الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الْوَكَالَةِ)
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:
(الْبَابُ الْأَوَّلِ فِي أَرْكَانِهَا)
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الموكِّل وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التصرفُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يجوزُ لَهُ الاستنابةُ وَأَصْلُ هَذَا الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَة} وَهَذِه وكَالَة وَقَوله تَعَالَى {فأشهدوا عَلَيْهِم} وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَبَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ عليه السلام بِالْبَرَكَةِ
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَكِيلُ فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ فِي الشَّيْءِ جَازَ لَهُ أَنْ يَنُوب فِيهِ " عَنْ " غَيْرِهِ إِذَا كَانَ قَابلا للاستنسابة إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ فَقَدْ مُنِعَ فِي الْكِتَابِ مِنْ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوِ اسْتِئْجَارٍ أَوْ يُبضع مَعَهُ وَكَرِهَهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَا ذَلِكَ إِلَّا أَنه قد يٌ غلظ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا وُكِّل عَلَيْهِمْ قَصْدًا لِأَذَاهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إعانتُه عَلَى ذَلِكَ قَالَ الإِمَام: وَأما البيع وَالشِّرَاء فلِيَلا يَأْتِيَهُ بِالْحَرَامِ وَلِهَذَا مَنَعَ الذِّمِّيُّ عَامِلًا لَيْلًا يُعَامِلُ بِالرِّبَا وَبِمَا لَا تحلُّ المعاوضةُ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ نَزَلَ هَذَا تَصَدَّقَ الْمُسْلِمُ بِالرِّبْحِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَتَخَلَّصُ مِمَّا يَتَخَوَّفُ مِنَ الْحَرَامِ بِأَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ الذِّمِّيُّ مِنَ الرِّبَا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِن تُبتُم فلكم رُؤْس أموالكُم لَا تََظلِمون وَلَا تُظلمون} قَالَ: وَأَمَّا الْوَاقِعُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَأَتَى الْمُوَكِّلَ بِثَمَنِ ذَلِكَ فَيَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ ثَمَنُ خَمْرٍ فَهُوَ حرامٌ كلُّه وَفِي الرِّبَا إِنَّمَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ فَرْعٌ
قَالَ مِنَ الْمَوَانِعِ العداوةُ فَلَا يُوَكَّلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ وَبَقِيَّةُ فُرُوعِ هَذَا الرُّكْنِ تَقَدَّمَتْ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فِي الْبَيْعِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: مَا فِيهِ التَّوْكِيلُ فِي الْجَوَاهِرِ: لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَالَ أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِحُكْمِهِ مُبَاشَرَةً كَالْبَيْعِ وَالْحِوَالَةِ
وَالْكَفَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْمُصَارَفَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالسَّلَمِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ دُونَ الْعِبَادَاتِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ مِنْهَا كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ العُدْوان بَلْ تَلْزَمُ أحكامُ هَذِهِ متعاطَِيها وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَاتِ الأيمانُ وَالشَّهَادَاتُ وَاللِّعَانُ وَالْإِيلَاءُ وَيَلْحَقُ بِالْمَعَاصِي الظِّهَارُ لِأَنَّهُ مُنكر وزرور وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْخُصُومَات فِي الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار بِرِضَى الْخصم وَبِغير رِضَاهُ فِي حُضُور المستحٍ قّ وَغَيْبَتِهِ تَمْهِيدٌ الْأَفْعَالُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا لَا تحصلُ مصلحتُه إِلَّا لِلْمُبَاشِرِ فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ
فِيهَا لِفوات الْمَصْلَحَةِ بِالتَّوْكِيلِ كَالْعِبَادَةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الخضوعُ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يلزمُ مِنْ خُضُوعِ الْوَكِيلِ خضوعُ الموكِّل فَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ وَمَصْلَحَةُ الْوَطْءِ الْإِعْفَافُ وَتَحْصِيلُ وَلَدٍ يُنْتَسَبُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ لِلْمُوَكَّلِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَحَقُّقُ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَقَدْ تَتَحَقَّقَ مِنَ الْوَكِيلِ وَمَقْصُودُ اللِّعَانِ وَالْأَيْمَانِ كُلِّهَا إِظْهَارُ دَلِيلِ الصِّدْقِ فِيمَا ادَّعَى وحلِفُ زيدٍ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ عَمْرٍو وَكَذَلِكَ الشَّهَادَاتُ مَقْصُودُهَا الْوُثُوقُ بِعَدَالَةِ المتحِّمل وَذَلِكَ فَائِتٌ إِذَا ادَّعَى غَيْرُهُ وَمَقْصُودُ الْمَعَاصِي إعدامُها وشَرْعُ التَّوْكِيلِ فِيهَا
فَرْعُ
تَقْرِيرِهَا فَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ مَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ يحصلُ مِنَ الْوَكِيلِ كَمَا يَحْصُلُ مِنَ الموكِّل جَازَتِ الْوَكَالَةُ وَإِلَّا فَلَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ قِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ اسْتِقْرَاؤُهُ مِنْ نَصِّ بَعْضِ الْأَصْحَابِ الشَّرْطُ الثَّانِي: قَالَ أَنْ يَكُونَ مَا بِهِ التَّوْكِيلُ مَعْلُومًا بِالْجُمْلَةِ نُصَّ عَلَيْهِ أَوْ دَخل تَحْتَ عُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ عُلم بِالْقَرَائِنِ أَوِ الْعَادَةِ فَلَوْ قَالَ وكَّلْتُك أَوْ فلانٌ وَكِيلِي لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقُولَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ عقدٌ يفْتَقر إِلَى الرضى فيُنافيه الْجَهْلُ الْمُطْلَقُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ بمَا لِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ جَازَ وَاسْتَرْسَلَتْ يَدُ الْوَكِيلِ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ومَضَى فعلُه فِيهَا إِذَا كَانَ نَظَرًا لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِ النَّظَرِ عَادَةً إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا شِئْتَ كَانَ نَظَرًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأَمَّا إِنْ قيَّد بِبَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ اتُّبع مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَوِ الْعَادَةِ وَلَوْ قَالَ اشترِ لِي عَبْدًا جَازَ أَوْ عَبْدًا تُرْكِيًا بِمِائَةٍ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِذِكْرِ النَّوْعِ وَالثَّمَنِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: التَّوْكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ لَا يَسْتَدْعِي عِلْمَ الموكِّل بالمبلغ المبراء عَنْهُ وَلَا عِلْمَ الْوَكِيلِ وَلَا عِلْمَ مَنْ عَلَيْهِ الْحق لِأَن مَقْصُود رضى الْوَكِيلِ عِلْمُ مَا يُشْبِهُ الْمُوَكِّلَ
مِنَ الْعِلْمِ إِجْمَالًا وَذَلِكَ حَاصِلٌ حينئذٍ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ والعلمُ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ مشترطٌ لِيَجْتَهِدَ إِلَى تِلْكَ الْغَايَةِ وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ لِمخاصمة خصمِ جازَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِأَنَّ الْمُخَاصَمَةَ لَا يُعْلَمُ غَايَتُهَا فَاعْتُبِرَ جنسُها خَاصَّةً
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ عَلِيُّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عَلَى الْخَصْمِ وَإِنْ لَمْ يرضَ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) كَذَلِكَ إِنْ غَابَ وَإِنْ حَضَرَ اشْتَرَطَ رِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلْمُوَكِّلِ لَمْ أَرض غلا بِمَقَالَتِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ عَلِيًّا وَكَّلَ عَقِيلًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه لِيُخَاصِمَ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا عقيلُ أَخِي مَا قُضي لَهُ فَلِي وَمَا قُضي عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَلِأَنَّ الموكِّل قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الْحِجَاجِ مَعَ الْحَاضِرِ وَرُبَّمَا كَانَ مِمَّنْ تَشِينُهُ الْخُصُومَاتُ لِعُلُوِّ مَنْصِبِهِ وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: مَنْ بَالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أَثِمَ وَمَنْ قصَّر فِيهَا خُصِمَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَا يُقبل قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الْحق الَّذِي وُكل فِي قَبضه وَقَالَ (ش) وَقَالَ (ح) : يُقْبَلُ عَلَى تَلَفِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وكَّله عَلَى الْقَبْضِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْقَبْضِ وَأَبْرَأَ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا بِجَامِعِ عَدَمِ التَّوْكِيلِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ إِبْرَاؤُهُ وَقَالَ (ش) وَقَالَ (ح) : يَصِحُّ وَيُغَرَّمُ الْوَكِيلُ للموكِّل لِأَنَّهُ أقامهُ مَقَامَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّمَا أَقَامَهُ فِي هَذَا خَاصَّةً دُونَ الْإِبْرَاءِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ رُدِّ وَقَالَ (ش) لغزله عَنْ ذَلِكَ عَادَةً وَقَالَ (ح) يَصِحُّ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يتناولُه لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَجَوَابُهُ عُمُومٌ مُقَيَّدٌ بِالْعَادَةِ وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَ (ش) بَيْعَهُ بِالدِّينِ وَجَوَّزَهُ (ح) مِنَ الْإِطْلَاقِ وَجَوَابُهُ مَا تقدم. الْكن الرَّابِع: الصغة وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ قَالَ فِي الْجَوَاهِر: وَلَا
بُدَّ مِنَ الْقَبُولِ فَإِنْ تَرَاخَى زَمَانًا طَوِيلًا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ إِذَا قَامَتْ وَلَمْ تَخْتَرْ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْعَادَةِ هَلِ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا فِي الْجَوَاهِرِ: حُكْمُ الْوَكَالَةِ اللُّزُومُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أُجرة قَالَهُ أَبُو الْحسن وَقيل اللُّزُوم من جَانب الوكِّل قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الْهِبَةِ وَأَن لم يتعض وَبِالْأُجْرَةِ لَازِمَةً مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَيَجِبُ أَن يكون الْعَمَل مَعْلُوما كَمَا فِي الْإِجَازَة وَإِن كَانَت على سَبِيل الْجعَالَة فَفِي اللزو م ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: اللُّزُومُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَعَكْسُهُ وَمِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ فَقَطْ وَإِذَا فرَّعنا عَلَى الْجَوَازِ فينعزلُ بِعَزْلِ الموكِّل إِيَّاهُ فِي حَضْرَتِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَكَالَتِهِ حَقٌّ كَمَا إِذَا نَشِبَ مَعَهُ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ
وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إِلَيْهِ رِوايتان وَيَنْعَزِلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الموكِّل فِي بَيْعِهِ وَبِإِعْتَاقِهِ وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ نفسَه فِي حُضُورِ الموكِّل وغيبته على القَوْل ابجواز وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الموكِّل وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا إِلَيْهِ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْوَرَثَةُ وَإِذَا فرَّعنا عَلَى الْأَوَّلِ فَمَتَى يُعتبر الْعَزْلُ فِي حَقِّ مَنْ عَامَلَهُ؟ أَقُولُ حَالَةُ الْمَوْتِ حَالَةُ الْعِلْمِ فَمَنْ عَلِمَ انْتُسِخَ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَالْقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى النَّسْخِ فِي الشَّرْعِ هَلْ حِينَ النُّزُولِ أَوِ الْبُلُوغِ؟ قَوْلَانِ لِلْأُصُولِيِّينَ فَالْمَوْتُ كَالنُّزُولِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ عَلَى الْوَكِيلِ خَاصَّةً فَيَنْتَسِخُ بِعِلْمِهِ لَا بِعِلْمِ الَّذِي يُعَامِلُهُ لَكِنَّ مَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ إِلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا مَاتَ الْبَاعِثُ بِالْبِضَاعَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إِنْ كَانَ للرسول بَيِّنَة بالإررسال فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُصَدِّقَهُ وَرَثَةُ الْبَاعِثِ وَيَكُونَ شَاهِدًا لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ صِلَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ رُدت لِلْوَرَثَةِ لبطلانها بِالْمَوْتِ قبل القبص إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَلَوْ مَاتَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الصِّلَةِ مِنْ يَدِ الْبَاعِثِ بَطَلَتْ أَشْهَدَ أَمْ لَا نَظَائِرُ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: خَمْسَةُ عُقُودٍ عَلَى الْجَوَازِ دُونَ اللُّزُومِ الْوَكَالَةُ وَالْجَعَالَةُ وَالْمُغَارَسَةُ والتحكيم والقراض
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)
وَفِي الْجَوَاهِرِ: حُكْمُهَا صِحَّةُ مَا وَافَقَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ وَفَسَادُ مَا خَالَفَ اللَّفْظَ أَوِ الْعَادَةَ مِمَّا يَعُودُ بِنَقْصٍ وَأما يَعُودُ بِزِيَادَةٍ فَقَوْلَانِ بَنَاهما أَبُو الطَّاهِرِ عَلَى شَرط مَا لَا يُفيد هَل يلْزم الْوَفَاء بِهِ أَوْ لَا وَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مَنْ أَقَاربه إِذا لم يُجَاب وَلَا يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ لِخُرُوجِهِ عَنِ اللَّفْظِ عادةَ وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمُهُ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ بِمُطْلَقِ الْإِذْنِ أَوْ أُذن لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ إِذَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَو وَلَده الصَّغِير أَو يتيمه كَا يَتَوَلَّى ابْنُ الْعَمِّ طَرَفَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ وتولَّى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ استيفاءَهُ مِنْ نفسهِ بِالْوَكَالَةِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَمَهْمَا عُلم أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكَّلِ فالمُلْك يَنْتَقِلُ للموكَّل لَا إِلَى الْوَكِيلِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ فَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يُشهِد فَجَحَدَ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ لتغريره وَيملك الْمُطَالبَة بِالثّمن وَالْقَبْض لِأَن مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ وَيُقَاصُّ الْوَكِيلَ وَالشُّرَكَاءَ وَيَمْلِكُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَأَمَّا مُطَالَبَتُهُمَا بِالثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وَكِيلٌ طُولِبَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوِ المُثْمَن وَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَيَّن أَنَّهُ وَكيل وتبرأ من الثّمن أَن المُثْمَن لَمْ يَكُنْ لَهُ أَدَاءٌ وَلَا عُهْدَةٌ وَإِنْ صَرَّحَ بِالِالْتِزَامِ لَزِمَهُ مَا صَرَّحَ بِالْتِزَامِهِ وَثَمَّنَ " مَا " لَمْ يُصَرِّحْ بأَحد الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى شِرَاءٍ بِنَقْدٍ أَوْ بَيْعٍ بِهِ فالمنصوص فِي الْمَذْهَب مطالبتُه بِالثّمن والمثمون وَفِي النَّوَادِرِ: عَنْ مَالِكٍ
إِذَا أبضَع مَعَهُ سِلْعَةً لِيَدْفَعَهَا لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى الدَّفْعِ وَإِلَّا ضمِن إِنْ أَنْكَرَ الْقَابِضُ وَلَوِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْإِشْهَادِ نَفَعَهُ شَرْطُهُ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَإِنِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْحَلِفِ بَطل الشَّرْط لأنّ الْأَحْدَاث تحدُث والتهم تجدّد بِخِلَاف الْإِشْهَاد وَقَالَ عبد الْمَالِك: يُصدّق وَلَا إِشْهَادَ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الآمرُ لَهُ اقْضِ هَذَا عَنِّي فُلَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ إِنْ لَمْ يُشهد لِأَنَّهُ وَكَّلَ إِلَيْهِ الْقَضَاءَ والقضاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِشْهَادِ قَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ قَالَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قَبَضْتُهَا وَضَاعَتْ مِنِّي ضمِن الرَّسُولُ لِتعدِّيهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُرْسِلِ فيبرأُ الْبَاعِثُ إِلَيْهِ وَالرَّسُولُ وَلَا يَنْتَفِعُ الرَّسُولُ بِشَهَادَةِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ضَيَاعِهَا فَلَوْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَمْ يَحْلِفْ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُشهد فِي دَفْعِ الثَّوْبِ للقصَّار ضمِن قَالَهُ سَحْنُونٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: إِنْ بَعَثَ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى بِثَمَنِ المِثْل وَجَهِلَ الْعَيْبَ وَقَعَ عَنِ الموكِّل وَلِلْوَكِيلِ الردُّ عَلَى ضَمَانِهِ بِمُخَالَفَةِ الصِّفَةِ وَإِنْ عَلِمَ وَقَعَ عَنْهُ وَلَمْ يُرَد لِرِضَاهُ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا وَاشْتَرَاهَا بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْآمِرِ لَزِمَ الْآمِرَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَعَلِمَ لَمْ يَقَعْ عَنِ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ جَهِلَ وَقَعَ عَنْهُ وَمَهْمَا جَهِلَ الْوَكِيلُ فَلَهُ الردُّ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ عَيْنًا مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُوَكِّلُ مُقَدَّمٌ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ الرَّدُّ بَعْدَ اسْتِرْجَاعِ الْوَكِيلِ لَهَا إِذَا لَمْ يُمض رَدَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا مُفَوَّضًا فَلَهُ الرَّدُّ وَالْقَبُولُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ وَحَيْثُ يَكُونُ الْوَكِيلُ عَالِمًا فَلَا ردَّ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَلْزَمَهَا الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ إِنْ شَاءَ.
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ وكَّلك فِي دَيْنٍ فَادَّعَى المطلوبُ دَفْعَ بَعْضِهِ لِرَبِّهِ لَا يُسمع ذَلِكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قَبَضْتَ مِنْهُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمَ الطالبُ فَأَقَرَّ رَجَعَ
الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ فِي عَدَمِ إِخْبَارِكَ بِمَا قَبَضَ وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ اكْتُبُوا لِلطَّالِبِ فَإِنْ صدَّقني بَرِئْتُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ مَتَى تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ فِي اخْتِلَافِ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْن فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ فَلَمْ يحْلفْ ضَمِن لتعدِّيه بِالنُّكُولِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شاهدٍ إِنْ أَقامه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلِلْمُبْتَاعِ تحليفُه فِي الْعَيْبِ يَدَّعي حدوثَه
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَسْلَفْتَهُ دِينَارًا فَرَدَّهُ لأمرٍ كَرِهَهُ فَقُلْتَ لَهُ ادْفَعْهُ لِفُلَانٍ فتلِف ضمِنه إِنْ كَانَ لَمْ يُرَدَّ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ فَلَا لِأَنَّهُ وَكِيلٌ أَمِينٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا عَرَفَ الَّذِي عِنْدَهُ الدَّيْنُ أَو الْوَدِيعَة أَن هَذَا حظك وَأُمِرَ بِالدَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِوَكِيلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ مُعِين وَلَا يوكِّل إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَلِي ذَلِكَ عَادَةً إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ وَلَوْ وكَّله فِي تَصَرُّفَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَطْلَقَ فِيهِ التَّوْكِيلَ إِنْ عَلِمَ عَجْزَهُ عَنِ الِانْفِرَادِ بِهَا ثُمَّ لَا يوكِّل إِلَّا أَمِينًا عَارِفًا بِالْمَصْلَحَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا وكَّل بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ مَاتَ الموكَّل قَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَتَوْكِيلِ موكِّله لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لازمٌ لَهُ كَتَصَرُّفِهِ بِنَفْسِهِ وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُشير ظاهُره إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ إِمْضَاءُ تَصَرُّفِ مَنْ أَبْضَعَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ بعد مفاصلتهما
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا بَاعَ الْآمِرُ وَبَاعَ الْوَكِيلُ فَأَوَّلُ الْبَيْعَتَيْنِ أَحَقُّ لِمُصَادَفَتِهِ قَبُولَ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الثَّانِي السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ كَإِنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْأَوَّلُ أَحَقُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الثَّانِيَ إِنَّمَا قَبَضَ مِلكَ غَيْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ كَشْفَتُهُ عَظِيمَةٌ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الثَّانِي إِذَا دَخَلَ مفوِّتاً وَامْتِهَانُ الْحَرَائِرِ ضَرَرٌ مَعَ الرَّدِّ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: أَبْضَعَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ لِشِرَاءِ رَقِيقٍ فَخَلَطَهَا وَاشْتَرَى لَهُمْ رَقِيقًا وَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِ بِضَاعَتِهِ وَأُعْطِيَ لِوَاحِدٍ مَرِيضَةً اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ فَهَلَكَتْ وأقرَّ بِمَا صَنَعَ ضَمِنَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ شِرَائِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهَا لِصَاحِبِهَا مُفْرَدَةً صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَحْلِفُ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُونَ فِي الْمَرِيضَةِ شَيْئًا قَالَ مَالك: ولوأمروه بِشِرَاءِ طَعَامٍ فَجَمَعَ مَا لَهُمْ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ لَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَنْقَسِمُ بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ لَهُ شراؤُه مُشَاعًا ثُمَّ يُقَسِّمُهُ لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ وَيُضَمِّنُ مَا يَنْقَسِمُ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ يَخْلِطُ أَمْوَالَ الْمُقَارِضِينَ لِأَنَّ لَهُ الْبَيْعَ بِخِلَافِ هَذَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَوْ قَالَ لَهُ بعْ مِنْ زيدٍ لَمْ يَبِعْ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ خصَّص زَمَانًا أَوْ سُوقًا تَتَفَاوَتُ فِيهِ الْأَغْرَاض أوثمناً فَلَهُ الْبَيْعُ بِمَا فَوْقَهُ دُونَ مَا دُونَهُ لِأَن الْعَادة الرضى بِذَلِكَ بِطَرِيقِ الأَوْلَى ويُخَيَّر الموكِّل فِي الْأَدْنَى لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ فُضُولِيٍّ أَوْ فسخِه فَإِنْ فَسَخَ والسلعةُ قَائِمَةٌ أَخَذَهَا وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِمَا سمَّي مِنَ الثَّمَنِ أَوْ فَاتَتْ طالَبَهُ بِالْقِيمَةِ إِنْ لَمْ يُسمِّ ثَمَنًا فَإِنْ سمَّى فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَا سَمَّى أَوْ بِالْقِيَمَةِ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَتْلَفَ سِلْعَةً وَقَفَت عَلَى ثَمَنٍ وَهَذَا فِي مَا عَدَا الرِّبويَّات فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى رِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ كعين
بِعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ هَلْ هُوَ كالشَّرطي أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَنَا أُتم مَا نَقَصَت فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْضِي الْبَيْعَ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الْآمِرِ وَقَدْ حَصَلَ أَوْ هُوَ مُتَعدٍ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُلتفت إِلَى قَوْلِهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ بِمِائَةٍ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِمَا دُونَهَا لَا بِمَا فَوْقَهَا إِلَّا الْيَسِيرَ الْمُعْتَادَ كَالثَّلَاثَةِ فِي الْمِائَةِ وَنَحْوِهِ ويُقبَل قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ أَوْ قُرْبَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ إِذَا طَالَ الزَّمَانُ فَإِنْ كَانَ زَادَ كَثِيرًا خُيِّرَ المُوكِّل فِي الْإِمْضَاءِ وتركِ السِّلْعَةِ لَهُ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِمِائَةِ نَسِيئَةً فَبَاعَ بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوِ اشتَرِ بمائةٍ نَقْدًا فَاشْتَرَى بِمِائَةِ نَسِيئَةً لَزِمَ الْآمِرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ خَالَفَنِي فِيهَا أَبُو بكر ابْن اللبّاد واحتجتُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَوْ عَجَّلَ الثَمن المُؤجل لَزِمَ الْقَبُولَ وَلَوْ قَالَ بعْ بِالدَّنَانِيرِ فَبَاعَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي اللُّزُومِ قَوْلَانِ بِناءً عَلَى أَنَّهُمَا كَنَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ كَنَوْعَيْنِ وَلَوْ سلَّم لَهُ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ وَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَرَدَّ الدِّينَارَ وَالشَّاةَ صَحَّ عَقْدُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَلَزِمَ بِإِجَازَةِ الْمِلْكِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّهُ أصلُنا فِي تصرُّف الْفُضُولِيِّ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ المسمَّى أَوِ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْعَشَرَةُ وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الزَّائِدِ قَالَ بَعْضُ المُتأخرين: وَلَو ظهر أجد الْقَصْدَيْنِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يُقِرُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا لَا يُصالِحُ وَلَا يُبرئ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَشْهَدُ لِمُوَكِّلِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ شَرَعَ لَمْ يُوَكِّلْ
تَنْجِيزًا لِرفع ظُلْمِ الْمُعْتَدِي إِلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ خَصْمِهِ اسْتِطَالَةً بِسَبَبٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَعْزِلُ الْوَكِيلُ حَيْثُ وكِّل بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُصُومَةِ تَنْجِيزًا لِرَفْعِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ ظَالِمٌ والمنكَرُ وَالْفَسَادُ تَجِبُ إِزَالَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَهُ عزلُهُ مَا لَمْ تُشْرِفْ حُجَّتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُبَاشَرَتُهُ لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُوَ عَزلُ نَفْسِهِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا وُكِّلَ رَجُلَيْنِ لِكل وَاحِدٍ الاستبدادُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الِاجْتِمَاعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: وَكَمَا لَا يُفتَقَر إِلَى حُضُورِ الْخَصْمِ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ لَا يُفتَقر إِلَى إِثْبَاتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ أَلفاً وَقَالَ اشتَرِ بِعَيْنِهِ شَيْئًا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّة وَنَقَدَ الْأَلْفَ صَحَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اشترِ فِي الذِّمَّةِ وسلِّم الْأَلْفَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: مَهْمَا خَالَفَ فِي الْبَيْعِ وُقف عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَرَدِّهِ وَمَهْمَا خَالَفَ فِي الشِّرَاءِ وَقَعَ عَنِ الْوَكِيلِ إِنْ لَمْ يَرْضَ الموكِّل
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْوَكِيلُ أمينٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُضَمَّنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ كَانَ وَكِيلًا بِجُعْلٍ أَمْ لَا ثُمَّ إِنْ سلَّم إِلَيْهِ الثَّمَنَ فَهُوَ مطالبٌ بِهِ مَهْمَا وُكِّل بِالشِّرَاءِ فَإِنْ
لَمْ يسلِّم إِلَيْهِ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ وَكِيلًا طَالَبَهُ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ مطالبتهُ ثُمَّ حَيْثُ طُولِبَ الوكيلُ رَجَعَ عَلَى الموكِّل وَلَوْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ فِي يَدَيْهِ أَوِ اسْتَحَقَّ فَالْمُسْتَحِقُّ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إِذَا قَبَض الثَّمَنَ وتلِف فِي يدهع فاستُحِق المبيعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ وَفِي الْجَلَّابِ: إِذَا دُفِعَ لَهُ الثَّمَنُ لِمُعَيَّنٍ فَضَاعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ فَضَاعَ لَزِمَهُ دَفع غَيْرِهِ مِرَارًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَائِعِ وَلَوْ دَفَعَ الموكَّل الثَّمَنَ قَبْلَ الشِّرَاءَ فَضَاعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يُعطِ غَيْرَهُ إِنِ امْتَنَعَ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مالٌ مُعَيَّنٌ ذَهَبَ وَلَمْ يَتَنَاوَلِ العقدُ غَيْرَهُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: دَفَعَ إِلَيْكَ أَرْبَعِينَ لِتَشْتَرِيَ بِهَا رَأْسَيْنِ وَتَبِيعَهُمَا وَتُحْرِزَ رِبحهما وَآخَرُ دَفَعَ ثَمَانِينَ لِتَشْتَرِيَ رَأْسًا وَتَبِيعَهُ وَتُحْرِزَ الْفَضْلَ فَاشْتَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَمَرَهُ وَبَاعَ رَأْسًا بِمِائَةٍ وَآخَرَ بِسِتِّينَ وَآخَرَ بِأَرْبَعِينَ وَلَمْ يدرِ لِمَنْ كَانَ الرَّقِيقُ مِنْهُمَا وتداعَيَا الْأَرْفَعَ قِيلَ يَضْمَنُ مِائَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّأْسَيْنِ أَيُّهُمَا لَكَ؟ فيحلفُ وَيَأْخُذُهُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَيَتَحَالَفَانِ عَلَى الْمِائَةِ فَيَقْتَسِمَانِهَا وَيُقَال لصَاحب الرأسين مَا الَّذِي كل أَصَاحِبُ السِّتِّينَ أَوْ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذهُ ثمَّ يكون الْبَاقِي بيهما لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يزعمُ أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ فَلِصَاحِبِ الرَّأْسَيْنِ أَرْبَعُونَ وَمِائَةٌ وَلِصَاحِبِ الرَّأْسِ سَبْعُونَ وَلَو دفع أَحدهمَا دَنَانِير وَآخر دَرَاهِم لشرائين فَصَرَفَ هَذِهِ بِهَذِهِ بِصَرْفِ النَّاسِ جَازَ
(17
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي النِّزَاعِ)
وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ فِي الْإِذْنِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الموكِّل لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَصِيَّةِ بوجهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ حَلَفَ الموكِّل وَغُرِّمَ الْوَكِيلُ لِلْمُشْتَرِي أَنْكَرَ البائعُ الْوَكَالَةَ أَوِ اعْتَرَفَ بِهَا وَلَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ مَا أَمَرْتُكَ إِلَّا بِاثْنَيْ عشر صُدِّق الْآمِرُ إِنْ لَمْ تَفُتِ السِّلَعُ فَإِنْ فَاتَتْ صُدق الْمَأْمُورُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ مَا لَمْ بيع بِمَا يُستنكر الْمَوْضِعُ الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَإِذَا قَالَ تصرفتُ كَمَا أَذِنْتَ صُدِّق الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ أَمِين ويَلزَمُ الْآمِر ذَاك التَّصَرُّفُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِإِقْرَارِهِ بِالْوَكَالَةِ وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعى تَلَفَ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّق لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لم أدَّعى ردَّ الْمَالِ سواءٌ كَانَ بِجُعلٍ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ قبضتُ الثَّمَنَ وتلِف إِنْ ثَبَتَ الْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ صدَّقَهُ الموكِّل فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيمُ مِنَ الدِّين إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ وَكِيلًا مُفَوَّضًا أَوْ وَصِيًّا فَيبرأ باعترافه من غير بِبَيِّنَة بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا غُرْمَ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ إِذَا وكَّله فِي قَضَاءِ الدَّيْن فَلْيُشْهِد وَإِلَّا ضَمِنَ بِتَرْكِ الْإِشْهَاد وَقبل لَا يَضْمَنُ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى رَدِّ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم}
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: مَنْ يُصَدَّق بالرَّدِّ إِذَا طُلب بِالرَّدِّ لَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِعُذْرِ الْإِشْهَادِ إِذَا تَحَقَّقَتِ الْوَكَالَةُ أَوْ باشَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلِمَنْ عَلَيْهِ الحقُّ بشهادةٍ أَلَّا يسلِّم إِلَى الْمُسْتَحِقِّ أَوْ وَكِيلِهِ إِلَّا بِشَهَادَةٍ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ تَرِكَةٌ فَاعْتَرَفَ لِإِنْسَانٍ بِأَنَّهُ وارثُ صاحِبها لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَزِمَهُ التسلمي وَلَا يكلِّفه بِشَهَادَةٍ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَلَوِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَلْفًا عَنْ جِهَةِ حَوَالَةٍ وَلَكِنْ خَافَ إِنْكَارَ الْوَكِيلِ فَهُوَ كَخَوْفِ المُحيل إِنْكَارَ الموكِّل وَلَوِ ادعَّى عَلَى الْوَكِيلِ قَبْضَ الثَّمَنِ فَجَحَدَهُ فأُقيمت عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَبْضِ فادَّعى تَلَفًا أَوْ رَدًّا قَبْلَ الْجَحَدِ لَمْ تُسمع دَعْوَاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: الَّذِي يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَوْ صرَّح بِالْإِنْكَارِ وَقَالَ مَا دَفَعَ إلىَّ شَيْئًا لِغُرْمٍ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْن فَدَفَعَهُ أَوْ وديعةٌ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فردَّها وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً لِذَلِكَ فطُولب فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ كَانَ عَلَيْهِ دينٌ أَوْ قَالَ مَا أودعنى شياً ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْحَقِّ فَأَخْرَجَ الْبَرَاءَةَ بِالْعُدُولِ لَا تَنْفَعُهُ شهادةُ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّهُ كذّبهم بجحده الأَصْل وبقة فُرُوعِ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ جَمِيعِ فُرُوعِ التَّهْذِيبِ تَقَدَّمَتْ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَيْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
3 -
(فَرْعٌ)
إِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ المُفوّض إِلَيْهِ أَوْ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ أَنَّهُ دَفَعَ لَكَ مَا قَبَضَهُ مِنْ غُرمائكَ صَدَّقَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَعَنْهُ لَا يُصدّق بِحَضْرَةِ قَبَضِ الْمَالِ أَوْ بِقُرْبِهِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عِنْدَهُ وَتَحْلِفُ أَنْتَ وتصدَّق وَهُوَ مَعَ يَمِينِهِ فِي نَحْوِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قبضُك لِمَالِكَ حِينَئِذٍ وَإِنْ طَالَ جِدًّا لَمْ يَحْلِفْ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَ المفوَّض إِلَيْهِ فَفِي الْقُرْبِ يَبرأُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْبُعْدِ جِدًّا يَبْرَأُ بِغَيْرِ يمينٍ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى شيءٍ بِعَيْنيهِ قَالَ فَهُوَ غَارِمٌ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ بِالْقُرْبِ قَالَ عَبْدُ الْمَالِكِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إِذَا عُرِف الْقَبْضُ وجُهل الدَّفْعُ وَلم يذكرهُ
(كتاب الشّركَة)
قَالَ الْجَوْهَرِي: شاركتُ فلَانا صٍ رْتُ شَرِيكا لَهُ واشتركنا وتشاركنا وشرِكتُه فِي البع وَالْمِيرَاثِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - أَشرَكَهُ - بِفَتْحِهَا - شِركَةً - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالِاسْمُ الشِّرك - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُون الرَّاء - وَأَصلهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} وَقَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الْآيَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها هِيَ الْيَتِيمَة تشاركه فِي مَاله وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -: الشُّفعة فِي مَا لم يُقسم وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -: " مَن أَعْتَقَ شِركاً لَهُ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصِّحَاحِ وقَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة} مُقْتَضَاهُ الشّركَة فِي الطَّعَام المُشترى بالورق وَفِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ)
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلَّا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يتصرَّف لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ بِإِذْنِهِ قَالَ الْلَخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي مُشَارَكَةُ مَنْ يُتهم فِي دينه ومعاملته وَلَا يَهُودِيًّا وَلَا نصرانياُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُعَامِلُ وَقَالَهُ (ح) وَ (ش)
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ تجوز شركَة العبيد إِذْ أُذن لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يُشَارِكُ مُسلم ذِمِّيًّا إِلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا اقْتِضَاءٍ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ وَتَجُوزُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْعَبْدُ الْمُتَوَلِّي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الحرِّ فِي ذَلِكَ مطالبةٌ إِنْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ خَسِرَ وَكَذَلِكَ إِنْ تولَّيا جَمِيعًا الشِّرَاءَ وَوَزَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَائِبه وأعلقاه عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَنْفَرِدِ الحرُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ الحرُّ الْمُتَوَلِّيَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ إِنْ هَلَكَ أَوْ خَسِرَ لوَضع يَدِهِ مُسْتَقِلًا فَإِنْ شَارَكَ نَصْرَانِيًّا وَغَابَ عَنِ الْمُعَامَلَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِنَصِيبِهِ مِنَ الرِّبْحِ لِاحْتِمَالِ مُعَامَلَتِهِ بِالرِّبَا فَإِنْ شَكَّ فِي التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ اسْتِحْبَابًا وَإِنْ عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً أَوْ شَابَّةً لَا تُبَاشِرُهُ وَوَافَقَنَا (ش) وَقَالَ (ح) تُمنع مُشَارَكَةُ الْحُرِّ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي وَالْحُرُّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ وَالْعَبْد لَا
يَمْلِكُهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ وَبَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَالْمُكَاتَبَيْنِ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي إِلَّا فِي الرِّبْحِ مَعَ الْمَالِ وَنَمْنَعُ اشْتِرَاطَ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بَلْ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الرُّكْنُ الثَّالِث: الصِّيغَة الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ لِأَن الْمَقْصُود حُصُول الرضى بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَيَكْفِي اشْتَرَكْنَا إِنْ فُهم الْمَقْصُودُ عَادَةً الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَحَلُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ: هُوَ الْمَالُ وَالْأَعْمَالُ فَعَقْدُ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ بَيْعٌ لِبَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ لَكِنَّهُ بيعُ لَا مُنَاجَزَةَ فِيهِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَالِهِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ منعقدٌ عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ خلاف قَاس ابْن الْقَاسِم الطَّعَام على العَبْد الْمُتَّفق كَيْلا وَصفَة وَمَنَعَ فِي الدَّنَانِيرِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ وَالطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَتَجُوزُ بِالْعَرْضَيْنِ المُتَّفقين فِي الصِّفَةِ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَنَعَ مَالِكٌ الطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَتَجُوزُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَشَرَطَ فِي الذَّهَبَيْنِ اتِّفَاقَ الصَّرْفِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ السِّكَّةُ وَلَا يضرُّ اخْتِلَافُ الْعَرْضَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا قُوِّم بِهِ عرضُه وَلَوْ وَقَعَتْ بِالْعَرْضَيْنِ فَاسِدَةً لَكَانَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ واحدٍ مَا بيع بِهِ عرضه وَمَعَهَا (ش) بِغَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَا يَنْفَعُ التَّقْوِيمُ عِنْدَهُ وَمِنْهَا السَّبَائِكَ وَالنَّقَّارَ لِلرُّجُوعِ فِيهَا إِلَى الْقِيمَةِ وَتَجُوزُ فِي المثلين من الْحَيَوَان والأقطار وَالْأَدْهَانِ وَمَنَعَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ وَالْفَرْقُ احْتِيَاجُ الْقِرَاضِ إِلَى رَدَّ عَيْنِ رَأْسِ الْمَالِ وَرُبَّمَا غَلَا فَيَسْتَغْرِقُ الرِّبْحَ فَيَذْهَبُ عَمَلُ الْعَامِلِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ قَالَ (ش) وَ (ح) : إِنِ احْتَاجَا إِلَى الشَّرِكَةِ بِالْعَرْضَيْنِ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ مُشْتَرِكًا وَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ حَذَرًا مِنَ التَّلَفِ فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَقَالَ (ح) : لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالنَّقْدَيْنِ وَالْفُلُوسِ تَمْهِيدٌ مَنْشَأُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ مُلَاحَظَةُ قَوَاعِدَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الرُّخَصَ هَلْ يُقاس عَلَيْهَا أَمْ لَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَوْلَيْنِ فِي الْأُصُولِ فَمَنْ مَنَعَ لَمْ يُلحق بِالنَّقْدَيْنِ غَيْرَهُمَا وَثَانِيهَا: قَاعِدَةُ سَدِّ الذَّرَائِعِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْعُقَلَاءِ عَدَمُ الْقَصْدِ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَ المِثليات إِلَّا لِغَرَضٍ فَإِذَا اشْتَرَكَا بِمِثْلَيْنِ كَانَ الْغَرَضُ الْإِرْفَاقَ بِالشَّرِكَةِ لَا الْمُعَاوَضَةَ وَإِنِ اشْتَرَكَا بِمُخْتَلِفَيْنِ كَانَ الْغَرَضُ الْمُبَايعَة وَهُوَ مَمْنُوع من الشّركَة لعد التَّأْخِيرِ وَعَدَمِ الْقَبْضِ وَدُخُولِ النَّسَاءِ فِي النَّقْدَيْنِ فَمن لَا حَظّ هَذِهِ مَنَعَ إِلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَمَنْ لَمْ يُلَاحِظْ وَلَاحَظَ أَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ تَدْعُو لِلشَّرِكَةِ بِقَسْمِ الْمُخْتَلِفَاتِ عَلَيْهِ جوَّزه وَثَالِثُهَا مُلَاحَظَةُ الْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: مُلَاحَظَةُ رِبْحِ مَا لَمْ يُضَمَّنْ فِي الْعُرُوضِ لِتَوَقُّعِ تَأْخِيرِ بَيْعِ عَرْضٍ أَحَدِهِمَا فَيَغْلُو فَيُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَعْطَيْنَا رِبْحَ الزَّائِدِ لِصَاحِبِهِ فَقَدْ أَفْرَدْنَا أَحَدَهُمَا بربج وَهُوَ خلاف عقد الشّركَة أَولا كَانَ قَلِيلُ الْمَالِ مِثْلَ كَثِيرِهِ فِي الرِّبْحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ غَلَاءٌ وَلَا رُخْصٌ فَائِدَةٌ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرْضُ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - مَا لَيْسَ مَوْزُونًا وَلَا مَكِيلًا وَلَا حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ وَعَمَلِ الْأَبْدَانِ إِنْ كَانَت صَنْعَة وَاحِدَة وتمتنع بِالذِّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ وَعَلَى أَنْ يَضْمَنَا مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ فِي بَلَدَيْنِ يُجْهِزُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ تَفَاوُضًا كَذَلِكَ فِي تِجَارَةِ الرَّقِيقِ أَوْ فِي جَمِيع التِّجَارَات أَو بعضهما. وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقُولُ احْمِلْ عَنِّي نِصْفَ مَا اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنْ أَحْمِلَ عَنْكَ نِصْفَ مَا اشْتَرَيْتَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شِرَاء سلْعَة مُعينَة حَاضِرَة أَو علئبة فَيَشْتَرِيَانِهَا بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إِنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ لِوُقُوعِ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ ضَمِنَ أحدُهما عَنْ صَاحبه فَذَلِك جَائِز قَالَ صَاحب النكث: الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِيكَيِ الْمَالِ يَجُوزُ افْتِرَاقُهُمَا فِي موضِعين
وَامْتِنَاعُ افْتِرَاقِ شَرِيكَيِ الْبَدَنِ أَنَّ شَرِيكَيِ الْمَالِ حَصَلَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ فَلَا يضرُّ افْتِرَاقُهُمَا وشريكا الْبدن إِذا افْتَرقَا لم يبْق بيهما شَرِكَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي آخِرِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا مُتَّفِقَةً فَإِنِ اخْتَلَفَتْ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ النَّصِيبِ الْأَقَلِّ إِلَّا مِثْلَ مَا يَضْمَنُ عَنْهُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَيتبع البَائِع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَيَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عُلِمَ اتَّبَعَهُمَا بِحِصَّتِهِمَا وَإِنَّمَا يحمل كل واحج عَنْ صَاحِبِهِ إِذَا اسْتَوَتْ أَجْزَاؤُهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا يَحْمِلُ عَنْهُ الْآخَرُ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي سِلْعَتَيْنِ يُخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ بسلعة أَو تحمَّل أَحدهمَا عَن الآخر على أَن تحمَّل الْآخَرُ عَنْهُ كَمَا يَمْتَنِعُ أَسلِفني بِشَرْطِ أَنْ أُسلِفَك وإنمما أُجيز فِي الشَّرِكَةِ لِلْعَمَلِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ بِالذِّمَمِ فَمَا اشْتَرَيَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا عَقَدَا وتُفسخ الشَّرِكَةُ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَن يُخرجا مالأً أَنْ يَتَّجِرَا بِهِ بِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا قَالَ فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِن جَاوز رُؤْس أموالهما قَالَ بعض القوريين: إِنَّمَا لزم كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا اشرتى صَاحِبُهُ فِي شَرِكَةِ الذَّمَمِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمُشْتَرَاهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ سَحْنُونٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ: يلزمُني نِصْفُ مُشَتَرَاكَ وَبِالْعَكْسِ فَأَشْبَهَ الْمُعَاوَضَةَ بِالسِّلْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَشْتَرِيَانِ فَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ شَرِيكَهُ كَمَا إِذَا تَشَارَكَا بِسِلْعَتَيْنِ شَرِكَةً فَاسِدَةً لَا يَكُونُ الْبَيْعُ فِيهَا فَوْتًا يُوجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ يَد كل وَاحِد على سلْعَته فَكَذَلِك هَا هُنَا قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: اسْتِوَاءِ الصِّنْفِ مِنَ الْعَيْنِ وَالرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُبَايَعَةُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ مُبَايَعَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى مُنَاجَزَةٍ فِي النَّقْدَيْنِ وَإِن اخْتَلَفَتِ السِّلْعَةُ وَالْقِيمَةُ لَمْ يَشْتَرِكَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ رِباً وَبِالْمُسَاوَاةِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْيَسِيرِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْع كالمبادلة فِي الدَّنَانِيرِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَمَنَعَ
مُحَمَّدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَائِمَةً وَمِنَ الْآخَرِ عَشَرَةً تَنْقُصُ حَبَّتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْمَعْرُوفَ وَلَوْلَا مُقَارَنَةُ الشَّرِكَةِ جَازَ لِأَنَّ نِصْفَ ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَمَا وَقَعَتِ الْمُبَادَلَةُ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنْ عَقَدَا عَلَى سلعةٍ وَاحِدَةٍ ووزنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ أَوْ كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَتَكَارَمَانِ جَازَ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِأَحَدِهِمَا تبرٌ وَلِلْآخَرِ مَسْكُوكٌ وَتَسَاوَى الذَّهَبَانِ فَإِنْ كثُر فَضْلُ السُّكَّةِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَافَأَتْ جَوْدَةُ الْيَسِيرِ السُّكَّةَ فَقَوْلَانِ كَدَرَاهِمَ لِأَحَدِهِمَا وَدَنَانِيرَ لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُبَايَعَةٌ فَتَجُوزُ إِذَا تَقَابَضَا التِّبْرَ وَالدَّنَانِيرَ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الْيَسِيرُ مُغْتَفَرٌ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً: فِي الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ وَالْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّجَاسَةِ إِذَا وَقَعَتْ فِي إِنَاءٍ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الطَّعَامِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَا يمْنَع الْوُجُوب فِي نِصَاب الزَّكَاة فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي نُقْصَانِ سُنَنِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ وَفِي الْعَيْبِ لَا يردُّ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذا حدث عد المُشْتَرِي لَا يردهُ إِذا رد وَإِذا زَاده الْوَكِيلُ عَلَى مَا أُمر لزِم وَإِذَا زَادَهُ أحد الشُّرَكَاء عل صَاحِبِهِ لَا يُفسد الشَّرِكَةَ سِوَى الْأَمْوَالِ وَالْأَحْمَالِ وَالتَّفَاوُتِ الْيَسِيرِ بَيْنَ السُّكَّتَيْنِ لَا يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ وَفِي هِبَةِ الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ وَالْوَصِيِّ مِنْ مَال يتيمه وعَلى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَتَنْفِيذِ شِرَاءِ السَّفِيهِ الْيَسِيرِ لِبَنِيهِ وَفِي قِرَاءَةِ الجُنب وَفِي الْكِتَابَةِ إِلَى الْكُفَّارِ بِالْقُرْآنِ وَفِي قِرَاءَةِ الْمُصَلِّي كِتَابًا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ قُرْآنًا إِذَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَكَذَلِكَ إِنْصَاتُهُ لمُخبر فِي الصَّلَاةِ وَفِي بَدَلِ النَّاقِصِ بِالْوَازِنِ وَفِيمَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَفِي الصَّرْفِ فِي الْمَسْجِدِ وَوَصِيِّ الْأُمِّ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ وَيُغْتَفَرُ عِنْدَ انْفِصَالِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا بَقِيَ ثَوْبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا يَسِيرُ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ عَامِلُ الْقِرَاضِ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكُسْوَةُ إِذَا كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهَا يَسِيرَ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمُغَارِسِ الْعَمَلُ الْيَسِيرُ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقِي وَعَامِلُ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْأَخْذِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ لَا يَضُرُّ ويُترك لِلْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ نَحْوُ نَفَقَةِ الشَّهْرِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: فَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ أَثْلَاثًا وَالْمَالَ مِائَةٌ لِأَحَدِهِمَا وَمِائَتَانِ لِلْآخَرِ رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي خَمْسِينَ وكا الرِّبْح والخسارة أَثلَاثًا فَإِن شرطا الْعَمَل حَاشِيَة فَسَدَتْ سَوَاءٌ كَانَتِ الْخَسَارَةُ أَثْلَاثًا أَوِ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ أَثْلَاثًا فَتَكُونُ الْخَمْسُونَ عِنْدَ صَاحِبِ الْمِائَةِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ فَإِنْ كَانَ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فرِبحُها لِرَبِّهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَمِلَ فِيهَا عَلَى أَنَّهَا باقيةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا لَمَّا كَانَتْ خَسَارَتُهَا وَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ وَإِنْ جَعَلَ خَسَارَتَهَا مِنَ الْآخَرِ فَتَكُونُ سَلَفًا أَوْ هِبَةً وَلَا تَرْجِعُ بعد الْيَوْم قَولَانِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُسَلِّفِ أَوِ الْمَوْهُوبِ وَرِبْحُهَا لَهُ وَالثَّانِي ضَمَانهَا من صَاحبهَا وربحها لَهُ لأ الْآخَرَ لَمْ يُمكن مِنْهَا تَمْكِينًا صَحِيحًا لَمَّا اشْترط أَن تيجربها فِي جُمْلَةِ الْمَالِ وَلَا يَبِينُ بِهَا وَالتَّحْجِيرُ يَمْنَعُ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا وَعَلَى هَذَا انْتِقَالُ ضَمَانِهَا وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَفَهُ الْخَمْسِينَ عَلَى أَنْ أَعَانَهُ بِالْعَمَلِ فَأَرَاهُ مَفْسُوخًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَضَمَانُهَا مِنْ صَاحبهَا وربحها لَهُ ووضعيتها عَلَيْهِ وَيُرِيد أَنَّهُ إِنْ قَصَدَ أَنْ تَكُونَ سَلَفًا فَلَا يكون ذَلِك لِأَن مَضْمُون سلفه أَن يتجربها فِي الْمَالِ وَلِأَنَّ يَدَ صَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ مُطْلَقَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَيُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِ الْعَامِلِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْخَمْسِينَ الزَّائِدَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ وَإِنْ خَسِرَ الْمَالَ وَعَنْ مَالِكٍ لَا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمِائَةِ اسْتَأْجَرَهُ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ نِصْفَانِ فَيُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِهِ خَمْسِينَ فَإِنْ ضمنَّاه فَلَهُ رِبْحُهَا وَإِلَّا فلِرَبِّها وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِأَنَّهُ عَمِلَهَا لِرَبِّهَا وَيُخْتَلَفُ فِي الْإِجَارَةِ عَنْ خَمْسِينَ لِأَنَّهُ عَمِلَهَا لِرَبِّهَا وَإِنْ شَرِطَا الرِّبْحَ نِصْفَيْنِ وَالْخَسَارَةَ أَثْلَاثًا جَازَ وَالْمِائَتَانِ قراضٌ عَلَى الرُّبُعِ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَرْطُ خَلْطِ الْمِائَتَيْنِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ مَالِكٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلْ إِذَا شَرَطَ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ نِصْفَيْنِ وَلَوْ عُلم أَنَّ صَاحِبَ
الْمِائَتَيْنِ قَصَدَ الْمَعْرُوفَ أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَحْوَهَا وَإِلَّا لَمْ يجُز ثُمَّ يُخْتَلَفُ هَلْ يَضْمَنُ ذَلِكَ السَّلَفَ أَوِ الْهِبَةَ أَمْ لَا لِأَجْلِ التَّحْجِيرِ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنِ انْفَرَدَ بِالْعَمَلِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: شَارَكَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ مَنْ لَهُ مائةٌ وَلِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ غُلَامَانِ يَعْمَلَانِ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا نَقْصٌ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَلَا لِلشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ أُجْرَةٌ لِاعْتِدَالِ الْأَبْدَانِ وَعَنْهُ قَدِيمًا: لَهُ أجرةُ مِثْلِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْغُلَامَانِ يُحْسِنَانِ التِّجَارَةَ فَإِنْ كَانَا يَخْدِمَانِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْغُلَامَيْنِ فِيمَا ينويه من خدمتهما
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذا لم يخلط فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ يَجْمَعَانِ الْمِائَتَيْنِ بِمَوْضِعٍ وَيَشْتَرِيَانِ بِهِمَا أَوْ يَشْتَرِيَانِ قَبْلَ الْجَمْعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مُتَمَكِّنٌ مِنَ الشِّرَاءِ بِمَالِ صَاحِبِهِ أَوْ يَشْتَرِطَانِ أَلَّا يَجْمَعَا وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِهِمَا عَلَى الِانْفِرَادِ فَالشَّرِكَةُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إِذَا اشْتَرَيَا قَبْلَ الْجَمْعِ وَالْخَلْطِ جَائِزَةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ اشتُريَ بِمَالِ أَحَدِهِمَا شركةٌ بَيْنَهُمَا وَمُصِيبَةُ مَا هَلَكَ مِمَّا اشتُري من مَال أحدما مِنْهُمَا لِأَنَّهُ فِعْلُ مَا أمَرَه بِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ وَالضَّائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْجَمْعِ فَمِنْ صَاحِبِهِ قَالَهُ مَالِكٌ إِذَا بَقِيَ فِي المشتَرى حَقٌّ تُوُفِّيهِ مِنْ وَزْنٍ وَنَحْوِهُ أَمَّا لَوْ تَلَفَ الْمُشْتَرَى عِنْدَ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ لَكَانَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخَلْطَ لَيْسَ بِشَرْطِ الصِّحَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَحَمْلِ أَمْرِهِمَا فِيمَا أَخْرَجَا مِنَ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ بَاعَ كِلَاهُمَا نِصْفَ مِلْكِهِ بِنِصْفِ مِلْكِ صَاحبه فَهِيَ مصارفة فَإِذا خلط كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا وَفَوْتًا وَقِيَاسُ قَوْلِهِ إِذَا قَبَضَ كِلَاهُمَا دَنَانِيرَ صَاحِبِهِ فَهُوَ قبضٌ وَمُنَاجَزَةٌ وَإِن لم يخلط لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ نصفُه صرفٌ ونصفُه وَدِيعَةٌ وَلَوْ صَرَفَ رَجُلٌ مِنْكَ دَنَانِيرَ لِيَكُونَ لَكَ نصفُها ونصفُها وَدِيعَةٌ جَازَ وَلَوْ قَبَضَ الشَّرِيكُ دَنَانِيرَ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْبِضِ الْآخَرُ شَيْئًا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ عَلَى أَصْلِهِ وَقَوْلُ
مَالك أحسن لِأَن الْقَصْد التّجربها دُونَ الْمُبَايَعَةِ فِيهِمَا وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّ هَلَاكَ المشتَرى مِنْهُمَا لَوْ لَمْ يَهْلِكْ وَفِيهِ رِبْحٌ فَهُوَ لَهُمَا إِذَا أَخْرَجَ الْآخَرُ مِثْلَ دَنَانِير صَاحبه وَإِن عجز عَن الهلف فَلَا رِبْحَ لَهُ لِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يرضَ أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ رِبْحٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ رِبْحٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ الْغَائِبِ لَهما على قدر مالته فِيهِ وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَشْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمِائَة بانفراد مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ فَسَدَتِ الشَّرِكَةُ وَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَإِنْ جَالَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمَالِ وَاشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ بِمَالِ الْآخَرِ فَهَلْ تَكُونُ شَرِكَةً أَوْ لِمَنِ اشتُري بِمَالِهِ قَوْلَانِ وَقَالَ (ش) : يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ فِي النَّقْدَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ (ح) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَعَارَضَتْهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يُقضى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ فِي الْإِتْلَافِ وَالْأَثْمَانِ وَاشْتَرَطَ أَيْضًا الْخَلْطَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْفَرْعِ الَّذِي هُوَ الرِّبْح
ُ فَرْعُ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ وَمَعَ الِامْتِيَازِ لَا شَرِكَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الرِّبْحِ مُضَافٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ حَاصِلٌ لَا لِلْخَلْطِ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِلشَّرِكَةِ بِالْعَيْنِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: اشتواء صِفَةِ الْعَيْنِ وَاسْتِوَاءُ الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الشَّرِكَةِ بِمَالَيْنِ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أجازهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ عل أَصْلِهِ أَنَّهَا مُبَايَعَةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَوْ كَانَتْ مُبَايَعَةً امْتَنَعَ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْآخَرِ مِثْلَهَا وَفِي الْمُزَارَعَةِ كِلَاهُمَا الْبَذْرُ وَأَحَدُهُمَا الْعَمَلُ وَالْآخَرُ الْأَدَاةُ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ مَعَهُمَا شَيْءٌ آخَرُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْرَجَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَالْآخَرُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَهِ أَلْفٌ غَائِبٌ فاشتُري بِالْأَلْفَيْنِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ كَذَبه وَخَدَعَهُ فَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا فَعَلَى النِّصْفِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُسأل الْعَامِلُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي اشتُري عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ عَلَى الْأَرْبَاعِ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِنَا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَهُ حِينَئِذٍ رُبُعُ الرِّبْحِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ هَلَكَ المَال قبل وصولها وخسر فِيهِ بَعْدَ بَيْعِهِ لَمْ يُضَمَّنِ الْعَامِلُ بِالْمَالِ الْمُقِيمِ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِيَكُونَ
نِصْفَيْنِ قُبل قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ خَسِرَ ضَمِنَ لِلْمُقِيمِ خَمْسَمِائَةٍ إِنْ هَلَكَ المَال وَمَا ينويها مِنَ الْخَسَارَةِ وَإِنْ رَبِحَا فَالرِّبْحُ أَرْبَاعٌ وَيَخْتَلِفُ أَمْرُ الْخَسَارَةِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ خَسِرَ قَالَ الْمُقِيمُ أَنَا أَمْضِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي حَسْبَمَا أَلْزَمْتَ نَفْسَكَ وَاشْتَرَيْتَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَبِحَ قَالَ لَمْ أَرْضَ أَنْ يَكُونَ لَكَ فِي مَالِي نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِي فِي مَالِكَ مِثْلُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْقَوْلِ إِن الرِّبْحَ أَرْبَاعٌ اختُلف فِي الْأُجْرَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلَّذِي يُسافر مِنَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ مُتَطَوّع وقا سَحْنُونٌ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالرِّبْحِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ مَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا تَنَاجَزَا بِالْحَضْرَةِ فَأَخَذَ مُخْرِجُ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدَّنَانِيرَ لِأَنَّهَا مُصَارَفَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ إِنِ اشْتَرَى بِالْمَالَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَاهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَا يَوْمَ الْمُفَاصَلَةِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْآخِرُ مِائَةَ دِينَارٍ وَالصرْف وَقت الشِّرَاء عشْرين دِرْهَمًا بِدِينَارٍ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَإِنِ اشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الصَّرْفِ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَالْأُولَى وَإِنْ عُلِمَ مَا اشْتُرِيَ بِكُلِّ مَالٍ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اشْتَرَى بِمَالِهِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ وَمَحْمَلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ جملَة وَاخْتَلَطَ عَلَيْهَا وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ يُعْطَى هَذَا بِقَدْرِ دَنَانِيرِهِ وَالْآخَرُ بِقَدْرِ دَرَاهِمِهِ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرِ الصَّرْفُ وَإِلَّا اقْتَسَمَا أَثْلَاثًا حَسْبَمَا كَانَ وَقْتُ الشِّرَاءِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَالْمَبْلَغَ الَّتِي اشْتَرَيَا كَانَتْ بَينهمَا كَذَلِك (كَذَا) فَلَوْ غَلَتِ الدَّرَاهِمُ حَتَّى صَارَتِ الْأَلْفُ تَعْدِلُ الْمِائَةَ لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ الَّذِي يَبِيعُهَا بِهِ أَنْصَافًا لِأَنَّ السِّلَعَ كَانَتْ أَثْلَاثًا وَلَوْ فَعَلَا ذَلِك لَا ختص صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ بِبَعْضِ مَالِ صَاحِبِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي التَّنْبِيهَاتِ: شَرِكَةُ الذِّمم ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:
أَوَّلُهَا فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَتَجُوزُ اعْتَدَلَا أَوِ اخْتَلَفَا وَيَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَثَانِيهَا: اشْتِرَاكُهُمَا فِي مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَتَحمَّل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لصَاحبه فَيجوز مَعَ الِاعْتِدَال فَقَط وثالثهما الشَّرِكَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اضْمَنِّي وَأَضْمَنُكَ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِّفُكَ فَإِنْ وَقَعَتْ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا لِأَنَّ غَيْرَ الْمُشْتَرِي أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لِكُلِّ وَاحِد مَا اشْتَرَاهُ لفساد العقد وَفِي النكث: قِيلَ إِذَا نَزَلَتْ فَاسِدَةً إِنَّمَا يَكُونُ مَا اشْتُرِيَ بَيْنَهُمَا إِذَا تَجَمَّعَا فِي شِرَاءِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ حمديس: إِذا لم تعقع عُهْدَةُ مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَرِبْحُ مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُوَازِيَةِ إِذَا اشْتَرَكَا بِوُجُوهِهِمَا بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالدَّيْنِ وَيَبِيعَا وَفَاتَ ذَلِكَ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: شَرِكَةُ الْوُجُوهِ تَمْتَنِعُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ شرعيتها وَلِأَن حَقِيقَة الشّركَة أَن يشتركا فَبِي شَيْءٍ عِنْدَ الْعَقْدِ إِمَّا مَالٍ أَوْ بَدَنٍ وَلَا وَاحِدَ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَكْفِي الْعَقْدُ لِأَنَّهُمَا لَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا لَامْتَنَعَ احْتج بِالْقِيَاسِ على شركَة الْأَبدَان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالشِّرَاءِ لِلْآخَرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ عِنْد الِاجْتِمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَدَنَ وَالصَّنْعَةَ كَالْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُعَارضَة بنهيه صلى الله عليه وسلم َ - عَن الْغرَر وَهَذَا غرر وَعَن الرَّابِع تمنع هَذِه الْوكَالَة على الِانْفِرَاد لِأَن الَّذِي يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ
الْآخَرُ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ يَمْتَنِعُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ لِوُجُودِ الرِّفْقِ المنفيِّ هَاهُنَا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أقعدتَ صَانِعًا عَلَى أَنْ تَتَقَبَّلَ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ وَيَعْمَلَ هُوَ بِمَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ امْتَنَعَ وَلَا تَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ فِي عَمَلِ الْأَبْدَانِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ نَوْعًا وَاحِدًا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ كَالصَّبَّاغِينَ وَالْخَيَّاطِينَ وَإِنْ فُضِّلَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَكَا بِغَيْرِ رَأس مَال على أنّ على لأَحَدهمَا ثُلُثَ الصُّنْعِ وَلَهُ ثُلُثُ الْكَسْبِ وَعَلَى الْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَلَهُ الثُّلُثَانِ صَحَّ كَالْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ وَإِنِ احْتَاجَا إِلَى رَأْسِ مَالٍ أَخْرَجَاهُ بِالسَّوِيَّةِ وَعَمِلَا جَمِيعًا فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ وَيَعْمَلَانِ وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فِي رِبْحِ الزَّائِدِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ وَيَجُوزُ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْجَمِيعِ وَيَمْتَنِعُ لِأَحَدِهِمَا الحانوتُ وَلِلْآخَرِ الْأَدَاةُ أَوْ دَابَّةٌ وَللْآخر رَحًى إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ مُخْتَلِفَةً لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِنْ تَطَاوَلَ أَحَدُ الْقَصَّارِينَ بِمَاعُونٍ تَافِهٍ كَالْقُصْرِيَّةِ المدقة جَازَ وَيمْتَنع مَاله قدرٌ حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي مِلْكِهِ أَوْ يَكْرِيَهُ مِنَ الْآخَرِ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ: المُدقَّة - بِضَمِّ الْمِيمِ وَالدَّالِ - والمِدَقَّة - بِفَتْحِ الدَّالِّ وَكَسْرِ الْمِيمِ - وَهِيَ الْإِرْزَبَّةُ - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ - الَّتِي يُدَقُّ بِهَا الثِّيَابُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِكَةِ التَّقَارُبُ فِي الْقُدْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَدْ تَأَوَّلَ مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِافْتِرَاقِ بِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءً وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ إِلَّا اتِّفَاقَ نَفَاقِ السُّوقِ وَمَنَافِعِهِ وَإِذَا تَبَاعَدَا رُبَّمَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيكون غرراً وأكلاً لمَال بِالْبَاطِلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ المنعُ إِلَّا بِالشَّرِكَةِ فِي الْآلَةِ بِالْكِرَاءِ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ بِالْمِلْكِ وَلَا يواجر أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْآلَةِ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْجَمِيع وَظَاهر الْكتاب جَوَازه وَفِي النكث: الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ يُشترط اتِّحَادُ الْمَكَانِ بِخِلَاف الْأَمْوَال أَنَّهُمَا إِذا افْتَرقَا بنيهما رَابِطٌ وَهُوَ الْمَالُ وَلَا يَضُرُّ بِخِلَافِ
الِافْتِرَاقِ بِالْأَبْدَانِ يَبْتَدِئُ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ فَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ قَصَّارٌ وَحَدَّادٌ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَا يَتَّجِرَانِ بِأَمْوَالِهِمَا بضعتيهما فَيجوز وَالَّذِي يُعقد رَجُلًا فِي حَانُوتٍ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: أَنْ يَقْبَلَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ الْمَتَاعَ وعهدتُه عَلَيْهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الصَّانِعِ وَلِلصَّانِعِ أجرُ مِثله أَوِ الصَّانِعُ كَذَلِكَ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أُجْرَةُ حَانُوتِهِ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ يتولَّى الْأَخْذَ لَهُ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ خَاصَّةً أَوْ يَتَقَبَّلَانِ جَمِيعًا اشْتَرَكَا فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ تَجُوزُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: اتِّحَادِ الصَّنْعَةِ وَتَسَاوِي السُّرْعَةِ وَالْإِبْطَاءِ وَالْجَوْدَةِ الرداءة أَو يتقاربان واتحاد الْموضع وَالشَّرِكَة فِي الأداة وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلْمُعَاوَنَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّنْعَةُ " انْتَفَتِ " المعاونة وَيكون كل وَاحِد بَاعَ نصف كَسبه بِنِصْفِ كَسْبِ صَاحِبِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ افْتِرَاقُ الْمَكَانِ وَإِنِ اخْتَلَطَا كَانَ بَيْعَ مَنَافِعَ بِمَنَافِعَ وَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْرَعَ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ جَازَتْ عَلَى التَّفَاضُلِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمَا دُونَ الْمُسَاوَاةِ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَإِنْ تَبَايَنَا فِي الْجَوْدَةِ وَأَكْثَرُ مَا يَصْنَعَانِهِ الدَّنِيءُ جَازَتْ لِأَنَّ الْأَعْلَى يَعْمَلُ أَدْنَى وَلَا حُكْمَ لِلْقَلِيلِ أَو كَثْرَة الْأَعْلَى أَو كل وَاحِد كثيرا امْتنعت للغرر وَفِي العتيبة إجَازَة افْتِرَاق الْمَكَان وَقد اختُلف فِي الأَصْل فِيمَن اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يَجِيئَهُ بِالْغَلَّةِ فَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ افتراقُهما فِي مَوْضِعَيْنِ وَالصَّنْعَةُ وَاحِدَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ مَنَافِعه على أَن يَبِيعهَا لمشتريها من وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِئْجَارِهِ عَلَى أَنْ يَجِيئَهُ بالغّلة بِدَرَاهِم أَو بِنصْف مَنَافِعه وَإِن اشْتَركَا بِأَمْوَالِهِمَا وأحدُهما يَعْمَلُ وَالْآخِرُ يخدُم وَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ وَلَا يُحسن النسج وَقِيمَته الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ سَوَاءٌ جَازَ وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ رَأْسِ مَالٍ فَيَسْتَقْبِلَانِ الْعَمَلَ لِيَعْمَلَ أَحَدُهُمَا وَيَخْدِمَ الْآخَرُ وَتَسَاوَتِ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ مُخْتَلِفَيِ الصَّنْعَةِ لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي عَيْنِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَمَتَى جَاءَ لِلْحَائِكَيْنِ شُغُلٌ عَمِلَا جَمِيعًا وَإِلَّا تعطَّلا جَمِيعًا
وَلِذَلِكَ أُجِيزَتْ فِي طَلَبِ اللُّؤْلُؤِ أَحَدُهُمَا يَغُوصُ وَالْآخَرُ يَغْرِفُ وَاشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِيمَا يَخْرُجُ وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ المُخرج أَكْثَرَ امْتَنَعَتْ إِلَّا عَلَى قَدْرِ أُجْرَتِهِ وَإِنْ كَانَا صَبَّاغَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ فِيمَا يَصْبُغَانِ بِهِ مِنْ نِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى جُزْءٍ واحدٍ نصفٌ أَوْ ثلثٌ جَازَ وَإِنْ خَالَفَا الْأَجْزَاءَ وَجَعَلَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَمَا يَصْبُغَانِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَنِصْفُ مَا أَصَابَا لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وثلثٌ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَبْقَى سُدُسٌ لوَاحِد فِيهِ رَأس المَال وَالْآخر الْعَمَلُ فَنِصْفُ مَا أَصَابَا فِيهِ عَلَى قَدْرِ مالَهما فِيهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ الْفَاضِلَ هبةٌ أَوْ سَلَفٌ بِشَرْطِ الشَّرِكَةِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَاهِبَ والمسلِّف لَمْ يُمكَّن مِنْ ذَلِكَ لَمَّا كَانَا بِشَرْطِ أَن يصل الْآخَرُ مَعَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَمْكِينٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَا بِيعَ بِهِ لَهُ وَيُشَارِكُ الْآخَرَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ قبضُ بِمَا أَصَابَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْكَثِيرِ عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا أَسْلَفَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَلَا السَّلَفِ وَإِنَّمَا وَهَبَهُ الرِّبْحَ فَقَالَ إِنْ خَسِرْنَا اقْتَسَمْنَا رَأْسَ الْمَالِ أَثْلَاثًا وَإِنْ رَبِحْنَا فَالرِّبْحُ نِصْفَانِ لَكَانَتْ هِبَةُ الرِّبْحِ لِلْوَاهِبِ وَحْدَهُ لِأَنَّ مُصِيبَةَ ذَلِكَ الزَّائِدِ مِنْ صَاحِبِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْعَامِلَ عمل فِيهِ عمل مِلْكِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ وَلِلْآخَرِ الرِّبْحُ وَهِيَ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ تُرَّد لِلْوَاهِبِ وَيُقَسَّطُ مَا بِيعَ بِهِ ذَلِكَ الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِهِ مِنْ قَدْرِ الْعَمَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنِ اشْتَرَكُوا فِي الطَّحِينِ لأَحَدهم الْبَيْت وَللْآخر الرَّحا وَلِلْآخَرِ الدَّابَّةُ اقْتَسَمُوا مَا أَصَابُوا أَثْلَاثًا لِأَنَّ رُؤُوس أَمْوَالهم علم أَيْديهم فَإِن اسْتَوَت أُجْرَة الْبَيْت والرحا وَالدَّابَّةِ فَلَا تَرَاجُعَ وَإِلَّا رَجَعَ مَنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا لترادُّوا وَأفضل الْكِرَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقْتَسِمُونَ مَا أَصَابُوا عَلَى قدر أكرية مَا لَهُم فَإِن فضلٌ قُسم عَلَى أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ إِلَى جُمْلَةِ مَا اجْتمع لكل وَاحِد فيُقسم لفضل عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُصيبوا إِلَّا مِثْلَ مَا يَعْلِفُونَ وَيُنْفِقُونَ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيُخْرِجُونَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا بِحَسَنٍ قَالَ: وَأَرَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الرّحا وَالدَّابَّة لِأَن الْإِجَارَة وَالثمن الْمَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عَنْهُمَا وَلَيْسَ عَنِ الْبَيْتِ وَالْعَمَلِ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ فِي ذَلِك إِلَّا رِبَاط الدَّابَّة والمعونة اللطيقة وَلَا تَرَاجُعَ فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِاسْتِوَائِهِمْ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَاحِبَ
الدَّابَّةِ وَحْدَهُ فَلَهُ مَا أَصَابَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْبَيْت والرحا وَإِنْ لَمْ يُصب شَيْئًا قَالَ كَمَنْ دَفَعَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ مَا يَكْسِبُ عَلَيْهَا قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بالبيِّن بَلْ بَعْضُ مَا أَصَابَ عَلَى قَدْرِ إِجَارَةِ الرحا وَالدَّابَّة فَمَا نَاب الرحا مِنَ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بِأُجْرَةِ الْمثل لِأَن صَاحب الرحا لَمْ يَبِعْ مِنَ الْعَامِلِ مَنَافِعَهَا وَإِنَّمَا أّذِن لَهُ فِي إِجَارَتِهَا وَلَهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يُغَرَّمَانِ جَمِيعًا إِجَارَةَ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْعَامِل صَاحب الرحا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ مَا أَصَابَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالْقِيَاسُ الْفَضْلُ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا طَعَامَ نَفْسِهِ وَلَا يؤجِّرها مِنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ إِنْ قَالَ لَهُ أجِّرها فَبَاعَ مَنَافِعَهَا مِنَ النَّاسِ فَالْأُجْرَةُ لِصَاحِبِهَا وَلِلْمُؤَجَّرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا تِجَارَةً أَوْ مَا يَحْتَطِبُهُ فَمَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ وَللْآخر أُجْرَة الْمثل وَكَذَلِكَ الرحا وَالدَّابَّة إِن دخل على أَن يواجرهما مِنَ النَّاسِ فَالْأُجْرَةُ لِأَصْحَابِهَا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ المِثل وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا طَعَامَهُ فَرَبِحَ مَالًا لَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ تَمْهِيدٌ وافَقَنا (ح) فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَزَادَ عَلَيْنَا بِجَوَازِ افْتِرَاقِ مَوْضِعِهِمَا وَاخْتِلَافِ صَنْعَتِهِمَا وَجَعْلِهِ مِنْ بَابِ التَّوْكِيلِ وَخَالَفَنَا (ش) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ كَوْنَ رَأْسِ الْمَالِ مَوْجُودًا وَمَعْلُومًا وَأَنْ يُخلط الْمَالَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْدُومٌ هَاهُنَا وَنَحْنُ نَقُولُ: هَذِهِ الصَّنَائِعُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شيءٍ فَأَنَّ لله خُمسَه} الْآيَةَ فَجَعَلَ الْغَانِمِينَ شُرَكَاءَ فِيمَا غَنِمُوا بِقِتَالِهِمْ وَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ ورُوي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ شَارَكَ سَعْدًا يَوْمَ بَدْرٍ فَأَصَابَ سعدٌ فَرَسَيْنِ وَلَمْ يُصِبِ ابْنُ مَسْعُودٍ شَيْئًا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَوِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ شَرِكَةِ الْأَمْوَال الرِّبْح وَهَذَا مِمَّا يَحْصُلُ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ
وَلَوْ شُرط الْمَالُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنَ الْآخَرِ صَحَّ وَكَانَ مُضَارَبَةً بِالْعَمَلِ الْأَصْلِ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَالِ لِمُقَابَلَتِهِ لَهُ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَالْأَعْيَانَ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ لِأَنَّ فِي الْوُجُوهِ لَا مَالَ وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ نَقُولُ أَحَدُ أَصْلَيِ الْقِرَاضِ فَجَازَتْ بِهِ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى لِاتِّفَاقِهِمَا هَاهُنَا فِي الْعَمَلِ وَثَمَّ عَمَلٌ وَمَالٌ وَأَصْلُ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي أَوْ نَقُولُ: إِذَا أَخَذَ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ بِعَشَرَةٍ فأجَّر غَيْرَهُ لِيَخِيطَهُ بِخَمْسَةٍ صحَّ فَقَدْ أَخَذَ خَمْسَةً بِعَمَلِ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا أَوْ نَقُولُ إِذَا اشْتَرَكَا بِالْمَالِ ضَمِنَ كلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ فَقَدْ صَارَ الضَّمَانُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لِأَنَّ الصُّنَّاعَ يَضْمَنُونَ عِنْدَنَا احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَرِكَةِ الْوُجُوه لِأَن كل وَاحِد ممنفردٌ بِعَمَلِ نَفْسِهِ أَوِ الْمَنَافِعَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُمَا مَجْهُولَةٌ فَتَمْتَنِعُ كَالشَّرِكَةِ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ أَوْ لِأَنَّ كُلَّ أحدٍ بَاعَ نِصْفَ كَسْبِهِ بِنِصْفِ كَسْبِ صَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْعُ الْكَسْبِ بِالْكَسْبِ حَرَامٌ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا اشْتَرَكَا بِجَمَلَيْنِ وَعَلَيْهِمَا كُلَفُ الجمّالين وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي منعُ الْجَهَالَةِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ ذَلِكَ لازمٌ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ رِبْحِهِ بِنِصْفِ رِبْحِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ مُغْتَفَرٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلرِّفْقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ أَن شركَة الدَّوَابّ وَالْحمل على الرؤوس تَجُوزُ إِذَا اشْتَرَكَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَأَمَّا إِذَا افْتَرَقَا فَلَا رِفْقَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ مِنْ شَرِكَةِ الْحَرْثِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي رِقَابِ
الدَّوَابِّ وَالْآلَةِ لِيَضْمَنَا مَا هَلَكَ وَعَنْهُ إِنْ سَاوَى مَا يُخرج مِنَ الْبَقَرِ وَالْآلَةِ كِرَاءَ مَا يُخرج الْآخَرُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَاعْتَدَلَا فِي الْبَذْرِ جَازَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: لِأَحَدِهِمَا رحَّى وَلِلْآخَرِ دابةٌ وَللْآخر بيتٌ على أَن يعلمُوا بِأَيْدِيهِمْ والكسبُ أَثْلَاثٌ وَعَمِلُوا عَلَى ذَلِكَ وَجَهِلُوا الْمَنْعَ فَمَا أَصَابُوا أَثْلَاثًا إِنِ اسْتَوَتْ أَكْرِيَةُ الثَّلَاثَةِ وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعه بمتاع صَاحبه وَإِن اخْتلفت أكريه مَا قسموا أَثلَاثًا لِأَن رُؤْس أَمْوَالِهِمْ عَمَلُ أَيْدِيهِمْ وَهُوَ مُستو وَيَرْجِعُ مَنْ لَهُ أفضل كِرَاءٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا كَالْكِرَاءِ الْفَاسِدِ وَلَا تَرَاجُعَ فِي كِرَاءِ الْأَيْدِي لتساويهم فِيهِ وَإِن اشْترط صاحبا الْبَيْت والرحا الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْبَغْلِ فَعَمِلَ فَلَهُ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْوَضِيعَةُ لِأَنَّ غَلَّةَ دَابَّتِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَعَلِيهِ أُجْرَة الرحا وَالْبَيْتِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا كَالدَّابَّةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْكَسْبِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ حَتَّى يَكْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ بِنَصِيب صَاحِبِهِ إِذَا كَانَ مُسْتَوِيًا وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوَيَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ الشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ أَيْ آلَتْ إِلَى الصِّحَّةِ لَا أَنَّهَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً لِلْجَهْلِ بِالْأَكْرِيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: صِفَةُ التَّرَاجُعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ: كِرَاءُ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِم وَالدَّابَّة دِرْهَمَانِ والرحا دِرْهَمٌ فَاسْتَوَوْا فِي دِرْهَمٍ فَلَا يَتَرَاجَعُوا فِيهِ وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ فضلٌ دِرْهَمَانِ لَهُ مِنْهُمَا ثُلُثَا دِرْهَمٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ فضلٌ دِرْهَمٍ لَهُ ثُلُثُ دِرْهَمٍ عَلَى كل وَاحِد من صَاحِبيهِ فَإِذا فَإِذَا طَالَبَ صَاحِبُ الْبَيْتِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ طَالَبَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِثُلُثِ دِرْهَمٍ فَيَبْقَى لَهُ ثلث دجرهم وَلِصَاحِب الدَّابَّة ثلث دِرْهَم وعَلى صَاحب الرحا وَلِصَاحِب الْبَيْت ثلثا دِرْهَم وعَلى صَاحب الرحا أَيْضًا يُغَرَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَ دِرْهَمٍ فَيَدْفَعُهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إِلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ فَيَحْصُلُ لَهُ دِرْهَم ويستزن " كَذَا " إِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَإِذَا حَضَرُوا كُلُّهُمْ وَهُمْ أَمْلِيَاءُ وَطَلَبُوا الْمُحَاسَبَةَ دفع صَاحب الرحا
لِصَاحِبِ الْبَيْتِ دِرْهَمًا ثُلُثُهُ عَنْ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَثُلُثَانِ مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ لِأَنَّ جَمِيعَ إِجَارَةِ الْبَيْت وَالدَّابَّة والرحا سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَلِلدَّابَّةِ دِرْهَمَانِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَلَى صَاحِبِ الرحا بدرهم فيعتدلوا وَقَالُوا مُحَمَّدٌ: إِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ قَسَّمُوا مَا أَصَابُوا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ كِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ قَسَّمُوا ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ إِجَارَةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدَيْهِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ قُسم عَلَى مَا حَصَلَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنْ يَكُونَ المُصاب ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَيَكُونُ كِرَاء الْبَيْت ثَلَاثَة وَالدَّابَّة دِرْهَمَانِ والرحا دِرْهَمٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ كِرَاءُ مَالِهِ وَكِرَاءُ يَدِهِ أَيْضا وَهُوَ مِثْلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَيَبْقَى مِنَ الْمُصَابِ تِسْعَةٌ يَقْتَسِمُونَهَا عَلَى التِّسْعَةِ الْأُولَى فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ ثَمَانِيَةٌ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الرحا أَرْبَعَةٌ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ عمل أَيْديهم وكراء آلتهم رُؤُوس أَمْوَالِهِمْ فَيُضِيفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَ يَدِهِ إِلَى كِرَاءِ مَا أَخْرَجَ وَيُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ ويُقسم المُصاب عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَخْتَصُّ بِرَأْسِ الْمَالِ عَمَلُ الْبَدَنِ دُونَ عَمَلِ الْآلَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُله رَأس مَال لَهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُصَابُ عَنْ كِرَاءِ الْآلَةِ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَرَاجَعَا فِي الذِّمم بِمَا فَضَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا أَكْرَاهُ كِرَاءً فَاسِدًا فَلَا يَضْمَنُ شَرِيكُهُ لَهُ كَمَا إِذَا اشْتَرَكَا سِلْعَتَيْنِ شَرِكَةً فَاسِدَةً فَبَاعُوا لَمْ يَضْمَنْ واحدٌ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنَّمَا رُؤْس أَمْوَالِهِمَا مَا بَاعُوا بِهِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ مَا أَصَابُوهُ قَدْرَ كِرَاءِ آلَتِهِمْ وَعَمَلِ أَيْدِيهِمْ فَأَكْثَرَ لَا يستخلِفُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ اخْتُلِفَ وَوَقَعَ الظُّلْمُ بَيْنَهُمْ إِذَا بُدئ بِأَكْرِيَةِ الْآلَةِ أَوْ بِأَكْرِيَةِ الْأَيْدِي إِذا قَدْ يَكُونُ كِرَاءُ آلَةِ أَحَدِهِمْ عَشَرَةً وَأُجْرَةُ يَدِهِ عَشَرَةً فَإِذَا أَصَابُوا قَدْرَ أُجْرَةِ الْآلَةِ وبُدىء بِالْقِسْمَةِ عَلَيْهَا ظُلم مَنْ أُجرة آلَتِهِ قَلِيلَةٌ وَأُجْرَةُ يَدِهِ كَثِيرَةٌ وَإِنْ بُدئ بِالْقِسْمَةِ عَلَى أُجْرَةِ الْأَيْدِي ظُلِمَ صَاحِبُ الْآلَةِ فأعدَلُ الْأَقْوَالِ جمعُ أَكْرِيَةِ الْجَمِيعِ ويُقسم مَا أَصَابُوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا أَخْرَجُوا مِمَّا يُكرى فَيَكُونُ كِرَاؤُهُ رَأْسَ الْمَالِ كَثَمَنِ السِّلْعَتَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِن رَأس المَال مَا يبيعا لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ الرحا وَالدَّابَّة لِأَن الْإِجَارَة وَالثمن الْمَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عَنْهُمَا دُونَ الْبَيْتِ وَعَمَلِ
الْيَدِ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا رَبْطُ الدَّابَّةِ وَهُوَ يَسِيرٌ وَلَا يَتَرَاجَعُونَ فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ عَمِلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَحْدَهُ فَلَهُ مَا أَصَابَ وَعَلِيهِ أُجْرَة الْبَيْت والرحا وَإِنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا وَلَيْسَ بالبيِّن وَأَرَى مَا أصَاب مفوضاً على أُجْرَة الرحا وَالدَّابَّة فَمَا نَاب الرحا مِنَ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بأُجرة الْمثل لِأَن صَاحب الرحا لَمْ يَبِعْ مِنَ الْعَامِلِ مَنَافِعَهَا وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ فِي إِجَارَتِهَا وَلَهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ فَهُوَ يُوَاجِرُهَا عَلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ يَغْرَمَانِ جَمِيعًا أُجْرَةَ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْعَامِل صَاحب الرَّحا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا عَلَيْهِ وَالْمُخْتَارُ مَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَطْحَنُ عَلَيْهِمَا طَعَامَ نَفْسِهِ فَيَكُونَ كَمَنْ قَالَ لَكَ مَا تَكْسِبُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا الْبَحْثِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَرِضَ أحدُ شَرِيكَيِ الصَّنْعَةِ أَوْ غَابَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عادةُ الشُّرَكَاءِ وَمَا تَفَاحَشَ وَطَالَ إِنْ أَحَبَّ الْعَامِلُ أَعْطَاهُ نِصْفَ مَا عَمِلَ جَازَ إِنْ لَمْ يَعْقِدْ فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ فَإِنْ نَزَلَ فَمَا اشْتَرَكَا فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَا اخْتَصَّ بِذِي الْعَمَلِ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنْ لَمْ يَعْقِدَا عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ صحَّ ذَلِكَ كَانَ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَالزَّائِدُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ ويُتسامح فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ عَنِ التَّفَاضُلِ الْيَسِيرِ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هَذَا فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ فَلِلَّذِي عَمِلَ نِصْفُ أُجْرَتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَالَ أَخَذَهُ وَإِذَا تَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا بَعْدَ طُولِ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ فَهُوَ لَهُ قَالَه بعض الْقرَوِيين إِذا تقبًّلا جَمِيعًا ثمَّ غَابَ أَحدهَا طَوِيلًا فَالْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى شَرِيكِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ تحمَّل عَنْ صَاحِبِهِ بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ حَافِرَيِ الْعَيْنِ يُستأجران فَيَمْرَضُ أَحَدُهُمَا فَلَا يلْزم الثَّانِي أَن يعْمل لصَاحبه فَإِنْ عَمِلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ متطِّوع كَمَنْ خَاطَ لِإِنْسَانٍ ثَوْبًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ
وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ رَأَى أَنَّ بِالْمَرَضِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ لِلضَّرَرِ عَلَيْهِ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّين وَمَا يَتَقَبَّلَانِهِ مِنَ الْمَتَاعِ أَنَّ الْمَتَاعَ مِمَّا يُضمن إِذَا ضَاعَ مَا تَحَمَّلَا ضمِنا وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا عمله والبير مِمَّا لَا يُضمن فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الصَّحِيحِ حفرُ نَائِبِ الْمَرِيضِ فَصَارَ مُتَطَوِّعًا بِالْحَفْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْآخَرِ جَمِيعُ الْعَمَلِ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى أَعْيَانِهِمَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ دَخْلُ مُسْتَأْجِرِهِمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَالَتْ أَيْدِيهِمَا فِي عَمَلِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ غَيْرِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ رجلٍ الا يَضْمَنُ أَحَدٌ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَلَوْ أجَّر رَجُلَانِ أَنْفُسَهُمَا فِي عَمَلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ كَانَت الْإِجَازَة فِي الذِّمَّةِ لَا يَلْزَمُ أَحَدُهُمَا أَنْ يُوفي عَنِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مُتَفَاوِضَانِ وَيَلْزَمُ أَحَدُهُمَا مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ وَإِذَا عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ حَدَثَ مَرَضٌ خَفِيفٌ أَوْ طَوِيلٌ أوغاب أَحَدُهُمَا " قَرِيبًا " أَوْ بَعِيدًا فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقيام بِجَمِيعِ الْعَمَل وَكَذَلِكَ إِذا عقد الْإِجَازَة عَلَى شَيْءٍ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَرِئَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا أَوْ فِي سَفَرِ أَحَدِهِمَا إِلَى قُرب ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعد فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ هَذَا فِي حَقِّ الَّذِي لَهُ الْعَمَلُ وَكَذَلِكَ فِي المسمِّى الَّذِي عقدا عَلَيْهِ هُوَ بنيهما نِصْفَانِ وَإِنْ طَالَ الْمَرَضُ أَوِ السَّفَرُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ المِثل وَإِلَّا فَلَا جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ وَلَوِ اشْتَرَكَا عَلَى عَدَمِ التَّرَاجُعِ فِي الْكَثِيرِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ غَرَرٌ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ مَا تقبَّل أحدُ شَرِيكَيِ الصَّنْعَةِ لَزِمَ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا لِأَنَّهُ عقد الشّركَة
3 -
(38 قَالَ: تجوز شركَة)
قَالَ تَجُوزُ شَرِكَةُ
الْمُعَلِّمِينَ فِي مَكْتَبٍ وَاحِدٍ لَا مَوْضِعَيْنِ وَالْأَطِبَّاءِ إِنِ اشْتَرَكُوا فِي ثَمَنِ الدَّوَاء وَلَا يشْتَرك الحمَّالان على رؤسهما وَدَوَابِّهِمَا لِافْتِرَاقِهِمَا إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِه إِلَى غَايَة فَيجوز على الرؤس أَوِ الدَّوَابِّ وَإِنْ جَمَعَا
دَابَّتَيْهِمَا عَلَى أَنْ يُكرياهما وَالْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَدْ يُكري أحدُهما دُونَ الْآخَرِ فَهُوَ غَرَرٌ وَكَذَلِكَ عَلَى رِقَابِهِمَا وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْغَايَاتُ إِلَّا فِيمَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُس لايكون علمهما مِنَ الْكَسْبِ بِقَدْرِ عِلْمِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيمَا يعلِّمانه الصِّبْيَانَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَشْتَرِكُ طَبَائِعِيٌّ وَجَوَائِجِيٌّ وَلَا أَحَدُهُمَا وَكَحَّالٌ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ غَرَرٌ مِنْ غير رفق مُعْتَبر وَيصير كسبٌ بِكَسْبٍ وَيَجُوزُ طَبَائِعِيٌ كَحَّالٌ مَعَ كَحَّالٍ إِذَا اخْتَصَّ الطَّبَائِعِيُّ بِمَا يَدْخُلُ مِنْ قِبَلِ الطَّبَائِعِ وَإِلَّا لَمْ يَجُز وَيَمْتَنِعُ طبُّهما واحدٌ وَحِصَّتُهُمَا مِنَ الْكَسْبِ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ رَأْسُ الْمَالِ وَشَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ جَائِزَةٌ إِنِ اتَّحد صِنْفُ مَا يُعَلِّمَانِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قُرْآنًا وَالْآخَرُ نَحْوًا أَوْ غَيْرَهُ امْتَنَعَ لِعَدَمِ التَّعَاوُنِ وَإِنْ كَانَا يعلِّمان الْقُرْآنَ وَيَزِيدُ أَحَدُهُمَا نَحْوًا أَوْ حِسَابًا وَتَعْلِيمُ الزَّائِدِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تبعٌ لَا يُزاد لأَجله فِي الْأُجْرَة وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ امْتَنَعَتِ الشَّرِكَةُ إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ صَاحِبُهُ بِأُجْرَتِهِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الدَّوَابُّ مُشْتَرَاةً تَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ رَاحَةَ دَابَّتِهِ وَيَحْمِلُ عَلَى دَابَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنِ اشْتَرَكَا فِيهِمَا جَازَتِ اتَّفَقَ الْحَمْلُ أَمْ لَا لِأَنَّ صُحْبَةَ أَحَدِهِمَا الدَّابَّةَ وَجُلُوسَ الْآخَرِ تبعٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي البُلدان وَإِنْ بعُد أَحَدُ الْمَوْضِعَيْنِ وَقَرُبَ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ لِأَحَدِهِمَا فَاسْتَأْجَرَ الْآخَرُ نِصْفَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بِإِجَارَتِهِ جَازَ لِأَنَّهُ يجوز أَن يسْتَأْجر دَابَّة ليواجرها مَعَ إِمْكَانِ تَيَسُّرِ إِجَارَتِهَا وَتَعَسُّرِهَا وَلَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَأْجَرَاهَا جَمِيعًا مِنْ ثَالِثٍ لِيَشْتَرِكَا فِي مَنَافِعِهَا وَإِيجَارِهَا إِذَا عَقَدَا الْإِجَارَةَ عَقْدًا وَاحِدًا وَإِنِ اسْتَأْجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ دَابَّةً لِنَفْسِهِ امْتَنَعَ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَأَنْ يَحْمِلَا عَلَى رِقَابِهِمَا ثمار
الْبَرِّيَّةِ أَوْ دَوَابِّهِمَا إِذَا كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا وَفِي صَيْدِ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّهُ تعاونٌ يُضطر إِلَيْهِ وَلَا يَشْتَرِكَانِ بِالْكَلْبَيْنِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَا رِقَابَهُمَا وَلَا يَفْتَرِقَ الْكَلْبَانِ أَوِ الْبَازِيَانِ فِي طَلَبٍ وَلَا أَخْذٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَكَا فِي الْكِلَابِ والبُزاة جَازَ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الِاصْطِيَادِ لِأَنَّ الْبَازِيَّ كَرَأْسِ الْمَالِ فَأَشْبَهَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَمْوَالِ فَيَجُوزُ الِافْتِرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا بِالْبُزَاةِ جَازَتْ إِنِ اجْتَمَعَا لِيَتَعَاوَنَا وَإِلَّا فَلَا وَتَجُوزُ بِالشِّبَاكِ إِذَا طَرَحَاهَا مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى السَّمَكِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَصَبَ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً لِلضَّرُورَةِ وَيَمْتَنِعُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِي الِاحْتِطَابِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي مَوْضِعِ الْبَيْعِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الِاحْتِطَابِ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الْأَصْلِ امْتَنَعَ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي حَمْلِ ذَلِكَ أَوْ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَمِلٌ بِعَمَلٍ وَفِي الثَّانِي كَسْبٌ بِكَسْبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ وَالِاحْتِطَابُ فِي مَوْضِعٍ وَيَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْبَيْعَ فِي مَوْضِعِ كَذَا عَلَى بُعْدٍ وَالْآخَرُ عَلَى قُرْبٍ فَيَمْتَنِعُ وَمَا وُجد قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَيَرْجِعُ مَنْ أبعدَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ المِثل فِيمَا عَمِلَ وَمَنَعَ (ش) وَ (ح) الشَّرِكَةَ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تبعٌ لِلْوَكَالَةِ وَالْوَكَالَةُ فِي الْمُبَاحِ تَمْتَنِعُ وَجَوَابُهُ بَلِ الْوَكَالَةُ لِلرِّفْقِ وَهُوَ حَاصِلٌ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْمَعَادِنِ وَالْآبَارِ وَعَمَلِ الطِّينِ وَقَطْعِ الْحِجَارَةِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا خِلَافًا (ش) وتمتنع فِي مَوْضِعَيْنِ هُوَ أَوْ هَذَا فِي غَارٍ وَهَذَا فِي غَار الْغرَر وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ إِدْرَاكِ النَّيْلِ فَالسُّلْطَانُ يُقطعه لِمَنْ يَرَى وَالْمَعَادِنُ كُلُّهَا سَوَاءٌ النَّقْدَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ: الْإِقْطَاعُ بَعْدَ النَّيْلِ وَمَوْتِ الْعَامِلِ إِنْ لَمْ تَكُنْ سَنَةً فَلَا يَنْبَغِي وَقَالَ غَيْرُهُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ نَيْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ النَّيْلُ لِوَارِثِ الْعَامِلِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ قَدَرَ
ورثته على عمل فهم أَحَق وَفِي النكث قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا أَخْرَجَا النَّيْلَ فَاقْتَسَمَاهُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّمَادِي عَلَى الْعَمَلِ إِلَّا بِقَطِيعَةٍ مِنَ الْإِمَامِ وَكَرِهَ مَالِكٌ طَلَبَ الْكُنُوزِ فِي قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المعذَّبين إِلَّا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَوْ خَشْيَةَ مُصَادَفَةِ قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَخَفَّ غَسْلَ تُرَابِهِمْ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ طَعَامٍ وَعَرْضٍ عَلَى قِيمَةِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ يَوْمَئِذٍ وَبِقَدْرِهِ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ خِلَافًا (ش) فِي تَخْصِيصه بالنقدين وَإِن اتّفق قِيمَةُ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَعَرَفَا ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَاشْتَرَكَا بِهِمَا جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِنِصْفِ هَذَا بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَإِذَا قَوَّمَا وَأَشْهَدَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْعًا وَلَوِ اشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الشَّرِكَةِ بِالسِّلَعِ فَلَمَّا قُوِّمَا تَفَاضَلَتِ الْقِيَمُ فَإِنْ لم يعلمَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَتَهُ وَبَطَلَتِ الشَّرِكَةُ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَتَانِ وَعَمِلَا عَلَى ذَلِكَ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ وَيَرْجِعُ مَنْ قلَّ مَالُهُ بِفَضْلِ عَمَلِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ الْقَلِيلَةِ فَضْلَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ فَضْلَ سِلْعَتِهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَمَتَى وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ لَا مَا قُوِّمت وَالرِّبْحُ يُقسم عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَالصَّحِيحَةُ رَأْسُ مَالِهِمَا مَا قُوِّمَا بِهِ يَوْمَ اشْتَرَكَا دُونَ مَا بِيعَ بِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوْلًا فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ عَرْضِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ حِينَئِذٍ وَالْفَاسِدَةُ لَمْ يَبعهُ مَا يُوجِبُ ضَمَانًا فِي التَّنْبِيهَاتِ: لَا يَخْتَصُّ الْفَوَاتُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالْبَيْعِ بَلْ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فِي النكث: إِنْ جَهِلَا مَا بِيعَتْ بِهِ السِّلَعُ رُجع للقيمة يَوْم
الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ إِذَا قُبض لِأَنَّ أَيْدِيَهُمَا عَلَى السِّلْعَتَيْنِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الَّتِي اشتُريت بِمَا لَهُ فِي الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وَبِالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وجُعل لكل وَاحِد هَا هُنَا ثَمَنُ سِلْعَتِهِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ قَدْ فَاتَ الْأَمْرُ فِيهِمَا لَمَّا تَصَرَّفَا فِيهِمَا بِالشِّرَاءِ وَالْعَرْضَانِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِمَا فَوْتٌ لِأَنَّ ثَمَنَهُمَا مَعْلُومٌ وبيد كل وَاحِد سلْعَته قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا اشْتَرَكَا وَالْقَصْدُ بَيْعُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا بِبَعْضِ الْآخَرِ وَلَا يَتَحَرَّيَانِ الْأَثْمَانَ إِذَا بِيعَا فَجَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا تغابُنٌ مِنْ فَضْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخر أَو الْقَصْد تَحَرِّي أَثْمَانِهِمَا جَازَتْ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَإِنِ اشْتَرَكَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْقِيَمُ مُخْتَلِفَةٌ امْتَنَعَ
وَحِينَئِذٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ لِأَنَّ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَا فَقَبْضُ الْمُشْتَرِي كَلَا قبضٍ وَقِيلَ ذَلِكَ قَبْضٌ وَقَالَهُ مَالك فِيمَا إِذا أخرج أَحدهَا ذَهَبًا وَالْآخِرُ فِضَّةً فَإِنَّ الشَّرِكَةَ صَحِيحَةٌ وَالْقَبْضَ صَحِيحٌ تَصِحُّ بِهِ المُتاجرة فِي الصَّرْفِ وَعَلَى هَذَا قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ صَاحِبِهِ يَضْمَنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَيَصِيرُ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ بَاعَ السِّلْعَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَهَلْ بَيْعُ الْمُشْتَرِي كَالْقَبْضِ يُوجِبُ عَلَيْهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ أَوْ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَالثَّمَنُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ السِّلْعَةُ؟ وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ نَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهَا وَقَبْلَ وُقُوعِهَا عِنْدَ الْقَابِضِ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ جِسْمٍ فَالثَّمَنُ لَهُ دُونَ الشَّرِيكِ وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ لَهَا بَعْدَ الْقَبْض والفوت بِتَغَيُّر جسم فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَةِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا سِلْعَةَ صَاحِبِهِ ثُمَّ بَاعَهُمَا جَمِيعًا فَثَمَنُ سِلْعَتِهِ لَهُ وَثَمَنُ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا فَإِنْ تَجَرَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا بِقَدْرِ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَنِصْفِ ثَمَنِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ وَلِلْآخَرِ قَدْرُ نِصْفِ ثَمَنِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عُرُوضًا وَالْآخَرُ عَيْنًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا جَازَتْ إِنِ اعْتَدَلَتِ الْقِيَمُ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْقِيَمِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَرْضَيْنِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِالْعُرُوضِ الْمُمَاثِلَةِ وَالْمُتَقَوِّمَةِ مِنْ صِنْفٍ أَوْ صِنْفَيْنٍ إِذَا انفقت الْقيم وبطعام ودراهم وبعين وَعرض إِذْ اتَّفَقَتِ الْقِيَمُ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ وَتَمْتَنِعُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَانَ مِثْلِيًّا أَمْ لَا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُتَّفِقَ الصِّفَةِ وَالْجَوْدَةَ عَلَى الْكَيْلِ قَالَ: وَلَا أعلم للْمَنْع وَجها وَيمْتَنع سَمْرَاءُ وَمَحْمُولَةٌ وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْقِيَمُ كَمَا تَمْتَنِعُ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ تَتَّفِقُ قِيمَتَاهُمَا لِأَنَّ مَعَ التَّمَاثُلِ يَكُونُ الْقَصْدُ الرِّفْقَ بِالشَّرِكَةِ وَمَعَ الِاخْتِلَافِ يُتوقع الْقَصْد للمبايعة مَعَ عدم المتاجرة وَإِذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً بِالطَّعَامِ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِد مَا بيبع بِهِ طَعَامُهُ إِذْ هُوَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُباع وَلَوْ خَلَطَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمَ خَلَطَا وَتَجُوزُ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ مِنْهُمَا مُتفقة النِّفَاقِ وَالْعَيْنِ وَالرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْغَبْنِ وَالْغَرَرِ فَإِنْ نزل فَالرِّبْح والخسارة على قدر رُؤْس الأمول وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَهُمَا دَيْنٌ مِنْ تِجَارَتِهِمَا بَعْدَ أَن خسرا المَال كُله ويرج مَنْ لَهُ فَضْلُ عملٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَبْطُلُ الشَّرْط وَلَا يضمن قَلِيل المَال لصَاحبه وَمَا فَضلَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَفٍ لِأَنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّهِ وَلَوْ صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِالْعَمَلِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ جَازَ وَلَا أُجْرَة لَهُ فِي النكث: مَنْعُ مَالِكٍ الطَّعَامَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَاعَا فَإِذَا تَصَرَّفَا وَبَاعَا كَانَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى طَعَامِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ أَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ فِي الْمَقَاصِدِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ لَهُ فضلٌ امْتَنَعَتْ بِهِ الشَّرِكَةُ إِذَا ضُمَّ إِلَى مَا لَيْسَ مِثْلَهُ وَالشَّرِكَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الِاسْتِوَاءِ فِي الصِّفَةِ وَالْقِيمَةِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي ذَلِكَ بَلِ الْغَالِبُ الِاخْتِلَافُ فِي الطَّعَامِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ المُتلف المِثل لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: تَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةُ بِالطَّعَامِ الْمُخْتَلِفِ يَسِيرًا كَمَا جَازَتْ يَزِيدِيَّةً وَمُحَمَّدِيَّةً مُخْتَلِفَةَ النِّفاق شَيْئًا يَسِيرا قَالَ ابْن يُونُس على
تَعْلِيل النكث الْأَوَّلُ يلزُم جَوَازُهَا بِالطَّعَامَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنَ اللَّذَيْنَ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا إِذَا اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ وَقَدْ مَنَعَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم بالعلّة الْأُخْرَى هِيَ الْحق قَالَ سَحْنُونٌ: كَيْفَ يلحقهُما دينٌ بَعْدَ خَسَارَةِ الْمَالِ وهما لايشتريان بِالدَّيْنِ؟ قَالَ وَلَكِنَّهُمَا اشْتَرَيَا عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمَا فَتَلَفَ قَبْلَ دَفْعِهِ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ تَلِفَتِ السِّلْعَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخِرُ مِائَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاشْتَرَيَا بِأَرْبَع مائَة عَلَى أَنْ يَنقُدا ثَلَاثَمِائَةٍ وَتَبْقَى مِائَةٌ دَيْنًا عَلَيْهِمَا فَيَقْتَسِمَانِ رِبْحَ الْمِائَةِ وَوَضِيعَتَهَا عَلَى قَدْرِ مَالَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْوَضِيعَةَ نِصْفَانِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أُجْرَتُهُ فِيمَا فَضَّلَهُ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ شَرْكَتَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ تَبِعَهُمَا كَذَلِك وَإِلَّا اتبعهما نِصْفَيْنِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَشْرَكَهُ وَأَسْلَفَهُ بَقِيَّةَ الْمَالِ طَلَبًا لِرِفْقَهٍ وَصِلَتِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَمِنْ غَيْرِ عادةٍ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ أَشْرِكْنِي وَأَنَا أَنْقُدُ عَنْكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ تعالَ اشترِ لَكَ وَأَنْقُدُ عَنْكَ وَأُؤْجِرُكَ وَالسِّلْعَةُ حَاضِرَةٌ جَازَ بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِنْ سَأَلَكَ أَنْ تُشركه وَيَنْقُدَ عَنْكَ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ جَازَ لِأَنَّ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَجُر بِنَقْدِهِ نَفْعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلشَّرِكَةِ بِالطَّعَامِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إِمَّا صنفٌ بعضه أفضل أَولا أَو جنس كقمح وشعير أَو جِنْسَانِ كَقَمْحٍ وَتَمْرٍ وَفِي كُلِّهَا خِلَافٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَوِ اشْتَرَكَا بِمَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّسَاءُ كَالدِّينَارَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِاجْتِمَاعِ عِلَّتَيْنِ النَّسَاءِ وَبَيْعٍ وَصَرْفٍ وَعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ كَصِنْفَيْنِ مِنَ الْعُرُوضِ أَوِ الْعُرُوضِ وَأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أجَازه ابْن الْقَاسِم لانفراد إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَهِيَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ وَأَشَارَ لِلْمَنْعِ تَارَةً لِلْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَلَمْ يُرَاعِ سَحْنُونٌ الْبَيْعَ وَالشَّرِكَةَ أَصْلًا إِذَا كَانَ الْبَيْعُ دَاخِلًا فِيهَا فَإِنْ خَرَج مُنِع
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ إِذَا أَخْرَجَا غَيْرَهُ لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَلْفًا وَالْآخُرُ أَلْفًا نصفُه غَائِبٌ فَخَرَجَ لِيَأْتِيَ بِهِ وَمَعَهُ جَمِيعُ الْحَاضِرِ فَلَمْ يَجِدِ الْغَائِبَ فَاشْتَرَى بِمَا مَعَهُ فَلَهُ ثُلْثُ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحَقَّقَ وَلَا يَرْجِعُ بِأَجْرٍ فِي فَضْلِ الْمَالِ كَشَرِيكَيْنِ عَلَى التَّفَاضُلِ يَتَطَوَّعُ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَفِي النكث: قِيلَ إِنَّمَا تَجُوزُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا جِدًّا وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ قَرُبَ وَإِنَّمَا تَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَّتجر إِلَّا بَعْدَ قيض الْغَائِبِ وَلَا غَرَرَ وَإِلَّا فَتَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذِكْرَ الْغَائِبِ خديعةٌ فَلَهُ رِبْحُ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَهُ النِّصْفُ وَلَا أُجرة لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا اشْتَرَى بِالْحَاضِرِ قَبْلَ عِلْمِهِ فَضَاعَ الْغَائِبُ لِأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنَّ ضَيَاعَهُ مِنْهُمَا أَمَّا لَوِ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِضَيَاعِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَلَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَقَعْ بَعْدُ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّنَانِيرِ الْغَائِبَةِ مِنْ رَبِّهَا مَا لَمْ تَقْبِضْ بَلْ لَو اشْترى بهَا فَهِيَ فِي ضَمَان بائهما فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ؟ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ شِرَاؤُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَهَابِ الْمَالِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ لِغَيْبَةِ نِصْفِ الْأَلْفِ وَلَهُ أُجْرَةُ مَثْلِهِ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْخَلْطِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: دَنَانِيرُ هَاشِمِيَّةٌ وَالْأُخْرَى وَزْنُهَا دِمَشْقِيَّةٌ أَوْ دَرَاهِمُ يَزِيدِيَّةٌ وَالْأُخْرَى وَزْنُهَا مُحَمَّدِيَّةٌ وَصَرْفُهَمَا مُخْتَلِفٌ تَمْتَنِعُ إِلَّا فِي الِاخْتِلَافِ الْيَسِيرِ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْمِقْدَارِ والقيم شَرط نقياً لضياع المَال بِالْبَاطِلِ وَيمْتَنع الرِّبْح وَالْعَمَل بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ فَضْلِ السُّكَّتَيْنِ لِأَنَّهُمَا صَرَفَاهَا إِلَى الْقِيَمِ وحكمُهما الْوَزْنُ فَإِنِ اسْتَوَيَا يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الِافْتِرَاقِ اقْتَسَمَا بِالسَّوِيَّةِ عَرْضًا كَانَ أَو طَعَاما أَو عينا نظرا للْعقد وَيمْتَنع دَرَاهِمُ وَمِنَ الْآخَرِ دَنَانِيرُ لِأَنَّهُ صرفٌ وَشَرِكَةٌ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرِكَةِ صَرْفٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَقُومَانِ فَإِنْ عَمِلَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مثل رَأس
مَالِهِ وَالرِّبْحُ لِكُلِّ عَشَرَةٍ دِينَارٌ وَلِكُلِّ عَشَرَةٍ دَرَاهِمُ وَكَذَلِكَ الوَضيعة وَكَذَلِكَ إِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ السِّلْعَةَ الَّتِي اشتُريت بِمَالِهِ إِنْ عُرِفَتْ وَلَا شَرِكَةَ فِي السِّلْعَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ تَفَاضَلَ الْمَالُ فلأقلِّهما مَالًا أُجْرَةُ مُعَاوَنَةِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ تُعلم السِّلَعُ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَوْمَ اشْتَرَكَا وَلِأَقَلِّهِمَا مَالًا أُجْرَةُ مُعَاوَنَةِ صَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ إِذَا جَعَلَا الْعَمَلَ وَالرِّبْحَ بِقَدْرِ فَضْلِ مَا بَين السكتين امْتنع إِذا صرفاها على الْقِيَمِ وحكمُها الْوَزْنُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ: فَإِنْ نَزَلَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ فِي سِكَّتِهِ وَلَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِقَدْرِ وَزْنِ رَأْسِ مَالِهِ لَا عَلَى السِّكَّتَيْنِ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَعَلَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَخْتَلِفِ السُّوقُ وَالسِّكَّتَانِ مِنْ يَوْم الشّركَة غلى يَوْمِ القَسم وَإِلَّا فيُظلم أَحَدُهُمَا إِذَا أُعطي مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ وفضتُه أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ دَفَعَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: مَا قَالَهُ غَيْرُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ السِّلْعَةُ الَّتِي اشتُريت بِمَالِهِ صَوَابٌ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يضمنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِيهَا شَيْئًا كَمَا إِذَا اشْتَرَكَا بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقِيمَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا عَرْضَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ وَثَمَنُ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ لَهُ وَبِهِ يَكُونُ شَرِيكًا إِنْ عَمِلَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِذا اشتريا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم عَرْضًا وَقَوْلُهُ إِذَا لَمْ يُعرف يُنظر إِلَى قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَيُقَسِّمُ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ فَأَشْبَهَ الطَّعَامَيْنِ إِذَا اخْتَلَطَا وَفِي الْقِسْمَةِ نظرٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَوَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِير يَوْم الْقسم فاعطيناه مثلهَا انْظُر صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ فأعطيناه مثلهَا انْظُر صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ صرفٌ وَشَرِكَةٌ إِذَا كَانَ خَارِجًا عَنِ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا فِيهَا فَيَجُوزُ وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ هَذَا دَنَانِيرَ وَهَذَا بِقِيمَتِهَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ كَرَاهِيَتَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وإجازتُه غلطٌ لِأَنَّهُ صرفٌ مَعَ بَقَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَقْدِهِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ هَذَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا صرَّ كُلُّ واحدٍ مَالَهُ عَلَى حِدَةٍ وَجَعَلَاهُمَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَضَاعَ أَحَدُهُمَا هُوَ مِنْهُمَا وَلَوْ بَقِيَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ حَتَّى يَخْلِطَا أَو يجعلاهما عِنْد الشّركَة وَالذَّهَب مِنْ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ شَرْعًا وَإِنْ بَقِيَتْ كُلُّ صُرَّةٍ بِيَدِ صَاحِبِهَا حَتَّى ابْتَاعَ بِهَا أمة للشَّرِكَة وَتَلفت الصرة الْأُخْرَى المالان مُتَّفِقَانِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا وَالصُّرَّةُ مِنْ ربِّها بَعْدَ الْعَقْدِ فِيهَا وَشِرَاءُ الْأَمَةِ بِقَصْدِ الشَّرِكَةِ مَعَ الْإِذْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ حَتَّى يخلطا قَالَ ابْن الْقصار: فمالكٌ يَقُول لابد أَن يكون نوعا وَاحِدًا وَلَا يَتَمَيَّزُ لَنَا عَلَى (ح) أَنَّ الشَّرِكَةَ الِاخْتِلَاطُ فَإِذا لم يخلط لَمْ يَحْصُلْ مُسمَّى الشَّرِكَةِ وَالشَّرِكَةُ كَمَا تَحْتَاجُ لِلْقَوْلِ وتحتاج المَال لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطِ الْمَالُ لَامْتَنَعَ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ لِأَحَدِهِمَا جملٌ وَلِلْآخَرِ حِمَارٌ يَعْمَلَانِ بِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلَنَا عَلَى (ش) فِي جَوَازِ الدَّرَاهِمِ الْبِيضِ مَعَ السُّودِ صِدْقُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ كَمَا لَوِ اخْتَلَطَا بِعَرْضَيْنِ بِأَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمٌ وَالْآخِرُ دَنَانِيرُ قُرْبُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيَكُونُ مَقْصُودُهُمَا الشَّرِكَةَ وَثَمَّ يُرجح قَصْدُ الصَّرْفِ احْتَجَّ بِأَنَّ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَبِالنَّوْعَيْنِ يَبْقَيَانِ مُتَمَيِّزَيْنَ فَلَا تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَجَوَابُهُ الْمَنْعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ بِصُرَّتِهِ سِلْعَةً قَبْلَ الْخَلْطِ فَلِكُل وَاحِد مَا اشْتَرَاهُ لَهُ ربحه وخسارته وَكَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ صُرَّتُهُ حَتَّى يَجْمَعَا الْمَالَيْنِ أَوِ الصُّرَّتَيْنِ فِي خُرْجِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِهِ وَقِيلَ إِذَا كَانَتْ
صُرَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ إِحْدَاهُمَا فَاشْتَرَى أَمَةً بَعْدَ التَّلَفِ عَالِمًا بِهِ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي شَرِكَتِهِ فِيهَا أَوْ تَرَكَهَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شِرَاءَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَشِرَائِهَا قَبْلَ التَّلَفِ فِي الصُّرَّةِ الْأُخْرَى وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَحَدِهِمَا حَمَام ذَكَرٌ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى عَلَى أَنَّ مَا أَفْرَخَا بَيْنَهُمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْحَضَانَةِ وَلِأَحَدِهِمَا بيضٌ يَجْعَلُهُ الْآخَرُ تَحْتَ دَجَاجَتِهِ وَالْفِرَاخُ بَيْنَهُمَا فَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْبَيْضِ مِثْلُهُ كَمَنْ جَاءَ بقمح ليزرعه فِي أَرض بَيْنَكُمَا فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَالزَّرْعُ لَكَ قَالَهُ مَالِكٌ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: تَمْتَنِعُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَقَالَهُ (ش) وَجَوَّزَهَا (ح) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ لِيَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هِيَ أَنْ يَشْتَرِيَا عَلَى الذَّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ وَلَا وَضِيعَةٍ حَتَّى إِذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا كَانَ فِي ذممهما فَإِذا بيع قسما رِبْحَهُ وَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَفَسرهُ الشَّافِعِي بِأَنْ يُشَارِكَهُ عَلَى أَنْ يُربحه فِيمَا يَشْتَرِيهِ بِوَجْهِهِ أَيْ بِجَاهِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ يَقُولُ لَهُ اشترِ عَلَى جَاهِي وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا أَوْ يَقُول عليَّ أَن أَشْتَرِي أَرضًا وَتَبِيعَ أَنْتَ لِأَنِّي بِالشِّرَاءِ أَعْرَفُ وَعِنْدَ التُّجَّارِ أَوْجَهُ لَنَا: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ عِنْدَ الْعَقْدِ إِمَّا مَالٍ أَوْ بَدَنٍ وَلَا وَاحِدَ مِنْهُمَا وَلَا يَكْفِي الْقَوْلُ فِي الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُمَا لَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا امْتَنَعَ وَلِأَنَّهَا أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَأَخْذُ الرِّبْحِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ احْتُجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -: " الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ لِلْآخَرِ وَهِيَ تَجُوزُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَتَجُوزُ حَالَة الِاجْتِمَاع
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَدَنَ وَالصَّنْعَةَ كَالْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ؛ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُعَارَضَةُ بِنَهْيِهِ عليه السلام عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ؛ وَعَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَن الَّذِي يَشْتَرِيهِ أَحدهمَا يجوز أَن يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ لِوُجُودِ الرِّفْقِ الْمَنْفِيّ هَا هُنَا ثُمَّ نَقُولُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ أَن هَا هُنَا اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ ولشريكه وَذَلِكَ لمُوكلِه وَهَا هُنَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْوَكَالَةِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ إِذَا أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ وَأَنْ يُمَيِّزَ الْجِنْسَ المُشْتَرِي فَقَط نخطر لَهُ الْأَشْيَاء المحقة فيشتري الْعَالِيَة وَأَنْ يَذْكُرَ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَى إِلَيْهِ
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ)
وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَقْدُ الشَّرِكَةِ قَدْ يَلْزَمُ وَقَدْ لَا يَلْزَمُ إِنْ أَخْرَجَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِيَشْتَرِيَا مُعَيَّنًا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمَا لَزِمَتْ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَقًّا فِي هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْكُلِّ أَرْخَصَ فَكَذَلِكَ وَإِنِ اسْتَوَى الشِّرَاءُ جُمْلَةً وَانْفِرَادًا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيمَنْ شَرَطَ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا وَإِنِ اشْتَرَكَا لِيَتَّجِرَا فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَا لَا أَمَدَ لِانْقِضَائِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ وَلَكِنَّ لَهُ عَيْنَ دَنَانِيرِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالصَّرْفِ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ بِلُزُومِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْإِجَارَةِ مُشَاهَرَةً يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فِي سِلَعٍ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةً فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ قُصد بَيْعُ نِصْفِ أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الآخر لَا أَكثر من ذَلِك لَزِمت أوالتربص بِهَا لِمَا يُرجى مِنْ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إِلَى تَأْخِيرِ الْمُفَاصَلَةِ إِلَى وَقْتٍ اعْتِيدَ فِيهِ حَوَالَةُ السُّوقِ كَالْقَرْضِ لَا يُمْكِنُ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ قَبْلَ الْأَوَانِ إِلَّا أَنْ يَنْقَسِمَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا مَضَرَّةٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الْقَصْدُ تَمَادِي التَّجْرِ بِأَثْمَانِهِمَا يُقدَّم من دَعَا إِلَى ترك التَّدجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ وَلِمَنْ أَحَبَّ التَّمَادِيَ الْخِيَارُ فِي نَقْضِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَرْضَيْنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْصِدْ إِلَّا التَّجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا لَمْ أُمكن لَمْ أَسْتَمِرَّ وَلَا مَقَالَ لِمُرِيدِ عَدَمِ التَّمَادِي لِأَنَّ الْآخَرَ قَدْ مَلَكَ عَلَيْهِ نِصْفَ عَرْضِهِ ومكَّنه مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ الشَّرِكَةَ لِأَجْلِهِ
وَلَو اخرجنا دَنَانِيرَ ثُمَّ سَافَرَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ لَزِمَتِ الشَّرِكَةُ وَلَا يوكِّل الْحَاضِرُ مَنْ يَأْخُذُهَا مِنَ الْغَائِبِ لِحَقِّ الْغَائِبِ بِغَيْبَتِهِ وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ التَّرْكُ وَيُوقَفُ لَهُ مَالُهُ هُنَاكَ لِأَنَّهُ تعريضٌ لِلْمَالِ لِلتَّلَفِ وَإِن سافرا لِأَجْلِ التَّعَاوُنِ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ من دعما إِلَى التَّمَادِي لِأَوَّلِ نَضّة وَاخْتُلِفَ فِي شَرِكَةِ الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَحَدِهِمَا النُّزُوعُ قَبْلَ الْحَرْثِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَا قَدْ بَذَرَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ النُّزُوعُ اتِّفَاقًا لِتَعَذُّرِ قِسْمَةِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لم يبرز وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ ذَهَبَ السَّيْلُ بِذَلِكَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يُعِيدَ بَذْرًا آخَرَ وَإِنْ هَلَكَ ثَوْرُ أَحَدِهِمَا أَوْ غُلَامُهُ أَوْ بَعْضُ أَدَاتِهِ خُيِّر الْآخَرُ لِأَنَّ الْبَذْرَ بِالْمَالِ فَتَجِبُ الْمُعَاوَنَةُ قَبْلَ عَدَمِهِ دُونَ عَدَمِهِ هَذَا إِذَا اشْتَرَكَا لِيَعْمَلَا بَطْنًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ لِيَعْمَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُسميا لَزِمَ أَوَّلُ بَطْنٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ الِانْفِصَالُ مَتَى شَاءَ وَلِهَذَا لَمْ تجُز إِلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ فَمَتَى فَضَلَ أَحَدُهُمَا فِي قِيمَةِ مَا أَخْرَجَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَهُ لِيَبْقَى مَعَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ فَتَصِيرُ غَرَرًا وَجَازَ فِي الْمُزَارِعَةِ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ قِيمَةً عِنْدَ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلُزُومِ الْعَقْدِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة لعدم لُزُوم العقد عل هَذَا الْقَوْلِ مَا لَمْ يَبْذُرْ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَلَا بِالْعَمَلِ وَإِنَّمَا اخْتلف فِي الْمُزَارعَة لِأَنَّهَا شركَة وَإِجَارَة أَلْزَمَ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي الْبُيُوعِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ التَّفَاحُشَ فِي الْعِوَضِ أَمَّا مُفْرَدًا فَلَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَعِنْدَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْخَلْطِ تَنْبِيهٌ: انْظُرْ هَذَا الِاخْتِلَافَ الشَّدِيدَ أَحَدُهُمْ يَحْكِي اللُّزُومَ مُطْلَقًا وَالْآخِرُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالْآخَرُ يُفَصِّلُ نَظَائِرٌ: الْأَوَّلُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ خَمْسَةٌ الْقِرَاضُ وَالتَّحْكِيمُ
مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُغَارَسَةِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْقَاضِي عِيَاضٍ بِاللُّزُومِ لِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ قَصَدَ الْحَصْرَ وَمَا عدَّ الشّركَة الثَّانِي: فِي الْجَوَاهِرِ: تَوْزِيعُ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ وَإِلَّا فَسَدَتْ لِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ أَحَدُهُمَا رَأْسَ الْمَالِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي التِّجَارَةَ دُونَ الْآخَرِ امْتَنَعَ أَوْ يَتَوَلَّيَانِهَا جَازَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَالثَّالِثُ لَا مَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ أَثْلَاثٌ فَسَدَ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى صَاحِبَيِ الْمَالِ وَلِلثَّالِثِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالَيْنِ وَلِلْقَلِيلِ الْمَالِ أُجرته فِيمَا عمل فِي الْخَمْسَة الفاصلة مِثَالُهُ عَمِلُوا سَوَاءً فَتَحَصَّلَ تِسْعَةٌ تُقَسَّمُ سِتَّةً وَثَلَاثَةً عَلَى الْمَالَيْنِ فَيَأْخُذُ الثَّالِثُ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً من صَاحب الْعشْرَة دِرْهَمَانِ وَيَقُولُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ عَمِلَ فِي الْخَمْسَةِ الْفَاضِلَةِ نَحْنُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ثُلُثِ رِبْحِهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الْكَثِيرِ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَهَذَا هُوَ الْفِقْه فِي العتيبة والعدم واللدد (كَذَا) أَمَّا لَوْ حَضَرُوا وَصَاحِبَا الْمَالِ مليَّان مُفْرَدَانِ لقُوّمت إِجَارَاتُهُمْ فِي الْمَالِ وَإِذَا كَانَتْ سِتَّةً قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا ثُمَّ قُسِّمَ مَا بَقِيَ مِنَ المَال أَثلَاثًا بِي صَاحِبَيِ الْمَالِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرُوا عَلَى الْعَمَلِ ثَلَاثَةً غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقَسِّمُونَ الْفَاضِلَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا الضَّابِطُ يطَّرِد فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قَالَ مُحَمَّد: وَلَو أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً فَخَرَجَ اثْنَانِ بِالْمَالِ فَاخْتَصَمَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَاقْتَسَمَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَتَجَرَا فربح أَحدهمَا وخسر الآخر لَا تنفُذُ مقايمتُهما عَلَى الثَّالِثِ الْمُقِيمِ بَلْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَضُمُّ المَال حَتَّى يصير للْغَائِب ثُلة كُلُّهُ مُشَاعًا بِرِبْحِهِ وَخَسَارَتِهِ ثُمَّ يَتَرَادَّ الْمُقْتَسِمَانِ فَيحصل لهَذَا بَقِيَّة ربحه وَلِهَذَا بَقِيَّة ربحه وَكَذَلِكَ الخسارة يُرِيد مُحَمَّد أَن يَكُونُ لَهُ ثُلُثُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ ثُلُثُ خسارة الآخر قَالَ مُحَمَّد لِأَنَّهُ قدد رَضِيَ بِالْمُقَاسَمَةِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِنْ كَانَ نَهَاهُمَا عَنِ الْقِسْمَةِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْخَسَارَةِ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ لَمَّا نُهِيَ عَنِ الْقَسْمِ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ متعدٍّ بِالْمُقَاسَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْخَاسِرَ مَعَهُ مَا رَجَعَ على الآخر وَقيل الرِّبْح بَينهمَا الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْمَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْأَشْبَه
أَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّابِحِ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي يَدَيْهِ إِلَّا خَمْسُونَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الرِّبْحَ نِصْفَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْقِسْمَةُ لَا تَلْزَمُنِي وَجَمِيعُ مَا بِيَدِكَ بَيْنَنَا فَكَذَلِكَ الرِّبْحُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ إِذَا صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاضِلَيْنَ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ ذُو الْقَلِيلِ فِي الْجَمِيعِ جَازَ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا سَافَرَ أَحَدُهُمَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبَلَدَ قَسَّمَ وَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَهَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَوْ سَلَّمَا أَوِ اخْتَلَفَ الرِّبْحُ فَلِلْمُقِيمِ أَفْضَلُ ذَلِكَ وَلَهُ أَخْذُ السَّالِمِ وَالرِّبْحُ إِنْ وَقَعَا فِيمَا جَعَلَهُ الشَّرِيكُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَا فِي نَصِيبِ الْمُقِيمِ وَالسَّالِمِ فربحُه بَيْنَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِيمُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يتعدَّ إِلَّا فِي النِّيَّةِ خَاصَّةً وَالنِّيَّةُ لَا تُضْمَنُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَوْ جَعَلَ يَد غَيره عَلَيْهِ الثَّالِثُ: قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ وَهِيَ أَنْ يُفوِّض كل وَاحِد التَّصَرُّف فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْقِرَاضِ وَمَا فَعَلَهُ لَزِمَ الْآخَرَ إِنْ كَانَ عَائِدًا إِلَى تِجَارَتِهِمَا وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ إِلَّا فِيمَا يَعْقِدَانِ عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا دُونَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِهِ سواءٌ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا يَمْلِكَانِهِ أَوْ بَعْضِهِ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَفَاضِلًا أَمْ لَا إِذَا كَانَ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وجوَّزها (ح) وخالَفَنا فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بالنقدين والفلوس الرائجة ولابد أَنْ يُخرج عِنْدَهُ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنَعَ تُفَاضُلَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ مُكَاتَبَيْنِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ حرٍّ وَمَكَاتَبٍ وَلَا مسلمٍ وَكَافِرٍ وَلَا صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ وَفِيمَا يَحْصُلُ
لِأَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا كَأُجْرَةِ خِيَاطَةٍ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَفِيمَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ بِخَالِصِ مَالِهِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ دُونَ مَا يَرِثُهُ وَيُوهَبُ لَهُ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ عِنْدَهُ فَخَالَفَنَا فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَقَالَ (ش) شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَرِكَةُ العِنان بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ اسْتِوَاءُ الْمَالَيْنِ فِي الْجِنْس وَالصّفة وَالثَّانِي خلطُها وَالثَّالِثُ إِذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّصَرُّفِ وَالرَّابِعُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخُسْرَانَ عَلَى قَدْرِ المَال ومنشأ الْخلاف اشتمالهما عَلَى المُفسد والمُصحح فَنَحْنُ غَلَّبنا المصحِّح وَهُوَ غلَّب المُفسد حَتَّى قَالَ هِيَ أشدُّ مِنَ الْقِمَارِ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ فاسدٌ إِذَا أُجيزت لنا قَوْله تعال {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ورُوي إِذَا تَفَاوَضْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْمُفَاوَضَةَ ورُوي تَفَاوَضُوا فَإِنَّ الْمُفَاوَضَةَ أَعْظَمُ اليُمن واعظم الْبركَة وَهُوَ غير مَعْرُوف الصِّحَّة وباللقياس عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَلِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَكَفَالَةٌ فَيَصِحَّانِ مُجْتَمعين كَمَا صحّا منفردين أَو تَقول: الضَّمَانُ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ مَعَ الشَّرِكَةِ كَالْبَيْعِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ مُنْعَقِدَةٌ على الرِّبْح وَهُوَ غرزٌ لَا يُدري حُصُولُهُ وَضَمَانُ أَحَدِهِمَا وَكَفَالَتُهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعِ الْغَرَرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْلَى أَلَّا يَمْتَنِعَ فِي غَيْرِ الْمَعْقُود عَلَيْهِ الَّذِي يَأْتِي بِالْفَرْضِ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ قُبَالَةَ الْمَالِ كَشَرِكَةِ الْعِنَانِ وَقُبَالَةَ الْعَمَلِ كَالْقِرَاضِ فَيَصِحُّ اجتماعُهما فِي الْمُفَاوَضَةِ احْتج بنهيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا رُبَّمَا ضمن مَا يَأْتِي على الْمَالَيْنِ وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - ": كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ أَخْذَ ربح مَا لَا نفرد بِهِ أَحَدُهُمَا فَتَمْتَنِعُ كَمَا إِذَا انْفَرَدَ جَمَعُ الْمَالَيْنِ أَوْ نَقُولُ: تَضَمَّنَتْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَفَادَهُ الْآخَرُ فَتَبْطُلُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ مَا يَرِثُهُ الْآخَرُ فَهُوَ لَهُ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَرَرَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحُصُولِ وَالْغَالِبُ عَلَى الشَّرِكَةِ السَّلَامَةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنمتم مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لله خُمسة} وقَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَهَذِهِ تِجَارَةٌ وَغَنِيمَةٌ وَعَنِ الثَّالِثِ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ الْفَرْقُ حُصُولُ الرِّفْقِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا رِبْحَهُ لَهُ مِلْكُهُ وَحُصُولُ رِبْحِ الْمِلْكِ جَائِزٌ بِخِلَافِ رِبْحٍ بِغَيْرِ مِلْكٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ ثُمَّ الْفَرْقُ بِرِفْقِ التَّعَاوُنِ هَاهُنَا بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسَاوَاةِ لقَوْل الشَّاعِر:
(لايصلحُ النَّاسُ فَوضي لَا سراةَ لَهُمْ
…
وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُم سَادُوا)
فَيَسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قُلْنَا بجملة الْمُسَاوَاة فِيمَا يحصل الرِّفْقُ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى تَكْثِيرِ الْغَرَرِ وَاعْلَمْ أَن مَذْهَبنَا متوسط فالشافعي مَنَعَ غَرَرَهَا جُمْلَةً وَ (ح) جَوَّزَهُ جُمْلَةً وَنَحْنُ أَجَزْنَا مَا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَةُ الِارْتِفَاقِ وَالْغَرَرُ لَا تَكَادُ تُعَرَّى عَنْهُ الْبِيَاعَاتُ فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ الَّتِي خَالَفَتِ الصَّرْفَ وَالْبَيْعَ فِي عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَالتَّسْلِيمِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا شَارَكَ بِهِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ كَانَ الْعَمَل مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَا يستد بِهِ أَحَدُهُمَا سُمِّيَ عِنَانًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَضَرَ الآخر أَو غَابَ وَيلْزمهُ تصرفه فِي الْمُفَاوضَة قَالَ فِي الْكتاب: لَا أعرف الشّركَة لبعدين مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحجاز فَائِدَة: اشتقاقهما قَالَ الطرطوشي: لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَرْبَاحِ كَالْفَارِسَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي السَّيْرِ فَإِنَّ عِنَانَيْهِمَا يَكُونَانِ سَوَاءً وَقيل من عَن الشَّيْء إِذا اعْترض عنت لِي حَاجَةٌ إِذَا اعْتَرَضَتْ وَمِنْهُ عَنَانُ السَّمَاءِ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - جَمْعُ عَنَانَةَ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنَّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ أَوْ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنَّ الشَّجَرِ إِذَا ظَهَرَ وَلَيْسَ فِي الشَّرِكَاتِ مَا يَثْبُتُ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ إِلَّا هِيَ لِأَنَّهَا فِي مَالَيْنِ ظَاهِرَيْنِ مَوْجُودَيْنِ وَالْمُفَاوَضَةُ تَكُونُ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ وَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ وَالْوُجُوهُ أَوْ لِأَنَّ الْفَارِسَ يُمْسِكُ بِأَحَدِ يَدَيْهِ عِنَانَ الْفَرَسِ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ وَهُوَ هَا هُنَا تَنْفِيذٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ كَيفَ أحب فِي الْمُفَاوضَة لَيْسَ لأَحَدهمَا الِانْفِرَاد أَو من المعاينة يُقَال عَايَنت فُلَانًا إِذَا عَارَضْتُهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهَاهُنَا عَارَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهِيَ لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
(وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي عُلَاهَا
…
وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ)
وَالْمُفَاوَضَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: مِنَ التَّفْوِيضِ لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ الْأَمْوَالَ لِصَاحِبِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وأفوض أَمْرِي إِلَى الله} وَقِيلَ مِنَ التَّسَاوِي كَقَوْلِهِ تَفَاوَضْنَا فِي الْحَدِيثِ وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكٌ مَرَّةً اسْمُهَا أَوْ تَخْصِيصُهَا بِالْجَوَازِ وَيُقَالُ عِنَانٌ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَهُوَ الْأَكْثَرُ لِمَنِ اشْتَقَّهُ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ وَبِالْفَتْحِ إِذَا أُخِذَ مِنْ عَنَّ لِي الشَّيْءُ إِذَا اعْتَرَضَ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُفَاوِضُكُمَا عَلَى الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَيَتَفَاوَضَانِ لِأَحَدِهِمَا عينٌ أَوْ عَرْضٌ دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ قَامَتْ أَنَّهُ مُفَاوِضُكَ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا وَجَمِيعُ مَا بِأَيْدِيكُمَا بَيْنَكُمَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تخصُّه وَمَا ابْتَاعَ أَحَدُكُمَا بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لَزِمَ الْآخَرَ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ أَيَّكُمَا شَاءَ وَلِأَحَدِكُمَا قَضَاءُ مَا يَخْتَصُّ بِالْآخَرِ مِنْ دَيْنٍ وَلِلْمَأْذُونِ مُفَاوَضَةُ الحُّر قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يَكُونُ جَمِيعُ مَا بأيديهما بَينهمَا إِذا أنكر المشهودُ عَلَيْهِ
الفاوضة فَلَوْ أَقَرَّ وَقَالَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ اقْتَسَمَا السُّدُسَ نِصْفَيْنِ عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَا يَتَفَاوَضُونَ إِلَّا سَوَاءً وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ على أَن شَرِيكه لم يفض بِالشَّرِكَةِ فِي جَمِيعِ أَمْلَاكِهِمَا لَصَدَق الِاسْمُ عَلَى بَعْضِ الْمَالِ وَلَوْ أقرَّ إِنِّي شَرِيكُ فُلَانٍ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَكَالْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَا يُقبل إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِدَيْنٍ وَلَا وَدِيعَةٍ وَإِذَا تَقَارَرَا بِالشَّرِكَةِ فَمَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ التِّجَارَةِ بَيْنَهُمَا دُونَ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَطَعَامٍ وَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا لَيْسَ مِنَ الشَّرِكَةِ بَلْ وِرَاثَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ لِرَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ إِمَّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ أَوْ فِي نَوْعٍ كَالرَّقِيقِ أكرَهُ أَنْ يُخرِجا مَالًا يَتَّجِرَانِ بِهِ وَبِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاوَزَ رَأْسَ مَالَيْهِمَا وَلَوْ تَفَاوَضَا وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْعَقْدِ الدَّين فَبَاعَ أحدُهما بِهِ جَازَ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْرِضُ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ تَفَاوَضَا بِأَمْوَالِهِمَا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ يَخُصُّهُ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي إِجَازَتِهَا وردِّها لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ يُخَّير مَا لَمْ يَطَأْهَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ والمتعدي فِي وَدِيعَةٍ ابْتَاعَ بِهَا سِلْعَةً لَا يدفعُ إِلَّا مِثْلَ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مأذونٌ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بَلْ هُوَ كَمِبْضَعٍ مَعَهُ بِشِرَاءِ سلعةٍ أَوْ مُفَاوِضٍ أَوْ وَكِيلٍ يُخِّير رَبُّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي عَيْنِ ذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا خَيْرَ فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَبْتَاعُ الْأَمَةَ فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا فِي رَأْسِ الْمَالِ ويتقاومانها فَمَنْ صَارَتْ لَهُ فَهِيَ لَهُ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَكَ إِبْقَاؤُهَا لِلْوَاطِئِ بِالَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْمُقَاوَاةِ وَرَدِّهَا للشَّرِكَة وَقَالَ غَيره: ذَلِك لَهُ وَفِي النكث: إِن
اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَوَطِئَهَا فَهَاهُنَا يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِالْقِيمَةِ وَتَرْكِهَا بَيْنَهُمَا أَوِ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا وَعَلَى أَنَّ الْخَسَارَةَ فِيهَا وَالرِّبْحَ عَلَى الْمَالِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الَّتِي فِيهَا الْمُقَاوَاةُ وَلَوِ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا إِن حبس وَلَو رِبْحُهَا فَهُوَ كَسَلَفٍ أَسْلَفَهُ شَرِيكُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَتَقَاوَيَانِ إِذَا أَرَادَ الْوَطْءَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ وَبَعْدَ الْحَمْلِ فَتُعَيَّنُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُهُ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ فَيَجِبُ إِنْ كَانَ تَكَلَّمَ عَلَى إِذن وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ لِمَا أَذِنَ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَّلَهَا لَهُ فَفَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَلَا خِيَارَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ عَارِيَةِ الْفُرُوجِ فَأَمَّا بِغَيْرِ إِذَنٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ قَاوَاهُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُبْقِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى بَقَائِهَا عِنْدَهُ بِخِلَاف لأمة بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ إِذْ هَذَا الشَّرِيكُ يَغِيبُ عَلَى مَا اشتُري وَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ فَخَالَفَ مَنْ شَاركهُ فِي أمةٍ فَقَط وَغَيره أجازردها للشَّرِكَة لِأَنَّهَا كالأمة بَينهمَا وَإِذا لم يُومَن عَلَيْهَا مُنع مِنَ الْخَلْوَةِ بِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا وَطْءُ جَارِيَةٍ مِنَ الشَّرِكَةِ وَلَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْمَالِ لِيَطَأَ أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا لِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ يُشترط فِيهِ الْمِلْكُ الْمَحْضُ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الواطء جَاهِلًا جَازَ بَقَاؤُهَا تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ عَالِمًا لَمْ تَبْقَ وَيَحُوزُهَا عَنْهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَهُ أَهْلٌ وَإِلَّا فَعَلَى يَدِ عَدْلٍ حَتَّى تُباع وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا وَطِئَ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ تُباع عَلَيْهِ إِن كَانَ عَالما بالترحيم وَإِلَّا فَلَا يومن عَلَيْهِ الْعَوْدَةُ وَإِنِ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَلِيُصِيبَهَا وَشِرَاءُ مثلهَا للتِّجَارَة حُسن النّظر وَعلم بذك قَبْلَ الْإِصَابَةِ لَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَتَبْقَى شَرِكَةٌ وَلَوْ وَطِئَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ وَمَتَى فَعَلَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فحكمُه حُكْمُ فِعْلِ أَحَدِهِمَا فِي الْوَطْءِ أَو غَيره
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: إِذا وَخَّز أَحَدُهُمَا غَرِيمًا بِدَيْنٍ أَوْ وَضَعَ لَهُ مِنْهُ اسْتِلَافًا لِيُعَامِلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَازَ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ بِخِلَافِ الْمَعْرُوفِ يَخْتَصُّ بِحِصَّتِهِ وَيَرُدُّ مِنَ الْآخِذِ مِنَ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ يَهْلِكَ فَيَضْمَنَ الْوَكِيلُ فِي النكث: لَيْسَ الدّفع للاستيلاف سلفا لنفع لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعَامِلُهُ بَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِحسن السُّمْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضررٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضَرَرٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر لَمْ أظنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفسد شَيْئًا مِنَ الشَّرِكَةِ رَدَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤخره حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرُّجُوعُ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَرِيمُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِير استيلافاً لم يضمن الموخِّر وَإِن أغر الْغَرِيمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُخشى عَدَمُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ فيُرد فِي التَّأْخِيرِ وَيُعَجِّلُ جَمِيع الْحق وَإِن لم يرد حَتَّى أغر ضَمِنَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقِيلَ يمْتَنع التَّأْخِير وَإِرَادَة الاستيلاف لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ وَضع أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْخِيرِ وَيَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ يُنظر هَلْ يَمضي نَصِيبُ الْوَاضِع وَتجوز إِن أَرَادَ الاستيلاف إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُرَاد بِهِ الاستيلاف
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَلِمَ الرَّجُلُ بِمَوْتِ الْبَاعِثِ أَوْ بِمَوْتِ شَرِيكِهِ وَأَنَّ مَا مَعَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ لَمْ يُشتَرَ وردَّه عِلّة الحيِّ مِنْهُمَا وَالْوَرَثَة إِن بلغَة اقترافهما لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَأْذَنْ فِي الشِّرَاءِ وَقَدِ انْتَقَلَ الْمَالُ إِلَيْهِ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِن علم الَّذِي أبضع مَعَه باقترافهما مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَوْتِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّرَاءُ إِذَا مَاتَ المُبضع مَعَهُ وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَمْ يُبضع فَلَهُ الشِّرَاءُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنَ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَشْتَرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبُ الْإِقْدَامِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ ويُقارض دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ وَإِنْ
أودَع بِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَالْمُودِعِ وَإِنْ رَدَّهَا الْمُودَعُ إِلَى غَيْرِ المودِع بَرِئَ إِنْ صدَّقه الْقَابِضُ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَكَذَلِكَ دفعُك ثَمَنَ مَا ابْتَعْتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ أَوْدَعَكَ أَحَدُهُمَا فَأَوْدَعْتَ شَرِيكَهُ ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَن يكون لعورة مِنْ هَزْلٍ أَوْ سفرٍ فَإِنْ أُودِعَتْ أَحَدَهَمَا فَهِيَ بِيَدِهِ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْ صَاحِبَهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تَعْرِفْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِنْ عَمِلَ بِوَدِيعَتِكَ تَعَدِّيًا وَعَلِمَ شَرِيكُهُ بِالْعُدْوَانِ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ لِرِضَاهُ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ وَقَالَ غَيْرُهِ: إِنْ رَضِيَ وَعَمِلَ فَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ بَلْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَان عله قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يُقَارِضُ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ وَضْعُ يدٍ عَلَى الْمَالِ لَمْ يَرْضَهَا وَيَجُوزُ فِي سِلْعَةٍ بِعَينهَا كالبضاعة قَالَ اللَّخْمِيّ: لَو تجر فِيهَا أُودع عِنْدَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ تَجْرُهُ فِيهَا لَهما فلشركة نَصِيبُهُ مِنَ الرِّبْحِ دُونَ الْخَسَارَةِ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْإِجَارَةَ فِي الرِّبْحِ فَقَطْ إِذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا قِرَاضًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الرِّبْحُ وَحْدَهُ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بَيْنَهُمَا نَظَرًا لِلْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ أَوْ تَسَلَّفَ مَالًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُميت مُفَاوَضَةً لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ النَّظَرَ فِيمَا يجرُّ نَفْعًا وَقَالَ أَصْبَغُ: الرِّبْحُ لَهُ وَلِلْآخَرِ الْأُجْرَةُ إِذَا حَلَفَ لَمْ يَعْمَلْ مُتَطَوِّعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ عَمِلَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ فِيهِ عَمَلٌ اخْتَصَّ بِالرِّبْحِ وَإِنِ احْتِيجَ قِيَامُهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَلِصَاحِبِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْأُجْرَة فِيمَا عمل أونصف مَا أَخَذَ فِي الْقِرَاضِ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَكَانَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا فَفَسَدَ شَيْء رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ينويه مِمَّا فَسَدَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَزَلَ سُوقُهُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِنِ اسْتَعَارَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِغَيْرِ إِذا صَاحِبِهِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ
أَو لمَال الشّركَة فَتلف فضمنانه مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ لِأَنَّ شَرِيكَهُ يَقُولُ كُنْتَ تَسْتَأْجِرُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَضْمَنُ فِي التَّعَدِّي دُونَ الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا مِنْ جِدَّةِ الْمَنْظَرِ وَإِنِ اسْتَعَارَا جَمِيعًا فَتَعَدَّى عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالضَّمَانِ وَإِنِ اسْتَعَارَهَا أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَعَمِلَ عَلَيْهَا الْآخَرُ ذَلِكَ بِعَيْنِه فعطبت لم يضمن لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَشَرِيكُهُ كَوَكِيلِهِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ دَابَّةً لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرُكَ ضَمِنَ لِعَدَمِ إِذن رَبهَا لَهُ وَلَا وكًّلته وَفِي النكث قَالَ الشيح أَو الْحَسَنِ: إِذَا اسْتَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَحْدَهُ مَعْنَاهُ إِنْ قَضَى بِهَا قاضٍ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذِكْرِ الدَّابَّةِ تَقْرِيرًا لِلْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَقَدْ يَكُونُ مَذْهَبُ الْحَاكِمِ فِي الْمَوْضِعِ تَضْمِينَ العواري وَإِن لم يُغَب عَلَيْهَا ففإن كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى ذَلِكَ فعُزل قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ يَضْمَنُ وَالْمُسْتَعِيرُ يَجْهَلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فُقَهَاءَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تضمين الْوَكِيل إِذا اجْتهد فَأَخْطَأَ وَهَذَا عُذْرٌ وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الرَّغْبَةُ فِي الْعَارِيَةِ تَوْفِيرًا لِلْأُجْرَةِ وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ قَالَ: فَأَرَى الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: عبدُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَأْذَنُ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي تِجَارَةٍ وَلَا يُعتقه عَلَى مَالٍ يتعجَّله مِنْهُ وَلَا يُكاتبه بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى عِتْقِهِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَأَكْثَرَ فَيَجُوزُ وَهُوَ كَبَيْعِهِ فِي النكث لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَلْحَقُهُ دينٌ فَيَصِيرُ عَيْبًا وَلِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ تفويضٌ وَلَيْسَ لَهُ الْمُفَاوَضَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ بِخِلَافٍ إِذَا قَارَضَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا كَفَالَةُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَا جنى أَحدهمَا أَو غصب أَو استهلكت أَوْ أَصْدَقَ أَوْ آجَرَ فِيهِ نَفْسَهُ لَا يلْزم شَرِيكه فِيهِ شَيْء لِأَنَّهُ غيُ مُقْتَضَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: ويُرد بِالْعَيْبِ على البَائِع مِنْهُمَا إِن كَانَ حَاضرا أَو إِن كَانَ غَائِبًا كَالْيَوْمِ ويُنتظر لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً فَإِنْ بَعُد وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعَهده رُدَّ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنِ احْتَمَلَ الْحُدُوثَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَادِثٌ عِنْدَ الْبَائِعِ إِلَّا إِذَا حَلَفَ الشَّرِيكُ مَا عَلِمَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ نَكَلَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: يحلف الْمُبْتَاع على الْبَتّ وَفِي الْكتاب مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ فَلَوْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا لَزِمَ الشَّرِيكَ وَلِلْحَالِفِ الرَّدُّ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ فَإِن نكل فَهَل يردّ عَلَيْهِ جَمِيعًا أونصفه ليمين شركه وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ الْمُعَامِلُ وَلَا يَضُرُّهُ يَمِينُ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلَوْ نَكَلَ الشَّرِيكُ الَّذِي لم يبع فَحلف الْمُبْتَاع وردهَا قُم قَالَ الْغَائِبُ لَمَّا قَدِمَ أَنَا أَحْلِفُ وَأَنْقُضُ الرَّدَّ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَهَذَا عَلِمَ وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ نِصْفُهُ وَيَقَعُ الرَّدُّ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِنُكُولِهِ ومتولِّي الْبَيْعِ كَوَكِيلِهِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ بُدئ بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي تحليفُهما جَمِيعًا إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْآخَرِ عِلْمٌ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْحَاضِرِ وَإِنْ لَمْ يُقم بَيِّنَةً وَاخْتَلَفَتِ الْعَادَةُ حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ وَإِنْ شُكَّ فِي قِدَم الْعَيْبِ وَكَانَ شِرَاءُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْحَاضِرِ أَوْ فِي حُضُورِهِ وَبَاعَهُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ عِلْمِ الْآخَرِ لَمْ يَحْلِفِ الْحَاضِرُ وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا
وَنَكَلَ الْآخَرُ رُدَّ جَمِيعُهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ فِي الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ لِأَنَّ الْعُيُوبَ شَأْنُهَا الْخَفَاءُ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَرَدَّ بِهِ أَوْ قَبِله وَخَالَفَهُ الْآخَرُ فَالْحُكْمُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِيمَا أَرَادَهُ الْآخَرُ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِقَبُولِهِ ثُمَّ رَدَّ الْآخَرُ سَقَطَ الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ وخُيّر الْبَائِعُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ ثَبَتَ الرَّدُّ وخُيّر الْبَائِعُ إِنْ قَبِلَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ رَدُّهَا وَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ بِالرَّدِّ الِامْتِنَاعُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا فِيهِ ضَرَرٌ فَيَمْضِي ذَلِكَ فِي نَصِيبِ مَنْ رَضِيَ وَحْدَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَأَقْبَضْتَ الثَّمَنَ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لِلْبَائِعِ أَوْ شَرِيكِهِ وَلَمْ تعلم افتراقهما فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْكَ وَإِنْ عَلِمْتَ ضَمِنْتَ حِصَّةَ الْآخَرِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْخُلْعِ وَلَا يَبْرَأُ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ ثَمَنُ مَا بَاعَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ غَيْرُهُ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ وَلَا الْغَرِيمُ بِالْحِجْرِ بَرِئَ الْغَرِيمُ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ قَدْ يَخْفَى وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ عَالِمٌ أَمْ لَا لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيم قَالَ فِي النكث: الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِكَةَ بَاقِيَةٌ فِي الدَّيْنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالْعَزْلُ يَرْفَعُ يَدَ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا خَلَعَهُ وَقَبَضَ وَقَدْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ يَضْمَنُ الدَّافِعُ يُرِيدُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْوَكِيلُ لَمَّا عَلِمَ بِالْخُلْعِ تَعَدَّى فِي الْقَبْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ لما أتلف فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَيْهِ وَلَا ضَرَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْأَشْبَهُ أَلَّا يَضْمَنَ الْغَرِيمُ كَمَا فِي الشَّرِيكَيْنِ يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ عَلَى الْقَبْضِ وَقَدْ فرًّطا إِذْ لم يعلمَا وَقَول الْغَيْر فِي إِلْزَامِ الْغَرِيمِ بِعِلْمِ الْوَكِيلِ مُشْكَلٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَوْ عَلِمَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ بَرِئَ لِأَنَّهُ مكره
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَالْمُقَاسَمَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَلْزَمُ إِقَالَةُ أَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ وَتَوَلِيَتُهُ إِلَّا بِمُحَابَاةٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْرُوفِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَجِدَ نَقْصًا لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لِأَبِيهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ زَوجته أَو صديقه الملاطف أَو من يُتّهم عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ لِلتُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُتهم عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُرُوضِ أَنَّ نِصْفَهَا لِأَجْنَبِيٍّ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ كَإِقْرَارِ وَارِثٍ بَدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يُدخل الضَّرَرَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ يَمْتَنِعُ إِقْرَارُهُ لِمَنْ يُتًّهم عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَرِيضِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا قُلْنَا بَقِيَّةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يُتهم وَإِنْ مَنَعْنَا قُلْنَا لِإِضْرَارِهِ بِالْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجْرِي فِي إِقْرَارِهِ بِالتُّهَمِ النقوذ كَإِقْرَارِ مَنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِمَنْ يُتهم عَلَيْهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَهَاهُنَا أَوْلَى لِانْتِزَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ ويقي مُحْتَاجًا فَيُوَزَّعُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَلَا حَاجَةَ هَاهُنَا لِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ إِرَادَةِ الِافْتِرَاقِ جَائِزٌ فَإِنِ افْتَرَقَا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ إِذَا طَالَ الِافْتِرَاقُ فَإِنْ قَرُبَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ فَخِلَافٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَدَّعي بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ أَنَّهُ أَنْفَقَ وَنَسِيَ الْمُحَاسَبَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ وَلَهُ ذَلِكَ وَالشَّرِيكُ مِثْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَجَعَلَهُ فِي الْكِتَابِ شَاهِدًا وَلَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَيَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِافْتِرَاقٍ لِعَدَمِ الْمُحَاسَبَةِ وَصَوْنًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ واختُلف فِي الْعَبْدِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْمَكَاتَبِ يَعْجِزُ وَالْقَبُولُ أَوْلَى لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِمَا لَا تُعلم إِلَّا مِنْ قبَلهما وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا أَجَازَ فِي الْكِتَابِ شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ النُّكُولِ إِلَّا نِصْفَ الْحَقِّ فَلَمْ تجب شَهَادَته
نَفْعًا وَلَا دَفَعَتْ ضَرَرًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ عَلَى مَنْ تحمَّل عَنْهُ وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ وَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ امْتَنَعَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يُحدث الْآخَرُ فِي الْمَالِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ شَيْئًا إِلَّا برضى الْوَرَثَةِ لِانْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَقَامَ أَجْنَبِيٌّ بَيِّنَةً أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنَ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَلَمْ تُوجَدْ وَلَا عَلِمَ مَصْرِفَهَا وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ أَخْذِهَا ويُظن أَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهَا فَهِيَ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ تَطَاوُلَ وَقْتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ شَأْنَ الشَّرِيكِ الْحَوْزُ وَالتَّصَرُّفُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِ الْمِائَةِ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الرَّدِّ طَالَ أَمْ لَا لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِشْهَادِ تَقْتَضِي الِالْتِزَامَ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِشْهَادٍ فَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّابِعُ فِي إِلْغَاءِ الْكَلَفِ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَالُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كثيرا وهما فِي بلدين على أَن يجوز كل وَاحِد على صَاحبه ويلغيان نَفَقَتَهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنٍ وَإِنِ اخْتلف سعراهما كَانَا ذَوي عِيَال أَولا عِيَالَ لَهُمَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مُتَقَارَبٌ فَإِنْ كَانَ الْعِيَالُ لِأَحَدِهِمَا حَسَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَنْفَقَ وَمَا اشْتَرَاهُ لِعِيَالِهِ وَلِلْبَائِعِ ابْتِيَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِ مَا يَبِيعُ لِذَلِكَ مِنْ كُسْوَةٍ لَهُمَا أَوْ لِعِيَالِهِمَا مِمَّا يُلْغَى وَهِيَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إِلَّا كُسْوَةً لَا يَتَبَدَّلُ مِثْلُهَا فَلَا تُلْغَى وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا أَوْ كُسْوَةً لَهُ أَوْ لِعِيَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْآخَرُ إِذْ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَقَدَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ قَرَارًا لَهُمَا أَنْ يُحَاسَبَ مَنْ فِي الْبَلَد الغالي بَيْنَ السِّعْرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَرَارِهِ فَلَا يُحَاسَبُ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي قَرَارِهِ وَهُوَ أَغْلَاهُمَا حُوسِبَ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوِ الْآخَرُ أَغْلَاهُمَا لَمْ يُحَاسَبْ بِذَلِكَ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ سَبَبِ الْمَالِ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْغَلَاءِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قَرَارِهِ أَوْ أَغْلَاهُمَا فِي قَرَارِهِ حَاسَبَ أَقَلَّهُمَا سِعْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ
الْإِنْفَاقَ مِنَ الْوَسَطِ جَازَ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الشَّرِكَةُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ فِي الِانْتِقَالِ وَأَنْ يكون الرِّبْح على قدر رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ تُلْغَى فِيهِ النَّفَقَةُ تُلْغَى فِيهِ الْكُسْوَةُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِيَالُ فِي الْعَدَدِ دُونَ السِّنِّ تَحَاسَبَا بِذَلِكَ كَاخْتِلَافِ الْعَدَدِ وَالْكُسْوَةُ الَّتِي لَا تبتدل رِبْحُهَا لَهُمَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا وَيُحَاسَبُ بِمَا وَزَنَ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ خُيِّرَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي رَدِّهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ يُمْضِيهَا لَهُ خَاصَّةً وَيَمْنَعُهُ مِنْ وَزْنِ ثَمَنِهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَالِ قَدْرَهَا وَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي وَطَالَبَ الْبَائِعُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَالَ مُشْتَرِيهَا اشْتَرَيْتُهَا عَلَى غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ لِاسْتِقْرَاضِ الثَّمَنِ أَوْ لِأَخْذِهِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَتَسْقُطُ الشَّرِكَةُ فِيمَا يَنُوبُ ثَمَنُهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَرِبْحُهَا لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ وَتَسَاوَى الْعِيَالُ أَنْفَقَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ مَالِهِ لَا بِقَدْرِ عِيَالِهِ لِيُحَاسَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبل لَيْلًا يَأْخُذَ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ صَاحِبَهُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ: يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ يَدُ أَمَانَةٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ خُسْرَانٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فَإِنِ اتُّهِمَ اسْتُحْلِفَ وَإِنْ قَالَ ابْتَعْتُ سِلْعَةً وَهَلَكَتْ صُدِّقَ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِلشَّرِكَةِ فَإِن هَذَا الْمَالُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ حَصَلَ لِي بِالْقِسْمَةِ صُدِّقَ شَرِيكُهُ فِي إِنْكَارِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا
3
-
(فَرْعٌ)
إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلًا بِمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذَنْ شَرِيكِهِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى شُيُوخُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَمَانَةِ كَالْمُودَعِ عِنْدَهُ وَالْمُودِعِ إِذَا وَضَعَ يَدُ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ بِتَعَدِّيهِ فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا قُلْنَا: إِنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَوْ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَأْنُ الْحَاكِمِ وَضْعُ مَالِ الْغَائِبِ
تَحْتَ يَدِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ فِي رَهْنِ الْمُشَاعِ إِلَى إِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَهُ أَنْ يُقَسِّمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ لِتَأْخِيرِ التَّسْلِيم السَّادِسُ فِي الْعُهْدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: مَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّرِكَةِ كَأَهْلِ الْأَسْوَاقِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَطَهُ أَمْ لَا إِنْ بَاعَهُ بَيْعًا بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ فَعَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى وَقْتُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُ هَذَا الشَّرْطُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الثَّانِي وَحَدُّ ذَلِكَ الِافْتِرَاقُ مِنَ الْأَوَّلِ افْتِرَاقًا بَيِّنًا وَانْقِطَاعُ مُذَاكَرَةِ الْبَيْعِ الَّذِي كَانَا فِيهِ ثُمَّ يُبَاعُ الثَّانِي فَلَا يُنْتَفَعُ بِاشْتِرَاطِهِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا فِيمَا يُشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمَّا مَا يُسَلَّمُ فِيهِ فَعُهَدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِذَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ
(الْبَاب الثَّالِث فِي التَّنَازُع)
وَهُوَ إِمَّا بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَبَيْنَهُمَا فَهَذِهِ فَصْلَانِ
3
-
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا)
وَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَصْلُ الْمُتَفَاوِضَيْنَ أَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْأَجْزَاءِ فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ جُزْءًا حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَالِابْتِيَاعُ مَا لَمْ يَحْظُرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ الثَّالِثُ " مَا " بِيَدِهِ مَتَاعٌ مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَتَاعِهَا وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي ثُمَّ قَالَ حَدَثَتْ لِي هَذِهِ الدَّارُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِهَا وَإِنْ قَالَ فِي كُلِّ التِّجَارَةِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِيمَا فِي يَدِيكَ دُونَ مَا فِي يَدِي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُهُ بِمِلْكِ مَا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ فِي حَانُوتٍ فِي يَدَيْهِ فُلَانٌ شَرِيكِي فِيمَا فِيهِ ثُمَّ أَدْخَلَ فِيهِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ لَيْسَا مِنَ الشَّرِكَةِ وَقَالَ الْآخَرُ قَدْ كَانَا فِي الْحَانُوتِ يَوْمَ إِقْرَارَهِ صُدِّقَ هَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُسْتَصْحَبٌ عَلَى مَا فِي الْحَانُوتِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْإِقْرَارِ لَهُ
الرَّابِع فِي الْكتاب: إِن ادَّعَى شِرَاءَ سِلْعَةٍ ثُمَّ ضَيَاعَهَا صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِين الْخَامِس قَالَ: إِذا جحد أحد المفاوضين الْمَالَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً فَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْجَاحِدِ فِي الْخُصُومَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِمَنْعِهِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَدَّمَ شَرِيكٌ بِيَدِهِ أَمْوَالٌ يَقُولُ هِيَ وَدَائِعُ أَوْ هِيَ عُرُوضٌ فَقَالَ دُفِعَتْ لِي لِأَبِيعَهَا فَقُلْتُ لَهُ اذْكُرِ اسْمَ أَرْبَابِهَا فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَحَلَفُوا أَخَذُوا وَإِنْ نَكَلُوا أخذُوا نصيب الْمقر وَحده مواخذة لَهُ بِإِقْرَار وَإِن لم يسم فَذَلِك بَيْنكُمَا قَالَ بغض الْقَرَوِيِّينَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عَدَالَةِ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَاهِدًا وَيَنْبَغِي قَبُولُ إِقْرَارِهِ لمن لَا يتهم عَلَيْهِ وَيحْتَمل التَّحْلِيف اسْتِبْرَاء وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ عِنْدَ الْمُحَاسَبَةِ جَعَلْتُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ مَالًا يَحْلِفُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَتّ مَاله فِيهِ شَيْءٌ وَلَا جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا بِيَدِهِ السَّابِعُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُفَاضَلَةَ فَقَالَ لَكَ الثُّلُثُ وَلِي الثُّلُثَانِ وَقُلْتَ النِّصْفَ وَلَيْسَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِكُمَا دُونَ الْآخَرِ لَهُ النِّصْفُ لِأَنَّكَ سَلَّمْتَهُ وَلَكَ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ وَتَقْتَسِمَانِ السُّدُسَ نِصْفَيْنِ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُفَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَة فَادّعى الثَّالِث الثُّلُث يقسم بَينهم المَال أَثْلَاثًا عِنْدَهُ لِتَسَاوِيهِمْ فِي الْحِيَازَةِ وَالْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوِي قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمُ الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ لَكُمَا الثُّلُثُ وَقَالَ الْآخَرُ لِي النِّصْفُ وَلَكُمَا النِّصْفُ وَقَالَ الْآخَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منا الثُّلُث يضْرب كل وَاحِدٍ بِحِصَّةِ دَعْوَاهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى تِسْعَةٍ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ وَالَّذِي يَجْرِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُسَلِّمَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ ادَّعَى صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْدَاسٍ وَصَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِيَانِ الْجَمِيعَ فَتُقَسَّمُ هَذِه الْخَمْسَة الأسداس نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ سَهْمَانِ
وَنِصْفُ سُدُسٍ وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَدَّعِي صَاحِبُ النِّصْفِ أَنَّ لَهُ مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي هِيَ نِصْفُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لَا شَيْءَ فِيهِمَا لَهُ فَيُدْفَعَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَدَّعِي صَاحِبُ الثُّلُثِ أَنَّ لَهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ عَشَرَ ثَمَانِيَةٍ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السِّتَّةَ الْبَاقِيَةَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا فَتُدْفَعُ السِّتَّةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَتَبْقَى سِتَّةٌ يَدَّعِيهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ مَعَ الِاثْنَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَدَّعِيهَا صَاحِبُ النِّصْفِ مَعَ السِّتَّةِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي هَذِهِ السِّتَّةُ فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَحْصُلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُسَلِّمُ مُدَّعِي الثُّلُثِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثُمَّ صَارَ الْكُلُّ يَدَّعِي الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ وَالْآخَرَانِ يَدَّعِيَانِهَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَلِلْآخَرَيْنِ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ إِلَّا ثَمَانِيَةً فَسَلَّمَ اثْنَيْنِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُمَّ تُقَسَّمُ الثَّمَانِيَةُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ سَلَّمَ مُدَّعِي الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ نَازَعَ الْآخَرُ فِي الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَينهمَا نِصْفَيْنِ ثمَّ يَقُول صَاحب النِّصْفِ سَلِّمْ لِي مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَهُوَ الثُّلُث لأخذ السُّدُسِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ أَقَرَّا بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ وَأَقَرَّ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِتَسْلِيمِ السُّدُسِ فَيِتَدَاعَيَاهُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سَبْعَةٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بِالسَّوِيَّةِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمَانِ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ سَهْمٌ وَثُلُثُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي
مَخْرَجِ الثُّلُثِ لِتَسْلَمَ السِّهَامُ فَتَكُونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَطَرِيقُ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَمُدَّعِيَ الثُّلُثِ لَا يُسَلِّمَانِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ إِلَّا السُّدُسَ وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ: لِصَاحِبِ الْكُلِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا كَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ وَلِآخَرَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا بِاتِّفَاقٍ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا الثَّامِنُ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي وَلَمْ يَقُلْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا مُفَاوِضٌ فَإِنْ خَصَّصَ مَالًا فِي الْإِقْرَارِ وَكَانَ كَلَامًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ أُتْبِعَ ذَلِكَ وَإِلَّا شَرِكَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي التَّاسِعُ قَالَ إِذا قَالَ شركك فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْخَسَارَةِ فَالْمُشْتَرِي مُدَّعٍ وَيُصَدَّقُ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَعًى عَلَيْهِ الْخَسَارَةُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يَعْرِفُ وَإِنْ رَبِحَا فِيهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُكَ بِالسُّدُسِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالنِّصْفِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْآخَرَ مُدَّعٍ نَقْلَ مَالِ الْآخَرِ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَا لَمْ نَنْوِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَنِصْفَانِ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَدَّعِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم انْتِقَال ملكه وَفِي الْوَاضِحَة: عَن سَأَلَهُ مَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي النِّصْفِ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً بِزِيَادَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ إِشْرَاكُهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي الْأُولَى عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعَاشِرُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَوَقَفَ آخَرٌ سَاكِتًا فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ طَلَبَ الدُّخُولَ مَعَهُ فَأَبَى قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: إِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ لِلْبَعْضِ أُجْبِرَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى بِمَنْزِلِهِ أَو ليخرج بهَا إِلَى بلد آخر لَيْلًا يَفْسُدَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا لَمْ يقْض بِهَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا قَالَ
مَالك فِي تجار أهل تِلْكَ السعلة وَأَهْلِ سُوقِهَا كَانَ مُشْتَرِيهَا مَنْ أَهَلِ التِّجَارَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ إِذَا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَقَدْ قَضَى عُمَرٌ بِذَلِكَ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ: إِذَا سُئِلَ الشَّرِكَةَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَسَكَتَ لَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِسُكُوتِهِ وَيُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ فَسَكَتُوا وَقَالُوا أَرَدْنَا بِسُكُوتِنَا تَخْفِيضَ السِّعْرِ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ: وَمَتَى يُسْتَدَلُّ عَلَى كذبه بِكَثْرَة تِلْكَ السعلة وَأَنَّ مِثْلَهَا تُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ قُبِلَ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ دُونَ الْقِنْيَةِ الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ: لَكُمَا سَفِينَةٌ تُرِيدُ حَمْلَ مَتَاعِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِكَ مَا يَحْمِلُهُ فَلَكَ الْحَمْلُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِكِرَاءٍ وَلَوْ طَلَبَهُ بَلْ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا حَمَلْتَهُ وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْكَبُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا لُزُومُ كِرَاءٍ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ ضَاعَ الْمَالُ مِنِّي ثَمَّ قَالَ دَفَعْتُهُ لِلشَّرِيكِ ثُمَّ " قَالَ " إِنَّ مَا دَفَعْتُهُ مِنْ مَالِي بَعْدَ الضَّيَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ وَأَرَاهُ ضَامِنًا لِأَنَّ اضْطِرَابَهُ تُهْمَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ شركاؤه أَعْطَانَا ثَمَنَ مَا بِعْتَ فَقَالَ هُوَ فِي كُمِّي فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قُطِعَ مِنْ كُمِّي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ إِذَا سَأَلُوهُ فَلَمْ يُعْطِهِمْ لِأَنَّهُ فَرَّطَ
3
-
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ)
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِر: مهما قضى أَحدهمَا الْغَرِيم بَرِيء وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الَّذِي عَامَلَهُ لِأَنَّ يَدَهُمَا كَيَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إِذَا رَدَّ لَهُ مَا أَوْدَعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَلِلْبَائِعِ اتِّبَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فِي فَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنِ افْتَرَقَا
قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قَضَى أَحَدُهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَبْرَأْ من حِصَّة الآخر أَو غير عَالم بَرِيء مِنْهُمَا جَمِيعًا الثَّانِي فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَأَقَرَّ الْحَيُّ أَنَّهُمَا رَهَنَا مَتَاعًا مِنَ الشَّرِكَةِ عِنْدَ فُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَةُ الْهَالِكِ بَلْ أَوْدَعْتَهُ أَنْتَ إِيَّاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْحَيِّ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ حِصَّةُ الْمُقِرِّ رَهْنًا كَمَا إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنَ الْمَقَرِّ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّيْنِ مُوَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَكَذَلِكَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَيَلْزَمُهُمَا فِي أَمْوَالِهِمَا لِأَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُ الْمُقِرُّ حِصَّتَهُ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَأَجَازَهَا هَاهُنَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَغُرِّمَ جَمِيعَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّ الْمَتَاع رَهْنٌ فِيهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَقْدِرُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيْتًا جَازَتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَلَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي أَنْ أَحْلِفَ لِأَنَّنِي يُمْكِنُنِي أَخْذُ حَقِّي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزٌ عَلَى الشَّرِيكِ الثَّالِثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ بِيَدِهِمَا دَارٌ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ بِنِصْفِهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَالَ هِيَ بَيْننَا نِصْفَانِ أولى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلَكَ الرُّبُعُ أَوْ جَمِيعُهَا لِي فَإِن قَالَ نصفهَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ نِصْفُهَا لَهُ وَنِصْفُهَا لِلْمُقِرِّ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ قَالَ لَكَ رُبُعُهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِي حَلَفَ الْمُقِرُّ وَلَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ إِذَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ قَالَ جَمِيعُهَا لِي دُونَكُمَا فَلِلْمُقرِّ حَظُّ الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ ثُمَّ يُقَسِّمُ الشَّرِيكَانِ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَفِي صِفَةِ الْقِسْمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى أَثْلَاثًا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَاعًا لِلْمُنْكِرِ نصف النّصْف بِإِقْرَار شَرِيكه لَهُ ثمَّ يقسمان النِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا فَلِلْمُقِرِّ ثَمَنُ جَمِيعِ الدَّارِ وَالْبَاقِي لِلْمُنْكِرِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ لِفُلَانٍ وَيَدَكَ مَعِي
عَارِيَةٌ مِنْهُ أَوْ بِإِجَارَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ لَا شَيْء لفُلَان وَهِي بَيْننَا نِصْفَانِ أولي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا أَوْ هِيَ لِي دُونَكُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي جَمِيع هَذِه الأسولة (كَذَا) شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَده بَلْ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ثُمَّ يَعُودُ الْمَقَالُ فِيمَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلِ الدَّارُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَالَ إِنَّمَا لَك ربعهَا حلف يمينين يَمِينا للْمقر أَلا سيء لَهُ فِيهَا وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْمُقِرِّ لَهُ وَيكون ربعهَا للْآخر لَا تقاقهما أَنَّهُ لَهُ وَيَبْقَى رُبُعٌ يَتَحَالَفَانِ وَيُقَسِّمَانِهِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلْ جَمِيعُهَا لِي حَلَفَ أَيْضًا يَمِينًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ فِي نِصْفٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَتَى كَانَ الْمَقِرُّ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ
(
كتاب الرهون)
فِي التَّنْبِيهَاتِ: الرَّهْنُ اللُّزُومُ وَكُلُّ شَيْءٍ مَلْزُومٌ فَهُوَ رَهْنٌ وَهَذَا رَهْنٌ أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَكَ وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ وَدَامَ فَقَدْ رُهِنَ وَيُسَمَّى آخِذُ الرَّهْنِ مُرْتَهِنًا - بِكَسْرِ الْهَاءِ - وَيَنْطَلِقُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ سَبِيلُ الرَّهْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَجُوزُ رَهَنْتُهُ وَأَرْهَنْتُهُ رَهْنًا وَجَمْعُهُ رِهَانٌ كَحَبْلٍ وحبال وَيُقَال رهن - بضَمهَا - جَمْعًا لِرِهَانٍ مِثْلَ فِرَاشٍ وَفُرُشٍ وَرَهَنَ مَعْنَاهُ دَامَ وَثَبت والراهن الثَّابِت والراهن الْمَعْزُول مِنَ الْإِبِلِ وَالنَّاسِ وَأَرْهَنْتُ فِي السِّلْعَةِ غَالَيْتُ فِيهَا وَأَرْهَنْتُ فِيهَا أَيْ أَسْلَفْتُ فِيهَا وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجدوا كَانَتَا فرهان مَقْبُوضَة} وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عليه السلام اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا إِلَّا مُجَاهِدٌ مَنَعَهُ فِي الْحَضَرِ بِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُم على سفر} فَشَرَطَ السَّفَرَ وَجَوَابُهُ إِنَّمَا خَصَّصَ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ فِيهِ تَنْبِيهٌ إِنَّمَا رَهَنَ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ حَذَرًا مِنْ مُسَامَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إِبْرَائِهِمْ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الدُّيُونِ وَعَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ لَا تَخْلُو عَنْ ثَمَنِ الْخُمُورِ وَالرِّبَا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: لَمْ يَصِحَّ إِلَّا حَدِيثَانِ: هَذَا وَفِي البُخَارِيّ الرَّهْن محلوب ومركوب ويركب بِنَفَقَتِهِ
وَيُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ وَآخَرُ أَرْسَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عليه السلام: لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْأَخْذِ بِهِ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ويعارض حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَحْلُوبًا وَمَرْكُوبًا بِنَفَقَتِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّاهِنِ وَقَالَ (ح) هِيَ عُطْلٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالرَّهْنِ وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيرد عَلَيْهِ حَدِيث البُخَارِيّ: لَهُ غُنْمُهُ الْحَدِيثَ وَنَهْيُهُ عليه السلام عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ إِجْمَاعًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِ مِلْكِهِ وَقَالَ (ش) يَسْتَوْفِيهِمَا الرَّاهِنُ عِنْد نَفسه وَقَوله عليه السلام يركب بنفقتها وَيُحْلَبُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ أَوْ برضى المتراهنين وَمعنى لَا يغلق الرَّهْن لَا يَذْهَبُ هَدَرًا لِقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ زُهَيْرٌ:
(وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ
…
يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا)
أَيْ ذَهَبَ بِغَيْرِ جَبْرٍ وَفِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا تَفْسِيرُ مَالِكٍ هَذَا وَثَانِيهَا يَهْلِكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ يَضْمَنُ بِقِيمَتِه؟ قَالَ (ح) أَوْ لَا؟ قَالَهُ (ش) أَوْ يُفَرَّقُ بَين مَا يغيب عله وَغَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: مُرْسَلُ الْمُوَطَّأ مُتَّصِل من طرق ثَابِتَة وَرِوَايَته يضم الْقَافِ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ لَا يَذْهَبُ بَاطِلًا فَيَقُولُ إِنْ لَمْ آتِكَ بِالدَّيْنِ فَالرَّهْنُ لَكَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا تُجِيزُ الْعَرَبُ غَلِقَ ضَاعَ بَلْ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: لِلْمُرْتَهِنِ حَلْبُ الرَّهْنِ وَرُكُوبُهُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ لَمْ يُنْفِقِ الْمُرْتَهِنُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ عليه السلام وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ نَفَقَتُهُ وَقَالَ (ش) الْمَنَافِعُ
لِلرَّاهِنِ اتَّفَقَ أَمْ لَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ عَارِيَةَ الرَّهْنِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ لِصِحَّتِهِ أَوْلًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ شَرْطًا فَائِدَةٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَغْلَقُ الرَّهْنُ - بِفَتْحِ اللَّامِ - فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي وَغَلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ فِي الْمَصْدَرِ قَالَ الْخَطَابِيُّ أَيْ لَا يَنْغَلِقُ وَيَعْقِدُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْفَكَّ بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ انْفَكَّ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا تَنْبِيهٌ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَته} وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلَ الشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تَجِبُ فَلَا يَجِبُ وَفِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ)
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَلَا يَرْهَنُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلِلْمُكَاتَبِ والمأذون أَن يرهنا لِأَن لَهما مُطلق الصّرْف وَلَا يَرْهَنُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ تَحْقِيقًا لِلْمَصْلَحَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَا نَظَرَ الْإِمَامُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَهْنِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ وَهُوَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ: قَالَ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ: مَا لَمْ يُفْلِسْ وَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ضَرَرَ الْغُرَمَاءِ وَقَدْ دَخَلُوا عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ عَلَى ذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَتَاعَ الْيَتِيمِ فِيمَا يَبْتَاعُ لَهُ مِنْ كُسْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ كَمَا يَسْتَلِفُ لَهُ حَتَّى يَبِيعَ بَعْضَ مَتَاعِهِ وَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عُرُوضِهِ بِمَا أَسْلَفَهُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يتسلف لَهُ مَنْ غَيْرِهِ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ حَائِزٌ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ أَخْذُ رهنٍ بِالثَّمَنِ كَمَا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ إِلَّا
بِأَمْرِكَ فَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي الْبَيْعِ فَارْتَهَنَ رهنا لَك قبُوله وتضمنه إِنْ تَلَفَ وَلَكَ رَدُّهُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ آخَرٌ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ وَإِنْ تَلَفَ قَبْلَ عِلْمِكَ ضَمِنَهُ وَلَا يَشْتَرِي عَامِلُ الْقِرَاضِ بالدَّين عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَإِنِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا بِدَيْنٍ فَرَهَنَ فِيهِ الْأَوَّلُ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِنِ اشْتَرَى الثَّانِي لِنَفْسِهِ أَتَاهُ برهنٍ غَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَشْتَرِكْ عَيْنُهُ أَوْ لِلْقِرَاضِ فَلِرَبِّ الْمَالِ إِجَازَتُهُ رَهْنًا أَوْ يَرُدُّ فَيَسْقُطُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَان: إِذا ارْتهن من عِنْده فَقَامَ غُرماء الْعَبْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إِنْ ثَبَتَ تَنْبِيهٌ: وَالدَّيْنُ قدرُ مَالِ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَضَعُفَ الرَّهْنُ لِكَوْنِهِ مَالَهُ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَرْهُونُ: وَفِي الْجَوَاهِرِ: شَرْطُهُ إِمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ الدَّيْنَ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ حِكْمَةُ الرَّهْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا فَيَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَشَاعِ وَلَا يُشْتَرَطُ صِحَّةُ بَيْعِهِ فِي الْحَالِ كَالثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَخْذُ الْحَقِّ عِنْدَ الْأَجَلِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَمْتَنِعُ مَا يَفْسُدُ بِنَفْسِهِ كَالْوَرْدِ وَمَا لَا يَصح بَيْعه وَإِلَّا فيحوز قَالُوا وَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الْمَبِيعِ رَهْنًا سَوَاءٌ قُبِضَ وَرُهِنَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ عِنْدَ الشَّرْطِ لَيْسَ ملك الرَّاهِن وَلَهُم فِي الدَّين قَوْلَانِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ أَوْ هُوَ غَرَرٌ لِتَوَقُّعِ عَدَمِ الدَّفْعِ وَالْإِعْسَارِ وَمَنَعُوا رَهْنَ مَنْفَعَةِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا لِتَلَفِهَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَكَذَلِكَ فِي الدّين الْحَال لتوقع تَأْخِير الْقَضَاءِ وجوَّزوا الْأُصُولَ دُونَ الثِّمَارِ وَبِالْعَكْسِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِيهِمَا وَمَنَعَهَا (ح) لِاتِّصَالِ الثَّمَرَةِ بِمَا لَيْسَ بِرَهْنٍ وَهُوَ الْأُصُولُ فَأَشْبَهَ الْمُشَاعَ وَلِأَنَّ الْأُصُولَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكٍ وَجَوَّزُوا الْأَمَةَ دُونَ وَلَدِهَا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ وَلَا تَفْرِقَةَ وَمَنَعُوا الْمُصْحَفَ وَكُتُبَ الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْعَبْد الْمُسلم من الْكَافِر وَكَذَلِكَ الْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ مِنَ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمَسَّ مُصْحَفًا وَلَا هَذِهِ الْأُمُورُ لِتَوَقُّعِ الْفَسَادِ بِسَبَبِهَا وَمَنَعَ (ح) الْمُسْتَعَارَ قِيَاسًا على
الْبَيْعِ وَجَوَّزَهُ (ش) مَعَنَا لِأَنَّ الْمُعِيرَ أَذِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ مَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمِلْكُ وَلَا اسْتِقْرَارَ فِي الْمُعَارِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّرَفُّقُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: يَجُوزُ رَهْنُ مَا يَفْسَدُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الرَّطِبَةِ فَإِذَا خِيفَ عَلَيْهَا بِيعَتْ وَأُقِيمَ ثَمَنُهَا مَقَامَهَا
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرْهَنُ الدَّيْنُ وَحِيَازَتُهُ بِحِيَازَةِ ذُكْرِ الْحَقِّ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُكْرُ حَقٍّ فَالْجَمْعُ كَافٍ وَيُشْهِدُ لَا يَقْضِيهِ غَرِيمُهُ حَتَّى يَصِلَ الْمُرْتَهِنُ إِلَى حَقِّهِ وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ كَانَ مُتَعَدِّيًا وَيُغَرَّمُ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا وَلَا ذُكْرَ حَقٍّ كَفَى الْإِشْهَادُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَيَصِحُّ رَهْنُكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِكَ وَتَحُوزُهُ مِنْ نَفْسِكَ لِنَفْسِكَ وَلَا يَدْفَعُ إِلَيْكَ ذُكْرُ الْحَقِّ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَجْحَدَهُ وَإِنْ بِعْتَهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَأَرْهَنْتَ دَيْنًا وَأَجَلُهُمَا سَوَاءٌ جَازَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حُلُولُ الْأَخِيرِ قَبْلُ فَإِنْ وَفَّى الرَّاهِنُ وَإِلَّا بِيعَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا مِنْ سلم وَهُوَ حر لِأَنَّهُ بيع الطَّعَام قبل قَبضه فَإِن كَانَ يحل أَجله قبل وَشرط بَقَاءَهُ لِحُلُولِ الدَّيْنِ الْآخَرِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَإِنْ شَرَطَ إِيقَافَهُ عِنْدَ عَدْلٍ جَازَ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ إِخْرَاجِهِ وَإِيقَافِهِ جَازَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الْمُشَاعُ مُطْلَقًا انْقَسَمَ أَمْ لَا وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَهُ (ح) مِنَ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَمُدْرَكُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ دَوَامَ الْيَدِ هَلْ هِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا - قَالَهُ (ش) - فَلَا يَضُرُّ رُجُوعُ الْمُشْتَرِكِ لِلشَّرِيكِ أَوْ هُوَ شَرْطٌ فَهَلْ يَضُرُّ كَأَخْذِ الشَّرِيكِ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي نَوْبَتِهِ قَالَهُ (ح) أَوْ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمِيعُ إِنْ رَهَنَ عِنْدَ الشَّرِيكِ وَيَحِلُّ مَحَلَّهُ إِنْ رَهَنَ عِنْدَ غَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ فِي الْمُشَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قيل: قَوْله تَعَالَى {فرهان} نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَلَا تَعُمُّ
قلت: سُؤال صَحِيح لَكِن نَعْنِي بِالْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ الْمُشَاعِ وَغَيره إِلَّا الإشاعة وَهِيَ لَا تَصْلُحُ فَارِقًا لِتَصَوُّرِ الْقَبْضِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ أَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ الْوَضْعِيِّ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يزِيد فِي الْعين على الْحق الْمَالِكِ فَكَمَا لَا تُنَافِي الْإِشَاعَةُ الْمِلْكَ لَا تُنَافِي الرَّهْنَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُمْ وَافَقُوا عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ مِنِ اثْنَيْنِ فِي عَقْدٍ فَيَجُوزُ فِي عَقْدَيْنِ كَعَيْنَيْنِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ زَوَاجُ امْرَأَةٍ دُونَ جُزْئِهَا وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ بِدَوَامِ الْيَدِ وَالْإِشَاعَةُ تَمْنَعُ فَإِنَّ الْمُهَايَأَةَ مُسْتَحَقَّةٌ عِنْدَنَا بِالْإِجَازَةِ مِنَ الْحَاكِمِ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ بِأَنْ يَبْدَأَ صَاحِبُهَا فنزول الْيَدُ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ يَوْمًا رَهْنًا وَيَوْمًا لَا أَوْ نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فَلَا يَصِحُّ كَمَا إِذَا رَهَنَهُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَلِأَنَّ عُقُودَ الرِّفْقِ تُفْسِدُهَا الْإِشَاعَةُ كَالْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَالَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْحِلُّ وَالْإِشَاعَةُ تُنَافِيهِ وَلَا تُنَافِي التَّوَثُّقَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الرَّهْنِ لِأَنَّ زَوَاجَ امْرَأَةٍ لِرَجُلَيْنِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ رَهْنِ عَبْدٍ عِنْدَ اثْنَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْيَدَ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَنَا بِمَنْعِ الرَّاهِنِ رَهْنَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفَرْقَ تَعَذُّرُ الْبَيْعِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَقَبُولُ الْمُشَاعِ لَهُ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفرق يتَعَذَّر الْمُطَالَبَةِ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْبَيْعُ فَإِنْ قَالُوا بَلْ نَقِيسُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِنِصْفِ الْبَدَنِ قُلْنَا: تَصِحُّ الْكَفَالَةُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لَوْ تَكَفَّلَ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأِ الْآخَرُ تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْجَمِيعَ وَيَحِلُّ مَحَلَّ الرَّاهِنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَضَعَاهُ عَلَى يَدَيِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ قَاسَمَهُ الرَّاهِنُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ قَسَّمَ الْإِمَامُ عَنْهُ لِأَنَّ لَهُ الْوِلَايَةَ فِي أَمْوَالِ الْغَيْبِ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا ارْتَفَعَتْ يَدُ الرَّاهِنِ وَصَارَتْ يَدُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحَّ الْحَوْزُ وَقَالَ أَشْهَبُ: مَا يَنْتَقِلُ كَالْعَبْدِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كُلِّهِ أَوْ عَلَى يَدِ
الشَّرِيكِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَا يَنْتَقِلُ لِعُسر حَوْزِهِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ رَهْنَ الْمُشَاعِ إِلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدْعُوهُ إِلَى بَيْعِ الْجَمِيعِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ كُلُّهَا لِلرَّاهِنِ فَقِيلَ يُمْنَعُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الْجَمِيعَ أَوْ يَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ تَحْقِيقًا لِلْحَوْزِ وَقِيلَ تَكُونُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الرَّاهِنِ كَمَا يَقْبِضُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا رَهَنْتَ نَصِيبَكَ مِنَ الدَّارِ وَجَعَلْتَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ وَرَهَنَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ الرَّاهِنِ بَطَلَ رهنُهما لِرُجُوعِ أَيْدِيهِمَا عَلَى الدَّارِ وَلَوْ جَعَلَ الثَّانِي نَصِيبَهُ عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ نَصِيبُ الَّذِي بَقِيَتْ يَدُهُ عَلَى الدَّارِ وَعَلَى القَوْل الثَّانِي يتم نصِيبه لحوز أَجْنَبِي مَعَه وَعَلَى هَذَا إِذَا رَهَنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَكْرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَإِنْ بَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَلَكِنْ يُقَاسِمُهُ وَيَكُونُ مَا أَكْرَى عَلَى يَدِ الْحَائِزِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَهَنَ الدَّارَ فَأَكَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَأَكَرَاهَا الْمُكْتَرِي مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رب الدَّار فسد الرَّاء وَالرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيًّا صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ حَوْزَهُ للرَّهْن وَهُوَ مقلوب عَلَى رَدِّهِ لِيَدِ صَاحِبِهِ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ فَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ واختُلف فِي رَهْنِ مَا أُكري هَلْ تَصِحُّ حِيَازَتُهُ أَمْ لَا؟ وَفِي الْمُدَوَّنَة: إِذا شَرط الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ لَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ مَعَ أَنَّهُ مكتر لكنه فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَصِحُّ فِي عَقْدَيْنِ قَالَ صَاحب المتقى قَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ فِي المتنقل إِلَّا بِإِذن الشَّرِيك كَالثَّوْبِ وَالسَّلَف وكل مَا لَا يَنْقَسِم لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ بَيْعَ نَصِيبِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ انْتَقَضَ الرَّهْنُ فَإِنْ أُذِنَ فَلَا رُجُوعَ وَلَا بَيْعَ إِلَّا بِشَرْطِ بَقَاءِ الْجَمِيعِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَعُدَ الْأَجَل لِأَنَّهُ يقدر على تسلميه كَالثَّوْبِ الْغَائِبِ إِذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ قَالَ: وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ بِأَنْ يُفْرِدَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ يَدْعُوهُ الرَّاهِنُ إِلَى الْبَيْعِ مَعَهُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: يَجُوزُ رَهْنُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ (ش) لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى اشْتِرَاطِ الشُّهُودِ وَلَهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَجَلِ وَالثَّمَنِ بِجَامِعِ
اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَجَلَ رَاجِعٌ إِلَى الثَّمَنِ وَهُوَ رُكْنٌ وَالْجَهْلُ بِالرُّكْنِ مُفْسِدٌ وَالرَّاهِنُ أَجْنَبِيٌّ كَالشَّاهِدِ فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: يجوز تمر النّخل قبل بذوّ صَلَاحِهَا إِنْ حِيزَتْ ويتولَّى الْحَائِزُ السَّقْيَ وَالْعَمَلُ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الرَّاهِنِ كَنَفَقَةِ الدَّابَّةِ وَكُسْوَةِ الْعَبْدِ وكفنِه إِنْ مَاتَ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ النَّخْلِ مَعَهُمَا وَقَبْضُ الْأَرْضِ مَعَ الزَّرْعِ لِيَتِمَّ الْحَوْزُ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ إِلَّا الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ وَتَرَدَّدَ (ش) فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ أَوْ خِفَّةِ الْغَرَرِ لِرُجُوعِهِ للتوثُّق دُونَ الْحَقِّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ يَرْجِعُ الْغَرَرُ إِلَى نَفْسِ الْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي الْكِتَابِ: حِمْلُ الْأَمَةِ وَمَا تَلِدُهُ بَعْدُ وَنِتَاجُ الْحَيَوَانِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا فِي النَّخْلِ من تمر أُيّر أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَنْدَرِجَ لِانْدِرَاجِ الْوَلَدِ فِي البيع دون التمرة وَكَذَلِكَ غَلَّةُ الدَّوْرِ وَالْعَبِيدُ لِلرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُرْتَهِنُ وَكَذَا صُوفُ الْغَنَمِ ولبنُها إِلَّا لِحَمْلِ نَبَاتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَمَالُ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ كَالْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فَيَنْدَرِجَ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولا وَمَا وُهب للبعد كَمَا لَهُ موقوفٌ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَنْزِعَهُ سَيِّدُهُ وَوَافَقَنَا (ح) وَخَالَفَنَا (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي النَّمَاءِ المتميز وَوَافَقَ فِي السّمن احْتج بقوله صلى الله عليه وسلم َ - لَهُ غُنمه وَعَلِيهِ غُرمه الحَدِيث وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -: الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ وَمَعْنَاهُ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يحل لَهُ الِانْتِفَاع بِالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لِذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا أُضِيفَ بِاللَّامِ لِمَن يَقْبَلُ الْمِلْكَ كَانَ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارَ عَنِ الْمِلْكِ وَلِذَلِكَ قُلْتُمْ إِنَّ الزَّكَاةَ مِلْكٌ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فَيُفِيدُ الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَنَمِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ اللَّبَنَ وَالرُّكُوبَ لَا يندرجان عندنَا إِنَّمَا ينْدَرج مَا تبقى عَنهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَنَقُولُ بِهِ
وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الدَّلِيلَ دلَّ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الْعُقُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ انْتَقَلَ فِيهَا الْمِلْكُ فِي الْأَصْلِ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ وَثَمَّ عُقُودٌ لَا تُسْتَتْبَعُ لِعَدَمِ نَقْلِ الْمِلْكِ فَلَهُمُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا كَالْإِجَارَةِ وَالْجُعَالَةِ وَالْقِرَاضِ وَالرَّهْنُ لَمْ يَزُلِ الْمِلْكُ فِيهِ فَيَكُونَ قِيَاسُهُمْ أَوْلَى تَفْرِيعٌ: فِي الْكِتَابِ: لَمْ يَجْعَلِ الثَّمَرَ إِذَا حُمِلَ مَعَ الرَّهْنِ وَجَعَلَ الصُّوفَ الْكَامِلَ لِأَنَّ كَامِلَ الثَّمَرِ لِلْبَائِعِ وَكَامِلَ الصُّوفِ لِلْمُشْتَرِي والمرة تَكَوَّنَتْ بِنَفَقَةِ الْبَائِعِ وَعَمَلِهِ بِخِلَافِ الصُّوفِ وَقِيلَ يَلْحَقُ الثَّمَرُ الْيَابِسُ بِالصُّوفِ التَّامِّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الثَّمَرَ يُترك لِيَزْدَادَ طِيبًا وَالصُّوفُ كَمُلَ فَلَمَّا سَكَتَ عَنْهُ تَبِعَ فَإِذَا يَبِسَ الثَّمَرُ وسُكت عَنْهُ تَبِعَ كَسِلْعَةٍ مَعَ الرَّهْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ: لَمْ يُجِيزُوا رَهْنَ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ وَهِيَ حَامِلٌ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُؤبَّر مِنَ الثِّمَارِ وَلَا فَرْقَ وَأَجَازَ ابْنُ مُيَسِّرٍ رَهْنَ الْأَجِنَّةِ كَرَهْنِ مَا يَأْتِي مِنَ الْغَلَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَا تَلِدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيَجُوزُ رَهْنُهَا دُونَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَتُبَاعُ مَعَهُ وَهُوَ أَوْلَى بِحِصَّتِهَا وَهُوَ فِي الْفَاضِلِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ: يَجُوزُ رَهْنُ مَالِ الْعَبْدِ دُونَهُ فَيَكُونُ لَهُ مَعْلُومُهُ وَمَجْهُولُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ إِنْ قَبَضَهُ لِجَوَازِ الْغَرَرِ فِي الرَّهْنِ وَمَا وُهب للبعد لَا يَتْبَعُهُ بِخِلَافِ مَا رَبِحَهُ فِي مَالِهِ الْمُشْتَرط لِأَنَّ الْهِبَةَ مِلْكٌ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصَايَا رِبْحُ مَا عُلِمَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ دُونَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقِيلَ الْمَوْهُوبُ ل كَمَالِهِ كَمَا إِذَا بِيعَ بِالْخِيَارِ وَاشْتَرَطَ مَالَهُ انْدَرَجَ مَا وُهب لَهُ أَوْ تُصُدِّق بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصي بِهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنِ ارْتَهَنَ نَصِيبَكَ مِنْ رَقَبَةِ بير فغلة البير لَكَ أَوْ مِنَ الْمَاءِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلَهُ أَخْذُهَا مِنَ الْحَقِّ إِنْ كَانَ قَرْضًا وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ وَأَمَّا مِنْ بَيْعٍ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ إِلَى الْأَجَلِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أَنْ يُبايعك عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنَ الْمَاءِ بِجَهَالَةِ آجَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ زُرع الزَّرْعُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ غَلَّةٌ أَوْ قَبْلَهُ وَبَرَزَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَّا بِشَرْطٍ لِاسْتِقْلَالِهِ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يَبْرُزْ دَخَلَ فِي الرَّهْنِ إِنْ قَامَ بِالْبَيْعِ
قَبْلَ بُرُوزِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا بَرَزَ قَبْلَ الْبَيْعِ هَلْ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالصُّوفُ الْحَادِثُ بَعْدَ الرَّهْنِ غَلَّةٌ إِذَا جُزَّ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ ويُختلف إِذَا قَامَ بِالْبَيْعِ قَبْلَ جِزَازِهِ هَلْ هُوَ غَلَّةٌ أَوْ حِينَ يُغْسَلُ أَوْ حِينَ يُجز؟ قَالَ صَاحِبُ شَرْحِ الْجَلَّابِ: يَجُوزُ رَهْنُ الْمَجْهُولِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ عَقْدِ الْبَيْعِ لِتَرْكِ الْبَائِعِ جُزءاً مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: إِذَا كَمُلَ نَبَاتُ الصُّوفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَقَالَ أَشهب لَا كاللبن فِي الضَّرع
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ رَهْنُ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْغُلَامِ وَرَهْنُ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا وَيُبَاعُ الصَّغِيرُ مَعَهَا والمرتهِن أَوْلَى بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَرَهْنُهُ دُونَهَا وَتَكُونُ مَعَ الصَّغِيرِ عِنْدَ المرتهِن لِيُتْمَّ رَهْنَهُ وَقِيلَ لَا يُرْهَنُ حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ التَّفْرِقَةِ إِلَّا مَعَ أُمِّهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حَوْزٌ مُفْتَرَقٌ وَيَجُوزُ رَهْنُ المدَّبر ويُستوفي الدّين من خراجه وَإِن تَأَخّر الْوَفَاء على مَوْتِ السَّيِّدِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُرهن الْوَلَدُ دُونَ أُمِّهِ كَالْبَيْعِ إِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَوْزِ بِشَرْطٍ وَيُفْسَخُ الرَّهْنُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَكُرِهَ رَهْنُهُ بِشَرْطِ جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ كَأَنَّهُ مَالِكٌ لما كَانَ أحقَّ من الْغُرَمَاء أَو لَا لِأَنَّهُ لَا يُباع إِلَّا مَعَ أُمِّهِ فَلَا يَدْرِي الْمُرْتَهِنُ مَا يَخُصُّهُ فَهُوَ كَرَهَنِ الْغَرَرِ وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ فَإِن سكتا عَنِ الِاشْتِرَاطَيْنِ جُبر عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا تَفْصِيلُ مَا تَقَدَّمَ مُجملاً لِصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنْتَ مَا قِيَمَتُهُ مِائَةٌ عَلَى خَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْفَضْلَةِ لِغَيْرِكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَتَكُونُ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي فَإِنْ هَلَكَ مَا يُغاب عَلَيْهِ بَعْدَ ارْتِهَانِ الثَّانِي
ضَمِنْتَ مَبْلَغَ دَينك وَكُنْتَ أَمِينًا فِي الْبَاقِي لِأَنَّكَ وَكِيلٌ لِلثَّانِي وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ لِأَنَّ فَضْلَةَ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَصِحُّ أَلَّا يَضْمَنَ الْأَوَّلُ الْفَضْلَةَ إِذَا أَحْضَرَ الثَّوْبَ وَقْتَ ارْتِهَانِ الثَّانِي أَوْ عُلم بِالْبَيِّنَةِ وُجُودَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا ضَمِنَ الْجَمِيعَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ: ضَمَانُهُ كُلُّهُ مِنَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الثَّانِي وَغَيْرِهِ الْمَبْدَأُ عَلَيْهِ فَضَاعَ لن يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ رَهْنُ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا لِهَذَا فَضْلَةٌ إِن كَانَت وَأما لَو رهنته لِرَجُلَيْنِ فَكَانَ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنِ الَّذِي هُوَ عَلَى يَدَيْهِ إِلَّا نَصِيبَهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الثَّانِي حَتَّى يَحُوزَهُ لَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ حَازَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَحُوزُ لِغَيْرِهِ قَالَ أَصْبَغُ: لَوْ جَعَلَهُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ رَهْنُ الْفَضْلِ لِلثَّانِي وَإِنْ كَرِهَ الْأَوَّلُ إِذَا عَلِم بِذَلِكَ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ لِتَتِمَّ حِيَازَتُهُ لَهُمَا إِذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْأَوَّلِ إِذْ هُوَ مَبْدَأٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ رِضَاهُ لِيَحُوزَ لِلثَّانِي فَإِذَا لَمْ يَرْضَ لَمْ يَقَعْ حَوْزٌ وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْأَوَّلِ لِسَنَةٍ ثُمَّ رَهَنَ فَضْلَتَهُ فِي آخِرِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْدَأٌ فَحَلَّ الْآخَرُ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْآخَرُ أَجَلَ الْأَوَّلِ بِيعَ الرَّهْنُ وعُجل لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ كُلُّهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ ويُعطى الثَّانِي مَا فَضَلَ فِي دَيْنِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا إِنْ بِيعَ بِعَيْنٍ أَوْ بِمَا يُقضى بِمِثْلِهِ وَحَقُّ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ فَأَمَّا بِعَرْضٍ وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ أَوْ بِدَنَانِيرَ وَالدَّيْنُ دَرَاهِمُ أَوْ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ فَيُوضَعُ لَهُ رَهْنٌ إِلَى حُلُولِ حَقِّهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: عَلِم الْأَوَّلُ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي يَحِلُّ قَبْلَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ إِنْ بِيعَ بِمِثْلِ حَقِّهِ عُجّل لَهُ لتقدُّم حَقِّهِ وَعَنْهُ أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَيَأْبَى أَنْ يَتَعَجَّلَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي وَلَيْسَ فِيهِ فَضْلَةٌ لَمْ يَدْفَعْ إِلَّا إِلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ فضلٌ بِيعَ الْآنَ وعُجّل لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ وَأَخَذَ الثَّانِي مَا فَضَلَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَنْ رَهَنَ وَاشْتَرَطَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ مِائَةً مُبْدَأَه فَيَمُوتُ الرَّاهِنُ أَوْ يُفلس يُبدأ الْغُرَمَاءُ بِتِلْكَ الْمِائَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ هَذَا الرَّهْنُ لِمُخَالَفَتِهِ قَاعِدَةَ الرُّهُونِ بِتَبْدِئَةِ الرَّاهِنِ إِذِ الْقَاعِدَةُ تبدئُه الْمُرْتَهِنِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ وَالدَّيْنُ قَرْضٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَرْضٌ لِلنَّفْعِ أَوْ م بَيْعٍ وَشَرَطَ لِلرَّاهِنِ أَجَلًا مُعَيَّنًا جَازَ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَكُرِهَ فِي
الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إِذْ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالتَّغْيِيرِ يُمْنَعُ رَهْنُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْآبِقُ فِي البيع وَفِي كتاب الْحمالَة: إِذْ وَقَعَ فِي الْبَيْعِ حَمَالَةُ غَرَرٍ فَسَدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَدْ قِيلَ إِذَا رَهَنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فِي الْبَيْعِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ الْخَمْرُ لِلذِّمِّيِّ فَلَوْ غُفِلَ عَنْهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ فَإِنْ بَاعَ الرَّهْنَ الْمُشْتَرَطَ منفعَته وَهُوَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ قبل يضمنهُ لِأَنَّهُ رهن يُغَاب عَلَيْهِ وَقبل لَا كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهُوَ مُسْتَأْجَرٌ وَقِيلَ يَنْظُرُ مَا يَنْقُصُ بِالْإِجَارَةِ إِنْ كَانَ يَوْمًا مَثَلًا اسْتُؤْجِرَ شَهْرًا فَقِيلَ يُنْقَصُ الرُّبُعُ فَرُبُعُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَإِنْ قَامَ بِدَعْوَى الضَّيَاعِ سَقَطَ ضَمَانُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إِلَّا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الضَّيَاعَ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلتُّهْمَةِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَأَجَازَ فِي الْكِتَابِ إِجَارَةَ الْمُصْحَفِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَلَا بَعْدَ الِارْتِهَانِ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِيُؤَخِّرَ عَنْهُ دَيْنَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: لَا يبرهن مَا لَا يعرف بِعَيْنِه من طَعَام وَغَيره مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ إِلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ خَشْيَةَ انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ وَيُرَدُّ مِثْلُهُ وَلَا يُطْبَعُ عَلَى الْحُلِيِّ حَذَرًا مِنَ اللُّبْسِ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَجَوَّزَ الأيمة الْكُلَّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ يُمْتَنَعُ رَهْنُ الدَّنَانِيرِ بِغَيْرِ طَبْعٍ فَإِنْ فَعَلَ طَبَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَفْسُدُ الرَّهْنُ وَلَا الْبَيْعُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْفَسَادِ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ لَا يُطْبَعُ عَلَيْهِ وَمَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوِ اعْتُبِرَتِ التُّهْمَةُ مُطْلَقًا اطَّرَدَتْ فِي الْحلِيّ لجَوَاز لبسه فِي الْعِيد.
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يَرْهَنُ مُسْلِمٌ مِنْ ذمِّي خمرًا وَلَا خنزيراً وَقَالَ الأيمة لِأَنَّهُ
لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ فَلَسَ الذِّمِّيُّ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِبُطْلَانِ الْحَوْزِ شَرْعًا إِلَّا أَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ إِيقَافَ الْخَمْرِ بِيَدِ النَّصْرَانِيِّ أُرِيقَتْ وَلَا يَلْزَمُهُ إِخْلَافُ الرَّهْنِ لِصُدُورِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِنِ ارْتَهَنَ مُسْلِمٌ عَصِيرًا فَصَارَتْ خَمْرًا دَفَعَهَا لِلسُّلْطَانِ فَتُرَاقُ إِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا وَإِلَّا رُدَّتْ لِلذِّمِّيِّ لِأَنَّ مِلْكَهُ مَعْصُومٌ فِيهَا
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلٍ فِي الرَّهْنِ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِامْتِنَاعِ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ الْجَنِينُ دُونَهَا اتِّبَاعًا لِلْعَمَلِ بِغَيْرِ قِيَاسٍ امْتَنَعَتْ دُونَهُ بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ فِيهِمَا كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرُ دُونَ أَصْلِهَا وَأَصْلُهَا دُونَهَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: أَرْشُ جِرَاحِ الْعَبْدِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْن اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا بدل جزئه وَمَا نتقص قِيمَتِهِ كَالْمَأَمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُوَضِّحَةِ فَلِلسَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يُنْقِصَ ذَلِكَ قِيمَتَهُ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الْيَسِيرِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا بِعْتَ بَقَرَةً إِلَى شَهْرٍ وَارْتَهَنْتَ عَبْدًا عَلَى أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ غَلَّتَهُ دِرْهَمًا مِنَ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِثَمَنٍ غَرَرٍ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ إِنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُ مِنْ قَبْلِهِ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِالرَّهْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ وَيَجُوزُ فِي السَّلَفِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فَيُمْنَعَ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَإِنْ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ
3 -
(88 قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَرْتَهِنَ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَرْتَهِنَ
دَيْنًا عَلَيْكَ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِهِ.
سَلَفٌ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ وَضْعَ الدَّيْنِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ فَالْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ بَلْ يَسْتَعِيرُ لِيَرْهَنَ وَقَالَهُ (ش) فَإِنِ اسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ الْمُعَارِ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْعَيْنَ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَقَالَ أَشْهَبُ و (ش) بَلْ بِمِثْلِ مَا أُدِّيَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْعَارِيَةِ يَنْقُلُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ هَاهُنَا التَّوَثُّقُ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ فَيَضْمَنُ الدَّيْنَ وَاشْتَرَطَ (ش) عِلْمَ الْمُعِيرِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَجِنْسِهِ وَمَحَلِّهِ لِامْتِنَاعِ ضَمَانِ الْمَجْهُولِ عِنْدَهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: فَلَوْ فَضَلَتْ مِنَ الدَّيْنِ فَضْلَةٌ بَعْدَ قَضَاءِ السُّلْطَانِ بِالْبَيْعِ وَالْوَفَاءِ فَأَوْقَفَهَا فَضَاعَتْ فَمِنْ رَبِّهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إِلَّا مَا قُضِيَ عَنْهُ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ وَقَاصَّ الْمُسْتَعِيرُ الْمُرْتَهِنَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا قِيمَةَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ أَعَرْتَهُ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ هُنَا فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي رَهَنَ بِهَا رَبَّهُ تَمَسُّكًا بِأَصْلِ الْإِذْنِ وَعُمُومِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ خُصُوصُهُ وَفِي الْكِتَابِ: لَوْ كَانَ " عَبْدًا " فَأَعْتَقَهُ الْمُعِيرُ وَأَنْتَ مَلِيءٌ بَعْدَ الْعِتْقِ عَجَّلْتَ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُكَ إِلَّا تَعْجِيلُ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْكَ الْمُعِيرُ بِذَلِكَ بَعْدَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: إِذَا بِيعَتِ الْعَارِيَةُ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ ضَمِنْتَ قِيمَتَهَا يُرِيدُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا رَهَنَ فِي عَيْنِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ إِذَا أَقَرَّ لَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَامْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنَ الْحَلِفِ فَيَكُونُ رَهْنُهُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ نكل ضمن تعديه وَقَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ خَالَفَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ يَحْلِفُ الْمُعِيرُ مَا أَعْتَقَهُ لِيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَبْقَى رَهْنُهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ بِيعَ أَوْ يَفِيَ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ
الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَفْسُهُ يَعْتِقُ عَبْدُهُ بَعْدَ رَهْنِهِ بَلْ مِثْلُ مَنْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ مِلْكِ رَبِّهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ وَالْعَارِيَةُ بَاقِيَةٌ على مَالك رَبِّهَا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ أَنَّ الْمَبِيعَ رَهْنٌ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِهِ جَازَ إِلَّا فِي الْحَيَوَان لِأَنَّهُ مَبِيع يتَأَخَّر قَبْضِهِ وَالْحَيَوَانُ سَرِيعُ التَّغَيُّرِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: وَمَتَى كَانَ الْأَجَلُ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ السِّلْعَةُ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ وَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَجُوزُ فِي الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْأَمْنِ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي ذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: لَكَ أَذْهَابٌ لِآجَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَبِعْتَهُ عَلَى أَنْ يُرْهَنَ بِالثَّمَنِ وَالْأَذْهَابِ وَيَتَّحِدُ أَجَلُهَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّهُ إِنْ شَرَطَ الْحُلُولَ أَوْ أَقْرَبَ الْآجَالِ فَالْمُبْتَاعُ الْمُسَلَّفُ أَوْ أَبْعَدَهَا وَمُؤَخَّرَةٌ كُلُّهَا فَالسَّلَفُ مِنَ الْبَائِعِ وَلَوْ بَقَّاهَا عَلَى آجَالِهَا وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ إِنْ دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا أَوْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ بَعْضَ الدَّيْنِ لِيَرْهَنَ لِأَنَّكَ فِي الْبَيْعِ أَسْقَطْتَ بَعْضَ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الرَّهْنِ وَعَنْ مَالِكٍ جَمِيعُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: ابْتَاعَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ رَهْنًا بِثَمَنِهِ إِلَى أَجَلِ الثَّمَنِ امْتَنَعَ وَإِنْ جَعَلَهُ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا لَا يَدْرِي مَتَى يَقْبِضُهُ وَلَعَلَّهُ يَطُولُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْعَقَارِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يُرَاعَ مَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدِهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ رَهَنَهُ غير مَبِيع
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: إِذا أرهنت عَبْدَهُ مَيْمُونًا فَفَارَقْتَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَكَ أَخْذُهُ مَا لم
يَقُمِ الْغُرَمَاءُ فَتَكُونُ أُسْوَتَهُمْ فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَكَ مُطَالَبَتُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِأَنَّ تَرْكَكَ إِيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ كَبَيْعِكَ إِيَّاهُ وَبَيْعَكَ إِيَّاهُ مَاضٍ بِخِلَافِ لَوْ شَرَطْتَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يُجِزْهُ لَكَ نَقْضُ بَيْعِكَ وَتَرْكُهُ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَهَذَا إِذَا سَلَّمْتَ السّلْعَة الْمَبِيعَة فَإِن لن تدفعها فَبَاعَ المُشْتَرِي الرَّهْن قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَا تَكُونُ الْخِدْمَةُ رَهْنًا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ قَالَ أَشْهَبُ: سَوَاءٌ اشْتَرَطَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنِ اشْتَرَطَ عَبْدًا غَائِبًا جَازَ وَيُوقَفُ الْمَبِيعُ حَتَّى يَقْدَمَ الْعَبْدُ فَإِنْ هَلَكَ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانُ برهن مَكَانَهُ إِلَّا برضى الْبَائِعِ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بَعُدَتِ الْغَيْبَةُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ عَقَارًا أَوْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ لِأَنَّ الْبُعْدَ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ لَا يَصح وَجوز فِي العَبْد الْيَوْمَيْنِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا اسْتَحَقَّ الْمُعَيَّنُ وَاتُّهِمَ أَنَّهُ غَرَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ بِعِلْمِهِ بَيِّنَةٌ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضُ الثِّيَابِ الرَّهْنَ فَالْبَاقِي رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهِ وَبِأَجْزَائِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ حِينَئِذٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنْ ضَاعَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ نِصْفَهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى يَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ غَابَ الرَّاهِنُ وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ أَوْ عَلَى يَدِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ دُونَ نَظَرِ الْحَاكِمِ وَإِنِ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ ضَيَاعَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ ضَمِنَ نَصِيبَ الرَّاهِنِ وَضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ يَحْلِفُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ أَنا أبيع نَصِيبي فلبيع الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مَعَهُ وَلَا يُسَلَّمِ الْمُرْتَهَنَ فَيَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي يَدِهِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بِيعَ قَبْلَ الدَّيْنِ يُعَجَّلُ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ دَيْنِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِ الرَّاهِنِ بِإِيقَافِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ آخَرَ أَوْ يَقُولَ آتِي بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُخَالِفًا لِمَا بِيعَ فَلَا يُعَجَّلُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ رَهْنُ جُلُودِ السِّبَاعِ الْمُذَكَّاةِ وَبَيْعُهَا دُبِغَتْ أَمْ لَا لِذَهَابِ الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَقْذَرَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّجَاسَةِ وَمَنْعِ الْبَيْعِ بِالذَّكَاةِ وَتُمْنَعُ جُلُودُ الْمَيْتَةِ وَبَيْعُهَا لِمَا فِي الصَّحِيحِ آخِرُ مَا كَتَبَ بِهِ عليه السلام أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنَ الْمِيتَةِ بِشَيْءٍ. وَيَجُوزُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ كَزَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَجْلِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُ الزَّرْعِ أَوِ الثَّمَرِ فَحَلَّ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ عُجِّلَ مِنْ مَالِهِ وَيُسَلَّمُ الرَّهْنُ لِرَبِّهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا انْتُظِرَ وَقْتُ جَوَازِ بَيْعِ الزَّرْعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: جَوَازُ ارْتِهَانِ الْغَلَّاتِ بِخِلَافِ الْأَجِنَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ إِنْ قَبَضَهُ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّ الثَّمَنَ بِإِزَاءِ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنُ لَمْ يُبَدَّلْ بِهِ ثَمَنٌ فَلَا يَضُرُّ الْغَرَرُ فِيهِ لِعَدَمِ إِخْلَالِهِ بِالْمَالِيَّةِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْمَنْعِ وَفِي مَوْرِدِ النَّصِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَجُوزُ ارْتِهَانُ مَا تَلِدُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ أَوْ هَذِهِ الْغَنَمُ وَجَوَّزَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسِّرٍ الْأَجِنَّةَ كَالْآبِقِ وَكَرِهَهُ ابْتِدَاءً قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَعْيَانُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ مُطْلَقًا شُرِطَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَمْ لَا؛ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لِعُذْرٍ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ وَالْجَنِينِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ فِي أَصْلِ الْقَرْض وَبعد تقرره فِي الذِّمَّة فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لَا لِعُذْرٍ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَعِظَامِ الْفِيلِ وَمَا لَا يُمَلَّكُ كَالْخَمْرِ وَالسُّمِّ وَنَحْوِهِمَا فَهَذَانِ لَا يُرْهَنَانِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَمَا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ وَالْكَلْبِ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَمَنْ جَوَّزَ بَيْعَهَا جَوَّزَ رَهْنَهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَإِنْ رَهَنَ خدمَة الْمُدبر مُدَّة مَعْلُومَة يجوز بيعهَا ليواجر الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ الْمُدَّةَ جَازَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ جَمِيعِ خِدْمَتِهِ جَازَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَاخْتُلِفَ إِنْ رَهَنَ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى إِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَا
مَالَ لَهُ بَيِعَ وَكَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ لَهُ الْآنَ وَلَا يُدْرَى مَتَى يَمُوتُ السَّيِّدُ وَهَلْ يَبْقَى الْمُدَبَّرُ أَمْ لَا وَإِنْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ لِيُبَاعَ الْآنَ امْتَنَعَ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يَعُودُ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ وَتُبَاعُ لَهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ حَسَبَ مَا يَجُوزُ مَنْ بِيعِهَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ رَهَنَ دَارًا ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهَا حَبْسٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ وَقِيلَ يَكُونُ لَهُ مَا يَصِحُّ لِلرَّاهِنِ مِلْكُهُ وَهُوَ الْمَنَافِعُ الْمُحْبَسَةُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَاخْتُلِفَ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَمُنِعَ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنَ الثَّمَنِ وَأُجِيزَ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ أَرْكَانِ الْعَقْدِ وَيَجْرِي ثَالِثٌ أَنَّهُ إِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِإِسْقَاطِهَا جَازَ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ إِنْ رَهَنَهُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَضَتْ سَنَةٌ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ لَا يَكُونُ رَهْنًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيخْتَص بِهِ الرَّاهِنُ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ الْمُخَالِفِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَرْهُونُ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَهُ شَرْطَانٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الرَّهْنِ فَلَا يُرْهَنُ فِي عَيْنٍ مُشَارٍ إِلَيْهَا وَلَا مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ وَحَيْثُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مُعَيَّنٍ فَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ كَمَا وَقَعَ فِي الْعَارِيَةِ فَفَصَلَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَمَانُ الْقِيمَةِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الشَّرْطُ الثَّانِي: اللُّزُومُ أَوِ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ كَالْجُعْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَالَ (ش) يَجُوزُ فِي كُلِّ ذِي لَازِمٍ دُونَ الْمَجْهُولِ ودية الْعَاقِلَة قبل حول الْحَوْلِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ صِفَاتِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْد الْحول مِنَ الْغِنَى وَغَيْرِهِ وَدُونَ الْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ لِتَعَذُّرِ أَخذهَا من الرَّهْن وَدين الْكِتَابَة خلاف لِ (ح) لِأَنَّ عِوَضَ دَيْنِ الْكِتَابَةِ الرَّقَبَةُ وَعَمَلُ الْإِجَارَةِ لِتَوَقُّعِ الْفَسْخِ وَلَا قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الْمُقَارَنَةِ خِلَافًا لَنَا وَ (ح) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلدَّيْنِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ قَبْلَهُ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَمَنَعُهُ فِي الْأَعْيَان
كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ وَالْعَارِيَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَهُوَ رَهْنٌ قَبْلَ الْحَقِّ وَجَوَّزَهُ (ح) وَفِي التَّلْقِينِ: يَصِحُّ قَبْلَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ وَوَافَقَنَا فِي أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْقَبْضُ لَزِمَ وَصَارَ رَهْنًا بِذَلِكَ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَحَقَّقُ رَهْنٌ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ (ش) لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْقَوْلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَنَا وَعِنْدَ (ش) اتِّصَالُ الْقَبْضِ بِمَا اشْتَرَطَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا يُصَيِّرُهُ رَهْنًا لِفَسَادِ الْأَصْلِ عِنْدَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا خَالَفَنَا فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ بالْقَوْل فعندنا يلْزم التَّسْلِيم فِي هَذِه الصُّور كُلِّهَا وَيُقْضَى بِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا لَنَا: قَوْله تَعَالَى {رهان مَقْبُوضَة} وَلَمْ يُفَرِّقْ لَا يُقَالُ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْآيَة {إِذا تداينتم بدين} فَمَا صَرَّحَ بِمَشْرُوعِيَّةِ الرَّهْنِ إِلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الدَّيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّفَرِ وَعَدَمِ الْكَاتِبِ وَقَدْ سَقَطَا عَنِ الِاعْتِبَارِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ الدَّيْنِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا وَالْجَامِعُ أَنَّ الْكُلَّ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إِجْمَاعًا وَيَتَأَكَّدُ بِقَوْلِهِ عليه السلام الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ قِيلَ: يَصِحُّ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَصِحُّ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ رَهَنْتُكَ فَعَلِمْنَا اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي قَبُولِ التَّعْلِيقِ قُلْنَا: لَا يَقْبَلُ الطَّلَاقُ عِنْدَنَا هَذَا التَّعْلِيقَ بَلْ يَتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ أَصْحَابِنَا مُقْتَضَى أُصُولِنَا صِحَّةُ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ فِي الرَّهْنِ فَلَا شَيْءَ مِمَّا ذَكَرْتُمُوهُ أَوْ نَقُولُ عَقْدٌ فَيَلْزَمُ مَعَ تَعْلِيقِهِ عَلَى الشَّرْطِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ وَتَعَذُّرُهُ مُسْتَقْبَلٌ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ آخَرٍ وَهُوَ أَصْلُ الْمُعَامَلَةِ إِلْحَاقًا لِأَحَدِ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ بِالْآخَرِ أَوْ نَقُولُ: لَوْ قَالَ
أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ دَرَكُهُ وَإِنْ جَاءَ مَتَاعِي غَدًا فَاقْبِضْهُ صَحَّ إِجْمَاعًا مَعَ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ اتِّفَاقًا فَيَجُوزُ هَاهُنَا كَمَا صَحَّ فِي ضَمَانِ الدَّرْكِ أَوَّلًا وَفِي الْوَدِيعَةِ ثَانِيًا أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا شَرَطَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا ضَمِنَ نَفَقَةَ زَوْجَةِ ابْنِهِ عَشْرَ سِنِين وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ على مَا تَقَدُّمِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ بِجَامِعِ التَّبَعِيَّةِ للحق وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ الْمُشَاهَدَةُ وَحُصُولُ الْعِلْمِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ قَبْلَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَقْصُودُ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَهُوَ حَاصِلٌ إِذَا تَقَدَّمَ الْحَقُّ وَيَنْتَقِضُ بِضَمَانِ الدَّرَكِ الْمُتَقَدَّمِ وَبِالْوَدِيعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَغَيْرِهَا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب يجوز قي دَمِ الْخَطَأِ إِنْ عَلِمَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدِّيَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَحْدَهُ امْتَنَعَ وَلَهُ رَدُّ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا رَضِيَ بِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِنِ ارْتَهَنْتَ دَابَّةً عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةً عَلَيْكَ لَمْ تَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَإِنْ رَهَنْتَهُ بِهَا رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ ضَاعَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَيَجُوزُ بالعارية الَّتِي يُغَاب عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَضْمُونَة
3 -
(95
قَالَ إِن دعيت دينا فأعطاك بِهِ رهنا)
قَالَ إِنِ ادَّعَيْتَ دَيْنًا فَأَعْطَاكَ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ عِنْدَكَ ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاكَ أَوْ أَنَّهُ قَضَاكَ ضَمِنْتَ الرَّهْنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَاهُ دَنَانِيرَ حَتَّى يُصَارِفَهُ بِهَا فَضَاعَتْ وَكَذَلِكَ مَا عَمِلَهُ الصُّنَّاعُ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ ضَمِنَهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ وَقَعَ فِي الصَّرْفِ رَهْنٌ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ جهلا أَو أَخذ رهنا بالقراض لِأَن كُلَّهُ مَمْنُوعٌ فَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَى الْأَمَانَةِ بِخِلَافِ إِعْطَائِكَ رَهْنًا لَهُ بِكُلِّ مَا أَقْرَضَ
فُلَانًا قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ أَشْهَبُ فِي عَارِيَةِ الدَّابَّةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَهُ الْكِرَاءُ وَكَأَنَّهُ آجَرَهُ إِيَّاهَا عَلَى أَنَّهَا إِنْ هَلَكَتْ ضَمَّنَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَالَ إِذَا تَصَادَقْتُمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ تَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ قَالَ: فَانْظُرْ لَوْ كَانَ قَدْ نَسِيَ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي رَهْنِ الصَّرْفِ جَهْلًا هُوَ رَهْنٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ وَمَا زَادَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ورهنك بِمَا يُقْرِضُ فُلَانٌ قِيلَ يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا دَايَنْتَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَلَا يُرَاعِي مَا يُشَبَّهُ أَنْ يُدَايَنَ بِهِ بِخِلَافِ حَمَالَتِكَ بِمَا يُدَايِنُهُ لِأَنَّكَ لَمَّا أَعْطَيْتَ رَهْنًا بَيَّنْتَ لَهُ الْمِقْدَارَ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بِجَمِيعِ الصَدَاق قبل لبِنَاء لِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ الصَّدَاقَ كُلَّهُ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَقِيَ الْجَمِيعُ رَهْنًا بِالنِّصْفِ كَمَنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ وُهِبَ لَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَجُوزُ أَخْذُ دَيْنٍ عَلَى الرَّهْنِ وَيَصِيرُ رَهْنًا بِهِمَا وَمَنَعَ (ح) وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ السُّؤَالُ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ الْقِيَاسُ عَلَى الْحَمَالَةِ وَالشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِلْمٌ وَالْعِلْمُ لَا يَجِبُ حَصْرَ مُتَعَلِّقِهِ وَالْكَفَالَةُ ذِمَّةٌ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَالتَّعَلُّقِ فِي الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَسَعُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ غَيْرَهَا ثُمَّ إِذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ ذِمَّةُ الرَّاهِنِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يَقْبَلُ النُّقْصَانَ بِبَقَائِهِ مَرْهُونًا عَلَى بَقِيَّةِ الْحَقِّ بَعْدَ قَضَاءِ الْأَكْثَرِ فَيَقْبَلُ الزِّيَادَةَ قِيَاسًا عَلَى النُّقْصَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الرَّهْنَ وَجَمِيعَ أَجْزَائِهِ تَعَلَّقَ بِهِ الْحَقُّ بِدَلِيلِ لَوْ أَوْفَى أَكْثَرَ الْحَقِّ بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِبَقِيَّتِهِ وَلَوْ قَلَّ وَلَوْ تَلِفَ أَكْثَرُ الرَّهْنِ بَقِيَتْ بَقِيَّتُهُ مَرْهُونَة بحملة الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ وَأَجْزَاؤُهُ مَشْغُولَةً بِجُمْلَةِ الْحَقِّ اسْتَحَالَ أَنْ يَشْغَلَهُ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ
عَقْدٌ لَا يَجُوزُ مَعَ غَيْرِ الْعَاقِدِ فَلَا يَجُوزُ مَعَ الْعَاقِدِ كَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ تَابِعٌ للحق فَلَا يكون تَابعا لحق آخَرَ كَحَقِّ الدَّارِ مِنَ الطَّرِيقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْعَبْدِ إِذَا جَنَى ثُمَّ جني فَإِنَّهُ يصبر مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنِ اشْتَغَلَ هُوَ وَأَجْزَاؤُهُ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْإِبَاحَةُ وَضَبْطُ النَّسَبِ وَلَا ضَبْطَ مَعَ الشَّرِكَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ تَابِعٌ أَضْعَفُ مِنَ الْمَتْبُوعِ فَيَصِيرُ تَابِعًا لِمَتْبُوعٍ آخَرَ كَمَا إِذَا تَجَدَّدَ حَوْلَ الدَّارِ دُورٌ أُخَرُ فَإِنَّ الطَّرِيقَ يَصِيرُ حَقًّا لِلْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ بِحَقٍّ وَأَخَذْتَ مِنْهُ رَهْنًا جَازَ لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَى حَقٍّ لَكَ عَلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا رَهَنَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا سَأَلْتَهُ تَأْخِيرَ دَيْنِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ شَهْرًا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا امْتنع وَسَقَطت لحمالة وَيُرَدُّ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ حَرَامٌ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يُعْطِيكَ أَجْنَبِيٌّ رَهْنًا بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِكَ لِامْتِنَاع الْحِوَالَة بِهَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَجُوزُ بِدَيْنَيْنِ لَكُمَا مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَ الْآخَرُ وَيَأْخُذَ رَهْنًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِنَفْعٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَا مَعًا بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَكُمَا لِجَوَازِ أَخْذِ الرَّهْنِ ابْتِدَاءً عَنِ الْقَرْضِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا أَقْرَضْتَهُ مِائَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِهَا وَبِالْأَوْلَى يَمْتَنِعُ وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْأَخِيرِ عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْفَسَادِ وَقِيلَ: بَلْ نِصْفُهُ بِالْمِائَةِ الْأَخِيرَةِ وَتَبْطُلُ حِصَّته الْأُخَر كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَةَ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجَازَ أَشْهَبُ أَسْقِطْ عَنِّي بَعْضَ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ رَهْنًا أَوْ أَبِيعَكَ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَبِثَمَنِ السِّلْعَةِ الْأُولَى رَهْنًا وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَجَازَ مُحَمَّدٌ زِدْنِي فِي الْأَجَلِ وَأَزِيدُكَ رَهْنًا إِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ يُوَفِّي الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ فِي أصلة الْمَسْأَلَةِ حَالًّا جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا لِتَمَكُّنِهُ مِنْ قَبْضِ الْحَالِّ فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ الْآنَ على أَن أعطَاهُ وَثِيقَة نَظَائِر قَالَ: يَجُوزُ الرَّهْنُ إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: الصَّرْفِ وراس مَال السّلم الدِّمَاء الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَالْحُدُودِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَعَيَّنُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بَلْ كُلُّ مَا يُشَارِكُهُمَا فِي الدَّلَالَةِ وَقَالَ (ش) لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الْفَوْرِ لَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعُقُودِ إِنَّمَا هُوَ الرضى فَمَا دلّ عَلَيْهِ كف وَفِي هَذَا الرُّكْنِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ شَرْطٍ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ يُقْبَضَ لَا يَقْدَحُ لِاسْتِلْزَامِ الْعَقْدِ لَهُ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَأَمَّا مَا يُنَاقِضُ كَقَوْلِهِ بشترط عَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ لَا يُبَاعُ فَهُوَ مُفْسِدٌ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ ثَمَرَةَ الشَّجَرِ رَهْنٌ صَحَّ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ لِمُقْتَضَى الرَّهْنِ
الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ الرَّهْنَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ فَظَنَّ لُزُومَ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَوَفَّاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَرَاءَتُهُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا رَهَنْتَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ انْدَرَجَ وَبِالْعَكْسِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ بِخِلَافِ الثِّمَارِ مَعَ الْأَشْجَارِ ارْتُهِنَتْ يَوْمَ أَزْهَتْ أَمْ لَا أُبِّرَتْ أَمْ لَا إِلَّا بِشَرْطٍ بِخِلَافِ الْجَنِينِ يَنْدَرِجُ حَصَلَ يَوْمَ الرَّهْنِ الْحَمْلُ بِهِ أم لَا
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَبْضِ)
وَفِي الْجَوَاهِرِ: فِي الْأَعْيَانِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا كَالْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَفِي الدَّيْنِ بِتَسْلِيمِ ذُكر الْحَقِّ وَالْإِشْهَاد وَالْجمع بَين العزيمين وَالْجَمْعِ فَقَطْ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذُكر حَقٍّ وَتقدم إِلَه بِحَضْرَةِ الْبَيِّنَةِ أَلَّا يُعْطِيَهِ إِيَّاهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَقِّهِ الْمُرْتَهَنِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ قَابِضٌ لَهُ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة} فَشُرِطَ فِي وَصْفِ كَوْنِهِ رَهْنًا الْقَبْضُ لِأَنَّ الصِّفَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الشَّرْطِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: الْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ وَصِحَّتِهِ وَلَا فِي لُزُومِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ وَيَلْزَمُ ثُمَّ يُطَالَبُ المُرتهن بِالْإِقْبَاضِ ويُجبر الرَّاهِنُ عَلَيْهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِقْرَارِ الْوَثِيقَةِ لِيَكُونَ أَوْلَى من الْغُرَمَاء فِي الْفلس الْمَوْت كَمَا يَتَأَخَّرُ اللُّزُومُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَيَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِي الشَّهَادَةِ وَتَتَوَقَّفُ ثَمَرَتُهَا عَلَى الْعَدَالَةِ وَقَالَ (ش)(ح) لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَلَهُ أَنْ لَا يسلِّم قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَزِمَ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ش) الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ فِي الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَإِنْ أجَّر الدَّارَ مُدَّةً دُونَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا يَبْطُلُ لِإِمْكَانِ بيعهَا لنا: قَوْله تَعَالَى {فرهان مَقْبُوضَة} فَجَعَلَ الْقَبْضَ صِفَةً لِلرَّهْنِ وَالصِّفَةُ غَيْرُ
الْمَوْصُوفِ وَلَيْسَتْ صِفَةً لَازِمَةً وَإِلَّا لَما صَحَّ قَوْلُهُ أَرْهَنُكَ هَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إِلَيْهِ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالْقَبْضِ لقَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ فَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِهِ كَالْقَرْضِ وَلَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ كَالْوَصِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْمَوْتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ بَلِ الْقَرَاض يلْزم بالْقَوْل وَعَن الثَّانِي الْقلب فَنَقُول لايشترط فِيهِ الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ تَرَاخَى فِي طَلَبِ الْقَبْضِ حَتَّى مَاتَ أَوْ فَلَسَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ المُجد فِي الطَّلَبِ إِلَى حينئذٍ وَلَوْ عَجَزَ كالهبات وَظَاهر الْكتاب هُوَ كَغَيْر المُجد لإِطْلَاق القَوْل من غير تَفْضِيل وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجد بَعْدَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ بِيَدِ أَمِين أَو الْمُرْتَهن قَالَ عبد الْمَالِك: لَا يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِحَوْزِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ الْقَبْضِ بِعَدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَعَانِيه الْحَوْز لهَذَا الإرهان وَلَا يُفسخ عقد الإرهان بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا جُنُونِهِمَا وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ كَالرَّهْنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَإِمْضَاءِ الْخِيَارِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْمَالَ فَيَرِثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَكُلُّ مَا يَرْجِعُ إِلَى النَّفْسِ وَالرَّأْيِ وَالْمَلَاذِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَا يَرث النَّفس كاللعان وَالْإِيلَاء وَخيَار من اشْتَرَطَ خِيَارَهُ لِأَنَّهُ رَأْيُهُ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ: الرَّهْنُ وَالْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ والعُمرى وَالْعَطِيَّةُ وَالنُّحْلُ وَالْعَرِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْإِسْكَانُ وَالْعَارِيَةُ وَالْإِرْفَاقُ والعِدة وَالْإِخْدَامُ وَالصِّلَةُ وَالْحِبَاءُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ الْوَضْعُ عَلَى يَدِ الثَّالِث يَتَوَكَّلُ وَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ لتعدَّيه وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَلَبُ التَّحْوِيلِ إِلَى عَدْلٍ آخَرَ صَوْنًا لَهُ عَنِ الضَّيَاعِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَدْلَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَجْعَلُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ ببيِّن بَلْ يقدِّم قَوْلُ الرَّاهِنِ إِذَا دَعَا إِلَى ثِقَةٍ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَهُوَ أَنْظَرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ عدلٍ وَقَالَ الْآخَرُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قُدم طَالِبُ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَأَبْعَدُ عَنِ التُّهَمِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَسَكَنَ بَطَلَ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ إِنْ لم يقم الْمُرْتَهِنُ بِقَبْضِ حِصَّةِ الرَّاهِنِ مِنَ الدَّارِ وَيُقَاسِمُهُ وَلَا يمْنَع الشَّرِيكَ مِنْ كِرَاءِ نَصِيبِهِ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَكِنْ تُقَسَّمُ الدَّارُ فَيَحُوزُ الْمُرْتَهِنُ رَهنه ويُكري الشَّرِيك نصِيبه قَالَ التّونسِيّ عَن ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ارْتَهَنَ دَارًا فَأَكْرَاهَا مِنْ رجل بِإِذن الرَّاهِن فأكراها الْمُرْتَهن مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رَبِّ الدَّارِ فَالْكِرَاءُ فاسدٌ وَفَسَدَ الرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيًّا جَازَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ حَوْزُهُ لِلرَّهْنِ ثُمَّ غُلب عَلَى رَدِّهِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ يَنْتَقِضِ الْحَوْزُ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ وَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ وَاخْتُلِفَ فِي رَهْنِ مَا أُكْرِيَ هَلْ تَصِحُّ حِيَازَتُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اشْتِرَاطِ الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ أَنَّهُ حوزٌ وَهُوَ مُرْتَهَنٌ مُكترى إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِذَا جَوَّزَ الْكِرَاءَ وَالرَّهْنَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَيَصِحُّ الْحَوْزُ فَيَصِحُّ مَا تَقَدَّمَ الْكِرَاءُ الرَّهْنَ كَمَا أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِبَةَ مَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْخِدْمَةُ وَأَجَازَ الْإِخْدَامَ وَالْهِبَةَ وَالرَّقَبَةَ فِي مُدَّة وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتِمُّ حَوْزُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَمَّا كَانَ المتصدَّق يَأْخُذُ كِرَاءَهَا فَكَانَتْ يَدُهُ بَاقِيَةً وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَلَّا يَتِمَّ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِذَا سَاقَى حَائِطًا ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلِ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِ بِهِ فَإِنْ جَعَلَاهُ عَلَى يَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أجيرٍ لَهُ فِي
الْحَائِط فَلَيْسَ برهن قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ يَجْعَلُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا آخَرَ لِبَقَاءِ يَدِ الْمُسَاقِي وَيُقْضَى بِكَوْنِهِ لِلرَّاهِنِ لِعَمَلِ الْمُسَاقِي بِجُزْئِهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا اكْتَرَى دَارًا سَنَةً وَأَخَذَ حَائِطًا مُسَاقَاةً فَرَهَنَهُ قَبْلَ وَفَاءِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ مُحَازًا لِحَوْزِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالسَّقْيِ بِخِلَافِ ارْتِهَانِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْفَضْلَةَ مَحُوزَةٌ عَنْ صَاحِبِهَا فَلَمْ يحز هَاهُنَا مَا تَقَدَّمَ سِقَاءً وَلَا كِرَاءً بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ رهنُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ الْأَشْبَه وحوّز رَهْنَ نِصْفِ الدَّارِ وَهِيَ " لَهُ " كُلُّهَا وَيَقُومُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الرَّاهِنِ أَوْ يَضَعَانِهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَده قيِّماَ لَهُ مثل عَبده وأجيره وَلَوْ رَهَنَ الْجَمِيعَ جَازَ وضعُه عَلَى يَدِ الآخر لِأَن الْمُرْتَهن القيا بِجَمِيعِهِ وَصَارَ قيِّمه حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدُهُ يَدُ السَّيِّدِ وَيَدُ القيِّم الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَبْقَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ شَيْءٌ وَإِذَا رَهَنَ النِّصْفَ بَقِيَتْ يَدُ الْقَيِّمِ عَلَى النِّصْفِ لِلرَّاهِنِ فَهُوَ كَمَنِ ارْتَهَنَ نِصْفَ دَارٍ وَبَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْقَيِّمَ هَاهُنَا حائزٌ لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ دَارًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَاهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ لِزَوَالِ يَدِ الرَّاهِنِ وَإِذَا وَضَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ ابْنِ الرَّاهِنِ عَلَى يَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَالِابْنُ مُبَايِنٌ لَهُ لَمْ يَفْسُدِ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير واختُلف إِذْ سلف من امْرَأَته ورهنها جَارِيَة لَهُ جعله أَصْبَغُ حَوْزًا وَكُلُّ مَا فِي بَيْتِهَا مَا خَلَا رَقَبَةَ الدَّارِ إِذَا ارْتَهَنَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَوْزًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِخِلَافِ صَدَقَتِهَا هِيَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَتَسْكُنُ فِيهَا مَعَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّارِ وَالْخَادِمِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَجَمِيعُ مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ رَهْنِهِ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَذَلِكَ حَوْزٌ وَعَلَيْهِ إخدامُها كَمَا عَلَيْهِ إِسْكَانُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد: إِذا ارْتهن نصف دَار فَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ شَرِيكٍ ثُمَّ ارْتَهَنَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ فَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بَطَلَ رَهْنُ جَمِيعِ الدَّارِ لِرُجُوعِهَا كَمَا كَانَتْ بِيَدِ صَاحِبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَهَنَهَا خَادِمًا فِي صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَحَازَتْهَا شَهْرًا ثُمَّ بَنى بِهَا فَخَدَمَتْهُمَا خَرَجَتْ من
الرَّهْنِ بِخِدْمَتِهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا ابْتُدِئَ فِي الرَّهْنِ لَا يَكُونُ حَوْزًا يَخْرُجُ عَنِ الْحَوْزِ وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ إِذَا طَالَ الْحَوْزُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ فِي الْحَقِّ فَإِذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ بَطَلَ حَقُّهُ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ لِمَلِكِهِ وَحَوْزِهِ وَالْمِلْكُ مُنْتَقِلٌ فِي أُولَئِكَ فَلَا يَضُرُّ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا حُزْتَ سَنَةً ثُمَّ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ غَيْرَكَ ارْتَهَنَهُ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِيَدِ الْأَوَّلِ قُدمت حِيَازَتُهُ وَمَا فَضَلَ لَكَ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا حُزتَ الْحَائِطَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ فَأَخَذَهُ رَبُّهُ مُسَاقَاةً مِنَ الْأَمِينِ ضَعُفَ الرَّهْنُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْهُ وَيَحُوزُ مَا فَاتَهُ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَمِينُ مُسَاقَاةً إِلَّا بِإِذْنِكُمَا
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ التُّونِسِيُّ: لَا يَنْفَعُ إِقْرَارُ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بِأَنَّ الرَّهْنَ حِيزَ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ حَوْزَهُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ وُجد فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ مَا نَفَعَ ذَلِكَ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَأَكَرَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ لِلرَّاهِنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: صوابُه أَنَّ الِابْنَ لَا مِيرَاثَ لَهُ فِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ التَّرِكَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَقَدْ أَكْرَيْتَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الدَّيْنَ اسْتَغْرَقَهُ فَلَا مِيرَاثَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِن أَو أفلس فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الرَّهْنِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ ابْنِ صَاحِبِ الرَّهْنِ إِذَا كَانَ
فِي عِيَالِهِ وَلَا امْرَأَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُفسخ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَخِ وَكَذَلِكَ امْرَأَتُهُ الْبَائِنَةُ عَنْهُ فِي دَارِهَا وَحَوْزِهَا قَالَ: عَبْدُ الرَّاهِنِ الْمَأْذُونُ وَغَيْرُهُ حَوْزٌ بَاطِلٌ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْمُنْتَقَى: إِذا رهن بَيْتا من دَار وَنِصْفهَا مشَاعا فَالْغَلْقُ عَلَى الْبَيْتِ حِيَازَةً لَهُ وَلِنِصْفِ الدَّارِ والكراء يشْتَمل الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَيْتَ مُعْظَمُ الرَّهْنِ أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ حِيَازَةِ الْمُشَاعِ مَعَ غَيْرِ الرَّاهِنِ بِأَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ الدَّارِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَلَوْ حَازَ الدَّارَ وَفِيهَا طَرِيقٌ يَمُرُّ فِيهَا الرَّاهِنُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ حَقُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم فراعى الْبيُوت دون المساحة وَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ فِي عَبْدٍ ارْتَهَنْتَهُ أَنَا آخُذُهُ عِنْدِي وَأَضْمَنُهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَأُعْطِيكَ حَقَّكَ عِنْدَ الْأَجَلِ فأخَّره الْحَمِيلُ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ للحميل بَيْعه عِنْد الْأَجَل لبطلانه بِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيُغَرَّمُ الْحَمِيلُ الدَّيْنَ وَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ أَخَّرَ الْعَبْدَ أَيَّامًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِأَخْذِهِ لِأَنَّهُ يُعذر بِشُغْلٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَوْزِ أَمَّا إِذَا طَالَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَلَا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنَ الْإِقْبَاضِ خُيِّر الْبَائِعُ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ وَقَالَهُ (ش) لِفَوَاتِ مَا رَضِيَ لِأَجْلِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: يُعْطَى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ الدَّوْرُ وَالثِّيَابُ وَالْحُلِيُّ لِصِدْقِ الْمُسَمَّى وَلَا يُلزَم الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْكُلْفَةِ وَمَتَى تنَازعا فِيمَا يُغاب عَلَيْهِ أوما لَا يُغاب عَلَيْهِ لَزِمَ الْقَبُولُ لِصِدْقِ المسمَّى
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: لَوْ رَهَنَهُ دَارَيْنِ فَأَقْبَضَهُ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ رَهْنًا بِجَمِيعِ
الْحَقِّ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) بِنِصْفِ الْحَقِّ قِيَاسًا عَلَى قَبْضِ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لِمُنَاسَبَةِ التَّوَثُّقِ لِذَلِكَ الْمَقْصُودِ وَمَقْصُودُ الْبَيْعِ الْمَالِيَّةُ وَنِسْبَتُهَا فِي التَّوْزِيعِ بِدَلِيلِ لَوْ وَفَّاهُ الحقَّ إِلَّا دِرْهَمًا بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الضَّامِنَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْحَيِّ بِجَمِيعِ الْحَقِّ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا رَهَنَ نَصِيبُهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِئْجَارُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنَ الدَّارِ إِلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِيَتَحَقَّقَ الْحَوْزُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ قَدْ حِزْتُ الرَّهْنَ لَكَ فعامِله فدَفعتَ بِقَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ: ضمن مَا أردتَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا لِغُرُورِهِ لَكَ بِعَدَمِ الْحَوْزِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا وَقَعَ مَا يُبْطِلُ الْحِيَازَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقِيَامُ بِرَدِّ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ قِيَامِ غُرَمَاءَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْعَارِيَةِ غَيْرِ الْمُؤَجَّلَةِ فَلَيْسَ لَهُ الِارْتِجَاعُ إِلَّا أَن يعيره على ذَلِك أما الموجلة فَلهُ أَخذهَا بعد الْأَجَل كالإجازة وَعَن ابْن الْقَاسِم تبطل الْإِجَارَة إِذَا عَلِمَ بِهَا وَتَرَكَ الْفَسْخَ وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ ثُمَّ قَامَ يَقْبِضُهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ حَقُّ الرَّاهِنِ فَإِذَا رَدَّهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ فَلَا رُجُوعَ وَمَتَى فَاتَ بِالْعِتْقِ أَو حبس وَنَحْوه أَو يحوزه وَالرَّاهِنُ مُعْدَمٌ رُدّ لِعَدَمِهِ وَلَا يُرّد الْبَيْعُ وَلَا يعجل من ثمنه الَّذين وَلَا يوضع لَهُ الثّمن لِأَن قَدْ رَدَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهن
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ)
قَالَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا نِصْفَهُ كَالْمُعْطِي لِغَرِيمِهِ دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ لَهُ عَلَيْهِ وَيَرُدَّ الْبَاقِيَ فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ ضَمِنَ النِّصْفَ وَهُوَ أَمِينٌ فِي الْبَاقِي وَلَا يحلف إِلَّا أَن يُتهم
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذْ استُحق نِصْفَ الدَّارِ أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الثَّوْبِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِتَنَاوُلِ عَقْدِ الرَّهْنِ الرَّهْنَ وَأَجْزَاءَهُ كَتَنَاوُلِ الْإِيدَاعِ وَالْغَصْب وَالْعَارِية بِالْجُمْلَةِ وَالْأَجْزَاءِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ بَاعَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهن مَعَهُ وَلَا يُسَلِّمُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَكِنْ يُبَاعُ وَهُوَ بِيَدِهِ فَتَصِيرُ حِصَّةُ الرَّاهِنِ مِنَ الثَّمَنِ رَهْنًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَوْ بِيَدِ مَنْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بَيْدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ ثَوْبٌ ثُمَّ ضَاعَ لَمْ يَضْمَنِ الْمُرْتَهِنُ إِلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِين الْمُسْتَحق وَلَو وضع الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن عَلَى يَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ وَبَقِيَ دِينُهُ بِحَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يراعَى فِي اسْتِحْقَاقِ الرَّهْنِ هَلْ مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ؟ وَهَلِ الْمُسْتَحَقُّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَو بعده؟ هَل غير الْمُرْتَهِنَ أَمْ لَا؟ فَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إِذَا أَتَى الرَّاهِنُ بَرْهَنٍ وَرَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى استُحق أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ وَإِنِ استُحق بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ إِخْلَافُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ كَمَوْتِهِ وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْغَرَرُ فِي
الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ مُعيَّناً وَاسْتُحِقَّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَتِهِ فِي إِمْضَائِهَا بِغَيْرِ رَهْنٍ وَرَدِّهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا فَائِتَةً سَوَاءٌ أَتَى بِرَهْنٍ آخَرَ أَمْ لَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنْ تَطَوَّعَ بِرَهْنٍ أُجبر عَلَى قَبُولِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ عَلَى سِلْعَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ مالكٍ لَا مَقَالَ لَهُ فِي سِلْعَتِهِ وَلَا قِيمَتِهَا إِنْ فَاتَتْ وَلَا رَهْنٌ وَلَا غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ: إِنْ تَعدَّى الرَّاهِنُ فَبَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مقَالا للْمُرْتَهن وَإِذا سقط مقَال فِي الْبَيْعِ فَأَوْلَى فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنِ استُحق بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا مَقَالَ لَهُ إِذَا لَمْ يغًّيره وَإِلَّا اسْتَوَى قَبْلُ وَبَعْدُ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجبَر الرَّاهِنُ عَلَى خَلَف وَلِلْمُرْتَهِنِ مقالٌ فِي إِمْضَاءِ سِلْعَتِهِ وَرَدِّهَا وَأَلْزَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْخُلْفَ وخيَّره مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخْلَفَ أُجبر الْآخَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ عَادَ مَقَالُهُ فِي سِلْعَتِهِ وَأَلْزَمَهُ سَحْنُونٌ تَعْجِيلَ الْحَقِّ وَرَأَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَالِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ مُخَالِفٌ لِلْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْتَ طَرَأَ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ نَقْصٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ وَمَتَى غَرَّهُ خُيِّر بَيْنَ إِجْبَارِهِ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ يَكُونُ مَقَالُهُ فِي سِلْعَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُفيت السِّلْعَةَ فَالْمَشْهُورُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُفيتها إِلَّا الْعُيُوبُ الْمُفْسِدَةُ وَيَلْزَمُهُ إِنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ إِحْدَاهُمَا أَنْ لَا يُفيت الْأُخْرَى إِلَّا الْعُيُوبُ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَقْوَى مِنَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: مَا وَقَعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَضَمَانُهُ مِنَ الرَّاهِنِ وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ مِنْ ربعٍ أَوْ حَيَوَانٍ لَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ وَيُصَدَّقُ فِي هَلَاكِهِ وَعَطَبِهِ وَإِبَاقِهِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبٍ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَضْمَنُهُ بِالْقَبْضِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بتعدِّي أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنَ الرَّاهِنِ وَلَهُ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي بِالْقِيمَةِ وَمَتَى أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةً أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِلَّا جُعلت الْقِيمَةُ رَهْنًا فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ زِمْنِينَ: يَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ ضَاعَ بِغَيْرِ دُلْسَةٍ دَلَّسَهَا فِيهِ وَمَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ مُنْذُ ضَاعَ وَوُجِّهَ يَمِينه مَعَ ضَمَانه فَإِن كَانَ
الْغرم الْيَمِينَ اتِّهَامَهُ عَلَى الرَّغْبَةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ بعض شيوخيا الْمُدَوَّنَةَ وَقَالَ الْعُتْبِيُّ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُضَمَّنُ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْغُرْمِ وَالْحَلِفِ كَالدُّيُونِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ أَخْبَرَنِي صادقٌ بِكَذِبِهِ وَأَنه عِنْده وَمَا لايغاب عَلَيْهِ فَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ الْمُودَعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَقِيلَ كَالْمُودَعِ تَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَعْلُومَةُ وَقِيلَ يَحْلِفُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ مَا فَرَّطْتُ وَلَا ضَيَّعْتُ وَيَزِيدُ الْمُتَّهم لقد ضَاعَ قَالَ صَاحب النكث: يحلف فِيمَا لايُغاب عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ إِلَّا بِقَوْلِهِ اتُهم أَمْ لَا وَكَذَلِكَ عَارِيَةُ مَا لَا يُغاب عَلَيْهِ وَبيع الْخِيَار وضياع المشايد ((كَذَا) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِنَّمَا أَخَذَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِهِ وَلَا يُشكل عَدَمُ تَحْلِيفِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ إِلَّا أَن يكون مُتَّهمًا وَإِن قبض بِمَنْفَعَة نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ لِتَوَقُّعِ عَدَمِ الرِّبْح وَرَأس المَال الَّذِي يردُّه مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ -: لَا يغلَق الرَّهْنُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ أقضِك إِلَى الْأَجَلِ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا فِيهِ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: إِنْ ضَاعَ مَا يُغاب عَلَيْهِ وَلَمْ تُعلم صِفَتُهُ وَلَا قِيمَتُهُ لَا بِقَوْلِ الرَّاهِنِ وَلَا بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا غَيْرِهِمَا فَلَا طَلَبَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرْهَنُ فِي قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْعَدْلُ حَمْلُهُ عَلَى قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ الْوَسَطُ وَالْقِيَاسُ جعلُ قِيمَتِهِ مِنْ أَدْنَى الرُّهُونِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ جَهِلَ الْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَوَصَفَهُ الرَّاهِنُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ وَكَانَ لِلرَّاهِنِ لما فِيهِ فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَطَلَ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَمَا لَوْ شَرط الضَّمَانَ فِي الْوَدِيعَةِ وَفِي النِّكَاحِ عَدَمَ الْوَطْء وجوَّزه أَشهب فِي الْعَارِية لقولة صلى الله عليه وسلم َ - الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِهَلَاكِ مَا يُغاب عَلَيْهِ لايضمن عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِظُهُورِ الْبَرَاءَةِ وَيَضْمَنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَةُ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي سِلَاحِ صَفْوَانَ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا وَإِنْ شَهِدَ بِهَلَاكِهَا وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ ضَمَانِهِ نَفْعَهُ
قَاعِدَةٌ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ كَحَرْقِ الثَّوْبِ وَالسَّبَبُ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَيَقَعُ فِيهَا مَا يملك أَوْ وَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمَنَةِ كَيَدِ الْغَاصِبِ أَوِ الْقَابِضِ الْمَبِيعَ الْفَاسِدَ فَتَضْمِينُ الرَّهْنِ اخْتُلِفَ فِي يَمِينِهِ فَقِيلَ وَضْعُ الْيَدِ لِظَاهِرِ نَصِّ صَفْوَانَ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ كَالْغَاصِبِ يُقِيمُ بَيِّنَةً وَقِيلَ اتِّهَامُهُ فِي الْإِتْلَافِ فَتَزُولُ التُّهْمَةُ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا ضَاعَ وَقْتَ ضَيَاعِهِ لَا وَقْتَ ارْتَهَنَ لِأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ يَدِ ضَمَانٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَضْمَنُ كُلَّ مَا يُغاب عَلَيْهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَغَيْرُ الْمَضْمُونِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ: مَا يُغاب عَلَيْهِ وَدَخَلَ على أَلا يغيب عَلَيْهِ وَيبقى فِي مَوْضِعه كثمار رُؤُوس النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ وَمَا هُوَ فِي الْجَرِينِ وَالْأَنْدَرِ لِغَيْبَةِ الْمُرْتَهِنِ عَنْهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَار الثَّانِي: مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ مستقلٌ بِنَفْسِهِ كَالْحَيَوَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِ نَحْوَ الْفَرَسِ وَالطَّيْرِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ عَارِيَةِ الْحَيَوَانِ ضَمَانُ الرَّهْنِ قَالَ: وَأرى ضَمَان مَا يستخفّ ذبحه وَأكله الثَّالِث: مَا يُبان بِهِ وَلَا يُغاب عَلَيْهِ كَالسُّفُنِ تُرْهَنُ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَكَذَلِكَ آلتها من الصاري وَالرجل وَالْمَرِّيِ إِذَا دَخَلَ عَلَى بَقَائِهَا فِي مَوْضِعِهَا عَلَى السَّاحِلِ أَوْ غَيْرِهِ كَالطَّعَامِ فِي الْمَخْزَنِ وَكَذَلِكَ أَعْدَالُ الْكِتَّانِ فِي قَاعَاتِ الْفَنَادِقِ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا وَزَيْتًا مَخْزُونًا فِي دَارِ الرَّاهِنِ وَمِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ أَوْ طَابَعُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِي دَارِ غَيْرِهِ أَوْ فِي مَخْزَنٍ فِي الْفُنْدُقِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَتَصَرَّفُ إِلَيْهِ فَيَنْظُرُ هَلْ أَخْذُ مِثْلِ ذَلِكَ ممكنٌ فِي تَكَرُّرِهِ إِلَيْهِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ فِي مَخْزَنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يُصدق فِي ضَيَاعِهِ وَالرَّابِعُ: مَا لَا يُبان بِهِ وَهُوَ الْعَقَارُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الدَّارِ صُدق فِي أَنَّهُ لَمْ يَخُنْ
نَظَائِرٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِي سُقُوط الضَّمَان قيام الْبَيِّنَةِ وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ أَوِ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ الضَّمَانِ فِيمَا لَا يُغاب عَلَيْهِ فَأَسْقَطَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَضَمَانِ مَا أَصَابَ الرَّهْنَ مِنْ سُوسٍ أَوْ قَرْضِ فَأْرٍ أَوْ حَرْقِ نَارٍ فَأَسْقَطَهُ مَالِكٌ فِي سُوسِ السَّجَّةِ قَالَ وَيَحْلِفُ مَا أضعت وَلَا أردْت فَسَادًا وَإِن أغلفه وَلم ينفضه ضمنه ابْن الْقَاسِم وَأرى أَنَّ عَلَيْهِ نَفْضَهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ النَّفْضَ لَمْ يَقْتَضِهِ عَقْدُ الرَّهْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَأَمَّا الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ فَضَمَانُهُ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّ سُوسَهُ لَا مِنْ عَدَمِ التَّفَقُّدِ تَمْهِيدٌ قَالَ (ح) يَضْمَنُ مُطْلَقًا مِمَّا يُغَاب أَمْ لَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا هَلَكَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ وَضَعُوهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مَنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَنَقَضَ أَصْلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَدُ الْمَرْهُونَةِ الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ الرَّهْنِ مَرْهُونٌ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبِقَوْلِهِ الرَّهْنُ فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ لَا يُضمن وَبِقَوْلِهِ الرَّهْنُ بِأُجْرَةِ النَّائِحَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبِقَوْلِهِ لَوْ رَهَنَ مِنْ غَاصِب لم يعلم لَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَنَقَضَ هَذِهِ النُّقُوضَ بِقَوْلِهِ الْمَقْبُوضُ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ كَمَا لَوْ قَبَضَ رَهْنًا بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ عَلَى أَصْلِهِ وَقَالَ (ش) لَا يَضْمَنُ مَا يَخْفَى وَلَا مَا لَا يَخْفَى قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ أَمَانَةً مُطْلَقًا إِلَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عِنْدَ (ش) تَوْثِيقٌ مَحْضٌ وَعِنْدَ (ح) تَوْثِيقٌ وَتَعْلِيقٌ لِلدَّيْنِ بِالرَّهْنِ وَلَمَّا فَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَا يُغاب عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ كَانَ عَسِيرًا لِقِيَاسِ الشَّافِعِيَّةِ مَا يُغَابُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيَاسُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الْعَكْسِ فَتَعَيَّنَ الِاسْتِدْلَالُ وَلَنَا عَلَى (ش) قَوْلُهُ عليه السلام: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى ترُدَّه وَعَلَى ظَاهِرِهِ فِي اللُّزُومِ خُصَّ بِمَا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ فَيَبْقَى حُجَّةً فِي صُورَة
النزاع وَقَوله حَتَّى ترُدَّه أَي إِنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ تَقُومُ مَقَامَهُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَا يُرَدُّ إِذِ الْمَرْدُودُ غَيْرُ مَضْمُونٍ مَعَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ومُعارضٌ بِقَوْلِهِ عليه السلام الرهنُ مِنْ رَاهِنِهِ لَهُ غُنمه وَعَلَيْهِ غُرمه فَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقَوْلِهِ مِنْ رَاهِنِهِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ غُرمه وَهُوَ عَامٌ فِي ذَاتِهِ وَأَجْزَائِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُرْمِ النَّفَقَةُ لِكَوْنِهِ جُعل قُبالة الْغَلَّةِ إِذْ قُبَالَةُ الْعَدَمِ الْوُجُودُ وَقُبَالَةُ الْغَلَّةِ النَّفَقَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْهَلَاكِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْهُ أَي كُلفت مأخوذةٌ مِنْهُ أَوْ مَعْنَاهُ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ حَذَرًا مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ انْتَقَلَ لِمَلِكِ الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ فَنَفَى عليه السلام ويفسِّره قَوْلُهُ عليه السلام لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَيَظْهَرُ بِمَجْمُوعِ الْحَدِيثَيْنِ مَذْهَبُنَا فَنَحْمِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْآخَرَ عَلَى مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُنَا أَوْلَى وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْجَمْعُ بِأَنَّ خِلَافَهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَيَتَعَيَّنُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَ بِالْجَمْعِ قَالَ بِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْبُوضَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَضَابِطُهُ مَا كَانَ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ لِلْمَالِكِ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ جُلُّ النَّفْعِ لَهُ كَالْقِرَاضِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَضْمُونٌ لَا أَمَانَةَ فِيهِ وَضَابِطُهُ مَا كَانَ النَّفْعُ فِيهِ لِلْقَابِضِ كَالْقَرْضِ وَالْمَبِيعِ أَوْ تَعَدِّيًا كَالْغَصْبِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ كَالرَّهْنِ فَنَفْعُ الرَّاهِنِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَنَفْعُ الْمُرْتَهِنِ التوثُّق وَشَبَهُ الضَّمَان أقوى بِوُجُوه: مِنْهُمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَحَقُّ بِهِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَمِنْهَا أَنَّ تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِرَقَبَتِهِ كَالْجَانِي وَمِنْهَا حَبْسُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ وَالْبَيْعِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقبل قَوْلُهُ فِي رده كَالْغَاصِبِ بِخِلَاف الْمُودع وَمِنْهَا لَا يثبُت إِلَّا عَنْ مَالٍ فِي
الذِّمَّةِ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَمِنْهَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ كَالثَّمَنِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَوْجُهٍ وَشَبَهُ الْأَمَانَةِ نَفْعُ الرَّاهِنِ وَالصَّبْرُ إِلَى الْأَجَلِ وَإِبَاحَتُهُ لَهُ بِغَيْر عوض وَإِذا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَحْنُ نَجْعَلُ كَوْنَهُ مَغِيبًا عَلَيْهِ مُرَجِّحًا لِلضَّمَانِ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ التُّهْمَةِ فَهُوَ مُنَاسِبٌ وَلَاحِظِ الْقِيَاسَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَالْقِيَاسَ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ فَالْقَبْضُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا لَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الشَّاهِد لم يقبض شَيْئا يضمنهُ فَافْتَرقَا وَعَن الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَاكَ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ لِحَقِّ الدَّافع وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنْ رَجُلًا رَهَنَ فَرَسًا لَهُ فَنَفَقَ عِنْدَ المُرتهن فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام ذَهَبَ حقُّك وَلَا يُرِيدُ ذَهَبَ حقُّك مِنَ التَّوَثُّقِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَتَعَيَّنُ الدَّيْنُ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: الرَّهْنُ مضمونٌ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَقَالَ عَلَيٌّ رضي الله عنه: يترادَّان الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقٍّ فَسَقَطَ الدَّيْنُ بِتَلَفِهِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِيَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَوْتِ الْجَانِي بَعْدَ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ ومقبوضُ يَضْمَنُ فِيهِ مَا يُغاب فَيَضْمَنُ غَيْرَهُ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَاب عَن الأول منع الصِّحَّة فقد صعفَّه الْمُحَدِّثُونَ سَلَّمْنَا الصِّحَّةَ لَكِنْ ذَهَبَ حَقُّهُ مِنَ التَّوَثُّقِ أَيْ لَا يَجِبُ الإتيانُ بِرَهْنٍ آخَرَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُمْ معارَضٌ بِقَوْلِ غَيْرِهِمْ أَوْ يُحمل عَلَى مَا يُغاب عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّالِث أَنه ينْقض بِالْعينِ الْمُسْتَأْجرَة فَإِنَّهَا محبوسة بِحَق مَالِكِهَا وَلَا ضَمَانَ وَعَنِ الرَّابِعِ نَقْضُهُ بِالْكَفِيلِ فَإِنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِهِ وَمَوْتُهُ لَا يُسقط الْحَقَّ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِيَ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ وَفِي الرَّهن بِالذِّمَّةِ بِدَلِيلِ لَوْ زَادَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَضْلِ وَعَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ أَنَّ الْمَبِيعَ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ وَالرَّهْنُ فِيهِ الشَّائِبَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرٌ لِلْعَبْدِيِّ قَالَ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ: الرَّهْنُ فِيمَا يُغاب عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَةُ وَالْمَبِيعُ بِالْخِيَارِ إِذَا كَانَ يُغاب عَلَيْهِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ
الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ إِذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وادّعت الْمَرْأَة لتفه وَوَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ بِالطَّلَاقِ وَالْمَقْسُومُ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ وَوَقَعَتْ فِيهِ الشّركَة بِالدَّيْنِ أَوْ بِالغَلَطٍ وَقَدْ تَلِفَ وَهُوَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ والصناع تَفْرِيعٌ: قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا أَتَى بِالثَّوْبِ مُحْتَرِقًا ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوِ اشْتهر احتراق حانوته وَبَعض مَتَاعِهِ مُحْتَرِقًا ضَمِنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ ثَبَتَ احْتِرَاقُ حَانُوتِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَعْضِ الثَّوْبِ فَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ قَالَ: وَالَّذِي أرَاهُ إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الدَّفْعَ فِي حَانُوتِهِ صُدِّق وَحَيْثُ ضَمِنَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الضَّيَاعِ لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الِارْتِهَانَ لَا يُوجب ضمانا بل الضَّيَاعِ فَإِنْ جُهلت فَيَوْمَ الرَّهْنِ وَهَذَا إِذَا لم قوم الرَّهْنُ يَوْمَ الِارْتِهَانِ فَإِنْ قوِّم لَزِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ زِيَادَتَهَا وَنُقْصَانَهَا فيقوَّم بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَوْم الارتهان اتِّفَاق على الْقيمَة فحملان عله إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يُصدَّق الْمُرْتَهِنُ فِيمَا لَا يُغاب عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدعِي موت الدَّابَّة فِي مَوضِع يشتهرلو وَقَعَ وَلَمْ يُذكر
(فَرْعٌ)
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: رَهْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ يُسقط عَنْهُ ضَمَانَهُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) لَا يَسْقُطُ ضَمَانُ الْغَصْبِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ وَالْجَامِعُ الْإِذْنُ فِي الْإِمْسَاكِ الْمُنَاقِضِ لِمَنْعِ الْغَصْبِ وَإِذَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا وَلَا يَلْزَمُنَا إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْقَبْضِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَصِحُّ وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عِنْدَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ وَلَنَا أَيْضًا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا أَوْدَعَهُ أَو حكم من أَحْكَام (كَذَا) فَيَسْقُطُ قِيَاسًا عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ وَسُقُوطِ الْإِثْمِ وَالتَّفْسِيقِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِحْدَى حَالَتَيِ الرَّهْنِ فَلَا يُنَافِي ضَمَانَ الْغَصْبِ كَحَالَةِ الِاسْتِدَامَةِ أَوْ قِيَاسًا لِلنِّهَايَةِ عَلَى الْبِدَايَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّهْنِ عَبْدَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَ
الْجِنَايَةِ لَا يَسْقُطُ أَوْ عَقْدٌ لَا يَمْنَعُ طَرَيَانَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ سَابِقًا كَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ فِيمَا إِذَا غَصَبْتَ عَبْدًا ثُمَّ زَوَّجْتَهُ أَوْ غَصَبْتَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى تَعَلُّمِهِ أَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَتِهِ وَبِهَذِهِ الْمَسَائِلِ يَبْطُلُ قولُكم الْإِذْنُ يُنَاقِضُ الضَّمَانَ وَأَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا أَسْقَطَ الضَّمَانَ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَضْمَنَ مِلْكَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِدَامَةِ وَالِابْتِدَاءِ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِي النِّكَاحِ لَا تَمْنَعُهَا الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَيَمْنَعَانِ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِهِ وَمَوْتُهُ لَا يُسْقِطُ الْحَقَّ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِيَ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ بِعَيْنِهِ وَفِي الرَّهْنِ بِالذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِدَامَةِ بِرَدِّ الْمُنَافِي مِنْهَا بَعْدَ التَّقَرُّرِ وَالثُّبُوتِ بِخِلَافِ مُقَارَنَةِ الِابْتِدَاءِ وَهُوَ أَضْعَفُ لِعَدَمِ التَّقَرُّرِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ مستقرٌ لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَضَمَانُ الْغَصْبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ وَمَا وُجد فَكَانَ ضَعِيفًا فَبَطَلَ بِالرَّهْنِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ الْأُمُورِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ فِي وَضْعِ الْيَدِ وَالرَّهْنُ يَسْتَلْزِمُهُ وَالْإِذْنُ فِي وَضْعِ الْيَدِ هُنَا يُناقض الْغَصْبَ لِأَنَّهُ وَضْعُ الْيَدِ بِغَيْرِ إِذَنٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ كَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَضْمَنَ مِلْكَهُ اسْتَحَالَ اجْتِمَاعُ يدٍ بِغَيْرِ إِذَنٍ مَعَ الْإِذْنِ لِأَنَّهُمَا نَقِيضَانِ
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا اعْتَرَفَ الْمُرْتَهِنُ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ الَّتِي قُضي بهالهُ عَلَيْكَ وَالرَّهْنُ حيوانٌ ضَمِنَه لِأَخْذِهِ عُدْوَانًا وَلَوْ أَقَمْتَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِبُطْلَانِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْعُدْوَانِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَجْحَدُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ فَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إِذْنِ المُرتهن امْتَنَعَ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَيُعَجَّلُ حَقُّهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَرْضَ ذِمَّةَ الرَّاهِنِ فَإِنْ أُذِنَ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ لَمْ آذَنْ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ حَلَفَ فَإِنْ أَتَى الرَّاهن حينئذٍ برهنٍ يُشْبِهُ الْأَوَّلَ وَبِقِيمَتِهِ أَخَذَ الثَّمَنَ
وَإِلَّا بَقِيَ رَهْنًا وَلَا يُعَجَّلُ هَذَا إِذَا بِيعَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلرَّاهِنِ فَبَاعَهُ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ وَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَ تَعَدِّيًا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَدْفَعُ مَا عَلَيْهِ وَيَتَّبِعُ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: هَذَا التَّصَرُّفُ كُلُّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَعَنْ مَالِكٍ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ وَتَعْجِيلُ الْحَقِّ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ إِلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ بِخِلَافِهِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضَى الْبَيْعُ وَخَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ لِضَعْفِ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي لُزُومِهِ حينئذٍ وَلَا يُطَالِبُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِأَنَّ إِهْمَالَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى بَاعَ كَرَدِّهِ لَهُ وَلَا يُعجَّل الْحَقُّ وَلَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ يَحْلِفُ للتُهمة وَقَوْلُ مَالِكٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْقَبْضِ يَدُلُّ على أَنه لَو بَادر يَبْطُلِ الرَّهْنُ وَمَضَى الْبَيْعُ وَبَقِيَ ثَمَنُهُ رَهْنًا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ تَأْوِيلًا وَقَالَ غَيْرُهُ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ فَيَبْقَى رَهْنًا توفيةُ بِعَقْدِ الرَّهْن وعَلى قَوْلِهِمْ فِي حَوْزِ الْهِبَةِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّرَاخِي فِي الْحَوْزِ وَقِيلَ هَذَا إِذَا اشْتَرَطَ الرَّهْنَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَبَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ التَّرَاخِي أَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِيُخْرِجَهُ مِنَ الرَّهْنِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَقِيَ رَهْنًا وَأَمَّا مَا تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَبَيْعُهُ كَبَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَفِي الْمُوَازِيَةِ: ينفُذُ الْبَيْعُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْهِبَةِ الْمَبِيعَةِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ إِذَا سلَّم الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ أَمَّا وَسِلْعَتُهُ قَائِمَةٌ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمٌ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ رَهْنًا فرَّط فِي الْقَبْضِ أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ قَائِمَةً بِمِثْلِهِ صِفَةً وَقِيمَةً أَنَّ السُّوقَ قَدْ ينحطُّ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ أَوِ الْأَوَّلُ عَقَارٌ لَا يُضْمَنُ فيأتيه بِمَا يضمن فيضرر قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنِ اسْتَهْلَكَ الرَّهْنَ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ وَعِنْدَهُ وفاءٌ وَفَّاهُ وَتَمَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلِلْمُرْتَهِنِ ردُّ الْبَيْعِ وَلَوْ دَفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ وَقَالَ إِنَّمَا دَفَعْتُهُ لَكَ لِتُعَجِّلَ لِي حَقِّي فَأَنْكَرَ قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَلَا يَضُرُّهُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ إِنْ قَرُبَ دَفْعُهُ إِلَيْهِ وَإِلَّا فالغرماء أَحَق وَقَوله إِذا نقد الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ أَخَذَهُ رَبُّهُ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهِ وَيُتْبِعُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فَيُلْزِمُهُ بِحَقِّهِ يُرِيدُ يَدْفَعُ الرَّاهِنُ مَا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ المُشْتَرِي بِبَقِيَّة
ثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَيُرِيدُ أَنَّهُ بَاعَهُ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمَّا قَبْلَ الْحُلُولِ فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَجْعَلُهُ بِيَدِ عَدْلٍ رَهْنًا إِلَى أَجَلِهِ وَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَيُوقَفُ لَهُ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ إِنْ رَدَّ الْبَيْعَ جُعل الرَّهْنُ بِيَدِ عَدْلٍ لَيْلًا يَعُودَ الْمُرْتَهِنُ لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَقْبِضُ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ وَلَا يتعجَّله الْمُرْتَهِنُ من دينه لِأَنَّهُ فسخَ رَهنه قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ فَاتَ الرَّهْنُ غَرِمَ الْمُرْتَهِنُ الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ لِوُجُودِ سَبَبَيْ ضَمَانِهِمَا مِنَ التَّعَدِّي وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَلَا يَحْبِسُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ شَيْئًا بِحَقِّهِ إِذَا كَانَ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ فَسَخَ رَهْنَهُ وَلَوْ تعدَّى مَنْ وُضع عَلَى يَدَيْهِ غَرِمَ الْأَكْثَرَ مِنْهُمَا وتعجَّل الْمُرْتَهن إِنْ كَانَ كَصِفَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّ وَقْفَهُ ضَرَرٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى فِي مِثْلِ إِيقَافِ الثَّمَنِ وَأَنْ يَقَعَ بِمِثْلِ الصِّفَةِ لَعَلَّ الرَّاهِنَ يَأْتِي بِرَهْنٍ مِثْلِ الرَّهْنِ وَيَأْخُذ الثّمن أما لَو أيس مِنْ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِيقَافِ بَلْ ضَرَر عَلَيْهِمَا قَالَ اللَّخْمِيّ: إِن بيع بِغَيْر أَمَرَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالدَّيْنُ عينٌ مَضَى الْبَيْعُ وعُجِّل الدَّيْنُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ قرضٍ فَرَضِيَ الرَّاهِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ وَيُعَجِّلَهُ وَفِيهِ وفاءٌ بِالْعَرْضِ " وَإِنْ " لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ قرضٍ وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى تَعْجِيلِ الدَّيْنِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْتَ نِفَاقِ ذَلِكَ الرَّهْنِ أَوْ مَوْسِمَ بَيْعِهِ لَمْ يُرِدَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُوفِّ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضَرَر غير ضَرَر مَنْفَعَةٍ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ وَهَبَ المرتهِن الرَّهْنَ دَفَعَ الرَّاهِن الدّين للْمُرْتَهن وَأَخذه من الْمَوْهُوب وَلَا شَيْء للْمَوْهُوب عَلَى الْوَاهِبِ وَإِذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ غَابَ وَاخْتَلَفَ الدَّيْنُ وَالثَّمَنُ وَالدَّيْنُ أَكْثَرُ دَفَعَ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَوَقَفَ السُّلْطَانُ الْفَضْلَ أَوِ الثَّمَنُ أَكْثَرُ أَخْذَ الدَّيْنَ وَاتَّبَعَ الْبَائِعَ بِالْفَضْلِ وَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِيٍّ ثُمَّ غَابَ قَبَضَ السُّلْطَانُ الدَّيْنَ مِنَ الرَّاهِنِ وَدَفَعَ لَهُ الرَّهْنَ وَيَشْتَرِي مِنَ الدَّيْنِ بِمثل مَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ لِلْغَائِبِ شيءٌ دَفَعَهُ لَهُ وَإِنْ فَضَلَ عِنْدَهُ شيءٌ اتُّبع بِهِ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ دَفَعَ إِلَيْهِ قِيمَتَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَلَا يَعْلَمُ الرَّاهِنُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ صفته وَلَا
قِيمَتَهُ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى مَا بَاعَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ فَاتَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَكْثَرُ من الْقيمَة أَو الثّمن وَقَالَ أصبغ إِذا كَانَت للْمُرْتَهن بَيِّنَة على الصّفة يَوْمَ بَاعَهُ وَلَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ بَاعَهُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ ارْتَهَنَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صِفَتُهُ يَوْمَ بَاعَهُ أَفْضَلَ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ نَظَرًا إِلَى وَضْعِ الْيَدِ وَالتَّعَدِّي بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ النَّاشِئِ عَنِ الرَّهْنِ وَكُلُّهَا أَسْبَابُ ضَمَانٍ فَعَلَيهِ أَكْثَرهَا هَذَا إِن كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ صِفَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ لِأَنَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي نَقْصِ الْقِيمَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تكفَّلت أَوْ أَعْطَيْتَ رَهْنًا فَهَلَكَ عِنْدَهُ وَهُوَ مِمَّا يُضمن وَقِيمَتُهُ كَفَافُ الدَّيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَى وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِقِيمَتِه تكفَّلت أَو أَعْطَيْت الرَّهْن بأَمْره أَو لَا لِقِيَامِكَ عَنْهُ بِمَا شَابَهَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَوْ رَهَنْتَهُ بِأَمْرِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنَ الدَّيْنِ رجعتَ عَلَى الْمَكْفُولِ خَاصَّةً بِمَبْلَغِ الدَّيْنِ مِنْ رَهْنِكَ وَسَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِهَلَاكِهِ عِنْدَهُ وَبِفَضْلِ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ أَوْ عَلَى الْمَكْفُولِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ وَإِنْ رَهَنْتَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ وبالزيادة على الْمُرْتَهن لضمانه إِيَّاه وَفِي النكث: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعدِمٌ فَتَتَّجِهُ الْحَمَالَةُ وَيُسَوَّغُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ لَا تَلْزَمُ الْمُوسِرَ وَيَجِبُ أَخْذُ الرَّهْنِ فَلَا يتم قَوْله إِلَّا برضى الَّذِي لَهُ الرَّهْنُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ اتِّباع الَّذِي ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بِقِيمَتِهِ لِاتِّهَامِهِ فِي حَبْسِهِ وَاسْتِعْجَالِ حَقِّهِ مِنْ هَذَا دُونَ غَرِيمِهِ وَقِيلَ: إِذَا ضَاعَ قَبْلَ حُلُولِ الدَّين وَالرَّهْنُ كَفَافُ الدَّيْنِ إِنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمُقْتَضِي دينٍ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتُّهم بِغَيْبَتِهِ وَلَا يُعلم أَن حَسبه تعدٍّ قَالَ التُّونِسِيُّ: انْظُرْ كَيْفَ أَلْزَمَ فِي الْكتاب الَّذِي عَلَيْهِ غرمُ الفضلة إِذا رهن بِإِذْنِهِ وصاب الرَّهْنِ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَسْتَهْلِكْهَا وَالْمُسْتَعِيرُ إِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا اتُّهم عَلَى الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ وَلكنه جعل حكم الرَّاهِن كَأَنَّهُ وَكيله
الْتَزَمَ بِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا أَعَارَهُ وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَبَضَ الرَّهْنَ وَقِيَمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ دَفَعَهُ هُوَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ وَقِيَمَتُهُ عَشَرَةً بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ فادَّعى ضَيَاعَهُ لَغَرِمَ الْمُسْتَعِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهُ وَقَدْ قِيلَ إِذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا فَرَبَا عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَارِيَةِ شَهْرًا ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَعَارَهُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمُتَعَدِّي عَلَى الرَّهْنِ يَبِيعهُ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهَنَهُ أَوْ يَوْمَ بَاعَهُ أَمَّا إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتَعَارَهُ عَشَرَةً وَيَوْمَ رَهَنَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَرْبَحُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَارِيَةِ فَإِنَّ للمُعير الثَّمَنَ وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ لَكَانَ لِلْمُعِيرِ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَطْتُمَا إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ إِلَى أَجَلِهِ فَلِمَنْ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ مِنْ عَدْلٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ بَيْعُهُ فَلَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِافْتِقَارِ بَيْعِهِ إِلَى إِثْبَاتِ غَيْبَتِكَ وَإِعْسَارِكَ وَبَقَاءِ الْحَقِّ عِنْدَكَ إِلَى حِينِئِذٍ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْر إِذْنه نقض بَيْعُهُ لِإِذْنِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ دَفَعَهُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ أَوْفَاهُ وَإِلَّا بَاعَ لَهُ الرَّهْنُ فِي النكث قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا قَالَ السُّلْطَانُ لِلْعَدْلِ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ بِعْهُ لِيَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ فَقَالَ ضَاعَ الثَّمَنُ وَلَمْ يُعلم بَيْعُهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ لَا يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنَ الدَّيْنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ وَلَا الثَّمَنِ وَلَا يَضْمَنُ لِتَوْكِيلِ السُّلْطَانِ إِيَّاهُ فَلَا يَزُولُ الدَّيْنُ مِنْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ حَتَّى يَبِيع الْعدْل بَيِّنَة وَقِيلَ بَلْ ضَمَانُ الثَّمَنِ مِنَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْعَدْلَ جُعل وَكِيلًا لَهُ وَقَبْضُ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ الْمُوَكِّلِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي الْمُوَازِيَةِ: الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ وَالْعَبِيدُ وَمَا لَهُ بَالٌ يُردُّ مَا كَانَ قَائِمًا وَيَمْضِي الْفَائِتُ بِالثَّمَنِ إِنْ لَمْ يُحاب فِيهِ قَالَ أَشْهَبُ: وَأَمَّا مَثَلُ الْمِقْثَاةِ وَنَحْوُهَا فتباع بِغَيْر إِذن السُّلْطَان لَيْلًا تَفْسَدَ فِي إِيقَافِهِ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ وُقِفَ فِي الْكِتَابِ عَلَى إِذْنِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ وُكِّلَ فِي الْبَيْعِ وَمَنْ وُكِّلَ فِي بيع مَا لَهُ لَا يُوقف
قيل تِلْكَ وكَالَة الِاخْتِيَار وَهَا هُنَا هِيَ اضطرارٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَيَحْتَاجُ عِنْدَ الْأَجَلِ إِلَى بَحْثٍ عَنْ قُرْبِ غَيْبَتِهِ وَهَلْ لَهُ مَالٌ يُقبض مِنْهُ الدَّيْنُ أَمْ لَا لِأَنَّ الرَّهْنَ إِنَّمَا يُبَاعُ مَعَ الْعَدَمِ فَهُوَ من بَاب للغائبين قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ مَالِكٍ أَمَّا التَّافِهُ فيمضي وَمَاله بالٌ يُرد إِنْ لَمْ يَفُتْ قَالَ أَشْهَبُ: أَمَّا بَلَدٌ لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ يَعْسُرُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي التَّافِهِ وَاخْتَلَفَا فِيمَا لَهُ بَالٌ فَأَمْضَاهُ مَرَّةً وَرَدَّهُ مَرَّةً إِنْ لَمْ يَفُتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ وَالْقيمَة وَإِذا أَمر الإِمَام بِالْبيعِ فاليسير بياع فِي الْمجْلس وَمَاله بَالٌ فَفِي أَيَّامٍ وَيُشْهَرُ وَيُسْمَعُ بِهِ كَالْجَارِيَةِ وَالدَّار وَالثَّوْب والنفيس وَرُبَّمَا نُودِيَ عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّ تَعَذَّرَ الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ عُدِمَ فَلِجَمَاعَةٍ عُدُولٍ يَحْضُرُهُمُ النِّدَاءُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمُرْتَهِنِ أَوِ الْعَدْلِ الْبَيْعَ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ إِذَا تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ الرَّهْنِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بِمِثْلِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فضلٌ جَازَ أَو فِيهِ فضل امْتنع بيع بِكَذَا لفضله وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي التَّمَسُّكِ بِمَا بَقِيَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ مَا كَانَ مِثْلَ الثِّمَارِ وَغَيْرِهَا مَأْمُونًا لَا يُبَاعُ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ إِذَا وَكَّلْتَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَكَ عَزْلُ الْوَكِيلِ إِلَّا برضى الْمُرْتَهِنِ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا (ش) وَأَحْمَدَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوِكَالَةَ عقدٌ جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَكَ الْعَزْلُ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: لَا يَبِيعُ السُّلْطَانُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ وَفِي الْمِلْكِ قَوْلَانِ إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَمْلِكَهُ الرَّاهِنُ أَمَّا إِذَا لَمْ يُشبه الثَّوْبُ لِبَاسَهُ أَوْ ترهنُ الْمَرْأَة السِّلَاح فَلَا " بُد من " ثُبُوت الْملك
3 -
(فَرْعٌ)
إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إِلَّا بِجُعْلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو دَفْعَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ وَقَالَ عِيسَى عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا بَاعَ الْأَمِينُ الرَّهْنَ وَقَضَى الْغَرِيمَ ثُمَّ استُحق رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ كَالْمُفْلِسِ يُبَاعُ مَالُهُ فيُستحق شَيْءٌ مِنْهُ فَالرُّجُوعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ مَالٌ وَقَالَ (ش) مَتَى استُحق الْمَبِيعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ إِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ح) الْعُهْدَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ قِيَاسًا عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَبَضَهُ وَكِيلُ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِهِ فَهَلَكَ بِيَدِهِ مَا يُغاب عَلَيْهِ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ قَبْضَ وَكَيْلِهِ كقبضه بِخِلَاف الْعدْل الَّذِي يَرْضَيَانِ بِهِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ دُونَكَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا دَفَعَهُ الْعَدْلُ لِلرَّاهِنِ أَوِ الْمُرْتَهن تَعَديا فَضَاعَ مَا يُغاب عَلَيْهِ للْآخر فَإِن كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ لِهَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَكْثَرَ ضَمِنَ الْعَدْلُ الْفَضْلَ
للرَّاهِن فَإِن مَاتَ الْعدْل لم يرض يوضع الرَّهْنِ عِنْدَ غَيْرِهِ بَلْ ذَلِكَ لِلْمُتَرَاهِنَيْنِ لِعَزْلِهِ عَمَّا عَدَا نَفْسَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِنْ دَفَعَهُ للرَّهْن فَفَلَسَ الرَّاهِنُ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِهِ وَلَا مَالَ لِلْأَمِينِ قَالَ عِيسَى الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ تَوْفِيَةً بِعَقْدِ الرَّهْنِ مِثَالُ مَا تَقَدَّمَ: لِلَّذِي لَهُ الرَّهْنُ عشرُون وللغريم أحد وَعِشْرُونَ وُجِدَ عِنْدَ الْمَدْيُونِ عَشَرَةٌ وَالرَّهْنُ أَخَذَا عَشَرَةً عَشَرَةً وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ مِنَ الْعَدْلِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَأَخَذَهُ وَبَقِيَ لَهُ عَشَرَةٌ يُحَاصِصُ بِهَا فِي الْعَشَرَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْمَدْيُونِ وَيُحَاصِصُ الْغَرِيمُ الْآخَرُ فِيهَا بِعِشْرِينَ فَيَحْصُلُ لَهَا ثُلُثُهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي فَاتَ بِسَبَبِهِ وَلَوْ أَفَاتَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَوَجَدَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً لَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ بِثُلُثَيِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَوْ حَضَرَ لَأَخَذَهُ وَحَاصَصَ بِعَشَرَةٍ فِي الْعِشْرِينَ فَيَحْصُلُ لَهُ ثُلُثُ الْعِشْرِينَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ تُخَرَّجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا دَفَعَهُ لِلرَّاهِنِ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ يُرِيدُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَقَوْلُهُ إِنْ كَانَ كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ يُرِيدُ وَيَرْجِعُ بِهِ على الْمُرْتَهن قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا سلمه الْمُرْتَهن قَبْلَ الْأَجَلِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أُغْرِمَ الْقِيمَةَ أَيُّهُمَا شَاءَ لِتَعَدِّي هَذَا فِي الدَّفْعِ وَالْآخَرِ بِالْقَبْضِ وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ خِيفَةَ أَنْ يَتَعَدَّى ثَانِيَةً وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ فَإِنْ غَرِمَ الْعَدْلُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ وَهَذَا إِذَا عَلِمَ الضَّيَاعَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهَلْ يَغْرَمُ الْعَدْلُ لِلْمُرْتَهِنِ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا؟ لِأَنَّ الْعَدْلَ
يَغْرَمُ بِالتَّعَدِّي حَقِيقَةً وَالْمُرْتَهِنُ بِالتُّهْمَةِ وَيُمْكِنُ صِدْقُهُ وَلَا خِلَافَ فِي الْمُرْتَهِنِ إِذَا غَرِمَ بِالتَّعَدِّي أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةُ الْآنَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَاخْتُلِفَ إِذَا غَرِمَ بِالتُّهْمَةِ هَلْ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ؟ فَإِنْ أَسْلَمَهُ الْعَدْلُ لِلرَّاهِنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ انْتِزَاعُهُ وَيُوقَفُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ حَتَّى فَلَسَ الرَّاهِنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ أَنْ يُوَفِّيَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِزَوَالِ الْحَوْزِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ رَجُلًا لِيَقْضِيَ الْمُرْتَهِنَ حَقَّهُ فَضَاعَ الثَّمَنُ لَمْ يُضَمِّنْهُ الْمَأْمُورُ وَيُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنِ اتُّهِمَ أُحْلِفَ وَكَانَ الثَّمَنُ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ كَضَيَاعِ مَا بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلُهُ دُونَهُمْ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنَّمَا يَكُونُ ضَيَاعُ الثَّمَنِ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّمَنِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ وَقِيلَ سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فَلَوْ ضَاعَ الرَّهْنُ قَبْلَ بَيْعِهِ لَكَانَ مِنْ رَبِّهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنَ الَّذِي لَهُ الدّين على قَول عبد الْمَالِك كَاخْتِلَافِهِمْ فِي ضَيَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمَوْقُوفِ لِلْغُرَمَاءِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ السُّلْطَانُ ثُمَّ اسْتحق وَقد فَاتَ عِنْد الْمُبْتَاع وَغَابَ الْمُبْتَاعُ فَلَمْ يُوجَدْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنَ الْمُرْتَهِنِ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَنِ اسْتَحَقَّ سِلْعَةً بَعْدَ بِيَاعَاتٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذ الثّمن من أَيهمْ شَاءَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَوْ بَاعَ الْمَأْمُورُ الرَّهْنَ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ عَرْضٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ فِي الْأَثْمَانِ فَإِنْ ضَاعَ مَا قَبَضَهُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ لَا يضمن وَكَذَلِكَ
الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا بَاعَ بِجِنْسِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ رَدَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي فَإِنْ رَدَّهُ فَلَهُ لِلضَّرَرِ فِي الشَّرِكَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَبَضَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَجَّرَهُ إِيَّاهُ أَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ وَقَالَهُ (ح) إِلَّا فِي الْعَارِية والوديعة وَقَالَ (ش) لَا تشْتَرط اسْتِدَامَة الْقَبْض كمن يَخْدِمُ الرَّاهِنَ نَهَارًا وَيَرْجِعُ لِلْمُرْتَهِنِ لَيْلًا وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْذَنَ لِلرَّاهِنِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الرَّهْنِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ وَيَمْلِكُ الرَّاهِنُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ عِنْدَهُ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ وَلَا يَنْقُضُ الْآجَالَ وَالْعِتْقَ عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ هَذَا أَفَادَ فَعِنْدَهُ أَفَادَ أَنَّهُ صَارَ بِبَيْعِهِ فِي دينه عِنْد الْأَجَل وَإِنَّمَا شرع الْقَبْض عِنْد لِيَلْزَمَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَعِنْدنَا أَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ قَائِمًا مَقَامَ مِلْكِ الْعَيْنِ فَهُنَا مَقْصُودَانِ حَبْسُهُ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَيْعِ وَهُوَ أَعْظَمُهُمَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَوَّلِ كَالْوُضُوءِ مَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَنْبَنِي أَكْثَرُ مَسَائِلِ الرَّهْنِ مِنْ رَهْنِ الْمُشَاعِ لِمَنْعِ الْإِشَاعَةِ دَوَامَ الْقَبْضِ بِالْمُهَايَأَةِ وَمَنَافِعُ الرَّهْنِ هَلْ لِلرَّاهِنِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَيُمَكَّنُ الرَّاهِنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ أَصْلٌ كَبِيرٌ فَاعْلَمْهُ لَنَا: قَوْله تَعَالَى {فرهان مَقْبُوضَة} قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ الْمُشْتَقُّ إِطْلَاقُهُ قَبْلَ وُجُودِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ لَيْسَ حَقِيقَةً إِجْمَاعًا مِنْ بَابِ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ آيِلٌ إِلَيْهِ نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ خَمْرًا وَإِطْلَاقِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ حَقِيقَةٌ إِجْمَاعًا نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ خَمْرًا أَوْ بَعْدَ وُجُودِهِ مَجَازًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَحْوَ تَسْمِيَةِ النَّائِم يَقِظَانَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَإِذَا رَدَّ الرَّهْنَ
وَجَبَ أَلَّا يَصْدُقَ عَلَيْهِ مَقْبُوضًا فَيَكُونَ وَصْفًا لِقَبْضِ مَعْدُومٍ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدِ اشْتَرَطَهُ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَصْفَ يَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِ وَيَلْزَمُ من عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَكُونُ هَذَا رَهْنًا فَلَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى الرَّهْنِ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالثُّبُوتُ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَيَدُمْ لَا يَكُونُ رَهْنًا لُغَةً فَلَا يَكُونُ رَهْنًا شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ؛ وَلِأَنَّا أُمِرْنَا بِرَهْنٍ مَقْبُوضٍ إِجْمَاعًا وَأَجْمَعَنَا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوفٍ بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ وَمُقْتَضَى الْمَشْرُوعِيَّةِ فِيهِ فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مَشْرُوعًا لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي الْعُمُوم فِي اليآية فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ الْمُطْلَقَ إِذَا عُمِلَ بِهِ فِي صُورَةٍ سَقَطَ اقْتِضَاؤُهُ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الصُّورَةَ فَالْقَوَاعِدُ مَعَنَا وَالنَّصُّ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام: الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ وَالْمُرَادُ إِمَّا الْمُرْتَهَنُ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا فَيَتَعَيَّنُ الرَّاهِنُ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَةِ وَلِأَنَّ الدَّوَامَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَطَلَ الرَّهْنُ إِذَا غُصِبَ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَطَلَ إِذَا أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ نِصْفِهِ وَهُوَ النُّكْتَةُ زَعَمُوا أَنَّهَا تبطل أَكثر أصولنا وَأَنا أَجْمَعَنَا أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إِلَى زَمَنِ الْبَيْعِ فَكَمَا لَا يَضُرُّ عَدَمُ الْيَدِ ابْتِدَاءً لَا يَضُرُّ انْتِهَاءً قِيَاسًا لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ لَفْظَ الْقَبْضِ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ يَكْفِي فِيهِ صُورَةٌ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْقَاعِدَةِ فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُعَيِّنِ الْحَالِبَ وَالرَّاكِبَ فَنَحْمِلُهُ عَلَى الْمُرْتَهَنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُطْلَقُ يَتَأَتَّى بِصُورَةٍ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَيَسْقُطُ النَّصُّ مِنْ غَيْرِهَا وَعَنِ الثَّانِي الْقَلْبُ فِي النُّكْتَةِ فَنَقُولُ تَصَرُّفٌ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَلَا يَكُونُ لِلدَّافِعِ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَقٌّ كَالْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ الْمِلْكُ وَزَوَالُ الْيَدِ لَا يُنَافِيهِ وَمَقْصُودُ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَزَوَالُ الْيَدِ يُنَافِيهِ وَلَا سِيَّمَا وَالرَّهْنُ مَعْنَاهُ الِاحْتِبَاسُ وَالثُّبُوتُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْحُكْمَ الْقَهْرِيَّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شرعا بِخِلَاف الْإِكْرَاهُ وَالْجَبْرُ؛ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ تبقى على الْمَرْهُون وَهُوَ الرَّهْن فَلم يَبْطُلُ الْقَبْضُ؛ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَبْضِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَمَا وُجِدَ تَفْرِيطٌ أَمَّا إِذَا رَدَّهُ
فَقَدْ فَرَّطَ فَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّرْطِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَبْضَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الرَّهْنَ الِاحْتِبَاسُ وَالدَّوَامُ فَإِذَا بَطَلَ الْقَبْضُ بَطَلَ الرَّهْنُ فَكَمَا أَجْمَعْنَا عَلَى مَعْنَى الرَّهْنِ يَجِبُ دَوَامُهُ فَيَجِبُ دَوَامُ الْقَبْضِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيغ فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي إِعَارَتِهِ إِيَّاهُ وَرَدِّهِ إِلَّا أَنْ يُعِيرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ أَوْ يَمُوتَ الرَّاهِنُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَرْضًا فزرعتها الرَّاهِنُ بِإِذْنِكَ وَهِيَ بِيَدِكَ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَكْرَى الدَّارِ بِإِذْنِكَ وَإِنَّ أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَعَارَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَوَلِيَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلرَّاهِنِ فَلَيْسَ بِخُرُوجٍ لِبَقَاءِ الْيَدِ وَإِنْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ يُغَابُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنَ الرَّاهِنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَتَى قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِرَدِّهِ قُضِيَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَامَ غرماؤه وسى أَشْهَبُ بَيْنَ الْعَارِيَةِ وَغَيْرِهَا فِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ مَا لَمْ يَفُتْ بِمَا تَقَدَّمَ وَسَوَّى فِي كتاب حَرِيم البير " بَيْنَ " أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِي السَّكَنِ أَوِ الْكِرَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ حَتَّى يَكْرِيَهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّقْيَ مِنَ الْبِئْرِ أَوِ الْعَيْنِ الْمُرْتَهِنَةِ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا يَكْرِي الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إِلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لِمِلْكِهِ الْمَنَافِعَ إِلَّا أَنْ يَرْتَهِنَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ شَرَطَ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ فَلَهُ أَنْ يَكْرِيَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَحْتَاجُ إِذْنَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَابِعَةٌ لِلرَّقَبَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِنْ أَكْرَى الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إِذْنِ الرَّاهِنِ لَزِمَ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَابَى ضَمِنَ الْمُحَابَاةَ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ تَعْجِيلُ الدَّيْنِ وَفَسْخِ الْكِرَاءِ إِنْ كَانَ بِلَا وَجِيبَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ وَإِنْ كَانَ أَجَّلَهُ دُونَ أَجَلِ الدّين قَالَه عبد الْمَالِك وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَتْ وَجِيبَةٌ إِلَى أَجَلِ الدّين أَو دون فَلَيْسَ أَو أبعد فَلَهُ الْفَسْخُ فِيمَا زَادَ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَإِنَّمَا فرق عبد الْمَالِك بَيْنَ الْوَجِيبَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إِذَا انْعَقَد على مُعَيَّنٍ يُقَدَّرُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُفْسَخْ لِفَوَاتِ زَمَانٍ وَإِذَا عُلِّقَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَقُدِّرَ بِهِ انْفَسَخَ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْكِرَاء على اللُّزُوم فَيلْزم فميا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ. قَالَ أَصْبَغُ: وَلَيْسَ لَهُ فِي الدَّيْنِ كِرَاؤُهَا بِوَجِيبَةٍ طَوِيلَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَلْزَمِ الرَّاهِنُ إِذَا عُجِّلَ الدّين
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْمُنْتَقَى قَالَ: إِنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُكْرِيَ الدَّارَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوِ الْعَبْدَ الْكَثِيرَ الْخَرَاجِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِتَضْيِيعِهَا عَلَى الرَّاهِنِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أما الحقير فَلَا قَالَه عبد الْمَالِك وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْكِرَاءِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ بِيعَ الرَّهْنُ وَقُضِيَ الْحَقُّ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ حَلَّتْ دُيُونُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا جَنَى الْعَبْدُ خُيِّرَ السَّيِّدُ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ سَلَّمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَهُوَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ بِمَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِحَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا فَدَاهُ مَعَ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ بِمَالِهِ رَهْنًا بِدَيْنٍ وَلَا أَرْشٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الدّين أَولا فَإِنِ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مَنْ أَخْذِهِ بِيعَ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَا قَبْلَهُ فَيَبْدَأُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ مَعَ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ بِمَالِهِ رَهْنًا بِدَيْنٍ وَلَا أَرْشٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الدَّيْنِ أَولا فَإِنِ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مَنْ أَخْذِهِ بِيعَ إِذَا حل الْأَجَل لاقبله فَيبْدَأ بِمَا هداه بِهِ الْمُرْتَهِنُ لِتَعَلُّقِ الْفِدَاءِ بِالرَّقَبَةِ وَحَقُّ الرَّهْنِ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّوَثُّقِ فَإِنْ سَاوَتْ رَقَبَتُهُ أَقَلَّ من الْفِدَاء لم يتبع السَّيِّد بِالْفَضْلِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ اتَّبَعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَبِالدَّيْنِ فَإِنْ " قَالَ " الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ جَنَى جِنَايَةً وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَالرَّاهِنُ مُعْدِمٌ لم يصدق لتعدي إِقْرَاره بِبُطْلَان حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْ مَلِيءٌ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا وَلَوْ أَسْلَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَدْفَعَ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ فَإِن قَبْلَ الْأَجَلَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْجِنَايَةِ بِالْبَيِّنَةِ فِي النكث لِبَعْضِ شُيُوخِنَا: كَانَ يَنْبَغِي إِذَا افْتَكَّ الْعَبْدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِيعَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَإِذَا أَرَادَ
الْمُرْتَهِنُ دَفْعَ الْجِنَايَةِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ [فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ] وَأَمَّا الرَّهْنُ فَذَلِكَ لِلرَّاهِنِ اشْتَرَطَ الْمَالَ رَهْنًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ فَيَلْزَمُ السَّيِّدُ غُرْمٌ مِثْلُهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ كَدَفْعِهِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَاسْتَحَقَّ غُرِّمَ مِثْلَهُ فَإِذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُرْتَهِنُ الْمَالَ رَهْنًا فَلَا مَقَالَ لَهُ وَإِلَّا إِنْ دَعَا إِلَى فِدَاهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَذَلِكَ لِلرَّاهِنِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ يَأْخُذُونَهُ بِمَالِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي مَالِهِ إِذَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْأَرْشِ مَنْ مَالِ الْعَبْدِ قَالَ التُّونِسِيُّ: بَيْعُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَشْبَهُ لِأَن الْمُرْتَهن حل فِيهِ مَحل الْمَجْنِي وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ مَالُهُ رَهْنًا فِي الْجِنَايَةِ لَا يُفْهَمُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ قَصْدُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا بِيعَ بِمَالِهِ أُخِذَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ جَمِيعِ مَا بِيعَ بِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَدْرِ مَا زَادَ مَالُهُ فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ فَنِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ دَيْنِهِ وَالْبَاقِي الزَّائِدُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ رَهْنًا مَعَهُ لِلْغَرِيمِ مَعَ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمَالَ وَالرَّقَبَةَ كَانَا مَرْهُونَيْنِ فِي الْجِنَايَةِ وَقَدْ فَدَاهُمَا الْمُرْتَهِنُ جَمِيعًا فَيبْدَأ من جملَة ثمنهَا وَإِذَا جَنَى فَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فَأَسْلَمَهُ فَافْتَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَى آخَرَ بِمِثْلِ جِنَايَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ زَادَ عَلَى الْجِنَايَةِ فَقَدْ صَار مَالِكًا لَهُ يُخَيّر هُوَ فِي إِسْلَامِهِ كُلِّهِ وَافْتِدَائِهِ وَأَمَّا إِنِ افْتَدَاهُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِهِ ثُمَّ جُرِحَ آخَرُ فَإِن سَيّده يُخَيَّرُ فِي إِسْلَامِهِ كُلِّهِ وَافْتِدَائِهِ بِدِيَةِ هَذِهِ الْجِنَايَة الْأَخِيرَة فَإِن افتداه كَانَ مَرْهُونًا عَلَى حَالِهِ فَإِذَا بِيعَ فَقَدْ قِيلَ يَأْخُذُ مُرْتَهِنُهُ مِنْ ثَمَنِهِ مَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ دِيَةِ الْجُرْحِ الْأَخِيرِ فَيَحْسُبُهُ مِنْ دَيْنِهِ لِأَنَّ جُرْحَهُ الْآخَرَ كَانَ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَالْجُرْحُ الْأَوَّلُ أُولَى مِنَ الرَّهْنِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَيْنِهِ وَمِنَ الدِّيَّةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ الْجُرْحَ الْآخَرَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنَ الْفَضْلَةِ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دِيَةَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ اسْتَوْفَى مِنْهُ بَقِيَّةَ رَهْنِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ دِيَةِ الأولى لم
يَتْبَعْهُ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ دِيَةِ جِنَايَتِهِ الَّتِي كَانَ أَدَّاهَا فَإِنَ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ بَقِيَّةِ دَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ أَتْبَعَهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ إِنْ عَجَزَ الثَّانِي عَنِ الَّذِي أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا الْبَاقِي بَعْدَ جَمِيعِ جِنَايَة وبحه (كَذَا) وَخَالَفَ أَشْهَبُ فَقَالَ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا بِيعَ جَمِيعُ دَيْنِهِ لِأَنَّ الْجُرْحَ الْآخَرَ كَانَ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا كَانَ افْتَدَاهُ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ رُدّ إِلَى السَّيِّدِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْجُرْحَ الْآخَرَ عِنْدَهُ اسْتَغْرَقَ قِيمَتَهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنِ الدَّيْنِ فَيَكُونَ لِلْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِمَّا خَرَجَ وَلَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ عَبْدَهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ فَإِنْ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مُعَجَّلًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ المقرَّ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّمَا تَعَدَّى بَعْدَ أَنْ رَهَنْتُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ ثُمَّ رَهَنَهُ وَرَضِيَ بِافْتِكَاكِهِ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُفِدْهُ وَلَا تحمَّل الْجِنَايَةَ وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهَا أُجبر عَلَى إِسْلَامِهِ وَعُجِّلَ الدَّيْنُ كَمَنْ أَعْتَقَ الرَّهْنَ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَالدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ تَعْجِيلُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ مَنْ هِيَ لَهُ بتعجيلها مَا صَحَّ إِقْرَاره عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا لَهُ تَعْجِيلُهُ وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي إِغْرَامِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ رَهْنِهِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ غَلَّتَهُ فأشهب الْغَاصِبَ وَفِي عَبْدِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُبَاعَ فِيهِ ويتبعونه بِثمنِهِ قَالَ وَانْظُر إِذا اعْتِقْ الْعَبْدُ وَالدَّيْنُ عُرُوضٌ مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ تَعْجِيلَهَا هَلْ يُغَرَّمُ قِيمَتَهُ وَتُوقَفُ أَوْ يَأْتِي بِرَهْنٍ مِثْلِهِ أَوْ يَبْقَى رَهْنًا بِحَالِهِ؟ وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي أَنْ لَا تَتَبَدَّلَ عَلَيْهِ الرِّهَانُ وَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْملك قد قَالَ فِي الرَّهْن يسْتَحق وَقد غَيْرُهُ إِنَّ لِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانَ بِرَهْنٍ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ التَّعْجِيلُ فَقَالَ يَمْضِي الْعِتْقُ وَيُعَجَّلُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُغَرَّمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُعَجَّلُ الدَّيْنُ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَالْأَشْبَهُ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ تُفْهِمَ إِرَادَتُهُ تَعْجِيلَ الدَّيْنِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا جَنَى خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَبَقَائِهِ رَهْنًا أَوْ يُسَلِّمُهُ فَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي ثَلَاثَة: إِسْلَامه وَاتِّبَاع غَرِيمه
مِنَ الْجِنَايَةِ وَإِذَا خَافَ الرَّاهِنُ الْهَلَاكَ عَلَى الزَّرْعِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ النَّفَقَةَ فَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِمَبْلَغِ نَفَقَتِهِ من ثمن الزَّرْع من الْمُرْتَهن وَإِن فضل شَيْءٌ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَعْنَاهُ إِذَا شَرَطَ نَفَقَةَ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنْتَ أَرْضًا فَأخذ السُّلْطَان مِنْك خراجها لن تَرْجِعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَرَاجُ حَقًّا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لم يجد مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إِلَّا بِجَعْلٍ الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو الدَّفْعَ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أكرى الدَّارَ ثُمَّ طَلَبَ أَجْرًا وَمِثْلُهُ يُوَاجِرُ نَفْسَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ: يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى إِصْلَاحِ الزَّرْعِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ الرَّهْنُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَلَدُهَا بِجَمِيعِ الرَّهْنِ لِانْدِرَاجِهِ فِي الرَّهْنِ بِأَجْزَائِهَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا ارْتَهَنْتَ خُلْخَالَيْنِ ذَهَبًا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَهْلَكْتَهُمَا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ كَسَرْتَهُمَا وَقِيمَتُهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تُقَاصِصْهُ بِدَيْنِكَ بل توخذ قيمتهمَا وتوضع عِنْد عدل مطبوع عَلَيْهَا رَهْنًا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذْتَهَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَا فِضَّةً فَلَزِمَتْكَ الْقِيمَةُ دَنَانِيرَ فَإِنْ أَوْفَاكَ أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَإِلَّا صُرِفَتْ لَكَ وَأَخَذْتَ ثَمَنَهَا مِنْ حَقِّكَ لِأَنَّهَا بَدَلُ الرَّهْنِ فَجُعِلَتْ كَالرَّهْنِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ: إِذَا كُسِرَا فَفِيهِمَا نَقْصُ الصِّيَاغَةِ ثُمَّ رَجَعَ لِلْقِيمَةِ ويكونان لَهُ وَلَا يكونَانِ للرَّاهِن لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَلَكِنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ قِيمَتَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: رَوَيْنَا يُطْبَعُ عَلَى
الْقيمَة أَو تُوضَع على يَد عدل بِأَو وَرَجَّحَهَا جَمَاعَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ لِأَنَّ وَضْعَهَا على يَد الْعدْل يغنيها على الطَّبْعِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَلَى السَّلَفِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تُوضَعُ عِنْدَ صَاحِبِهَا مَطْبُوعَةً لِنَفْيِ التُّهْمَةِ بِالطَّبْعِ وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا فَيُخْشَى سَلَفُهَا أَو يرغب فِي عينهَا فيحبسها ويودي ثمنهَا لَكِن يطبع عَلَيْهَا لَيْلًا يَتَعَجَّلَ حَقَّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَقِيلَ تُدْفَعُ الْقِيمَةُ لِرَبِّ السُّوَارَيْنِ إِنْ جَاءَ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَتِ الصِّيَاغَةُ وَعَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ أَنْ يَصُوغَهُمَا قَالَ وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا كَانَ فِي الْخُلْخَالَيْنِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَإِنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَقَالَ الرَّاهِنُ فِيهِمَا كَذَا حلف وَاسْتحق وَإِن كَانَ مِمَّا يخْشَى حلق أَنه دفع للصائع عَن الْعَمَل وَكَذَا وَأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: إِن لَمْ أَفْتَكَّهُ فَهُوَ بِالدَّيْنِ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ غرر وَقَالَهُ الأيمة وَيُنْقَضُ لِلرَّهْنِ وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بِحَقِّهِ وَهُوَ أَحَقُّ مِنَ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِهِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَيُقَاصِهِ بِالدَّيْنِ فَيَرُدُّ الْفَضْلَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ وَاخْتَلَفَ إِذَا فَاتَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَهُوَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ هَلْ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْعَدْلَ قَابَضَهُ أَوْ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَنْ يرد ذَلِك الرضى (كَذَا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَدَ الرَّهْنُ وَحْدَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَمِنْتَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَ لَكَ غُرَمَاء وَلَا مَال لَك غير دينه فعلى غريمك غرم دينك وَله محاصة عزمائك بِقِيمَةِ رَهْنِهِ وَلَا يَكُونُ دَيْنُكَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّكَ لَمْ تَرْهَنْهُ وَلَا لَهُ الْمُحَاصَّةُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَفْتَهُ ثُمَّ ابْتَعْتَ مِنْهُ سلْعَة بِثمن وَلم يذكر أَنَّ ذَلِكَ فِي دَيْنِكَ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ على أَحَدكُمَا فَلَا يكون
وَطِئِهَا حَتَّى يَفْتَكَّهَا وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُجِيزُ هَذَا النِّكَاحَ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْمُسْتَأْجِرَةِ وَالظَّئْرِ اللَّائِي لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهِنَّ وَكُلُّ مَنْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا كَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ وَقَدْ جَاءَ نِكَاحُ الْمُعْتَكِفَةِ مَعَ تَحْرِيمِهِ وَالصَّائِمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا لَمْ يكن لَهُ مَالٌ وَثَمَنُ الْكِتَابَةِ إِذَا بِيعَتْ يُوَفِّي الْكِتَابَةَ بِيعَتْ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُرِيدُ فِي التَّدْبِيرِ أَنه حل الْأَجَل وَهُوَ مُعسر بِيعَتْ الْمُدبرَة لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكِتَابَةُ مِثْلُ التَّدْبِيرِ لَا يَتَعَيَّنُ التَّعْجِيلُ وَقَالَ أَشْهَبُ: هُمَا مِثْلُ الْعِتْقِ يُعَجَّلُ الْحَقُّ فِي الْمِلَاءِ وَإِلَّا بَقِيَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ أَدَّى الدَّيْنَ نَفَذَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ وَإِنْ كَانَ بعض الثّمن يَفِي عُتِقَ الْبَاقِي وَقَالَ أَشْهَبُ: يُبَاعُ الْجَمِيعُ فِي الْوِلَادَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَفَضْلُ ثَمَنِهِ لِسَيِّدِهِ لِتَعَذُّرِ كِتَابَةِ بَعْضِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْقَى فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ رَهْنًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِمَّا تُبَاعُ فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَفِيهَا وَفَاءٌ بِيعَتْ وَلَا يُبَاعُ الْفَضْلُ عَنِ الْوَفَاءِ إِعْمَالًا لِسَبَبِ الْعِتْقِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ لَمْ تُوفِ إِلَّا بِالرَّقَبَةِ بِيعَتْ لِسَبْقِ حَقِّ الدَّيْنِ وَيُبَاعُ الْمُدَبَّرُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ عَلَى حَالِهِ وَلَا عَلَى أَنْ يُقَاوِيَهُ لِلْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ بِالْجَهْلِ بِمدَّة بَقَائِهِ مُدبرا أحبلها بيع بَعْضهَا وَيبقى ياقيها أَمَّ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُبَاعُ بَعْضُ الْمُدَبَّرِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لِلْمُبْتَاعِ وَبَقِيَّتُهُ مُدَبَّرٌ لِجَوَازِ تَدْبِيرِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَلَا ذَلِك فِي الْمكَاتب وَقَالَ أَشهب: إِن كَانَ هَذَا قَبْلَ حَوْزِ الرَّهْنِ نَفَذَ كُلُّهُ وَلَا رَهْنَ لَهُ فِي الْعِتْقِ وَحْدَهُ وَلَا يُعَجَّلُ لَهُ الْحَقُّ وَأَمَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ فَلِلْمُرْتَهِنِ قَبْضُ رَهْنِهِ فَيَبْقَى رَهْنًا بِيَدِهِ وَهُوَ مُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَالْكِتَابَةُ مَعَهُ رَهْنٌ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدبر إِلَّا أَن تشْتَرط فِي اصل الرَّهْن وَالْكِتَابَة كالرقبة كالغلة (كَذَا) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكِتَابَةُ كَالْغَلَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ بِمَلِيءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ لَمْ يُبَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يُعْتَقَ حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلُ بَيْعٍ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَعِتْقِ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبْتَاعُ بَعْضُهُ بِيعَ كُلُّهُ وَمَا فَضَلَ عَنِ الدَّيْنِ يَصْنَعُ بِهِ السَّيِّدُ مَا شَاءَ لِبُطْلَانِ الْعِتْقِ بِالتَّعَذُّرِ قَالَ ابْنُ يُونُس:
لَا يُبَاعُ كُلُّهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ لَعَلَّ السَّيِّدَ يُفِيدُ مَالًا فَيُعْتَقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِن لم يحل الْأَجَل وَقضى الدي الْآن لتعذر الرَّهْن وَلم يُؤَخر الْمُرْتَهن لِأَجْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَضَى الْعَبْدُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا أَعْتَقَ الْمِدْيَانُ فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ رَدَّ الْعتْق وَبيع العَبْد فللعبد أَوْ أَجْنَبِيٍّ دَفْعُ الدَّيْنِ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: يَنْبَغِي لَوْ أَسْلَفَ سَيِّدُهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ الصَّبْرَ بِدَيْنِهِمْ وَإِجَازَةَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَكُنِ اسْتَثْنَى مَالَهُ بَقِيَ دَيْنُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا وَطِئَهَا وَهِيَ تَتَصَرَّفُ فِي حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ فَحَمَلَتْ بِيعَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مَا نَقَصَهَا وطوه وَإِنْ طَاوَعَتْهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا فِي الْإِكْرَاهِ لَا تُعَدُّ زَانِيَةً وَفِي الْمُطَاوَعَةِ زَانِيَةً فَقَدْ دَخَلَهَا الْعَيْبُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نَقْصِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا إِنْ طَاوَعَتْهُ كَالْحُرَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَجَوَابُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا كَالسِّلْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَتْ عِنْدَ عَدْلٍ فَسَلَّمَهَا لِلرَّاهِنِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ فَقِيرٌ ضَمَّنَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَمِينَ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَيَتْبَعُ الْأَمِينُ السَّيِّدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فالمرتهن أَحَق بالجارية إِذْ لَمْ يَعْلَمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: اخْتُلِفَ فِي إِعْتَاقِ الرَّاهِنِ فَفَصَلَ مَالِكٌ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَفَّذَ الْعِتْقَ مِنَ الْمُعْسِرِينَ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَإِنْ أَبْطَلَ حَقَّ الْغَيْرِ وَيَتَعَذَّرُ الْفَرْقُ وَتَتَشَعَّبُ الْفُرُوع وَالْأُصُول وَبَينهمَا (كَذَا) يُحْكَمُ عَلَى الرَّاهِنِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ يُذْهِبُ مَالَهُ وَرَدُّ الْعِتْقِ لَا يَتَعَذَّرُ شَرْعًا فَكَمْ عِتْقٍ يُرَدُّ وَأُمُّ وَلَدٍ تُبَاعُ! قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن لَا يُحْكَمَ بِنُفُوذِهِ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ وَقَبْلَ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ وَالْعَجَبُ مِنْ أَصْحَابِنَا يُبْطِلُونَ الرَّهْنَ بِالْعِتْقِ ويضعفونه مَعَ سريانه للْوَلَد كَمَا يسري الْعتْق
جَارِيَةٌ لِلْعَبْدِ الْوَطْءُ بِخِلَافِ رَهْنِهِ وَجَارِيَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوَازِيَةِ وَلَا فَرْقَ لِشِبْهِ الِانْتِزَاعِ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم إِذْ زَوَّجَهَا وَلَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ فُسِخَ النِّكَاحُ دَخَلَ أَمْ لَا لِتَضَمُّنِهِ النَّهْيَ وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ علم الْمُرْتَهن فاقتضها فَعَلَيْهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ يُوقَفُ مَعَهَا فِي الرَّهْنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَقَصَهَا الِافْتِضَاضُ أَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ غُرِّمَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ وَيُوقَفُ مَعَ الصَّدَاقِ وَلها الْأَكْثَر من الْمُسَمّى أَو صدق الْمثل لعدم تعْيين الصِّحَّة وَلَو افنكها السَّيِّدُ قَبْلَ الْبِنَاءِ انْفَسَخَ لِتَحْرِيمِهِ فِي أَصْلِهِ وَيَقُولُ سَحْنُونٌ أُبِينُهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَالٌ فُسِخَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ حَتَّى بَنَى وَلَهُ مَالٌ تَعَجَّلَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ وَثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَسَخَ وَكَانَ عَلَى الزَّوْجِ الْأَكْثَر مِنَ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ لِلْمُرْتَهِنِ جَمِيعَ دَيْنِهِ لِيَبْقَى النِّكَاحُ أُجْبِرَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ تَصْحِيحِ عَقْدَيِ النِّكَاحِ وَالرَّهْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَطَؤُهَا وَهِيَ رَهْنٌ لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ أَوْ تَعْرِيضٌ لِلِانْتِزَاعِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِذَا رُهِنَ دُونَهَا قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا يَطَؤُهَا لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ وَشَبَّهَهُ بِالْبَيْعِ وَإِذَا زُوِّجَتِ الْأَمَةُ الرَّهْنُ فَسَخَهُ يَحْيَى وَإِنْ أَجَازَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْهَا حَتَّى يَفْتَك لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَطْءِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: بِفَسْخِهِ أَوْ فَوَاتِ عَيْنِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ حَيْثُ يَضْمَنُهُ رَاهِنُهُ أَوْ يَجْنِي العَبْد ويسلمه فَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ وَبِقَضَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) فِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْفَكُّ بِدَفْعِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَأَنَّ أَجْزَاءَهُ مَرْهُونَةٌ كَجُمْلَتِهِ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ يَتَعَلَّقُ بِالْكَفِيلِ الدَّيْنُ وَأَجْزَاؤُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَجُوزُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِعِ الرَّهْنَ وَاسْتَوْفِ الثّمن ثُمَّ اسْتَوْفِ لِنَفْسِكَ وَيَتَّحِدُ الْقَابِضُ وَالْمَقْبُوضُ كَاتِّحَادِ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ إِذَا وَكَّلَتْهُ وَبَيْعِ الْأَبِ مَالَ نَفسه
لِابْنِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَوَقْفِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَقَالَهُ (ح) وَأحمد ابْن حَنْبَلٍ خِلَافًا (ش) مُحْتَجًا بِأَنَّهُ لَا يَبْذُلُ جُهْدَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَهُوَ حِكْمَةُ التَّوْكِيلِ وَجَوَابه الرضي بِاجْتِهَادِهِ كَمَا لَو كَانَ عَاجِزًا نَفَذَ إِجْمَاعًا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ ضَمَانَ الْجَارِيَةِ فَقَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِرَهْنِكَ لَا يَضْمَنُ مَا يَحْدُثُ بِهَذَا الرَّهْنِ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خَوْفُ تَدْلِيسِ الرَّاهِنِ مِمَّا يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ أَضْمَنُ لَكَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَالْإِبَاقَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ ضَامِنٌ لَهُ لَمَّا نَقَصَ مِنْ حَقِّكَ فَيَضْمَنُ كُلَّ شَيْءٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ يُضَمَّنُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الصِّيغَتَيْنِ وَلَا فَرْقَ لِعُمُومِ الصِّيغَةِ وَقِيلَ لَا تَعُمُّ فِي الْوَجْهَيْنِ نَظَرًا لِلْمَقْصُودِ فَتَكُونَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْعُمُومِ إِذَا قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الرَّهْنَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْمُرْتَهَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى كَفَنِ الرَّاهِنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ
3 -
(141 قَالَ قَالَ مَالِكٌ: " إِنْ " تُوُفِّيَ وَتَرَكَ رُهُونًا)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: " إِنْ " تُوُفِّيَ وَتَرَكَ رُهُونًا
مَجْهُولَة الْأَصْحَاب تبَاع وَيتْرك ثمنهَا حَتَّى يويس مِنْهُمْ فَيُوَفَّى الْغُرَمَاءُ بِهَا فَإِنْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ إِذَا خَشِيَ فَسَادَ الرَّهْنِ وَإِلَّا فَيُوقَفُ لِأَنَّهُ رَهْنُكَ إِنْ أَمِنَ الْفَسَادَ فَإِنْ خُشِيَ عَلَيْهِ بِيعَ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا وَلَا يُبَاعُ الْمَأْمُونُ إِلَّا بِرِضَاكُمَا بِخِلَافِ الْمُتَقَارِضَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي مَبْلَغِ الْقِرَاضِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِأَنَّكَ مُخْتَصٌّ بِالرَّهْنِ بِخِلَافِ الْمُقَارِضِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا قُلْتَ دَعِ الرَّهْنَ عِنْدِي إِلَى غَدٍ فَأُسَلِّفَكَ فَيَهْلِكَ قَبْلَ غَدٍ ضَمِنْتَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ لَمْ تُؤْتَمَنْ بَلْ أَخَذْتَهُ رَهْنًا
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا قَامَ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَالْآخَرُ قَدْ أَنْظَرَهُ سَنَةً بِحَقِّهِ إِنْ لَمْ تُنْقِصْ قِسْمَةُ الرَّهْنِ حَقَّ الْمُتَأَخِّرِ بِيعَ لِهَذَا نَصِفُهُ فَوَفِّي حَقَّهُ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ فَأُعْطِيَ هَذَا حِصَّتَهُ وَدُفِعَتِ الْبَقِيَّةُ لِلرَّاهِنِ إِنْ رَضِيَ الَّذِي أَنْظَرَهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ مَا أَنْظَرَهُ إِلَّا لِيُوقِفَ لَهُ رَهْنَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ أُعْطِيَ حَقُّهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا ارْتَهَنَا لَا يَقْضِي أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ رَهْنَا لَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ لِلضَّرَرِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ قَبَضَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَقَالَ (ح) الشَّرِيكَانِ وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ مُطْلَقًا وَقَالَ (ش) الشَّرِيكَانِ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ رَاهِنَانِ أَوْ مُرْتَهِنَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِبَاطِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ الرَّهْنَ ابْنُهُ لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِالدَّيْنِ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ لَا يُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَيُعَجَّلَ الْحَقُّ وَإِنْ لَمْ يَحُلَّ لِانْخِرَامِ الرَّهْنِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: إِذَا اسْتَحَالَ الْعَصِيرُ خَمْرًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا بَقِيَ رَهْنًا وَقَالَ (ش) إِنْ صَارَ الْعَصِيرُ خَلًّا بَقِيَ رَهْنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْمَالِيَّةِ وَإِنْ صَارَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ خَمْرًا زَالَ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ كَالْحَيَوَانِ يَمُوتُ فَإِنْ تَخَلَّلَتْ عَادَ الْمِلْكُ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ يُدْبَغُ وَيَعُودُ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ آخَرَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَعَمِلَ لِلسَّبَبِ السَّابِقِ وَإِنْ صَارَ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ فَإِنْ عَادَ لَمْ يَعُدِ الرَّهْنُ وَقَالَ (ح) لَا يَبْطُلُ الْمِلْكُ بِالْخَمْرِيَّةِ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ كَالْعَبْدِ يرْتَد
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النِّزَاعِ)
إِذَا قَالَ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ سَلَّمْتَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَجَحَدَ الْمُرْتَهِنُ [ضَمِنَ الْمَأْمُورُ] لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ بِعْتُ بِمِائَةٍ وَسَلَّمْتُهَا لَهُ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَاعَ بِخَمْسِينَ وَقَبَضْتُهَا ضَمِنَ الْمَأْمُورُ خَمْسِينَ بِإِقْرَارِهِ كَمَأْمُورٍ يَدْفَعُ مِائَةً فَيَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ إِلَّا خَمْسِينَ ضَمِنَ الْخَمْسِينَ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا غَرِمَ الْمَأْمُورُ خَمْسِينَ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَهْنًا وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي بِكَمْ بَاعَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إِلَّا خَمْسِينَ وَحَلَفَ وَأُغْرِمَ الْعَدْلُ الْخَمْسِينَ الْأُخْرَى لَكَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْآمِرُ بِالْبَيْعِ لِصِدْقِ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ فِي دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى الْبَيْعِ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْآمِرِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ لِلْمُرْتَهِنِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ بَاعَ بِخَمْسِينَ بَلِ الرَّاهِنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يُصَدَّقُ الْعَدْلُ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَا يشبه
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: [إِن] قَالَ الرَّاهِنُ لَمْ يَحُلَّ الْأَجَلُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُلُولِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا قَالَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ فَوْتِ السِّلْعَةِ عِنْدَهُ الثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ حَالَ صِدْقِ الْمُبْتَاعِ فِي الْأَجَلِ الْقَرِيبِ دُونَ الْبَعِيدِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْأَجَلِ وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ حَالًّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْجِيلِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إِلَّا مَا ادَّعَى قَالَ التُّونِسِيُّ: اخْتِلَافُهُمْ بَعْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قِلَّةِ الثَّمَنِ يُصَدَّقُ الْمَطْلُوبُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْحُلُولَ أَنْ يُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَوْتِ وَإِنْ رَأَى ابْن الْقَاسِم
أَحْكَامه وَهُوَ التَّوَثُّقُ وَلَمْ تَتَعَيَّنِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْبَدَلَ أَعَمُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتِمُّ أَيْضًا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْبَدَلُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ مُطْلَقًا لِمَا قَدْ تَقَرَّرَ بَلْ فِي الْوَجْهِ الَّذِي جُعِلَ بَدَلًا فِيهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَا بُدَّ مِنْ تحقيقها فِي الْمقَام فعلَيْهَا مدَار بحثها مَعَ الْفَرْقِ وَهِيَ عَشَرَةٌ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ: إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّرَاهُنِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَزَادَ سُوقُهُ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى قِيمَتِهِ الْآنَ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إِنَّمَا يَعْتَبِرُ وُجُودَهُ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِيمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ الْآنَ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى دَعْوَاهُ وَيُبَرَّأُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قُلْتَ رُهِنَتْ فِي مِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ هِيَ لَكَ عَلَيَّ وَإِنَّمَا رُهِنَتْ فِي خَمْسِينَ صُدِّقَتْ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَتْ خَمْسِينَ لَهُ تَعْجِيلُهَا وَأَخْذُ رَهْنِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِهَانٍ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ ضَاعَ عِنْدَكَ وَاخْتَلَفْتُمَا فِي قِيمَتِهِ تَوَاصَفْتُمَاهُ وَتُصَدَّقُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّكَ غَارِمٌ ثُمَّ تَقُومُ تِلْكَ الصِّفَةُ فَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا صُدِّقْتَ فِي مَبْلَغِ قِيمَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ: يُرِيدُ بِتَصْدِيقِكَ فِي الصِّفَةِ إِذَا ادَّعَيْتَ ضَيَاعَهُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ فِي قِيَامِهِ يَنْظُرُ لِلْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي ضَيَاعِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي الْحَالَيْنِ يَوْمَ الْقَبْض لِأَنَّهُ يَوْم الرضى بِالتَّوَثُّقِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْأَسْوَاقُ بَعْدَ هَذَا وَفِي الْمُوَازِيَةِ: مَتَى ثَبَتَ هَلَاكُهُ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مِمَّا لَا يُضْمَنُ لَا يَشْهَدُ لَكَ وَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنُ إِلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُوَازِيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى الذِّمَّةِ وَأَنَّ حَقَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي عَيْنِ الرَّهْنِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَتَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْكِتَابِ أَنَّهُ شَاهِدٌ على الذِّمَّة يشْهد فِي قِيَامه وتلفه كإقراره وَاخْتلفت هَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنُ حَلِفٌ أَمْ لَا؟ وَالْحَلِفُ أَصَحُّ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي أَيْمَانِهِمَا مَعًا إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ دُونَ مَا ادَّعَاهُ وَفَوْقَ مَا أَقَرَّ بِهِ الرَّاهِنُ وَسُكِتَ فِي الْكِتَابِ عَنْ يَمِينِ الْمُرْتَهِنِ وَبَيَّنَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ فَقَالَ: يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ دَيْنٍ وَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ بَيْنَ إِعْطَاءِ ذَلِكَ وَأَخْذِ رَهْنِهِ أَوْ يَحْلِفُ وَتَبْطُلُ عَنْهُ الزِّيَادَةُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى دَعْوَاهُ وَعَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ إِذَا شهِدت
لَهُ عَلَى غَيْرِهِ: كَمَا لَوِ ادَّعَى عِشْرِينَ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: وَفَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى عِشْرِينَ فَوَجَبَ لَهُ أَخْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيُجْبِرُهُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ فَنَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَلَيْسَ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ فَيَصِيرُ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ عَلَى دَعْوَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى جَمِيعِ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَقَلَّ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكِمِ لَا يَوْمَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كَالشَّاهِدِ وَإِنَّمَا قَامَ بِشَهَادَتِهِ عِنْدَ الْحُكْمِ فَوَجَبَ النَّظَرُ إِلَيْهَا يَوْمَ الْحَاجَةِ فَأَمَّا إِذَا ضَاعَ فَيَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَشَاهِدٍ شَهِدَ ثُمَّ ذَهَبَ فَيُنْظَرُ إِلَى شَهَادَتِهِ حِينَ أَدَائِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ إِنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا إِذَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ وَهُوَ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَشْهَدْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ هَلْ يَكُونُ شَاهِدًا أَمْ لَا؟ فَفِي الْمُوَازِيَةِ: شَهِدَ عَلَى يَدَيِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الدَّيْنِ لَشَهِدَ بِمَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ كَقَوْلِهِ هُوَ عِنْدِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَقُولُ الرَّاهِنُ فِي مِائَةِ إِرْدَبٍّ قَمْحًا قَرْضًا وَكَانَتْ أَقَلَّ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ فِي مِائَةٍ وَقُلْتَ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَالْقِيمَةُ مِائَةٌ حَلَفَ وَقِيلَ لِلرَّاهِنِ ادْفَعْ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَخُذْ رَهْنَكَ أَوِ احْلِفْ وَابْرَأْ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِائَةً وَعشْرين بيَدي الْمُرْتَهِنِ فَحَلَفَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِنْ شَاءَ حلف على مائَة وَعشْرين وانفك مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَا سَبِيلَ لِلرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنِ الرَّهْنُ إِلَّا فِي قِيمَتِهِ لِتَسَاوِيهِمَا وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا جَمِيعًا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ. وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَهُ دَيْنٌ بِكِتَابٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الرَّهْنَ فَقَالَ لَهُ عِنْدِي هَذَا الرَّهْنُ بِمِائَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بِهَا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ وَفِيهِ خِلَافٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ قَالَ إِذَا وُجِدَ الرَّهْنُ فِي التَّرِكَةِ وَقَالَ الْوَارِثُ لَا عِلْمَ لِي فِي كم رهن وَهُوَ يُسَوِّي خَمْسَةً وَقَالَ الرَّاهِنُ فِي دِينَارٍ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ وَلَا يكون إِقْرَاره بالرهينة دَلِيلا على أَنه فِي قِيمَته وَإِذا رهنته بِحَضْرَة بَيِّنَة ثمَّ قَالَ المترهن جَاءَنِي الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنِّي غَيْرَ الَّذِي
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا قُلْتَ الدَّيْنُ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَّ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَ مَا أَقْرَرْتَ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّنَانِيرِ صُدِّقْتَ أَوْ أَقَلَّ صُدِّقَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي كَثْرَةِ النَّوْعِ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إِذَا تَنَازَعَا تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُرْتَهن أَنْت خبيته صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ إِنِ اتُّهِمَ كَالْوَدِيعَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَفِيَ الْعُتْبِيَّةِ: لَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ صَادِقٌ أَنَّهُ عِنْدَكَ
(فَرْعٌ)
فِي الْجُلَّابِ: إِذَا تَنَازَعْتُمَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ لَمْ تُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْمُودِعَ أَمِينٌ مُطْلَقًا وَالْمُرْتَهِنَ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ ضَاعَ عِنْدَ الْأَمِينِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ وَضَعَهُ عِنْدَ الْأَمِينِ إِلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَمِينِ إِنْ كَانَ الْأَمِينُ عَدْلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَ بِشَرْطِ وَضْعِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَارَ الْمُرْتَهِنُ كَالرَّسُولِ أَوْ كَالْمُودِعِ يُؤْمَرُ بِإِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ فَيَدَّعِي أَنَّهُ فَعَلَ وَضَاعَتْ هُنَالِكَ وَعَنْهُ لَا يَبْرَأُ فِي الرَّهْنِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ لِلْأَمِينِ وَالْفَرْقُ شَائِبَةُ الضَّمَانِ وَالتُّهْمَةِ فَإِنْ دَفَعَهَ لِغَيْرِ عَدْلٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْعَدْلِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ وَادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ عَدَالَتِهِ صُدِّقَ إِلَّا فِي الْمَشْهُورِ بِالْفِسْقِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي إِيدَاعِهَا فَضَاعَتْ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَاعَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ صدق الْمُرْتَهن مَعَ يمنيه فِي قِيمَتِهِ وَسَقَطَ مِنَ الدَّيْنِ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَإِذا قلت هما رهن بِأَلف و " قَالَ " الْآخَرُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ صُدِّقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رَهْنِهِ وَلَوْ كَانَا نَمَطًا وَجُبَّةً فَهَلَكَ النَّمَطُ فَقُلْتَ هُوَ وَدِيعَةٌ وَالْجُبَّةُ رَهْنٌ وَعَكَسَ الرَّاهِنُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَضْمِينِهِ وَلَا أَنْتَ فِي الرَّهِينَةِ وَيَأْخُذُ الْجُبَّةَ رَبُّهَا قَالَ ابْنُ يُونُس: يُرِيد ويحلفان قَالَ ابْن يُونُس: إِنْ رَهَنَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدَّهُ وَأَخَذَ دَيْنَهُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّد قَالَ المَخْزُومِي: إِن أعرته ليرهن نَفسه لَمْ يَكُنْ رَهْنًا إِلَّا بِمَا أَذِنْتَ لَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ مُدَّعٍ لِأَنَّكَ فَعَلْتَ مَعْرُوفًا وَلَا تَكُونُ تشهد للْمُرْتَهن لِأَن اسْتَحْقَقْتَهُ وَبَقِيَ الدَّيْنُ كَدَيْنٍ لَا رَهْنَ فِيهِ فَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ إِلَّا فِي أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَيْتَهُ فَيصدق الْمُرْتَهن حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رهن لَهُ وَيُبَاعُ لَهُ إِنْ أُعْدِمَ الرَّاهِنُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا أَرْسَلْتَهُ لِيَرْهَنَ ثَوْبًا فِي خَمْسَةٍ وَقُلْتَ وَصَلَتْ إِلَيْكَ وَقَالَ الرَّسُولُ بَلْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ المُرتهن فِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ عَشَرَةٌ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَنْت وتغرم عشر ة قِيمَةَ الثَّوْبِ إِنْ أَحْبَبْتَ أَخْذَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ يَمِينًا لَكَ لَقَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ عَشَرَةٌ وَيَمِينًا لِلْمُرْتَهِنِ مَا رَهَنْتُهُ إِلَّا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَغْرَمُ لَكَ خَمْسَةً وَلَوْ قَامَتْ لَكَ بَيِّنَةٌ وصدَّقك الرَّسُولُ أُعْطِيتَ خَمْسَةً وَأَخَذْتَ رَهْنَكَ وَحَلَفَ الرَّسُولُ لِلْمُرْتَهِنِ وَبَرِئَ وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمُرْتَهِنُ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِعَشَرَةٍ صُدِّق إِلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ تَفتَكُّ أَنْتَ رَهْنَكَ بِقِيمَتِهِ أَوْ تَتْرُكْهُ بِمَا فِيهِ وَإِنِ ادَّعَى [الْمُرْتَهِنُ] أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ حَلَفَ الرَّسُولُ مَا أَرْسَلَهُ إِلَّا بِخَمْسَةٍ وَبَرِئَ وَلَمْ " يُطَالِبْهُ " الْآمِرُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ بِشَيْءٍ وَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّسُولِ بِخَمْسَةٍ إِذَا كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي عَشَرَةً إِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً وَأَخَذَ رَهْنَهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي كَانَ يُصدقه انتُزع بِالْبَيِّنَةِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِقِيمَتِه
وَإِنِ ادَّعَى الْعِلْمَ بِخَمْسِينَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ الْخَمْسِينَ لِلْمُرْتَهِنِ بَلْ لِلرَّاهِنِ لِتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ وتردّد اللَّخْمِيّ فِي أَخذه إِيَّاهَا مواخذة بِظَاهِرِ الْعَدْلِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لَوْ وُجد الرَّهْنُ بِيَدِهِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَادَّعَى قَبْضَهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَجَحَدَهُ الْغُرَمَاءُ لَجَرَى الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي الصَّدَقَةِ تُوجَدُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَدَّعِي قَبْضَهَا فِي صِحَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ لِلْغُرَمَاءِ حقٌّ لصُدِّق وَشُهِدَ لَهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: إِذَا انْهَدَمَتْ دَارٌ فَتَقُومُ عَلَيْهَا فَلَكَ الْأُجْرَةُ إِنْ كَانَ مِثْلُكَ يَعْمَلُ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ مَا تبرَّعت
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعى رَجُلٌ بَعْدَ حَوْزِكَ مُدَّةً أَنَّهُ ارْتَهَنَ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الرَّهْنِ وَالْحِيَازَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِرَهْنِكَ يبدأُ الْأَوَّلُ وَلَكَ مَا بَقِيَ دُونَ الْغُرَمَاءِ قَالَ لِأَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ حَوْزِهِ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِلرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُرْتَهِنُ فَيَسْكُتَ فَلَوْ علم الأول بَطل حَقه
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَهنتَ سوارَ امْرَأَتِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فعلِمَتْ أَوْ أَعْلَمْتَهَا إِنْ طَلَبَتْ بِالْقُرْبِ وَحَلَفَتْ مَا دَفَعْتُهُ لَكَ فَذَلِكَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا لِرِضَاهَا بِالرَّهْنِ وَعَنْهُ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الطُّولِ وَتَحْلِفُ مَا رَضِيتُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرضى وَهَذَا إِذَا لَمْ تَحْضُرْ الِارْتِهَانَ وَإِلَّا فَإِنْ بَادَرَتْ فَلَهَا وَإِنْ سَكَتَتْ وَأَنْكَرَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا وَإِنِ انْفَصَلَا عَنِ الْمَجْلِسِ لَزِمَهَا اتِّفَاقًا
(كِتَابُ التَّفْلِيسِ وَدُيُونِ الْمَيِّتِ)
وَفِيهِ نَظَرَانِ: النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي التَّفْلِيسِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَحَطُّ النُّقُودِ كَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا التَّافِهَ مِنْ مَالِهِ والمِديان مِنَ الدَّيْنِ أَيِ الطَّاعَةُ دَانَ لَهُ إِذَا طَاعَ وَفِي الْحَدِيثِ: الكَيّس مَنْ دانَ نَفْسَهُ أَيْ أَذَلَّهَا والدَّين مَذَلَّةٌ والدَّين مَاله أجل وَالْقَرْض مَالا أَجَلَ لَهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ صَاحب التَّنْبِيهَات ويتمهد هَذَا النّظر بتلخيص السَّبَبِ وَأَحْكَامِهِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: السَّبَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْتِمَاسُ الْغُرَمَاءِ أَوْ بَعْضِهِمُ الْحَجْرَ فِي الدُّيُونِ الْحَالَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى قَدْرِ مَالِ الْمِدْيَانِ وَأَصْلُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ: أُصيب رجلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فكثُر دينُه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - تصدَّقوا عَلَيْهِ فتصدَّق النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَينه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - خُذوا مَا وَجدتُم فَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ وَلم يزدْ صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى خَلْعِ مَالِهِ لَهُمْ وَلَمْ يحبِسه وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَسْتَسْعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي اسْتِسْعَائِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فنظرة إِلَى ميسرَة} وَقَالَ شُرَيْحٌ: يُحْبَسُ وَالْآيَةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ عِنْدَهُ فِي الرِّبَا لَو كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ تَعَالَى ذَا عُسرةٍ - بِالنَّصْبِ - حَتَّى يعود الضَّمِير على المُرابي وَمَا قُرئي إِلَّا بِالرَّفْع أَي إِن وُجد ذُو
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْغُرَمَاءُ ثَلَاثَةٌ غنيٌ مطلُه حَرَامٌ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - " مطلُ الغنيِّ ظُلْمٌ " ومُعسرٌ وَهُوَ أَعْسَرُ مِنَ العُدم فَكُلُّ مُعدِم معسرٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَالْمُعْسِرُ الَّذِي لَيْسَ بمُعدم مَنْ يضرُّه تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ فتأخيره مَنْدُوب ومطله هُوَ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِي الْأَدَاءِ غَيْرُ حَرَامٍ قَالَهُ شُيُوخُ قُرْطُبَةَ وَقَالُوا لَا يَلْزَمُ بَيْعُ عُرُوضِهِ وَعَقَارِهِ فِي الْحَالِ تَدُلُّ الرِّوَايَاتُ بِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ الْأَنْدَلُسِ مِنَ التَّوْكِيلِ عَلَيْهِ وَإِلْزَامِهِ تَعْجِيلَ الْبَيْعِ وَالْمُعْسِرُ المُعدم يَجِبُ إِنْظَارُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الْغَرِيمُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَدَاءِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ عُدمُه فِي دَيْنِ الْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْغَالِب على النَّاس الْكسْب وَالتَّحْصِيلُ وَيَجْرِي عِنْدِي فِي الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عِوَضًا خلافٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ عَن امْرَأَته ثمَّ يَطْلُبهُ بِالنَّفَقَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: من أحَاط الدّين بِمَا لَهُ حُرمت هِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ ورُدّ إِقْرَارُهُ لِمَنْ يُتَّهم عَلَيْهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ حَتَّى يُحجر عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْإِنْفَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَمَنْ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَيَتَزَوَّجُ مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يُحجر عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يُصالح عَنْ جِنَايَةِ قِصَاصٍ مِمَّا بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ " الَّذِي " لَيْسَ فِيهِ قِصَاصٌ وَتَبَرُّعَاتُهُ جَائِزَةٌ إِنْ شُك فِي اسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ حَتَّى تُعلَم إِحَاطَتُهُ وَقَالَ (ش) التَّبَرُّعَاتُ نَافِذَةٌ حَتَّى يُحجر عَلَيْهِ
لَنَا أَنَّهُ يَضِيعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمَالُ الْمُتَعَيَّنُ لَهُمْ فَيَمْتَنِعُ كَالتَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: إِذَا تَصَدَّقَ وَأَعْتَقَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ فِعْلَهَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ حِينَ الصَّدَقَةِ لَا وَفَاءَ عِنْدَهُ فَلَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا فضلٌ لَمْ يُرَدَّ الْفَضْلُ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَوَارَثَ الْأَحْرَارَ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِهِ وَلَا يُسمع إِقْرَارُهُ بِإِسْقَاطِ أَمَتِهِ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ مِنَ النِّسَاءِ أَوْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ قَبْلَ دَعْوَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمَهْرُ الْمُؤَجَّلُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ يُحيط بِمَالِهِ يُمْنَعُ الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا فِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ ثُمَّ دَايَنَ رُدَّ لِلْأَوَّلِينَ بِقَدْرِ الَّذِي لَهُمْ وَيَدْخُلُ مَعَهُمُ الْغُرَمَاءُ الْآخَرُونَ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ آخَرُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا حَاصَّ الْآخَرُونَ مَعَ الْأَوَّلِينَ بِيعَ لِلْأَوَّلِينَ ثَانِيَةً بِقَدْرِ مَا نَقَصَهُمُ الْآخَرُونَ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْآخَرُونَ وَهَكَذَا حَتَّى يُبَاعَ الْعَبْدُ كُلُّهُ وَإِحَاطَةُ الدَّيْنِ يَمْنَعُ مِنْ تَحَمُّلِ الْحَمَالَةِ كَصَدَقَتِهِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُكَلَّفُ الْغُرَمَاءُ حُجَّةً عَلَى عَدَمِ غَرِيمِهِمْ وَيَقُولُ على أَنه لَو كَانَ لظهر مَا اسْتَقَاضَةِ الْحَجْرِ وَيَكْفِي طَلَبُ الْبَعْضِ لِلْحَجْرِ وَإِنْ كَرِهَ الْآخَرُونَ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ش) خِلَافًا (ح)
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا قَامَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَالِّ دُونَ صَاحِبِ الْمُؤَجَّلِ بِطَلَبِ التَّفْلِيسِ وَبِيَدِ الْمَطْلُوبِ كَفَافُ الْحَالِ فُلِّسَ حَتَّى يَكُونَ بِيَدِهِ فَضْلَةٌ عَنْهُ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤَجَّلِ إِذَا لَمْ يَجِدْ فَضْلَةً أَنْ يَقُولَ خَرِبَتِ الذِّمَّةُ قَالَ التّونسِيّ: يُرِيد بالفضلة مَا يُمكن الْمُعَامَلَة بِهِ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ كَفَافًا لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ وَلَهُ مُؤَجَّلٌ مِثْلُ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي الْعَدَدِ وَالْأَجَلِ عَلَى مُوسِرٍ أَوْ يَحُلُّ دَيْنُهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا فَإِنْ بِيعَ الْآنَ وَفَّى وَأُجِّلَ دَيْنُهُ قَبْلُ وَهُوَ أَقَلُّ وَيُرْجَى بَعْدَ قَبْضِهِ وَالتَّجْرِبَةُ أَنْ يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفَلَّسْ
وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ إِذَا كَانَ مَالُهُ وَفَاءً بِجَمِيعِ دينه وَلم يُفَلَّسْ وَإِلَّا فُلِّسَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّ مَنْ حَلِّ فِيهِ لَمْ يُفَلِسْ وَلَيْسَ يُحْبَسُ وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهُ إِتْلَافٌ وَخَشِيَ صَاحِبُ الْمُؤَجَّلِ أَلَّا يَجِدَ عِنْدَ الْأَجَلِ شَيْئًا فَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَيَحِلُّ دَيْنُهُ إِلَّا أَنْ يُضْمَنَ لَهُ أَوْ يَجِدَ ثِقَةً يَتَّجِرُ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: إِنْ كَانَ غَائِبًا وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَعَنْ مَالِكٍ يُفَلَّسُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كُتِبَ إِلَيْهِ وَكُشِفَ عَنْ أَمْرِهِ لِيَظْهَرَ مِلَاؤُهُ مَنْ عَدَمِهِ وَالْبَعِيدُ الْغَيْبَةُ إِنْ جُهِلَ حَالُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفَلَّسُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا حَدَثَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ وَبِمَذْهَبِنَا قَالَ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لَمْ يُنَفَّذْ حَجْرُهُ لِأَنَّ الْغَائِبَ لَهُ حُجَّتُهُ لَنَا أَنَّ ضَرَرَ الْغُرَمَاءِ قَدْ ظَهَرَ فَيُعْمَلُ بِهِ كَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِلْغَائِبِ عِنْدِي هَذَا الْمَالُ قَضَى الْحَاكِمُ الْغُرَمَاء مِنْهُ قَالَ سُحْنُونٌ مُوَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ هَذَا الْإِقْرَارِ لِحَقِّ الْغُرَمَاء فِيهِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ فَمَكَّنَهُمْ مِنْ مَالِهِ فَبَاعُوهُ وَقَسَّمُوهُ ثُمَّ دَايَنَ آخَرِينَ لَا يَدْخُلُ الْأَوَّلُونَ مَعَهُمْ وَتَمَكُّنُهُ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ وَلَوْ قَامُوا فَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئًا فَتَرَكُوهُ فداينه آخَرُونَ لَيْسَ هَذَا بتفليس وَيَتَحَاصَّ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ بِخِلَافِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ مِنَ الْكَشْفِ مَا لَا يَبْلُغُهُ الْغُرَمَاءُ قَالَ وَلَو عملت بلوغهم كشف السُّلْطَان رَأَيْته تفليسه
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ لَكَ فِي دَيْنِكَ الْحَالِّ أَنْظِرْنِي إِلَى الصَّوْمِ فَقُلْتَ أُنْظِرُكَ إِلَى أَنْ يَتَهَيَّأَ لَكَ فَإِنْ أَشْهَدْتَ لَهُ بِذَلِكَ لَزِمَكَ وَإِلَّا فَتَحْلِفُ مَا أردْت إِلَّا أَن يَتَهَيَّأَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ قَالَ أَصْبَغُ وَلَيْسَ لَكَ قَبْلَ الصَّوْمِ طَلَبٌ إِذَا لم يتهيأ
لَهُ بِغَيْرِ مَوْتِهِ مِنْ بَيْعِ عَقَارٍ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا اسْتَنْظَرَكَ مَخَافَةَ ذَلِكَ وَإِذَا حَلَّ الصَّوْمُ أَخَذْتَهُ بِهِ وَحَلَفْتَ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ الْمُبْهَمُ إِلَى أَنْ يَتَهَيَّأَ فَإِلَى زَمَنِ التَّهَيُّؤِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ بِسَاطٌ فِي التَّأْخِيرِ لِزَمَنِ مُعَيَّنٍ فَلَا يتَجَاوَز وَأَمَّا أَحْكَامُهُ فَعَشَرَةٌ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: جَمْعُ مَالِهِ وَبَيْعُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ قَامَ بِدَيْنٍ عَلَى غَائِبٍ وَلَعَلَّهُ كَثِيرُ الْمُدَايَنَةِ لِغَيْرِ مَنْ حَضَرَ بِيعَ عَرْضُهُ لِمَنْ حَضَرَ وَلَيْسَ كَالْمَيِّتِ فِي الِاسْتِينَاءِ لِاجْتِمَاعِ مَنْ يَطْرَأُ مِنْ غُرَمَائِهِ لِبَقَاءِ ذِمَّةِ هَذَا دُونَ الْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَسْتَأْنِي كَالْمَيِّتِ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ لِتَوَقُّعِ الضَّرَرِ عَلَى الْغَائِبِ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِيهِمَا قَالَ التُّونُسِيُّ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ لَا يُفَلَّسُ وَبِعِيدُهَا مَجْهُولُ الْمَلَاءِ وَمَعْرُوفُهَا لَا يُفَلَّسُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ مِنْ دَيْنِهِ وَيَأْخُذُ مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ مَا حَضَرَ وَيُحَاصُّ فِيهِ إِنْ لَمْ يَفِ بِالْمُؤَجَّلِ وَلَا يَكُونُ وَاجِدُ سِلْعَتِهِ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفْلِيسِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ كَالْحَاضِرِ الْغَائِبِ مَالُهُ قَالَ أَصْبَغُ وَيُكْتَبُ تَفْلِيسُهُ حَيْثُ هُوَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَشْهَبَ إِنَّمَا فَلَّسَهُ لِإِمْكَانِ تَلَفِ الْمَالِ فَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ فَكَيْفَ يَحِلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْمُؤَجَّلِ وَقَدْ ذَهَبَتِ الْعِلَّةُ؟ قَالَ ابْنُ يُونُس: تبَاع دَاره وخاتمه وَسَرْجُهُ وَسِلَاحُهُ وَلَا تُبَاعُ ثِيَابُ جَسَدِهِ دُونَ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إِنْ كَانَتْ لَهُمَا قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَيُبَاعُ سَرِيرُهُ وَسَيْفُهُ وَرُمْحُهُ وَمُصْحَفُهُ دُونَ كتب الْعلم فِي دين الْمَيِّت وَالْوَارِث غَيره فِيهَا سَوَاءٌ مِمَّنْ هُوَ لَهَا أَهْلٌ قَالَهُ سُحْنُونٌ وَخَالَفَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ مَقْصُودَةٌ بِالْأَعْوَاضِ كَسَائِرِ الْمُتَمَوَّلَاتِ وَلَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْقُرْبِ كَالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِ بِيعِ الْمُصْحَفِ بِخِلَافِ كُتُبِ الْعِلْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفُلَّسِ أَنْ يواجروا أم وَلَده ويواجروا مُدَبَّرَهُ وَيَبِيعُوا كِتَابَةَ مُكَاتَبِهِ لِقَبُولِ ذَلِكَ لِلْمُعَارَضَةِ وَهِيَ فِي حَوْزِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى اعْتِصَارِ مَا وهب لوَلَده وَلَا أَخذه شُفْعَتِهِ وَلَا قَبُولِ هِبَتِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ " خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ "
وَإِذَا اشْتَرَى أَبَاهُ بِيعَ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ بِخِلَافِ لَوْ وُهِبَ لَهُ لِانْخِرَامِ مَقْصُودِ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ أَبُوهُ فَيُبَاع لعدم قَصده الْعتْق فِي النَّوَادِرِ: الْمِيرَاثُ كَالشِّرَاءِ يُبَاعُ أَيْضًا وَلَوْ دَبَّرَ وَلَدَ أَمَتِهِ الصَّغِيرَ ثُمَّ اسْتَدَانَ وَفُلِّسَ لَا تُبَاعُ الْأَمَةُ لِلتَّفْرِقَةِ لَكِنْ تُخَارَجُ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ خَرْجَهَا إِلَى مَبْلَغِ حَدِّ التَّفْرِقَةِ فَتُبَاعُ وَيُبَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ فَتُبَاعُ الْأَمَةُ إِنْ وَفَتِ الدَّيْنَ وَيُعْتَقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ وَفَى بَعْضَهَا عُتِقَ مِنْ بَاقِيهَا وَفِي بَقِيَّةِ مَبْلَغِ الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَدَّعِ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَبَّرَةَ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ قَالَ سُحْنُونٌ: لَا يُجْبَرُ وَرَثَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى بَيْعِ خَمْرِهِ وخنازيره وَإِن لم يَرك غَيْرَ ذَلِكَ بَلْ يَتَرَبَّصُ الطَّالِبُ فَإِنْ بَاعُوا وَصَارَ مَالًا طُلِبَ وقُضي لَهُ بِهِ وَكَذَلِكَ مركبٌ بِسَاحِلِنَا فِيهِ خَمْرٌ وَإِنْ قَالَتِ امْرَأَةُ الْمُفَلَّسِ هَذِهِ الْجَارِيَةُ لِي وَصَدَّقَهَا وَقَالَ الْغُرَمَاءُ بَلْ لَهُ قَالَ سُحْنُونٌ إِنْ كَانَتْ فِي حِيَازَةِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجُ يَقُومُ بِهَا لَمْ تُصَدَّقْ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ لِلتُّهْمَةِ فِي الْحَوْزِ لَهَا عَنِ الْغُرَمَاءِ وَوَافَقَنَا (ش) فِي بَيْعِ دَارِهِ وَخَادِمِهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ وَخَالَفَ ابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ مَالِكٌ: ويُستاني بِرُبُعِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لِتَوَقُّعِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ مَعَ الْأَمْنِ عَلَيْهِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ مُدَّةً يَسِيرَةً وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ لِقُرْبِ تَغَيُّرِهِ وَلَا يَبِيعُ السُّلْطَانُ إِلَّا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِتَوَقُّعِ الزِّيَادَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ أَعْظَمَهَا وَتَكُونَ الْمُبَادَرَةُ إِلَيْهِ مُتَعَيِّنَةً خَشْيَةَ الرُّجُوعِ عَنْهُ فَلَا يُؤَخَّرُ وَالْعَادَةُ أَنْ يَبِيعَ الْقَاضِي بَيْعَ خِيَارٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الْعَادة فَلهُ الْقيام فِي تَنْجِيز البيع أَو الرَّد إِنْ كَرِهَ الْبَقَاءَ عَلَى الْخِيَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: ويُترك لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ وَقَالَ نَحْوَ الشَّهْرِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ تُرك لِأَنَّ الْحَيَاةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ إِزَالَةُ ضَرَرِهِ بِمَالِهِ فَأَوْلَى التَّأْخِيرُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ وَقَالَ (ش) إِنْ كَانَ لَهُ كسب
فَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَإِلَّا تُرك لَهُ مَا يَحْتَاجُهُ إِلَى انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَل ينْفق على الْفلس وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ إِلَى حِينِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ يَكْتَسِبُ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ أُنفق عَلَيْهِ مُدَّةَ الْحَجْرِ وَإِنْ طَالَتْ كَالْمَيِّتِ يُجهز وَضَرُورَةُ الْحَيِّ أَعْظَمُ لَنَا الْحَيُّ مَجْبُولٌ عَلَى طَلَبِ الْكَسْبِ وَالتَّسَبُّبِ غَالِبًا وحقُّ الْغَرِيمِ متعينٌ فيقدَّم وَالْمَيِّتُ يتَعَيَّن تَجْهِيزه فِي مَاله الْحَاضِر وأُيس من تَحْصِيله لما آخر وَأَهله عندنَا وَزَوجته وَولده الصغار فَيعْطى نَفَقَته وَكِسْوَتَهُ وَكِسْوَتَهُمْ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْهُ لَا تُترك لَهُ كِسْوَةُ زَوْجَتِهِ لِبُعْدِ ضَرُورَتِهَا عَنْهُ فَلَهَا طَلَبُ طَلَاقِ نَفْسِهَا وَالصَّبْرُ مُدَّةً بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَتِهَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ بعث لَهَا أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا النَّفَقَةُ أَوِ الطَّلَاقُ فَإِنْ قَالَ الرَّسُولُ أوصلتُها لِأَهْلِهِ صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُمْ أَخْذُهَا مِنْ عِيَالِهِ إِنْ قَامُوا بِحِدْثَانِ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَاخَوْا مُدَّةً تُنفق فِي مِثْلِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ لِذَهَابِ عَيْنِ الْمَالِ فَإِنْ قَامُوا بِحِدْثَانِ ذَلِكَ فَقَالَ أَهْلُهُ قَضَيْنَا دَيْنًا فِي نَفَقَةٍ تَقَدَّمَتْ لَمْ يُصَدَّقُوا وَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا عَلَى ذَلِكَ بِلَطْخٍ أَوْ بِرِهَانٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُجبر الْعَامِلُ عَلَى بَيْعِ قِراضِ الْمُفَلَّسِ إِنْ جَازَ بَيْعُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُفَلَّسَ وَفِيهِ فَضْلٌ وَإِنْ لَمْ يَجُزِ الْبَيْعُ لَمْ يُجبر قَالَ: وَأَرَى إِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَضْمَنُوا لِلْعَامِلِ مَا يُرْبَحُ فِي مِثْلِهَا عِنْدَ أَوَانِ الْبَيْعِ أَنْ يُمكَّنوا الْآنَ مِنَ الْبَيْعِ وَيَدْفَعُوا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فِي مِثْلِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِذَا خَرَجَ الْعَامِلُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ بِيعَ لِغُرَمَاءِ الْمَالِكِ وَلَا يُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالِكُ لِأَنَّ غُرَمَاءَ الْمَالِكِ كَالْمَالِكِ وَهُوَ لَوْ لَقِيَهُ هُنَاكَ لَهُ الِانْتِزَاعُ فَكَذَلِكَ غَرِيمُهُ وَغَرِيمُ الْعَامِلِ كَالْعَامِلِ وَالْعَامِلُ لَيْسَ لَهُ التَّرْكُ هُنَاكَ بَلْ عَلَيْهِ إعادتُه إِلَى مَوْضِعِ قَبْضِهِ فَلَوْ عُلِم أَنَّهُ لَمْ يُسَافِرْ إِلَّا رَجَاءَ الرِّبْحِ لَمْ يَنْتَزِعْهُ ربُّ الْمَالِ وَلَا الْغُرَمَاءُ إِلَّا بَعْدَ الرُّجُوعِ وَإِنْ وُجد قَدِ اشْتَرَى بِثَمَنِ مَا بَاعَ لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْهُ حَتَّى يَقْدَمَ ربُّه وَهُوَ كَالَّذِي لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ أَخْدَمَ عِنْدَهُ لَمْ يُبَعْ مَرْجِعُهُ كَانَتِ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ المُخدم أَوْ
سِنِينَ مَعْلُومَةً وَإِنْ أَفْلَسَ المُخدم كَانَتِ الْخِدْمَةُ كَالْعَرَضِ إِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْعَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَيَاةُ المُخدم أَوِ المُخدَم بِيعَ مِنْهَا مَا قُرْبَ السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ وَإِنْ دَارًا وَنَقَدَ كِرَاءَهَا بِيعَتْ تِلْكَ الْمَنَافِعُ وَيُبَاعُ دينُه المؤجَّل عينا أوعرضاً أَوْ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ وَيُؤَخَّرُ إِنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ حَتَّى يحُل أَجْلُهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ طَعَامِ السَّلم قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُؤَخَّرُ بَيْعُ مَا لَمْ يبدُ صَلَاحُهُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَتُبَاعُ خِدْمَةُ المُعتق إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ طَالَتِ الْعَشْرَ سِنِينَ وَنَحْوِهَا وَلَا يُبَاعُ مَالُ مُدبره وَلَا مَالُ أمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِهِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: لَا يُترك لِلْمُفْلِسِ نَفَقَةٌ وَلَا كِسْوَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ وَغَيْرَهُمْ سَوَاءٌ فِي مُوَاسَاتِهِ وَأَرَى أَنْ يُعتبر مَا يَتْرُكُ لَهُ ثُلُثَ قَدْرِ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ وَعِيَالُهُ وَالسِّعْرُ مِنَ الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فَإِنْ تُرِكَ لَهُ نَفَقَةُ الشَّهْرِ فِي غَلَاءٍ أَوْ كَثْرَةِ الْعِيَالِ أضرَّ بِالْغُرَمَاءِ أَوْ مَعَ كَثْرَةِ الْعِيَالِ وَرَخَاءِ السِّعْرِ لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ وَأَمَّا مَعَ قِلَّةِ مَا فِي يَدَيْهِ فَالْخَمْسَةُ الْأَيَّامِ وَالْجُمُعَةُ حَسَنٌ ويصحُّ أَنْ لَا يُترك لَهُ شَيْءٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَا صنعةٍ تَكْفِيهِ وَقِيلَ يُتْرَكُ لِلصَّانِعِ النَّفَقَةُ الْيَسِيرَةُ خَوْفَ الْمَرَضِ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ لُندرة الْمَرَضِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَخْفَى شَيْئًا وَرَاءَهُ وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا كَانَ يَفْضُلُ عَنْ إِجَارَةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ أُخذ قَالَه ابْن الْقَاسِم قَالَ سَحْنُون: والصناع إِن أَفْلَسُوا وَلَيْسَ لَهُمْ مَالٌ أُخذ فَضْلُ أَجْرِ عَمَلِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا أَفْلَسَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ انتُزع مَا فِي يَدِهِ كَالْحُرِّ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي لِسَيِّدِهِ خَرَاجًا فِي حَالِ تِجَارَتِهِ مِنْ رِبْحِهِ مَضَى لَهُ مَا أَخَذَ أَوْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ رُدَّ وَإِنْ كَانَ صَانِعًا يَشْتَرِي الشَّيْءَ وَيَصْنَعُهُ فَالْغَرِيمُ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدَيْهِ وَلَا مَقَالَ عَلَى السَّيِّدِ فِيمَا أُخِذَ مِنَ الْخَرَاجِ مِمَّا قَابَلَ صَنْعَتَهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فضلٌ أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى خَسَارَةٍ انتُزع مِنَ السَّيِّدِ مَا أَخَذَ وَإِنْ أَبْقَى السَّيِّدُ فِي يَدِهِ شَيْئًا مِنْ خَرَاجِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ الْغَرِيمُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ وُهب لَهُ أَوْ تُصُدِّق بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصي لَهُ بِهِ قُضي مِنْهُ الدَّيْنُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُعطي أَنْ يَتَّسِعَ فِيهِ الْعَبْدُ فَلَا يُقضى مِنْهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا فُلّست امْرَأَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَأَخَذَتْ مَهْرَهَا لَيْسَ لغرمائها فِيهِ قيام ليلاّ يَبْقَى زَوْجُهَا بِغَيْرِ جِهَازٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ كَالدِّينَارِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يُجبر عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أمِّ وَلَدِهِ وَلَهُ انْتِزَاعُهُ إِلَّا أَنْ يَمْرَضَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنتزع لِلْوَرَثَةِ لَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ فُلِّس الْمَرِيضُ لَا يَأْخُذُ مَالَ مُدبًّره لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ مَاتَ بيع بِمَالِه وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ مَرِضَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ مُدَبَّرٌ يردُّه الدَّيْنُ إِذَا مَاتَ لَا يُعجًّل بِأَخْذِ مَالِهِ لِدَيْنِ سَيِّدِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَلَعَلَّهُ يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَيُبَاعُ بَعْضُهُ فِي الدَّيْنِ وَقَدْ يَطُولُ الْمَرَضُ وَيُفِيدُ السَّيِّدُ مَالًا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: الْحَاكِمُ عِنْدَنَا يَتَوَلَّى بَيْعَ مَالٍه وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِسِلَعِهِ وَمَيْلِ النَّاسِ لِمُعَامَلَتِهِ أَكْثَرَ وَقَالَ (ح) لَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ وَإِنَّمَا يَأْمُرُ بِالْبَيْعِ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يَبِيعَ لَنَا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - بَاعَ مَالَ مُعَاذٍ وَقَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي حَدِيثِ الْأُسَيْفِعِ: إِنَّا بَائِعُو مَالِهِ غَدا على رَأس الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى بَدَلِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ سَاعَدَ عَلَيْهِ وَلَهُمُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ سَقَطَتْ أَهْلِيَّتُهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ وَالنَّقْدَانِ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ
السَّلَامُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نفسٍ مِنْهُ " وَهَذَا لَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِ الْمُفَلَّسِ وَلِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِنَفْسِهِ أتمُّ مِنَ الْغَيْرِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ بَيْعُ مَالِهِ لَجَازَ لَهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ لجريانها مجْرى الْأَمْوَال وَالْجَوَاب عَن الْأَوَّلِ الْقَلْبُ فَإِنَّ الْمُفَلَّسَ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعِ فَقَدْ أَكَلَ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ ثُمَّ نَقُولُ هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْبَيْعِ إِذَا بَاعَ بِتَضْيِيقِ الْحَاكِمِ ثُمَّ نَقِيسُ عَلَى مَا أَجْمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِ هَذِهِ النُّصُوصِ بِهِ مِنْ بدلِ النَّقْدَيْنِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْمَيِّتِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُفَلَّسِ يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ بِالْإِزْوَاءِ فِي الْأَثْمَانِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُفَلَّسِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ مَا لَا يَمْلِكُ هُوَ كَفُرْقَةِ الْعُنَّةِ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَالِهِ لِلدَّيْنِ وَلَا يجب عَلَيْهِ أَن يُواجر نَفْسَهُ فَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ الْحُكْمُ الثَّانِي: الحجرُ عَلَيْهِ ونفوذ تَصَرُّفَاته أوردهَا وَبِه قَالَ (ش) وَابْن حَنْبَل وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحْجر عَلَيْهِ لنا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَفِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لَهُ الزواج فِي الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ دُونَ مَا أَفَادَهُ بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَتَزَوَّجَ بِهِ وَلَا مَالَ لَهُ يُعطيه فِي الثَّمَنِ وَقَدْ بَنَى أَمْ لَا الثَّمَنُ دينٌ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ خِلَافُهُ قَبْلَ شِرَائِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ الْخَدِيعَةُ أُخذ مِنْهُ وَاتَّبَعَتْهُ الْمَرْأَةُ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ بَاعَهُ لَمْ يُفسخ بَيْعُهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَتَزَوَّجَ بعبدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ فُلِّس الْمَرْأَةُ إِسْوَةٌ إِلَّا أَنْ يُصدقها إِيَّاهُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى الْفَلَسِ وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَظَلَّهُ غُرْمُهُ وَلَزِمَ بِهِ فَالْمَرْأَةُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُظله وَلَمْ يُلْزَمْ بِهِ فَالْمَرْأَةُ أَحَقُّ بِهِ وَرَجَعَ مَالِكٌ عَنْ هَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: تَصَرُّفَاتُهُ ثَلَاثَةٌ: جَائِزَةٌ وممنوعة ومختلف فِيهَا فَالْأول بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ لِلثَّوَابِ وَنِكَاحُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُعَاوَضَةٌ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْحَجْرِ
بمُحاباة رُدّت الْمُحَابَاةُ أَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وُقف فَإِنْ كَانَ نَظَرًا أُمضي أَوْ فِيهِ بخسٌ رُدّ وَإِن شُك فِيهِ الزَّائِدُ فَإِنْ لَمْ يُوجد أُمْضِيَ وَهَذَا مَا لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ أَوْ قَبَضَهُ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِهِ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فَلَهُمُ الرُّجُوعُ فِي السِّلْعَةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنِ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَقْضِيَ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ الثَّمَنُ رُدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فضلٌ وَيَفُوتَ بَيْعُهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يُبَاعَ لَهُ وَلَا يَدْخُلَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مُبَايَعَتِهِ بَعْدَ قَسْمِ مَا فِي يَدَيْهِ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَإِنَّمَا يخْتَلف فِي الصَدَاق عَن كَانَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْحَجْرِ حُوصِصَ بِالصَّدَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا وَلَكِنْ هُوَ فِيمَا يُفِيدُهُ بَعْدُ والمردود التعق وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّبَرُّعَاتُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ ووافقنا (ش) فِي الْقسمَيْنِ لِأَن الدن مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي خِدْمَةِ المُعتق إِلَى أَجَلٍ وَفِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ مَا يُوَفِّي الْعَاجِزُ مِنْ دَيْنِهِ وَإِنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ لَمْ تُبَع لتقدم حَقّهَا أوبعد الْحَجْرِ بِيعَتْ وَبَعْدَ الْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا وَفِي الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ قِيلَ كَالْعِتْقِ تُرَدُّ وَقِيلَ كَالْبَيْعِ يُنَفَّذُ قَالَ وَرَأَى إِنْ كَانَ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا قِيمَتُهُ رَقِيقًا مَضَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ لِعَدَمِ ضَرَرِ الْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بَيْعُ الْمَكَاتَبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَقَلَّ وَهُوَ يُوفي بِالدَّيْنِ لَمْ يُردَّ أَوْ لَا يُوفي رُدّت إِن كَانَت بعد الْحجر أَو قبل وَالْحَبْسُ لِتَخْفِيفِ الْكِتَابَةِ لِمَا يَرْجُو مِنَ الْوَلَاءِ رُدّت وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حُسْنِ النَّظَرِ مِنَ السَّيِّدِ وَمِنْ نَاحِيَةِ التِّجَارَةِ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ مَضَتْ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَهْنِهِ وَقَضَائِهِ لِدَيْنِهِ فَأَمْضَاهُ مَرَّةً وَرَدَّهُ أُخْرَى وَجَعَلَ لِلْغُرَمَاءِ الدُّخُولَ على الْقَابِض أَو الْمُرْتَهن يُحاصوه وَالْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَرَجَعَ عَنْهُ " فِي " ذِكْرِ الرُّجُوعِ فِي الْكِتَابِ أَيْضًا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِن أقرًّ قبل الفل بِمَالٍ دَخَلَ صاحبُه مَعَ مَنْ هُوَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بَعْدَ الْفَلَسِ لَا يَدْخُلُ فِيمَا بِيَدِهِ بَلْ هُوَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يُسْمَعُ فَإِنْ أَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا دَخْلَ فِيهِ مَعَ مَنْ بَقِيَ لَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ شيءُ لِاخْتِصَاصِ التُّهْمَةِ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ أَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْفَلَسِ فَلَمْ يَقُمْ فِيهِ الْغُرَمَاءُ الْأَوَّلُونَ وَلَا المُقرُّ لَهُ حَتَّى أَقَرَّ
بِدَيْنٍ لِآخَرَ نفذَ إِقْرَارُهُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْد قيام نالأولين بِتَفْلِيسِهِ ثَانِيَةً فَإِنْ أَقَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ فَإِذَا فُلِّس ثَانِيَةً فالمُقرُّ لَهُمْ آخِرًا أَوْلَى بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ شيءٌ عَنْ دَيْنِهِمْ لِأَنَّ مَا فِي يَدَيْهِ هُوَ مِنَ الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ إِذَا كَانَ قَدْ عُومِلَ بَعْدَ الْفَلَسِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إِذَا دَايَنَ النَّاسَ بَعْدَ الْفَلَسِ ثُمَّ فُلِّس ثَانِيَةً فالمُداين الْأَخِيرُ أَوْلَى من الأول لِأَنَّهُ مَا لَهُ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَفَادَ الْمَالَ الثَّانِيَ بِمِيرَاثٍ أَوْ صِلَةٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِ اسْتَوَى الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ فِيهِ وَمَا دَامَ قَائِمَ الْوَجْهِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ وَفِي النُّكَتِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي إِقْرَارِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَاخْتَلَفَ فِي قَضَائِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ يُوجِبُ المحاصَّة مَعَ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ أَخَفُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ إِنْ أَقَرَّ قَبْلَ الْفَلَسِ يُرِيدُ وَقَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ وَلَا بِبَيِّنَة لَهُمْ نفَذَ إِقْرَارُهُ إِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَقَرُبَ بَعْضُ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِ أَوْ صَاحب الْبَيِّنَة لَا يسْتَغْرق مَاله فَيَنْفُذُ فَإِنَّ ذَا الْبَيِّنَةِ لَا يُفلس وَعَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ المُقرُّ لَهُ مِنْ مُداينة وتقاضٍ وَخُلْطَةٍ يَحْلِفُ ويحاصِصُ مَنْ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ سِلْعَةً لَا تعلمهَا الْبَيِّنَة فَقَالَ عِنْد التقليس هَذَا مَتَاعُ فُلَانٍ فَقِيلَ يَكُونُ أَوْلَى لِلْعِلْمِ بِتَقَدُّمِ الْمُعَامَلَةِ فِيهِ وَقِيلَ لَا يُقبل قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ عَلَى عِلْمِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ أَنْفَسُ مِنْهَا (كَذَا) فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَهَا وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ وَالْوَدِيعَةُ كَالسِّلْعَةِ يُقبل قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقبلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِهِمَا بينةٌ لِأَنَّهُمَا أَمَانَةٌ بِخِلَافِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي مَالِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِأَنَّهُمَا دينُ حِينَئِذٍ فَيحصل فيهمَا ثَلَاثَة أَقُول قَالَ اللَّخْمِيُّ إِقْرَارُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ لِمَنْ لَا يُتًّهمُ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَلِمَنْ يُتَّهم عَلَيْهِ كَالْأَبِ وَالزَّوْجِ خِلَافٌ وَالْأَحْسَنُ الْمَنْعُ لِيَلَّا يُوَاطِئَهُ لِيَرُدَّ إِلَيْهِ وَبَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَجُوزُ مَعَ الدُّيُونِ الَّتِي قُيِّمَ عَلَيْهِ بِهَا كلِّها بَيِّنَة أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَا تَسْتَغْرِقُ الْمَالَ أَوْ تَسْتَغْرِقُ وَيُعْلَمُ مُعَامَلَةُ المُقَرِّ لَهُ وأقرَّ لَهُ بِمَا يُشبه وَيَمْتَنِعُ الْإِقْرَارُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ بَعْدَ الْقِيَامِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ وَالسَّجْنِ وَفِيمَا ثَبَتَتِ الْمُعَامَلَةُ بِالْبَيِّنَةِ وأقرَّ أَنَّ عَيْنَ المُشتري قَائِمَةٌ وَفِيمَا إِذَا أقرَّ بِأَمَانَةٍ كَالْقِرَاضِ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ سُؤَالَهُ عَمَّا عَلَيْهِ
لِلنَّاسِ فَيُبَيِّنَهُ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَعَامَلُونَ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ وَلَا يُعرفُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَإِلَّا تَذْهَبُ أَمْوَالُ النَّاسِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ فلانٌ نَسِيتُهُ قُبِل بِالْقُرْبِ وَإِذَا رُدَّ إِقْرَارَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ ثُمَّ دَايَنَ لَمْ يَدْخُلِ المُقَرُّ لَهُ مَعَ الْمُدَايِنِ لِأَنَّهُ كَانَ رَضِيَ بِالتَّفْلِيسِ فَإِنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ وَلَمْ يَرْضَ بِتَفْلِيسِهِ وَلَا دَخَلَ فِي المُحاصة قَالَ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْآخَرِينَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْفَلَسِ لِأَنَّ الدُّخُولَ مَعَ الْأَوَّلِينَ كَانَ لَهُ وَلَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْآخَرِينَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا أَمْوَالُ الْآخَرِينَ لَا يُشَارِكُهُمُ الْأَوَّلُونَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَبْقَى أَحَدُ الْأَوَّلِينَ فِي يَدَيْهِ نُصِيبَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْرِبُ مَعَ الْآخَرِينَ بِقَدْرِ مَا أبقى كمدانية حَادِثَةٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَضْرِبُ بِأَصْلِ دَيْنِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ فَلَسَهُ وَإِنَّمَا قَامَ بِحَقِّهِ لِيَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ أَصْحَابُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ إِقْرَارٍ رُدّ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: اخْتُلِفَ فِي عِتْقِهِ أمَّ وَلَدِهِ أَمْضَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَرَدَّهُ الْمُغِيرَةُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَإِذا أمضينا تَبِعَهَا مالُها عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ وَمَا لَا يُصَادِفُ الْمَالَ ينفُذ كَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَعُضْوِهِ وَاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ بِاللِّعَانِ وَارْتِهَانِهِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ وَالْمَالُ الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يَتَعَدَّى إِلَيْهِ الْحَجْرُ إِلَّا بِتَجْدِيدِهِ مَرَّةً أُخْرَى
3 -
(فَرْعٌ)
مَا يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْحَجْرِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالْحَمَّالِ تُقدَّم عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ لِأَنَّهَا أهم ن مصَالح الْغُرَمَاء
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يحلف المُحَجَّر عَلَيْهِ بالسلف مَعَ شَاهده وَيَأْخُذهُ دَيْنَهُ وَيَحْلِفُ إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْغُرَمَاءِ الحِلف قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِذَا أَرَادَ المفلَّس سَفَرًا لِمَنْ بَقي لَهُ دينٌ حالُّ مَنْعُهُ وَلَا يَمْنَعْهُ صَاحِبُ الْمُؤَجَّلِ وَلَا يُطَالِبُهُ بِالْكَفِيلِ وَلَا الْإِشْهَادِ إِلَّا أَنْ يَحِلَّ فِي غَيْبَتِهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يحْبسهُ خوف الْقرب وَلَا يَمْنَعُهُ خَشْيَةَ الْمَوْتِ الْحُكْمُ الثَّالِثُ: حُلُولُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَفِي الْكِتَابِ: مُؤَجَّلُ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَالْمُفَلَّسِ الَّذِي عَلَيْهِمَا يَحِلُّ بِالْمَوْتِ والفلس وَمَا لَهما يبْقى لأَجله وللغراماء بَيْعه إِن شاؤا وَوَافَقَنَا (ش) وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَحِلُّ مَا عَلَى الْمُفَلَّسِ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَقِيَاسًا عَلَى الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَلَهُ فِي الْمَوْتِ قَوْلَانِ إِذَا أُوثِقَ بِالْوَرَثَةِ لَنَا: أَنَّ الذِّمَّةَ خَرِبَتْ وَرَبُّ الدَّيْنِ إِنَّمَا رَضِيَ بِالتَّأْجِيلِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الْمَالِ وَقَدْ زَالَتِ الْمُكْنَةُ بِالْحَجْرِ وَأَخْذِ الْمَالِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِغْمَاءِ الْمَالُ يَضُمُّهُ الْوَلِيُّ أَوِ الْحَاكِمُ وَهُوَ عِنْدَ إِفَاقَتِهِ وَالْغَالِبُ سُرْعَتُهَا بِخِلَافِ الْفلس الحكم الرَّابِع إِظْهَار الْحجر عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِر: إِذا فلس العريم أَوْ مَاتَ أَحَدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْمُرِ الْقَاضِي مَنْ يُنَادِي عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي مُجْتَمَعِ النَّاسِ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ مَاتَ أَوْ فُلِّسَ فَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَى الْقَاضِي كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مَعَ الْأُسَيْفِعِ وَيُحَذِّرُ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ الْحُكْمُ الْخَامِسُ رُجُوعُ أَرْبَابِ السّلع وَغَيرهَا إِلَى مَا لَهُم قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: إِذَا فُلِّسَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي تَرْكِهَا وَمُحَاصَّةِ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْغُرَمَاءُ دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ مُفَلَّسًا فَلَا حَقَّ لِلْبَائِعِ فِي عَيْنِ سِلْعَتِهِ وَهُوَ أُسْوَةُ
الْغُرَمَاء وَقَالَ (ح) لَاحق لَهُ فِي عَيْنِ مَالِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبَعْدَ الْقَبْض إسوة الْغُرَمَاء وَقل الْقَبْضِ تُبَاعُ السِّلْعَةُ وَيُقْبَضُ حَقُّهُ مِنَ الثَّمَنِ وَقَالَ (ش) هُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا أَوْ تَرَكَهَا وَحَاصَصَ بِالثَّمَنِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّمَنَ يَجْرِي مَجْرَى الْمُثَمَّنِ وَكَذَلِكَ يَقْبَلُ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَإِذَا تَعَذَّرَ بِالْفَلَسِ كَانَ كَتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيع للْمُشْتَرِي فسخ البيع وَعند أبي حنيفَة الثَّمَنُ مَعْقُودٌ بِهِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالْإِعْسَارِ بِهِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يُعْطِ الَّذِي بَاعَهُ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ من غير فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ بِصَاحِبِ الْمَتَاعِ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ حَقِيقَةً وَأَمَّا الْبَائِعُ فَهُوَ كَانَ صَاحب الْمَتَاع لَيْلًا يُظَنَّ أَنَّ الْإِفْلَاسَ يُضْعِفُ مِلْكَهُ قُلْنَا بَلِ المُرَاد الْمُبْتَاع لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَقُّ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ فَاشْتِرَاطُ الْإِفْلَاسِ لَا يَتِمُّ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَلِأَنَّ أَحَقَّ صِيغَةِ أَفْعَلَ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ وَعَلَى رَأْيِكُمْ لَا اشْتِرَاكَ بَلِ الْمُشْتَرِي مُتَعَيَّنٌ وَعَلَى رَأْيِنَا يكون الْحق للمشترك فِي الِانْتِزَاعِ وَلِلْبَائِعِ فِي أَصْلِ الْمِلْكِ فَيَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَاهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ يُبَاعُ وَيُخْتَصُّ بِالثَّمَنِ فَنَقُولُ فَلَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ كَمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْجَامِعُ تَعَذُّرُ الثَّمَنِ وَكَمَا أَنَّ تَعَذُّرَ الْمَبِيعِ يُوجِبُ حَقَّ الْفَسْخِ فَكَذَلِكَ تَعَذُّرُ الثَّمَنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عِوَضٌ مَقْصُودٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ إِذَا أَبَقَ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ إِذَا تَعَذَّرَ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ أحد أقوالنا وَأحد قولي الشَّافِعِي وَلَا يَلْزَمُنَا إِذَا بَاعَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَأَعْسَرَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ وَلَا إِذَا وَهَبَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ بِثَمَنِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ مُفَلَّسًا لِأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ الْأَمْلَاكَ
وَيَنْقُلُهَا لِلْوَارِثِ وَلَا إِذَا مَنَعَ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ فَلَسٍ لِعَدَمِ التَّعَذُّرِ فَيَأْخُذُ الْحَاكِمُ الثَّمَنَ قَهْرًا ويُسلِّمه لَهُ أَوْ نَقُولُ أَحَدُ المُتبايعين يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ فِي حَقِّهِ كالمشتري إِذا طَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ تَعَذُّرَ الْكُلِّ أَعْظَمُ مِنْ تَعَذُّرِ الْوَصْفِ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْعَقْدِ إِلَيْهِمَا نسبةٌ وَاحِدَةٌ فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي آثَارِهَا وَلِأَنَّا فَسَخْنَا الْعَقْدَ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ إِذَا تَعَذَّرَ وَهُوَ الرَّهْنُ فَأَوْلَى تعذُّرُ الرُّكْنِ أَوْ نَقُولُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فيلحقُهُ الْفَسْخُ بِالْإِفْلَاسِ كَالْكِتَابَةِ وَلَا يَلْزَمُ إِذَا بَاعَ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا عَتَاقَةٌ وَلَا تَلْزَمُهُ الْحَوَالَةُ إِذَا وَجَدَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفَلَّسًا كَقَوْلِنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْحَوَالَةُ نَقْلٌ لِلْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَلَا الْخُلْعَ إِذَا أَفْلَسَتِ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَا يَقْبَلَانِ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلَا يُقَالُ رتَّبتم عَلَى الْعِلَّةِ ضدَّ مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ مُقتضى اللُّزُومِ بِدَلِيلِ اعْتِصَارِ الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ فِي الْمُطَلَّقَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ الْخُلْعِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ يَكُونُ لِلْآخَرِ كَمَا تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - أيُّما امرئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا نَصٌّ وَلِأَنَّ الْإِفْلَاسَ لَوْ كَانَ سَبَبًا لِذَلِكَ لَكَانَ سَبَبًا مَعَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ كالرَّد بِالْعَيْبِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْجِنَايَةِ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ الْبَيْعِ لِتَرَتُّبِهِ فَهُوَ أَمْرٌ غير رَضِي المجِّني عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ فَالْبَيْعُ أَوْلَى وَبِالْقِيَاسِ عَلَى رَهْنِ الْمُشْتَرِيِ الْمَبِيعَ قَبْلَ فَلَسِهِ وَلِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالتَّسْلِيمِ فِيهِ فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ يُسَاوِي الْغُرَمَاءَ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاق وَلِأَنَّهُ من أَمْوَال فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ فِيهِ سُلْطَانٌ وَلِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ وَبَاعَ بحالٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِمُؤَجَّلٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِحَالٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِمُؤَجَّلٍ وَأَفْلَسَ بِجَمِيعِ الْأَثْمَانِ فَإِنْ لَمْ
يَثْبُتِ الرُّجُوعُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لرجوع الْمَبِيع بِحَالهِ مَعَ الْفلس وانتفضت قَاعِدَتُكُمْ وَإِنْ ثَبَتَ فَلَيْسَ أَحَدُهُمْ أَوْلَى مِنَ الآخر فَيلْزم التَّرْجِيح من غير مرجَّح أوالجمع بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فِي رُجُوعِ الْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكُونُ مُخْتَصًّا بِالْمَبِيعِ فَالْمَبِيعُ لَا يَكُونُ مُخْتَصًّا ولِأَنَّ الْمُثَمَّنَ مُبَايِنٌ لِلثَّمَنِ مِنْ وُجُوهٍ أَحدهمَا أَنَّ الثَّمَنَ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ وَلِهَذَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ دُونَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَثَانِيهمَا إِذَا انْقَطَعَ جِنْسُ المُسلم فِيهِ ثَبَتَ الْفَسْخُ وَانْقِطَاعُ جِنْسِ الثَّمَنِ لَا يُثْبِتُهُ وَالْجَوَابُ: عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَنَا فِي الْهَلَاكِ وَنَحْنُ نَحْتَجُّ بِنَقْلِ (ش) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْهَلَاكِ اشْتَدَّ بَابُ الِاكْتِسَابِ فَتَعَيَّنَتِ التَّسْوِيَة بَين الْغُرَمَاء ليلاَّ يَذْهَبَ بَعْضُ الْحَقِّ مُطْلَقًا أَمَّا فِي الْفَلَسِ مَعَ الْحَيَاةِ فَخَيْرُ الْجَمِيعِ مُتَوَقَّعٌ بِمَا تَعَيَّنَتِ الْمَفْسَدَةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْفَسْخَ فِي الْعَيْبِ عِنْدَ الْهَلَاكِ يحصِّل فَائِدَةً وَهُوَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ كَامِلَةً وَالْكَامِلُ أَتَمُّ مِنَ النَّاقِصِ فِي قِيمَتِهِ وَهَا هُنَا لَوْ فُسخ رَجَعَ إِلَى ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا لَمْ يُفْسَخْ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَكُونُ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مرجَّح قَبْلَ الْكَشْفِ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ ثَمّ غالبٌ يُناط بِهِ الْحُكْمُ الْعَامُّ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْفَسْخِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ قَرِينَةُ التَّمَامِ دليلٌ ظَاهِرٌ عَلَى حُصُولِ الْفَائِدَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ أَصْلَ الْجِنَايَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَالْبَيْعُ تَعَلُّقٌ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ فَكَانَ تعذُّرها مُؤَثِّرًا فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الرَّهْنَ يُوجِبُ تَعَلُّقَ حقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حقُّه بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حقُّهم إِلَّا بِالذِّمَّةِ دُونَ عَيْنِ الْمَبِيعِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الْخَامِسِ إِسْقَاطُ الْحَقِّ بِالتَّسْلِيمِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَمَا إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ فَأَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ وَجَدَ أَحَدَ الْعَرْضَيْنِ مَعِيبًا قَبَضَ الْآخَرُ وَقَدْ رَجُحَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ بِخِلَافِهِمْ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ كَوْنَهُ مَالَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ سُلْطَانِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبَقَ بَعْدَ أَنْ صَارَ الثَّوْبُ مِنْ أَمْوَالِهِ وَعَنِ السَّابِعِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَقْلًا وَرَأَى أَنَّ الْآخَرَ أحقُّ لِأَنَّهُ كَالنَّاسِخِ فَمَا رَجَّحْنَاهُ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ وَعَنِ الثَّامِنِ أَنَّ التَّصَرُّفَ يَجُوزُ عِنْدَنَا فِي الْمَبِيعِ إِلَّا فِي الطَّعَامِ تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبَ الْأَقْوَاتِ وَقِوَامَ الْحَيَاةِ فَهَذَا الْأَمْرُ يَخُصُّهُ لَا لِكَوْنِهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا
وَلَنَا عَلَى (ش) مَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ: أيُّما رجلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أحقُّ بِهِ فَإِن مَاتَ الَّذِي ابتاعه فَصَاحب الْمُبْتَاع أُسْوَة الْغُرَمَاء احْتج بِمَا رَوَاهُ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ أَيُّمَا رجلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاع أحقُّ بمتاعه إِذا وجده بِعَيْنِه فَلِأَن الرُّجُوعَ فِي الْمَوْتِ أَوْلَى بِخَرَابِ الذِّمَّةِ وَالْإِيَاسِ فَلَوْ عُكِسَ الْحَالُ لَكَانَ أَوْلَى وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي الْحَيَاةِ وَفِي الْمَوْتِ مَعَ الْوَارِثِ فَأَوْلَى الْبَائِعُ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لِغَيْرِ الْمَبِيعِ وَمَا رَضِيَ بِالنَّقْلِ إِلَّا بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ وَعَنِ الثَّانِي تَقَدَّمَ الْفَرْقُ عَنْهُ وَعَن الثَّالِث أَن ضَرَر الشَّفِيع بالشريك والمتجدد لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَتَعَذُّرَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْمَوْتِ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ: إِذا فلس الْمُبْتَاع وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ فَالْبَائِعُ أَوْلَى بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ غَيْرُهَا إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا إِلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ تَغَيَّرَتِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِي بَدَنٍ وَقَدْ فُلِّسَ فَلِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا فَذَلِكَ لَهُمْ فِي النُّكَتِ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ قَائِمَةً قِيلَ فَسَوَاءٌ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ أَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْلَى مِنَ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا إِنْ فَاتَتْ فَلَهُ أَخْذُهَا فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ وَجَبَتِ الْقِيمَةُ فِي الذِّمَّةِ فَصَارَتْ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا كَالرَّهْنِ بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتَحَقَّتِ الَّتِي قَبَضَ فَهُوَ أَحَقُّ بَالَتِي دفع بِالدفع إِنْ وَجَدَ عَيْنَهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ تَزَوَّجَ بِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَفُلِّسَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ ظَهَرَ فَسَادُ الْعَقْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا إِنْ فَسَدَ الْعَقْدُ أَوْ بِنِصْفِهَا إِنْ لَمْ يَفْسُدْ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ قَوْلًا وَاحِدًا وَتَعَيَّنَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَبِيعُ إِمَّا بِالْبَيِّنَةِ وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْمُفَلَّسِ قَبْلَ
التَّفْلِيس أما بعده فأقوال أَحدهَا أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ مَعَ يَمِينِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَصْلِ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَعَيُّنِهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الْمُعَيِّنُ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْبَائِعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ كَالْعَرَضِ وَقِيلَ كَالْغُرَمَاءِ قَالَهُ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ بِعَيْنِهَا فَكَالْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ دَفَعَ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابٌ عَنْهُ وَقِيلَ مِنْهُمْ لِأَنَّ رَبَّهَا لَوْ أَخَذَهَا لَبَرِئَ هُوَ مِنْ ضَمَانِهَا وَإِذَا بَاعَ سِلْعَتَيْنِ فَفَاتَتْ إِحْدَاهَا فَلَهُ أَخْذُ الْبَاقِي وَإِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا فَذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُمْ نُوَّابُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُم أَوْلَى بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفُوا مِنْ ثَمَنِهَا مَا فَدَوْهَا لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي ثمنهَا بِثمن الْفَائِتَةِ كَأَنَّهُمْ أَسْلَفُوا ثَمَنَهَا وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ هُمْ حلُّوا محلَّ صَاحِبِهَا وَلَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا لَمْ يُحاصِصهم إِلَّا بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الْفَائِتَةِ كَذَلِكَ هُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثَمَنُهَا مِائَةً وَهُمَا مُسْتَوَيَانِ فَانْتَقَدَ خَمْسِينَ فَفُلِّسَ الْمُشْتَرِي وَفَاتَتْ وَاحِدَةٌ وَأَرَادَ أَخْذَهَا دَفَعَ مَا نَابَهَا مِمَّا قبض وَهُوَ خَمْسَة وَعِشْرُونَ وخاص بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ثَمَنِ الْفَائِتَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْغُرَمَاءُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ حَتَّى يَأْخُذُوا مِنْهَا مَا فَدَوْهَا بِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ قَالَهُ أَشْهَبُ أَوْ يَكُونُونَ كَالْمُسَلِّفِينَ وَذَلِكَ لِلْمُفْلِسِ فَلَا يَكُونُونَ أَحَقَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ وَجَدَهَا رَهْنًا لَمْ يَأْخُذْهَا الْبَائِعُ إِلَّا أَنْ يُعطي مَا رُهنت بِهِ ثُمَّ يحاصُّ بِمَا غَرِمَ وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى الْمَبِيعَ حَتَّى يَدْفَعَ الْجِنَايَةَ وَلَا يَرْجِعَ بِهَا كَالْعَيْبِ يُدْخُلُهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعِيبَةً وَإِلَّا حاصَّ بِالثَّمَنِ وَلَوْ وَجَدَهُ قَدْ صُبغ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى يَدْفَعَ الصَّبْغَ كُلَّهُ قَالَ أَشْهَبُ: ثُمَّ يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ وَيَكُونُ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ وَيُشَارِكُ بِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا دَفَعَ فِي إِجَارَتِهِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ فِيهِ مَحَلَّ الصَّبَّاغِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُحَاصَّ بِمَا أَخْرَجَ فِيهِ مِنْ ثَمَنٍ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ قِيمَةَ الصَّبْغِ مِثْلَ مَا أَخْرَجَ فَلَا فَائِدَةَ لِرَبِّ الثَّوْبِ فِي الدَّفْعِ وَالشَّرِكَةِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ
أضرَّ وَاخْتُلِفَ إِنْ أَحَلْتَ قِيمَتَهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا ففلِّس الْمُشْتَرِي فَقِيلَ يَكُونُ أحقَّ بِالْحَيْلُولَةِ محلَّك وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الأول وَالثَّانِي وَابْن الْقَاسِمِ وَهُوَ نَحْوٌ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمَنِ ارْتَهَنَ زَرْعًا لَمْ يَبدُ صَلَاحُهُ ثُمَّ فُلِّس الرَّاهِنُ فحاصَّ الْغُرَمَاءُ مَنْ بِيَدِهِ الرَّهْنُ إِذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ فَيَبِيعُ الزَّرْعَ بَعْدَ أَنْ حلَّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ وَمَا وَقَعَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ وَمَا فَضَلَ بِيَدِهِ عَنْ دَيْنِهِ وَقَدْ يَقَعُ أَقَلَّ وَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ أَنْ ينظركم حاصَّ أَوَّلًا فَإِنْ قِيلَ بِمِائَةٍ وغريمٌ آخَرُ بِمِائَةٍ تُدْفَعُ لَهُ خَمْسُونَ فَإِنْ بِيعَ الزَّرْعُ بِخَمْسِينَ فَهَلِ الْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّةُ بِخَمْسِينَ وَيُضْرَبَ الْغَرِيمُ بِمِائَةٍ فَيَقَعَ لَكَ ثُلُثُ الْمِائَةِ وَلِلْغَرِيمِ ثُلُثَاهَا وَذَلِكَ ثُلُثَا خَمْسِينَ الَّذِي قَبَضْتَ ورد على صَاحبك ثلث الْخمسين وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ ففُلس قَبْلَ الدُّخُولِ فَضَرَبَتْ بِمِائَةٍ فَوَقَعَ لَهَا خَمْسُونَ ثُمَّ طلَّقها فَيُقَالُ انْظُرْ لَوْ حَاصَصْتَ بِخَمْسِينَ مَا الَّذِي كَانَ يَقَعُ لَهَا فَتَحْسَبُهُ وَتَرُدُّ الْبَقِيَّةَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَدَفَعَ لَهَا خَمْسِينَ ثُمَّ فُلِّس فَضَرَبَتْ بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ وَقَعَ لَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ طَلَّقَهَا لرَدًّت مِنَ الْخَمْسِينَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَيَنْظُرُ لَوْ ضَرَبَتْ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فِي مَالِ الْمُفَلَّسِ وَفِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي تَرُدُّهَا كَمْ ينوبُها فَتُمْسِكُهُ وَلَوْ دَفَعَ لَهَا خَمْسِينَ وطلَّقها ثُمَّ فُلِّسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ " تَرُدُّ " خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَتَضْرِبُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ: إِنْ أَوْقَفَ السُّلْطَانُ الْغُلَامَ أَوِ الدَّابَّةَ بَعْدَ الْفَلَسِ لِيَنْظُرَ فَمَاتَ الْمُفَلَّسُ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ فَهُوَ أَحَقُّ وَإِنْ لم يقبض لِأَنَّهُ أوقفهُ بِهِ وَكَانَ ابْن كنَانَة يَقُول للْغُرَمَاء فدَاء السّلْعَة من أَمْوَالهم بل يبدؤن الْبَائِعَ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ حَتَّى يَزِيدُوا عَلَيْهِ حَطِيطَةً عَنِ الْمُشْتَرِي مِنْ دَيْنِهِمْ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ لَهُمْ نَمَاؤُهَا وَعَلَيْهِمْ " خَسَارَتُهَا " وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمُفَلَّسِ خَسَارَتُهَا وَلَهُ زِيَادَتُهَا وَإِذَا أَبْقَى بَعْضَ ثَمَنِ السِّلْعَةِ لَمْ
يَأْخُذْهَا إِلَّا بِرَدِّ جَمِيعِ مَا قَبَضَ وَمَتَى أَرَادَ الْغُرَمَاءُ تَكْمِيلَ الثَّمَنِ فَلَا مَقَالَ لَهُ وَمَتَى كَانَ الْمَبِيعُ سِلْعَةً مُخْتَلِفَةً أَوْ مُتَمَاثِلَةً وَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَهَلَكَ بَعْضُ السِّلَعِ قُومت ورَدّ نَصِيبَ الْبَاقِي وَحَاصَصَ بِنَصِيبِ الْهَالِكِ وَقَالَ (ش) إِذَا وَجَدَ الْمَبِيعُ وَقَدْ قَبَضَ بَعْضَ الثّمن رَجَعَ بِحِصَّة مَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا يُخيَّر بَيْنَ رَدِّ الْمَقْبُوضِ وَالضَّرْبِ مَعَ الْغُرَمَاءِ لَنَا أَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ أُثبت لَهُ أَخْذَ مَالِهِ إِذَا وجده وَقد وجده وَوَافَقَ إِذْ قَالَ بِأَخْذِ " أَحَدِ " الْعَبْدَيْنِ الْمُسْتَوِيَيْنِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ وَوَافَقَ إِذَا وَجَدَ السِّلْعَةَ رَهْنًا لَا يَأْخُذُهَا لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْمُشْتَرِي قبل التَّفْلِيس وَقَالَ إِذا وجد نخلةٍ بِثَمَرَةٍ ذَهَبَتْ ثَمَرَتُهَا خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الضَّرْبِ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ ومحاصَّه الْغُرَمَاءِ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ وَنَقْصًا لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَذَهَابِ يدٍ أَوْ رِجْلٍ خيِّر بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ التَّرْكِ وَالضَّرْبِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ زَادَ البيع زِيَادَةً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالسِّمَنِ والكِبر وَاخْتَارَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ تَبِعَتِ الزِّيَادَةُ الْأَصْلَ كالرَّد بِالْعَيْبِ أَوْ مُتَمَيِّزَةً كَالثِّمَارِ فِي النَّخْلِ رَجَعَ بِالْمَبِيعِ دُونَهَا قَالَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَعَلَّمَهُ صِنَاعَةً أَوْ قُرْآنًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ قَمْحًا فَطَحَنَهُ أَوْ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ أَوْ خَاطَهُ وَلَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ زَادَتْ فَهَلْ يَكُونُ كَالْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا قَوْلَانِ عِنْدَهُمْ وَمَتَى زَادَ الصَّبْغُ بِيعَ الثَّوْبُ وَأَخَذَ الْبَائِعُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَإِنْ نَقَصَتْ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا أَوِ التَّرْكِ وَالْمُحَاصَّةِ وَمَتَى خُلِطَ الْمَبِيعُ الْمِثْلِيُّ بِجِنْسِهِ أَخَذَ مَكِيلَتَهُ هَذَا نَصُّ مَذْهَبِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ غَيْرَ عَيْنِ شَيْئِهِ وَقَالَ هُوَ وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ بَذْلُ الْغُرَمَاءِ الثَّمَنَ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَكَمَا إِذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ فَبَذَلَ أَجْنَبِيٌّ تَمَسُّكًا أَوْ عَجَزَ الْمَكَاتَبُ فَبَذَلَ غَيْرُهُ الْكِتَابَةَ وَلَوْ دَفَعُوا الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ كَمَا لَوْ وَفَتِ الْأَمْوَالُ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَهُمْ حَقٌّ فِي أَمْلَاكِ الْمُفَلَّسِ وَأَمْوَالِهِ فَلَهُمْ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِمْ بِإِزَالَةِ ضَرَرِ الْبَائِعِ وَلَا مِنَّةَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمْ سَاعُونَ لأَنْفُسِهِمْ بِخِلَاف
الْأَجْنَبِيِّ مَعَ الزَّوْجِ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَقَاءِ عِصْمَةِ الْمَرْأَةِ وَتَلْحَقُ الْمِنَّةُ الزَّوْجَ بِقَبُولِ النَّفَقَةِ فَالزَّوْجُ مَعَ ذَلِكَ مَعِيبٌ عِنْدَ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ إِنَّمَا أَوْجَبَ أَخْذَ الْمَبِيعِ صَوْنًا لِلْمَالِيَّةِ فَإِذَا ضَيَّقَتْ عَمِلْنَا بِمُوجِبِ عَقْدِ الْبَيْعِ الْمُتَقَدَّمِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُوجِبَاتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اخْتَلَطَ عَسَلٌ أَوْ زَيْتٌ بِمِثْلِهِ أَخَذَ مَكِيلَتَهُ قَالَ ابْنُ " الْقَاسِمِ ": وَإِنْ خَلَطَهُ بِشَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ آخَرَ تَحَاصَّا فِيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوْ صُبَّتْ زَيْتُ هَذَا فِي جَرِيرَةِ هَذَا فَهُمَا أَحَقُّ بِذَلِكَ من سَائِر الْغُرَمَاء يتحاصان فِي ثمنهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ هَذَا مِنْ قِيمَةِ هَذَا لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهُ إِنْ أَحَبَّا إِلَّا أَنْ يُعْطَى الْغُرَمَاءُ ثَمَنَ الْجَمِيعِ أَوْ ثَمَنَ أَحَدِهِمَا وَيَدْخُلُونَ مَدْخَلَهُ مَعَ الْآخَرِ وَتَوَقَّفَ فِيهَا مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَخَذَ مِقْدَارَ دَنَانِيرِهِ أَوْ بَزِّهِ إِذَا رَقَّمَهُ وَخَلَطَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ بِجِنْسِهِ قَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِي الْعُرُوضِ مِنَ الْبَزِّ وَنَحْوِهِ وَهُوَ فِي الْعَيْنِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَالَ أصبغ: إِلَّا أَن يخلطه بِغَيْر نوع كَصَبِّ زَيْتِ الزَّيْتُونِ عَلَى زَيْتِ الْفُجْلِ أَوِ الْقَمْحِ النَّقِيِّ بِالْمَغْلُوثِ أَوِ الْمُسَوَّسِ فَهُوَ فَوْتٌ قَالَ ابْن الْقَاسِم: لَو زَوجهَا بِعَبْدَيْنِ فَقَبَضَتْهُمَا ثُمَّ فُلِّسَتْ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ هَلَاكُهُ بِغَيْرِ سَبَبِهَا فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا نِصْفُ مَا وَجَدَ وَلَا مُحَاصَّةَ لَهُ بِمَا بَقِيَ أَوْ بِسَبَبِهَا حَاصَصَ بِنِصْفِ مَا ذَهَبَ وَلَوْ بَاعَ أَمَةً فَجُنَّتْ لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى يَدْفَعَ الْجِنَايَةَ وَلَا يَرْجِعَ بِهَا كَالْعَيْبِ يَدْخُلُهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ تَعَوَّرَتْ أَوِ اعْوَرَّتْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَأْخُذْهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ أَوْ يَتْرُكْ وَيُحَاصِصْ وَلَوِ اعْوَرَّتْ بِجِنَايَةِ جَانٍ فَأَخَذَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِيَأْخُذَهَا بِنِصْفِ حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ حَقِّهِ وَيُحَاصِصْ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَوْ يَتْرُكْهَا وَيُحَاصِصْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ يَخْلَقُ أَوْ يَدْخُلُهُ فَسَادٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاحِشًا جِدًّا فَلَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ قَالَ عبد الْمَالِك: أَمَّا الثِّيَابُ تَنْقَطِعُ لَا أَدْرِي وَأَمَّا الْجُلُودُ تقطع نعالاً فَهُوَ فَوت، قَالَ وَمَتى الشَّيْءُ هَكَذَا فَلَا أَرَى لَهُ
أَخَذَهُ وَلَوْ بُنِيَتِ الْعَرْصَةُ دَارًا أَوْ نُسِجَ الْغَزْلُ ثَوْبًا كَانَ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِقِيمَةِ الْعَرْصَةَ مِنْ قِيمَةِ الْبُنْيَانِ وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَنَحْوُهُ بِأَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ الثُّلُثَ وَالْبُنْيَانُ الثُّلُثَانِ يَكُونُ شَرِيكًا بِالثُلُثِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ قَالَ أَصْبَغُ: مَنِ اشْتَرَى زُبْدًا فَعَمِلَهُ سَمْنًا أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا أَوِ الْخَشَبَةَ بَابًا أَوْ ذَبَحَ الْكَبْش وَذَلِكَ فوتٌ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إِلَّا الْمُحَاصَّةُ بِخِلَافِ الْعَرْصَةِ وَالْغَزْلِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ زِيدَ فِيهِ غَيْرُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْجِلْدُ يُدبغُ وَالثَّوْبُ يُصبغ يَكُونُ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ مَا زَادَ ذَلِكَ وَلَوْ رُقع الثَّوْبُ شَارَكَ بِمَا زَادَ التَّرْقِيعُ وَلَوْ كَانَتْ رُقْعَةً أَوْ رُقْعَتَيْنِ وَأَكْثَرُهُ خِيَاطَةُ فُتوق فَهُوَ بِذَلِكَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ لَوْ قِيلَ إِنَّ مَا قَابَلَ الصَّبْغَ يُشَارِكُ بِهِ وَمَا قَابَلَ أُجْرَةَ يَدِهِ يُحَاصِصُ بِهِ لَكَانَ أَشْبَهَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَزِرَاعَةُ الْقَمْحِ وَطَحْنُهُ فَوْتٌ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا وَجَدَهُ عِنْدَ الصَّبَّاغِ أَوِ الْقَصَّارِ قَدْ فَرَغَ أَعْطَاهُ الْأُجْرَةَ وَأَخَذَهُ وَحَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِمَا أَعْطَى يَقُومُ مَقَامَ الصَّبَّاغِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَاشَيْءَ لَهُ فِيمَا فَدَاهُ بِهِ إِنْ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا ثَوْبُهُ زَادَ الصَّبْغُ أَوْ نَقَصَ أَوْ يَتْرُكْهُ وَيُحَاصِصْ كَالْعَبْدِ يَجْنِي ثُمَّ يُفْلِسُ فَيَفْدِيهِ فَإِذَا بَاعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا فَدَاهُ بِهِ وَلَوْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ مَرْهُونَةً خُيِّر بَيْنَ فِدَائِهَا وَأَخْذِهَا بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَيُحَاصِصْ بِمَا فَدَاهَا بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَخْذَهَا وَيُعْطُوهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَيُحَاصِصَهُمْ بِمَا فَدَاهَا بِهِ فِيهَا وَفِي جَمِيعِ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ يَدَعُهَا وَيُحَاصِصُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّهْنَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ شيءٌ يَلْزَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا جَنَى الْعَبْدُ فَالْغُرَمَاءُ مُخَيَّرُونَ فِي فِدَائِهِ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ وثمنه الَّذِي لبَائِعه ثمَّ يبيعون وَيَسْتَوْفُونَ مِنْ ثَمَنِهِ دِيَةَ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ يَزِيدُ وَيَكُونُ لَهُمْ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ الَّذِي دفعوه لبَائِعه قَالَ: فَإِن فضل بعددِية الْجِنَايَةِ شيءٌ أَخَذُوهُ فِي ثَمَنِهِ الَّذِي دَفَعُوهُ فِدَاءً فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فضلٌ فَبَيْنَ غُرَمَائِهِ مِنْ دَيْنِهِمْ فَإِنْ مَاتَ أَوْ نَقَصَ بَعْدَ أَنْ فَدَوْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُفَلَّسِ فِيمَا فدوه بِهِ وَإِن شاؤا افْتَكُّوهُ مِنْ بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَمِنَ الْمَجْرُوحِ بِالْجِنَايَةِ وَبِزِيَادَةٍ وَلَوْ دِرْهَمًا
يَحُطُّونَهُ عَنِ الْغَرِيمِ مِنْ دَيْنِهِمْ لِيَكُونَ الْعَبْدُ لَهُمْ فَإِنْ مَاتَ كَانَ دينُهم عَلَيْهِ إِلَّا الزِّيَادَةَ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى الدِّيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ فَأَرَادَ المحاصَّة بِالثَّمَنِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَرَدَّ مَا حاصَّ بِهِ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إِمَّا أَنْ يَرْضَى بِطَلَبِ الْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوِ الْمُحَاصَّةِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَيَطْلُبُوا الْآبِقَ وَلَيْسَ ذَلِكَ شِرَاءً لِلْآبِقِ لِأَن أداءهم على الْمُفلس وللمفلس نماؤه وَنقص قَالَ أَشْهَبُ: لَهُ تَرْكُ الْمُحَاصَّةِ وَطَلَبُ الْعَبْدِ فَإِنْ وَجَدَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ فحاصَّ الْغُرَمَاءَ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ لِأَنَّهُ شراءُ آبِقٍ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَهُ فَحَاصَّ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وردُّ مَا أَخَذَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ الْوَطْءُ الْأَخْذَ بِخِلَافِ الِاعْتِصَارِ وَهِبَةِ الثَّوَابِ لِتَعَيُّنِ الضَّرَرِ هَاهُنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ مِنَ الْبَائِعِ وَلَوْ وَجَدَ ثَمَنَهُ بِعَيْنِهِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ كِتَابًا أَوْ طَعَامًا أَوْ نَحْوَهُمَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا فُسخ الْبَيْعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِد وفُلِّس البَائِع فالمتباع أحقُّ بِالسِّلْعَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهَا لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ أَحَقَّ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْخِلَافِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَوْ أَخَذَ سِلْعَةً بَدَيْنٍ أَخْذًا فَاسِدًا لَا يَكُونُ أحقُّ بِهَا قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لِمَكَانِ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أحقَّ بِهَا لِأَنَّهُ تَرَكَ الطَّلَبَ حِينَ الْمَلَاءِ لِظَنِّهِ الْوَفَاءَ بِمَا أَخَذَ واختُلف فِي الْمَحَالِّ بِثَمَنِ السِّلْعَةِ هَلْ يَكُونُ أحقَّ كَأَصْلِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْأَوَّلَ عَلَى قَاعِدَتِهِ أَنَّ مَنْ فَدَى شَيْئًا قَامَ مَقَامَهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَفِي الْإِقَالَةِ أَيْضًا خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ مِنْ قَرْضٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ أَحَقُّ كَالْبَيْعِ وَلَوِ اشْتَرَى رجلٌ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ ثُمَّ فُلِّس الْمُشْتَرِي لِلسِّلْعَةِ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرِي الدَّيْنِ أَحَقَّ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ لَكَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَحَقَّ فَإِنْ بَاعَ ثَمَرَةً مُزْهِيَةً وَوَقَعَ الْفَلَسُ بَعْدَ يُبسها فَهَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا؟ خلافٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَحَقُّ بِهَا أَحْسَنُ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَلِأَنَّهَا ضَمَانُ الْبَائِعِ حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْيُبْسِ
وَفِي الْجَوَاهِرِ: الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْأَخْذُ هَلْ هُوَ نقضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ أَوِ ابْتِدَاءٌ لِلْبَيْعِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ الْأَخْذُ وَعَلَى الثَّانِي يُختلف فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ آخَرَ وَهُوَ مَا أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ مِنَ الذَّرَائِعِ هَلْ يُعْتَبَرُ أَوْ لَا؟ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَلَمْ يَسْتَرْجِعْ حَتَّى فُلّس الْبَائِعُ فاختُلف هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ يردُّه ويُباع لَهُ أَوْ يَكُونُ أُسْوَةً وَعَلَى أَنَّهُ أُسْوَةٌ قِيلَ يُخّير بَيْنَ حَبْسِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنَ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدُّ وَيُحَاصُّ وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِتَضَرُّرِهِ بِالرَّدِّ وَالْمُحَاصَّةِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ حَتَّى فُلِّس الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رُدّ الْبَيْعُ وَإِنْ فَاتَ بحوالة سوق أوعيب فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ أَوْ يُحَاصُّ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ فَوْتِ السِّلْعَةِ اختُلف هَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا أَوْ تُباع \ لَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ يَكُونُ أُسْوَةً وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُخيَّر بَيْنَ الردِّ وَالْمُحَاصَّةِ بِثَمَنِهِ أَوْ يُمْسِكُ وَتَكُونُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ يقاص الثّمن وَمَتَّى نَقَصَ الْمَبِيعُ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ وَأُخِذَ لَهُ أَرْشٌ ثُمَّ ذَهَبَ ذَلِكَ الْعَيْبُ كَالْمُوَضَّحَةِ أَخَذَ الْمَبِيعَ دُونَ الْأَرْشِ لِعَدَمِ النَّقْصِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ يَعُدْ لِقِيمَتِهِ ردَّه وَأَخَذَ الْبَاقِيَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَحَاصَصَ بِنَقْصِ الْجِنَايَة كساعتين وُجِدَتْ إِحْدَاهُمَا فَإِنْ نَقَصَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فلمالكٍ قَوْلَانِ: أَخَذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يُحَاصِصُ وَيَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ يُحَاصُّ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي كَالثَّوْبِ يَخْلَقُ فَخِلَافٌ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِيهِ فضٌّ الثَّمَنِ عَلَى الذَّاهِبِ وَالْبَاقِي وَسَقَطَ مَا يَنُوبُ الْمَوْجُودُ وَيَضْرِبُ بِمَا يَنُوبُ الذَّاهِبُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَبَضَهُ مِنْهُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا هَرِمَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ هَلْ يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ قِيَاسًا عَلَى وِجْدَانِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْهَرَمِ هَل يكون ذَلِك فوتاً أَو لَا؟ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِهِ يُختلف هَلْ يَضْرِبُ بِمَا نَقَصَ كَمَا قِيلَ فِي الْعَيْبِ؟ وكَبُر الصَّغِيرِ فوتٌ وَكُلُّ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْأَخْذَ فِي الْفَلَسِ تَمْهِيدٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ تَعَذُّرُ أَخْذِهِ بِالْفَلَسِ فَمَتَى وفَّى
المَال فَلَا رُجُوع وَقَالَ عبد الْمَالِك: مَتَى دَفَعَ إِلَيْهِ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ فَلَا رُجُوعَ وَمَنَعَ ابْنُ كِنَانَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بَلْ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ حَتَّى يَزِيدُوا عَلَيْهِ زِيَادَةً يُحطونها عَنِ الْمُفَلَّسِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلِلْمُعَوَّضِ شَرْطَانِ: وَجُودُهُ فِي مِلْكِ الْمُفَلَّسِ فَلَوْ هَلَكَ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِكِتَابَةٍ فَلَا رُجُوعَ وَالثَّانِي عَدَمُ التَّغَيُّرِ فَلَوْ زرعت الْحِنْطَة أَو خلط جيد بردئ أَوْ مَغْلُوثٍ أَوْ مُسَوَّسٌ أَوْ يُعْمَلُ الزُّبْدُ سَمْنًا أَوْ يُقْطَعُ الثَّوْبُ قَمِيصًا أَوِ الْخَشَبَةُ بَابا أَو يذبح الكبس فَقَدْ فَاتَ وَلَوْ أُضيف إِلَيْهِ صَنْعَةٌ كَالْعَرْصَةِ تُبني وَالْغَزْلِ يُنسج لَا يُمْنَعُ الرُّجُوعَ وَيُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبُنْيَانِ وَالنَّسْجِ وَمن شَرط الْمُعَارضَة التَّمَحُّضُ لِلْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ فِي النِّكَاحِ وَالْخلْع وَالصُّلْح لتعذر اسْتِيفَاء الْمقَال لَكِنْ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وفُلِّست وعُرِف الثَّمَنُ بِيَدِهَا أَخَذَ نِصْفَهُ وَيَثْبُتُ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْإِجَارَةِ وَالسَّلْمِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ولدت الْأمة عِنْده ثمَّ مَاتَ وَبَقِيَ وَلَدُهَا ثُمَّ فُلِّسَ فَلِلْبَائِعِ الْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ أَخْذُ الْوَلَدِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ مَالِهِ وَلَيْسَ بَعْضُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَتَقَسَّطَ الثَّمَنُ بِإِعْسَارِهِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ جَمِيعَ الثَّمَنِ فَيَأْخُذُوا الْوَلَدَ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ وَلَوْ وَجَدَ الْأَمَةَ أَوِ الْغَنَمَ تَنَاسَلَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْأَوْلَادِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ كَصُوفٍ جَزَّهُ وَلَبَنٍ حَلَبَهُ وَثَمَرَةٍ جَنَاهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصُّوفُ يَوْمَ الشِّرَاءِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ قَدْ تَمَّ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ فَهُوَ كَالْمَبِيعِ لَهُ أَخْذُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ جَذَّ تِلْكَ الثَّمَرَةَ وَجَزَّ ذَلِكَ الصُّوفَ فَهُمَا كَالْغَلَّةِ لِأَنَّ أَصْلَهُمَا غَلَّةٌ وَفِي النُّكَتِ يَسْتَوِي بَيْعُ الْوَلَدِ وَمَوْتُهُ بِخِلَافِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يَذْكُرْ إِذَا أَخَذَ الصُّوفَ هَلْ يَغْرَمُ الْجَزَّازُ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ الثَّمَرَ فِي رُؤْس النَّخْلِ دَفَعَ السَّقْيَ وَالْعِلَاجَ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَإِذَا بِيعَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ أَصْلٍ بَعْدَ زَهْوِهَا ثُمَّ فُلِّسَ بَعْدَ يُبْسِهَا فَقِيلَ يَأْخُذُهَا لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: سَوَاءٌ مَاتَتِ الْأُمُّ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ
وَبَقِيَتِ الْأُمُّ لَا يَأْخُذُ الْبَاقِيَ إِلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ وَيُحَاصُّ وَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي وَلَدَ الْأَمَةِ أَوِ الْفَرَسَ أَوْ غَيْرَهُمَا يَأْخُذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يُحَاصُّ لِأَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَالْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ وَإِنْ بَاعَ الْأُمَّ قُسِّمَ الثّمن عَلَيْهِمَا وَأخذ الْوَلَد بِحِصَّتِهِ ويحاص بِحِصَّة الْأُمِّ قَالَهُ كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: يُقَوَّمُ الْوَلَدُ الْيَوْمَ أَنْ لَوْ كَانَ يَوْمَ الْعَقْدِ فَتُصْرَفُ حِصَّتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا فَأَخَذَ لَهُ عَقَلٌ فَهُوَ كَالْمَوْتِ وَلَوْ بَاعَهَا بِوَلَدِهَا كَانَا كَسِلْعَتَيْنِ بِيعَتَا فِي صَفْقَة لي مَا وجد مِنْهُمَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَلَوْ بَاعَ الْوَلَدَ الْمُتَوَلِّدَ عِنْدَهُ وَرَدَّ الْأُمَّ بِعَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهَا أَثْمَانَهُمَا وَلَوْ بَاعَ الْأَمَةَ وَبَقِيَ الْوَلَدُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ أَوْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَقَالَ يَحْيَى فِي التَّفْلِيسِ: إِنْ جَذَّ الْمُشْتَرِي تَمْرًا رد ملكيته أَوْ رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهُ يُرِيدُ إِذَا فَاتَ وَلَهُ أُجْرَةُ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا نَفَقَةَ لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى مَالِهِ وَمَا أَصَابَهُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ يَحْيَى هَذَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَمَّا فِي التَّفْلِيسِ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ مِثْلُهَا وَلَا قِيمَتُهَا لِأَنَّ عَيْنَ شَيْئِهِ قَدْ ذَهَبَ فَيَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ وَيُحَاصُّ بِمَا يَنُوبُ الثَّمَرَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوِ اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ ثَائِرَةٌ فَجَزَّهُ وَبَاعَهُ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْغَنَمَ وَيُقَوَّمُ الصُّوفُ بِقَدْرِهِ مِنَ الرِّقَابِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا بِمَا بِيعَ فَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ شَجرا بِلَا ثَمَر أَو فِيهَا ثَمَر لم يوبر فَهُوَ لِلْبَائِعِ أَوْ أُبِّرَ فَلِلْمُبْتَاعِ وَإِذَا جَذَّ الثَّمَرَة افْتَرَقَ الْمَأبُورُ عَنْ غَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَأبورُ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وَغَيْرُهُ كَالْغَلَّةِ لَا تُرَدُّ وَإِنِ ابْتَاعَ دَارًا فَدَخَلَتْ غَلَّتُهَا لَمْ تَكُنْ غَلَّتُهَا لَهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ: مَا اكْتَسَبَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَمْ يَنْتَزِعْهُ حَتَّى فُلِّسَ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا بِمَالِهِ إِلَى أَجَلٍ فَذَهَبَ مَالُهُ بِانْتِزَاعٍ مِنَ السَّيِّدِ أَوِ اسْتِهْلَاكٍ مِنَ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَ الْعَبْدَ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يَتْرُكُهُ وَيُحَاصُّ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ وَبَقِيَ الْمَالُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَالِ وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاء لضعف المَال العَبْد
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ ذَهَبَ مَالُ الْعَبْدِ فِي الثَّلَاثِ لَا يُرَدُّ بِذَلِكَ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا بَاعَ ثَمَر حَائِطٍ [بِرُطَبٍ] فَيَبِسَ فِي النَّخْلِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ أَعْطَى رُطَبًا وَأَخَذَ ثمراً يُحَرَّمُ يَدًا بِيَدٍ فَكَيْفَ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ أُخْذُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ عَلَى الْقَاعِدَةِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ أَدَّتْ إِلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَهُوَ عَيْنُ شَيْئِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْآبِقِ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ إِذَا أَبَقَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْقَمْحُ يُطْحَنُ وَالشَّاةُ تُذْبَحُ وَالزُّبْدُ يُعْمَلُ سَمْنًا وَنَحْوُهُ يُمْنَعُ أَخْذُهُ كَالرُّطَبِ بِتَمْرٍ لِأَنَّهُ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ وَزُبْدٌ بِسَمْنٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ السُّيُورِيِّ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ لَهُ أَخْذُ الْبَاقِي مِنْهُمَا بِحِسَابِهِ نَظَائِرُ: قَالَ الْعَبْدِيُّ تُؤْخَذُ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسِ مَوَاطِنَ: فِي الْفَلَسِ مَا لَمْ تُزَايِلِ الْأُصُولَ وَالشُّفْعَةِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ يَبِسَتْ فَلَا تُؤْخَذُ فِيهِمَا وَالْبَيْعِ الْفَاسِد وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ مَا لم تطلب للْمُبْتَاع نَظَائِرُ: الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: فِي الْفَلَسِ وَالشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: إِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْغُرَمَاءِ إِمَّا أَن تضمنوا السّلْعَة أودعوا البَائِع بأخذها لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ ضَمَانُهُ مِنْهُ وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ إِذَا قَالَ ذَلِكَ ثُمَّ حَبَسُوهَا وَدَفَعُوا الثَّمَنَ ضَمِنُوهَا وَيُحَاسِبُهُمْ بِهَا الْمُفَلَّسُ فِيمَا دَفَعُوا عَنْهَا وَإِنْ بِيعَتْ فَفَضْلُهَا لَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ أَصْبَغُ إِذَا اشْتَرَى مِنَ الْغَنَمِ رَقِيقًا بِأَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ ثُمَّ فُلِّسَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ الرَّقِيقِ فَلِلْغَانِمِينَ الَّذِينَ بَاعُوهُ مِنَ الرَّقِيقِ مِقْدَارُ مَا يَفْضُلُ عَنْ سَهْمِهِ أَحَقُّ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُمْ مِقْدَارَ مَا صَارَ لَهُمْ أَمَّا لَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا زَادَ
عِنْدَهُ فَالْمُحَالُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ إِذَا اشْتَرَى مِنْ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مِمَّا صَارَ لَهُمْ خَاصَّةً بِالْقَسْمِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَلَفًا بِعَيْنِهَا إِنَّمَا هِيَ غَنَائِمُ يَبِيعُهَا السُّلْطَانُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى الْكَيْلِ أَمْ لَا ثُمَّ فُلِّس الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْمُشْتَرِي أحقُّ بِالطَّعَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: الْأَجِيرُ عَلَى سَقْيِ زَرْعٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ أَصْلٍ إِنْ سَقَاهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَفِي الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَالْأَجِيرُ عَلَى رِعَايَةِ الْإِبِلِ أَوْ حِلَابِهَا أَوْ عَلْفِ الدَّوَابِّ هُوَ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ لِلْأَوَّلِ أَثَرًا ظَاهِرًا بِخِلَافِ الثَّانِي وَرَبَّ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ كَغُرَمَاءِ مُكْتَرِيهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ أُجْرَتَهُ فِي الذِّمَّةِ وَجَمِيعُ الصُّنَّاعِ أحقُّ بِمَا أُسلم إِلَيْهِمْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ أَعْيَانَ صَنَائِعِهِمْ فِي الْمَتَاعِ وَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ إِلَى بَلَدٍ أَسْلَمَ دَابَّتَهُ لِلْمُكْتَرِي أَوْ مَعَهَا وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ أَوْ لَا وَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ وَهُوَ رَهْنٌ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ وَصَلَ عَلَى دَوَابِّهِ لِلْبَلَدِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ الصُّنَّاعُ أحقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَفَعُوهُ لِأَرْبَابِهِ لَمْ يَكُونُوا أحقَّ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ وَعَنْهُ أَنَّهُمْ أحقُّ وَإِنْ أَسْلَمُوهُ لِأَن فِي أَعْيَانَ أَعْمَالِهِمْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَصَلَ عَلَى دَوَابِّهِ إِلَى الْبَلَدِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّفِينِيَّ كَذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَحَقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَالنَّخْلُ مِمَّا يَبْقَى لِلْمَسَاقِي فَهُوَ أَحَقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: مَا وَضَعَهُ الصَّانِعُ مِنَ الرِّقَاعِ فِي الثَّوْبِ أَوْ خِيَاطَةِ فَتْقٍ إِنْ كَانَتِ الرِّقَاعُ الْجُلُّ فَهُوَ أَحَقُّ بِالثَّوْبِ يُقوِّم مَرْقُوعًا وَغَيْرَ مَرْقُوعٍ وَيَكُونُ شَرِيكًا وَكَذَلِكَ إِنْ تَنَصَّفَتِ الْخِيَاطَةُ وَالرِّقَاعُ وَإِلَّا فَهُوَ أُسْوَةٌ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ أَحَقُّ بِمَا زَادَ مُطْلَقًا وَيَضْرِبُ بِبَقِيَّةِ الْأُجْرَةِ وَكُلُّ صِنَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالْخِيَاطَةِ بِغَيْرِ رِقَاعٍ وَالْقِصَارَةِ فَهُوَ كَالْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْأَجِيرُ يَدْرُسُ الزَّرْعَ بِبَقَرَةٍ أَحَقُّ بالاندُر لِأَنَّ الْأَنْدَرَ لَا
يَنْقَلِبُ بِهِ صَاحِبُهُ وَلَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنِ اسْتَعْمَلْتَهُ فِي حَانُوتِكَ وَيَنْصَرِفُ بِاللَّيْلِ لَيْسَ أَحَقَّ فِي الْمَوْتِ وَلَا فَلَسٍ وَاخْتُلِفَ فِي مُكْرِي الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أحقُّ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ المُنمِّية لِلزَّرْعِ فَأَشْبَهَ بَائِعَ الزَّرْعِ وَقِيلَ أَحَقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ كَبَائِعِ سِلْعَةٍ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَكَأَنَّ يَدَهُ مَا زَالَتْ عَنِ الْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الزَّرْعِ اخْتُلِفَ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْمُدْرَكِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى مَا أَخْرَجَ لَمْ يسلِّمه أَوْ يُقَالُ سَلَّمَهُ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ فربُّ الرض أَوْلَى فِيهِمَا وَالْأَجِيرُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً لِقُوَّةِ اسْتِيلَاءِ الْأَرْضِ وَهُمَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الْفَلَسِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكْتِرِي قُدِّم عَلَيْهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا أُسوة فِي الْمَوْتِ وَانْظُرْ لَوِ اكْتَرَى الْأَرْضَ فَزَرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَسَقَى ثُمَّ فُلِّس بِمَاذَا يَكُونُ رَبُّ الْأَرْضِ أَوْلَى بِجَمِيعِ الزَّرْعِ مَعَ الْمُكْتَرِي نَمَّاهُ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُهُ أَجِيرًا لَشَارَكَ رَبَّ الْأَرْضِ لِأَنَّ بِالْقَدْرِ الَّذِي لَوْ كَانَ مَعَهُ أَجِيرًا كَانَ لَهُ قَدْرُ تَنْمِيَةِ أَرْضِهِ وَيَأْخُذُ غُرَمَاءُ الْمُكْتَرِي مَا نمَّاه وَظُهُورُ الْإِبِلِ حَائِزَةٌ لِمَا عَلَيْهَا فِي فَلَسِ أَصْحَابِ الْمَتَاعِ كَانَ أَصْحَابُهَا مَعَهَا أَوْ لَا بِخِلَاف الدّور إِلَّا عِنْد عبد الْمَالِك لِأَنَّ الْإِبِلَ سَيْرُهَا بِالْمَتَاعِ إِلَى الْبِلَادِ تَنْمِيَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا اسْتَأْجَرَ لِزَرْعِهِ لِلسَّقْيِ فَعَجَزَ فَأَجَّرَ آخَرَ فربُّ الزَّرْعِ وَالْأَجِيرُ الثَّانِي أَوْلَى بِالزَّرْعِ يتحاصَّان وَمَا فَضَلَ فَلِلْأَجِيرِ الْأَوَّلِ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ بِالثَّانِي ثمَّ الزَّرْعُ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ فَأَحْيَاهُ الرَّاهِنُ بِمَالِهِ ثُمَّ عَجَزَ ثُمَّ اسْتَدَانَ ثُمَّ فُلِّسَ يَبْدَأُ الْأَخِيرُ فَالْأَخِيرُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا حَصَدَ الْوَارِثُ وَدَرَسَ وَزَرَعَ فَعَجَزَ فَقَامَ الْغُرَمَاءُ فَلَهُ أُجْرَتُهُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنِ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا فَلَهُ قبضُها بَعْدَ الْفَلَسِ كَعَبْدٍ اشْتَرَاهُ وَفِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ أسوةُ الْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَوْلَى إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ الظَّهْرِ وَيَضْمَنُونَ كِرَاءَهُ فِي ثِقَةٍ فَذَلِكَ لَهُمْ وَعَنْهُ كَذَلِكَ إِذَا تَكَارَوُا الْجِمَالَ وَهُوَ يُديُرها تَحْتَهُمْ أَمْ لَا هُمْ أحقُّ لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِينِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجِيرِ عُلُوفَةِ الدَّوَابِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي عَيْنِ الدَّوَابِّ حَقٌّ بَلْ فِي الذِّمَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَجِيرِ الْعُلُوفَةِ وَأَجِيرِ السَّقْيِ أَنَّ الدَّوَابَّ قَدْ تَرْعَى وَتَرْتَحِلُ بِأَنْفُسِهَا وَالْأُصُولُ لَا تَشْرَبُ بِنَفْسِهَا
وَكُلُّ صَانِعٍ يُخْرِجُ عَيْنَ الْعَمَلِ كَالصَّبَّاغِ يُخْرِجُ الصَّبغ وَالصَّقِيلِ يُخْرِجُ حَوَائِجَ السَّيْفِ وَالْفَرَّاءُ يُرَقِّعُ الْفَرْوَ بِرِقَاعِهِ ثُمَّ يَقْبِضُ ذَلِكَ ربُّه ثُمَّ يُفْلِسُ فَيَنْظُرُ إِلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ يَوْمَ الْحُكْمِ هَلْ نَقَصَ ذَلِكَ الثَّوْبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَيُشَارِكُ بِذَلِكَ الصَّانِعُ الْغُرَمَاءَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ إِلَّا أَن يدْفع لَهُ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا سَلَّمَ الصَّانِعُ أَحَدَ السُّوَارَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا حبسُ الْبَاقِي عَلَى أُجْرَةِ الْبَاقِي وَأُجْرَةُ الْآخَرِ بَقِيَتْ فِي الذِّمَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِن فُلِّس الصَّانِع والصباغ أوالحائك أَوِ الْخَيَّاطُ فلمُستأجره المحاصَّة بِقِيمَةِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ فَمَا صَارَ لَهُ خُيِّر بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ بِهِ وَيَتِمَّ مِنْ عِنْدِهِ وَيَتْبَعَ الصَّانِعَ بِالْبَاقِي أَوْ يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنَ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَسْلَمَهَا وَيَتْبَعَ بِالْبَاقِي وَتَنْفَسِخَ بِالْبَاقِي الْإِجَارَةُ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْخِيَاطَةِ وَالصَّبْغِ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ فَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ مالٌ أحقُّ بِمَالِهِ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِصَنْعَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يَعْمَلُ لِمُسْتَأْجِرِيهِ الْأَوَّلَ فَالْأول إِلَّا أَن يكون ثمَّ عادةٌ بِتَأْخِير بَعضهم لدخولهم على ذَلِك أَو لجهل حَالِهِمْ فَيَقْتَرِعُونَ فَإِنْ فُلِّس الْمُسْتَأْجِرُ فَالْأَجِيرُ أحقُّ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّهَا الْعَادَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يَكُونُ أحقَّ بِصَنْعَتِهِ لِأَنَّهَا بِيَدِهِ وَلم يسلِّمها أَو كالغرماء أَنه سلَّمها فِي الثَّوْبِ وَفَاتَتْ فِيهِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا مَاتَ وَلَا عَادَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا كَانَ الْفَلَسُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ خُيِّر بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْعَمَلِ وَيَكُونُ كَالْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَمَلُ لِيَكُونَ شَرِيكًا بِعَمَلِهِ فَإِنْ عَمِلَ وسلَّم فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَحْوِ الْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ وَالصَّبْغِ هُوَ كَالْغُرَمَاءِ لِتَسْلِيمِهِ وَعَنْهُ هُوَ أَحَقُّ بِصَنْعَتِهِ شريكٌ بِهَا لِوُجُودِهِ فِي عَيْنِ السِّلْعَةِ قَائِمَةً وَهَلْ يُشَارِكُ بِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَبِمَا زَادَتْ فَإِنْ لَمْ تُرَفهو كَالْغُرَمَاءِ قَوْلَانِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ فِي يَدِ الصَّانِعِ فَلَهُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ وَأَخْذُ الثَّوْبِ قَالَ أَشْهَبُ: ويحاصُّ بِالْأُجْرَةِ وَيَكُونُ شَرِيكا بالصنعة وَعَن عبد الْمَالِك الْأَجِيرُ عَلَى رِعَايَةِ الْإِبِلِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ يخلُفُ الْأَجِيرَ بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ المجاعل فِي الْآبِق وَالْبَعِير الشارد أومن تَوَكَّلَ لِيَأْتِيَ بِمَالٍ مِنَ الْعِرَاقِ وَإِذَا فُلِّس الْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ عَلَى رُكُوبِهِ فالمُكري أحقُّ بِإِبِلِهِ فِي
الْفَلَسِ كَانَ الْكِرَاءُ بَعِيرًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى حَمْلِ متاعٍ وَقَدْ أَبْرَزَهُ لَهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُ فَفِي كِتَابِ الرَّوَاحِلِ: المُكري أحقُّ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْإِبِلِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ هُوَ كَالْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَتَاعِ لِأَنَّ الْمَتَاعَ لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ فُلِّس بَعْدَ بُلُوغِ الْمَتَاعِ وَكَانَ صَاحِبُ الْإِبِلِ يَخْلُو بِالْمَتَاعِ وَيَحُوزُهُ فَهُوَ أحقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَحُوزُهُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ إِنْ كَانَ صَاحِبُ الْإِبِلِ أَسْلَمَ إِبِلَهُ إِلَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ بَلَغ عَلَى إِبِلِهِ وَعَلَى قَول عبد الْمَالِك كالغرماء لِأَنَّهُ لم يَجُزه وَلَمْ يخْلُ بِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَقَدْ يُحمل قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى زِيَادَةِ السَّوْقِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي بَلَغَتْ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ أحقَّ إِلَّا بِتَلف الزِّيَادَةِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ وَقَالَ (ش) الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِالدَّابَّةِ فِي الْفَلَسِ كَمَا قُلْنَاهُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا دَفَعَ غُلَامَهُ لِمَنْ يُعَلِّمُه إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ففُلِّس السَّيِّدُ فالمُعلّم أَحَقُّ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ مَا شَرَطَهُ لَهُ السَّيِّدُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ قَبْلَ الْفلس وَكَذَلِكَ لَو لم يعلِّمه شَيْئا يُبدَّأ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْقَلِبُ بِاللَّيْلِ إِلَى سَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى بِنَاءِ عَرْصَتِكَ مِنْ عِنْدِهِ مُقَاطَعَةً لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ فِي الْعَرْصَةِ كَسِلْعَةٍ بِعَيْنِهِا وَقَالَ سُحْنُونٌ أُجْرَةُ الْأَجِيرِ تُقدَّمُ فِي الْفَلَسِ عَلَى الدُّيُونِ لِقَوْلِهِ عليه السلام: أَعْطُوا الْأَجِيرَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يجفَّ عَرَقُهُ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا بِدِينَارَيْنِ فَنَقَدَ دِينَارًا ثُمَّ فُلِّسَ السَّاكِنُ بَعْدَ سُكْنَى نِصْفِ سَنَةٍ إِنْ شَاءَ رَبُّ الدَّارِ تَرَكَهَا وحاصَّ بِدِينَارِهِ الْبَاقِيَ أَوْ يَأْخُذُ دَارَهُ وَيَرُدُّ نِصْفَ مَا انْتَقَدَ حِصَّةَ النِّصْفِ الْبَاقِي عَنِ السَّنَةِ وَيَأْخُذُ بَاقِيَ السُّكْنَى وَيُحَاصُّ بِنِصْفِ دِينَارٍ بِقِيمَةِ حِصَّةِ مَا مَضَى إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ دِينَارٍ حِصَّةَ بَاقِي السُّكْنَى وَيُحَاصُّ بِنِصْفِ دِينَارٍ بَاقِيَ كِرَاءٍ مَا مَضَى قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ الصُّنَّاعِ بَعْدَ فَلَسِهِمْ هَذِهِ السِّلْعَةَ لفُلَان
أَوْ هَذَا الْغَزْلَ أَوْ هَذِهِ السَّبِيكَةَ لِإِخْلَالِهِ بحِجر الْفَلَسِ وَعَنْهُ يُقبل لِأَنَّهَا أَمَانَاتٌ فَلَا تُهْمَةَ كَمَالِ أَنْفُسِهِمْ وَإِذَا استَدان فَزَرَعَ ثُمَّ اسْتَدَانَ وَقَدِمَ الْآخَرُ فَالْآخَرُ قِدَمَ الْآخَرُ عَلَى الْجَمِيع كَانَ أول أَوَاخِر لِأَنَّ بِهِ حَصَلَتْ مَصْلَحَةُ الْمَالِ وَيُقَدَّمُ الْأَجِيرُ الْأَخِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ بِعَمَلِهِ وُجِدَ الزَّرْعُ فَهُوَ كَوَاجِدِ عَيْنِ مَالِهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَلَوْ تَكَارَاهَا فَزَرَعَ وَاسْتَأْجَرَ ثُمَّ رَهَنَ الزَّرْعَ وَقَبَضَهُ المرتَهِن بُدِّئ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرِ يَتَحَاصَّانِ لِوِجْدَانِهِمَا عَيْنَ مَالِهِمَا وَالْفَضْلَةُ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجد الرزع بِأَرْضِهِ وَلَا بِعَمَلِهِ ثُمَّ لِلْغُرَمَاءِ مَا فَضَلَ عَنِ الْمُرْتَهِنِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا فُلِّس عاملُ الْقِرَاضِ وَفِي يَدِهِ أَمْتِعَةٌ حاصَّ بِهَا الْغُرَمَاءُ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ فِي يَدِ الْعَامِلِ كَحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْأَجِيرُ أحقُّ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا وَانْتَقَضَتِ الْإِجَارَةُ كَالسِّلْعَةِ بِيَدِ الْبَائِعِ الْحُكْمُ السَّادِسُ ضَمَانُ مَالِهِمْ بَعْدَ الْفَلَسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ أَشْهَبُ: مُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَرِيمِ " كَانَ " عَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَعَنْ مَالِكٍ ضَمَانه من الْغُرَمَاء إِذا اصتحبه (كَذَا) السُّلْطَان عينا كَانَ أَو عرضا وروى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَقَالَ بِهِ: الْعَيْنُ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَتْ دُيُونُهُمْ عَيْنًا وَإِنْ كَانَتْ دُيُونُهُمْ عَيْنًا وَمَالُهُ عَرُوضٌ فَمِنَ الْمُفَلَّسِ وَكَذَلِكَ الْعُرُوضُ الْمُخَالِفَةُ للدَّين وَالْمُمَاثِلَةُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ وَقَالَ أَصْبَغُ مِنَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَمِنَ الْمُفَلَّسِ فِي الْفَلَسِ فَالْأَوَّلُ مَقِيسٌ عَلَى الثَّمَنِ يَهْلِكُ فِي الْمُوَاضَعَةِ يَكُونُ مِمَّنْ تَكُونُ الْأَمَةُ لَهُ وَالثَّانِي مبنيُّ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلٌ لَهُمْ وَقَبْضُ الْوَكِيلِ قبضٌ لِلْمُوَكِّلِ وَالرَّابِعُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَذُّرِ غَيْرِ لغرماء فِي الْمَوْتِ فَيَتَعَيَّنُونَ وَفِي الْفَلَسِ الْأَصْلُ ضَمَانُ الْمُفَلَّسِ لِلدُّيُونِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى أَرْبَابِهَا وَفِي الْجُلَّابِ: لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَتَلِفَ الثَّمَنُ " قَبْلَ " قَبْضِ
الْغُرَمَاءِ ضَمِنُوهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُمْ بِالْبَيْعِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقَالَ عبد الْمَالِك ضَمَانُ الذَّهَبِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ ذهبٌ وَضَمَانُ الْوَرِقِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ وَرِقٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْخِلَافُ مبنيُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ ضمانُ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ أَوِ السُّلْطَانُ وكيلٌ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ وَكِيلُهُ أَو إِذا كَانَ المَال يحْتَاج لبيع فعلق الْمُفلس بَاقِيَة (كَذَا) وَإِلَّا فَلَا وَفِي النكث قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَنَانِيرَ وَحَقُّهُمْ دَرَاهِمُ لَمْ يَضْمَنِ الْغُرَمَاءُ مَا ضَاعَ وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفِ إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِهِمُ الَّتِي يَقْبِضُونَهَا وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُونَ الْعُرُوضَ يُرِيدُ إِذَا كَانَتْ خِلَافَ حُقُوقِهِمْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا عَلَى مِلك الْغَرِيمِ حَتَّى تُبَاعَ الْحُكْمُ السَّابِعُ قِسْمَةُ مَالِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يُبَاعُ مِنْ مَالِهِ عَلَى نِسْبَةِ الدَّيْنِ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا مِنَ الْعَيْنِ وَالْعَرُوضِ وَطَعَامِ السَّلَم قُوِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ دَيْنِهِ بِثَمَنِهِ يَوْمَ الْفَلَسِ ويُقسم مَالُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِلْكَ الحِصاص وَيَشْتَرِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا صَارَ لَهُ سلعتُه أَوْ مَا بَلَغَ مِنْهَا وَلَا يَدْفَعُ لِأَرْبَابِ الطَّعَامِ ثَمَنَ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ أَرْبَابُ الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السلَم عَرَضًا فِي عرضِ ليلاّ يدْخل سلفُ بِزِيَادَة أوضع وتعجَّل
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَتَأَنَّى فِي الْقَسَمِ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ وَيَعْزِلُ لِمَنْ غَابَ نصيبُه وَضَمَانُهُ مِنَ الْغَائِبِ قَالَ ابْنُ يُونُس: هَذَا اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا وُقف الْمَالَ لِلْمُفْلِسِ لِيَقْضِيَ مِنْهُ غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بَعْدُ مَا وُقف لِلْأَوَّلِ لَضَمِنَ لَهُ الْأَوَّلُ قَدْرَ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَوْقُوفِ وَإِنْ عُلم هَلَاكُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ضَامِنًا لَهُ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَإِذَا غَرَم الطَّارِئُ بِحِصَّتِهِ رَجَعَ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْمُفَلَّسِ أَوِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّ مِنْهُ بِخِلَافِ وَارِثٍ يَطْرَأُ عَلَى وَارِثٍ وَقد هلك مَا بِيَدِهِ الْوَارِثِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَثَبَتَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ الْمَوْقُوفُ لايضمن أَيْضًا لِلطَّارِئِ شَيْئًا وَلَكِنْ يُحطُّ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنَ الدَّيْنِ الْمَوْقُوفِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمُفَلَّسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ أَنَّ الْغَرِيمَ دينُه مِنْ مُعَاوَضَةٍ فَمَا هَلَكَ فِي
يَدَيْهِ فَهُوَ مِنْهُ وَالْوَارِثُ لَمْ يَضْمَنْ فِي ذَلِكَ ثَمَنًا وَدَاهُ وَكَانَ ضَمَانُهُ مِنَ الْمَيِّتِ فَإِذَا طَرَأَ وَارِثٌ لَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا وَالْغَرِيمُ لَمَّا كَانَ هَلَاكُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وكَّله فَوَجَبَ لِلْغَرِيمِ الرُّجُوعُ ثُمَّ يَتْبَعَانِ ذِمَّةَ الْمُفَلَّسِ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَرَادَ بَعْضُهُمْ إِيقَافَ مَا ينوبُه لَمْ يَأْخُذِ الْبَاقُونَ مِنْهُ شَيْئًا فِي بَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ إِلَّا أَنْ يَرْبَحَ فِيهِ أَوْ يُفِيدَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَضْرِبَ الْقَائِمُونَ عَلَيْهِ فِي الرِّبْحِ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ وَالْآخَرُونَ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ بَعْدَ الَّذِي أَبْقَوْا بِيَدِهِ بِقَدْرِ مَا دَايَنُوهُ بِهِ ثُمَّ يَتَحَاصُّونَ مَعَ الْآخِذِ أَوَّلًا فِي الرِّبْحِ وَالْفَائِدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ فِيمَا أَبْقَوْا فِي يَدِهِ وضيعةٌ وَطَرَأَتْ فائدةٌ مِنْ غَيْرِ الرِّبْحِ ضَرَبُوا فِيهَا بِالْوَضِيعَةِ وَبِمَا بَقِيَ لَهُمْ أَوَّلًا وَضَرَبَ فِيهَا الْآخِذُ أَوَّلًا بِمَا بَقِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَا بِيَدِهِ الْآنَ عُرُوضًا قوِّمت فَمَا فَضَلَ فِيهَا مِنْ ربح عَن قدر مَا ألقوا بِيَدِهِ تَحَاصَّوْا فِي ذَلِكَ الرِّبْحِ أَوَّلًا بِمَا بَقِيَ لَهُ وَالْآخَرُ بِمَا بَقِيَ لَهُ بَعْدَ الَّذِي أُوقِفَ بِيَدِهِ فَإِنْ هَلَكَ جَمِيعُ مَا وُقِفَ بِيَدِهِ وَطَرَأَتْ فَائِدَةٌ ضَرَبَ فِيهَا الْآخِذُ أَولا بِمَا بَقِي لَهُ وَهُوَ لَا بِجَمِيعِ دَيْنِهِمْ مَا أَوْقَفُوا بِيَدِهِ وَمَا بَقِيَ لَهُمْ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِذَا كَانَ لِعَبْدِهِ عَلَيْهِ دينٌ لَا يُقسم لَهُ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ يُباع لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دينٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَيُقْسَمَ لَهُ وغُرماؤه أَحَقُّ بِمَا نَابَهُ وَمَا فِي يَدِهِ وَيَتْبَعُونَ ذِمَّتَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُم وتباع رقبته لغرماء السَّيِّد فِي النكث قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فأقلُّ أَخَذَهُ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا بِيعَ الْعَبْدُ لِغُرَمَاءِ سَيِّدِهِ دَخَلَ فِي ثَمَنِهِ غُرَمَاءُ السَّيِّدِ وَغُرَمَاءُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَحَدُ غُرَمَاءِ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُقَالُ إِذَا بِيعَ دينُ السَّيِّدِ عِشْرُونَ لِلْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ مثلُها وَعَلَيْهِ لِأَجْنَبِيٍّ مِثْلُهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِلَّا الْعَبْدُ فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَعَلَيْهِ عِشْرُونَ وَعَلَى أَنَّ مَا وَقَعَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ مَعَ غَرِيمِ سَيِّدِهِ سَقَطَ عِنْدَ مِثْلِهِ مِنْ دَيْنِهِ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ بِعِشْرِينَ قِيلَ لَهُ يَقَعُ لَهُ فِي الْحِصَاصِ عشرةٌ يَقْضِيهَا وَتَبْقَى عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَإِنْ
قَالَ آخَرُ آخُذُهُ بِثَلَاثِينَ قِيلَ يَقَعُ لَهُ فِي الْحِصَاصِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَقْضِيهَا وَتَبْقَى عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَخَالَفَ ابْنُ شَبْلُونَ وَقَالَ يُباع لِغُرَمَاءِ السَّيِّدِ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ وَقِيلَ يَضْرِبُ الْعَبْدُ مَعَ غُرَمَاءِ سَيِّدِهِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَأَقَلُّ " أَخَذَهُ " غريمُه أَوْ أَكْثَرُ رُدَّ الزَّائِدُ لِغُرَمَاءِ سَيِّدِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يُقَسَّمُ للمجنيِّ عَلَيْهِ جِنَايَةَ خَطَأٍ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ: الجراحُ الَّتِي لَا يُحَاصَصُ فِيهَا كَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ لَا تَلْحَقُ بِالْخَطَأِ وَنَحَا إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ وَهُوَ مَضْرُورٌ يَدْفَعُ الْقِصَاصَ عَنْ نَفْسِهِ كَالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَجَنَى جِنَايَةَ عَمدٍ فَصَالَحَ عَنْهَا بِمَالٍ لِلْغُرَمَاءِ ردُّه لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَمْ يُنْكَرْ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ إِنْ صُولِحَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ هَلْ لَهُمُ الرَّدُّ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ إِذَا وَقَعَ فَاتَ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ يُقَسَّمُ للْمُرْتَهن زرعا لم بيد صَلَاحُهُ وَلَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ عِنْدَ الْحِصَاصِ فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِيعَ وأَخذ ثَمَنَهُ إِنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ مَعَ مَا أَخَذَ فِي الْحِصَاصِ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ بِهِ وَيَرُدُّ الْفَاضِلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ ثُمَّ فُلّس قَبْلَ الدُّخُولِ فَضَرَبَتْ فَوَقَعَ لَهَا خَمْسُونَ فطلَّقها قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ خَمْسِينَ نَقْدًا وَخَمْسِينَ مُؤَجَّلَةً وَبِيَدِهِ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ لِرَجُلٍ خَمْسُونَ فَدَفَعَ لَهَا الْخَمْسِينَ النَّقْدَ ثُمَّ فُلِّس فَضَرَبَتْ بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ فَوَقَعَ لَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لردَّت مِنَ الْخَمْسِينَ النَّقْدِ الَّتِي كَانَت قبضتها خَمْسَة عشْرين وَنَظَرَتْ لَوْ ضَرَبَتْ مَعَ الْغَرِيمِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ لَهَا فِي مَالِ الْمُفَلَّسِ وَفِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْ كَمْ كَانَ يَنُوبُهَا مِنْ ذَلِكَ مِثَالُهُ:
بِيَدِهِ مائةٌ أَعْطَاهَا الْخَمْسِينَ النَّقْدَ وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ خَمْسُونَ ففُلِّس فَضَرَبَتْ فِيهَا بِخَمْسِينَ وَالْغَرِيمُ بِخَمْسِينَ فَوَقع لَهَا خَمْسَة وَعشْرين ثُمَّ طَلَّقَهَا فَرَدَّتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَتَسْتَحِقُّ أَيْضًا مِنَ الْمَهْرِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُضرب بِهَا فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يَقَعُ لَهَا لَوْ ضَرَبَتْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْغَرِيمُ بِخَمْسِينَ وَذَلِكَ خَمْسَة وَسَبْعُونَ فتأخذ فِي الْخَمْسَة وَالْعشْرُونَ الَّتِي بِيَدِهَا وَيَبْقَى لِلْغَرِيمِ الْخَمْسُونَ الَّتِي بِيَدِهِ وَلَا تَرُدُّ شَيْئًا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لِلسَّيِّدِ مُبَايَعَةُ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَيَضْرِبُ بِدَيْنِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ وَكَذَلِكَ بِدَيْنِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَلَا يَضْرِبُ بِالْكِتَابَةِ فِي مَوْتٍ وَلَا فَلَسٍ لِضَعْفِهَا فِي أَصْلِ الْمُعَاوَضَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِذَا ارْتَدَّ ولحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَعَلَيْهِ دينٌ فقاتَل وقُتل وفُتحت الْبِلَادُ فَالْغَرِيمُ أحقُّ بِمَالِهِ مِنَ الْغَانِمِينَ لِأَنَّهُ متعدٍّ بِخُرُوجِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ قَالَ التُّونُسِيُّ: جَعَلَ الْبَاقِيَ يُخَمّس وَلَمْ يَجْعَلْهُ كُلَّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَالِ الْمُرْتَدِّينَ لِأَجْلِ الْقِتَالِ عَلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْبَهَ الْغَنَائِمَ وَلَوْ عَدَا الْعَدُوُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ غَنِمْنَا مَا عَدَا عَلَيْهِ يُخَمّس لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ وَقِيلَ إِذَا قَدِمَ الْحَرْبِيُّ إِلَيْنَا فداينَ ثُمَّ مَضَى لِبَلَدِهِ ثُمَّ غُنم مَالُهُ إنَّ دَينه لَا يَكُونُ فِيمَا كَانَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ بَلْ فِيمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ عُومِلَ وَيَصِيرُ مَا بِأَرْضِ الْحَرْبِ مَمْلُوكًا لِلْجَيْشِ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ بُعث عَلَى وَرَثَتِهِ إِذَا قُتل فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَتَهُ فَيَمْلِكَ مَالَهُ وَلَوْ أُسِرَ لَكَانَ مَالُهُ الَّذِي فِي بلد الْإِسْلَام فَيْئا للجيش الَّذِي أسروه
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَن لَهُ مؤجَّل حَاصَصَ بِعَدَدِهِ إِنْ كَانَ عَيْنًا وَإِلَّا بِمِثْلِهِ لَوْ كَانَ حَالًا وَمَا صَارَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ اشتُري لَهُ بِهِ مِثْلُ صِفَةِ دَيْنِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ بِغَلَاءٍ قَبْلَ أَنْ يُشترى لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَوْ ضَاعَ جَمِيعُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ وَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ اشْتَرَى الْجُزْءَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ وَدَخَلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ فِي الْفَاضِلِ كَمَا طَرَأَ لِلْمُفْلِسِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْهُ إِنْ هَلَكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَرَضًا وَقَالَ صَاحِبُهُ لَا أتعجًّلُه قَبْلَ الْأَجَلِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ إِنْ أعْطى حميلاً إِلَى الْأَجَل لَمْ يُقبل مِنْهُ وَقَدْ حَلَّ بِالتَّفْلِيسِ وَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ لِحُصُولِ الْأَمْنِ وَمَنْ بِيَدِهِ رهنٌ يُوَفِّي حَقَّهُ لَا يحلُّ دَيْنُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُحَاصُّ صَاحِبُ الرَّهْنِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يُتَابِعَ الرَّهْنَ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الرَّهْنِ وَمَتَى كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ضَرَبَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ فَإِذَا بِيعَ وَفِيهِ وفاءٌ رَدَّ مَا أَخَذَ فَإِنْ كَانَ دينُه مِائَةً وَبِيعَ بِخَمْسِينَ وَالَّذِي أُخِذَ فِي الْحِصَاصِ خَمْسُونَ فَالْبَاقِي مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ ثَمَنِ الرَّهْنِ خَمْسُونَ فَيُمْسِكُ مِنَ الَّذِي أَخَذَ فِي الْمُحَاصَّةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ تنوبُه لَوْ بِيعَ الزَّرْعُ لَهُ وَيَرُدُّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيَضْرِبُ فِيهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا الْبَاقِي من دينه
3 -
(فَرْعٌ)
إِذَا لَمْ يُقبل إِقْرَارُ الْمُفَلَّسِ ثُمَّ دايَن آخَرَ لَمْ يَدْخُلِ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالتَّفْلِيسِ وحقُّه عَلَى زَعْمِهِ فِيمَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ فَإِنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ وَلَمْ يَرْضَ بِالتَّفْلِيسِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي المحاصة قَالَ مُحَمَّد يكون ذَلِك لَهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لايدخل مَعَ الْآخَرِ لِأَنَّهَا أَمْوَالُ الْآخَرِينَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِنْ أَبْقَى أحدُ الْأَوَّلِينَ نَصِيبَهُ فِي يَدِ الْمُفَلَّسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْرِبُ مَعَ
الْآخَرِينَ بِقَدْرِ مَا أَبْقَى كمُداينة حَادِثَةٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ بِقَدْرِ أَصْلِ دَيْنِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ فَلَسَهُ وَإِنَّمَا قَامَ بِهِ لَيْلًا يَنْتَفِعَ بِهِ أَصْحَابُهُ
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا قُسم مَالُ الْمُفَلَّسِ ثُمَّ وُجد فِي يَدِهِ مَالٌ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَقَالَ الْأَوَّلُونَ فِيهِ فَضْلٌ نأخُذه كَشَفَ السُّلْطَانُ فَإِنْ تَحَقَّقَ الْفَضْلُ أقَرَّ فِي يَدِهِ مَا يُوَفِّي الْآخَرِينَ وَقَضَى الْفَضْلَ الْأَوَّلِينَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فَائِدَةٍ وَلَمْ يُعَامِلْ بعدَ الْفَلَسِ أَخَذَهُ الْأَوَّلُونَ وَإِنْ عَامَلَ اقْتَسَمَ الْفَائِدَةَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ يُقَدَّرُ الْبَاقِي لَهُمْ وَإِنْ كَانَ قَائِمَ الْوَجْهِ لَمْ يفلِّس فَالْأَوَّلُونَ أحقُّ بِالْفَائِدَةِ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْوَفَاءِ وَإِنْ قَضَى الْفَائِدَةَ الْآخَرِينَ فَلِلْأَوَّلِينَ أَخْذُ مِثْلِ مَا قَضَى مِمَّا فِي يَدِهِ مِنَ الْمُعَامَلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ فِي الْمَالِ الْبَاقِي تَسَاوَى الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ فِي الْفَائِدَةِ إِنْ قَامُوا فَإِنْ لَمْ يَقُومُوا حَتَّى قَضَى أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ بَعْضُهُمْ مَضَى عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي قَضَاءِ مَنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ قَدْ ذَهَبَ وَبَقِيَتِ الْيَدُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا داينَ آخَرِينَ ثُمَّ أَفَادَ مَالًا فَالْأَوَّلُونَ أَوْلَى بِهِ مَا لَمْ يَقَعْ فَلَسٌ ثَانٍ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ فِي الْمُدَايَنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْوَفَاء قَالَ (ش) إِذَا فُكَّ حَجْرُهُ ثُمَّ دَايَنَ آخَرِينَ فحُجر عَلَيْهِ سُوِّي بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَخَصَّصَ الْآخَرِينَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِمْ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَضْرِبُ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا قَالَ سُحْنُونٌ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ وَلَا تحاصُّ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ لِضَعْفِ الْمُعَاوَضَةِ فِي النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُخَيَّرَةً بَيْنَ طَلَبِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَهَا وَالدُّيُونُ عَيَّنَتْهَا أَسْبَابُهَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: تَضْرِبُ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ لِإِمْكَانِ اسْتِدْرَاكِ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ فِي الْفَلَسِ لِبَقَاءِ إِمْكَانِ الِاكْتِسَابِ وَقِيلَ لَا تَضْرِبُ فِيهِمَا لِضَعْفِ سَبَبِهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَضْرِبُ بِصَدَاقِهَا فِي الْحَيَاةِ فَقَطْ
وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُضرب بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ لِسُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرَابَةِ بِالْإِعْسَارِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُضرب لِلْوَلَدِ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ فِي نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَتْ بِحُكْمٍ وَتَسَافُتٍ (كَذَا) وَهُوَ مَلِيءٌ فَيَضْرِبُ بِهَا فِيهِمَا وَيُخْتَلَفُ عَلَى هَذَا هَلْ يُحَاصُّ بِالْجِنَايَاتِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحَاصُّ بِهَا وَيُحَاصُّ بِدِيَةِ الْخَطَأِ إِذَا فُلّس أَحَدُ الْعَاقِلَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَتَى كَانَ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ عَنْ عِوض قَبَضَ كَانَ يَتَمَوَّلُ أَمْ لَا (وَ) حُوصِصَ بِهِ كَأَثْمَانِ السِّلَعِ الْمَقْبُوضَةِ وأُروش الْجِنَايَاتِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَمُهُورِ الزَّوْجَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَمَا خُولِعَتْ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَعَنِ الْمَقْبُوضِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ عَنْهُ وَدَفْعُ مَا يُستوفي مِنْهُ كَكِرَاءِ دَارٍ بِالنَّقْدِ أَوْ يَكُونُ الْعُرْفُ النَّقْدَ ففُلس قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ أَوْ سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى حَاصَصَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكِرَاءِ مَا بَقِيَ مِنَ السُّكْنَى إِذَا شَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ وَقِيَاسُهُ إِنْ فُلس قَبْلَ السَّكَنِ فَلِلْمُكْرِي إِسْلَامُهَا وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّ قَبْضَ أَوَائِلِ الْكِرَاءِ قَبْضُ الْجَمِيع فيُخير أَخْذَ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ مِنَ الدَّيْنِ وَقِيَاسُ أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحَاصُّ بِمَا مَضَى وَيَأْخُذُ دَارَهُ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطِ النَّقْدُ وَلَا كَانَ عُرْفًا لَوَجَبَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا حَاصَّ أَنْ يُوقِفَ مَا وَجَبَ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ وَكُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَ بِقَدْرِهِ أَمَّا مَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ وَيَلْزَمُهُ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَم إِذَا فُلس المُسلم إِلَيْهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَدْفَعُهُ وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إِذْ لَيْسَ برهنٍ وَفِيه نظر لِأَن بالتقليس حَلَّ السلَمُ فَلِلْمُسْلَمِ إِلَيْهِ إِمْسَاكُ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيَاسُ أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَلَّا يَلْزَمَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ وَيُحَاصَّ الْغُرَمَاءَ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السلَم عَرَضًا لَكَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أما مَا يُمكنه دَفْعُ الْعِوَضِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَالسِّلْعَةِ إِذَا بَاعَهَا ففُلِّس الْمُبْتَاعُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا خُيِّر بَين إمْسَاك السّلْعَة أَو يسملها وَيُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ بِثَمَنِهَا اتِّفَاقًا
وَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ لَهُ تَعْجِيلُ الْعِوَضِ كَسَلَم دَنَانِيرَ فِي عرضٍ فَيُفَلَّسُ قَبْلَ دَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسلم إِلَيْهِ تَعْجِيل العَرض وَالْمُحَاصَّةَ جَازَ إِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ وَإِنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمْ حَاصَّ بِرَأْسِ الْمَالِ فِيمَا وَجَبَ لِلْغَرِيمِ مِنْ مَالٍ وَفِي الْعُرُوضِ الَّتِي عَلَيْهِ إِذَا حلّت فَإِن شاؤوا أَنْ يَبِيعُوهَا بِالنَّقْدِ وَيَتَحَاصُّوا فِيهَا الْآنَ جَازَ فَإِنْ فُلس المسلِم قَبْلَ حُلُولِ السَّلَمِ فَهُوَ بِرَأْسِ الْمَالِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَهُ إِمْسَاكُهُ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي جَعَلَهُ كَالرَّهْنِ فَإِنْ فُلِس بَعْدَ دَفْعِ السَّلَم وَهُوَ قَائِمٌ جَرَى عَلَى خِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْعَيْنِ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا وَيُحَاصُّ بِمُهُورِ الزَّوْجَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا تُخَّيرُ الْمَرْأَةُ كَمَا يُخَّير بَائِعُ السِّلْعَةِ فِي سِلْعَتِهِ إِذَا فُلس الْمُبْتَاعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لتعذُر الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ لِلْمَرْأَةِ فِي حَلِّهِ وَلِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ بعوضٍ للبُضع حَقِيقَةً بَلْ شيءٌ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الرِّجَالِ بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ أَجْمَعَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَيَجِبُ أَلَّا تُحَاصَّ إِلَّا بِالنِّصْفِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ إِلَّا النِّصْفُ فَإِنْ حَاصَّتْ بِالْجَمِيعِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قِيلَ نَرُد مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَقِيلَ تُحَاصُّ الْآنَ بِالنِّصْفِ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَا صَارَ لَهَا بِالْمُحَاصَّةِ وَتَرُدُّ نِصْفَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ قَول ابْن دنيار فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا فَإِنَّهَا تُحَاصُّ بِالنِّصْفِ وَإِنْ قَبَضَتْ جَمِيعَهُ رَدَّتْ نِصْفَهُ وَحَاصَّ الزَّوْجُ بِهِ غُرَمَاءَهَا وَإِنْ قَبَضَتِ النِّصْفَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ وَقَالَ عبد الْمَالِك لَا تَرُدُّ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا مِنْهُ النِّصْفُ وَتَرُدُّ النِّصْفَ وَتُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَهُوَ قَائِمُ الْوَجْهِ ثُمَّ فُلس لَا تَرُدّ شَيْئًا لِأَخْذِهَا مَا تَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الْفَلَسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النّصْف الْمَدْفُوع معجلا وَالْآخر مُؤَجّلا فَترد مَا قَبَضَتْ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا قَائِمَ الْوَجْهِ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ فِي ذَلِكَ وَيَرْضَى الزَّوْجُ بِتَرْكِ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا وَلَوْ دَفَعَهُ إِلَيْهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا تردٌّ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا إِلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَنَحْوُهَا فَلَا تُحَاصُّ بِهَا لِأَنَّ الْفلس يُبْطِلهَا كالموت وَأما النِّحل الَّتِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهَا الْأَنْكِحَةُ وَالْحَمَالَاتُ بِالْأَثْمَانِ فَيُحَاصُّ بهَا لِأَنَّهَا
بعوض وَفِي نحل النِّكَاحِ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ فِي حَمْلِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَفِي الْجُلَّابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُحَاصُّ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا فِي الْحَيَاةِ دون الْمَمَات وَقَالَ غَيره تحاص فِيهَا وَفِي شَرْحِ الْجُلَّابِ قِيلَ لَا تُحَاصِصُ فِيهِمَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً حَقِيقَةً
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: أُجْرَة الجمّال وَالْكَيَّالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ جَمْعِ الْمَالِ يقدَّم عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: تُحَاصُّ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا لِقِيَامِهَا عَنْهُ بِوَاجِبٍ دُونَ مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى وَلَدِهَا لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَيْسَ عَلَى الْوَلَدِ إِعْطَاؤُهَا النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا لَكَانَ غَيْرَ مُحْتَاج لنفقتها فَهِيَ متبرعة الحكم الثَّامِن طُرُوُّ غَرِيم بعد الْقِسْمَة فِي الْكِتَابِ: إِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يُعلَم بِهِ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَصِيبِهِ فِي الْمُحَاصَّةِ يَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَلَائِهِ وعُدمه وَالْمَوْتُ مِثْلُ الْفَلَسِ فِي ذَلِكَ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمْ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَلَوْ سَكَتَ بَعضهم هُوَ يَرَى الْمَالَ يُقَسَّمُ فَلَا قِيَامَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَدَيْنُهُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَسَكَتَ الْغُرَمَاءُ وَلَوْ سَكَتَ بَعْضُ غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ لَهُ الرُّجُوعُ وَالْفَرْقُ خَرَابُ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ يُوقَفُ لِلسَّاكِتِ حَقُّهُ كالغائب إِلَّا إِن تبين تَرْكُهُ وَقِيلَ إِذَا كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يَشْهَدِ الْقِسْمَة فَلَو حضر وَشهد فَلَا رُجُوعَ اتِّفَاقًا قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَقُمِ الْبَاقُونَ حَتَّى دَايَنَ آخَرِينَ فَلِمَنْ لَمْ يقُم مِنَ الْأَوَّلِينَ تفليسُه وَمُحَاصَّةُ مَنْ دَايَنَهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفْلِسُوهُ أَوَّلًا فَأَشْبَهَ مَنْ دَايَنَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَا يَقُومُ الْأَوَّلُونَ السَّاكِتُونَ لِأَنَّ سُكُوتَهُمْ إِسْقَاطُ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا قَسَّمَ الْوَرَثَةُ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ الْقِسْمَةَ لَا يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ إِسْقَاطٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَرْجِعُ
الْغَرِيمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا ينوبُه لَا على ملئ بمُعدِم وَلَا حيٍّ بِمَيِّتٍ وَكَذَلِكَ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ هَذَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بَاعُوا وَقَضَوْا بَعْضَ الْغُرَمَاءِ فَلِمَنْ بَقِيَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَخُصُّهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْآخِذِ وَحَيْثُ رَجَعَ الْوَرَثَةُ أُخذ الملئ عَنِ الْمُعْدِمِ مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ حِصَّتُهُ مَا قَبَضَ الْوَارِثُ بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَعَبْدًا وَعَلَيْهِ لِغَرِيمَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَضَرَ أحدُهما فَأَخَذَ الْأَلْفَ فَقَدِمَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَلَا رُجُوعَ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ بَلْ أدوَن قيمةٍ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْضِ الْغَرِيمِ إِلَى مَوْتِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ تَعَيَّنَ الْغَرِيمُ وَضَمَانُهُ فَإِنْ كَانَتْ قيمتُه خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَى قَابِضِ الْأَلْفِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَحُسِبَ الْعَبْدُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ صُدِّق الطَّارِئُ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ الوصيُّ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَقَضَاهَا لِلْحَاضِرِ ثُمَّ تَلِفَتِ الْأَلْفُ الْعَيْنُ فَلَا رُجُوعَ لِلطَّارِئِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَوَقَفَ نَصِيبُ الْغَائِبِ فَلَوْ رُدَّ العبدُ بِعَيْب بعد تلاف الْأَلِفِ الَّتِي عَزَلَ فَقَدِمَ الْغَائِبُ بِيعَ الْعَبْدُ ثَانِيَةً لِلْحَاضِرِ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهُ رَجَعَ بِنَقْصِهِ عَلَى الْغَائِبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى لِلْعَبْدِ وقتٌ مِنْ يَوْمِ قَضَى بِثَمَنِهِ يَسْوِي فِيهِ بِالْعَيْبِ أَلْفًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ مُسْتَوْفِيًا وَلَوْ بِيعَ بِأَلْفٍ فَأَخَذَهَا الْحَاضِرُ ثُمَّ أَخَذَ الْغَائِبُ الْأَلْفَ ثُمَّ رُدّ الْعَبْدُ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَتْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ بِالْعَيْبِ أَلْفًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْقَادِمِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ عَلَى الْقَادِمِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَإِنَّمَا جَعَلَ أَشْهَبُ مَوْتَ الْعَبْدِ وتلاف الْمَالِ مِنَ الْغَائِبِ فِي الْمَوْتِ وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَمِنَ الْمُفَلَّسِ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلضَّمَانِ وَلَوْ طَرَأَ وَارِثٌ عَلَى وَارِثٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَالْغَرِيمِ يَطْرَأُ عَلَى الْغَرِيمِ وموصىً على الْمُوصَى لَهُ بِجَامِعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَالَ ابْنُ عبد الحكم: يقاسم الطَّارِئ الملئ فِيمَا أَخَذَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا ثمَّ
يَرْجِعَانِ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ بِمَا يَعْتَدِلُونَ بِهِ مَعَهُمْ فَمَنْ أَيْسَرَ مِنْهُمْ قَاسَمُوهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَلَى الْبَاقِينَ هَكَذَا حَتَّى يَعْتَدِلُوا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْغَرِيمُ يطرأُ عَلَى مُوصًى لَهُ كَذَلِكَ يَأْخُذُ الملئ إِلَى مَبْلَغِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ مُبَدَّأٌ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ مَعَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ بِخِلَافِ وَارِثٍ يَطْرَأُ عَلَى وَارِثٍ أَوْ غَرِيمٍ عَلَى غَرِيمٍ لِأَنَّهُ مساوٍ لِمَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِيمَا يَجِدُ بِيَدِهِ لِهَذَا وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ غَيْرُهُ لِعَدَمِ تعدِّيه بِقَبْضِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا طَرَأَتِ امرأةٌ وَقَدْ أَخَذَتِ امْرَأَةٌ الثَّمَنَ وَالِابْنُ مَا بَقِيَ وَوُجِدَتِ الْمَرْأَةُ عَدِيمَةً وَالِابْنُ مَلِيًّا رَجَعَتْ عَلَى الِابْنِ بِثُلُثِ خُمُسٍ مَا صَارَ إِلَيْهِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَلِلطَّارِئَةِ نِصْفُ الثَّمَنِ فَأَضْعَفَهَا تَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ لَهَا سَهْمٌ وَترجع هِيَ عَشَرَ وَلِلطَّارِئَةِ سَهْمٌ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَسَّمُ سَهْمُهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ تَأْخُذُ مِنَ الِابْنِ سَبْعَةَ أَثْمَانِ نِصْفِ الثَّمَنِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ ثَمَنَ نِصْفِ الثَّمَنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ قَالَتِ الطَّارِئَةُ مَعِي نَصِيبِي أَوْ تَرَكْتُ حَقِّي لَكُمَا انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ الْأُولَى بَيْنَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَيَقْتَسِمَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلزَّوْجَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنِ مَا بَقِيَ وَإِذَا طَرَأَ وَارِثٌ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ مَلِيءٌ وَبَاقِيهِمْ مُعدمٌ فَقَالَ تَلِف مِنِّي مَا أخذت لَا يصدق فِيمَا يُغَاب إِلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ لِلتُّهْمَةِ وَإِلَّا صُدق مَا لَمْ يُتَبَيَّنْ كَذِبُهُ مِثْلَ أَنْ يَذْكُرَ مَوْتَ الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَهَرَبِ الدَّابَّةِ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا مَعَ يَمِينِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَخَذَ غُرماء الْمَيِّتِ أَوِ الْمُفَلَّسِ دينَهم وَبَقِيَ رَبعُ أَوْ غَيْرُهُ فَهَلَكَ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِينَ إِنْ كَانَ الَّذِي تَرَكَ وَفَاءً لِلطَّارِئِ وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَخَذُوهُ فِي الْمَوْتِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَيْهِمْ أَمْلِيَاءَ أَوْ عُدَماء وَإِنْ كَانَ واحدٌ مَلِيئًا أُخِذَ مِنْهُ كُلُّ مَا أَخَذَ وَيَرْجِعُ هَذَا الْوَارِثُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ عَلَى أَنَّ مَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ مَا أَخَذُوا وَمَا بَقِيَ بِيَدِ هَذَا إِن بَقِي شَيْء وَلَا يتبع الملئ المُعدم وَيَضْمَنُونَ مَا أَكَلُوا وَاسْتَهْلَكُوا بِخِلَافِ مَا
لَا سَبَبَ لَهُمْ فِي هَلَاكِهِ وَمَا بَاعُوهُ بِلَا مُحَابَاةٍ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمُ الثَّمَنُ وَمَا جُنِيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَلَهُمْ أَجْمَعِينَ أَرْشُ ذَلِكَ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِحَاكِمٍ وَقَالَهُ كُلَّهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَ بِبَيْعِ الرَّقِيقِ الْوَصِيَّ أَوْ وَصِيَّ الْوَصِيِّ إِلَيْهِ فَاشْتَرَى الْوَرَثَةُ مِنْهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يكن يمْضِي الْقِسْمَةَ ضَمِنَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا فَاتَ وَاتَّبَعَهُمُ الْغُرَمَاءُ بِالْأَثْمَانِ وَلَوْ كَانَ قِسْمَةً لَمْ يَتَّبِعُوا قَالَ أَصْبَغُ: لَا أَرَى ذَلِكَ وَقِسْمَتُهُمْ وَقِسْمَةُ السُّلْطَان أَو الْوَصِيّ سَوَاء لقَوْل مَالك قَالَ فِي الْحَالِفَةِ بِعِتْقِ أَمَتِهَا فَبَاعَتْهَا ثُمَّ وَرِثَتْهَا هِيَ وَإِخْوَتُهَا فَاشْتَرَتْهَا فِي حَظِّهَا ثُمَّ فَعَلَتِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ تَحْنَثْ إِنْ كَانَ قَدْرُ مِيرَاثِهَا وَشِرَاؤُهَا كَالْقِسْمَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا فُلِّسَ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْأَلْفَ وَأُوقِفَتِ الْمِائَةُ فَهَلَكَتْ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ لَهُ مِائَتَانِ فَهِيَ مِنَ الطَّارِئِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا الْمُفَلَّسُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِينَ بِهَا وَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى عَلَيْهِمْ فِي الْأَلْفِ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَهُ عبد الْمَالِك وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ فِي الْألف وَمِائَة بجزئين مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَأْخُذُ مِائَتَيْنِ إِلَّا سُدُسَ مِائَةٍ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الذَّاهِبَةُ وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاس مائَة قَالَه عبد الْمَالِك وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ بَعْضُ مَالِهِ فَكَانَ كَفَافَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَكَانَ الظَّنُّ أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ لَا يَفِي بِدَيْنِهِمْ فَأُخِذَ مَنْ قَامَ حَقُّهُ وَبَقِيَ بِيَدِهِ الْبَاقِي فَلَا يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَإِنْ هَلَكَ الْبَاقِي إِنْ كَانَ كَفَافَ دَيْنِهِمْ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّمَا هَذَا فِي الْمَيِّتِ لِعَدَمِ ذِمَّتِهِ أَمَّا الْمُفَلَّسُ فَحَقُّ الطَّارِئِ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَضْمَنُ الْهَالِكَ كَمَا لَوْ حَضَرَ وَامْتَنَعَ مِنَ الْقِيَامِ فَهَلَكَ مَا بِيعَ مِنَ الْإِيقَافِ لَضَمِنَ ذَلِكَ مَنْ قَامَ بِتَفْلِيسِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَوْ أَبَقَ عَبْدٌ فَاقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ ثُمَّ قَدِمَ الْآبِقُ فَمَاتَ أَوْ أَبَقَ ثَانِيَةً ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ حَاصَّ الْأَوَّلِينَ بِمَا بَقِيَ لَهُ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَوْ لَمْ يَقْدَمِ الْعَبْدُ لَحَاصَّ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَلَوْ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِينَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا ثُمَّ قَدِمَ العَبْد
لَرَجَعَ طَلَبُهُ فِي الْعَبْدِ دُونَهُمْ إِلَّا أَنْ يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَظْهَرُ لِلْغَرِيمِ مِنْ عَطِيَّةٍ وَغَيْرِهَا قَبْلَ أَخْذِ الطَّارِئِ مِنَ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَقْطَعُهُ الْحُكْمُ قَالَ أَصْبَغُ: إِذَا حَكَمَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَاصِ مَضَى وَلَمْ يرجع فِي الطَّارِئ كجميل الْوَجْهِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ ثُمَّ يَأْتِي الْغَرِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الطَّالِبِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلْحَاقَهُ بِالْحَمِيلِ وَلَوْ وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ بَعْدَ أَخْذِ الْغُرَمَاءِ أَوْ وَرِثَهُ فَعُتِقَ عَلَيْهِ لَرَجَعَ الطَّارِئُ الَّذِي دَيْنُهُ بِتَارِيخِ دَيْنِ الْأَوَّلِينَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُرَدُّ وَيُنَفَّذُ عِتْقُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَيْلًا يَبْطُلَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ بِخِلَافِ شِرَائِهِ أَوْ أَخْذِهِ فِي دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ إِنِ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بعده بعد اقْتِسَامِ مَالِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَعُتِقَ عَلَيْهِ إِنْ لم يكن يَوْم الْعتْق ملئاً بِحَقِّ الطَّارِئِ رُدَّ عِتْقُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ دَيْنَهُ وَعُتِقَ مَا فَضَلَ وَإِنْ نَقَصَ رَجَعَ بِمَا نَقَصَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَبِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ مَالَهُ كَفَافُ دَيْنِهِ فَقَسَّمَ فَحَدَثَ لَهُ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ أَوْ دَيْنٌ أَقَرَّ لَهُ بِهِ ثُمَّ تَلِفَ ذَلِكَ مِنْ يَدَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِينَ لِاتِّسَاعِ مَالِهِ بِمَا هَلَكَ وَلَوِ اقْتَسَمُوا دَيْنَهُمْ بِبَيِّنَةٍ فَقَامَ الطَّارِئُ عَلَيْهِمْ بِمِائَةٍ فَرَجَعَ شَاهِدَانِ كَانَا شَهِدَا لِبَعْضِ الْأَوَّلِينَ بِمِائَةٍ لَرَجَعَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ رَجَعَتْ بَيِّنَتُهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ بِالْمِائَةِ وَفِيهِمُ الَّذِي رَجَعَ شَاهِدَاهُ الْحُكْمُ التَّاسِعُ حَبْسُهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ وَفِي الْكتاب لَا يحبس إِلَّا المالئ الْمُتَّهَمُ بِتَغْيِيبِ مَالِهِ وَإِلَّا فَيُسْتَبْرَأُ وَلِلْحَاكِمِ حَبْسُهُ قَدْرَ اسْتِبْرَائِهِ أَوْ يَأْخُذُ لَهُ حَمِيلًا فَإِذَا ظَهرت بَرَاءَته أطلق وَمَتى تبين عدم الملئ أَوِ الْمُتَّهَمِ أُطْلِقَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا يلازمه رب الدّين وَقَالَهُ (ش) خلافًا (ح) وَكَذَلِكَ وَافَقَنَا (ش) فِي سَمَاعِ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِ وَقَالَ (ح) حَتَّى يُحْبَسَ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ عَدَمُ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَظَهَرَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إِلَّا إِذَا كَانَ تُعْلَمُ حَالُهُ بِالْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ فَلَا
مَعْنًى لِحَبْسِهِ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَيُحْبَسُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَالْوَلَدُ بِدَيْنِ أَبَوَيْهِ وَلَا يحبسان لَهُ أَنه عُقُوقٌ وَلَا يَحْلِفُ الْأَبُ فَإِنِ اسْتَحْلَفَهُ فَهُوَ جُرْحَةٌ عَلَى الِابْنِ وَيُحْبَسُ الْجَدُّ وَالْأَقَارِبُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالذِّمَّةُ وَالسَّيِّدُ فِي دَيْنِ مَكَاتَبِهِ وَلَا يُحْبَسُ الْمَكَاتَبُ بِالْعَجْزِ عَنِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَكِنْ يُتَلَوَّمُ لَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: الْإِلْدَادُ وَاللِّدَادُ: الْخُصُومَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتُنْذِرَ بِهِ قوما لدا} مِنْ لَدِيدَيِ الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ كَأَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ لَمَّا كَانَ يَرْجِعُ مِنْ حُجَّةٍ إِلَى حُجَّةٍ وَقِيلَ مِنْ لَدِيدَيِ الْفَمِ وَهُمَا جَانِبَاهُ لِإِعْمَالِهَا فِي الْكَلَامِ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ مِنَ التَّلَدُّدِ وَهُوَ التَّحَيُّرُ لِأَنَّهُ يُحَيِّرُ صَاحِبَهُ بِحَجَّتِهِ وَقَوْلُهُ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ وَيُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِهِ وَالْمُتَّهَمِ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ حَمِيلًا بِالْمَالِ دُونَ الْوَجْهِ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ لِلْخُرُوجِ مِنَ السِّجْنِ لِمَنَافِعِهِ وَيَرْجِعُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَجْهِ فَقَطْ وَمَنْ عُرِفَ بِالنَّاضِّ لَا يُؤَجَّلُ سَاعَةً وَيُؤَجَّلُ صَاحِبُ الْعُرُوضِ مَا يَبِيعُ عُرُوضَهُ عَلَى حَالِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَقِيلَ تُبَاعُ بِحِينِهَا تَغْلِيبًا لِحَقِّ الطَّالِبِ وَغَيْرُ الْمَعْرُوفِ بِالنَّاضِّ فِي تَحْلِيفِهِ عَلَى إِخْفَاءِ النَّاضِّ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مِنَ التُّجَّارِ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة يَمِين التهم وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ حَمِيلٌ حَتَّى يَبِيعَ وَلَا يُسْجَنَ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الْحَمِيلِ وَالسَّجْنِ وَقَالَهُ سُحْنُونٌ وَفِي النُّكَتِ: أَصْلُ السَّجْنَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وقَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما} فَإِذَا كَانَ لَهُ مُلَازَمَتُهُ وَمَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ كَانَ لَهُ حَبْسُهُ وَالْحَبْسُ ثَلَاثَةٌ: حَبْسُ التَّلَوُّمِ وَالِاخْتِبَارِ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي تَغْيِيبِ الْمَالِ وَلِلتُّهْمَةِ أَوِ اللِّدَادِ فَحَتَّى يَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ وَلِأَنَّهُ نَفَى مَعْلُومًا لَهُ فَحَتَّى يُخْرِجَ ذَلِكَ الْمَالَ وَيُعْطِيَ الدَّيْنَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: الْمَجْهُولُ الْعُدْمِ أَوِ الْمُتَّهَمُ بِتَغْيِيبِ
مَالِهِ أَقَلُّ حَبْسِهِ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ الْيَسِيرَةِ نِصْفَ الشَّهْرِ وَلَا يُحْبَسُ فِي كَثِيرِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ شَهْرَانِ لِأَنَّ ثُلُثَ الْعَامِ اعْتُبِرَ فِي الْإِيلَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ إِلَّا فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ لَا لِلصَّغِيرِ فَلَا عُقُوقَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ حَبْسُ التَّلَوُّمِ وَالِاخْتِبَارِ هُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الدُّرَيْهِمَاتِ نِصْفُ شَهْرٍ وَفِي الْكَثِيرِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ شَهْرَانِ وَأَمَّا الْمَلِيءُ الْمُتَّهَمُ فَحَتَّى يَثْبُتَ عُدْمُهُ فَيَحْلِفَ وَيُسَرَّحَ وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَقَعَدَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْعُدْمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَأَبَدًا حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَبْسِ وَقَالَ سُحْنُونٌ يُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَرْضَوْنَ بِالسَّجْنِ لِيَأْكُلُوا أَمْوَالَ النَّاسِ وَلَا يَلِيقُ خِلَافُ هَذَا وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ وَلَا يُمَكَّنُ الْمُلِدُّ الْمُتَّهَمُ مِنْ إِعْطَاءِ حميل غلا حَمِيلًا فَلَزِمَهُ الْغَرِيمُ وَلَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ عَنْهُ إِثْبَات الملطوب الْعُدْمِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعُدْمِ لَمْ يُتْرَكْ قَالَه سَحْنُون وَإِن سَائل الطَّالِبَ أَنْ يُعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الشُّهُودِ فَيُعَادَ لِلسِّجْنِ إِنْ قَدَحَ فِي الْبَيِّنَةِ وَيُسْتَحَلَفُ إِنْ لَمْ يَقْدَحْ ثُمَّ يُسْجَنُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ احْتج (كَذَا) يحبس وَلَا يعجل سراجه وَكَيْفَ يَعْرِفُونَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ؟ وَفِي التَّلْقِينِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: مُدَّةُ الْحَبْسِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بَلْ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَسَأَلَ التَّأْخِيرَ وَوَعَدَ بِالْقَضَاءِ قَالَ عبد الْمَالِك: يُؤَخِّرُهُ الْإِمَامُ حَسْبَمَا يُرْجَى لَهُ وَلَا يُعَجِّلُ عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ سُحْنُونٍ: إِنْ سَأَلَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ وَيُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَعَلَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: يُحْبَسُ الْوَصِيُّ فِيمَا عَلَى الْأَيْتَامِ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ لَهُمْ مَالٌ وَكَذَلِكَ الْأَبُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالُ ابْنِهِ لم يعلم نفاده لِادِّعَائِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: وَلَيْسَ لِمَنْ قَالَ لَا شَيْءَ لِي أَمَّا مَنْ قَالَ أَخِّرُونِي وَوَعَدَ بِالْقَضَاءِ أُخِّرَ قَدْرَ مَا يُرْجَى لَهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْقُدْرَةِ عَلَى النَّاضِّ إِنْ حَقَّقَ الدَّعْوَى حلف اتِّفَاق وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ الْمُتَّهَمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَلَمْ يُؤْخَذِ الْمَطْلُوبُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: فَإِنْ طَلَبَ تَفْتِيشَ دره فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ وَمَا وُجِدَ فِي دَارِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِذَا ثَبت عدم الْغَرِيم أَو انْقِضَاء أمد سجه فَلَا يُطلق حَتَّى يسْتَحْلف مَاله مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَلَئِنْ وَجَدَ مَالًا لِيُؤَدِّيَنَّ إِلَيْهِ حَقَّهُ وَيَحْلِفُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَمِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ إِنَّمَا شَهِدُوا لَهُ عَلَى الْعِلْمِ كَالْمُسْتَحِقِّ لِلْعُرُوضِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ يَحْلِفُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ بَلْ بِاسْتِصْحَابِ الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ إِفَادَتَهُ الْمَالَ فَإِنْ طَلَبَ تَحْلِيفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُفِدْ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحْلَفَهُ على ذَلِك ليلاّ يَغُشَّهُ بِالْيَمِينِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهَذَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ لَئِنْ وَجَدْتُ لَوَفَّيْتُهُ حَقَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما يَسْتَحْلِفَانِ الْمُعْسِرَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ أَنَّهُ مَا يَجِدُ قَضَاءً فِي فَرْضٍ أَوْ عَرْضٍ وَأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ قَضَاءً لَيَقْضِيَنَّ فَفِي التَّحْلِيفِ مَصْلَحَةُ الطَّالِبِ
بِالِاسْتِظْهَارِ وَمَصْلَحَةُ الْمَطْلُوبِ بِامْتِنَاعِ تَحْلِيفِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ عُرِفَ مِلَاؤُهُ فِي الْجَامِع
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ فَإِن شهد بَيِّنَتَانِ بِعَدَمِهِ وَمَلَائِهِ وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ مَالًا فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَالَةً وَيُحْبَسُ بِشَهَادَتِهِمْ حَتَّى يشْهد أَنه أُعْدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ تَكَاذُبٌ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَدَم لِأَنَّهَا أثبت حكما فَيحلف ويسرح الْأُخْرَى نَفَتِ الْحُكْمَ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إِذَا تَعَارَضَتَا بعد تَحْلِيفه وتسريحه لأها أَثْبَتَتْ حُكْمًا وَهُوَ سَجْنُهُ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ: تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ إِذَا اسْتَوَتَا فِي الْعَدَالَةِ ثُمَّ إِنْ كَانَ مُتَّهَمًا حُبِسَ حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْعُدْمِ أَعْدَلَ مِنْ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا سُجِنَ تَلَوُّمًا أُطْلِقَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ للجُمعة وَلَا الْعِيدَيْنِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحْسَنَ إِذَا اشْتَدَّ الْمَرَض بأبويه أَو وَلَده أَو أَخِيه مَنْ يَقْرُبُ مِنْ قَرَابَتِهِ وخِيف عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَنْ يَخْرُجَ فيسلِّم عَلَيْهِ وَيُؤْخَذَ مِنْهُ حَمِيلٌ بِوَجْهِهِ وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَلَا يَخْرُجُ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْحَجِّ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذَر فحنِث فَقُيِّمَ عَلَيْهِ بَدَيْنٍ حُبِس وَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ يَوْمَ نُزُولِهِ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ عَرَفَةَ استُحِبَّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ ثُمَّ يُحْبَسَ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يخرُج لِيُعينَ عَلَى الْعَدُوِّ إِلَّا أَنْ يُخاف عَلَيْهِ الْأَسْرُ أَوِ الْقَتْلُ بِمَوْضِعِهِ فَيَخْرُجَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَخْرُجُ لحدِّ الْقَذْفِ لِتَقَدُّمِ الْأَعْرَاضِ عَلَى الْأَمْوَال ثمَّ يُرَدُّ وَلَا يخرج إِنَّه مَرِضَ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ عَقْلُهُ فَيَخْرُجَ بِحَمِيلٍ حَتَّى يَعُودَ عَقْلُهُ وَيُحْبَسُ النِّسَاءُ عَلَى حِدَةٍ وَفِي النَّوَادِرِ: يُمنع الْمَحْبُوسُ مِمَّنْ يُسلِّم عَلَيْهِ ويُحدثِّه وَإِنِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَاحْتَاجَ إِلَى أمةٍ مُباشرة جُعِلَتْ مَعَهُ حَيْثُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ حُبس الزَّوْجَانِ لَا يُفَرَّقَانِ إِنْ كَانَ الْحَبْسُ خَالِيا وَإِلَّا
فُرِّقا وَلَا يُفَرَّقُ الْأَبُ مِنِ ابْنِهِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْقَرَابَاتِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِعِظَمِ النَّفْعِ بِهَا وَإِذَا أقرَّ فِي الْحَبْسِ أَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِيُسَافِرَ مَعَ رَجُلٍ لَمْ يُخرج لِذَلِكَ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَلِلْمُطَالَبِ فسخُ الْإِجَارَةِ لِلسَّجْنِ لِأَنَّهُ بِحكم حَاكم بِخِلَاف غَيره وَإِذ أَرَادَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِامْرَأَتِهِ فأقرَّت بدينٍ فَأَرَادَ الْغَرِيمُ حَبْسَهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ حُبست فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ تُتَّهَمَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ حملُ الْغَرِيمِ عَلَى الْيَسَارِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالنَّاسُ مَجْبُولُونَ عَلَى الْكَسْبِ وَالتَّحْصِيلِ وَعَنْ مَالِكٍ أنَّ مَنْ لَمْ يُتهم بِكَتْمِ مَالٍ وَلَيْسَ يتأجر لَا يُفلَّس وَلَا يُستَخلف يُرِيدُ مَنْ هُوَ معروفٌ بِقِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلَ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ كَالْبَقَّالِ وَالْخَيَّاطِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُحبس إِلَّا أَنْ يَكُونَ المُدعى بِهِ يَسِيرًا مِمَّا عُومِلَ عَلَيْهِ فِي صَنْعَتِهِ أَوْ أُخِذَ عَنْهُ عِوَضًا أَوْ حَمَالَةً لِأَنَّ الْحَمِيلَ قَائِلٌ أَنَا أَقْوَمُ بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْيُسْرِ وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ يُحْمَلُ فِيهِ الرَّجُلُ عَلَى حَالٍ مِثْلِهِ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتَزَوَّجُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُؤَخَّرُ الصَّدَاقِ وَخُصُوصًا أَهْلُ الْبَوَادِي وَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْخَطَأِ الَّتِي لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عبدٍ وَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي قِيمَةُ الْبَاقِي يُسأل جِيرَانَهُ وَمَعَارِفَهُ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالا أُحلف وتُرك وَقَالَ سُحْنُونٌ: جَمِيعُ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ إِلَّا فِي الْيَمِينِ فَإِنَّهُ لَا يُستحلف عِنْدَهُمْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أصلٌ فِي كُلِّ مَالٍ مَا لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ عوضٌ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ فِيهِ الْمَلَاءُ وَاللَّدَدُ فَإِنَّ الْغَالِبَ التَّحَيُّلُ لِلْوَلَدِ وَالْقِيَامُ بِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا حُبس حَتَّى يثبت فقره ثمَّ أَتَى بِحمْل (لَهُ) ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِثُبُوتِ الْإِعْسَارِ وَمَنَعَ سُحْنُونٌ لِأَنَّ السِّجْنَ أَقْرَبُ لِحُصُولِ الْحَقِّ وَإِذَا غَابَ المتحمَّل عَنْهُ وَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ فَقْرَ الْغَرِيمِ بَرِئَ مِنَ الْحَمَالَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ تُسأل الْبَيِّنَةُ كَيْفَ عَمِلَتْ فِقْرَهُ فَإِنْ قَالُوا نَسْمَعُهُ يَقُولُ ذَهَبَ مَالِي وَخَسِرْتُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ تُسمع هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ قَالُوا كُنَّا نَرَى تصرفَه فِي بَيْعِهِ وقدرَ أَرْبَاحِهِ أَوْ نُزُولِ الْأَسْوَاقِ وَنَقْصِ رَأْسِ مَالِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى مَا ادَّعَاهُ سُمعت وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ فَقِيرًا فِي مَسَائِلَ: كَمَنْ طُولِبَ بِدَيْنٍ بَعْدَ مُناجمةٍ ويدَّعي الْعَجْزَ بَعْدَ قَضَاءٍ وَيَأْتِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِفَقْرِهِ وَحَالُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ يَوْمٍ وَمَنْ يُطالب بِرِزْقِ وَلَدِهِ بَعْدَ طَلَاقِ الْأُمِّ لَمْ تُسمع بَيِّنَتُهُ بِالْفَقْرِ لِأَنَّهُ بِالْأَمْسِ كَانَ يُنْفِقُ فَهُوَ الْيَوْمَ أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِمَا يَقِلُ حَالَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْأَمِينُ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْحَبْسِ امْرَأَةٌ مَأْمُونَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا أَوْ لَهَا زَوْجٌ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ مَأْمُونٌ ويُحبَسن فِي مَوْضِعٍ خالٍ مِنَ الرِّجَالِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ فِي صُورَتَيْنِ: نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَدَيْنٍ عَلَى الْوَلَدِ وَلَهُ مَالٌ فِي يَدَيْهِ إِذَا ألَدَّ عَنْ تَسْلِيمِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَيْنًا وَلَوْ مالٌ ظَاهِرٌ يُقَدَّرُ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ وَلَا يُحْبَسُ وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ كُلِّف إِثْبَاتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ويُسأل عَنْهُ بِخِلَافِ إِنْ عُلم لَدَدُهُ وَالْمَالُ كَثِيرٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَالٌ ظَاهِرٌ يَقْضِي مِنْهُ حُبس وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ أَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ يَسِيرًا أَوْ لَهُ قُدِّرَ وَهُوَ حَقِيرٌ فِي كَسْبِ الِابْنِ وَاخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِهِ لَهُ وحدِّه إِنْ قَذَفَهُ وَفِي الْقِصَاصِ إِنْ قَطَعه أَوْ قَتَلَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحلَّف وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ بِذَلِكَ عاقٌ وتُرَدُّ
شَهَادَتُهُ وَقَالَ أَرَى إِنْ كَانَتْ يَمِينَ تُهْمَةٍ بِأَنَّهُ أَخَذَ أَوْ كَتَم مِيرَاثَ أُمِّة لَا يَحْلِفُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ التُّهْمَةُ ظَاهِرَةً فِي ذِي بَالٍ يضرُّ بِالْوَلَدِ وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَجحد مَا دَايَنَهُ وَلَهُ قَدْرٌ أُحلف وَلَا يَحْلِفُ فِي الْيَسِيرِ وَلَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا إِذَا كَانَ الْأَبُ ديِّناً فَاضِلًا ويُتهم الِابْنُ فِي أَذَاهُ بِسَبَبٍ تقدَّم قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُحدُّ لَهُ وَيَجُوزُ عفُوه عَنْهُ وَإِنْ بُلِّغَ الإِمَام ويقتصُّ مِنْهُ فِي الْقطع وَالْقَتْل أَصْبَغُ كَذَلِكَ إِلَّا فِي الْقَتْلِ إِذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ ابْنَهُ وَهُوَ أَبْيَنُ وَأَرَى عَظِيمًا حَدُّهُ وَقَتْلُهُ وَقَطْعُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ قَامَ بِالدَّمِ عَمُّ الْمَقْتُولِ أَوِ ابْنُ عَمِّهِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْتُولُ لَيْسَ بِوَلَدٍ لِلْقَاتِلِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْقُبْحِ وَأَشْكَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُومَ بِالْقِصَاصِ ابْنُ أَخِي الْقَاتِلِ فَيُرِيدُ الْقِصَاصَ مِنْ عَمِّهِ وَقَدْ قَالَه صلى الله عليه وسلم َ -: العمُّ صِنْوُ الْأَبِ وَعَدَمُ تَحْلِيفِ الجدِّ أَحْسَنُ خِلافاً لِلْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: ويُحبس السَّيِّدُ فِي دَين مُكاتبه إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حلَّ مِنْ نُجُومِهِ مَا يُوفِي بِدَيْنِهِ أَوْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ إِنْ بِيعَ مَا يُوَفِّي ويُحبس الْمُكَاتَبُ فِي دين السَّيِّد إِذا كلن الدّين من غير الْكِتَابَة وَلَا يُحْبَسُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ إِنَّهُ لَا يُعجزه إِلَّا السُّلْطَانُ وَلَهُ سَجْنُهُ إِذَا اتَّهَمَهُ بِكَتْمِ الْمَالِ طَلَبًا لِلْعَجْزِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا أَقَرَّ بِالْمَلَاءِ ولدَّ عَنِ الْقَضَاءِ فَإِنْ وُجد لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ قُضي مِنْهُ إِذا سُجن وَإِذَا سَأَلَ الصَّبْرَ لِإِحْضَارِ النَّاضِّ وَقَالَ لَيْسَ لِي ناضٌُّ أُمهل وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّأْخِيرِ وَأَخْذِ الْحَمِيلِ وَتَحْلِيفِهِ عَلَى الْعَجْزِ الْآنَ فَقَالَ سَحْنُون: يُؤَخر الْيَوْمَ وَيُعْطِي حَمِيلًا وَإِلَّا سُجن وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ
تَحْدِيدٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ وَيُؤَخَّرُ الْمَلِيءُ نَحْوَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلًا وَهُوَ أَحْسَنُ وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ لَا يُحْمَلُ عَلَى اللَّدَدِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ يَوْمِهِ بِيعَ مَا شَقَّ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْ مِلْكِهِ كَعَبْدِهِ التَّاجِرِ وَمَرْكُوبِهِ وَمَا يُدْرِكُهُ مِنْ بَيْعِهِ مَضَرَّةٌ أَوْ مَعَرَّةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِك قَالَه مَالك
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب إِذا أَرَادَ بَعْضُهُمْ حَبْسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ دَعْهُ يَسْعَى حُبِسَ لِمَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ إِنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ لِأَنَّ حَقَّ الطَّالِبِ مُسْتَقِلٌّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ قَلَّ دَيْنُ طَالِبِ السِّجْنِ وَكثر دين غَيره خير صَاحب لكثير بَيْنَ دَفْعِ الْيَسِيرِ لِصَاحِبِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُبَاعَ لَهُ مِمَّا بِيَدِهِ مَا يُوَفِّي بِدَيْنِهِ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهِ فَمَنْ شَاءَ حَاصَصَ مَعَ هَذَا الْقَائِمِ وَمَنْ أَخَّرَ فَلَا حِصَاصَ لَهُ وَإِذَا سُجِنَ لِمَنْ قَامَ وَلَهُ دَيْنٌ وَعُرُوضٌ أَكْثَرُ مِنْ دَيْنِ مَنْ قَامَ فَلَا يُفَلَّسُ وَلَا يُقْضَى إِلَّا لِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ ثُمَّ لَو تلف مَا بَقِي بِيَدِهِ وَثمّ غَرِيمٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ بِشَيْءٍ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَخَّرَكَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بِحِصَّتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أُعْدِمْتَ وَقَدِ اقْتَضَى الْآخَرُ حِصَّتَهُ فَلَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَدَخَلَ عَلَى الْغَرَرِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا أَدَّيْتَ دَيْنَهُ جَازَ إِنْ فَعَلْتَهُ رِفْقًا بِهِ وَامْتَنِعْ إِنْ أَرَدْتَ الْإِضْرَارَ بِهِ وَكَذَلِكَ شِرَاؤُكَ دَيْنًا عَلَيْهِ تَعْنِيتًا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا إِذَا أَسْلَفْتَ قَاصِدًا النَّفْعَ وَالْمُتَسَلِّفُ غَيْرُ عَالِمٍ وَالْبَائِعُ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ دُونَ الْآخَرِ وَقِيلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِضْرَارِكَ صَحَّ الْبَيْعُ وَتَحَقَّقَ الْعَقْدُ وَيُبَاعُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَرْتَفِعُ الضَّرَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَظْهَرُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: إِذَا ظَفِرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ حَقِّهِ مِثْلَ أَنْ يَجْحَدَهُ وَدِيعَتَهُ ثُمَّ يُودِعَ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ جَحْدُ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ فِي الْأُولَى؟ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةُ رَوَاهَا أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحَبَّهُ عَبْدُ الْمَلِكِ تخليصاً للظالم من الظَّالِم وَالْخَامِسُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا حِصَّتَهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - جَاءَتْهُ هِنْد أم مُعَاوِيَة رضي الله عنه فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَغَنِيٌّ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذِكْرِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا ذَمَّ الشُّحِّ وَمَنْعَ الْحَقِّ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالْوَالِدِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ وَعَلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ لِاكْتِفَائِهِ بِعِلْمِهِ عليه السلام عَنِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَعَلَى أَخْذِ جِنْسِ الْحَقِّ وَغَيْرِ جِنْسِهِ إِذَا ظَفِرَ بِهِ مِنَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ عليه السلام أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ مَا يَكْفِيهَا وَهُوَ أَجْنَاسٌ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا إِذْنٌ فِي الْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الشَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَاسَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ سُفْيَان وَغَيره لَا يَأْخُذ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يُؤْخَذُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ عَنِ الْآخَرِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ قَوْلَهُ عليه السلام مِنْ بَابِ الْفُتْيَا لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحِجَاجِ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وَحُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُجِيبَ وَيُنَاضِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَتَى دَارَ تَصَرُّفُهُ عليه السلام بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فَالْفُتْيَا أَرْجَحُ لِأَنَّهُ عليه السلام رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ قُلْنَا تصرفه عليه السلام هَا
هُنَا بِالْفُتْيَا جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ شَرْعٌ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ بَسْطُهَا فِي بَابِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَغَيْرِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ فِي الشَّرِيعَةِ الْحُكْمُ الْعَاشِرُ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ الْغُرَمَاءُ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى فَكِّ الْقَاضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ميسرَة} وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَنْفَكُّ حَجْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِاحْتِيَاجِ ذَلِكَ إِلَى الِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبُطُهُ إِلَّا الْحَاكِمُ النَّظَرُ الثَّانِي: فِي دُيُونِ الْمَيِّتِ وَأَحْكَامِ التَّرِكَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الدُّيُونَ تَحِلُّ بِالْمَوْتِ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالدُّيُونِ فَأَخَذَهَا الْوَارِثُ أَوِ الْوَصِيُّ فَقَضَاهَا بَعْضُ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِبَقِيَّتِهِمْ وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِالدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْقَادِمُ عَلَى الْآخِذِ بِنَصِيبِهِ مِنَ الْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ بَذَلَ غَايَةَ جُهْدِهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْوَارِثِ أَوِ الْوَصِيِّ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي وَيَرْجِعُ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْآخِذِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ إِذَا صَرَفَ لِبَعْضِهِمْ عَالِمًا بَدَيْنِ الْقَادِمِ وَوَجَدَ الْغَرِيمُ مُعْدِمًا رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ الْوَارِثُ عَلَى الْآخِذِ وَفِي النُّكَتِ قِيلَ هَذَا اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فَرَأَى مَرَّةً الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ وَمَرَّةً عَلَى الدَّافِعِ وَقِيلَ لَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ هُوَ التَّخْيِيرُ الْمُتَقَدِّمُ وَعَلَى مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الدَّيْنِ عَزَلُوا لِلدَّيْنِ أَضْعَافَهُ وَبَاعُوا لِيَرِثُوا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَيُنْقَضُ وَإِنْ قُضِيَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَ الْوَرَثَةِ ثَمَنٌ فَلِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ السِّلَعِ مِنْ أَيْدِي الْمُشْتَرِينَ إِلَّا أَن يدفعوا
قِيمَتَهَا أَوْ ثَمَنَهَا أَوْ نَقْصَهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْأَعْيَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَرَثَةُ وَلَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ مُضِيَ الْبَيْعُ وَاتُّبِعَ الْوَرَثَةُ بِالْأَثْمَانِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِذَا قُضِيَ الْوَارِثُ الْحَاضِرُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ وَخُيِّرَ الطَّارِئُ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ رَجَعَ عَلَيْهِ الطَّارِئُ بِمَا يَنُوبُهُ فَوَجَدَ مَا قَبَضَ قَدْ هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ غَرَّمَهُ الطَّارِئُ قَدْرَ مَا يَنُوبُهُ كَمَا لَوْ وَقَفَ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ لِلْحَاضِرِ وَلَمْ يَعْلَمْ غَيْرَهُ فَضَاعَ لَرَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْمَوْقُوفِ لَهُ بِمَا يَنُوبُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْمَوْقُوفِ مِمَّنْ وُقِفَ لَهُ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: ضَمَانُ مَا قَبَضُوهُ مِنْهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِمْ وَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ هَلَكَ بِيَدِ الْوَارِثِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْأُصُولِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ الْوَارِثُ لِقَضَاءِ مَنْ حَضَرَ عَالِمًا بِالْغَائِبِ مَضَى الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ فَاسِدٌ وَيُحَاصُّ الطَّارِئُ الْقَابِضَ وَلَا يَحْسَبُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِيَدِ الْوَارِثِ لِفَسَادِ الْقَضَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا صَرَفَ الْوَارِثُ أَوِ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِالطَّارِئِ وَالْمَيِّتُ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ فَرُجُوعُ الطَّارِئِ عَلَى الْقَابِضِ أَوْلَى بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَاهِبٌ وَمَتَى غَرِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ شَيْءٌ وَالْوَارِثُ غَيْرُ وَاهِبٍ فَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ فَالْبِدَايَةُ بِمَنْ لَا يَرْجِعُ أَوْلَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ مَعَهُ نَاضٌّ وَالْآخَرُ يَطُولُ أَمَدُهُ أَوْ مُلِدٌّ أَوْ غَابَ فَيُبْتَدَأُ بِالْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ اتِّفَاقًا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ تُوفِي الدَّيْنَ فَقَضَى الْوَصِيُّ أَوِ الْوَارِثُ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ تَلِفَ مَا بَقِيَ لَا يَرْجِعُ الْبَاقُونَ عَلَى الْآخَرِينَ لِأَنَّ الْبَاقِيَ كَانَ وَفَاءً لَهُمْ وَلَوْ بَاعَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ وَقَضَى دُيُونَهُ وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ بِأَيْدِيهِمُ اتَّبَعَ الْقَادِمُ الْوَارِثَ دُونَ الْغُرَمَاءِ إِنْ كَانَتِ الْفَضْلَةُ كَفَافَ الدَّيْنِ وُجِدَ الْوَارِثُ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَافَ دَيْنِ الْقَادِمِ اتَّبَعَ الْوَرَثَةُ بِمِثْلِ الْفَضْلَةِ فِي مَلَائِهِمْ وَعُدْمِهِمْ فَإِنْ كَانَ لَوْ حَضَرَ نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ أَكْثَرُ مِنَ الْفَضْلَةِ اتَّبَعَ الْوَارِثُ بِبَقِيَّةِ مَا يَنُوبُهُ بِأَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَالدَّيْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ لِثَلَاثَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ فَأَخَذَ الْحَاضِرَانِ
مِائَتَيْنِ وَالْوَارِثُ الْخَمْسِينَ فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ لَنَابَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ فَلَهُ خَمْسُونَ مِنْهَا فِي ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ وَتَبَقَّى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَرِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ كَفَافَ دَيْنِهِمَا فَقَبَضَاهُ لَرَجَعَ عَلَيْهِمَا بحصاصة فِيهَا فَإِن ألفاهما معدمين اتبع ذمَّتهَا دُونَ الدَّافِعِ مِنْ وَارِثٍ أَوْ وَصَّى بِمَا دَفَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمَا بِدَيْنِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: لِلْمُفْلِسِ أَلْفٌ وَمِائَةٌ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ الْأَلْفَ وَهَلَكَتِ الْمِائَةُ فِي الْإِيقَافِ أَوْ سُلِّمَتْ لَهُ فَأَنْفَقَهَا فَطَرَأَ غَرِيمٌ بِمِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا فِي الْإِيقَافِ فَهِيَ مِنَ الطَّارِئِ وَإِنْ أَنْفَقَهَا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِينَ وَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى عَلَيْهِمْ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنْ يُحَاصِصَهُمْ فِيمَا قَبَضُوا بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ: وَالصَّوَابُ مُحَاصَّتُهُمْ بِالْمِائَتَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْمِائَةُ الذَّاهِبَةُ حَاضِرَةً فَمَا وَقَعَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مِائَتَانِ إِلَّا سُدُسَ مِائَةٍ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ وَتُدْفَعُ إِلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ مِائَةٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَدْفَعُونَ أَحَدًا وَتِسْعِينَ إِلَّا جُزْءا من أحد وَعشر وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ تَدْخُلِ الْمِائَةُ الَّتِي كَانَتْ وُقِفَتْ بِالْحِصَاصِ وَذَلِكَ غَلَطٌ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّمَا يَكُونُ مَا وُقِفَ مِنَ الطَّارِئِ فِي حِصَّتِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا هَلَكَ كَمَا لَوْ حَضَرُوا بِالْقِيَامِ فَهَلَكَ مَا بِيعَ لَهُمْ فِي الْإِيقَافِ لَكَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ مِمَّنْ قَامَ بِالتَّفْلِيسِ دُونَ مَنْ أَبَى أَنْ يَقُومَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا خَلَّفَ مِائَتَيْنِ فَقَبَضَ الْحَاضِرُ مِائَةً وَبَقِيَتْ مِائَةٌ بِيَدِ الْوَارِثِ فَأَكَلَهَا ضَمِنَهَا وَإِنْ ضَاعَتْ وَكَانَ أَمْسَكَهَا لِنَفَسِهِ عَالِمًا بَدَيْنِ الطَّارِئِ ضَمِنَ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِضَيَاعِهَا أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِدَيْنِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ ضَيَاعُهَا إِلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ فَتَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِمْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ حَقِّ الْغَرِيمِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَضْمَنُونَ مَعَ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الدَّيْنِ فَهُمْ فِي مَعْنَى الْمُتَعَدِّينَ وَإِنْ وُقِفَتْ لِلْغَرِيمِ فَهِيَ مِنَ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ مِمَّنْ وُقِفَتْ لَهُ وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ مِائَةً رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِخَمْسِينَ وَعَلَى صَاحِبِهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ يُرَاعَى فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ قَبَضُوا عَالِمِينَ أَمْ لَا وَهَلِ الْغَرِيمُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَهَلِ الْخَمْسُونَ قَائِمَةٌ أَوْ فَائِتَةٌ أَكَلُوهَا أَوْ ضَاعَت
وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ عُرُوضًا فَبَاعَهَا الْوَارِثُ لِلْقَضَاءِ مَضَى الْبَيْعُ وَيَبِيعُ الطَّارِئُ مَعَ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ عَالِمًا بِدَيْنِهِ أَوِ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ بَاعَ لِنَفْسِهِ عَالِمًا بِالطَّارِئِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ وَالْمَيِّتُ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ وَبَادَرَ بِالْبَيْعِ فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا نَمَا عِنْدَهُ أَوْ نَقَصَ يَوْمَ قَبَضَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَتَّبِعُ الْمُشْتَرِي الْوَارِثَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَوِ الْوَارِثُ مُوسِرٌ وَلَا بَخْسَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِيهِ بَعْدَ الْبَخْسِ مَا يُوفِي الدَّيْنَ فَلَا يُرَدُّ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَارِثُ بِدَيْنِ الطَّارِئِ وَلَا الْمَيِّتُ مَوْصُوفٌ بِالدَّيْنِ قَالَ مَالِكٌ: مَضَى الْبَيْعُ وَلَا مَقَالَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَلَا فِي قِيمَةٍ إِنْ فَاتَ بَلْ مَعَ الْوَارِثِ لِقُوَّةِ الْعَقْدِ بِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَرِيمِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَعَدَمِ عِلْمِ الْوَارِثِ بِالْغَائِبِ وَعَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ الْمَقَالُ فِي الْمَبِيعِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ فُقِدَ اتُّبِعَ بِهِ مَنْ أَخَذَهُ وَلَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ سُوقٍ وَإِنْ بَاعَ الْوَارِثُ لِلْقَضَاءِ ولنفسه قَالَ عبد الْمَالِك مَضَى الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ فَاسِدٌ وَيَرْجِعُ الطَّالِبُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا يَنُوبُهُ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا فِي يَدِ الْوَارِثِ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَضَاءُ صَحِيحٌ فِيمَا يَنُوبُ الْحَاضِرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ التَّرِكَةَ وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِالدَّيْنِ اتَّبَعَ الْغَرِيمُ الْوَارِثَ بِالثَّمَنِ دُونَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ إِذَا لَمْ يُحَابِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ أَلْفًا وَالدَّيْنُ مِائَتَيْنِ فَبَاعَ الْوَارِثُ بَعْضَ التَّرِكَةِ لِنَفْسِهِ وَقَالَ فِيمَا بَقِيَ كِفَايَةٌ فَهَلَكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَ لِنَفْسِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجَرَ وَصِيُّ الْأَيْتَامِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ فَصَارَتْ سِتَّمِائَةٍ فَطَرَأَ دَيْنٌ أَلْفٌ تُدْفَعُ السِّتُّمِائَةِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهَا لَمْ يُضَمِّنُوهُ وَلَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ كِبَارٌ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ فَتَجَرُوا فِي التَّرِكَةِ وَرَبِحُوا فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلَّا رَأْسُ الْمَالِ لَهُمُ النَّمَاءُ وَعَلَيْهِمُ النَّقْصُ وَفِي الْكِتَابِ: لَوْ عَزَلَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ وَاقْتَسَمُوا فَضَاعَ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِمْ فِيمَا قَبَضُوهُ وَلَوْ عَزَلَهُ الْقَاضِي لَكَانَ مِنَ الْغَرِيمِ
3
-
(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ بَعْضَ غُرَمَائِهِ لِأَنَّهُ تَوْلِيجٌ وَيُرَدُّ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ: التَّوْلِيجُ: الْمُحَابَاةُ مِنَ الْوُلُوجِ لِأَنَّهُ
يدْخل فِي ملك الآخر مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ مِنَ الْأَوْلَجِ وَهِيَ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ مِنَ الشِّعَابِ وَالْكُهُوفِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ يَسْتَتِرُ بِظَاهِرٍ إِلَى بَاطِن لَهُ فِي النُّكَتِ: قَوْلُ غَيْرِهِ لَهُ قَضَاؤُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَضَاؤُهُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ يَصِحُّ فِي خَمْسَةٍ وَيَخْتَلِفُ فِي وَاحِدٍ فَيَصِحُّ إِذَا قَضَى ثَمَنَ سِلْعَةٍ بِيَدِ بَائِعِهَا لَمْ يُسَلِّمْهَا بَعْدُ أَوْ أَسْلَمَهَا وَهِيَ قَائِمَةُ الْعَيْنِ لَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لَكَانَ أَحَقَّ بِهَا أَوْ مُسْتَهْلَكَةٌ وَالْغُرَمَاءُ عَالِمُونَ بِفَلَسِهِ وتاركونه لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَمْ يَقُومُوا عَلَيْهِ أَوْ كَانُوا عَلَى شَكٍّ مِنِ اخْتِلَالِ حَالِهِ لِأُمُورٍ حَدَثَتْ أَوْ كَانَ ظَاهِرَ الْيُسْرِ وَعَلِمَ غُرَمَاؤُهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا بِفَلَسِهِ لَمْ يُفَلِّسُوهُ لِمَا يَرْجُونَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ لِغَيْرِهِمْ وَيَقْضِي مِمَّا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَوْ لِيَجْبُرَ الْخَسَارَةَ وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ الضَّرْبَ عَلَيْهِ لَوْ عَمِلُوا وَقَدْ قَالَ بن الْقَاسِمِ: إِذَا اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى تَفْلِيسِهِ فَبَادَرَ أحدهم اقْتضى مِنْهُ لِبَقِيَّتِهِمْ مُشَارَكَتَهُ لِأَنَّهُ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُشَارِكُ لِعَدَمِ كَمَالِ الْحَجْرِ
3
-
(فَرْعٌ) فِي الْكِتَابِ إِذَا عَزَلَ الْوَرَثَةُ دَيْنَ الْغَرِيمِ وَاقْتَسَمُوا مَا بَقِيَ فَضَاعَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَقْسُومِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ وَلَوْ عَزَلَهُ القَاضِي وَقسم بَين وَرَثَة وعزماء لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ لِتَعَيُّنِهِ لَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ
3 -
(فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا تَبَرَّعْتَ بِضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ لزمك لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لما امْتنع من الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: دَيْنُهُ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -: الْآنَ بَرُدَتْ أَوْ بَرَّدْتُمْ جِلْدَةَ صَاحِبِكُمْ فَلَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ لَمَا بَرُدَتْ جِلْدَةُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ رَجَعَتْ بِذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَدْ عَلِمْتَ ذَلِكَ لَا تَرْجِعُ وَإِنْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةُ التَّبَرُّعِ وَالْمَعْرُوفُ كُلُّهُ مَتَى أَشْهَدْتَ لَزِمَكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَانَ هِبَةً أَوْ غَيْرَهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي صِحَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ أَوْ ذِي قَرَابَةٍ أَوْ صديق ملاطف إِلَّا بِبَيِّنَة للتُّهمَةِ وَيجوز للأجنى لعدم التُّهْمَة ويحاص من داينه بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي الصِّحَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِمِائَةٍ وَلِابْنِهِ بِمِائَةٍ وَالتَّرِكَةُ مِائَةٌ تَحَاصَّا فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ حِصَّتَهُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْوَارِثِ فِي حِصَّتِهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يُجِيزُوهُ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لِلْأَجْنَبِيِّ إِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ لِأَنَّهُ هُوَ إِنَّمَا أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يحاصصه الْوَارِث وَإِذا دخل مَعَ الْوَارِثِ [لَا يَرْجِعُ] عَلَى الْأَجْنَبِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ وَيَرْجِعُ عِنْدَ أَشْهَبَ فَمَا أَخَذَ 1 شَارَكَهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ وَإِذَا شَارَكُوهُ رَجَعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ قَالَ: وَقَوْلُهُ لَا يَبْقَى فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ لِقِلَّتِهِ وَيَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ رَجَعَ الْوَارِثُ لَرَجَعَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ الْوَارِثُ فَيَقُولُ لَا يَرِثُونَ وَلِي دَيْنٌ فَيَحْصُلُ الْمُحَالُ فَيَنْقَطِعُ أَصْلُ الرُّجُوعِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ثَالِثٌ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ سَقَطَ الْوَارِثُ وَاقْتَسَمَ الْأَجْنَبِيُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَذُو الْبَيِّنَةِ الْمَالَ وَكَأَنَّهُمُ الثَّلَاثَةُ يَتَحَاصُّونَ فَمَا صَارَ لِلْوَارِثِ أَخَذَهُ ذُو الْبَيِّنَةِ فَشَارَكَهُ فِيهِ الْآخَرُ فَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَلِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِجَمِيعِهِمْ نُفِّذَ إِقْرَارُهُ فَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ تَحَاصَّوْا فَمَا خَصَّ الْمُتَّهَمَ وَهُوَ وَارِثٌ شَرِكَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ كَانَ لَهُ إِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ وَلَدٌ وَإِنْ كَانُوا كَلَالَةً فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ دُونَهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَيْهِمْ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ: وَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَوْ نَحَلَهُ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَاعَ أَمِينُ الْوَصِيِّ لِلْغُرَمَاءِ فَتَلِفَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إِذَا أَمَّرَهُ عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ وَقَالَ الْوَرَثَةُ تَلِفَ مَا قَبَضْنَا ضَمِنُوا مَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لَا يُغَابُ إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ بِسَبَبِهِمْ وَيَغْرَمُ الْكِبَارُ مَا أَنْفَقُوهُ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ
وَمَا أُنْفِقَ عَلَى الصِّغَارِ لَا يُتَّبَعُونَ بِهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَاشِرُوا إِتْلَافَهُ وَمَا رَبِحَ الْوَصِيُّ لِلصِّغَارِ فِي ذَلِكَ دَخَلَ الْغُرَمَاءُ فِي أَصْلِهِ وَرِبْحِهِ وَمَا رَبِحَ الْكِبَارُ فِيهِ لَا يَدْخُلُ الْغُرَمَاءُ فِيهِ لِأَنَّهُمْ ضَمِنُوهُ وَلَا يَضْمَنُونَ الْحَيَوَانَ وَلَكِنْ إِنِ اشْتَرَوْا بِمَا قَبَضُوا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرِهِ حَيَوَانًا فَهَلَكَ ضَمِنُوهُ لِخَطَأِ تَصَرُّفِهِمْ فِي مَالِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ تَجَرَ الْوَصِيُّ لِلصِّغَارِ أَوِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ فِيمَا وَرِثُوا فَطَرَأَ دَيْنٌ فَكُلُّهُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَضْمَنُوهُ هُمْ وَلَا الْوَصِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ: يرجع عَلَيْهِم أجمع لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الصِّغَارِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ أَخَذَ مِنَ الْكِبَارِ وَرَجَعَ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ بِحِصَّتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْكِبَارِ أَيْضًا شَيْءٌ اتَّبَعَ الْغُرَمَاءُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمُ الَّتِي وَرِثُوا وَقَالَ أَشْهَبُ: لَوْ تَرَكَ مِائَتَيْنِ وَوَلَدَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَدَفَعَ الْوَصِيُّ مِائَةَ كُلِّ وَاحِد قراضا فَصَارَت أربعماية فطرأ دين أربعماية فَلَا توخذ إِلَّا الْمِائَتَانِ اللَّتَانِ وَرِثَاهَا وَخَالَفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ: إِنْ تَرَكَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَأَكَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَتَهُ ثُمَّ أَفَادَا مَالًا وَطَرَأَتْ مِائَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ أُخِذَتْ كُلُّهَا مِنَ الْكَبِيرِ وَلَا يَرْجِعُ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ ثُمَّ إِنْ طَرَأَتْ مِائَةٌ لِلْمَيِّتِ أَخَذَهَا الْكَبِيرُ وَحْدَهُ لِيَسْتَوِيَا فِي الْمِيرَاثِ وَلَوْ تَجَرَ الْوَصِيُّ الصَّغِيرُ فِي مِائَتِهِ فَصَارَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ على الْمَيِّت فَعَلَى الْكَبِيرِ خُمُسُهَا وَعَلَى الصَّغِيرِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا ثُمَّ إِنْ طَرَأَتْ مِائَةٌ لِلْمَيِّتِ جُعِلَتْ مَكَانَ الْمَأْخُوذ للكبير خمسها وباقيها للْغَيْر وَأَمَّا إِنْ طَرَأَ وَارِثٌ فَلَا يَتَّبِعُ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَن أحد وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا بَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ رَجَعَ الْوَارِثُ الطَّارِئُ فِي الدَّارِ عَلَى الْوَارِثِ الْبَائِعِ مَلِيئًا أَوْ مُعْدِمًا عَالِمًا بِالْوَارِثِ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ الْغَرِيمِ يَطْرَأُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ عَيْنًا لِأَنَّ لِلْوَارِثِ إِعْطَاءَهُ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ الدَّارِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي نُفِّذَ بَيْعُ الدَّارِ وَالْوَارِث مَالك لغير التَّرِكَة
قَاعِدَةٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَيِّتِ إِذَا تَرَكَ مَالًا وَدَيْنًا فَقِيلَ هُوَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ وَقِيلَ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْحَاجَةُ إِذْ لَوْ بَقِيَتِ الْأَشْيَاءُ فِي الدُّنْيَا شَائِعَةً لَتَقَاتَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَالْجَنِينُ لَمَّا كَانَ مَيِّتًا شَرْعًا وَهُوَ بِصَدَدِ الْحَاجَةِ الْعَامَّةِ فِي حَيَاتِهِ مَلَكَ الصَّدَقَةَ وَالْأَمْوَالَ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَيِّتُ بَعْدَ الْحَيَاةِ لَمْ تَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ عَامَّةٌ فَلَمْ يَمْلِكْ أَوْ يَمْلِكُ لِبَقَاءِ حَاجَةِ الدَّيْنِ احْتَجَّ النَّافِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فَجَعَلَ الْمِلْكَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُغَيَّا هُوَ الْمَقَادِيرُ لَا الْمُقَدَّرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الثَّمَنَ قَال لَا تَعْتَقِدُوا أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ بَلْ مِنَ الَّذِي يَفْضُلُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا سِيقَ لِأَجْلِ مَعْنًى لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْآيَةُ سِيقَتْ لِبَيَانِ الْمَقَادِيرِ لَا لِبَيَانِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَ (ش) لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَالرُّهُونِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَم وعبداً وَعَلِيهِ دين الرجلَيْن لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَحَضَرَ أَحَدُهُمَا وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَوُجِدَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فِي أَعْظَمِ حَالَاتِهِ مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الْأَلْفَ إِلَى مَوْتِ الْعَبْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَا يَوْمَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَوْفَرَ قِيمَةً مَضَتْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَحُسِبَ الْعَبْدُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ صُدِّقَ الطَّارِئُ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَضَاهَا الْحَاضِرُ ثُمَّ تَلِفَتِ الْأَلْفُ الْعَيْنُ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ عَيْنًا وَحِصَّةُ الْغَائِبِ مِنْهُ وَلَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ تِلَافِ الْأَلْفِ الَّتِي عُزِلَتْ للْغَائِب بيع ثَانِيَة لم نبيع لَهُ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَيَرْجِعَ الْغَائِبُ بِمَا يُصِيبُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى عَلَى الْعَبْدِ وَقْتٌ بَعْدَ الْقَبْضِ يَسْوِي فِيهِ بِالْعَيْبِ أَلْفًا فَلَا يَرْجِعُ وَلَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْأَلْفَ الثَّمَنَ
وَالْغَائِبُ لَمَّا قَدِمَ الْأَلْفَ الْعَيْنَ ثُمَّ رُدَّ بِعَيْبٍ وَقَدْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا لَمْ يَرْجِعِ الْحَاضِرُ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ الطَّارِئُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: إِذَا أَخَذَ الْغُرَمَاءُ بِقَضَاءِ سُلْطَانٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا كَانَ يَنُوبُهُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ وَلَا يَتَّبِعُ مَلِيئًا بِمَا عِنْدَ الْمُعْدِمِ وَلَوْ بَقِيَتْ فَضْلَةٌ قَدْرَ حَقِّ الطَّارِئِ لَمْ يُرْجَعْ إِلَّا عَلَى الْوَرَثَةِ أَمْلِيَاءَ أَمْ لَا مِنْ كُلِّ وَارِثٍ كُلُّ مَا صَارَ إِلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلِمُوا بِالطَّارِئِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتِ الْفَضْلَةُ لَا تَفِي بِدَيْنِهِ حُسِبَتْ عَلَيْهِ وَرَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِمَّا يُصِيبُهُ فِي الْمُحَاصَّةِ لَوْ حَضَرَ وَلَا يَتَّبِعُ الْمَلِيءَ إِلَّا بِمَا عِنْدَهُ وَمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ فَيَأْخُذَ من الملي مِنْهُمْ حَقَّهُ مِنْ كُلِّ مَا صَارَ إِلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ وَكَذَلِكَ موصى لَهُ طَرَأَ مُوصًى لَهُمْ أَخَذُوا وَصَايَاهُمْ وَبَقِيَتْ فَضْلَةٌ فِيهَا نَصِيبُ الطَّارِئِ أَخَذَهَا الْوَرَثَةُ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَّبِعُ بِهَا إِلَّا الْوَرَثَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا صَارَ إِلَيْهِمْ وَفَاءُ وَصِيَّتِهِ رَجَعَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِمَا بَقِيَ: يَتَّبِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا يَصِيرُ عَلَيْهِ مِنْهُ لَا عَنِ الْمُعْدِمِ مثل أَن يُوصي لثَلَاثَة بِمِائَة ماية وَالثُلُثُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ أَخَذَ الْحَاضِرَانِ مِائَتَيْنِ وَالْوَرَثَةُ خَمْسِينَ فَحِصَّةُ الطَّارِئِ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا عِنْدَ الْوَرَثَةِ خَمْسُونَ يَطْلُبُهُمْ بِهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُوصَى لَهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ إِلَّا ثُلُثًا لَا يَأْخُذُ مَلِيئًا عَنْ معدم وَله أَخذ الْوَارِث الملي بِجَمِيعِ مَا أَخَذَ مِنَ الْخَمْسِينَ ثُمَّ يَتَّبِعَانِ جَمِيعًا بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يَرْجِعُ عَلَى وَارِثٍ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ يَسْتَوْعِبُ مِنَ الْمَلِيءِ جَمِيعَ مَا صَارَ لَهُ وَأَمَّا غَرِيمٌ عَلَى غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مُوصًى لَهُ فَالْمَلِيءُ كَالْمُعْدِمِ وَلَا يُعْطِي الْمَلِيءُ حِصَّةَ الْمُعْدِمِ لِتَعَذُّرِ اسْتِحْقَاقِ كِلَيْهِمَا وَالْوَارِثُ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَقَبْضُهُ ضَعِيفٌ وَأَمَّا وَارِثٌ عَلَى وَارِثَيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِم
كغريم يطْرَأ على غُرَمَاء وموصى على موصى لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ يُقَاسِمُ الْوَارِثُ الطَّارِئُ مَنْ وَجَدَ مَلِيئًا بِجَمِيعِ مَا صَارَ إِلَيْهِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْبَاقِينَ فَمَنْ أَيْسَرَ قَاسَمُوهُ ثُمَّ يَرْجِعُ هَذَا مَعَهُمْ هَكَذَا حَتَّى يَعْتَدِلُوا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْغَرِيمُ يَطْرَأُ عَلَى مُوصًى لَهُمْ أَوْ وَرَثَةٍ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ بِجَمِيعِ مَا صَارَ إِلَيْهِ وَمَتَى قَالَ الْوَارِثُ تَلِفَ مِنِّي مَا أَخَذْتُ صُدِّقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِلَّا إِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَوْ تَرَكَ وَلَدَيْنِ وَعَبْدَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَبْدًا إِمَّا قِسْمَةً أَوْ بَيْعًا فَمَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ طَرَأَ أَخٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا الْقِسْمَةُ فَبَاطِلَةٌ وَيَدْخُلُ جَمِيعُهُمْ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأما لَو كَانَا أخذا هما بِشِرَاءٍ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ مِنْ وَصِيٍّ مُصِيبَةُ نِصْفِ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِهِ وَالنِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَحْدَهُ ثُمَّ نِصْفُ الْعَبْدِ الْحَيِّ الَّذِي لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ الطَّارِئُ يُخَيَّرُ فِي إِمْضَاءِ بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَهُوَ السُّدُسُ مِنْهُ فَإِنْ أَمْضَاهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ وَنِصْفُ الْمَيِّتِ الْمُشْتَرَى ضَمَانُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَيَرْجِعُ الطَّارِئُ بِثَمَنِ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ هَذَا النِّصْفِ الْمَبِيعِ عَلَى أَخِيهِ الْبَائِعِ وَيُخَيَّرُ أَيْضًا عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ الْحَيِّ الَّذِي بِيَدِهِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَهُ وَهُوَ سُدُسُ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الَّذِي مَاتَ الْعَبْدُ بِيَدِهِ بِثُلُثِ مَا كَانَ دَفَعَ إِلَيْهِ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ الْحَيِّ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعَبْدِ إِنَّمَا وَقَعَ شِرَاؤُهُ عَلَى نِصْفِهِ وَكَأَنَّ النِّصْفَيْنِ من الْعَبْدَيْنِ بيعا والنصفين قُسِّمَا فَمَا بِيعَ ضَمِنَهُ مُشْتَرِيهِ وَمَا قُسِّمَ فُسِخَ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا سَكَنَ الْوَارِثُ مِنَ الدُّورِ أَوِ اغْتَلَّ ظَانًّا أَلَّا وَارِثَ مَعَهُ لَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ فِيمَا سَكَنَ وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ وَيُرْجَعُ فِي الْغَلَّةِ عَلِمَ أَنَّ مَعَهُ وَارِثًا أَو لَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْن الْقَاسِم: إِذا قُتِل عَمْدًا وتَرك وَلَدَيْنِ وَمِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ بِبَيِّنَةٍ فَعَفَا أحدُهما عَنِ الدَّمِ مَجَّانًا وَأَخَذَ الْآخَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ يُدفع الدَّيْنُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَسُدُسِ الْمِائَةِ فَيَبْقَى مِنَ الدِّيَةِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا بِيَدِ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَلِغَيْرِ الْعَافِي مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى: تُقسم الْمِائَةُ الدينُ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا فَعَلَى غَيْرِ الْعَافِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا لِأَنَّ لَهُ خَمْسَمِائَةٍ مِنَ الدِّيَةِ وَنِصْفَ الْمِائَةِ التَّرِكَةِ وَلِلَّذِي عَفَا نِصْفُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ سُدُسِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَيَبْقَى لَهُ أحدٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثٌ وَلِلْآخَرِ بَعْدَ الدَّيْنِ بِسَبَبِ الدِّيَةِ وَالْمِيرَاثِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ قَالَ سُحْنُونٌ: وَلَوْ تَرَكَ مدبَّراً عُتِقَ فِي جَمِيعِ هَذَا الْمَالِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَلَوْ عُفِيَا وَلَا مَالَ لِلْمَيِّتِ فَلَا مَقَالَ لِلْغُرَمَاءِ وَنُفِّذَ إِلَّا فِي الْخَطَأِ يَمْتَنِعُ حَتَّى يَأْخُذَ الْغُرَمَاءُ دَيْنَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ وَلَا يَجُوزَ عَفْوُ الْمَقْتُولِ فِي الْخَطَأِ إِلَّا فِي الثُّلُثِ وَيَجُوزُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ قِصَاصٌ لَا مَالٌ وَيَجُوزُ عَفْوُ وَارِثِ الْمِدْيَانِ فِي الْعَمْدِ وَلَا يَجُوزُ عَفْوُ وَارِثٍ آخَرَ مِدْيَانٍ لِسُقُوطِ الدَّمِ بِالْأَوَّلِ وتعيُّنه مَالًا وَغُرَمَاءُ الثَّانِي أَحَقُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مِدْيَانًا وَلَوْ لَمْ يَعْفُ بَعْدَ عفوِ الْأَوَّلِ أحدٌ لَكَانَ غُرَمَاءُ الْمَقْتُولِ أَحَقَّ بِمَا بَقِيَ مِنَ الدِّيَةِ وَلِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ يُوَفِّي دَيْنَهُ قُضي دَيْنُهُ مِنْهُ وَمِنْ بَقِيَّةِ الدِّيَةِ بِالْحِصَاصِ فَلَوْ تَرَكَ أَلْفًا وَعَلَيْهِ دينٌ وَعَفَا أحدُهما فِي الْعَمْدِ وَأَخَذَ غَيْرُ الْعَافِي نِصْفَ الدِّيَةِ سِتَّةَ آلَافٍ تضمُّ إِلَى الْأَلْفِ التَّرِكَةِ ويُقضى الدَّيْنُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَمَا وَقَعَ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي تَرَكَ خَرَجَ مِنْهَا وَبَاقِيهَا بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُخْرَجَ الدَّيْنُ مِنَ الْجُمْلَةِ وَيُقَسَّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلْعَافِي سهمٌ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ وَلَوْ أَنَّ الدَّيْنَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَأَوْصَى بِأَلْفٍ فَنِصْفُ السَّبْعَةِ آلَافٍ فِي الدَّيْنِ فَيَصِيرُ عَلَى الْأَلْفِ التَّرِكَةَ نَصِفُهَا وَنِصْفُ الْبَاقِي فِيهِ الْوَصَايَا فِي ثُلُثُهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَدْخُلُ إِلَّا فِيمَا عَلِم الْمَيِّتُ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثلث
الْخَمْسِمِائَةِ وَبَقِيَّةُ الْمَالِ كُلِّهِ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ عَلَى عِشْرِينَ لِلْعَافِي جُزْءٌ وَهُوَ نِصْفُ الْعَشْرِ وَلِغَيْرِ الْعَافِي تِسْعَةَ عَشَرَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: وَلَوْ تَرَكَ عَبْدًا يَسْوِي أَلْفًا وَعَلَيْهِ ألفٌ فَبَاعَهُ الْقَاضِي وَقَضَى دَيْنَهُ ثُمَّ عَفَا أَحَدُهُمَا وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ نِصْفَ الدِّيَةِ رَجَعَ أَخُوهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ تُسعها: أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَلَوْ لَمْ يَقُمِ الْغَرِيمُ حَتَّى قَبَضَ الِابْنُ السِّتَّةَ آلَافِ فَأَخَذَ مِنْهُ الْغَرِيمُ فَإِنَّ الْعَبْدَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَالْخَمْسَةُ آلَافِ الْبَاقِيَةُ لِلْأَخِ غَيْرِ الْعَافِي وَيَرْجِعُ عَلَى الْعَافِي بِنِصْفِ سُبُعِ الْأَلْفِ الدَّيْنِ: أحدُ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فَإِنْ وَدَاهَا وَإِلَّا بِيعَ من نصِيبه من نصف العَبْد بِقدر تِلْكَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً وَزَوْجَةً وَدَيْنًا أَلْفًا وَمَالًا أَلْفًا فَعَفَا الِابْنُ عَنِ الدَّمِ عَلَى الدِّيَةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الِابْنَةُ وَالزَّوْجَةُ بِالْمِيرَاثِ وَالدَّيْنُ فِي الدِّيَةِ وَالْمَالِ وَمَا بَقِيَ قُسِّمَ عَلَى الْفَرَائِضِ قَالَ: لَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا ثُمَّ لَحِقَ دينٌ اتُّبع بِهِ الَّذِي لَمْ يَعفُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ دُونَ الْعَافِي قَالَ: وَهَبَ المريضُ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فقَتَلَ الْعَبْدُ المريضَ وَلَهُ ابْنَانِ فَهِبَتُهُ كَالْوَصِيَّةِ قُبضت أَمْ لَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ فَإِنِ اسْتَحْيَوُا الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يكون لَهُم فُضت الدِّيَةُ عَلَى الْعَبْدِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ عَلَى ثُلُثَيِ الْوَرَثَةِ فيُسقط ذَلِكَ وَثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى ثُلُثِ العَبْد فَيُخَير الْمَوْهُوب لَهُ فِي فدائه بِثلث الدِّيَة أَو يُسلمه فَإِن أَجَازُوا الوجية صَار العَبْد للْمَوْهُوب لَهُ وَالدية فِي رقببته فإمَّا يفْدِيه
بِهَا أَوْ يُسلمه لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ عَفَوْا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ وَقَدْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ فَالْعَبْدُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ عَفَوْا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ وَأَبَوْا مِنْ إِجَازَةِ الْوَصِيَّةِ فَثُلُثُ الْعَبْدِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثُاهُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَلَى الدِّيَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ فَلِغَيْرِ الْعَافِي شَطْرُ الدِّيَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي فِدَاءِ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ الْعَافِي بِنِصْفِ الدِّيَةِ أَوْ يُسَلِّمُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَدَى نِصْفَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ الْعَافِي مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ الْمَأْخُوذِ شَيْءٌ وَإِنْ مَنَعُوا الْوَصِيَّةَ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أثلاثاُ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى الدِّيَةِ سَقَطَ عَلَى الْعَبْدِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَيُفْتَكُّ الْمَوْهُوب ثلثه بثلثها فَيكون هَذِه الثُّلُثُ بَيْنِ الِابْنَيْنِ شَطْرَيْنِ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِ دِيَةٍ وَجَبَ لِغَيْرِ الْعَافِي شَطْرُ الدِّيَةِ فِي الْعَبْدِ وَلَهُ مِنَ الْعَبْدِ ثُلُثُ الدِّيَة وَيسْقط على ثُلُثِهِ نِصْفُ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَهُوَ السُّدُسُ فيخيَّر الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي فِدَاءِ ثُلُثِ الْعَبْدِ بِثُلُثِ النّصْف سدس الدِّيَةِ فِي قَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِسْلَام نصف ثلث العَبْد الدِّيَةُ أَوْ يَفْتَكُّهُ بِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْعَافِي فَإِنْ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَافِي شيءٌ وَكَذَلِكَ يخيَّر الْعَافِي فِيمَا صَارَ لَهُ مِنَ الْعَبْدِ ميراثاُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِسُدُسِ الدِّيَةِ الَّتِي لِأَخِيهِ غَيْرِ الْعَافِي أَوْ يُسلمه عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ وَإِنْ أَجَازَ الْعَافِي الْوَصِيَّةَ وَعَفَا عَنْ غَيْرِ دِيَةٍ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ من الْإِجَازَة صَار للْمَوْهُوب ثُلُثَا الْعَبْدِ وَثُلُثٌ لِلْأَخِ غَيْرِ الْعَافِي وَلِغَيْرِ الْعَافِي شَطْرُ الدِّيَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَيَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ ثُلُثُ النِّصْفِ: سُدُسُ الدِّيَةِ ويُخيّر الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي فِدَاءِ مَا صَارَ لَهُ وَإِسْلَامُهُ عَلَى الْخِلَافِ
فرع
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قُتل عَمْدًا وَتَرَكَ مِائَةَ دِينَارٍ وديناً مايةً وَوَصَايَا فعُفي عَلَى الدِّيَةِ فالدينُ فِي الْمِائَةِ وَالدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ وَتَبْطُلُ الْوَصَايَا وَلَوْ تَرَكَ مِائَةً دينا ومدبَّراً قمية مِائَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ: لِلْعَافِي نِصْفُ سُدُسِ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يَخْرُجُ وَيَأْخُذُ الْمِدْيَانُ مِائَةً وَتَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ تُقسم بَيْنَهُمَا عَلَى مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مدبَّر وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ لِغَيْرِ الْعَافِي وَنِصْفُ الْمِائَةِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمَيِّتُ وَنِصْفُهَا لِأَخِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ تُقَسَّمُ الْأَرْبَعُمِائَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْعَافِي سَهْمٌ وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ
فَرْعٌ
قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَة وَأَخ وَلها عَلَيْهِ ماية وَتَرَكَ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَأَقَرَّتْ لِفُلَانٍ " مِائَةً " عَلَى زَوْجِهَا فَيَنُوبُهَا مِنْهَا سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَنِصْفٌ لِأَن إِقْرَارهَا لايلزم أَخَاهُ وَتَبْقَى لَهُ عِنْدَ الْأَخِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ الَّذِي لَهَا بِالْحِصَاصِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَتَحْبِسُهَا وَقَدْ أَخَذَتْ مِائَةً بِالدَّيْنِ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا بِالْمِيرَاثِ فَتُعْطِي لِمَنْ أَقَرَّتْ لَهُ مِمَّا بِيَدِهَا مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ مَا ذكرته وتحسب على الَّذِي أقرَّت مَا وَرِثَ الْأَخُ فَإِنْ طَرَأَ غريمٌ آخَرُ بِمِائَةٍ بِبَيِّنَةٍ دَخَلَ مَدْخَلَ الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ لِأَنَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَأَخَذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَيُحْسَبُ عَلَى الطَّارِئِ مَا وَرِثَ الْأَخُ وَهُوَ بَقِيَّةُ حَقِّهِ وَيَأْخُذُ المُقَرُّ لَهُ مِنَ المُقِرة وَحْدَهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا فِي الْحِصَاصِ الْآنَ إِلَّا خَمْسُونَ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ خَمْسُونَ فَتَدْفَعُ لَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَفِي يَدِ الطَّارِئِ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ مَا فَضَلَ وَمَا حُسب عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَخِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ للمُقَرّ لَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ بينةٌ بَلْ أَخَذَتْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ أَخَذَ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ الْمِائَةَ وَالْمَرْأَةُ خَمْسِينَ وَسَقَطَ الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا بِيَدِهَا مَا يَجِبُ لَهَا فِي الْحِصَاصِ وَجَمِيعُ حَقِّ المُقَرِّ لَهُ عِنْدَ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يُعلم كَمْ دَيْنُ الْمَيِّتِ وَلَا مَالُهُ فَلِبَعْضِ الْوَرَثَةِ التَّحَمُّلُ بِالدَّيْنِ وَيَحِلُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ أَوْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ نَقْدًا وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ غَيْرَ مُعَجَّلٍ امْتَنَعَ وَقِيلَ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ إِذَا الْتَزَمَ النَّقْصَ فَقَطْ فَهُوَ مَعْرُوفٌ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْقَرْضِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ أَمَّا إِذَا كَانَ الْفَضْلُ لَهُ فَيَكُونُ إِنَّمَا أَخَّرَهُمْ لِلِانْتِفَاعِ مُدَّةَ التَّأْخِيرِ فَهُوَ قَرضٌ لِلْمَنْفَعَةِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغَرِيمِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا جَازَتْ حَالَتُهُ بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ قَرْضًا للنَّفع لِأَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَلَهُ شبهةُ مِلكٍ فِي التَّرِكَةِ فَلَو يُقْرِضْ لِلْغُرَمَاءِ شَيْئًا
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ شاهدٌ فَحَلِفَ الْغُرَمَاءُ وَأَخَذُوا لَا يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْفَضْلِ لِتَرْكِهِمُ الْأَيْمَانَ أَوَّلًا
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَادَرَ الِابْنُ فَأَحْبَلَ أمةَ أَبِيهِ الْمَيِّتِ مُرَاغَمَةً لِلْغُرَمَاءِ بِيعَتْ لَهُمْ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِتَعَدِّيهِ فِي الوَطء وَلَهُ فِي الْوَلَدِ شبهةٌ أَنَّ لَهُ قَضَاءَ دَيْنِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْغُرَمَاءِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَحَمَّلَ الِابْنُ بِدَيْنِ أَبِيهِ وَدَفَعَ الْمَالَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ فَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهَذَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنَ الِابْنِ لِرِضَاهُ بذلك الْحمالَة وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ عِنْدَنَا لَازِمٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ الدَّيْنُ مِائَةً والتركةُ أَلْفًا فَبَاعَ الْوَارِثُ بَعْضَ التَّرِكَةِ اعْتِمَادًا عَلَى سَعَتِها فُسخ بَيْعُهُ لِتَوَقُّعِ هَلَاكِ بَقِيَّةِ الْمَالِ وَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَلِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمِيرَاثِ فَيُقَدَّمُ عَلَى تصرفه
(كتاب الْحجر)
وَالْحَجْرُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورا} أَيْ تَحْرِيمًا مُحَرَّمًا وَمِنْهُ: حُجْرَةُ الدَّارِ لِمَنْعِهَا مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا وَيُسَمَّى الحِجر عَقلاً لِمَنْعِهِ صَاحِبَهُ مِنَ الرَّذَائِلِ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وأسبابُه ثَمَانِيَةٌ: الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالتَّبْذِيرُ وَالرِّقُّ والفلَس وَالْمَرَضُ وَالنِّكَاحُ وَالرِّدَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَرَضِ فِي الْوَصَايَا والتفليس وَهَا هُنَا الْكَلَامُ عَلَى سَبَبِهِ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ الصِّبَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم} فَشَرَطَ الرُّشْدَ مَعَ الْبُلُوغِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا يخرُجُ المُولى عَلَيْهِ بِأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ وَإِنْ حَاضَتِ الْجَارِيَةُ وَتَزَوَّجَتْ وَاحْتَلَمَ الْغُلَامُ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِالرُّشْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ البغدادين: لَا يَزُولُ حَجْرُ الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَبْلُغَ وَتَتَزَوَّجَ ويَدخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَتَكُونَ مُصلحةً لِمَالِهَا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ لِعُمُومِ الْآيَةِ لَنَا: أَنَّ مَقْصُودَ الرُّشْدِ مَعْرِفَةُ الْمَصَالِحِ وَقِيلَ اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ الْجَهْلُ
وَالنَّقْصُ فِي الْمَعْرِفَةِ حَاصِلَيْنِ وَعَنْ شُريح قَالَ: [كَتَبَ] إِلَيَّ عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ لَا أُجِيزَ لِلْجَارِيَةِ عَطِيَّةً حَتَّى تُحَوَّلَ فِي بَيت زَوجهَا وتلد ولدا وَلِأَن الْإِجْبَار للْأَب باقِ وَهُوَ حِجر فَيَعُمُّ الْحَجْرُ وَمَنَعُوا صِحَّةَ الْأَوَّلِ وَفَرَّقُوا فِي الثَّانِي بِأَنَّ مَصْلَحَةَ النِّكَاحِ إِنَّمَا تُعْلَمُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ وَمُبَاشَرَةُ الْبَيْعِ والمعاملة غير مُتَعَذر وَمَنَعْنَا نَحْنُ التَّمَسُّكَ بِالْآيَةِ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} مَعْنَاهُ إِصْلَاحُ الْمَالِ إِجْمَاعًا وَنَحْنُ نَمْنَعُ تَحَقُّقَهُ قَبْلَ الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا الْجَارِيَةُ وَالْغُلَامُ اللَّذَانِ لَا وصيَّ لَهُمَا وَلَا جَعَلَهُمَا الْقَاضِي تَحْتَ وَلَايَةِ غَيْرِهِمَا فَبَلَغَا لَا يَخْرُجَانِ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِالرُّشْدِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ طَرْدًا لِلْعِلَّةِ تَقَدَّمَ الْحَجْرُ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أفعالُهما نَافِذَةٌ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الحِجر وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ الرُّشْدِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الِابْتِلَاءِ لِمَنْ كَانَ فِي وَلَاءٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالِاخْتِبَارُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَعِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ: وَغَيْرِهِ يَصِحُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} فَجَعَلَ الْبُلُوغَ غَايَةً لِلِابْتِلَاءِ وَبَعْدَهُ وَعَقَّبَ الْبُلُوغَ بِالرَّفْع بِصِيغَة الْفَا وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ حَنْبَلٍ: يُخْتَبَرُ أَوْلَادُ التُّجَّارِ بتعريضهم للْبيع وَأَوْلَاد الكبراء بِدفع نَفَقَة مُدَّة وَالْمَرْأَةُ بِالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الْكَتَّانِ وَفِي كُلِّ أَحَدٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَمَا يَنْبَغِي مُخَالَفَتُهُمْ فِي هَذَا وَاخْتُلِفَ فِي اخْتِبَارِهِ بِمَالِهِ: فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ الْمَنْعُ لِقَوْلِهِ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَلْحَقْ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لوليِّه إِذَا قَارَبَ الْبُلُوغَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ يَخْتَبِرُهُ بِهِ إِذَا رَأَى دَلِيلَ الرُّشْدِ فَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ لِوَلِيِّهِ اكْتَفَى بِعِلْمِهِ وَمَنْ جَعَلَهُ لِلْحَاكِمِ لَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ دُونَ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ حُكْمِيٌّ وَاخْتُلِفَ فِي الشَّهَادَةِ فَقِيلَ: يَكْفِي شَاهِدَانِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا بُدَّ فِي الذكَر والأُنثى مِنَ الِاشْتِهَارِ مَعَ الشَّهَادَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ صَوَابٌ فِي الذَّكَرِ لتيسُّر الِاشْتِهَارِ فِي حَقِّهِ والأُنثى لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا الْقَلِيل وَاخْتلف فِي الرشد فِي الْكِتَابِ: إِصْلَاحُ الْمَالِ وَصَوْنُهُ عَنِ الْمَعَاصِي قَالَهُ
أَشْهَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ سَفَهُ الدِّين وَقَالَ (ش) : لَا بُدَّ فِي الرُّشْدِ مِنْ إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين مَعًا وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَخَالَفَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ مَنْ ضَعُفَ حَزْمُهُ عَنْ دِينه الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ مَالِهِ لَا يُوثَقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ وَازِعَ الْمَالِ طَبِيعِيٌّ وَوَازِعُ الدِّين شَرْعِيٌّ وَالطَّبِيعِيُّ أَقْوَى بِدَلِيلِ قَبُولِ إِقْرَارِ الْفَاسِقِ الْفَاجِرِ لِأَنَّ وازعَه طَبِيعِيٌّ وردِّ شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْوَازِعَ فِيهَا شَرْعِيٌّ فَاشْتُرِطَتِ الْعَدَالَةُ فِيهَا دُونَ الْإِقْرَارِ تَمَسَّكُوا بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} نكرةٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين وَأَنَّهُ إِذَا أَصْلَحَهُمَا كَانَ رَشِيدًا وَالْمُطْلَقُ إِذَا عُمِلَ فِي صُورَةٍ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا جوابُهم: أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ تعُم وَإِنَّمَا تَكُونُ مُطْلَقَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ نَحْوَ فِي الدَّارِ رجلُ وَإِذَا عَمَّتْ تَنَاوَلَتْ صُورَةَ النِّزَاعِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْعُمُومِ لَكِنْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ إِصْلَاحَ الْمَالِ مُرادٌ وَاخْتُلِفَ هَلْ غَيْرُهُ مرادٌ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ إِرَادَتِهِ بَلِ الْآيَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ لِقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ كَمَالِ الْعَقْلِ وَنَقْصِ الدِّينِ بِحُصُولِ الشَّهْوَةِ وَتَوَفُّرِ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمَلَاذِّ حِينَئِذٍ فَلَمَّا اقْتُصِرَ عَلَى هَذِهِ الْغَايَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ إِصْلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ وَلِأَنَّا نَجِدُ الْفَاسِقَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى مَالِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَحْرَزَ مَالَهُ وَلَمْ يُحْسِنِ التَّنْمِيَةَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا أَمْسَكَ الْمَالَ عِنْدَهُ لَمْ يُنمِّه وَلِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنِ التَّجْرِ لَا يُوجِبُ الحِجر وَهَذَا إِذَا كَانَ عَيْنًا وَمَا لَا يُخشى فَسَادُهُ وَأَمَّا الرَّبع يُخشى خرابُه مَعَهُ فَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَدَمِ الْإِحْرَازِ وَفَسَادُ الدَّين إِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُ الْمَالَ كَالْكَذِبِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَمْنَعُ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يسْتَأْنف عَلَيْهِ بذلك حجرا وَهُوَ يشرب الْخمر وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْأَيْتَامِ بَعْدَ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَمَّا مَنْ لَهُ أَبٌ أَوْ يَتِيمٌ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ ذَهَبَ
حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَمْنَعُهُ الْأَبُ وَحَمَلَهُ عَلَى الرُّشْدِ لِوُجُودِ مَظِنَّتِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْيَتِيمِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ وَلِأَنَّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ " مَجْبُولُونَ عَلَى " حُبِّ الدُّنْيَا وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا فَيَلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَقِيلَ: هُمَا عَلَى السَّفَهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يُخِلُّ بِالْعَقْلِ وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْإِنَاثِ الدُّخُولُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ: يَكْفِي الْبُلُوغُ وَالْبِكْرُ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا قِيلَ: هِيَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُثبت رشدُها وَعَنْ سُحْنُونٍ: هِيَ كَالصَّبِيِّ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْخِلَافِ إِلَى الْخِلَافِ فِي السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا حَجْرٌ أَنَّ أَفْعَالَهَا عَلَى الْجَوَازِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ حَالَةٌ يُحْكَمُ فِيهَا بِالسَّفَهِ وَإِنْ ظَهَرَ الرُّشْدُ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّفَهُ فِيهَا وَحَالَةٌ يُحكم فِيهَا بِالرُّشْدِ وَإِنْ عُلم السَّفه وَحَالَة يحتملها وَالْأَظْهَرُ السَّفَهُ فَيُحْكَمُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرِ الرشد وَحَالَة يحتملهما وَالْأَظْهَرُ الرُّشْدُ فَيُحْكَمُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرِ السَّفَهُ أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى: فَلَا يَخْتَلِفُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ وَإِنْ ظَهَرَ رشدُه وَأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ مِنَ الصَّدَقَة وَغَيرهَا من الْمَعْرُوف مَرْدُودَة وَإِن فِيهَا الْأَبَ أَوِ الْوَصِيَّ وَتَصَرُّفُ الْمُعَاوَضَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ إِنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَإِلَّا ردَّه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وليٌّ يُجعل لَهُ وليٌّ وَإِنْ غُفل عَنْ ذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَهُ الْإِمْضَاءُ وَالرَّدُّ كَالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ الْآنَ قَامَ مَقَامَهُ وَمَا كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ إِمْضَاؤُهُ مِنَ السَّدَادِ هَلْ يَنْقُضُهُ إِذَا حَالَ سُوقُهُ أَوْ نَما بَعْدَ رَيْعِهِ إِيَّاهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى النَّظَرِ الْآنَ وَقِيلَ لَا نَظَرًا لِلْحَالَةِ السَّابِقَةِ أَمَّا مَا كَسَرَ وَأَفْسَدَ فَفِي مَالِهِ مَا لم يؤتمن عله وَاخْتُلِفَ فِيمَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ عتقُ مَا حَلَف بِحُرِّيَّتِهِ وَحَنِثَ فِيهِ حَالَةَ صِغَرِهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي الْمَالِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِنْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ نَظَرًا لِوُقُوعِ السَّبَبِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: يَلْزَمُهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْحِنْثِ وَالْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ إِذَا ادُّعي عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعى مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيحلف الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن ادُّعي عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعى مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَحْلِفُ الصَّغِيرُ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ إِلَى بُلُوغ الصَّغِير فَيحلف وَيَأْخُذ
وَإِن نكَلا فَلَا لِأَنَّ الْوَازِعَ الدِّينِيَّ فِي الصَّغِيرِ مَنْفِيٌّ وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الشَّاهِدِ وَلَا يَحْلِفُ المدعَى عَلَيْهِ ثَانِيَةً وَعَنْ مَالِكٍ: يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَمْلِكُ بِهِ كَمَا يَمْلِكُ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالرُّشْدِ وَإِنْ عُلِمَ السَّفَهُ فَهِيَ حَالَةُ الْمُهْمَلِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَالَةُ الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ سُحْنُونٍ وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالسَّفَهِ وَالظَّاهِرُ الرُّشْدُ فَحَالَةُ الِابْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَاتِ الْأَبِ الْبكر أَو الْيَتِيمَة لَا وَصِيَّ لَهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَتْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَلَا تَفْرِقَةَ بَيْنَ ذَاتِ الْأَبِ وَبَيْنَهَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ حَدَّدَ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَاتِ الْأَبِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالرُّشْدِ مَا لَمْ يَظْهَرِ السَّفَهُ: فَالْمُعَنَّسَةُ الْبِكْرُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ تَعْنِيسَهَا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ أَوِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْعَامَ أَوِ الْعَامَيْنِ أَو السَّبْعَة عل الْخِلَافِ أَوِ الِابْنُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَذَاتُ الْأَبِ بَعْدَ بُلُوغِهَا عَلَى رِوَايَةِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَمَتَى بَلَغَ الصبيُّ مَعْلُومُ الرُّشْدِ لَيْسَ لِلْأَبِ رَدُّ فِعْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشهد عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الْوَلَايَةِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بِبُلُوغِهِ مَعَ رُشْدِهِ أَوْ مَعْلُومُ السَّفَهِ رَدَّ فِعْلَهُ أَوْ مَجْهُول الْحل فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحْمَلُ عَلَى السَّفَهِ اسْتِصْحَابًا لَهُ حَتَّى يُرْشِدَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ مَالِكٍ: يُحْمَلُ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى يَثْبُتَ السَّفَهُ وَكِلَاهُمَا فِي الْمُدَوَّنَة وَقيل لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ عَامٍ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُ وَأَمَّا الموصَى عَلَيْهِ مِنْ قِبل أَبِيهِ أَوِ السُّلْطَانِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَفِعْلُهُ مَرْدُودٌ وَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهُ حَتَّى يُخرجهُ الْوَصِيّ أَو السُّلْطَان أوالقاضي إِنْ كَانَ الْوَصِيُّ مِنْ قِبله قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَقِيلَ: يُطْلِقُهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنَ الْقَاضِي إِلَّا أَنْ يُعلم رُشْدُهُ بِعَقْدِ شُهُودٍ وَأَمَّا وَصِيُّ الْأَبِ يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: لَا إِلَّا أَنْ يُتَبَيَّنَ رُشْدُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وردُّ أَفْعَالِهِ حَتَّى يُطْلَقَ وَإِنْ عُلم رُشده هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: حَالُهُ مَعَهُ كَحَالِهِ مَعَ الْأَبِ رُوي عَنْ مَالِكٍ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُعْتَبَرُ الْوَلَايَةُ إِذَا ثَبَتَ الرُّشْدُ وَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُهَا إِذَا عُلِمَ السَّفَهُ فِي الْيَتِيمِ لَا فِي الْبِكْرِ ورُوي عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ظُهُورَ الرُّشْدِ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْوَلَايَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلْ رَدُّ التَّصَرُّفِ لِوَصْفِ السَّفَهِ أَوْ لِلْوَلَايَةِ وَالْحَجْرِ؟ وَإِذَا بَلَغَ الْمُهْمَلُ مِنَ الْوَلَايَةِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ وَإِنْ أَعْلَنَ بِالسَّفَهِ استُصحب السَّفَهُ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ قَالَهُ مَالِكٌ نَظَرًا لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ مَعَ الْبُلُوغِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنِ اتَّصَلَ السَّفَهُ رُد تصرفُه نَظَرًا لِلسَّفَهِ وَإِنْ سَفِهَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ رُشْدُهُ جَازَ فِعْلُهُ لِضَعْفِ السَّفه بطُروِّ الرُّشْدِ مَا لَمْ يَبِعْ بَيْعَ خَدِيعَةٍ بَيِّنَةٍ كَمَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ فَلَا يَنْفُذُ وَلَا يُتَّبَعُ بِالثَّمَنِ إِنْ أَفْسَدَهُ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إِعْلَانُهُ بِالسَّفَهِ وَقَالَ أصبغ: ينفذ تصرفه إِلَّا أَن يعلم اتَّصل سفهُه أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِعْلَانَ دليلُ قوةِ السَّفَهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُعْتَبَرُ حَالَةُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إِنْ كَانَ رَشِيدًا نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ فعلِه وَنُفُوذِهِ إِذَا جُهل حَالُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا وَضَبْطُهَا وَفِي ذَاتِ الْأَبِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: تَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ بِالْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ: حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَفْعَالُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهَا وَتَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ وَلَوْ بِقُرْبِ الدُّخُولِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَأْخِيرَهَا الْعَامَ مِنْ غير إِيجَاب الثَّالِث: كَذَلِك مَا لم تعنس على فتُحمل عَلَى الرُّشْدِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ السَّفَهُ وَقَبْلَهُ عَلَى السَّفَهِ وَإِنْ
عُلِمَ الرُّشْدُ وَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ التَّعْنِيسِ بَيْتَهَا فَهِيَ عَلَى التَّعْنِيسِ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ الرُّشْدُ وَبَعْدَ التَّعْنِيسِ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى يُعْلَمَ السَّفَهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ: فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ عَامًا وَقِيلَ مِنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ فَتَكْمُلُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَالسَّادِسُ: سَنَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَالسَّابِعُ: عَامَانِ وَالثَّامِنُ: سَبْعَةُ أَعْوَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبل الْأَبِ أَوِ السُّلْطَانِ فَلَا تَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَطَالَ زَمَانُ الدُّخُولِ وَحَسُنَ حَالُهَا مَا لَمْ تُطْلق مِنْ وَثاق الحِجر بِمَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهَا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ: تَخْرُجُ بِالْبُلُوغِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِالتَّعْنِيسِ وَفِي تَعْنِيسِهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: ثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: أَقَلُّ مِنَ الثَلَاثِينَ وَعِنْدَ مَالِكٍ: أَرْبَعُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مِنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ وَعَنْ مَالِكٍ: حَتَّى تَقْعُدَ عَن الْمَحِيض أوتقيم بَعْدَ الدُّخُولِ مُدَّةً تَقْتَضِي الرُّشْدَ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ الْوَصِيُّ: قَبَضْتُ مِنْ غُرماء الْمَيِّتِ أَوْ قَبَضْتُ وَضَاعَ لَا مَقَالَ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى الْغَرِيمِ وَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ: إِنِ ادَّعَى الْغَرِيمُ الدَّفْعَ لِلْوَصِيِّ وَأَنْكَرَ حَلَفَ الْوَصِيُّ فَإِنْ نَكَل حَلَفَ الْغَرِيمُ وَأَمَّا مَالِكٌ فضمَّنه بِنُكُولِهِ فِي الْيَسِيرِ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَثِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّأْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْكَثِيرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَبْطُلَ أَمْوَالُ الْيَتَامَى وَخَوْفًا مِنْ تَضْمِينِ الْوَصِيِّ وَهُوَ أَمِينٌ وَإِذَا قَضَى الْوَصِيُّ غُرماء الْمَيِّتِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَأَنْكَرُوا ضَمِنَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ: إِنَّمَا ضَمِنَهُ لِأَنَّ شَأْنَ النَّاسِ الِاسْتِخْفَافُ فِي الدَّفْعِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَالتَّوَثُّقُ فِي الْكَثِيرِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِذا قَالَ الْوَصِيّ قبضتُ الْيَتِيم فِي وِلَايَتِهِ صُدِّقَ أَوْ بَعْدَ الرُّشْدِ: فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَكُونُ شَاهِدًا لَهُمْ يَحْلِفُ الْيَتِيمُ مَعَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَقَرَّ أحدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ أنَّ هَذَا الْمَتَاعَ رَهَنَّاهُ عِنْدَ فُلَانٍ أَنَّهُ شَاهَدَ وَقَالَ سُحْنُونٌ: قَوْلُهُ مَقْبُولٌ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَمَانَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يَجُوزُ عتقُ المُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا هبتُه وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِلَّا أَنْ يُجيزه الْآنَ وَاسْتُحِبَّ إِمْضَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَمَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْمَنْفَعَةُ يَنْفُذُ كَطَلَاقِهِ وعتقِه أمًَّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا وَيَمْتَنِعُ نكاحُه إِلَّا بِإِذْنِ وَلَيِّهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْمَالِ وَمَا وُهِبَ لَهُ مِنْ مَالٍ يَدْخُلُ فِي الْحَجْرِ وَكَذَلِكَ إِن تجر فريح لِأَنَّهُ مَالُهُ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَيْشِهِ كَالدِّرْهَمِ يَبْتَاعُ بِهِ وَنَحْوِهِ يَشْتَرِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ اسْتِحْبَابُهُ إِمْضَاءَهُ جَمِيعَ تَصَرُّفَاتِهِ وَعَلَى ذَلِكَ اخْتَصَرَهُ الْمُخْتَصِرُونَ وَالصَّحِيحُ تَخْصِيصُهُ بِمَا فِيهِ قُوتُه
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ التِّجَارَةَ لَا يَجُوزُ إِذْنُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فِي مَوْلًى عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَا لَهُ بَعْدَ الْحُلُمِ بَعْضَ الْمَالِ لِلِاخْتِبَارِ لَا يَلْزَمَهُ دَيْنٌ فِيمَا دُفِعَ لَهُ وَلَا غَيْرُهُ لِبَقَاءِ الْوَلَايَةِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحق السَّيِّدِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَلْحَقُ الصَّبِيَّ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ خَاصَّةً قِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ وَعَمَلًا بِالْإِذْنِ وَلَوْ دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ لِعَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ مَالَا يَتَّجِرُ فِيهِ فَالدَّيْنُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ لِتَرَجُحِّ الْقَصْدِ لِلتَّجْرِ عَلَى الِاخْتِبَارِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الِاخْتِبَارُ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَصَايَا جَوَازُ الدَّفْعِ لِلْيَتِيمِ إِذَا عَقَلَ التِّجَارَةَ وَقَالَهُ أَبُو عُمَرَ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الطِّبَاعِ الضَّبْطُ فِي النكث: إِذَا أَنْكَرَ الْيَتِيمُ الْمَالَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ وَيُضَمُّ ذَلِكَ إِلَى مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: لَا يُبَاعُ فِيهِ إِلَّا عَلَى النَّقْدِ فَمَنْ بَاعَهُ عَلَى غَيْرِ النَّقْدِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ وَلَيُّهُ فَيَكُونَ حَقُّ مَنْ دَايَنَهُ فِي الزَّائِدِ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ مُعَامَلَتِهِ إِيَّاهُ
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يخرُج الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَالْبِكْرُ الْمُعَنَّسَةُ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَيَكُونُ أَمْرًا فَاشِيًا وَإِلَّا لَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ فِي قَبْضِهَا لِمَالِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: زَوَالُ الْحجر للسُّلْطَان إِذا كَانَ الْمَحْجُور فِي ولَايَة فَإِنْ كَانَ فِي وَلَايَةِ وصيِّ الْأَبِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا تَبَيَّنَ لِلْوَصِيِّ رشدُه دَفَع إِلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ شَكَّ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا دَفَعَ لَكَ الْإِمَامُ مَالَ مَوْلًى عَلَيْهِ فَحَسُنَ حالُه دفعتَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَنْتَ كَالْوَصِيِّ لِزَوَالِ سَبَبِ الْمَنْعِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَا يَنْفَكُّ الحِجر بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْبَالِغُ وَالْمُفْلِسُ وَبِقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا} فَلَا يُحْتَاجُ لِلْحَاكِمِ وَجَعَلَ الدَّفْعَ لِمَنْ لَهُ الِابْتِلَاءُ قَالَ: وَالْقَوْلُ الْآخَرُ الْيَوْمَ أَحْسَنُ لِغَلَبَةِ فَسَادِ حَالِ مَنْ يَلِي فَيَقُولُ رَشَدَ وَلَمْ يَرْشُدْ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَلْ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ قَالَ سُحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَتَب الْقَاضِي: إِنَّ فُلَانًا أَتَى بِفَتًى صفتُه كَذَا وَكَذَا وَزَعَمَ أَنَّ اسْمَهُ فُلَانٌ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى عَلَيْهِ بهع وَأَنَّهُ صَلُحَ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ أَوْ بِامْرَأَةٍ صِفَتُهَا كَذَا وَزَعَمَ أَنَّ اسْمَهَا كَذَا وَأَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إِلَيْهِ وَأَنَّهَا بَلَغَتِ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ وَأَنَّهَا بَنَى بِهَا زَوْجُهَا وَسَأَلَنِي أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً فَأَمَرْتُهُ بِالدَّفْعِ وَحَكَمْتُ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالرُّشْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ وَمَعْنَاهُ: حُكْمٌ بِالْقَدْرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ جَائِزٌ
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: بُلُوغُ الذكَر بِالِاحْتِلَامِ أَوِ الْإِنْبَاتِ أَوْ بُلُوغِ سِنٍّ تَقْتَضِي الْعَادَةُ بُلُوغَ مَن بَلَغَهُ وَتَعْيِينُهُ: ثَمَان عَشَرَةَ سَنَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبْعَةَ عَشَرَ وَقَالَهُ (ح) وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِابْنِ وَهْبٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيَزِيدُ الْإِنَاثُ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الِاحْتِلَامِ إِلَّا أَنْ يرتاب فِيهِ لِأَنَّهُ أم لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَله وَيُكْشَفُ لِلْإِنْبَاتِ وَيَسْتَدْبِرُهُ النَّاظِرُ وَيَسْتَقْبِلَانِ
جَمِيعًا الْمِرْآةَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا النَّاظِرُ فَيَرَى الْإِنْبَاتَ أَوِ الْبَيَاضَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَوَّزَ (ش) النَّظَرَ لِلْعَانَةِ لِلْإِنْبَاتِ لِقَوْلِ سَعْدٍ رضي الله عنه (حَكَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي بَنِي قُريظة فكنَّا نكشفُ عَنْ مُؤْتَزَرِهِمْ فَمَنْ أَنْبَتَ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ لَمْ يُنبت جَعَلْنَاهُ فِي الدراري) وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الْحَمْلَ بُلُوغٌ حَتَّى يَنْفَصِلَ الْوَلَدُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْإِنْبَاتِ الإنبات الخشن على المذاكر ومرحلة (كَذَا) دُونَ الزَّغَبِ الضَّعِيفِ وَقَالَ (ح) : لَا يُعْتَبَرُ الْإِنْبَاتُ أَصْلًا لَنَا: حَدِيثُ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمُ وَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم َ -: (لَقَدْ حكمتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سماوات) // (خرجه مُسْلِمٌ) // وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَعْرِضُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَيُحْكَمُ بِهِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَعَرِ الْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَسَائِرِ الشُّعُورِ وَالزِّيَادَاتِ بَلْ شَعَرُ الْوَجْهِ أدلُّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا} فَعَلَّقَ الْبُلُوغَ وَالْحُكْمَ عَلَى الحُلُم فَلَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -: (رُفِع الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) الْحَدِيثَ فَجَعَلَ الحُلُم مَنَاطَ الْأَحْكَامِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ قِيَاسٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَلَا يُسْمَعُ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّ الْفَرْقَ: أَنَّ تِلْكَ الشُّعُورَ لَا تَخْتَصُّ بِالْبُلُوغِ فَهِيَ كَالْبَوْلِ وَهَذَا كَالْحَيْضِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ سَلَّمْنَا صِحَّةَ التَّمَسُّكِ
بِهِ لَكِن الْمَفْهُوم هَا هُنَا عَارَضَهُ مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَهُوَ جَوَابُ الثَّالِثِ احْتَجَّ (ش) بِقَوْلِهِ عليه السلام: (إِذَا بَلَغَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ عشرَة سنة كتب مَاله وَمَا عَلَيْهِ وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْحُدُودُ) وَأَجَازَ عليه السلام ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الْجِهَادِ ابْنَ خْمَسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَلَا يُجَازُ إِلَّا بَالِغٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَجَوَابُهُ: مَنْعُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ فَلَعَلَّهُ عليه السلام عَلِمَ بُلُوغَهُ عِنْدَ هَذَا السِّنِّ وَمَتَى عُلِمَ الْبُلُوغُ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على أَنه أجَاز لِأَجْلِ الْخَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً فَهَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: قَرَأت الْفِقْه وَأَنا ابْن كَذَا ذكر التَّارِيخ لِأَن السن سَببه وَقد نزل ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أشده} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَشُدُّ: ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يُسْتَثْنَى مِنْ تَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ وَصِيَّتُهُ فَتَنْفُذُ إِذَا لَمْ يَخْلِطْ فِيهَا قَاعِدَةٌ تُسَمَّى بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهِيَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ حُكْمَانِ مُتَضَادَّانِ فَالصَّبِيُّ أَبْطَلَ تَصَرُّفَهُ فِي حَيَاتِهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَنَفَذَتْ وَصيته صونا لمَاله على مَصَالِحه لِأَنَّهَا لوردت لَصُرِفَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ فَفَاتَتْهُ مَصْلَحَةُ مَالِهِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: ووصي الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ وَقَالَ (ش) : الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْوَصِيُّ لَنَا: أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُهُ الْأَخُ فِي الْمِيرَاثِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَنِ الْأَبِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَا يتَصَرَّف الوفلي إِلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْفَاق أَو لغبطة فِي الثّمن وخشية سُقُوطِهِ إِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ وَابْتِيَاعُ غَيْرِهِ بِثَمَنِهِ أَفْضَلُ أَوْ لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ خَرِبٍ أَوْ يَخْشَى انْتِقَالَ الْعِمَارَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيَبِيعُهُ وَيَسْتَبْدِلُ بِثَمَنِهِ فِي مَوْضِعٍ أَصْلَحَ وَلَا يَسْتَوْفِي قِصَاصَهُ وَلَا يَعْفُو عَنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ يَقْتَصُّ أَوْ يُصَالَحُ عَلَى مَالٍ وَلَا يُعْتِقُ رَقِيقَهُ وَلَا يُطْلِقُ نِسَاءَهُ إِلَّا عَلَى عِوَضٍ فِيهِ الْمُصْلِحَةُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ مِنَ الذُّكُورِ أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْأَبُ خَاصَّةً فِيمَنْ يُجْبَرُ مِنَ الْإِنَاثِ وَفِي مُخَالَعَتِهِ عَمَّنْ لَا يَجْبُرُ مِمَّنْ يَمْلِكُ أَمْرَهَا خِلَافٌ وَلَا يَعْفُو عَنْ شُفْعَتِهِ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ إِذَا عَفَا لَيْسَ لِلصَّبِيِّ الطَّلَبُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَوَافَقَنَا (ح) فِي الْعَفْوِ عَنْهَا قِيَاسًا عَلَى الشَّفِيعِ وَمَنَعَ (ش) لِأَنَّهُ تَضْيِيعُ مَالٍ وَجَوَابُهُ: إِنَّمَا نُجِيزُهُ إِذَا تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً أَرْجَحَ وَمَنَعَ (ش) أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِنَسِيئَةٍ وَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْعِوَضَ مِنْ كَسْبِهِ وَأَنْ يُسَافِرَ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا يُودِعَهُ وَلَا يُقْرِضَهُ مَعَ إِمْكَانِ التَّجْرِ فِيهِ وَجَوَّزَ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ وَيَرْهَنَ مَالَهُ وَأَنْ يَأْكُل الْأمين وَالْوَلِيّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا غَنِيَّيْنِ لقَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف}
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْخُرُوجُ عَنْ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ شَيْخًا ضَعِيفًا إِلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الْحَجْرَ لِسَفَهٍ وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتْ وَأَرَادَ أَبُوهَا الْخُرُوجَ بِهَا وَكَرِهَتْ فِرَاقَ وَلَدِهَا فَذَلِكَ لَهَا كَخُرُوجِهَا مِنَ الْحَجْرِ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْضَى عَنِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دَيْنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَحَيَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ إِذَا بَلَغَ مِثْلُهُ الْوَصِيَّةَ
(فَرْعٌ)
فِي الْجُلَّابِ: الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ وَقَالَهُ الشَّافِعِي لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ وَيَعْسُرُ الْإِشْهَادُ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ رَدِّ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَى الرَّدِّ بِخِلَافِ الْمُودِعِ فَإِنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي الرَّدِّ
(فَرْعٌ)
قَالَ: تَجُوزُ التِّجَارَةُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ (ش) لقَوْله عُمَرَ رضي الله عنه: {اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ} وَرُوِيَ مَرْفُوعًا
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَا بَأْسَ بِخَلْطِ الْوَصِيِّ نَفَقَةَ يَتِيمِه بِمَالِهِ إِذَا كَانَ رِفْقًا لِلْيَتِيمِ وَيَمْتَنِعُ رِفْقًا
لِلْوَلِيِّ وَقَالَهُ (ش) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} وَلِأَن الْإِفْرَاد قد يشق وخاصة فِي بَيت وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْيَتِيمِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} وَلَا بَأْسَ بِتَأْدِيبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْبِرِّ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ) وَيُنْفِقُ عَلَى أُمِّ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وبالوالدين إحسانا} وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ وَيُضَحِّي عَنْهُ لِتَحَقُّقِ أَسْبَابِ هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ فِي حَقِّهِ
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ: مَا وهب الْأَب من مَاله وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عَقَارٍ وَهُوَ مَلِيءٌ نَفَذَ لِلْمَوْهُوبِ وَعَلَيْهِ لِلِابْنِ عِوَضُهُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَا سَبِيلَ لِلِابْنِ عَلَى الْهِبَةِ إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ الْأَب بعد يسره فيأخذها لِابْنِ حَمْلًا لِتَصَرُّفِ الْأَبِ عَلَى الْتِزَامِ الْعِوَضِ كَمَا إِذَا زَوَّجَهُ صَغِيرًا فَقِيرًا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ الْتِزَامُ الصَّدَاقِ فَإِنْ فَاتَتْ أُخِذَ قِيمَتُهَا مِنَ الْمَوْهُوبِ لِلْفَوَاتِ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ لِابْنِهِ فَأَدَّاهَا عَنْهُ وَالْفَوْتُ: الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ وَإِبْلَاءُ الثَّوْبِ وَأَكْلُ الطَّعَامِ وَبَيْعُ الْهِبَةِ وَأَكْلُ ثَمَنِهَا وَمَا كَانَ فَوْتُهُ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا مَا هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا يُضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْأَب يَوْم الْهِبَة بعد مَا ردَّتْ شَرط الْعِوَض أم لَا لتعيين ضَيَاعِ مَالِ الْوَلَدِ وَمَا فَاتَ أُخِذَ مِنَ الْأَبِ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ يَوْمَ الحكم وَإِن اتَّصل
إِعْسَاره وداها الْمَوْهُوبُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْهِبَةِ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ أَعْسَرَ نُفِّذَتْ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ الْعَطِيَّةَ وَلَا يَأْخُذُهَا الِابْنُ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً إِنْ كَانَ الْأَب مليئاً وَإِلَّا أَخذهَا إِلَّا أَنْ تَفُوتَ فَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُعْطِي إِنْ فَاتَتْ بِسَبَبِهِ وَيَرْجِعَ بِهَا الْمُعْطِي عَلَى الْأَبِ قَالَا: وَمَا بَاعَ أَوْ رَهَنَ مِنْ مَتَاعِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ جُهِلَ هَلْ لِنَفْسِهِ أَو لوَلَده وَلَا يُرَدُّ لِإِمْكَانِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي عَدَمِهِ وَأَمَّا فِي مَلَائِهِ فَيَمْضِي وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِيمَا بَاعَ تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ قَالَا: وَأَمَّا مَا اشْتَرَى مِنْ رَقِيقِهِ وَعَقَارِهِ نَفَذَ إِلَّا بِبَخْسٍ يَسِيرٍ فَيُرَدُّ كُلُّهُ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ وَمَا قَارَبَ الْأَثْمَانَ مُضِّيَ وَبَاعَ وَحَابَى وَقَلَّتِ الْمُحَابَاةُ مُضِّيَ ذَلِكَ وَكَانَتْ فِي مَالِ الْأَبِ كَالْعَطِيَّةِ وَإِنْ عَظُمَتِ الْمُحَابَاةُ رُدَّ كُلُّهُ لِتَمَكُّنِ الْفَسَادِ قَالَ مُطَرِّفٌ: وَمَا أُعْتِقَ مِنْ عَبِيدِهِ جَازَ فِي مَلَاءِ الْأَبِ وَحُمِلَ عَلَى الْتِزَامِ الْقِيمَةِ وَرُدَّ فِي عُدْمِهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُهُ وَيُولَدَ لِلْعَبِيدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيُتَّبَعُ الْأَبُ بِالْقِيمَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَا تَزَوَّجَ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ فِي مَلَائِهِ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ مُعْدِمًا رَدَّ مَا لم بَين بِامْرَأَتِهِ فَيُتَّبَعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَنَى أَمْ لَا طَالَ أَمَدُ الْعِتْقِ أَمْ لَا صَغُرَتِ الْمُحَابَاةُ فِيمَا أَعْطَى أَمْ لَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا أُخِذَتْ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ مُعْدِمًا رُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لِفَسَادِ أَصْلِ التَّصَرُّفِ وَأَجَازَ أَصْبَغُ هَذَا كُلَّهُ: هِبَتَهُ وَبيعه وعتقه وأصداقه مَلِيًّا أَو مَعْدُوما قَائِمًا أَوْ فَائِتًا طَالَ أَمَدُ الْعَبْدِ أَمْ لَا بَنَى بِالْمَرْأَةِ أَمْ لَا بَاعَ لِلِابْنِ أَوْ لِنَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ تَغْلِيبًا لِلْوَلَايَةِ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلَ كُلُّهُ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا وَهَبَ عَبْدٌ ابْنَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بَطل وَإِن كَانَ مَلِيًّا وَإِن أعْتقهُ عَن نَفسه مَلِيًّا نَفَذَ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا رُدَّ عِتْقُ الْأَبِ وَمَا تَزَوَّجَ بِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْأَبُ مَلِيءٌ نَفَذَ بَنَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى
ابْنه الصَّغِير بِغُلَام ثمَّ أوصى بِعِتْق عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ وَلِلِابْنِ قِيمَتُهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَانَ يَحُوزُ لِابْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتِ الصَّدَقَةُ وَنُفِّذَتِ الْوَصِيَّةُ
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ سِتَّةِ أُمُورٍ: يُتْمُهُ وَأَنَّهُ نَاظِرٌ لَهُ وَحَاجَتِهِ وَأَنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَأَنَّ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ وَحُصُولُ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ الْعَقَارَ إِلَّا لِأَحَدِ سِتَّةِ أَوْجُهٍ: الْحَاجَةِ وَالْغِبْطَةِ فِي الثَّمَنِ الْكَثِيرِ أَو يَبِيعهُ لمن يعود عَلَيْهِ بِشَيْء أَوله شِقْصٌ فِي دَارٍ لَا تَحْمِلُ الْقِسْمَةَ فَدَعَاهُ شُرَكَاؤُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ دَارٍ وَاهِيَةٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ مَا تقوم بِهِ أَوله دَارٌ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ السَّبَبُ الثَّانِي الْجُنُونُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ} وَالْمَجْنُونُ ضَعِيفٌ فَيَكُونُ مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ: فَقِيلَ: لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَحَبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ لِضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ: (إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ) خَرَّجَهُ الصَّحِيحَانِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يُحْجَرُ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَيْهِ كَالصَّبِيِّ قَالَ: وَأَرَى إِنْ كَانَ يُخْدَعُ بِالْيَسِيرِ أَوِ الْكَثِيرِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدَ تَبَيُّنٍ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَيُشْهَدُ حِين البيع فيستغني بذلك عَن الْحجر أَولا يُتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَنْزَجِرَ عَنِ التَّجْرِ وَيَزُولَ الْحَجْرُ عَنِ الْمَجْنُونِ بِإِفَاقَتِهِ إِنْ كَانَ الْجُنُونُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى الرُّشْدِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَبَعْدَ إِثْبَاتِ الرُّشْدِ وَالضَّعِيفُ التَّمْيِيزِ وَالَّذِي يُخْدَعُ لَهُ مَالُهُ إِذَا عُلِمَ مِنْهُ دُرْبَةُ الْبَيْعِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْخَدِيعَةِ
السَّبَبُ الثَّالِثُ: التَّبْذِيرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا} الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَجَعَلَهُ تَعَالَى مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ فِي الْإِقْرَارِ وَمَنْ سَقَطَ إِقْرَارُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ الْمُبَذِّرُ لِمَالِهِ سَرَفًا فِي لَذَّاتِهِ مِنَ الشَّرَابِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِهِمَا وَيَسْقُطُ فِي ذَلِكَ سُقُوطَ مَنْ لَا يَعُدُّ الْمَالَ شَيْئًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُصْلِحِ لِمَالِهِ الْفَاسِقِ فِي دِينِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ وَصِيٍّ قَبَضَهُ لِأَنَّ أثر الْحجر صون المَال وَهُوَ مُصدق قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: لَا يُحْجَرُ عَلَى الْكَبِيرِ إِلَّا فِي الْبَيِّنِ التَّبْذِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ عَلَى الْكُلِّ مَنْ لَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ لَمْ يُعْطَ لَهُ مَالُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ ثُمَّ بَذَّرَ وَوَافَقَنَا (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) : لَا يُبْتَدَأُ الْحَجْرُ عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ وَإِنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلِلْمَسْأَلَةِ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ انْتِفَاءَ ثَمَرَةِ الْعَقْلِ كَانْتِفَائِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ الْمُعْتَبَرُ أَصْلُ الْعَقْلِ وَثَانِيهِمَا: الْحَجْرُ يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ تَارَةً وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ أُخْرَى كَالْوَلَايَةِ وَعِنْدَهُ بِالشَّرْعِ فَقَطْ لَنَا: الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: السَّفِيهُ الْمَجْنُونُ لِأَنَّ السَّفَهَ يُقَابَلُ بِالرُّشْدِ وَالْجُنُونَ يُقَابَلُ بِالْعَقْلِ وَالسَّفِيهُ لَيْسَ بِرَشِيدٍ وَالضَّعِيفُ الصَّبِيُّ وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ: الْمَجْنُونُ نَفْيًا لِلتَّرَادُفِ وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ قَوْلَيْنِ: أَمْوَالنَا وَأَمْوَالهمْ فعلى الأولى لَهُم أولى يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّا إِذَا حُجِرَ عَلَيْنَا فِي أَمْوَالِنَا لَهُمْ أَوْلَى أَمْوَالِهِمْ وَعَلَى الثَّانِي فَهُوَ الْمَقْصُودُ وَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفسكُم} و {فَسَلمُوا على أَنفسكُم} أَيْ لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَيُسَلِّمُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَقَدْ مَرَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه بِأَرْضٍ سَبِخَةٍ اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَكُونَ لِي بِنَعْلٍ
(ثُمَّ لَقِيَ عَلِيًّا فَقَالَ: أَمَا تَقْبِضُ عَلَى يَدِ ابْنِ أَخِيكَ؟ اشْتَرَى أَرْضًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ أَتَمَلَّكَهَا بِنَعْلِي) فَقَالَ عَلِيٌّ: لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهِ فَفَزِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: لَا تبالي وَأَنَا شَرِيكُكَ ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى عُثْمَانَ فَسَأَلَهُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَقَالَ عُثْمَانُ: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ؟ وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَهَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ (ح) لَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: لَا يُحْجَرُ عَلَى بَالِغٍ وَلَا يُقَالُ: هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّ التَّبْذِيرَ وُجِدَ وَمَا حَصَلَ حَجْرٌ بَلْ يَنْبَغِي الْحَجْرُ عَلَى الزُّبَيْرِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ لِمَا ذَكَرْتُمْ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا اقْتَسَمَا الْغَبْنَ صَارَ نصيب كل وَاحِد بعبن الرَّشِيدِ فِي مِثْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ رضي الله عنه: لَا يَسُرُّنِي بِنَعْلٍ أَيْ مَا رَغِبْتُهُ وَالْعُقَلَاءُ الرُّشَدَاءُ تَخْتَلِفَ رَغَبَاتُهُمُ اخْتِلَافًا شَدِيدًا وَلِأَنَّهُ مَعْنِيٌّ لَوْ قَارَنَ الْبُلُوغَ مُنِعَ دَفْعَ الْمَالِ فَكَذَلِكَ إِذَا طَرَأَ بَعْدَهُ كَالْجُنُونِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أحسن حَتَّى يبلغ أشده} وَالْأَشُدُّ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْرَبُ بَعْدَ الْأَشُدِّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَلِأَنَّ حُقُوقَ الْأَبَد أَن تَتَعَلَّقَ بِهِ فَأَوْلَى الْأَمْوَالُ وَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي نَفْسِهِ بِالْجِنَايَاتِ فَأَوْلَى فِي مَالِهِ وَلِأَنَّ الْآيَةَ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا الْخَصْمُ تَدُلُّ لَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بدين إِلَى أجل مُسَمّى} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فليملل وليه} فمقتضاها: أَنَّ السَّفِيهَ يُدَايِنُ وَيُعَامِلُ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الأشدُّ الْبُلُوغُ وَعَنِ الثَّانِي يَبْطُلُ فَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا فِي الْمَالِ دُونَ النَّفْسِ وَالسِّرُّ أَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ يَمْنَعُ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَيُحِثُّ عَلَى اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فَلِذَلِكَ حُمِلَ إِقْرَارُهُ فِي الْأَبْدَانِ عَلَى تَحَقُّقِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ بِخِلَافِ الْمَالِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ عَنِ الْمُدَايَنَةِ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: الْهَاءُ فِي (وَلِيُّهُ) لِلْحَقِّ لِأَنَّ إِقْرَارَ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَلِأَنَّهُ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُقِرُّ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَالسَّلْمِ فَكَذَلِكَ الْمُبَذِّرُ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إِلَّا القَاضِي دون صَاحب الشَّرْط أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى اجْتِهَادٍ فِي الِاخْتِبَارِ وَمَنْ أَرَادَ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ الْإِمَامُ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَيُشْهِرَهُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَامِعِ ويُشهد عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: وَلَا يَزُولُ الْحَجْرُ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِلْحَاجَةِ لِلِاخْتِبَارِ وَتَحَقُّقِ إِبْطَالِ سَبَبِ الْحَجْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَزُولُ الْحَجْرُ عَنِ المبذِّر إِذَا عُرف مِنْهُ زَوَالُ ذَلِكَ
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا تَصَرَّفَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ قَبْلَ الْحَجْرِ نَفَّذَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ نَافِعٍ لِعَدَمِ حَجْرِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ عِنْدَهُمْ وَأَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِوُجُودِ السَّفَهِ وَرَدَّهُ مُطَرِّفٌ إِنْ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ حَالَةُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي وَلَايَةٍ وَإِلَّا نُفِّذَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعَةَ خَدِيعَةٍ فَيَبِيعَ مَا يُسَوِّي أَلْفًا بِمِائَةٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ هِبَتِهِ وَبَيْعِهِ قَالَ: وَالصَّوَابُ رَدُّ الْهِبَةِ وَيَضْمَنُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إِنْ صَوَنَ بِهَا مَالَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ إِنْ كَانَ ظَاهِرَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَلَا لِقِلَّةِ الْفَسَادِ وَعَكْسُهُ لَوْ رَشَدَ وَلَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يُرَاعَى السَّفَهُ - وَقَدْ زَالَ - أَوْ حَجْرُ الْحَاكِمِ وَهُوَ بَاقٍ
(فَرْعٌ)
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: السَّفِيهُ الْبَالِغُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى
عِبَادِهِ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ مِنَ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَقَعُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ فَهُوَ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَينظر لَهُ وليه إِن رأى كفر عَنْهُ بِالْعِتْقِ وَيُمْسِكُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَعَلَ أَوْ يُعْتِقُ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُجِيزُهُ الصِّيَامُ وَلَا الْإِطْعَامُ إِنْ حَمَلَ مَالُهُ الْعِتْقَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا لَمْ يَرَ لَهُ وَلِيُّهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ فَلَهُ هُوَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ حَتَّى يَضْرِبَ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ إِنْ طَلَبَتْهُ الْمَرْأَةُ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: لَا يَعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ تَقَعُ لِلْعَاقِلِ وَالسَّفِيهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا الْإِيلَاءُ إِن دخل عَلَيْهِ بِسَبَب يَمِين بِالطَّلَاق هُوَ فِيهَا عَلَى حِنْثٍ أَوْ بِامْتِنَاعِ وَلِيِّهِ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارِ لَزِمَهُ وَأَمَّا إِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَجْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِيلَاءُ أَوْ بِاللَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إِنْ كَانَ لَهُ أَوْ بِصِيَامٍ أَوْ صَلَاةٍ مِمَّا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ: يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا يَلْزَمُهُ تَبَرُّعٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا مَعْرُوفٌ فِي مَاله إِلَّا أَن يعْتق أم ولد لِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ إِذا لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَفِي تَبَعِيَّةِ مَالِهَا لَهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يُتْبِعُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ لَا يَرث بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ الْأَصْلُ وَيَثْبُتُ الْفَرْعُ فَالتَّبَعُ أَمْرُهُ خَفِيفٌ وَلَا يَتْبَعُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَا يَنْفُذُ فِي الْمَالِ وَيَتَّبِعُ الْقَلِيلَ فَقَطْ عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ نَشَأَ عَنِ الْمَالِ وَلَوْ قُتِلَتْ لَأَخَذَ قِيمَتَهَا وَلَا يَنْفُذُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ إِلَّا فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَزَوَاجُهُ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ وَرَدِّهِ وَيَجْتَهِدُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ فَالْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى رَشَدَ يُخَيَّرُ هُوَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ رُدَّ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ لَمْ يُتْبَعْ مَالُهُ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَقِيلَ: فَوْتٌ وَقِيلَ: لَا كَالْعِتْقِ وَتُرَدُّ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْءٌ فَإِنْ أَنْفَقَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَفِي اتِّبَاعِ مَالِهِ بِهِ قَولَانِ
فَإِنْ بَاعَ أَمَةً فَأَوَلَدَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ غَنَمًا فَتَنَاسَلَتْ أَوْ بُقْعَةً فَبَنَاهَا أَوْ مَا يُغْتَلُّ فَاغْتَلَّهُ فَهُوَ كَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ إِحْدَاثِ ذَلِكَ فِيهِ تُرَدُّ الْأَمَةُ وينقض الْعتْق وَيَأْخُذ الْأمة الَّتِي ولدت وفقيمة الْوَلَدِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْلُومِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِتَزْوِيجٍ أَخَذَهُ مَعَ الْأُمِّ وَيَأْخُذُ الْغَنَمَ وَنَسْلَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا فِي الْبُنْيَانِ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ هَذَا كُلُّهُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ يَرُدُّ الْغَلَّةَ وَلَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَنْقُوضًا وَفِي رَدِّ مَا فَاتَ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يُرَدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَوْلَانِ وَإِنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَلِيُّ بِنِكَاحِهِ هَلْ تَرِثُهُ الْمَرْأَةُ وَتَأْخُذُ الصَّدَاقَ؟ أَقْوَالٌ لَا تَرِثُ وَلَا صَدَاقَ إِلَّا أَن يدْخل بِقدر مَا يَسْتَحِيل بِهِ فرجهَا وَتَأْخُذ الْمِيرَاث وَالصَّدَاق وترث وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ غِبْطَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ دَخَلَ أَمْ لَا أَوْ عَلَى وَجْهِ الْغِبْطَةِ رَدَّتِ الصَّدَاقَ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ إِنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَالْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ هَلْ فِعْلُهُ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يُرَدَّ أَوْ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ وَهَلْ يُزَوِّجُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَالصَّغِيرِ أَوْ إِلَّا بِأَمْرِهِ؟ قَوْلَانِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ الْمُخَالَعَةُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيلْزمهُ مَا أتلف اتِّفَاقًا فَإِن أُوتُمِنَ عَلَيْهِ فَخِلَافٌ وَلَا يَحْلِفُ إِذَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مَا يَجُوزُ فِيهِ إِقْرَارُهُ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ إِنْ نَكَلَ فَكَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَحْسُنَ حَالُهُ فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ كَالصَّغِيرِ يَبْلُغُ وَيَعْقِلُ مَعَ الْمُعَامَلَةِ وَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ دَمِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِهِ وَفِي دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجِرَاحِ نَفَّذَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَرَدَّهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ يُصَالَحُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَتِهِ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَوْ طُلِبَ مَالُهُ أَخَذَهُ وَهُوَ عَدْلٌ جَوَّزَهَا مَالِكٌ وَرَدَّهَا أَشهب
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا اسْتَدَانَ الْمَحْجُورُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ ثُمَّ فُكَّ حَجْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَالصَّغِيرُ دُونَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَبْدِ يُعْتَقُ إِلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ عَنْهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يُعَامِلُ مَالَ الْمَحْجُورِ لِأَنَّ الْمُعَامِلَ إِنْ عَلِمَ فَهُوَ الْمُفَرِّطُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ التَّعَرُّفُ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَاعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثَوْبًا فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَصَبَغَهُ الْأَخِيرُ قُوِّمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَبْيَضَ بِغَيْرِ صَبْغٍ وَيَتَرَاجَعُونَ الْأَثْمَانَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيُؤْخَذُ الثَّوْبُ إِنْ وُجِدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَنْ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الَّذِي تَلِفَ عِنْدَهُ قِيمَتُهُ إِنْ تَلِفَ بِصَبْغِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَالَّذِي صَبَغَ شَرِيكٌ فِي الثَّوْبِ بِمَا زَادَ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً فَتَعَدَّى عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحَبَهَا هُوَ مُتْلِفُهَا حَيْثُ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ فِي عَدَمِ التَّعَرُّفِ
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا بِعْتَ مَوْلًى وَأَخَذْتَ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ واسقطه عَن الولى فَإِنْ جَهِلْتَ أَنْتَ وَالْحَمِيلُ حَالَهُ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَكَ فِيمَا لَوْ شِئْتَ كَشَفْتَهُ وَإِنْ دَخَلْتَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمٍ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا لِبُطْلَانِ أَصْلِهَا
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا دَفَعْتَ إِلَى مُوَلًّى عَلَيْهِ دَنَانِيرَ سَلَمًا فِي سِلْعَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا الْيَتِيمُ سِلْعَةً أَوْ وَهَبَهَا رَجُلًا فَلَكَ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِعَيْنِهَا مِنَ الثَّانِي قَالَ عِيسَى: وَلَوِ اشْتَرَى بِهَا أَمَةً فَأَحْبَلَهَا فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا فِي مَالِكَ وَتَرُدُّ أَنْتَ السِّلْعَةَ وَلَوِ ابْتَاعَ هُوَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا رَدَّهَا - وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ - بِغَيْرِ قِيمَةٍ عَلَيْهِ السَّبَبُ الرَّابِعُ الرِّقُّ فِي الْجَوَاهِرِ: لِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مُعَاوَضَةً أَوْ غَيرهَا قَلِيل المَال وَكَثِيره كَانَ الرَّقِيق يحفط أَوْ يَضِيعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالِانْتِزَاعِ وَفِي الْكِتَابِ: لَكَ مَنْعُ أم ولدك من التِّجَارَة فِي مَالهَا كمالك انْتِزَاعِهِ السَّبَبُ الْخَامِسُ النِّكَاحُ وَأَصْلُهُ: قَوْلُهُ عليه السلام: تنْكح الْمَرْأَة لأبع: لِدِينِهَا وَحَسَبِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حق الزَّوْجَة لبذله الصَدَاق فِيهِ كَانَ لحجر فِيمَا يُخِلُّ بِهِ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَنَّ امْرَأَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِحُلِيٍّ لَهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عَطِيَّةٌ حَتَّى تَسْتَأْذِنَ زَوْجَهَا فَهَل اسْتَأْذَنت؟ فَقَالَت: نعم فَبِعْت عليه السلام إِلَى كَعْبٍ فَقَالَ: هَلْ أَذِنْتَ لَهَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَفِي أَبِي دَاوُدَ: لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} وَقِيَاسًا على الْمَرِيض
احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ للنِّسَاء: تصدقن وَلَو من حليكن وَلم يسْأَل وَقِيَاسًا عَلَى الرِّجَالِ وَأَجَابُوا عَنْ قِيَاسِنَا بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْمَرَضَ يَقْضِي بِالْمَالِ لِلْوَارِثِ وَالزَّوْجِيَّةُ تَجْعَلُ الزَّوْجَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَهِيَ أَحَدُ وصفي الْعلَّة فال يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهَا كَمَا لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ لَهَا عَلَيْهِ وَثَانِيها: تبرع الْمَرِيض مَوْقُوف وَهَا هُنَا يَبْطُلُ مُطْلَقًا وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ وَثَالِثُهَا انْتِفَاعُ الْمَرْأَةِ بِمَالِ زَوْجِهَا بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا أَكْثَرُ مِنْ تَحَمُّلِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أولى وَالْجَوَابُ عَنْ نَصِّهِمُ الْقَوْلَ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّا إِنَّمَا نَمْنَعُ التَّصَدُّقَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَرَسُولُ لله صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ وَعَنِ الْقِيَاسِ: الْفَرْقُ بِأَنَّ الرَّجُلَ بَذَلَ الصَّدَاقَ فِي الْمَالِ فَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِخِلَافِهَا تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا زَادَ عَنْ ثُلُثِهَا مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَقْضِي فِي ذِي بَالٍ مِنْ مَالهَا إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَالثلث ذُو بَال وَلَيْسَتْ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْمَرِيضِ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يردهُ الزَّوْج كتعق الْمديَان وَرَوَاهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: هُوَ مَرْدُودٌ فِي الْأَصْلِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجُ حَتَّى بَانَتْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أوعلم فَرَدَّهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ مِلْكِهَا حَتَّى تَأَيَّمَتْ نَفَذَ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ حِينَ عَلِمَ وَقَالَ أَصْبَغُ: أَقُولُ بِقَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ وَفِي التأيُّم بِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِذَا تَبَرَّعَتْ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ إِجَازَةِ الْجَمِيعِ وَرَدِّ الْجَمِيعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ كَالْمَرِيضِ لِأَنَّهُ الْمُحَرَّمُ إِلَّا الْعِتْقُ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ ثُمَّ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي بَقِيَّةِ الْمَالِ الَّذِي أَخْرَجَتْ ثُلُثَهُ لِاسْتِيفَائِهَا حَقَّهَا وَلَهَا ذَلِكَ فِي مَالٍ آخَرَ إِن طَرَأَ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ دُونَ التِّجَارَةِ
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَعْتَقَتْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ جَازَ وَلَوْ أَعْتَقَتْهُ كُلَّهُ لَمْ يَجُزْ مِنْهُ شَيْء لِأَن عتق لَا يَتَبَعَّضُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَبْطُلُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن عتق بعضه كتعق كُله لوُجُود التَّقْوِيمِ عَلَى مُعْتِقِ الْبَعْضِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِذَا أَعْتَقَتْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَهَا مُشْتَرَكٍ كَمُلَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يردَّ ذَلِكَ الزَّوْجُ لِأَنَّ أَصْلَهُ أَنَّ فِعلها مَاضٍ حَتَّى يُرَدَّ وَإِنْ كَانَ لَهَا عَبِيدٌ فَأَعْتَقَتْ أَثَلَاثَهُمْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: بَطَلَ وَلَوْ أَعْتَقَتْ ثُلُثَهُمْ فَإِنْ خَرَجَ عَبْدٌ وَبَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ أَسْهَمَ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ تَمَامُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَبْدٍ رُقَّ جَمِيعُهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَإِذَا دَبَّرَتْ عَبْدَهَا مَضَى وَلَا يَرُدُّهُ الزَّوْجُ لِبَقَاءِ رِقِّهِ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ بَيْعَهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ تَدْبِيرٍ وَقَالَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك: لايتم ذَلِكَ إِلَّا بِإِذْنِهِ كَعِتْقِهِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَصَدَّقَتْ بِالثُلُثِ فَأَقَلَّ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ بِالزَّوْجِ ردَّه وَأَمْضَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ حَقُّهَا
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَهَا النَّفَقَةُ عَلَى أَبَوَيْهَا وَكِسْوَتُهَا وَإِنْ تَجَاوَزَ الثُّلُثَ وَلَا مقَال للزَّوْج لوُجُوبهَا عَلَيْهَا
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ أَصْبَغُ: إِذَا تَصَدَّقَتْ بِشَوَارِ بَيْتِهَا - وَهُوَ الثُّلُثُ - مَضَى وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ وَتُؤْمَرُ هِيَ بِتَعْمِيرِ بَيْتِهَا بِشُوَارٍ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَتْ بِصَدَاقِهَا
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا أَقَرَّتْ فِي الجهاز الْكثير أَنه لألها جمَّلوها بِهِ وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارُهَا بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ نَفَذَ أَوْ بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ رُد إِلَى الثُّلُثِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ مِثْلَ الْحُرِّ بَلْ لَهَا التَّصَدُّقُ بِمَالِهَا لِضَعْفِ مِلْكِهِ فِي مَاله فَكيف فِي مَالِ امْرَأَتِهِ وَلَا مَقَالَ لِلْحُرِّ فِي امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ لِأَنَّ مَالَهَا لِسَيِّدِهَا وَقَالَ أَصْبَغُ: العَبْد كَالْحرِّ لِأَنَّهُ يتجمل بِالْمَالِ وَقَالَ مَالِكٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ الْخُرُوجَ بِامْرَأَتِهِ إِلَى بَلَدٍ وَلَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ أَوْ قَارَبَ الْحُلُولُ أم لم يُقَارب وَقَالَت: لَا أخرج هَا هُنَا بَيْتِي فَلهُ الْخُرُوج بهَا وتطلبه بالدّين حَيْثُمَا حَلَّ وَإِنْ طَلَبَتْ كِتَابًا مِنَ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ مِنْ دَيْنِهَا فَذَلِكَ لَهَا إِنْ كَانَ قَرِيبا بِخِلَاف الْبعد نَظَائِرُ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: سَبْعَةٌ يَخْتَصُّ تَصَرُّفُهُمْ بِالثُلُثِ ذَاتُ الزَّوْجِ وَالْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ فِي سِتَّةٍ وَالزَّاحِفُ فِي الصَّفِّ وَالْمَحْبُوسُ لِلْقَتْلِ وَالْمُقْتَصُّ مِنْهُ فِي جِرَاحٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ ضَرْبٍ مِمَّا يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَرَاكِبُ الْبَحْرِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ السَّبَبُ السَّادِسُ الرِّدَّةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ أَوِ الْمُرْتَدَّةُ لَمْ يُنَفَّذْ بيعُهما فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ وَلَا شِرَاؤُهُمَا لِأَنَّ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْحَيَاةِ وَالْمُرْتَدُّ مُرَاقُ الدَّمِ وَيُوقَفُ مَالُهُمَا وَيُطْعَمَانِ مِنْهُ وَإِنْ عَامَلَا بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَحِقَهُمَا دَيْنٌ لَمْ يَلْحَقْ مَالَهُمَا وَلَا فِيمَا
مَلَكَاهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إِنْ قُتِلَا بِالرِّدَّةِ وَإِنْ أَسْلَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَمَا رَبِحَ مِنْ تِجَارَتِهِ فِي الرِّدَّةِ فَفِي مَالِهِ فَإِنْ جُهِلَتْ ردتُه سِنِينَ وَدَايَنَ النَّاسَ جَازَ عَلَيْهِ لِطُولِ أَمْرِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَشِرَاؤُهُ إِذَا لَمْ يُعلم بِهِ وَلَا حُجِرَ عَلَيْهِ جَائِزٌ حَتَّى يُوقَفَ وَيُحْجَرَ عَلَيْهِ فَيَكُونَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا فَإِنْ قُتِلَ رُدَّ فِعْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ مَضَى وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُرْتَدِّ إِذَا بَاعَ قَبْلَ الْحَجْرِ قِيَاسًا عَلَى الْمُهْمَلِ
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ عبد الحكم: لَا يقْضِي الإِمَام على الْمُرْتَدِّ إِلَّا مَا حَلَّ مِنْ دُيُونِهِ فَإِذَا قُتل حَلَّ الْمُؤَجَّلُ ويُحاصص فِي مَالِهِ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَقِيَ الْأَجَلُ عَلَى حَالِهِ وَلِمَنْ حَلَّ دَيْنُهُ قَبَضَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ مُؤَجَّلُهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ لِأَنَّ خَرَابَ الذِّمَّة هَا هُنَا بِطَرِيقِ الْعَرَضِ وَلَا يَكُونُ وَاجِدُ سِلْعَتِهِ أَحَقَّ بِهَا بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ لِذَلِكَ وَإِذَا مَاتَ مُرْتَدٌّ فَمَاله فَيْء بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(كِتَابُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ)
الْغَصْبُ لُغةً قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخذ الشَّيْء ظلما تَقول: غَصَبَهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ سَوَاءٌ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ وَفِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ: أَخْذُهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: التَّعَدِّي عَلَى رِقَابِ الْأَمْوَالِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ لِكُلٍّ مِنْهَا حُكْمٌ يَخُصُّهُ وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهِيَ: الحِرابة وَالْغَصْبُ وَالِاخْتِلَاسُ وَالسَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْإِدْلَالُ وَالْجَحْدُ فَجَعَلَ الظُّلْمَ فِي الْأَخْذِ أَنْوَاعًا مُتَبَايِنَةً وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أموالكن بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سعيرا} وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - فِي مُسْلِمٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) سُؤَالٌ: الْمُشَبَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَخْفَضَ رُتْبَةً مِنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَكَيْفَ حُرْمَةُ الدِّمَاءِ وَمَا مَعَهَا بِحُرْمَةِ الْبَلَدِ مَعَ انْحِطَاطِهَا عَنِ الْمَذْكُورَاتِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ بِكَثِيرٍ
جَوَابُهُ: أنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يعظمون الْبَلَد والشهر الْمشَار إِلَيْهِمَا ويحتقرون الامور الْمَذْكُورَة وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -: (مَنْ غَصبَ شِبْرًا مَنْ أَرْضٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) // (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) // فَائِدَةٌ: تَدُلُّ عَلَى أَن الْعقار يُمكن عصبه خِلَافًا لِ (ح) فَائِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمْ يَرِدْ فِي السَّمْعِيَّاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْأَرَضِينَ إِلَّا قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} وَهَذَا الحَدِيث قيل الْمِثْلِيَّةُ فِي الْعِظَمِ لَا فِي الْعَدَدِ فَلَا دَلَالَةَ إِذَنْ فِي الْآيَةِ فَائِدَةٌ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: قِيلَ: طُوِّقَهُ أَيْ كُلِّفَ حَمَلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا طَوْقُ التَّقْلِيدِ وَقِيلَ: تُخْسَفُ الْأَرْضُ بِهِ فَتَصِيرُ الْبُقْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ فِي حَلْقِهِ كَالطَّوْقِ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -: (مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِف بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الْغَصْبُ لُغَةً أَخْذُ كُلِّ مِلْكٍ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي سِرًّا أَوْ جَهْرًا وَشَرْعًا: أَخْذُ الْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَاتِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا قَهْرًا مِنْ ذِي الْقُوَّة وَالتَّعَدِّي عُرْفًا أَخْذُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ كَانَ لِلْمُتَعَدِّي يَدٌ أَمْ لَا بِإِذْنٍ أَمْ لَا كَالْقِرَاضِ والوديعة والصاع والبضائع وَالْإِجَارَة والعواري وَالْفرق بنيهما فِي الْفِقْهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْغَاصِبُ يَضْمَنُ يَوْمَ وضعِ الْيَدِ وَالْمُتَعَدِّي يَوْمَ التَّعَدِّي وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الْيَدُ وَثَانِيهَا: الْغَاصِبُ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّ الْعَيْنَ سَالِمَةً بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي وَإِنْ كَانَ ابْن الْقَاسِم
جَعَلَ الْغَاصِبَ كَالْمُتَعَدِّي إِذَا أَمْسَكَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَوْ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَتُهَا وَثَالِثُهَا: الْغَاصِبُ يَضْمَنُ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ دُونَ الْمُتَعَدِّي وَرَابِعُهَا: عَلَى الْمُتَعَدِّي كراءُ مَا تعدَّى عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ دُونَ الْغَاصِبِ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْغَصْبُ: رَفْعُ الْيَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ قَهْرًا وَقِيلَ: وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ قَهْرًا وَيُبْنَى عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ الْغَاصِبَ مِنَ الْغَاصِبِ غَاصَبَ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْفَعِ الْيَدَ الْمُسْتَحِقَّةَ
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ يُكَفِّرُ مُسْتَحِلَّهُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِكَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا فِي الدِّينِ وَيَسْتَوِي فِي الْغَصْبِ وَرَوَى مَالِكٌ مُرْسَلًا وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -: (من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) فَرُوِيَ بِالتَّنْوِينِ فِي (عِرْقٍ) عَلَى النَّعْتِ وَبِعَدَمِهِ عَلَى الْإِضَافَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَفِي النُّكَتِ عِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ: ظَاهِرَانِ: الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَبَاطِنَانِ فِي الْأَرْضِ: الْآبَارُ وَالْعُيُونُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: (لَا يحلبَن أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أيُحب أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى (مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ) خزائنه فينقل طَعَامه؟ فَإِنَّهُم تَخزِن لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلَا يَحْلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)
فَائِدَةٌ: الْمَشْرَبَةُ: الْغُرْفَةُ يُوضَعُ بِهَا الْمَتَاعُ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَعَلَ ذَلِكَ فِي خُرُوجِهِ لِلْمَدِينَةِ وَهُوَ - عِنْدَنَا - مَحْمُولٌ عَلَى عَادَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُبَاحُ لِابْنِ السَّبِيلِ أَكْلُ ثِمَارِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّمْهِيدِ بِنَاءً عَلَى فعله صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَدِيثِ ابْنِ التَّيِّهَانِ الَّذِي قَالَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم َ - (لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ يَوْمِكُمْ هَذَا) وَجَوَابُهُ: أَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ أخرجه صلى الله عليه وسلم َ - مِنْ بَيْتِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ: الْجُوعُ أَوْ لِقُوَّةِ إدلاله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى صَاحِبِ الْمَكَانِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا رضي الله عنهم مَعَه أعظم من ذَلِك وَفِي الْكِتَابِ بَابَانِ:
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ)
وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الْمُوجِبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَسبَاب الضَّمَان ثَلَاثَة التفويت مُبَاشرَة والتسب وَالْيَدُ غَيْرُ الْمُؤْمَنَةِ فَيَنْدَرِجُ الْغَاصِبُ وَالْمُتَعَدِّي وَالْمُسْتَامُّ إِذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْيَدُ الْعَادِيَّةُ لِأَنَّهَا لَا تَعُمُّ وَحَدُّ الْمُبَاشَرَةِ: اكْتِسَابُ عِلَّةِ التَّلَفِ وَهِيَ مَا يُقَالُ عَادَةً: حَصَلَ الْهَلَاكُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطٍ وَالسَّبَبُ: مَا يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى إِذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِيَ لِوُقُوعِ
الْفِعْلِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي مَحَلِّ عدوان فتتردى فِيهِ بهمية أَو غَيرهَا فَإِن أرادها غَيْرُ الْحَافِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْدِي تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ وَيُضْمَنُ الْمُكْرَهُ عَلَى إِتْلَافِ الْمَالِ لِأَن الْإِكْرَاه سَبَب وعَلى فاتح الفقص بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ فَيَطِيرُ مَا فِيهِ حَتَّى لَا يُقْدَرَ عَلَيْهِ وَالَّذِي حَلَّ دَابَّةً مِنْ رِبَاطِهَا أَوْ عَبْدًا مُقَيَّدًا خَوْفَ الْهَرَبِ فَيَهْرُبُ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ كَانَ الطَّيَرَانُ وَالْهَرَبُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ وَالْحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَتْرُكُ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَمَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ وَالْفَاتِحُ دَارًا فِيهَا دَوَابُّ فَتَهْرُبُ وَلَيْسَ فِيهَا أَرْبَابُهَا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ الْحَافِظِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ مُسْرَجَةً ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا لِتَيَسُّرِ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْفَتْحِ وَفِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ: لَوْ كَانَ رَبُّهَا فِيهَا نَائِمًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتِ الدَّوَابُّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَرْبَابُهَا قَالَ التُّونُسِيُّ: الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ أَرْبَابهَا فِيهَا لأهم اعْتَمَدُوا عَلَى الْبَابِ فَهُوَ الْمُتَسَبِّبُ فِي ذَهَابِ الدَّوَابِّ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ وَقَالَ (ش) : إِذَا طَارَ الْحَيَوَانُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ح) : لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي الزِّقِّ إِذَا حَلَّهُ فَيَتَبَدَّدُ مَا فِيهِ وَبِخِلَافِ الْمُتَرَدِّي فَإِنَّ الْمُتَرَدِّيَ فِي الْبِئْرِ لَا يَقْصِدُ التَّرَدِّيَ وَالْحَيَوَانُ مُسْتَقِلٌّ بِإِرَادَةِ الْحَرَكَةِ وَقَالَ (ش) : لَو حل وكاء الزق المنتصب فَطَرَحَتْهُ الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِسَبَبِ الرِّيحِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَرَكَةِ فَلَا ضَمَانَ فِي أَي زمَان تكون وَإِذا تَحَرَّكَتْ فَغَيْرُ مَعْلُومَةِ النُّهُوضِ لِلْإِرَاقَةِ بِخِلَافِ حَرِّ الشَّمْسِ أَذَابَتَهَا فِي الزِّقِّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْحُصُولِ فَالتَّغْرِيرُ فِيهِ مُتَعَيَّنٌ فَيَضْمَنُ لَنَا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَهَذَا ظَالِمٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ السَّبِيلُ وَلَا سَبِيلَ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا الْغُرْمُ فَيَغْرَمُ أَوْ نَقُولُ: فَيَنْدَرِجُ الْغُرْمُ فِي عُمُومِ السَّبِيلِ فَيَغْرَمُ وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم}
فمقتضاه: أَن لَهُ يفتح قَفَصًا كَمَا فَتَحَ فَيَذْهَبُ مَالُهُ لَكِنْ سَقَطَ فَتْحُ الْقَفَصِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَقِيَ غُرْمُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى حَلِّ الزِّقِّ وَالتَّرَدِّي فِي الْبِئْرِ أَوْ عَلَى مَا إِذَا فَتَحَ الْقَفَصَ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ أَوْ فَتَحَ بَابَ مُرَاحِهِ فَخَرَجَتِ الْمَاشِيَةُ فَأَفْسَدَتِ الزَّرْعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ اعْتُبِرَتِ الْمُبَاشَرَةُ دُونَهُ وَالطَّيْرُ مُبَاشِرٌ بِاخْتِيَارِهِ لِحَرَكَةِ نَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَدَفَعَ غَيْرُ الْحَافِرِ فِيهَا إنْسَانا فَإِن لدافع يَضْمَنُ دُونَ الْحَافِرِ أَوْ طَرَحَ رَجُلٌ فِيهَا نَفْسَهُ وَالْحَيَوَانُ قَصْدُهُ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيلِ جَوَارِحِ الصَّيْدِ إِنْ أَمْسَكَتْ لِأَنْفُسِهَا لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ أَوْ لِلصَّائِدِ أُكِلَ وَالْجَوَابُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ لِلطَّيَرَانِ وَلَعَلَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يَخْتَارُ لِانْتِظَارِ الْعلف أَو خوف الكواسر وَإِمَّا طَارَ خَوْفًا مِنَ الْفَاتِحِ فَيَصِيرُ مُلْجَأً لِلطَّيَرَانِ وَإِذَا جَازَ وَجَازَ وَالتَّسَبُّبُ مَعْلُومٌ فَيُضَافُ الضَّمَانُ إِلَيْهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا حَيَوَانٌ مَعَ إِمْكَانِ اخْتِيَارِهِ لِنُزُولِهَا لِتَفْرِيخِ خَلْقِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّيْد يُؤْكَلُ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ الْجَارِحُ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الَّذِي تَوَصَّلَ بِهِ الطَّائِرُ لِمَقْصِدِهِ كَمَنْ أَرْسَلَ بَازِيًّا عَلَى طَيْرِ غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْبَازِيُّ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَضْمَنُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ ثُمَّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَتْحَ سَبَبٌ مُجَرَّدٌ بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ لِمَا فِي طَبْعِ الطَّائِرِ مِنَ النُّفُورِ مِنَ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا إِلْقَاءُ غَيْرِ حَافِرِ الْبِئْرِ إِنْسَانًا أَوْ إِلْقَاؤُهُ هُوَ لِنَفْسِهِ فَالْفَرْقُ: أَنَّ قَصْدَ الطَّائِرِ وَنَحْوِهِ ضَعِيفٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) وَالْآدَمِيُّ يَضْمَنْ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: مَوْتُ الْحَيَوَانِ وَانْهِدَامُ الْعَقَارِ بِفَوْرِ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ تَمْهِيدٌ وَفِيهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ وَهِيَ: أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يدل على علية ذَلِك الْوَصْف لذَلِك الحكم وَقَوْلُهُ عليه السلام: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) فِيهِ لَفْظُ عَلَى الدَّالُّ عَلَى اللُّزُومِ وَالْوُجُوبِ وَقَدْ رَتَّبَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى وَصْفِ الْأَخْذِ فَيَكُونُ وَضْعُ الْيَدِ لِلْأَخْذِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَلَنَا: قَاعِدَةٌ أُخْرَى أُصُولِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ: أَنَّ الْأَصْلَ: تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ حِينَ وَضْعِ الْيَدِ فَلِذَلِكَ ضَمِنَّا بِوَضْعِ الْيَدِ وَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ
(فَرْعٌ)
قَالَ: اسْتَعَارَ دَابَّةً إِلَى منزله فبلغها ثُمَّ تَنَحَّى قُرْبَهَا فَنَزَلَ فِيهِ فَهَلَكَتْ فِي رُجُوعهَا فَإِنْ كَانَ مَا تَنَحَّى إِلَيْهِ مِنْ مُعَادِ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ جَاوَزَ مَنَازِلَ النَّاسِ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَا خِيَارَ لِرَبِّهَا فِيهَا إِذَا سَلِمَتْ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا سَالِمَةً إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَلَيْسَ إِلَّا كَرَاءُ الزِّيَادَةَ لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الزِّيَادَةِ وَضَعُفَ التَّعَدِّي لِعَدَمِ الْخِيَارِ وَكَرَدِّهِ لِمَا تَلِفَ مِنَ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً لَمْ تُعِنْ عَلَى الْهَلَاكِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ رَدِّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَهُوَ كَهَلَاكِ تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ رَدِّهِ وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِمَّا تُعِينُ على الْهَلَاك كَالْيَوْمِ فَإِن لَا يضمن فِي ذَلِك لَو
ردهَا لحالها فَإِنَّهُ يضمن هَا هُنَا لِإِعَانَتِهَا عَلَى الْهَلَاكِ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يُعَاقَبُ مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ لِجِنَايَتِهِ عَلَى عَرْضِهِ مَعَ تَكْذِيبِهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْمُتَّهَمُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُحَلِّفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَرِفَ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ حَتَّى تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي كَمَا تُرَدُّ فِي الْحُقُوقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الَّذِي يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ يُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ وَيَحْلِفُ وَلَا يُهَدَّدُ فِيمَا لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ إِخْرَاجَهُ لَا يُوجِبُ أَخْذَهُ حَتَّى يُقِرَّ آمِنًا وَإِذَا أَقَرَّ مُكْرَهًا فِي الْمعِين أَفَادَ لِأَنَّهُ مَعْرُوف فكيفما ظفر بِهِ أَخذ وَإِن مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لَا يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُ رَامِيَهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ أَو من أجل الْخَيْرِ أُدِّبَ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ يُكَذِّبُهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ التَّأْدِيبَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا إِذَا لَمْ يُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبِ ذَلِكَ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ قَالَ: غَصَبْتُكَ هَذَا الْخَاتَمُ وَفَصُّهُ لِي أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ هَذِهِ الدَّارُ وَبِنَاؤُهَا لِي لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَن يكون نسقاً ومؤاخذة لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَالرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ يَرَاكَ ثُمَّ نَازَعَكَ فَلَكَ قِيمَةُ مَا أَنْفَقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم الرِّضَا قَالَ ابْن الْقَاسِم: ذَلِك فيا فِي أَرض وَحَيْثُ لَا يُظَنُّ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لِأَحَدٍ وَلَوْ بَنَى أَيْضًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي يَجُوزُ إِحْيَاءُ مِثْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْرَاجُهُ إِلَّا أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ مَبْنِيَّةً وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي فَيُهْدَمُ بِنَاؤُهُ وَيُقْلَعُ غَرْسُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ الْمَالِكَ قِيمَتَهُ
مَقْلُوعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَارِهَا ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَرَثَتِهَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ فِيمَا غَرَسَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ حَالُ الْمُرْتَفِقِ بِالْعَارِيَةِ يَغْرِسُ فِيهَا أَوْ يَبْنِي إِلَّا أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِنْفَاقِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ مَاله فَكَيْفَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ حَلَفَ أَوْ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ بَالِغِي وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ دَعْوَاهَا وَأَخَذَ النَّقْضَ وَلَهَا إِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِكَ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ غَرَسْتَ فَلْتَقْتَسِمَا فَإِنْ صَارَ بِنَاؤُكَ فِيمَا وَقَعَ لَكَ فَهُوَ لَكَ وَعَلَيْكَ كِرَاءُ حِصَّةِ شَرِيكِكَ فِيمَا خَلَا أَوْ فِيمَا وَقَعَ لَهُ خُيِّرَ فِي إِعْطَائِكَ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا أَوْ إِخْلَاءِ الْأَرْضِ وَلَهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَإِنِ اسْتَغَلَّ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَبْلَ الْقَسْمِ وَهُمْ حُضُورٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَكَانُوا أَذِنُوا لَهُ وَإِنْ كَانُوا غَيْبًا فَلَهُمْ بِقَدْرِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا لَا يُنْكِرُ فَهُوَ كَالْإِذْنِ وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ مَقْلُوعًا ومنشأ الْخلاف: هَل السُّكُوت من الْحَاضِر الْعلم إِذْنٌ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْبَانِي فِي أَرْضِ زَوْجَتِهِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا فِي أَرْضٍ فَزَرَعَهَا أَحَدُهُمَا فَنَبَتَتْ فَقَلَبَ الْآخَرُ مَا نَبَتَ وَزَرَعَ غَيْرُهُ ثُمَّ نَبَتَتْ لِلْأَوَّلِ فِي أَوَانِ الْحَرْثِ فَلَهُ الْكِرَاءُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَنْبَتَتِ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْإِبَّانِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي وَعَلَى الثَّانِي قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لِرَبِّهَا فِي الْإِبَّانِ قَلْعُ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَخْذَ كِرَاءِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ النَّفْعُ بِهِ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ وَلَا يشْهدُوا بِأَعْيَانِ الْمَنْهُوبِ لَكِنْ بِالْغَارَةِ وَالنَّهْبِ فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ وَإِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي مُنْتَهِبِي الصُّرَّةِ يَخْتَلِفَانِ فِي عَدَدِهَا: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ: يَحْلِفُ الْمُغَارُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى إِنْ أَشْبَهَ أَنَّ مِثْلَهُ يَمْلِكُهُ وَإِذَا أَخَذَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُغِيرِينَ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ مِمَّا تَثْبُتُ مَعْرِفَتُهُ أَوْ مَا حَلَفَ الْمُغَارُ عَلَيْهِ مِمَّا يُشْبِهُ مِلْكَهُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُعِينُ بَعْضًا كَالسُّرَّاقِ وَالْمُحَارِبِينَ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا أَقَرَّ بِغَصْبِ عَبْدٍ هُوَ وَرَجُلَانِ سَمَّاهُمَا فَصَدَّقَهُ رَبُّ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْعَبْدِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ غَصَبَ مَعَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ أَوْ يُقِرُّوا وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَلِيًّا وَالْبَاقُونَ مَعْدُومُونَ أَخَذَ مِنَ الْمَلِيءِ جَمِيعَ الْعَبْدِ وَيَطْلُبُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: السُّلْطَانُ أَوِ الْوَالِي الْمَعْرُوفُ بِالظُّلْمِ فِي الْأَمْوَالِ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْعُدُولِ كَغَيْرِهِ وَالْمَشْهُورُ بِالظُّلْمِ وَالِاسْتِطَالَةِ بِالسُّلْطَانِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَلَكَهُ وَأَنَّهُ فِي يَدِ هَذَا الظَّالِمِ وَلَا يَعْلَمُونَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَ إِلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُدَّعِي إِلَى أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الظَّالِمِ فَإِنْ شَهِدَ بِالْبَيْعِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: بِعْتُ خَائِفًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ السَّطْوَةِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ رد الثّمن مكْرها بالتهديد بَاطِنا يَحْلِفُ الظَّالِمُ وَيَبْرَأُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ قَالَ سُحْنُونُ: إِذَا عَزَلَ الظَّالِمُ فِي الْأَمْوَالِ وَشَهِدَ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ زَيْدٍ كُلِّفَ الظَّالِمُ الْبَيِّنَةَ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ وَإِلَّا أَخذ مِنْهُ وَلَوْ شَهِدَ لِلظَّالِمِ
بِالْحِيَازَةِ عِشْرِينَ سَنَةً بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي لَا يُقْضَى لَهُ بذلك وَلَو مَاتَ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدُّورَ كَانَتْ لِأَبِيهِمْ لَا يُكَلَّفُوا الْبَيِّنَةَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَتْ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ أَبُوهُمْ يُكَلَّفُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ نَشَأَ فِي مِلْكِهِمْ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَفِيمَا غَرَسَ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِالْغَصْبِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَلَّةٌ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَائِمًا حَتَّى يَشْهَدَ بِالْغَصْبِ فَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْغَلَّاتِ وَتَقْوَى أَمْرُ الْغَلَّةِ بِالْخِلَافِ فِيهَا
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: حِيَازَةُ الدَّارِ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا يَمْنَعُ بَيِّنَةَ جَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ وَإِن كَانَ علما بِبَيِّنَة لِأَن الأَصْل هَذِهِ (الْحِيَازَة عُلِمَ فَإِنْ رَجَعَ الظَّالِمُ سَخِطَ الْقُدْرَةَ) يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ فَاقْتَسَمُوهُ بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يبيعوا أَو يصدقُوا أَو يهبوا وربه علام بِذَلِكَ لَا عُذْرَ لَهُ فَذَلِكَ إِذَا طَالَ مِنْ بَعْدِ هَذَا يَقْطَعُ حُجَّتَهُ وَلَا يَضُرُّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ تَرْكُ الْإِعْلَامِ بِمَا عِنْدَهُمْ بِالشَّهَادَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَكِنَّ الظَّالِمَ لَا يُنْصَفُ مِنْهُ وَإِلَّا فَهِيَ سَاقِطَةٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَرْسَلَ نَارًا فِي أَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا تَصِلُ فَوَصَلَتْ بِحَمْلِ الرِّيحِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ أَوْ بِحَيْثُ تَصِلُ ضَمِنَ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ أَغْفَلْتَ أَمْرَ مَاءِ أَرْضِكَ ضَمِنْتَ وَإِنْ كَانَ قَيِّمُكَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ ضَمِنَ دُونَكَ وَإِنْ تَحَامَلَ الْمَاءُ عَلَى الْجُسُورِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْ قَالَ سُحْنُونٌ: إِنْ قَامُوا لِدَفْعِ النَّارِ عَنْ زَرْعِهِمْ فَمَاتُوا فَهُمْ هَدَرٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا شَهِدُوا بِغَصْبِ الْجَارِيَةِ دُونَ قِيمَتِهَا وَصَفَهَا الْغَاصِبُ وَقُوِّمَتْ قَالَ أَشْهَبُ: بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنْ لَمْ وصف بِصِفَةٍ جُعِلَتْ مِنْ أَوْضَعِ الْجَوَارِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الزَّائِدِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ صُدِّقَ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ لِلصُّرَّةِ فِي عَدَدِهَا قَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنِ ادَّعَى أَدْنَى الصِّفَاتِ إِنَّمَا يُرَاعِي الْأَشْبَهَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْلُومَةُ الْحَالِ وَالْمَغْصُوبُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ إِلَّا بِمَا يُقِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّهَادَةُ بِغَصْبِ أَرْضٍ لَا يَعْرِفُونَ مَوْضِعَهَا بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ التَّعْيِينِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحُدُودِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِينَ لَهُ حَقُّهُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بَيِّنَة أَوْ إِقْرَار وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّ هَذَا حَقُّكَ قَالَ أَصْبَغُ: أَوْ يَشْهَدُ غَيْرُهُمْ بِالْحُدُودِ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فَإِنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ بِالسَّجْنِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ حَلَفَ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَتَسْقُطُ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَشُكَّتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ هَلْ هُوَ بَعْدَ الْغَصْب أم لَا تقدم الشِّرَاء لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ فَقَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ أَوْ قَبْلُ فَشَهَادَةُ الْغَصْبِ بَاطِلَةٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا قُلْتَ لَهُ: أَغْلِقْ بَابَ دَارِي فَإِنَّ فِيهَا دَوَابِّي فَقَالَ: فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ مُتَعَمِّدًا لِلتَّرْكِ حَتَّى ذَهَبَتِ الدَّوَابُّ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتِثَالُ أَمْرِكَ وَكَذَلِكَ قَفَصُ الطَّائِرِ وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الدَّوَابَّ أَوِ الطَّائِرَ الْقَفَصَ وَتَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ وَقَدْ قُلْتَ لَهُ: أَغْلِقْهُمَا لِضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ لِذَلِكَ تُصَيِّرُهُ أَمَانَةً تَحْتَ حِفْظِهِ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ: صُبَّ النَّجَاسَةَ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ فَقَالَ: فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَصَبَبْتَ مَائِعًا فَتَنَجَّسَ لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يُصَبَّ هَذَا الْمَائِعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قُلْتَ: احْرُسُ ثِيَابِي حَتَّى أَقُومَ مِنَ النَّوْمِ أَوْ أَرْجِعَ مِنَ
الْحَاجَةِ فَتَرَكَهَا فَسُرِقَتْ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْأَمَانَةِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ نَوْمٌ قَهَرَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى أَحَدًا يَأْخُذُ ثَوْبَهُ غَصْبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَخَافُهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِك لِأَن بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَكَذَلِكَ يُصَدَّقُ فِي قَهْرِ النَّوْمِ لَهُ وَلَوْ قَالَ لَكَ: أَيْنَ أَصُبُّ زَيْتَكَ؟ فَقُلْتَ: انْظُرْ هَذِهِ الْجَرَّةَ إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَصُبَّ فِيهَا وَنَسِيَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ مَكْسُورَةٌ ضَمِنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي الصَّبِّ فِي الصَّحِيحَةِ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ: خُذْ هَذَا الْقَيْد فقيد هَذِهِ الدَّابَّةَ فَأَخَذَ الْقَيْدَ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَرَبَتِ الدَّابَّةُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّكَ لَمْ تَدْفَعِ الدَّابَّةَ بِخِلَافِ الطَّائِرِ هُوَ جَعْلُهُ فِي الْقَفَصِ فَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الدَّابَّةَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَالدَّابَّةَ فَتَرَكَ عَلَفَهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَحْدَهُ فَتَرَكَهَا بِلَا عَلَفٍ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قُلْتَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَتَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْ نَفْسِي أَوْ عَنْ رَجُلٍ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالصَّدَقَةُ عَنْكَ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَلَوْ قُلْتَ لَهُ شُدَّ حَوْضِي وصب فِيهِ رِوَايَة فَصَبَّهَا قَبْلَ الشَّدِّ ضَمِنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الصَّبِّ إِلَّا بَعْدَ الشَّدِّ فَالصَّبُّ قَبْلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ بَعْدُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَصَبَّ فِيهِ فَنَسِيَ أَوْ تَعَمَّدَ الصَّبَّ قَبْلَ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ صَبَّ فِيهِ إِنْ كَانَ رُخَامًا فَصَبَّ فِيهِ وَهُوَ فَخَّارٌ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إِذَا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: هُوَ جَيِّدٌ وَهُوَ رَدِيءٌ ضَمِنَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ غَرَّ بِكَ يُؤَدَّبُ وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا غَرَّ فِيهِ بِلِسَانِهِ وَلِمَالِكٍ فِي تَضْمِينِ الصَّيْرَفِيِّ إِذَا غُرَّ بِجَهْلِهِ قَوْلَانِ قَالَ سُحْنُونٌ: وَالصَّحِيحُ: التَّضْمِينُ إِذَا غر من نَفسه قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: إِنْ أَخْطَأَ فِيمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ فِي الْبَيِّنِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ وَلَوْ دَلَّ اللِّصَّ وَالْغَاصِبَ الْقَاهِرَ عَلَى مَالٍ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَضْمِينِ
الدَّارِ قَوْلَانِ وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ بِالرِّقِّ وَالْمِلْكِ عَلَى أَنْ يُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ هَلَكَتْ ضَمِنَ هُوَ مَا أَتْلَفَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْحُرِّ يُبَاعُ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ سَاكِتٌ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ مِثْلُهُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِيمَنِ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمُتَجَاوِزِ إِلَى الظُّلْمِ فِي الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْسُطْ يَدَهُ إِلَيْهِ وَلَا أَمَرَ بِشَيْءٍ بَلْ تَعَدَّى فِي تَقْدِيمِهِ إِلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَظْلِمُهُ
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ غَصَبَ السُّكْنَى فَقَطْ فَانْهَدَمَتِ الدَّارُ إِلَّا مَوْضِعَ سَكَنِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوِ انْهَدَمَ سَكَنُهُ ضَمِنَ الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ كُلُّ آدَمِيٍّ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامِ أَوِ الذِّمَّةُ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنَ الْبَهِيمَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) وَالْأَخِيرُ احْتِرَازٌ مِنَ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَغْصُوبُ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الْفُتْيَا فَالْمَشْهُورُ مُخَاطَبَتُهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَيَضْمَنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَبْقَى فِي الْحَدِّ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ وَالْغَافِلُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالذِّمِّيُّ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْبَالِغُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْقَرِيبُ إِلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ وَالْجَدَّ لِلْأَبِ مِنْ حَفِيدِهِ قِيلَ: لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ) وَالْمُسْلِمُ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ أَوِ الذِّمِّيُّ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ظَلَمَ
ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ) وَيَجْتَمِعُ فِي الْغَصْبِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِلَّا الصَّغِيرُ لَا يُعَزَّرُ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يُؤَدِّبُهُ الْإِمَامُ قَاعِدَةٌ: حَقُّهُ تَعَالَى: أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ وَكُلُّ حَقٍّ لِلْعَبْدِ فَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ لِمُسْتَحَقِّهِ هَذَا نَصُّ الْعُلَمَاءِ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ خِلَافُهُ (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ فَقَالَ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) فَفُسِّرَ حَقُّهُ تَعَالَى بِالْمَأْمُورِ دُونَ الْأَمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فَيَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ الْعُلَمَاءِ وَيُحْتَمَلُ التَجَوُّزُ بِالْمَأْمُورِ عَنِ الْأَمْرِ فَيُوَافِقُ نُصُوصَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَدْ يَنْفَرِدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِيمَانِ وَقَدْ يَنْفَرِدُ حَقُّ الْعَبْدِ كَالدُّيُونِ وَالْأَثْمَانِ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ إِذَا اجْتَمَعَا فِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ كَحَدِّ الْقَذْفِ من خَصَائِصِ حَقِّ الْعَبْدِ وَبِهِ يُعْرَفُ: تَمَكُّنُهُ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَمِنْ خَصَائِصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى: تَعَذُّرُ إِسْقَاطِ الْعَبْدِ لَهُ وَقَبُولُهُ لِلتَّوْبَةِ مَحْوًا وَالتَّفْسِيقُ إِثْبَاتًا قَاعِدَة: يعْتَمد الْمَصَالِحُ الْمَفَاسِدَ دُونَ التَّحْرِيمِ تَحْقِيقًا لِلِاسْتِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا
لِلْأَخْلَاقِ وَلِذَلِكَ تُضْرَبُ الْبَهَائِمُ إِصْلَاحًا لَهَا وَالصِّبْيَانُ تَهْذِيبًا لِأَخْلَاقِهَا وَلِذَلِكَ قِيلَ: يُهَذَّبُ الصَّبِيُّ عَلَى الْغَصْبِ وَكَذَلِكَ يُضْرَبُ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا نَفْيًا لِلْفَسَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَلِذَلِكَ قَالَ (ش) رضي الله عنه: أَحُدُّ الْحَنَفِيَّ عَلَى شُرْبِ النَّبِيذِ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ لِمَفْسَدَةِ السُّكْرِ وَإِفَسَادِ الْعَقْلِ الْمُتَوَقَّعِ إِذَا لَمْ يَسْكَرْ مِنَ النَّبِيذِ لِانْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ بِالتَّقْلِيدِ وَقَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ وَالْقَوَاعِدِ
(فَرْعٌ)
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ فَقِيلَ: مَا أَصَابَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالدِّيَاتِ هَدْرٌ كَالْبَهِيمَةِ وَقِيلَ: الْمَالُ فِي مَالِهِ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا كَالْخَطَأِ وَقِيلَ: الْمَالُ هَدْرٌ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا تَغْلِيبًا لِلدِّمَاءِ عَلَى الْمَالِ وَحُكْمُ هَذَا حُكْمُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عقله وَأما حق الْمَغْصُوب فِيهِ: فَرد المعصوب إِنْ وُجِدَ أَوْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إِنْ فُقِدَ وَهُوَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ آحَادُهُ كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: غَاصِبُ السُّكْنَى فَقَطْ كَالْمُسَوِّدَةِ حِينَ دَخَلُوا لَا يَضْمَنُ الْمُنْهَدِمَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ بَلْ قِيمَةَ السُّكْنَى وَيَضْمَنُ مَا هُوَ بِفِعْلِهِ وَغَاصِبُ الرَّقَبَةِ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا مَعَ أُجْرَةِ السُّكْنَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا نَزَلَ السُّلْطَانُ عَلَى مُكْتَرٍ فَأَخْرَجَهُ وَسَكَنَ الْمُصِيبَةُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ لِعَدَمِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرَّقَبَةِ بَلْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُكْتَرِي مَا سَكَنَ السُّلْطَانُ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ لِمَا اكْتَرَى وَعَدَمِ
التَّمَكُّنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَغَيْرُ السُّلْطَانِ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ يَزْرَعُهَا غَصْبًا مِنْ مُكْتَرِيهَا لَا يَسْقُطُ الْكِرَاءُ عَنِ الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ بِالْغَصْبِ دُونَ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ إِلَّا السُّلْطَانَ الَّذِي لَا يَمْنَعُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ بِخِلَافِ مَنْ يَمْنَعُهُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَهَبَ لَكَ طَعَامًا أَوْ إِدَامًا فَأَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسْتَهُ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ رَجَعَ مُسْتَحِقُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ الْمَلِيءِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي الْمُسَلِّطُ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا أَوْ مَعْجُوزًا عَنهُ فَعَلَيْك لِأَنَّك المتنفع بِمَالِهِ وَلَا تَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ وَانْتِفَاعِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعَارَكَ الْغَاصِبُ فَنَقَصَتْ بِلُبُسِكَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ بِمَا تعزم فَلَوِ اكْتَرَيْتَهُ فَنَقَصْتَهُ بِاللُّبْسِ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ ثَوْبَهُ مِنْكَ وَمَا نَقَصَهُ اللُّبْسُ وَتَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ كَالْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا وَهَبَكَ الْغَاصِبُ فَأَبْلَيْتَ أَوْ أَكَلْتَ اتَّبَعَ أَيَّكُمَا شَاءَ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ فِي حَقِّكُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ غَاصِبٍ لَمْ يَتَّبِعْ غَيْرَ الْمَوْهُوبِ الْمُنْتَفِعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا لَهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مُكْرِي الْأَرْضِ يُحَابِي فِي كِرَائِهَا ثُمَّ يَطْرَأُ أَخُوهُ وَسَوَاءٌ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ أُعْدِمَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ عَالِمًا بِالْغَصْبِ فَكَالْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَيَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَقْيَسُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْمُشْتَرِي وَوَجْهُ التَّبْدِئَةِ بِالْغَاصِبِ: أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ وَالْمُشْتَرِي: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا غَرِمَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَالْمَوْهُوبُ لَا يَرْجِعُ قَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا كَانَ الْمُعِيرُ غَاصِبًا لَا يُضَمِّنُهُ الْمَالِكُ النَّقْصَ بَلْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْجَمِيعَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا بِيعَ الثَّوْبُ فِي الْقِيمَةِ وَاتَّبَعَ الْمُسْتَعِيرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ وَمَا نَقَصَ لُبْسُ الثَّوْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ لِلْغَاصِبِ مَالٌ وَقْتَ لِبَاسِ الْمُسْتَعِير ثمَّ
زَالَ االمال فَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا لِاتِّبَاعِهِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ أَخْذَ الثَّوْبِ أَوْ مَا نَقَصَهُ اللُّبس مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَذَلِكَ لَهُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَكْرَى الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْمُكْتَرِي فَلَا يُتَّبَعُ إِلَّا الْغَاصِبُ إِنْ لَمْ تَعْطَبْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا أَكَلَهُ الْمُكْتَرِي أَوْ لَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ يُغَرِّمُهُ الْمُكْتَرِي وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا آجَرْتَهُ لِيُبَلِّغَ لَكَ كِتَابًا وَلم يعلم أَنه عبد فَعَطب ضمنه مِثْلَمَا يتْلف المُشْتَرِي بِنَفسِهِ فَمن اشْتَرَاهُ أَنَّ لِمُسْتَحِقِّهِ تَضْمِينَهُ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرْكَبْهَا وَبَعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ إِلَى قَرْيَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ: قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُشْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ: لَا يَضْمَنُ قَالَ: قَدْ قَالَ فِي قَطْعِ الثَّوْبِ: يَضْمَنُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الدَّارَ يَقْدِرُ عَلَى إِعَادَتِهَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَسْرُ الْحُلِيِّ كَهَدْمِ الدَّارِ لِعَدَمِ التَّلَفِ وَقَاطِعُ الثَّوْبِ كَذَابِحِ الشَّاةِ وَكَاسِرِ الْعَصَا وَبَاعِثِ الْغُلَامِ فَيَهْلَكُ تَلَفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَدْمُ الدَّارِ وَذَبْحُ الشَّاةِ وَكَسْرُ الْحُلِيِّ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ وَالْبَعْثُ بِهَا سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ لِاسْتِوَاءِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الضَّمَانِ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَوْدَعَ الْمَغْصُوبَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودِعِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَصُنْدُوقِهِ وَامْرَأَتِهِ وَعَبْدِهِ الَّذِي يَشِيلُ مَتَاعَهُ
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ: كُنْتَ غَصَبْتَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ تَلْزَمُهُ (لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِي نَدَمِ الضَّمَانِ كَالْبَالِغِ وَلَوْ قَالَ: أَقْرَرْتُ لَكَ بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ تَلْزَمُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ) وَأَنَا صَبِيٌّ نَدَمٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ سُحْنُونٌ: إِذَا أَكْرَهَكَ الْعَامِلُ عَلَى دُخُولِ بَيْتِ رَجُلٍ لِتُخْرِجَ مِنْهُ مَتَاعًا لِتَدْفَعَهُ إِلَيْهِ وَفَعَلْتَ وَدَفَعْتَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ عَزَلَ لِرَبِّ الْمَتَاعِ اتِّبَاعُ أَيِّكُمَا شَاءَ لِتَعَدِّيهِ بِالْأَمْرِ وَتَعَدِّيكَ بِالْمُبَاشَرَةِ فَإِنِ اتَّبَعَكَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ غَابَ رَبُّ الْمَتَاعِ وَعَزَلَ الْأَمِيرُ فَلَكَ مُطَالَبَتُهُ لِأَن رب الْمَتَاع قد يجِئ وَيُطَالِبُكَ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ فِي ظَالِمٍ أَسْكَنَ مُعَلِّمًا دَارَكَ لِيُعَلِّمَ وَلَدَهُ ثُمَّ مَاتَ وَمِتَّ يُخير صَاحِبُ الدَّارِ بَيْنَ مَا لَكَ وَمَا لَهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْبِرِ اللُّصُوصِ بِمِطْمَرِكَ أَوْ غَاصِبٍ يَضْمَنُ الدَّالُّ وَقِيلَ: لَا لِضَعْفِ سَبَبِ الدَّلَالَةِ
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَوِ اتَّفَقْتُمَا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَكَ بِرِقِّ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ تَبِيعَهُ وَيُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ وَهَلَكْتَ ضَمِنَ الْمُقِرُّ بِالْمِلْكِ لِثَمَنِ الْبَائِعِ لِغُرُورِهِ بِذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ حُرٌّ فَسَكَتَ لِأَنَّ سُكُوتَهُ تَغْرِيرٌ وَقَالُوا فِي الْمُتَعَدِّي عَلَيْكَ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ فِيكَ إِلَى الظُّلْمِ فَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ وَقِيلَ: إِنْ كَانَ ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ ضَمِنَ أَوْ مَظْلُومًا لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّصَفَةِ إِلَّا بِالسُّلْطَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُ السُّلْطَانُ الضَّمَانَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رُسُلُ السُّلْطَانِ فِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ وَقِيلَ: يُنْظَرُ إِلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوِ اسْتَأْجر بِهِ عَلَى إِحْضَارِكَ فَهُوَ عَلَيْكَ وَيُفَرَّقُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ الْمَظْلُومِ وَالظَّالِمِ وَأَمَّا الَّذِي يَكْتُبُ لِلسُّلْطَانِ أَسْمَاءَ جَمَاعَةٍ فَيُقَدَّمُونَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَظْلِمُهُمْ بِذَلِكَ فَيَغْرَمُ مَعَ الْعُقُوبَةِ وَفِيه خلاف
(فَرْعٌ)
قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا جَلَسْتَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ فِي الصَّلَاةِ فَيَقُومُ فَيَنْقَطِعُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعُمُّ فِي الصَّلَوَاتِ وَالْمَجَالِسِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْوَاجِبُ فِيهِ وَهُوَ الْأَمْوَالُ لِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضِ فَمَا لَا مَالِيَّةَ لَهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَا يُوجِبُ الشَّرْعُ اخْتِصَاصَهُ بِأَحَدٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْغَصْبُ وَعَدَمُ الْمَالِيَّةِ إِمَّا شَرْعًا فَقَطْ كَالْخِنْزِيرِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الْآدَمِيِّ الْحُرِّ الْمُشْرِفِ مِنَ الْأَعْيَانِ أَوْ مِنَ الْمَنَافِعِ كوطث الْبَهَائِمِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوِ الْأَثْمَانِ لِلسَّرَفِ وَإِمَّا شَرْعًا وَعَادَةً كَالْقَمْلِ وَالْبَعُوضِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالِاسْتِظْلَالُ والاستصباح من الْمَنَافِع وَهَا هُنَا أُمُورٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدِمِهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَأَذْكُرُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ: الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا حَلَّتْ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِيهَا مِلْكٌ وَلَا صَنِيعٌ يَحْتَجُّ بِهِ بِخِلَافِ الصَّبْغِ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ ضَمِنَهُ كَمَا لَا يُبَاعُ كَلْبُ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٌ أَوْ ضَرْعٌ وَعَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَانَتِ الْخَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا لِذِمِّيٍّ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا خَلًّا أَوْ قِيمَتِهَا خَمْرًا يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مِلْكِهِ الْخَمْرَ وَالْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهَا مِنْ ذَمِّيٍّ وَنظر أَشهب أَيْضا بالزرع الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَا يجوز بيعهَا إِذا اغتصبها فَسَقَى بِهَا زَرْعَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا سَقَى مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الزَّرْعِ عَلَى مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ وَيُخَافُ أَنْ لَوْ كَانَ يحل بَيْعه وَقَالَ أَن حَنْبَلٍ يُرَدُّ الْخَمْرُ إِذَا تَخَلَّلَتْ لِلْمُسْلِمِ كَمَا قُلْنَاهُ قَالَ وَيُرَدُّ الْكَلْبُ الْمُبَاحُ وَلَا يَضْمَنُ جلد الْميتَة
لَنَا قَضَاؤُهُ عليه السلام بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَهُوَ أَصْلُ تَضْمِينِ مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ حَيْثُ ضُمِنَ وَعَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ حَيْثُ كَانَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجُوسِيٍّ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ يُؤْكَلُ فَهُوَ كَخَمْرِ الذِّمِّيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ وَإِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الدِّبَاغِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ جَمِيعِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَثْبُتُ لَهُ ضَمَانُ الْمُتَعَدِّي جَازَ بَيْعُهُ وَيُخْتَلَفُ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ إِذَا ذُكِّيَتْ: قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ مُذَكَّاةٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فَعَلَى هَذَا يَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا وَعَلَى قَوْلٍ: هِيَ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ جِلْدِهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي صِفَةِ تَقْوِيمِ الْكَلْبِ الْمُبَاحِ الِاتِّخَاذِ فَمَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ قَوَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَ رَدَّهُ إِلَى أَحْكَامِ جلد الْميتَة للِانْتِفَاع لَا للْبيع وَلَا شَيْءَ فِي كَلْبِ الدَّارِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ بِقَتْلِهَا وَإِذَا عَادَ الزَّرْعُ أَوِ الثَّمَرُ اللَّذَانِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا لِقِيمَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ ينْقض فَإِن عَاد قَبْلَ الْحُكْمِ فَعَنْ مَالِكٍ: تَسْقُطُ الْقِيمَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةُ قَوْمٍ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُرْجَعَ إِلَى مَا يُكْشَفُ عَنْهُ مِنَ الْغَيْبِ حُكِمَ أَمْ لَا فَإِنْ تَرَاخَى الْحُكْمُ وَسَلَّمَ زَرْعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقِيمَتُهُ عَلَى السَّلَامَةِ إِنْ كَانَ لَا يُسْقَى وَإِلَّا حَطَّ مَا يَنُوبُ أُجْرَةَ السَّقْيِ وَإِنْ هَلَكَ زَرْعُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَو
تمرهم فَالْقِيمَةُ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيره بَعْدَمَا انْتَقَلَ وَزَادَ فَالْقِيمَةُ عَلَى مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ الْفَرْع الثَّانِي: إِن غصب عصيراً فَصَارَ خَمْرًا كُسِرَتْ عَلَيْهِ وَغَرِمَ مِثْلَ الْعَصِيرِ فَإِنْ صَار الْعصير خلا خير بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِفَوَاتِهِ بِالتَّغَيُّرِ وَفِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ: إِنْ كَسَرَ الْعَصِيرَ وَقَدْ دَخَلَهُ عِرْقُ خَلٍّ وَلَمْ يُخَلَّلْ فَالْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَالثَّمَرَةِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِنْ غَصَبَ حُرًّا فَبَاعَهُ ثُمَّ تَابَ يَطْلُبُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَدَى دِيَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ الْفَرْعُ الرَّابِعُ: قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عِنْدَ غَاصِبِهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا لِسَيِّدِهَا قِيمَةَ أُمِّ وَلَدٍ لَا عِتْقَ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى تَضْمِينِ الْجَنِينِ بِالْغُرَّةِ وَمَنَعَ سُحْنُونٌ كَالْحُرَّةِ وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَ سُحْنُون (ح) وَوَافَقَ سُحْنُون إِذَا جَنَى عَلَيْهَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ: الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِمَا خِلَافًا لِقُوَّةِ شَائِبَةِ الرِّقِّ الْفَرْعُ الْخَامِسُ: فِي الْكِتَابِ: إِذَا غصب خمر الذِّمِّيّ فَأَتْلَفَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يُقَوِّمُهَا مَنْ يَعْرِفُ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: النَّظَرُ إِلَى اعْتِقَادِهِمْ وَمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ أَوْ إِلَى شَرْعِنَا لَنَا: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَّالُهُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الذِّمِّيِّ يَمُرُّ بِالْعَاشِرِ وَمَعَهُ خَمْرٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ: يبيعوها وَخُذُوا مِنْهُمُ الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ نَقَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّهَا من مَالهم من ثَلَاثَة أوجه: أحده: أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ بِالْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَمَوَّلٌ وَثَانِيهَا: إِيجَابُ الْعُشْرِ فِي ثَمَنِهَا وَلَا يَجِبُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَثَالِثُهَا: تَسْمِيَةُ مَا يُقَابِلُهَا ثَمَنًا وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِر أشريتهم وَأَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَيْهِمْ بِاعْتِقَادِهِمْ لَا بِاعْتِقَادِ القَاضِي أَنه لايوجب عَلَيْهِمُ الْحَدَّ فِيهَا وَيَقْضِي لَهُمْ بِثَمَنِهَا إِذَا بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى مَسِّهَا وَشُرْبِهَا وَجَعْلِهَا صَدَاقًا وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا وَكَذَلِكَ نُقِرُّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ عِنْدَنَا فَكَذَلِكَ كَوْنُهَا مَالًا وَمَضْمُونَةً وَلِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَقَعَ عَلَى إِقْرَارِهِمْ على شربهَا وَالتَّصَرُّف فِيهَا بِسُقُوط تضمينها نقضا لأمانهم وحملاً لِلنَّاسِ عَلَى إِرَاقَتِهَا أَوْ نَقُولُ: إِنَّ الْخَمْرَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ مُتَمَوَّلَةً أَمَّا عَدَمُ تَحْرِيمِهَا: فَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر - إِلَى قَوْله تَعَالَى - وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَن الصَّلَاة} فَخَصَّصَ بِخِطَابِ التَّحْرِيمِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَلَا عَجَبَ فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَنْهُمْ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ عَنْهُمْ وَلِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عُصِمَتْ دِمَاؤُهُمْ عَنِ السَّفْكِ وَأَعْرَاضُهُمْ عَنِ الثَّلْمِ وَأَمْوَالُهُمْ عَنِ النَّهْبِ وَأَزْوَاجُهُمْ عَنِ الْوَطْءِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْكُفْرُ فَكَذَلِكَ الْخَمْرُ لَا تَمْنَعُ مَفْسَدَةُ الْإِسْكَارِ تَمَوُّلَهَا وَعِصْمَتَهَا وَيُؤَكِّدُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ إِرَاقَتِهَا وَوُجُوبِ رَدِّهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا تَعَدَّى فَأَتْلَفَهَا وَلِأَنَّ الْخمر يتَعَلَّق بهَا عندنَا وجوب الحدا وَسُقُوطُ الضَّمَانِ وَقَدْ خَالَفَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ فِي
الْحَدِّ فَيُخَالِفُهُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَالْإِسْلَامُ لَمْ يَجْعَلْهَا مَالًا فَعَقْدُ الذِّمَّةِ أَوْلَى وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهُ وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ وَحَرَّمَ الْكَلْبَ وَثَمَنَهُ) وَالْقِيمَةُ بَدَلَ الثَّمَنِ وَمَنْعُ الْأَصْلِ مَنْعٌ لِلْفَرْعِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَتِهَا مِنْهُ فَيُسَاوِيهِ فِي عَدَمِ ضَمَانِهَا لَهُ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَالًا مَعْصُومًا لَمَا أُرِيقَتْ إِذَا أَظْهَرُوهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الذِّمِّيِّ تَمَوُّلَهَا كُفْرٌ فَلَا يُتْرَكُ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ لِاعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ مَالًا وَلَا يضمن بِالْإِتْلَافِ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ وَلَا ذِمِّيٌّ لِمُسْلِمٍ وَيَعْتَقِدُونَ الْمُصْحَفَ وَالشُّحُومَ لَيْسَ بِمَالٍ وَنَضْمَنُهَا لَهُمْ وَيَضْمَنُونَهَا لَنَا فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمُسْلِمَ لَضَمِنَ بِالْمِثْلِ وَلَمَّا لَمْ يَضْمَنْهَا بِالْمِثْلِ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ عِظَمَ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَ لَهُ الْكَمَالَ فَلَا تُقَرُّ مَعَهُ مَفْسَدَةٌ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ لِنَقْصِهِ تَثْبُتُ مَعَهُ الْمَفَاسِدُ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي: الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ الثَّمَنَ فِي الشَّرْعِ مَا نَشَأَ عَنِ الْعَقْدِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَالْقِيمَةُ مَا نَشَأَ عَنِ الْإِتْلَافِ وَهِيَ الَّتِي أَوْجَبْنَاهَا دُونَ الثَّمَنِ فَلَمْ يَتَنَاوَلِ الْحَدِيثُ صُورَةَ النِّزَاعِ لِأَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ حَلَالٌ وَثَمَنُهَا حَرَامٌ وَالْقِيمَةُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ حَلَالٌ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ وَمَهْرُ الْمَجُوسِيَّةِ حَرَامٌ وَمَهْرُ بُضْعِهَا بِالْإِتْلَافِ حَلَالٌ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْبَوْلَ غير مُتَمَوّل لَهُم وَأما الْميتَة والندم فَمنع بالحكم فيهمَا بل يضمنَانِ لأنما مَالٌ لَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمَا وَلَوْ عَدُّوا أَيْضًا الْبَوْلَ مَالًا قَالَ أَصْحَابُنَا: نَضْمَنُهُ أَيْضًا وَعَنِ الرَّابِعِ: الْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَعُدُّهَا مَالًا بِخِلَافِهِ وَلِأَنَّهُ خَالَفَهُ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ الشُّرْبِ وَالتَّصَرُّفِ فَيُخَالِفُهُ فِي الضَّمَانِ وَعَنِ الْخَامِسِ: لَوْ كَانَتْ لَهُمْ قَافِلَةٌ فِيهَا خَمْرٌ فَمَرَّ بِهَا قُطَّاعُ الطَّرِيق
وَجب على الإِمَام حمابتهم وَالذَّبُّ عَنْهُمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَأَنْفُسِهِمْ مَعْصُومَةٌ وَعَنِ السَّادِسِ: انْتِقَاضُهُ بِالْحَدِّ وَلِأَنَّ اعْتِقَادَهُمُ التَّثْلِيثَ وَالصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ كُفْرٌ وَقَدْ نَزَلَ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ وَأَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ: فَلِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَلِأَنَّهُ أَبَاحَ دَمَ نَفْسِهِ بِالرِّدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَبَاحَنَا الذِّمِّيُّ مَالِهِ أَوْ خَمْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُضْمَنُ وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَهُمْ يَعُدُّونَهُ مَالًا كَلَامًا حَسَنًا فَصِيحًا يَسْتَحْسِنُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ أَوْلَادَهُمْ كَالشِّعْرِ الْحَسَنِ ثُمَّ الْمُصْحَفُ وَالشُّحُومُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّا غَلَّبْنَا فِي التَّضْمِينِ قَوْلَ مَنْ يَعْتَقِدُهُمَا مَالًا فَلْيَكُنِ الْخَمْرُ مِثْلَهُ وَعَنِ السَّابِعِ: أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ الْمِثْلَ حَتَّى يَبْذُلَهُ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِآلَةِ اللِّوَاطِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ بِالْمِثْلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَنَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهَا فَهُوَ مِمَّا عُدِلَ فِيهِ عَنِ الْمِثْلِ إِلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ كَالصَّبْرَةِ إِذَا جُهِلَ كَيْلُهَا فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُقْضَى بَيْنَ أهل الذِّمَّة فِي غصب الْخمر وإفساده وَلَا يُقْضَى بَيْنَهُمْ فِي تَظَالُمِهِمْ فِي الرِّبَا وَتَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} فِي التَّنْبِيهَات: وَقع فِي بعض الرِّوَايَات: بقومها أَهْلُ دِينِهِمْ وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَ الْمُخْتَصِرُونَ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْمِيمِ قَوْلِهِ: تَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ هَلْ يَخْتَصُّ بِالرِّبَا أَوْ يَعُمُّ؟ وَمُرَادُهُ: إِذَا طَلَبُوا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَمَّا حُكْمُ الْإِسْلَامِ فَلَا نَكْرَهُهُ وَقِيلَ: نَكْرَهُهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِمْ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ كَحُكْمِ الطَّلَاقِ مَثَلًا وَفِي التَّلْقِينِ: اخْتُلِفَ فِي ضَمَانِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ الْفَرْعُ السَّادِسُ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُضْمَنُ خَمْرُ الذِّمِّيِّ وَلَا مَا نَقَصَتِ الملاهي بِكَسْرِهَا وتغييرها عَن حَالهَا وَقَالَهُ الأيمة
الْفَرْعُ السَّابِعُ: قَالَ: مَنْفَعَةُ الْأَعْيَانِ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْكِرَاءُ إِذَا غَلَّقَ الدَّارَ وَبَوَّرَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَسْتَخْدِمِ الْعَبْدَ وَوَقَفَ الدَّابَّةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ أَوْ وَهَبَ غَرِمَ الْغَلَّةَ الَّتِي اغْتَلَّ الْمُشْتَرِيَ والموهوب فَإِن يَغْرَمُ مَا حَرَّمَ رَبُّهَا مِنْ تِلْكَ الْغَلَّاتِ بِغَصْبِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَهْلِكُ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ (ح) وَأَشْهَبَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْفَرْعِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ هَلْ هِيَ مَالٌ فِي نَفْسِهَا فَتُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَوْ لَا تَكُونُ مَالًا إِلَّا بِعَقْدٍ أَوْ شُبْهَةِ عَقْدٍ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ وَنَقَضَ (ش) أَصْلَهُ بِمَنَافِعِ الْحُرِّ لَنَا: قَوْلُهُ عليه السلام الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْأَعْيَانُ مَضْمُونَةٌ فَتَكُونُ مَنَافِعُهَا لِلضَّمَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى فَوَاتِ مَنَافِع بضع الْأمة إِذا حسبها عَنِ التَّزْوِيجِ وَعَلَى مَنَافِعِ الْحُرِّ وَفَرَّقَ (ش) بِأَنَّ مَنَافِعَ الْحُرِّ تَحْتَ يَدِهِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ يَدُ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ لَا يَدَ فَقَبِلَتْ مَنَافِعَهُ يَدُ الْغَاصِبِ وَيَدُلُّنَا عَلَى الْمَنَافِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا: خَمْسَة أوجه: أَحدهمَا: لَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَثَانِيهَا: لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَثَالِثُهَا: لَوْ تَوَانَى الْوَصِيُّ فِي عَقَارِ الْيَتَامَى لَمْ يُؤَجِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَسَبَّبَ أَوْ أَهْمَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضَمِنَهُ وَرَابِعُهَا عَلَى أَصْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَازْرَعْهَا لِنَفْسِكَ ضُمِنَتِ الْحِنْطَةُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَهْمَلَ دُورَهُ أَوْ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِتْلَافِ وَالْمَنَافِعُ قَبْلَ وُجُودِهَا يَسْتَحِيلُ إِتْلَافُهَا لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ وَبَعْدَ وُجُودِهَا لَا
تَبْقَى لِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ فَهِيَ تَنْعَدِمُ بِنَفْسِهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّلَفُ لَا الْإِتْلَافُ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ قَطْعُ الْبَقَاءِ وَلَا بَقَاءَ فَلَا إِتْلَافَ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ الضَّمَان فِي الْإِجَارَة لِأَنَّهُ ضَمَان بِشَرْط ضَمَانُ إِتْلَافٍ وَبِخِلَافِ بَطْشِ الْيَدِ وَمَشْيِ الرِّجْلِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ لَا الْأَعْرَاض الفانية وَمَنَافع الْبضْع لأَنا عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَلَا يَلْزَمُنَا غَاصِبُ السُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَغَلَّةٌ وَكَلَامُنَا فِي الْبَائِعِ لِأَصْلٍ مَضْمُونٍ وَلَا مَا إِذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَفَتَقَهُ وَأَخْرَجَ خُيُوطَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْعَيْنِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ لِلسَّوْمِ يَضْمَنُ الْعَيْنَ دُونَ مَنْفَعَتِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ ضَمَانُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَنْدَفِعُ النُّقُوضُ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ: بِأَنَّهَا تُمَلَّكُ الْإِرْث وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيم فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَال تُمَلَّكُ بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَالٌ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ لَا يُصَيِّرُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مَالًا بَلْ صِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ فَلَوْ تَوَقَّفَتِ الْمَالِيَّةُ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلِأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالْقِيمَةُ مِثْلٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَيَجِبُ تَوْفِيَةٌ بِالنَّصِّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْعَقْدِ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَالْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تُضْمَنُ لِتَضَمُّنِهَا الْمَنَافِعَ لِأَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يُضْمَنُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ تُضْمَنَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ: النَّقْضُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَالِ فِي الضَّمَانِ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا مَثَّلَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً مَا سُمِعَتْ فِي الْعَرَبِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم} وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نُفُوسِنَا دُونَ أَمْوَالِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا وَعَنِ السَّادِسِ: نَقْضُهُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ
الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً أَوْ حَبَسَ حُرَّةً وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُ بُضْعِهَا وَبِالْحَرْبِيِّ يُضْمَنُ مَالُ الْمُسْلِمِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَلَا يُضْمَنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شُبْهَةٍ وَبِالْبُضْعِ يَضْمَنُهُ الزَّوْجُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ تَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ وَلَا يَضْمَنُهُ بِالرِّدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعَنِ السَّابِعِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ هِيَ سَبَبُ صَيْرُورَةِ الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَسَبَبُ السَّبَبِ لِلشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الشَّيْءِ لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ سَبَبُ الطَّاعَةِ وَالطَّاعَةُ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالْأَعْضَاءُ لَيْسَتْ سَبَبَ الْجَزَاءِ بِالْجَنَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَمَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ لَا يُجَازَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ سَبَبُ الْإِيمَانِ وَالْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ وَهِيَ سَبَبُ الْجَزَاءِ بِالسَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْجَزَاءِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ وَالصَّحِيحُ مِنْ أَصُولِ الْفِقْهِ: عَدَمُ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُ عِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ الْفَرْعُ الثَّامِنُ: زَوَائِدُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَعُلُوِّ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ وَتَأْخُذُ سِلْعَتَكَ وَلَا شَيْءَ لَكَ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ عِنْدَ الْغَصْبِ وَقَالَ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغَصْبَ هَلْ هُوَ إِثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَيُضْمَنُ أَوْ إِثْبَاتُهَا مَعَ رَفْعِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَلَمْ تَرْفَعْ عَنِ الزَّوَائِدِ يَدًا مُحِقَّةً فَلَا يُضْمَنُ لَنَا: أَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْب تلقيه الرّيح فِي بَيته أَو حجر إِذَا قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا وَهُوَ يَكْتَسِبُ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ تبعا لَان الْيَد فِي كل شَيْء عَلَى جِنْسِهِ عَادَةً كَمَا تَثْبُتُ يَدُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ تَبَعًا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَقِيَاسًا عَلَى الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْغَصْبِ وَلِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي الِاسْتِمْرَارِ كَمَا هُوَ غَاصِبٌ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ الْحَقِيقَةِ وَالْحُكْمِ وَالِاسْمِ
أَمَّا الْحَقِيقَةُ: فَالْغَصْبُ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ قهرا وعدواناً وَهَذِه الْحَقِيقَة مستمرة بالفسيق وَالضَّمَانِ وَالْعُقُوبَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَأَمَّا الِاسْمُ فَهُوَ يُسَمَّى غَاصِبًا انْتِهَاءً وَابْتِدَاءً وَلِأَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ تُقَوَّمُ حَامِلًا وَسَمِينَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَلَوْلَا ثُبُوتُ الْيَدِ وَالضَّمَانِ لَمْ تُقَوَّمْ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا حَدَثَ عَنْ أَصْلٍ مَضْمُونٍ بِيَدٍ عَادِيَّةٍ فَيُضْمَنُ كَنَمَاءِ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ إِذَا سَمَّنَ الصَّيْدَ عِنْدَهُ أَوْ حَمَلَ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ هَزَلَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَكِلَاهُمَا مَأْمُورٌ بِالتَّرْكِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْتَ يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا كَأُصُولِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُقُودِ تُشْتَرَى لِلزَّوَائِدِ تَبَعًا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ وَالْغَصْبُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ إِنَّمَا يَسْرِي لِلْمَنْعِ وَالْعُقُودُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْمِلْكَ فَكَانَتْ أَقْوَى فَلِذَلِكَ امْتَنَعَتِ الزَّوَائِدُ وَعَنِ الثَّانِي: الْفَرْقُ بِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُهَا بَعْدَ الْغَصْبِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ فِعْلٌ عِنْدَ حُدُوثِ هَذِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْغَصْبَ حَقِيقَةٌ كَالسَّرِقَةِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا فَكَمَا أَنَّ السَّارِقَ لَا يُعَدُّ سَارِقًا بِمَا فِي يَدِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَضَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَثَبَتَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ كَمَا إِذَا سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ صَارَ نِصَابًا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي يَدِهِ وَالْمُشْتَرِي لَا يُعَدُّ مُشْتَرِيًا فِي كُلِّ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ بِالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ فَإِنْ قِيلَ: الْغَصْبُ فِعْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ فِعْلٌ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالشِّرَاءُ قَوْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْقَوْلِ لَيْسَتْ قَوْلًا قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالسَّرِقَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ وَلَا يُسَمَّى صَائِدًا لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُحَرَّمًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ وَلَا مُحْتَشًّا لِأَنَّهُ قَدْ تَذْهَبُ قدرته وَلَا فعل مَعَ الْقُدْرَة فَتبْطل الْحَقِيقَة وَالِاسْم وَالْحكم إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ لَا
بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ وَعَنِ الرَّابِعِ: مَنْعُ الْحُكْمِ بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: مَنْعُ الْحُكْمِ أَيْضًا وَقَوْلُكُمْ: إِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ فَفِي الْأَصْلِ دون الزِّيَادَة كمن غصب درهما وَبِيَدِهِ دِرْهَم لِصَاحِبِهِ وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا بِرَدِّ الْجَمِيعِ الْفَرْعُ التَّاسِعُ: الْعَقَارُ عِنْدَنَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَكَذَلِكَ الْأَشْجَارُ مِنَ النَّخِيلِ وَغَيْرِهَا إِذَا تَلِفَتْ بِصَنْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْن حَنْبَل وَقَالَهُ (ح) : لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْغَصْبَ عِنْدَنَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَعِنْدَهُ: لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنَ النَّقْلِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ وَهَذَا الْفَرْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمِهَا لَكِنَّهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهَذَا الرُّكْنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ لَنَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَهَذَا ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ كُلُّ سَبِيلٍ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْعُمُومِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام: (مَنْ غَصَبَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ) الْحَدِيثَ فَسَمَّاهُ غَاصِبًا وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: غَصَبَنِي أَرْضِي وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ الْحَيْلُولَةُ وَقَدْ وجد فِي الْعَقَارِ كَالْمَنْقُولِ وَلِأَنَّ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ فَتَكُونُ قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ فَإِذَا كَانَتْ عُدْوَانًا فَهُوَ الْغَصْبُ وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَبِجَعْلِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَهُوَ يَسْتَدْعِي انْتِقَالًا فِي الْأَيْدِي وَالْأَمْلَاكِ وَإِلَّا بَطَلَ السَّلَمُ وَلِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ ضَمَانُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَضَمَانُ الْجَحُودِ فِي الْوَدِيعَةِ وَضَمَانُ الْقَبْضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَهُوَ قَبْضٌ عُدْوَانِيٌّ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِنْ أَخَذَ لِنَفَسِهِ ضَمِنَ أَوْ لِلتَّعْرِيفِ لَا يَضْمَنُ وَالصُّورَةُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا نَشَأَ الضَّمَانُ عَنِ الْقَصْدِ وَكَذَلِكَ حَائِزُ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَنْتَقِلْهَا وَلِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْعُقُودِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ أَوْ نَقُولُ: يُضْمَنُ
بِالْإِتْلَافِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ احْتَجُّوا: بِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ نَقْلٍ فَلَا يُضْمَنُ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ حَتَّى هَلَكَ مَالُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ لِمَالِهِ وَالْعَقَارُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ إِلَّا الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ وَلَوْ أَنَّهُ دَخَلَ دَارًا يَظُنُّهَا دَارَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا مَعَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَلَوْ نَقَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ضَمِنَهُ فَعَلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ: النَّقْلُ وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِجْمَاعِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ وُجِدَ وَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا مَعَ النَّقْلِ وَهُوَ أَتَمُّ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لِأَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ التَّعَرُّضَ لِلتَّلَفِ وَالْقَاصِرُ عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ فَلَا يَصِحُّ غَصْبُهُ كَالْحرِّ أَو لانه يُمْكِنُ نَقْلُهُ فَلَا يُمْكِنُ غَصْبُهُ كَمَنْعِهِ الْبُضْعَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ حَبْسَهُ عَنْ مَتَاعِهِ وِزَانُهُ حَبْسُهُ حَتَّى انْهَدَمَتْ دَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدَّارِ وَلَا تَسَبُّبٍ وَأَمَّا فِي صُورَةِ النِّزَاعِ: فَاسْتَوْلَى وَقَصَدَ الْعَقَارَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَفِعْلِ ذَلِكَ فَيُضْمَنُ كَالْمَنْقُولِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ قُصُورَ صُورَةِ النِّزَاعِ عَنْ صُورَةِ الْإِجْمَاعِ (لَا يَمْنَعُ مِنْ لُحُوقِهَا بِمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ) لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ خَمْرِ الْوَدِيعَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَاكَ نَقْلٌ مَعَ صُورَةِ الضَّمَانِ وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْحُرَّ عِنْدَنَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ إِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ نَائِمًا ثُمَّ الْفَرْقُ: أَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ وَالْعَقَارَ مَالٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ: السَّرِقَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ وَالْغَصْبُ الِاسْتِيلَاءُ عُدْوَانًا وَهُوَ مُتَيَسَّرٌ فِيهِ وَعَنِ الرَّابِعِ: الْفَرْقُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَيْسَ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تستباح بِالْإِبَاحَةِ وَلَا يملك بِالْإِذْنِ وَالْوَصِيَّةِ ثُمَّ نَقُولُ: كَمَا اسْتَوَتِ الْمَنْقُولَاتُ فِي النَّقْلِ وَاخْتَلَفَتْ فِي ضَمَانِ الْغَصْبِ فَتُضْمَنُ الْأَمَةُ الْقِنُّ دُونَ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَكُمْ لِيَسْتَوِيَ الْبُضْعُ وَالْعَقَارُ فِي عَدَمِ النَّقْلِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْغَصْب
الرُّكْن الرَّابِع: الْوَاجِب وَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثُ طُرُقٍ مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْمِثْلَ مُطْلَقًا مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فَجَعَلَ النَّعَمَ مِثْلِيًّا وَبِأَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ لله أَهَدَتْ إِلَيْهِ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ وَهُوَ فِي بَيْتِ غَيْرِهَا فَغَارَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ فَكَسَرَتْهَا فَأَمَرَ عليه السلام بقصعة صَاحِبَة الْبَيْت لصاحبة الْقِصَّة الْمَكْسُورَةِ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمِثْلُ فِي الصّفة دون الْمَالِيَّة والمقدار وَالْمَطْلُوب هَا هُنَا حِفْظُ الْمَالِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّعَامَةَ يُحْكَمُ فِيهَا ببدنة وَهِي بعيدَة جدا من مَالِيَّتِهَا وَمِقْدَارِهَا وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ مِنْ بَابِ جَبْرِ الْقُلُوبِ وَسِيَاسَةِ الْعِيَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ مُطلقًا مُحْتَاجا بِقَوْلِهِ عليه السلام: (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ) الْحَدِيثَ وَقِيَاسًا لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمُقَوَّمِ وَهَذَا مَعْنًى عَامٌّ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَوْرِدَ الْحَدِيثِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمِثْلُهُ مُتَعَذَّرٌ لِتَعَلُقِّ الْغَرَضِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ الْمَكِيلَاتِ وَنَحْوِهَا لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِخُصُوصِهَا فَقَامَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مَقَامَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَدُّ عَيْنِ الْهَالِكِ لِقَوْلِهِ عليه السلام (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) تَعَذَّرَ ذَلِكَ وَالْمِثْلُ أَقْرَبُ لِلْأَصْلِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْجِنْسِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ وَالْقِيمَةُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْمَالِيَّةُ فَكَانَ الْمِثْلُ أَوْلَى إِذَا لَمْ يُفَوِّتْ غَرَضًا وَالْقِيمَةُ أَوْلَى حَيْثُ يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِخُصُوصِ الْهَالِكِ فَالْقِيمَةُ تَأْتِي عَلَيْهِ
وَتَخْلُفُهُ وَلَا يَخْلُفُهُ الْمِثْلُ وَلِأَنَّ الْمِثْلِيَّ جِنْسٌ قَطْعِيّ وَالْقيمَة ظَنِّي اجْتِهَادِيَّةٌ وَالْقَطْعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّنِّ فَكَانَ إِيجَابُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيمَةِ فِي غَيْرِهَا أَعْدَلُ وَأجْمع للأحاديث وَافق لِلْأَصْلِ وَهِيَ طَرِيقَتُنَا مَعَ الْأَئِمَّةِ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ: إِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ يُوجِبُ الْبَدَلَ إِمَّا مِثْلُ الْمُتْلَفِ فِي الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ وَالْجِنْسِ وَالْمِثْلِيَّاتِ وَهِيَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَإِمَّا قِيمَتُهُ فِيمَا عَدَاهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: وَمِنَ الْمِثْلِيِّ الْمَعْدُودِ الَّتِي اسْتَوَتْ آحَادُهُ فِي الصِّفَةِ غَالِبًا كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ فَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا هُوَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ الْآنَ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسَ: اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ كالاختلاف فِي السّلم فِي لفاكهة بعد خُرُوج الإبان وَقَالَ الأيمة تتَعَيَّن الْقيمَة مِنْ يَوْمِ الِانْقِطَاعِ وَقَالَ (ش) وَ (ح) : يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الَّذِي يُقَدِّرُهَا فَلَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ لِتَمَامِ الْحُكْمِ بِالْبَدَلِ وَقَالَ (ش) : تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَفِي الْجُلَّابِ: إِذَا لَمْ يُخَاصِمْ فِي الْمِثْلِيِّ حَتَّى خَرَجَ إِبَّانُهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَشَفَ الْغَيْبُ عَنْ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ صَارَ كَأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَقِيلَ: يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ عِوَضٌ عَنِ الْمِثْلِ الْمُتَعَذَّرِ لَا عَنِ الْمَغْصُوبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوِ اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ ثُمَّ رَخُصَ يُخْتَلَفُ هَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ غَالِيًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْقِيمَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِمُرَاعَاةِ أَغْلَى الْقِيَمِ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَإِنْ كَانَ جُزَافًا وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْلَهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصَبَهُ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَإِنْ قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: أُغَرِّمُهُ مِنَ الْمَكِيلَةِ مَا لَا أَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَرِّمْهُ إِلَّا مِثْلَ مَا أَخَذَ وَتَرَكَ بَقِيَّتَهُ عِنْدَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِيمَةُ تَتَعَيَّنُ فِي
الرِّبَوِيِّ كَيْلَا يُؤَدِّيَ إِلَى التَّفَاضُلِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَجِدْ مِثْلَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الطَّعَامِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ يُرِيدُ بِالْجَائِزِ أَخْذَ مِثْلِهِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ الطَّعَامُ أَمَّا الطَّعَامُ يُخَالِفُهُ فَلَا قَاعِدَةٌ فِي الْجَوَابِرِ وَالزَّوَاجِرِ فَالْجَوَابِرُ مَشْرُوعَةٌ لِجَلْبِ الْمَصَالِحِ وَالزَّوَاجِرُ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ وَالْغَرَضُ مِنَ الْجَوَابِرِ جَبْرُ مَا فَاتَ مِنْ مَصَالِحِ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِ عِبَادِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ شُرِّعَ الْجَبْرُ مَعَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَالْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ وَعَلَى الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ بِخِلَافِ الزَّوَاجِرِ فَإِنَّ مُعْظَمَهَا عَلَى الْعُصَاةِ زَجْرًا لَهُمْ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ هَلْ هِيَ زَوَاجِرُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَشَاقِّ تَحَمُّلِ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا أَوْ جَوَابِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ وَلَيْسَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى زَجْرًا بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلًا لِلْمَزْجُورِ بَلْ يَفْعَلُهَا الْأَئِمَّةُ فِيهِ وَالْجَوَابِرُ تَقَعُ فِي الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحِ وَالْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَالسَّهْوِ مَعَ السُّجُودِ وَالْمُصَلِّي لِجِهَةِ السَّفَرِ أَوْ لِجِهَةِ الْعَدُوِّ مَعَ الْخَوْفِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَجَبْرِ مَا بَيْنَ السِّنِينَ بِالدَّرَاهِمِ أَوِ الذُّكُورَةِ مَعَ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَهُوَ جَبْرٌ خَارِجٌ عَنِ الْقِيَاسِ وَالصِّيَامِ بِالْإِطْعَامِ لِمَنْ لَمْ يَصُمْ أَوْ لِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ ومناهي النّسك بِالدَّمِ ثمَّ الصّيام وَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِمَالِكِهِ بِقِيمَتِهِ وَالْأَوَّلُ مُتْلَفٌ وَاحِدٌ جُبِرَ بِبَدَلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِعَمَلٍ بَدَنِيٍّ وَالْأَمْوَالُ لَا تُجْبَرُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ وَالنُّسُكَاتُ تَارَةً بِبَدَنِيٍّ وَتَارَةً بِمَالِيٍّ وَيُجْبَرُ الصَّوْمُ بِمِثْلِهِ فِي الْقَضَاءِ وَبِالْمَالِ فِي
الْعَاجِزِينَ وَالْمُؤَخِّرِينَ لِقَضَائِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْمِثْلِيُّ بِغَيْرِ مِثْلِهِ إِلَّا فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ لِحِكْمَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْبَيْعِ وَالْمُحَرَّمَاتُ لَا تُجْبَرُ احْتِقَارًا لَهَا كَالْمَلَاهِي وَالنَّجَاسَاتِ إِلَّا مَهْرَ الْمَزْنِيِّ بِهَا كَرْهًا فَيُجْبَرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوَّمْ قَطُّ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ فَأَشْبَهَ الْقُبَلَ وَالْعَنَاقَ وَمَنَافِعُ الْأَبْضَاعِ تُجْبَرُ بِالْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَلَا تُجْبَرُ فِي الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ مُجَرَّدَ إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَالسَّاعَةُ الْوَاحِدَةُ تَسَعُ عَدَدًا كَثِيرًا مِنَ الْإِيلَاجَاتِ فَلَوْ ضُمِنَتْ لَكَانَ الْيَوْمُ الْوَاحِدُ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ عَظَائِمِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَحِكَمِهِ وَاسْتِقْرَاءُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَطُولُ فَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَوَائِدِهَا
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَعَدَّى عَلَى صَفْحَةٍ أَوْ عَصًا بِالْكَسْرِ أَوْ ثَوْبٍ بِالتَّحْرِيقِ وَكَثُرَ الْفَسَادُ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ ذَهَابَ الْجُلِّ كَذَهَابِ الْكُلِّ أَوْ أَخَذَهُ وَمَا نَقَصَهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ مَالِكِهِ أَوْ قَلَّ الْفَسَادُ فَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْبَعْضَ مَضْمُونٌ كَالْكُلِّ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَلَمْ يُفَصِّلْ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الضَّمَانُ مَوْرِدَ الْإِتْلَافِ ثُمَّ رَجَعَ لِلتَّفْصِيلِ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَدِّي عَلَى عُضْوِ حَيَوَانٍ أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الرَّقِيقِ كَبِيرُ مَنْفَعَة ضمن جمعيه وَعُتِقَ عَلَيْهِ كَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: رَاعُوا قَطْعَ يَدِ الْعَبْدِ الصَّانِعِ فَضَمِّنُوهُ وَإِنْ بقيت مَنَافِع بِخِلَافِ قَطْعِ ذَنَبِ الدَّابَّةِ أَوْ أُذُنِهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَلْعُ عَيْنِ الْفَرَسِ الْفَارِهِ يَضْمَنُهُ وَإِنْ بَقِيَتْ مَنَافِعُ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ لِغَيْرِ ذَوِي الهيآت لِفَسَادِ غَرَضِ صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ إِفَسَادُ ضَرْعِ الشَّاةِ الْمُرَادَةِ لِلَّبَنِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّحْمُ وَالنِّتَاجُ وَلَا فرق بَين الْأذن وَالْعين عِنْد ذَوي الهيآت
وَفِي النُّكَتِ إِذَا كَثُرَ الْفَسَادُ وَاخْتَارَ أَخْذَهَا وَمَا نَقَصَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْوِ الثَّوْبِ وَإِنْ قَبِلَ الرَّفْوَ أَوْ يُخَاطُ الثَّوْبُ إِنْ صَلُحَ ذَلِكَ فِيهِ وَتُشَعَّبَ الْقَصَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْفَسَادُ الْيَسِيرُ وَلَا تُدَاوَى الدَّابَّةُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ نَفَقَةَ الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَعَاقِبَتُهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا جُنِيَ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً مُفْسِدَةً كَقَطْعِ يَدِهِ فَلِرَبِّهِ الْقِيمَةُ وَيُعْتَقُ وَمَعْنَاهُ: إِذَا طَلَبَ ذَلِكَ السَّيِّدُ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ وَمَا نَقَصَهُ لِأَنَّهُ مَالُهُ وَإِذَا أَعْجَفَ الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ بِرُكُوبِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ رَبُّهَا الْقِيمَةَ وَأَخَذَهَا لَا يُطَالِبُهُ بِمَا نَقَصَ بِخِلَافِ قَطْعِ الْعُضْوِ وَلِأَنَّ الْعَجْفَ لَيْسَ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ لِتَوَقُّعِ زَوَالِهِ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فِعْلُهُ وَالْعَجْفَ أَثَرُ فِعْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَا قِيلَ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ: يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ وَفَسَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يَغْرَمُ فِي الرَّفْوِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَلَا تَرَى أَشْهَبَ وَغَيْرَهُ يَقُولُونَ: لَا يُغَرِّمُهُ إِلَّا مَا نَقَصَ إِذَا كَانَ لَهُ تَغْرِيمُهُ الْقِيمَةَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَكَيْفَ بِتَغْرِيمِهِ النَّقْصَ بَعْدَ الرَّفْوِ وَرُبَّمَا زَادَ وَلَوْ قِيلَ فِي الْيَسِيرِ: عَلَيْهِ النَّقْصُ فَقَطْ صَحَّ لِدُخُولِ الرَّفْوِ فِيهِ كَمَا قَالُوا: إِذَا وَجَدَ آبِقًا وَذَلِكَ شَأْنُهُ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ وَالنَّفَقَةُ لَهُ لِدُخُولِ النَّفَقَةِ فِي جُعْلِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي إِفَسَادِ الْمُتَعَدِّي الثَّوْبَ فَسَادًا يَسِيرًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ جنى عمد أَوْ خَطَأً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: الْعِتْقُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَةِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِمْسَاكُهُ وَأَخْذُ مَا نَقَصَهُ وَالصَّوَابُ: الْعِتْقُ وَإِنْ كَرِهَ لِقِيَامِ قِيمَتِهِ مَقَامَهُ فَهُوَ مُضَارٌّ فِي مَنْعِهِ الْعِتْقَ إِنْ كَانَ الْفَسَادُ كَثِيرًا وَيُخَيَّرُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا كَفَقْءِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ وَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ مَعَ بَقَاءِ كَثِيرِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَا بَقِيَ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ عُتِقَ عَلَى الْجَانِي أَدَبًا لَهُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ وَالْجِنَايَةُ مَعًا كَمَنْ حَلَفَ إِن بَاعَ عَبده فَهُوَ حر فَيَقَعُ الْبَيْعُ وَالْحِنْثُ مَعًا وَيَغْلِبُ الْعِتْقُ لِحُرْمَتِهِ وَإِنْ قَلَّتِ الْجِنَايَةُ جِدًّا كَجَذْعِ الْأَنْفِ وَقَطْعِ الإُصْبُعِ فَمَا نَقَصَ فَقَطْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: التَّعَدِّي أَرْبَعَةٌ: يَسِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَيَسِيرٌ يُبْطِلُهُ وَكَذَلِكَ يُبْطِلُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ وَالْأَوَّلُ
لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّالِثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ فَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَمَا نَقَصَهُ فَذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَضْمَنَهُ فَامْتَنَعَ فَذَلِكَ رِضًا بِنَقْصِهِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: كَقَطْعِ ذَنَبِ حِمَارِ الْقَاضِي وَالشَّاهِدِ وَنَحْوِهِ وَتَسْتَوِي الْمَرْكُوبَاتُ وَالْمَلْبُوسَاتُ هَذَا الْمَشْهُورُ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِذَلِكَ وَضَمَّنَ ابْنُ حَبِيبٍ بِالذَّنَبِ دُونَ الْأُذُنِ لِاخْتِلَافِ الشَّيْنِ فِيهِمَا قَالَ: وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَطْعُ أُنْمُلَةِ إُصْبُعِهِ فَبَطَّلَ ذَلِكَ صِنَاعَتَهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ أَمَّا قَطْعُ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ فَيُضَمِّنُهُ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ لِذَهَابِ جُلِّ مَنَافِعِهِ وَالْعَرَجُ الْخَفِيفُ يَضْمَنُ النَّقْصَ فَقَطْ وَالْكَثِيرُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ وَالْخِصَاءُ يَضْمَنُ نَقْصَهُ فَإِن لم ينقصهُ وزادت قِيمَته لاشيء عَلَيْهِ وَعُوقِبَ وَقِيلَ: تُقَدَّرُ الزِّيَادَةُ نَقْصًا فَيَغَرَمُهَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَنِ النَّقْصِ وَلَيْسَ بِالْبَيْنِ تَنْبِيهٌ: هَذَا الْفَرْعُ - وَهُوَ إِذْهَابُ جُلِّ الْمَنْفَعَةِ - مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَتَشَعَّبَتْ فِيهِ الْآرَاءُ وَطُرُقُ الِاجْتِهَادِ فَقَالَ (ح) فِي الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ كَقَوْلِنَا فِي الْأَكْثَرِ فَإِنْ ذَهَبَ النِّصْفُ أَوِ الْأَقَلُّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عَادَةً فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا نَقَصَ فَإِنْ قَلَعَ عَيْنَ الْبَهِيمَةِ فَرُبُعُ الْقِيمَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ: أَنْ لَا يَضْمَنَ إِلَّا النَّقْصَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْأَكْلِ وَالرُّكُوبِ فَعَلَى هَذَا يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دُونَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الرُّكُوبُ فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ لِلْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَيَضْمَنُ أَيْضًا بِرُبُعِ الْقِيمَةِ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا مَا نَقَصَ فَإِنْ قَطَعَ يَدَيِ الْعَبْدِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَافَقَنَا (ح) فِي تَخْيِيرِ السَّيِّدِ فِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ إِمْسَاكِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ (ش) : تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ كَامِلَةً وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْقِيمَةُ وَالْعَبْدُ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْأَصْل
هَذَا الْفِقْهِ: أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي سَبَبُهُ عُدْوَانٌ لَا يُوجِبُ مِلْكًا لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّغْلِيظِ لَا سَبَبُ الرِّفْقِ وَعِنْدَنَا الْمِلْكُ مُضَافٌ لِلضَّمَانِ لَا لِسَبَبِهِ وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعُدْوَانِ وَغَيْرِهِ فَانْبَسَطَتْ مَدَارِكُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى: فَلَنَا: أَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا أَوِ الْأُولَى فَإِنَّ ذَا الْهَيْئَةِ إِذَا قَطَعَ ذَنَبَ بَغْلَتِهِ لَا يَرْكَبُهَا بَعْدُ وَالرُّكُوبُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَأَمَّا قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى قَتْلِهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: إِذَا قَتَلَهَا ضَمِنَهَا اتِّفَاقًا مَعَ بَقَاءِ انْتِفَاعِهِ بِإِطْعَامِهَا لِكِلَابِهِ وَبِزَّاتِهِ وَيَدْفَعُ جِلْدَهَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ دِبَاغٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلَمَّا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنَ الضَّمَانِ عَلِمْنَا أَنَّ الضَّمَانَ مُضَافٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ذَهَابُ الْمَقْصُودِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْحُكْمِ عَمَلًا بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُوجِبِ وَلِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَسَلًا وَشَيْرَجًا وَنَشَاءً فَعَقَدَ الْجَمِيعُ فَالُوذَجًا ضَمِنَ عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاء مَنَافِع كَثِيرَة مَعَ الْمَالِيَّة فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَو غصب عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعَ كَثِيرَةٍ مَعَ الْمَالِيَّةِ فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ أَوْ حِنْطَةً فبلَّها بَللاً فَاحِشًا ضَمِنَ الدَّرْكَ عِنْدَهُمْ مَعَ بَقَاءِ التَّقَرُّبِ فِي الْعِتْقِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ جُلَّ الْمَقْصُودِ ذَهَبَ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَا يُقَالُ فِي الْآبِقِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْعَيْنِ وَفِي الْحِنْطَةِ يَتَدَاعَى الْفَسَادُ إِلَيْهِما لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصُودِهِ وَأَفْسَدَهُ عَلَيْهِ نَاجِزًا مَعَ إِمْكَانِ تَجْفِيفِ الْحِنْطَةِ وَعَمَلِهَا سَوِيقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالِاعْتِدَاءُ حَصَلَ فِي الْبَعْضِ فَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْبَعْضِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَوْ صَدَرَتْ فِي غَيْرِ بَغْلَةِ الْأَمِيرِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ فَكَذَلِكَ فِيهَا كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ وَالدَّارِ لَأَنَّ تَقْوِيمَ الْمُتْلَفَاتِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ إِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِالْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَيُؤَكِّدُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ ذنَب حِمَارِ التَّرَّابِ أَوْ خَرَقَ ثَوْبَ الحطَّاب لَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ مَعَ تَعَذُّرِ بَيْعِهِ مِنَ
الْأَمِير وَالْقَاضِي وَلِأَنَّهُمَا لَا يَلْبَسَانِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَطْعِ الْيَسِيرِ وَلَوْ قَطَعَ أُذُنَ الْأَمِيرِ نَفْسِهِ أَوْ أَنْفَ الْقَاضِي لَمَا اخْتَلَفَتِ الْجِنَايَةُ فَكَيْفَ بِدَابَّتِهِ مَعَ أَنَّ شَيْنَ الْقَاضِي بِقَطْعِ أَنْفِهِ أَعْظَمُ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ يُعْوِرَ فَرَسَهُ مِثْلَ فِعْلِ الْجَانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الدِّمَاءِ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى {عَلَيْكُم} إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ نُفُوسَنَا دُونَ أَمْوَالِنَا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الدَّارَ جُلُّ مَقْصُودِهَا حَاصِلٌ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا يَخْتَلِفُ التَّقْوِيمُ بِاخْتِلَافِ الْمُلَّاكِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ الصَّالِحَةَ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ كَالْقُضَاةِ والحطَّابين أَنْفَسُ قِيمَةً لِعُمُومِ الْأَغْرَاضِ وَلِتَوَقُّعِ الْمُنَافَسَةِ فِي الْمُزَايَدَةِ أَكْثَرَ مِنَ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا أُذُنُ الْأَمِيرِ وَأَنْفُ الْقَاضِي فَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَزَايَا الرِّجَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَمَزَايَا الْأَمْوَالِ مُعْتَبرَة فيأسر فَدِيَةَ أَشْجَعِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِمْ كَدِيَةِ أَجْبَنِ النَّاسِ وَأَجْهَلِهِمْ فَأَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَأَصْلُهَا أَنَّ الْقِيمَةَ عِنْدَنَا بدلُ الْعين فيستحيل أَن يجْتَمع الْعِوَض والمعوض وَعند بدل الْيَدَيْنِ فيجتمع المعوض بِقِيمَة الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي لَمْ تَقَابَلْ بِعِوَضٍ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا تَقَدَّمَ أَنَّ ذَهَابَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ كَمَالَ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّا إِنَّمَا نقوِّم الْعَيْنَ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ عوضا وَلِأَن الْمَمْلُوك لاتضمن أَجْزَاؤُهُ بِالتَّلَفِ بِمَا تُضْمَنُ بِهِ جُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ إِجْمَاعًا أَوْ نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ لَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَو جنى وَلِذَلِكَ سُميت قِيمَةً فَلَوْ حَصَلَ لَهُ الْقِيمَةُ مَعَ الْعَيْنِ لَمَا قَامَتْ مَقَامَهَا وَلَكَانَ لِلشَّيْءِ قِيمَتَانِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ
احْتَجُّوا بِأَنَّ دِيَةَ يَدِ الْحُرِّ والمدبِّر دِيَةٌ عَنْ يَدَيْهِ وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِدِيَةِ النَّفْسِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ القِن وَلِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ تَسْلِيمُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَصْلُهُ إِذَا قَطَعَ الْيَدَ الْوَاحِدَةَ وَفِقْهُهُ: أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ ضَمَانُ الدِّمَاءِ وَخَرَاجُهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَخَرَاجِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ كَمَا فِي يَدَيِ الْحُرِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَفِي يَدِ الْعَبْدِ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُدَبَّرَ - عِنْدَنَا - لَا يَقْبَلُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ لِمَا جَعَلَ فِيهِ مِنْ عَقْدِ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ الْحُرُّ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ الْبَتَّةَ وَصُورَةُ النِّزَاعِ قَابِلَةٌ لِلْمِلْكِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ بَقَاءِ الْمُدَبَّرِ لِسَيِّدِهِ مَعَ الْأَرْشِ وَإِنْ عَظُمَ بَقَاءُ الْقِنِّ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يَذْهَبْ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ فَرَضْتُمُوهُ كَذَلِكَ مَنَعْنَا الْحُكْمَ وَأَوْجَبْنَا كَمَالَ الْقِيمَةِ أَمَّا الْيَدَانِ: فَمَذْهَبُنَا أَنَّ لِجُلِّ الْمَنْفَعَةِ كَمَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ وَالْفَالُوذَجِ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْعُدْوَانَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ بِالِاسْتِيلَاءِ الْعُدْوَانُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فِي جَارِيَةِ ابْنِهِ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْعَبْدَ نِسْبَةُ أَطْرَافِهِ إِلَى قِيمَتِهِ كَنِسْبَةِ أَطْرَافِ الْحُرِّ إِلَى دِيَتِهِ فَغَيْرُ مسلَّم بَلِ الْعَبْدُ - عِنْدَنَا - يُضْمَنُ أَطْرَافُهُ بِمَا نَقَصَ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَهَا فَزَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ أَعلَى الْقيم وَهُوَ الْمَذْهَب الشَّافِعِي وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَابْنِ حَنْبَلٍ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ فَقَطْ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ (ح) وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ تَعَلَّمَ العَبْد
صَنْعَةً ثُمَّ نَسِيَهَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا لَنَا: أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ) وَتَرْتِيبُ الحكم على الْوَصْف يدل على علية ذَلِك الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَتَكُونُ الْيَدُ هِيَ سَبَبَ الضَّمَان فيترتب الضَّمَان عَلَيْهِ ويعد الضَّمَانُ لَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يُصَيِّرُ الْمَضْمُونَ مِلْكَ الضَّامِنِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وتجد يَد ضَمَانٍ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل) وَالرَّادُّ لِلْمَغْصُوبِ مُحْسِنٌ بِفِعْلِهِ لِلْوَاجِبِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يَتَنَاوَلِ الزِّيَادَةَ فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً وَقِيَاسًا عَلَى زِيَادَةِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى عَنْ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَخْذُ أَرْفَعِ الْقِيَمِ إِذَا حَالَ السُّوقُ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُمْ: أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ السّلْعَة فَلَا يُؤمر فِيهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ صِفَاتِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ وَمَا رَدَّهَا فَيَكُونُ غَاصِبًا لَهَا فَيَضْمَنُهَا وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَتَكُونُ مِلْكَهُ وَيَدُ الْعُدْوَانِ عَلَيْهَا فَتَكُونُ مَغْصُوبَةً فَتُضْمَنُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ: أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ مِلْكُهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ ضَمَانَهَا بِسَبَبِ أَنَّ أَسْبَابَ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ وَوَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمَنَةِ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُودَ وَاحِدٍ مِنْهَا أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَظَاهِرٌ وَبِالْفَرْضِ وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَضْعُ الْيَدِ إِلَّا فِي الْمَغْصُوبِ أَمَّا زِيَادَتُهُ فَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا اسْتِصْحَابُهَا وَاسْتِصْحَابُ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ بِدَلِيلِ: أَن اسْتِصْحَاب النِّكَاح لايقوم مَقَامَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِصِحَّتِهِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ
وَالْعَقْدُ لَا يُثْبَتُ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ يُوجِبُ تَرَتُّبَ الْعِدَّةِ عُقَيْبَهُ وَاسْتِصْحَابُهُ لَا يُوجِبُ تَرَتُّبَ الْعِدَّةِ عُقَيْبَهُ وَوَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا يُوجِبُ التَّفْسِيقَ وَالتَّأْثِيمَ وَلَوْ جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يُؤَثَّمْ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُفَسَّقْ وَابْتِدَاءُ الْعِبَادَاتِ يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّاتُ وَغَيْرُهَا مِنَ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي اسْتِصْحَابِهَا فَعَلِمْنَا أَنَّ اسْتِصْحَابَ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يقوم مقَامه لاسيما وَمُوجِبُ الضَّمَانِ هُوَ الْأَخْذُ عُدْوَانًا وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ زَمَنِ الْأَخْذِ أَنَّهُ: أَخَذَ الْآنَ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فَحَقِيقَةُ الْأَخْذِ تَجْرِي مَجْرَى الْمُنَاوَلَةِ وَالْحَرَكَاتُ الْخَاصَّةُ لَا يَصْدُقُ شَيْءٌ مِنْهُ مَعَ الِاسْتِصْحَابِ فَعُلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ مَنْفِيٌّ فِي زمن الِاسْتِصْحَاب قطعا وَإِنَّمَا نُضَمِّنُهُ الْآنَ بِسَبَبِ تَقَدُّمٍ لَا بِسَبَبٍ مُقَارَنٍ فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرُوهُ وَأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا هِيَ يَوْمَ الْغَصْبِ زَادَتِ الْعَيْنُ أَوْ نَقَصَتْ تَفْرِيعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ: فَلَوْ بَاعَهَا فَلَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ لَك إِجَازَته وَبَين الْقيمَة لِأَنَّهُ غَاصِب فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ عَنْ يَوْمِ الْغَصْبِ رَجَعَتْ بِالتَّمَامِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَوْجَبَ التَّمَامَ عَلَيْهِ قَالَ التُّونُسِيُّ: وَإِذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِتَمَامِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ يَمْلِكُ بِالْجِنَايَةِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِلْكِهِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ كَمَا عَلَيْهِ النَّقْصُ وَقَالَ أَشْهَبُ: الزِّيَادَةُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَن الْغَاصِب عِنْده لَا يرجع وَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ غُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِمَا أَخَذَ مِنْ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ عَنِ الْغَاصِبِ مِنْ غَرِيمِ الْغَاصِبِ فَهُوَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنْدَفِعَ الضَّمَانُ عَنِ الْغَاصِبِ فَلَا يَتْبَعُهُ بِبَقِيَّةِ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِمَا أَخَذَ مِنَ الْجَانِي من غُرَمَاء
الْغَاصِبِ وَإِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ وَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْغَاصِبِ فَذَلِكَ لَهُ فَإِن قَالَ: آخذه من الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ عِنْد ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ إِذا جَازَ الْبَيْعَ صَارَ الْغَاصِبُ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ وَلَهُ خَمْسُونَ وَالثَّمَنُ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَيَأْخُذُهُ مِنَ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَمَّا أَخَذَ قِيمَةَ مِلْكِهِ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ فَانْتَقَضَ الْبَيْعُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ الْغَاصِبُ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْخَمْسِينَ الْأُخْرَى تَمَامِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ قَالَ مُحَمَّد: فَإِن كَانَت قِيمَته يَوْم الْغَصْب ماية وَعِشْرِينَ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ خَمْسِينَ فَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ خَمْسِينَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَقَطْ عَلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ بِتَمَامِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ سَبْعُونَ وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ فَإِنْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ لِمَنْ أَبْلَاهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَانَ عَدِيمًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ لُبْسِهِ ثُمَّ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا مَتَى قَدَرْنَا عَلَى إِجَازَةِ هِبَةِ الْغَاصِبِ فَعَلْنَا وَيُبْدَأُ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ خَطَأً فَيَضْمَنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَعِنْدَهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اللُّبْسِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ وَلَا لِلْمُسْتَحَقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَعَنْ أَشهب: لَهُ الرُّجُوع وَبَدَأَ ابْن الْقَاسِم هَا هُنَا بِالْغَاصِبِ دُونَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَالَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيُبَلِّغَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ فَعَطِبَ: إِنَّهُ يَضْمَنُ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْأَوَّلَ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ رَقَبَةً فَاسْتَهْلَكَهَا وَالثَّانِيَ إِنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَيَضْمَنُ مَنْ
بَعَثَهُ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ مُخْطِئًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنِ اكْتَرَى دَابَّةً مِنْ غَاصِبٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهَلَكَتْ: لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِلدَّابَّةِ فَلَا يَضْمَنُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى الْمَنَافِعِ لِوُجُودِ مَنْ يَضْمَنُ الرَّقَبَةَ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ فَلِذَلِكَ ضَمِنَ مُسْتَأْجِرُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمُسْتَحَقَّ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ أَجَازَهُ وَقَدْ نَكَحَ وَوَرِثَ نُفِّذَ جَمِيعُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ عِتْقِهِ عُدْوَانًا وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِيمَا كَانَ أَصْلُ عِتْقِهِ عُدْوَانًا كَالْمُكَاتَبِ يَعْتِقُ عَبْدًا لَهُ فَيَمُوتُ فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُجِيزَ عِتْقَهُ وَيَرِثَهُ: ذَلِكَ لَهُ وَيَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُورَثُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَ عِتْقِهِ عُدْوَانٌ كَعِتْقِ الْمِدْيَانِ وَانْظُرْ لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ ثُمَّ جَار بِهِ فَلَمْ يَفُتْ فَأَرَادَ إِلْزَامَهُ الْقِيمَةَ وَقَالَ الْغَاصِب: لَا يَنْبَغِي أَن لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ الْغَاصِبَ فَإِنَّ عِتْقَهُ بَاطِلٌ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا قَدَّمَ الطَّعَامَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَقَالَ (ح) : مَتَى فَعَلَ الْمَالِكُ فِي الْمَغْصُوبِ فِعْلًا لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ سَقَطَ بِهِ ضَمَانُ الْغَصْبِ لَأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ تُنَاقِضُ يَدَ الْغَاصِبِ عَلِمَ الْمَالِكُ أَمْ لَا كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ الْعَبْدَ مِنَ الْغَاصِبِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: كُلْهُ فَإِنَّهُ طَعَامِي اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ وَعِنْدَ (ش) فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنِ الْغَاصِبِ قَوْلَانِ عَلِمَ أَمْ لَا أَكْرَهَهُ أَمْ لَا لَنَا: أَنَّ إِذْنَ الْغَاصِبِ كَغُرْمِهِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ وَعَدَمَهُ فِي الضَّمَانِ وَسُقُوطِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ يَظُنّهُ طَعَامه ضمنه أَو طَعَامه يضنه طَعَامَ الْغَرِيمِ يَضْمَنُهُ وَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يَنْتَفِعَ إِنْسَانٌ بِطَعَامِهِ وَيَضْمَنَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ نَقُولُ: رَجَعَ
الْمَغْصُوبُ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَادَهُ أَوْ أَقْبَضَهُ لِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ قَبْضَ شَيْءٍ حَصَلَ قَبْضُهُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا لَوِ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فَوَهَبَهُ الْبَائِعُ إِيَّاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَعَادَهُ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ مُبَاشِرٌ للاتلاف وَالْغَاصِب سَبَب فِي التّلف الْعَادِيَّةِ وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَالْمُلْقِي مُقَدَّمٌ فِي اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ قَدَّمَ لَهُ الشَّاةَ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَشَيِّهَا وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّاة صَارَت ملكه عندنَا بِالذبْحِ فَلذَلِك استق الضَّمَان عَلَيْهِ لم يبر بِتَقْدِيمِ الشَّاةِ وَالطَّعَامُ لَمْ يَسْتَقِرَّ الضَّمَانُ فِيهِ وَهُوَ ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ فَافْتَرقَا قالو: إِنَّمَا وَجَدَ مِنَ الْغَاصِبِ إِبَاحَةَ الْأَكْلِ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ رَدًّا وَلَا تُزِيلُ الْيَدَ الْعَادِيَّةَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَبَاحَ مِلْكَهُ لِلضَّيْفِ تَبْقَى يَدُهُ عَلَيْهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَهُ نَزْعُهُ مِنَ الضَّيْفِ وَلَوْ بَاعَهُ لِلضَّيْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ حَمَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ لَمَنَعَهُ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ جِهَةَ ضَمَانٍ وَجَوَابُهُ: أَنَّا نَفْرِضُهُ خَلَّاهُ وَرَاحَ وَأَكَلَهُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لِلْغَاصِبِ يَدٌ الْبَتَّةَ ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذَا أَعَارَهُ إِيَّاهُ وَإِذَا دَفَعَ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ لَهُ وَبِمَا إِذَا دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ فَأَكَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِمَا إِذَا قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ وَاسْتَوْلِدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا عَنْهُمْ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَهِدُوا بِالْغَصْبِ مَعَ الْجَهْل بِالْقيمَةِ وَقد هَلَكت وصفتها الْبَيِّنَةُ وَتُقَوَّمُ الصِّفَةُ " فَإِنْ قَالُوا: غَصَبَهَا مِنْكَ وَلَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ قُضِيَ بِهَا لَكَ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَمَتَى ادَّعَى هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ وَخَالَفَ فِي صِفَتِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغَرَامَةُ فَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِثُبُوتِ الظُّهُورِ فِي جِهَتِكَ بِالْأَشْبَهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: مُرَاعَاةُ الْأَشْبَهِ غَلَطٌ إِنَّمَا
ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْرُوفَةُ الْحَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ دَاخَلَهَا نَقْصٌ أَوْ حَوَالَةُ سُوقٍ فَرَاعَى الْأَشْبَه وَإِلَّا فقد قالو: لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي قِيَامِهَا قَوْلَانِ فِي الْأَشْبَهِ وَالْقِيَاسُ مُرَاعَاتُهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ هَاهُنَا
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَضَيْنَا عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ فَلَكَ أَخْذُهُ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَتَرُدُّ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ وَإِنْ لم تعلم فَلَا لَان الْقصر والرضى بِالْقِيمَةِ كَالْبَيْعِ إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنَ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلَكَ تَمَامُ الْقِيمَةِ نَفْيًا لِلظُّلَامَةِ وَكَأَنَّهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَجَحَدَ بَعْضَهَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: إِذَا ظَهَرَتْ مُخَالَفَةُ الصِّفَةِ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ رَدِّ مَا أَخَذَ وَيَأْخُذُ جَارِيَتَهُ أَوْ حَبْسِهَا وَتَمَامِ الْقِيمَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ التُّونُسِيُّ: نَفَّذَ مَالِكٌ الْحُكْمَ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِمْسَاكِ حَتَّى يَجِدَ الْمَغْصُوبَ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ غَيَّبَهُ كُنْتَ كَالْمَجْبُورِ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا يَلْزَمُكَ وَيَنْبَغِي لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ فَيَقُولُ: جَارِيَةٌ وَتَقُولُ أَنْتَ: عَبْدٌ فَيُصَدَّقُ ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْلُكَ يَنْبَغِي الرُّجُوعُ كَالَّذِي أَخْفَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْفَى الصِّفَةَ كُلَّهَا بِخِلَافِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعَبْدِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ فَالْعَيْنُ هِيَ الْمَبِيعَةُ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ: جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ لِلْخِدْمَةِ قِيمَتُهَا عِشْرُونَ وَقُلْتَ: بَيْضَاءُ لِلْوَطْءِ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَهَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لَجَحْدِهِ بَعْضَ الصِّفَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ: يَحْلِفُ الْغَاصِبُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنه أخفاها وَلَقَد كَانَتْ فَاتَتْ مِنْ يَدِي فَإِذَا حَلَفَ بَقِيَتْ لَهُ إِذَا كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَهَذَا الْفَرْعُ هُوَ تَمْلِيكُ الْغَاصِبِ بِالتَّضْمِينِ وَيَمْلِكُ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ وَافَقَنَا فِيهِ (ح) إِلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَحَلَفَ الْغَاصِبُ وَغَرِمَ ثُمَّ وُجِدَ
الْمَغْصُوبُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ فَعِنْدَنَا يَغْرَمُ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَعِنْدَهُ يَأْخُذُهُ وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: الْمَغْصُوبُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى بَقَاءِ الْمِلْكِ إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ كَتَمَهَا وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ يُلَاحَظُ الْعُدْوَانُ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ انْتِقَالَ الْأَمْلَاكِ وَالْمِلْكُ يَنْشَأُ عَنِ التَّضْمِينِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعُدْوَانِ تَارَةً وَعَلَى غَيْرِهِ أُخْرَى فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُدْوَانِ مَعَ أَنَّ الْعُدْوَانَ قَدْ يُوجِبُ الْمِلْكَ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَحْبَلَهَا وَلِذَلِكَ نَقُولُ أَخَذَ الْبَدَلَ هَاهُنَا فَيَمْلِكُ الْمُبْدَلَ بَاذِلُ الْبَدَلِ كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ فِي إِجْبَارِ الْجَارِيَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا غَصَبَ عِنَبًا وَشَيْرَجًا وَنَشَاءً وَعَمِلَ الْجَمِيعَ فَالُوذَجًا فَإِنَّهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبُ وَالْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنِ الْعَيْنِ لَا عَنِ الْحَيْلُولَةِ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِي إِنَّ الْعَيْنَ تُقَوَّمُ وَتُوصَفُ وَيَحْلِفَانِ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْحَيْلُولَةُ فَلَا قِيمَةَ لَهَا وَلِأَنَّ سَبَبَ التَّمْلِيكِ الْحُكْمِيَّ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِيِّ بِدَلِيلِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ قَهْرًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الْقَوْلِيَّ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إِلَّا بِفِعْلٍ أَوْ تَخْلِيَةٍ وَالْحُكْمِيَّ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِمُجَرَّدِهِ فَيَكُونُ أَقْوَى فَيَنْقُلُ الْمِلْكَ قِيَاسًا عَلَى الْقَوْلِيِّ وَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ نَقُولُ: بَلْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَيُمْلَكُ كَالْقَتْلِ أَو نقُول أَحَدِ الْمُقَابِلَيْنِ لِلْأَعْيَانِ فَيُوجِبُ أَنْ يَمْلِكَ الطَّرَفَيْنِ كَالثَّمَرَةِ وَالثَّمَنِ احْتَجُّوا: بِأَنَّ الْقِيمَةَ قُبَالَةُ الْحَيْلُولَةِ لَا قُبَالَةُ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْآبِقَ مَثَلًا لَا تَصِحُّ مُقَابَلَتُهُ بِالْعِوَضِ وَلَوْ صَرَّحَا بِذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ عَنِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَهُمَا لَا يُقَابَلَانِ بِالْأَعْوَاضِ وَلِأَنَّ الْآبِقَ لَوْ لَمْ يَعُدْ لِلْغَاصِبِ لَمَا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْقِيمَةُ تُقَابِلُهُ لَرَجَعَ فِيهَا كَالثَّمَنِ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْمُثَمَّنِ وَكَمَا إِذَا ذَهَبَ بَصَرُهُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَصَرِهِ وَلِذَلِكَ إِذَا رَجَعَ
بَصَرُهُ رَدَّ الدِّيَةَ وَاسْتَقَرَّ الْبَصَرُ لِصَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ إِذَا رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ يَغْرَمُونَ مَا حَالُوا بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَمْلِكُونَهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ بِهَذِهِ النَّظَائِرِ أَنَّ الْقِيمَةَ قُبَالَةُ الْحَيْلُولَةِ وَقَدِ ارْتَفَعَتِ الْحَيْلُولَةُ فَتُرَدُّ الْقِيمَةُ أَوْ نَقُولُ: لَا يُوجِبُ هَذَا التَّضْمِينُ الْمِلْكَ فِي الْمُدَبَّرِ فَلَا يُوجِبُهُ فِي الْقِنِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ يَجُوزُ عِنْدَنَا مِنَ الْغَاصِبِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّقْدِ وَالْتِزَامِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي أَجَلٍ مَعْلُوم أَو نقُول: لَا يلْزم من غدم قبُول الْملك والمعاوضة صَرِيحًا أَن لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ ضِمْنًا كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إِذَا أَبَقَ يَمْتَنِعُ بَيْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِالتَّصْرِيحِ وَيَجُوزُ ضِمْنًا بِأَنْ يَعْتِقَ نَصِيبَهُ فَيَمْلِكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدَكَ الْآبِقَ بِأَلْفٍ صَحَّ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ وَلِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَ فِي حَيِّزِ الْمُتْلَفَيْنِ فَقِيمَتُهُمَا كَدِيَةِ الْحُرِّ قُبَالَتُهُ لَا قبالة الحليولة بَيْنَ الْحُرِّ وَبَيْنَ زَوْجِهِ ثُمَّ هَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا مُنْدَفِعَةٌ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ قَبُولُ الْمِلْكِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَقْبَلُ الْمِلْكَ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهَا ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذا تَرَاضيا بِالْقيمَةِ ثمَّ للْملك اخْتِصَاصه بِمَا يقبل الْمِلْكَ وَالدَّمَ وَالْجُزْءُ الَّذِي أَوْجَبَ عَدَمَهُ الْعَيْبُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُكَاتَبَ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَأَمَّا ضَوْءُ الْعَيْنِ فَلِأَنَّهُ عرض فَلَو ذهب مَا عَاد فَمَا عَاد علمنَا أَنه لم يذهبأولاً بِخِلَافِ الْعَبْدِ إِذَا رَجَعَ لَمْ يُتَبَيَّنْ أَنْ لَمْ يَأْبَقْ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ إِذَا خَالَفَكَ الْغَاصِبُ أَوِ الْمُنْتَهِبُ فِي عَدَدِ مَا فِي الصُّرَّةِ صُدِّقَ مَعَ
يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: يُصَدَّقُ الْمُنْتَهِبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مِثْلَهُ وَالْمُنْتَهِبُ لَمْ يَطَّلِعْ بِأَنْ أَبْقَى الصُّرَّةَ فِي مَاءٍ وَيُخْتَلَفُ فِي يَمِينِهِ كَدَعْوَاكَ عَلَى رَجُلٍ مِائَةً فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي أَلَكَ عِنْدِي شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: يَأْخُذُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِعَدَمِ تَحْقِيقِهِ بِالْمِلْكِ وَلِأَنَّ الشَّاكَّ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنَ الْيَمِينِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ: يُصَدَّقُ الْمُنْتَهِبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْغَاصِبِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْجَزَهُ بِهَا وَادَّعَى مَعْرِفَةَ مَا وُجِدَ فِيهَا لِأَنَّ الْغَاصِبَ إِذَا فَعَلَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ لَا يُقَرُّ بِالْحَقِّ فَهُوَ كَمَنْ كَتَمَ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لَمْ يُشْبِهْ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْغَاصِبُ فَيَقْبَلَ قَوْلَ الْمُنْتَهِبِ مِنْهُ إِذَا طَرَحَهَا الْمُنْتَهِبُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا لِأَنَّ رَبَّهَا يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالْآخَرَ التَّخْمِينَ هَذَا إِذَا تَقَارَبَا فِي الدَّعْوَى فَإِنْ قَالَ هَذَا: مِائَةٌ وَالْآخَرُ: ثَلَاثُمِائَةٍ صُدِّقَ الْمُنْتَهِبُ وَعَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ: الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ: غَصَبَنِي هَذَا الْعَبْدَ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَا وَقَالَ: بَلْ هَذَا الثَّوْبَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ وَإِنِ اتَّفَقَا أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ وَقَدْ هَلَكَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِيمَا يُشْبِهُ أَمَّا مَا لَا يُشْبِهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ نَظَرًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالْأَشْبَهِ فَتَعَارَضَ أَصْلٌ وَظَاهِرٌ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقَدَّمُ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَصْبَ وَشَهِدَ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَلَمْ يُثْبِتْ صِفَةً صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ صِفَتَهُ كَذَا وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ إِلَّا الْوَسَطُ لِأَنَّهُ الْأَعْدَلُ بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ الْإِقْرَارَ بِالصِّفَةِ وَيَحْلِفُ عَلَيْهَا أَوْ يُشْكِلُ فَيَحْلِفُ الْآخَرُ وَلَوْ أَتَى بِالثَّوْبِ خَلَقًا وَقُلْتَ: كَانَ جَدِيدًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ وَجَدْتَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَهُ جَدِيدًا أَوِ الثَّوْبُ قَائِمٌ بِيَدِهِ أَوْ هَلَكَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُكُمَا لِتُغَرِّمَهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ مُرَاعَاةٍ لِحَالِ الثَّوْبِ فِي هَلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِن كَانَ اختلافكما لتضمينه فَقَالَ الْغَاصِبُ: لَا أَضْمَنُ لِأَنَّهُ كَانَ خَلَقًا فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ جَدِيدًا ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الثَّوْبِ إِنْ كَانَ قَائِمًا
رَدَّهُ وَإِنْ هَلَكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى رَدِّهِ إِلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُكُ مَعَ يَمِينِكَ أَنَّهُ هَلَكَ وَتَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ سَلَّمْتَ الثَّمَنَ الَّذِي بِعْتَهُ لَهُ وَإِنْ لَبِسْتَهُ فَأَبْلَيْتَهُ غَرِمْتَ الْقِيمَةَ فَإِنْ وَهَبْتَهُ: قَالَ أَشْهَبُ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ أَبَاحَ لَكَ ذَلِك ظلما وعدوانا، ً وَلَكِنْ تَتْبَعُ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأَتَى بِهِ مَعِيبًا وَحَلَفَ: هَكَذَا غَصَبْتُهُ وَرَدَّهُ ثمَّ شهد بِأَنَّهُ كَانَ سليما رَجَعْتَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَكَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْغَاصِبِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَخَذْتَ الْعَبْدَ جَاهِلًا بِعَيْبِهِ فَعَلِمْتَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ إِبَاقِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ عِتْقِهِ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنْ قُلْتَ: أَرْجِعُ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ لِأَنِّي لَوْ عَلِمْتُ بِالْعَيْبِ ضَمِنْتُهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يُضْمَنُ لِأَجْلِهِ لِخِفَّتِهِ لَمْ يُوَافِقْ أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَيْبِ لَا يَقْبَلُهُ صُدِّقْتَ وَرَجَعْتَ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفْتَ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ وَطْئِهِ أَوْ مِنْ زَوْجٍ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَلَمْ يعلم بِالْغَصْبِ أَو من زنى فَلَكَ أَخْذُهَا وَأَخْذُ وَلَدِهَا رَقِيقًا وَيُحَدُّ الْغَاصِبُ لِوَطْئِهِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَلْحَقُ بِالزَّوْجِ رَقِيقًا لِأَنَّهُ وطئ بِشُبْهَة الِاعْتِقَاد وَدخل على أَنه أَمَةٌ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِنَشْأَتِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ وَقَالَ (ح) : إِذَا وَلَدَتْ مِنَ الْغَاصِبِ فَمَاتَ الْوَلَدُ غَرِمَ أَرْشَ بَعْضِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ جُلُّ الْمَغْصُوبِ ذَهَبَ دُونَ الْوَلَدِ فَوَافَقَنَا عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ: عَلَى الْغَاصِبِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهَا إِسْقَاطُهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إِنْ وُلِدَ حَيًّا اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ وَإِذَا اسْتَحَقَّتِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ غَرِمَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَنَقْصُ الْوِلَادَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَرَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ
لَنَا: أَنَّ الْوَلَدَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ حَدَثَتْ فِي حَوْزِهِ كَالثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَوَلَدُ الْعَارِيَةِ وَالْمُودَعَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ إِلَّا فِيمَا أَجْمَعْنَا عَلَى ضَمَانِهِ احْتَجُّوا: بِأَنَّهُ حَدَثَ عَنْ مَضْمُونٍ فَلُوحِظَ أَصْلُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ وَقِيَاسًا عَلَى وَلَدِ الصَّيْدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا فَأَلْقَتِ الرِّيحُ إِلَيْهِ ثَوْبًا فَتَخَرَّقَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ عُدْوَانًا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ ولد الصَّيْد يتيعن إِطْلَاقُهُ فَحَبْسُهُ عُدْوَانٌ مَحْضٌ وَوَلَدُ الْأَمَةِ تَحْتَ حِفْظِهِ وَصَوْنِهِ عَلَى مَالِكِهِ فَفِيهِ شَائِبَةُ الْأَمَانَةِ تَفْرِيعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: مَنِ اسْتَكْرَهَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَعَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي مهر الْمثل تَغْلِيبًا لللآدمه وَقَالَ (ح) لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ مَعَ الْحَدِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَضْمَنُ الرَّائِعَةَ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا إِذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ هَلْ أَصَابَهَا أَمْ لَا وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ بَتْلًا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ: وَأَرَى إِيقَافَ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُقِرًّا بِالْإِصَابَةِ لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تُضْمَنُ بِالْغِيبَةِ عَلَيْهَا وَإِلَّا أَخَذَتِ الْقِيمَةَ إِنْ أَنْكَرَ سَيِّدُهَا الْوَطْءَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ إِلَّا قَدْرَ عَيْبِ الْحَمْلِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ أَخَذَهُ وَإِنِ اغْتَصَبَ وَطْءَ أَمَةٍ دُونَ رَقَبَتِهَا وَخَاصَمَهُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ضَمَّنَهُ جَمِيعَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ فَيُنْتَظُرَ الْحَيْضُ وَمَتَى وَلَدَتْ مِنَ الْغَاصِبِ مِنْهُ أَو من زنى فَسَوَاءٌ يَأْخُذُ الْأَمَةَ وَالْوَلَدَ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَضْمَنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ وُلِدَ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَمَنْ قَالَ: يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَعْلَى الْقِيَمِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ مَاتَ وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَى مِنَ الْوِلَادَةِ وَكَذَا إِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ فَقِيمَتُهَا وَحْدَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم يَوْم غصبهَا وَقِيمَته الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ مَعَ قِيمَتِهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَإِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ
وَحْدَهَا خُيِّرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ أَوْ يَأْخُذُ الْوَلَدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا فَذَهَابُهَا دُونَ وَلَدِهَا كَذَهَابِ بَعْضِهَا وَهُوَ يُخَيَّرُ فِي الْبَعْضِ كَذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: يَأْخُذُ الْوَلَدَ وَقِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَالْقِيَاسُ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ مَاتَتْ وَأَخْذُ الْوَلَدِ فَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ وَحْدَهُ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِ الْأُمِّ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ (الْقَتْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ قُتِلَتْ أَخَذَ الْوَلَدَ وَقِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ قُتِلَتْ) فَإِنْ قُتِلَا فَلَيْسَ لَكَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَتْلِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إِذَا قُتِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَوَاءٌ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْأُمَّ وَقِيمَتَهُ (يَوْمَ وُلِدَ أَوِ) الْأُمُّ أَخَذَ الْوَلَدَ وَقِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ قُتِلَا فَقِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْغَصْبِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ: يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ إِنْ كَانَتْ أَرْفَعَ الْقِيَمِ وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ: فَالْقِيمَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأُمِّ يَوْمَ غُصِبَتْ مَاتَتْ أَوْ قُتِلَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وعَلى قَوْله الآخر: قيمَة الْأُم وَيَوْم قَتْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ مَاتَ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَعَلَى غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ قُتِلَ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَيَانِ حكم مَا إِذا ولدت من زنى عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ فَوَجَدَهُمَا أَوْ مَاتَا أَو أَحدهمَا أَو قتل أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ وَكَانَ الْقَتْلُ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ كَانَتْ جِنَايَةً دُونَ قَتْلٍ أَوْ دَخَلَ الْأُمَّ نَقْصٌ مِنَ الْوِلَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ: إِنْ تَوَالَدَتِ الْغَنَمُ أَخَذَهَا وَأَوْلَادَهَا وَإِنْ مَاتَتْ وَبَقِيَ نَسْلُهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخْذِ نَسْلِهَا دُونَ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ أَوْ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْغَصْبِ دُونَ النَّسْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْغَاصِبُ اسْتَغَلَّهَا وَمَاتَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ
بِغَلَّتِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ فِي قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصْبِهَا وَلَا تَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَالسَّارِقُ وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَلَبِسْتَهُ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ لَبِسْتَهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَعَدِّيكَ أَوْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ يُجِيزُ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ تَضْمَنْهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَضْعِ يَدِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْكَ إِتْلَافٌ وَلَا تَسَبُّبٌ وَلَا يَدٌ عَادِيَّةٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ أَوِ الْإِدَامَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ غَصْبِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مِثْلٌ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ فَإِنْ لَقِيَهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِمِثْلٍ وَلَا قِيمَةٍ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْمِثْلُ بِمَوْضِعِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَالْمَوَاضِعُ تَخْتَلِفُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ بِالْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ أَوْ زَادَتْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: اخْتُلِفَ فِي نَقْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: ذَلِكَ فَوْتٌ وَتُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ مَتَاعِكَ وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَلَيْسَ لَكَ إِلَّا مَتَاعُكَ قَالَهُ سُحْنُونُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْبُلْدَانِ كَاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرُوضِ فَتُفَوَّتُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي البد الَّذِي غَصَبَهَا فِيهِ وَفِي الْحَيَوَانِ الْمُسْتَغْنَى عَنِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ لَيْسَ بِفَوْتٍ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ وَأَمَّا الْمُحْتَاجُ إِلَى الْكِرَاءِ مِنَ الرَّقِيقِ فَكَالْعُرُوضِ وَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلَانِ مُتَضَادَّانِ وَتَفْرِقَةٌ فَأَمَّا الطَّعَامُ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَيْسَ لَكَ إِلَّا
مِثْلُ طَعَامِكَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَثَانِيهَا: يُخير بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوِ الْقَرِيبِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ يُضَمِّنُهُ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَقَالَ (ح) : إِنْ وُجِدَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ فَلَهُ أَخْذُهُ دُونَ قِيمَتِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ صرفُها حَمْلًا لَهَا عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدَيْنِ عَدَمُ الِاخْتِلَافِ وَغَيْرُ النَّقْدَيْنِ إِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ أَوْ زَادَتْ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أونقصت خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الْغَصْبِ نَفْيًا لِظُلَامَةِ تَنَقُّصِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا لِأَنَّهُ مَالُهُ أَوْ يَنْتَظِرُ أَخْذَهَا بِبَلَدِ الْغَصْبِ بِخِلَافِ نَقْصِ قِيمَتِهَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ النَّقْصَ لَمْ يُتَبَيَّنْ عَنْ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَهَاهُنَا تَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ وَإِن هلك الْمَغْصُوب وَقِيمَته هَا هُنَا أَقَلُّ فَلَكَ أَخْذُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ تَنْتَظِرُ أَخْذَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ نَفْيًا لِظُلَامَةِ النَّقْصِ أَوْ زَادَتِ الْقِيمَةُ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ أَوِ الْقِيمَةِ هَاهُنَا فِي الْمُقَوَّمِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ نَشْأَتْ عَنْ فِعْلِهِ فَهِيَ مَالُهُ وَإِنِ اسْتَوَتْ فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْكُمَا وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ أَخَذَهُ أَوْ مِثْلِيًّا وَاسْتَوَتِ الْقِيمَةُ أَوْ نَقَصَتْ رَدَّ مِثْلَهُ نفيا لظلامة النَّقْص وَمؤنَة لحمل أَوْ زَادَتْ وَالْمُؤْنَةُ خَفِيفَةٌ فَكَذَلِكَ رَدُّ الْمِثْلِيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ مُؤْنَةٌ كَثِيرَةٌ فَلَا لِضَرَرِ الْمُؤْنَةِ فِي نَقْلِهِ إِلَى بَلَدٍ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ وَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ الصَّبْرِ إِلَى أَخْذِهِ بِبَلَدِهِ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ الْآنَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَرَدِّ مِثْلِهِ وَقَالَ (ش) : أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ وَبَيْنَ إِلْزَامِهِ رَدَّهُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ (إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ) فَتَرُدَّهُ لِلْغَاصِبِ (وَلَهُ إِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ هَاهُنَا لِلْحَيْلُولَةِ فَإِذَا رَدَّهُ الْغَاصِبُ رُدّت الْقِيمَةُ وَلَوْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ
لَكَ طَلَبُهُ بِالْمِثْلِ حَيْثُ ظَفِرْتَ بِهِ وَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ غَرَّمْتَهُ أَكْثَرَ قِيمَةِ الْبَلَدَيْنِ فَإِنْ تَلِفَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ) فَلَكَ الْمُطَالَبَةُ فِي الْبَلَدِ الثَّانِي بِالْمُؤْنَةِ لِنَقْلِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ لَكَ الْقِيمَةُ بِبَلَدِ التَّلَفِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمَاءُ فِي مَفَازَةٍ فَلَقِيَهُ عَلَى شَاطِئِ النِّيلِ أَوِ الْحِلِّ فِي الصَّيْفِ فَلَقِيتَهُ فِي الشِّتَاءِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْقِيمَةُ وَأَمَّا الْقِيَمِيُّ: فَلَكَ أَخذه حَيْثُ وجدته هَذَا كُله كَلَام الشَّافِعِي قَالَ التُّونُسِيُّ: الْأَحْسَنُ فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهَا تَمْشِي بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَالْأَحْسَنُ أَيْضًا مِنَ الْأَقْوَالِ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَن لَا يَأْخُذَهُ بَلْ مِثْلَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ مِثْلَ الطَّعَامِ يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَا يُظْلَمُ الْغَاصِبُ مَتَى قَدَرَ عَلَى غُرْمِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ فَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ: يَرُدُّ مِثْلَ الْقَمْحِ دُونَ الدَّقِيقِ وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَ قَرِيبًا فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي مُؤْنَةِ مَا حَمَلَهُ بِهِ لِلْقَرِيبِ وَإِذَا أَعْطَى مِثْلَ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ جَازَ وَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ صِفَتِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ كَمَنْ أَعْطَى تَمْرًا مِنْ قَمْحٍ قَبْلَ الْأَجَلِ مِنْ قَرْضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا لَقِيَهُ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَأَرَادَ إِغْرَامَهُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَصِيرُ إِلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَيَغْرَمُ هُنَاكَ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ إِنِ اسْتَوَى سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ هُوَ هَاهُنَا أَرْخَصُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهُ الْآنَ بِالْبَلَدِ أَوْ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْمِثْلِ وَيُرْجَى وَجُودُهُ بَعْدُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جميعاُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَقَالٌ فِي اسْتِعْجَالِ حَقِّهِ هَذَا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ أَمَّا إِذَا وَجَدَهُ مَعَ
الْغَاصِبِ فَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْلِيَّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: إِذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ إِنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ حَلَالًا أَخَذَهُ حَرَامًا وَإِذَا اسْتَوَى سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ هُوَ هَاهُنَا أَرْخَصُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَدْفَعُ الْكِرَاءَ أَوْ مَا زَادَ سُوقُهُ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا لِانْدِفَاعِ ضَرَرِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ قَالَ: وَالَّذِي أَرَاهُ فِي الْجَمِيعِ: أَنَّ الْعَبْدَ وَالدَّابَّةَ وَمَا يَصِلُ بِنَفْسِهِ أَوْ حُمُولَتُهُ خَفِيفَةٌ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فَيَأْخُذُهُ وَإِنْ كَرِهَ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ كَرِهَ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ الَّتِي نَقَلَ مِنْهُ مَأْمُونًا وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَثُرَتْ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ وَأَحَبَّ الْغَاصِبُ تَسْلِيمَهُ فَلَكَ عَدَمُ الْقَبُولِ لِأَنَّكَ قَدْ يَكُونُ غَرَضُكَ أَنْ يَكُونَ مَالُكَ بِبَلَدِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْغَاصِبُ: أَنَا أَرُدُّهُ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَخْذَهُ وَامْتَنَعَ الْغَاصِبُ لِأَجْلِ مَا يَتَكَلَّفُهُ مِنَ الْأُجْرَةِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ دَفَعْتَ الْأُجْرَةَ سقط مقاله وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَقِيلَ: ذَلِك لَك
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: حَيْثُ حُكِمَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْمِثْلِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ إِمَّا لُزُومًا أَوِ اخْتِيَارًا عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يُدْفَعُ الطَّعَامُ الْمَنْقُولُ إِلَى الْغَاصِبِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِ عَيْنِ مَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالرَّهْنِ قَالَ أَشْهَبُ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ تَمْهِيدٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - وَهِيَ نَقْلُ الْمَغْصُوبِ - قَدْ تَشَعَّبَتْ فِيهَا الْمَذَاهِبُ وَاضْطَرَبَتِ
الْآرَاءُ وَتَبَايَنَتْ كَمَا تَرَى بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ كُلْفَةَ النَّقْلِ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ كَمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَذَا الْأَصْلُ لَاحَظَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا إِذَا وَجَدَ الْمِثْلِيَّ بِغَيْرِ الْبَلَدِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَيَقُولُ: لَا تَأْخُذْ هَذَا الْمَغْصُوبَ لِأَنَّ حَمْلَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا مِثْلُهُ هَاهُنَا إِذْ لَا فَرْقَ وَلَا الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَأَشْهَبُ أَطْرَحَ هَذَا الْأَصْلَ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلِهِ لِمَكَانِ الْغَصْبِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَمَّا أَخْذُهُ: فَلِأَنَّهُ مَتَاعُهُ وَأَمَّا مِثْلُهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ هَذَا فَيَحْتَاجُ لَهُ كُلْفَةً فَلَاحَظَ مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ دُونَ الْغَاصِبِ وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لِمُلَاحَظَةِ الشَّائِبَتَيْنِ فَيَحْصُلُ لَهَا ثَلَاثَةُ أُصُولٍ: مُلَاحَظَةُ مَصْلَحَةِ الْغَاصِبِ أَوْ مَصْلَحَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ يُلْغَى مَا خَفَّ دُونَ مَا عَظُمَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَيَأْخُذُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ فَجَعَلَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظُلَامَةُ الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ هَاهُنَا وَعَلَى أَصْلٍ رَابِعٍ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْحَقِّ بِعَيْنِ الْمَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ (ش) مَعَ أَصْلٍ آخَرَ يَأْتِي قَالَ: وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ (الرَّابِعِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ أَوِ السَّرِقَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ) خَامِسٍ وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ أَوْ تَنْقُصُ فَوَجَبَ سُقُوطُ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَاعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلَهُ عَلَى الْقِيمَةِ أَخْذُ الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ وَالْفَرْقُ بِأَصْلٍ سَادِسٍ وَهُوَ: أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا غَرَض فِي خصوصه وكل مثل يَقُومُ مَقَامَهُ مِثْلُهُ وَهَذِهِ الْمُخْتَلِفَاتُ تَتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضُ بِخُصُوصِهَا وَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ: أَنَّ الحيون يَمْشِي بِنَفْسِهِ فَلَا كُلْفَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي رَدِّهِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَهُوَ الْأَصْلُ السَّابِعُ وَهَاهُنَا أَيْضًا أَصْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ: أَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْقِيَمِ فَهَلْ هُوَ كَتَغْيِيرِ الصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِاخْتِلَافِ الْقِيَمِ وَاخْتِلَافُ الصِّفَاتِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْبِقَاعِ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَاخْتِلَافٌ كَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْعَرْضِ
مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فَوْتًا إِلَّا إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَفِعْلٍ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْعَيْنِ فَغَيَّرَهَا وَعَلِيهِ يتَخَرَّج القَوْل بالخيير فِي الْعُرُوضِ دُونَ الْحَيَوَانِ وَأَصْلٌ تَاسِعٌ وَهُوَ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِأَعْلَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ وَهَذَا الْأَصْلُ الْآخَرُ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَذْهَبُ (ش) وَأَصْلٌ عَاشِرٌ وَهُوَ أَن النَّقْدَيْنِ هَل يملك خصوصهما وَلَا يتعينان وَهُوَ مَذْهَبُ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ النَّقْدِ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ أَولا يملك خصوصهما يَتَعَيَّنَانِ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُمَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِمَزِيَّةٍ وَهُوَ مَشْهُورُنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمِثْلِيَّاتِ: أَنَّهُمَا وَسَائِلُ وَالْمِثْلِيَّاتُ مَقَاصِدُ تُبْذَلُ فِيهَا الْأَعْرَاضُ وَهِيَ مَنَاطُ الْأَغْرَاضِ وَأَمَّا النَّقْدَانِ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا إِلَّا التَّوَسُّلُ لِلْمَقَاصِدِ فَلَا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّاتِ الْمَقَاصِدِ اعْتِبَارُ خُصُوصِيَّاتِ الْوَسَائِلِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ بُنِيَ عَلَيْهَا فِقْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا أَحَطْتَ بِهَا عِلْمًا خَرَّجْتَ كُلَّ مَا فِيهَا مِنَ الْخِلَافِ عَلَيْهَا
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَرُدُّ الْغَاصِبُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ ثَمَرَةٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ لَبَنٍ فَإِنْ أَكَلَهُ فَمِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْكَ فِي سَقْيٍ أَوْ رَعْيٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ يُقَاصُّ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَلَّةٍ فَإِنْ عَجَزْتَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ فَإِنْ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَوِ الصُّوفُ أَوِ اللَّبَنُ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا ثَمَنِهِ إِنْ بِيعَ أَوْ تَأْخُذُ الْوَلَدَ وَثَمَنَ مَا بِيعَ مِنْ صُوفٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهِ وَمَا أَكَلَ أَوِ انْتَفَعَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْمِثْلُ أَوِ الْقِيمَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَمَةَ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَيْسَ لَكَ الْوَلَدُ وَقِيمَةُ الْأُمِّ وَإِنَّمَا لَكَ الثَّمَنُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَالْوَلَدُ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَلَا
شَيْءَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَكِنْ لِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْغَاصِبِ ثَمَنٌ وَقِيمَةٌ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ وَزَرَعَ أَوِ اغْتَلَّ مِنْ رَبْعٍ أَوْ أَرْضٍ وَيَغْرَمُ مَا أَكْرَاهَا بِهِ من غير مَا لَمْ يُحَابِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَلَا انْتَفَعَ وَلَا اغْتَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا اغْتَصَبَ أَوْ سَرَقَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ فَاسْتَعْمَلَهَا شَهْرًا وَطَالَ مُكْثُهَا بِيَدِهِ أَوْ أَكْرَاهَا وَقَبَضَ كِرَاءَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَهُ مَا قَبَضَ مَنْ كِرَاءٍ وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءُ مَا رَكِبَ بِخِلَافِ مَا سَكَنَ مِنَ الرَّبْعِ أَوْ زَرَعَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ حَتَّى كَبِرَ فَلَكَ أَخْذُهُ بِزِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا أَنْفَقَ أَوْ عَلَفَ أَوْ كَسَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ رَبْعًا أَحْدَثَ فِيهِ عَمَلًا كَانَ لَهُ مَا أَحْدَثَ فاقترقا قَالَ فِي النُّكَتِ: إِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْأَصْوَافِ وَالْأَلْبَانِ يَرُدُّهَا وَبَيْنَ غَلَّةِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّ غَلَّتَهُمَا مُتَكَوِّنَةٌ بِسَبَبِهِ وَفِعْلِهِ وَالصُّوفُ وَنَحْوُهُ تَحْدُثُ بِأَنْفُسِهَا وَلِأَنَّ الصُّوفَ وَنَحْوَهُ مُتَوَلِّدٌ عَنِ الْأَعْيَانِ فَلَهَا حُكْمُهَا وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الرَّبْعِ وَالْحَيَوَانِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِأَنَّ الرِّبَاعَ مَأْمُونَةٌ فَلَا ضَمَانَ غَالِبًا وَلَا غَلَّةَ لَهُ وَقَالَ (ش) : يَرُدُّ سِمَنَ الشَّاةِ وَلَبَنَهَا وَصُوفَهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْغَلَّةُ فِي كَوْنِ حُكْمِهَا حُكْمَ الْمَغْصُوبِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ فَعَلَيْهِ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ أَكْثَرُ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْقِيمَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُهُ أَجْمَعُوا إِنْ تَلْفِتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا ضَمَانَ فَإِنِ ادَّعَى تَلَفَهَا لَمْ ييصدق كَانَتْ يُغَابُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَضَبْطُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ: أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُتَوَلِّدَةٌ عَنِ الْمَغْصُوب على خلفته كَالْوَلَدِ وَعَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ كَالصُّوفِ وَعَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ كَالْأُجْرَةِ فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهُ اتِّفَاقًا مَعَ الْأُمَّهَاتِ فَإِنْ مَاتَتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَالثَّانِي فِي رَدِّهِ قَوْلَانِ وَعَلَى الرَّدِّ إِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ أَوْ تَأْخُذُهُ بِالْغَلَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ وَالثَّالِثُ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: لِلْغَاصِبِ لَكَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ فِي ذَلِكَ أَوْ يَنْتَفِعَ أَوْ يُعَطِّلَ فَلَا شَيْءَ لَكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُكْرِيَ أَوْ يَنْتَفِعَ فَيَرُدَّ وَبَيْنَ التَّعْطِيلِ فَلَا يَرُدَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا اغْتَلَّ مِنَ الْعين مَعَ
بَقَائِهَا أَمَّا بِتَصْرِيفِهَا وَتَحْوِيلِ عَيْنِهَا كَالدَّنَانِيرِ فَيَتَّجِرُ فِيهَا وَالْحب يزرعه فالغلة لَهُ قولا وَاحِد فِي الْمَذْهَبِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الرَّقَبَةَ بَلِ الْمَنْفَعَةَ ضَمِنَ الْغَلَّةَ الَّتِي قَصَدَ غَصْبَهَا أَكْرَى أَوِ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ: عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُ غَلَّةَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ دُونَ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ مَضْمُونٌ تَلِفَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ أَوْ أَتْلَفَهَا الْمُتَعَدِّي فَأَمَّا مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ: فَلَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْوِيتِ فَفِي الْحُرَّةِ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ مَا لَا تُضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْوِيتِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي الْخَرَاجِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ عَنِ الشَّيْءِ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ: فَالْمَنْصُوصُ: الرَّدُّ إِنْ كَانَ قَائِمًا أَوِ الْمِلْكِيَّةُ وَالْخَرْصُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَرَوَى ابْنُ الْمُعَدَّلِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُتَوَلَّدَ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كِتَابٍ وَإِنَّمَا أَخْبَرَنِي بِهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَا خِلَافَ فِي الضَّمَانِ بِشُبْهَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الشُّبْهَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى ضَيَاعِ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ غير مَأْمُون فَإِن ظهر هلاكها أخذت الرَّقَبَةُ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَغْصُوبَةٍ وَلَوْ أَكَلَ الْغَاصِبُ الْوَلَدَ غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ أَفَاتَهُ إِذَا أُخِذَتِ الْأُمَّهَاتُ وَإِنْ غَرِمَ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَكَلَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ غَلَّةٍ لِتَوَلُّدِهِ عَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْب وَهَذَا هُوَ الْقيَاس أَن لَا يَضْمَنَ الْإِنْسَانُ مِلْكَهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ: لِلْغَلَّةِ وَالْوَلَدِ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ أُخِذَتِ الْغَلَّةُ وَعِنْدَهُ لَوْ أَغْرَمَهُ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ لِفَوَاتِهَا لَا يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ إِنْ مَاتَ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ مَعَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَهَلْ عَلَيْهِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الْغَلَّاتُ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الثَّمَرَةَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَهُوَ كَخِيَاطَةِ الْغَاصِبِ الثَّوْبَ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ كَأَنَّ الثَّمَرَةَ هِيَ السَّقْيُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَالصُّوفُ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الشَّفِيعِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَلَوِ اشْتَرَى دَارًا فَجَصَّصَهَا أَوْ بَيَّضَهَا أَوْ صَغِيرًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ فَلَا شَيْءَ لِعَدَمِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ
3
-
(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ)
عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْغَلَّةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا حَضَنَ الدَّجَاجَةَ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا أَنَّ عَلَيْكَ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءَ حَضَانَتِهَا وَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ وَقَدْ أَغْرَمْتَهُ النَّقْصَ فَكَيْفَ لَكَ الْكِرَاءُ وَقَالَ إِذَا حَضَنَهَا مَنْ بَيَّضَهَا فَهُوَ مِثْلُ وِلَادَتِهَا وَلَكَ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَإِنْ حَضَنَ بَيْضَهَا تَحْتَ غَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا مِثْلُ الْبَيْضِ كَالْقَمْحِ يُزْرَعُ وَقِيلَ تَأْخُذُ الْفِرَاخَ كَمَا إِذَا حَضَنْتَهَا
3 -
(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ)
عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ العلاج وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَا شيئ فِي السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَمَا لَوْ غَصَبَ مَرْكِبًا خَرَابًا فَقَلْفَطَهُ وَزَفَّتَهُ وَكَمَّلَ آلَتَهُ ثُمَّ اغْتَلَّهُ فَلَكَ أَخْذُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَنْفَقَ إِلَّا مِثْلَ الصَّارِي وَالْحَبْلِ وَمَا يَتَحَقَّقُ لَهُ ثَمَنٌ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ إِمَّا لِعَدَمِ غَيْرِهِ أَوْ لِلْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَتِهِ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ أَو تسلمه لَهُ
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا سَقَى وَعَالَجَ بِشُبْهَةٍ كَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ فَعَلَيْكَ - عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ - قِيمَةُ ذَلِكَ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ
3
-
(فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قُلْنَا: يَرُدُّ الْغَلَّةَ فَغَصَبَ خَرَابًا فَأَصْلَحَهُ فَهَل يرد جَمِيع الغلى؟ قَالَهُ مُحَمَّدٌ أَوْ مَا يَنُوبُ الْأَصْلُ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَالْقَوْلَانِ فِي الدَّارِ الْخَرَابِ الَّتِي لَا تُسْكَنُ وَالْمَرْكِبِ الْخَرِبِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِذَا بَنَى الْأَرْضَ ثُمَّ سَكَنَ أَوِ اسْتَغَلَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ
سِوَى غَلَّةِ الْقَاعَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا أَصْلَحَ الْخَرَابَ
وَسَكَنَ وَاغْتَلَّ غَلَّةً كَثِيرَةً فَلَكَ أَخْذُهَا مُصْلَحَةً وَأَخْذُ غَلَّتِهَا وَكِرَاءُ مَا سَكَنَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ مِمَّا أَصْلَحَ شَيْءٌ إِلَّا قِيمَةَ مَا لَوْ نَزَعَهُ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ
3
-
(فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ)
قَالَ: إِذَا قُلْنَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ إِذَا غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَرَبِحَ فِيهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا شَيْءَ لَكَ إِلَّا رَأْسُ الْمَالِ لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ اسْتَنْفَقَهَا أَوْ تَجَرَ فِيهَا وَعَنِ ابْنِ حَبِيبٍ: إِنْ تَجَرَ فِيهَا مُوسِرًا فَلَهُ الرِّبْحُ لِقَبُولِ ذِمَّتِهِ لِلضَّمَانِ أَوْ مُعْسِرًا فَلَكَ لِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْوَلِيِّ يَتَّجِرُ فِي مَالِ يَتِيمِهِ وَعَنِ ابْنِ سُحْنُونَ: لَكَ مَا كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ فِي يَدَيْكَ قَالَ: وَأَسْتَحْسِنُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَسْأَلَةُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: إِنْ كُنْتَ لَا تَتَّجِرُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ فِي يديدك وَلَمْ يَتَّجِرْ فِيهَا الْغَاصِبُ بَلْ قَضَاهَا فِي دَيْنٍ أَوْ أَنْفَقَهَا فَرَأْسُ الْمَالِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ تَضْيِيعِ رِبْحٍ عَلَيْكَ وَإِنْ كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا وَلَمْ يَتَّجِرِ الْغَاصِبُ: فَلَكَ مَا كُنْتَ تَرْبَحُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ حَرَمَكَ إِيَّاهُ كَمَا إِذَا أَغْلَقَ الدَّارَ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ التِّجَارَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَتْ غَيْرَ مُرْبِحَةٍ وَإِن كَانَت لَا تَتَّجِرُ فِيهَا وَتَجَرَ فِيهَا الْغَاصِبُ وَهُوَ مُوسر بغَيْرهَا وَلم يُعَامل لأَجلهَا لَهُ فَالرِّبْح لِتَقَرُّرِهَا فِي ذِمَّتِهِ بِالتَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا عُومِلَ لِأَجْلِهَا فَالرِّبْحُ لَكَ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ تَحْصِيلِ ملك لِلرِّبْحِ كَالْوَلَدِ فِي الْحَيَوَانِ وَإِنْ كُنْتَ تَتَّجِرُ فِيهَا - وَهُوَ فَقِيرٌ - فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِمَّا رَبِحَ أَوْ مَا كُنْتَ تَرْبَحُهُ
3 -
(فَرْعٌ آخَرُ مُرَتَّبٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ: إِذَا قُلْنَا: يَرُدُّ أَجْرَ الْعَقَارِ فَحَابَى فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ أَوِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ الْمُحَابَاةُ مَعَ الْكِرَاءِ تَنْبِيهٌ: قَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي النَّقْدَيْنِ وَأَنَّ الرِّبْحَ لَهُ اتِّفَاقًا وَهَذَا الْخِلَافُ
يَأْبَى ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا غَصَبَ ذَهَبًا فَتَجَرَ فِيهِ أَوْ عَرَضًا فَبَاعَهُ وَتَجَرَ بِثَمَنِهِ فَذَلِكَ لِلْمَالِكِ وَالْمُشْتَرَى مِنَ السِّلَعِ لَهُ أَيْضًا وَالْأَرْبَاحُ لَهُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ تَنْبِيهٌ: قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَالْعُلَمَاءِ: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَاصِبَ وَغَيْرَهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ضَمِنَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ رَدَّهَا وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الْغَلَّةُ وَالْعَيْنُ لَا تُضْمَنُ إِلَّا إِذَا هَلَكَتْ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا فَلَا وَمَعْنَى قَوْلِنَا الْمُتَعَدِّي ضَامِنٌ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ التَّغَيُّرِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ الْخِلَافِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَوَقُّعُ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَبْعَدَ لَمْ تَكُنِ الْغَلَّةُ لِلْغَاصِبِ لِضِعْفِ السَّبَبِ أَوْ يُلَاحَظُ أَنَّ الْغَلَّةَ مَغْصُوبَة فَيضمن كَمَا يضمن الأَصْل بِنَاء أَنَّ الْغَصْبَ وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَالْغَاصِبُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ فَلَا يَضْمَنُ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ عليه السلام: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) وَفِيهِ النَّظَرُ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ: أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَهَلْ يُلَاحَظُ عُمُومُ اللَّفْظِ أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ السَّبَبِ؟ وَهُوَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَرَدَّهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ خَرَاجَ عَبْدِهِ فَقَالَ عليه السلام ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ اسْتِحْقَاقُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ بِشُبْهَةٍ بِخِلَافِ الْعُدْوَانِ الصِّرْفِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الْمِلْكِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ عليه السلام: (لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) وَعِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ يُلَاحَظُ الْفُرُوقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهَذِهِ مَدَارِكُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
نَظَائِرُ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: الِاسْتِحْقَاقُ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْفَلَسُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَعَدَّى الْمُكْتَرِي أَوِ الْمُسْتَعِيرُ الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا أَوْ حَبَسَهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يَرْكَبْهَا فَرَدَّهَا بِحَالِهَا خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا أَسْوَاقَهَا فَصَارَ كَالْمُسَيِّرِ لَهَا أَوْ أَخَذَهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ وَلَكَ فِي الْوَجْهَيْنِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا وَإِذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ أَوِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَسَافَةِ مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَطِبَتْ خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي دُونَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ بِضَمَانِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي لَا يُضْمَنُ مَا بَعْدَهُ لِدُخُولِهَا فِي ملكه بِالضَّمَانِ أَو كِرَاء الزِّيَادَةِ وَالْكِرَاءُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالزِّيَادَةُ يَسِيرَةٌ مِثْلَ الْبَرِيدِ أَوِ الْيَوْمَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ بَلْ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ لِعَدَمِ مُوجِبِ ضَمَانِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّغَيُّرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى قَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ فِي الرَّهْنِ يُعِيرُهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ: لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي عَمَلٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ فِي التَّعَدِّي الْيَسِيرِ قَالَ: وَالْأَرْض شِبْهُ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ وَقَالَهُ سُحْنُونُ فِي الْعَبْدِ الرَّهْنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَصَابَ الدَّابَّةَ مَعَ الْمُتَعَدِّي أَوِ الْمُكْتَرِي فِي التَّعَدِّي الْكثير من الْمسَافَة عيب مُفسد فلك تضمنه قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا النَّقْصَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ مَعَ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَنْقُصُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ قَدْرُ نَقْصِهُا قَالَ: وَهُوَ حَقٌّ لِأَنَّ كِرَاء الْمثل ينْتَقض بِنَقْصِ الدَّابَّةِ وَلِأَنَّهُ ضَمِنَ ذَلِكَ لِلنَّقْصِ فَلَا يَضْمَنُ كِرَاءَهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الدَّابَّةَ وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء: إِن نقصب بِسَبَب السّير
غَرِمَ النَّقْصَ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْكِرَاءَ مَعَ النَّقْصِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَدْ سَارَ عَلَى مَا ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ بِعُدْوَانٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَرَجَوْتَ النَّقْصَ بَعْدَ وُجُوبِ الْكِرَاءِ وَعَلَى التَّفْرِيقِ يَبْقَى تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَخْذِ النَّقْصِ أَوِ الْكِرَاءِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا غَصَبَ الدَّجَاجَةَ فَحَضَنَ تَحْتَهَا بَيْضَ غَيْرِهَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ وَكِرَاءُ حَضَانَتِهَا قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ بِسَبَبِ الْحَضَانَةِ وَقَدْ غَرِمَ النَّقْصُ فَلَا يَغْرَمُ الْكِرَاءَ تَنْبِيهٌ: تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا وَبَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ يَحْبِسُهَا أَيَّامًا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا يَضْمَنُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ وَقَدْ رَدَّ مَا أَخَذَ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي: سَلَّمْنَا الضَّمَانَ لَكِنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ وَالظَّالِمُ أَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَعَلَهُ أَسْعَدَ مِمَّنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ فِي أَصْلِ وَضْعِ الْيَدِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ: إِنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُكْرِيَ أَذِنَا فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَمَفْهُومُهُ وَلَازِمُهُ: النَّهْيُ عَمَّا زَادَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ النَّهْيُ فِيمَا زَادَ خَاصًّا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَنَهْيُ الْغَاصِبِ نَهْيٌ عَامٌّ لَا يَخْتَصُّ بِمَسَافَةٍ وَلَا بِحَالَةٍ وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ النَّهْيَ الْخَاصَّ بِالشَّيْءِ أَقْوَى مِمَّا يَعُمُّهُ وَيَعُمُّ غَيْرَهُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ ثَوْبُ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسُ أَنَّ النَّجِسَ أَقْوَى فِي الْمَنْعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّيْدِ وَالْمَيْتَةِ وَأَن الصَّيْد أقوى منعنَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْإِحْرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْنَا غَصَبَ جَدِيدًا وَقَالَ بَلْ خَلَقًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَتُرَدُّ بَيِّنَتُكَ إِذا أتيت بهَا بعد ذَلِك الَّتِي كُنْتَ تَعْلَمُ بِهَا وَإِلَّا رَجَعْتَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ حَلَفَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَوْلَى مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ وَقَالَهُ
عَلِيٌّ رضي الله عنه فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَة يَوْمِ الْغَصْبِ وَإِنْ بِعْتَهُ بَعْدَ أَخْذِكَ إِيَّاهُ خَلَقًا فَأَصَبْتَهُ فِي الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ وَهَبْتَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ إِبَاحَةَ الْغَاصِبِ لَكَ ذَلِكَ ظُلْمٌ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ لَبِسَهُ أَوْ أَبْلَاهُ وَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ ضَمَانٍ عَلَيْكَ بَلْ هُوَ أَكْرَهَكَ عَلَى أَخْذِهِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: اسْتَهْلَكَ سِوَارَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مَصُوغَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الذَّهَبَ لَا يُبَاعُ بِالذَّهَبِ ثَمَنًا فَلَا يُجْعَلُ قِيمَةً شَرْعِيَّةً وَالْقِيمَةُ قَدْ تَزِيدُ وَلَكَ تَأْخِيرُهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ تَغْلِيبًا لِغَرَضِ الصِّيَاغَةِ وَلَيْسَ عَلَى كَاسِرِهِمَا إِلَّا قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إِلَّا عَلَى الصَّنْعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: بِخِلَافِ الْعُرُوضِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ عَيْنَ الذَّهَبِ بَلْ صَنَعَهُ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهَا فَيَضْمَنَ بِالْغَصْبِ قِيمَتَهَا وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كتاب الرَّهْن أَن فِي كسرهَا قيمتهَا وَيَبْقَيَانِ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَصُوغُهُمَا لَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِيهِمَا وَفِي الْجِدَارِ يَهْدِمُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصُوغُهُمَا فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا مَصُوغَيْنِ ومكسورين وَلَا يُبَالِي قوما بِالذَّهَب أَو الْفضة وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ أَعَادَ الْحُلِيَّ إِلَى هَيْئَتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَالَ: وَهُوَ صَوَابٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِمِثْلِ الصِّيَاغَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَاغَةَ غَيْرُ تِلْكَ فَكَأَنَّهُ أَفَاتَهُمَا وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَأْخُذُهُمَا نَظَائِرُ: يُقْضَى بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةُ الْحُلِيِّ هَذِهِ وَإِذَا هَدَمَ بِنَاءً وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ وَإِنْ دَفَنَ فِي قَبْرِ غَيْرِهِ وَجَبَ عيه حفر مثله وَمن قطع ثوبا رفاه فِي الْكِتَابِ غَصَبَ لَكَ قَمْحًا وَلِآخَرَ شَعِيرًا فَخَلَطَهُمَا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِثْلُ طَعَامِهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ وَفِي النُّكَتِ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِنْ كَانَ مُعْدِمًا بِيعَ الْمَخْلُوطُ وَاشْتَرَى لِكُلٍّ (طَعَامُهُ يُقَوَّمُ الْقَمْحُ غَيْرَ مَعِيبٍ وَيَشْتَرِي لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ) وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَدِيًا فَيُقَوَّمُ الْقَمْحُ مَعِيبًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا وَجُزَافًا وَلَيْسَ كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ خَطَرٌ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِنْ لَتَّ الْغَاصِبُ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَلَا يَلْزَمُكَ قِيمَةُ السَّمْنِ وَالْخِلَافُ فِي طَحْنِ الْقَمْحِ فَقِيلَ: مِثْلُهُ وَقِيلَ: يَأْخُذُهُ مَطْحُونًا وَلَا شَيْء عَلَيْك وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَأْخُذُ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ بَنَى مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِذَا نَسَجَ الْغَزْلَ فَقِيمَتُهُ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَوَابِيتَ وَكُلُّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَعْدَلُ لِسَدِّهِ مَسَدَّ مِثْلِهِ وَيَنْفِي الضَّرَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا الْعُرُوضُ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِمَّا لَهُ عَيْنٌ كالصبغ لَيْلًا يَظْلِمَ الْغَاصِبَ وَمَا لَا عَيْنَ لَهُ كَالْخِيَاطَةِ فَيُؤْخَذُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَالْبِنَاءِ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا قُلِعَ وَإِنْ كَانَ مَا أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ غَيْرَهُ حَتَّى زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ كَالْخَشَبَةِ أَبْوَابًا فَالْقِيمَةُ وَنَسْجُ الْغَزْلِ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ تَابُوتًا وَقَدْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْمُتَجَدِّدَ لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا أُزِيلَ كَمَا قَالُوا فِي قَطْعِ الثَّوْبِ أَقْمِصَةً وَتُخَاطُ فَهِيَ لَكَ بِلَا غُرْمٍ وَلَوْ أَرَادَ دَفْعَ الضَّمَانِ بِقَسْمِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كَيْلًا عَلَى كَيْلِ طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ: أَجَازَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: آخُذُهُ وَأَغْرَمُ لِصَاحِبِي مِثْلَ طَعَامِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ أَخَذْتَ بِمَا وَجَبَ لَكَ عَلَى الْغَاصِبِ قَمْحًا وَشَعِيرًا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ عَنِ الْغَاصِبِ شَعِيرًا وَلِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ الْغَاصِبَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ لِلْغَاصِبِ: أَنَا أُشَارِكُهُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَطَ مَتَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ صَارَ كَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَوَجَبَ الْمُخْتَلط
لِلْغَاصِبِ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ الْقَمْحَ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَقَدْ يُقَالُ: التَّضْمِينُ لَكُمَا فَإِذَا رَفَعْتُمَا التَّضْمِينَ فَلَكُمَا الْقَسْمُ بِالْكَيْلِ وَالتَّرَاضِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا بِيعَ الْمُخْتَلِطُ وَرَضِيَا بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ جَازَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ أَخَذَهَا وَيَشْتَرِي الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ طَعَامًا وَمَنْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِمَا بَقِيَ وَلَا يَجُوزُ اقْتِسَامُكُمَا الْمُخْتَلِطَ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وعَلى قَدْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا يَجُوزُ إِنْ رَضِيتُمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَيْضًا وَقَالَ: يَقْسِمَانِ بِالسَّوَاءِ إِذَا كَانَتْ مَكِيلَتُهُمَا وَاحِدَةً وَيَمْتَنِعُ اقْتِسَامُكُمَا عَلَى الْقَيَمِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فِي الطَّعَامَيْنِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنَعَهُ سُحْنُونُ مُطْلَقًا لِأَنَّكَ لَوِ اتَّبَعْتَ بِمِثْلِ طَعَامِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا آخُذُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مِثْلَ مَكِيلَتِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ طَعَامِهِ وَلَا لَكُمَا أَخْذُ الْمُخْتَلِطِ كَمَنْ غَصَبَ خَشَبَةً وَغَصَبَ نَجَّارًا عَمَلَهَا بَابًا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَخْذُ الْبَابِ هَذَا بِقِيمَةِ الْخَشَبَةِ وَهَذَا بِقِيمَةِ الْعَمَلِ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ أَوْدَعَهُ هَذَا جَوَازًا وَهَذَا حِنْطَةً فَخَلَطَهُمَا ثُمَّ تَلِفَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّخْلِيصِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَى الْقَمْحِ وَلَا عَلَى الْجَوْزِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يُفْسِدُ الْآخَرَ وَقَالَ (ش) : إِذَا خَلَطَ الزَّيْتَ بِأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ لَكَ مِنَ الْمَخْلُوطِ أَوْ مِثْلِ زَيْتِكَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِدُونِهِ خُيِّرْتَ أَنْتَ لِأَنَّ الْخَلْطَ إِتْلَافٌ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ: مِلْكُ الْغَاصِبِ تَلِفَ بِالْخَلْطِ فَلَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ قَالَ: وَكَذَلِكَ خَلْطُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ قَالَ: فَإِنْ خَلَطَ الزَّيْتَ بألْبَانِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ تَعَيَّنَ ضَمَانُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَهُ بِسَوِيقٍ بِخِلَافِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ تَحْتَ لَفْظِهِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ وَقَالَ (ح) : خَلْطُ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ يُوجِبُ الْخِيرَةَ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَتَضْمِينِ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: خَلْطُ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ يُوجِبُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمَا أَوْ بِمِثْلِهِ رُدَّ مثله أَو بِدُونِهِ وأجود مِنْهُ فشريكان بياع وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ لَهُمَا أَوْ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزَّيْتِ بِالْمَاءِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ فَمِثْلُهُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: لَوْ خَلَطَ زَيْتًا بِسَمْنٍ أَوْ سَمْنًا بِعَسَلٍ أَوْ سَمْنَ بَقَرٍ بِسَمْنِ غَنَمٍ: قَالَ
أَشْهَبُ: يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ أَوْ زَيْتًا بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنًا بِسَمْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ وَلَكُمَا أَنْ تَقْتَسِمَا مَا بَقِيَ أَوْ تَدَعَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَإِنْ خَلَطَ دَرَاهِمَكَ بِدَرَاهِمِهِ فَلَكَ مِثْلُهُ وَلَا شَرِكَةَ لَكَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَكَ دَرَاهِمَ فَجَعَلَهَا فِي قِلَادَةٍ وَجَعَلَ لَهَا عُرًى فَلَكَ أَخْذُهَا وَتَدَعُ عُرَاهُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا غَصَبَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَبَنَى عَلَيْهِمَا فَلَكَ أَخْذُهُمَا وَهَدُّ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلَكَ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَلَوْ عَمِلَ الْخَشَبَةَ بَابًا أَوِ التُّرَابَ مِلَاطًا أَوْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فَحَصَدَ مِنْهَا حَبًّا كَثِيرًا أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ أَوْ صَاغَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ أَوِ الْحَدِيدَ قُدُورًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ صِفَةً وَوَزْنًا أَوْ كَيْلًا أَوْ قِيمَةً فِيمَا لَا يُكَالُ أَوْ لَا يُوزَنُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا الْوَدِيُّ وَالشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ يَقْلَعُهَا وَيَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ فَتَصِيرُ بَوَاسِقَ فَلَكَ أَخْذُهَا كَصَغِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ يَكْبَرُ فَائِدَةٌ: فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْمِلَاطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَمَلُ التُّرَابِ طِينًا قَالَ التُّونُسِيُّ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَكَ تَضْمِينَهُ قِيمَةَ الْخَشَبَةِ إِذَا أَدْخَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ لِأَنَّ بِإِدْخَالِهَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ: لَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا إِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِخَرَابِ بُنْيَانِهِ كَالْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا تَوَابِتَ فَخَرَابُ الْبُنْيَانِ أَعْظَمُ مِنْ مُؤْنَةِ التَّوَابِتِ وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْكَ فَأَخَذَ مِنْ بُسْتَانِكَ غَرْسًا غَرَسَهُ فِي بُسْتَانِهِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ الْغَرْسِ وَإِنْ طَالَ زَمَانُ الْغَرْسِ فَلَا وَلَكَ قِيمَتُهُ قَائِمًا يَوْمَ الْقَلْعِ وَلَوْ لَمْ يُدَلَّ عَلَيْكَ أَخَذْتَهُ وَإِنْ طَالَ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْإِدْلَالِ
وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ امْتَلَخَ ذَلِكَ مِنْ شَجَرَةٍ امْتِلَاخًا فَلَكَ أَخْذُهُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ بِخِلَافِ طُولِ الزَّمَانِ فَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِامْتِلَاخِ عُودًا مَكْسُورًا إِذَا كَانَ لَمْ يَضُرَّ بِالشَّجَرَةِ فَإِنْ أَضَرَّ فَمَا نَقَصَ الشَّجَرَةَ مَعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الِامْتِلَاخَ كَحَبِّ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ الصَّغِيرِ يَكْبَرُ فَلَوِ امْتَلَخَ دَالَّةً لَا تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَتَحَالَلُ مِنْكَ فَإِنْ حَالَلْتَهُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْعُودِ مَكْسُورًا حَدَثَ الْقِيَامُ أَوْ تَأَخَّرَ وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْغَرْسَ فَغَرَسَهُ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ فَيَنْبُتُ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِ الثّمن من الْغَاصِب أَو قيمَة قَائِمًا يَوْمَ اقْتَلَعَهُ أَوْ تَقْلَعُهُ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَانُهُ وَتُتَبَيَّنْ زِيَادَتُهُ فَلَا تَقْلَعْهُ وَتَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ يَوْمَ غَرْسِهِ فِي أَرْضِهِ لَا قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا قِيمَتَهُ الْيَوْمَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَشَأَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَعَلَ بِشُبْهَةٍ فَلَا يُعْطِي إِلَّا مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ لَوْ غَصَبَ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا إِذَا كَانَ الْأَخْذُ يُفْسِدُ بِنَاءَهُ أَوْ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ أُغْرِمَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَتْقُ الْجُبَّةِ وَهَدُّ الْبِنَاءِ عَنِ الْحَجَرِ عَلَى الْغَاصِبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا صَاغَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ قَطَعَهُ أوخيطه أَوْ طَحَنَ الْقَمْحَ سَوِيقًا إِنَّ لَكَ أَخْذَهُ أَوْ تَضْمَنُ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِالصَّنْعَةِ وَقَالَ سُحْنُونُ: كُلُّ مَا تَغَيَّرَ اسْمُهُ بِالصَّنْعَةِ فَهُوَ فَوْتٌ لَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ وَحَيْثُ قَالَ سُحْنُونُ: يَأْخُذ الْوَدِيَّ إِذَا صَارَ بِوَاسِقَ فَهُوَ إِذَا كَانَ يَنْبُتُ فِي أَرْضٍ أُخْرَى وَقَالَ أَصْبَغُ: لَكَ أَخذه كَانَ ينبث أَمْ لَا وَلَكَ تَرْكُهُ وَأَخْذُ
الْقِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ إِذَا كَانَ يُحَرَّمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالنَّقْدَيْنِ وَالْقَمْحِ أَوْ لَا يُحَرَّمُ كَالْحَدِيدِ وُضِعَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: كُلُّ ذَلِكَ فَوْتٌ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ هَلْ يَغْرَمُ لِلصَّنْعَةِ شَيْئًا أَمْ لَا؟ وَإِذَا غَرِمَ هَلْ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ أَوْ مَا زَادَتْ وَإِذَا امْتَنَعَ هَلْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا غَصَبَ وَقِيلَ: لَهُ أَخْذُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ عَيْنًا قَائِمَةً فَهِيَ كَالْجَصِّ وَالتَّزْوِيقِ وَقِيلَ: إِن كَانَت قِيمَته الصَّنْعَةِ يَسِيرَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ وَزَادَتْ فِي الْقِيمَةِ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا بِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقِيلَ إِنْ جَازَ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَلَكَ الْأَخْذُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَكَ الْمِثْلُ وَلَا تَأْخُذهُ لَيْلًا يظلم الْغَاصِب ونفياً للربا لَيْلًا يَصِيرَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِنِ اخْتَرْتَ فِي نَفْسِكَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: الْأَخْذَ أَوِ التَّضْمِينَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ الِانْتِقَالُ إِلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ رِبًا وَيُوكَلُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَمَانَتِهِ وَقَالَ (ش) لَكَ إِلْزَامُهُ بِرَدِّ اللَّبَنِ تُرَابًا وَالْفِضَّةِ المسبوكة مَسْبُوكَةً وَالتُّرَابِ إِلَى حُفَرِهِ وَإِنْ زَادَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ هَدْمِ الْجِدَارِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُنَضَّدًا مِنْ غَيْرِ مِلَاطٍ وَلَوْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا أَوْ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا رَدَّ الْخَلَّ وَالْفَرْخَ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي ضَمَانِ الْبَيْضَةِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْبَيْضَةَ صَارَتْ مَدَرَة لَا قِيمَةَ لَهَا وَالثَّانِي يَجِبُ لِلْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَأْخُذُ الزَّرْعَ وَفِي ضَمَانِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ وَجْهَانِ وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَ أَوْ جِلْدَ الْمَيْتَةِ فَدَبَغَهُ رَدَّ مَا غَصَبَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا لِأَن الْملك إِنَّمَا حصل فِي
مُدَّة وَلَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا تَلِفَ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَيُرَدُّ عِنْدَهُمُ الْخَشَبَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا وَإِنْ هَدَمْتَ قَصْرًا وَوَافَقَهُمُ ابْنُ حَنْبَلٍ هَدْمًا لِلْعُدْوَانِ وَخَالَفَ أَبُو حنيفَة نَفْيًا لِضَرَرِ الْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ اللَّوْحُ فِي السَّفِينَةِ يَأْخُذُهُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى غَرَقِهِ وَلَا غَرَقِ غَيْرِهِ وَلَا إِذْهَابِ مَالِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَذْهَبَ أَمْوَالَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْمُغَرِّرُ بِأَمْوَالِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَرِّ صِيَانَةً لِمَالِ الْغَاصِبِ وَقَالَ (ح) إِذَا صَارَ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ مَخِيضًا أَوِ الْعَصِيرُ أَوِ الْعِنَبُ زَبِيبًا أَوِ الرُّطَبُ تَمْرًا خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَتَضْمِينِهِ الْمِثْلَ وَلَا تَأْخُذْ أَرْشًا لِأَنَّهَا رِبَوِيَّاتٌ وَلَوْ ضَرَبَ الْعَيْنَ دَرَاهِمَ لَكَ أَخْذُهَا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَإِذَا خَلَّلَ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لَهُ أَخْذُهَا عِنْدَ (ح) لِأَنَّهَا تُمَلَّكُ عِنْدَهُ وَإِذَا وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا أَوِ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ النَّصْرَانِي وَيَأْخُذهُ عِنْدَهُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ وَيُعْطِي مَا زَادَ الدَّبَّاغَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ التُّرَابِ الْمُزَالِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخَشَبَةِ وَاللَّوْحِ فِي السَّفِينَةِ: أَنَّهَا بِالْبِنَاءِ هَلِ انْتَقَلَتْ عَنْ حُكْمِ الْعَيْنِيَّةِ إِلَى أَنْ صَارَتْ وَصْفًا لِلْبِنَاءِ فَتَكُونُ تَبَعًا فَلَا تُرَدُّ أَوْ هِيَ بَاقِيَةٌ فَتُرَدُّ؟ وَأَصْلٌ آخَرُ عِنْدَ (ش) وَهُوَ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَبَنَى عَلَيْهِ عَدَمَ مِلْكِ الْغَلَّاتِ لَنَا: قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاس} وَالْغَاصِبُ ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ السَّبِيلُ فِي الْقَلْعِ وَقَوْلُهُ عليه السلام: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْخَشَبَةَ أَوْ نَقُولُ تَصَرَّفَ فِي ملك الْغَيْر تَعَديا وَيحْتَمل النَّقْص وَالْإِبْطَالَ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ خَلْقِهِ وَاسْمِهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنَ الْعَيْنِ أَصْلُهُ: السَّاحَةُ إِذَا بُنِيَ فِيهَا وَلَا يَرُدُّ الْخَيْطَ يُخَاطُ بِهِ جُرْحُ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً وَلَا إِذَا عَمِلَهَا بَابًا لِتَغَيُّرِ الِاسْمِ وَالْحَقِيقَةِ
احْتَجُّوا: بِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَمْنَعُ الْأَخْذَ كَمَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) فَلَا يُضَرُّ الْغَاصِبُ بِهَدِّ بُنْيَانِهِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خَاطَ بِهِ جُرْحَ الْحَيَوَانِ أَوْ بَلَعَ لِغَيْرِهِ جَوْهَرَةً وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا بَنَى حَوْلَهَا قُبَّةً فَإِنَّهُ بَنَى بِحَقٍّ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى الْخَشَبَةِ فَلَا يُهَدُّ قِيَاسًا عَلَى بِنَاءِ الْقُبَّةِ حَوْلَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ تصرف فِي مِلْكِهِ فَكَانَ تَصَرُّفُهُ مُعْتَبَرًا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُشْتَرَكُ الدَّلَالَةِ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَالِكِ إِضْرَارٌ بِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَأَجْمَعْنَا عَلَى إِضْرَارِ الْغَاصِبِ فِي الْعَرْصَةِ إِذَا بَنَى فِيهَا وَغَيَّرَهَا فَيُحْمَلُ الْخَبَرُ عَلَى نَفْيِ الضَّرَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام (لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيَوَانِ أَعْظَمُ مِنَ الْبُنْيَانِ وَكَذَلِكَ لَا يمْنَع فضل المَاء لأجل الْحَيَوَان وتحوز مِنْهُ لِأَجْلِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ بِرَدِّ الْخَيْطِ إِذَا خَاطَ بِهِ بَهِيمَةً وَأَمَّا إِنْ خَاطَ بِهِ خِنْزِيرًا أَوْ كَلْبًا عَقُورًا رُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَذَبْحَ الْحَيَوَانِ أَو يرد وَلَا يذبح لنَهْيه
- صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ فَإِنْ خَيَّطَ بِهِ جُرْحَ آدَمِيٍّ فَاسْتَحَقَّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْخَيْطِ عَلَيْهِ الْقصاص بالاحتمالان كَالْمَأْكُولِ اللَّحْمِ وَأَمَّا الْجَوْهَرَةُ فَإِنْ بَلَعَهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطِ صَاحِبِهِ فَكَالْخَيْطِ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ بِغَيْر تَفْرِيط لايجب الرَّدُّ لِعَدَمِ التَّعَدِّي لِقَوْلِهِ عليه السلام (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ شُبْهَةٌ يَشْهَدُ لَهُ أَخْذُ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا وَفِي الْغَصْبِ مَعَ الْعِلْمِ مَنْقُوضًا وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهُ يَجِبُ نَقْضُ الْقُبَّةِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَا الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَمِلْكِهِ كَمَا لَوْ بَنَى عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى لَا يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يَجِبُ هَدُّ الْبَابِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ الْفَرْخُ وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ مِثْلُهَا كَغَاصِبِ الْقَمْحِ يَزْرَعُهُ قَالَ سُحْنُونُ الْفَرْخُ لِصَاحِبِ الْبَيْضَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا حَضَنَتْ دَجَاجَتُهُ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ غَصَبَ حَمَامَةً فَزَوَّجَهَا حَمَامًا لَهُ فَبَاضَتْ فَأَفْرَخَتْ فَلَكَ الْحَمَامَةُ وَالْفَرْخُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إِعَانَةِ حَمَامَةِ الذَّكَرِ وَلَك قيمَة حضانتها قيمًا حَضَنَتْ مِنْ بَيْضٍ غَيْرِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَا حَضَنَهُ غَيْرُهَا مِنْ بَيْضِهَا مِثْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ ضَرَرٌ فِي تَكَلُّفِ حَمَامٍ يَحْضُنُهُمْ فَتُغَرِّمَهُ الْقِيمَةَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَسَوَّقَ بِسِلْعَةٍ فَأَعْطَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ثَمَنًا ثُمَّ يَسْتَهْلِكُهَا رَجُلٌ ضَمِنَ مَا أُعْطِيَ فِيهَا وَلَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهَا إِذَا كَانَ الْعَطَاءُ قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بَاعَ لِأَنَّ هَذَا تَعْيِينُ قِيمَةٍ وَقَالَ سُحْنُونُ بَلْ قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ الْقَاعِدَةُ وَقَالَ عِيسَى يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ لوُجُود السببين
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا صَالَحْتَ الْغَاصِبَ لِلْبَصْرَةِ على كيل مثل الْقَمْح وَقد كَانَ الْتِزَام الْقِيمَةَ بِحُكْمٍ أَوْ بِصُلْحٍ جَازَ أَخْذُ كَيْلٍ بِالْقِيمَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَصَبَ نَصْرَانِيٌّ سَفِينَةَ مُسْلِمٍ وَحَمَّلَ فِيهَا خَمْرًا أَخَذْتَ مِنْهُ الْكِرَاءَ وَتَصَدَّقْتَ بِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ كِرَاءُ السَّفِينَةِ فِيمَا أَبْطَلَهَا وَلَا يُنْظَرُ إِلَى كِرَاءِ الْخَمْرِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي التَّلْقِينِ إِنْ رَدَّهُ زَائِدَ الْبَدَلِ لَزِمَكَ أَخْذُهُ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ وَالْعَلِيلِ يَصِحُّ وَالْمَهْزُولِ يَسْمُنُ لِرَدِّهِ مَا أَخَذَ وَهُوَ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَوْ نَاقِصًا خُيِّرْتَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ هَذِهِ عَيْنٌ أُخْرَى أَوْ تَأْخُذُهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ مِلْكِكَ ثُمَّ ذَلِكَ النَّقْصُ إِنْ كَانَ سَمَاوِيًّا لَا بِفِعْلِ الْغَاصِبِ لَمْ تَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِفِعْلِهِ فَهَل تتبعه بالارش لتعديه فِي التنقيص أَو لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ بِغَيْرِ أَرْشٍ أَوْ إِسْلَامُهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْقِيمَةِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ عَلَى الْغَاصِبِ؟ رِوَايَتَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي زِيَادَةٍ طَرَأَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ ذَهَبَتْ فِي بَدَنٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَا لَهُ قِيمَتُهَا كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْغَصْبُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ الْأَصْلَ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الزَّوَائِدِ بَلْ هَذِهِ كَالثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ إِنِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ ضَمِنَهَا لِأَنَّ الْيَد العادية مُوجبَة للضَّمَان حَتَّى ترد مَا رَدَّتْ فَيُضْمَنُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ تَعَيَّبَ أَوْ زَالَت
جَارِحَةٌ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَكَ أَخْذُهُ بِغَيْرٍ أَرْشٍ وَأخذ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سُحْنُونُ هُوَ كَالْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَا يُؤْخَذُ الْغَاصِبُ بِالنَّقْصِ بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالنَّقْصِ وَلَا يُرَاعِي حَوَالَةَ السُّوقِ أَصْلًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ وَجَدْتَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ مِنَ الْغَاصِبِ حَالَتْ سُوقُهُ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إِذَا هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنِ وَلَا ضَمَان على الْمُبْتَاع وَيصدق فِيهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ هَلَكَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي التَّلْقِينِ: يَقْلَعُ زَرْعَهُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ إِبَّانُهُ فَلَكَ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ فَائِدَتِكَ فِي أَخْذِ الْأَرْضِ لِفَوَاتِ الْإِبَّانِ وَقِيلَ لَكَ الْقَلْعُ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُكَ قَالَ التِّلْمِسَانِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَقْلُوعًا أُخِذَ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ كَالنَّقْشِ وَالتَّزْوِيقِ فِي الْبِنَاءِ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَا تَقَدَّمَ فِي التَّلْقِينِ وَالثَّالِثُ يَتَعَيَّنُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْأَرْضِ إِذَا أَخَذَهَا وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ أَسْبَلَ فَلَا يُقْلَعُ لِأَنَّ قَلْعَهُ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِذَا غَابَ عَلَى الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ وَلَا يَعْلَمُ أَوِطِئَهَا أَمْ لَا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَيُخَيَّرُ فِي قِيمَتِهَا أَوْ أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا وَلَوْ وَجَدْتَهَا فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ بِحَالِهَا أَوْ أَحْسَنَ فَلَكَ أَخْذُهَا أَوِ الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ
قِيمَتُهَا وَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَكَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ تُنْقِصُ الرَّغْبَةَ فِيهَا فَهُوَ نَقْصٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْجَارِيَةُ لِضِعْفِ هَذِهِ التُّهْمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْهَرَمُ فِي الْجَارِيَةِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَوْتٌ لَكَ أَخْذُهَا وَلَكَ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ قَالَ أَشْهَبُ كَانَ الْكِبَرُ وَالْهَرَمُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ لَوِ انْكَسَرَتْ ثَدْيَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا لَوْ كَبِرَتْ وَهَرِمَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْجَارِيَةُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ أَوْ تَأْخُذُ الثَّمَنَ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَعَدِّيهِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا جَحَدَكَ شَرِيكُكَ الْأَمَةَ حَتَّى وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَبَاعَ مِنْهُم وَأعْتق وَمَات بَعضهم ثمَّ ثبتَتْ الْحَقَّ فَلَكَ نِصْفُ قِيمَتِهِ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا تَمَسَّكْتَ بِنَصِيبِكَ مِنْهُ وَلَكَ نِصْفُ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ إِنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ الرَّأْسَ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيمَنْ مَاتَ مِمَّنْ أُعْتِقَ أَوْ لَمْ يُعْتَقْ وَلَمْ يَبِعْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ كَالْغَاصِبِ إِنْ تَمَسَّكْتَ بِالْأَمَةِ فَلَكَ حَقُّكَ فِي الْوَلَدِ إِلَّا مَنْ مَاتَ وَلَكَ نِصْفُ ثَمَنِ الْمَبِيع تمّ الْبَاب الأول من كتاب الْغَصْب وَبِه تمّ الْجُزْء الثَّامِن من الذَّخِيرَة يَلِيهِ الْجُزْء التَّاسِع وأوله الْبَاب الثَّانِي فِي الطوارئ على الْمَغْصُوب
…
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك
…
…
نشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت
…
…
نستغفرك ونتوب إِلَيْك
…