَغْصَانُ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ شُمِّرَ مَا أَضَرَّ بِالْجِدَارِ مِمَّا حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ عَلَى ضَرَرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَتْ أَقْدَمَ لَا يُتَعَرَّضُ لِمَا زَادَ لِدُخُولِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ

ص: 178

وَإِنْ كَانَتْ مُحْدَثَةَ قُطِعَ مِنْهَا مَا أَضَرَّ وَأَمَّا الشَّجَرُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْأَرْضِ بِمِيرَاثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ قِسْمَةٍ فَامْتَدَّتْ حَتَّى سَتَرَتِ الْأَرْضَ بِالظِّلِّ فَلَا قَوْلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الشَّجَرَ هَذَا شَأْنُهَا فِي الْأَرْضِ وَوَافَقَنَا (ش) غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ إِذَا كَانَتْ أَغْصَان الشَّجَرَة الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَيِّنَةً يُمْكِنُ كَفُّهَا بِلَا قطع لإِزَالَة الضَّرَر بالكف وان لم يكن فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَلَعَلَّهُ يُؤْثِرُ قَطْعَ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصْلِهَا لِتَبْقَى لَهُ الْأَغْصَانُ طِوَالًا فَإِنِ امْتَنَعَ فَهَلْ لِلْمَضْرُورِ الْإِزَالَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَطَعَ بُخْلًا بِالْقِيمَةِ فَلَهُ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لِلْحَاكِمِ فَلَوِ انْتَقَلَتْ للدَّار الْمَضْرُورَة مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ فِي ابْتِدَاءِ نَشْأَتِهَا ثمَّ عظمت حَتَّى أظلت لَا مقَال لَهُ لدُخُوله على ذَلِك وَمَا أَظن أَصْحَابهَا يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا الْفِقْهِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا حَدَثَ لَهَا أَغْصَانٌ بَعْدَ بُنْيَانِ الْجِدَارِ تَضُرُّ بالجدار شمر مَا أضرّ بالجدار فَقَطْ مِمَّا حَدَثَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُتْرَكُ وَإِنْ أَضَرَّ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا شَأْنُ الشَّجَرِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ هَذَا مِنْ حَرِيمِهَا قَبْلَ بِنَاءِ الْجِدَارِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إِنْ عَظُمَتِ الشَّجَرَةُ طُولًا إِلَى السَّمَاءِ فَلَا مَقَالَ كَالْبُنْيَانِ يَسْتُرُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ قَالَ أَصْبَغُ لَكَ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَعَظُمَتِ ارْتِفَاعًا أَوِ انْبِسَاطًا حَتَّى أَضَرَّتْ بِالْأَرْضِ لَا قَوْلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَبَعَ مِنْ بِئْرِكَ أَوْ عَيْنِكَ فِي أَرْضِ جَارِكَ مِنْ غَيْرِ

ص: 179

سَبَبٍ مِنْهُ لَيْسَ لَكَ سَدُّهَا وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ سَدَدْتَهَا وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا خَرَجَ فِي أَرْضِ جَارِكَ قَضِيبٌ مِنْ شَجَرَةٍ فِي حَائِطِكَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ فَصَارَ شَجَرَةً خُيِّرَ جَارُكَ بَيْنَ قَلْعِهَا أَوْ يُعْطِي لَكَ قِيمَتَهَا لِأَنَّهَا من غير مَالِكَ الْمَعْصُومِ وَالْمَاءُ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِالْحَوْزِ وَمَا خَرَجَ مِنْهُ لِجَارِكَ لَمْ تَحُزْهُ وَلَوْ كَانَتْ إِذَا قُطِعَتْ وَغُرِسَتْ نَبَتَتْ فَلَكَ قَلْعُهَا وَلَا يُخَيَّرُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُعْطِيكَ قِيمَتَهَا مقلوعة مَا لم يَضْرِبك بِأَنْ تَشْرَبَ مِنْ عِنْدِكَ وَإِلَّا فَلَكَ قَلْعُهَا إِلَّا أَنْ يَقْطَعَ عُرُوقَهَا الْمُتَّصِلَةَ بِشَجَرِكَ وَتُعْطَى قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ يُمْنَعُ مَا أَضَرَّ بِالنَّاسِ مِنْ إِحْدَاثِ الْأَبْرِجَةِ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ أَوِ النَّحْلِ تَضُرُّ بِالشَّجَرِ وَكَذَلِكَ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ الطَّيَّارَةُ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ لِأَنَّ الِاحْتِرَاسَ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ اتِّخَاذَ النَّحْلِ وَالْحَمَامِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ حِفْظُ زَرْعِهِمْ وَشَجَرِهِمْ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَقَطَ الْجِدَارُ بَيْنَكُمَا وَهُوَ لِأَحَدِكُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُكَ بِمِلْكِهِ أَوْ لَكمَا جبر الْمُمْتَنع مِنْكُمَا عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِكَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَهَدَمَهُ أَوِ انْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَتَرَكَ رَدَّهُ ضَرَرًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بِنَائِهِ جُبِرَ عَلَى رَدِّهِ فَإِنْ عَجَزَ سَتَرَ الْآخَرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْبِنَاءِ فِي حَقِّهِ وَإِنْ هَدَمَهُ لِلضَّرَرِ أُجْبِرَ عَلَى الْإِعَادَةِ أَوْ هَدَمَهُ لِنَفْعِهِ ثُمَّ عَجَزَ أَوِ اسْتَغْنَى عَنْهُ لَمْ يُجْبَرْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا انْهَدَمَ وَيُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى الْإِجْبَارِ إِذا هَدمه

ص: 180

للضَّرَر وَعَن ابْن كنَانَة لَا يجْبر إِذَا كَانَ لَهُمَا أَيْضًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يجْبر على تَجْدِيد ملكه وَفِي الْمَجْمُوعَة إِذا كَانَ بَيْنَهُمَا وَانْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يُجْبَرُ وَيُخَيَّرُ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْمُقَاسَمَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي جِدَارٍ بَيْنَكُمَا وَعَقْدُ بِنَائِهِ إِلَيْكُمَا فَهُوَ لَكمَا بعد أيمانكما لاسوائكما فِي السَّبَبِ أَوْ لِأَحَدِكُمَا فَقَطْ فَهُوَ لَهُ أَوْ مُنْقَطِعًا عَنْكُمَا فَلَكُمَا لِاسْتِوَائِكُمَا وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِكُمَا فِيهِ كُوَّةٌ فَهُوَ لِمَنْ فِيهِ مَرَافِقُهُ وَإِنْ كَانَتِ الْكُوَّةُ لَكُمَا فَهُوَ بَيْنُكُمَا وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِكُمَا فِيهِ خَشَبٌ - وَلَا عَقْدَ لِأَحَدِكُمَا فَهُوَ لِمَنْ عَلَيْهِ حَمْلُهُ وَإِنْ كَانَ حَمْلُكُمَا عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنكُمَا فَإِن كَانَ لأحد كَمَا عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ سَبْعَةٌ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ لَا يزِيد أَحَدكُمَا خشبا إِلَّا برضى صَاحبه وان انْهَدم بُنْيَانه جَمِيعًا عَلَى حَالِهِ وَيُقَالُ لِلْمُمْتَنِعِ بِعِ الدَّارَ كُلَّهَا مِمَّنْ يَبْنِي وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْحَمْلِ هَلْ هُوَ دَلِيلٌ أَمْ لَا وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا كَانَ وَجْهُ الْبِنَاءِ لأَحَدهمَا وَللْآخر ظَهره فَهُوَ بَينهمَا وَلَمْ يَجْعَلْ وَجْهَ الْبِنَاءِ دَلِيلًا وَالْحَائِطُ لِمَنْ لَهُ الْبَابُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِمَنِ الْبَابُ فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ أَوْ خَشَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ مَنْ خَالَفَنَا هُوَ لِصَاحِبِ الْكَثِيرِ إِلَّا مَوْضِعُ الْخَشَبَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْكُوَى غَيْرِ الْمَنْفُوذَةِ نَظَرٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ حَائِطٌ حَذْوُهُ حَائِطٌ وَعَقْدُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِكُمَا وَعَقْدُ الْآخَرِ لِجِهَةِ الْآخَرِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِالْحَائِطِ الَّذِي إِلَيْهِ عَقْدُهُ وَإِذَا أَرَادَ مَنْ لَهُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لغيره - الْبناء على الْحَائِط امْتنع ان ضرّ بِحَمْلِ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا

ص: 181

كَانَ حَائِطٌ بَيْنَكُمَا فَأَرَدْتَ الْحَمْلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ الْآخَرَ حَمْلَ مِثْلِهِ عَلَيْهِ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ حَمْلِ مِثْلِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا لَا يَحْمِلُ الْحَائِطُ مِثْلَهُ لِلْآخَرِ وَيَضْعُفُ الْجِدَارُ وَأَرَدْتَ هَدْمَهُ وَبِنَاءَهُ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ مَا يحمل عَلَيْهِ للْآخر مثله لَك ذَلِكَ وَإِنْ كُرِهَ لِأَنَّكَ تَسْعَى فِي مَصْلَحَتِكُمَا وَيَبْقَى الْجِدَارُ بَيْنَكُمَا كَمَا كَانَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَ لَكُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ وَخَشَبُكَ أَسْفَلُ مِنْ خَشَبِهِ فَأَرَدْتَ رَفْعَهُ قُبَالَتَهُ لَكَ ذَلِكَ وَإِنْ كَرِهَ فَإِنْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْأَعْلَى أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ مِنْ فَوْقِ خَشَبِهِ شَيْءٌ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ لِحَوْزِهِ لِمَا فَوْقَ خَشَبِ الْأَسْفَلِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا اعْتَلَّ السُّفْلُ وَأَرَدْتَ إِصْلَاحَهُ فَعَلَيْكَ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى بِبِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَن عَلَيْك الْعَمَل وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْعُلُوِّ عُلِّقَ بِحَمْلِ الْأَعْلَى عَلَى الْأَوْسَطِ إِذَا اعْتَلَّ الْوَسَطُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُون إِذا أردْت تلبيس حائطك من دَار جَارك لَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُكَ مِنْ ملكك كَمَا لَو أَلْقَت الرِّبْح ثَوْبَكَ فِي دَارِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُكَ مِنَ الدُّخُولِ لَهُ أَوْ يُخْرِجُهُ إِلَيْكَ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا كَانَتْ خَرِبَةً بَيْنَ الدُّورِ فَامْتَلَأَتْ مِنْ قُمَامَةِ النَّاسِ

ص: 182

وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِجِدَارِ جَارِ الْخَرِبَةِ فَطَالَبَ صَاحِبَ الْخَرِبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِالتَّنْظِيفِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ تُرَابِي لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيُنَظِّفُ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْآنَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَالَ أَيْضًا عَلَى الْجِيرَانِ كَنْسُهُ يُؤْخَذُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى الِاجْتِهَادِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا ارْتَدَمَ السُّفْلُ مِنَ الطَّرِيقِ وَضَاقَ عَلَيْهِ مُدْخِلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي هَوَاهُ وَبُنْيَانِهِ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَقَالَ أَيْضًا فِي قَنَاةِ رَجُلٍ تَجْرِي عَلَى آخَرَ فَاحْتَاجَ الَّذِي تجْرِي عَلَيْهِ الْقَنَاة لردم لاداره لِأَنَّ الطَّرِيقَ عَلَتْ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْقَنَاةِ أَعْلِ دَارَكَ إِنْ شِئْتَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ الْقِيَاسُ أَلَّا يَفْعَلَ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْقَنَاةِ لِحَقِّهِ فِي جَرْيِ الْقَنَاةِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِذَا نَقَلَ الْمَطَرُ تُرَابَكَ فَسَدَّ بِهِ عَلَى آخَرَ مَخْرَجَهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى نَقْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِكَ بَلْ لَكَ نَقْلُهُ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا كَانَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَأَرَادَ غَلْقَ بَابِ الدَّارِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَفَتْحَهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ لِحَقِّهِ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَ فَتْحَهُ فِي حَائِطِ دَارِ نَفْسِكَ لِتَدْخُلَ دَارَ الشَّرِكَةِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَطُولُ الْأَمَدُ فَيَظُنُّ أَنَّ فَتْحَهُ حَقٌّ عَلَى دَارِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ قُسِّمَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فَأَرَدْتَ غَلْقَ بَابِكَ وَفَتْحَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي حَصَلَ لَكَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَرَدْتَ الرِّفْقَ جَازَ أَو تَجْعَلهُ ممرا لِلنَّاسِ امْتَنَعَ لِضَرَرِ الشَّرِيكِ فِي نِصْفِهِ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ إِلَى بَابِ دَارِكَ لِأَنَّكَ تُخَفِّفُ عَنْ صَاحِبِ النِّصْفِ الْآخَرِ بَعْضَ الْمُرُورِ فَقَدْ كَانَ

ص: 183

لَكَ سُكْنَى نُصِيبِكَ وَتَخْرُجُ بِأَهْلِكَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ عَطَّلْتَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ دَارِكَ امْتَنَعَ لِأَنَّ ضَرَرَ عِيَالَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ عِيَالٍ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الرَّوَاشِنِ وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إِلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَضَى فِي الْأَفْنِيَةِ لِأَرْبَابِ الدُّورِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْمَجَالِسِ وَالْمَرَابِطِ وَجُلُوسِ الْبَاعَةِ فِيهَا لِلْبِيَاعَاتِ الْخَفِيفَةِ دُونَ الْحِيَازَة بالبنيان والتحظير وَالسِّكَّة المستدة كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سُكَّانِ السِّكَّةِ يُمْنَعُ إِخْرَاجُ الْجَنَاحِ إِلَيْهَا وَفَتْحُ بَابٍ جَدِيدٍ فِيهَا إِلَّا بِرِضَاهُمْ وَلَوْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ لَهُ أُخْرَى إِلَى دَاره الَّتِي فِي السِّكَّة المستدة لِيَرْتَفِقَ بِهِ لَا لِيَجْعَلَهُ كَالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ جَازَ قَاعِدَةٌ حُكْمُ الْأَهْوِيَةِ حُكْمُ مَا تَحْتَهَا فَهَوَاءُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَهَوَاءُ الطَّلْقِ طَلْقٌ وَهَوَاءُ الْمَوَاتِ مَوَاتٌ وَهَوَاءُ الْمَمْلُوكِ مَمْلُوكٌ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُمْنَعَ بَيْعُ هَوَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَوْقَافِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ لِمَنْ أَرَادَ غَرْسَ خَشَبٍ حَوْلَهَا ويبنى على رُؤُوس الْخشب سقفا وبنيانا وان يمْنَع اخراج الرواش لِأَنَّهَا فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ الَّذِي يُمْنَعُ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ غَيْرَ أَنَّ الْمَنْعَ ثَمَّةَ لِنَفْيِ الضَّرَرِ وَإِلَّا فأصله موَات يقبل الْأَحْيَاء ولاضرر فِي هوائه فَيجوز التَّصَرُّفُ فِيهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَكَ دَارَانِ مُتَقَابِلَانِ عَلَى يَمِينِ الطَّرِيقِ وَشَمَالِهِ لَكَ أَنْ تَبْنِيَ عَلَيْهِمَا سِبَاطًا تَعْمَلُ عَلَيْهِ غُرْفَةً وَنَحْوَهَا

فَرْعٌ - قَالَ الْجِدَارُ لَكَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ جَارُكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَإِنِ استعاره

ص: 184

لِوَضْعِ جِذْعِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْكَ الْإِعَارَةُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مِلْكِهِ إِلَّا لضَرَر الْغَيْر وَلَا ضَرَر هَهُنَا ولهذه الْقَاعِدَة حمل قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يمعن أَحَدُكُمْ جَارَهُ مِنْ وَضْعِ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِهِ عَلَى النَّدْبِ وَإِذَا أَعَرْتَ لَا تَرْجِعُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ تَعْرِضُ لِجِدَارِكَ وَلَمْ تُرِدِ الضَّرَرَ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكُ مَنَافِعٍ وَرُوِيَ لَيْسَ عَلَيْكَ نَزْعُهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ احْتَجْتَ إِلَى جِدَارِكَ أَمْ لَا مِتَّ أَوْ عِشْتَ بِعْتَ أَوْ وَرِثْتَ حَمْلًا لِلنَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَوُجُوبِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ لَيْسَ لِأَحَدِكُمَا الِانْتِفَاع إِلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْر وَيجْبر على قسمه عِنْدَ التَّنَازُعِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمَا تَحْصِيلًا لِلِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُقَسَّمُ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ وبالقرعة لتوقع الضَّرَر فِي قسْمَة الْجِدَار وَيجْبر الْمُمْتَنِعُ مِنَ الْعِمَارَةِ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَالْمُقَاوَاةِ وَالْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ أَوْ يُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ مَا بِهِ يعْمل بَاقِي حَقه وَلَا تمنع أَنْتَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحَقِّهِ لِضَرَرِهِ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا يَنْقَسِمُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَكُمَا وَاخْتُلِفَ فِي الْحَائِطِ بَيْنَكُمَا يَحْتَاجُ لِلإصلَاحِ قِيلَ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَقِيلَ لَا بَلْ يُصْلِحُ مَنْ أَرَادَ فِي حَقِّهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ وَالْعُلُوُّ جُبِرَ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ يَبِيع مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَمْلَ الْعُلُوِّ وَعَلَيْهِ الْخَشَبَ وَالْجَرِيدَ قَالَ أَشْهَبُ وَبَابَ الدَّارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ السُّلَّمُ إِذَا كَانَ لَهُ عُلُوٌّ حَتَّى يَبْلُغَ عُلُوَّهُ ثُمَّ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الْأَعْلَى وَقِيلَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِنَاءُ

ص: 185

السُّلَّمِ إِلَى حَدِّ الْعُلُوِّ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عُلُوٌّ آخَرُ فَعَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ الْأَوْسَطِ بِنَاءُ السّلم من حد الْعُلُوّ إِلَى سقف الَّذِي عَلَيْهِ علو الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَسْفَلَ أَبَدًا عَلَيْهِ الْحَمْلُ وَالتَّمْكِينُ مِنْ مَنَافِعِ الْعُلُوِّ

فَرْعٌ - قَالَ وَمَنْ لَهُ إِجْرَاءُ مَاءٍ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ فَالنَّفَقَةُ فِي السَّطْحِ عَلَى مَالِكِهِ دُونَ صَاحِبِ الْمَجْرَى لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّمْكِينَ وَسَقْفَ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الزِّيَادَةُ فِي الْبُنْيَانِ وَلَهُ رَفْعُهُ

فَرْعٌ - قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ الْهَوَاءِ لِإِخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يَعْتَمِدُهُ الْبِنَاءُ

فَرْعٌ - قَالَ حَقُّ الْمِسِيلِ وَمَجْرَى الْمَاءِ وَحَقُّ الْمَمَرِّ وَكُلُّ حَقٍّ مَقْصُودٌ عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا انْهَدَمَتِ الرَّحَى فَأَقَمْتَهَا وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لَكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ أَنْصِبَائِهِمْ جزَافا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْغَلَّةُ بَيْنَكُمْ وَلَكَ مِنْ أنصبائهم مَا انفقته لِأَنَّكَ تَنْتَفِعُ بِمِلْكِهِمْ عَامِرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَنْتَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ عَمَلُكَ عَلَى جُزْئِكَ الْمُتَقَدِّمِ فِي غَلَّةِ الرَّحَى وَلَكَ أُجْرَةُ مَا أَقَمْتَ فِي حِصَصِ أَصْحَابِكَ بِأَنْ تَقُومَ الرَّحَى غَيْرَ مَعْمُولَةٍ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ وَبَعْدَ الْعَمَلِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَكَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَالْبَاقِي بَيْنَكُمْ وَعَلَى الَّذِي لَمْ يَعْمَلُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ للْعَمَل

ص: 186

فِي قِيَامِهِ بِغَلَّتِهَا ثُمَّ أَرَادَ الدُّخُولَ مَعَكَ أَعْطَاكَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ يَوْمَ يذفع ذَلِكَ إِلَيْكَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا ادَّعَيْتَ عَلَى رَجُلَيْنِ دَارًا فَصَدَّقَكَ أَحَدُهُمَا فَصَالَحْتَهُ عَلَى مَالٍ للْآخر الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَنَازَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ السَّقْفَ صُدِّقَ صَاحب السّفل لِأَن الْيَد لَهُ كالحمل عَلَى الدَّابَّةِ يُصَدَّقُ صَاحِبُهَا دُونَ الْأَجْنَبِيِّ وَيُصَدَّقُ رَاكِبُ الدَّابَّةِ دُونَ الْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا وَلِأَنَّ الْبَيْتَ لَا يَكُونُ بَيْتًا إِلَّا بِسَقْفِهِ وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ بِيَدِكَ وَالْعُلُوُّ بِيَدِ آخَرَ - وَطَرِيقُهُ فِي ساحة السّفل - وتداعيتما الدَّار كلهَا قَالَ أَشْهَبُ الدَّارُ لَكَ إِلَّا الْعُلُوَّ وَطَرِيقُهُ لِلْيَدِ بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا أَوْ نُكُولِكَمَا أَوْ نُكُولِ أَحَدِكُمَا فَيُقْضَى لِلْحَالِفِ مِنْكُمَا

فَرْعٌ - قَالَ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ لَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ فَلَا يُزْعَجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالسَّبْقِ

فَرْعٌ - فِي الطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ قَالَ وَيُنْتَفَعُ بِالْمَسَاجِدِ بِالصَّلَاةِ وَالْجُلُوس وَالذكر وَالْقِرَاءَة والانشغال بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالِاعْتِكَافِ وَخُفِّفَ فِي الْقَائِلَةِ وَالنَّوْمِ

ص: 187

فِيهَا نَهَارًا لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَبِيتِ لِلْمَارِّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ الْمَسْجِدَ مَسْكَنًا إِلَّا رَجُلٌ مُجَرَّدٌ لِلْعِبَادَةِ فِيهِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَأَرْخَصَ مَالِكٌ فِي طَعَامِ الضَّيْفِ فِي مَسَاجِدِ الْبَادِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنَ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَكَرِهَ وَقُودَ النَّارِ وَأَجَازَ الْعُلُوَّ مَسْجِدًا وَيُسْكَنُ السُّفْلُ وَلَمْ يُجِزِ الْعَكْسَ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه كَانَ إِذَا بَاتَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ لَا يَقْرَبُ فِيهِ امْرَأَةً وَأَرْخَصَ فِي الْمُرُورِ فِيهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ دُونَ جَعْلِهِ طَرِيقا وَكره دُخُولُهُ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الَّتِي يُنْقَلُ عَلَيْهَا إِلَيْهِ خَشْيَةَ أَرْوَاثِهَا وَلَمْ يُكْرَهِ الْإِبِلُ لِطَهَارَةِ أَبْوَالِهَا وَكُرِهَ الْبُصَاقُ فِيهِ عَلَى الْحَصَى وَالتُّرَابِ ثُمَّ يَحُكُّهُ وَاتِّخَاذُ الْفُرُشِ لِلْجُلُوسِ أَوِ الْوَسَائِدِ لِلِاتِّكَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَسْجِدِ وَرُخِّصَ فِي الْخمر والمصليات والنخاخ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَتْ لَهُ خُمْرَةٌ وَيُمْنَعُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ وَدُخُولُهُمْ لَهُ إِلَّا للصَّلَاة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَجَمِّرُوهَا أَيَّام جمعكما وَيكرهُ البيع وَالشِّرَاء وسل السَّيْف وَرفع الصَّوْت وإنشاد الضَّالة والهتف بالجنائز وكلاما يُرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتُ حَتَّى بِالْعِلْمِ لِأَنَّهُ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ عِنْدَ الْأَمَاثِلِ وَعِنْدَ مَنَازِلِهِمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَدْ كُنْتُ أَرَى بِالْمَدِينَةِ رَسُولَ أَمِيرِهَا يَقِفُ بِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا اسْتَعْلَى كَلَامُهُ وَكَلَامُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ فِي الْعِلْمِ فَيَقُولُ يَا أَبَا مَرْوَانَ - اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ وَمن جلسائك - وَقد

ص: 188

قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا تمر فِي الْمَسَاجِد بِلَحْمٍ وَلَا تُنْفِذُوا فِيهَا النَّبْلَ بِمَعْنَى الْإِدَارَةِ عَلَى الظَّفَرِ لِيُعْلَمَ اسْتِقَامَتُهَا وَلَا تُزَيِّنُ بِالْقَوَارِيرِ أَيِ الزُّجَاجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّا نَكْرَهُ الْقَوَارِيرَ الَّتِي عُمِلَتْ بِمَسْجِدِنَا بِقُرْطُبَةَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُعْمَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - اجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا فُعِلَ بِقُرْطُبَةَ مِنْ فَتْحِ أَبْوَابِ الْمَيَاضِي فِي الْمَسْجِدِ بَلْ تُفْتَحُ خَارِجَهُ عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيذكر فِيهَا اسْمه} وَرَفْعُهَا تَعْظِيمُهَا وَإِجْلَالُهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً مِنْ بِئْرِكَ فَانْقَطَعَ مَاءُ بِئْرِكَ لِذَلِكَ فَلَكَ رَدْمُ بِئْرِهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَحْدَثَ فَوْقَ الرَّحَى الْقَدِيمَةِ رَحًى وَأَضَرَّتْ بِبَعْضِ طَحْنِ الْقَدِيمَةِ أَو بتكثير مؤنها أَو ضَرَر بَين مَعَ ذَلِكَ فَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهَا أُذِنَ لَهُ بِشَرْطِ ان أضرت نقصت وَلَو عمل بِغَيْرِ حُكْمٍ فَتَبَيَّنَ الضَّرَرُ

ص: 189

وَالْأَوَّلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ثُمَّ قَالَ مَا ظَنَنْت أَنه يضرني فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا سَكَتَ رِضًى وَأُزِيلَ الضَّرَرُ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَأَذِنَ ثُمَّ تَبَيَّنَ الضَّرَرُ فَهُوَ حُكْمٌ مَضَى وَلَوْ تَرَكَهُ الْأَوَّلُ حَتَّى بَنَى ثُمَّ طَلَبَ إِزَالَةَ الضَّرَرِ لَمْ يُهْدَمْ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ حَتَّى أَنْفَقَ النَّفَقَةَ الْعَظِيمَةَ وَقِيلَ يُهْدَمُ وَلَوْ خَرِبَتْ رَحًى فَبَنَى آخَرُ رَحًى تَضُرُّ بِالْأَوَّلِ لَوْ أُعِيدَتْ ان كَانَ خرابا دائرا لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ لَمْ يَصِلِ الْإِضْرَارُ إِلَى حَدِّ التَّعْطِيلِ لَمْ يُمْكِنْ إِنْ أَرَادَ الْأَوَّلُ إِعَادَةَ رَحَاهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْبَغُ فَإِنِ ابتدأا رحائين فِي أرضهما فَلَمَّا فرغا أضرّ أَحدهمَا بِالْأُخْرَى إِن تقدم أَحدهمَا بِمَالِه بَال ثُمَّ عَمِلَ الْآخَرُ فَسَبَقَهُ أَمْ لَا مُنِعَ إِنْ كَانَ الْمُضِرَّ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا لَمْ يُمْنَعْ فَإِنْ تَبَيَّنَ الضَّرَرُ مُنِعَا مَعًا

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تجربة المَاء فِي أرضه لرحاه لَيْسَ لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ بَعْدُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مَا لَمْ تُؤَقَّتْ فَلَكَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَمَدِ وَإِنْ سمى عَارِية فَلهُ أمد مَا كَانَ لِمِثْلِهِ

فَرْعٌ - قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ حَفَرَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَمِنَ مَا يَعْطَبُ فِي حَفِيرِهِ مِنْ دَابَّةٍ وَإِنْسَانٍ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا هَارَتِ الْبِئْرُ تَمْتَنِعُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ بَيْعُ

ص: 190

الزَّرْعِ قَبْلَ طِيبِهِ حَتَّى يَقْتَسِمَاهُ بِالْكَيْلِ بَعْدَ الدِّرَاسِ وَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنَ الْأَصْلِ وَالْمَاءِ وَيُقَاسِمُهُ الْأَرْضَ وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعَمَلِ مَعَ صَاحِبِهِ أَوِ الْمُقَاسَمَةِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا مَلَكَ بِجِوَارِ جِدَارِكَ خَلِيجًا يَجْرِي فِيهِ السَّيْلُ فَهُدِمَ جِدَارُكَ فَعَلَى صَاحِبِهِ بِنَاؤُهُ إِنْ كُنْتَ لَا تَسْقِي مِنْهُ كَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَإِنْ كُنْتَ تَسْقِي مِنْهُ فَلَا لِأَنَّكُمَا سُقْتُمَا الْمَاءَ فِيهِ قَالَ وأصل الْمَذْهَب وجوب الْقيمَة فِي الْعرُوض وبالجدار عَرْضٌ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْبِنَاءُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ لَا تُقِيمُ الْجِدَارَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَنْجَبِرُ الْخلَل فَيغرم هَهُنَا أَكثر من الْقيمَة فَهَذِهِ المسئلة مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ الْعُرُوضِ فِي وُجُوبِ الْمِثْلِ كَمُسْتَهْلِكِ فَرد من زوج لَا تلْزمهُ قيمَة بَلْ قِيمَةُ مَا نَقَصَ الْجَمِيعُ وَكَجِلْدٍ اسْتَثْنَى فَاسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي الْحَيَوَانَ فَإِنَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِالْمِثْلِ وكفرق الثَّوْبِ خَرْقًا يَسِيرًا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي وُجُوبِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مثل الْبناء بَالِيًا لتعذر ذَلِك وَكَذَلِكَ الرَّفْوُ هُوَ لَمْ يَسْتَهْلِكْ رَفْوًا وَإِنَّمَا أَخْرَقَ الثَّوْبَ

فَرْعٌ - قَالَ بِئْرٌ بَيْنَكُمَا اقْتَسَمْتُمَاهُ سَاقِيَتَيْنِ فَارْتَفَعَ التُّرَابُ تَحْتَ دِلَائِكَ حَتَّى تَعَذَّرَ السَّقْيُ ان كَانَت عَادَة فِي التَّنْظِيف حملتهما عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالْكَنْسُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ

ص: 191

تُرَابَكَ مِنْ عِنْدِهِ وَمِنْ عِنْدِكَ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ أَوِ الْعَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَمَلَ فَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ وَإِلَّا بَاعَ مِمَّنْ يَعْمَلُ أَوْ يُعَمِّرُ الطَّالِبُ فَمَا زَادَ عَمَلُهُ فَهُوَ لَهُ حَتَّى يَأْخُذَ نِصْفَ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كل أَرض مُشْتَركَة من أصُول أَو زرع هارت بيرها يُقَالُ لِلْمُمْتَنِعِ اعْمَلْ مَعَ صَاحِبِكَ أَوْ بِعْ حِصَّتَكَ مِنَ الْأَصْلِ فَتَأْخُذُ حِصَّتَهُ أَوْ يَأْخُذُ حِصَّتَكَ فَمَنْ أَرَادَ عَمِلَ أَوْ تَرَكَ وَمَنْ عَمِلَ لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ مَا يَنُوبُهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْأَرْضُ الْمَقْسُومَةُ أَوِ الشَّجَرُ الْمَقْسُومُ أَوِ الزَّرْع لرجل فِي أَرض بَينهمَا مفروز إِلَّا ان ماءهما وَاحِدٌ فَتَهُورُ الْبِئْرُ أَوْ تَنْقَطِعُ الْعَيْنُ لَا يُكَلَّفُ الْمُمْتَنِعُ النَّفَقَةَ مَعَ شَرِيكِهِ فَإِنْ عَمِلَ الْآخَرُ فَلَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا فِي الْبِئْر الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا حَيَاة وَلَا نخل أما مَا عَلَيْهَا ذَلِك فَيجْبر للممتنع عَلَى الْعَمَلِ أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ وَإِلَّا يبع عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الْبِئْرُ خَرِبًا أَوِ الْعَيْنُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ إِنَّمَا يُجْبَرُ حَيْثُ يَبْقَى بَقِيَّةٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ فَسَدَتْ بَقِيَّتُهُ فَهُوَ ضَرَرٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا انْهَارَتِ الْبِئْرُ أَوِ الْعين فأصلحتهما وأبى شريكك لَك

ص: 192

مَنعه المَاء ان كَانَ فِيهِ فَضْلٌ حَتَّى يُعْطِيَكَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ نَشَأَ عَنْ نَفَقَتِكَ كَمَا يَنْشَأُ عَنْ مِلْكِكَ وَإِذَا احْتَاجَتِ الْبِئْرُ لِلْكَنْسِ أَوِ الْقَنَاةُ وَتَرْكُهُ يَنْقُصُ الْمَاءَ أَوْ لَا يَكْفِي مَاؤُهَا مُرِيدَ الْكَنْسِ فَلِمُرِيدِ الْكَنْسِ الْكَنْسُ وَهُوَ أَوْلَى بِمَا زَادَ الْمَاءُ بِكَنْسِهِ دُونَ الشَّرِيكِ حَتَّى يُؤَدِّيَ نَصِيبَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَكَذَلِكَ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَعَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِذَا اسْتَدَّتِ الْقَنَاةُ فِي أَوَّلِهَا يُنَقِّيهَا الْأَوَّلُونَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَوْ فِي آخِرِهَا ينقيها الْأَولونَ مَعَ الآخرين وَهَذَا إِنَّمَا يَصح فِي قَنَاةِ الْمِرْحَاضِ لِأَنَّهَا إِذَا اسْتَدَّتْ فِي أَوَّلِهَا يَكُونُ بَاقِيهَا غَيْرَ مَسْدُودٍ فَالضَّرَرُ يَخْتَصُّ بالأولين وَفِي آخرهَا يتَضَرَّر الْجَمِيع بانحباس اتفال الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَأَمَّا قَنَاةُ الزَّرْعِ وَالطَّاحُونِ يَتَضَرَّرُ الْجَمِيعُ بِانْسِدَادِ أَوَّلِهَا فَالْإِصْلَاحُ عَلَيْهِمْ وَأَيٌّ مَنْ تَمَّ نَفْعُهُ بِبَعْضِ الْإِصْلَاحِ كَانَ بَقِيَّةُ الْإِصْلَاحِ عَلَى الثَّانِي فَإِنْ كَمُلَ نَفْعُ الثَّانِي فَعَلَى الثَّالِثِ ثُمَّ كَذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَالُ لِلشَّرِيكِ عَمِّرْ أَوْ بِعْ حِصَّتَكَ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ قَاسِمْهُ إِيَّاهَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ هَذَا فِي الْبِئْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ زَرْعٍ وَلَا نَخْلٍ وَلَا غَيْرُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِصْلَاحِ كَصَاحِبِ السُّفْلِ مَعَ صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ الْبِئْرُ يُخْشَى خَرَابُهُ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ خَرَابًا لَمْ يُجْبَرْ إِذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ خراب وَمن أعمر فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ فَيَكُونُ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ قَلَّ المَاء فَيبقى مَا يَكْفِي أحد الشَّرِيكَيْنِ وَصَاحب الْقَلِيلِ دُونَ صَاحِبِ الْكَثِيرِ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ وَيَعْمَلُ الْآخَرُ وَلِصَاحِبِ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ

ص: 193

قَبْلَ الْعَمَلِ حَتَّى يُعْطِيَ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ يُعْطِيهِ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ يَوْمَ أَنْفَقَ وَإِنَّمَا أَقُولُ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَمَلِ فَيَقُومُ يَوْمَ يَقُومُ وَقَدْ بَلِيَ لِأَنَّهُ من الْيَوْم تَملكهَا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ جَدِيدًا لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْهُ ثمن مَا انْتفع بِهِ غَيره وَفِي المسئلة أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَوْلٌ انْهَارَتِ الْبِئْرُ أَوْ نَقَصَتْ لِمُرِيدِ الْإِصْلَاحِ الْإِصْلَاحَ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى - يُعْطِيهِ شَرِيكه حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ خُيِّرَ الْمُمْتَنِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ وَالْمُقَاسَمَةِ فِي الْأَصْلِ فَيَعْمَلُ مَنْ أَرَادَ أَن يكون لَهُ المَاء كُله حَتَّى يُعْطِيَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا يُسْقَى بِهِ لَمْ يُخَيَّرِ الْمُمْتَنِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ كَصَاحِبِ السُّفْلِ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِئْرٌ لَا حَيَاةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْعَمَلِ إِذَا لَمْ يُخَرَّبُ الْبِئْرُ أَمَّا الْخَرَابُ فَلَا وَقيل إِن كَانَت من الزَّرْعِ لَا تَنْقَسِمُ - وَقَدْ زَرَعَاهَا جُبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَزْرُوعَةً وَفِيهَا نَخْلٌ لَا ثَمَرَ فِيهَا حَتَّى تَجُوزَ قِسْمَتُهَا خُيِّرَ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْبَيْعِ وَالْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ النَّخْلُ مُنْقَسِمًا وَلَمْ تَبْقَ الشَّرِكَةُ إِلَّا فِي غَيْرِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ بَلْ يَعْمَلُ صَاحِبُهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَا زَادَ الْمَاءُ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ فِي الْأُصُولِ فَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ أُصُولِهِ لِشَرِكَتِهِمَا فِي الْبِئْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ سَحْنُونٍ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْبَيْعِ كَالسُّفْلِ وَالْعُلُوِّ وَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الرَّحَى تنهد فَيُقَالُ لِلْأَبِيِّ إِمَّا أَنْ تَبْنِيَ أَوْ تَبِيعَ فَلَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَاغْتَلَّ غَلَّةً كَثِيرَةً قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِلْعَامِلِ مِنَ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ وَمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَ وَالْبَقِيَّةُ لِلْآخَرِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْمُنْفِقِ حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا عَمِلَ كَالْبِئْرِ يَغُورُ مَاؤُهَا وَعَنْهُ يَسْتَوْفِي مِنَ الْغَلَّةِ نَفَقَتَهُ ثُمَّ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَ عِيسَى أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ

ص: 194

نَصِيبِ الْآخَرِ فِيمَا هُوَ بَاقٍ قَبْلَ الْعِمَارَةِ وَلَهُ دَفْعُ حِصَّتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ وَالدُّخُولُ مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحِدْثَانِ الْعَمَلِ فَالْأَشْبَهُ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ وَقَوْلُ عِيسَى قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُجْرَاةُ إِمَّا مِنْ أَوَّلِ الْعَيْنِ إِلَى الْمَغْلَقِ أَوْ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ أَوْ مَوْضِعِ مُصَالَةِ الْمَاءِ فَالْأَوَّلُ عَلَى عَدَدِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْأَنْصِبَاءِ عِنْدَ أَصْبَغَ وَإِذَا اسْتَدَّتْ مِنَ الْأَوَّلِ إِلَى الثَّانِي فَالْإِصْلَاحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ سَبَبِهِ وان استدا جَمِيعًا قِيلَ يُغَرَّمُ الْأَوَّلُ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَالثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ فَيُغَرَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ مَا بعده إِلَى آخِرهم وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُغَرَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَكُونُ مِنْهُ إِلَى مَا يَلِيهِ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُ أَحَدًا مِمَّنْ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ السَّدُّ فِي الْمُصَالَةِ خَارِجًا عَنْ جَمِيعِهِمْ فَهُوَ مِنْهُمْ وَمَا حَدَثَ بَيْنَ الْبَسَاتِينِ مِمَّا نَزَلَ من الْعين فإزالته علو مَنْ هُوَ عِنْدَهُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ دُونَ مَنْ قَبْلَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سَدٌّ وَأَرَى إِذَا كَانَ السَّدُّ مِنْ سَبَبِهِمْ قُسِّمَتِ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ لِكُلٍّ وَاحِدٍ فِيهِ وَاخْتُلِفَ فِي قَنَوَاتِ الدِّيَارِ قَالَ سَحْنُونٌ الْكَنْسُ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّانِي ثُمَّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي حَتَّى يَبْلُغَ الثَّالِثَ ثُمَّ الْجَمِيعُ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّابِعَ هَكَذَا حَتَّى الْأَخِيرِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَكَنْسُ قَنَاةِ الْمَطَرِ عَلَى عَدَدِ الديار وقناة الاتفال عَلَى عَدَدِ الْعِيَالِ وَإِنْ كَانَ سُفْلٌ وَعُلُوٌّ وتجتمع الأتفلال فِي بِئْر السّفل وبئر الشّركَة فَالْكَنْسُ عَلَى عَدَدِ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَعَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا يَصْلُحُ السَّقْفُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَعَلَى عَدَدِ الْجَمَاجِمِ عِنْدَ ابْنِ وهيب لِأَنَّهَا اتفالهم وَإِصْلَاحُ مَا فَسَدَ مِنْ رَقَبَةِ الْبِئْرِ عَلَى صَاحب

ص: 195

السُّفْلِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَبِئْرُ السُّفْلِ إِصْلَاحُ مَا يُكْنَسُ فِيهِ مِنَ الْمَجْرَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مِنْهُمَا وَمَا نَقَصَ بِسَبَبِ الدَّارِ أَوْ مِنَ الرَّمْلِ فعلى صَاحب السّفل فان امْتنع وتعطل أصلح صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَائِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أنْفق

ص: 196

(كِتَابٌ الْعَارِيَةِ)

وَفِيهَا مُقَدِّمَةُ وَبَابَانِ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفظهَا الْعَرَب وضعَتْ لِأَنْوَاعِ الْإِرْفَاقِ أَسْمَاءً مُخْتَلِفَةً فَالْعَارِيَةُ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِعِوَضٍ هُوَ الْإِجَارَةُ وَالرُّقْبَى إِعْطَاءُ الْمَنْفَعَةِ لِمُدَّةٍ أَقْصَرُهُمَا عُمْرًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْقُبُ صَاحِبَهُ وَالْعُمْرَى تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ عُمْرِهِ وَالْعُمْرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا الْبَقَاءُ فهما أخص من الْعَارِية والإفقار عرية الظَّهْرِ لِلرُّكُوبِ مَأْخُوذٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ وَهِيَ عِظَامُ سِلْسِلَتِهِ وَالْإِسْكَانُ هِبَةُ مَنَافِعِ الدَّارِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ هَذِهِ أَسْمَاءُ الْإِرْفَاقِ بِالْمَنَافِعِ وَفِي الْأَعْيَانِ الْهِبَةُ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ لِوِدَادٍ فِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ احْتِرَازًا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةُ تَمْلِيكُهَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَالْمِنْحَةُ هِبَةُ لَبَنِ الشَّاةِ وَالْعَرِيَّةُ هِبَةُ ثَمَر النّخل وَالْوَصِيَّة تمْلِيك بعد الْمَوْت وَالْعَطَاءُ يَعُمُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ

(الْبَاب الأول فِي أَرْكَانهَا وَهِي أَرْبَعَة)

الرُّكْن الْأَوَّلُ الْمُعِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا كَوْنُهُ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَبَرُّعٌ فَتَصِحُّ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَفِي

ص: 197

الْكِتَابِ لَا يُعِيرُ الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُسْتَعِيرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُسْتَعَارُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ بَقَائِهِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَارَةِ الْأَطْعِمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ بَلْ ذَلِكَ قَرْضٌ لَا يَرُدُّهَا إِلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِن أعارها لصيرفي ليقصده لزبون أَو لمدبان لتقف عَنْهُ الْمَطَالِبُ فَتُظَنَّ بِهِ الْمَالِيَّةُ يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا أَوْ رَدِّهَا وان استعارها ليتصرف فِيهَا ضمنهَا بالقرض لِأَنَّهَا قرض الا أَن يَقُول أتجر فِيهَا وَلَكَ الرِّبْحُ وَلَا خَسَارَةَ عَلَيْكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَفَاءً بِالشَّرْطِ إِذَا ادَّعَى الْخَسَارَةَ فِيمَا يُشْبِهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ إِلَّا أَنْ تَقُولَ وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ فِي الضَّيَاعِ أَوْ يَقُولَ هِيَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْخَسَارَةَ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ فِي عَارِيَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي الْكِتَابِ مَنِ اسْتَعَارَ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا فَهُوَ سَلَفٌ مَضْمُونٌ وَمَنْ حَبَسَ عَلَيْكَ مِائَةَ دِينَارٍ لِتَتَّجِرَ بِهَا أَمَدًا مَعْلُوما ضَمِنْتَ نَقْصَهَا كَالسَّلَفِ وَإِنْ شِئْتَ قَبِلْتَهَا أَوْ رَدَدْتَهَا فَتِرْجِعُ مِيرَاثًا الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً شَرْعًا فَلَا تُعَارُ الْجَوَارِي لِلِاسْتِمْتَاعِ وَيُكْرَهُ اسْتِخْدَامُ الْإِمَاءِ إِلَّا مِنَ الْمَحْرَمِ أَوِ النِّسْوَانِ أَوْ غَيْرِ الْبَالِغِ الْإِصَابَةِ مِنَ الصِّبْيَانِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بِالْعَارِيَةِ بَلْ تَكُونُ مَنَافِعُهُمَا لَهُمَا حِينَئِذٍ دُونَ

ص: 198

وَلَدِهِمَا وَلَا يُعَارُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ صَحَّ مِلْكُهُ مِنَ الْأَقَارِبِ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَمَنَافِعُهُ لَهُ دُونَ مَنْ وُهِبَتْ لَهُ وَتَجُوزُ عَارِيَةُ الْأَمَةِ لِمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْقَرَابَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْمَأْمُونِ الْمُتَأَهِّلِ فَإِنْ فَقَدَتِ الْأَمَانَةَ أَوِ التَّأَهُّلَ امْتَنَعَ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا مَحْرَمٌ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَبِيعَتِ الْخِدْمَةُ مِنْ مَأْمُونٍ أَوِ امْرَأَةٍ إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُعِيرُ عَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَمَتَهُ تُسَلِّمُ لِغَيْرِهِ لَمْ يُعِرْهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا تَقَعُ بِهِ الْعَارِيَةُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى نَقْلِ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَثَمَّ هِبَاتٌ مُتَقَارِبَةُ اللَّفْظِ مُخْتَلِفَةُ الْمَعْنَى حُمِلَ بَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَبَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنَافِعِ فَيحمل قَوْله أسكنتك وأخدمتك وأعمرتك على مَنَافِع الْمَخْدَمِ وَالْمَسْكَنِ وَيُحْمَلُ كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَحَمَلْتُكَ عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ أَوِ الْفَرَسِ عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ يَوْمًا وَأُعِينُكَ بِغُلَامِي يَوْمًا لَيْسَ بِعَارِيَةٍ بَلْ إِجَارَةٌ وَأَحَدُ الْعَمَلَيْنِ أُجْرَةُ الْآخَرِ وَاغْسِلْ هَذَا الثَّوْبَ اسْتِعَارَةً لِبَدَنِهِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْأُجْرَةَ فِي عمله اسْتحقَّهَا

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)

وَهِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا

ص: 199

خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاس} كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيمْنَعُونَ الماعون} إنَّهُ مَاعُونُ الْبَيْتِ وَقِيلَ الزَّكَاةُ لِقَرِينَةِ الذَّمِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتُحَرَّمُ إِذَا كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي مُحَرَّمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْم والعدوان} فَلَا تُعَارُ الدَّابَّةُ لِمَنْ يَرْكَبُهَا لِضَرَرِ مُسْلِمٍ

فَرْعٌ - قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الْعَارِيَّةُ وَالرَّهْنُ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ فَقَوْلَانِ - كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْهَلَاكُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ ضَمِنَ مَا يَخْفَى كَالثِّيَابِ اتِّفَاقًا وَفِيمَا لَا يَخْفَى كَالْحَيَوَانِ قَوْلَانِ وَضَمَّنَ (ش) مُطْلَقًا وَعَكَسَ (ح) مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى خُلُوصِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ فَيُضَمَّنُ أَوْ إِلَى أَنَّهَا قَبْضٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَضْمَنُ أَوْ مُلَاحَظَةُ شَبَهِ الْأَصْلَيْنِ احْتَجَّ (ش) بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ قَالَ لي صلى الله عليه وسلم َ - بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ هَلْ لَكَ مِنْ سِلَاحٍ أَو أدرع فِي غَزْوَةِ حُنَيْنَ فَقُلْتُ أَغَصْبًا يَا رَسُولَ الله أم عَارِية فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - بل عَارِية مَضْمُونَة مؤاداة وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ وَاسْتَعَارَ بعض نِسَائِهِ قَصْعَة فغرمها صلى الله عليه وسلم َ - وَلِأَنَّهُ قَبَضَ لِيَنْتَفِعَ مِنْ غَيْرِ إِذَنٍ فِي إِتْلَافٍ فَيَضْمَنُ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْقَرْضِ

ص: 200

وَقَبْضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلِأَنَّ كُلَّ قَبْضٍ لَوْ كَانَ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْمَالِكِ يُوجِبُهُ لَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَظُنُّهُ مَالِكًا وَالْمُسْتَامَ مِنَ الْمَالِكِ يَضْمَنَانِ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَاصِبِ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَوْدِعِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُونَ مِنَ الْمَالِكِ وَإِنْ ضَمَّنَهُمُ الْمَالِكُ إِذَا قَبَضُوا مِنَ الْغَاصِبِ رَجَعُوا عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِهَاتِ ضَمَانٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ وَهَذِهِ النُّكْتَةُ قَوِيَّةٌ جِدًّا تَقْضِي عَلَى مَدَارِكِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْيَدَ إِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ ضَمِنَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كالغاضب أولى فَلَا يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ أَمْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَقَالَ بَلْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَنَفَى عَنْهَا الضَّمَانَ وَتَحْتَمِلُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ أَنْ تَكُونَ الْتِزَامًا لِلضَّمَانِ لَا إِخْبَارًا عَنْهُ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ لأهل مَكَّة وعارية لمالا يَمْلِكُ يَضْمَنُ أَوْ مَعْنَاهُ مَضْمُونَةُ الرَّدِّ احْتِرَازًا مِنَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ رَدَّهُ وَيُحْمَلُ قَوْله مُؤَدَّاة على نفس الدّفع ومضمونة على حمل مؤونة الرَّدِّ مِنَ الْأُجْرَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا تُلْغَى إِحْدَى الْعِبَارَتَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ فَقَدْتُ بَعْضَ أَدْرَاعِي فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِنْ شِئْتَ ضَمِنَّاهَا لَكَ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ صِفَةً لِلْعَارِيَّةِ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ وَتَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ مَضْمُونَةٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهَا أَوْ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إِذَا ثَبَتَ أَوْ مَضْمُونَةٌ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ قَالَ أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ عَلَى الْيَد يحْتَمل ضَمَان التّلف وَضَمان الرَّد وَالثَّانِي مُتَّفق عَلَيْهِ فَيحمل عَلَيْهِ لِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الشَّرْعِ عَلَى الْمُجْمَعِ

ص: 201

عَلَيْهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ ضَمَانَ التَّلَفِ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ الثَّابِتُ فِي جَمِيع الضَّرَر فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَكْثِيرًا لِفَوَائِدِ كَلَامِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي تُؤَدِّيهِ عَائِدٌ عَلَى الْعَيْنِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا طَعَامٌ فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهَا فَانْكَسَرَتْ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عِنْدَنَا وَقِيلَ أَهْدَتْهَا إِلَيْهِ بعض أَزوَاجه صلى الله عليه وسلم َ - فَاسْتَلَذَّ الطَّعَامَ فَغَارَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فَكَسَرَتْهَا عَمْدًا أَوْ يَكُونُ غُرْمُهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْأَجْزَاءَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبَ عُدْوَانٌ وَبَقِيَّةَ الصُّوَرِ تَعْوِيضٌ بِخِلَافِهَا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّا لَا نُضْمِنُ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَوْهِبِ وَالْمُشْتَرِي إِذا لَمْ يَعْلَمُوا وَهَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ وَإِنْ تَلَفَ بِفِعْلِهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى الْغَاصِبِ إِنْ كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ إِنَّمَا يُلْزِمُ هَذَا الْحَنَفِيَّةُ لِأَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَهُ ثُمَّ هِيَ مَنْقُوضَةٌ بِالْأَجْزَاءِ لِلْمُسْتَعِيرِ مِنَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهَا وَمِنَ الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُهَا ثُمَّ يُضْمِنُونَ الْمُسْتَوْدِعَ مِنَ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْيَدَ يَدُ أَمَانَةٍ مِنْ جِهَةِ الْإِذْنِ وَعَدَمِ الْعِوَضِ وَيَدُ ضَمَانٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَبْضٌ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَفَارَقَ الْغَاصِبَ بِالْإِذْنِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِد والمستام بِالْعِوَضِ والوديعة بِأَنَّهُ ينْتَفع فقوبت شَائِبَة الضَّمَان فِيمَا يُغَاب عَلَيْهِ بالتهمة فضناه وشائبة الْأَمَانَة بِظهْر الْعَيْنِ فَلَمْ نُضَمِّنْهُ فَالضَّمَانُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَجْمُوعَيْنِ لَا بِالْيَدِ مِنْ حَيْثُ هِيَ يَدٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْيَدِ غير مضمنة أَلا يضمن وَعنهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ على

ص: 202

الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ يَعْنِي الْمُعْتَدِيَ مِنَ الْغُلُولِ لِأَنَّهُ يُقَالُ غَلَّ وَأَغَلَّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَقِيَاسًا لِلْجُمْلَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ بِجَامِعِ الْإِذْنِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى الْهَلَاكَ أَوِ السَّرِقَةَ أَوِ الْحَرْقَ أَوِ الْكَسْرَ ضَمِنَ وَعَلِيهِ فِيمَا أفسد فَسَادًا يَسِيرًا مَا نَقَصَهُ أَوْ كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَته كُله لِأَن الْأَقَل تبع للكثير إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةُ أَنَّ هَلَاكَهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَانَ لِلتُّهْمَةِ وَمَتَى فَرَّطَ ضَمِنَ فَإِنِ اسْتَعَارَهَا بِلِجَامِهَا وَسَرْجِهَا فَقَالَ ضَاعَت بعدتهما قَالَ مُحَمَّد ضمن السرج واللجام دونهَا لِأَنَّهَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اسْتَعَارَ بَازِيًا لِلصَّيْدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ طَارَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ

فَرْعٌ - قَالَ فَإِنِ اشْتَرَطَ الضَّمَانَ فِي الدَّابَّةِ بَطَلَ الشَّرْطُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَقْدِ فِي الْحَيَوَانِ إِلَّا أَنْ يَخَاف رَبُّهَا مِنْ لُصُوصٍ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ فَيَضْمَنُ إِنْ هَلَكَتْ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ أَصْبَغُ مُطْلَقًا

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَارِيُّ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يُبَانُ بِهِ كَالدِّيَارِ وَمَا يُبَانُ بِهِ وَلَا

ص: 203

يُغَابُ عَلَيْهِ كَالسُّفُنِ فَغَيْرُ مَضْمُونَيْنِ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَهَلْ يَضْمَنُ خِلَافٌ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْخَامِسُ الْمُكَيَّلُ وَالْمَوْزُونُ فَهُمَا مَضْمُونَانِ فَإِنْ سَقَطَتِ الدَّارُ أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ فِعْلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي النَّقْضِ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الضَّمَانِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَدِمْ بِنَفْسِهِ لِجِدَّتِهِ وَلَا مَطَر وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا يَقْتَضِي الْهَدْمَ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْهَدِمْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِ أَبْوَاب الْبيُوت واغلاقها بِخِلَافِ بَابِ الدَّارِ وَحَلْقِهِ لِأَنَّهُ يَنَامُ دَاخِلَهَا وَيَجْهَلُ مَا حَدَثَ وَيُصَدَّقُ فِي غَرَقِ السَّفِينَةِ وَسَرِقَتِهَا وَأَخْذِ الْعَدُوِّ إِيَّاهَا فِيمَا دُونَ آلَاتِهَا مِنَ الْمَرَاسِي وَالْقُلُوعِ وَنَحْوِهَا إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ صدقه أَو كذبه وَالْمَشْهُورُ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ عَدَمُ الضَّمَانِ لِاسْتِقْلَالِهَا وَعَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ بِهَا وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا صَغُرَ لِخَفَائِهِ إِذَا غِيبَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَيَضْمَنُ سَرْجَهَا وَلِجَامَهَا وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدَ وَلَا كِسْوَتَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ حَائِزٌ لِمَا عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي مَوْتِهِ وَفِي تَكْفِينِهِ فِي الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي زِيَادَةٍ يَرْجِعُ بِهَا وَلَا فِي مَوْتِ الدَّابَّةِ أَوِ الْعَبْدِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَخْفَى ذَلِكَ فِيهِ بِخِلَافِ هُرُوبِهِمَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ بِحَضْرَةٍ بَيِّنَةٍ فَتُكَذِّبُهُ وَهُمْ عُدُولٌ لِتُبَيِّنَ كَذِبَهُ أَوْ غَيْرُ عُدُولٍ لَمْ يَضْمَنْ وَيَحْلِفُ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ وَيغرم وعَلى أحد قولي مَالك أَنه لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ إِذَا شَهِدَ فِيمَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُ يَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ مِنْ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ فِي الثِّيَاب وَنَحْوهَا لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَعْطَى لَكَ مَالًا وَيَكُونُ لَكَ رِبْحُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ يَسْقُطُ شَرطه بسقط الشَّرْط هَهُنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَرْطُهُ سَاقِطٌ فِي الدَّابَّةِ وَلَا يَضْمَنُ وَقَالَ

ص: 204

أَشْهَبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ وَرَآهَا إِجَارَةً فَاسِدَةً وَعَلَى هَذَا تُرَدُّ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَيَجْرِي فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ يُخَيَّرُ الْمُسْتَعِيرُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ إِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَإِلَّا رُدَّتْ فَإِنْ فَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَى إِجَارَةٍ وَإِنَّمَا وَهَبَ الْمَنَافِعَ وَقَوْلٌ رَابِع صِحَة الشَّرْط الا أَنَّ أَحَدَ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَقَدْ دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا أَحْضَرَ الثَّوْبَ بَالِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَلَّا يُحْسِنَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلَّا عَنْ سَرَفٍ فِي اللِّبَاسِ فَيُغَرَّمُ الزَّائِدَ عَلَى الْمُعْتَادِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ هَذَا الْمُسْتَعِيرِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الْخِرَقَ وَالْحَرْقَ وَالسُّوسَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تكون على الْغَفْلَةِ وَإِذَا اسْتَعَارَ السَّيْفَ لِلْقِتَالِ فَأَتَى بِهِ وَقَدِ انْقَطَعَ ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَضَمَّهُ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِمَّا اسْتَعَارَهُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْفَأْسُ وَالْعَجَلَةُ وَيُصَدَّقُ فِي الرَّحَى إِذَا حَفِيَتِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ شَأْنُ الطَّحْنِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْفَأْسِ وَالسَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ أَصْبَغُ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ رِدَاءَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَذْهَبُ لِلْبَيْتِ آخُذُ عَلَيَّ شَيْئًا وَآتِيكَ بِالرِّدَاءِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ مَعَ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ جَارِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ النَّاسِ وَقَالَهُ (ح) وَيُصَدَّقُ الرَّسُولُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ سُرِقَتْ كَانَ مَأْمُونًا أَمْ لَا

ص: 205

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ إِلَّا حَيْثُ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إِذَا تَلِفَتِ الْعَارِيَّةُ تَحْتَ يَدِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا حَيْثُ شَاءَ فَرَكِبَهَا إِلَى الشَّامِ أَوْ إفريقية لَا يضمن ان كَانَ وَجه عَارِيَّتَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَسْفَارِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ شَأْنُ النَّاسِ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ رُكُوبًا حُمِلَتْ عَارِيَّتُهُ عَلَى الْبَلَدِ حَتَّى يُذْكَرَ غَيْرُهُ وَإِلَّا حُمِلَتْ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَا يَبْعُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةَ الْمُسْتَعِيرِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَمَّا رَجَعْتَ زَعَمَ أَنَّهُ أَعَارَكَ إِلَى دُونِ مَا رَكِبْتَهَا أَوْ بَلَدٍ آخَرَ صَدَقْتَ مَعَ يَمِينِكَ إِنِ ادَّعَيْتَ مَا يُشْبِهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدِّي وَعَلَيْكَ كِرَاءُ فَضْلِ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُكُمَا فِي الْحَمْلِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ مَهْرًا فَحَمَلْتَ عَلَيْهِ بِزًّا لَمْ تُصَدَّقْ لِأَنَّ الْعَادَةَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ الْبَعِيرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ يُصَدَّقُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِذَا صَدَقَ فِي أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ فَعَوَّضَهَا أَوْلَى وَإِلَّا تَنَاقَضَتِ

ص: 206

الْأَحْكَام وَالْفرق بَين هَذِه وَبَين مسئلة ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّسُولِ يَكْذِبُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمَسَافَةِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ إِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَدَّعِي الْكَذِبَ من رب الدَّابَّة لعدم عمله بِمَا قَالَهُ الرَّسُولُ وَهُنَا أَنْتُمَا مُتَدَاعِيَانِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْكَ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ سَقَطَ ضَمَانُكَ وَضَمِنَ الرَّسُولُ لِتَعَدِّيهِ وَإِن أقرّ الرَّسُول بِالتَّعَدِّي وَلَا بَيِّنَة لَهُ على عقده مَعَ الرَّسُول فههنا يغرم الرَّسُول التَّعَدِّي فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْكَ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الرَّسُولِ لِإِقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي وَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِالتَّعَدِّي وَضَمِنْتَ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ عَاقَدَ الرَّسُولَ عَلَى مَا ذَكَرَ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُعِيرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الْمُعِيرُ قَبْلَ الرُّكُوبِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَصْلِ المسئلة لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَقِيلَ إِذَا هَلَكَتِ الدَّابَّة بعد يَوْمَيْنِ فَقَالَت أَعَرْتُ يَوْمًا وَقُلْت يَوْمَيْنِ حَلَفْتُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ كليكما مُدع على صَاحبه الْإِذْنَ وَهُوَ الْغُرْمُ وَيَلْزَمُكَ كِرَاءُ الْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُكَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِذَا اسْتَعَرْتَ بِرَسُولٍ إِلَى بُرْقَةٍ فَقَالَ الْمُعِيرُ بَعْدَ رُكُوبِكَ إِنَّمَا اعرت إِلَى فلسطين يمْتَنع شَهَادَةُ الرَّسُولِ لَكَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَتَحْلِفُ أَنْتَ وَلَا تَضْمَنُ وَيَحْلِفُ هُوَ وَله مَا بَين الكرائين لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي مَنَافِعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الرَّسُولُ إِلَى فِلَسْطِينَ فَعَطِبَتْ مَعَكَ فِي بُرْقَةٍ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي إِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِالْكَذِبِ ضَمِنَهَا وَإِنْ قَالَ بَلْ أَمَرْتَنِي وَأَكْذَبْتَهُ لَا يُشْهِدُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ خَصْمٌ وَتَحْلِفُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَفِي كتاب مُحَمَّد يضمن الا أَن يثبت أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِبُرْقَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ شَهِدْتُ لَكَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ لَهُ إِلَى فِلَسْطِينَ فَلَهُ

ص: 207

فَضْلُ الْكِرَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَلَا ضَمَان عَلَيْك وتحلف لِأَنَّك تَقول إِذا دَخَلْتُ عَلَى بُرْقَةٍ فَلَمْ أَتَعَدَّ وَإِذَا أَقَرَّ بِالْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ الدَّابَّةَ دُونَكَ إِنْ كَانَتْ مَسَافَةَ بُرْقَةٍ أَشَدَّ فِي التَّعَبِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك لِأَنَّ لَكَ الذَّهَابَ بِهَا إِلَى مِثْلِ مَا اسْتَعَرْتَ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ادَّعَيْتَ الْعَارِيَّةَ وَادَّعَى الْكِرَاءَ صَدَقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ لَا يُكْرِي قَالَ أَشْهَبُ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْحَمْلِ صَدَقْتَ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا اخْتلفَا فِي النَّاحِيَةِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الرُّكُوبِ لِمَا قَالَهُ الْمُعِيرُ أَوْ يَنْزِلُ إِلَّا أَنْ يَخْشَى رَوَاحَهُ إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْء قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذْ اسْتَعَارَ الْعَبْدُ أَوِ الْحُرُّ حُلِيًّا لِأَهْلِهِ فَهَلَكَ وَجَحَدَ أَهْلُهُ إِرْسَالَهُ وَقَدْ هَلَكَ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ حَلَفُوا مَا أَرْسَلُوهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِرْسَالِهِمْ وَحَلَفَ الرَّسُولُ إِذَا كَانَ حُرًّا لَقَدْ بَعَثُوهُ وَبَرُّوا بِتَصْدِيقِ الْمُعْطِي لِلرَّسُولِ وَإِنْ صَدَّقُوهُ ضَمِنُوا دُونَهُ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي وَهُوَ حُرٌّ ضَمِنَ أَوْ عَبْدٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ إِذَا أَفَادَ مَالًا وَلَا تَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ لِإِذْنِ الْمُعْطِي فَلَا جِنَايَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِإِيصَالِهِ لَهُمْ لَمْ يَضْمَنُوا وَلَا هُوَ وَيَحْلِفُوا وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ أَرْسَلَنِي سَيِّدِي وَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَيَّلُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ غُرِّمَ لِإِقْرَارِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لخديعته الْقَوْم وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْحُرِّ إنَّهُ ضَامِنٌ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الرَّسُولُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ أَوْ سَدِيدَ الْحَال يحلف وَيُبَرَّأُ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَالَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ خَيْرٍ حَلَفُوا وَغُرِّمَ الرَّسُولُ إِنْ

ص: 208

كَانَ مِنْ سَبَبِهِمْ وَمُتَصَرِّفًا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُونَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَهَا لِلْحِنْطَةِ فَحَمَلَ الْحِجَارَةَ فَكُلُّ مَا حَمَلَ وَهُوَ أَضَرُّ بِهَا مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ أَوْ مِثْلُهُ فِي الضَّرَرِ لَمْ يَضْمَنْ كَعَدَسٍ مَكَانَ حِنْطَةٍ وَلَوْ رَكِبَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ وَهُوَ أَضَرُّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا أَو لركوب فَأرْدف من تعطب بِمِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ كِرَاءِ الرَّدِيفِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إِذا أَخذ أُجْرَة الْمَنْفَعَة لَا يَأْخُذ الثّمن للرقبة لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوِّضِ أَوْ يُضْمِنُهُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ يَوْمَ الْإِرْدَافِ لِأَنَّهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ إِذَا تَجَاوَزَ الْمَسَافَةَ فَعَطِبَتْ خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ كِرَاءِ التَّعَدِّي فَقَطْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يلْزم الرديف شَيْء وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُعْدَمًا لِأَنَّهُ رَكِبَ بِإِذْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَارِيَّةِ وَذَلِكَ شُبْهَةٌ قِيلَ هَذَا خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ كَالْغَاصِبِ يَهَبُ سِلْعَةً فَتَهْلِكُ فَيُغَرَّمُ الْمَوْهُوبُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ وَهَذَا لَمْ يَعْلَمْ انها مستعارة وَإِلَّا فَهُوَ كالمستعير تضمن ايها شِئْتَ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّعَدِّي قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يُرَاعِ كَوْنَ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَجَاوَزَ إِلَيْهَا يَعْطِبُ فِي مِثْلِهَا أَمْ لَا كَمَا فِي الزِّيَادَةِ بَلْ ضَمِنَهُ مُطْلَقًا وَهُمَا سَوَاءٌ وَيَضْمَنُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ وَقَعَ الْهَلَاك فِيهِ بالمأذن وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَسَافَةِ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَقَطْ يُشْكِلُ هَذَا لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ أَذِنَ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ عَشْرَةً فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ يَضْمَنُ إِنْ خَافَ أَنَّ الزَّائِدَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَجَاوَزَ الْمَسَافَةَ نَحْوَ مَيْلٍ ثُمَّ رَجَعَ لِيَرُدَّهَا لِرَبِّهَا فَعَطِبَتْ فِي مَوْضِعِ الْإِذْنِ ضَمِنَ لِتَقَدُّمِ التَّعَدِّي الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى مِثْلِ مَنَازِلِ النَّاسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضْمَنُ كَقَوْلِ مَالِكٍ

ص: 209

فِي الْوَدِيعَةِ تُرَدُّ بَعْدَ السَّلَفِ ثُمَّ تُسْرَقُ فَكَذَلِك ردهَا لموْضِع الاذن

الْقَاعِدَة - أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ كَخَرْقِ الثَّوْبِ وَالتَّسَبُّبِ فِي الْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِوُقُوعِ الْحَيَوَانِ أَوْ وَضْعِ يَدٍ غَيْرِ مُؤَمَّنَةٍ كَيْدِ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِنَا وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيْدِيَ الْأُخَرَ مَا وُضِعَتْ إِلَّا بِإِذْنٍ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا فَتخرج عَلَيْهَا هَذِهِ الْفُرُوعُ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ صُدِّقَ الْمُعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْد ابْن الْقَاسِم فِي كل مَالا يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ أَخَذُهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِ كَالدَّيْنِ فِي الذِّمَمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُصَدَّقُ الصَّانِعُ فِي الرَّدِّ إِذَا أَخَذَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ التَّلَفِ فَعَلَى هَذَا يُصَدَّقُ فِي الْعَارِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فِي الرَّدِّ فَلْتُطَالِعْ مِنْ هُنَاكَ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَارِيَّةِ وَقَدْ ضَاعَتْ صُدِّقَ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ اسْتَعْمَلْتُ الْحُلِيَّ زَمَانًا طَوِيلًا وَنَقَصَ تَحْلِفُ وَيُحَطُّ مَا يُرَى أَنَّهُ نَقَصَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ يَوْمَ الِارْتِهَانِ أَوْ يَوْمَ الضَّيَاعِ قَوْلَانِ وَتَتَخَرَّجُ الْعَارِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ وَالثَّانِي أَحْسَنُ لِأَنَّ الْيَدَ غَيْرُ مُضَمَّنَةٍ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ لِآخِرِ يَوْمٍ رَأَتْهُ الْبَيِّنَة عِنْده لَمْ يُرَ عِنْدَهُ مِنْ يَوْمِ اسْتَعَارَهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَا يُصَدِّقُهُ فِي بَقَائِهِ عِنْدَهُ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ وَيُصَدِّقُهُ فِي الْبَقَاءِ إِلَى الْيَوْمِ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَهْلَكَ ذَلِكَ الثَّوْبَ قَبْلَ لُبْسِهِ لَمْ

ص: 210

يَغْرَمْ إِلَّا الْقَدْرَ الَّذِي يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَ لبسه مُدَّة الْعَارِية لِأَنَّ مَا يَنْقُصُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَا يَغْرَمْهُ وَقَدِ اسْتَحَقَّهُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ بَاعَهُ كَانَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ شَرِيكٌ بِعَقْدِ الْعَارِيَّةِ فَإِنْ أَهْلَكَهُ الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ فَهَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَسْتَأْجِرُ الْمُسْتَعِير مِنِ الْقِيمَةِ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ يَشْتَرِي مِثْلَهُ أَوْ يَغْرَمُ قِيمَةَ تِلْكَ الْمَنَافِعِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَخْدَمَ أَمَةً ثُمَّ أَوْلَدَهَا وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الأولى لِأَنَّهَا الْفَائِتَةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ أَهْلَكَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَبَضَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَغْرَمُ كَالْوَاجِبِ يَبِيعُ الثَّوْبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ فَهُمَا فِي الْقِيمَةِ شَرِيكَانِ إِنْ كَانَتْ ثَوْبًا لِأَنَّهُ مِمَّا يُنْقِصُهُ الِاسْتِعْمَالُ فَإِنْ كَانَ لَا يُنْقِصُهُ الِاسْتِعْمَالُ كَالْعَبْدِ فَلِسَيِّدِهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ وَبُرْقَبَتِهِ لِآخَرَ تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي مِثْلِهِ وَيَخْدِمُ بَقِيَّةَ خِدْمَتِهِ لِلْأَوَّلِ إِنْ كَانَتْ إِلَى أجل فإليه أوالي الْمَوْت فاليه وَقَالَ مُحَمَّد فِي موصى لَهُ بِغَلَّةِ دَارٍ أَوْ سُكْنَاهَا يَهْدِمُهَا رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى عَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا قَائِمَةً وَمَهْدُومَةً تُبْنَى بِهَا تِلْكَ الدَّارُ وَيَكُونُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى أَجْلِهِ تَوْفِيَةً بِالْوَصِيَّةِ وَقِيلَ يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ أُخْرَى غَيْرُ الْمُوصَى بِهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَذِنْتَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِكَ أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ أَرَدْتَ إِخْرَاجَهُ لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ تُشْبِهُ الْعَارِيَّةَ إِلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تَرَكْتَهُ إِلَى مَا يُشْبِهُ عَارِيَّتَهُ فَتُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْقَلْعِ أَوْ تَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا نَفْعَ

ص: 211

فَلَا شَيْءَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ مَا لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبْتَ أَََجَلًا فانقضى لَكِن لَيْسَ لَك اخراجه هَهُنَا قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنْ أَعْطَيْتَهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا تَوْفِيَةً بِالشّرطِ وَلَوْ لَمْ يَبْنِ وَلَمْ يَغْرِسْ وَلَوْ لَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا كَانَ لَكَ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ يُقَوِّي مَالك الْمَنْفَعَةِ وَتَعَيُّنَهُ مُرَادٌ لَكُمَا وَلَوْ سَمَّيْتَ أَجَلًا وَلَمْ تُسَمِّ مَا يَبْنِي وَمَا يَغْرِسُ فَلَا تَمْنَعُهُ إِلَّا مَا يَضُرُّ بِأَرْضِكَ وَلَهُ الْخُرُوجُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَقَلْعِ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا إِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْقَلْعِ وَإِلَّا فَلَا يُقْلِعُ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ تَذْهَبُ بِالْقَلْعِ سَفَهًا وَلَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ مَالًا بِالْإِبْقَاءِ وَإِنْ أَعَرْتَهُ لِلزَّرْعِ فَلَهُ حَتَّى يَتِمَّ وَيَتَمَكَّنَ مِنَ الْبَيْعِ بِالطَّيِّبِ وَلَيْسَ لَكَ كِرَاءٌ مِنْ يَوْمِ رُمْتَ إِخْرَاجَهُ وَلَا فِيمَا مَضَى إِلَّا أَنْ تُعِيرَ لِلثَّوَابِ فَهُوَ كَالْإِجَارَةِ فَإِنْ أَعَرْتَهُ للْبِنَاء وَسكن عَشْرَ سِنِينَ وَلَكَ الْبِنَاءُ بَعْدَهَا جَازَ إِنْ بنيتما صِفَةَ الْبِنَاءِ وَمَبْلَغَهُ وَأَجَلَهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَحَيْثُ امْتَنَعَ وَبَنَى وَسَكَنَ فَلَهُ قَلْعُ بِنَائِهِ وَلَكَ كِرَاءُ أَرْضِكَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَلَكَ إِعْطَاؤُهُ الْقِيمَةَ مَقْلُوعًا وَإِلَّا يَنْقُضُهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَغْرِسَهَا شَجَرًا وَهُوَ لَكَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الشّجر لَا يحدد فَيُعْرَفُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَوْلُهُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ إِذَا أَخْرَجَ الْآجِرَ والجِيرَ مِنْ عِنْدِهِ وَقَوْلُهُ مَا أَنْفَقَ إِذَا أَخْرَجَ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِهِ هَذِهِ الْأَصْنَافَ وَثَانِيهَا قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ إِذَا طَالَ الْأَمَدُ وَتَغَيَّرَ بِالِانْتِفَاعِ وَمَا أَنْفَقَ إِذَا كَانَ بِالْقُرْبِ وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ اخْتِلَافًا وَثَالِثُهَا إِنْ أَعْطَاهُ مَا أَنْفَقَ أَيْ عِدَّةُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ أَيْ بِغَيْرِ غَبْنٍ إِلَّا مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ اخْتِلَافٌ وَالْكُلُّ فِيهِ مُحْتَمَلٌ وَقَوْلُهُ فِي عَارِيَّةِ الزَّرْعِ لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى يَطِيبَ يُرِيدُ أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَكُونُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُرِيدُ أَنَّ فِيهِ

ص: 212

الْقِيمَةَ إِذَا طَابَ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِأَنَّهُمَا يَبْقَيَانِ فِي الْأَرْضِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَلَا يَأْخُذْهُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَطِيبَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَا يُبَاعُ بَعْدَ الطَّيِّبِ حَتَّى يَيْبَسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِ الْبِنَاءِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ وَبَيْنَ مَنْعِ بَيْعِ دَارٍ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِين إِن الْبناء هَهُنَا مِنْ حِينِ كَمَالِهِ لَكَ وَإِنَّمَا لَهُ السَّكَنُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلَوِ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ فِي أَيَّامِ السُّكْنَى فَهُوَ مِنْكَ أَوْ قَبْلَ السَّكَنِ رَجَعَ بِقِيمَةِ بنائِهِ عَلَيْك لِأَنَّهُ لما تعذر سكناهُ رَجَعَ بِالْعِوَضِ أَو بعد بعض السُّكْنَى بِبَعْضِ الْقِيمَةِ بِقَدْرِ مَا لَمْ يُسْكَنْ وَيَسْتَوِي اشْتِرَاطُ السَّكَنِ تِلْكَ الْمُدَّةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْضِهَا فِي أَمَدِ الْبِنَاءِ لِأَنَّ أَمَدَ فَرَاغِهِ مَعْلُوم فَيصير الشَّرْط لما بعده لتعذر السُّكْنَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ لَكَ إِخْرَاجُهُ فِي الْبناء وان لم يضْرب أجل حَتَّى يَبْلُغَ أَمَد مِثْله لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَكَ إِخْرَاجُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَإِنْ قَرُبَ لِأَنَّكَ لَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا وَهُوَ فرط حَيْثُ لم يضْربهُ وَتُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا أَوْ تَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ وَقَالَ أَيْضًا لَكَ إِخْرَاجُهُ إِذَا احْتَجْتَ لِعَرْصَتِكَ أَوْ بَيْعِهَا تَقَدَّمَ شَرْطٌ أَمْ لَا لِأَنَّ الضَّرُورَةَ مُقَدّمَة على الْمَعْرُوف وان كَانَ بِشَرْط وَقع بَيْنكُمَا لالحاجة امْتنع وَفَاء بِالْعَقْدِ السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الضَّرُورَةِ وَحَيْثُ دَفَعْتَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا فَيُعَدُّ أُجْرَةَ الْقَلْعِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ فِي الدَّابَّةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا أَوْ إِلَى كَذَا وَكَذَا يَوْمًا أَوْ حَيَاتَكَ فَلَيْسَ لَكَ الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أَعَرْتُكَ فَلَكَ الرُّجُوعُ مَتَى شِئْتَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الزِّيَادَةِ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَنْ بَنَى بِإِذْنِكَ أَوْ عِلْمِكَ فَلَمْ تَمْنَعْهُ وَلَا أَنْكَرَت عَلَيْهِ فَلهُ قِيمَته قَائِما كالباني بِشُبْهَة وَكَذَلِكَ المتكاري أَرْضًا أَوْ مُنِحَهَا أَوْ بَنَى فِي أَرْضِ أَمرته وأراضي ببينه وَبَيْنَ شُرَكَائِهِ بِعِلْمِهِمْ فَلَمْ يَمْنَعُوهُ وَالْبَانِي بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا عِلْمٍ لَهُ الْقِيمَةُ مَقْلُوعًا وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَقَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ إِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ قلع

ص: 213

بِنَاءه وَتَرْكَ غَرْسِهِ بَطَلَ الشَّرْطُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا إِذَا تَمَّ الْأَجَلُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ الْقِيمَةَ قَائِمًا امْتُنِعَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَمَا بُنِيَ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ فَرَغَ أَوْ مَا أنْفق فِيهِ وَلَكَ كِرَاءُ الْأَرْضِ مَبْنِيَّةً مِنْ يَوْمِ سَكَنَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَارِيُّ هِبَاتٌ تَجُوزُ مَعْلُومَةً وَمَجْهُولَةً وَغَرَرًا وَفِي لُزُومِهَا لِلْمُعِيرِ قسَمَانِ قِسْمٌ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَا ضَرَبَ فِيهِ أَجَلًا وَعَمَلُهُ مَعْلُومٌ وَمَا لَا يَضْرِبُ أَجَلًا وَلَا هُوَ مَعْلُومٌ قِيلَ لَا يجْبر على التَّسْلِيم وَلَك الِاسْتِرْدَاد وَبعد التَّسْلِيمِ وَإِنْ قَرُبَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَوْهُوبِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَقِيلَ يَلْزَمُ إِلَى مُدَّةٍ مِثْلِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا يُتَكَلَّفُ فِيهِ الْإِنْفَاق والمئونة وَإِنْ قَلَّتْ لَا رُجُوعَ فِيهِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَإِلَّا فلك الرُّجُوع فِي مثل فتح بَاب إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعِيرُ بَاعَ دَارَهُ وَشَرَطَ لِلْمُشْتَرِي مَا أَذِنْتَ لَهُ فِيهِ بِعِلْمِكَ فَيَلْزَمُ أَبَدًا وَاخْتُلِفَ إِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ عَلَى مَائِهِ فَفَعَلَ فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ قَطْعُ ذَلِك المَاء لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ مالم توقف أَو تسميه عَارِيَّةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِذَا أَذِنْتَ فِي إِجْرَاءِ نَهْرٍ خَلَفَ حَائِطِهِ أَوْ مِيزَابٍ على الْحَائِط فأضر بِالْحَائِطِ نفيا للضررفان احْتَاجَ الْحَائِطُ إِلَى إِصْلَاحٍ لَهُ فَعَلَى مَنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ وَإِنِ انْهَدَمَ وَعَلِمَ صَاحِبُ الْحَائِط بِالْفَسَادِ لم يكن عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَعَلِمَ ذَلِكَ الْآخَرُ كَانَ بِنَاؤُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ جَهِلَا جَمِيعًا جَرَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُخْطِئِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَأَنْ يَضْمَنْ أَصْوَبُ

فَرْعٌ - فِي النَّوَادِرِ كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ أَوْ بِشُبْهَةٍ مِنَ الشُّبَهِ أَوْ غَرَسَ فَلَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ قَائِما وَإِلَّا فمنقوض غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ إِذَا أَسْكَنْتَهُ دَارَكَ وَأَذِنْتَ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ فِيهَا حُجَرًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ إِلَّا النَّقْضُ إِلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا لِدُخُولِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى النَّقْض

ص: 214

نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يُؤْخَذُ الْبِنَاءُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا فِي سِتِّ مَسَائِلَ الْبِنَاءُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ بِكِرَاءٍ أَوْ أَرْضِ زَوْجَتِهِ أَوْ شُرَكَاءَ أَوْ وَرَثَةٍ بَنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَمْرٍ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ إِنْ بَنَى بِأَمْرِهِ فَالْقِيمَةُ قَائِمًا وَإِلَّا فَمَقْلُوعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الْفَرْعِ نَقْلٌ آخَرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى

نَظَائِرُ - قَالَ يلْزم الضَّمَان الا أَن تقوم بِبَيِّنَة فِي سِتِّ مَسَائِلَ عَارِيَةُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْمَبِيع بِالْخِيَارِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَتِ الْمَرْأَةُ تَلَفَهُ وَوَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ بِالطَّلَاقِ وَالْمَقْسُومُ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ بِدَيْنٍ أَوْ غَلَطٍ وَقَدْ تَلَفَ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ومسئلة الصُّنَّاعِ فِي الْإِجَارَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَ عَشْرَ سِنِينَ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَبَضَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ (ح) وَ (ش) لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّارَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَهِيَ كَهِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ عَلَى أَصْلِهِمْ وَنَحْنُ نَمْنَعُهُمُ الْحُكْمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَسَيَتَقَرَّرُ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتِ الْعَارِية كَالْهِبَةِ

الْقَاعِدَة - لَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ خِيَارُ الْبَيْعِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمُطَالَبَةُ بِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنِ الْأَمْلَاكِ وَلَا تَنْتَقِلُ إِلَيْهِ الْوَكَالَةُ وَلَا الْإِيلَاءُ وَلَا اللِّعَانُ وَلَا النِّكَاحُ وَلَا خِيَارٌ اشْتَرَطَهُ لَهُ الْمُتَبَايِعَانِ فَلَيْسَ كُلُّ الْحُقُوقِ تَنْتَقِلُ بَلِ الضَّابِطُ أَنَّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ انْتقل لِأَن الْوَارِث يرى الْمَالَ فَوَرِثَ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَكُلُّ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْسِ كَالنِّكَاحِ أَوْ بِالْعَقْلِ وَالرَّأْيِ كَخِيَارٍ اشْتَرَطَهُ لَهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَالْوِكَالَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّ جِسْمَهُ وَعَقْلَهُ وَرَأْيَهُ لَا يُوَرَّثُ فَالْعِلْمُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُوضح

ص: 215

لَكَ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَنْ أعمرته دَارك حَيَاتَهُ رَجَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَيْكَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ تَرْجِعُ لَهُ وَلِمَنْ يَرِثُهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِلَفْظِ الْعُمْرَى والسكن والاعتمار والاستغلال وَالْإِعْمَارِ بِالْمَنَافِعِ دُونَ الرِّقَابِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يَمْلِكُ الرِّقَابَ فِي الْعُمْرَى قَالَ لِعَقِبِكَ أَمْ لَا لما فِي الْمُوَطَّأ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا لَا تَرْجِعُ لِلَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا وَفِي مُسْلِمٍ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تفسدوها فانه من أعمر عمرى فَبنى لِلَّذِي أَعْمَرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ وَلَا أَثَرَ لذكر الْعقب قَدْ يَمُوتُ قَبْلَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا مَا دَامَ مِنْ عَقِبِ الْمُعْطِي أَحَدٌ وَكَذَلِكَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ فَإِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِيِّ فَعَلَّلَ بِالْمَوَارِيثِ وَجَعَلَهَا الْمَانِعَةَ وَنَحْنُ لَا نغيره مَا دَامَ مِيرَاثٌ مِنَ الْعَقِبِ وَيُوَضِّحُهُ أَلَّا تَعُودَ فِعْلٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ هَلْ يُعَمُّ أَمْ لَا خِلَافٌ بَيْنِ الْأُصُولِيِّينَ وَإِنْ سَلَّمْنَا الْعُمُومَ فَهُوَ فِي الْأَزْمَانِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَالْعَامُّ فِي حقيته مُطْلَقًا وَفِي أَحْوَالِهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْمُطْلَقُ تَكْفِي فِيهِ صُورَةٌ فَنَحْمِلُهُ عَلَى حَالَةِ عَدَمِ الْوَارِثِ مِنَ الْعَقِبِ فَيَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْمُطْلَقَاتِ وَعَنِ الثَّانِي الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ أَيْضًا فَإِنَّ الْجَوَازَ ثَابِتٌ إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرُّجُوعِ وَعَنِ الثَّالِث القَوْل بِالْمُوجبِ أَيْضا فانهما لَهُ وَلِعَقِبِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا إِنَّمَا الْخِلَافُ بَعْدَ الْعقب ثمَّ

ص: 216

يَتَأَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد لماسئل عَنِ الْعُمْرَى فَقَالَ مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَوَرَدَ عَلَيْهِ إِنْ أَرَادَ الْغَالِبَ فَلَيْسَ حُجَّةً مُطْلَقًا فَكَيْفَ تُدْفَعُ بِهِ السُّنَّةُ أَوْ إِجْمَاعُ الْمَدِينَةِ فَقَدْ خَالَفَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَضَى بِهَا طَارِقٌ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن اسحق الْحَرْبِيُّ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعَرَبُ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَالْإِفْقَارِ وَالْإحْمَالِ وَالْمِنْحَةِ وَالْعَرِيَّةِ وَالْعَارِية والسكتى وَالْإِطْرَاقِ أَنَّهَا عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا وَمَنَافِعِهَا لِمَنْ جُعِلَتْ لَهُ وَالْخَصْمُ يَدَّعِي أَنَّ الشَّرْعَ نَقَلَهَا وَالْأَصْل عدم النَّقْل لِأَن تَمْلِيكَ الرِّقَابِ مَتَى اشْتُرِطَ فِيهِ التَّأْقِيتُ فَسَدَ كَالْبيع وَهَهُنَا لَمْ يَفْسَدْ فَيُصْرَفُ إِلَى الْمَنَافِعِ لِأَنَّهَا لَا يُفْسِدُهَا التَّأْقِيتُ بَلْ شَرَطَ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا وَالْخَصْمُ يَدَّعِي أَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ التَّأْقِيتَ تَصْحِيحًا لِلْمِلْكِ وَنَحْنُ نَدَّعِي أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ وَالْإِبْطَالُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ فَيَكُونُ مَذْهَبُنَا أَرْجَحَ لُغَةً وَشَرْعًا وَلِأَنَّ التَّبَرُّعَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ خَالَفْنَاهُ فِي الْمَنَافِعِ فَيَبْقَى فِي الرِّقَابِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ تَعْلِيلًا لِلْمُخَالَفَةِ

فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْعَارِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَالْعُمْرَى بِسُكُونِ الْمِيمِ مِنَ الْعُمْرِ وَالرُّقْبَى بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ مَقْصُورَةٌ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يرقب صَاحِبهِ وَتَفْسُدُ الرُّقْبَى مِنْ جِهَتَيْنِ وَتَصِحُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ فِي عَبْدِهِ فَإِنْ مِتُّ فَاخْدِمْ فُلَانًا حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ كَالتَّعْمِيرِ وَوَصِيَّةٍ بَعْدَهُ بِالْخِدْمَةِ وَعِتْقٍ إِلَى أَجَلٍ وَتَفْسُدُ إِذَا كَانَتِ الْمُرَاقَبَةُ مِنِ الْجِهَتَيْنِ لِكَوْنِهَا خَارِجَةً عَنِ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ وَإِذَا كَانَتْ قُبَالَةَ الدَّارِ دَارٌ أُخْرَى مِنِ الْجِهَةِ الْأُخْرَى لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً فَاسِدَةً وَوَافَقَنَا (ح) فِي الرُّقْبَى وَجَوَّزَ (ش) وَأَحْمَدُ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَمْ يُبْطِلَا إِلَّا الْمُعَاوَضَةَ فِي الْقِسْمِ الْأَخِيرِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ الْعُمْرَى فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ فِي الثِّيَابِ وَهِيَ

ص: 217

عِنْدِي عَلَى مَا أَعْطَاهُ مِنَ الشَّرْطِ وَتَمْتَنِعُ الرقبى وَهِي أَن تكون دَار بَيْنكُمَا فتحبسانه على أَن من مَاتَ مِنْكُمَا أَو لَا فَنَصِيبُهُ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ لِلْغَرَرِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا تَحْسَبَانِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ أَوَّلًا فَنصِيبه يخْدم آخرهما موتا ثُمَّ يَكُونُ حُرًّا وَيَلْزَمُهُمَا الْعِتْقُ إِلَى مَوْتِهِمَا وَمَنْ مَاتَ خَدَمَ نَصِيبُهُ وَرَثَتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ فَإِذَا مَاتَ آخِرُهُمَا عُتِقَ نَصِيبُهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ بصرفه فِي ثُلُثِهِ كَمَنْ قَالَ إِذَا مِتُّ فَعَبْدِي يَخْدِمُ فَلَانًا حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الصِّحَّةِ وَالتَّعْلِيقُ عَلَى الْمَوْتِ يُعَدُّ وَاقِعًا عِنْدَهُ لِأَنَّ الشُّرُوط اللُّغَوِيَّة أَسبَاب والمسبب عِنْد السَّبَب فتختص بِالثُّلُثِ كَالْوَصَايَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَعْمَرَهُ وَعَقِبَهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ لِحَدِيثِ الْمُوَطَّأِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنَ الْعَقِبِ حَيًّا وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْمِيرِ بَيْنَ إِسْكَانِهِ عُمْرَهُ أَوْ عُمْرَ فُلَانٍ أَوْ إِلَى قُدُومِ فُلَانٍ وَتَجْرِي الْمَوَارِيثُ لَهُ وَلِعَقِبِهِ فِي النَّفْعِ دُونَ الْأَصْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ مَنْ مَاتَ مِنَّا فَنَصِيبُهُ حَبْسٌ عَلَى الْحَيِّ فعلى القَوْل أَن يَرْجِعَ الْحَبْسُ عَلَى الْمُعَيَّنِ مِلْكًا يَبْطُلُ هَذَا ويصنعان بالدرما أَحَبَّا وَعَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ يَرْجِعُ حَبْسًا تَبْطُلُ السُّكْنَى خَاصَّةً وَتَكُونُ مِلْكًا لَهُمَا حَتَّى يَمُوتَ آخِرُهُمَا فَتَكُونُ عَلَى مَرْجِعِ الْأَحْبَاسِ

تَنْبِيهٌ - إِذَا أَسْكَنَهُ هَلْ مِلْكُهُ الْمَنْفَعَةُ أَوْ مِلْكُهُ أَنْ يَنْتَفِعَ كَمَا مَلَّكَ الشَّرْعُ الِانْتِفَاعَ بِالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالطُّرُقَاتِ فَلَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَنِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ نَقَلَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ لَهُ فِي الْوَصَايَا إِذَا أَوْصَى لِرِجْلٍ بَغْلَةِ مَسْكَنٍ وَلِآخَرَ بِمَسْكَنٍ آخَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْكُنَ

ص: 218

وَأَنْ يَسْتَغِلَّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ الْمَنْفَعَة

فرع - فِي الْجَوَاهِر إِذا قلت أجرت لَك وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ عَدَمَ الْكِرَاءِ لِعُلُوِّ قَدْرِهِ وَكَذَلِكَ لَو قلت غصبتنيها

فَرْعٌ - فِي الْمُقَدِّمَاتِ أُجْرَةُ حَمْلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِير لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لِصَفْوَانَ فِي الْأَدْرِعَةِ اكْفِنَا حَمْلَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي أُجْرَةِ الرَّدِّ فَقِيلَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ وَقِيلَ الْمُعِيرُ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا وَمَنْفَعَةُ الرَّدِّ تَخْتَصُّ بِهِ بِخِلَافِ النَّقْلِ إِلَى الْمُسْتَعِيرِ

فَرْعٌ - قَالَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّدِّ وَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إِشْهَادٍ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِهَا

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخدمَة مَاله لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِذَا قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَأَرْشُ جِرَاحِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ فَإِنْ جنى قبل

ص: 219

الْخِدْمَةِ قِيلَ لِلْمُخْدَمِ افْدِهِ حَتَّى تَخْلُصَ لَكَ الْخِدْمَةُ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَبِيدِ فَإِنِ امْتَنَعَ فقد أسقط حَقه من الْخدمَة وبخير السَّيِّد بَين اسلامه وافتتاكه عَلَى قَاعِدَةِ جِنَايَةِ الْعَبِيدِ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِنْ أَعْمَرَ أَمَةً امْتَنَعَ وَطْؤُهَا لِئَلَّا يَبْطُلَ وَطْءُ السَّيِّدِ الْإِعْمَارِ بِأَنْ يُصَيِّرَهَا أُمَّ وَلَدٍ بِوَطْئِهِ وَالْمُعْمَرُ لَيْسَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِمَا

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَعْمَرَ عَبْدًا فَنَفَقَتُهُ حَيَاةُ الْمُعِيرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ خَادِمًا فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ سِنِينَ فَأَوَّلُهَا يَوْمَ مَوْتِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ

فَرْعٌ - قَالَ وَلَدُ الْمُخْدِمِ مِنْ أَمَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يَخْدِمُ مَعَهُ كَمَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ أَوْ عَمْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَنْ أَخْدَمَهُ فِي السِّنِينَ الَّتِي أُعْمِرَ فَيُكْرَى لَهُ عَبْدٌ مِنْهَا يَخْدِمُهُ فَإِنْ لَمْ تَفِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَتْ فَلِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى بِالْخِدْمَةِ قَالَ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ خِدْمَتَهُ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْمُخْدِمِ عُتِقَ كُلُّهُ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ كَمَا إِذَا قَتَلَهُ وَوَلَدُ الْمُخْدِمَةِ مَعَهَا يَخْدِمُ فَإِنْ مَاتَتْ بَقِيَ وَلَدُهَا يَخْدِمُ

ص: 220

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ اللُّزُومُ وَمَتَّى كَانَتْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ مَعْلُومٌ كَعَارِيَّةِ الدَّابَّةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَالْعَبْد يَبْنِي كَذَا أَوْ يَخِيطُ كَذَا فَهِيَ لَازِمَةٌ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَلَا كَانَ لَهَا مُدَّة الْقَضَاء لَزِمَتْ بِالْقَوْلِ وَالْقَبُولِ وَيُبْقِيهَا مُدَّةَ انْتِفَاعٍ مَثَلَهَا عِنْد استعارتها وَخَالَفنَا الأيمة وَقَالُوا لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ وَلَا التَّمَادِي بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَهِيَ كَهِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْهِبَةِ وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي الْهِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْعَارِيَّةُ مَقِيسَةٌ عَلَيْهَا وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَإِنْ سَلَّمَهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ قَرُبَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَأَرَى أَنَّ وَجُوبَهَا بِالْقَوْلِ دون الاقباض إِنَّمَا فِيمَا عدا الْأَرْضين

ص: 221

صفحة فارغة

ص: 222

1

-‌

‌ كتاب الْهِبَة وَالصَّدَََقَة

قَالَ صَاحب الْمُقدمَات لَا تفترق الصَّدَقَة وَالْهِبَة إِلَّا فِي حُكْمَيْنِ الِاعْتِصَارِ وَجَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى ابْنٍ صَغِيرٍ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْمَنْعُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ نَحْوِ كَوْنِهَا أَمَةً فَتَتْبَعُهَا نَفْسُهُ أَوْ يَحْتَاجُ فَيَأْخُذُهَا لِحَاجَتِهِ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَثَانِيهَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دُونَ الِاعْتِصَارِ وَثَالِثُهَا الرُّجُوعُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالِاعْتِصَارِ قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتِهِمَا أَنَّ الْهِبَةَ لِلْمُوَاصَلَةِ وَالْوِدَادِ وَالصَّدَقَةَ لابتغاء االثواب عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا تَقَرَّرَ اشْتِرَاكُ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ فِيمَا عَدَا هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ فَلْيَكُنِ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا وَاحِدًا وَالنَّظَرُ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ فَهَذِهِ ثَلَاثَة أنظار النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْوَاهِب شَرطه أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَعَدَمُ الْحَجْرِ وَفِي الْكِتَابِ تُمْنَعُ هِبَةُ الْأَبِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ التَّصَرُّفَ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَكُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 223

مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَمْ يَجْتَهِدْ لَهُمْ وَلَمْ يَنْصَحْ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِنْ تَلِفَ الْمَوْهُوبُ بِهِبَتِهِ ضَمِنَهُ وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْجَارِيَةُ وَلَمْ تَدْخُلْ فَلَا تَجُوزُ صَدَقَتُهَا وَلَا هِبَتُهَا فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى تَدْخُلَ وَتَكُونَ رَشِيدَةً فَفِي ثُلُثِهَا وَلَيْسَ بَعْدَ الدُّخُولِ حد مُؤَقّت وَحدهَا الدُّخُول بَان كَانَت تصلحه لمالها قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْحَكَمِ الْبِكْرُ الْبَالِغُ عَلَيْهَا وَلِيٌّ يُبْطِلُ صَنِيعَهَا فِي مَالِهَا وَإِنْ لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهَا جَازَ صَنِيعُهَا مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ دُونَ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ جَمِيعَ صَنِيعِهَا مَا لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْبُلُوغَ مَظِنَّةُ الرُّشْدِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَتِ الْبِكْرُ عَلَى أَبَوَيْهَا ثمَّ تزوجت وَدخلت لَهَا رَدُّهَا لِأَنَّ تَصَرُّفَهَا غَيْرُ نَافِذٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَلَوْ أَقَامَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ سِنِينَ فَقَالَتْ مَا علمت أَنه لَا يلْزَمنِي لَهَا الرَّدُّ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَجْهَلُهُ النِّسَاءُ وَتَحْلِفُ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَوْ أَجَازَ الزَّوْجُ مَا صنعت قبل الدُّخُول لم يُجزئ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ لَا لِحَقِّهِ وَإِنْ مَاتَتِ الْبِكْرُ وَلَمْ تَرُدَّ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ لورثتها الرَّدَّ مَا لَمْ تَجُزْهُ بَعْدَ الرُّشْدِ أَوْ تتركه رضى وَلَو مَاتَ العَبْد الَّذِي أعتقت لَمْ يُوَرِّثْ إِلَّا بِالرِّقِّ وَلَا يُوَرِّثُ حُرًّا لِبُطْلَانِ الْعِتْقِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ الذِّمِّيُّ لِلذِّمِّيِّ فَلَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ حَتَّى بَدَا لَهُ ذَلِك لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِ فَكَيْفَ الذِّمِّيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ

ص: 224

كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قَضَى بِدَفْعِهَا تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَضَعَّفَ أَشْهَبُ صَدَقَةَ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُسْلِمٍ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الذِّمِّيِّ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ قِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا وَلَوْ تَرَاضَوْا لِحُكْمِنَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ وَإِنْ تَرَافَعُوا قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّظَالُمِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحُرَّةُ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - ننكح الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِدِينِهَا وَنَسَبِهَا وَمَالِهَا وَجِمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَجَوَّزَ لَهَا الثُّلُثَ كَالْمَرِيضِ وَلَو تَصَدَّقَتْ بِثُلُثٍ ثُمَّ بِثُلُثِ الْبَاقِي وَبَعْدَ مَا بَيَّنَ الصَّدَقَتَيْنِ أَمْضَاهُ مُحَمَّدٌ نَظَرًا لِلْبُعْدِ فَكَأَنَّ الْبَاقِيَ مَالٌ لَمْ يُتَصَدَّقْ مِنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عَطِيَّةٌ إِلَّا أَنْ تُفِيدَ مَالًا آخَرَ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَهُمَا نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ بَطَلَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُمَا كَالْعِقْدِ الْوَاحِدِ وَنصف سَنَةٍ مَضَى الْجَمِيعُ أَوْ نَحْوَ الشَّهْرِ مَضَى الأول فَقَط قَالَه أَصْبَغُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَمْضِيَ الْأَوَّلُ وَإِنْ قرب الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي أَمْرِ الثَّانِي عَلَى شَكٍّ هَلْ هُوَ رَأْيُ حَدَثٍ أَوْ كَانَتْ مُعْتَقِدَتَهُ أَوَّلًا مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْعَطِيَّةِ الْوَاحِدَةِ إِذَا جَاوَزَتِ الثُّلُثَ رَدُّ الزَّائِدِ إِلَّا أَنْ تُفِيدَ مَالًا وَلَوْ قِيلَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ جَمِيعَ الْفَائِدَةِ صَحَّ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَمْ تَخْطُرْ بِبَالِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا زَادَ فِي الصَّدَاقِ لِأَجْلِهِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مُقَالٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهَا وَزَادَ فِي الصَّدَاقِ لِيَسَارِ أَبِيهَا فَإِنْ تَحَمَّلَتْ حَمَالَةً بِأَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ منع لِأَنَّهُ هبة وَجوزهُ عبد الْملك بِعَدَمِ تَعُيُّنِ الْبُلُوغِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَضْمُونُ مُوسِرًا فَإِن لَزِمَهَا الصَّوْم لعدم النضوض أَو لغيرته

ص: 225

رَجَعَتْ مَتَى تَيَسَّرَ الْأَخْذُ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا جَازَ مِنَ الثُّلُثِ وَسَقَطَ الزَّائِدُ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ الْمَرِيضُ ثُمَّ صَحَّ لَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَقَدْ ذَهَبَ لَا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْبَالِغِ الرُّكْن الثَّانِي الْمَوْهُوب لَهُ وَشَرْطُهُ قَبُولُ الْمِلْكِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَوْهُوبُ فَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَمْلُوكٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ مُبَاحٌ فِي الشَّرْعِ - كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا فَتَصِحُّ هبة الْآبِق وَالْكَلب والمرهون وَيجْبر الْوَاهِب عَلَى افْتِكَاكِهِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى مَا يَقُومُ مَقَامَ الدَّيْنِ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْجِيلِ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ التَّعْجِيلَ وَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهَنُ بَيْنَ تَرْكِ الرَّهْنِ فَتَمْضِي الْهِبَةُ أَوْ تَبْقِيَتِهِ إِلَى الْأَجَلِ فَإِذَا حَلَّ وَالْوَاهِبُ مُوسِرٌ قَضَى الدَّيْنَ وَأَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الرَّهْنَ - جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تتمّ إِلَّا بعد التَّعْجِيل بِالدّينِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى التَّعْجِيلِ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ تَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ كَرَهْنِهِ وَقَبضه هبة كقبضه رهنا مَعَ اعلام الْمِدْيَانِ بِالْهِبَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ فِي قسط من زَيْت جلجانك هَذَا أَوْ تَمْرِ نَخْلَتِكَ قَابِلًا وَيَلْزَمُكَ عَصْرُهُ لِأَنَّكَ الْتَزَمْتَهُ بِالْعَقْدِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ تُعْطِيَهُ مَنْ زَيْتٍ غَيْرِهِ خَشْيَةَ التَّأْخِيرِ فِي الطَّعَامِ وَلِتَوَقُّعِ تلف جلجانك فَهُوَ غَرَرٌ أَيْضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي

ص: 226

كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَصَرَهُ عَلَيْهِمَا بِالْحُصَاصِ عَلَى مَا يَخْرُجُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَّا الْمَوْهُوبُ فَكُلُّهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ عَلَيْكَ زَيْتًا لَا عَصْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا دَفَعَ لَهُ مِنْ دُهْنٍ آخَرَ قَرْضًا جَازَ فَإِنْ هَلَكَ الْجُلْجُلَانُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِدُهْنٍ آخَرَ صَحَّ لِأَنَّهُ مُنَاجَزَةٌ أَوْ بِدُهْنٍ لِيَأْخُذَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ امْتَنَعَ لِلنِّسَاءِ فَصَارَ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ يَجُوزُ اثْنَانِ وَتَمْتَنِعُ وَاحِدَةٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ لَمْ تُسَمِّهِ فَسَّرْتَهُ بِمَا شِئْت أَو وَرثتك مِنَ الدَّارِ لَا تَدْرِي كَمْ هِيَ صَحَّ أَو عَبدك الْمَأْذُون وَقت اغْتَرَقَهُ دَيْنٌ جَازَ أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَأَنْتَ عَالِمٌ بِجِنَايَتِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ إِلَّا أَنْ تَتَحَمَّلَ الْجِنَايَةَ لِأَنَّكَ تُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَكِّ وَالتَّسْلِيمِ فَهِبْتُكَ اخْتِيَارٌ لِلْفَكِّ فَإِنِ امْتَنَعْتَ حَلَفْتَ مَا أَرَدْتَ تَحَمُّلَهَا وَالْجِنَايَةُ أَوْلَى لِأَنَّهَا فِي رَقَبَتِهِ مُتَقَدِّمَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِمِيرَاثِهِ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ أَظُنُّهُ أَقَلَّ مِنْ هَذَا حَلَفَ إِنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بمورثه ويسره نَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَبْلَغَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْفُذُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِمَا يَرِثُ عَلَى ابْنِهِ لَا أَقْضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يَدْرِي مَا يَرِثُ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ تَصَدَّقْتَ بِمِيرَاثِي وَهُوَ كَذَا مِنَ الْبَقَرِ وَكَذَا مِنِ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَفِي التَّرِكَةِ بَسَاتِينُ لَمْ يَذْكُرْهَا لَهُ مَا نَصَّ دُونَ مَا سَكَتَ عَنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إِذَا ظَهَرَ لَهُ خِلَافُ مَا أَعْطَى يَخْتَلِفُ حَالُهُ فَإِنْ كَانَ يَرَى أَنَّ لِلْمَوْرُوثِ دَارًا يَعْرِفُهَا فِي مِلْكِهِ فَأَبْدَلَهَا الْمَيِّتُ فِي غَيْبَتِهِ بِأَفْضَلَ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إِذَا قَصَدَ تِلْكَ الدَّارَ وَإِنْ خَلَّفَ مَالًا حَاضِرًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْهُ نَفَذَ مَا عَلِمَهُ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ جَمِيع مَاله

ص: 227

حَاضِرًا أَوْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ قَدْرَهُ كَذَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكْثَرُ فَهُوَ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ السَّبَبُ النَّاقِلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ صِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الدَّالَّة عَلَى التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ قِيَاسًا عَلَى البيع ولان مَقْصُود الشَّرْع الرضى فَأَي دلّ على مَقْصُود الشَّرْع اعْتبر لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ مَفْهُومُهُ إِذَا طَابَتْ نَفْسُهُ حَلَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ سَأَلَكَ أَنْ تَهَبَهُ دِينَارًا فَقُلْتَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَكَ قَالَ مَالك لَك ذَلِك تَنْبِيه مَذْهَب الشَّافِعِي الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ وَظَاهِرُ مَذْهَبِنَا يَجُوزُ عَلَى التَّرَاخِي لِمَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إِرْسَالِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَ (ش) يَقُولُ لابد مِنْ تَوْكِيلِ الرَّسُولِ فِي أَنْ يَهَبَ عَنْهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَقَدْ وَقَعَ لِأَصْحَابِنَا ان للْمَوْهُوب التروي فِي الْقَبُولِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي شَرطهَا وَهُوَ الْحَوْز وَقَالَهُ الأيمة كَمَا قُلْنَا فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَأَصْلُهُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه وَهَبَ ابْنَتَهُ عَائِشَةَ رضي الله عنها جاد عشْرين وسْقا من مَاله بِالْغَابَةِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غنى بعدِي مِنْك وَلَا أعز عَليّ فقرا بعدِي مِنْك وَإِنِّي كنت نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزَّتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالٌ وَارِث وَإِنَّمَا هما أَخَاك وَأُخْتَاكِ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتْ وَالله يَا أَبَت لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ إِنَّمَا هِيَ أَسمَاء فَمن الْأُخْرَى فَقَالَ ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ

ص: 228

فَوَائِدُ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عِيسَى جَادَّ عشْرين وسْقا أَي جدَاد فَتكون هبة للثمرة أَي وَهبتك عشْرين مجدودة وَقَالَ الأسمعي أَيْ نَخَلًا يَجِدُّ مِنْهَا ذَلِكَ فَتَكُونُ صِفَةً للنخل أَي وَهبتك نخلا تجدين مِنْهُ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ فِيهِ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْوَلَدِ وَأَنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ وَجَوَازُ هِبَةِ الْمَشَاعِ قَالَ صَاحب الْبَيَان جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ أَيْ مَا يَجِدُ مِنْهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَالْوَسْقُ بِكَسْرِ الْوَاوِ الِاسْمُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ سُؤَالٌ كَيْفَ يُخْبِرُ عَنْ صِفَةِ حَمْلِ امْرَأَتِهِ وَأَنَّهُ أُنْثَى وَفِي مُسْلِمٍ خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله وتلا صلى الله عليه وسلم َ - {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرض تَمُوت} جَوَابُهُ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ عِلْمُ هَذِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ مُحَصِّلٍ لِلْعِلْمِ وَالصِّدِيقُ رضي الله عنه قِيلَ عَلِمَ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَنَامٍ رَآهُ فَلَا تَنَاقُضَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنَّمَا كَانَ الْحَوْزُ شَرْطًا فِي الْعَطَاءِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْإِنْسَانُ بِمَالِهِ عُمْرَهُ ثُمَّ يُخْرِجَهُ عَنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَدْ تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَتَعَدَّى حُدُودَ الْفَرَائِضِ فَقَالَ {تِلْكَ حُدُود الله وَمن يطع الله وَرَسُوله ندخله جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم وَمن يعْص الله وَرَسُوله ويتعد حُدُوده ندخله نَارا خَالِدا فِيهَا وَله عَذَاب مهين} وَفِي الْمَسْأَلَة أَرْبَعَة أَقْوَال لَا

ص: 229

يُشْرَطُ الْحَوْزُ وَيَكْفِي الْقَبُولُ كَالْبَيْعِ وَإِنَّمَا لَمْ يُنْفِذُ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه هِبَتَهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَجْهُولَةً لِأَنَّ بَيْعَ عِشْرِينَ وَسْقًا مُمْتَنِعٌ فَلَو كَانَت مَعْلُومَة لنفذها وَقَالَ (ش) وَالْأَئِمَّةُ لَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ بِالْقَبُولِ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بَلْ إِنَّمَا يحصل الْملك وَيتَعَلَّق الْحق بِالْقَبْضِ وَالْفرق بَين الْهِبَة فَلَا تملك إِلَّا بِالْقَبْضِ وَيَكْفِي فِي الصَّدَقَةِ الْقَبُولُ لِأَنَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَالرَّابِعُ قَوْلُ مَالِكٍ

قَاعِدَةٌ - الْعُقُودُ النَّاقِلَةُ لِلْأَمْلَاكِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا شُرِعَ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ وَتَحْصِيلِ الْمُهِمَّاتِ فَشُرِعَ لَازِمًا تَامًّا بِمَجْرَدِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ قَبْضٍ وَلَا غَيْرِهِ اتِّفَاقًا تَحْقِيقًا لِتِلْكَ الْمَقَاصِدِ الْعَامَّةِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا وَمِنْهَا مَا شُرِعَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمَمَاتِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ فَشُرِعَ الرُّجُوعُ فِيهِ تَرْغِيبًا فِي نَقْلِ الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ الْمُوصِيَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَانِعٌ مِنَ الْإِيصَاءِ لِأَنَّهُ إِنْ مَاتَ لَا يَأْسَفُ وَإِنْ عَاشَ لَا يَأْسَفُ بِسَبَبِ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّجُوعِ فَلَوْ مُنِعَ مِنَ الرُّجُوعِ امْتَنَعَ مِنِ الْإِيصَاءِ خَشْيَةَ النَّدَمِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي وَهُوَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَارِيَّةُ وَالْوَقْفُ فَإِذَا لَاحَظْنَا خُلُوَّهَا عَنِ الْعِوَضِ وَالْحَاجَاتِ يَنْبَغِي أَنْ تُلْحَقَ بِالْوَصِيَّةِ وَإِنْ لَاحَظْنَا كَوْنَهَا فِي الْحَيَاةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الْمُكَافَأَةِ بِأَمْثَالِهَا مِنِ الْهِبَاتِ وَأَنْوَاعِ الثَّنَاءِ وَالْمَحَامِدِ وَكُلِّ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فِي الْحَيَاةِ فَهِيَ تَقُومُ مَقَامَ الْأَعْرَاضِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُلْحَقَ بِالْبَيْعِ أَوْ نُلَاحِظُ تُهْمَةَ إِعْرَاءِ الْمَالِ عَنِ الْوَرَثَةِ مَعَ شُبْهَةِ الْبَيْعِ فَنُوجِبُهَا بِالْعَقْدِ وَنُبْطِلُهَا بِعَدَمِ الْقَبْضِ تَوْفِيَةً بِالشُّبْهَتَيْنِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ فِي نِصْفِ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَيَحُلُّ مَحَلَّكَ وَيَكُونُ ذَلِك حوزا

ص: 230

وَقَالَهُ (ش) وَأحمد قَالَ اللَّخْمِيّ ومنح سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الرَّهْنِ وَقَالَ (ح) هِبَةُ الْمَشَاعِ جَائِزَةٌ فِيمَا تَتَعَذَّرُ قِسْمَتُهُ كَالْجَوْهَرِ وَالْحَيَوَانِ وَمُمْتَنِعَةٌ فِيمَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ لِأَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تتمّ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَلم تحصل هَهُنَا وَلِأَنَّهُ تَتَعَذَّرُ حِيَازَتُهُ فَتَمْتَنِعُ هِبَتُهُ كَصُوفٍ عَلَى ظهر الْحَيَوَان وَلِأَنَّهُ غير معِين فَيمْتَنع كَهِبَة أحد عبيده وبالقاس عَلَى مَا إِذَا قَالَ وَهَبْتُكَ الْيَوْمَ وَغَدًا ملكه فَإِن عدم الْقِسْمَة تُؤدِّي إِلَى المهاباة كَذَلِكَ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى جَعْلِ الشَّائِعِ مَسْجِدًا بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ وَالْجَوَابِ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ بَلْ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ فَسْخِهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ عِنْدَنَا تَجُوزُ هِبَةُ الصُّوفِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهَا لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فِي غَدٍ بَلْ تملك الْوَاهِبِ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَزِّعُ عَلَى الْأَيَّام الْمَنَافِع كَمَا يَقُوله فِي الْبَيْعِ سَوَاءً وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الشَّائِعَ لَا يَحْصُلُ فِيهِ مَقْصُودُ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ مُتَعَذِّرَةٌ بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّائِعِ بِالْبيعِ وَالْإِجَارَة والسكن على سَبِيل المهاباة ثمَّ يتَأَكَّد مَا يتَأَكَّد قُلْنَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} فَتَقَعُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ شَائِعًا وَقَدْ تَكُونُ تُقَسَّمُ وَلَا تَنْقَسِمُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَهَبَ هَوَازِنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِمَّا غَنِمَ مِنْهُمْ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّ الثَّمَرَ الْمَوْهُوبَ كَانَ شَائِعًا

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَوْتُ الْوَاهِبِ يُبْطِلُ الْهِبَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ أَرَادَ إِخْرَاجَ وَصِيَّتَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِخْرَاجَ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ

ص: 231

نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِمَوْتِ الْمُعْطِي أَوْ بِفَلْسٍ أَوْ بِمَرَضٍ قَبْلَ الْحَوْزِ تَبْطُلُ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَبْضَ فِي الْمَرَضِ فَعَن مَالك يمْنَع لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ وَلِأَثَرِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْضَى لَهُ الْآنَ بِثُلُثِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ الْأَحْوَالِ أَنْ تَكُونَ تَبَرُّعًا فَإِنْ صَحَّ فَلَهُ الْبَاقِي وَلَا أَرَى قَوْلَ مَنْ قَالَ بحوزها كُلُّهُا مِنَ الثُّلُثِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَظُنُّ جَوَابَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ثُلُثُهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا اسْتَدَانَ وَأَحَاطَ بِمَالِهِ وَبِالصَّدَقَةِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى وَقَالَ أَصْبَغُ الصَّدَقَةُ أَوْلَى مِنَ الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ بَعْدَهَا كَتَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ خَيْرٌ بِخِلَافِهَا وَإِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ فَوَرَثَتُهُ مَقَامَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ وَالطَّالِبُ يَجِدُّ فِي الطَّلَبِ غَيْرُ تَارِكٍ لِسَعْيِهِ فِي طَلَبِ الْبَيِّنَةِ فَهُوَ حَوْزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ بِحَوْزٍ وَتَبْطُلُ وَإِنْ جُنَّ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ إِنِ اتَّصَلَ جُنُونُهُ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا اجْتَهَدَ فِي طَلَبِ الْآبِقِ فَلَمْ يَجِدْهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ نَفَذَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُعْطِي وَالْإِشْهَادُ والطلب كَاف للدّين - قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِحَاطَةُ الدَّيْنِ بِالْمَالِ تَمْنَعُ الْهِبَةَ - وَلَوْ حِيزَتْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدَيْهِ وَجَوَّزَهُ (ش) لِكَوْنِهِ يَتَصَرَّفُ فِي ملكه

فرع - فَفِي الْكِتَابِ قُلْتَ لَهُ ادْفَعْ لِفُلَانٍ مِائَةً صِلَةً مِنِّي فَمَاتَ الْآمِرُ قَبْلَ دَفْعِ الْمَأْمُورِ أَوْ بُعِثْتَ بِهَدِيَّةٍ فَمُتَّ قَبْلَ وُصُولِهَا فَإِنْ كُنْتَ أَشْهَدْتَ فِي الصُّورَتَيْنِ نَفَذَتَا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ إِنْ تَصَدَّقْتَ بِدَيْنٍ لَكَ وَلَوْ سُقْتَ صَدَاقًا فَمُتَّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ لَازِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا مُتَّ قَبْلَ وُصُولِ الْمِائَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُعْطِي وَكُلُّ مَعْرُوفٍ إِذَا أَشْهَدْتَ بِهِ لَزِمَكَ عِنْدَ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إِن

ص: 232

وَهَبْتَ فَبُعِثَتِ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ بِرِضَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا ثُمَّ مُتَّ صَحَّتِ الْهِبَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهَا

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُفِيدُ حِيَازَةُ الْأَخِ وَلَا أَحَدٍ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ إِلَّا فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّوْبِ فِي السَّفَرِ وَالْحَاجُّ يَشْتَرِي لِأَهْلِهِ أَشْيَاءَ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَا يَكْفِي الذِّكْرُ دُونَ الْإِشْهَادِ وَالْحَبْسُ الَّذِي لَا غَلَّةَ لَهُ كَالسِّلَاحِ إِذَا أَخْرَجَهُ مَرَّةً فِيمَا جُعِلَ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى يَدِهِ فَهُوَ نَافِذٌ وَالدَّارُ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَيَحُوزُونَهَا نَحْوَ سَنَةٍ ثُمَّ يَكْتَرِيهَا فَيَسْكُنُهَا فَيَمُوتُ فِيهَا تَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَأَمَّا عَلَى مَنْ لَمْ يُولَدْ بَعْدُ أَوْ عَلَى أَصَاغِرَ فَلَا وَإِنْ حَازَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَكْبُرَ الْأَصَاغِرُ وَيَحُوزُوا نَحْوَ سَنَةٍ ثُمَّ يَكْتَرِيهَا فَيَمُوتُ فِيهَا فَتَنْفُذُ وَإِنْ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ هَذَا كُلَّهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَشْهَدَ أَنَّ هَذِهِ الضَّحَايَا لِأَهْلِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَهِيَ مِيرَاثٌ وَمَنْ بَعَثَ بِهَدَايَا أَوْ صِلَةٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْبَاعِثُ وَالْمَبْعُوثُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا رَجَعَتْ إِلَى الْبَاعِثِ أَوْ وَرَثَتِهِ إِلَّا أَن يشْهد على انفاذها فتنفذ - وان مَاتَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَبَضَهَا رِسَالَةً فَلَا شَيْءَ لِلْمُعْطَى مَاتَ أَوْ مَاتَ الْمُعْطِي وَذَلِكَ حِيَازَةٌ لِلْغَائِبِ وَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَى غَائِبٍ وَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ قَالَ لَهُ لَا تعطه إِيَّاهَا حَتَّى آمُرَكَ بَطَلَتْ أَوْ قَالَ حَتَّى أَمُوتَ فَهِيَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ قَالَ أُوْصِلْهَا إِلَيْهِ وَأَشْهَدُ لَهُ بِهَا أَوْ قَالَ خُذْهَا لَهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ خُذْهَا فَعَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدَّمِ وَإِنْ عَلِمَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَقَالَ اتْرُكْهَا لِي عِنْدَكَ فَمِنْ رَأْسِ المَال لِأَنَّهُ قبض وايداع وَسكت عَنْ دَفْعِهَا وَحَبْسِهَا فَفِي إِمْضَائِهَا قَوْلَانِ لَهُ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهَا سَاقِطَةٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَيْتَ هَدِيَّةً لِأَهْلِكَ فِي سَفَرِكَ مِنْ كِسْوَةٍ وَغَيْرِهَا وَمُتَّ قَبْلَ الْوُصُولِ فَهِيَ لِمَنِ

ص: 233

اشْتَرَيْتَ - إِنْ أَشْهَدْتَ وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَرَاهُ لِصِغَارِ وَلَدِهِ وَأَبْكَارِ بَنَاتِهِ لِأَنَّهُ يَحُوزُ لَهُم وَقيل إِذا أَشْهَدَ عَلَى الْمَالِ وَاشْتَرَى بِهِ الْهَدَايَا تَمَّتْ لِأَنَّهُ نقل عَنِ الْمَالِ الَّذِي وَهَبَهُ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الْهَدِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ يَدِهِ إِلَى غَيْرِهِ قَالَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلْ يَكْفِي الْإِشْهَادُ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ مَعْذُورٌ فَيَكُونُ حَوْزَهُ الْإِشْهَادُ كَمَا كَانَ حَوْزُ الرِّقَابِ حَوْزَ الْمَنَافِعِ وَالثِّمَارِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْسَلُ اسْتِرْجَاعَ الصَّدَقَةِ مِنَ الرَّسُولِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَكْفِي مُشْتَرِيَ الْهَدِيَّةِ فِي الْحَجِّ هَذَا لِابْنِي وَهَذَا لِابْنَتِي حَتَّى يُشْهِدَ وَلَا يَكْفِيَ سَماع ذَلِك حَتَّى يَظْهَرَ عَزْمُهُ بِذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَات مسئلة مَا يَشْتَرِيهِ فِي الْحَجِّ لِأَهْلِهِ الْمُرَادُ بِهِ الزَّوْجَاتُ وَالْبَنُونَ وَغَيْرُهُمْ كِبَارًا كَانُوا أَوْ صِغَارًا

تَنْبِيهٌ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ يُبْطِلُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُمْ صِغَارُ وَلَدِهِ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِحَجٍّ وَلَا سَفَرٍ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنه وهب العبن وَاشْتَرَى بِهَا لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَقُومُ مَقَامَ الْحَوْزِ بَلِ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَدَمُ التَّفْرِيطِ فِي الْحَوْزِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةً تَنْفُذُ بهَا الْعَطِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُعْطَى

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَضَافَ الْآخِذُ الْمُعْطَى أَوْ أخْفى عِنْدَهُ فِي دَارِ الْهِبَةِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي حَوْزِ الْآخِذِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَازَهَا الْمُعْطِي حَتَّى مَاتَ بَطَلَتِ الْعَطِيَّةُ وَحِيَازَةُ الْآخِذِ الْمُتَقَدِّمَةُ وَإِنْ طَالَتْ لَا تُفِيدُ كِتَابَةُ الْآخِذِ كِتَابًا أَنَّهُ أَسْكَنَهُ إِيَّاهَا بِأُجْرَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَازَهَا الْآخِذُ سَنَةً لَا يَضُرُّ حَوْزُ

ص: 234

الْمُعْطِي بَعْدَ ذَلِكَ

نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ السّنة مُعْتَبرَة فِي أَربع عشرَة مسئلة حَوْزُ الْهِبَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَتَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ وَالْمَجْنُونُ يُسْتَتَمُّ لَهُ سَنَةً وَالْمُعْتَرِضُ وَالْعُهْدَةُ الْكُبْرَى فِي الرَّقِيقِ وَعِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُرْتَابَةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَيْنِ وَالْيَتِيمَةُ تَمْكُثُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَنَةً ثُمَّ يُخْتَبَرُ رُشْدُهَا وَالْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ وَالْبُرْءُ لِتَمْضِيَ عَلَيْهِ الْفُصُولُ كَالْمُعْتَرِضِ وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَحْلِفْ يُحْبَسُ سَنَةً وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ فَيَمْتَنِعُ أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوهُ عَتَقَ بِالْوَصِيَّةِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي فِي حَوْزِ الدَّارِ دَفْعُ الْمِفْتَاحِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ الْمُتَصَدِّقُ الدَّارَ قَبْلَ الْحَوْزِ وَقَدْ كَانَ عَلِمَ الْآخَرُ بِالصَّدَقَةِ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى بِيعَتْ تَمَّ الْبَيْعُ وَالثَّمَنُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَأَخْذُهَا فَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْض بطلت الْعَطِيَّة بِبيعِهِ أَوْ لَمْ يَبِعْ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِ الْمُعْطِي بِوَجْهٍ مَا أَوْ حِيزَتْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُعْطَى لَهُ شَيْءٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ عَطِيَّةٍ بَتَلَهَا مَرِيض لرجل بِعَيْنِه أَو لمساكين فَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ فِي ثُلُثِهِ كَوَصَايَاهُ وَحُكْمُ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْعِتْقِ الْإِيقَافُ لِيَصِحَّ فَيَتِمُّ أَوْ يَمُوتُ فَتَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَتِمُّ فِيهِ قَبْضٌ لِلْقَابِضِ فِي الْمَرَضِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ وَلَيْسَ لَقَابِضِهِ

ص: 235

أَكْلُ غَلَّتِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَرِيضِ فِيهِ لِأَنَّهُ بتله بِخِلَاف الْوَصِيَّة وَلَا يتعجل الْمَوْهُوب قَبضه الاعلى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَيَنْفُذُ مَا بُتِلَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُؤمن قُصُورُهُ عَنِ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ مُعْطِيهِ قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِخْدَامُ حَيَاتَهُ - عَلِمَ الْآخِذُ بِالْعَطِيَّةِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ وَتَرَدَّدَ قَوْلُهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا لَأَنَّ هَذِهِ أَسْبَابٌ تَامَّةٌ وَالْهِبَةُ قَبْلَ الْحَوْزِ ضَعِيفَةٌ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تُرَدُّ الْكِتَابَةُ وَلَا التَّدْبِيرُ وَلَا الْعتْق إِلَى أجل ولاشيء لِلْمُعْطِي لِقُوَّةِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَضِعْفِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْحَوْزِ فَيَتَقَدَّمُ الْأَقْوَى وَإِنْ عَجَزَ الْمَكَاتَبُ فَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي الإبلاد إِنْ قَصَدَ إِبْطَالَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إِبْطَالِهَا وَلَوْ وَهَبَهُ لِآخَرَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِسَبْقِهِ - وَلَوْ حَازَهُ الْآخَرُ مَا لَمْ يَمُتِ الْوَاهِبُ وَقَالَ أَشْهَبُ الثَّانِي أَحَقُّ لِضَعْفِ سَبَبِ الْأَوَّلِ بِعَدَمِ الْحَوْزِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ الْأَوَّلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إِذَا حَازَهُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ لِسَبْقِهِ مَا لَمْ يَمُتِ الْوَاهِبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى بَاعَهَا الْوَاهِبُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رُدَّ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَدُّ الْمَوْهُوبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ رَهَنَهَا ثُمَّ مَاتَ ثَبَتَ الرَّهْنُ وَبَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْبَيْعَ حِيَازَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ الْبَيْعُ بِحِيَازَةٍ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا الْعِتْقَ وَحْدَهُ وَلَوْ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ مَالِكٌ لَا تَكُونُ الْهِبَةُ حَوْزًا لِاحْتِيَاجِهَا لِلْحِيَازَةِ

فَرْعٌ - تَصَدَّقْتَ عَلَى وَلَدِكَ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ ثُمَّ اقْتَضَيْتَهُ صَحَّ حَوْزًا قَالَهُ مَالِكٌ بِخِلَافِ الدَّنَانِيرِ تَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ وَتَبْقَى تَحْتَ يَدِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ قَدْ حِيزَ مُدَّةً حِيَازَةً تَامَّةً قَبْلَ قَبْضِكَ كَمَا لَوْ جَعَلْتَ الدَّنَانِيرَ تَحْتَ يَدِ غَيْرِكَ ثُمَّ حَدَثَ لَكَ مَوْتٌ أَوْ سَفَرٌ فَتَقْبِضُهَا أَنْتَ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَذَلِكَ حَوْزٌ وَلَوْ تَصَدَّقْتَ بِالدَّيْنِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَقَبَضْتَهُ فَإِنْ عَلِمَ الْغَرِيمُ بِالصَّدَقَةِ قبل الدّفع ضمن الْمُعْطِي وَإِلَّا رَجَعَ الْمُعْطَى عَلَى الْمُعْطِي

فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ الصَّدَقَةُ فِي الْمَرَضِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى حِيَازَةٍ لِأَنَّهَا مِنَ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ فَلَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ لِمَرِيضٍ هِبَةً لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ لِلْمَوْهُوبِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَسَّمُ مِنْ تِسْعَةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا مِنْهَا وَاحِدٌ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ قَالَ وَهَذَا السَّهْمُ يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ لِأَنَّكَ إِذَا أَعْطَيْتَهُ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ كَثُرَ ثُلُثُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الثَّانِي فِي ثُلُثِهِ كَمَالَ تَجَدُّدٍ لِأَنَّ هِبَةَ الْبَتْلِ تَدْخُلُ فِيمَا عُلِمَ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ ثُمَّ يَقُومُ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ فِي ثُلُثِ ثُلُثِهِ فَيَدُورُ هَكَذَا حَتَّى يُقْطَعَ وَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ مِنَ الدَّوْرَيْنِ وَيَكُونُ الْمَالُ ثَمَانِيَةً سِتَّةٌ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ وَاثْنَانِ لِوَرَثَةِ الثَّانِي

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَبْضِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ مَرِيضٌ وَلَمْ يَجْعَلْهَا وَصِيَّةً وَإِنْ فَرَّطَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ ثُلُثٍ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ تَخْرُجُ الصَّدَقَةُ مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ تُقَمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ بِفَوْرِ الصَّدَقَةِ فَقِيلَ تَبْطُلُ وَقِيلَ تَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ فِي الْحَوْزِ فَإِنْ صَحَّ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنَ الثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ حَوْزِ الْوَرَثَةِ عَلَى حَوْزِ الْمُتَصَدِّقِ

ص: 236

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ وَجَعَلْتَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَالْمُعْطَى حَاضِرٌ عَالِمٌ جَائِزُ الْأَمْرِ وَلَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مُتَّ نَفَذَتْ إِنْ لَمْ تَنْهَ الَّذِي هِيَ عَلَى يَدَيْهِ عَنْ دَفْعِهَا إِلَيْهِ إِلَّا بِأَمْرِكَ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَيْرِ حَوْزٌ لَهُ فَإِنْ قُلْتَ لِلْغَيْرِ ذَلِكَ فَلِوَرَثَتِكَ لِأَنَّهُ حَوْزٌ لَكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ دَفَعْتَ مَالًا يُفَرَّقُ فِي الْفُقَرَاءِ أَو فِي سَبِيل الله وَقد قُبِلَ إِنْفَاذِهِ وَقَدْ أَشْهَدْتَ نَفَذَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِاسْتِقْلَالِ الْحَوْزِ وَإِنْ لَمْ تُشْهِدْ فَالْبَاقِي مِنْهُ لورثتك لعدم الْحَوْز وَلَوْ فُرِّقَ الْبَاقِي بَعْدَ مَوْتِكَ ضَمِنَهُ لِوَرَثَتِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا جُعِلَ الْحَبْسُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَالْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ كِبَارٌ جَازَ لِأَنَّكَ حَوَّزْتَهُ لَهُمْ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وَهَبْتَ نِصْفَ عَبْدِكَ فَحَوْزُهُ أَنْ يَخْدِمَهُ يَوْمًا وَيَخْدِمَكَ يَوْمًا وَعَبْدُ الْغَلَّةِ تُؤَجِّرَانِهِ جَمِيعًا وَتَقْتَسِمَانِ الْغَلَّةَ فَإِنْ وَهَبْتَ شِقْصًا لَكَ فِيهِ لَا يَبْقَى بِيَدِكَ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ جَمِيعُهُ إِمَّا بِيَدِ الشَّرِيكِ أَوْ بِيَدِ الْمُعْطَى أَوْ بِأَيْدِيهِمَا تَحْقِيقًا لِلْحَوْزِ وَإِنْ سَلَّمْتَ نَصِيبَكَ وَاكْتَرَيْتَ نَصِيبَ شَرِيكِكَ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِاسْتِيلَائِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ بَقَائِكَ شَرِيكًا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبْتَهُ مِيرَاثَكَ فِي قَرْيَةٍ مَشَاعًا فَعَمِلَ فِيهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَهُوَ حَوْزٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ تَصَدَّقَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِمِيرَاثِهَا مِنْ دَارٍ مَشَاعًا فَبَنَى فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَسَكَنَ بِغَيْرِ مُقَاسَمَةٍ بَطَلَتْ إِلَّا أَنْ يُصَالِحَهُ الشُّرَكَاءُ فَيَبْقَوْنَ بِنَاحِيَةٍ وَهُوَ بِنَاحِيَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُزْ نَصِيبَهُ كَمَا وَهَبَتْهُ مَشَاعًا قَالَ أَصْبَغُ إِلَّا الْمَوْضِعَ الَّذِي بَنَى فِيهِ صَحَّ الْحَوْزُ فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى لِلْمَرْأَةِ فِيهَا شَيْئًا فَهُوَ حوز لخروجها

ص: 238

عَنْهَا وَإِلَّا فَكَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَهَبْتَ سَهْمًا فِي أَرْضٍ فَعَمَّرَ الْمُعْطَى قَدْرَ حِصَّتِكَ بِحَضْرَةِ الْبَاقِينَ أَوْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ أَوْ ضَعْفِهِمْ عَنِ الْعَمَلِ لَا يَكُونُ لَهُ إِلَّا نَصِيبُهُ فِيمَا عَمَّرَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ قَالَ وَلَوْ تَصَدَّقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِنَاحِيَةٍ قَبْلَ قِسْمَةِ الْأَرْضِ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ إِنْ وَقَعَتْ تِلْكَ النَّاحِيَةُ لِلْمُتَصَدِّقِ فَهِيَ لِلْمُعْطَى وَإِلَّا بَطَلَتِ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّعْوِيضُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَنَاوَلَتْ مُعَيَّنًا فَتَبْطُلُ بِبُطْلَانِهِ كَالْبَيْعِ وَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهَا فَهِيَ لِلْمُعْطَى لَهُ فَإِنْ قَالَ أُقَاسِمُكُمْ هَذِهِ النَّاحِيَة وَهِي تحمل الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي جَوْدَتِهَا وَرَدَائَتِهَا مِثْلَ بَقِيَّةِ الْأَرْضِ أُجِيبَ فَيَأْخُذُ مِنْهَا حِصَّتَهُ وَإِنْ كَانَتْ تُضَافُ إِلَى جُمْلَةِ الْأَرْضِ فِي الْحُكْمِ قُسِّمَ الْجَمِيعُ كَمَا تَقَدَّمَ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا خَرَجْتَ لِلسَّائِلِ بِالْكِسْرَةِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِدْهُ أَرَى أَنْ تُعْطِيَ لِغَيْرِهِ تَكْمِيلًا لِلْمَعْرُوفِ وَإِنْ وَجَدْتَهُ وَلَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ لِتَأْكِيدِ الْعَزْمِ بِالدَّفْعِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمٍ يَلِي عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَفْرِزْهَا حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ شَرِيكٌ بِحِصَّتِهِ وَلَهُ النَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ وَعَنْهُ إِنْ لَمْ يَفْرِزْهَا أَو يسمهَا برسم امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ سَمَّاهُ جَازَتْ إِذَا عُرِفَتْ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ شُهُودِهِ إِذَا كَانَ فِي حِجْرِهِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّدَقَةَ بِعِدَّةٍ مَنْ نَخْلِهِ يَكُونُ شَرِيكًا وَاخْتُلِفَ إِذَا حَبَسَ أَوْ تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ أَوْ حَائِطٍ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَحُزِ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي قَالَ مَالِكٌ الْحَبْسُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ حَوْزِ الْأَجْنَبِيِّ أَوِ الْكَبِيرِ إِنْ كَانَ مَعَ

ص: 239

الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَعَنْ مَالِكٍ الصِّحَّةُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ دُونَ الْحَبْسِ لِامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ فِيهِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَعَنْهُ إِنْ عَلِمَ فِي الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَبَ حَازَ وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْمَنَافِعِ جَازَ نَصِيبُ الِابْنِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ نَصِيبَ الْأَجْنَبِيِّ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَكُلُّ هَذَا رَاجِعٌ إِلَى الْخِلَافِ فِي هِبَةِ الْمَشَاعِ هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَصِحُّ نَصِيبُ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْحَوْزِ كَانَتْ يَدُ الْأَبِ مَعَهُ عَلَى الْهِبَةِ وَالْحَبْسِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ يَبْطُلُ نَصِيبُ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْحَوْزِ لَرَجَعَتْ يَدُ الْأَبِ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَوْ جَعَلَ ذَلِك بيد أَجْنَبِي أَوْ يَجْعَلُ مَعَهُ مَنْ يَحُوزُ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَة من تصدق على ولد لَهُ صَغِير عَلَى أَنْ لَا يَحُوزَ لَهُ وَأَنَّ الْحَائِزَ لَهُ فُلَانٌ فَلَمْ يَحُزْ فُلَانٌ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ فَإِنَّ الْحَبْسَ يَرْجِعُ مِيرَاثًا بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ قَامَ بِالصَّدَقَةِ لَقَالَ لَهُ الْأَبُ أَنَا أُقَاسِمُكَ أَوْ أَبِيعُ مَعَكَ لِوَلَدِي وَلَا تَرْجِعْ وَأَلْحَقَ مَرَّةً الصَّدَقَةَ بِالْحَبْسِ وَرَأَى أَنَّ مِنْ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَكُونَ حَبْسًا عَلَى يَدَيْهِ

فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ كل شهر جوزه ابْن كنانبة لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَقَدْ حَازَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَتْ صَدَقَةً امْتَنَعَ أَوْ حَبْسًا جَازَ قَالَ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَلَوْ دُعِيَ لِلْبَيْعِ جُبِرَ عَلَيْهِ وَسُدْسُ الثَّمَنِ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَسْدَاسِ عَدَمَ الْبَيْعِ فَخَرَجَ عَلَى مَنْ وَهَبَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ الْمَوْهُوبُ وَلَا يَهَبَ امْتَنَعَ ذَلِكَ لِلْحَجْرِ وَيُقَالُ إِمَّا أَنْ تَطْرَحَ الشَّرْطَ أَوْ تُرْجِعَ الْهِبَة

ص: 240

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَيْسَ حَوْزُ الْغَاصِبِ وَلَا الْمُرْتِهِنِ وَلَا خَلِيفَتِكَ عَلَى دَارِكَ وَلَا الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ إِجَارَتَهُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَبَضُوا لِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ بَلْ لِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ قَبْضِ الْمُخْدَمِ وَالْمُعَارِ إِلَى أَجَلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ قَبْضُ الْغَاصِبِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَهُوَ كَالدَّيْنِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ إِذَا أَشْهَدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ وَهَبَكَ وَدِيعَةً بِيَدِكَ وَلَمْ تَقُلْ قَبِلْتُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ قَبْضٌ لَكَ إِلَّا أَنْ تَقُولَ لَا أَقْبَلُ لِأَنَّهُ مِنْ حِينِ الْهِبَةِ صَارَتْ فِي حَوْزِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَشْهَدَ أَنَّ وَدِيعَتَهُ لِفُلَانٍ هِبَةٌ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقَبْضِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ إِنْ عَلِمَ الْمُوْدَعُ فَهِيَ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَابِضًا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَو دَفعهَا الْوَاهِبَ ضَمِنَهَا وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَخْذُهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِذا بعد بطلت لِأَنَّهُ لم يجزه ذَلِكَ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ وَهَبَكَ دَيْنَهُ عَلَيْكَ فَقُلْتَ قَبِلْتُ سَقَطَ الدَّيْنُ أَوْ لَا أَقْبَلُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْقُطُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ

قَاعِدَةٌ - التَّصَرُّفَاتُ تَنْقَسِمُ إِلَى الْإِسْقَاطِ بِغَيْرِ نَقْلٍ - كَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْعِصْمَةَ وَلَا يَنْقُلُهَا لِلْمَرْأَةِ وَكَالْعِتْقِ يُسْقِطُ الْمِلْكَ وَلَا يَنْقُلُهُ لِلْعَبْدِ وَإِلَى نَقْلٍ إِمَّا بَعِوَضٍ كَالْبَيْعِ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا فَمَا كَانَ اساقطاً لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ إِجْمَاعًا وَمَا كَانَ نَقْلًا افْتَقَرَ إِلَى الْقَبُولِ إِجْمَاعًا وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْإِبْرَاءِ هَلْ هُوَ إِسْقَاطٌ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ أَوْ نَقْلُ مِلْكٍ فَيَفْتَقِرُ إِلَيْهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَنْشَأُ الْخِلَافِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ (ش) وَأحمد

فرع - قَالَ قَالَ سَحْنُون إِن أَعْطَيْتَ غَلَّةَ كَرْمِكَ أَوْ سُكْنَى دَارِكَ سِنِينَ لرجل

ص: 241

وَتَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى ابْنِكَ الصَّغِيرِ فَحَوْزُ الرَّجُلِ حَوْزٌ لَهُ وَلِابْنِكَ إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْمَرْتَ رَجُلًا دَارَكَ وَتَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَى آخَرَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَحِيَازَةُ الْمُعْمِرِ حِيَازَةٌ لِلْمَوْهُوبِ وَكَذَلِكَ فِي إِخْدَامِ الْعَبْدِ وَلَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ فَقِيمَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِعْمَارُ ثُمَّ تَصَدَّقْتَ بِهَا إِنْ رَجَعَتْ وَأَنْتَ حَيٌّ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ مَيِّتٌ أَوْ مَرِيضٌ أَوْ مُفْلِسٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمَوْهُوبِ وَكَذَلِكَ الْمُخْدِمُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ حِيَازَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ حَوْزُ الْمُخْدِمِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ إِذَا تَأَخَّرَتِ الْهِبَةُ بَعْدَ الْإِخْدَامِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حوز لِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ فِي فَوْرٍ فَهُوَ حَوْزٌ لَهُمَا لِأَنَّكَ أَقْبَضْتَهُ لَهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُسْتَأْجِرُ جَائِز وَإِنْ لَمْ تُسَلَّمِ الْإِجَارَةُ لَهُ لِأَنَّهُ كَمَا حَاز الرَّقَبَة لنَفسِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنَافِعَ مَنْسُوبَةً إِلَيْكَ يَحُوزُهَا مَنْسُوبَةً لِلْمَوْهُوبِ مَعَ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ عِنْدَكَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْمُخْدِمُ عَلَى وَجْهَيْنِ إِنْ وُهِبَ الرَّقَبَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا لِأَنَّ الْمُخْدَمَ يَحُوزُهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قُتِلَ فَالْقِيمَةُ لِصَاحِبِهِ الْأَوَّلِ وان جعل لَهُ الرَّقَبَة من الأول فَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَإِنْ شَرَطَهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ فَسَدَتْ أَيْضا للغرر لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَحْصُلُ قُبَالَةَ نَفَقَتِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ قَبْلَ الْهِبَةِ عَلَى الْمُخْدِمِ جَازَ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُخْدَمُ بِحَوْزِهِ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ حَقُّهُ فِي الرَّهْنِ وَقِيمَتِهِ وَالْمُخْدِمَ فِي الْمَنَافِعِ فَحَوْزُهُ لِرَقَبَةِ الْمَوْهُوبِ لَا يُنَاقِضُهُ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُودِعُ لَا يَكُونُ حَوْزُهُ حَوْزًا بِخِلَافِ الْمُخْدِمِ لِأَنَّ الْمُوْدِعَ قَبَضَهُ لِرَبِّهِ وَالْمُخْدِمَ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَدَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ وَلَا لِوَكِيلِهِ وَإِنْ قَالَ الْمُودِعُ أَنَا أَحُوزُهُ لِلْمَوْهُوبِ كَانَ حَوْزًا أَوْ قَالَ بَلْ لِلْوَاهِبِ لَمْ يكن حوزا وَلَا أَحُوزُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَغْصُوبِ فَإِنْ وَهَبْتَ نِصْفَهُ وَرَضِيَ الْمُودِعُ أَنْ يَحُوزَ لَهُ نِصْفَهُ فَقِيلَ حَوْزٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ بجوز لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْحَوْزِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَا يعْتَبر

ص: 242

ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا وَلَوْ قَالَا لَا نَحُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَمْ يلْتَفت إِلَيْهِمَا إِلَّا أَن يبطلا مَالهمَا مِنَ الْمَنَافِعِ وَهُمَا غَيْرُ قَادِرِينَ عَلَى ذَلِكَ لِتَقْدِيرِ قَبُولِهِمَا وَإِذَا وَهَبْتَهُ أَرْضًا غَائِبَةً فَخَرَجَ مُبَادِرًا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ ذَلِكَ حَوْزٌ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَوْ حَضَرَتْ أَمْكَنَ قَبْضُهَا وَقَالَ عبد الْمَالِك الْإِشْهَادُ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ حَوْزٌ وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطَى قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَهُوَ حوز عِنْد عبد الْمَالِك خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِأَنَّ الْقَابِضَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى حِيَازَةٍ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا غَابَ الْوَاهِبُ قَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِلْمَوْهُوبِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الْحُقُوقِ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حَالَهُ عِنْدَ الْحُكْمِ فَلَعَلَّهُ مَاتَ أَوْ مَرِضَ أَوْ ادَّانَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ دَافَعَ عَنْ حِيَازَتِهَا مُدَافِعٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا بعد الاستيناء إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مَاتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ الْمَوَانِعِ وَقَالَ أَصْبَغُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَيُوقَفُ لِيُنْظَرَ مَوْتُهُ فَتُدْفَعُ لِلْوَارِثِ أَوْ حَيَاتَهُ فتدفع لَهُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ هِبَةُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ الصَّلَاحِ وَمَا تَلِدُ أَمَتُكَ أَوْ غَنَمُكَ أَوْ مَا فِي ضُرُوعِهَا أَوْ عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ صُوفٍ وَحَوْزُهُ بِحَوْزِ الْأُصُولِ وَالْأَمَةِ وَالْأَرْضِ وَعَلَيْكَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَالسَّقْيُ عَلَيْهِ لِتُسَلِّمَهُ مَالَهُ وَحَوْزُ الْخِدْمَةِ بِحَوْزِ الْعَبْدِ وَالسُّكْنَى بِحَوْزِ الدَّارِ وَبِحَوْزِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ عِشْرِينَ سَنَةً وَمَا تَلِدُ أَمَتُكَ وَيَكْفِي حَوْزُ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ أَوْ يَحُوزُهُ أَجْنَبِيٌّ وَمَنَعَ (ش) وَأَحْمَدُ هِبَةَ الْمَجْهُولِ وَوَافَقَنَا عَلَى الْوَصِيَّةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهَا

قَاعِدَةٌ - الْعُقُودُ مِنْهَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرُ مُشْتَمِلٍ

ص: 243

عَلَيْهَا كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَمُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ تُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَالِيَّةُ وَهِيَ غَيْرُ مَقْصُودَة فِي الْمُوَاصَلَةُ وَالْمُكَارَمَةُ فَحَصَلَ الشَّبَهَانِ وَوَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ عَنِ الضَّيَاعِ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ فِي كِلَيْهِمَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْأَمْوَالِ وَهُمَا مَحِلَّانِ لِذَلِكَ فَنَاقَضَا الْعَقْدَ فَلِذَلِكَ نُهِيَ عَنْهُمَا وَمَا لَا مُعَاوضَة فِيهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ قَصْدِ التَّنْمِيَةِ بَلْ هُوَ مَمْحَقَةٌ لِلْمَالِ فَلَا يُنَاقِضُهُ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ فَلِذَلِكَ جَوَّزْنَاهُمَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَاسَ الْخَصْمُ عَلَى البيع فَالْفرق عقيم كَمَا تَرَى فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْحَقَّ مَعَنَا وَلِهَذَا السِّرِّ جَوَّزْنَا الْغَرَرَ وَالْجَهَالَةَ فِي الْخُلْعِ مُطْلَقًا وَجَوَّزْنَا فِي صَدَاقِ النِّكَاحِ وَمَا خَفَّ مِنْهُمَا لِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ وَسَّطْنَاهُ فِيهِمَا فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ فُرُوعُ الْمَذْهَبِ وَتَظْهَرُ مِنْهَا الْفُرُوقُ بَين الْأَبْوَابِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْحَقَّ قَوْلُ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ الْغَرَرُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْهِبَةُ وَالْحَمَالَةُ وَالرَّهْنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْجَنِينِ كَرِهَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْخُلْعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُفْسَخُ وَلَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ وَالصُّلْحُ فِي الْعَمْدِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَافَقَ أَشْهَبُ فِي الْحَوْزِ الْمُتَقَدَّمِ إِلَّا مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ فَإِنَّهُ جَوَّزَ الْهِبَةَ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَا يَتِمُّ حَتَّى يَخْرُجَ فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَقَدْ تُبَاعُ الْأُمُّ قَبْلَ ذَلِكَ فِي دَيْنٍ يَحْدُثُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأُصُولِ وَتَبْقَى لَهُ الثَّمَرَةُ وَلَا يَبْقَى لَهُ الْجَنِينُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ وَهَبَكَ أَرْضًا فَحَوْزُهَا بِأَنْ تُكْرِيَهَا أَوْ تَحْرُثَهَا وتغلق عَلَيْهَا غَلْقًا فَإِنْ أَمْكَنَكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَفْعَلْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي فَلَا شَيْءَ لَكَ وَإِنْ كَانَتْ يَتَعَذَّرُ فِيهَا ذَلِكَ كُلُّهُ وَمَاتَ فَهِيَ نَافِذَةٌ وَحَوْزُهَا بِالْإِشْهَادِ وَلَوْ كَانَتِ الدَّارُ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً فَلَمْ يَحُزْهَا حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّ لَهَا وَجها تحازبه وَإِذا قلت فِي الأَرْض الغاصبة قَبِلْتُ وَحُزْتُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَوْزًا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ عَنِ الطَّهَارَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ

ص: 244

الطَّهَارَةِ وَهُوَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي كَوْنِ حَوْزِ الرِّقَابِ حَوْزًا لِلْهِبَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ حَوْزٌ وَلَيْسَ بِحَوْزٍ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَوْزٌ إِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ وَفِي الْأُمَّهَاتِ حَمْلٌ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَتَفْرِقَةُ أَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمَةِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَكْفِي الْإِقْرَارُ بِالْحَوْزِ وَلَا إِلَّا شهاد عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ

فَرْعٌ - قَالَ وَيَكْفِي قَوْلُكُ قَبِلْتُ فِيمَا فِي يَدِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ قبلت حَتَّى مَاتَ بطلت وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ حَوْزٌ وَقَالَ (ش) لَا بُدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ مِنْ زَمَانٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَكْفِي الْقَبُولَ

تَمْهِيدٌ - الْقَبْضُ إِنَّمَا اشْتُرِطَ عِنْدَنَا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ الْإِنْسَانُ بِمَالِهِ عُمْرَهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ وَرَثَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلِذَلِكَ كَفَى الْإِشْهَادُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَحَوْزِ الْأَجْنَبِيِّ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ فِي الْمُودِعِ وَالْغَاصِبِ وَنَحْوِهِمَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ سَبَبُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَتُوَجَّهُ الْحُجَّةُ لِلْمَوْهُوبِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَقْبِضِ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ كَمَا لوحبس عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الْكَبِيرِ بِخِلَافِ مَا حَبَسَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ كُلُّهُمْ لِأَنَّهُ يَحُوزُ لَهُمْ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ يَصِحُّ نَصِيبُ الصَّغِيرِ بِحَوْزِ وَالِدِهِ وَيَبْطُلُ مَا سِوَاهُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَفِي الْحَبْسِ يَبْطُلُ الْجَمِيعُ لِتَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ

ص: 245

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ الْخِلَافُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي حَوْزِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْمُتَصَدِّقِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِيهِ شَرِكَةٌ فعلى القَوْل بِالصِّحَّةِ يَصح هَهُنَا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ يَبْطُلُ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ فِي جَوَازِ حِصَّةِ الصَّغِيرِ إِذَا مَيَّزَهُ الْأَبُ وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ مَنَافِعِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا سَكَنَ دَارَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى بَاعَهَا وَلَمْ يقبضهَا المُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِب الثّمن لِلْوَلَدِ وَنَفَذَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي دَارِ الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ بَاعَهَا بِاسْمِ ابْنِهِ أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ عَلَى أَنَّهُ يَحُوزُ غَيْرُهُ وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ بطلت لِأَنَّهُ لم يحوزها وَلَوْ جَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا بَطَلَتْ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنِّي لَمْ أَرْتَجِعْهَا إِلَّا لِأُحَوِّزَهَا لِوَلَدِي وَفَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوْلَى بالحوز من غَيره أَو لَيْسَ ذَلِك إِلَّا أَنْ يَطْرَأَ مَا يُوجِبُ إِزَالَةَ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ نَفْيًا لِلَّبْسِ فِي الْحَوْزِ قَوْلَانِ وَأَصْوَبُ الْأَقْوَالِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يَحُوزُهَا الْأَبُ لَيْسَتْ دَنَانِيرَ وَلَا طَعَامًا أَنَّهُ حَوْزٌ وَإِنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ أَوْ مَا لَا يُحَوِّزُهُ الْأَبُ لِوَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا وَلَوْ قَالَ خِدْمَةُ عَبْدِي لِوَلَدِي وَرَقَبَتُهُ لِفُلَانٍ وَحَازَهُ الْأَبُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ لَمْ تَصِحْ لِفُلَانٍ رَقَبَتُهُ لِبَقَاءِ يَدِ الْأَبِ عَلَيْهَا

فَرْعٌ - قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا تصدق عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَأَشْهَدَ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْكِبَارُ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا وَقَالَ الصَّغِيرُ لَمْ يَسْكُنْ فَهِيَ عَلَى الْحَوْزِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ لِأَنَّ أَصْلَ التَّصَرُّفَاتِ حَمْلُهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَلِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْأَبِ فِي شَفَقَتِهِ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ وُجِدَ بِيَدِ الْكِبَارِ بَعْدَ الْمَوْت شَيْء وَقَامَت الْبَيِّنَة على صدقته وَجُهِلَ وَقْتُ حَوْزِهِمْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى حَوْزِهِمْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلْسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْحَوْزِ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَقَدْ قِيلَ إِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ زَوْجَهَا أَعْطَاهَا عَبَدًا فِي صَدَاقِهَا وَثَبَتَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَجَهِلَ التَّارِيخَ فَهِيَ أَوْلَى إِنْ كَانَ فِي يَدِهَا وَإِلَّا عُتِقَ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ تَمْلِكَ نِصْفَهُ وَيُعْتَقَ نِصْفُهُ كَمَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَأثبت الآخر أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ

ص: 246

بِهِ وَجَهِلَ تَارِيخَ الْإِشْهَادِ قِيلَ يُعْتَقُ بِالْقِيمَةِ لِضَرُورَةِ تَسَاوِي الدَّعَاوِي

فَرْعٌ - قَالَ وَإِذَا تَصَدَّقَ بِالْعَبْدِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَكَانَ يَخْدِمُ الْأَبَ وَرُبَّمَا خَدَمَ الِابْنَ جَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحَوَّزًا وَمَنَعَ أَشْهَبُ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّ جُلَّ الْمَنَافِعِ إِذَا بَقِيَتْ لِلْأَبِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مِمَّنْ يُؤَجِّرُ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلِابْنِ وَخِدْمَةُ الْأَبِ كَانَتْ يَسِيرَةً

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَصَدَّقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِفَرْشِ الْبَيْتِ أَوْ بِخَادِمٍ جَازَ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ الْمَسْكَنُ كَذَلِكَ بَلْ إِنْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَانَ حَوْزًا لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ إِسْكَانَهَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ بَاقٍ فِي يَدَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْخَادِمِ وَالْفَرْشِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ قَالَ وَالْحَقُّ التَّسْوِيَةُ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِخْدَامُهَا وَمَا يُصْلِحُهَا فَإِذَا مُنِعَ فِي صَدَقَتِهِ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْحَوْزِ فِي الدَّارِ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ الصِّحَّةَ فِي الْخَادِمِ وَالْفَرْشِ إِنَّمَا تَكُونُ لِضَرُورَةِ بَقَائِهِ فِي يَدِ الْوَاهِبِ كَمَا قيل فِي هَدِيَّةِ الْمُسَافِرِ وَالْأَضَاحِيِّ وَغَيْرِهَا

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ وَهَبَ لَحَاضَرٍ وَغَائِبٍ فَحَازَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ لَهُمَا صَحَّ لِارْتِفَاعِ يَدِ الْوَاهِبِ وَلَوْ قُسِّمَ نِصْفُهُ فَحَازَهُ الْحَاضِرُ وَأَبْقَى نَصِيبَ الْغَائِبِ لَمْ يَحُزْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَ نَصِيبُ الْغَائِبِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبَ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرْضِ جِهَةً مُعِينَةً قُسِّمَتِ الْأَرْضُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ صَارَ لِلْوَاهِبِ مَا وَهَبَ سَلَّمَهُ أَوْ غَيْرُهُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ الْعَقْدِ مِلْكًا وَقِيلَ يُعَوَّضُ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى ذَلِكَ الْحَوْزَ وَهُوَ عَاوِضٌ عَنْهُ فِي الْقِسْمَةِ فَيُعْطِيهُ ذَلِكَ الْعِوَضَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ

ص: 247

اتَّجَهَ هَذَا أَوْ تَمْيِيزُ حَقٍّ اتَّجَهَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْغَيْبَ انْكَشَفَ عَلَى أَنَّ حَقَّهُ هَذَا الَّذِي لَمْ يَهَبُهُ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَعْطَى امْرَأَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ دَارَهُ عَلَى أَنْ تُسْلِمَ فَأَسْلَمَتْ هُوَ كَالْبَيْعِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى حَوْزٍ وَقَالَ أَصْبَغُ عَطِيَّةٌ تَحْتَاجُ إِلَى الْحَوْزِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكُونُ ثَمَنًا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ لِغَائِبٍ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُ لَهُ كَانَ حَوْزًا لِأَنَّ أَحْبَاسَ السَّلَفِ كَانَ يُحَوِّزُهَا الْحَاضِرُ لِلْغَائِبِ وَكَذَلِكَ يَدْفَعُ لِمَنْ يَحُوزُ لِلصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ حَاضِرٌ لِأَنَّ الْوَاهِبَ أَخْرَجَ الْجَمِيعَ مِنْ يَدِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا رَشِيدًا حُرًّا وَأَمَرْتَ أَلَّا تَدْفَعَ إِلَيْهِ وَلَوْ إِلَى أَجَلٍ بَطَلَ الْحَوْزُ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مُتَّ لِوُجُودِ أَهْلِيَّةِ الْحَوْزِ فَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ لَكَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ يُتَوَقَّعُ صَلَاحُ حَالِهِ أَوْ نَتَّهِمُ الْأَبَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ تَحْبِسَ عَلَى الْكَبِيرِ غَلَّةَ نَخْلٍ وَتَجْعَلَهَا عَلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُهَا عَلَيْهِ صَحَّ لِأَنَّ الْأَحْبَاسَ مَا زَالَتْ كَذَلِكَ فِي السَّلَفِ

فَرْعٌ - قَالَ لَا يُعْتَبَرُ حَوْزُ الْأُمِّ فِي هِبَتِهَا لِصِغَارِ بَنِيهَا وَلَا لِابْنَتِهَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَإِنْ أَشْهَدَتْ لِعَدَمِ وِلَايَتِهَا عَلَى حِفْظِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةُ الْوَالِدِ أَوِ الْوَصِيِّ بِخِلَافِ الْأَبِ وَإِنْ بَلَغَ الِابْنُ حَالَةً يَصِحُّ حَوْزُهُ فَلم يجز حَتَّى مَاتَ الْأَب بطلت لِعَدَمِ الْحَوْزِ مَعَ إِمْكَانِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَصِحُّ حَوْزُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الْعَقَارَ وَالْعُرُوضَ وَالْعَبِيدَ

ص: 248

وَنَحْوَهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحُوزُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ إِلَّا أَن يصنعها عَلَى يَدِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) فِيهِمَا لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَشْهَدَ عَلَى طَابِعِهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَشْهَدَ فَهُوَ حَوْزٌ وَهَذَا إِذَا بَقِيَتْ عَيْنًا فَإِنِ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً وَأَشْهَدَ صَحَّ الْحَوْزُ وَإِنْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَرَضًا فَأَشْهَدَ وَبَاعَهُ بِالْعَيْنِ نَفَذَتْ لِصِحَّةِ الْحَوْزِ أَوَّلًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ نَفَذَ وَلَوْ قَبَضَهُ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ أَوْ تَسَلَّفَهُ نَفَذَ وَجُعِلَ الدَّيْنُ كَالْعَرَضِ وَالطَّوْقُ وَالسِّوَارُ كَالْعَرَضِ وَالتِّبْرِ وَالنُّقْرِ واللؤلؤ والزمرد وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالْكَتَّانِ وَكُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ يُخْتَلَفُ فِيهِ كَالْعَيْنِ قَالَ وَالْجَوَازُ فِي الْجَمِيعِ أَحْسَنُ وَإِنْ وَهَبَتِ الْأُمُّ مَا لَمْ يستغل لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهَا فَإِنْ وَهَبَتْ غُلَامًا فَكَانَ يَخْدِمُ الْوَلَدَ أَوْ ثَوْبًا أَوْ حُلِيًّا فَكَانَ يَلْبَسُهُ قَالَ مَالِكٌ صَحَّ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَيَصِحُّ حَوْزُ الصَّبِيِّ لِمَا وَهَبَهُ لِيَتِيمِهِ كَحَوْزِ الْأَبِ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِذَا وَهَبَتِ الْأُمُّ حَازَ السُّلْطَانُ وَإِنْ أَخْرَجَتْهَا مِنْ يَدِهَا وَحَوَّزَتْهَا غَيْرَهَا صَحَّ لِوِلَايَتِهَا عَلَى مَالِهَا وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِيهِ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ حِيَازَةُ الْأُمِّ لِلْيَتِيمِ الصَّغِيرِ جَائِزَةٌ فِيمَا وَهَبَتْهُ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا حِسْبَةً إِنْ تَقَدَّمَتِ الْوِلَايَةُ قَبْلَ الصَّدَقَةِ كَمَا يَشْتَرِي لَهُ طَعَامَهُ وَإِلَّا فَلَا لِلتُّهْمَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَالْأَجْدَادُ كَالْأَبِ وَالْجَدَّاتُ كَالْأُمِّ إِذَا كَانَ فِي حجر أَحدهمَا وَغَيرهم لَا يحوز لَكِن يَجْعَل ذَلِك لغيره ووافقا الْأَئِمَّة فِي اخْتِصَاص ولَايَة الْحَوْز بهَا وَلَاء غَيْرَ أَنَّ (ش) اشْتَرَطَ أَنْ يَقُولَ الْأَبُ قَبِلْتُ لِأَنَّ الْقَبُولَ بِاللَّفْظِ رُكْنٌ عِنْدَهُ وَأَلْحَقَ (ح) الْأُمَّ وَالْأَجْنَبِيَّ بِالْأَبِ فِي وِلَايَةِ الْحَوْزِ إِذَا كَانَ فِي حَجْرِهِمَا وَجَوَّزَ قَبْضَ الصَّبِيِّ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا يَتَصَدَّقُونَ عَلَى الصِّبْيَانِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ وَخَالَفَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَ (ش) أَنْ يُوكِلَ الْوَاهِبُ مَنْ يَقْبِضُ لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْوَاهِبِ لَا لِلْمَوْهُوبِ

ص: 249

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْبِكْرِ يَحُوزُ لَهَا أَبُوهَا وَإِنْ عَنَّسَتْ لِثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَيْهَا وَعَنْهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَنَّسَتْ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ عَلَيْهَا بِالتَّعْنِيسِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَا يَحُوزُ لَهَا إِلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ فِعْلَ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَجْزَتْهُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَخْرُجُ الْغُلَامُ مِنِ الْوِلَايَةِ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِلَامِ بَلْ إِنْ جَازَ لَهُ بِحَدَثَانِ احْتِلَامِهِ فَهُوَ حَوْزٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يجوز الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ الرَّقِيقِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ يَحُوزُ مَالَهُ وَوِلَايَةُ السَّيِّدِ مُقَدَّمَةٌ فَإِنْ جَعَلَ الْأَبُ هبة على يَد أَجْنَبِي جَازَ وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ كَالشَّرْطِ فِي الْوَقْفِ هُوَ موكول للْوَاقِف

فرع - قَالَ لايحوز الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَحُوزَ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا يَحُوزَ وَاهِبٌ لِلْمَوْهُوبِ إِلَّا الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ أُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِي الْحَوْزِ تَحُوزُ مَا لَا يُزَايِلُهَا حَيْثُ انْتَقَلَ بِهَا سَيِّدُهَا بِالْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ لِعَجْزِهَا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الدَّارُ وَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ الْمُبَايَنُ لَهَا فَبِخُرُوجِ السَّيِّدِ مِنَ الدَّارِ وَبِزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَبِقَبْضِ خَرَاجِ السَّيِّدِ وَبِلَبْسِ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ وَكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَوِ ادَّعَتْ مَتَاعَ الْبَيْتِ كُلِّفَتِ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ كَانَ مَتَاعُ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الشَّوَارَ لِلْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ وَتَصَّدَّقُ فِيمَا عَلَيْهَا مِنْ حُلِيٍّ وَغَيْرِهِ لِأَن الْيَد

ص: 250

دَلِيلُ الْمِلْكِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِي لِبَاسِهَا أَنَّهُ وُهِبَ لَهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَهَبَهَا مَالًا يُشْبِهُ عَطِيَّتَهَا رُدَّ مَا زَادَ لِأَنَّهُ يتهم فِي ازواء مَاله من الْوَرَثَة كَانَت الْعَطِيَّة مرّة ومرات وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ فِي مَرَّةٍ رُدَّتِ الْعَطِيَّةُ كُلُّهَا كَزِيَادَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ عَلَى الثُّلُثِ أَو مرَارًا أنفذ مَا لَا يصرف فِيهِ وَرُدَّ مَا يُتَّهَمُ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى أُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِي صَدَقَةِ سَيِّدِهَا عَلَيْهَا - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ يَحُوزُ سَيِّدُهَا لَهَا صَدَقَتَهُ عَلَيْهَا

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي هِبَةِ الِابْنِ الْمَعْدُومِ فِي الْحَالِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ قَوْلَانِ فَقِيلَ حَوْزُ الرِّقَابِ كَافٍ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَقِيلَ لَا لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَعْدُومٌ وَيَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا وَهَبَ مَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَاتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قِيَاسًا عَلَى هِبَةِ الثِّمَارِ وَاللَّبَنِ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ وَإِذَا وَهَبَ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ كَفَى قَبْضُ الْأُمِّ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ أَوْ تَحْمِلَ قِيَاسًا عَلَى الْأَلْبَانِ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ إِذَا كَانَ الْحَمْلُ أَوِ اللَّبَنُ مَوْجُودًا أَوْ ظَهَرَتِ الثَّمَرَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُجْعَلُ الْغَنَمُ فِي اللَّبَنِ عَلَى يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَا فِي بَطْنِ الْجَوَارِي وَالْغَنَمِ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا فِي وَقْتٍ هُوَ فِي الْإِمَاءِ آكَدُ لِامْتِنَاعِ الْخَلْوَةِ بِهِنَّ وَاللَّبَنُ يُحْتَاجُ كُلَّ يَوْمٍ وَتُوضَعُ أُصُولُ الثِّمَارِ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ وَيَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَلَا لَبَنٌ وَلَا ظَهَرَتْ ثَمَرَةٌ لم يجْبر الْوَاهِبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ قَبْلَ طِيبِ الثِّمَارِ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ السَّقْي إِنَّمَا هَؤُلَاءِ جلّ الثَّمَرَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ وَيُخْتَلَفُ فِي كُلْفَةِ الْأَمَةِ وَالْغُلَامِ الْمُخْدِمِ كَذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْصَى بِصُوفِ غنمه أَو لَبنهَا لرجل وبرقابها لآخر المئونة عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِاللَّبَنِ وَالصُّوفِ قَالَ وَأَرَى إِنْ وَهَبَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمُ الصُّوفَ وَلِلْآخَرِ اللَّبَنَ وَلِلْآخَرِ الْحَمْلَ - أَنَّ الْكُلْفَةَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيُخْتَلَفُ هَلْ عَلَى

ص: 251

عَدَدِهِمْ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَاتِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ لَاسْتَقَلَّ أَوِ الْغُنْمُ يتبعهُ الْعَزْم وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَاتُ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَالْكُلْفَةُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْآخَرَيْنِ نَزَلَا مَنْزِلَةَ الْوَاهِبِ وَهُوَ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَمُحَمّد الْهِبَة إِذا كَانَت حَامِلا وَذَات لَبَنٍ عَلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيُخْتَلَفُ هَلْ هُوَ هِبَةُ مَا يَتَكَوَّنُ مِنَ اللَّبَنِ أَوِ الصُّوفِ أَوِ الْحَمْلِ حَيَاةَ الْغَنَمِ وَالْجَوَارِي أَوْ حَيَاةَ الْمُعْطِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي قَبْضِ الرِّقَابِ هَلْ هُوَ قَبْضٌ لِلْهِبَاتِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ عَلَى رَشِيدٍ وَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ جَازَ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ أَلَّا يَدْفَعَهَا إِلَّا بِأَمْرِهِ وَقَالَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ رَشِيدًا وَحَاضِرًا امْتَنَعَ - وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الدَّفْعِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي هِبَةِ الطِّفْلِ وَالْكَبِيرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا أَمَرَ الْحَائِزَ إِلَيْهِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ اخْتِلَاف قَول وَقيل المسلتان مفترقتان وَإِنَّ الْجَوَابَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَخُرُوجُهَا مِنْ يَدِهِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ حَوْزٌ وَالْمَنْعُ إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَاصِبٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ وَقِيلَ إِذَا شَرَطَ عَدَمَ الدَّفْعِ إِلَّا بِأَمْرِهِ لَا تَمْضِي بِخِلَافِ إِذَا قَالَ ادْفَعْهَا لَهُ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ أَمْسِكْهَا عِنْدَكَ أَنَّهَا تَمْضِي لِأَنَّهَا وَدِيعَةُ الْمَوْهُوبِ فَإِنْ سَكَتَ عَنِ الْأَمْرِ بِدَفْعِهَا وَعَدَمِ دَفْعِهَا فَفِي صِحَّتِهَا قَوْلَانِ وَلَوْ شَرَطَ إِمْسَاكَهَا حَتَّى يَمُوتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مَاضِيَةٌ مِنَ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ دَارٍ فَقَبْضُهُ أَنْ يَحُلَّ فِيهَا مَحَلَّ الْوَاهِبِ ظَاهِرُهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَاهِبِ شَيْءٌ وَقِيلَ بَقِيَ لَهُ النِّصْفُ وَلَا يَصِحُّ الْحَوْزُ إِلَّا

ص: 252

بالمقاسمة أَو بحوز أَجْنَبِي لَهُم أَو يسلفها جَمِيعَهَا لِلْمَوْهُوبِ وَفَرَّقَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الْعَبْدِ فَأَجَازَ بَقَاءَ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْغَلَّةَ وَبَيْنَ الدَّارِ لِتَصَوُّرِ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَعَنْهُ أَيْضًا التَّسْوِيَةُ فِي جَوَازِ أَيْدِيهِمَا كَمَا يَقْبِضُ فِي الْبَيْعِ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبُطْلَانِ مَعَ بَقَاءِ أَيْدِيهِمَا لِعَدَمِ رَفْعِ يَدِ الْوَاهِبِ وَإِنْ عمرا كالشريكين وتصرفا كَذَلِك مَعَ بَقَاءِ أَيْدِيهِمَا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ الدَّارَ الْغَائِبَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي عَدَمِ الْحَوْزِ التَّفْرِيطُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ إِذَا أَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ فَخَاصَمَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ حَتَّى مَاتَ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَقَوْلُهُ إِذَا وَقَفَهَا السُّلْطَانُ حَتَّى يَنْظُرَ فِي حُجَجِهِمْ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ إِذَا أَثْبَتَ الْهِبَةَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَنْفَعُهُ الْإِيقَافُ حَتَّى يُحْكَمَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الصَّدَقَةِ صَحَّتْ وَقَعَ الْقَبْضُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ عَلِمَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذا لم يقبضهَا وَأَعْجَلَهُ الْمَوْتُ بَطَلَتْ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كُنْتُمَا بِمِصْرَ فَوَهَبَكَ أَرْضَهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَقُلْتَ قَبِلْتُ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْخُرُوجِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْخُرُوجِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَهُوَ حَوْزٌ وَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَرْضِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَأَدْرَكَ وَلَوْ كَانَ وُصُولُهَا يَكُونُ قَبْلَ الْحَرْثِ لَمْ يَضُرُّهُ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً لَكَانَ حَوْزُهَا بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الدَّارِ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقت بصداقها على زَوجهَا أَعطَتْهُ كِتَابَهَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ سَخِطَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَرَدَّ عَلَيْهَا الْكِتَابَ فَقَبِلَتْهُ بِشَهَادَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ فَجَدَّدَ لَهَا كِتَابًا حَالًا أَوْ إِلَى مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ فِي صِحَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ سَأَلَهَا فِي

ص: 253

مَرَضِهِ أَنْ تَضَعَ مَهْرَهَا فَفَعَلَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ وَضْعِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ نَفَذَ وَالْمِيرَاثُ لَمْ يُقْبَضْ

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ كَتَبَ إِلَى وَكِيلِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةً فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مَا قَبَضَ فَإِنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ لَوْ وُهِبَ مَا تَحْتَ يَدِ الْمُودِعِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحِيَازَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَدُهُ يَدُ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَكِيلًا لَكَ وَالْمُودِعُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ يَصِيرُ حَافِظًا لَكَ

فَرْعٌ - قَالَ لَا تَكُونُ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حِيَازَةَ الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَهُ مَعَ الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ الْمُودِعِ وَأَجَازَ أَشْهَبُ حِيَازَةَ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَهَبْ لِلْمَوْهُوبِ الْإِجَارَةَ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا رَجَعَتِ الْهِبَةُ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ الْحَوْزِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى بُطْلَانِهَا أَوْ بَعْدَ الطَّوْلِ بَطَلَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا مَاتَ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السَّنَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ذَلِكَ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يَتِيمِهِ بِمِائَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَفْرِزْهَا لَهُ حَتَّى مَاتَ فهوشريك فِيهَا وَفِي نَمَائِهَا وَنُقْصَانِهَا لِأَنَّهُ وَصَفَ لَهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَعَنْهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْإِفْرَازِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِاسْتِغْنَائِهَا عَنِ الْقَبْضِ وَيُخْتَلَفُ فِي الدَّنَانِيرِ كَالْغَنَمِ - وَإِنْ تَسَلَّفَهَا الْأَبُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ باعيانها

ص: 254

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَلَّى صَبِيًّا بِحُلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ لِلصَّبِيِّ دُونَ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْحَوْزِ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ وَهَبَ الْمُسْتَوْدِعُ مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ وَقَالَ أَشْهَبُ حِيَازَتُهُ ثَابِتَةٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ وَتَأَخُّرُ الْقَبُولِ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ وَهَبَ رَجُلًا وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ وَقَبَضَهَا لِيَنْظُرَ رَأْيَهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ مَاضِيَةٌ إِنْ رَضِيَهَا وَلَهُ رَدُّهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْغَائِبِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَدَمُ الْحَوْزِ يَمْنَحُ الصِّحَّةَ فَأَوْلَى عَدَمُ الْقَبُولِ قُلْتُ وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لِ (ش) وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ

فَرْعٌ - قَالَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ الْإِذْنُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُشْتَرَطُ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ إِلَّا بِحَوْزِهَا وَقِيَاسًا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَتْ لَكَانَتْ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِغَيْرِ مِلْكٍ مُنْكَرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ مِلْكَهُ لَمَا وَرِثَهَا وَرَثَةُ الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَوْ هُوَ سَبَبُ مِلْكٍ فَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِوَضْع الْيَد كالإحطاب وَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ طَرَيَانَ الْمَرَضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ كَطَرَيَانِ التَّفَرُّقِ عَلَى عَقْدِ الرِّبَا وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وطريان الرِّدَّة على النِّكَاحِ فَلَا غَرْوَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَيَطْرَأُ عَلَيْهِ مُبْطِلٌ فَقَضِيَّةُ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه دَائِرَة بَين مَا ذَكرْنَاهُ وَمَا ذكر تموه عَلَى السَّوَاءِ فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهَا وَجْهُ مُنَاسِبَةِ الْمَرَضِ لِلْإِبْطَالِ أَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِمَالِهِ عُمْرَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهُ فِي هَذِهِ

ص: 255

الْحَالَةِ الَّتِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهَا عَنِ الْوَرَثَةِ فَحَسَمَ الشَّرْعُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ كَمَا رَدَّ شَهَادَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ وَبِالْعَكْسِ لِلتُّهْمَةِ وَطَرْدِ ذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّ اسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِيهِ ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه الصَّدَقَةُ جَائِزَةٌ قُبِضَتْ أَوْ لَمْ تُقْبَضْ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَدَمُ التُّهْمَةِ وَبَعْدَهُ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ حَبَسَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَرَضَ أَوْ مَوْتَ الْفَجْأَةِ أَسْقَطَ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ فَثَبَتَ مِلْكُ الْوَاهِبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تُقَرُّرِ التُّهْمَةِ وَأَنَّ الْعُقُودَ الصَّحِيحَةَ قَدْ يلْتَحق بِهَا مَا يُبْطِلُهَا فَمَا وَرِثَ الْوَارِثُ إِلَّا مَلِكَ الْوَاهِبُ الْمُنْتَقَلُ عَنِ الْمَوْهُوبِ فَلَا تَنَاقُضَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَطْعُومًا بِمَطْعُومٍ أَوْ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ مِمَّا يشْتَرط فِيهِ التقايض فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ وَيُوَرَّثُ مَا كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِ الْمَوْرُوثِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ بِأَنْ تَقُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَتَثْبُتُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُ مَنْقُوص بِالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَهُوَ يَخُصُّ الْمُتَعَاقِدِينَ فَلَا يَضُرُّنَا عَدَمُ الْوَفَاءِ بعد الْمَوْت لذهاب الْعَاقِد وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - الرَّاجِعُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ فَشَبَّهَ الْقَبِيحَ الشَّرْعِيَّ بِالْقَبِيحِ الْعَادِيِّ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْكَلْبَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ هِيَ الْمُمَيِّزَةُ بَيْنَ خَوَاصِّ الْعُقُودِ فِيهَا يَظْهَرُ الْبَيْعُ مِنَ الْقَرْضِ مِنَ الْإِجَارَةِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الصِّحَّةُ وَالِانْعِقَادُ مَنُوطًا بِهَا وَأَمَّا الْقَبْضُ فَصُورَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَلَا يُنَاطُ بِهِ أَحَدُهُمَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صُوَرٍ مِنَ الْعَطَايَا كَالْعِتْقِ وَالضَّحَايَا وَالْمَسَاجِدِ وَالْوَقْفِ الْعَامِّ كَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَلَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْض

ص: 256

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَالْبَيْعُ حَوْزٌ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَحْصُلُ الْحَوْزُ بِذَلِكَ وَلَا بِغَيْرِهِ إِلَّا الْعِتْقَ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسَّرَايَةِ فَإِنْ بَاعَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَالْبَيْعُ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ أَوْلَى إِنْ كَانَ الْمُعْطَى مُعَيَّنًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ نَحْوَ سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِير بحوانيت وَلم يعلم أَنه كَانَ يُكْرِيهَا بِاسْمِهِ أَوِ اسْمِ نَفْسِهِ فَهِيَ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِ الْأَبِ أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ لَا يَرْجِعُ وَأَنْ يُؤَجِّرْ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لِلْيَتِيمِ أَعْطَاهُ لِشَرِيكِهِ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ نَفْسِهِ إِلَّا إِذَا انْفَرَدَ لِتَعَذُّرِ مَنْ هُوَ لَهُ مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى مِنْهُ وَقِيلَ حِيَازَتُهُ تَامَّةٌ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ

فَرْعٌ - قَالَ يَكْفِي فِي حِيَازَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لَا عَمَلَ فِيهَا الْإِشْهَادُ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَأَمَّا أَرض الزِّرَاعَة وَالْعَمَل إِنْ وُهِبَتْ فِي غَيْرِ إِبَّانِ الْعَمَلِ حَدَّدَهَا وَأَشْهَدَ بِتَسْلِيمِهَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ حَوْزًا إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْعَمَلُ لِعُذْرٍ وَهَذَا إِذَا فَاتَتْ حِيَازَتُهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ أَمَّا لَوْ حَضَرَ وَقْتَ

ص: 257

الزِّرَاعَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّ حِيَازَةَ مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فَإِنْ مَنَعَهُ الْوَاهِبُ مِنَ الْعَمَلِ لَمْ تَبْطُلِ الْحِيَازَةُ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ وَقَدْ فَعَلَهُ وَإِنْ تَرَكَ الْعَمَلَ لِضَعْفِهِ بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ مَعَ إِمْكَانِ مَسَاقَاتِهَا لِغَيْرِهِ وَالْإِرْفَاقِ بِهَا بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ جُمْلَةِ الْوُجُوهِ فَالْإِشْهَادُ حَوْزٌ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُحَازُ الْعَرِيَّةُ إِلَّا أَنْ يَطْلُعَ فِيهَا ثَمَرٌ وَيَقْبِضَهَا الْمُعْرَى فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي بَطَلَ الْإِعْرَاءُ لِعَدَمِ حَوْزِ الْعَطِيَّةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَكْفِي الْإِبَارُ أَوْ تَسْلِيمُ الْعَطِيَّةِ لِأَنَّ الْمُعْرِيَ إِنَّمَا وَهَبَ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ فِي يَدِهِ إِلَى حِينِ الثَّمَرَةِ

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ حَازَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ

نَظَائِرُ - قَالَ ابْن بشير الَّتِي لَا تتمّ إِلَّا بالحيازات سبع عشرَة مسئلة الْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَطِيَّةُ وَالنِّحْلَةُ وَالْعَرِيَّةُ والمنحة والهدية والإسكان وَالْعَارِية والإرفاق وَالْعدة والإخدام والصلة والحبا وَالرَّهْن

النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهَا وَأَصْلِهَا وَأَصْلُ كُلِّ مَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ النَّدْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرْ بِالْعَدْلِ

ص: 258

والإحْسَانِ وإِيتَاء دِي القُرْبَى} وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّدَقَةُ فِي الصِّحَّة أفضل لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسلم لما سُئِلَ لِأَن تصدق وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمَلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى تَبْلُغَ الْحُلْقُومَ قَلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ وأفضلها أَيْضا مَا كَانَ ظهر غنى لقَوْله تَعَالَى {يَسئَلُونَك ماذَا يُنْفِقُون قُل العَفْو} وَالْعَفو الْفَاضِل وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ قَالَ سَحْنُونٌ لَوْ لَمْ يُبْقِ مَا يَكْفِيهِ رُدَّتِ الصَّدَقَةُ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ بِجُمْلَةِ الْمَالِ وَقَدْ فَعَلَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ صَدَقَتَهُ رضي الله عنه إِنَّمَا كَانَت لتأليف النَّاس واستنفاذهم مِنَ الْكُفْرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَنْفَسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لنْ تَنَالوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون} وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لماسئل أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأَقَارِبِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لميمونة وَقد أَعْتَقَتْ خَادِمًا لَوْ أَعْطَيْتِهَا لِأَخْوَالِكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لأجرك ففضل الْعَطِيَّة للأقارب على الْعتْق لِأَنَّهُ صَدَقَة وصلَة وَقد قَالَ مَالك صدقتك على ابْن عَمَّتك الْيَتِيمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ ثُمَّ فِي الْجِيرَةِ وَفِي الاصلاح وَرفع الشحناء لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَمَّا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ

ص: 259

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ لِأَقْرَبِهِمَا وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْجِوَارَ لَهُ حَقٌّ وَالْقُرْبَ لَهُ حَقٌّ فَيَجْتَمِعُ فِي الْجَارِ الْقَرِيبِ الْأَمْرَانِ مَعَ الصَّدَقَةِ كَمَا اجْتمع فِي الْقَرِيبِ وَمَعْرُوفَانِ أَفْضَلُ مِنْ مَعْرُوفٍ قَالَ غَيْرُهُ تُقَدَّمُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ لِأَنَّ وَقْعَ الْإِحْسَانِ مَعَ ضَعْفِ الْأُنُوثَةِ أَتَمُّ وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ عَلَى الْجَاهِلِ لِأَنَّ قِيَامَ بِنْيَتِهِ تَنْفَعُ النَّاسَ وَالصَّالِحُ عَلَى الطَّالِحِ لِأَنَّ بِنْيَتَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ غَنِيًّا عَلَى مَنْ لَمْ يَزَلْ فَقِيرًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - ارْحَمُوا عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ وَغَنِيَّ قَوْمٍ افْتَقَرَ فان ضَرَره بالفقر أوقع وَقيل لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ بِبِرِّي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أَبُوكَ فَجَعَلَ لَهَا ثُلُثَيِ الْبِرِّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْإِحْسَانِ لِلْإِنَاثِ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُشْتَرَى الصَّدَقَةُ مِنَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارٍ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاك والمواريث لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْبُخَارِيِّ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ قَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِ غَنَمٍ تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَى ابْنِكَ الْكَبِيرِ وَتَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا وَتَلْبَسُ مِنْ صُوفِهَا إِذَا رَضِيَ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير وَلأَجل الْحجر وَمَال الْكَبِير كمالك وان تَصَدَّقْتَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِنَخْلٍ أَوْ دَابَّةٍ فَلَا تَأْكُلْ مِنْ ثَمَرِهَا وَلَا تَرْكَبْهَا وَلَا تَنْتَفِعْ بِهَا وَلَا شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهَا بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيرهَا وَلَو تصدق بِهِ عَلَيْك لَا تقبلهَا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدَّمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يُبَتَّلِ الأَصْل

ص: 260

بَلْ تَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عُمْرًا أَوْ أَجَلًا فَلَهُ شِرَاءُ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ وَجَوَابُهُ الْمُعَارَضَةُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ وَإِنْ جَعَلْتَ الثَّمَرَةَ أَوِ الْخِدْمَةَ إِلَى أَجَلٍ وَالرَّقَبَةَ بَعْدَهُ لِآخَرَ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُكَ وَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ مَرْجِعُ الْأَصْلِ وَلِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ شِرَاءُ الْأَصْلِ مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ - قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَة على النّدب وَالْكَرَاهَة وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ حَرَامٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا نَزَلَ مَضَى وَعَلَى الثَّانِي يُفْسَخُ وَأَلْحَقَ مَالِكٌ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ بِالتَّطَوُّعِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِجْزَاءِ إِذَا فُعِلَ قَالَ وَأَرَى الْإِجْزَاءَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ تَصَدَّقْتَ عَلَيْهِ بِحَائِطِكَ أَوْ وَهَبْتَهُ وَتَنَازَعْتُمَا فِي الثَّمَرَةِ فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ يَوْمَ الصَّدَقَةِ فَهِيَ لِلْمُعْطَى تبعا وَإِلَّا فلك البيع وَلَا يَمِينَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَقِّقِ الدَّعْوَى فِي الثَّمَرَةِ وَيَحُوزُ الرِّقَابَ وَالسَّقْيَ عَلَيْكَ لِأَجَلِ ثَمَرَتِكَ وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ هُوَ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ حَقَّقَ الدَّعْوَى لَحَلَفْتَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ وَهَبَ النَّخْلَ وَاسْتَثْنَى الثَّمَرَةَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ يَسْقِيهَا بِمَائِهِ امتنح لِلْغَرَرِ فِي بَذْلِ الْمَالِ فِي السَّقْيِ وَفِيمَا لَا يُعْلَمُ حُصُولُهُ كَمَنْ وَهَبَ فَرَسَهُ لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ ثُمَّ هُوَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَتِ النَّخْلُ بِيَدِكَ تَسْقِيهَا وَتَقُومُ عَلَيْهَا جَازَ كَأَنَّكَ وَهَبْتَهَا بَعْدَ

ص: 261

عَشْرِ سِنِينَ إِنْ سَلِمَتْ وَلَمْ تَمُتْ أَنْتَ وَلَمْ تُسْتَدْعَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبْطُلُ شَرْطُهُ فِي الْفرس الْعَطِيَّة بل يتعجله وَيَزُول الْخطر كَمَنْ أَعَارَ رَجُلًا سَنَةً ثُمَّ آخَرَ بَعْدَهُ وَتَرَكَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ فَيَتَعَجَّلُ الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ السَّقْيُ عَلَيْكَ وَطَلَبَ أَخْذَ النَّخْلِ لم يكن ذَلِك لَهُ قَالَ وَأَرَى إِنْ قُلْتَ هِيَ لَكَ مِنَ الْآنِ وَثَمَرَتُهَا لِي عَشْرَ سِنِينَ وَسَقْيُهَا عَلَى أَنْ تُجْبَرَ عَلَى تَحْوِيزِهِ إِيَّاهَا الْآنَ وَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ فَقَطَعَهَا فَالْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ وَإِنْ قُلْتَ هِيَ لَكَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَالْقِيمَةُ لَكَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ أَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي مَالِهِ صَدَقَةَ مِائَةِ دِينَارٍ لَزِمَتْهُ إِنْ حَمَلَهَا مَالُهُ وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعْ بِمَا عَجَزَ لِاخْتِصَاصِ اعْتِرَافِهِ بِمَالِهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا مَاتَ الْحر أَو العَبْد قبل الْحَوْز لوَرَثَة الْحر وَسيد الْعَبْدِ الْقَبْضُ لِلُزُومِ الْعَقْدِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا وهبت دينك للْمَيت الْمَدْيُون اقتسمته الْوَرَثَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ أَوَّلُهُمُ اقْتَسَمُوهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ إِلَّا أَنْ تَقُولَ عَلَى السِّهَام لِأَن الأَصْل فِي الشّركَة التَّسْوِيَة وَلَو طَرَأَ وَارِثٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَالَ قَدْ صَارَ إِلَيَّ مِيرَاثِي أَوْ تَرَكْتُهُ لَكُمُ اقْتَسَمُوهُ عَلَى الْفَرَائِضِ قَالَ وَيَنْبَغِي فِي تَرَكْتُهُ لَكُمُ الْقِسْمَةُ بِالتَّسْوِيَةِ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ آخَرُ وَكَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ وَهَبْتُ دَيْنِي لَكُمْ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ

ص: 262

يضْربُوا بدين الأول ويأخذوا مَا ينويه وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ قَالَ أَسْقَطْتُ دَيْنِي لَمْ يُحَاصِصِ الْوَرَثَةُ بِدَيْنِهِ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ فَقُرَاءَ حُمِلَ تَرْكُهُ عَلَى الدَّيْنِ بِالْوَرَثَةِ فَيَتَحَاصُّونَ فِيهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فِي سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ جَازَتِ الْهِبَةُ إِنْ قَامَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ امْتَنَعَ لِلُزُومِهِ لِلْمُبْتَاعِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ أَعْتَقْتَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ جَازَ أَيْضًا لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْتِقُ إِلَّا بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمَوْهُوبِ الْقِيَامُ بَعْدَ مَوْتِكَ وَقَبْلَ الْفَوْتِ وَإِذَا وَهَبْتَهُ قَبْلَ الْفَوْتِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ جَازَ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَصَارَ وَدِيعَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَتَصِحُّ حِيَازَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَنَا أَحُوزُهُ لَكَ فَقَوْلَانِ يَتَخَرَّجَانِ مِنْ هِبَةِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ لَيْسَتْ عَلَيْهَا فَتَصِحُّ وَإِنْ تَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهِ وَلَا بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ ثُمَّ فَاتَ مَضَى حُكْمُ الْبَيْعِ إِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَى فَسَادِهِ مَضَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَبْقَى نَقْلَ الضَّمَانِ دُونَ الْمِلْكِ وَإِنْ عَلِمْتَ بِالْفَوْتِ وَأَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ الرَّدِّ حُمِلَ عَلَى أَنَّكَ أَرَدْتَ هِبَةَ الْقِيمَةِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْهِبَةِ أَخَذْتَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ أَحَدٌ أَنَّ الْمَوْتَ فَوْتٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا وَهَبَ قَبْلَ حَوَالَةِ السُّوقِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى حَالَتِ السُّوقُ بِيعَ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِلْفَوْتِ قَبْلَ الْحَوْزِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ فِي حَالَةِ وُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ فَهِبَةُ الْبَائِعِ فَوْتٌ لِانْتِقَالِهِ عَنْ مِلْكِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِنْ وَهَبَ الْمَرْهُونُ جَازَ وَتُعْطِي مَا عَلَيْكَ إِنْ كَانَ لَك مَال

ص: 263

فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْكَ حَتَّى فَدَيْتَهُ أَخَذَهُ بِعَقْدِ الْهِبَةِ مَا لَمْ تَمُتْ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَغْصُوبِ وَاشْتَرَطَ الْأَئِمَّةُ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَمَنَعُوهُ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْبَحْثُ يَرْجِعُ إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فَنَحْنُ نُجِيزُهُ وَهُمْ يَمْنَعُونَهُ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ غَرَّرَ وَلَيْسَ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ وَالْغَاصِبِ حَوْزًا لِأَنَّهُمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ سِنِينَ ثُمَّ هُوَ هِبَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبْضُ الْمُخْدَمِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَبَضَ الْمَوْهُوب قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ أَحَقُّ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ مَلِيًّا وَيُعَجِّلُ الْحَقَّ وَفِي هِبَةِ الثَّوَابِ يُعَجِّلُ الْحَقَّ كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ لَيْسَ عَلَيْكَ افْتِكَاكُ الرَّهْنِ إِذَا حَلَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تُرِدْ تَعْجِيلَهُ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ حَقٍّ عَلَيْكَ وَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ تَرْكِ الرَّهْنِ وَبَيْنَ نَقْلِهِ إِلَى الْأَجَلِ فَإِنْ حَلَّ وَالْوَاهِبُ مُوسِرٌ قَضَى الدَّيْنَ وَأَخْذَهُ الْمَوْهُوبُ فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى التَّعْجِيلِ

فرع - ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْوَاهِبِ أَلَّا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا فِي السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْبُلُوغِ أَوِ الرُّشْدِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى حَالِهِمَا وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ حَبْسٌ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ نَظَرًا لِمُوجِبِ الشَّرْطِ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَتْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُعْطِي يَوْمَ الْمَرْجِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ إِنْ أَرَدْتَ بَيْعَهُ فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ بَطَلَتْ لِلْحَجْرِ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا وَهَبَ عَلَى أَلَّا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ إِنْ نَزَلَ مَضَى وَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مَعْرُوفٌ كَالْحَبْسِ

ص: 264

فَيَقْبَلُ الشَّرْطَ وَلَا يَبِيعُهَا إِلَّا عَلَى مَا جَوَّزَهُ مَالِكٌ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ الْمُغِيرَةُ هِبَةَ الْأَمَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خِدْمَتُهَا وَمَنَافِعُهَا وَإِنْ وَهَبَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَإِنْ أُدْرِكَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ خير الْوَاهِب بَين امضائها بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ يَرُدُّهَا فَإِنْ وَطِئَهَا تَقَرَّرَتْ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَبَيْنَ رَدِّهَا وَلَوْ أَفَاتَهَا الْمَوْهُوبُ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا لِلْفَوْتِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَيُؤْمَرُ الْمَوْهُوبُ بِالْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ فَإِنْ قَالَ لَا أُعْطِيهَا الْوَلَدَ أُمِرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذا قَالَ إِنْ ضَمِنْتَ عَنِّي الدَّيْنَ فَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَيْكَ لَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَلَا الضَّمَانُ لِعَدَمِ الرضى بِالْهبةِ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِذا قَالَت لَك امْرَأَتك وَقَدْ مَرِضْتَ إِنْ حَمَلْتَنِي إِلَى أَهْلِي فَمَهْرِي صَدَقَةٌ عَلَيْكَ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا لِتَقْطَعَ مَا جُعِلَتْ لَهُ سَقَطَ الْمَهْرُ وَإِنْ بَدَا لَهُ هُوَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ وَإِنْ قَبِلَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا لِفَسَادِ الْهِبَةِ بِالتَّحْجِيرِ فَإِنْ حَمَلَتْ بِوَطْئِهِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ إِذَا أُحِلَّتْ لَهُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ لَمْ يُعْطِهِ الرَّقَبَةَ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُرَدُّ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ طلب الْوَلَد بِالْوَطْءِ فقد وفى بِالشّرطِ وَإِذا قَالَ إِنْ حَفِظَ وَلَدِي الْقُرْآنَ فَلَهُ دَارِي وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ عَمِلَهُ تَحْرِيضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْأُمِّ الِاعْتِصَارُ لِهِبَةِ وَلَدِهَا فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ وَلَدِهَا الْكِبَارِ قِيَاسًا

ص: 265

عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَنْكِحَ أَوْ يَتَدَايَنَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ حِينَ الْهِبَةِ لَا تَعْتَصِرُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلْيَتِيمِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ لَا تُعْتَصَرُ وَإِنْ وَهَبَتْهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَأَبُوهُ حَيٌّ مَجْنُونٌ مُطْبَقٌ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ لَهَا الاعتصار وَللْأَب اعتصار مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا لَمْ يَنْكِحْ أَوْ يَتَدَايَنْ أَوْ يُحْدِثْ فِي الْهِبَةِ حَادِثًا أَوْ يَطَأِ الْأَمَةَ أَوْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ فِي نَفْسِهَا لِانْتِفَالِ الْعَيْنِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَهُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ مَيِّتَةً عِنْدَ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْيُتْمَ من الْأَبِ فِي بَنِي آدَمَ دُونَ الْأُمِّ وَفِي الْبَهَائِمِ بِالْعَكْسِ وَلَا يَكُونُ لَهُ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَالَ الِابْنِ مَعْصُومٌ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبَوَيْنِ اعْتِصَارٌ مِنْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ وَلَدٍ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي اخْتِصَاصِ الْأَب وَالأُم بالاعتصار وان عليا وَخَالَفَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ فَجَوَّزَاهُ وَوَافَقَنَا (ح) فِيهَا وَجَوَّزَ الرُّجُوعَ مِنْ كُلِّ وَاهِبٍ إِلَّا مَنْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْهِبَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنَّمَا امْتنع الرُّجُوع لتوقع العقوق بَين ذَوي الْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَةِ وَنَاقَضَ فِي الزَّوْجَيْنِ فَمَنَعَ الِاعْتِصَارَ بَيْنَهُمَا وَاشْتَرَطَ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الرُّجُوعِ وَعَلَى الْحَاكِم أَن يحكم بذلك حجَّته قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ خُولِفَ ذَلِكَ فِي ذِي الرَّحِمِ لِقِيَامِ مُعَارَضَةِ الْعُقُوقِ وَفِي الزَّوْجَيْنِ لمعارض المواصلة فَيبقى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ عَلَى مَا قَصَدَ بِهِ هِبَةَ الثَّوَابِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا

ص: 266

يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا حَتَّى لَا يَنْفِرَ النَّاسُ مِنَ الْإِحْسَانِ بِالْمَالِ خَوْفًا مِنْ عَدَمِ الْمَوْتِ فَيَعِيشُ فَقِيرًا فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ أَمِنَ فَكَثَّرَ الْوَصِيَّةَ وَجَادَ وَالْهِبَةُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ مَطْلُوبُ الْحِفْظِ فَاسْتَغْنَى عَنِ التَّرْغِيبِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْفَرْقِ وَلكنه مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً يَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَده وَهُوَ نَصٌّ فِي صِحَّةِ مَذْهَبِنَا وَإِبْطَالِ مَذْهَبِكُمْ حَيْثُ جَوَّزْتُمْ وَحَيْثُ مَنَعْتُمْ وَقَالَ (ش) لَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ الزَّوَاجُ وَلَا الْفَلْسُ وَلَا نُقْصَانُ الْهِبَةِ وَلَا وَطْءُ الْوَلَدِ وَلَا الزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمُتَمَيِّزَةِ كَالسِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَمَيِّزَةُ كَالصُّوفِ وَالْكَسْبِ يَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَا الْبَيْعُ إِذَا رَجَعْتَ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَيُبْطِلُ الرُّجُوعَ الْهِبَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْقَبْضِ وَإِحْبَالُ الْأَمَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ يُبْطِلُ الِاعْتِصَارَ الْخُرُوجُ عَنِ الْمِلْكِ وَإِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ وَالِاسْتِيلَادُ لِتَعَذُّرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّة قبل الْقَبْض الْوَطْء وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّف فِي الرَّقَبَة وَيمْنَع الِاعْتِصَارَ الْمُدَايَنَةُ وَتَزْوِيجُ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ وَقَالَهُ (ح) فِيهَا بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ وَلَا يَمْنَعُ تَلَفُ بَعْضِهَا وَنَقْصُهَا قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ لَيْسَ لِلْوَالِدِ الِاعْتِصَارُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إِذَا تَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوِ اسْتَدَانَ أَوْ مَرِضَ أَوْ مَرِضَ الْوَالِد أَو وَهبهَا لصلة الرَّحِم أَو الْقَرَابَة أَوْ لِوَجْهِ اللَّهِ أَوْ لِطَلَبِ الْأَجْرِ أَوْ قَالَ هِبَةٌ لِلَّهِ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الِابْنُ أَوْ يُرِيدُ بِهَا الصِّلَةَ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِلِاعْتِصَارِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ قَائِمَةً لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا عَيْبٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِغَرِيمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَالْوَاهِبُ أَبٌ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ غَيْرُ فَقِيرٍ

فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الِاعْتِصَارُ لُغَةً الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ وَقِيلَ

ص: 267

الِارْتِجَاعُ قَالَ وَهُوَ يَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ النِّحَلِ دُونَ الْأَحْبَاسِ وَالصَّدَقَةِ وَلَوْ كَانَتْ بِلَفْظ الْهِبَةِ إِذَا قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ إِذَا شَرَطَ فِيهَا الِاعْتِصَارَ فَلَهُ شَرْطُهُ وَالْعُمْرَى كَالْحَبْسِ وَقِيلَ كَالْهِبَةِ وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِمَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ - جَوَازُ اعْتِصَارِ الصَّدَقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ زَوَاجُ الذَّكَرِ لَا يُبْطِلُ الِاعْتِصَارَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى لِأَنَّ الصَّدَاقَ بَذْلٌ لِمَالِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا وَهَبَتِ الْأُمُّ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ فَبَلَغَ قبل موت أَبِيه ثمَّ مَاتَ أَبوهُ لَهَا الِاعْتِصَارُ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ بُلُوغِهِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ تَعْتَصِرْ لِأَنَّ مَوْتَ الْأَبِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَقْطَعُ الِاعْتِصَارَ لِتَعَلُّقِ الْحَجْرِ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِهَا فَيَرْتَفِعُ بِهِ سُلْطَانُهَا لِأَنَّهَا لَا تَلِي الْمَالَ فَلَا تَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا الْيَتِيمِ الْمُوسِرِ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ لِانْتِفَاءِ دَلِيلِ الصَّدَقَةِ وَهُوَ الْحَاجَةُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَهَبَتْ وَقَبَضَهَا الْأَبُ لَا تَعْتَصِرُ لِدُخُولِهَا تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ إِذَا حَازَ الْوَصِيُّ وَلَوْ كَانَتْ هِبَةً اعْتَصَرَتْ لِتَمَكُّنِهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْهِبَةِ بِالْوِلَايَةِ كَانَ لَهُ أَبٌ أَمْ لَا وَإِذَا انْقَطَعَ الاعتصار بِالنِّكَاحِ لَا يعْتد بِالطَّلَاق أَو موت الزَّوْج لتقرر ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا زَالَ النِّكَاح الْمَذْكُور أَوْ دَيْنُهُمْ أَمَّا مَرَضُ الْأَبِ أَوِ الِابْنِ إِذَا زَالَا عَادَ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ كَمَا يَزُولُ الْحَجْرُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَعَنْ مَالِكٍ الْمَرَضُ كَالدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يُفِيتُ وَطْءُ الْأَمَةِ وَتُوقَفُ فَإِنْ حَمَلَتْ بَطَلَ الِاعْتِصَارُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي الْوَطْءُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا يُعْتَبَرُ بِحَالِهَا وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْكَشْفِ وَيَكْفِي تَقْرِيرُ النِّكَاحِ الثَّانِي فِي مسئلة الْوَلِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لِتَأَخُّرِهِ وَيُصَدَّقُ الِابْنُ فِي الْوَطْءِ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ كَالْعَدَدِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الِابْنَ يُزَوَّجُ لأجل غناهُ لَا لأجل تِلْكَ

ص: 268

الْهِبَة لِأَبِيهِ الِاعْتِصَارُ وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبَهُ مَا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَهُوَ لَهُ أَلْفُ دِينَارٍ لَهُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ تَزَوَّجَ لِأَنَّ عَدَمَ الِاعْتِصَارِ إِنَّمَا كَانَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ مِنَ الِاعْتِصَارِ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُزَوَّجُ اعْتِمَادًا عَلَى الْهِبَةِ وَعَنْ مَالِكٍ يَمْتَنِعُ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ قَدْ قَوِيَ بِهَا وَإِذَا وَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَصَاغَهَا حُلِيًّا لَا يَعْتَصِرُهُ لِتَغَيُّرِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً قَالَ مَالِكٌ لِلْأُمِّ مِنَ الِاعْتِصَارِ مَا لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ كَالْأَبَوَيْنِ لِانْدِرَاجِهِمْ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فَكَذَلِكَ يَنْدَرِجَانِ فِي لَفْظِ الْوَالِدِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدَّمِ وَمَا يَعْتَصِرُ إِذَا أَثَابَ الِابْنُ مِنْهُ لَا يَعْتَصِرُ لِانْتِقَالِهِ لِبَابِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَثَابَهُ عَنْهُ غَيْرُهُ وَإِذَا نَمَتِ الْهِبَةُ فِي بَدَنِهَا فَلَا اعْتِصَارَ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ وَلَا يَمْنَعُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْهِبَةِ وَيَمْنَعُ مَرَضُ الْأَبِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَعْتَصِرُهُ لِغَيْرِهِ فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِيَبِيعَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلْأُمِّ الِاعْتِصَارُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ حَازَهَا الْأَبُ لَمْ تَعْتَصِرْ لِأَنَّهَا فِي وِلَايَةِ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَيْسَ فِي وِلَايَتِهَا وَإِنَّمَا تَعْتَصِرُ مَا فِي وِلَايَتِهَا قَالَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَبَ يَعْتَصِرُ هِبَةَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَخُرُوجِهَا عَنْ وِلَايَةِ الْأَبِ قَالَ وَفِي مَنْعِ حُدُوثِ الْعَيْبِ بِالْهِبَةِ الِاعْتِصَارَ قَوْلَانِ قَالَ وَعَدَمُ الْمَنْعِ أَحْسَنُ لِأَنَّ ضَرَرَهُ عَلَى الْوَاهِبِ وَسِمَنُ الْهَزِيلِ وَكِبَرُ الصَّغِيرِ فَوْتٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُنْفِقَ عَلَى الْعَبْدِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ كَمَالُهُ وَفِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمَوْهُوبَةِ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَإِذَا ولدت لَهُ أَخَذَ الْأَمَةَ دُونَ وَلَدِهَا وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ عَيْبٌ فَلَا يُفِيتُ وَالْوَلَدُ نَمَا بِمَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُنْفِقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالسَّيِّدَ عَلَى الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَعْتَصِرَ بِقُرْبِ الْوِلَادَةِ وَبِنَاء الأَرْض وغرسها قوت خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّهُ يَنْقُصُ الْأَرْضَ وَيُوجِبُ حَقًا للْمَوْهُوب وَهدم الدَّار لَيْسَ

ص: 269

قوتا إِلَّا أَنْ يَهْدِمَهَا الِابْنُ لِأَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَعْتَصِرَ الْعَرْصَةَ وَحْدَهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى الْهِبَةِ فَاشْتَرَى سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ امْتَنَعَ الِاعْتِصَارُ لِتَعَلِّقِ حَقِّ الْقَضَاءِ بِهَا وَمَرَضُ الْأَبِ أَوِ الِابْنِ يَمْنَعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْ جِهَةِ الِابْنِ وَكَوْنِ الْأَبِ يَعْتَصِرُ لِغَيْرِهِ - قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَعَنْهُ مَرَضُ الْأَبِ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ الْمَرَضَ يُوجِبُ الْحَجْرَ وَالْحَجْرُ لَا يَمْنَعُ تَحْصِيلَ الْمَالِ بَلْ إِخْرَاجَهُ كَمَا لَهُ أَخْذُ مَالِ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذ لغيره وَإِذا اعْتَمر فِي الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ تَمَّ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوقِفَ إِنْ مَاتَ سَقَطَ وَإِلَّا ثَبَتَ وَقِيلَ إِذَا طَلَبَ الِاعْتِصَارَ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ لَمْ يُعِدِ الِاعْتِصَارَ قَالَ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَإِذَا تَقَدَّمَتِ الْمُدَايَنَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الْهِبَةَ لَا تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَمْنَعُ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَإِذَا تَقَدَّمَتِ الْمُدَايَنَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الْهِبَةَ لَا تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَقَالَ عَبْدُ الْملك تمنع وَلَيْسَ بِحسن فَإِنَّهُ لَمْ يَزَّوَّجْ لِأَجْلِهَا وَلَا أَدَانَ لِأَجْلِهَا وَالْمَرَضُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِي الِاعْتِصَارِ مِنَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ فَقِيلَ يَعْتَصِرُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ قَالَ وَإِنَّمَا يَعْتَصِرُ إِذَا كَانَ فِي حَجْرِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ غَنِيٌّ بِهِ أَوْ لَيْسَ فِي حَجْرِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ تَكُونُ لِقَصْدِ سَدِّ خُلَّتِهِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا وَتَعْتَصِرُ الْأُمُّ إِذَا كَانَ الِابْنُ مُوسِرًا - كَانَ أَبُوهُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانَا فَقِيرَيْنِ فقياسا عَلَى الْوَلَدِ الْفَقِيرِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَ مِنَ الْفَقِيرِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ حِينَئِذٍ وَالْمَذْهَبُ الِاعْتِصَارُ مِنَ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ وَإِنْ لَمْ تَعْتَصِرِ الْأُمُّ فِي الصَّغِير حَتَّى مَاتَ الْأَب لَهَا الاعتصار نظرا إِلَى حَالَة العقد وَقيل لاتعتصر

فَرْعٌ - فِي الْجُلَّابِ إِذَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ دَنَانِيرَ أَوْ مِثْلِيًّا فَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ بَطَلَ

ص: 270

الِاعْتِصَارُ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَاغَهَا حُلِيًّا فِي شَرْحِ الْجُلَّابِ يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ لَا يَعْتَصِرُ لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنٍ مُتَجَدِّدٍ بَعْدَ الْهِبَةِ بَلْ إِنَّمَا يَعْتَصِرُ لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هِبَةُ الثَّوَابِ مُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ قَالُوا لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلسِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إِنْ لَمْ يُعَيِّنُوا الْقِيمَةَ وَهُوَ مَمْنُوع فِي الْبيُوع اتِّفَاقًا فَكَذَلِك هَهُنَا وَلِأَنَّ مَوْضُوعَ الْهِبَةِ التَّبَرُّعُ لُغَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَقْتَضِي عِوَضًا فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ تَقْتَضِي ثَوَابًا وَلِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اقْتَضَى عِوَضًا غَيْرَ مُسَمًّى لَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى كَالنِّكَاحِ فِي التَّفْوِيضِ فَلَوِ اقْتَضَتْهُ الْهِبَةُ لَاسْتَوَى الْفَرِيقَانِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ وَإِنْ دَخَلَهَا الْعِوَضُ فَمَقْصُودُهَا أَيْضًا الْمُكَارَمَةُ وَالْوِدَادُ فَلَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْمُعَاوَضَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَالْعُرْفُ يَشْهَدُ لذَلِك فَلِذَلِكَ جَازَ فِيهَا مِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ كَمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالطَّعَامَ لَا يَدًا بِيَدٍ فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْمَعْرُوفُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الثَّانِي إِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ كُلَّ هِبَةٍ مَوْضُوعُهَا التَّبَرُّعُ فَهُوَ مُصَادَرَةٌ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لِانْدِرَاجِهَا فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ بَعْضَ الْهِبَاتِ كَذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ هِبَةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى مَوْضُوعَةٌ لِلْعِوَضِ وَالْأَعْلَى لِلْأَدْنَى لِلتَّبَرُّعِ بِشَهَادَةِ الْعرف فَيكون

ص: 271

لُغَةً كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّغْيِيرِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ لِلْعِوَضِ فِيهِ لَازِمٌ شَرْعًا لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ إِسْقَاطِهِ فَلِذَلِكَ اطَّرَدَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ لِلْعِوَضِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ اتَّبَعَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ أَوْ بِقَلْبِه فَيَقُول عقد يقْصد لِلْوِدَادِ فَيَقْتَضِي الْعِوَضَ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ بَلْ عِنْدَنَا مُلْحَقَةٌ بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ يُسْكَتُ عَنِ الْعِوَضِ فِيهِ وَيلْزم صدَاق الْمثل كَذَلِك هَهُنَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الْمِثْلِ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُرَادُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَقْتَضِ أعواض الدُّنْيَا كالصدقة ثمَّ يتأيد مَذْهَبُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَو ردوهَا} وَهُوَ يَشْمَلُ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ لِأَنَّهَا يَتَحَيَّى بِهَا وَوُرُودُهَا فِي السَّلَامِ لَا يَمْنَعُ دَلَالَتَهَا عَلَى محمل النِّزَاعِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَهْدَى إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ نَاقَةً فَأَعْطَاهُ ثَلَاثًا فَأَبَى فَزَاد ثَلَاثًا فَأَبَى فَلَمَّا كَمُلَتْ تِسْعًا قَالَ رَضِيتُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - وَأَيْمُ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ الْيَوْمِ هَدِيَّةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا أَوْ ثَقَفِيًّا أَوْ دَوْسِيًّا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي الثَّوَابَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أعطَاهُ حَتَّى أرضاه وروى عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَمَا زَالَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ رضي الله عنهم وَلِأَنَّهُ مَفْهُومٌ فِي الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رَبًّا لِتَرْبوا فيِ أمْوَالِ النّاس فَلا يَرْبُوا عِنْدَ الله} لي لَا أجر لَهُ فيربو فَبَقيَ الْأَجْرَ وَلَمْ يُثْبِتِ الْإِثْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنه عَادَة

ص: 272

الْعُرْفِ وَعَلَى الْإِبَاحَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر} أَي لَا تعط شَيْئا لتأْخذ أَكثر مِنْهُ لشرف منصبه صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَسْكَنَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطَ الْوَاهِبُ الثَّوَابَ أَوْ يَرَى أَنَّهُ أَرَادَهُ فَلَمْ يُثَبْ فَلَهُ أَخْذُ هِبَتِهِ إِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَثَابَهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا يُجْبِرُ الْمَوْهُوبَ عَلَى الثَّوَابِ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ عِنْدَهُ وَيَلْزَمُ الْوَاهِبَ أَخَذُ الْقِيمَةِ يَوْمَ وَهَبَهَا لِأَنَّهُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ رَدُّهَا فِي الزِّيَادَةِ إِلَّا أَن برضى الْوَاهِبِ وَلَا لِلْوَاهِبِ أَخَذُهَا فِي نَقْصِ الْبَدَنِ إِلَّا بِرِضا الْمَوْهُوب وَلَا بِقِيمَتِهَا عِنْد الْمَوْهُوب بحوالة الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ خَارِجَةٌ عَنِ الْهِبَةِ وَإِذَا عَوَّضَ الْمَوْهُوبُ الْوَاهِبَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَة ثمَّ قَامَ الْوَاهِب بعد ذَلِك احْلِف مَا سَكَتَ إِلَّا لِلِانْتِظَارِ وَتَكْمُلُ لَهُ الْقِيمَةُ لِأَن الأَصْل عدم الرضى لَا سِيَّمَا بِدُونِ الْقِيمَةِ أَوْ تُرَدُّ الْهِبَةُ ان لم تفت وَالصَّدَََقَة للشراب كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلثَّوَابِ تُمْنَعُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ لِئَلَّا يَكُونَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا شَرَطَ يَقْتَضِي جَوَازُ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّ الثَّوَابَ ثَمَنٌ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ جَائِزٌ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّصْرِيحَ بِالشّرطِ لِأَنَّهُ بيع للسلعة بِقِيمَتِهَا وللمسئلة أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَنْ يَسْكُتَ وَيُعْلَمُ طَلَبُهُ لِلثَّوَابِ بِعَادَةٍ أَوْ ظَاهِرِ حَالِ الْهِبَةِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وان يُصَرح فَيَقُول أهبتك لِلثَّوَابِ أَوْ لِتُثِيبَنِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطٍ فَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ كَالْأَوَّلِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَأَنْ يُصَرِّحْ بِالشَّرْطِ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِالْقيمَةِ وَهُوَ مَمْنُوع اتِّفَاقًا يَقُول

ص: 273

على أَن تثيبني كَذَا بِعَيْنِه فَيجوز مِنْهُ مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَمْتَنِعُ وَتَنْعَقِدُ الْهِبَةُ الْجَائِزَةُ بِالْقَبُولِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَنْعَقِدُ هِبَةُ الثَّوَابِ إِلَّا بِالْقَبْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ إِذَا فَاتَتْ أَنَّهُ يجْبر على الْقيمَة وَلَيْسَ لَهُ إِذا أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَكَذَلِكَ أَيْضًا مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَعَنْهُ لَهُ أَنْ يَأْبَى وَإِنْ أُثِيبَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهَا لِلثَّوَابِ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقِيمَةَ لَبَاعَهَا فِي السُّوق وَالْأَصْل عصمَة الْأَمْوَال إِلَّا برضى أَرْبَابِهَا قَالَ وَأَرَى إِنْ أُثِيبَ مِنْهَا مَا يَرَى أَنَّهُ كَانَ يَرْجُوهُ مِنْ هَذَا الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَائِمَةً كَانَتْ أَوْ فَائِتَةً لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِإِخْرَاجِ سِلْعَتِهِ بِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْوَاهِبِ هِبَةَ الثَّوَابِ الْمَنْعُ مِنَ الْقَبْضِ حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ كَالْبَيْعِ فَإِنْ قَبِضَ قَبْلَ الْعِوَض وقفت فيثيبه أَو يردهَا ويتلوم لَهُ مَاله يَضُرُّ وَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ لِلثَّوَابِ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَهِيَ نَافِذَةٌ كَالْبَيْعِ وَلِلْمَوْهُوبِ أَخَذُهَا إِنْ دَفَعَ الْعِوَضَ لِلْوَرَثَةِ وَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبُ لَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يُثَابَ لِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ قَبْضِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقَدَّمَ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ الطَّلَبِ وَإِذَا كَانَ الْوَاهِبُ مَرِيضًا جَازَ لَهُ تَسْلِيمُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقِيرًا فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَإِنْ قَبِضَهَا مَنَعُوهُ مِنْ بَيْعِهَا حَتَّى يُثِيبَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنَ الْبَيْعِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يمْنَع وَمَتى

ص: 274

غَابَ عَلَى الْجَارِيَةِ الْعَلِيُّ امْتَنَعَ الرَّدُّ خَشْيَةَ الْوَطْءِ وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ أُبِيحَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِثَابَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا ثَوَابَ فِي هِبَةِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَقْصِدَانِ عِوَضًا لَا مُعَوِّضًا إِلَّا أَن يشْتَرط قيثاب عَرَضًا أَوْ طَعَامًا حَذَرًا مِنَ النِّسَاءِ فِي الصَّرْفِ وَإِنْ وَهَبَ حُلِيًّا لِلثَّوَابِ عُوِّضَ عَرَضًا لَا معينا وَلَا حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَطَ الثَّوَابَ فِي النَّقْدَيْنِ رُدَّتِ الْهِبَةُ لِأَنَّهَا قِيمَةٌ فَلَا تَكُونُ لَهُمَا قِيمَةٌ وَلِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ بِيعَا بِمَا لَا يُعْلَمُ مِنْ أَصْنَافِ الْعُرُوضِ وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ التِّبْرِ والسبائك والنقار والحلي المكسور وَعنهُ يجوز التعويض على الْحُلِيِّ الصَّحِيحِ لِلذَّهَبِ فِضَّةً وَعَنِ الْوَرَقِ ذَهَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ وَاهِبُ الدَّنَانِيرِ أَرَدْتُ الثَّوَابَ بِالْعَيْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْعَادَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ إِذَا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ فَإِنَّ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ الْعُرْفُ لَا الِاعْتِقَادُ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا قَدِمَ غَنِيٌّ مِنْ سَفَرِهِ فَأَهْدَى لَهُ جَارُهُ الْفَقِيرُ الْفَوَاكِهَ وَنَحْوَهَا فَلَا ثَوَابَ لَهُ وَلَا لَهُ رَدُّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةَ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ هَذَا لِلْمُوَاصَلَةِ وَكَذَلِكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْآخَرِ وَالْوَلَدُ مَعَ وَالِدِهِ وَالْوَالِدُ مَعَ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْقَصْدُ لِذَلِكَ كَهِبَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا الْمُوسِرِ جَارِيَةً أَوِ الزَّوْجِ أَوِ الْوَلَدِ يَفْعَلُ ذَلِك يستعذر مِنْ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لَهُ أَخذهَا مَا لم تفت قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَّا الْقَمْحُ

ص: 275

وَالشعِير يُوهب للثَّواب فَفِيهِ الثَّوَاب قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ الثَّوَابُ فِي الْفَاكِهَةِ لِلْقَادِمِ وَنَحْوِهَا وَمَا وَهَبَهُ الْقَادِمُ لجيرانه لَا ثَوَابَ فِيهِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ فِي هَدِيَّةِ الْعرس والولائم للثَّواب غَيْرَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْقِيَامِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُطْلَبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُطْلَبُ فَلَهُ وَلِوَرَثَتِهِ وَمَتَّى كَانَتِ الْعَادَةُ أَنْ يُثِيبَ مِثْلَ الْأَوَّلِ جَازَ لِشِبْهِهِ بِالْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ أَنْ يُثَابَ أَكْثَرَ فَسَدَتْ وَرُدَّتْ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ أَنْ لَا ثَوَابَ فَأَثَابَ جَهْلًا أَوْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ فِي ثَوَابِهِ مَا كَانَ قَائِمًا لِعَدَمِ سَبَبِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ كَمَا قِيلَ فِي صَرْفِ الزَّكَاةِ لِغَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم ان أثابه دَنَانِير فَقَالَ أَنْفَقْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ حَلَفَ وَبَرِئَ أَوْ سِلْعَةً أَخَذَهَا وَإِنْ نَقَصَتْ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَتْ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ فِي عِوَضِ ثَوَابِهِ قَبْلَ الْفَوْتِ إِذْ يَصُونُ بِهِ مَالَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الدَّنَانِيرِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ وَادَّعَى التَّلَفَ لِلتُّهْمَةِ وَيُصَدَّقُ فِي الْحَيَوَانِ

فَرْعٌ - قَالَ وَمَتَى قَامَ دَلِيلُ الثَّوَابِ أَوْ عَدِمِهِ صُدِّقَ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمُ خُرُوجِ الْهِبَةِ إِلَى بَابِ الْبَيْعِ وَمَتَى كَانَتْ مِنْ فَقِيرٍ لِغَنِيٍّ فَالثَّوَابُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَعَدَمُ الثَّوَابِ لِأَنَّهُ

ص: 276

الْعَادَةُ أَوْ مِنْ غَنِيٍّ لِغَنِيٍّ فَالثَّوَابُ لِأَنَّ عَادَةَ الْأَغْنِيَاءِ الْمُكَافَأَةُ أَوْ بَيْنَ فَقِيرَيْنِ فَقَوْلَانِ نظرا للفقر أَو لِأَن سنة الْفَقِيرِ لِلْفَقِيرِ كَالْغَنِيِّ لِلْغَنِيِّ قَالَ أَشْهَبُ الْهِبَةُ لِلْغَنِيِّ فِيهَا الثَّوَابُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَسْعَى لَهُ فِي حَاجَةٍ لِأَنَّ السَّعْيَ ثَوَابٌ وَلَا ثَوَابَ لِلسُّلْطَانِ وَلَا عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ فَقِيرًا فَلَهُ الثَّوَابُ لِأَنَّهُ يَرْجُو رِفْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَنِيًّا فَلَا ثَوَابَ لِأَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُحَاسَبُونَ ذَبًّا عَنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَالِبُهُ بِمَظَالِمَ فَهَادَاهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ أَوْ قَدِمَ مِنَ السَّفَرِ بِتُحَفٍ فَهَادَاهُ فَالْعَادَةُ الثَّوَابُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْجَاهُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَا فِيمَا وُهِبَ لِلْفَقِيهِ أَوِ الصَّالِحِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَهُمَا الثَّوَابُ إِنْ وَهَبَا إِلَّا أَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ وَفِي هبة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر قَوْلَانِ فِي الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ الْوَالِدُ مَعَ الْوَلَدِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالثَّوَابِ يُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ وَالْأَقَارِبُ يَخْتَلِفُونَ فِي سُقُوطِ الثَّوَابِ وَأَقْوَاهُمُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ يَهَبَانِ للْوَلَد وَلَيْسَ كَذَلِكَ هِبَتُهُ لَهُمَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَا وَهَبْتَهُ لِذِي رَحِمِكَ وَغِلْمَانِكَ لِلثَّوَابِ لَكَ طلبه ان أَثَابُوكَ وَإِلَّا رَجَعْتَ فِيهَا وَأَمَّا هِبَتُكَ لِفَقِيرِهِمْ فَلَا ثَوَابَ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةُ الصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ هِبَةُ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ فَقِيرٍ لِفَقِيرٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ وَيُصَدَّقُ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ وَالْغَنِيُّ لِلْغَنِيِّ فَإِنْ أُثِيبَ وَإِلَّا رَجَعَ فِيهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا أَن يرضى مِنْهَا فان هَلَكت فَلهُ شرواه بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا وَهَبْتُهَا إِلَّا رَجَاءَ أَنْ أُثَابَ عَلَيْهَا

ص: 277

فَائِدَةٌ - قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ شَرْوَاهَا بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُون الرَّاء أَصله مثل الشَّيْء وَالْمرَاد هَهُنَا الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مَثَلٌ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمُتَقَوِّمِ قَالَ وَتَحْلِيفُهُ مَذْهَبُ الْكِتَابِ لِهَذَا الْأَثَرِ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفَ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ لَا يَحْلِفُ وَفِي الْجُلَّابِ يُنْظَرُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينه أَولا يَطْلُبُ الثَّوَابَ صُدِّقَ الْمَوْهُوبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَشْكَلَ صِدْقُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْأَمْلَاكِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا عَوَّضَكَ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِكُمَا لِاسْتِقْرَارِ الْأَمْلَاكِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَهَبْتَ عَبْدًا لِرَجُلَيْنِ فَعَوَّضَكَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ فَلَكَ الرُّجُوعُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ - إِنْ لَمْ يُعَوِّضْكَ كَمَا لَوْ بِعْتَهُ مِنْهُمَا فَفَلِسَ أَحدهمَا انت أَحَقُّ بِنَصِيبِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا عَوَّضَ أَجْنَبِيٌّ عَنْكَ بِغَيْرِ أَمْرِكَ عَرَضًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَاهِبِ بَلْ عَلَيْكَ بِقِيمَتِهِ إِنْ رأى أَنَّهُ أَرَادَ ثَوَابًا مِنْكَ لِأَنَّهُ وَهَبَكَ دُونَهُ وَإِنْ عَوَّضَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَسْلِيفَهَا لَكَ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ لَا

ص: 278

ثَوَابَ فِيهِمَا إِلَّا بِالشَّرْطِ قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَثَابَ قَبْلَ تَعْيِينِ الْهِبَةِ وَوُجُوبِ قِيمَتِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَيُخَيَّرُ الْمَوْهُوبُ بَيْنَ رَدِّ الْهِبَةِ عَلَى الْوَاهِبِ وَيَرْجِعُ لِلْمُثِيبِ مَا أَعْطَى وَحَبَسَهَا وَدَفَعَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مَا أَثَابَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَهُ قَالَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ لِلْمُثِيبِ قِيمَةُ عَرَضِهِ أَوْ قِيمَةُ الْهِبَةِ يُخْرِجُهُ عَنْ هِبَةِ الثَّوَابِ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ فِيهَا الْقِيمَةُ لَيْسَ إِلَّا فَهِيَ أَقَلُّ غَرَرًا فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاسِدًا وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا دَفَعَ لَيْسَ إِلَّا وَظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ اجازة هَذَا الْفِعْل لِأَن جعل لَهُ الْأَقَل إِذا تمسك الْمَوْهُوب بِالْهبةِ الأولى أَوْ فَاتَتْ وَيَلْزَمُ إِذَا تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَنَانِيرَ فَصَالَحَ عَنِ الْمَكْفُولِ بِعَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ عَيْنُهُ مَعَ إِنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْتَضِي بَطَلَانَ الْفَرْعَيْنِ لِلْجَهَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا تَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ فِي بَدَنِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَيْسَ لَكَ رَدُّهَا وَلَا يُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاق أَو بخروجها عَنِ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا يَلْزَمُ بِهِ الْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ أَرْبَعَة أَقْوَال مُجَرّد القيض فَوت يُوجِبهَا وَلَا يردهَا إِلَّا بتراضيها قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَوت يُوجب الْقِيمَةَ وَلَا تَفُوتُ إِلَّا بِالزِّيَادَةِ دُونَ النُّقْصَانِ لِابْنِ الْقَاسِم أَيْضا وَعنهُ لَا تقوت إِلَّا بِالنُّقْصَانِ فَالْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ كَالثَّمَنِ وَالثَّانِي قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالثَّالِثُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحَقَّيْنِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِأَحَدِهِمَا وَالرَّابِعُ لِأَنَّ النَّقْصَ خَلَلٌ فِي الْعَيْنِ فَهِيَ كَالذَّاهِبَةِ وَهِيَ مَعَ الزِّيَادَةِ بَاقِيَةٌ فَلَا فَوْتَ وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِهَا بَعْدَ الْفَوْتِ هَلْ يُسْتَغْنَى عَنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهَا أَوْ يُحْتَاجُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ

ص: 279

عَيْنِهَا إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخْذُ عَيْنِهَا بَعْدَ الْفَوْتِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ إِنْ قُلْنَا لَهُ إِثَابَةَ الْعُرُوضِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَإِلَّا احْتَاجَ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ

نَظَائِرُ - قَالَ ابْنُ بشير فِي نَظَائِره أَرْبَعَة مَسَائِلَ لَا تُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَاخْتِلَافُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالسِّلْعَةُ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْعَيْبِ وَالْكَذِبُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدِ فِي الْأُصُولِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَمَتَى يلْزم الْوَاهِبَ الْقِيمَةُ إِذَا بُذِلَتْ لَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّهَا إِذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَال بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ كَالْبَيْعِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ وَالثَّانِي الْقَبْضُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْعَيْنِ وَالثَّالِثُ التَّغَيُّرُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لِانْتِقَالِ الْعَيْنِ إِلَى عَيْنٍ أُخْرَى كَأَنَّهَا هَلَكَتْ وَالرَّابِعُ فَوَاتُ الْعَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ بِهَلَاكٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا قُلْنَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ تَسْلِيمُ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّوَابِ فَضَمَانُهَا مِنَ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْهِبَةِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْنَا لَا فَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِالثَّوَابِ وَالْخِلَافُ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّمَانِ

فَرْعٌ - قَالَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ حَتَّى يُعْطَى قِيمَتَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ أَكْثَرَ

ص: 280

مِنْ قِيمَتِهَا عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ أُعْطِيَ أَكْثَرَ مِنِ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ نَظَرًا لِضَعْفِ الْعَقْدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يعوض عَن الْحِنْطَة حِنْطَة أَو ثمرا أَوْ مَكِيلًا مِنَ الطَّعَامِ أَوْ مَوْزُونًا إِلَّا قَبْلَ التَّفَرُّقِ خَشْيَةَ النِّسَاءِ وَالتَّفَاضُلِ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ صِفَةً وَجِنْسًا وَمِقْدَارًا فَيَجُوزُ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَلَا يُعَوِّضُ دَقِيقًا مِنْ حِنْطَةٍ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْحُلِيِّ إِلَّا عَرَضًا حَذَرًا مِنَ الصَّرْفِ الْمُسْتَأْخِرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا يَلْزَمُ بَذْلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يُثِيبَهُ بِأَيِّ صِنْفٍ شَاءَ إِلَّا مِثْلَ الْحَطَبِ وَالتِّبْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ وَالْمَقْصُودُ حُصُولُ الْقِيمَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ مَا فِيهِ قِيمَتُهَا لِأَنَّهَا الْمَطْلُوبَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُثِيبُ إِلَّا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ وَلَا يُجْبِرُ عَلَى قَبُولِ الْعُرُوضِ وَإِنْ وَجَدَ بِالْعَرَضِ أَوِ الْعَبْدِ عَيْبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُرِدْ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يُعَوِّضَ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لَا تَحْقِيقَ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرِدُ بِمَا يَرِدُ بِهِ فِي البيع لِأَنَّهُ عرض الْقِيمَةَ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُقَالُهُ فِي الْعَيْبِ الْكَثِيرِ وَلَا يُجْبِرُ عَلَى قَبُولِ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ بَلِ النَّقْدِ لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يُعَوِّضُ آبِقًا وَلَا جَنِينًا وَلَا ثَمَرًا لَا يَصْلُحُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ بَيْعٌ لَا يَجُوزُ فِي عِوَضِهَا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُعَوِّضُ مِنْ جِنْسِ الْهِبَةِ أَكْثَرَ مِنْهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ هَذَا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَأْخُذُ فِي الطَّعَامِ أَكْثَرَ وَلَا أَجْوَدَ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَدْنَى صِفَةً وَكَيْلًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ الدَّقِيقِ فِي الْقَمْحِ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَعَامِهِ وَإِنْ رَدَّ جُمْلَةَ الدَّقِيقِ الَّذِي

ص: 281

طَحَنَهُ مِنَ الْقَمْحِ جَازَ لِأَنَّهُ يُفَضَّلُ بِالطَّحْنِ وَإِنَّ رَدَّ أَقَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ أَجْوَدَ الطَّحْنِ وَتَعْوِيضُ الثَّمَرِ أَوِ الْقُطْنِيَّةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يَجُوزُ وَأَجَازَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَائِمًا وَرَآهُ أَخَفَّ مِنَ الْبَيْعِ لِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّهُ بَاعَ حِينَئِذٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِجَازَةُ إِثَابَةِ الْفِضَّةِ عَنْ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَابُ مُكَارَمَةٍ كَالْقَرْضِ يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَخْذُ الثَّمَنِ عَنِ الْحِنْطَةِ وَمَنَعَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُثَابَ عَلَى الثِّيَابِ أَكْثَرُ مِنْهَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُلِيِّ وَيَجُوزُ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ قَائِمَةً لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَإِنْ فَاتَتْ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا يَدْخُلُهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ فَلَيْسَتْ دَيْنًا وَتَجُوزُ إِثَابَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ فَوْتِهَا وَبَعْدَ فَوْتِهَا إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ وَبِمِثْلِهَا فِي الْقَدْرِ فَأَقَلَّ وَيَمْتَنِعُ الْأَكْثَرُ حَذَرًا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَفِي النَّقْدَيْنِ الصَّرْفُ الْمُسْتَأْخِرِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ الْمَوْهُوبُ بِالْهِبَةِ عَيْبًا رَدَّهَا وَأَخَذَ الْعِوَضَ كَالْبَيْعِ أَوِ الْوَاهِبُ بِالْعِوَضِ عَيْبًا فَادِحًا لَا يُتَعَاوَضُ بِمِثْلِهِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْهِبَةَ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَادِحًا نَظَرَ إِلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةَ الْهِبَةِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَجِبْ لَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْقيمَة أَو دون قيمتهَا أتم لَهُ الْقيمَة فَإِنِ امْتَنَعَ الْوَاهِبُ رَدَّ الْعِوَضَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا عُوِّضَ فِيهَا بَعْدَ فَوْتِهَا عَرَضًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا يُقَالُ هُوَ كَالْبَيْعِ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ لِتُقَرِّرِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا لَمَا عُوِّضَ إِلَّا أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بَلْ هِيَ كَغَيْر الْفَائِتَة

ص: 282

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ فَوَاتُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ يُوجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَالْفَوْتُ فِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ خُرُوجُهَا عَنْ يَدِهِ وَحُدُوثُ الْعُيُوبِ وَالْهَلَاكُ وَتَغَيُّرُ الْبَدَنِ وَالْعِتْقُ وَوِلَادَةُ الْأَمَةِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ وَجِنَايَتُهَا لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَزَوَالُ بَيَاضٍ بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ نَمَاءٌ وَذَهَاب الصمم وَالْهدم وَالْبناء وَالْغَرْس وَلَيْسَ قلع الْبناء وَالْغَرْس وَيرد لتقرر الْفَوْتِ وَفِيهِ ضَيَاعُ الْمَالِيَّةِ وَالْبَيْعُ الْحَرَامُ لِأَنَّهُ بِإِحَالَتِهَا عَنْ حَالِهَا حَيْثُ أَحَالَهَا رَضِيَ بِثَوَابِهَا وَصَبْغُ الثَّوْبِ وَقَطْعُهُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَهِبَةُ الْعَبْدِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَيَرُدُّ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَدِينُ وَلَوْ قَلَّدَ الْبَدنَة وأشعرها وَلَا مَال لَهُ للْوَاهِب أَخَذُهَا وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى مِنْكَ شِرَاءً فَاسِدًا بِيعَتْ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لِتَقَرُّرِهِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الدَّارِ وَأَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَةِ جَمِيعِهَا وَإِنْ بَاعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا وَإِلَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَرَدَّ الثَّانِي لِعَدَمِ الضَّرَرِ بِعَدَمِ ذَهَابِ الْأَجْوَدِ وَإِنْ أَثَابَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَرَدَّ عَلَيْهِ الْآخَرَ فَلِلْوَاهِبِ أَخَذُهُمَا إِلَّا أَنْ يُثِيبَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا نَفْيًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ الْحَرْثُ فَوْتٌ وَفِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ قلد الْبَدنَة وأشعرها معدما للْوَاهِب رَدُّهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ فَعَلَ ذَلِكَ مَلِيًّا أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَوْتًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ شَرْعًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حسا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَوْتُ وَقِيلَ إِذَا بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ لَزِمَهُ قِيمَةُ جَمِيعِهَا يَوْم البيع وَلَو كَانَت عرضة لَا يَضِيقُ مَا بَقِيَ مِنْهَا لَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ مِنْهَا يَوْمَ الْهِبَةِ وَيَرُدُّ الْبَاقِي وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعَبْدَيْنِ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ أَرْفَعَ أَوْ أَدْنَى لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ رَدُّهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ حَالَ سُوقُهُمَا حَتَّى صَارَ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي قِيمَتَهَا فَأَثَابَهُ إِيَّاهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ بَعْضُ هِبَتِهِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَوْتٌ فَإِنْ فَلِسَ فَلِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا قِيَاسًا عَلَى

ص: 283

الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْهِبَة قَالَ عبد الْملك إِذا غَابَ عَلَيْهِمَا لَزِمته - وطئتها أَمْ لَا تَغَيَّرَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ جَنَى خَطَأً فَفَدَاهُ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَوْتًا مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا يُفِيتُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُفِيتُهَا تَغَيُّرُ الْبَدَنِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ تَغَيُّرُ الْبَدَنِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَيْسَ فَوْتًا وَقَالَ أَشْهَبُ تَغَيُّرُ السُّوقِ وَالْبَدَنِ سَوَاءٌ الْمُقَالُ لِلْوَاهِبِ فِي النَّقْصِ وَيُخَيَّرُ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا نَاقِصَةً وَإِلْزَامِ قِيمَةٍ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ بِزِيَادَةٍ وَالْمُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِثَابَةِ وَالرَّدِّ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ فِعْلِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا حَقُّهُ وَإِنِ اجْتَمَعَ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ لَمْ يُرَدَّ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا لِتَعَارُضِ السَّبَبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ فَوْتُهَا فِي الْهِبَةِ كَفَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْيَدِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُفِيتُهَا مَا يُفِيتُ الْعَبْدَ وَالثَّوْبَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ مِثْلَ الطَّعَامِ كَيْلَا أَوْ وَزْنًا قَالَ وَهَذَا يَحْسُنُ إِذَا كَانَ فَوْتُهُ بِغَيْرِ سَبَبِهِ أما ان أكله أَو بَاعه فَهُوَ رَضِي بِالثَّوَابِ فَيَلْزَمُهُ وَيُمْنَعُ رَدُّ الْمِثْلِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي صَبْغِ الثَّوْبِ إِنْ زَادَ فَالْمُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ وَيَرُدُّ إِنْ شَاءَ أَوْ نَقَصَ فَالْمُقَالُ لِلْوَاهِبِ لَهُ أَخَذُهُ بِنَقْصِهِ إِلَّا أَنْ يُثِيبَهُ رِضَاهُ وَإِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ فَاتَتْ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ نَقْصٌ وَالْوَلَدُ زِيَادَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَالْقِيَاسُ إِنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ مَا يَجْبُرُ الْوِلَادَةَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَوْ كَرِهَ الْوَاهِبُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ يَطَّلِعُ عَلَى الْعَيْبِ فِيهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَحَلْبِ الشَّاة لَيْسَ رضى بِالضَّمَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ جَزَّ صُوفَهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَيَرُدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُثِيبُ عَنِ الصُّوفِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ أَدْنَاهُمَا وَخَالَفَ أَشْهَبُ فِي كَوْنِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَوْتًا وَيَرُدُّ الْأُصُولَ دُونَ الثَّمَرَةِ إِنْ جَدَّهَا وَبِثَمَرِهَا إِنْ لَمْ تَطِبْ فَإِنْ طَابَتْ أَوْ يَبِسَتْ وَلِمَ

ص: 284

تَجِدُّ فَخِلَافٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقِيمَتُهُ مُكَاتَبًا وَغَيْرُ مَكَاتَبٍ سَوَاءٌ مَضَتِ الْكِتَابَةُ وَبِيعَ فِي الثَّوَابِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ أَقَلَّ رُدَّتِ الْكِتَابَةُ إِنْ قُلْنَا أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْعِتْقِ وَلَا تُرَدُّ إِنْ قُلْنَا هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ إِذْ لَمْ يَحِلُّ بِهِ فِيهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَرَادَ التَّخْفِيفَ لِلْعِتْقِ رُدَّتْ وَإِنْ أَرَادَ التِّجَارَةَ وَطَلَبَ الْفَضْلِ فَهُوَ بَيْعٌ يُرَدُّ وَالْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ فَلِسَ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ لَهُ رَقِيقٌ أَوْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِعَاقِدِ كِتَابَتِهِ وَهُوَ يَصِحُّ عَلَى أَنَّ الْفَلَسَ نَقْضُ بَيْعٍ فَإِنَّهُ لم يَجْعَل لَهُ مَا بَقِي من الْكِتَابَة والماضي للْمَوْهُوب لَهُ كالغلة وَخَالَفَ أَصْبَغُ فِي الثَّوْبَيْنِ يُرِيدُ الْإِثَابَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا فَجَوَّزَهُ كَهِبَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَحْسَنُ وَلَوْ كَانَا فِي بَيْعٍ خِيَارٌ مُنِعَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ حَالَتْ فِي نَفْسِهَا أَوْ حَالَ سُوقُهَا ثُمَّ عَادَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِخِلَافِ مَنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ فِعْلِهِ فيعد رضى بِالْإِثَابَةِ وَلَوْ بَاعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ثُمَّ اشْتَرَى رُدَّتْ وَلَوْ حَالَ سُوقُهُ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَرُدَّ وَعَكَسَ الْهِبَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا حَقٌّ لآدَمِيّ فَينْظر هَل مَا يعْذر رضى أَمْ لَا وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ضَرَرُ أَحدهمَا فَإِذا عَادَتْ بِالشِّرَاءِ لَا ضَرَرَ وَإِذَا حَالَ السُّوقُ تَغَيَّرَتِ الْهِبَةُ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ الْهِبَةَ فَقَالَ مَالِكٌ يَوْمَ وُهِبَتْ لِأَنَّ العقد ناقل للْمَالِك وَالضَّمَانِ وَعَنْهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي قَبْضِهَا بِالْخِيَارِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ لِلْوَاهِبِ حَبْسَهَا حَتَّى يُثَابَ

ص: 285

لِأَنَّهَا محبوسة بالثمر فَإِنْ دَخَلَ هَذَانِ عَلَى حَبْسِهَا فَهِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى التَّسْلِيمِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْهِبَةِ لِانْتِقَالِهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهِيَ حِينَئِذٍ وَدِيعَةٌ وَإِلْحَاقُهَا بِبَيْعِ الْخِيَارِ غَيْرُ مُتَّجِهٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَا يَنْقِلُ الْمَذْهَبَ حَتَّى يَمْضِيَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَكَذَلِكَ الْمُصِيبَةُ فِي الْخِيَارِ مِنَ الْبَائِعِ وَفِي الْهِبَةِ مِنَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ

فَرْعٌ - قَالَ وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ إِنْ فَلِسَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلِلْغُرَمَاءِ تَسْلِيمُهَا وَأَخَذُ الثَّوَابِ وَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرُوا بَيْنَ تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ مِنَ الثَّوَابِ أَوْ يَمْنَعُوهُ وَيُخَيَّرُ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَسْلِيمِهَا وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ مَاتَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلِلْغُرَمَاءِ تَسْلِيمُهَا أَوْ يُثِيبُونَ عَنْهَا وَتُبَاعُ لَهُمْ فَإِنْ فَاتَتْ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقِيمَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا

فَرْعٌ - قَالَ عَيْبُهَا وَاسْتِحْقَاقُهَا كَالْبَيْعِ فَتُرَدُّ بِعُيُوبِ الْبَيْعِ وَإِذَا رُدَّتْ أَوِ اسْتُحِقَّتْ رَجَعَ فِي الثَّوَابِ فَإِنْ فَاتَ فَفِي قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَهُوَ أَصْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ يُثِيبَ عِوَضًا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَعِنْدَ أَشْهَبَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا لِأَنَّ الثَّوَابَ عِنْدَهُ إِنَّمَا يَجِبُ مِنَ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا أَخَذَ الْعِوَضَ مِنِ الْقيمَة دون الْهِبَة فَإِذا رَدَّهَا رَجَعَ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْعِوَضِ قَالَ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ الْمُسْتَحِقُّ لِلْهِبَةِ ثَلَاثَةُ

ص: 286

أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا رَجَعَ عَلَى الْوَاهِبِ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِنْ عُدِمَ الْوَاهِبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَارِثِ فَقِيلَ كَالْمُشْتَرِي وَقِيلَ كَالْغَاصِبِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَمْ يَقْبِضْ فَادَّعَيْتَ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَهَا مِنْهُ صُدِّقْتَ لِقُوَّةِ الْمُعَاوَضَةِ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَمَاتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَثْبُتُ الْحَبْسُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَهْلِ الدَّيْنِ وَالْأَوْلَادُ أَوْلَى بِالْحَبْسِ سَوَاءٌ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إِذَا حَازُوا أَوْ حَازَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِبَارِ إِذَا حَازُوا وَأَمَّا الصِّغَارُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِمْ إِنِ الْحَوْزُ قَبْلَ الدَّيْنِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَبْسِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِخِلَافِ الْكِبَارِ أَيْدِيهِمْ ظَاهِرَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا حَازُوهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَرَّخًا فَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ الدَّيْنُ أَوْلَى لِقُوَّتِهِ بِالتَّارِيخِ وَسَوَّى الْمُغِيرَةُ بَيْنَ الْمُؤَرَّخِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ التَّارِيخَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَطِيَّةِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ عَدَمَ الْحَوْزِ فَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْأَبِ يَقْتَضِي تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ وَلَدِهِ بِالْحَوْزِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَخْلَى الدَّارَ مَنْ سَكَنَهَا قَالَ فَإِنْ جهل أَنه كَانَ

ص: 287

يسكنهَا حُمِلَتْ عَلَى عَدَمِ السُّكْنَى حَتَّى يَثْبُتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُكْنَاهُ فَإِنْ عُرِفَتْ قَبْلَ الصَّدَقَةِ سُكْنَاهُ فَعَلَى الصِّغَارِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَخْلَاهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى كَبِيرٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْحَوْزِ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِذَا وُجِدَتِ الْعَطِيَّةُ بِيَدِ الْمُعْطَى وَقَالَ حُزْتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ صَدَقَ الْمُعْطَى وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ يُوجَدُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ مِنَ الْمُسْلِمِ بِوَضْعٍ شَرْعِيٍّ كَمَا إِذَا تَنَازَعَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْحَوْزِ فِي الْحَيَاةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِ مُورِثِهِمْ وَكَذَلِكَ فِي الْفَلَسِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَنْكَرَ الْمَوْهُوبُ الْإِثَابَةَ صُدِّقَ الْوَاهِبُ مَعَ يَمِينِهِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ

فَرْعٌ - قَالَ جَوَّزَ مَالِكٌ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه فَعَلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ لَمْ يُبْقِ كِفَايَتَهُ صدقته لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ

فَرْعٌ - كَرِهَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ هِبَةَ مَاله كُله لأجل بَنِيهِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الرَّدِّ شَيْئًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَدِيثٍ قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّ أُمَّهُ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا فَالْتَوَى عَلَيْهَا بِهَا سَنَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَتْ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ

ص: 288

فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ هَذَا أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - " يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كُلُّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ لَا أَشْهَدُ إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ فَارْتَجَعَهُ وَرُوِيَ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ثُمَّ قَالَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ لَكَ سَوَاءٌ قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا وَفِي طَرِيقٍ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ وَفِي طَرِيقٍ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَهُ بِرَدِّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُكْرَهُ وَلَا ترد لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - أشهد غَيْرِي وَهُوَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَأْمُرُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ حِيزَ عَنْهُ نَفَذَ وَإِنْ قصد الْفِرَار لِأَنَّهُ ملكه يتَصَرَّف فِيهِ بِمَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَحَلَ مَالَهُ كُلَّهُ أَمَّا الْبَعْضُ فَجَائِز كَفعل الصّديق ذَلِك لِعَائِشَةَ رضي الله عنها وَقَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ كَرِهَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْوَلَدِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَتِهِ فأثابته بِوَضْع صَدَاقهَا لَا ثَوَابَ فِي الصَّدَقَةِ غَيْرَ أَنَّ الصَّدَاقَ يَسْقُطُ وَالصَّدَقَةُ لَهَا إِنْ حِيزَتْ

نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يَرْجِعُ الْإِنْسَانُ فِي مَالِهِ حَالَةَ قِيَامِهِ دُونَ ثَوَابِهِ إِذَا غَلِطَ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ مَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْأَخْذُ مِنْ طَعَامِ الْحَرْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَالْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَيَقُولُ قَامَتْ عَلَيَّ بِدُونِ مَا قد قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ الْغَلَطُ وَالْبَائِع ثوبا بِالْعشرَةِ فَيُعْطَى أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ

ص: 289

غَلَطًا وَاخْتُلِفَ فِي بَائِعِ الْجَارِيَةِ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَقَالَ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ أَكْثَرَ فَقِيلَ يَرْجِعُ فِي الْحَالَيْنِ هَهُنَا

فَرْعٌ - قَالَ سُئِلَ مُحَمَّدٌ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ أَمِ الْعِتْقُ فَقَالَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ سَدِّ حَاجَةِ الْمُعْطَى وَقَالَ قَالَ مَالِكٌ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الْغَزْوِ لِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَيُفَضَّلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَوْفٌ وَالْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَنَةَ مَجَاعَةٍ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ قِيلَ لَهُ فَالصَّدَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ إِطْعَامِ الطَّعَامِ قَالَ كُلٌّ حَسَنٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَتَقْرِيرُهُ

فَرْعٌ - قَالَ لَا بَأْسَ بِقَبْضِكَ الْعَطِيَّةَ مِنَ الْخَلِيفَةِ وَأَكْرَهُهُ مِنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِأَنَّهُ مَهَانَةٌ وَمَا جُعِلَ فِي السَّبِيلِ مِنَ الْعَلَفِ وَالطَّعَامِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إِلَّا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَمَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَاءِ فَلْيَشْرَبْ مِنْهُ كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ بِهِ عُمُومُ النَّاسِ وَلَا مَهَانَةَ فِيهِ وَأَكْرَهُ لِلْمُحْتَاجِ الْخُرُوجَ لِلْحَجِّ أَوِ الْغَزْوِ وَيَسْأَلُ النَّاسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ أَيْ خَيْرُ الزَّادِ مَا وَقَاكُمُ السُّؤَالَ وَالسَّرِقَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّقْوَى الْمَعْهُودَةَ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ كسر السُّؤَال لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَدِيث

ص: 290

بَرِيرَةَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ

فَرْعٌ - قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَهَبَ شِقْصًا مِنْ دَارِهِ عَلَى عِوَضٍ سَمَّيَاهُ أَمْ لَا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُثَابَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ لَهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِذَا سَمَّيَا الثَّوَابَ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَمَالِ صُورَةِ الْبَيْعِ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ خِلَافٌ لِكَوْنِهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَقِيلَ وِفَاقٌ قَالَ وَهُوَ أظهر وَمعنى مسئلة الشُّفْعَةِ أَنَّهُ عَيَّنَ الثَّوَابَ الَّذِي يَبْذُلُهُ فَقَبِلَهُ الْمَوْهُوب لِأَنَّهُ بيع لم يبْق فِيهِ خِيَار وَهَهُنَا لَمْ يُعَيِّنِ الثَّوَابَ وَمَعْنَى سَمَّيَاهُ أَيْ ذَكَرَا لَفْظَ الْعِوَضِ وَلَمْ يُعَيِّنَاهُ وَلَا نَوْعَهُ قَالَهُ أَبُو عمرَان وَقيل مسئلة الشُّفْعَة رَضِي الْمَوْهُوب بِدفع الثَّوَاب وَهَهُنَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يُرِيدُ لَا يَأْخُذ الشَّفِيع وان فَاتَت حَتَّى يَقْتَضِي بِالْقِيمَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُثِيبَ الْمَوْهُوبَ فَإِنْ أَثَابَهُ قَبْلَ فَوْتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَإِنْ أَثَابَهُ بَعْدَ فَوَاتِ الْهِبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَهَبُونَ إِلَّا لِيَأْخُذُوا أَكْثَرَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ عِنْدَ الْفَوْتِ وَالزَّائِدُ حِينَئِذٍ هِبَةٌ لَا تَلْزَمُ الشَّفِيعَ قَالَ وَيُلْزِمُ أَشْهَبُ هَذَا قَبْلَ الْفَوْتِ لِقُدْرَتِهِ على الِاقْتِصَار إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِهِبَتِهِ بَعْدَ دَفْعِ الْقِيمَةِ حَتَّى يَرْضَى مِنْهَا

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ السَّيِّدُ الْهِبَةَ مِنَ الْعَبْدِ فَهِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا فِي مَالِهِ

ص: 291

لِأَنَّ السَّيِّدَ أَقَرَّهَا كَالْبَيْعِ وَالْقِيمَةَ كَالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا السَّيِّدُ وَهِيَ بِحَالِهَا لَمْ تُوطَأْ إِنْ كَانَتْ أَمَةً وَلَا نَقَصَتْ خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ رَدِّهَا وَدَفْعِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْهِبَةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ أَوْ نَقَصَتْ لَزِمَ الْعَبْدَ قِيمَتُهَا فِي مَالِهِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِلثَّوَابِ وَيُعَوِّضُ عَنْهُ مَا وُهِبَ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةُ مَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ وَهَبَ مِنْ مَالِهِ أَوْ تَصَدَّقَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ فِي بَيْعٍ رُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ بِخِلَافِ عِتْقِهِ عَبده ان كَانَ مَلِيًّا مضى الْعتْق وَغرم الْقيمَة لَهُ أوعد يمارد لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ لِمَصْلَحَةِ الْعِتْقِ

فَرْعٌ - فِي النُّكَتِ إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ وَلَا مَالَ لَهُ رُدَّ لِلْوَاهِبِ وَإِنْ كَانَ لَوْ بِيعَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ عَنِ الْقِيمَةِ لَأَنَّ عُسْرَهُ يُصَيِّرُ الْهِبَةَ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ

فَرْعٌ - قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذا وهب لعَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَاتَّبَعَتْهُ الْهِبَةُ كَمَالِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ لَمْ تَرْجِعِ الْعَطِيَّةُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْعَطِيَّةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَخَذَ الْعَطِيَّةَ لِأَنَّهُ ظَنَّهُ مَوْلًى لَهُ فَأَعْطَاهُ لِذَلِكَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَيْسَ لَهُ أَخذ ذَلِك لِأَنَّهُ ملك مُقَرر

فرع - فِي التَّنْبِيهَات إِن اسْتهْلك سِنِين مُسَمَّاة على ان عَلَيْهِ حرمتهَا فَهُوَ كِرَاء

ص: 292

مَجْهُولٌ أَوْ أَعْطَاهُ رَقَبَتَهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَالْغَلَّةُ لِلْمُعْطَى بِالضَّمَانِ وَتُرَدُّ لِرَبِّهَا وَيُتْبِعُهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِعَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ وَعَوَّضَهُ غَيْرَهُ مِثْلَهُ أَوْ أَدْنَى جَازَ إِنْ كَانَ فِي وِلَايَتِهِ لِشُبْهَةِ الْوِلَايَةِ وَشُبْهَتِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا امْتَنَعَ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنَ الْوَصِيِّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَالِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِغَنَمٍ عَلَيْهِ ثُمَّ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ اعْتِصَارٌ

فَرْعٌ - قَالَ لَا يَلْزَمُكَ مَا نَحَلَتِ امْرَأَتُكَ عِنْدَ الْخَلْوَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ لِتَوْطِئَةِ النُّفُوسِ لَا لِتَحَقُّقِ الْعَطَاءِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا أَعْطَيْتَ ابْنَتَكَ لِرَجُلٍ يَكْفُلُهَا لَا تَأْخُذْهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ إِلَّا أَن ترى اساءة تضربها وَنِكَاحُهَا لِلَّذِي وُهِبَتْ لَهُ إِنْ كُنْتَ جَعَلْتَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَدَعَا إِلَى سَدَادٍ وَإِنْ دَفَعْتَهَا إِلَى غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ امْتَنَعَ لِامْتِنَاعِ خَلْوَتِهِ بِهَا وَإِذَا مُتَّ فَهُوَ يُزَوِّجُهَا لَكِنْ بِرِضَاهَا

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا تَصَدَّقَتْ عَلَى ابْنِهَا بِجَارِيَةٍ على أَن لَا يَبِيع وَلَا تخرج عَنهُ لِيَكُونَ لَهَا تَسَلُّمُهَا أَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْحَجْرِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ مَعَ الشَّرْطِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ صَدَقَةُ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ

ص: 293

افأتصدق عَنْهَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - نَعَمْ فَائِدَةٌ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا اخْتُلِسَتْ مَاتَتْ فَجْأَةً مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ كَأَنَّ الَّذِي يَطُولُ مَرَضُهُ وَطَّأَ نَفْسَهُ عَلَى الْمَوْتِ فَكَأَنَّهُ دَفَعَ نَفْسَهُ بِاخْتِيَارِهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَ (ح) إِذَا رَجَعَتِ الصَّدَقَةُ بِالْمِيرَاثِ فَحَسَنٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى ابويه بِصَدقَة فهلكا فورثهما فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَو جرت فِي صَدَقَتِكَ وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ

نَظَائِرُ - قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِيرَاثِ لَا تَرْجِعُ الْهِبَةُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَبَاعَهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا بَاعه السُّلْطَان لنَفسِهِ وَيُكْمِلُ عِتْقَ الْقَرِيبِ إِذَا مَلَكَ بَعْضَهُ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَلَا يُشَفَّعُ فِيمَا بَاعَ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ بِأَنْ يَمُوتَ الشَّفِيعُ فَيَرِثُهُ الْبَائِعُ فَيَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْبَيْعِ لَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِشَرِكَتِهِ وَلَا يَنْقُضُ الْبَائِعُ بَيْعه إِلَّا فِي الْمِيرَاث فَلهُ حل فعله نَفْسِهِ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقت بِقَلُوصِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ وَقَعَتِ الْهُدْنَةُ فَتُصُدِّقُ بِهَا عَلَى أَيْتَامٍ جَازَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ سَبِيل الله وَبئسَ مَا صنع لوضعها فِي غَيْرِ مَا جُعِلَتْ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ فَظَهَرَ حُرًّا فَلَهُ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالثَّمَنِ بَلْ بِالْعَبْدِ وَقَدْ بَطَلَ الْمِلْكُ فِيهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ فَاعْتَقَدَ الذُّكُورُ أَنَّ صِيغَةَ الْوَلَدِ لَا

ص: 294

تتَنَاوَل الْإِنَاث فاغتلوا ازمانا ثُمَّ تَبَيَّنَ انْدِرَاجُهُنَّ أَخَذْنَ حَقَّهُنَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُنَّ دُونَ الْمَاضِي لِأَنَّ إِخْوَتَهُنَّ أَخَذُوهُ بِالتَّأْوِيلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَرْجِعْنَ بِالْمَاضِي لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى غَائِبٍ وَبَعَثْتَ بِهَا إِلَيْهِ وَأَشْهَدْتَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ نَفَذَتْ لِوُجُوبِهَا بِالْإِشْهَادِ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ مَتَى كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا لَا يُقْضَى بِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الْبِرُّ بَلِ اللَّجَاجُ وَدَفْعُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِ الْيَمِينِ يُقْضَى بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ حَتَّى يَطْلُبَهُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا ادَّعَى هِبَةً فِي غَيْرِ الذِّمَّةِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِضِعْفِ السَّبَبِ وَفِي الْجُلَّابِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّةِ الْمَوْهُوبِ كَالدَّيْنِ يُدَّعَى الْإِبْرَاءُ مِنْهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ قَالَ وَعِنْدِي تَفْصِيلٌ إِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَلَا يَحْلِفُ أَوْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَا يَنْتَزِعُهَا الْوَاهِبُ إِلَّا بَعْدَ حلفه قَالَ شَارِح الْجلاب المسئلة تَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ بِدُونِ خُلْطَةٍ فَإِن قُلْنَا تجب حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ شَارِحِ الْجُلَّابِ حَلَفَ وَبَرِئَ إِذَا ثَبَتَتْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ أَوْ بَرى أَنَّ الْخُلْطَةَ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ دون المعينات

ص: 295

صفحة فارغة

ص: 296

1

-‌

‌ كتاب الْعدة

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سَأَلَكَ أَنْ تَهَبَ لَهُ دِينَارًا فَقُلْتَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَكَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُكَ وَلَوْ كَانَ افْتِرَاقُ الْغُرَمَاءِ عَلَى وَعْدٍ وَإِشْهَادٍ لَزِمَكَ لِإِبْطَالِكَ مَغْرَمًا بِالتَّأْخِيرِ قَالَ سَحْنُونٌ الَّذِي يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ أَوِ اخْرُجْ إِلَى الْحَجِّ أَوِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ تَزَوَّجِ امْرَأَةً وَأَنَا أُسَلِّفُكَ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي ذَلِك أما مُجَردا لوعد فَلَا يَلْزَمُ بَلِ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَكَ أُرِيدُ أَتَزَوَّجُ فَأَسْلِفْنِي فَقُلْتَ نَعَمْ يُقْضَى عَلَيْكَ تَزَوَّجَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا لِحَاجَةٍ سَمَّاهَا أَوْ أَسْلِفْنِي كَذَا لِأَشْتَرِيَ سِلْعَةً فَقُلْتَ نَعَمْ لَزِمَكَ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَكَ فِي دَيْنٍ تُعْطِيهِ لِغُرَمَائِهِ فَقُلْتَ نَعَمْ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بن الْعَزِيزِ وَالَّذِي لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ أَسْلِفْنِي كَذَا وأعرني كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ فَإِذَا قُلْتَ نَعَمْ لَا يَلْزَمُكَ وَإِذَا وَعَدْتَ غَرِيمَكَ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ لَزِمَكَ سَوَاءٌ قُلْتَ أُؤَخِّرُكَ أَوْ أَخَّرْتُكَ وَإِذَا أَسْلَفْتَهُ أَخَّرْتَهُ مُدَّةً تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ مَا لَك إِذَا قُلْتَ لِلْمُشْتَرِي بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ لَزِمَكَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بَيْعًا فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ أُجْرَتُهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْفَوْتِ فَسَخَ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عِتْقُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ أَحْبَلَهَا فَهِيَ أَمُّ

ص: 297

وَلَدٍ وَمَضَى الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ خِلَافٍ فَهُوَ شُبْهَةٌ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ مَوْتُ الْعَبْدِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا وَطِئَهَا حَبِلَتْ أَمْ لَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ فَهِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رضى بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنِّي إِنْ جَعَلْتُهُ أَجِيرًا امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَلَا تَكُونُ أَمَّ وَلَدٍ وَيحد وَإِن كَانَ الشَّرْطُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ لَا أَمَّا ذَهَابُ الثَّوْبِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْمُشْتَرِي إِذَا رَضِيَ بِهَذَا الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ النَّقْدِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ وَانَقُدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قِيمَةُ عُيُوبٍ وَخُصُومَاتٍ لَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ وَيَجُوزُ بَعْدَ النَّقْدِ فَإِنْ وُجِدَ الطَّعَامُ مُسَوَّسًا فَسَخِطَهُ فَقُلْتَ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ فَحَمَلَهُ فِي سَفِينَتِهِ فَغَرِقَتْ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أُجْرَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ كَرْمًا فَخِفْتَ الْوَضِيعَةَ فَقُلْتَ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيكَ إِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرْضِيَهُ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ وَحَلَفَ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُرْضِيهِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّلْعَةِ وَالْوَضِيعَةِ فِيمَا يُشْبِهُ الْوَضِيعَةَ فِي ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى الْحَاجَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ وَكَذَلِكَ وخرتك بِالدَّيْنِ وَأُؤَخِّرُكَ بِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَكَ أَنْ تُسَلِّفَنِي كَذَا لِأَتَزَوَّجَ فُلَانَةً سَمَّى أَجَلًا لِلسَّلَفِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتَى أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي لَازِمٍ لَزِمَكَ الْوَفَاءُ نَحْوَ زَوِّجِ ابْنَتَكَ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَاقُ عَلَيَّ أَوِ احْلِفْ أَنَّكَ مَا شَتَمْتَنِي وَلَكَ كَذَا فَحلف

ص: 298

تَمْهِيدٌ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} أَو الْوَعْد إِذا أخلف قَول لم يفعل وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - " عَلَامَاتُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنُ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ " فَذِكْرُهُ فِي سِيَاقِ الذَّم دَلِيل التَّحْرِيم ويروى قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - " وَأَيُّ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ " وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَجُلٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - أكذب لامرأتي فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - " لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ " فَقَالَ يَا رَسُولَ الله فأعدها وَأَقُول لَهَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَا جنَاح عَلَيْك فَمِنْهُ الْكَذِب الْمُتَعَلّق بالمستقبل فَإِن رَضِي النِّسَاءِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ وَنَفَى الْجُنَاحَ عَنِ الْوَعْدِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا يُسَمَّى كَذِبًا بِجَعْلِهِ قَسِيمَ الْكَذِبِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْوَعْدَ الَّذِي يَفِي بِهِ لَمَا احْتَاجَ لِلسُّؤَالِ عَنْهُ وَلَمَا ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالْكَذِبِ وَلِأَنَّ قَصْدَهُ إِصْلَاحُ حَالِ امْرَأَتِهِ بِمَا لَا يَفْعَلُ فَتَخَيَّلَ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِذَا وَعَدَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ مُطْلَقًا عَكْسَ الْأَدِلَّةِ الْأُولَى وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنْ يُحْمَلَ اللُّزُومُ عَلَى مَا إِذَا أَدْخَلَهُ فِي سَبَبٍ مُلْزِمٍ بِوَعْدِهِ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ وَعْدُهُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ سَبَبٍ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُحْمَلُ عَدَمُ اللُّزُومِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قد قِيلَ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَقُولُونَ جَاهَدْنَا وَمَا جَاهَدُوا وَفَعَلْنَا أَنْوَاعًا مِنَ الْخَيْرَاتِ وَمَا فَعَلُوهَا وَلَا شَكَّ

ص: 299

أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَتَسْمِيعٌ بِالطَّاعَةِ وَكِلَاهُمَا مَعْصِيَةٌ إِجْمَاعًا وَأَمَّا ذِكْرُ الْإِخْلَافِ فِي صفة الْمُنَافِق فَمَعْنَاه أَنَّهَا سجية وَمُقْتَضَى حَالِهِ الْإِخْلَافُ وَمِثْلُ هَذِهِ السَّجِيَّةِ يَحْسُنُ الذَّمُّ بِهَا فَمَا تَقُولُ سَجِيَّتُهُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْبُخْلَ فَمَنْ كَانَتْ صِفَتُهُ تَحُثُّ عَلَى الْخَيْرِ مُدِحَ بِهَا أَوْ تَحُثُّهُ عَلَى الذَّمِّ ذُمَّ بهَا شرعا وَعرفا

ص: 300

1

-‌

‌ كِتَابُ الْوَقْفِ

وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهِ وَفِي الصِّحَاحِ وَقَفْتُ الدَّارَ لِلْمَسَاكِينِ وَقْفًا وَأَوْقَفْتُهَا بِالْأَلْفِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقِفُوهُمَ إنَهُمُ مَسْئُولون} بِغَيْر ألف وَلَيْسَ فِي الْكَلَام وقفت إِلَّا كلمة وَاحِدَة أوقفت عَن الامراي أَقْلَعْتُ عَنْهُ وَعَنِ الْكِسَائِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو مَا أوقفك هَهُنَا أَيْ أَيُّ شَيْءٍ صَيَّرَكَ وَاقِفًا وَتَقُولُ الْعَرَبُ وَقَفَتِ الدَّابَّةُ تَقِفُ وُقُوفًا وَوَقَفْتُهَا أَنَا وَقْفًا مُتَعَدٍّ وَقَاصِرٌ وَوَقَفْتُهُ عَلَى دَيْنِهِ أَيْ أَطْلَعْتُهُ عَلَيْهِ وَالْوَقْف سَوَاء مِنْ عَاجٍ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يُقَالُ أَوْقَفْتُ الرَّجُلَ عَلَى كَذَا إِذَا لَمْ تَحْبِسْهُ بِيَدِكَ وَوَقَّفْتَهُ عَلَى الْكَلِمَةِ تَوْقِيفًا وَوَقَّفْتَهُ بَيَّنْتَهُ لَهُ وَالْحُبْسُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّ الْحَاءِ مِنَ الْحَبْسِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَالْمُحْبَسُ مَمْنُوع من البيع

2

-‌

‌ الْبَاب الأول فِي أَرْكَانه

وَهِي أَرْبَعَة الرُّكْن الْأَوَّلُ الْوَاقِفُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ

ص: 301

الرُّكْن الثَّانِي الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ عَلَى الْجَنِينِ وَمَنْ سَيُولَدُ وَقَالَ ش وَأَحْمَدُ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ يَقْبَلُ الْمِلْكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ فَلَا يَصح على أحد هاذين الرَّجُلَيْنِ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَا عَلَى الْحَمْلِ وَمَنْ سَيُولَدُ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا لِلْمِلْكِ وَلَا عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي تبنيه لعدم التَّعْيِين بِخِلَاف على ولد وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنْ وُلِدَ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ فَهُوَ تَابِعٌ لِمُعَيَّنٍ يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَهُوَ وَلَدُ الصُّلْبِ وَوَافَقَانَا فِي الْوَصِيَّةِ فَنَقِيسُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ وَيُشْرَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} ثُمَّ إِنَّا نَمْنَعُ قَاعِدَتَهُمَا أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَالَ وَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَمْرٍ بِيَدِهِ وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَقَالَهُ ش وَأَحْمَدُ لِأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَصَرْفِهِ لِشِرَاءِ الْخَمْرِ وَأَهْلِ الْفُسُوقِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ بِسَبَبِ أَنَّ نَفْعَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ عَلَى الْكَنِيسَةِ لِأَن نَفعهَا يعود على الذِّمَّةِ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهَا وُضِعَتْ لِلْكُفْرِ وَنَفْعُ الذِّمَّةِ عَارِضٌ تَابِعٌ وَالْمَسْجِدُ وُضِعَ لِلطَّاعَةِ فَافْتَرَقَا وَلَا يُصَحِّحُ الشَّرْعُ مِنَ التصدقات إِلَّا الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ وَيُكْرَهُ إِخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْكَرَاهَة وَعَن مَالك إِن إخراجهن إِنْ تَزَوَّجْنَ بَطَلَ الْحَبْسُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَسَخَهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ كَانَ حَيا فَسخه بعد الْجور لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي هِبَةِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَلِأَنَّ إِخْرَاجَ الْبَنَاتِ خِلَافُ الشَّرْعِ وَاتِّبَاعُ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ بَطَلَ حَبْسُهُ وَتَتَخَرَّجُ الصَّدَقَةُ عَلَى هَذَا الْخلاف

ص: 302

قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتَ إِنْ تَزَوَّجْنَ بَطَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ نَفَذَ عَلَى مَا حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ رُدَّ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتَ فَإِنْ حَيَّزَ أَو مَاتَ نفذ لِأَنَّهُ مَا لَهُ يَنْقِلُهُ لِمَنْ شَاءَ

فَرْعٌ - يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ فِي مرض الْمَوْت لِأَنَّهُ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَإِنْ شُرِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَيَّنِينَ لَيْسُوا وَارِثِينَ بَطَلَ نَصِيبُ الْوَارِثِ خَاصَّةً لِقِيَامِ الْمَانِعِ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً فَإِنْ شُرِكَ مَعَهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنٌ مَعَ التَّعْقِيبِ أَوِ الْمَرْجِعِ فَنَصِيبُ غَيْرِ الْوَارِثِ حَبْسٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَهُوَ بَيْنَهُمْ وَمَا خَصَّ الْوَارِثَ فَبَيْنَ الْوَرَثَةِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ بِأَيْدِيهِمْ - مَا دَامَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَرَثَةِ أَحْيَاءً وَقَالَ (ش) يَصِحُّ الْوَقْفُ فَإِذَا وَقَفَ دَارَهُ عَلَى ابْنِهِ وَامْرَأَتِهِ وَلَهُ ابْنَانِ آخَرَانِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إِنْ أَجَازَ الِابْنَانِ الْآخَرَانِ وَإِلَّا فَمَا زَادَ عَلَى نَصِيبِهِ بَطَلَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَنَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ أَوْ تَحْجِيرٌ عَلَى الْوَارِثِ وَكَلَاهُمَا مَنْهِيٌّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَلِقَوْلِهِ لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَار فِي الْإِسْلَامِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ دَارَهُ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَاشْتَرَطَ عَلَى الَّذِي حَبَسَ عَلَيْهِ إِصْلَاحَ مَا رَثَّ مِنْهَا مِنْ مَالِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ وَأَمْضَى ذَلِكَ وَلَا مِرَمَّةَ عَلَيْهِمْ بَلْ تُرَمُّ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ سَنَةُ الْحَبْسِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَحْدَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْفَسَادِ لِقُوَّتِهِمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخِلَاف الْبيُوع

ص: 303

وَكَذَلِكَ إِذَا حَبَسَ عَلَيْهِ الْفَرَسَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ حَبْسَهُ سَنَةً وَعَلَفُهُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ قبلهَا فَيذْهب علفه بَاطِلا قَالَه مَا لَك وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَرْكِ الشَّرْطِ أَوْ تَأْخُذُ الْفَرَسَ وَتُعْطَى لَهُ نَفَقَتُهُ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ لَمْ يَرُدَّ وَكَانَ لِلَّذِي قِيلَ لَهُ بَعْدَ السَّنَةِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَبْطُلُ شَرْطُهُ فِي الْفَرَسِ كَمَنْ أَعَارَهُ لِرَجُلٍ يَرْكَبُهُ سَنَةً ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَتَرَكَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ لِصَاحِبِ الْبَتْلِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ يَتَعَجَّلُ قَبْضَهُ وَإِذَا عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّنَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَأَنْفَذَ الْحَبْسَ فَلْيَدْفَعْ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْفَرَسِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُتِمُّ الْحَبْسَ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِذَا نَزَلَتْ مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ جَازَتْ وَغَيْرُ هَذَا الشَّرْطِ أَفْضَلُ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ حَبَسَ عَلَى بَنَاتِهِ حَيَاتَهُنَّ فِي صِحَّتِهِ وَشَرَطَ مَنْ تَزَوَّجَتْ لَا حَقَّ لَهَا لَا يَعُودُ حَقُّهَا بَعْدَ تَأَيُّمِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ لِانْقِطَاعِ عَقِبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَلَوْ حَبَسَ وَلَهُ بَنَاتٌ مُتَزَوِّجَاتٌ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي الْحَبْسِ وَقَالَ وَالْمَرْدُودَةُ تَدْخُلُ فِي حَبْسِي فَإِنَّهَا تَدْخُلُ مَتَى رَجَعَتْ مِنْ ذِي قَبْلُ وَإِنْ قَالَ مَنْ تَأَيَّمَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلَهَا مَسْكَنٌ يُعَيِّنُهُ كَانَتْ أَحَقَّ بِهِ وَلَا حَقَّ لَهَا فِيمَا قَبْلُ وَإِذَا قَالَ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا فَإِنْ رَجَعَتْ فَلَهَا مَسْكَنُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِينَ التَّزْوِيجِ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَرْجِعُ فِيمَا مَضَى وَلَيْسَتْ كَالَّتِي لَمْ تُذْكَرْ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهُ إِذَا سَمَّى رَجْعَتَهَا فَكَأَنَّهُ حَبَسَ عَلَيْهَا إِلَى رَجْعَتِهَا فَتَأْخُذُهُ فَإِنْ قَالَ إِنْ رَجَعَتْ دَخَلَتْ فِي حَبْسِي فَلَهَا مِنْ يَوْمِ تَرْجِعُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَرَطَ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا مَا دَامَتْ عِنْدَ زَوْجٍ فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ فَنَصِيبُهَا لِمَنْ مَعَهَا فِي الْحَبْسِ مِنْ أَخَوَاتِهَا مَا دَامَتْ مُتَزَوِّجَةً فَإِنْ رَجَعَتْ أَخَذَتْهُ وَلَوْ تَزَوَّجْنَ كُلُّهُنَّ وَقَفَ عَلَيْهِنَّ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ رَجَعَتْ وَاحِدَةٌ أَخَذَتْهَا كُلَّهَا مَا وَقَفَ وَمَا يَسْتَقْبِلُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ لَا شَيْءَ لَهَا فِي الْمَاضِي وَهَذَا فِي

ص: 304

الْغَلَّةِ أَمَّا إِنْ كَانَ الْحَبْسُ سُكْنَى فَهُوَ أَبْيَنُ فِي سُقُوطِ الْمَاضِي وَلَوْ جَعَلَ الْمَاضِي لِغَيْرِهَا مُدَّةَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فِي الْمَرَضِ دَارًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا وَمَاتَ وَتَرَكَ أُمًّا وَامْرَأَةً قُسِّمَ بَيْنَهُنَّ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ فِي الْحَبْسِ وَمَا صَارَ لِلْأَعْيَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ تَوْفِيَةً بِقَاعِدَةِ الْمِيرَاثِ وَصِيغَةِ الْحَبْسِ فَتَخْلُصُ الدَّارُ كُلُّهَا لَوَلَدِ الْوَلَدِ حَبْسًا تَوْفِيَةً بِالْحَبْسِ وَلَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ فَمَا بِأَيْدِيهِمَا لِوَرَثَتِهِمَا وَكَذَلِكَ يُوَرَّثُ يَقَعُ ذَلِكَ عَنْ وَارِثِهِمَا أَبَدًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا ثُمَّ تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ وَوَرَثَةُ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فِي الَّذِي أَصَابَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ هَلَكَتِ الْأُمُّ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوْ هَلَكَا دَخَلَ وَرَثَتُهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِذَا انْقَرَضَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ أَوَّلًا دَخَلَ وَرَثَتُهُمَا مَكَانَهُمَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا فَإِنِ انْقَرَضَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَرَجَعَ مَنْ وَرِثَ ذَلِكَ الْمَالِكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَرَثَةِ الزَّوْجَةِ وَوَرَثَةِ الْأُمِّ فِي الَّذِي أَصَابَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي أَصْلِ الْمِيرَاث فَيكون بَينهم على القرائض فَإِنْ مَاتَ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَبَقِيَ وَرَثَةُ وَرَثَتِهِمْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ وَرَثَةُ وَرَثَتِهِمْ وَمَنْ وَرِثَ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَبَدًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ بِحَالِ مَا وَصَفْنَا فَإِنِ انْقَرَضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ رَجَعَتْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ تَوْفِيَةً بِمَقْصِدِهِ فِي الْحَبْسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ قَلَّ مَنْ يَعْرِفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِصُعُوبَتِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ خَطَأٍ لِدِقَّةِ مَعَانِيهَا وَتَقْرِيرُهَا أَنَّهُ حَبْسٌ عَلَى غَيْرِ وَارِث

ص: 305

وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ فَمَا كَانَ لَهُمْ أُجْرِيَ مَجْرَى الْأَوْقَافِ وَمَا نَابَ وَلَدَ الْأَعْيَانِ دَخَلَ فِي وَرَثَة الْمَيِّت من الْأُم وَالْمَرْأَة وَغَيرهم إِذا لَمْ يُجِيزُوا إِذْ لَيْسَ لِوَارِثٍ أَنْ يَنْتَفِعَ دُونَ وَارِثٍ مَعَهُ لِامْتِنَاعِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَثَلَاثَ بَنِينَ وَثَلَاثًا مَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَلَدٌ فَيُقَسَّمُ الْحَبْسُ وَغَلَّتُهُ عَلَى سِتَّةٍ ثَلَاثَةٌ لَوَلَدِ الْوَلَدِ يَنْفُذُ لَهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدٌ إِذَا اسْتَوَوْا وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ حَبَسَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ فَقْرَهُمْ وَغِنَاهُمْ وَأَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ يَرَى أَنَّ مَقْصِدَ الْوَقْفِ الْمَعْرُوفُ وَسَدُّ خَلَّةِ الْحَاجَةِ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ مِمَّا فِي يَدِ الْأَعْيَانِ السُّدُسَ وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمْ ذُكُورٌ وَإِلَّا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ الْأُنْثَيَيْنِ لِاحْتِجَاجِ الذَّكَرِ بِالْمِيرَاثِ كَمَا احْتَجَّتِ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ كَمَا يَنْتَقِضُ لِحُدُوثِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلْأَعْيَانِ أَوْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى خَمْسَةٍ بَقِيَّةِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَتِ الْأُمُّ سُدُسَهُ وَالزَّوْجَة ثمنه وَقسم مَا بَقِي على ثَلَاثَة عدد أَصْلِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَيَأْخُذُ الْحَيَّانِ سَهْمَيْهِمَا وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ سَهْمًا يَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ وَزَوْجُهُ وَوَلَدُهُ - وَهُوَ أَحَدُ وَلَدِ الْوَلَدِ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ - بِمَعْنَى الْحَبْسِ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ - بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ وَيُقَسَّمُ مَا أُخِذَ فِي الْقَسْمِ أَوَّلًا وَهُوَ سُدُسُ الْحَبْسِ يُؤْخَذُ مَا بِيَدِهِ يُضَمُّ إِلَيْهِ مَا يَخْرُجُ عَنْهُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي أَيْدِيهِمَا يُكْمَلُ لَهُ السُّدُسُ وَيُقَالُ لَهُمَا قَدْ كُنْتُمَا تَحْتَجَّانِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمَا - وَأَنْتُمَا وَارِثَانِ مَعَهُ فَلَمَّا مَاتَ بَطَلَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ فِي بَقَاءِ مَا أَخَذْنَا مِنْهُ بِأَيْدِيكُمَا لِقِيَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ وَلَا حُجَّةَ لَكُمَا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ

ص: 306

وَارِثٍ فَيُقَسَّمُ هَذَا السُّدُسُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ ثَلَاثَةً وَعَلَى مَنْ بَقِيَ مَنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ - وَهُمَا اثْنَانِ فَيُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ ثَلَاثَةٍ لَوَلَدِ الْوَلَدِ وَسَهْمَانِ لَوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى وَرَثَةِ الْهَالِكِ مِنْهُمْ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ لِلْهَالِكِ الْأَوَّلِ وَامْرَأَتُهُ مِنْ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ - السُّدُسِ وَالثُّمُنِ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَهْمَانِ لِلْحَيَّيْنِ وَسَهْمٌ يُنْسَبُ لِوَرَثَتِهِ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ وَقْفٌ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ إِرْثٌ مِنْ أَبِيهِ هَذَا كَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدُسَانِ اللَّذَانِ كَانَا بِأَيْدِيهِمَا مَعْدُودًا بِالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ مَا أَخَذَا مِنْهُمَا وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُ الْجَمِيعِ وَلِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ لِلْأَحْيَاءِ مِنَ الْأَعْيَانِ سَهْمَانِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ يُوقَفُ وَسَهْمٌ عَلَى الْفَرَائِضِ أَوْ تَقُولُ مَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ قَسْمٍ سُدُسٌ حَبَسَ الْمَيِّت - وهما خُمُسَانِ لِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهُ وَيُضَمُّ الْبَاقِي إِلَى الْبَاقِي فِي أَيْدِيهِمَا فِي سَهْمِ الْحَبْسِ أَوَّلًا - بَعْدَ أَخْذِ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ سُدُسَهُ وَثُمُنَهُ يَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَهُمَا مِنْهَا سَهْمٌ وَلِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ سَهْمٌ عَلَى الْفَرَائِضِ وَهُوَ - مِثْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ سُدُسَ الْخُمُسِ إِذَا قُسِّمَ عَلَى خَمْسَةٍ صَارَ سُدُسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ خُمُسًا وَإِذَا رَدَّتِ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ مَا كَانَتَا أَخَذَتَا مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ صَارَ بِأَيْدِيهِمُ الْخُمُسَانِ فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى أَنَّ الْخُمُسَ يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ وَبَاقِي وَلَدِ الْحَيَّيْنِ وَلَا مَعْنًى لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَقِسْمَةُ جَمِيعِ الْخُمُسِ عَلَى خَمْسَةٍ أَبْيَنُ وَإِنَّمَا قُسِّمَ سَهْمُ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ عَلَى خَمْسَةٍ لِقِيَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَقِسْمَةُ الْحَبْسِ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ لِتَوَفُّرِ سَهْمَانِهِمْ بِنُقْصَانِ عَدَدِ أَهْلِ الْحَبْسِ فَمَا وَصَلَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ صَارَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ لِمَنْ وَرِثَ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ مَعَهُمْ وَكَذَلِكَ صَارَتْ لِمَنْ يَرِثُ الْمَيِّتَ مَنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ حُجَّةُ أَنْ يَنَالُوا نَفْعَ مَا وَرِثَهُ وَلِيُّهُمْ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنَ الْوَرَثَةِ يَنْتَفِعُ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ عَنِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ نَقْضُ الْقَسْمِ مِنْ غَيْرِ نَقْضِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ فَأَمَّا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ أُمِّ الْمُحْبِسِ وَامْرَأَتِهِ فَلَا قَالَ

ص: 307

سَحْنُونٌ وَالثِّمَارُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْغَلَّاتِ تُقَسَّمُ عِنْدَ كُلِّ غَلَّةٍ عَلَى الْمَوْجُودِ يَوْمَئِذٍ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَيُجْمَعُ مَا لِوَلَدِ الصُّلْبِ فَيُقَسَّمُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الْقَسْمِ فِي جَمِيعِ الْحَبْسِ فَيُقَسَّمُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ الْفَرَائِضِ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ أَخَذُوهُ وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ فِي جَمِيعِ الْحَبْسِ وَعَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ يُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ أَخَذُوهُ حَبْسًا وَمَا لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَتِ الْأُمُّ سُدُسَهُ وَالْمَرْأَةُ ثُمُنَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيَحْيَا الْمَيِّتَانِ بِالذِّكْرِ فَمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَهُ عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا وَمَا صَارَ لِحَيٍّ فَهُوَ لَهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ يَسْتَرْجِعُ مِنْ يَدَيْهِ وَوَرَثَةَ الْهَالِكِ أَوَّلًا من ولد الْأَعْيَان تَمام خُمُسِ جَمِيعِ الْحَبْسِ عَلَى مَا بَيْدَ الْهَالِكِ الثَّانِي لِيُكْمِلَ الْخُمُسَ وَهُوَ مَا كَانَ صَارَ فِي الْقَسْمِ الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ وَقَدْ أخذت الْأُم السدسو وَالْمَرْأَة ثمنه وَورث أَخُوهُ ثلث مابقي فِي يَدَيْهِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثُمُنٌ مِنَ الْخُمُسِ فَيَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُكْمِلُ لَهُ الْخُمُسَ فَيُقَسِّمُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَهْمٌ تَأْخُذُ أُمُّ الْمُحْبِسِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ سُدُسَهُ وَامْرَأَتُهُ ثُمُنَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي ثَلَاثَةً يَحْيَا الْمَيِّتَانِ بِالذِّكْرِ فَمَا صَارَ لِلْحَيِّ أَخَذَهُ وَمَا صَارَ لِكُلِّ مَيِّتٍ وَرِثَهُ وررثته عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا وَإِنْ مَاتَ الثَّالِثُ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ خَلَصَ الْجَمِيعُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَمُتْ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ لَمْ يَأْخُذْ سَهْمَهُ ورثته لِأَنَّهُ حبس وينقض الْقسم بِمَوْتِهِ كمون وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى خَمْسَةٍ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ حَبْسًا وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَلِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلْمَرْأَةِ ثمنه وَقسم مَا بَقِي على ثَلَاثَة عدد وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَدَخَلَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا رَدَّهُ وَلَدُ الْأَعْيَانِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم لَا

ص: 308

يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَهُوَ السُّدُسُ عَلَى خَمْسَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ وَمَا لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَتْ فِيهِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ أَوْ وَرَثَتُهُمَا إِنْ مَاتَتَا لِأَنَّ مَا رَجَعَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِ الْوَلَدِ بِالْوَصِيَّةِ لَا بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ عَلَى مَجْهُولِ من يَأْتِي وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ لِنُفُوذِ الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا وَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ بَلْ تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ بِالْوِلَايَةِ وَيَلْزَمُهُ إِيثَارُ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ وَلَدِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا سَنَةُ مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ فَإِنْ مَاتَ ثَانٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَعَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ يُقَسَّمُ الْحَبْسُ كُلُّهُ عَلَى عَدَدِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَعْيَانِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ سَهْمٌ لِوَلَدِ الْبَاقِي وَثَلَاثَةٌ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ وَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ دُونَ الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّالِثُ فَجَمِيعُ الْحَبْسِ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمُ الْأَقْرَبُ لِلْمُحْبِسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ نَفَذَتْ أَوَّلًا وَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ وَهُوَ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا بِالْوِلَايَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا آلَ إِلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ حَتَّى انْقَرَضُوا أَوْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَامْرَأَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا آلَ مَا بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلْأَعْيَانِ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ اللَّتَانِ لِهَذَا الْمَيِّتِ مِيرَاثَهُمَا مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنَ السُّدُسِ الَّذِي أُخِذَ أَوَّلًا مِمَّا آلَ إِلَيْهِ عَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا بَقِيَ قُسِّمَ بَيْنَ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ مَاتَ أَوَّلًا أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثمَّ مَاتَ أحد ولد الْوَلَد أَخذ مَا كَانَ بِيَدِ هَذَا الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَهُوَ الْخُمُسُ الْمَأْخُوذُ فِي قَسْمِ الْحَبْسِ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِ وَمِنْ قِبَلِ مَوْتِ أَبِيهِ دُونَ مَا بِيَدِهِ عَنْ أَبِيهِ بِالْمِيرَاثِ فَيُقَسَّمُ أَرْبَعَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ سَهْمٌ وَسَهْمَانِ لِلْحَيَّيْنِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ تَأْخُذُ مِنْهُمَا أُمُّ الْجَدِّ وَامْرَأَتُهُ السُّدُسَ وَالثُّمُنَ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي مِنَ السَّهْمَيْنِ ثَلَاثَةً

ص: 309

سَهْمٌ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ الْحَيَّيْنِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ أَخِيهِمَا الْمَيِّتِ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ بِالسُّدُسِ وَامْرَأَتُهُ بِالثُّمُنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْآنَ وَلَدٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى قِسْمَةِ مَا وَرِثَ عَلَيْهِ يَوْمَ مَاتَ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ لَا يَنْتَقِضُ بِمَوْتِهِ قَسْمٌ وَيَصِيرُ مَا بِيَدِهِ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْمَوَارِيثِ وَكَذَلِكَ لِوَرَثَةِ وَرَثَتِهِمْ مَوْقُوفًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ الْحَبْسُ إِلَى وَلَدِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَالَّذِينَ حَدَثُوا وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطُوا فِي حَبْسِهِ لَيْسَ لِمُتَزَوِّجَةٍ حَقٌّ إِلَّا أَنْ يَرُدَّهَا رَادٌّ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَزَوَّجَتِ ابْنَةٌ لَهُ انْتَقَضَ الْقَسْمُ عِنْدَ الزَّوَاجِ وَلَا يُقَسَّمُ لَهَا فِي قِسْمَةِ الْحَبْسِ - تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ لَكِن مَا أصَاب ولد الْأَعْيَان مُنْذُ دَخَلَتْ فِيهِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ رَجَعَتِ انْتَقَضَ الْقَسْمُ وَقُسِّمَ لَهَا فِي أَصْلِ الْحَبْسِ وَيَنْتَقِضُ الْقَسْمُ أَيْضًا بِتَزْوِيجِ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْوَلَدِ وَيَنْتَقِضُ بِرُجُوعِهَا إِذَا قَامَتْ وَمَا نَابَهَا مَعَ وَلَدِ الْوَلَدِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْمُحْبِسِ لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ بِمَوْتِهَا فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرَ الْمُحْبِسِ فَنَصِيبُهَا لَهُ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ إِلَّا بِمَوْتِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ وَلَا وَلَدَ لَهَا إِلَّا وَلَدُ الْأَعْيَانِ أَخَذُوا نَصِيبَهَا الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ وَلَا حَقَّ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُث الْوَلَد وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ أُجْبِرَ حَسْبَمَا قَالَهُ الْمَيِّتُ أَنْ لَوْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقْطَعَ بِالثُّلُثِ شَائِعًا بَلْ يُجْمَعُ ثُلُثُهُ فِي الدَّارِ كَالْعِتْقِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْعَبْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَبَسَ دَارَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُمْ مَعَهُمْ وَلَا بعدهمْ فَلَيْسَ بِحَبْس وَلَهُم بَيْعه وَكَذَلِكَ عَلَى وُلْدِي وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُمْ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِيرَاثٌ فَيَصِيرُ مِيرَاثُ الْآخَرِ أَكْثَرَ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى الْمُعَيَّنِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ وَيَصِيرُ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ

ص: 310

التُّونِسِيُّ إِذَا لَمْ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَمَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ عَمِلَ بِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ وَصَّى لوَارث وَغَيره وَثمّ وَرَثَة آخَرُونَ فيتعاصون وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرَ الْمُوصَى لَهُمْ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُمْ مِنَ الدَّارِ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَيَكُونُ حَبْسًا أَوْ تَسْقُطُ وَصِيَّتُهُمْ وَهُوَ كَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُ الْوَارِثِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَسْمِ الدَّارِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَقِيلَ عَلَى الْعَدَدِ وَقِيلَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْفَقْرِ عَلَى الْخِلَافِ إِذَا نَصَّ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ وَقْفُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ شُرَيْحٍ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ صَدَقَتِهِ بِخَيْبَرَ وَلِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَقَفَ بِئْرًا وَقَالَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِالْوَقْفِ الْعَامِّ فَكَذَلِكَ الْخَاصُّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ أَكْلَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِحَقِّ الْقِيَامِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ وَقْفٌ عَامٌّ فَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعُمُومِ مَا لَا يدْخل فِي الْخُصُوص لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ يُصَلِّي فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِالصَّدَقَةِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ لَنَا أَنَّ السَّلَفَ رضي الله عنهم لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُمْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنَافِعَ بِسَبَبٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مِلْكِهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ كَمَنْ مَلَكَ بِالْهِبَةِ لَا يَمْلِكُ بِالْعَارِيَّةِ أَوِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَكَذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْلِيكِ نَفْسِهِ بِالْوَقْفِ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يعْتق عَبده وَيشْتَرط عَلَيْهِ خدمته حَيَاته وبالقياس عَلَى هِبَتِهِ لِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فَإِنْ حَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ صَحَّ وَدَخَلَ مَعَهُمْ وَإِلَّا بَطَلَ لِأَنَّهُ مَعَهُمْ تَبَعٌ بِخِلَافِ الِاسْتِقْلَالِ

ص: 311

فَرْعٌ - قَالَ مَتَى كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قُرْبَةٍ صَحَّ أَوْ مَعْصِيَةٍ بَطَلَ كَالْبَيْعِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغي} وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ فَإِنْ عَرَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا ظَهرت الْقُرْبَةِ صَحَّ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ فِي الْمُبَاحِ مُبَاحٌ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَابٌ مَعْرُوفٌ فَلَا يُعْمَلُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ حَبَسَ ذِمِّيٌّ دَارَهُ عَلَى مَسْجِدٍ نَفَذَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ذِمِّيَّةٍ بَعَثَتْ بِذَهَبٍ للكعبة ترد إِلَيْهَا وَإِنَّمَا يُصْرَفُ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ أَطْيَبُ الْأَمْوَالِ وَأَمْوَالُ الْكُفْرِ يَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ عَنْهَا الْمَسَاجِدُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا حَمَلَ عَلَى الْمَقْصُودِ بِأَحْبَاسِ تِلْكَ الْجِهَةِ وَوَجْهِ الْحَاجَةِ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْفُقَرَاءِ قِيلَ لَهُ أَنَّهَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ قَالَ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ الرُّكْنُ الثَّالِث الْمَوْقُوف وَفِي الْكِتَابِ وَقْفُ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالسُّرُوجِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُسْتَعْمَلُ وَلَا يُبَاعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَبْسُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ الْأَرْضُ وَنَحْوُهَا فالديار وَالْحَوَانِيتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَصَانِعِ وَالْآبَارِ

ص: 312

والقناطر والمقابر والطرق فَيجوز وَالثَّانِي الْحَيَوَان كَالْعَبْدِ وَالْخَيْلِ وَغَيْرِهَا وَالثَّالِثُ السِّلَاحُ وَالدُّرُوعُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِأَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا صَحَّ وَقْفُهَا لِأَنَّهُ مُوفٍ بِحِكْمَةِ الْوَقْفِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَقَالَهُ (ح) وَمَنَعَ وَقْفَ الْمَنْقُولَاتِ لِأَنَّ وَقْفَ السَّلَفِ كَانَ فِي الْعَقَارِ وَقِيَاسًا عَلَى الطِّيبِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمِقْدَادَ حَبَسَ أَدْرُعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهِيَ مَنْقُولَاتٌ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الطِّيبَ لَا يَبْقَى عَيْنُهُ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْخَيْلِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا وَعَنْ مَالِكٍ اسْتِثْقَالُ حَبْسِ الْحَيَوَانِ وَقَالَ فِي الرَّقِيقِ مَنْعَهُ مَا يُرْجَى لَهُ مِنِ الْعِتْقِ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْكَرَاهَةِ لِلرَّقِيقِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لم أصب مَا لَا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَّثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَذِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ حَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرَوَثَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ أَنَّ خَالِدًا حَبَسَ دِرْعَهُ وَأَعْمَرَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي مُسْلِمٍ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ يُرِيدُ الْحَبْسَ وَوَقَفَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابت وَعَمْرو بن العَاصِي وَكُلُّ مَنْ لَهُ ثَرْوَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَفَ رَضِي اللَّهُمَّ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَقَالَ شُرَيْحٌ لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ ذَلِكَ فَقَالَ تَكَلَّمَ شُرَيْحٌ فِي بَلَدِهِ وَلَمْ يَقْدُمِ الْمَدِينَةَ فَيَرَى أحباس الصَّحَابَة وأزواجه صلى الله عليه وسلم َ - وَهَذِه أوقافه صلى الله عليه وسلم َ - تِسْعَة

ص: 313

فَوَائِد - إِحْدَاهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - انْقَطَعَ عَمَلُهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلِ الْمُرَادُ ثَوَابُ عَمَلِهِ إِذِ الْعَمَلُ عَرَضٌ لَا يَسْتَمِرُّ بَلْ يَذْهَبُ زَمَانُهُ بِهِ فَالْإِخْبَارُ عَنْهُ عَبَثٌ وَثَانِيهَا أَنَّهُ يُثَابُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ثَوَابَ الْوَسَائِلِ فَإِنَّ تَعْلِيمَهُ وَإِقْرَاءَهُ وَتَصَانِيفَهُ أَسْبَابٌ لِلِانْتِفَاعِ بهَا بعد مَوته وَدُعَاء الْوَلَد ناشي عَن سَببه فِي النَّسْل والاتفاق بِالْوَقْفِ ناشى عَن تحبيسه فَالْكل فِي حَبسه وتسببه وَثَالِثهَا أَن الدُّعَاء لَيْسَ خَالِصا بِالْوَلَدِ بَلْ كُلُّ مَنْ دَعَا لِشَخْصٍ رَجَاءَ نَفْعِهِ بِدُعَائِهِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ يَحْصُلُ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ بَلْ مُتَعَلِّقُ الدُّعَاءِ وَمَدْلُولُهُ لُغَةً فَصَارَ ذِكْرُ الْوَلَدِ مَعَهُمَا مُشْكِلًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَلَدَ أَكْثَرُ دُعَاءً لِأَنَّ دَاعِيَةَ الْقَرَابَةِ تَحُثُّهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ خَصَّصَهُ بِالصَّالِحِ لِأَنَّ الصَّلَاحَ مَعَ الْبُنُوَّةِ نظمة كَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَإِجَابَتِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ مِنْ غَيْرِهِ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ وَقْفُ الشَّائِعِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ عِنْدَهُ فِيهِ لَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقَفَ مِائَةَ سهم من خَيْبَر بِإِذْنِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَلِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْقَبْضِ اللَّائِقِ بِهِ كَالْبَيْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِنْ كَانَتِ الدَّارُ تَحْمِلُ الْقَسْمَ جَازَ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ الشَّرِيكِ إِنْ كَرِهَ قَاسِمٌ بَعْدَ الْحَبْسِ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيْعِ لِجَمِيعِهَا فَإِنْ فَسَدَ فِيهَا شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصْلِحُ مَعَهُ وَإِذَا كَانَ عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ رَدُّ تَحْبِيسِ السُّفْلِ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُ لَهُ السُّفْلَ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَمِنْ حَقِّهِ أَن يحمل لَهُ عُلُوُّهُ وَلِصَاحِبِ السُّفْلِ

ص: 314

رَدُّ تَحْبِيسِ الْعُلُوِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْلَقُ فَيَسْقُطُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُ وَتَحْبِيسُ شِرْكٍ مِنْ حَائِطٍ فَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدَّارِ

فَرْعٌ - قَالَ يَجُوزُ وَقْفُ الْأَشْجَارِ لِثِمَارِهَا وَالْحَيَوَانَاتِ لمنافعها وأوصافها وَأَلْبَانِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فِي الْحَيَوَانِ وَقَعَ لَازِمًا أَوْ بِالْكَرَاهَةِ وَفِي اللُّزُومِ رِوَايَتَانِ

فرع - قَالَ وَيمْتَنع وَقْفُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِاسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِهَا لِلْإِجَارَةِ فَكَأَنَّهُ وَقْفَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَا يَصِحُّ وَيُمْتَنَعُ وَقْفُ الطَّعَامِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ وَشَأْنُ الْوَقْفِ بَقَاءُ الْعَيْنِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا بِهِ يَكُونُ الْوَقْف فِي وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ عُرْفًا كَالْإِذْنِ الْمُطْلَقِ فِي الِانْتِفَاعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَإِذْنِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي بَنَاهُ لَهَا إِذْنًا لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ وَلَا زَمَانٍ وَوَافَقَنَا (ح) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ش) لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا بِالْقَوْلِ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي اعْتِبَارِ الصِّيَغِ فِي الْعُقُودِ لنا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ يُهْدِي وَيُهْدَى إِلَيْهِ وَوَقَفَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَبِلَ وَلَا قُبِلَ مِنْهُ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ اشْتهر وَلِأَن مَقْصُود الشَّرْع الرضي بانتقال الْأَمْلَاك لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ مِنْهُ فَأَيُّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَى حُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ كَفَى

ص: 315

فَرْعٌ - قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الصِّحَّةِ الْقَبُولُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَهْلًا لِلْقَبُولِ وَالرَّدِّ فَيُشْتَرَطُ فِي نَقْلِ الْمِلْكِيَّةِ إِلَيْهِ الْقَبُولُ كَالْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا كَالْعِتْقِ وَاخْتُلِفَ هَلْ قَبُولُهُ شَرْطٌ فِي اخْتِصَاصِهِ خَاصَّةً أَوْ فِي أَصْلِ الْوَقْفِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ اعْطُوا فَرَسِي لِفُلَانٍ إِنْ لَمْ يَقْبَلْ أُعْطِيَ لِغَيْرِهِ كَانَ حَبْسًا وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَرْجِعُ مِيرَاثًا لِعَدَمِ شَرْطِ الْوَقْفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْوَقْفِ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَلْفَاظُ قِسْمَانِ مُطْلَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ نَحْوَ وَقَفْتُ وَحَبَسْتُ وَتَصَدَّقْتُ وَمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التأييد نَحْوَ مُحَرَّمٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى مَجْهُولِينَ أَوْ مَوْصُوفِينَ كَالْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فَيَجْرِي مَجْرَى الْمُحَرَّمِ بِاللَّفْظِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُشْعِرُ بِالْعُمْرَى دُونَ الْحَبْسِ وَلَفْظُ الْوَقْفِ يُفِيدُ بِمَجْرَدِهِ التَّحْرِيمَ وَفِي الْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ وَكَذَلِكَ فِي ضَمِّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ خِلَافٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالصَّدَقَةِ هِبَةَ الرَّقَبَةِ فَلَا يَكُونُ وَقْفًا وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَتَأَبَّدُ يَرْجِعُ بَعْدَ الْوَجْهِ الَّذِي عَيَّنَ لَهُ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ - كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا - إِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَأَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَبْسِ مَبْنِيٌّ عَلَى سَدِّ خَلَّةِ حَاجَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ مَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا يُرَاعَى فِيهِ مَنْ يَرِثُ الْمُحْبِسَ يَوْمَ مَاتَ وَمَا يَرْجِعُ حَبْسًا فَلِأَوْلَاهُمْ بِهِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ وَالْقَرَابَةُ الَّذِينَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ هُمْ عَصَبَةُ الْمُحْبِسِ الْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ من ولد عصبته وَإِذَا قُلْنَا يَرْجِعُ لِلْعَصَبَةِ اخْتُلِفَ

ص: 316

هَلْ لِلنِّسَاءِ فِيهِ مَدْخَلٌ أَمْ لَا فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ دُخُولُهُنَّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ دُخُولِهِنَّ وَقَالَ أَصْبَغُ الْبِنْتُ كَالْعَصَبَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً وَعَنْ مَالِكٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْحَبْسُ وَإِذَا قُلْنَا بِالدُّخُولِ فَاجْتَمَعَ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمْ إِنْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ وَإِلَّا فَالْبَنَاتُ أَوْلَى لِقُرْبِهِنَّ وَتَدْخُلُ مَعَ الْبَنَاتِ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ لِعَدَمِ التَّعَصُّبِ لَوْ كَانَتَا رَجُلًا - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِذَا انْقَرَضَ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْمَرْجِعِ صَارَ حَبْسًا عَلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَفْظُ الْحَبْسِ وَالْوَقْفِ سَوَاءٌ لَا يَفْتَرِقَانِ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْحَبْسِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَقْفُ لَا يَقَعُ إِلَّا محرما فَهُوَ أقوى لمساك وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ - بِحَسَبَ الْمحبس عَلَيْهِ الْحَال الْأُولَى أَنْ يَحْبِسَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَهُوَ يَرْجِعُ بعد موت الْمحبس عَلَيْهِ حبسا على أقرب النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ مُحَرَّمٌ أَوْ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ مِلْكًا لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ - بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عُمْرَى قَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ - وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَقِيلَ إِنْ قَالَ حَيَاتَهُ رَجَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى الْمُحْبِسِ مِلْكًا وَإِلَّا رَجَعَ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيرِ وَالتَّسْوِيَةُ هِيَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَكْرَهُ لِقَوْلِهِ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً لَا تُبَاعُ فَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ حَبْسٌ مُحَرَّمٌ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبِسِ مِلْكًا - إِذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى مَجْهُولِينَ غَيْرِ مُعينين وَلَا مَحْصُورين نَحْو المساكن وَفِي السَّبِيل موقف مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ يَحْبِسُ عَلَى مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ نَحْوَ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ أَوْ عَقِبِهِ فَحَبْسٌ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا وَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ حَيَاتَهُمْ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ مِلْكًا إِلَيْهِ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ وَأَمَّا لَفْظُ

ص: 317

الصَّدَقَةِ فَلَهَا ثَلَاثُ حَالَاتٍ أَيْضًا إِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَهُ بَيْعُهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَهِيَ تملك اتِّفَاقًا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَلَا مَحْصُورِينَ فَتُبَاعُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِهَادِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا فَيَكُونُ حَبْسًا عَلَى ذَلِكَ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ عَلَى مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَهَلْ يَكُونُ لِآخِرِهِمْ مِلْكًا أَوْ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُتَصَدِّقِ قَوْلَانِ لمَالِك أَو اعمار يَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي أَنَّ لَفْظَ الْحَبْسِ وَالْوَقْفِ صَرِيحٌ وَزَادَا لَفْظَ السَّبِيلِ لِوَضْعِ الْأَوَّلَيْنِ لُغَةً لِذَلِكَ وَوَرَدَ الثَّالِثُ فِي السُّنَّةِ حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ

3

-‌

‌ الْبَابُ الثَّانِي فِي شَرْطِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ

وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ أُلْحِقَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْحَبْسِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يُشْتَرَطُ الْحَوْزُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَفَاطِمَة رضي الله عنهم لم يزَالُوا يلوا صَدَقَاتِهِمْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ عَقْدٌ عرا عَن الْمُعَاوَضَةُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْهِبَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ نَخْلَ حَائِطٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ نَفَذَ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَرِينَةِ الْمَرَضِ لَا يُشْتَرَطُ حَوْزُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ حَبَسَ فِي صِحَّتِهِ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ كَالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ لِعَدَمِ الْحَوْزِ فِي الْحَيَاةِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي وَجْهِهَا وَعَادَتْ إِلَيْهِ نَفَذَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِحُصُولِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا نَفَذَ وَلَا يَجُوزُ مِنْ

ص: 318

فِعْلِ الصَّحِيحِ إِلَّا مَا حَيَّزَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَحَوْزُهُ لَهُ حَوْزٌ إِلَّا أَنْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ أَوْ جُلِّهَا حَتَّى مَاتَ فَيَبْطُلُ جَمِيعُهَا لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ سَكَنَ أَقَلَّ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَأَكْرَى لَهُمْ بَاقِيهَا نَفَذَ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَقَدْ حَبَسَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ دَارَيْهِمَا وَسَكَنَا مَنْزِلًا حَتَّى مَاتَا فَنَفَذَ الْجَمِيعُ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُمْ حَازُوا بَلْ حَتَّى تُعَايِنَ الْحَوْزَ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالشَّيْءِ إِنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الشَّيْءِ فِي حَقِّ الْمقر خَاصَّة وَهُوَ هَهُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْوَارِثِ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالرُّهُونُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ يُخْرِجُ الْأَسْلِحَةَ وَغَيْرَهَا ثُمَّ تُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَيَعْلِفُ الْخَيْلَ مِنْ عِنْدِهِ وَتُرَمُّ السِّلَاحُ وَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فِي حَوَائِجِهِ وَيُعِيرُهُ لِإِخْوَانِهِ ثُمَّ يَمُوتُ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِمَنَافِعِهِ وَلَيْسَ تَفْرِيقُ الْغَلَّةِ كَالسِّلَاحِ لِأَنَّ أَصْلَ النَّخْلِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ قَطُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ جَعَلَهَا بِيَدِ غَيْرِهِ يَحُوزُهَا وَيَدْفَعُ غَلَّتَهَا لِلْوَاقِفِ يَلِي تَفْرِيقَهَا جَازَ وَأَبَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لِبَقَاءِ يَدِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ حَبَسَ عَلَى مَنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَحُزْ حَتَّى مَرِضَ الْوَاقِفُ امْتَنَعَ الْحَوْزُ لِلْحَجْرِ وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النِّحَلِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا فِي السَّبِيلِ وَجَعَلَ رَجُلًا يَلِيهَا يُكْرِي وَيَرُمُّ وَيُنْفِقُ فِي السَّبِيلِ ثُمَّ أَكْرَاهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَنَفَذَ الْكِرَاءُ هُوَ مِيرَاثٌ لِأَنَّ إِجَارَتَهُ لَهُ اسْتِيلَاءٌ يَمْنَعُ الْحَوْزَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَهَا عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ أَكْرَاهَا مِنْهُمْ بِكِرَاءٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ أَوْ يَعْمَلُ فِي الْحَائِطِ مُسَاقَاةً فَذَلِكَ يُبْطِلُهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ حَبَسَ فَرَسًا عَلَى رَجُلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ لِيَعْلِفَهُ لَهُ وَيَقُومَ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْزُوَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ مِنْ قَبْضِهِ فَتَرَكَهُ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الْمُعْطِي نَفَذَ لِأَنَّهُ كَانَ وَكِيلُهُ فَيَدُهُ يَدُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يَصْلُحُ هَذَا إِلَّا فِي مِثْلِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ وَمَا لَا غَلَّةَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَيَّزَ عَنْهُ بَعْدَ سُكْنَاهُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ رَجَعَ فَسَكَنَهُ بِكِرَاءٍ نَفَذَ إِنْ كَانَتِ الْحِيَازَةُ

ص: 319

قَدْ ظَهَرَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إِذَا حَازَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فيهم صَغِير وَلَا من لم يحو بَعْدُ أَمَّا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ يجوزه عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدُمَ أَوْ يَكْبُرَ أَوْ يُولَدَ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ هُوَ يُحَوِّزُهُ لِمَنْ يَجُوزُ حَوْزُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَ قَبْلَ أَن يكبر الصَّغِير وَقبل أَن يجوز مَنْ ذَكَرْنَا بَطَلَتْ وَأَقَلُّ الْحِيَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ سنة قَالَ مَالك إِنْ حَبَسَ عَلَى عَبْدِهِ حَيَاتَهُ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ فَحَازَهُ الْعَبْدُ وَمَاتَ السَّيِّدُ لَا شَيْءَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ عَبْدَهُ لَا يَحُوزُ عَنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِانْتِزَاعِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ وَيُحَوِّزُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ بُلُوغِ الِابْنِ الْحَوْزَ بَطَلَ لِلْأَجْنَبِيِّ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيَبْقَى لِلِابْنِ لِحَوْزِ أَبِيهِ لَهُ بِخِلَافِ حَبْسٌ عَلَيْكَ سِنِينَ ثُمَّ عَلَى فُلَانٍ فَحِيَازَةُ الْأَوَّلِ حِيَازَةٌ لِلثَّانِي لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِ الْوَاقِفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْمَرَ لَهُ دَاره وَبعد الْحِيَازَة جعل مرجعها للْآخر لَا يكون حِيَازَة الأول حِيَازَة للثَّانِي إِن مَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ فَلِسَ بِخِلَافِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ حَتَّى يَكُونَ قَبْضُ الْأَوَّلِ قَبْضًا لِلْآخَرِ قَالَ مَالِكٌ حَبَسَ عَلَيْكَ حَيَاتَكَ ثُمَّ فِي السَّبِيلِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ - إِنْ حَيَّزَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَلَيْكَ حَيَاتِي ثُمَّ فِي السَّبِيلِ هُوَ مِنَ الثُّلُثِ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ صَرْفُ الْحَبْسِ فِيمَا حَبَسَ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا وَالْحَبْس أَصْنَاف مَا لَا يحْتَاج إِلَى حِيَازَة وَلَا تَبْقَى يَدُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَوَاجِلِ وَالْآبَارِ بَلْ يَكْفِي التَّخْلِيَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ وَيَجِبُ تَحْوِيزُهُ - وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ إِذَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ كَدَارِ السُّكْنَى وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ وَمَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ - إِذَا أَنْفَذَهُ فِي وَجْهِهِ - كَالْخَيْلِ يُغْزَى عَلَيْهَا وَالسِّلَاحِ وَالْكُتُبِ يُقْرَأُ فِيهَا - إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ يَصِحُّ عَوْدُهُ

ص: 320

إِلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا لَمْ يَأْتِ وَقْتٌ لِجِهَادٍ وَطَلَبِ الْغُزَاةِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يَبْطُلُ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا لَمْ يَفْسُدْ حَبْسُهُ أَوْ يَرْكَبَهَا - كَمَا يَفْعَلُ الْمُلَّاكُ بَطَلَ حَبْسُهُ وَقِرَاءَةُ الْكُتُبِ إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ - خَفِيفٌ وَمَا اخْتَلَفَ هَلْ يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ - وَهُوَ مَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْمُرَادُ غَلَّاتُهُ - كَالثِّمَارِ وَالْحَوَانِيتِ وَعَبِيدِ الْخَرَاجِ وَهَذَا الصِّنْفُ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَقَامَ لِحَوْزِهِ وَإِنْفَاذِ غَلَّاتِهِ غَيْرَهُ صَحَّ وَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ - وَلَمْ يَعْلَمْ إِنْفَاذَ غَلَّاتِهِ بَطَلَ وَعَنْ مَالِكٍ النُّفُوذُ - وَهُوَ الْمُخْتَارُ - لِوُجُودِ الْحَوْزِ بِيَدِ الْغَيْرِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا صَرَفَ مَنْفَعَتَهُ فِي مَصْلَحَتِهَا فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ حَوْزًا إِنْ وَلِيَهُ ثَالِثُهَا فِي الْكِتَابِ الْفَرْقُ بَيْنَ إِخْرَاجِ الْغَلَّةِ كَالثَّمَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ فَيَبْطُلُ وَبَيْنَ إِخْرَاجِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا كَالْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ يُقَاتَلُ بِهِمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ فَيَصِحُّ

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِنِ امْتَنَعَ الْمُحْبِسُ مِنَ الْحَوْزِ جُبِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ لِتَرَاخِي الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي الْقَبْضِ حَتَّى يَفُوتَهُ الْمُحْبِسُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي إِحْدَى عشرَة مسئلة إِذَا سَكَنَ أَقَلَّ الْحَبْسِ أَوِ الْهِبَةِ صَحَّ الْجَمِيعُ وَإِذَا اسْتَوَيَا صَحَّ فِي غَيْرِ الْمَسْكُونِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ أَخْرَجَ مِنَ الْأَكْثَرِ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ مِنْ غَالَبِ غَنَمِ الْبَلَدِ ضأنا كَانَ أَو معزا أَو السَّقْي والنضح يُزَكِّي عَلَى الْغَالِبِ وَإِذَا أَدَارَ بَعْضَ مَالِهِ حُكِمَ لِلْغَالِبِ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَالْبَيَاضُ فِي

ص: 321

الْمُسَاقَاةِ تَبَعٌ - إِذَا كَانَ أَقَلَّ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِذَا نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْء لَهُ فِيهِمَا وَقِيلَ لَهُ سَهْمُهُ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِذَا أَطْعَمَ أَكْثَرَ الْغَرْسِ سَقَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَوْ أَقَلَّهُ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا وَجَدَ الْمَسَاقِيَ أَكْثَرَ الْحَائِطِ سَقَطَ السَّقْيُ أَوْ أَقَلَّهُ فَعَلَيْهِ السَّقْيُ وَإِذَا أَبَّرَّ أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَالْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَلَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا اسْتَحَقَّ وَلَا التَّسْلِيمُ بَلْ يَرْجِعُ بِقَدْرِهِ

3

-‌

‌ الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ

وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ أَبْوَابِ الْقُرَبِ لِمَا تقدم من الْأَحَادِيث وَيَنْبَغِي أَن يُخَفف شُرُوطه وَأَن يُضَيَّقَ عَلَى مُتَنَاوِلِهِ بِكَثْرَتِهَا فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى أَكْلِ الْحَرَامِ بِمُخَالَفَتِهَا وَتَسْلِيمِهَا مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي الْأَجْرِ وَلَا يُضَيَّقُ فِي ذَلِكَ مَا يُخَيَّلُ مِنَ التُّهْمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَوْسِعَةِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي وَقْفِهِ

فَرْعٌ - وَحُكْمُهُ لُزُومٌ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح) غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَهُوَ مِلْكُهُ يُورَثُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ أَوْ يُعَلِّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ فَيَقُولُ إِذا مَاتَ فَدَارِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - نَحْنُ مُعَاشِرُ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاه صَدَقَةٌ - يُرْوَى صَدَقَةً بِالنَّصْبِ وَتَقْدِيرُهُ لَا نُوَرَّثُ كُلُّ شَيْءٍ تَرَكْنَاهُ صَدَقَةً فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا تَرَكَهُ غَيْرُهُمْ صَدَقَةٌ يُوَرَّثُ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لَا حَبْسَ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ - يُشِيرُ إِلَى آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَلِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ وَقَفَ بُسْتَانًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَشَكَاهُ أَبَوَاهُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ - وَقَالَا مَا لَنَا غَيْرُهُ فَرَدَّ غَلَّتَهُ عَلَيْهِمَا فَلَمَّا مَاتَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَجَعَلَهُ لَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَقْفًا وَقَالَ شُرَيْحٌ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِطْلَاقِ الْحَبْسِ

ص: 322

وَيُرْوَى بِبَيْعِ الْحَبْسِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ حَوَانِيتَ الْبَيْعِ فِي مِلْكِي لَمْ يُوَرَّثْ وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ إِلَى التَّصَرُّفِ أَعْظَمُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَتَقْدِيرُهُ الَّذِي تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ وَقَدِ احْتَجَّ الصِّدِّيقُ بِهِ فَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَجَاوَبَتْهُ فَاطِمَةُ رضي الله عنها وَالصَّحَابَةُ فَإِنَّ الَّذِي تَرَكَ غَيْرَ صَدَقَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يُوَرَّثَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمِيرَاثِ بَلْ عَلَيْهِ بِالْمَفْهُومِ وَلِمَا حَسُنَ مِنْهُ الِاحْتِجَاجُ وَأَنَّهُ عَنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ الْحَبْسُ الْمُسْقِطُ لِلْمَوَارِيثِ - وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ الْفَرَائِضَ قُدِّرَتْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَبَعْدَ الدُّيُونِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ كَانَ لَهُمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحَبْسِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِمَا - وَذَلِكَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَلَوْلَا أَنَّهُ لَهُمَا لَمَا وَرِثَهُ عَنْهُمَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مُرَادَهُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَحْبِسُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْوَقْفَ كَانَ وَقْفًا وَمَنَعْنَا الْحُكْمَ وَإِلَّا فَهُوَ إِثْبَاتُ حُكْمِ الْمَنْعِ بِدُونِ سَبَب وَفِي صور لَا النِّزَاعِ لِسَبَبِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الثُّلُثَ ثَابِتٌ لَهُ قَبْلَ الْوَقْفِ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ وَمَنْ يَمْلِكُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْكِينِ نَفْسِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَنْ يَهَبَ نَفْسَهُ بِخِلَافِ الْغَيْرِ لِأَنَّ تَحْدِيدَ الِاخْتِصَاصِ لَمْ يَكُنْ وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِعُمَرَ رضي الله عنه فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَحْبُوسًا مَمْنُوعًا بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ كَتَبَ فِيهِ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بأَمْره صلى الله عليه وسلم َ - لِأَنَّهُ الْمُشِيرُ فِي الْقَضِيَّةِ وَالْمُدَبَّرُ لَهَا وَثَانِيهَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - لَهُ مَقْدِرَةٌ إِلَّا وَقَفَ وَقْفًا وَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ كُتُبًا وَمَنَعُوا فِيهَا مِنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَأَوْقَافُهُمْ مَشْهُورَةٌ بِالْحَرَمَيْنِ بشروطها وَأَحْوَالهَا

ص: 323

يَنْقِلُهَا خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ فَهُمْ بَيْنَ وَاقِفٍ وَمُوَافِقٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِذَلِكَ رَجَعَ أَصْحَابُ (ح) عَن مذْهبه فِي هَذِه المسئلة لما لم يُمكنهُم الطعْن فِي هَذِه النَّقْلِ وَبِهِ احْتَجَّ مَالِكٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ عِنْدَ الرَّشِيدِ فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ لِمَالِكٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ فَإِنَّهُ وَافَقَ فِيهِمَا وَقِيَاسًا لِمَا يَقَعُ فِي الْحَيَاةِ عَلَى مَا يُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَسْوِيَةٍ بَيْنَ الْحَالَيْنِ - كَالْعِتْقِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَبْسُ عَلَى الْمُعَيَّنِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ يَرْجِعُ مِلْكًا فِي وَجْهَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَوْلُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَوِ الْعِشْرَةِ وَضَرَبَ أَجَلًا أَوْ حَيَاتَهُ لَمْ تَرْجِعْ مِلْكًا اتِّفَاقًا فِي هَذَيْنِ لِأَنَّهُ إِسْكَانٌ بِلَفْظِ التَّحْبِيسِ وَاخْتُلِفَ إِذَا لَمْ يُسَمِّ أَجَلًا وَلَا حَيَاةً بَلْ قَالَ حَبْسًا صَدَقَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ فَعَنْهُ يَكُونُ عَلَى مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ نَظَرًا لِلَفْظِ الْحَبْسِ وَعَنْهُ يَرْجِعُ مِلْكًا لِقَرِينَةِ التَّعْيِينِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعُمْرَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَبَسَ عَلَى مَخْصُوصِينَ فَهُوَ عُمْرَى وَإِنْ سَمَّاهُ صَدَقَةً نَظَرًا لِقَرِينَةِ التَّعْيِينِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ يَصْنَعُ مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَيُلْغَى قَوْلُهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ هُوَ الْمَنْفَعَةَ فَلَا يَثْبُتُ الْحَبْسُ بِالشِّرْكِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ وَعَقِبِهِ تَجَرَ فِيهِ وَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ وَيَضْمَنُهُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ دَخَلَ مَعَهُ فَإِنِ انْقَرَضُوا وَالْآخَرُ امْرَأَةٌ أَخَذَتْهُ بِالْمِيرَاثِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْمِلْكِ - وَلَوْ ذُكِرَ الْعَقِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْهِبَةُ وَالْإِذْنُ دُونَ الْوَقْفِ فَلِلْأَوَّلِ هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ وَلِلْآخَرِ الرَّقَبَةُ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لِعَدَمِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يَبِيع إِلَّا أَن ييئس مِنَ الْوَلَدِ وَلَوْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُولَدْ لَهُ لَهُ أَن يَبِيع لِأَن الْقَصْد بِهِ الْوَلَدُ وَإِنَّمَا ذِكْرُ السَّبِيلِ مَرْجِعُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ حَبْسٌ فَإِنْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو بَتْلًا فَمَاتَ الَّذِي بَتَلَ أَيْ قَبْلُ ثُمَّ انْقَرَضَ زَيْدٌ وَعَقِبُهُ رَجَعَتْ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَةِ عَمْرٍو

ص: 324

يَوْمَ مَاتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى السَّبِيلِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَبِيعُ حَتَّى يَيْأَسَ مِنَ الْوَلَدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ حَبْسٌ يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ ثِقَةٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ رَجَعَ إِلَى أَوْلَى النَّاسِ بِهِ يَوْمَ حَبَسَ وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِعَقِبَيْ فُلَانٍ فَلَمْ يُولَدْ لَهُ وَلَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ الْوَلَدِ انْتَظَرَ وَإِلَّا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ وُجُودِ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ بَطَلَتْ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَقَالَ إِنْ أَحَبُّوا أَوْ أَجْمَعَ مِلَاؤُهُمْ عَلَى الْبَيْعِ بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا الثَّمَنَ بِالسَّوِيَّةِ هُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ فَلَوْ هَلَكُوا إِلَّا وَاحِدًا لَهُ الْبَيْعُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ بَتَلَهَا لِبَنِيهِ خَاصَّةً وَإِذَا قَالَ فِي حَبْسٍ إِنْ أَحَبُّوا بَاعُوا فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَبِيعُوا فِي دُيُونِهِمْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَقَلَهَا لَهُمْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ دَارِي عَلَى عَقِبَيْ فُلَانٍ وَهِيَ لِلْآخَرِ أَوْ عَلَى الْآخَرِ مِنْهُمْ فَهِيَ لِلْآخَرِ مِنْهُمْ مُسَلَّمَةً وَقِيلَ ذَلِكَ حَبْسٌ فَإِنْ كَانَ آخِرَهُمُ امْرَأَةٌ لَهَا الْبَيْعُ أَوْ رَجُلٌ يُرْجَى لَهُ عَقِبٌ أُوقِفَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُعَقِّبْ - وَرِثَهَا وَرَثَتُهُ وَإِنْ تَصَرَّفُوا وَجَعَلَهَا لِلْآخَرِ فَاجْتَمَعَ الْأَبْعَدُ وَالْأَقْرَبُ عَلَى بَيْعِهَا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ غَيْرِهِمُ الْآخَرَ إِلَّا أَنْ يَنْقَرِضُوا كُلُّهُمْ فَلَوْ قَالَ عَبْدِي حَبْسٌ عَلَيْكُمَا هُوَ لِلْآخَرِ مِلْكٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا - وَهُوَ لِلْآخَرِ مِنْكُمَا فَهُوَ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ حَيَاتَهُ وَلَوْ قَالَ أَمَتِي صَدَقَةٌ حَبْسٌ عَلَى أُمِّهِ وَأُخْتِهِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَأَيُّهُمَا مَاتَ فَهِيَ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا فَإِنْ عَيَّنَهَا لِلْآخِرَةِ مِنْهُمَا تَصْنَعُ مَا شَاءَتْ مِنَ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَيَبْطُلُ حَبْسُهَا وَلَمْ يَرَهَا مِثْلَ الدُّورِ وَلَاحِظْ مَعْنَى الثَّمَنِ كَالْعَلَفِ فِي الْحَيَوَانِ دُونَ الرَّبَاعِ لِأَنَّهُ يُنْقَلُ الرَّقِيقُ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ وينقله

ص: 325

إِلَى مَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْعِتْقُ وَأَمَّا الرَّبَاعُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْتَلَ بَعْدَ التَّحْبِيسِ لِأَنَّهُ مُخَالَفَةٌ لِلْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ مَرْجِعَهَا إِلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا حَبَسَ دَارَهُ عَلَى رَجُلٍ وَقَالَ لَا تُبَاعُ وَلَا توهب ثمَّ بداله أَنْ يَبْتُلَهَا لَهُ وَقَالَ هِيَ عَلَيْكَ صَدَقَةٌ فَلهُ أَن يصنع مَا شَاءَ قَالَ أَولا حَبَسَ عَلَيْكَ حَيَاتَكَ أَمْ لَا وَقِيلَ بَلْ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحَبْسِ عَلَى مُعَيَّنٍ هَلْ يَرْجِعُ مِلْكًا أَمْ لَا فَعَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ حَبْسًا يَمْتَنِعُ أَنْ يَمْلِكَهَا لَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهَا

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ الْخِيَارَ فِي الرُّجُوعِ بَطَلَ شَرَطُهُ وَلَزِمَ الْوَقْفُ لَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ

فَرْعٌ - قَالَ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ بَلْ يَجُوزُ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَقَفْتَ يَصِحُّ إِنْ بَقِيَتِ الْعَيْنُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَنَعَ ش وَأَحْمَدُ التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ بِجَامِعِ نَقْلِ الْمِلْكِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِمَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ أَشْبَهُ بِالْعِتْقِ وَأَخَصُّ بِهِ مِنَ الْبَيْعِ

فَرْعٌ - قَالَ لَا يُشْتَرَطُ إِعْلَامُ الْمَصْرِفِ بَلْ لَوْ قَالَ وَقَفْتُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفًا صَحَّ وَصُرِفَ لِلْفُقَرَاءِ - قَالَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ

فَرْعٌ - قَالَ وَيَجِبُ اتِّبَاعُ شُرُوطِ الْوَقْفِ وَقَالَهُ ش وَأَحْمَدُ فَلَوْ شَرَطَ مَدْرَسَةً أَوْ أَصْحَابَ مَذْهَبٍ معِين أَو قوم مَخْصُوصِينَ لَزِمَ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي صرفه إِلَّا

ص: 326

عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْوَالِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَ لَا يُؤَاجِرَ مُطْلَقًا أَوْ إِلَّا سَنَةً بِسَنَةٍ أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ صَحَّ وَاتَّبَعَ الشَّرْطَ

فَرْعٌ - قَالَ لَوْ قَالَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ كَغَلَّةِ دَارٍ أَوْ غَلَّةِ عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ فَحِصَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لَا يَنْقَسِمُ كَعَبْدٍ يَخْدِمُ وَدَابَّةٍ تُرْكَبُ فَهَلْ هُوَ كَالَّذِي يَنْقَسِمُ لِتَنَاهِي الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ تَرْجِعُ حِصَّتُهُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا لِأَنَّ قَرِينَةَ تَعَذُّرِ الْقِسْمَةِ تَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ الْجَمِيعِ لَا بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِوَايَتَانِ فَإِذَا انْقَرَضَا صَارَ لِلْمَسَاكِينِ الْجَمِيعُ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا حَبَسَ الْبَقَرَ لِيُقَسَّمَ لَبَنُهَا فَمَا وَلَدَتْ مِنَ الْإِنَاثِ حُبِسَ مَعَهَا أَوْ مِنَ الذُّكُورِ حُبِسَتْ لِنَزْوِهَا لِأَنَّهَا نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ مَوْقُوفَةٍ فَتَتْبَعُ أَصْلَهَا كَتَبَعِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ لِأُصُولِهِ وَيُبَاعُ الْفَضْلُ مِنَ الذُّكُورِ لِتَعَذُّرِ النَّفْعِ بِهِ كَالْفَرَسِ الْوَقْفِ إِذَا هَرِمَ فَيُشْتَرَى بِهِ إِنَاثٌ وَكَذَلِكَ مَا كَبُرَ وَانْقَطَعَ لَبَنُهُ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ تَأْثِيرُ الْوَقْفِ بُطْلَانُ اخْتِصَاصِ الْمِلْكِ بِالْمَنْفَعَةِ وَنَقْلُهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَثَبَاتُ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ وبالإتلاف وَالنَّقْلِ لِلْغَيْرِ وَالرَّقَبَةُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ يَبْطُلُ مِلْكُ الْوَاقِفِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ (ش) فِي مَشْهُورِهِ يَنْقُلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ كَالْعِتْقِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَنْقُلُهُ لِلْمَوْقُوفِ كَالْهِبَةِ

قَاعِدَةٌ - التَّصَرُّفَاتُ تَنْقَسِمُ إِلَى النَّقْلِ وَالْإِسْقَاطِ فَالْأَوَّلُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ لِلثَّانِي وَالْإِسْقَاطُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّ الْعِصْمَةَ

ص: 327

وَهِيَ التَّمْكِينُ مِنَ الْوَطْءِ وَالْمِلْكِ فِي الرَّقِيقِ لم ينْتَقل لِلْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُ أَوْرَاقُ الرسائل قَالَ ظَاهِرَ حَالِ الْمُرْسِلِ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ مِلْكِهِ فِي الورقة كَمَا يعرض عَن العهة مِنَ الْبُرِّ أَوِ الزَّبِيبِ إِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَهَا الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ بَلْ مَقْصِدُهُ مِنَ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ أَنْ يَقِفَ على مَا تساقط إِذَا تَقَرَّرَتِ الْقَاعِدَةُ فَحَكَى الِاجْتِمَاعَ فِي الْمَسَاجِدِ أَنَّ وَقْفَهَا إِسْقَاطٌ كَالْعِتْقِ فَإِنَّ الْجَمَاعَاتِ لَا تُقَامُ فِي الْمَمْلُوكَاتِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ

قَاعِدَةٌ - إِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ فِي عين فَالْأَصْل استصحابه بِحَسب الْإِمْكَان وَإِذا اقْتَضَى سَبَبَ نَقْلِ مِلْكٍ أَوْ إِسْقَاطِهِ وَأَمْكَنَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ لَا نُرَقِّيهِ إِلَى أَعْلَاهَا وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قُلْنَا أَنَّ الِاضْطِرَارَ يُوجِبُ نَقْلَ الْمِلْكِ مِنَ الْمُتَيَسِّرِ إِلَى الْمُضْطَرِّ إِلَيْهِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا بِأَنْ يَكُونَ بِالثَّمَنِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا - وَهِيَ النَّقْلُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ كَذَلِكَ هَاهُنَا الْوَقْفُ يَقْتَضِي الْإِسْقَاطَ فَاقْتَصَرَ بِأَنَّهُ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا وَهِيَ الْمَنَافِعُ دُونَ الرَّقَبَةِ تَوْفِيَةً بِالسَّبَبِ وَالْقَاعِدَةِ مَعًا وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي النَّخْلِ الْمَوْقُوفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة

فرع - قَالَ إِذا حَبَسَ الْفَرَسَ أَوِ التَّيْسَ لِلضِّرَابِ فَانْقَطَعَ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَبُرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ يُبَاع صونا لما ليته عَنِ الضَّيَاعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُبَاعُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الْحَبْسِ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَبْسِ حَرَامٌ

ص: 328

فَرْعٌ - قَالَ الْوِلَايَةُ فِيهِ لِمَنْ شَرَطَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يُوَلِّ وَلَّاهُ الْحَاكِمُ ضَبْطًا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلْحَوْزِ قَالَ (ش) وَ (ح) يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطه لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُ يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ كَيْفَ يَشَاءُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْحَاكِمُ وَقَالَ أَحْمَدُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْحَوْزَ عِنْدَهُمَا لَيْسَ شَرْطًا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ قَالَ أَحْمَدُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَانَ عَدْلًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَلَكَهُ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِي الْمُبَاشَرِ حِينَئِذٍ لَنَا أَنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّظَرُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي الْحَبْسِ فَكَذَلِكَ - قَالَهُ ابْنُ الْقسم وَأَشْهَب فَإِن جعله بيد غَيره يجوز لَهُ وَيَجْمَعُ غَلَّتَهُ وَيَدْفَعُهَا لِلْوَاقِفِ يُفَرِّقُهَا أَجَازَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِبَقَاءِ تَصَرُّفِهِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَوَلِّي الْأَمَانَةُ وَالْكِفَايَةُ وتتولى الْعِمَارَة وَالْإِجَارَة وَتَحْصِيل الرّبع وَصَرْفُهُ بَعْدَ إِصْلَاحِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِصْلَاحِ وَالْبِدَايَةُ بِالْإِصْلَاحِ مِنَ الرِّيعِ حِفْظًا لِأَصْلِ الْوَقْفِ بَلْ لَوْ شَرَطَ خِلَافَ ذَلِكَ بَطَلَ لِأَنَّهُ خِلَافُ سُنَّةِ الْوَقْفِ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ إِصْلَاحَ الدَّارِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى الْوَقْفُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَأَصْلَحَ مِنَ الْغَلَّةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُرَدُّ الْوَقْفُ مَا لَمْ يُقْبَضْ لِفَسَادِهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِنْ عَلِمَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الصَّرْفِ اتَّبَعَ فِي الْمُسَاوَاةِ وَالتَّفْضِيلِ وَإِلَّا صَرَفَ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنْ جَهِلَ أَرْبَابُهُ فَهُوَ كَوَقْفٍ لَمْ يُعَيَّنْ مَصْرِفُهُ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ يَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ

ص: 329

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا آجَرَهُ الْوَلِيُّ لِغِبْطَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ طَالِبٌ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَفْسَخْ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَقَعَ صَحِيحًا لَازِمًا

فَرْعٌ - قَالَ يُمْنَعُ نَقْضُ بُنْيَانِ الْحَبْسِ لِتُبْنَى فِيهَا الْحَوَانِيتُ لِلْغَلَّةِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِتَغَيُّرِهِ وَمَنْ هَدَمَ حَبْسًا مِنْ أَهله أومن غَيْرِهِمْ رَدَّ الْبُنْيَانَ كَمَا كَانَ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ وَقَالَ (ش) عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْبُنْيَانَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ الْبُنيان وَالثَّوْب يخرق خرقا يَسِيرا يجب رفده وَالرَّجُلُ يَشْتَرِي الشَّاةَ وَآخَرُ جِلْدَهَا فَيُؤْثِرُ صَاحِبُ الشَّاةِ الْإِحْيَاءَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْجِلْدِ حَكَى هَذَا صَاحِبُ الْبَيَانِ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لِأَنَّ عَوْدَ الْبُنْيَانِ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ فِي عتقه وهيأته مُتَعَذِّرٌ وَالْقِيمَةُ قَدْ لَا تُحَصِّلُ مِثْلَ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَالْقِيمَةُ إِنَّمَا جُعِلَتْ بَدَلَ الشَّيْءِ إِذَا كَانَت تَحْصِيل مثله وَهَهُنَا لَا تُحَصَّلُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ يُقْتَلُ فَقِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ وَيُجْعَلُ مَكَانَهُ فَإِن تعذر يشقص مِنْ مِثْلِهِ وَقِيلَ إِذَا تَعَذَّرَ قُسِّمَ كَالْغَلَّةِ وَإِذا انْكَسَرَ من الْجذع امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَاسْتُعْمِلَ فِي الْوَقْفِ وَكَذَلِكَ الْبَعْضُ وَقِيلَ يُبَاعُ وَلَا يُنَاقَلُ بِالْوَقْفِ وَإِنْ خَرِبَ مَا حَوَالَيْهِ وَبَعُدَتِ الْعِمَارَةُ عَنْهُ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ تُبَاعُ الدَّارُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا إِلَى وَقْفٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا خَرِبَ مَا حَوْلَهُ عَادَ إِلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ عَبَثٌ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْعِتْقِ وَعَارَضُوهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَنِ إِذَا أَكَلَ الْمَيِّت السَّبع وَالْفرق أَن هَهُنَا يُرْجَى عَوْدُ الْمَنْفَعَةِ لِمَنْ يُشْرَعُ بِعِمَارَتِهِ وَيَعُودُ النَّاسُ حَوْلَهُ وَالْمَيِّتُ إِذَا أُكِلَ لَا يَعُودُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ يُبَاعُ عِنْدَ الْهَرَمِ

ص: 330

فَرْعٌ - قَالَ يَجُوزُ بَيْعُ الدُّورِ الْمُحْبَسَةِ حَوْلَ الْمَسْجِدِ يُحْتَاجُ لِتَوْسِيعِهِ بِهَا وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ لِأَنَّ السّلف عمِلُوا ذَلِك فِي مَسْجده صلى الله عليه وسلم َ - وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا أَهَمُّ مِنْ نَفْعِ الدُّورِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ فِي مِثْلِ الْجَوَامِعِ وَالْأَمْصَارِ وَمَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ

نَظَائِرُ - قَالَ الْعَبْدِيُّ يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ مُجَاوِرُ الْمَسْجِدِ إِذَا ضَاقَ يُجْبَرُ مَنْ جَاوَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْمَاءُ لِلْخَائِفِ مِنَ الْعَطَشِ فَإِن تعذر الثّمن أجبر بِغَيْر ثمن وَمن انْهَارَتْ بِئْرُ جَارِهِ وَعَلَيْهَا زَرْعٌ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَقيل بِالثّمن والمحتكر يجْبر على بيع طَعَامه وَجَارُ الطَّرِيقِ إِذَا أَفْسَدَهَا السَّيْلُ يُؤْخَذُ مَكَانُهَا بِالْقيمَةِ من جَار الساقية وَصَاحب الفران فِي قَرْنِ الْجَبَلِ إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيُخَلِّصَهُمْ وَصَاحِبُ الْفَرَسِ أَوِ الْجَارِيَةِ يَطْلُبُهَا السُّلْطَانُ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ جَبَرَ النَّاسَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ هُوَ دَفْعًا لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ

فَرْعٌ - فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ الْكِرَاءُ لِلسَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَمَا يُرَى مِنَ النَّظَرِ مِمَّا يَجُوزُ مِثْلُهُ لِلْوَكِيلِ وَأَمَّا مَا يَطُولُ فَلَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَلِي مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَيَمْتَنِعُ الْكِرَاءُ بِالنَّقْدِ لِأَنَّهُ قَدْ يَضِيعُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ الْكِرَاءُ حَتَّى يَكْمُلَ السُّكْنَى وَقَدْ يَمُوتُ مَنْ أَخَذَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَيَحْرُمُ مَنْ جَاءَ قَبْلَ الْوُجُوبِ مِمَّنْ يُولَدُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِ الْخَمْسِ سِنِينَ وَقَدِ اكْتَرَى مَالِكٌ مَنْزِلَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ صَدَقَةٌ وَأَنْكَرَ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ عَشْرَ سِنِينَ

فَرْعٌ - قَالَ مَنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ فِي وَقْفِ غَيْرِهِ أَوْ يُنْقِصُ مِنْهُ مَنَعَهُ الْوَاقِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ أَوِ الْإِمَامُ إِنْ لَمْ يَمْنَعِ الْوَاقِفُ وَلَا الْوَارِثُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِلْوَاقِفِ فَإِذَا تَرَكَ حَقَّهُ قَامَ

ص: 331

الْإِمَامُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ خَرِبَ فَأَرَادَ غَيْرُ الْوَاقِفِ إِعَادَتَهُ لِلْوَاقِفِ مَنَعَهُ وَلِوَارِثِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِمْ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا وَقَفَ الْحَيَوَانَ وَأَمْضَيْنَاهُ عَلَى شَرْطِهِ لَهُ تَغْيِيرُ الْوَقْفِ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ لِلْعَبْدِ وَلَوْ نَقَلَ الْحَيَوَانَ إِلَى مَا لَيْسَ أَفْضَلَ امْتَنَعَ لِأَنَّا جَوَّزْنَا النَّقْلَ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ وَضْعِ الْوَقْفِ لِأَجْلِ ضَعْفِ الْوَقْفِ فِيهِ وَالْمَصْلَحَةُ لِلْأَرْجَحِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَوْ حَبَسَ عَبْدَيْنِ عَلَى أُمِّهِ حَيَاتَهَا فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ تُجِيزَهُ أُمُّهُ لِأَنَّ النَّقْلَ إِلَى الْأَفْضَلِ جَائِزٌ وَلَمْ يبْق إِلَّا حَقّهَا فَيسْقط بالرضى

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَبْس غلاته كالثمار وَعبيد الْإِجَارَة والحوانيت سوقيت الثِّمَار أَو يواجر عَلَيْهَا فَمَا اجْتَمَعَ قُسِّمَ أَوِ الْمُرَادُ غَيْرَ الْغَلَّةِ كَالدَّارِ لِلسَّكَنِ وَالْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَالْخَيْلِ لِلرُّكُوبِ انْتُفِعَ بِأَعْيَانِهَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعينين وَلم تسع لِجَمِيعِهِمْ وَهُمْ مِثْلَاهَا وَلَا الْعَشْرَةُ اسْتَوَوْا فِيهِ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلِ الدَّار الْجَمِيع أكريت وَقسمت الْغلَّة واقترعوا عَلَى السَّكَنِ وَدُفِعَ لِلْآخَرِ نَصِيبُهُ مِنِ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَقِبِ أَيْضًا

ص: 332

قَالَ مَالِكٌ يُؤْثَرُ الْفَقِيرُ عَلَى الْغَنِيِّ لِأَنَّ مَقْصِدَ الْأَوْقَافِ سَدُّ الْخِلَّاتِ وَالْآبَاءُ عَلَى الْأَبْنَاءِ سَوَاءٌ قَالَ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ وَلَدِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُفَضَّلُ إِلَّا بِشَرْطِ الْمُحْبِسِ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْهُمُ الْفَقِيرَ وَالْغَنِيَّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَهُوَ لَغْوٌ وَهُوَ قَاصِدٌ لِلتَّسْوِيَةِ فَسَوَّى وَعَنْ مَالِكٍ يَسْتَوِي الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ غَيْرَ أَنَّهُ يُفَضَّلُ ذُو الْعِيَالِ بِقَدْرِ عِيَالِهِ وَيُسَوَّوُا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى قَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَالَ وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي لَمْ يُقَدَّمْ أَحَدٌ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الذِّكْرِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآبَاءُ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إِذَا اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ قَالَ وَالْمُسَاوَاةُ مُطْلَقًا أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَإِذَا سَكَنَ الْجَمِيعُ ثُمَّ اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ أَوْ مَاتَ بَعْضُ الْعِيَالِ أَوْ كَثُرَ عِيَالُ الْآخَرِ أَوْ كَبُرَ الصَّغِيرُ فَاحْتَاجَ إِلَى مَسْكَنٍ أَوْ غَابَ أَحَدُهُمُ افْتَرَقَ الْجَوَابُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَخْرُجُ بِالْغِنَى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ وَيَرْجِعُ لِعَصَبَةِ الْمُحْبِسِ مِنَ الرِّجَالِ فَإِنِ افْتَقَرَ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمُ انْتُزِعَ وَرُدَّ إِلَيْهِمْ قَالَ وَهَذَا الصَّوَابُ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهُ لِلْفَقِيرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّهُ مَتَى سَكَنَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَخْرُجْ وَإِنِ اسْتَغْنَى وَإِنْ مَاتَ بَعْضُ الْعِيَالِ وَفَضَلَ مَسْكَنٌ انْتُزِعَ وَإِنْ كَثُرَ عِيَالُ أَحَدِهِمْ أَوْ بَلَغَ وَتَأَهَّلَ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُسْتَأْنَفِ الْقَسْمُ وَإِنَّمَا اسْتَوَى الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فِي ابْتِدَاءِ الْقَسْمِ لعدم الِاسْتِحْقَاق بِالسَّبقِ وَهَهُنَا تَقَدَّمَ سَبْقٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ فِي ابْتِدَاءِ السُّكْنَى قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وُقِفَ نَصِيبُهُ وَأُكْرِيَ لَهُ أَوْ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا يُسْتَأْنَفُ الْقَسْمُ إِذَا قَدِمَ وَمِنْ غَابَ بَعْدَ الْقَسْمِ عَلَى وَجْهِ الْعَوْدِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي مَسْكَنِهِ وَيُكْرِيهِ إِنْ أَحَبَّ أَوْ لِيَنْقَطِعَ سَقَطَ حَقُّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَسْكَنُ فَاضِلًا عَنْ جَمِيعِهِمْ فَيَكُونُ عَلَى حُكْمِ الْغَلَّةِ يُقَسَّمُ كِرَاؤُهُ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنَ

ص: 333

الْكِرَاءِ وَأَمَّا الثِّمَارُ وَغَلَّةُ الْحَوَانِيتِ فَحَقُّ الْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ وَالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمُنْتَقِلِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ مُسْتَمِرَّةً وَيُقْصَدُ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَمْ تَقْدَحْ فِيهَا الْغَيْبَةُ وَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَبْسِ انْتَقَلَ إِلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ لَمْ يُبْعَثْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ لَمْ يَقْصِدْهُ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ إِلَّا أَنْ يَقْدُمَ فَيَسْتَأْنِفَ لَهُ الْقَسْمَ وَعِنْدَ الْإِجَارَةِ أُجْرَتُهُ كَالثِّمَارِ وَعَبْدُ الْخِدْمَةِ كَدَارِ السَّكَنِ وَيُفَارِقُ الدَّارَ إِذَا ضَاقَتْ عَنْ جَمِيعِهِمْ بِأَنْ يُوَسِّعَ فِي الْأَيَّامِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثِينَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ يَوْمٌ مِنْ ثَلَاثِينَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى كَثْرَةُ الْعَدَدِ بَلْ أَهْلُ الْحَاجَةِ وَفِي السُّكْنَى كَثْرَةُ الْعَائِلَةِ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى سَعَةِ الْمَسْكَنِ وَالْمُحْتَاجُ الْغَائِبُ أَوْلَى مِنَ الْغَنِيِّ الْحَاضِرِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَوْقَافِ لِسَدِّ الْخِلَّاتِ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ لِمَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ وَلَا الْغَنِيُّ لِلْفَقِيرِ الْقَادِمِ لِأَنَّ الْحَوْزَ نَوْعٌ مِنَ التَّمَلُّكِ وَيَسْتَوِي فِي الْغَلَّةِ الْمُنْتَجِعُ وَالْمُقِيمُ وَإِنَّمَا سَقَطَ السُّكْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إِذَا قَالَ عَلَى وَلَدِي أَوْ وَلَدِ فُلَانٍ فَأَمَّا عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مُسَمَّيِنَ لَيْسَ عَلَى التَّعْقِيبِ فَحَقُّ الْمُنْتَجِعِ فِي السُّكْنَى وَقَسْمِ الْغَلَّةِ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ أَوِ الْعِيَالُ فَعَلَى الْعَدَدِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذا رَجَعَ الْوَقْف لأَقْرَب النَّاس بالواقف كَانَ أَقْرَبُهُمْ مَوَالِيَهُ فَهُوَ لَهُمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ إِلَّا مِنَ الْمُحْبِسِ أَوْ وَرَثَتِهِ لِأَنَّ مَرْجِعَهُ إِلَيْهِ فَهُوَ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُمْ شَيْئًا وَإِنَّمَا دَفَعَ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ

ص: 334

بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَسْكَنَ قَوْمًا حَيَاتَهُمْ يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمُ الْآخَرَ شَيْئًا وَيَخْرُجَ لَهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ نَخْلًا فَأَرْدَمَهَا الرَّمْلُ إِلَى كَرَاسِعِهَا لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَائِهَا لِأَنَّهُ حُبِسَ مَعَهَا وَجَمِيعُ مَنَافِعِهَا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ شَيْئًا فِي وَجْهٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْوَاقِفُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الْمَوْقُوفِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَعَلَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ حِينَ الْحَبْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْآثَارُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما بِذَلِكَ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْدَمَ عَبْدَهُ رَجُلًا سِنِينَ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ الرَّجُلُ الْعَمَلَ عُتِقَ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَرِثَهُ الْوَاهِبُ أَوْ وَرَثَتُهُ وَإِنْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لَهُ لِأَنَّهَا بَدَلُ الرَّقَبَةِ وَهِيَ لَهُ وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا فَأُعْطِيَ الْمُخْدَمُ الْعَقْلَ بَقِيَ عَلَى خِدْمَتِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى قَاعِدَةِ جِنَايَةِ الْعَبِيدِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَلَدُ الْمُخْدِمِ مِنْ أَمَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يَخْدِمُ لِأَنَّ ولد الْمكَاتب وَالْمُدبر كَذَلِك وَالْأمة يتبعهَا وَلَدهَا

ص: 335

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْدَمَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ نَصِفَهُ الْبَاقِي عُتِقَ وَأُخِذَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فَاسْتُؤْجِرَ لِلْمُخْدَمِ مَنْ يَخْدِمُهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَجَعَ لِلسَّيِّدِ

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَالِاسْتِغْنَاءُ أَنْ يَلِيَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِالْبُلُوغِ أَوْ مَا يقوم مقَامه من حدا لاحتلام وَيكون رَشِيدًا

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنِينَ بِصِفَاتِهِمْ وَأَشْخَاصِهِمْ فَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْإِبَارِ أَخَذَ حَقَّهُ عِنْدَ الْقَسْمِ وَمَنْ مَاتَ مِنَ الْأَعْيَانِ بَعْدَ الثَّمَرَةِ كَبَقَائِهَا لِلْبَائِعِ فِي البيع فَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَوْصُوفِينَ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَسْمِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَسْمِ فَلَا حق لَهُ كَمَال المزكاة

فَرْعٌ - قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَبَسَ حَائِطَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ فِي قَسْمِ ثَمَرَتِهَا وَثَمَنِهَا

فَرْعٌ - قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا أَخَلَّ الإِمَام بِصَلَاة فِي الْمَسْجِد هَل ينْقض بِعَدَدِهَا كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فَخَاطَ أَرْبَعَةً قَالَ وَالْحَقُّ لَا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ اتِّبَاعُ الْمَعَانِي فِي الْعُقُودِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَاتِّبَاعُ الْأَلْفَاظِ فِي الشُّرُوطِ وَالْوَصَايَا وَالْوَقْفُ مِنْ بَابِ الْإِصْدَاقِ وَالْإِرْفَادِ لَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ وَيُقَالُ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَذَا وَلَا يُقَالُ عَقْدُ الْوَاقِفِ كَذَا وَالشَّرْطُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ عَدَمِ جُزْئِهِ أَوْ كُلِّهِ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ يَنْتَفِي وَلَوْ حَصَلَ أَكْثَرُ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَشَرَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ تِسْعَةً فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُخِلُّ بِبَعْضِ الشَّرْطِ شَيْئًا مِنَ الْمُرَتَّبِ

ص: 336

أَلْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ إِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّ مَنِ اشْتَغَلَ فِي الْمَدْرَسَةِ شَهْرًا فَلَهُ دِينَارٌ فَاشْتَغَلَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا شَرط فِي مدرسة أَن لَا يَشْتَغِلَ الْمُعِيدُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَفَرَغَتْ سُنُوهُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ مُعِيدٌ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ تَنَاوُلُ الْجَامِكِيَّةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْمُعِيدَ إِذَا انْتَفَعَ جَاءَ غَيره وَهَذَا ينطر فِي كُلِّ شَرْطٍ شَهِدَ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا وَقَفَ الْمُلُوكُ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ وَهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ تَمْلِيكِهَا لِتِلْكَ الْجِهَةِ شَرْعًا جَازَ كَالرُّبَطِ وَالْمَدَارِسِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَمَكِّنِينَ كأنفاقهم على دراريهم لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَنْ تَعَذَّرَ تَمْلِيكُهُ تَعَذَّرَ إِنْفَاقُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنْ وَقَفُوا عَلَى مَدْرَسَةٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْتَاجُ بَطَلَ فِيمَا زَادَ فَقَطْ لأَنهم معزولون عَن التَّصَرُّف الاعلى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَالزَّائِدُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ مُتَوَلٍّ فَلَا يَنْفُذُ وَإِنْ وَقَفُوا أَمْوَالَ الزَّكَاةِ عَلَى جِهَاتِهَا لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّحْجِيرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنْ غَصَبُوا أَمْوَالًا يوقفوها عَلَى الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ فَإِنْ وَقَفُوا عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَوِ اشْتَرَوْا بِهِ مُعَاطَاةً لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الذِّمَّةِ لَمْ يضمن من انْتفع بذلك الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهَلْ يُغَرَّمُ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ أَوْ لَا يُغَرَّمُ لِأَنَّهُ مَا انْتَفَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا الْفَرْعُ يُخَالِفُ قَوَاعِدَنَا فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا مَتَى كَانَ بِالدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَهُوَ كَالْعَقْدِ عَلَى الذِّمَّةِ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَنْتَفِعُ السُّلْطَانُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ

ص: 337

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَهَلْ يُقَسِّمُهَا ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَافِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ الْوَقْفُ لِقَوْمٍ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِغَيْرِهِمْ قُسِّطَتِ الْأُجْرَةُ عَلَى السِّنِينَ وَأُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يُعَيِّشُهُ مِنَ السِّنِينَ كَمَا يُفْعَلُ فِي سَائِرِ التَّعْمِيرَاتِ فَيَحْصُلُ لِلشَّابِّ أَكْثَرُ مِنَ الشَّيْخِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ حَيَاتَهُ فَلَوْ قَسَّمْنَا الْكُلَّ عَلَيْهِمْ سَوَاءً لَأَخَذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّ وَلَا يُمْسِكُهُ النَّاظِرُ عِنْدَهُ خَشْيَةَ الضَّيَاعِ مَعَ إِمْكَانِ تَوْصِيلِهِمْ بِحَقِّهِمْ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مَدْرَسَةً وَنَحْوَهَا قُسِّمَتِ الْأُجْرَةُ عَلَى الشُّهُورِ فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً وَيُفَرَّقُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حِصَّةُ ذَلِكَ الشَّهْرِ بِحَسَبَ الْجَامِكِيَّاتِ وَلَا يَجُوزُ تَسْلِيفُ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ جَامِكِيَّةَ شَهْرَيْنِ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ غَيْرُ مَعْلُومِ الْحُصُولِ مِنْهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ بِمُجَرَّدِ حَيَاتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ غَرِيبَةٌ حَسَنَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهَا مَا يُنَافِي قَوَاعِدَهَا إِلَّا مَا نَبَّهْتَ عَلَيْهِ وَهِيَ عَزِيزَةُ النَّقْلِ فَآثَرْتُ نَقْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ فَتَاوَى أَصْحَابِنَا

فَرْعٌ - قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا حَبَسَ أَرْضًا لِدَفْنِ الْمَوْتَى فَضَاقَتْ بِأَهْلِهَا وَبِجَنْبِهَا مَسْجِدٌ يَجُوزُ الدَّفْنُ فِيهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَقْبَرَةٍ عَفَتْ يَجُوزُ بِنَاءُ مَسْجِد فِيهَا وكل مَا كَانَ لله استعين بِبَعْضِه على بَعْضٍ لِأَنَّ الْكُلَّ حَقٌّ لِلَّهِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لِأَنَّ جِهَاتِهِمْ مُتَعَدِّدَةٌ فَهُوَ نَقْلُ الْحَبْسِ مِنْ مِلْكٍ إِلَى مِلْكٍ وَهُوَ مُمْتَنع

فرع - قَالَ قَالَ التّونسِيّ لاتباع بَعْضُ الْوَقْفِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَرَى بَيْعَهُ وَلَسْتُ أَقُولُ بِهِ

ص: 338

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا كَانَ الْحَبْسُ مَشَاعًا وَطَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ أَوِ الْبَيْعَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ قُسِّمَ فَمَا كَانَ الْحَبْسُ كَانَ حَبْسًا وَمَا كَانَ لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ فَمَا وَقَعَ لِلْحَبْسِ اشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَكُونُ حَبْسًا لِأَنَّ الْمُحْبِسَ لَمَّا حَبَسَ مَا لَا يَنْقَسِمُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْطَالُ حَقِّ شَرِيكِهِ فِي الْبَيْعِ وَوَافَقَ أَحْمَدُ فِي قِسْمَةِ الْوَقْفِ مِنَ الطَّلَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا بَلْ إِقْرَارَ حَقَّ تَنْبِيهٌ الْوَقْفُ يَنْقَسِمُ إِلَى مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَإِلَى مُنْقَطِعِ الْآخَرِ وَإِلَى مُنْقَطِعِ الطَّرَفَيْنِ وَإِلَى مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ وَالطَّرَفَيْنِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ فَالْأَوَّلُ كَالْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَعْصِيَةٍ أَوْ مَيِّتٍ لَا يَنْتَفِعُ وَالثَّانِي عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَالثَّالِثُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَيِّتٍ وَالرَّابِعُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَالْكَنِيسَةِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْخَامِسُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْمُحَارِبِينَ فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَلَى مَدْرَسَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَعَذَّرُ وَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ الِانْقِطَاعُ لِأَنَّ الْوَقْفَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْلِيكِ فِي الْمَنَافِعِ أَوِ الْأَعْيَانِ فَجَازَ أَنْ يَعُمَّ أَوْ يَخُصَّ كَالْعَوَارِيَّ وَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا وَقَالَ (ش) يَمْتَنِعُ مُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ أَوِ الِانْتِهَاءِ وَمُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ فَقَطْ لِأَنَّ أَوْقَافَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا انْقِطَاعٌ فَمَا فِيهِ انْقِطَاعٌ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ سُنَّةِ الْوَقْفِ فَيَبْطُلُ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الصِّيغَةِ الدَّوَامُ فَحَيْثُ لَا دَوَامَ يَكُونُ بَاطِلًا لِمُخَالَفَةِ مُقْتَضَى لَفْظِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ بَاعَ وَحَجَرَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْجَوَابُ

ص: 339

عَن الأول أَن فعلهم رَضِي الله عَلَيْهِم لَا يُنَافِي صُورَةَ النِّزَاعِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَأَنَّ الْمُتَّصِلَ جَائِزٌ كَمَا أَنَّهُمْ لَمَّا وَقَفُوا عَلَى جِهَاتٍ مَخْصُوصَةٍ مِنَ الْبِرِّ لَمْ يَمْتَنِعِ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهَا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مُقْتَضَى التَّحْبِيسِ وَالْوَقْفِ الدَّوَامُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الدَّوَامِ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى أَشْخَاصٍ أَوْ سَنَةٍ أَوِ الدَّهْرِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ دَامَ بِدَوَامِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَمُدَّةَ حَيَاةِ فُلَانٍ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اللَّفْظَ وَقَالَ (ح) يَمْتَنِعُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَمْتَنِعُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ وَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَعِنْدَ (ش) مِنْ مُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ

فَرْعٌ - قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا حَبَسَ سَبْعَةَ مَنَازِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ فَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمْ وَأَخَذَ وَلَدُهُ مَنْزِلَهُ فَكَانَ يُكْرِيهِ وَلَا يَسْكُنُهُ ثُمَّ سَافَرَ سَفَرَ انْقِطَاعٍ أُكْرِيَ وَقُسِّمَ بَيْنَهُمْ وَيُخَصُّ أَهْلُ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ إِنَّمَا قَصَدَ سُكْنَى وَلَدِهِ فِي بَلَدِهِ فَإِذَا خَرَجَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَيُكْرَى مَا فَضَلَ عَنْ سُكْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا انْتَظَرَ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَبْسِ أَحَدٌ لِأَحَدٍ لِلِاسْتِوَاءِ فِي السَّبَبِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَمَنْ غَابَ غَيْبَةَ انْتِقَالٍ أَوْ مَاتَ اسْتَحَقَّ الْحَاضِرُ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ أُرْصِدَتْ لِمَنْ تَيَسَّرَ انْتِفَاعُهُ وَمَنْ سَافَرَ لَا يُرِيدُ مَقَامًا فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إِذَا رَجَعَ

قَاعِدَةٌ - مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ عِوَضِهَا وَمَنْ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ لَيْسَ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ كَسُكْنَى الْمَدَارِسِ وَالرُّبَطِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَجِّرَ مَكَانَهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوِ الْمَدْرَسَةِ أَوِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يملك

ص: 340

الْمَنْفَعَةَ بَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ كِرَاءٌ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ لِلْغَلَّةِ وَإِنَّمَا وُقِفَ لِلِانْتِفَاعِ بِالْأَنْفُسِ بِالسُّكْنَى كَالْمَسْجِدِ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ

فَرْعٌ - قَالَ اللَّخْمِيُّ غَلَّةُ الْحَبْسِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَا نَفَقَتُهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ كَدِيَارِ الْغَلَّةِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْفَنَادِقِ فَإِنْ كَانَتْ لِلسُّكْنَى خُيِّرَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ بَين الْإِصْلَاح وَالْخُرُوج حَتَّى بكرى بِمَا يَصْلُحُ بِهِ حِفْظًا لِأَصْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ يَعُودُ وَمَا نَفَقَتُهُ مِنْ غَلَّتِهِ إِنْ كَانَ عَلَى مَجْهُولٍ وَعَلَى الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَالْبَسَاتِينِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَمَا نَفَقَتُهُ مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ كَالْخَيْلِ لَا تُؤَاجَرُ فِي النَّفَقَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي السَّبِيلِ فَمِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ بِالثَّمَنِ عَيْنًا مِنَ النَّفَقَةِ كَالسِّلَاحِ وَالدُّرُوعِ وَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمَا نَفَقَتُهُ تَارَةً مِنْ غَلَّتِهِ وَتَارَةً مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْعَبِيدُ فَإِنْ حُبِسُوا فِي السَّبِيلِ وَلَهُمْ صِيغَةٌ لِلسَّبِيلِ فَكَالْخَيْلِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُمُ الْغَلَّةَ فَمِنْ غَلَّتِهِمْ كَانُوا فِي السَّبِيلِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ عَلَى مَجْهُولٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُخْدِمِ هَلْ يُنْفِقُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ الرَّقَبَةَ أَوَالْمُخْدِمَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ مُنْقَطع إِلَيْهِ فَلَو كَانَ بِخِلَافِهِ نَهَارًا وَيَأْوِي لِسَيِّدِهِ لَيْلًا فَعَلَى سَيِّدِهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ قَالَ وَلَوْ قِيلَ فِي النَّهَارِ عَلَى الْمُخْدِمِ وَعِنْدَ الْإِيوَاءِ عَلَى السَّيِّدِ كَانَ وَجْهًا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُحْبِسُ عَلَى مُعَيَّنٍ لِلْخِدْمَةِ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَنْ يَضْرِبَ الْمُحْبِسُ أَجَلًا يَخْدِمُ فِيهِ الْعَبْدُ وَيَنْتَفِعُ فِيهِ بِالْفَرَسِ فَيُخْتَلَفُ هَلِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُعْطِي أَوْ عَلَى الْمُعْطى لِأَنَّهُ الرَّقَبَة هَهُنَا فِيهِ عَلَى مِلْكِ الْمُحْبِسِ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي الْجَوَابُ إِذَا لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَعُودُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ فَهُوَ كَالْمُخْدِمِ وَمَا لَا نَفَقَةَ

ص: 341

لَهُ عَلَى أَحَدٍ إِنْ وُجِدَ مِنْ مَصْلَحَةٍ وَإِلَّا تُرِكَ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ نَفَقَتُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يَتَطَوَّعْ أَحَدٌ بِذَلِكَ تُرِكَتْ حَتَّى تُمْلَكَ وَقَالَ (ش) نَفَقَةُ الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ مُقَدَّمَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِيعٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَحْمَدُ نَفَقَتُهُ مِنْ حَيْثُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَمِنَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لانتقال الْملك إِلَيْهِ وَقَالَ (ح)

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا حَبَسَ الْفَرَسَ أَوِ الْعَبْدَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ قَالَ مُطَرِّفٌ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَقَالَ مَالِكٌ يُعْطَى لِغَيْرِهِ تَوْفِيَةً بِالْحَبْسِ قَالَ وَأَنَا أَرَى إِنْ أَعْطَاهُ لِيَرْكَبَهُ لَا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ رَجَعَ مِيرَاثًا لِعَدَمِ الْقَبُولِ أَوْ لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ لِتَضَمُّنِهِ مَنْفَعَةَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَالْقُرْبَةِ فَمُلَاحَظَتُهَا تُوجِبُ الْخِلَافَ كَمَنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ عَنْهُ لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوِ الْمُوصي لَيْسَ صرورة قَالَ ابْن الْقَاسِم المَال مِيرَاثا إِذَا امْتَنَعَ وَقِيلَ يُدْفَعُ لِغَيْرِهِ يَحُجُّ بِهِ عَنْهُ مُلَاحَظَةً لِلْقُرْبَةِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَعْقَابِهِمْ وَلَا عَقِبَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَأَنْفَذَهُ فِي صِحَّتِهِ وَهَلَكَ هُوَ وَوَلَدُهُ وَبَقِيَ وَلَدُ وَلَدِهِ وَبَنُوهُمْ فَهُوَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَالِ والمؤونة سَوَاء إِلَّا أَن الْأَوْلَاد مَا لَمْ يَبْلُغُوا أَوْ يَنْكِحُوا أَوْ تَكُونُ لَهُم مؤونة لَا يُقَسَّمُ لَهُمْ بَلْ يُعْطَى الْأَبُ بِقَدْرِ مَا يُمَوِّنُ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِذَا بَلَغُوا وعظمت مؤونتهم فَهُوَ بِقَسْمٍ وَاحِدٍ مَعَ آبَائِهِمْ

فَرْعٌ - قَالَ إِذَا بَنَى بَعْضُ أَهْلِ الْحَبْسِ فِيهِ أَوْ أَدْخَلَ خَشَبَةً أَوْ أَصْلَحَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ

ص: 342

يَذْكُرِ لِمَّا أَدْخَلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ لِأَن الظَّاهِر فِي الْخَلْط بالموقف الْوَقْفُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ هُوَ لِوَرَثَتِي فَهُوَ لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَثُرَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا تَكُونُ وَقْفًا إِلَّا مَا لَا بَالَ لَهُ كَالْمَيَازِيبِ وَالْقَبْوِ وَمَا لَهُ بِمَال فَلِوَرَثَتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْمَالِ عَنِ الْخُرُوجِ وَالْيَسِيرُ الظَّاهِرُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ فِي الْيَسِيرِ شَيْءٌ أَوْصَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ سَكَنَ مَسْكَنًا فَبَنَى فِيهِ ثُمَّ مَاتَ وَصَارَ سُكْنَاهَا لِغَيْرِ وَرَثَتِهِ فَلَيْسَ لِلْبَانِي قِيمَةُ بِنَاءٍ وَلَا عِمَارَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا عَمَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي غَيْرِ حَيِّزِهِ الَّذِي بِيَدِهِ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ حَقُّهُ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَبَسَ دَارًا أَوْ أَرْضًا حَيَاتَهُ فَبَنَى فِيهَا بَيْتًا أَوْ غَرَسَ نَخَلًا وَمَاتَ فَإِنْ صَارَتِ الدَّارُ لِوَرَثَةِ الْبَانِي فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِلَّا قَلَعُوا الْبِنَاءَ وَالنَّخْلَ إِلَّا أَنْ يُعْطُوا قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَنَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْحَبْسَ فَلَا حَقَّ لَهُ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا وَمَا يَرَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ الْوَقْفَ فَلِوَرَثَتِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ عَلَى عَادَةٍ عِنْدَهُمْ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا حَبَسَتْ دَارًا أَوْ قَاعَةً عَلَى قَبِيلٍ فَبَنَى فِيهَا رجل من الْقَبِيل حَوَانِيتَ وَبُيُوتًا لِلْغَلَّةِ يُقَاصُّ بِعَيْنِ مَا بَنَى بِمَا نَقَصَ مِنَ الْخَرَاجِ فِيمَا أَنْفَقَ فَإِذَا اسْتَوْفَى فَالْكِرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْحَبْسِ فَإِنْ أَرَادَ غَيْرُهُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِيمَا بَنَى لِلْغَلَّةِ غَرِمَ نِصْفَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ وَدَخَلَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ فِي يَدَيْهِ يُقَاصُّ نَفْسَهُ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَا غَرِمَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثُمَّ تَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ كَانَ لِلْقَاعَةِ قَبْلَ ذَلِكَ غَلَّةٌ أَمْ لَا قَالَ التُّونِسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا قَابَلَ الْقَاعَةَ مِنِ الْكِرَاءِ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّ بِنَاءَهُ لَا يُسْقِطُ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْحَبْسِ وَكِرَاءِ الْقَاعَةِ إِذَا كَانَ لَهَا كِرَاءٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالزَّائِدُ عَلَى كِرَاءِ الْقَاعَةِ يُقَاصُّ بِهِ نَفْسَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ جَمِيعَ غَلَّةِ الْبِنَاءُ لَهُ وَلَعَلَّ هَذِهِ سُنَّةٌ جَرَتْ فِي الْأَحْبَاسِ إِذَا بَنَى فِيهَا أَحَدٌ لِيَغْتَلَّ أَنَّهُ يُقَاصِصُ نَفْسَهُ بِمَا أَنْفَقَ وَيَكُونُ الَّذِي بَنَاهُ حبسا وَأما

ص: 343

إِنْ بَنَى الْمَسْكَنَ فَهُوَ أَوْلَى بِمَا بَنَى مِمَّا يَكْفِيهِ لِلسُّكْنَى

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ حَائِطَهُ عَلَى رَجُلٍ حَيَاتَهُ وَكَانَ يَغْتَلَّهُ فَمَاتَ وَفِيهِ ثَمَرٌ فَلِوَرَثَتِهِ إِنْ طَابَ وَإِلَّا فَلِرَبِّ الْحَائِطِ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ كَالْبَيْعِ وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةٌ يَلُونَهُ وَيَسْقُونَهُ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ فَلَوْ أَبَرَتْ وَلَمْ تَطِبْ فَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْكُلَفِ بَقِيَتْ عَلَيْهِم وَإِن لم يلوا الْعَمَل بل يقسم عَلَيْهِمُ الْغَلَّةُ فَنَصِيبُهُ لِرَبِّ النَّخْلِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ تَوْفِيَةً بِالْوَقْفِ وَغَلَّةُ الدَّارِ وَالْعَبْدُ كَالثَّمَرَةِ وَأَمَّا دَارٌ يَسْكُنُونَهَا وَعَبْدٌ يَخْدِمُهُمْ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لِبَاقِيهِمْ لِأَنَّ سُكْنَاهُمْ وَخِدْمَتَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَالثَّمَرَةُ أَبَرَتْ فَحَقُّهُ ثَابِتٌ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ وَقَالَهُ الْمُغَيِّرَةُ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَفِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ التَّأْبِيرَ يَمْنَعُ الثَّمَرَةَ مِنَ التَّبَعِيَّةِ وَيُوجِبُ لَهَا تَحَقُّقًا فِي نَفْسِهَا كَمَا فِي الْبَيْعِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَقَدْ أَنْفَقَ فَلِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ بِهَا فَإِنْ طَابَتِ الثَّمَرَةُ وَرَجَعُوا بِالْأَقَلِّ مِنْ نَفَقَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ مُحَاسَبَتِهِ بِنَفَقَتِهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ حُبِسَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَوْ أُجِيحَتْ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ شَيْءٌ وَقِيلَ يَقُومُ أَصْحَابُهُ لَأَنَّ النَّفَقَةَ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الطِّيبِ فلورثته اتِّفَاقًا كَانُوا يبيعون الثَّمَرَة يَلُونَهَا أَمْ لَا إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الطِّيبِ وَلَوْ حَبَسَ عَلَيْهِمْ مُكَيَّلَةً مَعْلُومَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الطِّيبِ رَجَعَ لِلْمُحْبِسِ نَصِيبُهُ اتِّفَاقًا إِنَّمَا الْقَوْلَانِ إِذَا كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَرَةِ لَهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ بَعْدَ الْإِبَارِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَهُ حَقُّهُ مِنَ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْدَ طِيبِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ثَمَرَةِ الْعَامِ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَلَوْ

ص: 344

حُبِسَتْ حَيَاةَ صَاحِبِهَا فَمَاتَ صَاحِبُهَا بَعْدَ الطِّيبِ فَهِيَ لَهُم فَإِن أبزت وَلَمْ تَطِبْ فَلِوَرَثَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ لِلْغَلَّةِ وَالْعَبْدُ لِلْخَرَاجِ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِهِ أَوِ الْمُحْبِسِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ أَنَّ نَصِيبَهُ لَا يَكُونُ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ أَقْيَسُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يُرَادُ لِلْغَلَّةِ أَوِ السُّكْنَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إِنَّمَا عُمِلَ لَهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَقَدْ جُعِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْخُمُسُ وَالْمُحْبِسُ أَوْلَى فِي اسْتِصْحَابِ مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَإِنْ جُعِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُكْنَى بِعَيْنِهِ أَوْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ يَوْمًا بِعَيْنِهِ وَلِفُلَانٍ يَوْمَيْنِ وَفِي الثِّمَارِ لِفُلَانٍ وَسْقٌ وَلِفُلَانٍ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَرْجِعْ نَصِيبُهُ إِلَى أَصْحَابِهِ بَلْ لِلْمُحْبِسِ لِأَنَّ قَرِينَةَ التَّحْوِيلِ تُصَيِّرُهُ أَحْبَاسًا مُتَبَايِنَةً فَلَوْ أَخْرَجَ الْحَائِطَ أَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَالْفَاضِلُ لِلْمُحْبِسِ أَوْ أَقَلَّ تَحَاصَّوْا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَلَمْ يُوَفِّ الْحَائِطُ حُوصِصَ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَمَّى لِأَحَدِهِمْ دُونَ غَيْرِهِ بُدِئَ بِمَنْ سَمَّى لَهُ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ دَلِيلُ الْعِنَايَةِ إِلَّا أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ فَهُوَ أَوْلَى بِإِجَارَتِهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ سَمَّى لِأَحَدِهِمْ مَكِيلَةً وَلِلْآخَرِ جُزْءًا نَحْوَ لِزَيْدٍ وَسْقٌ وَلِعَمْرٍو رُبُعُ الثَّمَرَةِ وَلِخَالِدٍ سُدُسُهَا وَلِبَكْرٍ نِصْفُ سُدُسِهَا فَجَمِيعُ الْأَجْزَاءِ النِّصْفُ فَجَاءَ نِصْفُهَا عَشَرَةَ أَوْسُقِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ تَسْمِيَتَهُ أَوْ ثَلَاثِينَ أَخَذَ أَرْبَابُ الْأَجْزَاءِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ وَالْأَجْزَاءُ عَشَرَةُ أَوْسُقِ وَالْبَاقِي لِلْمُحْبِسِ أَوْ لِمَنْ كَانَ الْمَرْجِعُ إِلَيْهِ فَإِنْ جَاءَتْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ هَلْ يَتَحَاصَّوْنَ أَوْ يُسَلَّمُ النِّصْفُ لِلْمُوصَى لَهُ وَيَكُونُ النَّقْصُ عَلَى أَرْبَابِ الْأَوْسُقِ وَهُوَ أَحْسَنُ فَإِنْ قَالَ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ فِي وَجْهِ كَذَا فَكَمَا قَالَ وَلَا يُنْظَرُ مَوْتُ أَحَدِهِمْ وَإِنْ قَالَ إِنِ انْقَرَضُوا رَجَعَ فِي وَجْهِ كَذَا فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَالْمُحْبِسُ هُوَ الَّذِي يَلِي السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ هَلْ نَصِيبُهُ لِأَصْحَابِهِ أَوْ لِلْمُحْبِسِ حَتَّى يَمُوتَ آخِرُهُمْ فَيَكُونُ فِيمَا ذُكِرَ مَرْجِعًا أَوْ يُجْعَلُ مِنَ الْآنِ فِي ذَلِكَ وَإِلَى الْمُحْبِسِ

ص: 345

أَحْسَنُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ الْجَمِيعِ فِي الْمَرْجِعِ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ مَا بَلِيَ مِنَ الثِّيَابِ حَتَّى لَا يُنْتَفَعَ بِهِ أَوْ ضَعُفَ مِنَ الدَّوَابِّ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِ الدَّوَابِّ فَرَسٌ أَوْ بِرْذَوْنٌ أَوْ هَجِينٌ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أُعِينَ بِهِ فِي فرس وَكَذَلِكَ الْفرس بكلب أَو بخبث يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِهِ فَرَسٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الثِّيَابُ فَيُشْتَرَى بِهَا ثِيَابٌ يُنْتَفَعُ بِهَا فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي السَّبِيلِ وَرَوَى غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ مَا حُبِسَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ كَمَا لَا تُبَاعُ الرَّبَاعُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ خَبُثَ بِبَاءٍ وَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا وَآخِرُهَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ وَمَعْنَاهُ فَسَدَ وَبَطَلَ وَرُوِيَ خَبِبَ بِالْبَاءِ الْمَكْسُورَةِ وَآخِرُهَا بَاءٌ بِوَاحِدَةٍ وَمَعْنَاهُ هَلَكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْهَلَاكُ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا تَعَذَّرَ بَيْعُهُ وَإِنَّمَا بَطَلَ مَا يُرَادُ مِنْهُ فِي الْجِهَادِ وَالْوَجْهِ الَّذِي حُبِسَ لَهُ وَكَلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ أَصَابَهُ دَاءُ الْكَلْبِ وَهُوَ السَّعَرُ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْخَيْلِ فَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ بِحَسَبِ السُّؤَالِ فَقَالَ ذَلِكَ فِي الْخَيْلِ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ فِيهَا منقعة الْحَمْلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقِيلَ بَلِ الْمَقْصُودُ فِي الْخَيل الْمَنْفَعَة لِلْغَزْوِ لَا لِلْغُزَاةِ فَجُعِلَتْ أَثْمَانُهَا فِي مِثْلِهَا وَالثِّيَابُ الْمَنْفَعَةُ بِهَا لِلْإِنْسِ فَإِذَا بَلِيَتْ أُعْطِيَتْ أَثْمَانُهَا لَهُمْ عِوَضًا عَمَّا كَانَ لَهُمْ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْفَرَسِ يَخْلَقُ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ ثِيَابًا يَشْتَرِي بِهَا اشْتَرَكَ بِهَا فِي ثَوْبٍ كَمَا فِي الْفَرَسِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فِيهِمَا تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكِتَابِ لِافْتِرَاقِ السُّؤَالِ فَتَكَلَّمَ فِي الثَّوْبِ إِذَا تَعَذَّرَتِ الشَّرِكَةُ وَفِي الْفَرَسِ إِذَا وُجِدَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّارِ إِذَا خربَتْ لإتباع وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَالْعَرْصَةُ يُتَوَقَّعُ عِمَارَتُهَا بِأُجْرَتِهَا سِنِينَ بِخِلَافِ الْفَرَسِ وَالثَّوْبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا انْقَطَعَتْ مَنْفَعَةُ الْحَبْسِ وَعَادَ بَقَاؤُهُ ضَرَرًا بَاعَهُ وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ امْتَنَعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا وَلَا رَجَاءً أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَهُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ وَمَنَعَ غَيْرُهُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ قَالَ أَشهب

ص: 346

إِذَا فَضَلَ عَنْ عَيْشِ الرَّقِيقِ الْمُحْبَسِ فِي السَّبِيلِ فَضْلٌ فُرِّقَ عَلَى فُقَرَاءِ ذَلِكَ الثُّغْرِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ فَفِي أَقْرَبِ الثُّغُورِ فَإِنِ انْقَطَعَتْ عَلَيْهِمْ وَخِيفَ هَلَاكُهُمْ بِيعُوا وَقُسِّمَتْ أَثْمَانُهُمْ فِي السَّبِيلِ أَوِ اشْتُرِيَ بِأَثْمَانِهِمْ سِلَاحُ السَّبِيلِ وَلَا يباعوا مَا دَامَ كَسْبُهُمْ يَقُومُ بِهِمْ قَالَ وَقَوْلُهُ ضَرَرًا إِذَا كَانَ النَّقْصُ لِلْكَسَادِ فِي صَنْعَتِهِمْ وَيُرْجَى عَوْدُ مَنْفَعَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُمْ أَسَنُّوا وَلَا يُرْجَى مَنْفَعَتُهُمْ بِيعُوا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَمَّا الْفَرَسُ يَكْلِبُ إِنْ كَانَ يُعْلَفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِيعَ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ أَوْ يُرْعَى فَفِي بَيْعِهِ الْقَوْلَانِ وَلِذَلِكَ تُبَاعُ الدَّارُ إِذَا بَعُدَتْ عَنِ الْعُمْرَانِ وَلَمْ يُرْجَ صَلَاحُهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَيَنْبَغِي الْمَنْع سرا لِذَرِيعَةِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَأَمَّا مَا فِي الْمَدِينَةِ فَقَدْ يَعْمُرُهُ أَحَدٌ احْتِسَابًا لِلَّهِ قَالَ وَمَنْ قَطَعَ النَّخْلَ أَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ أَوِ الْفَرَسَ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ فِي السَّبِيلِ وَعَلَى الْفُقَرَاءِ جُعِلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي بِنَاءِ تِلْكَ الدَّارِ وَكَذَلِكَ النَّخْلُ وَالْفَرَسُ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُصْرَفُ فِيمَا يُرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ فَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ سَقَطَ حَقُّهُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَعَادَ لِحَقِّهِ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَخْلَفَ بِمَالِهِ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَقِيمَتِهِ إِذَا قُتِلَ أَوْ ثَمَنِهِ إِذَا بِيعَ وَإِنْ حَبَسَهُ عَلَى رَجُلٍ حَيَاةَ الْعَبْدِ رَجَعَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ مَنَافِعُهُ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ حَبَسَ دَارَهُ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَرْجِعًا فَهِيَ وَقْفٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَتَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ حَبْسًا عَلَى أَوْلَى النَّاسِ بِالْوَقْفِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَوَلَدِهِ مَا عَاشُوا وَلَمْ يَذْكُرْ مرجعا فانقرضوا رجعت موقفا على فُقَرَاء أقرب الْوَاقِفِ لِقَرِينَةِ الصَّدَقَةِ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ كُلُّ حَبْسٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى مَجْهُولِ مَنْ يَأْتِي نَحْوَ عَلَى وَلَدِي وَلَمْ يُسَمِّهِمْ فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ حَبْسٌ

ص: 347

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إِمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ لَا وَالْمُعَيَّنُ إِمَّا مَحْصُور أَولا وَلِكُلِّ قِسْمٍ حُكْمٌ فَمَتَى عَيَّنَ شَخْصًا فَقَالَ عَلَى فُلَانٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ وَعَيَّنَهُمْ فَهَلْ يَكُونُ مُؤَبَّدًا فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ فَالْفُقَرَاءُ نَظَرًا لِلَفْظِ الْحَبْسِ أَوْ يَرْجِعُ مِلْكًا للْوَاقِف ولورثته كللعمرى قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَإِنْ حَبَسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ مَحْصُورِينَ فَقَوْلَانِ لمَالِك كَمَا تقدم والمعينين غَيْرُ الْمَحْصُورِينَ نَحْوَ فِي السَّبِيلِ أَوْ وَقُودِ مَسْجِدِ كَذَا أَوْ إِصْلَاحِ قَنْطَرَةِ كَذَا فَهُوَ كالحبس الْمُبْهم الْمُتَقَدّم وَيُوقف على التأييد فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ الْوَجْهُ وَلَا يَطْمَعُ فِي بنائِهِ صُرِفَ فِي مِثْلِهِ وَفِي مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ يُتَوَقَّعُ انْقِرَاضُهُمْ نَحْوَ بَنِي زَيْدٍ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ فَرَسٍ حُبِسَ عَلَى مَنْ يَغْزُو فِي هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ بِمَدِينَةِ كَذَا فَكَالْحَبْسِ الْمُبْهَمِ الْمُطْلَقِ يَتَأَبَّدُ وَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْوَجْهِ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَعُودُ مِلْكًا وَاخْتُلِفَ هَلْ بني زَيْدٍ مِثْلُ وَلَدِ زَيْدٍ فِيمَنْ وَجَدَ وَمَنْ لَمْ يُوجَدْ يَتَأَبَّدُ أَمْ لَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِينَ نَحْوُ بَنِي تَمِيمٍ أَوِ الْمُجَاهِدِينَ أَوْ إِصْلَاحِ الْمَسَاجِدِ أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ فيتكابد كَالْمُطْلَقِ وَإِنْ حَبَسَ عَلَى مَعْدُومٍ بَعْدَ وُجُودِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ نَحْوَ عَلَى أَوْلَادِي وَبَعْدَهِمْ لِلْمَسَاكِينَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا أَوِ أَيِسَ مِنَ الْوَلَدِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ مِلْكًا وَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ يَرْجِعُ حَبْسًا لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ الْحَبْس للْوَقْف فَحَكَى الْبَغْدَادِيُّونَ أَنَّهُ يَنْفُذُ حَبْسًا - كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ مَجْهُولِينَ أَوْ مَحْصُورِينَ أَوْ غَيْرِ مَحْصُورِينَ وَأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ اللَّفْظَانِ سَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ فَأَمَّا إِنْ قَالَ صَدَقَةً وَعَيَّنَهَا لَشَخْصٍ فَهِيَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ عَلَى مَجْهُولِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ نَحْوِ الْمَسَاكِينِ قُسِّمَتْ عَلَيْهِمْ أَوْ ثَمَنُهَا أَوْ أُنْفِقَتْ فِيمَا يَحْتَاجُهُ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْمَجْهُولُ وَلَا يَكُونُ حَبْسًا وَإِنْ قَالَ فِي

ص: 348

الصَّدَقَةِ عَلَى مَجْهُولِينَ مَحْصُورِينَ مِمَّا يَتَوَقَّعُ انْقِطَاعَهُمْ نَحْوَ وَلَدِ فُلَانٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ وَيَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ سَوَاءً قَالَ مَا عَاشُوا أَمْ لَا وَعَنْهُ يَرْجِعُ لِآخِرِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ مِلْكًا وَقِيلَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعُمْرَى وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا أَفْرَدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فَمَتَى قَيَّدَهَا بِصِفَةٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ شَرْطٍ اخْتَلَفَ حُكْمُهَا فَمَتَى قَالَ حَبْسٌ أَوْ وَقْفٌ أَوْ صَدَقَةٌ سَنَةً أَوْ حَيَاتِي عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ مَجْهُولِينَ أَوْ مَعْدُومٍ فَهِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ وعمرى إِلَى أجل اتِّفَاقًا وَترجع عِنْد انقاضاء الْأَجَلِ لِرَبِّهَا أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْمُعَيَّنِينَ حَيَاتَهُ أَوْ مَا عَاشَ اخْتَلَفَ حُكْمُ الْأَلْفَاظِ فَالصَّدَقَةُ عُمْرَى وَالْحَبْسُ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ عُمْرَى اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْمَجْهُولُ الْمَحْصُورُ إِنْ قَيَّدَهُ بِحَيَاتِهِمْ أَوْ مَا عَاشُوا فَفِي الْكِتَابِ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ عُمْرَى لِأَجَلِ التَّقْيِيدِ وَمَتَى قَالَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ مُحَرَّمٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورث تأبد اتِّفَاقًا لأجل هَذِه القرائين التَّأْكِيدِيَّةِ

فَرْعٌ - قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَقْرَبُ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ الَّذِي يَرْجِعُ الْحَبْسُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْحَبْسِ قَالَ مَالِكٌ الْأَقْرَبُ مِنَ الْعَصَبَةِ وَمِنَ النِّسَاءِ مَنْ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً لِلْمُحْبِسِ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَلَا بَنُو الْأَخَوَاتِ وَلَا الزَّوْجَاتُ بَلْ مِثْلُ الْعَمَّاتِ وَالْجَدَّاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَالْأَخَوَاتِ الشَّقَائِقِ أَوْ لِأَبٍ دُونَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْأُمِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَدْخُلُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَلَا أَحَدٌ مِنِ الْإِنَاثِ إِلَّا مَنْ يَرِثُهُ مِنْهُنَّ كَالْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ وَالْأَخَوَاتِ وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ النَّسْلِ وَلَا تَدْخُلُ الْعَمَّةُ وَلَا بِنْتُ الْعَمِّ وَلَا بِنْتُ الْأَخِ وَإِنْ كَانَ أَخًا وَأُخْتًا فَذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَحْدَهَا أَخَذَتِ الْجَمِيعَ كَانَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ لَا فَإِنِ اجْتَمَعَ النِّسَاءُ الْمُعْتَبَرَاتُ وَالْعَصَبَةُ دُونَهُنَّ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُونَ كُلُّهُمْ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ سَعَةً فَيُبْتَدأُ بِإِنَاثِ ذُكُورِ وَلَدِهِ عَلَى الْعَصَبَةِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ الرِّجَال

ص: 349

يَبْدَأُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَيَدْخُلُ الْمَوَالِي إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعَصَبَةُ أَقْرَبَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ وَإِذَا انْفَرَدَ النِّسَاءُ قَسَّمَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يُفَضِّلَ عَنْهُنَّ وَمَا حَصَّلَ رَجَعَ عَلَيْهِنَّ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَحْبَاسِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ وَالْغِنَى لَمْ يُصْرَفْ إِلَى غَيْرِهِمْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُفَضَّلُ الْفَقِيرُ عَلَى الْغَنِيِّ إِلَّا بِشَرْطٍ مِنَ الْمُحْبِسِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ عَلِمَ أَنَّ الْفَقِيرَ يَكُونُ فِيهِمْ وَالْغَنِيَّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَنْظُرُ إِلَى أَوَّلِ حَبْسِهِ إِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَسْكَنَةَ جَعَلَ مَرْجِعَهُ كَذَلِكَ وَأُحَرِّمُ الْغَنِيَّ مُلَاحَظَةً لِغَرَضِهِ وَإِلَّا أَعْطَى الْجَمِيعَ وَرَجَّحَ أَهْلَ الْحَاجَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ قَدَّمَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَإِنِ اشْتَرَطَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بَطَلَ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ عَلَيْهِم وَلِأَنَّهُ لوكان لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ابْنَةٌ أَوْ أُخْتٌ اخْتُصَّتْ بِالْجَمِيعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْعَصَبَةِ قَالَ وَالْأَصْوَبُ إِعْطَاءُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنَ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ فُقَرَاءَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَوِ النِّسَاءِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ

فَرْعٌ - فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فَرَسًا عَلَى رَجُلٍ وَشَرَطَ عَلَى الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ حَبْسَهُ سَنَةً وَعَلَفَهُ فِيهَا ثُمَّ هُوَ بَتَلَ بَعْدَهَا وَقَالَ أَيْضًا إِنْ دَفَعَهُ يَغْزُو عَلَيْهِ ثَلَاثُ سِنِينَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهَا ثُمَّ هُوَ لِلْمُعْطِي بَعْدَ الْأَجَلِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فقد يهْلك الْفرس قبل الْأَجَل فَيذْهب علفه بَاطِلا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى إِنْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ أَنْ يُخَيَّرَ الَّذِي حَبَسَ الْفَرَسَ بَيْنَ تَرْكِ الشَّرْطِ وَتَبْتِيلِهِ أَوْ أَخْذِهِ وَيَرُدُّ لِلرَّجُلِ مَا أَنْفَقَ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَكَانَ الَّذِي يَبْتُلُ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ جَوَابُ المسئلتين وَاحِدٌ وَالْفَرَسُ فِيهِمَا بَعْدَ الْأَجَلِ مِلْكٌ

ص: 350

وَقيل المسئلتان مفترقتان لذكر التَّخْيِير فِي الْأُولَى فَهِيَ بَعْدَ الْأَجَلِ حَبْسٌ عَلَى الْمُعْطِي لَا مِلْكٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ بَعْدَ الْأَجَلِ مِلْكًا لِلْمُعْطِي وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ حَبْسًا كَيْفَ أَسْقَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِيمَةَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ كِرَاءً فَاسِدًا كَيْفَ أَمْضَاهُ أَوْ بَيْعًا فَاسِدًا أَسْقَطَ الْقِيمَةَ فَكَيْفَ بِأَخْذِهِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ بَلْ هُوَ بِيَدِهِ بعد السّنة حبسا تَوْفِيَة بِالشّرطِ فَيرجع الْمُعْطى على رب الْفرس بِمَا اتّفق عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ أَدْرَكَ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ خُيِّرَ الْمُحْبِسُ بَيْنَ تَنْفِيذِ الْحَبْسِ وَإِسْقَاطِ الشَّرْطِ وَيَدْفَعُ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْفَرَسِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْفَرَسِ وَدَفْعِ النَّفَقَةِ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْقِيمَةَ بَعْدَ فَوْتِ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْفَوْتَ مِنْ قِبَلِ الْمُحْبِسِ يُخَالِفُ الْعَبْدَ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَفَوْتُهُ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي وَبِنَفْسِ الشِّرَاءِ يَكُونُ مُدَبَّرًا وَالْفَرَسُ بِتَمَامِ الْأَجَلِ يَكُونُ حبا قَالَ أَبُو الْحسن ومبنى الثَّانِيَةِ أَنَّ ثَوَابَ الْغَزْوِ لِلدَّافِعِ فَصَارَتِ النَّفَقَةُ فِي الْأَجَلِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْأَجَلِ خُيِّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَدَفْعِ النَّفَقَةِ وَبَيْنَ ارْتِجَاعِ فَرَسِهِ وَغَرِمَ النَّفَقَةَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْفَرَسُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فُسِخَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ الْآنَ صَارَ بَيْعًا فَاسِدًا وَيُرَدُّ وَيُغْرَمُ النَّفَقَةَ وَإِنْ فَاتَ بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ غَرِمَ الْقَابِضُ قِيمَتَهُ مِنْ حِينِ حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ قَبَضَهُ لِلْغَزْوِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ عَنِ الدَّافِعِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةٍ مِثْلِهِ إِنْ غَزَا عَنْهُ وَإِنْ غَزَا لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنَّ أَجْرَ الْفَرَسِ لِلدَّافِعِ فَقَدِ انْتَفَعَ بِالرُّكُوبِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْأُجْرَةُ سَاقِطَةٌ فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْفَرَسَ وَالْأُجْرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا تَسْقُطُ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنْ فَاتَ الْأَجَلُ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لِتَقَرُّرِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي اشْتِرَاطِ مِرَمَّةِ الدَّارِ إِنْ وَقَعَ مَضَى الْحَبْسُ وَسَكَنَ فَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى مِرَمَّةِ الدَّارِ إِنْ وَقَعَ مَضَى الْحَبْسُ

ص: 351

وَسَكَنَ فَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى مِرَمَّةِ أَخْرَجْنَاهُ مِنْهَا وَأَكْرَيْنَاهَا بِقَدْرِ مِرَمَّتِهَا ثُمَّ يَعُودُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أَسْكُنُ وَأَرُمُّ بِقَدْرِ مَا يُكْتَرَى مِنْ غَيْرِي فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ رَمَّ وَبَنَى بِمُقْتَضى الشَّرْط قيل يُعْطَى مَا أَنْفَقَ أَيْضًا وَلَا يُعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا وَلَوْ قِيلَ لَهُ خُذْهَا عَلَى هَذَا وَعَلَى أَنْ تَبْنِيَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا بنيانا كثيرا فههنا إِنَّمَا يُعْطَى مَا أَنْفَقَ أَيْضًا وَلَا يُعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا بِخِلَافِ إِذَا أَعَارَهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْبِنَاءِ لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ السُّكْنَى مَتَى شَاءَ يُعْطَى قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ بَنَى لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَسْكَنَهُ سِنِينَ مُسَمَّاةً أَوْ حَيَاتَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِرَمَّتَهَا فَهُوَ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ وَإِنْ أَعْطَاهُ رَقَبَتَهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَبَيْعٌ فَاسد وَالْغلَّة للمعطى بِالضَّمَانِ وَترد لِرَبِّهَا ويتبعه بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ

3

- ‌

(فَصْلٌ فِي مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ)

وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ لَفْظًا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ لَفْظُ الْوَلَدِ فَفِي الْكِتَابِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَدْخُلُ فِي وَلَدِهِ وَلَدُ وَلَدِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ إِلَّا أَنَّ وَلَدَهُ أَحَقُّ مِنْ أَبْنَائِهِمْ مَا عَاشُوا لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا تَبَعًا لَهُمْ إِلَّا أَنْ يُفَضِّلَ فَيَكُونَ لَوَلَدِ الْوَلَدِ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ الْأَبْنَاءُ مَعَهُمْ وَيُؤْثَرُ الْآبَاءُ وَإِنْ قَالَ وَلَدِي وَولد وَلَدي بُدِئَ الْآبَاء وَالْفَضْلُ لِلْأَبْنَاءِ وَسَوَّى الْمُغِيرَةُ بَيْنَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ فِي قَوْلهم تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} وَقَالَ الشَّاعِرُ

(بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا

بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ

) وَلِأَنَّ الْعَادَةَ نِسْبَتُهُمْ إِلَى نَسَبِ أَبِيهِمْ دُونَ أُمِّهِمْ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ لَا يَنْدَرِجُ فِي الْوَلَدِ إِلَّا وَلَدُ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ وَإِطْلَاقُ الْوَلَدِ عَلَى غَيْرِهِ مَجَازٌ

ص: 352

وَلذَلِك أَن بِنْتَ الِابْنِ إِنَّمَا وَرِثَتْ بِالسُّنَّةِ دُونَ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ ابْنَ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ وَلَدَ اخْتُصَّ بِالْمَوْجُودِ وَإِذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِ ظَهْرِي اخْتُصَّ بِالْوَلَدِ دُونَ بَنِيهِمْ وَإِنْ قَالَ عَلَى بَنِي ابْنِي كَانَ لِإِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلِإِخْوَتِهِ لِأَبِيهِ وَيُخْتَلَفُ فِي دُخُولِ بَنِيهِمْ وَلَا شَيْءَ لِإِخْوَتِهِمْ لِأُمِّهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ فِي لَفْظِ الْوَلَدِ لِانْدِرَاجِهِنَّ فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فَحرمت بذلك بنت الْبِنْت إِجْمَاعًا وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ يُشِيرُ لِلْحَسَنِ ابْنِ ابْنَتِهِ رضي الله عنه وَلِأَنَّ عِيسَى عليه السلام مِنْ وَلَدِ آدَمَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ ابْنُ ابْنَتِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَجَازِ فِي صُورَةِ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَالْحَمْلُ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ مَجَازٌ وَإِلَّا لَا طَرْدَ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَعَارِضَ وَالتَّعَارُضُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ الحَدِيث مَعْمُول عَلَى الْمَجَازِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَعَنِ الثَّالِثِ إِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ عِيسَى عليه السلام يُحْسَنُ إِطْلَاقُ لَفْظِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ فَمُسَلَّمٌ وَإِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ لَهُ لُغَةً فَمَمْنُوعٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَوَابِطِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَصِحُّ سَلْبُهُ فَهُوَ مَجَازٌ فَإِنَّ مَنْ رَأَى شُجَاعًا فَقَالَ رَأَيْتُ أَسَدًا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَا رَأَيْتُ أَسَدًا وَلَوْ رَأَى الْحَيَوَانَ الْمُفْتَرِسَ مَا حَسُنَ أَنْ يُقَالَ مَا رَأَى أَسَدًا كَذَلِكَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا أَبَ لِعِيسَى مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَهُ أُمٌّ فَقَطْ وَهُوَ يُنَاقِضُ قَوْلَنَا آدَمُ أَبُوهُ وَكَذَلِكَ يُقَالُ هَذَا لَيْسَ ابْنِي بَلِ ابْنُ فُلَانٍ مِنَ ابْنَتِي وَقَالَ (ح) وَلَدُ الْبَنَاتِ قطعى النِّسْبَة

ص: 353

إِلَيْهِنَّ وَوَلَدُ الِابْنِ مَظْنُونٌ وَالْمَقْطُوعُ أَوْلَى بِالدُّخُولِ مِنَ الْمَظْنُونِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْقَطْعِ بِنِسْبَةِ الْوِلَادَةِ الْقَطْعُ بِوَضْعِ اللَّفْظِ بِإِزَاءٍ يَمْلِكُ النِّسْبَةَ فَأَيْنَ أَحَدُّ الْبَابَيْنِ مِنَ الْآخَرِ اللَّفْظُ الثَّانِي وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَوْ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَلَمَّا قَالَ وَوَلَدِ وَلَدِي كَأَنَّهُ قَالَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَدْخُلُونَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَعَنْهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَعْقَابِهِمْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ اخْتَصَّتْ بِذُكُورِهِمْ دُونَ بَنَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ يُدْخِلُ الْبَنَاتُ قَالَ وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ وَوَلَدِ وَلَدِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الِابْنِ دَخَلَ فِي لَفْظِ وَلَدِي فَقَطْ فَفِي احْتِمَالِ الِاخْتِصَاصِ بِالْوَلَدِ قَالَ وَلَفْظُ الْوَلَدِ يَقَعُ حَقِيقَةً لُغَةً عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَدِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَإِنَّمَا عُرْفُ الشَّرْعِ وَالنَّاسِ أَخْرَجَ وَلَدَ الْبَنَاتِ وَخَصَّصَ اللَّفْظَ لِمَنْ يَرِثُ قَالَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ وَلَدِ الصُّلْبِ إِلَّا مَجَازًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قُلْتُ وَهُوَ مَذْهَبُ ش وَأَحْمَدَ وَهُوَ الَّذِي يُعَضِّدُهُ قَوَاعِدُ أُصُولِ الْفِقْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ عَدَمُ دُخُولِ وَلَدِ الْبَنَاتِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَكَانَتِ الْفَتْوَى بِقُرْطُبَةَ دُخُولَهُنَّ وَقَضَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِفُتْيَا أَكْثَرِ أَهْلِ زَمَانِهِ اللَّفْظُ الثَّالِثُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِمَا تقدم ان ولد الْبَنَات لَا يدْخلُونَ فِي لَفْظِ الْوَلَدِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا لَا يَدْخُلْنَ فِيهِ فَلَا يَدْخُلْنَ فِي الضَّمِيرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الظَّاهِرِ وَمِنَ الشُّيُوخِ مَنْ أَدْخَلَهُمْ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي إِلَّا أَنْ يَزِيدَ دَرَجَةً فَيَقُولُ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي فَيَدْخُلُونَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا زَادَ دَرَجَةً يَدْخُلُونَ إِلَى حَيْثُ يَنْتَهِي قَوْلُهُ وَقَضَى بِدُخُولِهِمْ بِهَذَا اللَّفْظ مُحَمَّد ابْن سُلَيْمٍ بِفَتْوَى أَكْثَرِ أَهْلِ

ص: 354

زَمَانِهِ وَدُخُولُهُمْ فِيهِ أَبْيَنُ مِنْ دُخُولِهِمْ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِلَفْظٍ ظَاهِرٍ دَخَلَهُ تَخْصِيصُ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الضَّمِيرِ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِيهِ يُخَصِّصُهُ وَقَوْلُ الشُّيُوخِ إِذَا كُرِّرَ دَخَلْنَ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَ دَرَجَةً يَدْخُلْنَ إِلَى حَيْثُ انْتَهَى مِنَ الدَّرَجَاتِ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى اتِّبَاعِ اللُّغَةِ دُونَ الْعُرْفِ اللَّفْظُ الرَّابِعُ عَلَى أَوْلَادِي ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ ظَاهِرُ مَذْهَبِ ذَلِك دُخُول ولد الْبَنَات كَمَا لوسمى وَلِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْأُنْثَى ثُمَّ نَصَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ فَدَخَلَ وَلَدُ الْبَنَاتِ بِالنَّصِّ لَا بِالتَّأْوِيلِ وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ شَيْءٌ لِأَن ولد الْبَنَات لَا يدْخلُونَ هَهُنَا وَهُوَ تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَوَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَنَاتِ لِمَنْ يَتَنَاوَلُهُ الْوَقْفُ اللَّفْظُ الْخَامِسُ عَلَى أَوْلَادِي وَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ ثُمَّ يَقُولُ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ لِنَصِّهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَوَلَدِهِ وَمَعَ النَّصِّ لَا كَلَامَ وَعَنِ ابْنِ زَرْبٍ عَدَمُ الدُّخُولِ قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ لِأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى صُورَةِ عَدَمِ التَّنْصِيصِ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ وَهَذَا اللَّفْظُ أَقْوَى مِنْ لَفْظِ الضَّمِيرِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ عَلَى بَعْضِ ظَاهِرِهِ وَهَذِهِ تَسْمِيَةٌ صَرِيحَةٌ وَلَوْ كُرِّرَ التَّعْقِيبُ لَدَخَلَ وَلَدُ الْبَنَاتِ إِلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا الْمُحْبِسُ عَلَى مَا قَالَهُ الشُّيُوخُ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اللَّفْظُ السَّادِسُ لَفْظُ الْعَقِبِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ كَلَفْظِ الْوَلَدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلُّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَالَتْ دُونَهُ أُنْثَى فَلَيْسَ بِعَقِبٍ

ص: 355

وَقَالَ ش الْعَقِبُ وَالنَّسْلُ وَالذُّرِّيَّةُ وَالْعِتْرَةُ وَالْبَنُونَ وبنوا الْبَنِينَ كَذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَثَعْلَبُ اللَّفْظُ السَّابِعُ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قِيلَ كَالْوَلَدِ وَالْعَقِبِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقِيلَ يَدْخُلُونَ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمَا لُغَةً وَفَرَّقَ ابْنُ الْعَطَّارِ بَيْنَ الذَّرِّيَّةِ فَيَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُد وَسليمَان} إِلَى قَوْله {وَعِيسَى} فَجَعَلَهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم َ - أَجْمَعِينَ وَهُوَ مِنْ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَبَيْنَ النَّسْلِ فَلَا يَدْخُلُونَ حَتَّى يَقُولَ الْمُحْبِسُ نَسْلِي وَنَسْلِ نَسْلِي قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ مِنَ الذُّرِّيَّةِ لِأَنَّهُ مِنَ الذَّرِّ الَّذِي هُوَ الرَّفْعُ وَمِنَ النَّسْلِ لِأَنَّهُ مِنِ الْإِخْرَاجِ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ

(فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ)

اللَّفْظُ الثَّامِنُ لَفْظُ الْبَنِينَ نَحْوَ عَلَى بَنِيَّ أَوْ عَلَى بَنِي بَنِيَّ فَكَالْوَلَدِ وَالْعَقِبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَفْظِ جَمِيعِ الْمُذَكِّرِ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُؤَنَّثُ وَإِلَّا فَالذُّكْرَانُ مِنْ بَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ دُونَ الْإِنَاثِ وَقَالَهُ (ش) وَأَمَّا عَلَى بَنِي ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ - سَمَّاهُمْ أَمْ لَا وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَلَدِ وَالْعَقِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْبَنُونَ يَتَنَاوَلُ عِنْدَ مَالِكٍ الْوَلَدَ وَوَلَدَ الْوَلَدِ - ذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ فَإِنْ قَالَ عَلَى بَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ بَنِيهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى بَنَاتِهِ يَدْخُلُ بَنَاتُ بنيه يدْخلُونَ مَعَ بَنَاتِ صُلْبِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْأَصْحَابِ عَدَمُ دُخُولِ وَلَدِ الْبَنَاتِ فِي الْبَنِينَ لِمَا تَقَدَّمَ اللَّفْظُ التَّاسِعُ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا حَبَسَ عَلَى ذُكُورِ وَلَدِهِ يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ مَعَ وَلَدِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِبَنَاتِهِمْ وَلِلْعَصَبَةِ فَإِنْ ضَاقَ بُدِئَ ببنات الْبَنِينَ ولاحق لِبَنَاتِ الْبَنَاتِ لِأَنَّ بَنَاتِ الْبَنِينَ كَالْعَصَبَةِ لِوِرَاثَتِهِمْ مَعَ إِخْوَتِهِمْ بِالتَّعْصِيبِ

ص: 356

اللَّفْظُ الْعَاشِرُ لَفْظُ الْآلِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَآله وَأَهْلُهُ سَوَاءٌ وَهُمُ الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْعَمَّاتُ دُونَ الْخَالَاتِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ مَعْنَاهُ الْعَصَبَةُ وَمن فِي قعددهم من النِّسَاء هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ التُّونِسِيُّ يَدْخُلُ فِي الْأَهْلِ مَنْ هُوَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بَعُدُوا أَوْ قَرُبُوا اللَّفْظُ الْحَادِيَ عَشَرَ لَفْظُ الْآبَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى يَدْخُلُ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ والعمومات وَإِنْ بَعُدُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وإله آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق} وَاخْتُلِفَ فِي الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَالِاخْتِيَارُ دُخُولُهُنَّ قَالَ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَجَازٌ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ اعْتِبَارُ الْحَقَائِقِ إِلَّا أَنْ يَغْلِبَ مَجَازٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظُ الثَّانِيَ عَشَرَ لَفْظُ الْقَرَابَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَوْصَى لِأَقْرِبَائِهِ يُقَسَّمُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَوَلَدُ الْخَالَاتِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَدْخُلُ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَعَنْ مَالِكٍ يَدْخُلُ أَقَارِبُهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَحْرَمٌ مِنْهُ أَمْ لَا لِصِدْقِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَقَالَ ش كُلُّ مَنْ يُعْرَفُ بِقَرَابَتِهِ اللَّفْظُ الثَّالِثَ عَشَرَ لَفْظُ الْقَوْمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ التُّونِسِيُّ الرِّجَالُ خَاصَّةً مِنَ الْعَصَبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يسخر قوم من قوم} ثمَّ قَالَ {وَلَا نسَاء من نسَاء} وَقَالَ زُهَيْرٌ

(وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِي

أَقْوَمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ

)

ص: 357

فَلم يدْخل النِّسَاء فِي لفظ الْقَوْم وَاللَّفْظ الرَّابِعَ عَشَرَ لَفْظُ الْإِخْوَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ دَخَلَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} وَلَوْ قَالَ عَلَى رِجَالِ إِخْوَتِي وَنِسَائِهِمْ دَخَلَ الْأَطْفَالُ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا إخْوَة رجَالًا وَنسَاء} اللَّفْظُ الْخَامِسَ عَشَرَ لَفْظُ الْعَصَبَةِ فَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ مِنَ النَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالذُّكُورِ وَيَدْخُلُ نَسَبُ الِابْنِ مِنَ الذُّكُورِ وَإِنْ بَعُدُوا وَلَوْ قَالَ عَلَى أَعْمَامِي لَمْ يَدْخُلْ أَوْلَادُهُمْ مَعَهُمْ لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَا يُسَمَّى عَمًّا كَمَا إِذَا قَالَ وَلَدُ ظَهْرِي لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ فِيهِ ذُكُورُهُمْ وَلَا إِنَاثُهُمْ وَلَوْ قَالَ عَلَى بَنِي أَبِي دَخَلَ فِيهِ إِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَذُكُورُ أَوْلَادِهِمْ خَاصَّة مَعَ ذُكُور وَلَده مَعَ قَالَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يُرَادُ دُخُولُ الْإِنَاثِ تَحْتَ قَوْلِهِ بَنِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الْبَنِينَ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَطْفَالِ أَهْلِي تَنَاوَلَ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ وَلَا الْمَحِيضَ وَكَذَلِكَ عَلَى صِبْيَانِهِمْ أَوْ صِغَارِهِمْ وَأَمَّا شَبَابُهُمْ وَأَحْدَاثُهُمْ فَالْبَالِغُ الْحُلُمَ إِلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَعَلَى الْكُهُولِ فَلِمَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إِلَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّتِّينَ وَعَلَى شُيُوخِهِمْ فَعَلَى مَنْ جَاوَزَ السِّتِّينَ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِقَوْلِهِ

(وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ

وَإِنْ لَمْ تَرَ قبلي أشيرا يَمَانِيَا

) فَسَمَّى الْعَجُوزَ شَيْخَةً وَعَلَى أَرَمَلِهِمْ فَلِلرَّجُلِ وللمرأة الأرملين لقَوْل الحطيئة

(هَا ذِي الْأَرَامِلُ قَدْ قَضَيْتُ حَاجَتَهَا

فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الأرمل الذّكر)

تنبه قَالَ أيمة اللُّغَةِ أَسْمَاءُ طَبَقَاتِ أَنْسَابِ الْعَرَبِ الشِّعْبُ ثُمَّ الْقَبِيلَة ثمَّ

ص: 358

الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخِذُ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ فمضر شعب وكتانة قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ قَالَ تَعَالَى {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ الشِّعْبُ ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ ثُمَّ الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخِذُ فَقَدَّمَ الْفَصِيلَةَ فَخَالَفَ غَيْرَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ نَقَلَ فِي أَنَّ فَصِيلَةَ الرَّجُلِ رَهْطُهُ الْأَقْرَبُونَ وَالرَّهْطُ قَبِيلَةُ الرَّجُلِ وَقَوْمُهُ الَّتِي تَنْصُرُهُ قَالَ الله تَعَالَى {وَلَوْلا رَهْطُك لَرَجَمْناكَ} وَأَصْلُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مُرَتَّبٌ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ فَجَعَلُوا جُمْلَةَ الْعَرَبِ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَوَّلُ ذَلِكَ الْجُمْجُمَةُ أَعْلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ كَعَدْنَانَ فِي الْعَرَبِ ثُمَّ الشِّعْبُ لِأَنَّ عَظْمَ الرَّأْسِ يَتَشَعَّبُ قِطَعًا ثُمَّ الْقَبِيلَةُ مِنْ قَبَائِلِ الرَّأْسِ وَهِيَ الزُّرُورُ الَّتِي بَيْنَ قِطَعِ الْعِظَامِ وَيَنْفُذُ لِلشِّرُوتِ وَهِيَ مَجَارِي الْعُنُقِ ثُمَّ الْعِمَارَةُ وَهِيَ صَدْرُ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْقِلَّةِ وَهُوَ عِمَارَةُ الْجَسَدِ وَمَلَلُهُ ثُمَّ الْبَطْنُ لِأَنَّ بَطْنَ الْإِنْسَانِ تَحْتَ صَدْرِهِ ثُمَّ الْفَخِذُ كَذَلِكَ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْفَخِذِ لِأَنَّهُ بِهِ يَنْفَصِلُ خَلْقُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَنْقَطِعُ آخِرُهُ وَعَلَى رَأْيِ الْجَوْهَرِيِّ تَكُونُ الْفَصِيلَةُ كَالْعُنُقِ مِنَ الْإِنْسَانِ مِفَصَلٌ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ وَأَمَّا الرَّحَى فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلِ الرَّحَى مِنَ الْعَرَبِ كُلُّ قَوْمٍ غَزَوْا لِقَوْمِهِمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ أَرْضِهِمْ وَقَسَّمُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يُرَبِّعُونَ فِيهِ وَآخَرُ يُصَيِّفُونَ فِيهِ وَآخَرُ لِلْخَرِيفِ وَآخَرُ لِلشِّتَاءِ فَهُمْ يَدُورُونَ عَلَيْهَا دَوَرَانَ الرَّحَى وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي اتَّفَقَ لَهُمْ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ أَرْبَعَةٌ فَيُقَالُ لِذَلِكَ أَرْحَاءُ الْعَرَبِ وَالشِّعْبُ مَا تَفَرَّعَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وقبائل} فَلَوْ عُلِّقَ الْوَقْفُ عَلَى لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ اتُّبِعَتْ فِيهِ هَذِهِ النُّقُولُ فِي اللُّغَةِ وَاخْتُصَّ بِمَنْ تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ اللَّفْظُ السَّادِسَ عَشَرَ لفظ الموَالِي وَفِي الْجَوَاهِر تَشْمَل الذكران الْإِنَاث

ص: 359

وَرُوِيَ يَدْخُلُ فِيهِمْ مَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي ابْنِهِ وَمَوَالِي الْمَوَالِي وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَبْنَاءُ الْمَوَالِي يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ وَلَهُ مَوَالٍ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُمْ وَلَا يَكُونُ الْحَبْسُ إِلَّا لِمَوَالِيهِ الَّذِينَ أُعْتِقُوا وَأَوْلَادُهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ فِي الْحَبْسِ إِلَّا أَنْ يَخُصَّهُمْ بِتَسْمِيَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ بَعْدَ ذَلِكَ مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ يَدْخُلُونَ مَعَ مَوَالِيهِ لِأَنَّهُ يَرِثُهُمْ بِالْوَلَاءِ وَبُدِئَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ إِلَّا أَن يكون الأباعد أحوجوفي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ أَبْنَاؤُهُمْ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَفِي دُخُولِ مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ خِلَافٌ وَالدُّخُولُ أَحْسَنُ وَإِذَا قُلْنَا يَدْخُلُونَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ يَدْخُلُ مَوَالِي وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَالْإِخْوَةِ دُونَ مَوَالِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْعُمُومَةِ وَلَوْ دَخَلُوا دَخَلَ مَوَالِي الْقَبِيلَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِدُخُولِ هَؤُلَاءِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ الْمَجْمُوعَةِ يَبْدَأُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُؤْثَرُ عَلَى الْأَبْعَدِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ غَنِيًّا أُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ عَلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ أَيْضًا وَقَالَ (ش) يَدْخُلُ الْأَعْلَى إِنْ فُقِدَ الْأَسْفَلُ أَوِ الْأَسْفَلُ إِنْ فُقِدَ الْأَعْلَى وَهُمَا إِنِ اجْتَمَعَا اللَّفْظُ السَّابِعَ عَشَرَ لَفْظُ السَّبِيلِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فَرَسًا أَوْ مَتَاعًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْغَزْوِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِأَنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا سُبُلٌ وَطُرُقٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ أَن الْغَزْو أشهر عرفا فنعين وَيَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ فِي مَوَاجِيزِ الرِّبَاطِ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَسَوَاحِلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَتُونِسَ بِالْمَغْرِبِ دُونَ جُدَّةَ لِأَنَّ نُزُولَ الْعَدُوِّ بِهَا كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا وَكَذَلِكَ دَهْلَكُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مَوَاجِيزُ الْإِسْلَامِ رِبَاطَاتُهُ وَدَهْلَكُ بِفَتْحِ الدَّالِّ قِيلَ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ السُّودَانِ سُمِّيَتِ الْبَلْدَةُ بِهِ وَهِيَ جَزِيرَةٌ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ قَالَ أَبُو عمر إِن دَهْلَكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعُ سُبُلِ الْخَيْرِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَالْأَحْسَنُ الْغَزْوُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ حَبَسَ دَارَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَسْكُنْهَا إِلَّا الْمُجَاهِدُونَ وَالْمُرَابِطُونَ وَمَنْ مَاتَ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى

ص: 360

تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَيَخْرُجُ مِنْهَا صِغَارُ وَلَدِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُجَاهِدٍ وَلَا مُرَابِطٍ وَمَنْ حَبَسَ نَاقَتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا لِقِيَامِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ خَدَمَ الْغُزَاةَ وَيَعْمَلُ فِي طعامهم تمّ بِحَمْد الله تَعَالَى

ص: 361