الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصفحة (180 أ) وفيها الحواشي من كل جوانبها
الصفحة (190 ب) وفيها بداية تراجم وَفَيَات عام 873 هـ. وأولهم "إبراهيم بن خليل" أخو المؤلّف
جُذاذة تحمل الرقم (195) وهي مُفرَدَة
الصفحة (209 ب) وقد تعرّض بعضها للطمس
الصفحة (246 ب) وقد تعرّض بعض أطرافها وحواشيها للطمس
الصفحة (247 أ) وفيها حواشي وعناوين من كل الجهات
الصفحة (251 أ) بحواشيها من كل الأطراف، وبداية تراجم وَفَيَات سنة 874 هـ.
الصفحة (255 أ) وقد تعرّضت لخرق في الأصل
الصفحة الأخيرة من الكتاب المؤرّخة في 8 ربيع الأول سنة 890 هـ
سنة ثلاثٍ وسبعين وثمانمائة
استهلّت هذه السنة والخليفة فيها هو الذي في التي قبلها.
وأمّا السلطان بها بمصر والشام والحجاز، وما والى ذلك من البلاد والأقطار، فهو السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي المحمودي الظاهري، وقد عرفته بترجمته، وعرفت كيفية سلطنته في التي قبلها، ومن تسلطن في أثنائها قبله، فلا حاجة بنا إلى إعادة ذلك.
وأمّا بقية الملوك والنوّاب والأمراء والقضاة والحكام، وسائر وُلاة الإسلام بسائر الممالك والأطراف شرقًا وغربًا، فعلى ما هم عليه في الخالية.
ما عدا صاحب العراقين وأَذَرْبَيْجان تبريز وما والاها، فإنه في هذه السنة حسن علي بن جِهان شاه. ووهِمَ من قال:"أوعلي حسن"، فإنه ليس إلّا الأول، لأنه اسم عَلَم رُكّب من ذَين الاسمين على هذه الصورة وصار اسمًا واحدًا، ولا مانع من ذلك حتى يُتعجَّب منه، اللهمّ إلّا أنه ما أُلِف بهذه البلاد بخلاف تلك البلاد، فإنهم يستعملون نحو هذا كثيرًا كـ "يار علي" و"بير علي" فإنها أعلام، وكان حسن علي هذا محبوسًا من أبيه ببعض القلاع، ولما قُتل والده على ما عَرفت ذلك فيما تقدّم، أخرج هذا، وتلقّته العساكر، فملّكوه عِوضًا عن أبيه. وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.
وما عدا سلطان الروم الأدنى قونية ولارنْدَة ونكدة، وما والاها
(1)
من البلاد من مملكة ابن
(2)
قَرَمان، فإن السلطان بها في هذه السنة الأمير شهاب الدين، ويقال: شمس الدين بتلك البلاد أحمد بن إبراهيم الماضي خبره، ومَلَكه عن أخيه إسحاق بعناية ابن
(3)
عثمان، ثم وقع بينهما على ما سيأتي ذلك.
وما (عدا)
(4)
صاحب تِلِمْسان، فإنه في هذه السنة عثمان صاحب تونس، محمد بن أبي ثابت نائب
(5)
عنه فيها، على ما اتفق وإيّاه عليه، وخطب له يدعو
(1)
في الأصل: "وما ولاها".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
عن الهامش.
(5)
في الأصل: "نائبًا".
له، وضُربت السكة باسمه، ثم انتقض ذلك بعد ذلك، أظنّ في أثناء هذه السنة.
وما عدا أتابك العساكر بمصر، فإنه في هذه السنة الأمير جانِبَك الأشرفي قُلَقسيز، وهو في أسر شاه سوار، وما أُخرِجت عنه الوظيفة إلى الآن، بل بعد ذلك كما سيأتي قريبًا وتعرفه.
وأمّا من وُلّي الأتابكية في أثناء الحالية فقد عرفتهم واحدًا بعد واحد، فلا نعيدهم.
وما عدا أمير سلاح، فإنه مات كما تقدّم في كائنة سوار، وشُغرت الوظيفة وهي على ذلك إلى الآن. وسيأتي ما اتفق فيها بعد ذلك.
وما عدا نائب الشام، فإنه في هذه السنة أُزْبَك من طَطَخ، وليها بعد أسر سوار لبُرْدُبَك البَجْمَقْدار، على ما عرفتَ ذلك.
وما عدا نائب حلب، فإنه في هذه السنة بُردُبَك البَجْمَقْدار، بُعث إليها ثانيًا من القدس بعد القبض على يشبُك البجاسي وسجنه على ما تقدّم.
وما عدا نائب طرابلس، فإنه في هذه السنة إينال الأشقر، وُلّيها عن قانِبَاي الحَسَني، على ما عرفتَ ذلك أيضًا فيما تقدّم، وأنه قُرّر في حماة، ثم في أثناء ذلك قبل دخوله إلى حماة وليها.
وما عدا نائب حماة، فإنه في هذه السنة الناصري محمد بن مبارك.
وما عدا نائب غزّة، فإنه في هذه السنة أرغون شاه وُلّيها عن إينال الأشقر.
وما عدا أميراخور كبير، فإنه في هذه السنة جانِبَك من طَطَخ.
وما عدا (الدوادار)
(1)
…
…
(2)
.
[شهر المحرّم]
[وفاء النيل]
وفيه في يوم الجمعة، سادس عشره، ووافق ثاني عشر (مِسْرى)
(3)
من شهور القبط، كان فتح الخليج بالسدّ عن وفاء النيل المبارك. وندب السلطان لذلك قرقماس الجَلَب الأشرفي أمير مجلس، لنزوله للبحر للكسر، فركب من داره
(1)
أثبتناها كما وردت في آخر الصفحة على نظام التعقيبة.
(2)
هنا خرم ورقة - صفحتين من المخطوط.
(3)
مكرّرة، وشطب على الثانية.
وتوجّه إلى مصر، فعدّى الروضة، ثم دخل إلى المقياس وخلّقه على العادة، وعاد راكبًا النيل إلى السدّ وفتح الخليج بحضرته، ثم ركب المركوب المجهّز إليه من الإسطبل السلطاني بالسَّرْج الذهب والكنْبوش الزَّرْكش، وصعِد القلعة، فخلع عليه السلطان، ونزل إلى داره في مشهد حافل.
[وصول ركب الحاجّ]
وفيه، في يوم الخميس، ثاني عشرينه، وصل الركب الأول من الحاج صُحبة أميرهم تَنِبَك الأشقر، وطلع إلى القلعة، وخلع عليه على العادة.
[وصول المحمل]
وفيه، في يوم الجمعة، ثالث عشرينه، وصل المحمل وجميع الحاج، وهم بغير أمير لتوجُّه أميرهم إلى القدس، على ما عرفته.
(قدوم ابن
(1)
الكُوَيز من بلاد الروم)
(2)
وفيه، في يوم الأربعاء، ثامن عشرينه، قدم إلى القاهرة الأمير زين الدين عبد الرحمن بن الكُويز
(3)
من بلاد الروم، وطلع من غده إلى القلعة، وخلع عليه السلطان كامليّة، ورحّب به، وكان الزين هذا قد خرج من مدّة مديدة مختفيًا، وتوجّه في اختفائه إلى بلاد الروم خوفًا من الظاهر خُشقدم، ليبعُد عن ظلمه وشرّه وجوره وعسفه.
وذكر لي بعض أصحابي من الأروام، قال: لما وصل عبد الرحمن هذا إلى بلاد الروم واجتمع بالوزير محمود باشا وزير ابن
(4)
عثمان، ذكر له أنه كان وزيرًا لصاحب مصر، وقصد بذلك ضخامة نفسه، حيث إن اسم الوزارة هناك له فخامة، وأراد أن يروج بسبب ذلك عندهم، فأوصله محمود المذكور لابن عثمان، ورحّب به واهتم لأجله. ثم بينا هم في أثناء ذلك، إذ عرفه إنسان، فأخبر بأنه كان ناظر الخاص بمصر، فسُئل: هل كان وزيرًا؟ فقيل: لا. فانحطّ قدره لذلك، كونه تكلّم بما لم يكن على أنه ذكر أن وظيفة نظر الخاص بمصر فوق الوزارة بها، ومع ذلك فلم يرُج بذاك لظهور الكذب، ورتّب له ابن عثمان شيئًا ببُرصا، وأمره بأن يخرج إليها فيقيم بها.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
هو عبد الرحمن بن داود بن عبد الرحمن بن داود بن الكويز.
(4)
في الأصل: "بن".
قال هذا المخبر: ولو تكلّم بالواقع ربّما أنه كان يرأس بالروم، وكان يكون له شأن، فإن السلطان محمد بن عثمان كان قد أقبل عليه جدًا.
وستأتي ترجمة ابن
(1)
الكُوَيز هذا في محلّها إن شاء الله تعالى من سنة وفاته وهي سنة [سبع وسبعين وثمانمائة]
(2)
، وقد عرفتَ الكثير من تنقّلاته وأحواله فيما تقدّم من متجدّدات تاريخنا هذا. ونذكر أيضًا فيما يأتي ما كان له إلى وفاته.
[وصول قاصد حسن الطويل]
وفيه - أعني هذا اليوم أيضًا - وصل إلى القاهرة قاصد حسن بك الطويل بن قرايُلُك صاحب ديار بكر، وعلى يده مكاتبة، ومعه بعض هدية من مرسله، وهو يهنّئ السلطان بجلوسه على تخت المُلك، وأنه من جملة مماليك السلطان وخدمته وتحت أوامره وطاعته ومن المحبّين، ونحو ذلك مما يُتقرّب به إلى الخواطر.
[شهر صفر]
(فشْو الطاعون بالإسكندرية)
(3)
وفيها استهل صفر بالسبت، وهُنّيء به السلطان.
وفيه - أعني هذا الشهر - كان فشاء الطاعون بثغر الإسكندرية وأعمالها، وكان قد ابتدأ
(4)
ببلاد المغرب الأقصى في أواخر سنة إحدى وسبعين، ودام إلى سنة اثنتين
(5)
وسبعين، ثم اتصل بتونس فيها في أواخرها
(6)
أو في هذه، ثم تتابع حتى وصل لهذه البلاد، ومات به بالمغرب خلائق
(7)
كثيرة.
ويقال: إنه جاء (من)
(8)
جهة بلاد الفرنج إلى الأندلس، ثم منها إلى المغرب، ثم إلى هذه البلاد.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، وما أثبتناه من: الضوء اللامع 4/ 76 - 78 رقم 3224، ووجيز الكلام 2/ 844، 845 رقم 2933، والذيل التام/ 267، ونيل الأمل 7/ 60 رقم 2920، وبدائع الزهور 3/ 84.
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
في الأصل: "ابتداء".
(5)
في الأصل: "سنة اثنين".
(6)
كتب أولًا: "أوائلها" ثم ضرب عليها.
(7)
في الأصل: "خلائقا" وخبر الطاعون في: نيل الأمل 6/ 340، وبدائع الزهور 3/ 18.
(8)
مكرّرة في الأصل.
(نزول السلطان للتنزّه بطُرا والعدوية)
(1)
وفيه، في يوم الأحد، ثانيه، ركب السلطان من القلعة، ونزل ومعه جميع أمرائه وخاصكيّته، ولم يكن بثياب الموكب السلطاني، وتوجّه في نزوله إلى طُرا والعدوية، بعد أن تقدّم أمره قبل ذلك، بأن يضرب خانه هناك بالقرب من زاوية الرفاعي، وكان وطاقًا هائلاً على البحر، ونزل به السلطان بمن معه، وتسامع الناس بذلك، فهرعوا إلى تلك الجهة لأجل التنزّه والفُرجة. وكان السلطان لما ركب ونزل عليه سلّاري
(2)
، فلما قرُب من الوطاق رمى بالسلّاري الذي كان عليه، وأمر الركبدارية بتنحية عباءة الفَرس المركوب له. ثم أطلق عنانه، وساق سَوقًا عنيفًا كالمغير، وتبِعه على فعله جميع أعيان الأمراء والعسكر الذين معه، ولا زال في مشواره ذلك حتى وصل إلى المعيصرة، ثم عاد إلى المخيّم بالعدوية ونزل به، ثم قُدّم له السماط، فأكل هو والأمراء ومن معه، ودم هناك إلى بعد الزوال، فأُحضر إليه سماط آخر من الحواضر والبوارد كأنواع العجج والأجبان والألبان والمخلّلات والبطّيخ ونحو ذلك، وكان شيئًا وافرًا كثيرًا جدًّا، بحيث فاض على العسكر، فمُدّ هذا السماط وأكل، ثم ركب السلطان عائدًا إلى قلعته، ودخلها قبل أوان العصر، وعِيب عليه ما فعله في سَوقه، وكان ذلك أول فعله لذلك، فلهذا عِيب ذلك عليه، ولو علموا ما يأتي من نحو ذلك وزيادة من أفعاله لما أعابوا عليهَ ذلك، إذ صار دَيدنًا ودأبًا له في كل حين بعد هذا التاريخ، وتقرّر حاله عليه كما أنت على بصارة منه.
[توقّف النيل وارتفاع الأسعار]
وفيه، في يوم الثلاثاء، رابعه، توقف النيل عن الزيادة، ودام على ذلك عدّة أيام حتى حصل للناس من ذلك القلق، وتكالبوا على الغلال، وارتفعت أسعارها زيادة عمّا كانت قد ارتفعت قبل ذلك. ثم كان ما سنذكره.
[ولاية يلباي العلائي نيابة الإسكندرية]
وفيه، في يوم الخميس سادسه، استقرّ السلطان بخُشداشه يلباي العلائي الظاهري، أحد العشرات ورؤوس
(3)
النُوَب، في نيابة ثغر الإسكندرية، عِوضًا عن
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
في الأصل: "سلاريا".
(3)
في الأصل: "روس".
قانصوه اليحياوي الذي وُلّي نيابة الشام بعد ذلك، وقد تقدّمت ترجمته.
وكان قانصوه هذا قد استُقدم من الإسكندرية ليلي نيابة طرابلس، عِوضا عن إينال الأشقر لما نُقل منها إلى نيابة حلب، عِوضًا عن بردُبك البَجْمَقْدار لما عُيّن لنيابة الشام، عِوضًا عن أُزبك من طَطَخ، لما طُلب إلى القاهرة على ما قدّمنا، لأجل أن يقرّر في الأتابكية، عِوَضًا عن الأتابك جانِبَك قُلَقسيز، لما أخذ أسِيرًا في نوبة شاه سوار، على ما تقدّم بيان ذلك.
ويَلَباي هذا ستأتي ترجمته في سنة (تسعٍ)
(1)
وسبعين، فإنه مات فيها على نيابة صفد، كما سيجيء ذلك إن شاء الله تعالى.
[النداء على الفلوس]
وفيه، في يوم السبت ثامنه، نودي على الفلوس كل رطل بأربعة وعشرين نُقرة، وكانت قبل ذلك بستة وثلاثين، وحصل على الناس تشويش بواسطة هذه المناداة لكونهم يخسرون ثلث أموالهم، وللَّه الأمر.
[دفن مغلباي طاز بالقاهرة]
وفيه، في يوم الإثنين عاشره، أُحضرت رِمّة الأمير مُغُلباي طاز المؤيَّدي الأبوبكري، الذي كان من مقدَّمين
(2)
الألوف، وتقدّم خبر إخراجه إلى ثغر دمياط، فاتفق أن مات بها، وأُحضرت رِمّته لتُدفن بالقاهرة بتربة له أنشأها بالصحراء.
وستأتي ترجمته في تراجم هذه السنة إن شاء الله تعالى.
[غلاء القمح والمناداة بتسعيره]
وفيه - أعني هذا اليوم - نودي بالقاهرة وظاهرها بأن القمح لا يباع الإردبّ منه بأكثر من أربعمائة درهم، وأن هذا سعره لا يُتجاوز به إلى زيادة على ذلك، وأن الشعير بثلاثمائة، والبقل بمائتين، وما التفت أحد لهذه المناداة، بل
(1)
بياض في الأصل. وما أثبتناه من ترجمته في: نيل الأمل 7/ 114، وبدائع الزهور 3/ 102 ولم يذكره طه ثلجي الطراونة في: مملكة صفد في عهد المماليك. انظر ص 299 ففيه ذكر أن الأمير أرغون شاه الأشرفي برسباي تولى نيابة صفد بعد وفاة نائبها الأمير جكم الأشرفي في 15 صفر سنة 875 هـ. وقال السيد الطراونة: ولكننا لم نتمكن من معرفة التاريخ الذي عُزل به: أرغون شاه. ثم ذكر بعد ذلك نيابة الأمير بردبك جرباش (رقم 129) وقال: لم نتمكن من معرفة التاريخ الذي تولّى به نيابة صفد.
(2)
الصواب: "من مقدَّمي".
كانت كطنين جناح الذباب أو صوت الذباب، بل وأصبح في غد هذه المناداة سعر الإردب القمح بسبعمائة، وزادت الأسعار في غير القمح أيضًا بسبب هذه المناداة. ولما تسامع بها غالب من عنده شيء من الغلال أخفى ذلك، فعُدم وجود الشيء، وتكالب الناس على الغلال، فباع من له بل ما زيد مما كان قبل ذلك، فارتفع السعر بهذا المقتضى حتى تمنَّى
(1)
الكثير من الناس أنّ السلطان ليته لم يُنادِ
(2)
على ذلك ولم يسعّر. وكان سبب هذا الارتفاع أيضًا قبل ذلك توقّف البحر عن الزيادة على ما أسلفناه، من رابع صفر إلى عدّة أيام، فتكالب الناس، لا سيما ووافق ذلك آخر مِسرى، فصاروا يقولون: فرغ أيام الزيادة القوية، ولم يزد فيما بقي يزيد شيئًا، ثم كانت هذه المناداة فزادت الأفكار، وحصل زيادة التكالب والقلق، وأضرّت بالناس، لامتناع أصحاب المُغل عن البيع بذلك السعر الذي قرّره السلطان، ثم مَنّ الله تعالى بأنْ زاد البحر بعد ذلك. وكان قد حصل في البحر بعض نقص، فردّ كما سنذكره.
[نزول السلطان للترحيب بأُزبَك من ططخ]
وفيه، في هذه الأيام، احتفل الكثير من الناس والأعيان لملاقاة الأمير أُزبَك من طَطَخ، لقربه من القدوم إلى القاهرة، وخرج بعضٌ إلى لقائه بقَطْيا، وأخرى إلى ما دونها وإلى الخانكة ونزلها هو في يوم الثلاثاء، ثم نزل الريدانية في يوم الأربعاء، أو في آخر نهار الثلاثاء، ونزل إليه السلطان في هذه الليلة خفيةً، من غير أن يَشعُر به أحد، ولا كان ببال أُزبَك أيضًا، واجتمع به في ليلته، وكان قد نزل إليه في دون العشرة أنفُس من خواصّه، وجلس عنده ساعة جيّدة وأنس به، ثم عاد إلى القلعة وقد عيّنه للأتابكيّة
(3)
، وقرّر مع ناظر الخاص بأن يطلع بخلعة الأتابكية في خلعته
(4)
التي تُحمل إلى القلعة.
(ولاية أُزبك للأتابكية)
(5)
وفيه، في يوم الخميس عشرينه، طلع أُزبَك من طَطَخ إلى القلعة، فاستقرّ به السلطان في يوم هذا في أتابكية العساكر، عِوَضًا عن جانِبَك قُلَقْسيز الأشرفي، بحكم كونه مأسورًا عند شاه سوار على المبلغ الذي تقدّم ذكره وكميّة مقداره، وحين أريد إفاضة الخلعة على أُزبك المذكور أخذ يُظهر الامتناع من قبول
(1)
في الأصل: "تمنا".
(2)
في الأصل: "لم ينادي".
(3)
في الأصل: "للأتابكة".
(4)
في الأصل: "في خلعه".
(5)
العنوان من الهامش.
الأتابكية، ويعتذر بوجود الأتابك جانِبَك صاحب الوظيفة، وكونه في قيد الحياة، ولا يليق به أن يستقرّ في مكانه مع وجوده، وأراد بذلك إرضاء من له غرض عند جانِبَك المذكور، لا سيما وهو من طائفة تعادي طائفة أُزْبَك، وحصل عند السلطان من الباعث بسبب ذلك ما لا عنه مزيد في الباطن، لكونه يُنسب إلى عدم مراعاة جانِبَك، وأن أُزبَك أظهر مراعاته، وخلع عليه بعد هذا الإظهار للامتناع، ونزل إلى داره في موكب حافل ومحفل هائل، وقعد الناس لرؤيته، وكان لظهوره ونزوله يومًا مشهودًا، لا سيما وقد كانوا احتفلوا به قبل ذلك على ما قلناه. ولم يزل على هذه الوظيفة إلى يومنا هذا، وقد قدّمنا ترجمته.
[فتح سدّ على النيل]
وفيه - أعني هذا اليوم - فُتح سدّ جسر أبي المنجّا. وكان البحر في اثني
(1)
عشر إصبعًا من الذراع التاسع عشر، وكان ذلك نهاية زيادة نيل هذه السنة، وأخذ في النقصان من هذا اليوم، بل ولم يثبت.
ومما وقع من النوادر في زيادة هذه السنة أن كثيرًا من أرباب التقاويم وأهل التنجيم وقُيّاس الطين بالموازين وآخرين، كانوا قد أجمعوا كلّهم على أن النيل في هذه السنة يبلغ العشرين أو يزيد عليها، أو أنه يبلغ عدّة أصابع من العشرين وإن لم يبلغها، وجاء الأمر بخلاف ما زعموا وانتقض ما أبرموا، وأخطأوا مما عليه عوّلوا.
[نظر البيمارستان المنصوري]
وفيه، في يوم الإثنين، رابع عشرينه، خُلِع على الأتابك أُزبَك خلعة النظر على البيمارستان المنصوري على العادة في ذلك، ونزل إليه فحضره في موكب حافل.
(ولاية قانصوه اليحياوي نيابة طرابلس)
(2)
وفيه في يوم الخميس، سابع عشرينه، خُلع على قانصوه اليحياوي باستقراره في نيابة طرابلس، عوضًا عن إينال الأشقر، لما نُقل إلى نيابة حلب، عِوَضًا عن بردُبك البَجْمَقْدار لما نُقل إلى نيابة الشام ثانيًا عِوضًا عن أُزبك الذي وُلّي الأتابكية، عِوضًا عن جانِبَك قُلَقسيز، على ما عرفتَ ذلك آنفًا بحكم أسْر جانِبَك عند سوار وشغور الأتابكية عنه على ما زعموا، فكان في أسره كالمندوحة لإخراج الأتابكية
(1)
في الأصل: "في اثنا".
(2)
العنوان من الهامش.
عنه، وذلك لكونه عدوًّا للظاهرية على زعمهم، إذ ليس هو من طائفتهم بل من طائفة أعدائهم، على أن إمرة سلاح مات صاحبها قتيلًا وشغُرت حقيقة، فكان يمكن تقرير أُزبَك فيها وانتظار جانبك بالأتابكية، فإنه لما أُطلق وقدم القاهرة قُرّ في إمرة سلاح ما على سيأتي، وهذا عين الغرض والتصرّف له لا بالإنصاف الذي جرت به عادة الملوك في رسومهم وقواعدهم
(1)
.
[وصول رِمّة الخَوَنْد فاطمة بنت الأشرف إينال إلى القاهرة]
وفيه، في يوم السبت، تاسع عشرينه، وصل إلى القاهرة رِمّة الخَوَند فاطمة ابنة الأشرف إينال وأخت المؤيَّد أحمد وزوجة يونس الدوادار، وكانت قد ماتت بالإسكندرية بالطاعون، فجُهّزت وأُخرجت جنازتها إلى مصلّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليها، وحُملت إلى تربة أبيها بالصحراء فدُفنت بها
(2)
. وستأتي ترجمتها إن شاء الله تعالى.
[توقف إنفاق الجوامك على أولاد الناس]
وفيه، أعني هذا الشهر، لم ينفق السلطان على أولاد الناس جوامكهم المرتّبة لهم بالديوان، ولا على من له جامكية بالديوان من الفقهاء والمتعمّمين ومُضافي أعيان الدولة، وتوقف السلطان في الإنفاق على الجميع، ولم ينفق سوى على من جرى عليه الرق وعُتق من المماليك فقط، ثم وقف له جماعة من قطع يتظلّمون له من ذلك ويشْكون من قطع أرزاقهم، فوعدهم بأنه إذا تمّت نفقة المماليك فإنه ينفق عليهم، ثم كلّمه الأعيان في ذلك، وخوّفوه عاقبة الدعاء عليه بسبب قطع الرزق، فأجاب بأنه سينفق عليهم في ثاني الشهر الآتي، وصار كلّما كُلّم في ذلك من الأعيان يأخذ في إبداء الأعذار بسبب شاه سوار وغلاء الأسعار، لا سيما والبحر قد نزل سريعًا، وهو دليل على تشريق الكثير من البلاد، وخصوصًا الخزائن لا محصول بها، وأخذ الأعيان في تخفيف ذلك عليه وتهوينه لديه
(3)
، وهو مع ذلك لا يرعوي ولا ينظر في قوله عليه السلام:"اللهمّ من ولي أمرًا من أمور أمتي فرفق بهم فارفق اللهمّ به ومن شدّد عليهم فشدّد اللهمّ عليه"، ولم يرض لنفسه أن يكون ممن دعا له النبي عليه السلام بأن يرفق به الله، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.
(1)
خبر نيابة طرابلس في: إنباء الهصر 15، ونيل الأمل 6/ 343، وحوادث الزمان 1/ 184، وبدائع الزهور 3/ 19، وتاريخ طرابلس 2/ 53 رقم 128 ومات (قانصوه اليحياوي) في سنة 902 هـ.
(2)
خبر وفاة الخوند فاطمة في: نيل الأمل 6/ 345.
(3)
خبر توقف الإنفاق في: إنباء الهصر 16، ونيل الأمل 6/ 345، وبدائع الزهور 3/ 20.
[ولاية أحمد بن عُبادة قضاء الحنابلة بدمشق]
(وفيه، في أواخره، أو أوائل ربيع الأول قُرّر في قضاء الحنابلة بدمشق الشهابي أحمد بن عُبادة، عِوَضاً عن البرهان ابن
(1)
مفلح، وأعيد العلاء ابن
(2)
قاضي عجلون إلى وظيفة القضاء الحنفية بها. ثم في جماد الآخر أعيد ابن مفلح إلى القضاء الحنبلية، وصُرف ابن
(3)
عُبَادة (
(4)
.
[شهر ربيع الأول]
وفيها استهلّ ربيع الأول بالإثنين، وهُنّئ به السلطان في هذا اليوم من القضاة وممن له عادة بالتهنئة.
(ذِكر الغلاء الكائن هذه السنة)
(5)
وكانت الأسعار حين استهلاله مرتفعة جدّاً في الغلال وسائر أصناف المأكولات، فكان القمح بنحو السبعمائة الإردبّ، والشعير بستماية، والفول بأربعمائة، وكان الشعير مع ما فيه من هذا الغلاء
(6)
لا يوجد أصلاً، وحصل للناس بسبب ذلك القلق الزائد، وانكشف حال الكثير منهم، وهاجر جمع من القاهرة إلى غيرها من البلاد، وقطع في هذه الغَلوة خبز الخانقاة الشيخونية وطعامها، ودام مدّة على ذلك، وخشت
(7)
(الناس فوات)
(8)
الزروع، وكثُر استيلاء العربان على
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
خبر ابن عبادة بين القوسين من الهامش. ووقوع هذا الخبر هنا لا يصح، لأن أحمد بن عبادة مات سنة 864 هـ. واسمه بالكامل:"أحمد بن محمد بن محمد بن عبادة بن عبد الغني بن منضور الحرّاني الأصل، الدمشقي، الصالحي، الحنبلي". (الضوء اللامع 2/ 179، 180 رقم 502).
أمّا البرهان بن مفلح فمات سنة 803 هـ. بالبقاع بعد فتنة اللنك، وهو: إبراهيم بن محمد بن مفلح بن مفرح بن عبد الله الصالحي، الحنبلي. (الضوء اللامع 1/ 167. 168).
أمّا ابن قاضي عجلون فهو: علي بن أحمد بن عبد الرحمَّن بن محمد بن محمد الدمشقي، الحنفي. توفي سنة 882 هـ. (الضوء اللامع 5/ 168 رقم 582) وانظر عنه في: وجيز الكلام 3/ 883 و 886 رقم 2020، والقول المستظرف 86، 87، وإنباء الهصر 492، ونيل الأمل 7/ 197 رقم 3071، وحوادث الزمان 1/ 216، 217 رقم 284، ومفاكهة الخلّان/ فهرس الأعلام 2/ 215.
(5)
العنوان من الهامش.
(6)
في الأصل: "الغلو".
(7)
الصواب: "وخشيت".
(8)
من الهامش.
النواحي، لا سيما البحيرة، فكان مجموع هذه الأشياء والمقتضيات، لا سيما بالفِتَن بالبلاد الشمالية، وجود الغلاء، وخصوصاً وقد هبط النيل بسرعة، لا سيما يوم كسر جسر بحر أبي المنجّا، فإنه نقص في ذلك اليوم نقصاً ظاهراً فظيعاً
(1)
بيّناً، ولم يثبت اليوم الواحد حتى اهتمّ الناس لأجل مَلأ
(2)
الصهاريج بالتُرَب والقرافتين والصحراء، ونحو ذلك من الأمكنة، خوفاً من فوات ذلك، ثم أخذ الناس أيضاً في الزراعة، وسدّوا المحاريث بالقليوبية وغيرها من البلاد، وأثاروا الأرض بالحراثة في غير الوقت المعتاد في أواسط توت
(3)
قبل دخول بابه
(4)
بمدّة أيام، ومع ذلك فليس هو بأوان الزرع، فما ظنّك بما قبله، وحصل للناس بعد ذلك من هذا الغلاء مزيد الأنكاد، بل ومات كثير من الفقراء جوعاً، كل ذلك مع العلم وفشائه، وقطع الأرزاق، والإرجاف بالطعون، حتى كان كما سنذكره. وكان زمناً سيئاً
(5)
، وتتابع ذلك ودام مدّة سنين، بل وآثاره باقية إلى الآن
(6)
.
(ورود الخبر بموت الظاهر يلباي)
(7)
وفيه، في يوم الأربعاء، ثالثه، ورد الخبر على السلطان من ثغر الإسكندرية بموت الظاهر يلباي بمحبسه من الثغر المذكور بالطاعون، وستأتي ترجمته في تراجم هذه السنة إن شاء اللَّه تعالى.
(تعيين أزدمر الطويل تجريدة لسوار)
(8)
وفيه، في يوم الخميس، رابعه، أشيع بأن السلطان في قصْد تعيين تجريدة في هذه الأيام، تخرج إلى جهة المملكة الحلبية لقتال شاه سوار، (لما ورد الخبر بأن سوار المذكور نزل بعسكره على قلعة طُرُنْدَة، المسمّاة بين العامّة بدُرُنْدَة، وأنه بقي في حصارها ثم رحل عنها، وزاد الكلام ونقص في سفر السلطان، وكلّمه الأمراء بأن توجّهه بنفسه ليس برأي، لأن سوار أقلّ من أن يسافر إليه السلطان)
(9)
. ثم أسفر الحال على أن السلطان عيّن أزدمر الطويل الأشرفي، أحد مقدَّمين
(10)
الألوف، بأن يخرج ومعه خمسمائة نفر من الجند السلطاني، ويتوجّه بهم إلى
(1)
في الأصل: "فضيعاً".
(2)
في الأصل: "ملء".
(3)
توت: أحد شهور القبط.
(4)
بابه: أحد شهور القبط.
(5)
في الأصل: "مساً".
(6)
خبر الغلاء في: إنباء الهصر 17، ونيل الأمل 6/ 346، وبدائع الزهور 3/ 21.
(7)
العنوان من الهامش.
(8)
العنوان من الهامش.
(9)
ما بين القوسين من الهامش.
(10)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
حلب، ويتأنّى السلطان وينتظر بعد وصول أزدمر إلى حلب ما يتجدّد من الأخبار، فإمّا أن يعيّن بعد ذلك تجريدة أخرى عظيمة فيردف بها هذه، أو يسير هو بنفسه. ثم كان بعد هذا ما سنذكره
(1)
.
[نزول السلطان من القلعة إلى جهة خانقاه سرياقوس]
وفيه، في يوم السبت، سادسه، ركب السلطان بغير قماش الموكب، ونزل من القلعة ومعه أمراؤه وخاصّكيّته متوجّهاً إلى جهة خانقاة سرياقوس، ولما وصل في سَيره إلى زاوية كهنبوش القبّة التي في أواخر الصحراء وأوائل الريدانية، وهي معروفة حيث تربة يشبُك الدوادار الآن، غيّر فرسه الذي تحته بالقماش الذهب والزركش، وركب فرساً غيره، ثم أطلق عنانه كيوم خروجه للعدوية، وساق غارة وتارة تنقيلاً على سوار، وأخذ ولا زال على ذلك حتى اجتاز الخانقاه، وبقيت وراءه
(2)
بمسافة بعيدة، وكان معه من خفّ من الأمراء والخاصكية، وكانوا جمعاً. وكان مسيره إليها من طريق بركة الجبّ، لا الطريق الوسطى السالكة إليها، وترك السنجق السلطاني والأمراء يسيرون على مهل إلى الخانقاه. ثم لما اجتاز في سَوقه الخانقاه عطف عائداً إليها، ولما قربها ووصل إلى قبّة الأتابك قانَم خارجها من الجهة الشمالية، ترجّل الكثير من أصاغر الأمراء وجميع الخاصكية، شاقّاً شارعها الأعظم مجتازاً بها، حتى خرج منها من الجهة الأخرى قاصداً مخيّمه، وكان قد نصب له أمس هذا اليوم بغربيّ الخانكة بين سرياقوس وبينها من جهة القاهرة، وكان الوطاق قد نُصب على الماء، وحال وصول السلطان إلى المخيّم اتفق وصول الأتابك أُزبَك بجميع الأمراء فنزلوا ومُدّت الأسمطة، وكانت هائلة وشيئاً كثيراً. ولما انتهوا من الأكل توجّه كل أمير إلى خانه، ثم حضروا عند السلطان خدمة العصر. وبات السلطان في ليلة الأحد بمخيّمه ذلك إلى الصبح، وقد دار أمير جان دار طول ليلته حول الخيمة ماشياً، على ما جرت به العادة في أسفار السلاطين. ثم لما أصبح في بُكرة يوم الأحد هذا ركب فسيّر خارج الوطاق، ثم عاد إلى مخيّمه فنزل به، وقد حضر إليه السيد نور الدين علي الكردي القصيري، وبيده يومئذٍ النظر على الخانقاه، وأحضر للسلطان شيئاً من نوع الهدية للأكل، ما بين كثير من الغنم والإوَزّ والدجاج والبطّيخ الصيفي، واللبن والحلوى،
(1)
خبر تعيين أزدمر في: تاريخ البُصروي 25، وإنباء الهصر 18، ونيل الأمل 6/ 347، وبدائع الزهور 3/ 21.
(2)
في الأصل: "ورواه".
بل وغير ذلك، وخلع السلطان عليه خلعة سنيّة وعلى ()
(1)
ولد المحبّ ابن
(2)
الأشقر وهو بو سعيد.
ولم يزل شيخ الشيوخ بالخانقاه المذكورة، وكان قد حضر إلى السلطان هو والسيد المذكور. وأقام السلطان يومه ذلك أيضاً بالخانقاه بمخيّمه والأسمطة والمآكل عمّالة. وكان في صحبة السلطان في هذه النزهة قاصد حسن الطويل، وقاصد ملك الهند، وكان قد قدم القاهرة قبل ذلك، وأمّا قاصد حسن فقد ذكرنا قدومه في محلّه، فرأيا ما أدهش عقولَهما من الترتيب الأنيق، وكثرة الأسمطة والمأكل والعساكر النظيفة اللائقة، والعظَمة الزائدة، والضخامة والأُبَّهة بالنسبة إلى بلادهما، وإن كانت صُوَراً ومباني
(3)
لا أرواحاً ومعاني
(4)
، إذ ذلك قد ذهب بذهاب أهله. ثم بات السلطان أيضاً في ليلة الإثنين هذه بمخيّمه، ولما أصبح الصبح وأخذ في عوده إلى جهة القاهرة. ولما سار بامأرته أطلق عنان فرسه أيضاً على ما جعله عادة له ودَيدناً، بل كانت أمراؤه بمخيّمهم بعد متركهم
(5)
، ودام سائقاً سَوقاً عنيفاً، ولا زال على طلقٍ واحد إلى أن وصل إلى تربة يشبك بقرب قبّة كهنبوش، فنزل بها منتظراً قدوم أمرائه
(6)
وعسكره عليه إلى أن وصلوا، ومدّ له يشبُك من مهدي سماطاً أنيقاً مختصراً، فأكل، ثم ركب قاصداً القلعة، ومعه الأمراء، حتى وصل القلعة فصعِد إليها قبل الزوال من هذا اليوم. ثم أخذ الناس في التحدّث في ما مراد السلطان من فعله هذا، فمن قائل إنه أراد التنزّه بنفسه ودولته. ومن قائل إنه أراد بذلك إظهار عظمته عند قاصد حسن وقاصد الهند، والمقصود بالذات إظهار العظمة عند قاصد حسن فقط لِما هو مشهور. ومن قائل: أراد السلطان بذلك أنه حسيسا
(7)
قرر يكون في سفره على هذا المهيع، إلى غير ذلك من أقاويل لا طائل تحتها، بل ولا في طلب التعليل لما يفعله هذا السلطان، وباللَّه المستعان
(8)
.
[القبض على الوزير الأهناسي]
وفيه، في يوم الثلاثاء، تاسعه، قبض السلطان على الوزير الصاحب شمس الدين الأهناسي، وسُلّم ليشبُك من مهدي الدوادار، فامتحنه يشبُك المذكور
(1)
في الأصل بياض.
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "ومبانيا".
(4)
في الأصل: "ومعانيا".
(5)
هكذا في الأصل. والصواب: بعد ما تركهم.
(6)
في الأصل: "امراوه".
(7)
هكذا في الأصل.
(8)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 20، ونيل الأمل 6/ 347، وبدائع الزهور 3/ 21.
بالعقوبة، وحُبس أياماً، ثم أُطلق بعد أن صودر على ألفي دينار، حملها للسلطان على يد يشبُك المذكور، وخلّص وتوجّه إلى داره وهو مستشرف للوزارة وعينه فيها، ورُشح لها قاسم شُغَيْتة. ثم كان بعد ذلك ما سنذكره
(1)
.
(تفرقة الجامكية على أولاد الناس وما جرى في ذلك)
(2)
وفيه، في يوم الخميس، حادي عشره، فُرّقت جامكية أولاد الناس ومن قدّمنا ذِكره ممن كان قد قطع السلطان جوامكهم في الشهر الماضي، على ما عرفتَ ذلك، وجلس السلطان بالدّكة بالحوش، وفُرقت عليهم بحضوره، بعد أن أحضر السلطان عنده ثلاث قُسِيّ بعضها أقوى من بعض وأشدّ، وصار كلّما دُعي باسمٍ لقبض جامكيّته يخرج من الحلقة ويتقدّم لأخذ ماله من الجامكية، فيشير إليه السلطان بالمجيء إليه، فيقرب منه فيناوله فرساً من الثلاثة ويأمره بجذبه، فإنْ جذبه كتبه إلى تجريدة سوار، وإن لم يجذبه ألزمه بحمل مائة دينار رغماً منه أنه يقيم بها بديلاً عنه للتجريدة، هذا إذا كانت جامكية ذلك الإنسان ألفَي درهم نُقرة كجامكية المماليك وإن كانت ألفاً وخمسمائة ألزمه بخمسٍ وسبعين ديناراً، وإن كانت ألفاً واحدة ألزمه بخمسين ديناراً، وإن كانت أقل من ذلك لا يتعرّف له، وأمره بقبض ذلك والإنصراف، ودام على ذلك حتى انتهت التفرقة، وشقّ ذلك على الكثير من هذه الطائفة، وحصل عند الكثير منهم كسْر الخاطر والتشويش
(3)
والنكد الذي ما عنه مزيد، فإن فيهم العاجز والفقير، وكثُر الدعاء على السلطان في هذا اليوم بسبب ذلك، وفشا ذلك على الإشهار، وشُنّعت القالة في حقّه، ووقع في ألْسُن الناس، وطلب الكثير من أولاد الناس ترك جامكيّتهم ليَسْلموا من لزوم المائة دينار، ولم يقبل السلطان بذلك ممن أراده، وحصل على الناس في هذا اليوم ما لا خير فيه، والسلطان يدّعي ويزعم أن الذي يفعله غاية الرأي والمصلحة، بل والدين، والمخلّص عند اللَّه تعالى، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، كيف وقد قال عليه السلام:"إنما تُنصرون وتُردزقون بضعفائكم"، فأين من يعمل بهذا، أو أين من يسمعه ويعرفه ليكون منصوراً مرزوقاً
(4)
؟
(1)
خبر القبض على الأهناسي في: إنباء الهصر 20، ونيل الأمل 6/ 347، وبدائع الزهور 3/ 21.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
في الأصل: "السومر".
(4)
خبر تفرقة الجامكية في: إنباء الهصر 20، 21، ونيل الأمل 6/ 348، وبدائع الزهور 3/ 22.
[قراءة المولد النبوي بالقلعة]
وفيه عمل السلطان المولد النبوي بالقلعة على عادة الموالد السلطانية في كل سنة. وكان هذا أول مولد عمله هذا السلطان في سلطنته.
(تقدّم برقوق الظاهري)
(1)
وفيه استقرّ برقوق [الظاهري] الساقي
(2)
شادّ الشراب خاناة في جملة مقدّمين
(3)
الألوف بالقاهرة على تقدمة بعض الأمراء المقتولين في نَوبة سوار
(4)
.
(تقدُّم قان بردي)
(5)
وفيه أيضاً استقرّ في جملة مقدَّمين
(6)
الألوف أيضاً قان بردي الإبراهيمي الأشرفي الدوادار الثاني
(7)
.
[تفرقة جامكية أولاد الناس]
وفيه، في يوم السبت ثالث عشره، فُرِّقت أيضاً جامكيّة أولاد الناس على الوجه الذي قدّمنا شرحه.
وأمّا الفقهاء والمتعمّمون
(8)
فلم ينفق فيهم إلى الآن، ثم نفق عليهم بعد ذلك على الحكم الذي شُرح في أولاد الناس، فترك الكثير منهم جامكيّته وخرج عنها، ومنهم من أعطى ما أُلزم به واستمر على ما بيده من الجامكية، ومنهم من أعطى ثم ترك بعد ذلك. وكان لهم رواتبهم في اللحم بعد ذلك ما سنذكره
(9)
.
[عرض الجُند]
وفيه نودي من قِبَل السلطان بالعرض لأجل تعيين من شاء من الجُند إلى شاه سوار
(10)
.
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
كتب في الأصل: "برقوق الناصري الدين" ثم ضرب على "الدين". وأثبتنا "الظاهري" من الهامش.
(3)
الصواب: "مقدَّمي".
(4)
خبر برقوق في: إنباء الهصر 21، ونيل الأمل 6/ 348، وبدائع الزهور 3/ 22.
(5)
العنوان من الهامش.
(6)
الصواب: "مقدَّمي".
(7)
خبر تقدّم قان بردي في المصادر السابقة.
(8)
في الأصل: "والمتعمّمين".
(9)
خبر تفرقة الجامكية في: إنباء الهصر 22، ونيل الأمل 6/ 348، وبدائع الزهور 3/ 22.
(10)
خبر عرض الجند في: إنباء الهصر 23، ونيل الأمل 6/ 349.
(كائنة العلاء ابن الصابوني)
(1)
وفيه كائنة العلاء ابن
(2)
الصابوني أحضره السلطان إلى بين يديه بقاعة الدُهيشة، وأمر به، فضرب ضرباً مبرحاً على رجليه، وأُلزم بحمل مائة ألف دينار، فأذعن لذلك من كثرة ما حصل عليه من الألم من الضرب، وحُمل إلى طبقة الخازندار محتفظاً به كما كان أولاً، وكان قد قبض عليه قبل ذلك
(3)
.
[إعادة المناداة بعرض الجند]
وفيه، في يوم الأحد، رابع عشره، نودي بأن العرض في يوم الإثنين، وكان قد أراد السلطان العرض في هذا اليوم، وأشيع ذلك فيما لم يحصل في العرض أعاد المناداة بما قلناه
(4)
.
[تفرقة جامكية أولاد الناس]
وفيه- أعني هذا اليوم- تمّت تفرقة جامكية أولاد الناس، وبقي المتعمّمون
(5)
من الفقهاء وغيرهم، وكان قد نفق في آخر يوم السبت الماضي على الجرائحية والأطبّاء، ولم يقطع منهم أحداً
(6)
.
[عرض الجند]
وفيه، في يوم الإثنين، خامس عشره، كان عرض الجند السلطاني، وعيّن منهم جماعة، وكُتبوا لتجريدة سوار.
(ولاية يشبُك الوزارة وما فعل من قطعه مرتبات اللحم)
(7)
وفيه، أعني هذا اليوم، استقرّ في الوزارة يشبُك من مهدي مضافاً لِما بيده من الدوادارية، وكشف الوجه القِبلي وغير ذلك، وعُدّ ذلك من النوادر التي لم يُسمع بمثلها، وخلع عليه خلعة هائلة غير خلعة الوزارة المعتادة لهم، بل كانت كخلعة الأتابك الأمير الكبير، ونزل إلى داره في موكب حافل جليل جدّاً، وهرع الناس إليه للسلام عليه، وقد علم كل أحد ما هو الغرض من ولاية يشبُك
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
كائنة ابن الصابوني في: إنباء الهصر 22، 23، ونيل الأمل 6/ 348، وبدائع الزهور 3/ 22.
(4)
خبر إعادة المناداة في: إنباء الهصر 23، ونيل الأمل 6/ 349.
(5)
في الأصل: "وبقي المتعمّمين".
(6)
في الأصل: "اشد".
(7)
العنوان من الهامش.
هذا الوزارة، وهو قطع أرزاق الناس وقيام الناموس به في هذه الوظيفة، حتى يتوفر عليهم الكثير من جهاتها أو يسدّوها من غير عجز. ولما نزل يشبُك إلى داره واستقرّ به الجلوس تعب بطلب قاسم شُغيتة الذي كان قد ترشح للوزارة حين القبض على ابن الأهناسي، وما تم له ذلك، فلما حضر عنده خلع عليه شبه ناظر الدولة، أو بنظارة الدولة إن شئت، وإن لم يكن ذلك من السلطان، فإنك على بصيرة من كون يشبُك كان يتصرّف كتصرّفات السلطان، فما هو أعظم من هذا، فما ظنّك بهذا الأمر. ثم أخذ يشبُك هذا في الحال في الكشف عن الرواتب في اللحم، ومن له الزيادة في ذلك على أمثاله من الجند السلطاني، فقطع الزيادات كلها عن آخرها. وأما غيرهم من المتعمّمين، وغيرهم فقطع رواتبهم في اللحم عن آخرها، ثم ما كفاه ذلك حتى ألزم جماعة كثيرة بإعادة ما استأدّوه قبل ذلك، ووكّل بكثير من الناس بسبب ذلك وألزمهم بكثير من الأموال، وحصل من ذلك المال الطائل، وهرب كثير من الذين لهم الراتب اللحم من الذين لا مال لهم ولا جاه، وعوّق مرّتبات الكثير من أولادالناس والخدّام وغيرهم.
وكان باسم الوالد عشرة أرطال لحم في اليوم نستعين بها على الحال في غيبة الوالد، وستر الله تعالى، بأن كان القابض لها بعض جُلبان الظاهر خُشقدم، وكان يحضر بها إلى زوجة الوالد الست المصونة أمّ الهدى ابنة الشمس الحنفي. وكان هذا الجَلَب قد تمرّض في هذه الأيام ثم توفي، فسكتوا عنّا بقبض ذلك لها، وإلّا ما كلان حصل علينا الخير، بل كان يحصل لنا من العَوَز مثل ما حصل لكثير من الناس ممن هو أجلّ مقاماً لذلك، ولكنْ سلّم اللَّه وقدّر عاقبة الأمور.
وظهر لبعض الناس من الرواتب فوق الستين رطلاً من اللحم في اليوم، وأكثر من ذلك وأقلّ، لا أصل لذلك، بل كان فعله متشهّداً الوزراء مع من يعتنون به، وبهذا المقتضى تسلّط عليهم يشبُك، ويدّعي بأن هذا لا عن أمر السلطان، وأنه أخذ من بيت المال بغير مستند فليُعد إليه، وكان ذلك ذريعة لأخذ الصالح بالطالح والحق بالباطل، ولأخذ الناس بعضهم ببعض بغير تأمّل، إذ هو المقصد الأعظم للظَلَمة، لأنهم يأخذون بغير سبب ولا حجّة ولا مندوحة، فما ظنّك بما فيه أدنى حجّة، وأجروا ذلك كله على منهج واحد ولم يفرّقوا، بل وصار العاذل عاذراً، وطُلبت المستندات من ذوي المرتّبات، فاحتاج الكثير منهم أن اضطرّوا إلى السُكات عن مرتّباتهم، وحصل من ذلك للكثير من الناس والمستحقّين غاية الضرر والنكد، وإن كان قد فعل مع البعض
ما يستحقّه لأخذ ما لا يستحقه، وتوفّر من ذلك جملة أنهضت الوزير لحمل ما هو بصدده
(1)
.
[خروج الأتابك أُزبك لمواجهة عربان البحيرة]
وفيه- أعني هذا اليوم- خرج الأتابك أُزبك مسافراً إلى جهة البحيرة لردّ العربان عنها وعمل مصالحها. وكانت العربان قد عاثت بها وآل أمرها إلى الخراب والفساد
(2)
.
(ولاية سُودُون القَصرُوي رأس نوبة النُوَب)
(3)
وفيه أيضاً استقرّ سودون القصرُوي أحد مقدَّمين
(4)
الألوف رأس نوبة النُوَب عِوضاً عن نانَق، بحكم وفاته قتيلاً في واقعة شاه سوار على ما تقدّم، وكانت الوظيفة شاغرة هذه المدّة
(5)
.
(ولاية تنبك قرا الدوادارية الثانية)
(6)
وفيه أيضاً استقرّ تَنِبَك قَرَا الأشرفي، الماضية ترجمته، في الدوادارية الثانية، عِوَضاً عن قان بردي بحكم تقدّمه على ما عرفت ذلك، وباشر تنبك هذا هذه الوظيفة مباشرة حسنة، وحصل به النفع العام لكثير من الناس بواسطة حسن سفارته، ودام عليها مدّة كما قدّمناه، إلى أن انتقل إلى تقدمة ألف على ما مرّ، وعلى ما سيأتي في محلّه بعد الثمانين إن شاء اللَّه تعالى
(7)
.
(ولاية قانصوه الخسيف لشادّيّة الشراب خاناه)
(8)
وفيه استقرّ أيضاً قانصوه الأحمدي الأشرفي، المعروف بالخسيف المحتسب، في شادّية الشراب خاناه، عِوَضاً عن برقوق الذي صُيّر من جملة مقدَّمين
(9)
الألوف على ما عرفتَ ذلك
(10)
.
(1)
خبر وزارة يشبك في: إنباء الهصر 23، ووجيز الكلام 2/ 799، ونيل الأمل 6/ 349، وبدائع الزهور 3/ 22.
(2)
خبر خروج أزبك في: إنباء الهصر 24، ونيل الأمل 6/ 349، وبدائع الزهور 3/ 23.
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
الصواب: "أحد مقدّمي".
(5)
خبر ولاية سودون في: إنباء الهصر 25، ونيل الأمل 6/ 349، وبدائع الزهور 3/ 23.
(6)
العنوان من الهامش.
(7)
خبر ولاية تنبك في المصادر السابقة.
(8)
العنوان من الهامش.
(9)
الصواب: "مقدّمي".
(10)
خبر ولاية قانصوه في: إنباء الهصر 25، ونيل الأمل 6/ 349.
[ولاية جان باي الحسن معلّمية الدّلالين]
وفيه استقرّ جان باي الخشن
(1)
الأشرفي في معلّمية الدّلّالين، التي يقال لها تاجر المماليك، عِوضاً عن تَنِبَك قَرَا
(2)
.
وجانِ باي الخشن هذا موجود إلى يومنا هذا، فلْنُترجمه.
(ترجمة جان باي الخشن)
(3)
هو الآن أحد الأمراء بطرابلس، وهو من مماليك الأشرف إينال. وكان من الخاصكية في دولته، وأخرج بعد موت أستاذه منفيّاً مع من نُفي من الإينالية إلى البلاد الشمالية، ودام بها بطّالاً إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فصيّره من العشرات بمصر، وكان قدمها بعد موت الظاهر خُشقدم، ثم صيّره من رؤوس
(4)
النُوَب، ثم ولّاه هذه الوظيفة في هذا اليوم، وتوجّه أميراً بالركب الأول غير ما مرة، ثم غضب عليه السلطان فأخرجه منفيّاً إلى طرابلس بطّالاً، ثم أُمِّر بها، وهو باقٍ على ما بيده من الإمرة.
وهو إنسان سيّئ السيرة، غليظ الطبع، قليل الوضع، كثير الحركة، حتى قيل له:"المجنون"، وهو الذي جرى له مع أستاذه الكائنة التي تقدّمت في محلّها لما صيّر السلطان إينال دولات باي الجمالي رأس نوبة الجمدارية، وصُيّر قانباي الأشرفي نائبه.
وكان جانباي هذا رشح نفسه لها وما أجابه السلطان فحنق حنقاً زائداً وصاح في الحرس بين يدي السلطان في الملأ
(5)
العام من الناس وغوّش، وصدر منه أفعال
(6)
لا تصدر عن المجانين على ما عرفتَ ذلك هناك، وهذا هو ذلك الإنسان فإنّنا لم نسمّه هناك.
وهو ممن جاوز الأربعين سنة.
[إقامة مثقال السودوني بالحرم النبوي]
وفيه استقرّ مثقال السُودُوني
(7)
، الظاهري، الحبشي، الساقي، شيخ الخدّام
(1)
في نيل الأمل 6/ 349 "جانبيه الحسن".
(2)
خبر ولاية جان باي في: إنباء الهصر 25، ونيل الأمل 6/ 349، وبدائع الزهور 3/ 23.
(3)
العنوان من الهامش، ويُسمّى: جان باي الخشن. مات سنة 881 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 3/ 53 رقم 208 (جانباي الأشرفي)، والمجمع المفنّن 2/ 384، 385 رقم 1164.
(4)
في الأصل: "روس".
(5)
في الأصل: "الملء".
(6)
في الأصل: "وصدر منه أفعالاً".
(7)
توفي (مثقال السودوني) في سنة 895 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 6/ 239، 240 رقم 840.
بالحرم الشريف النبوي- على ساكنه أفضل الصلاة والسلام- وكانت ولاية مثقال هذا لهذه الوظيفة على كُرهٍ كبير منه وسخط
(1)
.
[عرض السلطان للأمراء العشرات]
وفيه، في يوم الثلاثاء، سادس عشره، عرض السلطان أيضاً، وكان تمام العرض في هذا اليوم، وعيّن جماعة كبيرة فيه من الأمراء العشرات
(2)
. وسنذكر أسماءهم فيما بعد إن شاء الله تعالى.
[النداء بالنفقة للمعيّنين بالسفر]
وفيه نودي من قِبل السلطان بأن النفقة في المعيّنين للسفر تكون في يوم الخميس، وأن السفر يكون في يوم الإثنين ثاني عشرين هذا الشهر
(3)
.
[الإذن للعلائي الصابوني بالنزول لعمل مصالحه]
وفيه- أعني هذا الشهر- أُذِن للعلائي الصابوني بالنزول، وهو موكَّل به، في عمل مصالح ما أُلزم به من المال، وأمره غير ناتج في ذلك، لكونه أُلزِم بما لا قدرة له عليه.
[الخلعة على سودون القَصرُوي]
وفيه، في يوم الخميس، ثامن عشره، خُلع على سُودُون القصرُوي خلعة الأنظار المتعلّقة بوظيفته، على جاري عادتهم في ذلك، ونزل إلى الخانقاة الشيخونية، وقد حضر شيخنا العلّامة الكافِيَجي غدوة النهار إلى الخانقاة، حتى جاءها سُودُون المذكور، وصلّى بها ركعتين، ثم قرأ
(4)
شيئاً من القرآن بين يدي شيخنا ويديه، وأهدى ثوابه إلى الواقف وللناظر فيها بإحسان، ودعا
(5)
له وانصرف إلى الصرغتمشية، بعد أن وعد جماعة المكان بالنظر في مصالحهم.
[نزول تنبك قرا إلى وظيفته بمدرسة السلطان حسن]
وفيه أيضاً خُلع على تنبك قرا الدوادار الثاني خلعة الأنظار المتعلّقة بوظيفته أيضاً، ونزل إلى مدرسة السلطان حسن وغيرها.
(1)
خبر مثقال السودوني في: إنباء الهصر 25، 26، ونيل الأمل 6/ 350، وبدائع الزهور 3/ 23.
(2)
خبر العرض في: إنباء الهصر 26، ونيل الأمل 6/ 350.
(3)
خبر النداء بالنفقة في المصدرين السابقين.
(4)
في الأصل: "وقرى".
(5)
في الأصل: "ودعى".
[وصول قاصد الأمير باكير الكردي]
وفيه، في يوم الجمعة، تاسع عشره، وصل قاصد الأمير أبي بكر بن صالح الذي يقال له باكير الكردي حاجب الحجّاب بحلب، وعلى يده مكاتبة مُرسِله، تتضمّن أشياء كثيرة، يعرّف بها السلطان، منها أن ملك الروم محمد بن عثمان غضب على وزيره الذي يقال له محمود باشا، وقبض عليه لسوء تدبيره في إثارته عليه، وتهوينه له مسيره على أحمد بن قَرَمان، حتى حصل له النكاية في عسكره من عسكر ابن
(1)
قَرَمان من كسرة لعسكره ونهبهم، وقتل الكثير منهم حين عاد ابن
(2)
عثمان لبلاده، وتبعه ابن
(3)
قرمان المذكور، وقتل من عساكره نحو الثمانية آلاف على ما في هذه المكاتبة، وأخذه نحو السبعمائة أدَبَة، وهي العجل التي تحمل الأثقال وغيرها، وهذا خبر لم نعلم صحّته من كذِبه. ثم ظهر كذِبُ أكثره. ويتضمّن ثلث المكاتبة أيضاً بأن حسن الطويل صاحب دياربكر قد انهزم، وانكسرت عساكره لما قصده حسن علي بن جهان شاه صاحب العراقين بعساكره. وذكر في هذه المكاتبة أيضاً بأن شاه سوار بن دُلغادر منازل قلعة دُرُنْدة وهو يحاصرها، وأنه ما نال منها الغرض ولا حصل على طائل، إلى غير ذلك من نحو هذه الأخبار
(4)
.
[تفريق النفقة على الجند]
وفيه، في يوم السبت، عشرينه، فُرّقت النفقة على الجند المعيّن لشاه سوار، وكان القرار أنها تفرَّق في يوم الخميس، ثم عدل السلطان إلى تفرقتها في هذا اليوم. وقيل إنها أُخّرت لكونها لم تصر قبل ذلك، فيقال لأنها كانت من الهواء لا من الحاصل، وفُرّقت على كل نفر مائة دينار، ثم وعدهم بإعطاء جامكية أربعة شهور فيما بعد هذا اليوم وقبل خروجهم، وكان لذلك على ما سيأتي ذكره
(5)
.
[النداء بكتابة مرتّبات اللحم]
وفيه نودي من قِبَل يشبُك من مهدي الدوادار والوزير بأن له من مرتّب لحم من أيتام يكتبوا قصصاً بمرتّباتهم، ويحضروا بها إليهم، ليُمضي ذلك ويكتبه، ويُعطَون ما لهم، فكتبوا ذلك وحضروا إليه فأمضاه، وكان فِعل خير في الجملة.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
خبر وصول القاصد فى: إنباء الهصر 27، 28، ونيل الأمل 6/ 350.
(5)
خبر تفريق النفقة في: إنباء الهصر 27، 28، ونيل الأمل 6/ 350.
[النداء بسعر بيع القمح]
وفيه نودي أيضاً من قِبل يشبُك الدوادار أيضاً بأن القمح بأربعمائة الإردبّ، وأنه لا يباع بأكثر من ذلك، وما تمّ له ذلك. وكان لغرضٍ ما، لكون ابن
(1)
عمر أمير عربان هوّارة بالوجه القِبلي كان قد بعث بمُغَلّه ليُباع بساحل مصر، فأراد يشبُك معاكسته ليباع بأبخس ثمن، وحصل بسبب هذه المناداة في هذا اليوم الضرر البالغ على كثير من الناس، ونهبت العوامّ بعض غلاله بالحوانيت بباب الشعرية، وعاد سعر القمح إلى نحو التسعمائة الإردبّ، وحصل من ذلك ما لا خير فيه، وفقد الناس القمح بسبب هذه المناداة، فباع بعض ممن له جاه ويد بما شاء وأراد من الأسعار.
[كفالة قانصوه اليحياوي طرابلس]
وفيه، في يوم الإثنين، ثاني عشرينه، خرج قانصوه اليحياوي إلى محلّ كفالته من طرابلس، وطلّب واجتاز بطُلبه بالرُميلة بعد أن عمل السلطان الموكب بالقصر، وجلس بالشبّاك الكبير المطلّ على الرملة ليرى طُلبه، وكان في تجمّل زائد.
[إمرة الحاج]
وفيه خلع على يشبُك جن الإسحاقي الأميراخور الثاني باستقراره في إمرة الحاج بالمحمل
(2)
.
[ورود خبر يناقض ما نقله باكير الكردي إلى السلطان]
وفيه، في يوم الثلاثاء، ثالث عشرينه، ورد الخبر على السلطان بنقيض ما كان ورد على يد قاصد باكير حاجب الحجّاب بحلب، من أن حسن الطويل هُزم من عساكر حسن علي بن جهان شاه، وأن حسن علي كسره، فورد الآن الخبر بعكس ذلك، وهو الأصح بأن عساكر حسن الطويل كسرت عساكر حسن علي، وأن حسن الطويل المذكور استولى على ممالك العراقين، ثم اختُلف في كيفية ذلك على وجوهٍ لم نحرّرها. وسنذكر ذلك في ترجمة حسن علي إن شاء اللَّه تعالى.
[إمرة الركب الأول بالحج]
وفيه، في يوم الخميس خامس عشره استقر يشبُك الجمالي في إمرة الحاج بالركب الأول
(3)
.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
خبر إمرة الحاج في: إنباء الهصر 29، ونيل الأمل 6/ 351، وبدائع الزهور 3/ 23، 24.
(3)
خبر إمرة الركب في المصادر السابقة.
(صورة كتاب شاه سوار لبعض الرعايا)
(1)
وفيه، في هذه الأيام، وردت على السلطان مكاتبة من بعض خواصّه بالبلاد الحلبية، وفي طيّها كتاب من شاه سوار بن دُلغادر لبعض الرعايا بالبلاد الشامية، فظفر به هذا المرسل وبعثه إلى السلطان ليقف عليه، ويعلم منه أحوال شاه سوار هذا، وما هو فيه من العظمة الزائدة، وأراد هذا المرسل بذلك إظهار خدمته للسلطان، فكان صورة ما في هذا الكتاب ما كتب في رأسه من لفظه هو بمفردها إشارة إلى اللَّه تعالى، ثم تحتها بيسير مكتوب:{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126]، وهو في مكان ما يُكتب في هذه البلاد الملكي الفلاني، ثم تحت ذلك مكتوب العلامة في بيت العلامة بقلم الثُلُث، وصفتها المظفّر شاه سوار، وقد رُمّلت هذه العلامة بالرمل المذهب الذي يستعملونه في تلك البلاد الرومية والعجمية أيضاً، ثم كُتب تحت هذه العلامة ما يُقرأ نصّه:
"السبب الباعث لتسطير هذا الكتاب، والمعنى الموجب لتحرير هذا الخطاب أن المقرّ الكريم، العالي، المولوي، الأميري، الكثيري، الزيني، المظفّر، أعزّ الله أنصاره، وضاعف اقتداره، إشعار إلى الأمن والأمان بالدليل والبرهان بين التجار والقوافل وأبناء السبيل وغيرها من أرباب البيع والشراء
(2)
والفلّاحين والحرّاس، والصادرين والواردين والمتردّدين بالمملكة الشامية والحلبية والطرابلسية وغيرها من الغرباء وأهل البلاد بالحضور التام ما بين الناس والأنام، إلى المملكة الدُلغادرية، فمن حضر فيها يكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم وذراريهم ودوابّهم من غير معارض ولا ممانع ولا مزاحم، واللَّه يحرسه بالملائكة المقرّبين والأنبياء والمرسلين، بحق صَحبه وآله أجمعين، واللَّه على ما نقول خبير، وما لنا من دون [هـ] من وليّ ولا نصير، إن شاء اللَّه تعالى. كُتب في مستهلّ أول ربيعين من سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، والحمد للَّه وكفى، وصلّى اللَّه على محمد المصطفى".
ثم كتب على هامش هذا المكتوب في آخره: بمقام مدينة الأَبُلُسْتَين.
وكان شاه سوار هذا كتب به هذا أماناً مطلقاً، وبعث به لبعض ليوقف عليه التجار وغيرهم من السفّارة، ليكون أماناً لهم بالدخول إلى بلد من هذه البلاد التي سمّاها في كتابه ذلك.
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
في الأصل: "والشراي".
ولما رأى السلطان هذا الكتاب وقُرئ عليه بألفاظه ومعانيه حصل عنده التأثر بسبب ذلك
(1)
.
[حمل النفقات إلى الأمراء المعيَّنين لشاه سوار]
وفيه، في هذه الأيام حُملت النفقات إلى الأمراء المعيَّنين إلى شاه سوار، وهم: أزدمر الإبراهيمي الطويل أحمد مقدّمين
(2)
الألوف، وهو الباش على هذه التجريدة، وليس فيها من هو مقدّم ألف سواه، فحمل له ستة آلاف دينار، بزيادة على العادة الجارية في نفقة مثله الضعفين، وقجماس الظاهري الطويل أحد الأمراء الطبلخانات، وحمل إليه خمسمائة دينار، وليس في التجريدة من الطبلخاناة غيره. وستأتي ترجمته، فإنه مات قتيلاً وما عاد إلى القاهرة. ومن العشرات زيادة على عدّة أمراء، فحمل لكلّ منهم مائتي دينار، ثم أعطى للمجرَّدين من الجند بعد النفقة جامكية أربعة
(3)
شهور بحكم التبجيل، وكانوا خمسمائة نفر، فكان المصروف على هذه التجريدة نحو المائة ألف دينار
(4)
.
(خروج ربيع الأول وما كان فيه)
(5)
وخرج هذا الشهر وأكثر الناس في الضرر والنكد والتشويش، لا سيما من جهة ما قد فرضه السلطان على الناس ممن تقدّم ذكرهم، حتى تبقى جوامكهم معهم، ومن جهة قطع الرواتب من اللحم عنهم، ومن جهة أخذ ما تناولوه ماضياً، والاستعادة به عليهم في هذه الأيام، ومن جهة خروجهم إلى جهة حلب لقتال شاه سوار، وهم عارفون بالذي عليه يقدمون
(6)
، وما جرى قبل ذلك، فكأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون، ومن جهة القلق بسبب غلوّ الأسعار، لا سيما أصحاب العيال والأولاد، وخصوصاً الفقراء منهم وذوو
(7)
الفاقة، وقد قلق الأغنياء ذوو
(8)
اليسار، فما ظنّك بهؤلاء؟! ومن جهة الخوف من المصادرات لا سيما الأعيان، وذوي الأثقال، لا سيما وهم يرون ما يحلّ بغيرهم، فكلّ يتوقع ما وقع لغيره، وخصوصاً من له مداخلة بالسلطان من أرباب الدولة ومباشريها، ومن جهة توثق
(1)
خبر كتاب شاه سوار في: إنباء الهصر 29، 30، ونيل الأمل 6/ 351.
(2)
الصواب: "أحد مقدّمي".
(3)
في الأصل: "أربع".
(4)
خبر حمل النفقات في: إنباء الهصر 30، 31، ووجيز الكلام 2/ 799، ونيل الأمل 6/ 352، وبدائع الزهور 3/ 24.
(5)
العنوان من الهامش.
(6)
في الأصل: "يقدمان".
(7)
في الأصل: "وذوي".
(8)
في الأصل: "ذوي".
غالب البلاد من الرزق والأقاطيع وخراب بلاد المقطَعين وغيرهم، بسبب جور العربان وعدم من يقمعهم ويردعهم ويردّهم عن الرعايا.
وبالجملة، فكانت أحوال غالب الناس، بل لعلّ الجميع غير مسدّدة ولا مؤيَّدة، والأمور بيد اللَّه يفعل ما يشاء ويختار، ولا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، وهذا كلّه مع الإرجاف بمجيء الطاعون، لا سيما وهو فاشٍ ببلاد الإسكندرية، ومات به الخلق الكثير منها ومن أحوالها وما دونها أيضاً، وكانت هذه الأيام من أصعبها على الأنام، والناس عمّالون في ذكرهم الانقسام [الذي] بذله الأشرف قايتباي هذا
(1)
.
[شهر ربيع الثاني]
وفيها استهلّ ربيع الثاني بالأربعاء، وطلع القضاة يهنّؤون
(2)
السلطان بالشهر هم ومن له عادة بتهنئته.
(ماجريّة نجم الدين القرمي)
(3)
وفيه، في يوم السبت، رابعه، كانت ماجريّة شيخنا العلّامة الشيخ نجم الدين إسحاق بن إسماعيل بن إبراهيم القَرْمي الإمامي الحنفي، شيخ المدرسة القانِبَائية بسُويقة عبد المنعم وقاضي العسكر، وهي ماجرية مع جانِبَك من طَطَخ الأميراخور الكبير، وكان من خبر هذه الماجريّة أن المدرسة القانبائية المذكورة كان شيخنا المذكور يسكن بها، وهي من المدارس التي تقام بها الجمعة مع صِغرها جدّاً، فكانت تضيق الناس في وقت الصلاة، ولم تزل على ذلك، ولما يكون يوم الجمعة تفتح القبّة التي أعدّها الواقف مدفناً لنفسه يُدفن بها، ليتفسّح الناس من المصلِّين بها، ويتّسع المكان بها بعض اتساع، بواسطة الصلاة بالقبّة المذكورة، والضيق مع ذلك موجود، وبهذه القبّة صندوق خشب كبير سُجّي بثوب خليفتي، أحدثه بالقبّة المذكورة بعض النسوة من جهة الواقف، أظنّ زوجته، وذلك بعد موت الواقف، وأخذ هذا الصندوق من القبّة مقدار ما يجلس به أربعة نفر أو فوق ذلك، وليس هو من وضع الواقف بالمكان، بل وليس الواقف أيضاً ممن دُفن بالقبّة المذكورة، بل يقال إن بفسقية هذه القبّة جلدة رأسه فقط، فإنه قُتل بدمشق، وأُحضرت هذه الرأس إلى القاهرة، وذفنت بهذه القبّة، فاتفق أن استفتى شيخنا المذكور جماعة من
(1)
خبر خروج ربيع الأول في: إنباء الهصر 33، ونيل الأمل 6/ 353، وبدائع الزهور 3/ 24.
(2)
في الأصل: "يهنون".
(3)
العنوان من الهامش.
العلماء، مثل شيخنا الكافِيَجي، والأمين الأقصرائي، والسراج العبّادي، والشمس الجوجري، والبدر السعدي الحنبلي، وآخرين من المالكية وغيرهم من أهل المذاهب الأربعة في أمر إزالة ذلك الصندوق الموضوع بالقبّة المضيّق للمكان على المصلّين، وأنه موضوع بغير شرط الواقف، فأفتى
(1)
الكلّ بإزالته، فأزاله ونحّاه عن موضعه، وفُرش في موضعه لمن يصلّي بالقبّة، واتسعت القبّة على المصلّين في الجملة بالنسبة لما كانت، فبلغ بُغضٌ ممن بغض من شيخنا المذكور ذلك بجانبك، وذكروا له [أنه] أزال صندوق قبر الواقف، وأنه ليس بناظر، وأنك أنت الناظر، ولم يراجعك في ذلك، ولم يعد في هذا المبلغ حقيقة الحال، بل أملاه عليّ الشيخ نجم الدين المذكور، وأنه لا التفات له إلى الناظر ولا إلى غيره، ونحو ذلك من التُّرَّهات، فبعث جانِبَك المذكور إلى شيخنا نجم الدين المذكور فطلبه، وهو لا متعوّز عنده بما كان، ولا علم عنده مما وقع، فركب بغلته وتوجّه إليه، وكان بباب السلسلة، فساعة وقوع أمره عليه نهره ولم ينصفه في السلام، ولا قام له على عادته معه، بل تحرّك له بأدنى حركة، ثم أخذ في حطّه عليه لأجل إزالة الصندوق، فأجابه الشيخ بالحقيقة في ذلك، وبيّن له الحال فيه، وأنه لا غرض له في إزالة ذلك غير اتساع المكان على المصلّين، فلم يلتفت إلى كلامه بل قال: أعِده كما كان على ما كان. فقال له الشيخ: لا حبّاً ولا كرامة، أنا قد أزلت منكراً وأنت الناظر، فإن أعدتَه أنت فعليك إثمه، فحنق منه وتكلّم بكلمات فيها الجفا بالشيخ، فنهض الشيخ من مجلسه قائماً، وتوجّه إلى حال سبيله. فأمر جانِبَك بالتوكيل بولد الشيخ الأكبر حتى يعاد الصندوق كما كان، فأخذ الشيخ الفتاوى وأعطاها لولده الموكَّل به، وأمره بأن يعود إليه فيوقفها عليها، فحين أحضرها إليه لم يلتفت إليها ولا نظر فيها، فخاشَنه ولد الشيخ في الكلام، فغضب منه وأمر به فضُرب بين يديه عصيّات ظلماً وعدواناً، ثم أمره بالتوجّه لأبيه، وحُلّ عند من التوكيل به، وبعث هو نجاراً، فأعاد الصندوق إلى ما كان عليه أولاً، لا جزاه اللَّه خيراً، فإنه فعل ما لا يجوز.
ثم أعلمني شيخنا المذكور بأنه يُغضي منه من مدّة مديدة لأسباب ذكرها لي الشيخ، ثم جرى بعد ذلك بينه وبين الشيخ أمور، وقام عليه من فيها، وآل الأمر فيها إلى نصرة الشيخ ومساعدة الأعيان له، مثل شيخنا العلّامة الكافِيَجي، والشيخ أمين الدين الأُقصُرائي، وبلغ الأمر أن أُعلِم السلطان، حتى كفّ جانبك المذكور عن الشيخ نجم الدين المذكور بعض كَفّ، وباللَّه المستعان على أهل هذا الزمان.
(1)
في الأصل: "فافتوا".
(خروج أزدمر ومن معه للتجريدة)
(1)
وفيه، في يوم الإثنين سادسه، خرج أزدمر الإبراهيمي المعيّن إلى شاه سوار، ومن عُيّن معه من الأمراء والجُند المجرَّدين، ونزل من يومه بالخانقاه دفعة واحدة من القاهرة، ولم ينزل بالريدانية كما جرت به العادة القديمة، ثم استقلّ بالمسير من الخانقاه هو والعسكر في ليلة الجمعة عاشره، ووافق ذلك أول هاتور من شهور القبط. وكان سفر هذه التجريدة في أوائل الشتاء والبرد
(2)
.
(أول ظهور الطاعون بالبلاد الشامية)
(3)
وفيه، في هذه الأيام ترادفت الأخبار من جهة الإسكندرية بأن الطاعون مستمرّ بها، وأنه قد مات به معظم أهلها، فتزايد حزن الناس ونكدهم عمّا كان، مع ما هم فيه من الغلاء الزائد وترادف الهموم.
ثم وردت الأخبار أيضاً من البلاد الشامية بغاية غلوّ الأسعار بها أيضاً بل والبلاد الرومية وغيرها، وكثُر الإرجاف بمجيء الطاعون، ولهج الناس بذلك، حتى كان منه ما سنذكره
(4)
.
[وصلول الأتابك أُزبد من البحيرة]
وفيه، في يوم الإثنين، ثالث عشره، وصل الأتابك أُزبَك من البحيرة، وصعِد القلعة وخُلع عليه، ونزل إلى داره
(5)
.
[وفاة مماليك بالطاعون]
وفيه، في هذه الأيام، مات من دار المجد ابن
(6)
البقري ثلاثة مماليك بالطاعون، على ما ذُكر عنه، وعُدّ ذلك من النوادر بالقاهرة، إذ أنه أواخر بابَه وأوائل هاتور، ويندر الطاعون في مثل هذه الأيام بالقاهرة
(7)
.
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
خبر خروج أزدمر في: إنباء الهصر 31 و 42، ونيل الأمل 6/ 352، وبدائع الزهور 3/ 24.
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
خبر ظهور الطاعون في: إنباء الهصر 32، ونيل الأمل 6/ 352.
(5)
خبر الأتابك أزبك في: إنباء الهصر 32، ونيل الأمل 6/ 352.
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
خبر وفاة المماليك في: إنباء الهصر 32، ونيل الأمل 6/ 352.
[إخراج العلاء ابن الصابوني إلى دمشق]
وفيه، في يوم الثلاثاء، رابع عشره، أُخرج العلاء ابن
(1)
الصابوني موكَّلاً به إلى بلده دمشق، ليُكمل ما أُلزم به من القيام بمائة ألف دينار، بعد أن اقتُصّ منه بالضرب، والتوكيل به بطبقة الخازندار على ما تقدّم، وعُيّن معه بعض الخاصكية والأمير جانبك الأشقر، الذي صار بعد ذلك أحد الدوادارية، وناظر أوقاف السلطان الآتي في محلّه إن شاء اللَّه تعالى، وجان هو الموكَّل به حتى يغلق بدمشق ما بقي عليه
(2)
.
[نزول السلطان إلى طُرا والعدوية]
وفيه، في يوم الأربعاء، خامس عشره، نزل السلطان من القلعة بغير قماش الموكب، وتبعه عدّة من الأمراء والخاصكية متوجّهاً إلى طُرا والعدوية، وسار حتى وصل إلى العدوية، فأطلق عنان فَرسه سابقاً منها كالغائر، حتى قارب العمارة، وهو لا يفتر عن سَوقه، بحيث لم يدركه من أمرائه وخاصكيّته إلّا ذوو
(3)
الخيول الجياد، ثم عاد سائقاً على ما هو عليه في مشواره ذلك، ولم ينزل عن فرسه لا في ذهابه ولا في إيابه، حتى عاد وطلع إلى القلعة عند القريب من العصر، ولم يجتمع به غالب أمرائه لشدّة سَوقه في سيره، وعيب عليه ذلك، وعُدّ من نوادر السلاطين. ولم يحصل من نزوله هذا لا تنزّه لنفسه (
…
…
)
(4)
ولا آمل ولا قريب، ولا تلذّذ بكلام ولا غيره، وما عُلم ما الفائدة في نزوله ذلك.
ويقال: إنه مراده بهذا الإدمان وتدريب النفس على ذلك، لأجل أنه يُظهر أنه يسافر للبلاد الشامية.
ثم لما طلع إلى القلعة ونزل بها، فقبل أن يستقرّ به الجلوس أمر أن ينادي المنادي بشوارع القاهرة بأن يطلع أهل الجوامك في غد هذا اليوم إلى القلعة، ليقبض كل إنسان جامكيته بيده، ولا تُعطى لغيره، وأنه لا يقبض أحد
(5)
جامكية غائب حتى يحضر
(6)
.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
خبر إخراج ابن الصابوني في: إنباء الهصر 32، 33، ونيل الأمل 6/ 352، وبدائع الزهور 3/ 24.
(3)
في الأصل: "ذوي".
(4)
كلمتان ممسوحتان.
(5)
في الأصل: "أحداً".
(6)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 33، ونيل الأمل 6/ 353.
[النداء بطلوع القضاة إلى القلعة]
وفيه- أعني هذا اليوم- أمر السلطان أيضاً أن يُدار على قضاة القضاة، ويُعلموا بأن يطلعوا في الغد لأجل عقد مجلس في أمر الجوامك وكثرتها. وكان ما سنذكره.
[الطلب من الشيخ القَرْمي بالتحوّل عن منزله بالقانبائية]
وفيه- أعني هذا اليوم- بعث جانِبَك من طَطَخ، الأميراخور الكبير، إلى شيخنا الشيخ نجم الدين القَرْمي يأمره بأن يتحوّل من المنزل الذي هو ساكن به بالمدرسة القانِبَائية، فإنه ليس له سُكناه، لأن الواقف لم يشرط ذلك في كتاب وقفه، فحصل على الشيخ من ذلك غاية النكد والتشويش، وأخذ يستفتي في ذلك، ثم أقام بيّنة شهدت بأن هذا المكان سكنه بعض المشايخ في زمن الواقف، وروجع جانبك في هذه القضية، وكلّمه الكثير من الأعيان والعلماء. وآل الأمر فيها إلى السكون بعد حركة زائدة.
[اِنعقاد مجلس السلطان بالقلعة]
وفيه، في يوم الخميس، سادس عشره، صعِد القضاة إلى القلعة وبعض العلماء أيضاً، وحضر أعيان الأمراء وأرباب الدولة ووجوه المملكة، وعُقد المجلس بحضور السلطان والأكابر جلوس، فأخذ السلطان نفسه في التكلّم معهم. وطال الكلام في هذا المجلس بحيث زاد عن الحدّ، فكان ما لخّصنا من ذلك بمعناه، وإن لم يكن بالألفاظ، أن السلطان ذكر أن الخانكة كانت في زمن المؤيَّد شيخ تصرف في كل شهر مبلغ أحد عشر ألف دينار، ومع ذلك فكانت الأستادّارية دائماً يُظهرون العجز والقصور إلى غاية ما يكون. ثم كانت في أيام الأشرف بَرْسْباي ثمانية عشر ألف دينار، بزيادة سبعة آلاف دينار عمّا كان في زمن المؤيّد، وزاد في زمنه عجز الأستادّارية زيادة ثانية إلى الغاية، ثم صارت في زمن الظاهر جقمق ثمانية وعشرين ألف دينار، بزيادة عدّة آلاف عمّا كانت عليه في زمن الأشرف، وسبعة عشر ألف دينار عمّا كانت عليه في زمن المؤيَّد. وكان الظاهر قد أقام زين الدين الأستادّار بعد عدّة من الأستادّارية تولّوا في أيامه، ثم فوّض إليه غالب أمور الديوان المفرد، يتصرّف فيه كيف شاء وأراد لكونه كان يساعد هذا (
…
)
(1)
الكثير من المال في كل شهر. والان فالجامكية في الشهر ستة وأربعون
(1)
كلمة ممسوحة.
ألف دينار في الشهر، بزيادة بعض دنانير أيضاً أيضاً على ذلك، وهذا شيء كثير جدًّا أضعافاً مضاعفة عمّا كان في الأزمان الماضية، ولا بقي بهذا، لا ديوان السلطان ولا غيره مما يضاف إليه، وهذا مما يوجب ظلم العباد وخراب البلاد، بل وغضب الرب، ومما يوجب قلق الأستادارية، بل والسلاطين.
ثم أخذ في أثناء بعد أن تكلّم بكلام كثير يُظهر التبرّم مما هو فيه من المُلك والسلطنة، بل وصرّح بدعائه على نفسه ويطلب الموت، بل ودعا على من كان السبب في دخوله في هذا الأمر، وأنه جاءه على غير مقصده ومراده، وأن هذا الحال لا يفي بسداد هذه الأمور إن بقينا على ما هي عليه، وإن كان غير ذلك يُنسب السلطان إلى الظلم والجور وقطع الرزق. ثم أخذ يُظهر أنه يريد أن يخلع نفسه من المُلك، ثم قال لهم أجمعين: اختاروا من بينكم من تقدّموه لهذا الأمر، وأنه هو لا قدرة له على سداد الأمر على هذا الوجه إلّا بظلم وعسف كبير لا ضرورة له إليه، وأنه عاجز عن حمل هذا المال لأربابه، وعن دفعه لهم في كل شهر، ومن حسب هذا المقال وأشباهه شيء كثير
(1)
. فأجابه بعض القضاة بأن الظلم لا يجوز في مِلّة من المِلل، ولقد أجاد في ذلك وعن الحق ما حاد، فإنه توسّم في السلطان، وتفرّس منه التطّلع لأخذ أموال الناس وقطع أرزاقهم، ومدّ يده لأوقافهم، لا سيما والإرجاف عمّال بذلك قبل ذلك في كل قليل. ووجد هذا القائل فرصة للقول ومندوحة من مقتضى كلام السلطان، فأنطقه به. ثم قال له آخر من القضاة أو العلماء: السلطان له النظر العام في المصالح بنظر من يستحق فيبقيه، ومن لا يستحق فمن الديوان يمحيه
(2)
، وهذا الكلام فيه الميل الظاهر، إن كان حقاً في نفس الأمر، ومقيّد بالنظر في المصالح، لكنه لا يقال سأل هؤلاء لما هو ظاهر. ثم انفضّ المجلس بعد طول زائدٍ على غير طائل. وقام السلطان فجلس على الدكّة، وجلس الدوادار الكبير ومباشرو
(3)
الدولة وكتّاب المماليك، والمقدّم أيضاً ونائبه على البساط بين أيادي السلطان. وحضر أيضاً العَلَم شاكر بن الجَيْعان
(4)
(1)
في الأصل: "شيئاً كثيراً".
(2)
الصواب: "يمحوه ".
(3)
في الأصل: "مباشروا".
(4)
هو شاكر بن عبد الغني بن شاكر بن ماجد بن عبد الوهاب، المعروف بابن الجيعان. توفي سنة 882 هـ. انظر عنه في: وجيز الكلام 3/ 881، 882 و 888 رقم 2027، والضوء اللامع 3/ 291، 292 رقم 1117، والذيل التام 2/ 310، 311، وكتاب في التاريخ، مجهول المؤلف (مخطوط) ورقة 134 ب (حوادث سنة 878 هـ.) والمنجم في المعجم 124، 125 رقم 57، ونظم العقيان 118 رقم 89، ونيل الأمل 7/ 192 رقم 3568، وبدائع الزهور 3/ 133، وشذرات الذهب 7/ 334.
وولداه
(1)
: الشرف يحيى
(2)
، وعبد الغني
(3)
ليكتبوا مع الكتبة إعانة لهم، وكذلك خُشكلدي الخازندار الصغير، وهو أيضاً يكتب مع الكتّاب. وحضر كاتب العليق وكاتب الحوائج خاناه، لضبط من يقطع من العليق وراتب اللحم، وحضر الأستادّار وناظر الخاص يكتبان أيضاً من جملة الكُتّاب، وكان يوماً مشهوداً، ومجلساً مَهولاً مذهلاً. ثم أخذ كاتب المماليك يستدعي أرباب الجوامك، الواحد بعد الواحد، فإذا خرج اسم الشخص وتقدّم لقبض جامكيّته، نظر إليه السلطان نظر متوسّمٍ عارف على ما زعم، فإن كان عارفاً بطاعته وأهليّته قبل ذلك أمضاه، ولم يتكلّم في أمره بشيء البتّة، وقبض جامكيّته ونزل. وإن كان يعرف خموله وتعاسته وحاله قبل ذلك، لا سيما، (
…
)
(4)
الناس قابل غرضه ( ...... )
(5)
عندهم صاحبه إليه ثم ناوله قوساً من (
…
)
(6)
عدّتهم (
…
…
…
…
)
(7)
أقدم ذلك وأمره بجذبه، فإنْ جَذَبَه وهو أقوى القسِيّ (
…
…
…
…
…
…
…
)
(8)
الألفين من الخانكية وما دونها، وإن كانت فوق ذلك و (
…
…
)
(9)
الألفين (
…
)
(10)
(في أبناء الناس خاصّة)
(11)
، وأعطى ماله قبل ذلك، ثم أعلمه بأمر ذلك، فجهّز الآتي الألفين (من الجامكية)
(12)
فقط، وكذا فعل مع المماليك أيضاً، وكان أولاد الناس في هذه الكائنة نادرين، والأكثر المماليك. وأمّا إذا لم يجذب ذلك القوس ناوله الثاني وكذا الثالث، فإن لم يقدر على ضرب الثالث قطعه، أصله ورأساً، كائناً من كان، بعد جعله عليه وعلى من قبضه في ديوان الجيش، ولو كان
(1)
في الأصل: "وولديه".
(2)
هو يحيى بن شاكر بن عبد الغني
…
مات سنة 885 هـ. انظر عنه في: وجيز الكلام 3/ 911 رقم 2061، والضوء اللامع 1/ 226 - 229 رقم 969، والذيل التام 2/ 333، 334، ونيل الأمل 7/ 261 رقم 9139، وبدائع الزهور 3/ 168، والأعلام 9/ 184، ومعجم المؤلفين 3/ 201، والقاموس الإسلامي 1/ 667، والقول المستظرف 10، والمعجم الشامل للتراث العربي المطبوع 2/ 111، 112، وهو صاحب كتاب التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية، وليس هو صاحب "القول المستظرف في سفر مولانا الملك الأشرف" انظر: المستدرك على الجزء 2 من المعجم الشامل (صنعتنا) ص 50 و 223.
(3)
هو عبد الغني بن شاكر بن عبد الغني
…
لم يؤرخ السخاوي لوفاته في الضوء اللامع 4/ 248 رقم 647، وهو توفي 901 هـ. (بدائع الزهور 3/ 319).
(4)
كلمة مطموسة.
(5)
كلمتان مطموستان.
(6)
كلمة مطموسة.
(7)
أربع كلمات مطموسة.
(8)
سبع كلمات مطموسة.
(9)
كلمتان مطموستان.
(10)
كلمة مطموسة.
(11)
ما بين القوسين ضَرَب عليه خطاً.
(12)
من الهامش.
أستاذه جقمق الظاهر له نصيب في هذه الجزية. ومن وجد باسمه جامكية زيادة، وهي مُشتراة بحكم النزول على ما كانت عادتهم قبل هذا السلطان، فنظر إن كانت ألفين ولا جامكية له غيرها، أبقاها معه على الشرط الذي تقدّم في جذب القوس، فلا نعيده. وإن كانت زيادة على ما بيده، قبلها، أمره بالرجوع بما دفعه ممن نزل له عن ذلك، وكذا من تعوّض بجامكية إقطاعاً فعل معه مثل هذه الفعلة. ولم يزل يفعل هذا في الجامكية حتى انتهت، وقطع من الخلق ما شاء اللَّه أن يقطع من سائر الأجناس. ثم نظر في العليق فأبقى لغير الخاصكي ثلاث علائق، وقطع ما زاد، وللخاصكيّ خمس
(1)
وقطع الزائد، وكذا مرتب اللحم يقُطع لغير الخاصكي ما زاد على الزيدية ويُبقيها، وكان المرتّب في اللحم أيضاً قد زاد جدّاً، حتى خرج عن الحدّ، حتى صار الشخص الواحد الذي لا يعبأ اللَّه تعالى به، ولا حاجة للمسلمين والإسلام به، بل وفي وجوده المضرّة على نفسه وبيت المال، وعلى الكثير من عباد اللَّه يأخذ خمس
(2)
زبادي لحم، وسبعة وثمانية (
…
…
)
(3)
عشر، بل وأَزْيَد من ذلك. والزبدية عبارة عن ثلاثة أرطال من اللحم (
…
)
(4)
قطعة نفياً للضرر عن بيت المال، وإن كان قصد السلطان غير ذلك كما نكث في القبض عليه في ذلك، ومع هذا فلقد فعل فعلاً يُحمد، وأصاب وأجاد، وعن الحق ما حاد. إذ أن هذه المرتّبات قد أغنت الكثير من الناس، وأطغت الكثير، وأعانتهم على أنواع من الفسق والفساد، ويا ليتهم كانوا ممن يُنتَفع بهم في دين أو دنيا حتى الكثير من الناس والشام والعجائز والعوام والأوباش لهم راتب اللحم، بل والجامكية، فقطع ذلك كله، لكنْ حصل بسبب التفتيش على هؤلاء الضرر على بعضٍ من الذين يستحقّون ذلك وزيادة، وقطع ما كان لهم سواه للزرّيعة على ما زرعوا، أو إجراء الكل على منْوالٍ واحد، فأخذ الصالح بالطالح.
ومن العجائب أنه كان الكثير من الجوامك ومرتّبات اللحم والعليق ما شاء من جماعة من تعساء ما بين أولاد ناس، ومن تجار ومتعمّمين وعوامّ ونساء وعجائز وجواري، حتى بعض النصارى. ودام السلطان في هذا اليوم على هذا المهْيَع، حتى انتهى من طبقة الرَفْرف، ثم دام على ذلك أيام الجوامك، حتى فرغ من الكل، فسُرّ بذلك الوزير
(5)
والأستادّار، لا سيما وقد كانت الوزراء والأستادّارية فيما مضى من الزمان قد أبيدوا بواسطة هذه المرتّبات، وأعجزوا، وكلّوا حتى كانوا
(1)
في الأصل: "خمسة".
(2)
في الأصل: "خمسة".
(3)
كلمتان مطموستان.
(4)
كلمة مطموسة.
(5)
في الأصل: "الدرند".
يتبرّموا مما هم فيه، لعجزهم عن حمل رواتب الجوامك والعليق واللحم، وكانت الملوك تردفهم بالأموال، بل وبالأقاطيع الزيادات، زيادة عمّا كان لهم من الجهات، وهم مع ذلك كله لا يزدادون إلّا عجزاً وتبرّماً، لكثرة الكُلف والطوارئ على العادة التي كانت قبل ذلك، وكل هذه إنّما حدثت في سلطنة الظاهر جقمق، فإنه هو الذي كان يرتّب هذه المرتبات.
ولما تسلطن الأشرف إينال ورأى الحال قد تجاز الحدّ، أراد أن يفعل ما فعله هذا السلطان الآن، بل وشرع فيه، فحُذِّر من عاقبة ذلك وخُوّف من الدعاء عليه، لكونه لا يقدر على أن يفرّق بين المستحق وغيره، وخُوِّف أيضاً من إثارة فتنة، فأحجم عن ذلك.
ثم لما تسلطن الظاهر خُشقَدم أقدم على ذلك أيضاً وقصده، ثم أمسك عنه لكثرة الأراجيف بالفِتَن في دولته واستمرارها، من يوم سلطنته ليوم موته.
وكان قد سأل الوالد في شيء من ذلك وماذا يشير به عليه، فاختشى الوالد من القالة: وأن يُنسَب إليه شيء من ذلك، فأجاب بقوله عليه السلام "إنما تُنصرون وترزقون بضعفائكم"
(1)
، فاستمر الحال على ما هو عليه. لكنْ أطلق السلاطين أيدي الأستادّارية والوزراء في الظلم، بل أذِنوا فيه دلالة، لأنهم كانوا يعلمون ويتحقّقون أن الدواوين لا تفي بكفاية ما هو مرتّب عليهم من هذه الكُلَف، إلّا بارتكاب المظالم، فصاروا يفسدون ويظلمون ويجورون مع العسف الزائد، ويأخذون ما لا يستحقّون، ولا يعفّون ولا يكفّون، وصار إليهم ولاية الكُشاف والولاة والمدرّكين، ومشايخ العربان وغيرهم، وكانوا لا يولّون الواحد ممن ذكرنا إلّا بمالٍ كبير يبذله لهم في ذلك، ثم يأخذهذا المتولّي في أسباب تحصيل ما بذله، فلا يحصل له بذلك إلّا الظلم الزائد وارتكاب المفاسد بالفِتن وخراب البلاد وهلاك العباد، فصار قُطّاع الطريق يُخيفون السُبُل، والسُرّاق والحرامية يسرقون ويتجرمون، والكُشاف والمشايخ عليهم يستحسنون، وليس لهم همّة في ما عدا جمع المال من الحرام أو الحلال؟ لسداد ما كُلّفوا به زيادة على جهاتهم، فآل الأمر في ذلك إلى ما آل.
وأما الوزراء فاحتاجوا إلى أخذ المكوس بالوجه العبوس، وتارة بالدبّوس، وتارة يأخذون جميع ما يجدون بأدنى مناسبة وأقلّ ملابسة، وهم يسمّون ذلك حق
(1)
تقدّم هذا الحديث قريباً.
السلطان، مع تسليط الخدمة والأعوان، ومعارضة ذوي الإرث من العَصبات وغيرهم، ويقال لهم: أثبتوا أنكم من أهل الميراث، فيأخذون إرث من لا جاه له ولا معين، ولو كان أقرب الأقربين، ويصالح الغالب من الورّاثين
(1)
على أقلّ من نصف إرثه إن ثم معين، وتؤخذ أغنام تجار الغنم بالأجل، ثم يُحالوا على الهوافي من الأشياء بالخجل، ولا يحصل للناس
(2)
على الطائل. وزاد هذا الفساد، وعمّ الأنام والبلاد، إلى أن آل المُلْك لهذا السلطان، أخذ في أسباب موجبات هذه الأمور، فأول ما بدأ به
(3)
ما ذكرناه حتى جلاه، وبلغ فيه لأقصى مُناه، لكن مع ما ذكرناه، لو قُطعت تلك المظالم، وزالت تلك المغارم، لكان غير آثم، بل لنال السعادة والحُسنَى وزيادة، في العاجل والآجل، ونال الفضل الطائل، بل قطع هذه الأرزاق وأبقى تلك المظالم، وزادت بواسطتها عليه المآثم، بل ترادفت الزيادة فيها، وكلٌّ إليه يجيبها. وكان أولاً قد كثُر في حقّه القال والقيل، فمن الناس من نسبه إلى الظلم العظيم، ومنهم من نسبه للعدل العميم، فاستند الأولون بأنه قطع أرزاق الأنام، وذهبت عينه لما في أيديهم من أقطاع، وقد كانت القضايا في أيام من رتّبها جارية على أحسن نظام، ولا كانت، بل ولا فاضت الفِتن، ولا القبائح والمِحن، ولا كانت شرور ولا حرور
(4)
، وكانت الناس في خفير الفقراء من أهل هذه الرواتب، وشبع الجياع، وقوي الضعفاء، وقلّ السائل، وزادت أسباب الخير، وكثُر العلم والعلماء والطلبة في تلك الأيام. وكانت الناس بخير، واستند القائلون بأن هذا من باب (
…
)
(5)
والعدل بأن هذه المرتّبات أفسدت الأحوال، ودخل بسببها الرهان في بيت المال، وصار من لا استحقاق له فيه بالكلية يأخذ منه ما لا يُحصى كثرة، مع استغنائه عنه، بل كان ذلك سبباً لكثير من الفسق والفساد، والطغيان، والعناد.
وكنت أنا أولاً من الفريق القائل بأن ما فعله هذا السلطان من الذي يجب عليه، بل ويُثاب عليه ويؤجر، ويُشتَهَر به عدله ويُذكر، ظانّاً أنه أراد بذلك حسم مادّة ما ذكرناه من المظالم، فلما تمّت تلك الأمور وتقرّرت وظيفته وتحرّرت، لم تُرفع من تلك المظالم ولا مظلمة، بل زادت ونمت، وعلت وعمّت، فعلمت أن ذلك محض نقمة وذريعة لقطع الأرزاق لإضافتها لأنفسهم وانفرادهم بها قائلين
(6)
(1)
الصواب: "من الوارثين".
(2)
في الأصل: "لكناس".
(3)
في الأصل: "بداء".
(4)
في الأصل: "ولا كانت شروراً ولا حروراً".
(5)
كلمة مطموسة.
(6)
في الأصل: "قائلون".
بأن الناس قد رضوا بهذا الجور العظيم، وارتضوا به من العذاب الأليم، فلم ينسب إلينا ويخرج عنّا، فنحن أحقّ به من الغير، فاختصّوا به، وأخذوا في زيادة سببه على ما هو ظاهر لجميع الأنام، فلا جَرَم فتح اللَّه تعالى ما يقلقهم ويشغلهم، كيف لا وقد زادوا في المظالم، على أن بعض الأموات من الفقراء يموت ولا قريب له، فلا يجسر أحد من الخلق على أن يتكلّم في دفنه خوفاً من تعلّق الطلبة عليه، بل يلي إنسان بدهليز الإمام الشافعي بعد موته نحو اليومين، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، إنّا للَّه. وبجملة هذه المقتضيات فتح اللَّه تعالى عليهم أبواب الفِتن، ما ظهر منها وما بطن، وغرامة الأموال في إنفاذ العساكر من أول سلطنة هذا السلطان، وإلى هلُمّ جرّاً من الزمان إلى يومنا هذا في هذا الآن، فصاروا كلّما قاموا قعدوا، وكلّما دئروا دمّروا. ولقد غرم من الأموال أضعاف ما قطع من الأرزاق، وجمع من الأموال أيضاً فوق ما يقال. وحصل التخليط الكبير الذي لعلّه لم يقع لغيره من السلاطين، فكان عقله وفكره يحدّثه بتحسين ذلك، ليكون له عوناً في حادثة تحدث، وهو مترقّبها لعلمه وحزمه بأنه طمع فيهم الطامع، وزال المانع، وتفتّحت أعين الناس من الملوك النائية بالبلدان الناحية على هذه المملكة، لا سيما والأراجيف بزوال الأتراك، ودولتهم عمّالة، خصوصاً من غير المنجّمين وأهل التقويم، بل من غالب أهل العلم القائلين، بأن عادة اللَّه تعالى جرت في مثل هذه التغيّرات بتغيّر الدول، ومن القائلين بأن الاستقراء يشهد به زوال
(1)
الدولة عند انقضاء القرن من ابتدائها أو دون ذلك.
وأمّا أهل التنجيم والتقويم ونحوهم، فخُذْ من كلامهم وأكثر، لا سيما والقرانات لهم شاهدة على ما يزعمون مكانة مآل لتحصيل المال، ليكون له عوناً عند دهوم الخطب للزوال، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال، نسأله إلهامنا رشدنا، وأن لا يسلّط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا، بمنّه وطوله، وقوّته وحَوله، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، المورّطة لنا
(2)
.
[تفرقة الجامكية بحضور السلطان]
وفيه، في يوم الإثنين، عشرينه، جلس السلطان على الدكة ليحضر تفرقة الجامكية بنفسه، بعد أن قدّم لهم العلم بأنه يحضرها، بل دام ذلك دأبه إلى يومنا هذا، ثم فُرّقت بين يديه على النفقة المشروحة فيما قدّمناه في يوم الخميس. ولا
(1)
في الأصل: "زال".
(2)
خبر انعقاد المجلس في: إنباء الهصر 33 - 37، ونيل الأمل 6/ 353، وبدائع الزهور 3/ 24.
زال على ذلك ويحضر كل جامكية، ويكتب الختْم تحت، ونجز من تفرقتها على الصورة المشروحة. ثم استمر على ذلك كما قلناه مما سبق هذا، وأعاد انقطع مرة بعد المرة، وكَرّة بعد الكَرّة، حتى في هذه الأيام التي بعد ذلك التاريخ. فمن دخل عليه في الأولى أخرجه في الثانية، وهلُمّ جرّاً إلى هذا الزمان، وصار دأبه النقد للناس، والتفحّص عن أحوالهم، حتى يبدو له أدنى سبب فيفعل ما يشاء، ومع التوفير لهذه المتوفّرات تراءت المظالم بسائر الجهات
(1)
. نسأل اللَّه تعالى أن ينقذنا مما يُشان، ويُحلّينا بما يُزان.
حتى نرى الحقّ حقّاً ثم نتّبعه
…
ونترك الغيّ سُمّا في تشهّينا
(ولاية يشئك البجاسي نيابة حماة)
(2)
وفيه، في هذه الأيام استقرّ يشبُك البجاسي المعزول قبل تاريخه عن نيابة حلب في نيابة حماة، عِوَضاً عن محمد بن مبارك، بحكم صرفه عنها، وعُدّ ولاية نائب حلب بحماة معه النوادر، كونه قُهقر إلى خلف، لكن هذا بعد العزل والسجن على ما تقدّم
(3)
.
[كشف التراب وعمل الجسور بالوجه البحري]
وفيه، في يوم الخميس ثالث عشرينه، قُرّر سُودُون الأفرم الظاهري، أحد مقدَّمين
(4)
الألوف، في كشف التراب، وعمل الجسور بالشرقية بالوجه البحري من أسفل مصر.
[تعيين تمراز الشمسي في كشف التراب]
وفيه أيضاً، أعني هذا اليوم، استقر تمراز الشمسي، أمير سلاح عصرنا الآن، أحد مقدَّمين
(5)
الألوف إذ ذاك، في كشف التراب بالغربية بالوجه البحري، وعيّن السلطان صحبته مقدّمين من الأمراء العشرات، ومن الجند السلطاني مائتي نفر، ليكونوا عوناً لتمراز هذا على المفسدين بتلك النواحي.
وفيه قُرّر بردُبك المشطوب السيفي يشبُك أحد العشرات، في كشف التراب بالبفضاية (؟) من الوجه القِبلي.
(1)
خبر تفرقة الجامكية في: إنباء الهصر 38 و 40، 41، ونيل الأمل 6/ 353.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
خبر ولاية يشبك في: إنباء الهصر 41، ونيل الأمل 6/ 354، وبدائع الزهور 3/ 24، 25.
(4)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(5)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
[ولاية يشبُك الجمالي حسبة القاهرة]
وفيه، في يوم الإثنين، سابع عرينه، استقرّ يشبُك الجمالي، أحد العشرات، الذي صُيّر أمير الركب الأول قبل تاريخه، في حسبة القاهرة، وكانت قد شغرت عن قانصوه الخسيف من منذ مدّة، وباشرها يشبُك هذا مباشرة حسنة بعفّة زائدة ونزاهة وحُرمة وشهامة، وحُسن سيرة، وحصل به النفع العام للخلق، وحُمد وشُكر وشُهر وذُكر، جزاه اللَّه تعالى خيراً عن دينه ومروءته
(1)
.
وقد ترجمنا يشبُك هذا فيما تقدّم.
[شهر جماد الأول]
وفيها استهلّ جماد الأول بالجمعة، وطلَع القضاة إلى السلطان فهنّأوه
(2)
بالشهر ومن لهم عادة بذلك.
[لبس السلطان الصوف]
وفيه- أعني (هذا الشهر في)
(3)
يوم الجمعة هذا، لبس السلطان الصوف، وألبس الأمراء على العادة. ووافق هذا اليوم ثاني عشرين هاتور من شهور القبط.
[انتهاء تفرقة الجامكية]
وفيه، في يوم الإثنين، رابعه، كان نهاية تفرقة الجامكية عن آخرها، بعد أن قُطع منها الشيء الكثير، وكذا من اللحم والعليق، وكان أكثر من خصّ بهذه البليّة أولاد الناس في المتعمّمين
(4)
.
[خروج تمراز الشمسي إلى الغربية والمحلّة]
وفيه، في يوم الإثنين، حادي عشره، خرج تمراز الشمسي ومن عُيّن معه إلى الغربية، ثم وصل إلى المحلّة فأقام بها، ولم يحصل من خروجه نتاج، ولا كان تحته طائل، فإنه أقام بالمحلّة والفساد عمّال في تلك النواحي، ولم يأت تمراز بشيء في إزالة ذلك
(5)
.
(1)
خبر ولاية يشبك في: نيل الأمل 6/ 354، وبدائع الزهور 3/ 24، 25.
(2)
في الأصل: "فهنوه".
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
خبر انتهاء التفرقة في: نيل الأمل 6/ 354.
(5)
خبر خروج تمراز في: إنباء الهصر 41 و 43، ونيل الأمل 6/ 355، وبدائع الزهور 3/ 290.
[أخْذ شاه سوار مدينة دَرُنْدة]
وفيه، في يوم الإثنين أيضاً، ثامن عشره، ورد الخبر على السلطان بأخذ شاه سوار مدينة خارندة وقلعتها (التي يقال لها دَرُنْدَة)
(1)
وقلعتها بعد حصار كبير، إلى أن أخذها عَنْوة، وقتل نائبها الذي يقال له ابن بَلَبان، واشتهر بأن أهلها اتفقوا على ذلك مع شاه سوار، وعظُم هذا الخبر على السلطان، وزاد قلقه بسبب ذلك
(2)
.
[حضور السلطان تفرقة الجامكية بالحوش]
وفيه- أعني هذا اليوم- حضر السلطان تفرقة الجامكية بالحوش كما فعل ذلك في الشهر الماضي، فلم يُبْد فيه شيئاً ولا أعاد، لِما دهمه من خبر أخْذ دَرُنْدَة في هذا اليوم، فاشتغل عن الناس فيه باشتغال فكره، حتى قال بعض أهل الظُرف: لو لم يشغله اللَّه ما اشتغل، وحضر التفرقة بعد ذلك أياماً كذلك. ثم ترك ذلك، وفُرّقت بالإيوان على العادة، ثم أعاد ذلك بعد مدّة، وهو على ذلك إلى يومنا هذا الذي له من هذا التاريخ نحو الستّ عشرة
(3)
سنة، وهو ملازم حضورها لا يمكن أن يفرّق في غيبته، وما انقطع عنها، إلّا أن كان حين سفره للشام والحجاز ونحو ذلك من أسفاره.
[ولاية جوهر النَوروزي الزمامية والخازندارية]
وفيه- أعني هذا اليوم- استقرّ في الزمامية والخازندارية جوهر النَوروزي الحبشي
(4)
، عِوضاً عن جوهر التركماني الهندي، بحكم وفاته. وستأتي ترجمته في تراجم هذه السنة إن شاء اللَّه تعالى.
(كائنة بني هلبا مع يشبُك الدوادار)
(5)
وفيه في يوم الجمعة، ثاني عشرينه، وصل يشبُك من مهدي الدوادار من بلاد الصعيد، بعد ما نهب بني هلبا، وبدّد شملهم وفرّق جمعهم، وأسر نساءهم
(1)
ما بين القوسين من الهامش.
(2)
خبر أخذ درندة في: إنباء الهصر 44، ونيل الأمل 6/ 356.
(3)
في الأصل: "الستة عشر".
(4)
انظر عن (جوهر النوروزي) في: الضوء اللامع 3/ 85، 86 رقم 332 ولم يؤرخ لوفاته، ووجيز الكلام 3/ 890 رقم 2033، والذيل التام 2/ 312 وفيه جوهر الحبشي شَرَاقُطْلي، ونيل الأمل 7/ 188 رقم 3066، وبدائع الزهور 3/ 127، وهو توفي سنة 882 هـ. وخبر ولاية جوهر في: إنباء الهصر 44، ونيل الأمل 6/ 356.
(5)
العنوان من الهامش.
وأولادهم وذراريهم، وأخرب عدّة من البلاد بالشرق من الوجه القِبلي، وحمل معه من نسائهم فوق الأربعمائة امرأة في مراكب معه، وحضر بهنّ إلى القاهرة، فأُنزِلن بساحل بولاق في وكالة الأتابك قانَم، وهنّ في غاية القلّة والجوع، بعد أن مات منهنّ عدّة كثيرة، لعِظَم ما حلّ بهنّ من الرزيّة والبرد والجوع، ولما أُنزلن في وكالة قانَم المذكورة حنّ بعضٌ من أهل الخير على هؤلاء المساكين، فأحضر لهنّ من الفول قدراً جيّداً، ورماه بينهنّ صحيحاً (فنقلنه)
(1)
في الحال، وأكلْنه كما هو من شدّة ما هنّ فيه من الجوع والاحتياج إلى القوت. ثم شرع أهل الصدقات في التصدّق عليهنّ بقدر حالهم، ودُمن على ذلك مدّة، وما عُلم ما الغرض من إحضار النسوة وحبْسهنّ، وأعيب ذلك على يشبُك المذكور، وكثُر الدعاء عليه بسبب ذلك، على أنه حصل من أهل هؤلاء النسوة الفساد الكبير بعد رحيل يشبُك عنهم، فإنهم عادوا إلى السواحل وعاثوا فيها، وأخذوا بعض المراكب المنحدرة إلى القاهرة، ونهبوا ما فيها من الغِلال وحرّقوها، وفعلوا أفعالاً شنيعة مثل ذلك بعدّة من المراكب، وحصل بواسطة ذلك غاية النكد والضرر على الناس، وارتفع بهذا المقتضى سعر الكثير من الغلال، ولم يحصل بخروج يشبُك من الفائدة، غير إراحته الخلق من عطاء الله بن جامع
(2)
، فإنه قبض عليه وقتله وسلخه، وكان من كبار المفسدين بتلك النواحي، نعم، وقتل جماعة أخرى من شرار بني هلبا ونهبهم، لكن بعد خراب عدّة بلاد، والتشويش على كثير من العباد، بما لا مصلحة فيه، ولا في التشويش على من شوّش عليه، لا سيما النسوة اللاتي أحضرهنّ فإنه أضرّ بحالهنّ. وللَّه الأمر
(3)
.
[تفرقة الجامكية بالإيوان]
وفيه، في يوم الخميس، ثامن عشرينه، أمر السلطان بتفرقة الجامكية بالإيوان على العادة الأولى كما كانت، ولم يحضر السلطان تفرقتها في هذا اليوم.
[نزول السلطان إلى بركة الحبش]
وفيه طلب السلطان مركوباً بعد فراغ الخدمة، فركب ونزل من القلعة متوجّهاً إلى جهة بركة الحبش، ومعه جماعة من خواصّه، وبعث إليه القاضي زين الدين
(1)
عن الهامش.
(2)
لم أجده.
(3)
كائنة بني هلبا في: إنباء الهصر 44، 45، ونيل الأمل 6/ 357، وبدائع الزهور 3/ 25.
ابن
(1)
مُزهر كاتب السرّ (
…
)
(2)
من منزله، وتقدّم بشيء يليق به، فأكل وأقام هناك إلى المغرب من (
…
)
(3)
، ثم رَكب وعاد إلى القلعة.
[شهر جمادى الآخر]
وفيها استهلّ جمادى الآخر بالسبت، وطلع القضاة ومن له عادة بالتهنئة بالشهر، فهنّأوا
(4)
السلطان. ووافق هذا اليوم حادي عشرين كيهك من شهور القبط.
[زياددة الأسعار]
واستهلّ هذا الشهر والأسعار متزايدة في الغلال، وارتفعت جدّاً بعد أن كانت قد انحطّت شيئاً، وبيع القمح بسبعمائة للإردبّ، فزاد سعره عمّا كان في الشهر الماضي مائة درهم، بل وأكثر، وقِس على ذلك ثمن القمح من أنواع الحبوب
(5)
.
[فشْو الطاعون بإقليم البحيرة]
وفيه- أعني هذا الشهر- فشا الطاعون بإقليم البُحيرة وببعض النواحي من بلاد الغربية، وظهر ظهوراً هيّناً بالقاهرة أيضاً، هذا والوقت أوائل فصل الشتاء. وكان من أمر هذا الطاعون بعد ذلك ما ستعرفه في رجب، وما بعده على ما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى
(6)
.
[الاهتمام بتجهيز تجريدة لشاه سوار]
وفيه- أعني هذا الشهر أيضاً- اهتمّ السلطان في تجهيز تجريدة لشاه سوار، يردف بها من تقدّم من العسكر صحبة أزدمر الإبراهيمي الطويل، وذكر السلطان أنه يعيّن هذه التجريدة في أواسط هذا الشهر، وأشاع بأنه يأمر بخروجها في أوائل شعبان
(7)
، وكان من ذلك ما سنذكره.
[نزول السلطان من القلعة وركوبه إلى جهة عين شمس]
وفيه، في يوم الأربعاء، خامسه، نزل السلطان من القلعة بغير ثياب الركب،
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
كلمة مطموسة.
(3)
كلمة مطموسة.
(4)
في الأصل: "فهنوا".
(5)
خبر زيادة الأسعار في: إنباء الهصر 46 و 81، 82 رقم 3، ونيل الأمل 6/ 357، وبدائع الزهور 3/ 25.
(6)
خبر فشو الطاعون في: إنباء الهصر 46، ونيل الأمل 6/ 357.
(7)
خبر الاهتمام بالتجهيز في: إنباء الهصر 46، ونيل الأمل 6/ 357.
وسار في جماعة من خواصّه متوجهاً إلى بركة الجبّ، ثم منها إلى الخانكة، ثم عاد إلى عين شمس التي بها العَمود السارية، المسمّاة بمسلّة فرعون، فنزل بها ولم ينزل من حين ركوبه وتوجّهه إلى بركة الحاج المذكورة، ثم الخانقاه، ثم (
…
)
(1)
في هذا النزول الذي بعين شمس هذه، وأقام يومه ذلك هناك، ثم عاد إلى القاهرة وصعِد القلعة، والقالة موجودة بأنه سيكون فتنة، ولهج الكثير من الناس بذلك، وأن لا بدّ من الركوب على السلطان، ومع هذه الإشاعات لم يركب وينزل، بل كلّما بلغه شيء
(2)
من ذلك يركب وينزل من القلعة، كأنه يشير إلى أنه لا حسّ عنده من ذلك ولا من هذه الإشاعات، ولعلّه أرجل في ذلك، فإنهم خمدوا بعد ذلك، بل وقبله ولا زال بهم، وهو يأخذ الواحد بعد الواحد من عدّة من الطوائف، حتى ما خلّى ولا بقّى على ما سيأتي ذلك في محالّه إن شاء اللَّه تعالى، ولا سيما بعد الثمانين
(3)
.
[وصول قاصدشاه سوار]
وفيه، في يوم الخميس، سادسه، ورد الخبر إلى القاهرة بوصول قاصد شاه سوار بن دُلغادر إلى الخانقاه
(4)
في هذا اليوم، وأشيع بأنه حضر لتقرير الصلح بينه وبين السلطان. ولما بلغ السلطالن ذلك أمر بردّ القاصد المذكور من حيث جاء، فخرج له الأمر بذلك، فعاد من الخانقاة
(5)
.
[خروج الأتابك أُزْبَك إلى البحيرة]
وفيه، في يوم الجمعة، سابعه، خرج الأمير الكبير الأتابك أُزبَك إلى جهة البحيرة، لأجل فساد العربان بها، عساهم يكفّوا عن ذلك.
[إحضار جنازة الطواشي شجاع الدين]
وفيه، في يوم السبت، ثامنه، أحضرت جنازة الطواشي شجاع الدين شاهين غزالي إلى مصلّى سبيل المؤمني. وكان شاهين قد توفي في ليلة السبت هذه، ونزل السلطان في هذا اليوم للصلاة عليه، ثم ركب فرسه وتوجّه من هناك إلى جهة
(1)
كلمة مطموسة.
(2)
في الأصل: "شيئاً".
(3)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 46، 47، ونيل الأمل 6/ 358.
(4)
كتب قبلها: "القاهرة" وضرب عليها.
(5)
خبر وصول القاصد في: إنباء الهصر 47، ونيل الأمل 6/ 358.
بساتين الوزير، في جماعة قليلة من خواصّه، ونزل بالقرب من بركة الحبش، وأقام إلى آخر هذا النهار، ثم عاد إلى القلعة. ثم لما أصبح في يوم الأحد تاسعه، نزل أيضاً من القلعة، فتوجّه إلى قريب المطرية ونزل هناك، ثم عاد في آخر النهار، وتكرّرت ركبات هذا السلطان حتى خرجت عن الحدّ، ولا سيما بالسنين الآتية بعد هذه السنة، حتى أهمل عدّة من المؤرّخين الكثير من ركبانه لكثرتها و (
…
…
)
(1)
يحدّ الضبط.
(نادرة غريبة من المعقولات)
(2)
وفيه- أعني هذا اليوم- أحضر شيخ من الجند (السلطاني)
(3)
يسمّى يوسف السيفي يشبُك الصوفي
(4)
حصاة إلى شيخنا العلّامة الشيخ أمين الدين الأقُصُرائي، زِنتها نحو السبع دراهم، مكتوب على أحد شقّيها:"قرُب الوقت"، وعلى الشق الآخر:"اعتبروا واتقوا اللَّه" بخط ناتيء
(5)
كالعروق في الحجارة بصفة غريبة بغير نُقط تؤذن من رآها أنها ليست من فعل البشر لهما في هيئة خطها من الغرابة، ولون الحصاة إلى السُمرة، والخط إلى الغبرة والسواد، وذكر يوسف هذا أنه وجدها بالقرب من دار الضيافة بالصّوّة، وذكر أنه وجدها كالتي تتحرّك وتمشي، بل وجدها تمرّ بين يديه. ولما ذكر ذلك للشيخ حصل عنده من ذلك غاية الخشوع والاستكانة، لأنه حمل يوسف هذا على الصدق. ثم أمره أن يبديها للناس، ويذكر لهم كيف وجدها. والظاهر، بل الجزم اليقين أنها قد افتُعل بها ذلك، ولعلّها من فعل الذي ذكر أنه وجدها، فإنه عجيب في مثل هذه الأمور، فإنه يكاد أن يكون شيطاناً، بل هو شيطان في خفية إنسان.
[ترجمة يوسف السيفي يشبك الصوفي]
443 -
وهو موجود إلى الآن، كان يشبك الصوفي قد اشتراه وأعتقه، ودام عنده حتى مات
(6)
.
(1)
كلمتان مطموستان.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
ضرب على كلمة "السلطاني" في الأصل.
(4)
هو: يشبك الصوفي المؤيدي: نائب طرابلس. توفي سنة 863 هـ. انظر عنه في: النجوم الزاهرة 16/ 127 و 200، والدليل الشافي 2/ 788، 789 رقم 3658، والمنهل الصافي 12/ 138 - 140 رقم 2668، والضوء اللامع 10/ 270 رقم 1075، ووجيز الكلام 2/ 727 رقم 1672، والذيل التام 2/ 140، ونيل الأمل 6/ 51 رقم 2457، وحوادث الزمان 1/ 143 رقم 146، وبدائع الزهور 2/ 351، وتاريخ طرابلس 2/ 51 رقم 118، Sobernheim-v:p.p 172.
(5)
في الأصل: "ناتء".
(6)
مات يشبك الصوفي سنة 863 هـ. كما تقدّم.
تنقّل في خِدم عدّة من الأمراء إلى أن قدم (!) عن قرقماس الجَلَب، فلما قبض عليه من الصعيد بَطَل يوسف هذا وتعطّل لم يخدم، وهذا يدّعي التمسيح والمعرفة التامّة، وأنه من الأولياء، بل الواصلين إلى اللَّه تعالى، مع خُبث طبع ورداءة اعتقاد، وكثرة انتقاد على الناس أشياء لا تعنيه، والدعوى العريضة، والبأو الزائد، مع دناءة أصله وخموله وفقره وفاقته، وصار يدّعي أشياء كثيرة، من كونه عارفاً باللَّه، وبسائر المعارف الإلهية، بل والعلوم وسائر الفنون، ويدّعي أنه يعرف القراءات ومخارج الحروف، بحيث لا يدانيه في معرفة ذلك غيره، وليس عنده مما يدّعيه ولا أدنى جزئية، بل هو جاهل وضيع، غبيّ، كثير الوقيعة في العلماء وأهل الصلاح، مع إظهار الإستكانة والخنوع والخضوع، وإطالة السجود والركوع والتديّن والزُهد والورع الذي ما عنه مزيد والعفّة، كل ذلك شيطنة منه ورَوْكدة، وقد خدع الكثير من الأجلاب والمماليك، بل وغيرهم من الجهلة، وله أبحاث يخترعها للجهلة لا يعبأ اللَّه بها، يظنّها علماً، وهو عن العلم بمعزل، وعنده من الحِيَل والمكايد ما يعجز عنها مشارك. آل به الأمر أن تردّد إلى الخانقاه الشيخونية، وتحيّل في أن حصَّل له بها خلوةً سكنها، ثم تحيّل في أن رتّب له بها رغيفاً، وفرّقه على عيبة صوفتها، وهو مقيم بها الآن، يَغْترّ به من لا يعرف حاله، لحُسن سمْتٍ يُظهره، وجودة مجالسه، وغِنى وتواضع يُظهرهما، بل سمعت عنه أشياء، ورأيت من يدينه بعظائم تشينه في دينه.
وكان قد بلغني ما ذكرته من أنه وجد هذه الحصاة على ما ذكرناه، فسألته عن ذلك، فأجاب بأن ذلك حقيقة، وأنه وجدها في يوم موت شاهين غزالي وهي تمشي، فأخذها فإذا هي كلما وصفنا، ثم أحضرها لي لما خَلَوت بالخانقاه الشيخونية، في ثالث عشر شعبان سنة تسع وثمانين، وإذا هي مودعة بحُقِّ من نحاس مغطَّى
(1)
فأخرجها لي منه وأرانيها على الصفة المشروحة، وقدرة اللَّه تعالى صالحة لأعظم من هذا، لكن الظاهر، بل اليقين ما ذكرناه من كونه مفتعَلة، فإن الذي ذكر أنه وجدها صاحب مُحَالا [ت] وكثير من التُرَّهات، وهو من أبناء ما يزيد على الأربعين سنة. سامَحَنا اللَّه وإيّاه
(2)
.
(تعيين التجريدة الثانية لشاه سوار)
(3)
وفيه، في يوم السبت، خامس عشره، كان عرض الجُند بين يدي السلطان
(1)
في الأصل: "مغطا".
(2)
النادرة الغريبة في: إنباء الهصر 47، 48، ونيل الأمل 6/ 359، وبدائع الزهور 3/ 26.
(3)
العنوان من الهامش.
بالحَوش، وعيّن منهم جماعةً كثيرة للخروج لقتال شاه سوار، وكان قد عُيّن قبل ذلك عدّة من الأمراء، وهم الأتابك أُزْبَك، وأظهر الامتناع من التوجّه، حتى تلطّف به بعد ذلك، وكان هو باش العساكر، وقَرقماس الجَلَب أمير مجلس، وسُودُون القصرُوي رأس نَوبة النُوب، وتمر من محمود شاه حاجب الحجّاب المعروف بالوالي، وقَرَاجا الطويل الأشرفي الإينالي، الذي وُلّي نيابة حماة بعد ذلك، وهؤلاء مقدَّمو
(1)
الألوف، وعيّن عدّة من الأمراء غيرهم من الطبلخاناة: خير بك من قديد الأشرفي، وجانِبَك الزَيني المؤيَّدي، ومن العشرات عدّة كبيرة فوق العشرين من سائر طوائف الأتراك.
ولما أخذ السلطان في هذا اليوم في تعيين من يقبض عليه بقي يكتب من شاء سفره، ومن لم يُرِد سفره، فإن كان من ذوي الأقاطيع ألْزمه بمائة دينار يذكر له السلطان أنه يقيم بها بديلاً عنه، أو يعطي لمن يسافر، ومن لا إقطاع له ألزمه بحمل عشرين ديناراً، وتم له هذا القصد وما أراد، ومشى ذلك، ووزن أهل الأقاطيع المائة دينار، وأقام القليل منهم عنه بديلاً، وأخذ من الغير
(2)
المقطعين العشرين، وما انتطح في ذلك عنزان، ولا اختلف في ذلك اثنان، وفعل ذلك مع كل إنسان، من سائر أجناس العسكر من المماليك الذين مسّهم الرق وغيرهم ومع الأعيان، وعُدّ ذلك من نوادره، ثم جيء إليه ما طلبه بكماله وتمامه، وما سلم من ذلك إنسان، وكان ذلك من غريب الاتفاق. وحصل للسلطان من ذلك مال طائل، ذهب كأنه لم يكن، وما أضافه إليه أيضاً على ما ستعرف ذلك من حال كسر العساكر وقتْلهم
(3)
.
[استعراض السلطان للجند]
وفيه، في يوم الأحد، سادس عشره، جلس السلطان للعرض أيضاً بالحوش، ثم استدعى بالجند واحداً بعد واحد، وهو يفعل معهم مثل ما فعل بالأمس، لكنْ كثُر الدعاء عليه من المأخوذ منهم، وتمنّوا زواله، وبقوا يودّون قيام فتنة، وثوران شرّ، ويتمنّون ذلك ويستشرفون له، ويأبى اللَّه إلّا ما أراد، فإنه دام في سلطنته وغيره مستمراً إلى يومنا هذا، بل تسلّط عليهم بأنواع التسلّطات
(4)
حتى قهر الجميع
(1)
في الأصل: "مقدَّمون".
(2)
في الأصل: "الغير".
(3)
خبر تعيين التجريدة في: إنباء الهصر 48، 49، ونيل الأمل 6/ 359، وبدائع الزهور 3/ 27، وتاريخ قاضي القضاة 139 أ.
(4)
في الأصل: "المسلاطات".
وتملّك وتمكّن، وأقام المماليك الكثيرة، وضخم وعظُم جدّاً، فإنه جسر فكبر، وما هاب فما خاف، وجمع فأوعى.
[تفرقة الجامكية]
وفيه، في يوم الإثنين، سابع عشره، فُرّقت الجامكية بحضور السلطان أيضاً، وجلس على الدكّة وهو ينظر في كل من قبض جامكيّته، مع التنكيت على بعضهم، والنقد للناس، وتسميعهم الكلام السّيئ والتفتيش على أحوالهم حتى نزقوا منه.
[القبض على الشهاب ابن العَيني]
وفيه- أعني هذا اليوم- قُبض على الشهاب أحمد بن العَيني، وسُجن بالقلعة لمالٍ بقي عليه من مال المصادرة التي تقدّم الكلام عليها
(1)
.
[إرسال النفقة للأمراء]
وفيه- أعني هذا اليوم أيضاً- بعث السلطان النفقة للأمراء المجهّزين للسفر لقتالط شاه سوار، فحمل إلى قرقماس الجَلَب أمير مجلس ثلاثة آلاف دينار، ولكلّ من الألوف الذين قدّمنا ذكرهم كذلك، إلّا الأتابك أُزْبَك، فإنه لم يعيّن إلى الآن، لإظهاره غاية الامتناع والإعراض عن التوجّه حين عيّنه السلطان. وأمّا تمر الحاجب فكان السلطان قد أنعم عليه قبل ذلك بثلاثة آلاف دينار غير هذه، فصار مجموع ما وصل إليه من السلطان ستة آلاف دينار. وكان قَرَاجا الطويل مسافراً بالوجه القِبلي في بعض جهات إقطاعه، وهو من المعيّنين، لكنْ لم يحمل إليه النفقة لغيابه، وكان الأتابك أُزبك أيضاً غائباً بالبُحيرة، على أن السلطان مُصِرّ على تعيينه، وحمل إلى خير بك من حديد الأشرفي، وجانِبَك الزَيني المؤيَّدي، وهما من الطبلخاناة، لكلِّ منهما خمسمائة دينار، والعشرات وهم أزيد من عشرين لكل واحدٍ مائتي دينار، فكانت هذه النفقة في الجند والأمراء نحو الأربعمائة ألف دينار، فإن الجند كانوا ألفاً وخمسمائة من الأشخاص، فانظر إلى هذه الأموال وإتلافها لا على طائل، بل انظر إلى ما ذهب من الأنفس بعد ذلك. فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه. إنّا للَّه
(2)
.
(1)
خبر ابن العيني في: إنباء الهصر 48، 49، ونيل الأمل 6/ 359، وبدائع الزهور 3/ 27.
(2)
خبر إرسال النفقة في: إنباء الهصر 49، 50، ونيل الأمل 6/ 359، 360، وبدائع الزهور 3/ 27.
(استعفاء قرقماس من السفر وعدم إجابته)
(1)
وفيه- أعني هذا اليوم- لما حُملت النفقة إلى قرقماس الجَلَب ركب من داره وصعِد إلى القلعة من وقته، فاجتمع بالسلطان، وسأله الاستعفاء، وتبرّم من السفر غاية التبرّم، وألَحّ في يومه هذا على السلطان غاية الإلحاح في عدم سفره، حتى التمس منه أن يأخذ إمرته منه، ويتركه يقيم طرخاناً بأيّ مكانٍ اختاره السلطان، فلم يسعفه لمراده، وصار كلّما تبرّم وسأل أن يعفيه أظهر السلطان معاكسته، حتى خاشنه في اللفظ، وأكّد عليه في سفره وألزمه به، وتم له ذلك، وتعجّبنا من ذلك بعد أن جرى من كسر العسكر ما جرى، وقبِل قرقماس، فكأنّ قائلاً قال له: إن توجَّهت فإنك لن ترجع وتموت مقتولاً في خرجتك هذه، وغلب القضاء بذلك، فخرج مع حرصه على عدم ذلك، كيف وقد كان في خروجه فراغ أجله، فأنَّى له أن يستأخر.
ولما نزل قرقماس في هذا اليوم إلى داره بعد ما وقع له مع السلطان، لهج الكثير من الناس بوقوع فتنة، حتى شاع ذلك وذاع، وفشا بينهم بأنه سيُركب على السلطان، حتى بلغ نفس السلطان ذلك، فما التفت إليه ولا عرّج عليه
(2)
.
[الإفراج عن ابن العَيني]
وفيه، في يوم الأربعاء، تاسع عشره، أُفرج عن الشهاب أحمد بن العَيني ونزل إلى داره بعد أن حمل شيئاً من المال، وخلع عليه السلطان، كاملية زعموا أنها خلعة الرضا
(3)
.
(نزول السلطان لينظر بذلك ما أشيع من الركوب عليه)
(4)
وفيه، في يوم السبت، ثاني عشرينه، نزل السلطان من القلعة ومعه بعض قليل من خواصّه وخاصكيّته، وتوجّه إلى ناحية خليج الزعفران فنزل به، وأقام هناك متنزّهاً إلى آخر نهاره هذا، ومُدّت له الأسمطة وغيرها، ثم عاد إلى القلعة.
وكانت لما كثُرت الأراجيف بثوران فتنة وكثُرت الإشاعات بالركوب عليه، لا سيما وقد خاشن قرقماس بالكلام، وفعل مع الجند ما فعل مما تقدّم ذكره، أراد أن
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
خبر استعفاء قرقماس فى المصادر السابقة.
(3)
في الأصل: "الرضى"، والخبر في المصادر السابقة.
(4)
العنوان من الهامش.
يبيّن لهم عزمه وهمّته، فنزل لهذا المعنى، وأبطل بهذا النزول تلك الإشاعات وأكذب القالة، وعلم كل أحد بأنه مستخفّ بالقوم، وبهذا المقتضى ينبغي أن لا يشك في أن بداية هذا السلطان في سلطنته كانت كنهاية الكثير من السلاطين، بل فوقها في هذا المعنى الذي نحن فيه، إذ لم يقع مثل هذا لأحدٍ من ملوك التُرك، من يوم سلطنة المعزّ أيبك وهلُمّ جرّاً إلى يومنا هذا، وأنت خبير بذلك إن كنت على بصيرة من ذلك، وإلّا فارجع إلى التواريخ تعلم صحة ما قلناه، ولعلّ ذلك كذهاب الرجال وذوي الهِمم من أكابر الأمراء الذين كان يُخشى من شرورهم وعزائمهم
(1)
.
[شهر رجب الفرد]
وفيها استهلّ رجب الفرد بالأحد، وهُنّئ به السلطان، ووافق هذا اليوم العشرين من شهر طوبة من شهور القبط.
[قدوم الأتابك أُزبَك من البُحيرة]
وفيه- أعني هذا الشهر، في هذا اليوم-، قدم الأتابك أُزبك من البحيرة، وصعِد إلى القلعة بعد عصر نهاره هذا في ليلة الموكب، وأخبر السلطان بصلاح البحيرة عمّا كانت قبل ذلك، وبات بالقصر.
(تعيين الأتابد أُزبك باشا على العساكر)
(2)
وفيه، وفي يوم الإثنين، ثانيه، لما أصبح السلطان فعمل الخدمة وأقيم الموكب، عيّن السلطان الأتابك أُزبَك المذكور للسفر لشاه سوار، وشافهه بذلك، وأنه الباش على العساكر، فتوقف عن ذلك، وأخذ في الاعتذار بأشياء، منها: قلّة ما في يده من الموجود، وذكر ما ذهب له قبل ذلك في الواقعة التي جرت من برْك وخيول وقماش ويَرَق وغير ذلك، فلا زال السلطان يتلطّف به حتى أذعن وأجاب إلى السفر، ونزل إلى داره والقاله بوقوع الفتنة موجودة، والإشاعة بالركوب على السلطان فاشية من غير تصريح بذِكر أحدٍ بعينه يذكر عنه ذلك أو يُنسَب إليه، وما كفى الناس هذه الأراجيف ووقوع الغلاء الذي أجحف، ووجود الطاعون، إلا أنه غير فاشٍ، لكن الإرجاف عمّال بأنه سيفشو، حتى زاد لَهَج الناس، وأفشوا الإشاعة بأن الفتنة كائنة لا محالة، حتى نقل الكثير من الناس أثاثهم وأمتعتهم إلى
(1)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 51، 52، ونيل الأمل 6/ 360، وبدائع الزهور 3/ 27.
(2)
العنوان من الهامش.
الحواصل، ونقل أهل الديار الملاصقة لصور الميدان حوائجهم، وجزم جماعة بوجود الفتنة ووقوعها.
[وصول قاصد حسن بن قرايُلُك]
وفيه- أعني هذا اليوم- طلع قاصد حسن بن قرايُلُك، صاحب ديار بكر، بل وصاحب أَذَرْبَيْجان والعراقين، وعلى يده مكاتبة مُرسِله وبعض هدية، وهي خمسة
(1)
جمال بَخَاتي جياد، ومملوكان من جنس الجركس، وزَرَدية جيّدة جدّاً، وأحضر معه عدّة مفاتيح لعدّة حصون وقلاع، سمّاها في مكاتبته، مما استولى عليها حسن المذكور من ملك العراق وأذَرْبَيْجانَ من ممالك جهان شاه بن قَرايوسف، وأكثر من التواضع في مكاتبته إلى الغاية، وذكر فيها أنه من جملة مماليك السلطان، وأن كل ما
(2)
ملكه من البلاد من ممالك وقلاع وغيرها إنما هو زيادة في ممالك السلطان، وأنه نائبه في جميع ذلك، وأنه يلتمس أن يبعمث إليه الخِلَع بذلك ليتشرّف بها، فاغترّ هؤلاء بذلك، حتى كان هو السبب الأعظم في طمعهم بعد ذلك في مملكة حسن، لا سيما بعد موته، حتى جرى عليهم من كائنة مايُنْدُر من ذلك ما جرى كما سيأتي ذلك في محلّه من سنة خمس وثمانين
(3)
إن شاء اللَّه تعالى.
ثم إن السلطان أكرم هذا القاصد غاية الإكرام، وأنزله وأجرى عليه من الرواتب ما يليق بمثله، بل وزيادة، وأجابه لكل ما سأله مرسله. وكان من أمره ما سنذكره
(4)
.
(بداية فشاء الطاعون بالقاهرة)
(5)
وفيها- أعني هذا الشهر- أخذ الطاعون في الفشاء والظهور بالقاهرة.
وفيه، في يوم الخميس، خامسه، كانت عدّة من يرد اسمه لديوان المواريث الحشرية من الموتى بالطاعون خمسةً وأربعين نفْساً، وهذا هو التعريف. ثم أخذ الطاعون في التزايد شيئاً فشيئاً، كما سنذكره لك وتعرفه إن شاء اللَّه تعالى.
(1)
في الأصل: "خمس".
(2)
في الأصل: "كلما".
(3)
في الأصل: "سنة خمسة وثمانين".
(4)
خبر وصول القاصد في: إنباء الهصر 52، 53، ونيل الأمل 6/ 360، وبدائع الزهور 3/ 27.
(5)
العنوان من الهامش.
[ضيافة السلطان قاصد حسن الطويل]
وفيه، في يوم الإثنين، تاسعه، طلب السلطان قاصد حسن الطويل إلى القلعة، وأضافه ضيافة حافلة هائلة ملوكية، وذلك بالحوش السلطاني من القلعة، ثم أضافه بضيافة ثانية في داخل البحرة، وخلع عليه كامليّة بسمّور وفوقاني بطرز زركش، وكان من الفواقي
(1)
الهائلة. وكان مع هذا القاصد ولده، فخلع عليه أيضاً كاملية هائلة، وحُمل إلى القاصد ألف وخمسمائة دينار، وأشياء أُخر، وجهّز معه خِلعاً هائلة لمرسله، وهدية جيدة ما بين شقق وتفاصيل إسكندراني، وغير ذلك من تُحف وطُرَف وأشياء لائقة. ثم أذِن له بالسفر في يوم الخميس، ثم وادعه بعد أن تكلّم معه بكلام كثير، فيه التعظيم لحسن، وملاطفته وإظهار محبّته ومساعدته على جميع مآربه ومقاصده، وأنه عضده في جميع أموره، وقائم معه في كل ما يرومه
(2)
.
[ضيافة يشبُك من مهدي لقاصد حسن الطويل]
وفيه، في يوم الأربعاء، حادي عشره، عمل يشبُك من مهدي الدوادار الكبير ضيافة هائلة بداره، وأضاف قاصد حسن المذكور، ثم بعث إليه بخمسمائة دينار وعدّة خيول وقماش وسلاح وغير ذلك، فإن حسن المذكور كان بعث ليشبُك هذا مكاتبة على يد قاصده هذا، وبعث إليه ببعض هدية، وأظهر وداده [ب] مكاتبة يشبُك أيضاً، وبعث إليه بهدية.
وكنت أنا قد وقفت على القوائم التي جاءت صحبة هذا القاصد، بجملة هدايا فصّلها في هذه القوائم من السلطان إلى ما دونه من بعض الأمراء، ومنهم جانبك الفقيه الأميراخور حينئذٍ. ورأيت اسم يشبُك في إحدى القوائم، وكانت
(3)
مكتتبة بالفارسيّ، وعرفت ما بعث به إليه، ولم يحضُرني الآن من ذلك إلّا ما رأيته برأس القائمة مكتوباً مصحف شريف، ثم أخذ بعده في تفصيل ما بعث به، لكنه لم يحضُرني الآن.
[سفر القاصد إلى بلاده]
وفيه، في يوم الخميس، ثاني عشره، خرج القاصد المذكور مسافراً إلى جهة مُرسِلِه معزَّزاً مكرّماً مبجّلاً، بعد أن حصل له غاية الإنصاف، على ما عرفتَ ذلك،
(1)
في الأصل: "من الفواقا".
(2)
خبر ضيافة السلطان في المصادر السابقة.
(3)
في الأصل: "وكان".
وأعيدت له أجوبته مما ذكرناه، وفيها غاية التعظيم لحسن.
[النداء بالنفقه للجند]
وفيه- أعني هذا اليوم- نودي بالنفقة في الجند المعيّن للتجريدة إلى شاه سوار، وأنها تكون في يوم السبت.
(خسوف القمر في هذا الشهر)
(1)
وفيه، في ليلة السبت، رابع عشره، خُسِف جُرم القمر، وابتدأ به ذلك من غيبوبة الشفق حين وقت العشاء، وعمّ الخسوف جميع الجُرم، حتى أظلم الجو من ذلك، وصار كلّياً في السرر، ثم انتهى انجلاؤه إلى ستين درجة وبعض دقائق.
(تفرقة النفقة على الجند)
(2)
وفيه، في يوم السبت المذكور، طلع الجند المعيّنون لأخذ النفقة، وجلس السلطان على الدكة بالحوش لتفرقتها، ثم فُرّقت بين يديه، وأُعطي كلُّ نفر مائة دينار، ثم لم ينته ذلك في هذا اليوم، وكان نهايتها بعد ذلك كما سنذكره
(3)
.
[تحريض السلطان أمراء جيشه على قتال شاه سوار]
وفيه، في يوم الإثنين، سادس عشره، أخذ السلطان في أثناء الخدمة والأمراء حاضرون بها يحرّض الجيش المعيّن إلى قتال شاه سوار، بل وعرض من عيّنه من الأمراء، ويحضّهم على حسن الرأي والاتفاق وعدم المخالفة فيما بينهم، لينالوا بذلك الغَلَبة على عدوّهم، وأخذ يحرّضهم أيضاً على القتال.
[انتهاء التفرقة على الجند المعيّنين لتجريدة شاه سوار]
وفيه، في يوم الثلاثاء، سابع عشره، كانت نهاية تفرقة النفقة على الجند المعيّن لشاه سوار، وجلس السلطان لها حتى فُرّقت وتمّت بين يديه، ثم بعد الفراغ منها عين بعض الأمراء من الذين عُيّنوا للخروج مع التجريدة، وعيّن معهم عدّة من الجند أيضاً ممن عيّن لها أيضاً، وأمرهم بأن يتوجّهوا في المراكب بالبحر الملح بغلال، تكون عوناً ومقدّمة للعساكر بتلك البلاد، وأنهم يتوجهون بذلك إلى
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
خبر تفريق النفقة في: إنباء الهصر 53، ونيل الأمل 6/ 361، وبدائع الزهور 3/ 28.
سواحل البلاد الحلبية ومينيها
(1)
، لِما أُخبروا من وجود غُلوّ الأسعار بتلك البلاد، وشدّة ما الناس فيه من عظَم الغلاء بالشام وحلب وطرابلس وغيرها من البلاد الشمالية، وكان قد ورد الخبر بأن الغرارة القمح أبيعت بدمشق بعشرين دينارًا، والشعير بزيادة على العشرة. وأمّا بحلب فبأزيد من ذلك.
[تزايد موتى الطاعون بمصر]
وفيه، في يوم الأربعاء، ثامن عشره، كان عدّة من يرد اسمُه الديوان الحَشْري واحداً
(2)
وستين نفراً، والأمر في التزايد في كل يوم، والناس في الوجل من ذلك، لا سيما ذوي الأولاد والأطفال، هذا مع وجود الغلاء وكثرة الهَرَج والمَرَج، والقيل والقال، والإشاعات الفاشية بوقوع فتنة. وكان ذلك من نوادر الطواعين، لِما في ذلك من اجتماع هذه الأشياء التي قَلّ أن اجتمعت في عصر واحدٍ على هذا الوجه.
وفيه، في يوم الجمعة عشرينه، كان عدّة من يرد التعريف به من الأموات بالديوان مائة نفر، وهذا ما يُعرَّف به، وأمّا من لا يُعرّف به فلعلّه أضعاف ذلك، على ما جرت به عادة الأوبئة في الفصول
(3)
.
[تفرقة الجامكية والكِسوة سَلَفاً]
وفيه، في يوم الثلاثاء، ثالث عشرينه، فرّق السلطان الجامكية على العسكر المعيّن للتجريدة، وكذا الكِسوة، فأعطى
(4)
كل إنسان من الجند جامكية أربعة شهور وكِسوة سنته سلفاً وتعجيلاً
(5)
.
[خروج القاضي الأنصاري إلى نابلس لجمع العشير]
وفيه، أعني هذا الشهر في هذه الأيام، ندب السلطان القاضي شرف الدين موسى الأنصاري
(6)
وعيّنه للخروج إلى نابلس، لجمع العشير القوّاسة الرجّالة، منها
(1)
هكذا في الأصل. والصواب: "ومينائها" أو "موانيها".
(2)
في الأصل: "واحد".
(3)
خبر الطاعون في: إنباء الهصر 53، ونيل الأمل 6/ 361، وبدائع الزهور 3/ 28، وتاريخ قاضي القضاة 139 أ.
(4)
في الأصل: "فاعطا".
(5)
خبر تفرقة الجامكية في: إنباء الهصر 54، ونيل الأمل 6/ 361.
(6)
هو موسى بن علي بن محمد بن سليمان التتائي القاهري، الشافعي، ويعرف بالأنصاري. مات سنة 881 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 10/ 184 - 186 رقم 780، ووجيز الكلا م 3/ 878 رقم 2007، والذيل التام 2/ 301، ونيل الأمل 7/ 160 رقم 3013، وبدائع الزهور 3/ 120.
ومن غيرها من أهل تلك النواحي، وينفق عليهم، ويجهّزهم بالتّوجّه إلى قتال شاه سوار صحبة العساكر المجهّزة إليه، وندب معه جماعة من الأمراء والجند لمساعدته على مقصده. وكان ما سنذكره
(1)
.
[تفرقة الجِمال على الجُند المُعيّن للتجريدة]
وفيه، في يوم الثلاثاء هذا، كان تفرقة الجمال على الجُند المعيَّن للتجريدة، على العادة في ذلك، لكل واحدٍ منهم بعير، وأُحضِرت الجِمال وهي
(2)
غُمّ إلى الميدان من جهة باب القرافة، ومعها العرب الهجّانة تسوقها، فازدحمت عند باب الميدان حين أرادوا إدخالها إليه، وتعالى بعضها على بعض لكثرة ازدحامها، فمات منها نحو الثلاثمائة بعير. ويقال: مائتي بعير وخمسين بعيراً، وقيل أنقص بعشرة، وكان موتها في ساعة واحدة، فكانت هذه من أغرب الحوادث، وتشاءم الناس بذلك، وتفوّه بعضٌ وصرّح بعدم نتاج أمر هذه التجريدة، وكذا كان على ما سيأتي. ثم ما كفى ما جرى من موت هذه الجِمال، حتى عظُمت المصيبة في شَيْلها ميتةً لتُرقَى رِممُها بالكيْمان، إذ هو أمر ضروري. وجلس السلطان بمقعد الميدان، وقد تأثّر لموت هذه الجِمال، ثم فُرّقت على الجند بحضوره. وبلغني أنه مات بوّاب الميدان معصوراً بالباب، فإنه كان واقفاً قدّامه لما فتحه، فلما دخلوا وازدحموا بقي وراء الباب وعصره حتى مات. وما حرّرتُ هذا
(3)
.
[ازدياد الوفيات بالطاعون]
وفيه، في يوم الخميس، سادس عشرينه، ووافق خامس عشر أمشير، نُقلت الشمس إلى برج الحوت فكان من يرِد اسمه إلى الديوان الحَشْري من الأموات في هذا اليوم مائة نفر وسبعة أنفار أيضاً، ومن هذا اليوم أخذ الطاعون في الزيادة على ما سنذكره.
[خروج القاضي شرف الأنصاري لتجهيز العشير]
وفيه، في يوم السبت، ثامن عشرينه، خرج القاضي شرف الأنصاري، الماضي خبر تعيينه، وسافر في هذا اليوم إلى ما نُدب له من تجهيز العشير المشاة مع العساكر، وخرج معه عدّة من الأعيان، وحمل معه نحو المائة ألف دينار للنفقة
(1)
خبر خروج القاضي في: نيل الأمل 6/ 361.
(2)
في الأصل: "وهم".
(3)
خبر تفرقة الجمال في: نيل الأمل 6/ 361، 362، وإنباء الهصر 54.
على العشير، خلا ما يأخذه من التعلّقات السلطانية بتلك البلاد، وهذا كلّه زيادة على المقدار الذي قدّمنا ذكره في النفقة. فانظر إلى هذه الأحوال، وذهاب هذه الأموال. فليت شِعري ماذا يكون الجواب عنها بين يدي المُتعال، في يوم السؤال، وعِظَم الأهوال.
[شهر شعبان]
وفيها استهلّ شهر شعبان بالإثنين بالرؤية، وطلع القضاة إلى السلطان فهنّاوه
(1)
به.
(ولاية ابن بقيّ تدريس المالكية بالخانقاه الشيخونية)
(2)
وفيه استقرّ في تدريس المالكية بالخانقاة الشيخونية الشيخ الإمام، العالم العلّامة، محيي الدين، أبو الثناء (عبد القادر بن أحمد
(3)
بن محمد بن أحمد بن علي)
(4)
الدميري، القاهري، المالكي، المعروف بابن بقيّ، وُلّيها عِوضاً عن الحسان بن حُرَيز بعد وفاته، على ما سيأتي ذلك في تراجم هذه السنة. وكان القائم بولايته لهذه المشيخة شيخنا العلّامة الكافِيَجي شيخ الشيوخ بالخانقاة المذكورة، فإنه صحبه معه في هذا اليوم حين طلوعه إلى تهنئة السلطان بالشهر في خلوة، وجَمَعَه على السلطان، وعرّفه بمقامه، وأنه من كبار أهل العلم، بل وأعلم من ابن
(5)
حُرَيز المتوفَّى، وأنه يستحقّها بشرط الواقف، وأنها كانت وظيفة والده من قبل، فأجاب السلطان بولايته إيّاها، بل قال لشيخنا: ولِّهِ أنت، فأنكره الناظر، ولا دافع لي ولا مطعن فيما نفعله، بعد أن عظّم شيخنا إلى الغاية، وقال له: مرجع هذا الأمر إليكم.
(ترجمة محيي الدين ابن بقيّ)
(6)
444 -
والمحيوي ابن
(7)
بقيّ
(8)
.
هذا موجود الآن، وهو قاضي القضاة المالكية بعصرنا هذا، وُلّيها بعد هذا
(1)
في الأصل: "فهنوه".
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
اسم "أحمد" ممسوح في الأصل.
(4)
ما بين القوسين من الهامش.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
العنوان من الهامش.
(7)
في الأصل: "بن".
(8)
انظر عن (المحيوي ابن بقيّ) وهو توفي سنة 895 هـ. في: الضوء اللامع 4/ 263 رقم 687، ووجيز الكلام 3/ 1157، 1158 رقم 2357، والذيل التام 2/ 584، والذيل على رفع الإصر=
التاريخ بمدّة، وكان سبب ولايته لها مع قدرة اللَّه تعالى تعريف شيخنا إيّاه للسلطان، فإنّ هذا لا زال بذهنه، حتى ولّاه القضاء الأكبر. فلنترجم قاضي القضاة هذا على عادتنا، فنقول:
ولد بالقاهرة في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وبها نشأ.
فحفظ القرآن العظيم، ثم كُتب ابن الحاجب الثلاثة
(1)
في الفقه وأصوله والنحو، ونشأ ذكيّاً، زكيّاً، فطِناً، يقِظاً، حاذقاً، فَهْماً، واشتغل، فأخذ العلم عن جماعة من علماء عصره، كالشيخ عُبادة، والزين طاهر، والعلّامة أبي القاسم النُويري، وأذِن له، ثم لازم شيخنا العلّامة السيف الحنفي، وأظنّه أخذ عن الكمال بن الهُمام أيضاً وآخرين من العلماء. ولم يزل مشتغلاً محصّلاً حتى برع ونبغ وشُهر وذُكر، وأفتى ودرّس، وناب في الحكم عن الولي السنباطي فمن بعده، ثم تقلّل من تعاني الأحكام، معٍ الخير والدين المتين، والانجماع عن الناس، لا سيما أهل الدنيا، وخصوصا ذوي المناصب منهم، مع ملازمة الإقراء، والانعكاف على الفتوى، ونفع الطلبة، حتى صار المشار إليه في مذهبه، والمعوَّل عليه فيه، وقُصد بالفتاوى، وأتقن الكتابة عليها، وصار من أعيان المالكية، ومن أَمثلهم طريقة ووجاهة وعفّة. ووُلّي تدريس المالكية بالخانقاة الشيخونية في هذا اليوم كما ذكرناه. وكان بيده قبل ذلك وظيفة بها، ولم يزل على ما هو عليه من الخير والعلم، إلى أن شغر منصب القضاء، بعد صرف البرهان اللقاني عنه، على ما سيجيء ذلك في محلّه إن شاء اللَّه تعالى، فتكلّم فيمن تولّى القضاء، وذكر لذلك جماعة، بل وكتبت أسماء جماعة بقائمة، وعُرضت على السلطان. وآل الأمر أنْ طلب السلطان صاحب الترجمة من غير سعي ولا تحرُّكٍ في ذلك، فولّاه القضاء مسؤولاً
(2)
في ذلك، وذلك في يوم الإثنين تاسع شهر رجب سنة ست وثمانين وثمانمائة، وذلك بعد ولاية الزَين زكرياء القضاء الشافعية بخمسة أيام، ونزل في أُبَّهة وموكب حافل، وكان له يوماً مشهوداً، وباشر القضاء بعفّة زائدة، ونزاهة نفْس، وحُرمة وشهامة، وتواضع زائد، وحُسن سمت، وتؤدة وسكون، وحسن مُداراة للناس، والوصول إلى أغراضه الصحيحة على أحسن ما ينبغي بلباقة ولياقة
= 184، ونيل الأمل 8/ 209 رقم 3584، وبدائع الزهور 3/ 276، ووقع في حاشية "وجيز الكلام أنه مترجم في: الضوء 2/ 78، وهذا ليس صحيحاً، فهو والده ".
(1)
في الأصل: "الثلاث".
(2)
في الأصل: "تولا".
وسياسة ورياسة وكياسة، ووفور حُرمة ومزيد عظمة، مع كفاءة لذلك، ووجاهة في مذهبه، وهو باق بهذا المنصب المنيف إلى يومنا هذا.
وهو من أعظم أحبابنا، وله علينا الأيادي، وبيننا وبينه الوداد والصفاء والإخلاص والوفاء. وسمعنا الكثير من فوائده وأبحاثه، لا سيما في دروس شيخنا العلّامة الكافِيَجي، وكان له به مزيد الاعتناء، ويُثني عليه غاية الثناء، وتقدّمه على الكثير من أصحابه، كثّر اللَّه تعالى في الإسلام من مثله.
445 -
• وأمّا والده
(1)
فناهيك به، فالناس به عارفون، وبعلمه وفضله ودينه معترفون. رُشح للقضاء المالكية غير ما مرة. وقد ترجمه جماعة في تواريخهم، وذكره الحافظ ابن
(2)
حجر في "إنبائه"
(3)
.
446 -
• وأمّا أخوه القاضي عبد الغني
(4)
، أحد نوّاب الحكم أيضاً الآن، فهو الأصغر من المحيوي عبد القادر صاحب الترجمة. وهو إنسان حسن من أهل العلم والفضل والخير والتؤدة والسكون وحُسن السمت والملتقى.
ولد بالقاهرة في سنة [ثلاثين وثمانمائة]
(5)
.
وبها نشأ فحفظ القراَن العظيم وعدّة متون، واشتغل وشارك الناس في عدّة فنون، وأخذ عن بعض مشايخ أخيه الماضي ذكرهم، وفضل، وناب في القضاء، وحُمدت سيرته وأحكامه، وليس هو بشقيق لأخيه، بل أمّه غير أمّ قاضي القضاة، وكانت من بنات الأعيان من الأمراء، حفِظه اللَّه تعالى وأبقاه، وأدام عُلاه.
[تفشّي الطاعون بالقاهرة وأحوازها]
وفيه أيضاً فشا الطاعون بالقاهرة وأحوازها، وكان في جهة الشمال منها أكثر منه في جهة الجنوب، هذا في بدايته، ثم في أواخره صار بالعكس من ذلك.
(1)
هو الشهاب أحمد بن محمد بن أحمد بن علي. توفي سنة 842 هـ. وقيل 843 هـ. انظر عنه في: إنباء الغمر 4/ 121 رقم 1، وعنوان الزمان 1/ 232 - 234 رقم 74، ونزهة النفوس 3/ 125 رقم 782، ووجيز الكلام 2/ 565 رقم 1304، والذيل التام 1/ 618، والضوء اللامع 2/ 78، ونيل الأمل 5/ 52 رقم 1914، وبدائع الزهور 2/ 197، وشذرات الذهب 7/ 242.
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
ج 4/ 121 رقم 1.
(4)
هو عبد الغني بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي، تقيّ الدين، أبو الفضل. توفي سنة 957 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 4/ 246، 247 رقم 642، وحوادث الزمان 2/ 138 رقم 655، وبدائع الزهور 4/ 21.
(5)
في الأصل بياض وما أثبتناه من الضوء اللامع.
ومات فيه جماعة كثيرون، لا سيما الغرباء والأطفال والرقيق
(1)
.
[إيفاد المؤرّخ ابن تغري بردي إلى الأتابك أزبك لحثّه على السفر]
وفيه، في يوم الثلاثاء، ثامنه، أمر السلطان صاحبَنا الجمالط يوسف بن تغري بردي بالتوجّه إلى الأتابك أُزبك، والتلطُّف به بما تصل قدرته إليه، وتحسين السفر له باشاً على التجريدة، فنزل إليه، وحسّن له ذلك، وهوّنه عليه، حتى أجاب بالسمع والطاعة، وذكر له قضية النفقة، وأنها ما وصلت إليه من السلطان إلى الآن، فعاد الجمال إلى السلطان، وأخبره بأن الأتابك منشرح الصدر للسفر، وأنه أجاب بالسمع والطاعة، وأنه ذكر أن النفقة لم تحضر إليه إلى الآن، فبدر السلطان في الحال بتجهيز النفقة إليه، فحمل إليه اثني عشر ألف دينار.
هذا ما نقلته عن الجمال من تاريخه
(2)
، ما ذكره به، بنحو ما قلناه، إن لم يكن بلفظه فبمعناه.
(ولاية السراج ابن
(3)
حُرَيز القضاء المالكية)
(4)
وفيه، في يوم الخميس، رابعه، استقرّ في وظيفة القضاء المالكية بالديار المصرية السيد الشريف سراج الدين بن حُرَيز، عِوَضاً عن أخيه الحسام بن حُرَيز، الآتي في التراجم، وكان ذلك بعد موت أخيه بثلاثة أيام، ونزل في موكب حافل.
والسراج هذا موجود إلى الآن في هذا الزمان، فلْنُتَرجمه على عادتنا في تراجم الأحياء، فهو:
447 -
عمر بن أبي بكر بن محمد بن محرز بن أبي القاسم بن عبد العزيز بن يوسف بن رافع بن جندي بن سلطان بن محمد بن أحمد بن حجون بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي زين العابدين ابن
(5)
الإمام الحسين ابن
(6)
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الهاشمي، القُرشي، العلوي، الحسني، المغربيّ الأصل، المنفلوطي، القاهري، المالكي، سراج الدين، أبو حفص.
(1)
خبر تفشّي الطاعون في: إنباء الهصر 55، ونيل الأمل 6/ 363، وبدائع الزهور 3/ 28.
(2)
يقصد ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
العنوان من الهامش.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
قاضي القضاة المعروف بابن حُرَيز
(1)
، وهو محرز، وتصغيره على هذه الصيغة بخلاف القياس، وهو الذي به شُهر بنو حُرَيز. وجدّه الأعلى أبو القاسم هو الطهطائي، الوليّ المعروف المشهور بالكرامات، وحُرَيز هو صاحب الرباط بمنفلوط الذي به أولاد حُرَيز الآن.
ولد السراج هذا بمنفلوط في سنة تسع عشرة وثمانمائة.
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم، ثم حفظ "الرسالة" و"المُلحة"، وجوّد القرآن على الشهاب الطهطائي، ثم اشتغل فأخذ بالقاهرة عن جماعة منهم الشيخ طاهر وغيره، وشارك أخاه في بعض مشايخه الذين سنذكرهم في ترجمته، وسمع الحديث على جماعة وأسمعه، وناب في الحكم عن البُلقيني وغيره من غير مذهبه، ثم عن الوليّ السُنْباطي المالكي، وحج، وتعانى الدَولبة في الأقصاب كأخيه، وهو على ذلك ليومنا هذا، وكتب على الفتوى، مع تديّن وأمانة وشدّة ويبْس وتصلّب، وهو حسن المعاملة، جيّدها، مع صدق اللهجة. ولما وُلّي القضاء الأكبر حُمدت سيرته فيه، وشُكرت قضاياه، وضخُم في كثير من الأحكام، وحصل عليه كثير من المِحَن بسبب ديون على أخيه، وتوكل به من بيت الدوادار الكبير يشبُك من مهدي، وكان يغُضّ منه ومن أخيه لغرضٍ ما، لا سيما لما كان كاشفاً بالوجه القِبلي، ووكّل به من بيت الدوادار الثاني تَنِبَك قَرا أيضاً، وبقي تَنِبَك يحطّ عليه لما يعلم من غضّ صاحبه يشبُك منه، بل ولعلّه كان السبب الأعظم في صرفه عن القضاء بعد ذلك، بتحسين ولاية البرهان اللقاني للسلطان، وآل الأمر بعد ذلك أن تشكّى للسلطان، وعوّدا بطبقة الزمام بالقلعة، كل ذلك وهو على وظيفة القضاء في جميع هذه المِحَن. وزاد تسلّط يشبُك من مهدي عليه لأمورٍ حقدها عليه وعلى أخيه، حتى قُتل بغُلّ الحسام، مات من قهره من يشبُك المذكور، وآل الأمر في قضية السراج هذا إلى صرفه من القضاء، زعموا أن ذلك لأمور، منها، وهي آكدُها حطُّ يشبُك الدوادار عليه، ثم تَنِبَك قَرا، تبعاً له ذاك لأمرٍ حقده، وهذا لأجل ذاك، لا لغرض له عنده.
ومنها أنه قيل: إن يشبُك بعث إليه يطلب منه نسخة "القاموس" التي كانت في ملكه، وورثه من تركة أخيه الحسام، وكانت نسخته عظيمة، وهي عنده إلى يومنا هذا، بل وذكر أنه يبعث إليه بثمنها، فما سمح له بها.
(1)
انظر عن (ابن حُريز) المتوفى سنة 892 هـ. في: الضوء اللامع 6/ 76، 77 رقم 262، ووجيز الكلام 3/ 1023، 1024 رقم 2216، والذيل التام 2/ 452، ونيل الأمل 8/ 67 رقم 3423، وبدائع الزهور 3/ 240، وشجرة النور الزكية 257 رقم 935.
ومنها: أنه لما أحضر شاه سوار، واستفتى السلطان عليه، فكان السراج هذا من جملة من كتب على بعض الأسئلة في شأن سوار المذكور، وبالغ في كتابته، بحيث كاد أن يخرجه عن الدائرة، وصرّح حين التهنئة بالشهر لما طلع إلى السلطان مع رفقته قضاة القضاة بقتل سوار، وأنه لا يقبل توبته، وكان هو المتكلِّم ابتداءً في ذلك المجلس، مع حضور من هو صاحب الكلام في المجلس، وهو قاضي القضاة الشافعي، ومع حضور بقية القضاة وأعيان العلماء، فلم يعجب السلطان ذلك منه ولا أحبّه، مع كون غرضه التامّ كان في الذي قاله، ومع ذلك فلم يحبّ ذلك، بل وعدّ السلطان ذلك من جسارته وجرأته، فصرّح بعد ذلك بعزله، ووُلّي البرهان اللقاني عِوضه، على ما سيأتي ذلك في سنة وقوعه إن شاء اللَّه تعالى. وجرت على السراج بعد ذلك مِحَن كثيرة أيضاً، ومع ذلك كلّه فهو على ما هو عليه من شهامته، ولا التفت ليشبُك يوماً من الدهر، مع ما وقع منه في حقّه من التراسيم، وإحضاره إليه، والتوكيل به غير ما مرة، والتسلّط عليه. ودام السراج هذا بعد ذلك كلّه بداره، ثم توجّه لبلده منفلوط
(1)
في بعض السنين بعد الثمانين، وسكن مدّة بتلك البلاد، يتردّد فيها بين منفلوط وسيوط و (
…
…
)
(2)
، ودَولب بها في الأقصاب على عادته، ثم عاد إلى القاهرة، ثم إلى الصعيد، ثم إلى القاهرة، وهو مقيم بها إلى يومنا هذا. وكان قد اتفق له قضية كُسِرت فيها رِجله من سقطة أو نحوها، فجرى وقام وهي معيبة، وبقي يتكلّف في المشي إلّا بعصا
(3)
.
448 -
• وله عدّة أولاد وأحفاد، وولده الأكبر يُسمّى تاج العارفين محمد، قاضي سيوط وتلك الأعمال. شابّ حسن، ولديه فضيلة، وعنده ذكاء وحذْق وفطنة، وحُسن سمت، وتؤدة وسياسة، ومداراة للناس.
ولد بالقاهرة في سنة ()
(4)
.
وبها نشأ، وحفظ القرآن وعدّة متون، واشتغل على أبيه وعمّه وغيرهما، وشُهر بالفضيلة، لكنْ حُبّب إليه منصب القضاء، فاستغرق فيه بتلك البلاد.
ومن أولاده- أعني السراج هذا
(5)
- ولده موسى، وولده عبد القادر.
(1)
في الأصل: "منفوط".
(2)
كلمتان غير واضحتين.
(3)
في الأصل: "بعصاي".
(4)
في الأصل بياض.
(5)
كتب بجانبها على الهامش: "مات السراج بن حريز هذا بعد هذه الترجمة في يوم الإثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة اثنين (!) وتسعين وثمانمائة. وسنذكره في تراجم السنة"؟
(ولاية يشبُك بن مهدي الأستادّارية)
(1)
وفيه، أعني هذا الشهر، في يوم الخميس هذا الذي هو رابع شعبان، استقرّ يشبُك من مهدي الدوادار الكبير في وظيفة الأستادّارية، مُضافاً لِما بيده من الدوادارية، والوزارة وكشف الكشّاف بالوجهين القِبلي والبحري، وعُدّ ذلك من نوادره التي لم تقع لمن قبله، وهي من غريب النوادر، وصار يُكتب له الدوادار الكبير، ووزير المملكة، وأستادّار العالية، ومَلك الأمراء، ووُلّي الأستادّارية عن الشرف ابن
(2)
كاتب غريب بعد صرفه عنها
(3)
.
[القبض على الأستادّار ابن البقري]
وفيه قبض السلطان على زين الدين الأستادّار، وبد [ر] الدين بن البَقَري، فألزم زين الدين بحمل مائة ألف دينار، وابن
(4)
البقري لحمل أربعين ألف دينار، فصالح المجد عن ذلك بخمسة آلاف دينار. وأمّا الزين فصمّم على أنه لا موجود له غير دُوره
(5)
.
[سجْن ابن كاتب غريب]
وفيه، في يوم السبت سادسه سجن الشرف موسى ابن
(6)
كاتب غريب بالبرج من القلعة، بعد أن حُمل إليه من داره في قفص حمّالٍ لتمرّضه، وكل هذه الامتحانات بواسطة يشبُك بن مهدي، فإنه السبب في ذلك، بل هو الفاعل لها، مع تقدير اللَّه تعالى ذلك في الأزل، لكنْ جرت على يدي هذا، فعليه إثمها. وأمّا المفعول معهم ذلك، فقد ركنوا للذين ظلموا، فلا عجب
(7)
أن يحلّ بهم ذلك، ولو أُحرقوا، فضلاً عن الضرب والحبس وأخذ المال، بل هم أيضاً رؤوس
(8)
الظلمة، فلا جَرَم عاقبهم اللَّه في الدنيا، ونعوذ بالله مما لهم في الآخرة إن لم يلطف اللَّه بهم
(9)
.
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
خبر ولاية يشبك في: إنباء الهصر 56، ووجيز الكلام 2/ 799، ونيل الأمل 6/ 363، وبدائع الزهور 3/ 28، 29.
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
خبر القبض على الأستادار في: إنباء الهصر 56، ونيل الأمل 6/ 363، وبدائع الزهور 3/ 29.
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
في الأصل: "فلا عجبا".
(8)
في الأصل: "روس".
(9)
خبر سجن ابن كاتب في: إنباء الهصر 56، ونيل الأمل 6/ 363، وبدائع الزهور 3/ 29.
[تزايد الموتى بالقاهرة]
وفيه - أعني يوم السبت هذا - بلغ عدّة الموتى بمصلّى باب النصر، ومصلّى البياطرة بخارج باب زويلة، بالقرب من جامع المارداني، نحو المائتي نفر. وقِسْ على هذا بقيّة المصلَّيات التي هي خمسة عشر مصلَّى
(1)
.
(خروج العسكر صحبة الأتابك أُزبَك)
(2)
وفيه، في يوم الثلاثاء تاسعه، الموافق لسابع عشرين أمشير من شهور القبط، خرج العسكر المعيَّن لقتال شاه سوار، بعد أن طلّبوا تطليبًا قويًّا، وخرج الأتابك أُزبك بتجمّل زائد ويَرَق هائل، وهو الباش والمقدَّم على العسكر، وكذا خرج بقية الأمراء الذين عُيّنوا معه بتجمّل، وهم: قَرقماس الجَلَب أمير مجلس، وسُودُون القصرُوي رأس نَوبة النُوَب، وتمر حاجب الحجّاب، وقَراجا الطويل الأشرفي، وهؤلاء مقدّمو
(3)
الألوف، فأول ما بدأ بالخروج طُلْب قرا (جا)
(4)
، ثم بعده تمر، ثم سُودون، ثم قرقماس، ثم الأتابك على العادة الجارية في الترتيب كذلك. وأمّا الطبْلخانات فكان المعيّن منهم جانِبَك الزَيْني المؤَيَّدي، وخيربك من حديد الأشرفي. وأمّا العشرات فكانوا فوق العشرين. ويطول الشرح في تفصيل أسمائهم. وأمّا الجند فكانوا ألفًا وخمسمائة، قبل أن يموت منهم أحد. ثم مات منهم بالطاعون جماعة قبل خروجهم، ولما خرجوا من القاهرة نزلوا بالريدانية من ظاهرها، ثم أقاموا بها عدّة أيام، ونزل السلطان في بعض لياليها إلى الأتابك أُزبك، وجلس عنده ساعة، ثم وادعه
(5)
وعاد إلى القلعة، واستقل العسكر بالمسير من الريدانية في يوم الإثنين خامس عشره
(6)
.
[ارتفاع عدد الموتى بالقاهرة]
وفيه، أعني يوم الإثنين المذكور، بلغ عدّة من صُلّي عليه بمصلَّى باب النصر فوق المائتي وثلاثين نفرًا، وبمصفى البياطرة فوف المائة وثلاثين فالجملة ثلاثمائة وشيء وستون
(7)
نفرًا، وقِسْ على هذا باقي المصلّيات المتفرّقة
(1)
خبر تزايد الموتى في: إنباء الهصر 57، ونيل الأمل 6/ 364.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
في الأصل: "مقدّمين".
(4)
كتبت فوق السطر.
(5)
هكذا، والمراد:"ودّعه".
(6)
خبر خروج العسكر في: إنباء الهصر 57، ووجيز الكلام/ 799، وتاريخ البصروي 35، 36، ونيل الأمل 6/ 364، وإعلام الورى 67.
(7)
في الأصل: "وستين".
بالقاهرة، وتعطّلت في هذه الأيام أحوال الكثير من الناس بسبب الطاعون.
[نيابة ابن البقري عن يشبُك في الأستادّارية]
وفيه، في يوم السبت عشرينه، استقرّ يشبُك من مهدي الدوادار الكبير وما مع ذلك بالصاحب مجد الدين بن البَقَري في التكلّم عنه نائباً في وظيفة الأستادّارية ثانيًا، وخُلع عليه بذلك.
[وفاة زينب بنت المؤلّف]
449 -
وفيه - أعني هذا اليوم - ماتت ابنة لي تُدعى زينب، سنّها نحو الثلاث سنين، فأسِفنا عليها، وعلى الله العوض، نسأل الله تعالى أن يجعلها فَرَطًا وذُخرًا.
[إحصاء الجنائز بمُصَلّيات القاهرة]
وفيه، في يوم الأحد حادي عشرينه، كان عدّة من صُلّي عليه من الجنائز بالجامع الأزهر نحو المائة جنازة، وبمصلّى باب النصر أربعمائة وإحدى وأربعين
(1)
، وبمُصلّى سبيل المؤمني نحو المائتين
(2)
وشيء وستين، وبمصلَّى البياطرة نحو المائتين
(3)
وشيء وخمسين، فكان عدّة من صلّي عليه بهذه الأربع مصلَّيات فوق الألف، فما ظنُّك بغيرها وهي فوق الإثني عشر مصلَّى، حتى قيل إن عذة جميع الموتى بالقاهرة في هذا اليوم كانت فوق الخمسة آلاف، وقيل أقلّ.
[كثرة الجنائز في اليوم الواحد]
وفيه، في يوم الأحد، سادس عشرينه، كثُرت الجنائز بمصلّى المؤمني، وكانت الصُفَف
(4)
فيه عدّة لصلاة واحدة، بل وُضعت
(5)
الجنائز بعضها فوق بعض
(6)
.
وحضرتُ في هذا اليوم بهذا المصلّى للصلاة على الموتى طلبًا للأجْر، فصفينا في أقلّ من خمس
(7)
درج على فوق الستين جنازة. ولله الأمر.
(1)
في الأصل: "وأربعون".
(2)
في الأصل: "نحو المائتي".
(3)
في الأصل: "نحو المائتي".
(4)
في الأصل: "وكانت الصف".
(5)
في الأصل: "بل وضع".
(6)
خبر كثرة الجنائز في: إنباء الهصر 58، ونيل الأمل 6/ 365.
(7)
في الأصل: "خمسة".
[تعداد الجنائز بالمُصَلَّيات]
وفيه، في يوم السبت، سابع عشرينه، نُقلت الشمس إلى برج الحمل، ووافق ذلك سابع عشر برمهات من شهور القبط، وهو أول فصل الربيع.
وبلغ عدّة من صُلّي عليه بمصلَّى المؤمني مائة وخمسة وثمانين نفرًا، وبمصلَّى البياطرة مائتان وخمسة عشر نفرًا، وبمصلّى باب النصر أربعمائة وتسعة أنفار، وبمصلّى باب الوزير نحو المائة، وبمصلَّى الجسر الأعظم كذلك.
[وفاة ولد للظاهر خُشقدم]
وفيه، في يوم الإثنين، تاسع عشرينه، مات ولد ذكر للظاهر خُشقدم، كان بالدور السلطانية، واسمه ()
(1)
، وكان في السادسة من العُمُر، وأمّه أمّ ولد من سراري الظاهر المذكور.
(اِنتهاء المغسل الذي أنشأه يشبُك الدوادار)
(2)
وفيه - أعني هذا الشهر - كان نهاية المغسل الذي أنشأه يشبُك من مهدي الدوادار، بالقرب من المصنع، تجاه مدرسة الناصر حسن من جهة الشرق، وحُملت إليه موتى المسلمين من الطُرَحاء، وشرع في تجهيزهم من ماله، وحصل بذلك للناس رفق، وتم الأمر على ذلك إلى آخر الطاعون وهلُمّ جرًّا، إلى يومنا هذا، وتمّم بعد ذلك ما بناه إلى جانبَي هذا المغسل من الرَبْعين، والسبيل، والمكتب، ووقف ذَين الرَبعَين على مصالح المغسل المذكور والسبيل والمكتب، بل والحوض المُعَدّ لشُرب البهائم أيضًا
(3)
.
[شهر رمضان]
وفيها استهلّ شهر رمضان بالأربعاء، وهُنّئ به السلطان.
[تعاظُم الطاعون بالقاهرة والغلاء بدمشق]
وكان الناس في أمرٍ مريج من جهة الطاعون، فإنه زاد فيه وعظُم جدًّا، حتى بقيت الجنائز بالطرقات لا لقًطارات، يتبع بعضها بعضاً، وتعطّلت الكثير من المَعَايش، وتكدّرت الخلق بالقاهرة وضواحيها لِعِظَم الطاعون، واشتدّ الغلاء على
(1)
بياض في الأصل.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
خبر انتهاء المغسل في: إنباء الهصر 59، ونيل الأمل 6/ 365، وبدائع الزهور 3/ 30.
الناس، ووردت الأخبار بأن الغلاء بالبلاد الشامية فوق الوصف، وأن غلاء القاهرة رخاء بالنسبة إلى دمشق، وأن الغرارة القمح أبيعت بدمشق بنحو الأربعين دينارًا. وأمّا بحلب فزيادة على ذلك، هذا مع كثرة الفِتن والشرور بسائر أقطار هذه المملكة، لا سيما من التركمان بتلك البلدان، والعربان بهذه البلاد المصرية، وكثرة المظالم مع هذه الآيات البيّنات المخوّفة واشتداد الأمر. ولله عاقبة الأمور
(1)
.
[وفاة ولد السلطان قايتباي]
450 -
وفيه - أعني شهر رمضان هذا في يوم الأربعاء هذا - مات ولد ذَكَر للسلطان اسمه أحمد
(2)
، من زوجته الخَوَند فاطمة ابنة العلائي علي بن خصبك، الموجودة الآن. وكان له من السنّ نحو السنتين.
وكان السلطان لم يُرزق ولدًا ذكرًا في عُمُره غير هذا، ولا تزوّج في عُمُره غير أف الخَوَند هذه، وكان بقي له ابنة أخرى من هذه الخَوَند توفيت بعد ذلك بهذا الطاعون أيضًا، على ما سيأتي ذكره.
[سجن أستادّار ابن كاتب حُلوان]
وفيه - أعني شهر رمضان هذا في أوائله، سُجن الزين يحيى أستادّار ابن
(3)
كاتب حُلوان بالبرج من قلعة الجبل، بعد أن أُخذ من منزل الزين ابن
(4)
مزهر كاتب السرّ، وكان في التوكيل به عنده.
[وفاة عائشة بنت المؤلّف]
451 -
وفيه، في ليلة الخميس تاسعه، ماتت ابنة لي اسمها عائشة، وهي في السنة الخامسة من العُمَر وكنت كثير الميل إليها، وأقرأتها القرآن من بعد الرابعة، وحفظت في دون السنة شيئًا كثيرًا من القراَن، وتعلّمت الخط، وكانت حذِقة ذكيّة فطِنة، ابنة الموت، (طعنت)
(5)
في عصر نهار الأربعاء وماتت بعد نصف الليل، فكثُر أسفي عليها، وحزّ فيّ، حتى مرضتُ بعد ذلك
(1)
خبر تعاظم الطاعون في: إنباء الهصر 59، وتاريخ البُصروي 36، 37، ونيل الأمل 6/ 365، 366، وحوادث الزمان 1/ 188، وبدائع الزهور 3/ 30.
(2)
انظر عن وفاة (أحمد ولد السلطان) في: نيل الأمل 6/ 366 رقم 2766، وبدائع الزهور 3/ 30، ولم يذكره السخاوي في الضوء اللامع، وسيأتي.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
مكرّرة في الأصل.
في شوال وأشرفت على الموت، ثم عافاني الله تعالى، وله الحمد على المهلة.
(بداية انحطاط الطاعون)
(1)
وفيه، في هذه الأيام، في العشر الأوسط من شهر رمضان، أخذ الطاعون في الانحطاط والتناقص عمّا كان، بعد أن مات فيه من الغرباء والمماليك والرقيق من السودان والأطفال ما يكاد أن يخرج عن الحدّ، لا سيما على قول من قال (إنه كان)
(2)
يموت فوق الخمسة آلاف في اليوم، ولم يمت من أهل القاهرة إلّا القليل جدًّا، بل مات صغارهم وأرِقّاؤهم.
[وفاة ابنهَ للمقام الشهابي ابن برسباي]
وفيه، في يوم الأربعاء، خامس عشره، تُوفيت ابنة للمقام الشهابي أحمد ابن الأشرف بَرْسْباي من أمّ ولدٍ له، ماتت أيضًا بعد ذلك في أواخر هذا الطاعون.
ومات له أيضًا قبل ذلك ابنة أخرى من أم ولدٍ أخرى، وانقرض بموت من ذكرنا ذرّية الأشرف بَرْسْباي من الذكور والإناث.
ثم لما أخذ الطاعون في النقص بقي يموت الكبار من الرجال والنساء، ومات جماعة من الأعيان والأمراء غالبًا.
[قلّة الطاعون في خماسين النصارى]
وفيه، في يوم الإثنين، عشرينه، ووافق أول يوم من الخماسين للنصارى - خذلهم الله تعالى - قَلّ الطاعون فيه جدًا، حتى كان بحكم الثُلْث مما كان قبل ذلك
(3)
.
[وفاة بنت للسلطان]
وفيه، في يوم الخميس، ثالث عشرينه، ماتت ابنة للسلطان
(4)
من زوجته الخَوَند فاطمة الماضي ذكرها، بل وذكر هذه الإبنة، وكانت في الرابعة من العمر.
[وفاة ولد من أولاد الظاهر خُشقدم]
وفيه، أعني هذا اليوم أيضًا، مات ولد ذكر من أولاد الظاهر خُشقدم، وخُلع
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
ما بين القوسين مكرّر.
(3)
خبر قفة الطاعون في: إنباء الهصر 60 و 90، ووجيز الكلام 2/ 759، ونيل الأمل 6/ 369.
(4)
اسمها "ست الجركس". انظر عنها في: إنباء الهصر 60، ونيل الأمل 6/ 366 رقم 2767، وبدائع الزهور 3/ 30، وستأتي.
عليه مع ابنة السلطان المذكورة وأُنزِلا من القلعة لناحية التربة بالصحراء معًا.
[انحطاط أسعار الغِلال]
وفيه، في هذه الأيام، انحطّ السعر في الغلال بالنسبة لما كان قبل ذلك، وأبيع الإردبّ القمح بستمائة درهم، بعد ما كان بتسعمائة، والفول والشعير بدون الثلاثمائة، ولله الحمد على ذلك
(1)
.
(نزول السلطان إلى يشبُك الدوادار يعوده)
(2)
وفيه، في يوم السبت، خامس عشرينه، نزل السلطان إلى دار يشبُك من مهدي يعوده من مرضٍ كان قد حصل له قبل ذلك، وانقطع بسببه عن الخدمة أيامًا، وجلس السلطان عنده ساعة، ثم عاد إلى القلعة
(3)
.
[شهر شوال]
(خفّة الطاعون جدًّا)
(4)
وفيها استهلّ شوال بالخميس، وكان عيد الفطر في هذا اليوم، وكان الطاعون قد قَلّ فيه وقارب الارتفاع، وبلغ عدّة من صُلّي عليه بمُصلّى باب النصر ثمانية وثلاثين نفرًا، وبمصلَّى سبيل المؤمني سبعة عشر، فأين هذا من الأربعمائة الأولى، والثلاثمائة الثانية، على ما تقدّم ذِكر ذلك
(5)
.
[ولاية قانباي آص الحجوبية الثانية]
وفيه - أعني هذا اليوم - استقر في الحجوبية الثانية قانِبَاي آص الساقي الظاهري، عِوضًا عن جَكَم ابن
(6)
أخت السلطان، بحكم وفاته بالطاعون
(7)
. وسيأتي في وفيات هذه السنة إن شاء الله تعالى.
(1)
خبر انحطاط الأسعار في: إنباء الهصر 61، ونيل الأمل 6/ 369.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 61، ونيل الأمل 6/ 370، وبدائع الزهور 3/ 31.
(4)
العنوان من الهامش.
(5)
خبر خفّة الطاعون في: إنباء الهصر 61، ووجيز الكلام 2/ 799، ونيل الأمل 6/ 370، وبدائع الزهور 3/ 31.
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
خبر ولاية قانباي في: إنباء الهصر 61، ونيل الأمل 6/ 370، وبدائع الزهور 3/ 31.
(قدوم المنصور عثمان الظاهري)
(1)
وفيه، في يوم السبت، ثالثه، قدم إلى القاهرة الملك المنصور عثمان بن الظاهر جقمق، وكان قد بعث قبل ذلك يستأذن السلطان في الحضور، ليتوجّه إلى الحج في هذا العام، فأذِن السلطان له بذلك، فلما وصل صعِد من نهاره إلى القلعة، فنزل من على مركوبه من باب الفَرَج، ودخل على السلطان بالدُهَيشة، وكان جالسًا على المدوّرة، فحين بلغ المنصور ثُلُثي الإيوان، قام له السلطان من على المدوّرة، فأسرع المنصور في مشْيه تعظيمًا للسلطان، حتى وصل إليه وقد خرج هو عن مرتبة جلوسه خطوات، حتى التقيا، فأراد السلطان أن يعتنقه، فأهوى المنصور إلى ركبته ليقبّلها، فمنعه من ذلك، وأخذه السلطان، ومشيا معًا إلى نحو الشبّاك الذي بالدُّهيشة، فجلس السلطان، وجعل ظهره إلى الحائط والشبّاك عن يمينه، وجلس المنصور تجاهه، وتكرمة السلطان خلف المنصور، والشبّاك عن يساره. ثم أخذ السلطان في الترحيب به والأنس إليه، وتكالما ساعة، ثم أُحضرت كاملية هائلة بمقلب سمّور لائقة للملوك، ومقلبها يسحب إلى ذيلها، ومعها فَوقاني هائل بطرز زركش، فقام المنصور وتنحّى عن مكان جلوسه، وأفيض عليه ذلك. ولما تكامل إلباسه ذلك عاد إلى جهة السلطان، فقام له، فقبّل المنصور الأرض بين أيادي السلطان، فنهاه السلطان عن ذلك بعد أن تم فِعله له، ثم نزل وقد هُيئ له مركوب من خواص مراكيب السلطان، بسَرج ذهب وكنْبُوش زركش، فقُدّم إليه عند باب الساقية، فركبه ونزل إلى جهة منزل أخته الخَوَند ()
(2)
ابنة الظاهر وزوجة الأتابك أُزبَك، وهي في محلّ سكنها بدار أبي
(3)
الخير النحاس بين السورين، هذا والأتابك غائب مع العسكر، على ما تقدّم ذلك وعرفتَه فيما مرّ. وكان لما ركب من باب الساقية اجتاز بباب الستارة قبل نزوله، فوقف رُويدًا وبعث بالسلام إلى الخَوَند زوجة السلطان، فلما عاد إليه الجواب نزل والأمراء بين يديه من مماليك أبيه وغيرهم، ومعه جماعة يسيرة من الأعيان، وهو في موكب حافل، وقعد كثير من الناس لرؤيته، وسار وهم معه، حتى أوصلوه لدار أخته المذكورة، فنزل بها عند أخته.
وعُدّ ما وقع للمنصور هذا، من خلْعه من المُلك، وسجنه بالإسكندرية، وإقامته بعد ذلك به في بعض المساكن بغير تضييق عليه، ثم حضوره إلى القاهرة
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
بياض في الأصل.
(3)
في الأصل: "أبو".
ودخوله إليها، وطلوعه إلى القلعة، واجتماعه بالسلطان، ثم لبس خلعته، من أغرب النوادر التي لم تقع لملكٍ قبله في الدولة التركية، بل ولا غيرها، ثم عُدّ خروجه إلى الحج من النوادر أيضاً التي لم تقع لغيره على هذه الكيفية المخصوصة والصورة المذكورة. نعم وقع للعادل كتبُغا المنصوري ما يقرب من هذا، وهو أنه بعد خلْعه من الملك دخل القاهرة بعد مدّة
(1)
من ذلك، ومن نيابته لصرخد وحماة، ثم صعِد للقلعة، وسلّم ولد أستاذه الناصر محمد بن قلاوون. على أنه كان خُلع به، وكان ذلك في نيابة سلّار، وتحدّث بيبرس الجاشْنكير، وأظنّ أن ذلك كان بعنايتهما، لأنهما كانا خُشداشي لكتبُغا المذكور، ولكنه عاد ولم يحج بخلاف هذا، فإنه حج ولم يعتن به أحد لذلك، فهذا أقرب، وذاك كان مملوك الأصل مسّه الرق، وجاء لسيّده أمّ ولد سيّده، وأمّا هذا فبالعكس من ذلك، فإنه السيّد وابن
(2)
السيّد، جاء لمملوك أبيه وعتيقه.
(ولاية يشبُك من حيدر ولاية القاهرة وترجمته)
(3)
وفيه، في يوم الإثنين، خامسه، استقرّ في ولاية القاهرة يشبُك من حيدر الأشرفي إينال، عِوضاً عن خُشداشه قانِباي الحسني، بحكم وفاته بالطاعون، كما سيأتي في الوفيات.
452 -
ويشبُك هذا موجود إلى يومنا هذا، باقٍ على هذه الوظيفة، وله بها نحو السبع عشرة
(4)
سنة. ولعلّ ما وقع هذا لغيره في هذا القرب. وهو أحد الأمراء العشرات والحجّاب وشادّ الدواوين، مضافاً للولاية. وكان خاصكيًّا
(5)
في دولة أستاذه، وتأمّر في دولة الأشرف قايتباي، وقرّر في هذه الوظائف التي ذَكرناها شيئًا فشيئًا، وحسُنت سيرته في الولاية بالنسبة لغيره، وحجّ أميرًا على الركب الأول، ثم على المحمل في ثاني عامه ذلك.
وهو إنسان حسن كثير الأدب والحشمة، قليل الشرّ والأذى في ولايته، لكنْ يُذكر بأنه يأخذ المال ويسكّن الحال، وزادت شرور العبيد، والزُعر في أيامه، لكنْ في بعضهم البعض غالبًا. وهو حَسن الهيئة، منوّر الشيبة، كثير التواضع.
من أبناء ما فوق الستين.
(1)
خبر قدوم المنصور في: إنباء الهصر 62، 63، ووجيز الكلام 2/ 800، ونيل الأمل 6/ 370، 371، وبدائع الزهور 3/ 31.
(2)
في الأصل: "وبن".
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
في الأصل: "السبعة عشر".
(5)
في الأصل: "خاصكا".
ومُتَّهَم بمَيله للمُرد، والله أعلم به.
[ولاية خُشقدم الأحمدي رأس نوبة الجمدارية]
وفيه، في يوم الإثنين هذا، استقرّ خُشقدم الأحمدي
(1)
الظاهري الطواشي رأس نوبة الجَمْدارية، بعد موت شاهين غزالي الساقي، الآتي في التراجم، والماضي خبر موته، وكانت هذه الوظيفة شاغرة عدّة شهور، من منذ مات شاهين المذكور. وخُشقدم هذا هو الذي وُلّي الوزر بعد ذلك، وبيده الآن الخازندارية الكبرى والزمامية، مع ما أضيف إلى ذلك من الوظائف. وقد مرّت ترجمته في محلّها، حين أول ذِكرنا له، فيما تقدّم من تاريخنا هذا في سنة ()
(2)
وخمسين وثمانمائة، بل ذكرناه في غير ما موضع، وهو من أظلم عباد الله تعالى، مع دعوى الدين والخير والصلاح، ومشيخة الفقراء، والإقامة بالزاوية، على ما عرفت ترجمته، بما يغني عن مزيد إعادته هاهنا
(3)
.
[ولاية مرجان التقوي مشيخة الحرم]
وفيه استقر مرجان التقوي
(4)
الحبشي الطواشي في مشيخة الحرم بالحرم الشريف النبوي، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام، وذلك بعد موت سرور الطربائي
(5)
بعدّة شهور.
ومرجان هذا موجود إلى الآن من أعيان الخدّام في هذا الزمان، كان من خدّام التقي ()
(6)
ثم تنزّل في بيت السلطان ودام به، واعتنى به الأشرف، فولّاه هذه الوظيفة دفعة واحدة وباشرها مدّة، ثم صرف عنها، وحضر إلى القاهرة، وهو مقيم بها الآن، يُظهر التزهّد والديانة والعفّة،
(1)
هو (خشقدم الظاهري جقمق الرومي اللالا، ويقال له: الأحمدي. توفي سنة 894 هـ.). انظر عنه في: الضوء اللامع 3/ 176، 177 رقم 682، ووجيز الكلام 3/ 1073، ونيل الأمل 8/ 160، 161 رقم 3549، وبدائع الزهور 3/ 267.
(2)
بياض في الأصل.
(3)
خبر ولاية خشقدم في: إنباء الهصر 64، ونيل الأمل 6/ 371، وبدائع الزهور 3/ 31.
(4)
انظر عن (مرجان التقوي) في: الضوء اللامع 10/ 153 رقم 607 وكان موجودًا في سنة 888 هـ. ولم يؤرّخ السخاوي لوفاته.
(5)
في الضوء اللامع 10/ 153 "الطربيهي". وفي ج 3/ 246 "سرور الطرباي الحبشي. مات سنة 873 هـ." وسيأتي.
(6)
في الأصل بياض.
ويجتمع بالسلطان في رأس كل شهر يهنّئه بالشهر، ويُذكر بجميل وخير
(1)
.
[خروج يشبُك من مهدي لقتال العربان]
وفيه، في يوم السبت، عاشره، خرج يشبُك من مهدي الدوادار الكبير إلى جهة البحيرة، لقتال العربان الخارجين عن الطاعة، المفتِنين بتلك البلاد، والمفسدين بها، وخرج معه طائفة موفورة من الجند السلطاني وغيرهم.
(ضيافة السلطان للمنصور عثمان)
(2)
وفيه عمل السلطان ضيافة حافلة لولد أستاذه المنصور عثمان، الذي قدّمنا خبر قدومه للقاهرة برسم الحج، وبعث السلطان إليه بطلبه للضيافة، فصعِد القلعة، ونزل عن فرسه بباب القلّة، ودخل فجلس بالحوش السلطاني، إلى أن خرج له الإذن بالدخول إلى البحرة التي أنشأها الظاهر خُشقدم، فجلس بها حتى جاءه الإذن أيضًا بالدخول على السلطان بالبحرة القديمة، حيث محلّ الضيافة، فإنه أضافه بها، فلما دخل على السلطان قام له، ثم جلسا من غير تكرمة، بل كلّ منهما على مقعد على حِدة، وساواه السلطان، وأجَلَّه أن يجلس هو بالتكرمة منفردًا عنه، ثم أحضر الفطور من أشربة وغيرها، فأفطر ومَن حضر، ثم أحضر السماط بعد ذلك، وكان سماطًا حافلًا جدًّا هائلًا، فأكلا، ولم يحضر هذه الضيافة من مقدَّمين
(3)
الألوف سوى جانبك من ططخ وهو إذ ذاك الأميراخور الكبير، وإنّما حضرها لكونه بباب السلسلة، وحضرها أيضًا بعضٌ من العشرات وجمع من أعيان الخاصكيّة. ثم لما انتهى السماط أُحضرت كاملية هائلة بمقلب سمَّور مسبول إلى الذيل فأفيضت على المنصور، ثم قام له السلطان وأمر بإحضار مركوبه إلى الحوش لعند باب البحرة من مكان ركوب السلطان، فأركب من ثم نزل إلى دار أخته على عادته قبل ذلك.
[اختيار المنصور المجاورة بمكة المكرَّمة]
ثم بعث إليه السلطان يخيّره، بين المجاورة بمكة المشرّفة، وبين العَود إلى محلّ سكنه بثغر الإسكندرية فأعاد الجواب بأنه اختار الحج والعَود إلى الثغر، واعتلّ عن المجاورة بأن أبا حنيفة رضي الله عنه كرهها، وهو كما قال، فإنه
(1)
خبر ولاية مرجان في: إنباء الهصر 64، ونيل الأمل 6/ 371، وبدائع الزهور 3/ 31.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
الصواب: "من مقدّمي".
مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وخالفه فيه صاحباه، وهو يقول إن في المجاورة بها إخلال بتعظيمها، إذ الإنسان غير معصوم، فإذا صدر منه ذنب تضاعف، إذ هذا من خواصّها، أو ربّما سأم من الإقامة بمكة، فيسأم البيت، فينقلب التعظيم إلى ضدّه، فأورد عليه كالوائق من نفسه عدم ذلك، فأجاب بأنه لا كراهة في حق ذلك، والمسألة مشهورة بكتب الفقه. ثم أخذ المنصور في أسباب تجهّزه وتعلّقات الحج، وما يحتاج إليه في سفره. وبعث إليه السلطان بأشياء كثيرة مما يحتاج إليها، وأرسل إليه كل واحد من مقدَّمين
(1)
الألوف من مماليك أبيه، ممن هو بالقاهرة خمسمائة دينار، ما عدا يشبُك من مهدي الدوادار، فإنه بعث إليه بألفي دينار، وبأشياء أُخَر غير ذلك. ثم كان له ما سنذكره
(2)
.
[تجهيز السلطان مركوبًا للظاهر تمربُغا]
وفيه - أعني هذا الشهر في هذه الأيام، جهّز السلطان إلى الظاهر تمربُغا مركوبًا خاصًا من مراكبه، بالقماش الذهب والزركش الكامل، وبعث إليه بالإذن بالركوب إلى الجُمَع والأعياد، وإلى حيث شاء من الثغر السكندري، (وكان ذلك بواسطة يشبُك من مهدي
(3)
)
(4)
.
[تعيين ابن إمام الكاملية في تدريس الصلاحية]
وفيه، في يوم الأربعاء، رابع عشره، استقر في تدريس الصلاحية، المجاورة لقبّة الإمام الشافعي، رضي الله عنه، الشيخ الإمام العلّامة كمال الدين، المعروف بابن إمام الكاملية، عِوَضًا عن الشيخ زين العابدين محمد ابن
(5)
قاضي القضاة شيخ الإسلام الشرف المناوي، بحكم وفاته، من غير سعي من الكمال المذكور، ولا تحرّكٍ في ذلك ولا طلب، بل ولا تعريض، ولعلّ ولا خطور يقال. ولقد وُلّى ما يستحقّه، بل زيادة على ذلك، لأهليّته وكفايته وعلمه وفضله ودينه وخيره
(6)
. وستأتي ترجمته فإنه مات بعد ذلك في التي تليها، وستأتي ترجمة زين العابدين أيضًا في هذه السنة، إن شاء الله تعالى.
(1)
الصواب: "من مقدّمي".
(2)
خبر ضايفة السلطان واختيار المنصور في: إنباء الهصر 64 - 66، ونيل الأمل 6/ 371، وبدائع الزهور 3/ 31.
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
خبر تجهيز السلطان في: إنباء الهصر 66، ونيل الأمل 6/ 371.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
خبر التعيين في: إنباء الهصر 63، 64، ونيل الأمل 6/ 373، وبدائع الزهور 3/ 32.
[خروج الحاج من القاهرة]
وفيه، في يوم الإثنين تاسع عشره، خرج الحاج من القاهرة مع أميرهم يشبُك الإسحاقي الأشرفي، المعروف بجنّ
(1)
والأميراخور الثاني، وهو أمير المحمل، وخرج أيضًا يشبُك الجمالي
(2)
أمير الأول، وشقّا الرُميلة بطلْبَيْهما، وجلس السلطان بالقصر لرؤية المحمل والطُلْب، ثم خرج الحاج متتابعًا شيئًا فشيئًا إلى أن تكامل بالبركة.
وخرج المنصور عثمان للحج أيضًا مع هؤلاء، وقبل خروجه من القاهرة صعِد إلى القلعة، وأضافه السلطان ضيافة أُخرى ثانية، وخلع عليه للسفر، ونزل من عنده متوجّهًا إلى البركة، أظنّ ذلك في يوم الأربعاء حادي عشرينه، أو قبل ذلك، والله أعلم
(3)
.
(مخالفة العادة في لبس البياض في هذه السنة)
(4)
وفيه، في يوم الإثنين، سادس عشرينه، ووافق ثالث عشر بشنس، لبس السلطان البياض من غير موكب، ولا في يوم جمعة، فخالف العادة القديمة والحديثة في ذلك، بأنْ لبس البياض من قاعة الدُهشية، وخرج إلى الحوش. وكم لهذا السلطان من نحو هذه من الأشياء التي غيّر بها العوايد، بل أبطلها، فضلًا عن تغييرها
(5)
.
[عودة القاضي شرف الدين الأنصاري من جمع العشير]
وفيه، في يوم الخميس، تاسع عشرينه، قدم القاضي شرف الدين الأنصاري من سفره الذي تقدّم الكلام عليه، لجمع العشير، للخروج مع العساكر المتوجّهة لقتال شاه سوار بن دُلغادر، وجمع من ذلك ما شاء اللّه تعالى أن يجمع من
(1)
توفي يشبك الإسحاق الأشرفي المعروف بجن في سنة 875 هـ. انظر عنه في: إنباء الهصر 229، 230 و 314، 315 رقم 16، والضوء اللامع 10/ 275 رقم 1079، وبدائع الزهور 3/ 55.
(2)
انظر عن (يشبك الجمالي) في: الضوء اللامع 10/ 276 رقم 1085، ولم يؤرّخ لوفاته، ونيل الأمل 8/ فهرس الأعلام 9/ 184، وحوادث الزمان 1/ 391 و 392، ومفاكهة الخلّان 1/ 166، وهو مات قريبًا من سنة 900 هـ.
(3)
خبر خروج الحاج في: إنباء الهصر 76، 77، ونيل الأمل 6/ 374، وبدائع الزهور 3/ 32.
(4)
العنوان من الهامش.
(5)
خبر لبس البياض في: إنباء الهصر 77، ونيل الأمل 6/ 374، وبدائع الزهور 3/ 32.
العشير، من تلك البلاد، ما بين نابلس والبلاد الشامية أيضًا، بل وغيرها، ونفق فيهم الأموال الطائلة، وجهّزهم وهو هناك وعَرَضهم، ثم خرجوا قبل أن يعود، وكتب أسماءهم
(1)
في أسماء أعيانهم وكُبَرائهم
(2)
. فيقال: إنه جمع خمسين ألفًا منهم، ويقال: بل ثلاثين ألفًا
(3)
.
وأنا أقول: لعلّهم لم يبلغوا العشرين، بل كانوا أضرّ الناس على العسكر حين الكسرة الكائنة لهم، على ما سيأتي ذلك، فإنهم نهبوا ما شاء الله تعالى أن ينهبوا، بل وقتلوا من استفردوا به من العسكر طمعًا فيه وفيما معه على ما بلغني. على أنه قتل منهم الكثير أيضًا من عسكر شاه سوار.
ولما قدم الشرف هذا إلى القاهرة صعِد إلى القلعة، وأعلم السلطان بما جمعه من المشاة، وكيف جهّزهم وحزضهم على ما توجّهوا بصدده، وصدّقه على ذلك من كان معه من قِبل السلطان، من جماعة كانوا توجّهوا صحبته، وشكره السلطان على صنيعه ذلك، وألبسه كاملية سنيّة، ونزل إلى داره، وهرع الناس إليه للسلام عليه.
[شهر ذو القعدة]
وفيها استهلّ ذو
(4)
القعدة بالسبت، وطلع القضاة والمشايخ ومن له عادة بالطلوع إلى القلعة، فهنّأوا
(5)
السلطان ونزلوا. ولم يحدُث ما يؤرَّخ فيه.
(نزول السلطان إلى قليوب)
(6)
وفيه، أعني ذا
(7)
القعدة هذا، في يوم الأحد، ثانيه، ركب السلطان من القلعة، ونزل في جماعة يسيرة من خواصّيه، وتوجّه إلى قليوب، ولم يكن معه آلة سلاح ولا ما يمنع به إنْ حَدَث أمر. وكانت البلاد مفتتنة إلى الغاية، والعربان يعطعطون بها ويخبّطون. ثم لما وصل إلى قليوب توجّه منها إلى غيرها أيضًا، ثم عاد إلى جسر ابن
(8)
أبي المُنَجّا، فرآه ثم عاد إلى قبّة النصر، ونزل بتربة يشبُك من مهدي الدوادار، فأقام بها إلى العصر، ثم ركب وصعِد إلى القلعة، وأعيب ذلك عليه، وأنشد بعضهم في معنى ذلك ما قيل:
ليس المقرّ بمحمودٍ ولو سلما
(1)
في الأصل: "وكتب اسماوهم".
(2)
في الأصل: "وكبراوهم".
(3)
خبر عودة القاضي في: إنباء الهصر 67، 68، ونيل الأمل 6/ 374، وبدائع الزهور 3/ 32.
(4)
في الأصل: "استهل ذي".
(5)
في الأصل: "فهنوا".
(6)
العنوان من الهامش.
(7)
في الأصل: "ذي".
(8)
في الأصل: "بن".
إذ لو قُدّر خروج طائفة من عصاة العربان عليه، مستعدّين له، لكان له معهم شأن، فإنه توجّه هذه المسافة البعيدة من غير استعداد ولا جُند، تابعًا رأيه، ظانًّا صلاح ما فعله
(1)
.
[خروج السلطان ثانية إلى جهة بعيدة]
وفيه، في يوم الخميس، سادسه، ركب السلطان أيضًا، وخرج إلى بعض الجهات، فسيّر وتوغّل في سيره إلى بُعد، ثم عاد، ولا عليه مما يقال في حقّه، ويُنسَب إليه من تقليل ناموس ملكه، إذ ما يقوله القائل عنده كطنين الذباب، لأنه يرى نفسه أعقل الناس وأكثرهم رأيًا، فأنّا يرعوي بكلام غيره. ولقد ساعده الدهر على ذلك، بحيث ما أصابه يومًا في مثل أفعاله هذه ما يخيفه ولا يريبه، ولهذا اغترّ، وما نعلم آخرته ما تكون، والعلم إلى الله تعالى وعنده.
[وصول هجّان من الأتابَك أُزبَك إلى السلطان]
وفيه، في يوم الجمعة، سابعه، وصل نجّاب، وهو الذي يقال له الهجّان في العُرف، وعلى يده مكاتبة الأتابك أُزْبَك باش العساكر، يخبر السلطان فيها بأن العسكر المصري في الاستظهار والإقبال، وأن عسكر شاه سوار في الاستدبار والزوال. وكان الأمر في ذلك بعد ذلك بالعكس، على ما ستعرفه حين نذكره. وذكر في هذه المكاتبة أن العساكر ملكت باب المُلك وغيره من بلاد شاه سوار المذكور، وأن النصر يكون قريبًا إن شاء الله تعالى
(2)
.
(وصول قاصد ابن قرمان)
(3)
وفيه، في يوم الإثنين، عاشره، وصل إلى القاهرة قاصد أحمد بن قَرَمان، الذي أخرج أخاه إسحاق وملك البلاد، وأحضر هذا القاصد إلى السلطان بعض هدية من مرسله، ومكاتبة فيها إظهار التواضع الزائد. وكان هذا القاصد خادمًا طواشيًا يسمّى سرور، ورحّب السلطان به وأكرمه وقبل هدية مُرسِلِه، وأنزل هذا الطواشي بمكانٍ أُعِدّ له، وأجرى عليه ما يليق به من المرتّبات، وأعيد بعد ذلك إلى مرسله بجواب عن مكاتبته وهدية من السلطان. وكان خروجه من القاهرة بعد ذلك في غرّة محرّم من الآتية
(4)
.
(1)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 68، ونيل الأمل 6/ 374.
(2)
خبر وصول الهجّان في: إنباء الهصر 69، ونيل الأمل 6/ 374، وبدائع الزهور 3/ 32.
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
خبر وصول القاصد في: إنباء الهصر 69، 70، ونيل الأمل 6/ 375.
[مكاتبة نائب قلعة حلب إلى السلطان بالتغلّب على شاه سوار]
وفيه وردت مكاتبة من نائب قلعة حلب، يذكر فيها أنه ورد عليه مكاتبة نائب حلب إينال الأشقر، يخبره فيها
(1)
بأنه واقع هو وجماعةٌ معه من نواب البلاد، وبعضٌ من العسكر المصري شاه سوار، وهو في عسكره، وكان بينهم حرب عظيمة، انهزم فيها شاه سوار وجماعة من عسكره، وأنه قتل منهم جماعة، وغرق آخرون بنهر يسفى نهر جهان، وأن إينال المذكور ظفر بمال باي
(2)
بن دُلغادر الأقطع، أخي سوار المذكور، وأن شاه سوار هرب، وقطع جسرًا بينه وبين العسكر، خوفًا منهم أن يُعدّوا إليه، ويلحقونه ويهجموا عليه، وأن العساكر في الاهتمام لأجله، وفي عين الطلب والظفر به، وهم في جُرّته واتّباعه حيث ذهب. وبلّغه في مكاتبته بأنه مات من العسكر السلطاني في هذه الحرب والواقعة خيربك البهلوان الأشرفي، أحد الأمراء بدمشق المعروف بالبهلوان، وبعض جماعة من الجند السلطاني، وهم قليلون. ثم وردت مكاتبة الأتابك أُزبَك بعد ذلك يخبر فيها بنحو هذه الأخبار، بزيادة على ذلك يسيرة، ترجع إلى ما قلناه، وحصل بجملة ذلك عند السلطان بعض سرور وفرح، ثم أعقب ذلك ضدّه على ما سيأتي
(3)
.
[نزول السلطان إلى طُرا]
وفيه، في يوم الأربعاء، ثاني عشره، ركب السلطان بغير قماش الموكب، وتوجّه من القلعة إلى جهة طُرا، حتى وصلها، فنزل هناك وأقام ساعة كبيرة، وأضافه المعلّم محمد بن الفلاح الطحان
(4)
بطُرا، ثم ركب وعاد إلى القلعة من يومه
(5)
.
[وصول رأس مال باي أخي شاه سوار]
وفيه، في يوم الخميس، ثالث عشره، وصل نجّابان
(6)
من الأتابك أزبك، ومعهما رأس مالى باي الأقطع، أخي
(7)
شاه سوار، المتقدّم خبر الظفر به، في كائنة
(1)
في الأصل: "فيه".
(2)
في إنباء الهصر 71 "مغلباي الأقطع".
(3)
خبر المكاتبة في: إنباء الهصر 71، ونيل الأمل 6/ 375، وبدائع الزهور 3/ 32، 33.
(4)
لم أجده، ووقع في نيل الأمل:"البلاح".
(5)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 70، 71، ونيل الأمل 6/ 376، وبدائع الزهور 3/ 33.
(6)
في الأصل: "نجابين".
(7)
في الأصل: "اخو".
إينال الأشقر مع شاه سوار، وأخبرا
(1)
بأنه لما قبض عليه كان قد أُثخن بالجراح، وآل به ذلك إلى الموت، فحزّت رأسه، وبُعث بها إلى القاهرة إيذانًا بالنصر، وأُرسل صحبة هذه الرأس رأسان أُخريان، ذُكر أنهما من رؤوس
(2)
أتباع شاه سوار. من أعيان جماعته، فطيف بهذه الرؤوس
(3)
القاهرة ثم عُلّقت على باب النصر عدّة أيام كثيرة. وأخبر النجّابان بأن العساكر في إثْر شاه سوار المذكور، وأنهم عانوا ببلاده، وهم غائرون بها، آخذون في نهبها وتخريبها، تابعوه إلى حيث توجّه، فسُرّ السلطان "بهذه الأخبار، وظنّ الاقتصار، وأُعقِب الخبرُ بالإنكسار، وظهور العدوّ عليهم.
[سفر السلطان إلى جهة البُحيرة]
وفيه، في ليلة الأحد، سادس عشره، نزل السلطان ليلًا بعد صلاة العشاء الآخرة، مسافرًا إلى جهة البحيرة، وعدّى النيل من ساحل بولادتى، وسار من آخر الليل، ولما تسامع العسكر بذلك في صبيحة هذا اليوم تبعوه شيئًا فشيئًا أرسالاً، ولم يدر أحد من المسافرين ولا المقيمين إلى أين قصد السلطان، وما مُراده من هذا السفر، وأخذ الناس، ولا سيما العوام، في القال والقيل، والكلام بأنواع من الأشياء التي لا فائدة في ذِكرنا لها، حيث ظهر الأمر بعد ذلك بخلاف ما قالوا. وتوجّه معه من مقدّمين
(4)
الأُلوف: برقوق الناصري
(5)
الظاهري خُشداشه، الذي وُلّي نيابة الشام بعد ذلك، وسار السلطان في سفرته هذه بعسف وعنف زائد، بحيث خرج في ذلك عن الحدّ حتى هلك الكثير من الخيول لسُرعة سيره، وأخذ يجدّ في سيره، إلى أن وصل إلى المكان المعروف بالنُجَيْلة، وكان به يشبُك من مهدي الدوادارد فاتّفق أنْ طرقه ليلًا وهو نائم على حين غفلة وعدم شعور بمجيئه، حتى رعد منه يشبُك، واستراب لذلك لما رآه، وأقام هناك يومين بلا فائدة ولا عائدة، ولا نتيجة بروع مفسد، ولا بتّ أمرأ
(6)
من الأمور التي فيها صلاح الراعي والرعية، فما كانمت إلّا سفرة ترمي لأغراض نفسانية، لا طائل لناموس المُلك تحتها، بل فيها كسر الناموس.
(1)
في الأصل: "واخبر".
(2)
في الأصل: "الروس".
(3)
في الأصل: "الروس".
(4)
الصواب: "من مقدَّمي".
(5)
توفي (برقوق الناصري) في سنة 877 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 3/ 12 رقم 49، ووجيز الكلام 2/ 844 رقم 1931، والذيل التام 2/ 266، 267، ونيل الأمل 3/ 59 رقم 2918، وإعلام الورى 68 - 70 رقم 67، وبدائع الزهور 3/ 83.
(6)
في الأصل: "امر".
ثم توجّه إلى إقليم الغربية لا لقضية، وجاءته التقادم من كل جهة، وهو يجرّد ما جاءه من الكُشّاف ومشايخ العربان والمدركين ونحوهم، وأقام بها نحو الثلاثة أيام. ثم توجّه إلى الشرقية، ولم يظهر لسفره إلى هذه الأقاليم الثلاثة
(1)
فائدة ولا نتيجة، بل شمل الخراب غالب تلك النواحي أو القرى، بواسطة الكُلَف الشاقّة التي تكفي السلطان ومن معه، وتسلّط الكثير من الغلمان والخدمة والأتباع على خلق الله تعالى. ولم يَخَف مفسد، ولا ارتدع قاطع طريق.
وكان دأب السلطان الانتقال من بلدة إلى أخرى، وأخذ تقادم البلاد، بل وطمع المفسدون
(2)
في الناس، وزاد فسادهم بذلك، وقطْعهم الطُرقات، حتى وقع ذلك بالقرب من وطاق السلطان، بل على بعض الحواشي السلطانية والأعوان، وكان ذلك من نادر عجائب الأحوال، ووقع بسببه من الوهن في المملكة ما لا خفاء فيه، وإن لم يكن ذلك مما يظهر للسلطان، فإنه تابعٌ في ذلك هواه، مشغولٌ بما هو فيه من شرهه لأخذ الأموال، جازمًا بأن ما هو فيه مما فيه المصلحة. والله أعلم. وطالت إقامته بالشرقية
(3)
.
[شهر ذي الحجة]
وفيها استهلّ ذو
(4)
الحجّة بالأحد بالرؤية، وما هُنّيء السلطان بهذا الشهر، ولا ركب فيه القضاة، لكون السلطان مسافرًا، على ما عرفت ذلك.
[طلب قاضي القضاة السيوطي لإلقاء خطبة عيد الأضحى بالسلطان]
وفيه - أعني هذا الشهر، في يوم الثلاثاء، ثالثه، ورد مرسوم من قِبل السلطان إلى القاهرة إلى قاضي القضاة الشافعية الوليّ السيوطي، بطلبه إلى عند السلطان ليصلّي به صلاة عيد النحر بمدينة فارسكور، إذ هو خطيب الخطباء، فتجهّز المذكور، وخرج متوجّهًا إليه، بعد أن حمل معه برسم السلطان أشياء من نوع الهدية إليه، من ذلك أربعة قناطير من السكر المكرّر، ومن أجناس الحلوى وأنواعها أشياء كثيرة
(5)
.
(1)
في الأصل: "الثلاث".
(2)
في الأصل: "المفسدين".
(3)
سفر السلطان في: إنباء الهصر 71، 72، ووجيز الكلام 2/ 800، ونيل الأمل 6/ 376، وبدائع الزهور 3/ 33.
(4)
في الأصل: "استهل ذي".
(5)
خبر طلب القاضي في: إنباء الهصر 73، ووجيز الكلام 2/ 800، ونيل الأمل 6/ 376، وبدائع الزهور 3/ 33.
[تفقّد مقياس النيل]
وفيه كان عيد النحر يوم الثلاثاء، ووافق ذلك سادس عشرين بؤونة
(1)
من شهور القبط، وتفقد فيه ابن
(2)
أخي الرذّاذ المقياس، وأخبر بأن القاعدة خمسة أذرع واثنان وعشرون إصبعًا، فبشّر بذلك، ثم أصبح في يوم الأربعاء ثاني العيد فنزل وكسر البحر، إلى أن كان من أمر الكسر والوفاء ما سنذكره.
(تعييد السلطان بفارسكور)
(3)
وفيه عمل السلطان عيد الأضحى بمدينة فارسكور كما قلناه، وكان الناس بالقاهرة في غاية مايكون من النكد، بسبب غلاء الأسعار، ومخافة السُبل، وظهور الفِتن والأنكاد، وموت العيال والأولاد، وغيبة الكثير من الناس عن ديارهم ومنازلهم وجماعتهم، خصوصًا ذلك بأثر الطاعون، فأخذ الناس في الحزن على من مات لهم من أولادهم وأقاربهم، لا سيما وقد دخل العيد الموجب لذِكر الأحباب، وما كفى الناس ذلك كله، حتى قطعت الضحايا المرتبة في الديوان السلطاني، وكان جلّ غرض السلطان بتعييده خارج القاهرة توفرة هذه الضحايا، ولم يفرّق الأعيان والرؤساء ممن كان وجد بهذا العيد بالقاهرة الضحايا
(4)
على العادة في كل سنة، اقتداء بملكهم، ولسان حالهم يقول: الناس على دين ملوكهم. فكان هذا العيد الذي هو موضوع السرور والفرح من نوادر الأعياد، وأشبهها بالمآتم، لا سيما وقد صادف كآبة الناس وأحزانهم، وقبض خواطرهم من وجوه عديدة، قد عرفتها آنفًا، ومن أثناء المتجدّدات الماضية فلا نعيدها.
هذا والسلطان يتنقل في تلك البلاد من بلدة إلى أخرى، ومن ناحية إلى ناحية، لأخذ التقادم، حتى من مشايخ الفلّاحين وكبارهم، وكان يتوجّه بنفسه إلى الناحية، حتى تحضر إليه هدية من له ذِكر، أو شُهرة هناك، بمالي أو نحوه، وحصلت المفاسد الزائدة، والضرر البالغ على أهل تلك النواحي، لا سيما بواسطة أوباش الأتباع من ( ...... )
(5)
، فإنهم بقوا يأتون
(6)
البلد من تلك البلاد لأجل الخطف، فإذا لم يجدوا شيئًا، أو لم يكفهم ما أخذوه للوقيد، أخذوا أبواب الناس، حتى نقل بعض المجازفين، وأظنّه ما جازف في هذه، بأنهم فعلوا ذلك بأبواب بعض المساجد. وأما الطواحين وغيرها فلا تسأل عنها في ذلك، وهلك
(1)
في الأصل: "بونه".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
مهملة في الأصل.
(5)
كلمتان غير مفهومتين: "العابين والعزية"؟
(6)
في الأصل: "ياتوا".
الفقراء وطمعت العرب بواسطة ذلك، ولعلّ ذلك كان من أعجب النوادر وأغربها
(1)
.
[وقوع بطاقة بوصول قاصد حسن بن قرايُلُك ومعه رأس القان بو سعيد]
وفيه، في يوم الإثنين، سادس عشره، وقعت بطاقة على جناح الحمام، تخبر بأنّ قاصد حسن بن قرايُلُك واصل إلى القاهرة، وعلى يده مكاتبة مرسِلِه، وصحبته رأس القان الأعظم بو سعيد ملك العجم، وأشيع ذلك بالقاهرة، واستبعده الكثير من الناس، لا سيما الأعاجم من أهل تلك الممالك التي بيد بو سعيد، وقالوا: إن بو سعيد المذكور صاحب تخت سمرقند وهَرَاة وما والاهما من الممالك التمرية، وكيف يُتصوّر أن يقطع حسن رأسه، وما المناسبة لذلك، بل عدّوا ذلك من قبيل المحالات للعادة. ثم أشيع الخبر أيضًا بأن بو سعيد المذكور جاء نجدة لحسن علي بن جهان شاه، فوقع له ما وقع، وكان الأمر بخلاف هذه الإشاعة، وسنذكر ما حرّرناه من ذلك في ترجمة بو سعيد هذا، في تراجم هذه السنة إن شاء الله تعالى
(2)
.
[عودة السلطان إلى ضواحي القاهرة]
وفيه، في يوم الأربعاء، ثامن عشره، وصل السلطان من سفره إلى ضواحي القاهرة، ونزل بالمَطَرية، وبها تغدّى، ثم ركب في آخر نهاره قاصدًا الديوانية، فنزل لها بمخيّم نُصب له بها، وبات بمخيّمه ذلك، على قصد دخول القاهرة في صبيحة يوم الخميس، والصعود إلى قلعته، وعاد من سفرته هذه ولم يبتّ بها أمرًا من الأمور، سوى أنه أحضر إليه المفسد الذي يقال له ابن
(3)
شعبان
(4)
بالبحيرة، فسلخه، وقُتل معه جماعة من أعوانه، وكان قد قبض قبل ذلك عليه بمدينة قنا من مدّة شهور. ولما عاد إلى جهة القاهرة، ونزل على جيبين القصر، قبض على
(1)
خبر تعييد السلطان في: إنباء الهصر 73 - 75، ووجيز الكلام 2/ 800، ونيل الأمل 6/ 376، 377، وبدائع الزهور 3/ 33.
(2)
خبر وقوع البطاقة في: حوادث الدهور 3/ 712 - 714، وإنباء الهصر 79، وحبيب السير، لخواندامير 4/ 112، 113، والتاريخ الغياثي 232، ونيل الأمل 6/ 385، وبدائع الزهور 3/ 35، وأحسن التواريخ، لحسن روملو - بسعي وتصحيح جارلس نارمن (طبعة كلكتّا 1931) ج 2/ 88.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
انظر عن (بني شعبان) وهم جماعة في: الضوء اللامع 11/ 253.
مُهَنّا بن عطية
(1)
، وحمزة البوقاوي
(2)
، وضربهما بالمقارع، ووعد أهل تلك النواحي بأنه لا يولّي عليهم إلّا من ينصفهم. ثم إنه عيّن برقوق أحد مقدَّمين
(3)
الألوف، ووعدهم بأنه سيرسله مولَّياً عليهم، كاشفًا على التراب، وينظر في مصالحهم، ويكشف عنهم الظلامات، وأنه يولّيه كشف الرم أيضًا، وأنه يقيم عنه في ذلك نائبًا يرجع في أموره إليه. وكان الذي ناب عنه في كشف الرم جَكَم قَرا، وفعل السلطان ذلك بعد أن حضر إلى القاهرة، وحصل ببرقوق وجَكَم بعض تمهيد للبلاد، وقمعا الكثير من المفسدين. وكان في خروجهما من المصالح ما ليس في خروج السلطان نفسه.
(دخول السلطان للقاهرة وطلوع قاصد حسن إليه برأس بو سعيد ملك العجم)
(4)
وفيه، في يوم الخميس، تاسع عشره، دخل السلطان إلى القاهرة بعد أن ركب في صبح هذا النهار من الريدانية بقماش الموكب السلطاني، وكان تقدّم أمره لقاصد حسن الطويل الماضي خبره، بأنْ يتقدّم السلطان ويجلس بالخانقاة الأشرفية البَرسْبائية، حتى يجتاز السلطان عليه، مظهراً بأنه فعل ذلك معه لتنزّهه وفُرجته، والقصد غير ذلك، وهو إظهار نفسه، وبيان ترتيب مملكته، وأن يرى عساكره، فإنه يوهم من مرسله، لا سيما حين بعث برأس بو سعيد الإشارة به إلى فخامته، بل هالى قوله إنكم إن لم تكونوا معي أفعل معكم كما فعلت ببو سعيد هذا، مع كونه أوسع ملكًا منكم، وأكثر مالًا وجمعًا، وهذا كان مراد حسن، والله أعلم. ومراد قايتباي أيضًا بالقرائن الدّالّة على ذلك، فإنه لما أُحضرت الرأس المذكورة إلى السلطان، وتقدّم المَشَاعلي ليأخذها، لأجل إشهارها بالقاهرة، وتعليقها بباب زُويلة، منع السلطان من ذلك، وأمره بها أن تُدفن، على ما سنذكره. لأنه فهم من مرسِلها ما ذكرناه لك.
ثم لما ركب السلطان من الريدانية سار في موكب حافل جدًّا، وعظمة زائدة، وأُئهة هائلة إلى الغاية، وأُحضرت القبّة والطير، فحملها برقوق على رأس السلطان، لغياب الأتابك في التجريدة، وكان على السلطان الفوقاني الأبيض البَعْلبَكّي بالطرز السود الخليفتي، وهو متقلّد بالسيف بالسّفْط الذهب، راكمث على مركوب من خاصِّ خيله بالسرج الذهب والكنبوش الزركش المعظّم الحافل، وقد
(1)
لم أجده.
(2)
لم أجده.
(3)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(4)
العنوان من الهامش.
غُطّي عنق المركوب بالزركش على العادة في ذلك. وحُملت الغواشي الأطلس السلطانية، والغاشية الذهب بين يديه، وعُملت جميع أُبّهة الموكب والأسباب المعدَّة له، وروعي فيه جميع ما يجب عندهم في عادتهم رعايته، وسار في موكبه ذلك، إلى أن دخل من باب النصر، وقد ارتجّت له القاهرة، ثم فُرشت الشُقق الحرير بين يديه، تحت رِجلَي فرسه، وهو يمنعهم من ذلك، ونُثر عليه الفضّة، وربّما نُثرت عليه خفائف الذهب أيضًا، ودام علي سيره بهذه الهيئة إلى أن اجتاز بالأشرفية، ورآه قاصد حسن على تلك الهيئة والأبّهة والعظمة الزائدة. ولما جازه السلطان قام فركب فرسه صاعداً القلعة، فرأى أمرًا مهولًا من اجتماع الناس والخلائق في هذا اليوم، وقعادهم
(1)
لرؤية السلطان، وكان يومًا مشهودًا إلى الغاية لأجل الفُرجة لا غير، وأمّا الدعاء للسلطان فكان قليلًا جدًّا، لِما قد عرفتَه من الأسباب، فلا نعيد ذلك. ولما صعد السلطان إلى القلعة أقيمت الخدمة بالحوش السلطاني، وصُفّت الجند على العادة، من باب المدرج إلى الحوش، ثم نزل
(2)
السلطان على الدكّة بالحوش، وحين استقر به الجلوس وافاه قاصد حسن المذكور، فقبّل الأرض بين يديه، وأخرج رأس بو سعيد، بعد أن ناوله مكاتبة مرسله، فرأى السلطان الرأس، ثم أمر بها، فدُفنت، بعد أن صرّح بحضرة قاصده بأن لا تُشهّر ولا تُعلّق، بل تُدفن بمكان جيّد، وأظهر أن ذلك إجلالًا له، لأنه من كبار ملوك الإسلام، ومن أهل الديانة والعدل، وأنه ليس بينه وبين هذه المملكة عداوة. ثم فتح مكتوب حسن، فإذا هو مكتوب بالفارسية، وقد كُتبت بعض ألفاظه بماء الذهب، كل ذلك إيذاناً بأنه ملك بلاد العجم، وسلك في مكاتبته طرائق تلك الملوك، لا ملوك التُركمان بديار بكر، وقُرئت هذه المكاتبة، فكان من ضمنها قضية بو سعيد المذكور، وأبرق في مكاتبته وأرعد، بل ورغا وأزبد، وحُقّ له ذلك، إذ وصل إلى ما لم يصل إليه لا هو ولا أجداده التراكمة الأجلاف، ولا جدّه قَرايُلُك، مع جلالة قدره بينهم، وأين كنّا حتى وصلنا، وكانت هذه أول ظهور مباينات حسن لهذه المملكة، لكنْ ظهورًا خفيًّا في حُسن عبارة. ثم خلع السلطان على القاصد المذكور، ونزل إلى مكانٍ أُعِدّ له، وأُجريت عليه المرتبات، وأشيع بأن مرسِله بعث بكتف بو سعيد إلى ابن
(3)
عثمان، وبكتفه الأخرى إلى جهة أخرى، وكذا فخِذيه، وما علمت صحة هذا بعد ذلك على تحرير صادق
(4)
.
(1)
هكذا. والصواب: "وقعودهم".
(2)
في الأصل: "ثم ونزل".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
خبر دخول السلطان في: نيل الأمل 6/ 385 وفيه المصادر السابقة.
[الخلعة بكشف الشرقية على برقوق]
وفيه - أعني هذا اليوم - بعد أن نزل قاصد حسن المذكور، خلع السلطان على برقوق أحد مقدَّمين
(1)
الألوف بكشف الشرقية على ما عرفت، ترشّحه لذلك فيما تقدّم، ووعد السلطان به لأهل الشرقية
(2)
.
[وصول الخبر إلى السلطان بعودة الجند إلى حلب]
وفيه، في يوم الإثنين، ثالث عشرينه، ورد الخبر على السلطُان من حلب على يد ساع، ثم أعقبه نجّاب آخر، وطلعا للسلطان معًا، بأن العساكر جميعها وصلت إلى حلب من بلاد شاه سوار، فاضطربت الناس وماجت القاهرة لورود هذا الخبر، وكثُر القال والقيل والكلام، فمن الناس من أشاع بأنهم دخلوا حلب منهزمين، مكسورين من عساكر شاه سوار، ومنهم من أشاع قَتْلهم عن آخرهم. ومنهم من أشاع بأنهم انتصروا وعادوا. وكثرت الأقاويل مثل هذا وأشباهه، كلٌّ بحسب غرضه، ثم كان من تحرير ذلك ما سنذكره.
[ثورة جماعة من أهل الخانقاة الشيخونية على الكافِيَجي]
وفيه - أعني هذا اليوم - ثار جماعة من أهل الخانقاة الشيخونية على شيخنا العلّام الكافِيَجي، ودخلوا إليه متجرّئين عليه بقاعة المشيخة، فأخذوا في الشكوى إليه عن قضية قطع الخبز والطعام المعلوم لهم بالخانقاة، وأسمعه بعضٌ من سفهائهم كلمات فيها قلّة الأدب، فلم يؤاَخِذْ على ذلك، بل أظهر أنهم معذورون، وأن الخير سيكون، وأن الغلاء وقلّة الموجود من قال الخانقاة هو الذي ألجأ
(3)
إلى ذلك. وكان قد قُطع ذلك بعض أيام، فأمر بإعادته فأعيد. ثم كان بعد ذلك ما سنذكره.
(ورود الخبر بكسرة العسكر بموقعة شاه سوار)
(4)
وفيه، في يوم الثلاثاء، رابع عشرينه، وصل إلى القاهرة تنِبَك الظاهري، أحد العشرات ورؤوس
(5)
النُوَب، وكان أحد من عُيّن من العشرات إلى التجريدة، فأخبر
(1)
الصواب: "أحد مقدّمي".
(2)
خبر الخلعة في: نيل الأمل 6/ 386، ووقع فيه:"كشف التراب بالسرقة" بدل: "بالشرقية"، وبدائع الزهور 3/ 36.
(3)
في الأصل: "الجاء".
(4)
العنوان من الهامش.
(5)
في الأصل: "وروس".
برجوع العساكر إلى حلب، وما أشاع كيفية ذلك للناس. نعم أشيع بأنه قُتل منهم جماعة من الأعيان والخاصكية، وستأتي أسماؤهم في التراجم إن شاء الله تعالى، ثم تحرّر من خبرهم وقضية عَودهم، ما ملخّصه، أنهم لما توجّهوا إلى قتال شاه سوار، وخرجوا جميعًا إلى جهة بلاده، ووقع بينه وبين البعض منهم حرب، وقبض على أخيه مال
(1)
باي، وفرّ هو على ما تقدّم، فظنّ من بقي من العساكر أنه فرغ منه ومن أمره، فأخذوا في إفساد البلاد وخرابها ونهبها، حتى بلغوا القصدَ من ذلك ونهاية أربهم، وكان هو انحاز إلى جهة، وما بلغوا منه الأرب، ولا نالوا الغرض، فأقاموا بتلك البلاد، وطالت مدّة إقامتهم بها، بعد خرابها، وكان المكان الذي انحاز بقومه مكانًا حصينًا يقال له جبل القرص، لا يمكنهم أن يصلوا إليه فيه. وكان هو قد بعث العيون في العسكر لتجسّس أخبارهم وإعلامه بها شيئًا فشيئًا، وأكّد عليهم في مطالعته بأحوالهم، هذا والعسكر في البلاد من جهة الغلاء، ووقع فيهم القحط الشديد الذي ما عنه مزيد، بواسطة خراب البلاد وإفسادها، وهذا من قلّة رأيهم وتدبيرهم الذي كان فيه تدميرهم. وأبيعت الواحدة من البقْسُماط بثلاثة دراهم فضة، والعليقة الواحدة من الشعير بدينار ذهب، وأبيعت التطبيقة البقل بدينارين، لأجل كثرة المحاجر بتلك البلاد وحفاء الخيل. ومات من المشاة الذين دخلوا مع العسكر إلى تلك البلاد جمعٍ وافر
(2)
من الجوع، فوقع اتفاق العسكر على القود إلى حلب، ولو فعلوا هذا أولا لكان أنسب، ثم لما عزموا على ذلك أخذوا في أسبابه، وكان لهم إلى حلب طريقان، أحدهما طريق وعرة مضيقة، والأخرى سهلة واسعة، فقوي عزم الأتابك أُزْبَك على العَود من الطريق الواسعة فسلموا، وسار الأتابك من الضيّقة، وبلغ سوار ذلك، فبَدَرَ بجمع وافر من عسكره، وتوصّل إلى الأتابك ومن معه من العساكر من محارص (؟) يعرفها التركمان، ووصل إليهم وهم في غفلة عنه، ولا شعور لهم به، وأخذ من وصوله إليهم في عرقبة جِمالهم، فاستدّت عليهم الطرق وهم في المضائق. وكان إينال الأشقر قد اتفق أن تقدّم فلم يعد، بل لما بلغه ذلك لم يلْوِ على أحدٍ خوفًا من عساكر التركمان. وأمّا الأتابك أُزبَك فكان يلي إينال الأشقر وخلص قبل دهوم الأمر، وأفا من وراءهم
(3)
من العساكر وهم قَرقماس الجَلَب، وسُودُون القصرُوي، وآخرون
(4)
، فدهمهم سوار بجنوده، وأحاط بهم من سائر الجهات، وجاءهم من
(1)
في الأصل: "يال باي" وهكذا وردت في كل المواضع، وصحّحناها.
(2)
في الأصل: "جمعًا وافرًا".
(3)
في الأصل: "ورائهم".
(4)
في الأصل: "واخرين".
السهل والجبل، ووقع بينهم حرب شديدة، من قاتل فيها قُتل، ومن هرب ربّما سلِم أو أُسِر، وفيهم من قتل أيضًا. ولما بلغ الأتابك أُزْبَك ذلك أظهر أنه يتوجّه لإحضار من تقدّم من العسكر، وسار قبله كإينال الأشقر ليعودوا
(1)
نجدة للعسكر الذين في المقاتلة، فتوجّه مُظهرًا ذلك، وفي الحقيقة فائزًا بنفسه، فإنه لم يعد، وقُتل قرقماس الجلب في هذه المعركة، ومن اتفق أن وُجد معه، وهم جماعة كبيرة من الأمراء المصريّين والشاميّين أيضًا. ثم عاد شاه سوار من حيث جاء، بعد أن عاش، وصال واستطال، وقتل ونهب وأسر، وفعل أفعالًا عجيبة في هؤلاء. ولو لم يتقدّم إينال الأشقر والأتابك أُزْبَك وإلّا لكان لهم ما كان لهؤلاء. وصار التركمان يتبعون من مرّ فيلحقونه ويأخذونه أسيرًا، وسبوا الغلمان ونحوهم. وأمّا المماليك فيأخذونهم أسرًا.
ولقد حكى لي من أثق به أن امرأة شابّة كانت في هيئة الرجال وبزيّهم ولباسهم، وكان معها آلة السلاح، وقاتلت وأسرت ستة من المماليك، فأوثقت كتافهم وهم مطيعون خاضعون ثم لما أحضرتهم إلى وطاقهم كشفت عن عورتها وقالت: انظروا، توبيخًا لهم، فنظروا فإذا هي امرأة، فكانت هذه من نوادر الأخبار في هذه الكائنة إنْ صدق من أخبر بها، وأظنّ صِدق ذلك، لِما حصل عندهم من الرعب من التركمان. ويا لله العَجَب، كيف يغفلون عن أنفسهم وهم بين ظهراني العدوّ، وفي بلاده، وهو له الأعيُن عليهم فيهم، وهم لا مروءة لهم أن يفعلوا مثل ما فعل من بعث العيون إليه، ليوقفوهم على ما هو فيه، وما يعزم عليه!
وقُتل جُلّ العسكر في هذه الكائنة، ونُهبت أموال الجميع ممن سلم أيضًا، وبقي منهم شرذمة قليلة ممن فاز مع إينال والأتابك أُزْبَك، وممن كان قد سبق من هؤلاء أيضًا، وجاز المجاز قبل عرقبة الجمال، على أنه أخذ منهم جمع
(2)
بعد الفُرجة، وكانوا وراء الجمال إلى جهة حلب، لكنهم كانوا قريبًا، فأدركهم التركمان، ومن فاز لم يعد ولم يَلْو على أحد، وتمّوا على هزيمتهم، وهم يتوهّمون وصول عسكر شاه سوار إليهم، جادّين في سيرهم، إلى أن دخلوا حلب في غاية التعب والعناء والنصَب، والجهد الجهيد، والكدّ الشديد، ولا خبرعندهم فيما جرى لمن وراءهم
(3)
، أعني على التفصيل. وأمّا إجمالًا فقد تحقّقوا القتل والكسرة والنهب والأسر، بل ولا بعثوا من يعلم لهم جليّة الأخبار وحقيقة الأحوال، بل لم يصدّقوا بخلاص أنفسهم، ولا عليهم ممن وراءهم
(4)
.
(1)
في الأصل: "ليعودون".
(2)
في الأصل: "جمعًا".
(3)
في الأصل: "ورائهم".
(4)
في الأصل: "ورائهم".
ولما دخلوا حلب ونظروا إلى ما هم فيه من الغلّ والخذلان اقتحموا العَود إلى الأوطان، ولم يتوقفوا على إذن السلطان، فعادوا في خفية، شيئًا فشيئًا، وهم في أنحس الأحوال، منهوبون مسلوبون، بل من سلم منهم عادت فيهم المساءة الذين كانوا معهم، وسلموا حين الاختلاط وكثرة الخباط، فنهبوا منهم أشياء كثيرة، بل وقتلوا منهم من توسّموا أن معه المال، من استفردوا به، ثم صاروا يدخلون القاهرة على الأجهار بعد ذلك. وكان السلطان لما بلغه ذلك وجّه مكْس رأس نوبة الجَمْدارية لينفق في العسكر جامكية أربعة
(1)
شهور، وكذلك العليق، ونقموا، أعني من بقي منهم إلى أن يردّ عليهم ما يعتمدوه في أمرهم، ولا يزالوا بحلب، فعاد مكسى بعد ذلك في أواخر المحرّم من الآتية، بعد أن كادوا أن يقتلوه، وما خلّص يحيا إلّا بجهدٍ جهيد، بل أوسعوه سبّا ولعنًا، وربّما عرّضوا بذكر مُرسِلِه
(2)
.
[إجمال حوادث السنة]
وخرجت هذه السنة العجيبة في السنين، على ما عرفت، فيها من الفِتَن والشر ور، والحروب والحرور، والطاعون والفساد، وهلاك العباد، وخراب البلاد، وحصول الأنكاد، التي لا تكاد أن تُحدّ ولا تُضبط بعد، ليس بخصوص القاهرة، وملك تغيّر فقط، بل بغالب البلاد والأقاليم شرقًا وغربًا، من عِظَم الفِتَن والملاحم.
أمّا بهذه المملكة فقد عرفتَ ذلك بما فيه المقنعٍ، وأمّا غيرها فبلاد الشرق قد عرفتَ وتحقّقت قتلة القان الأعظم بو سعيد إجمالا، فقِس على ذلك التفصيل، وكيف يُقتل مثل هذا الملك.
وأمّا الغرب فالأندلس مشهور الأحوال لا يحتاج إلى دليل على بيان ما فيه من الفِتَن، وشرور الكفّار في الليل والنهار، بل والمسلمين بعضهم مع البعض.
وأمّا فاس وأعمالها، فقد أشرنا لك غير ما مرة ما كانت فيه من الفِتَن من قبل السبعين إلى بعد الخمس وسبعين، وما هم فيه بنو
(3)
وَطّاس، من معاداة صاحبها السيد الشريف محمد بن عِمران، وتجرُّئهم عليه ومحاصرتهم إيّاه، ومنازلة فاس المرّة بعد المرّة، الكَرّة بعد الكَرّة وما هم فيه أهل فاس من البلاء بطول المحاصرة.
(1)
في الأصل: "أربع".
(2)
خبر موقعة سوار في: إنباء الهصر 77 - 79، ووجيز الكلام 2/ 80، وتاريخ البُصروي 38، ونيل الأمل 6/ 377، وبدائع الزهور 3/ 34.
(3)
في الأصل: "بني".
وأمّا تِلِمْسان فقد عرّفناك أيضًا ما كانت فيه من الأحوال، بنقض الصلح الذي اتفق عليه صاحب تونس، أولًا وثانيًا.
وأمّا تونس فهي أخفّ فِتنًا من غيرها، هذا مع ما فيه عِربانها من الشقاق والنفاق.
وأمّا غير هذه الممالك فبالضرورة أن تكون كذلك. ومع هذا كله فالظلم الظاهر عَمّال، وقطع الطرقات والمخاوف المتداولة، والأحكام الباطلة، والأراجيف الهائلة، وأخْذ الأموال، وتغيّر الأحوال، ولكل إنسان في ذلك حظ ونصيب بحسب حاله، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
ذِكر نُبَذٍ
(1)
من تراجم الأعيان ووَفَياتهم في هذا الزمان سنة
873
(ترجمة ابن
(2)
بيغوت)
(3)
453 -
إبراهيم بن بيغوت
(4)
الجركسيّ الأصل، الدمشقي.
صارم الدين، حاجب الحجّاب بدمشق، ووالده بيغوت من صفد خُجا الأعرج المؤيَّدي هو نائب صفد. وقد تقدّمت ترجمته.
تنقّل ولده هذا بعد أبيه في عدّة إمريّات بالبلاد الشامية، بعد محنةٍ اتفقت له في أيام حداثته في حياة أبيه، في دولة الظاهر جقمق، فإنه كان سجنه من أجل أبيه، ثم أحضره مرة من السجن إلى بين يديه، وأمر به فضُرب ضربًا مُبرحًا ظُلمًا، فإنه فعل معه ذلك بذنب أذنبه والده، وأعيب ذلك على الظاهر، كيف وقد قالى الله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. ثم تنقّلت به الأحوال بعد ذلك، حتى استقر في دولة الأشرف إينال، في الإمرة العشرين التي كانت بيد الوالد، زيادة على ما بيده من التقدمة بدمشق، بعد أن سعى إبراهيم في ذلك السعي الحثيث، وبذل فيها المال، مع علمه برياسة الوالد، وكثرة كُلفه، وما كان فيه، ومع علمه باستحقاقه لِما هو فوق ذلك. ومع ذلك فلم يُراع ولا تأدّب معه، وما حمده الناس على ذلك. ثم وُلّي في دولة الظاهر خُشقدم، خُشداش والده، نيابة قلعة دمشق بمالٍ بذله في ذلك أيضًا، ثم صُرف عنها، ثم آل به الأمر إلى حجوبية الحجّاب بدمشق. وخرج
(1)
في الأصل: "نبذًا".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
انظر عن (إبراهيم بن بيغوت) في: الضوء اللامع 1/ 33 ووقع فيه: "ولي بعد أبيه وكان نائب صفر (كذا) حجوبية الحجاب بدمشق "وإنباء الهصر 108 رقم 29، وتاريخ البُصروي 38، والمجمع المفنّن 1/ 166، 167 رقم 22، ونيل الأمل 6/ 383، 384 رقم 2805، وبدائع الزهور 3/ 35، 36.
في التجريدة مع نائب الشام. واتفق أن بقي فيمن بقي من العساكر الذين خرج عليهم سوار في المضيق، فقُتل في ذي الحجة في يوم المعركة.
وكان حشمًا، ذا هيئة وشكالة، عارفًا بأمور دنياه، متجمّلًا في شؤونه
(1)
، عاريًا عن الفضائل، لا بأس به في بعض الأحوال والسيرة، وهو الذي استبدل دار كمشبُغا طولو بدمشق وجدّد إنشاءها
(2)
، وأنشأ بقربها حمّامًا من لَبَش الدار، وهي الآن على ما أنشأها عليه، وهي من مشاهير دُور الأمراء بدمشق، وبها كان يسكن الوالد وهو بدمشق، مع ما أضافه إليها من عدّة دُور بأحوازها.
وكان سنّ إبراهيم هذا حين مات زيادة على الستين سنة فيما أظنّ.
454 -
أحمد بن قايتباي
(3)
.
الطفل الشهيد، شهاب الدين ابن
(4)
السلطان الأشرف سيف الدين، سلطان العصر، تقدّم في المتجدّدات كيف مات في الطاعون. وأنه من الخَوَنْد فاطمة الخاصكية
(5)
، ودُفن بتربة والده، وهو في الرابعة من العمر.
(ترجمة الإشليمي)
(6)
455 -
أحمد بن محمد بن صالح بن عثمان بن محمد بن محمد بن الإشليمي
(7)
، الحُسَيني مولداً، القاهري، الشافعي.
الأديب الفاضل، البارع الكامل، شهاب الدين، المعروف بابن صالح، وتارة بالإشليمي.
ولد بالحسينية في حدود العشرين وثمانمائة.
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم، و"العُمدة" و"المنهاج" و"ألفيّة ابن
(8)
مالك" وغير ذلك، وعرض على جماعة من أعيان علماء عصره، وأجازه منهم جماعة،
(1)
في الأصل: "شونه".
(2)
في الأصل: "انشائها".
(3)
انظر عن (أحمد بن قايتباي) في: نيل الأمل 6/ 366 رقم 2766، وبدائع الزهور 3/ 30، ولم يذكره السخاوي.
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
في نيل الأمل: "الخاصبكية".
(6)
العنوان من الهامش.
(7)
انظر عن (ابن الإشليمي) في: عنوان الزمان 1/ 198 - 206 رقم 63، والضوء اللامع 3/ 114، 115 رقم 343 ووقع فيه أنه توفي في سنة 863 هـ. وهو غلط، ونظم العقيان 58 - 63 رقم 39، والمجمع المفنّن 1/ 535 - 537 رقم 509، ونيل الأمل 6/ 364 رقم 2764، وبدائع الزهور 3/ 29، 30.
(8)
في الأصل: "بن".
منهم: الحافظ ابن
(1)
حجر، والمحبّ ابن
(2)
نصر الله، والمجد البرماوي. ثم أخذ في الاشتغال وله نحو الخمس عشرة
(3)
سنة ودأب واجتهد في تحصيل الفنون، فمن مشايخه الشمسان
(4)
: القاياتي، والونائي، والتقيّ الشُمُنّى، وأبو
(5)
القاسم النُويري، والشهاب الحِنّاوي، والعضد السيرامي وآخرون
(6)
. وأخذ في علوم الحديث عن الحافظ ابن
(7)
حجر، ونظم نظمًا جيّدًا، ونثر أيضًا وأجاد في ذلك.
فمن نظمه في مليح اسمه خضر وفيه اكتفاء بديع:
أضحى ينادي خضِر
…
ثغري بجفني حما. هـ
يا حبّذا كاسُ طِلا
…
وحبّذا عين حيا
(8)
. هـ
(9)
ومنه فيمن اسمه فَرَج، وفيه تضمين وتورية مثلّثة، وهو غاية في الجودة والحسن:
شكا
(10)
فؤادي هَمَّ الصدِّ يا فَرَجُ
…
وفيك أصبح صدري ضيّقا حَرِجا
واستيأس القلب حتى رحت أنشده
…
يا مشتكي الهمّ دعه وانتظِر فَرَجا
(11)
وله بديهة وفيه موارية ظاهرة وتصحيف:
للهِ مجدُ الدين من سيّدٍ
…
بقُربه أصبح قدري جليلْ
يرفعني حتّى على نفسِه
…
فلا عدمتُ الدهرَ مجدًا أثيلْ
(12)
ومدح الحافظ ابن
(13)
حجر بقصيدة بائية طنّانة مشهورة، وأولها:
لواحظه تجني وقلبي يُعذَّبُ
…
فلا سَلَوني عنه ولا الصبرُ يَعْذُبُ
(14)
وله غير ذلك من الأشعار، وكان يحبّه الكثير من الرؤساء والأعيان، لا سيما الكمال ابن
(15)
البارزي كاتب السرّ، فإنه كان مقرَّباً عنده، مختصّاً به غاية، وحج
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "الخمسة عشر".
(4)
في الأصل: "الشمسين".
(5)
في الأصل: "وأبي".
(6)
في الأصل: "واخرين".
(7)
في الأصل: "بن".
(8)
في عنوان الزمان 1/ 202 "حما".
(9)
البيتان في عنوان الزمان، بدون الهاء في آخرهما.
(10)
في عنوان الزمان: "يبكي".
(11)
البيتان في عنوان الزمان 1/ 202 وفيهما: "واستيأس القب"، و"انتظر فرحا". وفي نيل الأمل 6/ 364 "ما يشتكي المرء عنه".
(12)
البيتان في عنوان الزمان 1/ 203.
(13)
في الأصل: "بن".
(14)
البيت في عنوان الزمان 1/ 202.
(15)
في الأصل: "بن".
معه في السنة التي خرج فيها بأخته الخَوَند نول، زوجة الظاهر، واستنابه على ما معه من النقد وأركبه المحمل الذي كان مُعَدًّا لراحته. ووُلّي عدّة وظائف، من ذلك تدريس قبّة الإمام الشافعي رضي الله عنه.
ومن غريب ما اتفق له في ولايتها، أن إنسانًا رأى في منامه كأنّ الإمام الشافعي، رحمه الله، جاء إلى صاحب الترجمة ليسلّم عليه، فلم يمض على ذلك إلّا اليسير، حتى وُلّي هذه الوظيفة.
وكان إنسانًا حسنًا، فاضلًا، خيّرًا، ديّنا، ذا سمت حسن وتؤدة وعفّة وأمانة، فكِه المحاضرة، لا يُملّ منه ولا يُرغب عنه.
توفي في يوم الإثنين عاشر شعبان.
وحُكي عن موته حسنة، وكانت جنازته حافلة.
456 -
(أحمد بن محمد بن سليمان البكري، الدمشقي، الشافعي.
(
…
…
…
)
(1)
شهاب الدين، المعروف بابن الصابوني
(2)
، المتكلّم
عن ولده في الوظيفة بدمشق (
…
…
)
(3)
نظر الجيش، كان (
…
)
(4)
دمشق ( ...... )
(5)
.
ولد بد [مشق] وبها نشأ (
…
)
(6)
في تاريخـ (ـه).
وتوفي إلـ (
…
…
)
(7)
مسجونًا بقلعة دمشق)
(8)
.
457 -
(أحمد بن محمد بن علي بن أبي بكر محمد بن المزلّق
(9)
، الحلبي الأصل، الدمشقي، الشافعي.
الخواجا التاجر، الرئيس، شهاب الدين، أحد الـ (
…
)
(10)
[التـ]ـجار بدمشق.
(1)
مقدار ثلاث كلمات ممسوحة.
(2)
انظر عن (ابن الصابوني) في: إنباء الهصر 22، 23 و 32، 33، ونيل الأمل 6/ 348 و 352، والمجمع المفنّن 1/ 535 رقم 508، وبدائع الزهور 3/ 22.
(3)
كلمتان ممسوحتان.
(4)
كلمة ممسوحة.
(5)
كلمة ممسوحة.
(6)
كلمة ممسوحة.
(7)
كلمتان ممسوحتان.
(8)
ما بين القوسين على هامش الصفحة من اليمين.
(9)
انظر عن (ابن المزلّق) في: الضوء اللامع 2/ 147 رقم 415، ووجيز الكلام 2/ 806 رقم 856، والذيل التام 2/ 226، 227، وتاريخ البُصروي 33، والمجمع المفنّن 1/ 544 رقم 515، ونيل الأمل 6/ 340 رقم 2741، وحوادث الزمان 1/ 184 رقم 238، وبدائع الزهور 3/ 18.
(10)
كلمة ممسوحة.
وله (
…
)
(1)
وما داخَلَ [الدولة كأ]
(2)
خيه.
[وكان إنسانًا] حسنًا (
…
)
(3)
.
توفي [يوم الـ]ـــثلاثاء ثالث [عشر المحرّم]
(4)
)
(5)
.
458 -
أركماس الظاهري
(6)
.
أحد العشرات، (ورؤوس
(7)
النُوَب)
(8)
، المعروف بقَرا.
كان من مماليك الظاهر خُشقدم، ومن جُلبانه المختصّين به، صيّره خاصكيًا، ثم بوّابًا في دولته، فكان له شهرة في الدولة، وأُمِّر عشرة في سلطنة الظاهر يَلَبَاي، وصُيّر من رؤوس
(9)
النُوَب، ثم أخرجه الأشرف قايتباي بعد سلطنته منفيًا إلى حلب، وأظنّ أُمّر بها إمرة هيّنة.
وبها توفي بالطاعون فيما أظنّ.
وكان شابًا حسنًا، متوسط السيرة، عارفًا بأنواع الملاعيب والفروسية.
ولم يبلغ الثلاثين من العمر.
واسمه تقدّم الكلام عليه فلا نعيده.
459 -
أصيل الخُضَري
(10)
محمد بن إبراهيم بن علي.
وسيأتي في مرتبته في المحمّدين إن شاء الله تعالى.
460 -
آقباي اليحياوي
(11)
، الأشرفى.
أحد العشرات.
(1)
كلمة ممسوحة.
(2)
ما بين الحاصرتين أخذناه من نيل الأمل 6/ 340.
(3)
كلمة ممسوحة.
(4)
ما بين الحاصرتين أخذناه من نيل الأمل 6/ 340.
(5)
ما بين القوسين من أول هذه الترجمة إلى هنا كُتب على الحاشية.
(6)
انظر عن (أركماس الظاهري) في: نيل الأمل 6/ 369 رقم 2777، والمجمع المفنّن 2/ 19 رقم 646، وبدائع الزهور 3/ 30.
(7)
في الأصل: "روس".
(8)
ما بين القوسين من الهامش.
(9)
في الأصل: "روس".
(10)
انظر عن (أصيل الخضري) في: معجم الشيوخ، لابن فهد 200، 201، والضوء اللامع 6/ 262 - 264 رقم 901، ونيل الأمل 6/ 341 رقم 2744، والمجمع المفنّن 2/ 84 رقم 751، وبدائع الزهور 3/ 19، و"الخُضَري" بضم الخاء المعجمة، وفتح الضاد المعجمة.
(11)
انظر عن (آقباي اليحياوي) في: نيل الأمل 6/ 371 رقم 2781، والمجمع المفنّن 2/ 84 رقم 751، وبدائع الزهور 3/ 31.
كان من مماليك الأشرف إينال، ومن خاصكيّته، وأُخرج منفيًّا بعد موته، ثم حضر بعد موت الظاهر خُشقدم. ولما تسلطن الأشرف قايتباي أمّره عشرة، ودام على ذلك إلى أن بَغَتَه أجله.
وكان شابًا حسنًا، له فروسية وعنده شجاعة، وحسن هيئة وتؤدة.
توفي في ليلة الأحد رابع شوال، في أواخر الطاعون مطعونًا.
وأُحضرت جنازته إلى مصلّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان للصلاة عليه.
461 -
آقبردي الأشرفي
(1)
.
أحد العشرات ورؤوس
(2)
النُوَب، المعروف بالهوّاري، خُشداش الذي قبله.
كان من مماليك الأشرف إينال، ومن خواصّ خاصكيّته، ونُكب بعده ونُفي إلى الصعيد، ودام به إلى أن جرت كائنة نائب جُدّة في دولة الظاهر خُشقدم كما تقدّم، ونُسب فيها جماعة إلى أشياء توسّع خوف آقبردي هذا، فلحق ببعض عُربان هوّارة بالوجه القِبلي، ومكث عندهم مدّة، ولذا عُرف بالهوّاري، ثم حضر القاهرة بعد موت الظاهر خُشقدم. ولما تسلطن الأشرف قايتباي أمّره عشرة وصيّره من رؤوس
(3)
النُوَب، فلم تطُل مدّته حتى بغته الأجل بالطاعون.
وكان شابًا حسن الهيئة والشكالة والصورة، مع نُحُولٍ زائد، وإسراف على نفسه كثير، توفي في ليلة الثلاثاء، ثامن عشرين شهر رمضان.
وقد أكمل الثلاثين من العمر.
وأُحضِرت جنازته لمصلَّى المؤمني، وحضرها السلطان.
462 -
أنْصْباي الإبراهيمي
(4)
، الأشرفي.
الخاصّكي، وأمير اخور التبن والدريس، المعروف بالأعور.
كان من مماليك الأشرف إينال، وصُيّر خاصكيّاً بعده، ثم وُلّي أميراخورية التبن والدريس.
وكان أعورًا، مسرفًا على نفسه، غير مشكور.
(1)
انظر عن (آقبردي الأشرفي) في: نيل الأمل 6/ 368 رقم 2775، والمجمع المفنّن 3/ 97، 98 رقم 776، وبدائع الزهور 3/ 30.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
انظر عن (أنْصْباي الإبراهيمي) في: نيل الأمل 6/ 368 رقم 2776، والمجمع المفنّن 2/ 127 رقم 826 وفيه "أنسْباي"، وبدائع الزهور 3/ 30.
توفي بالطاعون في هذه السنة، وما حرّرتُ شهر وفاته، ولعلّه رمضان.
وولي بعده هذه الوظيفة محمد بن مسافر، وهي بيده إلى الآن.
واسم صاحب الترجمة غلط عن أنص باي، فباي قد عرفت معناها وأنها تركية. وأمّا أنص فيقال إنها لغة جركسية معناها
(1)
.
463 -
آياس البَجاسي
(2)
.
نائب (القدس.
كان من مماليك تَنِبَك البُجاسي نائب الشام، وهو مشهور الترجمة، وليس من مماليكه غيره، وتنبك بَرسْباي البُجاسي نائب الشام الماضي من قريب، و [قاسى]
(3)
آياس هذا بعده الأهوال، ونزل في (
…
)
(4)
الجند السلطاني، ثم أُمّر بغزّة، ثم عاد إلى القاهرة، ثم وُلّي نيابة القدس في دولة الظاهر خُشقدم بمالٍ بذله في ذلك، وذلك في سنة 863، عِوَضًا عن حسن بن محبوب الكردي
(5)
، ولم يلبث أن عُزل بشاه منصور
(6)
، وعاد إلى القاهرة، ودام بها حتى عُيّن إلى حلب في جملة من عُيّن لشاه سوار، فأدركه أجله.
وتوفي بحلب في هذه السنة، وما علمتُ هل مات قبل الوقعة أو بعدها.
وكان شيخًا منوّر الشيبة)
(7)
.
464 -
إينال الزيني
(8)
، الأشرفي.
أحد القرانصة المقطَعين، المعروف بالفقيه.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، واعتنى بالفقه وأخذه عن جماعة، حتى حصل منه جانبًا كبيرًا، وتميّز فيه حفظًا واستحضارًا للمنقولات، وتصدّى لإقرائه، وكان له حلقة حافلة جدًا بالأتراك وغيرهم بالخانقاه الشيخونية، وانتفع به جماعة،
(1)
لم يذكر معناها.
(2)
انظر عن (آياس البجاسي) في: نيل الأمل 6/ 388 رقم 2816، والمجمع المفنّن 2/ 134 رقم 840، وبدائع الزهور 3/ 37.
(3)
الكلمة ممسوحة في الأصل، وما أثبتناه يقتضيه السياق.
(4)
كلمة ممسوحة، لعلّها:"عِداد".
(5)
لم أجده.
(6)
لم أجده.
(7)
ما بين القوسين، من أول ترجمة "ابن المزلِّق" حتى هنا، كُتب على الهامش.
(8)
انظر عن (إينال الزيني) في: المجمع المفنّن 2/ 157 رقم 875، ولم يذكره في: نيل الأمل، ولذلك لم يذكره ابن أياس أيضًا.
منهم آياس الفقيه
(1)
الآتي في وفيات ثلاثٍ وثمانين إن شاء الله تعالى.
وكان خيّرًا، ديّنًا، فاضلًا، فقيهًا، يستحضر المسائل الكثيرة جدًّا.
توفي في هذه السنة، وما حرّرت شهر وفاته.
465 -
إينال باي الأشرفي
(2)
.
أحد العشرات ورؤوس
(3)
النُوَب، المعروف بميق.
كان من مماليك الأشرف إينال ومن خاصكيّته، ونُفي بعده إلى الصعيد ودام به إلى ما بعد وفاة الظاهر خُشقدم، فحضر إلى القاهرة، ثم لما تسلطن الأشرف إينال أمّره عشرة، وصيّره من جملة رؤوس
(4)
النُوَب، فلم ينْشب أن بَغَتَه أجله بالطاعون.
وكان شابًا حسنًا، فارسًا، شجاعًا، عارفًا بأنواع الفروسية الملاعيب، له جرأة وإقدام، كريمًا، سَمْح الأيادي، حسن السصت والملتقى، لا بأس به.
توفي في يوم السبت تاسع عشر شهر رمضان.
ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه بسبيل المؤمني، وأظهر التأسّف لأجله.
466 -
بَرْسْباي الأبوبكري
(5)
، الأشرفي.
أحد العشر ات ورؤوس
(6)
النُوَب، المعروف بأمير اخور.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي وخاصكيّته، بل وخواصّه، ولما تسلطن الأشرف إينال صيره من الأميراخورية الخاص، ودام على ذلك مدّة، ثم أمّره عشرة في أواخر دولته، ثم صيّره من رؤوس
(7)
النُوَب، ودام كذلك حتى تسلطن المؤيَّد أحمد ابن
(8)
الأشرف إينال المذكور. فعيّنه للبشارة بسلطنته لنائب غزّة، وعاد. ثم لما تسلطن الظاهر خُشقدم قبض عليه في جملة من قبض من الأشرفية بالقصر،
(1)
انظر عن (آياس الفقيه) في: نيل الأمل 7/ 211، 212 رقم 3083، ولم يذكره غير المؤلّف رحمه الله.
(2)
انظر عن (إينال باي الأشرفي) في: المجمع المفنّن 2/ 149 رقم 862، ونيل الأمل 6/ 398 رقم 2774، وأعاده في 6/ 379 رقم 2795، وبدائع الزهور 3/ 30.
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
في الأصل: "روس".
(5)
انظر عن (برسباي الأبوبكري) في: نيل الأمل 6/ 378 رقم 2789، والمجمع المفنّن 2/ 212، 213 رقم 952.
(6)
في الأصل: "روس".
(7)
الأصل: "روس".
(8)
في الأصل: "بن".
وسُجن بثغر الإسكندرية، ثم نُقل إلى سجن قلعة المَرْقَب، ودام إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فاستقدمه إلى القاهرة، وأعاده إلى ما كان عليه، من كونه أمير عشرة ورأس نوبة، ثم عيّنه في هذه التجريدة لشاه سوار، وبها بَغَتَه أجَلُه.
وكان إنسانًا حسن الهيئة والملتقى، كثير الأدب والحشمة، مع بعض إسرافٍ على نفسه، لكنْ في سترة وبحشمة.
توفي قتيلً في ذي الحجّة.
وكان بينه وبين الوالد صحبة أكيدة ومحبّة إلى الغاية.
وكان سنّه زيادة على الستين سنة.
467 -
بُوسعيد
(1)
بن أحمد بن ميران شاه بن تمرلنك.
القان الأعظم، سيف الدين، صاحب سمرقند وبُخارَى وما والاهما من بلاد ما وراء النهر.
وبقيّة نسبه قد تقدّم في ترجمة أُلُوغ بك.
كان صاحب الترجمة من أعظم سلاطين الإسلام وملوكهم، وغلط بعض المؤرّخين
(2)
، بل كذب، حيث قال: وفيها هلك الطاغية الخارجي بو سعيد، فإنه بعيد عن معرفة أحوال هذا الملك وأخباره فَظَنَّه كَجَدّه، ولما وقع لجهان شاه ما وقع من قتله على يد حسن الطويل، وبلغ ذلك بو سعيد هذا بادر بالمشي على مملكته تبريز وأعمالها، واستلاش حسن الطويل ولم يأخذه في عينه، وظنّ أنه قتل جهان شاه، وفرّ لبلاد نفسه، ولم يعسر عليه أنه يتملّك العراقين وتبريز، فأراد انتهاز الفرصة قبل أن يليها أحد من أقارب جهان شاه بن قَرا يوسف أو أولاده، وخرج من سمرقند بكثير من عساكره، وبثّ جماعات منهم في أطراف مملكة أذَرْبَيْجان، فملكوا الكثير منها من غير ممانعة ولا مدافعة، فعلم من قصد بأنهم لا طاقة لهم ببو سعيد، وظنّ هو أن المملكة صارت له، وأنه لا معارض له فيها، وظنّ أنه لا يصل قَدْر حسن إلى أن يملك العراقين، فلم يحسب حسابه، ولا أخذ حذره منه، ولا من حسن علي بن جهان شاه الذي مُلّك بعد أبيه. وسار بو سعيد
(1)
انظر عن (بو سعيد) في: إنباء الهصر 113، 114 رقم 39، والتاريخ الغياثي 230 - 232 وفيه:"أبو سعيد بن محمود بن ميرزاده مير الشاه بن تمر"، وحوادث الدهور 3/ 733، وحبيب السِيَر 4/ 51، ولُبّ التواريخ 220، والضوء اللامع 9/ 116 رقم 361 وفيه "أبو سعيد القان ملك التتار، وحفيد شاه رخ، واسمه كُنيته"، ونيل الأمل 6/ 372، 373 رقم 2783، والمجمع المفنّن 2/ 256 - 258 رقم 1007، وبدائع الزهور 3/ 32.
(2)
في الأصل: "بعض المؤرخون".
هذا قاصدًا تبريز من طريق وسَطي، وهو جازم لا يشكّ في أنه يملكها، وكانت خزائنه بالأموال الطائلة. ورآه يبعد عنه بأيام على عادتهم في ذلك، ولما توغّل البلاد وقع القحط في عساكره، وبلغ حسن ذلك، فتنبّه له وأعمل فِكره في أخذه، حتى تم له ذلك على ما ستعرفه، وخصوصًا لما بعث بو سعيد بأمّه لحسن للتلطّف به، فأذكره ذلك حَدَس بأنه في جهدٍ وغلبة، فتنبّه لأخذه، وأعمل الحيلة في ذلك، ولذلك خبر يطول، وفيه زيادة ونقص، ولم أحرّره كما ينبغي، فلهذا لم أسطره، ولكن الذي تجدّد لي من هذه الكائنة، أن حسن لما بلغه ما فيه عسكر بو سعيد من جهة القحط، واشتغالهم بأنفسهم، طمع فيهم. وكان بين عسكره وبين عسكر بو سعيد مسيرة ثلاثة أيام. ولما بعث بو سعيد ابنه إليه، في قضية عدم المعارضة في أمر الميرة، أعادها إلى ذكرها من بعده، وأحسّ بو سعيد بشرّ، فأعادها إلى حسن ثانيًا، مظهرًا الدخلة عليه في عدم تعرّضه لعساكره في أمر الميرة، وكان قد بعث إلى بلاد شَمَاخي
(1)
بطلب الميرة، وبلغ حسن ذلك، فبعث لصاحب شماخي بمنعه من ذلك، ثم ندب ولده للسير خلفه وهو مُجدّ، وحسن بأثره، وكان يقصد بو سعيد بإعادة أمّه تثبيط حسن عن سيْره إليه، وإعاقته عن ذلك، فإنه أكّد عليها في أن تعيقه عن مسيره إليه، وإلّا فقد هلك، وأحسّ بذلك، وعلم بحيلة بو سعيد لينجو بنفسه، فعاكَسَه في مقصده، وجدّ في سيره، وولده قد خرج قبله، فأدرك الولد عسكر بو سعيد هذا وهم في أسوأ
(2)
حال وغلبة، بعد أن بلغ حسن مكان خزانته، فقاطع عليها ومَلَكَها عن آخرها، وبعث في الحال من يوصل هذا الجند لعسكر بو سعيد، ليبعدهم عنه، ويقع رعب حسن في قلوبهم، وأنه واصل، ثم وصل من قدّامه ووراء عسكر بو سعيد بن حسن، فالتقيا على عساكر بو سعيد، لم يجد بُدًّا مز المقاتلة، فوقعت الحرب بينهما ساعة، ثم انجلت عن قتْل بو سعيد أو حزمه، ثم أخِذ فحزّ رأسه أو نحو هذا، كل ذلك بعد الهزيمة. هذا ما تحرّر لي من ذلك.
ووهِم من قال بأن بو سعيد هذا جاء نجدة لحسن علي بن جهان شاه على حسن، بل إنّما جاء لأخذ البلاد منه لاستلياشه، واستلاش حسن أيضًا، وكان فعله هذا في هذه السنة، ولعلّه في ذي القعدة أو شوّال، والله أعلم.
وحُزّت رأسه، فيقال بعد أسره، وقيل بعد أن وُجد قتيلًا بالمعركة. ويقال غير ذلك. والله أعلم.
(1)
شَمَاخي: بفتح أوله، وتخفيف ثانيه، وخاء معجمة مكسورة، وياء مثنّاة من تحت. مدينة عامرة وهي قصبة بلاد شروان في طرف أران تُعدّ من أعماد باب الأبواب. (معجم البلدان 3/ 361).
(2)
في الأصل: "اسواء".
وكان بو سعيد هذا من أجلّ ملوك الإسلام، ومن أهل العلم والفضل والديانة والخير. وله ببلاده الآثار العظيمة. وبعث حسن برأسه إلى القاهرة على ما بيّنّا ذلك، وأمر السلطان حين قدومها للقاهرة بدفنها، وعرف ما غرض حسن من إرساله بها لهذه البلاد، فلهذا أمر بأن تُدفن.
ووهِم من قال: طيف بها القاهرة والمنادي معها
(1)
، بل كذب.
ولعلّ اسم "بو سعيد" هذا غلط عن أبي سعيد، هذا هو الأقرب. ووهِم من قال بأنه "بوصعيد". وهذا الاسم عَلَم عليه لا كُنْيَة.
468 -
• وولي بعده مُلكَ سمرقند ولده أحمد، وهو نحوٌ من أبيه في ترجمته، ويُذكر بحسن السيرة والعلم والعدل، والعقل التام. وهو شاب، وبيده مُلك سمرقند ليومنا هذا.
- • وله أخ يسمّى محمود، هو صاحب مملكة بَلْخَشَان، وهو متّفق هو وأخوه متحاببان، لا شنان بينهما ولا تباغُض. ويُذكر محمود هذا أيضًا بحُسن السمت والسيرة والعدل.
469 -
بيبرس الأشرفي
(2)
.
رأس نوبة النُوَب، المعروف بخال العزيز وبأخي خَوَنْد أيضًا، وهي زوجة الأشرف بَرسْباي الخوَنْد الكبرى جُلبان، أمّ العزيز يوسف، الماضي ذِكرها في ترجمة ولدها. ولم يكن بيبرس هذا شقيقًا للخَوَند (
…
…
)
(3)
أمّها
(4)
. وأحضر بيبرس هذا في دولة الأشرف بَرسْباي مع أقارب خَوَند المذكورة، فيقال إنه لم يملك، وكان من الخاصكية في دولة الأشرف المذكور، ولم يُمتحن بعده، لأنه لم يُشهر بشرّ ولا بإثارة فتنة، بل كان ممن يسالم كل طائفة. وتأمّر عشرة في دولة الظاهر جقمق لا سيما وقد قيل إنه هو الذي كان السبب في القبض على العزيز، وإنه أعلم به يَلَباي، على ما عرفت ذلك آنفاً، لا سيما في ترجمة العزيز، بل وفي ترجمة الظاهر يلباي.
(1)
في الأصل: "معه".
(2)
انظر عن (بيبرس الأشرفي) في: إظهار العصر 3/ 379، وإنباء الهصر 80، 81 رقم 1، والذيل التام 2/ 227، 228، ووجيز الكلام 2/ 807 رقم 1859، والضوء اللامع 3/ 21 رقم 103، ونيل الأمل 6/ 369 رقم 2779، والمجمع المفنّن 2/ 260 - 262 رقم 1012، وبدائع الزهور 3/ 31.
(3)
كلمتان مُبهمتان.
(4)
كتب بعدها: "يشبك ططر المذكور" ثم ضرب عليها.
ثم لما تسلطن إينال الأشرف رقّاه إلى إمرة طبلخاناة في أيامه، ثم صيّره بعد ذلك من جملة مقدَّمين
(1)
الألوف، ثم ولي حجوبية الحجّاب عِوَضًا عن بَرسْباي البُجاسي، لما نُقل إلى الأميراخورية الكبرى، بعد وفاة يونس العلائي، في طاعون سنة أربع وستين، على ما تقدّم ذلك في محلّه، ودام كذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فنقله إلى رأس نوبيّة النُوَب، عِوَضاً عن قانَم التاجر، لما نُقل إلى إمرة مجلس، عِوضًا عن قرقماس الجَلَب، لما نُقل إلى إمرة سلاح، عِوضًا عن جَرِباش المحمدي، لما نقل إلى الأتابكية، عِوَضًا عن خُشقدم، بحكم سلطنته بعد خلع المؤيَّد، على ما عرفتَ جميع هذه التنقلات في محالِّها، ثم لم تطُل مدّة بيبرس هذا في الرأس نَوبته، حتى قُبض عليه في جملة الأمراء الأشرفية المقبوض عليهم بالقصر، وقبض عليه لا لشرّه، بل مندوحةً لأخذ إمرته ووظيفته، وسُجن بالإسكندرية مدة، ثم أُطلق ووُجّه به إلى القدس بطّالًا، فدام به بعد أن وصل إليه الخبر بذلك، وتجهّز وخرج، ودام بالقدس بعد ذلك بطّالًا إلى أن بَغَتَه الأجل بها.
وكان من عقلاء الأمراء، إنسانًا حسنًا، ذا سكون وحُسن هيئة وتؤدة، وسلامة فِطرة، لكنه كان مسرفاً على نفسه.
وكان بينه وبين الوالد صَهارة لتزوّجه بأخته الست أصيل، أخت الخَوَند جُلبان الماضي ذِكرها في محلّه من سنة تسع وستين، وكان ممن يعظّم الوالد جدًّا، ويساعده على أخته المذكورة، وكان بخلاف جَكم في ذلك.
توفي بيبرس هذا في أواخر شهر رمضان، أو أوائل شوّال.
وله نحو السبعين سنة أو أكملها.
واسمه مركَّب من "باي" وهو الأمير، و"برس" وهو الفهد، واستُعمل عَلَمًا.
470 -
تغري بردي
(2)
المنصوري.
أحد العشرات المعروف بالأرمني، أصله من الفرنج الفرنتيّين
(3)
، وهم طائفة معروفة، ونشأ بكَنَف المقام الفخري عثمان ابن
(4)
الظاهر جقمق قبل أن يتسلطَن، ثم نُسب إليه بعد سلطنته، وكان من خواصّه، وممن يقربه المنصور لشجاعةٍ كانت عنده، ولما تسلطن الظاهر تمربُغا أقطعه إقطاعاً جيداً، وكان من الخاصكية قبل
(1)
الصواب: "مقدَّمي".
(2)
انظر عن (تغري بردي) في: نيل الأمل 6/ 379 رقم 2791، والمجمع المفنّن 2/ 281، 282 رقم 1048، وبدائع الزهور 3/ 35.
(3)
الفرنتيين = الفرنسيين.
(4)
في الأصل: "بن".
ذلك أيضًا. ثم لما تسلطن الأشرف قايتباي بعثه إلى الأتابك أُزْبَك بعد كائنة سوار، التي قبض فيها على الأتابك جانِبك قُلقسيز، فأحضره من الشام، وهو حينئذٍ نائبًا بها، ليَلي الأتابكية بالقاهرة، ثم أمّره عشرة بعد ذلك، وعيّنه صحبة الأتابك المذكور إلى التجريدة، بعد أن صيّره من رؤوس
(1)
النُوَب، وخرج وما عاد.
وتوفي قتيلًا في ذي الحجّة.
وكان غير مشكور السيرة مع عصبية فيه وإقدام.
471 -
تمر باي
(2)
الجُلُبّاني
(3)
.
أحد الأمراء بدمشق، (ورأس
(4)
النَوْبة)
(5)
.
ذكر (بعض الناس فيما رأيت بخطّه أنه توفي قتيلًا في كائنة سوار. ولا أعلم شيئًا من أحواله غير ما ذكرته)
(6)
.
472 -
تمرباي الحَسَني
(7)
، الظاهري، الخاصكي.
كان من مماليك الظاهر جقمق، وصُيّر خاصكيّا في أوائل دولة الظاهر خُشقدم، ودام على ذلك حتى عُيّن مع التجريدة صحبة الأتابك أُزبَك، فخرج إليها، وبها بَغَتَه الأجل.
وكان إنسانًا حسنًا، خيّرًا، ديِّنًا، كثير الأدب والحشمة.
توفي قتيلًا في ذي الحجّة.
473 -
جانِبَك السيفي
(8)
تغري برمش التُركماني.
دوادار السلطان بدمشق، وأحد مقدَّمين
(9)
الألوف بدمشق.
(1)
في الأصل: "روس".
(2)
كُتب مرتين: في المتن والهامش.
(3)
انظر عن (تمرباي الجُلباني) في: نيل الأمل 6/ 83 رقم 2804، وبدائع الزهور 3/ 35.
(4)
طمست في الأصل.
(5)
ما بين القوسين من الهامش.
(6)
ما بين القوسين من الهامش.
(7)
انظر عن (تمرباي الحسني) في: تاريخ الملك الأشرف قايتباي 27، والمجمع المفنّن 2/ 332 رقم 1109.
(8)
انظر عن (جانبك السيفي) في: إنباء الهصر 109 رقم 30، والضوء اللامع 3/ 63 رقم 251، ونيل الأمل 6/ 384 رقم 2807، والمجمع المفنّن 2/ 399 رقم 1185، وبدائع الزهور 3/ 36.
(9)
الصواب: "وأحد مقدَّمي".
كان من مماليك تغري برمش التركماني البَهَسْني، نائب حلب، المشهور الترجمة، وتنقّلت به الأحوال بعده، فنزل في ديوان الجند السلطاني، ثم صُيّر خاصكيًّا، ثم وُلّي نيابة قلعة صفد، ثم صُيّر من مقدَّمين
(1)
الألوف بدمشق، ووُلّي دوادارية السلطان بها، وخرج في التجريدة هذه إلى سوار مع العسكر الشامي، وبها بَغَتَه الأجل.
وكان إنسانًا متهوّرًا، كثير الدعوى، ويُظهر أنه من ذوي العقول التامّة، ومن أهل الرأي والتدبير والمعرفة، ولم يكن قريبًا مما يدّعيه، فضلًا أن يكون ذلك فيه. توفي قتيلًا في ذي الحجّة في كائنة سوار المذكورة.
474 -
جانبك الشمسي
(2)
، المؤيَّدي.
أحد العشرات، المعروف بقُجا، ومعناه: شيخ.
كان من مماليك المؤيد شيخ، وطالت أيامه في الجندية عدّة سنين في عذة دولى، حتى آلت السلطنة إلى خُشداشه الظاهر خُشقدم، فأمّره على إمرةٍ هيّنة جدًّا تقارب أقاطيع بعض الأجناد، حتى ذكر لي من أثق به على أنه في أقاطيع بعض الخاصكية ما هو أَمْيَز مِن إمرة جانِبَك هذا، وليتها دامت معه، بل لما كانت فتنة يشبُك الفقيه، التي خُلع فيها الظاهر يَلباي، وتسلطن الظاهر تمربُغا، أراد نفيه حتى شفع فيه، فبقي بالقاهرة بطّالًا حتى بَغَتَه الأجل.
وكان إنسانًا ساكنًا، قليل الشرّ، لا بأس به.
وذكر الجمال ابن
(3)
تغري بردي عنه أنه كان من المهملين، وذلك على عادته في وصف من لا شرّ ولا خير عنده بذلك.
وذكر بعضهم عنه أنه كان مسرفًا على نفسه، والله أعلم بذلك.
توفي بالقاهرة بطّالًا في يوم الأربعاء رابع عشر المحرم، وهو في الشيخوخة.
475 -
جان بُلاط
(4)
الأشرفي.
أحد العشرات.
كان من مماليك الأشرف إينال، ومن أعيان الخاصكية في أيامه وخواصّه،
(1)
الصواب: "من مقدَّمي".
(2)
انظر عن (جانبك الشمسي) في: نيل الأمل 6/ 340، 341 رقم 2742، وبدائع الزهور 3/ 10.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
انظر عن (جان بُلاط) في: إنباء الهصر 84 رقم 7، والضوء اللامع 3/ 63 رقم 252، ونيل الأمل 6/ 367، 368 رقم 2772، وبدائع الزهور 3/ 30.
وصيّره ساقيًا في دولته، ثم امتُحن بعد موته، وأُخرج من القاهرة. ولما تسلطن الأشرف قايتباي أمّره عشرة، وكان قدم القاهرة بعد موت الظاهر خُشقدم، ولم تطُل مدّته حتى بَغَته الأجل في زمن الطاعون.
وكان شابًا حسنًا، جميل الصورة، حسن الهيئة، ذا أدب وحشمة، وحُسن مداراة ومعرفة، لا بأس به.
توفي في يوم السبت سادس عشرين شهر رمضان، وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلَّى سبيل المؤمني.
واسمه مركَّب من "جان" وهو: الروح و"بلاط" التي هي غلط عن فولاذ. ومعناه: روح فولاذ، أو فولاذ روح، ثم جُعل عَلَمًا.
476 -
جانَم الظاهري
(1)
.
أحد العشرات، ورؤوس
(2)
النُوَب، المعر وف بالمجنون.
كان من مماليك الظاهر خُشقدم، وصيّر خاصكيًّا في دولته، ودام على ذلك مدّة حتى تسلطن الظاهر يَلَباي، فصيّره من العشرات، ثم لما تسلطن الأشرف قايتباي بعد فتنة خلع
(3)
تمربُغا أخرجه منفيًّا إلى البلاد الشامية، فيما يغلب على ظنّي، وبها توفي في طاعون هذه السنة.
كان شابًا طائشًا، حادّ المزاج، سيّئ الأخلادتى، كثير الحركة، ولهذا لُقّب بالمجنون.
وكان سنّه يوم مات نحو الثلاثين سنة.
477 -
جَكَم المحمدي
(4)
الظاهري.
أحد الطبلخانات، والحاجب الثاني، وابن
(5)
أخت السلطان الأشرف قايتباي سلطان العصر.
كان من مماليك الظاهر خُشْقدم، وتعارف بخاله الأشرف قايتباي في أيام إمرته، ورُوعي لأجله، فأمّره أستاذه الظاهر خُشقدم عَشَرة في دولته. ثم
(1)
انظر عن (جانم الظاهري) في: نيل الأمل 6/ 388 رقم 2814، وبدائع الزهور 3/ 37.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
سها المؤلّف رحمه الله فكتب بعدها: "يلباي" ثم ضرب عليها.
(4)
انظر عن (جكم المحمدي) في: إنباء الهصر 84 رقم 6، والضوء اللامع 3/ 76 رقم 294 وفيه وقع أنه توفي سنة 883 هـ. وهو غلط، ونيل الأمل 6/ 368 رقم 773، وبدائع الزهور 3/ 30.
(5)
في الأصل: "بن".
لما تسلطن الظاهر تمربُغا لم يُنكب في جملة الخُشقدمية، بل زاد رِفعة لأجل خاله، لا سيما وقد صار الأتابك، فأمّره تمربُغا طبْلخاناة، وصيّره حاجباً ثانيًا، عِوضاً عن قانِبَك السيفي يشبُك بن أزدمر، بحكم عجزه، ودام على الحجوبية.
حتى توفي بالطاعون في يوم الخميس ثالث عشرين شهر رمضان.
وسِنّه نحو الثلاثين سنة.
وكان ذا شجاعة وفروسية، لكنّه غير مشكور السيرة، وحضر خاله السلطان الصلاة عليه بمصلّى سبيل المؤمني، وكانت جنازته حافلة.
واسمه قد تقدّم الكلام عليه، أظنّ في جَكَم نائب كركر في سنة ثمانٍ وستين.
478 -
جقمق المؤيَّدي
(1)
.
أحد العشرات.
كان من مماليك المؤيَّد شيخ، وصيّر خاصكيًّا بعده بمدّة، أظنّ في أوائل دولة الظاهر جقمق سمِيّه، ثم صيّره نائب رأس نَوبة الجمدارية، ودام إلى أن أمّره الأشرف إينال عشرة بدمشق، وخرج إليها. ولما تسلطن خُشداشه الظاهر خُشقدم أُمّره عشرة بالديار المصرية، وقرّبه واختصّ به، ودام على ما هو عليه، إلى أن جرت كائنة خلع يَلَبَاي، فأخرج عنه الظاهر تمربُغا إمريّته، ولما تسلطن الأشرف قايتباي رتّب له دينارين في اليوم، فأكلهما.
إلى أن توفي في هذه السنة، فيما يغلب على ظنّي.
وكان إنسانًا حسنًا، عاقلًا، حشمًا، خيّرًا، ديّنًا، ساكنًا، ذا بشاشة وحُسن سمت.
479 -
جوهر اليشبُكي
(2)
، الهندي، الطواشي، صفيّ الدين الخازندار، والزمام، المعروف بالتركماني.
كان عتيقًا لأخت يشبُك الجَكَمي الأميراخور، وكانت زوجًا لأقبُغا التُركماني نائب الكرَك، الذي وُلّيها عن الوالد، ونُسِب إليه فقيل: التُركُماني، لأنه كان في خدمته مع سيّدته، وكان هو يدّعي بأنه من خُدّام يشبُك نفسه، فلهذا صار ينسب نفسه إليه، كأنّه أنِف أن يُنَسب إلى المرأة، ونسي أن ذلك مما يشينه في دينه، على
(1)
انظر عن (جقمق المؤيَّدي) في: نيل الأمل 6/ 388 رقم 2815، وبدائع الزهور 3/ 37.
(2)
انظر عن (جوهر اليشبُكي) في: الضوء اللامع 3/ 86 رقم 333، ونيل الأمل 6/ 354 رقم 2753، وبدائع الزهور 3/ 25، ونسب إلى يشبك لكونه على الأشهر مُعتق أخت يشبك الجكمي أميراخور زوجة آقبُغا التركماني، بل قيل إنه مُعتَق يشبُك نفسه. (الضوء اللامع).
ما نطق به الحديث الشريف النبوي، على قائله أفضل الصلاة والسلام، فيمن يُدعى لغير سيّده العتْق له. ثم اتصل ببيت السلطان، وتنقّل في عدّة أشياء مما يتعلّق بالطواشية إلى أن صار شادّ الحوش، ثم نُقل إلى الخازندارية والزمامية، بعد عزل لؤلؤ عنهما، وبذل المال في ذلك.
وهو الذي أنشأ الغَيط الهائل بدو
(1)
بالجيزية.
وقد رأيت هذا الغَيط.
ولم يخلّف جوهر هذا بعد موته كبير مال، سوى هذا البستان. ولم يكن فيه فضيلة ولا خلّة محمودة.
وكان كثير التودّد إلى الوالد والتردّد إليه، وإظهار محبّته وصحبته.
وكان في الحقيقة من صغار الخدّام، وإنّما جاءته السعادة بغتةً
(2)
بذَين الوظيفتين، وكان غير مشكور السيرة.
توفي في ليلة الجمعة مستَهلّ جماد الأولى بمرضٍ طال به.
وكان في عشر السبعين، أو أكملها.
وأُحضرت جنازته إلى مُصلّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه، وولَّى وظيفتيه بعده الخادم جوهر النَوروزي الآتي إن شاء الله تعالى.
480 -
حسن بن بغداد
(3)
، المعروف بابن بدر الدين.
شيخ العربان ببعض أقاليم الغربية ببلدة محلّة المرحوم.
كان يُتَّهم بكَنْز المال وسعته.
وتوفي في جماد الأول.
وقد عُمّر، فلعلّه جاوز الثمانين، وخلّف عدّة أولاد.
481 -
حسن بن محمد بن حسن الكيلاني
(4)
، العجمي، الصالحي، الشافعي.
نزيل الخانقاة الشيخونية.
(1)
هكذا في الأصل.
(2)
في الأصل: "وبغتة".
(3)
انظر عن (حسن بن بغداد) في: وجيز الكلام 2/ 809 رقم 1867، ونيل الأمل 6/ 357 رقم 2759، وبدائع الزهور 3/ 25.
(4)
انظر عن (حسن الكيلاني) في: نيل الأمل 6/ 387 رقم 2813.
قدم القاهرة في أواخر سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، وأنزله شيخنا الكافِيَجي، رحمه الله، بخلوةٍ من الخانقاة الشيخونية، وظهرت لديه فضيلة وطلب عِلم، وأخبر أنه أخذ عن جمْع جَمّ من علماء بلاده وغيرهم، وأنه جال الكثير من البلاد، وأنه أقام بدمشق مدّة بصالحيّتها، ثم ببيت المقدس. وكان حسن الكتابة، يجيد كتابة المنسوب، وكتب بخطه كثيرًا.
وكان حسن السمت والملتقى، كثير البشاشة وطلاقة الوجه، حسن الهيئة، يُظهِر التجمّل في شؤونه
(1)
، وعنده تديّن وخير، مع تعاظُم وشَمَم.
وأخذ كثيرأ عن شيخنا العلّامة الكافِيَجي، وكتب شيئًا من تصانيفه.
وتوفي في سابع عشر شهر رمضان.
وهو شاب، أظنّه لم يبلغ الأربعين.
وترك شيئًا من الكتب بخطّه الحسن، وغير ذلك، وأوصى لشيخنا الكافِيَجي، وللشيخ علاء الدين العيلاني بلديّه، وأقرّ بأن له ورّاثًا ببلاده، ولا زال موجوده تحت يد شيخنا حتى مات، فاستولى عليه ديوان الحشْرية، مع موجود شيخنا رحمه الله تعالى.
482 -
حسين بن محمود
(2)
بن ()
(3)
الأصبهاني، العجمي، الرفاعي، الشافعي.
الشيخ الصالح، الملك، القدوة، العارف بالله تعالى، حسام الدين، نزيل النحرارية من الوجه البحري، بزاويةٍ أنشأها هناك.
كان أحد الأفراد المسلّكين من أهل اليقين، وحزب الله المفلحين، من ذوي الخير والصلاح، حسن السيرة، كثير العفّة والتواضع، والانجماع عن الناس، لا سيما بني الدنيا، وكان لا يتردّد إلى أحد من خلق الله تعالى من الأكابر، ذوي الدنيا، مع ملازمة الإنقطاع إلى الله تعالى، وكثرة العبادة والسخاء الزائد، قدم إلى هذه البلاد بعد أن جال في مبدأ
(4)
أمره، وأكثَرَ السياحات، وطاف الكثير من أقطار الأرض شرقًا وغربًا، كالعجم والهند، وبحر الظُلمات، وبلاد التُرك، ودخل
(1)
في الأصل: "شونه".
(2)
انظر عن (حسن بن محمود) في: الضوء اللامع 3/ 158، 159 رقم 602، ونيل الأمل 6/ 356 رقم 2758، وبدائع الزهور 3/ 25، وإنباء الهصر 82 رقم 4.
(3)
بياض في الأصل.
(4)
في الأصل: "مبداء".
الحبشة، وحج وآل أمره أنْ قَطَن النحرارية بزاوية أنشأها بها وانقطع فيها للعبادة إلى أن أدركه أجله.
وكان حسن المحاضرة فكِهَها، يستحضر الكثير من أعاجيب البلاد التي جالها.
ذكره الجمال ابن
(1)
تغري بردي بنحو ما ترجمناه.
ثم سألت عنه من بعض أهل النحرارية، فأخبرني بنحو ذلك، وأثنى عليه جدًّا.
توفي في ليلة الأربعاء العشرين من جمادى الأولى، ودُفن بزاويته المذكورة.
وكان قد جاوز التسعين.
483 -
خديجة ابنة محمد
(2)
بن سليمان بن سعيد.
الشابّة الشهيدة، السعيدة، أمّ الفضل، ابنة شيخنا العلّامة، أستاذ العالم، الشيخ محي الدين الكافِيَجي.
وُلدت بالقاهرة قبل الستين وثمانمائة.
ونشأت تحت كنف أبيها، فأحفظها القرآن العظيم، وقرأتْ بعض الرسائل الفقهية وغيرها، ثم عقد لها والدها على الشيخ نجم الدين ابن
(3)
الرفاعي
(4)
، شيخ قبّة الأشرف بَرسْباي، تجاه تربة الأشرف المذكور، الكائنة بالصحراء، ثم طُلّقت منه قبل البناء بها لأمرٍ اختاره شيخنا، فاتفق أن طُعنت عقيب ذلك، وكان أجَلها في ذلك.
وكانت شابّة جميلة، ذكية، يقِظة، فطِنة، وكان قد أجهزها شيخنا جهازًا جيدًا بجملة.
وكان لشيخنا ولد أخت سُمّي مصطفى، ستأتي ترجمته أيضًا، كان من غَرَض شيخنا وقصْده تزويجها إيّاه فيما خلا
(5)
وقصده. وغَلَبَت أم خديجة هذه عليه، حتى عقد لها على النجم المذكور. ثم بلغ شيخنا بأنه أعيب عليه ذلك، كونه يترك
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
لم أجد لخديجة بنت محمد ترجمة.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
هو أحمد بن علي بن حسين بن البدر، النجم بن الزين الرفاعي الصحراوي، شيخ طائفته. ولد سنة 839 هـ. لم يؤرّخ السخاوي وفاته. (انظر: الضوء اللامع 2/ 18 رقم 53).
(5)
في الأصل: "خلى".
ولد أخته، ويعطي هذه الابنة للأجنبيّ، فتأثر من ذلك، ولا زال حتى فارقها من النجم المذكور، وعزم على أن يزوّجها المصطفى المذكور، فما قُدّر ذلك، وماتا جميعًا.
وكانت وفاتها في شعبان.
ووهب شيخنا أكثر جهازها لأمّها، وكانت أمّ ولد لشيخنا، وعقد عليها بعد ولادة هذه الابنة، ثم لما ماتت ابنتها أبعدها عنه، بأنْ طلّقها، وأخرجها لنفرته منها، لا سيما لمعارضته في عدم إزواج ابنتها لابن أخت الشيخ، ثم تصدّق بأكثر ما بقي من جهازها أيضًا.
484 -
خُشقدم
(1)
(السيفي جار قُطْلُو.
أحد الأمراء بدمشق.
كان من مماليك الأمير جار قُطْلُو نائب الشام. تنقّلت به الأحوال بعده حتى صُيّر من جملة الأمراء بدمشق.
وتوفي قتيلًا في كائنة سوار.
هكذا رأيته بخط بعض الناس، ولا أعلم شيئًا عنه غير ما ذكرته)
(2)
.
485 -
خليل بن شاهين
(3)
الشيخي، الصفوي، (الأشرفي)
(4)
، المقدسيّ المولد، القاهري، الحنفي.
الأمير، الوزير، الصاحب، غرس الدين، أبو الصفا، المعروف بنائب الإسكندرية، سيّدنا ومولانا وشيخنا، الوالد، تغمّده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأباحه بحبوحة جنّاته.
ولد بالقدس الشريف، بالمدرسة الخاتونية، في يوم الجمعة، حادي، أو
(1)
انظر عن (خُشقدم) في: نيل الأمل 6/ 384 رقم 2806، وبدائع الزهور 3/ 36.
(2)
ما بين القوسين من الهامش.
(3)
انظر عن (خليل بن شاهين) في: الذيل التام 2/ 228، 229، ووجيز الكلام 2/ 808 رقم 1863، والضوء اللامع 3/ 195 - 197 رقم 748، ونيل الأمل 6/ 355، 356 رقم 2756، وبدائع الزهور 3/ 25، وكشف الظنون 97 و 305 و 953 و 1496 و 1523، وإيضاح المكنون 1/ 460 و 2/ 596، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 280، وهدية العارفين 1/ 494، وفهرس المخطوطات المصورة للُطفي عبد البديع 2/ 51، والتاريخ العربي والمؤرخون 3/ 254، 255 رقم 154، وتاريخ طرابلس 2/ 474، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 85 - 87 رقم 396، وفهرس المخطوطات الإسلامية في قبرص 317 رقم 575.
(4)
كتبت بين السطور.
ثالث عشر شعبان، سنة إحدى أو ثلاث عشرة، فيما رأيته.
وكان والده إذ ذاك حاجبًا بها، وشادًّا على القُمامة قبل أن يلي النيابة بها، ومرضت والدته فأرضعته أمّ الشيخ برهان الدين ابن
(1)
الدّيري قاضي القضاة، وهي زوج شيخ الإسلام قاضي القضاة الشمس ابن
(2)
الديري، وما علمتُ هل هي أم شيخنا شيخ الإسلام السعد ابن
(3)
الديري أم لا، فإن الوالد كان يقول بأنه أخ
(4)
للبرهان المذكور من الرضاع.
ومن غريب ما وقع في أمر حمل والدته به أنها كانت تلد الإناث، وما ولدت ذكرًا قبله، فصارت تتمنّى الذَكَر، فاتفق أنْ حملت به، فخرجت من القدس إلى مدينة حبرون
(5)
، حيث مدفن سيّدنا الخليل على نبيّنا وعليه أفضل الصلاة والسلام، فدخلت إلى حرمه ليلًا، ثم كشفت عن بطنها، وأمَسَّته سردابه، ونذرت شيئًا وافرًا من المال أن تكون صدقة لفقراء حرمه، إن ولدت ما في بطنها ذكرًا، وأن تسمّيه الخليل. فلما وضعته كان ذكرًا بإذن الله تعالى، فسمّته الخليل، ثم وفت بما نذرته، ثم ألبسته في أذنه خَرصًا من ذهب بلؤلؤة ذكرت أنها شَرَتها بخمسين دينارًا ذهبًا، ونذرت لله عليها إن أكمل ولدها سبع سنين أن تلقي هذه الجوهرة في صندوق النَدر لسيّدنا الخليل على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام. وترعرع هو ونشأ بالقدس وحفظ به القرآن العظيم.
وكان ذكيًا، حذقًا، فهمًا، فطِنًا، حادّ الذهن، لبيبًا، ثم أخذ في الاشتغال فبحث "القدوري" على بعض أهل العلم بالقدس، وتعانى الطلب وحُبّب إليه.
486 -
• وكان والده شاهين من مماليك الظاهر برقوق، مَلَكه عن شيخ الصفوي أمير مجلس لما أخرج إلى القدس بطّالًا. ويقال إنه تتريّ الأصل، مسلم، من مدينة سراي، وإنّما سُمّي شاهينًا، لأنّ التتر كانت في أول دولة الظاهر في مَقتٍ وإبعاد. ووُلّي شاهين هذا بعد مدّة من موت الظاهر شادّية القمامة بالقدس، بعد حجوبيّتها، ثم ترقّى إلى نيابتها في أواخر دولة الناصر فرج. ثم لما مات الناصر فرج، وكانت تلك الفِتن، انجمع شاهين هذا عن الدولة، وقطن بالقدس مدّة فارًّا من الفِتن، فإنه كان ممن له شهرة
(6)
بالشجاعة والقوة، ويُحكى عنه في ذلك ما يشبه الكذِب. ولم يزل إلى سلطنة الأشرف بَرسْباي، فحضر إلى القاهرة بعد أن
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
كتبت محيّرة بين: "أخ" و"أخا" اخ.
(5)
حَبْرون: هي مدينة الخليل.
(6)
مهملة في الأصل، برسم "مسرة".
كان قدِمها قبل ذلك في أول سلطنة الظاهر ططر، ثم عاد لإمرته وبقي بها مدّة حتى قدم هذه القدمة الثانية في سنة سبع أو ثمان وعشرين، ورتّب له الأشرف ثلاثة آلاف درهم في الشهر يأكلها طرخانًا، مع لحم وعليق وغير ذلك، ووعده بالجميل، ودام بداره منجمعًا عن الناس، لا يتردّد إلى سوى الأتابك بيبغا المظفري
(1)
، وربّما خرج معه إلى الصيد لمعرفته بالجوارح وأحوال الشَكْرخانه. وكان الأتابك المذكور قد رتّب له شيئًا على ديوانه. ومن هنا وهِمَ من قال إنه خدم عند الأتابك، ولم يكن ذلك كما قال.
ثم بغته أجله بالقاهرة في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، ودُفن بالقرافة، بتربة والد زوجته أسندمر الشيخي
(2)
، والدة الوالد الست عائشة
(3)
الماضية ترجمتها في سنة 857 هـ.
فاتصل الوالد بعد موته بخدمة أزبك الأشقر
(4)
الدوادار الكبير، وكان عنده في مقام الولد لا الخدّام، لكونه ولد خُشداشه، وجعله شادّأ على الأحواش السلطانية، ومتكلّمًا على الصيادين، وقرّبه واختصّ به لحذقه وذكائه وكماله من حالة صِغره، ودام إلى أن أخرج أزبَك المذكور إلى القدس بطالًا، فانجمع الوالد عن الناس، وداوم الاشتغال بالعلم والمطالعة، وأخذ عن جماعة من كبار العلماء، وجالس العلّامة العلاء البخاري، وحضر دروسه، وأخذ عن السعد ابن
(5)
الديري، والزين التفهني، والسراج قارئ "الهداية"، والعلاء الرومي، والشيخ يحيى السيرامي، والكمال ابن
(6)
الهُمام، وشيخنا العلّامة الكافِيَجي، وكان شيخنا المذكور يعظّمه جذاً ويُجلُّه. ومن مشايخه الأمين الأقُصُرائي، والنجم القَرْمي، والتقيّ الشُمُنّي، ولازمه باخرة مدّة، وأخذ بدمشق عن جماعة منهم القوام قاضي القضاة الحنفي. ومن مشايخه البدر العُيني، والعَلَم البُلقيني، والشمس القاياتي، والشمس البساطي،
(1)
انظر عن (بيبغا المظفري) المتوفى سنة 833 هـ. في: السلوك ج 4 ق 2/ 842، 843، وإنباء الغمر 3/ 445 رقم 15، والنجوم الزاهرة 1/ 159، والمنهل الصافي 8/ 489 - 492 رقم 734، والدليل الشافي 1/ 207 رقم 730، ونزهة النفوس 3/ 207 رقم 681، والضوء اللامع 3/ 22 رقم 106، ووجيز الكلام 2/ 512 رقم 1177، والذيل التام 1/ 568، ونيل الأمل 4/ 271 رقم 1692، وبدائع الزهور 2/ 129.
(2)
لم أجد لأسندمر الشيخي ترجمة.
(3)
توفيت عائشة في سنة 857 هـ. وقد ضاعت ترجمتها في جملة ما ضاع من سنوات من المخطوط.
(4)
مات (أزبك الأشقر) في سنة 833 هـ. (الضوء اللامع 2/ 273 رقم 848).
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
والشمس الوَنَائي، والمجد بن نصر الله، والبدر التِنّيسي، والعزّ عبد السلام البغدادي، والتقي بن قُندُس شيخنا، والبرهان الباعوني، والبدر بن عبد المنعم، وجماعة يطول الشرح في تعدادهم من غالب بلاد الإسلام شرقًا وغربًا ما بين هند وعجم وروم، وغير ذلك من علماء الإسلام، ومشايخ مصر والشام، ممن أخذ عنهم، وأذِن له بعض أعيانهم الأكابر بالفُتيا والتدريس، ولازم مجلس حافظ العصر شيخ الإسلام ابن
(1)
حجر في سماع الحديث، وسمع عليه الكثير، وسمع عليه بعض تصانيفه أيضًا، وأجازه وأثنى عليه في إجازته وعلى ما صنّفه، فمن جملة قوله في إجازته بحيث يشهد له كلمن (!) سمعه، فإنه فاق كلمن (!) سبقه في كلما (!) جمعه وطارحه بالشِعر، وراسله، وأحبّه، وذكره في مواضع من تاريخه "إنباء الغمر"
(2)
، وسنذكر ما طارحه به من الشعر، بل وما مدحه به، وكفاه فخرًا أن امتدحه مثل ابن
(3)
حجر على ما ستقف على ذلك.
ولما انجمع عن الناس بعد إخراج أُزبَك إلى القدس، طلبه الأشرف بَرسْباي حين أُجري له ذِكره عنده بالنباهة، فولّاه النظر على الخاصرّ بالثغر السكندري، عِوضًا عن ابن
(4)
الصُّغَيّر، وباشره بحُرمة وافرة وعفّة زائدة، حتى عجب الأشرف من ذلك، وأضاف إليه نظر الذخيرة وبيع البُهار بها، ثم بعث إليه باستقرَاره بالحجوبية بها، ثم رقاه إلى نيابتها عِوضًا عن جانِبك الثور
(5)
، مضافًا لِما بيده من الوظائف، وعُدّ ذلك من النوادر، كون الحاجب الذي هو كالأمين على النائب يصير نائبًا على حجوبيّته، وأقام من يتكلّم عنه من قِبله في النظارة والحجوبية، وحُمدت سيرته في مباشرة جملة هذه الوظائف، وشُكِرت أحكامه، وأحبّه أهل الثغر، ثم حضر إلى القاهرة، فتلقّاه الأشرف بالرحب، وشكره في الملأ
(6)
العام من العسكر وأعيان الدولة، واتفق أن تزوّج بأخت الخَوَنْد جُلبان الست أصيل، الماضية ترجمتها، ثم عاد إلى الثغر ودام به، وهو مُكبّ على الاشتغال، واجتماع الكثير من علماء الثغر بذلك العصر في مجلسه ومذاكرته معهم وسماع الحديث به، ثم بعث يستعفي من الذي هو فيه، ويلتمس حضوره القاهرة كير ما مرة، حتى أجيب إلى ذلك، وحضر إليها على إمرة طبلخاناة كانت بيده، بل وزيادة عليها البَسْلقون
(7)
.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
انظر: إنباء الغمر 3/ 513 و 4/ 17 و 22 و 23 و 41 - 43 و 52 و 60 و 245.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
كان (جانبك الثور) أمير التُرك بمكة. مات سنة 841 هـ. (الضوء اللامع 3/ 56 رقم 221).
(6)
في الأصل: "الملاء".
(7)
البسلقون: بلدة في مصر تحت إسكندرية بقليل. (الضوء اللامع 6/ 142).
وغلط، بل كذب من قال إنه حضر من الإسكندرية على نحو الطبلخاناة، فإنها كانت طبلخاناة وزيادة، وكان يحضر الخدمة السلطانية مع مقدَّمين
(1)
الألوف، ثم أضيف إليه نظر دار الضرب، ثم أُمّر على الحاج بالمحمل، وخرج إلى الحج بأُبّهة، زائدة في سنة تسع وثلاثين، وكانت ثانية له، فإنه حج قبلها حجّة الإسلام صحبة والده، ثم عاد في التي تليها، ولازم أيضًا مجالس شيخ الإسلام ابن
(2)
حجر في سماع الحديث، وسمع عليه الكثير وعلى غيره من العلماء، بل كان له بداره مجلس محفوف بالعلماء، ثم طلبه الأشرف للوزارة، فامتنع من ذلك، فألخ عليه، فاشترط عليه شروطًا، ثم وليها في سنة أربعين، وباشرها مدّة يسيرة، ورأى بها ما لا يليق به من الأمور، فاستعفى منها، فأجيب إلى ذلك، وبقي على ما بيده من الطبْلخاناة، ثم ولّاه نيابة الكَرَك والشَوْبك، عِوضًا عن عمر شاه لاستئمان السلطان إيّاه. وكانت الكرَك إذ ذاك من أجلّ النيابات، وكانت قلعتها مشحونة بالأموال، والحواصل بالغلال.
حدّثني الوالد صاحب الترجمة قال: لما ولّاني الأشرف الكرَك ورأى في وجهي أمارة الكراهة لخروجي من القاهرة، قال لي في خلوة: أتدري لماذا ولّيتُك الكرَك؟
قال: فقلت: نعم، ليبعدني مولانا السلطان عن مشاهدة وجهه الذي هو عندي أعظم من ألف كرَك، ولأنه ملّني.
فقال: لا واللَّهِ، إتما ولّيتها لك لتكون معقلًا وذخيرة لولدي، فإنني سأموت عن قريب، فإنه كان متضاعفًا، وكأنه أحسّ من نفسه ما لم يعهده قبل ذلك منها، وكان ذلك مقدّمات مرض موته، وكان لا يُظهر ذلك.
ثم قال له: وأنا أعرف أنني إذا متّ ربّما قاموا على ولدي، وربّما احتاج إلى حصنٍ ما قربه فيجيء إليك، وهذه خالته عندك مثل أمّه.
قال: ثم أخذ يوصيني على أشياء كثيرة. ولهذا لما فُقد العزيز من الدور السلطانية وكثُرت الأقاويل في شأنه كان من جملة ما قيل إنه ذهب إلى زوج خالته بالكَرك، وكان هذا القول في الحقيقة سببًا لتنبُّه الظاهر على صرف الوالد من الكرَك. ثم لما خرج الوالد إلى الكرَك أقام بها نحو السنتين، ثم صُرف عنها بآقبْغا التركماني
(3)
، وبعث به إلى صفد على أتابكيّتها يأكلها طرخانًا مُعفى عن الكُلَف
(1)
الصواب: "مع مقدّمي".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
هو آقبُغا من مامش التركماني الناصري فرج مات سنة 843 هـ. انظر عنه في: نيل الأمل 5/ 116، 117 رقم 1954 وفيه مصادر ترجمته.
السلطانية والخِدم. وكان بلغ الظاهر بأن الوالد لما خرج من الكرَك سلّمها لآقبْغا على أكمل وجه وأجمله، مع إظهار حشمة وكلمات فيها تعظيم الظاهر، فعرف له ذلك، وكان سبباً لوفور حُرمته في دولته واعتنائه بشأنه. وكان ذلك خلاف القياس. وباشر الوالد أتابكية صفد، وبها إذ ذاك نائبها حينئذٍ، الأمير إينال العلائي
(1)
، المتسلطن بعد ذلك، وهو الملك الأشرف الماضي ذِكره، فرافقه بها مدّة يسيرة حتى كلان إينال يركب ويحضر إليه في كل قليل بمنزله، وكان بينهما صحبة أكيدة ومحبّة زيادة عمّا كان قبل ذلك، لكنْ ما ظهر نتيجة ذلك بعد سلطنته، لعوارض قد أشرنا إلى شيء منها فيما مضى، عند ذِكرنا حضور الوالد إلى القاهرة، في أوائل سلطنة الأشرف إينال هذا، ثم دام بصفد يسيراً، حتى كانت قضية إينال الحَكَمي
(2)
وتَغْري بَرْمَش
(3)
نائبي الشام وحلب، وتوجّه العساكر إليه، فخرج الوالد صحبة العسكر الصفدي، على أن إينال قال لة: أنت مُعفًى عن الخدم والأسفار، فلم يرض الوالد بإقامته بصفد، وكان معه جماعة من جياد الأجناد والمماليك النافعة، فقال: لا أتقاعد عن مهمّ السلطان، وخرج بطُلْب جيّد وأُبَّهة، واتفق كسرة إينال الحكمي بعد أن كانت الكسرة أولًا على السلطانيين من إينال ووقعت سناجقهم، ولم يبق منها في ذلك اليوم سوى سنجق الوالد بيد شخص من مماليكه، يقال له أسندمر، ثبت به بمكان، فاتفق أن تراجعت العساكر، فاجتمعوا إلى هذا السنجق ثم كرّوا وحملوا على إينال الحكمي فهزموه، وخفي عليهم حال إينال. وكان الوالد في أثناء هذه الهرجة وجد طبَرَ
(4)
إينال الحَكمي مُلقى على الأرض، فأخذه ووجد به سبع عشرة
(5)
ضربة سيف، فأحضره الوالد لآقبُغا التمرازي
(6)
، الذي كان ولّاه الظاهر نيابة الشام من الأتابكية، وبعثه لحرب إينال، وعرّفه أن هذا طبر إينال، وأنه إن لم يكن مات أو بلغ قريباً من مرتبة الموت ما كان طَبَره وقع من يده. وحضر جماعة من الأعيان، وعرفوا بأن هذا طَبَر إينال، فكتب آقبُغا مكاتبات
(1)
هو السلطان الأشرف أبو النصر، الأجرود. مات سنة 865 هـ. وقد تقدّم هناك.
(2)
قتل (إينال الحكمي) -بالحاء المهملة- في سنة 842 هـ. (نيل الأمل 5/ 86 رقم 1932 وفيه الجكمي، بالمعجمة).
(3)
قتل (تغري برمش) في سنة 842 هـ. (انظر: نيل الأمل 5/ 88 رقم 1936 وفيه مصادر ترجمته).
(4)
طَبَر: لفظ فارسيّ أصله: طَبَرزين: سلاح حربي يشبه الفأس. وهو بالتحريك.
(5)
في الأصل: "سبعة عشر".
(6)
مات (آقبُغا التمرازي) في سنة 843 هـ. (انظر: نيل الأمل 5/ 102 رقم 1942 وفيه مصادر ترجمته).
للظاهر بواقعة الحال وهزيمة إينال، وبقضية سنجق الوالد، ووجد أنه لطَبَر إينال، كل ذلك قبل تحرير أمر إينال والقبض عليه، ثم لما قبض عليه أردف ذلك القاصد بآخر على العادة في مثل ذلك، فاتفق أن دخل القاصد الأول قبل الثاني بيسير، وعرّف الظاهر الحال، فشكر الوالد في الملأ
(1)
العام، وإذا بالخبر بالقبض على إينال، فزاد سرور الظاهر، وولّى الوالد نيابة مَلَطْية، عِوَضاً عن حسن قجا أخي تغري بَرْمَش وبعث إليه بتقليدها وتشريفها، وأمر له بمبلغ له صورة، واعتذر إليه بأن هذا الذي كان نصيباً له ولو شغر ما هو فوق ذلك لاستقرّ به، فتوجّه الوالد إلى مَلَطْية بعد تمام أمر تغري برمش والحكمي، وباشرها مدّة، وبها كان مولدي. ثم قدم في أثناء ذلك إلى القاهرة ومعه هدية مستطرفة للظاهر، فاحتفل بقدومه عليه وعظّمه، ورفع من محلّه. ثم أخذ الوالد في الاستعفاء من مَلَطْية، فلم يُجبْه إلى ذلك، ووعده بالجميل وأعاده إليها. وكان له بمَلَطية درس حافل
(2)
، وصنّف بها عدّة من الكتب، وكان يحضر مجلسه جماعة من العلماء الأفاضل بها، ودام بها إلى أن استأذن في حضوره إلى القاهرة أيضاً، وحضر مستعفياً من مَلَطْية أيضاً، فأجيب إلى ذلك، وقُرّر في أتابكية حلب، فعاد إليها ودخلها بأُبّهة زائدة، وجرى بينه وبين نائبها قانِباي الحمزاوي
(3)
منافسة، وبعث يشكوه للظاهر على ما بيّنّا ذلك في محلّه، ونسبه إلى أمر ذكر أنه يخلّ بناموس السلطنة، والحال أنه مما يزيد في ناموسها، فبرز أمر الظاهر بحمْله مقيّداً إلى سجن قلعة حلب، فبقي قليلاً حتى شفع فيه جماعة من الأعيان، منهم الحافظ ابن
(4)
حجر، وظهر للظاهر غرض نائب حلب، فأطلقه وأقطعه مدينة قاقون يأكلها وهو مقيم بالبيت المقدس، فأستاذن الوالد أن يكون بمدينة الخليل عليه السلام، فأذِن له بذلك، ثم بعث إليه الظاهر بإضافة عذة جهات ومرتّبات له إلى قاقون، ثم بعث يستأذن الظاهر في الحج، فأذِن له فيه، وبعث إليه بنفقة جيّدة، فحج من الخليل مجرَّداً مع بعض جماعة من مماليكه، وهي ثالثته. ثم طلبه السلطان إلى القاهرة، وحين قدِمها أجلّه السلطان، وقام له وأجلسه، ثم قرّر في نيابة القدس، وذلك في محرّم سنة خمسين، وأضاف إليه تقدمة ألف بدمشق، وبعث إليه بأشياء كثيرة ومبلغ ألف دينار، وخرج الوالد إلى نيابتها وباشرها فوق السنة، ثم بعث بالاستعفاء منها فأعفي، وأُمر بالتوجّه إلى دمشق على ما بيده من التقدّمة، وكتب له بأن يكون أمير ميسرة بدمشق، فأقام
(1)
في الأصل: "الملاء".
(2)
في الأصل: "درسًا حافلًا".
(3)
مات (قانباي الحمزاوي) في سنة 863 هـ. وقد تقدّمت ترجمته.
(4)
في الأصل: "بن".
بها مدّة والنقّارات تُضرب على بابه، وهي من نوادره بدمشق، إذ لم تجر العادة الحديثة بذلك سوى لنائب الشام، والأتابك، وحاجب الحجّاب، وأمّا بقيّة مقدَّمين
(1)
الألوف فكانوا بالطبلين والزمرين إلى كلٍّ منهم. ثم لما خرج العسكر إلى حلب لحفظها من جهان شاه خرج الوالد إليها في أُبّهة وعَظمة زائدة وطُلْبٍ حافل. ثم لما انقضى ذلك قدم إلى القاهرة فأكرمه الظاهر، وأنزله بقصر تمرباي بالكبْش، وأنِس به في خلواته، وكان يسأله في كثير من الأمور الدينية والدنيوية وأحوال قواعد المملكة، ثم زاده على ما بيده بدمشق إمرة عشرين، وبعث إليه بمبلغ ألف دينار، غير ما كان قد رتّبه باسمه وهو مقيم بالقاهرة، وغير ما رتّبه لأولاده على الذخيرة بالقدس، وعاد إلى دمشق، ثم بعث يستأذن الظاهر في الحج، فلم يأذن له وقال إنه (لا يوافق)
(2)
أن يتوجّه بمفرده وإن توجّه بجماعته يحتاج إلى مصرف كبير، ثم بعث إليه في العام الثاني بإمرة الحاج بالمحمل الشامي، وبعث إليه خلعة هائلة وركوباً خاصاً بالسرج الذهب والكنبوش الزركش، وبعث بأن يُعطى خمسة آلاف دينار من قلعة دمشق ليتجهّز بها، فأخذها وأضاف إليها من ماله نحوها أو زيادة على ذلك، وخرج إلى الحج في أُبّهة زائدة، وكنا معه في تلك السنة، وكانت حَجّة حافلة جداً، وعاد وقد مات الظاهر، وتسلطن بعده الأشرف إينال، فبعث إليه باستقراره في إمرة الحاج على عادته ثانياً، وأضاف إليه الركوب الثلاث: الشامي، والحلبي، والكرَكي، وبعث إليه بألفي دينار، فحج الخامسة، ثم بعد حضوره بأشهر قليلة توَجّه إلى جهة القاهرة، كعُهُودِ كانت بينه وبين إينال، إن آتاه اللَّه المُلك أن يحضر إليه بغير إذن، وظنّ أن ذلك يتم له، فعورض في ذلك على ما تقدّم بيانه في محلّه، وبعث إليه الأشرف إينال بعَوده من قطْيا، واعتذر إليه في مكاتبة له، ووعده بالجميل، وبعث إليه بأشياء، وعاد إلى دمشق، وأخذ في كل قليل يبعث بالاستعفاء من التقدمة التي بيده بدمشق، ولا يزال حتى أجيب إلى ذلك بمندوحة قدّمنا ذِكرها في محلّها،
وأُعطي الوالد إمرة عشرين بطرابلس ليأكلها طَرْخاناً، فتوجّه إليها في سنة تسع وخمسين على ما تقدّم، وأقام على ذلك مدّة بطرابلس، وهو مُعفَى من الخِدم وسائر الكُلَف السلطانية، منعكفاً على الشغل والإشغال بمطالعة الكتب، وإسماع الحديث وإلقاء شيء
(3)
من الدروس، وصنّف بها عدّة من الكتب في تلك
(1)
الصواب: "مقدَّمي".
(2)
ما بين القوسين ممسوح، وما أثبتناه يقتضيه السياق.
(3)
في الأصل: "شيئًا".
الاستراحة، وأنشأ بها داراً وزاوية، ومدفناً أعدّه لدفن نفسه، آل الأمر بسبب من إنشائه أن دخل طرابلس وبها بغته الأجل، ودُفن به بعد أن خرج من طرابلس وغاب عنها عدّة سنين، على ما ستعرف ذلك.
وكان هو بطرابلس في غاية الراحة والحُرمة، وجميع أعيانها يعظّمونه ويتردّدون إليه. ثم إنه بعث إلى الأشرف بما قدّمنا ذِكره من السواقة، ولما وصل ذلك للأشرف المذكور أعجبه وذكره بخير، ثم أعاب على نفسه بنفسه، كونه لم يقدّمه في دولته، ولا نوّه به مع الصحبة القديمة الأكيدة. واتفق أن شغرت إمرة طبلخاناة بدمشق، فاستقرّ به فيها، وكتب إليه بأن يأكلها طَرْخانًا، حتى ينحلّ له ما يليق به، ووعده بالجميل، وبعث إليه مشافهة مع قاصده المتوجّه بالسواقة، فيها غاية التعظيم، فتوجّه الوالد إلى دمشق في أواخر سنة أربع وستين. واتفق أن مات الأشرف اشال بعد قليل من ذلك، وتسلطن ولده المؤيّد، فبعث إليه بطلبه إلى القاهرة، فقدِمها في أوائل شهر رمضان سنة خمس وستين، فاتفق أن جرى للمؤيَد ما جرى من خلْعه، ثم سلطنة الظاهر خُشقدم، فأنس به وقرّبه واختصّ به، وأذِن له أن يقيم بالقاهرة على ما بيده من إمرية بدمشق طَرْخاناً، كما كان، وأذِن له بالاجتماع به في الأسبوع مرتين في يومي الجمعة والثلاثاء، وأعاد إليه بعض مرتّبات كانت باسمه وأخرجت عنه، ورتّب له بحمال عليق
(1)
وكير ذلك، وجالسه وسارره وشاوره في كثير من أموره، وقبِل الكثير من شفاعاته، وتكلّم في أيامه في كثير من القضايا المهمّة وأنهاها، وانتفع به الكثير من الناس بواسطة ذلك، وقُصد، وتردّد الناس إلى بابه، وازدحموا عليه، مع عدم التفاته إلى شيء مما في أيديهم، وغاية عفّة عن ذلك ونزاهة، وكوتب من أقاصي المملكة في كثير من المهمّات وأنهاها، وأحسن السفارة فيها، ودام على ذلك في حُرمة ووجاهة إلى أن كان من أمر الخليفة المستنجد باللَّه ما تقدّم بيانه في سنة إحدى وسبعين، من أن يكلّم له السلطان في عساه أن يأذن له بالنزول إلى محلّ سُكنى الخلفاء قبله، فاجتمع بالسلطان وكلّمه في ذلك من غير أن يحسب عُقباه، ولا أعمل فيه فِكره، إلى أن كان ما قدّمنا ذِكره من إخراجه إلى مكة المشرّفة، على ما عرفته فلا نعيده، وبيّنّا أيضاً كيف توجّه إلى العراق صحبة الحاج العراقي مع الأمير عبد الحق بن الجُنَيد
(2)
أمير الركب في تلك السنة، وكيف جال عدّة من تلك البلاد، وكان قصْده الاجتماع بجهان شاه ملك العراق وتبريز، فكأن من شأن قتْلته على يد حسن الطويل ما تقدّم ذكره.
(1)
في الأصل: "عليقًا".
(2)
لم أجد له ترجمة.
ثم كانت وفاة الظاهر خُشقدم، فعاد الوالد إلى هذه المملكة من على جهة حلب، ثم دخل طرابلس في سنة ثلاث
(1)
وستين هذه في أوائلها، ونزل بداره، فأقام بها منجمعاً عن الناس، متوجّهاً إلى اللَّه تعالى، منعكفاً على العبادة والخير وتلاوة القرآن، مقبلاً على شأنه، وكأنه كان قد أحسّ بفراغ أجله.
واتفق أنْ لم تطُل نَوبته بطرابلس إلّا بعض شهور، وبغَتَه أجله بها بعد أن تمرّض بالبطن أياماً، ولما حَدَس أنه يموت، كان معه بعض شيء من حطام الدنيا مبلغاً عيناً نقداً، فأحضره وقسّمه على أولاده وورثته، وكنت أنا إذ ذاك بالقاهرة، فأفرز نصيبي، وفرّق من ذلك المبلغ على جماعة من ذويه وسراريه وكيرهم من ثُلُثه، ثم أحضر الغاسل وأعطاه ديناراً ذهباً، وقال له: كأنّي بي وقد متّ فاحضرْ لغسلي، ثم وصف له كيفية يغسّله عليها، وقال له: خذ سلْبي وما عليّ من الثياب، ثم لزم تلاوة القرآن.
إلى أن توفي بعد أيام من هذه الفعلة يسيرة، في ليلة الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة مبطوناً شهيدًا، وجُهّز وكفّن وصُلّي عليه بداره في صبيحة يوم الخميس، ثم دُفن بالمدفن الذي كان أعدّه لنفسه.
وكان رحمه اللَّه تعالى مشكور السيرة في جميع ولاياته، ذا عدل وإنصاف فيما وليه من أمور المسلمين، كثير الشفقة على خلق اللَّه تعالى، بحيث لما عُزل عن نيابة الإسكندرية أغلق أهلها بابها واستغاثوا، وأرادوا منعه من خروجها حتى تلطّف بهم، وكذا وقع له بمدينة الكرَك، بل قام أهل الكرَك معه، وقالوا له إن شئت نمنعك بهذا الحصن، ونصير أتباعاً لك، ولا علينا من السلطان، وكذا فعل أهل مَلَطْية حين صُرف عنهم، وكان محبّباً للناس، كثير التواضع لأهل التواضع، لا يحبّ سفك الدماء، وما أقدم في جميع ولاياته على سفك دم، لا بحق ولا بغيره، فإنه لم يتفق له ذلك، حتى عُدّ ذلك من نوادره، سوى شنْق حسن قُجا، بحكم خروجه عن طاعة الظاهر، وشقّ العصا مع أخيه تغري بَرْمش. وكان شنقه بأمر الظاهر وحكمه.
وكان شهماً، فخمًا، ضخماً، ريّساً، وجيهاً في الدول، سيوساً، مدبّراً، عاقلاً، حاذقاً ذا رأي وتدبير وخبرة بالأمور ومعرفة تامّة، قائماً في أنواع الخير والبِرّ والمعروف بقلبه وقالبه، خيّراً، ديّناً، حسن السمت والملتقى، كثير الأدب والحشمة، ذا تؤدة وسكون، فكِه المحاضرة، حلو المذاكرة، جيّد المعاشرة، ضويّ
(1)
كتب قبلها: "اثنين" ثم ضرب عليها.
الهيئة، حسن الشكالة، نيّر الوجه، حسن الصورة واللحية وافرها، عارفاً بأيام الناس، ذا حنكة وتجارب ودهاء ومعرفة بطرائق المُلك والملوك والمملكة، بحيث لا يعجبه في ذلك العجب، متأنّقاً في سائر أحواله، متجمّلا في جميع شؤونه
(1)
، قائمأ بناموس ما وُلّيه على قواعد قدماء الملوك والأمراء. وكان يُضرب بسماطه المَثَل بالقاهرة، فضلاً عن غيرها، حتى كان الكثير من الناس يقرّع جماعة من الأمراء بمصر وغيرهم، خصوصاً في أيام المواكب وهو بالقاهرة لرؤية ذلك. وكان كريم النفس جداً، سخيّاً، معطاءً، بارّاً لأصحابه، كثير التودّد إليهم والقيام معهم، بل ومع من قصده لمهمّ كائناً من كان، محبّاً في العلم والعلماء والطَلَبَة وأرباب الفضائل والكمالات، معظّماً لهم، محبّاً في الفقراء والصالحين والمجاذيب، ذا مهابة وحُرمة وأُبّهة، حتى كان بعض المعتقدين يقول عنه إنه سلطان أولاد الناس وترشح مرة لنيابة الشام في دولة الأشرف بَرسْباي قبل نيابة الكرَك. وكان مع ذلك كلّه شجاعاً، مقداماً، عارفاً بأنواع الفروسية والأنداب والتعاليم، يشارك بفنون ذلك، يخرّج على أكابر مدّعي هذه الفنون، ويُظهِر لهم عيوبهم في ذلك. وله في ذلك حكايات لو سردناها لطال المجال، وكان عفيفاً عن المنكرات والفروج والمسكرات ولقد حلف مرة يميناً بأنه لم يدخل المسكِر باطنه قطّ، وهو بارّ في يمينه، صادق في ذلك. وكان معظّماً عند الملوك، موقّراً، حتى كان الظاهر يخاطبه بيا سيدي، ويرفع من محلّه، وقام له غير مرة وأجلسه.
وأمّا الظاهر خُشقدم فناهيك بما كان يعظّمه به، وكان إذا حضر عنده تحرّك له، وربّما قام له في بعض الأحيان وأجلسه. وكان إذا حضر مجلسه أقبل عليه، فلا يتكلّم مع غيره إجلالاً له، إلّا على وجهٍ متضمّن بسؤال أحد ممن حضر ذلك المجلس في شيء يتعلّق بالوالد. وكان له التوجّه التام للعالم الملكوتي والإقبال على الله تعالى، مواظباً على نوافل الطاعات والعبادات من صيام كثير من الأيام، وصيام الثلاثة
(2)
شهور في المحرّم. كل ذلك في أيام إمرته، فما بالك في غيرها! مع المواظبة على صلاة الضحى وصلاة الغفلة، وقيام الليل في بعض الأحيان، وملازمة التلاوة والأذكار والأوراد، ومطالعة الكتب، والاشتغال والتصنيف والتأليف.
وبلغت عدّة تصانيفه زيادة على الثلاثين، فمن ذلك:
- "البرهان المستقيم في تفسير القرآن العظيم".
(1)
في الأصل: "شونه".
(2)
في الأصل: "الثلاث".
-و"التحفة المنيفة في الأحاديث الشريفة"
(1)
، وشرحها.
-و"المذاهب فى اختلاف المذاهب".
-و"التحرير في أنواع التعزير"
(2)
.
-و"إجماع الجمهور على مذمّة شراب الخمور".
-و"الإشارات في علم العبارات"
(3)
في مجلَّدين ضخمين.
-و"الكوكب المنير في أصول التعبير"
(4)
.
-و"كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك"
(5)
في مجلَّدين أيضًا، واختصره في نحو نصف حجمه، وسمّاه:
-"زُبدة كشف الممالك"
(6)
.
ثم اختصر الزُبْدة في مجلّد لطيف سمّاه:
-"زُبدة الزُبدة"
(7)
.
وكتاب "الإنشاء الشريف وما به من كل تليد وطريف"
(8)
.
(1)
في كنوز الذهب في تاريخ حلب 2/ 177 "التحفة المنيفة في جمع الأحاديث الشريفة"، ووقع في الطباعة:"جميع".
(2)
الضوء اللامع 3/ 297، هدية العارفين 1/ 354.
(3)
هو كتاب في تعبير الرؤيا رتبه على 80 بابًا، في جزءين كبيرين، وأورد في خطبته أسماء الأنبياء عليهم السلام. (الضوء اللامع 3/ 197، كشف الظنون 1/ 97 ووقع فيه أن وفاته سنة 893 هـ. وهو غلط، هدية العارفين 1/ 353 وفيه: "الإشارات إلى علم العبارات" وفيه وفاته أيضاً في سنة 893 هـ. وتوجد نسخة من هذا الكتاب نسخها محمد بن محمد بن حماد المتولي الشافعي في 10 شعبان سنة 1130 هـ. في 406 ورقات، محفوظة بقبرص (فهرس المخطوطات الإسلامية في قبرص 317 رقم 575). وفي الكتاب اشتقاق أسماء المدن في الرؤيا، مثل طرابلس من طريان ما هو مسرّة. (ص 40)، ورؤيا بعلبك في غاية الحسن والجمال والخصب والنعمة والبركة (ص 101) ورؤيا بيروت، غزاة، ونعمة ومتجر. ورؤيا صيدا تؤوَّل من اسمها. (ص 101)).
(4)
الضوء اللامع 3/ 197، وكشف الظنون 2/ 1523، وهدية العارفين 2/ 354.
(5)
توجد منه عدّة نُسخ مخطوطة لم تُنشَر حتى الآن.
(6)
نشره الفرنسي "بول رافيس" في باريس 1894، وقمنا بتحقيقه وصدر عن المكتبة العصرية في بيروت وصيدا 2011، وكان المؤلف خليل فرغ من اختصاره من كتابه الكبير "الكشف" في يوم الثلاثاء 4 محرّم 846، وكتبه قاضي ملطية "محمد الحنفي". (الروض الباسم 1/ 64 أ).
(7)
يسمّى "الصفوة في تلخيص الزبدة". انظر: هدية العارفين 1/ 353، 354، والتاريخ العربي والمؤرّخون 4/ 195.
(8)
هو "المنيف في الإنشاء الشريف". الضوء اللامع 3/ 197، وإيضاح المكنون 2/ 596، وهدية العارفين 1/ 354، والتاريخ العربي والمؤرّخون 4/ 195.
- و"الغاية في الطب".
- و"المهمل في الغلط المستعمل"
(1)
.
- و"الذخيرة لوقت الحيرة"
(2)
.
- و"ديوان خُطَب".
- و"ديوان شِعر" في ثلاث مجلّدات.
وعدّة رسائل وغير ذلك
(3)
مما وقف عليه أكابر العلماء من الأعيان، وقرّظوا
(4)
عليها.
وله نظم غالبه الوسط وفيه الجيّد. وله كثير من المقاطيع الحسان، وبعض قصائد في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، وفي مدح بعض الأكابر من الملوك والسلاطين، والأعيان من العلماء والرؤساء، على جهة التودّد إليهم والموافاة.
- وخمَّس البُردة.
- وخمّس بانت سعاد بين المصراعين، فمن ذلك في المطلع من تخميسه إياها قوله:
بانت سعاد فقلبي اليوم مَتْبُولُ
…
وفيه شوقٌ إلى الأحباب موصولُ
من وجْدهم في طوى الأحشاء مغلولُ
…
قد زاد حبّاً فلا يُذْهبه تحويلُ
متيَّئم إثرها لم يعد مكبولُ
على هذا النمط إلى آخرها.
- وخمّس: يا من ترى مدّ البَعوض جناحَها.
على هذا النمط أيضًا، أعني بين المصراعين.
وهو وأنشدنيه وما قبله وما بعده مما أذكره عنه:
يا من يرى مَدّ البعوض جناحَها
…
وعدْوها من وكرها ورَواجَها
وهدوئِها
(5)
بمَقِيلها ومراحها
…
وطنينها وأنينها وصياحها
في ظُلمة الليل البهيم الأليلِ
(1)
ويسمّى "المعتمد في الغلط المتعمّد".
(2)
في كنوز الذهب 3/ 177 "الخيرة".
(3)
وله أيضاً: "الدرّة المضيّة في السيرة المرضيّة". انظر: الضوء اللامع 3/ 197، وإيضاح المكنون 1/ 460، وهدية العارفين 1/ 353، والتاريخ العربي والمؤرّخون 4/ 196.
(4)
في الأصل: "وقرضوا".
(5)
في الأصل: "وهدوها".
ويرى عروق نباضها
(1)
في نحرها
…
في هام غرود وغاية نكرها
وهو العليم بحمدها وبشكرها
…
ويرى المفاصل والعظام بأسرها
والمخ في تلك العظام النُحّل
اغفِر لعبدٍ تاب عن فرطاته
…
وأَسالَ دمعاً جال في وجناته
وتذكر الأهوال بعد وفاته
…
يرجو الرضا
(2)
والعفو عن عثراته
ما كان منه في الزمان الأولِ
وله الكثير من نحو هذه التخاميس، من ذلك تخميس أبيات السُهَيلي
(3)
التي أولها:
يا من يرى ما في الضمير ويسمعُ
وخمّس بيتي الطُغْرائي
(4)
اللذَين أولهما:
إذا ما لم تكن ملكاً مُطاعا
…
فكن عبداً لمالكه مطيعا
ولم يحضُرني تخميسه لذلك الآن.
ووقع بينه وبين الحافظ ابن
(5)
حجر شيخ الإسلام وقاضي القضاة مطارحات، فمن ذلك ما كتبه للحافظ المذكور، وهو قوله:
(1)
في الأصل: "نباطها".
(2)
في الأصل: "الرضى".
(3)
هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغْ بن الحسين بن سعدون بن رضوان بن فتّوح الخثعمي، السُهَيلي، الأندلسي، المالقي، النحوي الحافظ. مات سنة 581 هـ. انظر عنه في: تكلمة الصلة، لابن الأبّار، رقم 613، وبغية الملتمس 367 رقم 1025، وإنباه الرواة 2/ 162 - 164، والمطرب من أشعار أهل المغرب 230 - 243، والمغرب في حُلى المغرب (قسم الأندلس) 1/ 448، وا لاستقصا 1/ 187، ووفيات الأعيان 3/ 43، 144، والوفيات، لابن قنفذ 292 رقم 581، وملء العيبة، للفهري 2/ 218 و 322 و 363، والإعلام بوفيات الأعلام، للذهبي 279، وتذكرة الحفاظ 4/ 1348 - 1350، ودول الإسلام 2/ 92، والعبر 4/ 244، والمعين في طبقات المحدّثين 179 رقم 1900، وتاريخ الإسلام (بتحقيقنا) - حوادث ووفيات 581 - 5690 هـ. ص 113 - 116 رقم 21، وفيه مصادر أخرى.
(4)
هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل الأصبهاني، مؤيد الدين، المعروف بالطغرائي. توفي سنة 514 هـ. انظر عنه في: الأنساب 11/ 496، 497، ومعجم الأدباء 10/ 56 - 79، وتاريخ إربل 1/ 66، وزبدة التواريخ 192، وتاريخ دولة آل سلجوق 97 و 105 - 108 و 111، ووفيات الأعيان 2/ 185 - 190، وكتاب الروضتين 1/ 29، وخريدة القصر (قسم العراق (2/ 151، وتاريخ الإسلام (بتحقيقنا) - حوادث ووفيات 501 - 520 هـ. ص 364 - 366 رقم 69 وفيه مصادر أخرى.
(5)
في الأصل: "بن".
وقائلة: مَن في القُضاة جميعهِم
…
يُلازم تقوى الله طُرّاً بلا ضجر
ويرأف في الأحكام بالخَلْق كلهمَ
…
ويدعو لهم في كلل ليلٍ إلى السَحَر؟
فقلت لها: فهو الإمام أُولي النُّهَى
…
وذاك الشهاب العقلانيُّ بني الحجر
له كُتبٌ في كل فنّ لقارئ
…
وشرخ عجيبٌ للبخاريّ من الخبر
وفي النحو والتصريف لم يُر مثلُهُ
…
كذا في المعاني والبيان وفي الأثر
فكتب إليه الحافظ جوابًا له قوله، وأنشدنيه الوالد عنه، وناظمه أجازه:
أيا غَرْسَ فضلٍ أثمر العِلم والنَّدَى
…
فللَّه ما أزكى وما أطيب الثمر
يجود ويُنشئ بالغاً ما أراد
…
فمُستطلع دُرّ ومستنزل دُرَر
لك الخير قد حرّكت بالنظم خاطراً
…
له مدّة في العمر ولّت وما شعر
وقلَّدْت جيدي طوق نُعماك جائراً
…
فعالَا ونُطقًا صادق الخُبْر والخَبَر
مناسبة اسمَينا خليل وأحمد
…
له أُسّ أُولي النظم الإمام الذي غَبَر
وكتب إليه الوالد أيضاً، وأنشدنيه لنفسه:
نسأل الله بمدحِ وغَزَلْ
…
عادل في الحكم ولّى وعزلْ
أن يمتّعكم لعُمُرٍ لم يزَلْ
…
في حِمَى يقين ربّنا مما نزلْ
فأجابه الحافظ المذكور على ذلك بقوله:
أسال الرحمن لي عز وجل
…
ولكم صَوناً وحفظاً من وجلْ
أنت نِعم الودّ والخِلّ الأجَلّ
…
يا خليلَ الودِّ ما دام الأجَلْ
وله مطارحة أخرى لم يحضُرني الآن ما قاله الوالد، وهو مُثبَت بديوانه، وقد مَلَكَه بعض من الناس بعد موته، فلم أظفر به، ولكنّني أستحضر ما أجابه به الحافظ عن ذلك على وزن ما قاله الوالد وقافيته، وهو قوله:
يا أيّها الملكُ الذي لو قصّرتْ
…
عنّي يداه وقعتُ في الإعسارِ
يامن كساني فضلُه من بعد أن
…
كانت ملابيسي على عواري
أهلاً بوارده على بُعد المدى
…
يروي حديثَ عُلاك عن بشار
لما حلفت بأن تمر يد الندى
…
أبصرتْ من تلك اليمين يسار
فاسلَم ودُم وتَرَقّ وابق على المدى
…
غيظ العدى وبرّة الأنصار
إنّ الخليل له بأحمد نسبته
…
شاعت بها الركبان في الأمصار
وغير ذلك من المطارحات بينه وبين جماعة من الشعراء وغيرهم.
وقد امتُدح صاحب الترجمة من جماعة من أكابر العلماء الأعيان من أهل النظْم في ذلك الزمان، منهم الحافظ ابن
(1)
حجر على ما وقفت على ما قاله، ومما قاله أيضاً قوله:
يا مليك الأمراء العالمين
…
بعلومٍ شُهرت في العالَمين
مرحباً إذ جئت مصراً مرحبا
…
ادخلوها بسلامٍ آمِنين
وقد قدّمنا ذكر ذَين البيتين في متجدّدات سنة سبع وأربعين، وما وقع حين بعثهما، ومنهم القاضي الإمام العلامة، الرئيس، الكامل، كمال الدين ابن
(2)
البارزي كاتب السرّ، رحمه الله، فممّا قاله فيه هذا:
بالسيف والقلم افتخرتَ على الورى
…
يا سيّد الأمراء والوزراءِ
لا زلت في درج العُلى متنقّلاً
…
حتى لقد جاوزت للجوزاء
فلأنت حقّاً ما خطبت لرُتبة
…
إلّا وكنت لها من الأكفاء
إنّي على حُسن المودّة باقي
…
ما حُلّ بالإبعاد عقْدُ ولاء
وعهودُكم في خاطري محفوظةٌ
…
مترقبٌ وقتَ تُجيب
(3)
نداء
أرجو تمامَ الخيرِ في الدنيا لكم
…
واللَّهُ ربّي لا يخيبُ رجاء
وممّا قاله فيه قاضي القضاة، العلّامة الشيخ، محبّ الدين، أبو الوليد ابن
(4)
الشِحْنة
(5)
الحنفي، وكنت أنشدته عن المذكور، بسماع الوالد إيّاه منه، ثم أنشدنيه
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن". وكمال الدين ابن البارزي هو: محمد بن محمد بن محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم
…
الجُهَني الأنصاري الحموي، ثم القاهري الشافعي. توفي سنة 856 هـ. انظر عنه في: حوادث الدهور 2/ 358 و 385، 386 رقم 2، والنجوم الزاهرة 16/ 12، 13، ووجيز الكلام 2/ 669 رقم 1537، والضوء اللامع 8/ 294، 295 رقم 820، والتبر المسبوك 415، والذيل التام 2/ 77، 78، ومعجم الشيوخ، لابن فهد 279، ونظم العقيان 168، ونيل الأمل 5/ 354 رقم 2278، وبدائع الزهور 2942.
(3)
في الأصل: "يجيب".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
هو محمد بن محمد بن محمد بن محمود بن غازي الثقفي الحنفي، المعروف بابن البارزي. توفي سنة 890 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 9/ 295 - 305 رقم 755 وفيه زيادة "محمد" رابع قبل "محمود"، ووجيز الكلام 3/ 64 رقم 2161، والذيل التام 2/ 387، 388، والذيل على رفع الإصر 357 - 406، ونظم العقيان 171، 172 رقم 186، ونيل الأمل 7/ 407 رقم 3321، وبدائع الزهور 3/ 214، وشذرات الذهب 7/ 349، والبدر الطالع 2/ 263، 264 رقم 516، وكشف الظنون 359 و 1826 و 1866 و 1868 و 1949 و 1950 و 2036، وإيضاح=
المحبّ المذكور لنفسه في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، بمنزله بالقاهرة:
أتانا من الغرس الزكيّ يانعُ الثمر
…
وجاد علينا البحرُ في البرّ بالقَطْر
أبى
(1)
الفضلُ إلّا أن يكون لأهله
…
وأفضل حتى قلّ وصله شكري
وقد أصبح العبدُ المحِب مقصّراً
…
وأرجو تمامَ الفضل أن تبسطوا عُذري
لأنكم فُقْتُمُ
(2)
الملوكَ بأسرها
…
وزدتُمُ على المجموع بالنظْم والنثر
كان المحبّ هذا كتب به إلى الوالد من حلب إلى مَلَطْية، حيث كان الوالد نائباً بها، فصدّر به رسالةً مطوّلة، وكتب تحتها كلّها نثراً حسناً جيّداً جدًّا، بطول الشرح في استيفائه هاهنا، ونظم من غير مَن ذكرنا أيضاً، من جماعةٍ من الأعيان في مدحه يطول ذِكرهم، وناهيك له فخراً وشرقاً أن يمدحه مثلُ مَن ذكرنا من الأعيان الأكابر، وقصَدَه أيضًا الكثير من الشعراء في عصره، وامتدحوه بمدائح كثيرة وقصائد طنّانة. فممّن مدحه ابن
(3)
شرف الماردِيني، والشهاب الحجازي
(4)
،
= المكنون 1/ 121 و 2/ 78 و 574، وهدية العارفين 2/ 213، وإعلام النبلاء 5/ 298 - 313 رقم 642، وفهرس المخطوطات المصورة بدار الكتب المصرية لفؤاد سيد 1/ 257 ر 2 ق 3/ 146، والأعلام 7/ 279، 280، ومعجم المؤلفين 11/ 294، 295، وديوان الإسلام 3/ 179 رقم 1287، ودرّ الحبب في تاريخ أعيان حلب، لابن الحنبلي ج 2 ق 1/ 104 - 115 رقم 404، وتاريخ الأدب العربي 2/ 43، وذيله 2/ 40، 41، والقاموس الإسلامي 4/ 66، 67، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2/ ج 4/ 190، 191 رقم 1199، ومختارات من المخطوطات العربية النادرة في مكتبات تركيا 99 رقم 132، والتاريخ العربي والمؤرخون 4/ 116، 117 رقم 21، وفهرست المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات العربية (التاريخ) ج 2 ق 4/ 291 رقم 1823، ومقدّمة كتاب: الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب، لعبد الله محمد الدرويش- دمشق، طبعة دار الكتاب العربي 1404 هـ./ 1984 م.- ص 15 - 27.
(1)
في الأصل: "أبا".
(2)
في الأصل: "فعتوا".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
هو أحمد بن محمد بن علي بن حسن (ويقال: حسين) بن إبراهيم الأنصاري، الخزرجي، الشافعي، المعروف بالشهاب الحجازي. مات سنة 875 هـ. انظر عنه في: إنباء الهصر 257 - 259 و 298 - 300 رقم 3، والضوء اللامع 2/ 147 - 149 رقم 416، ونظم العقيان 63 - 77 رقم 42، وحسن المحاضرة 1/ 275، ووجيز الكلام 2/ 724 رقم 1890، والذيل التام 2/ 246، والمنجم في المعجم 63 - 68 رقم 15، وإظهار العصر 2/ 7221، وعنوان الزمان 1/ 219 - 224 رقم 70، ومعجم شيوخ ابن فهد (الذيل) 345، والقبس الحاوي 1/ 206، 207 رقم 221، ونيل الأمل 6/ 437، 438 رقم 2872، والمجمع المفنّن 1/ 545 - 547 =
وابن
(1)
الزيرباج، وآخرون
(2)
من كثير من مشاهير الشعراء العصريين، ولولا الخوف من الإطناب لذكرت بعضاً مما قالوه فيه من المدائح.
وقد جمع الشيخ الإمام العالم، الفاضل، شمس الدين، محمد بن عبد المحسن السكندري
(3)
كتاباً ضخمًا في سيرة الوالد، وسمّاه "الدُرَر السنيّة في المحاسن الغرسية" أتى فيه بأشياء كثيرة. وجُمعت له سيرة أخرى لبعض أهل الفضل، سمّاه "الرياض القُدسيّة في المحاسن الغرسيّة"، وجمع الشيخ إبراهيم بن عبد الرزاق
(4)
له أيضاً كتاباً، فيه ما امتدُح به من القصائد.
وُلد لصاحب الترجمة من الأولاد زيادة على الأربعين، وتزوّج من النساء زيادة على العشرين، وتَسَرَّى من الإماء زيادة على الثلاثين، ومَلَك من المماليك نحو المائتين. وكان يعتق البعض من مماليكه فيزوّجه لبعض من سراريه وأُمّهات أولاده بعد عتقهنّ، بحيث صار الكثير من أولاد مماليكه إخوةَ لأولاده من الأمّهات.
وكاتَبَه عدّة من أكابر ملوك الإسلام غير سلاطين مصر، مثل ابن
(5)
عثمان مرادبك
(6)
، ومثل ابن
(7)
قَرَمان
(8)
الأمير إبراهيم، ومثل صاحب الحصن الكامل خليل، وقد أشرنا إلى ذلك في ترجمة خليل المذكور.
= رقم 516، وحوادث الزمان 1/ 195، 196 رقم 254 وفيه: أحمد بن حسن بن إبراهيم، وبدائع الزهور 3/ 57 - 59، وشذرات الذهب 7/ 319 (9/ 475)، وكشف الظنون 188، و 075 و 916 و 1083 و 1334 و 1355 و 1360 و 1396 و 1413 و 1520 و 1790 و 1923 و 1937، وإيضاح المكنون 1/ 497 و 511، وهدية العارفين 1/ 133، وديوان الإسلام 2/ 157 رقم 770، وكتبخانة آيا صوفيا 339، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 126، والأعلام 1/ 230، ومعجم المؤلفين 1/ 129، 130، وأعلام فلسطين، لمحمد عمر حماده، دمشق، دار قتيبة 9185 - ج 1/ 230، 2/ 12 S. ، G.2/ 18 - Brockelmann .
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "واخرين".
(3)
لم أجد له ترجمة، وهو مما يُستدرَك على معجم المؤلفين.
(4)
لم أجد له ترجمة، وهو مما يُستدرَك على معجم المؤلفين.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
هو مرادبك بن محمد بن بايزيد بن مراد بن أُرخان بن عثمان الملقّب غياث الدين كِرْشَجي. مات سنة 855 هـ. انظر عنه في حوادث الدهور 2/ 346، 347 رقم هـ، والنجوم الزاهرة 16/ 2، 3، والدليل الشافي 2/ 731، 732 رقم 2499، والمنهل الصافي 21/ 233، 234 رقم 2508، والضوء اللامع 10/ 152 رقم 604، ووجيز الكلام 2/ 163 رقم 1524، والذيل التام 2/ 72، 73، ونظم العقيان 175 رقم 191، ونيل الأمل 5/ 331 رقم 2241، وحوادث الزمان 1/ 101 رقم 44، وبدائع الزهور 2/ 288، وأخبار الدول 3/ 23 - 27.
(7)
في الأصل: "بن".
(8)
هو خليل بن إبراهيم صاحب شماخي. مات سنة 868 هـ. (الضوء اللامع 3/ 189 رقم 727).
وله من الآثار المسجد الذي أنشأه بطرابلس
(1)
، والمدفن، والدار، والمقعد المعظم الذي أنشأه بدار سعادة ثغر الإسكندرية، وتربة بمدينة سيّدنا الخليل.
وهذا ما حضرنا من ترجمته على سبيل الاختصار والاقتصار، ولو استقصينا محاسنه وأحواله وجزئيات أموره لاحتجنا إلى عدّة مجلّدات، وكان آخر شأنه أنه مات تاركلأ للدنيا، مُنجمِعاً عنها وعن بنيها والكثير من أهلها، مع عدم الالتفات إليهم بالكلّية، ملازماً لداره بطرابلس على خيرٍ كثير كما قلناه، مقبلاً على شأنه من غير أن يتناول شيئاً من متعلّقات السلطنة، من سنة إحدى وسبعين إلى هذه السنة، وفعل الكثير من البرّ والخير، وشرى عدّة أماكن فوقفها، وتصدّق بصدقات كثيرة في حال صحبته ومرضه إلى أن تمرّض بالبطن، ومات شهيداً كما ذكرناه في التاريخ الذي بيّنّاه، وكان كفنه مهيّاً عنده من عدّة
(2)
سنين، تغمّده الله برحمته، وجمع بيننا وبينه بجنّته دار كرامته.
وترك من الورّاث ستة ذكور أنا منهم، وابنة، وثلاث زوجات، منهنّ الست فاختة إبنة الشيخ شمس الدين الحنفي
(3)
، الآتية في محلّها إن شاء الله تعالى.
487 -
خير بك
(4)
الأشرفي، (اليوسفي)
(5)
.
أحد مقدَّمين
(6)
الألوف بدمشق، المعروف بالبهلوان.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وأُمّر عشرة في دولة الأشرف إينال، ثم لما تسلطن الظاهر خُشقدم أخرجه منفيّاً إلى البلاد الشامية ووقع له أمور، وآل الأمر بعد ذلك أن صُيّر من مقدَّمين
(7)
الألوف بدمشق.
(1)
يُسمّى في الوثائق العثمانية "مسجد الخليلي"، كان قائماً في محلّة آق طُرق، بين جامع أرغونشاه وباب الرمل (جبّانة طرابلس) وقد أزيل في وقت غير معروف. انظر عنه بحثنا: الأوقاف الإسلامية في طرابلس الشام من وثائق الأرشيف العثماني وأهمّيتها في رصد حركة العمران - صدر في كتاب: الأوقاف في بلاد الشام منذ الفتح العربي الإسلامي إلى نهاية القرن العشرين- عمّان- منشورات لجنة تاريخ بلاد الشام- الجامعة الأردنية- 1431 هـ 0/ 2010 م.- ص 40.
(2)
في الأصل: "عنده من عنده".
(3)
هي فاختة بنت محمد بن حسن بن علي، أم الهدى ابنة الشيخ الحنفي. لم يؤرّخ لوفاتها. (الضوء اللامع 12/ 86 رقم 527) وقد تزوّجها والد المؤلّف- رحمهما الله- بعد سنة 870 هـ.
(4)
انظر عن (خير- خايربك) في: الضوء اللامع 3/ 208 رقم 779، ونيل لأمل 6/ 375، 376 رقم 2786، وإنباء الهصر 70، وبدائع الزهور 3/ 33.
(5)
من الهامش.
(6)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(7)
في الأصل: "من".
ولما تسلطن الأشرف قايتباي حضر إلى القاهرة، واتفق أن صعِد القلعة والسلطان متغيّر الخاطر على شخص قد غضب عليه وأمر بنفيه، فلما وقع بصره على خيربك هذا أمره بأن يعود هو أيضاً من حيث جاء، فعاد إلى دمشق، وبقي بها إلى أن خرج في التجريدة هذه، المذكورة في هذه السنة إلى شاه سوار مع العسكر الشامي. فلما كانت الكائنة التي قبض فيها على مال
(1)
باي أخي
(2)
شاه سوار الماضية في محلّها من المتجدّدات، اتفق قتْل خيربك هذا فيها فى شهر شوال.
وهو في عزّ الستين، أو لعلّه أكملها (أو زاد)
(3)
.
وكان إنساناً حسناً، شجاعًا، عارفاً بالفروسية وأنواع الأنداب والتعاليم، رأساً في الصراع، لا بأس به.
وهو صهر الأتابك جرِباش على ابنته الست فَرَج التي عمل عرسها، وقبل أن تُزفّ إليه ماتت أختها، فانقلب الفرح عزاءً على ما أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم، ولم يبْن بها. وهي باقية إلى يومنا هذا على بكارتها.
488 -
دَمرداش السيفي
(4)
، تغري بردي المؤذي، (الظاهري)
(5)
.
نائب قلعة حلب.
كان من مماليك تغري بردي البَكْلَمُشي الدوادار الكبير، المعروف بالمؤذي
(6)
، الماضية ترجمته، واتصل بخدمة الظاهر خُشقدم في أيام إمرته قبل توجّهه إلى دمشق.
(1)
في الأصل: "يال باي".
(2)
في الأصل: "أخو".
(3)
من الهامش.
(4)
انظر عن (دمرداش السيفي) في: نيل الأمل 6/ 253، وبدائع الزهور 2/ 444 في حوادث سنة 871 هـ. واستقراره في نيابة قلعة حلب وهو في النجوم الزاهرة 16/ 296.
أمّا وفاته فكانت سنة 888 هـ. كما ذكر المؤلّف بنفسه رحمه الله في: نيل الأمل 7/ 358 رقم 3251، ولم يترجم له غيره.
(5)
من الهامش.
(6)
ضاعت ترجمة (تغري بردي البَكلمُشي المعروف بالمؤذي) ضمن ما ضاع من وفيات سنة 846 هـ. من المخطوط. انظر عنه في: إنباء الغمر 4/ 202 رقم 3، وحوادث الدهور 1/ 85 - 87 رقم 6، والنجوم الزاهرة 15/ 496، 497، والمنهل الصافي 4/ 54 - 56 رقم 765، والدليل الشافي 1/ 217، 218 رقم 763، والتبر المسبوك 49، والضوء اللامع 3/ 27، 28 رقم 133، ووجيز الكلام 2/ 588 رقم 1357، والذيل التام 1/ 639، ونزهة النفوس 4/ 262، 263 رقم 844، والمجمع المفنَّن 2/ 283 - 286 رقم 1050، وبدائع الزهور 2/ 235.
وكان جميل الصورة جدّاً، فرقّاه إلى خازنداريّته، ثم صيّره دواداره بدمشق. ثم لما قدم القاهرة وصُيّر حاجب الحجّاب بها دام دمرداش هذا على دواداريته كما كان، وكان إليه زمام داره، والنهي والأمر، وإليه المرجع فيها.
ثم لما تسلطن اختص به أيضاً وقرّبه وأدناه، لكنه تأخّر عن الترقّي بسبب رمدٍ كان قد حصل له. فأضرّ به ودام به مدّة، حتى أشفى فيه على العماء
(1)
، وانكسر بعينه، فتأخر عن الترقّي بسبب ذلك، وإلّا لكان له شأن. وكان الظاهر يتأسّف عليه لذلك. ولما مات كمشبُغا السيفي يخشباي نائب قلعة حلب، وكان وليها بعناية دمرداش هذا، وبسعيه له عند الظاهر، طلبه الظاهر فولّاها له، فتوجّه إليها، وباشرها مباشرة حسنة، ولم يزل بها إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فصرفه عنها ودام بطّالاً بحلب.
حتى توفي بها، أظنّ في هذه السنة.
وكان إنساناً حسناً، كيّساً، أدوباً، لا بأس به.
489 -
دَولات باي الجمالي
(2)
، الظاهري.
رأس نوبة الجمدارية.
كان من خواصّ مماليك الظاهر جقمق ومن خاصكيّته المقرَّبين إليه، وصُيّر (نائب)
(3)
رأس نوبة الجَمْدارية في دولة الأشرف إينال، ووقع بسبب توليته لهذه النيابة ما قدّمنا ذِكره في ترجمة جانِبَاي الخشِن
(4)
، بل وما قدّمناه في محلّه من المتجذدات في بعض سِنيّ دولة الأشرف إينال من قيام جانِبَاي، وتكلُّمه بكلمات كثيرة، واستشاطته بالحوش في الملأ
(5)
العام، بما يُغني عن مزيد إعادته. ودام دَولات باي هذا على هذه الوظيفة إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فجعله رأس نوبة الجمدارية، ولا زال على ذلك حتى بغَتَه الأجل.
وكان إنساناً حسناً في ذاته، متجمّلاً في سائر شؤونه
(6)
مع عصبية وشجاعة، لكنه كان متعاظمًا، وعنده بعض إسراف على نفسه، سامحنا الله تعالى وإيّاه.
(1)
في الأصل: "العمى".
(2)
لم أجد لدولات باي الجمالي ترجمة. وهو مذكور في ترجمة جانباي الخشن.
(3)
كتبت فوق السطر.
(4)
ترجم له المؤلّف رحمه الله في المجمع المفتَن 2/ 384، 385 رقم 1164 ولم يؤرّخ لوفاته. وكان موجودًا في سنة 884 هـ.
(نيل الأمل 7/ 241).
(5)
في الأصل: "الملاء".
(6)
في الأصل: "شونه".
توفي في هذه السنة.
490 -
دَولات باي من ضيف الله
(1)
الأشرفي، الخاصكي.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وصُيّر خاصكيّاً في دولة ولده العزيز يوسف ودام على ذلك مدّة مطوّلة، ثم لما تسلطن الأشرف قايتباي عيّنه في جملة الجند إلى سوار، فخرج صحبة قرقماس الجَلَب، وكان أجَلُه هناك.
وكان إنساناً حسناً من أعيان الخاصكية الأغوات، ساكناً عاقلاً، أدوباً، حشماً، خيّراً، ديّناً، عارفاً بالفنون والملاعيب، وترشّح للإمرة، ولو عاد من التجريدة سالماً لأمّره.
توفي قتيلاً في ذي الحجة.
491 -
• وترك ولده صاحبنا الناصري محمد
(2)
، وهو إنسان حسن، حشم كأبيه، بل وأربى عليه في الخصال الحميدة.
ولد بالقاهرة في سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة.
وبها نشأ على خير، وقرأ القرآن وشيئاً غيره، وحضر بعض دروس أهل العلم، وتعلّم الآداب والأنداب، مع المحبّة في أهل العلم والفقراء والصالحين وأهل الخير، ويميل إليها، ومخالطتهم بحسن سمت وتؤدة، وكثرة حياء، وبشاشة وجه، وطلاقة مُحيّا، وتواضح، وحُسن سيرة، أعانه الله تعالى.
492 -
زين العابدين بن يحيى
(3)
بن محمد بن محمد بن المُنَاوى، القاهري، الشافعي.
الشيخ الإمام، العالم، العامل، البارع، الكامل، أبو السعادات، واسمه محمد أيضاً، ابن
(4)
قاضي القضاة الإمام شيخ الإسلام، الشرف المُنَاوي.
وقد عرفت ترجمته فيما تقدم في تراجم سنة إحدى وسبعين، وعرفتَ بقيّة نسبه أيضاً.
(1)
لم أجد لدولات باي من ضيف الله ترجمة -ولم يذكره المؤلّف رحمه الله في نيل الأمل.
(2)
لم أجد له ترجمة.
(3)
انظر عن (زين العابدين بن يحيى) في: إنباء الهصر 66 و 103، 104 رقم 22، والضوء اللامع 10/ 75 وفيه أحال إلى قسم الألقاب 11/ 173، 174 رقم 547، ووجيز الكلام 2/ 802، 803 رقم 844، والذيل التام 2/ 222، 223، ونيل الأمل 6/ 373 رقم 2784، وبدائع الزهور 3/ 32.
(4)
في الأصل: "بن".
ولد صاحب الترجمة في سنة تسع وعشرين وثمانمائة بالقاهرة، وبها نشأ.
فحفظ القرآن العظيم وعدّة متون، واشتغل فأخذ عن جماعة، منهم أبوه
(1)
، وناهيك به، وسمع الحديث عليه وعلى آخرين، ودأَب واجتهد حتى مهر ونبغ. وكان نائب أبيه في حين قضائه، وإليه المرجع في أموره. وألّف وصنّف، فكتب قطعة جيّدة على "مختصر المُزَني"
(2)
من الصلاة إلى المحلّ الذي كان قد وقف والده عليه في إلقاء الدرس بالصلاحية المجاورة للإمام الشافعي، وكان ولده هذا قد استقرّ فيها بعد موت والده، وأجاد إلقاء الدروس بها وقرأ
(3)
قطعته هذه بها.
وكان فاضلاً عالماً، عاملاً، صالحاً، خيّراً، ديّناً، نحواً من أبيه، بل فاقه في أشياء غير الأمور العلمية، مع مشاركته أباه في العلم أيضاً. وكان حَسَن السمت، وعنده تؤدة وحشمة وتواضع.
توفي في ليلة الأربعاء سابع شوال، وصُلّي عليه في ضحوة يوم الخميس بجامع المارداني، وكانت جنازته حافلة جدّاً، ودُفن عند والده بتربتهم بالقرب من الإمام الشافعي، رضي الله عنه. وكثر تأسّف الناس عليه.
493 -
ستّ الجركس
(4)
.
ابنة السلطان الأشرف قايتباي.
تقدّم في المتجدّدات موتها، وأنها كانت من زوجته الموجودة الآن الخَوَنْد فاطمة ابنة العلائي ابن
(5)
خَصبك، وأنها كانت في السادسة من العمر، وأنها دُفنت بتربة أبيها.
494 -
سرور الطربائي
(6)
، الحبشي.
الطواشي زين الدين، شيخ الخدّام بالحرم الشريف النبوي، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام.
(1)
في الأصل: "أباه".
(2)
لم يذكر كحّالة صاحب الترجمة، وهو مما يُستدرَك على معجم المؤلفين.
(3)
في الأصل: "قراء".
(4)
انظر عن (ست الجركس) في: إنباء الهصر 60، ونيل الأمل 6/ 366 رقم 2767، وبدائع الزهور 3/ 30.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
انظر عن (سرور الطربائي) في: إنباء الهصر 85 رقم 8، والضوء اللامع 3/ 246 رقم 923، ووجيز الكلام 2/ 808، 809 رقم 1865، والذيل التام 2/ 229، ونيل الأمل 6/ 345 رقم 2749، وبدائع الزهور 3/ 21 وفيه:"الطرابيهي".
(ذكر بعضهم أنه)
(1)
كان عتيقاً لشخص من الأجناد يسمّى طَرَباي بن طرباي الأتابك نائب طرابلس، (والظاهر أنه تولّى خدم طراباي .........
…
)
(2)
، واتصل بخدمة الأشرف برسباي، وتنقّل بعد ذلك حتى وُلّي مشيخة الخدم النبوي المشار إليه، فحُمدت فيه سيرته، وظهر دينه وخيره، ودام على هذه الوظيفة عدّة سنين حتى كبر سنُّه وشاخ، وبَغَتَه أجله على ما هو عليه.
وكان خيّراً ديّناً، بشوشاً، حسن السمت والملتقى، كثير الأدب والحشمة. وقد ترجمه الجمال ابن
(3)
تغري بردي في تاريخه الحوادث
(4)
، وقال في ترجمته: وقد كنت أعرف منه الخير والدين، غير أنه مات لوالدتي خادم حبشي من خدّام الحرم الشريف، وذكر الخادم في وصيّته ما عليه من الديون، وأن له عند سرور هذا مائة دينار قرضة حسنة، فأنكر سرور ذلك وقال: ما له عندي شيء. وكان الخادم غير كذوب، لا سيما الشخص يريد عند موته خلاص ذمّته، فكيف يدّعي بما ليس له؟
هذا ما قاله عنه، وما عرفت حقيقة الحال في ذلك، فإن سرور هذا كان من أهل الخير والديانة فيما عرفناه عنه، وعلى ما ذكره عنه يوسف أيضاً.
وتوفي سرور هذا بالمدينة الشريفة على وظيفته في يوم الخميس العشرين من صفر، وبها دُفن، هنيئًا له.
495 -
سُودُون الظاهري
(5)
.
نائب دِمياط.
كان من أعيان مماليك الظاهر خُشقدم ومن خاصكيّته المختص به. ولّاه نيابة ثغر دمياط
(6)
في أواخر دولته.
وكان شاباً حسنًا، متجمّلاً في سائر شؤونه
(7)
، عاقلاً، عارفاً، مدبّراً، سيوساً
(8)
، عارفاً بأنواع الفروسية.
(1)
من الهامش.
(2)
ما بين القوسين من الهامش، وقد ضاع أربع كلمات منه.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
أي كتاب "حوادث الدهور".
(5)
لم أجد لسودون الظاهري ترجمة.
(6)
اللافت أنه يوجد آخران يسمّيان "سودون" تولّيا نيابة دمياط أيضاً. انظر: الضوء اللامع 3/ 277 رقم 1053 ومات سنة 850 هـ. و 3/ 283 رقم 1074 ومات 843 هـ.
(7)
في الأصل: "شونه".
(8)
في الأصل: "سوسا".
توفي في هذه السنة بدمياط، أظنّ على نيابتها، ووُلّي بعده دمياط -فيما أظنّ أيضاً- جانِبَك الفقيه الأشرفي إينال
(1)
، واللَّه أعلم.
496 -
سودون القَصْروي
(2)
.
رأس نوبة النُوَب.
كان من مماليك قَصْروه نائب الشام، وترجمته مشهورة، وكان مملوكه هذا من خواصّ مماليكه، وصيّره دواداره، واتصل فعله بديوان الجند السلطاني، وصُيّر خاصكيّاً، ثم صُيّر من الدوادارية في دولة الأشرف إينال، ودام على ذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأمّره عشرة، ودام كذلك (إلى أن صُيّر نائب القلعة، واستمر حتى)
(3)
سلطنة الظاهر يَلباي، فصيّره من مقدَّمين
(4)
الألوف ببذْل عشرة آلاف دينار أو نحوها، وهذه التقدمة هي التي كانت بيد قايتباي المحمودي، سلطان عصرنا الآن، وكان نُقل عنها إلى تقدمة أُزْبَك من طَطَخ. الأتابك بعصرنا أيضاً. ولم يزل سودون على هذه التقدمة مدّة يلباي والظاهر تمربُغا إلى أن تسلطن الأشرف قايتباي المذكور، فصيّره رأس نوبة النُوَب في سلطنته، عِوضاً عن نانَق بحكم قتْله في الأولى من تجاريد سوار من القاهرة، ثم عيّنه للخروج صحبة الأتابك أُزْبك وقرقماس الجَلَب، فخرج إليها، وبها كان أجله.
وكان إنساناً حسنًا، له سبيل لفعل الخير، ومحبّة في ذلك، مع بخله وشحّه، وحبه في جمع المال، ومع ذلك كله فكان سمحاً بالصدقة، لا سيما على الفقراء والمساكين.
ومن آثاره الجامع الذي أنشأه بالباطلية بالقرب من دار سكنه، وبه خطبه، وهو نافع في محلّه.
وكان خيراً، ديِّناً، مواظباً على الصلوات مع الجماعات، ولما خرج في ما عُيّن له من التجريدة وهو رأس نوبة النُوَب، خرج إليها بغير تطليب كعادة الأمراء من التطليب، فأخذ الناس في لهجهم بأنه لا يعود وأنه يُكسر، فكان كذلك.
توفي جريحاً في ذي الحجة بعد أن كانت الكائنة التي قُتل فيها قرقماس،
(1)
توفي (جانبك الأشرفي إينال الفقيه الإبراهيمي) في سنة 880 هـ. (المجمع المفنّن 2/ 389، 390 رقم 1173).
(2)
انظر عن (سودون القَصروي) في: الضوء اللامع 3/ 285 رقم 1080، ووجيز الكلام 2/ 807 رقم 1860، والذيل التام 2/ 228، ونيل الأمل 6/ 378 رقم 2788، وبدائع الزهور 3/ 35.
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
الصواب: "من مقدَّمي".
واتفق أن جُرح سودون هذا فيها، وحُمل جرحاً إلى قرب حلب، ولما مات أُحضر إليها فدُفن بها وهو في عشر الثمانين.
497 -
(شادبك الحمزاوى
(1)
.
أحد الأمراء بدمشق.
رأيت بخط بعض الناس أنه توفي في كائنة سوار، ولا عِلم عندي غير ما ذكرته)
(2)
.
498 -
شادبك المحمدي
(3)
، الأشرفي.
نائب مَلَطْية، المعروف ببُشُق
(4)
.
كان من صغار مماليك الأشرف بَرسْباي، وأُخرج بعده منفيّاً إلى البلاد الشامية، وتنقّل فيها في عدّة إمرات إلى أن كان من جملة الطبلخانات بدمشق في دولة الأشرف إينال، وهي الطبلخاناة التي قُرّر فيها الوالد في سنة أربع وستين، على ما تقدّم في ذكرنا بعث السواقة إلى الأشرف في سنة أربع المذكورة، وكان قد أخرج شادبك هذا من هذه الإمرة اثنتين
(5)
من قراها، يقالً لهما بيت إيما ويعفور جُعلتا رزقه باسمه، والحال أنهما عين الإمرة المذكورة.
ولما قدم الوالد إلى دمشق ووجد الإمرة كذلك قد أخرج منها ما ذكرناه من القريتين، كلّمه الكثير من الأعيان، حتى نائب الشام في أن يعرّف السلطان بذلك، فلا أقلّ من أن يعوّضه السلطان عنهما بشيء، فراعى خاطر شادبك المذكور وقال: ربّما يكن ذلك سبباً لإخراجهما عنه، وأكون أنا السبب في ذلك بعد أن صارا له شرعاً، وحُمد على ذلك، وعرفها له شادبك، وكان يعظّمه جدًّا بعد ذلك زيادة عمّا كان، فإنه كان بينهما صحبة قبل ذلك.
وانتقل شادبك هذا من ذلك الإقطاع إلى تقدمة ألف بدمشق، ثم إلى نيابة مَلَطية بعد ذلك، ثم تنقّل عدّة ولايات أيضاً بعد مَلَطْية، وأنا غائب بالمغرب، وتعطّل بين ذلك غير ما مرة ثم يعود، وآل أمره أن صُيّر من مقدَّمين
(6)
الألوف
(1)
لم أجد لشادبك الحمزاوي ترجمة.
(2)
الترجمة بين القوسين من الهامش.
(3)
انظر عن (شادبك المحمدي) في: الضوء اللامع 3/ 289 رقم 1103، ونيل الأمل 6/ 341 رقم 273، وبدائع الزهور 3/ 19.
(4)
بُشُق: اسم للسكين.
(5)
في الأصل: "اسان".
(6)
الصواب: "من مقدَّمي".
بدمشق، وأضيفت إليه دوادارية السلطان بها، وخرج أميراً على الحاج بالمحمل الهاشمي وعاد.
فتوفي في طريقه بالقرب من الكرَك في العشر الأوسط من محرّم.
وقد تجاوز الخمسين.
وكان حشمًا، أدوباً، فارساً، شجاعاً، حسن الشكل والهيئة، مشكور السيرة في ولاياته مع زُهُوٍ وإعجاب وعصبية.
499 -
شادبك الأشرفي
(1)
.
أحد العشرات، ثم أتابَك حماة المعروف باَص جنك من الناس.
كان من مماليك الأشرف إينال، وصار خاصكيّاً بعده، ودام على ذلك إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فأمّره عشرة. ثم لما مات شادبك فرفور
(2)
أتابك حماة، قرّره عِوضه، وخرج في نوبة سوار التي قُتل فيها قرقماس.
وتوفي بها قتيلاً في ذي الحجة.
وكان من المهمَلين.
500 -
شاهين الفارسي
(3)
، الظاهري.
الطواشي شجاع الدين، الروميّ الجنس، رأس نَوبة (السُقاة)
(4)
، المعروف بغزالي.
كان من خدّام فارس
(5)
نائب قلعة دمشق الماضي ذكره، ولما توجّه جَرِباش المحمدي المعروف بكُرْد في بعض الأشغال، في البلاد الشامية، في سنة ثلاثٍ وأربعين رأى شاهين هذا وهو عند فارس، فدُهش لحسن صورته وجماله، وأعجبه جدّاً، فلما عاد إلى القاهرة ذكره عند الظاهر جقمق، فبعث إلى فارس المذكور فطلبه منه، فجهّزه فارس إليه مع تقدمة أخرى معه، فأجرى الظاهر عتْقه عليه،
(1)
انظر عن (شادبك الأشرفي) في: نيل الأمل 6/ 382 رقم 2803، وبدائع الزهور 3/ 35.
(2)
مات (شادبك فرفور) في سنة 872 هـ. (الضوء اللامع 3/ 289 رقم 1102).
(3)
انظر عن (شاهين الفارسي) في: إنباء الهصر 85 - 87 رقم 9، والضوء اللامع 3/ 194 رقم 1128، ووجيز الكلام 2/ 806 رقم 1866، والذيل التام 2/ 230، ونيل الأمل 6/ 385 رقم 2760، وبدائع الزهور 3/ 26.
(4)
من الهامش.
(5)
هو أمير السرحة التي خرجت من دمشق في غزاة رودس، أصابته جراحة في وقعة القشتيل بجبينه أزالت عقله واستمر متضعّفاً منها حتى مات وهم راجعون في البحر، وذلك في شهر رجب سنة 847 هـ. (الضوء اللامع 6/ 163 رقم 548).
وجعله خازناً، ثم ساقياً، وعظُم قدره، وشُهر في المملكة والدولة، وقصده الناس في بعض المهمّات، فأنهاها عند السلطان، وصار السلطان يعتني به، ويعيّنه في مهمّات سلطانية، إلى غير ما جهة، وأثرى من ذلك، وحصّل المال الطائل، ودام على ذلك إلى أن مات الظاهر، وآل المُلك إلى الأشرف إينال، فقرّبه أيضاً وأدناه، وعيّنه في غير ما مهمّ، من ذلك ضبط تركة زوجة قانباي الحمزاوي، وحصل له من ذلك المال الطائل.
ولما تسلطن الظاهر خُشقَدم صيّره رأس نوبة السقاة، بعد صرف خُشداشه الطواشي زين الدين خُشقدم الأحمدي
(1)
، الذي توزّر بعد ذلك، الموجود الآن الماضي ذكره. ولم يزل على ذلك حتى تسلطن خُشداشه الأشرف قايتباي، فنال منه بعض تخوّف على نفسه منه في الباطن لأمرٍ ما
(2)
، فتمرّض مدّة. وكان في ذلك فراغُ أجلِه.
وكان شاهين هذا من أبناء جنسه وجهاً، وأوفرهم جمالاً، وأطولهم قامة واعتدالاً، وضيء الصورة جدًا، بارع الحسن، ذا وضاءة، ولذلك لقّب بغزالي، كأنه نسب إلى الغزال في حسنه، وافتتن به الكثير من النساء، بل والرجال. وله في ذلك أمور تطول حتى استفيض عن الخَوَنْد ابنة جرباش الافتتان به، واللَّه أعلم بذلك.
وكان حسن اللفظ والنُطق، وافر الأدب والحشمة، ذا معرفة وخبرة وفصاحة وذكاء وفطنة وفَهم ويقظة، وعنده سكون وتؤدة، وحُسن سمت، وجودة معاشرة، وحلاوة معارضة، وكان ينقد الشعر وفروقه، وقصده عدّة من الشعراء وامتدحوه.
وللاخ أبي الفضل في مدحه قصيدة طويلة أستحضر منها قوله في براعة مخلعها:
فلم أرطائراً
(3)
في الجوّ يشبهها
…
إلّا الأمير شجاع
(4)
الدين شاهينا
وبالجملة فكان من نوادر الخدّام، وكان مسرفاً على نفسه، منهمكاً في لذّاتها، عفا الله عنه.
توفي في ليلة السبت ثامن جمادى الأولى، ودُفن في غده بعد أن جُهّزَ وأُحضرت جنازته إلى مصلّى سبيل المؤمني، وحضرها السلطان وصلّى عليه.
(1)
هو خشقدم الظاهري جقمق الرومي اللالا، يقال له الأحمدي لتاجره. مات سنة 894 هـ. وقد تقدّم التعريف بمصادره.
(2)
في الأصل: "لا مراما".
(3)
في الأصل: "فلم أرى صايرًا".
(4)
في الأصل: "منجاع".
واستقرّ في وظيفته بعده بعد مدّة مطوّلة خُشقدم الأحمدي الذي تقدّم أنه أخذ هوعنه.
501 -
طُقْطَمِش
(1)
المحمدي
(2)
، الأشرفي.
أحد الخمسات، المعروف بأميراخور.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وصُيّر خاصكيّاً بعده، ودام كذلك حتى تسلطن الأشرف إينال، فصيّره من أعيان الأميراخورية، واستمر على ذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأضاف إلى إقطاعه شيئاً من الأقاطيع، فصار فوق الخاصكية ودون العشرات، فلهذا قيل له "أمير خمسة". واستمرّ على ما هو عليه حتى تسلطن الأشرف قايتباي، فعيّنه للتجريدة، وبها بَغَتَه أجله.
وتوفي قتيلاً في ذي الحجة من هذه السنة.
وذكر بعضهم أنه مات في ذي القعدة من التي قبلها، واللَّه أعلم.
وكان غير مشكور السّيرة، شِرّيراً.
واسمه معناه بالتركي: "ثبت" أو "استقر" أو "دام". واستُعمل عَلَماً بعد ذلك.
502 -
عبد الرحمن الحمزاوي
(3)
.
أحد الأمراء الطبْلخاناة بدمشق.
لا يحضُرني الآن شيء
(4)
من أحواله. نعم أعلم أنه كان من خواصّ قانباي الحمزاوي نائب الشام، وأنه تأمّر بعده بدمشق طبْلخاناه.
وأنه توفي قتيلاً في كائنة سوار في ذي الحجة.
503 -
عبد القادر بن محمد بن ()
(5)
الوفائي
(6)
، القاهري.
المادح، الواعظ، المنشد، المطرب، زين الدين
(7)
.
(1)
هكذا قيده بالحركات في الأصل.
(2)
انظر عن (طقطمش المحمدي) في: نيل الأمل 6/ 379 رقم 2792، وبدائع الزهور 3/ 35.
(3)
انظر عن (عبد الرحمن الحمزاوي) في: نيل الأمل 6/ 384، 385 رقم 2089، وبدائع الزهور 3/ 36.
(4)
في الأصل: "شيئاً".
(5)
في الأصل بياض.
(6)
انظر عن (عبد القادر الوفائي) في: إنباء الهصر 87، 88 رقم 11، والضوء اللامع 4/ 296، 297 رقم 787، ونيل الأمل 6/ 389، 390 رقم 2819، وبدائع الزهور 3/ 37.
(7)
بعدها بياض ثلاثة أسطر.
504 -
عطاء الله بن جامع
(1)
.
شيخ عربان بني هَلَبا.
كان من المفسدين في الأرض ومن شرار الخلق. ولما خرج يشبُك من مهدي إلى الوجه القِبلي على ما تقدّم ذلك في المتجدّدات ظفر به، فسلخه هو وجماعة من أصحابه، وأغار على بني هَلبَا ونهبهم وبدّد شملهم، كما قد بيّنّا ذلك. ثم أسر نساءهم وذراريهم بواسطة شرور صاحب الترجمة، وحضر إلى القاهرة وقد حمل من نسائهم نحو الأربعمائة امرأة في عدّة مراكب، وقد عرفت ما جرى عليهنّ فيما قدّمناه، وما جرى بسببهنّ أيضاً على الناس بعد رجوع يشبُك، فلا نعيد ذلك.
505 -
علي بن إسكندر
(2)
بن تمان تمر التركي الأصل، القاهري.
الأمير علاء الدين، محتسب القاهرة، المعروف بابن الفَيْسي
(3)
.
وهو كمشبُغا الفَيْسي، وكان زوجاً لعمّته، فرُبّي عنده وإليه نُسب. وكان جدّه تمان تمر
(4)
من مماليك الأمير الكبير شيخو العُمري
(5)
صاحب الخانقاه الشيخونية
(6)
.
وأمّا أمّه فكانت تُسمّى ططر ابنة أسَنْبُغا، وكان من مماليك شيخو أيضاً.
وكانت ططر هذه من ذرّية الشيخ أكمل الدين من جهة النساء، وكذا ولدها عليّ هذا.
(1)
انظر عن (عطاء الله بن جامع) في حوادث شهر جمادى الأول من هذه السنة، بعنوان: "كائنة بني هلبا
…
".
(2)
انظر عن (علي بن إسكندر) في: الضوء اللامع 4/ 192، ووجيز الكلام 2/ 809 رقم 1868، والذيل التام 2/ 230، ونيل الأمل 6/ 388، 389 رقم 2817، وبدائع الزهور 3/ 37.
(3)
الفَيْسي: بفتح الفاء، وسكون الياء المثنّاة من تحت وبعدها سين مهملة لكون والده كان ابن أخت زوجة كمشبُغا الفَيْسي.
(4)
هو (تمان تمر أرُق) قتل في سنة 818 هـ. انظر عنه في: السلوك ج 4 ق 1/ 328، وإنباء الغمر 3/ 68، والسيف المهنّد 339، والنجوم الزاهرة 14/ 136، ونيل الأمل 3/ 291 رقم 1264، وبدائع الزهور 2/ 23.
(5)
توفي (شيخو العمري) في سنة 758 هـ. انظر عنه في: ذيل العبر، للحسيني 314، 315، والبداية والنهاية 4/ 258، وتذكرة النبيه 3/ 204، 205، ودرّة الأسلاك (مخطوط) ج 2/ ورقة 397، والوافي بالوفيات 16/ 211 رقم 240، والنفحة المسكية في الدولة التركية، لابن دقماق (بتحقيقنا) ص 182، 183 رقم 67، والجوهر الثمين 2/ 209، والسلوك ج 3 ق 1/ 34، وتاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 124، 125، والدُرر الكامنة 2/ 196، 197 رقم 1950، والدليل الشافي 1/ 346 رقم 1189، ووجيز الكلام 1/ 92، 93 رقم 172، والذيل التام 1/ 156، ونيل الأمل 1/ 299 رقم 212، وشذرات الذهب 6/ 183.
(6)
بناها الأمير شيخو في سنة 756 هـ. انظر عنها في: المواعظ والاعتبار، بتحقيق د. أيمن فؤاد سيد - المجلّد 4/ ق 2/ 760 - 764.
وولد بالقاهرة في سنة 831 وبها نشأ.
وتنقّلت به الأحوال حتى وُلّي نقابة الجيش، ثم حسبة القاهرة بعناية أبي الخير النحاس، وجرى عليه مرة من العامّة ما لا خير فيه، وأرادوا قتله، ثم صُرف عن الحسبة، ووُلّي مرة ولاية القاهرة أيضاً وصرف. وله أخبار يطول الشرح في ذكرها، وكان له استحقاق في رزقة الشيخ أكمل الدين الحنفي التي أوقفها على جماعة الصوفية الحنفية بالخانقاة الشيخونية، وعلى جماعة الجامع الشيخوني والذرّية. وكان في كل قليل يقوم في ذلك ويخاصم مستحقّيها ومشايخ الخانقاة أيضاً، وجرت بينه وبين شيخنا الكافِيَجي بسبب ذلك أمور وعقود مجالس، يطول الشرح في ذكرها، ثم آل استحقاقه بعده لابنة له تركها اسمها فاطمة، وهي نحو
(1)
من أبيها في قيامها في كل قليل، وتسليط من تتزوّجه من الأتراك على مشايخ الخانقاة وجُباة الوقف المذكور، وحصول الضرر بسبب ذلك.
وتوفي عليّ هذا وهو الحاجب الثالث بالقاهرة، على ما يغلب على ظنّي في هذه الحجوبية أنها الثالثة.
وكانت وفاته في هذه السنة.
506 -
علي السمرقندي
(2)
، الحنفي.
نزيل البردبكية برحبة الأيدمُري.
كان شاباً حسناً، فاضلًا، ذكيّاً، قدم من بلاده
(3)
، بعد أن قرأ
(4)
بها، وفضل، واشتغل، ثم لازم بالقاهرة العلاء الحصني في كثير من الفنون، وأخذ عنه كثيراً، وكان قد أنزله بمدرسة بُرْدُبَك الدوادار، التي كانت بيد العلاء المذكور، وبها يُلقي الدرس، ولم يزل بها.
حتى توفي بها في هذه السنة بالطاعون، أظنّ في شهر رمضان.
ولم يبلغ الأربعين.
507 -
عيسى بن سليمان
(5)
بن خَلَف الطُنُوبي
(6)
، القاهري، الشافعي.
(1)
في الأصل: "وهي نحواً".
(2)
انظر عن (علي السمرقندي) في: نيل الأمل 6/ 389 رقم 2818.
(3)
ذكر بلاده بالحاشية ولم تظهر.
(4)
في الأصل: "قراء".
(5)
انظر عن (عيسى بن سليمان) في: الضوء اللامع 6/ 153، 154 رقم 487 ووقع فيه أنه مات في شهر صفر سنة ثلاث وسنين؟ وهذا غلط، والمنجم في المعجم 163 رقم 107، ونيل الأمل 6/ 345 رقم 2748، وبدائع الزهور 3/ 21، وعنوان الزمان 4/ 139 رقم 418، وعنوان العنوان 207.
(6)
الطُنُوبي: بضم المهملة والنون، وآخره موحّدة، نسبة لبلدة من إقليم المنوفية.
الشيخ الإمام، العالم الفضل، القاضي شرف الدين.
ولد في نصف ذي الحجّة سنة إحدى وثمانمائة.
وحفظ القرآن العظيم بالقاهرة، ثم اشتغل بالعلم فأخذه عن جماعة، وسمع الحديث وتميّز وشُهر، وذُكر، وناب في الحكم عن الحافظ ابن
(1)
حجر، ثم انضمّ إلى المقام الناصري محمد ولد الظاهر جقمق وانتمى إليه، وحسُنت حاله بواسطة معرفته إيّاه، وآل به الأمر أن تمرّض بعلّة الاسترخاء، ودام ذلك به نحواَ من ثمان سنين حتى أضرّ ذلك بحاله، فإنه اختلط بسبب ذلك، وكان سبب هذا المرض أنه سقط به سُلَّم كان عليه، وانقطع من لحيته بدرجه، وكان ذلك في سنة ستّ وستين، فتضعضع حاله وطال به المرض، وبيعت كتبه وأمتعة كانت له في نفقته، ودام على ذلك.
حتى توفي يوم الأربعاء ثاني عشر صفر، بعد أن قاسى الكثير من الشدائد، وللَّه الأمر.
508 -
فارس البكتُمري
(2)
، الأشرفي.
أحد العشرات.
كان من مماليك الأمير بَكْتَمُر السعدي
(3)
، وهو مشهور الترجمة، وهو الذي أعتقه، ثم اتصل بعده بخدمة إينال العلائي في حال إمرته.
ووهِم من قال: ملكه إينال بعد بكتمر، ولما وُلّي إينال الأتابكية، وأمّر الظاهر جقمق ولد الأتابك هذا الشهاب أحمد عشرة جعله والده دواداره، ودام على ذلك حتى تسلطن إينال فصيّره من الدوادارية الصغار، ودام على ذلك وهو مختص بالشهابي أحمد بن إينال.
ولما تسلطن الظاهر خُشقدم امتحنه وأخرج عنه دواداريته، ولزم داره مدّة إلى أن تسلطن الأشرف قايتباي، فأمّره عشرة، وعيّنه في التجريدة صحبة الأتابك أُزبك قرقماس الجَلَب، مع جملة العشرات الذين عيّنهم.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
انظر عن (فارس البكتمري) في: الضوء اللامع 4/ 163 رقم 541، وإنباء الهصر 110، 111 رقم 34، ونيل الأمل 6/ 380 ر قم 2793، وبدائع الزهور 3/ 35.
(3)
توفي (بكتمر السعدي) في سنة 831 هـ. انظر عنه في: السلوك ج 4 ق 2/ 785، وإنباء الغمر 3/ 407 رقم 4، وذيل الدرر الكامنة 320 رقم 626، والنجوم الزاهرة 14/ 313، والمنهل الصافي 3/ 408 - 410 رقم 684، والدليل الشافي 1/ 195 رقم 683، ونزهة النفوس 3/ 138 رقم 655، والضوء اللامع 3/ 17 رقم 77، ونيل الأمل 4/ 229 رقم 1646، وبدائع الزهور 3/ 118.
فاتفق أن توفي قتيلاً في المعركة في ذي الحجة.
وله زيادة على الستين سنة.
وكان حشماً متواضعًا، لا بأس به.
509 -
(فارس التُنُمي
(1)
.
أحد الأمراء بدمشق.
كان خازنداراً لتُنُم من عبد الرزاق
(2)
نائب الشام، وصُيّر بعده من أمراء دمشق.
وتوفي قتيلاً في كائنة سوار.
كذا رأيته بخط بعض الناس)
(3)
.
510 -
فاطمة ابنة إينال
(4)
.
الخَوَنْد ابنة السلطان الأشرف، وزوج الأمير يونس الدوادار، وأخت السلطان المؤيَّد أحمد وشقيقته من أبيه وأمّه الخَوَنْد زينب الخاصكية الآتية في محلّها، والمذكورة غير ما مرة في غير ما موضع من تاريخنا هذا، قد ذكرنا كيفية تزويجها بيونس الدوادار، وهي بكر في أوائل سلطنة أبيها، وكيف جهّزها الجمال يوسف ابن كاتب جَكَم، ووليمة عرسها كيف كانت على ما عرفته.
وكانت فاطمة هذه هي الصغرى عن أختها بدريّة زوجة بُرْدُبَك، فإنها كانت الكبرى، ولا زالت فاطمة هذه تحت يونس حتى مات عنها كما تقدّم. ودامت عزباء، ولما تحزك أخوها المؤيّد أحمد لخِتان ولده بثغر الإسكندرية، بعث يستقدم أمّه الخَوَنْد زينب، فاستصحبتها معها. ولما دخلتا الثغر مات من تَوَجَّهتا لأجل ختانه بالطاعون.
ثم بعد أيام ماتت فاطمة هذه أيضاً بالطاعون.
وكان سِنّها يوم ماتت نحواً من تسعٍ وعشرين سنة.
وحُملت رِمّتها إلى القاهرة، ووصلت إليها في يوم السبت تاسع عشرين صفر من هذه السنة، وأُحضرت جنازتها لمصلَّى المؤمني بالبشخاناة
(5)
مُسجّاة عليها،
(1)
انظر عن (فارس التُنُمي) في: نيل الأمل 6/ 382 رقم 2802.
(2)
مات (تنم من عبد الرزاق) في سنة 868 هـ. تقدّم برقم (219).
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
انظر عن (فاطمة ابنة إينال) في: إنباء الهصر 16، ونيل الأمل 6/ 345 رقم 2747، وبدائع الزهور 3/ 20.
(5)
هكذا في الأصل، ولعلّها:"البشتخاناة" بالتاء بعد الشين المعجمة -من البشْت-، وهي كساء =
ونزل السلطان فحضر الصلاة عليها، وحُملت إلى تربة أبيها فدُفنت بها.
511 -
قاسم بن عبد الرحمن
(1)
بن محمد بن علي بن أحمد الربعيّ الأصل، القاهري، الشافعي.
زين الدين، المعروف بابن الكُوَيك.
ولد بالقاهرة سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم، ثم "العُمدة" و"المنهاج"، وعرض على جماعة من أعيان عصره ذلك، واشتغل شيئاً، وحج، وسافر إلى ثغر الإسكندرية، وتعانى القبانة والخياطة، وكان يرتزق منهما، مع المواظبة على تلاوة القرآن.
وكان إنساناً حسناً، مباركًا جدّاً.
توفي في شعبان.
وقد جاوز التسعين.
512 -
قانِباي الأحمدي
(2)
، الأشرفي.
أحد العشرات ورؤوس
(3)
النُوَب، المعروف بالأعمش. وهو غير قانباي الأعمش نائب القلعة.
كان صاحب الترجمة من مماليك الأشرف إينال، ونُفي بعد موته، وخُلع ولد أستاذه أحمد، ودام مَنفيًّا إلى أن مات الظاهر خُشقدم، فحضر إلى القاهرة.
ولما تسلطن الأشرف قايتباي أمّره عشرة، ثم صيّره من رؤوس
(4)
النُوَب وعيّنه في جملة من عيّن من العشرات إلى شاه سوار في نَوبة الأتابك (جانِبَك قُلقسيز)
(5)
فخرج إليها، ثم عاد بعد الكسرة، ولما بلغ إلى مدينة غزّة بَغَتَه الأجل.
= من صوف غليظ لا أكمام له، أصله: بشتدار الفارسية التي تأتي بمعنى كل ملبوس سميك. (معجم المصطلحات 79).
(1)
انظر عن (قاسم بن عبد الرحمن) في: عنوان الزمان 4/ 443 رقم 424، وعنوان العنوان 215، والضوء اللامع 6/ 182 رقم 6121 وفيه وفاته في شعبان سنة 872، ومثله في المنجم في المعجم 167 رقم 117، ونيل الأمل 6/ 365 رقم 2765.
(2)
انظر عن (قانباي الأحمدي) في: الضوء اللامع 6/ 195 رقم 659، وإنباء الهصر 90 رقم 140، ونيل الأمل 6/ 367 رقم 2770.
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
في الأصل: "روس".
(5)
ما بين القوسين من الهامش.
(وتوفي)
(1)
بالطاعون بالقرب منها في شعبان.
وكان إنساناً حسناً، ساكنًا.
513 -
قانِباي الحَسَني
(2)
، الأشرفي.
أحد العشرات، ووالي القاهرة.
كان من مماليك الأشرف إينال، ونُفي بعده في دولة الظاهر خُشقدم، وتنقّلت به الأحوال إلى أن تسلطن الأشرف قايتباي فأمّره عشرة، ثم ولّاه ولاية القاهرة بعد أصباي البوّاب الماضي ذِكره، وباشرها مباشرة سيّئة، لكنّني حمدته في الكائنة التي أحضره فيها إبراهيم بن الكرَكي الإمام للخانقاة الشيخونية، لما فُتحت خلوته، وقد تقدّمت برُمّتها، فإنّ قانباي هذا لما توجّه بجماعة الخانقاة إلى داره، وباتوا في توكيله ليلة اعتذر إليهم بانه ما فعل ذلك من اختيار نفسه، وأنه مأمور. ثم أصبح فكلّم ابن
(3)
المكوكي في أمرهم وقال: إن بهؤلاء أهل العلم والصُلحاء، ولَطَفَ بقضيتهم، فَحَمَدْتُه على ذلك. ولم تطُل مدّة قانِباي هذا في الولاية.
حتى توفي بالطاعون في ليلة الخميس سادس عشر شهر رمضان، وأُحضرت جنازته لمُصَلَّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضرها في بكرة يوم الخميس.
واستقرّ في الولاية بعده خُشداشه يشبُك من حيدر الذي هو عليها إلى الآن، الماضي ذِكره.
514 -
قان بَرْدي الإبراهيمي
(4)
، الأشرفي.
أحد مقدَّمين
(5)
الألوف بمصر.
كان من مماليك الأشرف إينال، ممن ملكه الأشرف المذكور من كتابية الظاهر جقمق، وأجرى الأشرف إينال عتقه عليه، ثم صيّره من الخاصكية فاختصّ به وأدناه، ثم صيّره من جملة الدوادارية، وبقي ممن له ذِكر وشُهرة في دولته، ومن ذوي الشرور والظلم والعسف والفِتن التي يعرف بها كل أحد، ودام على ذلك إلى موت أستاذه، فامتُحن بعده ونُفي وسُجن، ثم أُطلق وبقي بالبلاد الشامية مدّة.
ولما مات الظاهر خُشقدم حضر إلى القاهرة في سلطنة الظاهر تمربُغا مقتحماً
(1)
ما بين القوسين من الهامش.
(2)
انظر عن (قانباي الحسني) في: نيل الأمل 6/ 369 رقم 2778، وبدائع الزهور 3/ 30.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
انظر عن (قان بردي الإبراهيمي) في: إنباء الهصر 90 رقم 15، ونيل الأمل 6/ 372 رقم 2782، وبدائع الزهور 3/ 32.
(5)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
على الرئاسة، فلم يلتفت إليه الظاهر تمربُغا، ولهذا كان أشدّ العشرة عليه، وممّن تسلّط على الأتابك قايتباي، وحسّن له السلطنة، وكان من أكبر القائمين معه والمداخلين له في ذلك. فلما تسلطن قايتباي أمّره عشرة، ثم صيّره دوادارًا ثانياً عِوضاً عن كَسْباي، على ما تقدّم ذِكر ذلك في محلّه، ووُلّيها من غير سبْق رئاسة قبل ذلك توجب ذلك، فباشر الدوادارية مدّة شهور، ثم رقّاه إلى تقدمة ألف في أسرع وقت وأقربه، وسكن بالدار الذي
(1)
بقرب جامع سُنقُر، وأخذ في أثناء ذلك في إنشاء تربة هائلة بالصحراء خارج الريدانية، وهي تُعرف به الآن، واجتهد في إنشائها بالظلم والعسف الشديد، وقطع مصانعة العمال وضربهم، واستعمال البعض منهم بغير أجرة، فاتفق أن أخذه الله تعالى قبل تمام ذلك، وأراح منه ومن ظلمه وعسفه وجَوره الخارج بذلك عن الحدّ.
وكان شكلاً حسناً، وعنده شهامة نفس وتجمّل وفروسية، مع تكبُّر وجبروت زائد.
توفي في يوم الجمعة سادس شوال في أواخر الطاعون.
وقد جاوز الثلاثين سنة.
وجُهّز وأُحضرت جنازته لمُصَلَّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه، وحُمل إلى تربته التي أنشأها بالظلم فدُفن بها.
515 -
قانصوه الجُلُبّاني
(2)
.
أحد الأمراء الطبْلخاناة بدمشق، والحاجب الثاني بها، المعروف بنائب بَعْلَبَكّ.
كان من مماليك جُلُبّان نائب الشام الماضي ذِكره، وكان وُلّي نيابة بَعْلَبَكّ في أيام أستاذه فيما أظنّ، وتنقّلت به الأحوال بعده حتى وُلّي الحجوبية الثانية بدمشق على إمرة طبْلخاناة بها. وخرج في جملة العسكر الشامي.
وتوفي قتيلاً في ذي الحجّة في نَوبة قرقماس الجَلَب.
ويقال إنه كان لا بأس به.
516 -
قانَم الأشرفي
(3)
.
أحد مقدّمين
(4)
الألوف بحلب، ودوادار السلطان بها، المعروف بطاز.
(1)
في الأصل: "التي".
(2)
انظر عن (قانصوه الجلباني) في: الضوء اللامع 6/ 199 رقم 188، ونيل الأمل 6/ 382 رقم 2801.
(3)
انظر عن (قانم الأشرفي) في: إنباء الهصر 88، 89 رقم 21، ونيل الأمل 6/ 347 رقم 2752، وبدائع الزهور 3/ 21.
(4)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، ومن صغار خاصكيته، ودام خاصكيّاً مدّة إلى أن تسلطن المنصور عثمان بن الظاهر جقمق، فقرّبه وأدناه، وأقطعه حصّة جيّدة بجيبين القصر، وصار من أعيان الخاصكية الثقال، فجازاه على ذلك بأن كان في حزب الأتابك إينال لما وثب عليه وخلعه وتسلطن.
ولما تسلطن -أعني الأشرف إينال- أمّره عشرة، وصيّره من رؤوس
(1)
النُوَب، ولم يزل على ذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأمّره طبْلخاناة، وصيّره خازنداراً كبيراً، ثم قبض عليه في جملة من قبض عليه من خُشداشيه الأشرفية بالقصر، وسُجن مدّة، ثم أُخرج إلى البلاد الشامية، وآل أمره أن قُرّر في جملة مقدّمين
(2)
الألوف بحلب ودوادارية السلطان بها، وخرج مع من خرج لقتال شاه سوار في نوبة الأتابك جانِبَك قُلَقْسيز، فقبض عليه هو والأتابك المذكور في يوم الوقعة الماضي ذِكرها، وسُجنا معاً. وكان قد قرّر عليه شاه سوار مبلغاً لفدائه، فما أذِن السلطان بأن يبعث إليه ذلك.
فاتفق أن توفي في سجن سوار في ربيع الأول.
وهو في الستين من العمر، أو أكملها.
وكان موصوفًا بشجاعة وإقدام ومعرفة بالفروسية، مع تديّن، بطَيش وخفّة، وشُحّ زائد، وتكبُّر، وسوء أخلاق.
517 -
قانَم اليوسُفي
(3)
، الظاهري.
أحد العشرات ورؤوس
(4)
النُوَب، المعروف بنَبْصا
(5)
.
كان من مماليك الظاهر جقمق، وصار خاصكيّاً في دولة الظاهر خُشقدم. ولما تسلطن الأشرف قايتباي خُشداشه أمّره عشرة، وخرج إلى تجريدة شاه سوار في نوبة الأتابك أُزبَك.
وبها توفي قتيلاً في يوم الوقعة في ذي الحجّة.
قال الجمال ابن
(6)
تغري بردي في ترجمته: وكان من الأشرار.
(1)
في الأصل: "روس".
(2)
الصو اب: "مقدَّمي".
(3)
انظر عن (قانم اليوسفي) في: إنباء الهصر 112، 113 رقم 36، والضوء اللامع 6/ 820 رقم 691، ونيل الأمل 6/ 381 رقم 2798، وبدائع الزهور 3/ 35.
(4)
في الأصل: "روس".
(5)
نَبصا: لفظ جركسي، معناه: واسع العين.
(6)
في الأصل: "بن".
وأما أنا فلا أعرفه.
و"نبصا" معناه بالجركسية واسع العين.
518 -
قايت الظاهري
(1)
.
أحد العشارات، ورؤوس
(2)
النُوَب، المعروف بالبوّاب، وبالأجرود أيضًا. وربّما عُرف بالأبرص.
كان من أعيان مماليك الظاهر خُشقدم، ومن خواصّ خاصكيّته، ثم صيّره بوّابًا، وصار له ذِكر في دولته وشهرة، وقُصد لمهمّات فأنهاها عند أستاذه، ثم اعتراه بياض فاغتمّ أستاذه بسببه، فقام إنسان من الأروام من قاطني الخانقاة الشيخونية، يقال له يوسف الرومي، وربّما قيل له الحكيم، إنسان من الجَهَلَة، فادّعى أنه يداويه ويُبْرئه، وتردّد إليه مدّة مطوّلة وسقاه الاني بلال (؟) غير ما مرة، وقدَح مواضع البياض، وعجز في ذلك، ثم تحمّل له صابع (؟) وأظهر أنه أبراه، وألبسه الظاهر خُشقَدم خلعة، وما نجع أمر قايت المذكور، ولما مات أستاذه تأمّر عشرة في دولة الظاهر يَلَباي، وصُيّر من رؤوس
(3)
النُوَب. ولم تطُل مدّته حتى تسلطن الأشرف قايتباي، فنفاه إلى حلب، وبها بَغَتَه الأجل.
وتوفي في هذه السنة.
وكان شجاعاً مقداماً، عصبية، فظّاً، غليظاً، متهوّراً، غير مشكور.
ومات ولم يبلغ الأربعين.
واسمه مُفرد معناه بالتركي: "ارجع" إن كانت لم تكن غلطاً عن "قايد"، فإن كانت فمعناها "السعل"، والألِف فيهما معاً للإشباع.
وقايتباي من هذه بزيادة باي.
519 -
قجماس الحَسَني
(4)
، الظاهري.
أحد الطبْلخانات ورؤوس
(5)
النُوَب، المعروف بالطويل.
كان من مماليك الظاهر جقمق، وصُيّر خاصكيّاَ بعده، ودام على ذلك إلى أن تسلطن الظاهر خُشقدم فصيّره من جملة الدوادارية، ثم أمّره عشرة، ودام على ذلك
(1)
لم أجد له ترجمة.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
انظر عن (قجماس الحسني) في: نيل الأمل 6/ 380 رقم 2794، وبدائع الزهور 3/ 35.
(5)
في الأصل: "روس".
إلى سلطنة الظاهر يَلِباي، فبعثه بحمل بُرْدُبك البَجْمَقْدار بعد خلاصه من أسر شاه سوار إلى البيت المقدس.
ولما تسلطن الأشرف قايتباي خُشداشه طلب منه الدوادارية الثانية، فما أجابه إليه، وأمّره طبْلخاناة، وأعطاها -أعني الدوادارية- لقان بردي الماضي، ومع تأميره إيّاه طبلخاناة فما رضي، وصار في غبن وقهرٍ عظيم. ثم عيّنه السلطان في التجريدة صحبة الأتابك أُزبَك.
وبها توفي قتيلاً في يوم موت قرقماس الجَلَب في ذي الحجة.
وكان لا بأس به، وعنده شجاعة ومعرفة بالفروسية وأنواع الأنداب، مع شمم زائد وتعاظُم.
واسمه تقدّم الكلام عليه في سنة تسعٍ وستين.
(ترجمة قرقماس الجلب أمير سلاح)
(1)
520 -
قرقماس من يشبُك
(2)
(خُجا)
(3)
الأشرفي.
أمير سلاح، ثم أمير مجلس.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، ويُذكر بقرابته لبَرسباي قرابة بعيدة. ويقال: معرفته له من بلاده فقط. وهو الذي بعث بجلبه إلى هذه البلاد، فلما أحضر به إليه جعله خاصكيًّا في يوم قدومه عليه، ولهذا قيل له: الجَلَب.
ووهِم من قال إنه جعله من الطبلخاناة في يوم قدومه، بل ولا من العشرات. نعم أمّره عشرة بعد ذلك بمدّة يسيرة، ودام على ذلك إلى سلطنة الظاهر جقمق، وهو الذي صُيّر من الطبْلخاناة لأدبه وسكونه وحُسن سمته وعقله من يومه، واستمر على ذلك مدّة سلطنة الظاهر كلها وما نكُب، مع أنه كان من خواصّ الأشرف.
ولما تسلطن المنصور عثمان صيّره من مقدَّمين
(4)
الألوف على تقدمة دَولات باي الدوادار، حين قبض عليه.
ثم لما تسلطن الأشرف إينال صيّره رأس نوبة النُوَب، ودام على ذلك مدّة
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
انظر عن (قرقماس من يشبك) في: إنباء الهصر 111، 112 رقم 35، والضوء اللامع 6/ 218 رقم 726، ووجيز الكلام 2/ 807، 808 رقم 1861، والذيل التام 2/ 228، ونيل الأمل 6/ 377 رقم 2787، وبدائع الزهور 3/ 34، 35.
(3)
كتبت فوق السطر.
(4)
الصواب: "من مقدَّمي".
إلى سلطنة المؤيَّد أحمد ابن
(1)
الأشرف إينال، فرقّاه إلى إمرة مجلس، عِوضاً عن جَرباش كُرْد، لما نُقل إلى إمرة سلاح، عِوضاً عن خُشقدم الناصري، لما نُقل إلى الأتَابكية، عِوضاً عن أحمد نفسه، لما تسلطن بعد والده الأشرف، فلم تطُل مدّته في إمرة مجلس حتى تسلطن الظاهر خُشقدم، فنقله إلى إمرة سلاح في أول يوم من سلطنته، عِوضأ عن جرِباش [الذي]
(2)
نُقل إلى الأتابكية عِوضاً عن خُشقدم، بحكم تسلطنه بعد خلع المؤيَّد ابن
(3)
الأشرف على ما عرفت كلّاً
(4)
من هذه التنقلات في محالّها، واستقر في إمرة مجلس بعده قانَم التاجر، واستمر قرقماس هذا على إمرة سلاح مدّة خُشقدم كلها. وتولّى الأتابكية سنة اثنتين
(5)
، وهو لا يتكلّم ولا يُبدي ولا يُعيد، والعادة جرت أن يليها أمير سلاح. ولما تمرّض الظاهر خُشقدم كان قد عيّنه للخروج بتجريدة إلى الوجه القِبلي، على ما عرفتَ ذلك في محلّه، وما جرى في ذلك إلى أن مات خُشقدم وتسلطن يَلَباي، فبعث إلى قرقماس في يوم سلطنته وهو مقيم بساحل مصر، كان قد بَدَرَ للسفر بأن يخرج، فخرج من يومه، ثم بعث يَلَباي في إثره من قبض عليه، وبعث به إلى سجن ثغر الإسكندرية، ولم تطُل مدّته بالسجن حتى خُلع الظاهر يَلَباي، وتسلطن الظاهر تمربُغا، فبعث إليه بإطلاقه وتوجُّهه إلى ثغر دمياط. واتفق في يوم خروجه من السجن دخول يَلَباي إليه، على ما قدّمنا ذلك أيضاً. ولما توجّه إلى ثغر دمياط أقطعه الظاهر تمربُغا إمرة عشرة يأكلها هناك.
ثم لما تسلطن الأشرف قايتباي استقدمه إلى القاهرة، وولّاه إمرة مجلس، عِوضاً عن أحمد بن العَيْني. وكان جانِبك قُلَقْسيز قد وُلّي الأتابكية، فصار يُجلس قرقماس تحته بعد أن كان يجلس فوقه بعدّة أنفار، في دولة الظاهر خُشقدم، والستة الأنفار الذين تعدّوه إلى الأتابكية هم: قانَم، ويَلَبَاي، وتمربُغا، وقايتباي، وجانبك قُلَقسيز، وأُزبَك.
ثم عيّنه الأشرف قايتباي إلى التجريدة لما عيّن أُزْبَك الأتابك. وقد قدّمنا كيف طلب الاستعفاء من ذلك في يوم نزول النفقة إليه، فما أجيب إلى ذلك. ولما خرج إلى سوار وجرى ما قدّمنا ذِكره.
توفي قرقماس هذا قتيلاً في يوم الكائنة في المضيق، وذلك في ذي الحجة، ولم يوقف له على خبر، ولا وُجِدت رِمّته، ولا عُلمتْ كيفيّة قتْله أصلاً إلى يومنا هذا.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "له ولما".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "كل".
(5)
في الأصل: "سنة اثنان".
وكان قرقماس هذا إنساناً حسناً، وأميراً جليلاً، شهماً، عاقلاً، أدوباً، حشماً، ذا وقار وتُؤدة، وحُسن سمت، وسلامة فِطرة، وصِدق لهجة، قليل الشرّ، بل عديمه، من كبار الأعيان من الأشراف لم يُداخلهم في أمورهم ولا أحوالهم ولا شاركهم يوماً من الدهر في فتنة وقيام ولا غير ذلك، ولم يتعدّ طوره ولا رأى مكدّراً قطّ سوى تلك القضية الهيّنة الكائنة له في دولة يلباي على ما عرفتها وتزوّج يملك باي أم ولد أستاذه الشهابي أحمد بن الأشرف بَرْسباي، وهو الذي ربّاه في حجره، وداره على ما عرفتَه في ترجمة الشهابي أحمد المذكور.
وكان كثير المحبّة والمودّة للوالد يُجلّه ويعظّمه، بل صرّح له في أحيان بقوله: أنت في مقام أستاذنا.
وبالجملة فكان من نوادر الأمراء ومن أجلّهم.
521 -
قوزي الظاهري
(1)
.
أحد العشرات، ورؤوس
(2)
النُوَب.
كان من مماليك الظاهر جقمق في حال إمرته، وجعله خاصكيّاً بعد مدّة من سلطنته لصِغَر سنّه. ثم جعله بعد ذلك ساقيًا، ودام على ذلك إلى سلطنة المنصور عثمان بن أستاذه الظاهر المذكور فأمّره عشرة.
ولما جرت الكائنة التي خُلع فيها المنصور كان قوزي هذا من حزبه بالقلعة مع من كان معه، فامتُحن بالنفي إلى البلاد الشامية، ودام بها مدّة إلى سلطنة الظاهر خُشقَدم، فاستقدمه وأمّره عشرة أيضاً، ثم صيّره من رؤوس
(3)
النُوَب، ودام على ذلك حتى تسلطن خُشداشه الأشرف قايتباي، فعيّنه إلى التجريدة الماضي خبرها، فتوجّه وعاد متمرّضاً، ودام إلى أن بَغَتَه الأجل.
وكان ذا حُسن سمْت وتؤدة، وأدب، وحشمة، وتديّن، وسكون، مع حُسن هيئة وشكالة.
توفي بالقاهرة بمرضه الذي عاد به في يوم الجمعة ثامن جماد الأول، وهو كهل.
وجُهّز وأحضرت جنازته لمصلَّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه.
(1)
انظر عن (قوزي الظاهري) في: إنباء الهصر 89 رقم 13 وفيه: "فوزي"، والضوء اللامع 6/ 225 رقم 758، ونيل الأمل 6/ 354 رقم 2754.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
في الأصل: "روس".
واسمه مُفرد، والواو فيه للإشباع، ومعناه بالتذكير:"حَمَل" وهو اسم عَلَم لولد النعجة، ثم استُعمل عَلَماً على الشخص.
522 -
لاجين السيفي
(1)
.
جَرِباش كُرْد الخاصكي.
كان من أعيان الخاصكية، ولا أعلم سيّده الأصلي الآن، وخدم عند جَرِباش المذكور حين تأمّر عشرة، ودام يلازم خِدمته مدّة، واختص به وقرّبه وأدناه، وترقّى إلى الخاصكية بواسطته. وكان إليه المرجع بدار الأتابك جرِباش، وأثرى وحصّل مالًا طائلاً لانتمائه إلى جرِباش، وجهّز ابنته له جهازاً هائلاً، بحيث كان يناظر الخَوَند شقراء حين تجهيز إحدى بناتها في فعله لابنته مثل فعلها.
وكان له ذِكر وشُهرة، لا سيما بدار أستاذه جرِباش المذكور.
وتوفي في هذه السنة، فيما يغلب على ظنّي.
وكان عاقلاً سيوساً، أدوباً، عارفاً، لا بأس به.
واسمه عَلَم بالتذكير على طائر.
523 -
لؤلؤ الأشرفي
(2)
، الرومي.
الطواشي زين الدين، الزمام والخازندار.
كان من خدّام الأشرف بَرْسْباي، وترقّى بعده من الجَمْدارية إلى السقاية، ولا زال حتى وُلّي تقدمة المماليك في دولة الأشرف إينال، ثم صرف عنه، ثم وُلّي في دولة الظاهر خُشقدم وطبقَتَي الزمامية والخازندارية، ثم صرف عنهما، ولزم داره بعدما صودر غير ما مرة، حتى بَغَتَه الأجل.
وكان ذا أدب وحشمة ووجاهة في الدول، مع إسراف على نفسه.
توفي بطّالًا بداره بعد مرض طال به في ليلة الجمعة سادس عشرين شعبان.
وقد جاوز السبعين.
ووهِم من قال: (ناهزها)
(3)
.
(1)
لم أجد له ترجمة.
(2)
انظر عن (لؤلؤ الأشرفي) في: إنباء الهصر 91 رقم 16، والضوء اللامع 6/ 233، 234 رقم 808، ووجيز الكلام 2/ 808 رقم 1864، والذيل التام 2/ 229، ونيل الأمل 6/ 366 رقم 2768، وبدائع الزهور 3/ 30.
(3)
عن الهامش.
524 -
لؤلؤ الشريفي
(1)
، الظاهري.
صاحبنا الطواشي، زين الدين، الشابّ الذكيّ، الظريف.
كان من صغار خدّام الظاهر خُشقدم، إلّا أنه كان مختصّاً به، فحبّب إليه لمعرفةٍ كانت عنده وانتسابٍ لطلب العلم.
وكان فهماً، يقِظاً، حذقاً، فصيحاً بلغة التُرك.
قرأ عليّ شيئاً في الفقه وغيره.
وكان يستحضر الكثير من جيّد الأشعار باللغة التركية ويدرك معانيها الغامضة.
توفي بالطاعون في أواخر شعبان.
ولم يبلغ العشرين فيما أظنّ.
525 -
مال باي
(2)
بن سليمان بن محمد بن خليل بن قراجا بن دُلغادر التركماني، البوزاقي، الدُلغادري.
أخو شاه سوار وأحد أركان دولته وأعيان إخوته.
وقد سمّاه الجمال ابن
(3)
تغري بردي في تاريخه "الحوادث": "مغلباي"، وتبِعه على ذلك بعضٌ وهم واهمون في ذلك.
فأمّا الجمال فلعلّه معذور في ذلك، فإنه وصفه ابتداءً ببادي الرأي، ثم مات قبل تحرير ذلك، فإنه من آخر ما وصل إليه في تاريخه المذكور، ومات بعد ذلك بقليل.
وأمّا من تبعه على ذلك من بعض مؤرّخي
(4)
الصعيد فأنا متعجّب منه كيف ما حزر ذلك مع طوَل المدّة بعد ذلك؟!
ومعنى مال باي بالتركية: "مال أميرٌ" أو "أميرُ مالٍ"، فالمال عربيّ، والباي معناه: الأمير بلغة التُرك على ما تقدّم ذلك آنفاً. ومن التُركمان من يفخّم باي، فعلى هذا لا يكون معناها الأمير، بل لفظة باي المفخّمة معناها:"الغِنَى" أو "السعادة"، فيكون حينئذٍ معناهما:"مال غنيّ" أو "غِنَى مال"، ثم استُعمل عَلَماً. ورأيت الكثير من التركمان ينطقون بالثاني وليس هو من أسماء الأتراك، بل هو من نوادر الأسماء.
(1)
لم أجد له ترجمة.
(2)
انظر عن (مال باي) في: إنباء الهصر 71، ونيل الأمل 6/ 375 رقم 2785.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "من بعض مؤرخو".
كان مال باي هذا حضر مع أخيه في الكائنة التي تقدّم خبرها في المتجدّدات، وانهزم سوار وظفر بأخيه هذا بعد أن أُثخن بجراحات ببدنه، وآلت به إلى الموت، فحُزّت رأسه في شوال، وبُعث بها إلى القاهرة مع اثنين
(1)
من رؤوس
(2)
جماعة من سوار الأعيان، فطيف بهم شوارع القاهرة وعُلّقوا أياماً بباب النصر.
وكان مال باي هذا أقطعًا، وله بأخيه سوار مزيد الاختصاص والتقرب، وكان عنده من أجلّ إخوته الباقين، وكان يوصف بالشجاعة والإقدام مع تعطّله من إحدى يديه.
ومات شابّاً.
(ترجمة أصيل الخُضَري)
(3)
526 -
محمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن يوسف بن عبد الرزاق بن عبد الله المغربيّ الأصل، الهَنْتَاتي
(4)
، الموحدي، القاهري، الشاذلي، المالكي.
الشيخ الفاضل، المفنّن، الكامل، البارع، أصيل الدين، المعروف بابن الخُضَري
(5)
.
ولد بالقاهرة في يوم الأربعاء سابع عشرين محرّم سنة ثمانٍ وثمانين وسبعمائة.
هكذا ذكره ابن
(6)
فهد بخطّه.
وذكر بعضهم أنه ولد في سنة أربع وتسعين، فاللَّه أعلم. ولعلّ الأول الأقرب، فإنني كنت لما قدمت من المغرب في مشة إحدى وسبعين جاورت صاحب الترجمة، فسألته عن سِنّه، فذكر لي أمارات تدلّ على ما قلته.
ونشأ بالقاهرة أيضًا ذكيّاً، فطِناً، يقِظاً، عارفاً، فحفظ القرآن العظيم، ثم "الرسالة" لابن أبي زيد، أخبرني ذلك عن نفسه، وحفظ غيرها من الكتب أيضاً،
(1)
في الأصل: "مع اثنان".
(2)
في الأصل: "من روس".
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
الهَنْتاتي: بفتح الهاء، ثم نون ساكنة وفوقانيتين بينهما ألِف. نسبة لبلدة بمرّاكش.
(5)
انظر عن (ابن الخضري) في: عنوان الزمان 4/ 152 - 154 رقم 437، ومعجم شيوخ ابن فهد 200، 201 وفه:"الخُضَري " بضم الخاء المعجمة، وفتح الضاد المعجمة، والضوء اللامع 6/ 262 - 264 رقم 901، ونيل الأمل 6/ 341 رقم 2744، وبدائع الزهور 3/ 19.
(6)
في الأصل: "بن".
واشتغل فأخذ عنه جماعة من علماء عصره من سائر المذاهب، وحضر دروس كثير من الأكابر، وسمع الحديث من جماعة. وكان على ذهنه طرف
(1)
من الطبّ، لكنه كان يخلّط فيه الخبط.
وكان مفنّنا، فاضلًا، مشاركًا. وكان له مداعبات وأشياء تُحكى عنه إلى يومنا هذا من المضحكات النادرة، وكان لا يُملّ منه ومن مجالسه، وكان الأعيان من أكابر الرؤساء يتمنّون لقاءه
(2)
، وعرف الكثير منهم وصحِبهم، وحصل له بآخرة شبه اختلال، ثم حصلت له رعشة شديدة.
وكان متزوّجاً بالمصونة فرَج
(3)
ابنة شعبان بن النحاس
(4)
رئيس الجرائحية، وكان يسكن بدارها بسُويقة ابن
(5)
عبد المنعم، وكانت من خيار النساء، ذات خير وبرّ وتديّن، ولها علينا فضل ومروءة.
ماتت في سنة ست وثمانين.
وتوفي أصيل صاحب الترجمة في محرّم فيما أظنّ.
(ترجمة الحسام ابن
(6)
حُرَيز
(7)
)
(8)
527 -
محمد بن أبي بكر بن محمد بن مُحرز بن أبي القاسم الهاشمي، القرشي، العلوي، الحسيني، المغربيّ الأصل، الطهطائي، المنفلوطي، القاهري، المالكي.
الشيخ العالم، الفاضل، الكامل، حسام الدين، أبو عبد الله، قاضي القضاة المالكية، السيد الشريف، المعروف بابن حُرَيز. وبقيّة نسبه قد تقدّم في ترجمة أخيه عمر في المتجدّدات حين ذِكرنا لولاية القضاء إيّاه بعد صاحب الترجمة.
ولد الحسام هذا بمنفلوط في العشر الأخير من شهر رمضان سنة أربع وثمانمائة.
(1)
في الأصل: "طرفًا".
(2)
في الأصل: "لقاوه".
(3)
لم أجد لها ترجمة.
(4)
لم أجد له ترجمة.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
انظر عن (ابن حريز) في: إنباء الهصر 56 و 97 - 101 رقم 20، والضوء اللامع 7/ 191 - 193 رقم 454، ووجيز الكلام 2/ 804، 805 رقم 150، والذيل التام 2/ 224، 225، وذيل رفع الإصر 258، ونظم العقيان 142، وفيه:"ابن حُوَيز" وهو تحريف، ونيل الأمل 6/ 362، 363 رقم 2763، وبدائع الزهور 3/ 28.
(8)
العنوان من الهامش.
وقدم مع أبيه إلى القاهرة وهو صغير، فقرأ
(1)
بها القرآن العظيم على الجمال ابن
(2)
الإمام الحسني الشريف، وجوّده، ثم تلاه بمكة بالسبع على الشيخ محمد الكيلاني أحد أصحاب الشمس ابن
(3)
الجَزَري، ثم حفظ "العمدة"، و"الشاطبية" قبل ذلك، و"الرسالة" لابن أبي زين، و"الألفية"، كل ذلك في حالة صِغره، وعرض على الجمال الأفقهُسي، والبدر الدماميني، والشمس البساطي، والجلال البُلقيني، والولي العراقي، والعزّ ابن جماعة، والحافظ ابن
(4)
حجر، والتلواني، وآخرين. ثم اشتغل بالعلم فأخذ عن الشيخ عُبادة، والشمس البساطي، والشمس العمادي، وغيرهم. وسمع الحديث على الولي العراقي، وبمكة المشرّفة على الزين ابن
(5)
عباس. ووُلّي قضاء بلده عن الحافظ ابن حجر فمن بعده، ثم تدرّك الأعمال المنفلوطية مدّة، ووقع له بها أمور يطول شرحها. وفي تلك الأيام ورد عليه يخش باي الأشرفي، فتقاولا حتى أثبت عليه بعد ذلك بأنه وقع في حقّه بما يقتضي التكفير، كَوْنه سبّه، وكان ذلك ذريعة لقتل الظاهر يخش باي فيما يزعم بالشرع.
وفد أُخبرتُ من كثير ممن أثق به من أهل منفلوط، بأن الحسام هذا قام في تلك الكائنة لغرضٍ ما، والله أعلم.
وكان كثير الدولبة للأقصاب وعمل السُّكّر، وله الكثير من المستأجرات والمزدرعات وغير ذلك من أنواع المتاجر، وأثرى من ذلك ومن غيره جدّاً، واتّسع حاله، وشُهر ببلده، بل بالصعيد كله، بل بالقاهرة، وقطنها على ما هو عليه من الدولبة واتساع الدائرة، وآل به الأمر أن وُلّي القضاء المالكية بمصر بعد وفاة الولي السنباطي، وكان القائم بولايته الجمال بن كاتب جكم طمعاً في ماله، فوليه في التاريخ الماضي في محلّه من كتابنا هذا، وباشره بعفّة وحُرمة وافرة وشهامة، وأخذ في الانكباب على المطالعة والاشتغال بإلقاء الدروس ومطالعة كتب الحديث والتفسير والفقه والأدب والتاريخ، فإنه لما وُلّي صار يُلمز بأشياء، منها: كونه غير عالم، وصار يستحضر بواسطة صهره، ودأبه الكثير من ذلك الذي دأب له.
وكان ذكيّاً، سريعاً في فهمه وإدراكه، ولم يكن من العلماء، ومن عدّه منهم فلغرضه عنده، فرحِم الله امرءاً عرف نفسه فلم يتعدّ طوره.
وكان الحسام هذا لا يتزايا
(6)
بزِيّ القضاة غالباً، بل كان يركب الفرس،
(1)
في الأصل: "فقراء".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "لا تزايا".
ويصغّر عمامته، ولا يستعمل الطيلسان ويلبس اللبودة البياض، بل وغيرها من ذلك بالسجف الحرير الملوّن حتى يظنّه من لا يعرفه إذا رآه أنه من التجار. واقتنى الكتب النفيسة، وعمّر المباني الحسنة. وكان يتناهى في مساكنه وملابسه ومراكبه ومآكله ومشاربه ومناكحه، وحشمه وخدمه، بل وفي جميع شؤونه
(1)
. وقام في قضائه بأمورٍ كثيرة كبيرة، منها قيامه في صرف علي ابن
(2)
الأهناسي عن الوزارة، وتكلّف في ذلك إلى نحو الثلاثين ألف دينار، أو زيادة على ذلك، لا لله ولا لأبي عبد الله. وكان في ذلك ذريعة طمع أرباب الدولة فيه، بزيادةٍ عما كانوا، بل وتنبههم عليه، بل ودام في عكس ذلك إلى موته.
ووُلّي الحسام هذا عدّة من الوظائف الدينية غير القضاء، منها تدريس المالكية بالخانقاة الشيخونية، وليه عن الشرف العجيسي بتستُّر بينهم، بما لا طائل تحته، بل وربّما أراد البعض من صوفيّتها من أهل درسه إفضاحه، وأحسّ هو بذلك، فراشاهم
(3)
حتى استحوا من إحسانه إليهم، فأذعنوا له. وكان إذا حضرت إليه جامكية الشيخونية فرّق ذلك في طلبتها بالنَوبة على يد نقيب درسها. وكان بيده أيضاً درس الفقه للمالكية بجامع ابن
(4)
طولون. وكان من كثرة إغداقه على الطلبة والفُضلاء، وكثرة تكرّمه عليهم يزدحمون في دروسه، لا لأجل الفائدة، فإنه كان منهم من هو أفضل منه بمراحل. ولم يزل على ما هو عليه حتى بَغَتَه أجَله وهو على شهامته وفخامته وضخامته ومنصبه. وكان داهية من دواهي الدهر، مفوَّهاَ، فصيحاً، شهماً. واسع البذل والعطاء، كثير السماحة والسخاء، كريم التعبير جداً، كثير البشر والبشاشة، حسن السمت والملتقى، يقوم في قضاء حوائج من قصده، وكان يَعاب بكثرة التخليط والتخبيط والقيام في أغراض نفسه بكل ما أمكنه واستفراغ جهده في ذلك ولا عليه من ذهاب الأموال، بل والأنفُس في ذلك، بل ولا ذهاب ماله هو، ويحمل الكثير من الديون بأخرة، حتى كان دخله لا يفي بخرجه، والذي له لا يفي بما عليه. ولطف الله تعالى به أنْ فرغ أجله وإلّا كان انكشف حاله، لا سيما وقد كان يشبُك الدوادار من أكبر المحطّين عليه، وكان الأمر بينهما على السكون لهذه المدّة والأمد، ولو بقي بعدها لما ناله منه الخير، لكنْ حصل على أخيه السراج بعده بسببه ما لا خير فيه، وكان ذلك سبباً للأول لعزله على القضاء على ما قدّمناه في ترجمته.
وكان الحسام هذا أستاذاً في رمي البُندق ورمي طيور الواجب بأسرها، بل
(1)
في الأصل: "شونه".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
هكذا، والصواب:"فرشاهم".
(4)
في الأصل: "بن".
كان حَكَماً بين رُماة البندق ويفتخر بذلك، وبالجملة فكان من النوادر في كثير من الأشياء، وقصده الكثير من الشعراء وامتدحوه بكثير من القصائد الطنّانة. وكان كثير العطاء لهم.
وتوفي في ليلة الإثنين مستهلّ شعبان، وأُخرجت جنازته حافلة جدّاً، وكادت القاهرة أن ترتجّ لموته، وتقدّم في الصلاة عليه أخوه السراج، ووُلّي القضاء عِوضاً عنه بعده على ما تقدّم.
ويقال إن نسبهم فيه شيء، واللَّه أعلم.
528 -
محمد بن أحمد بن عمر الشِنْشِي
(1)
، القاهري، الشافعي.
الشيخ الإمام، العالم، البارع، الفاضل، شمس الدين.
ولد بالقاهرة من ظواهرها قبل السبعين وسبعمائة أو بعدها بيسير تقريباً
(2)
.
وبها نشأ فحفظ القرآن الكريم في عدّة كتب، منها "الرسالة الشمسية" في المنطق، ونشأ مشتغلاً بالعلم، فأخذ عن جماعة، منهم: البرهان الإبناسي، والسراج البُلقيني، والشمس العراقي، والشمس الشطّنوفي، وآخرون
(3)
من الأكابر. وسمع الحديث على الزين العراقي، وصحب الشيخ علي المغربل، وشُهر بالفضل والعلم، وناب في القضاء بالقاهرة وبعض ضواحيها وبالمحلّة وغيرها، وتصدّى للإفادة والتدريس بالجامع الأزهر، وانتفع به الكثير من الطلبة وأخذوا عنه طبقة بعد طبقة. وناب في تدريس الصلاحية المجاورة لقبّة الإمام الشافعي رضي الله عنه، عن السراج الحمصي، وولي مشيخة الأستادّارية، وهو أول من أخذ عن الإبناسي، والبُلقيني.
وكان عالماً فاضلاً، يستحضر الكثير من الفقه والأصول والعربية، ذا تقشُّف زائد وتواضع، خيّراً، ديِّناً، متقلّلاً من الدنيا عديم التكلّف، طارحاً له جداً، حتى احتيج إلى الاعتذار عنه بسبب طعن البعض فيه من أجل ذلك. وكان منجمعاً عن الناس، وانقطع بأخرة عن الإقراء، بل والحركة لِكِبر سِنّه، واعتراه حالة تشبه الاختلال وتقرب منها.
(1)
في الأصل: "الشننتي "، وانظر عنه في: إنباء الهصر 96 رقم 18، والضوء اللامع 7/ 34 رقم 64، ووجيز الكلام 2/ 801 رقم 1841، والذيل التام 2/ 221، ونظم العقيان 136 رقم 127 وفيه:"الشفشي" بالفاء، وهو غلط، ونيل الأمل 6/ 355 رقم 2755، وقال السخاوي: ويعرف بالشنشي وقديماً بين أهل البلاد بقاضي منية أسنا.
(2)
في الضوء اللامع: ولد في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
(3)
في الأصل: "واخرين".
وتوفي عن سنَّ عالية في يوم السبت تاسع جماد الأول.
529 -
محمد بن تَنَم
(1)
من عبد الرزاق.
(نائب الشام)
(2)
ناصر الدين، أحد الأمراء الطبلخاناة بدمشق.
ووهِم الجمال ابن
(3)
تغردي بردي فسمّاه في تاريخه "الحوادث": أحمد ولقبه شهاب الدين. وما عرفتُ ما الذي أوقعه في هذا الوهم، والحال أنه من أبناء طائفته وجنسه.
تقدّم ذكر والده تَنَم نائب الشام.
وولد ولده هذا في سنة خمسٍ أو ستٍّ وثلاثين وثمانمائة.
ونشأ نشأة حسنة، مع معرفة تامّة، وفروسية، وحُسن سمت، وملتقى. وصُيّر من الطبلخاناة بدمشق، وخرج مع العسكر الشامي في تجريدة سوار.
وتوفي بها قتيلاً في نوبة قرقماس الجَلَب في ذي الحجة.
وكان شاباً حسناً، متجمّلاً، حشماً، له ثروة، ومن مماليكه آقباي نائب غزّة الآن، وطوخ البَجْمَقْدار، أحد أعيان الخاصكية للأشرف قايتباي.
وورثه أخوه فرج بن تَنَم الآتي ذِكره في وفيات سنة سبع وثمانين، وهو من غير أمّه، فإن فرج من دَولات قريبة الظاهر جقمق الماضي ذكرها.
530 -
محمد بن جاني
(4)
التركماني، الرمضاني
(5)
، الرومي، الحنفي.
نزيل الخانقاة الشيخونية، أحد فُضلاء طلبة العلم.
ولد ببلاد الأَبُلُسْتَيْن قبل الأربعين وثمانمائة.
وبها نشأ، ثم ارتحل منها إلى بلاد الروم، واشتغل بها، وجال عدّة من بلادها، وقرأ الكثير من الفنون، ما بين صرْفٍ ونحو ومنطق وحكمة وأُصول دين ومَعَانٍ وبيان، حتى صار له ميزة. ثم قدم القاهرة بعد سلطنة الظاهر خُشقدم، فقطنها بالخانقاه الشيخونية، ورتّب له بها شيء على غيبة صوفتها، وأخذ في الاشتغال بالعلوم الشرعية، فلازم شيخنا العلّامه النجم القَرمي، وقرأ عليه الكثير من الفقه وغيره، وأخذ أيضًا عن التقيّ الحصني، وحضر دروساً على شيخنا الكافِيَجي.
(1)
انظر عن (محمد بن تنم) في: نيل الأمل 6/ 382 رقم 2800، وبدائع الزهور 3/ 35.
(2)
ما بين القوسين من الهامش.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
انظر عن (محمد بن جاني) في: نيل الأمل 6/ 387 رقم 2812.
(5)
مشوّشة في المتن. وصحّحها في الهامش.
ثم لازمني مدّة فقرأ عليّ الكثير من الفقه واللغة وغير ذلك.
وكان ذا ذكاء مفرط، ولا زال يدأب في العلوم الشرعية مع البحث الحَسَن، وعرف جماعة من أعيان الأتراك. وبينا هو في أثناء تحصيله بَغَتَه أجلُه.
وتوفي مطعوناً في شهر رمضان.
531 -
محمد بن حمزة
(1)
بن خضر الرومي، الننشاوي
(2)
، الحنفي.
الفاضل، الصالح، محيي الدين، نزيل الخانقاة الشيخونية وأحد فُضلاء الطلبة.
ولد بعد الثلاثين وثمانمائة ببلاد الروم.
ونشأ مشتغلاً بالعلم، وأخذ ببلاده عن جماعة في فنون كالصرف والنحو والمعاني والبيان والمنطق، وشيء
(3)
في الفقه، ثم قدم القاهرة ليحج في وسط دولة الأشرف إينال، فأنزله شيخنا العلّامة الكافِيَجي من جملة الصوفية
(4)
بخانقاة الشيخونية، ورتّب له الخبز والطعام على غيبة الصوفية بها، ثم حج وعاد فلازم الاشتغال، ودأب في تحصيل الفقه وغيره، وأخذ عن جماعة من الأعاجم والأروام والمصريّين، فمن مشايخه النجم القَرْمي، والشيخ عبد الله الأردبيلي، والجمال الكوراني، والعلاء الحصْني، والعلاء الكيلاني، والشرف يونس الأدِرنائي، و (الحميد)
(5)
الطيالسي، وسمع الحديث على الأمين الأقَصُرائي، وحضر الكثير من دروسه ودروس شيخنا العلّامة الكافِيَجي.
وقرأ علي بعضاً من "المصابيح" وجميع "الفصيح" في اللغة، و"أدب الكاتب" فيها أيضاً، وجميع "مقامات الحريري" ورسائل أُخَر، ولازَمَني مدّة.
وكان بحّاثاً بتؤدة وذكاء، وحُسن سمت، وأقرأ بأخرة في بعض طباق القلعة شيئاً من الرسائل الفقهية لبعفبى من الخاصكية، وحين عرض بعض من أقرأه على السلطان أعجبه، وأثاب صاحب الترجمة بمبلغ غير مرة، وحمده على تعليمه، وكتب بخطّه، وكان حسناً، عدّة من الكتب المعتَبَرة، منها:"شرح الكنز" للزَيلعي و"شرح المجمع " لابن فرشه، و"المصابيح" للبَغَوي، والكثير من كتب الفقه والحديث والنحو وغير ذلك.
(1)
انظر عن (محمد بن حمزة) في: نيل الأمل 6/ 86، 387 رقم 2811.
(2)
هكذا في الأصل. وفي نيل الأمل: "الساوى".
(3)
في الأصل: "شيئاً".
(4)
مبهمة في الأصل.
(5)
غامضة في الأصل، وستأتي قريبًا واضحة.
وكان إنساناً حسناً، فاضلًا، خيّراً، ديّنا، بل صالحاً فاضلًا، مشاركاً. ولما تمرّض في طاعون هذه السنة أسند إلى وصيّته وإلى شخص آخر من الأروا أ من أصحابنا يقال له محمد بن الجنيد ستأتي ترجمته، بل وترجمة الجنيد عمّه كلّ في محلّها. وذكر في وصيّته بأن له ورثة ببلاده سمّاهم، وأوصى بثُلُثه لطلبة العلم.
ولما مات بعْنا موجوده وكتبه بجملة جيّدة، وبعثنا إلى وارثه فأرسل وكيلاً بقبض ما يخصّه، ووصل ذلك إلى ورثته على أتمّ وجه.
توفي محيي الدين هذا في شهر رمضان بالطاعون، ودُفن بالقرافة الصغرى.
(ترجمة فتح الدين ابن
(1)
سُوَيد)
(2)
532 -
محمد بن عبد الرحمن بن حسن بن سوَيد
(3)
المصري، المالكي.
القاضي فتح الدين بن وجيه الدين بن بدر الدين.
وقد عرفت ترجمة وجيه الدين في تراجم أول سِنِيّ تاريخنا هذا، فلا نعيد ذلك. وقد عرفتَ ما قيل في أصل بني سُوَيد هؤلاء. وما ذكره الحافظ ابن
(4)
حجر في "إنبائه"، وارجع إليه إن شئت.
ولد صاحب الترجمة بمصر في سنة ()
(5)
.
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم وشيئاً من المتون. وعرض على بعض الأعيان، واشتغل فأخذ عن جماعة من علماء عصره، وسمع الحديث، وتعانى الإتجار
(6)
، ومشت متاجره إلى الكثير من البلاد حتى بلاد المغرب. وناب في القضاء بمصر.
وكان مُثرياً جدّاً نحواً من إسلامه في الترجمة؟. مع بِشرٍ وبشاشة، وحُسن سمت، وبُخل وشحّ.
توفي في ()
(7)
.
وترك ولده الجلال.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
انظر عن (ابن سويد) في: إنباء الهصر 104، 105 رقم 23، والضوء اللامع 7/ 287، 288 رقم 741، ووجيز الكلام 2/ 855 رقم 1852، والذيل التام 2/ 225، ونيل الأمل 6/ 386 رقم 2810، وبدائع الزهور 3/ 36.
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
بياض في الأصل.
(6)
وضع هنا إشارة إلى حاشية بالهامش ولم تظهر.
(7)
بياض في الأصل مقدار ثلاث أو أربع كلمات.
(ترجمة ولده جلال الدين)
(1)
533 -
عبد الرحمن
(2)
.
الشاب الفاضل، البارع، الكامل.
ولد بمصر في سنة ()
(3)
وخمسين وثمانمائة.
ونشأ تحت كَنَف أبيه، فقرأ القرآن العظيم حفظاً، ثم حفظ "مختصر الشيخ خليل"، و"ألْفيّة النحو" وعدّة متون، وعرض على جماعة من أعيان العصر، وتعب عليه والده إلى الغاية، وأشغله بالعلم، فأخذ عن جماعة من غالب أعيان علماء العصر، سمع شيخنا العلّامة الكافِيَجي، والبرهان اللقاني، والنور السَّنْهُوري، وآخرين. وسمع الحديث، وأنجب في حداثة سنّه، وفاق الأقران، ولا زال على (الربكه)
(4)
والاشتغال حتى مات والده، وورث ماله فطغى، وعلى غير ما يراد منه شيء؟، ولا زال يبذّر المال ويستفرقه حتى أذهبه كله، وكان ناب في القضاء، وزاد في إسرافه وتبذيره. مع البأو الزائد والتّيه والزهو والإعجاب، وصار يصحب الأمراء الأكابر ويداخلهم ويخالطهم من غير مناسبة، ويبعث إليهم بل وإلى غيرهم بالهدايا، ويُراشي ويُحابي لا لغرضٍ صحيح، وخرج عن طوره جدّاً، وصار يركب الخيول المسوّمة والبغال، واقتنى الجيّد من ذلك، ومن العبيد الحبش، وتكلّم فيه معهم بما لا يليق، وطاش، وأظهر نذالة أصل جدّه سُوَيد، كما عرفته في ترجمة عبد الرحمن جدّ عبد الرحمن هذا، ودام على ما هو عليه من السَفه والتبذير تحى انتهت، وقُصفت جميع تلك الأموال التي تركها والده من النقد، ثم التفت إلى غير ذلك من الحواصل، ثم (
…
)
(5)
حتى باع الكتب، وكانت شيئاً كثيراً، ثم لم يبق له شيء، وركبته الديون، فأخذ في التصرّف في بعض الأوقاف على مدرستهم. بل وبلغني أنه باع حتى باع ثور الساقية، وحتى قلع الرصاص من المجاري، إلى غير ذلك مما لا يحلّ ولا يجوز، وأخذ أرباب الديون في مطالبته، ووُكّل به غير مرة بسبب ذلك، وبسبب ما باعه من الأوقاف، بل ربّما سُجن. ولما رأى أنه لا يفيده ما هو فيه فرّ من القاهرة مختفياً، ثم ورد علينا خبره من مكة، وليته لما دخلها هضم نفسه وانخفض، وأدّبه الدهر وهذّبه، بل صار على ما هو عليه من البأو والزهو والإعجاب.
(1)
العنوان شبه ممسوح من الهامش.
(2)
لم اجد له ترجمته.
(3)
بياض في الأصل.
(4)
كلمة غير مفهومة: "الربك"؟
(5)
كلمة غير مفهومة: "ونم"؟
فبلغني أن الخواجا ابن
(1)
الطاهر أنس به وإليه، ورثى لحاله وأحسن له، فبلغه عنه أنه قال: ما فعل معي هذا بعض ما فعله والدي معه. والحال أنه كاذب في ذلك، فأعرض عنه المذكور. وهو مقيم بتلك البلاد في أسوأ
(2)
الأحوال. وأمّا العلم فقد ذهب كلّه أو جُلّه.
وله حكايات تطول وتطول. واللَّه تعالى الموفق.
534 -
محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن أبي بكر الطرابُلُسي
(3)
الأصل، القاهري، الحنفي.
القاضي معين الدين بن زين الدين ابن
(4)
قاضي القضاة شمس الدين، أحد نواب الحكم الحنفي، المعروف بابن الطرابُلُسيّ.
كان جدّه قاضي القضاة الحنفية، وهو مشهور الترجمة و ()
(5)
.
ولد صاحب الترجمة بالقاهرة في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة
(6)
وثمانمائة.
وبها نشأ، فحفظ القرآن العظيم، ثم عدّة متون في الحديث والفقه والنحو وغير ذلك، واشتغل يسيرأ على جماعة من علماء عصره، ثم ناب في القضاء، ودام على ذلك مدّة تزيد على الثلاثين سنة، وحج غير ما مرة، ثم ترك تعاني الأحكام ولزم داره، مواظباً على العبادة والطاعة والخير، وداوم على الصيام، واللّه يعفو ما مضى، فإنه لزم الطريق الحميدة بأخرة، حتى تمرّض بدار ولده القاضي كمال الدين الآتي في محلّه، بحارة برجوان، ولا زال بها.
حتى توفي في ليلة الأربعاء رابع رجب.
ودُفن من غده بتربة الصوفية خارج باب النصر، وكانت جنازته مشهورة.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "اسواء".
(3)
انظر عن (ابن أبي بكر الطرابلسي) في: منتخبات من حوادث الدهور 3/ 722، وإنباء الهصر 96، 97 رقم 19 وفيه: محمد بن أحمد بن عبد الرحيم، والضوء اللامع 8/ 52 رقم 60، والمنجم في المعجم 188، 189 رقم 151، ونيل الأمل 6/ 361 رقم 2761، وبدائع الزهور 3/ 27، 28، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2/ 4/ 42 - 44 رقم 1036، وفهرست وثائق القاهرة حتى نهاية عصر سلاطين المماليك - د. محمد محمد أمين - نشره المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة 1981 ص 464 م.
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
كلمة غير مفهومة: "سلسه".
(6)
في الأصل: "اثني عشر".
وترك ولده الكمال المذكور. وستأتي ترجمته في محلّها إن شاء الله تعالى.
535 -
محمد بن عمر بن عمر بن حصن القاهري، الوفائي.
الصوفي، الشافعي، المُسْنِد، شمس الدين، شيخ الذكّارين بجامع الحاكم، المعروف بابن النقاش
(1)
.
ولد في سنة ثمانين وسبعمائة أو بعدها.
وحفظ القرآن العظيم، ثم "العُمدة"، ورُبع "المنهاج"، ونشأ محبّاً في زيارة الصالحين، وكان يكثر منها، وحضر بعض دروس الفُضلاء.
وكان والده يحب الفقراء ومجالس الحديث، فكان يستصحب ولده معه فأسمعه الكثير من المسموعات، ثم قصده الناس للإسماع، وأخذ عنه الفضلاء.
وتوفي في جماد الأول.
(ترجمة أبي الفضل خطيب مكة)
(2)
536 -
محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم بن (عبد الله بن)
(3)
عبد الرحمن بن القاسم بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن عقيل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب العقيلي
(4)
، النويري، المكي، الشافعي.
الشيخ الإمام، العالم، العامل، الفاضل، الكامل، جمال الدين، أبو الفضل ابن
(5)
الفرات
(6)
(. .)
(7)
أبو الفضل، الخطيب ابن
(8)
الخطيب، المعروف بكنيته، وبخطيب مكة.
ولد بها في سنة سبع وعشرين وثمانمائة.
(1)
انظر عن (ابن النقاش) في: نيل الأمل 6/ 362 رقم 2762، وبدائع الزهور 3/ 28.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
انظر عن (العقيلي النويري) في: إنباء الهصر 101 - 103 رقم 21، والضوء اللامع 9/ 31 - 35 رقم 92، ووجيز الكلام 3/ 802 رقم 1843، والذيل التام 2/ 222، وتاريخ البُصرَوي 37، ونظم العقيان 160، 161 رقم 168، ونيل الأمل 6/ 370 رقم 2780، وبدائع الزهور 3/ 31.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
الكلمة مطموسة تقرأ: "الفرات" أو "الفراش".
(7)
كلمتان مطموستان.
(8)
في الأصل: "بن".
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم وكُتُباً، وأخذ عن جماعة منهم والده، وسمع الحديث على جماعة.
وكان ذكيّاَ، يقِظاً، حاذقاً، فطِناً، حادّ الذهن، وأسلافه مشهورون، ولم يزل مجتهداً مُجِدّاً في الاشتغال حتى برع وشُهر، وولي خطابة مكة عن أبيه، وجرت له أمور يطول الشرح في ذِكرها، وقطن بأخرة بالقاهرة إلى أن بَغَتَه بها أجله مطعوناً.
وكان إنساناً حسنأ، عالماً، فاضلاً، خيّراً، ديّناً، كريماً جداً، سمح الأيادي، ذا همّة عالية وشهامة وشهرة، وبُعد صِيت، وحُسن سمت وملتقى.
تصدّر بالقاهرة لنفع الطلبة مدّة إقامته بها، وانتفع به جمع جَمّ، ورُشح مرة للقضاء الأكبر بمصر، بل لعلّه سُئل بذلك فامتنع .. وكان من نوادر الزمان، وقصده الشعراء ومدحوه.
ومما أنشدنيه الأخ أبو الفضل في مدح المذكور، لنفسه، وسمعته منه في رجب سنة سبع وثمانين:
سألت حُداةَ العِيس: أين تُيمّموا
…
مَطَاياكم يا ظاعنين عن الأهلِ
فقالوا: إلى بحر العلوم ومن غدا الـ
…
شرفان خطيباً في محاسنه علي
وفاض على كل الورى نورُ فضله
…
وليس عجيباً
(1)
فيضُها من أبي الفضلِ
توفي في يوم الخميس ثالث عشرين شهر رمضان.
وكانت جنازته حافلة جدّاً، ودُفن بتربة زوجته با ()
(2)
، وكان هو قد أوصى أن يُدفن بداخل مقام الإمام الشافعي في القبّة، واستُؤذن السلطان على ذلك فأذِن له. ثم حصل بسبب ذلك قالٌ وقيلٌ من كثير من العلماء، وكادت أن تقوم فتنة، وتكلّم الكثير من الناس والمجاورين والخَدَمة بقبّة الشافعي حتى عُدل عن دفنه به، ودُفن بالمكان الذي قلناه.
(ترجمة الإمام الشمس الشرواني)
(3)
537 -
محمد بن مرهم
(4)
بن ()
(5)
.
الشيخ الإمام، علّامة الأنام، نادرة الأيام، النحرير، الهُمام، البحر، الحَبْر،
(1)
في الأصل: "وليس عجيب".
(2)
في الأصل: "بالذنكرنه". ولم أتأكد من صحتها.
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
في الضوء اللامع: "مراهم"، وفي إنباء الهصر 92 فراغ في الأصل، أثبت فيه محققه د. حسن حبشي اسم "إبراهيم" وهو غير صحيح.
(5)
بياض في الأصل مقدار كلمتين.
الأستاذ شمس الدين الشَرَواني
(1)
، العجمي، القاهري، الشافعي.
نزيل القاهرة بالظاهرية العتيقة بين القصرين.
ولد بشماخي من بلاد شروان الإقليم في سنة ثمانين وسبعمائة تقريباً.
وبها نشأ وحفظ القرآن العظيم، ثم اشتغل في عنفوان شبابه، فيقال إنه ابتدأ في الاشتغال وله نحو العشرين سنة أو هي، فأخذ عن جماعة من العلماء منهم الأعيان الأكابر كالشيخ سعد الدين محمد السيد الشريف ابن
(2)
السيد الشريف الجُرجاني، والعلّامة القاضي زاده الرومي بسمرقند، والعلّامة الشيخ عبد الرحمن القيشلاعي، وغيرهم، ودأب وجدّ واجتهد في تحصيل العلوم، حتى تقدّم في جميع الفنون، ومهر فيها وبرع، وشاع ذكره وصيته بتلك البلاد، فضلاً عن هذه، وجال بلاد العجم، ثم قدم دمشق فأقرأ
(3)
بها، بل وبغيرها، ثم قدم القاهرة قبل الثلاثين واستوطنها، وانتمى للشيخ نصر اللَّه العجمي، رحمه الله، وجلس لإفادة العلم، وقُصد للأخذ عنه، وازدحمت عليه أفاضل أعيان الطلبة، فأخذوا عنه في سائر الفنون العلمية، واشتدّت به العناية، وكان يحضّهم في الأدب في الجلوس في الدروس (
…
)
(4)
الكلام، بل وفي غير ذلك من آداب المتعلّمين على طريقة العجم وأدب البحث، حضّاً لهم في العلم. وكانت طلبة هذه البلاد تخالف هذا، فيصعب ذلك عليهم جداً، لا سيما بما يأمرهم به، وكان يبعد من لم يتأدّب بهذه الآداب، بل ولا يلتفت إليه. وكان إلى تقريره المنتهى في (أكثر)
(5)
الفنون، بل في كلها، وخصوصاً الحكمة، فإنه كان ماهراً فيها جداً، عارفاً بمباحثها، وكان له خبرة تامّة بمعرفة مقاصد القوم في كتبهم المشهورة في هذه الأيام، مثل السعد التفتازاني، والسيد الشريف الجُرجاني، ونحوهم، عديم المثال في تحرير مناط ما هو مرادهم، مع جودة نقد وحُسن نظر، وأتقن مذهب الصوفية على طريقة الغزّالي، رحمه الله. وكان كثير الاعتناء بشأنه، عارفاً بمقاصده،
(1)
انظر عن (الشرواني) في: إنباء الهصر 92 - 96 رقم 17، والضوء اللامع 10/ 48، 49 رقم 165، ووجيز الكلام 2/ 800، 801 رقم 1840، والذيل التام 2/ 220، 221، ونيل الأمل 6/ 342 رقم 2745، وبدائع الزهور 3/ 19.
"الشرواني": منسوب لمدينة بناها أنو شروان محمود باد، فأسقطوا "أنو" تخفيفاً. (الضوء اللامع 10/ 48).
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "فاقراء".
(4)
كلمة غير مفهومة، لعلّها:"وعدم".
(5)
مكرّرة في الأصل.
وبالجملة فكان أجلّ من أخذ عنه العلوم العقلية في زمننا هذا، على طريقة ما في كتب هذه الفنون. ولم يزل على ما هو عليه من الخير ونفع الطلبة، حتى بدا له أن يحج في سنة إحدى وسبعين، فتوجّه وجاور التي تليها، ثم عاد في هذه السنة موعوكاً، ونزل بالظاهرية العتيقة، واستمر به الوعك حتى بَغَتَه أجله.
وكان إماماً عالماً، علّامة، فاضلاً، صوفيّاً، خيّراً، ديّناً، يحب أهل الصلاح ويعتقدهم ويتواضع للفقراء، مع شهامة وصرامة على بني الدنيا، وكثرة انجماع عنهم، وكان منطبعاً، لطيف الذات، بديع الصفات، رفيع
(1)
البشرة، خفيف اللحية، حسن الهيئة والشكالة والسمت والعِشرة، عنده تؤدة زائدة وسكون، وفكاهة محاضرة، وجودة معاشرة، لا سيما مع من يألفه.
وعُرض عليه مرّة تدريس التفسير بالمنصورية، بل ومشيخة المدرسة الباسطية، بل ومشيخة الشيوخ بالخانقاة الشيخونية. وقيل له: تحنَّف، فأبى وقال: إذا فعلت ذلك ثم جئت في العناية، فقال لي الشافعي: تركتَ مذهبي لأجل الدنيا. وقال لي أبو حنيفة: تمذهبتَ لي لأجل الدنيا، ماذا يكون جوابي لهما؟
توفي، رحمه اللَّه تعالى، مبطوناً، شهيداً، في يوم ()
(2)
مستهلّ صفر، وأُخرجت جنازته وكانت مشهودة، ودُفن بالصحراء بالقرب من سيدي عبد اللَّه المنوفي، رحمهما اللَّه تعالى.
وكان له عظمة في قلوب بني الدنيا، لا سيما الظاهر جقمق. وكان كثير التحرّي في طهارته.
وكان شيخنا العلّامة الكافِيَجي يحبّه ويُثني عليه جدّاً، وعلى غزارة علمه وكثرة فضله.
538 -
محمد بن موسى بن خَلَف بن عبد الرحيم الفيّومي
(3)
، القاهري، الشافعي، ثم الحنفي.
الشيخ العالم، الفاضل، شمس الدين، أحد الصوفية بالخانقاة الشيخونية.
ولد بالفيّوم في سنة خمس وثمانمائة بالفيّوم
(4)
.
وقرأ القرآن العظيم، واشتغل بالقاهرة، فأخذ عن جماعة من الأكابر، منهم: العلاء البخاري، والشمس الشرواني الماضي قبله، وأُدِّب ودأب وجدّ حتى مهر، وتميّز في فنون، ودرّس وأفاد الطلبة.
(1)
هكذا في الأصل. والصواب: "رقيق".
(2)
بياض في الأصل مقدار كلمتين.
(3)
لم أجد للفيومي ترجمة.
(4)
هكذا كرّرها في الأصل.
وكان إنساناً حسناً، خيّراً، ديِّناً، ساكناً، منجمعاً.
توفي في سابع رجب.
539 -
وترك ولده محمد أبا
(1)
زُرعة، شابّ حسن السمت والملتَقَى، له تؤدة.
ولد في سنة تسع وأربعين وثمانمائة بالقاهرة.
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم، و"بلوغ المرام" لابن حجر، و"اللُمَع في عالم الحساب"، وغير ذلك، وعرض على جماعة، منهم: العَلَم البُلقيني، والسراج العبّادي، والشرف ابن
(2)
الجَيعان، والشهاب الشحني، وآخرون
(3)
، واشتغل فقرأ وحضر دروس جماعة، منهم: الأمير الأُقصُرائي، وولده، والبرهان الكرَكي، وآخرون
(4)
، ومنهم: الصلاح الطرابُلُسي، وتنزّل في صوفية الخانقاة الأشرفية في وظيفة والده بعد موته.
وهو إنسان حسن.
540 -
محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن محمد زين العابدين ابن
(5)
قاضي القضاة، الشرف المُنَاوي.
تقدّم في مرتبة الزاي من وَفَيَات هذه السنة وتراجمها، لأن زين العابدين غلب عليه بحيث صار كاسمه العَلَم، أو هو أيضاً اسم عَلَم عليه غلب على اسمه محمد.
541 -
مصطفى بن ()
(6)
بن ()
(7)
الرومي
(8)
، الحنفي.
الشاب الفاضل، مصلح الدين، ولد أخت شيخنا العلّامة الكافِيَجي، وأحد الصوفية، الحنفية بالخانقاة الشيخونية.
ولد ببلاد الروم في سنة ثماني وأربعين وثمانمائة تقريباً.
ونشأ مشتغلاً بالعلم، ثم قدم القاهرة بعد الستين مع والدته أخت شيخنا المشار إليه، وتوفيت بالقاهرة، فدام عند خاله وتحت كَنَفه، واختصّ به، وجعله في صوفية الخانقاة الشيخونية، وحضّه على الاشتغال، فقرأ كثيراً ما بين صرف ونحو وفقه وغير ذلك، وأخذ عن جماعة من فضلاء الروم والعجم بالخانقاة
(1)
في الأصل: "أبو".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "واخرين".
(4)
في الأصل: "واخرين".
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
بياض في الأصل.
(7)
بياض في الأصل.
(8)
انظر عن (مصطفى الرومي) في: نيل الأمل 6/ 390 رقم 2820.
الشيخونية وغيرها، منهم الشرف يونس الرومي الأدِرنائي، والحُمَيد الطالسي
(1)
، وحسن الكَيْلاني، ومصطفى الأنطاكي، والشيخ أنعام القُونَوي، والشيخ سعيد العجمي، وآخرون
(2)
. وحضر دروس خاله ولازمه بتربة الأشرف بَرسْباي، وكان يقوم بمؤونته
(3)
وكُلَفه، وقصد أن يزوّجه بابنته الست خديجة الماضية، بل وذكر لمصطفى هذا. ولما فارقت النجم الرفاعي على ما تقدّم قصد الشيخ عقد نكاحها على مصطفى هذا، وهو خلاف قصْد والدة خديجة هذه، فلم يلبث أن بَغَتَه الأجل، وهي أيضاً قبله على ما تقدّم.
وتوفي مصطفى هذا بعدها في شهر شعبان.
وكان شاباً حسناً، بشوشاً، ذا حذقٍ وفطنة وتيقّظ، وحُسن سمت وتؤدة، وعقل تام، وسكون زائد.
542 -
مُغُلْبَاي الأبوبكري
(4)
، المؤَيَّدي.
أحد مقدَّمي الألوف، المعروف بطاز.
كان من مماليك المؤيَّد شيخ، وصُيّر خاصكيّاً بعده، ولم يزل على ذلك مدّة في عدّة دول حتى تسلطن الأشرف إينال، فأمّره عشرة في أول دولته، ودام على ذلك أيضاً إلى سلطنة خُشداشه الظاهر خُشقدم، فصيّره من الطبلخاناة، وخرج أميراً على الحاج بالمحمل، ثم صيّره من جملة مقدَّمين
(5)
الألوف، على ما تقدّم كل ذلك في محلّه، ودام على هذا إلى أن مات الظاهر خُشقدم، وكانت الفتنة التي قام بها يشبُك الفقيه التي كانت سبباً لزوال المؤيَّديّة، وخلع الظاهر يَلَبَاي على ما عرفتها في محلّها، وكان صاحب الترجمة من جملة القائمين بها، وآلت السلطنة عقبها إلى تمربُغا، فأخرج مُغلْباي هذا إلى ثغر دمياط بعد أن أريد القبض عليه وسجنه، فإنه كان اختفى، ثم تشفّع إلى السلطان بالأتابك قايتباي، فشفّعه فيه إلى ما يسأله فيه من بعثه إلى دمياط، ولم يمتحن بالسجن، مع أنه كان صهر يَلَبَاي وخُشداشه، ودام بثغر دمياط بطّالاً إلى أن بَغَتَه الأجل.
(1)
هكذا في الأصل، وقد تقدّم قبل قليل "الطيالسي".
(2)
في الأصل: "واخرين".
(3)
في الأصل: "بمونته".
(4)
انظر عن (مغلباي الأبوبكري) في: إنباء الهصر 13 و 105 رقم 24، والضوء اللامع 10/ 164 رقم 667، ووجيز الكلام 2/ 808 رقم 1862، والذيل التام 2/ 228، ونيل الأمل 6/ 344 رقم 2746، وبدائع الزهور 3/ 20.
(5)
الصواب: "مقدّمي".
وكان رجلاً ديِّناً، خيّراً، كريم النفس جدّاً، ذا شجاعة وإقدامٍ، عارفاً بالأنداب والتعاليم، رأساً في الرمح وتعليمه، سليم الفطرة والباطن، قوّالاً بالحقّ، يحبّ الخير والمعروف، وفعل ذلك، وكان كثير السلام على الناس في اجتيازه عليهم، مارّاً بالطرقات كائناً من كان ذلك المسلّم عليه من المسلمين، وكان ربّما يمرّ خطوة أو خطوتين وثلاث، فيسلّم، حتى عِيب ذلك عليه من كثير من الأتراك، لا سيما المتكبّرين منهم. وكان عنده بعض طيش وخفّة وكثرة كلام فيما لا يعنيه حتى عدّه البعض من أهل الهذيان (والتندر)
(1)
.
وله [من] المباني بناء جامعه الذي أنشأه بدرب الخازن، وهو جيّد في محلّه به النفع، (وله تربة أيضاً أنشأها بالصحراء)
(2)
.
توفي بثغر دمياط في العشر الأوسط أو الأول من صفر.
وأُحضِرت رِمّته إلى القاهرة، ودُفنت بتربته (زوجته)
(3)
التي أنشأها بالصحراء بالقرب من تربة الأتابك يشبُك.
وله نحو الثمانين سنة، أو أكملها.
وخطابة جامعه المذكور بيد البرهان ابن
(4)
الكرَكي، ونائبه فيها: الشيخ العالم، العامل، الفاضل، الورع، الكامل:
(ترجمة الدُمَيري الواعظ)
(5)
543 -
شمس الدين، محمد بن محمد بن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن سابق بن إسماعيل الدُمَيري
(6)
، المالكي.
الذي يتعانى قراءة المواعيد على الكراسي بعدّة من الأمكنة. وهو أحد الصوفية بالخانقاة الشيخونية.
ولد - على ما أخبرني به - بدُمَيْرة، في سنة خمس وعشرين [و] ثما [ن] مائة، وبها نشأ.
فحفظ القرآن العظيم، ثم "الرسالة"، وقدم القاهرة بعد ذلك فحفظ بها
(1)
عن الهامش، وتحتمل:"التندر" أو "التقول".
(2)
ما بين القوسين ضرب عليه خطأ.
(3)
كتب أولاً: "المذكورة" ثم ضرب عليها.
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
العنوان من الهامش.
(6)
ذكره السخاوي في الضوء اللامع، ج 9/ 125 رقم: 311 وفيه اختلاف بأسماء جدوده، وأنه كان موجوداً سنة 895 هـ.
"المختصر" للشيخ خليل، و"ألْفيّة النحو"، وبعضاً
(1)
من "الحاجب الفرعي". ثم اشتغل بالعلم فأخذه عن جماعة منهم: الزَينان
(2)
عُبادة، والشيخ ظاهر، وأبو القاسم النُوَيري، وأبو الفضل النُوَيري، والشمس البساطي، وآخرون
(3)
. وسمع الحديث على الحافظ ابن
(4)
حجر، وأخذ فيه عنه وعن الشمس القاياتي، والشمس الوَنَائي، والشيخ عبد السلام البغدادي الحنفي، وسمع منه بالقاهرة، وسمع بمكة على الأميوطي، وابن
(5)
فهد. وله سماعات ومرويّات عن هؤلاء وغيرهم. وتكسّب في البزّ بسوق جامع ابن
(6)
طولون، وخطب به حيناً نائباً عن الخطيب، وتنزّل في وظيفة تدريس الحديث بالخانقاه الشيخونية بحكم النزول له عن ذلك، وبه النفع في مواعيده. وكتب بخطّه كثيراً من كتب السُّنّة والحديث وغير ذلك.
وهو سريع الكتابة، من أهل الفضل والخير والديانة وحُسن السمت والملتَقَى.
وهو صاحبنا في اللَّه تعالى.
544 -
مُغُلْباي الظاهري
(7)
.
أحد العشرات، وابن
(8)
أخت السلطان الأشرف قايتباي سلطان العصر، المعروف بالأجرود.
كان من مماليك الظاهر خُشقدم ومن خواصّه وأعيان خاصكيّته. ودام في السعادة إلى أن تسلطن الأشرف قايتباي، وهو خاله، فزادت سعادته، فأمّره عشرة، أو لعلّه تأمّر عشرة في دولة أستاذه الظاهر المذكور، وبه أجزم، نعم، دامت سعادته، وزادت حُرمته، وتوفّرت بسلطنة خاله، وكان بصدد أن يرقّيه، فلم تطُل مدّته حتى بَغَتَه الأجل.
وكان خيّراً، ديّنا، عفيفاً عن المنكرات والفروج، حسن الهيئة والسيرة، عارفاً بفنون الفروسية والملاعيب، نادرة في أبناء جنسه.
توفي بالطاعون في ليلة الثلاثاء رابع عشر رمضان
(9)
.
وله دون الثلاثين سنة.
(1)
في الأصل: "وبعض".
(2)
الزينان: اختصار لزين الدين مكرّر. وفي الأصل: "ومنهم الزينين".
(3)
في الأصل: "واخرين".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
انظر عن (مغلباي الظاهري) في: الضوء اللامع 10/ 166 رقم 678، ونيل الأمل 6/ 367 رقم 2771، وبدائع الزهور 3/ 30.
(8)
في الأصل: "وبن".
(9)
كتب قبلها: "شعبان" ثم ضرب عليها.
ونزل السلطان فصلّى على جنازته بمُصلَّى سبيل المؤمني، وحُمل إلى تربة السلطان قبل أن تنشأ على هذه الهيئة، فدُفن بها.
545 -
نَورُوز
(1)
من تغري بردي الأشرفي.
أحد العشرات ورؤوس
(2)
النُوَب، المعروف بشِكال.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وصُيّر خاصكياً في دولته، ودام على ذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأمّره عشرة، وقيل صار خاصكيّا بعد أستاذه (وهو الأقرب)
(3)
.
ويقال: إنّما أمّره عشرة الأشرف قايتباي، وما حرّرتُ ذلك.
خرج في نوبة سوار في هذه السنة.
وبها توفي قتيلاً في ذي الحجة.
ورأيت بخطّي في مسوَّدتي لهذا التاريخ بأنه كان حسن السمت والملتقى، مشكور السيرة، لا بأس به.
ثم رأيت في موضع آخر من تعاليقي بأنه كان مسرفاً على نفسه. وما حرّرتُ أمره.
546 -
نَوروز العلائي
(4)
، الأشرفي.
أحد العشرات، المعروف بسِمْز.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وترقّى إلى الخاصكية بعده، ثم صيّر في دولة الأشرف إينال من الأميراخورية، وعُرف بأميراخور أيضاً، ودام على ذلك مدّة إلى سلطنة الظاهر تمربُغا، فأمّره عشرة عِوضاً عن كَسْباي نائب الإسكندرية.
ولما تسلطن الأشرف قايتباي عيّنه في نوبة سوار الأولى صحبة الأتابك جانبك قُلَقسيز. فلما انكسر العسكر قُبض عليه، وأراد قابضه أن يسلبه ويطلقه، فعرّفهم بنفسه وأنه من الأمراء. زعماً منه بأنهم إذا سمعوا ذلك كفّوا عنه، فاحتفظوا به وحملوه إلى سوار، فسجنه مع الأتابك جانِبَك.
(1)
انظر عن (نوروز المعروف بشكال) في: إنباء الهصر 113، رقم 38، والضوء اللامع 10/ 204 رقم 868، ونيل الأمل 6/ 380 رقم 2795، وبدائع الزهور 3/ 35.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
عن الهامش.
(4)
انظر عن (نوروز العلائي) في: الضوء اللامع 10/ 204 رقم 889، ونيل الأمل 6/ 380 رقم 2796، وبدائع الزهور 3/ 35.
واتفق له أن هرب على ما قيل، فيقال إنهم أدركوه بعد هربه، ولما قربوا منه رمى بنفسه من أعلى القلعة فتقطّع. هكذا قيل.
ويقال: بل هم الذين رموا به لما أدركوه.
وكان ذلك في أواخر هذه السنة. وقيل في أوائل التي تليها. واللَّه أعلم.
وكان نَوروز هذا عنده شجاعة وإقدام، وله فروسية، مع إسراف على نفسه وانهماك في اللذّات.
وهو صهر الناصري محمد بن مقبل القديدي المعروف.
547 -
نوروز من غيبي
(1)
الأشرفي.
أحد العشرات، (وأمير جاندار)
(2)
، المعروف بالدوادار، ويُعرف بالأخصّ
(3)
أيضاً.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وصُيّر خاصكيّاً بعده، ثم رقّاه الأشرف إينال فصيّره من جملة الدوادارية، ودام كذلك مدّة حتى عُرف بها، ثم أُمّر عشرة في دولة الظاهر خُشقدم أو الأشرف قايتباي، على شكٍ عندي، وصيّره الأشرف قايتباي أمير جَنْدار، وخرج إلى سوار.
وبها توفي قتيلاً في ذي الحجة.
وكان ساكناً، حشماً، وترجمه
(4)
بعضهم. واللَّه أعلم.
548 -
(نَوروز من يَلَبَاي
(5)
الأشرفي.
أحد العشرات، المعروف بالأشقر، وبأميراخور.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وصيّره خاصكيّاً، ثم صيّره الأشرف إينال من الأمراخورية، ثم تأمّر عشرة في دولة الظاهر خُشقدم، ثم عيّنه الأشرف قايتباي لتجريدة شاه سوار الماضي ذكرها، وعاد منها بعد أن جرى ما جرى، وأدركه أجله بغزّة.
وكان غير مشكور، كثير الإسراف على نفسه.
ويقال: إنه من أقارب الظاهر يلباي.
توفي في ليلة الأربعاء خامس عشر رجب.
(1)
انظر عن (نوروز من غيبي) في: نيل الأمل 6/ 381 رقم 2797، وبدائع الزهور 3/ 35.
(2)
عن الهامش.
(3)
في الأصل: "بالاحص".
(4)
في الأصل: "وترذمه".
(5)
لم أجد له ترجمة.
وذكر بعضهم أنه مات قتيلاً في ذي حجّة في كائنة سوار.
والصواب ما قدّمناه، ودُفن بتربة (
…
…
…
)
(1)
الصوفية)
(2)
.
549 -
يحيى بن جانَم
(3)
الأشرفي.
نائب الشام، الأمير زين الدين، أحد مقدَّمين
(4)
الألوف بدمشق، المعروف بأبيه. وقد مرّت ترجمة أبيه فيما مرّ.
وُلد ولده هذا في سنة ست أو سبع وأربعين وثمانمائة تقريباً.
ونشأ في كنف أبيه وهو في المِحَن والسجون، لكنْ نشأة أولاد الملوك في عزّ ورياسة في الجملة، حتى آل الأمر إلى خلاص أبيه وعَوده إلى المراتب الجليلة من التقدّم بمصر، ثم نيابة حلب، ثم الشام، وهو معه في هذه التنقّلات. وكان عزيزاً عند أبيه معظّماً بدمشق، موقّراً. وكان والده منقاداً إليه في أوامره. وهو الذي تسلّط عليه في القيام والتوجّه إلى القاهرة لأخذ السلطنة، وكان قد قدم القاهرة قبل ذلك ليرى ما عليه العسكر من شأن والده المذكور، ثم عاد بعد أن أغدقه المؤيَّد أحمد بن الأشرف إينال العطاء، وأحسّ فيما جاء بسببه من استمالة الناس إلى أبيه.
ثم لما جرى لأبيه ما جرى حضر معه إلى القاهرة، ثم عاد معه، ثم كان معه حيث توجّه بعد هربه من دمشق وقاسى الشدائد والأهوال، وعاد بعد قتل والده، فآل به الأمر أن صُيّر من جملة مقدَّمين
(5)
الألوف بدمشق، وخرج في الثانية لشاه سوار مع النواب، وبَغَتَه أجله بتلك الكائنة.
وكان شاباً حسناً، ذكيّاً، يقِظاً، شهماً، قرأ القرآن وشيئاً، ولم يكن خالياً من الفضيلة والرياسة، مع بشاشة الوجه وطلاقة المُحيّا، وحُسن السَّمت والهيئة والشكالة. وكان ذا شجاعة وإقدام ومعرفة بالفروسية، وله همّة عليّة.
توفي قتيلاً في ذي الحجة.
550 -
يشبُك المؤيَّدي
(6)
.
أحد العشرات ورؤوس النُوَب، المعروف بخازندار المؤيّد.
(1)
ما بين القوسين يحتمل أنه: "أبو حجل من" لوقوع العبارة على حرف الورقة بالهامش.
(2)
هذه الترجمة كلها بين القوسين كتبت على الهامش.
(3)
انظر عن (يحيى بن جانم) في: الضوء اللامع 10/ 224 رقم 961.
(4)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(5)
الصواب: "مقدَّمي".
(6)
انظر عن (يشبك المؤيَّدي) في: الضوء اللامع 10/ 280 رقم 1098 باختصار.
كان من مماليك المؤيَّد أحمد ابن
(1)
الأشرف إينال، وهبه له والده فاختصّ به جدّأ، وصيّره خازنداره. ولما تسلطن أستاذه صيّره خاصكيّا وخازنداراً صغيراً، وصودر بعده من الظاهر خُشقدم على مالٍ له صورة أُخذ منه، ثم تركه على حاله خاصكيّاً، ثم دام كذلك إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فأمّره عشرة، وصيَّره من رؤوس
(2)
النُوَب، وقرّبه وأدناه، وشُهر في الدولة، ولم تطُل مدّته حتى بَغَتَه الأجل بالطاعون.
وكان شاباً حسناً، (
…
…
)
(3)
ذا أدب وتواضع وحُسن سمت وملتقى، ذا تحمّل في شؤونه
(4)
كلها، لا بأس به.
وتوفي بالطاعون في ليلة الخميس ثامن عشرين شعبان بعد تأميره بشهور قليلة.
551 -
يُلْباي الإينالي
(5)
، المؤيَّدي.
السلطان الملك الظاهر، سيف الدين، أبو سعيد الجركسيّ الجنس، صاحب الديار المصرية، والبلاد الشامية، والأقطار الحجازية وما والى ذلك من الممالك.
قد تقدّم الكلام عليه في متجدّدات هذه السنة
(6)
وعلى ترجمته وتنقلاته من يوم دخوله إلى القاهرة إلى يوم خروجه منها مخلوعاً من المُلك، وتوجُّهه إلى ثغر الإسكندرية، وسجْنه بها، بل وموته، بما يغني ذلك عن مزيد إعادته ثانياً، لا سيما وهو في هذه السنة، فلا نعيد شيئاً مما يتعلّق بذلك، وإن أردته مستقصَى فارجع إليه تقف عليه كاملاً.
توفي بمحبسه من الثغر المذكور، بعد أن قاسى الشدائد والأهوال من التقريع به وبهدلته وهو في (
…
)
(7)
سلطنته، ثم أُخْذ ما حصّله من الأموال، وسجْنه بعد ذلك، ولم يُذكر بعد حبسه ولا التُفت إليه، ولا عُرّج عليه.
في مستهلّ ربيع الأول يوم الإثنين، وقد بلغ الثمانين أو جاوزها.
واسمه مركّب من: "يُل" وهو اسم للطريق الجادّة بالتركي. و"باي" قد عرفتَها.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
مقدار أربع كلمات ممسوحات.
(4)
في الأصل: "شونه".
(5)
انظر عن (يلباي الإينالي) في: الضوء اللامع 10/ 287، 288 رقم 1131، ووجيز الكلام 2/ 807 رقم 1858، والذيل التام 2/ 227، والنجوم الزاهرة 16/ 357 وما بعدها، وإنباء الهصر 17، 18 و 105 - 107 رقم 25، ونظم العقيان 178 رقم 197، ونيل الأمل 6/ 346 رقم 2750، وبدائع الزهور 3/ 21.
(6)
في الأصل ضرب على كلمتي "هذه السنة"، وكتب على الهامش:"سنة إحدى وسبعين".
(7)
كلمة غير مفهومة.
سنة أربع وسبعين وثمانمائة
استهلّت هذه السنة والخليفة والسلطان فيها هما اللذان في الخالية، وكذا غالب من قدّمنا ذكرهم في الماضية من الملوك والنوّاب والأمراء والقضاة والحكام وولاة أمور الإسلام شرقاً وغرباً، الكل على ما هم عليه في الخالية.
ما عدا صاحب سمرقند وبخارى، وما والاهما من مُلْك الشرق والعجم مما وراء النهر، فإنه في هذه السنة السلطان الأعظم القان أحمد بن بو سعيد الماضي ذكره في ترجمة والده بو سعيد، مَلَكَها بعد قتل والده بو سعيد.
وما عدا صاحب تبريز وعراق العرب وما إلى ذلك، فإنه في هذه السنة السلطان حسن علي بن جهان شاه، ملكها بعد قتْل والده، وهو في فِتَن كثيرة مع حسن بك قرايُلُك، حتى غلبه وملك بلاده بعده، على ما سيأتي.
وما عدا قاضي القضاة المالكية، فإنه في هذه السنة الشيخ سراج الدين عمر بن حُرَيز، وليها عن أخيه الحسام على ما تقدّم.
وما عدا أتابك العساكر بمصر، فإنه في هذه السنة الأمير الكبير أُزْبَك من طَطَخ، وليها عن جانِبك قُلَقسيز بحكم أسره وسجنه عند سوار.
وما عدا نائب الشام، فإنه في هذه السنة بُرْدُبك البَجْمَقْدَار، وليها عن أُزبَك، نقلاً إليها من نيابة حلب.
وما عدا نائب حلب، فإنه في هذه السنة إينال الأشقر، وليها عن بُرْدُبك المذكور، نقلاً إليها من نيابة طرابلس.
وما عدا أمير سلاح، فإنه ساعده إلى الآن بعد قتل بُرْدُبك هجان، وقرّر فيها بعد ذلك الأتابك جانِبَك قُلَقسيز في أثناء هذه السنة، كما سيأتي.
وما عدا أمير مجلس ورأس نوبة النُوَب، فإنهما ماتا في الوقعة، وهما: قرقماس الجَلَب، وسُودُون القصروي، وشغرت الوظيفتان
(1)
إلى الآن، ثم وليهما مَن سنذكره في أثناء هذه السنة.
(1)
في الأصل: "وشغرت الوظيفتين".
وما عدا نائب طرابلس، فإنه في هذه السنة قانصوه اليحياوي، وُلّيها عِوَضاً عن إينال الأشقر نقلاً إليها من نيابة الإسكندرية، فإنه في هذه السنة يشبُك البُجاسي.
وما عدا نائب الإسكندرية، فإنه في هذه السنة يُلباي العلائي الظاهري، وليها بعد قانصوه اليحياوي المتولّي طرابلس عِوَضاً عن قانِبَاي الحَسَني، بحكم وفاته على ما تقدّم ذلك جميعه في المتجدّدات.
وما عدا الوزير، فإنه في هذه السنة يشبُك من مهدي الدوادار، وليها مضافة إلى ما بيده من الدوادارية.
وما عدا الأستادّار، فإنه في هذه السنة يشبُك المذكور أيضاً، على ما عرفت كيفية ذلك فيما تقدّم.
ذِكر نُبَذٍ
(1)
من المتجدّدات اليومية في هذه السنة القمرية [874 هـ]
كان أول هذه السنة يوم الثلاثاء
(2)
، ووافق ذلك سابع عشر أبيب من شهور القبط، وعاشر تموز من شهور الروم، وعاشر يوليه من شهور الفُرس.
[التهنئة بالسنة والشهر]
ففيها - أعني هذه السنة - في يوم الثلاثاء هذا مستهلّ المحرّم طلع القضاة ومن له عادة بالطلوع إلى القلعة للتهنئة بالعام والشهر، فهنّأوا
(3)
السلطان ونزلوا.
[إحضار عربان بالسلاسل]
(وفيه، في يوم السبت خامسه، أُحضر إلى القاهرة عدّة من العربان المفسدين من أهل الغربية وهم في السلاسل، ومعهم أربعة من الرؤوس
(4)
مقطّعين، وزيادة على المائة وعشرين فرساً من خيولهم كان قبض برقوق، الماضي خبر ولايته، على ( ...... )
(5)
عليهم، واحتاط بخيولهم (
…
…
)
(6)
السلطان (
…
…
)
(7)
السلطان من حضر من العرب (
…
)
(8)
وسجنوا (
…
…
…
)
(9)
.
[ركوب السلطان إلى الخانكة]
وفيه، في يوم الأحد، سابعه
(10)
، ركب السلطان من القلعة في نفرٍ يسير من خواصّه وخاصكيّته، وتوجّه إلى جهة الخانكة، وعُرضت عليه هُجُن
(1)
في الأصل: "نبذاً".
(2)
كتب قبلها: "الأحد" وضرب عليها.
(3)
في الأصل: "فهنوا".
(4)
في الأصل: "الروس".
(5)
كلمتان ممسوحتان.
(6)
كلمتان ممسوحتان.
(7)
كلمتان ممسوحتان.
(8)
كلمة واحدة.
(9)
ثلاث كلمات ممسوحة. وخبر العربان في: إنباء الهصر 118، ونيل الأمل 6/ 391.
(10)
هكذا في الأصل. والصحيح "سادسه".
كثيرة، وأقام إلى آخر [هـ، و] بات هذا النهار وعاد إلى قلعته)
(1)
.
[ركوب السلطان إلى خان سرياقوس]
وفيه، أعني هذا الشهر، في يوم الأحد سادسه، ركب السلطان من القلعة متوجّهاً إلى خانقاه سرياقوس وغيرها، وقضى نهاره هذا في الركوب، ثم عاد إلى القلعة من آخر هذا النهار فصعِدها.
[الخلعة على يشبُك من مهدي]
وفيه، في يوم الإثنين، سابعه، وصل يشبُك من مهدي الدوادار من البُحَيرة وصعِد القلعة، وخُلع عليه، ونزل إلى داره، وهرع الناس إليه للسلام عليه
(2)
.
[وظيفة نظر الجوالي]
وفيه - أعني هذا اليوم - استقر في وظيفة نظر الجوالي زين الدين أبو بكر ابن
(3)
القاضي عبد الباسط بعد صرف القاضي شهاب الدين أحمد ابن كاتب جَكَم، وكانت الوظيفة بيده
(4)
.
[إخراج السلطان جماعة من مماليكه وجعلهم جمدارية]
وفيه - في يوم السبت - ثاني عشره، أخرج السلطان خرْجاً من مماليكه، هو المائتي نفر
(5)
وجعلهم جَمْدارية، وأخرج لهم الخيل والقماش، وقرّر لهم الجامكية على العادة في ذلك، وهذا أول خرج أخرجه هذا السلطان في سلطنته
(6)
.
(تَدَاول مجيء الجُند من حلب بغير إذن من السلطان)
(7)
وفيه، في هذه الأيام، تداول مجيء العساكر من المماليك السلطانية الذين كُسروا في واقعة سوار الماضي ذكرها، وكانوا يدخلون أولاً ويختفون بديارهم حتى فشا
(8)
الحال، فصاروا يتجاهرون بذلك، وكان ذلك من غير إذنٍ سلطاني، وبلغه
(1)
ما بين القوسين من الهامش.
(2)
خبر الخلعة في: نيل الأمل 6/ 391.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
خبر الوظيفة في: إنباء الهصر 120، ونيل الأمل 2/ 391، وبدائع الزهور 3/ 37.
(5)
في الأصل: "نفراً".
(6)
خبر إخراج السلطان في: إنباء الهصر 122، ونيل الأمل 6/ 392، وبدائع الزهور 3/ 37.
(7)
العنوان من الهامش.
(8)
في الأصل: "فشى".
جمعهم، بل وعلمه بعد ذلك، فما أمكنه إلّا التغافل عنهم. ثم ترادف مجيئهم حتى لم يبق بحلب منهم الواحد الفرد، سوى الأتابك أُزبك، ومن سلِم ممن بقي من المقدَّمين الألوف ممّن تقدّم أسماؤهم، وهم: تمر الحاجب، وقراجا الطويل، وأزدمر الإبراهيمي الطويل، وذُكر عنه فروسية عظيمة، وأنه خلص بجماعة من غير أن يحصل عليه شرّ. وكان بالقرب من عساكر التركمان بآخر القوم
(1)
.
[كثرة الموتى وعموم الغلاء في البلاد الشامية]
(وفيه
(2)
- أعني هذا الشهر، في هذه الأيام، وردت الأخبار إلى القاهرة بوجود الموت في بلاد القدس، بل والبلاد الشامية، وكثرة ذلك، و (أن الميت لا يتهيّأ لأهل البيت تجهيزه)
(3)
لاشتغالهم، وتلا ذلك (
…
…
)
(4)
السبب على (
…
)
(5)
فرح أو غم أو نحو ذلك أن الغلاء عمّ تلك البلاد أيضاً)
(6)
.
[تعيين تجريدة إلى الصعيد]
وفيه، في يوم السبت، تاسع عشره، عرض السلطان الجند السلطاني، وعيّن منهم عدّة كبيرة للخروج تجريدة إلى الصعيد صحبة يشبُك من مهدي الدوادار.
[وصول الركب الأول للحاج]
وفيه، في يوم الإثنين حادي عشرينه، وصل الركب الأول وأميره يشبُك الجمالي المحتسب، ووصل صحبته المنصور عثمان بن الظاهر جقمق، وصعِد يشبُك إلى القلعة، وخلع السلطان عليه، وساعة نزوله صعِد المنصور عثمان، فقام له السلطان وتودّد إليه، وخلع عليه كاملية هائلة مسبولة القلب إلى الذيل، وأُلبس فوقها فوقانياً بطرز زركش ثِقال
(7)
، ونزل في موكب حافل بأُبَّهة وعظمة زائدة إلى دار أخته على العادة، وركب حين أراد النزول من عند باب السلسلة
(8)
.
(1)
خبر مجيء الجند في: إنباء الهصر 122، ونيل الأمل 6/ 392، وبدائع الزهور 3/ 37.
(2)
كتب بجانبها على الهامش: "وفي يوم السبت ثاني عشره" ثم ضرب عليها.
(3)
ما بين القوسين من نيل الأمل.
(4)
كلمتان مطموستان.
(5)
كلمة واحدة.
(6)
خبر كثرة الموتى في: نيل الأمل 6/ 392، وهو بين قوسين من الهامش.
(7)
في نيل الأمل: "العراض".
(8)
خبر وصول الركب في: إنباء الهصر 123 و 167 رقم 2، ونيل الأمل 6/ 393، وبدائع الزهور 3/ 37، 38.
[وصول المحمل]
وفيه، في يوم الثلاثاء، ثاني عشرينه، وصل أمير المحمل وهو يشبُك جنّ، وصعِد القلعة، وخُلع عليه، ونزل. وتكامل دخول الحاج وهم في كَنَف الأمن والسلامة، وكثُر ثناؤهم على الأميرين، لا سيما أمير الأول.
[وفاة والدة السلطان]
(وفيه - أعني هذا اليوم - ماتت والدة (
…
)
(1)
السلطان (
…
)
(2)
، أمّه جركسية (
…
…
)
(3)
لها. فجهّزت وأُخرجت جنازتها، وحضر السلطان الصلاة عليها، ودُفنت بتربته بالصحراء)
(4)
.
[عقْد يشبُك من مهدي على بنت المؤيَّد أحمد]
وفيه، في يوم الجمعة، خامس عشرينه، عُقِد عَقْد يشبُك من مهدي الدوادار وما مع ذلك على الست فاطمة ابنة المؤيَّد أحمد بن الأشرف إينال بالجامع الناصري بالقلعة بين يدي السلطان
(5)
.
[سفر يشبُك إلى جهة الصعيد]
وفيه، في يوم السبت، سادس عشرينه، خرج يشبُك من القاهرة مسافراً إلى جهة الصعيد بمن معه من الجُند المعيّن تجريدة
(6)
.
[توديع يشبُك للسلطان]
وفيه في يوم الأحد، سابع عشرينه، ركب السلطان من القلعة، ونزل يشبُك ليودّعه
(7)
لأجل سفره
(8)
.
[الغلاء العظيم بدمشق وما حولها]
(وفيه - أعني هذا الشهر، في أوائله - كان غلاء عظيم بدمشق وما حولها،
(1)
كلمة مطموسة.
(2)
كلمة مطموسة.
(3)
كلمتان مطموستان.
(4)
خبر وفاة والدة السلطان كتب على الهامش.
(5)
خبر العقد في: إنباء الهصر 123، ووجيز الكلام 2/ 810، والذيل التام 2/ 231، ونيل الأمل 6/ 393، وبدائع الزهور 3/ 37.
(6)
خبر سفر يشبك في: إنباء الهصر 123، ووجيز الكلام 2/ 810، والذيل التام 2/ 231، ونيل الأمل 6/ 393.
(7)
في الأصل: "ليوادعه".
(8)
خبر التوديع في المصادر السابقة.
رأيت بخط بعض الفُضَلاء: وفي أوائل المحرّم سنة 874 حصل بدمشق غلاء عظيم. وتزايد إلى أن أبيعت الغرارة القمح بألفين، والشعير بألف، والرطل الخبز من القمح بثمانية، ومن الشعير بستّة، والقنطار الدقيق بألف، وكَيْل الحِمّص بمائة وخمسين، والرطل منه مسحوقاً بأربعة دراهم، والفول بثلاثة دراهم، والمُدّ الكُشْك بخمسة عشر، والرَّضّة كذلك، والعدس كذلك، والرطل من كسب السمسم بأربعة دراهم، والرطل من لحم الضأن بثمانية، ومن المَعِز بسبعة، ومن البقر بستة، وكل (
…
…
)
(1)
بدرهم، والحبّ (
…
)
(2)
الأوقيّة بدرهم، والسمن الرطل بثلاثين درهماً
(3)
، والدبس الأوقية بستة دراهم، وخلط بعضهم (
…
)
(4)
في الدقيق الأشراس، وبعضهم في الدقيق (
…
)
(5)
ومات في يوم واحد شخصان من الجوع، وغالب (
…
)
(6)
أهل الضياع من حشيش الأرض ونباتها، وما خفي من الخطب العظيم (
…
)
(7)
بعض الناس، واللَّه أعلم.
واستمر ذلك حتى خامس عشر من شعبان، فاجتمع بعض القضاة وبعضُ الفقهاء والصوفية وقرأوا صحيح البخاري والقرآن العظيم، وختموها في آخر نهار منتصف الشهر، بعد أن صام غالب الناس عدّة أيام، ودعوا وابتهلوا إلى اللَّه تعالى
(8)
)
(9)
.
[شهر صفر]
[ركوب السلطان إلى الخانقاة السرياقوسية]
وفيها، في سَحَر يوم الخميس، مستهَلّ صفر، ركب السلطان من القلعة ونزل إلى جهة الخانقاة السرياقوسية، فأصبح القضاة فركبوا ولا عِلم لهم بنزوله، وطلعوا إلى القلعة هم ومن له عادة بالطلوع من الأعيان للتهنئة بالشهر، فلم يجدوه، وعادوا من حيث جاؤوا
(10)
، وعاد هو في آخر النهار، وأشيع في هذا اليوم، لا سيما ممن له غرض من العوامّ ونحوهم، بأنه إنما فعل ذلك حتى لا يرى من يطلع
(1)
كلمتان مطموستان.
(2)
كلمة واحدة.
(3)
في الأصل: "بثلاثين درهم".
(4)
كلمة مطموسة.
(5)
كلمة مطموسة.
(6)
كلمة مطموسة.
(7)
كلمة مطموسة.
(8)
خبر الغلاء في: نيل الأمل 6/ 392، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 2/ 814.
(9)
ما بين القوسين كلمة من الهامش.
(10)
في الأصل: "وجاوا".
إليه من القضاة وغيرهم لأجل التهنئة لبُغضه في هذه الخدمة، واللَّه أعلم بذلك.
[التهنئة بالشهر]
وفيه في يوم الجمعة ثانيه، طلع القضاة ومن له عادة بالتهنئة فهنّأوا
(1)
السلطان بالشهر.
[كسر النيل]
وفيه، في يوم الأحد رابعه، ووافق العشرين من مِسرَى من شهور القبط، كان كسْر النيل المبارك عن الوفاء بزيادة أربع أصابع من الذراع السابع عشره وبعث السلطان إلى السيفي لاجين أحد مقدَّمين
(2)
الألوف بالركوب والتوجّه لفتح الخليج، بعد تخليق المقياس على العادة، ولم يكن بالقاهرة من أمراء هذا الشأن سواه، فإنه عين مقدَّمين
(3)
الألوف يومئذٍ، فتوجّه وفعل ذلك، وعاد راكباً المركوب السلطاني المجهّز إليه بالقماش الذهب والزركش، وصعِد القلعة وألبسه السلطان خلعة على العادة، ونزل إلى داره
(4)
.
[إضافة السلطان لولد أستاذه]
وفيه، في يوم الأربعاء، سابعه، أضاف السلطان ولد أستاذه المنصور عثمان ضيافة حافلة، وخلع عليه، ونزل متوجّهاً من يومه إلى جهة ثغر الإسكندرية فأقام بساحل بولاق ليلة وبقية يومه، وانحدر للثغر في صبيحة يوم الخميس ثامنه
(5)
.
[إيقاع نائب مَلَطْية بعسكر شاه سوار]
وفيه، في يوم الإثنين، تاسع عشره، ورد الخبر من جهة حلب بأن قرقماس نائب مَلَطْية أوقع بجماعة من عسكر شاه سوار، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وأسر جماعة كبيرة من أقاربه وخواصّه، وذلك بحيلة ومكيدة صعدت نفسه وواتاه سعده فيها على ما زعموا، وكان من خبر ذلك أن عسكر سوار المذكور طمعوا في البلاد بعد عَود من كان ببلادهم من العساكر، فصاروا يعطعطون في تلك النواحي،
(1)
في الأصل: "فهنوا".
(2)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(3)
الصواب: "عين مقدَّمي".
(4)
خبر كسر النيل في: إنباء الهصر 127، ونيل الأمل 6/ 393، وبدائع الزهور 3/ 38.
(5)
خبر إضافة السلطان في: إنباء الهصر 127، 128، ونيل الأمل 6/ 394، وبدائع الزهور 3/ 38.
وجاءت فرقة منهم كبيرة إلى جهة مَلَطْية لأخذها. ويقال بل لأجل الميرة، فنزلوا عليها، فأغلق قرقماس بابها، ثم أظهر بأنه هرب، وكان قد اختفى وتدرعّ وتسلّح مع جماعة، ولبسوا لامة الحرب، واستعدّ غاية الاستعداد، وبلغ عسكر شاه سوار بأنه هرب خوفاً منهم فاطمأنوا وأحاطوا بمدينة مَلَطْية على غير تعبئة، فبدأ قرقماس بأن فتح البلد وطلع إليهم بمن معه على حين غفلة، فأوقع بهم وقتل الكثير، وأسر قرقماس منهم كل طويل العمر، فحصل عند السلطان ما لا مزيد عليه من الفرح والسرور، بل عند جميع العسكر
(1)
.
[الحجوبية الكبرى بطرابلس]
وفيه، في يوم الثلاثاء، عشرينه، استقر أحمد بن المأموني في الحجوبية الكبرى بطرابلس بمالٍ بذله في ذلك فوق العشرة آلاف دينار، وصرف علي بن الأُزبَكي لا جُزيا خيراً عن مروءتهما
(2)
.
[شهر ربيع الأول]
[إشاعة مقتل قرقماس نائب ملطية]
وفيها، في يوم الإثنين، رابع ربيع (الأول)
(3)
في آخر النهار، ورد الخبر من قرقماس نائب مَلَطْية بأنْ شاه سوار قُتل بسهمٍ أصابه، وأشيع هذا بالقاهرة واضطرب الناس لذلك، وأنكره الكثير من أهل العقل والمعرفة، بل ولم يصدّقوه مع الكثير من الناس أيضاً، وكان مفتعلاً ظهر كذبه بأخرة بعد هذا اليوم بقليل
(4)
.
[استقرار يشبك جنّ في مقدّمي الألوف]
وفيه، في يوم الخميس سابعه
(5)
، استقر يشبُك جنّ الأميراخور الثاني وأخذ الأمراء الطبْلخانات في جملة مقدّمين
(6)
الألوف بالقاهرة
(7)
.
(1)
خبر الإيقاع بعسكر شاه سوار في: إنباء الهصر 135، ونيل الأمل 6/ 394، وبدائع الزهور 3/ 38.
(2)
خبر حجوبية طرابلس في: إنباء الهصر 130، ونيل الأمل 6/ 395، وتاريخ طرابلس 2/ 74 رقم 31.
(3)
عن الهامش.
(4)
خبر الإشاعة في: إنباء الهصر 129، 130 و 138، ونيل الأمل 6/ 396.
(5)
كتب في الأصل: "تاسع عشرينه" ثم ضرب عليهما.
(6)
الصواب: "مقدَّمي".
(7)
خبر استقرار يشبك في: إنباء الهصر 138، ونيل الأمل 6/ 396، وبدائع الزهور 3/ 38.
[تعيين قانصوه الأحمدي في جملة مقدَّمي الألوف]
وفيه أيضاً قدم أيضاً قانصوه الأحمدي الأشرفي، المعروف بالخسيف، وصُيّر من جملة مقدّمين
(1)
الألوف بمصر، قرّر هو ويشبُك في تقدمتين من التقا [د] م الألوف الشاغرة عن الذين قُتلوا بواقعة شاه سوار
(2)
.
[تعيين دولات باي في شادّية الشراب خاناة]
وفيه استقر دَولات باي الأشرفي، المعروف بحمام، في شادّية الشراب خاناة، نقلاً إليها عن الرأس نوبته الثانية، عِوضاً عن قانصوه الخسيف
(3)
.
[تعيين بردُبك اليشبُكي في رأس النوبة الثانية]
وفيه، في يوم السبت، تاسعه، استقر في الرأس نوبيّة الثانية بُرْدُبَك اليشبُكي المعروف بالمشطوب، عِوضاً عن دَولات باي حمام
(4)
.
[قراءة المولد النبوي بالقلعة]
وفيه، في يوم الإثنين، حادي عشره، عُمل المولد النبويّ بالقلعة على العادة في ذلك
(5)
.
[تعيين جانِبك حبيب في الأميراخورية الثانية]
وفيه في يوم الخميس، رابع عشره استقر جانِبَك حبيب الأشرفي، الماضي ذكره وترجمته أيضاً، في الأميراخورية الثانية، عِوَضاً عن يشبُك جن المتقدّم فيه تقدّمه، على تقدمة ألف كما مر، وهذه الوظيفة بيد جانِبَك هذا إلى يومنا هذا نحواً من ست عشرة
(6)
سنة
(7)
.
[زيادة النيل]
وفيه، في يوم الأربعاء، عشرينه، ووافق أول بابه من شهور القبط، كانت نهاية زيادة النيل المبارك إلى تسعة عشر ذراعاً وستة أصابع من العشرين، ثم أخذ
(1)
الصواب: "من مقدَّمي".
(2)
خبر تعيين قانصوه في المصادر السابقة.
(3)
الخبر في المصادر نفسها.
(4)
الخبر في المصادر السابقة.
(5)
قراءة المولد في: نيل الأمل 6/ 396، وبدائع الزهور 3/ 38.
(6)
في الأصل: "ستة عشر".
(7)
خبر تعيين جانبك في: إنباء الهصر 139، ونيل الأمل 6/ 397، وبدائع الزهور 3/ 39.
في البعض من هذه الأيام، وشرق في هذه السنة الكثير من الأراضي.
[نظارة علاء الدين الكردي على الأشراف]
وفيه، في يوم الخميس، ثامن عشرينه، استقر السيد الشريف علاء الدين الكردي القصيري ناظراً على الأشراف، بعد عزل نقيب الأشراف عنها، وخلع عليهما معاً، هذا بالنظارة، والآخر بالنقابة، مستمراً على عادته دفعاً لوهْم من يتوهّم صرفه.
[إمرة الحاج بالمحمل]
وفيه - أعني هذا اليوم أيضاً - استقر في إمرة الحاج بالمحمل يشبُك الجمالي المحتسب، الذي كان أميرأً على الأول في الخالية، وكان ذلك بتحرّكٍ منه لذلك، لأجل قضية اتفقت لزوجته في الحج، وهي أنها لما وقفت بعرفات حاضت بعد الوقوف قبل طواف الإفاضة، فعادت إلى القاهرة بغير طواف ولا شعور لها ببقاء إحرامها، فاستفتى بعد عَوده، فأُفتي بأنها باقية على إحرامها حتى تأتي بالطواف، فتكلّم في إمرة الحاج ليعود بها إلى مكة المشرّفة.
[إمرة الركب الأول]
وفيه أيضاً استقر آقبردي الأشرفي أحد العشرات في إمرة الركب الأول. وآقبردي هنا سافر بعد ذلك أميراً على الأول غير ما مرة على تأمّره في ذلك في مجاله. وستأتي ترجمته أيضاً إن شاء اللَّه تعالى.
[شهر ربيع الآخر]
وفيها استهلّ ربيع الآخر بالأحد، وهُنّيئ به السلطان من القضاة وغيرهم ممن له عادة بذلك.
[الأمر بتجهيز مركوب خاص لقرقماس نائب مَلَطية]
وفيه - أعني هذا الشهر، في هذا اليوم - خرج أمر السلطان بتجهيز مركوب خاص بالسرج الذهب والكنبوش الزركش، مع خلعة سنية لقرقماس نائب مَلَطية، وأن يُحمل إليه خمسة آلاف دينار يستعين بها على مقاومة من قصده من جماعة شاه سوار.
(1)
(1)
خبر تجهيز المركوب في: إنباء الهصر 145، ونيل الأمل 6/ 400، 401.
(ولاية اليحياوي نيابة حلب)
(1)
وفيه، في يوم الخميس، خامسه، خرج الأمر بنقل قانصوه اليحياوي (نائب طرابلس)
(2)
منها إلى نيابة حلب، عِوضاً عن إينال الأشقر، وكتب لإينال الأشقر بحضوره إلى القاهرة من جملة مقدّمين
(3)
الألوف بها، وأنعم على قانصوه بثمانية آلاف دينار ليعمل بها مصالحه
(4)
.
[تعيين لاجين الظاهري في كشف الجسور]
وفيه، قُرّر في كشف الجسور بالبهنساوية بالوجه القِبلي لاجين الظاهري اللالا أحد مقدَّمين
(5)
الألوف.
[تعيين يشبُك جن في تجريدة لإزاحة العربان]
وقُرّر أيضاً في كشف الجسور بالبحيرة يشبُك جن أحد المقدَّمين أيضاً، وأمر يشبُك بأن يتوجّه سريعاً في تجريدة عُيّنت معه لإزاحة العربان العُصاة عن تلك البلاد وخرج.
[نيابة يشبُك البُجاسي بطرابلس]
وفيه أيضاً خرج الأمر ليشبُك البُجاسي نائب حماة باستقراره في نيابة طرابلس، عِوضاً عن قانصوه اليحياوي، المتقدّم خبر استقراره في نيابة حلب
(6)
.
[نيابة بلاط اليشبُكي بحماة]
وفيه أيضاً استقر في نيابة حماة بلاط اليشبُكي دوادار الحاج إينال كان أحد مقدَّمين
(7)
الألوف بدمشق حينئذٍ، نقلاً إليها من التقدمة، عِوضاً عن يشبُك البُجاسي بمالٍ بذله في ذلك
(8)
.
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
ما بين القوسين من الهامش.
(3)
الصواب: "مقدَّمي".
(4)
خبر ولاية اليحياوي في: نيل الأمل 6/ 401، وبدائع الزهور 3/ 40.
(5)
الصواب: "أحد مقدّمي".
(6)
خبر نيابة يشبك في: إنباء الهصر 146، ونيل الأمل 6/ 402، وبدائع الزهور 3/ 40، وتاريخ طرابلس 532 رقم 129.
(7)
الصواب: "أحد مقدّمي".
(8)
خبر نيابة بلاط في: نيل الأمل 6/ 402، وبدائع الزهور 3/ 40.
[تعيين نائب مَلَطية أتابكاً لحلب]
وفيه أيضاً استقر تغري بردي بن يونس نائب مَلَطْية كان في أتابكية حلب، عِوضاً عن تمراز، بحكم نقله إلى التقدمة ألف التي شُغرت بدمشق عن بلاط المستقر في نيابة حماة
(1)
.
[حجوبية الحجّاب بدمشق]
وفيه أيضاً استقر في حجوبية الحجّاب بدمشق محمد بن مبارك، عِوَضاً عن إبراهيم بن بيغوت، بحكم وفاته على ما تقدّم في أول وفيات الخالية
(2)
.
[أخْذ أمير التركمان ابن رمضان قلعة سيس]
وفيه، في يوم الأحد، خامس عشره، وصل الخبر من حلب من الأتابك أُزبك على يد قاصده بمكاتبة، يذكر فيها بأن ابن
(3)
رمضان أمير التركمان الرمضانية أخذ قلعة سيس من أعوان شاه سوار، فسُرّ السلطان بهذا الخبر، وجهّز لابن رمضان خلعة وشكره على ذلك
(4)
.
[طلب جانبك من ططخ تحوُّل النجم القرمي من المدرسة القانبائية]
وفيه، في الأربعاء، ثامن عشره، بعث جانِبك من طَطَخ أميراخور كبير إلى شيخنا النجم القَرْمي قاضي العسكر وشيخ المدرسة القانِبَائية بسُويقة ابن
(5)
عبد المنعم يأمره بالتحوّل من سكنه بالمدرسة المذكورة، وأعاد عليه ما كان قد تحدّث فيه أولاً، ثم بَطَل فأعاده في هذه الأيام، حتى كلّمه جماعة من الأعيان في ذلك، فسكت.
[قطْع الخبز والطعام عن الصوفية بالخانقاة الشيخونية]
وفيه - أعني هذا الشهر - قُطع الخبز والطعام المرتّب للصوفية بالخانقاة الشيخونية، واحتجّوا بوجود الغلاء، وأنه لم يكن في الوقف ما يُصرف على ذلك،
(1)
خبر نائب ملطية في: إنباء الهصر 146، ونيل الأمل 6/ 402، وبدائع الزهور 3/ 40.
(2)
خبر الحجوبية في: إنباء الهصر 146، وتاريخ البُصروي 43، ونيل الأمل 6/ 402، وبدائع الزهور 3/ 40، 41.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
خبر قلعة سيس في: إنباء الهصر 146، ونيل الأمل 6/ 403، وبدائع الزهور 3/ 41.
(5)
في الأصل: "بن".
وكثُر القال والقيل من الصوفية، وما أفاد كلامهم شيئاً، ودام المرتّب مقطوعاً إلى أول السنة الآتية على ما سنذكره فيها، وكيف أعيد في أولها.
[شهر جماد الأولى]
وفيها استهلّ جماد الأولى بالإثنين بالرؤية، وطلع القضاة ومن له عادة بالطلوع للتهنئة، وهنّأوا
(1)
السلطان.
[سفر الشريف القصيري إلى البلاد الشامية]
وفيه - أعني هذا الشهر في هذا اليوم - خرج السيد الشريف علاء الدين القصيري الكردي ناظر الأشرف وناظر خانقاة سرياقوس - ووهِم من قال: سعيد السعداء - مسافراً إلى جهة البلاد الشامية لبعض مَهمّات تتعلّق بالسلطان ندبه إليها.
(إفراج سوار عن الأتابك قُلَقْسيز)
(2)
وفيه، في يوم الأحد، سابعه، وصل (الأمير)
(3)
قَرَاجا السيفي جانِبَك، نائب جدّة، أحد العشرات، من حلب إلى القاهرة، وأخبر بأن الأتابك جانِبَك قُلَقْسيز أفرج شاه سوار عنه، وبعث به معزَّزاً مكرّماً إلى حلب، وصحبته قانِبَاي الخاصّكي قد أُفرج عنه أيضاً، وأراد بإفراجه عن الأتابك جانِبَك المذكور ليكون سفيرأ له بينه وبين السلطان في الصلح والرضا
(4)
عنه، من غير أن يخبر بالكيفية التي عليها يكون الصلح
(5)
.
(ترجمة قراجا نائب جُدّة)
(6)
552 -
وقراجا
(7)
المذكور هو موجود الآن على الإمرة العشرة التي كانت بيده، ويُعرف الآن هو أيضاً بنائب جُدّة لكونه وُلّيها.
وهو - أعني قراجا هذا - من مماليك جانِبَك نائب جُدّة، وكان من المختصّين به والمقرَّبين لديه، ومن أرباب الوظائف عنده، ونزّله في ديوان الجند السلطاني في أيامه، ثم دام على جنديّته إلى أن قُتل أستاذه على ما مرّ بيانه، ثم
(1)
في الأصل: "فهنوا".
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
من الهامش.
(4)
في الأصل: "الرضى".
(5)
خبر إفراج سوار في: إنباء الهصر 151، ونيل الأمل 6/ 403، وبدائع الزهور 3/ 41.
(6)
العنوان من الهامش.
(7)
هو قراجا جانبك الجداوي. ذكره السخاوي في الضوء اللامع 6/ 215 رقم 716 باختصار، وبيض لوفاته.
صُيّر خاصكيّاً بعد ذلك فيما أظنّ، وأمّره الأشرف قايتباي عشرة، وجعله شادّاً على بندر جُدّة لكونه لديه خبرة، فباشر ذلك، وتكرّرت ولايته لذلك وغير ما مرة، وصودر في أثناء ذلك، وأُخذ منه جملة من المال، وما حُمدت مباشرته بجُدّة فصُرف عنها، وهو باقٍ على إمرته الآن.
إنسان حسن السمت والملتقى، تعلوه سُمرة، يُظهر العفّة والتديّن والسياسة والخبرة بالأمور، وهو بخلاف ذلك، وآل إليه النظر على أوقاف أستاذه بعد موت جانَم الجُدّاوي
(1)
نائب حماة، وفعل قراجا في هذا الوقف وفي التكلّم عليه أفعالاً عجيبة يطول الشرح في ذكرها.
وهو من أبناء الخمسين فما فوقها.
[نزول السلطان إلى بركة الجب]
وفيه، في ليلة الأربعاء، عاشره، نزل السلطان للركابة ببركة الجبّ، ثم عاد من يومه ذلك، وكان ذلك قبل أن يلبس الصوف
(2)
.
[لبْس السلطان الصوف]
وفيه، في يوم الجمعة، ثاني عشره، ووافق حادي عشر هاتور من شهور القِبط، لبس السلطان الصوف في وقت صلاة الجمعة، وألبس الأمراء على العادة.
[إرتفاع أسعار الغلال]
وفيه - أعني هذا الشهر - ارتفع سعر الغلال جدّاً في هذا اليوم عن الذي كان قبل ذلك من السعر، فبيع الإردبّ القمح بألف ومائتي درهم، وهي أربعة أشرفية ذهباً، وكان سعر الشعير والفول نحو السبعمائة درهم، وأبيع الحِمل التبن بثلاثمائة درهم. وكان الغلاء في الكثير من الأشياء والتي كانت موجودة، ثم أشيع بأن سبب هذا الغلاء هو توجّه يشبُك الدوادار إلى بلاد الصعيد، وتحكير الغلال بها، وإمساك ذلك عن الناس
(3)
.
(1)
مات (جانم الجُداوي) في سنة 888 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 3/ 65 رقم 259، ووجيز الكلام 3/ 947 رقم 2133، والذيل التام 2/ 371، ونيل الأمل 7/ 340 رقم 3232، ومفاكهة الخلان 1/ 60، 61، وبدائع الزهور 3/ 200.
(2)
خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر 151، 152، ونيل الأمل 6/ 404، وبدائع الزهور 3/ 41.
(3)
خبر ارتفاع الأسعار في: إنباء الهصر 152، ونيل الأمل 6/ 404، وبدائع الزهور 3/ 41.
[شهر جمادى الآخرة]
وفيها استهلّ جمادى الآخرة بالأربعاء، وهُنّئ به السلطان.
[تنزُّه السلطان بخليج الزعرفان]
وفيه، في يوم السبت، ثامن عشره، نزل السلطان إلى جهة خليج الزعفران للتنزّه به، وكان تقدّم أمره بنصب الخيام
(1)
به، فنزل بالخيام وأقام هناك ثلاثة أيام في أكل وشرب وتنزُّه.
ولما كان يوم الإثنين العشرين من الشهر عاد إلى القلعة
(2)
.
[عزل إينال الأشقر من نيابة حلب]
وفيه، في يوم الثلاثاء، حادي عشرينه قدم إينال الأشقر إلى القاهرة من حلب معزولاً عن نيابتها، وطلع إلى السلطان، ثم نزل إلى دار أُعِدّت له، وهي دار نانَق
(3)
.
[نزول السلطان من القلعة]
وفيه، في يوم الأحد، سادس عشرينه، نزل السلطان من القلعة، فسيّر وعاد إليها.
[مسير السلطان إلى جهة الخانقاة السرياقوسية]
وفيه، في يوم الإثنين، سابع عشرينه، نزل السلطان أيضاً وسار إلى جهة الخانقاة السرياقوسية، فسيّر ثم عاد من يومه
(4)
.
[نظارة البيمارستان المنصوري والأوقاف]
وفيه، في يوم الثلاثاء، ثامن عشرينه، استقر القاضي أبو الفتح أحد كُتّاب المماليك في نظر البيمارستان المنصوري ونظر الأوقاف، عِوضاً عن الشرف عبد الباسط بن البَقَري
(5)
بعد عزله عنهما
(6)
.
(1)
في الأصل: "الخام".
(2)
خبر تنزه السلطان في: نيل الأمل 6/ 405، وبدائع الزهور 3/ 41.
(3)
خبر عزل إينال في: إنباء الهصر 157، ونيل الأمل 6/ 455، وبدائع الزهور 3/ 41.
(4)
خبر مسير السلطان في: إنباء الهصر 157، ونيل الأمل 6/ 406.
(5)
مات (عبد الباسط بن البقري) في سنة 893 هـ. (الضوء اللامع 4/ 31، 32 رقم 97).
(6)
خبر نظارة البيمارستان في: إنباء الهصر 157، 158، ونيل الأمل 6/ 407، وبدائع الزهور 3/ 42.
[شهر رجب]
وفيها استُهلّ رجب بالخميس بالرؤية، والغلاء في تزايد، وارتفعت الأسعار فيه عمّا قدّمناه في كل شيء ذكرناه وغيره أيضاً، وطال هذا الغلاء بهذه البلاد وغيرها. وللَّه الأمر
(1)
.
(ولاية لاجين إمرة مجلس)
(2)
وفيه، في يوم الخميس، ثامنه، استقر في إمرة مجلس لاجين الظاهري اللالا أحد مقدَّمين
(3)
الألوف، وكان قد أشيع بأنه تولّاها إينال الأشقر. ويقال إنها عُرضت على إينال المذكور فأبى إلّا الرأس نوبيّة الكبرى، لِما فيها من الحكم والظلم، ووُلّي لاجين هذه الوظيفة عن قرقماس الجَلَب، بحكم وفاته قتيلاً في كائنة شاه سوار على ما تقدّم ذلك في محلّه آنفاً. وكانت هذه الوظيفة شاغرة هذه المدّة
(4)
.
[عيادة السلطان لإينال الأشقر]
وفيه، في يوم السبت، عاشره، نزل السلطان لدار إينالى الأشقر يعوده من مرض أصابه بعد حضوره من حلب، ولم يزل به هذا المرض وهو ينصل، ثم يعاوده إلى أن كان موته به بعد ذلك بمدّة، على ما سيأتي في سنة وفاته، وهى سنة ست وسبعين
(5)
.
(قدوم قُلَقسيز إلى القاهرة)
(6)
وفيه، في يوم الإثنين، تاسع عشره، قدم الأمير الكبير الأتابك جانِبَك قُلَقسيز إلى القاهرة، وصعِد إلى القلعة من يومه هذا، وحين قرُب من السلطان قام إليه واعتنقه وترحّب به وأنس إليه، ثم أحضرت كامليّة هائلة تليق به، فألبسها وقُيّد له مركوب خاص من خيول السلطان ومراكيبه بالسرج الذهب والكنبوش الزركش، فأركب من عند باب البحرة من الحوش السلطاني، وكان ذلك من نوادره، ثم نزل
(1)
إنباء الهصر 159، ونيل الأمل 6/ 407، وبدائع الزهور 3/ 42.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(4)
خبر ولاية لاجين في: إنباء الهصر 159، ونيل الأمل 6/ 407، وبدائع الزهور 3/ 42.
(5)
خبر عيادة السلطان في: إنباء الهصر 159، 160، ونيل الأمل 6/ 407.
(6)
العنوان من الهامش.
إلى داره في موكب حافل، وهرع الناس لداره للسلام عليه، وكان لنزوله يوماً مشهوداً. ثم أخذ الناس في القال والقيل، وكثُر كلامهم في شأنهْ، وماذا يولّى من الوظائف، وقد كان الأتابك، ثم كان له ما سنذكره
(1)
.
[طلب كتاب وقف المدرسة القانبائية]
وفيه، في يوم الثلاثاء، عشرينه، بعث جانِبك الأميراخور الكبير إلى شيخنا الشيخ نجم الدين القَرْمي فطلبه ومعه كتاب وقف المدرسة القانبائية، ليحرّر منه قضية سكناه بالمكان بالمدرسة المذكورة، ووقع قال وقيل حتى ركب شيخنا الكافِيَجي، رحمه الله، إلى جانِبَك ونهاه عن مثل هذا الأمر، وخوّفه عاقبة تشويشه على النجم المذكور، وآل الأمر إلى سكوته عنه.
(ولاية قُلَقسيز إمرة السلاح)
(2)
وفيه، في يوم الخميس، ثاني عشرينه، استقر في إمرة سلاح الأتابك جانِبَك قُلَقسيز، وكانت شاغرة نحو السنة وسبعة شهور من يوم قتل بُرْدُبك هجين في نوبة شاه سوار، فاستقر جانِبَك هذا فيها عِوضاً عنه، وقرّر في الطاعة أيضاً
(3)
.
[ولاية إينال الأشقر رأس نَوبة النُوَب]
وفيه، أعني هذا اليوم أيضاً، استقر إينال الأشقر في رأس نَوبة النُوَب عِوضاً عن سودون القصرُوي، وهو أيضاً وُلّيها عن سُودُون هذا بحكم شغورها بعد موته في نوبة شاه سوار، وقُرّر في تقدمته جانِبَك الدوادار، وكانت مضافة إلى الذخيرة.
(المشاورة في إحضار الأتابك أُزبَك من شاه سوار)
(4)
وفيه، في يوم الثلاثاء، كانت المشاورة بين السلطان وأمرائه بعد أن بعث بطلبهم إليه في أمر شاه سوار، ومجيء من بقي من العساكر بحلب من الأمراء كالأتابك أُزبَك وغيره، ومجيء قاصد شاه سوار الذي كان قدم صحبة الأتابك جانِبَك إلى حلب أو عقيبه بعد إطلاقه، وطالت المشاورة في ذلك، وآل الأمر إلى
(1)
خبر قدوم قلقسيز في: إنباء الهصر 159، وتاريخ البُصروي 43، ونيل الأمل 6/ 407، وبدائع الزهور 3/ 42.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
ولاية قلقسيز في المصادر السابقة.
(4)
العنوان من الهامش.
كتابة مرسوم بحضور الأتابك أُزْبَك من حلب هو ومن معه من الأمراء، وإحضار قاصد شاه سوار معهم.
واتفق من الغرائب أن الأتابك خرج من حلب إلى جهة مصر قبل ورود الأمر عليه بذلك ووصوله إليه
(1)
.
[الإشاعة بالصفح عن شاه سوار]
وفيه كُتب مرسوم لنواب البلاد الشامية بأن التجريدة ستخرج بعد شهر رمضان إلى جهة حلب لأجل شاه سوار هذا، بعد أن أشيع بالقاهرة بأنه سيقع الصفح، فتعجّب الناس من هذه الإشاعة المناقضة لهذا الحال، وتحيّروا في هل الأمر، راجع إلى الصلح أم إلى القتال؟
(2)
.
(ترجمة جقمق نائب دمياط)
(3)
وفيه - أعني هذا اليوم - استقر في نيابة دمياط جقمق الظاهري
(4)
.
553 -
وجقمق هذا موجود إلى يومنا هذا الذي نحن به في عصرنا الآن، فلْنُترجمه:
أصله من تركمان البلاد الحلبية.
ويقال إنه كان مكارياً بحلب بعد قدومه إليها من بلاده، ثم قدم بعد ذلك القاهرة، وصار تبعاً عند الصارمي إبراهيم خازندار المقام الناصري محمد بن الظاهر جقمق، وآل به الأمر أن نزل في ديوان الجُند السلطاني فى دولة الظاهر المذكور بواسطة إبراهيم المذكور، وذلك لدعابة وبجاحة وتمسخُر كان يُبديه له، ودام على ذلك مدّة إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فسعى في نيابة دمياط، يقال بمالٍ بذله في ذلك. وكان قبل ذلك قد صُيّر خاصكيّاً على إقطاع جيّد، فوُلّي دمياط في هذا اليوم وباشرها، وحصل له منها المال والمنقوع على ما قيل، ثم صرف عنها، فسعى في نيابة القدس ظنّاً منه أنها فيما قصده فوق دمياط، فوُلّيها بعد هذا التاريخ وتوجّه إليها، فلم ينتُج له بها أمر، وصُرف عنها وعاد إلى القاهرة، فرتّب له
(1)
خبر المشاورة في: إنباء الهصر 160، وتاريخ البُصروي 43، ونيل الأمل 6/ 408، وبدائع الزهور 3/ 42.
(2)
خبر الإشاعة في: نيل الأمل 6/ 408.
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
انظر عن (جقمق الظاهري) في: نيل الأمل 6/ 408.
السلطان عشرة آلاف درهم في الشهر يأخذها على أقساط
(1)
، ولم يُقطِعه شيئاً من الأقاطيع، فأكل هذه الجامكية مدّة وهو في مقام الأمراء العشرات، بل فوق الكثير منهم في حَشَمه وخدمه وشؤونه
(2)
وثروته. واتصل بالسلطان، بل وبكثير من أكابر الأمراء. ولم يزل السلطان ينبسط إليه، ويُظهر هو له التمسخُر والبجاحة ويُضحكه دائماً في الملأ
(3)
العام من الأمراء وغيرهم بدُعابته، ويعجب السلطان وغيره ما يُبديه من ذلك التمسخر والدُعابة. ودام على ذلك إلى أواخر سنة تسع وثمانين. فلما عرض السلطان الجيش لأجل ما يقال إنه يسافر أو نحو ذلك، فقطع من جامكية جقمق هذا أربعة آلاف وأبقى معه ستة، وقال له: امشِ على نحو ما يكفيك من هذه الستة آلاف، فحصل عنده بذلك تشويش بالغ، وهو باقٍ على هذا، بل وعين السلطان ناظرة إلى قطع الكل من جامكيّته فيما أُخبرتُ.
وجقمق هذا إنسان حسن، خفيف الروح، كريم النفس، يحب أهل العلم ويعظّمهم جدّاً، وله ثروة وبعض أملاك، وعنده حسن معاشرة وحلاوة مذاكرة.
وهو ممن جاوز الستين
(4)
سنة. سامحنا اللَّه تعالى وإيّاه.
[شهر شعبان]
وفيها استهلّ شعبان بالسبت، وطلع القضاة للسلطان فهنّأوه
(5)
بالشهر في هذا اليوم من هذا الشهر.
[إنتهاء عمارة السبيل بالقشّاشين]
وفيه - أعني هذا اليوم - كان نهاية عمارة السبيل الذي أنشأه السلطان بخُط القَشاشين
(6)
من تحت الربع، ولعلّه أول عمايره التي من نوع البِرّ والمعروف، وجاء سبيلاً هائلاً حسناً، لعلّه ما وُضع قبله مثله، وبُني عليه المكتب المعظّم للسبيل، وحصل به النفع في ذلك الخُط
(7)
.
[عودة يشبُك الدوادار من الصعيد]
وفيه، في يوم الإثنين، رابع عشرينه، وصل يشبك الدوادار من بلاد الصعيد
(1)
في الأصل: "البساط".
(2)
في الأصل: "شونه".
(3)
في الأصل: "الملاء".
(4)
في الأصل: "جاوز الستون".
(5)
في الأصل: "فهنوه".
(6)
في الأصل: "العشاشين".
(7)
خبر عمارة السبيل في: نيل الأمل 6/ 409، وبدائع الزهور 3/ 43.
بعد أن غاب بها نحواً من سبعة
(1)
شهور، وبات بها وجالها شرقاً وغرباً، بُعداً وقُرباً، وفعل بها أفعالاً عجيبة، وأقام بها متنقّلاً من مكان لمكان. وكان من جملة أفعاله ما يُشكر عليه ومنها ما يُذمّ عليه. فمن الذي يُشكر عليه قمع الكثير من المفسدين من العربان وغيرهم وقطع جاذورتهم وعدم محاباته لأحدٍ في ذلك، ومنهم محمود شيخ بني عدي بأعمال منفلوط، فإنه لا زالَ به حتى أخذه، لكنه فعل فعلاً عجيباً، وهو أنه جعله في سيخ وشواه حيّاً على النار، وأقام على منفلوط نازلاً بها بباب المحروق بها على كوم أمر بتمهيده بالجراريف حتى توطّاً له، وكان في أيام النيل، فدام بها مدّة وأباد الكثير من المفسدين، وخَوزَق جماعة حتى وقع رعبه في قلوب الكثير من أهل تلك النواحي، وقعدت البلاد وقَلّ الفساد، وإن كان ذلك بضروب من الأفعال غير
(2)
الجائزة شرعاً.
ومن أفعاله التي يُذمّ عليها ظلمه الكبير وجوره وعسفه على كثير ممن لا ذنب له ولا جُرّة في شيء، وأخذ الكثير من الأموال من غير وجهها، بما يطول الشرح في ذكره.
ولما تمثَّل يشبُك هذا بين يدي السلطان خلع عليه خلعة هائلة، ونزل إلى داره في موكب حافل. ثم بعد أيام بعث إلى السلطان بتقدمة هائلة ما بين خيول (وجِمال)
(3)
ورقيق، وأعسال وسكاكر وغلال، ومن الذهب النقد العين على ما أخبرني به سيباي العلائي
(4)
مائة ألف دينار وثلاثة عشر ألف دينار، ومن الشعير عشرين ألف إردبّ، كل إردبّ بدينارين. وبعث إليه بمخازيم ببواقي بلاد تُحرَّر بنحو الخمسين ألف دينار ونحوها، فكان مجموع ذلك بالبواقي نحو المائتي ألف دينار، وهذا من نوادر الغرائب، وغرائب النوادر التي لم يُسمع بمثلها
(5)
. فلا حَول ولا قوّة إلّا باللَّه، إنّا للَّه، كيف يكون الجواب عن هذا المال في غدٍ بين يدي ذي الجلال. نسأل اللَّه تعالى العفو والعافية، وأن ينفعنا بالكَفاف وبيسيره علينا، ولا يجعل لنا اعتناء بما فوقه إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
(1)
في الأصل: "سبع".
(2)
في الأصل: "الغير".
(3)
من الهامش.
(4)
قتل (سيباي العلائي) في سنة 885 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 3/ 288 رقم 1098، ووجيز الكلام 3/ 915 رقم 2076، والذيل التام 2/ 339، ونيل الأمل 7/ 262 رقم 3141، وبدائع الزهور 3/ 169.
(5)
خبر عودة يشبك في: إنباء الهصر 161، ووجيز الكلام 2/ 810، ونيل الأمل 6/ 409، وبدائع الزهور 3/ 43.
[شهر رمضان]
وفيها استهلّ شهر رمضان بالأحد وهُنّئ به السلطان.
[النداء على بيع القمح]
ونودي في هذا الشهر، في هذا اليوم، على القمح بألف درهم الإردبّ، وأن لا يباع بفوق ذلك، ومن باع بالزيادة فلا يسأل ما يجري عليه، وهدّد من خالف هذه المناداة ومن باع بأكثر من ذلك. ثم أمر السلطان بفتح هديّتين من شُوَنه وبيع منها القمح بهذا الشهر في هذا اليوم، وحصل بهذا مشْي علامة الناس وبعض رِفق ومشْي حال، وأبيع الخبز بستة نُقرة الرطل بعد أن كان بتسعة. وكان الإردبّ الشعير قد أبيع بتسعمائة الإردبّ فأبيع في هذه الأيام بأقلّ من ستمائة، وللَّه الحمد على ذلك
(1)
.
(المناداة بطلوع من له شيء عند السلطان ليردّه عليه)
(2)
وفيه أيضاً - أعني هذا اليوم - نودي من قِبَل السلطان بأن من أُخذ منه شيء من المبلغ من أولاد الناس في مقابلة بعْث البديل إلى التجريدة، بل وغير أولاد الناس، فلْيطلع إلى القلعة ليردّ السلطان ما كان قد أخذه منهم إليهم، وأن طلوعهم يكون إليه في يوم الأحد ثامن الشهر هذا. ولما سمع الناس هذه المناداة تعجّبوا من ذلك، وكون هذا مالٌ كبير له جُرم عظيم، وقد فرغ من أعطاه عمّا أعطاه، وما ثَمَّ محرّك للردّ ولا مندوحة ظاهرة، فكيف سمح به السلطان؟
وخفي سبب ذلك عن كثير من الناس، واختلفت أقاويلهم في ذلك، فمن قائل: رأى السلطان شيئاً ما في ذلك. ومنهم من قال: خاف من الدعاء. ومنهم من قال: إنه ردّه بغير سبب، كما أخذه بغير سبب. ولم يُعلم إلى يومنا هذا ما السبب في ذلك. والظاهر أنه رأى شيئاً ما في مثل ذلك. بل ويذكر أنه ذكره السلطان لبعض الناس. واللَّه أعلم
(3)
.
(وصول الأتابك أُزبَك بمن معه من حلب)
(4)
وفيه، في يوم الخميس، خامسه، وصل الأتابك أُزبَك من حلب بمن معه
(1)
خبر بيع القمح في: نيل الأمل 6/ 409، 410، وبدائع الزهور 3/ 43.
(2)
العنوان من الهامش.
(3)
خبر المناداة بالطلوع في: إنباء الهصر 162، ونيل الأمل 6/ 410، وبدائع الزهور 3/ 43.
(4)
العنوان من الهامش.
ممن بقي من الأمراء، وهم: تمر الحاجب، وقَراجا الطويل الأشرفي، وأزدمر الطويل الأشرفي أيضاً، وبعض عشرات وأجناد، وهم في غاية العياء والتعب والعلّة، وقدم صحبتهم شاه بُضاغ أخو سوار المعزول قبل ذلك عن نيابة الأَبُلُسْتَين، بحكم استيلاء سوار عليها. واسمه أنه مولى. وطلع الجميع إلى القلعة وقبّلوا الأرض بين أيادي السلطان، وتحرّك من على دكّته لمجيء الأتابك أُزبك، وقام له بنصفه الأعلى، وكذا فعل معه حين خلع عليه، وخلع أيضاً على بقية الأمراء والخيل فواقي بوجهين. ونزل الأتابك والأمراء معه إلى داره، وخلع على كل من الأمراء فوقاني بطرز زركش بحسب مقامه. وأمّا شاه بُضاغ فخلع عليه كاملية بفرو سمّور، ونزلوا بعد أن عُرضت الأسرى ممن قبض عليهم من أقارب شاه سوار وجماعته على السلطان، وكان فيهم أخوه يحيى المعروف بكاوُر، فأمر السلطان بسجنه وإيّاهم بالبرج من قلعة الجبل
(1)
.
[وصول قاصد ابن قرمان بمكاتبة]
وفيه، في يوم السبت، سابعه، قدم إلى القاهرة قاصد ابن
(2)
قرمان أحمد صاحب لارندة وقونية وما والاهما من ملك الروم الأدنى بمكاتبة وهو يشكو
(3)
فيها من السلطان محمد بن عثمان ملك الروم
(4)
.
[ردّ السلطان على أولاد الناس بعض ما أخذه منهم]
وفيه، في يوم الأحد، ثامنه، طلع أولاد الناس وغيرهم ممن كان أخذ السلطان منهم المال، ثم نادى بأنه يردّه إليهم، وحين اجتمعوا بالقلعة جلس السلطان على دكّة من الحوش، وأخذ في ردّه عليهم ما كان قد أخذه منهم، فردّ إلى البعض جميع ما كان أخذه، وإلى البعض نصفه، وإلى آخرين بأقلّ من النصف، ولم يردّ على ذوي الأقاطيع شيئاً إلّا بعض ما ندر
(5)
.
[تعيين ابن الكُوَيز في نظارة الخاص]
وفيه، في يوم الخميس، ثاني عشره، استقر في نظارة الخاص زين الدين
(1)
خبر وصول الأتابك في: إنباء الهصر 162، ووجيز الكلام 2/ 810، وتاريخ البصروي 43، 44، ونيل الأمل 6/ 411، وبدائع الزهور 3/ 44.
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
في الأصل: "يشكوا".
(4)
خبر وصول القاصد في: إنباء الهصر 162، 163، ونيل الأمل 6/ 411.
(5)
خبر ودّ السلطان في: نيل الأمل 6/ 411.
عبد الرحمن بن الكُوَيْز بعد صرف التاج عبد الله بن المقسي بعد اختفائه، وهذه الثانية من ولاية ابن
(1)
الكُوَيز لنَظارة الخاص من يوم حضوره من بلاد الروم، وسُرّ الكثير من الناس بولاية الزين هذا وصرْف ابن
(2)
المقسي لسوء مباشرته ولظلمه الذي آل به إلى ما تعرفه أو ستعرفه إن شاء اللَّه تعالى
(3)
.
[نيابة ابن فُطَيس بالقدس]
وفيه استقر يوسف الجمالي الغوري، المعروف بابن فُطَيس فى نيابة القدس، عِوَضاً عن دَمِرداش العثماني، بحكم نقله إلى نيابة سيس قبل ذلك
(4)
.
وكان يوسف هذا قد ولي قبل ذلك أستادّارية الأغوار بدمشق. وهو في الأصل من أتباع جانم نائب الشام.
[طلوع قاصد شاه سوار إلى السلطان بالقلعة]
وفيه، في يوم الإثنين، ثالث عشرينه، طلع قاصد شاه سوار الذي حضر قبل ذلك إلى القلعة واجتمع بالسلطان، وكان قد أحضر معه بعض هدية، فلم يأذن السلطان له بأن يطلع بها إليه، وكانت بعض جمال بخاتي وبعض مماليك وجواري. ولما تمثّل هذا القاصد بين يدي السلطان أوصل مكاتبة مرسِلِه إليه، ففُضَّت وقُرئت، فكانت تتضمّن طلب الصلح على شروط ذكرها شاه سوار، منها أن يُعطى إمرة التركمان، وتقدمة ألف بحلب، وأنه إذا فعل معه ذلك سلّم عينتاب. ثم طال المجلس بين القاصد والسلطان. وكان هذا القاصد ممن عنده حركة وتفُوّه ومعرفة بالكلام. وكثُر الكلام في هذا المجلس، ولم يظهر لأحدٍ ممن حضره لعلّ الأمر انفصل في هذا المجلس على الصلح أم غيره. لكنه لما نزل القاصد بغير خلعة، بل وعاد لمرسله بلا خلعة ظهر أنه لا صلح
(5)
.
[انتقال الشمس إلى برج الحَمَل]
وفيه، في يوم الأربعاء، خامس عشرينه، نُقلت الشمس إلى برج الحَمَل في الساعة الرابعة من الليل، ووافق ذلك سادس عشر برمهات من شهور القبط. وكان هذا أول فصل الربيع.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
خبر ابن الكويز في: إنباء الهصر 163، ونيل الأمل 6/ 411، وبدائع الزهور 3/ 43.
(4)
خبر نيابة القدس في: نيل الأمل 6/ 411، وبدائع الزهور 3/ 43، والأنس الجليل 2/ 413 وفيه "يوسف الجمالي المشهور بابن أقطيش".
(5)
خير طلوع القاصد في: إنباء الهصر 163، 164، ونيل الأمل 6/ 412، وبدائع الزهور 3/ 43.
[شهر شوّال]
وفيها استهلّ شوّال بالثلاثاء، وكان العيد، وخُلعت فيه الخُلَع على العادة في ذلك، وكانت شيئاً كثيراً لغرر ناظر الخاص بها، لكونه أول ما ولي وجاءه هذا الحال.
(ولاية الزين ابن الكُوَيز معلّميّة المعلّمين)
(1)
وفيه، في يوم الخميس، سابع عشره، استقر في وظيفة معلّمية المعلّمين - أعني كبير المهندسين - بدر الدين محمد بن الكُوَيز الذي ولي نظارة الخاص بعد ذلك، (وستأتي)
(2)
ترجمته في محلَّها إن شاء اللَّه تعالى
(3)
.
[خروج المحمل من القاهرة]
وفيه، في يوم السبت، تاسع عشره، كان خروج المحمل والحاج من القاهرة، وأميرهم يشبُك الجمالي الماضي ذكره، وأمير الأول آقبردي الأشرفي، وتتابع خروج من بقي من الحجّاج بعد ذلك، ثم استقلّوا بالرحيل من البِركة، فالأول في يوم الإثنين حادي عشرينه، والمحمل في يوم الثلاثاء ثاني عشرينه. وخرج صحبتهم الشيخ الإمام العلّامة كمال الدين ابن
(4)
إمام الكاملية وهو موعوك، وأشير عليه بعدم السفر، فأبى إلّا ذلك، كأنه أراد أنه إن مات يكون ممن مات على الحج، وكان كذلك، فإنه مات بثغر حامد في خامس عشري شوال هذا كما سيأتي في ترجمته وفي تراجم هذه السنة إن شاء اللَّه تعالى.
وكان قد قدم من المغرب في هذه السنة صاحبنا الشيخ العالم، العامل، الفاضل، الكامل أبو عبد اللَّه محمد بن ()
(5)
المغربي، التِلِمْساني، المالكي، المعروف بابن القصّار، خطيب جامع البيطار بمدينة واهران، وأحد أجِلّاء أصحاب الولي الملك سيدي إبراهيم التازي الماضي ذكره، بل وذِكر ابن
(6)
القصار هذا أيضاً فيما تقدّم. وكان قدومه برسم الحج، فخرج حاجّاً ثم جاور بمكة وبها مات في أثناء هذه السنة. وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى
(7)
.
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
ذُكرت فقط في أسفل الصفحة بنظام التعقيبة، ولم تُذكر في بداية الصفحة التالية.
(3)
خبر ابن الكويز في: إنباء الهصر 164، ونيل الأمل 6/ 412، وبدائع الزهور 3/ 44.
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
بياض مقدار كلمتين.
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
خبر المحمل في: إنباء الهصر 164، ونيل الأمل 6/ 413، وبدائع الزهور 3/ 44.
[قيام أهل الخانقاة الشيخونية على العلاّمة الكافِيَجي]
وفيه - أعني هذا الشهر - تحزّب جماعة من أهل الخانقاة الشيخونية وقاموا على شيخنا العلّامة الكافِيَجي لأجل قطع المرتّب بها، ودخلوا إلى إينال الأشقر وقد وُلّي رأس نَوبة النُوَب، وهو الناظر على الخانقاة المذكورة، فبعث إلى شيخنا بعمل مصالح أهل الخانقاه، فقال له في جواب ذلك إنه هو أيضاً الناظر، فلينظر في متحصّل الوقف ومصروفه، لعلّ يفيض ما يعاد به المرتّب فليفعل، وقامت هرجة كبيرة في ذلك، ورسّم على جابيها الذي يقال له محمد السعدي عدّة أيام، وعُمل الحساب، فما وُجد شيء ليُعاد به المرتّب، ودام الأمر على ذلك إلى أول الآتية.
[كائنة الجلال ابن سُوَيد]
وفيه - أعني هذا الشهر - كائنة الجلال ابن
(1)
سُوَيد في قضية منعه شيئاً من أوقاف مدرستهم، ووُكّل به في المدرسة القانِبائية من أعوان إينال الأشقر، وآل الأمر إلى تغريمه الكثير من المبلغ ببيع أشياء له، والإستعادة على من شَرَى شيئاً من الوقف، والتخلية بينه وبين المبعدين
(2)
. وقد أشرنا إلى بعضٍ من ذلك في ترجمة الجلال
(3)
هذا على ما عرفت فيما مرّ.
[كائنة القاضي ابن بكور الشافعي]
وفيه - أعني هذا الشهر أيضاً - كائنة القاضي ()
(4)
ابن بكور الشافعي، أحد نواب الحكم الشافعية، ووكّل به بدار إينال الأشقر، وغرم فوق الأربعين ديناراً لقضيةٍ ما، ثم خلّص.
[زيادة شرور إينال الأشقر]
وفيه - أعني هذا الشهر - زادت شرور إينال الأشقر، وصار الكثير من الناس لا يرتمي إلّا من داره، وعمل في الناس البطيط (!)، وشكا
(5)
إليه شاهد فقطع كُمَّه، وحرث على ثور من بقر أركبه إيّاه
(6)
.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
الكلمة محيّرة في الأصل، ولعلّها:"البائع". وفي نيل الأمل 6/ 413، 414 "والتخلية بينه وبين الجلال هذا".
(3)
انظر عن الجلال ابن سويد في: نيل الأمل، وبدائع الزهور 3/ 45.
(4)
بياض في الأصل مقدار كلمة.
(5)
في الأصل: "وشكى".
(6)
خبر زيادة الشرور في: نيل الأمل 6/ 414، وبدائع الزهور 3/ 45.
(بداية عمارة تربة السلطان)
(1)
وفيه أيضاً كان بداية عمارة السلطان لتربته بالصحراء، وأول ما بدأ به عمارة الحوض السبيل، ثم حفر الصهريج
(2)
.
[شهر ذي القعدة]
[ضرب السلطان الكُرَة]
وفيها استهلّ ذو
(3)
القعدة بالأربعاء، وابتدأ
(4)
فيه السلطان بضرب الكُرة ومعه الأمراء مقدَّمين
(5)
الألوف على العادة
(6)
.
[قدوم مبشّري العقبة]
وفيه - أعني هذا الشهر - قدم مبشّرو
(7)
العَقبة بكتبها وأخبروا بالأمن والرخاء، وأخبروا بموت العلامة الكمال إمام الكاملية وابن
(8)
إمامها وكثُر أسف الناس عليه.
[شهر ذي الحجّة]
وفيها استهلّ ذو
(9)
الحجّة بالجمعة، وطلع القضاة فهنّأوا
(10)
السلطان به.
وفيه في يوم السبت ثانيه انتهى ضرب السلطان للكرة، وكان آخر يوم من لُعبها.
(تعيين التقي الحصني في مشيخة الشافعي)
(11)
وفيه - أعني هذا اليوم - بعد فراغ السلطان من الكرة بعث إلى الشيخ العلّامة التقي الحصني يطلبه، فلما حضر عنده أجلّه وعظّمه وقام له، والتمس منه الدعاء، ثم قرّره في تدريس المدرسة الصلاحية المجاورة لقبّة الإمام الشافعي،
(1)
العنوان من الهامش.
(2)
خبر عمارة التربة في: نيل الأمل 6/ 414، وبدائع الزهور 3/ 45.
(3)
في الأصل: "استهل ذي".
(4)
في الأصل: "وابتداء".
(5)
الصو اب: "مقدَّمي".
(6)
خبر ضرب الكرة في: إنباء الهصر 165، ونيل الأمل 6/ 414، وبدائع الزهور 3/ 45.
(7)
في الأصل: "مبشروا".
(8)
في الأصل: "بن".
(9)
في الأصل: "ذي".
(10)
في الأصل: "فهنوا".
(11)
العنوان من الهامش.
رضي اللَّه عنه، وشافهه بذلك، وذلك عِوَضاً عن الكمال ابن
(1)
إمام الكاملية، بحكم وفاته على ما ذكرنا. وخلع على التقي المذكور خلعة معتادة لمثله، ونزل في مشهد حفل إلى المدرسة المذكورة
(2)
.
ثم أخذ إبراهيم بن الكَركي يشيع بأنه هو الذي أرشد السلطان إلى أن يُولّي التقي هذا لكونه شيخه، وهو كاذب فيما أشاع بلا نزاع.
[أُضحيات العيد]
وفيه كان العيد (بالسبت)
(3)
، وكانت الضحايا موجودة
(4)
.
[مقياس النيل]
وفيه، في يوم الأربعاء، سابع عشرينه، ووافق سادس عشرين بؤونة
(5)
قصد أبو
(6)
الرذّاذ المقياس، وأخبر بأن القاعدة بلغت ستة أذرع وعشرين إصبعاً، فبشّر به، ثم أصبح من غده، وهو الخميس، فنودي عليه - أعني النيل - بزيادة خمسة أصابع.
[نزول السلطان إلى خليج الزعفران والمطرية]
وفيه، في يوم الجمعة، ركب السلطان ونزل إلى ناحية خليج الزعفران والمطرية، فسيَّر وعاد من يومه.
[تأخّر مبشّر الحاج]
وفيه - أعني هذا الشهر - لم يرد مبشّر الحاج على العادة، بل تأخّر حتى قيل إنه لا مبشّر في هذه السنة، ثم قدم إنسان يقال له قانصوه الجمالي من الخاصكية في السنة الآتية، وكان قد أخذه أخور في طريقه فتعوّق به.
وخرجت هذه السنة على ما قد عرفته من الفِتَن والشرور والأنكاد والغلاء، ولكن الحال يترجّح وللَّه الحمد.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
خبر تعيين الحصني في: إنباء الهصر 165، 166، ونيل الأمل 6/ 415، وبدائع الزهور 3/ 45.
(3)
من الهامش.
(4)
خبر الأضحيات في: نيل الأمل 6/ 415.
(5)
في الأصل: "بونه".
(6)
في الأصل: "أبي".
ذِكر نُبَذٍ
(1)
من تراجم الأعيان ووَفَيَاتهم فىِ هذا الزمان سنة
874
554 -
(أحمد بن سعيد بن [سعيد]
(2)
التلمساني
(3)
، السنوسي
(4)
، المغربي، المالكي.
الشيخ العالم، الفاضل القاضي في (
…
)
(5)
قاضي المالكية بدمشق.
قدم من تِلِمْسان إلى هذه البلاد، وتنقّلت به الأحـ[ــوال] حتى وُلّي قضاء الإسكندرية، ثم [آل] أمره أنْ وُلّي قضـ[ــاء] دمشق غير ما مرة، وأذهب أموا [لاً]، جمّة في ذلك، منها لما قام ابن
(6)
عبد اللَّه في ذلك ونقله، ووثب على (
…
…
…
…
)
(7)
.
وتوفي (
…
)
(8)
في ليلة الأربعاء (
…
)
(9)
ربيع الآخر وهو مصروف عن القضاء.
555 -
أحمد بن سعد الدين ( ............ )
(10)
.
(1)
في الأصل: "نبذاً".
(2)
ما بين الحاصرتين من نيل الأمل. وفي المجمع المفنّن 1/ 423 "محمد".
(3)
انظر عن (التلمساني) في: الضوء اللامع 1/ 306، ووجيز الكلام 2/ 818 رقم 873، والذيل التام 2/ 239، ونيل الأمل 6/ 401 رقم 2832، والمجمع المفنّن 1/ 423، 424 رقم 357، وحوادث الزمان 1/ 191 رقم 246، وبدائع الزهور 3/ 40.
(4)
في نيل الأمل: "السيوسي".
(5)
هنا يوجد قطع في هامش الورقة فلم تظهر كلمة.
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
مقدار أربع كلمات غير مقروءة.
(8)
كلمة واحدة.
(9)
كلمة واحدة.
(10)
مقدار أربع كلمات غير مقروءة. والاسم بالكامل في: المجمع المفنّن 1/ 422 رقم 356 وهو: "أحمد بن سعد الدين محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن ولخوبي بن منصور بن عمر بن ولهم".=
(
…
…
…
…
…
…
…
)
(1)
.
556 -
أحمد بن العطّار (المصياتي
(2)
، شهاب الدين)
(3)
الطرابلسيّ
(4)
.
باشر الحكم على عدّة جهات سلطانية بطرابلس، وكان إنساناً حسناً، خيّراً، أدوباً، جيّد المباشرة، باشر عدّة جهات بحُرمة، وكان الجميع ( .........
…
)
(5)
وغيره و (
…
…
…
)
(6)
حسن. وكان فكه المحاضرة، بشوش الوجه، حسن الهيئة والشكالة، متجمّلاً في شؤونه.
توفي في هذه السنة
(7)
.
= وهو: ملك الحبشة، السلطان المجاهد، المثاغر، الغازي، المرابط، السعيد، الشهيد، ملك الجبرت من الحبشة المسلمين.
(1)
مقدار سبع كلمات غير مقروءة.
وهذه ترجمته كما في المجمع المفنّن:
"كان هو ووالده سعد الدين وأسلافهم، بل وخَلَفُهم، ممن يكثرون النكاية بالكفّار من الحبشة، ويغزونهم غزوات مشهورة مذكورة، تقبّلها الله تعالى منهم. كل ذلك مع قلّة جموعهم بالنسبة إلى الكفّار، وضيق بلادهم، وعدم من ينصرهم، ومع ذلك فهو ووالده جاهدوا فيهم جهاداً كبيراً، وما يرد لهذه البلاد من الحبشة من عبيد وإماء، الكل من أسرهم في غزواتهم، وبلاده جبال حصِنة تُنكي في الأعداء، فإذا قُصد بجموع وافرة التجأ لبلاده، وجاءته أولئك (!) ثم عادوا كما جاؤوا، ولم يزل قائماً بنصرة هذا الدين القويم حتى وقع بينه وبين بُحرسوم ملك الحبشة الكافر فتنة كبيرة. حرّكها بُحرسوم المذكور لأجل إظهار النكاية في المسلمين، حتى يبلغ صاحب مصر فيعلم قوّته ووفور جموعه. وكان الظاهر قد جهّز إليه قاصده الشرَفي يحيى بن أحمد بن شادبك، الآتي في محلّه، بأجوبة عما ورد منه من الرسالة للسلطان، وكان حنق من كتابه، فردّ عليه الجواب من جنسه، فحنق الآخر، وخير الشرف ببلاده مدّة نحو الأربع سنين. ثم جرّد على بلاد بدلاي. واتفق أن يخرج إليه بدلاي، فاستشهد بعد أن أبلى فيه وفي عساكره البلاء الحسن.
وقد ذكرنا هذه القصة بطولها في تاريخنا "الروض الباسم" في متجدّدات سنة سبع وأربعين، فمن أرادها فعليه به، يعرفها برمّتها.
ويقول طالب العلم وخادمه، محقق هذا الكتاب "عمر عبد السلام تدمري": إن القصة ضائعة ضمن ما ضاع من المخطوط، وهي باختصار في: نيل الأمل 5/ 79 بتحقيقنا.
(2)
يقال: المصياتي والمصيافي، نسبة إلى: مصيات أو مصياف، حصن وبلدة بجبالى العلويين، بنواحي حماة. ووقع في نيل الأمل:"المطيباني".
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
انظر عن (أحمد بن العطار الطرابلسي) في: نيل الأمل 6/ 418 رقم 2852، والمجمع المفتّن 1/ 606 - 608 رقم 582.
(5)
مقدار أربع كلمات ممسوحة.
(6)
مقدار ثلاث كلمات ممسوحة.
(7)
في شهر ذي الحجة. (نيل الأمل).
557 -
أحمد بن علي بن يوسف بن محمد بن الفرّاش
(1)
القاهري، الحنفي.
الخطيب، العدلى، الرضيّ، شهاب الدين، أبو النجا. خطيب جامع شيخو، وأحد (
…
)
(2)
الخانقاة الشيخونية بالرومي (
…
…
)
(3)
وأسلافهم ببني الفرّاش. كان جدّه خطيباً مصقعاً، وله (
…
)
(4)
، وكان خطيباً حسن (
…
)
(5)
جامع شيخو، وكان الواقف (
…
…
)
(6)
جامعه شيخاً أول (
…
)
(7)
بغاية فصاحة.
وولد [هو] بالقاهرة في سنة 831 ونشأ بالجامع المذكور.
وأُحفِظ [القرآن العظيم]
(8)
وبعضاً من المتون، واشتغل (
…
)
(9)
وحضر دروس بعض مشايخ (
…
)
(10)
القاهرة، ومنهم الكمال بن الهُمام، وآخرون
(11)
قبله وبعده، وكان بيده خطابة الجامع شريكاً لإخوته، ولهم شرط النظر في الجامع أيضاً.
وكان أبو النجا هذا حسن الأداء في خطبته وقراءته، ومنهم أيضاً إمارة الحاج (
…
…
)
(12)
عدّة سنين (
…
…
…
)
(13)
. وكان متجمّلاً في شؤونه
(14)
يتكسّب بالتجارة ( ............... )
(15)
المنهاج في الجامع. وكان (
…
…
…
…
)
(16)
حسن العشرة، فكِه المحاضرة، مع لهو يسير.
توفي في شهر شوال بعد آخر العيد رحمه اللَّه تعالى)
(17)
.
558 -
أحمد بن قَرَطاي
(18)
الطرابلسي، المالكي، ثم الشافعي.
القاضي شهاب الدين، المعروف بابن قَرَطاي، وليس بأبيه، بل لعلّه جدّه أو نحو ذلك، فإنّني ما حرّرته.
هذا كان من أعيان طرابلس ومن أكابر رؤسائها، ووُلّي بها القضاء المالكية
(1)
انفرد المؤلف رحمه الله بترجمة ابن الفراش في كتابه هذا.
(2)
كلمة ممسوحة.
(3)
كلمتان ممسوحتان.
(4)
كلمة ممسوحة.
(5)
كلمة ممسوحة.
(6)
كلمتان.
(7)
كلمة واحدة.
(8)
إضافة منّا يقتضيها السياق.
(9)
كلمة واحدة.
(10)
كلمة واحدة.
(11)
في الأصل: "واخرين".
(12)
كلمتان ممسوحتان.
(13)
ثلاث كلمات ممسوحة.
(14)
في الأصل: "شونه".
(15)
مقدار خمس كلمات.
(16)
مقدار أربع كلمات.
(17)
ما بين القوسين، من أول ترجمة أحمد بن سعيد التلمساني حتى هنا كتب على الهامش، وقرأناه بصعوبة. وبعدها نحو ثماني كلمات ممسوحة.
(18)
انفرد المؤلّف رحمه الله بترجمة "أحمد بن قرطاي".
غير ما مرة، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي لأجل القضاء، فتولّى القضاء الشافعية بها أيضاً في دولة الظاهر خشقدم، وكان له جُرأة
(1)
وإقدام على الأمور المَهُولة، وما كان خالياً من فضيلة.
وكان عنده حشمة وتؤدة وحُسن سمت، وعشرة، وفكاهة محاضرة.
توفي في هذه السنة فيما أظنّ.
وهو في عشر السبعين.
559 -
بُتخاص العثماني
(2)
، الظاهري.
أحد العشرات، والحاجب الثاني.
كان من مماليك الظاهر برقوق، ولم يزل جندياً نحواً من ستين سنة في عدّة دول، إلى أن تسلطن الظاهر جقمق، وهو خُشداشه، فأمّره عشرة لزيادة معرفته له، وإلّا فقد تسلطن من الظاهرية غير ما واحد كالمؤيَّد، وطَطَر، وبَرسْباي. ثم ولّاه الظاهر المذكور نيابة ثغر دمياط، ثم قبض عليه وكُفي، ثم أعيد إلى القاهرة بطالاً.
ولما تسلطن الأشرف إينال أمّره عشرة على إمرة أُزبك من طَطَخ، أتابك زمننا الذي نحن فيه الآن المذكور آنفاً. وكان الأشرف إينال المذكور قد قبض عليه، ثم رقّاه الأشرف المذكور إلى الحجوبية الثانية عوضاً عن شمام الحَسَني، ودام على ذلك مدّة حتى تسلطن الظاهر خُشقدم، فأخرج الحجوبية عنه لقانِبَك السيفي يشبُك بن أزدمر، الآتي في محلّه. وبقي بُتخاص على إمرته فقط.
ولما تسلطن الظاهر يُلَباي بعد موت الظاهر خُشقدم أخرج عنه الإمرة لعجزه وكِبَر سنّه.
ووهِم من قال: إن الظاهر خُشقدم هو الذي أخرج إمرته عنه، وقرّر في إمرته سُودُون العلائي الظاهري، المعروف بالصغير لالا، في سنة ثمانٍ وثمانين إن شاء اللَّه.
ودام بُتخاص هذا ملازماً لداره، ورتّب له ما يكفيه من الجامكية إلى أن بغته الأجل.
وكان إنساناً حسناً، خيِّراً، ديّناً، ساكناً، متواضعاً، عفيفاً عن المنكرات، والفروج.
(1)
في الأصل: "جرة".
(2)
انظر عن (بتخاص العثماني) في: إنباء الهصر 167 رقم 1، والضوء اللامع 3/ 2 رقم 5، ونيل الأمل 6/ 396، 397 رقم 2827، والمجمع المفنّن 2/ 182 رقم 899، وبدائع الزهور 3/ 38، 39.
توفي في شهر ربيع الأول.
وقد ناهز المائة من العمر.
ويقال: إنه آخر من مات من مماليك الظاهر برقوق.
واسمه مركّب من: "بط" بالطاء وضمّ الموحَّدة، والباء غلط عنها. ومعناه: الضمّ. و"خاص" وهو عربي، ومعنى
(1)
المجموع: أي ضمّ خاص وهو بالتركية. ومن الأتراك من قال: إن معناه فخذ، وهو القصر خاص. فإن الفخذ يسمّى في أيضاً، إذ هذه اللفظة مشتركة بين الضمّ والفخذ. ولعلّ الثاني أَولَى، لكن الأول من فقه آخرين أظهر. واللَّه أعلم.
560 -
بيبرس من طَطَخ
(2)
الأشرفي.
أحد مقدَّمين الألوف بدمشق، المعروف بالطويل.
كان من مماليك الأشرف برسباي، وممن صُيّر خاصكيّاً في دولته، ثم نكب بعد موته، وقُبض عليه، ونُفي حين سلطنة الظاهر جقمق، ولم يزل مَنْفيّاً إلى سلطنة الأشرف إينال، فاستقدمه إلى القاهرة، وأمّره عشرة، وصيّره من جملة رؤوس
(3)
النُوَب، واختص به وقرّبه وأدناه، وصار له ذِكر في دولته وشهرة، وقُصد لأمور، فأنهاها عند السلطان، ودام كذلك إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فصيّره أمراخوراً ثالثاً، عِوَضاً عن بُرْدُبَك هجين، ثم قبض عليه مع الأشرفية بالقصر، وسُجن بثغر الإسكندرية مع خُشداشه، ثم أُخرج إلى القدس فدام به بطّالاً حتى تسلطن الأشرف قايتباي، فصيّره من مقدَّمين
(4)
الألوف بدمشق على التقدمة التي كانت بيد الوالد قبل ذلك بمدّة، لما أن كان بدمشق، ولم يزل على هذه التقدمة حتى بَغَته الأجل.
(وتوفي)
(5)
بدمشق في هذه السنة، فيما يغلب على الظنّ.
وكان ذا سمت حسن وتؤدة، وله وجاهة وأدب وحشمة، وعنده شجاعة وفروسية، إلّا أنه كان مسرفاً على نفسه.
(1)
في الأصل: "ومعنا".
(2)
انظر عن (بيبرس من ططخ) في: نيل الأمل 6/ 420 رقم 2857، والمجمع المفنّن 2/ 263، 264 رقم 1024، وبدائع الزهور 3/ 46.
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
الصواب: "من مقدَّمي".
(5)
من الهامش.
561 -
تمرباي السيفي
(1)
أُلْماس الأشرفي.
نائب قلعة حلب.
كان من مماليك أُلْماس الأشرفي بَرسْباي أتابك حلب الماضي في سنة اثنتين
(2)
وسبعين. ولما مات أستاذه نزل في ديوان الجند السلطاني، ثم صُيّر خاصكيّاً، ثم أمّره الأشرف قايتباي عشرة، ثم ولّاه نيابة قلعة حلب، فلم تطُل مدّته بها، وبغته الأجل.
وتوفي في المحرّم وهو شاب.
وكان لا بأس به.
ويقال: إنه من مماليك الأشرف إينال، وإنه عُرف بأخرة لأُلماس المذكور.
562 -
تمرباي التمرازي
(3)
.
أحد العشرات، والمهمندار.
كان من مماليك الأمير تمراز القرمشي أمير سلاح، الماضية ترجمته في سنة ثلاثٍ وخمسين. وكان تمراز قد ملكه من تركات بعض الأمراء بالبلاد الشامية. ولما مات أستاذه نزل إلى ديوان الجند السلطاني مع عدّة من خُشداشيه مماليك تمراز المذكور، ودام على ذلك إلى أن تسلطن الظاهر خُشقدم، فصيّره خاصكيّاً، ثم أُمّر عشرة في سلطنة الظاهر يلباي.
ثم لما تسلطن الأشرف قايتباي جعله مهمنداراً عِوَضاً عن صاحبنا الناصري محمد بن قانِبَاي اليوسفي، لما غضب السلطان عليه، على ما عرفت ذلك في ترجمة محمد هذا في ترجمة أبيه قانباي. ثم ندبه السلطان لأمرٍ من الأمور إلى مدينة حلب، فتوجّه إليها، وبها كان أجله.
وكان إنساناً حسناً، خيّراً، ديّناً، عارفاً، ناهضاً، له خبرة بكثير من الأمور والأحوال، ذا صدق ويقظة، وحسن سمت وتُؤدة وأدب وحشمة.
توفي في ثالث عشرين جمادى الآخرة.
(1)
انظر عن (تمرباي السيفي) في: الضوء اللامع 3/ 39 رقم 163، ونيل الأمل 6/ 393 رقم 2822، والمجمع المفنّن 2/ 327، 328 رقم 810.
(2)
في الأصل: "سنة اثنين".
(3)
انظر عن (تمرباي التمرازي) في: إنباء الهصر 167، 168 رقم 3، والضوء اللامع 3/ 39 رقم 161، ونيل الأمل 6/ 406 رقم 2843، والمجمع المفنّن 2/ 328 رقم 1101، وبدائع الزهور 3/ 42.
563 -
جانِبَك الحَسَني
(1)
الأشرفي.
أحد العشرات ورؤوس
(2)
النُوَب.
كان من مماليك الأشرف إينال، وامتُحن بعده بالنفي في سلطنة الظاهر خُشقدم، ثم قدم القاهرة بعد موته.
ولما تسلطن الأشرف قايتباي، وكان الأشرفية هم القائمون بسلطنته، أمّره عشرة وصيّره من رؤوس
(3)
النُوَب. ثم عُيّن للتجريدة فخرج صحبة الأتابك أُزْبَك، وعاد منها، ثم تمرّض.
وتوفي بالقاهرة في عنفوان شبابه.
وكان شاباً طُوالاً، ظريفاً، جميل الصورة، حسن الهيئة والشكالة.
ولم أستحضر شهر وفاته.
ودُفن بالصحراء بتربة الأتابك يشبُك السُودُوني، المعروف بالمشدّ، بين تربة الأشرفين بَرسْباي وقايتباي.
564 -
جانِبك الزَيني
(4)
، المؤَيَّدي.
أحد الطَبْلخانات ورؤوس
(5)
النُوَب.
كان من مماليك المؤيد شيخ، وصار خاصكيّاً في دولة المظفّر أحمد بن المؤيَّد المذكور، ودام على ذلك مدّة إلى سلطنة الأشرف إينال، فصيّر رأس نَوبة الجمدارية، واستمر كذلك دهراً طويلاً حتى تسلطن خُشداشه الظاهر خُشقدم، فأمّره عشرة، ثم صيّر من رؤوس
(6)
النُوَب على شكٍ عندي في أيّ دولةٍ كان له ذلك، أفي دولة الظاهر المذكور أم بعده في دولة الظاهر يُلباي، واللَّه أعلم.
ولما تسلطن الظاهر تمربُغا قبض عليه في جملة من قبض من المؤيَّديّة في فتنة يلباي القائم بها يشبُك الفقيه الدوادار الكبير على ما تقدّم، فشفع فيه الأتابك قايتباي سلطان العصر الان لصحبةٍ كانت بينهما، فأُطلق وبقي على إمرته.
ولما تسلطن الأشرف قايتباي زاده على إمرته، ولهذا قيل له طبلخاناة، ثم
(1)
انظر عن (جانبك الحسني) في: نيل الأمل 6/ 420 رقم 2858، وبدائع الزهور 3/ 46.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
انظر عن (جانبك الزيني) في: المجمع المفنّن 2/ 404، 405 رقم 1196.
(5)
في الأصل: "روس".
(6)
في الأصل: "روس".
عُيّن في التجريدة لشاه سوار، وعاد منها متمرّضاً، وطال به المرض مدّة شهور.
إلى أن توفي في يوم الأربعاء مستهلّ (
…
)
(1)
.
وكان له نحواً من سبعين سنة أو أكملها.
وكان بخيلاً، شحيحاً، جمّاعة للمال، ولم يتزوّج قط، عفا اللَّه عنّا وعنه.
565 -
(حذيفة هو محمد بن أحمد بن ()
(2)
الدكماري
(3)
، المنوفي، الحنفي.
وسيأتي في مرتبته من هذه السنة إن شاء اللَّه تعالى، فإن حذيفة لَقَب جُعل كالعَلَم له، لا يعرف بغيره وقف على ذلك.
566 -
حمزة بن أحمد بن علي بن محمد بن علي [بن محمد بن علي]
(4)
القرشي العلوي
(5)
الحَسَني، الدمشقي، الشافعي.
السيد الشريف، عز الدين بن أبي هاشم)
(6)
.
[مولده سنة 820]
(7)
.
567 -
خُشكلدي الخليلي
(8)
، الرومي، الخاصكي، المعروف بأجا.
كان من مماليك خليل باشا وزير ابن
(9)
عثمان الماضي، وكان اسمه عنده يعقوب، فلما جرت على أستاذه المِحَن التي آلت به إلى القتل على ما مرّ قدمٍ خُشكلدي هذا إلى هذه البلاد، وغيّر اسمه من يعقوب إلى ما كتبناه. وكان خصّيصاً جدّاً عند أستاذه خليل باشا وأجاً لداره.
(1)
كلمة مطموسة.
(2)
بياض في الأصل.
(3)
انظر عن (الدكماري) في: نيل الأمل 6/ 418 رقم 2853، وبدائع الزهور 3/ 46 وفيه: حذيفة بن أحمد الدكماري.
(4)
ما بين الحاصرتين من نيل الأمل.
(5)
انظر عن (القرشي العلوي) في: الضوء اللامع 3/ 163، 164 رقم 624، ووجيز الكلام 2/ 814، 815 رقم 1873، والذيل التام 2/ 236، وتاريخ البُصروي 40، 41، ونظم العقيان 106، 107 رقم 71، ونيل الأمل 6/ 401 رقم 2833، وبدائع الزهور 3/ 45، وكشف الظنون 15 و 199 و 490 و 699 و 1101 و 1275 و 1914 و 1915، وإيضاح المكنون 2/ 486 و 695، ومعجم المؤلفين 4/ 77، Brockelmann - G 11/ 34،S. 11/ 31.
(6)
ما بين القوسين من أول ترجمة "حذيفة" حتى هنا من الهامش.
(7)
ما بين الحاصرتين إضافة من نيل الأمل.
(8)
انظر عن (خشكلدي الخليلي) في: نيل الأمل 6/ 421 رقم 2859.
(9)
في الأصل: "بن".
ومعنى "الأجا" عندهم: مدبّر الدار، أو صاحب الرأي فيها، وكان إليه المرجع بدار أستاذه وإليه الأمر والنهي فيها، بل وفي غيرها.
وكان إذا اجتاز بأكابر الأمراء العثمانية وأعيانهم أجلّوه وقاموا له. ولما قُبض على أستاذه قُبض عليه أيضاً وامتُحن، وقُّرّر على أموال أستاذه خليل المذكور، ومن جملة ما امتُحن به أن قُلعت له اثنتان
(1)
من أسنانه ودُقّتا في رأسه بمطرقة، واستُصفي حتى لم يدعوا له إلّا شيئاً يسيراً، وخلص بأخرة نجيّاً، ففر إلى القاهرة، وقدِمها في دولة الظاهر جقمق، فأكرمه وأنزله بديوان الجند السلطاني، وأظنُّه صيّره خاصكيّاً على إقطاع حسن، واشترى لنفسه داراً سكنها على بركة الفيل، وتزوّج بالقاهرة ودام بها إلى أن أدركه أجله.
وكان إنساناً حسناً، حشماً، أدوباً، عاقلاً، عارفاً، خيّراً، ديّناً، محبّاً في أهل العلم وطلبته، لم يَخْلُ من فضيلة، ذا سمت حسن وتؤدة وأدب وصحبة وسكون، وله معرفة تامّة وخبرة بكثير من الأمور، مع شهامة وعفّة. وكان له ذِكر ببلاد الروم وشهرة.
توفي بالقاهرة في هذه السنة، ولم يحضُرني شهر وفاته.
568 -
•وورثه ولده يوسف، ثم باع داره للبرهان الكرَكي بألف دينار، وشرا ما له السلطان على غالب ظنّي، أو أعانه على ثمنها، وزاد البرهان بها البناء أولاً وثانياً الزيادة التي نكب فيها أو بسببها، وهُدمت. وسافر يوسف هذا لبلاد الروم، وانضمّ إلى السلطان محمد بن عثمان، إليه وأكرمه، وصار له وجاهة بتلك البلاد، ويبلغنا عنه الخير والفضل.
وهو شاب حسن السمت والملتقى، له تؤدة، وعنده معرفة كأبيه، بل وأربى عليه.
وسنّه نحو الأربعين سنة فيما أظنّ.
ومات والده وهو في عشر السبعين.
569 -
خُشكلدي القوامي
(2)
، الناصري.
أحد الطبْلخاناة.
كان من مماليك الناصر فرج بن برقوق، ممن قدم إلى القاهرة في سنة ثلاثٍ وثمانمائة على ما سُمع من لفظه. وكان اسمه حين قدمها: قبجق، لأنه كان
(1)
في الأصل: "اثنان".
(2)
انظر عن (خشكلدي القوامي) في: نيل الأمل 6/ 405 رقم 2841، وبدائع الزهور 3/ 42.
جركسيّ الجنس، فغيّر الناصر اسمه لاسم الأروام، لبغضه في طائفة الجركس وأسمائهم، فأراد أن ينفي هذا عنهم مع مَيله إليه، ثم قرّبه وأدناه واختصّ به ورقّاه، حت صيّره خاصكيّاً في دولته، ثم خازنداراً، ودام إلى أن قُتل أستاذه الناصر، فخاف على نفسه وهرب وتشتّت شمله، ثم خدم في أبواب الأمراء بعد أن أهين وامتُحن بالسجن، وقاسى الشدائد وأنواع الفقر والفاقة والقلّة والخمول، وتنقّل في خدمة نوروز وغيره. ثم اتصل بخدمة آقْبَرْدي المِنْقار
(1)
. فلما وُلّي نيابة الإسكندرية صيّره دواداره وقرّبه وأدناه. ثم لما مات المؤيَّد شيخ عاد إلى الديوان السلطاني فنزل مع الجند على عادته قبل ذلك، لكنْ في الجامكية فقط، وذلك بعد موت آقْبَردي أيضاً، وصيّره الأشرف بَرْسْباي خاصكيّاً، أظنّ في أوائل دولته، ودام كذلك حتى تسلطن الظاهر جقمق فأمّره عشرة على إمرة أبي يزيد من صفر خُجا بحكم وفاته. ولم يزل إلى سلطنة الأشرف إينال خُشداشه، فصيّره من الطبْلخاناة عِوَضاً عن سُودُون قراقاش، لما نُقل إلى تقدمة ألف، ودام إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فأمّره على الحاج بالركب الأول، وأراد بذلك عساه أن يستعفي من الإمرة لكِبَر سنّه وعجزه، بل كان قبل ذلك قد عرض له الظاهر بترك الإمرة، بل وبعث بعد ذلك إليه بذلك ويذكر له أنه عاجز، وأن الراحة خير له من الإمرة ومشاقّها، فامتنع من تركها، فأراد إظهار عجزه، بتعيينه إلى الحجاز، فقبل ذلك وتوجّه إليه، وتحمّل جُملاً من الديون بسبب سفره، ومع ذلك فأخرج عنه الظاهر الإمرة
(2)
بعد عوده، وأعطاها لطوخ الأبوبكري الزَّرَدْكاش، ولزم خُشكلدي داره عاطلاً عاجزاً، خاملاً، عليه جملة
(3)
من الديون لذمّته حين التوجّه إلى الحج. وكان لما حج دائماً ملازماً بالمحفّة لعدم مسكته على الخيل واقتداره على ركوبها. ولم يزل بداره بعد ذلك وهو في قهر لكونه أُخرجت عنه الإمرة إلى أن بَغَتَه الأجل.
وكان إنساناً حسناً، خيّراً، ديّناً، متواضعاً، إلّا أنه كان بخيلاً جداً، شحيحاً.
توفي في ليلة الجمعة ثالث عشرين جمادى الآخرة عن سنِّ عالية.
أظنّه تجاوز التسعين.
(1)
انظر عن (آقبردي المنقار) في: السلوك ج 4 ق 1/ 431، وإنباء الغمر 3/ 148 رقم 7، والنجوم الزاهرة 14/ 46، وعقد الجمان 312 رقم 86، والمنهل الصافي 2/ 487، 488 رقم 491، والدليل الشافي 1/ 139، 140 رقم 490، ونزهة النفوس 2/ 407 رقم 568، والضوء اللامع 2/ 316 رقم 1008، ووجيز الكلام 2/ 451 رقم 1025، والذيل التام 1/ 506، ونيل الأمل 3/ 322 رقم 1411، وبدائع الزهور 2/ 30.
(2)
في الأصل: "الامر".
(3)
في الأصل: "جملها".
570 -
خَلَف بن محمد
(1)
بن محمد بن علي.
الشيخ الفاضل، (الصالح، زين الدين، المشالي
(2)
، الششيني (
…
)
(3)
الحنفي.
ولد قبل القرن، ونشأ على خير، ثم قدم القاهرة قاصداً الشمس الحنفي، وأخذ عنه في طريقة الشاذلية، وكان شافعياً فتحنّف بإشارته، وتفقّه بالشيخ أبي العباس [الرسيمي]
(4)
( .................. ......... )
(5)
، حسن العشرة، فكِه المحاضرة.
توفي ليلة الخميس، أظنه محرّم.
وترك ولده الشيخ أبا
(6)
النجا، ونِعم الولد هو.
571 -
خليل الكفْركناوي
(7)
اللُّدِّي
(8)
(؟) الشافعي.
الشيخ العالم، الفاضل، غرس الدين.
كان من أهل العلم والفضل.
توفي بدمشق في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول، ودُفن بمقابر باب [الصغير]
(9)
.
572 -
دَوْلاتْ باي الأشرفى.
أحد العشرات.
كان من مماليك الأشرف إينال، وبقي بعده، ثم حضر بعد موت الظاهر خُشقدم، وتأمّر في هذه الدولة قبل أن يخرج إلى تجريدة شاه سوار بقليل، ثم خرج إليها صحبة الأتابك أُزبك، ثم عاد منها.
(1)
انظر عن (خلف بن محمد) في: الضوء اللامع 3/ 185، 186 رقم 717، ونيل الأمل 6/ 391 رقم 2821، وإيضاح المكنون 1/ 413 و 618 و 2/ 22 و 116 و 425، ومعجم المؤلفين 4/ 107.
(2)
في نيل الأمل: "الشاذلي".
(3)
كلمة ممسوحة.
(4)
من نيل الأمل.
(5)
مقدار ثلاث عشرة كلمة ممسوحة.
(6)
في الأصل: "أبو".
(7)
الكفركناوي: نسبة إلى قرية كفركنا.
(8)
انظر عن (القدي) في: الضوء اللامع ج 3/ 206 رقم 773.
(9)
ما بين القوسين كتب على الهامش.
وتوفي بغزّة في عَوده، أظنّ في شعبان، فإن شهر وفاته لم يحضُرني الآن، ولا عرفت شيئاً من حاله لأذكره عنه غير ما قد قلته.
ويقال: إنه كان لا بأس به.
573 -
زُهَير بن سليمان
(1)
بن هبة الحَسَني.
السيد الشريف، زين الدين، أمير المدينة المنوّرة، كان وُلّيها بعد ضُغيم
(2)
، وآل أمره أنْ توفي بها قتيلاً في هذه السنة، وورد الخبر بذلك علينا للقاهرة في شعبان من هذه السنة، وقُرّر عِوضه ولده مقبل، وقيل إنه وُلّي المدينة بعده، وبيدى؟ وما حرّرت ذلك.
574 -
شادبك الأشرفي المعروف بآص.
تقدّم في التي قبلها لأنه مات فيها على الصحيح لا في هذه.
575 -
صنطباي
(3)
من قصرُوه الأشرفي.
أحد العشرات ورؤوس
(4)
النُوَب.
كان من مماليك الأشرف بَرسباي من تقدمة قصرُوه نائب الشام، فأجرى الأشرف غيبته عليه، ثم صيّره جَمداراً، ودام على ذلك مدّة في عدّة دول، ثم صُيّر خاصكيّاَ، ثم تأمّر عشرة في هذه الدولة، وخرج في نَوبة سوار المذكورة آنفاً وعاد منها.
فتوفي بغزّة في شعبان.
وكان ساكناً، قليل الشر، ولا بأس به على إهمالٍ فيه.
ومات وسنّه زيادة على الخمسين سنة
(5)
.
واسمه تقدّم الكلام عليه.
576 -
طَرَباي الظاهري
(6)
.
أحد العشرات، ومحتسب القاهرة.
كان من مماليك الظاهر خُشقدم من أعيانهم، وممن كان شراه في أيام إمرته
(1)
انظر عن (زهير بن سليمان) في: الضوء اللامع 3/ 239 رقم 895 وفيه: مات في صفر سنة ثلاث وسبعين. وهو غلط، ونيل الأمل 6/ 419، 420 رقم 2855، وبدائع الزهور 3/ 46.
(2)
في نيل الأمل: "ضيغم".
(3)
انظر عن (صنطباي) في: نيل الأمل 6/ 409 رقم 2845، وبدائع الزهور 3/ 43.
(4)
في الأصل: "روس".
(5)
في نيل الأمل: "له نحو من ستين سنة".
(6)
انظر عن (طرباي الظاهري) في: نيل الأمل 6/ 414 رقم 2849، وبدائع الزهور 3/ 45.
قبل سلطنته، وكان من أعيان خاصكية الظاهر هذا في دولته، وله ذِكر وشهرة. ولما مات أستاذه أمّره الظاهر يُلباي عشرة.
ثم لما تسلطن الظاهر تمربُغا صيّره محتسبًا بالقاهرة، عِوَضًا عن خُشداشه مُغُلْباي لما نُقل إلى تقدمة ألف. وكان مُغُلْباي هذا آغاته بالطبقة، وأظنّه هو الذي اعتنى به حتى وُلّي الحسبة، ولم تطُل مدّته في الحسبة حتى قُبض عليه في تقدمة خلْع تمربُغا، مع جملة من قُبض عليه من خُشداشيه الخُشْقدميّة، ثم أُمّر طبلخاناة أو نحوها بحلب.
واتفق أن خرج يومًا للتصيّد ببعض ضواحيها.
فقتله بعض العربان هناك في شهر ذي القعدة وهو في عنفوان شبابه.
وكان شكلًا حسنًا، وله فروسية، لكنه كان غير مشكور.
واسمه مركَّب من: "تره " لفظة تركية على الغالب، وتكون إلى "خير"، و"باي " تقدّم الكلام عليها فيما مضى.
577 -
طومان باي
(1)
المحمدي، الظاهري.
أحد العشرات ورؤوس
(2)
، المعروف بدشسِن. كأنه كان قد كُسرت له اثنتان
(3)
من الأسنان.
وكان طومان باي هذا من مماليك الظاهر جقمق، وصير خاصكيًّا في دولته فيما أظنّ، أو العشرات، ثم من جملة رؤوس
(4)
النُوَب. وكان أحد الباشات الأربعة في دوران المحمل في أيام الظاهر المذكور لفروسيته ومعرفة بفنّ الرمح، بل وبغيره، ولم يزل على ما هو عليه إلى سلطنة خُشداشه الأشرف قايتبابي، فعيّنه للتجريدة، فبرح إليها وعاد متمرّضًا، وطال به المرض حتى كان فيه أجَلُه.
وكان إنسانًا لا شرّ عنده ولا خير ولا تشويش على أحد من خلق اللَّه تعالى، سلم الناس من يده ولسانه مع بشر وبشاشة، وطلاقة وجه، لكنه كان مسرفًا على نفسه، منعكفاً على اللهو منهمكًا في لذّاته.
توفي في يوم الجمعة ثالث عشرين صفر.
(1)
انظر عن (طومان باي) في: إنباء الهصر 134، 135، والضوء اللامع 4/ 13 رقم 49 ووقع فيه أنه توفي في صفر سنة 884 هـ. وهو غلط، ونيل الأمل 6/ 394، 395 رقم 2823، وبدائع الزهور 3/ 38.
(2)
في الأصل: "روس".
(3)
في الأصل: "اثنان".
(4)
في الأصل: "روس".
واسمه مركّب من "طومان"، وقد مرّ الكلام عليه في سنة إحدى وسبعين في ترجمة طومان الحَكَمي، وأمّا "باي" فقد عرفت معناها آنفًا.
وتمرّض طومان باي هذا، وأُحضرت جنازته لمصلَّى المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليه.
وكان سنّه زيادة على الخمسين.
578 -
عبد القادر بن عبد الرحمن بن عبد الوارث البكري
(1)
، العا مري، المالكي.
الشيخ العالم، الفضل، محيي الدين، قاضي المالكية بدمشق.
وُلي قضاء دمشق غير ما مرة، وصار يتناوب هو والشهاب التلمساني، وغرم في ذلك مالًا طائلًا
(2)
.
وتوفي بدمشق على القضاء في 26 جماد الآخرة.
(ترجمة العلاء البُلطيمي)
(3)
579 -
علي بن أبي بكر بن شاور البُرُلُّسي، البُلْطيمي
(4)
، الشافعي.
الشيخ العالم، الفاضل، علاء الدين، المعروف بالضرير.
ولد ببُلْطيم من أعمال البرُلُّس في سنة ست أو سبع وثمانمائة.
ولما بلغ السابعة من عمره اعتراه الجُدَري، فعمِي بسببه، ونشأ قارئًا للقرآن العظيم، كثير المجالسة للصالحين، فلُوحظ منهم، ثم أشار عليه بعض الوُعّاظ بأن ينتقل إلى القاهرة بعد أن حصل له الكثير من تركات أهل الخير، وحصل على طائل من ذلك. ولما قدم القاهرة أكمل بها حفظ القرآن، ثم انتقل إلى صفد قاصدًا الاشتغال بالعلم، ثم إلى دمشق، ثم طرابلس، وحفظ بعض "الحاوي"، ثم أكمل حفظه بحمص بعد دخوله إليها، ثم أخذ في الاشتغال بفهم وحذق وذكاء مفرط،
(1)
انظر عن (ابن عبد الوارث البكري) في: الضوء اللامع 4/ 269، 270 رقم 714، ووجيز الكلام 2/ 818 رقم 1883، والذيل التام 2/ 239، 240، وتاريخ البُصروي 43، ونيل الأمل 6/ 406 رقم 2842، وحوادث الزمان 1/ 191 رقم 247، وبدائع الزهور 3/ 42.
(2)
في الأصل: "طائل ".
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
انظر عن (البُلطيمي) في: عنوان الزمان 4/ 10 - 12 رقم 353، والضوء اللامع 5/ 198، 199 رقم 673، ونيل الأمل 6/ 397 رقم 2828، وبدائع الزهور 3/ 39، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 13/ 3، 14 رقم 687.
مع عمائه
(1)
، وأخذ العلم عن جماعة متعدّدة ببلاد كثيرة. فمن مشايخه الشمس ابن
(2)
زُهرة
(3)
شيخ طرابُلُس، والبرهان السُوبيني
(4)
، والتقيّ ابن
(5)
الجوبان النحوي، والبدر ابن
(6)
العصياتي، وغيرهم. ثم عاد إلى القاهرة، وحضر دروس الشمس البساطي في الأصول، ثم عاد إلى دمشق فأخذ بها عن جماعة، منهم: التاج ابن
(7)
بهادُر. ودخل بَعْلَبَكّ، فأخذ بها عن البرهان ابن
(8)
المرحّل، وسمع الحديث على التاج ابن
(9)
بردِس، ثم عنّ له الرحيل لبلاد الروم، وجال عدّةً من مدنها كلارَنْدَة، وقُونية، وبُرْصا وغير ذلك، وأخذ بتلك البلاد عن الفخر الشيرازي، وكان عالم وقته في ذلك الزمان بتلك البلاد، ثم عاد إلى دمشق وصحب جانَم الأشرفي نائب الشام إذ ذاك، وحظي عنده جدًّا واختصّ به، وقُصد في شفاعات وغيرها من المهمّات فأنهاها عنده، وبدمشق رأيته وسمعت الكثير من فوائده.
وله نظم حسن، فمن ذلك قصيد مدح بها الزين ابن
(10)
مُزهر، وهو إذ ذاك على نظر الإسطبل، لم يحضُرني منها إلّا قوله في أولها:
ثوى بين أحشائي هوى غادةِ لها
…
قوامٌ بغُصن البانة الخضِل النضِرِ
(11)
وهي جيّدة، أظنّ أنني سمعت منه شيئًا من نظمه.
توفي بدمشق في ربيع الأول، ودُفن بمقابر الصوفية، وكانت جنازته مشهودة.
(ترجمة الخَوَنْد بنت ططر)
(12)
580 -
فاطمة ابنة السلطان الظاهر ططر
(13)
. وأخت السلطان الصالح محمد، وزوج السلطان الأشرف بَرسْباي.
(1)
في الأصل: "عماوه".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
ابن زُهرة هو: محمد بن يحيى بن أحمد بن دغرة بن زُهرة الحِبْراصي، الدمشقي، الطرابلسي. توفي سنة 848 هـ.
(4)
هو: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الحموي الأصل، الطرابلسي، الشافعي. توفي سنة 858 هـ.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
في الأصل: "بن".
(8)
في الأصل: "بن".
(9)
في الأصل: "بن".
(10)
في الأصل: "بن".
(11)
في الأصل: "النظر".
(12)
العنوان من الهامش.
(13)
انظر عن (فاطمة ابنة ططر) في: إنباء الهصر 131 - 134 و 168، 169 رقم 5، والضوء اللامع 12/ 92 رقم 572، ونيل الأمل 6/ 395 رقم 2825، وبدائع الزهور 3/ 31.
الخَوَنْد المعروفة بأبيها.
كانت من أعيان الخَوَندات الأكابر ورؤسائهنّ، كثيرة التأنّق في سائر شؤونها
(1)
وأحوالها، عليّة الهمّة في ذلك، لا سيما في اختراع أنواع وأصناف المآكل والمشارب، ذات كرم وسخاء خارج عن الحدّ بحيث أدّاها ذلك إلى أن تحمّلت الديون الطائلة لوفور كرمها وكثرة عطاياها. وكذا كان والدها الظاهر ططر، وهو مشهور الترجمة معروفها. ولها في الكرم حكايات ربّما لا يُصدّق قائلها.
حكى لي عنها إنسان من خدّام باب ستارتها يُسمَّى الحاج إسماعيل وهو ثقة بأنها مرة أمرته بأن يبتاع لها سُكّرًا لعمل معجون احتاجت إليه لمهمّ أو نحوه، وأوصته بأن يكون من أغلى أنواع السُّكّر وأجوده. قال: فابتعت لها منه مقدارًا وافرًا من أغلى أنواع السُكّر البياض الطيّب وأحضرته إليها في خيشة، فأعجبها ذلك، ثم مع تخييشه وجودته ونقائه أمرت أن تُفرش الأنطاع الجلد وتجرّد وجهته قبل استعماله فجرّد خدمها وجهه بالسكاكين، ثم بعثت إليّ بالجرارة في نطع. قال: فوزنته فكان نحو الثمانين رطلًا، وهذا غاية في الكرم والتأنّق.
وكان يذكر لنا إسماعيل هذا عنها من هذا النوع من هذه الحكاية ومن نوع التأنّق في شؤونها
(2)
ومأكلها ما يقضي السامع منه العجب. وآل الأمر بها بأخرة إلى أن افتقرت، بل ربّما احتاجت أن سألت.
وتوفيت قبل أن يَفْحش الأمر بها في يوم الخميس ثاني عشرين صفر.
وقد ناهزت أو جاوزت الستين.
ودُفنت على أبيها بالقرب من ضريح الإمام الليث بن سعد، رضي الله عنه، بالقرافة.
581 -
فضل اللَّه بن عبد الواحد
(3)
بن أبي الليث بن علاء الدين بن أبي القاسم بن محمد بن محمد بن محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن محمد بن محمود بن أبي الليث نصر السمرقندي، الليثي، الحنفي.
الشيخ الإمام، العلّامة، الفهّامة، الرَحلة. أفضل الدين، أحد أفراد علماء سمرقند.
(1)
في الأصل: "شونها".
(2)
في الأصل: "شونها".
(3)
انظر عن (فضل اللَّه بن عبد الواحد) في: نيل الأمل 6/ 418، 419 رقم 2854، وبدائع الزهور 3/ 46.
ولد بها في سنة ست وثمانين وسبعمائة تقريبًا، وبها نشأ.
واشتغل إلى أن صار المشار إليه في العلوم، وقصد للأخذ عنه، وكان من ذريّة صاحب "الهداية" من جهة النساء من ذرّية الإمام السالك العلّامة أبي الليث نصر السمرقندي
(1)
المذكور في نسبه وأكابر العلماء بسمرقند البيتات بنت ذرّية صاحب "الدراية" وذرّيّة أبي الليث، وذرّية الفخر البَزْدَوِي
(2)
، وكان هذا من جملتهم، بل من الأكابر من جهتين على ما قلناه. وله عدّة تصانيف وشُهرة وصيت شائع.
توفي في هذه السنة.
(1)
انظر عن (أبي الليث نصر السمرقندي) في: الأنساب 3/ 88 - 90، والصلة، لابن بشكوال 2/ 637 - 639 رقم 1399، وتاريخ دمشق 62/ 30 - 32 رقم 7857، والمنتخب من السياق 416، 417 رقم 1590، وجذوة المقتبس، للحُمَيدي 356، وبغية الملتمس، للضبّي 476 رقم 1393، ومعجم البلدان 2/ 50، واللباب 1/ 225، والكامل في التاريخ (بتحقيقنا (8/ 375، وجامع الأصول 1/ 99، والتقييد، لابن نقطة 465 رقم 624، وتكملة الإكمال، له 1/ 504، ومرآة الزمان، لسبط ابن الجوزي (جامعة أم القرى) 1/ 208، والمنتظم، لابن الجوزي 9/ 79، 80 رقم 121 (17/ 9 رقم 3643)، ومختصر تاريخ دمشق 26/ 132 رقم 88، والعبر 3/ 314، وتاريخ الإسلام (بتحقيقنا)(وفيات 486 هـ.) ص 192 - 195 رقم 207، والمشتبه في الرجال 1/ 58، وتذكرة الحفّاظ 3/ 1200، وسِير أعلام النبلاء 19/ 91 رقم 50، ومرآة الجِنان 3/ 142، وطبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي 3/ 291، والمجموع من المنتخب المنثور، لغيث الصوري (بتحقيقنا)، رقم 236، وشذرات الذهب 3/ 373، والحياة الثقافية في طرابلس الشام (تأليفنا) 346 و 348، وموسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام (تأليفنا) تراجم العلماء والأعلام في القرن الخامس الهجري 2/ 887 - 890 رقم 767.
وهو توفي سنة 486 هـ.
(2)
هو الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن حسين البزدوي النسفي الزاهد. توفي سنة 482 هـ. انظر عنه في: الأنساب 2/ 188، 189، ومعجم البلدان 1/ 409، واللباب 1/ 146، وتاريخ الإسلام (بتحقيقنا) حوادث ووفيات 481 - 490 هـ.- ص 93 رقم 64، وسير أعلام النبلاء 18/ 602، 603 رقم 319، وتاج التراجم 30، 31، والجواهر المضية 2/ 594، 595، ومفتاح السعادة 2/ 184، 185، وطبقات الفقهاء، لطاش كبري 85، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 286، والطبقات السنية، رقم 1535، والفوائد البهية 124، 125، وكشف الظنون 1/ 112 و 467 و 553 و 2/ 1016 و 1485 و 1581، وإيضاح المكنون 2/ 34 و 388، وهدية العارفين 1/ 693، ومعجم المؤلفين 7/ 192.
و"البَزْدَوي": بفتح الباء الموحَّدة وسكون الزاي وفتح الدال المهملة وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى بزدة، ويقال: بزدوة، وهي قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف. ويُنسب إليها بزدي.
ولم يخلفْه بعده مثلُه دينًا، وخيرًا، وعلمًا، وأمانة، وعفّة، وكان فقيه سمرقند في وقته.
582 -
قاسم الحِيْشي
(1)
، الدمشقي، (الصالحي، القادري، الحنبلي.
الشيخ العالم، الفاضل، الصالح، زين الدين، شيخ زاوية الشيخ عبد الرحمن بن داود بصالحية دمشق.
كان إنسانًا حسنًا، خيِّرًا، ديِّنًا، مشهورًا بدمشق.
توفي يوم الإثنين رابع ربيع الأول من هذه السنة.
ذكره بعضهم في التي تليها ولعلّ هذا كذلك هو الصواب)
(2)
.
583 -
قانِبَك المحمودي
(3)
، المؤيَّدي.
أمير سلاح.
كان من مماليك المؤيَّد شيخ، وصار خاصكيًا في أواخر دولة أستاذه. ووهِم من قال: بعده.
وهو أخو جانِبَك المحمودي الماضي في محلّه، بل وشيء من ذِكر أخيه هذا. وكان ربّما عُرف بالمجنون -أعني صاحب الترجمة- لحِدّةٍ كانت به وطيش وخفّة، وسرعة انفعال وبطش، وكثرة حركة. ولا زال خاصكيًّا حتى أمّره الأشرف بَرسْباي طبلخاناة بدمشق.
ثم لما تسلطن الظاهر جقمق استقدمه إلى القاهرة وأمّره بها عشرة، ثم أخرجه إلى دمشق على تقدمة ألف بها، وجرى له مع نائبها جُلُبّان ماجريّة يطول الشرح في ذكرها، وأساء على جُلُبّان في دَسْت غزّة بدار العدل في يوم موكب بالملأ
(4)
العام حتى حنق منه جُلُبان وقام إليه، وقام هو أيضًا قاصداًا لتوجّه من دار السعادة، فأخذ جُلُبّان بقرضيّته من ورائه ليقبض عليه، فرمى بقرضيته عليه وتخطّت جُلُبّان، وحصل عنده غُبن بذلك، وخرج قانبك من دار السعادة غضبًا، وتوخه لداره، فبعث جُلُبّان يشكوه للظاهر، فبعث بسجنه بقلعة دمشق، ثم أخرجه إلى
(1)
انظر عن (قاسم الحِيشي) في: الضوء اللامع 6/ 191 رقم 642، ووجيز الكلام 2/ 816 رقم 1876، والذيل التام 2/ 237، ونيل الأمل 6/ 396 رقم 2826، وحوادث الزمان 1/ 189، 190 رقم 244 ووقع فيه "الجيشي" بالجيم، وهو غلط.
(2)
ما بين القوسين من الهامش.
(3)
انظر عن (قانبك المحمودي) في: إنباء الهصر 147 و 169، 170 رقم 6، والضوء اللامع 6/ 198 رقم 675، ونيل الأمل 6/ 403 رقم 2835 وفيه:"قنبك"، وبدائع الزهور 3/ 41.
(4)
في الأصل: "الملاء".
قلعة الصُبَيبة، ثم أُطلق وأعيد إلى تقدمة ألف بدمشق أيضًا، وذلك في دولة الأشرف إينال، وأظنّه سافر أميرًا على المحمل بالحاج الشامي في بعض السنين.
ولما تسلطن الظاهر خُشقدم، وهو خُشداشه، حضر إلى القاهرة بعد فتنة جانَم نائب الشام. وكان قانِبك هذا أشدّ العشرة والقائمين على جانم بدمشق، فأكرمه الظاهر خُشقدم، وأنزله بدار قوصون التي كانت سكناً له قبل أن يتسلطن، وقرّره في جملة مقدَّمين
(1)
الألوف بمصر، وصار مقرَّبًا لديه، مختصًّا به، وله ذِكر وشهرة. وكان الظاهر خشقدم يحتمله كثيرًا ويتجلّد عليه ويصبر لجِنانه وحدّة مزاجه، وجرت عليه مرة قضية كانت آيلة إلى الاتساع بسبب مقاولة وقعت بينه وبين بعض مماليكه ومماليك السلطان، واختفى فيها قانبك هذا، ثم بعث إليه السلطان بما يطمئنه ولم يؤآخذه، بل وشُهر بسببه على الكثير من مماليكه. وقد ذكرنا هذه القضية برمّتها فيما تقدّم. من تاريخنا هذا.
ولم يزل قانبك هذا معظَّماً في دولة خُشداشه حتى مات وتسلطن بعده خُشداشه أيضًا الظاهر يُلباي، فصيّره أمير مجلس عِوضًا عن تمربُغا، لما نُقل إلى الأتابكية عِوَضًا عن يُلباي نفسه، بحكم سلطنته. ثم بعد أيام قلائل نقل إلى إمرة سلاح عِوَضًا عن قرقماس الجَلَب، بحكم القبض عليه، وبعْثه إلى سجن ثغر الإسكندرية، ثم لم تطُل مدّة قانبك هذا على إمرة سلاح حتى وقعت الفتنة الكائنة من يشبُك الفقيه التي قام بها هو وقانبك هذا وأخرى من المؤيَّديّة، وآلت إلى خلع الظاهر يُلباي، فهرب قانبك واختفى بالقرب من داره بدرب البابا بمكان عند إنسان من أصحابنا يقال له إبراهيم الخليفتي بالقرب من دار شيخنا العلّامة الشيخ شمس الدين الحنفي، ثم لما وقع النهب في داره ونُهبت عن آخرها انتقل إلى دار الشيخ سيف الدين المذكور مختفياً إلى أن قُبض عليه، وبُعث به إلى ثغر الإسكندرية مع الظاهر يُلباي على ما عرفتَه فيما تقدّم، فدام بالسجن مدّة حتى أطلقه الأشرف قايتباي لصحبة كانت بينهما، وأمره بأن يسكن حيث شاء من الثغر السكندري وتفقده. ولم يزل قانبك هذا بالثغر إلى أن بَغَتَه الأجل.
وكان رجلًا شهمًا، شجاعًا، مقدامًا، جريئًا، سليم الباطن والفطرة، متديّنًا
(2)
، مع طيش وخفة زائدة وحدّة مزاج على ما قدّمناه لك. وكان ذا شحّ زائد وبُخل، ومع ذلك فكان يتكرّم على الوالد ويتفقّده بالهدايا، ولا سيما لما كان بالقاهرة، ورتّب لأحد إخوتي الصغار حينئذِ مرتّبًا على ديوانه، لمكان حُبّ الوالد
(1)
الصواب: "مقدَّمي".
(2)
في الأصل: "متديَّن".
لهذا الأخ. وكان كثير التودّد إلى الوالد والتردّد إليه في الأسبوع غير ما مرة للصحبة الأكيدة القديمة بينهما. وهي التي كانت السبب في إخراج الوالد من القاهرة.
وتوفي قانبك هذا بالإسكندرية في شهر ربيع الآخر.
وله من العمر زيادة على الثمانين سنة.
ووِهم من قال: سبعين.
ودُفن بثغر الإسكندرية، ثم نُقل منها إلى القاهرة، ودُفن بتربة له كان أنشأها بالصحراء خلف تربة طَشتمِر حِمّص أخضر
(1)
، ولم تكتمل.
ووهِم من قال بأنه مدفون بالثغر السكندري. ولعلّ كونه دُفن بها أولًا هو الذي أوقع هذا في الوهم.
وترك قانبك هذا ولدًا اسمه ()
(2)
موجود الآن من سريّة له، تزوّجها بُرْدُبك الأشرفي المعروف بعرب
(3)
، الماضي ترجمته. وهذا الولد صار الآن في عداد الرجال، ربّاه بُرْدُبَك المذكور فأحسن تربيته.
وهو شاب حسن، عاقل، ساكن. سنّه نحو العشرين سنة. أظنّه ولد سنة إحدى أو اثنتين
(4)
وستين، واللَّه أعلم.
584 -
قانصوه الشمسي
(5)
، الأشرفي.
أحد العشرات ورؤوس
(6)
النُوَب، المعروف بالساقي.
كان من مماليك الأشرف بَرسْباي، وصُيّر خاصكيًّا بعده. ولما تسلطن الأشرف إينال جعله ساقيًا، ودام كذلك حتى تسلطن الظاهر خُشقَدم، فأمّره عشرة، وصيّره من رؤوس
(7)
النُوَب. ولم يزل على ما هو عليه إلى أن
(1)
مات (طشتمر حمّص أخضر) في سنة 743 هـ. انظر عنه في: الدرر الكامنة 2/ 219، 220 رقم 2017، والنفحة المسكية، لابن دُقماق (بتحقيقنا) - فهرس الأعلام 355، والوافي بالوفيات 16/ 437 - 442 رقم 474، وأعيان العصر 2/ 586 - 591 رقم 811، وتذكرة النبيه 3/ 46، والنجوم الزاهرة 10/ 101، والمنهل الصافي 6/ 392، والدليل الشافي 1/ 362 رقم 1242، وإعلام الورى 6، 17، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 497.
(2)
بياض في الأصل.
(3)
هو (بردبك من قصروه الأشرفي)، انظر عنه في: المجمع المفنَّن 2/ 203، 204 رقم 930.
(4)
في الأصل: "اثنين".
(5)
انظر عن (قانصوه الشمسي) في: إنباء الهصر 147، والضوء اللامع 6/ 198 رقم 679، ونيل الأمل 6/ 402، 403 رقم 2834، وبدائع الزهور 3/ 41.
(6)
في الأصل: "روس".
(7)
في الأصل: "روس".
تسلطن الأشرف قايتباي، فعيّنه صحبة العسكر المجهّز لشاه سوار. ولما جرى ما جرى عاد قانصوه هذا إلى القاهرة متمرّضًا، وكان قد مرض في أثناء طريقه، فطال به المرض بالقاهرة حتى بَغَتَه الأجل.
وتوفي في سابع أو ثامن ربيع الآخر.
وقد بلغ الستين سنة أو قاربها.
واستقر في إمرته بعده صاحبنا الشجاعي شاهين الجمالي المعروف بنائب جُدّة، الماضي ذِكره.
585 -
قانَم الأشرفي
(1)
.
أتابك حلب، المعروف بطاز.
تقدّم في الخالية. وقد ذكره بعضهم في وفيات هذه السنة، ووهِم في ذلك.
586 -
محمد بن أبي بكر بن أحمد الأسدي
(2)
، الشهبي، الدمشقي، الشافعي.
شيخنا الشيخ الإمام العالم، العلّامة، الفهّامة، شيخ الإسلام، بدر الدين، أبو الفضل، ابن
(3)
شيخ الإسلام تقيّ الدين، المعروف بابن قاضي شهبة.
ووالده التقيّ تقدّم في تراجم سنة إحدى وخمسين وقد عرفتَ بقية نسبه هناك.
ولد ولده البدر هذا بدمشق في سنة ست وثمانمائة أو قبلها أو بعدها بيسير تقريبًا من غير تحرير، وبها نشأ.
فحفظ القرآن العظيم، ثم "المنهاج" وغيره من المتون، ثم أخذ في الاشتغال بذكاء وفطنة، وحذدتى تام، ويقظة، فأخذ عن جماعة منهم والده، وبرع في الفقه ونبغ، بل صار بأخرة شيخ الشام و [عالمه] وحافظه مذهب الشافعي، حتى سمعت
(1)
انظر عن (قانم الأشرفي) في: إنباء الهصر 88، 89 رقم 21، ونيل الأمل 6/ 347 رقم 2752 وفيه توفي سنة 873 هـ. وهو قانم طاز الأشرفي، وبدائع الزهور 3/ 21.
(2)
انظر عن (الأسدي) في: عنوان العنوان، رقم 222، والضوء اللامع 7/ 155، 156 رقم 386، ووجيز الكلام 2/ 814 رقم 1870، والذيل التام 2/ 235، وتاريخ البُصرَوي 44، 45، ونظم العقيان 143 رقم 141، ونيل الأمل 6/ 412 رقم 2847، وحوادث الزمان 1/ 192، 193 رقم 251، وبدائع الزهور 3/ 43، وكشف الظنون 731 و 1569 و 1875، وإيضاح المكنون 2/ 79، وفهرس المخطوطات المصؤرة، لفؤاد سيد 2/ 124، وفهرس المخطوطات المصوّرة، للطفي عبد البديع 2/ 129، 130، والأعلام 6/ 58، ومعجم المؤلفين 9/ 105.
(3)
في الأصل: "بن".
بعض الفضلاء يقول: لو حلف الحالـ[ـف بقو] له لا أعلَمَ منه بمذهب الشافعي بدمشق، بل بالشام جميعه لما حَنَث في يمينه، وهو كما قال.
أفتى البدر هذا ودرّس وانتفع به الجَمّ الغفير من الطلبة، وكانت حلقته بالجامع الأموي حافلة جدًا، حضرتُها غير ما مرة، وسمعت من فوائده، وكان بينه وبين الوالد صحبة ومحبة أكيدة، وكان له حق الجوار. وكان الوالد لما كان بدمشق على التقدمة ألف بها كان مجاورًا له في بعض دُوره التي بقرب من سكن الوالد.
وُلّي البدر هذا عدّة من الوظائف الجليلة بدمشق، فإنه لما مات والده ولي تداريسه وناب في القضاء، وكان من أجلّ النوّاب، بل ربما كان أوفر خدمة من بعض قضاة القضاة الواردين على دمشق، ممن وُلّي هو عنهم نيابة الحكم، وقُصد للفتيا من البلاد البعيدة، وأخذ عنه الأعيان من الطلبة، بل وافتخروا به وبالأخذ عنه، وصار بأخرة شيخ الشام وقاضيها. وكان جمال تلك البلاد وطرازَها. وزادت شهرته وشاع ذكره وصيته، مع ما كان عليه من البِرّ والخير والعفّة والأمانة والشهامة، ونفوذ الحركة، والكلمة والمهابة، وسعة الكرم، ونفع الطلبة، بل وغيرهم، والقيام مع من قصده [بمهـ]ـم ونحوه، والإحسان إلى خلق اللَّه تعالى، إلى غير ذلك من المحاسن الجمّةَ، وعُلوّ الهمّة. ورُشح للقضاء بدمشق غير مرة.
توفي (ليلة الخميس ثاني عشرين)
(1)
شهر رمضان.
وخلَّف ولديه ()
(2)
وليسا كمثله ولا القريب منه. رحمه اللَّه تعالى.
587 -
(محمد بن (
…
…
…
)
(3)
بن ()
(4)
العدوي، الدمشقي، الشافعي.
الناظر بالبيمارستان النوري بدمشق.
توفي في يوم الثلاثاء ثالث عشرين جماد الأول.
588 -
محمد بن سعد
(5)
الدمشقي، الشافعي.
الشيخ العالم، الفاضل، شمس الدين، أحد نواب الحكم الشافعي بدمشق.
كان من أهل العلم، ووُلّي نيابة الحكم مدّة، ثم عزل نفسه.
وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشرين صفر)
(6)
.
(1)
ما بين القوسين من الهامش.
(2)
بياض في الأصل.
(3)
مقدار ثلاث كلمات ممسوحة.
(4)
بياض كلمة.
(5)
انظر عن (محمد بن سعد) في: الضوء اللامع 7/ 249 رقم 622، ونيل الأمل 6/ 395 رقم 2824.
(6)
ما بين القوسين من الهامش.
589 -
محمد بن عبد الرحمن بن العماد الغزّي
(1)
، الصفدي، الدمشقي، الحنفي.
الشيخ الإمام، العلّامة، الفهّامة، الرَحلة. شيخنا حسام الدين المعروف بابن مُرَيْطع
(2)
، بالميم، ويقال: بالباء أيضًا، ويُعرف بابن العماد أيضًا، الغزّي.
(قاضي القضاة الحنفية بدمشق)
(3)
.
ولد بدمشق في سنة [811]
(4)
.
وبها نشأ نشأة حسنة بذكاء مفرط وحذْق وفطنة، وحفظ القرآن العظيم وعدّة متون، ثم اشتغل فأخذ عن جماعة من علماء عَصره، ودأب وجدّ واجتهد إلى أن برع وتميّز وشمهر بالفضيلة، وأفتى ودرّس، ونظم ونثر، وقال وشَعَر، وتصدّى للإقراء، وولي عدّة ولايات منها قضاء غزّة فيما أُخبرت من كير أن أحرّر ذلك، ووُلّي قضاء صفد، وطرابلس يقينًا، ثم قضاء عجلون، مع عداوة بينهما، ووقع لهما أمور يطول الشرح في ذكرها، وتنافس هو والحُمَيد أيضًا على القضاء، ووُلّي عدّة تداريس جليلة بدمشق، منها الخاتونية، وعنه تلقّاها ولده الجلال عبد الرحمن، وعن عبد الرحمن هذا تلقّاها الشيخ سِنان [بن] يوسف الأرزنجاني
(5)
الآتي، بل والجلال هذا كلّ في محلّه، وهي بيد سِنان إلى الآن.
(1)
انظر عن (ابن العماد الغزّي) في: الضوء اللامع 7/ 298 رقم 744، ووجيز الكلام 2/ 817 رقم 1879، والذيل التام 2/ 238، وتاريخ البُصروي 44، ونيل الأمل 6/ 410 رقم 2846، وحوادث الزمان 1/ 192 رقم 250، وقضاة دمشق 227، وبدائع الزهور 3/ 43، والدارس 1/ 490، وإيضاح المكنون 2/ 43، وهدية العارفين 2/ 206، والأعلام 7/ 67، ومعجم المؤلفين 10/ 139، وتاريخ طرابلس 2/ 66 رقم 10، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 4/ 33، 34 رقم 1027.
(2)
يرد: "ابن مريطع" و"ابن بريطع".
(3)
ما بين القوسين من الهامش.
(4)
إضافة على الأصل.
(5)
توفي (سنان بن يوسف الأرزَنجاني) في سنة 896 هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع 3/ 272 رقم 1034، و 7/ 302 رقم 1169، ووجيز الكلام 3/ 1203، 1204 رقم 2402، والذيل التام 2/ 625 وفيه:"يوسف بن أحمد الأرزنجاني الرومي"، وذكره السخاوي أيضًا في من اسمه "يوسف" 10/ 302 رقم 1169، ونيل الأمل 8/ 212، 213 رقم 3590، ومفاكهة الخلّان 1/ 136، وبدائع الزهور 3/ 277.
و"الأرزنجاني": نسبة إلى أرزنجان ويقال لها: أرزَنكان، وهي قريبة من أرزَن الروم.
(معجم البلدان 1/ 150).
ولصاحب الترجمة عدّة تصانيف وتأليف، وله كتابة حسنة حُلوة، وكتب الكثير بخطه من الكتب النفيسة واقتناها.
وكان عارفًا بصناعة القضاء والشروط، وأخذه بالقاهرة عن جماعة في تردّده إليها، فإنه دخلها غير ما مرة. وممن أخذ عنه بها الحافظ ابن
(1)
حجر شيخ الإسلام، وسمع على الحافظ شيئًا فيما أظنّ، وقرأ عليه "ألفيّة العراقي" وشرحها. وكان يسأل الحافظ بعض الأسئلة نظمًا، بحيث كان يعجب ذلك الحافظ ويُثني عليه.
وكان حسن المعاشرة والمحاضرة، حسن السمت والملتقى، بهيّ الشكالة، منوَّر الشيبة، ذا تجمّل.
وله علينا مشيخة. وكان بينه وبين الوالد صحبة أكيدة ومحبّة قديمة.
ومما سمعته من إنشاده لغيره هذا البيت. المفرد:
إن الليالي حَبَالى
…
تأتي بكل غريب
وكان يوصف ببعض بُخل، ولم يزل ينفع الخلق ويُقرئ وهو على ما هو عليه من البِشر والبشاشة.
إلى أن توفي بدمشق في شهر رمضان، وهو غير قاض.
590 -
وثرك ولده الجلال عبد الرحمن
(2)
، واستقر في وظايفه بعده.
وكان ولده شكلًا حسنًا، ذا بِشرٍ وبشاشة وجه وطلاقة مُحيّا، ولم يكن به بأس، وما كان خاليًا من الفضيلة، وكان والده قد تعب عليه واجتهد في تعليمه
(3)
إلى أن تأهّل. بل كان والده يأمل أن يلي ولده هذا قضاء دمشق، وبقي هو كالذي تنزّه عن ذلك، فلم يتفق له ذلك.
ومات ولده هذا في سنة إحدى [و] ثمانين وثمانمائة
(4)
.
عن نحو الخمسين سنة.
ولعلّنا نترجمه باوسع من هذا في سنة وفاته إن شاء اللَّه تعالى.
591 -
محمد بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن جسّاس الأريحي
(5)
، الأذرعي، الشافعي.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
لم أجده.
(3)
في الأصل: "تعليه".
(4)
لم يذكره المؤلّف رحمه الله في نيل الأمل.
(5)
انظر عن (ابن جسَاس الأريحي) في: الضوء اللامع 8/ 54 رقم 66، وتاريخ البصروي 40، والمنجم في المعجم 192، 193 رقم 154، ونيل الأمل 6/ 400 رقم 2831، وبدائع الزهور 3/ 40. و"الأريحي" نسبة إلى أريحة من معاملة أذرعات.
الشيخ الإمام العالم، العلّامة، شمس الدين المعروف بابن نَفِيس
(1)
. وكذا أسلافه.
ولد بالأريحة من معاملة أذرِعات في ثاني عشر رجب سنة اثنتين
(2)
وثمانين وسبعمائة.
وتوفي بدمشق في أواخر ربيع الأول.
(ترجمة إمام الكاملية كمال الدين)
(3)
592 -
محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي القاهري
(4)
، الشافعي.
الشيخ الإمام، العالم، العلّامة، كمال الدين ابن
(5)
الشيخ شمس الدين.
إمام المدرسة الكاملية دار الحديث وابن
(6)
إمامها، المعروف بإمامتها.
ولد بالقاهرة بالمدرسة المذكورة من بين القصرين في يوم الخميس ثامن عشر شوال سنة ثمان وثمانمائة.
وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم، و"العُمدة" و"المنهاج" وغير ذلك، واشتغل بذكاء وحذف وفطنة، فأخذ عن جماعة، منهم: الشمس البُوصيري، والشمس البَرَماوي، وأذن له بالتدريس، ومنهم الشرف السُبكي، والشهاب الطنْتَدائي، والشيخ ناصر الدين البارنباري، والشمس الحجّاري، والشموس الثلاثة: القاياتي، والوَنَائي، والبساطي، والنور القُمْني، ودأب وجدّ حتى مهر
(1)
"ابن نفيس" بفتح النون وآخره مهملة. وفي بدائع الزهور "نُفَيش": بضم النون وفتح الفاء وبعدها شين معجمة.
(2)
في الأصل: "سنة اثنين".
(3)
العنوان من الهامش.
(4)
انظر عن (محمد بن محمد القاهري) في: الضوء اللامع 9/ 93 - 95 ر قم 259 وفيه أن الأجل أدركه في سنة أربع وستين. وهو غلط، ووجيز الكلام 2/ 813 رقم 869، والذيل التام 2/ 234، 235، وتاريخ البُصروي 44، 45، ونظم العقيان 163 رقم 172، ونيل الأمل 6/ 413 رقم 2848، والمنجم في المعجم 205، 206 رقم 168، وحوادث الزمان 1/ 193، 194 رقم 252، والبدر الطالع 2/ 244، وكشف الظنون 194 و 547 و 706 و 862، و 1700 و 1880 و 2006، وإيضاح المكنون 1/ 138، وديوان الإسلام 1/ 181 رقم 1308، والأعلام 7/ 48، ومعجم المؤلفين 11/ 231، 232، وتاريخ الأدب العربي 2/ 77، وذيله 1/ 680 و 2/ 85، ومختارات من المخطوطات العربية النادرة في مكتبات تركيا 703 رقم 1308.
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
وبرع، وتصدّى للإفادة، ونفع الطلبة، وأفتى ودرّس، وسمع الحديث على الوليّ العراقي، والشمس الجَزَري، والحافظ ابن
(1)
حجر، وآخرين، وصنّف وألّف عدّة تصانيف جيّدة، (ودام على ما هو عليه من الخير إلى الآن)
(2)
، ووُلّي عدّة وظائف جليلة، منها تدريس الصلاحية بقبّة الشافعي وغير ذلك. ولم يزل على ما هو عليه حتى جرت فتنة ابن
(3)
الفارض المعروفة ولايته في محلّها، فكان من أكبر القائمين عليه والمُحِطّين، ولم يَحمده على ذلك أحد، وصرّح بأشياء منها أنه قال: بتائية ابن
(4)
الفارض كُفْر، وقراءتها من غير إنكار زندقة. فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، إنّا للَّه.
وكان قد تجهّز للحج هو وعياله في هذه السنة، فوعِك في أثناء ذلك، فأشيِر عليه بالإقامة فما ارعوى وخرج للبركة وهو على وعكه رجاء أن يتعافى
(5)
بواسطة السفر، فزاد ما به، فسُئل في البركة في عَوده أيضًا، فامتنع ورحل مع الحاج وهو على ذلك الحال فزاد ما به، حتى قال بعضهم إنه ألقى بنفسه إلى التهلُكة بيده.
وقال بعضهم بضدّ ما قال هذا بأنه صدق العزيمة وهاجر إلى اللَّه، وأنه ممن وقع أجره على اللَّه. ورجّح العارضون
(6)
الأُوَل، ورجع ذلك في الحقيقة لمن بيده الأمر، جلّ اسمه وعزّ سلطانه.
ولما وصل الحاج إلى المكان المسمّى بثغرة حايد توفي به في ليلة الجمعة خامس عشري شوال.
فتكلّم الناس في ذلك لما بلغهم بعد أن تأسّت عليه جماعة بأن ذلك جرى عليه بسبب ابن
(7)
الفارض وما وقع منه في حقّه، واللَّه أعلم بالأحوال، وإليه المرجع والمآل.
وترك ولديه، (فمات أحدهما)
(8)
وهو ()
(9)
في خامس عشري شوال أيضًا سنة ست وسبعين الاتية.
وأمّا الآخر وهو ()
(10)
فباقٍ إلى يومنا هذا، ستر اللَّه علينا وعليه العيوب.
واستقر في مشيخة الصلاحية بعده التقيّ الحصني.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
ما بين القوسين ضرب عليها خطًا
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
في الأصل: "يتعالى".
(6)
في الأصل: "العارضين".
(7)
في الأصل: "بن".
(8)
ما بين القوسين ضرب عليه خطًا.
(9)
بياض مقدار كلمتين.
(10)
بياض كلمة.
593 -
(محمد بن الحريري
(1)
، الدمشقي، المقدسي
(2)
، الشافعي.
الشيخ شمس الدين.
توفي يوم (الأربعاء خمس عشرة)
(3)
، جماد الآخرة)
(4)
.
594 -
محمد بن القصّار
(5)
التلِمْساني، المغربي، الوَاهراني، المالكي.
الشيخ الفاضل، الصالح، أبو عبد اللَّه، خطيب جامع البيطار بواهران، وعين أصحاب الوليّ العارف المسلّك، سيدي إبراهيم التازي.
قد تقدّم ذكره غير ما مرة آنفًا في عدّة مواضع من تاريخنا هذا.
ولد بتِلِمْسان بعد العشرة وثمانمائة، وبها نشأ.
فحفظ القرآن العظيم، واشتغل بالعلم فأخذ عن جماعة، منهم: أبو عبد اللَّه محمد بن العباس عالم تِلِمْسان في وقته، وأخذ عن ابن
(6)
مرزوق، والقصّار محمد، والسيد الشريف ابن
(7)
أبي الفَرَج، وبواهران عن أبي العباس أحمد بن العباس، واَخرين، ولازم جماعة من أهل الصلاح والخير، ثم رحل إلى واهران من تِلِمْسان، ولازم بها سيّدنا الوليّ السالك إبراهيم التازي المذكور، وأحبّه جدًّا، وكان مقيمًا بزاويته ومن أعز أصحابه. ووُلّي بواهران خطابة جامع البيطار بعناية الشيخ، ودام إلى أن مات الشيخ، فكان من يشار إليه بزاويته.
ولما قدمتُ واهران تصاحبت وإيّاه، فكان نِعم الصاحب والرفيق. وعنه أخذت الكثير من نظم الشيخ المشار إليه، وكان مرة أراد العَود إلى تِلِمْسان، فشاور الشيخ على ذلك، فلم يأذن له، ورأى ميله إلى ذلك، فتوفّر لينظم له تلك القصيدة التي أولها:
أما آن ارعواؤك عن شَنَاري
…
كفى بالشيب زجْرًا عن عَوَاري
إلى آخرها، فلما أعطاها إيّاه أمسك عن التوجّه إلى تِلِمْسان إلى أن مات الشيخ.
(1)
انظر عن (محمد بن الحريري) في: نيل الأمل 6/ 405 رقم 2840.
(2)
في الأصل: "المعرّي".
(3)
في الأصل: "الجمعة عاشر" ثم ضرب عليها، وأثبت ما ذكرناه.
(4)
هذه الترجمة بين القوسين من الهامش.
(5)
انظر عن (محمد بن القصّار) في: نيل الأمل 6/ 417 رقم 2851.
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
في الأصل: "بن".
وكان آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، متكلّما بالحق. وأُخرجت عنه خطابة الجامع المذكور في التاريخ الذي قدّمنا ذكره في محلّه، لشيء بلغ السلطان صاحب تِلِمْسان عنه في قيامه في الحق.
ولما سافرت أنا من واهران تركته بها وهو متشوّف إلى الحج، وكان مثقَلاً بالعيال، فلما كان الطاعون مات عياله فخفّ وقدم القاهرة في هذه السنة كما ذكرناه، وحج وأقام بمكة مجاورًا.
وبها توفي في أواخر ذي الحجة، فيما يغلب على الظنّ، أو في التي تلي هذه السنة، واللَّه أعلم.
وكان إنسانًا حسنًا، خيّرًا، دينًا، صالحًا، فاضلًا، عالمًا، حسن السمت والملتقى، ذا تؤدة وسكون نفس. وله محاسن، رحمه الله.
595 -
(محمد بن الياسوفي
(1)
الدمشقي، الشافعي.
شمس الدين، نقيب القاضي الشافعي بدمشق.
توفي بها في يوم الجمعة عاشر جماد الآخر.
596 -
محمد الحجّيني
(2)
، الدمشقي، الحنفي.
القاضي شمس الدين. أحد نواب الحكم بدمشق.
توفي [في] جماد الأول)
(3)
.
597 -
محمود العدوي
(4)
.
شيخ عربان بني عديّ بالمنفلوطية.
كان من أعيان تلك الطائفة، وله ذِكر بالقوّة والشجاعة. قُبض عليه في بعض أسواق تلك البلاد، وأُحضر إلى الدوادار وهو هناك، وكان في قلبه منه (أشياء)
(5)
، فأمر به فشُوي على النار بين يديه لكنْ بعد إساءة مفرطة على الدوادار بكلام مُخِلّ
(6)
، يقال إنه أراد بذلك تعجيل مثله، وإن الدوادار عرف بذلك. ولا زال يُشوى على النار من بعدُ حتى مات.
(1)
انظر عن (محمد بن الياسوفي) في: تاريخ البصروي 42، ونيل الأمل 6/ 404 رقم 2839.
(2)
انظر عن (محمد الحجّيني) في: نيل الأمل 6/ 404 رقم 2836.
(3)
ما بين القوسين، من أول "محمد بن الياسوفي" حتى هنا عن الهامش.
(4)
انظر عن (محمود العدوي) في: إنباء الهصر 161، ووجيز الكلام 2/ 810، ونيل الأمل 6/ 409، وبدائع الزهور 3/ 43.
(5)
عن الهامش.
(6)
في الأصل: "فحل".
وما حرّرت شهر وفاته.
وكان من المفسدين في الأرض ومن الغلاظ الشداد.
598 -
مُغُلْباي الظاهري
(1)
.
أحد مقدَّمين
(2)
الألوف، المعروف بأزُن سقل، أي طويل اللحية.
كان بين مماليك الظاهر خُشقدم في أيام إمريّته، وبَجْمَقْدار، ومن المقرَّبين عنده، والمختصَّين به، ولما تسلطن رقّاه إلى الخاصكية، ثم أمّره عشرة، ثم جعله من جملة رؤوس
(3)
النُوَب، ثم ولّاه (شادّية الشُوَن، ثم)
(4)
حسبة القاهرة عِوضًا عن خُشداشه خُشكلدي البيسقي، على ما مرّ ذلك في محلّه من سِنيّ دولة خُشقدم، ودام محتسباً مدّة، وحُمدت مباشرته للحسبة سِنِيًّا، ولم يزل حتى مات أستاذه وتسلطن الظاهر تمربُغا بعد خلع يُلباي، فصيّره من مقدَّمين
(5)
الألوف.
ثم لما تسلطن الأشرف قايتباي بعد فتنة خيربك، وكان مُغَلْباي هذا معه فيها قبض عليه مع خُشداشه، ثم أُخرج إلى القدس بطّالًا، ودام بها حتى بَغَتَه الأجل.
وكان إنسانًا حشمًا، وقوراً، خيّرًا، لا بأس به، لكنه كان غير متأهل في الرياسة بالنسبة لقواعد الأتراك، وإلّا في الحقيقة فكلّهم ليسوا
(6)
بمتأصّلين في ذلك.
وتوفي بالبيت المقدس في شهر ربيع الأول.
وهو في عشر السبعين.
599 -
نُورُوز العلائي
(7)
، الأشرفي.
600 -
أحد العشرات، المعروف بسِمز، وبأمير اخور.
تقدّم في الخالية، فإنه يقال إنه مات في آخرها، ويقال في أول هذه على ما بيّنّا ذلك وترجمته فلا نعيدهما.
(1)
انظر عن (مغلباي الظاهري) في: نيل الأمل 6/ 398 رقم 2829.
(2)
الصواب: "أحد مقدَّمي".
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
ما بين القوسين من الهامش.
(5)
الصواب: "من مقدَّمى".
(6)
في الأصل: "ليسو".
(7)
انظر عن (نوروز العلائي) في: الضوء اللامع 10/ 204 رقم 889، ونيل ومل 6/ 380، 381 رقم 2796.
601 -
يحيى بن عبد الرزاق
(1)
بن ()
(2)
الأرمني الأصل، القاهري، الشافعي.
القاضي الأمين، زين الدين الأستاذار، وكاشف الوجهين: القبلي والبحري، بل ومدبّر المملكة إن شئت، المعروف أولاً بالأشقر، وبقريب ابن
(3)
أبي الفرج، وبابن كاتب حُلوان، وبأخرة بالأستادّار.
ولد بالقاهرة قبل القرن تقريبًا، وبها نشأة في فقر وحاجة وخمول وضِيق وإملاق، وتعانى المباشرة، فكتب على بعض المهمات التي لا يُعبأ بها على عادة مخاميل الأقباط، ثم تنقّلت به الحالات في ذلك مدّة مطوّلة حتى وُلّي نظارة الإسطبل عن شخص يُعرف بالوزّة، ثم نظر الديوان المفرد غير ما مرة، وبقي كلّما وُلّي أعقب ولاية العدل ولا ينتج له في ذلك أمرٌ لوضاعته وعدم الالتفات إليه والاكتراث به، وتحمّل عليه في ذلك ما شاء اللَّه من الديون. ولم يزل حتى أقبل سعده بولاية الأمير قيز طوغان الأستادّارية في دولة الظاهر جقمق، على ما تقدّم ذلك في أوائل تاريخنا هذا، فوُلّي نظر الديوان المفرد معه، وكان ذلك أول ظهوره. ثم باشر ذلك أيضًا مع الزين ابن
(4)
الكُويَز، فأخذ بعد قيز طوغان يمهّد لنفسه ويؤمّن لها وهو مقتحم على الزماميّة. ولا زال حتى استقر فيها
(5)
استادّاراً، وأشغل الوظيفة عِوضًا عن ابن الكُوَيز المذكور، وذلك في سنة ست وأربعين على ما عرفته، ومن يومئذٍ قام سعده، وأخذ أمره في الازدياد حتى نالته السعادة التامّة الوافرة، ووصل إلى ما لم يخطر له على بال، وطال واستطال، وأثرى، وجمع الأموال، وأنشأ
(6)
العمائر والأملاك الهائلة، واقتنى نفائس الأشياء والكثير من كل شيء، ما بين مماليك وجواري وعبيد من سائر الأجناس والصنوف، وما بين أملاك وأرباع، وقرى وضياع، وسفن، وخيول، وبغال، وحمير، وجمال، وبقر، وجاموس، وأغنام. ومن السلاح والأثاث والآلات ما لا يكاد أن يُعدَّ ولا يُضبط بحدّ، حتى بلغت عدّة مماليكه زيادة على المائة. وكان يعتق أحدهم ويزؤجه بأمَةٍ يُعتقها أيضًا ويجهّزها من سراريه، بعد أن ينزل مملوكه
(1)
انظر عن (يحيى بن عبد الرزاق) في: إنباء الهصر 143، 144 و 172 - 175، والضوء اللامع 10/ 233، 234 رقم 983، وتاريخ البُصروي 40، ونيل الأمل 6/ 398 رقم 8320، وحوادث الزمان 1/ 190، 191 رقم 245، وبدائع الزهور 3/ 39، 40.
(2)
بياض مقدار ثلاث كلمات.
(3)
في الأصل: "بن".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
في الأصل: "في".
(6)
في الأصل: "وانشاء".
بذلك بديوان الجند السلطاني، ويُقطعه الإقطاع الهائل، ويُؤويه منزلًا بتلك السريّة، ونفذت كلمته، وتوفّرت حرمته، وبعُد صيته، وشُهر وذُكر، وعظُم وضخُم، وصار يتدبّر المملكة للظاهر جقمق. وكان الظاهر ضنيناً
(1)
به جدًّا، وألقى إليه مقاليد الكثير من الأمور، وحكمه في الجمهور، واعتنى بشأنه جدًا، ونوّه به، بل ربّما دعا له في الملأ
(2)
العام من العسكر، وقرأ له الفاتحة في بعض الأحيان بسراره، وتردّد الظاهر إليه بنفسه غير ما مرة لعيادته وغير ذلك، ومَلَك البلاد والعباد، ووصل إلى رتبة لم يصل إليها من كان قبله من الأستادّارية، لا الجمال البيري، ولا محمود بن أصفر عينه، وناهيك بجلالة قدرهما وما وصلا إليه، بل ولا وصل غيرهما إلى ما وصل هو إليه. ولم يكن لغيره معه كلام، ولا على يده يد.
وأنشأ الكثير من المدارس والجوامع الهائلة والرُبُط والأسبلة، يقال إن ذلك زيادة على الستة عشر، ولعلّ ذلك لم يقع لملك من السلاطين، فضلاً عن الأستادّارية -وكان جُلّ غرضه بذلك أن يكون شرْكًا وأُحبولة للرزق والأوقاف عليها، فإنه كان يترقّب ما آل به الأمر إليه بأخرة من المصادرات والبلاء والرزيّات والفِتن والمِحَن، وكان في ظنّه أنه لا يُفطن بقصده ويبقى له ذلك، فجاء الأمر بعكس ما قصده وأراده، وعورض في ذلك وقوصص، وحُلّت غالب أوقافه، وأبيعت الكثير من أملاكه، بل والكتب التي أوقفها، فما ظنَّك بغير ذلك! لا سيما في سلطنة الظاهر خُشقدم. ولم يزل في طول مدّة الظاهر في الصعود والارتفاع وهو مدبّر المملكة وعن رأيه تصدر الأشياء الكثيرة فيها، وقُصد للمهمّات من سائر الجهات، وأُتحف بالهدايا والمراسلات، كل ذلك مع وجود الجمال ابن
(3)
كاتب جَكَم وتمكّنه وعظمته، وكان السلطان منقادًا إليه ومعوّلًا في كثير من الأمور عليه، حتى زالت الدولة الظاهرية، وولي السلطنة المنصور عثمان بن الظاهر المذكور، فكان على يده أفول نجم سعادته، وأعان هو على ذلك بمساعدة نفسه عليها بقلّة لباقة وعدم لياقة، فعارض السلطان في قضية النفقة على ما تقدّم في محلّه من سلطنة المنصور، وظن أن أمره يروج في معارضته، وأن السلطان كأبيه في قبضته، بل ظن الأخروية والأولية، فانعكست عليه القضية، واحتدّ منه المنصور لا سيما في أول الدولة وحين الاحتياج، فلم ير بُدّاً من قبضه عليه، حتى لو قدّر أنه يكون من أعظم خواصّه ومن يلوذ به ومقرّبيه لاضطر إلى فعله ما فعله به، لقطع طمع الطامعين في زجر من عساه يقتفي آثاره. ولما قبض عليه صادره على جملة من
(1)
في الأصل: "طنينا".
(2)
في الأصل: "الملاء".
(3)
في الأصل: "بن".
المال طائلة، وألزمه بمبلغ عظيم جدًا، وأحضر منه شيئًا ( ......
…
…
)
(1)
المسألة، ووُلّي الأستادّارية عِوضه جانِبَك نائب جُدّة، ثم أُلزم بعد ذلك إليه العقوبة، وجرت عليه شدائد، ومِحَن يطول الشرح في ذكرها، ثم أعيد إلى الأستادّارية في الدولة الأشرفية الإينالية، ثم صودر وصودر، وصُرف غير ما مرة، وأعيد كذلك، وكان يعود على أقبح وجه وأسوئه
(2)
، وهرب في أثناء عوداته، واختفى غير ما مرة، وامتُحن في أثناء ذلك غير ما مرة أيضًا بالضرب والسجن والنفي إلى القدس والمدينة وغيرهما.
وقد بَلَغَنا عنه أنه صودر تسع عشرة
(3)
مرة، ولعلّ الأخيرة التي مات عقيبها هي الكمالة للعشرين، وقاسى المِحَن والخطوب في كل دولة الظاهر، وفي دولة الظاهر خُشقدم.
وكان قد وُلّي كشف البحيرة مرة في بعض الأحيان بعد الأستادّارية لما وليها قاسم الكاشف، على ما تقدّم ذلك في محلّه من سِنِيّ دولة الأشرف إينال. وترادفت عليه المِحَن والمصادرات ولم يزل على ذلك حتى تسلطن الأشرف قايتباي وهو مصروف عن الأستادّارية، بعد أن تكرّرت ولاية غير واحدٍ لها، كالمجد ابن
(4)
البقري، وابن
(5)
الأهناسي، وقاسم، وابن
(6)
الفرج، وابن
(7)
كاتب غريب، ومنصور.
ولما تسلطن الأشرف المذكور كان ملازمًا لداره، منجمعًا لا عن اختياره، ومع ذلك فلم يكفّ عنه، وصادره في أول مصادرة، ثم ثانية، وسجنه في الثانية بالبرج من القلعة بعد عقوبة شديدة فظيعة
(8)
شديدة إلى الغاية، حتى قيل إن السلطان هو الذي يضربه، وحُمل إلى البرج، فدام به متعلّلًا وهو يتداوى من الضرب، وما نفعه ذلك. وأتى ذلك على نفسه لفراغ أجله.
ويقال: إن المنصور لما حضر إلى القاهرة هو الذي نبّه السلطان عليه.
وحُكي في سبب ذلك حكاية لا حاجة لنا بذكرها، إذ لا نحرّر صحّتها فالكفّ عنها أَولى.
ويقال أيضًا هي التي كانت السبب أولَا في مصادرة المنصور له ونكبته إيّاه مع ما عارضه به في قضية أمر النفقة. واللَّه أعلم.
(1)
مقدار أربع كلمات مطموسة.
(2)
في الأصل: "واسواوه".
(3)
في الأصل: "تسعة عشر".
(4)
في الأصل: "بن".
(5)
في الأصل: "بن".
(6)
في الأصل: "بن".
(7)
في الأصل: "بن".
(8)
في الأصل: "فضيعة".
وكان زين الدين هذا ممن يتحيّر الإنسان في معرفة أحواله وأموره يتناقض الواقع فيها.
فمنها ظلمه للعباد وجوره الزائد وعسفه، وخراب البلاد، وسفك الدماء، وعدم العَفّ والكَفّ عن الأموال والأنفُس، والجرأة والإقدام، والتسلّط على خلق اللَّه بالضرر والأذى.
ثم عمارة الجوامع والمدارس، وكثرة البِرّ والصِلات والمعروف والصدقات، وأنواع الخيرات، وتجهيز السحابة مع الحاج لإيواء الفقراء.
ومنها: فقره وفاقته وخموله وتعاسته في مباديه، وعدم الاكتراث إليه والتصريح عليه، ثم غِناه ونباهته وتموّله وثروته، هالقاء بال كل أحد إليه، واعتماد السلطان في أموره عليه، واعتنائه وأهل الدولة بشأنه، وتمكُّنه التام من كثير من النقض والإبرام وغير ذلك.
ومنها نفاذ كلمته، وقيام ناموسه وحُرمته، وبُعد صِيته وشُهرته، ثم سكون ذلك جميعه حتى كأنه لم يكن، وما كفاه ذلك حتى وقع له أضداد ذلك حين قلّة حُرمته ومصادرته، وعدم الالتفات إليه، واثقاله بالمِحَن والشدائد والعقوبات، حتى أتى ذلك على نفسه.
كان كثير الظلم والجور، مغرمًا بذلك، جمّاعًا للمال من أيّ وجه كان، وكان لا يفرّق بين الحلال والحرام، ولا عليه من حمْل الآثام، وضيعاً كما للدنيا مطيعاً في أغراض نفسه، مسرفًا عليها، كثير التخبيط والتخليط، غير محمود في دينه ولا مشكور في ذلك، عارفاً بفتح أبواب المظالم. وهو الذي حسّن لقيز طوغان في أيام أستادّاريته لما كان هو ناظر الديوان المفرد أن يحسّن للظاهر أخْذَ الرزق الجيشية والأحباسية بالأعمال الجيزية وضمّها إلى الديوان المفرَد لأجل سداده، لولا أن قام في ذلك جماعة، وغرض السلطان بأن ذلك إحداث مظلمة وليست بمصلحة، وخوّفوه عاقبة دعاء الناس عليه حتى كفّ عن ذلك وإلّا فقد كان ثم ما أراده الدين هذا، ومع ذلك فما كفّ عن أذاه ولا زال حتى أبدل ذلك بأن فرض على كل فدّان من تلك الرزق
(1)
مائة درهم نُقرة في السنة، وجُبيت واستمرت في صحائفه، ولها نحو
(2)
من خمسين سنة، فعليه إثمها وأثم من عمل بها إلى يوم القيامة. وله نحو هذا من فتح أبواب الظلم ما لا يكاد أن يُعَدّ.
(1)
هكذا. والصواب: "من تلك الأرزاق".
(2)
في الأصل: "نحوًا".
وبالجملة فكان زين الدين هذا من نوادر الغرائب وغرائب النوادر في سيره وأموره وأحواله.
وله من الآثار أشياء كثيرة، منها الجامع المعظّم ببولاق المعروف بالأستادّارية، وبناه وجعل عليه اسم الظاهر، وأخبره أنه بناه في صحائفه وجعل ثوابه له، فلو قدّر على أن له الأجر في بنائه لكان لغيره بجعله ذلك للغير بنفسه على ما يأتي ذلك من الخلاف المشهور بين الفقهاء.
ومن آثاره أيضًا المدرسة الأنيقة المعظّمة بلصق داره بين السورين، والمدرسة التي بقربٍ منها أيضًا، والمدرسة بالحبّانية.
وكان يحضر سماع الحديث على الحافظ ابن
(1)
حجر في بعض مدارسه.
ومن آثاره الرباط بين السورين أيضًا، وغير ذلك مما أنشأه بمكة، والمدينة، والبيت المقدس، وبطريق الشام وغير ذلك من المباني العظام. وأمره في تلك الأموال التي أنشأ
(2)
منها ذلك إلى اللَّه وحسابه عليه.
وكان بينه وبين الوالد مودّة زائدة منه، وإظهار حبته وقيام معه في بعض مهمّاته، حيث نوّه عن القاهرة، مع أن الوالد كان يكرهه في اللَّه. وكان للزَيْن هذا مَثَل لأهل العلم والعلماء، وحجّة وافرة لهم. وله في ذلك أشياء تُعدّ من محاسنه، وقصده الكثير من الشعراء ومدحوه بالمدائح الفاخرة والقصائد الطنّانة.
وتوفي بمحبسه من القلعة بالبرج من ألم ما ناله من الضرب، عن سنّ عالية، في يوم الخميس ثامن عشرين ربيع الأول، سامحنا اللَّه تعالى وإيّاه.
602 -
يشبُك من حيدر الأشرفي.
أحد العشرات ورؤوس
(3)
النُوَب. وهو غير يشبُك من حيدر والي القاهرة الآن، الماضية ترجمته.
كان صاحب الترجمة من مماليك الأشرف إينال أيضًا، وصُيّر خاصكيًا بعده على ما أظنّ. وتأمّر عشرة في هذه الدولة، وصُيّر من رؤوس
(4)
النُوَب، ثم عُيّن لتجريدة شاه سوار، فتوجّه إليها، ولما جرى من كسر العسكر ما قدّمناه وعرفتَه عاد يشبُك هذا سالمأ، ثم قدم القاهرة متمرّضاً، وطال به المرض عدّة شهور إلى أن بَغَتَه الأجل به.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "انشاء".
(3)
في الأصل: "روس".
(4)
في الأصل: "روس".
وكان شابًا حسنًا، حشمًا، لا بأس به، وعنده
(1)
حُسن سمت وتؤدة وبشر وبشاشة، مع بعض إسراف على نفسه فيما قيل.
توفي في ليلة الأربعاء ثامن عشرين جمادى الأولى، وجُهّز وأُخرجت جنازته
…
(2)
…
…
.... .... ....
…
.... .... ....
(3)
.
603 -
[يوسف بن تغري بردي
(4)
اليشبُغاوي، الرومي الأصل، القاهري، الحنفي.
صاحبنا المؤرّخ جمال الدين، الأتابك، ونائب الشام.
مولده في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
سمع الحديث على الجلال البُلقيني، والحافظ ابن حجر، وآخرين، فيما ذكر عن نفسه
(5)
.
(
…
…
…
)
(6)
التاريخ (
…
…
…
)
(7)
لمن وقف عليهما ونظر إليهما، ورتّبه على حروف المعجم، وفيه خبط كبير ووهْم كثير، بل
(1)
في الأصل: "وعده".
(2)
هنا نقص ورقة - صفحتين.
(3)
هنا نقص صفحة.
(4)
انظر عن (ابن تغري بردي) في: الضوء اللامع 10/ 305 - 308 رقم 1178، ووجيز الكلام 2/ 887، 888 رقم 1881، والذيل التام 2/ 239، وتاريخ البُصروي 45، 46، ونيل الأمل 6/ 415، 416 رقم 2850، وبدائع الزهور 3/ 45، والبدر الطالع 2/ 351، 352، وشذرات الذهب 7/ 317، 318، وكشف الظنون 304 و 690 و 800 و 884 و 1901 و 1933 و 1942، وإيضاح المكنون 2/ 19، وهدية العارفين 2/ 560، والمؤرخون في مصر، لمصطفى زيادة 26 - 36، والتعريف بالمؤرّخين، للعزَّاوي 1/ 245 - 248، وفهرست الخديوية 5/ 162 و 164، 165، وفهرس المخطوطات المصورة، للطفي عبد البديع 2/ 118، 119 و 134 و 270 و 273، وفهرس المخطوطات المصورة لفؤاد سيد 2/ 163، 164 و 2 ق 3/ 306، وإنباء الهصر 175 - 182، وتاريخ الأدب العربي 2/ 41، 42، وملحقه 2/ 39، 40، وعلم التأريخ عند المسلمين، لروزنتال 449 و 682 و 698، ومعجم المؤلفين 13/ 382، 383، ومؤرّخو مصر الإسلامية، لعبد اللَّه عثمان 114 - 126، وديوان الإسلام 2/ 44، 45 رقم 625، والقاموس الإسلامي 1/ 459، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 5/ 55، 56 رقم 1351، والتاريخ العربي والمؤرّخون 3/ 169 - 172 رقم 4، وكتاب "ابن تغري بردي" المؤرخ، وفيه أبحاث قدّمت في ندوة للاحتفال به سنة 1972، والمعجم الشامل للتراث العربي المطبوع 1/ 248 - 251، والمستدرك عليه 82، 83، ومختارات من المخطوطات العربية النادرة في مكتبات تركيا 26، 27 رقم 52.
(5)
ما بين الحاصرتين أثبتناه اعتمادًاعلى نيل الأمل 6/ 415، 416.
(6)
مقدار ثلاث كلمات مطموسة.
(7)
مقدار ثلاث كلمات مطموسة.
وكذب وأباطيل فيها ما هو خطير، وبتراجمه زيادة في الحدود ونقصان منهم، وذكر من يُعرف بشهرة بغيرها، وكتب ذلك على الهامش.
ومما اتفق لي في ذلك أنني اكتشفت في تاريخه "الحوادث" عن ترجمته كذا جاء الظاهر في سنة وفاته. فبقيت أنظر إلى الهامش فلم أجد فيه ما يدلّني على الظاهر، وكنت قد مررت في كتابه ذلك على ترجمته مرة من مدّة وحين، فأخذت أشكّك في نفسي في كونه لم يترجمه، أو ترجمته في غير سنة وفاته، فتصفّحت هامش تاريخه في التراجم محلها فلم أجده. ثم أخذت في سنة وفاته التي أتحقّقها أنظر إلى نفس تراجم الكتاب فوجدته قد ترجمه وكتب بإزائه على الهامش:"حسن اليمني". وقد كنت مررت عليها غير ما مرة في الهامش ولا علم عندي بأنه الظاهر، لظنّي بأنه يكتب على الهامش ما يعرّف فيه كل إنسان فيما اتفق له أن يوفق لكتابه الظاهر. ومثل هذا وأنظاره أشياء كثيرة، وأمثلتها كثيرة، لا فراغ لنا لذكرها وضبطها هاهنا.
ومما في تاريخه أنه يذكر الإنسان تارة بغير اسمه ولا لقبه ولا كُنيته، وتارة يسمّيه غير ما سُمّي به، ويلقّبه بغير لقبه وهمًا في ذلك فاحشًا. وتارة يجعل بدل الشافعي: الحنفي فيغيّر مذهبه.
وأمّا اللحن في الإعراب شيء لا يكاد أن يُحصر، وكذا الإتيان بالمبتدأ
(1)
ولا خبر له، وبالخبر بغير مبتدأ
(2)
، وبدوّ بلا جواب. وخرافات كثيرة من هذا القبيل.
وله التاريخ الذي سمّاه "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة" وفيه أيضًا نحو ما ذكرناه أشياء كثيرة، ومن ذلك تراجم أناس يتحامل عليهم ينتقصهم، والعقل والدين يقتضي غير ذلك، ويعطم أناسًا
(3)
ويرفعهم، والحال يقضي والعقل والدين واليقين يشهد بكمالهم وتقديمهم.
ويأتي بشواهد شعرية تارة ليست بشاهدة على ما قال، بل ربّما كانت بضدّ ما استشهد به. وتارة يأتي بشعرٍ للناس غير موزون على أنه له نظم.
وذكر عن نفسه أنه ينظم وأن له نظمًا وسطًا.
وله أيضًا "البحر الزاخر من الأول للآخر" وصل فيه إلى أول دولة الفاطميّين من الخلفاء ولم يكمله. وله عدّة رسالات وأشياء أُخُر.
وكان ضنينًا جدًّا بنفسه لا يُعِر لها مقدارها، مع ما كان عليه من المعرفة
(1)
في الأصل: "بالمبتداء".
(2)
في الأصل: "مبتداء".
(3)
في الأصل: "اناس".
والكياسة، وعلى أنه لم يخْلُ من الفضيلة. وكان له اليد في ضبط بعض الحوادث الواقعة بمصر. وله معرفة بتراجم الكثير من الأتراك على ما في ذلك من العِوَج. وكان قاصر العبارة، يُطنب في موضع إيجاز، ويوجز في موضع إطناب، ويذكر أشياء غير مناسبة للمقام والحال. ولقّبه بعض الجَهَلة بالعلّامة في التاريخ وليس كما قال ولا القريب من ذلك. وإن كان له اليد في ذلك لكن بحيث يبلغ إلى مقام يقال له فيه:"العلّامة" فلا، ولا إلى ما ترجم به هو نفسه أيضًا، فإن ترجمته لنفسه يُشعر بعلم كبير واسع غزير يكذّبه في ذلك وقوف من لم يره على ما وضعه وصنّفه ويكشف زيفه.
ووقع له مرة عند نائب جُدّة في مجلس حضره العلّامة البدر ابن
(1)
العَيني بأنْ بدر للبدر فقالى له: ألا أُسمعك شيئًا غريبًا أُتحفك به؟
فقال له البدر: أجل.
فأنشده شيئًا من شعر.
فقال له البدر: إنّ هذا لفلان وليس هذا لَغَريب، فإنه في الشهر تواريخ الإسلام، وهو "تاريخ ابن
(2)
خَلّكان"
(3)
في ترجمة فلان.
فما أحسن من يعظّم نفسه وعدّها في الحضيض ولو كان في النُّهَى. فما ظنُّك بمن هو بضدّ ذلك؟
وكان يسلك في تواريخه إطراء من له عنده الغَرَض، وبالعكس عكسه وشيء في الكثير من ذلك على غير طريقة الإنصاف، بل أتى بالاعتساف. على أنني بشهادة اللَّه تعالى لا أقول ذلك لغرضٍ لي عنده أو على جهة هضم مقداره، بل أذكر الواقع، وقد نبّهنا في كثير من المواضع من تاريخنا هذا على أشياء من سَقَطاته وأوهامه وغلطاته وتحامله، وغير ذلك، يظهر ذلك لمن تأمّل تاريخنا هذا. وكان كثير الإطراء لنفسه، عريض الدعوى جدًا.
وكان بينه وبين الوالد محبّة وصحبة أكيدة ومودّة زائدة، وذكره في مواضع عديدة من تواريخه بما فيه تعظيمه وإجلاله. وترجمه في تاريخه "المنهل الصافي"
(4)
، على أنه أتى في ترجمته بكثير من أوهام. بل وكذب.
(1)
في الأصل: "بن".
(2)
في الأصل: "بن".
(3)
هو كتاب: "وفيات الأعيان".
(4)
انظر الجزء 5/ 258 - 261 رقم 1003.
وكان يعاب بتحشّره إلى بعض بني الدنيا ومداخلته إيّاهم لا لضرورة، كجانِبَك نائب جُدّة وغيره.
وكان له رزق حسن
(1)
كفاية له، وقطع الزين الأستادّار الماضي قبله عدّة مرتّبات باسمه، ولهذا حطّ عليه حين ترجمه كما حطّ على الظاهر يُلباي لكونه قطع النفقة عن أولاد الناس وهو منهم على ما تقدّم في محلّه، وكان عنده البُخل والشح، لكنه كان حسن السمت والملتقى، كثير البِشر والبشاشة والتؤدة والأدب والحشمة، مع حُسن الهيئة والشكالة والتجمّل في شؤونه
(2)
. وكان عاقلًا، سيوسًا، عارفًا بأنواع الفروسية والملاعيب، وسَوق المحمل، بل ربّما ساقه فيما أظنّ، أو عُيّن له، ثم أُبطل، وكان عارفاً بالبرجاس وغيره، وصاهر الخلفاء والملوك وقضاة القضاة و (
…
)
(3)
الناس. وكان معدودًا. من نبلاء بني جنسه من أولاد الناس وأصلابهم معظمهم من الملوك والسلاطين والأكابر، وله وجاهة وذِكر وشُهرة. وكان معظَّمًا عند الأشرف قايتباي سلطان العصر يكرمه جدًّا ويجلّه، وأجلسه مرة مع مقدَّمين
(4)
الألوف، على أن ذلك لم يقع لغيره من أولاد الناس أصلًا في غير وظيفة أو تقدمة، وعُدّ ذلك من نوادره.
وكان عفيفاً، نزِهًا، لطيف الذات والمزاج، وكان يتديّن، ويُظهر الخير والتقوى، ومحبّة العلم والعلماء وأهل الفضائل.
وكان بيننا وبينه مودّة ويسير صحبة، وكان كثير العِلل والأمراض.
ومن آثاره التربة اللطيفة الأنيقة الظريفة التي أنشأها بالصحراء تجاه تربة الأشرف إينال، وبها جعل مقرّ كتبه التي صنّفها وألّفها بعد أن وقفها عليها.
توفي بالقاهرة في يوم الثلاثاء قريب غروب الشمس، وأُخِّر إلى صبيحة الأربعاء سادس ذي الحجة.
ولهذا وهِم من قال: مات يوم الأربعاء.
ثم جُهّز، وبعث السلطان بأن تحضر جنازته إلى مصلَّى سبيل المؤمني، فأُحضرت في مشهد حفل، ونزل -أعني السلطان- فصلّى عليه، ثم أظهر
(1)
في الأصل: "رزقًا حسنًا".
(2)
في الأصل: "شونه".
(3)
كلمة ممسوحة.
(4)
الصواب: "مع مقدَّمي".
التأسّف عليه على ما نقله البعض، وحُمل إلى تربته المذكورة فدُفن بها.
والحمد للَّه وحده.
* * *
تمّ كتاب "الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم" على يد مؤلّفه وجامعه وكاتبه الفقير إلى اللَّه تعالى الحفي عبد الباسط بن خليل الحنفي كفر اللَّه ذنوبه وستر عليه عيوبه باسمه وطَوْله.
وكتب في يوم الإثنين ثامن عشر ربيع الأول الشريف سنة تسعين وثمانمائة عوّضنا
(1)
اللَّه خيرها وبركتها آمين وحسبنا اللَّه وكفى.
وصلّى اللَّه على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
(1)
غير واضحة في الأصل.
فهرس المصطلحات والألقاب
(آ)
آدُر:
لقب يُطلق على صاحبات العصمة من النساء.
آغا:
لفظ تركي من أصل فارسي: آقا، أو آفا، بمعنى الأب أو العم أو الأخ الكبير، وتأتي بمعنى السيد.
آق:
أبيض.
أق شَهر:
مدينة بيضاء.
آقصراي:
السراي، أو الديوان الأبيض.
(أ)
أباريز:
أفاويه وتوابل ودهن في الطبيخ.
أتابك:
لفظ مركب من "أتا": أب، أو مربّي، أو محتَرَم، و"بَك": أمير.
أستادّار:
كلمة فارسية بمعنى معلّم، أو سيد العبد، ثم أصبحت تطلق على مدبّر قصر السلطان، ومُراعي شؤون الدار.
إسطبل
= إسطبل: المكان المُعَدّ لمبيت الدوابّ.
أميراخور:
أمير الإسطبل.
أمير شَكار:
بفتح الشين المعجمة. المسؤول عن الطيور وأدوات الصيد لدى السلطان.
الأنداب:
اللعِب بالنُشّاب.
أَنْي:
بفتح الهمزة وسكون النون. من "أنا". لفظ يُطلق على الإثنين المتساويين في مرتبة الجلوس على مائدة واحدة.
(ب)
البابا:
لقب رأس الكنيسة الكاثوليكية بروما.
البِتّيّة:
بكسر الباء الموحّدة، وتشديد التاء المثنّاة. برميل كبير.
البَجْمَقْدار
= بَشْمَقدار: مركَّب من "بجمَقْ" ومعناه: النعل. و"دار": لفظ فارسي معناه: مُمسِك، ويعني: المملوك الذي يحمل نعال السلطان.
البُرْجاس:
لفظ فارسي. يُطلق على إحدى ألعاب التسلية التي تتألف من رقعة من القماش على شكل صليب، وستة من الوَدعَ، وأحجار كالدامة أو الشطرنج.
البرد دار:
من صنف العسكر يُعرفون بالبرد دارية أو الجاندارية، مهمّة أميرهم تنظيم دخول الأمراء على السلطان.
ب
رِنْز: لفظ لاتيني بمعنى: أمير. ويكتب: برنس.
بَزْدُغاني:
درعْ أو سُترة من فولاذ.
البَشْتَخانَة:
راجع الجزء الرابع ص 151 حاشية 5.
البَطْرَك:
رئيس رؤساء الأساقفة النصارى.
البُقْسُماط:
الخبز الجاف كالكعك.
البيمارستان:
لفظ مركّب من "بيمار" ومعناه: "مريض"، و"ستان" بمعنى "مكان"، فهو مكان المرضى.
(ت)
تترية:
قبّعة رأس من الفرو الأحمر لها طُرّة واسعة من الأعلى، وعلى جذعه كبّوت، من تحته ثوب من المُخْمَل مطرّز من الأمام. وهو زيّ رئيس التتار.
تجريدة:
فرقة من العسكر الخيّالة لا رجّالة فيها.
تَخْت:
لفظ فارسي معناه كرسي أو مِنبر. وفي الإصطلاح: سرير السلطنة.
(ج)
جامِكيّة:
لفظ فارسي، معناه الأجر أو الراتب.
جان دار- جانْدار- جَنْدار:
لفظ فارسي مركّب من "جان" ومعناه: سلاح، و"دار"، معناه: مُمسِك. ووظيفته الحراسة الخاصة للسلطان.
الجاويش:
لفظ تركي معناه جندي برتبة صغيرة.
الجُلْبان:
هم المماليك الذين جُلبوا إلى دولة المماليك حديثاً.
الجَمْدار
= جامادار: لفظ فارسي معناه: اللباس داخل البيت. يُطلق على من يتولّى مهمّة إلباس السلطان أو الأمير ثيابه.
الجَوَالي:
هي الجزية التي تؤخذ من أموال أهل الذمّة.
(ح)
حاجب:
موظّف مهمّته حجب السلطان عن الناس، فلا يقابلونه إلّا بإذنه.
(خ)
الخازندار
= الخزْنَدار: المولج بالحفاظ على خزانة المال.
الخاصكيّة:
المماليك الأجلاب من صغار السنّ يتّخذهم السلطان حرسًا خاصًا له، وهم يدخلون عليه في أوقات فراغه، ويلازمونه عند ركوبه ليلًا ونهارًا.
الخاقان:
الرئيس أو الزعيم عند التتر. ويُختصر إلى: خان وقان.
الخانقاه:
كلمة فارسية معناها محلّ التعبّد والتزهّد والاختلاء بالنفس بعيداً عن الناس.
خُشْداش:
كلمة فارسية معزبة، معناها: الزميل في الخدمة.
الخواجا:
لفظ فارسي معناه: ثري، أو تاجر، أو معلّم.
الخَوَنْد:
لفظ مشتقّ من لفظ: خُداوَند الفارسي، يُطلق على زوجات السلاطين وبناتهم للدلالة على الاحترام والتوقير.
(د)
الداغات:
الأختام.
الدبّوس:
سلاح على هيئة هراوة مُدَملَكة الرأس.
الدَّرْج:
بتسكين الراء، الورق المُدْرَج الموصول ببعضه.
الدركاه:
لفظ فارسي معناه عتبة العظماء. واستُعمل في عصر المماليك للدلالة على قصر السلطان.
الدَّسْت:
لفظ فارسي معناه: المحلّ المخصّص لجلوس السلطان أو السيد الكبير في صدر المجلس.
الدِهليز:
لفظ فارسي يعني المعبر ما بين الباب والدار.
الدوادار:
لفظ مركَّب من كلمتين: "الدواة" وهي عربية، و"دار" وهي فارسية ومعناها: مُمسِك، فيكون: ممسِك الدواة أو المحبرة للسلطان. ويُلفظ: الدويدار أيضًا.
الديوان المُفْرَد:
هو الديوان المختص بما أُفرد من البلاد لصرف غلّتها على مماليك السلطان من رواتب وكِسوة وعليق.
(ر)
الرَبع:
بفتح الراء وسكون الباء الموحَّدة. المساكن المعدَّة لإقامة التجار الوافدين، ومن تحت المساكن حوانيت ووكالات تجارية.
الرَكبُداريّة:
مفردها ركابي، وهو العامل أو الموظف الذي يأخذ بركاب الفرس.
الرَّنْكك:
لفظ فارسي معناه: لَون. أصبح مصطَلَحًا للشعار الذي ينقشه السلطان أو الأمير على ممتلكاته الثابتة والمنقولة.
(ز)
الزَرَدْخاناه:
المكان المخصّص لحفظ السلاح والعتاد الحربي.
الزَرَدْكاش:
المسؤول عن صنع الأسلحة وصيانتها.
الزُعْر:
جماعة من عامّة السوق وقُطّاع الطرق. مُفردهم: أزعر.
الزفوري:
المتعاني في المطابخ والزفارة.
الزماميّة:
موظفون يتّصل عملهم بكل ما له علاقة بالقصور السلطانية ورعاية
شؤونها
، وهم عادة من كبراء المماليك وأماثلهم ووُجهائهم.
(س)
السّكّة: هي القالب الذي تُصبّ فيه النقود. وصارت تُطلق على النقود ذاتها.
السلاّري
= السلاّرية: الثوب بدون أكمام يُلبس تحت الفرجة (الصدرية المفتوحة) وهو مصنوع من القطن البعلبكّي الأبيض، أو جلد السنجاب أو الحرير، ويقال له: بغلوطاق.
السِلَحْدار:
لفظ فارسي معناه: صانع الأسلحة. وتحوّل في عصر المماليك لُيطلق على أمير سلاح، وهو قريب الرتبة من الوزير.
السِماط:
ما يُبسط على الأرض لوضع الأطعمة وجلوس الآكلين، ويُطلق أحيانًا على المائدة السلطانية.
السِّمَّور:
حيوان يعيش في المناطق الباردة المكسوّة بالثلوج، من فصيلة القِطَط، يُستفاد من فروه في الملابس.
السَّنْجَق
= الصنْجق: لفظ تركي - فارسي، يعني: العَلَم أو الراية.
(ش)
شادّية الشراب:
شادّية، من الشدّ، بمعنى الضبط والتفتيش. والشراب: السقاية.
فيكون الموظّف المسؤول عن بيت الشراب.
الشَواني:
اسم أطلقه الفرنج على السفن الحربية. مفردها: شونة أو شانية. تسير بالشراع، ويصل عدد مجاديفها إلى مئة مجداف، ومزوّدة بأبراج خاصة. وتحمل نحو 150 من المقاتلين المسلّحين.
(ص)
الصَّولجان:
لفظ فارسي معرَّب. عصا معقوفة من طرفها يضرب بها الفارس الكرة.
ومنه اشتُق لفظ: الصَولجان، وهي العصا الخاصة بالملك التي يحملها وأصبحت من مراسم المُلْك.
(ط)
الطَبَر:
لفظ فارسي. أصله: طبرزين. وهو سلاح يشبه الفأس.
الطبْلَخاناة:
بيت الطبل. فارسي - عربي. وفي المصطلح: لقب عسكري لكل من يستحق أن تُضرب الموسيقى على بابه.
طرخان:
لقب أطلقه المماليك على كل من تقدّمت به السنّ في الوظيفة.
الطُلْب:
بضم الطاء وتسكين اللام. إصطلاح عسكري يطلق على الفرقة التي تتكون من 70 إلى 200 جندي على رأس كل فرقة أمير. جمعها: أطلاب.
الطواشي:
لفظ فارسي- تركي، معناه: مَخْصي. وهو المملوك الذي يخدم النساء داخل القصور.
(ع)
العشير:
لفظ أُطلق على أصحاب المذاهب من غير أهل السُّنّة والجماعة، وخصوصاً على العشائر التي في جبال الجليل وجبل عامل، في شمال فلسطين وجنوب لبنان حيث السكان من الدروز والشيعة والنصارى.
(غ)
غراب:
نوع من المراكب الحربية يشبه الغراب، سُمّى بذلك.
(ف)
الفرائض:
علم الميراث، يختص في ما يُفتَرَض للشخص من حقّه في ميراث الميت.
الفَرَجية:
ثوب من غير أكمام يُلبَس على الصدر.
أَلْفُنش:
لقب يُطلق على الملك في الأندلس. ويقال: ألفونس، بالسين المهملة.
(ق)
القان:
انظر الخان.
القرانصة:
مصطَلَح يُطلَق على المماليك القُدامى.
القُطْب:
من مصطلحات الصوفية، يطلق على شيخ الطريقة.
(ك)
الكاشف:
لقب وظيفي بمعنى رئيس يختص بالكشف على ما يقع تحت إمرته من أمور.
الكنبوش:
أداة على هيئة البرذعة تُجعل على ظهر الفَرَس وكَفْله، من فوقها غاشية من القماش المزركش.
الكوسات:
صُنوج من نحاس تشبه الترس الصغير، يُدقّ بإحداها على الأخرى بإيقاع معيَّن.
(ل)
اللالا:
لفظ تركي، معناه: مؤدّب أو مربّي.
(م)
المشّد:
من الشادّ، أي المفتش.
المَكس:
الضريبة.
الملّوطة:
لباس مثل العباءة، تكون غالبًا غير مزرَّرة.
المهندار:
لفظ فارسي مركب، معناه الموظف الذي يتلقّى الرسُل ويستقبل السفراء والمبعوثين القادمين لمقابلة السلطان.
(ن)
النُقْرة:
العُملة المصنوعة من المعادن كالذهب والفضّة.
النمجاة
= النمشاة: سيف قصير مقوَّس يضعه السلطان إلى جانبه ليدافع به عن نفسه.
نَوْبة النُوَب:
دَور الجماعة.
(ي)
يَزَك:
كلمة فارسية معناها: طلائع الجيش. وتحوّلت إلى طائفة الحَرَس أو العَسَس.
[5]
فهرس معاني الأسماء التركية وغيرها
(أ)
أبرك:
إن كان عربيًا فهو أفعل من البَرك. وإن كان جركسيًّا فمعناه: المهاجر أو هاجر.
أُجا:
مدبّر الدار أو صاحب الرأي فيها.
أروس بك:
أروس اسم لجيلٍ من الناس معروفون.
أُزُن سقل:
طويل اللحية.
ألْطُنبُغا:
الثور الذهب.
أُلْماس:
لفظ تركي معناه: "ما يموت" إذا كان بضمّ الهمزة. وقيل بالفتح وهو اسم بالعربي عَلَم على الحجر المعروف بحجر الماس. ومنهم من فتح وجعل عِوَض السين صادًا وقال إن معناه: "ما يأخذ". والأول هو المستعمل المشهور.
(ب)
باي بَرْس
= بيبرس: فهد.
بُتْخاص
= بُطْخاس: بضمّ الباء الموحّدة. "بُت" أو "بُط" بمعنى: "ضم"، و"خاص" لفظ عربي، فيكون معنى الاسم:"ضم خاص" أو "ضمّ فخذ".
بُرْدُبَك:
اسم مركّب من "بُرْدي" بمعنى: أعطى. و"بك": "الأمير"، وقد تُلُوعِب بها في النُطْق والكتابة.
بَرْدِي:
أعطى.
بُشُق:
اسم للسكّين.
بُطا:
الغرض الذي يُرمى عليه.
بَكْتَمر:
مركّب من "بك"= باك، و"تمر".
(ت)
ثَنِبَك
= تاني بَك: اسم مركّب من كلمتين. وهو لفظ جركسي اسم لماء في تلك البلاد. ويُظَنّ أن التُرك يسمّونه: طون أو طونة. و"بَك" لفظة تركية معناها: الأمير. وتُكتَب غالبًا بالألِف: تانبك، ويُحتمل أن تكونا معًا من لغة التُرك، فلفظ "تان" معناه: البدن، و"بك" على بابها. ويُحتمل أن يكون "بك" لها معنى آخر يمكن أن يكون أصلًا هاهنا وهو القويّ، ومنهم من يكتبها: تاني بك وهو الغالب في الكتابة، وقد جعله بعضهم من قبيل الغلط، وله وجه لأن معناها بدنه، فالباء كهاء الضمير، فيكون المعنىَ: بدنه أمير، أو قويّ، وكذا الكلام في:"جانِبَك".
(ج)
جار قُطْلُو:
مركّب من "جار" بالتفخيم، ومعناه: أربَع. و"قطْلُو" معناه: المبارك أو البَرَكَة، لأنه قيل: أربع بركات، وهو بالتركي.
جان بُلاط:
روح فولاذ، أو فولاذ روح.
جانَم:
كلمة واحدة تركية معناها: روحي. فـ "جان" هي الروح، والميم كياء التكلّم عند العرب، ومثله:"قانم" ومعناه: الدم، أو السلطان الكبير، و"تاني" مثله. و"باي": الأمير، أو "معجم" ومعناها: الدم السعيد أو السلطان السعيد، و"قانِبك" مثله.
جَرِباش:
اسم علم بالتذكير على طائر.
جهان شاه:
فارسي، معناه الزمان، وشاه: ملك، فيكون: ملك الزمان. وشاهان شاه: ملك الملوك.
(س)
سُنقُر:
اسم لطائر بالتركية، وجُعل علمًا على الشخص.
سُودون:
مركّب من "سُود" بإظهار الواو مُشبَعة، وإلّا فهي في الأصل:"لسُدْ" وهو اللبن الحليب، و:"أون " الكلمة الأخرى فهي كذلك بالإشباع بالواو. وأون اسم للدقيق، فكأنه قيل: حليب ودقيق. ويُحتمل أن تكون: حليبة ولبنة لمجيء نون الضمير في آخر الكلمة، والأول أرجح. وهو "سودأون" ثم خُفّفت فجُعلت "سودون" بترك الهمزة، وجُعلت علمًا على الشخص مع القطع في النظر عن المعنى.
(ص)
صنطباي
= سندباي: يُكتب بالصاد والطاء، والسين والدال. وهو مركَّب من "صندي" و"باي" وهما لغتان مركّبتان. ومعنى "صندي":"حسِب" أو "خالَ" أو "ظنّ "، فهي تُستعمل في اللغة التركية بإزاء هذه المعاني. وهي بفتح الصاد وسكون النون، ودال مكسورة وباء، وهي فعل ماضٍ، وفيها احتمالان آخران:"صِنْدي": بكسر الصاد ومعناها: مِقَصّ وهو المقراض بلغة التُرك. و"صنَدي" بفتح النون ومعناها: عدّ، من العدد. والأول هو الأظهر، و"باي" معناه الأمير إذا كان مرقّقًا، والغِنَى إذا كان مفخمًا.
(ط)
طاش بُغا:
الثور الحجري.
طَرَباي:
من "تره": خير، و"باي" كبير أو كثير.
طُقْطَمِش:
ثَبَت أو استقرّ أو دام.
طوخ:
واو زائدة الإشباع، وضمّة الطاء، وهي تقال بالخاء والقاف، ومعناها بالعربية: شبعان وهو ضدّ الجيعان بلغة التُرك، واستُعمل عَلَمًا على الشخص.
طَيْبُغا:
مركّب من "طي" وهي لغة تركية معناها "المُهْر"، و"بُغا": قدمه. فيكون: قدم المُهْر.
(ق)
قانباي:
مركّب من "قان" وهو اسم للسلطان كالخان بلغة المُغُل والتُرك. ويقال: "قان" هو الدم. والأول أظهر.
قايت:
إرجع - عن قاعد، بالدال. أو السعْل.
قجماس:
ما يهرب. "قج": الهروب. و"ماس": لا النافية.
قَراكُز:
قرا معناها: الأسوَد، و"كُزْ" اسم للعَين الباصرة، فكأنه: العين السوداء.
قردم:
تركي معناها: نصَبْتُ، فإن الميم فيه كـ"نا" المتكلّم في لغة العرب.
قُطْلُو:
المبارَك.
قوزي:
حَمَل ولد النعجة.
(ك)
كرتباي:
اسم مركّب من: حق، أو اللَّه حق.
كسْباي:
جركسيّة، وهي "كسا" اسم لجيل من الجركس. و"باي " تركية، ويُحتمل أنها فارسية وهي كاسة باي، وكاسه بمعنى الكأس، والأول أظهر، وأسقط الألِف استخفافًا على اللسان.
كمشبُغا:
مركّب من "كمش" وهو الفضّة بالتركية، و"بُغا": اسم للثور، فكأنه ثور فضّة.
كوكاي:
مركّب من لفظين تركيَّيْن، أحدهما:"كوك " اسم للسماء، والثاني:"أُي" وهو اسم للقمر، ومعناه: القمر والسماء.
(م)
مال باي:
مال أمير، أو أمير مال. أي: الغِنَى أو السعادة.
(ن)
نانِق:
جركسي، معناه: ابن أم، وهو مركّب من لفظين وأصله: نان أقّ.
نَبْصا:
واسع العين.
نَوروز:
بالفارسية هو يوم العيد.
(ي)
يَرِش:
بالتركية: تُصاحِبْ. أمر من المصاحبة. وبكسر الراء: "إلْحَقْ" أمر من
اللحوق والوصول إلى الشيء.
يَشْبُك باش قُلُق:
ثلاثة آذان.
يُلباي:
"يُل" اسم للطريق، و"باي" كبير.
يوركلي كوز:
بالتركية: العين القلبية. "يورك القلب، و"كوز" العين. ولفظة: "لي" كالنسب عند العرب.
[6]
فهرس المصادر المعتمدة فىِ التحقيق
أولًا المخطوطات
1 -
إثبات الدلالات على نُصرة الملك الناصر محمد أبي السعادات -مؤلّف مجهول- مخطوط مكتبة أحمد الثالث بمتحف طوبقابو رقم 2960 A 6150، مصوَّر بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، رقم 7 تاريخ.
2 -
أخبار الجِلاد في فتح البلاد، للبقاعي، برهان الدين، إبراهيم بن عمر (ت 885 هـ.). مخطوط مكتبة لا له لي باستانبول، رقم 1994.
3 -
تاريخ قاضي القضاة، العليمي الحنبلي، عبد الرحمن بن محمد (ت 927 هـ.) - مخطوط مكتبة المتحف البريطاني، رقم 1544.
4 -
التعليق- لابن طوق الدمشقي (ت 915 هـ.) - مخطوط المكتبة الظاهرية بدمشق، رقم 4533 تاريخ.
5 -
الدرّ المنتَخب في تكملة تاريخ حلب، لابن خطيب الناصرية علي بن محمد بن سعد (ت 843 هـ.) - مخطوط المكتبة الأحمدية بحلب، رقم 1214 في جزءين.
6 -
درّة الأسلاك في دولة الأتراك - لابن حبيب الحلبي، الحسن بن عمر (ت 779 هـ.) - مصوّر بدار الكتب المصرية، رقم 6170 ج. (من جزءين).
7 -
دستور الإعلام بمعارف الأعلام، للتونسي، محمد بن عزم - مخطوط مكتبة برلين، رقم 9876.
8 -
دفتر إحصاء لواء طرابلس - مخطوط بمركز الأرشيف العثماني باستانبول، رقم 513، لسنة 979 هـ.
9 -
دفتر ماليّة لواء طرابلس - مخطوط بمركز الأرشيف العثماني باستانبول رقم 1017 ما بين سنتي 926 - 943 هـ.
10 -
دفتر مفصّل لواء طرابلس - مخطوط بمركز الأرشيف العثماني باستانبول رقم 372 (قبل سنة 962 هـ.).
11 -
ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر، لابن طولون الدمشقي، محمد بن علي (ت 953 هـ.) - مصوّر بدار الكتب المصرية، وكان لدى الدكتور صلاح الدين المنجد نسخة مصوّرة في مكتبته ببيروت اطّلعت عليها قبل أن تحترق مع مكتبته.
12 -
ذيل تاريخ العليمي (ت 927 هـ.) مخطوط مكتبة البودليان بأكسفورد، رقم 611 MS ..
13 -
ذيل مرآة الزمان، لقطب الدين اليونيني، موسى بن محمد (ت 726 هـ.) - مخطوط مكتبة أحمد الثالث بمتحف طوبقابو، رقم 2957/ 2 (وفي مكتبتي مصوّرة عنها).
14 -
الروض العاطر فيما تيسّر من أخبار القرن السابع إلى ختام القرن العاشر، للأيوبي الأنصاري، شرف الدين موسى بن يوسف - مخطوط مكتبة الدولة في برلين، رقم 9886.
15 -
سِجِلّات المحكمة الشرعية بطرابلس - سجل رقم 3 لسنة 1088 هـ. وسجّلات رقم 42 و 43 و 48 (مصوّرة في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي).
16 -
عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأقران، للبقاعي، برهان الدين - مصوّر بدار الكتب المصرية، رقم 1001 تاريخ. (من جزءين).
17 -
العنوان في ضبط مواليد ووفيات أهل الزمان، للنُعَيمي، محيي الدين عبد القادر بن محمد (ت 927 هـ.) - مخطوط مكتبة ليبزغ، رقم 139.
18 -
كتاب في التاريخ - مجهول المؤلّف، يُحتَمَل أنه للبقاعي، برهان الدين - مخطوط بدار الكتب المصرية ضمن مجموع رقم 5631 تاريخ (مع تاريخ البُصْرَوي).
19 -
مجلّة النِصاب في النَسَب والكُنَى والألقاب - لمستقيم زادَه (ت 1202 م). وصوّر ميكروفيلم رقم 628 عن مخطوط بالأرشيف العثماني باستانبول.
20 -
هديّة العبد القاصر إلى الملك الناصر (سيرة الملك الأشرف أبي النصر
قايتباي وابنه أبي السعادات محمد) - للصالحي، عبد الصمد بن يحيى بن أحمد بن يحيى (ت. حوالَى 902 هـ.) مخطوط بدار الكتب المصرية، رقم 11657 ح.
21 -
وقفيّة الأمير جُلّبان على برجه بطرابلس وبرج قلعة صيدا البحرية، مؤرَّخة سنة 845 هـ. - مخطوطة على رَقّ غزال، بمكتبة المجمع العلمي بدمشق سابقًا (حاليًا مجمع اللغة العربية) رقمها 4838 عام.
ثانيًا المصادر والمراجع المطبوعة
22 -
آثار البلاد وأخبار العباد، للقزويني، زكريا بن محمد بن محمود (ت 682 هـ.) - بيروت، دار صادر 1380 هـ. 1960/ م.
23 -
آثار طرابلس الإسلامية - عمر عبد السلام تدمري - طرابلس، مكتبة الإيمان 1994.
(أ)
24 -
أحسن التواريخ - حسن روملو - بسعي وتصحيح: جارلس نارمن - طبعة الهند، كلكُتّا 1931 م.
25 -
أخبار الدول وآثار الأوُل، للقَرَماني، أحمد بن يوسف بن أحمد الدمشقي (ت 1019 هـ.) - طُبع ببغداد 1282 هـ. طبعة حجر، مجلّد من الحجم الكبير، تصوير عالم الكتب ببيروت، وطبعة أخرى بتحقيق د. فهمي سعد، ود. أحمد حطيط (3 أجزاء)، بيروت، عالم الكتب 1412 هـ./ 1992 م.
26 -
الإرشاد في معرفة علماء الحديث، للخليلي القزويني، أبي يعلى الخليل بن عبد اللَّه بن أحمد (ت 446 هـ.) - تحقيق د. محمد سعيد بن عمر إدريس - الرياض، مكتبة الرشد (1409 هـ./ 1989 م.).
27 -
الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، للسلّاوي، أحمد بن ناصر - تحقيق ولدي المؤلف - الدار البيضاء، دار الكتاب 1954.
28 -
إظهار العصر لأسرار أهل العصر، تاريخ البقاعي، لبرهان الدين البقاعي - تحقيق د. محمد سالم بن شديد العوفي - مصر، طبعة هجر بإمبابة 1412 هـ. 1992/ م. (صدر منه 3 أجزاء وتوقف).
29 -
الأعلام، للزركلي، خير الدين بن محمود - بيروت. دار العلم للملايين
ط 4/ 1979.
30 -
الإعلام بوفيات الأعلام، للذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ.) - تحقيق رياض عبد الحميد مراد وعبد الجبار زكّار - بيروت، دار الفكر المعاصر. دمشق، دار الفكر 1412 هـ./ 1991 م.
31 -
أعلام فلسطين - لمحمد عمر حمادة - دمشق، دار قتيبة.
32 -
أعلام الموقعين عند رب العالمين، لابن قيّم الجوزية، أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر (ت 751 هـ.) - بيروت، دار الجيل 1973.
33 -
إعلام النُبلاء بتاريخ حلب الشهباء، للطبّاخ، الشيخ محمد راغب الحلبي - حلب، دار القلم العربي 1409 هـ. / 1989 م.
34 -
إعلام الورى بمن وُلّي نائبًا من الأتراك بدمشق الكبرى، لابن طولون، محمد بن علي الدمشقي (ت 953 هـ.) - دمشق، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مطبوعات دار إحياء التراث القديم 1383 هـ. 1964/ م.
35 -
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم (أهل) التاريخ - للسخاوي، محمد بن عبد الرحمن (ت 902 هـ.) - ترجمة وتحقيق صالح أحمد العلي - نيويورك، بغداد، مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، ومكتبة المثنّى 1963.
36 -
أعيان العصر وأعوان النصر، للصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد اللَّه (ت 764 هـ.) - تحقيق د. علي أبو زيد، د. نبيل أبو عمشة. د. محمد موعد، ود. محمود سالم محمد، تقديم مازن عبد القادر المبارك - مطبوعات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدُبَيّ - منشورات دار الفكر بدمشق، ودار الفكر المعاصر ببيروت 1997 م.
37 -
الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب، لابن ماكولا، علي بن هبة الدين جعفر (ت 475 هـ.) - تصحيح عبد الرحمن بن يحيى المَعْلَمي - مكة المكرّمة، حيدرآباد - الدكن، دائرة المعارف العثمانية - الطبعة الأولى 1381 - 1387 هـ./ 2961 - 1967 م. نشر وتصوير محمد أمين دمج - بيروت، ودار إحياء التراث العربي، ودار الكتب العلمية.
38 -
إنباء الغُمُر بأبناء العُمُر - لابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد (ت 852 هـ.) - تحقيق د. حسن حبشي - مطبوعات
المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية، لجنة إحياء التراث الإسلامي - القاهرة 1419 هـ./ 1998 م. (الجزء 4).
39 -
إنباء الهَصْر بأبناء العصر، لابن الصيرفي، علي بن داود الجوهري (ت 900 هـ.) - تحقيق د. حسن حبشي، القاهرة، دار الفكر العربي، مطبعة المدني 1970.
40 -
إنباه الرُواة على أنباه النُحاة، للقِفْطي، الوزير جمال الدين علي بن يوسف (ت 646 هـ.) - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم - القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1973.
41 -
الأنساب، لابن السمعاني، عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي (ت 562 هـ.) تحقيق جماعة باحثين - نشره محمد أمين دمج، بيروت 1404 هـ./ 1984 م.
42 -
الأُنْس الجليل بتاريخ القدس والخليل، لمجير الدين الحنبلي العليمي (عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن)(ت 927 هـ.) - تحقيق عدنان يونس عبد المجيد أبو نباتة - الأردنّ، الخليل - مكتبة دنديس 1420 هـ./ 1999 م.
43 -
الأوقاف الإسلامية في طرابلس الشام من وثائق الأرشيف العثماني وأهمّيتها في رصد حركة العمران - بحث نُشر في الكتاب الصادر عن المؤتمر الدولي السابع لتاريخ بلاد الشام 1431 هـ./ 2010 م. - عمر عبد السلام تدمري - عمّان، الأردنّ 2011 م.
44 -
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون - للبغدادي، إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم الباباني - بيروت، دار صادر 1399 هـ.
(ب)
45 -
بدائع الزهور في وقائع الدهور، لابن آياس، محمد بن أحمد (ت 930 هـ.) - تحقيق محمد مصطفى زيادة - فسبادن - فانز شتاينر (جمعية المستشرقين الألمان) القاهرة، مطبعة دار إحياء الكتب العربية 1395 هـ./
46 -
البداية والنهاية في التاريخ، لابن كثير، إسماعيل بن عمر الدمشقي (ت 774 هـ.) بيروت والرياض، مكتبة المعارف 1966.
47 -
البدر الزاهر في نُصرة الملك الناصر - يُنسَب لابن الشحنة - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - بيروت، دار الكتاب العربي.
48 -
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، للشَوكاني، محمد بن علي بن محمد (ت 1255 هـ.) - تصحيح محمد بن محمد بن زبارة - القاهرة، مطبعة السعادة 1348 هـ. / 1929 م.
49 -
برهان الدين البقاعي المؤرّخ الموسوعي (809 - 885 هـ.) - د. عمر عبد السلام تدمري - بحث في مجلّة تاريخ العرب والعالم - بيروت، العدد 187 سنة 2000 م. (ص 9 - 24).
50 -
بُغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، للضبيّ، أحمد بن يحيى بن عميرة (ت 599 هـ.) - القاهرة، دار الكاتب العرب، مطابع سجلّ العرب 1967.
51 -
بُغية الوُعاة في طبقات اللُغَويّين والنُحاة، للسيوطي، جلال الدين، عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911 هـ.) - تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم - القاهرة - مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه 1384 هـ./ 1964 م.
52 -
البيان المُغْرِب في أخبار الأندلس والمغرب، لابن عذاري المرّاكشي (ت 706 هـ.) - بيروت، الدار العربية للكتاب 1983.
(ت)
53 -
تاج التراجم في طبقات الحنفية، لابن قطلُوبُغا، زين الدين قاسم - نشره فلوجل - ليبزغ 1862 م.
54 -
التاج المكلَّل من جواهر ومآثر الطراز الآخر والأول، للقنوجي، أبي الطيب صدّيق بن حسن - طبعة بُمْباي، الهند 1963 م.
55 -
تاريخ آداب اللغة العربية - جرجي زيدان - بيروت، دار مكتبة خياط 1967. - تاريخ ابن سباط = صِدْق الأخبار.
56 -
تاريخ ابن قاضي شهبة، تقيّ الدين أبو بكر بن أحمد الأسدي الدمشقي (ت 851 هـ. 1448/ م) - تحقيق د. عدنان درويش - طبعة المعهد العلمي الفرنسي بدمشق 1977.
57 -
تاريخ الأدب العربي، لكارل بروكلمان - ترجمة محمود فهمي حجازي - القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995.
58 -
تاريخ إربِل المسمَّى: نباهة البلد الخامل بمن ورده من الأماثل - لابن المستوفي، المبارك بن أحمد (ت 637 هـ.) - تحقيق سامي الصفار، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام 1980.
59 -
تاريخ الأزمنة، للدُوَيهي، البطريرك الماروني إسطفان (ت 1116 هـ./ 1704 م) - تحقيق الأباتي بطرس فهد - بيروت، دار لحد خاطر 1983.
60 -
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - بيروت، دار الكتاب العربي 1411 هـ. / 1991 م.
61 -
التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر - بيروت، المكتب الإسلامي 1421 هـ.
62 -
تاريخ الأمير حيدر الشهابي الغُرر الحسان في تواريخ الأزمان، للأمير حيدر أحمد - نشره نعّوم مغبغب - مصر، مطبعة السلام 1900.
63 -
تاريخ الأمير يشبُك الظاهري، لابن أجَا، محمد بن محمود بن خليل الحلبي (820 - 881 هـ.) تحقيق د. عبد القادر أحمد طليمات. القاهرة، دار الفكر العربي 1973.
64 -
تاريخ البُصروي، لعلاء الدين علي بن يوسف بن أحمد الدمشقي البُصرَوي (ت 905 هـ.) تحقيق أكرم حسن العُلبي - دمشق، دار المأمون للتراث 1408 هـ/ 1988 م.
65 -
تاريخ ابغداد مدينة السلام، للخطيب البغدادي، أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت (ت 463 هـ.) - منشورات دار الكتاب العربي، بيروت.
66 -
تاريخ بيروت والأمراء البُحتريين، لصالح بن يحيى - تحقيق فرنسيس هورس وكمال الصليبي - بيروت، دار المشرق 1967.
67 -
تاريخ حبيب السِيَر في أخبار أفراد البشر، لخواند ميرغياث الدين بن هُمام الدين الحسيني (ت 942 هـ. / 1535 م)، خيابان ناصر خسرو 1333 شمسي.
68 -
تاريخ حمص (يوميات محمد المكي بن السيد بن الحاج مكي بن الخانقاه) - تحقيق عمر نجيب العمر - دمشق، المعهد العلمي الفرنسي
للدراسات العربية 1987.
69 -
تاريخ حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه، لابن الجَزَري، أبي عبد اللَّه، محمد بن إبراهيم بن أبي بكر (ت 739 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1419 هـ./ 1998 م.
70 -
تاريخ الخلفاء للسيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911 هـ.) - تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد - مصر، مطبعة السعادة 1371 هـ. / 1952 م.
71 -
تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس، للدياربكري، حسين بن محمد بن الحسن (ت 966 هـ./ 1558 م). بيروت، دار صادر.
72 -
تاريخ دولة آل سلجوق (زبدة النُصرة ونخبة العُصرة)، للبُنداري، أبي الفتح، الفتح بن علي بن محمد الأصبهاني (ت 643 هـ. / 1245 م) - بيروت، دار الآفاق الجديدة 1978.
73 -
تاريخ الدولتين الموحّدية والحفصية، للزركشي، أبي عبد اللَّه محمد بن إبرَاهيم (ت 932 هـ.).
74 -
تاريخ روضة الصفا، لميرخواند، مير محمد بن سيد برهان الدين خوارشانده (903 هـ) - بيروز، تهران 1339 هـ.
75 -
تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور، د. عمر عبد السلام تدمري - الجز الأول، ط 2/ طرابلس، دار الإيمان، بيروت مؤسسة الرسالة 1978، الجزء الثاني - بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1981.
76 -
تاريخ العراق بين احتلالين، للعزاوي، عباس - بغداد 19350 وما بعدها.
77 -
التاريخ العربي والمؤرّخون - د. شاكر مصطفى - بيروت، دار العلم للملايين 79 - 1993.
78 -
التاريخ الغياثي، للغياث، عبد اللَّه بن فتح اللَّه البغدادي (ت بعد 901 هـ.) - نشره طارق نافع الحمداني - بغداد 1975.
79 -
تاريخ الفاخري، للأمير بدر الدين بكتاش الفاخري (ت 745 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1431 هـ./ 2010 م.
80 -
التاريخ الكبير - للبخاري، الإمام محمد بن إسماعيل (ت 256 هـ./ 870 م.) حيدرآباد الدكن - طبعة مجلس دائر المعارف العثمانية 1361 هـ.
81 -
تاريخ الكعبة المشرَّفة، لباسلامة.
82 -
تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر الدمشقي، أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة اللَّه (ت 571 هـ.) - تحقيق عمر بن عرامة العمروي - دمشق، دار الفكر 1417 هـ./ 1996 م.
83 -
تاريخ الملك الأشرف قايتباي، لمؤرّخ مجهول - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1424 هـ./ 2003 م.
84 -
تاريخ وآثار مساجد ومدارلس طرابلس في عصر المماليك - عمر عبد السلام تدمري - طرابلس، دار البلاد للطباعة والنشر 1394 هـ./ 1974 م.
85 -
تالي كتاب وَفَيات الأعيان، للصُقاعي، فضل اللَّه بن أبي الفخر (726 هـ./ 1326 م.) تحقيق جاكلين سوبليه - مطبوعات المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق 1974.
86 -
التبر المسبوك في نصيحة الملوك، للغزّالي، أبي حامد محمد بن محمد (ت 505 هـ.).
87 -
تحفة الأحباب وبغية الطلّاب في الخطط والمزارات والتراجم والبقاع المباركات - للسخاوي، محمد بن عبد الرحمن (ت 902 هـ./ 1496 م.) - القاهرة، الطبعة الأزهرية 1302 هـ./ 1884 م. (على هامش: نفح الطيب).
88 -
تحفة الألباب، للغرناطي، أبي حامد - نشره فران - باريس 1925.
89 -
التحفة السنيّة بأسماء البلاد المصرية، لابن الجيعان، شرف الدين يحيى بن شاكر (ت 885 هـ. / 1480 م.) - القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية 1974.
90 -
تحفة الظُرفا في مناقب الملوك والخلفا، لتاج الملوك الحلبي، جلال الدين النوري (ملحق بمنتخبات من حوادث الدهور) نشره وليم بوبر - طبعة لوس أنجلوس 1942.
91 -
تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين، للشرقاوي، عبد الله - مصر، مطبوعات عبد الحميد أحمد حنفي 1368 هـ. (على
هامش فتوح الشام، للواقدي).
92 -
تخريج الكشاف، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ.) نقلًا عن الألباني، ناصر الدين.
93 -
تذكرة الحفّاظ، للذهبي (ت 748 هـ.) - طبعة حيدراباد 1333 هـ ـ
94 -
تذكرة الشعراء، لدولتشاه بن علاء الدولة بختيشاه - نشره إدوارد براون انكليسي - ليدن 1910.
95 -
تذكرة النبيه في أيام الملك المنصور وبنيه، لابن حبيب الحلبي (ت 779 هـ.) - تحقيق محمد محمد أمين - القاهرة، طبعة الهيئة المصرية العامّة للكتاب 1976.
96 -
ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عَيّاض، أبي الفضل عياض بن موسى اليحصُبي (ت 544 هـ./ 1149.) - تحقيق د. أحمد بكير محمود - بيروت، دار مكتبة الحياة، وطرابلس - ليبيا، دار مكتبة الفكر (لا. ت.).
97 -
التشوّف إلى رجال التصوّف، للتادلي.
98 -
التعريف بالمؤرّخين، في عهد المغول والتركمان، للعزاوي، عباس - بغداد، شركة التجارة والطباعة 1957.
99 -
تقويم البلدان، لأبي الفِداء صاحب حماة (ت 732 هـ.) - تحقيق رينو والبارون دي سلان - باريس 1940 م.
100 -
التقييد لمعرفة رُواة السُنن والمسانيد، لابن نقطة، أبي بكر محمد بن عبد الغني (ت 629 هـ.) - تحقيق كمال يوسف الحوت، بيروت، دار الكتب العلمية 1408 هـ. / 1988 م.
101 -
تكملة الإكمال، لابن نقطة، محمد بن عبد الغني، أبي بكر (ت 629 هـ.) - تحقيق د. عبد القيوم عبد رب النبي - مكة المكرّمة، منشورات جامعة أم القرى 1408 هـ. / 1987 م.
102 -
التكملة لكتاب الصلة، لابن الأبّار، أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن أبي بكر القُضاعي (ت 658 هـ.).
103 -
التمهيد لِما في الموطّأ من المعاني والأسانيد، لابن عبد البَرّ، أبي عمر، يوسف بن عبد اللَّه (ت 463 هـ.) - تحقيق جماعة من العلماء 1387 هـ.
1401 م. - المغرب.
{ث}
104 -
الثقات، لابن حبّان، محمد بن حبّان بن أحمد، أبي حاتم البُسْتي (ت 354 هـ./ 965 م.) - الهند، حيدراباد، مطبوعات دائرة المعارف العثمانية 1393 هـ. / 1973 م.
{ج}
105 -
جامع الأصول من أحاديث الرسول، لابن الأثير، محب الدين، المبارك بن محمد الجزري (ت 606 هـ. / 1209 م.) - تحقيق عبد القادر الأرنؤوط - دمشق، مكتبة الحلواني 1389 هـ. / 1970 م.
106 -
جامع الشروح والحواشي - عبد اللَّه محمد الحبشي - أبو ظبي، المجمّع الثقافي 1427 هـ. / 2006 م.
107 -
جامع كرامات الأولياء، للنبهاني، يوسف بن إسماعيل (ت 1350 هـ./ 1931 م.) - تصحيح محمد الزهري الغمراوي - حضرموت، القاهرة، مطبعة دار الكتب العربية الكبرى 1324 هـ. / 1906 م.
108 -
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، للحُميدي، محمد بن فَتّوح بن عبد اللَّه (ت 488 هـ. / 1095 م.) - طبعة الدار المصرية بالقاهرة 1966.
109 -
الجغرافية، للزهري - تحقيق محمد حاج صادق - دمشق 1968.
110 -
الجواهر المُضِيّة في طبقات الحنفية، لابن أبي الوفا القُرشي أبي محمد عبد القادر (ت 738 هـ. / 1373 م.) - تحقيق عبد الفتاح مصطفى الحلو - القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي 1978.
111 -
الجوهر الثمين في سِيَر الملوك والسلاطين، لابن دُقماق، إبراهيم بن محمد بن أيدمر العلائي (ت 809 هـ. / 1407 م.) - تحقيق د. محمد كمال الدين عز الدين علي - بيروت، عالم الكتب 1405 هـ. / 1985 م.
112 -
الجوهر المنَضَّد في طبقات متأخّري أصحاب أحمد، لابن المبرد، يوسف بن الحسين بن عبد الهادي (ت 909 هـ.) - تحقيق د. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين - مكة المكرّمة، جامعة أم القرى - منشورات مكتبة الخانجي بالقاهرة 1407 هـ. / 1987 م.
{ح}
113 -
حدائق الياسمين في مصطلح قوانين الخلفاء والسلاطين، لابن كنان، محمد بن عيسى بن محمود (ت 1153 هـ. / 1740 م.) - تحقيق عباس صبّاغ - بيروت، دار النفائس 1412 هـ .. / 1991 م.
114 -
حُسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، للسيوطي - مطبعة السعادة بالقاهرة 1324 هـ./ 1906 م.
115 -
الحُلَل السُنْدُسيّة في الأخبار التونسية، للوزير الأندلسي السراج، محمد بن محمد (ت 1119 هـ.) - تونس، الدار التونسية للنشر 1970.
116 -
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نُعَيم الأصبهاني، أحمد بن عبد اللَّه (ت 430 هـ./ 1038 م.) - بيروت، دار الكتاب العربي.
117 -
الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة، لابن الفُوَطي، كمال الدين أبي الفضل عبد الرزاق بن أحمد (723 هـ./ 1323 م.) - تحقيق مصطفى جواد - بغداد، المكتبة العربية 1351 هـ.
118 -
حوادث دمشق اليومية من مفاكهة الخلّان، لابن طولون الدمشقي - تحقيق أحمد أيبش - دمشق، دار الأوائل 2002.
119 -
حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، لابن تغري بردي، أبي المحاسن، يوسف بن عبد اللَّه (ت 874 هـ. / 1470 م.) - نشر بعناية وليم بوبِر w.popper لندن، مطبعة جامعة كمبردج 1931 و 1932 م.
120 -
حوادث الزمان ووفيات الشيوخ والأقران، لابن الحمصي، شهاب الدين، أحمد بن عمر (ت 934 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية (1419 هـ./ 1999 م.).
121 -
الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى - عمر عبد السلام تدمري - بيروت، دار فلسطين للتأليف والترجمة 1973.
{خ}
122 -
خريدة القصر وجريدة العصر، للعماد الأصفهاني، محمد بن محمد (ت 597 هـ. / 1201 م.) - قسم شعراء الشام - تحقيق شكري فيصل - دمشق - طبعة المجمع العلمي العربي 1955 - 1964.
123 -
الخطط التوفيقية، لعلي مبارك - القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة التراث 2008.
{د}
124 -
دائرة المعارف الإسلامية، لجماعة مستشرقين.
125 -
دائرة معارف الأعلمي.
126 -
الدارس في تاريخ المدارس، للنُعَيمي، أبي المفاخر، عبد القادر بن محمد (ت 927 هـ. / 1521 م.) - تحقيق جعفر الحسني، دمشق، مطبوعات المجمع العلمي العربي، مطبعة الترقّي 1367 هـ. / 1948 م.
127 -
دُرّ الحَبَب في تاريخ أعيان حلب، لابن الحنبلي، رضيّ الدين، محمد بن إبراهيم بن يوسف الحلبي (ت 971 هـ.) - تحقيق محمود الفاخوري ويحيى عبّارة - دمشق، وزارة الثقافة والإرشاد القومي 1972.
128 -
دُرَر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة، للمقريزي، أحمد بن علي (ت 845 هـ.) - تحقيق محمد عثمان - بيروت، دار الكتب العلمية 2009.
129 -
الدُرَر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي (ت 852 هـ.) - تحقيق محمد سيد جاد الحق - القاهرة، مطبعة المدني 1385 هـ./ 1966.
130 -
الدرّ المنتَخَب في تاريخ مملكة حلب، لابن خطيب الناصرية - تحقيق عبد اللَّه محمد الدرويش - دمشق، دار الكتاب العربي 1404 هـ./ 1984 م.
131 -
الدرّ المُنَضَّد في ذِكر أصحاب الإمام أحمد، للعُلَيمي، مجير الدين، عبد الرحمن بن محمد الحنبلي (ت 928 هـ. / 1522 م.) - تحقيق عبد الرحمن بن سليمان العثيمين - مكتبة التوبة 1992.
132 -
الدليل الشافي على المنهل الصافي، لابن تغري بردي (ت 874 هـ.) - تحقيق فهيم محمد علوي شلتوت. - دار الكتب المصرية 1998.
133 -
دول الإسلام، للذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ.) - تحقيق فهيم محمد علوي شلتوت، ومحمد مصطفى إبراهيم - القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974.
134 -
ديار بكريّة، لأبي بكر طهراني - تصحيح نجاتي لوغال وفاروق سومر - أنقرة 1962.
135 -
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لابن فرحون، إبراهيم بن علي المالكي (ت 799 هـ./ 1396 م.) - مطبعة السعادة بمصر 1329 هـ.
136 -
ديوان أبي نواس - تحقيق أحمد عبد المجيد الغزالي - بيروت، دار الكتاب العربي.
137 -
ديوان الإسلام، لابن الغزّي، شمس الدين، أبي المعالي، محمد بن عبد الرحمن (ت 1167 هـ ـ) - تحقيق سيد كسروي حسن - بيروت، دار الكتب العلمية 1411 هـ. / 1990 م.
{ذ}
138 -
ذيل إعلام الورى، لابن طولون الدمشقي (ملحق في آخر: إعلام الورى).
139 -
ذيل تاريخ الأدب العربي، لكارل بروكلمان.
140 -
ذيل تاريخ الإسلام، للذهبي، شمس الدين، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - بيروت، دار الكتاب العربي 1424 هـ. / 2004 م.
141 -
الذيل التامّ على دول الإسلام، للسخاوي، محمد بن عبد الرحمن (ت 902 هـ. / 1496 م.) - تحقيق حسن إسماعيل مروة ومحمود الأرناؤوط - الكويت، مكتبة دار العروبة 1992.
142 -
ذيل التقييد في رُواة السنن والأسانيد، للقاضي الفاسي المكي، محمد بن أحمد (ت 833 هـ. / 1429 م.) - تحقيق كمال يوسف الحوت، بيروت، دار الكتب العلمية 1990.
143 -
ذيل ثمرات الأوراق في المحاضرات، لابن حجّة الحموي، أبي بكر بن علي بن عبد اللَّه (ت 837 هـ. 1434 م.) - تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم - القاهرة، مكتبة الخانجي، مطبعة السُنّة المحمدية 1971.
144 -
ذيل الدُرَر الكامنة في أعيان المئة الثامنة، لابن حجر العسقلاني (ت 752 هـ.) - تحقيق د. عدنان درويش. القاهرة، معهد المخطوطات العربية 1992.
145 -
الذيل على رفع الإصر عن قضاة مصر (بغية العلماء والرواة)، للسخاوي (ت 902 هـ.) - تحقيق جودة هلال ومحمد محمود صبح، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2000.
146 -
ذيل العِبَر في خبر من غبر، للذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ.) - تحقيق محمد رشاد عبد المطّلب، مراجعة صلاح الدين المنجد وعبد الستار أحمد فراج، وزارة الإرشاد والأنباء بالكويت.
147 -
ذيل معجم شيوخ ابن فهد، ملحق بمعجم شيوخه.
148 -
الذيل والتكملة لكتابيَ الموصول والصلة، للمرّاكشي ابن عبد الملك، محمد بن محمد بن سعيد (ت 703 هـ./1303 م.) - تحقيق إحسان عباس - بيروت، دار الثقافة 1965.
{ر}
149 -
الردّ الوافر، لابن ناصر الدين الدمشقي - تحقيق زهير الشاويش - بيروت، المكتب الإسلامي 1393 هـ.
150 -
الرسالة القُشيرية في علوم التصوّف، للقُشَيري، أبي القاسم، عبد الكريم بن هوازن (ت 465 هـ. / 1072 م.) - القاهرة، مكتبة محمد علي صبيح 1966.
151 -
الرسالة المستَطْرَفَة لبيان مشهور كتب السُّنّة المشرَّفة، للكتّاني، السيد الشريف محمد جعفر - تحقيق محمد المنتصر الكتاني - دمشق، مطبعة دار الفكر 1964.
152 -
رفع الإصر عن قضاة مصر، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ.) - تحقيق حامد عبد المجيد وآخرين، القاهرة، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية 1957 - 1961.
153 -
روضات الجنّات، للخوانساري، محمد باقر بن زين العابدين بن جعفر الموسوي (ت 1313 هـ. / 1895 م.) - تحقيق أسد اللَّه إسماعيليان، قُمّ، مكتبة إسماعيليان 1391 هـ.
154 -
الروضتين في أخبار الدولتين، لأبي شامة المقدسي، عبد الرحمن بن إسماعيل (ت 665 هـ. / 1267 م.) تحقيق د. محمد حلمي محمد أحمد القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1956.
155 -
الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، لبدر الدين العَيني (ت 855 هـ.) - تحقيق
د. هانس أرنست - مصر، دار إحياء الكتب العربية 1962.
156 -
الروض المعطار في خبر الأقطار، للحِمْيَري، محمد بن عبد المنعم (ت 900 هـ./ 1495 م.) - تحقيق إحسان عباس، بيروت، منشورات مكتبة لبنان 1975.
157 -
رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهّادهم ونُسّاكهم وسِيَر من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم، للمالكي، أبي بكر عبد اللَّه بن محمد (ت بعد 464 هـ.) - تحقيق حسين مؤنس - مصر، مكتبة النهضة المصرية 1951.
{ز}
158 -
زبدة الآثار الجليّة في الحوادث الأرضية، لابن خير اللَّه العُمري، ياسين - تحقيق عماد عبد السلام رؤوف - مطبعة الآداب بالنجف 1974.
159 -
زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، للظاهري، خليل بن شاهين (ت 873 هـ.) - تحقيق د. عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت 1433 هـ./ 2011 م.
160 -
الزهد الكبير، للبيهقي، إبراهيم بن محمد (كان حيًا قبل 320 هـ./ 932 م.) - تحقيق تقي الدين الندوي، أبو ظبي، لجنة التراث والتاريخ، المطبعة العصرية ومكتبتها 1401 هـ. / 1981 م.
{س}
161 -
السُحُب الوابلة على ضرائح الحنابلة، للنجدي، محمد بن عبد اللَّه بن حُمَيد (ت 1295 هـ.) - منشورات مكتبة الإمام أحمد 1409 هـ./ 1989 م.
162 -
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، للألباني، محمد ناصر الدين - بيروت 1392 هـ.
163 -
السلوك لمعرفة دول الملوك، للمقريزي (ت 845 هـ.) - تحقيق سعيد عبد الفتاح عاشور، مصر، الهيئة العامة للكتاب 1973.
164 -
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس فيمن أخبر من العلماء والصُلَحاء بفاس، للكتّاني، محمد بن جعفر بن إدريس بن محمد الزمزمي (ت 1345 هـ./ 1927 م.).
165 -
سِمْط النجوم العَوَالي في أنباء الأوائل والتوالي، للعصامي، عبد الملك بن حسين المكي (ت 1111 هـ. / 1699 م.) القاهرة، المطبعة السلفية 1380 هـ.
166 -
سُنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي (ت 275 هـ.) - مراجعة محمد محيي الدين عبد الحميد - دار الفكر (لا. ت.) بيروت.
167 -
سُنن الترمذي (الجامع الصحيح)، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279 هـ.) - تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف - بيروت، دار الفكر.
168 -
السيد أحمد البدوي، للدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور.
169 -
السيد البدوي، لمحمد فهمي عبد اللطيف.
170 -
سِيَر أعلام النبلاء، للذهبي، شمس الدين، محمد بن أحمد بن عثمان (748 هـ.) - تحقيق جماعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرناؤط - بيروت، مؤسسة الرسالة 1981.
171 -
السيف المهنّد في سيرة الملك المؤيَّد، لبدر الدين العَيْني (ت 855 هـ.) - تحقيق فهيم محمد شلتوت - القاهرة 1967.
{ش}
172 -
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمخلوف، محمد بن محمد، مصورّة دار الكتاب العربي بيروت عن الطبعة السلفية بمصر 1349 هـ.
173 -
شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي، أبي الفلاح عبد الحيّ (ت 1089 هـ.) - منشورات دار الآفاق الجديدة ببيروت (لا. ت.).
174 -
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، لقاضي مكة الفاسي، تقيّ الدين، محمد بن أحمد بن علي المالكي (ت 832 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - بيروت، دار الكتاب العربي 1405 هـ./ 1985 م.
{ص}
175 -
صُبْح الأعشى في صناعة الإنشا، للقلقشندي، أبي العباس، أحمد بن علي
(ت 821 هـ. / 1418 م.) القاهرة، دار الكتب المصرية 1963.
176 -
صحائف الأخبار، لمنجم باشي، أحمد بن لطف اللَّه المولوي - مطبعة عامره.
177 -
صحيح البُخاري، للإمام أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم (ت 256 هـ.) - بيروت، دار الفكر 1401 هـ. / 1981 م.
178 -
صحيح مسلم، للإمام أبي الحسين مسلم بن الحَجَاج القُشَيري النيسابوري (ت 261 هـ.) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي - بيروت، دار إحياء التراث العربي (لا. ت.).
179 -
صِدْق الأخبار (المعروف بتاريخ ابن سباط) لحمزة بن أحمد بن عمر (بعد 926 هـ. / 1520 م.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - طرابلس، دار جرّوس برس 1412 هـ. / 1993 م.
180 -
صفحات لم تُنشَر من بدائع الزهور، لابن آياس (ت 930 هـ.) - مصر، طبعة دار المعارف 1963.
181 -
صفة جزيرة الأندلس، منتَخَبة من (الروض المعطار، للحِمْيَري) مع الترجمة الفرنسية، لليفي بروفنسال - القاهرة 1937.
{ض}
182 -
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، للسَخَاوي، شمس الدين، أبي الخير، محمد بن عبد الرحمن (ت 902 هـ. / 1497 م.) - القاهرة 1914.
{ط}
183 -
طبقات الأولياء، لابن الملقّن، سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد المصري (ت 804 هـ.) تحقيق نور الدين شريبة - بيروت، دار المعرفة 1406 هـ. / 1986 م.
184 -
الطبقات السنيّة في تراجم الحنفية، للغزّي، تقيّ الدين بن عبد القادر التميمى الداري المصري (ت 1005 هـ.) تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو - منشورات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة 1390 هـ. / 1970 م.
185 -
طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة، أبي بكر بن أحمد بن محمد بن عمر الدمشقي (ت 851 هـ. 1448/ م.) تحقيق د. الحافظ عبد العليم خان - بيروت، دار الندوة الجديدة 1407 هـ. / 1987 م.
186 -
طبقات الصوفية، للسلمي، أبي عبد الرحمن (ت 412 هـ.) - تحقيق نور الدين شريبة - القاهرة، مكتبة الخانجي 1969.
187 -
طبقات علماء إفريقية، للخشني، محمد بن حارث القيرواني (ت 361 هـ.) تحقيق محمد بن أبي شنب، الجزائر 1915.
188 -
طبقات علماء إفريقية وتونس، لأبي العرب، محمد بن أحمد بن تميم (ت 333 هـ.) - تحقيق محمد بن أبي شنب - الجزائر 1915.
189 -
طبقات الفقهاء، للشيرازي، أبي إسحاق الشافعي (ت 476 هـ.) - نشره د. إحسان عباس - بيروت 1970.
190 -
الطبقات الكبرى (المسمّى: لواقح الأنوار في طبقات الأخيار)، للشعراني، أبي المواهب، عبد الوهاب بن أحمد بن علي الأنصاري الشافعي المصري - القاهرة، طبعة البابي الحلبي 1954.
191 -
طبقات المفسّرين، للداودي، محمد بن علي بن أحمد (ت 945 هـ.) نشره علي محمد عمر، القاهرة 1972.
{ع}
192 -
العِبَر في خبر من غبر، للذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ.) - تحقيق فؤاد سيد، طبعة الكويت 1961.
193 -
العراك بين المماليك والأتراك (أو تاريخ السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد/ خان مع قانصوه الغوري) لابن زُنْبُل، أحمد بن علي الرمّال (ت 980 هـ./ 1562 م.) - تحقيق عبد المنعم عامر - القاهرة 1962.
194 -
عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي - لمحمود رزق سليم.
195 -
العِقْد الثمين في تاريخ البلد الأمين، لقاضي مكة الفاسي، محمد بن أحمد المكي (ت 832 هـ. / 1429 م.) - تحقيق فؤاد سيد وآخرين - بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 2/ بيروت 1985.
196 -
عِقْد الجمان في تاريخ أهل الزمان، لبدر الدين العَيْني
(ت 855 هـ.) - تحقيق محمد محمد أمين - القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1989.
197 -
العِقد الفريد، لابن عبد ربّه، أحمد بن محمد الأندلسي (ت 328 هـ./ 940 م.) - تحقيق أحمد أمين، وزميليه - بيروت، دار الكتاب العربي 1411 هـ./1991.
198 -
عِلم التاريخ عند المسلمين، لفرانز روزنثال، ترجمة صالح أحمد العلي - بغداد، طبعة مكتبة المثنّى 1963.
199 -
عنوان الدراية - في تاريخ بجاية، لابن أعلم.
200 -
عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والأقران، للبقاعي، برهان الدين إبراهيم بن عمر (ت 885 هـ.) - تحقيق د. حسن حبشي - طبعة دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة 1422 هـ./ 2001 م.
201 -
عنوان العنوان بتجريد أسماء الشيوخ والأقران، للبقاعي، برهان الدين
…
- تحقيق د. حسن حبشي - دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة.
{ف}
202 -
فهرست الخديوية - القاهرة 1306 - 1309 هـ.
203 -
الفهرس التمهيدي للمخطوطات المصوّرة بمعهد المخطوطات العربية (التاريخ) القاهرة 1390 هـ./ 1970 م.
204 -
فهرست وثائق القاهرة، د. محمد محمد أمين - نشره المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة 1981.
205 -
الفهرس الشامل للتراث العربي - منشورات مؤسسة آل البيت بالأردنّ.
206 -
فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشايخ والمسلسلات، للإدريسي الكتّاني الفاسي - تحقيق د. إحسان عباس - بيروت 1982.
207 -
فهرس مخطوطات الحديث بالظاهرية، للألباني، محمد ناصر الدين - دمشق 1970.
208 -
فهرس مخطوطات الطب الإسلامي، لرمضان ششن - تركيا.
209 -
فهرس مخطوطات الطب الإسلامي في المكتبة الوطنية لعلم
الطب - أميركا.
210 -
فهرس المخطوطات العربية المصوّرة بمركز المخطوطات والوثائق - الجامعة الأردنية - إعداد. د. محمد عدنان البخيت، نوفان رجا الحمود، وفالح صالح حسين - عمّان 1406 هـ. / 1986 م.
211 -
فهرس المخطوطات المصوّرة بدار الكتب المصرية، لفؤاد سيد 1926 - 1934.
212 -
فهرس المخطوطات المصوّرة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، لفؤاد سيد 1960 و 1390 هـ. / 1970 م.
213 -
فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة في الموصل - سالم عبد الرزاق، العراق، منشورات وزارة الأوقاف 1402 هـ./ 1982 م.
214 -
فهرس المخطوطات بالمكتبة الظاهرية بدمشق، ليوسف العشّ (التاريخ وملحقاته) - 1366 هـ./ 1947 م.
215 -
فهرس معهد المخطوطات العربية بالقاهرة - الجزء الثاني.
216 -
فهرسة ما رواه عن شيوخه، لابن خير الإشبيلي، أبي بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة (ت 575 هـ.) - نشره فرنسشكه قداره زيدين وخليان رباره طرغوه - طبعة سرقسْطة 1893 تصوير دار الآفاق الجديدة، بيروت 1979.
217 -
الفوائد البهيّة في تراجم الحنفية، للكنوي، محمد بن عبد الحيّ الهندي (ت 1304 هـ. 1887/ م.) - تصحيح محمد بدر الدين - القاهرة 1324 هـ.
218 -
فوات الوفيات، لابن شاكر الكتبي (ت 764 هـ.) - تحقيق د. إحسان عباس - بيروت، دار الثقافة 1973 - 1977.
{ق}
219 -
القاموس الإسلامي، لأحمد عطيّة الله - القاهرة، مكتبة النهضة المصرية 1383 - 1400 هـ.
220 -
القاموس الجغرافي، لرمزي.
221 -
قاموس المدن المصرية.
222 -
القبس الحاوي لغُرَر ضوء السخاوي، للشمّاع، عمر بن أحمد بن علي (ت 936 هـ.) - تحقيق حسن إسماعيل مروة وخلدون حسن مروة - وخرّج أحاديثه محمود الأرناؤوط - بيروت، دار صادر 1998.
223 -
قُضاة دمشق (الثغر البسّام في ذِكر من وُلّي قضاء دمشق الشام)، لابن طولون الدمشقي، شمس الدين محمد بن علي الصالحي (ت 953 هـ./ 1546 م.) - تحقيق صلاح الدين المنجّد - دمشق، منشورات مجمع اللغة العربية 1956.
224 -
قُضاة قُرطُبة، للخشني، أبي عبد اللَّه محمد بن حارث بن أسد القيرواني (ت 366 هـ./ 976 م.) - تحقيق إبراهيم الأبياري، الدار المصرية للتأليف والترجمة 1966.
225 -
القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، لابن طولون الصالحي الدمشقي (ت 953 هـ.) - تحقيق محمد أحمد دهمان - دمشق، مكتب الدراسات الإسلامية 1949 - 1956.
226 -
القول المستظْرَف في سفر مولانا الملك الأشرف (أو رحلة قايتباي إلى بلاد الشام) - لابن الجَيْعان، بدر الدين، أبي البقاء، محمد بن يحيى بن شاكر بن عبد الغني (ت 902 هـ.) تحقيق عمر عبد السلام تدمري - طرابلس، دار جرّوس برس 1948.
{ك}
227 -
الكامل في التاريخ، لابن الأثير، عزّ الدين، أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني (ت 630 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - بيروت، دار الكتاب العربي 1417 هـ./ 1997 م.
228 -
الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات، للدكتور أيمن فؤاد سيد - القاهرة الدار المصرية اللبنانية 1997.
229 -
كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة، للسيوطي (ت 911 هـ.) - تحقيق محمد كمال الدين عزّ الدين - بيروت، عالم الكتب 1986.
230 -
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجّي خليفة، مصطفى بن عبد اللَّه (ت 1067 هـ.) - طبعة استامبول 1941.
231 -
الكواكب السائرة بمناقب أعيان المائة العاشرة - للغزّي، محمد بن
محمد بن محمد (ت 1061 هـ.) - تحقيق جبرائيل سليمان جبّور - بيروت 1945.
{ل}
232 -
اللُّباب في تهذيب الأنساب، لابن الأثير (ت 630 هـ.) بيروت، دار صادر.
233 -
لُبّ التواريخ، للقزويني، يحيى بن عبد اللطيف - يمني 1314 هـ.
234 -
لحظ الألحاظ، لابن فهد الهاشمي - دمشق 1347 هـ.
235 -
لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ.) - حيدراباد 1329 هـ.
236 -
لطائف أخبار الأوُل فيمن تصرّف في مصر من الدول، للإسحاقي، محمد عبد المعطي بن أبي الفتح بن أحمد بن عبد الغنى - القاهرة 1311 هـ.
{م}
237 -
مآثر الإنافة في معالم الخلافة، للقلقشندي، أحمد بن علي (ت 821 هـ./ 1418 م.) - تحقيق عبد الستار أحمد فرّاج - القاهرة، عالم الكتب (لا. ت.).
238 -
متعة الأذهان من التمتّع بالإقران بين تراجم الشيوخ والأقران، لابن طولون الدمشقي وابن المبرّد الحنبلي (ت 909 هـ. / 1503 م.) بانتقاء ابن الملّا الحصكفي (ت 1003 هـ. / 1595 م.) تحقيق صلاح الدين خليل الشيباني الموصلي، بيروت، دار صادر 1999.
239 -
مجلّة آفاق الثقافة والتراث - خير اللَّه الشريف، دُبيّ، مركز جمعة الماجد 1316 هـ. / 1995 م.
240 -
مجلّة حوليّات كليّة دار العلوم بجامعة القاهرة - دراسة للدكتور محمد محمد عامر - العدد الثامن - القاهرة 1977، 1978.
241 -
مجمّع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر (ت 807 هـ.) - منشورات دار الكتاب العربي، بيروت، ط 3/ 1402 هـ./ 1982 م.
242 -
المجمّع المفنَّن بالمعجَم المُعَنْوَن، لعبد الباسط بن خليل بن شاهين الحنفي (ت 920 هـ.) تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت،
المكتبة العصرية 1433 هـ./ 2011 م.
243 -
المَجْمَع المؤسّس للمعجَم المفَهرس، لابن حجر العسقلاني (852 هـ.) - تحقيق د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي - بيروت، دار المعرفة 1415 هـ. / 1994 م.
244 -
المجموع من المنتَخَب المنثور في أخبار الشيوخ بدمشق وصور، للأرمنازي الصوري، غيث بن علي (ت 509.) تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1423 هـ. / 2002 م.
245 -
المِحَن، لأبي العرب، محمد بن أحمد بن تميم (ت 333 هـ.) - تحقيق يحيى الجبوري - بيروت، دار الغرب الإسلامي 1403 هـ.
246 -
مختارات من المخطوطات العربية النادرة في مكتبات تركيا - رمضان ششن - منشورات وقف إيسار باستانبول 1997.
247 -
مخطوطات الخزانة الألوسية في مكتبة المتحف العراقي، أسامة ناصر النقشبندي - مجلّة المورد، بغداد 1395 هـ. / 1975 م.
248 -
مخطوطات خزانة الشيخ بدر الدين الحَسَني - محمد رياض المالح - مجلّة المورد، بغداد 1397 هـ. / 1977 م.
249 -
المخطوطات العربية في مكتبة باريس الوطنية - ترتيب د. هادي حسن حمّودي - بيروت، دار الآفاق الجديدة 1986.
250 -
المخطوطات العربية في مكتبة محمد باشا كوبريلي فى استانبول - حكمت رحماني - مجلّة المورد، بغداد 1397 هـ. / 1976 م.
251 -
مخطوطات المجمع العلمي العراقي - دراسة وفهرسة ميخائيل عوّاد - منشورات المجمع العلمي العراقي، بغداد 1399 هـ./ 1979 م.
252 -
المخطوطات الموقعة (توقيعات البقاعي) - بحث د. محمد حسّان الطيّان - المؤتمر الدولي الثاني بمكتبة الإسكندرية 2008.
253 -
مداخلات في علم الدبلوماتيك العربي - د. جمال الخولي - الإسكندرية، دار الثقافة العلمية 2000 م.
254 -
مدرسة الحديث في القيروان - الحسين بن محمد شواط، الرياض، الدار العالمية للكتاب الإسلامي 1411 هـ.
255 -
مرآة الجنان وعِبرة اليقظان، لليافعي، أبي محمد عبد اللَّه بن أسعد
(ت 768 هـ./ 1366 م.) حيدرآباد الدكن، مطبعة دائر المعارف العثمانية 1337 هـ./1339 م.
256 -
مرآة الزمان في تاريخ الأعيان، لسِبط ابن الجوزي، يوسف بن قزغلو (ت 654 هـ./ 1256 م.) - بيروت، دار الكتب العلمية 1992.
257 -
المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفُتْيا، للنُباهي، علي بن عبد اللَّه الأندلسي (كان حيًّا سنة 788 هـ.) - بيروت، المكتب التجاري.
258 -
المستدرك على الصحيحين في الحديث، للحاكم النيسابوري، أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن حمدويه (ت 405 هـ. / 1014 م.) - بيروت، دار الكتاب العربي، مؤسسة جواد للطباعة والنشر (لا. ت.).
259 -
المستدرك على المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع (المستدرك الأول على الجزء الثاني) صنعة عمر عبد السلام تدمري - منشورات معهد المخطوطات العربية بالقاهرة 1997.
260 -
المشتبه في الرجال، أسمائهم، وأنسابهم، للذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ./ 1348 م.) - تحقيق علي محمد البجاوي - القاهرة، دار إحياء الكتب العربية 1962.
261 -
المستشرقون، نجيب عقيقي - مصر، دار المعارف 1964.
262 -
مُسنَد الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ./ 855 م.) بيروت، المكتب الإسلامي - ط 4/ 1403 هـ. / 1983 م.
263 -
مُسنَد الحُمَيْدي، الإمام أبو بكر عبد اللَّه بن الزبير (ت 219 هـ.) - نشره حبيب الرحمن الأعظمي - بيروت، عالم الكتب، بغداد، مكتبة المثنَّى 1381 هـ.
264 -
مُسنَد الشهاب - للقُضاعي، أبي عبد اللَّه محمد بن سلامة (ت 454 هـ.) - تحقيق حمد عبد المجيد السلفي - بيروت، مؤسسة الرسالة 1405 هـ. / 1985 م.
265 -
مُسنَد الفِردوس - للديلمي، أبي منصور شهر دار بن شيرويه (في كتاب فردوس الأخبار، له)(ت 509 هـ.) تحقيق فواز أحمد الزمرلي ومحمد المعتصم باللَّه البغدادي - بيروت، دار الكتاب العربي 1407 هـ. / 1987 م.
266 -
مشيخة قاضي القضاة، لابن جماعة، بدر الدين، أبي عبد اللَّه محمد بن إبراهيم (ت 733 هـ. / 1333 م.) تحقيق د. موفق بن عبد اللَّه بن
عبد القادر - بيروت، دار الغرب الإسلامي 1408 هـ. 1988 م.
267 -
مصادر التراث العسكري عند العرب - كوركيس عوّاد - بغداد، منشورات المجمع العلمي العراقي 1981.
268 -
المُطْرب من أشعار أهل المغرب، لابن دحية، أبي الخطاب عمر بن حسن (ت 633 هـ. / 1235 م.) - تحقيق إبراهيم الأبياري وآخرين، القاهرة، المطبعة الأميرية 1954.
269 -
معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، للدبّاغ، عبد الرحمن بن محمد الأنصاري (ت 696 هـ.) - مصر، مكتبة الخانجي، تونس، المكتبة العتيقة 1388 هـ. أكمله أبو القاسم بن عيسى بن ناجي (ت 839 هـ.).
270 -
المعتَمَد في الأدوية المفرَدَة، للملك الأشرف الغسّاني، يوسف بن عمر بن علي بن رسول صاحب اليمن (ت 695 هـ.).
271 -
معجم البلدان، لياقوت الحموي، ياقوت بن عبد اللَّه الرومي (ت 626 هـ. / 1228 م.) - بيروت، دار صادر 1955 - 1957.
272 -
معجم الدراسات القرآنية المطبوعة والمخطوطة - ابتسام مرهون الصفّار - بغداد، مجلّة المورد 1402 هـ.
273 -
المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع - محمد عيسى صالحية - منشورات معهد المخطوطات العربية بالقاهرة 1992 - 1995.
274 -
معجم الشيوخ، لابن فهد المكي، عمر بن فهد الهاشمي (ت هـ 88 هـ.) تحقيق محمد الزاهي - راجعه حمد الجاسر، المملكة العربية السعودية، منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر (لا. ت.).
275 -
معجم ما استُعجم من أسماء البلاد والمواضع، للبكري، الوزير أبي عبيد، عبد اللَّه بن عبد العزيز البكري الأندلسي (ت 487 هـ. / 1094 م.) تحقيق مصطفى السقا - بيروت، عالم الكتب 1983.
276 -
معجم المصطلحات والألقاب التاريخية - مصطفى عبد الكريم الخطيب، بيروت، مؤسسة الرسالة 1416 هـ. / 1996 م.
277 -
معجم المصنّفين، للتونْكي، محمود حسن - بيروت 1344 هـ./ 1924 م.
278 -
معجم المطبوعات العربية والمعزَّبة، يوسف إليان سركيس - مصر، مطبعة
سركيس 1928.
279 -
معجم المؤرّخين الدمشقيّين في العهد العثماني - د. صلاح الدين المنجّد - بيروت 1964.
280 -
معجم الموضوعات المطروقة في التأليف الإسلامي وبيان ما أُلِّف فيها - عبد اللَّه بن محمد الحبشي - أبو ظبي، المجمّع الثقافي.
281 -
معجم المؤلّفين، لكحّالة، عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني - دمشق، مطبعة الترقّي 57 - 1961.
282 -
المعين في طبقات المحدّثين، للذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ./1347 م.) تحقيق د. همّام عبد الرحيم سعيد - عمّان، دار الفرقان 1404 هـ./ 1984 م.
283 -
المُغْرِب في حُلَى المَغرِب - مؤلّف مجهول - تحقيق د. شوقي ضيف - مصر 1964.
284 -
مفاكهة الخِلّان في حوادث الزمان، لابن طولون، شمس الدين محمد (ت 953 هـ.) تحقيق محمد مصطفى - القاهرة 1962.
285 -
مفتاح السعادة ومصباح السيادة، لطاش كُبري زاده، أحمد بن مصطفى - حيدراباد 1328 هـ.
286 -
المقاصد الحسنة في كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسِنة، للسخاوي، محمد بن عبد الرحمن (ت 902 هـ.) - تحقيق عبد اللَّه محمد الصدّيق وعبد الوهاب عبد اللطيف - القاهرة، مكتبة الخانجي، بغداد، مكتبة المثنّى، دار الأدب العربي للطباعة 1375 هـ. / 1956 م.
287 -
المقتفي على كتاب الروضتين، للبرزالي، علم الدين، أبي محمد، القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الإشبيلي الدمشقي (ت 739 هـ./ 1339 م.) تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1427 هـ. / 2006 م.
288 -
المقصد الأرشد في ذِكر أصحاب الإمام أحمد، لابن مفلح، برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد اللَّه (ت 884 هـ.) - تحقيق د. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين - الرياض، مكتبة الرشد 1410 هـ / 1990 م.
289 -
الملابس المملوكية - ل. أ. ماير - ترجمة صالح الشيتي - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972.
290 -
مُلحق وتكملة القواميس العربية (Supp.Dict.Ar)، رينهارت دوزي Dozy Reinhart 1884.
291 -
مملكة صفد في عهد المماليك - طه ثلجي الطراونة - بيروت، دار الآفاق الجديدة 1402 هـ. 1982 م.
292 -
منادمة الأطلال ومسامرة الخيال - للشيخ عبد القادر بدران - نشره زهير الشاويش - دمشق، المكتب الإسلامي.
293 -
منتخب الزمان في تاريخ الخلفاء والعلماء والأعيان، لابن الحريري، أحمد بن علي بن المغربي - تحقيق عبده خليفة - بيروت، دار عشتار 1993.
294 -
منتخبات من بدائع الزهور، لابن آياس - القاهرة، سلسلة كتاب الشعب.
295 -
منتخبات من حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، لابن تغري بردي، جمال الدين أبي المحاسن، يوسف (ت 874 هـ.) - نشرها وليام بوبر - كاليفورنيا 1930 و 1931.
296 -
المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور، لأبي الحسن عبد الغافر الفارسي (ت 529 هـ. / 1134 م.) - بانتخاب إبراهيم بن محمد الصريفيني - تحقيق محمد أحمد عبد العزيز - بيروت، دار الكتب العلمية 1989.
297 -
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، لابن الجوزي، أبي الفرج عبد الرحمن (ت 597 هـ. / 1201 م.) ج 5 - 10، طبعة حيدرأباد، مطبحة دائرة المعارف العثمانية 1357 هـ. و 18 جزءًا، بيروت، دار الكتب العلمية.
298 -
المنجم في المعجم (معجم شيوخ السيوطي) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ.) تحقيق إبراهيم باجس عبد المجيد - بيروت، دار ابن حزم 1415 هـ. / 1995 م.
299 -
المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، للحنبلي، مجير الدين، أبي اليُمن (ت 928 هـ.) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت، عالم الكتب 1983.
300 -
المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، لابن تغري بردي، أبي المحاسن يوسف (ت 874 هـ. / 1470 م.) تحقيق محمد محمد أمين - القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1984 - 1994.
301 -
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، للمقريزي، أحمد بن علي
(ت 845 هـ.) تحقيق أيمن فؤاد سيد - لندن، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي 1424 هـ./ 2003 م.
302 -
المؤتمر الأول لتاريخ ولاية طرابلس إبّان الحقبة العثمانية - بحث فيه لعمر عبد السلام تدمري - منشورات الجامعة اللبنانية، الفرع الثالث، كلية الآداب والعلوم الإنسانية 1995.
303 -
المؤرّخون في مصر في القرن الخامس عشر الميلادي - محمد مصطفى زيادة - القاهرة 1954.
304 -
مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة، لابن تغري بردي، يوسف (ت 874 هـ.) - القاهرة، مطبوعات دار الكتب المصرية 1997.
305 -
موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين - جماعة كثيرة من الباحثين - منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، طبعة دار الجيل، بيروت 1425 هـ. 2004/ م. - 1433 هـ. / 2010 م. (21 مجلّدًا).
306 -
موسوعة دول العالم الإسلامي ورجالها - د. شاكر مصطفى. بيروت، دار العلم للملايين 1993.
307 -
الموسوعة العربية الميسّرة، بإشراف محمد شفيق غربال - القاهرة، دار القلم، ط 1/ 1954.
308 -
موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي - عمر عبد السلام تدمري - بيروت، المركز الإسلامي للإعلام والإنماء 1404 هـ./ 1984 م. - 1414 هـ. / 1993 م.
{ن}
309 -
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لابن تغري بردي (ت 874 هـ.) تحقيق.
310 -
نزهة الأساطين فيمن ولي مصر من السلاطين، لعبد الباسط بن خليل بن شاهين (ت 920 هـ.) - تحقيق محمد كمال الدين عز الدين علي.
311 -
نزهة الناظر في سيرة الملك الناصر، لليوسفي، موسى بن محمد (ت 759 هـ./ 1358 م.) تحقيق أحمد حطيط - بيروت، عالم الكتب 1986.
312 -
النفحة المسكية في الدولة التركية - لابن دُقماق، صارم الدين، إبراهيم بن محمد بن أيدمر العلائي (ت 809 هـ.) - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1999 م.
313 -
النور السافر عن أخبار القرن العاشر، للعيدروسي، عبد القادر بن شيخ بن عبد اللَّه العيدروس الحسيني الحضرمي اليمني (ت 1038 هـ.) تحقيق محمود الأرناؤوط، وأكرم البوشي - بيروت، دار صادر 2001.
314 -
نيل الأمل في ذيل الدول، لعبد الباسط بن خليل بن شاهين (ت 920 هـ.) تحقيق عمر عبد السلام تدمري - صيدا، بيروت، المكتبة العصرية 1422 هـ 2002/ م.
{و}
315 -
الوفيات، لابن قُنْفُذ، أبي العباس، أحمد بن حسين القُسَنْطيني (ت 810 هـ./ 1407 م.) تحقيق عادل نُويَهض - بيروت، دار الآفاق الجديدة 1971.
[8]
فهرس الكتب الصادرة للدكتور تدمري تأليفًا وتحقيقًا
1 -
الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى. طبعة دار فلسطين للتأليف والترجمة: بيروت 1973 (372 صفحة).
2 -
تاريخ وآثار مساجد ومدارس طرابلس في عصر المماليك. طبعة دار البلاد للطباعة والإعلام - طرابلس 1974) (440 صفحة).
3 -
تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور. الجزء الأول (عصر الصراع العربي - البيزنطي). طبعة دار البلاد للطباعة والإعلام - طرابلس 1978 (500 صفحة) - الطبعة الأولى. الطبعة الثانية، دار الإيمان بطرابلس ومؤسسة الرسالة ببيروت 1404 هـ. / 1984 م. (733 صفحة).
4 -
تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور. الجزء الثاني (عصر دولة المماليك) طبعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1401 هـ./ 1981 م (676 صفحة).
5 -
من حديث خيثمة بن سليمان القُرشي الأطرابُلسي (250 - 343 هـ). دراسة وتحقيق 4 مخطوطات هي: الفوائد من المنتخب من حديث خيثمة - الجزء الأول - مخطوطة الظاهرية بدمشق، وفضائل أبي بكر الصدّيق - الجزء الثالث - مخطوطة الظاهرية بدمشق، وفضائل أبي بكر الصدّيق - الجزء السادس - مخطوطة الظاهرية بدمشق، والرقائق والحكايات - الجزء العاشر - مخطوطة مكتبة تشستر بيتي، بدبلن (إيرلندة الجنوبية)، صدر عن دار الكتاب العربي 1400 هـ / 1980 م (367 صفحة).
6 -
النور اللائح والدرّ الصادح في اصطفاء - مولانا السلطان الملك الصالح - (إسماعيل بن محمد بن قلاوون)(743 - 746 هـ). تأليف إبراهيم بن عبد الرحمن بن القَيْسراني القُرشي الخالدي (توفي سنة 753 هـ) - دراسة
وتحقيق مخطوطة المكتبة الوطنية بباريس - طبعة دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر - طرابلس 1402 هـ / 1982 م (85 صفحة).
7 -
دار العلم بطرابلس في القرن الخامس الهجري. طبعة دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر - طرابلس 1402 هـ / 1982 م (96 صفحة).
8 -
وثائق المحكمة الشرعية بطرابلس (من تاريخ لبنان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي) - السجل الأول (1077 - 1078 هـ / 1666 - 1667 م).
بالإشتراك مع د. خالد زيادة وفريديريك معتوق - منشورات معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، طرابلس 1982.
9 -
البدر الزاهر في نُصرة الملك الناصر (محمد بن قايتباي)(901 - 904 هـ/ 1495 - 1499 م). يُنسب إلى ابن الشحنة - دراسة وتحقيق مخطوطة المكتبة الوطنية بباريس - طبعة دار الكتاب العربي، ببيروت 1403 هـ 1983 م (182 صفحة).
10 -
القول المستظرف في سفر مولانا الملك الأشرف (رحلة قايتباي إلى بلاد الشام) - (882 هـ / 1477 م). تأليف القاضي بدر الدين أبي البقاء محمد بن يحيى بن شاكر بن عبد الغني المعروف بابن الجيعان (847 - 902 هـ) - دراسة وتحقيق مخطوطة الإسكوريال بأسبانيا، ومخطوطة دار الكتب المصرية، ومصوّرة تورينو بإيطاليا - طبعة جرّوس برس، طرابلس 1984 - (194 صفحة).
11 -
موسوعة "علماء المسلمين" في تاريخ لبنان الإسلامي (عبر أربعة عشر قرنًا هجريًا).
القسم الأول في 5 مجلّدات - تراجم العلماء من الفتح الإسلامي حتى سنة 499 هـ.
- طبعة المركز الإسلامي للإعلام والإنماء، بيروت 1404 هـ / 1984 م.
المجلّد الأول (509 صفحات) تراجم حرف الألف.
المجلّد الثاني (407 صفحات) من حروف ب - ط.
المجلّد الثالث (429 صفحة) حرف العين.
المجلّد الرابع (375 صفحة) من حرف غ - م (محمد بن محمد).
المجلّد الخامس (341 صفحة) من م - ي.
القسم الثاني في 5 مجلّدات - تراجم العلماء المتوفّين بين سنة 500 و 999 هـ، طبعة المركز الإسلامي للإعلام والإنماء، بيروت (1411 هـ/ 1990 م).
المجلّد الأول (429 صفحة) تراجم حرف الألف.
المجلّد الثاني (335 صفحة) من حرف ب إلى: عكي.
المجلّد الثالث (370 صفحة) من: العلاء إلى: محمد بن تقيّ الدين.
المجلّد الرابع (293 صفحة) من محمد بن جعفر إلى موسى بن محمد.
المجلّد الخامس (421 صفحة) من حرف ن إلى حرف ي والأبناء والآباء والكنى والألقاب وتراجم النساء.
القسم الثالث في خمس مجلّدات - تراجم العلماء من وفيات سنة 1000 هـ. حتى سنة 1400 هـ - طبعة المركز الإسلامي للإعلام والإنماء، بيروت 1412 هـ 1992 م:
المجلّد الأول (510 صفحات) تراجم حرف الألف.
المجلّد الثاني (471 صفحة) تراجم من حرف الباء إلى العين.
المجلّد الثالث (480 صفحة) تراجم من حرف العين إلى اللام.
المجلّد الرابع (480 صفحة) تراجم من حرف الميم.
المجلّد الخامس (284 صفحة) تراجم من حرف الميم إلى الكنى والنساء.
المستدرك على موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي، من القسم الثاني، من بداية القرن السادس حتى نهاية القرن العاشر الهجري - طبعة المركز الإسلامي للإعلام والإنماء، (320 صفحة) بيروت 1417 هـ/ 1996 م.
12 -
معجم الشيوخ، تأليف أبي الحسين محمد بن أحمد بن جُمَيع الغسّاني الصيداوي (305 - 402 هـ) دراسة وتحقيق مخطوطة جامعة ليدن بهولندا، مع المنتقى من المُعجم، بانتقاء محمد بن سند (749 هـ) مخطوطة الظاهرية بدمشق. وحديث السكن بن جُميع المتوفّى سنة 437 هـ - مخطوطة الظاهرية بدمشق، طبعة مؤسسة الرسالة، بيروت، ودار الإيمان، طرابلس 1405 هـ/ 1985 م. (550 صفحة)، الطبعة الثانية 1407 هـ / 1987 م.
13 -
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، تأليف قاضي مكة تقيّ الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المالكي (772 - 832 هـ) - تحقيق وفهرسة - طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1405 هـ / 1985 م.
المجلّد الأول (616 صفحة).
المجلّد الثاني (618 صفحة).
14 -
الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب. للقاضي أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي (توفي سنة 447 هـ) بتخريج أبي عبد اللَّه محمد بن علي الصوري (توفي 441 هـ). طبعة دار الإيمان بطرابلس، ومؤسسة الرسالة ببيروت - طبعة أولى - 1406 هـ / 1985 م. وطبعة ثانية 1407 هـ / 1987 م. (223 صفحة).
15 -
ديوان ابن منير الطرابلسي، لعين الزمان، مهذّب الدين، أبي الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي المعروف بالرفاء (473 - 548 هـ) - تحقيق المنتخب من ديوان ابن منير، في مخطوطة مكتبة الإمبروزيانا، بميلانو، إيطاليا، رقم 80، مع تقديم ودراسة وجمع وترتيب شعره من المصادر - طبعة دار الجيل، بيروت، ومكتبة السائح، طرابلس 1986 (348 صفحة). وصدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1426 هـ /2005 م. (359 صفحة).
16 -
المنتخب من تاريخ المَنْبجي، لأغابيوس (محبوب) بن قسطنطين المنبجي، أُسْقُف مَنبِج (من أهل القَرن 4 هـ). دراسة وتحقيق القسم الخاص بتاريخ المسلمين من الكتاب المعروف بـ (العنوان) - طبعة دار المنصور. طرابلس 1407 هـ / 1986 م (172 صفحة).
17 -
االفوائد المُنْتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيين، انتخبها الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري (376 - 441 هـ). دراسة وتحقيق مخطوطة الظاهرية بدمشق. وبذيله:"فوائد في نقد الأسانيد" للحافظ الصوريّ، مخطوطة المتحف البريطاني - طبعة دار الكتاب العربي بيروت 1408 هـ/ 1987 م (173 صفحة).
18 -
السيرة النبوية. تأليف أبي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب المَعافِري، المتوفّى سنة 213 أو 218 هـ - تحقيق وتخريج وفهرسة. طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1408 هـ / 1987 م.
المجلّد الأول (440 صفحة).
المجلّد الثاني (448 صفحة).
المجلّد الثالث (360 صفحة).
المجلد الرابع (374 صفحة) - وصدر في 9 طبعات حتى الآن. وطبع في الجزائر.
19 -
تاريخ الأنطاكي (المعروف بصلة تاريخ أوتيخا). تأليف يحيى بن سعيد بن يحيى الأنطاكيّ (توفّي 458 هـ/ 1066 م) تقديم وتحقيق وفهرسة. وبذيله: "المنتقى من تاريخ الأنطاكي" - صدر عن مؤسسة جرّوس برس، طرابلس 1409 هـ / 1989 م (582 صفحة).
20 -
لبنان من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية (13 - 132 هـ/ 634 - 750 م) سلسلة دراسات في تاريخ الساحل الشاميّ. صدر عن مؤسسة جرّوس برس، طرابلس 1410 هـ / 1990 م (335 صفحة).
21 -
لبنان من قيام الدولة العباسية حتى سقوط الدولة الإخشيدية (132 - 358 هـ / 750 - 969 م) - سلسلة دراسات في تاريخ الساحل الشاميّ. صدر عن مؤيسسة جرّوس برس، طرابلس 1412 هـ / 1992 م (414 صفحة).
22 -
لبنان من السيادة الفاطمية حتى السقوط بيد الصليبيين (358 - 518 هـ/ 969 - 1124 م). صدر عن دار الإيمان، طرابلس 1414 هـ/ 1994 م. القسم السياسي (424 صفحة).
23 -
لبنان من السيادة الفاطمية حتى السقوط بيد الصليبيين (358 - 518 هـ/ 969 - 1124 م). صدر عن دار الإيمان، طرابلس. 1414 هـ/ 1994 م، القسم الحضاري (435 صفحة).
24 -
لبنان من السقوط بيد الصليبيين حتى التحرير (503 - 695 هـ/ 1110 - 1291 م) القسم السياسي، صدر عن دار الإيمان، طرابلس، 1417 هـ/ 1997 م (592 صفحة).
25 -
صِدْق الأخبار (المعروف بتاريخ ابن سباط). لحمزة بن أحمد بن عمر المعروف بابن سباط الغربيّ، المُتوفّى بُعَيد 926 هـ/ 1520 م - تحقيق مخطوطاته في الفاتيكان، وباريس، والجامعة الأمريكية ببيروت، ودار الكتب الوطنية ببيروت (مجلّدان) - طبعة جرّوس برس - طرابلس 1412 هـ/ 1993 م. (1100 صفحة).
26 -
آثار طرابلس الإسلامية - دراسة في التاريخ والعمران - (الجامع المنصوريّ الكبير ومدرسة الأمير قرطاي، والشمسية، ومدرسة الشيخ الهندي)(340 صفحة) مع صور بالألوان - طبعة دار الإيمان، طرابلس 1414 هـ / 1993 م.
27 -
طرابلس في التاريخ. تأليف الشيخ محمد كامل البابا (توفي 1970 م). تحقيق وتهذيب، بالإشتراك مع الحاج الأستاذ فضل مقدّم. رحمهما اللَّه. صدر عن دار جرّوس برس، طرابلس 1415 هـ / 1995 م. (439 صفحة).
28 -
مشتبه النسبة في الخط واختلافهما في المعنى واللفظ. تأليف الإمام العالم الحافظ أبي محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي (332 - 409 هـ) - تحقيق مخطوطتي: شهيد علي باشا باستنبول، رقم (2/ 286)، والمتحف البريطاني بلندن، رقم (2075) - صدر عن دار المنتخب العربي، بيروت 1417 هـ/ 1996 م. (229 صفحة).
29 -
مُسند معاوية الأطرابُلُسي في الحديث والفوائد والتاريخ. تُوفي معاوية بن يحيى الأطرابُلُسي أبو مطيع، بُعَيد سنة 170 هـ - سلسلة من رجال الحديث في تاريخ لبنان الإسلامي - دراسة وتخريج - طبعة دار الإيمان بطرابلس، ودار ابن حزم ببيروت 1417 هـ / 1997 م. (152 صفحة).
30 -
الكامل في التاريخ. لعزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكَرَم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير (555 - 630 هـ) تحقيق - صدر عن دار الكتاب العربي - بيروت 1417 هـ / 1997 م. في 11 مجلّدًا:
الجزء الأول: تاريخ الرسل والأنبياء 12 صفحة + 708 صفحات.
الجزء الثاني: تاريخ الهجرة النبوية وعصر الخلفاء الراشدين (من سنة 1 - 40 هـ) 769 صفحة.
الجزء الثالث: من قيام الدولة الأموية حتى وفاة عبد الملك (من سنة 41 - 86 هـ) 550 صفحة.
الجزء الرابع: من خلافة الوليد بن عبد الملك حتى نهاية الدولة الأموية (87 - 132 هـ) 414 صفحة.
الجزء الخامس: من قيام الدولة العباسية حتى نهاية عهد المأمون (132 - 218 هـ) 607 صفحة.
الجزء السادس: العصر العباسي الثاني (عصر النفوذ التركي)(218 - 321 هـ) 816 صفحة.
الجزء السابع: العصر العباسي الثالث (عصر النفوذ البُوَيْهي)(321 - 431 هـ) 831 صفحة.
الجزء الثامن: ابتداء الدولة السلجوقية والحروب الصليبية (432 - 520 هـ ــ) 736 صفحة.
الجزء التاسع: عصر الحروب الصليبية (521 - 580 هـ) 504 صفحات.
الجزء العاشر: عصر الحروب الصليبية (581 - 628 هـ) 471 صفحة.
الجزء الحادي عشر: الفهارس 526 صفحة.
31 -
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. للحافظ المؤرّخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي المتوفّى سنة 748 هـ. تحقيق عن مخطوطات آيا صوفيا باستنبول، ومخطوطة حيدر آباد الدكن بالهند، ومخطوطة دار الكتب المصرية، ومخطوطة المنتقى من تاريخ الإسلام لابن المُلَا، بالمكتبة الأحمدية بحلب، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت، وهي تباعًا على الحوادث والوَفيات:
1 -
المغازي (821 صفحة) صدر 1407 هـ / 1987 م.
2 -
السيرة النبوية (704 صفحة) صدر 1407 هـ / 1987 م.
3 -
عهد الخلفاء الراشدين (11 - 40 هـ) - (803 صفحات) صدر 1407 هـ / 1987 م.
4 -
عهد معاوية بن أبي سفيان (41 - 60 هـ) - (439 صفحة) صدر 1409 هـ / 1989 م.
5 -
حوادث ووفيات (61 - 80 هـ) - (669 صفحة) صدر 1410 هـ/ 1990 م.
6 -
حوادث ووفيات (81 - .100 هـ) - (656 صفحة) صدر 1411 هـ 1990/ م.
7 -
حوادث ووفيات (101 - 120 هـ) - (581 صفحة) صدر 1410 هـ/ 1990 م.
8 -
حوادث ووفيات (121 - 140 هـ) - (639 صفحة) صدر 1408 هـ / 1988 م
9 -
حوادث ووفيات (141 - 160 هـ) - (771 صفحة) صدر 1408 هـ 1988/ م.
10 -
حوادث ووفيات (161 - 170 هـ) - (664 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1995 م.
11 -
حوادث ووفيات (171 - 180 هـ) - (518 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1990 م.
12 -
حوادث ووفيات (181 - 190 هـ) - (576 صفحة) صدر 1411 هـ / 1990 م.
13 -
حوادث ووفيات (191 - 200 هـ) - (611 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1995 م.
14 -
حوادث ووفيات (211 - 210 هـ) - (573 صفحة) صدر 1411 هـ / 1991 م.
15 -
حوادث ووفيات (211 - 220 هـ) - (562 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1991 م.
16 -
حوادث ووفيات (221 - 230 هـ) - (578 صفحة) صدر 1412 هـ/ 1991 م.
17 -
حوادث ووفيات (231 - 240 هـ) - (534 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1991 م.
18 -
حوادث ووفيات (241 - 250 هـ) - (656 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1991 م.
19 -
حوادث ووفيات (251 - 260 هـ) - (656 صفحة) صدر 1412 هـ/ 1992.
20 -
حوادث ووفيات (261 - 280 هـ) - (624 صفحة) صدر 1412 هـ/ 1992 م.
21 -
حوادث ووفيات (281 - 290 هـ) - (454 صفحة) صدر 1411 هـ / 1991 م.
22 -
حوادث ووفيات (291 - 300 هـ) - (432 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1991 م.
23 -
حوادث ووفيات (301 - 320 هـ) - (834 صفحة) صدر 1411 هـ/ 1991 م.
24 -
حوادث ووفيات (321 - 330 هـ) - (435 صفحة) صدر 1413 هـ/ 1992 م.
25 -
حوادث ووفيات (331 - 355 هـ) - (638 صفحة) صدر 1413 هـ/ 1992 م.
26 -
حوادث ووفيات (351 - 380 هـ) - (864 صفحة) صدر 1409 هـ/ 1989 م.
27 -
حوادث ووفيات (381 - 400 هـ) - (534 صفحة) صدر 1409 هـ/ 1989 م.
28 -
حوادث ووفيات (401 - 420 هـ) - (670 صفحة) صدر 1413 هـ/ 1993 م.
29 -
حوادث ووفيات (421 - 440 هـ) - (654 صفحة) صدر 1414 هـ/ 1993 م.
30 -
حوادث ووفيات (441 - 460 هـ) - (656 صفحة) صدر 1414 هـ/ 1993 م.
31 -
حوادث ووفيات (461 - 470 هـ) - (440 صفحة) صدر 1414 هـ/ 1994 م.
32 -
حوادث ووفيات (471 - 480 هـ) - (405 صفحة) صدر 1414 هـ/ 1994 م.
33 -
حوادث ووفيات (481 - 495 هـ) - (454 صفحة) صدر 1414 هـ/ 1994 م.
34 -
حوادث ووفيات (491 - 500 هـ) - (443 صفحة) صدر 1415 هـ/ 1994 م.
35 -
حوادث ووفيات (501 - 520 هـ) - (579 صفحة) صدر 1415 هـ/ 1994 م.
36 -
حوادث ووفيات (521 - 540 هـ) - (744 صفحة) صدر 1415 هـ/ 1995 م.
37 -
حوادث ووفيات (551 - 650 هـ) - (570 صفحة) صدر 1415 هـ/ 1995 م.
38 -
حوادث ووفيات (551 - 560 هـ) - (474 صفحة) صدر 1415 هـ/ 1995 م.
39 -
حوادث ووفيات (561 - 570 هـ) - (536 صفحة) صدر 1415 هـ/ 1996 م.
40 -
حوادث ووفيات (571 - 580 هـ) - (464 صفحة) صدر 1417 هـ/ 1996 م.
41 -
حوادث ووفيات (581 - 590 هـ) - (544 صفحة) صدر 1417 هـ/ 1996 م.
42 -
حوادث ووفيات (591 - 600 هـ) - (676 صفحة) صدر 1417 هـ/ 1997 م.
43 -
حوادث ووفيات (601 - 610 هـ) - (597 صفحة) صدر 1417 هـ / 1997 م.
44 -
حوادث ووفيات (611 - 620 هـ) - (705 صفحات) صدر 1418 هـ/ 1997 م.
45 -
حوادث ووفيات (621 - 630) - (591 صفحة) صدر 1418 هـ/ 1997 م.
46 -
حوادث ووفيات (631 - 640 هـ) - (664 صفحة) صدر 1418 هـ/ 1997 م.
47 -
حوادث ووفيات (641 - 650 هـ) - (627 صفحة) صدر 1419 هـ / 1998 م.
48 -
حوادث ووفيات (651 - 660 هـ) - (579 صفحة) صدر 1419 هـ / 1999 م.
49 -
حوادث ووفيات (661 - 670 هـ) - (442 صفحة) صدر 1419 هـ/ 1999 م.
50 -
حوادث ووفيات (671 - 680 هـ) - (528 صفحة) صدر 1420 هـ ـ / 1999 م.
51 -
حوادث ووفيات (681 - 690 هـ) - (607 صفحات) صدر 1421 هـ / 2000 م.
52 -
حوادث ووفيات (691 - 700 هـ) - (687 صفحة) صدر 1421 هـ / 2000 م.
32 -
المستدرك على الجزء الثاني من: "المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع". ويتناول حروف (ج - ذ) من أسماء المؤلّفين، صدر عن "معهد المخطوطات العربية"، بالقاهرة 1997 - (313 صفحة).
33 -
تاريغ آل السلطي (من تاريخ الأسُر الطرابلسية). تأليف. طبعة دار الإيمان، طرابلس، 1418 هـ / 1997 م. (128 صفحة).
34 -
الفضل المأثور من سيرة السلطان الملك المنصور. تأليف شافع بن علي (649 - 730 هـ). تحقيق، نسخة مكتبة البودليان (أكسفورد) رقم 424 - صدر عن المكتبة العصرية، بيروت 1418 هـ / 1998 م. (216 صفحة).
35 -
الأنباء بأنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء وولايات الأمراء. تأليف القاضي أبي عبد اللَّه بن محمد بن سلامة بن جعفر القُضاعي المتوفّى 454 هـ. تحقيق مخطوط مكتبة حكيم أوغلي، استنبول، رقم 678. صدر عن المكتبة العصرية، بيروت، 1418 هـ / 1998 م. (432 صفحة). طبعة ثانية 1419 هـ / 1999 م.
36 -
تاريخ حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه. تأليف أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي بكر الجَزري (ت 739 هـ) - تحقيق الأجزاء التالية:
1 -
جزء فيه من وفيات سنة 689 حتى حوادث سنة 699 هـ - نسخة المكتبة الوطنية بباريس، رقم 6379 المصوّرة في الخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية، رقم 2159 تاريخ، (536 صفحة).
2 -
جزء فيه من وفيات سة 725 حتى حوادث سنة 732 هـ - نسخة مكتبة كوبرلي باستنبول، رقم 1037 (584 صفحة).
3 -
جزء فيه من وفيات سنة 733 حتى حوادث سنة 738 هـ - من النسخة السابقة (ص 585 - 1195). صدر عن المكتبة العصرية. صيدا - بيروت 1419 هـ/ 1998 م.
37 -
حوادث الزمان ووفيات الشيوخ والأقران - تأليف شهاب الدين أحمد بن عمر الشهير بابن الحمصي (841 - 934 هـ) - تحقيق الأجزاء التالية:
1 -
حوادث ووفيات 851 - 900 هـ - نسخة مكتبة فيض الله أفندي باستنبول، رقم 1438 (336 صفحة).
2 -
حوادث ووفيات 901 - 923 هـ - نسخة جامعة كمبردج رقم 1102 المصوّرة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة رقم 222 - / 2 (296 صفحة).
3 -
حوادث ووفيات 924 - 930 هـ - نسخة مكتبة سوهاج بمصر رقم 439 (334 صفحة) صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 1419 هـ / 1999 م.
38 -
النفحة المسكية في الدولة التركية (من كتاب الجوهر الثمين في سِيَر الخلفاء والملوك والسلاطين) - لصارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر العلائي المعروف بابن دُقماق (745 - 809 هـ) - يؤرّخ من بداية دولة المماليك حتى سنة 805 هـ - تحقيق مخطوط جامعة كامبردج البريطانية، رقم 147/ 90 - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت، 1999 م. (422 صفحة).
39 -
نَيل الأمل في ذيل الدول، لزين الدين عبد الباسط بن خليل بن شاهين الظاهري (تُوفي 920 هـ) - تحقيق مخطوط جامعة أوكسفورد البريطانية - مكتبة البودليان، رقم 610، 285 Hunt صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 2001 م، في 9 مجلّدات (3849 صفحة).
40 -
مشيخة محيي الدين عبد القادر بن علي بن محمد بن أحمد بن أبي الحسين اليونيني (680 - 747 هـ). تحقيق مخطوطة ضمن مجموع بالمكتبة الظاهرية بدمشق، رقم 25 حديث، الأوراق 30 - 54 صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 1423 هـ / 2002 م (178 صفحة).
41 -
مشيخة شرف الدين، أبي الحسين علي بن محمد بن عبد اللَّه بن عيسى اليونيني (621 - 701 هـ) - تحقيق مخطوطة ضمن مجموع بالمكتبة الظاهرية بدمشق، رقم 73 حديث، الأوراق 37 - 67، بتخريج محمد بن أبي
الفتح بن أبي الفضل بن بركات البعلبكي (4 - 645 - 709 هـ)، الأجزاء 8 و 9 و 10 - مع ملحق من: عوالي شرف الدين اليونيني، برواية مؤرّخ الإسلام الحافظ الذهبي (673 - 648 هـ). صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 1423 هـ / 2002 م. (194 صفحة).
42 -
البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان، المنسوب لعماد الدين أبي حامد محمد بن محمد الأصفهاني، المتوفّى 597 هـ - تحقيق مخطوطة أحمد الثالث باستنبول، رقم 2959، ومخطوطة بودليان بجامعة أكسفورد، رقم 172، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 1423 هـ / 2002 م. (566 صفحة).
43 -
المجموع من المنتخب المنثور في أخبار الشيوخ بدمشق وصور، لأبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي الصوري (443 - 509 هـ). بانتخاب الحافظ المؤرّخ ابن عساكر أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة اللَّه الدمشقي (499 - 571 هـ) - دراسة وتحقيق وفهرسة، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 1423 هـ / 2002 م. (422 صفحة).
44 -
المختصر من الكامل في التاريخ وتكملته، للأمير علم الدين سنجر المسروري الصالحي المعروف بالخياط (توفي 695 هـ) - دراسة وتحقيق مخطوطة السلطان أحمد الثالث باستنبول، رقم (2959) - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا - بيروت 1423 هـ / 2002 م. (248 صفحة).
45 -
وثائق نادرة من سجلّات المحكمة الشرعية بطرابلس - دراسة تحليليّة لأهمّ النصوص التاريخية (1077 - 1199 هـ / 1666 - 1785 م). عن ولاية طرابلس العثمانية. صدر عن مؤسسة المحفوظات الوطنية، رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، بيروت 2002 م. (576 صفحة).
46 -
ذيل تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. للحافظ شمس الدين الذهبي (توفي 748 هـ) - تحقيق مخطوطة مكتبة تشسشر بيتي بدبلن، إيرلندة الجنوبية، رقم 4100، ومخطوطة مكتبة جامعة ليدن بهولندا، رقم 320، صدر عن دار الكتاب العربي، بيروت. 1424 هـ / 2004 م. (463 صفحة).
47 -
نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولي مصر من الملوك. للحسن بن أبي محمد عبد اللَّه الهاشمي العباسي الصفدي (توفي بعد سنة 717 هـ/ 1317 م) - تحقيق مخطوط مكتبة المتحف البريطاني، رقم
(23662). صدر عن المكتبة العصرية، صيدا وبيروت، 1424 هـ / 2003 م.
(294 صفحة).
48 -
تاريخ الملك الأشرف قايتباي، لمؤرخ مجهول - يؤرّخ من بداية سلطنة الأيّوبيين في مصر حتى سنة 877 هـ. - تحقيق مخطوط بدار الكتب المصرية، رقم 8554 ح - ومنه نسخة مصّورة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، رقم 1463 تاريخ - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1424 هـ/ 2003 م. (272 صفحة).
49 -
أماكن العبادة في الإسلام، المقدّمة وأماكن العبادة في طرابلس وجبيل وبعلبك ومحافظة الشمال، للدكتور تدمري، بالاشتراك مع د. حسّان حلّاق، د. أحمد حطيط، د. عباس أبو صالح، صدر عن وزارة السياحة - لبنان 2003 م بالعربية والفرنسية والإنكليزية.
50 -
مفرّج الكروب في أخبار بني أيوب، لابن واصل جمال الدين محمد بن سالم بن نصر اللَّه (ت 697 هـ) - تحقيق الجزء السادس والأخير (يؤرّخ من أواخر العهد الأيوبي إلى بدايات عصر المماليك) - تحقيق مخطوطتي المكتبة الوطنية بباريس، رقم 1702 و 1703 - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا وبيروت 1425 هـ/ 2004 م. (448 صفحة).
51 -
مساجد ومدارس طرابلس الفيحاء. أصدرته دائرة الأوقاف الإسلامية بطرابلس، بالعربية والإنكليزية 1424 هـ/ 2003 م. (96 صفحة بالألوان). تصوير المهندس د. خالد عمر تدمري، وترجمه للإنكليزية د. غازي عمر تدمري.
52 -
ذيل مفرّج الكروب في أخبار بني أيوب، لابن المُغَيْزل، نور الدين، علي بن عبد الرحيم بن أحمد الكاتب الملكي المظفّري الحموي (ت 701 هـ/ 1301 م) - تحقيق مخطوطتي المكتبة الوطنية بباريس، رقم 1702 و 1703 - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1425 هـ/ 2004 م. (206 صفحات).
53 -
الروض الزاهر في غزوة الملك الناصر، وبذيله المناقب المظفَّريّة، لابن عبد الظاهر، علاء الدين، علي بن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الظاهر (ت 717 هـ/1317 م) - تحقيق مخطوطة مكتبة برلين، رقم 3623، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1426 هـ/ 2005 م. (262 صفحة).
54 -
تاريخ مجموع النوادر مما جرى للأوائل والأواخر، لقرطاي العِزّي الخزنداري (ت بعد 708 هـ) - دراسة وتحقيق الجزء الرابع منه، عن مخطوطة مكتبة غوطا بألمانيا، رقم 1655 - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا بيروت 1426 هـ/ 2005 م. (407 صفحات). ودراسة وتحقيق الجزء الأول من مخطوطة مكتبة آيا صوفيا باستانبول، رقم 3399، وهو يؤرّخ من بداية الخلق والأنبياء حتى سنة 101 هـ، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا بيروت 1429 هـ/2008 م.
(464 صفحة).
55 -
إيقاظ الغافل بسيرة الملك العادل (نور الدين الشهيد)، لتاج الدين، محمد بن أبي بكر بن أبي الوفاء المقدسي (ت 891 هـ) - تحقيق مخطوطة المكتبة المركزية بقونية، تركيا، ضمن مجموع رقمه 5622 - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1426 هـ 2006/ م (120 صفحة).
56 -
المقتفي على كتاب الروضتين، لعلم الدين، أبي محمد، القاسم بن محمد بن يوسف البِرزالي الإشبيلي الدمشقي (ت 739 هـ) - دراسة وتحقيق مخطوطة أحمد الثالث، بمكتبة متحف طوب كابو باستانبول، رقم 161/ 2915، وجزء مخطوط بمكتبة ليدن بهولندة، فيه عشر سنوات (من 709 إلى 718 هـ) - صدرعن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1427 هـ / 2006 م. في 4 مجلّدات:
1 -
المجلّد الأول، من سنة 665 إلى نهاية سنة 680 هـ. (576 صفحة).
2 -
المجلّد الثاني، من 681 إلى نهاية سنة 698 هـ. (648 صفحة).
3 -
المجلّد الثالث، من سنة 699 إلى نهاية سنة 710 هـ. (527 صفحة).
4 -
المجلّد الرابع، من سنة 711 إلى نهاية سنة 720 هـ. مع الفهارس (759 صفحة).
57 -
الصحابة في لبنان، فتوحاتهم، غزواتهم، رباطهم، وأخبارهم، صدر عن المكتبة العصرية 1429 هـ/ 2008 م. ضمن سلسلة "موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام"(246 صفحة).
58 -
نهاية الغاية في بعض أسماء رجال القراءات أولي الرواية، لأبي الصفاء، زين الدين عبد الرزاق بن حمزة بن علي الطرابلسي (815 - 867 هـ) تحقيق مخطوط مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، رقم 964 - صدر عن المكتبة العصرية 1429 هـ/ 2008 م. في جزءين: الأولى 302 (ثلاثمائة وصفحتان)، والثاني: مثل الأول.
59 -
موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام، مجلّد فيه تراجم التابعين وتابعي التابعين من وفيّات القرنَين الأول والثاني الهجريّين، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1431 هـ / 2010 م. (608 صفحات).
60 -
موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام، مجلّد فيه تراجم المتوفّين في القرن الثالث الهجري، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1431 هـ / 2010 م. (607 صفحات).
61 -
موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام، مجلّد فيه تراجم المتوفّين في القرن الرابع الهجري، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1431 هـ / 2010 م. في قسمين (الأول: 454 صفحة، والثاني: 424 صفحة).
62 -
موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام، مجلّد فيه تراجم المتوفّين في القرن الخامس الهجري، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1431 هـ / 2010 م. في قسمين بترقيم متسلسل (الأول: 486 صفحة، والثاني: من ص 487 لغاية ص 1008).
63 -
موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام، مجلّد فيه تراجم المتوفّين في القرن السادس الهجري، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1432 هـ / 2011 م. في قسمين (الأول: 424 صفحة، والثاني: 426 صفحة).
64 -
تاريخ الفاخري، للأمير بدر الدين، بكتاش الفاخري نقيب الجيوش بمصر (ت 745 هـ / 1344 م)، دراسة وتحقيق مخطوطة مكتبة برلين، رقم 9835 MS. ومكتبة ميونيخ، رقم 37، المنسوب خطأ لإبراهيم مُغلطاي. صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1431 هـ/ 2010 م. جزءان في مجلّد واحد (544 صفحة).
65 -
التاريخ الصالحي، لابن واصل، جمال الدين، محمد بن سالم بن نصر الله بن سالم (ت 697 هـ)، دراسة وتحقيق مخطوطة خزانة فاتح باستانبول، رقم 4224 (يبدأ بذكر الأنبياء وينتهي عند دخول الملك الصالح الأيوبي دمشق سنة 636 هـ). صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1431 هـ / 2010 م. في مجلدين (الأول: 519 صفحة، والثاني: 464 صفحة).
66 -
المجمع المُفنَّن بالمُعجم المُعنوَن، لزين الدين، عبد الباسط بن خليل بن
شاهين الحنفي (ت 920 هـ)، تحقيق مخطوط مكتبة بلدية الإسكندرية رقم 85. صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1432 هـ / 2011 م. في مجلّدين (الأول: 631 صفحة، والثاني: 567 صفحة).
67 -
زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، لخليل بن شاهين الظاهري (813 - 873 هـ)، تحقيق طبعة "بول رافيس" عن مخطوطتي المكتبة الوطنية بباريس، رقم 724 - ورقم 2258 - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1422 هـ / 2011 م. (328 صفحة).
68 -
المنتقى من فوائد الحديث، لجماعة محدّثين شاميّين (خيثمة الأطرابلسي ت 343 هـ - سليمان الشبعائي ت 289 هـ - أحمد الشبَّعائي ت 347 هـ - عبد الرحمن الدمشقي ت 420 هـ - عبد العزيز الكتاني ت 466 هـ)، تحقيق مخطوط المكتبة الظاهرية بدمشق، مجموع رقم (82) حديث، بالإشتراك مع فواز أحمد إزمرلي - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1433 هـ/ 2012 م (328 صفحة).
69 -
الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم، لزين الدين عبد الباسط بن خليل بن شاهين الحنفي (844 - 920 هـ)، تحقيق النسخة المصوّرة بدار الكتب المصرية، في الخزانة التيمورية، رقم 2403 تاريخ، عن مخطوطة مكتبة الفاتيكان بروما، رقم (728) و (729) - صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1433 هـ / 2012 م، في أربع مجلّدات:
1 -
حوادث ووفيات 844 - 850 هـ. (399 صفحة).
2 -
حوادث ووفيات 865 - 868 هـ. (391 صفحة).
3 -
حوادث ووفيات 868 - 872 هـ. (488 صفحة).
4 -
حوادث ووفيات 873 - 874 هـ. (374 صفحة).
70 -
تاريخ ابن الأزرق الفارقي، للقاضي أحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق الفارقي (510 - ت بعد 577 هـ)، دراسة وتحقيق القسم الأخير من تاريخه (حوادث ووفيات 496 - 576 هـ)، عن مخطوطتي المتحف البريطاني - Or) (5803 و (6310 - Or)، صدر عن المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1434 هـ/2012 م. (406 صفحات).
71 -
طرابلس والميناء والبدّاوي إشعاع حضاري عبر التاريخ، يصدر عن اتحاد بلديات الفيحاء، بالعربية والفرنسية والإنكليزية.
[9]
فهرس الأبحاث المنشورة في المؤتمرات والندوات الدولية والدوريات
1 -
نصوص من تاريخ ابن عساكر حول طرابلس الشام في القرن الأول الهجري. قدم للمؤتمر العالمي في الاحتفال بمرور تسعمائة سنة على ولادة المؤرخ ابن عساكر، الذي أقامته وزارة التعليم العالي في سورية 1979، ونشر في الكتاب الخاص بأبحاث المؤتمر. (ص 775 - 824).
2 -
خصائص العمارة الإسلامية في طرابلس وآثارها المملوكية. قدم للندوة العالمية عن المدينة العربية التي أقامتها منظمة المدن العربية في المدينة المنورة بالسعودية 1981، ونشر ملخصًا في الكتاب الخاص بأبحاث الندوة، باللغتين العربية والإنكليزية. إصدار المعهد العربي لإنماء المدن، طبعة واشنطن 1402 هـ/ 1982 م.
3 -
الرباط والمرابطون في ساحل الشام من الفتح الإسلامي حتى الحروب الصليبية. قدم للمؤتمر العالمي لتاريخ الحضارة العربية الإسلامية الذي أقامته وزارة التعليم العالي السورية بجامعة دمشق 1981، ونُشر في الكتاب الخاص بأبحاث المؤتمر، (ص 353 - 372) كما نشر في الدورية المتخصصة "دراسات تاريخية" بدمشق - العدد 5/ 1981 م - (ص 77 - 98).
4 -
الحضور التاريخي لمدينة طرابلس الشام من خلال "الكامل في التاريخ لابن الأثير". قدم للندوة العالمية عن الإخوة أبناء الأثير، المحدّث، والمؤرّخ، والأديب، أقامتها جامعة الموصل بالعراق 1982، ونُشر في الكتاب الخاص بأبحاث الندوة (ص 299 - 321).
5 -
الفتح الإسلامي وسياسة الإسكان لساحل دمشق "لبنان". قُدّم للندوة
الثانية من أعمال المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام بالجامعة الأردنية وجامعة اليرموك بعمّان 1985، ونُشر البحث في الكتاب الخاص بالندوة (ص 333 - 373).
6 -
ثغور بحر الشام ودورها الجهاديّ في العصر الأمويّ. قُدّم للندوة الثالثة من أعمال المؤتمر الدوليّ الخامس لبلاد الشام بالجامعة الأردنية بعمّان 1987، ونُشر في الكتاب الخاص، بأبحاث الندوة.
7 -
تاريخ لبنان في العصر الوسيط كيف يُكتب من جديد. قُدّم في المؤتمر التربوي الإسلامي الأول بطرابلس، الذي عقده المعهد الجامعي الإسلامي بقاعة جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية بطرابلس 1411 هـ / 1991 م. وقد نُشر البحث في الكتاب الصادر عن المؤتمر (ص 121 - 132).
8 -
تاريخ لبنان من المنظورين الإسلامي والوطني. قُدّم في المؤتمر التربوي الإسلامي الثاني بطرابلس، الذي عقده المعهد الجامعيّ الإسلامي بقاعة مسرح الإيمان بطرابلس، 1413 هـ / 1993 م. وقد نُشر البحث في الكتاب الصادر عن المؤتمر (ص 99 - 112).
9 -
عصر السلطان صلاح الدين الأيوبيّ. قُدّم في مؤتمر المعهد العالي للدراسات الإسلامية بجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت الذي أقيم سنة 1994 م بمناسبة مرور 800 عام على وفاة الناصر صلاح الدين. ونُشر في عدد خاص من "دراسات إسلامية للموسم الثقافي" 1414 - 1415 هـ/ 1994 - 1995 م (ص 29 - 62) وأعيد نشره في كتاب: صلاح الدين الأيوبي وصدر عن جامعة المقاصد في بيروت، كلية الدراسات الإسلامية، منشورات دار المقاصد الإسلامية 1429 هـ/2008 م. (ص 17 - 61).
10 -
العلاقات التاريخية بين الأتراك ولبنان. محاضرة في قصر "يلدز" باستانبول 1994 م، ضمن أسبوع معرض المهندس خالد عمر تدمري عن معالم لبنان التاريخية والسياحية.
11 -
محلّات طرابلس القديمة - مواقعها، أسماؤها، سكّانها من خلال الوثائق العثمانية. قُدّم في المؤتمر الأول لتاريخ ولاية طرابلس إبّان الحقبة العثمانية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية - الفرع الثالث 1995 م. وقد نُشر في الكتاب الذي صدر عن المؤتمر (97 - 131).
12 -
الحياة الثقافية عند المسلمين في لبنان في المناطق الخارجة عن السيطرة
الفرنجية. قُدّم في مؤتمر المناطق اللبنانية في ظلّ الاحتلال الفرنجي الذي عقده قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، في الجامعة اللبنانية، الفرع الثاني 1996 م. ونُشر البحث في الكتاب الصادر عن المؤتمر، (ص 70 - 118).
13 -
مدينة صور في كتابات المؤرّخين والرحّالة من الفتح الإسلامي حتى التحرير من الصليبيين. قُدّم في المؤتمر الأول لتاريخ مدينة صور، الذي أقامه مُنتَدَى صور الثقافي 1996 م. ونُشر البحث في الكتاب الصادر عن المؤتمر (ص 129 - 147).
14 -
الساحل الشاميّ بين فتح القسطنطينية وسقوط دولة المماليك. قُدّم في أعمال المؤتمر العالمي الثاني لفتح القسطنطينية، الذي دعت إليه بلدية استانبول 1997. ونُشر بالتركية في الكتاب المتضمّن أبحاث المؤتمر:
KOSTANTINIYYE NIN FETHI COKUSU ARASINDAKI DONEMDE SAM SAHILI. ULUSLARARASI ISTAMBUL UN FETHI KONFERANSI ILE MEMLUK DEVLETININ. 2.229 - 256.
15 -
خطط طرابلس الشام وعمارتها المملوكية The Plane of Tripoli Asham and its Mamluk Architecture. قُدّم في أعمال مؤتمر جمعية آرام الثامن الذي انعقد في الجامعة الأمريكية في بيروت 1 - 4 نيسان 1997 بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية، تحت عنوان "المماليك في بلاد الشام تاريخ وآثار". ونُشر في مجلة آرام ARAM العدد 2/ المجلّد 9 و 10 سنة 1997 - 1998 م. ونُشر في الكتاب الخاص بأبحاث المؤتمر:
The Mamluks and the Early Otthoman Period in Bilad Asham: His - tory and Archeology - Volumes 9&10(1997 - 1998) p.471 - 485.
16 -
صيدا في عصر المماليك. قُدّم في أعمال المؤتمر التاريخيّ الأول لمدينة صيدا، في 11/ 11/ 1997. أقامته جمعية صيدا للتراث والبيئة. (61 صفحة).
17 -
نصوص لم تُنشر في وصف القسطنطينية، قبل الفتح. بحث قُدّم في أعمال المؤتمر العالميّ الثالث لفتح القسطنطينية، تنظيم بلدية استانبول 1998 م. (11 صفحة).
18 -
العلائق التاريخية بين قبرص وساحل الشام من الفتح الإسلامي حتى سقوط دولة المماليك - بحث قُدّم للندوة العالمية حول موقع قبرص في الحضارة والمتغيّرات الدولية (نظّمتها جامعة لفْكة الأوروبية في جمهورية قبرص الشمالية التركية 12 - 18 كانون الأول 1998).
19 -
عمارة طرابلس المملوكية، المتحف الحيّ. بحث قُدّم في مؤتمر أضواء على مدائن أثرية وحضارية في العالم العربي انعقد في بيت الأمم المتحدة، بيروت، منشورات جمعية بيروت للتراث 14، 15 نيسان/ إبريل 1999، (139 - 146).
20 -
الأندلسيّون والمَغاربة في طرابلس الشام. بحث قُدّم في المؤتمر الدوليّ الثاني لتاريخ طرابلس، بكلية الآداب، والعلوم الإنسانية، الفرع الثالث، 12 - 14 أيار/ مايو، 1999. نُشر في مجلّة التاريخ العربي بالرباط، العدد 12 سنة 2000، (ص 13 - 36).
21 -
الحياة العلمية في طرابلس العثمانية (1516 - 1918 م). قُدّم في المؤتمر الدوليّ حول العلم والمعرفة في العالم العثمانيّ، أقامه "مجمع التاريخ التركي" و"الجمعية التركية لتاريخ العلوم" بإشراف "مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول، بمناسبة الذكرى السبعمائة على قيام الدولة العثمانية. 12 - 15 نيسان 1999. ونُشر في الكتاب الخاص بأبحاث المؤتمر (المجلّد الأول ص 1 إلى ص 28).
22 -
موقف النصارى في ساحل دمشق من الصراع الإسلامي - الفرنجي (1091 - 1290 م). بحث قُدّم في مؤتمر "بلاد الشام في فترة الصراع الإسلامي - الفرنجي" بجامعة اليرموك، إربد بالأردنّ 8 - 10 تشرين الثاني، 1999. (28 صفحة).
23 -
التجارب الوقفية في طرابلس الشام في عصر المماليك. بحث قُدّم قي ندوة التجارب الوقفية في بلاد الشام، أقامتها وزارة الأوقاف بدمشق، بالتعاون مع الأمانة العامة للأوقاف بالكويت، والبنك الإسلامي للتنمية 13 - 14/ 5/ 2000 ونشر قسم منه في العدد التجريبي لمجلّة "أوقاف" بالكويت - تشرين الثاني 2000 م. (ص 159 - 164).
24 -
دراسة ثلاث مخطوطات لم تُنشر من عصر المماليك للمؤرّخ عبد الباسط الظاهري (ت 920 هـ). بحث قُدّم في المؤتمر الدولي السادس لتاريخ بلاد الشام - انعقد بجامعة دمشق بالتعاون مع الجامعة الأردنية، من 10 - 12/ 11/ 2001.
25 -
تراث المؤلفين والنَّسَاخة الفلسطينيين ومخطوطاتهم في مكتبة الجامعة الأميركية ببيروت. قُدّم في الاجتماع الخامس أمام أعضاء الهيئة المشتركة لخدمة التراث العربي بمعهد المخطوطات العربية، القاهرة 29 و 30/ 10/ 2002 م.
26 -
فتح قبرص في عصر المماليك. بحث نشر في مجلة "العربي" بالكويت، العدد 252، سنة 1979، (ص 116 - 122).
27 -
نفح العنبر بتاريخ بربر (مصطفى آغا بربر والي طرابلس - القرن 19). تحقيق مخطوط، نشر في مجلة تاريخ العرب والعالم، بيروت 1980، العدد 25.
28 -
فنّ البناء وتخطيط المساجد عند المسلمين. نُشر في مجلة "الأمة" بقطر 1983، العدد 33، (ص 53 - 58).
29 -
تاريخ الملك الأشرف قايتباي. تحقيق مخطوط. نُشر في مجلة تاريخ العرب والعالم، بيروت 1983، العدد 57. (ص 39 - 47).
30 -
شارك في ندوة "صلاح الدين" التاريخية، بمناسبة مرور 800 عام على وفاته، والتي دعت إليها "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" في تونس، مع باحثين من تونس والمغرب، سنة 1993 م. وأذيعت الندوة على شاشة إرسال القناة الفضائية "عرب سات".
31 -
جُرجي يَنّي، نشأته، وحياته، ونشاطه الثقافي والأدبى، وما كتب عن تاريخ طرابلس. بحث نُشر بمناسبة تكريم الفائزين من المؤرّخين اللبنانيين ونَيلهم وسامَ المؤرّخ العربي ومن بينهم المؤلّف تدمري 1993 م. في مجلة "المؤرّخ العربي" التي تصدر عن الأمانة العامّة لاتحاد المؤرّخين العرب ببغداد، العدد 52 السنة 20 - 1415 هـ / 1995 م (ص 64 - 79)، ثم نُشر في كتاب "مؤرّخون أعلام من لبنان"، منشورات دار النضال، بيروت 1997 م (ص 109 - 138).
32 -
شارك في إعداد المادة التاريخية لكتاب "طرابلس المدينة القديمة" الذي صدر عن كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية في بيروت، وأسهم فيه ببحث بعنوان "مدينة طرابلس في العصرين المملوكي والعثماني". Tripoli the Old City Monument Survery Mosques مع خارطة معالم الحدود والعمارة في المدينة القديمة، (1994).
33 -
ديوان عبد المحسن الصوري. (دراسة نقدية) نُشرت في مجلّة مجمع اللغة العربية الأردنيّ، عمّان - العدد المزدوج (23 - 24) السنة السابعة 1404 هـ/ 1984 م، (155 - 194).
34 -
مدينة بعلبك وحضورها التاريخي في المصادر العربية خلال العصر الأموي. نُشر في مجلّة الفكر العربي ببيروت - العدد 29 السنة الرابعة 1982، (205 - 230).
35 -
الآثار الإسلامية في طرابلس الشام. نُشر في مجلّة الفكر العربيّ ببيروت - العدد 52، السنة التاسعة (2) آب 1998، (ص 206 - 231).
36 -
الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز للنابلسي. (دراسة وتحقيق) نُشرت في مجلّة تاريخ العرب والعالم، ببيروت في العددين (95 - 98) و (99 - 100)، سنة 1986 و 1987.
37 -
التراث المعماري في الحضارة الإسلامية. بحث نشر في مجلة المنهل بجدّة، المملكة العربية السعودية العدد 571 مجلد 61 (ص 224 - 233).
38 -
كشف اللثام عن أحوال الشام، لمحيي الدين بن عبد المنعم عبس. تحقيق مخطوط. نُشر في مجلّة تاريخ العرب والعالم ببيروت 1994، في العددين 150 و 151، سنة 1986 و 1987 (ص 23 - 35) و (ص 16 - 28).
39 -
وقائع فتنة بحلب سنة 1850. لمؤرخ مجهول. تحقيق مخطوط. نُشر في مجلّة تاريخ العرب والعالم ببيروت 1995، في العدد 154 (ص 3 - 26).
40 -
محاورة أدبية بين مدن بلاد الشام، لمصطفى بن أحمد بن عبد القادر التونسي - دراسة نقدية نُشرت في مجلّة معهد المخطوطات العربية، المجلّد، 31، الجزء 2، 1407 هـ / 1987.
41 -
نصوص مختارة من تاريخ ابن الجَزَري "حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه" نُشرت في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت 1418 هـ / 1997 م - العدد 168) ص 3 - 15).
42 -
القُضاعيّ المتوفَّى سنة 454 هـ، وكتابه "الإنباء بأنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء وولايات الأمراء" - دراسة لمخطوطة مكتبة حكيم أوغلي باستانبول، رقم 678، نُشرت في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت 1418 هـ / 1998 م - العدد 172. (ص 5 - 21).
43 -
صورة لبنان في القرن 8 هـ/ 14 م. من خلال كتاب "نُخْبة الدهر في عجائب البرّ والبحر"، لشيخ الربوة الدمشقيّ، نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 174/ سنة 1998. (ص 6 - 23).
44 -
المغاربة في ساحل الشام من الفتح الإسلامي حتى الحروب الصليبية. بحث نُشر في مجلّة "التاريخ العربيّ" تصدر عن جمعيّة المؤرّخين المغاربة - المملكة المغربية، الرباط قصبة الودّاية - العدد 2/ 1977 (ص 235 - 251).
45 -
تاريخ "ابن حجّي" المخطوط وصفحات من تاريخ "لبنان" في عصر المماليك: بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت، العدد 185/ سنة 2000، (35 - 49).
46 -
حريق الجامع الأموي عند المؤرّخ ابن الحمصي (ت 934 هـ) - دراسة نشرت في مجلة معهد المخطوطات العربية، بالقاهرة - المجلد 43 الجزء الأول - سنة 1999 م (ص 61 - 76).
47 -
الأوقاف المنقوشة على جدران مساجد طرابلس الشام ومدارسها ودلالاتها التاريخية في عصر المماليك. بحث نُشِر في مجلّة "أوقاف" بالكويت - العدد 1 سنة 1422 هـ/ 2001 م. (ص 39 - 49).
48 -
نزهة الأبصار في ذكر مدن الأقاليم وملوك الأمصار، لحسن آغا حاكم البقاع - بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 193 سنة 2001 م (34 - 46).
49 -
برهان الدين البقاعي المؤرّخ الموسوعيّ (809 - 885 هـ)، بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 187 - أيلول، تشرين أول 2000 (ص 9 - 24).
50 -
قرآن أماجور الموقوف لمدينة صور ومصاحف نادرة لخطّاطين طرابلسيّين - بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 189 سنة 2001 - (ص 5 - 19).
51 -
غزوات المماليك إلى جزيرة رودس، بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 191 سنة 2001 (ص 22 - 37).
52 -
يوميّات دمشقية للمؤرّخ ابن طوق الدمشقي (834 - 915 هـ) وأخبار لبنانيه في مخطوط نادر - بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 202 سنة 2003 (ص 7 - 23).
53 -
مشاهدات ابن فضل اللّه العُمَري في لُبنان كما في "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار. بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم" - بيروت، العدد 212 سنة 2004 (ص 3 - 18).
54 -
تحصينات طرابلس الدفاعية، تاريخها، وصفها، والأحداث التي شهدتها في كتابات المؤرّخين والرّحالة والأدباء. بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت - العدد 217 سنة 2005 (ص 3 - 18).
55 -
السِجلّ الأرسلاني، مراجعة نقديّة. بحث نُشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم". بيروتَ، العدد 19، سنة 2006 (ص 83 - 92).
56 -
إسهامات الخطّاطين عبر التاريخ الإسلامي (الخط العربي في لبنان).
بحث نُشر في مجلّة "حروف عربية"، تصدر عن ندوة الثقافة والعلوم بدُبَيّ، دولة الإمارات العربية المتحدة، العدد 10/ سنة 1424 هـ/ 2004 م. (ص 26 - 34).
57 -
مساجد قلعة طرابلس. بحث نُشِر في مجلّة "التقوى"، طرابلس - العدد 137 سنة 2004 (ص 14 - 19).
58 -
كيف نكتب تاريخ لبنان الإسلامي دون تزوير أو طمسٍ للحقائق. بحث نُشر في مجلّة "التقوى" طرابلس - العدد (14 سنة 2004).
59 -
مساجد لبنان القديمة، حقبات الزمان ورَوحانية المكان. بحث نُشر في مجلّة "أجنحة الأرز" - العدد 89 سنة 2005 (ص 28 - 40).
60 -
أوقاف سعد الدين باشا العظْم في طرابلس الشام ونواحيها. تحقيق ودراسة وثيقة مخطوطة في المكتبة الظاهرية بدمشق، وسجلّات المحكمة الشرعية بطرابلس، نشر في مجلّة "مجمع اللغة العربية" بدمشق - القسم الأول، المجلّد 77 الجزء 4/ سنة 2002 (ص 663 - 714) - القسم الثاني، المجلّد 79 الجزء 1/ سنة 2004 (ص 39 - 70).
61 -
وقفية الأمير ناصر الدين محمد بن الحنش بكَرْك نوح. دراسة وتحقيق وثيقة الأرشيف العثماني برئاسة الوزراء باستانبول، دفتر رقم 551، نُشرت في مجلّة "أوقاف"، الكويت - العدد 4/ سنة 1424 هـ / 2003 م. (ص 67 - 92).
62 -
لبنان في الأرشيف العربي الإسلامي وكيف نكتب تاريخ لبنان في العصر الوسيط. بحث قُدِّم إلى مركز التراث اللبناني، في الجامعة اللبنانية الأميركية، بيروت 18 تشرين الثاني 2004 م، في سلسلة: لبنان في الأرشيف الدولي والمحلّي. (19 صفحة).
63 -
شروحات ابن الجَزَري والذهبي على كتاب "المقتفي" للبِرْزَالي. بحث قُدّم في المؤتمر الدولي الثالث عن المخطوطات الشارحة المنعقد بمكتبة الإسكندرية 7 - 9 آذار (مارس)2006.
64 -
يحيى بن أبي طيّيء الحلبي وكتابه "المنتَجَب في شرح لاميّة العرب" لابن الشَنْفَرَى. بحث قُدّم في ندوة "الحركة العلمية والأدبية في حلب زمن الأيوبيّين" المنعقدة بجامعة حلب، في إطار احتفالات حلب عاصمة للثقافة الإسلامية، 28 - 30 تشرين الثاني 2006.
65 -
عُقبة بن نافع الفِهري القائد المرابط. بحث قدّم في الملتقى الدولي الخامس، المنعقد في الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية، في ولاية بِسْكَرَة، الجزائر 11 - 13 كانون الأول 2006.
66 -
الحوار مع اليهود في السُّنَّة النبويّة من كتاب "تاريخ الإسلام" للذهبي. بحث قدّم في مؤتمر الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي، المنعقد بجامعة الشارقة 16 - 18/ 2007.
67 -
فلسطين، قراءة في المصادر التاريخية، المخطوطة والمطبوعة. بحث قُدّم في اللقاء الخامس للهيئة المشتَرَكَة لخدمة التراث العربي بمعهد المخطوطات العربية، القاهرة 29 - 30/ 10/ 2002 وقد نُشِر في كتاب "فلسطين تراث وحضارة"، صدر عن مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت، آذار 2003 (ص 69 - 81).
68 -
صفحة من علاقات المسلمين بالنصارى في طرابلس. بحث نُشر في كتاب "المسيحية والإسلام رسالة محبَّة وحوار وتلاقي"، صدر عن مجلّة "تاريخ العرب والعالم"، بيروت 2004، (ص 154 - 170)، ونُشر في العدد 228 من المجلّة 2007 (ص 91 - 103).
69 -
الأوقاف الإسلامية في طرابلس الشام من الوثائق العثمانية وأهميّتها في رصد حركة العمران. بحث قُدّم في المؤتمر الدولي السابع لتاريخ بلاد الشام، عن الأوقاف في بلاد الشام منذ بداية الفتح العربي الإسلامي إلى نهاية القرن العشرين، المنعقد في الجامعة الأردنيّة، عمّان ص 10 - 14 أيلول 2006 (75 صفحة).
70 -
وظائف ومضامين النقوش التأريخية والتزيينية على عمارة طرابلس المملوكية. بحث قُدّم في المنتَدَى الدولي الثالث للنقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور، المنعقد بمركز المخطوطات، مكتبة الإسكندرية 24 - 26/ 4/ 2007.
71 -
القسطنطينية في المصادر العربية قبل الفتح. بحث قُدّم في المؤتمر الدولي الأول لبلدية أميننو، باستانبول، المنعقد في قاعة المؤتمرات بغرفة التجارة والصناعة 15 - 17/ 6/ 2006، ونُشر في الكتاب الصادر عن المؤتمر، بالتركية بعنوان: Fetihden Once Eski Arap Kaynaklarinda Konstantiniyye(ص 271 - 277).
72 -
المماليك وأرمينيّة الصغرى. بحث نُشر في مجلّة "المؤرّخ العربي"، بغداد - العدد 60 سنة 1422 هـ/ 2001 م - إصدار الأمانة العامّة لاتحاد المؤرّخين العرب (ص 41 - 55).
73 -
تكيّة المولويّة بطرابلس الشام، تاريخها، أوقافها، شيوخها. بحث قُدّم للمؤتمر العالمي عن جلال الدين الرومي بمناسبة 800 سنة على مولده، تنظيم وزارتَي الثقافة والسياحة التركيّتين باستانبول وقونية 8 - 12/ 5/ 2007 بالتعاون مع منظّمة اليونسكو.
74 -
القسطنطينية في القرن الأول الهجري من تاريخ دمشق لابن عساكر. بحث قُدّم في المؤتمر الدولي الثاني لبلدية أميننو، باستانبول، المنعقد بغرفة التجارة والصناعة 15 - 17 حزيران 2007 م ونُشِر بالتركية في الكتاب الصادر عن المؤتمر: p.133 - ) ibn - i Asakir'in Tarihi Dimask'inda Konstantiniyye (138 كما نُشر بالإنكليزية في الكتاب نفسه Constantine in the Historical Dimask by ibn - i Asakir (p.139 - 144) - November 2007
75 -
الأنبياء والرسل في لبنان بين الحقيقة والوهم. بحث نُشر في مجلّة "مكارم الأخلاق الإسلامية"، طرابلس - العدد الخاص بشهر رمضان المبارك 1428 هـ / 2007 م. (ص 30 - 40).
76 -
مشاهدات وأخبار عبد الباسط الظاهري في بلاد المغرب والأندلس من كتابه المخطوط "الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم". بحث نُشر في مجلّة "التاريخ العربي" - بالرباط، المملكة المغربية - العدد 17/ سنة 1421 هـ/ 2001 م. (ص 111 - 146).
77 -
طرابلس الشام وبيت المقدس ملامح من العلاقات التاريخية - بحث قُدّم في المؤتمر العلمي الثاني تحت عنوان (القدس تاريخ وعمران) في إطار إحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، المنعقد بحمص ومحافظتها في الجمهورية العربية السورية 27 - 29/ 10/ 2009.
78 -
بيروت من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية وتاريخها السياسي والثقافي والإجتماعي. بحث نشر في مجلّة "تاريخ العرب والعالم" في العدد الخاص عن بيروت رقم 149/ سنة 1994 م. (ص 36 - 49).
79 -
رُنوك سلاطين المماليك ورسومهم على النقود المضروبة في طرابلس الشام بحث قُدِّ للمنتدى الدولي الرابع للنقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور، المنعقد بمكتبة الإسكندرية من 16 - 18/ 3/ 2009.
80 -
الحياة العلمية والثقافية في ساحل بلاد الشام خلال القرن الخامس الهجري: بحث نُشر في مجلّة "التاريخ العربي" بالمملكة المغربية، الرباط، في العددين (41) سنة 2007، و (45) سنة 2008.
81 -
عشرات المداخل في موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين، إصدار المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بتونس - طبعة دار الجيل، بيروت 1425 هـ/ 2004 م، يحتمل أن تصدر في نحو 50 مجلّدًا، منها:
المجلّد الأول، فيه مداخل عن: ابن الأثير المؤرخ - إبراهيم الأحدب - الأرمنازي غيث الصوري - الأزدي عبد الغني.
المجلّد الثاني: الأطرابلسي خيثمة - الأنطاكي يحيى - الأوزاعي الإمام - ابن أيبك الدواداري.
المجلّد الثالث: البتروني - البديري - ابن البرَّاج - البرزالي - البُصرَوي - البعلي - البغدادي الخطيب - البغدادي عبد اللطيف - البقاعي - البكري.
المجلّد الرابع: بيبرس المنصوري - التنوخي.
المجلّد الخامس: جرجي يَنّي - ابن الجزري - ابن جُميع - ابن الجَيْعان.
المجلّد السادس: ابن حَجّة - ابن حجّي - حسن آغا - ابن حبيب الحلبي.
المجلّد السابع: ابن حمدون - ابن الحمصي - ابن الحوت.
المجلّد الثامن: الخزنداري - ابن خطيب الناصرية - الخيّاط سنجر.
المجلّد التاسع: الداراني - ابن دُقماق - الوليد بن مسلم - الدُوَيهي - الدياربكري - أبو ذرّ الطرابلسي - الذهبي.
المجلّد العاشر: ابن ربيعة - ابن أبي رَوْح.
الحادي عشر: الزركشي - ابن زُريق - ابن زُهْرة.
المجلّد الثاني عشر: ابن سباط.
المجلّد الثالث عشر: سلطان - سَلْطي - السمّان.
المجلّد الرابع عشر: ابن شاهين - الشبلي - ابن شدّاد.
82 -
عمارة طرابلس المملوكية بحث قُدِّم لمؤتمر المهندسين المعماريين الأتراك الذي انعقد بأنقرة 24 - 26 حزيران 2008 ونُشر بالتركية في الكتاب الصادر عن المؤتمر Tripolinin Memluk Mimarisi تحت عنوان Turk Dunyasi Mimarlik ve Sehircilik Kurultayi.
83 -
أخبار الغَزْنويّين عند ابن العِبْري مُقَارنةً مع ابن الأثير - بحث قدّم في
المؤتمر العالمي الذي انعقد بمدينة "عشق آباد" عاصمة جمهورية تُركمنستان بتاريخ
13 -
15 أيار (مايو) 2009 م تحت عنوان: "الإرث الثقافي لشرق تُركمنستان في العصر القديم والوسيط" بدعوة من "مركز تُركمنستان الوطني الثقافي"(ميراس)، وقد نُشر البحث في العدد (4) من مجلة المركز (MIRAS) لعام 2009 المتضمّن أبحاث المؤتمر، بالروسية والإنكليزية، (ص 77 - 87) مع ملخّص بالتركمانية في الكتاب الصادر عن المُؤتمر.
84 -
رحلة عبد الباسط بن خليل بن شاهين إلى تونس (866 - 868 هـ/ 1461 - 1463 م) وتراجم تونسية في مخطوطين له - بحث قدّم إلى الملتقى الدولي السادس الذي نظّمه مَخْبَر البحوث التاريخية عن العالم العربي الإسلامي في العصر الوسيط، بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة تونس، أيام 28 - 30 نيسان (أبريل) 2010 م حول: الكتابة التاريخية في العالم العربي الإسلامي من الخبر والرواية إلى النص والوثيقة.
85 -
القسطنطينية عند المؤرّخين والجغرافيّين ومؤلّفات الأدباء والرَّحَّالة العرب - بحث قُدّم إلى ندوة استانبول الدولية الأولى للأدب العالمي، نظّمها قسم اللغة التركية وآدابها بكلية الآداب والعلوم في جامعة بَيْ كَنْت Bey Kent بالتعاون مع بلدية منطقة فاتح، من 6 - 8 أيار (مايو) 2010 م.
86 -
المعتصم باللَّه العباسي وبناء مدينة "العسكر" للأتراك بسامرّاء - بحث قُدّم إلى المؤتمر العالمي الثالث، تنظيم هيئة التخطيط المدني والعمارة في العالم التركي، وانعقد في مدينة الآستانة بجمهورية قازاخستان، من 3 - 6 حزيران (يونيه) 2010 م.
87 -
مزروعات طرابلس الشام وجوارها وفق النصوص التاريخية، من الفتح الإسلامي حتى نهاية دولة المماليك - بحث قُدّم إلى مؤتمر "الزراعة في بلاد الشام منذ أواخر العهد البيزنطي حتى عام 1920 م من منظور تاريخي"، في إطار المؤتمر الدولي التاسع لتاريخ بلاد الشام، في الجامعة الأردنية، بعمّان، من 1 - 5 نيسان (أبريل)2012.
كتابات تاريخية متفرقة
1 -
كتب المادَّة التاريخية لمسرحية "بطلة من بلادي" - عائشة البِشِنَّاتية.
2 -
كتب المادَّة التاريخية لكُتيّب "الجامع المنصوري الكبير" بمناسبة الاحتفال بمرور 700 عام على بنائه، بالعربية والإنكليزية، ترجمة د. غازي عمر تدمري، وتصوير المهندس د. خالد عمر تدمري.
3 -
كتب المادَّة التاريخية لكُتيّب "طرابلس إشعاع حضاريّ ثريّ"، وصدر عن بلدية طرابلس.
4 -
كتب المادَّة التاريخية "مدينة طرابلس بين الماضي والحاضر وتطلّعات إلى المستقبل" للمعهد العربي لإنماء المدن، ضمن مشروع موسوعة ألكترونية -
القرص اللّيزري المُدمج (C.D) عن 30 مدينة عربية، بإسهام من بلدية طرابلس 1999.
5 -
كتب المادَّة التاريخية لفيلم طرابلس "درّة الشرق" من تصوير وإعداد وتنفيذ المهندس د. خالد عمر تدمري، لمصلحة بلدية طرابلس، بالعربية والفرنسية والإنكليزية.
6 -
كتب المادّة التاريخية لكُتيّب "جولة في طرابلس الفيحاء" من تصوير المهندس د. خالد عمر تدمري، وترجمة د. غازي عمر تدمري بالإنكليزية (50 صفحة)، بتكليف من بلدية طرابلس 2002.
7 -
كتب مقدّمات لعدّة كتب لمؤلّفين طرابُلسيّين وعكَاريّين وغيرهم.
8 -
كتب المادّة التاريخية لدليل طرابلس الإلكْتروني على الإنترنت بالعنوان: www.tripoli - city.org من إعداد وإشراف د. غازي عمر تدمري وترجمته إلى الإنكليزية.
مشاركات فى كتب منشورة
1 -
إبرهيم بن علي الأحدب الطرابلسي (1243 هـ/ 1826 م - 1308 هـ/ 1891 م). السيرة والمصادر، نشرت في:"موسوعة الحضارة الإسلامية"(بالفصلة التجريبية) منشورات المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية - مؤسسة آل البيت (مآب) - عمَّان 1989 (ص 22 و 23).
2 -
جُرجي ينّي. "نشأته، حياته، نشاطه الثقافي والأدبي، ودراسته تاريخ طرابلس". دراسة نُشرت في كتاب "مؤرّخون أعلام من لبنان" - بمناسبة تكريم الفائزين من المؤرّخين اللبنانيّين ونيْلهم وسام "المؤرخ العربي" 1993، منشورات دار النضال، ببيروت 1997 (ص 109 - 138).
3 -
مدينة طرابلس في العصرين المملوكي والعثماني. دراسة مع معالم الحدود والعمارة في مدينة طرابلس الشام القديمة، نُشرت في كتاب:"طرابلس المدينة القديمة" Tripoli The Old Monument Survey - Mosques and .Madrasas a sourcebook of maps architectural drawings منشورات الجامعة الأميركية في بيروت 1994 - 1995 (دون ترقيم للصفحات).
4 -
محافظة لبنان الشمالي، إلماعة بين الماضي والحاضر وتأمّلات للمستقبل. دراسة نُشرت في كتاب "لبنان في محافظاته"، منشورات مجلة تاريخ العرب والعالم، بالتعاون مع بنك بيروت للتجارة، 1995 (ص 38 - 64).
5 -
المؤرّخ "ابن الحمصي"(841 - 1934 هـ) وكتابه "حوادث الزمان ووفيات الشيوخ والأقران". دراسة صدرت في كتاب "بحوث مُهداة للأستاذ الدكتور سيّد مقبول أحمد"، منشورات جامعة آل البيت بالمملكة الأردنية الهاشمية، عمَّان 1420 هـ / 1999 م (ص 315 - 340).
6 -
التجربة التاريخية للعهد المملوكي ودور الخط في العمارة. دراسة مع جداول بمواقع الكتابات المنقوشة على العمائر المملوكية، نُشرت في كتاب "الخط العربي في العمارة - الكتابات في الآثار الإسلامية في مدينة طرابلس أيام المماليك"، وصدر بمناسبة إعلان "بيروت عاصمة ثقافية للعالم العربي" 1999 برعاية وزارة الثقافة والتعليم العالي بلبنان، باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية (ص 27 - 30) و (ص 81 - 84).