الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الطَّوَارِئِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ نُقْصَان وَزِيَادَة وتصريف وَاسْتِحْقَاقٍ)
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي النُّقْصَان)
وَفِي الْمُقدمَات لَا تفتيه حِوَالَة الْأَسْوَاق ويفيته النُّقْصَان والعيوب إِن لَمْ تَكُنْ مَفْسَدَةً كَانَتْ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ أَو بِجِنَايَة من الْغَاصِب لِأَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَغْصُوبِ فَلَمْ تَنْقُصْ الْمَغْصُوبَ فَفِي السَّمَاوِيِّ لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ نَاقِصًا أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ عَلَى الْغَاصِبِ ضَرَرٌ وَالْقِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ فِي خُصُوصِهَا غَرَضٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم يتَخَرَّج من مَذْهَبِ سَحْنُونٍ أَنَّكَ تَأْخُذُهُ مَعَ الْأَرْشِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَن
َّ الْجُزْءَ الْفَائِتَ يُضَمَّنُ بِالتَّعَدِّي كَجُمْلَةِ الْعين وَالنَّقْص بِجِنَايَة الْغَاصِب لَك فِي تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِعُدْوَانِهِ أَوْ تُسْقِطُ عِنْد حُكْمَ الْغَصْبِ وَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَى الْجِنَايَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم وخيرك سَحْنُون بَين الْقيمَة يَوْم الْغَضَب أَو تَأْخُذهُ وَمَا نقصته الْجِنَايَة يَوْم الْغَضَب تَغْلِيبًا للتضمين بِسَبَب الْغَضَب لسبقه
فَانْدَرَجَ مَا بَعْدَهُ فِيهِ وَخَيَّرَكَ أَشْهَبُ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَأَخْذِهِ نَاقِصًا وَتَسْقُطُ الْجِنَايَةُ كالسماوى وَالنَّقْص بِجِنَايَة غير الْغَاصِب يُخَيّر فِي تَضْمِينِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ اعْتِبَارًا لِيَدِ الْعُدْوَانِ أَوْ تُسْقِطُ الْغَصْبَ وَتُتْبِعُ الْجَانِيَ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ حَقُّكَ لَكَ إِسْقَاطُهُ وَالْجَانِي جَنَى عَلَى مَالِكٍ فَلَكَ طَلَبُهُ وَقِيلَ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي تُفِيتُ الْمَغْصُوبَ الْقِيمَةَ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتَ فَتَلْزَمُهُ أَرْفَعُ الْقِيَمِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مُتَعَدٍّ فَيُضَمَّنُ الْعَيْنَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ مَذْهَبُ ش وَقَدْ تَقَدَّمَ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فَقُتِلَ قِصَاصًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ لِحُصُولِ الْفَوَاتِ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ كَدُخُولِ النَّقْصِ فِي تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ أَوْ تَتْرُكُ لَهُ أَوْ تسلمه للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بِحَق الْجِنَايَة فَإِنْ أَخَذْتَ الْقِيمَةَ مِنَ الْغَاصِبِ فَلِلْغَاصِبِ تَسْلِيمُهُ للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بِحَق الْجِنَايَة أَو يفدله وَإِن أخذت خُيِّرْتَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ فِدَائِهِ لِأَن العَبْد فِيمَا جَنَى وَقَالَ أَشْهَبُ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَالِهِ فَيُسَلِّمُهُ أَوْ يفتكه ثمَّ يرجع على الْغَاصِب فِي بِالْأَقَلِّ مِنْ جِنَايَتِهِ أَوْ قِيمَتِهِ لِحُصُولِ ذَلِكَ النَّقْصِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ وَفِي النَّوَادِر لَو أسلمه الْغَاصِب قبل أَن يسْتَحقّهُ فَلَكَ تَتْمِيمُ إِسْلَامِهِ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ مِنَ الْغَاصِبِ وَإِنْ فَدَيْتَهُ رَجَعْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَهُ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ فَدَاهُ أَخَذْتَهُ بِغَيْرِ خِيَارٍ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَّالًا لِذَلِكَ وَهِيَ عَمْدٌ خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنَ الْغَاصِبِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَإِنْ فَدَاهُ الْغَاصِبُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى سَيِّدِهِ بِخِلَافِ الْعمد وَلَا يردهُ إِن أَنْتَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ دَخَلَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ لِأَن
جِنَايَتَهُ إِنْ كَانَتْ نَقْصًا فَكُلُّ نَقْصٍ لَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ بَلْ نَاقِصًا أَوِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَوْ قَتَلَ رَجُلًا قبل الْغَصْب وَأخذ بعده فروى أَشهب لَك إِسْلَامه إِلَيْهِمَا وَيرجع عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ جِنَايَتِهِ على الثَّانِي وَلَك فدائه بِدِيَةِ الْجِنَايَتَيْنِ وَأُخِذَتْ مِنَ الْغَاصِبِ دِيَةُ الْآخَرِ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالصَّوَابُ إِذَا أَسْلَمْتَهُ إِلَيْهِمَا لَا تَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ كَانَ مُرْتَهِنًا بِجَرْحِ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ وَقَعَ تَعَدِّيِ الْغَاصِبِ فَتَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ نِصْفُ الْعَبْدِ الَّذِي صَارَ مُرْتَهَنًا بِجِنَايَةِ الثَّانِي وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْعَبْدُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلَيْنِ وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ دِيَةُ الْقَتِيلِ الْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ فَعَلَى الْغَاصِبِ فَيَصِيرُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الْعَبْدِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَتْلَفْ عِنْدَهُ إِلَّا نِصْفُ الْعَبْدِ وَلَوْ قَتَلَ عِنْدَكَ قَتِيلًا وَلَمْ يَقْتُلْ عِنْدَ الْغَاصِبِ حَتَّى بَاعَهُ فَقَتَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَ الْأَوْلِيَاءُ وَالسَّيِّدُ فَإِنْ وَدَى السَّيِّدُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ دِيَةَ وَلِيِّهِمْ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إِنْ شَاءَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَو بِنصْف الْعَبْدِ الَّذِي صَارَ مُرْتَهَنًا بِيَدِ أَوْلِيَاءِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ تَرْكَهُ لَا يَفْدِيهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ حَقٌّ وَيَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ نصفه وَيَأْخُذ مِنَ الْغَاصِبِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ نِصْفَ ثَمَنِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتحق أَوْلِيَاءُ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَدَاهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلَيْنِ لَمْ يُطْلَبِ الْغَاصِبُ وَلَا لأولياء الأول على الْغَاصِب قيمه فَيَصِيرُ لَهُمْ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَنِصْفُ رَقَبَتِهِ وَلِوَرَثَةِ الْآخَرِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ
فَرْعٌ قَالَ إِذَا حَفَرَ فِي الدَّارِ بِئْرًا رَدَمَ مَا حَفَرَ تَوْفِيَةً بِمَا أَخَذَ وَإِنْ بَنَاهَا فَعَلَيْهِ
نَقْضُهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ نَقْضِهِ مَقْلُوعًا بَعْدَ طَرْحِ الْأَجْرِ لِلنَّقْضِ وَالتَّنْظِيفِ إِذَا كَانَ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا خَصَى الْعَبْدَ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهُ ذَلِكَ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ وَعُوقِبَ لِتَفْوِيتِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعُضْوِ وَلَوْ هَزَلَتِ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَ حَصَلَ الْجَبْرُ لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا ضَمِنَ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِذَهَابِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ صَارَ خَلًّا خُيِّرْتَ بَيْنَ أَخْذِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِكَ أَوْ مِثْلِهِ عَصِيرًا لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ تَغَيَّرَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ هرم الشَّابَّة فَوت لزم يُوجب قيمتهَا لِأَنَّهُ عيب مُفسد حدثت عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي هَرَمِهَا كَالذَّهَابِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فِي بَعْضِ الْأَجْزَاءِ كَانَ الْهَرَمُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ عُلُوُّ السِّنِّ كَانَ يَسِيرا كانكسار الثدي أوكثيرا لَك تضمين قيمتهَا بِحُصُول التَّغَيُّر فَرْعٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَخَذْتَ الْعَبْدَ وَلَمْ تَعْلَمْ بِنَقْصِهِ عِنْدَهُ وَتَعَيَّبَ عِنْدَكَ فَمَاتَ أَوْ وَهَبْتَهُ أَوْ بِعْتَهُ إِنْ ضَمَّنْتَهُ قِيمَتَهُ يَوْم الْغَصْب فَلَا شَيْء لَك بِحُصُول النَّقْصِ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ زَمَنِ التَّضْمِينِ وَإِلَّا فَلَكَ الْأَقَلُّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ لِفَوَاتِهِ عِنْدَهُ أَو قيمَة الْعَيْب بحصوله عِنْدَهُ وَلَكَ فِي الْمَوْتِ وَالْهِبَةِ قِيمَةُ الْعَيْبِ لِحُصُولِهِ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَدْتَهُ وَقِيمَةَ الْعَيْب الْحَادِث عنْدك لتأخيره عَنْ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالضَّمَانِ فَهُوَ فَائِتٌ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ لَهُ كَمَا يَضْمَنُ لَكَ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ تَحْبِسُهُ وَتَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْب لِأَنَّهُ عين ملكه وَقَالَ ش إِذا اقْتصر من العَبْد فِي النَّفس أَو الطّرق غَرِمَ الْغَاصِبُ أَقْصَى الْقِيَمِ فِي النَّفْسِ وَالنَّقْصِ فِي الطَّرَفِ وَإِنْ جَنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ خَلَّصَهُ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ جَنَى الْغَاصِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ فَأَعْلَى الْقِيَمِ أَوْ فِي طَرَفٍ فَقْدِ اجْتَمَعَ مُوجِبَانِ الْيَدُ وَالْجِنَايَةُ فَيَغْرَمُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِب
لِأَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ وَقَالَ ح إِذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ أَوْ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى أَصْلِهِ قَالَ وَيَضْمَنُ كُلَّ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ عَيْبِ السَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَا أَوْ عَوَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَهَا مَرِيضَةً فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ حُبْلَى ضَمِنَهَا وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ رُدَّ إِلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَاله فَقده أَوْ أَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ مَا أَدَّى عَنْهُ مِنَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَيُضَمَّنُ أَرْشَ الْهَرَمِ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَلَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ مِنَ الْغَاصِبِ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ تَصَدُّقٍ بِالْفَضْلِ لِأَنَّ الضَّمَانَ سَبَبُ التَّمْلِيكِ وَيُضَمَّنُ الْجَارِيَةَ بِنَقْصِ ثَدْيِهَا وَمَا نَسِيَتْهُ مِنَ الصَّنَائِعِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُضَمَّنُ كُلَّ نَقْصٍ فِي الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ لِأَنَّ الْيَدَ الْعَادِيَّةَ مُضَمَّنَةٌ وَإِذَا جنى على العَبْد فِي يَد أَجْنَبِيٌّ تَخَيَّرْتَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ جِنَايَتَهُ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْهَرَمِ وَنَحْوه
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الزِّيَادَةِ)
وَفِي الْكِتَابِ إِذَا كَبُرَتِ الصَّغِيرَةُ فَأَنْهَدَتْ فَعَلَتْ قِيمَتُهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ يَوْمِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَهُوَ الْأَخْذُ وَكَمَا لَوْ نَقَصَتْ لَا تنقص الْقِيمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَيَمُوتُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ يَضْمَنُ مِائَةً وَالْأَمَةُ تُطَلَّقُ أَوْ يَمُوتُ زَوْجُهَا ثُمَّ تعْتق لَا تنْتَقل لعدة الْوَفَاء وَالسَّرِقَةُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْقَطْعِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَضْمَنُ مَا مَاتَ عِنْدَهُ مِنَ الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ لِأَنَّهُ أَمَانَة
شَرْعِيَّة كَثوب تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي دَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِذَا اشْتَرَاهَا صَغِيرَةً فَكَبِرَتْ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ خيرا مِمَّا غَصَبَتْ فَإِنْ نَقَصَتْ بِكِبَرِ ثَدْيِهَا أَوْ شَبَهِهِ ضَمِنَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ انْظُرْ كَيْفَ لَمْ يُجْبَرِ النَّقْصُ بِالنَّمَاءِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَخْذُهَا بِنَمَائِهَا بِغَيْرِ غُرْمٍ فَكَأَنَّهُ غَصَبَهَا كَذَلِكَ فَيَضْمَنُ نَقْصَهَا وَعَلَى هَذَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَتْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ ش لِأَنَّهُ يَرَاهُ غَاصِبًا فِي كُلِّ وَقْتٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَبَغَهُ خُيِّرْتَ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ أَوْ إِعْطَاءِ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَأَخْذِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ مَالُكَ وَالصَّبْغُ مَالُهُ فَيَنْتَفِي الضَّرَرُ وَلَا يَشْتَرِكَانِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ ضَمِنَ مِثْلَهَا لِتَغَيُّرِهَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُخَيَّرُ فِي الصَّبْغِ بَلْ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَيُلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّخْيِيرِ أَن يُخَيّر فِي الْحِنْطَة يطحنها وَفِي التسويق يَلُتُّهُ وَفِي الْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا مِصْرَاعَيْنِ وَفِي الْفِضَّةِ يَصُوغُهَا مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْتَى بِالْمِثْلِ فَقَطْ وَقَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَوْ أَجَزْتُ لَهُ أَخْذَ ذَلِكَ وَدَفْعَ ثَمَنِ الْعَمَلِ كَانَ من التَّفَاضُل فِي الطَّعَام وَالْفِضَّة وَهولا يَلْزَمُ لِأَنَّ الطَّعَامَ طَعَامُهُ وَالْفِضَّةَ فِضَّتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ شَيْئَهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ مِنْ طَحِينٍ وَصَبْغٍ وَيَتَأَكَّدُ الْمَشْهُورُ بِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَوَصَلَ أَرْبَابُ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بتغيرها وَيُعْطَوْنَ الْقِيمَةَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا قَالَ ح لَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ مَلَكَهَا وَضَمِنَ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْغَزَلُ يُنْسَجُ وَالدَّقِيقُ يُخْبَزُ وَالْقُطْنُ يُغْزَلُ قَالَ وَالضَّابِطُ مَتَى زَالَ الِاسْمُ وَعَامَّةُ الْمَنَافِعِ بِزِيَادَةٍ مِنْ جِهَتِهِ مَلَكَ الْعَيْنَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَضَافَهُ قدم من الْأَنْصَار فقدموا إِلَيْهِ شَاة مصلية فَأخذ مِنْهَا
لقيمه فمضغها وفلم يُسِغْهَا فَقَالَ أَمَا إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ لَتُخْبِرُنِي إِنَّمَا ذُبِحَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ هَذِهِ شَاةُ أَخِي وَلَوْ كَانَ أَعْظَمُ مِنْهَا لَمْ يَنْفِسْ عَلَيْهِ وَسَأُرْضِيهِ بِخَيْرٍ مِنْهَا فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْأَسْرَى وَلَوْلَا زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْهَا لَأَمَرَ بِبَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ قَالَ وَلَكَ أَخْذُ الْمَغْسُولِ وَالْمَقْصُورِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَقْصُورِ عَيْنٌ لِلْغَاصِبِ وَلَوْ بَيَّضَ الدَّارَ أَعْطَيْتَ قِيَمَهَ الجير أَو مَا زَاد التجصص إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِأَخْذِ جَصِّهِ قَالَ وَإِذَا صَبَغَهُ وَزَادَ الصَّبْغَ خُيِّرْتَ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ لِلتَّغَيُّرِ وَأَخْذِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِكَ وَدَفْعِ قِيمَةِ مازاد حِفْظًا لِمَالِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ عَلَى حَالِهِ وَيَكُونُ الصَّبْغُ لِلْغَاصِبِ فَإِذَا بِيعَ قُسِّمَ الثَّمَنُ وَإِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ خُيِّرْتَ بَيْنَ الْقِيمَةِ للنقص وَأَخذه بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِكَ وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِ لِلْغَاصِبِ وَقَالَ ش إِنْ عَسُرَ انْفِكَاكُ الصَّبْغِ فَأَنْتُمَا شَرِيكَانِ لِأَنَّ الصَّبْغَ عُيِّنَ وَهَذَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ يُسَاوِي عَشْرَةً وَبَعْدَ الصَّبْغِ يُسَاوِي عِشْرِينَ فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إِلَّا عَشْرَةً سقط الصَّبْغ وَأخذ الثَّوْبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ أَخَذْتَهُ مَعَ الْأَرْشِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنَ الِانْفِصَالِ فَلهُ أَخذه وَيجْبر الْمَالِك على ذَلِك وَإِن نقص الثَّوْب وَالْأَرْش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ يُسَاوِي عَشْرَةً وَبَعْدَ الصَّبْغِ عِشْرِينَ فَأَنْتُمَا شَرِيكَانِ أَوْ ثَلَاثِينَ لِزِيَادَةِ سِعْرِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ لَكَ أَوْ لِزِيَادَةٍ للصبغ فَالزِّيَادَةُ لَهُ أَوْ لِزِيَادَتِهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا تَمْهِيدٌ قَالَ التّونسِيّ عَن أَشهب يَأْخُذ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبَيَاضِ وَالتَّزْوِيقِ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ الْقَلْعِ وَضَابِطُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا يُوجَدُ لَهُ أَمْثَالٌ إِذَا أَحْدَثَ فِيهِ حَدَثًا فَإِنَّ غُرْمَ مِثْلِهِ أعدل وَلَا يظلم أَحدهمَا بمقاربة الْمِثْلِ لِلْعَيْنِ كَمَا يُقْضَى بِالْمِثْلِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَة فَلذَلِك جعل فِي الْقَمْح والتسويق مِثْلُهَا وَلَا يَأْخُذُ الْقِيَمِيَّ إِلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَنَحْوه
غَرَضٌ آخَرُ فَلَا يُظْلَمُ وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَنَحْوَهُ غَرَضٌ آخَرُ فَلَا يُظْلَمُ وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجَهُ الْغَاصِبُ لَا عَيْنَ لَهُ كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ غُرْمٍ كَالْبَيَاضِ وَالتَّزْوِيقِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ غَيَّرَ تَغْيِيرًا بَعِيدًا حَتَّى زَالَ الِاسْمُ بِمُؤْنَةٍ كَثِيرَةٍ كَجَعْلِ الْخَشَبَةِ أَبْوَابًا فَهُوَ فَوْتٌ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَلَا شَيْءَ لَكَ فِيهَا وَنَسْجُ الْغَزْلِ يَجْعَلُهُ كَالْخَشَبَةِ تُعْمَلُ تَابُوتًا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ إِذَا أُزِيلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَكَ أَخْذُ الدَّقِيقِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الطَّحْنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ طَحَنَهَا سويقا فلته فلك أَخذ السويق وَيُبَاع وفيشري لَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مِثْلَ حِنْطَتِكَ وَيَجُوزُ لَكَ أَخذ السويق ملتويا فِي الْحِنْطَةِ إِذَا رَضِيتُمَا لِجَوَازِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بالسويق مُتَفَاضلا وَلَو غصب سويقا فلته اتبع التَّرَاضِي لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا طَحَنَ الْحِنْطَةَ وَلَتَّهَا سَوِيقًا لَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا لِزَوَالِ الِاسْمِ بِسَبَبِ الْبُعْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى التَّخْيِيرَ بَيْنَ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الصَّبْغِ أَوْ يَوْمَ الْغَصْبِ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الصَّبْغِ أَكْثَرَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ إِلَّا قِيمَةُ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قِيمَةُ الصَّبْغِ نَفْسِهِ فَإِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ غَرِمَ مَا نَقَصَ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ غَرِمَ النَّقْصَ وَإِنْ زَادَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِذَا غُسِلَ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ فَيُخَيَّرُ صَاحِبُهُ بَيْنَ بَيْنَ إِعْطَاءِ الثَّوْبِ بِغَسْلِهِ أَوْ قِيمَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَكَ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ فِي الصَّبْغِ يَسِيرَةً وَإِلَّا أَعْطَاهُ قِيمَةَ ذَلِكَ أَوْ ضَمِنَهُ أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ أَصْوَبُ لِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْجَصِّ وَالتَّزْوِيقِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ زَادَ فِي قِيمَةِ الدَّار كثيرا وفكذلك الصَّبْغُ وَإِنْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَغْرِيمِ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَوْم البيع أَو يُجِيز البيع وَيَأْخُذ الثّمن لِأَنَّهُ
غَاصِبٌ وَبَائِعٌ فُضُولِيٌّ أَوْ يَكُونُ مَقَالُكَ مَعَ المُشْتَرِي فَإِن شِئْت أَخَذته وَدفعت قِيمَته قِيمَةَ الصَّبْغِ أَوْ تَبْقَى مَعَهُ شَرِيكًا وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مَا زَادَ الصَّبْغُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَبِهِ يُشَارِكُ فَإِنْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ إِذَا نَقَلَهُ عَنِ الْغَرَضِ الْمُرَادِ مِنْهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مُشْتَرِي الْعَبْدِ يَقْتُلُهُ خَطَأً لِأَنَّهُ كَالصَّبْغِ وَالْقَتْلُ لَمْ يصون مَالَهُ بِخِلَافِ الْلِبَاسِ وَالْأَكْلِ وَالتَّضْمِينُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ أَحْسَنُ اخْتُلِفَ فِي الْمِثْلِيِّ الرِّبَوِيِّ كَالذَّهَبِ وَالْقَمْحِ وَغَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَالْحَدِيدِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ هَل تغير الْغَاصِبِ لَهُ بِصَبْغِهِ فَوْتٌ يَمْنَعُ أَخْذَهُ وَإِذَا قُلْنَا بِأَخْذِهِ هَلْ يَغَرَمُ لِلصَّنْعَةِ شَيْئًا وَإِذَا غَرِمَ فَهَلْ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ أَوْ مَا زَادَتْ وَإِذَا لَمْ يَرْضَ أَنْ يَغْرَمَ الصَّنْعَةَ وَلَا يَضْمَنَ هَلْ يكون شَرِيكَيْنِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا غَصَبَ قَمْحًا فَبَاعَهُ فطحنه المُشْتَرِي لصَاحبه أَخذه وَلَا غرم عَلَيْهِ للطحن وَتَرَكَهُ وَأَخْذُ مِثْلَهُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ ثَمَنَهُ تَنْفِيذًا لِلْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّوَابُ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوِ الْمِثْلُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا وَرَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ إِعْطَائِكَ الْمِثْلَ أَوْ يُسَلِّمُهُ دَقِيقًا لِأَنَّهُ طَحَنَ بِشُبْهَةٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَلَا يَأْخُذُ الدَّقِيقَ مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَرْعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا غَصَبَ حُلِيًّا فَكَسَرَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى حَالِهِ لَكَ أَخذه بِغَيْر غُرْمٍ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ بِمَا أعَاد وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ صِنَاعَتِهِ تَعَيَّنَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ نَفْيًا لِلرِّبَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا قَوْلُهُمَا ثُمَّ قَالَ لَا أَرَى لَهُ إِلَّا قِيمَتَهُ وَإِنْ أَعَادَهُ بِحَالِهِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بِالتَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا غَيْرَ غَاصِبٍ لَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ إِذَا صَاغَهُ عَلَى حَالِهِ بِلَا غُرْمٍ وَلَوْ
كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ وَأَعَادَهُ إِلَى حَالِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِدَفْعِ أُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ لِأَنَّهُ غير مُتَعَدٍّ لمَفْهُوم قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لِعِرْقٍ غير الظَّالِم حق قَالَ اللَّخْمِيّ وَقَوله لَا يُعْطِي لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ غَيْرُ بَيِّنٍ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ مِمَّا يُقْضَى فِيهَا بِالْمِثْلِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْغَاصِبِ يَكْسِرُ السُّوَارَيْنِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ وَقَالَ فِي الْخَشَبَةِ يَعْمَلُهَا مِصْرَاعَيْنِ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَا يذهب عمله مجَّانا فَمنع من أَخذهَا لَيْلًا عَمَلُهُ فَإِنْ رَضِيتَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ فَلَكَ أَخْذُهَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لِعَمَلِهِ بَالٌ وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا خُيِّرْتَ بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَةَ عَمَلِهِ وَتَأْخُذُهَا أَوْ تُسَلِّمُهَا وَتَأْخُذُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ تَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ ذَهَبًا فَضَرَبَهُ دَنَانِيرَ إِذَا كَانَ لِصَنْعَتِهِ بَالٌ وَإِلَّا فَلَكَ أَخْذُ مَالِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا غَرَسَ أَوْ بَنَى أَمَرَ بِقَلْعِهِ ذَلِكَ إِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ الْآنَ نَفْيًا لِعِرْقِ الظَّالِمِ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ إِعْطَاءَهُ الْقِيمَةَ مقلوعا فَذَلِك لَك لِأَن الْقلع مُسْتَحقّ فَإِن أَخَذْتَ بِالْقِيمَةِ تَصَوَّنَتِ الْمَالِيَّةُ فِي التَّنْفِيذِ عَنِ الضَّيَاعِ وَكُلُّ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ بعد الْقلع كالجص وَالنَّقْشِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ الْقَلْعَ مُسْتَحَقٌّ وَلَا مَالِيَّةَ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي قَلْعِهِ بَلْ فَسَادٌ مَحْضٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الْغَرْسِ لِأَنَّهَا أَعْيَانُ مِلْكٍ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إِخْرَاجِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الزَّرْعِ مِنَ الْأَرْضِ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ تَرْكِهِ حَتَّى يُحْصَدَ أَوْ يُعْطِيَهُ نَفَقَتَهُ وَيَأْخُذَ الزَّرْعَ بِخِلَافِ الْغَرْس لما
فِي أَبِي دَاوُدَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ زَرَعَ أَرْضَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ فِي الزَّرْع شَيْء وَعَلِيهِ نَفَقَتُهُ وَفِي الْكِتَابِ مَا حُفِرَ مِنْ بِئْرٍ أَوْ مَطْمُورَةٍ كَالْبِنَاءِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْإِزَالَةِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي بَعْضِ الْأُمَّهَاتِ لَيْسَ لَهُ تُرَابٌ رَدَمَ بِهِ حُفْرَةً فَيُحْتَمَلُ أَنَّ التُّرَابَ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَكَ بِالْحُفْرَةِ مَنْفَعَةٌ فَلَكَ إِلْزَامُهُ طَرْحَهُ كَانَ التُّرَاب لَك أَوله وَلَكَ إِلْزَامُهُ بِرَدِّهِ إِلَى مَوْضِعِهِ نَفْيًا لِضَرَرِ الْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَهُ الْقِيمَةُ بَعْدَ طَرْحِ أُجْرَةِ النَّقْلِ وَقَالَ ح لَيْسَ لَكَ إِلَّا الْقِيمَةُ لَنَا أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُكَ وَالْأَصْلُ بَقَاء ملكك عَلَيْهَا
قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ هَدَمَهَا خُيِّرْتَ بَيْنَ قِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الْعَرْصَةِ وَالنَّقْضِ وَلَا تُتْبِعُهُ بِشَيْءٍ لِتَمَكُّنِكَ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَوْ هَدَمَهَا ثُمَّ بَنَاهَا بِنَقْضِهَا كَمَا كَانَتْ بِنَفْسِهِ فَلِلْغَاصِبِ قِيمَةُ هَذَا النَّقْضِ الْمَبْنِيِّ مَنْقُوضًا الْيَوْمَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ مَنْقُوضًا فَيَتَقَاصَّانِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ النَّقْصَ لَمَّا هَدَمَ وَالضَّمَانُ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوَّلًا وَلَهُ قِيمَتُهُ آخِرًا لِانْتِقَالِهِ لِمُلْكِهِ وَقَالَ ان الْقَاسِمِ يُحْسَبُ عَلَى الْهَادِمِ قِيمَةُ مَا هَدَمَ قَائِمًا وَتُحْسَبُ لَهُ قِيمَةُ مَا بَنَى مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ أَفْسَدَ التَّنْضِيدَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَكَ قَلْعُ الزَّرْعِ فِي إِبَّانِ الْحَرْثِ بَلْ قَلْعُهُ الْمُتَعَدِّي وَفِي غَيْرِ الْإِبَّانِ لَكَ الْكِرَاءُ فَقَطْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْقَلْعِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ كَمَا لَا يُمكن للْغَاصِب مِنْ قَلْعِ التَّزْوِيقِ وَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ بعد
الْقَلْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْغَاصِبُ فَهُوَ لَكَ بِغَيْر شَيْء كنبييض الدَّارِ وَلَا بَذْرَ عَلَيْكَ وَلَيْسَ لَكَ إِجْبَارُهُ فِي الْإِبَّانِ عَلَى بَقَاءِ الزَّرْعِ الصَّغِيرِ بِالْكِرَاءِ لِأَنَّهُ يقْضِي بِهِ لَك فَكَانَ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَعَ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ إِذَا قَلَعَ انْتَفَعَ بِهِ أَخَذَ الْكِرَاءَ مِنْهُ وَيَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ فَإِنْ رَضِيَ بِتَرْكِهِ جَازَ إِذَا رَضِيتَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ نَفْعٌ تُرِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَأْبَاهُ فَيَأْمُرُ بِقَلْعِهِ فَإِذَا فَاتَ الْإِبَّانُ وَلَا تَنْتَفِعُ بِأَرْضِكَ إِذَا قَلَعَ فَقِيلَ لَكَ قلعه لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ فَعَمَّ وَقِيلَ لَيْسَ لَكَ إِلَّا الْكِرَاءُ لِأَنَّ الْقَلْعَ ضَرَرٌ مَحْضٌ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَسْبَلَ لَا يُقْلَعُ لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ ذَبْحِ مَا فِيهِ قُوَّةُ الْحَمْلِ مِنَ الْإِبِلِ وَذَوَاتِ الدُّرِّ مِنَ الْغَنَمِ وَمَا فِيهِ الْحَرْثُ مِنَ الْبَقَرِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَاحْتِكَارُ الطَّعَامِ وَإِنِ اقنعت مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ بِنَاءِ الْبِئْرِ أَوِ الْمَطَامِيرِ قيل للْمُبْتَاع دفع قِيمَةَ الْأَرْضِ وَخُذْهَا وَاتْبَعْ مَنِ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ أَبَى كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَقِيمَة الْبناء وَقَالَ ابْن أبي زيد مَا لَك إِذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدْ طَوَى الْبِئْرَ بِالْآجُرِّ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْحَفْرِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا ذَكَرَهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْغَاصِبِ وَأَمَّا الْمُبْتَاعُ فَلَهُ قِيمَةُ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا هَدَمَ الدَّارَ خُيِّرْتَ بَيْنَ مُؤَاخَذَتِهِ بِالْغَصْبِ فَتُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا قَائِمَة يَوْم الْغَصْب أَو تؤاخذه بالعدا فَتُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا قَائِمَةً يَوْمَ الْهَدْمِ لِأَنَّ الْيَدَ العادية والتعدي سيان أَنْت مُخَيّر
فِيهِمَا أَوْ تَأْخُذُ الْعَرْصَةَ وَتُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ الْهَدْمُ عَلَى أَنَّ الْأَنْقَاضَ لِلْغَاصِبِ أَوْ تَأْخُذُ الْعَرَصَة الأنقاض وَتُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ الْهَدْمُ لِصَاحِبِهَا يُقَالُ مَا قِيمَتُهَا قَائِمَةً وَمَهْدُومَةً عَلَى هَيْئَتِهَا فَيَغْرَمُ مَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَخْتَلِفُ مَتَى تَكُونُ قِيمَةُ النَّقْضِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَوْمَ الْهَدْمِ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ أَقْوَى فِي التَّضْمِينِ مِنْ يَدِ الْعُدْوَانِ لِأَنَّ الْإِتْلَاف يتعقبه الضَّمَان وَالْيَد لَا يضمن حَتَّى يتْلف الْعَيْنَ أَوْ تَتَغَيَّرَ وَمَا يَعْقُبُهُ مُسَبِّبُهُ أَقْوَى وَقَالَ سَحْنُونٌ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ يَنْدَرِجُ فِيهِ مَا بَعْدَهُ كَالْحَيْضِ بَعْدَ الْجَنَابَةِ وَالسَّرَايَةِ لِلنَّقْصِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْوَقْتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا هَدَمَهَا الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَوَسَّعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْهَدْمِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ يَشْتَرِيهِ وَيَقْطَعُهُ لِأَنَّ هَدْمَ الدَّارِ لَيْسَ بمتلف للقدر عَلَى الرَّدِّ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَذَلِكَ الْحُلِيُّ يَشْتَرِيهِ ويكسره وَلَا شَيْءَ فِي الْكَسْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ هَذَا الْفَرْقُ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَالٍ كَثِيرٍ بَلْ مَضَرَّةُ هَدْمِ الدَّارِ أَعْظَمُ مِنْ مَضَرَّةِ الْقَطْعِ لِلثَّوْبِ بِكَثِيرٍ فَإِنْ بَنَاهَا الْغَاصِبُ بِنَقْضِهَا خُيِّرْتَ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَوْمَ الْهَدْمِ أَوْ تَأْخُذُهَا أَوْ تُغَرِّمُهُ قِيمَةَ مَا هَدَمَ قَائِمًا يَوْمَ هَدَمَ عَلَى أَنَّ النَّقْض يبْقى لَهُ وتعطيه قيمَة الْيَوْم المهدوما أَو تغرمه قيمَة التلفيق وَحده وَيبقى النَّقْص لَك وَمن غصب نَخْلَة قَائِمَة وأقلها فَقِيمَتُهَا قَائِمَةٌ تَقُومُ بِأَرْضِهَا يَوْمَ تَقُومُ الْأَرْضُ وَيَسْقُطُ عَنِ الْغَاصِبِ مَا يَنُوبُ الْأَرْضَ لِأَنَّ أَرْضَهَا بَقِيَتْ لِصَاحِبِهَا وَكَذَلِكَ الْوَدِيُّ إِذَا أَتْلَفَهُ وَلم يغرسه وَلَو قيل يغرم قيمَة لِلْغِرَاسَةِ لَصَحَّ فَإِنْ بَاعَهُ فَغَرَسَهُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَحَقَّ بفوز ذَلِك فللمستحق أَخذه وَعَلِيهِ قيمَة خدمته إِن كَانَتْ بُقْعَتَهُ وَنُقْلَتَهُ وَكَبُرَ وَكَانَ إِنْ قُلِعَ بنت كَانَ لمستحقه أَخذه وعَلى قَول
ابْن مسلمة ذَلِك وَلَك فَوْتٌ وَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَرْسِهِ وَإِنْ كَانَ إِنْ قُلِعَ لَمْ يَنْبُتْ لَمْ تَأْخُذْهُ وَيُخْتَلَفُ مَتَى تَكُونُ فِيهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ غَرْسِهِ أَوِ الْيَوْمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّقْضِ إِذَا بَنَى بِهَا وَمَنْ حَفَرَ أَرْضًا عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا الْحَفْرُ إِلَّا أَنْ يُعِيدَهَا لِهَيْئَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ محفورة فَهَدمهَا فَعَلَيْهِ إِزَالَةُ ذَلِكَ الرَّدْمِ مِنْهَا فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَيْتَهَا فَحَفَرْتَ بِهَا بِئْرًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ وَأَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَفَعَ لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعِمَارَةِ وَأَخَذَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعِمَارَةِ فَإِنْ أَبَى مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ فِيمَا اسْتَحَقَّ وَاسْتَشْفَعَ دَفَعْتَ لَهُ قِيمَةَ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَرَجَعْتَ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَإِنْ أَبَيْتُمَا فَشَرِيكَانِ فِي الْمُسْتَحَقِّ يقدر الْمُسْتَحِقِّ وَقَدْرِ الْعِمَارَةِ وَيَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ النِّصْفُ وَنِصْفُ مَا أَحْدَثَ فَإِنِ اسْتَحَقَّ جُمْلَتَهَا دَفَعَ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَأَخَذَهَا فَإِنْ أَبَى أَعْطَيْتَهُ قِيمَةَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَبَيْتَ كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالْعِمَارَةِ وَهَذَا بِقِيمَة أرضه وَهَذِه قيمَة عِمَارَتِهِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ أُخِذَ مَالُكَ بِقَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقَدْ أَقْطَعَ الصِّدِّيقُ أَرْضًا لِرَجُلٍ فَأَحْيَاهَا فَجَاءَ آخَرُونَ بقضية من النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَاخْتَصَمُوا لِعُمَرَ رضي الله عنه فَقَضَى لِلْأَوَّلِ بِقِيمَة مَا أحيى فَقَالَ لَا آخذ فَقَالَ الآخر أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ بَيْضَاءَ فَلَمْ يَجِدْ فَقَضَى بِالشَّرِكَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا أَبَى أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ لَمْ يُجْبَرْ الْعَامِرُ أَنْ يُعْطَى قِيمَةَ الْأَرْضِ بَلْ يَشْتَرِكَانِ حِينَئِذٍ هَذَا بِقِيمَة أرضه براحا وَهَذِه بِقِيمَة عِمَارَته قَائِما بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ بَرَاحًا ثُمَّ تُقَوَّمُ بِعِمَارَتِهَا فَمَا زَادَتِ الْعِمَارَةُ عَلَى قِيمَتِهَا بَرَاحًا شَارَكَ بِهِ العامر رب الأَرْض إِن أحيى قسما أَو حسبا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقِيلَ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ خِلَافُهُ بَلْ تُقَوَّمُ الْعِمَارَةُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَرْضُ بَرَاحًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ لَا تزيد
الْعِمَارَةُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَرْضُ بَرَاحًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ لَا تَزِيدُ الْعِمَارَةُ فِي مِثْلِ هَذِه الأَرْض لكَونهَا براحا أنْفق للبقول وَنَحْوه قَالَ أَبُو بكر ابْن الْجَهْمِ وَإِذَا دَفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَأَخَذَ أَرْضَهُ فَلَهُ كِرَاءُ مَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا امْتَنَعَ مُسْتَحِقُّ نِصْفِ الْأَرْضِ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِ الْبِنَاءِ وَأَبَى الْبَانِي من قيمَة نصف الأَرْض واستواء القيمات شُرِكَ بَيْنَهُمَا لِلْمُسْتَحِقِّ رُبُعُ الدَّارِ لِأَنَّهُ بَاعَ نِصْفَ مَا اسْتَحَقَّ وَهُوَ الرُّبُعُ بِرُبُعِ الْبِنَاءِ وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ إِذَا بَاعَ مَا بِهِ يَسْتَشْفِعُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ يَسْقُطُ مِنْ شُفْعَتِهِ قَدْرُ النِّصْفِ وَاسْتُشْفِعَ فِي نِصْفِ النِّصْفِ وَتَصِيرُ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمَسَائِلُ الَّتِي تُؤْخَذُ قِيمَةَ الْبناء مقلوعا سِتّ فِي الْغَصْبِ وَالْعَارِيَةِ وَالْكِرَاءِ أَوْ بَنَى فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ شُرَكَاءَ أَوْ وَرَثَةٍ فَفِي هَذِه كلهَا يُؤْخَذ الْبناء بِقِيمَة مَقْلُوعًا بَنَى بِأَمْرِكَ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ إِنْ بَنَى بِأَمْرِكَ فَقِيمَتُهُ قَائِمًا وَإِلَّا فَمَقْلُوعًا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ غَصَبَ طِينًا فَضَرَبَهُ لَبِنًا لَكَ مِثْلُ الطين لانتقاله بالصنيعة فَرْعٌ قَالَ إِنْ ذَبَحَ الشَّاةَ وَشَوَاهَا فَلَكَ قِيمَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْوِهَا وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إِذَا لَمْ يَشْوِهَا فَلَكَ أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَقِيلَ يَأْخُذُ الْمَذْبُوحَةَ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَلَا يَأْخُذُ غَيْرَهَا وَلَا يَأْخُذُ بَعْضَهَا وَبَقِيَّتُهَا سِلْعَةٌ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ وَيَمْتَنِعُ تَرَاضِيهِمَا بِأَخْذِهَا
لِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَنِ الْقيمَة بِلَحْم شَاة ودراهم فَهِيَ مَسْأَلَة مدعوجه وَدِرْهَمٍ وَهَذَا مَوْضِعُ اضْطَرَبَتْ فِيهِ الْآرَاءُ وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَصَعُبَتِ الْمَدَارِكُ وَكَثُرَ التَّشْنِيعُ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا طَحَنَ الْقَمْحَ وَعَمِلَهَا خُبْزًا فَجَاءَ رَبُّهَا يَأْخُذُهُ وَهُوَ مُلْكُ الْغَاصِبِ عَلَى زَعْمِكُمْ فَلِلْغَاصِبِ مُقَاتَلَةُ رَبِّ الْحِنْطَةِ فَإِنْ قتل رب الْحِنْطَة قشر قَتِيلٍ لِأَنَّهُ صَارَ مُحَارِبًا عِنْدَكُمْ وَإِنْ قُتِلَ الْغَاصِبُ فَشَهِيدٌ لِأَنَّهُ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَهَذَا عَكْسٌ لِلْحَقَائِقِ وَقَلْبٌ لِلطَّرَائِقِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا فِي الْحِنْطَةِ تُزْرَعُ أَوْ تُطْحَنُ أَوِ الْبَيْضُ يُحْضَنُ وَالْمَعَادِنُ تُعْمَلُ آنِيَةً أَوْ يُصَاغُ حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ أَوِ السَّاجَةُ تُشَقُّ وَتُعْمَلُ أَبْوَابًا أَوِ التُّرَاب يعمله طينا ويتملكه الْغَاصِبُ شَرْطَ تَغَيُّرِ اسْمِهِ وَإِبْطَالِ مُعْظَمِ مَنْفَعَتِهِ ثُمَّ لَا يَتَصَرَّفُ الْغَاصِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ إِلَى الْمَالِكِ قِيمَتَهُ وَهَذَا حُكْمُ السَّرِقَةِ وَوَافَقَنَا ح وَخَالَفَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَا يَرُدُّ ذَلِكَ وَمَا نقص وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة غَيْرَ أَنِّي رَأَيْتُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ يَسْتَثْنُونَ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ ذَبْحَ الشَّاةِ وَيُوَافِقُونَنَا فِي غَيْرِهِ وَيَقُولُونَ فِيهِ بِأخذ الشَّاةِ إِذَا ذُبِحَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مَعَ الْأَرْشِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهُ أَخْذُ الْفِضَّةِ الْمُصَاغَةِ وَالثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَالْمَخِيطِ كَمَا قَالَهُ ش لَنَا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَضَافَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي بُيُوتِهِمْ فَقَدَّمُوا لَهُ شَاةً مَصْلِيَّةً فَتَنَاوَلَ مِنْهَا لُقْمَةً فَجَعَلَ يمضغها فَلَا يسيغها فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - إِنَّ هَذِهِ الشَّاةَ لَتُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ لِجَارٍ لَنَا وَنَحْنُ نُرْضِيهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى وَلَوْلَا أَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ لَهُمْ لَأَمَرَ بِرَدِّهَا إِلَى مَالِكِهَا قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ هَذَا الحَدِيث مُرْسل وَرِوَايَة عَاصِم ابْن كُلَيْب وَهُوَ ضَعِيف فِيمَا ينفرراوي وَقَدْ أَوْرَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عليه السلام فعل ذَلِك نظرا
للْمَالِك لَيْلًا تفْسد الشَّاة عَلَيْهِ فَرَأى أَن يشد بِهَا خَلَّةَ الْأَسَارَى وَيُعَوِّضَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَو ملكهَا الذَّابِح لما انتزعها صلى الله عليه وسلم َ - مِنْهُ لِلْأَسَارَى وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَالِكَهَا كَانَ غَائِبًا حَتَّى يَنْظُرَ الْإِمَامُ فِي مَاله وَالْأَصْل عدم الْغَيْبَة وبل أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لَهُم بِالْإِطْعَامِ دَلِيل ملكهم وَإِلَّا كَانَ صلى الله عليه وسلم َ - يُطْعِمُهَا مِنْ قَبْلُ نَفْسَهُ وَأَمْرُهُ لَهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ مَالِكُونَ إِمَّا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْفَعُوا الثَّمَنَ بَعْدُ كَمَا قَالَ ح أَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ لَا يَمْلِكُونَ كَمَا قَالَ الْمَالِكِيَّةُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ أَكْلَهَا مَكْرُوهٌ لِلْخِلَافِ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَيُؤَكِّدُ قَوْلَنَا أَنَّ الْغَاصِبَ عِنْدَهُمْ يَضْمَنُ مَا نَقَصَ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَقْوِيمِهَا لِيَعْلَمَ مَا نَقَصَتْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ بِهَا كَانَتْ لِمَا ذَكرْنَاهُ وبالقياس على استيلاد الْأَب الْجَارِيَة ابْنه وَأحد الشَّرِيكَيْنِ لجارية الْمُشْتَرِكَةُ بِجَامِعِ إِذْهَابِ جُلِّ الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْخَشَبَةَ إِذَا عُمِلَتْ أَبْوَابًا ذَهَبَ جُلُّ مَقْصُودِهَا وَزَالَتْ تِلْكَ الْمَالِيَّةُ وَحَدَثَتْ مَالِيَّةٌ أُخْرَى كَمَا أَنَّ مَالِيَّةَ الْفَحْمِ تَجَدَّدَتْ وَعُدِمَتْ مَالِيَّةُ الْخَشَبَةِ وَهَذِهِ الْمَالِيَّةُ الْحَادِثَةُ مَنْسُوبَةٌ لِفِعْلِ الْغَاصِبِ فَيُنْسَبُ الْمِلْكُ لَهُ إِحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ كَالِاصْطِيَادِ بِكَلْبِ الْغَيْرِ وَالِاحْتِطَابِ بِفَأْسِهِ وَكَالْمَوْتِ بَعْدَ الْجِرَاحَةِ يُحَالُ عَلَى الْجِرَاحَةِ وَاتَّفَقْنَا أَنَّهُ لَوْ عَلَفَ دَوَابَّهُ الطَّعَامَ فَسَمِنَتِ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا ثمَّ إِن نَفْرِضَ الْكَلَامَ فِي تَحْضِينِ الْبَيْضِ وَصَارَ دَجَاجًا وَالْحِنْطَةُ قَصِيلًا وَالنَّوَاةُ نَخْلَةً فَقَدِ اسْتُهْلِكَتِ الْأَعْيَانُ الأول وَحَدَثَتْ أَعْيَانٌ وَصُوَرٌ أُخْرَى وَأَحْكَامٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِالْحِسِّ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْيَانِ لَمْ يَحْنَثْ بِهَذِهِ المتجددات وَلِأَن مذهبكم يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ يَغْصِبُ جَمَادًا فَيُؤَدِّي حَيَوَانًا وَلَيْسَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَلَا مِثْلَهُ وَلَا قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً لَمْ يَرُدَّ دَقِيقَهَا وَالْكُلُّ بَابُ ضَمَانٍ فَلَوْ صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا صَحَّ فِي الْآخَرِ وَإِذَا ظَهَرَ الدَّلِيلُ فِي هَذِهِ الصُّور ظهر فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَلِأَنَّهُ قبض
وَقَعَ فِي الْحِنْطَةِ فَلَا يُطْلَبُ بِرَدِّ الدَّقِيقِ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا وَأَتْلَفَهَا أَوِ اشْتَرَاهَا فَطَحَنَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَا يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرُدُّ الدَّقِيقَ احْتَجُّوا
بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ مُعَلَّلٌ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالْحِنْطَةِ وَالطَّحْنُ لَمْ يُذْهِبِ الْمَالِيَّة وَلِأَنَّهُ فعل لَو فعله فِيهِ ملكه لم يزل ملكه عِنْده بِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْغَيْرُ لَمْ يَزُلْ مُلْكُهُ وَكَمَا لَوْ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْعُدْوَانَ يُنَاسِبُ عَدَمَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَالْإِذْنُ مُنَاسِبٌ لَهُ أَكْثَرُ فَإِذَا لَمْ يَنْتَقِلْ بِالْمُنَاسِبِ لَا يَنْتَقِلُ بِغَيْرِ الْمُنَاسِبِ لِأَنَّ الْمِلْكَ نِعْمَةٌ وَالْمَعْصِيَةَ لَا تُنَاسِبُ النِّعْمَةَ وَلِأَنَّ ذَبْحَ الْغَاصِبِ عُدْوَانٌ فَانْضَافَ عُدْوَانٌ إِلَى عُدْوَانٍ فَتَعَذَّرَتِ الْمُنَاسَبَةُ جِدًّا وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ لَمَلَكَ الْبَائِعُ بِهَا الْمُشْتَرِيَ إِذَا فَعَلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلِأَنَّ ذِهَابَ جُلِّ الْمَنَافِعِ لَوْ كَانَ يُزِيلُ الْمِلْكَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ لَأَزَالَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَذَهَابِ الرُّوحِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ أَمْ لَا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا تَفْرِيقُ الْأَجْزَاءِ فَلَا يُنْقَلُ الْمِلْكُ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا مَقْلِيَّةً فَطَحَنَهَا أَوْ كَمَا لَوْ غَصَبَ رَغِيفًا وَفَتَّتَهُ لُبَابًا وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْعَيْنَ لَمَلَكَ جَمِيعَ جِهَاتِ التَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالْمِلْكِ السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْحَجْرِ وَقَدْ مَنَعْتُمُ التَّصَرُّفَ حَتَّى يُعْطَى الْقِيمَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِذَا بَقِيَ اسْمُ الْمَغْصُوبِ وَمَعْنَاهُ بِدَلِيلِ مَسْأَلَة الْعلف واستيلاد جَارِيَة الإبن عَن الثَّانِي أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْحِنْطَةِ وَمَالِيَّةِ الْحِنْطَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ حِنْطَةً وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الِاسْمِ وَالْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا بِمُطْلَقِ الْمَالِيَّةِ كَيْفَ كَانَتْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْمَالِيَّةِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ إِذَا فَوَّتَهَا بِالطَّحْنِ وَالْخَبْزِ يَجْبُرُ مَالِيَّةَ الْحِنْطَةِ بِمَالِيَّةِ
الْخَبْزِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ بِمَنْ غَصَبَ عَسَلًا وَسَمْنًا وَأَذَابَهُ أَوْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أردأ عَن الثَّالِثِ النَّقْضُ بِاسْتِيلَادِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَبِالْعَلَفِ وَخَلْطِ الزَّيْتِ وَلِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَزُولَ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ لَو زَالَ لزال الهيه لِأَنَّهُ مَصْدَرُ السَّبَبِ وَلَوْ زَالَ إِلَيْهِ لَزِمَ تَحْصِيل الْحَاصِل لِأَنَّهُ مَالك قبل ذَلِك وَهَا هُنَا ينْتَقل الْملك إِلَى غَيرهَا لَك فَلَا يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ فَافْتَرَقَا عَنِ الرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُكُمْ الْمَعْصِيَةُ لَا تُنَاسِبُ نِعْمَةَ الْمِلْكِ فَيَنْتَقِضُ بِاسْتِيلَادِ الْأَبِ وَفِيهِ ضَمُّ عُدْوَانٍ إِلَى عدوان فَإِن الْأَب غَاصِب ووطئه حَرَامٌ وَمَعَ ذَلِكَ مَلَكَ أَمَةَ ابْنِهِ بِذَلِكَ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا قَصَدَ الْغَصْبَ مَنَعْنَا عَدَمَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثُمَّ يُنْتَقَضُ بِالنُّقُوضِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنِ السَّادِسِ أَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ يُنَاسِبُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ بِهِ مِلْكُهُ أَمَّا غَيْرُ فِعْلِهِ فَلَا يَدْخُلُ إِلَّا قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ عَنِ السَّابِعِ مَنْعُ الْحُكْمِ بَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْحِنْطَةِ وَأَمَّا فَتُّ الْخُبْزِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْهِبِ الِاسْمَ وَمُعْظَمَ الْمَنَافِعِ عَنِ الثَّامِنِ أَنَّهُ مِثْلُ مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إِنْ أَيْسَرَ الرَّاهِنُ بِالدَّيْنِ انْفَكَّ وَإِلَّا فَلَا فَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مِلْكٌ مَعَ الْمَنْع فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِذَلِكَ يَرِدُ عِتْقُ الْمَدِينِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ تَمْهِيدٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إِنْ كَانَتْ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّغِيرِ يَكْبَرُ وَالْهَزِيلِ يَسْمَنُ أَوِ الْعَيْبِ يَذْهَبُ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ
وَلَمْ يَتَجَدَّدِ لِلْغَاصِبِ فِيهِ سَبَبٌ يُوجِبُ التَّضْمِينَ وَلَا التَّمْلِيكَ أَوْ أَحْدَثَهَا الْغَاصِبُ فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ قِسْمَيْنِ مَا أَحْدَثَ فِيهِ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ عَيْبا قَائِمَة كالصبغ والنقض فِي الْبُنْيَانِ أَوْ مُجَرَّدِ الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالنَّسْجِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَالَّذِي لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ قِسْمَانِ مَا تُمْكِنُ إِعَادَتُهُ عَلَى حَالِهِ كَالْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالثَّوْبِ يَصْبُغُهُ وَالْجِلْدِ يَدْبُغُهُ وَالسَّوِيقِ يَلُتُّهُ فَيُخَيَّرُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بَيْنَ إِلْزَامِهِ بِإِعَادَةِ الْبُقْعَةِ عَلَى حَالِهَا وَإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَبَين إِعْطَائِهِ قيمَة مَاله فِيهَا مَقْلُوعًا بَعْدَ أَجْرِ الْقَلْعِ إِذَا كَانَ لَا يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ وَلَا يُعِيدهُ بَلْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ شَعْبَانَ وَقِيلَ لَا يَحُطُّ أُجْرَةَ الْقَلْعِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ هَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَدْمِ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَيُخَيَّرُ فِي الصَّبْغِ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَحْوِهُ إِلَّا فِي السَّوِيقِ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ وَنَحْوِهُ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا يُخَيَّرُ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الرِّبَا بَلْ يُلْزَمُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ التَّقْسِيمِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَهُوَ قِسْمَانِ يسير لَا ينْتَقل بِهِ الْمَغْصُوب عَن إسمه كعمل الْخَشَبَة أبوابا أَو تابوتا وطحن الْقَمْح ونسج الْغَزل وصوغ الْفضة حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلَ مَعْمُولًا بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مُغْتَفَرٌ وَالثَّانِي فَوْتٌ يُوجِبُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ الْغَصْبِ هَذَا أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ يَجْعَلُ الْبُنْيَانَ أَصْلًا لِهَذَا كُلِّهِ وَيَقُولُ لَا أَجْرَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنَ الصَّبْغِ وَالرَّفْوِ وَالدِّبَاغِ وَالطَّحْنِ وَعَمَلِ التَّابُوتِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّبْغُ تَفْوِيتٌ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَكَذَلِكَ شبع الصَّبْغَ وَقِيلَ يَشْتَرِكَانِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ وَقِيمَةِ الثَّوْبِ إِذا امتنعا من دفع مَا يتَوَجَّه عَلَيْهِمَا وَأنكر هَذَا القَوْل فِي الْمُدَوَّنَة وَقَالَ إِن الشُّبْهَة إِنَّمَا تَكُونُ فِيمَا كَانَ تَوَجَّهَ بِشُبْهَةٍ
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ)
وَفِي الْكِتَابِ إِذا بَاعَ الْأمة مِمَّن لم يعلم الْغَصْب يَوْمَ عُدْوَانِهِ فَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ يَوْمُ عُدْوَانِهِ وَتَحَقَّقَ سَبَبُ ضَمَانِهِ وَلَكَ أَخْذُ الثَّمَنِ وَتَنْفِيذُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيّ وَالثمن بدل لمَالِك كَالْقِيمَةِ وَلَوْ قَتَلَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَأَخَذَ أَرْشًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ خُيِّرَتْ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ من الْغَاصِب بِالثّمن لبُطْلَان الْبَيْعِ وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُبْتَاعُ فَلَكَ أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَتْلِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَوْمُ عُدْوَانِهِ وَالْأَصْلُ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا فَلَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ الطَّعَامُ وَقِيمَةُ الثِّيَابِ وَكُلُّ مَا عُرِفَ هَلَاكُهُ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ مِنْ مَوْتِ جَارِيَةٍ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الطَّعَامِ لَا يَضْمَنُهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ شُبْهَةٍ وَلَمْ يَتَعَدَّ وَلَوْ قَطَعَ الْمُبْتَاعُ يَدَهَا أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَضْمِينُهُ نَقْصَهَا لِذَهَابِهِ بِعُدْوَانِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلَكَ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنَ الْغَاصِبِ أَو الْقيمَة يَوْم الْغَصْب وَلَو أَبى الْمُبْتَاع الثَّوْب باللبس وكقطعه يَدَ الْأَمَةِ قَالَ التُّونِسِيُّ اخْتُلِفَ فِي جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ خَطَأً هَلْ يَضْمَنُهُ وَقِيلَ لَا يُضَمَّنُهُ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ فِي الظَّاهِرِ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَإِذَا أَبْلَى الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ بِاللُّبْسِ فَإِنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ لُبْسِهِ وَانْظُرْ لَوْ ظَهَرَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ لَمَا اسْتَحَقَّ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَالصُّنَّاعِ والرهان على أحد الْقَوْلَيْنِ أَو يَوْم رُؤِيَ بعد شَهْرَيْن
وَهُوَ الْأَشْبَه لِأَن الرَّهْن وَالصُّنَّاعَ إِنَّمَا ضَمِنُوا الْقِيمَةَ يَوْمَ التُّهَمِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونُوا لِمَا غَيَّبُوهُ بَعْدَ هَذَا فَكَأَنَّهُمْ قَبَضُوهُ لِيَسْتَهْلِكُوهُ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَالْمُشْتَرِي إِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَهُ إِتْلَافُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ ضَامِنٍ إِنْ ظَهَرَ هَلَاكُ الْعَيْنِ فَلَا تُهْمَة عَلَيْهِ فَإِنَّمَا لَك قِيمَته يَوْم رُؤِيَ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوِ اسْتَحَقَّتِ الْأَمَةُ بِحُرِّيَّةٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهَا بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ وَقَدْ مَاتَتْ عِنْدَهُ وَلَا يَرْجِعُ فِي الْمُدَبَّرَةِ بِشَيْءٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمُكَاتَبَةُ عِنْدِي كَالْأَمَةِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا بَاعَهَا الْغَاصِبُ بِمِائَةٍ فَقَتلهَا الْمُبْتَاع وقمتها خَمْسُونَ فَأَغْرَمْنَا الْمُشْتَرِيَ خَمْسِينَ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَرَجَعْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسِينَ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي أُخِذَ فِيهَا قَالَ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّكَ لَمَّا أَغْرَمْتَ الْمُبْتَاعَ قِيمَتَهَا فَكَأَنَّكَ أَخَذْتَ عَيْنَ شَيْئِكَ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ شَيْئِهِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَبَاعَهَا بِمِائَة فَقَتلهَا الْمُبْتَاع وَقيمتهَا خَمْسُونَ فَأخذ بِقِيمَتِهَا مِنَ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسِينَ وَأَنْتَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ سَبْعُونَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ مِائَةٌ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا جَنَى عَلَيْهَا خَطَأً فَهُوَ كَالْأَمْرِ السَّمَاوِيِّ وَقَالَ أَشهب هُوَ كالعمد وَلَك تصمينه الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا جِنَايَتُهُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَوِ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَنَّهَا هَلَكَتْ صَدَقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَيَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ هَلَكَتْ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَلَوْ جَنَى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ تَخَيَّرْتَ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنَ الْغَاصِبِ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنِ أَوْ
الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ثَانٍ غَيْرُ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْجَانِي وَعَلَى الْقَوْلِ بِمُخَالَفَةِ الْخَطَأِ لِلْعَمْدِ يَسْتَوِيَانِ إِذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا وَمَتى أجزت لزم ذَلِك المُشْتَرِي غلا أَن ذِمَّتُكَ رَدِيَّةً لِكَسْبِكَ حَرَامًا أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ فَقِيرٌ وَقَدْ أَجَزْتَ الْبَيْعَ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقِيلَ تَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْهُ ثَانِيَةً وَهُوَ يَصح على الْقَوْلِ أَنَّ الْبَيْعَ التَّقَابُضُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ وَأَحَبَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ قُدُومِكَ فَذَلِكَ لَهُ إِنْ كُنْتَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لِتَضَرُّرِهِ بِانْتِظَارِكَ وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ كُنْتَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ فَلَا لِأَنَّ الْغَاصِبَ ظَالِمٌ يَجِبُ مَنْعُهُ فَلَا يُمَكَّنُ وَإِنِ اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْكَ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ بَيْعِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ تَحَلُّلَ صَنِيعِهِ وَلَوْ صَرَّحَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ مِلْكَهُ لَا تَحَلُّلَ صَنِيعِهِ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْكَ بِثَمَانِيَةٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِدِينَارَيْنِ لِأَنَّكَ مُسْتَحِقٌّ لِلثَّمَنِ وَلَوْ أَعْلَمَكَ لَمْ تَتْرُكْهُ وَلَوْ بَاعَهُ بِثَوْبٍ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ بِالثَّمَانِيَةِ أَو يردهَا وَتَأْخُذُ الثَّوْبَ وَلَوْ تَغَيَّرَ الثَّوْبُ بِنَقْصٍ فَلَكَ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ غَصْبٌ ثَانٍ لَا يَمْنَعُ أَخْذَهُ النَّقْصُ وَلَوْ بِعْتَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ يُخَالِفُ الْأَوَّلَ فِي الْقَدْرِ أَوِ الْجِنْسِ جَازَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَرَضًا مِمَّا لَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ بِرُجُوعِكَ وَرُجُوعُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْعَرَضِ مُخْتَلِفٌ فَتُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ فِي رُجُوعِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ سُلِّطَ عَلَيْهِ فَإِنْ بِعْتَهُ مِنْ ثَالِثٍ جَازَ إِذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى خُصُومَةٍ إِمَّا لِأَنَّ الْغَاصِبَ ذَهَبَتْ قُدْرَتُهُ أَوْ نَاب وَسَلِمَ وَكَانَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَإِنِ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْغَصْبِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَكَانَ مَقَالُكَ مَعَ الْغَاصِبِ فَتَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ يَقُولُ
إِنَّه غصبه أَو يُجِيز البيع وَيَأْخُذ الثَّمَنَ وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ هَلْ يُطَالِبُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ثَانٍ وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ لم يَقُلْ اشْتَرَيْتُهُ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْخَمْسَةُ لَكَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ لَكَ فِي الْفَضِيلَة وَتَبْقَى لِلْغَاصِبِ وَقِيلَ تُرَدُّ إِلَى مَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَو لمن أمره بِشِرَائِهِ فالفاضلة لِلْغَاصِبِ أَوْ لِيَرُدَّهُ عَلَيْكَ فَالْفَضْلَةُ لَكَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فَيَأْخُذُ الْفَضْلَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ لَكَ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْغَاصِب عَيْنًا وَقَدْ أَخَذَهَا وَلَا مَقَالَ لَهُ فِيمَا بَين ذَلِك كَالْبيع الْفَاسِد يُبَاع فِي بعض ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ يَعُودُ لِمُشْتَرِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُرَدُّ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَلَا مَقَالَ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ رِبْحٍ أَوْ خُسَارَةٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْخَمْسَةَ لِمَنِ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَحْسَنُ لِأَنَّكَ تَأْخُذُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بِمِلْكٍ مُتَقَدِّمٍ يُوجِبُ نَقْضَ مَا وَقَعَ مِنَ الْعُقُودِ بَعْدَ الْغَصْبِ فَإِنْ وَهَبَهُ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا أَخْذُهُ فَإِنْ نَقَصَ سُوقُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَلْزَمْتُهُ أَعْلَى الْقِيَمِ إِنْ كَانَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ وَتَمْضِي الْهِبَةُ فَإِنِ ارْتَفَعَ سُوقُهُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ ثُمَّ نقص هَل يغرم ذك الْغَاصِبُ خِلَافٌ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَغْرَمُ الْغَاصِبُ مَا اغْتَلَّهُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَرَمَكَ ذَلِكَ وَلَوْ غَصَبَكَ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَصَارَتْ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فَنزلت بِمِائَة وَعِشْرِينَ وَبَاعَهُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكَ الثَّمَنُ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ثَانٍ كَمَا قَالَهُ إِذَا قَتَلَهُ وَعَلَى قَوْلِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأَنَّهَا أَعْلَى الْقِيَمِ فِي زَمَنِ كَوْنِهِ فِي يَد الْغَاصِب على قَول عبد الْملك مَالك مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَنَّهُ حَرَمَكَ إِيَّاهَا وَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبُ الْمَوْهُوبِ خُيِّرْتَ فِي إِمْضَاءِ الْهِبَةِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ ثُمَّ إِنْ كَانَ الْعَيْبُ حَدَثَ عِنْدَ الْغَاصِبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ خَطَأٌ
فَمَقَالُكَ فِي الْعَيْبِ مَعَ الْغَاصِبِ أَوْ مِنَ الْمَوْهُوب لَهُ عمدا فلك أَخذ الْقيمَة مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِتَعَمُّدِ الْجِنَايَةِ وَبِهِ تَبْتَدِئُ لِأَنَّ الْغَاصِب لم تسلط عَلَى قَطْعِ يَدِهِ عَمْدًا بِخِلَافِ اللِّبَاسِ وَالْأَكْلِ فَإِنْ وَجَدْتَهُ مُعْسِرًا رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا خُيِّرْتَ كَمَا فِي الطّرف فَإِن جنى عَلَيْهِ أَجْنَبِي أَخطَأ أَوْ عَمْدًا أَوْ قَتَلَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَتَمْضِي الْهِبَةُ وَيُطَالِبُ الْمَوْهُوبُ الْجَانِيَ أَوْ تُضَمِّنُ الْجَانِيَ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَعَدِّيْنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ رد للهبة وَالْخَطَأ والعمد فِي هَذَا الْخَطَأ وَالْعَمْدُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُشْتَرِي وَفِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ فَلَكَ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةُ نَقْصِ الْعَيْبِ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا يَوْمَ الْهِبَةِ إِذَا كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَكَثَرَ مِنْهَا يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَعَدٍّ ثَانٍ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ فَوَجَدْتَهُ قَائِمَ الْعَيْنِ فَلَكَ نقص الْعِتْقِ وَأَخْذُهُ لَا غَيْرَ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْعِتْقُ أَوْ تَرُدُّهُ وَتَأْخُذُهُ معيبا وَتَأْخُذ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ خُيِّرَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ ويمضي الْعتْق أَو يردهُ وَيَأْخُذهُ وَإِلَّا لَك تَضْمِينُ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى رَدِّ الْعِتْقِ وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ سَلِيمًا فَإِنْ دَخَلَهُ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ وَلَهُ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّ الْعِتْقَ وَيَأْخُذُهُ مَعِيبًا لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَفْقَهِ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ فَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَكَ أَخَذُهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ يَوْمَ الْغَصْبِ ثُمَّ تُخَيَّرُ فِي إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ ونقضه ورد الْعتْق وتضمينه قِيمَتَهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا قُتِلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَأَغْرَمْتَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِائَةً وَكَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّ الْجِنَايَةَ طَرَأَتْ عَلَى مَا ملكه بتضمينك
وَالزَّائِدُ لَكَ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ عِنْدَهُ فَإِنْ أَخَذْتَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ مِنَ الْجَانِي ثَمَانِينَ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِائَةٌ رَجَعْتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْغَاصِبِ لِفَوَاتِهِ تَحْتَ يَدِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ غُرْمًا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِمَا أَخَذْتَ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّكَ أَخَذْتَ ذَلِكَ عَنِ الْغَاصِبِ مِنْ غَرِيمِ الْغَاصِبِ فَأَنْتَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ رَفْعَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا تُتْبِعُهُ بِبَقِيَّةِ الْقِيمَةِ وَتَكُونُ أَوْلَى مِنَ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا بَاعَ فَأَرَدْتَ أَخْذَ الثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ وَلم يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّكَ إِذَا أَجَزْتَ الْبَيْعَ صَارَ الْغَاصِبُ كَالْمُوَكَّلِ عَلَى الْبَيْعِ وَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ لِأَنَّكَ تُغَرِّمُ الْمُشْتَرِيَ ثَانِيَةً وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِذَا كَانَ الْجَانِي دَفَعَ الْجِنَايَة للْغَاصِب أَو المُشْتَرِي لِأَنَّهُ دفعهما لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا وَيَتْبَعُ هُوَ مَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ فَإِنْ رَجَعْتَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ خَمْسِينَ وَالثَّمَنُ مِائَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّكَ لَمَّا أَخَذْتَ كَأَنَّكَ أخذت عين شيئك يَوْم اسْتَهْلكهُ فانتقص الْبَيْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَقَالَ أَشهب بل بِخَمْسِينَ وَالْخمسين الْأُخْرَى لَكَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ وَلَوْ وهب الثَّوْب فَأَبْلَاهُ الْوَاهِب رَجَعْتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَانَ عَدِيمًا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ لُبْسِهِ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا مَتَى قَدَرْنَا عَلَى إِجَازَةِ هِبَةِ الْغَاصِبِ فعلنَا كَذَلِك ابتدأنا والموهوب عِنْد مُتَعَدٍّ وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ قَامَتِ الْحُجَّةُ لَكَ لِوَضْعِهِ يَدَهُ عَلَى مَالِكَ خَطَأً وَخَيَّرَكَ مُحَمَّدٌ وَأَشْهَبُ بَيْنَهُمَا كَمَا إِذَا أَبْلَاهُ الْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ وَعِنْدَهُمَا إِذَا رَجَعْتَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ اللُّبْسِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا وَلَا لَكَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَمْ يَلْبَسْ لِيُغَرَّمَ وَعَنْ أَشْهَبَ لَكَ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْفَائِتَ مَالُكَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ كَانَتْ يَوْمَ الْغَصْبِ أَكْثَرَ وَأَغْرَمْتَ اللَّابِسَ لَمْ تَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ
فَرْعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ الْعَبْدَ أوالأمة فوجدتهما بِحَالِهَا أَوْ حَالَتِ الْأَسْوَاقِ إِنَّمَا لَكَ أَخْذُهُ أَوْ ثَمَنُهُ مِنَ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ وَجَدْتَهُ بِيَدِهِ حَائِلُ السُّوقِ فَإِنْ أَجَزْتَ الْبَيْعَ بَعْدَ هَلَاكِ الثّمن عِنْد غرمه قَالَ ابْن يُونُس عَن مَالك لَك تضمنه الْقِيمَةَ إِذَا حَالَ السُّوقُ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يُخَيّر فِي أَخذهَا أَو قيمتهَا إِن غَابَ عَلَيْهَا وَشَكَّكْتَ فِي وَطْئِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعهَا بعد غيبته عَلَيْهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَهَذَا فِي الْجَارِيَةِ الرَّائِعَةِ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهَا عَيْبٌ فَهُوَ كَنَقْصِ بَدَنِهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي الدَّابَّةِ يُسَافِرُ عَلَيْهَا سَفَرًا بَعِيدًا وَهُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّابَّةِ يُسَافِرُ عَلَيْهَا سَفَرًا بَعِيدًا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا لَا يُضَمِّنُهَا بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي مِنْ مُكْتَرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ قَالَ وَالْقِيَاسُ تَضْمِينُهُ الْجَمِيعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ غَصَبَهَا بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ وَبَاعَهَا فَذَهَبَ الْبَيَاضُ فَأَجَزْتَ الْبَيْعَ ثُمَّ عَلِمْتَ بِذَهَابِهِ لَزِمَتْكَ الْإِجَارَة كَالْمُعْتَدِي تُلْزِمُهُ الْقِيمَةَ بِتَعَدِّي الْمَسَافَةِ وَضَلَالِ الدَّابَّةِ ثُمَّ تُوجَدُ فَهِيَ لِلْمُتَعَدِّي دُونَكَ لِأَنَّكَ لَوْ شِئْتَ لَمْ تَتَعَجَّلْ وَلِأَنَّ رِضَاكَ بِالْقِيمَةِ مَعَ إِمْكَانِ صَبْرِكَ إِلَى وِجْدَانِهَا كَالرِّضَا مِنْكَ بِالْمُعَاوَضَةِ فَلَا رُجُوعَ وَفِي النُّكَتِ ذَهَابُ الْبَيَاضِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ لَوْ شِئْتَ لَمْ تتعجل يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ وَفِيه خلاف وَقَالَ لَكَ الْمَقَالُ إِنْ ذَهَبَ قَبْلَ الْبَيْعِ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ لِثَبْتِهَا أَنَّهَا عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ لِأَنَّك تَقول ظَنَنْت أَنه لن يَذْهَبْ بِخِلَافِ ذِهَابِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَرْعٌ قَالَ فِي النُّكَتِ إِذَا تَعَدَّى عَلَى سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا ثُمَّ وَرِثَهَا عَنْهُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ
وَإِن اشْتَرَيْتهَا لَكَ مِنْ رَبِّهَا لَمْ يَنْتَقِضْ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّكَ فِي الْمِيرَاثِ لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي تَعْلِيل فِعْلِكَ وَتَصْحِيحِهِ بَلْ تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ الْمَوْرُوثِ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِيرَاثِ مَنْ بَاعَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَلَا تَرْجِعُ الْهِبَةَ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ تَرْجِعُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِفَلَسِهِ وَيُكْمَلُ عِتْقُ الْقَرِيبِ بِمِلْكِ بَعْضِهِ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَمَنْ بَاعَ لَا يُشَفَّعُ فِي عَيْنِ مَا بَاعَ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْرُوثُكَ الشَّفِيعَ فَتَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّكَ رَضِيتَ بِالْبَيْعِ لَهُ وَلَمْ تَرْضَ بِشَرِكَتِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَكَ نَقْضُ الْبَيْعِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُبْتَاعُ أَوْ زَادَتِ الْقِيمَةُ أَوْ نَقَصَتْ وَلَكَ إِجَازَتُهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ فَيَمْضِي الْعِتْقُ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ أَعْتَقَ الْغَاصِبُ وَلَمْ تَتَغَيَّرِ الْعَيْنُ فلك نقض الْعتْق وَأَخذه لَك أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْعِتْقُ لِتَقَدُّمِ مِلْكِهِ عَلَى الْعِتْقِ بِالضَّمَانِ وَإِنْ تَعَيَّبَ فَلَكَ أَخْذُهُ وَأَرْشُ الْعَيْبِ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَغَيَّرْ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِجَازَةِ الْبَيْعِ فَيَمْضِي الْعِتْقُ أَوْ أَخْذِهِ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَلَيْسَ لَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ وَلَا الْمُشْتَرِي لِقُدْرَتِكَ عَلَى أَخْذِهِ سَلِيمًا فَإِنْ دَخَلَهُ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَكَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بِجِنَايَةِ الْغَصْبِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَمْضِي الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ أَوْ تُجِيزُ الْبَيْعَ وَتَأْخُذُ الثَّمَنَ أَوْ تَرُدُّ الْعِتْقَ وَتَأْخُذُهُ مَعِيبًا لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِكَ وَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ الْعَيْبِ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ فَإِنْ تَعَيَّبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَكَ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ ثُمَّ تُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ أَوِ الْعَبْدِ وَتَرُدُّ الْعِتْقَ أَوْ تُضَمِّنُهُ قِيمَةَ جَمِيعِهِ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنْ أعتق الْغَاصِب وَلم يفت لَكَ إِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا
أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَقَدْ تَزَوَّجَ وَوَارَثَ جَازَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا لِعَدَمِ تَعَدِّي الْمُشْتَرِي فِي عِتْقِهِ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي عِتْقِ الْعُدْوَانِ كَالْمُكَاتَبِ يُعْتِقُ عَبْدَهُ ثُمَّ يَمُوتُ فَيُرِيدُ السَّيِّدُ إِجَازَتَهُ عِنْدَهُ لِيَرِثَهُ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرِثُهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ غَصْبٌ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ لَكَ يَوْمَ الْغَصْبِ مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا بَاعَ وَلَمْ يعلم الْمُبْتَاع بِالْعَيْبِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْغَاصِبُ مِنَ الْمَالِكِ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ نَقْضُ بَيْعِهِ لِتَقَرُّرِ الْمِلْكِ وَكَأَنَّهُ دَفَعَ الْقِيمَةَ لِلْمَالِكِ وَبَيْعُ الْمَالِكِ نَقْضٌ لِبَيْعِ الْغَاصِبِ وَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُهَا مِنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنَ الْغَاصِبِ وَإِذَا بَاعَ الْغَاصِبُ وَالْمَالِكُ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْغَصْبِ فللمبتاع رد البيع لَيْلًا يُخَيَّرُ عَلَيْهِ إِذَا قَدِمَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَسْتَأْنِي رَأْيَ صَاحِبِهَا وَلَوْ حَضَرَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ بَطَلَ رَدُّهُ لِزَوَالِ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ بيع الْفُضُولِيّ فِي النكت إِذا بَاعَ المعتدي ثُمَّ وَرِثَهَا الْمَالِكُ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ بِخِلَافِ شِرَائِهَا وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ فِي الْإِرْثِ كَمَنْ وَرِثَهَا عَنْهُ وَمَوْرُوثُهُ لَهُ النَّقْضُ فَلَهُ النَّقْضُ وَفِي الشِّرَاءِ قُدِّرَ صَنِيعُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا جَاءَ رَبُّ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ وَهُوَ قَائِمٌ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمِلْكِ فَإِنْ فَاتَ حَتَّى يُخَيَّرَ الْمَالِكُ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْغَاصِبِ لِوُجُودِ سَبَبِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَهُوَ الْفَوَاتُ فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ عَنْ أَرْضٍ وَبَقَرٍ ودواب فاستعملت ذَلِك كُله امْرَأَته وَالْوَرَثَة الصغار أَوْ غُيِّبَ وَطَالَ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا كِرَاءُ حِصَّتِهِمْ من الأَرْض
وَالدَّوَابِّ وَتُقَاصَّ بِالْعَلَفِ وَتَضْمَنُ مَا مَاتَ فِي عَمَلِهَا لِتَعَدِّيَهَا وَمَا تَعَيَّبَ أَوْ نَقَصَ خُيِّرُوا فِي أَخْذِهِ نَاقِصًا مَعَ الْأَرْشِ وَبَيْنَ تَضْمِينِهَا الْقيمَة فِي بِغَيْر عَملهَا أَو غير سَببهَا لَا تضمنه إِذا تركته على حَالهَا لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ وَتَرُدُّ مَا فَضَلَ عَنِ الْعَلُوفَةِ وَالْكَلَفِ مِنْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ ملك للْوَرَثَة فَإِن زرعت من يزر الْمَيِّت الأَرْض الَّتِي لَهُ فَتَحْلِفُ مَا زَرَعَتْ إِلَّا لِنَفْسِهَا وَلَهَا المزدرع وَتَصْدُقُ مَعَ يَمِينِهَا فِي أَنَّ الْبَذْرَ لَهَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَارِهَا ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَقِيمَةُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَرَثَتِهَا لِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا وَإِنَّمَا حَالُهُ فِيمَا غَرَسَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ حَالُ الْمُرْتَفِقِ بِهِ كَالْعَارِيَةِ يُغْرَسُ فِيهَا أَوْ يُبْنَى إِلَّا أَنْ يكون للْمَرْأَة أَو لورثها بَيِّنَةٌ أَنَّ النَّفَقَةَ كَانَتْ مِنْ مَالِهَا فَتَكُونَ أَحَقَّ بِأَرْضِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ
(الْفَصْلُ الرَّابِع فِي الِاسْتِحْقَاقِ)
وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَقِّ وَالِاسْتِفْعَالُ لُغَةً طَلَبُ الْفِعْلِ كَالِاسْتِسْقَاءِ لِطَلَبِ السَّقْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ فاللإستحقاق لطلب الْحَقِّ وَفِي الْكِتَابِ يُكْمَلُ النِّصَابُ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخِرِ بِإِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَكَ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ شَهَادَتَيْهِمَا أَنَّهَا ملكك دون الْغَاصِب فَإِن نقص الْمَغْصُوب حفلت مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَأَخَذَتِ الْقِيمَةَ وَلَوْ شَهِدَ أَحدهمَا أَنَّهَا لَك وَالْآخر أَنَّهَا حَيِّزِكَ فَقَدِ اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهَا لَكَ
فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ حَيِّزٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَرُوِيَ بِتَخْفِيفِهَا كَهَيْنٍ وَهَيِّنٍ وَمَعْنَاهَا مِلْكُهُ وَلَوْ أَرَادَ الْحِيَازَةَ لَمْ يُكْمِلِ النِّصَابَ تَنْبِيهٌ نَقْلُ التَّهْذِيبِ لقتضي اجْتِمَاعَ شَاهِدَيِ الْمِلْكِ وَالْغَصْبِ عَلَى الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُلَفِّقُ وَجَعْلُهُ نَقْلَ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ مَا وَقَعَ فِي التَّهْذِيبِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ شَاهِدَ الْغَصْبِ قَدْ يَقُولُ لَعَلَّهَا كَانَتْ عِنْدَكَ عَارِيَةً أَوْ وَدِيعَةً أَو رهنا وَإِنَّمَا رَأَيْتُهُ أَخَذَهَا مِنْكَ ثُمَّ قَالَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ رُجُوعُهُ إِلَى اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْمِلْكِ إِذَا لَمْ يَفُتْ وَقَالَ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَهَادَتُهُ تَامَّةٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ اكْتُرِيَتْ سِنِينَ فَبُنِيَتْ أَوْ غُرِسَتْ أَوْ زُرِعَتْ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا فَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَالَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعٌ فَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ إِلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَةُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَأَخْذُ حِصَّةِ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَالْفَسْخُ لِأَنَّهُ تصرف فُضُولِيّ لقبل التَّغَيُّر والنقض وَلَعَلَّه بَعْدُ تَمَامِ الْمُدَّةِ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَإِنْ فَسْخَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لَمْ يَقْلَعْ وَلَا يَأْخُذْ بِالْقِيمَةِ مَقْلُوعًا بَلْ قَائِمًا لِأَنَّ الْوَضْعَ يَشْهَدُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ أَرْضِهِ وَأَبَى الْآخَرُ مِنْ قِيمَةِ الزَّرْعِ كَانَا شَرِيكَيْنِ وَيَبْدَأُ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي إِعْطَاءِ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ إِذَا فُسِخَ الْكِرَاءُ الصَّبْر إِلَى الْقَضَاء الْبَطْنِ الَّذِي أَدْرَكَهُ وَلَهُ قِيمَةُ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ بِحِسَابِ السَّنَةِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أقطع رجلا أَرضًا فأحيى وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَاسْتَحَقَّهَا فَأَمَرَ الأول أَن يُعْطِيهِ قيمَة مَا أحيى لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَصْلِ فَقَالَ لَا فَقَالَ لِلْآخَرِ أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ بَيْضَاءَ فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَضَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَهَذَا بِقِيمَة
عِمَارَته فَإِن كَانَت أَرضًا تزع مَرَّةً فِي السَّنَةِ فَاسْتَحَقَّهَا مَزْرُوعَةً قَبْلَ فَوْتِ إِبَّانِ الزَّرْعِ فَكِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِانْتِقَالِ الضَّمَانِ وَلَا يُقْلَعُ الزَّرْعُ لِأَنَّهُ زُرِعَ بِشُبْهَةٍ وَلَو كَانَ الزَّارِع غَاصبا إِنْ كَانَ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ لِتَمَحُّضِ الظُّلْمِ فَإِنِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْإِبَّانِ وَقَدْ زَرَعَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ مُكْتِرٍ مِنْهُ فَلَا كِرَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ تِلْكَ السَّنَةَ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ وَفَوَاتِ الْإِبَّانِ بَلْ كِرَاؤُهَا للَّذي أكراهها إِنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا بَلْ مُشْتَرٍ أَوْ وَارِثٌ وَكَذَلِكَ إِنْ سَكَنَ الدَّارَ مُشْتَرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا مُدَّةً فَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكِرَاؤُهَا لِلْمُبْتَاعِ دُونَ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ جُهِلَ حَالُ الْمَكْرِي أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ مُبْتَاعٌ فَزُرِعَتْ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي حَتَّى يَعْلَمَ الْغَصْبَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْرِيُ وَارِثًا فَطَرَأَ لَهُ أَخٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَخِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ قَدْ حَابَى رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْمُحَابَاةِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلَّا رجح عَلَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى أَرْضِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ يَرْجِعُ بِالْمُحَابَاةِ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ كَانَ أَخُوهُ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْأَخُ أَنَّ مَعَهُ وَارِثًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَخُوهُ فِي عَدَمِ الْمُكْتَرِي وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى أَنَّ الْأَخَ كَالْمُتْلِفِ بِالْمُحَابَاةِ أَوْ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ هُوَ الَّذِي اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فَإِنْ سَكَنَ هَذَا الْوَارِثُ أَوْ زَرْعَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ طَرَأَ أَخٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَالْأَحْسَنُ عَدَمُ رُجُوعِ الْأَخِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ لِلسُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْأَخِ فَيُغَرِّمُهُ نِصْفَ الْكِرَاءِ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ بِالْعِلْمِ وَالْأَصْلُ رَدُّ غَلَّةِ الْعَقَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ قَوِيَتِ الشُّبْهَةُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ كِرَاءِ مَا سَكَنَ كَالْغَاصِبِ وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا وَرِثَ الْأَرْضَ مِنْ أَخِيهِ فَأَكَرَاهَا مِمَّنْ زَرَعَهَا ثُمَّ قَدَمَ وَلَدُ الْمَيِّتِ فَحَجَبَهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ وَلَهُ الْكِرَاءُ قَدَمَ فِي إِبَّانِ الْحَرْثِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهَا لَوْ عَطِبَتْ كَانَتْ فِي ضَمَانِ الْقَادِمِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَدْخُلُ مَعَ الْوَرَثَةِ فَيُشَارِكُهُمْ فِي الْكِرَاءِ وَالْغَلَّةِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي الْمِيرَاثِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَأَمَّا
مَنِ اسْتَحَقَّ دَارًا بِوِرَاثَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وِرَاثَةٍ مِنْ يَدِ مَنِ ابْتَاعَهَا أَوْ وَرِثَهَا فَإِنَّمَا لَهُ الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ اسْتَحَقَّ دُونَ مَا مَضَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ فِي يَدِ غَاصِبٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ الْأَخُ عَلَى الْمُكْتَرِي دُونَ الْأَخِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ أَخَاهُ عَلِمَ كَمَا قَالَ الْغَيْرُ لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُكْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ فَيَهَبُ لَهُ الْمُكْتَرِي قِيمَةَ الْهَدْمِ فَيَسْتَحِقُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْجَانِي وَلِقَوْلِهِ فِي الْعَبْدِ يَسْرِقُ فَيَمُوتُ فَيَهَبُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ قِيمَتَهُ لِلسَّارِقِ ثُمَّ يَسْتَحِقُّ إِنَّهُ يَطْلُبُ السَّارِقَ دُونَ الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ خِلَافٌ وَهُوَ مُتَعَدٍّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِهِبَتِهِ شَيْئًا حَصَلَ فِي يَدِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْهَادِمِ وَالسَّارِقِ لَمْ يَهَبْ شَيْئًا فِي يَدِهِ وَهَبْتَهُ لَهُ كَهِبَةِ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا لَيْسَ فِي يَدِهِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْغَاصِبِ يَهَبُ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا عُهْدَةَ لَهَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا قَالَ فِي الْمُشْتَرِي وَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يُفَسِّرْ أَنَّ الْوَاهِبَ غَاصِبٌ وَهُوَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا النَّاسُ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ غَاصِبٍ لَمْ يَتْبَعْ إِلَّا الْمَوْهُوبَ وَقِيلَ هَذَا خِلَافٌ كَقَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ خِلَافٌ وَالْأَشْبَهُ وِفَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَتَسْتَقِيمُ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ إِنْ جَهِلَ حَالَ الْمُكْتَرِي فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي حَتَّى يَعْلَمَ الْغَصْبَ مَعْنَاهُ أَنَّ مُكْتَرِيَهَا مِمَّنْ كَانَتْ بِيَدِهِ من وَجه يجهل زارع بِشُبْهَةٍ لَا يُقْلَعُ زَرْعُهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ مُكْتَرِيَهَا غَاصِبٌ وَأَمَّا الْمَكْرِيُّ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدِّي وَيَنْزِعُ مَا أَكْرَى بِهِ حَتَّى تَثْبُتَ الشُّبْهَةُ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى بِالْمِلْكِ وَالِاخْتِلَافِ شُبْهَةُ مِلْكٍ وَفِي النُّكَتِ إِذَا اسْتُحِقَّتْ مِنَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ الْمُدَّةِ وَدُفِعَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَائِمًا إِنَّمَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ قَائِمًا عَلَى أَنْ يُقْلَعَ إِلَى وَقْتِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَكَا بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِمَا تَقَعُ الشَّرِكَةُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا تَقُومُ الْأَرْضُ بَرَاحًا وَتَقُومُ الْأَنْقَاضُ لَوْ كَانَتْ هَكَذَا فِي أَرْضٍ قَائِمَةٍ كَمْ تُسَاوِي وَلَا تَقُومُ مَا
زَادَتِ الْأَرْضُ لِأَجْلِ مَا فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَقِيلَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا زَادَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الثَّوْبِ يَصْبُغُهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُسْتَحَقُّ لَا يُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا زَادَ الصَّبْغُ لِأَنَّ الصَّبْغَ رُبَّمَا زَادَ فِي الثَّوْبِ وَرُبَّمَا نَقَصَ وَالْبِنَاءُ زِيَادَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَمْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَرَاحًا وَكَمْ قِيمَتُهَا بِمَا فِيهَا مِنِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَتُعْرَفُ الزِّيَادَةُ فَيُشَارِكُ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ رَضِيتَ بِتَرْكِ الْأَرْضِ مَعَ الْغَاصِبِ فِي الْإِبَّانِ وَالزَّرْعُ صَغِيرٌ جِدًّا بِكِرَاءِ مِثْلِهَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَحِلَّ مَعَ كِرَاءِ أَرْضٍ لِأَنَّ الزَّرْعَ يُحْكَمُ بِهِ لَكَ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ الزَّرْعُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْغَاصِبُ لَوْ قَلَعَهُ جَازَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ إِبَّانَ الزِّرَاعَةِ يُرِيدُ بِهِ مِلْكَ إِبَّانِ الشَّيْءِ الْمَزْرُوعِ فَإِذَا فَاتَ لَا يُكَلِّفُ الْغَاصِبَ الْقَلْعَ وَإِنْ أَمْكَنَ زِرَاعَةُ غَيْرِهِ وَقَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ لَيْسَ كَشِرَائِهِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ لَكَ وَإِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ الْمُكْتَرَاةُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَجَزْتَ كِرَاءَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَقَدْ نَقَدَ الْمُكْتَرِي إِنَّمَا يَدْفَعُ كِرَاءَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا إِنْ كنت قد عملت أَنَّ الْمُكْتَرِيَ قَدْ نَقَدَ أَوِ الْعَادَةُ النَّقْدُ لِدُخُولِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حِصَاصَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مَا وَصَفْنَا فَلَيْسَ لَكَ تَعْجِيلُ حِصَّةِ بَاقِي الْمُدَّةِ وَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّكَ إِنَّمَا أَجَزْتَ لِتَأْخُذَ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي كُلَّمَا مَضَتْ مُدَّةً أَخَذْتَ بِحِسَابِهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُكْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ حِصَّةِ بَاقِي الْمُدَّةِ إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ إِذَا كَانَتْ لَو انْهَدَمت لم تسو قيمتهَا مهدومة فادفع وَإِلَّا فَلَا مقَال لَهُ لأمن عاقبته لعد الضَّرَرِ وَلَا يَضُرُّ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مَلْدًا ظَالِمًا أَنْ يَخَافَ الْمُكْتَرِي مِنْ كَثْرَةِ دَيْنٍ وَلَا تُفِيدَ قِيمَتُهَا مَهْدُومَةً شَيْئًا فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَكَ إِمَّا أَنْ تُجِيزَ عَلَى أَنَّكَ لَا تَأْخُذُ إِلَّا بِحِسَابِ مَا يَسْكُنُ أَوِ افْسَخْ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي يهدم الدَّار لَا يُطَالب بِنَقْض الْهدم وَيُطَالب بِنَقْض لُبْسِ الثَّوْبِ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِاللُّبْسِ دُونَ الْهَدْمِ
قَالَ التّونسِيّ إِذا قدمنَا الْغَرْسَ أَوِ الْبِنَاءَ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَقَدِ انْتَفَعَ الْمُكْتَرِي بِالْأَرْضِ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ لِتَزِيدَ قِيمَةُ غَرْسِهِ فَكَيْفَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ كِرَاءِ مَا بَقِيَ مَعَ انْتِفَاعِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا قَوَّمْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى الْأَمَدِ أَخذنَا من رب الأَرْض جَزَاء مِنْ أَرْضِهِ قِيلَ إِذَا قَوَّمْنَا إِنَّمَا نُقَوِّمُهُ قَائِمًا لِدُخُولِهِ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِذَا امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ أُعْطِيَ قِيمَةَ أَرْضِهِ كَامِلَةً لَا بِنَاءَ فِيهَا فَلَمْ يُظْلَمْ وَإِذَا جَاءَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ يُدْرِكُ أَنْ يَزْرَعَ فَلَهُ الْكِرَاءُ عِنْدَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ عبد الْملك حِصَّته الْمَاضِي لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِتَقْوِيمِ الزَّرْعِ قَدْ يُقَابِلُهَا جُزْءٌ مِنَ الْكِرَاءِ فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ تُزْرَعُ بُطُونًا فَهُوَ مِثْلُ السُّكْنَى لَهُ مِنْ يَوْمِ يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَا فِيهَا الْآنَ لِزَرْعِهِ وَمَا مَضَى يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي بِالشُّبْهَةِ وَمَا يَكُونُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَهُ إِجَازَةُ عَقْدِ الْكِرَاءِ وَأَخْذُهُ بِالْمُسَمَّى وَله أَخذ كِرَاء الْمثل لِأَن حق الزراع فِي أَن لَا يُقْطَعَ زَرْعُهُ لِأَنْ يَتِمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَيُلْزَمُ الْمُسْتَحِقُّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِذَا عَقَدَ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ الْمُكْتَرِي إِنَّمَا دَخَلْتُ عَلَى عَشَرَةٍ فَلَا أَغْرَمُ إِلَّا عَلَى حِسَابِهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الَّذِي أَكْرَانِي فَيُقَالُ لَهُ لَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مُشْتَرٍ وَالْمُشْتَرِي إِذَا وَهَبَ فَاسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوَاهِبُ وَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَخ الطاريء وَقَدْ حَابَى أَخُوهُ فِي الْكِرَاءِ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى السَّاكِنِ قَالَ قلت كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَرْجِعَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ لَا سِيَّمَا وَالْوَارِثُ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَالْمُشْتَرِي كَانَ ضَامِنًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَنْتَفِعْ مِثْلَ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى العَبْد خطأ فَقيل يضمن لقَوْله ذَلِك هَا هُنَا فِي الْوَارِثِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَيَلْزَمُ جَرَيَانُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي هِبَاتِ الْمُشْتَرِي إِذَا انْتَفَعَ الْمَوْهُوب لِأَنَّهُ
أَخْطَأَ عَلَى مَالٍ فَوَهَبَهُ فَيُقَدَّمُ فِي الْغَرَامَةِ لِأَنَّهُ الْمُبْتَدِئُ بِالْإِتْلَافِ فَإِذَا تَعَذَّرَ إِغْرَامُهُ غَرَّمْنَا الْمُنْتَفِعَ وَيَصِيرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ هِبَةِ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَارِثِ وَغَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يَضْمَنِ الْوَارِثُ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ شَيْئًا كَانَ الْمَوْهُوبُ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا فَإِنْ عَلِمَ الْوَاهِبُ فَتَعَدَّى قُدِّمَ تَضْمِينُ الْمَوْهُوبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ شَيْءٌ ضَمِنَ الْوَاهِبُ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ عِنْدَهُ أَوْلَى بِالْغُرْمِ مِنَ الَّذِي لَمْ يَنْتَفِعْ فَإِذَا أُعْدِمَ غَرَّمْنَا الْمُسَلَّطَ وَإِذَا سَكَنَ أَو زرع ثمَّ جَاءَ من شَاركهُ لَمْ يَجْعَلِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِنَّمَا زَرَعَ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ زَرَعَهُ فِي نَصِيبِهِ لَكَانَ نَصِيبَهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يَرِثْ إِلَّا أَرْضًا وَاحِدَةً فَزَرَعَهَا لَكَانَ يَلِيقُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ مِثْلَ هَذَا إِذَا أَكْرَى بَعْضَ مَا وَرِثَ وَتَرَكَ الْبَاقِيَ وَلَوْ أَكْرَى نَصِيبَهُ مِنَ الْجَمِيعِ لَأَكْرَى بِمِثْلِ مَا أَكْرَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَخِيهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَأْخُذُ مِنْ غَلَّةٍ لِانْتِفَاعِهِ بِالْغَلَّةِ فَإِنَّ السُّكْنَى الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْغَلَّاتِ نَحْوُ هَذَا فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ فَرَأَى أَنَّ الْبَنَاتَ لَا يَدْخُلْنَ فِيهِ فَأَكَلَهَا الذُّكُورُ زَمَانًا ثُمَّ فَطِنَ لِذَلِكَ قَالَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الذُّكُورِ بِمَا مَضَى وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَأَمَّا مَنِ اسْتَحَقَّ الْجُمْلَةَ فَهَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا سَكَنَ وَاغْتَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ يَحْتَجُّ بِهِ أَنَّ نَصِيبَهُ يَكْفِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِجَازَةُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ يَمْتَنِعُ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ سِلْعَتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ لِيُجِيزَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَإِذَا دَفَعَ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا قَالَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْقَلْعِ إِذْ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ الْمُكْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى وُجِدَ قَبْلَ الْحَرْثِ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِالْمُسَمَّى أَوْ يُخْرِجُهُ فَإِنْ قَلَبَهَا فَكَذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَةَ حَرْثِهِ فَإِنْ أَبَى أَعْطَاهُ الْآخَرُ قِيمَةَ كِرَائِهَا فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ كَقَوْلِهِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ إِذَا لَمْ يَدْفَعْ الْقَاطِعُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أسلمه لخياطته
وَقَالَ سَحْنُونٌ يُشَارِكُ بِالْخِيَاطَةِ فَعَلَى هَذَا يُشَارِكُهُ فِي كِرَاء هَذِه السّنة بِقِيمَة الْحَرْث إِن أكريت يقتسمها الْأُجْرَة عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَكْرِي مِنْهُ وَأُكْرِيَتْ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَعَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ مَنْفَعَةُ الْحَرْثِ فَإِنْ بَاعَهَا الْمُسْتَحِقُّ سَقَطَ الْحَرْثُ إِلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ الزَّائِدُ قِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْحَرْثِ وَاخْتُلِفَ إِذَا قَدِمَ الْمُسْتَحِقُّ فِي الْإِبَّانِ وَخَاصَمَ فَحُكِمَ لَهُ بَعْدَهُ هَلْ يَكُونُ الْكِرَاءُ لِلْأَوَّلِ أَوِ الْمُسْتَحق وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ الزَّارِعَ فَلَكَ أَخْذُ الْأَرْضِ قَبْلَ الْحَرْثِ وَبَعْدَهُ وَلَا عِوَضَ عَلَيْكَ فِي الْحَرْثِ بِانْفِرَادِهِ وَلَا فِي الزَّرْعِ إِذَا لَمْ يبذر أَو بذر وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ إِنْ قُلِعَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَانَ لِلْغَاصِبِ وَاخْتُلِفَ إِذا أحب الْمَغْصُوب مِنْهُ دفع قِيمَته مقلوعا ويقره هَل لَهُ ذَلِك وَالْجَوَاز أحسن لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْبَقَاءِ فَيُرِيدُ الْبَقَاءَ ثَمَنًا وَيَشُكُّ فِي السَّلَامَةِ وَهَذَا بَيْعُ قِيمَتِهِ مَطْرُوحًا فَإِنْ خَرَجَ الْإِبَّانُ قَالَ مَالِكُ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَعَنْهُ لَكَ قَلْعُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -
لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَعَنْهُ أَيْضًا الزَّرْعُ لَكَ وَلَوْ حُصِدَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -
مَنْ زَرَعَ أَرْضَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْآثَارِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ يَبْدَأُ بِالْأَخِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ بَلِ الْمَعْرُوفُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ سَوَاءَ كَانَ الْمُحَابِي مُوسَرًا أَمْ لَا وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْوَاهِبِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ بِالْمَوْهُوبِ وَخَيَّرَ أَشْهَبُ الْمُسْتَحِقَّ بَيْنَهُمَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَوْهُوبِ إِنِ احْتَاجَ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُسَلَّطِ وَإِنْ أُعْدِمَ أغرم
الْمُنْتَفِعُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسَلَّطِ مَتَى أَيْسَرَ وَأَنْ يَرْجِعَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ لِلْأَخِ دَارٌ فَأَعْطَاهَا وَلَوْ عَلِمَ لَسَكَنَهَا شَيْءٌ لِأَخِيهِ شَيْءٌ فِي سُكْنَاهُ الدَّارَ الْمَوْرُوثَةَ فَإِنْ أَكْرَاهَا نَظَرْتَ إِلَى الْكِرَاءِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَوْ سَكَنَ دَارَهُ أَكْرَى نَصِيبَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَقَدْ فَضُلَ فِي يَدِهِ الزَّائِدُ فَيُسَلِّمُهُ لِأَخِيهِ وَإِنْ زَرَعَ الْأَرْضَ وَلَا يَكْفِيهِ إِلَّا جَمِيعُهَا غَرِمَ لِأَخِيهِ كِرَاءَ نَصِيبِهِ وَإِنْ كَانَ يَكْفِيهِ نَصِيبُهُ عَلَى الِاتِّسَاعِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ يَكْفِيهِ إِذْ زَرْعُهُ ضَعِيفٌ فَلَمَّا زَرَعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي جَمِيعِهَا عَلَى الِاتِّسَاعِ جَاءَتْ بِأَكْثَرَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا زَادَ عَلَى مَا كَانَتْ تَخْرُجُ لَوْ زَرَعَ جَمِيعَهُ فِي نَصِيبِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ الْكِرَاءُ بِالْمُعَيَّنِ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْحَدِيدِ الْمَعْلُومِ الْمَوْزُونِ أَوِ الْقِيمِيِّ كَالْعَبْدِ يَسْتَحِقُّ قَبْلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ يُفْسَخُ كَالْبَيْعِ إِذَا اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ مِنَ الْمُعَيَّنِ أَوْ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ حُدُوثِ عَمَلٍ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ كَالْمَبِيعِ إِذَا أُكِلَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَعَدَّى أَخْذُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْكِرَاءَ وَسَلَّمَ الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْوَاقِعَ فِي عَبْدِهِ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ مَا لَمْ يَغِبْ وَتَحَرَّرَتْ وَإِذَا زُرِعَتْ فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ الَّذِي اسْتَوْجَبَهُ رَبُّهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا حَرَثَ وَلَمْ يَزْرَعْ هَلْ هُوَ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُكْتَرِي أَمْ لَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّهُ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالْمَكْرِي قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا جَاءَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ الْحَرْثِ فَعَلَيهِ قيمَة الأَرْض بعد الْحَرْث فَيدْفَع فَإِنْ أَبَى أَعْطَاهُ صَاحِبُ الْحَرْثِ كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا إِلَيْهِ يَحْرُثُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ بِجَارِيَةٍ فَأَوْلَدَهَا فَلِمُسْتَحِقِّهِ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْجَارِيَةِ وَقِيمَةِ وَلَدِهَا وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يَأْخُذُ مُسْتَحِقُّ الْعَبْدِ السِّلْعَةَ إِلَّا إِذَا لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ قَالَ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ صَارَ كَالْمُسْتَحِقِّ وَالْمُسْتَحِقُّ لَا يُفِيتُهُ شَيْءٌ وَلَا يُشْبِهُ مَا كَانَ مُسْتَحَقَّ الْعَيْنِ وَهُوَ ضَامِنُ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ عُوِّضَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ
الْمُتَبَايِعَيْنِ لِإِخْرَاجِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِذَا جَاءَ سُوقُهُ لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ وَالْمُسْتَحِقُّ أَخْرَجَ سِلْعَةً مِنْ يَدِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا أَوْ عِوَضُهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ فَعَتَقَ الْعَبْدَ وَاسْتَحَقَّ الثَّوْبَ رَجَعَ بَائِعُ الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحق البيع رد الْعتْق فِي أحد القومين لتأخره عَن اسْتِمْرَار العقد أَو عَن ضمنه فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَدَّى بَائِعُ الطَّعَامِ فَبَاعَهُ قَبْلَ الْكَيْلِ أَتَى بِمِثْلِهِ وَلَا خِيَارَ لَكَ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْكَ مِثْلِيًّا مَلَكْتَهُ وَلَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ انْتَقَضَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا يَنْتَقِلُ لِضَمَانِكَ إِلَّا بَعْدَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ السَّمَاوِيُّ أَيِ النَّارُ أَوِ السَّارِقُ وَمُرَادُهُ لَمْ يُوجَدِ السَّارِقُ وَلَوْ وُجِدَ غُرِّمَ الْقِيمَةَ إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْكَيْلَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتُرِيَتِ الدَّارُ مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ فَلَمْ تَنْقُدْهُ حَتَّى اسْتُحِقَّتْ فِي نِصْفِ الْمُدَّةِ فَكِرَاءُ مَا مَضَى لِلْأَوَّلِ بِالضَّمَانِ وَلَكَ فَسْخُ الْبَاقِي وَالرِّضَا بِهِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فُضُولِيٌّ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِقِيمَةِ كِرَاءِ الْمُدَّةِ لِانْتِقَالِ الضَّمَانِ إِلَيْكَ فَإِنْ أَخَذْتَ الْكِرَاءَ فَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي فسخة فِرَارًا من عُهْدَة غذا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَكَنَ فَإِنْ أَعْطَيْتَ أَدَّى بِحِسَابٍ كُلُّهَا الدَّفْعُ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ أَوْ نَحْوُهُ وَلَا يَرُدُّ بَاقِيَ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي قَالَ التُّونِسِيُّ لَا يُخَيَّرُ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ كَجَمْعِ السِّلْعَتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ الْمُكْتَرِي انْتَقَدَ الْكِرَاءَ فَكَانَ هَذَا أَمِينًا وَأَتَى بِحَمِيلِ ثِقَةٍ انْتَقَدَ الْكِرَاءُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ السَّاكِنُ وَإِلَّا فُسِخَ وَلَا تُجْعَلُ الدَّارُ مَأْمُونَةً
فَيَنْقُدُ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ إِنْ فَلِسَ كَانَ أَوْلَى بِالسُّكْنَى قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا إِذَا كَانَتِ الدَّارُ عَوْنًا وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِصَحِيحَةِ الْبِنَاءِ مِمَّا لَهُ حُجَّةٌ فِي إِعْسَارِ الْمُسْتَحِقِّ لِكِرَاءِ الدَّارِ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلْمُسْتَحِقِّ أُجْرَةُ الْكِرَاءِ وَإِنْ كَرِهَ الْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ مُؤَجَّلٌ أَوْ بِالنَّقْدِ وَالْمُسْتَحِقُّ مَأْمُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ مُخَوِّفًا لِكَثْرَةِ الدَّيْنِ فَلَهُ رَدُّ النَّقْدِ وَيَرْجِعُ الْخِيَارُ للْمُسْتَحقّ بَين التَّمَادِي على الْإِجَارَة أورد النَّقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بِشَرْطِ النَّقْدِ إِنْ خَصَّ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَارَةُ وَيَمْنَعُ النَّقْدَ قَالَ وَأَرَى أَن للمكتري أَن يتعجل ذَلِك النَّقْد فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ أَحَقُّ بِالدَّيْنِ عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَكَانَ هُوَ وَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سَوَاءً وَلَا يُقَالُ لَعَلَّ الدَّارَ مُخَوِّفَةٌ لِأَنَّ الْمُخَوِّفَ لَا يُكْرَى بِالنَّقْدِ وَإِنْ نُقِدَ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ قَبْضُهُ إِذَا قَصَدَ الْأَوَّلُ بِالتَّعْجِيلِ إِبْرَاءَ ذِمَّتِهِ وَإِنْ قَصَدَ رِفْقَ الْمُكْتَرِي فَلِلْمُكْتَرِي ارْتِجَاعُهُ وَلَا مَقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَأْمُونِ وَإِنْ قَصْدَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَالدَّارُ مُخَوِّفَةٌ وَالْمُسْتَحِقُّ غَيْرُ مَأْمُونٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَهْدُومَةً وَفَاءَ الدَّيْنِ لَهُ قَبَضَ الْكِرَاءَ وَإِنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ فَلِلْمُكْتَرِي ارْتِجَاعُهَا فَرَعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتُرِيَتْ فَهُدِمَتْ تَعَدِّيًا فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ النَّقْضِ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنْكَ لِتَعَدِّيكَ وَإِنْ أَسْقَطَهَا الْمُكْتَرِي عَنْكَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَلِيًّا كُنْتَ أَمْ لَا لِلُزُومِهَا لَكَ بِالتَّعَدِّي وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْكَ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ كَمَا لَوِ اشْتَرَيْتَ عَبْدًا فَسَرَقَهُ مِنْكَ رَجُلٌ فَتَرَكْتَ قِيمَتَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ اتَّبَعَ الْمُسْتَحِقُّ السَّارِقَ وَحْدَهُ وَلَوِ ابْتَعْتَ النَّقْضَ فَلَهُ إِغْرَامُكَ ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَوْ هَدَمَهَا الْمَكْرِيُّ فَلِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضُ دُونَ الْقِيمَةِ إِنْ وَجَدَهُ وَإِنْ بِيعَ فَثَمَنُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ يَرْجِعُ الْمُكْتَرِي بِقِيمَةِ الْهَدْمِ قِيلَ بِمَا سَمَّيَا نَفَقَتَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ الْبِنَاءِ فَيَغْرَمُهُ وَقِيلَ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ مِنِ الْبِنَاءِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا أُنْفِقَ فِي الْبِنَاءِ وَقِيلَ يَأْخُذُ النَّقْضَ وَمَا أُفْسِدَ مِنَ الْهَدْمِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ كِرَاءَ مَا فِي الْمُدَّةِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ
الْمَكْرِيَّ قَدْ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ كَانَتْ عَادَةُ النَّاسِ النَّقْدَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حِصَاصَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ حِصَّةَ بَاقِي الْمُدَّةِ وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَجَازَ لِيَأْخُذَ بِحِسَابِ مَا سكن الْمُكْتَرِي فَكل مَا سكن الْمُكْتَرِي فَكل مَا سكن شَيْئا ودى بِحِسَابِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُكْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ حِصَّةِ بَاقِي الْأَمَدِ إِذَا كَانَ مِقْدَارُ الْكِرَاءِ الَّذِي دَفَعَ مَأْوَى فَلَا مَقَالَ لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُلْدًا ظَالِمًا فَلَا للمكتري حجَّة للمتري الْكِرَاءُ وَأَكْثَرُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا لَمْ يَخَفِ الْمُكْتَرِي الْمُسَاوَاةَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَامْتَنَعَ الْمُكْتَرِي مِنْ دَفْعِ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ إِجَازَةِ الْكِرَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا كِرَاءَ مَا سَكَنَ كُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَ حِسَابَهُ أَوْ فَسْخِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي يَهْدِمُ الدَّارَ وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُسْتَحِقُّ بِمَا نَقَصَ الْهَدْمُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي يَلْبَسُ الثَّوْبَ فَيَنْقُصُهُ اللُّبْسُ يَلْزَمُهُ نَقْصُ اللُّبْسِ أَنَّ فِي اللُّبْسِ إِنَّمَا يُؤَدِّي قِيمَةَ مَا انْتَفَعَ بِهِ وَالْهَدْمُ لَا يَقَعُ لَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الدَّارِ بَعْدَ أَنْ أَكْرَاهَا الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَسْكُنْ شَيْئًا فَأَرَادَ إِجَازَةَ الْكِرَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ فِي ذَلِك لِأَنَّهَا إجَازَة بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ امْتَنَعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلْجَهْلِ بِمَا بَقِيَ وَأَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ ثَبَتَ وَبَقِيَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي لِقِلَّتِهِ فَلَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ إِذَا لَمْ يَعْجَلِ الْمُسْتَحِقُّ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ السُّكْنَى حَتَّى يَصِيرَ الْمُسْتَحِقُّ فِي جَانِبِ الْجُمْلَةِ إِذَا كَانَ الْبَاقِي لَهُ يَضُرُّ بِهِ الْمُقَامُ فِيهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الدَّاريْنِ يسْتَحق من إِحْدَاهمَا شَيْئًا لَهُ بَالٌ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمَا فِيهَا مِنَ الدَّارِ الْأُخْرَى الْجُلُّ وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْ جُمْلَتِهَا الْيَسِيرُ فَلَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَبَرَ كُلَّ دَارٍ فِي نَفْسِهَا وَلَمْ يُضِفْ بَقِيَّةَ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهَا إِلَى الدَّارِ الْأُخْرَى فَإِذا اسْتحق من أَحدهَا الْجُلَّ رَدَّهَا وَإِنْ كَانَتِ الْأَقَلَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَرَكَهُ الْمُكْتَرِي مِنْ قِيمَةِ الْهَدْمِ لِلْهَادِمِ وَبَيْنَ مَا حَابَى بِهِ مِنَ الْكِرَاءِ أَنَّ الْحَابِيَ دَفَعَ حَقًّا لِلْمُسْتَحِقِّ إِلَى الْمُكْتَرِي فَيَبْدَأُ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ
سَوَاءٌ وَتَارِكُ الْقِيمَةِ لِلْهَادِمِ لَمْ يُلْفِ شَيْئًا كَانَ بِيَدِهِ إِنَّمَا ظَنَّ أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ قِبَلَ هَذَا الْمُتَعَدِّي فَتَرَكَ أَخْذَهُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ مُسْتَحِقُّهُ وَلَوْ هَدَمَهَا الْمُكْتَرِي لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ إِنَّمَا لَهُ النَّقْضُ بِعَيْنِهِ إِنْ وَجَدَهُ وَإِنْ بِيعَ فَثَمَنُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي الثَّوْبِ إِذَا قَطَعَهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَضْمَنُ فِي الثَّوْبِ بِخِلَافِ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ أَنَّ الثَّوْبَ لَا يَرْجِعُ لِهَيْئَتِهِ وَالدَّارُ وَالْخَلْخَالُ يَرْجِعَانِ إِلَى هَيْئَتِهِمَا قَالَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ بَلْ إِذَا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةَ الْخَطَأِ فِي الْعَبْدِ إِذَا اشْتَرَاهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ضَمِنَ فِي الْقطع وَالْهدم وَإِذا اسْتحق بَيت مِنْ دَارٍ عُظْمَى لَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي بَقِيَّتِهَا وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا اسْتُحِقَّ مِنْهَا وَكَذَلِكَ النَّخْلُ الْكَثِيرَةُ تُسْتَحَقُّ مِنْهَا النَّخَلَاتُ الْيَسِيرَةُ وَأَمَّا نِصْفُ الدَّارِ أَوْ دُونَهُ مِمَّا يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فَيُخَيَّرُ فِي رَدِّهَا كُلِّهَا وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَلَوِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَهَا مُعَيَّنًا يَكْثُرُ ضَرَرُهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ بِخِلَافِ مَا اسْتَحَقَّ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَالرَّدِّ قَالَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ الْكِرَاءُ كَالشِّرَاءِ وَلَا يَتَمَسَّكُ الْمُكْتَرِي بِمَا بَقِيَ إِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ أَوْ جُلَّهَا لِاخْتِلَافِ قِيمَةِ الشُّهُورِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ سَحْنُونٍ إِذَا سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الشُّهُورِ لِأَنَّهُ إِنِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ سَقَطَ عَنْهُ ثُلُثُ الْكِرَاءِ أَوِ النِّصْفُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَهَا فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا بَيْتٌ بِعَيْنِهِ هُوَ بَقِيَّتُهَا وَرَجَعَتْ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ النَّخْلُ الْكَثِيرُ اسْتُحِقَّ مِنْهَا النَّخَلَاتُ الْيَسِيرَةُ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ أَمَّا نِصْفُ الدَّارِ أَوْ دُونَهُ مِمَّا يضر بالمشتري فِي خير فِي رَدِّهَا كُلِّهَا وَأَخْذِ الثَّمَنِ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ عَيْبٌ لَهُ بِهِ الرَّدُّ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ وَالتَّمَسُّكِ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ اكْتَرَيْتَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَمَاسَكُ بِمَا
بَقِيَ فِي الْكِرَاءِ إِنِ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ لِلْجَهَالَةِ بِمَا يَنُوبُ أَجْرَةَ الْبَاقِي لِأَنَّ الشُّهُورَ قَدْ يَخْتَلِفُ كِرَاؤُهَا قَالَ التُّونِسِيُّ تَمْتَنِعُ إِجَارَتُهُ بَعْدَ السُّكْنَى عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلْجَهْلِ بِالْمَاضِي وَالْبَاقِي فَإِنِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ وَبَقِيَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي لِقِلَّتِهِ لَهُ رَدُّ الْبَقِيَّةِ إِذَا لَمْ يُجِزِ الْمُسْتَحِقُّ الْكِرَاءَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مُتَقَدِّمِ السُّكْنَى حَتَّى يَصِيرَ الْمُسْتَحَقُّ يَسِيرًا لِأَنَّ الْبَاقِيَ يَضُرُّ فَإِنِ اسْتُحِقَّ مِنْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ شَيْء لَهُ بَال وَهِي أَقَلُّ مِنْهُمَا اعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ إِنِ اسْتُحِقَّ ثُلُثٌ بِعَيْنِهِ يُرَدُّ بِهِ الصَّفْقَةُ لِكَثْرَةٍ أَوْ ضُرٍّ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْبَاقِي بِحِدَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ بِخِلَافِ الشَّائِعِ وَيَعْنِي غَيْرَهُ بِالْمُكْتَرِي إِذَا اخْتَلَفَتْ قِيَمُ الشُّهُورِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا سَكَنَ بَعْضَ السُّكْنَى وَإِلَّا فَلَيْسَ مَجْهُولًا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الشُّهُورُ لِأَنَّهُ إِنِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ سَقَطَ الْكِرَاءُ أَوِ النِّصْفَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَجْهُ التَّنْفِيذِ مَعَ الْجَهَالَةِ أَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ مُنْعَقِدٌ لَا يَنْفَسِخُ إِلَّا بِرَدِّ الْمُكْتَرِي وَإِنِ اسْتُحِقَّ جُزْؤُهَا وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ خُيِّرَ الْمُكْتَرِي بِالرَّدِّ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا أَوْ دَارًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَالْغَلَّةُ لَكَ فِي الْمَاضِي دُونَ الْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ إِذَا وَزَنْتَ وَلَمْ تَعْلَمِ الشُّبْهَةَ تَصَوَّرِ السَّبَبَ فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِمُورِثِكَ غَاصِبٌ فَالْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحَدِّ مَعَ الْجَهْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَلَوْ وُهِبَ لَكَ وَأَنْتَ عَالِمٌ بِالْغَصْبِ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّكُمَا شَاءَ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَلَّةِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا رَجَعَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَكَ ثوبا أَو طَعَاما فأكلته أَو لبس الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَيْتَهُ أَوْ دَابَّةً فَبِعْتَهَا وَأَكَلْتَ ثَمَنَهَا لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَيَرُدُّ الْغَاصِبُ وَوَارِثُهُ الْغَلَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَنِ ابْتَاعَ قَمْحًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ شَاةً فَأَكَلَهَا فَعَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ هَلَكَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَانْتِفَاعِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ وَقَامَتْ بِهَلَاكِ مَا يُغَابُ
عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُضَمَّنُ مَا هَلَكَ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالرَّبْعِ أَوْ إِنْ عُدِمَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ أَكَلَ وَلَبِسَ لَهُ الْإِتْبَاعُ الضَّمَانُ كُلُّ مَنْ وَهَبَهُ غَاصِبًا غَاصِبٌ فَاسْتَعْمَلَ الْوَاجِبُ لِأَخْذِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِوَارِثِهِ غَاصِبٌ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْمُسْتَحِقِّ فَالْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّ خِلَافُهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَى الْغَاصِبِ لِغَلَّةِ الْحَيَوَانِ قَالَ التُّونِسِيُّ الْمُشْتَرِي إِذَا أَكَلَ الْغَلَّةَ وَلَبِسَ الثَّوْبَ يَضْمَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ قِيمَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَخْطَأَ عَلَى الْعَبْدِ فَقَتَلَهُ وَإِذَا وَهَبَ مَا اشْتَرَى لَمْ يُضَمَّنْ وَرَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ إِنِ انْتَفَعَ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْءٌ وَرَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْغَاصِبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الشَّيْءِ إِذَا اغْتَلَّ وَهَلَكَ كَانَ مِنْهُ وَذَهَبَ الثَّمَنُ الَّذِي نَقَدَ فِيهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ وَلَا غَلَّةَ لِمَوْهُوبٍ وَهَبَهُ غَاصِبٌ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ إِذْ لَا يَضْمَنُ ثَمَنًا نَقَدَهُ وَلَا ضَمِنَهُ مَنْ وَهَبَهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْغَضَب عَن أَشْهَبَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ الْغَاصِبَ الْوَاهِبَ أَوِ الْمَوْهُوبَ إِذَا هَلَكَ الْمَوْهُوبُ بِيَدِهِ وَاحْتَجَّ بِالْبَيْعِ أَنَّ لِمُسْتَحِقِّ الطَّعَامِ طَلَبَ الْغَاصِبِ بِهِ أَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْآكِلِ لَهُ إِذَا لَمْ يُجِزِ الْبَيْعَ وَقَالَ أَيْضًا إِنَّ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ الْغَلَّةَ لَهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَاصِبِ كَالْمُشْتَرِي لِظَاهِرِ الشُّبْهَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ ابْنُ الْقَاسِم وَأَشْهَب أَنما اسْتُعْمِلَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ سَكَنٍ أَوْ زَرْعٍ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غلَّة وَلَا كِرَاء على الْغَاصِبِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ إِلَّا أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِغَصْبِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَيَكُونَ كَالْغَاصِبِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ابْتَاعَ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرَةٌ لم تبدأ وَلَا شَيْءَ فِيهَا فَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ فَيَأْخُذُهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذْ وَعَنْهُ مَا لَمْ تُجَذْ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ يَبِسَتْ أَوْ جُذَّتْ لَمْ
يَأْخُذْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ وَلَوْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَطَهَا الْمُبْتَاعُ فَهِيَ لِلْمُسَمَّى يَبِسَتْ أَمْ لَا أَوْ بِيعَتْ أَوْ أُكِلَتْ وَيُرَدُّ فِي فَوْتِهَا مِثْلُهَا إِنْ عرفت الملكية أَوِ الْقِيمَةُ إِنْ لَمْ تُعْرَفْ أَوْ ثَمَنُهَا إِنْ بَاعَهَا وَلَهُ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ مَا سَقَى وَعَالَجَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتُعْمِلَ غُلَامِي فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ -
الْخراج بِالضَّمَانِ وَالصَّحِيح عتبار عُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَفِي حَمْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي وَمَنْ ضَمِنَ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ أَوْ يَقْصُرُ عَلَى سَببه وَهُوَ من ضمن بشبهو قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَلِلْعُلَمَاءِ وَهُمَا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ اسْتِحْسَانٌ وَمَا اسْتُحِقَّ مِمَّا لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ فَإِنْ رَأَى فِيمَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ ثَمَنًا كَالْمُشْتَرِي فَقَبِلَ الْغَلَّةَ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّى لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ الَّذِي دُفِعَ فِي عَدَمِ الْبَائِعِ إِنْ تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرَدُّ الْغَلَّةُ لِأَنَّهُ إِنْ تَلِفَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ فَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِشَيْءٍ الْغَلَّةُ عَلَى الضَّمَانِ وَمَا لَمْ يُؤَدِّ فِيهِ ثَمَنًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ فَيَرُدُّ الْغَلَّةَ اتِّفَاقًا لِسُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْهُ فِيمَا اغْتَلَّ أَوْ سَكَنَ فَإِنْ سَكَنَ وَلَمْ يَكُنْ فَإِنَّمَا لَكَ فِي رَدِّهِ الْكِرَاءُ لِمَنْ حَجَبَهُ قَوْلَانِ الْأَصَحُّ الرَّدُّ وَأَمَّا الْحُبُسُ يَسْتَغِلُّهُ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ انْفِرَادَهُمْ بِهِ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْهِبَاتِ لَا يَرْجِعُ الْآتِي عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ زِيَادٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ بِالْغَلَّةِ دُونَ السُّكْنَى وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ بَيْنَ الْحُبُسِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ الِاسْتِغْلَالِ وَالسُّكْنَى قَالَ فَإِنْ قِيلَ الْمَوْهُوبُ وَالْوَارِثُ لَهُمَا الْغَلَّةُ وَلَمْ يُؤَدِّيَا ثَمَنًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَارِثَ وَالْمَوْهُوبَ يَحُلَّانِ مَحَلَّ الْوَاهِبِ وَالْمَوْرُوثِ فِي وُجُوبِ الْغَلَّةِ لَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَاهِبَ وَالْمُورَثَ لَوْ كَانَا
غَاصِبَيْنِ نُحِلُّهُمَا وَرَدَّ الْغَلَّةَ وَفِي الْحَدِّ الَّذِي يُدْخِلُ الْمُسْتَحَقَّ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَحِقِّ حَتَّى تَكُونَ الْغَلَّةُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حِينَ الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِنَّ الرُّبَاعَ لَا تُوَقَفُ مِثْلُ مَا يُحَوَّلُ وَيَزُولُ وَإِنَّمَا تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْدَاثِ فِيهِمَا وَالثَّانِي يَدْخُلُ فِي الضَّمَانِ وَتَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ وَيَجِبُ تَوْقِيفُهُ وَقْفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِذَا ثَبَتَ لَهُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُبْتَاعِ إِلَى يَوْمِ يَثْبُتُ الْحَقُّ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهِ إِنَّ التَّوْقِيفَ يَجِبُ إِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ وَكَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ وَالثَّالِثُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَتَجِبُ لَهُ الْغَلَّةُ وَالتَّوْقِيفُ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ قَالَ يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَتَكُونُ الْمُصِيبَةُ مِنْهُ وَالنَّفَقَةُ تَجْرِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَفِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ وَالتَّسْوِيَةُ الْقِيَاسُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ التَّفْرِقَةُ وَهُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي تَكُونُ بِهِ الثَّمَرَةُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ غَلَّةً فَيَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالطِّيبِ أَوِ الْيَبْسِ أَوِ الْجَذَاذِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَهَذَا إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ إِبَّانِ الثَّمَرَةِ أَمَّا بَعْدَ الْإِبَّانِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ جُذَّتْ وَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ مَا لَمْ تُجَذَّ وَإِذَا جُذَّتْ فَلِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا إِنِ اشْتَرَاهَا وَالثَّمَرَةُ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا وَإِنْ جَذَّهَا أَوْ أَكَلَهَا وَيَغْرَمُ الْمَكِيلَةَ إِنْ تَلِفَتْ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ أَو الثّمن إِن بَاعهَا إِن فَاتَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ مُبْتَاعِهَا خُيِّرَ فِي أَخْذِهَا وَإِنْفَاذِ بَيْعِهَا وَإِنْ بَلَغَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَيْسَ إِلَّا بِالثَّمَنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْيُبْسِ وَالْجِذَاذِ وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا غَلَّةٌ لَهُ بِالطِّيبِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَنَّهَا صَارَتْ غَلَّةً بِالطِّيبِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بِمَا يَنُوبُ يَسْقُطُ عَنْهُ قِسْطُ الثَّمَرَةِ لِبَقَائِهَا بِيَدِهِ إِلَّا
أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ غَاصِبٍ وَمِنْ مُشْتَرٍ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْإِبَّانِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الشِّرَاءُ بَعْدَ الْإِبَّانِ بِثَمَرَتِهَا أَوْ قبلهَا أَو بعد الإزهاء والطياب نَظَائِرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي خَمْسَةِ مَوَاطِنَ الِاسْتِحْقَاقُ وَإِذَا وَجَدَ عَيْبًا أَوْ وَجَدَ الشِّرَاءِ فَاسِدًا إِنْ نَقَضَ أَوْ يَرُدُّ بِفَلَسِ أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ لِمَنْ صَارَتْ إِلَيْهِ عَنِ الْمُشْتَرِي مِنْ وَارِثٍ أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ أَوْ وَارِثٍ مَوْهُوبٍ لَهُ لِأَنَّهُ يَحُلُّ مَحَلَّهُ وَلَا غَلَّةَ لِوَارِثٍ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ مِثْلُهُ فِي الْمَنْزِلَةِ أَوْ قُرْبٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِث ولدا طارأ عَلَيْهِ وَارِثُ وَلَدٍ آخَرَ انْتَزَعَ مِنْهُ نَصِيبَهُ وَكَذَلِكَ طرؤ الْوَالِدِ عَلَى الْأَخِ يَنْتَزِعُ مِنْهُ الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ ضَامِنٍ لِمَا اسْتَغَلَّ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ تُؤْخَذُ الثَّمَرَةُ فِي خَمْسَةِ مَسَائِلَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَالْمُسْتَحِقُّ مَعَ الْأَصْلِ إِلَّا أَنْ يَيْبَسَ أَوْ يَكُونَ قَدْ تَوَلَّدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَيَرُدُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ تَطِبْ فَإِذَا طَابَتْ فَلِلْمُبْتَاعِ يُؤْخَذُ فِي الْفَلَسِ مَا لَمْ تُزَايِدِ الْأُصُولُ وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْغَاصِبِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ هَلْ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ بِنَفْسِهِ وَهَلْ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَهَلْ يَغْرَمُ مَا لَمْ يَغْتَلَّهُ مِثْلَ أَنْ يُغْلِقَ الدَّارَ وَيَبْذُرَ الْأَرْضَ وَالرَّابِعُ إِذَا اغْتُلَّ الْمَوْهُوبُ مِنْهُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ وَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةُ مَا سَكَنَ وَاسْتَغَلَّ فَإِنْ أُعْدِمَ أَوْ غَابَ غَرِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وَارِثِ الْغَاصِبِ إِذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ غَرِيبٌ فَاسْتَعَنْتَهُ فِي عَمَلٍ لَهُ بَالٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ وَهَبَكَ مَالًا فَلِمُسْتَحِقِّهِ قِيمَةُ عَمَلِهِ عَلَيْكَ وَالْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ مَالِهِ وَمَا لَا بَالَ لَهُ كَسَقْيِ الدَّابَّةِ يَسْقُطُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِالْعَادَةِ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَوِ اسْتَأْجَرْتَهُ وَأَتْلَفَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ قُدُومِ السَّيِّدِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْحُرِّيَّةَ لِأَنَّكَ لَمْ تَتَعَدَّ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ صِقِلِّيَةَ وَإِنْ طَالَتْ
إِقَامَتُهُ بِالْبَلَدِ وَاسْتَفَاضَتْ حُرِّيَّتُهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا غَرِمْتَ الْأُجْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى لِضَعْفِ الْعُذْرِ وَقِيلَ يَغْرَمُ ثَانِيَةً مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعَبْدَ بَائِعٌ لِسِلْعَةِ مَوْلَاهُ وَهِيَ خِدْمَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ دَفَعْتَ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فَلَا يَبْرَأُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَهَذَا أَقْيَسُ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْمُدَوَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أُنْفِذَتْ وَصَايَاهُ وَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ وَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنَّمَا يَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَةَ عَمَلِهِ إِذَا كَانَ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مَا عَمِلَ كَعَيْنٍ قَائِمَةٍ إِنْ وُجِدَتْ أَخَذَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهَا لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ وَهَبَهَا فَأَشْبَهَ هِبَةَ الْغَاصِبِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَرَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لِتَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ الْأَشْبَهُ الضَّمَانَ فَاتَ أَمْ لَا فَرْعٌ فِي الْكتاب ثمنه غرمه الْهَالِك بِيَدِهِ بِغَيْر سبيه بِبَيِّنَةٍ تُسْقِطُ الْعَدَمَ الْغَاصِبُ لِضَمَانِ الْغَاصِبِ الْغَلَّةَ لِمُتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ إِلَّا فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ لِأَنَّكَ الْمُبَاشِرُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالْغَصْبِ فَيَكُونَ مُتَعَدِّيًا كَالْغَاصِبِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْهِبَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَوْ غَاصِبًا فَعَلَى الْوَاهِبِ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِنْ عُدِمَ الْوَاهِبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَارِثِ فَقِيلَ كَالْمُشْتَرِي وَقِيلَ كَالْغَاصِبِ فَرْعٌ قَالَ لَوِ ابْتَعْتَ مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَقَارًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَتْ عِنْدَكَ فَالْغَلَّةُ وَالثَّمَرَةُ لَكَ إِلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ بِضَمَانِكَ وَلَوْ كَانَ وَهَبَكَ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْكَ بِالْغَلَّةِ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ لِأَنَّكَ لَمْ تَضْمَنْ فِي ذَلِك ثمنا وديته وَلَكَ مِنَ الْغَلَّةِ قِيمَةُ عَمَلِكَ وَعِلَاجِكَ
فَرْعٌ قَالَ اشْتَرَيْتَ بِدَرَاهِمَ فَأُذِيبَتْ دَنَانِيرَ رَجَعْتَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِمَا أَذَبْتَهُ مِنَ الْعَيْنِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحَقَّقَ ثَمَنًا وَلَوْ دَفَعْتَ فِي الدَّنَانِيرِ عَرَضًا رَجَعْتَ بِالدَّنَانِيرِ لِفَرْطِ التَّبَايُنِ وَالنَّقْدَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْعَرَضُ مِنَ الْبَائِعِ وَرَجَعَ عَلَيْكَ بِالدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ بَلْ صَفْقَةً كَمَا لَوْ قَبَضَ الدَّنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِهَا عرضا قَالَ بن يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا رَجَعَ فِي الدَّنَانِيرِ عَرَضًا ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ الْمُشَتَرَاةُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ يَوْمَ أَخْذِهِ إِنْ فَاتَ إِنِ اسْتَحَقَّ الْعَرَضَ الْمَأْخُوذَ بِدَفْعِ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُبْتَاعِ حَابَاهُ أَمْ لَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَالسِّلْعَةِ الْأُولَى أَنَّا نَجْعَلُ كَأَنَّهُ بَاعَ الْأَوْلَى بِمِائَةٍ فَدَفَعَ فِيهَا السّلْعَة الثَّانِيَة فَإِن كَانَت تسوي مِائَةً رَجَعَ بِمِائَةٍ لَا ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَسَاوِي خمسين فَلَمَّا اسْتَحَقَّتْ رَجَعَ بِثَمَنِهَا وَمِمَّا وَهَبَهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لِلْبَيْعِ تُنْتَقَضُ بِانْتِقَاضِهِ وَأَمَّا إِنِ اسْتَحَقَّتِ السِّلْعَةُ الْأَوْلَى فَبِاسْتِحْقَاقِهَا بِطَلَ ثَمَنُهَا فَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ دَفَعَهُ أَوْ بَعْضَهُ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ فَإِنْ كَانَتِ الَّتِي دَفَعَ تُسَاوِي مِائَةً رَجَعَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ أَوْ قِيمَتَهَا إِنْ فَاتَتْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُوَفُّوا لَهَا ثَمَنًا مِنْ ثَمَنِ الْأُولَى فَوَجَبَ رَدُّهَا إِلَيْهِ أَوْ قِيمَتُهَا وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الْأُولَى أَنَا أُجِيزُ الْبَيْعَ وَآخُذُ الثَّمَنَ مِنَ الْمُبْتَاعِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ فَهُوَ بَاقٍ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ قَالَ آخُذُ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا ثَمَنُ سِلْعَتِي مُنِعَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ لَهُ إِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَمَنٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ مَا اشْتَرَى بِهِ وَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَأَخَذَ مِنْهُ فِي الْجَارِيَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِالْعَشَرَةِ لِاسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْعَبْدِ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْجَارِيَةُ رَجَعَ بِثَمَنِهَا عَشَرَةٍ فَإِذَا قَبَضَهَا صَارَ كَ الْعَبْدُ فَيَرْجِعُ بِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ إِنْ فَاتَ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا بَاعَ السِّلْعَةَ وَأَخَذَ فِي الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ ثُمَّ
اسْتحقَّت السّلْعَة رَجَعَ الميتاع عَلَى الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْبَضْ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهَا صَرْفٌ وَلَمْ يَنْتَقِضْ وَعَنْ سَحْنُونٍ إِذَا بَاعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَخَذَ فِيهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتُحِقَّتِ الدَّرَاهِمُ يَرْجِعُ بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي بَاعَ بِهَا السِّلْعَةَ وَرَآهُ صَرْفًا لَا يَرْجِعُ فِيهِ بِمِثْلِ الدَّرَاهِمِ قَالَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ إِنِ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالدَّنَانِيرِ صَرْفٌ مُسْتَأْخَرٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا صَرَفَ بِالدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ بِالدَّرَاهِمِ سِلْعَةً فَوَجَدَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا فَرَدَّهَا رَجَعَ بِدِينَارٍ وَلَوْ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ صَارَ صَرْفًا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَأَخَذَ فِي الثَّوْبِ دَرَاهِمَ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الْعَبْدَ اسْتُحِقَّ وَرَجَعَ مُشْتَرِيُهُ فِي ثَمَنِهِ وَهُوَ الثَّوْبُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ نَفْسِهِ فَلَمَّا اسْتَحَقَّهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ أَخِيرًا وَهُوَ صَاحِبُ الْعَبْدِ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَهَا فَوَطِئْتَهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَاسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَلَا صَدَاقَ وَلَا أَرْشَ نَقَصَ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالضَّمَانِ وَلِمُسْتَحِقِّهَا أَخْذُهَا مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ كَجَرِّهَا وَقَدْ تَلْحَقُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيَمْتَنِعُ أَخْذُهُ فَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ عَبْدًا قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةُ النَّاسِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ لِقِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ دُونَ مَا أَدَّيْتَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ بَاعَكَ وَدَلَّسَ بِالسَّرِقَةِ فَسَرَقَ الْعَبْدُ مَتَاعَكَ لَمْ يُضَمَّنِ الْبَائِعُ الْمَسْرُوقَ فَإِنْ أَخَذَ مِنْكَ الْأَمَةَ وَأَنْتَ مُعْدَمٌ اتَّبَعَكَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَلِيًّا أَدَّى الْقَيمَةَ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْكَ إِنْ أَيْسَرَتْ لِأَنَّهَا عَنْهُ وَإِنْ كُنْتُمَا مَلِيَّيْنِ فَعَلَيْكَ دُونَهُ وَلَا ترجع عَلَيْهِ لِأَنَّك الْمُبَاشر لإتلافه عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَمَةِ أَوْ مُعْدَمَيْنَ اتَّبَعَ أَوَّلُكُمَا مُلَاءَةً لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْغَرَامَةِ فِي حَقِّكُمَا وَلَا يَلْزَمُ الِابْنُ قِيمَةَ أَمَةٍ كُنْتَ مَلِيًّا أَمْ لَا لِعَدَمِ عَوْدِ نَفْعِ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ غَيْرُهُ لَا شَيْءَ عَلَى الِابْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَيْسَرْتَ أَمْ لَا
لِأَنَّ الْغُرْمَ يَتْبَعُ الْإِتْلَافَ وَلَمْ يُتْلِفْ إِلَّا أَنْتَ بِالِاسْتِيلَادِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِيمَنْ مَاتَ مِنَ الْوَلَد قيمَة لِأَنَّهُ كالأمانة الشَّرِيعَة فِي ثوب تلقيه الرّيح فِي حوزتك وَالْوَالِد لَا حق النَّسَبِ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ وَالْغُرَّةِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَبَعْدَهُ لِتَخَلُّفِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَكَ دِيَةُ قَتْلِهِ خَطَأً لِوُجُوبِ قِيمَتِهِ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ عَبْدًا لِأَنَّهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَوْ مَا أُخِذَتْ مِنَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ وَالْأَصْلُ قَدْ أَخَذْتَهُ مِنْ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ اقْتَصَيْتَ فِي الْعَمْدِ فَلَا قِيمَةَ عَلَيْكَ لِعَدَمِ يَوْمِ الْحُكْمِ وَتُغَرَّمُ قِيمَةَ الْحَيِّ وَإِنْ جَاوَزْتَ الدِّيَةَ وَإِنْ أَخَذْتَ دِيَةَ الْيَدِ فِي الْخَطَأِ فَعَلَيْكَ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ يَوْمَ الْحُكْمِ وَيُنْظَرُ حُكْمُ قِيمَتِهِ صَحِيحًا أَوْ أَقْطَعَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَوْ مَا قَبَضْتَ مِنْ دِيَةِ الْيَد لما وَلَوْ أَخَذْتَ فِيهِ غُرَّةً فَعَلَيْكَ الْأَقَلُّ مِنْهَا أَوْ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الْغُرَّةَ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ أَصْلُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا دُونَ مَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَلْزَمْكَ قِيمَتُهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْوَلَدِ خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ فَأَخَذَ الْأَلْفَ دِيَةَ وَلَدِهِ قَالَ يَغْرَمُ الْوَالِدُ قِيمَةَ الْوَلَدِ أَقْطَعَ يَوْمَ يُحْكَمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَأَقْطَعَ يَوْمَ يَجْنِي عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَخَذَ الْأَبُ مِنْ دِيَةِ الْوَلَدِ أُغْرِمَهَا أَوْ أَقَلُّ غُرِّمَ ذَلِكَ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْأَبِ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ وَاخْتِصَارُ هَذَا أَنَّ عَلَيْكَ قِيمَتَهُ مَقْطُوعًا يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَقَلُّ مِمَّا أَخَذْتَ مِنْ دِيَةِ الْوَلَدِ أَوْ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ يَوْمَ الْجِنَايَةِ سَلِيمًا وَأَقْطَعَ وَقِيمَتُهُ الْيَوْمَ وَيُضَافُ مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ إِلَى قيمَة الْيَوْمَ أَقْطَعَ فَيَأْخُذُهَا السَّيِّدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ الْيَدِ الَّتِي أخذت فَلَا يُزَاد عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ تَتْلَفِ الْقِيمَةُ مِنْ يَوْمِ الْقَطْعِ أَوْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ لَدَفَعْتَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا الْآنَ لَا قَبْلَ قَطْعِهِ وَمِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا مَعَ مَا أَخَذْتَ مِنْ دِيَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قيمتين سليما
وَمَقْطُوعًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَاهَا وَكَانَ مَا فَضُلَ لِلْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ تَلْزَمْكَ إِلَّا قِيمَتُهُ مَقْطُوعًا وَدِيَةٌ وَقَوْلُهُ الْفَضْلُ لِلْأَبِ خَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ الْفَضْلُ لِلِابْنِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى أَنَّهُ لِلْأَبِ أَيْ النَّظَرُ فِيهِ لِلْأَبِ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَحت نظرة لِأَنَّهُ ملك للْأَب لِأَنَّهُ أَرْشُ جِنَايَةِ الْوَلَدِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَبُ كَمَا قَالَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْوَالِد يَأْخُذُ الْأَبُ نِصْفَ دِيَةِ وَلَدِهِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ يَقْبِضُهَا لَهُ لِصِغَرِهِ وَعَنْ سَحْنُونٍ الدِّيَةُ كُلُّهَا لِلِابْنِ وَعَلَى الْأَبِ غُرْمُ دِيَتِهَا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا أَخَذَ فِيهِ ثُمَّ تَوَقَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ لِأَنَّهُ إِنْ قَالَ قِيمَةُ جَمِيعِهِ لَازِمَةٌ فَيَبْقَى أَرْشُ الْيَدِ لِلْوَلَدِ فَلِمَ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى مَا أَخَذَ فِي الْيَدِ وَعَنْ سَحْنُون قَول ثَالِث أَن لَا يَكُونَ عَلَيْكَ مِنْ قِيمَةِ يَدِ وَلَدِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ لِلِابْنِ وَإِنَّمَا عَلَيْكَ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ قَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الدِّيَةِ الَّتِي أَخَذَ يَرُدُّ هَذَا كُلَّهُ قَالَ فَإِن قيل الدِّيَة هَا هُنَا لِلْأَبِ بِكُلِّ حَالٍ بِمَوْقِفِ الْوَلَدِ قِيلَ ذَلِكَ بِالْوِرَاثَةِ عَنِ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ لَصَارَتِ الدِّيَةُ لِلْأَبِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَلَا فَرْقَ قَالَ فَمَسْأَلَةُ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَحِقَّةِ دَلِيلُ الْكِتَابِ وَمَفْهُومُهُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ مَالِكٍ أَخْذُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا وَأَخْذُ قِيمَتِهِمَا مَعًا وَهَذَانِ مَعًا فِي الْكِتَابِ وَقِيمَتُهَا فَقَطْ لِأَكْثَرِ الْمَذْهَبَيْنِ وَالصَّوَابُ الْمُرَادُ فِي الْكِتَابِ عَلَى السَّيِّدِ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ وَالْوَلَدُ لَا سِيَّمَا وَالْإِقْرَارُ زُوِّرَ وَقَدْ يَكُونُ تَحْتَهَا وَقِيلَ يَغْلِبُ ضَرَرُ سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَحْتَهَا وَضَرُورَةُ الْمَالِكِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ عَدِيمًا بِالْقِيمَةِ فَيَكُونُ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا أَخَذَ قِيمَتَهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ أَخْذَ قِيمَتِهَا كَأَخْذِ عَيْنِهَا وَفِي أَخْذِ الْعَيْنِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَادِي لِامْرَأَتِهِ مِنَ الْأَسْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ فدى مَنَافِعه ودافع الْقيمَة هَا هُنَا أَيْضًا فَتَوَصَّلَ بِهَا لِمَنَافِعِهِ أَنَّ هَذَا
مَجْبُورٌ عَلَى الْقِيمَةِ وَقَدْ دَفَعَ ثَمَنًا عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا دَفَعَ فَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَذَلِكَ مُخْتَارٌ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَتَلَ الْوَلَدَ عَمْدًا فَصَالَحَ فِيهِ عَلَى أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ رَجَعَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ بَاقِي الْقِيمَةِ أَوْ بَاقِي الدِّيَةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَوْ عَفَا الْأَبُ عَنْ قَاتِلِ ابْنِهِ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ ثُمَّ أَتَى الْمُسْتَحِقُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَبِ وَلَهُ عَلَى الْقَاتِلِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَتْلِ أَوِ الدِّيَةُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ ابْنُ شباوز كَذَا لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ خِلَافَ عَفْوِ الْأَبِ عَلَى مَالٍ وَقَاسَمَهُ عَلَى عَفْوِ الْبَنِينَ عَنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْبَنَاتِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ أَوْ عَفْوًا عَلَى مَالٍ اشْترك جَمِيعهم فِيهِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ كَمَا هُوَ هَا هُنَا لِلْأَبِ خَاصَّةً قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا قَتَلَ إِنَّمَا يَغْرَمُ الْأَبُ مَا وَصَفَ مِنَ الدِّيَةِ إِذَا قَبَضَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ مُنَجَّمَةً حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْوَاجِبَ لَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ يَقْبِضِ الْغُرَّةَ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ عُشْرَ الْقِيمَةِ مِنَ الْعَشَرَةِ كَمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنَ الدِّيَةِ إِذَا قَتَلَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا لَزِمَكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَا يرق فَيَأْخذهُ السَّيِّد لتخليفه عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِالشُّبْهَةِ فِي الْغُرُورِ بِالشِّرَاءِ أَوِ النِّكَاحِ وَجُعِلَتِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ فِي الرَّحِمِ وَلَا قِيمَةَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَلَا يُجْعَلُ يَوْمَ جُعِلْتَ ضَامِنًا وَلَا يَضْمَنُ إِلَّا الْمُتَعَدِّي وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مِنَ الْقَضَاءِ بِمِثْلِ الْوَلَدِ الْمُسْتَحَقِّ فَمَعْنَاهُ عَلَى مَقَادِيرِهِمْ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قِيمَتُهُمْ وَلَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِالْقِيمَةِ مِنْ رِقٍّ كَانَ وَلَاؤُه للْمُسْتَحقّ وَلَو كَانَ إِذَا كَانَ جَدَّهُمْ أَوْ أَخَاهُمْ أَنْ يُعْتَقَوْا عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حُرٌّ بِسَبَبِ أَبِيهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحَقِّ سَبَبٌ يَصِلُ بِهِ إِلَى رقّه كَأُمّ الْوَلَد يحى كَذَا لَا يُمكن من إسْلَامهَا وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْقِيمَةَ فِيهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إِلَّا الْمُغِيرَةَ قَالَ الْقِيمَةُ يَوْمَ وُلِدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِن كَانَت حَامِلا يَوْم قِيَامه لَا نتظر وِلَادَتَهَا فَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ يَوْمَ تَلِدُهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنِ اسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّةٍ لَهَا صَدَاقٌ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ وَطْءِ الْحُرَّةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهَا وُطِئَتْ عَلَى الْمِلْكِ وَالْمَمْلُوكَةُ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلِذَلِكَ
يَقُولُ لَوِ اغْتَلَّهَا الْغَلَّةُ لَهُ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا غَلَّةَ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَوَجْهُ قَوْلِهِ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ وَاسْتِيلَادُ الْغَيْرِ لَا يَمْنَعُ وَكَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ نِكَاحٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا لَوْ غَرَّتْ مِنْ نَفْسِهَا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَخْذَهَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَشُبْهَةُ كُلِّ عَقْدٍ مَرْدُودَةٌ إِلَى صَحِيحِهِ وَكَذَلِكَ وَلَدُهَا وَالْقِيمَةُ تَدْفَعُ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّ وَوَجْهُ قَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ رَدُّ قِيمَتِهَا لِوَطْءٍ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَرْفَعُ الْحَدَّ فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ كَمَا إِذَا وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرِكَةَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَلَوْ مَاتَتْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ضَمِنَهَا الْمُشْتَرِي كَوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوِ الْأَمَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَجَعَ مَالِكٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى مَاتَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ بِأَخْذِ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا جُبِرْتَ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلَيْ مَالِكٍ جَمِيعًا فَتُعْطَى الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْقِيَاسُ لَا يُلْزِمُ قِيمَتَهَا فِي نقض الْوِلَادَةِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ لَوْ قَتَلَهَا وَلَوْ قَتَلَهَا غَيْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ هُوَ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ مَاتَتْ وَبَقِيَ وَلَدُهَا فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ قِيمَةِ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَعَلَى قَوْلِ الْآخَرِ لَهُ اتِّبَاعُكَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا لِأَنَّكَ ضَمِنْتَهَا يَوْمَئِذٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الْأَوْلَادِ وَإِنْ كَانُوا قِيَامًا كَوَاطِئِ أَمَةِ ابْنِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ وَهِيَ حَيَّةٌ لَيْسَ لَهُ إِلَّا قِيمَتُهَا فَقَطْ لِأَنَّكَ لَسْتَ بِضَامِنٍ قَالَ وَانْظُرْ قَوْلَهُ إِذَا كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَالِابْنُ مَلِيًّا أَخَذَ مِنَ الِابْنِ قِيمَةَ نَفْسِهِ وَهُوَ إِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ يَوْمِ الْحُكْمِ فَكَانَ يجب إِنَّمَا تَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ بِمَالِهِ مِمَّا فِي يَدَيْهِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْهُ قَالَ وَأَظُنُّ ابْنَ الْقَاسِمِ إِنَّمَا يَقُولُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ مَالٍ وَبِهِ يَصِحُّ قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ عَمًّا لِلْوَلَدِ أَخَذَ الْقِيمَةَ إِذْ لَا يُعْتَقُ ابْنُ الْأَخِ وَالْجَدُّ لَا يَأْخُذُ قِيمَتَهُ
وَلَيْسَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمْ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بِسَبَبِ أَبِيهِمْ وَإِنَّمَا أُخِذَتِ الْقِيمَةُ فِيهِمْ بِالسُّنَّةِ قَالَ كِنَانَةُ إِذَا غُرِمْتَ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ اكْتَسَبَهُ لَمْ تُغْرَمْ بِمَالِهِ بَلْ بِغَيْرِ مَالٍ كَقِيمَةِ عَبْدٍ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْأَبِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ شَيْءٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا حُكِمَ عَلَى الْأَبِ فِي عَدَمِهِ ثُمَّ مَاتَ ابْنُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَزَلْ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ كَجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالسَّيِّدُ عَدِيمٌ وَكَمَنَ حُكِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ رَآهُ الْحَاكِمُ يَوْمَ أُعْدِمَ قَالَ أَشْهَبُ وَيَفِي بِالْقِيمَةِ فِي تَرِكَتِكَ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ إِذَا قَامَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا اتَّبَعَ الْوَلَدَ فَمَنْ أُيْسِرَ مِنْهُمْ أُخِذَ مِنْهُ حِصَّةُ نَفْسِهِ فَقَطْ يَوْمَ كَانَ الْحُكْمُ وَإِنْ طَرَأَ لَكَ مَالٌ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ فِيهِ قِيمَتَهُ وَلَا يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ إِذَا قُطِعَتْ يَدُ الْوَلَدِ وَأَخَذْتَ دِيَتَهَا فَعَلَيْكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَقْطَعَ يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهِ وَالْأَقَلُّ بِمَا نَقَصَ الْقَطْعُ أَوْ مَا قَبَضْتَ فِي الدِّيَةِ وَسَبَبُهُ اخْتِلَافُ الْقِيَمِ يَوْمَ الْقَطْعِ وَيَوْمَ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْقَطْعِ هُوَ يَوْمَ الْحُكْمِ لَغَرِمْتَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا الْيَدُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قُطِعَ خَطَأً فَدِيَتُهُ لَكَ مُنَجَّمَةً وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهَا قِيمَتُهُ يَأْخُذُ فِيهَا أَوَّلَ نَجْمٍ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ أَخَذَ تَمَامَهُ مِنَ الثَّانِي مِمَّا يَلِيهِ حَتَّى يَتِمَّ ثُمَّ مَا يُورَثُ عَنِ الِابْنِ مَا بَقِيَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيمَا أَخَذْتَ فِي الْقَتْلِ كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَا فِي الْقَطْعِ وَعَلَيْكَ قِيمَتُهُ أَقْطَعَ فَقَطْ لِأَنَّ مَا أَخَذْتَهُ دِيَةُ حُرٍّ وَإِذَا زَوَّجَكَ بِهَا رَجُلٌ وَغَرِمْتَ قِيمَةَ وَلَدِهَا مَعَ دَفْعِهَا رَجَعْتَ عَلَى مَنْ غَرَّكَ بِالصَّدَاقِ كَامِلًا وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبْعَ دِينَارٍ لِأَنَّهُ بَاعَ الْبُضْعَ وَاسْتَحَقَّ فَتَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ وَهَذَا أَصْلُ مَالِكَ وَلَوْ كَانَتِ الْعَارِيَةَ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِسَيِّدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَعْطَيْتَهَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الرِّضَا وَعَنْهُ يُتِمُّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُبْطِلُ حَقَّهُ صَنِيعُهَا وَتَصْدُقُ فِي أَنَّكَ
تَزَوَّجْتَهَا حُرَّةً وَأَنْ لَمْ تَقُمْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَذَبَتْكَ حُدَّتْ وَلَمْ يَلْحَقِ الْوَلَدُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ وَتَأْخُذُ الْوَلَدَ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ قِيمَتُهُ حَالَةً عَلَى الْأَبِ يَوْمَ يُقْضَى لَهُ بِهِ فَإِنْ أُعْدِمَتِ اسْتَحْسَنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ غَرِمَتِ الْأَمَةُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ فَإِنَّ أَوْلَادَهُمْ رَقِيقٌ مَعَهَا لِعَدَمِ حريَّة الواطيء فَإِن اسْتحق مِنَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهَا مُدَبَّرَةٌ أَخَذَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا عَبْدًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ مُدَبَّرًا وَمَاتَ بِالْعِتْقِ كَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَعَلَى هَذَا ثَبَتَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَإِنْ كَانَتِ الَّتِي ولدتها مُكَاتَبَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُكَ قِيمَةُ الْوَلَدِ رَقِيقًا وَتُوقِفُ الْقِيمَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ مَحْسُوبًا مِنْ آخَرِ الْكِتَابَةِ وَيَتَعَجَّلُهَا السَّيِّدُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَأَدَّيْتَ الْكِتَابَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ مِنْ قِيمَتِهِمْ وَأَمَّا الْمُعْتَقُ إِلَى أَجَلٍ فَأُمُّ الْوَلَدِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ مَلَكَهُمْ السَّيِّدُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اسْتُحِقَّتْ حَامِلًا جَرَتْ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِهَا يُؤَخِّرُهَا حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّهَا حَامِلًا محمر كَذَا فَتَأْخُذُهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ فَإِنْ أَسْقَطَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ دُونَهَا يَتَعَجَّلُهَا الْآنَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَخْذُ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْقِيمَةُ وَيُخْتَلَفُ مَتَى تَكُونُ عَلَى أَحْكَامِ الْوَلَدِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْحَمْلِ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ مِنْ يَوْمِ الْحَمْلِ وَعَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْحَمْلِ يُخْتَلَفُ فِيهَا فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بَعْدَ الْفِدَاءِ لِأَنَّهُ أَجَازَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا إِنْ أَحَبَّ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ افْتِدَاءَهَا الْآنَ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ كَالْوَلَدِ يَدْفَعُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهُوَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ وَقَدْ أُنْفِقَتْ دِيَتُهُ لَمْ يُطَالِبْ لِأَنَّهُمْ غَرِمُوا بِالْحُرِّيَّةِ وَمَقَالُهُ مَعَكَ وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَالْمَقَالُ لَكَ فِي الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ دون
الْمُسْتَحق وَاخْتلف هَل يقوم الْوَلَد بِمَا لَهُ قَالَ المَخْزُومِي أَو بِغَيْر مَاله قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَحِقِّ مَقَالٌ فِي الْمَالِ وَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْقِيمَةَ عَلَى الِابْنِ ابْتِدَاءً أَعْسَرَ الْأَبُ أَمْ لَا لَكَانَ وَجْهًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ مُتَّ وَلَمْ تَدَعْ مَالًا اتَّبَعَ الْوَلَدُ بِالْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ عَلَى الِابْنِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَيْكَ وَإِنْ مُتَّ مُوسَرًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُكَ إِذَا قِيمَ عَلَيْكَ وَهَذَا قَدْ تَعَذَّرَ قَاعِدَةٌ الْمُسْقِطَةُ لِلْحَدِّ الْمُوجِبَةُ لِلُحُوقِ النَّسَبِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُبْهَةٌ فِي الْوَاطِئِ وَهُوَ اعْتِقَادُهُ الْحَدَّ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَةً وَفِي الموطؤة كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِنَّ مَا فِيهَا مِنْ مِلْكِهِ مُبِيحٌ وَمَا فِيهَا مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ مُحَرَّمٌ فَيحصل الِاشْتِبَاه وَفِي الطَّرِيق وَهُوَ كَون الوطيء مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ مُبِيحٌ وَالْمُحَرِّمَ حَاظِرٌ فَيَحْصُلُ الِاشْتِبَاهُ تَنْبِيهٌ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ مَعْنَاهُ يَتَوَقَّعُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا ضَمِنَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّلَفِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ مَعَ أَخْذِ الْغَلَّةِ الْآنَ وَاسْتِحْقَاقُهَا يَكُونُ لِتَوَقُّعِ الضَّمَانِ لَا بِالضَّمَانِ نَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَهُ رَدُّ مَا يَبْنِيهِ مَسْجِدًا كَرَدِّ الْعِتْقِ وَفِي النُّكَتِ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ رُدَّ كَوْنَهُ مَسْجِدًا وَمِلْكَهُ وَهُوَ قَدْ بُنِيَ لَهُ وَكَانَ هَدَمَهُ وَجُعِلَ النَّقْضُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ إِجْبَارًا لِآخَرَ عَلَى دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ كَمَا تَفْعَلُ فِيمَا بنى للسكن لخُرُوج الْبناء على يَدِهِ وَتَشْبِيهِهِ بِالْعَبْدِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقُرْبَةِ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي أَنَّ الْعَبْدَ اسْتُحِقَّتْ عَيْنُهُ وَالْأَنْقَاضُ لَمْ تُسْتَحَقَّ وَهِيَ الَّتِي عُمِلَتْ مَسْجِدًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُجْعَلُ النَّقْضُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ تَتْمِيمًا لِقَصْدِ الْقُرْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ مَسْجِدٌ فَلْيَنْقُلِ النَّقْضَ لِأَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إِلَيْهِ وَيُكْرَى عَلَى نَقْلِهِ مِنْهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ أَخَذَهُ فِي كِرَائِهِ مِلْكُهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَيحْتَمل
أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنِ اشْتَرَى دَارًا مَبْنِيَّةً فَهَدَمَهَا وَبَنَى بِنَقْضِهَا مَسْجِدًا فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى نَقْضِهَا شَيْئًا فَيَأْخُذُ الْبِنَاءَ وَالْقَاعَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْكَ فِيمَا هَدَمْتَ لِأَنَّكَ هَدَمْتَهَا بِشُبْهَةٍ فَيُسَاوِي الْعِتْقَ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا إِذَا أَبَى الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُلْزِمَكَ قِيمَةَ النَّقْضِ مَنْقُوضًا لِأَنَّكَ لَمَّا بَنَيْتَ بِهِ الْمَسْجِدَ فَقَدْ أَفَتَّهُ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ هَدْمِكَ لَا يَتَحَصَّلُ بِكَمَالِهِ وَإِذَا أَدَّيْتَ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَهَدَمْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَعَلْتَ النَّقْضَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لِأَنَّكَ قَدْ أَبَنْتَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَجَعَلْتَهُ لِلَّهِ وَإِن رَضِي الْمُسْتَحق بذلك النَّقْص فَلَهُ مِلْكُهُ وَلَا يَلْزَمُكَ شَيْءٌ قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ غَاصِبًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَلَهُ قيمَة بنائِهِ قَائِما يَجْعَل الْقِيمَةَ فِي حُبُسٍ آخَرَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الْأَنْقَاضَ لَمْ يَقَضِ فِيهَا بِقِيمَةٍ وَإِنْ بَنَى بِشُبْهَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ سَحْنُونًا لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ مَنْقُوضًا لَمَا كَانَ ذَلِكَ إِبْطَالًا لِلْحُبُسِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِعْطَاءُ الْقِيمَةِ مَنْقُوضًا كَذَلِكَ أَنْتَ إِنَّمَا تُعْطِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا فَإِذَا وَهَبْتَ حَقَّكَ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ لَكَ بَلْ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الَّذِي بَنَى فِي أَرْضٍ بِشُبْهَةٍ فَثَبَتَ أَنَّهَا حُبُسٌ يُقْلَعُ الْبِنَاءُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيلَ لِسَحْنُونٍ فَكَيْفَ يُقْلَعُ وَقَدْ بنى بِشُبْهَة قيل فَمن قَالَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قِيلَ لَهُ فَيَشْتَرِكَانِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يُلْزِمُ بَيْعَ الْحُبُسِ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَمْ يُنْكِرْ قِيلَ أَفَيُعْطِيهِ الْمُحْبِسُ قِيمَةَ بِنَائِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُقْلِعُ بِنَاءَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ لَمْ يَهْدِمْ عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَوْ يُعْطِيكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ مَهْدُومًا وَبَقِيَ لَهُ قَائِما وَقَالَ سَحْنُونٍ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ بِحَقِّ تَقْدِيمٍ عَلَى الْحُبُسِ وَيَرُدُّهُ مِنْ أَصْلِهُ فَلَهُ إِذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَا بُدَّ من نقضه وهضمه لِأَنَّ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ لَا يُوَافِقُ بِنَاءَ الدُّورِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَدْمٍ هُدِمَ وَجُعِلَ غَيْرُهُ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَأَبَى الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ الْقِيمَةِ لِلْبِنَاءِ وَأَبَيْتَ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فَإِنْ حَمَلَ الْقَسَمَ وَكَانَ فِيمَا يَنُوبُ الْحُبُسُ مَا يَكُونُ مَسْجِدًا قُسِمَ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الْقَسَمَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ
مَا يَكُونُ مَسْجِدًا بِيعَ وَجُعِلَ فِي مِثْلِهِ وَأَمَّا إِذَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَنَى أَرْضًا دَارًا ثمَّ ثَبت أَنَّهَا مسد لَمْ يَكُنْ لِلْبَانِي قِيمَتُهُ قَائِمًا لِتَقَدُّمِ حَقٍّ صَحِيحٍ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَاعَةَ حَبْسٌ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ قِيلَ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَعْطُوهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا وَيَكُونُ لَكُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ إِلَى وَقْتِ يَسْقُطُ حَقُّكُمْ مِنَ الْحُبُسِ بِالْمَوْتِ أَوْ بِانْتِفَاءِ الْأَجَلِ إِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَإِنْ رَجَعَتِ الْأَرْضُ إِلَى مُحْبِسِهَا كَانَ لِوَرَثَةِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَخْذُ قِيمَةِ ذَلِكَ قَائِمًا كَمَا كَانَ لِمُورِثِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَحُلُّونَ مَحَلَّهُ فَإِنْ أَبَى كَانُوا شُرَكَاءَ مَعَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ أَبَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ إِعْطَاءَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا أَعْطَاهُ مَالِكُ الْأَرْضِ وَبَقِيَ شَرِيكًا مَعَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِهِ فَإِنْ أَبَى كَانَ الْبَانِي شَرِيكًا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَمَا نَابَهُ سَكَنَهُ أَوْ بَاعَهُ وَمَا نَابَ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِمْ سَكَنُوهُ فَإِذَا انْقَضَى حَقُّهُمْ فِي الْحُبُسِ عَاد ذَلِك الْقدر للمحبس على إِحْدَى قَوْلَيْ مَالِكٍ إِنَّ الْحُبُسَ عَلَى الْمُعَيَّنَيْنِ يَعُودُ مِلْكًا وَعَلَى قَوْلِهِ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ فَإِنَّمَا يُعْطَى قِيمَتَهُ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى انْقِضَاءِ حَقِّ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُهْدَمْ وعَلى قَول سَحْنُون وَالْحَبْس وَغَيره سَوَاء يجوز للباني إِعْطَاء قِيمَةِ الْأَرْضِ إِذَا لَمْ يُعْطِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَيَجْعَلُ الْقِيمَةَ فِي مِثْلِهِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّ بَعْضُ الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ الْمُشْتَرَاةِ أَوِ الْمصَالح عَلَيْهِ أَو وجدت بِهِ عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ أَقَلُّهَا رَجَعْتَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ انْتَقَضَتْ كُلُّهَا وَيَرُدُّ بَاقِيهَا لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ وَيُمْتَنَعُ التَّمَسُّكُ بِبَاقِيهَا بِحِصَّتِهِ إِذْ لَا يَعْرِفُ حَتَّى يَقُومَ فَهُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَيَلْزَمُكَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمُسْتَحَقِّ قَلِيلُهُ بَاقِيهِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيُخَيَّرُ فِي الْكَثِيرِ بَيْنَ حَبْسِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ وَرَدِّهِ وَكَذَلِكَ الْجُزْءُ الشَّائِعُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ لِلْعِلْمِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ وَالسِّلَعُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ حِصَّةُ كُلِّ سِلْعَةٍ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ الْعَقْدِ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوْ عَلِمَ مَا يَنُوبُ الْبَاقِي مِنَ الثِّيَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي وَإِنْ كَرِهَ الْبَائِعُ لِتَقَدُّمِ الرِّضَا وَالْعَقْدِ
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ صُبْرَتَيْنِ قَمْحًا وَشَعِيرًا جُزَافًا فِي صَفْقَةٍ بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ صُبْرَةٍ خَمْسِينَ أَوْ ثِيَابًا أَوْ رَقِيقًا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّمَنِ كَذَا فَاسْتَحَقَّ أَحَدٌ ذَلِكَ وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا سَمَّيْنَا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ حُكْمِيٌّ كَالْإِتْلَافِ يَرْجِعُ لِلتَّوْزِيعِ وَالْكَيْلِ لِعَقْدٍ اخْتِيَارِيٍّ وَلَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ قَفِيزٍ بِدِينَارٍ امْتُنِعَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْقَمْحِ وَإِنْ كَثُرَ رِبْحُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَلَّ خُسْرُهُ فَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ وَلَوِ اسْتَحَقَّ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِحُرِّيَّةٍ وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَرَدَدْتَ الْآخَرَ لِذَهَابِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَزِمَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَيَقُومُ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فِي النُّكَتِ إِنَّمَا يُمْتَنَعُ بَيْعُ صُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّخَاطُرِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَطْمَعُ أَنْ يَكُونَ الْقَمْح أَكثر فَيَأْخُذ بِسِعْرِ الشَّعِيرِ وَالْبَائِعَ يَقُولُ قَلَّ الشَّعِيرُ فَبِعْتُهُ مِنْهُ أَكْثَرَ بِثَمَنِ الْقَمْحِ وَيَجُوزُ فِي الصُّبْرَتَيْنِ عَشَرَةٌ مِنْ هَذِهِ وَعَشَرَةٌ مِنْ هَذِهِ كُلُّ فقيز بِكَذَا لِعَدَمِ الْمُخَاطَرَةِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنَّمَا أُلْغِيَتِ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ هَذَا بِكَذَا إِلَّا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِكَذَا فَبَعْضُهَا يَحْمِلُ بَعْضًا وَقِيلَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ إِذَا أطلقت البيع هَكَذَا لِأَنَّهُ كالمشترط أَن لَا يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَأَنْ يَرْجِعَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِمَا سَمَّيَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يَنْقَسِمُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْحِصَّةِ وَلَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اصْطَلَحْتُمَا عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى عِوَضٍ بِاسْتِحْقَاقٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِتَغْيِيرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ فَقِيمَتُهُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ أَوْ عَلَى الْإِنْكَارِ فَاسْتَحْقَقْتَ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ فِي الْعِوَضِ وَإِن لَمْ يَفُتْ قَالَ التُّونِسِيُّ قِيلَ لَا يَرْجِعُ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ فِيمَا دَفَعَ لِأَنَّهُ بَدَلٌ لتمر
الْمُخَاصمَة قد يحصل ذَلِكَ فَقِيلَ يَرْجِعُ بِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ فِي الْقرب دون الْبعد لِأَن فِي الْبعد فَوت بِقِيمَتِهَا لَوْلَا الصُّلْحُ وَأَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ مَا أَخَذَ الْمُدَّعِي رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَهَذَا أَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى الْخُصُومَات رَجَعَ إِلَى غزر فَالرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ مَا اسْتَحَقَّ كَمَا لَا يَرْجِعُ إِلَى الدَّمِ فِي الْعَمْدِ وَلَا إِلَى الْعِصْمَةِ فِي الْخُلْعِ الَّتِي فَاتَتْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْغَرَرِ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى خِدْمَةِ جِنَانِهِ بِشَيْءٍ اسْتحق رَجَعَ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَا عَنِ الْغَرَرِ وَقِيلَ يَرْجِعَانِ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْخُصُومَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اسْتَحَقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ رَجَعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لِلْمُدَّعِي وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا وَقَالَ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا إِذَا اسْتَحَقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ كَمُدَّعِي دَارٍ فَيُصَالِحُ عَلَى عَبْدٍ فَيَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيُّهُمَا اسْتَحَقَّ انْتَقَضَ الصُّلْحُ فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ رَجَعَ فِي دَعْوَاهُ الدَّارَ وَمنع سَحْنُون الأول لِأَنَّهُ دَفَعَهُ كَدَفْعِ الْخُصُومَةِ وَقِيلَ إِنْ طَالَ الْأَمْرُ مِمَّا يَهْلِكُ فِيهِ الْبُنْيَانُ لَمْ يَرْجِعْ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى سُدْسَ دَارٍ فَصَالَحَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ عَلَى شِقْصٍ اسْتُشْفِعَ بِقِيمَةِ الْمُدَّعَى فِيهِ فَهَذَا يَرْجِعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فِي الدَّعْوَى كَالْبَيْاعَاتِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُسْتَشْفَعُ بِقِيمَةِ السُّدْسِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُشْفَعُ بِشَيْءٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي إِنْ كُنْتَ مُحِقًّا فَهُوَ شِرَاءٌ فَعَلَيْكَ رَدُّ الْعِوَضِ أَوْ مُبْطَلًا أَوْ يَقُولُ الْآنَ إِنَّهَا دَارِي حُرِّمَ عَلَيْكَ مَا أَخَذْتَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِي الْغَالِبِ بِبَعْضِ قِيمَةِ الْمُدَّعَى فِيهِ فَلَمْ يَجِبِ الرُّجُوعُ بِبَعْضِ قِيمَةِ الدَّارِ وَلَا فِي الدَّعْوَى كالصداق الْخُلْعِ وَدَمِ الْعَمْدِ وَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعَبْدِ فَلِلْمُدَّعِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ
الْقَاسِمِ رَدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ عَلَى طَلَبِهِ أَوِ التَّمَسُّك وَالِد كَذَا فِي بالمطالبة بِنِصْفِ الدَّارِ ثُمَّ يُخَيِّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إِمْضَاءِ الصُّلْحِ بِنِصْفِ الدَّارِ وَيَقُولُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْ شِئْتَ تَمَسَّكْتَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَكَ أَوْ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ فِي الْخُصُومَةِ لِأَنِّي إِنَّمَا قَصَدْتُ بِالصُّلْحِ دَفْعَ الْخُصُومَةِ فَإِذَا كُنْتَ تَعُودُ إِلَيْهَا تَضَرَّرْتَ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ وَهُوَ أَقْيَسُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ لَكَ عَلَيْهِ مِائَتَانِ فَصَالَحْتَهُ عَلَى تَرْكِ مِائَةٍ وَأَخْذِ عَبْدِهِ مَيْمُونًا فَاسْتحقَّ رجعت بِالْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهِ سِلْعَةً نَقْدًا أَوْ مَضْمُونَةً مُؤَجَّلَةً فَإِنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَاعْتُبِرَ الْفِعْلُ دُونَ الْقَوْلِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اسْتُحِقَّ الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ رَجَعْتَ بِقِيمَتِهِ وَتَعَذَّرَ الْقَتْلُ بِشُبْهَةِ الْمُصَالَحَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ صَادِقا فَاسْتَحَقَّ أَوْ ظَهَرَ مَعِيبًا فَقِيمَتُهُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِيهِ بَيْعٌ لَا يَضُرُّ اسْتِحْقَاقُهُ وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ سَوَاء اسْتحق بِملك أَو حريَّة وَقَالَ لمغيرة يَرْجِعُ فِي الْحُرِّيَّةِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ كَأَنَّهُ لَمْ يُمْهِرْهَا شَيْئًا بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِأَنَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ وَإِذَا مَاتَ فِي يَدَيْهَا ثُمَّ اسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِالِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنِ اسْتُحِقَّ بِحَرِيَّةٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ تَزَوَّجَتْ بِشِقْصٍ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَقْرَبُ إِلَى الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَالْمُكَاتَبُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَيُقْبِضُهُ وَيُعْتَقُ رَدٌّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَعَنْهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
مَالٌ عَادَ مُكَاتَبًا لَيْسَ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ قَدْ تَمَّتْ وَيَتَّبِعُ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ غَرَّ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ رَجَعَ مُكَاتَبًا وَلَوِ أَعْتَقَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مكَاتب لَا يُرِيد الْعِتْقُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَأَنَّهُ مَالٌ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ لَوِ أَعْتَقَهُ وَلَوْ بِعْتَهُ بِنَفْسِهِ بِجَارِيَةٍ لَيْسَتْ لَهُ قَالَ تُخَيَّرُ وَهُوَ بِعَيْنِهَا فِي مِلْكِ غَيره فَردَّتْ بِعَيْب قَالَ ابْن الْقَاسِم يرهَا ويتبعه بِقِيمَتِهَا وَهُوَ حر قَامَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ثَبَتَتِ الْحُرِّيَّةُ فِي الْعَبْدِ أَوِ الْغَصْبِ وَهُوَ صَدَاقٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قِيلَ وَيَثْبُتُ بَعْدُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفْسَخُ تَعَمَّدَ الزَّوْجُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَتْ هِيَ بَحُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَا جَمِيعًا فَيَفْسَخُ قِيلَ وَيَثْبُتُ بَعْدُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَالَحْتَ عَلَى عَيْبِ الْعَبْدِ بَعْدُ رَجَعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الثَّانِيَ يَدُلُّ عَلَى جُزْءِ الْأَوَّلِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الثّمن عَلَيْهِمَا وَنظر هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يَنْظُرُ فِي قِيمَتِهِمَا يَوْمَ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ الْبَيْعِ فِيهِمَا وَقِيلَ يَنْظُرُ فِي الْأَوَّلِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالثَّانِي يَوْمَ الصُّلْحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ إِنِ اسْتَحَقَّ الثَّانِي رَدَّ الْأَوَّلَ إِلَّا إِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ وَإِنِ اسْتُحِقَّ الْأَوَّلُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّانِي إِنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ فَائِتًا وَيُرْجَعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَخَذَ هَؤُلَاءِ وَلَا يُقَامُ عَلَيَّ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالثَّانِي وَالْأَوَّلُ غَيْرُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُمَا كَالصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِأَيِّهِمَا وُجِدَ الْعَيْبُ رَدَّهُمَا فَإِنْ وَجَدَهُ بِالثَّانِي رَدَّهُ ثُمَّ يُرَدُّ الْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُصَالِحْ أَوْ بِالْأَوَّلِ رَدَّهُ وَرَدَّ بِالْآخرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ انْتَقَضَ فَإِنْ فَاتَ الْأَوَّلُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَ عَنْهُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَتِهِ على عبد ثمَّ اسْتحق الأول وَلم يَنْتَقِضِ الثَّانِي لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ
فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْأَوَّلِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْعَيْبِ عَشَرَةً وَهِيَ الَّتِي تُسْتَحَقُّ بَعْدَ الْفَوْتِ فِي الْأَوَّلِ وَهِيَ دَيْنُ الْمُشْتَرِي أَخَذَ فَإِنِ اسْتحق الأول رَجَعَ مُشْتَرِيه بتسعين وَالثَّانِي إِنِ اسْتَحَقَّ الثَّانِيَ رَجَعَ بِعَشَرَةٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ بِعْتَ عَبْدًا لِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ رَجَعَ صَاحِبُهُ فِي الَّذِي أَعْطَى فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ فقيمة يَوْمَ الْبَيْعِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّ الثَّوْبُ وَقَدْ عَتَقَ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِجَارِيَة فقيمة الْجَارِيَة فحال سُوقُهُمَا أَوْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ زَوَّجْتَهَا ثُمَّ اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ فَوت أخذت لَهَا مهْرا لِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا وَلَا يردهَا مبتاعها حِينَئِذٍ لَا بِالْأَرْشِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا بَاعَهُ بِجَارِيَةٍ فَاسْتَحَقَّ وَقد حَالَتْ أسواقها رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ سَحْنُونٍ فِي النقاض الْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ تَحُلْ أَسْوَاقُهَا قَوْلَانِ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَرُدَّ كَانَتْ مِنَ الْوَخْشِ أَوْ من الْعلي وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أُصِبْهَا وَصَدَّقَتْهُ رُدَّتْ وَلَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَسْتَبْرِئَهَا وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ أَوْ قَالَ أَصَبْتُهَا لَمْ تُرَدَّ لِأَنَّهُ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا بعض الْمُوَاضَعَةِ تَسْتَأْنِفُ اسْتِبْرَاءً وَعَلَيْكَ مَضَرَّةٌ فِي الصَّبْرِ حَتَّى تستبرأ كَمَا قِيلَ إِذَا عَقَدَ فِيهِ إِجَازَةُ أَنَّهُ فَوت لمضرة الصَّبْر وَلَو تَرَاضيا يردهَا لَمْ يُجِزْ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ دَيْنِ مَا فِيهِ مُوَاضَعَةٌ إِلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةَ فِي أول دمهما فَلَا تَكُونُ الْغَيْبَةُ وَلَا الْإِصَابَةُ فَوْتًا وَإِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ خُيِّرَ مشتريها من التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعُ فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يُفِيتُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ حَوَالَةً لِأَنَّهُ يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَالْعَيْبُ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقِ الْعَبْدُ خُيِّرَ مُشْتَرِيهَا بَيْنَ رَدِّ الْبَاقِي وَيَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ أَوْ يَتَمَسَّكُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ هَلْ يَرْجِعُ فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ يَرْجِعُ شَرِيكًا
(بَابٌ)
فَمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا فَمَا بِيعَ مِنْ مَالِهِ مَالٌ لِأَنَّهُ يبع بِشُبْهَةٍ وُطِئَ بِهَا الْفَرَجُ وَاسْتُحِلَّ وَوَقَعَ بِهَا الضَّمَانُ وَتُرَدُّ امْرَأَتُهُ إِلَيْهِ وَعِتْقُ مُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَده وَفرق بَين هَذِه الْمسَائِل مسَائِل الِاسْتِحْقَاق لتولي بيع الْحَاكِم ذَلِك قِيَاسا على بيع الْغَنَائِم لِقَوْلِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لِلَّذِي وَجَدَ بَعِيرَهِ فِي الْمَغْنَمِ إِنْ وَجَدْتَهُ فَخُذْهُ وَإِنْ قُسِّمَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ تَحْقِيقٍ وَغَيْرِهَا من أَن الْحَاكِم ولي بيع وَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَلَا كَذَا كَالْغَاصِبِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ عَبْدَكَ فِي دَيْنِكَ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّكَ غَصَبْتَهُ لِرَبِّهِ نَقْضُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ مِنْكَ وَمِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْحَاكِمِ مَتَاعَكَ فِي دَيْنِكَ فِي غَيْبَتِكَ وَتَأْتِي فَتَثْبُتُ قَضَاءَ دَيْنِكَ فَلَا تَأْخُذُهُ إِلَّا بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَهَذِهِ قَاعِدَةُ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْإِمَامُ يَظُنُّهُ لَكَ فَلَكَ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ أَصْلُهُ فِي الْمَغَانِم قَالَ اللَّخْمِيّ يحل الشُّهُودُ عَلَى الْكَذِبِ إِذَا حَتَّى تُبَيَّنَ الشُّبْهَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبِينِ يَظْهَرُ رقّه وَبَين على سَيّده حكم وَإِنَّمَا بِوَصِيَّة عَبده وَالْقَاعِدَة تبين أَن حكم لِإِحْرَازِ الثَّانِي عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُفِيتُ مَالَهُ عِتْقٌ وَلَا غَيْرُهُ كَانَ الْأَوَّلُ مُتَعَدِّيًا أَوْ بِشُبْهَةٍ كَالْمَغْصُوبِ تَتَدَاوَلُهُ الْأَمْلَاكُ وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ فِي دين أَو ثَبت التَّرِكَةُ لِوَارِثٍ فَيَحْكُمُ لَهُ الْحَاكِمُ وَيَبِيعُ وَتَتَدَاوَلُهُ الْأَمْلَاكُ وَيُعْتَقُ الرَّقِيقُ وَتُتَّخَذُ أُمُّ وَلَدٍ ثُمَّ تبين أَن الْوَارِث غير فَيَأْخُذُ ذَلِكَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَهَذَا أَصْلُ الْمَذْهَبِ وَلَا يُفِيتُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ مِنَ الْغَنَائِمِ إِلَّا بِالثَّمَنِ لِقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَأَمَّا
الْمَيِّتُ يَقْدُمُ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُ مَالَهُ بِالثَّمَنِ وَجَعَلَ مَالِكٌ تَغَيُّرَهُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَوْتًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُفِيتُ الْعَبْدَ فِي الْغَنَائِمِ الْعِتْقُ وَلَا والإيلاد فِي الْأمة وَيَأْخُذ الثّمن فَعَلَى هَذَا لَا يَفُوتُ رَقِيقُ الْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ بِنَمَاءٍ وَلَا نَقْصٍ وَلَا عِتْقٍ وَحَقُّهُ فِي عَيْنِ مَالِهِ وَيَنْدَفِعُ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَيْعِ الْغَنَائِمِ بِذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ أَسْلَمْتَ دَنَانِيرَ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَاسْتُحَقَّتْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالسَّلَمُ تَامٌّ وَعَلَيْكَ مِثْلُهَا وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ وَالْفُلُوسُ وَالْبيع والناجز وَلَوْ أَسْلَمْتَ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مِثْلِيًّا فَاسْتُحِقَّ أَوْ رَدَدْتَهُ بِعَيْبٍ انْتَقَضَ السَّلَمُ وَالْبَيْعُ والناجز قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لِبُطْلَانِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَيَرُدُّ مَا قَبَضَهُ وَإِنِ اسْتَهْلَكْتَهُ فَمِثْلُهُ وَلَوِ اسْتُحِقَّ الْمُسْلَمُ فِيهِ رَجَعْتَ بِمِثْلِهِ لِتَنَاوُلِ الْعَقْدِ مَا فِي الذِّمَّةِ دُونَ الْمُسْتَحَقِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ مَنَعَ الْقِيرَاطَ بِالتِّبْرِ يُنْقَضُ السَّلَمُ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّنَانِيرُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ابْتَعْتَ عَلَى أَنْ يَهَبَكَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْكَ شَيْئًا مَعْلُومًا جَازَ فَإِنِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَفَاتَتِ الْهِبَةُ بُعِّضَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ السِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى السِّلْعَةِ وَعَلَى مَا شُرِطَ مِنَ الْهِبَةِ قَالَ وَيُرِيدُ كَانَتِ السِّلْعَةُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَقَدْ فَاتَ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا قَائِمًا لَافْتَرَقَ حِينَئِذٍ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ الْوَجْهَ رَدَّ قِيمَةَ الْهِبَةِ وَأَخَذَ عَرَضَهُ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ أَبِيعُكَ عَبْدِي هَذَا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِذَلِكَ فَالْعَبْدُ رَأْسُ الْمَالِ يَبْطُلُ السَّلَمُ بِاسْتِحْقَاقِهِ لِأَنَّهُ الْمُعَجَّلُ فِي السَّلَمِ
وَلَو اسلمت ثوبا فِي اردب حِنْطَة وَهِي عشرَة دَرَاهِم إِلَى أجل الْبعد مِنْ أَجْلِ الْحِنْطَةِ جَازَ فَإِذَا اسْتُحِقَّ نِصْفُ الثَّوْبِ قَبْلَ دَفْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ خُيِّرَ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ فِي رَدِّ بَاقِيهِ وَيَنْتَقِضُ السَّلَمُ أَوْ يتماسك يلْزمه نِصْفُ الطَّعَامِ وَالدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ النَّاجِزُ لِبُطْلَانِ نِصْفِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا يَدْخُلُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمُسْتَحق وَالْعَبْد وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوِ اسْتَحَقَّ مِنْ شَائِعٌ وَأَخْرَجَهُ الْقَسَمُ فَهُوَ كَاسْتِحْقَاقِ واش كَذَا بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَبَعْضٍ مُسْتَقِلٍّ فَرْعٌ فِي الْكتاب إِذا اسلمت ثَوْبَيْنِ فِي رَأس فَاسْتُحِقَّ أَفْضَلَهُمَا بَطَلَ السَّلَمُ أَوْ أَدْنَاهُمَا فَعَلَيْكَ قِيمَتُهُ وَيَثْبُتُ السَّلَمُ وَكَذَلِكَ النَّاجِزُ فِي النُّكَتِ وَيُرِيد بِالْقِيمَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ قِيمَةِ الْفَرَسِ فِي صفقته إِلَى أَجله لَا قيمَة الثَّوْب قَالَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ النَّاجِزِ وَبَيْنَ هَذَا السَّالِمِ فَكَيْفَ يَسْتَوِيَانِ وَيُحْمَلُ عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ وَإِنَّمَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي مِثْلِ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخلْع وَالنِّكَاح مِمَّا لَا يثمن مَعْلُومٌ لِعَرَضِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا تَكَافَأَ الثَّوْبَانِ فَرَضِيَ بِالْبَاقِي وَقَالَ مُشْتَرِي الطَّعَامِ قَدْ ذَهَبَ لِي نِصْفُ الطَّعَامِ وَقَصْدِي الْكَثِيرُ لِرُخْصِهِ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ فِي فَسْخٍ كَاسْتِحْقَاقِ نِصْفِ الطَّعَام فَإِن قيل اسْتِحْقَاق نصف الطَّعَام هَا هُنَا سَببه من قبل مُشْتَرِيه الطَّعَام بَائِع الثَّوْبَيْنِ كَذَا قِيلَ قَدْ جَعَلُوا لِبَائِعِ الثَّوْبَيْنِ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَيَأْخُذَ الْعَبْدُ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَبْدِ وَلَوْ رَضِيَ لَهُ بِذَلِكَ بَائِعُ الْعَبْدِ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا دَرَكَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخَذَ بَقِيَّةَ عَبْدِهِ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى رِضَاهُ بِالشَّرِكَةِ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَى بَائِعِ الثَّوْبَيْنِ مَعَ الْعَيْب والاستحقاق فِي أَيِّ جِهَةٍ كَانَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مِنَ الْفَرَسِ إِذا
كَانَ الثَّوْبُ الْمُسْتَحَقُّ الرُّبْعِ أَعْطَاهُ قِيمَةَ رُبْعِ الْفَرَسِ نَقْدًا عَلَى أَنْ يَقْبِضَ الْفَرَسَ إِلَى أَجَلِهِ قَالَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يُعْطِهِ إِلَّا قِيمَةَ رُبْعِ الْفَرَسِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إِلَى أَجَلِهِ فَإِنْ قِيلَ الْوَاجِبُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي رُبْعِ الْفَرَسِ فَأَعْطَى قِيمَتَهُ يَوْمَ وَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ وَهُوَ يَوْمُ دَفْعِ الْفَرَسِ كَامِلًا إِلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ فَرَسٍ فَلَمَّا وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ الْمُضِرَّةُ دَفَعَ فَرَسًا فَوَجَبَ أَنْ يُعْطَى رُبْعَ قِيمَتِهِ يَوْمَئِذٍ قِيلَ يَحْتَمِلُ هَذَا إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ يَأْبَاهُ وَأَنَّهُ إِنَّمَا اعْتَبَرَ يَوْمَ وَقْعِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الشِّرَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالْأَجَلِ فِي هَذَا وَلَوْ أَسْلَمَ الثَّوْبَيْنِ فِي فَرَسَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَالثَّوْبَانِ مُسْتَوِيَا الْقِيمَةِ لَسَقَطَ أَحَدُ الفرسين وَبَقِي الآخر إِلَى أحله فَإِنْ قِيلَ كُلُّ ثَوْبٍ لَهُ نِصْفُ فَرَسٍ فَكيف يعْطى فرس كَامِل قِيلَ كُلُّ ثَوْبٍ عَنِ الْفَرَسَيْنِ فَإِذَا بَقِيَ لَهُ نِصْفُ فَرَسَيْنِ جُمِعَا لَهُ فِي فَرَسٍ لِاتِّفَاقِ الصِّفَةِ وَجُبِرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِفَرَسٍ كَمَا لَو أسلم إِلَيْهِ فِي نصف فرسه مِثْلَ صِفَةِ الْأَوَّلِ إِلَى أَجْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا قَالَ مُحَمَّدٌ رُبْعُ قِيمَةِ الْفَرَسِ لِأَجْلِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَأْتِي الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ بِالْفَرَسِ عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى الصِّفَةِ وَيَكُونُ لَهُ رُبْعُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَى دَابَّةً بِثَوْبَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا قَالَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ لمَالِك وَابْن الْقَاسِم أَن لَا يَرْجِعَ بِقِيمَةِ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ شَرِيكًا وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ الرُّجُوعَ فِي قِيمَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الْفَرَسُ وَدَفَعَ قِيمَةَ رُبْعِهِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ فَإِنِ اسْتُحِقَّ قَبْلَ الْأَجَلِ فِي دَفْعِ قِيمَةِ رُبْعِهِ الْآنَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إِلَى أَجْلِهِ أَوْ يُمْهِلَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيَقَعَ التَّقَابُضُ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ الرُّبْعِ عَلَى الْحُلُولِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَبَضَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ إِلَّا يَوْمَ قَبَضَ لِأَنَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ ضَمِنَهُ وَعَمَرَتْ ذِمَّتُهُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً إِذَا اسْتُحِقَّ
الْأَقَلُّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ لَا يُرَدُّ مَا لَمْ يُسْتَحَقَّ وَلَا التَّسْلِيمُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقَدْرِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّأْنُ وَالْمَاعِزُ أَخْرَجَ مِنَ الْأَكْثَرِ وَالْغَنَمُ الْمَأْخُوذَةُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ يُؤْخَذُ مِنْ غَالِبِ غَنَمِ الْبَلَدِ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَاعِزٍ وَالْمَسْقِيُّ بِالْعُيُونِ وَالنَّضْحُ يُزَكَّى عَلَى الْغَالِبِ مِنْهَا وَإِذَا أَدَّيْتَ بَعْضَ الْمَالِ دُونَ بَقِيَّتِهِ زَكَّى بِغَالِبِهِ وَقِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ غَالِبِ عَيْشِ الْبَلَدِ وَالْبَيَاضُ مَعَ السَّوَادِ لَلْمَسَاقَانِ الْحُكْمُ لِلْغَاصِبِ وَإِذَا نَبَتَ أَكْثَرُ الْغَرْسِ فَلِلْغَارِسِ الْجَمِيعُ وَإِذَا نَبَتَ الْأَقَلُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقِيلَ سَهْمُهُ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِنْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْغَرْسِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ سَقَطَ عَنْهُ الْعَمَلُ وَإِنْ أَطْعَمَ الْأَقَلَّ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وَإِذَا جَذَّ الْمُسَاقِي أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَقْيٌ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَعَلَيْهِ وَإِذَا أَبَرَّ أَكْثَرَ الْحَائِطِ فَجَمِيعُهُ لِلْبَائِعِ أَوِ الْأَوَّلُ فَلِلْمُبْتَاعِ أَوِ اسْتَوَيَا فَبَيْنَهُمَا وَإِذَا حَبَسَ عَلَى أَوْلَادٍ صِغَارٍ أَوْ وَهَبَ فَإِنْ حَازَ الْأَكْثَرَ صَحَّ الْحَوْزُ فِي الْجَمِيعِ وَإِذَا اسْتَوَيَا صَحَّ الْحَوْزُ وَبَطَلَ غَيْرُهُ فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْخُرُوجَ إِلَى بَلَدِ الْبَائِعِ بِالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ الْمُسْتَحقّين ليسترجع الثّمن مِنْهُ ذَلِك لَهُ وَإِن وَضَعَ قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحَقِّ ثُمَّ يَذْهَبُ بِكِتَابِ الْقَاضِي وَلِلْبَائِعِ الذَّهَابُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ بَائِعُ الْبَائِعِ وَيَضَعُ الْقِيمَةَ كَالْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ الَّتِي وَضَعَهَا الْآخَرُ فَيَضَعُ الْأَكْثَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فَإِنْ وَضَعَ الْأَكْثَرَ وَذَهَبَ لِيَرُدَّ فَتَلِفَ قَبْلَ الرَّدِّ فَالْأَكْثَرُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ الْأَقَلُّ الَّذِي وَضَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ وَرَدَّهُ أَخَذَ الْأَكْثَرَ الَّذِي وَضَعَ وَرَدَّ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ الدَّابَّةَ إِلَى صَاحِبِهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهَا وَأَخَذَ الْأَقَلَّ الَّذِي وَضَعَهُ لَهُ وَإِنْ تَلِفَ فِي رُجُوعِهِ بِهِ فَلِصَاحِبِهِ الْمُسْتَحق لَهُ الْأَقَل الَّذِي وَضعه لَهُ وَكَذَلِكَ إِذا أَرَادَ البيع
الْأَوَّلُ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ وَاضِعُ الْأَكْثَرِ أَنْ يذهب بِهِ إِلَى بلد بَائِعه وَلم يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يَضَعَ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْقِيمَةَ الْأَكْثَرَ الَّذِي وَضَعَهُ أَوْ قِيمَتُهُ إِن كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُوضَعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ من البَائِع وَإِن أَرَادَ الذَّهَابَ بِهِ لِمَوْضِعِ بَائِعِهِ لِأَخْذِ حَقِّهِ مِنْهُ وَفِي لِبَائِعِينَ وَتَقَاصَّا فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالك وَابْن الْقَاسِم إِذا مَاتَت الْمُبْتَاعُ مِنْ غَاصِبٍ لَا يَعْلَمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا فِيمَا لَا يُغَاب عَلَيْهِ ويخلف فِيمَا يُغَابُ لَقَدْ هَلَكَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إِذَا لَمْ يَبِعِ الْغَاصِبُ بِالثَّمَنِ وَلَا بِالْقِيمَةِ وَلَا قَامَت بِبَيِّنَة بِهَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ وَلَا يَضْمَنُ مُودِعُ الْغَاصِبِ فِي الْبَيْعِ غَيْرَ الثَّمَنِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ مُبَلِّغُهُ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يَضْمَنُ مُودِعُ الْغَاصِبِ إِلَّا أَن يعلم أَن مودعه غَاصِب وَإِذ نَقَصَتِ الْأَمَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ سَبَبِهِ فِي عُضْوٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُضَمَّنُ لِعَدَمِ الْعُدْوَانِ وتأخذه نَاقِصَةً أَوْ تَبِيعُهَا الْغَاصِبَ بِالثَّمَنِ تَنْفِيذًا لِلْبَيْعِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُضَمَّنُ الْمُبْتَاع إِلَّا بِجِنَايَتِهِ أَنَّهَا أما كَذَا لِسَبَبٍ لَا يَوْمَ وَضْعِ الْيَدِ وَلَا يُضَمَّنُ مَا هُدِمَ مِنَ الدَّارِ أَوْ هَدَمَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِخِلَافِ أَكْلِ الطَّعَامِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ وِقَايَةُ مَالِهِ وَلَوْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ ظُلْمًا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَهُ وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ مِنَ الْهَادِمِ أَخَذْتَهَا مِنْهُ وَإِنْ حَابَاهُ رَجَعْتَ بِالْمُحَابَاةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَطْءِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا اسْتحقَّت بِملك أَو حريَّة قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِلْحُرَّةِ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا اسْتُحِقَّتْ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقَةٌ إِلَى أَجَلٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ كالأموات كَذَا تَمُوت عنْدك
فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنه غضب مِنْكَ فَمَاتَ الْعَبْدُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَمُصِيبَتُهُ مِنْكَ لِثُبُوتِهِ لَكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ مِنَ الْمُبْتَاعِ حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ لِبَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْأَمَةِ إِذَا انْتَفَى الْمُبْتَاعُ مِنْ وَطْئِهَا أَمَّا إِنْ أَقَرَّ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ مِنْهُ لِتَصَرُّفِهِ فِيهَا وَعَدَمِ الوثوق بِأَنَّهَا لَيست أم ولد وَقَالَ مَالِكٍ مُعَلَّلٌ فَإِنَّكَ كَمَا كُنْتَ مُخَيَّرًا بَيْنَ طَلَبِ الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ طَلَبِ الْقِيمَةِ مِنَ الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فَاخْتِيَارُكَ لِلْعَبْدِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَة اخْتِيَار للْعَبد وَترك للثّمن وَالْقيمَة لَو كَانَ بدل المُشْتَرِي جاحدا للوديعة كَالْغَاصِبِ وَلَزِمتهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجَحْدِ وَلَوِ اعْتَرَفْتَ بِدَابَّةٍ فَأَقَمْتَ شَاهدا وأوقفت لتكمل الْبَيِّنَة فنفقتها من الْإِيقَافِ عَلَى مَنْ تَكُونُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَبَعٌ لِلْمِلْكِ وَكَذَلِكَ الْكُسْوَةُ وَغَيْرُهَا وَتَنْحَلُّ فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُسْلِفُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَيُنْفِقُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ فَإِن ثبتَتْ بِغَيْرِهِ رَجَعَ لترحجه بِالْيَدِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا ابْتَاعَهُ فَجَنَى عَلَيْهِ عَبْدٌ فَأُقْيِدَ مِنْهُ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ أَخْذِ عَبْدِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَهُ أَخْذُ الْعَبْدِ الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ وَيَرْجِعَ مَنْ صَارَ لَهُ الْعَبْدُ الْجَانِي مِنْ سَيِّدِهِ إِنْ فَدَاهُ أَوِ الْمُسْتَحِقُّ إِنْ أَسْلَمَ عَلَى مَنِ اقْتَصَّ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ مُشْتَرٍ بِمَا نَقَصَهُ الْقِصَاصُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتَعَرْتَ دَابَّةً إِلَى بَلَدٍ فَبِعْتَهَا وَلَمَّا رجعت اشْتَرَيْتهَا بِأَرْبَع وَهِيَ أَحْسَنُ فَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهَا الْأَوَّلِ الْفَاضِلَةُ بِيَدِك لِأَنَّهُ
ثَمَنُ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَذَهَا لَمْ يَأْخُذ السِّتَّة ويجتمع لَهُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَهُوَ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ وَقِيلَ تُرَدُّ السِّتَّةُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الدَّابَّةَ انْفَسَخَتِ الْبياعَات كلهَا وَلَو اشْتَرَيْتهَا بنقذ غير الأول أَو مثلهَا وزنا معوض فَالْجَارِي عَلَى أَصْلِهِ رَدُّ الْجَمِيعِ لِانْتِقَاضِ الْبَيَاعَاتِ كُلِّهَا وَتَأْخُذُ نَقْدَكَ مِنَ الَّذِي بِعْتَ لَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَيْتَهَا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فَوَلَدَتْ عِنْدَكَ فَمَاتَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْوَلَدِ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَتَرْجِعُ أَنْتَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَوْتَهَا عِنْدَكَ لَا يُضْمَنُ أَوْ يَتْرُكُ الْوَلَدَ وَيَأْخُذُ مِنَ الْغَاصِبِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ أَوِ الثَّمَنَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدًا فَمَاتَ عِنْدَهُ وَتَرَكَ مَالًا فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَرْجِعَ الْمُبْتَاعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُ الْمَالَ لَكَ وَيُتْبِعُ الْغَاصِبَ بِالثّمن أوالقيمة وَلَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَبَاعَهَا وَوَلَدَهَا فَلَكَ أَخذ الثّمن من الْغَاصِب وَقيمتهَا وَحدهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ مِنْ ثَمَنٍ وَلَا قِيمَةٍ لِأَخْذِ قِيمَتِهَا قَبْلَ حُدُوثِ الْوَلَدِ وَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ وَلَدِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِ بَعْضِهِمْ وَإِسْلَامُ بَعْضِهِمْ وَلَهُ أَخْذُ الْأُمِّ وَثَمَنِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهُمْ عَلَى مِلْكِهِ وَلَهُ أَخْذُ بَعْضِ الْوَلَدِ وَثَمَنِ الْأُمِّ وَثَمَنِ بَاقِي الْوَلَدِ بَعْدَ فَضِّ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ أَجَازَ بَيْعَهُمْ أَقَلَّ فَلِلْمُبْتَاعِ حُجَّةٌ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ فَإِنْ رَدَّهُ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ أَوْ جِنْسِهِ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ وَإِجَازَةُ بيع الْوَلَد وَحده مَشْرُوط بِبُلُوغِهِ إِلَى حَدِّ التَّفْرِقَةِ وَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ الْأُمِّ مِنَ الْغَاصِبِ لِدُخُولِ النَّقْصِ فِيهَا بِالْوِلَادَةِ ثُمَّ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُمْ إِذْ هُمْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ لَمْ يَدْخُلْهُمْ نَقْصٌ وَلَوْ دَخَلَهُمْ نَقْصٌ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ مَاتُوا فَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ مِنَ الثَّمَنِ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتِهِمْ مِنَ الْغَاصِبِ يَوْمَ وُلِدَ وَالْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ أَخْذُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِم افقه لِأَنَّهُ لَو ذهب مِنْهُ عُضْوٌ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يَدْخُلِ الْوَلَدَ نَقْصٌ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَيْرُ أَخْذِهِمْ أَوْ حِصَّتِهِمْ مِنَ الثَّمَنِ وَعَنْ
أَشْهَبَ أَيْضًا إِذَا مَاتَتِ الْأُمُّ دُونَ الْوَلَدِ أَوِ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ أَخَذَ الْبَاقِيَ وَحِصَّةَ الْمَيِّتِ مِنَ الثَّمَنِ وَمَنْ مَاتَ مِنَ الْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْغَاصِبِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَهُوَ جُزْء من قَول الأول عَن أَشْهَبَ إِنْ مَاتَتِ الْأُمُّ أَخَذَ الْأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الَّذِي مَاتَ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ يَوْمَ ولد وَفِي الموازنة إِذَا وَلَدَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ فَمَاتَ الْوَلَدُ أَوِ الْأُمُّ عِنْدَكَ سَوَاءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ أَخْذُ الْمَوْجُودِ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مِنْهُ فَلَهُ الْقِيمَةُ إِنْ كَانَ حَيًّا مَعَ أَخْذِ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْغَاصِبِ فَهُوَ مِمَّا يَأْخُذُهُ مَعَهَا فَإِنْ مَاتَتِ الْأُم وَأخذت الْوَلَدَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأُمِّ أَوْ مَاتَتْ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْوَلَدِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْأُمُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنَ الْغَاصِبِ الْأَكْثَرَ مَنْ ثَمَنِهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ قَبْلَهَا وَبَقِيَ الْوَلَدُ فَلَهُ أَخْذُ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ مِنَ الزَّوْجِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَعَ الْوَلَدِ أَوِ الثَّمَنُ مِنَ الْغَاصِبِ أَوِ الْقِيمَةُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا عرفت كَذَا عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا إِلَى أَجَلٍ فَأَوْلَادُهُمْ رَقِيقٌ تَبَعٌ لَهُمْ فَرْعٌ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا غَرَّتْ أَمَةُ الِابْنِ الْأَب للْأَب كَذَا فَولدت مِنْهُ فودى قِيمَتَهَا يَوْمَ اسْتُحِقَّتْ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَيُسَلِّمُ الْأَمَةَ إِلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ قِيمَتِهَا فَرْعٌ قَالَ إِذَا عَلِمْتَ بِالْغَصْبِ فَلَهُ الْوَلَدُ وَعَلَيْكَ الْحَدُّ وَلَا تُعَذَّرُ بِقَوْلِك ظننتها
حَلَالًا لِي بِالشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَتْ لَكَ أَنَا حُرَّةٌ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا أَمَةٌ فَوَلَدُكَ رَقِيقٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ مِنْكَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَا يُرَقُّ الْوَلَدُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْغَيْرِ وَقَدْ ثَبَتَ حَقُّ حُرِّيَّتِهِمْ قَالَ أَشهب إِذا أشهرت ببيتك أَنَّهُ غَصَبَكَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَكَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْكَ وَلَا شَاهِدَ لَكَ وَيُقْضَى لَكَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهُ لَا قَالَ كَذَا لِأَنَّكَ لَمْ تَقُلْ وَطِئَ وَلَا قَالَتِ الْبَيِّنَةُ زَنَى وَهُوَ يَقُولُ وُطِئَتْ وَطْئًا مُبَاحًا وَهَذِهِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَيُعَزَّرُ لِلْغَصْبِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَقَمْتَ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ حُدَّ إِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَعَلَى الْأَبِ الْقِيمَةُ إِنِ اعْتَقَدَ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا تَلِدُ مِنْهُ حُرًّا ثُمَّ يَسْتَحِقُّ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ فَإِنْ زَوَّجَهَا الْغَاصِبُ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا غرم فِي الصَّادِق لغروره وَكَأَنَّهُ بَاعَ الْبِضْعَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ غَرَّكَ أَجْنَبِيٌّ وَعَقَدَ لَهَا رَجَعْتَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَلَمْ يَغُرَّكَ لِعِلْمِكَ بِحَالِهِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَمَةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّكَ وَلَوْ عَلِمَتْ هِيَ أَيْضًا فَلَا تَرْجِعُ إِلَّا عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ بِالْغُرُورِ وَإِنْ غَرَّكَ الول وَعَقَدَ غَيْرَهَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلِيِّ لِعَدَمِ الْمُبَاشِرِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا قَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ عَلَيْهِ لِأَن الْوَلِيّ هَا هُنَا السَّيِّدُ وَوَكِيلُهُ عَقَدَ بِأَمْرِهِ فَهُوَ كَعَقْدِهِ وَلَوْ زَوجك الْوَلِيّ بِمَا عِلْمِهِ بِمَا غَرَّتْكَ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ كَمَنْ زَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا وَهُوَ وَهِيَ عَالِمَانِ بِذَلِكَ فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ دُونَهَا إِذَا هُوَ عَالِمًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا الْإِقْرَارُ مَا تَسْتَحِلُّ بِهِ
فَرْعٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا بَنَاهَا أَعْطَاكَ مَا عَمَرْتَ مِمَّا يُشْبِهُ عَمَلَ النَّاسِ أَمَّا شَأْنُ الْإِنْفَاقِ فَمَا أَدْرِي مَا هَذَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنَّمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ لَا مَا أَنْفَقَ عَظُمَ الْبِنَاءُ أَوْ قَلَّ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا ابْتَعْتَ جَمَلًا فَسَمَّنْتَهُ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ فِي دَفْعِ نَفَقَتِكَ عَلَيْهِ أَوْ أَخْذِ قِيمَةِ جَمَلِهِ يَوْمَ قَبَضْتَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَبَّيْتَ الصَّغِيرَ وَعَلَّمْتَهُ الصَّنْعَةَ وَأَنْفَقْتَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسْتَحَقُّ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا يُتْبِعُ بِشَيْءٍ وَفِي هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ وَإِنْ حَرَثْتَ الْأَرْضَ فَلَهُ إِعْطَاؤُكَ قِيمَةَ عَمَلِكِ وَإِلَّا أَعْطَيْتَهُ كِرَاءَ أَرْضِهِ وَإِلَّا أَسْلَمْتَهُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا زَبَّلْتَهَا بِنَفَقَةٍ وَزَادَ ذَلِكَ فِي ثَمَنِهَا فَلَا شَيْءَ لَكَ لِأَنَّ الزِّبْلَ مُسْتَهْلَكٌ وَكَذَلِكَ تَسْمِينُ الدَّابَّةِ وَتَرْبِيَةُ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيمُهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَيْتَ حُبُسًا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ فَبَنَيْتَ وَغَرَسْتَ فَيُقْلَعُ ذَلِكَ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فَقِيلَ لِسَحْنُونٍ أَلَيْسَ قَدْ بَنَى بِشُبْهَةٍ قَالَ فَمَنْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قِيلَ لَهُ فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يَكُونُ هَذَا بيعا للحبس فَلَا يُنْكِرْ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْمَعُ قِيلَ يُعْطِيهِ مُسْتَحِقُّ الْحَبْس قيمَة بنائِهِ فَلم ير ذَلِك قَالَ مَالِكٌ يَقُولُ مَنْ بَنَى فِي الْحُبُسِ لَهُ فِيهِ شَيْء إِذا خرج وَلَو قُلْنَا يوطئ هَذَا قِيمَتَهُ وَجَاءَتِ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَيُعْطَوْنَ أَيْضًا الْقِيمَةَ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الصِّغَرِ أَوِ الْكِبَرِ يُقِرَّانِ بِالرِّقِّ
وَيُبَاعَانِ وَتُوطَأُ الْمَرْأَةُ فَتَلِدُ وَقَدْ مَاتَ بَائِعُهَا أَو أفلس يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ دَيْنًا عَلَى الْكَبِيرَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّغِيرَيْنِ لِعَدَمِ الْبَائِعِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اقْتَسَمَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَمَاتَ عَبْدُ أَحَدِهِمْ وَاسْتُحِقَّ عَبْدُ الْآخَرِ فَالْمَيِّتُ عِنْدَهُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي بَقِيَ عِنْدَهُ وَيَكُونُ لَهُ مِنْهُ ثُلُثُهُ فَإِنْ رَجَعَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِثَمَنٍ كَانَ ثُلُثَا الثَّمَنِ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ وَثُلُثُهُ لِلْبَاقِي عِنْدَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اسْتُحِقَّ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مِنْ يَدِكَ فَقُلْتَ هُوَ تَوَالَدَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَنُسِجَ الثَّوْبُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ لِاعْتِرَافِكَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِم فَهِيَ مصيبته نَزَلَتْ بِكَ اعْتَرَفْتَ بِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَكَ الرُّجُوع لن الظُّلْمَ لَيْسَ عَلَيْكَ بَلْ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ زَعَمَتْ أَنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ فَرْعٌ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَشْرَكْتَهُ فِيمَا اشْتَرَيْتَهُ وَنَقَدْتُمَا ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْكَ وَيَرْجِعُ عَلَيْكَ دُونَ الْبَائِعِ لِأَنَّكَ بَائِعُهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَيْكَ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ عِنْدَ مُبَايَعَةِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ أَنْ تَتَفَاوَتَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بَطَلَ شِرَاءُ الْبَيْعُ تَكُونُ الشَّرِكَةُ بَيْعًا مُؤْتَنِفًا لَا تُلْحَقُ شُرُوطُهُ بِالْأَوَّلِ وَعَنْ مَالِكٍ عُهْدَتُكُمَا جَمِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّكَ مُؤْتَنِفُهُ بِنَفْسِكَ وَعُهْدَتُكَ عَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ كَذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْجُلَّابِ إِذَا غَرَّتِ الْأَمَةُ وَادَّعَتِ الْحُرِّيَّةَ فَتَزَوَّجْتَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَّدْتَهَا
عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَلِسَيِّدِهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِنْكَ لِتُلْحِقَهُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِشُبْهَةِ اعْتِقَادِكَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ شُبْهَةٌ كَمَا لَوْ وَطِئْتَ أَجْنَبِيَّةً تَظُنُّهَا مُبَاحَةً فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْكَ لكنه فَوْتٌ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ فَتَلْزَمُكَ الْقِيمَةُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَهُ قِيمَةُ الْأَمَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي وَلَدِهَا لِأَنَّ الْغُرُورَ لَمَّا أَثَّرَ فِي زَوَالِ مِلْكِ الْوَلَدِ أَثَّرَ فِي زَوَالِ مِلْكِ الْأَمَةِ وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ قَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الزَّوْج فِي أَنه تزَوجهَا وَهِي حُرْمَة وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَعَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَهَا أَمَةً إِنِ ادَّعَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَلِمْتَ بِرِقِّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَكَ الْفِرَاقُ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَبَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا الْمُسَمَّى إِلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَلَكَ الْبَقَاءُ عَلَى نِكَاحِهَا فَرْعٌ فِي الْجُلَّابِ إِذَا غَرَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَتَزَوَّجَتْ حُرًّا فَأَوْلَدَهَا قُوِّمَ الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِ أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ عِتْقِهِ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ إِنْ بَقِيَ السَّيِّدُ وَالْوَلَدُ قَدْ قُتِلَ فَلِلْأَبِ دِيَةُ حُرٍّ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِمَّا أَخَذَ أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِمَّا أَخَذَ أَوِ الْقِيمَةُ عَبْدًا لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا قُتِلَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَتُهُ عَبْدًا وَإِنْ غَرَّتْ مُدَبَّرَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي وَلَدِهَا الْقِيمَةُ عَلَى رَجَاءِ أَنْ يُعْتَقَ أَوْ يُرَقَّ إِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ أَوْ يَمُوتُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَالْخَوْفُ فِي رِقِّهِ أَشَدُّ مِنْ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ رِقِّهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ إِنَّمَا تَحَصَّلَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ غَرَّتْ مُكَاتَبَةٌ فَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهَا فِي الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ أَمَةَ عِتْقٍ بِعِتْقِهَا لِأَنَّهُ فِي كِتَابَتِهَا إِلَّا أَنْ تَعْجِزَ الْأُمُّ فَتَرْجِعُ رَقِيقًا فَيُلْزَمُ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَكِنْ تُؤْخَذُ مِنَ الْأَبِ قِيمَتُهُ عَبْدًا فَتُوضَعُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ السَّيِّدُ الْقِيمَةَ وَإِلَّا رَجَعَتْ لِلْأَبِ قَالَ مُحَمَّدٌ تَعْجِيلُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ أَحَبُّ إِلَيّ فيحسبها فِي الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمُ الْأَبَ إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَأَمَّا الْمُعْتَقَةُ
إِلَى أَجَلٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَعَلَى قِيمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ غَرَّتْ الْأَمَةُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدُهَا رِقٌّ لِسَيِّدِهَا إِذْ لَا بُدَّ مِنْ رِقِّهِ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْمَهْرِ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ غَرَّهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَغُرَّهُ مِنْهَا ثُمَّ يَكُونُ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي أَوْ يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ لَا يفتيه حَوَالَةُ سُوقٍ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَاتَبَهُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضْتَهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ بَعْدَ الْعِتْقِ بِالدَّفْعِ الْعِتْقُ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ تَقْرِيبًا لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ وَتَسُوقُ أَعْتَقْتَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُكَاتَبٍ نَفَذَ وَكَأَنَّكَ انْتَزَعْتَ مِنْهُ ذَلِكَ وَأَعْتَقْتَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا اسْتُحِقَّ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ بِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُكَاتَبِ رَجَعَ مُكَاتَبًا لِبُطْلَانِ الْعِوَضِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَرْجِعُ عِتْقُهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ قُدِّمَتْ وَيُتْبِعُ بِذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَاطَعَ سَيّده على وَدِيعَة أودعت عِنْده فعرقت رُدَّ عِتْقُهُ وَرَجَعَ مُكَاتَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَرَّكَ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رَجَعَ مُكَاتَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ لَوْ بِعْتَهُ نَفْسَهُ بِجَارِيَةٍ وَلَيْسَتْ لَهُ ثُمَّ وَجَدْتَ بِهَا عَيْبًا رَدَدْنَاهَا وَأَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ لِشَرَفِ الْعِتْقِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّ عِوَضُ هِبَةِ الثَّوْبِ وَهِيَ قَائِمَةٌ رَجَعْتَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يُعَوَّضَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُهَا وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةُ الْعِوَضِ إِنْ زَادَتْ عَلَى الْهِبَةِ لِأَنَّ الَّذِي زَادَهُ أَوَّلًا فِي عِوَضِهِ عَلَى قِيمَةِ هِبَتِهِ إِنَّمَا كَانَ تطولا وَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الْهِبَةُ رَجَعَ فِي الْعِوَضِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَقِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَثَابَكَ بَعْدَ أَنْ لَزِمَتْهُ هِبَتُكَ فَقَدْ بَاعَكَ ذَلِكَ بَيْعًا بِالْقِيمَةِ فَإِنَّمَا لَكَ قِيمَتُهَا عِنْدَ
الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ قَبْلَ اللُّزُومِ فَذَلِكَ بَيْعٌ لِلْعِوَضِ فسلعتك كَذَا فَالْوَاجِبُ قِيمَةُ الْعِوَضِ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِسِلْعَةٍ وَلَوْ أَثَابَكَ دَنَانِيرَ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ رَجَعْتَ قَبْلَ لُزُومِ الْهِبَةِ فَاسْتُحِقَّتِ الدَّنَانِيرُ رَجَعْتَ بِمِثْلِ الدَّنَانِيرِ أَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ رَجَعْتَ بِقِيمَةِ سِلْعَتِكَ وَمَا زَادَكَ أَوَّلًا صِلَةٌ لَا تَرْجِعُ بِهِ إِلَّا أَنْ يُثِيبَكَ دَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فَتَرْجِعُ بِمِثْلِ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ كَدَفْعِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الْعَرَضِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَسْتَحِقُّ ترجع الْمَرْأَة لما اسْتحق من باها كَذَا أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَصَدَاقُ الْمِثْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ بِعْتَ جَارِيَةً لِعَبْدٍ فَأُعْتِقْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ قَبْلَ حَوَالَةِ سُوقِهَا فَلِمُبْتَاعِهَا نِصْفُهَا الْبَاقِي لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَبْدِهِ أَوْ رَدُّ بَاقِيهَا لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَأخذ قِيمَته جَمِيعِ عَبْدِهِ لِفَوْتِهِ بِالْعِتْقِ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَحَقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ وَأُعْتِقَتِ الْجَارِيَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ كَانَ قَائِمًا لَمْ يُعْتَقْ فَأَرَادَ التَّمَسُّكَ بِنِصْفِ الْجَارِيَةِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقَالَ فِي قِيَامِ الْعَبْدِ لَهُ حَبْسُ نِصْفِ الْجَارِيَةِ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّ نِصْفِ الْجَارِيَةِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الْعَبْدِ فَصَارَ إِذَا حَبَسَ أَخَذَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَدْ أَمْكَنَهُ الرَّدَّ فَهَذَا رُجُوعٌ مِنْهُ إِلَى مَا زَاد ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا يَكُونُ لَهُ التَّخَيُّرُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ نِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا فَبِعْتَ نِصْفَهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ رَجَعَ جَمِيعُ الْعَبْدِ فَقَدْ جَرَى الِاسْتِحْقَاقُ إِلَى مَا بِيعَ وَفِيمَا بَقِيَ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا اسْتُحِقَّ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَالْمُسْتَحَقُّ فِي مَسْأَلَتِكَ يَأْخُذُ الرُّبُعَ مِنْ جَمِيعِهِ مِمَّا بَاعَ الْمُبْتَاعُ وَمِمَّا بَقِيَ ثُمَّ لِلْمُبْتَاعِ الثَّانِي الرُّجُوعُ مِنَ الثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ مِنْ خَاصَّتِهِ أَوْ يَرُدُّ بَقِيَّتَهُ أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي
الْأَوَّلُ مُخَيَّرًا كَمَا وَصَفْنَا قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا غَلَطٌ وَإِنَّمَا يَقَعُ الِاسْتِحْقَاقُ فِيمَا بَقِيَ بِيَدِهِ دُونَ مَا بَاعَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِقَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ وَلَيْسَ لَكَ رَدُّ الْبَاقِي لِأَنَّهُ قَدْ بَاعَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا جَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدَّ وَهُوَ عَلَى ضَرَرِ الشَّرِكَةِ دَخْلٌ لِتُزِيدَ الضَّرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِمُشَارَكَتِكَ لِنَصَفَتِكَ فَإِذَا دَخَلَ ثَالِثٌ لَا يرضى بشركته كالشفيع إِذا سلم الشَّفَقَة بِنَاءً عَلَى أَنَّكَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ غَيْرُكَ المُشْتَرِي فَلهُ كَذَا لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى بِحَجّ أَو غَيره ثمَّ أَنه اسْتحق رقبته بعد تَنْفِيذ وَصيته هُوَ مَعْرُوفُ الْحُرِّيَّةِ لَمْ يَضْمَنِ الْوَصِيُّ وَلَا مُتَوَلِّي الْحَجِّ شَيْئًا وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا كَانَ قَائِمًا مِنَ التَّرِكَةِ لَمْ يُبَعْ وَلَا يَأْخُذُ الْمَبِيعَ الْقَائِمَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ إِلَّا بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَنْ شَهِدَ بِمَوْتِهِ فَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَتَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ وَكَانَ الشُّهُودُ عُدُولًا وَأَبْدَوْا مَا يَعْذُرُونَ بِهِ كَرُؤْيَتِهِ مَطْرُوحًا بَيْنَ الْقَتْلَى أَوْ بِهِ طعن لَا يحيي مَعَهُ غَالِبًا أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَتُرَدُّ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَمَا لَمْ يُبَعْ وَمَا بيع بِالثّمن وَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ يُكَاتِبُ أَوْ تَرْجِعُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يَكْبُرُ الصَّغِيرُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَّا بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ فَإِنْ لَمْ تَعْذُرْ الْبَيِّنَةُ فَهِيَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ يَأْخُذُ مَتَاعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَهُ تَنْفِيذُ الْبَيْعِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَلَا يَمْنَعُهُ عِتْقٌ وَلَا كِبَرُ صَغِيرٍ وَيَأْخُذُ أُمَّ الْوَلَدِ وَقِيمَتَهَا وَوَلَدَهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَالْمَغْصُوبِ فِي التَّنْبِيهَاتِ تَأْوِيلُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ تَفْرِقَتُهُ فِي الشُّهُودِ بَيْنَ قَصْدِ الزُّورِ وَالِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَشْهَدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَمَّا مَتَى شَهِدُوا عِنْدَهُ فَسَوَاءٌ لَا يُرَدُّ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلَّا بِالثَّمَنِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ رَدِّ امْرَأَته إِلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ لَمْ تُرَدَّ
كَالْمَقْصُودِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاشْتِبَاهِ وَعَدَمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ بُطْلَانِ مَا شَهِدُوا بِهِ وَالرَّجُلُ غَيْرُ آذِنٍ فِي مَتَاعِهِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا كَالْخَطَأِ عَلَى مَالِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ تَأْثِيرَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَعَمُّدِهِمُ الزُّور أم كَذَا فَإِن قيل إِذا سلطناهم وَقَول تَعَمَّدُوا الزُّورَ فَهُمْ كَالْغَاصِبِ إِذَا بَاعَ قِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ الْغَلَطُ عُذْرًا إِذَا سَلَّطَ الْمَالِكُ وَهَا هُنَا لَمْ يُسَلِّطْهُمْ فَإِنْ قِيلَ تَسْلِيطُ الْأَحْكَامِ كَتَسْلِيطِ الْمَالِكِ قِيلَ يَلْزَمُ فِي الَّذِينَ تَعَمَّدُوا الزُّورَ وَهُوَ لَمْ يُغْرِمْهُمْ بَلِ الْمُشْتَرِي مَا انْتَفَعَ بِهِ وَقَدْ قَالُوا الْمُسْتَحِقُّ مِنَ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ لَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى فَحُكْمٌ طَرَأَ وَالْبَائِعُ يَظُنُّ الْجَوَازَ وَلِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَوْ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُمْ فَبعد ملك رَبِّهِ مِنْهُ وَلَوْلَا الْحَدِيثُ وَرَدَ فِي الْمَغْنَمِ لَامْتَنَعَ أَخْذُهُ لِأَنَّ وَلَمْ يُفَوِّتْ مَالِكٌ الزَّوْجَةَ هَا هُنَا بِالدُّخُولِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لِأَنَّ الْمَفْقُودَ تُزُوِّجَتِ امْرَأَتُهُ مَعَ إِمْكَانِ حَيَاتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَقِيَ الرَّجُلُ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا رَجَعَ عَلَيْهَا الْفَضْلُ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا بِحُجَّةِ أَنَّهُ رَغِبَ فِي حُرِّيَّةِ وَلَدِهَا
صفحه فارغة
(كتاب اللّقطَة)
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ اللَّامِ وَهُوَ مَا الْتُقِطَ وَأَصْلُ الِالْتِقَاطِ وُجُودُ الشَّيْءِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَطَلَبٍ وَفِي الْقَبَسِ رُوِيَتِ اللُّقَطَةُ مَفْتُوحَةَ الْقَافِ وَسَاكِنَتَهَا قَالَ وَسُكُون أَوْلَى لِأَنَّهُ بِنَاءُ الْمَفْعُولِ فِي بَابِ فُعْلَةٍ وَفُعْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ اسْمُ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ فِي قَوْلِ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَاسْمُ الْمُلْتَقَطِ عِنْدَ الْخَلِيلِ لِأَنَّهُ وَزْنُ اسْمِ الْفَاعِلِ نَحْوَ الْهُمَزَةِ وَاللُّمَزَةِ وَالضُّحَكَةِ وَبِإِسْكَانِ الْقَافِ وَضَمِّ اللَّامِ وَأَصْلُهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ للذئب قَالَ فضَالة الْإِبِل قَالَ مَالك وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقَهَا وَرُوِيَ وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ فَجِئْتُ بِهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ عَرِّفْهَا حَوْلًا ثُمَّ جِئْتُهُ فَقَالَ عَرِّفْهَا حَوْلًا آخَرَ فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ
أَحْوَالٍ فِي الْبُخَارِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي خُطْبَتِهِ حِينَ عَظَّمَ حُرْمَةَ مَكَّةَ فَقَالَ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَوَائِدُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْعِفَاصُ الْوِكَاءُ الَّذِي فِيهِ الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ وَالْوِكَاءُ مَمْدُودٌ الْخَيْطُ أَوِ الشَّيْءُ الَّذِي يشد وَقَالَ بَعضهم وَالْقصر وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ غَيْرُهُ أَصْلُ الْعِفَاصِ الْجِلْدُ الَّذِي يَشَدُّ بِهِ رَأَسُ الْقَارُورَةِ فِي النُّكَتِ قِيلَ الْعَكْسُ الْعِفَاصُ الْخَيْطُ وَالْوِكَاءُ الْخِرْقَةُ قَالَ وَالْأول أصوب وَفِي التَّنْبِيهَات حذاوها أَخْفَافُهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الصَّلَابَةِ فَأَشْبَهَتِ الْحِذَاءَ الَّذِي هُوَ النَّعْلُ وَسِقَاؤُهَا كَرِشُهَا لِكَثْرَةِ مَا تَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ تَكْتَفِي بِهِ الْأَيَّامَ فَأَشْبَهَ السِّقَاءَ الَّذِي هُوَ الْقِرْبَةُ وَكِلَاهُمَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُنْشِدُ اسْمٌ لِمُعَرِّفِ اللُّقَطَةِ أَوِ الضَّالَّةِ وَالنَّاشِدُ اسْمٌ لِلْمُنَادِي الَّذِي يَطْلُبُهَا وَالضَّالَّةُ اسْمٌ لِلْمُلْتَقَطِ مِنَ الْحَيَوَانِ خَاصَّةً وَالْجمع ضوال يُقَال لَهَا الهوامي وَالْهَوَافِي وَالْهَوَامِلُ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ سُؤَالُ السَّائِلِ عَنِ اللُّقَطَةِ إِنَّمَا قَصَدَ بِهِ مَا يفعل بهَا وَعنهُ اجابه صلى الله عليه وسلم َ - وَقَالَ بعض الْأَئِمَّة يحْتَمل أَن يكون عَاما يَأْخُذُهُ أَمْ لَا وَجَوَابُهُ صلى الله عليه وسلم َ - يعين الأول دون الثَّانِي وَالْكَلَامُ فِي الِالْتِقَاطِ وَذَاتِ اللُّقَطَةِ وَأَحْكَامُهَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الِالْتِقَاطِ)
فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ أَخْذُ مَالٍ ضَائِعٍ لِيُعَرِّفَهُ سَنَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ إِنْ لَمْ
يَظْهَرْ مَالِكُهُ بِشَرْطِ الضَّمَانِ إِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ قَالَ اللَّخْمِيّ وَهُوَ وَاجِب ومستجبومحرم وَمَكْرُوهٌ بِحَسَبِ حَالِ الْمُلْتَقَطِ وَالْوَقْتِ وَأَهْلِهِ وَمِقْدَارِ اللُّقَطَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَاجِدُ مَأْمُونًا وَلَا يَخْشَى السُّلْطَانَ إِذَا نَشَدَهَا وَهِيَ بَيْنَ قَوْمٍ أُمَنَاءٍ لَا يخْشَى عَلَيْهِم مِنْهُمْ وَلَهَا قَدْرٌ فَأَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا مُسْتَحَبٌّ وَهَذَا صِفَةُ حَالِ السَّائِلِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ خُذْهَا وَلِأَنَّهَا أحوط لصَاحِبهَا خوفًا أَنْ يَأْخُذَهَا مَنْ لَيْسَ بِمَأْمُونٍ وَلَا يَنْتَهِي إِلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهَا بَيْنَ قَوْمٍ أُمَنَاءٍ وَبَيْنَ غَيْرِ الْأُمَنَاءِ أَخَذُهُ لَهَا وَاجِبٌ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَالِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ وَصَوْنُ النَّفْسِ وَاجِبٌ فَكَذَلِكَ الْأَمْوَال ولنهيه صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ غَيْرَ مَأْمُونٍ إِذَا نُشِدَتْ أَخَذَهَا أَوِ الْوَاجِدُ غَيْرُ أَمِينٍ حَرُمَ أَخْذُهَا لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ لِضَيَاعِ مَالِ الْمُسلم وَإِن حَقِيرَةً كُرِهَ أَخْذُهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيرِ وَعَدَمِ الِاحْتِفَالِ بِهِ هَذَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فَعَنْ مَالِكٍ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَنْبَغِي تَرْكُ اللُّقَطَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنَ حِينَ رَدَّ الْكِسَاءَ وَقَوْلِهِ فِي الْآبِقِ إِنْ كَانَ لِمَنْ لَا يَقْرُبُهُ فَلَا يَقْرُبُهُ وَمَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَقَالَ لَا أُحِبُّ أَخْذَ اللُّقَطَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَدْرٌ وَإِذَا كَانَ الدَّلْوُ وَالْحَبْلُ فِي الطَّرِيقِ وُضِعَ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ يُعْرَفُ فِيهِ أَوْ فِي مَدِينَةٍ انْتَفَعَ بِهِ وَعَرَّفَهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ الْأَخْذ أَو خافها كره وروى أَشهب الْوُجُوه فِيهَا لَهُ بَالٌ وَالْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِ ذِي الْبَالِ كَالدِّرْهَمِ وَعَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهِيَّةُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي لُقَطَةِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَفْضَلُ تَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَمُرُّ بِاللُّقَطَةِ فَلَا يَأْخُذُهَا الْأَفْضَلُ أَخذهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَة
لحفظ المَال الْغَيْر قَالَه مَالك فِي أحد قوليه وَمَاله بَالٌ أَخْذُهُ أَفْضَلُ وَتَرْكُ الْحَقِيرِ أَوْلَى قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ أَمَّا بَيْنَ خَوَنَةٍ وَلَا يُخْشَى مِنَ الْإِمَامِ إِذَا عُرِّفَتْ فَالْأَخْذُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا وَبَيْنَ خَوَنَةٍ وَيُخْشَى مِنَ الْإِمَامِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا بِحَسْبَ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَيُّ الْخَوْفَيْنِ أَشَدُّ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ لُقَطَةُ الْحَاجِّ فَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ كُلُّهُ قَاعِدَةٌ خَمْسٌ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ عَلَى حِفْظِهَا وَوَافَقَهَا فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الْمِلَلِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى النَّفْسُ وَالْعَقْلُ فَتَحْرُمُ الْمُسْكِرَاتُ بِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الشَّرَائِعُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُفْسِدُ الْعَقْلَ فَحَرَّمْنَاهُ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ وأباحة غَيرنَا لعدم الْمفْسدَة والأغراض فَيَحْرُمُ الْقَذْفُ وَالسِّبَابُ وَالْأَنْسَابُ فَيَحْرُمُ الزِّنَا وَالْأَمْوَالُ فَتَحْرُمُ إِضَاعَتُهَا وَالسَّعْيُ فِي ذَلِكَ بِفِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ قَاعِدَةٌ وَكُلُّ فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِزَاحَةِ الْأَذَى عَن الطَّرِيق فَهِيَ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ كَالْأَعْيَانِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الدِّيوَانِ فَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ الْأَخْذُ وَوُجُوبُهُ عِنْدَ تَعْيِينِ هَلَاكِ الْمَالِ وَعِنْدَ عَدَمِ تَعْيِينِ الْهَلَاكِ بَيْنَ الْأُمَنَاءِ يَكُونُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا خَافُوا غَيْرَهُمْ عَلَى اللُّقَطَةِ وَمَنْدُوبًا فِي حَقِّ هَذَا الْمُعَيَّنِ وَخُصُوصِهِ كَمَا قُلْنَا فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ وَغَيْرِهَا وَأَصْلُهَا فَرْضٌ وَفِعْلُ هَذَا الْمُصَلِّي الْمَخْصُوصُ يُنْدَبُ ابْتِدَاءً لِلشَّرْعِ فَإِذَا شَرَعَ اتَّصَفَ بِالْوُجُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَدِيعَةِ وَفِي اللُّقَطَةِ عَنْ ش النَّدْبُ وَالْوُجُوبُ قِيَاسًا لِلْأَوَّلِ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْإِنْقَاذِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقَالَ ح أَخْذُهَا مَنْدُوبٌ إِلَّا عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ فَتَجِبُ وَعَنِ ابْنِ حَنْبَلٍ الْكَرَاهِيَّةُ لِمَا فِي الِالْتِقَاطِ مِنْ تَعْرِيضِ نَفْسِهِ لِأَكْلِ الْحَرَامِ وَتَضْيِيعِ الْوَاجِب
مِنَ التَّعْرِيفِ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى كَتَوَلِّي مَالِ الْيَتِيمِ وَتَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى التَّسَبُّبَ لِلْ فِي التَّكْلِيفِ وَتَوَجَّهُ الْوُجُوبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّه كَانَ ظلوما جهولا} أَي ظلوما لنَفسِهِ بتوريطها وتعريضها وتعريفها للعقاب وجهولا بالعواقب وَالْحرَام فِيهَا وَالْأَمَانَة هَا هُنَا قَالَ الْعُلَمَاءُ هِيَ التَّكَالِيفُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَصَّلَ وَقَسَمَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ إِلَّا أَصْحَابَنَا بَلْ كُلَّهُمْ أَطْلَقُوا
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ذَات اللّقطَة)
وَفِي الْجَوَاهِر هِيَ مَال مغصوم من كل حمَار أَو حَيَوَان صَغِير فَالْأول اختزاز مِنَ الْحَرْبِيِّ وَالثَّانِي مِمَّا مَعَهُ مَالِكُهُ وَالْحَيَوَانُ الصَّغِير احْتِرَازًا مِنَ الْآبِقِ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ لِلْإِمَامِ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ اللُّقَطَةِ وَلَا يُسَمَّى لُقَطَةً وَفِي هَذَا الْفَصْلِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ مَا وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْجَاهِلِيَّةِ فَفِيهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ وَكَذَلِكَ تَصَاوِيرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُوجَدُ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَأَمَّا تُرَابُ سَاحِلِ الْبَحْرِ يُغْسَلُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَالزَّكَاةُ كَالْمَعْدِنِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي الْكِتَابِ فِي مَرَاكِبِ الرُّومِ تَكَسَّرَتْ وَأُخِذَ مَا فِيهَا لَيْسَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَيَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَخَذُوا فِيمَا وُجِدَ فَهُوَ لِلْإِمَامِ
يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاجِدِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدِ الْإِمَامُ فِي الْمَرَاكِبِ فَأَمْرُ الْعُرُوضِ لِلْإِمَامِ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِمَنْ وَجَدَهُ وَعَلَيْهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ وَفِي غَيْرِ الْمَوَّازِيَّةِ مَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ لمُسلم عرف كاللقطة أَو الْمُشرك فَأَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ وَإِنْ شُكَّ لِمَنْ هُوَ عُرِّفَ ثُمَّ تُصُدِّقَ بِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَفِي الْكِتَابِ مَا عَطِبَ فَلِرَبِّهِ دُونَ وَاجِدِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَعْدِنٍ صَحَّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَنْ يُقَالَ هُوَ فَائِدَةٌ بِخِلَافِ مَا أَخَذَ مِنْ مَعْدِنٍ تَكَلَّفَهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي زَيْتُونِ الْجَبَلَ يَرْفَعُ مِنْهُ خَمْسَة أَو سُقْ وَهُوَ فَائِدَةٌ لَا زَكَاةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَّرَهُ بِالْحَرْثِ وَمَلَكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكَّى نَشَأَ عَنِ الْمِلْكِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَتْ رَاحِلَتُكَ فِي الْفَلَاةِ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ وَحَمَلَهَا لِمَنْزِلِهِ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِكَ وَإِذَا طَرَحَ قَوْمٌ أَمْتِعَتَهُمْ خَوْفَ الْغَرَقِ فَيَأْخُذُهَا قَوْمٌ مِنَ الْبَحْرِ قَالَ مَالِكٌ هِيَ لِأَصْحَابِهَا وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَهِيَ لَهُ أَوْ قَذَفَهَا الْبَحْرُ فَلِصَاحِبِهَا لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ وَعَنْهُ هِيَ لِوَاجِدِهَا وَإِنْ قَذَفَهَا الْبَحْرُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحبهَا كنت على الرُّجُوعِ إِلَيْهَا فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُلَاحَظُ أَنَّ الْبَحْرَ كَالْمُكْرِهِ لِعِلَّتِهِ فَلَا يُسْقِطُ الْمِلْكَ كَالْغَصْبِ أَوِ الْغَارِقُ فِي الْبَحْرِ يُعْرِضُ صَاحِبُهُ عَنْهُ إِيَاسًا مِنْهُ فَهُوَ كَالْبُرَّةِ السَّاقِطَةِ لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا وَهِيَ مُبَاحَةٌ إِجْمَاعًا وَالْفرق بَينهَا وَبَين طرح الْبَحْر وضال الْفَلَاةِ أَنَّ الْبُرَّةَ وَنَحْوَهَا لِمَا ظُفِرَ بِهَا فِي يَدِ الْوَاجِدِ لَمْ تَتَوَفَّرِ الرَّغْبَةُ عَلَى أَخْذِهَا وَهُوَ دَلِيلُ تَحْقِيقِ إِسْقَاطِ الْمِلْكِ وَلَوْ ظُفِرَ بِهَذِهِ الْهَوَالِكِ فِي الْبَحْرِ لَتَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي عَلَى الْمِيلِ إِلَيْهِ وَانْتِزَاعِهِ وَالْقُلُوبُ مَعْمُورَةٌ بِهِ قَبْلَ وِجْدَانِهِ وَهُوَ دَلِيلُ قُوَّةِ شِبْهِ الْغَصْبِ قَالَ وَرَأى إِن أرسل الدَّابَّة على أَن لَا يعود إِلَيْهَا وأحيابها وَأَخَذَهَا وَقَامَ عَلَيْهَا فَهِيَ لَهُ بِخِلَافِ الشَّاةِ فَوَصَلَهَا حَيَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا وَإِنْ تَرَكَهَا لِيَعُودَ لَهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ
إِلَيْهَا إِلَّا وَقَدْ هَلَكَتْ فَهِيَ لِصَاحِبِهَا كَالشَّاةِ قَوْله وَتَركه صَاحبه على أَن لَا يَعُودَ إِلَيْهِ فَهُوَ لِمَنْ نَقَلَهُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ لِمَا عَلِمَ الْعَدُوُّ أَنَّ تَرْكَهُ لِيَعُودَ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ بَدْوًا بِهِ لِيَحْمِلَهُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْغَرَقُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ كَانَ فِي مَرْسَى وَمَضَى صَاحِبُهُ لِيَعُودَ لِإِخْرَاجِهِ فَهُوَ لَهُ وَإِن تَركه على أَن لَا يَعُودَ فَلِآخِذِهِ وَهُوَ أَدْخُلُ فِي هَذَا مِمَّا تَرَكَ فِي الْبَرِّ هَلَاكَهُ إِذَا تَرَكَ فَهُوَ كَالشَّاةِ فِي الْمَضْيَعَةِ وَالْبَحْرُ كَالذِّئْبِ مَعَ مَا يَتَكَلَّفُ مِنْ مَشَقَّةِ الْعَطَشِ عَلَيْهِ وَالْخَوْفُ عَلَى النَّفْسِ وَإِنْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ فَنَقَلْتَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّهُ إِنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْفَسَادَ لَوْ بَقِيَ لَمْ يَكُنْ لَكَ التَّعَرُّضُ لَهُ أَوْ يُخْشَى فَسَادُهُ كَالْمَتَاعِ فَعَلَيْكَ نَشْرُهُ وَإِيدَاعُهُ وَلَوْ مَرَرْتَ فِي سَفِينَةٍ بِمَتَاعٍ لِقَوْمٍ غَرِقُوا وَهُمْ عَلَى المَاء كَانَ عَلَيْك دَفعه كاللقطة إِن كَانَت مارا بِرِبْح لَا يَضُرُّكَ الْإِمْسَاكُ لِأَخْذِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَرَرْتَ بِآدَمِيٍّ حَيٍّ قَاعِدَةٌ إِذَا تَلِفَ الْمِلْكُ فِي عين استصحب بِحَسب الْإِمْكَان وَلذَلِك قُلْنَا المظطر يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ اقْتَضَتْ إِبَاحَةُ الْأَكْلِ دُونَ سُقُوطِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمُهْجَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَأَلْغَيْنَا الْمِلْكَ فِي الْقِيمَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَاطُ مَالِكَ الْمثْلِيّ بِمثلِهِ لغير كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ لِغَيْرِكَ يُسْقَطُ مِلْكُكَ عَنِ التَّعْيِينِ فَتَبْقَى شَرِيكًا بِمَا يُسَمَّى زَيْتًا فِي الْمُخْتَلَطِ وَلَيْسَ لَهُ نَقْلُكَ لِغَيْرِ الْمُخْتَلَطِ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَالَ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ ش وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ اسْتَصْحَبْنَا الْمِلْكَ فِي مَتَاعِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ قَاعِدَةٌ مَذْهَبِيَّةٌ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ مَالًا شَأْنُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ رَجَعَ بِذَلِكَ الْمَالِ وَبِأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ دَفْعُ ذَلِكَ الْمَالِ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ نَقَلَهَا صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِر فِي الْإِجَازَة تَنْزِيلًا لِلِسَانِ الْحَالِ مَنْزِلَةَ لِسَانِ الْمَقَالِ فَإِذَا
كَانَ شَأْنُكَ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِنَفْسِكَ أَوْ بنائبك وتستأجر عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ بِأُجْرَةٍ لِأَنَّ حَالَكَ لَمْ يَقْتَضِ إِذْنًا فِي دَفْعِ أُجْرَةٍ فِي ذَلِكَ وَالْأَئِمَّةُ جَعَلُوا الدَّافِعَ مُتَبَرِّعًا حَتَّى يُوجَدَ إِذْنٌ بِلِسَانِ الْمَقَالِ وَوَافَقُونَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِلِسَانِ الْحَالِ فِي تَعْيِينِ النُّقُودِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ النَّقْدِ إِذَا غَلَبَ فِي الْبَلَدِ عَلَى غَيْرِهِ وَتَعْيِينِ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ فَتُحْمَلُ إِجَارَةُ الْقُدُومِ عَلَى النَّجْرِ دُونَ الْحَفْرِ وَالثَّوْرِ عَلَى الْحَرْثِ دُونَ الرُّكُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي مَوْضِعِ الْوِفَاقِ الْعُرْفُ الْعَامُّ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْعُرْفِ الْخَاصِّ لِعُمُومِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ إِنَّمَا قُضِيَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الظُّهُورِ فِي الدَّلَالَةِ وَالظُّهُورِ فِي الْعُرْفِ الْخَاصِّ بَلْ قَدْ يَقْوَى ظَاهِرُ حَالِ زَيْتٍ فِي مَقْصُودٍ أَكْثَرَ مِنْ قُوَّةِ الْعَامِ وَرُبَّمَا انْتَهَى إِلَى الْقَطْعِ وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِلْعُمُومِ فِي إِثَارَةِ الظَّنِّ بِسَقْطِ اعْتِبَارِ الْفَرْقِ وَسَقْطِ مَا قُلْنَاهُ وَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ التَّعْيِينُ بِبِسَاطِ التَّحَسُّنِ لِأَنَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ بِحَقٍّ نَعْتَبِرُهُ دُونَ ش وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ فَلِأَجْلِهَا قُلْنَا عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ أُجْرَةُ الْحَمْلِ إِلَّا أَن يرجع بدوا بِهِ لِحَمْلِهِ وَقَالَ ش الْعَنْبَرُ حَيْثُ يُوجَدُ الْعَنْبَرُ لِوَاجِدِهِ كَالصَّيْدِ وَإِنْ بَعُدَ عَنِ السَّاحِلِ فَهُوَ لُقَطَةٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ سُقُوطُهُ عَنْ مَالِكٍ وَتَحَاشِي الْغَرَقِ عَلَى السَّاحِلِ لُقَطَةٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا وَجَدَ الصَّيَّادُ دُرَّةً فِي سَمَكَةٍ فَهِيَ لَهُ لِأَنَّ الدُّرَّ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ وَإِنْ بَاعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ رَدَّهَا لِلصَّيَّادِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهَا عَقْدُ الْبَيْعِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهَا دَنَانِيرُ فَهِيَ لُقَطَةٌ وَالْعَنْبَرُ على سَاحل الْبَحْر لَهُ وَالدَّابَّة فالمهلكة لِمُحْيِيهَا دُونَ مَالِكِهَا خِلَافًا لِ ش وَوِفَاقًا لَنَا وَاحْتَجَّ لِتَأْوِيلِهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ قَالَ
مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا فَسَيَّبُوهَا فَأَخَذَهَا فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ وَلِأَن القَوْل بِأَنَّهَا ال تُمْلَكُ عَلَى الْمَالِكِ الْأَوَّلِ تَضْيِيعٌ لَهَا وَإِهْلَاكٌ لِلْحَيَوَانِ لِأَنَّ لِوَاجِدِهِ تَضْعُفُ دَاعِيَتُهُ لِأَخْذِهِ وَقَالَ فِي الْمُنَاخِ لَا
يملك لِأَن نَفسه بِخِلَاف الْجَوَاز وروفي العنبر عَن عمر ابْن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ بَحْرَ عَدَنٍ أَلْقَى عَنْبَرَةً مِثْلَ الْبَعِيرِ فَأَخَذَهَا نَاسٌ فَكُتِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا الْخمس وَيدْفَع إِلَيْهِم بِقِيمَتِهَا وَإِنْ بَاعُوهَا اشْتَرَوْهَا مِنْهُمْ فَأَرَدْنَا أَنْ نَزِنَهَا فَلم نجد ميزانا نخرجها فبطناها اثْنَتَيْنِ فَوَجَدْنَاهَا ستتمائة رَطْلٍ فَأَخَذْنَا خُمُسَهَا وَدَفَعْنَا إِلَيْهِمْ سَائِرَهَا ثُمَّ اشتريناها بِخَمْسَة آلف دِينَارا وَبَعَثْنَاهَا إِلَيْهِ فَلَمْ نَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى بَاعَهَا بِثَلَاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي الْخَشَبَةِ يَطْرَحُهَا الْبَحْرُ قَوْلَانِ تَرْكُهَا أَفْضَلُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَأْخُذُهَا وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا وَإِذَا وَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي السَّفِينَةِ وَفِيهَا جَمَاعَةٌ فَهِيَ لِلَّذِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ كَانَ رَبَّ السَّفِينَةِ أَمْ لَا الْفَرْع الثَّانِي فِي الْكتاب مَالا يَبْقَى مِنَ الطَّعَامِ أُحِبُّ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَلَمْ يُؤَقِّتْ مَالِكٌ لِتَعْرِيفِهِ حَدًا وَإِنْ أَكَلَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يُضَمَّنْهُ كالشاة يجدهَا فِي الفلاة إِلَّا أَن بجدها فِي غَيْرِ الْفَيَافِي وَخَيَّرَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَاجِدَ الطَّعَامِ بَيْنَ أَكْلِهِ وَغُرْمِ بَدَلِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الطَّعَامُ فِي غَيْرِ الْفَيَافِي يَبِيعُهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ أَخَذَ ثَمَنَهُ قَالَ مُطَرِّفٌ مَا لَا يَبْقَى مِنَ الطَّعَامِ إِذَا الْتُقِطَ فِي الْحَضَرِ وَحَيْثُ النَّاسُ الصَّدَقَةُ بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَكْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِبَاحَةِ انْتِفَاعِ غَيْرِ الْإِنْسَانِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَيُضْرَبُ فِي مَنْفَعَةِ مَالِكِهِ وَهُوَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ تُرِكَ لِلْفَسَادِ وَإِنْ أكله ضمنه لِأَنَّهُ صون بِهِ مَالهُ وَضِيعَ ثَمَنُهُ إِلَّا فِي السَّفَرِ وَحَيْثُ لَا نَاسَ وَهُوَ لَا يَبْقَى وَلَا يُحْمَلُ كَالشَّاةِ فِي الْفَلَاةِ وَأَكْلُهُ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ طَرْحِهِ احْتِرَامًا لِرِزْقِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَبْقَى وَيَتَزَوَّدُ ضَمِنَهُ فِي الْأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الطَّعَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
إِذَا كَانَ حَيْثُ النَّاسُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَكَلَهُ غَرِمَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْرَمُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ لَا يَضْمَنُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فال اللَّخْمِيُّ أَرَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْقَلِيلِ فَلَا يُضَمَّنُ فِي الْأَكْلِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُ وَلِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -
إِنِّي أجد الثَّمَرَة عَلَى الطَّرِيقِ لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتُهَا وَالْكَثِيرُ يُضَمَّنُ لِأَنَّ الْغَالِبَ طَلَبُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّلْوِ وَالْحَبْلِ يُنْتَفَعُ بِهِ وَالتَّصَدُّق أحسن لِأَنَّهُ كَذَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَحْفُلُ بِهِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ يُعَرِّفُ الْغَنَمَ فِي أَقْرَبِ الْقُرَى وَلَا يَأْكُلُهَا وَفِي الْفَلَوَاتِ يَأْكُلُهَا وَلَا يَغْرَمُهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -
هِيَ لَك أَو لأخيك أَو الذِّئْب وَالْبَقَرُ بِمَوْضِعِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا كَذَلِكَ وَبِمَوْضِعِ الْأَمْنِ كَالْإِبِلِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ الشَّاةُ فِي الْمَضْيَعَةِ كَالذَّهَبِ فِي الِالْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ يُخَيَّرُ مُلْتَقِطُهَا بَيْنَ أَكْلِهَا فِي الْحَالِ أَوْ يُمْسِكُهَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا لِصَاحِبِهَا أَوْ يَبِيعُهَا وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا لَهُ وَقَالَ ش وح مَتَى أَكَلَهَا ضَمِنَهَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَّا وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهَا ضَمِنْتَ قِيمَتَهَا عَلَى أَخِيكَ فَانْتَفَعْتَ أَنْتَ وَانْتَفَعَ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَفَاتَتِ الْمَنْفَعَتَانِ فَتَكُونُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَيَكُونُ الْأَخْذُ مُنَوَّعًا إِلَى مَا يَحْصُلُ مَصْلَحَتَيْنِ وَإِلَى مَا يَفُوتُهُمَا فَالْحَدِيثُ مُنَفِّرٌ عَنِ التَّرْكِ لَا مُسَوٍّ بَين الْآخِذ وَبَين الذِّئْب
وَثَانِيهمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ التَّسْوِيَةُ وَقَدْ عَطَفَ الْأَخَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لِأَخِيكَ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي التَّعَلُّقِ بِهَذِهِ الشَّاةِ هَذَا بِالِانْتِفَاعِ وَالْأَخُ بِالْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِكُمْ لَا تَسْوِيَةَ بَلْ يخْتَص النَّفْع بالآخذ وثالثهما أَنَّ الذِّئْبَ لَا يمْلكُ وَقَدْ عُطِفَ عَلَى الْآخِذِ وَالْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ التَّسْوِيَةُ وَلَا يَمْلِكُ الْآخِذُ وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ كَانَ الْمِلْكُ لِصَاحِبِهَا عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَرَابِعُهَا لَوْ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَكَانَ مُعَارَضًا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -
فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَاغْرِمْهَا لَهُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِنْ وَجَدَهَا فِي الْحَضَرِ وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَيَضْمَنُهُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذِّئْبِ لَا مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَمَلًا بِالْعَطْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذِّئْبِ وَعَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَا تَقَعُ التَّسْوِيَةُ فَيَلْزَمُ خِلَافَ الْقَاعِدَةِ عَنِ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهَا الْمَعْطُوفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِذَا أَكَلَ فَكَذَلِكَ الْآخِذُ عَمَلًا بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ التَّسْوِيَةِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الْأَخَ وَإِنْ عُطِفَ فَكَذَلِكَ الذِّئْبُ عُطِفَ أَيْضًا وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ أَكَلَ كَذَلِكَ الْآخِذُ عَمَلًا بِالْعَطْفِ الْمُسَوِّي عَنِ الثَّالِثِ لَمْ يَسْقُطْ الْمِلْكُ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ هِيَ لَكَ إِنْ أَخَذْتَهَا أَوْ لِأَخِيكَ إِنْ أَخَذَهَا أَوِ الذِّئْبِ إِنْ تَرَكْتُمَاهَا فَمِلْكُ صَاحِبِهَا بِشَرْطٍ هُوَ مَفْقُودٍ فَيَنْتَفِي مِلْكُهُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ عَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ الصِّحَّةِ عَنِ الْخَامِسِ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا فِي الْحَضَرِ لم تبطل مَا ليتها لِلْقُدْرَةِ عَلَى صَوْنِهَا بِالْبَيْعِ وَلَا يَجِدُهَا الذِّئْبُ بِخِلَاف الفلاة وَهُوَ الْجَواب عَن الْخَامِس ثمَّ إِن الحَدِيث وجد فِيهِ إِتْلَافه كَذَا مَا يُفْسِدُ الْمِلْكَ لِمَنْ يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَهُوَ الْوَاجِدُ فَيُفِيدُ أَنَّ لَهُ الْمِلْكَ لِأَنَّهُ أَصْلُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ وَكَمَا لَوْ قَالَ هَذَا الْمَالُ لِلذِّئْبِ فَإِنْ قَالُوا
الذِّئْبُ لَا يَمْلِكُ وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ عَيْنُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَةِ الدَّلِيلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ مُخَالَفَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ إِعْمَالُ الدَّلِيلِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَلَنَا أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ -
هِيَ لَكَ وَالْمُبْتَدَأُ يَجِبُ انْحِصَارُهُ فِي الْخَبَرِ فَتُخَصُّ الشَّاةُ لِلْوَاجِدِ دُونَ الْمَالِكِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَالِكُ بِوَجْهٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيعٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَضَالَّةُ الْإِبِلِ فِي الْفَلَاةِ يَتْرُكُهَا فَإِنْ أَخَذَهَا عَرَّفَهَا وَلَا يَأْكُلُهَا وَلَا يَبِيعُهَا وَأَن لم يجد صَاحبهَا خلاف بِالْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ وَإِنْ رَفَعْتَهَا لِلْإِمَامِ فَلَا يَتْبَعُهَا بَلْ يَفْعَلُ مَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه وَكَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه يَبِيعُهَا وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهَا لِأَرْبَابِهَا وَالْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ يُعَرِّفُهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا تَصَدَّقَ بِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَقُّ وَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الشَّاةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَخَذَهَا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَالِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا رَدَّ الْإِبِلَ بَعْدَ أَخْذِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ اقْتَضَى مَنْعَ الْأَخْذِ فَالرَّدُّ فِعْلُ الْوَاجِبِ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعِ الْأَمْنِ لَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ وَإِنَّمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَسْلَمَ الْبَعِيرَ رَبَّهُ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ هُنَالِكَ لَمَاتَ وَلَوْ كَانَتِ الْإِبِلُ بِمَوْضِعِ خَوْفٍ مِنَ السِّبَاعِ لَكَانَتْ مِثْلَ الْغَنَمِ وَجَازَ أَكْلُهَا لِذِكْرِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْعِلَّةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا فَرَّقَ وَلَمْ يُحَدِّدْ فِي تَعْرِيف الدَّوَابّ شَيْئا وَقيل سنة وَالْأول إِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا عَرَّفَهَا سَنَةً قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ حُكْمَ الْإِبِلِ عَامٌ فِي الْأَزْمَانِ وَعَنْهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِزَمَانِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ النَّاسِ وَأَمَّا زَمَانُ فَسَادِ النَّاسِ فَتُؤْخَذُ وَتُعْرَفُ فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا تُصُدِّقَ بِهِ عَنْهُ كَمَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه لَمَّا فَسَدَ الزَّمَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُلْتَقَطُ الْكَلْبُ بِالْمَكَانِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ وَقَالَهُ ش قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ قَالَ سَحْنُونٌ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ يُتَصَدَّقُ بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ وَلَهُ شُرْبُ لَبَنِهَا لِأَنَّهُ يَرْعَاهَا قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ ذَبَحَهَا قَبْلَ السَّنَةِ ضَمِنَهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ مَوْتَهَا فَيُزَكِّيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُ وَعَنْهُ إِنْ
ذَبَحَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَأَكَلَهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ قَدِمَ بِالشَّاةِ مِنَ الْفَلَاةِ حَيَّةً لِلْأَحْيَاءِ وَجَبَ تَعْرِيفُهَا وَيُضَمِّنُهَا لِأَهْلِ قَرْيَةٍ يُعَرِّفُونَ بِهَا وَلَا يَأْكُلُهَا الْآنَ وَهِيَ لُقَطَةٌ حِينَئِذٍ وَقَالَ غَيْرُهُ مَنْ وَجَدَ طَعَامًا فِي فَيَافِي الْأَرْضِ فَحَمَلَهُ لِلْعُمْرَانِ بِيعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ وَإِنْ أَكَلَهُ بَعْدَ قُدُومِهِ ضَمِنَهُ وَعَلَى هَذَا القَوْل يضمن اللَّحْم إِن أكله خلافًا لأصبع وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا وَجَدَ الشَّاةَ بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ فَعَرَّفَهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ رَبُّهَا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَنُسْلِمُهَا مِثْلَهَا وَأَمَّا اللَّبَنُ وَالزُّبْدُ فَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَصُنِعَ بِثَمَنِهِ مَا يُصْنَعُ بِثَمَنِهَا وَيَأْكُلُ من ذَلِك بِقدر علوفتها وبموضع لَا ثَمَنَ لَهُ وَالصُّوفُ وَالسَّمْنُ فَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ أَوْ بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّهَا شَيْئًا وَعَنْ مَالِكٍ ضَالَّةُ الْبَقَرِ كَالْغَنَمِ إِذَا وَجَدَهَا بِالْفَلَاةِ أَكَلَهَا وَلَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا فِي قُرْبِ الْعُمْرَانِ عَرَّفَهَا وَيُكْرِيهَا فِي عَلُوفَتِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ لَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ الْإِبِلُ وَلْيُخَلِّهَا حَيْثُ وَجَدَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِبِلِ مَنَعَةٌ فَهِيَ كَالْغَنَمِ يَأْكُلُهَا إِذَا وَجَدَهَا بِالْفَلَاةِ وَلَا يَغْرَمُهَا لِرَبِّهَا وَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ وَمَا مَعَهَا يُتَصَدَّقُ بِهَا يُرِيدُ بِهَا أَوْ ثَمَنِهَا وَالْوَاجِدُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَقْبِضَ النَّفَقَةَ وَالنَّفَقَةُ لَهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَهَا رَبُّهَا فِي النَّفَقَةِ فَإِنْ أَسْلَمَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا وَدَفْعُ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَنْبَغِي أَخْذُ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَسْتَغْرِقُهَا فَتَهْلَكُ عَلَى رَبِّهَا وَعَنْ مُطَرِّفٍ لَهُ إِنْ تَرَكَهَا مِنْ مَوْضِعٍ وَجَدَهَا إِلَى مَوْضِعِهِ فَأَمَّا فِي حَوَائِجِهِ فَلَا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَإِنْ أَحَبَّ بَيْعَهَا رَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا إِلَّا فِيمَا خَفَّ مِنَ الشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ فَيَلِيهِ وَيُشَهِّرُهُ وَقَالَهُ أصبغ قَالَ اللحابي لِضَالَّةِ الْغَنَمِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْعِمَارَةِ وَهِيَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ الْوَاحِدُ أَوِ اثْنَانِ وَمَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ بِشِرَائِهَا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ مَعَهُ غَنَمٌ أَوْ بِقُرْبِ عِمَارَةٍ أَوْ فِي الْقَرْيَةِ نَفْسِهَا فَالْأَوَّلُ لِوَاجِدِهَا
كَمَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ إِذَا نَقَلَهَا حَيَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَقَلَهَا بَعْدَ أَنْ بَقِيَتْ مِلْكَهُ وَإِنْ كَانَ فِي رِقَّةٍ بَاعَهَا وَوَقَفَ ثَمَنَهَا وَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَهَا فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتِ الْمَوَاشِي كَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَضْمَنُهَا قَالَ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْأَمْوَالِ لِمَالِكِهَا وَإِنْ كَانَ مَعَه غنم ضمنهَا إِلَيْهِ سنة اخْتِيَارا وَإِن ذَبحهَا قبل السّنة ضَمِنَهَا وَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى بَيْعِ لَحْمِهَا وَإِنْ وُجِدَتْ قُرْبَ قَرْيَةٍ ضَمَّهَا إِلَيْهِ وَعَرَّفَهَا فَإِنْ لَمْ يفعل وأكلها ثمَّ تبين أَيهَا لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُهَا أَكَلَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ أَحْسَنُ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي قَرْيَةٍ فَلُقَطَةٌ كَالْأَمْوَالِ فَكَانَ فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ تَرْكُ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ زَمَنُ النُّبُوَّةِ وَالصَّحَابَةِ ثُمَّ كَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ لِعَدَمِ الْإِخَافَةِ وَصَلَاحِ النَّاسِ وَلَمْ يَتْرُكْ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ رضي الله عنه لِعَدْلِهِ وَفَسَادِ النَّاسِ ثُمَّ فَسَدَ السُّلْطَانُ وَالنَّاسُ فَتُؤْخَذُ وَلَا تُدْفَعُ إِلَيْهِ قَالَ وَهُوَ حَالُ النَّاسِ الْيَوْمَ تُعَرَّفُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا بِيعَتْ إِنْ يُخْشَى السُّلْطَانُ إِنْ عُرِّفَتْ لَمْ تُؤْخَذْ وَتُرِكَتْ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ إِلَّا عَلَى الثَّمَنِ أُهْمِلَتْ حَيْثُ وُجِدَتْ وَإِنْ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ فِيهِ السِّبَاعُ أُخِذَتْ وَعُرِّفَتْ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي بُلُوغِهَا بِخِلَافِ الشَّاةِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ السُّلْطَانُ فِي تَعْرِيفِهَا فَتُتْرَكُ فَلَعَلَّ صَاحِبَهَا يُدْرِكُهَا قَبْلَ السَّبُعِ وَالْبَقر وَالْخَيْل وَالدَّوَاب إِن كَانَت فِي موض رَعْيٍ وَمَا أَمِنَ مِنَ السِّبَاعِ امْتَنَعَ أَخْذُهَا وَمَتَى انْخَرَمَ أَحَدُ هَذِهِ الْوُجُوهِ أُخِذَتْ وَلَيْسَ لَهَا صَبْرٌ عَلَى الْمَاءِ كَالْإِبِلِ أَمَّا مَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهَا حَيْثُ بِيعَتْ فَعَنْ مَالِكٍ لَا يَبِيعُهَا إِلَّا الْإِمَامُ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ بَاعَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا وَلَمْ تُفِتْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الثَّمَنُ قَالَ أَشْهَبُ لَيُنْقَضِ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَقْدُمْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ إِذَا بِيعَتْ خَوْفَ الضَّيْعَةِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهُ فِي بَقَائِهِ فَإِنَّ
لِصَاحِبِهِ الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْوَاجِدَ فَوَّتَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الدَّفْعُ لِلْإِمَامِ وَيُنْفِذُ بَيْعَهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَلَّاهُ عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْإِمَامِ قَالَ وَيَنْبَغِي ذَلِكَ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَكُونُ حُكْمُ الثَّمَنِ وَوَقْفِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ حُكْمَ اللُّقَطَةِ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ لَا تُلْتَقَطُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ وَالْخَيْلُ وَلَا مَا فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ بِالْقَافِ وَهُوَ الَّذِي يُعَلَّقُ مِنَ الْحُلِيِّ فِي الْأُذُنِ مِنَ الْغِزْلَانِ أَوِ الْحَمَامِ للتَّمْلِيك وَجوزهُ ح قِيَاسا لغنم وَفِي أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ قَوْلَانِ وَجَوَّزَ ح الْتِقَاطَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالشَّاةِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا يلتقط مَا يمْتَنع بِنَفسِهِ عَن صعد كَذَا السِّبَاعُ وَيَرِدُ الْمَاءَ بِقُوَّتِهِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَالطَّيْرِ أَوْ سُرْعَتِهِ كَالظِّبَاءِ وَالْكِلَابِ وَالْفُهُودِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ سَوَاءٌ لِعِظَمِ أَجْسَامِهَا وَمَتَى أَخَذَهَا مُلْتَقِطٌ ضَمِنَهَا قَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَلِلْإِمَامِ حِفْظُهَا عَلَى أَرْبَابِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ النَّاظِرُ فِي أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ إِجْمَاعًا الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ يُدْفَعُ الْآبِقُ لِلْإِمَامِ يُوقَفُ سَنَةً وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ نَفَقَتَهُ وَبَقِيَّةُ ثَمَنِهِ لِصَاحِبِهِ يُدْفَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُبَاعُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يُطْلَقُ يَعْمَلُ وَيَأْكُلُ وَلَا يُجْعَلُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ يَأْبَقُ ثَانِيَةً فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْإِبَاقُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْمٌ لِلذِّهَابِ فِي اسْتِتَارٍ وَهُوَ الْهُرُوبُ وَالْأَبْقُ بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا اسْمُ الْفِعْلِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ تَسْتَغْرِقُ ثَمَنَهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَبْسِ فَائِدَةٌ وَبِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُطْلِقُهُ وَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِهِ فَهَذَا نَفْعٌ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ الْآبِقَ يُحْبَسُ سَنَةً ثُمَّ يُبَاعُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَرَى ذَلِكَ لَكِنْ بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ ثُمَّ يُبَاعُ وَيُحْكِمُ الْحَاكِمُ صِفَتَهُ عِنْدَهُ حَتَّى
يَأْتِيَ صَاحِبُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يَذْهَبَ فِي نَفَقَتِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقْرُبُ الْآبِقَ وَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَخٍ أَوْ لِمَنْ يُعرفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ لِمَنْ يُعرفُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَخْذُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ لِقَرِيبٍ اسْتُحِبَّ لَهُ أَخْذُهُ أَوْ بَعِيدٍ تَرْكُهُ أَحَبُّ وَأَمَّا تَرْكُهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ وَعَنْهُ إِرْسَالُهُ خَيْرٌ مِنْ بَيْعِهِ فَيَمْلِكُ ثَمَنَهُ أَوْ يَطْرَحُ فِي السِّجْنِ فَلَا يَطْعَمُهُ بِخِلَافِ الْبَعِيرِ يَكْفِيهِ الرَّعْيُ وَقَدْ يَسْرِقُ الْعَبْدُ وَقَدْ فِي الْإِبَاقِ مَرَّةً أُخْرَى وَرُبَّمَا قَتَلَكَ وَمَفَاسِدُهُ كَثِيرَةٌ وَمَتَى كَانَ إِنِ انْصَرَفَ عَلَى أَمْيَالٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يَتْبَعُهُ إِنْ لَمْ تَخَفْ مِنْهُ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ لِمَنْ لَا يعرف لَا يقر بِهِ عل فَسَادِ السُّلْطَانِ أَخَذَهُ وَأَمَّا مَنْ يُعَرِّفُ فَيُرْسِلُهُ لَهُ بِغَيْرِ إِنْشَادٍ وَقَوْلُهُ تُعَرَّفُ سَنَةً يُرِيدُ إِذَا كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ تَقُومُ بِهِ أَوْ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَدْلًا يُنْفِقُ عَلَيْهِ إِنْ دُفِعَ لِلسُّلْطَانِ بِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ وَبَقِيَ التَّعْرِيفُ وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ السَّنَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ حِينَئِذٍ وَلَا يُنْفِقُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ لِأَنَّ لِلُّقَطَةِ مَوْضِعًا يَتَفَقَّدُهَا صَاحِبُهَا فِيهِ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ وَلَمْ يَأْتِ ظَهَرَ الْعَوْزُ بِخِلَافِ السَّنَةِ فِي الْآبِقِ فَيُوقَفُ الثَّمَنُ عِنْدَهَا وَعِنْدَ أَمِينٍ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْآبِقِ للْحِفْظ لَا للتمسك وَيَدْفَعُهُ لِلْإِمَامِ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِفْظِهِ يَبِيعُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ عَلَى حَسَبِ مَصْلَحَةِ مَالِكِهِ وَلَمْ أَرَ حَبْسَهُ إِلَّا لَنَا وَغَيْرُنَا لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ نَظَائِرُ الْآبِقُ وَاللُّقَطَةُ وَالْمَجْنُونُ تُسْتَتَمُّ لَهُ سَنَةٌ وَالْمُعْتَرِضُ تُمْضَى لَهُ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَالْعُهْدَةُ لِلْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَعُهْدَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُرْتَابَةِ وَالْمَرِيضِ وَالشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ يَزِيدُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَالْيَتِيمَةُ إِذَا مَكَثَتْ فِي بَيْتِهَا اعْتُبِرَ رُشْدُهَا وَالْجُرْحُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ مِنَ الْبُرْءِ لِاحْتِمَالِ سَرَيَانِهِ وانتفاضه فِي أَحَدِ الْفُصُولِ وَشَاهِدُ الطَّلَاقِ إِذَا أَبَى أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يُحْبَسُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سَنَةً وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالْإِعَادَةِ إِذَا حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ سَنَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَامْتَنَعَ أَهْلُهُ مِنْ بَيْعِهِ يَنْتَظِرُ سَنَةً فَإِنْ بَاعُوهُ عَتَقَ بِالْوَصِيَّةِ
الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَاءَ بِالْآبِقِ مَنْ عَادَتُهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْآبِقِ وَصُعُوبَتُهُ وَإِلَّا فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ وَقَالَ ش هُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَالَ ح لَهُ فِي مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَمَا دُونَهَا يُقَدَّرُ بِهِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ كُلُّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ شَرْطٍ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إِلَّا فِي الْآبِقِ وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّالَّةِ خَوْفُ الذَّهَابِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَاشْتِغَالُهُ بِالْفَسَادِ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَرُوِيَ الْجُعْلُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَنَّهُ جَعَلَ فِي جُعْلِ الْآبِقِ إِذَا جَاءَ بِهِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ دِينَارًا وَيُرْوَى أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْأُجْرَةِ مِنْ غير شَرط وَلَا مُسْتَند فِيهِ وح فِي جَعْلِهِ ذَلِكَ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى جَعْلِهِ ذَلِكَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ الزَّمَان وَذَلِكَ الْمَكَان والا يُلْزَمُ خِلَافَ الْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْأُجْرَةَ بِقدر الْعَمَل فِي صُورَة النزاع تَفْرِيغ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّفَقَةُ دَاخِلَةٌ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُبْنَى الْجُعْلُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ فِدَائِهِ بِذَلِكَ وَإِسْلَامِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ مَنْ لَيْسَ شَأْنُهُ طَلَبَ الضَّوَالِّ وَخَرَجَ لِأَجْلِ هَذَا الْعَبْدِ وَصَاحِبُهُ مِمَّنْ لَا يَتَكَلَّفُ طَلَبَهُ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ الْأَقَلَّ مِنْ جُعْلِ هَذَا وَجعل من كل يُرْجِيهِ لِطَلَبِهِ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْفُرُوعِ الْأُوَلِ الْفَرْعُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبِقَ الْمُكَاتَبُ لَمْ تُفْسَخْ كِتَابَتُهُ إِلَّا بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ وَيُلْزَمُ الْإِمَامُ قِيَاسًا عَلَى هُرُوبِ الْمَدْيُونِ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ
الْفَرْعُ السَّابِعُ فِي التَّبْصِرَةِ عِتْقُ الْآبِقِ جَائِزٌ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ وَعِتْقُهُ إِلَى أَجَلٍ وَتَدْبِيرُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ إِسْقَاطٌ لَا يُنَافِيهِ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الْمُعَاوَضَةِ يُفْسِدُ حُكْمَهَا بِالْغَرَرِ كَأَنَّ جَعْلَ الْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ خِدْمَةُ بَقِيَّةِ الْأَجَلِ وَإِنْ جَعَلَ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ وُجُودِهِ جَازَ وَاسْتَبَقَ الْأَجَلُ وُجُودَهُ وَتَجُوزُ كِتَابَتُهُ مَوْقُوفَةً إِنْ وَجَدَهُ وَكَانَ قَصْدُهُ إِجْبَارَهُ عَلَى الْكِتَابَةِ فَهُوَ مُكَاتَبٌ وَإِلَّا خُيِّرَ الْعَبْدُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ وَفَائِدَةُ الْكِتَابَةِ الْآنَ انْعِقَادُهَا عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ قَبِلَهَا الْعَبْدُ لَمْ يكن للسَّيِّد الرُّجُوع وَإِن اعتقه على ظَاهر جَازَ وَيُمْنَعُ مِنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى تَعْلَمَ حَيَاتَهُ وَسَلَامَتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَقَالَ ابْنُ حبيب لَا يجْزِيه إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا يَوْمَ أَعْتَقَهُ وَيَوْمَ وَجَدَهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ الْفَرْعُ الثَّامِنُ قَالَ إِذَا اشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ بَعْدَ إِبَاقِهِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْهَا فَهَلَكَ قَبْلَ وُصُولِهِ فَمِنْ سَيِّدِهِ وَيَغْرَمُ لِلْمَأْمُورِ مَا افْتَدَاهُ بِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ رد عتقه أَو وطيء الْأَمَةَ حُدَّ وَتُؤْخَذُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ أَوْ لِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَضَمَانُهُ فِي الْهَالِكِ مِنْهُ لوضع يَده عَلَيْهِ بِغَيْر أَمرك وَأَمْضَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِتْقَ وَالْإِيلَادَ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ الْوَكَالَةِ فَهُوَ كَالْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَرَدَّهُمَا أَشْهَبُ وَقَالَ تُحَاسِبُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ وَهُوَ أَصْوَبُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَوْتًا لَكَانَ عَلَيْهِ فَضْلُ الْقِيمَةِ يَوْمَ أُعْتِقَ أَوْ اولد لِأَنَّهُ أتلف ملكا غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ
(الْفَصْلُ الثَّالِث فِي أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ)
وَهِيَ خَمْسَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الضَّمَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَانَة فِي يَد من قصد أَخذهَا لمَالِك
مَا دَامَ ذَلِكَ الْقَصْدَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَضْمُونَةٌ على من أَخذهَا بِبَيِّنَة الِاخْتِزَالِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْأَوَّلِ وَمَنْهِيٌّ عَنِ الثَّانِي فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ وَفِي الْأَوَّلِ وَكِيلٌ لِرَبِّهَا مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ وَأَنَّ مَنْ أَخذهَا ليعرفها سنة ثمَّ يتصدقها أَوْ يَتَمَلَّكَهَا فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي السَّنَةِ لِأَنَّهَا مَمْسُوكَةٌ لِحَقِّ رَبِّهَا كَالْوَدِيعَةِ وَمَضْمُونَةٌ بَعْدَهَا إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا لِتَصْرُفِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهَا إِمْضَاءَ الصَّدَقَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَبْقَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ عَلَى التَّعْرِيفِ فَأَمَانَةٌ وَحَيْثُ كَانَتْ أَمَانَةً فَضَاعَتْ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْهَا قَاعِدَةٌ الْقَابِضُ لِمَالِ غَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِحَقِّ الْمَالِكِ الْمَحْضِ كَالْوَدِيعَةِ فَأَمَانَةٌ إِجْمَاعًا وَلَا ضَمَانَ وَلِحَقِّ الْقَابِضِ لِلصَّرْفِ كَالْقَرْضِ فَلَيْسَ بِأَمَانَةٍ إِجْمَاعًا وَلِحَقِّهِمَا كَالرَّهْنِ فَلَوْلَاهُ لَمْ يُعَامِلْ صَاحِبَهُ وَلَوْلَاهُ مَا تُوثِقَ الْمُرْتَهَنُ عِنْدَهُ فَاجْتَمَعَ الْحَقَّانِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَاللُّقَطَةُ مِنْ بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَا تُضْمَنُ وَفِي هَذَا الْحُكْمِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَخَذْتَهَا لِتَذْهَبَ بِهَا وَقُلْتَ لِأُعَرِّفَهَا صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْكَ وُجُودَ سَبَبِ الضَّمَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَظَاهِرُ الْمُسْلِمِ الْمَشْيُ عَلَى حُدُودِ الْإِسْلَامِ فَيَجْتَمِعُ مَعَكَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فَتُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ إِنِ اتُّهِمْتَ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ ح الْمُلْتَقِطُ ضَامِنٌ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَنِ الْتَقَطَ فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغير فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَمَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْهِدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ أَضْمَرَ احْتِيَاطًا لِنَفْسِهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ ش يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَخْذِ
اللُّقَطَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَعْرِفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَجِنْسَهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَوَزْنَهَا أَو مكيلتها وعددها وَالرَّابِعُ نَوْعُهَا دَرَاهِمُ مِصْرِيَّةٌ أَوْ مَغْرِبِيَّةٌ وَالْخَامِسُ كِتَابَةُ ذَلِكَ وَالسَّادِسُ الْإِشْهَادُ وَلَا يُضْمَنُ عِنْدَهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَمُسْتَنَدُهُ فِي هَذِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَهَا عَرَفَهَا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَل على حمل حَدِيث الْإِشْهَاد على النّذر قِيَاسا على الْوَدِيعَة بِجَامِع الأيمة كَذَا الْفَرْعُ الثَّانِي قَالَ إِذَا رَدَدْتَهَا لِمَوْضِعِهَا بَعْدَ حَوْزِهَا أَوْ لِغَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنْتَهَا أَمَّا لَوْ رَدَدْتَهَا مِنْ سَاعَتِهَا كَمَا لَوْ قُلْتَ فِي رَجُل هَذَا لَكَ لِشَيْءٍ رَأَيْتَهُ فَيَقُولُ لَا فَتَتْرُكُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ أَخَذَهَا بِالْقُرْبِ فَهَلْ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الضَّمَانُ أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ لِلشُّيُوخِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ ردهَا بِالْعَبدِ أَوْ بِالْقُرْبِ وَيَحْلِفُ لَقَدْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا فَإِنْ رَدَّهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنَ كَالْوَدِيعَةِ إِذَا تَسَلَّفَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّهَا بِصُرَّتِهَا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الضَّمَانِ إِذَا رَدَّهَا وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُهَا قِيَاسًا عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ إِلَى رَبِّهَا وَبِجَامِعِ الْعَادَةِ لِلْحَالَةِ الْأُولَى وَعَلَى مَا إِذَا اضْطُرَّ صَيْدٌ لِلْخُرُوجِ عَلَى الْحَرَمِ ثُمَّ رُدَّ إِلَيْهِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَ بَعِيرًا أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لِرَبِّهَا بَرِئَ فَرَدُّ الْوَدِيعَةِ أَقْوَى فِي الْإِبْرَاءِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ وَلِأَنَّ رَدَّ اللُّقَطَةِ إِلَى مَوْضِعِهَا رَدٌّ لِمَظَنَّةِ الضَّيَاعِ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا رَدٌّ لِمَظَنَّةِ الْحِفْظِ فَأَبَيْنَ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهُ بَرِئَ فَيَأْتِي الْجَوَابَانِ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَرَمَ مَظَنَّةُ حِفْظِ الصَّيْدِ بِالزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ
عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْبَعِيرَ ضَالَّةٌ مَنْهِيٌّ عَنْ أَخْذِهِ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِيمَا أُمِرْنَا بِأَخْذِهِ وَحِفْظِهِ فَأُبْيِنُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بَلْ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ صَارَتْ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ أَضَاعَهَا فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ عَرَّضَ الْوَدِيعَةَ لِلضَّيَاعِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبِقَ مِنْكَ الْآبِقُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِنْ أَرْسَلْتَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ ضَمِنْتَهُ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ تَرَكَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ خَوْفًا مِنْ قَتْلِهِ لَهُ أَوْ ضَرْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ ضَمِنَ وَمَتَى أَرْسَلْتَهُ فِي حَاجَةٍ خَفِيفَةٍ قَرِيبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْرِيطِ عَادَةٍ الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَبَعْدَ السَّنَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَعَلَّ السَّنَةَ لَيْسَتْ جِنَايَةً لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - شَأْنك بِهَا فَسَلَّطَهُ عَلَيْهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ السَّنَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَا فِي الِاسْتِنْفَاقِ فَأَشْبَهَ قَبْلَ السَّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنَ التَّعْرِيفِ لِإِمْكَانِهِ مِنْهُ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مَصْلَحَةُ سَيِّدِهِ وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ عَلَى يَدَيْ عدل لَيْلًا يَحْلِفَ عَلَيْهَا إِنْ تَلِفَتْ أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا العَبْد لَا سِيمَا إِن كَانَ العَبْد قبل غَيْرَ أَمِينٍ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنَ الِالْتِقَاطِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَى التصريف وَبعده على التَّبَرُّع فِي التصريف وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَآخِرُ أَقْوَالِهِمْ مَعَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ الْجَوَازُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَبَنَى ش عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذِمَّةٌ يَسْتَوْفِي مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ أَصْلٌ نَحْنُ نَمْنَعُهُ وَعَنْهُ إِذَا الْتَقَطَ وَفَرَّطَ فَفِي رَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ
كُلُّهُمْ يَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ قِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالْفَرْقُ عَلَيْهِ شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ عَلَى الْعَبْدِ فَأشبه الْبَهِيمَة الحكم الثَّانِي التَّعْرِيف وَفِيه خَمْسَة أبحاث وُجُوبه وزمانه ومكانه وكيفيه وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ وُجُوبُهُ فَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ عُقَيْبَ الِالْتِقَاطِ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش إِنْ أَرَادَ التَّمْلِيكَ وَجَبَ التَّعْرِيفُ حَتَّى يَتَأَتَّى لَهُ الْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يُرِدِ التَّمْلِيكَ لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهَا لَنَا وُجُوهٌ الْأَوَّلُ أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم َ - بِالتَّعْرِيفِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ الثَّانِي أَنَّهُ سَبَبُ إِيصَالِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا وَصَوْنُ الْمَالِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ وَاجِبٌ فَوَسِيلَتُهُ وَاجِبَةٌ الثَّالِثُ أَنَّ رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا حَرَامٌ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لِضَيَاعِهَا وَكَذَلِكَ عَدَمُ تَعْرِيفِهَا قِيَاسًا عَلَيْهِ فَيَجِبُ التَّعْرِيفُ الرَّابِعُ لَوْ لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ لَمَا جَازَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا أَقْرَبُ لِوِجْدَانِهَا وَحِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ الْخَامِسُ التَّمْلِيكُ غَيْرُ وَاجِبٍ إِجْمَاعًا فَلَا تَجِبُ وسيلته وصون المَال وَاجِب إِجْمَاعًا فَتجب وسيله وَالشَّافِعِيَّةُ عَكَسُوا الْقَضِيَّةَ تَمْهِيدٌ الْوَاجِبُ لَهُ مَعْنَيَانِ مَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوِهَا وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ كَقَوْلِنَا الْوُضُوءُ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَنَحْوُهُ مَعَ أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ التَّطَوُّعَ لَمْ يَأْثَمْ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى الطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عِنْدَ ش عِنْدَ إِرَادَةِ التَّمْلِيكِ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ فِي الصَّلَاةِ فَيَرْجِعُ مَذْهَبُهُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا لَكِنَّ تَمَلُّكَ الْوَاجِدِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهَذَا تَحْقِيقُ مَذْهَبِهِ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِمَا تَقَدَّمَ وَيَظْهَرُ بُطْلَانُ الْوَجْهِ الْأَخِيرِ مِنْ أَدِلَّتِنَا بِهَذَا الْبَيَانِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ألْبَتَّةَ
الْبَحْثُ الثَّانِي فِي زَمَانِهِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ سَنَةٌ عَقِيبَ الِالْتِقَاطِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لَكِنْ قَالَ ش ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ لَا مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْوَال بِمَا قَالَه أَبُو دَاوُود قَالَ سُئِلَ الرَّاوِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ مَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِذَا شَكَّ سَقَطَتْ رِوَايَتُهُ وَحِكْمَةُ السَّنَةِ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَلَا تَبْقَى قَافِلَةٌ إِلَّا وَقَدْ تَهَيَّأَ زَمَنُ سَائِرِهَا بِحَسْبِ سِلَعِهَا وَمِزَاجِ بِلَادِهَا فَيَأْتِي الْفَصْلُ الَّذِي يُنَاسِبُهُمْ وَلِأَنَّهَا مُشْتَمِلَاتٌ عَلَى أَغْرَاضِ الْأَسْفَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ أَمْسَكَهَا وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ثُمَّ عَرَّفَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا لِتَعَدِّيهِ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ هَلَكَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ضَمِنَهَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَهَا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَغَابَ بِقُرْبِ ضَيَاعِهَا وَلَمْ يَقْدُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ فَائِدَةِ التَّعْرِيفِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْعُدْوَانُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعَرِّفُهَا كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَكُلَّمَا تَفَرَّغَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِهِ لِلتَّعْرِيفِ وَالْمَالِ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُفْسَدُ وَشَهَادَةُ الْعَادَةِ بِأَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَتْبَعُهُ لَا يَعْرِفُ أَصْلًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحَدِيثِ الثَّمَرَةِ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها لَا بَأْسَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَرَأَى عُمَرُ رضي الله عنه رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فِي الطوارق فَقَالَ إِنَّ مِنَ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَقَالَ ح لَا يُعَرِّفُ مَا دُونَ الدِّينَارِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ وَحِفْظُهَا عَلَى أَرْبَابِهَا وَوُجُوبُ التَّعْرِيفِ بِظَاهِرِ عُمُومِ النَّصِّ قَالَ وَإِنْ كَانَ فَهُوَ قَلِيلٌ يَتْبَعُهُ فَيُعَرِّفُ
وَظَاهِرُ الْكِتَابِ سَنَةً كَذِي الْبَالِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيَّامًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بَلْ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ أَنَّ مِثْلَهُ يُطْلَبُ وَهُوَ كَالْمِخْلَاةِ وَالدَّلْوِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ يُعَرِّفُ الْعَصَا وَالسَّوْطَ وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُمَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَأَمَّا مَا يُفْسَدُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَالطَّعَامِ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَنِ الْتَقَطَ طَعَامًا فَلْيَأْكُلْهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ لَا غَلَّةَ لَهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا قَبْلَ السَّنَةِ تَسْتَغْرِقُ نَفَقَتُهَا ثَمَنَهَا فَالْأُولَى أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ الْآبِقُ وَقَالَهُ ش وَلَوْ كَانَتْ غَلَّتُهَا تَفِي بِنَفَقَتِهَا عُرِّفَتْ سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ التَّصَدُّقَ بِاللُّقَطَةِ قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا فِي التَّافِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مُرَادُهُ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ دُونَ السَّنَةِ وَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى نَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ سَنَةً كَالْكَثِيرِ فَتَأَمَّلَ ذَلِكَ الْبَحْثُ الثَّالِثُ مَكَانُ التَّعْرِيفِ وَفِي التَّبْصِرَةِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي الْتُقِطَتْ فِيهِ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ يُرَاجِعُهُ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي تَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَيْهَا وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ وعَلى أَبْوَاب الْمَسَاجِد وَالْجَامِع إِذا كَانَ يجلس إِلَى الْحق كَذَا يَسْأَلُ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لَهُ لَا وَجَدْتَ وَقَالَ أَشْهَبُ تُعَرَّفُ فِي مَوضِع وُجِدَتْ وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ بَقِيَّةُ السَّنَةِ عِنْدَ مَنْ حَضَرَ وَعِنْدَ مَنْ لَقِيَ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي طَرِيقٍ بَيْنَ مدينتين عرفهَا فيهمَا لعدم تعين أَحدهمَا وبهذه الْجُمْلَة واحترام الْمَسْجِدِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَالْمَقْصُودُ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي إِيصَالِهَا الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْرِيفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذِكْرِ جِنْسِهَا إِذَا عَرَّفَهَا قَالَ وَعَدَمُ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ أَحْسَنُ وَتَلُفُ ذِكْرِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَإِنْ أَفْرَدَ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهَا لَا تُدْفَعُ بِمَعْرِفَتِهِ فَقَطْ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ش
قَالَ لَا يَقُولُ جِنْسَهَا بَلْ مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي عَدَمِ التَّسَلُّطِ عَلَيْهَا الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَوَلِّي التَّعْرِيفِ بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعُهَا لِلسُّلْطَانِ إِذَا كَانَ عَدْلًا أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَأْمُونٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا أَوْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا مَنْ يَعْرِفُهَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَأُجْرَتُهَا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَلْتَزِمْ تَعْرِيفَهَا أَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ وَلَهُ التَّعْرِيفُ دُونَ إِذْنِ الْإِمَامِ وَعِنْدَ ش لَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ إِلَّا لِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَوَّزَ الْأَئِمَّةُ الِاسْتِنَابَةَ فِي التَّعْرِيفِ وَقَالُوا لَا أُجْرَةَ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ الْوَاجِدَ لَوْ عَرَّفَ بِنَفْسِهِ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فَكَذَلِكَ نَائِبُهُ وَلِأَنَّهُ يَقُومُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ عِنْدَهُمْ الحكم الثَّالِثُ غَلَّةُ اللُّقَطَةِ وَمَنَافِعُهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَكَرَتِ امْرَأَةٌ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا وَجَدَتْ شَاةً فَقَالَتْ لَهَا عَرِّفِي وَاعْلِفِي وَاحْلُبِي وَاشْرَبِي قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَإِذَا جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ قِيَاسًا عَلَى اللُّقَطَةِ وَلَهُ شُرْبُ لَبَنِهَا وَذَلِكَ خَفِيفٌ وَقَالَ مَالك وَإِذا بصرها بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَبَسَهَا مَعَ غَنَمِهِ وَلَا يَأْكُلُهَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَهُ حِلَابُهَا لَا يُتْبَعُ بِهِ وَنَسْلُهَا مِثْلُهَا وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ وَالزِّبْلُ بِمَوْضِعٍ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَصُنِعَ بِثَمَنِهِ مَا يَصْنَعُ بِثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ قِيَامٌ وعلوفه لكل حَسْبَمَا تقدم ذَلِك وَمَوْضِع كَذَا لَا ثمنا لَهُ يَأْكُلُهُ وَيُكْرَى الْبَقَرُ فِي عَلُوفَتِهَا كِرَاءَ مَأْمُونٍ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ بِالْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا الصُّوفُ وَالسَّمْنُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ مِنْ مَوْضِعِ وَجْدِهَا إِلَى مَوْضِعِهِ لِأَنَّ مَالِكَهَا لَوْ رَأَى ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ وَهُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً فِي الِالْتِقَاطِ بِخِلَافِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ
لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ كِرَاؤُهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَلَيْسَ لِحَبْسِهَا حَدٌّ بَلْ بِاجْتِهَادِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَنْفَقْتَ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ غُرْمِ الْقِيمَةِ وَأَخْذِهَا أَوْ إِسْلَامِهَا فِيهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَالِيَّتِهَا وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ مِنْهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعٍ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ بِالرَّعْيِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُنْفِقِ شَيْءٌ وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَأْخُذْهَا مَالِكُهَا حَتَّى يُعْطَى النَّفَقَةَ لِأَنَّكَ قُمْتَ بِمَا عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَوْلَى إِذَا أَنْفَقْتَ مِنْ غَلَّتِهَا أَنْ يُعَرِّفَهَا سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ لَا غَلَّةَ لَهَا وَإِذَا أَنْفَقْتَ عَلَيْهَا قَبْلَ السَّنَةِ اسْتَغْرَقَتْ نَفَقَتُهَا ثَمَنَهَا فَالْأَوْلَى أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْعٌ لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ الْآبِقُ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُتَّجَرُ بِاللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا كَالْوَدِيعَةِ وَمَا أَنْفَقْتَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ أَوِ الْإِبِلِ قَدْ كَانَ لِرَبِّهَا أَسْلَمَهَا أَوْ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَتَاعٌ أُكْرَى عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ بِأَمْرِ سُلْطَانٍ أَمْ لَا لَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ النَّفَقَةَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَنِ ادَّعَى عَنْ غَيْرِهِ مَالًا أَوْ قَامَ عَنهُ بِعَمَل شَأْنه أَن يوديه أَوْ يَعْمَلَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ سَوَاءً كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ كَالدَّيْنِ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ كَغَسْلِ الثَّوْبِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُتَبَرِّعًا لَنَا أَنَّ لِسَانَ الْحَالِ قَائِمٌ مَقَامَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَهُوَ مَوْجُود هَا هُنَا فَثَبَتَ الْإِذْنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَعَلَيْهَا يَخْرُجُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَجَّرْتَ الْبَاقِيَ فَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهِ أَوِ اسْتَعْمَلْتَهُ لَزِمَتْكَ قِيمَةُ عَمَلِهِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ وَنَفَقَتَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَضْمَنُهُ أَنْتَ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ يُضَيِّعُهَا فِي مثله
فَتَهْلَكُ لِتَعَدِّيكَ فَإِنْ أَسْلَمَ فَلِرَبِّهِ الْأُجْرَةُ فِيمَا لَهُ بَالٌ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ عَبْدِهِ وَمَا لَيْسَ لَهُ بَالٌ مِنَ الْمَنَافِعِ كَالتَّمَرَاتِ تُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ مِنَ الْأَعْيَانِ لَا ضَمَانَ فِيهَا لِتَحْقِيقِ أَعْرَاضِ الْأَمْلَاكِ عَنْهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ غَيْرُ الْآبِقِ وَمَنِ اسْتَأْجَرَ آبِقًا فَعَطِبَ فِي عَمَلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ آبِقٌ ضَمِنَهُ وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيُبَلِّغَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ كَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَتْلَفَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ إِنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْذُرُونَ بِذَلِكَ الحكم الرَّابِعُ التَّمْلِيكُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ جَائِزٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَالْأَحْسَنُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُنْفِقَهَا أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنِ اخْتَارَ تَمَلُّكَهَا ثَبَتَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا وَقَالَ ش فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْمِيرَاثِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - استفقها وَفِي رِوَايَةٍ إِنْ لَمْ يَأْتِ رَبُّهَا فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَهِيَ لَكَ وَقِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَقَالَ ح لَا يَمْلِكُهَا مُطْلَقًا كَالْوَدِيعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَوْرُوثَ إِنَّمَا نُقِلَ مِلْكُهُ بِسَبَبِ تَعَذُّرِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَالشَّرْعُ إِنَّمَا مَلَكَ الْأَمْلَاكَ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ فَحَيْثُ لَا حَاجَةَ لَا مِلْكَ وَصَاحِبُ اللُّقَطَةِ يَحْتَاجُ لِبَقَاءِ حَيَاتِهِ فَمِلْكُهُ بَاقٍ عِنْدِ عَدَمِ اخْتِيَارِ الْوَاجِدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَالِكًا افْتَقَرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ إِلَى رِضَا الْمُتَنَقِّلِ إِلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاؤُهُ هُوَ لِتَعَذُّرِ وَجُودِهِ وَمِنْ مَصْلَحَتِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رِضَا الْوَاجِدِ لِتَضَمُّنِهَا فِي ذِمَّتِهِ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ وَيَكُونُ لَهُ إِذَا اخْتَارَ ذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْأُصُولِ وَأَشْبَهُ بِانْتِقَالِ ملك الْأَحْيَاء
ثَانِيهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ مَشْهُورَةٍ فَشَأْنُكَ بِهَا فَفَوَّضَهَا لِاخْتِيَارِهِ فَتُحْمَلُ الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ عَلَى مَا بَعْدَ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَهَا عَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَطَبَ وَالصَّيْدَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَكَانَ الْأَمْرُ فِي انْتِقَالِهِ أَيْسَرَ وَعَنْ قِيَاسِ ح الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا مَعْلُومٌ فَاشْتَرَطَ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَهَذَا مَجْهُولٌ أَشْبَهَ الْمَفْقُودَ فَضَعُفَ مِلْكُهُ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى وُجُوبِ رَدِّهَا إِذَا جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا أَوْ بَدَلَهَا إِنْ فَقَدَهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُخَيَّرُ مَالِكُ اللُّقَطَةِ وَمعنى قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْسَاكِهَا لِصَاحِبِهَا وَيَزِيدُ فِي تَعْرِيفِهَا وَبَيْنَ التَّصَدُّقِ بِهَا وَيَضْمَنُهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهَا الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ وَقَالَ ح لَا يُنْفِقُهَا إِلَّا الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا وَجَوَّزَ ش الِاسْتِنْفَاقَ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُنْفِقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفَاءٌ بِهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يحل مَال امرء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ فَتحصل فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبَ مَالِكٍ الْمَنْعَ مُطْلَقًا هُوَ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّرَّاحِ كَمَا تَرَى وَحُكِيَ أَيْضًا أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ لَا تُسْتَنْفَقُ إِجْمَاعًا بَلْ تُعَرَّفُ أَبَدًا وَسَتَقِفُ عَلَى الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ أَكْلُهَا إِن كَانَت قَليلَة وَهُوَ قَلِيل كَذَا فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ فَهَلْ سَائِرُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وح وَقَالَ ش لَا تُلْتَقَطُ إِلَّا لِلْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ أَبَدًا وَوَافَقَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالدَّاوُدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا لَنَا
الْعُمُومَاتُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ وَلِأَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ ابْتِدَاءً فَلَا تَخْتَلِفُ بِالْبِقَاعِ كَالْوَدِيعَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى لُقَطَةِ الْحِلِّ احْتَجُّوا بقوله صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَدِيث حجَّة لوداع وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَجُعِلَ حِلُّهَا فِي الْمُنْشِدِ فَخَرَجَ الْمُتَمَلِّكُ وَالْجَوَابُ أَنَّا إِنَّمَا أَحْلَلْنَاهَا لِمُنْشِدٍ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُحِلَّهَا لِغَيْرِ مُنْشِدٍ وَسَبَبُ التَّخْصِيصِ كَثْرَةُ سُقُوطِ الْأَمْتِعَةِ مِنَ الْحَاجِّ الْأَقْطَارُ غَالِبًا فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْوَاجِدِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّعْرِيفِ بِمَكَّةَ مِنْهَا وَتَطْوِيفُ أقطار الْأَرْضِ مُتَعَذِّرٌ فَيَتَمَلَّكُهَا قَبْلَ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ أَمَرَ الْمُلْتَقِطَ بِأَكْلِهَا كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا وَلَهُ التَّصَدُّقُ بَعْدَ السَّنَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحِفْظُ بِحَسَبِ الْإِمْكَان إِمَّا الْعين وثوابها ولظاهر قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا إِذَا جَاءَ فِي ثَوَابِهَا أَوْ يُغَرِّمُهَا لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصَرُّفُهُ فِي ملكه وَأَكْثَره التَّصَدُّق قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا فِي التَّافِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِي التَّعْرِيفِ بَلْ فِي أَصْلِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ يخْتَلف فِي الْيَسِيرِ دُونَ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ أَكْرَهُ التَّصَدُّقَ قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا التَّافِهَ الْيَسِيرَ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ مُطْلَقًا فِي سَائِرِ الْبِقَاعِ فَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَ الْمُلْتَقِطَيْنِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح وَهُوَ أحد القومين عِنْدَنَا لَا يَأْكُلُهَا إِلَّا الْفَقِيرُ
لَنَا عُمُومُ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ بِالْقَرْضِ يَمْلِكُ بِالِالْتِقَاطِ كَالْفَقِيرِ وَلِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ الِالْتِقَاطُ جَازَ لَهُ التَّمَلُّكُ بِهِ كَالْفَقِيرِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَ أُبَيًّا بِأَكْلِ اللُّقَطَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه وَجَدَ دِينَارًا فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَجَدْتُ هَذَا فَقَالَ عَرِّفْهُ فَذَهَبَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ عَرَّفْتُهُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ فَقَالَ فَشَأْنُكَ بِهِ فَذَهَبَ فَرَهَنَهُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَطَعَامٍ وَوَدَكٍ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ صَاحِبُهُ يَنْشُدُهُ فَجَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ هَذَا صَاحِبُ الدِّينَارِ فَقَالَ أَدِّهِ إِلَيْهِ فَأَدَّى عَلَيٌّ مَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ إِنَّمَا تَحِلُّ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ لَمَا حَلَّتْ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه لِتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ السَّلْفِ وَهُوَ جَائِزٌ لِلِاغْتِنَاءِ وَلِأَنَّ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ قَدْ اسْتَوَيَا قَبْلَ الْحَوْلِ فِي عَدَمِ التَّمَلُّكِ فَيَسْتَوِيَانِ بَعْدَهُ قِيَاسًا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - فِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهَا ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمُ وَلَا يَغِيبُ فَإِنْ وُجِدَ صَاحِبُهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا يَتَمَلَّكُهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهَا لَوِ اخْتُصَّ مِلْكُهَا بِالْفَقِيرِ لَمَا قَالَ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ بَلْ قَالَ هُوَ لِلْفَقِيرِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَمْنَعُ تَمَلُّكَ الْغَنِيِّ لِأَنَّ كُلَّ أَمْوَالِ الْغَنِيِّ مُضَافَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةَ
الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ الله الَّذِي آتَاكُم} قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْمُحَرِّرُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ هَلْ تُؤْخَذُ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى فَتُخْتَصُّ بِالْفَقِيرِ أَوِ اكْتِسَابًا فَتَعُمُّ قَالَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ هِيَ أَوَّلُ الْأَمْرِ احْتِسَابًا جَزْمًا وَعِنْدَ ح مَا يؤول للإحتساب وَعِنْدنَا تؤول لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ الحكم الْخَامِسُ وُجُوبُ الرَّدِّ وَالنَّظَرِ فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ وَقِيَامُ اللُّقَطَةِ وَفَوْتُهَا النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي ظُهُورِ الْمَالِكِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَصَفَ عفاصما ووكاءها وعدتها أَخذهَا وجوبا السُّلْطَان على ذَلِك وَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يَدْفَعُ غَلَبَ عَلَى صدقه بمنه كَذَا أَولا وَقَالَ ش وح إِذا وصف وَلم يغلب على ظَنّه صدقته حَرُمَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صدقه دَفعهَا على أَنه ضَامِن لما أَن جَاءَ مُسْتَحِقٌّ غَيْرُهُ وَلَا يُلْزِمُهُ الدَّفْعُ بِذَلِكَ بَلْ بِالْبَيِّنَةِ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - عَرِّفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِذَا جَاءَ مَنْ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا فَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَمَرَ بِمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَلَوْ أَنَّ دَفْعَهَا يفْتَقر إِلَى منته لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ بَلْ فَائِدَتُهُ الدَّفْعُ بِهِ وَلِأَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا مُتَعَذِّرٌ فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ وَلَمَّا تَعَذَّرَ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أُقِيمَ اللَّوْثُ مَقَامَهَا وَإِنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ السُّقُوطِ مُتَعَذِّرَةٌ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ
بَلْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِهَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْيَتِيمِ مُمْكِنٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِهَا يُؤَدِّي إِلَى ذَهَابِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَبُطْلَانِ حِكْمَةِ الِالْتِقَاطِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ شَرْطًا لَحَرُمَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا يَقْرُبُ أَخْذُهَا لِمَالِكِهَا وَالِالْتِقَاطُ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَمَنْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ مَالِهِ حَرَامٌ وَلَا يُقَالُ لَوِ ادَّعَى السَّرِقَةَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ مُتَعَذِّرَةً عِنْدَ السَّرِقَةِ لأَنا نقُول السّرقَة يَدَّعِي لِنَفَسِهِ بِخِلَافِ الْمُلْتَقِطِ وَقَدْ قَالَ مَالِكُ فِي قطاع الطَّرِيق لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ الْمَتَاعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِالْعَلَامَاتِ مِنْ عَدَدٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَاللُّقَطَةِ لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ كَاللُّقَطَةِ سَوَاءٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَالطَّالِبُ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا دَعْوَى فَلَا يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِهَا الْوَصْفُ كَسَائِرِ الدَّعَاوى وَلِأَنَّ الْيَدَ تُنَازِعُهُ فَلَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى الْجَوْدَةِ لَا عَلَى الْإِجْبَارِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ على من أنكر وَالْبَيِّنَة تُقَام عَلَيْهِ وَهَا هُنَا لَا مُنْكِرَ فَلَا يَمِينَ وَلَا بَيِّنَةَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّهُ عَامٌ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ خَاصٌّ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْرِهَا مُتَيَسِّرٌ بِخِلَافِهَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مَتَاعَهُ يَقَعُ مِنْهُ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مَشْعُورٌ بِهِ فَطُلِبَتْ فِيهِ الْبَيِّنَة بل إِلْحَاق هَذِه المصورة بِنَفَقَةِ الْيَتِيمِ أَشْبَهُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ الْمُحْوِجَةَ لِلْبَيِّنَةِ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَدَّعِي صَاحِبُهَا الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ لِيَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَحَدًا بَلْ صَاحِبُهَا يَقُولُ أَنَا
لَا شَيْء لي فَتبقى معرفَة الْوَصْف سالما عَنِ الْمُعَارِضِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْجَوَازِ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ تَفْرِيعٌ إِنْ جَاءَ أَحَدٌ فَوَصَفَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً كَانَت لَهُ وَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْك لِأَنَّك دَفَعْتَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَمْ يَذْكُرْ خلف الْوَاصِفِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشُّيُوخُ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ هَذَا الْبَابُ يُسَمَّى بِالدَّلِيلِ وَأَصْلُهُ قَمِيصُ يُوسُفَ عليه السلام وَهَلْ هُوَ كَالشَّاهِدِ فَيُحْتَاجُ مَعَهُ لِلْيَمِينِ أَوْ كَالشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُحْتَاجُ وَمَسَائِلُهُ أَرْبَعَةٌ وَاصِفُ اللُّقَطَةِ وَتَعَلُّقُ الْمَرْأَةِ بِرِجْلٍ وَهِيَ تَدْمَى وَتَنَازُعُ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا عُرِفَ أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الدُّورِ وَيُقْضَى بِهِ لِمَنْ يَلِيهِ وَجْهُ الْبِنَاءِ فَقِيلَ يُحْتَاجُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِلْيَمِينِ وَقِيلَ لَا يُحْتَاجُ وَقَدْ قضى بعد قَمِيص يُوسُف عليه السلام مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَنْظُرُ إِلَى ضَعْفِ السَّبَبِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ وَهُوَ مَوْضِعُ تُهْمَة وَالْمُتَّهَم يحلف وَفِي النكث إِنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ دُونَ عَدَدِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الْعِفَاصَ وَالدَّنَانِيرَ دُونَ الْوِكَاءِ أَوِ الْوِكَاءَ دُونَ غَيْرِهِ أَخَذَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ إِذَا حَلَفَ قَالَ أَشْهَبُ وَإِنْ وَصَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَأَخْطَأَ فِي الدَّنَانِيرِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ كَمَنْ قَالَ لَهُ دَنَانِيرُ وَهِيَ دَرَاهِمُ وَإِنْ أَصَابَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الصِّفَةِ وَأَخْطَأَ الْعُشْرَ لَمْ يُعْطَ إِلَّا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ أَنْ يَصِفَ عَدَدًا فَيُوجَدُ أَقَلُّ فَإِنَّ أَشْهَبَ يُعْطِيهُ وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اعْتَدَّ فِيهَا قَالَ التُّونِسِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ الصِّفَةَ دَلِيلٌ كَالْيَدِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَمِينِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ الْيَمِينُ مَعَ الْمُنَازَعَةِ وَلَا مُنَازع هَا هُنَا قِيلَ الْيَمِينُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْفَقِيرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ وَالْيَمِينُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدُ فَيَصِفُ أَيْضًا كَمَا يُسْتَبْرَأُ وَالْغَائِبُ فِي قَضَاءِ مَا
يُثْبِتُ عَلَيْهِ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِفَاصِ أَوِ الْوِكَاءِ أَجَازَهُ لِأَنَّهُ قَالَ يَنْسَى الْآخَرُ وَفِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ إِذَا أَخْطَأَ فِي أَحَدِهِمَا فَوَصَفَهُ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَأَصْوَبُ الْأَقْوَالِ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْمَعْرِفَةَ فَأَكَّدَهُ بِنَفْسِهِ أَو الْجَاهِل وَالنَّاسِي لَمْ يَكْذِبْ نَفْسَهُ وَإِنْ وُجِدَ الْعَدَدُ أَقَلَّ لَمْ يَضُرَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَخَذَ مِنْهَا أَوِ اكْتَرَى وَغَيْرُ السِّكَّةِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَإِن وصف سكَّة فَوجدت غير مَضْرُوبَة وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعْطَى حَتَّى يَذْكُرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَعَلَّ سَحْنُون أَرَادَ أَن سكَّة الْبَدْر كَذَا كلهَا شَيْء وَاحِد فكاسلم كَذَا يَأْتِي بِصِفَةٍ وَرَأَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِصِفَةِ سِكَّتِهِ قَالَ أَصْبَغُ فَلَوْ وَصَفَ وَاجِد العفاص والوكاء وَآخر عدَّة الدَّنَانِيرِ فَهِيَ لِوَاصِفِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ لِتَرَجُّحِهُ بِالزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ إِلَّا الْعَدَدَ لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَحْصُلُ تَحْصِيلُهُ مِنَ السَّمَاعِ وَالْعِفَاصَ لَهُ خُصُوصِيَّاتٌ وَالْعَدَدُ لَا يَخْتَلِفُ فَيَضْعُفُ وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوِ اجْتَمَعَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَإِذَا أَخَذَهَا الْأَوَّلُ ثُمَّ وَصَفَهَا آخَرُ لَمْ تُعْطَ لَهُ بَلْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَمِعَ الصِّفَةَ مِنَ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِثْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَضْرَة دَفنهَا إِيَّاهَا لِأَمْكَنَ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْيَدَ إِذَا عُلِمَ الْوَجْهُ الَّذِي أَخَذَتْ بِهِ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي بِالْمَعْنَى الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْأَوَّلُ سَقَطَ حُكْمُ الْيَدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَخَذْتَ أَخذ مَالَ مَيِّتٍ بِالْوِرَاثَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتُكُمَا يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَكُمَا بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذْتَ اللُّقَطَةَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالصِّفَةِ ثُمَّ تَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوقَفُ بَيْنَكُمَا وَقَالَ أَشهب فِي هَذَا يكون الأول وَلَوْ أَخَذْتَ بِالصِّفَةِ فَأَقَامَ غَيْرُكَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ لَقُدِّمْتَ لِرُجْحَانِكَ بِالصِّفَةِ وَيَبْقَى فِي يَدِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَصَفَهَا أَوْ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعْتُهَا لِمَنْ وَصَفَهَا وَلَا أَعْرِفُهُ وَلَمْ أُشْهِدْ عَلَيْهَا ضَمِنَهَا لِتَفْرِيطِهِ بِالدَّفْعِ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ وَإِذَا ثَبَتَ الدَّفْعُ فَالْخُصُومَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقَابِضِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَهَا بِالصِّفَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ إِنْ فَلَسَ الْقَابِضُ أَوْ عدم وَإِذا وجد فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا ذِمَّةٌ قَالَ ابْن
الْقَاسِمِ تُدْفَعُ لِأَحْبَارِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَخْطَأَ فِي صِفَتِهِ لَمْ يُعْطَهَا وَإِنْ وَصَفَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَأَصَابَهَا قَالَ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ ثُمَّ عَادَ لِلْحَلِفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْقَوْلُ بِالْيَمِينِ أَبْيَنُ اسْتِظْهَارًا وَقَدْ يَنْكِلُ فَيَكُونُ لِلْفَقْدِ أَوْ لِمَنْ يَأْتِي فَيَصِفُ وَلَوْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ وَجَهِلَ مَا سواهُ ستبرأ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ وَإِلَّا أُعْطِيهَا كَمَا فِي شَرْطِ الْخَلِيطَيْنِ لَا يَضُرُّ عَدَمُ بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَلَوْ أَخَذْتَهَا بِبَيِّنَةٍ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ أمره ثمَّ أَقَامَ أخر بَيِّنَة فَهِيَ الأول كَمَا ملكا بالتاريخ وَإِلَّا فَلصَاحِب اعْدِلْ الْبَيْتَيْنِ فَإِنْ تَكَافَأَتْ فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ أَنْتَ مَعَ يَمِينِكَ أَنَّهَا لَكَ لَا تَعْلُمَ لِصَاحِبِكَ فِيهَا حَقًّا فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لَكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحْتَمَلُ عِنْدَ التَّكَافُؤِ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَكُمَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَخَذْتَهَا كَالْوَارِثِ يجوز قَبْلَ الْوَارِثِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ادَّعَيْتُمَاهَا وَاتَّفَقَتْ صِفَتُكُمَا اقْتَسَمْتُمَاهَا بَعْدَ أَيْمَانِكُمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُكُمَا فَهِيَ لِلْحَالِفِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ نَكَلَا لَمْ تدفع لَكمَا قَالَ اللَّخْمِيّ أرى أَنْ يَقْتَسِمَاهَا لِأَنَّ يَمِينَ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لِمَنْ حَلَفَ وَإِنْ نَكَلْتُمَا اقْتَسَمْتُمَاهَا لِأَنَّ يَمِينَ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ يُسَاوِي دَعْوَاكُمَا وَلَمْ يُمْنَعَاهَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَدَّعِيَهَا ثَالِثٌ وَإِنْ زَادَ أَحَدُكُمَا صِفَةً قُضِيَ لَهُ بِهَا مِثْلُ أَنْ يَصِفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَيزِيد الآخر الْعدَد أَو الْعدَد كَذَا أَوِ السِّكَّةَ وَاخْتُلِفَ إِذَا اخْتَلَفَتْ صِفَاتُكُمَا كَمَا يَصِفُ أَحَدُكُمَا الْبَاطِنَ الْعَدَدُ وَالسِّكَّةُ وَالْآخِرُ الظَّاهِرَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ قِيلَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْبَاطِنِ أَقْوَى فَيُعَارِضُ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ الدَّفْعِ ثُمَّ جِئْتَ فَوَصَفْتَ أَوْ أَقَمْتَ الْبَيِّنَةَ إِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فَرَّطَ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يعلم دَفعهَا إِلَّا من قَوْله وَلَو أعلم أَنَّهَا أُخِذَتْ بِصِفَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَجَهِلَ الْآخِذُ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ قِيلَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى معنى التَّنْبِيه إِذا لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمَارَاتِ مِنَ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَزَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ الْعَدَدَ لِأَنَّهُ الْغَايَةُ فِي الْبَيَانِ وَزَادَ ابْنُ شَعْبَانَ السِّكَّة إِذا
اخْتَلَفَتِ السِّكَكُ قَالَ وَأَرَى أَنْ تَكْفِيَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَجَدَ دِينَارا الحَدِيث إِلَى أَن يُقَال فِيهِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ أُشْهِدُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ الدِّينَارَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - بِعَلَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُهُ لَيْلًا فَيَرْبُطُهُ فِي الظَّلَامِ فَلَا يَعْرِفُ إِلَّا الْعَدَدَ وَيَقُولُ أَنْفَقْتُ مِنَ الْعَدَدِ وَلَا أَدْرِي مَا بَقِيَ وَيَقُولُ عِنْدِي سِكَكٌ لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ مِنْهَا وَأما الوكاء فَكنت واحل كَذَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وِكَاءٌ وَاحِدٌ فَدَلِيلٌ وَاحِدٌ يَكْفِيهِ وَلَوْ رَأَيْتَهُ فِي الطَّرِيقِ يَأْخُذُهَا لَمْ يَكُنْ لَكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ وَهِيَ حِينَئِذٍ وَدِيعَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ وَهِيَ الْآنُ وَدِيعَتُكَ فَقَطْ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا وَصَفَ الْعِفَاصَ أَوِ الْوِكَاءَ وَجَهَلَ الْآخَرَ أَوْ غَلَطَ فِيهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا شَيْءَ لَهُ يُسْتَبْرَأُ أَمْرُهُ فَإِنْ لم يَأْتِ أحد بأثبت مِمَّا أنني بِهِ دفعت إِلَيْهِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَهْلِ فَيُعْطَى بعد الِاسْتِبْرَاء وَبَين الْغَلَط فَلَا يعْطى وَقَالَ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَّفْتَ آبِقًا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَأَتَيْتَ بِشَاهِدٍ حَلَفْتَ وَأَخَذْتَهُ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَيِّنَةً وَصَدَّقَكَ العَبْد دفع إِلَيْك لعدم المنازع وَالِاعْتِرَاف دَلِيل ظَاهر وَكَذَا الْمَتَاعُ مَعَ لِصٍّ يَدَّعِيهِ قَوْمٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمْ دفع إِلَيْهِمْ فِي النُّكَتِ يَخْتَلِفُ أَخْذُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِتَصْدِيقِ الْعَبْدِ فِي ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ إِذَا أَخَذَهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين أَخذ بِجِهَةِ الْمِلْكِ فَإِذَا أَقَامَ غَيْرَ شَاهِدٍ نُظِرَ أَيِّ الشَّاهِدِينَ أَعْدَلُ وَبِدَعْوَاهُ مَعَ التَّصْدِيقِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَلَا يَدْفَعُهُ إِذَا هَلَكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّصْدِيقِ يَضْمَنُهُ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ بل يَأْخُذهُ فِي الْوَقْت وبالتصديق فَيَأْتِي فِيهِ الْأَيَّامَ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ أُعْتِقَ الْآبِقُ عَنْ طَهَارَةٍ يُوقَفُ عَنِ امْرَأَتِهِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ هَالِكًا أَوْ مَعِيبًا وَقْتَ الْعِتْقِ فَيُؤْخَذُ سَالِمًا أَجْزَأَهُ وَلَا يَقْدَحُ إِمْكَانَ الْعَيْبِ وَزَوَالِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم التَّغْيِير
وَإِذَا قَالَ الْآبِقُ أَنَا لِفُلَانٍ لِرَجُلٍ آخَرَ سُئِلَ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ كُتِبَ إِلَيْهِ إِن كَانَ غَائِبا فَإِن دَعَاهُ إخذه وَلَا دُفِعَ لِمُدَّعِيهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَضَمِنَ وَحَلَفَ وَلَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ فَجَاءَ رَبُّهُ فَقَالَ كُنْتُ أَعْتِقُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَأُحْلِفَ إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِك قَالَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ هُوَ لَمْ يَقْبَلْ إِقْرَارَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذا بَاعهَا وَوَلدهَا واستلحق الْوَلَدَ إِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَدَتْ مِنِّي صُدِّقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا لَمْ يكن مَعهَا ولد اخْتلفت الرِّوَايَة فِي الْكِتَابِ فَرُوِيَ يُرَدُّ إِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ وَرُوِيَ لَا يُرَدُّ وَفَرَّقَ الشُّيُوخُ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ هُوَ لَهَا فَلَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِدَعْوَاهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَهُ الْمُتَقَدِّمُ وَبَيْنَ بَيْعِ السُّلْطَانِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَفِي النكت إِذا بَاعَ الإِمَام لم يصدق فِي أَنه عتق الْعَبْدَ وَيُصَدَّقُ فِي الْأَمَةِ إِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ التَّوَثُّقُ وَالْإِشْهَادُ فِي الْعَادَةِ فَعَدَمُ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَدَتْ مِنِّي وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ قَالَ وَإِنْ آلَى يُرَدُّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ الْإِشْهَارُ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْحُرَّ لَا يَأْبَقُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَأْبَقْ وَتَأْبَقُ أُمُّ الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِالْعِتْقِ فَيَصِحُّ أَنْ يَأْبَقَ إِلَّا أَنَّ الشَّأْنَ إِشْهَارُ الْعِتْقِ قَاعِدَةٌ الْإِقْرَارُ بَسِيطٌ وَمُرَكَّبٌ فَالْبَسِيطُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ نَحْوَ عَلَيَّ دَيْنٌ لِزَيْدٍ أَوْ عَلَى الْغَيْرِ وَحْدَهُ نَحْوَ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ فِي غَيْرِ مَعْرَضٍ مِنَ الشَّهَادَةِ فَيُقْبَلُ الْأَوَّلُ اتِّفَاقًا وَيُرَدُّ الثَّانِي اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ شَهَادَةَ شَرْطِهِمَا وَالْمُرَكَّبُ أَن ينظر بِنَفسِهِ وَلغيره نَحْو غَيْرِي وَعَبْدُ زَيْدٍ عَتَقَا أَمْسَ وَطُلِّقَتِ امْرَأَتِي وَامْرَأَةُ زَيْدٍ أَمْسَ وَعِنْدِي وَعِنْدَ زَيْدٍ دِينَارٌ لِعَمْرٍو فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَيْرِ لِإِمْكَانِ الِانْفِصَالِ وَتَارَةً يَتَعَذَّرُ الِانْفِصَالُ نَحْوَ عَبْدِي الَّذِي بِعْتُهُ حُرٌّ فَهُوَ اعْتِرَافٌ عَلَى الْغَيْرِ فِي إبِْطَال لملكه وَبَيْعُهُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي وُجُوبِ رَدِّ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ يَرِثُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ
وَالِانْفِصَالُ مُتَعَذَّرٌ لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهُ عَنِ الْغَيْرِ مَعَ تَنْفِيذِهِ فِي حَقِّهِ فَعِنْدَ عَدَمِ التُّهْمَةِ يَغْلِبُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ وَتَعَذَّرَ الِانْفِصَالُ فَهَذِهِ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ نُلَاحِظُ فُرُوقَ بَعْضِ الْفُرُوعِ وَبَعْضٍ فَتَخْتَلِفُ لِأَجْلِ تِلْكَ الْفُرُوعِ عِنْدَ مَالِكٍ الْأَحْكَامُ فِي تِلْكَ الْفُرُوع وَقَالَ ش وَابْن جنبل قَوْله بعد البيع اعتقه إِلَّا أَنْ يَبِيعَهُ هُوَ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الحكم إِن أرْسلهُ بعد أَخذه لعذر خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَضْرِبَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ أَشهب إِن أرْسلهُ فِي حَاجته يوبق فِي مِثْلِهَا ضَمِنَ بِخِلَافِ الْقَرِيبَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ قُلْتَ أَبِقِ مِنِّي كُشِفَ أَمْرُكَ إِن اتهمت قَالَ عبد الْملك لَا تَكْلِيف بَيِّنَة عَلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ انْفَلَتَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْأَخْذِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا صَدَقَكَ الْآبِقُ بِأَخْذِهِ بَعْدَ حَلْفِكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبٌ آخَرُ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ مِثْلَ مَا صدقك لوُجُود المنازع فَتَتَعَيَّنُ الْبَيِّنَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ إِذْ لَا حُكْمَ لَكَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحِدْثَانٍ دَفَعَهُ لَكَ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ قَلِيلًا خَوْفًا مِنْ طَالِبٍ ثَالِثٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُدْفَعُ لَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ طَالَ مُكْثُهُ أَمْ لَا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عِتْقُكَ لِعَبْدِكَ الْآبِقِ وَتَدْبِيرُهُ وَهَبْتُكَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِخِلَافِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ يُنَافِيهِ الْغَرَرُ وَإِذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هَلْ يُؤْخَذُ الْآبِقُ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَعَمْ وَيَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَأْتِ مَنْ يَطْلُبُهُ أَخَذَهُ وَضَمِنَهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ لغَائِب كتب إِلَيْهِ فَإِن دَعَاهُ أَخَذَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْعَبْدُ مُدَّعِيَهُ وَلَمْ يُقِرَّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْعُبُودِيَّةِ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالرِّقِّ هَلْ يَأْخُذُهُ مُدَّعِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي تَخْتَفِي لِقُوَّةِ دَلَالَتِهَا وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي الدَّوَابِّ هَلْ تُدْفَعُ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَصَرَّفُ بِهَا وَيَتَعَرَّفُ صِفَتُهَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ الْمَسْرُوقُ بِالصِّفَةِ
الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَتَيْتَ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِيهِ شَهِدَ عِنْدِي قَوْمٌ أَنَّ فُلَانًا صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا إِلَيْكَ قَدْ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ صِفَتُهُ كَذَا فَحَلَاهُ وَوَصَفَهُ فِي الْكِتَابِ وَعِنْدَ هَذَا الْقَاضِي عَبْدٌ مَحْبُوسٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلْيَقْبَلِ الْكِتَابَ وَالْبَيِّنَةَ الَّتِي فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ وَيَدْفَعُ إِلَيْكَ الْعَبْدَ قِيلَ وَتَرَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الصِّفَةِ وَيُكْتَبُ بِهَا إِلَى قَاضٍ آخَرَ قَالَ نَعَمْ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي سُرِقَ بِمَكَّةَ إِذَا عَرَفَهُ رَجُلٌ وَوَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَسْتَأْنِي الْإِمَامُ فِيهِ فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَ إِلَيْهِ بِالْعَبْدِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى فَإِنِ ادَّعَى الْعَبْدَ أَوْ وَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ كَالْمَتَاعِ تَلُومُ بِهِ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَضَمَّنَهُ إِيَّاهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ أَنَّهُ اسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ عَبْدٌ عَلَى صِفَةِ كَذَا أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَخَالَفَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَمَنَعَ أَخْذَ الْعَبْدِ بِكِتَابِ الْقَاضِي عَلَى الصِّفَةِ إِلَّا إِذَا اعْتَرَفَ لَهُ الْعَبْدُ وَمَنَعَ أَيْضًا أَشْهَبُ فِي الْعَبْدِ إِلَّا إِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ الْعَبْدُ الَّذِي فِي الْحُكْمِ وَأَجَازَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ إِنَّمَا تَجُوزُ لِضَرُورَةٍ وَالشَّاهِدُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي قَادِرٌ عَلَى شَهَادَةٍ عَليّ عين العَبْد فَإِن كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ لِلضَّرُورَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إِذَا غَفَلَ الْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَهُمْ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ حَتَّى خَرَجُوا وَبَعُدُوا أَنْ يَقْبَلَ الشَّهَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ وَتَصِيرُ ضَرُورَةً وَاخْتُلِفَ هَلْ يُطْبَعُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ وَالطَّبْعُ أَحْسَنُ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الِاعْتِمَادِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَالتَّسْلِيمِ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش وَقَالَ ح لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لِأَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ بَلْ عَلَى الصِّفَاتِ وَقَدْ تَتَّفِقُ الصِّفَاتُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَوْصُوفَاتِ لَنَا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لِلْآخَرِ عَلَى الْأَشْخَاصِ فِي الحكومات بصفاتهم وَإِنَّمَا يَأْخُذ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ باسمه وَصفته وَنسبه فَكَذَلِك هَا هُنَا
الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحِقَّتِ الدَّابَّةُ من يدك فادعيت شِرَائهَا مِنْ بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَخِفْتَ ضَيَاعَ حَقِّهِ فَلَكَ وَضْعُ قِيمَتِهَا بِيَدِ عَدْلٍ وَيُمَكِّنُكَ الْقَاضِي مِنَ الدَّابَّةِ فَيَخْرُجُ بِهَا لِبَلَدِ الْبَائِعِ لِتُشْهِدَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا فَإِنْ قَصَدَ الْمُسْتَحِقُّ السَّفَرَ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ وَخَرَجْتَ بِالدَّابَّةِ وَطَبَعْتَ فِي عُنُقِهَا وَيُكْتَبُ لَكَ كِتَابٌ إِلَى الْقَاضِي بِذَلِكَ الْبَلَدِ إِنِّي قَدْ حَكَمْتُ بِهَذِهِ الدَّابَّةِ لِفُلَانٍ فَاسْتَخْرَجَ مَالَهُ مِنْ بَائِعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ حُجَّةٌ فَإِنْ تَلِفَتِ الدَّابَّةُ أَوْ نَقَصَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَهِيَ مِنْكَ لِأَنَّكَ قَبَضْتَهَا مِنْ حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَتِكَ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ إِلَّا فِي الْجَارِيَةِ فَلَا تُدْفَعُ لَكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمِينًا وَإِلَّا فَتَسْتَأْجِرُ أَمِينًا خَوْفًا مِنَ الْوَطْءِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا ضَاعَتِ الْقِيمَةُ فَهِيَ مِنْ مُسْتَحِقِّ الدَّابَّةِ لِمَا مَلَكَتْ وَحَيْثُ تِلْكَ الْقِيمَةُ لَهُ فَهِيَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَنَظَائِرُهُ الثَّمَنُ فِي الْمُوَاضَعَةِ إِنْ هَلَكَ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ وَقِيلَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ مِنَ الْخَارِجِ بِالدَّابَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ ثَمَنَ الْمُوَاضَعَةِ قَدْ تَرَاضَيَا كَوْنَهُ ثَمَنًا لِلْجَارِيَةِ وَإِنَّمَا الْقيمَة هَا هُنَا كَالرَّهْنِ هَلَاكه من ربه هَذَا الْفرق بَاطِل لِأَن مَا أوجبه الشَّرْع عى الْمُكَلَّفِ لَا يَقْصُرُ عَمَّا أَوْجَبَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالرَّهْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ أُوقِفَتْ لِيَأْخُذَ عَيْنَهَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالشَّبَهُ بِثَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ أَقْوَى الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا زَكَّى الشَّاهِدُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَعُدُلُ الْمُزَكِّي مَعْرُوفُونَ وَالشَّاهِدُ غَرِيبٌ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِبَيِّنَةِ مُعْدَلَيْنِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَدَالَةٌ عَلَى عَدَالَةٍ حَتَّى تَكُونَ الْعَدَالَةُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ تُقْبَلُ عَدَالَةٌ عَلَى عَدَالَةٍ إِذَا كَانَ الشُّهُودُ نِسَاءً فَهُنَّ كَالْغُرَبَاءِ لقلَّة معرفَة الرِّجَال بهم
الْفَرْعُ السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا عَرَفَ الْآبِقُ ربه وَلم تعرفه دَفعته للْإِمَام ابْن لم تخف قِيمَته قَالَ بَان يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْملكِ دَفعته إِلَيْك لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ حُجَّةٌ وَبِأَمْرِ الْإِمَامِ أَحْسَنُ فَإِنْ جَحَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَدَفَعْتَهُ ضَمِنْتَهُ وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتَرَفَ لِغَيْرِهِ لَكَانَ لَهُ وَلَمْ يَنْفَعْ هَذَا مَا عَرَّفَهُ بِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ النَّظَرُ الثَّانِي فِي قِيَامِ اللُّقَطَةِ وَفَوَاتِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّنَةِ لَمْ يَفْسَخْ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ وَإِنْ بِيعَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ لِتَقَدُّمِ إِذْنِ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
صلى الله عليه وسلم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا وَلَهُ الثَّمَنُ مِمَّنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ بذل قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ أَشْهَبُ لَهُ فِي الدَّابَّةِ نقص الْبَيْعِ إِذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَإِنْ مَاتَت فَالثَّمَنُ إِنْ بِيعَتْ خَوْفَ الضَّيَاعِ فَأَمَّا إِنْ بَاعَ الثِّيَابَ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ وَلَهُ إِجَازَةُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي بَقَائِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ فَلَمْ يَجْعَلْ أَشْهَبُ الْبَيْعَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ فَرَّقَ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ تَعَدِّيًا جَازَ أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ لَبِسَهَا وَجعل ابْن الْقَاسِم شُبْهَة تمنع نقص الْبَيْعِ وَوُجُودُهُ غَيْرُ شَبِيهٍ يَمْنَعُ التَّضْمِينَ فَإِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَلَمْ يَضْمَنِ الْمَسَاكِينُ شَيْئًا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا أَخَذَهَا مِنَ الْمَسَاكِينِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَقَصَتْ فَلَهُ أَخْذُهَا نَاقِصَةً أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُتَصَدِّقُ فَيَأْخُذُهَا من الْمَسَاكِين فلك تضمنهم مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا عَنْ مُلْتَقِطِهَا يَوْمَ التَّصَدُّقِ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ بَعْدَ السَّنَةِ مَشْرُوطٌ بِضَمَانِ الْبَدَلِ فَجَعَلَ أَشْهَبُ صَدَقَتَهُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ كَغَاصِبٍ وَهَبَ وَمِنْ مَذْهَبِهِ رُجُوعُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَمَنْ رَجَعَ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَالْإِشْكَالُ هَلْ
يغرم الْمِسْكِين أم لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم لَو وجدهَا بيد من اتباعها مِنَ الْمَسَاكِينِ أَخَذَهَا وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ وَقَالَ غَيْرُهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ ثُمَّ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكَ أَخْذُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ نُقِضَ بَيْعُهُ وَلَمْ يَجْعَلِ الْمَسَاكِينَ كَالْوُكَلَاءِ عَلَى الْبَيْعِ فَيَمْضِي بَيْعُهُمْ وَيَغْرَمُ الْمُلْتَقط الْقيمَة قَالَ وَفِيه نظر إِذا وَجَبَ أَخْذُهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُلْتَقَطِ أَوْلَى مِنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَهُمْ أَخَذُوهُ عَلَى بَابِ الْمِلْكِ وَمِلْكُهُمْ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ وَهُمْ لَوْ أَكَلُوا اللُّقَطَةَ مَا ضَمِنُوا وَفِي الْجَوَاهِرِ مَتَى وَجَدَهَا قَائِمَةً أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ نَوَى تَمْلِيكَهَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ بِيَدِ الْمَسَاكِينِ تَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْكَ وَكَذَلِكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَفِي يَدِ الْمُبْتَاعِ مِنَ الْمُلْتَقِطِ بِخِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ وَجَدَهَا بِيَدِ الْمَسَاكِينِ نَاقِصَةً وَقَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْكَ خُيِّرْتَ فِي أَخْذِهَا وَلَا شَيْءَ لَكَ عَلَيْهِ أَوْ قِيمَتِهَا مِنْهُ وَيَأْخُذُهَا الْمُلْتَقِطُ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي نَقْصِهَا لِأَنَّهُ سَلَّطَهُمْ وَمَتَى عَيَّنَهَا وَالْمُلْتَقِطُ أَكَلَهَا أَوْ أَتْلَفَهَا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَكْلِ أَوِ التَّصَدُّقِ لِأَنَّ يَدَ السَّابِقَةِ لَهُ أَمَانَةٌ إِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ تصدق بهَا عَنْك أَو عَنهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُ فَأَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ فَلَكَ تَضْمِينُهُمُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ
(كِتَابُ اللَّقِيطِ)
وَهُوَ مِنَ اللَّقْطِ فَقِيلَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ جَرِيحٍ وَمَجْرُوحٍ وَقَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ لَا بِمَعْنى رَحِيم بِمَعْنى رَاحِم وَعَلَيْهِم بِمَعْنَى عَالَمٍ وَشَأْنُ فَعِيلٍ أَبَدًا أَنْ يَرِدَ بَيْنَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَإِنَّمَا يُعَيِّنُ أَحَدُهُمَا خُصُوصَ الْمَادَّة الَّتِي فِيهَا السِّيَاق الشَّيْء بِمَا يؤول فِيهِ مجَازًا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} و {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ وَفِيهِ بَابَانِ
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الِالْتِقَاطِ وَحُكْمِهِ)
وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ عز وجل {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دلوه قَالَ يَا بشراى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يعْملُونَ} وَقَوله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَيُرْوَى أَنَّ عُنَيَنًا بِضَمِّ الْعَيْنِ بِلَا نَقْطٍ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْيَاءِ وَالنُّونِ قَالَ أَخَذْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه فَذَكَرَهُ عَرِيفِي لِعُمَرَ رضي الله عنه فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي وَالْعَرِيفُ عِنْدَهُ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا الْغُوَيْرُ تَصْغِيرُ غَارٍ وَأَبْؤُسًا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فِي الْوَاوِ وَالْأَبْؤُسُ جَمْعُ الْبَأْسِ قَالَ عريفي أَنه لَا يهتم فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قُلْتُ وَجَدْتُ نَفْسًا بِمَضْيَعَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَأْجُرَنِيَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لَكَ وَعَلَيْنَا إِرْضَاعُهُ فَائِدَةٌ أَصْلُ هَذَا الْمَثَلِ غَارٌ فِيهِ نَاسٌ فنهار عَلَيْهِمْ وَقِيلَ جَاءَهُمْ فِيهِ عَدُوٌّ فَقَتَلَهُمْ فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ يُخَافُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ شَيْنٌ وَقِيلَ الْغُوَيْرُ مَاءٌ لِكَلْبٍ وَهَذَا الْمَثَلُ تَكَلَّمت بِهِ الزباء بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا مَقْصُورٌ فِي قِصَّتِهَا مَعَ قَصِيرِ اللَّخْمِيِّ حِينَ أَخَذَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ فَأَتَى عَلَى الْغُوَيْرِ وَمَقْصُودُ عمر رضي الله عنه فِي هَذَا الْمَثَلِ أَنْ يَقُولَ لِلرَّجُلِ لَعَلَّكَ صَاحِبُ هَذَا الْمَنْبُوذِ حَتَّى أَثْنَى عَلَيْهِ عَرِيفُهُ جَيِّدًا وَنَصَبَ أَبْؤُسًا عَلَى أَصْلِ خَبَرِ عَسَى فَإِنَّ أَصْلَ خَبَرِهَا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ خَبَرِ كَانَ فَلَمَّا جَعَلُوهُ فِعْلًا بِمَعْنَى الِاسْمِ رَاجَعُوا
الْأَصْلَ فِي قَوْلِهِمْ كَذَبَ أُبَيًّا وَعَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا وَفِي الْجَوَاهِرِ الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَة وَقَالَ الْأَئِمَّةُ قِيَاسًا عَلَى إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَالطَّعَامِ وَالْمُضْطَرِّ وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي قَاعِدَةِ حِفْظِ النُّفُوسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ فَمَتَى خِفْتَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ وَجَبَ عَلَيْكَ الْأَخْذُ وَإِنْ أَخَذْتَهُ بِنِيَّةِ تَرْبِيَتِهِ حَرُمَ عَلَيْكَ رَدُّهُ وَإِنْ أَخَذْتَهُ لِتَرْفَعَهُ لِلْإِمَامِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْكَ جَازَ رَدُّهُ لِمَوْضِعِ أَخْذِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَمَعْنَى ذَلِك عِنْدِي أَن يُؤمن عَلَيْهِ اهلاك بِمُسَارَعَةِ النَّاسِ لِأَخْذِهِ بَعْدَ رَدِّهِ وَمَنْ أَخَذَ لَقِيطًا فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ وَوَلَاءُ اللَّقِيطِ لجَماعَة الْمُسلمين لايختص بهَا اللَّقِيط إِلَّا بِتَخْصِيصِ الْإِمَامِ وَمَا فِي أَثَرِ عُمَرَ رضي الله عنه النَّاسُ عَلَى خِلَافِ عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وِلَايَةِ الْإِرْضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ دُونَ الْمِيرَاثِ وَالنِّكَاحِ أَوْ يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّصَرُّف فالإمامة فَعَلَى هَذَا مَتَى خَصَّصَ الْإِمَامُ مُلْتَقَطًا بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُكَاتَبِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ فَإِنْ فَعَلَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ وَيُنْزَعُ اللَّقِيطُ مِنَ الذِّمِّيِّ لِئَلَّا يُنَصِّرَهُ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ رَبَّتْ نَصْرَانِيَّةٌ صَبِيَّةً حَتَّى بَلَغَتْ عَلَى دِينِهَا أَن ثبتَتْ لقطَة ردَّتْ على لِلْإِسْلَامِ وَهِيَ حُرَّةٌ وَوَافَقْنَا ش فِي الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَنَصَّ عَلَى الْفَاسِقِ لَا يُقِرُّ اللَّقِيطُ بِيَدِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرِقَهُ وَأُلْحِقَ بِالْفَاسِقِ الْغَرِيبُ الْمَجْهُولُ الْأَمَانَةِ وَلَهُمْ فِي الْفَقِيرِ وَجْهَانِ لَا يلتقط لِئَلَّا يضر باللقيط فقره ويلتقط اعْتِمَاد عَلَى لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَافَقَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ وَإِذَا ازْدَحَمَ اثْنَانِ كِلَاهُمَا أَهْلٌ قُدِّمَ السَّابِقُ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ ش يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ فَيُقِرُّهُ فِي يَد أَحدهمَا وَفِي يَد
غَيرهمَا وَيلْزم الْمُلْتَقِط الْحَضَانَة وَلَا يُلْزِمُهُ النَّفَقَةَ إِنْ وَجَدَ من ينْفق على الصَّبِي لِأَن عُمَرَ رضي الله عنه فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْحَضَانَةِ سَلَّمَهُ لِلْقَاضِي وَإِنْ تَبَرَّمَ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْكُهُ إِنْ أَخَذَهُ لِيَحْضُنَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَفَقَةُ اللَّقِيطِ فِي مَالِهِ وَهُوَ مَا وَقَفَ عَلَى اللَّقْطِ أَوْ رَتَّبَ لَهُمْ أَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ أَوْ وُجِدَ تَحْتَ يَدِ اللَّقِيطِ عِنْدَ الْتِقَاطِهِ مَلْفُوفًا عَلَيْهِ أَوْ فِي النُّسْخَةِ مَوْضُوعًا عَلَيْهِ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فِرَاشٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ مَعَهُ كيس أَو مَا هُوَ مَدْفُونٌ فِي الْأَرْضِ تَحْتَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَإِنَّهُ لَهُ وَمَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ مَوْضُوعٌ أَوْ دَابَّةٌ مَشْدُودَةٌ فَهُوَ لُقَطَةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ فَمَا فِي يَدِهِ فَهُوَ لَهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ فَلَيْسَ مِلْكَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَالِغِ الْقَرِيبِ مِنْهُ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَبَيْنَهُ أَنَّ الْبَالِغَ يَدَّعِي مَتَاعَهُ بِالْقُرْبِ بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَوَافَقْنَا الْأَئِمَّةَ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيمَا يُنْسَبُ لِلطِّفْلِ فَإِنْ عُدِمَتْ هَذِهِ الْجِهَاتُ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ أَحَدٌ بِالنَّفَقَةِ فَفِي بَيت المَال وَقَالَهُ الْأَئِمَّة لِأَن أَخْذُ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فروى فِي الموازنة عَلَى الْمُلْتَقِطِ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ وَلَيْسَ لَهُ طَرْحُهُ لِأَنَّهُ بِالِالْتِقَاطِ لَزِمَهُ أَمْرُهُ كُلُّهُ ثُمَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَأَنْفَقَ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إِشْغَالَ ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ فَيُتْبِعُ زَيْدًا لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ إِنْ كَانَ طَرْحُهُ مُتَعَمِّدًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حِسْبَةً فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِحَالٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْأَبِ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْأَبِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَنْفَقَ لِيَتْبَعَهُ فَطَرَأَ لَهُ أَبٌ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ اتَّبَعَهُ أَوْ حِسْبَةً لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ ضِدَّ صَبِيٍّ فَأَنْفَقْتَ عَلَيْهِ لَمْ تَتْبَعْ أَبَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِسَابِ وَحَيْثُ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيُرْجِعَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَعِصْمَةُ الْأَمْوَالِ عَنِ الضَّيَاعِ وَعِنْدَ ش مَتَى أَخذ اللَّقِيطُ وَغَلَبَ ظَنُّهُ أَنَّ ثَمَّ مَنْ يَحْفَظُهُ جَازَ لَهُ رَدُّهُ لَنَا
قَوْله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَهَذَا عمل لظَاهِر قَول عمر رضي الله عنه عَلَيْك إرضاعه وَصِيغَة عَلَيْك للْوُجُوب واللزوم
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ)
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ إِسْلَامُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْإِسْلَامُ يَحْصُلُ اسْتِقْلَالًا بِمُبَاشَرَةِ الْبَالِغِ وَكَذَلِكَ الْمُمَيِّزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ رَجَعَ عَنْهُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ وَأَقَامَ عَلَى رُجُوعِهِ فَهُوَ مُرْتَد لِأَن الْإِيمَان قد وَجب مِنْهُ حَقِيقَة فَيقبل للردته وَقَالَهُ ح وردة الصَّغِير تصح عِنْد ابْن الْقَاسِمِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخِطَابِ بِالْأَسْبَابِ كَالْإِتْلَافِ لَا من بَاب التَّكْلِيف وَمنع سَحْنُون وش الصِّحَّةَ وَأَبَاحَ ذَبِيحَتَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يحرم عَلَيْهِ عَلَيْهِ الْكُفْرُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي حَقِّهِ وَلَا يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَبِيٌّ وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ الْوَاجِبَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ وَالْإِيمَانُ لَا يَقَعُ نَفْلًا فَلَا يُعْتَبَرُ إِيمَانُهُ مُطْلَقًا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ لَا يُتَصَوَّرُ إِسْلَامُهُمَا إِلَّا تَبَعًا وَلِلتَّبَعِيَّةِ ثَلَاثُ جِهَاتٍ الْأُولَى إِسْلَامُ الْأَبِ فَيَتْبَعُهُ دُونَ أُمِّهِ لِأَنَّ الدِّينَ بِالنُّصْرَةِ وَالْأَب ذكر مظنتها دون الْأُم وَقَالَ ابْن وهب وش مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ لَنَا أَنَّهُ إِسْلَامٌ لِغَيْرِ مَنْ دَخَلَ فِي عُهْدَةٍ فَلَمْ يَتْبَعْهُ كَالْحَالِ وَلِأَنَّ الْأُمَّ مُسَاوِيَةٌ لَهُ فِي الدُّخُولِ تَحْتَ عُهْدَةِ الْأَبِ فَلَا يَتْبَعُهَا كَأَخِيهِ وَلِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْمُتَبَرِّعُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَبَرِّعَ فِي الْإِسْلَامِ كَعَقْدِ الذِّمَّةِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّبَعِيَّةِ فَبَلَغَ وَاعْتَرَفَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ فَكُلُّ لَقِيطٍ وُجِدَ فِي قُرَى الْإِسْلَامِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ فِي قُرَى الْكُفْرِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَعْرِضُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مُسْلِمٌ فَيَجْعَلُهُ عَلَى دِينِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ حُكْمُهُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْإِسْلَامُ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَو
ذِمِّيٌّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَجْعَلُهُ حُرًّا وَإِنْ جُهِلَتْ حُرِّيَّتُهُ لِاحْتِمَالِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ رَجَّحَ جَانِبَهَا وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ مَتَى كَانَ فِي الْبَلَدِ مُسلمُونَ أَو مشركون أقوى كَذَا بِالْحُرِّيَّةِ وَفِيهِ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ فَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ لِجَرَيَانِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الدَّارِ وَإِسْلَامُ مَنْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ كَافِرًا وَإِنْ صَالَحَهُمُ الْإِمَامُ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وَلَدُهُمْ وَإِنْ كَانَ فِي بلد الْكفْر الأَصْل كَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَكَافِرٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْكُفَّارِ الحكم الثَّانِي نَسَبُ اللَّقِيطِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ اسْتَلْحَقَهُ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ لَا يُلْحَقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَكُونُ لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ كمن عرفه أَنه لَا يعِيش لَهُ ولد فَزعم أسر كَذَا ماه لِأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ إِذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّ غَيْرَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَلْحَقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِلٌ يَخْفَى إِلَّا أَن يطهر كذبه قَالَ الشَّيْخ أَبُو اسحاق هُوَ الْمُخْتَارُ وَرُبَّمَا طَرَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ مِنَ الْإِمْلَاقِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا اسْتَلْحَقَ الذِّمِّيُّ لَقِيطًا بِبَيِّنَةٍ لَحِقَهُ وَكَانَ على دينه إِلَّا أَن يسلم وغين اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِمَا يُشْبِهُ مِنَ الْعَدَدِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ إِقَامَتَهَا لِبَيِّنَةٍ عَلَى ولدتها مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَالَةُ تَسَتُّرٍ وَلِأَنَّهَا إِنْ أَلْحَقَتْهُ بِزَوْجِهَا فَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُلْحِقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ وَلِذَلِكَ إِذَا اسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ لَا يُلْحَقُ بِالْمَرْأَةِ وَإِنِ ادَّعَتْهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَة أَو زنا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ أَمَّا الزَّوْجُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَالْمَرْأَةُ لَا تَتَزَوَّجُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا إِحْدَى الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ قَالَتْ مِنْ زِنًا حَتَّى يُعْلَمَ كَذِبُهَا لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ عليه السلام أَنَّ الذِّئْبَ عَدَا عَلَى صَبِيٍّ لِامْرَأَةٍ فَادَّعَتْ أَنَّ ابْنَ الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا ابْنهَا فتداعياه لِسُلَيْمَان فَأمر أَن يقسم بَينهمَا يسكن فَقَالَتْ أُمُّهُ لَا
تَفْعَلُ سَلَّمَتُ لَهَا فَقَضَى بِهِ لِلْمَانِعَةِ مِنْ قِسْمَتِهِ لِأَنَّ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِ وُجِدَتْ مِنْهَا دُونَ الْأُخْرَى وَكَانَ دَاوُود عليه السلام قَضَى بِهِ قَبْلَهُ لِلْأُخْرَى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ الِاسْتِلْحَاقُ لَمَا قُضِيَ بِالصَّبِيِّ لِمُدَّعِيَتِهِ مِنْهُمَا أَوْ لِلْأُولَى وَأَخَّرَ الْأُخْرَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُصَدَّقُ فِي الزِّنَى وَتُحَدُّ وَأَمَّا مَنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا إِلَّا أَنْ تَدْعِيَهُ فَيُلْحَقُ بهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْإشْرَافِ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى نَسَبِ اللَّقِيطِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الْحَضَانَةِ لَمَا عَلَى اللَّقِيطِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ فَكَانَ إِلْحَاقُهُ بِالْمُسْلِمِ وَالْحُرِّ أَوْلَى وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَضَانَةَ وِلَايَةٌ يُخْشَى عَلَى اللَّقِيطِ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ الدِّينِ وَسُوءِ الْحَالِ بِخِلَافِ النِّسَبِ وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ صَحَّتْ دَعْوَاهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا اسْتَوَيَا كَالْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ فَيُسَاوِيهِ فِي الْمُنَازَعَةِ قِيَاسًا لِلْفَرْعِ الَّذِي هُوَ الْمُنَازَعَةُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ النَّسَبُ الحكم الثَّالِثُ حُرِّيَّتُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ دَعْوَى الرِّقِّ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرِقَّ نَفْسَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّة أَن الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحَرِيَّةُ وَإِنَّمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِمُ الرِّقُّ بِجَرِيرَةِ الْكُفْرِ وَقَالَهُ عُمَرُ وَقَالَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنهما وَتَلَا قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثمن بخس دَرَاهِم مَعْدُودَة} وَجْهُ الْحُجَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لِمُلْتَقِطِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَائِهِ وَلِأَنَّهُ إِنْ كَانَ ابْنَ أَمَةٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهَا أَو ابْن أم ولد أز ابْنَ حُرَّيْنِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ هُوَ رَقِيقٌ لِمُلْتَقِطِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ مِلْكٍ وَالِالْتِقَاطُ إِنَّمَا هُوَ لِلْحِفْظِ دُونَ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ الحكم الرَّابِع جِنَايَته وَفِي الْجَوَاهِر أرش خطأه فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لَهُ وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ وَبِذَلِكَ قَالَ الْأَئِمَّة
(كتاب الْوَدِيعَة)
وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الْمُقَدِّمَةُ فِي اشْتِقَاقِهِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْعِ وَهُوَ التَّرْكُ وَمِنْهُ
قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - وَدِدْتُ أَنْ أُخَالِفَ إِلَى بُيُوتِ أَقْوَامٍ فَأَضْرِمُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ نَارًا لِوَدْعِهُمُ الْجَمَاعَةَ أَيْ لِتَرْكِهِمُ الْجَمَاعَةَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلا} أَيْ مَا تَرَكَ عَادَةَ إِحْسَانِهِ فِي الْوَحْيِ إِلَيْكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنهُ الْوَحْي وَمن خَصَائِصه هَذَا الْمَصْدَرِ أَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ فِعْلَهُ ماضي اسْتِغْنَاءً بِ تَرَكَ فَتَقُولُ تَرَكَ وَلَا يَقُولُونَ وَدَعَ إِلَّا شَاذًّا وَلَمَّا كَانَ الْمُودِعُ يَتْرُكُ لَك مَا لَهُ عنْدك عِنْده سُمِّيَ وَدِيعَةً وَقِيلَ هِيَ مِنَ الدَّعَةِ وَهِيَ مِنَ السُّكُونِ وَخَوْضِ الْعَيْشِ لِأَنَّ الْمَالَ سَاكِنٌ عِنْدَ الْمُودَعِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِظُهُورِ الْوَاوِ فِي أَولهَا وَالْوَاو فِي ودع مُخَفّفَة وَهِي فعلية بِمَعْنى مفعولة بِنَحْوِ قَتِيلَةٍ بِمَعْنَى مَقْتُولَةٍ وَجَرِيحَةٍ بِمَعْنَى مَجْرُوحَةٍ لَا مِنْ بَابِ رَحِيمَةٍ بِمَعْنَى رَاحِمَةٍ وَلَا بِمَعْنَى عَلِيمَةٍ بِمَعْنَى عَالِمَةٍ وَفَعِيلٌ أَبَدًا شَأْنُهُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِ الْمَادَّة الَّتِي وَقع الْكَلَام فِيهَا
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي الْإِيدَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظِ الْمَالِ وَهُوَ عَقْدُ أَمَانَةٍ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ الدَّافِعِ عَكْسُهُ الْقَرْضُ وَالْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا الرَّهْنُ لَا جَرَمَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الطَّرَفَيْنِ وَاخْتَلَفَ فِي الضَّمَانِ فِي الْمُرَكَّبِ وَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ خَمْسَةٌ الْوكَالَة والجعالة والمغارسة والتحكيم والقراض مذكران وَالثَّلَاثَة مُؤَنَّثَاتٌ وَيَكُونُ هَذَا سَادِسَهَا وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِيدَاعَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ يُخَافُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مَنْدُوبًا على الْكِفَايَة وكالأذان وَالْإِقَامَةِ وَسُنَنِ تَجْهِيزِ الْأَمْوَاتِ وَوَاجِبٌ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ عِنْدَ رَبِّهِ مِنْ ظَالِمٍ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ صَوْنُهُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ فِي فَصْلِ النّذر وَالْوُجُوبِ لِأَنَّ صَوْنَ المَال وَاجِبا إِجْمَاعًا كَالنُّفُوسِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ الْإِيدَاعُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَجَدْتَ مَنْ يُودِعُ لَكَ أَمْ لَا وَيَنْتَفِي لُزُومُهُ إِذَا لَمْ يجد عَلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إِذَا دعيت وَلَيْسَ فِي الْبَلَد غَيْرك من يَرَى وُجُوبَهُ وَجَدَ مَنْ شَهِدَ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِنْ أَوْدَعْتَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَا يضمن وَقَالَ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِلْعَنْبَرِيِّ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَقَالَ ش يَفْتَقِرُ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ وَأَصْلُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فِيهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَأما الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهلهَا} وَالسّنة
قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - أد الْأَمَانَات
لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ وَكَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَدَائِعُ تَرَكَهَا عِنْدَ أُمِّ أَيْمَنَ لَمَّا هَاجَرَ وَأَمَرَ عَلِيًّا رضي الله عنه أَنْ يُؤَدِّيَهَا لِأَرْبَابِهَا وَأَجْمَعَتْ الْأَئِمَّةُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ عَلَى حُسْنِ الْإِيدَاعِ قَاعِدَةٌ الْعُقُودُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا ترَتّب مَصْلَحَتُهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ شَأْنُهُ اللُّزُومَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ وَقَدْ حَصَلَ وَمِنْهَا مَا لَا تَتَرَتَّبُ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مُجَرّد العقد كالحعالة فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَقْصُودَهَا حُصُولُ الْمَجْعُولِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَحَصِّلٍ عِنْدَ الْعَقْدِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهَا فَكَانَتْ عَلَى الْجَوَازِ ثُمَّ تَرِدُ نُقُوضٌ تَنْدَفِعُ بِالْفُرُوقِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَوَاضِعِهَا وَأَصْلُ الْقَاعِدَةِ وَسِرِّهَا مَا تَقَدَّمَ تَنْبِيهٌ الْجَوَازُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا نَفْيُ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ الَّذِي يكثر اسْتِعْمَاله وَثَانِيهمَا يُمكن كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ شَرْعًا وَلَا يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِالْإِبَاحَةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ جَعْلُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا قَسِيمًا لِلْعُقُودِ الْجَائِزَةِ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ فَكَانَ التَّفْسِيرُ يَعُمُّ فَتعين أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْجَوَازِ فِي الِاصْطِلَاحِ مُشْتَرَكًا الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُودِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إِلَّا أَهْلِيَّة التَّوَكُّل فَإِنَّ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ لَهُ أَنْ يُودِعَ غَيْرَ أَن الْمَحْجُور عَلَيْهِ لَا يتَصَرَّف بِمَال فَلَا يودع وَقَالَ الْأَئِمَّة وَقَالَ ش وَابْن حَنْبَل إِن أَوْدَعَكَ صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ لَمْ تَبْرَأْ إِلَّا بَعْدَ الدَّفْعِ لِلْوَلِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَّفقا عَلَيْهِ
الرُّكْنُ الثَّالِثُ عَاقِدُهُ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إِلَّا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى الْحِفْظِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا مَحْرَمٍ إِذَا كَانَتِ الْوَدِيعَةُ امْرَأَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا أَوِ امْرَأَةً
لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يخلون رجل بأمرة لَيْسَ بَيته وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ وَأَجَازَ مَالِكٌ لِمَنِ ادَّعَى أَمَةً وَأَقَامَ شَاهِدًا أَوْ لَطْخًا وَوَضَعَ الْقِيمَةَ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إِذَا كَانَ مَأْمُونًا وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ أَصْوَبُ لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَيْهَا مِنَ الْمُدَّعِي أَشَدُّ لِأَنَّهُ يَقُولُ هِيَ أَمَتِي أَسْتَبِيحُهَا إِذَا غَابَ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَ صَغِيرًا بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَمْ لَا لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ بِعْتَهُ سِلْعَةً فَأَتْلَفَهَا لَا يَبِيعُهُ بِثَمَنٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ وَدَفَعْتَ الثَّمَنَ إِلَيْهِ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنْتَ السِّلْعَةَ وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْوَدِيعَةَ إِلَّا إِنْ أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَوَافَقَنَا ح لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَلِأَنَّكَ سَلَّطْتَهُ عَلَى الْإِتْلَافِ فَهُوَ كَالْإِذْنِ فَلَا يَضْمَنُ كَالْبَالِغِ احْتَجُّوا بِأَنَّكَ سَلَّطْتَهُ عَلَى الْحِفْظِ وَلَمْ تُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعْتَ عِنْدَ خَائِنٍ تَعْلَمُ خِيَانَتَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إِجْمَاعًا فَكَذَلِك هَا هُنَا وَالْجَوَاب عَن الأول إِن علم الْمُودع بِحَال يتنزل منزله الاكر كَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ قَدَّمَ حَيَوَانًا لِلسِّبَاعِ يُضَمِّنُهَا إِيَّاهُ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِحَالِ السَّبْعِ تَسْلِيطٌ وَعَنِ الثَّانِي أَن الْجَائِز مُتَوَقَّعٌ فِي حَقِّهِ الْوَازِعُ الشَّرْعِيُّ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَأَتْلَفَهَا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ إِنْ عتق
يَوْمًا لِأَنَّهُ لم يحِق كَذَا لِتَسْلِيطِكَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يَفْسَخَهَا عَنْهُ السَّيِّدُ فِي الرِّقِّ وَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَإِذَا أَسْقَطْتَهُ سَقَطَ فِي رِقِّهِ وَبَعُدَ عِتْقُهُ وَإِلَّا لَبَقِيَ الْعَبْدُ وَمَا أَتْلَفَهُ الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ وَدِيعَةٍ فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّكَ مُتَطَوِّعٌ بِالْإِيدَاعِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إِسْقَاطُ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِذَلِكَ بِالْإِذْنِ وَكَذَلِكَ مَا أفْسدهُ العَبْد الصَّانِع والمأذون لَهُ فِي الصِّنَاعَةِ مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِ لِيَعْمَلَهُ أَو يَبِيعهُ وَكَذَلِكَ مَا أئتمن عَلَيْهِ أَوِ اسْتَسْلَفَهُ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ السَّيِّد وَلَيْسَ لسَيِّد فَسْخُ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِيمَا تُتَوَقَّعُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ وَمَا قَبَضَهُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ مِنْ وَدِيعَةٍ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَأَهْلَكُوهَا فَفِي ذِمَّتِهِمْ لَا فِي رِقَابِهِمْ كَالْمَأْذُونِ وَبِخِلَافِ قَبْضِ الصَّبِيِّ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ أَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِأَبِيهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ أَذِنَ وَلَيُّهُ أَمْ لَا لِأَنَّكَ سَلَّطْتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ وَصَدَّقْتَهُ كَقَوْلِهِ سَيِّدِي أَمَرَنِي أَنِ أَسْتَعِيرَ مِنْكَ فَصَدَّقْتَهُ وَدَفَعْتَ إِلَيْهِ فَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ فَقَالَ لِلسَّيِّدِ إِسْقَاطُهُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنه مَا بَعثه وَهُوَ لأشبه لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعِيبَ نَفْسَهُ بِكَذِبِهِ وَعُدْوَانِهِ وَأَنْتَ أَتَلَفْتَ مَتَاعَكَ بِتَصْدِيقِهِ وَقِيلَ هُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُسْقِطُهُ وَأَمَّا مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ فَيُتْبَعُونَ بِهِ وَكُلُّ مَا لَزِمَ رَقَبَةَ الْعَبْدِ لَزِمَ ذِمَّةَ الصَّبِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرِكَةِ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَيَطَأَهَا الْعَبْدُ فَقِيلَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ لِشَرِكَةِ الْحُرِّ إِيَّاهُ وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ بَيْنَ الْوَغْدِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا لَهُ فِي الْإِيدَاعِ وَلِسَيِّدِهِ فَسْخُ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَبَيْنَ ذِي الْهَيْئَةِ فَلَا يَقْدِرُ السَّيِّدُ عَلَى فَسْخِ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَالْمَحْجُورُ إِذَا كَانَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بِغَيْرِ إِذن فكالمأذون لَهُ فِي ذَلِك وَأَخذه الْوَدَاع عَن ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَسْلَفْتَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ذَهَبًا عَلَى عَمَلٍ فَأَفْلَسَ لَزِمَ ذَلِكَ الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ وَخَرَاجِهِ إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي عَمَلِ الصَّنْعَةِ فَقَطْ وَالسَّلَفُ كَثِيرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي خَرَاجِهِ أَوْ يَسِيرًا
فَفِي ذِمَّتِهِ وَخَرَاجِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْعُتْبِيَّة إِذا أَرَادَت إِيدَاعَهُ فَقَالَ لَهُ أَوْدِعْ عَبْدِي فَفَعَلْتَ فَاسْتَهْلَكَهَا الْعَبْدُ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ غَرَّهُ السَّيِّدُ فِي الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي إِيدَاعُ الصَّبِيِّ وَلَا السَّفِيهِ لِأَنَّهُ تَعْرِيضُ الْمَالِ لِلضَّيَاعِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِإِتْلَافِهِمَا إِلَّا أَنْ يُنْفِقَا ذَلِكَ فِيمَا لَا لَهُ غنى مَا عَنْهُ وَلَهُمَا مَالٌ فَيَتْبَعَانِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ أَفَادَ غَيْرُهُ لَمْ يَتَعَاقَبْهُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَل فِي الْقِنّ وَقَالَ ش وح مَا ضَيَّعَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ مِنَ الْوَدَائِعِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ أَتْلَفَاهَا لَمْ يُضَمَّنَا عِنْدَ ح وَنَقْضُ أَصْلِهِ لِقَوْلِهِ إِذَا أَوْدَعَ الصَّبِيُّ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَتَلَهُمَا ضَمِنَهُمَا وَضَمَّنَ ش الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ هَذَا الْإِيدَاعَ تَسْلِيطٌ عَلَى الْإِتْلَافِ أَمْ لَا فَعِنْدَ ش هَذَا الْإِيدَاع ملغى فَكَأَنَّهَا حتما كَذَا عَلَى الْمَالِ ابْتِدَاءً لَنَا أَنَّ التَّضْيِيعَ مَعْلُومٌ مِنَ الصَّبِيِّ فَصَاحِبُ الْمَالِ هُوَ الْمُهْلِكُ لِمَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَأَوْرَدُوا عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِضْ بِمَا إِذَا أُودِعَ عَبْدٌ مَعْلُومُ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا لَفَتَ من كَذَا الصَّبِيُّ فَأُتْلِفَ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ وَدَفَعْتَ لَهُ الثَّمَنَ وَأَجَابُوا بِأَنَّ عَقْدَ الْمُعَارضَة تَقْتَضِي التَّسْلِيطَ عَلَى الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ وَلِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَا لَكَ لَرَجَعَ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ الَّذِي سَلَّطَهُ فَلَا يُفِيدُ التَّضْمِينُ شَيْئًا وَقِيَاسًا عَلَى الْعَرَضِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مَظِنَّةَ الْإِتْلَافِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَهُمَا أَوْ أَبَضَعْتَهُمَا فَلْيَكُنْ الْمَالُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا كَالْمَالِ عِنْدَ الْوَصِيَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصِيَّيْنِ عَدْلٌ خَلَعَهُمَا السُّلْطَانُ وَوُضِعَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوِ اقْتَسَمَاهَا لَمْ يُضَمَّنَاهَا فِي ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْخَلْعُ عِنْدَ عَدَمِ
الْعَدَالَةِ مُخْتَصٌّ بِالْوَصِيَّيْنِ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَلَا يُوصِي الْفَاجِرُ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ هُمَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمَا وَلَا يَقْتَسِمَانِهِ وَيَجْعَلَانِهِ حَيْثُ يَثِقَانِ وَأَيَادِيهُمَا فِيهِ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْبِضَاعَةِ إِنِ اقْتَسَمَاهَا أَوْ كَانَتْ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا عَدَالَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَ الْفُجُورِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ يَحْيَى وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيَّانِ إِذَا اقْتَسَمَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَضْمَنُ كُلُّ وَصِيٍّ مَا سُلِّمَ بِالتَّسْلِيمِ وَمَا صَارَ بِيَدِهِ يَدْفَعُ يَدَ الْآخَرِ عَنْهُ وَلَمْ يَرْضَهَا الْمُوصِي إِلَّا جَمِيعًا الرُّكْنُ الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمُودَعُ وَلَهُ عَاقِبَتَانِ فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى الْبَقَاءِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الرَّدُّ وَاجِبٌ مَهْمَا طَلَبَ الْمَالِكُ وَانْتَفَى الْغَرَرُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اعْتَذَرَ عَنِ الدَّفْعِ لَكَ بِالرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ فَحَلَفَ لَا يُعْطِيكَهَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَادَّعَى مِنَ الْغَد ضياعها قَالَ امْتِنَاعه ضَمَان لِأَنَّهُ أقربها وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى ذَهَبَتْ حَلَفَ وَلَا يَضْمَنُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ وَيَحْلِفُ مَا عَلِمَ بِذَهَابِهَا حِينَ مَنْعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ ذَهَبَتْ بَعْدَ امْتِنَاعِي ضَمِنَهَا لِمَنْعِكَ إِيَّاهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ يَتَضَرَّرُ مَعَهُ بِمُرَافَقَتِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَضْمَنُ كَانَ لَهُ شُغْلٌ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيْهِ أَوْ عِنْدَ بَابِهِ وَلَيْسَ فِيهِ فَتْحٌ وَلَا غَلْقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قَالَ مِنَ الْغَدِ تَلَفْتُ قَبْلَ امْتِنَاعِي أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَا أَدْفَعُهَا إِلَّا بِالسُّلْطَانِ فَتَرَافَعْتُمَا إِلَيْهِ فَضَاعَتْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَخَافُ شَغَبَكَ وَقَدْ يَعُوقُ النَّاسَ عَائِقٌ وَقَدْ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَالْمُودِعُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْحِفْظِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَوَائِدُ وَيَرُدُّ النَّاسُ مِثْلَ هَذَا مِنْ شَغْلِ وَكِيلٍ وَمَا يَعْذُرُونَ بِهِ وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مَتَى أَخَّرَ عَنِ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَخَّرَ لَهُ عَنِ الْحِفْظِ بِالطَّلَبِ وَالرَّدُّ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا
قَالَ أَنَا مَشْغُولٌ إِلَى حَدٍّ فَقَالَ فِي غَدٍ قَبْلَ مَجِيئِكَ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدُ فَلَا يَضْمَنُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا امْتَنَعَ إِلَّا بِقَضَاءِ السُّلْطَانِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَضِيَّةِ وَبَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ طَلَبْتَ مِنْهُ وَدِيعَةً فَقَالَ ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ آخُذَهَا وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ هَذَا وَصَاحِبُهَا حَاضِرٌ يُصَدَّقُ وَلَا يُضَمَّنُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ وَهُوَ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ فَيُقِرُّ بِهَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَدَّعِي الضَّمَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طَلَبٌ لَهَا وَلَا ذِكْرٌ لِصَاحِبِهَا وَلَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ ذِكْرُ مِثْلِهَا فَيُتَّهَمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ إِنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَأَنَا أَرَى أَنْ يَحْلِفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ مَوْضِعَ الَّذِي أَوْدَعَكَ أَحْيٌ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُسْتَأْنَى بِهَا فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَأَيِسْتَ مِنْهُ فَتَصَدَّقْتَ بِهَا عَنْهُ لِيَتَحَصَّلَ لَهُ ثَوَابُهَا فَيَحْفَظُ عَلَيْهِ مِلْكَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ إِمَّا هُوَ أَوْ بَدَلُهُ الَّذِي هُوَ الثَّوَابُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَيَضْمَنُهَا لَهُ إِذَا جَاءَ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعَكَ عَبْدًا أَوْ مَأْذُونا أَو غير مَأْذُون ثمَّ غَابَ فسيده أَخْذُ الْوَدِيعَةِ كَمَا لَهُ أَخْذُ مَالِ الْعَبْدِ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنِ ادَّعَيْتَ مَتَاعًا بِيَدِ عَبْدٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ وَصَدَّقَكَ الْعَبْدُ وَقَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي لَا أَدْرِي هَلْ لَكَ فِيهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فَهُوَ لِلْعَبْدِ لِظَاهِرِ يَدِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى السَّيِّدِ لِعَدَمِ دَعْوَاهُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَكَ فَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا صَدَقَ كَإِقْرَارِهِ بِالدّينِ
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّزَاعِ فِي الْوَدِيعَةِ)
وَفِيهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْأُولَى فِي الْكِتَابِ يَصْدُقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ إِلَيْكَ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ فِي الضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ مُتَعَذَّرٌ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَشْهَدْ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ أَمِينًا فِي الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ فَقَدِ ادَّعَى مَا لَيْسَ أَمِينًا فِيهِ فَيَضْمَنُ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي دَفْعِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ عَنْهُ بِمَا يَدْفَعهَا بِحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَعَيَّنَتِ التُّهْمَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْيَدِ الضَّمَانُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ خَالَفْنَاهُ فِي مَوَانِعِ الْإِجْمَاعِ فَيَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي صُوَرِ النِّزَاعِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا الضَّمَانُ حِينَئِذٍ لَانْتَفَتْ فَائِدَةُ الْإِشْهَادِ وَلَا يُقَالُ فَائِدَتُهُ تَعَذُّرُ الْجُحُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ دَعْوَى الرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى صُورَةِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَضْمَنُ انْتِهَاءَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَبْضَ بِالْبَيِّنَةِ حَاثٌّ عَلَى الْإِشْهَادِ عِنْدَ الدَّفْعِ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ فَلَمَّا خُولِفَتِ الْعَادَةُ اتُّهِمَ بِخِلَافِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُوهُ لِلْإِشْهَادِ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّ الِاسْتِصْحَابَ مُعَارَضٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التُّهْمَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ مُخَالَفَةِ الْعَادة
تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَاتُّهِمَ حَلَفَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَكَلَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَضْمَنُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتَّهَمَهُ وَلَمْ يُحَقِّقْ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَحْلِفُ عَلَى الرَّدِّ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا بِخِلَافِ الضَّيَاعِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الرَّدِّ يَدَّعِي تَيَقُّنَ كَذِبِ الْمَالِكِ وَفِي الضَّيَاعِ لَا عِلْمَ عِنْده وَلَوْ أَخَذَهَا بِحَضْرَةِ قَوْمٍ لَمْ يَقْصِدْ شَهَادَتَهُمْ عَلَيْهِ صُدِّقَ فِي الرَّدِّ بِخِلَافِ الْأَخْذِ بِبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِهَا عِنْدَ بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ مَنْ قَصَدَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي تَنْبَعِثُ دَاعِيَتُهُ لِلْإِشْهَادِ عِنْدَ الرَّدِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ يُرِيدُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تُهْمَةٌ وَهُوَ أَمِينٌ وَقِيلَ يَحْلِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عدلا يَحْلِفُ مُتَّهَمًا كَانَ أَمْ لَا لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَخَفُّوا التُّهَمَ وَتَغَيَّرَ حَالُهُمْ فَيَحْلِفُونَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ إِلَّا الْمُبْرِزُ فِي الْخَيْرِ وَيَحْلِفُ مُدَّعِي الرَّدِّ وَقَدْ قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَانَ مَأْمُونًا أَوْ غَيْرُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّحْقِيقَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُهُ إِلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مَالِكٍ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِكَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَابِضُ بِبَيِّنَةٍ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ خَوْفَ الْمَوْتِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِها أَوْ قَالَ الْمُودَعُ أَخَافُ أَنْ يَقُولَ هِيَ سَلَفٌ فاشْهَد أَنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يعْلَمُ أَن الْمَقْصُود بِأَن غَيْر التَّوَثُّقِ مِنَ الْقَابِضِ فَيُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ وُصُولَ الْمَالِ إِلَيْهِ ضَمِنَ الرَّسُولُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ قَبَضَ مِنْكَ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لِأَنَّهُ مُفْرِطٌ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ الْإِشْهَاد عَليّ
الدَّفْعِ لِأَنَّكَ أَمِنْتَهُ عَلَى الدَّفْعِ وَفِي الْأَوَّلِ إِنَّمَا أَمِنْتَهُ عَلَى الْحِفْظِ كَالْوَصِيِّ يُؤْمَنُ عَلَى الْإِنْفَاقِ دُونَ الدَّفْعِ وَقَابِضِ الْوَدِيعَةِ بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ لَمْ أَجِدِ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ وَرَدَدْتُ الْمَالَ إِلَيْكَ لِأَنَّهُ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمَنِ ائْتَمَنَهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ كَأَخْذِ الْوَدِيعَةِ وَإِذَا قَدِمَ الرَّسُولُ بَلَدَ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ فَمَاتَ بِهَا وَأَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ الْأَخْذَ فَلَا شَيْءَ لَكَ فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لم يتَعَيَّن تفريطه وَيحلف من يجوز أَمْرهُ مِنَ الْوَرَثَةِ مَا يَعْلَمُ لِذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِبَقَائِهَا فِي التَّرِكَةِ وَلَوْ مَاتَ قبل الْبَلَد وَلم تُوجد الْمَال أَخَذْتَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصَ بِالْوَدَائِعِ أَوِ الْقِرَاضِ الَّتِي قِبَلَهُ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَيُحَاصَ بِهَا غُرَمَاؤُهُ لِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ قَالَ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ أَوْ قِرَاضُهُ صُدِّقَ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَهُوَ أَمِينٌ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مَنْ سُمِّي لَهُ فَإِنْ قَالَ دَفَعْتُهُ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَأَكْذَبَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ وَكَانَ المَال إِلَيْهِ أم لَا كَذَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْإِشْهَادِ وَهُوَ أَمِينٌ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ التَّسْلِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَمَرْتَهُ بِصَدَقَتِهِ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ حِصَّةَ الْمُكَذِّبِ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ صَدَقَ مَعَ يَمِينِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يَقْصِدُ الدَّافِعُ الْإِشْهَادَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَهُوَ أَمِينٌ فِي الْحِفْظِ وَالتَّسْلِيمِ مَعًا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا هَلَكَ بِبَلَدِ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدِ الْمَبْعُوثُ بِهِ قَالَ أَشْهَبُ هُوَ ضَامِنٌ وَجَعَلَهُ أَكْثَرُهُمْ خِلَافًا وَتَأَول حمد يس الْكِتَابَ عَلَى مَا إِذَا تَطَاوَلَ فَإِنْ قَرُبَ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ ضَمِنَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا اشْتَرَطَ الرَّسُولُ عَدَمَ الْإِشْهَادِ نَفَعَهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْيَمِينِ لَمْ يَنْفَعْهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَجَّهُ إِلَّا عِنْدَ التُّهْمَةِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَقَدِ اشْتَرَطَ أَمْرًا لَمْ يَتَعَيَّنْ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ تَعَيَّنَ سَبَبُهُ مِنَ الْآنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَوْتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَعْذِيرٌ وَبَعْدَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ دَفَعَهَا وَلَوْ كَانَ حَيًّا لَأَعْلَمَ شُهُودَهُ
وَضَمنه فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ وَلَا يَخْفَى ذَلِكَ عَنْ وَرَثَتِهِ إِذَا بَحَثُوا وَإِذَا مَاتَ فِي الطَّرِيقِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَحُمِلَ عَلَى الضَّيَاعِ لَا عَلَى التَّعْذِيرِ عَكْسُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ إِنَّمَا يَحْلِفُ إِذَا اتُّهِمَ الثَّالِثَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ أَقْرَضْتُكَ وَقَالَ أَوْدَعْتَنِيهِ وَتَلِفَ الْمَالُ صُدِّقْتَ لِأَن خُرُوج مَالك بِيَدِك لَا على وَجه يَضْمَنُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَلَوْ قُلْتَ سَرَقْتَهُ أَوْ غَصَبْتَهُ صَدَقَ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَلَوْ قُلْتَ قَضَيْتُكَ إِيَّاهُ مِنْ دَيْنِكَ أَوَرَدَدْتَهُ مِنْ قِرَاضِكَ وَقَالَ أَوْدَعْتَنِيهِ وَضَاعَ مِنِّي صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ خُرُوجَ مَالِكَ بِيَدِكَ لَا عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَإِذَا بَعَثَ بِأَلْفٍ وَقَالَ هِيَ دَيْنُكَ وَإِنَّ الْأَلْفَ الَّذِي هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي تَلَفَتْ وَقُلْتَ بَلِ الْمَبْعُوثُ الْوَدِيعَةُ صَدَقَ كَمَا يَصْدُقُ فِي ذَهَابِ الْوَدِيعَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَالْقَرْضِ صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِوَضْعِ يَدِهِ مُدَّعٍ طَرحَ الضَّمَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ وَلَا يُؤَاخذ أحد بِغَيْر مَا أقربه وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي دَعْوَاكَ الْغَصْبَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا ادَّعَيْتَهُ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَصَارَ مُدَّعِيًا لِمَا يُشْبِهُ وَأَنْتَ لِمَا لَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُكَ لِدَعْوَاكَ مَا يُشْبِهُ كَدَعْوَاكَ الْقَرْضَ عَلَى جُمْلَةِ النَّاسِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي اخْتِلَافِكُمَا فِي الْمَدْفُوعِ لَكَ هَلْ دَيْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ إِنْ دَفَعَ لَكَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ وَإِلَّا صَدَقْتَ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إِذَا دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَإِذَا رَدَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ الْوَدِيعَةُ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ رَدَّ بِبَيِّنَةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْقَرْضُ إِذْ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَوَجَبَ الرَّدُّ بِبَيِّنَةٍ لِتَعَيُّنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قُلْتَ أَقْرَضْتُكَ وَقَالَ أَوْدَعْتَنِي وَالْقَابِضُ مِمَّنْ لَا يُودَعُ غَالِبًا وَيَحْتَاجُ إِلَى السَّلَفِ تَرَجَّحَ قَوْلُ مَالِكٍ وَفِي الْعَكْسِ يَصْدُقُ هُوَ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قُلْتَ أَمَرَنِي بِدَفْعِ الْوَدِيعَة لفُلَان ضمن الأببينة أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِذَلِكَ أَوْ تُصَدِّقُهُ أَنْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِذْنِكَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ ش وح وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَفْعًا يَجْزِيهِ فَلَا يَضْمَنُ قِيَاسًا عَلَى
دَعوَاهُ الدَّفْعَ إِلَيْكَ وَوَافَقَ عَلَى مَا إِذَا اعْتَرَفْتَ بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرْتَ الدَّفْعَ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهَا بِأَمَارَةٍ مِنْ قِبَلِكَ وَلَا بِكِتَابِكَ وَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّكَ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ خَطُّكَ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرْتَ لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى تَشْهَدَ لَهُ بِمَا يُبْدِيهِ وَلَوْ جَحَدْتَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَابِضِ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّهُ وَصَّاكَ بِتَسْلِيمِهَا بِذَلِكَ فَيُلْزِمُهُ مَا رَضِيَ بِهِ وَإِنْ دَفَعَهَا الرَّسُولُ بِغَيْرِ أَمَارَةٍ وَلَا كِتَابٍ وَهُوَ عَيْنٌ وَهُوَ مُوسِرٌ جَازَ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ فَإِنْ أَنْكَرْتَ الرِّسَالَةَ غَرِمَ مِثْلَهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْكَ فَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا مِمَّا لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْمِثْلِ أَوْ عَيْنًا وَهُوَ مُعْسِرٌ مَنَعَ رِضَاهُ بِالدَّفْعِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْكَ وَإِذَا دَفَعَ الرَّسُولُ وَأَنْكَرْتَ أَنَّكَ بَعَثْتَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَغْرِيمِ الرَّسُولِ أَوِ الْمُودَعِ فَإِنْ غَرِمَ الرَّسُولُ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْآخِذِ مِنْكَ قَالَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ دَفَعْتَ بِكِتَابٍ لَهُ أَوْ بِأَمَارَةٍ رَجَعْتَ عَلَى الرَّسُولِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَرْجِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَنْكَرْتَ إِرْسَالَ الْقَابِضِ قَالَ أَشْهَبُ تُصَدَّقُ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَيَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ الْمُودع وبريء وَقَالَ أَشْهَبُ لَكَ الرُّجُوعُ عَلَى أَيِّهِمَا شِئْتَ ثمَّ لَا ترجع كَذَا مَنْ أَخَذْتَ مِنْهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الدَّافِعَ صَدَّقَ الرَّسُولَ وَإِذَا جَازَ بِخَطِّكَ أَوْ بِأَمَارَةٍ مِنْك فَعرف ذَلِك وَسلم فأنكرت حَلَفت أما كَتَبْتَ وَلَا سَيَّرْتَ ثُمَّ يَغْرَمُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ فَإِنْ سَأَلَكَ عَنِ الرَّسُولِ فَسَكَتَ ثُمَّ طَالَبْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَحْلِفُ أَنَّكَ مَا أَمَرْتَ الْقَابِضَ الرَّسُولَ وَمَا كَانَ سُكُوتُكَ رِضًا بِقَبْضِهِ وَلَوْ عَلِمْتَ بِقَبْضِهِ فَجِئْتَ إِلَى الْآخِذِ مِنْكَ فَقُلْتَ لَهُ كَلِّمْ فُلَانًا يَحْتَالُ لِي فِيمَا قَبَضَهُ فَهَذَا رِضًا مِنْكَ بِقَبْضِهِ فَيَبْرَأُ الدَّافِعُ إِلَيْهِ وَلَوْ طَلَبْتَ الدَّافِعَ فَجَحَدَكَ فَقُلْتَ احْلِفْ مَا أودعتك قَالَ ابْن عَبدُوس يحلف مَالك شَيْءٌ الْخَامِسَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثْتَ إِلَيْهِ مَالًا فَقَالَ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَقُلْتَ وَدِيعَةٌ وَتَلِفَ الْمَالُ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قِيلَ كَيْفَ يَحْلِفُ وَلَمْ يَحْضُرْ قَالَ كَمَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ إِذَا بَلَغَ مَعَ شَاهِدِهِ فِي دين فِي
التَّنْبِيهَاتِ تَأَوَّلَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ شَهَادَةَ الرَّسُولِ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّكَ اعْتَرَفْتَ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِالدَّفْعِ فَشَهِدَ عَلَى إِقْرَارِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الرَّسُولِ وَلَوْ دَفعه ضمن أوهما حَاضِرَانِ وَالْمَالُ حَاضِرٌ وَلَوْ أَنْفَقَهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ امْتُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ مَلِيًّا أَوْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَلَا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقًا وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ وَفِي النُّكَتِ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ قَبُولُ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّكَ وَافَقْتَ الرَّسُولَ عَلَى الدَّفْعِ وَإِنَّمَا خَالَفْتَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ قَبَضَهُ الْآخِذُ فَلَمْ يَضْمَنِ الرَّسُولُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ أَنْ لَوْ قُلْتَ لِمَنْ أَمركَ فَإِذَا ضَمِنْتَهُ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَلَّلَ أَشْهَبُ أَيْضًا بِأَنَّهُ دَفَعَ دَفْعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ لِأَنَّهُ أمَرَ أَنْ يَدْفَعَ عَلَى وَجْهِ الْإِيدَاعِ فَدَفَعَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُ قِيلَ وَإِذَا غَرِمَ الرَّسُولُ رَجَعَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَظْلُومًا لِأَنَّهُ يَقُولُ الْآمِرُ ظَلَمَكَ وَأَغْرَمَنِي بِسَبَبِكَ إِذْ لَمْ يَجِدِ الْمَالَ بِيَدِكَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُودَعِ يَأْتِيهِ بِخَطِّ رَبِّ الْمَالِ إنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ صِلَةً أَوْ إنَّهُ لَهُ وَهُوَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ خَطُّهُ فَإِذَا عَدِمَ الْمُودِعُ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ كَانَ يعلم أَنه مظلوم لِأَنَّهُ يَقُول ليسك وَصَلَ إِلَي الْغُرْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَأْمُورَ فِي الْأُولَى يَتَحَقَّقُ تَكْذِيبَ الْآمِرِ وَأَنَّ الْمَدْفُوعَ إِلَيْهِ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقْطَعُ بِحَقِيقَةِ كَذِبِهِ إِذْ قَدْ يُزَوِّرُ خَطَّهُ وَيَعْرِفُ أَمَارَتَهُ فَلِهَذَا يَرْجِعُ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ كَالْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ دَابَّةٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُبَاحُ عِنْدَ بَائِعِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فَقَالَ إِذَا قَالَ بَعَثَنِي رَبُّهَا إِلَيْكَ لِأَخْذِهَا وَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ فَادَّعَى عَلَى ضَيَاعِهَا وَأَنْكَرْتَ بِعْثَتَهُ حَلَفت وَغرم لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الرَّسُولِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى لَهُ الرُّجُوعَ هَا هُنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِدْقُهُ السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثْتَ عَبْدَكَ أَوْ أَجِيرَكَ لِقَبْضِ ثَمَنِ مَا بِعْتَهُ فَقَالَ
قَبَضْتُهُ وَضَاعَ مِنِّي وَلَمْ يُقِمِ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ ضَمِنَ بِخِلَافِ مَنْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ مَالًا لِيَدْفَعَهُ فَقَالَ دَفَعْتُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَصَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ أَوْ وَدِيعَةٍ قَائِمَةٍ بِيَدِهِ وَأَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ فِي التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ ابْنُ حَمْدِيسٍ وَجَمَاعَةُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ قَوْلَهُ إِذَا صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ لَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَ تَصْدِيقُهُ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِهِ أَوْ وَدِيعَةٍ قَائِمَةٍ بِيَدِهِ وَأَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَجَحَدَ الْقَبْضَ فِيمَا لَيْسَ حَقًّا لَهُ لَا يَبْرَأُ الرَّسُولُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهر الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا أَكْثَرُهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّ الْمَالَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لَكَ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا لَمْ يَصْدُقِ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَكَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُهُ وَدِيعَةً لَصَدَقَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَصْدُقُ لِدَفْعِهِ السَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْفَقَتْ عَلَى الدَّابَّةِ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا وَدِيعَتُكَ مِنْ حِينِ كَذَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُهَا وَيَقْضِيكَ النَّفَقَةَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا إِذَا لَمْ تَدَّعِ شَطَطًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ تَدَّعِي غَيْبَةَ زَوْجِهَا أَنَّهَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ رَفَعَتْ إِلَى السُّلْطَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً إِنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ لَهَا بِالْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَفَقَتِهَا وَالزَّوْجَةُ فِي دَارِ زَوْجِهَا وَمَوْضِع مَالِهِ وَلَوِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَى دَابَّتِهِ مِنْ مَالِهَا لَكَانَ كَدَعْوَاهَا النَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِهَا لِأَنَّهَا فِي دَارِ صَاحِبِهَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ إِذَا لَمْ يَأْمُرْكِ بِعَلَفِ الْبَهِيمَةِ لَزِمَكِ عَلَفُهَا أَوْ تَدْفَعُهَا للْحَاكِم فيتدين كَذَا عَلَى صَاحِبِهَا لِعَلَفِهَا أَوْ بَيْعِهَا إِنْ كَانَ قَدْ غَابَ فَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ يَعْلِفْهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَتْهَا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَلْزَمُكِ عَلَفُهَا لِأَنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْكِ الْحِفْظَ دُونَ الْعَلَفِ وَجَوَابُهُ أَنَّ صَوْنَ الْبَهَائِمِ عَنْ تَعْذِيبِهَا بِالْجُوعِ وَغَيْرِهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَهُوَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَثِمَ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَى إِذْنِ الْخَلْقِ أَوْ يَقُولُ أَنْتَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا وَهَذَا مِنْهُ فَكَانَ عَلَيْك كَمَا لَو رَأَيْتهَا تتردى فِي بير وَجَبَ عَلَيْكَ صَوْنُهَا عَنْهُ
الثَّامِنَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَنْفَقْتُهَا عَلَى أَهْلِكَ وَوَلَدِكَ وَصَدَّقُوهُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ وَيُشْبِهُ نَفَقَةَ مِثْلِهِمْ وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ بِالنَّفَقَةِ لِعَدَمِ إِذْنِكَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ضَمِنَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ صَدَّقُوهُ وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَهِيَ نَفَقَةُ مِثْلِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْتَ كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَيْهِمْ ضَمِنَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إِذَا فَرَضَ لَهُمْ قَاضٍ إِذَا اعْتَرَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تَتْرُكْ لَهُمْ نَفَقَةً وَلَا بَعَثْتَ بِهَا وَصَدَّقُوهُ أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنَ الْوَدِيعَةِ نَفَقَةَ مِثْلِهِمْ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ إِذَا صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ الْكَافِلَةُ الْوَلَدَ لِأَنَّهَا لَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ عِنْدِهَا لَرَجَعَتْ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ دَفَعْتُ النَّفَقَةَ أَوْ بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْهِمْ حَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى وُصُولِهَا ثُمَّ يَضْمَنُ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى أَهْلِكَ بِشَيْءٍ إِنْ قَالَ أَمَرْتَنِي بِالدَّفْعِ أَوْ قَالَ لَكَ لَمْ أَفْعَلْ وَإِلَّا رَجَعْتَ عَلَى مَنْ يَلِي نَفْسَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنِ السُّلْطَانُ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنْ قَضَى لَمْ تَصْدُقْ فِي قَوْلِكَ بَعَثْتُ أَوْ تَرَكْتُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونُ الْجَوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَحْتَاجُ الْمُنْفِقُ إِلَى بِبَيِّنَة إِذَا صَدَّقَهُ الْكَافِلُ أَوْ أمُّهُمْ أَوْ كَانَتِ الْمُتَوَلِّيَةُ لِلنَّفَقَةِ إِذَا أقْرَرَتْ أَنَّكَ لَمْ تَبْعَثْ إِلَيْهِمْ وَأَخْلَفَتْ نَفَقَةً لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتِ النَّفَقَةُ مِنْ عِنْدِي صُدِّقَتْ وَرَجَعَتْ عَلَيْكَ وَلَا فَرْقَ إِلَّا أَنْ تُرِيدَ أَنَّ الَّذِينَ قَامُوا بِهَا سِوَاكَ فَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُهَا عَلَيْهِمْ التَّاسِعَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَهَا وَادَّعَى أَنَّكَ وَهَبْتَهَا لَهُ وَأَنْكَرْتَ صُدِّقْتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَتَحْلِفُ الْعَاشِرَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَا يَدْرِي لِمَنْ هِيَ هِيَ لَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّتْ بِالْحَالِفِ وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ فَيَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً لِأَنَّهُمَا مُدَّعِيَانِ عَلَى ذِمَّتِكَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ شَيْءٌ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَعَدُّدَ فِي الذِّمَمِ بِخِلَافِ المعينات وَقَالَ
سَحْنُونٌ إِنْ تَدَاعَيَا الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَالَ ابْنُكَ لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّ أَبِي ذَكَرَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ تُوقَفُ أَبَدًا حَتَّى يَسْتَحِقَّهَا أَحَدٌ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ فِيمَنْ أَوْدَعَكَ مِائَةً وَآخَرُ خَمْسِينَ فَنَسِيتَ صَاحِبَ الْمِائَةِ وَادَّعَى كِلَاهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَقْتَسِمَانِ الْمِائَةَ وَالْخَمْسِينَ لِعَدَمِ مُدَّعٍ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قُلْتَ دَفَعَ لِي فُلَانٌ مِائَةً لَا يَصَّدَقُ بِهَا وَفَعَلْتَ ثُمَّ قُلْتَ بَلْ هُوَ فُلَانٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْآمِرُ لَكَ بِالصَّدَقَةِ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً قَالَ أَشْهَبُ الصَّدَقَة نَافِذَة لمن كَانَت مِنْهُمَا ولأتباعه عَلَيْكَ لِمُوَافَقَتِهِمَا لَكَ عَلَى الصَّدَقَةِ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ أَعْطَتْكَ امْرَأَةٌ وَثِيقَةً عَلَى زَوْجِهَا وَمَاتَتْ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَلَا تُعْطِ الْوَثِيقَةَ وَإِلَّا أَعْطهَا لَهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ لِانْتِقَالِهَا إِلَيْهِ فَالْمِيرَاثُ وَالْوَصِيَّةُ كَالدَّيْنِ وَإِذَا كَانَ مَالُهَا يَفِي بِدَيْنِهَا وَوَصَايَاهَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ بِالْإِشْهَادِ قَالَ وَالْأَوْلَى وَضْعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ مَخَافَةَ طَرَيَانِ دَيْنٍ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَمُرَادُهُ بِالدَّيْنِ لَا يَفِي بِهِ مَالُهَا الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَكَ عِنْدَهُ عَشَرَةٌ أَخَذْتَ مِنْهَا خَمْسَةً فَتَسَلَّفَهَا وَأَشْهَدْتَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ مُؤَرَّخَةٍ ثُمَّ أَخْرَجَ بَرَاءَةً غَيْرَ مُؤَرَّخَةٍ لَا مَنْسُوبَةً لِلْعَشَرَةِ وَلَا لِلْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَقُلْتَ هِيَ مِنَ الْعَشَرَةِ وَقَالَ بَلْ مِنَ الْخَمْسَةِ تُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ وَتَكُونُ مِنَ الْعَشَرَةِ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْعَشَرَةِ لِأَنَّهُ أقرّ بِالْأَصْلِ وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ عِنْده وَلَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ وَلَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ هُوَ مَعَ يَمِينِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ ابراءة ذِمَّتِهِ الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ قَالَ أَوْدَعْتُهُ حِنْطَةً فَتَسَلَّفَهَا فَقُلْتُ كَانَ فِيهَا دِينَارٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَن الأَصْل براته وَحَلْفُهُ لَيْسَ عَلَى عِلْمِهِ بَلْ مَا أَخَذْتُهُ وَلَا علمت
لَكَ فِيهَا شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَعَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا غَرِمَ عَلَى وَدِيعَتِكَ مِنْ ظَالِمٍ يَلْزَمُكَ الْغُرْمُ لِأَنَّهُ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ غَرِمَ بِسَبَبِكَ كَالشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ فِي الْخُلْطَةِ عَنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمَّا إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ بِالطَّرِيقِ مَكَانًا يَقُومُ النَّاسُ عَلَى الْمَتَاعِ فَلَا يَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْغُرْمُ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ كَالْآذِنِ فِيهِ وَكَذَلِكَ إِنْ صَانَعَ بَعْضُ الرِّفَاقِ اللُّصُوصَ عَنِ الرِّفَاقِ وَعَلِمَ ذَلِكَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَزِمَ الْغُرْمُ مَنْ حَضَرَ وَمَنْ غَابَ مِمَّنْ لَهُ مَتَاعٌ فِي تِلْكَ الرُّفْقَةِ وَعَلَى صَاحِبِ الظَّهْرِ مَا يَنُوبُهُمْ وَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْجِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَائِبِ قَالَهُ كُلَّهُ سَحْنُونٌ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا حَمَلَ الْقَمْحَ الْوَدِيعَةَ إِلَيَ بَلَدٍ لِيَبِيعَهُ لَمْ يَكُنْ لَكَ أَخْذُهُ مِنْهُ إِلَّا بِمَوْضِعِ الِاسْتِيدَاعِ وَكَذَلِكَ السَّلَفُ وَالسَّارِقُ نَفْيًا لِضَرَرِهِ بِتَضْيِيعِ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ بَيْنَ عَيْنِ طَعَامِكَ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْبَلَدِ فِي السَّرِقَةِ وَالْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الضَّرَرَ يُجْعَلُ لَكَ بِالنَّقْلِ فَيُخَيَّرُ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّك صَاحب الْحق وَالْقَوْل الثَّالِث تفريقه أصبغ بَين الْبَلَد الْقَرِيب فيوافق أَشهب فَيُوَافِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ وَالظَّالِمُ يَحْمِلُ بَعْضَ الْحَمْلِ قَالَهُ فِي السَّرِقَةِ وَالْوَدِيعَةِ مِثْلَهَا وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الطَّعَامِ فَقَالَ مَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى كِرَاءٍ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَالدَّوَابُّ لَكَ أَخْذُهَا حَيْثُ وَجَدْتَهَا وَالرَّقِيقُ الْمُحْتَاجُ لِلْكِرَاءِ وَالْبَزِّ الْعُرُوضِ يُخَيَّرُ فِيهَا لِأَنَّهَا عَيْنُ شَيْطٍ كَذَا وَقِيمَتُهَا فِي مَوْضِعِ الْأَخْدِ مِنْكَ نَفْيًا لِضَرَرِ الْكِرَاءِ عَنْكَ وَسَوَّى أَشْهَبُ بَيْنَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَخْذِ الطَّعَامِ أَوْ مِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ الْقَبْضِ وَقِيمَةِ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ فِي مَوْضِعِ الْأَخْذِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ فَقَالَ فِي الطَّعَامِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا طَعَامُكَ بِمَوْضِعِ الْأَخْذِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْعرُوض
وَالْحَيَوَانِ بِقَوْلِ أَشْهَبَ وَفَرَّقَ سَحْنُونٌ بَيْنَ الطَّعَامِ فَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ إِلَّا أَخْذُ مَتَاعِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ فَيَتَحَصَّلُ فِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَتَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ مَا يَحْتَاجُ لِلْكِرَاءِ وَمَا لَا يَحْتَاجُ وَفِي الطَّعَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالتَّخْيِيرُ وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قُلْتَ نَقَصَتْ وَتَدَاعِيتُمَا لِلسُّلْطَانِ فَيَقُولُ لَكَ أَنَا أُسَافِرُ فَلَا تَشْغَلْنِي فَتَرَكْتَهُ قَالَ عِنْدِي شَيْء وَإِنَّمَا قلت ذَلِك لَيْلًا تَشْغَلَنِي عِنْدَ السَّفَرِ يَغْرَمُ لَكَ كُلَّ مَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَجَبَتْ لَهُ عَلَيْكَ بِرَدِّهَا عَلَيْكَ وَلَوْ قَالَ دَعْنِي أُسَافِرْ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى وَقْتِ كَذَا وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِكَ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْكَفِيلِ يَقُولُ إِنْ لَمْ يَأْتِكَ غَرِيمُكَ بِحَقِّكَ إِلَى أَجَلٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدِعَ أَنَّ ذَلِكَ رَدٌّ لِلْيَمِينِ وَإِنْ ذَكَرَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الشَّرْطِ وَيَحْلِفُ وَيَبْرَأُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ وَأَخَذْتَ تَمَامَ وَدِيعَتِكَ وَلَوْ رَدَّ الْيَمِينَ بِدُونِ سَبَبٍ لَزِمَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا يُخْتَلَفُ إِذَا نَكَلَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَدِّهَا عَلَيْكَ قَبْلُ قَالَ لَا أَحْلِفُ فَهَلْ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ دحون إِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا الْجَوَابُ إِذَا كَانَتِ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى الْيَمِينَ عَلَى الْمُودِعِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَهُ رُجُوعٌ قَالَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُودَعِ فِي دَعْوَى النُّقْصَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ وَلَا أَنَّ الْغُرْمَ يَلْزَمُهُ إِذَا حَلَفَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ إِذَا كَانَتْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ السَّابِعَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَشَرَةٌ فَوَضَعَهَا بِإِزَائِهَا فَضَاعَت خَمْسَة وَلم يَعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا فَعَلَيْهِ لَكَ عَشَرَةٌ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ عَشَرَةَ الْوَدِيعَةِ الْتَبَسَتْ وَلَوْ عُلِمَتْ لَعُرِفَ النَّقْصُ بِوُجُودِهَا نَاقِصَةً
قَالَ وَجَوَابُهُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ إِذَا قَالَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ لِفُلَانٍ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيَقْسِمَانِ الْمِائَةَ إِذَا ادَّعَيْتَ الْعَشَرَةَ الْكَامِلَةَ أَخَذْتَهَا قِيلَ بِيَمِينٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ وَإِنْ قُلْتَ لَا أَدْرِي فَمُصِيبَةُ الذَّاهِبِ مِنْكُمَا وَيَقْسِمَانِ الْبَاقِيَ نِصْفَيْنِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ بَعْدَ حَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا إِنَّهُ لَا يَدْرِي وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلْتُمَا وَالْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعَكَ دِينَارًا وَعِنْدَكَ عَشَرَةٌ فَضَاعَ ديناره وَلَا يُعْلَمُ حَالُهُ فَلَكَ تِسْعَةٌ وَيَقْسِمَانِ الْعَاشِرَ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ التَّدَاعِيَ إِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ وَأَمَّا التِّسْعَةُ فَسَلِمَتْ لَكَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ شَرِيكٌ أَوْدَعَكَ ثَلَاثَةً فَضَاعَ اثْنَانِ لَكَانَ لَكَ ثَمَانِيَةٌ وَلَهُ دِينَارٌ وَتَقْسِمَانِ الدِّينَارَ الْبَاقِيَ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ ضَاعَ ثَلَاثَةٌ لَكَانَ لَكَ سَبْعَةٌ وَتَقْسِمَانِ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ نِصْفَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقْسِمَانِ الْأَحَدَ عشرَة إِنْ ضَاعَ اثْنَانِ أَوِ الْعَشْرَةُ إِنْ ضَاعَ ثَلَاثَةٌ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ جَازَ وَكَذَلِكَ إِذَا تَدَاعَى الرَّجُلَانِ شَيْئًا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِي عَشَرَةٌ وَالْآخر لي جَمِيعًا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَد أَحدهمَا أبقا كَذَا وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ بِيَدِهِمَا جَمِيعًا فَقِيلَ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ اسْتِوَاءَ الْأَيْدِي لِعَدَمِ الْأَيْدِيِ وَقِيلَ يصدق مُدَّعِي الْعَشَرَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ حَائِزُ النِّصْفِ فَعَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ وَقُلْتَ لَهُ مَنْ أَتَاكَ بِأَمَارَةِ كَذَا فَأَعْطِهِ لَا يَعْلَمُ الْأَمَارَةَ غَيْرُكُمَا فَفَعَلَ وَمُتَّ فَقَالَ وَرَثَتُكَ لِلْقَابِضِ بِالْأَمَارَةِ مَالُنَا فَقَالَ صَنَعْتُ بِهِ مَا أَمَرَ بِهِ مُورِثُكُمْ فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ غَيْرَ مَا قَالَهُ الْمُورِثُ وَيَبْرَأُ قَالَ وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُسْأَلَ الْقَابِضُ بِالْأَمَارَةِ عَمَّا أَمَرَهُ الْمُورث بِهِ فَإِن من الْأَشْيَاء ملا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فَإِنْ
ذَكَرَ مَا يُصَدَّقُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَمْرُهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ فَعَلَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْوَارِثُ مَا أَمَرَ بِهِ الْمُورِثُ أَمَّا لَوْ عَلِمَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَوْرُوثِهِ فِي الدَّعْوَى وَيَكُونُ الْقَابِضُ مُدَّعِيًا فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِهِ فَكَذَّبَهُ فِيهِ الْوَارِثُ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ بِالْأَمَارَةِ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَهُوَ الْمُخْبِرُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُبَيِّنَ الْوَارِثُ مَصْرِفَ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ لَا يُقِرَّ بِشَيْءٍ لَفَعَلَ الْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ ثُمَّ أَشْهَدْتَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ تَأْمُرْهُ بِأَنَّ بعض للمتصدق عَلَيْهِ ثمَّ مت فَإِن عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَهِيَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ لِعِلْمِهِ سَارِقًا بِضَالَّةٍ كَذَا حَتَّى لَوْ طَلَبْتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُ حُرِمَ عَلَيْهِ دَفْعُهَا لَكَ وَلَوْ دَفَعَهَا ضَمِنَهَا قَالَ وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطِ الْعِلْمَ بَلْ جَعَلَ قَبْضَ الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ قِيَاسًا عَلَى ارْتِهَانِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ الْحِيَازَةُ لَا تَصِحُّ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُسْتَوْدَعُ وَيَرْضَى أَنْ يَكُونَ حَائِزًا لِلْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ حِيَازَةَ الرَّهْنِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الصَّدَقَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ إِنَّمَا تَجِيءُ إِذَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي رَدِّهَا قَبْلَ قَبُولِهِ وَعِلْمِهِ بِهَا إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرًا وَأَمَّا الْغَائِبُ فَتَصِحُّ حِيَازَةُ الْمُسْتَوْدَعِ لَهُ وَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَسَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ بِيَدِ الْوَاهِبِ أَوْ بِيَدِ الْحَائِزِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِنْ كَانَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ صَحَّتِ الْهِبَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ لِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ أَشَدُّ الْحَوْزِ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا بُعِثَ بِهَا إِلَيْكَ فَعَدَا عَلَيْهَا عَادٍ فَقُلْتَ لَمْ آمُرْكَ بِبَعْثِهَا وَقَالَ أَمَرْتَنِي فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَعَدِّيهِ وَيَحْلِفُ مَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ وَلَقَدْ تَعَدَّى عَلَيْكَ فِي الْبَعْثِ فَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ إِلَيْكَ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَإِنِ ادَّعَى التَّلَفَ حَلَفَ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مِنْ
أَهْلِ التُّهَمِ أُحْلِفَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا إِنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَلَهُ رَدُّهَا الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ ضَاعَتْ مِنْ سِنِينَ وَكُنْتُ أَطْلُبُهَا وَأَرْجُو وُجُودَهَا وَلَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَكَ صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ طُلِبَتْ مِنْهُ فَأَقَرَّ أَنَّهَا عِنْدَهُ ثُمَّ ادَّعَى الضَّيَاعَ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ وَضَمَّنَهُ أَصْبَغُ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ وَطُولَ الزَّمَانِ وَفِيهِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَدَفَعْتُهَا إِلَيْكَ أَمْ ضَاعَتْ مِنِّي صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بِبَيِّنَةٍ فَيَضْمَنُ وَيَحْلِفُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَقَدْ دَفَعَهَا أَوْ تَلِفَتْ وَلَوْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ وَادَّعَى الضَّيَاعَ بِعَيْنِهِ صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي مَوْضِعَ دَفْنِهَا ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِتَضْيِيعِهِ بِكَوْنِهِ لَا يَدْرِي مَوْضِعَ دَفْنِهَا إِلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَنْتُهَا حَيْثُ يَسُوغُ لَهُ دَفْنُهَا فَلَمْ يَجِدْهَا بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ سَقَطَتْ مِنْهُ وَفِي إِعْذَارِهِ بِنِسْيَانِ مَوْضِعِ الدَّفْنِ خِلَافٌ وَهَا هُنَا لَمْ يَجْعَلْهُ عُذْرًا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ إِذَا طَلَبَ الْمُودَعُ عِنْدَ الرَّدِّ أَجْرًا عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ إِحْسَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَالصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُشْغَلُ مَنْزِلُهُ فَيَطْلُبُ أُجْرَةَ مَنْزِلِهِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ مِلْكِهِ عَنِ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ إِلَّا بِعِوَضٍ وَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى غَلْقٍ أَوْ قَفْلٍ فَعَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ مَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْكِتَابِ إِنْ جَحَدَكَ وَدِيعَةً أَوْ عَرضًا أَوْ غَيْرَهُ وَصَارَ لَهُ بِيَدِكَ مِثْلُهُ بِإِيدَاعٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْحَدَهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - أد
الْأَمَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْخِيَانَةُ حَرَامٌ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهِيَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَاسْتِحْبَابُ الْأَخْذِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَالتَّفْرِقَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ وَإِلَّا فِيمَا يَجِبُ فِي الْمُحَاصَّةِ فَقَطْ قَالَهُ مَالِكٌ وَزَادَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ أَمِنَ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا فَأَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ أَن يحلف مَاله عِنْدِي حَقٌّ عَلَى مَا رَوَى أَصْبَغُ وَقَالَ ابْن شعْبَان يحلف مَاله عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا بِخِلَافِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ إِلَّا بِالتَّفْرِيطِ وَمَا لَا يَلْزَمُ يَحْلِفُ عَلَى أَقَلَّ مَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ كَانَ يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ زَادَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَا وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِي حَقٌّ بِسَبَبِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فَرَّطَ فِيهَا فَوَجَبت فِي ذمَّته فَيصدق مَاله عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ قِيمَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا وَعِنْدَ ش يَأْخُذُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ بَلْ يَتْبَعُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ جِنْسَ حَقِّهِ قَالَ وَأَظْهَرُ الْأَقَاوِيلِ إِبَاحَةُ الْأَخْذِ لِقَوْلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ - لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ لَمَّا شَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّ زَوجهَا أَبَا سُفْيَان لَا يعطيهما مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَقَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ لَا تَزِدْ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ لِأَنَّ آخِذَ حَقِّهِ لَيْسَ بِخَائِنٍ بَلِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم َ - لِهِنْدٍ فَلَا تَتَعَارَضُ الْأَحَادِيثُ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الْحَدِيثِ السُّؤَالُ عَنْ وَطْءِ امْرَأَةٍ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا رَجُلٌ قَدْ كَانَ هُوَ ائْتَمَنَهُ عَلَى امْرَأَةٍ فَخَانَهُ فِيهَا وَوَطِئَهَا فَنَهَاهُ صلى الله عليه وسلم َ - عَنْ مُقَابَلَةِ الزِّنَى بِالزِّنَى وَالِاحْتِجَاجُ لِأَصَحِّ قَوْلَيْ مَالِكٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَقِيلَ إِذَا جَحَدَكَ ذَهَبًا فَوَجَدْتَ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا بَيْعُهُ بِمِثْلِ مَا كَانَ لَكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ
لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِلَا بَيِّنَةٍ فَهَلَكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَهُ عَلَيْكَ حَقُّ مِثْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ قَالَ مَالِكٌ لَا تَجْحَدْ مَا عَلَيْكَ وَتحْتَسب مَالك وَإِنْ جَحَدَكَ فَلَا تَجْحَدْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَكَ جَحْدُهُ وَلَا يَضُرُّكَ الْحَلِفُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ عَلَى الْيَمِينِ فِي أَخْذِ مَالِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى ضَرْبِهِ وَسَجْنِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنْ لَكَ جَحْدَهُ وَوَدِيعَتَهُ فِي حَقِّكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِفَلَسِهِ فَتَرَكُوهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَيَقْضِي وَشَكُّوا فِي حَالِهِ فَتَرَكُوهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْيَسَارِ أَخَذْتَ مَا يَخُصُّكَ وَإِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ عَرْضًا جَازَ بَيْعُهَا وَأَخْذُ ثَمَنِهَا فِيمَا لَكَ عَلَيْهِ وَمَنَعَكَ مَالِكٌ أَنْ تَحْلِفَ مَا أَوْدَعَكَ وَقِيلَ تَحْلِفُ مَا أَوْدَعَنِي أَي وَدِيعَة يَلْزَمُنِي رَدّهَا يَنْوِي ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ مُرَادُ الشَّيْخِ أَبِي الْوَلِيدِ بِقَوْلِ التَّحْرِيمِ رِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَاعِدَةٌ تَصَرُّفَاتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ - تَقَعُ بِالْفُتْيَا لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ وَبِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ حَاكم الْحُكَّام الْحَاكِم وبالأمانة لِأَنَّهُ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَتَقَعُ تَصَرُّفَاتٌ يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَيِّ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ هِيَ حَتَّى يشْتَرط فِيهِ حَقّنَا شُرُوط ذَلِكَ الْبَابِ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ قَالَ ش هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْفُتْيَا فَيَعُمُّ الْخَلَائِقَ كَالصَّلَاةِ وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى إِمَامٍ يَأْمَنُ لَهُ لِأَنَّ غَالِبَ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَسُولٌ وَالْمَسْأَلَةُ أَصْلُ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ كَلَامٌ حَقٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي الْجِهَادِ وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ وَمَا كَانَ بِتَصَرُّفِ الْإِمَامَةِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِتَشْرِيعِ الْإِمَامِ لَهُ فِي كُلِّ حَادِثٍ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ لَا يَتَوَجَّهُ وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِمَام وَكَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ - من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ
قَالَ ح هُوَ تَصَرُّفٌ بِالْإِمَامَةِ فَلَا يُحْيِي أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَقَالَ ش وَمَالِكٌ هُوَ بِالْفُتْيَا فَمَنْ أَحْيَى مَلَكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْفتيا لَا تفْتَقر إِلَى الْإِمَامَة وَلِحَدِيث هِنْدٍ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ تَصَرُّفٌ بِالْقَضَاءِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ غَرِيمِهِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ ش هُوَ مِنْ بَابِ الْفُتْيَا فَيَجُوزُ لِمَنْ ظَهَرَ الْأَخْذُ مُطْلَقًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَإِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ حَالَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَضَى عَلَيْهِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ فُتْيَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْقَضَاءُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فتتعين الْفتيا وبهذه الْقَاعِدَة يحْتَاج لِمَالِكٍ رحمه الله إِلَى جَوَابٍ عَنِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ هَذَا الْفَصْلِ فِي التَّنَازُعِ الْمُدَّعِي مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ ظَاهِرٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَحْلِفُ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى خَصْمِهِ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وفْق الأَصْل كَقَوْلِك لي عِنْده دِينَارا فَيَقُولُ لَا فَقَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَقَوْلُكَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَعَلَيْكَ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ الظَّاهِرِ كَقَوْلِ الْوَصِيِّ أَنْفَقْتُ الْمَالَ وَمِثْلُ الْيَتِيمِ لَا يَحْتَاجُهُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُ طَالِبِ الْمَالِ عَلَى وَفْقِهِ وَكَذَلِكَ قَابِضُ الْوَدِيعَةِ بِبَيِّنَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَرُدُّ بِبَيِّنَةٍ فَإِذَا ادَّعَى خِلَافَهُ فَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ مُدَّعِيًا يَحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَطْلُوبٍ مِنْهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ الْمُدَّعِي أَضْعَفُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْتُهُ الْعَاقِبَةُ الثَّانِيَةُ لِلْوَدِيعَةِ الضَّمَانُ عِنْدَ التَّلَفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إِلَّا عِنْدَ التَّقْصِيرِ وَلِلتَّقْصِيرِ سَبْعَةُ أَسْبَابٍ السَّبَبُ الْأَوَّلُ أَنْ يودع عِنْد غَيره أَو يرسلهما مَعَهُ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ
الْفَرْع الأول فِي الْكتاب إِذا دَفعهَا لَا مرأته أَو خادمه ليرفعه فِي بَيْتِهِ وَمَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُدْفَعَ لَهُ أَو غَيره أَو جيره كَذَا الَّذِي فِي عِيَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ شَأْنُ النَّاسِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش إِنْ أَوْدَعَ عِنْدَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَغِيبُ عَيْنُهَا عَنْ عَيْنِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيّ وَنقص مَا ذَكَرْنَاهُ بِمَا إِذَا أَوْدَعَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُودِعَ عِنْدَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ علِمَ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يَزِيدُ فِي حِفْظِهَا عَلَى حِفْظِ مَالِهِ وَهَذِهِ الْعَادَةُ مُطَّرِدَةٌ فِي الْعِيَالِ فِي مَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا عَادَةً حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الَّذِي عَادَتُهُ أَنْ يُودِعَ عِنْدَهُ مُشْتَغِلٌ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمَالِكُ وَعِيَالُهُ آلَةٌ لَهُ كَصُنْدُوقِهِ فَمَا خَرَجَتْ عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي النُّكَتِ لَمَّا كَانَ الْعرف الدّفع إِلَى هَؤُلَاءِ بِغَيْر غشهاد كَانَ كَشَرْطِ الدَّفْعِ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ كَمَا يَقُولُ فِي الرَّسُولِ يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَحْلِفُ الْمُودَعُ عِنْدَهُ أَنَّهُ دَفَعَ لِامْرَأَتِهِ إِذَا أَنْكَرَتْ وَكَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَهُ تَحْلِيفُ امْرَأَتِهِ فَإِنْ نَكَلَ وَهُوَ مُعَيَّنٌ فَلِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ تَحْلِيفُهَا كَانَتْ مُتَّهَمَةً أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الزَّوْجِ فِي مُطَالَبَتِهَا بِالْغَرِيمِ كَغَرِيمِ الْغَرِيمِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَوْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ الدَّفْعَ لِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالزَّوَاجِ أَوِ الشِّرَاءِ فِي الْأَمَةِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَثِقُ بِهِمَا فِي مَالِهِ ضَمِنَ لِتَغْرِيرِهِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يَقْضِيه قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا إِذَا أَنْكَرَتِ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ هَا هُنَا مَنْ يَدَّعِي تَكْذِيبَهُ كَمَا إِذَا أَنْكَرْتَ أَنْتَ الدَّفْعَ إِلَيْكَ وَادَّعَاهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا فَإِنْ حَلِفَ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فَنَكَلَ غَرِمَ وَضَمَّنَهُ أَشْهَبُ فِي وَضْعِهِمَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قِيلَ قَوْلُ أَشْهَبَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَمَعْنَاهُ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ عَدَمَ الدَّفْعِ لِلْعِيَالِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ إِذَا جُهِلَ الْعُرْفُ فِي الْبَلَد وَالْأَظْهَر
أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ خِلَافٌ فَيَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ الدَّفْعَ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْفَعُ لِأَهْلِهِ مَالَهُ لَضَمِنَ فَإِنْ كَانَ عَادَةُ النَّاسِ الدَّفْعَ قَوْلًا وَاحِدًا الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَورَة منزلَة وَلم يجدك حَتَّى يوحيها كَذَا إِلَيْكَ أَوْدَعَهَا ثِقَةً وَلَا يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ وَلَا يَضْمَنُ لَكَ إِلَّا إِنْ فَعَلَ لِغَيْرِ هَذَا الَّذِي يَعْذُرُ بِهِ وَلَا يَصْدُقُ فِي إِرَادَةِ السَّفَرِ وَخَوْفِ عَوْرَةِ الْمَنْزِلِ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ وَإِنْ أَوْدَعْتَهُ فِي السَّفَرِ فَأَوْدَعَهَا فِي السَّفَرِ ضَمِنَ لِدُخُولِكُمَا مَعًا فَلَا يُغَيِّرَاهُ وَوَافَقَنَا ش فِي أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا وَقَالَ يُسَلِّمُهَا لِوَكِيلِهَا أَوِ الْحَاكِمِ أَوْ ثِقَةٍ فِي الْبَلَدِ فَمَهْمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ ضَمِنَ بِالسَّفَرِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ لَهُ السَّفَرُ بِهَا إِنْ كَانَ السَّفَرُ غَيْرَ مُخَوِّفٍ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنِ السَّفَرِ كَمَا لَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ مِثْلِهِ غَيْرِ مَخُوفٍ وَجَوَابُهَا أَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الْهَلَاكِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -
الْمُسَافِر ومتاعه على فَلت إِلَّا مَا وَقَى اللَّهُ وَلِأَنَّهُ إِذَا أَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْعَادَةَ شَهِدَتْ بِأَنَّكَ أَذِنْتَ لَهُ بِالْحِفْظِ بِنَفْسِهِ دُونَ التَّوْكِيلِ كَذَلِكَ شَهِدَتِ الْعَادَةُ أَنَّكَ إِنَّمَا أَذِنْتَ فِي الْحَضَرِ دون السّفر فَائِدَة الفلة الْهَلَاكُ وَفِي النُّكَتِ إِذَا كَانَ الْمَنْزِلُ مُسَوَّرًا وَأَنْتَ عَالِمٌ بِهِ فَأَوْدَعَ لِغَيْرِهِ ضَمِنَ لِدُخُولِكَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا إِذَا أَوْدَعَ فِي السَّفَرِ إِلَّا أَنْ يَزْدَادَ الْعَوَارُ أَوْ يَزْدَادَ خَوْفُهُ كَلُصُوصٍ عَايَنْتَهُمْ فَتَدْفَعُ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ يَهْرُبُ بِهَا وَنَحْوَهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُودَعِ لَا يُودِعُ غَيْرَهُ وَالْمُلْتَقِطِ يَدْفَعُ اللُّقَطَةَ لِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِ يَحْفَظُهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ أَمَانَةً أَنَّ الْمُودِعَ
رَضِيَ أَمَانَتَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَالْمُلْتَقِطَ لَمْ يَعْلَمْ فَيَكُونُ لَهُ رِضًا مُعْتَبَرٌ بَلْ مَقْصُودٌ بِالْحِفْظِ فَقَطْ وَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَقْصُودِ وَلَيْسَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي مَقْصُودِ الْمُودِعِ فَافْتَرَقَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا ثُمَّ رَدَّهَا بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ كَرَدِّهِ لِمَا يُتْلِفُ الْفَرْعُ الثَّالِثُ إِذَا رَدَّ الْوَدِيعَةَ أَوِ الْقِرَاضَ مَعَ رَسُولِهِ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ رَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ كَرَدِّهِ لِمَا تَسَلَّفَ مِنْهَا وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي أَنَّهُ لَا يُوَدِعُ لِغَيْرِهِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَعَنْ ح الضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ وَخَيَّرَكَ ش فِي تَضْمِينِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَدٍّ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي بِوَضْعِ الْيَدِ وَوَافَقَنَا ح فِي الْبَرَاءَةِ مِنَ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ وَخَالَفَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا بِالضَّمَانِ صَارَ جَانِيًا فَسَقَطَتْ أَهْلِيَّتُهُ لِلْحِفْظِ فَلَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ إِلَّا بِالرَّدِّ لَكَ أَوْ لِوَكِيلِكَ لَنَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَسْقُطُ الْإِذْنُ مِنَ الزَّمَانِ الثَّانِي وَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لَا يَسْقُطُ الْأَمْرُ بِصَوْمٍ يَأْتِيهِ فَكَالْوَكِيلِ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمُوَكَّلَ عَلَى بَيْعِهِ وَأَجَابُوا عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ أَمْرَ الْمُودِعِ مُقَيَّدٌ بِالْعُرْفِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ احْفَظْ مَا دُمْتَ أَمِينًا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنْ يُسْتَوْدَعَ الْأَمِينُ فَهُوَ كَالصَّوْمِ الْمُقَيَّدِ بِرَمَضَانَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَعَنِ الثَّانِي الْوَكَالَةُ تَتَضَمَّنُ أَمَانَةً وَتَصَرُّفًا فَإِذَا بَطَلَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا جَاءَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَهُ لِقَبْضِهَا فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ فَضَاعَتْ ضَمِنَ الدَّافِعُ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَدِيعَةَ بِأَمَارَةِ الْمُودِعِ وَلَا بِكِتَابَه وَإِنِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّكَ إِلَّا أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ خَطُّكَ لِأَنَّكَ لَوْ كُنْتَ حَاضِرًا لَمْ يَكُنْ لَكَ أَخْذُهَا حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ مِمَّنْ
يُرِيدُ مِنْ حَقِّهِ الْإِبْرَاءَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَالشَّهَادَةُ على الْقَبْض لَا تبرئه إِذا حجدت إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّكَ وَصَّيْتَهُ بِذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ مَا رَضِيَ بِهِ فَإِنْ وَصَّيْتَ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى الرَّسُولِ بِغَيْرِ أَمَارَةٍ وَلَا كِتَابٍ وَالْوَدِيعَةُ عَيْنٌ وَهُوَ مُوسِرٌ جَازَ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَأُلْزِمَ ذَلِكَ فَإِنْ أَنْكَرْتَ ذَلِكَ غَرِمَ الْمِثْلَ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْكَ وَإِنْ كَانَتْ عَرْضًا أَوْ غَيْرَ مِثْلِيٍّ أَوْ عَيْنًا وَهُوَ مُعْسِرٌ امْتَنَعَ رِضَاهُ نَفْيًا لِضَرَرِكَ وَإِذَا دَفَعَ بِأَمَارَةٍ أَو كتاب من غير ثَبت أيقول كَذَا الرَّسُولُ خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُكَ مَعَ يَمِينِكَ فِي نَفْيِ ذَلِكَ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ إِغْرَامِ الرَّسُولِ أَوِ الْمُودِعِ وَلَا يَرْجِعُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ إِنْ غَرِمَ فَإِنْ أَغْرَمْتَ الْمُودَعَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ لِأَنَّهُ قَبَضَ وَلَمْ يَثْبُتِ اسْتِحْقَاقُهُ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ الْفَرْعُ الْخَامِسُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ يَجِبُ الْإِشْهَادُ إِذَا اسْتَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ ضَامِنٌ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَيَعْلَمُ السَّبَبَ الْمُقْتَضِيَ لِكَوْنِهِ يُبِيحُ لَهُ الْإِيدَاعَ عِنْدَ الْغَيْرِ فَإِذَا عَلِمَ السَّبَبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ الْفَرْعُ السَّادِسُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قُلْتَ أُودِعُ مَالِي عِنْدَكَ فَقَالَ لَكَ ادْفَعْهُ لِعَبْدِي فَدَفَعْتَهُ فَاسْتَهْلَكَهُ الْعَبْدُ هُوَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَرَّكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي ذمَّة العَبْد بِإِقْرَارِهِ حَتَّى تشهد بَينته بِاسْتِهْلَاكِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَضْمَنُ السَّيِّدُ إِذْ غَرَّكَ عَلَى الْخِلَافِ فَالْغُرُورُ بِالْقَوْلِ وَإِذَا ضَمِنَ السَّيِّدُ بيعَ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَغَيْرَهُ مِنْ مَالِهِ الْفَرْعُ السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ إِذَا قُلْتَ لِلْحَاكِمِ أُودِعْتُ هَذَا وَأَمَرَنِي الْمُودِعُ أَنْ أُسَلِّمَهُ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ بِأَمْرِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْوَرَثَةُ كَتَبَ إِلَيْكَ أَنَّكَ ذَكَرْتَ أَنَّ فُلَانًا أَمَرَكَ بِدَفْعِهِ إِلَى فُلَانٍ بِأَمْرِي وَإِنِّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْفَعَهَا إِلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُمْ وَرَثَةُ فُلَانٍ
الْفَرْعُ الثَّامِنُ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَوْدَعْتَ ثُمَّ أَقْرَرْتَ أَنَّهَا لِزَيْدٍ الْغَائِبِ فَلَكَ قَبْضُهَا مِمَّنْ أَوْدَعْتَهَا عِنْدَهُ بِالْحُكْمِ وَلَا يَمْنَعُكَ إِقْرَارُكَ قَبْضَهَا فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّكَ الَّذِي أَوْدَعْتَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ إِلَّا مِنْ قِبَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ تَعَدِّيكَ وَلِذَلِكَ مَا أَوْدَعْتَهُ عِنْدَ سَفَرِكَ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ مَا وَكَّلْتَ عَلَيْهِ لَكَ قَبْضُ الثَّمَنِ وَلَوْ قَدِمَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فَطَلَبَهَا مِنْكَ وَأَنْتَ مُقِرٌّ أَنَّ مَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَكَ ذَكَرَ أَنَّهَا لِهَذَا الطَّالِبِ فَلَكَ مَنْعُهُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى إِقْرَارِ مُودِعِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّكَ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ إِنْ جَحَدَكَ إِلَّا بِهَذَا أَوْ يَقُومُ شَاهِدٌ مَعَكَ فَيَقْضِي لَهُ السُّلْطَانُ بِهَا أَوْ بِشَهَادَتِكَ مَعَ يَمِينِ طَالِبِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي أَوْدَعَكَهَا وَقَدْ غَابَ رَبُّهَا فَعَلَيْكَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارًا فَدَفَعْتَهَا إِلَيْهِ فَهَدَمَهَا وَأَتْلَفَ بَعْضَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ إِنْ جَاءَ رَبُّهَا لِأَنَّكَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي فِعْلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَرْتَ أَنَّهُ أَمَرَكَ بِدَفْعِهَا إِلَيْهِ أَوْ يَرْفَعُ حَوَالَةً عَلَيْكَ السَّبَبُ الثَّانِي نَقْلُ الْوَدِيعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ الْوَصِيُّ بِالتَّرِكَةِ إِلَى بَلَدِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فَلم يأتها كَذَا خَبَرٌ ضَمِنَهَا مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ خَرَّجَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْخِلَافَ فِي هَذَا مِنْ خِلَافٍ لِأَصْبَغَ فِي تَوْجِيهِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الْأَوْصِيَاءِ فِي الْمُبْضِعِ تَحْدُثُ لَهُ إِقَامَةٌ فَيَبْعَثُ بِالْمَالِ لِرَبِّهِ وَلَا يَضْمَنُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمُسْتَأْمَنِ يَمُوتُ عِنْدَنَا وَيَتْرُكُ مَالًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا نَقَلَ جَرَّةَ الزَّيْتِ فِي بَيْتِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ لَوْ سَقَطَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتْ أَوْ رَمَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا ضَمِنَ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ لَمْ تُتَعَمَّدْ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ سُؤَالٌ كَمَا أَذِنَ لَهُ فِي نَقْلِ الْوَدِيعَةِ فِي مَنْزِلِهِ أَذِنَ لَهُ بِالتَصَرُّفِ فِي مَنْزِلِهِ بِشَيْلِ مَتَاعِهِ فِي يَدِهِ فَهَلَكَتِ الْوَدِيعَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِأَمْرٍ مَأْذُونٍ فِيهِ فَلِمَ يَضْمَنُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الآخر
جَوَابُهُ الْإِذْنُ فِي تَحْوِيلِهَا فِي أَرْكَانِ بَيْتِهِ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْمَالِ فَاعْتُبِرَ إِذْنُهُ فِي عَدَمِ تَضْمِينِ مَالِهِ وَحَمْلُ مَتَاعِهِ فِي بَيْتِهِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْمَالِ بَلْ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يُسْقِطُ الضَّمَانُ إِذْنَ أَرْبَابِ الْمَالِ لِأَنَّ مَنْ فَتَحَ بَابَهُ فَأَتْلَفَ مَالًا بِذَلِكَ ضَمِنَهُ مَعَ حُصُولِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فِي الْفَتْحِ وَمَنْ أَكَلَ ضِيَافَةَ إِنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْهَا لِحُصُولِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَأَمَّا نَقْلُ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَلَيْسَ فِيهِ إِذْنُ الْمَالِكِ وَلَا غَيْرُهُ فَلَا جَرَمَ ضَمِنَ فَهَذِهِ فُرُوقُ هَذِهِ الْفُرُوعِ السَّبَبُ الثَّالِثُ خَلْطُ الْوَدِيعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ فَضَاعَ الْجَمِيعُ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بَعْضُهُ فَمَا ضَاعَ ضَمِنَهُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَكُمَا لِأَنَّ دَرَاهِمَكَ لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَلَوْ عُرِفَتْ لَكَانَتْ مُصِيبَتُهَا دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ إِذَا خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا لِلِاحْتِرَازِ وَالْفَرْقِ أَوْ بِحِنْطَةٍ مُخَالِفَةٍ لَهَا أَوْ بِشَعِيرٍ ثُمَّ ضَاعَ الْجَمِيعُ ضَمِنَ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْطَ فَوْتٌ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ صَبِيٌّ فَهِيَ مَاله فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ لَكَ مِثْلُ حِنْطَتِكَ وَلَهُ مِثْلُ شَعِيرِهِ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْكُمَا وَلَكَ تَرْكُ الصَّبِيِّ وَمُشَارَكَتُهُ فِي الْمُخْتَلط بِقدر قِيمَته طَعَامِكُمَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَكِيلَتِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالَيْكُمَا فَلَكُمَا أَخْذُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِكُمَا أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرَ مِثْلَ طَعَامِهِ وَيُبْقِيَ لَهُ الْمَخْلُوطَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَضْيُ مَا لَزِمَ لَا بَيْعٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ يُرِيدُ بِالِاحْتِرَازِ خَلْطَهُمَا لِفَرْقٍ مِنْ جِهَةِ الْكِرَاءِ وَأَضْبَطُ لِلْحِفْظِ فَإِنْ خَلَطَ لِغَيْرِ هَذَا مِنْ بَعْدُ أَوْ أَخَذَهُمَا لِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَالطَّعَامُ وَالدَّرَاهِمُ فِي هَذَا سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ لَوْ عُرِفَتِ الدَّرَاهِمُ لَكَانَتْ مُصِيبَةً كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ وَإِنْ خَلَطَهَا بِالْمُخَالِفَةِ لَا يَضْمَنُ لِتَمْيِيزِهَا وَكَذَلِكَ يَجِبُ فِي الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ رِضَاكُمَا بِالشَّرِكَةِ فِي الْحَبِّ الْمَخْلُوطِ كَمَا يَمْتَنِعُ خَلْطُكُمَا لِذَلِكَ ابْتِدَاءً لِغَرَضِ الشَّرِكَةِ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ شَرِكَةِ الْكِتَابِ فَفَسَّرَهُ سَحْنُونٌ بِأَنَّهُ يَزِيدُ بِقِيمَةِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ غَيْرِ مَخْلُوطٍ لِأَنَّهُ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ الْعُدْوَانُ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَقِيلَ بِقِيمَةِ الْقَمْحِ مَعِيبًا فَمَا خَلَطَهُ بِهِ مِنَ الشَّعِيرِ مُجَرَّدًا إِذْ لَا يعِيبهُ
الْقَمْحُ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بِيعَ الْمَخْلُوطُ اقْتَسَمَا الثّمن على قدر قِيمَته كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ يَشْتَرِكَانِ بِالْكَيْلِ لَا بِالْقِيَمِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَدَّلَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ الْآخَرِ وَالْكَيْلُ سَوَاءٌ وَلَمْ يُجْرِهِ عَلَى الْقِيَمِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَابْتِدَاءِ الشَّرِكَةِ عَلَى خَلْطِ النَّوْعَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ خَلْطُ الْمِثْلِيِّ إِذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ فَوْتٌ كَانَ بِالْجِنْسِ كَالْحِنْطَتَيْنِ أَوْ بِغَيْرِ الْجِنْسِ كَدَهْنِ الْوَرْدِ بِالزَّيْتِ وَمُنِعَ مِنَ الشَّرِكَةِ لِتَقَرُّرِ مِلْكِ الْمُودَعِ عَلَى الْجَمِيعِ بِالضَّمَانِ وَقَالَ ح إِذَا اخْتَلَطَتْ بِمَالِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ وَتَعَيَّنَتِ الشَّرِكَةُ لَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَجِبُ اسْتِصْحَابُهُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَالشَّرِكَةَ إِبْقَاءٌ لِلْمِلْكِ الْأَوَّلِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يقتسما الطَّعَام بَينهمَا على قِيمَته الطَّعَامَيْنِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ فَيَنْتَقِلَانِ فِي الأول عَن كيل مَعْلُوم إِلَى قِيمَته مَجْهُولَةٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِتَعَدِّيهِمَا فِي قِيمَتِهِمَا بِالْخَلْطِ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ لَهُمَا جَائِزَ الْأَمْرِ لَيْسَ بِصَبِيٍّ امْتَنَعَ رِضَاكُمَا بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَكُمَا عَلَي قَمْح وَشَعِير غَيْر مُخْتَلِطٍ فَلَيْسَ لَكُمَا أَنْ تَأْخُذَا مِنِّي غَيْرَ مَا وَجَبَ عَلَيَّ فَلَوْ ضَمِنَهُ أَحَدُكُمَا مِثْلَ طَعَامِهِ وَطَلَبَ الْآخَرُ الشَّرِكَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَضْمُونِ صَارَ لِلْمُتَعَدِّي فَالْمُشَارِكُ يَأْخُذُ مِنْهُ قَمْحًا وَشَعِيرًا عَنْ قَمْحٍ بِغَيْرِ رِضَا رَبِّهِ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمَا مِثْلَ طَعَامِهِ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ الْمَخْلُوطِ مِنْ غَيْرِ التَّعَدِّي وَرَضِيَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا خَلَطَهُمَا بِمَا يَتَمَيَّزُ وَهُوَ قَلِيلٌ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِعَظِيمٍ حَتَّى أَشْهَرَ الْوَدِيعَةَ ضَمِنَ قَالَهُ فِي النَّقْدَيْنِ وَإِذَا خَلَطَ الْقَمْحَ بِمِثْلِهِ ضمنه عَبْدُ الْمَلِكِ خِلَافًا لِلْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ فَعِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ هُوَ غَيْرُ مِثْلِهِ وَقَدْ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِيكَ فِي الطَّعَامِ مِنْ مُقَاسَمَةِ مَنْ ثَمَّنَهُ حَتَّى يُقَاسِمَهُ السُّلْطَانُ وَقِسْمَةُ الصَّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ أَقَلُّ اخْتِلَافًا فِي الْأَغْرَاضِ مِنْ خَلْطِ الطَّعَامَيْنِ وَمَعْلُومٌ مِنَ النَّاسِ كَرَاهَةُ خَلْطِ زَيْتِ أَحَدِهِمَا بِزَيْتِ غَيْرِهِ وَقَمْحِهِ بِقَمْحِهِ وَإِن كَانَ الْمُودع غير مَأْمُون فأبين لاتهمامه فِي الْخَلْط
بِالدُّونِ فِي اعْتِقَادِهِ وَإِذَا خَلَطَ الطَّعَامَ أَوِ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا فَضَاعَ بَعْضُ ذَلِكَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمَا وَيَتَّفِقُ مَالك وَابْن الْقَاسِم فِي هَذَا وَكَذَلِكَ مَسْأَلَة كَذَا لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ فَيَكُونُ الضَّيَاعُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ هُوَ الْمُشَارِكَ لَهُ فِيهَا وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الدِّينَارِ يَخْتَلِطُ بِدِينَارٍ لِغَيْرِكَ لَوْ نَظَرَ إِلَى الَّذِي اخْتَلَطَ فِيهَا قَبْلَ الضَّيَاعِ فَلَمْ يُوجَدْ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ اشْتَرَكَا فِي جَمِيعِهِمَا عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَإِذَا ضَمِنَ أَحَدُهُمَا الْمُتَعَدِّي وَطَلَبَ الْآخَرُ الْبَقَاءَ عَلَى الشَّرِكَةِ جَازَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إِذَا كَانَ الْمُضَمِّنُ هُوَ صَاحِبَ الشَّعِيرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَمْحِ يَكُونُ شَرِيكًا بِقَفِيزِ قَمْحٍ مَعِيبٍ وَلَوْ أَنَّهُ صَاحِبُ الْقَمْحِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ الْمُشَارَكَةُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْفَضْلَ مِنْ حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُتَعَدِّي وَيَجُوزُ عَلَى رَأْي ابْن الْقَاسِم وطلقا كَذَا أَيُّهُمَا ضَمِنَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَلَى الْقِيَمِ وَعَلَيْهِ يَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ بِجَعْلِهِمَا إِذَا رَفَعَا الْعَدَاءَ كَاخْتِلَافِهِمَا بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَارَا تَضْمِينَهُ قَطُّ كَخَلْطِ الرِّبْحِ أَوِ الدَّابَّةِ لَهُ فَالشَّرِكَةُ عَلَى الْقِيَمِ الْقَمْحُ مَعِيبٌ وَالشَّعِيرُ غَيْرُ مَعِيبٍ وَتَمْتَنِعُ قِسْمَتُهُ عَلَى الْقِيَمِ لِأَنَّهُ رِبًا وَلَوْ سقط ثوب فِي صبغ صباغ وَقِيمَته الثَّوْبِ دِينَارَانِ وَقِيمَةُ الصَّبْغِ دِينَارٌ خُيِّرْتُمَا فِي الشَّرِكَةِ فِيهِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلْثَيْنِ أَوْ بَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى مِلْكِهِ فَإِذَا بِيعَ اقْتَسمَا على قِيمَته يَوْم البيع وَإِن نقص الصَّبْغ أَوْ نَزَلَ السُّوقَ يَوْمَ الْبَيْعِ اشْتَرَكْتُمَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الطَّعَامَيْنِ إِنَّكُمَا مَلَكْتُمَا التَّضْمِينَ فَإِنَّمَا تَأْخُذَانِ ذَلِكَ عَنِ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّةِ الْمُتَعَدِّي فَلَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى التَّسَاوِي كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ فَإِنْ أَرَدْتُمَا بَيْعَهُ جَازَ لِأَنَّهُ بِيع نِصْفِ قَفِيزِ قَمْحٍ بِنِصْفِ قَفِيزِ شَعِيرٍ جَائِزٌ وَلَمْ يُجْبَرْ أَحَدُكُمَا عَلَى تَسْلِيمِ جَمِيعِهِ وَيَأْخُذُ مِثْلَ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يُبَاعَ عَلَيْهِ مِلْكُهُ جَبْرًا وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَوْدَعْتَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ
وَآخر دينارين وَآخر دِينَارا فخلطهما وَذَهَبَ مِنْهَا دِينَارٌ فَلَكَ مِنَ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ ثَلَاثَةٌ إِلَّا رُبُعَ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ اثْنَانِ إِلَّا رُبُعَ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي مِنَ الْخَمْسَةِ إِلَّا دِينَارًا فَيُعْزَلُ وَتَبْقَى أَرْبَعَةٌ فَيَدَّعِي مِنْهَا صَاحِبُ الِاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَيُعْزَلَانِ فَتَبْقَى اثْنَانِ لَا يَدَّعِيهِمَا إِلَّا صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ فَيَأْخُذُهُمَا ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَعْزُولَةِ فَتَجِدُ صَاحِبَ الدِّينَارِ لَا يَدَّعِي مِنْهَا إِلَّا دِينَارًا فَيُعْزَلُ وَيَبْقَى اثْنَانِ فَيُقَالُ لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ الَّذِي أَخَذَ الِاثْنَيْنِ إِنَّكَ لَا تَدَّعِي فِي هَذِهِ إِلَّا دِينَارًا فَيُعْزَلُ وَيَبْقَى دِينَارٌ لَا يَدَّعِيهِ إِلَّا صَاحِبُ الِاثْنَيْنِ فَيَأْخُذُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الدِّينَارَيْنِ الْمَعْزُولَيْنِ فَصَاحِبُ الدِّينَارَيْنِ لَا يَدَّعِي فِيهِمَا إِلَّا دِينَارًا وَيَبْقَى دِينَارٌ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ وَصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِي جَمِيعَهُ وَيَبْقَى الدِّينَارُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ نِصْفُهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِيهِ وَلِلْآخَرِينَ نَصِفُهُ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ الْكُلَّ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنَّ الدِّينَارَ التَّالِفَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْأَجْزَاءِ عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ جُزْءَانِ وَأَخَذَ بِكُلِّ قَوْلٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ وَالْعُلَمَاء وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الدِّينَارُ أَمَّا لَوْ عُرِفَ فَمُصِيبَتُهُ مَنْ صَاحِبُهُ السَّبَبُ الرَّابِعُ الِانْتِفَاعُ بِالْوَدِيعَةِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُهْلِكَ بَعْضُ الْمِثْلِيِّ ثُمَّ هَلَكَتْ بَقِيَّتُهُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا مَا اسْتَهْلَكَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ الْعُدْوَانُ وَلَوْ رَدَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَيُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ كَمَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّهَا إِلَيْكَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ جَمِيعَهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ لَمْ يَضْمَنْ إِنْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ إِبْلَاءِ الثَّوَاب وَيَرُدُّ مِثْلَهُ لِلُزُومِ الْقِيمَةِ لَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَمْ يُبَيِّنْ غَيْرَ السَّلَفِ أَهْوَ عُدْوَانٌ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لُزُوم ذِمَّتِهِ فَأَخْرَجَهُ عَنْ ذِمَّتِهِ لِلْأَمَانَةِ كَمَا كَانَتْ قبل وَقيل لَعَلَّ مَعْنَاهَا اذا لم يعلم قصدي التَّعَدِّي وَلَوْ عُلِمَ قَصْدُ الْأَخْذِ بِنِيَّةِ الرَّدِّ لَضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ رَدَّهَا بِنِيَّةٍ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْأَمَانَةِ لِلْغَصْبِ بِالتَّعَدِّي وَقَالَ ش مَتَى حَلَّ خَيْطُ الْخَرِيطَةِ أَوْ فَتَحَ الصُّنْدُوقَ الَّتِي
أَوْدَعْتَهُ فِيهِ ضَمِنَ لِهَتْكِهِ حِرْزَ الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ عَدْلٍ وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَضَمِنَهُ ح الْخَيْط دُونَ الْمَرْبُوطِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَيْهِ دُونَ مَا فِي الْكِيسِ أَوِ الصُّنْدُوقِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ إِذَا كَانَتِ الدَّرَاهِمُ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ ضَمِنَ الْمَأْخُوذَ دُونَ الْبَاقِي وَلَا يَضْمَنُ بِنِيَّةِ الْعُدْوَانِ عِنْدَ الْأَئِمَّة لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -
إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ ضَمِنَهُ شُرَيْحٌ قِيَاسًا عَلَى نِيَّةِ الْمُلْتَقِطِ التَّمَلُّكَ وَجَوَابه أَن الْمُلْتَقط إِن نوى ابتدأت ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِالْفِعْلِ الْحَرَامِ مَعَ النِّيَّةِ أَوِ انْتِهَاءً لَمْ يَضْمَنْ كَمَسْأَلَتِنَا وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّ مَا ضَمِنَهُ إِلَى الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ عِنْدَهُمْ إِذْ لَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَرْدُودُ عَمَّا بَقِيَ مِنَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ مَا لَهُ وَخَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَإِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ بَعْدَ الرُّكُوبِ أَوِ الثَّوْبَ بَعْدَ اللَّبْسِ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يَبْرَأُ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ مَنْشُورَةً أَوْ مَصْرُورَةً وَعِنْدَهُ لَا يَبْرَأُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَدَنِيُّونَ وَالرِّوَايَتَانِ فِي الْمِثْلِيِّ لَا فِي الْقِيمِيِّ فَلَا يَبْرَأُ إِذَا أَرَادَ صَفْقَتَهُ قَوْلًا وَاحِدًا أَمَّا إِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ بِعَيْنِهَا بَعْدَ التَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ خَيَّرَكَ مَالِكٌ بَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ أَوْ كِرَاءَهَا فَإِنْ أَخَذْتَ الْكِرَاءَ فَهِيَ فِي ضَمَانِكَ أَوِ الْقِيمَةَ فَفِي ضَمَانِهِ وَضَمَّنَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ يَسْقُطِ الضَّمَانُ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إِلَّا لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوِ الْحَاكِمِ إِنْ غَابَ الْمَالِكُ وَإِذَا قُلْنَا يَبْرَأُ بِرَدِّ مَالِ مِثْلِيٍّ فَهُوَ يَصْدُقُ فِي الرَّدِّ قَالَ مَالِكٌ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْرَأُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيُصَدَّقُ اسْتِصْحَابًا لِلْأَمَانَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ تَسَلَّفَهَا بِبَيِّنَةٍ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا صُدِّقَ وَإِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ وَكُلُّ هَذَا إِذَا تَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا أَمَّا إِذَا قَالَ لَهُ تَسَلَّفْ مِنْهَا إِنْ شِئْتَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَيْكَ كَسَائِرِ الدِّيُونِ وَإِذَا تَلِفَ الْبَاقِي قَبْلَ رَدِّ الْمُتَسَلَّفِ
فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَضْمَنُهُ لِبَقَائِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَأَمَّا نَفْسُ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّسَلُّفِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَكْرَهُ وَعَنْ مَالِكٍ إِن كَانَ لَهُ وَفَاءٌ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَعِنْدَ الْمَنْعِ هَذَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمِثْلِيِّ قَالَ فَلَا شُبْهَةَ فِي الْمَنْعِ وَالْمِثْلِيُّ كَالْمُكَيَّلِ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ قَالَ فَلَا كَذَا ظهر عِنْدِي تَحْرِيمُهُمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِبَرَاءَتِهِ بِرَدِّ مِثْلِ ذَلِكَ يُبَاحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهَا وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا ضَمِنَ جَمِيعَهَا لِتَعَدِّيهِ فِي حَلِّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ لِيَصْرِفَهَا فِي حَاجَتِهِ ضَمِنَ وَالْمُكَيَّلُ وَالْمَوْزُونُ الَّذِي يَكْثُرُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ كَالطَّعَامِ هَلْ يَلْحَقُ النَّقْدَيْنِ فَيُكْرَهُ تَسَلُّفُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ بِالْعُرُوضِ الَّتِي يَحْرُمُ تَسَلُّفُهَا قَوْلَانِ وَلَوْ كَانَ مُعْدمًا حرمَ السَّلَفُ مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْكَرَاهِيَةُ فِي الْعُتْبِيَّة وتفرقة عبد الْملك قَالَ وَرَأى إِنْ عَلِمَ أَنَّ مَالِكَهَا لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ لِرَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ الْكَرَاهِيَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْمَنْعِ وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَعِنْدَ ش إِذَا جَحَدَ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ لَمْ يعد أَمِينًا وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَلَهُ فِي تَضْمِينِ الْجُمْلَةِ وَجْهَانِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِحِفْظِ مَتَاعِهِ شَهْرًا فَترك الْحِفْظ يَوْمًا فَصَارَ ضَامِنًا وَلَا يُعَدُّ أَمِينًا وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَالِهِ فَبَاعَ بِالْأَقَلِّ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِن سلم ضمن وَاتفقَ مَالك وش وح عَلَى أَنَّهُ إِذَا جَحَدَ ثُمَّ أَقَرَّ لَا يَكُونُ أَمِينًا وَمَنَعَ ش مِنْ إِنْفَاقِ الْوَدِيعَةِ مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ أَنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ هَلْ يَنْفَسِخُ بِالْخِلَافِ الْقَوْلِيِّ أَمْ لَا وَالْخِلَافُ الْقَوْلِيُّ الْجُحُودُ لَا جَرَمَ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِيهِ وَمُدْرِكُ الْآخَرِ هُوَ أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَمْ لَا فَإِذَا خَانَ عَادَ الْأَمْرُ السَّابِقُ بَعْدَ ذَلِكَ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْجُحُودِ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِذَا خَانَ فَقَدْ بَطُلَتْ وَإِذَا تَجَدَّدَ مَا يُضَادُّ جُمْلَةَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ انْفَسَخَ كَمَا يَنْفَسِخ
النِّكَاحُ بِالرَّضَاعِ وَالرِّدَّةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَبْطُلُ بِالْقَوْلِ فَيَبْطُلُ بِالْفِعْلِ كَالْإِيمَانِ بِالتَّصْرِيحِ بِالشِّرْكِ وَبِالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ تُبْطَلُ بِالْكَلَامِ وَالْحَدَثِ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ يبطل بالتصريح بِنَقْض الْعَهْد ومحاربة المسلين مَعَ الْعَدْوِ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُكَلف كقعد الذِّمَّةِ وَالْأَفْعَالُ فِي دَفْعِ الْعُقُودِ أَعَمُّ مِنَ الْأَقْوَالِ لِبُطْلَانِ الصَّوْمِ بِالْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ مَحْسُوسٌ لَا مَرَدَّ لَهُ وَكَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ أَثَرُ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ دُونَ الْقَوْلِ كَأَفْعَالِ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَتَمَلُّكِهِ بِالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ دُونَ الْبَيْعِ وَالْعُقُودِ الْقَوْلِيَّةِ بَلْ يُشْتَرَطُ لَهَا التَّكْلِيفُ وَنُفُوذُ التَصَرُّفِ بِالرُّشْدِ فَلَا يُنْفِذُ عِتْقَ السَّفِيهِ وَالصَّوْمُ لَا يَعُودُ بَعْدَ الْأَكْلِ فَكَذَلِكَ الْأَمَانَةُ لَا تَعُودُ بَعْدَ الْخِيَانَةِ وَلِأَنَّ الْأَمَانَةَ وَإِنْ أُطْلِقَتْ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالْعَادِيَّةِ بِشَرْطِ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَمَانَةِ كَمَا تَتَقَيَّدُ الْوِكَالَةُ عَلَى شِرَاءِ الثَّلْجِ وَالْقَمْحِ بالشتاء بِتِلْكَ الْآن مِنْهُ كَذَا وَالْإِجَارَة الْمُطْلَقَة تَتَقَيَّدُ بِالْمَرَاحِلِ الْمَعْلُومَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مُقَيَّدٌ لِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ فَيَرْتَفِعُ بِالْمُخَالَفَةِ كَالْعَارِيَةِ إِذا تجَاوز الْمُسْتَعِير الْغَايَة بِشَيْء كشيء كَذَا فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ يَضْمَنُ وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجَاحِدَ إِنْ جَحَدَ أَصَلَ الْإِيدَاعِ بِأَنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا فقد أنكر أصل الْأَمر فيتضمن وَإِنْ قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ثُمَّ أَقَرَّ عَادَ أَمِينًا لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى زَوَالَهُ فَلَمْ يَرْتَفِعْ كَمَا لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَة مِنْ بَيْعٍ فَقَالَ مَا بَايَعْتُكَ قَطٌّ فَلَمَّا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ قَالَ قَضِيتُهَا لَمْ يَنْفَعْهُ وَيَغْرَمُ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ وَلَوْ قَالَ مَالك عِنْدِي شَيْءٌ ثُمَّ أَقَرَّ وَقَالَ قَضَيْتُكَ صَحَّ وَله تَوْجِيه دَعْوَاهُ وتحليف خَصمه وَالْمُودع هَاهُنَا مُعْتَرِفٌ بِأَصْلِ الْإِيدَاعِ فَلَا يَنْتَظِمُ الْقِيَاسُ عَنِ الثَّانِي أَنَّهَا لَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَاعَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهَا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَخَذَهَا عَادَتِ الْأَمَانَةُ وَالْحِفْظُ فَهَذَا حِفْظٌ جَدِيدٌ وَمَا افْتَقَرَ إِلَى إِذْنٍ جَدِيدٍ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّضَاعِ أَنَّهُ سَبَبٌ يَسْتَمِرُّ وَهُوَ كَوْنُهُ صَارَ أَخَاهَا
وَالسَّبَب هَاهُنَا زَالَ وَهُوَ الْعُدْوَانُ وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَجِنَايَةُ كُفْرٍ أَوْجَبَتْ حُبُوطَ الْأَعْمَالِ لِعِظَمِ مَفْسَدَتِهَا فَحَبِطَ عَقْدُ النِّكَاح ومفسدة الْجِنَايَة والإنفاق دون تكسر فَلَا يلْحق بِهَا بَلِ اعْتِرَاضُ ذَلِكَ فِي خِلَالِ الْأَمَانَةِ كَالْإِحْرَامِ وَالصَّوْمِ وَالْحَيْضِ لَا يَمْنَعُ النَّجَاحَ مَعَ مَنْعِهِ لِمُقْتَضَاهُ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ مَعَ مَنْعِهِ لِمُقْتَضَاهُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ السُّجُودَ لِلصَّنَمِ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ إِذَا رَجَعَ عَنْهُ عَاد مُؤمنا فَيَعُود هَا هُنَا إِذَا رَجَعَ عَنْ إِبْقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَبَطَلَانَ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ لِأَنَّ دَوَامَ الطَّهَارَةِ شَرْطٌ وَقَدْ بَطَلَ وَانْتِقَاءُ الشَّرْطِ يُوجِبُ انْتِقَاءَ الْمَشْرُوطِ وَكَوْنُ دوَام الْأَمَانَة هَا هُنَا شَرْطًا مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنْ قُلْتَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الدَّوَامُ اشْتُرِطَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ قُلْت إِيقَاعُ الطَّهَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مُخِلٌّ بِوَظِيفَةٍ أُخْرَى شرعيه وَهُوَ وجوب المولاة فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا لِوُقُوفِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْقُصُ إِلَّا وَقَدْ وَفَى بِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ فعظمة للصَّلَاة وَمُنَاجَاةِ رَبِّ الْأَرْبَابِ مَنْفِيٌّ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ بَلْ نَقُولُ النَّقْلُ لِلذِّمَّةِ عَارَضَ عَرْضَ الْأَمَانَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَعُودَ بَعْدَهُ كَالسَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ يَطْرَأُ بَعْدَهُ التَّذَكُّرُ وَالِائْتِمَامُ يَطْرَأُ بَعْدَهُ بُطْلَانُ الْإِمَامَةِ لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَأَمَّا عَقْدُ الذِّمَّةِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ قَتْلُ الْكَافِرِ وَمُعَاهَدَتُهُ على خلاف الدَّلِيل وَالْأَمَانَة هَا هُنَا عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ فَافْتَرَقَا وَأَمَّا الصَّوْمُ فَحُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ إِفْسَادَ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَقْتَضِي إِفْسَادَ مَا بَعْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ الْأَمْرُ بِالصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَعُدِ الصَّوْمُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الصَّوْمِ إِيثَارُ اللَّهِ تَعَالَى بِحَظِّ النَّفْسِ مِنْ شَهْوَتَيِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَلَا يَتَغَيَّرُ الْإِيثَارُ إِلَّا بِالتّرْكِ
فِي جُمْلَةِ الْيَوْمِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَمَيُّزِ صَوْمٍ مِنَ التَّرْكِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ وَحِكْمَةُ الْأَمَانَةِ الْحِفْظُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بَعْدَ الرَّدِّ وَأَمَّا الْإِحْبَالُ مِنَ السَّفِيهِ فَكَوْنُهُ يَنْفُذُ دُونَ عِتْقِهِ فَلِأَنَّ رَدَّ الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ بَلْ يَعُودُ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ وَفِي الْإِحْبَالِ لَوْ أَبْطَلْنَاهُ قَضَيْنَا بِبَيْعِ وَلَدِهِ الْمَخْلُوقِ مِنْ مَائِهِ وَبَيْعُ الْأَوْلَادِ مَفْسَدَةٌ وَإِذَا قَضَيْنَا بِأَنَّهُ وَلَدُهُ وَمَنَعْنَا بَيْعَهُ قَضَيْنَا بِأَنَّ وَالِدَتَهُ أُمُّ وَلَدٍ بِالضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ وَصَارَ لَهَا اخْتِلَاطُ مَائِهَا وَدَمِ طَمْثِهَا مَعَ مَائِهِ وَيُخْلَقُ مِنَ الْجَمِيعِ وَلَدٌ وَهَذِهِ أُمُورٌ لَهَا حُرُمَاتٌ وَالْعِتْقُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَصْوَاتٌ مُقَطَّعَةٌ لَا حُرْمَةَ لَهَا فَافْتَرَقَا وَمِلْكُ السَّفِيهِ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى أَعْيَانٍ مُبَاحَةٍ لَا مَفْسَدَةَ فِي دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا بِالْعُقُودِ فَدُخُولُهَا يَكُونُ بِبَدَلِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ تَتَوَقَّعُ فِيهَا الْغَبْنَ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ صِحَّتِهَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْغَبْنِ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ تَقْيِيدَهَا بِالْبَقَاءِ عَلَى الْأَمَانَةِ كَتَقْيِيدِ رَمَضَانَ بِالْبَقَاءِ عَلَى الطَّهَارَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَكَمَا أَنَّ الصَّوْمَ يَبْطُلُ بِطَرَيَانِ الْحَيْضِ ثُمَّ يَعُودُ بِالطَّهَارَةِ مِنْهُ كَذَلِكَ تَعُودُ الْأَمَانَةُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَالْوِكَالَةُ تَتَضَمَّنُ تَصَرُّفًا وَفِعْلًا فَإِذَا بَطَلَتِ الْأَمَانَةُ بَقِيَ التَصَرُّفُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ الْجُحُودِ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَقَدْ سَوَّى الشَّرْعُ فِيهَا بَين الْخلاف الْفعْلِيّ وَالْقَوْل فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْجُحُودِ وَلَا بِدَعْوَى الْأَدَاءِ وَلَا بِالْمُخَالَفَةِ فِي الْعَمَلِ ثُمَّ هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَيُنَاسِبُ الْبُطْلَانَ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَلَا ضَرَرَ مَعَ جَوَازِ الْعَقْدِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْفَسْخِ عَنِ الْخَامِسِ أَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ الْمَالِكِ وَيَدَ الْمُسْتَعِيرِ لَيْسَتْ يَدَ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَبِهْ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا أَكْثَرَ الْبُعْدَ فَقَدْ فَوَّتَهَا أَسْوَاقَهَا فَيَضْمَنُ وَثَمَّ يَتَأَكَّدُ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحُكْمِ انْتِفَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ وَقَدْ زَالَ التَّعَدِّي فَيَزُولُ الضَّمَانُ وَكَالْمُحْرِمِ إِذَا رَدَّ الصَّيْدَ لِلْحَرَمِ وَكَمَا لَوِ اسْتَعْمَلَ الْعَبْدَ فِيمَا يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ وَكَمَا لَوْ رَهَنَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا سَقَطَتِ الرَّهِينَةُ أَوْ نَقُولُ عَقْدُ الْإِيدَاعِ فَإِذَا رَجَعَ خَلًّا رَجَعَ أَوْ نَقُولُ عَقْدُ الْإِيدَاعِ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا
يُضَادُّهُ فَلَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْآمِرِ وَأَهْلِيَّةِ الْمَأْمُورِ وَقَبُولِ الْمَحَلِّ وَالثَّلَاثَةُ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا نافت الْجِنَايَةُ مُوجَبَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْحِفْظُ وَمُوجَبُ الْعَقْدِ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنِ الْعَقْدِ كَتَأَخُّرِ الْمِلْكِ عَنْ عَقْدِ الْبَيْعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ إِذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ وَالْأَجِيرُ عَلَى الْحِفْظِ إِذَا ضَيَّعَ ثُمَّ عَادَ وَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْجُحُودُ لِأَنَّهُ رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَنَا فِي جَوَازِ التَّسَلُّفِ مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما وَعَائِشَةَ رضي الله عنها وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَسْتَسْلِفُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حُجُورِهِمْ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَدِيعَةِ أَتَمُّ مَرَاتِبِ الْحِفْظِ وَلِهَذَا آثَرَ الْمُودِعُ حِفْظَ غَيْرِهِ عَلَى حِفْظِ نَفْسِهِ وَالْحِفْظُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ الْيَسَارِ أَبْلَغُ مِنَ الْحِفْظِ تَحْتَ الْيَدِ لِاسْتِحَالَةِ آفَاتِ الْفَسَادِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْوَدِيعَةِ دُونَ الثَّانِي فَهُوَ كَمَا إِذَا نَقَلَهَا إِلَى حِرْزٍ أَحْصَنَ تَفْرِيعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الدَّافِعُ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ إِمَّا أَنْ يَدْفَعَ لِذِمَّةٍ أَوْ لِأَمَانَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إِذَا ادَّعَى التَّلَفَ وَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ أَوْ يَأْتِي قَابِضُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَهَذَا الْوَجْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ دَفَعَ إِلَى ذِمَّةٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ بَرِئَ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ اتِّفَاقًا أَوْ خَرِبَةٌ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِهِ إِذَا ادَّعَى التَّلَفَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ فَالدَّفْعُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَمِنْ أَمَانَةٍ إِلَى أَمَانَةٍ وَمِنْ أَمَانَةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَمِنْ ذِمَّةٍ إِلَى أَمَانَةٍ وَالْأَوَّلُ كَمَنْ يَبْعَثُ إِلَيْكَ بِمَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ سَلَفًا عِنْدَهُ حَتَّى يُوصِلَهُ إِلَيْكَ وَالثَّانِي كَمَنْ يُودِعُ عِنْدَ رَجُلٍ لَكَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِي خُرُوجُ الدَّيْنِ مِنَ الذِّمَّةِ إِلَى الْأَمَانَةِ فِيهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ إِذَا أنْفَقَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ قَالَ رَدَدْتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُصَدَّقُ إِنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَإِذَا عَزَلَ عُشْرَ زَرْعِهِ فِي بَيْتِهِ فَضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يَضْمَنُ وَإِذَا قُلْتَ لَهُ كِلْ لِي طَعَامِ السِّلْمِ فِي غَرَائِرِكَ أَوْ بَيْتِكَ ثُمَّ قَالَ فَعَلْتُ ثُمَّ ضَاعَ فَهُوَ ضَامِنٌ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَمَرْتَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَرَمَّةِ دَارِكَ مِنَ الْكِرَاءِ فَقَالَ فَعَلْتُ صُدِّقَ إِذَا ظَهَرَ مِنَ الْبُنْيَانِ مَا يُصَدِّقُهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ
غَيْرُهُ لَا يُصَدِّقُهُ إِلَّا الْبَيِّنَةُ وَإِذَا اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ فَقَالَ فَعَلْتُ صَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَّبَهُ غَيْرُهُ وَإِذَا بِعْتَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ سَنَةً جَازَ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِذَا قُلْتَ اشْتَرِ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَبْدًا فَقَالَ أَبَقَ صَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قُلْتَ اعْمَلْ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عِنْدَكَ قِرَاضًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ إِخْرَاجُ الدَّيْنِ إِلَى الْأَمَانَةِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِتَأْوِيلِ أَنْ يَرُدَّ فَلَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ مِنَ الْأَمَانَةِ فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ وَإِذَا حَلَّهَا ثُمَّ تَسَلَّفَ وَرَدَّ ضَمِنَهَا كُلَّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتَسَلَّفْ لِتَعَدِّيهِ بِالْحَلِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ الْمَنْثُورَةُ وَالْمَصْرُورَةُ سَوَاءٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ حَلَّ الصِّرَارِ يُوجِبُ التَّلَفَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ ثُمَّ رَدَّهَا بَرِئَ يحْملُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ أَكْلَهَا فَيُصَدَّقُ فِي رَدِّهَا وَلَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ عَلِمَ تَعَدِّيهِ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِرَدِّهَا لِصَاحِبِهَا أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنَ الْأَمَانَةِ بِأَخْذِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَدِيعَةَ مِنْ ذِمَّتِهِ إِذَا تَسَلَّفَهَا وَهِيَ بِخِلَافِ الْعَرْضِ سَوَاءٌ وَقَفَ الْقِيمَةَ أَوِ الْمِثْلَ فَلَكَ أَنْ تَقُولَ لَمْ آمَنْكَ عَلَى الْقِيمَةِ وَيَقُولُ فِي الْمِثْلِ لِي أَنْ لَا أُجِيزَ سَلَفَكَ وَأَخَذَكَ بِالْقِيمَةِ وَأَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْقَمْحِ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ أَنَّ هَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ عَلَى صفة الأولى وَعَلَى يَدِهِ وَأَنَّهُ مِثْلٌ فَقَدْ يَسْتَحِقُّ هَذَا وَفِي هَذَا السَّبَبِ سِتَّةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَقَرَّ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلِبَاسِ الثَّوْبِ وَهَلَكَ فَقُلْت هَلَكَ قَبْلَ الرَّدِّ وَقَالَ بَعْدَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَقَرَّ بِالْعَقْلِ لِأَنَّ
الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَإِنْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ بِالْإِنْكَارِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ ضَمِنَ بِالرُّكُوبِ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ وَإِنْ قَالَ رَكِبْتُهَا بِإِذْنِكَ وَأَنْكَرْتَ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا سَالِمَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا وَقِيلَ هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَنْزِلَ بِهَا بِحَالِهَا قَالَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي رَدِّ مَا تَسَلَّفَ مِنَ الْوَدِيعَةِ وَقَالَ ش يَضْمَنُ إِذَا لَبِسَ أَوْ رَكِبَ ثُمَّ رَدَّ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَيْكَ وَقَالَ ح يَبْرَأُ بِعَوْدِ الْحَالِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا حُدَّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَالْوَلَدُ عَبْدٌ الْفَرْعُ الثَّالِثُ قَالَ إِذَا تَجَرَ فِي الْمَالِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ بِالتَصَرُّفِ وَتَرْكُهُ التِّجَارَةَ بِالْوَدِيعَةِ وَفِي النُّكَتِ يَأْخُذُ الرِّبْحَ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ وَالْمُبْضَعِ مَعَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالَ دُفِعَ لَهُمَا لِلرِّبْحِ فَلَا يُحَصِّلَاهُ لِأَنْفُسِهِمَا وَالَّذِي أُودِعَ لَمْ يَقْصَدِ الرِّبْحَ بَلِ الْحِفْظَ فَقَطْ الْفَرْعُ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُنْفِقُ مِنَ الْوَدِيعَةِ فَوَجَدَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى كِيسٍ هَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانٍ وَعُدَّتُهَا كَذَا فَوَجَدْتُهَا أَقَلَّ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالنَّقْصُ فِي مَالِهِ وَلَا أُحَلِّفُ الْوَارِثَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ عَلَيْهَا خَطُّ مَالِكِهَا إِنَّهَا لَهُ يَقْضِي لَهُ بِهَا وَقَالَ ابْنُ دَحُّونٍ لَا يُقْضى لَهُ بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَخْرَجَهَا لَهُ وَكَتَبَ عَلَيْهَا اسْمَهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ إِذَا لَمْ يَدْرِ مَنْ كَتَبَ وَلَا فِي أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ إِذَا وُجِدَ عَلَيْهَا خَطُّ الْمَيِّتِ
الْفَرْعُ الْخَامِسُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعْتَهُ سَيْفًا فَقَاتَلَ بِهِ ابْنَهُ فَكَسَرَهُ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ انْكَسَرَ مُخَالِفَةٌ لِيَوْمِ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ ضَمِنْتَهُ يَوْمَ الْوَدِيعَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوَدِيعَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعُدْوَانِ أَكْثَرَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ إِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِيدَاعِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَالْفَضْلُ عَلَى الِابْنِ لَوْ ضَمِنَ السَّيْفَ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ عَلَى الضَّمَانِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهِ الِابْنُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَعَدِّي الِابْنِ إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا أَكْثَرُ فَهُوَ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ الْفَرْعُ السَّادِسُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً فَحَمَلَتْ مِنْهُ اتْبَعَ بِهَا ذِمَّتَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ كَانَتْ طَعَامًا أَوْ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ أَوِ ابْتَاعَ بِهَا جَارِيَةً أَوْ سِلَعَةً فَلِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ أَخْذُ قِيمَتِهَا مِنْ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَأْخُذُ الْأَمَةَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ أَوْ قِيمَتَهَا فَقَطْ وَلَوْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ أَوِ الْبِضَاعَةُ عَرضًا فَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَهُ فِي الْمِثْلِيِّ أَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ تَضْمِينُ الْمِثْلِ وَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ بَاعَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ وَلَهُ إِجَازَتُهُ بَيْعَ الْمُشْتَرِي وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ يَبِيعُ الْمُسْتَوْدَعَ أَوِ الْمِبْضَعَ مَعَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوِ الْقِيمَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَوْ كَانَتْ دَنَانِيرَ فَصَرَفَهَا بِدَرَاهِمَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا مَا كَانَ لَكَ إِلَّا مَا صَرَفَ بِهِ إِلَّا بِرِضَا الْمُودِعِ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّرْفِ فَلَا يُجْبِرُكَ وَإِنْ صَرَفَهَا لَكَ امْتَنَعَ أَخْذُكَ لِمَا صَرَفَ وَإِنْ رَضِيتُمَا بِذَلِكَ وَلَكِنْ تُصْرَفُ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ بِمِثْلِ دَنَانِيرِكَ فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلَكَ وَتَضْمَنُ النَّقْصَ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي فِي الْعُرُوضِ الَّتِي تَكُونُ أَنْتَ مُخَيَّرًا فِي الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْخِيَار فِي
الصَّرْفِ وَإِنْ بَاعَ الْعَرْضَ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ مِنْ يَدِ الْمُبْتَاعِ فَلَكَ الرِّضَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ أَوْ يَقْبَلُ الْخِيَارَ فِي الْعَرْضِ وَإِنْ فَاتَ امْتَنَعَ الرِّضَا بِذَلِكَ الدّين لِأَن فَسْخُ مَا وَجَبَ لَكَ مِنَ الدَّيْنِ فِي دين ولاكن يُبَاعُ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِعَرْضٍ ثُمَّ يُبَاعُ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ ضَمِنَهُ الْمُتَعَدِّي أَوْ أَكْثَرَ فَلَكَ وَلَوْ بَاعَهَا بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ أَغْرَمْتَ الْمُتَعَدِّي الْقِيمَةَ وَإِذَا قَبَضَ الطَّعَامَ بِيعَ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبضه ثمَّ كَانَ الْفضل لَك فَإِن بَاعَ الدَّابَّةَ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ فَلَكَ أَخْذُ الدَّابَّةِ ثُمَّ تَنْظُرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَالْخَمْسَةُ الْفَاضِلَةُ لَهُ لِأَنَّهَا بَعْدَ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا لِمَنْ أَمَرَهُ بِشِرَائِهَا فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ بَيْعَ الْمُتَعَدِّي فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الْعَشَرَةُ فَتَصِيرُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى عَيْنٍ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَلَا خِيَارَ لِرَبِّ الْعَيْنِ فِيهِ يُرِيدُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِبَيْعِ الْمُتَعَدِّي أَخَذْتَ حِمَارَكَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْكَ فَيُفَضَّلُ الثَّمَنُ لَكَ مَعَ الْحِمَارِ وَلَكَ أَخْذُ الْعَشَرَةِ وَتَرْكُ الْحِمَارِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَوْ بَاعَ الْعَرْضَ الَّذِي أَخَذَهُ فِي الْوَدِيعَةِ بِدَنَانِيرَ فَلَكَ أَخْذُ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْوَدِيعَةِ أَو قيمَة السّلْعَة المودعة فِي فَوْقهمَا كَذَا أَوِ الثَّمَنُ مَأْخُوذٌ فِي الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ وَلَيْسَ بِصَرْفٍ فَيُقْبَلُ الْخِيَارُ وَكَذَلِكَ إِنْ لم يفوقا وَلَو ابْتَاعَ فِي بِالدَّنَانِيرِ الْآخِرَة سلْعَة فلك أَخذ بِتَنْفِيذِ الْبَيْعِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ السَّبَبُ الْخَامِسُ قَالَ مُطَرِّفٌ الْمُخَالَفَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُطَرِّفٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا قُلْتَ لَهُ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا فِي تَابُوتِكَ فَقَفَلَ فَتَلَفَتْ ضَمِنَ لِأَنَّ الْقُفْلَ يَبْعَثُ السَّارِقَ عَلَى الْأَخْذِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ زَادَهُ فِي الْحِفْظِ وَقَالَا إِذَا انْتَقَلَهَا مِنَ الْحِرْزِ الَّذِي عَيَّنْتَهُ لَهُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يُحَوِّلَهَا لِحَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَهُ النَّقْلُ وَكَذَلِكَ قَالَا فِي الْخَرَائِطِ إِنْ عُيِّنَتْ لَهُ خَرِيطَةٌ ضَمِنَ بِالتَّحْوِيلِ لِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عِنْدهمَا على
شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَإِخْرَاجُهُ مِنْهُ عُدْوَانٌ وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي يَمِينِكَ فَجَعَلَهَا فِي شَمَالِهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْبَيْتِ فَجَعَلَهَا فِي شَمَالِهِ وَلَوْ قُلْتَ اجْعَلْهَا فِي التَّابُوتِ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا وَلَوْ قُلْتَ قَفَلَا فَقَفَلَ قُفْلَيْنِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ السَّارِق يطْمع فِيهَا قُفِلَ بِقُفْلٍ وَبِقُفْلَيْنِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَيَشْتَدُّ حِرْصُهُ فَيَتَعَيَّنُ الضَّمَانُ وَلَوْ قُلْتَ فِي قِدْرٍ فَخَّارٍ فَجَعَلَهَا فِي قِدْرٍ نُحَاسٍ فَضَاعَتْ لِأَنَّ الْمَيْلَ إِلَى سَطْلِ النُّحَاسِ أَكْثَرُ وَلَوْ قُلْتَ فِي قُلَّةٍ نُحَاسٍ لَمْ يَضْمَنْ بِقُلَّةِ الْفَخَّارِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَلَيْهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قُلْتَ لَهُ ارْبِطِ الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّكَ فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يضمن لِأَن الْيَد أحرز هَا هُنَا إِلَّا أَن تكون أردْت إخفاءها من عَيْنِ الْغَاصِبِ فَرَآهَا لِمَا تَرَكَهَا فَيَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ فَضَاعَتْ ضمنه الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ لَوْ كَانَتْ فِي دَارِهِ فَأَخَذَهَا فِي كمه يَظُنهَا دراهما فَسَقَطَتْ ضَمِنَهَا وَقَالَ التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي التَّضْمِينِ بِالنِّسْيَانِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي ادِّعَاءِ الرَّجُلَيْنِ الْوَدِيعَةَ وَيَنْسَى مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْكَ مِنْهُمَا فَقِيلَ يَحْلِفَانِ وَيُقَسِّمَانِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَقِيلَ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنِسْيَانِهِ وَفِي الزَّاهِي لَوْ جَعَلَهَا فِي قَمِيصِهِ ضَمِنَ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأول أحوط فِي الْحَدِيثِ
فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ أَيْ خَرَجَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ كَمَا خَرَجَ الْجَيْبُ عَنِ الثَّوْبِ وَمَا خَرَجَ عَنِ الْحِرْزِ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَالْعَادَةُ عَدَمُ دَفْعِ الْوَدَائِعِ فِي الْجَيْبِ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِتَلَفِ مَا فِيهِ السَّبَبُ السَّادِسُ التَّضْيِيعُ وَالْإِتْلَافُ وَفِي الْجَوَاهِرِ ذَلِكَ بِإِلْقَائِهَا فِي مَضْيَعَةٍ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا أَوْ يَشِيعُ بِهِ إِلَى مَنْ يُصَادِرُهُ فَيَضْمَنُ وَلَوْ ضَيَّعَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنْ تَرَكَهَا فِي مَوْضِعِ إِيدَاعِهَا ضَمِنَ قَاعِدَةٌ أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ الْإِتْلَافُ وَالتَّسَبُّبُ لَهُ وَوَضْعُ الْيَد العادية
وَفِي هَذَا السَّبَبِ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكتاب إِن أَتْلَفَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَفِي مَالِ الِابْنِ لِأَنَّهَا جِنَايَة وَإِن لم يكن لَهُ مَال فَفِي ذمَّة أَو عبد فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ بِهَا أَوْ يُسَلِّمُهُ لِأَن العَبْد فِيهَا جَنَى الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا أَنْزَى عَلَى بَقَرِكَ أَوْ زَوَّجَ الْأَمَةَ فَحَمَلَتْ فَمُتْنَ مِنَ الْوِلَادَةِ أَوْ تَحْتَ الْفَحْلِ ضَمِنَ لِتَسَبُّبِهِ فِي الْهَلَاكِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُرْتَهِنِ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ بِأَمْرِكَ فَتَمُوتُ فِي النِّفَاسِ ضمنهَا مِنْكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ مَصْلَحَةٌ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَكَذَلِكَ تَزْوِيجُ الذُّكُورِ لِأَنَّكَ إِنْ أَجَزْتَهُ فَأَنْتَ الْمُزَوِّجُ وَإِلَّا رَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَمَةَ وَإِنْ مَاتَتْ لِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حُرَّةً فَزَنَى بِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَحُمِلَتْ فَمَاتَتْ لَا يُقْتَلُ بِهَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ آخَرُ مَاتَتْ بِهِ غير الْعدوان وَكَمن غر من أمة فَزَوجهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَمَاتَتْ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ والدها لِلْأَبِ إِذَا غَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُمْ لِلسَّيِّدِ وَأَمَّا إِذَا مَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُعْتَدٍ فِي ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي إِنْزَاءِ الرَّاعِي فَلَمْ يضملانه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ عَادَةً وَضَمَّنَهُ غَيْرُهُ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكْرَى إِبِلَ الْوَدِيعَةِ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا إِلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا وَمَنَافِعُكَ فِيهَا خُيِّرْتَ فِي تضميته قِيمَتِهَا يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَا كِرَاءَ لَكَ لِأَنَّ الضَّمَان يصير الْمَنَافِع لَهُ أَو يَأْخُذهَا وكرائها وَمَنَافِعُهَا لَكَ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمَسَافَةِ وَالْمُكْتَرِي
تَنْبِيهٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إِشْكَالٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ إِذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ بِحَالِهِ وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَكْرِي وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودِعِ وَإِنْ فَوَّتَ الْأَسْوَاقَ وَتَتِمَّةُ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابُ هُنَالِكَ وَالسُّؤَالُ قَوِيٌّ جدا فيتأمل الْفَرْع الرَّابِع فِي الْكتاب إِذَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَمْرِكَ ضَمِنَ مَا نَقَصَهُ التَّزْوِيجُ فَإِنْ ولدَتْ جَبَرَ الْوَلَدُ نَقْصَ التَّزْوِيجِ وخيرت بَين أَخذهَا وَوَلدهَا لِأَنَّهَا ملكت وتضمين قيمتهَا بِالْوَلَدِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبِيعَةِ تُرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْوَلَدَ يَجْبُرُ النَّقْصَ كَمَا يَجْبُرُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مَالِكَ كَمَا إِذَا اعتقها نفذ الْعتْق وَفِي التبيهات قَوْلُهُ يَجْبُرُ الْوَلَدُ النَّقْصَ مَعْنَاهُ إِذَا أَرَدْتَ أَخْذَهَا وَلَوْ ضَمِنْتَهُ أَخَذْتَ قِيمَتَهَا بِغَيْرِ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمِنِينَ إِذَا أَخَذَ قِيمَتَهَا فَعَلَى أَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنْ زَوْج يَوْمِ بِنَائِهَا وَعَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ قِيمَتُهَا يَوْمَ تَعَدَّى عَلَيْهَا فِي التَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ لَكَ أَخْذُهَا مَعَ وَلَدِهَا أَوْ تَضْمِينُهُ إِيَّاهَا إِذَا نَفَسَتْ وَتَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ إِذَا نَفَسَتْ زَائِدٌ لَيْسَ مُرَادًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ التَّخْيِيرُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ النِّفَاسِ وَمُزَايَلَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ وَلَدًا وَتَجْبُرُ نَقْصًا وَقَدْ يُرِيدُ بِالنِّفَاسِ الْحَمْلَ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَ بَنَى بِهَا مَجَازٌ فَقَدْ يَكُونُ الْحَمْلُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِمُدَّةٍ وَإِنَّمَا يَقُومُ وَقْتَ الْحَمْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَجَزْتَ النِّكَاحَ سَقَطَ الْعُدْوَانُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فُسِخَ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَانَ لَكَ الْمُطَالَبَةُ بِغَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ جِهَةِ اعْتِيَادِهَا لِلزَّوْجِ وَعَيْبِ الْوِلَادَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَامِّيِّ وَيَنْقُصُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبُ الْوِلَادَةِ وَقَدْ يُسْقَطُ عَيْبُ عَادَةِ الزَّوْجِ إِذَا كَانَتْ مِنَ الْعَامِّيِّ لِأَنَّهَا شَأْنُهَا أَنْ تُوطَأَ بِخِلَافِ الْوَخْشِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْعَيْبِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَفِي الْوَلَدِ جَبْرٌ لِلْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِلَّا الْأمة أَو كثيرا أَو فِي الْوَلَدِ جَبْرٌ لَهُ خُيِّرْتَ بَيْنَ
أَخْذِهَا مَعَ وَلَدِهَا دُونَ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ قِيمَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَاهَا فَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ وَجَبَرَ الْوَلَد الْعَيْب فَإِنَّهُ يَدهَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ سَخِطَ لِأَنَّهُ حَوْزٌ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمِنْ حَقِّهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَيجْبرُ الْبَائِعَ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ وَيَغْرَمُ الْعَيْبَ أَوْ يَجْبُرُهُ بِالْوَلَدِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالْمُودَعُ مُتَعَدٍّ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْبٍ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَيْب كثيرا إِلَّا برضاك وَجعل لَهُ هَا هُنَا جَبْرُ الْعَيْبِ بِزِيَادَةِ الْجِسْمِ إِذَا حَسُنَتْ حَالُهَا وَزَادَتْ لِأَنَّهَا زَادَتْ بِمَالِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ زِيَادَةِ الْجِسْمِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا رَاعَى أَنْ إِلَّا يَكُونَ عَلَى الْأُولَى ضَرَرٌ فَإِذَا عَادَ إِلَى يَدِهِ مِثْلَ مَا خَرَجَ مِنْهُ ارْتَفَعَ الضَّرَرُ وَإِنْ أتَيْتَ وَهِيَ حَامِلٌ وَكَانَ عَيْبُ الْحَمْلِ يَسِيرًا أَخَذْتَهَا وَقِيمَةَ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا اخْتَرْتَ بَيْنَ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ وَأَخْذِهَا أَوْ نَقْصِ الْعَيْبِ فَإِنْ مَاتَتْ مِنَ الْوِلَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مَالِكٍ وَضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ على الوطث تَسْلِيطٌ عَلَى الْوِلَادَةِ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِذَا لَمْ تَمُتْ وَوَجَدَهَا حَامِلًا أَنْ يَجْبُرَ عَلَى قَبُولِهَا حَامِلًا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْ وَأَمَّا مَا قِيلَ فِيمَنْ عَرَضَ أَمَةً فَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَالِمٌ فَاسْتَحَقَّتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ بَقِيَ لِلْأَبِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ كَمَا أَخَذَتْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ الْفَرْعُ الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثَتِ الْعَبْدَ الْمُودَعَ فِي أَمْرٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَهَلَكَ ضَمِنْتَهُ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ خَرَجَ فِي مِثْلِ هَذَا لَمْ يُمْنَعْ الْفَرْعُ السَّادِس قَالَ صَاحب قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْوَدِيعَةِ أَوِ الرَّهْنِ لَمْ أُعْطِ فِكَاكَهُ إِلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ فَضَاعَا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ قَبَضَ لِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ضَمِنَ قَالَ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ يُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ إِذَا قَبَضَهُ
بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَفِي تَلَفِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَفِي تَلَفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَبْضَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا بِأَنْ يَقُولَ خِفْتُ شَغَبَهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَضْمَنُ وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ مَنْعَهُ عُدْوَانٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُمكنهُ مَقْصُود بِالْإِشْهَادِ قَالَهُ ابْنُ دَحُّونَ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ ثَمَنُ الرَّدِّ وَمَا لَا يُصَدَّقُ الْفَرْعُ السَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَلَوِ اكْتَرَى الْبَقَرَ لِلْحَرْثِ أَوِ الْبِغَالَ لِحَمْلِ الطَّعَامِ ضمن الْبَهَائِم لِأَن مَالك سلفها كَذَا فَإِنْ بَلَغَتْ أَوْ نَقَصَتْ فِي كِرَائِهَا فَلَا قِيمَةَ لَكَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تصيرهَا عَلَى مِلْكِهِ فَتَكُونُ الْمُتَابِعَ لَهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي مَنَافِعِهِ أَوْ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ إِنْ مَاتَتْ أَوْ نَقَصَهَا إِنْ لَمْ تَمُتْ وَلَا كِرَاءَ لَكَ لِمَا تَقَدَّمَ الْفَرْعُ الثَّامِنُ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا سَرِقَتْ لَيْسَ لِلْمُودِعِ مُخَاصَمَةُ السَّارِقِ إِلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْكَ وَقَالَ ح لَهُ ذَلِكَ لَنَا أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الْأَمْلَاكِ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ مَالِكًا فَلَا خُصُومَةَ لَهُ السَّبَبُ السَّابِعُ الْجُحُودُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا جَحَدَكَ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِالْجَحْدِ صَارَ غَاصِبًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَعَ غير وَضمن لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَبْضَ مِنْهُ وَمَعَ الْمَالِكِ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ مُضْمِنٌ وَمَهْمَا جَحَدَ قبل قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِيدَاعِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَادَّعَى الرَّدَّ مِنْ قبل فَإِن كَانَت ضيه كَذَا حجوده إِنْكَارَ أَصْلِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَة لِأَن الأَصْل فِي قَوْله مَعَ الْبَيِّنَةِ خِلَافُ نَفْيِهِ لِتَنَاقُصِ كَلَامِهِ أَوْ قَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ قبل قَوْله فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لِعَدَمِ التَّنَاقُصِ بَيْنَ كلاميه قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى الْعِلْمِ كَالدَّيْنِ فَإِنْ قَالَ لَا
أَدْرِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَذَلِكَ نُكُولٌ فَتَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَكَ بِدَعْوَاكَ فَإِنْ نَكَلْتَ لَمْ يَكُنْ لَكَ شَيْءٌ وَإِنِ ادَّعَيْتَ وَقَدْ قَدَّمَتَ فَلَكَ الْوَدِيعَةُ أَوْ فِي سَفَرٍ لَمْ يُكَلِّفِ الْخَلْطَةَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَهَا السَّبَبُ الثَّامِنُ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ بِهَا أَوْ بِالْقِرَاضِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يضمنهُ وَيُؤْخَذ من تركته وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ تَرْكَهَا تَحْتَ يَدِهِ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَقَدْ ضَيَّعَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحَاصُّ بِهَا غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَذَا قِرَاض فلَان أَو وديعتة فَإِن يتهم صدق وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ تُوجَدْ هُنَاكَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَمِلَ جُهْدَهُ وَلَعَلَّهَا أَخَذَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يُوصِ وَوُجِدَتْ صُرَرٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ هَذَا لِفُلَانٍ وَفِيهَا كَذَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى إِيدَاعِهِ لَمْ يَأْخُذْهَا مَالِكُهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ وَلَعَلَّهُ صَادَمَ أَهْلَ الْمَيِّتِ حَتَّى كَتَبُوا ذَلِك وَعَن ابْن الْقَاسِم إِذا وجد قزطاس حِسَابٍ فِيهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا فَهُوَ لِمَنْ سَمَّى إِنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ خَطُّ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَصْبَغُ وَيقضى لَكَ بِهَا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ خَطُّكَ وَوُجِدَ فِي حِرْزِ الْمُسْتَوْدَعِ حَيْثُ أَقَرَّهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا شَهِدَ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ بِالْحُقُوقِ شَاهِدَانِ فَقَدْ تَمَّتَ الشَّهَادَةُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ كَالْإِقْرَارِ أَوْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَهُ أَوْ شَاهِدٌ عَلَى الْخَطِّ وَآخَرُ عَلَى الْحَقِّ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْوَدِيعَة إِلَّا بالإقراره ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَادَّعَى رَدَّهَا أَوْ تَلَفَهَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَقَدْ سَقَطَتِ الْيَمِينُ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يَتَعَذَّرُ تَحْلِيفُهُ فَقَدْ سَقَطَ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ وَيلْزم الْكثير من وَرَثَة يَحْلِفُ مَا يَعْلَمُ لَهَا سَبَبًا وَلَا يَعْتَقِدُ لطول الْمدَّة إِن تَسَلَّفَهَا أَوِ اسْتَهْلَكَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْعُدْوَانِ وَهَذَا كَانَ الْقِيَاسَ لَوْ قَصَّرَتِ الْمدَّة لَكِن الْفرق
بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَدَائِعَ لَا تُتْرَكُ عِنْدَ قَابِضِهَا الدَّهْرَ الطَّوِيلَ غَالِبًا وَالْعَشْرُ سِنِينَ كَالْعِشْرِينَ وَالسَّنَةُ وَنَحْوَهَا قَلِيلٌ فَقِيلَ إِنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّرِيكَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيُقِيمُ شَرِيكَه الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كَانَ عِنْده مائَة دِينَار من الشّركَة افلم تُوجد وَلَا علم لَهَا مسْقط كَذَا إنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِهِ وَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلشَّرِيكِ التَصَرُّفَ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ السَّبَبُ التَّاسِعُ التَّقْصِيرُ فِي الْإِشْهَادِ كَالرَّدِّ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنَ الْعَاقِبَةِ الْأُولَى ذِكْرُ هَذَا وَمُخَالَفَةُ الْأَئِمَّةِ لنا وَوجه الْحجَّة عَلَيْهِم وَنَذْكُر هَا هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا السَّبَبِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هُنَالِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ يَكُونُ قَدْ ائْتَمَنَهُ عَلَى الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ فَيصدق فِي الْحِفْظ الَّذِي أوئتمن عَلَيْهِ دُونَ الرَّدِّ الَّذِي لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِلَّا رِوَايَةً عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدَّ مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنَ الْعُرُوضِ فَيُصَدَّقُ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ عِنْدَهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ عَلَيْهِ أَصْبَغُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالْوَدِيعَةِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنَ الْعُرُوضِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَتِهِ وَوَقَعَ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا ظَاهِرُهُ تَأْوِيلُ أَصْبَغَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَلِ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنَ الْمُودِعِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لَهُ لِخِفَّتِهِمَا وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ فَيَتَحَصَّلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ لَا يُصَدَّقُ إِذَا قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ فِي الثَّلَاثَةِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ وَالتَّفْرِقَةُ لِأَصْبَغَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْآخَرِينَ عَلَى تَأْوِيلِهِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُصَدَّقُ فِي الْوَدِيعَةِ دُونَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِالْإِشْهَادِ فِيهِمَا التَّوَثُّقَ مِنْ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَالْإِجَارَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَهَذَا إِذَا دَفَعَ الْأَمَانَةَ لِدَافِعِهَا وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى وَلِيِّ الْأَيْتَامِ مِنَ الْإِشْهَادِ وَلَا يُصَدَّقُ إِذَا أَنْكَرَ الْقَابِضُ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا قَوْل عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَوْ رَدَّدْتُهَا
وَالْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ يَضْمَنُ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ عَلَى الْحِفْظِ وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْمُبَرِّئُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ لَكَ إِنْ أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا فَقَدْ ضَاعَ وَقَدْ قَبَضْتَهُ بِبَيِّنَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا يَمِينُهُ لِجَزْمِهِ بِانْحِصَارِ الطَّارِئ فِي الضّيَاع كمل بِحَمْد الله وَحسن عونه
بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب الْحمالَة)
وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحَمْلِ لِأَنَّ الضَّامِنَ حَمَلَ وَالْمَضْمُونَ نَقَلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ كُلُّهَا مُتَرَادِفَةٌ الْحَمِيلُ وَالزَّعِيمُ وَالْكَفِيلُ وَالْقَبِيلُ وَالْأَذِينُ وَالصَّبِيرُ وَالضَّامِنُ يُقَالُ حَمَلَ يَحْمِلُ حَمَالَةً فَهُوَ حَمِيلٌ وَزَعَمَ يَزْعُمُ زَعَامَةً فَهُوَ زَعِيمٌ وَكَفَلَ يَكْفُلُ كَفَالَةً فَهُوَ كَفِيلٌ وَقَبِلَ يَقْبَلُ قَبَالَةً فَهُوَ قَبَيْلٌ وَأَذِنَ يَأْذَنُ أذَانَةً فَهُوَ أَذِينٌ وَصَبَرَ يَصْبِرُ صَبْرًا فَهُوَ صَبِيرٌ وَضَمِنَ يَضْمَنُ ضَمَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِعْ زعيم} و {سلهم أَيهمْ بذلك زعيم}
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - الزعيم غَارِم
وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ أَيْ مَنْ يَتَحَمَّلُ الْكَلَامَ عَنْهُمْ وَيَتَقَدَّمُ فِيهِ دُونَهُمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُم كَفِيلا}
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَابْتِغَاءُ مَرْضَاتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ
مَعَ مَا نَالَ من أجرا وغنيمة وَقَالَ تَعَالَى {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا} والأذين فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذا تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِن عَذَابي لشديد} وَأَصْلُ الْأَذِينِ وَالْأَذَانِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْ ذَلِكَ الْإِعْلَام وَالْكَفِيل معلم بِأَن الْحق فيوجهته وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء} قَالَ فِي التَّنْبِيهَات مثل حَمِيلٍ عَزِيزٌ وَكَوِينٌ قَالَ وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْحِيَاطَةِ فَالْكَفَالَةُ مِنَ الْكَفِيلِ وَهُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي يُطْوَى حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ لِيُحْفَظَ بِهِ الرَّاكِبُ وَالْكَفِيلُ حَافِظٌ لِمَا الْتَزَمَهُ وَالضَّامِنُ مِنَ الضَّمْنِ وَهُوَ الْحِرْزُ وَكُلُّ شَيْءٍ أَحْرَزْتَهُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ ضَمَّنْتَهُ إِيَّاهُ وَالْقِبَالَةُ الْقُوَّة وَمِنْهُ مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ قِبَلٌ وَلَا طَاقَة وَمِنْه قبل الْحِيَل قبْلَة الأول كَذَا وَالْقَبِيلُ قُوَّةٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَالزَّعَامَةُ السِّيَادَةُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا تَكَفَّلَ بِهِ صَارَ عَلَيْهِ سِيَادَةٌ وَحكم عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَذِينُ وَالْإِذَانَةُ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ وَذَكَرَ الْآيَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ أَيْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَزِيدَ لِلشَّاكِرِ وَالْعَذَابَ لِلْكَافِرِ قَالَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ قَالَ وَالضَّامِنُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ وَأَعْلَمَ بِذَلِكَ وَالصَّبِيرُ مِنَ الصَّبْرِ وَهُوَ الثَّبَاتُ وَالْحَبْسُ وَمِنْهُ الْمَصْبُورَةُ وَهِيَ الْمَحْبُوسَةُ لِلرَّمْيِ لِأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ لِأَدَاءِ الْحَقِّ وَالْكَوِينُ مِنْ كَنَيْتُ لَكَ بِكَذَا وَقَالُوا عَزِيزُكَ أَيْ كَفِيلُكَ قَالَ غَيْرُهُ الْكَفَالَةُ مِنَ الضَّمِّ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُعْمَلُ لِلْحَائِطِ كِفْلا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وكفلها زَكَرِيَّا} أَيْ ضَمَّهَا لِنَفْسِهِ وَالْحَمِيلَ ضَمَّ ذِمَّتَهُ لِذِمَمٍ أُخْرَى
فَائِدَة قَالَ بعض اللغوين كَثُرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفُعَالَةِ وَالْفِعَالَةِ فِي مَوَارِدِ والاستعمال فَالْفُعَالَةُ بِالضَّمِّ فِي الْفَضَلَاتِ وَالْمُطْرَحَاتِ نَحْوَ النُّخَالَةِ وَالْفُضَالَةِ وَالزُّبَالَةِ وَالْكُنَاسَةِ وَبِالْفَتْحِ مِنَ السَّجَايَا وَالْأَخْلَاقِ نَحْوَ الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ وَالْبَرَاعَةِ وَالْخَلَاعَةِ وَبِالْكَسْرِ فِي الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ نَحْوَ الْخِيَاطَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْفِلَاحَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الثَّلَاثَةِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَأَصْلُ هَذَا الْكِتَابِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ أَمَّا الْقُرْآن فَقَوله تَعَالَى {وَأَنا بِهِ زعيم} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا حَتَّى يُنْسَخَ وَهِي كَفَالَة بِالْمَالِ وَقَوله يَعْقُوبَ عليه السلام لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ احاط بكم} وَهُوَ كَفَالَةٌ بِالْوَجْهِ وَالسُّنَّةُ
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - الزَّعِيمُ غَارِمٌ وَأَجْمَعَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلِأَنَّهُ بَابُ مَعْرُوفٍ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى الْعَارِيَةِ وَالْقَرْضِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَبْوَابِ الْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّهُ تَوَثُّقٌ بِالْحَقِّ فَيَجُوزُ كَالرَّهْنِ وَفِي هَذَا الْكِتَابِ ثَلَاثَة أَبْوَاب
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ)
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الضَّمَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرَطُهُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ احْتِرَازًا مِنَ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ لِعَدَمِ ذِمَّتِهِمَا وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ أَوْ شَائِبَتُهُ لِمَا فِي ضَمَانه من ضَرَر السَّيِّدِ فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ إِلَّا فِي الْمَأْذُونِ إِذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ فِي الْمُكَاتَبِ أَيْضًا وَإِنْ أَجَازَهُ صَوْنًا لِلْكِتَابَةِ عَنِ الْعَجْزِ وَقَالَ ح وَمَا رَدَّهُ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْعِتْقِ عَيْبٌ الْآنَ وَلَيْسَ لَهُمْ إِدْخَالُ الْعَبْدِ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَمَكَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ إِسْقَاطِهِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى عَتَقُوا لَزِمَهُمْ لِذَهَابِ الْمَانِعِ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ كَفَالَةُ الْمَرِيض فِي ثلثه لِأَنَّهَا تبرع وَقَالَ الْأَئِمَّةُ وَمُدَايَنَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَبَرُّعًا فَإِنِ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ سَقَطَتِ الْكَفَالَةُ لِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى التَّبَرُّعِ كَالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَإِنْ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَصَحَّ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَصَدَقَتِهِ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثٍ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَإِنَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ هَذَا لِوَارِثٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لِوَارِثٍ وَيَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ فِي ثُلُثِهِ لجَوَاز الْوَصِيَّة إِلَّا أَنه يَغْتَرِقَ الدَّيْنُ مَالَهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ لِصَيْرُورَةِ المَال وَفَاء الدّين فَيَكُونُ كَالتَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَجَوَّزَ ش التَّبَرُّعَ لَهُ مَا لَمْ يُفْلِسْ وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَبَين مَوْتِهِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِكَفَالَةٍ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِي رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الصِّحَّة
فِي التَّنْبِيهَاتِ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ حَمَلُوا كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَهُ بِالْكَفَالَةِ كَإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّ الْجَمِيعَ بَاطِلٌ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ أَبِي زَمِنِينَ وَقِيلَ الْكَفَالَةُ تُخَالِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا دين يلْزم بِالْإِقْرَارِ فِي الْمَرَض وكالصحة قَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَأَبُو عِمْرَانَ قَالَا وَمَعْنَى كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا يُبْطِلُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِوَارِثٍ وَمَنْ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ لَهُ فِي الْمَرَضِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي صِحَّتِهِ فِي أَصْلِ عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِدَيْنٍ يَلْزَمُ وَلَيْسَ مَعْرُوفًا كَالصَّدَقَةِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَلْزَمُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْفِذُوهَا فَتَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد حمالَة الْمَرِيض جَائِزَة وَمَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَرْبَابِ الدَّيْنِ نَقص وَيَكُونُ الْمُتَحَمِّلُ بِهَا مَلِيًّا وَيَكُونُ الْمَرِيضُ مُتَّهَمًا فِي إِحْيَاءِ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا جَازَتْ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ الْمَحْمُولُ بِهِ مَلِيًّا فَهِيَ أَوْ عَدِيمًا بَطَلَتْ وَلَمْ تَكُنْ فِي الثُّلُثِ إِذَا لَمْ يرد بِهَا كَالْوَصِيَّةِ وَلَا لَهُ أَنْ يُعْطِيَ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ أَشهب حمالَة الْمَرِيض عَن وراثه لأَجْنَبِيّ بَاطِلَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ بِهِ مُوسِرًا حَاضر النَّقْد حِين تحمل بِهِ اوأبطلها عَبْدُ الْمَلِكِ مُطْلَقًا وَلَوْ صَحَّ بَعْدَ الْحَمَالَةِ تَثْبُتُ مُطْلَقًا عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَوْلُهُ اإن أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ هَذَا إِنْ كَانَ لِوَارِثٍ امْتَنَعَ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ جَازَ يُرِيدُ كَانَ وَارِثُهُ كَلَالَةً أَوْ وَلَدًا وَعَنْ سَحْنُونٍ إِنْ كَانَ وَلَده كَلَالَة لم يجزه إِقْرَارُهُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ كَذَا إِذَا تَكَفَّلَ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ بَطَلَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُتْبِعُهُ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ كحالة ذَات الزَّوْج إِذا طلقت وأيسر هُوَ مَعْدُوم وَلم تفسخ الْحمالَة فَهِيَ ثَابِتَة إِلَّا أَن يَكُونَ الزَّوْجُ أَسْقَطَهَا عَنْ زَوْجَتِهِ وَالْغُرَمَاءُ عَنْ غَرِيمِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَرِيضُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلَيْنِ تَحَمَّلَ بَعْضَهُمَا عَنْ بَعْضٍ وَأَخَذَهُمَا وَارِثُهُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ الْحَقِّ يَبْطُلُ إِقْرَارُهُ
وَالْحَمَالَةُ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ أَسْقَطَ مَا عَلَيْهِ وَجَعَلَ لَهُ اتِّبَاعَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْحَقَّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ إِقْرَارُهُ وَسَقَطَ الْحَقُّ عَنْهُمَا إِنْ كَانَا مَلِيَّيْنِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَتْبَعُ الْوَارِثَ وَلَمْ يُسْقِطْ عَنْ وَارِثِهِ شَيْئًا لِأَنَّ صَاحِبَهُ مَلِيٌّ أَوْ مَعْدُومٌ مُعَيَّنٌ بَطَلَ الْإِقْرَارُ وَبَقِيَتِ الْحَمَالَةُ وَالدَّيْنُ لِأَنَّ الْوَارِثَ إِن أيسر أَو لَا صَارَتْ وَصِيَّةً لَهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُ مَا يَلْزَمُهُ وَكَذَلِكَ فِي عَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ وَمِلَاءِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ عَنْ وَارِثِهِ وَاجِبًا إِنْ أَقَرَّ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ يُزِيلُ بِذَلِكَ الطّلب عَن وَرَثَة وَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَارِثِهِ وَلَهُ بِهِ حَمِيلٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ يُضْعِفُ فَرْضَهُ وَيَنْقُصُهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْحَقِّ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ الْحَمِيلِ جَازَ وَاتَّبَعَ الْحَمِيلُ الْوَارِثَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ إِذا تكفل الْمَرِيض بِمَالِه فِي عَقْدٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي جَازَ وَيَمْتَنِعُ بِأَمْرِهِ عَلَى الْقَوْلِ إنَّهَا تَحِلُّ عَلَى الْحَمِيلِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ يَدْرِي عَلَى أَيِّ ذَلِكَ بَاعَ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ فِي مَرَضٍ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بعده جَازَت من ثلثه وَإِذَا تَكَفَّلَ الْمَرِيضُ فَصَحَّ فَيَرْجِعُ عَنْهَا وَقَالَ كُنْتُ أَرَدْتُ بِهَا الْوَصِيَّةَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِنْ كَانَتْ فِي عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَيَخْتَلِفُ إِذَا كَانَتْ بَعْدُ وَإِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ يَحْمِلُ فِي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِذَا كَانَتْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا لِأَنَّهَا كَالْحَمَالَةِ لَهَا مَرْجِعٌ فَأَشْبَهَتْ مَرَاجِعَ الْعُمْرَى فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ جَازَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَقْرِضِ دُونَ الْبَائِعِ وَالْمُقْرِضِ فَكَانَ كَالْإِقْرَارِ بِسَائِرِ الدِّيُونِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا أَخْرَجَ بِهِ مِلْكًا عَنْ مَالِكِهِ الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ تَمْتَنِعُ كَفَالَةُ الْمَأْذُونِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إِلَّا أَنْ يَغْتَرِقَ الدَّيْنُ مَالَهُ فَيُمْنَعُ وَإِن أَذِنَ السَّيِّدُ كَالْحُرِّ إِذَا اغْتَرَقَ دَيْنُهُ مَالَهُ وَتَجُوزُ حَمَالَةُ الْعَبْدِ بِالْخُصُومَةِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَقَالَ ش أَنه لَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ فِي قَضَاءٍ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِالْقَضَاءِ حَلَفَ الْعَبْدُ وَبَرِئَ السَّيِّدُ كَالْحُرِّ وَلَا يَحْلِفُ السَّيِّدُ وَإِنْ تَحَمَّلَ عَبْدٌ بِدَيْنٍ عَلَى سَيِّدِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ فُلِّسَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ خير الطَّالِب وان يَتْبَعَ ذِمَّةَ السَّيِّدِ فَيُبْتَاعُ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ
ذِمَّةُ الْعَبْدِ فَيَكُونُ لَهُ دَيْنُهُ فِيهَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ اتِّبَاعُ ذِمَّةِ الْعَبْدِ إِلَّا عَمَّا عَجَزَ مِنْهُ مَالُ السَّيِّدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَحَمَّلَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَدَاءِ السَّيِّدِ فَفِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِنَايَةً وَيَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ رق لِسَيِّدِهِ وَلَا يُجْبِرُهُ السَّيِّدُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قد يؤدبه بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَلْزَمُهُ إِنْ أَجْبَرَهُ لِأَنَّهُ عقد إِكْرَاه وإباء العَبْد خَوْف اللُّزُومِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَشْهَدَ السَّيِّدُ أَنَّهُ ألزمهُ ذَلِك لم يلْزمه الْعَبْدَ إِلَّا بِرِضَاهُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَعْتَقَهُ وَعَلَيْهِ مِائَةٌ لَزِمَتْهُ وَإِنْ كَرِهَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَخْيِيرِ الطَّالِبِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ إنَّ لِلطَّالِبِ اتِّبَاعَ الْكَفِيلِ مَعَ يُسْرِ الْغَرِيمِ وَلَيْسَ هُوَ اخْتِيَارَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ خَالَفَ أَصْلَهُ وَقِيلَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعَ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الذِّمَّتَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَصْلِهِ وَلَعَلَّ السَّيِّدَ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ وَيَخَافُ الْمُحَاصَّةَ وَذِكْرُهُ إِعْتَاقَ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِائَةٌ فَتَلْزَمُهُ وَإِنْ كَرِهَ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي خِلَافَهُ ذَكَرَهَا سَحْنُونٌ بَعْدَ إِجْبَارِ الْعَبْدِ عَلَى الْكَفَالَةِ تَنْبِيهًا عَلَى الْخِلَافِ وَأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ لِمَالِكٍ وَأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالك إِلْزَام والإجبار وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ بَلْ أَشَارَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْحَمَالَةِ لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ وَأَنَّ مَا أَدْخَلَ فِيهِ الْعَبْدُ مِنَ الْمِائَةِ انْتَفَعَ بِعِوَضِهَا مِنْ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي إِلْزَامِ الْكَفَالَةِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا طَالَبَ السَّيِّدُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ لَهُ كَالْحُرِّ إِذَا تَحَمَّلَ وَلَمْ يَفِ مَالَ الْمَطْلُوبِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِمَا بَقِيَ قَالَ وَقَوْلُ الْغَيْرِ لَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ إِلَّا بِمَا عَجَزَ عَنْهُ مَالُ السَّيِّدِ كَيْفَ يُبَاعُ وَلَا يُعْرَفُ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ فَلَا يَتَّجِهُ إِلَّا عَلَى التَّبْعِيضِ فِي الْمُزَايَدَةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِائَةً فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِخَمْسِينَ عَلَى أَنْ يبْقَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ هَكَذَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ يُسْقَطُ مِنْ ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ أَيْضًا دَيْنٌ فَمَا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فِيهِ نَصِيبٌ فَمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ فِي هَذَا عَامِرَةٌ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ ثَمَنُهُ وَبِمَا أَخَذَ أَهْلُ الدَّيْنِ مِثَالُهُ عَلَى السَّيِّدِ مِائَةٌ وَتَحَمَّلَ الْعَبْدُ عَنْهُ بِمِائَةٍ فَيُقَالُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبْقَى فِي
ذمَّته خَمْسُونَ فَيَقُول آخر آخذه بِمِائَة وَعِشْرُونَ عَلَى أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ أَرْبَعُونَ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ الَّتِي زَادَنَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ نِصْفَيْنِ فَيُسْقَطُ مِنْ ذِمَّةِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ قَالَ التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ يَحْلِفُ الْعَبْدُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّيِّدُ مَعَ الشَّاهِدِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِشَاهِدٍ قَامَ لَهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْحر فَإِن كَانَ عديما حلف الْمُوكل ليبرئ مِنَ الْغُرْمِ أَيْضًا وَمَتَى أَيْسَرَ الْوَكِيلُ حَلَفَ صَاحب الدّين وَرجع على الْوَكِيل وبريء وَغَرِمَ الْوَكِيلُ الَّذِي وَكَّلَهُ وَإِذَا تَحَمَّلَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ فَأَفْلَسَ بِيعَ الْعَبْدُ إِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ دَيْنَهُ مِنَ السَّيِّدِ فَإِنْ رَضِيَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ كَانَ ذَلِكَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ الطَّالِبَ يُخَيَّرُ بَيْنَ السَّيِّدِ إِذا أفلس وَبَيْنَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ السَّيِّدَ وَاتَّبَعَ ذِمَّةَ الْعَبْدِ فَهُوَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْحَمَالَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ شَيْئًا لِأَنَّ لِلْعَبْدَ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا أَنَا حَمِيلٌ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ مَالُ السَّيِّدِ فَإِذَا أُلْزِمْتُ مَعَ وُجُودِ مَالِهِ فَهُوَ إِكْرَاهٌ عَلَى الْحَمَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَو تحمل السَّيِّد من عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ وَكَانَ مُنْتَزَعَ الْمَالِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْمُطَالَبَةُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ مَاتَ وَفُلِّسَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَحُلِ الْأَجَلُ عَلَى الْحَمِيلِ فَكَيْفَ انْتِزَاعُ مَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَجَازَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ يُتَأَلَّفُ بِهَا فِي التِّجَارَةِ فَيَفْعَلُ مَعَهُ كَذَلِكَ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ فِيمَا يُرَادُ بِهِ التَّأْلِيفُ فَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ مُوسِرًا جَازَتْ وَإِنْ كَثُرَ الْمَكْفُولُ أَوْ فَقِيرًا امْتَنَعَتْ إِلَّا فِي القإن وَكَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ فِيمَا يُخْشَى مِنْهُ التَّعْجِيزُ تَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعْجِيزِهِ لِنَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ قَالَ وَفِي جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكَفَالَةِ قَوْلَانِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا قَالَ وَيَنْبَغِي إِذَا قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ إِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ وَإِلَّا لم أحبسه لم يَمْتَنِعُ وَإِذَا عُتِقَ اتَّبَعَ كَالَّذِي يَقُولُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ مِائَةً وَلَيْسَ كَالَّذِي يَقُولُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ لِأَنَّهُ فِي الْحَمَالَةِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَالَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِذَا قَالَ وَعَلَيْكَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا عُنِّسَتِ الْبِكْرُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَآنَسَ مِنْهَا الرُّشْدَ جَازَتْ
كَفَالَتُهَا وَعِتْقُهَا وَهِبَتُهَا وَإِنْ كَرِهَ أَبُوهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ مَالِكٌ وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ قَالَ مَالِكٌ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا إِنْ أَجَازَهُ أَبُوهَا وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ أَمْرِهَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ صِحَة الْعبارَة ونفوذ التصريف ينشآن عَن وصف الرشد حَيْثُ وجد وَعند الْحَكَمِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَالْفِقْهُ اعْتِبَارُ الرُّشْدِ وَعَدَمُهُ لَا الحكم لِأَنَّهُ منشأ الْحِكْمَة فِي الْإِمْضَاء وَالرَّدّ وتمنع الْكفَالَة غير المعنسة وَبَيْعهَا ومصروفها وَإِن أجَازه أَبوهَا لعدم تجارتها ومخالطتها الموجبين لِضَبْطِ الْمَصَالِحِ فَتَكُونُ كَالْبَهِيمَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيزهُ السُّلْطَان الصَّبِي وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَرُدُّ هِبَتَهَا لِأَبِيهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا وَدُخُولِهَا حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهَا فَيَجُوزُ وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ وَالْكَفَالَةُ وَغَيْرُهَا إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِذَا أَجَازَ الزَّوْجُ كَفَالَةَ الرَّشِيدَةِ فِي أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ جَازَ فَإِنِ اغْتَرَقَتِ الْكَفَالَةُ مَالَهَا لَمْ تَجُزْ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَحْثِ
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي ذِي بَالٍ مِنْ مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَالثُّلُثُ ذُو بَالٍ
لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَلِأَنَّ الثُّلُثَ مُعْتَبَرٌ فِي التحذير فِي الْوَصِيَّة وَغَيرهَا فاعتبرها هَا هُنَا
وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ - تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ فَذَكَرَ الْمَالَ فَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الزَّوْجِ خِلَافًا لِ ش فِي هَذَا فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ التَّعْنِيسُ كِبَرُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَيُقَالُ أَيْضًا لِلَّتِي بَقِيَتْ مُدَّةً لَمْ تَتَزَوَّجْ وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ أَيْضًا إِذَا بَقِيَ بَعْدَ إِدْرَاكِهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ زَمَانًا وَهِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي الْبِكْرِ إِذَا كَبُرَتْ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَكِنَّهُمُ أجْرَوْا
حُكْمَهَا فِي تَصَرُّفِهَا قَبْلَ التَّزْوِيجِ وَبَعْدَهُ سَوَاء وَيُقَالُ عَنَّسَتْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَفَتْحِهَا مَعَ الْفَتْحِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ فَهِيَ عانس وعنسة وأعنست أَيْضا وَأَصلهَا من الْقُوَّة والتمام وَقَالَ بعض اللغويين لَا تسمى بذلك الْأَقَل مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَفِي الْيَتِيمَةِ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ إِلَى سِتِّينَ وَبَعْدَهَا مِنِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا زَادَتِ الزَّوْجَ عَلَى الثُّلُثِ رَدَّ الْكُلَّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَمْنُوعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا كَالدِّينَارَيْنِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ أَوْصَتْ بِعِتْقِ جَارِيَتِهَا إِنْ وَسِعَهَا الثُّلُثُ عُتِقَتْ وَإِنْ لَمْ يَسَعْهَا الثُّلُثُ فَلَا تُعْتَقُ إِلَّا أَنْ يَفْضُلَ الدِّينَارَانِ فَلَا يَحْرُمُ الْعِتْقُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَغْرَمُ ذَلِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ بَعْضِ الْوَصِيَّةِ وَقِيلَ يَرُدُّ مِنْهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَتْ ثَانِيًا بَعْدَ زَمَنٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْ ثَالِثًا بَعْدَ زَمَنٍ وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُمْ جَازَ عِتْقُ الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ ثُلُثَ قِيمَتِهِمْ ثُمَّ إِنْ قَرُبَ عِتْقُهَا الثَّانِي بِمَا يُعْرَفُ بِهِ الضَّرَرُ بَطَلَ وَإِنْ بَعُدَ مِثْلَ الشُّهُور وَقِيمَته قدم الثُّلُثُ مِنْهُ وَمِنَ الثَّانِي جَازَ وَلَا يُعْتَقُ الثَّالِثُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ رُدَّ عِتْقُهُ وَالثَّانِي أَكْثَر مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ رُدَّ أَيْضًا أَوْ قِيمَةِ الثَّالِثِ بَعْدَ إِبْطَالِ الْأَوَّلِ ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ رُدَّ أَيْضًا أَوْ قِيمَةِ الثَّانِي بَعْدَ إِبْطَالِ الْأَوَّلِ ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ جَازَ وَعَنْهُ إِنْ أَعْتَقَتِ الْيَوْمَ وَاحِدًا وَفِي غَدٍ الثَّانِي وَبَعْدَ غَدٍ الثَّالِثَ أَوْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ الثُّلُثَ جَازَ وَحْدَهُ أَوْ أَكْثَرَ بَطَلَ عِتْقُهُمْ قَالَ فَانْظُرْ لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُ الْأَوَّلِ وَإِنْ قَرُبَ عتق مَا بعده وَيَنْبَغِي إبِْطَال لجَمِيع لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى قَصْدِ عِتْقِ الْجَمِيعِ فَفَرَّقْتَهُمْ لِتُجِيزَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ ثُمَّ أَبْطَلَ عِتْقَ الْجَمِيعِ إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجْعَلِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ إِذَا كَانَ ثُلُثَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إِذَا بَطَلَ صَارَ كَأَنَّهُ أَعْتَقَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْأَوَّلِ أَنْ يُجِيزَ عِتْقَ الثَّانِي إِذَا كَانَ ثُلُثَ
الثَّلَاثَةِ وَقَدْ بَطَلَ عِتْقُ الْأَوَّلِ وَقَدِ اعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا أَعْتَقَتْ ثُلُثَ جَارِيَةٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا جَازَ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَجَازَ الزَّوْجُ اسْتَتَمَّ بَقِيَّتَهَا إِنْ لَمْ يُجِزْ رَدَّ عِتْقِهَا قَالَ التُّونُسِيُّ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً لِرَجُلٍ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْرَهَنِي لَمْ تَصْدُقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ عَطِيَّتَهَا لِزَوْجِهَا جَائِزَةٌ وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ أَمَّا حَمَالَتُهَا لِزَوْجِهَا لِغَيْرِهِ تَلْزَمُهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ صَاحِب الْحَقِّ عَالِمًا بِذَلِكَ وَتقوم لَهَا بِبَيِّنَة على الْإِكْرَاه فَإِن أنكرر الْأَجْنَبِيُّ الْعِلْمَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ لَقَدْ عَلِمَ وَبَرِئَتْ فِي الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ الْجِوَارِ وَأَمَّا غَيْرُ الْجَارِ مَنْ يَبْعُدُ عِلْمُهُ لَا يَحْلِفُ وَحَمَالَتُهَا بِغَيْرِ زَوْجِهَا لِزَوْجِهَا إِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْإِسَاءَةِ لَهَا وَهُوَ قَلِيلُ الْوَرَعِ فِي ذَلِكَ محتامل عَلَيْهَا بَطَلَتِ الْحَمَالَةُ إِذَا حَلَفَتْ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ حَلَفَ الزَّوْجُ مَا أَكْرَههَا وَلَا أَخَافهَا وَلَزِمَتْهَا الْحَمَالَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ إِنْ أجَازه إِلَّا الْأَبُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا فَإِنْ عَلِمَ رُشْدَهَا أَجَازَ وَإِلَّا رُدَّ كَالْوَصِيِّ إِذَا عَلِمَ مِنْ يَتِيمِهِ رُشْدًا أَنَّهُ يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَالَهُ بِغَيْرِ حَاكِمٍ وَجُعِلَ فِعْلُ الثَّيِّبِ عَلَى الْجَوَازِ يُرِيدُ إِذَا طَالَ أَمْرُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَتِ الْيَوْمَ لَا زَوْجَ لَهَا وَكَذَلِكَ الثَّيِّبُ ذَاتُ الزَّوْجِ وَاخْتُلِفَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ إِذَا قَصَدَتِ الضَّرَرَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزِ الثُّلُثَ وَإِذَا جَاوَزَتْهُ هَلْ يَمْضِي قَدْرُ الثُّلُثِ أَوْ يَرُدُّ الْجمع وَإِذا كَانَ الْمُحْتَمل بِهِ مُوسِرًا هَلْ يَمْضِي جَمِيعُهَا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَإِذَا تَكَفَّلَتْ بِكَفَالَةٍ بَعْدَ كَفَالَةٍ بِقُرْبِ الْأُولَى وَالْخَامِسَةُ إِذَا كَانَتْ عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْأُولَى فَتَكَفَّلَتْ وَوَهَبَتْ مِنْ صَدَقَةِ الْمَالِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ فَائِدَةٍ فَأَمَّا كَفَالَتُهَا بِمُوسِرٍ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وبقاؤها عَنِ الْيَسِيرِ وَإِذَا تَكَفَّلَتْ بِالْوَجْهِ عَلَى أَنْ مَالَ عَلَيْهَا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِزَوْجِهَا رَدُّ ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ حَبْسِهَا وَإِلْجَائِهَا لِلْخُرُوجِ لِلْخُصُومَةِ بِخِلَافِ الْمَالِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ
قَالَ أَصْبَغُ إِذَا طُلِّقَتْ وَأَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَلَمْ تفسخ الْحمالَة فَهِيَ ثَابِتَة إِلَّا أَن يكون الزَّوْج اسقطها عَن زَوجته والغرماء عَن غريهم وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَمَالَةُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْن بِمَالِهِ تَسْقُطُ وَلَا يَتْبَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ كَحَمَالَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَضْمُونُ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ وَتَرَكَ مَالًا جَازَ تَحَمُّلُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ عَلَى أَنَّ مَا فَضَلَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَمَا نَقُصَ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْمَيِّتِ وَلِلْوَرَثَةِ كَانَ الدَّيْنُ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْكَفِيلُ غَرِمَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُمْ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَوَافَقَنَا ش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ لِأَنَّهُ حق مَا لي يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَالْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ إِيجَابُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ الْحَمِيلَ جِهَةُ الْوَفَاءِ فَيَفْتَقِرُ إِلَى رِضَا الْمُسْتَوْفِي وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ كَالرَّهْنِ لَنَا أَنَّ الْكَفَالَةَ وَثِيقَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُنْتَفِعِ بِهَا فِي انْعِقَادِهَا كَالشَّهَادَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَارِثِ يَضْمَنُ دَيْنَ الْمَرِيضِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمُنْتَفِعَ فِي الْبَيْعِ بَذَلَ عِوَضًا فَاشْتُرِطَ رِضَاهُ لِأَجْلِ مَا بَذَلَهُ بِخِلَافِ الْحَمَالَةِ وَبَيْنَ الرَّهْنِ وَبَيْنَهَا افْتِقَارُهُ إِلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضُ بِغَيْرِ الرِّضَا مُحَالٌ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ادَّعَيْتَ حَقًّا عَلَى مَنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مُخَالَطَةٌ لَمْ يَكُنْ لَكَ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَثْبُتَ حَقُّكَ لِأَنَّهَا فَرْعُ ثُبُوتِ الْحَقِّ كَالرَّهْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا ثَبَتَتِ الْخلْطَةُ فَلَكَ لِتَوَقُّعِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ سَأَلْتَهُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ لِصِحَّةِ سَمَاعِهَا فِي غَيْبَتِهِ وَإِنْ سَأَلتهُ كَفِيلًا بِالْحَقِّ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَن تقيم شَاهدا فيلزمك لِتَمْلِيكٍ مِنَ الْحَقِّ بِالْحَلِفِ لَوْ شِئْتَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ بَيِّنَةً تُحْضِرُهَا مِنَ السُّوقِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْقَبَائِلِ فَيُوقِفُ الْقَاضِي الْمَطْلُوبَ عِنْدَهُ لِمَجِيءِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ جِئْتَ بِهَا وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَمَنْ قَضَى لَهُ بِدَفْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِذَلِكَ من
الْمَقْضِيِّ لَهُ كَفِيلٌ وَكَذَلِكَ مَنِ اسْتَحَقَّ دَيْنًا قِبَلَ غَائِبٍ وَلَهُ رُبَاعٌ أَوَعُرُوضٌ حَاضِرَةٌ بَاعَهَا الْقَاضِي وَأَدَّى دَيْنَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنَ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِر لَا يشْتَرط رِضَاهُ بل يُؤَدِّي دَيْنَ غَيْرِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَاهُ وَاشْتَرَطَهُ ح لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ مَالٍ لِآدَمِيٍّ فَلَمْ يُثْبَتْ إِلَّا بِرِضَاهُ كَالْبَيْعِ يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا كُلِّ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ مَنْقُولٍ إِلَيْهِ وَمَنْقُولٍ عَنْهُ وَهُوَ يَشْتَرِطُ رِضَا الثَّلَاثَةِ كِلَاهُمَا مَعَ الضَّامِن وَلَا يُشْتَرَطُ أَمْرُ الْمَكْفُولِ وَقَالَ لَا يُطَالِبُهُ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ فِي مَعْنَى الْقَرْضِ وَنَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ إِلَّا رِضَا الضَّامِنِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَرِّعُ وَالْبَاذِلُ لِمَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْن الثَّانِي وَالْفرق بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ لَنَا مَا رَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ أَقْبَلَتْ جِنَازَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ فَقَالُوا عَلَيْهِ دِينَارَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى صلى الله عليه وسلم َ - وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي جَنَازَة وُضِعَتْ قَالَ هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ مِنْ دَيْنٍ قَالُوا عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا لَهُمَا ضَامِنٌ فَصَلَّى صلى الله عليه وسلم َ - فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا وَفَكَّ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الضَّمَانِ فَلَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ كَالْجُنُونِ وَالْجَوَاب عَلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ عليا وَأَبا قَتَادَة رَضِي الله
عَنْهُمَا ضَمَان الْإِيصَالَ فَوَثِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ - بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّهُمَا تَكَفَّلَا فَائِدَةٌ امْتِنَاعُهُ صلى الله عليه وسلم َ - مِنَ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ عَاصِيًا بِسَبَبِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمُدَايَنَةَ جَائِزَةٌ وَلَا سِيَّمَا وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْآنَ بَرُدَتْ جِلْدَةُ صَاحِبِكَ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَذَا الذَّنْبَ كَبِيرَةٌ فَإِنَّ هَذَا الزَّجْرَ الْعَظِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ كَبِيرَةٍ وَإِلَّا فَمَا مِنْ مَيِّتٍ إِلَّا وَلَهُ صَغِيرَةٌ بَلْ صَغَائِرُ وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - فَعَلَ ذَلِكَ إِحْسَانًا لَا زَجْرًا لِيُبَادِرَ النَّاسُ إِلَى قَضَاء الدّين عَن الْمُعسر وَثَانِيهمَا ليكف المعسرون عَن المداينة بِحَسب الْإِمْكَان وثالثهما أَن الْمَدِينَة لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ الضِّيقِ فَلَمَّا فُتِحَتِ الْفُتُوحَاتُ شَرَعَتْ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ وَرَابِعُهَا أَنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم َ - تقضي الرَّحْمَةَ وَالْمِغْفَرَهَ وَتَكْفِيرَ الذُّنُوبِ وَمَعَ الدَّيْنِ لَا يَحْصُلُ فِكَاكٌ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يُسْقِطُهُ إِلَّا صَاحِبُهُ أَوْ يَأْخُذُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ بِدَيْنِهِ فَلَوْ قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ كَانَتْ صَلَاتِي تَنْفَعُهُ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدَّيْتَ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ أَوْ أَدَّيْتَ عَنْ صَبِيٍّ مَا قضي عَلَيْهِ بِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهِ رَجَعْتَ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَكَذَلِكَ مَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ أَخَذَهُ
قَاعِدَةٌ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كُلُّ مَنْ أَدَّى عَنْ أَحَدٍ مَالا شَأْنُهُ إِعْطَاؤُهُ أَوْ فَعَلَ لَهُ فِعْلًا شَأْنُهُ أَنْ يُؤَدى فِي عَمَلِهِ أجْرة كَغَسْلِ يَدَيْهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ وَاجِبًا أَمْ لَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُ مُتَبَرِّعًا لَنَا أَنَّ لِسَانَ الْحَال يقوم مقَام لِسَان الْمقَام وَلَو صرح هَا هُنَا بِذَلِكَ لَزِمَهُ فَكَذَلِكَ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ لِسَانُ حَالِهِ كَمَا وَافَقَنَا فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا فِي تَعْيِينِ النَّقْدِ الْغَالِبِ بِلِسَانِ الْحَالِ وَمَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرح بِهِ كتعيين للجر جون الْحَفْرِ وَالثَّوْرُ لِلْحَرْثِ دُونَ الرُّكُوبِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكَفَالَةُ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ تَلْزَمُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ وتختلف فِي السَّادِس فَإِن كَانَ فِي أصل العقد والحميل والمحتمل لَهُ عَالِمَانِ بِأَنَّهُ مُولًى عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ الْحَمِيلُ وَحْدَهُ لَزِمَتْ أَوْ عَلِمَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ دُونَ الْحَمِيلِ سَقَطَتْ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ وَعَنِ الْحَمِيلِ أَوْ هُمَا جَاهِلَانِ وَهِيَ بَعْدَ الْعَقْدِ سَقَطت لِأَن الْحميل لم يضر إِلَّا بِشَيْء وَيحمل وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ رَشِيدٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ بِأَنَّهُ مُولًى عَلَيْهِ فَعِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَازِمَةٌ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ الْبَائِعُ غَيْرَهُ فَقَطَعَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخْطَأَ عَلَى مَالِهِ وَسَلَّطَهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَالَ الْحَمِيلُ إِنَّمَا كَانَتِ الْحَمَالَةُ خوفًا أَنْ يَفْتَقِرَ أَوْ يَجْحَدَ وَهَذَا مُوسِرٌ مُقِرٌّ وَإِن كَانَ مُعسرا قَالَ وَإِنَّمَا تَحَمَّلْتُ مُعْتَقِدًا الرُّجُوعَ وَإِلَّا لَمْ أَتَحَمَّلْ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ فِي الْحَمَالَةِ بِالصَّبِيِّ يَنْظُرُ هَلْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَلْ يَجْهَلَانِ أَنَّ مُبَايَعَةَ الصَّبِيِّ سَاقِطَةٌ أَمْ لَا أَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا وَيَجْهَلُ الْآخَرُ وَتِلْكَ الْمُدَايَنَةُ أَوِ الْمُطَالَبَةُ مِمَّا يُلْزِمُ السَّفِيهَ أَوِ الصَّبِي لِأَنَّهَا كَانَت بِغَيْر مُعَاوضَة أَو صرفاهما فَمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كُسْوَةٍ أَوْ إِصْلَاحِ مَتَاعٍ أَوْ عَقَارٍ جَرَتْ عَلَى حُكْمِ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ
الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ بَاعَ مِنْ عَبْدٍ سِلْعَةً بَدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ تَكَفَّلَ عَنْهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ لِوُصُولِ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ لِنَقْصِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ بِالدَّيْنِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ وَمَنْ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَأَخَذَ بِهِ مِنْهُ كَفِيلًا لَزِمَ ذَلِكَ الْكَفِيلَ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مُحَاصَّةَ غُرَمَاءِ عَبْدِهِ الثَّالِثَةُ فِي النَّوَادِرِ إِذَا تَحَمَّلَ بِرَجُلٍ فَإِذَا هُوَ مُولًى عَلَيْهِ لَزِمَ الْحَمِيلَ الْغُرْمُ وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ وَلَا الطَّالِبُ بِشَيْءٍ عَلَيْهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلِأَنَّ الطَّالِبَ عَامَلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذِهِ الْحَمَالَةِ لَمْ يَلْزَمِ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِلْيَتِيمِ الدَّارُ وَالْحَائِطُ فَيُسْلِفُهُ النَّفَقَةَ فَهَذَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَحَمَّلَ بِالصَّبِيِّ فَمَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ لَزِمَهُ وَرَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ قَالَ أَصْبَغُ لَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ بِكْرٍ وَأَخَذْتَ حَمِيلًا فَمَا يَلْزَمُكَ مِنْ إِبْطَالِ الْبَيْعِ وَالثمن لزم الثّمن غرمَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِعِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ لَكَ ضَمِنْتُ لَكَ مَا يَلْزَمُكَ مِنَ السَّفِيهِ لَمْ أَرَهُ شَيْئًا لِأَنَّكَ لَمْ يَلْزَمْكَ مِنْهُ بَلْ بِسَبَبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفِيهُ هُوَ الَّذِي قَامَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ حَتَّى فَسَخَ ذَلِكَ فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنَ السَّفِيهِ كَمَا قَالَ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ خَلَّفَ وَفَاءً أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ إِنْ حَلَفَ وَصَالَحَ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ وَتَصِحُّ مِنَ الْوَارِثِ مُطْلَقًا فَإِنْ ضَمِنَ مِنَ الْحَيَاةِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ يَنْقَطِعْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَيَنْقَطِعْ عِنْدَ آخَرِينَ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّيْنَ عِنْدَنَا بَاقٍ لَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَهُمْ يَسْقُطُ لَنَا
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - الزَّعِيمُ غَارِمٌ وَهَذَا زَعِيمٌ وَيُؤَكِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَعَلِيّ رضي الله عنهما الْمُتَقَدِّمَانِ وَلَمْ يسألهما صلى الله عليه وسلم َ - هَلْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَهُمَا أجنبيان من الْمَيِّت وبالقياس على الْحَيّ وعل مَا إِذَا تَرَكَ وَفَاءً وَهُوَ تَبَرُّعٌ بِالدَّيْنِ عَنِ الْغَيْرِ فَيَصِحُّ عَنِ الْمَيِّتِ كَالْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ
وَلَا يُقَالُ الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلِ الدَّيْنُ بَاقٍ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَصُولِحَ عَلَى الدَّمِ بِمَالٍ وُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ وَلِأَنَّا نَقِيسُ حُكْمَ الْآخِرَةِ عَلَى حُكْمِ الدُّنْيَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه كَمَا بعد تالقضاء وَالْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَالْمُكَاتِبِ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ سَبَبٌ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الدُّيُونِ فَيُنَافِي الْحَمَالَةَ بِهَا قِيَاسًا لِلْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لم يبْق لَهُ ذِمَّة بِدَلِيلٍ حَوْلَ دِينِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه قِيَاسا على الْمَعْدُوم وَالْمُطلق لِأَن الْكَفَالَةَ الضَّمُّ وَلَمْ تبْقَ ذِمَّةٌ يُضَمُّ إِلَيْهَا عِنْدَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ بَلْ ذَلِكَ كَالْمُفَلِسِ فَلَوْ صُولِحَ عَلَى ذِمَّةِ الْعَمْدِ تُوجِّهَتِ الْمُطَالَبَةُ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِبْرَاء وَالْقَضَاء سقط الدّين مُطلقًا وَهَا هُنَا تَأَخَّرَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ دَيْنَ الْمُكَاتِبِ سَقَطَ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَأَسْبَابُ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَاقِيَةٌ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُنَافِ تَعَلُّقَهُ بِالتَّرِكَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وَتَعَلُّقَهُ بِالضَّامِنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّامِنَ لَهُ مَالٌ وَذِمَّةٌ وَالتَّرِكَةُ لَا يَتَعَدَّى الدَّيْنُ عَنْهَا عَنِ الرَّابِعِ بَلْ ذِمَّتُهُ بَاقِيَةٌ
لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ فِي قَبْرِهِ بِدَيْنِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْأَجَلَ الرِّفْقُ وَالْمَيِّتُ لَا يَرْتَفِقُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ تَفْرِيعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَحَمَّلَ عَنِ الْمَيِّتِ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ لَزِمَهُ الْغُرْمُ وَلَا يَرْجِعُ إِنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ رَجَعَ فِيهِ إِذَا قَالَ إِنَّمَا تَحَمَّلْتُ لِأَرْجِعَ قَالَ مَالِكٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ الْحَمَالَةُ بِالدَّيْنِ الْمَجْهُولِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةُ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرِكَةِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ شَيْءٍ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ
تَعَالَى وَإِن نفذ فَعَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ لَهُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ غَرَّرَ وَصَارَ بَيْعًا يُفْسِدُهُ مَا يُفْسِدُ البيع إِلَّا أَن يكون الْوَارِث وَاحِد فَيَجُوزُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الِابْنُ غَرِمَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ أَلْفًا وَالدَّيْنُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَالْوَارِثُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَسَأَلَ الْغُرَمَاءَ بَيْنَهُ سِنِينَ وَيَضْمَنُ لَهُ بَقِيَّةَ دَيْنِهِمْ فَرَضُوا جَازَ قَالَهُ مَالِكٌ وَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ وَأَدْخَلَهُ فِي فَضْلٍ إِنْ كَانَ جَازَ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَزِمَهُ الْخَامِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ تَجُوزُ الْحَمَالَةُ عَنِ الْمُفْلِسِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَيِّتِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى الرُّكْنُ الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الضَّامِنِ أَوْ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ كَالْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ لِمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ وَلَا تَذْهَبُ حَمَالَةُ الْكَفَالَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَأَنْ يَكُونَ ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا أَوْ مَآلَهُ إِلَى ذَلِكَ فَيُمْتَنَعُ بِالْكِتَابَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَا تُؤَوَّلُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْعَجْزَ يَفْسَخُهَا وَلَا تُجْعَلُ الْجَعَالَةُ إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَخَالَفَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْجَعَالَةِ قِيَاسًا عَلَى الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْغَالِبُ وُقُوعُ الشُّرُوعِ وَاللُّزُومُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ مُعَارَضَةً مَحْضَةً لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَمَالَةُ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ مُطْلَقَةٌ مُبْهَمَةٌ نَحْوَ أَنَا حَمِيلٌ لَكَ وَبِمَالٍ مُطْلَقٍ وَبِمَالٍ عَلَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ وَهُوَ الْحَمِيلُ وَبِالنَّفْسِ بِشَرْطِ عدم لُزُوم المَال وبالطلب ومرقبه بِمَا يَثْبُتُ عَلَى فُلَانٍ وَبِمَا يُوجِبُهُ الْحَكَمُ عَلَيْهِ وبالجنايات كلهَا جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُبْهَمَةِ إِذَا عَرِيَتْ عَنِ الْقَرَائِنِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ أَوِ النَّفْسِ وَأَمَّا بِالْمَالِ الْمُطْلَقِ فَيَرْجِعُ بِالْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ إِلَّا مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِيَ الصَّدَاقُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرْجِعُ وَعَنْهُ يرجع
كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعُ فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى حَوْزٍ فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْحَامِلِ أَولا قَوْلَانِ وَأَمَّا بِالنَّفْسِ وَالْوَجْهِ حَمَالَةٌ مُطْلَقَةٌ فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُهَا بِإِحْضَارِ الْوَجْهِ وَالْغُرْمُ إِذَا لَمْ يَحْضُرْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ هِيَ كَحَمَالَةِ الْمَالِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ فِي كُلِّ وَجْهٍ والحمالة الْمقيدَة بلوجه لَا يَلْزَمُ فِيهَا مَالٌ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إِحْضَارِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيَرُدُّهُ فَيَهْرُبُ فَإِنْ أَتَاهُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ حُبِسَ حَتَّى يحْضرَهُ وبالطلب تصح كَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَبْدَانِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَالْقِصَاصِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَتَرَكَهُ كَحَامِلٍ يُحْضِرُهُ لَهُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَامِلِ إِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ مِمَّا لَزِمَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُقِرُّهُ وَأَمْكَنَهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى أَعْجَزَهُ فَيُسْجَنُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَيُعَاقَبَ وَأَمَّا الْمُتَرَقِّبَةُ فَيَلْزَمُهُ مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا يُقِرُّ بِهِ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ إِنْكَارِهِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْجِنَايَاتُ وَالْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ وَعُقُوبَاتُ الْأَبْدَانِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ وَجَوَّزَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قِيَاسًا عَلَى حَمَالَةِ الْوَجْهِ الْمُقَيَّدَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إِلَّا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَلْزَمَهُ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ دِيَةَ الْمَقْتُولِ وَأَرْشَ الْجِرَاحِ وَعَنْ أَصْبَغَ فِي الْمُتَعَسِّفِ يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ وَالْقَتْلُ يُؤْخَذُ فَيَتَحَمَّلُ بِهِ أَقْوَامٌ عَنْهُ بِمَا اجْتَرَمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ قَتْلٍ وَمَال أنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يقتلونَ فَعَلَيْهِ يُرِيدُ تَلْزَمُهُمُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتْ تُعْرَضُ فِي الْقَذْفِ أَوْ جَرْحٍ أَوْ قَتْلٍ لم يجز بِمَا يجب على الْمَطْلُوب وَلِأَن يَتَكَفَّلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ إِحْضَارِهِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَجُوزُ تَطَلُّبُهُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الطَّالِبِ فَإِذَا رَضِيَ بِالِانْتِصَارِ عَلَيْهِ جَازَ قَالَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَأَمَّا حَقُّ الله تَعَالَى لَا يتْرك بجميل بَلْ يُسْجَنُ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًى سُجِنَتْ حَتَّى تَضَعَ فَتُرْجَمَ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ تُجْلَدَ بَعْدَ زَوَالِ نِفَاسِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهَا فَأُوسِعَ لَهَا لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَمَنْ أَجَازَ رُجُوعَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَجَازَ أَنْ تُتْرَكَ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَإِنْ تَحَمَّلَتْ فَطَلَبَ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدٌّ بَعْدَ هُرُوبِهِ فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ألْزمَ الْوَفَاءَ بِالْحَمَالَةِ أَوْ بِإِقْرَارٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الطَّلَبُ أَمْ لَا خِلَافٌ وَفِي هَذَا الرُّكْنِ أَرْبَعَ عشرَة مَسْأَلَة
الأولى فِي الْكتاب قُلْتَ مَا كَانَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ ضَمِنتهُ لَزِمَكَ ضَمَانُ مَا اسْتَحَقَّ وَكُلُّ مُتَبَرِّعٍ بِكَفَالَةٍ تلْزمهُ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -
الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ مُتَّ قَبْلَ ثَبَاتِ الْحَقِّ فَيَثْبُتُ بَعْدَ مَوْتِكَ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِكَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ سَبَبَهُ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ قُلْتَ احْلِف أَن مَا تدعيه قبل أخي حق وَأَنَا ضَامِنُهُ لَزِمَكَ إِنْ حَلَفَ وَإِنْ مُتَّ فَفِي تَرِكَتِكَ وَإِنْ شَهِدْتَ أَنَّكَ ضَامِنٌ بِمَا قُضِيَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَوْ قُلْتَ أَنَا كَفِيل بِمَالِه عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا حَاضِرَانِ أَوْ غَائِبَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَزِمَكَ لِأَنَّ مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ وَلَوْ قُلْتَ بَايِعْ فُلَانًا أَوْ دَايِنْهُ فَمَا فَعَلْتَ مِنْ ذَلِكَ أَنَا كَفِيلُهُ لَزِمَكَ إِذَا ثَبَتَ مَبْلَغُهُ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ مِثْلَهُ أَوْ يُبَايِعَ بِهِ لِأَنَّ حَالَهُ كَالشَّرْطِ فِي شَرْطِكَ وَالْأَوَّلُ لَاحَظَ عُمُومَ شَرْطِكَ وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا لِلْجَهَالَةِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَوَافَقَنَا ح قِيَاسًا عَلَى ضَمَانِ الدُّرِّ وَلَوْ رَجَعْتَ عَلَى الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْمُدَايَنَةِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُغْرِهِ بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ لَا يَنْفَعُكَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ ذَابَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْأَلِفِ وَمَعْنَاهُ مَا ثَبَتَ وَصَحَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمَّا جَازَتْ هِبَةُ الْمَجْهُولِ جَازَتِ الْحَمَالَةُ بِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا عَلَيْهِ جَازَ فَإِنْ غَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَثْبَتَ الطَّالِبُ مِنَ الْكَفِيلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً وَادَّعَى أَنَّ لَهُ أَلْفًا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْكَفِيلِ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَلَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمَا غَرِمَ بِسَبَبِ نُكُولِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَهُ الْمَطْلُوبُ وَلِلْوَكِيلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَقَوْلُهُ احْلِف أَن مَا تدعيه قبل أخي حق إِلَى آخِرِهِ إِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَا غَرِمَ الْحَمِيلُ غَرِمَ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَهُ
فَلِلْحَمِيلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْحَمِيلِ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا الطَّالِبِ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ أَوَّلًا فَأُشْبِهَتْ يَمِينُهُ بِيَمِينِ التُّهَمِ الَّتِي بِالنُّكُولِ عَنْهَا يَغْرَمُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْمَرِيضُ يَقُولُ لِي عِنْدَكَ كَذَا ثُمَّ يَمُوتُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ يَحْلِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خَلْطَةٌ إِذْ لَا يُتَّهَمُ الْمَرِيضُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ وَرَثَتِهِ عِلْمٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَهِبَةٍ مَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ لِأَنَّهَا هِبَةُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَنْ أَصْلِ مُعَاوَضَةٍ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ كَحَمْلِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ لَا يُبْطِلُهُ مَوْتُ الْحَامِلِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا قَالَ مَا دَايَنْتُهُ بِهِ أَنَا كَفِيلُهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مَا يُشَبِّهُ لَيْسَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا كَفِيلُهُ أَنَّهُ فِي الثَّانِي حَلَّ مَحَلَّ الْمَطْلُوبِ وَالْمَطْلُوبُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ وَفِي الْأَوَّلِ كَقَوْلِكَ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيكَ حَمِيلًا فَلَكَ الرُّجُوعُ فَكَذَلِكَ هُوَ لِأَنَّكَ لَمْ تُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي قَوْلِهِ احْلِفْ أَنَّ مَا تَدَّعِيهِ قِبَلَ أَخِي حَقٌّ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ لِأَنَّ بِسَاطَ قَوْلِهِ يَقْتَضِي تَبْرِئَةَ أَخِيهِ فِي هَذِهِ الْمُحَاصَّةِ وَلَا يَحْلِفُ لَهُ وَقَوْلُهُ مَا ثَبَتَ لَكَ قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ يَمُوتُ وَيثبتُ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ فِي مَالِهِ وَقِيلَ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعَقْدِ تَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الْهِبَاتِ إِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْحَمِيلَ سَلَّفَ الْغَرِيمَ وَسَلَّفَهُ مَنْفَعَةً وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْحَمَالَةُ بِسُؤَالٍ مِنَ الْغَرِيمِ أَوْ مِنَ الطَّالِبِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِ الْحَمِيلِ أَو بعد العقد واغر الْغَرِيمُ بَعْدَ الْحَمَالَةِ فَهِيَ كَالْحَمَالَةِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَمَنْ قَالَ دَايِنْهُ وَأَنَا كَفِيلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ سَمَّى الْقَدْرَ الَّذِي يُدَايِنُهُ بِهِ وَإِلَّا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ الرُّجُوعُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ إِذَا اكْتَرَى مُشَاهَرَةَ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ شَهْرًا وَإِنْ أَعَرْتَ أَرْضًا وَلَمْ تَضْرِبْ أَجَلًا هَلْ تَلْزَمُهُ إِلَى مُدَّةِ مِثْلِهَا أَوْ هِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ مُدَايَنَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً لَزِمَتِ الْأَوْلَى وَيَسْقُطُ فَوْقَ مَا يُدَايِنُ بِهِ وَإِنْ عَامَلَهُ بِأَكْثَرَ تَعَلَّقَ وَأَخَذَ فَوْقَ مَا يُعَامِلُ بِهِ
سَقَطَ عَنِ الْكَفِيلِ جَمِيعُ ذَلِكَ فَإِنْ ثَبَتَتِ الْمُدَايَنَةُ فَكَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ فَعَنْ مَالِكٍ يَلْزَمُ إِذَا رَأَى الشُّهُودُ الْمُبْتَاعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ قِيَامِ الْكَفِيل وَقَوله لَا يداينه وَهُوَ احسن مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنِ اشْتِرَاطِ الثُّبُوتِ لِأَنَّ الْبَزَّازَ عَادَتْهُ الْمُدَايَنَةُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَخْتَلِفُ أَيْضًا إِذَا قَالَ تُدَايِنُهُ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ دَايَنْتُهُ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ تُدَايِنُهُ فِي مِثْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ كَذِبِهِ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ مِنَ الْحَمِيلِ حَمِيلًا لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْأَصِيلَ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ حَقٌّ لَكَ عَلَى الْحَمِيلِ فَلَكَ أَخْذُ الْحَمَالَةِ بِهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَتَحَمَّلَ آخَرُ بِنَفْسِ الْحَمِيلِ أَوْ تَحَمَّلَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِصَاحِبِهِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ مِنْهُمْ بَرِئَ وَالْبَاقِيَانِ لِأَنَّهُ كَوَكِيلِهِمَا فِي إِحْضَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلَ بَعْضٍ بَرِئَ وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلًا لِوَجْهِ الْأَصِيلِ وَالثَّانِي حَمِيلًا عَنِ الْحَمِيلِ بِالْمَالِ فَمَاتَ الْأَصِيلُ بَرِئَ حَمِيلُ الْوَجْهِ لِتَعَذُّرِهِ وَحَمِيلُهُ يَبْرَأُ تَبَعًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمُتِ الْأَصِيلُ فَغَابَ حَمِيلُ الْوَجْهِ وَالْحَمِيلُ عَنْهُ بِالْغُرْمِ مَعْدُومٌ أَوْ مُوسِرٌ بَرِئَ لِأَنَّ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ تَسْقُطِ الْحَمَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ الْمَجِيءَ بِهِ إِذَا كَانَ حَيًّا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَنْ يَأْتِيَ بِالَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إِذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ حَمِيلُهُ يُقَالُ لَهُ مَا قِيلَ لِوَارِثِ الْحَمِيلِ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ الَّذِي تَحَمَّلَ بِالْمَالِ بَقِيَتِ الْحَمَالَةُ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَخْذَ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ بِحَمِيلٍ تَحَمَّلَ بِالْوَجْهِ وَحَمِيلُ الْوَجْهِ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ الْأَجَلِ قَالَ وَرَأى أَنْ يَلْزَمَهُ الْغُرْمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَمِيلِ بِالْمَالِ يَمُوتُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ وَلَوْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَى الْغَرِيمِ غَرِمَ وَلِأَجَلِ الْأَجَلِ
فَكَذَلِكَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي مَوْتِ الْحَمِيلِ بِالْمَالِ يُوقَفُ الْمَالُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَمْ يَتَوَجَّهِ الْآنَ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي حَمِيلِ الْحَمِيلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْحَمَالَةُ بِالْحَمَالَةِ إِمَّا بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ وَالْآخَرُ بِالْوَجْهِ فَالْأَوَّلُ إِنْ غَابَ الْغَرِيمُ أَخَذَ الْحَمِيلُ الْأَوَّلُ بِالْأَدَاءِ عَنْهُ بَعْدَ مَحَلِّ الْأَجَل فَإِن وجد غيما أَخَذَ الثَّانِي وَإِنْ غَابَ الْحَمِيلُ الْأَوَّلُ كَلَّفَ الثَّانِي إِحْضَارَ الْغَرِيمِ أَوِ الْحَمِيلِ فَأَيُّهُمَا حَضَرَ مُوسِرًا بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ أُبْرِئُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَإِنْ أُعْدِمَ فَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ أَصْلُ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالثَّانِي وَإِنْ كَانَا حَمِيلَيْنِ بِالْوَجْهِ وَغَابَ الْأَصْلُ كَلَّفَ الْأَوَّلَ إِحْضَارَهُ وَيَبْرَأُ فَإِنْ عَجَزَ غَرِمَ الْمَالَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَغْرَمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ حَمِيلُ وَجْهٍ وَالَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ حَاضِرٌ وَإِنْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ لَزِمَ الثَّانِي إِحْضَارُ أَحَدِهِمَا وَيَبْرَأُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي حَضَرَ مُعْسِرًا وَإِلَّا غَرِمَ الْمَالَ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ وَوَجَدَ مَالَ الْآخَرِ أَخَذَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فَقْرُ الْغَرِيمِ أَوِ الْحَمِيلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلًا بِمَالٍ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ وَغَابَ الْأَصِيلُ غَرِمَ الْأَوَّلُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقِيرًا لِأَنَّهُ حَمِيلُ وَجْهٍ حَاضِرٌ أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ فَأَحَضَرَ الْآخَرُ الْغَرِيمَ مُوسِرًا أَوِ الْحَمِيلَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا غَرِمَ وَإِنْ غَابُوا كُلُّهُمْ وَوُجِدَ لِلْآخَرِ مَالٌ أُخِذَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُ الْحَمِيلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَمِيلَ وَجْهٍ وَالثَّانِي بِالْمَالِ فَغَابَ الْأَصِيلُ كلفَ الْأَوَّل إِحْضَارهُ فَإِنْ عَجَزَ غَرِمَ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا غَرِمَ الْآخَرُ لِأَنَّهُ حَمِيلُ مَالٍ وَإِنْ غَابَ الْغَرِيمُ وَالْحَمِيلُ الْأَوَّلُ فَأَحَضَرَ الْأَخِيرُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْحَمِيلِ إِلَّا مُوسِرًا وَيَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْأَصِيلِ مُطْلَقًا لِضَمَانِهِ عَنِ الْأَوَّلِ الْمَالَ وَالْأَصِيلُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا وَجْهَهُ وَقَدْ حَضَرَ وَإِنْ كَانَتِ الْحَمَالَتَانِ بِالْمَالِ فَمَاتَ الْغَرِيمُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ شَيْئًا غَرِمَ الْأَوَّلُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنْ أُعْدِمَ غَرِمَ الثَّانِي أَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا إِنْ لَمْ يُوجَدِ الْآنَ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عَلَى الصَّحِيحِ من الْمَذْهَب ويلتدا بِمَال الْغَرِيم
فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنَ الْأَخِيرِ وَإِنْ كَانَا حَمِيلَيْ وَجْهٍ فَمَاتَ الْغَرِيمُ سَقَطَتِ الْحَمَالَتَانِ لِتَعَذُّرِ الْوَجْهِ وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ سَقَطَتْ عَنِ الثَّانِي وَاتَّبَعْتُ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ لَمْ تَسْقُطِ الْحَمَالَةُ عَنْهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَسَقَطت على عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنْ مَاتَ الْأَخِيرُ بَقِيَتِ الْحَمَالَتَانِ الثَّالِثَة فِي الْكتاب إِذا تكلفت لَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَرْكٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ جَازَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي ضَمَانِ الْمَجْهُولِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ فِي تَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمِّنِ وَلَزِمَكَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمِّنُ وَلَزِمَكَ الثَّمَنُ حِيَنَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَوْ عَدَمِهِ وَلَوْ شَرَطَ خَلَاصَ السِّلْعَةِ امْتَنَعَتِ الْكَفَالَةُ وَلَمْ تَلْزَمْ لِأَنَّهُ لَا يدْخل تحل قُدْرَةِ الْكَفِيلِ قَالَ غَيْرُهُ يَلْزَمُهُ وَهُوَ إِدْخَالُ الْمُشْتَرِي فِي غُرْمِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ يَوْمَ تُسْتَحَقُّ أَوِ الثَّمَنُ الَّذِي أَدَّى إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا حَاضِرًا فَتَبَرَأُ وَلَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ خَلَاصَ السِّلْعَةِ فِي الدَّرْكِ وَأَخَذَ مِنْهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا بَطَلَ الْبَيْعُ وَالْكَفَالَةُ كَمَنْ بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ وَشَرَطَ خَلَاصَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا الْغَيْرَ ثُمَّ ذَكَرَ اشْتِرَاطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ خَلَاصَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا لَا يَحِلُّ وَقَالَ فِي اشْتِرَاطِهِ عَلَى البَائِع فَاسد قبل الْكَلَام الأول لم تَكُنِ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَسَقَطَتْ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَفِي الْآخَرِ مَشْرُوطَةٌ فِي الْعَقْدِ فَفَسَدَ الْجَمِيعُ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ وَقِيلَ وَقَبِلَ كَذَا بَلْ يَعْرِضُ أَوَّلًا لِلُزُومِ الْكَفَالَةِ وَإِسْقَاطِهَا وَتَكَلَّمَ آخِرًا عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهِ وَإِسْقَاطِ الشَّرْطِ أَوْ يَصِحُّ إِنْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَيُفْسَدُ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ اسْتُحِقَّتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا تُعْلَمُ إِذَا اسْتُحِقَّتْ قَالُوا وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقْ وَفَاتَتْ أَوِ الثَّمَنُ رُدَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ وَلَوْ وُجِدَ عَدِيمًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ضَمِنَ تَخْلِيصَهَا مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ سَلِمَتْ مِنْهُ وَاخْتُلِفَ لَوْ كَانَ الضَّمَانُ بِالثَّمَنِ لَا بِخَلَاصِ السِّلْعَةِ وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِمَا قَارَنَهُ مِنْ عِلَلِ الْفَسَادِ هَلْ تَسْقُطُ الْكفَالَة بِكُل
حَالٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ بِثَبَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْفَوَاتِ فِيهِ وَعَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوِ الثَّمَنِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ بِعِلْمِ الْكَفِيلِ وَحُضُورِهِ فَسَادُ الْعَقْدِ قَالَ التُّونُسِيُّ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَقْدَ إِذَا فَسَدَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَقَدْ دَخَلَا فِيهِ مَدْخَلًا وَاحِدًا لَمْ تَلْزَمِ الْكَفَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْفَسَادَ مِنْ قِبَلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَبَطَلَ الضَّمَانُ لِبُطْلَانِ أَصْلِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْحَمِيلَ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْلَاهُ لَمْ يَرْضَ بِمُبَايَعَةِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ حَمِيلًا بِقِيمَةِ مَا أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَيُسْقِطُ الزَّائِدَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الثَّمَنِ وَيُرِيدُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْهُ دِينَارًا بِدِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَخَذَ حَمِيلًا أُلْزِمُهُ الْأَقَلَّ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ تَبْطُلُ الْحَمَالَةُ أَمَّا لَوْ رَهَنَهُ لِذَلِكَ رَهْنًا لَكَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْأَقَلِّ كُلِّهِ وَقِيلَ يَقْضِي نَحْوَ أَنْ يُعْطِيَ دِينَارًا فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا قِيمَةُ الدِّينَارِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَصِيرُ كَأَنَّ نِصْفَ الْعِشْرِينَ بَطَلَ فَبَطَلَ لِذَلِكَ نِصْفُ الرَّهْنِ فَيَبْقَى نِصْفُهُ رَهْنًا فِي الدِّينَارِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كُلُّهُ رَهْنٌ بِالْعَشَرَةِ لِأَنَّ مَا بَطل مِنْهُ فقد نسبه نقضا كَذَا بَعْضُ الدَّيْنِ قَالَ التُّونُسِيُّ فَإِنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ يَنْفَعُ فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرَّهْنُ وَالْحَمِيلُ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَجَلِ الثَّانِي سَقَطَ الْحَمِيلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَثَبَتَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَالْمُخْرِجِ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عِنْدَ الْأَجَلِ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَصَارَ الْحَمِيلُ أُوجِبَ تَأْخِيرُهُ وَأُوجِبَ الْإِخْرَاجُ مِنْ يَدِهِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَرَهْنٌ إِذَا أُدْخِلَ فِي الْأَجَلِ الثَّانِي وَلَوْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إِلَى مِثْلِ الْأَجَلِ لَجَازَ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنَ الْقَرْضِ أَمَّا عَرْضٌ مِنْ بَيْعٍ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَهَا قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ إِلَى شَهْرٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ دِرْهَمَيْنِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِجعْلٍ وَالْحَمِيلُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الدِّرْهَمَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ هَبْهَا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ حَتَّى تَهبَ لِفُلَانٍ دِينَارَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَطَّ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إِلَى أَجَلٍ تَجُوزُ
لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لِغَيْرِ الضَّامِنِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَوْ أَعْطَاهُ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَمِيلٍ إِلَى أَجَلٍ جَازَ كَمَا حَطَّهُ مِنْ دَيْنِهِ وَالْأَشْبَهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَوْ سَأَلَ الْغَرِيمُ التَّحَمُّلَ عَنْهُ بِجعْلٍ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَطَّ مِنْ مَالِهِ لِأَمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهِ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ فَهُوَ غَرَرٌ وَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَأَعْطَاهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ جَازَ إِذْ لَا غَرَضَ فِي هَذَا إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأمَّا مُعْدِمًا فَيَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ أُخِذَ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا لَمْ يَحِلَّ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَمْ يَضَعْ عَنْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيَجُوزُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَأَخَّرَهُ مُدَّةً تَيَسَّرَ فِيهَا امْتَنَعَ بِمَنْزِلَةِ إِعْطَائِهِ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ تَيَسُّرًا إِلَى شَهْرٍ وَكَانَ الدَّيْنُ لَمْ يَحِلَّ بَعْد وَحُلُولُهُ إِلَى شَهْرٍ وَإِعْطَاؤُهُ حَمِيلًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى شَهْرَيْنِ صَارَ كَذَا دَفعَ مَا لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْحَمِيلِ لِتَأْخِيرِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ يُسْرِهِ شَهْرًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَعْطَاهُ حَمِيلًا قَبْلَ الْأَجَلِ إِلَى الْأَجَلِ جَازَ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مِثْلُ مَا لَمْ يَحِلَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سَلَفٌ ثَانٍ فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي تَيَسَّرَ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه كَانَ مُعْسِرًا فَالْحُكْمُ يُوجِبُ تَأْخِيرَهُ بِغَيْرِ حَمِيلٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِي أَنَا أُعْطِيكَ حَمِيلًا لَا يُلْزِمُنِي بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّفَنِي سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا فَيُمْنَعُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ سَلَفًا لَمْ تَحِلَّ فَبَاعَهُ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِالسَّلَفِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِإِسْقَاطِ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْحَمَالَةِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِذَا كَانَتِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى ثَمَنَ سِلْعَةٍ لَمْ تَحِلَّ فَأَسْلَفَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا بِالْأُولَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ دِرْهَمَيْنِ لِمَكَانِ الْمَضَارِّ فَصَارَتْ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ فِيهَا عَشَرَةً فَإِذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَسْلِفْنِي مَالًا آخَرَ وَخُذْ رَهْنًا بِالْجَمِيعِ وَأَخِّرْنِي بِذَلِكَ أَوْ خُذْ مِنِّي حَمِيلًا بِهِمَا جَازَ قَبْلَ تَبَيُّنِ عَدَمِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا فِي الرَّهْنِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إِذَا كَانَ الرَّهْنُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَدِيمٍ لِمِلْكِهِ الرَّهْنَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ إِذَا حَاصَصَ
أَخَذَ أَقَلَّ فَقَدْ أَسْلَفَهُ السَّلَفَ الثَّانِي لِيَخْتَصَّ بِالرَّهْنِ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا فِي الْحَمِيلِ إِذَا كَانَ مُعْدِمًا يَمْتَنِعُ كَغَيْرِ الْحَال فَكَأَنَّهُ حَمِيلٌ قَبْلَ الْأَجَلِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ هُوَ السَّائِلَ لِلْحَمِيلِ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ بِجعْلٍ فَفَعَلَ سَقَطَ الْجُعْلُ لِأَنَّهُ عَنِ السَّلَفِ وَأَمَّا الْحَمَالَةُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ ثَبَتَتْ أَوْ عَلِمَ سَقَطَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَمَالَةِ إِذَا فَسَدَتْ مِنْ عَقْدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ غَيْرَ لَازِمَةٍ لِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ غَرَرًا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لِهَذَا الْغَرَرِ كَذَا أَمْ لَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا بَاعَ عَلَى إِنْ مَاتَ الْحَمِيلُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَالتِّبَاعَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَمَالَةً مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيْعَ وَأسَقْطَ الْحَمَالَةَ وَجَعَلَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ إِنْ فَاتَتْ وَقَالَ أَصْبَغُ الشَّرْطُ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ إِلَى قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ إِلَى أَجَل كَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ قَدمَ فُلَان قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَمَالَةَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ وَلَا غَرَرَ فِيهِ بَيْنَ الْحَمِيلِ وَالْبَائِعِ وَلَا فِي الْمُبَايَعَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَالْأَشْبَهُ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْحَطُّ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الْحَمَالَةِ فَإِنْ قَبِلَ بِأَنَّ الْحَمِيلَ قَدْ يَمُوتُ عَدِيمًا قِيلَ كَمَا يَمُوتُ الْغَرِيمُ عَدِيمًا فَهُوَ أَمْرٌ لَا يُتَحَفَّظُ مِنْهُ وَقَدْ أُجِيزَ رَهْنُ الْغَرَرِ كَالْآبِقِ قِيلَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا مَنْعُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ بعْدَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيَحْمِلُ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَهُ قِيلَ الرَّهْنُ قَدْ يَمُوتُ فَيَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا رَهْنٍ مَعَ أَنَّهُ حَطَّ مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ قِيلَ هَذَا أَمْر حَدَث لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ رَهَنُ الْغَرَرِ فِي الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالِاسْتِحْسَانُ قَوْلُ الْغَيْرِ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْحَمِيلُ بِحَمَالَتِهِ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْحَمِيلُ يَجْهَلَانِ فَسَادَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَا أَوِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ وَإِنْ عَلِمَ الْحَمِيلُ وَحْدَهُ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفَسَخَ فَوَجَدَ الْبَائِعَ فَقِيرًا لَمْ يُطَالِبِ الْحَمِيلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ إِنِ اسْتُحِقَّتْ وَلَمْ تُسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِالثَّمَنِ فَفَسَخَ الْبَيْعَ لِلْفَسَادِ فَعَلَى الْكَفِيلِ الْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ وَإِنْ زَادَ لَاحَظْنَا الْإِتْلَافَ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْمِثْلِ عِنْدَ الْفَسَادِ والحمالة بِالثّمن وَهُوَ غير كَذَا لَجَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ هَلْ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ أَوْ تلْزم
عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ لِأَنَّ الْمِثْلَ لَمْ يَتَحَمَّلْ بِهِ فَيُسْقِطُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمِثْلِ أَوِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَغْرَمْ بِحَلِّ الْأَجَلِ وَمَتَى كَانَتِ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً لِأَجْلَ أَنَّهَا بِجعْلٍ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ لِلْغَرِيمِ كَالْحَمَالَةِ لِحَالٍ يُؤَخِّرُهُ أَوْ بِمَا لَمْ يَحِلَّ يَأْخُذُهُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَيَخْتَلِفُ فِيهَا فَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْحَمِيلِ رَدَّ الْجُعْلَ قَوْلًا وَاحِدًا أَوْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ فَتَارَةً يَسْقُطُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ أَوْ يَثْبُتَانِ أَوْ يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنَ الْبَائِعِ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا الْتَزَمَ بِعِوَضٍ وَقَدْ فَاتَ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَزِمَتِ الْحَمَالَةُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَ سِلْعَتَهُ وَيَخْتَلِفُ إِذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ وَيُخَيَّرُ فِي سِلْعَتِهِ بَيْنَ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَرَدِّهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ وَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَزِنَ عَنْهُ فُلَانٌ الثَّمَنَ بِجُعْلٍ جَعَلَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِذَا أَعْطَاكَ حَمِيلًا بِالْمُؤَجَّلِ أَجَلًا جَازَ أَوْ لِتُعَجِّلِهِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مِنْ قَرْضٍ جَازَ لِصِحَّةِ تَعْجِيلِهِ وَإِنْ كَرِهَ الْقَابِضُ أَو من بيع وَقصد منفعتك جَازَ واسقاط الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَإِن حل بإعطاك عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ جَازَ أَوْ مُعْسِرٌ وَهُوَ مُوسِرٌ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ جَازَ فَإِنْ كَانَ بِيُسْرٍ قَبْلَهُ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ أَوْ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ وأعطاك حَمِيلًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ لِيُؤَجِّرَهُ بِهِ جَازَ أَوْ مَا هُوَ بِهِ مُعْسِرٌ وَيُعْطِيكَ الْآنَ مَا هُوَ بِهِ مُوسِرٌ جَازَ فَإِنْ كَانَ يُؤَجِّرُهُ بِالْجَمِيعِ امْتَنَعَ لِأَنَّكَ لَمْ تُرَتِّبْهُ بِمَا هُوَ بِهِ مُعْسِرٌ إِلَّا لِمَكَانِ تَأْخِيرِهِ بِمَا هُوَ بِهِ مُوسِرٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَقَبْلَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ يَمْنَعُ الْحَمَالَةَ لِأَنَّكَ لَمْ تُوَثِّقْهُ قَبْلَهُ إِلَّا لِسَلَفِهِ وَهُوَ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَاخْتُلِفَ إِذَا دَخَلَ فِي الْأَجَلِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا قَالَ وَلَا أَرَى أَنْ يَلْزَمَ
إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ عَنِ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ بِنَقْصٍ فَعَلَى الْحَمِيلِ مَا دَخَلَ عَلَى الطَّالِب من النَّقْص لما كَانَ التَّأْخِيرِ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَمِيلًا إِنْ وَقَعَ فَلَسٌ أَوْ غَيْبَةٌ فِي الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَكُونُ حَمِيلًا فِي الْأَجَلِ الثَّانِي جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ إِذَا تَحَمَّلَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ هَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ بِالْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ وَالرَّهْنُ يَجْرِي فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَمِيلِ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ الْغَرِيمِ كَالْمُسْتَعِيرِ لِيَرْهَنَ أَوْ مِلْكًا لَهُ أَعْطَاهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُؤَخِّرَهُ بِهِ جَازَ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِهِ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ بِمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا عَلَى صِفَةِ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ أَوْ بِعِيدِهَا كَمَا يُمْتَنَعُ ضَمَانُ الْبَائِعِ لِمِثْلِهِ إِنْ هَلَكَ وَصَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَصِحُّ كَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِي وَمَالِ الْقِرَاضِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ قَالَ ح بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى السَّوْمِ وَالدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَضَمِنَهَا الْكَفِيلُ وَنَحْنُ نَقُولُ الْقَبْضُ لِلسَّوْمِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَسَاعَدَ عَلَى الْبَاقِي فِي أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَصِحُّ كُلُّ مَا هُوَ أَمَانَةٌ أَنْ يَضْمَنَ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ الْأَصِيلَ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ الْخَامِسَةُ فِي الْكِتَابِ يُمْتَنَعُ بِكِتَابَةِ الْمكَاتب وَقَالَهُ الْأَئِمَّة لعدم اسْتِقْرَارِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَالٍ عُجِّلَ عِتْقُ الْمُكَاتِبِ عَلَيْهِ أَوْ قُلْتَ لَهُ عَجِّلْ عِتْقَهُ وَأَتَى بِبَاقِي كِتَابَتِهِ كَفِيلٌ لِحُصُولِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكَاتِبِ لِأَنَّكَ أَدَّيْتَ عَنْهُ مَا قَدْ اسْتَوْفَى عِوَضَهُ وَهُوَ الْعِتْقُ فَهُوَ مُسْتَقِرٌّ كَالثَّمَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الْحَمِيلُ لَكَ عَلَيَّ إِنْ جِئْتَنِي لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَعَجَزْتَ أَدَّيْتُ عَنْهُ جَازَ اتِّفَاقًا السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ وَقَالَهُ
الْأَئِمَّة وَكَذَلِكَ الرَّهْن على أَن يوقيك حَقَّكَ إِلَى أَجَلٍ أَوْ دُونَهُ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِدَيْنٍ أَوْ حَمِيلٍ لِأَنَّكَ مَلَكْتَ قَبْضَ دَيْنِكِ الْآنَ فَتَأْخِيرُكَ ابْتِدَاءً سَلَفٌ عَلَى رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَأَخَّرْتَهُ إِلَى أَبْعَدَ مِنْهُ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفُ نَفْعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ وَإِنْ قَبَضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ وَفِي النُّكَتِ الْحَمِيلُ وَالرَّهْنُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ دُونَ الْأَجَلِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ دُونَ الْحَقِّ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ وَيَمْتَنِعُ فِي الْعَرْضِ مِنَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حُطَّ عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ تُمْتَنَعُ الْحَمَالَةُ بِجُعْلٍ فَإِنْ تُرِكَ وَعَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ وَرَدَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ الْحَمِيلَ وَيَرُدِ الْجُعْلَ عَلَى كُلٍّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكُلّ حَالَةٍ وَقَعَتْ لِمُحَرَّمٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمَا أَوْ بَعْدُ سَقَطَتْ عَنِ الْحَمِيلِ عَلِمَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَوِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِسَبَبِ التَّحْرِيمِ أَوْ حامله وَلم يَعْلَمْ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْحَقِّ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ لِلْحَمِيلِ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِهِ رَهْنًا وَإِنْ قَبَضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ أُرَاهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ لَكَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا قَالَ أَشْهَبُ وَمَنْ لَكَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ قَرْضًا وَبِعْتَهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ بِالسَّلَفِ رَهْنًا جَازَ وَلَوْ كَانَتِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى مِنْ بَيْعٍ وَأَسْلَفْتَهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِالْعَشَرَةِ الْأُولَى امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ وَالْأَوَّلُ تَبَعٌ لِلنَّفْعِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ رَهْنَ تَحَمُّلٍ وَهُوَ حرَام لبيعه السّلْعَة بل قَالَ كَذَا مِنْ قِيمَتِهَا فَالْمَتْرُوكُ جُعْلٌ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ الرَّهْنَ بِالْجُعْلِ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِيهِ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِلَى غَرِيمِهِ فَهُوَ كَالْوَضِيعَةِ لَهُ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ أَنْ حَلَّ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ وَالْجُعْلُ فِي الْحَمَالَةِ لِلْحَمِيلِ فَهُوَ بِغَيْرِ غَرِيمِهِ فَيَغْرَمُ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ لَهُ الْجُعْلُ جَازَ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ بِجُعْلٍ مِنَ الْغَرِيمِ لَمْ يَجُزْ وَيَنْقَضِ الرَّهْنُ إِنْ عَلِمَ رَبُّ الْحَقِّ وَإِلَّا ثَبَتَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الْجُعْلُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ حَطَّ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا إِلَى أَجَلٍ جَازَ قَالَ أَصْبَغُ وَلَوْ أَعْطَيْتَهُ دِينَارًا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا لَوْ حَطَطْتَهُ مِنْ دَيْنِهِ عَنْهُ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا
أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَوْ سَأَلَ أَنْ يَحْمِلَ عَنْهُ بِجُعْلٍ امْتَنَعَ فَكَذَلِكَ إِذَا حَطَّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ وَأَمَّا إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَأَعْطَى حَمِيلًا عَلَى أَنْ يَضَعَ جَازَ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي هَذَا إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأَمَّا فِي الْمُعْدِمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَ كِرَاءِ الْمُبْتَاعِ لِيَرْهَنَ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ أَمَدَ الرَّهْنِ يَزِيدُ بِالْمَطْلِ فِي الدّين وَبَين كرائه كلبس كَذَا فَيَجُوزُ لِلِانْضِبَاطِ وَلَرَدَدْتَ الْكِرَاءَ لِزِيَادَةِ الْمَطْلِ صَرَفَ كَأَنَّكَ وَحْدَكَ رَبُّ الدَّيْنِ بِزِيَادَةٍ وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ حَمِيلًا بَطَلَتِ الْحَمَالَةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُبْطِلُهَا لِبُطْلَانِ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَحَمَّلَ فِي الْبَيْعِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْأَجَل فَلَا حمالَة البيع حَرَامٌ لِلْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ وَالْحَمَالَةُ سَاقِطَةٌ لِبُطْلَانٍ أَصْلِهَا وَأَجَازَ ذَلِكَ أَصْبَغُ وَقَالَ أَجَابَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ الشَّرْطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ بَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَمِيلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ بَيْعُكَ لِثَلَاثَةٍ بَعْضُهُمْ حَمِيلُ بَعْضٍ إِذَا لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا شَرَطَ الْحَمِيلُ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَّا أَنْ يَمُوتَ هُوَ أَوْ يَمُوتَ الْمَكْفُولُ جَازَ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ أَوْ يَقُولَ إِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ طَلَبٌ حَتَّى مُتُّ فَلَا شَيْءَ عَلِيَّ لِأَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يطْلبَ وَرَثَتِي أَوْ حَتَّى يَمُوتَ الْمَكْفُولُ فَلَا أُؤَدِّي عَنْهُ فَلَهُ شَرْطُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي فَرْضٍ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالْحَمَالَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ وَقَعَتْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَرَطَ إِنْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْحَمِيلُ سَقَطَتِ الْحَمَالَةُ عَنِ الْحَمِيلِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَسَقَطَتِ الْحَمَالَةُ الْآنَ وَجَوَّزَ أَصْبَغُ الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ الشَّرْطَ قَالَ مُحَمَّدٌ أَي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَدْخَلٌ جَازَ الْبَيْعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إِنْ كَانَ المُشْتَرِي فَقِيرا أَو يخْشَى عَجزه أَنْ يفْسدَ الْبَيْع وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا وَوَقَعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ لَجَازَ وَإِنْ عَلَّلَ الْحَمِيلُ الْأَدَاءَ بِمَوْتِهِ وَكَانَتِ الْحَمَالَةُ فِي أَصْلِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ الْقَرْضِ كَانَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَمِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَالْكَفَالَةُ إِلَى الْعَطَاءِ كَذَلِكَ تَجُوزُ كَانَتْ عَن فرض أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا
كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَالثَّمَنِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ كَانَ أَجَلُ الْبَيْعِ لِذَلِكَ أَيْضًا فَسَدَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الدُّيُونِ لِلْجَهَالَةِ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدُّيُونِ وَمِمَّنْ لَهُ حَطٌّ كَرِهَ مَالِكٌ ثُمَّ قَالَ فِيهِ رِفْقٌ بِالنَّاسِ لِحَاجَةِ الْجُنْدِ لِذَلِكَ وَقد قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لِأَصْحَابِهِ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا السَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ لَا كَفَالَةَ فِي الْحُدُودِ وَالْأَدَبِ وَالتَّعْزِيرِ وَلَا تَلْزَمُ وَلَا فِي دَمٍ وَلَا مِمَّنْ أَجَّرْتَهُ لِخِدْمَةِ شَهْرٍ أَوْ لِيَخِيطَ ثَوْبَكَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحُمُولَةِ الْمَضْمُونَةِ وَيَمْتَنِعُ فِي دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا إِلَّا أَنْ يَتَكَفَّلَ بِنَفَقَةِ الْكِرَاءِ عِنْدَ مَوْتِهَا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِيَاطَةِ وَالْخِدْمَةِ فَإِنْ هَرَبَ الْكَرِي فِي الْمَضْمُونِ فَأَكْرَى لَكَ الْكَفِيلُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنِ الْكَرِيِ بِذَلِكَ إِلَّا بِالْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةُ فِي امْتِنَاعِهَا فِي الْحُدُودِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ فِيهَا بِالْوَجْهِ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَمَّا بِالْحُدُودِ نَفْسِهَا فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مَتَى كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَمْلِ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا جارت الْحَمَالَةُ بِالْأُجْرَةِ إِنْ مَاتَ الْمُغِيرُ أَوِ اسْتَحَقَّ وَيَمْتَنِعُ بِالْعَمَلِ وَالْحَمْلِ أَوْ مَضْمُونَةٌ جَازَتْ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ وَيَمْتَنِعُ بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَرُدَّ إِلَى دَافِعِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِيَسْتَأْجِرَ بِهِ جَازَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَدَّ عَلَى الْحَمِيلِ فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِذَا غَرِمَ الْحَمِيلُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنِ اشْتَرَى ذَلِكَ لِغَرِيمِهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ عَرضًا أَوْ مَكِيلًا وَإِنْ غَرِمَهُ مِنْ ذِمَّتِهِ وَهُوَ مُكَيَّلٌ أَوْ مَوْزُونٌ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَالْأَوَّلِ وَعَنْهُ بِقِيمَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَضْمُونِ أَنْ يُمْكِنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الضَّامِنِ فَلِذَلِكَ تَتَعَذَّرُ فِي الْحُدُودِ وَالْمُعَيَّنَاتِ
الثَّامِنَة فِي الْكتاب إِن لم يؤفك حَقَّكَ فَهُوَ عَلَيَّ وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا يَتَلَوَّمُ لَهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَرَى ثُمَّ يُلْزِمُهُ الْمَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا وَإِن لم يؤفك حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ وَيَجُوزَ إِلَى خُرُوجِ الْعَطَاءِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إِنْ كَانَتْ فِي قَرْضٍ أَوْ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَيَمْتَنِعُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ التَّاسِعَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَعْطَاكَ رَجُلٌ دِينَارَيْنِ فِي دِينَارٍ وَيَتَكَفَّلُ بِهِمَا آخَرُ لَكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ عَلِمَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدِّينَارُ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَلْ قُلْتَ لَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ تَحَمَّلَ بِهِمَا إِلَى شَهْرٍ ثُمَّ عَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْتُ لَمْ أَدْخُلْ فِي الْحَرَامِ وَكَذَلِكَ دِينَارٌ فِي دَرَاهِمَ إِلَى شَهْرٍ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِن عَلِمَ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّرَاهِمِ اتَّبَعَ بِهَا الدِّينَارَ وَاتبِعْ أَنْتَ صَاحِبَكَ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ اشْتَرَى دِينَارًا بِمَا بَلَغَ وَدَفَعَ إِلَيْهِ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِثَمَنِ الدِّينَارِ فَقَطْ وَأَمْسَكَ هُوَ فَضْلَةَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الدِّينَارِ اتَّبَعَ لَهُ مَا بَلَغَتْ مِنْ أَجْلِ الدِّينَارِ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الدِّينَارِ وَيُتْبِعُهُ الْحَمِيلُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ كَانَ لَكَ دِينَارٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَحَوَّلْتَهُ فِي زَيْتٍ إِلَى شَهْرٍ وَتَحَمَّلَ لَكَ رَجُلٌ بِالزَّيْتِ هُوَ كَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَ بِإِخْرَاجِ الزَّيْتِ فَيَبِيعُ لَهُ بِدِينَارٍ مِنْهُ فَقَضَى دِينَارَهُ وَاتَّبَعَ هُوَ صَاحِبَهُ بِالزَّيْتِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْهُ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ حَمَالَة أَصْلهَا حَرَامٌ هِيَ سَاقِطَةٌ وَعَنْهُ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا فَهِيَ ثَلَاثَة أَقْوَال لِأَن الْكَفِيل عَن محى كَذَا دَفَعَ الْمَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَمَّا بَعْدَ عَقْدِهِ فَسَاقِطَةٌ اتِّفَاقًا الْعَاشِرَةُ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِعَبْدِكَ إِنَّ جِئْتَنِي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَكَفَّلَ بِهَا لَكَ رَجُلٌ وَعَجَّلْتَ لَهُ الْعِتْقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَزِمَتِ الْحَمَالَةُ كَمَنْ قَالَ لَكَ أَعْتِقَ عَبْدَكَ وَلَكَ مِائَةٌ إِلَى شَهْرٍ وَيَرْجِعُ الْحَمِيلُ عَلَى الْعَبْدِ
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ ضَمَانُ الْبَدَنِ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ وَحَيْثُ جَوَّزُوهُ اشْتَرَطُوا إِذْنَ الْمَكْفُولِ وَتَجْوِيزَهُ هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وَعَلَيْهِ يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ دون الْحُدُود الَّتِي هِيَ حق الله تَعَالَى كَحَدِّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ الْتِزَامُ مَا هُوَ مَضْمُونٌ وَعَلَى الْأَصْلِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمُ الْتِزَامُ مَا هُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} وَقَوله تَعَالَى
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)(صَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا)
(الْبَابُ الثَّانِي فِي حَمَالَةِ الْحَمَالَةِ)
لَمَّا كَانَتِ الْحَمَالَةُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ أَمْكَنَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهَا سُؤَالٌ كَيْفَ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْوَاحِدِ فِي مَحَلَّيْنِ وَالْوَاحِدُ لَا يَتَعَدَّدُ مَحَلُّهُ أَمْ يُقَالُ انْقَسَمَ أَوْ تَعَدَّدَ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ نِصْفَ الْحَقِّ عَلَى هَذَا وَنِصْفَهُ عَلَى الْآخَرِ وَلَا أَنَّ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ صَارَ الْأَلْفُ أَلْفَيْنِ وَجَوَابُهُ أنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ النَّقْدَيْنِ فِي الْأَثْمَانِ وَالْأَعْيَانِ فِي السَّلمِ وَالْإتْلَافِ وَغَيْرِهِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَتْ ثَمَّ حَقِيقَةُ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِبِلَ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا لَاحْتَاجَتْ لِلْعَلْفِ وَالسَّقْيِ فَهِيَ حِينَئِذٍ تَقْدِيرَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لِأُمُورٍ مَعْدُومَةٍ يُقَدِّرُهَا الشَّرْعُ مَوْجُودَةً ثُمَّ ذَلِكَ الْمُقَدِّرُ لِلشَّرْعِ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ مَعَ إِيجَادِهِ بِنِسَبٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِذِمَّةٍ أَوْ ذِمَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالدِّيَةِ تُقَدَّرُ عَلَى جَمِيعِ الْعَاقِلَة فالواقع لعدد سَبَب فِي الْحَمَالَةِ لَا تَعَدُّدُ حَقٍّ وَلَا الْقسَامَة وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة وَفِي هَذَا الْبَاب ثَمَان مَسَائِلَ الْأُولَى قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَفَّلَ كَفِيلَانِ بِمَالٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَالْغَرِيمُ وَغَرِمَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَالْغَرِيمُ
مَلِيَّيْنِ اتُّبِعَ الْغَرِيمُ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَهُ اتِّبَاعُهُ بِالنِّصْفِ وَاتِّبَاعُ الْحَمِيلِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ لَهُ قبله لَا كَغَرِيمٍ حَضَرَ مَعَ كَفِيلٍ وَإِذَا كَفَلَ ثَلَاثَة بِمَالٍ لَمْ يَأْخُذْ مِمَّنْ بَقِيَ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِلَّا ثُلُثَ الْحَقِّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْكَفَالَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ فَحِينَئِذٍ إِذَا غَابَ أَحَدُهُمْ أَوْ أُعْدِمَ أَخَذَ مَنْ وَجَدَهُ بِالْجَمِيعِ وَإِنْ لَقِيَهُمْ أَوْلِيَاءُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَّا الثُّلُثَ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ الْكَفِيلَ فِي حُضُورِ الْكَفِيلِ وَمِلَائِهِ وَلَوْ شَرَطَ أَيَّهُمْ شَاءَ أَخَذَ وَلَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ كَفِيلُ بَعْضٍ أَخَذَ أَيَّهُمْ شَاءَ بِالْجَمِيعِ وَإِنْ حَضَرُوا أَمْلِيَاءَ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلْغَرِيمِ عَلَى أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ لم يود بالحمالة عَنْهُم بل على الْغَرِيمِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ كَفِيلٌ بِبَعْضٍ وَقَالَ بعد ذَلِك أَيهمْ شِئْت أخذت بحقي أم لَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ لِلْجَمِيعِ عَلَى صَاحِبَيْهِ إِذَا لَقِيَهُمَا بِالثُّلُثِينِ وَإِنْ بَقِيَ أَحَدُهُمَا فَبِالنِّصْفِ وَمِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْجَائِزِ كَتب الرَّجُل الْحَيّ عَنِ الْمَيِّتِ وَالْمَلِيّ عَنِ الْمُعْدِمِ وَهُوَ كَفَالَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا بَاعَ مِنْهَا وَشَرَطَ اتِّبَاعَ أَيِّهِمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ فَتَحَمَّلَ رَجُلَانِ بِصَاحِبِهِ فَلَا يُتْبِعُ أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ إِلَّا فِي عُدْمِ صَاحِبِهِ أَوْ إِعْدَامِهِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ غَرَرٌ لَا يَدْرِي هَلْ يغرم أَو لَا وينضاف إِلَيْهِمَا هَا هُنَا غَرَرَانِ هَلْ يُطْلَبُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَهَلْ بِالْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ وَأَلْزَمَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطَ لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ -
الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْحَمِيلِ الْمُبْهَمِ هَلْ يَغْرَمُ الْجَمِيعُ فَكَيْفَ مَعَ الشَّرْطِ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ لَكَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى سِتَّةٍ بَعْضُهُمْ حَمِيلٌ عَنِ الْبَعْضِ بِالْجَمِيعِ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ قَالَ عَنْ أَصْحَابِهِ أَمْ لَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ عَنْ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ عَنْ جَمِيعهم بِجَمِيعِ
الْمَالِ اشْتَرَطَ أَنْ لَا بَرَاءَةَ لَهُ إِلَّا بِأَدَائِهِمَا أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّهُمْ شِئْتُ أَخَذْتُ فَلَكَ أَخْذُ أَحَدِهِمْ بِالْجَمِيعِ حَضَرَ الْبَاقُونَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تَقُلْ ذَلِكَ وَلَقِيتَهُمْ مَيَاسِرَ أَخَذْتَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةٍ وَلَمْ تَأْخُذْ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَإِنْ لَقِيتَ أَحَدَهُمْ أَخَذْتَ بِالْجَمِيعِ فَإِنْ لَقِيَ الْغَارِمُ أَحَدَهُمْ أَخَذَ بِمِائَةٍ أَدَّاهَا عَنْهُ وَبِنِصْفِ الْأَرْبَعِمِائَةِ الَّتِي أَدَّاهَا عَنِ الْبَاقِينَ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ بِهِمْ فَإِنْ لَقِيَ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ عَنْ نَفْسِهِ وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ بِالْحَمَالَةِ فَإِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ الْمَالَ الآخر من الْأَوَّلين الَّذِي لم يرجع على الرَّابِعِ قَالَ لَهُ بَقِيَ لِي مِمَّا أَدَّيْتَ بِالْحَمَالَةِ مِائَتَانِ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَنْتَ أَحَدُهُمْ فَعَلَيْكَ خَمْسُونَ فِي خَاصَّتِكَ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ ثُمَّ يَقُولُ بَقِيَ لِي خَمْسُونَ وَمِائَةٌ أَدَّيْتُهَا عَنْ أَصْحَابِكَ وَأَنْتَ مَعِي بِهِمْ حَمِيلٌ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا الرَّابِعُ قَدْ ادَّعَيْتَ عَنْهُمْ لَنَا بِالْحَمَالَةِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَيْضًا لِغَيْرِكَ سَاوَيْتُكَ فِي مِثْلِهَا بَقِيَتْ لَكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ لَكَ عَلَيَّ نِصْفُهَا فَيَدْفَعُ لَهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا وَهَكَذَا تَرَاجُعُهُمْ إِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الدُّيُونِ فَإِنْ تَحَمَّلُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ حَمِيلَانِ لجَمِيع المَال أَو أَصْحَابهم أَوْ عَنْ وَاحِدٍ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِنِصْفِ الْمَالِ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَإِنْ لَقِيتَ اثْنَيْنِ أَخَذْتَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ وَاحِدًا أَخَذْتَهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِائَةٌ مِنْهَا عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لِأَنَّهُ بِنِصْفِ مَا بَقِيَ تَكَفَّلَ فَإِنْ لَقِيَ هَذَا الْغَارِمُ أَحَدَ الْبَاقِيَيْنِ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ عَنْ نَفْسِهِ وَنِصْفُ الْمِائَتَيْنِ الْمُؤَدَّاةُ بِالْحَمَالَةِ فَإِنْ لَقِيَ هَذَا الْغَارِمُ الثَّانِي أَخَذَ مِمَّنْ لَمْ يَغْرَمْ قَالَ لَهُ أَدَّيْتُ مِائَةً بِالْحَمَالَةِ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَنْتَ أَحَدُهُمْ أَعْطِنِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ نَفْسِكَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ بِالْحَمَالَةِ فَهَكَذَا تَرَاجُعُهُمْ حَتَّى اسْتَوَوْا فَإِنْ تَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَلَاثَة حملا بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ كُلَّ ثَلَاثَةٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ عَنِ اثْنَيْنِ أَوْ عَنْ وَاحِدٍ بِالْجَمِيعِ أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ بِثُلُثِ الْمَالِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ إِن لقِيت ثَلَاثَة أخذتهم بِالْجَمِيعِ أَو وَاحِد فِيمَا بِهِ عَنْهُ وَبِثُلُثِ مَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ ثُمَّ لَقِيَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ الَّذِينَ لَمْ يَغْرَمُوا قَالَ لَهُ أَدَّيْتُ مِائَةً بِالْحَمَالَةِ عَنْ ثَلَاثَةٍ
أَنْتَ أَحَدُهُمْ أَعْطِنِي ثُلُثَهَا عَنْكَ وَنَصِفَ بَاقِيهَا بِالْحَمَالَةِ عَنِ الْبَاقِينَ فَإِنْ لَقِيَ الْآخِذَ لِذَلِكَ أَخَذَ الثَّلَاثَةَ الْغَارِمِينَ مَعَهُ أَوْ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا فَضَلَهُ بِهِ حَتَّى يَكُونُوا فِي الْغُرْمِ سَوَاءً وَإِنِ اقْتَسَمَ ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيَ الْبَاقِي الَّذِي غَرِمَ مَعَهُمَا وَإِلَّا دَخَلَ عَلَيْهِمَا فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ قِبَلِ الثَّالِثِ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِيرَ مَا أَخَذَ مِنَ الثَّالِثِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ إِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمْ أَحَدًا مِمَّنْ لَمْ يَغْرَمْ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا يَجِبُ لَهُ شَارَكَهُ فِيهِ مَنْ لَقِيَ مِنَ الِاثْنَيْنِ الغارمين مَعَه أَو حَتَّى يكون مَا دخل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ أَصْحَابهم فَهَلَكت اتراجعهم كَذَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا تَخْلُو كَفَالَةُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ السِّتَّةِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُدَوَّنَة ومسألتة الْأَرْبَعَةِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَإِنْ ضَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا وَقَعَ فِي قَوْلِ الْغَيْرِ فِي الْكِتَابِ فَأَدَّى أَحَدُهُمُ الْمَالَ وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ لَقِيَ الثَّانِي فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ هُوَ مِنَ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ الْمِائَةَ الَّتِي ضَمِنَهَا عَنْهُ فِي خَاصَّتِهِ وَيَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَوِيَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيرهم وهم كفلاء فَقَط بَعضهم بِبَعْض فها هُنَا اخْتَلَفَ إِذَا أَخَذَ الْحَقَّ مِنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ لَقِيَ الْآخَرَ يُقَاسِمُهُ بِالسَّوَاءِ فِي الْغُرْمِ حَتَّى يَعْتَدَّهُ إِذَا لَحِقَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا يُقَاسِمُهُ بَعْدَ إِسْقَاطِ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الْحَقِّ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِالتَّسْوِيَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحَمَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْدَلُسِيِّنَ عَدَمُ التَّسْوِيَةِ وَحَمَلُوا مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ بِالْحَمَالَةِ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ إِحَالَةٌ كَالسِّتَّةِ حُمَلَاءَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا لَقِيَ الثَّانِي مِنَ السِّتَّةِ الثَّالِثَ فَفِي الْكِتَابِ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ أَدَّاهَا عَنْهُ وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ نِصْفُ مَا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ
هَذَا غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ بَلْ إِذَا لَقِيَ الثَّالِثُ أَحَدَ الْأَوَّلَيْنِ وَطَالَبَهُ بِالِاعْتِدَالِ مَعَهُ يَقُولُ لَهُ الثَّلَاثُ مِنَ الثَّلَاثَةِ كَأَنَّمَا اجْتَمَعْنَا مَعًا بِاجْتِمَاعِ بَعْضِنَا بِبَعْضٍ وَلَوِ اجْتَمَعْنَا مَعًا لَكَانَ الْمَالُ عَلَيْنَا أَثْلَاثًا مِائَتَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فَعَلِيَّ مِائَتَانِ غَرِمْتَهَا أَنْتَ وَصَاحِبُكَ عَنِّي فَخُذْ وَاحِدَةً أَنْتَ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ لَكَ وَسَأَدْفَعُ إِلَى صَاحِبِكَ الْمِائَةَ الَّتِي دَفَعَ عَنِّي إِذَا لَقِيتُهُ فَنَسْتَوُيِ فِي الْغُرْمِ كَمَا لَوِ اجْتَمَعْنَا جَمِيعًا دُفْعَةً وَاحِدَةً وَهَكَذَا إِذَا لَقِيَ الثَّالِثُ الرَّابِع قَالَ ابْن يُونُس قَوْله إِن بَقِي الرَّابِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّالِث مِنَ الْبَاقِينَ يُرِيدُ أَنَّ الْغَارِمَ لِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ ثَالِثُ الْأَوَّلَيْنِ وَرَابِعُ الْبَاقِينَ لَقِيَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَمْ يَغْرَمُوا فَيَقُولُ لَهُ أَدَّيْتَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بِالْحَمَالَةِ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَنْتَ أَحَدُهُمْ فَعَلَيْكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ أَنْتَ مَعِي بِهَا حَمِيلٌ فَعَلَيْكَ نِصْفُهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسِينَ ثُمَّ قَالَ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الْآخَر مِنَ الْأَوَّلِينَ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الرَّابِعِ يُرِيدُ أَن الْغَارِم للستة مائَة الرَّاجِعَ مِنْهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا بَعْدَ ذَلِك حَتَّى لَقِي رَابِعا من الباقيين وَهُوَ ثَالِثٌ مِنَ الْغَارِمِينَ لَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ هُوَ أَيْضًا عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَبَقِيَتْ وُجُوهٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ إِذَا تَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ كُلِّ اثْنَيْنِ حَمِيلَيْنِ بِالْجَمِيعِ فَلَقِيَ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ أَوْ خَمْسِينَ ثُمَّ لَقِيَ ثَانِيًا فَعَلَيْهِ فِي خَاصَّة مِائَةٌ قَدْ أَدَّى عَنْهُ صَاحِبُهُ مِنْهَا خَمْسِينَ فَيَقُولُ لَهُ بَقِيَ لِي عَلَيْكَ خَمْسُونَ فَادْفَعْهَا إِلَيَّ فَكَانَ لِي عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ أَرْبَعُمِائَةٍ دَفَعَ لِي مِنْهَا صَاحِبُكَ مِائَتَيْنِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ بِالنِّصْفِ مِمَّا عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ حَمِيلٌ بِنِصْفِ مَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَذَلِكَ مَا يَلْزَمُهُ إِذَا لَقِيتَهُ وَحْدَهُ فَادْفَعْ أَنْتَ مَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لِأَنَّكُمَا جَمِيعًا حَمِيلَانِ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ بِالْحَمَالَةِ خَمْسُونَ وَأَدَّيْتَ عَنْ أَصْحَابِكَ بِالْحَمَالَةِ مِائَتَيْنِ أَعْطِنِي نِصْفَهُ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا وَقَدْ أَدَّيْتَ أَنَا أَيْضًا عَنْهُمْ بِالْحَمَالَةِ فَقَدَ اسْتَوَيْنَا فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمِيلُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ عَلَى أَنَّ كُلَّ ثَلَاثَةٍ حُمَلَاءُ جَمِيعِ الْمَالِ فَلَقِيَ أَحَدُهُمْ فَأُخِذَ مِنْهُ مِائَتَيْنِ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ ثَانِيًا يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ فِي خَاصَّتِكَ مِائَةٌ أَدَّى صَاحِبُكَ عَنْكَ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ فَتَأْخُذُهَا مِنْهُ
ثُمَّ يَقُولُ لَهُ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقُونَ أَنْتَ حَمِيلٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَأْخُذُهَا فالمأخوذ من الثَّانِي مِائَتَيْنِ فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِمَّا عَلَيْكَ سِتَّة وَسِتِّينَ وثلثين وَبَقِي عَلَيْك ثَلَاثَة وثلثون وَثُلُثٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ بَقِيَ لِي ثَلَاثَةٌ أَنْتَ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهِمْ وَهِي مِائَةٌ فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ وَهُوَ جَمِيعُ مَا بَقِيَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَقِيَهُمْ كُلَّهُمْ لَأَخَذَ مِنْهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَقَدْ أَدَّى أَصْحَابُهُ مَا يَلْزَمُ فَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ وَإِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَلَقِيَ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ السِّت مائَة فلقي الْغَار أحدهم وفأخذ مِنْهُ ثَلَاثمِائَة فَإِن لَقِي ثَالِثا يَقُول لَهُ أَدّينَا بِالْحَمَالَةِ أَرْبَعَمِائَةٍ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَنْتَ أحدهم أَعْطِنِي ربعهَا وَثلث مَا بَقِي بالحمالة لِأَنَّك معني بِهِمْ حَمِيلٌ فَيَأْخُذَانِ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ يَقْتَسِمَانِهَا نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ أَدَّى بِالْحَمَالَةِ عِشْرِينَ ثُمَّ إِنْ لَقَوْا رَابِعًا قَالُوا لَهُ أَدّينَا بِالْحَمَالَةِ سِتِّينَ عَن ثَلَاثَة أَنْت أحدهم أَعْطِنِي ثُلُثَهَا وَرُبُعَ مَا بَقِيَ بِالْحَمَالَةِ اشْتَرَكْنَا فِيهَا وتأخذون مِنْهُ ثَلَاثِينَ فيقسمهما الثَّلَاث عَشَرَةً عَشَرَةً وَيَسْتَوْفِي الْغُرْمَ فَإِنْ لَقُوا الْآخَرَ قَالُوا أدينا بالحمالة أَرْبَعِينَ أَنْت أحدهم أَعْطِنِي نِصْفَهَا وَخُمْسَ بَاقِيهَا بِالْحَمَالَةِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ أَرْبَعَةً وَعشْرين يقتسمهما الْأَرْبَعَةُ سِتَّةً سِتَّةً فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ غَرِمَ بِالْحَمَالَةِ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً فَإِنْ لَقُوا السَّادِسَ غَرَّمُوهُ عِشْرِينَ يَقْتَسِمُونَهَا أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً وَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَمْسَةِ غَرِمَ لِلْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَهُوَ مَا أدّى عَنْهُم وَلَو أَن رب الَّذين لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْأَوَّلِ إِلَّا مِائَةً لَمْ يَرْجِعْ هَذَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ مِائَةً وَدِرْهَمًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالدِّرْهَمِ خَاصَّةً عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْنَا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ هَذَا إِذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَأَيُّهُمْ شَاءَ أَخَذَ بِحَقِّهِ فَلَهُ أَخْذُهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ الْبَاقُونَ أَمْلِيَاءَ وَلَيْسَ لِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذا كَانُوا حضورا أملياء لَا بِسُدْسِ جَمِيعِ الْحَقِّ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مِنْ أصل الدّين بِخِلَاف لَا بِخِلَاف الدّين الْمُشْتَرط أَيهمْ الْمَشْرُوط أَيهمَا شَاءَ أَخَذَ بِالْجَمِيعِ وَسَوَّى حَمْلَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَوْ هُمْ شُرَكَاءُ فِي السِّلْعَةِ أَوْ حَمَالَةٌ عَنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْغَارِمَ لِلْجَمِيعِ لَمْ يُؤْخَذْ بِالْحَمَالَةِ بَلْ بِالْغَرِيمِ
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا تَحَمَّلَ حُمَلَاءُ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ حَمَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ أَصْحَابِهِ قَالَ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَقُلْ فَيَأْخُذُ الْمَلِيُّ بِالْمُعْدِمِ وَيَأْخُذُ أَيَّهُمْ شَاءَ عَلَى أَحَدِ قولي مَالك وعَلى أَخذ كِلَيْهِمَا إِذَا اشْتُرِطَ أَخَذَ أَيَّهُمْ شَاءَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ وَضَابِطُ مَسْأَلَةِ السِّتَّةِ كُفَلَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مَنْ غَرِمَ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ عَلَى أَصْحَابِهِ بِمَا غَرِمَ عَنْهُمْ عَلَى السوَاء إِن لَقِيَهُمْ مُجْتَمعين فَإِن لَقِيَهُمْ مفترقين أَو وَاحِد بَعْدَ وَاحِدٍ رَجَعَ عَلَى مَنْ بَقِيَ بِمَا ينوبه كَمَا أدّى عَنهُ بالحمالة وينصف مَا يَنُوب مَا أدّى عَن أصاحبه فَإِنْ لَقِيَ اثْنَيْنِ مَعًا رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَنُوبُهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ وَبِثُلُثَيْ مَا يَنُوبُ مَا أَدَّى عَنِ البَاقِينَ إِن لَقِيَ ثَلَاثَةً رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَا يَنُوبُ مَا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ عَمَّنْ غَابَ فَإِنْ لَقِيَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَاحِدًا رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا أَدَّوْا عَنْهُ فِي خَاصَّتِهِ وَرُبُعِ مَا أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ بِالْحَمَالَةِ فَاقْتَسَمُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَإِنْ لَقِيَ وَاحِد مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَدْ غَرِمَ بِالْحَمَالَةِ حَاسَبَهُ بِذَلِكَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَقِيَ غَرِمَ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ شَيْئًا أَو غرم هُوَ حسابه بِالْبَاقِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَحَدَ أَصْحَابِهِ فَرَجَعَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَقِيَهُ ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ رَجَعَ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ فَسَوَّاهُ بِمَا رَجَعَ بِهِ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ الْغَيْرَ الَّذِي كَانَ رَجَعَ عَلَيْهِ ثَانِيَةً بِمَا انْتَقَصَهُ الْأَوَّلُ إِذَا لَقِيَهُ ثَانِيَةً ثُمَّ إِنْ لَقِيَهُ الْأَوَّلُ ثَالِثَةً رَجَعَ عَلَيْهِ فَلَا يَزَالُ التَّرَاجُعُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَسْتَوُوا وَمُلَاقِيهُمْ وَلَا يَزَالُ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ أَبَدًا كُلَّمَا الْتَقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ مَعَ صَاحِبِهِ وَقَدْ أَدَّى أَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَا غَرِمَ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ فَيَكُونُ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَلَا يَنْحَصِرُ وَحْدَهُ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمْ إِلَى عَدَدٍ وَلَا بِمُقْتَضَى التَّرَاجُعِ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَقِيَهُ عَلَى أَيِّ نِسْبَةٍ الْتَقَوْا عَلَيْهَا مَا لَمْ تَلْزَمْهُمُ الْجَمَاعَةُ لِلْجَمَاعَةِ أَوِ الْجَمَاعَةُ لِلْوَاحِدِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَقِيَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّالِثَ مِنَ الْبَاقِينَ فِيهِ إِجْمَالٌ وَمُرَادُهُ بِهِ أَنَّ الثَّالِثَ مِنَ الْغَائِبِينَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ مائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لَقِي أحد الثَّلَاثِينَ البَاقِينَ
وَسَماهُ أَرْبعا لِأَنَّهُ رَابِعُ الْبَاقِينَ ثُمَّ قَالَ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعُ الْآخَرَ مِنَ الْأَوَّلِينَ يُرِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي غَرِمَ السِّتَّمِائَةٍ وَرَجَعَ مِنْهَا عَلَى الثَّانِي بِثَلَاثِمِائَةٍ لَقِيَ الثَّالِثَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ بَعْدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُرِيدُ أَنَّهُ لَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ هُوَ عَلَى الرَّابِعِ بِالْخَمْسِينَ وَسَمَّاهُ رَابِعًا لِأَنَّ الْبَاقِينَ ثَلَاثَةً فَهُوَ رَابِعُهُمْ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنَ الْغَارِمِينَ وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا لَقِيَ الْأَوَّلُ الثَّالِثَ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَلَى الرَّابِعِ بِالْخَمْسِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ غرمت أَنا ثَلَاثمِائَة لِأَنِّي رجعت أَن السِّتَّمِائَةٍ الَّتِي غَرِمْتُهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ مِنْهَا مِائَةٌ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ لَا أَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ والمائتين والحمالة مِنْهَا خَمْسُونَ عَنْكَ وَالْبَاقِي عَنْ أَصْحَابِكَ ادْفَعْ لِي مَا غَرِمْتُ عَنْكَ وَنِصْفَ مَا غَرِمْتُ بِالْحَمَالَةِ زَائِدًا عَلَى مَا غَرِمْتَ أَنْتَ وَذَلِكَ وَسِتُّونَ وَنصف لِأَنِّي غرمت لنا مِائَةً وَخَمْسِينَ بِالْحَمَالَةِ وَغَرِمْتَ أَنْتَ مِنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ وَالسَبْعِينَ الَّتِي غَرِمْتَ بِالْحَمَالَةِ لِلثَّانِي قَدْ رَجَعْتَ مِنْهَا عَلَى الرَّابِعِ بِالْخَمْسِينَ فَأَسْقِطْ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي غَرِمْتَ أَنْتَ مِنَ الْمِائَة وَالْخمسين الَّتِي غرمت أَنا أدفَع لي نصف الْبَاقِي اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنصف فَنَعْتَدِلُ فِيمَا غَرِمْنَا بِالْحَمَالَةِ وَأَصْل الدَّيْنِ فَإِنْ لَقِيَا جَمِيعًا الثَّانِيَ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَرَجَعَ هُوَ عَلَى الثَّالِثِ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجَعَا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ فَيَعْتَدِلُونَ ثَلَاثَتُهُمْ فِي غُرْمِ الْحَمَالَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ غَرِمَا بِهَا عَلَى هَذَا مِائَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَغَرِمَ الثَّانِي بِهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَإِذَا رَجَعَا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ اعْتَدَلُوا فِيهَا وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْ أَدَّى بِهَا ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ وثلثاه كَذَا فَإِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ خَمْسُونَ أَخَذَ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ غَرِمْتَ لنا خمسين خَمْسَة وَعشْرين على لَا أرجع بهَا وَالْبَاقِي بالحمالة عنكما الْبَاقِي اثْنَي عَشَرَ وَنِصْفٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَرْبَعٌ على اثْنَي كَذَا عَشَرَ وَنِصْفٍ الَّتِي أُدِّيَتْ عَنْكَ وَسِتَّةٌ وَرُبُعُ نِصْفِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفُ الَّتِي أَدَّيْتُهَا عَنِ
الْغَائِبِ لِأَنَّكَ حَمِيلٌ مَعِي بِهِ فَإِنْ لَقِيَ بِهَا هَذَا الْخَامِسَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْبَاقِي مِنَ السِّتَّةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ الَّتِي أَدَّى عَنْهُ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ مَا فِي مَعْنَاهَا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مَعًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْغُرْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الرَّابِعَ لِلْغَارِمِ خَمْسِينَ وَرَجَعَ مِنْهَا عَلَى الْخَامِسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنِصْفِ ثُمُنٍ لِأَنَّهُمْ أَدَّوْا خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَأَدَّى هُوَ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ وَرُبُعًا وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ رُبُعُ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ رَابِعُهُمْ وَذَلِكَ مائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعُونَ كَذَا وَثَمَانِينَ وَنِصْفَ ثُمُنٍ كَمَا أَدَّى هُوَ وَلَوْ لَقُوهُ مُفْتَرِقِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ فِي خاصته وبنصف مَا أدّى عَن صَاحبه الْغَائِبَيْنِ بِهَا بَعْدَ أَنْ يُسْقِطَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَدَّى هُوَ أَيْضًا بِالْحَمَالَةِ فَإِذَا الْتَقَوْا ثَلَاثَتُهُمْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَعْتَدِلُوا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ مَعًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْغُرْمِ فَصَارَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَأَرْبَعُونَ لَكُمَا ثُمُنَانِ وَنِصْفُ ثُمُنِ الْخَامِسِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الرَّابِعُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ فَرَجَعَ مِنْهَا عَلَى السَّادِسِ سِتَّةٌ وَرُبُعٌ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَخمسين وَربع خمس ويقتسمون ذَلِكَ بَيْنَهُمْ أَرْبَعَتُهُمْ فَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَخُمْسَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ وَرُبُعُ رُبُعِ الْخُمْسِ فَيُسْقِطُ ذَلِكَ مِنَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالثُّمُنَيْنِ وَنِصْفِ الثُّمُنِ الَّذِي أَدَّى فَيَكُونُ الْبَاقِي الَّذِي أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً وَثَمَانِيَةَ عشر وَثَلَاثَة أَخْمَاس وَثَلَاثَة أَربَاع الْخمس كَمَا أَدَّى هُوَ لِأَنَّهُ أَدَّى إِلَيْهِمْ مِائَةً وَسِتَّةً وَخمْسًا وَرُبُعَ خُمْسٍ وَكَانَ قَدْ أَدَّى اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا لِلرَّابِعِ فَالْجَمِيعُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَة أَخْمَاس وَثَلَاثَة أَربَاع الْخمس كَمَا أدّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ لَقُوهُ مُفْتَرِقِينَ لَرَجَعَ كُلُّ أَحَدٍ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ وَنِصْفُ مَا أَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ بِهِ وَيُسْقِطُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَدَّى هُوَ أَيْضًا
بِالْحَمَالَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِذَا الْتَقَوْا أَرْبَعَتُهُمْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَعْتَدِلُوا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَالْخَامِسَ مَعًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي الْغُرْمِ فَصَارَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ السَّادِسُ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْخَامِسُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ يُقَسِّمُونَهَا بَيْنَهُمْ فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ وَقَدْ كَانَ أَدَّى مِائَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةَ أَخْمَاسٍ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْخُمْسِ فَيَصِيرُ الَّذِي أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَصْلِ وَقَدْ كَانَ السَّادِسُ أَدَّى أَيْضًا إِلَى الْخَامِسِ سِتَّةً وَرُبُعًا فَصَارَ ذَلِكَ بِالثَّلَاثَةِ وَالتِسْعِينَ وَالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ الَّذِي أَدَّى الْآنَ إِلَى جَمِيعِهِمْ ثَلَاثَمِائَةٍ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَاسْتَوْفَى وَلَوْ لَقُوهُ مُفْتَرِقِينَ لَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَنِصْفُ مَا أَدَّى عَنْهُ بِالْحَمَالَةِ فَإِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَهُمُ الْخَمْسَةُ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَعْتَدِلُوا فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلَ غَرِمَ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثِ ثُمَّ الرَّابِعِ ثمَّ الْخَامِس ثمَّ السَّادِس فيستوفي بذلك أَيْضا جَمِيعَ مَا أَدَّاهُ بِالْحَمَالَةِ ثُمَّ يَلْقى الثَّالِثَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ ثُمَّ الْخَامِس ثمَّ السَّادِس فيستفي بِذَلِكَ أَيْضًا جَمِيعَ مَا أَدَّاهُ بِالْحَمَالَةِ وَوَجْهُ الْعَمَلِ إِذَا لَقِيَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ السِّتَّمِائَةٍ الثَّانِي أَخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَمِائَةٍ لِأَنَّ مِائَةً مِمَّا أَدَّى وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالْخَمْسُمِائَةٍ عَنْ أَصْحَابِهِ فَبِضَمِّهِ الْمِائَةَ الَّتِي أَدَّاهَا عَنْهُ وَنِصْفُ الْأَرْبَعِمِائَةٍ الَّتِي أَدَّاهَا عَنْ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ فَيَسْتَوِيَانِ ثُمَّ إِذَا لَقِيَ الثَّالِثَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ بَقِيَ لِي كَمَا أَدَّيْتَ ثَلَاثُمِائَةٍ مِائَةٌ عَلِيَّ مِائَتَانِ أَدَّيْتُهَا عَنْكُمْ عَنْكَ خَمْسِينَ أَدِّهَا لِي مَعَ نِصْفِ مَا أَدَّيْتُ عَنْهُمْ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ لِأَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةَ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ أَدَّاهَا عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ يَأْخُذُ عَنْهُ خَمْسَةً
وَعِشْرِينَ عَنْهُ وَنِصْفُ مَا أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ مَعَهُ بِهِمَا فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَنْهُ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ بِهِ مَعَهُ يَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ سِتَّةٌ وَرُبُعٌ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى السَّادِسِ فَيَسْتَوْفِي الَّذِي أَدَّى بِالْحَمَالَةِ وَإِذَا لَقِيَ الثَّانِي الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَلَاثِمِائَةٍ بِالثُّلُثِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِسَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ أَدَّى الْأَوَّلَ ثَلَاثَمِائَةٍ مِائَةً عَنْهُ وَمِائَةً بِالْحَمَالَةِ عَنْهُمْ خَمْسُونَ خَمْسُونَ وَقَدْ أَدَّى الْآخَرُ بِالْحَمَالَةِ إِلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَيَدْفَعُ لَهُ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَدَّاهَا عَنْهُ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ طَرْحِ الْخَمْسَةِ وَالسَبْعِينَ الَّتِي أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ لَهُ فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ ثُمَّ إِنْ لَقِيَ الرَّابِعَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِخَمْسِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ هِيَ لِي مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ أَدَّيْتُهَا عَنْكَ وَعَنْ أَصْحَابِكِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا عَنْكَ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ عَنْ أَصْحَابِكَ الْغَائِبِينَ وَقَدْ أَدَّيْتَ أَنْتَ بِالْحَمَالَةِ الْأُولَى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَادْفَعْ لِي السَّبْعَةَ وَالثَلَاثِينَ وَنِصْفًا الَّذِي أَدَّيْتُ عَنْكَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَالسَبْعِينَ الَّتِي أَدَّيْتُهَا عَنْ صَاحِبَيْكَ إِذَا طَرَحْتَ عَنْهَا الْخَمْسِينَ الَّتِي أَدَّيْتَهَا أَنْتَ بِالْحَمَالَةِ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَبْقَى لَهُ بِمَا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفِ ثُمُنٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ بَقِيَ مَا أَدَّيْتُ بِالْحَمَالَةِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ عَنْك وَعَن صَاحبك أحد وَثَلَاثِينَ وَرُبُعٌ عَنْكَ وَمِثْلُهَا عَنْ صَاحِبِكَ وَيَبْقَى لِي بِالْحَمَالَةِ الْأُولَى سِتَّةٌ وَرُبُعٌ وَلِلثَّانِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَا أَدَّيْتُهُ عَنْكَ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِمَّا أَدَّيْتُهُ عَنْ صَاحِبِكَ بَعْدَ طرح الْخَمْسَة عشر والخمسة الْأَثْمَان لَيْلًا تَحْتَمِلَ فِيمَا أَدَّيْتَ الَّتِي لَهُ الْأُولَى وَالثَّانِي وَهُوَ سَبْعَةٌ وَسِتَّةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ فَيَصِيرُ ذَلِكَ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفَ ثُمُنٍ فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ يَرْجِعُ بِهِمَا عَلَى السَّادِسِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ
الْأَوَّلُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ وَالثَّانِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةِ أَثْمَانٍ إِذَا لَقِيَهُ فَيَسْتَوُونَ فِي جَمِيعِ حَقِّهِ فَإِن بَقِي الرَّابِعُ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَالثَّانِي بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ وَالثَّالِثُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ وَثُمُنٍ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُمُنٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ جُمْلَةُ مَا أَدَّيْتُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ مِنْهَا مِائَةٌ عَنِّي لَا أَرْجِعُ بِهَا وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ عَنْكَ وَعَنْ صَاحِبِكَ الْغَائِبِ أَدَّيْتَ أَنْتَ لِلْأَوَّلِ سِتَّةً وَرُبُعًا وَلِلثَّانِي تِسْعَةً وَثَلَاثَة إثنان وَلِلثَّالِثِ سَبْعَةً وَسِتَّةَ أَثْمَانٍ وَنِصْفَ ثُمُنٍ تُجْمِلُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَا أَدَّيْتُهُ عَنْكَ وَهُوَ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَرُبُعٌ وَنِصْفُ مَا بَقِيَ مِمَّا أَدَّيْتُهُ بِالْحَمَالَةِ بَعْدَ طَرْحِ مَا أَدَّيْتَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَرُبُعُ ثُمُنٍ فَيَبْقَى لَهُ مِمَّا أَدَّى بِالْحَمَالَةِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُمُنَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّمُنِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى السَّادِسِ فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسَ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَالثَّانِي بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ وَالثَّالِثُ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفِ ثُمُنٍ وَالرَّابِعُ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُمُنٍ وَرُبُعُ ثُمُنِ السَّادِسِ الَّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ وَالثَّانِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةِ أَثْمَانٍ وَالثَّالِثُ بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ وَنِصْفِ ثُمُنٍ رَجَعَ عَلَيْهِ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُمُنَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ تَحَمَّلْ فِيمَا أَدَّيْتَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِائَةً وَسَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَثُمُنَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثُمُنٍ مِنْهَا مِائَةٌ عَلَى أَنْ لَا أَرْجِعَ فِيهَا وَالسَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَالثُّمُنَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّمُنِ عَنْكَ فَادْفَعْهَا إِلَيَّ فَيَسْتَوْفِي مَا دَفَعَهُ بِالْحَمَالَةِ وَتُكْمِلُ فِيهَا لِلسَّادِسِ مِائَةً كَامِلَةً كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ قَالَ عَلِيَّ كَذَا أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ حَمِيلَيْنِ لِجَمِيعِ الْمَالِ فَلَقِيَ وَاحِدًا أَخَذَهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبِنِصْفِ الْبَاقِي وَإِنْ قَالَ كُلُّ ثَلَاثَةٍ أَخَذَهُ بِمِائَةٍ وَبِثُلُثِ الْبَاقِي أَوْ كُلِّ أَرْبَعَةٍ أَخَذَهُ
بِمِائَةٍ وَرُبُعِ الْبَاقِي وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ أَنَّ أَحَدَهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانُوا مُشْتَرِيِينَ فَقَوْلُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَسُكُوتُهُ عَنْهُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ لَقِيَ وَاحِدًا أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ لَقِيَ الْغَارِمَ أَخَذَ الْخَمْسَةَ أَخَذَ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَأْخُذْهُ عَنْ أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُشْتَرِيِّينَ وَقَالَ أَحَدُهُمْ حَمِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ بِحَمَالَةِ الْوَاحِدِ عَنِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ غَرِمَ السِّتَّمِائَةٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَصْحَابِهِ الْأُوَلِ يَقُولُ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ قَالَ أَنْتُمْ حُمَلَاءُ بِهَذَا الْمَالِ وَهُمْ مُشْتَرُونَ فَبَعْضُهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ أَوْ غَيْرِ مُشْتَرِيِّينِ فَكُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ عَنِ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ وَإِنْ قَالَ أَنْتُمْ حُمَلَاءُ بِهَذَا الْمَالِ آخُذُ بِهِ مَنْ شِئْتَ فَلَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمْ بِجَمِيعِهِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَى أَصْحَابِهِ إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُ الْحَقِّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ يَأْخُذُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَنِ الْغَرِيمِ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِهِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ فَلِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى أَصْحَابِهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مَتَى لَقِيَ أَحَدُ السِّتَّةِ مَنْ سِوَاهُ فِي الْغُرْمِ بِالدَّيْنِ وَالْحَمَالَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ أَدَّى أَكْثَرَ مِمَّا أَدَّى رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الزَّائِدِ الثَّالِثَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ كَفِيلًا بَعْدَ كَفِيل فيل فَلَكَ فِي عُدْمِ غَرِيمِكَ أَيُّهُمَا شِئْتَ بِجَمِيعِ الْحَقِّ بِخَلْفِ كَفِيلَيْنِ فِي صَفْقَةٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ حَمَالَةُ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَلَيْسَ أَخْذُ الْحَمِيلِ الثَّانِي إِبْرَاءً لِلْحَمِيلِ الْأَوَّلِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِالْجَمِيعِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَمِيلًا بِالْوَجْهِ فَمَاتَ لَمْ تَسْقَطِ الْحَمَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَكَلَّفَ الْمَجِيءَ بِهِ إِذَا كَانَ حَيًّا وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُلْزِمُ وَرَثَتَهُ الْإِتْيَانَ بِهِ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إِذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَإِنْ مَاتَ حَمِيلُ الْحَمِيلِ ثُمَّ تَحَمَّلَ بِالْمَالِ فالحمالة عَلَيْهِ ثَانِيَة وَلم يقل هَا هُنَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ الْمَالُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَوْ يُوقف قدر ذَلِك لِأَن الْحميل هَا هُنَا بِالْمَالِ وَهُوَ الْمَيِّتُ إِنَّمَا تُحْمَلُ
بِالْحَمِيلِ بِالْوَجْهِ وَالْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ لَمْ تَلْزَمْهُ غَرَامَةٌ وَلَا طَلَبٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَحَمَّلَ ثَلَاثَةٌ بِمَالِ حَيِّهِمْ بِمَيِّتِهِمْ وَمَلِيِّهِمْ بِعُدْمِهِمْ وَأَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمْ حَمِيلًا بِمَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَى الْحَمِيلِ فَقَامَ عَلَى هَذَا الْحَمِيلِ فِي عُدْمِ الَّذِي عِنْدَهُ تَحَمَّلَ وَأَرَادَ إِغْرَامَهُ جَمِيعَ الْمَالِ فَقَالَ أَنَا أَغْرَمُ ثُلُثَ الْمَالِ الَّذِي عَلَى صَاحِبَيْ فِي نَفْسِهِ قَالَ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ مَا لَزِمَ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ يُرِيدُ وَقَدْ عَلِمَ الْحَمِيلُ مَا عَلَى الْحُمَلَاءِ مِنَ الشُّرُوطِ وَلَوْ تَحَمَّلَ هَذَا الْحَمِيلُ عَنْهُمْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ فَوَدَّاهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ كُلِّهِ أَحَدَهُمْ كَمَا كَانَ لِلطَّالِبِ وَكَمَا لَوْ تَحَمَّلَ هَؤُلَاءَ بِمَا عَلَى أَحَدِهِمْ فَلِلْغَرِيمِ اتِّبَاعُهُ بِالْحَقِّ كُلِّهِ كَمَا لَهُ أَنْ يَتْبَعَ أَحَدَ الْغُرَمَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ فِي الشَّيْءِ الْمَضْمُونِ الرَّابِعَةُ فِي الْكِتَابِ اشْتَرَى ثَلَاثَةً وَتَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِالثَّمَنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ أَيَّهُمْ شَاءَ لِحَقِّهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ مَوْرُوثَهُ دَفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَبَرِئَ وَلِيُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِحِصَّتِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفِ الشَّرِيكَانِ لِأَنَّهَا يَغْرَمَانِ إِلَّا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ أَمَرْنَاهُ بِالدَّفْعِ عَنَّا وَعَنْهُ وَدَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ عَلَيْنَا فَالشَّاهِدُ لَنَا فَيَحْلِفَانِ وَيَبْرَآنِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ إِذَا ادَّعَيَا أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ مَا يَنُوبُهُ لِنُكُولِهِ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ لَهُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ وَلِيِّهِ شَيْئًا وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَلِيًّا بِمَا يَنُوبُ الْوَارِثَ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا الْيَوْمَ كَانَ لِهَذَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا فَإِنَّ دَعْوَاهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ الْجَمِيعَ مِنْ مَالِهِ لِيَبْرَآ مِنْ حَمَالَةِ الثُّلُثِ الَّذِي الْمَيِّتُ بِهِ عَدِيمٌ فَإِنْ حَلَفَا غَرِمَا الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَغَرِمَ الْوَرَثَةُ لِلْبَائِعِ ثُلُثَ الْحَقِّ مِمَّا قَبَضُوا مِنَ الشَّرِيكَيْنِ لِنُكُولِ الْوَرَثَةِ وَإِنِ ادَّعَيَا أَنَّ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِمَا حَلَفَا لَقَدْ دَفَعَ الْمَيِّتُ ذَلِكَ وَبَرِآ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمُ لِنُكُولِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ وَلِيِّهِمْ شَيْئًا وَلِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَرْجِعَا عَلَيْهِمَا فَيَقُولَا لَهُمَا نَحْنُ دَفَعْنَا جَمِيعَ الثَّمَنِ فَإِمَّا أَنْ تَحْلِفُوا عَلَى عِلْمِكُمْ أَنَّا مَا دَفَعْنَا إِلَيْهِ شَيْئًا وَتَبْرُؤا وَإِنْ نَكَلَتُمْ حَلَفْنَا لَقَدْ دَفَعْنَا الْجَمِيعَ
وَغَرِمْتُمْ ثُلُثَ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لَا يَمِينَ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ إِنِ ادَّعَيَا أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ يُرِيدُ وَلَا يَغْرَمَانِ لِلْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ عَنِ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يَقُولَانِ الْمَيِّتُ لَمْ يُشْهِدْ حِينَ دَفَعَ وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَدْفَعْ بِحَضْرَتِنَا وَإِنَّمَا بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْهُ فَلَا يُلْزِمُنَا لِلْوَرَثَةِ بِإِقْرَارِنَا أَنَّهُ دَفَعَ قَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَفِيهَا نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ حَلَفَ الشَّرِيكَانِ أَنَّهُمَا دَفَعَا لِلْمَيِّتِ مَا لَزِمَهُمَا وَأَنَّهُمَا أَمَرَاهُ بِالدَّفْعِ أَنْ يُتْبِعَ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ الشَّرِيكَانِ دَفَعْنَا إِلَيْهِ الْجَمِيعَ وَأَمَرْنَاهُ بِالدَّفْعِ عَنْهُ وَعَنَّا وَحَلَفْنَا عَلَى ذَلِكَ لَاتَّبَعَا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ إِذَا لَمْ يَحْلِفْ وَرَثَتُهُ وَعَلَى الشَّرِيكَيْنِ إِذَا حَلَفَا أَنْ يَزِيدَا فِي حَلِفِهِمَا وَلَقَدْ دَفَعْنَا مَا أَمَرْنَاهُ بِدَفْعِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ وَهُوَ الْوَرَثَةُ إِذَا نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِهِمْ فَالْمَيِّتُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مَلِيًّا وَصَدَّقَ الشَّرِيكَانِ الْوَرَثَةَ فِيمَا ادَّعَوْا مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ جَمِيعَ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ لِلْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْهُمَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِمَا وَيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَيْهِ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ وَثُلُثَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يُقَرِّبُهُمَا مِنَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرُّوا أَنْ مَوْرُوثَهُمْ أَدَّاهُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ وَإِنْ كَانَا قَدْ صَدَّقَاهُ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ لِتَفْرِيطِ الْمَيِّتِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ بِحِصَّتِهِمَا فَيَكُونُ لَهُمَا الرُّجُوعُ وَفِيهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ لِأَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ يُوهِمُ أَنَّهُمَا إِنْ حَلَفَا غَرِمًا لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا غَرِمًا لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ حِصَّتِهِمَا أَنْ يَحْلِفَا إِنْ شَاءَ إِسْقَاطَ طَلَبِ الْبَائِعِ عَنْهُمَا لِمَا يَرْجُوَانِ مِنْ مُسَامَحَةِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِمَا بِمَا يَنُوبُهُمَا مِمَّا أَدَّى الْمَيِّتُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ وَإِنْ صَدَّقَاهُ عَلَى الدَّفْعِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّا أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَتِهِمَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ لَا يَحْلِفَانِ
وَيَغْرَمَانِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ فِي هَذَا الْوَجْهِ عَنِ الْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِ الْوَرَثَةِ سَقَطَ حَقُّهُ وَرَجَعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنَ الْحَقِّ وَأَمَّا إِنْ قَالَا دَفَعَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِنَا بِوِكَالَتِنَا فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ بَعْدَ دَفْعِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ وَيَبْرَآنِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمْ لِنُكُولِهِمْ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ وَلِيِّهِمْ وَلِلشَّرِيكَيْنِ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ إِنْ كَانُوا كِبَارًا مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ دَفَعُوا مِنْ أَمْوَالِهِمَا إِلَى وَلِيِّهِمْ شَيْئًا فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَا لَقَدْ دَفَعَا جَمِيعَ الْحَقِّ إِلَيْهِ وَرَجَعَا عَلَيْهِمْ بِالثُّلُثِ الَّذِي يَنُوبُهُمْ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ يَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَيَحْلِفُ الْوَرَثَةُ لِلشَّرِيكَيْنِ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا دَفَعَا إِلَى وَلِيِّهِمْ شَيْئًا وَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَرَجَعَا عَلَيْهِمْ فِي التَّرِكَةِ بِمَا يَنُوبُ الْمَيِّتَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا لَقَدْ دَفَعَ الْمَيِّتُ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَيَبْرَآنِ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْمَيِّتِ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يَثْبُتَ الدَّفْعُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعَ الْمَيِّتُ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَيَبْرَآنِ وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمَا إِذَا لَمْ يَحْلِفُوا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكَيْنِ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَنْ يَحْلِفَ الْوَرَثَةُ مَا عَلِمُوا ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفُوا لَا يُمَكَّنُ الشَّرِيكَانِ مِنَ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ لِنُكُولِ الْوَرَثَةِ وَرَجَعَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْوَرَثَةِ بِحَقِّهِ وَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ حَلَفَ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعْنَا ذَلِكَ إِلَيْهِ وَلَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ هُوَ لِلْبَائِعِ وَيَبْرَآنِ مِنْ نَصِيبِهِمَا وَرَجَعَا عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمَا وَأَمَّا إِنْ قَالَا دَفَعْنَا لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ وَأَمْوَالِنَا فَفِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ يَحْلِفُ الشَّرِيكَانِ وَيَبْرَآنِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ لَا يُمَكَّنُ الشَّرِيكَانِ مِنَ الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَيَرْجِعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِحَمَالَتِهِ وَالَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَحْلِفَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُمْ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا دَفَعَا إِلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ حَلَفَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُمَكَّنِ الشَّرِيكَانِ مِنَ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَرَجَعَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الشَّرِيكَانِ لَقَدْ دَفَعَا ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ وَحَلَفَا مَعَ الشَّاهِدِ لَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ إِلَى الْبَائِعِ وَيَبْرَآنِ مِنْ قِصَّتِهِمَا وَحَلَفَ الْبَائِعُ مَا دَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا وَرَجَعَ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَنُوبُهُمْ وَإِنْ كَانَ
الْمَيِّت معدما فَلَا يخلوا أَيْضًا مِنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يُصَدِّقَ الشَّرِيكَانِ الْوَرَثَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ دَفَعَ جَمِيعَ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْهُمَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِمَا بِمَا يَنُوبُهُمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا مَعَ الشَّاهِدِ لِيَبْرَآ مِنْ حَمَالَةِ الثُّلُثِ الَّذِي الْمَيِّتُ بِهِ مُعْدِمٌ فَإِنْ حَلَفَا غَرِمَا لِلْوَرَثَةِ الثُّلُثَيْنِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَيْهِم بِالثُّلثِ إِذا غذا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ وَلِيِّهِمْ شَيْئًا وَقَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا حَلَفَ الشَّرِيكَانِ مَعَ الشَّاهِدِ لِيَبْرَآ مِنْ حَمَالَةِ الثُّلُثِ الَّذِي الْمَيِّتُ بِهِ مُعْدِمٌ لَا يَغْرَمَانِ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَغْرَمَانِ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ يَمِينِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لَا يُلْزِمُهُمْ لِلْوَرَثَةِ مَا دَفَعَ لِلْمَيِّتِ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مَلِيًّا وَيَسْتَوِي مِلَاؤُهُ وَعُدْمُهُ إِلَّا فِي اتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ إِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ الْخَامِسَةُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَيْتَ وَغُلَامُكَ سِلْعَةً وَتَحَمَّلَ بَعْضُكُمَا بِبَعْضٍ فَبِعْتَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَلَا يَلْزَمُكَ إِخْلَافُ حَمِيلٍ مَكَانَ الْعَبْدِ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ الْعَبْدَ حَيْثُ كَانَ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ مَعِيبًا بِذَلِكَ وَإِلَّا رَدَّهُ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْعَيْبِ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ لِدُخُولِ الْحَمِيلِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ شَأْنَ الْعَبْدِ أَنْ يُبَاعَ قَالَ الْقَاضِي وَفِي جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ نَظَرٌ لِأَنَّكَ بِالْبَيْعِ مُنْتَزِعٌ لِمَالِهِ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا لَزِمَ الْمَحْجُورَ مِنَ الدَّيْنِ لَا يُسْقِطُهُ السَّيِّدُ عَنْ ذِمَّةِ الْمَحْجُورِ نَحْوَ هَذَا الدَّيْنِ الَّذِي عَلِمَ بِهِ فَأَمْضَاهُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصْدِيق بِهِ عَنْهُ السَّادِسَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اشْتَرَيْتهَا وَتَحَمَّلَ بَعْضُكُمَا بِبَعْضٍ وَأَيُّكُمَا شَاءَ أَخَذَ بِالثَّمَنِ فَتَحَمَّلَ عَنْكُمَا ثَالِثٌ بِذَلِكَ الْحَقِّ فَأَخَذَ الْحَقَّ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُكُمَا بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ لِلْغَرِيمِ بِمَا عَلَى أَحَدِكُمَا فَإِنَّ لِلْغَرِيمِ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْحَقِّ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مَعَ أَحَدِكُمَا لِذَلِكَ يُرِيدُ إِذَا تَحَمَّلَ بِأَحَدِكُمَا وَعَرَفَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ فَلَوْ سَأَلَ الْبَائِعُ أَحَدَكُمَا حَمِيلًا بِمَا عَلَيْهِ فَفَعَلَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْحَمِيلِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الْحَقُّ كُلُّهُ إِنْ أَرَادَ أَخْذَ الْمَحْمُولِ عَنهُ بِالْحَقِّ تحمل بِأحد الغريبين وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْعِلْمُ وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاطِّلَاع السَّابِعَةُ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ فِي ثَلَاثَةٍ تَحَمَّلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فِيمَا عَلَيْهِم فَأَخذهَا رَبهَا من أحدهم ودعى كل وَاحِد كَذَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُقْتَضِي فِي تَعْيِينِهِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْرِيهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ ثُمَّ يَحْلِفُ أَنَّهُ الدَّافِعُ فَإِنْ حَلَفُوا أَوْ نَكَلُوا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدٌ عَلَى الْآخَرِ وَإِلَّا رَجَعَ الْحَالِفُ عَلَى النَّاكِلِ بِمَا يَقْتَضِيهِ يَمِينُهُ وَلَوْ قَبَضَ الْبَعْضُ مِنْ أَحَدِهِمْ وَادَّعَاهُمْ جَمِيعَهُمْ صُدِّقَ فِي الدَّفْعِ كَالْكُلِّ فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَ الْحُمَلَاءُ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الدَّافِعِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَدْرِي الدَّافِعَ إِلَيَّ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِ مَا يُكَذِّبُهُ مِنْهُ وَنَحْوَ قَوْلِ أَصْبَغَ هَذَا لسَحْنُون وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا قَالَ القايض لَمْ يبْقَ لِي عِنْدَهُمَا شَيْءٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الدَّافِعُ الْقَابِضُ كَشَاهِدٍ يَحْلِفُ مَعَهُ الدَّافِعُ إِذَا لَمْ يُبْقِ عَلَيْهِ تُهْمَةً وَقَالَ مُحَمَّد عَن قَالَ نَسَقًا لَمْ يَبْقَ لِي عِنْدَهُمَا شَيْءٌ قَدْ أَخَذْتُهُ مِنْ فُلَانٍ جَازَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَوْ قَالَ تَرَكْتُ حَقِّي كُلَّهُ وَأَمَّا إِذَا ثَبَتَ سُقُوطُهُ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ أَخَذْتُهُ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ كَشَاهِدٍ لِيُخْلِصَ قَوْلَهُ مِنَ الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ لِعَدَمِ الْحَقِّ لِلشَّاهِدِ الثَّامِنَةُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قُلْتَ أَيُّهَا شِئْتَ أَخَذْتَ بِحَقِّي فَتَحْتَ كَذَا أَحَدَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَقُولَ احْبِسُوا مَعِي صَاحِبَيْ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَالة
(كتاب الْحِوَالَة)
وَفِي الْجَوَاهِرِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّحْوِيلِ لِأَنَّهَا تَحْوِيلُ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ فَتَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى مَا لَمْ يَكُنْ غُرُورٌ مِنْ حَيْثُ الثَّانِيَةِ وَتُسْتَعْمَلُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مُعَامَلَةٌ صَحِيحَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَهِي بر وَقَوله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} وَهِيَ خَيْرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الصِّحَاحِ
قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ
إِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى غَنِيٍّ فَلْيَحْتَلْ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ فَوَائِدُ أَرْبَعٌ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ صَوَابُ التَّاءِ فِي الْحَدِيثِ السُّكُونُ وَرُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ يُقَالُ تَبِعْتُ فُلَانًا بِحَقِّي فَأَنَا أَتْبَعُهُ سَاكِنَةَ التَّاءِ وَلَا يُقَالُ أتبع بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ إِلَّا مِنَ الْمَشْيِ خَلْفَهُ وَاتِّبَاعِ أَثَرِهِ فِي أَمْرِهِ الثَّانِيَةُ
فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَوَالَةَ لَا تُشْرَعُ إِلَّا إِذَا حَلَّ دَيْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَطْلَ وَالظُّلْمَ إِنَّمَا يُتَصَوَّرَانِ فِيمَا حَلَّ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ظَالِمًا إِلَّا إِذَا كَانَ غَنِيا
الرَّابِعَةُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ ظَالِمًا يُوجِبُ إِسْقَاطَ شَهَادَتِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُ لَهُ عَادَةً وَقَالَ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ هِيَ تَحْوِيلٌ وَقَالَ ش وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا هِيَ بَيْعٌ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَجْلِ الْمَعْرُوفِ كَمَا خَصَّ شِرَاءَ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَالشَّرِكَة وَالتَّوْلِيَة الْإِقَالَة مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْقَرْضِ مِنْ رِبَا النَّسَأِ وَالْحَوَالَةُ تَجُوزُ كَذَلِكَ مَعْرُوفًا فَمَتَى دَخَلَتْهَا الْمُكَايَسَةُ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هِيَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَيَمْتَنِعُ كَوْنُهَا بيعا للُزُوم رَبًّا النَّسِيئَة فِي النَّقْدَيْنِ ويشرط فِيهَا لفظ البيع ولجارة كَذَا بَيْنَ جِنْسَيْنِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هِيَ عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بَيْعٌ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمِنْ بَيْعِ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَقَالَ الْبَاجِّيُّ لَيْسَ هِيَ مِنْ هَذَا بَلْ مِنْ بَابِ النَّقْلِ وَفِي هَذَا الْكِتَابِ بَابَانِ
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا)
وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُحِيلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ لِأَنَّهُ إِبْطَالُ حَقٍّ لَهُ كَالْبَيْعِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ صِحَّةِ الْعِبَارَةِ فَيَكُونُ لَهُ شَرْطَانِ الرُّكْن الثَّانِي الْمُحَالُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ تَرَتَّبَ حَقٌّ لَهُ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُ لِأَنَّهُ كالمشتري أَو كالموكل وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا اشْتِرَاطُ صِحَّةِ عِبَارَتِهِ فَيَكُونُ لَهُ شَرْطَانِ الرُّكْن الثَّالِث الْمُحِيل الْمحَال عَلَيْهِ فِي والجواهر وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ
لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - وَإِذَا أَتْبَعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ وَقِيَاسًا على التَّوْكِيل فِي الْقَبْض وَلِأَنَّهُ مَحل التصريف كَالرَّهْنِ وَاشْتَرَطَ ح رِضَا الثَّلَاثَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوِكَالَةِ عَلَى الْقَبْضِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ التَّسْلِيمُ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُحَالِ وَقَدْ يَكُونُ أُنْكِرَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْكَفِيلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا كَالْمُتَبَايِعَيْنِ وَهُوَ كَالْعَبْدِ الْمَبِيع عَن الثَّانِي أَنَّ الْكَفِيلَ لَا حَقَّ عَلَيْهِ فَاشْتَرَطَ رِضَاهُ بِخِلَافِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعِوَضَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ فَيَكُونُ حَقِيقَتُهَا عِنْدَهُ تَجْوِيز الضَّمَان
بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ وَيَلْزَمُهُ اشْتِرَاطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَالْكَفِيلِ وَيَفْتَرِعُ عَلَى خِلَافِهِمَا إِذَا أَحَالَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ حَقٌّ فَأُغَرِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ وَتَشْتَرِطُ عَلَيْهِ بَرَاءَتَهُ مِنَ الدَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا الرُّكْن الرَّابِعُ الشَّيْءُ الْمُحَالُ بِهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ الْحُلُولُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَالًّا كَانَ بَيْعَ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ فَيُدْخِلُهُ النَّهْيِ عَن البيع الدَّيْن بِالدَّيْنِ وَرِبَا النَّسَأِ فِي النَّقْدَيْنِ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا مِثْلَ الصَّرْفِ فَيَجُوزُ الثَّانِي اتِّحَادُ الدَّيْنَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً لَا أَدْنَى وَلَا أَفْضَلَ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْجِنْس يصيرها بيعا بهَا لَا مَعْرُوفًا فَيَرْتَكِبُ الْمَحْذُورَ لِغَيْرِ مَعْرُوفٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَفْتَقِرُ فِي أَدَائِهِ عَنْهُ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَإِنْ لَمْ يلتقي وَيجْبر على قبُول جَازَ كأداء الْجيد عَن الردئ فيحول عَن الأعلا إِلَى الْأَدْنَى وَعَنِ الْأَكْثَرِ إِلَى الْأَقَلِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُمَا جِنْسًا وَصِفَةً وَالْحُلُولُ أَوِ التَّأْجِيلُ وَلَا يُحَالُ بِفِضَّةٍ عَلَى ذَهَبٍ وَلَا مَكْسُورٍ عَلَى صَحِيحٍ وَلَا يُحَالُ بِالسَّلَمِ لَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِتَعَرُّضِهِ لِلْفَسْخِ بِانْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ وَلَا عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَا الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَقَالَ ش لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى دَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْقَرْضِ دُونَ السَّلَمِ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ فَيَمْتَنِعُ فِي الْكِتَابَةِ وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ فَيَمْتَنِعُ الصَّحِيحُ بِالْمَكْسُورِ فِي النَّقْدَيْنِ لَيْلًا يَحْصُلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ رِفْقٌ كَالسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَلَا يَكْفِي حُلُولُ أَجَلِهَا عِنْدَهُ خِلَافًا لَنَا وَمَنَعَ تَعْلِيقَهَا عَلَى شَرْطٍ نَحْوَ إِنْ رَضِيَ فُلَانٌ أَجَّلْتُكَ وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ شُرُوطِ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ عَلَى الْمُغَابَنَةِ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ الدينان كعاما مِنْ سَلَمٍ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ
الْمُحْتَال المتحول بِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ فِي الدُّيُونِ كُلِّهَا مِنْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ نَقْدٍ وَمَتَى كَانَا مِنْ سَلَمٍ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَلَّتِ الْآجَالُ أَمْ لَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يدْخلهُ بيع الطَّعَام قبل قَبضه اسْتَوَت رُؤْس الْأَمْوَالِ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشهب إِن اسْتَوَت رُؤْس الْأَمْوَالِ جَازَتْ وَكَانَتْ تَوْلِيَةً فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ سَلَمٍ امْتَنَعَتْ حَوَالَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحِلَّا جَمِيعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمَا إِذَا كَانَا مِنْ سَلَفٍ يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ إِذَا حَلَّ الْمُحَالُ بِهِ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحَالَ لَكَ مُكَاتَبُكَ بِالْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبَةٍ وَلَهُ عَلَيْكَ مِقْدَارُ مَالك عَلَيْهِ امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِتْقُ مُكَاتَبِكَ فَيجوز ثمَّ إِن عجز مُكَاتَبَته رَقَّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْبَيْعِ وَقَدْ تَمَّتْ حُرْمَتُهُ وَلَا تَجُوزُ حَمَالَةُ بِكِتَابَةٍ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا أَمَّا الْحَوَالَةُ فَإِنْ أحل لَكَ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ امْتَنَعَ لعدم تَحْقِيق الْمُعَاوضَة أَوله عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ أَمْ لَا جَازَ إِنْ حَلَّتِ الْكِتَابَةُ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ أَدَّى الْكِتَابَةَ بِمَالِه عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّ حَلَّ نَجْمٌ جَازَتِ الْحَوَالَةُ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَلَّ أَمْ لَا وَيَبْرَأُ الْمُكَاتَبُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ آخِرَ نُجُومِهِ عَتَقَ مَكَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ إِنْ يَجُزْ أَنْ يُحِيلَكَ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّ هَذِهِ ذِمَّةٌ بِذِمَّةٍ وَرِبًا بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُكَاتَبِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ لَمْ تَجُزِ الْحَوَالَةُ بِهَا وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ حَالَ أَمْ لَا وَقَدْ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ وَيُعْتَقُ مَكَانَهُ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ لَيْسَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ وَكَأَنَّهُ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْكِتَابَةُ دَنَانِيرُ لَمْ تَحِلَّ وَكَمَنَ قَالَ لِعَبْدِهِ إِنْ جِئْتَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنْ جِئْتَنِي بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ جَاءَ بِهَا كَانَ حُرًّا وَلَمْ يَكُنْ بَيْعَ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَلَا فَسْخَ دَيْنٍ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ إِلَّا مَا أَدَّى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِأَنَّ مَالِكًا كَرِهَ بِيعَ الْكِتَابَة من
أَجْنَبِيِّ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَى أَجَلٍ وَوُسِّعَ فِي هَذَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُكَاتَبِهِ فَلَمَّا كَرِهَ ذَلِكَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ كَرِهْنَا الْحَوَالَةَ إِذَا لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ وَأَحَلَّ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِهَا بِشَرْطِ أَنْ يُعْتَقَ الْآنَ مُعَجَّلًا أَوْ يُشْتَرَطَ أَنْ لَا يُعْتَقَ يَتَّفِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ وَشَرَطَ بَقَاء الْمكَاتب فها هُنَا الْخِلَافُ فَيُفْسَخُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يَفُتْ بِالْأَجَلِ وَغَيْرُهُ يَحْكُمُ بِتَعْجِيلِ عِتْقِ الْعَبْدِ وَقِيَاسُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْحَوَالَةَ عَلَى الْبَيْعِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْنَ السَّيِّدِ ومكاتبه اسقط عَن الْكِتَابَةَ وَاعْتَاضَ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَجْنَبِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ للْمكَاتب ولسيده وَلم يَقع بَين السَّيِّد بَين وَالْأَجْنَبِيّ مبايعة وَإِنَّمَا وَقعت بنه وَبَيْنَ عَبْدِهِ وَبَيْعُ السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ مُعَامَلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا أَحَالَكَ مُكَاتَبُكَ عَلَى مُكَاتَبِهِ إِلَى قَوْلِهِ عُتِقَ مُكَاتَبُكَ مَكَانَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْحَوَالَةِ بَرَاءَةٌ لِذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ مِنْ بَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عِتْقٍ بَلْ بِقَبُولِ السَّيِّدِ الْعِوَضَ هُوَ الْعِتْقُ فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا إِذَا رَضِيَ السَّيِّدُ بِالْحَوَالَةِ عَلَى مُكَاتَبِ مُكَاتَبِهِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَسْفَلُ كَانَ رِقًّا لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيمَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ فِي هَذَا جَائِزٌ كَفَسْخِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّرَاهِم فِي الدَّنَانِير فَإِنَّ الْغَرَرَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ أَنَّ مُكَاتَبَ الْمُكَاتَبِ قَدْ يَعْجِزُ بِمَا تَعَيَّنَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَلْ هِيَ كِتَابَةٌ تَارَةً وَرَقَبَةُ عَبْدٍ أُخْرَى وَالْحَوَالَةُ يَتَعَيَّنُ فِيهَا جِنْسُ الْمَأْخُوذِ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ كَمَا أَنَّكَ لَا تَجُوزُ حَوَالَتُكَ غَرِيمِكَ عَلَى كِتَابَةِ عَبْدِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ فَيَأْخُذُ غَيْرَ الْجِنْسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ بَيْعِ الْكِتَابَةِ مَعَ إِمْكَان الإتصال كَذَا بل الرَّقَبَة لِأَن الأَصْل الْحِوَالَة أخصه كَذَا فَلَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا وَالْقِيَاسُ جَوَازُ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ بِمَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِهِ إِذَا أَحَالَ بِجُمْلَتِهَا أَوْ تَأَخَّرَ نَجْمٌ مِنْهَا يَكُونُ نَفْسَ الْحِوَالَة ماجب كَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالسُّكُوتُ عَنْ شَرْطِهِ كَشَرْطِهِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَلَفَ فِي فسخ الْكِتَابَة فِي غَيرهَا من تَعْجِيلِ الْعِتْقِ فَأُجِيزَ وَكَرِهَ وَاتَّفَقُوا فِي قَطَاعَةِ أحد الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهَا تجوز وَإِن لَمْ يَتَعَجَّلْ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقَاطِعِ لِعَدَمِ
قُدْرَتِهِ عَلَى تَعْجِيلِ عِتْقِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ إِذَا أَحَالَ لَكَ مُكَاتَبُكَ عَلَى مُكَاتَبِهِ يُرِيدُ لَمْ تَحُلَّ كِتَابَةُ مَكَاتَبِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ مُكَاتَبُكَ حُرٌّ لِأَنَّ هَذِهِ مُبَايَعَةٌ اشْتَرَى كِتَابَتَهُ مِنْك بل كِتَابَته وَقبض كَذَا لِكُلِّهِ مِنَ الْآنِ وَإِنْ قَالَ لَكَ إِنَّمَا يَقْبِضُ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ كَانَتِ الرَّقَبَةُ لِي وَأُوَفِّيكَ الْبَاقِي لَمْ يَكُنْ حُرًّا بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا فِي الرُّجُوعِ مَتَى عَجَزَ الْآخَرُ وَيُخْتَلَفُ حِينَئِذٍ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ فَسْخِ الْكِتَابَةِ فِي غَيْرِ جِنْسِهَا إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْعِتْقُ بجوازها هُنَا مَا كَذَا جَعَلَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ إِعْطَائِهِ لِلْكِتَابَةِ الْآخَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالُ الْكِتَابَةِ وَمَنْ مَنَعَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ إِلَّا بِشَرْط الْعتْق منع هَا هُنَا إِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْعِتْقُ وَإِنْ أَحَالَ لَكَ عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَرِيمٍ بِنَجْمٍ حَلَّ جَازَ وَيَسْقُطُ إِنْ كَانَ مِنْ أَوْسَطِهَا وَيَكُونُ حُرًّا إِنْ كَانَ آخِرُهَا بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ وَإِنْ أَحَالَكَ بِمَا لَمْ يَحِلَّ بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ أَوْ تَأَخَّرَ نَجْمٌ وَلَمْ يَحِلَّ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعَبْدُ فِي كِتَابَتِهِ عَلَى حَالِهِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْكِتَابِ بِالْجَوَازِ وَهُوَ حُرٌّ بِنَفْسِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ أَحَالَكَ عَلَى دَيْنٍ ثَابِتٍ وَإِنْ أَحَالَكَ بِنَجْمٍ مِنْ أَوْسَطِهَا وَلَمْ يَحِلَّ جَرَتْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إِذَا فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِهَا وَلم يعجل الْعتْق الثَّانِيَة فِي الْكِتَابِ إِذَا أَكْرَيْتَ دَارَكَ بِعَشْرَةٍ إِنْ أَحَالَكَ بِالْكِرَاءِ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ جَازَ وَهِيَ حَمَالَةٌ وَلَا يَطْلُبُ الْحَمِيلُ إِلَّا فِي فَلَسِ الْمُكْتَرِي أَوْ مَوْتِهِ عَدِيمًا وَإِنْ أَحَالَكَ قَبْلَ السُّكْنَى عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمِ الْكِرَاءَ بِالنَّقْدِ أَوِ اشْتَرَطَاهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ فِي دَيْنٍ أَمْ لَا وَإِنِ اكْتَرَى مِنْكَ بَدَيْنٍ لَهُ حَالٍّ أَو مُؤَجل على مقرّ وحيلك كَذَا عَلَيْهِ جَازَ إِنْ شَرَعْتَ فِي السُّكْنَى قَالَ التُّونُسِيُّ انْظُرْ قَوْلَهُ شَرَعَ فِي السُّكْنَى فَإِذَا جَازَ كِرَاءُ الدَّارِ بِدَيْنٍ ابْتِدَاءً مَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ كِرَائِهَا بِدَيْنٍ لِي عَلَى رَجُلٍ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي السُّكْنَى فَإِنْ قِيلَ السُّكْنَى كَالْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنَ الْمَكْرِي وَهِيَ تُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَا يَكُونُ كَالْكِرَاءِ بِالدَّيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا اكْتَرَى بِالنَّقْدِ ثمَّ
أقالهعلى أَن يُؤَخِّرهُ بالكراء سنة يمْتَنع وَفِيه بعدله كَذَا رُجُوعُ الدَّارِ لِرَبِّهَا وَمِلْكِ قَبِلْتِهَا وَمَنْفَعَتِهَا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَقَدْ قَالُوا فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ كَالْجَارِيَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَسِلْعَةٍ غَائِبَةٍ إنَّهُ يَجُوزُ شراؤها بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي كِرَاءِ الدَّارِ وَالْأَجِيرِ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ وَاخْتَلَفَ فِي شِرَاء الدّين بِمَا يقبض على يَوْمَيْنِ مَنعه فِي الْمُدَوَّنَة وَفرق بَينه وَبَينه عَقْدُ الذِّمَمِ بِأَنْ يُسَلِّمَ دَارَهُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي سِلَعٍ إِلَى أَجَلٍ فَأَجَازَ هَذَا وَمَنَعَ ذَلِكَ لِتَقَرُّرِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ فِي الذِّمَّةِ وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ نَقْدًا فَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا إِنَّهُ ابْتِدَاءُ عَقْدٍ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ كِرَائِهَا بِدَيْنٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ غَيْرِ مُكْتَرِيهَا عَقْدُ كِرَائِهَا بِهِ فَيُمْتَنَعُ عَلَى هَذَا وَقَدْ شَرَعَ فِي السُّكْنَى إِلَّا أَنْ يخيف كَذَا الْأَمر هَا هُنَا لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّ الْكِرَاءَ يُؤْخَذُ مِنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي إِذَا شَرَعَ فِي السُّكْنَى وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَن اشْترى انما اشْتَروا لشروع فِي السُّكْنَى أَن الْحَوَالَةَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلمِ إِلَّا بِأَمْرٍ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي عَرضٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ امْتَنَعَ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ سَاعَةً لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَلِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ كِرَائِهَا بِدَيْنٍ لَكَ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ وَكِرَائِهَا عَلَيْكَ مَنَعَهُ فِي الْحَوَالَةِ إِلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي السُّكْنَى وَأَجَازَهُ فِي كِرَائِكَ بِدَيْنٍ عَلَيْكَ وَإِنْ لَمْ يُسْتَثْنَ فِي السُّكْنَى وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يُفْلِسَ الْمُكْتَرِي أَوْ يَمُوتَ وَلَا يَتْرُكَ شَيْئًا إِنَّمَا يَصِحُّ التَّبْدِئَةُ بِالْمُكْتَرِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي الْحَوَالَةِ مِنَ الْمُكْتَرِي وَقَصَدَ أَنْ يَتَحَمَّلَ لَهُ فَأَمَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مِنَ الْمُكْتَرِي يَقْتَضِي حَالة عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوِ السَّلَفِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْمُكْتَرى وَلَا يَكُونُ لَهُ مَقَالٌ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ هِبَةٌ قَارَنَتِ الْعَقْدَ وَلَا يُسْقِطُهَا فَلَسٌ وَلَا مَوْتٌ وَلَيْسَ هِبَةُ الرِّقَابِ وَالْمَنَافِعِ وَالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَلَوْ كَانَتِ الْحَوَالَةُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ بِالنَّقْدِ جَازَتْ وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ امْتَنَعَتِ الْحَوَالَةُ بِمَا لم يحل
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)
وَهِيَ عَشَرَةُ أَحْكَامٍ الْأَوَّلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا هِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَمُكَارَمَةٌ مِنَ الطَّالِبِ كَالْكَفَالَةِ وَالْقَرْضِ وَالْعَرَايَا فَبِذَلِكَ تَعَيَّنَ صرف الْأَمر فِي الحَدِيث عَن الوجب إِلَى النَّدْبِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هِيَ على الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا من خص الدّين بِالدّينِ وَالْأَمر بعد الْخطر لِلْإِبَاحَةِ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ هِيَ عَلَى الْوُجُوبِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فَمَنْ أُحِيلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَيَرد عَلَيْهِمْ مُخَالَفَتهُ الْقَوَاعِدَ وَأَنه قد يحيله على من يوذيه أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُحِيلُكَ الَّذِي أَحَلْتَ عَلَيْهِ عَلَى غَرِيمِهِ كَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيتَ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَرِئَتْ ذِمَّةُ غَرِيمِكَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عُدْمِهِ وَلَوْ غَرَّكَ مِنْ عُدْمٍ تَعْلَمُهُ أَوْ فَلَسٍ فَلَكَ طَلَبُ الْمُحِيلِ وَلَوْ لَمْ يَغُرَّكَ لَزِمَتْكَ الْحَوَالَةُ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الْبَرَاءَةِ أَبَدًا وَقَالَ ح يَرْجِعُ فِي حَالَتَيْنِ إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَإِذَا جَحَدَهُ وَحلف عِنْد الْحَاكِم وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَة وللمسألة أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ تَحْوِيلُ الْحَقِّ وَلَيْسَ بِتَبْدِيلٍ وَلِهَذَا جَازَتِ الْحَوَالَةُ بِالْمُسلَمِ فِيهِ وَعَلَى أصلهم
يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ مَمْنُوعٌ وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ هِيَ تَبْدِيلُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٌ لِأَنَّ تَبْدِيلَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَا يجوز لِأَن اسْمَ الْحَوَالَةِ مِنَ التَّحْوِيلِ لَا مِنَ التَّبْدِيلِ وَالْأَصْلُ الثَّانِي أَنَّ الْحَوَالَةَ مُعَاوَضَةٌ عِنْدَنَا وَلِهَذَا أَسْقَطنَا الْمُطَالَبَةَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَقَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى تَعَذُّرِ الْمُطَالَبَةِ وَالتَّخْفِيفِ بِالْإِبْرَاءِ فَدَلَّ عَلَى انْقِضَاءِ وَعِنْدَ الْمُخَالَفَةِ هِيَ مُعَاوَضَةٌ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ لَنَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَمْرٌ بِاتِّبَاعِ الْمَلِيءِ وَلَمْ يَخُصَّ حَالَةً دُونَ حَالَةٍ وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - اعْتبر وصف الملاء مَعَ جَوَازِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُعْسِرِ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ مُعْتَبرا فِي أَن لَا يَدْخُلَ عَلَى الْمُحَالِ ضَرَرٌ لَا فِي جَوَازِهَا وَإِنَّمَا يحصل لَهُ الضَّرَر بِعَدَمِ الملاية إِذَا تَحَوَّلَ الْحَقُّ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ حَالُهُ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا فُلِّسَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَو تَقول عِنْد تَعَلّق بِالذِّمَّةِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ كَمَوْتِ الْمُشْتَرِي مَجْلِسًا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ دَيْنَ الثَّمَنِ ثَبَتَ لِمُعَاوَضَةٍ تَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمُعَوِّضِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَدَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ مُقَابِلِهِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ دَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَالدَّيْنِيَّةَ يَتَضَادَّانِ وَلِأَنَّ فَوَاتَ الدَّيْنِ بِالْإِفْلَاسِ لَوْ وَجَبَ الرُّجُوعُ لَكَانَ تَعَذُّرُ اسْتِيفَائِهِ فِي وَقْتِ اسْتِحْقَاقِ الِاسْتِيفَاءِ فَثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَبَدَلِ الصُّلْحِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ جِنْسُ الْمَبِيعِ بِالثّمن فَلَو أَحَالهُ المُشْتَرِي لزمَه تَسْلِيم البيع وَكَذَلِكَ الضَّامِنُ مَنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَزِنَ فَلَوْ أَحَالَ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَصَارَتْ حَوَالَةً كَالْوَزْنِ وَالْوَارِثُ لَا يَتَصَرُّفُ فِي التَّرِكَةِ وَإِذَا أحَال صَاحب الدّين أجَاز لَهُ التصريف أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا يرجع كَمَا إِذا هَب الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قضى فِي رجل أُحِيل على ذِمَّةٍ فَمَاتَ الْمُحَالُ
عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ وقالو كَانُوا على مُسلم كَذَا وبالقياس على مَا إِذا صَاح مِنَ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا احْتَالَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْعُقَلَاءِ فِي الْعَادَةِ وَلِأَنَّ إِفْلَاسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فَكَذَلِكَ إِفْلَاسُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجْرِي مَجْرَى الْغَبْنِ أَوِ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَيْنَمَا كَانَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَلِأَنَّ فِي الْحَوَالَةِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ الْفَسْخَ كَالْإِقَالَةِ فِي البيع وَلِأَن مَقْصُود الْحِوَالَة تَوْثِيقُ الْحَقَّ فَإِذَا أُغْرِمَ عَادَ إِلَى حَقِّهِ كَمَا لَو قبض دينه فَوجدَ زُيُوفًا
وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - وَمن أحَال على مَلِيء دلّ على اعْتِبَار الملاء فِي تَرْتِيبِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَتِهِ فَتَكُونُ الْمَلَاءَةُ عِلَّةَ ثُبُوتِ الْحَوَالَةِ وَعَدَمُ الْعِلَّةِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمَعْلُولِ فَتَعْدَمُ الْحَوَالَةُ وَتَعُودُ لِحَقِّهِ فَالْحَدِيثُ مُنْقَلِبٌ عَلَيْكُمْ الْجَواب عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ لَهُ حَقٌّ فَأَحَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَزَعَمَ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَدْ أَفَلَسَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه اخْتَرْتَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا وَمَنَعَهُ الْحَقّ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَصَالِحَ عَلَيْهِ عَيْنٌ وَالْعُقُودُ تَبْطُلُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحَوَالَةُ وَالْعَقْدُ لَا يَبْطَلُ لِتَعَذُّرِ مَا فِي الذِّمَّةِ كَالْبَيْعِ عَنِ الثَّالِثِ بَلْ دَخَلَ عَلَى تَوَقُّعِ الْفَلَسِ وَالْمَوْتُ لَا يَكُونُ أَتَمَّ غَرَضًا مِنَ الْمُبَايِعِ وَلَا يُبْطِلُ عَقْدَهُ الْفَلَسُ وَالْمَوْتُ عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ شبه كَذَا فِي يَدِهِ فَاسْتَصْحَبَ مِلْكَهُ عَلَيْهِ إِنَّمَا عَاوَضَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَاتُّبِعَتِ الذِّمَّةُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ كَالْبَائِعِ إِذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي أَو مَاتَ بعد هَلَاك الْمعِين الْمَبِيعَة عَن الْخَامِس أَن ينْقض بِالْفَلَسِ فِي الْحَيَاةِ
عَنِ السَّادِسِ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَوَالَةِ تَحَوَّلُ الْحَقِّ وَمَا تحول الأَصْل عَدَمُ رُجُوعِهِ وَأَمَّا إِذَا قَبَضَهُ زُيُوفًا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحَوَّلَ لَمْ يَنْقَبِضْ فَرَجَعَ لِلذِّمَّةِ كَالْمُسَلَّمِ إِذَا قَبَضَهُ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ عَنِ السَّابِعِ أَنَّا بَيَنَّا أَنَّ اشْتِرَاطَ الملاءة لنفي الضَّرَر وَلَا مَشْرُوعِيَّة الْحِوَالَة كَذَا بِدَلِيل جَوَازهَا على الْمُعسر واجماعاً تَفْرِيعٌ فِي النُّكَتِ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْحَوَالَةِ لَا تُرَدُّ إِلَّا إِذَا غَرَّ وَبَيْنَ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ يُرَدُّ بِهِ غَرَّ أَمْ لَا لِأَنَّ الْبَيْعَ بَابُ مُكَايَسَةٍ فَغَلِظَ عَلَى الْبَيْعِ وَالْحَوَالَةُ مَعْرُوفٌ فَسَهُلَ عَلَى الْمُحِيلِ بِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُحَالُ احتاض كَذَا عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَقَالَ الْمُحِيلُ بَلْ عَلَى دَيْنٍ صُدِّقَ الْمُحِيلُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ أَصْلُ الْحَوَالَةِ وَظَاهِرُهَا قَالَ وَانْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ أَحَالَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ هَلْ ذَلِكَ عَيْبٌ فِي الْحَوَالَةِ لِقَوْلِ الْمُحَالِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمَا قَبِلْتُ الْحَوَالَةَ أَوْ يُقَالُ لَهُ أَنْتَ فَرَّطْتَ حِينَ أَحَالَكَ عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلَوْ كَانَ غَائِبًا لَكَانَ لِلْمُحَالِ حُجَّةٌ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْكِرَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا وَجُعِلَ فِي الْكِتَابِ الْغُرُورُ بِالْفَلَسِ عَيْبًا يُوجِبُ الرَّدَّ وَلَوِ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى فَلَسٍ غَرَّهُ بِهِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِتَعَذُّرِ كَشْفِ ذَمِّ النَّاسِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ نَادِرٌ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الدَّيْنِ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعُدْمِ الْغَرِيمِ وَمَلَائِهِ كَانَ عَيْبًا فِي الْحَوَالَةِ إِذَا غره قَالَ وَانْظُر عَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَغُرَّهُ فَوَجَدَهُ خَرِبَ الذِّمَّةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ كَشِرَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَلَائِهِ مِنْ عُدْمِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ أَحَلْتَ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ثُمَّ دَفَعْتَ للْمُحِيل الْحق فأفلس وَمَات وَرجع الْغَرِيمُ عَلَيْكَ وَقَالَ كَانَتْ حَمَالَةً وَقُلْتَ حَوَالَةٌ صُدِّقَ وَرَجَعَ عَلَيْكَ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْآخِذِ مِنْكَ وَلَوْ أُحِلْتَ عَلَى الْمُودَعِ بِالْوَدِيعَةِ وَضِمْنَهَا الْمُودَعُ لِلْغَرِيمِ فَوَجَدَهَا قَدْ ضَاعَتْ صُدِّقَ فِي الضَّيَاعِ وَضَمِنَ الطَّالِبُ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ لِمَنْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَيَرْجِعَ الْمُودَعُ عَلَيْكَ
لِأَنَّهُ أدّى فِي حَقك مَا يَلْزَمُكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ الْحَوَالَةُ مَعَ الْجَهْلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَالَ وَلَهُ الرُّجُوعُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَلْ وَإِذَا فُلِّسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرُّجُوعَ قَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَإِنْ قَالَ اقْبِضْ حَقَّكَ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ رَجَعَ لِأَنَّهُ لَمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ كِفَايَتَهُ الْمرومة وَلَوْ قُلْتَ لِشَرِيكِكَ فِي الْمُكَاتَبِ خُذْ هَذَا النَّجْمَ أَفْدِيكَ عَنْهُ وَأَنَا آخِذٌ النَّجْمَ الآخر ثمَّ فلس كَذَا الرَّدُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَتَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِكَ لِأَنَّهُ لَا حِوَالَة بل وكَالَة ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قُلْتَ وَاحْتَالَ عَلَى النَّجْمِ الْآخَرِ لَمْ تَرْجِعْ تَنْبِيهٌ الْحَوَالَةُ هِيَ تَحْوِيلُ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ حَقِيقَةُ الذِّمَّةِ مَا هِيَ هَلْ هِيَ وُجُودِيَّةٌ أَمْ عَدَمِيَّةٌ وَهَلْ هِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ وَتَفْصِيلُ أَحْوَالِهَا هُنَالك الثَّالِث فِي الْكتاب أذا لم يقبض وَمَا أحالك بِهِ حَتَّى فلس المحتل لَا يَدْخُلُ غُرَمَاؤُهُ مَعَكَ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ نَفَذَ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحَالَكَ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ قبله دَيْنٌ فَلَيْسَتْ حَوَالَةً بَلْ حَمَالَةً لَهَا حُكْمُ الْحَمَالَةِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْكَ الْمُحِيلُ فَرَضِيتَ لَزِمَكَ أَنْ بِعَدَمِ الدّين وَإِلَّا فلك الرُّجُوع لِأَنَّهُ غرور وَعَنْ مَالِكٍ حَرِّقْ صَحِيفَتَكَ وَاتَّبِعْنِي بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَوَالَةٍ بَدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ بَلْ حَمَالَةٍ فَاتَّبَعَهُ حَتَّى فُلِّسَ أَوْ مَاتَ وَلَا وَفَاءَ لَهُ فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْن يُونُس لِأَن الْمُحْتَمل إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَعَدَ بِالسَّلَفِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ حَرِّقْ صَحِيفَتَكَ أَنَّهُ حميل وَلَا رُجُوع لَهُ عَن الْمُحِيلِ وَمَعْنَاهُ لَيْسَ يَحْتَمِلُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَطَ أَنْ يُبْتَدَأَ بِطَلَبِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَمَاتَ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ لَكَ عَلَيَّ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ إِلَّا بَعْضَ الْحَقِّ تَمَّتِ الْحَوَالَةُ فِي قَدْرِهِ وَالْبَاقِي فِي حَمَالَةٍ يُتْبِعُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَوْ أَحَالَكَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَعَلَيْهِ
لِغَرِيمِكَ مِائَةٌ وَتَرَكَ مِائَةً وَالْحَمِيلُ غَائِبٌ فَالْمَيِّتُ يَحِلُّ مَا عَلَيْهِ دَيْنٌ وَمِنَ الْحَمَالَةِ فَتَخَلَّصَ غرماؤها بِالْمِائَةِ خَمْسِينَ نَفْسِهَا عَلَى الْحَوَالَةِ وَالْآخَرِ مِنَ الْحَمَالَةِ فَنَصِيبُ الْحَمَالَةِ يُعَيِّنُ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ عَلَى الْحَمِيلِ الْغَائِبِ وَلَكَانَتْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْخَمْسِينَ الَّتِي هِيَ الْحمالَة وَهِي خَمْسَة وَعِشْرُونَ وَبهَا أَيْضًا حَمِيلٌ وَبَقِيَ لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ حَوَالَةً لَا تُرْجَعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَخَذْتَ مِنْهُ الْخَمْسِينَ لِلْحَمَالَةِ خُذْهَا لِنَفْسِكَ وَالْمَيِّتِ فَتَرُدُّ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْهَا الْخَمْسَة وَالْعِشْرين الَّتِي كنت أخذت هَا فِي الْمُحَاصَّةِ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ وَالَّذِي كَانَ هَذَا الْمَيِّتُ تَضْرِبُ فِيهِ أَنْتَ بِمَا بَقِيَ لَكَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنَ الْحَوَالَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَكَ مِنَ الْحَمَالَةِ شَيْءٌ وَيَضْرِبُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ وَهُوَ خَمْسُونَ فَتَأْخُذُ أَنْتَ ثُلُثَهَا وَهُمْ ثُلُثَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَالِ الْقَادِمِ إِلَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لَزِمَكَ نِصْفُهَا وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ إِلَى الْمَيِّتِ فَتُخَلِّصُ فِيهَا أَنْتَ غُرَمَاءَكَ بِمَا بَقِيَ لَكَ مِنَ الْحَوَالَةِ وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مِنَ الْحَوَالَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَكَ عَنِ الْمَيِّتِ بِالْحَمَالَةِ إِلَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهَا أَنْ يُحَاصَّ فَكَأن بَقِيَ لَكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ إِذَا صَارَ لِكُلِّ غَرِيمٍ نصف حَقه فيعطي مُفْرد اثنى عشر وَنصف لِأَنَّكَ أَخَذْتَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ فَتَضْرِبُ أَنْتَ بِمَا بَقِيَ لَكَ مِنَ الْحَوَالَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَمِنَ الْحَمَالَةِ اثْنَيْ عَشَرَ وَنصف فَذَلِك خَمْسَة وَثَلَاثُونَ وَنصف فيحاص بِهِ اثْنَي عشر وَنصف الْحَمَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلَّا عِشْرُونَ أَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَصَابَتْكَ فِي الْحِصَاصِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أحَالَكَ عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ وَذَلِكَ هِبَةٌ أَوْ تَحَمُّلٌ أَوْ سَلَفٌ ثُمَّ فُلِّسَ الْمُحَالُ أَوْ مَاتَ لَا يَخْتَلِفُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلَانِ قِيلَ هِيَ بِالْحَوَالَةِ كَالْمَقْبُوضَةِ فَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَمَا عَجَزَ لَمْ يَرْجِعْ وَقِيلَ لَيْسَتْ مَقْبُوضَةً فَلَا يَضْرِبُ وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الْمُحَالِ أَنَّهُ أُحِيلَ عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ الْآنَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْحَوَالَةِ وَلَا يُطَالِبُهُ الْآنَ لِلِاخْتِلَافِ فِي سُقُوطِهَا عِنْدَ الْفَلَسِ إِلَّا أَن
يَعْلَمَ أَنَّ الْوَاهِبَ وَهُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَأْمُونُ الذِّمَّة لَا يخْشَى فلسه وَيرْفَع إِلَى حَاكِمٍ فَيَحْكُمُ بِالْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عِنْدَ الْفَلَسِ فَيُسْقِطُ الْعَيْبَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّلْفِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ شَيْئًا رَجَعَ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا إِذَا قَالَ خَرِّقْ صَحِيفَتَكَ وَاطْلُبْنِي فَهُوَ وَعْدٌ بِالسَّلَفِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَ فَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ مُوسِرًا فَلِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَا يُدْخِلَ مَعَهُ غُرَمَاءَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحِبَهُمْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا وَأَحَبَّ هَذَا أَنْ يَضْرِبَ مَعَ غُرَمَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ فِيمَنْ أَحَالَ عَلَى هِبَةٍ لِأَنَّ هَذَا وَهْبُ مَنَافِعِ وَأُحِيلَ عَلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ أَضْرَبَ مَعَهُمْ ثُمَّ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ بِبَعْضِ حَقِّهِ رَجَعَا جَمِيعًا فَيَرْجِعُ غَرِيمُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَيَضْرِبُ غُرَمَاءُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمَا قُضِيَ عَنْهُ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قُلْتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَحَلْتَنِي عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَقَالَ بَلْ عَلَى دَيْنٍ ثَابِتٍ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْحَوَالَةِ وَقَالَ عبد الْمَالِك إِذَا قَالَ الْمُحَالُ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْكَ وَقَالَ الآخر إِنَّمَا حلتك لِتَقْبِضَهَا لِي فَإِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ حَقٌّ حَلَفَ وَإِلَّا حَلَفَ الْآخَرُ فَهِيَ حَوَالَةٌ حَتَّى تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ فَعَادَتُهُ التَصَرُّفُ لَهُ أَوِ التَّوْكِيلُ لَهُ أَوِ الْمُحَالُ مِمَّنْ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَمْلِكَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ الْمُحِيلُ أَقْرَضْتُكَ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ حَوَالَةٌ لِي فَالْمُتَقَارِضُ غَارِمٌ قَالَ وَالْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ بَعْدَ هَذِهِ أَحْرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْقَارِضِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ أَحَالَهُ فَقَبَضَهَا لِنَفْسِهِ وَفِي الْأَوَّلِ يُقِرُّ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ قَبْضَهَا لِنَفْسِهِ وَلَكَ وَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ هَلْ بَيْنَهُمَا مَا يُشْبِهُ السَّلَفَ أَمْ لَا الْخَامِسُ فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا بِعْتَ عَبْدًا بِنَظْرَةٍ فَأُحِلْتَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَقَرَّ الَّذِي أُحِيلَ ثُمَّ رَدَّ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ لِلْمُحْتَالِ دَيْنٌ فَأَحَلْتَهُ بِهِ غَرِمَ ذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ هِبَةٌ وَأَحَلْتَهُ بِهَا لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا إِذَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا وَإِنْ هُوَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الْمَوْهُوبُ إِلَيْهِ أَوِ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُتْبِعْ بِهَا إِلَّا الْبَائِعَ وَدَفَعَهُ إِيَّاهَا كَقَبْضِ الْبَائِعِ لَهَا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا لِأَنَّهُ يَوْمَ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَرُدُّ الصَّدَقَةَ
قَالَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَيَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُ أَشْهَبَ فَيَلْزَمُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ أَحَالَ مَا لم يملك وعَلى القَوْل لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمُحَالِ الثَّمَنَ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ إِذَا وَهَبَ الثَّمَنَ أَوْ تَصَدَّقَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ وَفِي الْكُلِّ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ تَفْوِيتٌ وَيَدْفَعُ الْمُبْتَاعُ إِلَى الْمَوْهُوبِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لَا يفوت إِلَّا الْقَبْض وَالثَّالِث لَا يفوت إِلَّا باستهلاك الْمَوْهُوب لَهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ اسْتَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَالرَّابِعُ يطَأ كَذَا لِأَن الْهِبَة وَالصَّدَََقَة فِي جَمِيع الْأَحْوَال كَذَا لَو كَشَفَ الْغَيْب عَنْ عَدَمِ الْمِلْكِ فَإِنِ اسْتَهْلَكَ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ وَفِي الْهِبَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ
(كتاب الْإِقْرَار)
وَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَهِيَ الْإِقْرَارُ وَالْقَرَارُ وَالْقَرُّ وَالْقَارُورَةُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ السُّكُونِ وَالثُّبُوتِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَالْمُقِرُّ أَثْبَتَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ والقرار السّكُون والقبر الْبَرْدُ وَهُوَ يُسَكِّنُ الدِّمَاءَ وَالْأَعْضَاءَ وَالْقَارُورَةُ يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَائِعُ وَأَصْلُهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاق النبيئين لما أَتَيْنَاكُم مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه قَالَ أقررتم وأخذتم على ذَلِكُم إصرى قَالُوا أقررنا} وَقَوله تَعَالَى {وَإِذا أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذرياتهم وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} وَهُوَ كَثِيرٌ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ)
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَنْقَسِمُ إِلَى مُطْلَقٍ وَمَجْبُورٍ فَالْمُطْلَقُ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ لِتَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَأَبْطَلَهُ ش وَقَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ وَهُوَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُرَاهِقِ
لقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى يَحْتَلِمَ وَزَمَنُ إِقْرَارِهِ كَانَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنْهُ وَقِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى قَبُولِهِ فِي الِاحْتِلَامِ فِي زَمَانِ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَفِيهِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ سُكْرَهُ بِسَبَبٍ مُبَاح كمن شرب دوات لِلتَّدَاوِي أَوْ أُكْرِهَ عَلَى السُّكْرِ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالصَّاحِي وَهُوَ عِنْدَ ح كَالصَّاحِي وَمَنَعَ ح إِقْرَارَ الْمَرِيضِ لِابْنِ الْعَمِّ مَعَ الْبِنْتِ وَنَحْوَهُمَا وَبِالْعَكْسِ وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ فِي جَوَازِ الصُّورَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ الْإِمْضَاءُ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرَضَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ لَا لَنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ أَخْبَار عَن ثُبُوت الْحق فَيبْطل مَعَ الظلمَة وَكَذَا وَيَصِحُّ مَعَ عَدَمِهِ كَالشَّهَادَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا حَالَةُ الْإِنَابَةِ وَحُسْنُ الْحَالَةِ وَالْبُعْدُ عَنِ الذُّنُوبِ فَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يهب للْوَارِث
شَيْئًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ لِأَجْلِ الْحَجْرِ وَالْحَجْرُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَالْجُنُونِ احْتَجُّوا بِقَوْلهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قوامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء الله وَلَو على أَنفسكُم} وَشَهَادَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا هِيَ بِالْإِقْرَارِ وَلِأَنَّهُ يَصح إِقْرَار بِوَارِثٍ أَوْ يُقَالُ صَحَّ إِقْرَارُهُ فَيُصْبِحُ لِلْوَارِثِ للصحيح أَوِ الْمَرَضِ يَعْنِي يُمْتَنَعُ التَّبَرُّعُ فِيهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَلَا يُمْنَعُ الْإِقْرَارُ بِحَقِّ الْوَرَثَةِ كَالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَعْنَى يَعْلَمُ بِهِ وُجُوبَ الْحَقِّ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ وَالْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ كَالْبَيِّنَةِ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ كُلُّ مَا وَجَبَ إِظْهَارُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ كَالْفَاسِقِ يَجِبُ عَلَيْهِ إِظْهَارُهُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَل بهَا وَالسَّفِيه وَالْعَبْد يجب عَلَيْهَا الْإِقْرَارُ بِمَا عَلَيْهِمَا وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ عَنِ الثَّانِي أَنه لَا يهتم فِي إِلْحَاقِ النَّسَبِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ بَيْنَهُمَا يَثْبُتُ مِنْهَا وَمَا يَثْبُتُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ الْوَارِثِ فَيُمْكِنُهُ إِجَازَتُهُ وَالْإِقْرَارَ إِذَا لَزِمَ الْوَارِثُ غُرَمَاءَهُ وَجَبَ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا أقرّ وَمَا أَخذ بِهِ الصَّحِيح أَنه فَعَلَيهِ أُخِذَ بِهِ مَا لَمْ يَمْرَضِ الْمُقِرُّ أَوْ يَمُوت فَيَبْطُلُ فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ إِلَّا الْعِتْقُ وَالْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ يَثْبُتُ فِي مَالِهِ فِي الصِّحَّةِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِوَارِثٍ أَمْ لَا بَطَلَ مِنَ الثُّلُثِ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ مِيرَاثًا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ قَدْ سَوَّوْا بَيْنَ الْكَفَالَةِ وَالصَّدَقَةِ فِي الْبُطْلَانِ وَحَمَلُوا الْكِتَابَ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ الْكَفَالَةِ
فتلزم لِأَنَّهَا دين وَغَيرهَا فَلَا يلْزم وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهَا مَا هُوَ لِوَارِثٍ وَمَنْ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ لَهُ فِي الْمَرَضِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي صِحَّتِهِ فِي أصل عقد البيع أَو قرض فليزم لِأَن دَيْنٌ لَا مَعْرُوفٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الْمِلْكَ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ مَعْرُوفٌ وَقَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ هُوَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْفِذُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَيَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ أَنَّ الْعِتْقَ فِيمَا إِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِتَنْفِيذِهِ يخرج من الثُّلُث لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ خَرَجَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ إِذْ لَوْ ثَبَتَ لعدم الْحَوْز قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا غَلَطٌ وَيَبْطُلُ ذَلِكَ كُلُّهَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ لِوَارِثٍ فِي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ وَحُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ وَمَاتَ فَأَقَرَّ وَارِثُهُ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ لِقِدَمِ إِقْرَارِ الْوَارِثِ لِوُقُوعِ إِقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ الْجَحْدِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنِ مَا فِي يَدَيْهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ سَلَّمَ الْعَيْنَ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا فُرُوعٌ عَشَرَةٌ الْأَوَّلُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجَانِبَ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّ لِبَعْضِهِمْ فِي الصِّحَّةِ وَلِبَعْضِهِمْ فِي الْمَرَضِ وَضَاقَتِ التَّرِكَةُ اسْتَوَوْا فِي الْمُحَاصَّةِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح يُقَدَّمُ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ وَلَا خلاف أَن من تقدم إقراراه فِي الْمَرَضِ لِشَخْصٍ ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَثَرٌ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَقَالَ لَوْ حَابَى ثُمَّ قُدِّمَتِ الْمُحَابَاةُ وَلَوْ عَكَسَ تَسَاوَيَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرَضَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ ش وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ ح وَعِنْدَنَا يُؤَثِّرُ فِي مَحَلٍّ تَقْوَى فِيهِ التُّهْمَةُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله وَلَو علم أَنفسكُم}
وَشَهَادَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إِقْرَارٌ
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - قُولُوا الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي الْمَرَضِ فَسَاوَى الثَّابِتَ فِي الصِّحَّةِ كَمَا إِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَدَيْنَيْنِ ثَبَتَا فِي الصِّحَّةِ وَتَسَاوَيَا وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعِ الصَّدَاقَ أَوْ بِظَنِّ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ فَإِنَّهُ يُسَاوِي دُيُونَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُحْدِثُ حَجْرًا فِي الْإِقْرَارِ فِي حَقِّ الْأَجَانِب لَا حد الْوَارِث كَذَا وَأَحْدَثَهُ فِي التَّبَرُّعَاتِ مَعَ كَوْنِ حَقِّ الْوَارِثِ أَقْوَى اتِّفَاقًا وَإِذَا أَحْدَثْنَا الْحَجْرَ فِي التَّبَرُّعَاتِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا دُونَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ كَالْوَقْفِ كَذَا حَجْرًا فِي الْإِقْرَارِ بِالْعُقُوبَاتِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا مَا أَحْدَثَهُ فِي الْمَالِ فَأَثَّرَ فِيهِ فَلَا فَرْقَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ كَالتَّبَرُّعِ فِي الصِّحَّةِ وَرَدِّ بَعْضِهَا فِي الْمَرَضِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَرْقًا فِي الْأَقَارِيرِ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ لِأَنَّ الأقارير ولاردة عَلَى الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ لَا تَخْتَلِفُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالدَّيْنُ الْأَوَّلُ مَا تَعَاقَدَ بِالصِّحَّةِ أَوْ نَقُولُ كُلُّ حَقٍّ لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَال الْمَرَض سَاوَى مَا ثَبت فِي بِالْبَيِّنَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ كَانَ الْوَارِث المقربه يَرِثُ الْمَالَ كَالْمُقِرِّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا مَهْرُ الزَّوْجَةِ خَوْفَ أَنْ لَا يَفْصِلَ لَوْ ثَبت فِي مقرّ الْأَجْنَبِيّ على بعده كَذَا فعلى الْوَارِث إِن كَانَ الْمَرَض لابنا كَذَا فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بَلْ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحُقُوقِ بِالْمَالِ وَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْمُزَاحَمَةِ فِيهِ فَكَذَا إِذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَبْدَ الْأَصْلُ فِيهِ الْحَجْرُ وَالْإِطْلَاقُ عَلَى شُرُوطِهِمَا
عَنِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْإِقْرَارَيْنِ إِخْبَارٌ عَنِ الْحَقِّ وَأَمَّا الْكَفَنُ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي نَفسه ككسوته مؤنتة فِي الْحَيَاة كَمَا قدم الْغَرِيمُ عَلَى الْوَارِثِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُوجِبٌ لِحَقِّهِ فَهُوَ مُشْعِرٌ بِالْحَاجَةِ وَحَقُّ الْوَارِثِ أَنَّهُمَا يَتَعَلَّقُ فِي الْفَاضِل وَهَذَا لَا يُوجِبُ فَرْقًا فِي الْأَقَارِيرِ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الصِّحَّةِ وَيُوقَفُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّ التُّهْمَةَ فِي الْإِقْرَارِ الثَّانِي إِذَا أَقَرَّ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعِ الصَّدَاقَ وَبِثَمَنٍ مَبِيعٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعِ الثَّمَنَ عَنِ الرَّابِعِ لَا نُسَلِّمُ تَعَلُّقَ الْحُقُوقِ بِالْمَالِ بَلِ الْإِقْرَارُ يُصَادِفُ الذِّمَّةَ كَالْمَالِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِ قُبِلَ إِقْرَارُهُ وَبرئ من كَانَ عَلَيْهِ الدّين سَوَاء أداين فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَقَالَ ح يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِيمَا أَدَانَهُ فِي الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ لَنَا قِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِجَامِعِ إِقْرَارِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ مَعَ نَفْيِ التُّهْمَةِ أَوْ كَمَا إِذَا بَاعَ دَارًا وَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهَا الثَّالِثُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ لَزِمَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ هَذَا الْقَوْلَ وهما مِنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ جَمِيعِ الدّين فِي وَالصَّوَابُ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ش وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ قَوْلُ ح وأصل الْمَسْأَلَة أَن إِقْرَارٌ عَلَى الْبَتِّ شَائِعٌ فِي التَّرِكَةِ أَوْ هُوَ إِقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا فِي يَدِهِ عِنْدَ ح لَنَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِ التَّرِكَةِ فَتَكُونُ بِالْحِصَّةِ كَالْإِقْرَارِ بِالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ فِي عَبْدٍ مُشْتَرِكٍ وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ مُنْكِرٌ وَكَمَا لَوْ صَدَّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ بِأَلْفٍ وَالتَّرِكَةُ أَلْفٌ ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بَطَلَ الثَّانِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى
التَّرِكَاتِ لَا يُلْزِمُهُ حِصَّتَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ سَمَّاهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا مُحَاصَّتُهُ أَوْ يَقُول مَعْنًى يثبت بِهِ الدَّيْن فِي التَّرِكَةِ فَأَثْبَتَهُ شَائِعًا فِي الدَّارِ عَلَى الْجَمِيعِ كَالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ اجْتمع إِقْرَار مُعْتَبر وانكار مُعْتَبرا بِدَلِيلِ تَحْلِيفِ الْمُنْكِرِ وَالْإِنْكَارُ يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْمُنْكِرِ فَيَتَعَذَّرُ إِثْبَاتُ الْحَقِّ عَلَى الْمُنْكِرِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فَقَدَّمَ الدَّيْنَ عَلَى الْمِيرَاثِ فَلَا يَتَسَلَّمُ الْمُقِرُّ شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَالْمُنْكِرُ كَالْغَاصِبِ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِالْبَاقِي كَمَا إِذَا أَقَرَّ الْمَوْرُوث بِغَصب حَقه كَذَا بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَ الدَّيْنَ ذَكَرَ الْوَصِيَّةَ وَلَوْ أقرّ بِالْوَصِيَّةِ أجحدها أَخَاهُ كَذَا لَمْ يُلْزِمْهُ فِي نَصِيبِهِ إِلَّا بِحِصَّتِهِ وَكَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ إِنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا يُقَدَّمُ إِذا ثَبت لم يَثْبُتْ عِنْدَنَا إِلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقْرَارَهُ إِنَّمَا أَثْبَتَ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ أَمَّا جَمِيعُهُ فَلَا بِخِلَافِ إِقْرَارِ الْمَوْرُوثِ الرَّابِعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْوَرَثَةِ فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْقُرْبِ فَيَبْطُلُ اتِّفَاقًا إِذا الدَّيْنُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا بِأَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ عَاقًّا فَالْإِقْرَارُ بِهَذَا لَا يَجُوزُ كَالزَّوْجَةِ إِذَا أَقَرَّ لَهَا وَهِي عَادَتهَا بِبَعْضِه وببعضها كَذَا وَقِيلَ تُبْطَلُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إِذَا كَانَ بَعْضُ مَنْ لَا يُقِرُّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ نَظَرًا لِأَحَدِ الْقِسْمَيْنِ فَيَمْتَنِعُ أَوْ إِلَى الْآخَرِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ فَهُوَ بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى أَنْ يتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقِفَ لَهُ وَاخْتَلَفَ إِذَا كَانَ يُورِثُ كَلَالَةً فَقِيلَ إِنْ وَافَقَ أَنْ يُوقِفَ حَتَّى يَأْتِيَ لِذَلِكَ طَالب جَار مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ
يَتَصَدَّقُ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنَ الْغَلَّةِ وَقِيلَ يَجُوزُ مِنَ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ وَقِيلَ لَيْسَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبْطُلُ الْقِسْمُ مُطْلَقًا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّهَا قَبَضَتْ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا إِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ شَنَآنُ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَمِثْلُهَا يُتَّهَمُ يَبْطُلُ الْخَامِسُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَرَدْتَ تَحْلِيفَهُ فَقَالَ أَخِّرْنِي إِلَى سَنَةٍ وَأَنَا أُقِرُّ لَكَ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَإِنْ وَقَعَ لَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ وَتَبْقَى الْخُصُومَةُ كَمَا كَانَتْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالْإِقْرَارِ لِتَأْخِيرِ وَقْتِهَا السَّادِسُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا فُلِّسَ الْمُقَارِضُ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ فِي بَعْضِ مَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ مَالُ الْقِرَاضِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ سَنَةً أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَقِيلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ بَقِيَّةٌ لَا مَا إِذَا كَانَ فَلَا اخْتِلَافا أَنَّهُ جَائِزٌ وَيُتَأَوَّلُ النَّصُّ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ غير متجر الْقَرَاض أَنه من الفراض لَيْلًا يُبَاعَ عَلَيْهِ كَمُسَلَّطٍ يَتَّجِرُ فِي الْحِنْطَةِ فَيَقُولُ هَذَا مِنَ الْقِرَاضِ فَلَا يُصَدَّقُ السَّابِعُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكُمَا مَالٌ بِوِكَالَةٍ فِي قَبْضَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْتُ حَقَّكَ دُونَ حَقِّ صَاحِبِكَ وَالْغَرِيمُ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَكُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا لِأَنَّ الدَّيْنَ شَائِعٌ فَالْمَقْبُوضُ شَائِعٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا اشْتَرَكَا فِي الدَّيْنِ لَمْ يَمْضِ لَهُمَا مِيرَاثٌ أَوْ جِنَايَةٌ لِأَنَّ سَحْنُون يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَيُشْرِكُهُمَا فِي الطَّوْعِ فَقَطْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ لَهُ أَجْنَبِيًّا مِنْ نَصِيبِهِ جَازَ فَإِنْ شَرِيكٌ فَقِيلَ خِلَافٌ وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَرِيكِهِ نصِيبه مِمَّا أَخذ بِسَبَب الْإِقَالَة لَيْلًا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَقَالَهُ مِنْ بَعْضِ حَقِّهِ فَيَصِيرُ بَيْعًا وَسَلَفًا وَبَيْعَ طَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ
حَقُّهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجْتَمَعًا صُدِّقَ الْوَكِيلُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بَيْنَكُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْغَرِيمُ قَبَضْتُ حَقَّ فُلَانٍ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ حَقَّ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى حَقَّ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُصَدَّقُ إِذَا كَانَ الْغَرِيمُ عَدِيمًا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى مُحَابَاتِهِ لِأَحَدِهِمَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَا يُتَّهَمُ الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ مَا فُهِمَ عَنِ الْأَخْرَسِ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ لَزِمَهُ وَقَالَهُ ش وَعِنْدَ ح كَذَلِكَ فِي الْمَالِ وَالْقِصَاصِ دون الْحُدُود لاختصاصها عِنْده بِالْإِقْرَارِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنْهُ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَلَعَلَّ فِي نَفْسِهِ شُبْهَةً تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إِظْهَارُهَا بِالْإِشَارَةِ فَقَالَ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ أَيْضا لتعذر إبداء الشُّبْهَة لنا أَن الْمَقْصُود الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ بِأَيِّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ قَامَ مَقَامَ التَّاسِعُ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ الْمُكْرَهُ لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ وَهُوَ مَذْهَبُنَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -
رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ الْعَاشِرُ فِي إِقْرَارِ الْأَمِينِ عَلَى مَنْ أَمِنَ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يُقِرُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَلَوْ قَالَ لَهُ أَقِرَّ عَنِّي فَهُوَ بِهَذَا الْقَوْلِ كَالْمُقِرِّ وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ لِلْيَتِيمِ وَيَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي تُعْرَضُ عَلَى ذِمَّةِ الْيَتِيمِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَلِيَ عَلَى الْمَالِ وَأَنَّ الْمَالَ لَهُ لَهُ مَالٌ أَخَذْتَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِلْزَامٌ لِلذِّمَّةِ وَعِنْدَ
ح إِذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ صَدَقَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إِنْشَاءَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ إِنْشَاءَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَبَيِّنَةُ الْإِنْشَاء تَعْنِي عَنِ الْإِقْرَارِ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ قُبِلَ إِقْرَارُهُ الرُّكْن الثَّانِي الْمُقَرُّ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْحَجْرُ بَطَلَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ بِهَذَا لِأَنَّ عِنْدَ الْقَبُولِ يَكْذِبُ الْإِقْرَارُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ صَحَّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ وَعِنْدَ ش لَا يَمْلِكُ وَعِنْدَهُ أَنَّ إِقْرَارَهُ بِنِكَاحٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ تَغْرِيمٍ صَحَّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا أَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ ذَلِكَ الْمَالَ صَحَّ وَكَانَ العَبْد عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ إنَّهُ يَمْلِكُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ الْمَالُ لِسَيِّدِهِ يَثْبُتُ بِتَصْدِيقِهِ وَيَبْطُلُ بِرَدِّهِ قِيَاسًا عَلَى اكْتِسَابِ الْعَبْدِ عَنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ لِصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ أَوْ لِمَجْنُونٍ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ لِقَبُولِهِ لِلْمِلْكِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ أَوِ اسْتَأْجَرْتُهُ أَوْ وَهَبَهُ لِي كَانَ إِقْرَارُهُ بِالْعَبْدِ وَمَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْفِعْلِ بَاطِلًا لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ وَلِحَمْلِ فُلَانَةٍ عَلَى أَلْفٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ قُبِلَ إنْ وَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ لِتَبَيُّنِ حُصُولِ مُقَارَنَةٍ لِوُجُودِ الْجَنِينِ أَوْ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَوْجُهَا مُرْسَلٌ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذُكِرَ مِنْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُقَارَنَةِ وَمَتَى شَكَكْنَا فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ السَّيِّدُ الْقَابِلُ لِلْمِلْكِ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ فَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا فَقِيلَ بِجَوَازِ الْإِقْرَارِ إِذَا وَضَعَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَدُونَهَا لِأَنَّ الْقَرَائِنَ تَقْتَضِي أَنَّ الْحَمْلَ لَمْ يُحَدَّدْ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي وَضْعِ الْجَنِينِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدٌ إِذَا كَانَ وَأَمَّا الْجَنِينُ كَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ ابْنَ ثَمَانٍ لَا يَعِيشُ وَابْنِ السَّبْعَةِ يَعِيشُ وَتَفْصِيلُ ذَلِك وتعليله وَفِي لُحُوق الْوَلَد بالفدا كَذَا وَأَمَّا مَتَى وُضِعَ نَاقِصًا فَإِنَّهُ يَلْحَقُ إِذَا كَانَتِ الْمُدَّةُ نِسْبَتُهَا إِلَى ذَلِكَ النَّقْصِ كَنِسْبَةِ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ إِلَى التَّامِّ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ هَا هُنَا إِذَا كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا
يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا وَضَعَتْهُ لِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمُدَّةِ وَيَكُونُ أَوَّلُهَا آخِرَ يَوْمٍ كَانَ مُرْسَلًا عَلَيْهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ قَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ لِتَيَقُّنِ الْمُقَارَنَةِ أَوْ يُقَدَّمُ الْحَمْلُ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَالشَّكُّ حَاصِلٌ قَالَ فَإِنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ كَانَ الْمُقِرُّ بَينهمَا تسعين لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا كَانَ الْحَيُّ مَعَهُمَا مِنْهَا كَذَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُقَارَنَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا بَطَلَ الْإِقْرَارُ قَاعِدَةٌ كُلُّ مَشْكُوكٍ فِيهِ مَلْغِيٌ إِجْمَاعًا فَمَتَى شَكَكْنَا فِي السَّبَبِ لَا نُرَتِّبِ الْحُكْمَ كَمَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الزَّوَالِ لَا نُوجِبُ الظَّهْرَ أَوْ فِي الشَّرْطِ لَا نُرَتِّبِ الْمَشْرُوطَ كَمَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الطَّهَارَةِ لَا نَقْضِي بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَوْ شككنا فِي الْمَانِع انْتَفَى الحكم بل يثبت إِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ كَمَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الرِّدَّةِ أَثْبَتْنَا الْمِيرَاثَ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا اخْتلف الْعلمَاء إِذا تعيّنت الْمُخَالفَة كَذَا هَذِه الْقَاعِدَة بِالسَّبَبِ أَو التَّفْرِيط فَإِن الْوَجْهَيْنِ اخْتِلَاف وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ إِذَا تَيَقّن الطَّهَارَة وَشك فِي الحَدِيث فَكَذَلِك هَا هُنَا إِذَا شَكَكْنَا فِي الشَّكِّ وَهُوَ الْفِعْلُ الْقَابِلُ لِلْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْجَنِينِ إِذَا ذَكَرَ شَيْئًا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ بِهِ الْجَنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ بِعْتُهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَنِي لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ مِنَ الْجَنِينِ وَخَرَّجَ الشَّافِعِيَّةُ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا وَصَلَ إِقْرَارُهُ بِمَا يُفْسِدُهُ وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَةُ بِإِبْطَالِهِ الْأَئِمَّةُ فِي اشْتِرَاطٍ يَتَأَتَّى فِيهَا مُقَارنَة الْمحل للإقرار تَنْبِيه الإنشاآت فِي الْأَمْلَاكِ يُشْتَرَطُ فِيهَا مُقَارَنَةُ الْمَشْرُوطِ وَالْإِقْرَارُ يَتِمُّ سَبَبًا بَلْ هُوَ دَلِيلُ تَقَدُّمِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَكَذَلِكَ الْغَالِبُ مِنْهَا ثَمَنًا لِأَنَّ التَصَرُّفَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدِينَارٍ وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ لِعَمِلَ الْغَالِبَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ دَلِيلُ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَعَلَّ السَّبَبَ وَقَعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَزَمَانٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى طَرَيَانِ هَذَا الْغَائِب فلتعين هَذَا الْغَالِب كَذَا فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِلدِّينَارِ وَإِنْ كَانَ
عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ الْمُشْتَرِكِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمُقَارَنَةُ إِذَا أَوْصَى لِلْجَنِينِ أَوْ ملكه وَيشْتَرط للتقدم فِيهَا إِذا إِقْرَار كَذَا فَإِنَّ السَّبَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِقْرَارِ قَطْعًا قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَلَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجِهَةَ لزم أَيْضا فَإِذا قيل لَهُ مماذا قَالَ أَقَرَّ فَهَذَا مُتَعَذِّرٌ وَيُعَدُّ نَدَمًا وَلَوْ قَالَ أَنَا وَصِيُّ ابْنِهِ عَلَيْهِ وَتَرَكَ مِائَةً وَأَلْفًا كَلِمَةُ الْمِائَةِ دَيْنًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ مُؤَنَّثٌ يَعُودُ عَلَى الْمِائَةِ لَا عَلَى الْأَلْفِ وَإِنْ وَصَفْتَ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَال زَوْجَةً فَلَهَا الثُّمُنُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ تَرَكَهُ لَهُ الْجَدُّ فَيَقْسِمُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ لِتَعَذُّرِ مِيرَاثِ الْجَنِينِ إِذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ بِالْوَضْعِ فَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِ الْأَبِ وَقَالَهُ ح وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ وَصِيَّةً رَجَعَ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَقَالَ أَيْضًا إِنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَفِي الْمِيرَاثِ لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُقِرِّ فِي بَيَانِ السَّبَبِ مَقْبُولٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنَّ يُخَالِفَهُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَوْ أَقَرَّ لَهُمَا اسْتَوَيَا فَكَذَلِكَ الْجَنِينُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَن لَا يُلْزِمَهَا الْمُقِرُّ فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُسَلَّمْ إِلَيْهِ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ اعْتِرَافٌ بِسُقُوطِ حَقِّهِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الذّكرَ قَدْ يَطْرَأُ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُعِيدَ الْمُقِرَّ إِلَى الْإِقْرَارِ فَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ التَّصْدِيقُ وَالْأَخْذُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي أَنَّ تَكْذِيبَ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقِرِّ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْإِقْرَارَ وَأَنَّهُ يَبْقَى لِلْمُقِرِّ لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ الرُّكْن الثَّالِثُ الْمُقَرُّ بِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بَلْ يَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ وَالرُّجُوعِ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَى الْمُقِرِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَهُ دَاعِيَةٌ تَدْعُوهُ إِلَى تَحْرِيرِ دَعوَاهِ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ ضَاعَ الْحَقُّ فَإِن امْتنع
مِنَ التَّفْسِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا عِنْدَ ش يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَيِّنْ فَإِنْ بَيَّنَ وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ ثَبَتَ أَوْ كَذَّبَهُ قُلْنَا لَهُ بَيِّنْ وَإِلَّا حَلَّفْنَا الْمُقَرَّ لَهُ وَأَخَذَ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ يُحْبَسُ حَتَّى يُبَيِّنَ وَمَتَى فَسَّرَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ كَقِشْرِ الْجَوْزِ الْحَقِيرِ أَوِ الْجِيرِ لَمْ يُقْبَلْ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ أَوْ إِنَّمَا يَقُولُ قبل كَذَا وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا قَالَ قَبَضْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَيْ فَسَّرَ لَهُ بِغَيْرِ الْمُتَمَوِّلِ قُبِلَ لِأَنَّ الْغَصْبَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَقَالَ ح لَا تَفْسِيرَ لَهُ بِغَيْرِ الْمكيلِ وَالْمَوْزُونِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ عَنْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ حَالَةَ الْإِقْرَارِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا عَلَى الْمُقِرِّ وَمَا لَيْسَ فِي يَدَيْهِ لَيْسَ الْإِقْرَارُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَو اقر بِعَبْد فِي زَيْدٍ أَنَّهُ لِعَمْرٍو لَمْ يُقْبَلْ عَلَى زَيْدٍ لَكِنْ إنْ كَانَ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ قِيلَ لَهُ خَلِّصْهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ مِنْ يَدِهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُدْخِلْهُ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أَقَرَّ زَيْد بِعَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى شِرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ الشَّرْطُ لِأَجْلِ قَوْلِ صَاحِبِ السَّيِّدِ ثُمَّ يعْتِقُ فِي لَهُ بِإِقْرَارِهِ فَقَالَ عبد الْملك لَا يعتقهُ عَلَيْهِ لسُقُوط إِقْرَارِهِ لِمَوْلَاهُ قَالَ الْمَذْهَبُ إِنْ تَمَادَى عَلَى إِقْرَاره بِهِ الْإِقْرَارُ الْمُعْتَبَرُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُعْتَقُ إِنْ كَانَ يَشْهَدُ بِحُرِّيَّتِهِ وَرَدَّدَ شَهَادَتَهُ لِانْفِرَادِهِ لجرحه لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ فِي نَفْسِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا يُعْتَقُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ بَلْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَخَذَ لَهُ بِإِقْرَارِهِ الرُّكْن الرَّابِعُ الْبَيِّنَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي لَهُ أَوْ أخذت مِنْهُ أَوْ أَعْطَانِي فَهُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ لُغَةً وَعُرْفًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ لَهُ خُذْ أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي يَزِنُ لَكَ لَمْ يكن إِقْرَار إِنْ حَلَفَ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ خُذِ الْجَوَابَ مِنِّي أَوِ اتَّزِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ كَذَلِكَ إِذَا قَالَ اجْلِسْ فَانْتَقِدْهَا أَوِ اتَّزِنْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسِبْ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ هُوَ إِقْرَار لِأَن الضَّمِير لم اذكره كَذَا تعين عوده
عَلَى الْمُتَقَدِّمِ الدَّعْوَى بِهِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَأْتِ بالضمير وَقَالَ اتزن لغَيْرهَا وَقَالَ اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ سَاهِلْنِي فِيهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُون وَإِذَا قَالَ اقْضِ الْعَشَرَةَ الَّتِي عَلَيْكَ فَقَالَ أتزنها أَو تنقدها أَوِ اقْعُدْ فَاقْبِضْهَا هُوَ إِقْرَارٌ وَكَذَلِكَ اتَّزِنْ أَوِ انْتَقِدْهُ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْ أَوِ اتَّزِنْهَا مَا أبعد من ذَلِك أَو من كَذَا أَوْ قَرُبَ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَكَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ عَشَرَةٌ فَقَالَ بَلَى أَوْ أَجَلْ أَوْ نَعَمْ أَوْ صدقه أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا أَوْ لَسْتُ مُنْكِرًا لَهَا فَهُوَ إِقْرَارٌ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وُضِعَتْ لِلتَّصْدِيقِ وَلَوْ قَالَ لَيْسَتْ مُيَسَّرَةً أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَكَ يَقْبِضْهَا أَوْ أَنْظِرْنِي بِهَا فَهُوَ إِقْرَارٌ بذلك لَهُ ذَلِك عَادَة كَذَا عَلَى التَّصْدِيقِ وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ فَقَالَ حَقٌّ لَزِمَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْعَبْدِ وَقَالَهُ ش وَهَذِهِ الصِّيَغُ مِنْهَا صَرِيحٌ نَحْوَ عَلَيَّ فَإِنَّهَا لِلْإِيجَابِ وَاللُّزُومِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت} وَأَنَا مُقِرٌّ وَنَحْوَ نَعَمْ وَبَلَى لِأَنَّهَا أَجْوِبَةٌ لما يسْتَقْبل فَيتَعَيَّن ذكر السِّوَاك كَذَا مَعَهَا تَقْدِيرُهُ نَعَمْ نُقِرُّ لَكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي يَحْتَمِلُ الْأَمَانَاتِ وَالضَّمَانَاتِ مِنْ غَيْرِ رُجْحَانٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ التَّسْلِيمُ وَاجِبًا فِي الْجَمِيعِ أَلْزَمْنَاهُ التَّسْلِيمَ وَالْكِنَايَةَ نَحْوَ لَا أَذْكُرُ يُحْتَمَلُ وَلَا أقرّ لِأَن السَّاكِت كَذَلِك ونحوا اتَّزِنْ وَاتَّزِنْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِيهَا احْتِمَالَاتٌ إِلَّا أَنَّ الرُّجْحَانَ فِي احْتِمَالِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي نَعَمْ وَنَحْوَهُ وَعِنْدَ ش كَانَ ذَلِكَ أَوْ بَرَرَتْ أَوْ هُوَ كَمَا أَخْبَرَتْ أَوْ قَدْ ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَا أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أَوْ لَيْتَنِي مَا فَعَلْتُ أَوْ هِيَ التَّوْبَةُ إِقْرَارٌ وَعِنْدَهُ لَوْ قَالَ اقْتَرَضْتُ فِي مِائَةٍ فَقَالَ مَا اقْتَرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاكَ أَوْ مَا اقْتَرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِكَ فَكَيْفَ أَفْعَلُهُ مَعَكَ وَعِنْدَهُ أَصْلٌ عِنْدِي أَوْ عَسَى أَوْ أَحْسَبُ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أَقْدِرُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِعَدَمِ الْجَزْمِ وَلَهُ عَلَيَّ فِي عِلْمِي عِنْدَهُ إِقْرَارٌ لِلْجَزْمِ وَوجدت فِي حِسَابِي أَوْ فِي
كِتَابٍ لَكَ كَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لم يجْزم بِصِحَّتِهِ مَا وَجَدَهُ وَقَالَهُ ح وَإِذَا قَالَ أَتَقْضِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ أَفْعَلُ وَابْعَثْ رَسُولَكَ أَوْ إِذَا جَاءَتِ الْغَلَّةُ أَوْ أَنَا فِي ذَلِكَ أَوْ ارْفِقْ عَلَيَّ أَوْ كَمْ تَقْتَضِي أَوْ كَمْ تَمُنُّ عَلَيَّ بِالْإِنْظَارِ وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِلْجَهْلِ بِالْمَسْأَلَةِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إِنْ شَاءَ الْمُطَالِبُ لِي أَوْ زَيْدٌ أَوْ شِئْتُ أَنَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنِ الْمُحَقِّقِ وَالْمُحَقِّقُ لَا يُعَلِّقُ عَلَى الشُّرُوطِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَإِنْ بَعُدَتِ الْمَشِيئَةُ عُقَيْبَ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْر فَلهُ عَليّ دِينَار أَوله عَلَيَّ دِينَارٌ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ فِي الثَّانِي إِذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ أَنَّهُ إِقْرَارٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ عَلَيَّ إِقْرَارٌ وَيَحْمِلُ مَجِيءَ الشَّهْرِ عَلَى الْحُلُولِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْإِقْرَارِ وَعَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَعِنْدَهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ أَوْ تَأَخَّرَ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَكَذَلِكَ عِنْده إِن شهد فلَان صدقته لِأَن وَعْدٌ وَقَدْ يَصْدُقُ مَنْ لَيْسَ بِصَادِقٍ وَإِنْ قَالَ أَشْهد عَلَيَّ بِمَا فِي الْوَرَقَةِ فَهُوَ عِنْدَهُ إِقْرَارٌ بِهَا لِأَنَّهُ الْعُرْفُ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ إِنَّمَا تَنَاوَلَ الْكِتَابَةَ دُونَ الْمَكْتُوبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَرَقَةِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ أَخْبِرُوا فُلَانًا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي الْإِقْرَارِ وَكَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيهِ وَجْهَانِ عِنْدَهُمْ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ أَوْ كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْعَدَمِ فِي الْحَالِ وبكونه إِقْرَارا قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش وَإِقْرَارُ الْعَجَمِيِّ بِالْعَجَمِيَّةِ يَصِحُّ كَالشَّهَادَةِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَإِنْ أَقَرَّ عَجَمِيٌّ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَعَلِمَ مِنْهُ مَعْرِفَتهُ لِذَلِكَ اللِّسَانِ لَزِمَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الزِّنَى خِلَافًا لِ ح فِي الزِّنَى وَالْقَتْلِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الزِّنَى أَوِ الْقَتْلِ قَدْ يَكُونُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَلَا يَتَمَيَّزُ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدُ مِنَ الْخَطَأِ وَهُوَ يَنْتَقِضُ بِذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَبِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يَكْتُبُ ويميز لَا يُقَام عَلَيْهِ الْحَد مَعَ انتقاء الْمَانِعِ وَهَذَا جَمِيعُهُ هُوَ نَقْلُ مَذْهَبِ ش وَوَافَقَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قِبَلِي أَلْفُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ إِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ لَا بِالْعَيْنِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ مَوْصُولًا أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَلَامِ يَتَقَرَّرُ بِالسُّكُوتِ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَعِنْدَ ش يُقْبَلُ الْمُنْفَصِلُ لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لِلدَيْنِ وَالْوَدِيعَةِ وَكُلُّ لَفْظٍ صَالِحٍ لِأَمْرَيْنِ عَلَى
السَّوَاءِ يَجُوزُ تَأْخِيرُ التَّفْسِيرِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الِاتِّصَالُ فِي الْمُخْتَصِّ نَحْوَ عَلَيَّ بِخِلَافِ قِبَلِي وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عِنْدِي وَمَعِي وَفِي يَدِي إِقْرَارٌ بِالْوَدِيعَةِ وَفِي مَا بِجَوْفِي دَرَاهِمُ هَذَا إِقْرَارٌ بِالْوَدِيعَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَإِلَّا فَإِقْرَارٌ بِالشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ جعل مَاله طرفا لذمته كَذَا وَلَهُ مِنْ مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ هُوَ هِبَةٌ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالتَّمَيُّز بِخِلَاف فِي مَا لي فَإِنَّهُ لِلشَّرِكَةِ لِأَجْلِ الشِّيَاعِ وَعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْيِيزِ وَلَهُ مِنْ مَالِي أَلْفٌ لَا حَقَّ لِي فِيهَا إِقْرَارٌ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الْهِبَةَ بَقِيَ لِلْوَاهِبِ فِيهَا حَقُّ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ خِلَافًا لَنَا وَأُصَالِحُكَ مِنْ حَقِّكَ إِقْرَارٌ بِخِلَافِ مِنْ دَعْوَاكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ بَاطِلَةً واخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِأَلْفٍ وَابْرَأْ مِنْهَا بِأَلْفٍ أَوْ سَلِّمْهَا بِأَلْفٍ إِقْرَارٌ بِالْمِلْكِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ إِذَا قُرِنَتْ بِالْبَدَلِ دَلَّتْ عَادَةً عَلَى اعْتِقَادِ الْمِلْكِ وَإِنْ عَرَتْ عَنِ الْبَدَلِ لَا يكون إِقْرَارا لِأَنَّهُ قد يطْلب تَسْلِيم مَالك نَفْسِهِ وَلَوِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ عَبْدًا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُسْتَعْمَلُ لِفَضِّ الْخُصُومَةِ لَا لِطَلَبِ التَّمْلِيكِ وَكَتَبَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حُكْمًا بِأَلْفٍ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا مَا وَجَبَ وَأَصْلُ الصَّكِّ الضَّرْبُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَصَكَّتْ وَجههَا} وَالْوَرَقُ يُضْرَبُ بِالْكَتْبِ وَعِنْدَهُمْ مَا لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ فَلَا تُخْبِرْهُ بِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِخِلَافِ أَنْ يُقَالَ ابْتِدَاءً لَا تُخْبِرْهُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا هُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْمَنْعُ وَالْخَبَرُ الْمُتَقَدِّمُ لِلنَّهْيِ يُمْنَعُ مِنَ التَّكَوُّنِ لِضَرُورَةِ تَصْدِيقِهِ فِي الْخَبَرِ عَنِ النَّفْيِ وَعِنْدَهُمْ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْكَلَامِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ نَحْوَ أَنْتَ تَقُولُ الْبَاطِلَ وَأَنَا أَقُولُ الْحَقَّ وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ مِثْلُهَا هُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَقْتَضِي التَّسَاوِيَ وَعِنْدَهُمْ كُلُّ مَا يُوجَدُ بِخَطِّ فُلَانٍ فَقَدِ الْتَزَمْتُهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ وَعْدٌ بِالِالْتِزَامِ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَيَقُولُ مَا
أَبْعَدَكَ مِنْ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِخِلَافِ مَا أَبْعَدَكَ مِنَ الثُّرَيَّا هُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْبُعْدَ إِلَى الثُّرَيَّا دُونَ الْأَلْفِ وَمَعْنَاهُ مَا أَبْعَدَ هَذَا الدَّيْنَ مِنَ الثُّرَيَّا وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِهِ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ أَمَّا خَمْسُمِائَةٍ فَلَا إِقْرَارٌ عِنْدَهُمْ بِخَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّ نَفْيَ بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْبَاقِي وَأَعْطِنِي الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيْكَ فَيَقُولُ اصْبِرْ وَسَوْفَ تَأْخُذُهَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً وَلَوْ قَالَ هَذَا الْقَمِيصُ مِنْ خِيَاطَةِ فُلَانٍ أَوْ هَذِهِ الدَّارُ مِنْ بِنَائِهِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ هَذَا الطَّعَامُ من زرع فلَان لِأَن الْعَادة هَاهُنَا قَصْدُ الْمِلْكِ دُونَ فَكَذَلِكَ هَذَا التَّمْرُ مِنْ نَخْلِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ بُسْتَانِهِ أَوْ هَذَا الْجُبْنُ مِنْ غَنَمِهِ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحَيَوَانُ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ جَارِيَتِهِ لِأَنَّ هَذَا نَسَبٌ عَلَى غَيْرِهِ وَهِيَ الْأُمُّ وَلَوْ قُلْتَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ مَعَ مِائَةٍ فَعِنْدَهُمْ قَوْلَانِ لَا يَكُونُ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِائَةَ إِلَى مَا لَمْ يَجِبْ فَلَا يجب وَقيل إِقْرَارا بِالْمُدَّعَى وَزِيَادَةَ الْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ ثلث دَرَاهِمَ هَذِهِ كَانَتْ هِبَةً وَثُلُثُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ إِقْرَارٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ دَرَاهِمَ يَقْتَضِي مِلْكَهُ لِجَمِيعِهَا وَلَوْ قُلْتَ لي عَلَيْك ألفا فَقَالَ الْحَقُّ أَوْ حَقًّا فَهُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ لِلتَّصْدِيقِ رَفَعْتَ أَوْ نَصَبْتَ فَكَذَلِكَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَوِ الْحَقُّ الْحَقُّ تَقْدِيرُهُ قُلْتَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَوْ مَا يَقُولُهُ الْحَقُّ الْحَقُّ وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ وَلَوْ قَالَ الْحَقُّ حَقٌّ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَوَّلِ بَلْ هُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ كَمَا لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفُلَانَةُ طَالِقٌ لَمْ تُطَلِّقِ الثَّانِيَةُ الْأُولَى هَذِهِ لِاسْتِقْلَالِ الْكَلَامِ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ الْحَقِّ مَعَ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ فِيهِ أَنَّ كَوْنَ الثَّانِي ذِكْرَهُ تَرْجِيحُ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَالتَّسَاوِي فِي التَّعْرِيفِ يُرَجِّحُ النَّعْتَ لِأَنَّهُ شَأْنُ النَّعْتِ وَالتَّذْكِيرُ شَأْنُ الْخَبَرِ وَأَنَّ الْحَقَّ الحَقّ لَا يُسْتَعْمَلُ تَصْدِيقًا عُرْفًا بِخِلَافِ الْآخَرِ وَلَوْ قَالَ الصَّلَاحُ الْبِرُّ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ لَا
يُسْتَعْمَلُ تَصْدِيقًا بَلْ يَحْتَمِلُ عَلَيْكَ الصَّلَاحَ وَالْبِرَّ أَيْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْكَذِبِ عَلَيَّ بِخِلَافِ الْحَقُّ الْبِرُّ أَوِ الْيَقِينُ الْبِرُّ أَوِ الصِّدْقُ الْبِرُّ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَقِّ وَالصِّدْقِ تَدُلُّ عَلَى التَّصْدِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَدَقْتَ وَبَرَرَتْ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُسْتَعْمَلُ مَعَ غَيْرِهِ تَبَعًا إِلَّا إِذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ نَحْوَ جَائِعٌ قَاطِعٌ أَوْ صَائِرٌ حَائِرٌ وَلَوْ قَالَ الْحَقُّ الصَّلَاحُ أَوِ الْبِرُّ الصَّلَاحُ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّ قَدْرَ الْبر وَالْحق بِمَا كَذَا لَا يَكُونُ تَصْدِيقًا لِأَنَّ الصَّلَاحَ لَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّصْدِيقِ عُرْفًا فَلَا يُقَالُ صَدَقْتَ وَصَلَحْتَ وَمَعْنَاهُ عَلَيْكَ الْحَقُّ وَالصَّلَاحُ فَهُوَ رَدٌّ وَنَهْيٌ وَإِذَا كتبت الْبَسْمَلَة وَالدُّعَاء وَقَالَ لما فكر فلك عَليّ كَذَا جَازَتْ شَهَادَةُ عَلَيَّ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - وَجَبَ عَلَيْهِ التَّبْلِيغُ وَبَلَّغَ الْبَعْضَ بِالْكِتَابَةِ وَفِي الْعُرْفِ يَعْجِزُ عَنْ مُخَاطَبَةِ الْغَائِبِينَ فَيكتبُ إِلَيْهِمْ وَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْكِتَابَةُ عَلَى بَيَاضٍ دُونَ الْحَدَقَةِ وَاللَّوْحِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُكْتَبَ مَرْسُومًا عَلَى الْوَرَقِ مُسْتَثْبِتًا لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَإِلَّا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَجْرِبَةً لِقَلَمٍ وَلَوْ كَتَبَ عَلَى الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَخَرَّقَهُ جَازَتِ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ التَّقْطِيعَ كَالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ وَلَا يَشْهَدُ وَاجِدُ الصَّكِّ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَهُمْ لِأَنَّ الصُّكُوكَ قَدْ تُكْتَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الرِّسَالَةِ عِنْدَهُمْ وَمُنِعُوا مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ سَمِعُوهُ الشُّهُودُ بَين كَذَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي أَدَاءِ الصَّكِّ قَالُوا لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الصُّكُوكِ فِيكَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُعَامَلَةِ حَتَّى يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ وَلَوْ قَالَ أشهدوا على مَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَقْرَأَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَايِنُوا الْخَطَّ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ هُوَ الْإِعْلَامُ وَلَمْ يُعْلِمْهُمْ وَقَدْ نَقَلَ مَذْهَبًا لِ ش فِي الْخَطِّ وَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كِتَابَةُ الْبَسْمَلَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْخِطَابِ بَلْ لِلتَّذْكِرَةِ فَبَقِيَتِ الْعِبْرَةُ بِالْكِتَابَةِ وَهِيَ تَحْتَمِلُ تَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا يَجْزِمُهُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالْحِسَابِ وَالصَّكِّ فَهَذَا جَمِيعُهُ مَنْقُولٌ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَلْفَاظٌ اخْتَصُّوا بِنَقْلِهَا أَنَا ذَاكِرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا إِذَا قُلْتَ لِي مِائَةٌ فَقَالَ قَضَيْتُكَ مِنْهَا خَمْسِينَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي ذَكَرَ فِي كَلَامِهِ مَا يَمْنَعُهَا وَهُوَ قَوْلُهُ قَضَيْتُهَا وَغَيْرُ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَذْكُرْهَا وَقَوْلُهُ مِنْهَا يَحْتَمِلُ مِمَّا يَدَّعِيهِ أَوْ مِمَّا عَلَيَّ فَلَا يلْزمُهُ
شَيْءٌ بِالشَّكِّ وَإِذَا أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ فِي بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ لَزِمَهُ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ كَالْبيع والأثمان وَقيل إِن الموزنة الجيدة وَالْفرق أَن البيع إنْشَاء فِي فَيَغْلِبُ بِعَادَةِ الْبَلَدِ وَالْإِقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ سَابِقٍ لَا يَدْرِي كَيْفَ كَانَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ إِذَا فُسِّرَ بِغَيْرِ سَكَّةِ الْبَلَدِ وَسَكَّةُ الْبَلَدِ أَجْوَدُ وَبِالْقَبُولِ قَالَ ش وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إِسْلَامِيٌّ لِأَنَّهُ كَبِيرٌ فِي الْعُرْفِ وَدُرَيْهِمٌ كَدِرْهَمٍ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يَكُونُ فِي الذَّاتِ دُونَ الْوَزْنِ وَالِاحْتِقَارِ عِنْدَهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ عِنْدَهُمْ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرَّرَ الْخَبَرَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ وَاحِدٌ وَقَالَ ح يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْكِيدِ وَالتَّرَادُفِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ يَغْرُمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ كَانَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فِي يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ وَحَكَى ح الْأَصْلُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَفِي الْمَجَالِسِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قَالُوا فَإِنْ وَصَفَ أَحَدَهُمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَإِنْ وَصَفَهُ أَوَّلًا بِصِفَةٍ وَثَانِيَةً بِأُخْرَى فَإِنْ قَالَ مِنْ ثَمَن مَبِيعٍ وَقَالَ فِي الْأُخْرَى مِنْ قَرْضٍ أَوْ فِي الْأُولَى مِنْ ثمن عبد وَفِي الثَّانِيَة من ثمن شماذرها كَذَا لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الصِّفَتَيْنِ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ إِذَا قَالَ بِدِرْهَمٍ تَقْدِيرُهُ فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي وَوَافَقَهُ فِي الْوَاوِ وَثُمَّ وَوَافَقَهُ فِي أَنْتِ طَلَاقٌ تَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ نفي الِاقْتِصَار عَلَى وَاحِدٍ وَقَالَ هِيَ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ رُجُوعٌ عَنِ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ لَا دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ قَالَ بَلْ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَقِيلَ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ وَإِقْرَارُهُ بِالثَّانِي يَلْزَمُ كَمَا لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ فَيَلْزَمُهُ الْأَمْرَانِ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي وَلَا بَعْضَهُ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ
عَشَرَةٌ بَلْ تِسْعَةٌ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي عِنْدَهُ فَلَيْسَ نَفْيًا وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَإِنْ قَالَ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ وَبَعْدَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ش لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ دِرْهَمٌ فِي الْجَوْدَةِ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ لِي وَقِيلَ دِرْهَمَانِ وَقَالَهُ ح فِي قَبْلِهِ فَوْقَهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ فَوْقَ تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ وَفِي قَبْلِهِ تَحْتَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَكَذَلِكَ لَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِينَارٌ أَوْ بَعْدَهُ قَفِيزٌ حِنْطَةٌ وَفَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدِّرْهَمِ سَوَاءٌ وَلَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ سِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَمِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ فَعِنْدَهُمْ أَقْوَالٌ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَقَالَهُ ح لِأَنَّ مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مِنْهَا وَإِلَى لِانْتِهَائِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وَثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الْحَدَّيْنِ لَا يَدْخُلَانِ وَعَشَرَةٌ لِأَنَّ الْعَاشِرَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَيَدْخُلُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَالَ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ نَقُولُ مَجْمُوعُ الْأَعْدَادِ أَيِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ كَذَلِكَ عِنْدِي عَشَرَةٌ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَلَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ وَوَافَقَ ش مَالِكًا قَالُوا وَدَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ وَافِرَةٌ أَوْ عَظِيمَةٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَقَالَهُ ش لِأَنَّهَا عَظِيمَة وح لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِدُونِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ جَمْعِ الْكَثْرَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنَ الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّهَا نِصْفُ الزَّكَاةِ وَلَهُ دِرْهَمَانِ فِي عَشَرَةٍ وَقَالَ أَرَدْتُ الْحِسَابَ لَزِمَهُ عِشْرُونَ أَوْ قَالَ أَرَدْتُ مَعَ عَشَرَةٍ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ اثْنَا عَشَرَ لِأَنَّهَا عِبَارَةُ الْعَوام أَو قَالَ أدرت دِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ لِي لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ فِي دِينَارٍ وَقَالَ أَرَدْتُ الْعَطْفَ وَكَفَى لَزِمَهُ إِلَّا أَسْلَمْتُهَا فِي دِينَارٍ وَصَدَّقَةُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ إِقْرَارُهُ لِأَنَّ إِسْلَامَ أَحَد الْآخَرِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَصَلَ إِقْرَاره
بِمَا يُبْطِلُهُ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ فَهُوَ مُقِرٌّ بِمَا بَعْدَهُمَا لِأَنَّ أَوْ وَإِمَّا فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ وَيَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَإِنْ قَالَ إِمَّا دِرْهَم وَإِمَّا دِرْهَمَانِ فَهُوَ إِقْرَارٌ بِدِرْهَمٍ وَالثَّانِي مَشْكُوكٌ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَلْفٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة} وَكَذَلِكَ ألف دِرْهَم أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ أَوْ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٌ أَوْ أَلْفُ ثَوْبٍ وَعِشْرُونَ وَالْمُجْمَلُ عَنْ جِنْسِ الْمُفَسِّرِ وَقِيلَ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِ الْمُجْمَلِ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} فَالشَّيْءُ قَدْ يُعْطَفُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ وَقَالَ ح إِنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمُبْهَمِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونا فَهُوَ تفسر لَهُ أَوْ مَذْرُوعًا وَمَعْدُودًا لَمْ يُفَسِّرْهُ لِأَنَّ عَلَيَّ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا يُثْبِتُهُ فِي الذِّمَّةِ كَانَ تَفْسِيرًا حُجَّتُهُ الْأُولَى أَنَّ الْعَرَبَ تَكْتَفِي بِتَفْسِيرِ أَحَدِ الْكَمَالَيْنِ عَنْ تَفْسِيرِ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاثمِائَة سِنِين وازدادوا تسعا} و {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} وَهَذَا جَمِيعُهُ مَنْقُولٌ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَإِنَّمَا نقلت مَا فِي كتب الْفرق من الألقاظ لِأَن فِي ذَلِك عونا الْفَقِيه عَلَى التَّخْرِيجِ وَأَخْذُهُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِهِ فَيُقِيمُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاطِّلَاعًا عَلَى أَسْرَارِ مَدَارِكِ الْعُلَمَاءِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَلِلطَّالِبِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَهُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّأْكِيدِ وَالْإِنْشَاءِ وَقَوْلُهُ بِدِرْهَمٍ يَحْتَمِلُ بِسَبَبِ فَرْضِ دِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالشَّكِّ وَلَهُ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ ثُمَّ دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَ
دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ وَالْفَوْقِيَّةَ وَالتَّحْتِيَّةَ تَقْتَضِي التَّعَدُّدَ وَكَذَلِكَ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ وَقِيلَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ عَلَيَّ يَحْتَمِلُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَخَذَهُ وَدِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي فَوْقَ وَتَحْتَ وَدِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ فَقَدْ أَضرب عَنِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدِ وَدِرْهَم لَا بل دِينَارَانِ وَقَالَ ابْن سَحْنُون يلْزمه دِينَارَانِ وَالدِّرْهَم لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ فَرْعٌ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا قَالَ إِنَّه عَليّ ألف وَدِرْهَم الْمَسْأَلَة الْمُتَقَدِّمَة لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَيَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفِ إِلَيْهِ أَلْفُ جَوْزَةٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يُقْبَلُ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ أَلْفُ مُدِّ حِنْطَة أَو قربين كَذَا وَقَالَهُ ش وَقَدْ تَقَدَّمَ مَذْهَبُ ح هَذَا بِالنَّظَرِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَثَوْبٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مَا زِيَادَتُهُ عَلَى الْقدر وَلم يكن تَفْسِيرا لم يكن زَائِد عَلَيْهِ ألف وَقَوْلنَا كَانَ زَائِد الْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ تَفْسِيرًا وَلِأَنَّ شَأْنَ التَّفْسِيرِ النَّصْبُ وَهَذَا غَيْرُ مَنْصُوبٍ فَهُوَ إِقْرَارٌ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِقْرَارِ الرَّفْعُ وَلِأَنَّ الْعَطْفَ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْجِنْسِ نَحْوَ رَأَيْتُ رَجُلًا وَثَوْبًا فَلَمْ التَّفْسِيرُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ فِيمَا يَقُولُهُ احْتَجُّوا بِأَن قَوْله مائَة خَمْسُونَ درهما مُفَسّر وَهُوَ مَعْطُوف فَكَذَلِك هَا هُنَا وَلِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ فَيَسْتَوِي الْجِنْسَانِ فِي الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَا نَصَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَمْنَعُهَا أَوْ نُسَلِّمُ وَنَقُولُ مُبْهَم عطف عَلَى مُبْهَمٍ فَاسْتَوَيَا فِي التَّفْسِيرِ لِتَجَانُسِهِمَا وَالْخَمْسُونَ لَيْسَتْ مُفَسِّرَةً بَلِ الدِّرْهَمُ مُفَسّر لَهما
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ فحاصل الْمَعْنى الَّذِي سيق الْكَلَام هَا هُنَا دُونَ تَوَابِعِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ النُّحَاةُ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ ضَاحِكًا وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْمُرُورُ نَعَمْ وَضَاحِكًا بَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي أَصْلِ الْمُرُورِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ بقوله عَليّ ألف وثوب عَن الثَّالِثِ أَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ بِمُفَسِّرٍ وَعَطَفَ عَلَيْهِ جزاءاً أَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْجُمْلَةِ وَمَسْأَلَتُنَا ذُكِرَ مُبْهَمًا وَعُطِفَ عَلَيْهِ مُفَسِّرًا فَلَمْ يَتَقَدَّرْ أَصْلٌ بُنِي عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقَعَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُون لَهُ عَليّ عشرَة وَنصف دِرْهَم وثوبين الْعَشَرَةُ تَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ كَذَلِكَ مِائَةٌ وَدِينَارٌ إِذَا ادَّعَى ذَلِكَ الطَّالِبُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ إِذَا قُلْنَا يُصَدَّقُ فِي التَّفْسِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ صُدِّقَ الْوَارِثُ مَعَ يَمِينِهِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي صَاحِبُ الْإِشْرَافِ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي كِيسٍ أَوْ تَمْرٌ فِي مَنْدِيلٍ أَوْ تِبْرٌ فِي جِرَابٍ إِقْرَارٌ بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْجَمِيعُ مُقِرٌّ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي جِرَابٍ إِخْبَارٌ عَنِ الْمُقَرِّ بِهِ لَهُ مُقَرٌّ بِهِ أَيْضًا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ عَسَلٌ فِي زِقٍّ بِأَنَّ الزِّقَّ يَلْزَمُهُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ فِي كِيسٍ صِفَةٌ لِلْأَلْفِ فَيَكُونُ إِقْرَارًا بِالْكِيسِ كَمَا لَوْ قَالَ عَبْدٌ تُرْكِيٌّ فَإِنَّ الصِّفَةَ تَلْزَمُهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي الْفَرْقُ أَنَّ الْعَسَلَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ زِقِّهِ فَلِذَلِكَ يلْزمه بِخِلَاف الْكيس عَن الثَّانِي أَن فلزمت بِخِلَافِ وَوَافَقُونَا عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إِصْطَبْلٍ أَوْ نَخْلٌ فِي بُسْتَانٍ أَنَّ الظَّرْفَ يَلْزَمُهُ وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ لَهُ
عِنْدِي جَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ أَوْ غِرَارَةٌ فِيهَا تبن أَو عش فِيهِ كَذَا وَخَاتم فِيهِ فَصٌّ أنَّهُ إِقْرَارٌ بِالظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ يَلْزَمُهُ الْخَاتَمُ وَالْفَصُّ لِأَنَّهُ الْجَمِيعُ وَلَهُ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ وَدَارٌ مَفْرُوشَةٌ تَلْزَمُهُ الدَّارُ دُونَ الْفِرَاشِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَفْرُوشَةً بِفَرْشِ الْغَيْرِ وَفَرَسٌ عَلَيْهِ سَرْجٌ لَزِمَهُ الْفَرَسُ دُونَ السَّرْجِ وَعَبَدٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَوْ عِمَامَةٌ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ يَدٌ عَلَى الثَّوْبِ بِخِلَافِ الدَّابَّة وثوب بجرابه أَو بِطَعَامِهَا أَوْ سَرْجٌ بِفَرَسِهِ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لِأَنَّ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ وَإِلَّا لِصَادِقِ كَذَا بِخِلَافِ لَفْظِ فِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا دِرْهَمٌ لِأَنَّ الثَّانِي مُضَافُ الْأَوَّلِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ وَقُلَّةُ زَيْتٍ وَجَرَّةُ خَلٍّ وَخَامَةُ نَخْلٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ الظَّرْفُ وَالْمَالُ وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ يَلْزَمُهُ الزَّيْتُ وَالْجَرَّةُ وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مَنْدِيلٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ الثَّوْبُ دُونَ الْوِعَاءِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ مَعَ الْوِعَاءِ وَلَهُ عِنْدِي خَاتم وَقَالَ أَرَدْتُ دُونَ الْفَصِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامًا نَسَقًا وَكَذَلِكَ الْجُبَّةُ مَعَ بطانتها وَمَعَ بَابِهَا وَهَذِهِ الْأَمَةُ تَلْزَمُهُ وَوَلَدُهَا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ نَسَبَهَا إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا أَوْ نَسَبَهَا إِلَى أَحَدِهِمَا وَأَطْلَقَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْأَلْفَ تَثْبُتُ لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَيَحْلِفُ عَلَى الْأُخْرَى مَعَ شَاهِدِهِ وَقَالَ ح لَا يُثْبَتُ لَهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ شَيْءٌ لَنَا أَنَّ شَهَادَتَهُمَا الْتَقَتْ عَلَى قَدْرٍ مِنَ الْمَالِ لَفْظًا وَمَعْنى فَيَحْكُمُ بِهِ كَمَا إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ
فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ تَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اثْنَيْنِ أَوْ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ بَخِيلٌ وَقَالَهُ ش وَقِيلَ تِسْعَةٌ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تَضْرِبُهَا فِي نَفْسِهَا فَتَصِيرُ تِسْعَةً وَقِيلَ مِائَتَا دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ كُلهَا لِأَصْحَابِنَا وَفِي الْجَوَاهِرِ أَرْبَعَةٌ وَعَنْ ح عَشَرَةٌ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ عِنْدَهُ وَلَهُ دِرْهَمٌ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ قَتلهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ أَوْ فِي هِبَةِ الْمُقِرِّ وَلَهُ دِرْهَمٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ نَفْيَ الْقِلَّةِ يَقْتَضِي حُصُولَ الْكَثْرَةِ فَيَثْبُتُ أَقَلُّ مَرَاتِبِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ قَالَ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَلْزَمَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ إِذَا قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ قَالَ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْقَصْدَ خُرُوجُ الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا عَنِ اسْمِ الْقِلَّةِ وَلَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمَاتٌ هُوَ كَدَارِهِمَ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هِمَّتِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِ التَّحْقِيرِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {يَا بني اركب مَعنا} وَكَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ -
يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ بِضْعَةُ عَشَرَ فَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى التِّسْعَةِ فَيَلْزَمُ الْأَقَلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ فَنِصْفُ الْأَلْفِ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَشْكُوكِ فِيهِمَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَقْتَضِي النِّصْفَ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِيمَنْ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَينهمَا
فرع قَالَ إِذا قَالَ لفُلَان عَليّ ألف وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ لَزِمَهُ الْأَلْفُ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَعَبْدِي حُرٌّ فَعَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى كَذِبِهِ فَأَكَّدَ صِدْقَهُ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَليّ دِينَار وَلم يقل جيد وَلَا ردئ وَلَا وَازِنٌ وَلَا نَاقِصٌ وَمَاتَ لَزِمَهُ جَيِّدٌ وَازِنٌ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ وَيَحْلِفُ إِنْ حَلَّفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَلْزَمُهُ الْوَرَثَةُ وَسَقَطَ النَّقْدُ عَدْلًا بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ عَشَرَةٌ مِنْهُ تُعَادِلُ تِسْعَةَ مَثَاقِيلَ وَهِيَ دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَسَّرَ بِالنَّاقِصِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ التَّعَامُلُ بِهِ غَالِبًا وَكَذَلِكَ مَغْشُوشٌ وَتُقَبْلُ الْفُلُوسُ تَنْبِيهٌ لَيْسَ الدِّرْهَمُ وَالْمِثْقَالُ نَصًّا فِي النَّقْدَيْنِ بَلْ هُمَا وَزْنَانِ مَعْرُوفَانِ وَالْمَوْزُونُ قَدْ يَكُونُ نَقْدًا أَوْ طَيِّبًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَكَذَلِكَ الدِّينَارُ لَيْسَ نَصًّا فِي الْوَزْنِ الْمَخْصُوصِ بَلْ يَصْدُقُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ لُغَةً كَمَا أَنَّ الْمِثْقَالَ يَصْدُقُ عَلَى الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ خَالَفَ ش وَغَيْرُهُ فِي الْحَمْلِ عَلَى السَّكَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَفَرَّقَا بِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبٌ يُنْزَلُ عَلَى مَا قَارَنَهُ وَالْإِقْرَارُ دَلِيلُ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ مَعَهُ وَقَعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا يَعْلَمُ حَالَهُ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَهُوَ الْأَنْظَرُ فَرْعٌ قَالَ إِذَا أَقَرَّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِقْرَارِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ كَذِكْرِ إِنْسَانٍ قَدْ مَاتَ بِأَنَّهُ كَانَ يُنْصِفُ وَيُقْرِضُ فَيَقُولُ رحمه الله لَقَدْ سَأَلته مِائَتَان كَذَا يقرضني فَفعل فروايتان أَحدهمَا أَنَّهُ إِقْرَارٌ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ اللُّغَوِيٌّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَالْأُخْرَى لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِعَدَمِ قَصْدِ الْإِقْرَارِ وَالْقَصْدُ فِي الْإِقْرَارِ شَرْطٌ قَالَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الْعَادَةِ وَأَنَّ الْأُولَى أَقيس
فَرْعٌ قَالَ فَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بَيْنَ أَنَّ يُقِرَّ أَنَّ هَذَا سَرْجُ دَابَّةِ زَيْدٍ وَلِجَامُهَا وَبَيْنَ هَذَا بَابُ دَارِهِ هَذَا إِقْرَارٌ دُونَ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْبَابُ لِصَاحِبِ الدَّارِ لِأَنَّ الْبَابَ جَوَازُ الدَّارِ وَالدَّارُ لِزَيْدٍ فَالْبَابُ لَهُ وَالسَّرْجُ لَيْسَ حَقَّ الْفَرَسِ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ فَيُضَعَا فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْجَمِيعَ إِلَى مِلْكِ زَيْدٍ فَيَكُونُ لَهُ فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ مَا كَانَ لِي عَلَى قَرَابَتِي حَقٌّ فَهُوَ لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَهَلَكَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ قِرَاضٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِرَاضُ لَهُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِرَاضَ إِنَّمَا يَصِيرُ عَلَيْهِ إِذَا اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ قَدْ قَالَ مَا كَانَ لِي عَلَى قَرَابَتِي فَلَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظ وَوجه اللازون كَذَا أَنَّ عَلَيْهِ التَّسْلِيمَ وَقَدْ وَهَبَ التَّسْلِيمَ فَيَبْقَى وَالْقِرَاضُ لَهُ فَرْعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ زَيْدٌ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ وَأَقَرَّ لَهُ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَادَّعَى خَمْسِينَ دِينَارًا يَحْلِفُ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُهَا قَالَ ابْنُ دَحُّونٍ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ لِأَنَّ كُلَّ مَنِ اقْتَضَى دَيْنًا مِنْ مَالِ مَيِّتٍ أَوْ فَلِسٍ لَزِمَهُ الْحَلِفُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَةٌ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَوِ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْقَضَاءِ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ قَائِمٌ وَالْحَقُّ لِغَيْرِهِمَا وَهُوَ الْوَارِثُ وَالْغَرِيمُ وَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ غَائِبٌ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَيَحْلِفَ هُوَ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْيَمين لابد مِنْهَا وَلَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَالْيَمِينُ عَلَى تَحْقِيقِ دَعَوَاهُ فِي الْخَمْسِينَ فِيهَا خِلَافٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَارًا مَا قَبَضْتُهَا وَلَا أَسْقَطْتُهَا وَإِنَّهَا لباقية إِلَى حِينِ بَيِّنَةٍ وَعَنْهُ يَحْلِفُ مَا قَبَضَ الْخَمْسِينَ الَّتِي صَدَّقَهُ الْمُتَوَفَّى فِيهَا وَلَا أَسْقَطَهَا وَأَنَّهَا لباقية إِلَى حِين بِبَيِّنَتِهِ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهَمِ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَتَّهِمُهُ وَلَو حقق
عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَفَ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا أَنْ يَقُولَ فِي وَصِيَّتِهِ فُلَانٌ لَا يَحْلِفُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ مُعَامَلَةٌ فَأَعْطُوهُ مَا ادَّعَى وَهُوَ مُصدق وَيُعْطى مَا يُشْبِهُ مُعَامَلَةَ مِثْلِهِ لِمِثْلِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لَا يُعْطَاهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنَ الثُّلُثِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ مَا ادَّعَى وَاحْسُبُوهُ مِنْ ثُلُثِي أُعْطِيَ مَا ادَّعَى وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا لَمْ يُجَاوِزِ الثُّلُثَ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ يَنْظُرُ فِي كُتُبِي فَمَا فِيهِ قَبْضٌ مِنْ حَقٍّ قُبِلَ فَوُجِدَ فِيهَا ذِكْرُ حَقٍّ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَى فُلَانٍ وَفِيهِ قَبَضَ ثَمَانِيَةً لَا يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ خَطَّهُ كَلَفْظِهِ فَرْعٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ دِينَارٌ مِنْ بَقِيَّةِ حِسَابٍ عَلَيْهِ دِينَارَانِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى عَشَرَةٍ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْمَحْدُودِ وَقَالَ أَيْضًا تَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْغَايَةِ وَالِابْتِدَاءِ بِمِنْ عَلَى دُخُولِ الْغَايَةِ دُونَ الدِّرْهَمِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ مِنْ تَقْتَضِي الْخُرُوجَ وَإِلَى تَقْتَضِي دُخُولَ الْغَايَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَيْضًا تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَّيْنِ يَدْخُلَانِ فِي الْمَحْدُودِ وَقَالَ أَيْضًا تَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَّيْنِ لَا يَدْخُلَانِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْأُصُولِ وَالنَّحْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ عِنْدَ نقل مَذْهَب الْأَئِمَّة
فَرْعٌ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ وَفَسَّرَهُ بِقَرْضِ عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ أَوْ بَيْعِ عَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُوَاخَذُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهَا الْمَضْرُوبَةُ مِنْ عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَعْطَاهَا فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا تَرَدُّدُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا فرع قَالَ إِذا قَالَ يومم السَّبْتِ عَلَيَّ أَلْفٌ وَأَعَادَهُ يَوْمَ الْأَحَدِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا الْأَلْفُ إِلَّا أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى سبتين مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِي الْإِعَادَة عَادَة وَلَوْ شَهِدَ لَهُ فِي ذِكْرِ حَقٍّ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ لِأَنَّ الْعَادَةَ إِعَادَةُ الْإِخْبَارِ عَلَى الشَّيْءِ بِخِلَافِ كِتَابَتِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا وَآخِرُ قَوْلِهِ يحلف الْمقر بِأَنَّهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا مِائَةٌ وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَوْضِعٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ لِأَنَّ التَّبَايُنَ دَلِيلُ التَّعَدُّدِ وَعَنْ مُقَدَّمُ الْأَقَلِّ صِدْقُهُ فِي التَّدَاخُلِ زِيَادَةً وَإِلَّا لَزِمَهُ الدلان كَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَ التَّبَايُنِ عَدَمُ التَّكْرَارِ
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَقَارِيرِ الْمُجْمَلَةِ)
وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ لِاحْتِمَالِهِ لِذَلِكَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا قَالَ غَصَبْتُهُ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ كَذَا وَقَالَ الطَّالِبُ هُوَ كَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ صُدِّقَ الطَّالِبُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ الْمُقِرُّ مِنَ الْبَيَانِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ ظَاهِرًا وَلَا يُسْجَنُ حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا عَلَى قَبُولِ الْإِقْرَارِ الْمَجْهُولِ وَالرُّجُوعِ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى وَفْقِ دَاعِيَةٍ يَدَّعِيهَا فَنَتَأَكَّدُ مِنْ رَبِّهَا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ لِقِلَّةِ النِّزَاعِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى خِلَافِ الدَّاعِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ خُشِيَ الرُّجُوعُ فَيَضِيعُ الْحَقُّ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُدَّعِي إِذَا رُدَّتْ دَعْوَاهُ الْمَجْهُولَةُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بَيَانُهَا وَالضَّرَرُ عَلَى الْمقر لَهُ إِذا رددنا الْإِقْرَار للْمَجْهُول فَيَضِيعُ حَقُّهُ وَيُحْبَسُ عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ إِذَا امْتَنَعَ لِتَوَجُّهِ حَقِّ التَّفْسِيرِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عِنْدَ ش تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ كَالسَّاكِتِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِنْ قَالَ غَصَبْتُهُ شَيْئًا وَفُسِّرَ بِجِنْسٍ مِنَ الْمَالِ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ مُدَّعِيًا جِنْسًا آخَرَ بَطَلَ إِقْرَارُهُ وَيُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي بَرَاءَتِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بَطَلَ فَبَقِيَتِ الدَّعْوَى مُجَرَّدَةً فَيُصَدَّقُ فِي نَفْيِهَا وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يَقْصِدُ بِالْغَصْبِ عَادَةً كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يُصَدَّقُ
لِأَنَّ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِالْغَصْبِ عَادَةً فَهُوَ رَاجِعٌ عَنْ إِقْرَارِهِ وَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَكِنَّهُ يَقْصِدُ غَصْبَهُ كَالْمَرْأَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ بِمَالٍ مُتَقَدّرٍ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ هَذَا إِذَا قَالَ غَصَبْتُ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ فَلَا بُد أَن يبين مَاله قَيِمَةٌ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ لِلْإِيجَابِ فِي الذِّمَّةِ يُرَاد بِالدّينِ وَلذَلِك فَسَّرَهُ بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَنَحْوُهُ لَا يُقْبَلُ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ فَسرهُ بِجِنْسٍ فَلَا أَرُدُّ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ حَبَّةٌ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْمَ الشَّيْءِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَقَالَ هَذَا هُوَ مُرَادُهُ وَلَكِنِ ادَّعَى تَمَامَ مَا ادَّعَيْتُهُ صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ الزَّائِدِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ وَإِنْ قَالَ لَمْ يرِدْ هَذَا بِالْقَوْلِ صُدِّقَ فِي إِرَادَةِ نَفْيِهِ وَحَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَأَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يُتَمَوَّلُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُدَّعى وَلَوْ خَرْدَلَةً أَوْ حِنْطَةً وَصَدَّقَهُ أَخَذَ مَا وَقَعَ بِهِ التَّفْسِيرُ وَصُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي نَفْيِ الدَّعْوَى وَإِنْ كَذَّبَهُ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَإِنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ فَسَّرَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً كَقِمْعِ تَمْرَةٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّ عَلَيَّ تَقْتَضِي إِيجَابَ مَالٍ عَادِيٍّ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا لَا يُكْتَبُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ غَصَبَ شَيْئًا قُبِلَ التَّفْسِيرُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى شَيْئًا وَهُوَ غَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَمِثْلُ مَشْهُورِهِمْ عِنْد الشافية قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِنَحْوِ شُفْعَةٍ قُبِلَ لِأَنَّهُ حق يؤول إِلَى مَال وَكَذَلِكَ حق الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حَقٌّ أَوْ بِرَدِّ السَّلَامِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ حَقًّا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَإِنَّهُ يَفُوتُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَسْتَحِيلُ نَحْوَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَمْ يُقْبَلْ وَطلبَ التَّفْسِيرَ وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ الْجِنْسُ التَّفْسِيرُ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَلَ الْإِقْرَارُ كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَإِنْ فَسَّرَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ شَرْعًا كَ وَيَقْبَلُ حَدًّا لِقَذْفٍ وَالشُّفْعَةُ دُونَ رَدِّ السَّلَامِ فِي الْغَصْبِ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَيْسَ مَالًا لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ اسْمَ الْغَصْبِ
اللَّفْظُ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ وَفَسَّرَهُ بِجُزْءٍ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى مَعْنَى الزِّيَادَةِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْإِقْرَارِ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يُضْطَرَّ بِالسِّجْنِ إِلَى الْإِقْرَارِ وَلَوْ قَالَ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ حَقٌّ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ كَالْجِذْعِ أَوْ هَذَا الْبَابُ أَوْ ثَوْبٌ فِي الدَّارِ أَوْ طَعَامٌ فِيهَا أَوْ سُكْنَى هَذَا الْبَيْتِ قَالَ سَحْنُونٌ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ وَرَجَعَ لِعَدَمِ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ أُقِرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا مِنَ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ لِسَحْنُونٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِثَمَرَةِ هَذِهِ النَّخْلَةِ مِنَ الْحَائِطِ أَوْ بِأَنَّهُ هِبَةُ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ سَنَةً وَلَوْ فَسَّرَ بِنَخْلَةٍ فِي الْحَائِطِ بِأَرْضِهَا لَقُبِلَ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُهَا لِغَيْرِ أَرْضٍ فَقَوْلَانِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا فَسَّرَ سُكْنَى بَيْتٍ مِنَ الدَّارِ وَقَالَ اكْتَرَيْتُ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنْتُهُ إِيَّاهُ سَنَةً قَبْلَ سَنَةٍ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ فِي الثَّوْبِ أَجَّرْتُهُ مِنْهُ أَوْ أَعَرْتُهُ شَهْرًا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أنَّهُ حَقٌّ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ حَقٌّ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّنَانِيرِ أَوْ فِي هَذَا الطَّعَامِ حَمَلَ عَلَى عَيْنِ الشَّيْءِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا قَالَ لَهُ حَقٌّ فِي الدَّارِ أَوِ الْأَرَضِينَ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِالْبَابِ وَالسُّكْنَى وَالْجِذْعِ وَلَا فِي الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ لِغَيْرِ أَرْضٍ أَوِ الزِّرَاعَةِ أَوِ السُّكْنَى إِلَّا إِذَا أَصَّلَ كَلَامه كَذَا بِمَا تَقَدَّمَ لِسَحْنُونٍ قَالُوا وَلَهُ التَّفْسِيرُ بِأَيِّ مَعْنًى شَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الشَّيْءِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَ قَالُوا يَقُول لَهُ القَاضِي انصفاه كَذَا ثَالِثٌ حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَدٍّ لَا يمْلكُ أَقَلّ مِنْهُ عَادَةً وَلِذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ فِي ثَمَنِ نَخْلَةٍ بَقِيَ أَصْلُهَا فِي الْبُسْتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ لَنَا بِأَرْضِهَا يُصَدَّقُ اللَّفْظُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَبْلَغَهُ لَمْ يُذْكَرْ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ نَصٌّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ حَبَّةً وَيَحْلِفُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ نِصَابِ الزَّكَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} وَهِيَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنَ النِّصَابِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الَّذِي يَأْتِي
عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرَقِ فَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَن تَبْتَغُوا بأموالكم} وَالصَّدَاق ربع دِينَار وَيقبل قَوْله بالكلم كَذَا وَجِلْدُ الْمَيِّتَةِ وَالْمُسْتَوْلِدَةِ لِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْمَالِ فِي حَال وَالْأولَى قَالَ الْأَئِمَّةُ غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا إِنْ فَسَّرَ مَا لَا يُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ كَالْقِطْمِيرِ وَقَمْعِ الثَّمَرَةِ لَا يُقْبَلُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْمَالِ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ وَالْخَمْرُ وَالسِّرْجِينُ لِأَنَّهُ لَا يُتَمَوَّلُ شَرْعًا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمْ لِاحْتِمَالِهِ مَا يُتَمَوَّلُ وَغَيْرَهُ عَلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ وَإِن فسره بِمَا لَا يَسْتَحِيل بِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّة عَادَة نَحْو ملْء الأَرْض أوزنة الْجِبَالِ ذَهَبًا فَهُوَ كَذِبٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ عَنِ ابْنِ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ لَزِمَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْوَرقِ لَزِمَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ أَهَلِ الْبَقَرِ أَوِ الْإِبِلِ أَوِ الْغَنَمِ يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ يَلْزَمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ لَهُ فِي هَذَا الْكِيسِ مَالٌ يُعْطَى عِشْرِينَ دِينَارًا لِأَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ وَفِي إِنَّ فِي الْكِيسِ دَرَاهِمَ قَالَ يُعْطَاهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَا فِيهِ مَال كَذَا اللَّفْظُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ مَالٌ عَظِيمٌ عَلَيَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ لِأَنَّ الْمُبْهَمَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِكِينَ وَالْبُخْلِ وَالسَّخَاءِ فَرَجَعَ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعُ دِينَارٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَظَّمَهُ حَيْثُ أَبَاحَ بِهِ الْفَرجَ وَالْقَطْعَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرقِ وَعِشْرُونَ دِينَارًا إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ قَالَ الْقَاضِيَ فِي الْمَعُونَةِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُلْحَقُ بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ وَصْفِهِ أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَلْفُ دِينَارٍ قَدْرُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَالٍ قُدِّرَ فِي الشَّرْعِ وَيَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ عَلَى نِصَابِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ نِصَابَ الزَّكَاةِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْمَالِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيُزَادُ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ ش وَابْنُ حَنْبَل مُطلق المَال وح نِصَابُ الزَّكَاةِ وَهُوَ مَالٌ عَظِيمٌ وَخَطِيرٌ وَعَظِيمٌ جِدًّا أَوْ عَظِيمٌ عَظِيمٌ
اللَّفْظُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ الشُّهُودُ عَلَى فُلَانٍ فَقِيلَ تَفْسِيرُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَوَقَعَ عِنْدَ ش هَذَا اللَّفْظُ بِمَعْنًى آخَرَ قَالَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بَيْدَ فُلَانٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ مَالٌ لَهُ تَفْسِيرُهُ بِالْقَلِيلِ قَالَ عَلِمَ فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ عَدَدًا أَوْ تَرَكَهُ لِكَوْنِهِ حَلَالًا أَوْ يُقَالُ كَوْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ التَّلَفُ وَالْآخَرُ حِينَ يُتْلَفُ فَإِنْ قَالَ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَقَرَّ أَنَّهُ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْمَالَ أُلْزِمَ الْعَدَدَ وَرَجَعَ فِي الزَّائِدِ إِلَى تَفْسِيرِهِ وَإِنْ قَالَ مَالُ فُلَانٍ دِينَارٌ وَعَلَيَّ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَرَادَ مِنَ الْفُلُوسِ أَوْ حَبَّ الْقَمْحِ قُبِلَ مِنْهُ عِنْدَهُ لَمْ يُقِرَّ بِالْجِنْسِ بَلْ بِالْعَدَدِ وَإِنْ قَالَ مَالُهُ أَلْفُ دِينَارٍ وَلَكَ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْهُ ذَهَبًا لَزِمَهُ الْجَمِيعُ ذَهَبًا وَرَجَعَ فِي الزِّيَادَةِ إِلَى تَفْسِيرِهِ اللَّفْظُ السَّادِسُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ كَالشَّيْءِ قَاعِدَةٌ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْمُفَصَّلِ أَلْفَاظُ الْكِنَايَة أَرْبَعَة كم وَكَذَا وَكَيْت وديت فكم وَكَذَا كنايتان عَن الْعدَد على سَبِيل الْإِبْهَام وَكَيْت وديت كِنَايَتَانِ عَنِ الْحَدِيثِ وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا يَعْتَقِدُ أَحَدٌ أَنَّ كَذَا جَار وَمَجْرُورٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ مَعَ ذَا الَّذِي هُوَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بَلِ الْجَمِيعُ اسْمُ مُفْرَدٍ كِنَايَةٌ عَنِ الْعَدَدِ إِذَا تقرر هَذَا فَاعْلَم أَن كَذَا يسْتَعْمل كَذَا مُفْرَدًا وَتَارَةً نَقُولُ كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالسُّكُونِ فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ وَتَارَةً يُكَرّرُ فَنَقُولُ كَذَا كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ جِنْسٍ وَتَارَةً يذْكَرُ مَرْفُوعًا لَا مَنْصُوبًا أَوْ مَخْفُوضًا وَمَوْقُوفًا فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ وَتَارَةً يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ فَيَصِيرُ جِنْسًا آخَرَ وَتَارَةً يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا حَرْفُ بَلْ فَنَقُولُ كَذَا بَلْ كَذَا فَتَصِير جِنْسا أُخْرَى فَهَذِهِ عِشْرُونَ صُورَةً وَتَارَةً يَكُونُ الْمُمَيَّزُ مُجَرَّدًا وَتَارَةً يَكُونُ مَجْمُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا وَمَرَدُّهُ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا فَتَصِيرُ نَحْوَ أَرْبَعِينَ يَظْهَرُ مُقْتَضَاهَا وَإِعْرَابُهَا فِي أَثْنَاءِ الْبَحْثِ وَأَنْقُلُ مِنْهَا مَا وَجَدْتُ فِي الْمَذْهَبِ وَمَا لَمْ أَجِدْهُ فِيهِ وَوَجَدْتُهُ فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ نَقَلْتُهُ لِيُوقَفَ عَلَيْهِ فَإِن كلاهم نُورٌ رضي الله عنهم فَتَمَسَّكَ بِهِ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ إِنْ
احْتَجْتَ إِلَيْهِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى أَنَّ كَذَا مُفْرَدٌ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بِمَعْنَى الشَّيْءِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا كِنَايَةً عَنِ الْعَدَدِ وَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْعَدَدِ وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ فَسَّرَهُ وَلَا يَخْرُجُ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَمْعِ لَيْسَ فِي الْعَدَدِ فَإِنَّهَا أَلْفَاظٌ مُتَبَايِنَةٌ فَأَبْنِيَةُ الْجَمِيعِ غَيْرُ صِيغَةِ الْعَدَدِ وَمَا عَلِمْتُ خِلَافًا أَنَّ مُبْتَدَأَ الْعَدَدِ اثْنَانِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يلْزمه عشرُون أَو عدد مُمَيَّزُ الْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ فَإِنَّ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ مُرَكَّبَاتٌ مِنْ لَفْظَيْنِ وَالْعِشْرُونَ مِنْ لَفْظٍ مُفْرَدٍ وَلَيْسَ فِي الْعَدَدِ مَا يُمَيَّزُ بِالْمُفْرَدِ الْمَنْصُوبِ إِلَّا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إِلَى تِسْعِينَ فَأَحَدَ عَشَرَ أَوَّلُ الْمُرَكَّبَاتِ وَالْعِشْرُونَ أَوَّلُ الْمُفْرَدَاتِ فَلْتَكُنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقَرَّرَةً حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَخَالَفَنَا فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَئِمَّةُ وَقَالُوا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ كَذَا عِنْدَهُمْ كِنَايَةٌ عَنْ شَيْءٍ مُبْهَمٍ وَالدِّرْهَمُ الْمَنْصُوبُ بَعْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ لَهُ شَيْءٌ دِرْهَمًا أَوْ أَعْنِي دِرْهَمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي أَنَّهُ لِعَدَدِ الشَّيْءِ فَيَحْتَاجُونَ أَنْ يَنْقُلُوا مَا ذَكَرُوهُ عَنِ اللُّغَةِ مَعَ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ نقضوا أصولهم وَوَافَقَهُمْ فِي لَهُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّ كَذَا اسْمٌ لِشَيْءٍ مُبْهَمٍ عِنْدَهُمْ فَقَدْ كَرَّرَ الشَّيْءَ ثُمَّ فَسَّرَ بِالتَّمْيِيزِ فَيَلْزَمُ مَا مُيِّزَ بِهِ وَهُوَ دِرْهَمٌ لَيْسَ إِلَّا فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ عُطِفَ وَتَمَيَّزَ بِالْمُفْرَدِ الْمَنْصُوبِ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا أَعْرِفُ هَذَا فَإِنْ كَانَ هُوَ
اللُّغَةَ فَكَذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ وَوَافَقَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ ش فِي هَذَا الْفَرْعِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَذَا اسْمٌ لِشَيْءٍ مُبْهَمٍ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَيَأْبَى التَّأْكِيدَ وَقَدْ فُسِّرَ الشَّيْءُ بِالدِّرْهَمِ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَوَافَقَنَا الْحَنَابِلَةُ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا نَظَرَ إِلَى أَقَلِّ مَا فَوْقَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْعَدَدِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ دَنَانِيرَ وَنِصْفُهُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ صِيغَةَ أَوِ اقْتَضَتِ التَّرَدُّد بَين النَّوْعَيْنِ وَلَيْسَ أحدهم أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَلَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ كَمَسْأَلَةِ الْخُنْثَى وَمَسْأَلَةِ التَّرَامِي وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا وكَذَا دَرَاهِمَ بِجَمْعِ دَرَاهِمَ لَزِمَتْهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْجَمْعِ فَإِنَّكَ تَقُولُ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ ثَلَاثَة دَرَاهِم فدراهم هُنَا تميز إِلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ تُرَكِّبُ الْعَدَدَ فَتَقُولُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فتميزه بالنفرد الْمَنْصُوبِ ثُمَّ تُزِيلُ التَّرْكِيبَ فَتَقُولُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا إِلَى تِسْعِينَ دِرْهَمًا فَتُمَيِّزُهُ بِالْمُفْرَدِ الْمَنْصُوبِ ثُمَّ تَذْكُرُ الْمِائَةَ فَتُمَيِّزُهَا بِالْمُفْرَدِ الْمَخْفُوضِ وَكَذَا أَلْفٌ فَهَذَا جَمِيعُ مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ وَتَمَيُّزَاتِهَا فَرْعٌ قَالَ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَلْزَمُهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ لِأَنَّ كَذَا عِنْدَهُمْ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَدَدِ بَلْ مَعْنَاهُ وَبَعْضُ الدِّرْهَمِ شَيْءٌ يُمْكِنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الدِّرْهَمِ فَمَا قَالَ إِنَّهُ لِلْعَدَدِ إِلَّا ح وَمُحَمّد بِمن الْحسن والزجاج وَغَيره من النُّحَاة وَافَقنَا غَيْرَ أَنَّنَا نَحْنُ نَقَضْنَا أُصُولَنَا إِذَا لَمْ يُمَيِّزْ أَصْلًا وَوَافَقْنَاهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَلَمْ يُوجَدْ عَنْ ح فِي الْمَسَائِلِ نَقْلٌ
فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمْ بِالْوَقْفِ فِي مِيمِ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ إِعْرَابٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدِّرْهَمِ لِأَنَّ الْمَجْرُورَ يَصِحُّ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِهِ فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَالَ كَذَا وَكَذَا وَأَطْلَقَ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ قُبِلَ مِنْهُ أَقَلُّ مَا يَقُولُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ شَيْءٌ شَيْءٌ وكرره للتأكد فَرْعٌ قَالُوا فَلَوْ قَالَ لَهُ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِمُعَيَّنٍ فَيَرْجِعُ إِلَى تَفْسِيرِهِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَهُمَا بِمُتَمَوَّلَيْنِ عَادَةً وَشَرْعًا فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٌ بِالْعَطْفِ وَالرَّفْعِ فِي دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَأَبْطَلَ مِنْهُمَا الدَّرَاهِم فَيَكُونُ هَذَا اللَّازِمَ أَوْ يَكُونُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مُضْمر تَقْدِيره هما مُضْمر فَرْعٌ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا مِنَ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ شَيْءٌ وَفَسَّرَهُ بِدَرَاهِمَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَهَكَذَا بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كَأَنَّهُ قَالَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ لِلتَّبْعِيضِ لَلَزِمَهُ أَقَلُّ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُفْتُوا إِلَّا بِهَذَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِأَنَّ مِنْ لَفْظٌ مُشْتَرِكٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مَعَ التَّرَدُّدِ فَرْعٌ قَالَ الْحَنَابِلَةُ لَهُ كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ يَلْزَمُهُ وَدِرْهَمٌ مَرْفُوعٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ كَذَا أَوْ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ هُوَ دِرْهَمٌ
فَرْعٌ قَالُوا إِذَا قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٍ بِخَفْضِ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ خمس عشر دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهُ فَلَهُ تَفْسِيرُهُ وأَنْتَ تَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ تَخْرِيجَ مَا يَرِدُ مِنْهُمَا عَلَى أُصُولِنَا وَعَلَى أُصُولِهِمْ وَهِيَ كُلُّهَا دَائِرَةٌ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهِيَ كَذَا اسْم لِلْعَدَدِ الْمُبْهَمِ أَوْ لِشَيْءٍ مُبْهَمٍ وَبِهَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ لَا يخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ فُرُوعِ هَذَا اللَّفْظِ اللَّفْظُ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَلهُ تَفْسِيرُ النَّيِّفِ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ دَانَقٍ لِأَنَّ النَّيِّفَ هُوَ الزَّائِدُ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْخَمْسَةِ وَكَذَلِكَ نَيِّفٌ وَخَمْسٌ وَقِيلَ إِذَا أَقَرَّ بِعِشْرِينَ وَنِصْفٍ إِلَى النَّيِّفِ ثُلُثِهَا وَكَذَلِكَ مِائَةٌ وَنَيِّفٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَنَيِّفٌ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثُلُثُهَا وَدِرْهَمٌ وَثُلُثُهُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ فَائِدَةٌ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ النَّيِّفَ الزِّيَادَةُ تُخَفَّفُ وَتُشَدَّدُ يُقَالُ عشرَة ونيف وَمِائَة ونيف وَكلما زَادَ عَلَى الْعَقْدِ فَهُوَ نَيِّفٌ حَتَّى يَبْلُغَ العقد الثَّانِي الْفظ الثَّامِنُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ بَعْضُ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا أَوْ نَحْوُهَا أَوْ مِائَةٌ إِلَّا قَلِيلًا أَوْ مِائَةٌ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ مِنْ ثُلُثَيِ الْمِائَةِ إِلَى أَكْثَرَ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ ثُلُثُ الْمِائَةِ لِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَيِّزِ الْكَثْرَةِ وَقيل ثلثهَا لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ وَإِلَّا فَالْعِشْرُونَ مِنْهَا كَثِيرٌ وَلَيْسَتْ أَكْثَرَهَا وَقِيلَ النِّصْفُ وَشَيْءٌ وَذَلِكَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ لِأَنَّ بِالْوَاحِدِ صَارَتِ الْخَمْسِينَ أَكْثَرَ الْمِائَةِ اللَّفْظُ التَّاسِعُ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَأَقَلُّ لَزِمَهُ فِي حُكْمِ الْعَرَبِيَّةِ دِرْهَمَانِ قَالَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِجَمْعٍ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ
(الْبَاب الثَّالِث فِي تعقب الْإِقْرَار بِمَا يرفعهُ)
وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى استثنائه فَإِن قِسْمَانِ مَجْهُولٌ وَمَعْلُومٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَعْلُومِ وَفِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ نَحْوَ عَشَرَةٍ إِلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَقَالَهُ ش وح وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَصِحُّ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَأَلْزَمَ أَصْلَ الْكَلَامِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْأول الْمَشْهُور وَالْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ وَيَلْزَمُ جَمِيعُ الْعَشَرَةِ وَقَالَ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَفِي الْمَدْخَلِ لِابْنِ طَلْحَةَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لَهُ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْتَثْنَى أَوْ أَنَّهُ لَزِمَ وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ مِنَ الْكُلِّ مَعَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ حَكَوْا فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ وَالْمُسْتَغْرِقِ الْإِجْمَاع وحكوا فِي الْمسَاوِي وَالْجمع قَوْلَيْنِ وَحَكَى الشَّلُوبِينُ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّحَاةِ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِ الْعَشَرَةِ مَثَلًا فِي الثَّمَانِيَةِ إِذَا اسْتُثْنِيَ اثْنَانِ وَأَسْمَاءُ الْأَعْدَادِ نُصُوصٌ لَا تَقْبَلُ الْمَجَازَ وَيُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ وُضِعَ لِمَا بَقِيَ فَلِلثَّمَانِيَةِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عِبَارَتَانِ ثَمَانِيَةٌ وَعَشَرَةٌ إِلَّا اثْنَانِ فَلَا مَجَازَ وَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين} وَفِي السّنة إِن الله
تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدَة من أحصاها دخل الْجنَّة فَهَذِهِ استثناآت فِي الْأَعْدَادِ لَنَا عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا من اتبعك من الغاوين} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَاوِينَ أَكْثَرُ وقَوْله تَعَالَى {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} فَمَجْمُوعُ الِاثْنَيْنِ يَبْطُلُ الْقَوْلُ بِمَنْعِ الْمُسَاوِي وَحَصَرَ الْجَوَازَ فِي الْأَقَلِّ لِأَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ إِنْ كَانَ أقل من الآخر أَكْثَرُ وَقَدِ اسْتُثْنِيَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ اغْتَبَطَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنِ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَر إِنَّمَا مَعَ كَذَا كَوْنُ الْمُتَكَلِّمِ مُقَدَّمًا فِي كَلَامِهِ عَلَى حُسْنِ كثير كَذَا هُوَ عَالِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ فَإِنَّ الْمُسْتَثْني إِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ إِلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَكْثَرَ كَلَامِهِ هَدَرٌ فَإِقْدَامُهُ عَلَى ذَلِكَ قَبِيحٌ فَالْآيَةُ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ عِنْدَ صُدُورِ هَذَا الْخِطَابِ لِإِبْلِيسَ لَا يَتَعَيَّنُ الْغَاوِي مِنَ الْمُخلصِ فَلَا لَمس الْكَلَام بِالْهَدَرِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ أَبْطَلَ جُمْلَةَ الْكَلَامِ كَوْنُهُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ حَالَةَ التَّعْلِيقِ نَحْوَ أكْرم بني تَمِيم إِن جاؤك يَجُوزُ أَنْ لَا يَجِيئُهُ أَحَدٌ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ كَلَامِهِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ فَاعْلَمْ هَذَا الْمَوْضِعَ فَهُوَ حَسَنٌ وَلنَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه أَو انقص مِنْهُ قَلِيلا} فَقَدِ اسْتَثْنَى الثُّلُثَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّخْصِيصِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَكْثَرِ إِجْمَاعًا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّيْءِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ احْتَجُّوا بِأَنَّ كَلَامَ الْعَرَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِصَارِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ
بَلْ هُوَ حَشْوٌ وَلِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لكَونه ببطل مَا تَقَرَّرَ وَأَكْثَرُ الشَّيْءِ فِي مَعْنَى جُمْلَتِهِ كَمَا يُقَالُ لِلثَّوْرِ الْأَسْوَدِ الَّذِي فِيهِ شَعَرَاتٌ بيض أسود لكَون الْقَلِيل مغتفرا أما بِصفة أَبْيَضَ فَلَا وَلِأَنَّ دَارَ عَنِ اللُّغَةِ مَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَرَبَ أَيْضًا قَدْ تُطْنِبُ وَتُطَوِّلُ وَتُكَرِّرُ وَتُقِيمُ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ لِمَقَاصِدَ تَقْتَضِي ذَلِكَ مِنَ التفخيم والتعظيم وتقريب الْمَعْنى فِي إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ وَكَذَلِكَ هَذَا فِيهِ مَعَ مَا ذُكِرَ اسْتِدْرَاكُ الْغَلَطِ الْعَظِيمِ الَّذِي قَدْ يَسْهُو الْإِنْسَانُ عَنْهُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يُخَالف لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَيْضًا فَإِنَّهُ ضَرُورَةٌ مُنَاسِبَةٌ لِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ أَكْثَرَ مِنْهُ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً إِلَّا ثَمَانِيَةً إِلَّا سَبْعَةً إِلَّا سِتَّةً إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا إثنان إِلَّا وَاحِد لَزِمَهُ خَمْسَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَالْإِثْبَاتَ نَفْيٌ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ يَعُودُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى أَصْلِ الْكَلَامِ فَتَكُونُ التِّسْعَة منفية وَالثَّمَانِيَة مُوجبَة والسبعة منفية فيوول الْأَمْرُ إِلَى خَمْسَةِ أَجْزَاءِ الْأَمْرِ وَعَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا سَبْعَةً إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ سَبْعَةً وَرَدَّ مِنْهَا خَمْسَةً إِلَّا اثْنَيْنِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ فَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَهُوَ أَقَلُّ الْعَشَرَةِ فَيَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ فَلَمْ يَسْقُطُوا إِلَّا إِذَا اتَّصَلَ بِهِ مَا يُصَيِّرُهُ أَقَلَّ وَإِنْ قَالَ ثَمَانِيَةٌ إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمَا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَصَحَّ عَلَى الْآخَرِ وَلَزِمَهُ سَبْعَة وعَلى هَذَا التَّفْرِيع تجْرِي الإستثناآت عَلَى الْخِلَافِ الثَّانِيَةُ فِي الْجَوَاهِرِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ جَائِزٌ نَحْوَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ
وَإِلَّا ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا إِلَّا دَابَّةً وَعِنْدَ ش يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَا كَانَ مُكَيَّلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْحِنْطَةِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالْجَوْزُ مِنَ الرُّمَّانِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعَدُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ يُوسُفَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الذِّمَّةِ نَحْوَ أَلْفِ دِينَارٍ إِلَّا فَلْسًا وَإِلَّا كَرَّ حِنْطَةٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَيَّلِ وَالْمَوْزُونِ نَحْوَ إِلَّا ثَوْبًا أَوْ إِلَّا شَاةً فَهُوَ بَاطِلٌ وَمَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْجَمِيعَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيس} وَهُوَ مِنَ الْجِنِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {كَانَ من الْجِنّ} وقَوْله تَعَالَى {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تأثيما إِلَّا قيل سَلاما سَلاما} وَالسَّلَام لَيْسَ من الغو وقَوْله تَعَالَى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تكون تِجَارَة} قَالَ الْعُلَمَاءُ هُوَ تَقْدِيرُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً فَكُلُوهَا بِالسَّبَبِ الْحَقِّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُكَيَّلِ وَالْمَوْزُون احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ على مَا إِذا مَا قَالَ بِعْتُكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إِلَّا ثَوْبًا وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ وَهَذَا لَا يَدْخُلُ فَلَا يَكُنِ اسْتِثْنَاءً وَلِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ كَالتَّخْصِيصِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفرق بِأَن البيع يحل لَهُ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ يَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ وَإِخْرَاجُ ثَوْبٍ مِنْ دِينَارٍ يَقْتَضِي جَهَالَةَ الثَّمَنِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْحَدَّ يَقْبَلُ الْمُعَارَضَةَ بَلْ عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَا لَوْلَاهُ لَوَجَبَ دُخُولُهُ نَحْوَ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا اثْنَيْنِ لِكَوْنِهِ نَصًّا وَمَا لَوْلَاهُ الظَّن دُخُوله انحو اقْتُلِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا زَيْدًا لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا وَمَا لَوْلَاهُ لَجَازَ دُخُولُهُ مِنْ غَيْرِ ظَنٍّ نَحْوَ صَلِّ إِلَّا فِي الْمَوَاطِنِ السَّبْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ إِرَادَتُهَا مِنْ سَمَاعِ الْأَمْرِ وَمَا لَوْلَاهُ لقطع
بَعْدَ دُخُولِهِ وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ فَالْحَدُّ الْعَامُّ عِنْدَنَا هُوَ إِخْرَاجُ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ لَهُ قَبْلَهُ أَوْ عَرَضَ نَفْسَ الْمُتَكَلِّمِ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّخْصِيصُ بِخَبَرِ الْجِنْسِ إِذَا أَفْضَى الطَّرَفَانِ فِي الْعُمُومِ لِأَنَّ عِنْدَنَا يَعُودُ بِالْبَيَانِ عَلَى اللَّفْظِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَاطِلٌ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ كَامِلًا وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ يُقَالُ لَهُ اذْكُرْ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي اسْتَكْتَبْتَهُ وَيَكُونُ مُقِرًّا بِمَا بَقِيَ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْأَلْفَ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ كَالِاسْتِثْنَاءِ إِنِ اسْتَثْنَى الْكُلَّ بَطَلَ وَإِلَّا صَحَّ وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ زَادُوا فِي التَّفْرِيعِ مَا يُنَاسِبُهُ فَقَالُوا يَنْبَغِي أَن تكون الْقيمَة مُنَاسبَة للثوب لَيْلًا يُعَدَّ نَادِمًا قَالُوا وَهَذَا إِذَا اسْتَثْنَى مَجْهُولًا مِنْ مَعْلُومٍ فَإِنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَجْهُولَةٌ وَأَلْفُ دِينَار مَعْلُوم وَعَكسه لَهُ ألف إِلَّا دِرْهَم بِتَفْسِيرِ الْأَلْفِ وَيَعُودُ الْحَكَمُ إِلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَلَا يُقْبَلُ وَإِلَّا قُبِلَ وَإِنِ اسْتَثْنَى مَجْهُولًا مِنْ مَجْهُولٍ نَحْوَ مِائَةٍ إِلَّا عَشَرَةً أَوْ إِلَّا ثَوْبًا فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ إِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِرْهَمٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ لزمَه ثَمَانِيَة وَتسْعُونَ دِينَارا كَذَا وَإِلَّا درهما تَلْزَمُهُ الْمِائَةُ تَامَّةً لِأَنَّ الرَّفْعَ يَقْتَضِي أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ عَلَى الْبَدَلِ فَقَدِ اعْتَرَفَ بِمِائَةِ مُغَايِرَةٍ لِدِرْهَمَيْنِ فَتَلْزَمُهُ نَظِيرُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} أَيْ غَيْرُ اللَّهِ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْعَيْنِ غَيْرِ الْعَدَدِ نَحْوَ لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إِلَّا ذَلِكَ الْبَيْتَ وَالْخَاتَمُ إِلَّا الْفَصَّ وَهَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ إِلَّا وَاحِدًا ثُمَّ يُعَيّنهُ
وَلَهُ هَذِهِ الدَّارُ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْبُسْتَانُ إِلَّا نَخْلَةً فَإِنَّهَا لِي قَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ بَيْتُهُ مِنْهَا أَوْ هَذِهِ الْبِطَانَةُ وَلِي بِطَانَتُهَا إِذَا اتَّصَلَ كَلَامُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ الرَّابِعَةُ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذا تقف كَذَا الِاسْتِثْنَاء جملَة مَنْطُوق بِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً وَقِيلَ عِنْدَهُمْ يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ إِلَّا دِرْهَمًا وَقَالَهُ الْمَالِكِيَّةُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا وَاحِدَةً تَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ وَخَالَفَ ش فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْعَوْدُ إِلَى الْجَمِيعِ نَحْوَ لَهُ هَذَا الذَّهَبُ وَهَذَا الدِّينَارُ وَهَذَا التِّبْرُ إِلَّا مِثْقَالًا فالمنقول عَن مَالك وش عَوْدُهُ إِلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَآخِرُ الْكَلَامِ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالسُّكُوتِ وَلَمْ يَسْكُتْ عُقَيْبَ شَيْءٍ مِنَ الْجُمَلِ وَقَالَ ح يَخْتَصُّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّ الْقُرْبَ يُوجِبُ الرُّجْحَانَ الْخَامِسَةُ قَالُوا إِذا تَكَرَّرت استثنآات بِحَرْفِ الْعَطْفِ تَعَيَّنَ عَوْدُهَا عَلَى أَصْلِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَجْمَعُ بَيْنَ إِلَّا وَحَرْفِ والعطف لِأَنَّ إِلَّا لِلْإِخْرَاجِ وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ لِلتَّشْرِيكِ فَهُمَا مُتَنَاقِضَانِ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ إِلَّا ثَلَاثَةً وَإِلَّا اثْنَيْنِ فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الْأَصْلَ سَقَطَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَزِمَتْهُ الْعَشَرَةُ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ جَمِيعَ كَلَامِهِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَسْقُطُ الْأَخِيرُ لَا لِمُقْتَضَى الِاسْتِغْرَاقِ وَيَصِحُّ مَا عَدَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْكَلَامِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَجْهُولِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَحَدٌ وَتِسْعُونَ وَلَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ تِسْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةٌ وَلَهُ دِرْهَمٌ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ تَعَسُّفَاتٌ مَا عَلِمْتُ لَهَا مَدْرَكًا مِنَ اللُّغَةِ ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعُشْرِ فِي الْمِائَةِ وَعَشْرَ آلَافٍ وَجَعَلَهُ الْخُمُسَيْنِ فِي
الدِّرْهَمِ فَلَمْ يَجْرِ عَلَى قَانُونٍ مَعَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ قُرْبُ الْمِائَةِ أَوِ الْمِائَةُ إِلَّا شَيْئًا قَالَ سَحْنُونٌ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثَيِ الْمِائَةِ كَذَا بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ وَقِيلَ ثُلُثُ الْمِائَةِ وَقيل ثلثاها وَقِيلَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ يَزِيدُ عَلَى النِّصْفِ هَذَا نَقْلُ الْجَوَاهِرِ وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا شَيْئًا وَإِلَّا كَسْرًا صُدِّقَ فِي تَفْسِيرِهِ مَعَ يَمِينِهِ يَعْنِي لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَصِحُّ فِي الْعَشَرَةِ إِلَى التِّسْعَةِ فَكَمَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ صَحَّ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَهَذَا قَوْلُ ش وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ لَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِالنِّصْفِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ يَسِيرًا بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى امْتِنَاعِ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَاوِي فَطَرَدَ الْفَرِيقَانِ أَصَلهُمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَجْهُولِ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ وَمَنْعِهِ وَقَالَ ح كَقَوْلِ الْحَنَابِلَةِ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِلَّا قَلِيلًا أَوْ إِلَّا بَعْضَهَا وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا بَعْضَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى النِّصْفِ فِي الْبَاقِي فَخَالَفَ أَصْلَهُ فِيمَا يُنْقَلُ عَنْهُ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ أَوْ يَكُونُ لَهُ فِيهِ قَوْلَانِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَعْقُولَةٌ وَلَهَا مَرْجِعٌ مِنَ اللُّغَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَاعْلَمْهُ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِذَا قَالَ لَهُ شَيْءٌ وَمِائَةٌ رَجَعَ لِتَفْسِيرِهِ فِي الشَّيْءِ وَلَهُ مِائَةٌ إِلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ أحد وَسِتُّونَ مَا الْفَرْقُ قَالَ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَسْتَثْنِي مِنَ الْعَشَرَاتِ إِلَّا الْآحَادَ وَمِنَ الْمِئِينِ إِلَّا الْعَشَرَاتِ وَكَذَلِكَ مُعَيَّنٌ وَاحِدٌ مِنَ الْعَشَرَةِ لَيْلًا يَكُونَ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً بِخِلَافِ الْعَطْفِ يُعَدُّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَرجع إِلَى تَفْسِيره وَهَا هُنَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرِ الْعَشَرَةِ فَقِيلَ عَنْهُ أَحَدٌ وَتِسْعُونَ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي أَلْفٍ إِلَّا شَيْئًا وَهَذَا نَقْلٌ يَعْسُرُ عَلَيْهِ تَحْقِيقُهُ بَلِ الْعَرَبُ تَقُولُ مِائَةٌ إِلَّا عَشَرَةٌ وَإِلَّا عِشْرُونَ وَأَلْفٌ إِلَّا مِائَةٌ وَأَلْفٌ إِلَّا مِائَتَانِ إِنِ الْمَسَلَ كَذَا هُوَ أَوِ الْأَلِفُ فَلَهَا إِخْرَاجُ أَقَلِّهِ وَنَصْفِهِ وَأَكْثَرِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي النِّصْفِ وَالْأَكْثَرِ الْبَحْث الثَّالِثُ فِيمَا يَعْقُبُ الْإِقْرَارَ مِنَ الْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ لَهُ وَفِيهِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً الْأُولَى فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ مَيْتَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
لِأَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ بَلْ مِنْ تَمْرٍ فَتَلْزَمُهُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَقَالَهُ ش وح لِأَنَّهُ وَصَلَ كَلَامَهُ فَأَسْقَطَ جُمْلَتَهُ فَيَقُومُ الطَّالِبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ خَمْرًا بِأَلْفٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ فِي كَلَامِهِ بِسَبَبِ لُزُومِ شَيْءٍ لَهُ أَوْ يَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ الثَّانِيَةُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ كَأَنَّهُ يَكِرُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَهُوَ لَمْ يَعْتَرِفْ مُطْلَقًا بَلْ بِثَمَنِ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعِنْدَ ش إِذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ سِلْعَةً بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقْبِضْهَا يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ اتِّفَاقًا وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَن مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَوَصَلَ قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الْأَلْفِ حَتَّى يَقْبِضَ سَوَاءٌ وَصَلَ بِإِنْكَارِ الْقَبْضِ أَوْ سَكَتَ حَتَّى انْقَطَعَ كَلَامُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَقَالَ ح إِذَا عُيِّنَ الْمَبِيعُ قُبِلَ مِنْهُ وَصَلَ الْإِقْرَارَ أَمْ لَا لِأَنَّ عَيْنَ الْمَبِيعِ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ وَعِنْدَ ش قَالَ لَهُ أَلْفٌ وَسَكَتَ حَتَّى يَنْقَطِعَ كَلَامُهُ ثُمَّ قَالَ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِاسْتِقْرَارِ الْإِقْرَارِ بِالسُّكُوتِ الثَّالِثَةُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ بِمَالٍ مِنْ ثَمَنِ خِنْزِيرٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رباه وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ خِنْزِيرٍ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إِقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا لِاضْطِرَابِ كَلَامِهِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتِهِ أَنَّهُ رِبًا وَيُرَدُّ إِلَى رَأْسِ مَاله وَلَا يكون إِقْرَاره ملك كَذَا بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُونٌ الرَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُهُ أَوْ زُورٌ أَوْ بَاطِلٌ لَزِمَتْهُ إِنْ صَدَّقَهُ غَرِيمُهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي قَوْلِهِ زُورٌ وَبَاطِلٌ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِاعْتِرَافِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالسقطِ
الْخَامِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ قَضَيْتُهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ إِلَّا مِائَةً وَقَالَهُ ش وَلَوِ ادَّعَى الْقَضَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تُمْنَعْ دَعْوَاهُ وَلَا يَمِينُهُ لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِإِقْرَارٍ وَالْإِقْرَارُ أَقْوَى مِنَ الدَّعْوَى إِلَّا أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَمَا قَبَضْتُهَا وَلَمْ يُقْبَلْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَسَمِعَ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ حِينَئِذٍ السَّادِسَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ عَنِ الْوَاقِعِ وَالْوَاقِعُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ عَلَى الشُّرُوطِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ نَحْوَ إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ جَاءَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنْ حُصُولِ الْمُسَبِّبِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ الشَّرْطُ السَّابِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ ظَنَنْتُ أَوْ أَحْسَبُ أَوْ حَسِبْتُ لَزِمَهُ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَحُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى تَكْفِي فِيهَا الظُّنُونُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ وَفِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا يَحْضُرُنِي فَهُوَ شَكٌّ لَا يَلْزَمُ بِدَلِيلِ الشَّهَادَةِ الثَّامِنَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ لَزِمَتْهُ مُؤَجَّلَةً إِذَا كَانَ الْأَجَلُ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ التَّأْجِيل لَا يسْقط الْحق بل ليقضه كَذَا فَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْبَعْضِ وَقِيلَ يَحْلِفُ الْمُقِرُّ وَيَسْتَحِقُّهُ حَالًا وَقَالَهُ ح لِأَنَّهُ رَفَعَ الْمُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ فَيَسْقُطُ التَّأْجِيلُ كَمَا لَوْ قَالَ قَضَيْتُهَا وَذَكَرَ الْأَجَلَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلِ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْقَرْضِ أَمَّا أنْ يَدَّعِي الطَّالِبُ الْحُلُولَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ التَّاسِعَةُ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إِنْ حَلَفَ أَوْ إِذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى حَلَفَ أَوْ حِينَ يَحْلِفُ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ
أَو بعد يَمِينه فَحلف الْمقر وَنكل الْمقر لَهُ وَقَالَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشَيْءٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ حَلَفَ وَإِنِ ادَّعَاهَا أَوْ عَلَى حَلِفِهَا بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ أَوْ قَالَ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَهُ وَإِنْ أَعَارَنِي رِدَاءَهُ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ قَالَ إِنْ شَهِدَ بِهَا عَلَي فُلَانٍ فَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ عَدَمُ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ إِنْ حَكَمَ بِهَا فُلَانٌ لِرَجُلٍ سَمَّاهُ فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ فَحَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ اللُّزُومَ عَلَى سَبَبِهِ فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الشُّرُوطِ الْأُولَى لَيْسَتْ أَسْبَابًا بَلِ اسْتِبْعَادَاتٍ وَعِنْدَ ش إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ مِائَةٌ قَوْلَانِ وَإِنْ قَالَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ شَهِدَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَيَّ صَدَّقْتُهُ لِأَنَّهَا وُعُودٌ عِنْدَهُ وَقَدْ يَصْدُقُ مَنْ لَيْسَ بِصَادِقٍ الْعَاشِرَةُ فِي الْجَوَاهِرِ لَهُ عَلَيَّ مِائَة وَدِيعَة لَا تَكُونُ إِلَّا وَدِيعَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ على ذمَّته بِشَيْء وَالْأَصْل برأتها وَعَلَى مُسْتَعْمَلِ الْوُجُوبِ التَّسْلِيمُ وَالْوَدِيعَةُ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِينَار وَقَالَ ش وَإِن قَالَ قبلي أَوله عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَدِيعَةً لَزِمَتْهُ دَيْنًا لِأَنَّهُ قَالَ يَتَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ فَتَصِيرُ دَيْنًا الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ لَكَ هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ فَلَكَ الشَّاةُ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَا أَقَرَّ بِالنَّاقَةِ تِلْكَ لِأَنَّ عُدُولَهُ إِلَى النَّاقَةِ إِبْطَالٌ للشاة فَلَا يسمع مِنْهُ وَلَو حلف مَالك فِيهَا جَمِيعًا شَيْءٌ وَادَّعَيْتَ كُلَّهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُكَ فِي النَّاقَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي الشَّاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ لَكَ بِالنَّاقَةِ لِأَخْذِ الشَّاةِ دون النَّاقة تبقى كَذَا فِي الْمُقِرِّ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ هُوَ لِلْأَوَّلِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الثَّانِي ذِكْرُهُ إبِْطَال
فَلَا يُسْمَعُ وَلِلْآخَرِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ مُؤَاخَذَةٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ فِي ثَوْبَيْنِ فِي يَدِ أَحَدٍ وَقَالَ لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ أَجْوَدَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ وَكُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبَيْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلْتُمَا أَوْ حَلَفْتُمَا إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَعْرِفُهُ فَيَقُولُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا أَعْرِفُهُ فَيُؤْمَرُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ أَوْ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ لِلتُّهْمَةِ فِي الْجَوْدَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَدْنَاهُمَا هُوَ ثَوْبُهُ حَلَفَ وَلَمْ يَأْخُذْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مِلْكِ الزِّيَادَةِ لَكَ وَلَوْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ عَلَى فُلَانٍ الْإِقْرَارُ اللَّازِمُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَحْلِفُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى أَصْلِ سَحْنُونٍ يَلْزَمُهُ دُونَ فُلَانٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ رَافِعٌ لِجُمْلَةِ الْأَوَّلِ فَيَبْعُدُ ضِدُّهُ فَلَوْ قَالَ عشرَة الْعشْرَة كَذَا الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ إِذَا أَقْرَرْت بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الطَّالِبُ بَلْ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنَا أَقْرَرْتُ لَكَ فِي نَوْمِي أَوْ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَوْ بِحَالِهِ يُغْرَمُ فِيهَا شَيْءٌ وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ قَالَ أُمُورِي الْعَقْدُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ إِجَابَةٌ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عُرُوضِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافٍ وَإِنْ أَقَرَّ سَالِمٌ وَقَدْ كَانَ مُشْتَركا مُحَارِبًا أَنَّهُ أَخَذَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حرَابَتِهِ وَقَالَ بَلْ بَعْدَ إِسْلَامِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَا تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ يَضْمَنُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنَ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِائَةَ دِينَارٍ وَقَالَ الْحَرْبِيُّ بَلْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصُدِّقَ الْحَرْبِيُّ عِنْد سَحْنُون
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ)
وَهُوَ أَصْلُ الْإِقْرَارِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ قَالَ هَذَا إِنَّهُ الْتَحَقَ بِهِ سَالِمٌ فَكَذَّبَهُ لِأَجَلٍ يَكُونُ أَكْفرَ مِنْهُ أَو الشَّرْع كَذَا بِأَنْ يَكُونَ مَشْهُورَ النَّسَبِ وَيَعْرِفُ كُلَّ وَالرَّجُلُ فَارِسِيًّا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ وَالْخَبَرُ الْكَاذِبُ لَا عِبْرَةَ بِهِ قَالَ وَلَا يَكْذِبُ حُرٌّ النَّسَبُ لَحِقَ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ الضَّرُورَةُ الدَّيْنُ غَيْرُهُ كَانَتْ ضَرُورَتُهُ لبراءة ذمَّته من الدِّيوَان وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْحَقُ وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ لِأَنَّ عَدَمَ الْفِرَاشِ سَبَبُ عَدَمِ النَّسَبِ كَمَا أَنَّ الْفراشَ سَبَبُهُ هُنَا يَلْحَقُ بِهِ لَا يَلْتَفِتُ لِإِنْكَارِ الْوَلَدِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ إِبْطَالُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا يشْتَرط أَن يكون الملحق مسلوب الْعِمَارَة كَذَا وَالْكَبِيرُ عِنْدَهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ وَالْفَرْقُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي النَّسَبِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالْجِزْيَةِ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَرْعًا الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ فِي أَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَهُمْ ثَلَاثَةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ حُرٌّ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْوَلَدَ فَهُوَ حُرٌّ أَوِ الْأَكْبَرُ
فَقَدْ صَارَتِ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدٍ أَوْلَادُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحُرِّيَّةِ فَالصَّغِيرُ حُرٌّ أَوِ الْأَوْسَطُ تَعَيَّنَتِ الْحُرِّيَّةُ لَهُ وَلِلصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ لِأَنَّهُ ابْنُهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ فَهُوَ رَقِيقٌ وَقَالَ الْمُغيرَة يعْتق الْأَصْغَر وَثلث الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ حُرٌّ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَالْأَوْسَطُ حُرٌّ فِي وَجْهَيْنِ رَقِيقٌ فِي وَجْهٍ وَالْأَكْبَرُ حُرٌّ عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ عبد على تقريرين وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْتَقُونَ كُلُّهُمْ لِلشَّكِّ فِي السَّبَب الْمُبِيح لمنافعهم فِي السَّبَب كَذَا يَصِحُّ تَرَتُّبُ السَّبَبِ فَلَوِ ادَّعَى الصَّغِيرَ وَادَّعَتْ أُمُّهُمِ الْأَوْسَطَ وَالْكَبِيرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِهِ فَيُصَدَّقُ كَالْمَالِ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الْأَوْسَطُ خَاصَّةً لَزِمَهُ هُوَ وَالْأَصْغَرُ إِنِ ادَّعَتْهُ الْأُم مِنْهُم لِأَنَّهَا صَارَت فراخا كَذَا بِالْأَوْسَطِ فَيُلْحِقُهُ بِأُمِّهِ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فِيهِ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْكَبِيرِ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ إِنِ ادَّعَتِ الْأُمُّ الْآخَرَيْنِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ مَنْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَدُهُمْ وَلَدُهُ الثَّانِي لَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ غُلَامًا وَأَمَتُهُ غُلَامًا وَمَاتَتَا فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا لِي وَلَا أَعْرِفُهُ دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لَحِقَ بِهِ وَيَلْحَقُ بِالْآخَرِ الْآخَرُ الثَّالِثُ لَو نزل رجل ضَعِيف عَلَى رَجُلٍ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ هِيَ وَولدت امْرَأَة الضَّعِيف فِي لَيْلَةٍ صَبِيَّيْنِ وَلَمْ يَعْرِفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَده وَقد أعيى كَذَا أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا وَقَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ جَارِيَةً وَأَمَتُهُ جَارِيَةً وَأُشْكِلَ عَلَيْهِ وَلَدُ الْحُرَّةِ مِنْهُمَا وَمَاتَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَدَّعِ عُصْبَةً لِيَسْتَدِلَّ بِهَا الْقَافَةُ عَلَى وَلَدِ الْمَيِّتِ لَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا قَافَةٌ وَلَا تَكُونُ الْمَوَارِيثُ بِالشَّكِّ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ مُيَسَّرٍ فِي امْرَأَةٍ طَرَحَتْ بِنْتَهَا ثُمَّ عَادَتْ لِأَخْذِهَا فَوَجَدَتْهَا وَأُخْرَى مَعَهَا وَلَمْ تَعْرِفْ بِنْتَهَا مِنْهُمَا قَالَ ابْن
الْقَاسِمِ لَا تَلْحَقُ بِزَوْجِهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ وَلَا نَسَبَ بِالشَّكِّ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُدْعَى لَهُمَا الْقَافَةُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ ينْقلُ عَنِ الشَّكِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ لَا تَلْحَقُ الْقَافَةُ إِلَّا بِأَبٍ حَيٍّ فَأَمَّا إِنْ مَاتَ الْأَبُ فَلَا يُقْبَلُ الْقَافَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَلَى نَسَبِهِ غَيْرُ الْأَبِ وَقَدْ فُقِدَ الرَّابِعُ قَالَ إِذَا أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَة جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ وَأَنَّ بِنْتَهَا فُلَانَة ابْنَتُهُ وَلِلْأَمَةِ ابْنَتَانِ أُخْرَيَانِ ثُمَّ مَاتَ وَيُثْبِتُ الْبَيِّنَةُ وَالْوَرَثَةُ اسْمَهَا وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ الْمِيرَاثُ مِيرَاثُ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا وَالْبَنَاتُ تَبَعٌ لِأَجْلِ اللَّبَنِ كَاخْتِلَاطِ الْمُذَكَّاةِ بِالْمَيِّتَةِ وَأُخْتِ الرَّضَاعِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ فَيَقْتَسِمْنَهُ وَلَا يَلْحَقُ نَسَبُ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَنَاتِ فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ وَنَسِيَتِ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَلَا تُعْتَقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ السَّبَبِ بِالْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوقَفُ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَلْحِقُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ فَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ فِي دُيُونِهِ السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا تَعَدَّى الْإِقْرَارُ الْمُقِرَّ بِأَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ الْوَلَدِ فَيَضُرُّ الْوَلَدَ أَوْ بِأُخُوَّةٍ أَوْ عُمُومَةٍ فَهُوَ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِالنَّسَبِ فَلَا يُقْبَلُ وَلَا يُثْبَتُ لَهُ بِذَلِكَ نَسَبٌ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مَعْرُوفٌ فَلَا يَرِثُ هَذَا مِنْهُ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَالَ عِنْدَ هَذَا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ لِتَعَيُّنِ الْإِقْرَارِ لَهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ أَحَقُّ كَمَنِ ادَّعَى مَالًا وَشَهِدَ بِهِ لِغَيْرِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَرْثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لِأَنَّ الْمُسلمين يرثونه فَهُمْ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَهُوَ سَبَبُ الْخِلَافِ فِي تَنْفِيذِ وَصِيَّةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ إِلَّا بَيْتُ الْمَالِ بِجَمِيعِ مَالِهِ السَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِالْعِتْقِ ثَبَتَ الْوَلَاءُ أَوْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ
فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يثْبتُ وَلَاءٌ وَيَسْتَأْنِي بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ حَلَفَ هَذَا وَدَفَعَ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ حَتَّى يَثْبُتَ الْوَلَاءُ بِشَاهِدَيْنِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَالِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْأَصْلِ يَمْنَعُ الْفَرْعَ وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ أَنَّ فُلَانًا ابْنُ عَمِّهِ أَوْ مَوْلَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ طَالِبٌ غَيْرُهُ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ الثَّانِي لِرُجْحَانِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ وَإِنْ لَمْ يكن لِلْمَالِ لَهُ طَالِبٌ غَيْرُهُ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ لِرُجْحَانِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ لِلْأَوَّلِ هَا هُنَا نَسَبُهُ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِفَاضَةِ وَالسَّمَاعِ وَلَكِنْ يَتَأَنَّى فَلَعَلَّ أَحَدًا يَأْتِي بِأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الثَّامِنُ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِوَارِثٍ آخَرَ يُشَارِكُهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْإِرْثُ دُونَ النَّسَبِ وَلَوْ أَقَرَّ وَلَدٌ بِوَلَدٍ آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَتَعَدَّى لِلْغَيْرِ وَيَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ لَكِنْ يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَعَلَى التَّفَاضُلِ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ فَإِنْ كَانَا ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ فَإِنْ وَافَقَ الثَّانِي اقْتَسَمُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْهُ أَعْطَاهُ الْمُقِرُّ مَا بِيَدِهِ الْقِسْمَةُ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ لَا يَتَعَدَّاهُ ضَرُورَةً وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا أَخَذَ بَاقِي نَصِيبِهِ مِنَ الْمُنْكِرِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِسَبَبِ الْعَدَالَةِ تَتَعَدَّى لِلْغَيْرِ فَقَدْ يُبَيِّنُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَوْ شَهِدَا جَمِيعًا بِالنَّسَبِ وَهُمَا خِلَافٌ يُثْبِتُ النِّسَبَ وَيَرِثُ وَلَوْ تَرَكَ وَلَدًا وَاحِدًا فَقَالَ لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ هَذَا ابْنِي بَلْ هَذَا الْآخَرُ فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ مَا وَرِثَ عَنْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى أَوَّلِ إِقْرَارِهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الثَّانِي مِنْهُ فَقِيلَ نِصْفُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ تَسْوِيَةً وَقِيلَ لَهُ جَمِيعُهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ مَوْرُوثُهُ وَلَوْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهَا وَهُوَ السُّدُسُ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ إِلَّا السُّدُسَ فَيَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَحْدُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ
الْأَصْحَابِ وَرُوِيَ يُقَسِّمُهُ وَهُوَ عَنِ الِابْنَيْنِ الْأَخَوَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ خِلَافُهُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَا ذَاكِرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذا أخر أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَثْبُتِ النّسَب وَيخْتَص مَا يَأْخُذهُ الْمقر إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَدْلًا فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَأْخُذُ مِنَ الْآخَرِ حَقَّهُ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُهُ مِنَ السَّيِّدِ فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ لَمْ يَرِثْهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ أَخُوهُ الثَّابِتُ النَّسَبِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ أَخُوهُ الثَّابِتُ النَّسَبِ قَالَ سَحْنُونٌ فَيَرِثُهُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ وَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ وَرِثَهُ الْمُقِرُّ لِاعْتِرَافِ الْمُقِرِّ أَنَّ الْآخَرَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ لِقَوْلِهِ هُوَ أَخُوهُ وَافَقَنَا ح فِي عَدَمِ النَّسَبِ وَالْمُشَارَكَةِ فِيمَا فِي يَدِهِ وَقَالَ لَا يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّ السُّدُسَ مَعَهُ زَائِدٌ فَوَجِبَ إِقْرَارُهُ فَيُعْطِيهِ خَاصَّةً وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش لَا يَثْبُتُ النِّسَبُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَثْبُتْ إِجْمَاعًا وَلَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مُوجِبَ الْإِقْرَارِ عِنْدَنَا الشَّرِكَةُ وَعِنْدَهُ النَّسَبُ لَنَا أَنَّ الْمِيرَاثَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرِكَةِ فَيَتَعَلَّقُ إِقْرَارُهُ بِهَا كَمَا إِذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَجَحَدَهُ الْآخَرُ وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى غَيْرِهِ وَالْآخَرُ عَلَى نَفْسِهِ فَثَبَتَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَالُ كَمَا قَالَ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَأَعْتَقَهُ يَلْزَمُ الْبَيْعُ دُونَ الْعِتْقِ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقُكَ عَلَى أَلْفٍ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ قَالَ هَذِهِ أُخْتِي حَرُمَ عَلَيْهِ زَوَاجُهَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهَا وَلَوْ قَالَ بِعْتُ هَذَا الشِّقْصَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ دُونَ الشِّرَاءِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنَ الْإِقْرَارِ الْمُرَكَّبِ فَهَذَا مِثْلُهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا أَقَرَّ بِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَإِذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ كَانَ أَبُوهُ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ وَالْجَامِعُ إِلَى الْأَصْلِ الْمَقْصُودِ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا يَثْبُتُ فَرْعُهُ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ وَكَذَا لَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُ هَذِهِ وَكَذَّبَتْهُ لَمْ يَثْبُتِ الصَّدَاقُ وَالْمَقْصُودُ هُوَ النَّسَبُ بِخِلَافِ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهُ لَوِ استحلق ابْنا فقد اثْبتْ
نَفسه عَلَيْهِ النَّفَقَة وَالْمِيرَاث وَكَثِيرًا مِنَ الْحُقُوقِ مَعَ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُوجِبُ حَقًّا لِلْمُقِرِّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا النَّسَبَ غَيْرَ الْمُعْتَبَرِ الْبَيِّنَةِ بَلْ لَا يَقَعُ إِلَّا فِيهَا أَوْ يَقُولُ أَقَرَّ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ حَقٌّ لَا يَنْفَك أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَحَدُهُمَا لَا يَثْبُتُ الْآخَرُ فَأَمَّا إِذَا قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِأَلْفٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا لَمْ يَثْبُتِ الثَّمَنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ السِّلْعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لِقِيَامِ الْمُعَارِضِ وَهَا هُنَا لَا معَارض وَلِأَنَّهُ هَا هُنَا فَرَضَهُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ وَيَرِقُّ بِالْإِقْرَارِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَقِيلَ لَا يَرِقُّ لِوُجُودِ مُبْطِلِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِن النّسَب هُوَ الْعِمَارَة كَذَا وَمَا عدا المبتع كَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّ أَسْبَابَ إِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَالْبَيِّنَاتِ سوى الشَّرْع فِيهَا بَيْنَ عَظِيمِ الْحُقُوقِ وَحَقِيرِهَا فَهَذَا الْفَرْقُ مُلْغًى بِالْإِجْمَاعِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ قَدْ يَنْفَكُّ عَنِ الْآخَرِ فَإِنَّ أَحَدَ الْأَخَوَيْنِ قَدْ يَرِثُ الْآخَرَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لِأَجْلِ قَتْلٍ أَوْ رِقٍّ فَقَدِ انْفَكَّ النَّسَبُ عَنِ الْإِرْثِ وَسَقَطَ الْإِرْثُ عَنِ السَّبَبِ فِي الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فَإِذَا تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَا يَثْبُتْ إِلَّا بِقَوْلِ وَارِثَيْنِ عَدْلَيْنِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ غَيْرَ عُدُولٍ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِمْ وَوَافَقَنَا ح فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْوَارِثِ الْوَاحِدِ وَإِنْ حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ وَقَالَ يثبت بوارثين غير معدلين وَبِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمِيرَاثُ لِلْوَارِثِ الْوَاحِدِ إِذَا حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِقْرَارِ جَمِيعِهِمْ وَلَا يَعْتَبِرُ الْأَئِمَّةُ الْعَدَالَةَ وَأَصْلُ الْمَسْالَةِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ شَهَادَةٌ فَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ أَوْ إِقْرَارٌ فَلَا تُعْتَبَرُ الْعَدَالَةُ كَمَا أَنَّهُ إِثْبَاتُ نَسَبِهِ عَلَى الْغَيْرِ فَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ تثبت الْحُقُوقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْمُقَرِّ لَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَسُقُوطُ الْعَوْدِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَوْ يَقُولُ إِنَّمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ
بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ يَمْلِكُ نَفَقَتَهُ كَالْأَبِ وَالْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ فَلَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ رَجُلٌ يَمْلِكُ اسْتِلْحَاقَ النَّسَبِ فَلَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهُمْ فِيهَا حَظٌّ وَإِنَّمَا قُبِلَتِ اسْتِحْسَانًا فَالْإِقْرَارُ أَوْلَى أَنْ لَا يُقْبَلَ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - فِي ابْنِ وَلِيدَة زِمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ هُوَ ابْن أخي عتبَة عهد إِلَيّ إِذا دخل مَكَّةَ أَنْ آخُذَ وَلَدَهُ مِنْهَا وَأَنَّهُ أَلَمَّ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ بَلْ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَة أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َ - هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَقَضَى صلى الله عليه وسلم َ - بِقَوْلِ عَبْدِ أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَوْرُوثِ فِي دُيُونه ودعاويه وَمَاله وَعَلَيْهِ فَكَذَلِكَ لِلنَّسَبِ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الِاثْنَيْنِ ثَبَتَ بِالْوَاحِدِ كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ أَوْ هُوَ إِقْرَارٌ يَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ فَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ كَإِقْرَارِ الْجَدِّ بِابْنِ ابْنِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ خَاصَّةً وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ عُمُومٌ يُبْطِلُ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - لِسَوْدَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ إِثْبَاتِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ لَوْ أَثْبَتَهُ لَكَانَ أَخًا لِعَبْدٍ فَيَكُونُ أَخًا لسودة الثَّانِي أَن قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَكَ ظَاهِرٌ فِي الْمِلْكِ وَقَدْ رُوِيَ هُوَ لَكَ عَبْدٌ فَصَرَّحَ بِالْمِلْكِ وَلِذَلِكَ قَالَ لِسَوْدَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِقَوْل وَاحِدٍ وَعِنْدَكُمْ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِقْرَارِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَسَوْدَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إِقْرَارُهَا الرَّابِعُ إِنَّمَا أَثْبَتَ النَّسَبَ بِالْفِرَاشِ عَبْدٌ وَقَدْ كَانَ يَثْبُتُ أَنَّهَا فِرَاشُهُ بِإِقْرَارِ زَمْعَةَ أَنه فِرَاشُهُ فَيَثْبُتُ الْفِرَاشُ بِقَوْلِهِ وَالنَّسَبُ ضِمْنًا كَمَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ
بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَتَثْبُتُ الْوِلَادَةُ بِمُشَاهَدَتِهِنَّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ ضِمْنًا وَالْمُكَاتَبُ يُقِيمُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى أَدَاءِ نجومه ويخلف بِهِ فَيَصِيرُ حُرًّا وَالْحُرِّيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَقْضِي بِالْمِلْكِ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ ادَّعَى النَّسَبَ وَأَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَالْفِرَاشُ سَبَبُ النِّسَاءِ لَا سَبَبُ الرِّقِّ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الِاخْتِصَاصِ وَالْمِلْكِ أَوْ هُوَ أَخٌ لَكَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ هُوَ لَكَ عَبْدٌ فَعَلَى حَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ أَيْ يَا عَبْدُ وَقَوْلُهُ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لِأَجْلِ مَا رَأَى مِنَ الشَّبَهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَتْبَعُ السَّبَبَ لَا الدَّعَاوَى وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم َ - الْوَلَد للْفراش مِنْهُ صلى الله عليه وسلم َ - بِالْإِجْمَاعِ وَثُبُوتُ حُكْمِ الْفُتْيَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ سَبَبِهَا فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ سَبَبَهَا وَحَذْفُ الْأُمِّ كَذَا ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ فَيَتَعَيَّنُ لَا سِيَّمَا مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَرَائِنِ وَأَمَّا حَذْفُ حَرْفِ النِّدَاءِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ فَيَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْحَجْبُ لِلِاحْتِيَاطِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ السَّبَبَ إِنْ ثَبَتَ فَلَا احْتِيَاطَ أَوْ لَا فَتَتَعَيَّنُ الْحَجَبَةُ وَعَدَمُ إِلْحَاقِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ قَامَ مُورِثُهُ لَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ أَوِ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ نَفْيِ أَبِيهِ لَهُ وَلَيْسَ فَلَيْسَ وَلِأَنَّ الْمَوْرُوثَ يَعْتَرِفُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْوَارِثَ عَلَى غَيْرِهِ وَالِاعْتِرَافُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَا إِذَا أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وَبِالنِّصَابِ فِي الشَّهَادَاتِ يَثْبُتُ بِأَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ دون وَاحِد عَنِ الرَّابِعِ أَنَّ أَشْهَبَ قَالَ يَسْتَلْحِقُ الْأَب وَالْجد وَعَن مَالك لَا يستلحق الْجد فَيمْنَع عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَدَّ يستلحق بِنَفسِهِ وَهَا هُنَا بِغَيْرِهِ فَافْتَرَقَا التَّاسِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قَالَ فِي صبي إِنَّه ابْنه فَيجوز للمدنيين لَا يَثْبُتُ النَّسَبَ وَالِاسْتِلْحَاقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّ الصَّبِيِّ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَيَكُونُ أَصْلُ الْحَمْلِ فِي مِلْكِهِ وَوَلَدٌ فِي يَدَيْهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْأُمِّ مِنْ يَدَيْهِ
بِمَا يَخْرُجُ بِهِ مِثْلهَا إِلَى مَا يَلْحَقُ بِهِ الْأَنْسَابُ وَهُوَ خَمْسُ سِنِينَ بِدُونِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ مَعْلُومٌ فَإِنْ فُقِدَ مِنْ هَذِهِ شَرْطٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُ الْجَمَاعَةِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ لِلْأُمِّ خَبَرٌ إِذَا صَدقَهُ الْوَلَدُ أَوْ هُوَ صَغِير فِي حوزه لَا يعرف عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ وَحُمِلَ تَصَرُّفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُجُوهِ صِحَّتِهِ وَكَذِبُهُ إِمَّا بِأَنَّهُ لَا يُولَدُ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ أَوْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ أَوِ الْوَلَدُ مَحْمُولٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَوْ بَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَدْخُلْهَا قَطُّ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةَ فُلَانٍ غَيْرِ هَذَا فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ أَمَةَ فُلَانٍ حَتَّى مَاتَتْ لَا يَمْنَعُ لِاحْتِمَالِ زَوَاجِهَا أَمَةً وَإِذَا أَقَرَّ بِأَبٍ وَصَدَّقَهُ الْأَبُ فَهُوَ الْفَرْع الْمُقدم لِأَنَّ بِتَصْدِيقِ الْأَبِ صَارَ مُسْتَلْحِقًا لَهُ الْعَاشِرُ قَالَ إِذَا أَقَرَّتْ بِزَوْجٍ أَوْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ وَصدقه الْآخَرُ صَاحِبَهُ وَهُمَا غَرِيبَانِ طَارِئَانِ قَبِلَ قَوْلَهَمَا الْمَدَنِيُّونَ وَلَمْ يُكَلَّفَا بَيِّنَةً عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ سدا للذريعة أَبَاحَ الْأَبْضَاعِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَو الْمُعْتق بمعتق أعْتقهُ بِثلث وَهُوَ الْوَارِثُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِأَنْ يُعْرَفَ وَلَاؤُهُ لِغَيْرِهِ أَوْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِأَصَالَةِ الْحُرِّيَّة وَمن أقرّ بِولد أَو بأب أَو زوج أَو مولى أَو رجل بِزَوْجَة وَلَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ ذُو سَهْمٍ أَوْ عَصَبَةٍ وَرِثَ الْمَعْرُوفُ مَعَ الْمُقِرِّ بِهِ كَمَا لَوْ ثَبت بِالسنةِ الْحَادِي عَشَرَ قَالَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ جَمِيعِ بِجَمِيعِ النَّاسِ اسْتِلْحَاقُ أَخٍ أَوِ ابْنِ أَخٍ أَوِ ابْنِ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ عَمٍّ أَوِ ابْنِ عَمٍّ لِأَنَّهُ اسْتِلْحَاقٌ بِفِرَاشِ الْغَيْرِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا فرَاش لِأَن لفراش لِزَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى وَالْأَبِ وَالزَّوْجَةِ فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ هُمُ الَّذِينَ يَجُوزُ الْإِقْرَارُ لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَيْثُ لَا يَثْبُتُ فَمَاتَ الْمُقِرُّ أَوِ الْمُقِرُّ بِهِ وَالْمَيِّتُ وَارِثٌ يُحِيطُ بِالْمَالِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ اتِّفَاقًا وَإِنْ فَضُلَ شَيْءٌ عَنِ الْمَعْرُوفِ فَلِبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ الْمَدَنِيِّينَ وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا فَضُلَ لِلْمُقِرِّ إِذَا كَانَ عَصَبَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَالْمَالُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا نُقِلَ عَنِ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ سَحْنُون
وأصغ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَرِثَهُ الْمُقِرُّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبٌ فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَارِثٌ أَخَذَهُ مِنَ الْمُقِرِّ وَعَنْ سَحْنُونٍ نَحْوَ الْأَوَّلِ الثَّانِي عَشَرَ قَالَ إِذَا تَرَكَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخٍ لَهُ يُعْطِيهِ نِصْفَ جَمِيعِ الْمَالِ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَخٍ آخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ كَوَلَدَيْنِ ثَابِتَيِ النَّسَبِ يُقِرُّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ لَهُمْ يدْفَعُ لَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِرَابِعٍ أَوْ خَامِسٍ يَدْفَعُ لَهُ الَّذِي يسْتَقْبل بعد إِقْرَاره وعيتك كَذَا مَا زَعَمَ أَنَّ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ معنى قَول ابْن مُغيرَة لِأَنَّ السَّابِقَ بِالْإِقْرَارِ صَارَ كَالْمُتَّصِلِ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إِلَى مَا يجب للْمقر بل إِلَى مَا يحب للمقربة لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ جَمِيعًا وَلَا يَتْلَفُ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ ثَانِيًا شَيْءٌ مِمَّا يَجِبُ فَإِذَا أَقَرَّ ثَالِثًا فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ لِلثَّالِثِ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ السُّدُسُ فَإِنْ أَقَرَّ بِرَابِعٍ أَعْطَاهُ مِنْ عِنْدِهِ رُبُعَ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُعْطِيهِ السُّدُسَ الَّذِي بِيَدِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِنْ مَالِهِ تَمَامَ رُبُعِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ أَضْعَفُ سُدُسٍ وَكَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بِخَامِسٍ غَرِمَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ خُمْسِ جَمِيع المَال ثمَّ على هَذَا سَوَاء كَانَ غَرَمَ الْأَوَّلُ مَا يَجِبُ لَهُ قَبْلَ إِقْرَارِهِ بِالثَّانِي إِنْ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا غَرِمَ لِلْأَوَّلِ نَقَصَ أَمْ لَا أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ عَامًا بِالثَّانِي أَمْ لَا لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ فِي يَدِهِ فَقَدْ أَتْلَفَ عَلَى الْمُقِرِّ بِهِ الآخر حَقه عمدا أَو خطا وهما وموجبان لِلضَّمَانِ فَإِنَّ أَقَرَّ بِثَالِثٍ وَأَنْكَرَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ يُقَاسِمُ الثَّالِثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَدْفَعُ لِلثَّالِثِ مِثْلَ نِصْفِ جَمِيعِ الْمَالِ الثَّالِث عَشَرَ قَالَ إِذَا أَقَرَّ بِأَخٍ لَهُ فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ صَدَقَ وَلَكِنِّي الْوَارِثُ وَحْدِي يصدقُ الْمُقِرُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ فَيُقَامُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لِلْمُقَرِّ بِهِ جَمِيعُ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتمعَا على أَن الْمقر بِهِ وَارِث وَاخْتلف فِي مِيرَاثِ الْمُقِرِّ فَالْجَمِيعُ عَلَيْهِ أَوْلى قَالَ ابْنُ بِكْرٍ مِنَّا وَيُحْتَمَلُ عِنْدَهُ أَنَّ لِلْمُقِرِّ رُبُعَ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْمُقِرِّ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ فِي النِّصْفِ وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَقَدْ سَلَّمَهُ الْمقر للْمقر بِهِ فيقتسم الْمُتَنَازِعُ فِيهِ بَعْدَ وَأَمَّا لَوْ
كَانَ الْمُقِرُّ ثَابِتَ النَّسَبِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُقِرِّ بِهِ إِلَّا نِصْفُ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ فُلَانَة بنت زَوْجَتي ورثتها وَأَنت أَخُوهَا تثرها مَعِي فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ أَنَا أَخُوهَا وَلَكِنْ لست أَنْت زَوجهَا أَو قَالَت امْرَأَة ذَلِكَ فِي بِنْتٍ إِنَّهُ زَوْجُهَا وَإنَّ فلَانا أَخُوهُ وحجدها الْأَخ فَمَال لِلْأَخِ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَرِثُ الزَّوْجُ وَلَا الزَّوْجَةُ شَيْئًا وَلَا يصدقان فِي النِّكَاح إِلَّا بِبَيِّنَة يصدهما الْوَارِثُ وَالْوَلَاءُ كَالزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا كَالْإِقْرَارِ فِي الْأَنْسَابِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ خَلِيفَةَ حُكْمُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَغَيْرهمَا فِي الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ يَأْخُذُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ مِيرَاثَهُمَا وَالْفَاضِلُ لِلْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَقْبَلُ قَوْلَ زِيدٍ فِي النِّكَاحِ دُونَ النَّسَبِ كَقَوْلِهِ أَقْبَلُهُ فِي النَّسَبِ دون النِّكَاح قَالَ ابْن بكر على طَرِيقِ التَّدَاعِي لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لِلْمُقَرِّ بِهِ الرَّابِعَ عَشَرَ قَالَ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِثَالِثٍ ثُمَّ أَقَرَّ الثَّالِثُ بِرَابِعٍ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ يَدْفَعُ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ إِلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ سُدُسُ الْمَالِ وَقَول أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّالِثُ الرَّابِعَ رُبُعَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ ثمنُ مَا فِي يَدَيْهِمَا لِأَنَّ الرَّابِعَ يَقُولُ لِلثَّالِثِ لَمَّا أَقْرَرْتَ لِي زَعَمْتَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِي رُبُعُ جَمِيعِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَعْرُوفَيْنِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمُنُ الْمَالِ فَقَدْ أَخَذْتَ أَنْتَ من الَّذِي أقرّ لَك سدس المَال وَإِن أَدْفَعُهُ عَلَى إِقْرَارِكَ ثُمُن الْمَالِ وَمَعَكَ فَضْلٌ عَنْ حَقِّكَ وَهُوَ ثُلُثُ ثُمُنِ الْمَالِ فَيَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فِي يَدِ الْمُنْكِرِ اثْنَا عشرَة وَفِي يَدِ الْمُقِرِّ ثَمَانِيَةٌ وَفِي يَدِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَفِي يَدِ الرَّابِعِ وَاحِدٌ وَفِي قَوْلٍ يُعْطِي الْمُقِرَّ الْمَعْرُوفَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ الثَّالِثُ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ رُبُعُ الْمَالِ ثُمَّ يُعْطِي هَذَا الثَّالِثُ لِلرَّابِعِ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهِ وَهُوَ ثمن المَال يصبح من ثمنه وَفِي يَد الْمُنكر الرَّابِع وَفِي يَد الْمقر اثْنَان وَفِي يَد الثَّالِث وَاحِد وَفِي يَد الرَّابِع وَاحِد انْتهى كتاب الْإِقْرَار وَبِه انْتهى الْجُزْء التَّاسِع ويليه الْجُزْء الْعَاشِر وأوله كتاب الْأَقْضِيَة