الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي نُسْخَتِهِ زَائِدًا عَلَى مَا رَوَاهُ الْمَرْوَزِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: لَقِيَ الْحَسَنَ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ أُظنُّهَا ذَاتَ رِدَاغٍ فَقَالَ: أَفِي مِثْلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: «هُوَ التَّشْدِيدُ أَوِ الْهَلَكَةُ»
أَخْبَرَ عَبْدُ الْحَكِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ طَارِقٌ قَالَ: إِنْ لَمْ يُبَايِعْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَأَقْتُلَنَّهُ قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقُلْنَا لَهُ، فَقَالَ:«لَا أُبَايِعُ لِرَجُلَيْنِ» فَقِيلَ لَهُ تَغَيَّبْ، فَقَالَ:«أَحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ اللَّهُ؟» فَقُلْنَا: اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ:«أُدْعَى إِلَى الْفَلَاحِ فَلَا أُجِيبُ»
أَخْبَرَنَا حَكِيمُ بْنُ رُزَيْقٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، سَأَلَهُ أَبِي فَقَالَ: إِحْضَارُ الْجِنَازَةِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: " مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُقْبَرَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُسَبِّحَ لِلَّهِ وَيُهَلِّلَ وَيَسْتَغْفِرَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ: آمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَاكَ فَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ "
أَخْبَرَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنَ النَّوَافِلِ»
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، أَتَى بَابَ مُعَاوِيَةَ، فَاسْتَأْذَنَ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَرَجِعَ إِلَى جُلَسَائِهِ، ثُمَّ عَادَ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَقَالَ:«مَنْ يَغْشَ سُدَّةَ السُّلْطَانِ يَقُمْ وَيَقْعُدْ، وَمَنْ يَجِدْ بَابًا مُغْلَقًا يَجِدْ إِلَى جَانِبِهِ بَابًا فَيْحًا رَحْبًا إِنْ دَعَا أُجِيبَ وَإِنْ سَأَلَ أُعْطِيَ»
أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: «إِنَّ بُيُوتَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ الْمَسَاجِدُ، وَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكرِمُ مَنْ زَارَهُ فِيهَا»
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: نا رَجُلٌ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ يَتْبَعُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَيَسْمَعُ مِنْهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ فَلَقِيَ نَوْفًا، فَقَالَ نَوْفٌ:" ذُكِرَ لَنَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ: ادْعُوا إِلَيَّ عِبَادِي، فَقَالُوا: يَا رَبُّ وَكَيْفَ وَالسَّمَوَاتُ السَّبْعُ دُونَهُمْ وَالْعَرْشُ فَوْقَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدِ اسْتَجَابُوا لِي "
قَالَ: يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: - قَالَ الشَّامِيُّ: وَإِنَّ يَدَهُ لَعَلَى عَاتِقِي أَوْ قَالَ: ذَقْنِي ـ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، أَوْ قَالَ: غَيْرَهَا - شَكَّ سُلَيْمَانُ - فَقَعَدَ رَهْطٌ أَنَا فِيهِمْ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْرِعُ الْمَشْيَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَفْعِهِ إِزَارَهُ، كَيْ يَكُونَ أَحَثَّ لَهُ فِي الْمَشْيِ، فَانْتَهَى إِلَيَّ فَقَالَ:" أَلَا أَبْشِرُوا هَذَا رَبُّكُمْ أَمَرَ بِبَابِ السَّمَاءِ الْوُسْطَى - أَوْ قَالَ: السَّمَاءِ - فَفَتَحَهُ فَفَاخَرَ بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَدُّوا حَقًّا مِنْ حَقِّي ثُمَّ انْتَظَرُوا أَدَاءَ حَقٍّ آخَرَ يُؤَدُّونَهُ "
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ
⦗ص: 3⦘
: أَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ، وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:«يَا مُسيِّبُ إِنَّ لِهَذَا الْمَسْجِدِ أَوْتَادًا هُمْ أَوْ. . . يَتَعَاهَدُونَ الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا عَادُوهُ، وَإِنْ كَانَ فِي حَاجَةٍ أَعَانُوهُ»
بَابٌ فِي الْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ
أنا شُعْبَةُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ، عَنْ مَوْلًى لِسُفْيَانَ بْنِ مَزْيَدٍ، أَوْ قَالَ: مَرْثَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْطَلِقُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُستَعْجِلٌ، فَلَقِيَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: " اقْصُدْ فِي مَشْيِكَ؛ فَإِنَّكَ فِي صَلَاةٍ، وَلَنْ تَخْطُوَ خُطْوَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْكَ خَطِيئَةً
أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَشْيُكَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرُجُوعُكَ إِلَى بَيْتِكَ فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ» سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَفَادَنِي هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ بِالرَّقَّةِ فَرَجَعْتُ بَعْدُ إِلَى حِمْصَ حَتَّى سَأَلْتُهُ
بَابٌ فِي الْعُزْلَةِ
أنا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ»
أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ أَقَلَّ الْعَيْبِ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ عَدَسَةَ الطَّائِيِّ قَالَ: مَرَّ بِنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَنَحْنُ بِزُبَالَةٍ أَتَيْنَا بِطَيْرٍ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ صِيدَ؟ أَوْ مِنْ أَيْنَ أُصِيبَ هَذَا الطَّيْرُ؟، فَقُلْنَا: مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ أُصِيبَ هَذَا الطَّيْرُ لَا يُكَلِّمُنِي بَشَرٌ وَلَا أُكَلِّمُهُ
نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:«نِعْمَ صَوْمَعَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ، يَحْفَظُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَمَجَالِسَ السُّوقِ؛ فَإِنَّهَا تُلْهِي وَتُطْغِي»
أنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " مَا كُنْتَ تَلْقَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا فِي مَسَاجِدِهِمْ أَوْ فِي صَوَامِعِهِمْ، يَعْنِي بُيُوتَهُمْ أَوْ حِلًّا مِنَ الدُّنْيَا يُعْذَرُونَ بِهَا، فَلَمْ يَكُونُوا أَسْقَطَ بَيْنَ ذَلِكَ، يَحْثِي النِّسَاءُ فِي وُجُوهِهِمْ، كَأَنَّهُ يَعْنِي الْمَجَانِينَ
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَعْتَزِلُ النَّاسَ إِنَّمَا هُوَ وَحْدَهُ، فَجَاءَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَ:«أَنْشُدُكَ اللَّهَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى أَنْ تَعْتَزِلَ النَّاسَ» فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ أُسْلَبَ دِينِي وَلَا أَشْعُرَ، فَقَالَ:«أَتَرَى فِي الْجُنْدِ مِائَةً يَخَافُونَ اللَّهَ مَا تَخَافُهُ؟» قَالَ: «فَلَمْ يَزَلْ يُنْقِصُ حَتَّى بَلَغَ عَشَرَةً» قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ: ذَاكَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ غَزِيَّةَ قَالَ: كَانَ أَبُو الْجَهْمِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ
⦗ص: 5⦘
، لَا يُجَالِسُ النَّاسَ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ، قَالَ:«النَّاسُ شَرٌّ مِنَ الْوَحْدَةِ» وَكَانَ يَقُولُ: «لَا أَؤُمُّ أَحَدًا مَا عِشْتُ، وَلَا أَرْكَبُ دَابَّةً إِلَّا وَأَنَا ضَامِنٌ يُرِيدُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ ـ زَعَمُوا ـ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَأَشَدِّهِمُ اجْتِهَادًا، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ الْمَسْجِدَ»
أنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ يُرِيدُ الْحَجَّ تَلَقَّاهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَلَا تَرْكَبُ؟ فَتَلْقَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: «إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرْكَبَ مَرْكَبًا لَا أَكُونُ فِيهِ ضَامِنًا عَلَى اللَّهِ»
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ غَزِيَّةَ، أَنَّ حَمْزَةَ، مِنْ بَعْضِ وَلَدِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«طُوبَى لِمَنْ أَخْلَصَ دُعَاءَهُ وَعِبَادَتَهُ لِلَّهِ، وَلَمْ يَشْغَلْ قَلْبَهُ بِمَا تَرَى عَيْنَاهُ، وَلَمْ يُنْسِهِ ذِكْرَ اللَّهِ مَا تَسْمَعُ أُذُنَاهُ، وَلَمْ يُحْزِنْ نَفْسَهُ بِمَا أُعْطِيَ غَيْرُهُ»
أنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّهِ - قَالَ سُلَيْمَانُ: وَأُمُّهُ بِنْتُ حُذَيْفَةَ - عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مَنْ يُصْلِحُ لِي فِي مَالِي، ثُمَّ أَغْلَقْتُ عَلَيَّ بَابِي فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ بَشَرٌ وَلَمْ أَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ»
أنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّعْبِيُّ قَالَ: مَا جَلَسَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ عَلَى مَجْلِسٍ وَلَا ظَهْرِ طَرِيقِ كَذَا وَكَذَا: قَالَ: «أَخَافُ أَنْ يُظْلَمَ رَجُلٌ فَلَا أَنْصُرُهُ، أَوْ يَفْتَرِيَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ وَأُكلَّفَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ، أَوْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ فَلَا أَرُدَّ السَّلَامَ، أَوْ يَقَعَ عَنْ حَامِلَةٍ حَمْلَهَا وَلَا أَحْمِلُ عَلَيْهَا» قَالَ: فَأَنْشَأَ يَذْكُرُ مِنْ هَذَا قَالَ
⦗ص: 6⦘
: وَكُنَّا نَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتَهُ
أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ فُلَانٌ: «مَا أَرَى رَبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ، تَكَلَّمَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بِكَلِمَةٍ إِلَّا تَصَعَّدَ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ صَحِبَ رَبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ عِشْرِينَ عَامًا «فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ كَلِمَةً تُعَابُ عَلَيْهِ»
قَالَ: وَنا أَيْضًا قَالَ: جَالَسَ رَجُلٌ أُرَاهُ مِنْ تَيْمٍ رَبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ عَشْرَ سِنِينَ قَالَ: فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَالدِتُكَ حَيَّةٌ؟» وَقَالَ: «كَمْ لَكُمْ مِنْ مَسْجِدٍ؟»
أنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا عِنْدَ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، فَقَالَ رَبِيعٌ:«ذِكْرُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ذِكْرِ الرِّجَالِ»
أنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: أنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ أَهْلِ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ «مَا سَمِعْنَا مِنْ رَبِيعٍ كَلِمَةً نَرَى عَصَى اللَّهَ فِيهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي طُعْمَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْحَيِّ وَرُبَّمَا قَالَ: هُبَيْرَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ بِنَعْيِ الْحُسَيْنِ، وَقَالُوا: الْيَوْمَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ:«قَتَلُوهُ؟» وَمَدَّ بِهَا
⦗ص: 7⦘
سُفْيَانُ صَوْتَهُ، {اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَبِيعٌ؟ قَالَ:«أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي عَقْلًا»
أنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: " مَرَّ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ بِمِيثَمٍ صَاحِبِ الزَّمَانِ وَمَعَ مِيثَمٍ جَلِيسٌ لِلرَّبِيعِ فَقَالَ مِيثَمٌ لِجَلِيسِ الرَّبِيعِ: فِي أَيِّ وَادٍ يَهيمُ هَذَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي مَا نَحْنُ حِينَ نَقُومُ مِنْ عِنْدِهِ إِلَّا كَهَيْئَتِنَا حِينَ نَجْلِسُ قَالَ: أَدْخِلْنِي عَلَيْهِ، فَإِنِّي قَلَّمَا كَلَّمْتُ رَجُلًا إِلَّا كِدْتُ أَعْرِفُ نَحْوَهُ الَّذِي يَأْخُذُ فِيهِ قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ: فَتَكَلَّمَ مِيثَمٌ وَكَانَ صَاحِبَ كَلَامٍ، فَذَكَرَ اخْتِلَافَ النَّاسِ، وَذَكَرَ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ رَبِيعٌ، فَذَكَرَ الْأَمْرَ الْجَامِعَ، الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَحْوَ هَذَا - ثُمَّ اسْتَغْفَرُوا وَسَكَتَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الرَّجُلُ لِمِيثَمٍ: مَهْ قَالَ: مَا أَنَا حِينَ قُمْتُ إِلَّا كَهَيْئَتِي حِينَ جَلَسْتُ "
أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: نا رَجُلٌ، قِيلَ لِلْحَسَنِ، فِي شَيْءٍ قَالَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ هَذَا، قَالَ:" وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا قَطُّ؟ إِنَّمَا الْفَقِيهُ: الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ، الدَّائِبُ فِي الْعِبَادَةِ " قَالَ: «وَمَا رَأَيْتُ فَقِيهًا قَطُّ، يُدَارِي وَلَا يُمَارِي، يَنْشُرُ حِكْمَةَ اللَّهِ، فَإِنْ قُبِلَتْ حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ رُدَّتْ حَمِدَ اللَّهَ»
أنا عِيسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، لِجَلِيسٍ لَهُ:«أَيَسُرُّكَ أَنْ تُؤْتَى بِصَحِيفَةٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُفَكَّ خَاتَمُهَا؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَاقْرَأْ {تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 151] فَقَرَأَ إِلَى آخِرِ الثَّلَاثِ الْآيَاتِ "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَكْرٌ، يَذْكُرُ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«يَا بَكْرُ بْنَ مَاعِزٍ اخْزِنْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ. إِلَّا مِمَّا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ، فَإِنِّي اتَّهَمْتُ النَّاسَ عَلَى دِينِي، أَطِعِ اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ، وَمَا استُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ، مَا أَنَا فِي الْعَمْدِ أَخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَأِ، مَا خَيْرُكُمُ الْيَوْمَ بِخِيرَةٍ، وَلَكِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ آخَرَ شَرٍّ مِنْهُ، مَا تَبْتَغُونَ الْخَيْرَ حَقَّ ابْتِغَائِهِ، وَلَا تَفِرُّونَ مِنَ الشَّرِّ حَقَّ فِرَارِهِ، وَمَا كُلُّ مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ أَدْرَكْتُمْ، وَمَا كُلُّ مَا تَقْرَءُونَ تَدْرُونَ مَا هُوَ؟ السَّرَائِرُ الَّتِي يَخفَيْنَ مِنَ النَّاسِ، وَهُنَّ عِنْدَ اللَّهِ بَوَادٍ، الْتَمِسُوا دَوَاءَهَا، وَمَا دَوَاؤُهَا؟ أَنْ تَتُوبَ ثُمَّ لَا تَعُودَ»
أنا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، أَنَّهُ قَالَ:" أَقِلُّوا الْكَلَامَ إِلَّا فِي تِسْعٍ: تَسْبِيحٍ، وَتَحَمِيدٍ، وَتَهْلِيلٍ، وَتَكْبِيرٍ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَأَمْرٍ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٍ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَسُؤَالِكَ الْخَيْرَ، وَتَعوُّذِكَ مِنَ الشَّرِّ " حِينَ دَخَلَ عَلَى عَلْقَمَةَ
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَزَحَمَ النَّاسُ، فَضَحِكَ الرَّجُلُ وَقَالَ: إِذَا جِئْتُ زُحِمْتَ، فَضَحِكَ الْآخَرُ، فَقَالَ:«مَهْ» ثُمَّ ضَحِكَ أَيْضًا، فَقَالَ:«كَانَ النَّاسُ وَالسِّنُّ لَا يَزِيدُ الرَّجُلَ إِلَّا خَيْرًا، وَلَيْسَ مَنْ جَرَّبَ كَمَنْ لَمْ يُجَرِّبْ، فَالنَّاسُ الْيَوْمَ يَذْهَبُونَ سِفَالًا سِفَالًا قَلَّتِ الْأَمَانَةُ، وَاشْتَدَّ الشُّحُّ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَ بِهَا مُؤْمِنٌ إِلَّا أَصْبَحَ مَهْمُومًا مَحْزُونًا مِمَّا يُرَاعِي مِنْ نَفْسِهِ، وَمِمَّا يُرَاعِي مِنَ النَّاسِ، ذَهَبَتِ الْوُجُوهُ، وَالْمَعَارِفُ فَلَا نَكَادُ الْيَوْمَ نَعْرِفُ شَيْئًا، إِنَّ الدُّنْيَا كَانَتْ مَرَّةً مُقْبِلَةً حُلْوَةً، فَقَدْ ذَهَبَتْ حَلَاوَتُهَا وَذَهَبَتْ طُمَأْنِينَتُهَا، وَذَهَبَتْ سَلْوَتُهَا، وَذَهَبَ صَفْوُهَا وَبَقِيَ كَدَرُهَا»
بَابُ الْمُزَاحِ
أَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْوَلِيدِ، أَنَّ عُمَرَ كَهَّفَ لِلْمُنَافِقِينَ، فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَصْحَبَهُ نَاسٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَقَدِ اجْتَمَعُوا لِيَخْرُجُوا مَعَهُ، فَقَالَ:«أَكُلُّكُمْ قَدْ حَضَرَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:«فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ» وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إِذَا تَكَلَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: " اتَّقُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِيَّايَ وَالْمُزَاحَةَ؛ فَإِنَّهَا تَجُرُّ الْقَبِيحَةَ وَتُوَرِّثُ الضَّغِينَةَ، تَحَدَّثُوا بِالْقُرْآنِ وَتَجَالَسُوا لَهُ، فَإِنْ ثَقُلَ عَلَيْكُمْ فَحَدِيثٌ حَسَنٌ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ، سِيرُوا بِسْمِ اللَّهِ
بَابُ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ
أَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: مَا تَرَكَ عَبْدٌ شَيْئًا لَا يَتْرُكُهُ إِلَّا لِلَّهِ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ مِمَّا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَلَا تَهَاوَنَ عَبْدٌ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَصْلُحُ لَهُ إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ، مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
أنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«لَا تَتْرُكُونَ خَصْلَةً مِمَّا تُؤْمَرُونُ بِهِ إِلَّا أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهَا أَشَدَّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا»
أنا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ:«دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ فَقْدَ شَيْءٍ تَرَكْتَهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ»
أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ أَبِي مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «لَا يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئًا مِنْ دِينِهِمْ إِرَادَةَ اسْتِصْلَاحِ دُنْيَاهُمْ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ عَلَيْهِمْ وَمَا هُوَ شَرٌّ عَلَيْهِمْ مِنْهُ»
بَابٌ فِي الْوَرَعِ
أنا بَشِيرٌ أَبُو إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ: «كَانَ أَوَّلُوكُمْ يَتَعَلَّمُونَ الْوَرَعَ، وَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُتَعَلَّمُ فِيهِ الْكَلَامُ، وَكَانَ أَوَّلُوكُمُ أَخْوَفَ مَا يَكُونُونَ مِنَ الْمَوْتِ أَصَحَّ مَا يَكُونُونَ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ:«أَدْرَكْتُهُمْ وَمَا يَتَعَلَّمُونَ إِلَّا الْوَرَعَ»
قَالَ: وَغَيْرُ وَاحِدٍ يَعْنِي سُفْيَانَ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ:«مَا امْتَلَأَتُ غَيْظًا قَطُّ، وَلَا تَكَلَّمْتُ فِي غَضَبٍ قَطُّ فَأَنْدَمَ عَلَيْهِ إِذَا رَضِيتُ، وَلَقَدْ تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ عَشْرَ سِنِينَ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ رَبِّي مَسْأَلَةً عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا أَعْطَانِيهَا، وَمَا أَيِستُ مِنْهَا، وَمَا تَرَكْتُ الدُّعَاءَ بِهَا، وَمَا أَحَدٌ يَمُوتُ فَأُوجَرُ عَلَيْهِ إِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ يَمُوتَ» فَسُئِلَ مَا الَّذِي دَعَا رَبَّهُ، فَقَالَ:«تَرْكُ مَا لَا يَعْنِينِي»
بَابُ اسْتِمَاعِ اللَّهْوِ
أنا خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ، دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلَمَّا حَضَرَ إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ فَرَجَعَ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ؟ فَقَالَ: «أَسْمَعُ فِيهِ صَوْتًا، وَمَنْ كَثَّرَ سَوَادًا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلًا كَانَ شَرِيكَ مَنْ عَمِلَهُ»
أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ:" يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهَمْ وَأَسْمَاعَهُمْ عَنِ اللَّهْوِ، وَمَزَامِيرِ الشَّيَاطِينِ؟ اجعلُوهُمْ فِي رِيَاضِ الْمِسْكِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ: أَسْمِعُوهُمْ حَمْدِي وَثَنَاءً عَلَيَّ، وَأَخْبِرُوهُمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، " أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، لَقِيَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُ مِنْ رِضَا اللَّهِ وَمَا يُبعِدُ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا تَغْضَبْ، قَالَ: الْغَضَبُ، مَا يُبْدِئُهُ؟ وَمَا يُعِيدُهُ؟ قَالَ: التَّعَزُّزُ، وَالْحَمِيَّةُ، وَالْكِبْرِيَاءُ، وَالْعَظَمَةُ قَالَ: فَغَيْرُ ذَلِكَ أَسْأَلُكَ عَنْهُ قَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ: الزِّنَا مَا يُبْدِئُهُ؟ وَمَا يُعِيدُهُ؟ قَالَ: النَّظَرُ، فَيَقَعُ فِي الْقَلْبِ مَا يُكْثِرُ الْخَطْوَ إِلَى اللَّهْوِ، وَالْغِنَى فَتَكْثُرُ الْغَفْلَةُ وَالْخَطِيئَةُ، وَلَا تُدِمِ النَّظَرَ إِلَى مَا لَيْسَ لَكَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَعَسَكَ مَا لَمْ تَرَ، وَلَنْ يَرِسَكَ مَا لَمْ تَسْمَعْ "
بَابٌ فِي إِعْجَابِ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ
أنا جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى لِامْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، دِينُهُ أَوْ دُنْيَاهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ:" مَا اسْتَوَى رَجُلَانِ صَالِحَانِ: أَحَدُهُمَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، وَالْآخَرُ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ "
أنا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:«كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ تُوطَأَ أَعْقَابُهُمْ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمَعَهُ نَاسٌ، فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: «إِنَّهَا فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ، وَمَذَلَّةٌ لِلتَّابِعِ»
أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، أَنَّ نَاسًا كَانُوا يَتْبَعُونَ سَلْمَانَ، فَقَالَ:«هَذَا خَيْرٌ لَكُمْ وَشَرٌّ لِي»
أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، أَنَّ أَيُّوبَ، حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: «إِنَّ خَفْقَ النِّعَالِ خَلْفَ الرِّجَالِ لَا تُلْبِثُ قُلُوبَ الْحَمْقَى»
بَابٌ فِي الْمَدَّاحِينَ
أنا جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَجُلًا مَدَحَ صَاحِبَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ سَمِعَ مَا قُلْتَ لَهُ مَا أَفْلَحَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: نا أَبُو سَلَمَةَ الْحِمْصِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ
⦗ص: 14⦘
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَدَحْتَ أَخَاكَ فِي وَجْهِهِ، فَكَأَنَّمَا أَمَرَرْتَ عَلَى حَلْقِهِ مُوسَى رَمِيضًا»
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ أَبَا الْبَخْتَرِيَّ، وَأَصْحَابًا لَهُ كَانَ إِذَا مَشَى أَحَدُهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَسَمِعَ ثَنَاءً عَلَيْهِ ثَنَى مَنْكِبَيْهِ، وَقَالَ:«خَشَعْتُ لِلَّهِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْوَازِعِ النَّهْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عِشْتَ، فَغَضِبَ وَقَالَ:«إِنِّي لَأَحْسَبُكُ عِرَاقِيًّا، وَهَلْ تَدْرِي مَا يُغْلِقُ ابْنُ أُمِّكَ عَلَيْهِ بَابَهُ؟»
أنا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، يَتْبَعُهُ شَابٌّ مِنَ الْحَيِّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ رَاحَ قَالَ: فَيَقُولُ بِيَدِهِ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكُمْ»
أنا سُفْيَانُ قَالَ: قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، فَقَالَ:«أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُحَبَّ لَكَ، وَأَنْتَ لِي مُبغِضٌ، أَوْ مَاقِتٌ»
أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ يَقُولُ: «أَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ النِّفَاقِ أَشَدُّهُمْ تَخَوُّفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ، الَّذِي يَرَى أَنَّهُ لَا يُنْجِيَهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ مِنْهُ إِذَا زُكِّي بِمَا لَيْسَ فِيهِ ارْتَاحَ قَلْبُهُ وَقَبِلَهُ» وَقَالَ: " قُلْ إِذَا زُكِّيَتَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَلَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَلَا يَعْلَمُونَ "
أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شَيْخٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ ذِكْرًا خَامِلًا لِي وَلوَلدِي لَا يُنْقِصُنَا ذَلِكَ عِنْدَكَ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ رَبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ غَيْرَ مَرَّةٍ»
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ عَبِيدَةَ رحمه الله مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ»
بَابٌ فِي الرِّيَاءِ
أنا وُهَيْبٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُجَاهِدًا، كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ} [هود: 16] الْآيَةَ قَالَ: «أَهْلُ الرِّيَاءِ، أَهْلُ الرِّيَاءِ»
أنا أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ {يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10] قَالَ: «الرِّيَاءُ»
أنا أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رحمه الله قَالَ:" الْأَعْمَالُ عَلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: عَامِلٌ صَالِحٌ فِي سَبِيلِ هُدًى، يُرِيدُ بِهِ الدُّنْيَا، فَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ شَيْءٌ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ} [هود: 15] الْآيَةَ، وَعَامِلُ رِيَاءٍ لَيْسَ لَهُ ثَوَابٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا الْوَيْلُ، وَعَامِلُ صَالِحٍ فِي سَبِيلِ هُدًى يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ فِي الْآخِرَةِ، مَعَ مَا يُعَانُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَعَامِلُ خَطَايَا وَذُنُوبٍ ثَوَابُهُ عُقُوبَةُ اللَّهِ، إِلَّا أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ، فَإِنَّهُ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ "
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:" اقْرَءُوا الْقُرْآنَ تَسْأَلُونَ اللَّهَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهُ أَقْوَامٌ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ، سَيَقَرَأُ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ: رَجُلٌ يُبَاهِي بِهِ النَّاسَ، وَرَجُلٌ يَسْتَأْكِلُ بِهِ النَّاسَ، وَقَارِئٌ يَقْرَأُهُ لِلَّهِ "
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُصْعَبِ مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: «أَكْثَرُ مُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قُرَّاؤُهَا»
أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ: «وَتَسَجَّى بِثَوْبٍ» ثُمَّ بَكَى وَبَكَى، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا يَعْلَى؟ قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ، وَالرِّيَاءُ الظَّاهِرُ، إِنَّكُمْ لَنْ تُؤْتَوْا إِلَّا مِنْ قِبَلِ رُءُوسِكُمْ، إِنَّكُمْ لَنْ تُؤْتَوْا إِلَّا مِنْ قِبَلِ رُءُوسِكُمْ، إِنَّكُمْ لَنْ تُؤْتَوْا إِلَّا مِنْ قِبَلِ رُءُوسِكُمْ، الَّذِينَ إِنْ أَمَرُوا بِخَيْرٍ أُطيعُوا، وَإِنْ أَمَرُوا بِشْرٍ أُطيعُوا» وَمَا الْمُنَافِقُ؟ «إِنَّمَا الْمُنَافِقُ كَالْجَمَلِ اختَنَقَ فَمَاتَ فِي رِبْقِهِ لَنْ يَعْدُوَ شَرُّهُ نَفْسَهُ»
بَابُ حُسْنِ السَّرِيرَةِ
أنا عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَنَا أُذَكِّرُهُ:«إِنِ اسْتَطَعْتَ يَا أَبَا حَمْزَةَ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ أَسْعَدَ بِمَا نَسْمَعُ مِنْكَ فَافْعَلْ»
أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، أَوْ غَيْرُهُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ:" قَالَ اللَّهُ: إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلَامِ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إِلَى هَمِّهِ وَهَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَهَوَاهُ لِي جَعَلْتُ صَمْتَهُ وَقَارًا وَحَمْدًا لِي، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ "
أنا جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:«لَا يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ إِذَا قَالَ، قَالَ لِلَّهِ، وَإِذَا عَمِلَ، يَعْمَلُ لِلَّهِ»
أنا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْحِمْصِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ:«كَتَبَ حَكِيمٌ مِنَ الْحُكَمَاءِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ مُصْحَفًا مِنْ مَصَاحِفِكُمْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّكَ قَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ بَقَاقًا، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ شَيْئًا مِنْ بَقَاقِكَ»
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: نا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدَ ذَكَرَ اللَّهَ وَإِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ، وَصِيَامُهُ، وَتِلَاوَتُهُ الْقُرْآنَ، وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ نَسِيَ اللَّهَ، وَإِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ، وَصِيَامُهُ، وَتِلَاوَتُهُ الْقُرْآنَ»
أنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ:" يَصْعَدُ الْمَلَكُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا بِهِ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى رَبِّهِ قَالَ: اجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ، إِنِّي لَمْ أُرَدْ بِهَذَا "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ:«إِنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ جَوَّانِيًّا وَبَرَّانِيًّا، فَمَنْ يُصْلِحْ جَوَّانِيَّهُ يُصْلِحِ اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ، وَمَنْ يُفْسِدْ جَوَّانِيَّهُ يُفْسِدِ اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ»
أنا عَوْفٌ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: «لَوْ أَنَّ عَبْدًا دَخَلَ بَيْتًا فِي جَوْفِ بَيْتٍ فَأَدْمَنَ هُنَاكَ عَمَلًا أَوْشَكَ النَّاسُ أَنْ يَتَحَدَّثُوا بِهِ، وَمَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ رِدَاءَ عَمَلِهِ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ»
أنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«مَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ تَطَاوَلَ تعظُّمًا، خَفَضَهُ اللَّهُ، وَمَنْ تَوَاضَعَ تَخَشُّعًا، رَفَعَهُ اللَّهُ، وَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: مَا الْمُسْتَرِيحُ؟ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ اسْتَرَاحَ، وَأَمَّا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ فَهُوَ الَّذِي يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَغُشُّهُمُ فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا مَاتَ فَهُوَ الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ»
أنا سُفْيَانُ، أنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ: قَالَ لِي الْفُضَيْلُ الرَّقَاشِيُّ: «لَا يُلْهِيَنَّكَ النَّاسُ عَنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ الْأَمْرَ يَخْلُصُ إِلَيْكَ دُونَهُمْ، وَلَا تَقْطَعِ النَّهَارَ بِكَذَا وَكَذَا، فَإِنَّكَ مَحْفُوظٌ عَلَيْكَ مَا عَمِلْتَ، وَاعْلَمْ أَنِّي لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشَدَّ طَلَبًا وَلَا أَسْرَعَ إِدْرَاكًا مِنْ حَسَنَةٍ حَدِيثَةٍ لَذَنْبٍ قَدِيمٍ»
سَمِعْتُ سُفْيَانَ: قَالَ: يُقَالُ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْعَابِدِ الْجَاهِلِ، وَفِتْنَةِ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ، فَإِنَّ فِتنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ»
أنا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] قَالَ: «اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْتَجِيبَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ»
بَابٌ فِي التَّقْوَى
أنا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ: «آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ
⦗ص: 19⦘
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمْعًا أَنْ أُعْطَاهَا، وَجَعَلَنِي اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ»
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ:" لَأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنِّي مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] "
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ جُلَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " تَمَامُ التَّقْوَى أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ الْعَبْدُ حَتَّى يَتَّقِيَهُ فِي مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، حَتَّى يَتْرُكَ بَعْضَ مَا يَرَى أَنَّهُ حَلَالٌ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا، يَكُونُ حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَامِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ لِلْعِبَادِ الَّذِي يُصَيِّرُهُمْ إِلَيْهِ قَالَ اللَّهُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] فَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الشَّرِّ أَنْ تَتَّقِيَهُ، وَلَا شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ أَنْ تَفْعَلَهُ "
أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] قَالَ: «لَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ»
أنا عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرِّفَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ ادْعُ اللَّهَ لَنَا قَالَ: «الدُّعَاءُ يَرْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ»
بَابٌ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْمَالِ الْحَرَامِ
بَابٌ فِي تَأَخُّرِ الْإِجَابَةِ لِلدُّعَاءِ
أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ:" قَالَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ: يَا رَبِّ، دَعَاكَ فُلَانٌ النَّبِيُّ، وَفُلَانٌ النَّبِيُّ، فَأَجَبْتَهُمْ، وَدَعَوْتُكَ فَلَمْ تُجِبْنِي، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا النَّبِيَّ وَفُلَانًا النَّبِيَّ دَعَوْنِي، وَالْأَجَلُ الَّذِي أُهْلِكُ فِيهِ أُمَّتَهُمْ مُسْتَأْخِرٌ، فَاسْتَجَبْتُ لَهُمْ، وَإِنَّكَ دَعَوْتَنِي، وَالْأَجَلُ الَّذِي أُهْلِكُ فِيهِ أُمَّتَكَ قَدْ حَضَرَ، فَوَعِزَّتِي لَوْ كَانَ فِيهِمْ مُوسَى وَإِلْيَاسُ مَعَ أَنْبِيَاءَ قَدْ سَمَّاهُمْ، ثُمَّ كَانَ فِيهِمْ وَلَدُ أَحَدِهِمْ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ لَمْ أُنَجِّ لَهُ إِلَّا نَفْسَهُ "
بَابٌ فِي الْإِخْلَاصِ فِي الدُّعَاءِ
أنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: جَاءَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِلَى عَلْقَمَةَ، فَذَكَرَ شَيْئًا، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا النَّاخِلَةَ يَعْنِي مَحْضَ قَلْبِهِ» فَعُجِبَ بِهِ رَبِيعٌ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، لِعَلْقَمَةَ: أَمَا سَمِعْتَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ مُسَمِّعٍ، وَلَا مُرَاءٍ، وَلَا لَاعِبٍ، وَلَا دَاعٍ، إِلَّا دَاعِيًا دُعَاءً ثَبْتًا مِنْ قَلْبِهِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْنٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، رَأَى رَجُلًا
⦗ص: 21⦘
يَسْأَلُ اللَّهَ وَفِي يَدِهِ حَصَىً، فَقَالَ:«إِذَا سَأَلْتَ رَبَّكَ خَيْرًا فَلَا تَسْأَلْهُ وَفِي يَدِكَ الْحَجَرُ»
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَادْعُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ حِينَ تَدْعُونَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دُعَاءً عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ»
أنا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْحِمْصِيُّ، عَنْ بَعْضِ مَنْ ذَكَرَهُ عَنْهُ قَالَ:" أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ الْعَذَابَ حَانَ قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ لِقَوْمِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا أَفَاضِلَهُمْ فَيَتُوبُوا قَالَ: فَخَرَجُوا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَفَاضِلِهِمْ وَفْدًا إِلَى اللَّهِ، أَوْ قَالَ: بِوِفَادَتِهِمْ إِلَى اللَّهِ قَالَ: فَخَرَجَ وَفْدُهُمْ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَقَالَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى عَبْدِكَ مُوسَى أَنْ نَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنَا، وَإِنَّا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا فَاعْفُ عَنَّا قَالَ: وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلْتَ عَلَى عَبْدِكَ مُوسَى أَنْ لَا نَرُدَّ السُّؤَّالَ إِذَا قَامُوا بِبَابِنَا، وَإِنَّا سُؤَّالٌ مِنْ سُؤَّالِكَ بِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِكَ فَلَا تَرُدَّ سُؤَّالَكَ، وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ أَمَرْتَنَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلْتَ عَلَى عَبْدِكَ مُوسَى أَنْ نَعْتِقَ رِقَابًا وَإِنَّا عَبِيدُكَ وَأَرِقَّاؤُكَ فَأَوْجِبْ لَنَا عِتْقَنَا قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ "
بَابٌ فِي لُزُومِ السُّنَّةِ
أنا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّبِيلِ
⦗ص: 22⦘
وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَبْدٍ عَلَى السَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِ فَيُعذِّبَهُ اللَّهُ أَبَدًا، وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَبْدٍ عَلَى السَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ذَكَرَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ فَاقْشَعَرَّ جِلْدُهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إِلَّا كَانَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ قَدْ يَبِسَ وَرَقُهَا فَهِيَ كَذَلِكَ إِذَا أَصَابَتْهَا رِيحٌ شَدِيدَةُ فَتَحَاتَّ عَنْهَا وَرَقُهَا إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتَّ عَنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَرَقُهَا، وَإِنَّ اقْتِصَادًا فِي سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنَ اجْتِهَادٍ فِي خِلَافِ سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ، فَانْظُرُوا أَنْ يَكُونَ عَمَلُكُمْ إِنْ كَانَ اجْتِهَادًا أَوِ اقْتِصَادًا أَنْ يَكُونَ عَلَى مِنْهَاجِ الْأَنْبِيَاءِ وَسُنَّتِهِمْ»
أنا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْنَا، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَقَرَأَ {قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] فَقَالَ: " إِنَّكُمْ قَدْ أُعْطِيتُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ أُعْطِيَهُ أَحَدٌ مِنْ قَبْلِنَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، أَوْ حَظِيَّةَ الرَّجُلِ الْمُخبَّأِ، فَقَالَ لَهُ: سَلْ تُعْطَهْ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ عَبْدٌ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ يَسْأَلُ رَبَّهُ أَمْرًا إِلَّا استُجِيبَ لَهُ فِيهِ إِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ، أَوْ يُدَّخَرَ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَ اللَّهِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يُكَفَّرُ عَنْهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يُدْفَعُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، أَوْ يُعْطَى مِنَ الرِّزْقِ أَفْضَلُ مِمَّا سَأَلَهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ أَمْرًا فِيهِ إِثْمٌ، أَوْ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ " قَالَ: نُعَيْمٌ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: أُعْطِيتُ دُرَيْهِمَاتٍ لِأَنِّي لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ، وَكَانَ قَدِمَ عَلَيْنَا مَرْوَ، فَنَزَلَ عَلَى بَعْضِ الْأُمَرَاءِ يَعْنِي الرَّبِيعَ بْنَ أَنَسٍ
نا نُعَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:" الْكِتَابُ وَالْحِكْمَةُ قَالَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ " نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ:«كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيُعَلِّمُهُ السُّنَّةَ كَمَا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ»
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: فَجَعَلَ يُحَدِّثُنَا قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: حَدِّثْنَا عَنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ: فَغَضِبَ عِمْرَانُ، فَقَالَ:«إِنَّكَ أَحْمَقُ، ذَكَرَ اللَّهُ الزَّكَاةَ فِي كِتَابِهِ، فَأَيْنَ مِنَ الْمِئَتَيْنِ خَمْسَةٌ؟ ذَكَرَ اللَّهُ الصَّلَاةَ فِي كِتَابِهِ، فَأَيْنَ الظُّهْرُ أَرْبَعًا؟ حَتَّى ذَكَرَ الصَّلَوَاتِ، ذَكَرَ اللَّهُ الطَّوَافَ فِي كِتَابِهِ، فَأَيْنَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ سَبْعًا؟ وَبِالصِّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا؟» إِنَّا نُحْكِمُ مَا هُنَاكَ وَتُفَسِّرُهُ السُّنَّةُ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ آيَةٌ إِلَّا وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ»
نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ آيَةٌ إِلَّا وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ يَقُولُ: لَهَا تَفْسِيرٌ ظَاهِرٌ، وَتَفْسِيرٌ خَفِيٌّ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ قَالَ: يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَيَسْتَعْمِلُونَهُ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي، ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ الْقَرْنُ، فَيَجِيءُ قَرْنٌ آخَرُ يَطَّلِعُونَ مِنْهَا عَلَى مَعْنًى آخَرَ، فَيَذْهَبُ عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَنْ قَبْلَهُمْ، فَلَا يَزَالُ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُفَسِّرُهُ السُّنَّةُ "
بَابٌ فِي جَهْدِ الْمُقِلِّ فِي الصَّدَقَةِ
ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، قَدْ كَانَ رَجُلٌ أَوْ كَأَنَّهُ رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَأَخَذَ مِنْ
⦗ص: 24⦘
عُرْضِ مَالِهِ مِائَةَ أَلْفٍ فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَكَانَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمَانِ فَأَخَذَ خَيْرَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِهِ»
بَابٌ فِي دُعَاءِ السَّاهِي فِي الصَّلَاةِ
أنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَضْلِ لَكَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ «أَنَّ أَحَدَهُمَا يَكُونُ مُقْبِلًا عَلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ، وَالْآخَرَ سَاهٍ غَافِلٌ»
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ شَجَرَةَ أَبِي مُحَمَّدٍّ، عَنْ شُفَيٍّ قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونَانِ فِي الصَّلَاةِ مَنَاكِبُهُمَا جَمِيعًا، وَلَمَا بَيْنَ صَلَاتِهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِنَّهُمَا لَيَكُونَانِ فِي صِيَامٍ وَاحِدٍ وَلَمَا بَيْنَ صِيَامِهِمَا لَكَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»
بَابُ مَا يَجِبُ لِلصَّائِمِ مِنَ الصَّمْتِ
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرَيْطٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَعَرَفَ بِحُدُودِهِ، وَتَحَفَّظَ بِمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ فِيهِ، كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ»
فِي الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ قَالَ: كَانَ فِي وَجْهِ رَبِيعٍ شَيْءٌ، فَكَانَ فَمُهُ يَسِيلُ قَالَ: فَرَأَى فِي وَجْهِي الْمُسَاءَةَ، فَقَالَ:«يَا بَكْرُ، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ هَذَا الَّذِي فِيَّ بَأَعْتَى الدَّيْلَمِ عَلَى اللَّهِ»
أنا سُفْيَانُ قَالَ: قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَكَانَ أَصَابَهُ الْفَالِجُ: لَوْ تدَاوَيْتَ فَقَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ عَادًا وَثَمُودَ، وَأَصْحَابَ الرَّسِّ، وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا، كَانَتْ فِيهِمُ الْأَوْجَاعُ، وَكَانَتْ لَهُمْ أَطِبَّاءُ، فَمَا بَقِيَ الْمُدَاوِي وَلَا الْمُدَاوَى إِلَّا قَدْ فَنِيَ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عُرِضَ لِرَبِيعٍ الْفَالِجُ فَكَانَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا يَزِيدَ لَوْ جَلَسْتَ فَإِنَّ لَكَ رُخْصَةً، فَقَالَ:«إِنِّي أَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَلْيُجِبْ، وَلَوْ حَبْوًا»
أنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:«إِنَّ أَهْلَ الْبَلَاءِ فِي الدُّنْيَا إِذَا أُثِيبُوا عَلَى بَلَائِهِمْ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَتَمَنَّى أَنَّ جِلْدَهُ كَانَ قُرِضَ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ»
سَمِعْتُ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «لَيْسَ بِفَقِيهٍ مَنْ لَمْ يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً، وَالرَّجَاءَ مُصِيبَةً»
أنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" قَالَ دَاوُدُ: رَبِّ لَا مَرَضَ يُفْنِينِي، وَلَا صِحَّةَ تُنْسِينِي، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ "
قَالَ الْحَسَنُ: «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَالَتْ سَلَامَتُهُ أَحَبَّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ، تُكَفَّرُ بِهِ السَّيِّئَاتُ، وَيُذْكَرُ بِهِ الْمَعَادُ»
أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَادَوَيْهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يُرِيدُ الْجَمْرَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي أَخِيكَ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، فَهَذَا مَنْزِلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَانْحَرَفْنَا إِلَيْهِ، وَمَعَ سَعِيدٍ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَتَحَدَّثْنَا، ثُمَّ قَالَ سَعِيدٌ: أَتَرَى ابْنِي هَذَا؟ كَأَنِّي خَرَجْتُ وَأُمُّهُ حُبْلَى بِهِ حَتَّى بَلَغَ مَا تَرَى مِنَ السِّنِّ، فَقَالَ وَهْبٌ:" إِنِّي وَجَدْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ، أَوْ قَرَأْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ فِي ذِكْرِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا طَالَتْ بِهِمُ الْعَافِيَةُ حَزِنُوا لِذَلِكَ، وَوَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَإِذَا أَصَابَهُمُ الشَّيْءُ مِنَ الْبَلَاءِ فَرِحُوا بِهِ وَاسْتَبْشَرُوا، وَقَالُوا: الْآنَ عَاتَبَكُمْ رَبُّكُمْ، فَأَعْتِبُوهُ "
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَذْكُرُ مُصِيبَةً وَإِنْ قَدُمَتْ إِلَّا جَدَّدَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَهَا»
فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ
أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ يُعَزِّيهِ بِابْنٍ لَهُ هَلَكَ فَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ شُعَيْبَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ إِذَا ذُهِبَ بِصَفِيِّهِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَصَبَرَ، وَقَالَ كَمَا أَمَرَ بِهِ رَبُّهُ، وَاحْتَسَبَ بِثَوَابٍ دُونَ الْجَنَّةِ»
أنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُوَيْرِثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ اللَّهُ: «مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَأَخَذْتُهُ مِنْهُ إِلَّا الْجَنَّةُ»
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: دَفَنْتُ ابْنِي سِنَانًا وَأَبُو طَلْحَةَ الْخَوْلَانِيُّ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ جَالِسٌ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ أَخَذَ بِيَدِي وَأَنْشَطَنِي، فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا سِنَانٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ عز وجل لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟
⦗ص: 28⦘
فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ "
بَابٌ فِي ثَوَابِ الْمُعَزِّي وَالصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ
أنا أَبُو مَوْدُودٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ قَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّ مَنْ عَزَّى مُسْلِمًا بِمُصِيبَةٍ كَسَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِدَاءً» أَوْ قَالَ: «بُرْدًا عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ يُحْبَرُ بِهِ» فَسَأَلْتُ طَلْحَةَ، مَا يُحْبَرُ بِهِ؟ قَالَ:«يُغْبَطُ بِهِ»
أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا، يَقُولُونَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ أَهْلَ الْمُصِيبَةَ لِيَنْزِلُ بِهِمْ فَيَجْزَعُونَ وَتَسُوءُ رِعَتُهُمْ، فَيَمُرُّ بِهِمْ مَارٌّ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَيَكُونُ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ أَهْلِهَا "
أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ:«الصَّبْرُ اعْتِرَافُ الْعَبْدِ بِمَا أُصِيبَ مِنْهُ، وَاحْتِسَابُهُ الْأَجْرَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ، وَقَدْ يَجْزَعُ الرَّجُلُ وَهُوَ مُتَجلِّدٌ لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا الصَّبْرُ»
أنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ أَبُو هِلَالٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ قَالَ:" أَوْصَانِي أَبِي: أَنْ لَا تُتْبِعْنِي صَوْتًا، وَإِذَا خَرَجْتَ مَعَ جِنَازَتِي فَاحْمِلْ سَرِيرِي مَعَ الْقَوْمِ، أَوِ امْشِ فِي نَاحِيَتِهِمْ، وَإِذَا دَفَنْتَنِي فَأَلِظَّ بِالْأَرْضِ، وَإِذَا رَجَعْتَ فَاغْسِلْ رَأْسَكَ، وَاجْلِسْ فِي مَجْلِسِ قَوْمِكَ "
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
⦗ص: 29⦘
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَعَلَ يَستَثِيرُ الْحَصَى بِيَدِهِ، فَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ، لَيَضْرِبَ صَدْرَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ:«لَعَلَّكَ حَزِنْتَ» قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي عبَثْتُ بِالْحَصَى قَالَ:«يَا بُنَيَّ صَلِّ صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْتَشِرْ، فَإِذَا حَضَرَتِ الظُّهْرُ، ثُمَّ انْتَشِرْ» فَقَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، وَقَالَ:" فِي الْعِشَاءِ: صَلِّ ثُمَّ نَمْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّ اللَّهَ يَعْجَبُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمِيعِ "
بَابٌ فِي ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ عَلَى النَّفَقَةِ يُنفِقُهَا
أنا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَجَبًا لِلْمُسْلِمِ إِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ احْتَسَبَ وَصَبَرَ، الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِيهِ»
أنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أَشْيَاءَ يُؤْجَرُ فِيهَا الرَّجُلُ قَالَ: «يُؤْجَرُ فِي كَذَا، وَيُؤْجَرُ فِي كَذَا، حَتَّى ذَكَرَ غَشَيَانَ
⦗ص: 30⦘
أَهْلِهِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُؤْجَرُ فِي شَهْوَةٍ يُصِيبُهَا؟ قَالَ:«أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ إِثْمًا، أَلَيْسَ كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ الْوِزْرُ؟» قَالَ: «فَكَذَلِكَ يُؤْجَرُ»
أنا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً»
أنا مِسْعَرٌ، عَنْ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْفَقْتُمْ عَلَى أَهْلِيكُمْ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا إِقْتَارٍ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمْرَضُ حَتَّى يُحْرِضَهُ الْمَرَضُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ»
فِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ
أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" كُلُّ عَبْدٍ مُوَكَّلٌ بِهِ مَلَكَانِ فِي مَرَضِهِ، فَإِذَا مَرِضَ، قَالَا: يَا رَبِّ، إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا قَدْ مَرِضَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا مَاذَا يَقُولُ؟ فَإِنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَرَجَا فِيهِ الْخَيْرَ، أَدَّيَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنَّهُ إِنْ رَفَعْتُهُ أَبْدَلْتُهُ دَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ، وَلَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ، وَغَفَرْتُ لَهُ ذَنْبَهُ، وَإِنْ قَبَضْتُهُ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ جَزِعَ وَهَلَعَ قَالَ: إِنْ رَفَعْتُهُ أَبْدَلْتُهُ لَحْمًا شَرًّا مِنْ لَحْمِهِ، وَدَمًا شَرًّا مِنْ دَمِهِ، وَعَاقَبْتُهُ بِذَنْبِهِ، وَإِنْ عَاقَبْتُهُ أَدْخَلْتُهُ النَّارَ "
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ
⦗ص: 31⦘
قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ قَالَ: «أَمَرَرْتَ بِأَرْضٍ مِنْ أَرْضِكَ مُجْدِبَةٍ، ثُمَّ مَرَرْتَ بِهَا مُخْصَبَةً» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«كَذَلِكَ النُّشُورُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ تُحْرَقَ بِالنَّارِ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ، وَأَنْ تُحِبَّ غَيْرَ ذِي نَسَبٍ لَا تُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ تبارك وتعالى، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ الْإِيمَانُ قَلْبَكَ كَمَا دَخَلَ حُبُّ الْمَاءِ قَلْبَ الظَّمْآنِ فِي الْيَوْمِ الْقَائِظِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِأَنْ أَعْلَمَ أَنِّي مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: «مَا مِنْ أُمَّتِي - أَوْ هَذِهِ الْأُمَّةِ - مِنْ عَبْدٍ يَعْمَلُ حَسَنَةً فَيَعْلَمُ أَنَّهَا حَسَنَةٌ، وَاللَّهُ جَازِيهِ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، وَلَا يَعْمَلُ سَيِّئَةً فَيَعْلَمُ أَنَّهَا سَيِّئَةٌ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا هُوَ إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»
أنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " لَأَنْ أَلْحَسَ جَمْرَةً أَحْرَقَتْ مَا أَحْرَقَتْ، وَأَبْقَتْ مَا أَبْقَتْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِشَيْءٍ كَانَ: لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ، أَوْ لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ: لَيْتَهُ كَانَ "
أَخْبَرَنِي بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مَرْثَدٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ:" ذُرْوَةُ الْإِيمَانِ أَرْبَعُ خِلَالٍ: الصَّبْرُ لِلْحُكْمِ، وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ، وَالْإِخْلَاصُ للتَّوكُّلِ، وَالِاسْتِسْلَامُ لِلرَّبِّ، وَلَوْلَا ثَلَاثُ خِلَالٍ صَلُحَ النَّاسُ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًىً مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ " قَالَ نُعَيْمٌ: حَدَّثَنِي بِهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ
أنا يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ:«إِذَا قَضَى اللَّهُ قَضَاءً أَحَبَّ أَنْ يُرْضَى بِقَضَائِهِ»
أنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «مَا أُبَالِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَرَاهُمْ أَبِسَرَّاءَ أَمْ بِضَرَّاءَ، وَمَا أَصْبَحْتُ عَلَى حَالٍ فَتَمَنَّيْتُ أَنِّي عَلَى سِوَاهَا»
أنا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:" قَحَطَ الْمَطَرُ فِي زَمَنِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَنَظَرَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَإِذَا فِيهَا مَلَكٌ يَسُوقُهَا، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: إِلَى أَرْضِ فُلَانٍ، فَانْطَلَقَ عِيسَى حَتَّى أَتَاهُ، فَإِذَا هُوَ يُصْلِحُ بِالْمِسْحَاةِ سَوَاقِيَهَا، فَقَالَ: أَرَدْتَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ، يَعْنِي الْمَطَرَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَقَلَّ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا تَصْنَعُ فِي زَرْعِكَ الْعَامَ؟ قَالَ: وَأَيُّ زَرْعٍ؟ إِنَّهُ يَأْكُلُهُ الْيَرَقَانُ وَكَذَا قَالَ: فَمَا صَنَعْتَ عَامَ أَوَّلٍ؟ قَالَ: جَعَلْتُهُ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ: ثُلُثًا لِلْأَرْضِ، وَالْبَقَرِ، وَالْعِيَالِ، وَثُلُثًا لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَثُلُثًا لِأَجْلِي، فَقَالَ عِيسَى: مَا أَدْرِي أَيُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا "
أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُجَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ الشِّخِّيرِ، حَدِيثًا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ:«إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَرْضَاهُ بِمَا قَسَمَ لَهُ، وَبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا لَمْ يُرْضِهِ بِمَا قَسَمَ لَهُ، وَلَمْ يُبَارِكْ لَهُ فِيهِ»
أنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ مَكْحُولٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «إِنَّ
⦗ص: 33⦘
الرَّجُلَ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ تبارك وتعالى فَيَخْتَارُ لَهُ، فَيَسْخَطُ عَلَى رَبِّهِ عز وجل، فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْعَاقِبَةِ، فَإِذَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" إِنَّ الرَّجُلَ لَيُشْرِفُ عَلَى الْأَمْرِ مِنَ التِّجَارَةِ أَوِ الْإِمَارَةِ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ قَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَاصْرِفْ عَنْ عَبْدِي هَذَا الْأَمْرَ؛ فَإِنِّي إِنْ أُيَسِّرْهُ لَهُ أُدْخِلْهُ جَهَنَّمَ، فَيَجِيءُ الْمَلَكُ فَيُعَوِّذُهُ فَيَصْرِفُهُ عَنْهُ، فَيَظَلُّ يَتَظَنَّى بِجِيرَانِهِ أَنَّهُ سَبَقَنِي فُلَانٌ، دَهَانِي فُلَانٌ، وَمَا صَرَفَهُ عَنْهُ إِلَّا اللَّهُ تبارك وتعالى "
فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، حَدَّثَهُ، عَنْ عُبَيْدَةَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ بَعَثَ إِلَى حُدَيْرٍ وَكَانَ فِي الصَّوَائِفِ فَقَالَ: أَسْتَفِقُ مِنْهُ، فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ ذَكَرَنِي رَبِّي»
أنا رَجُلٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَزِمَ رَجُلٌ بَابَ عُمَرَ، فَكَانَ عُمَرُ كُلَّمَا خَرَجَ رَآهُ بِالْبَابِ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا:«انْطَلِقْ وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يُغْنِيكَ عَنْ بَابِ عُمَرَ» فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَفَقَدَهُ عُمَرُ، فَجَعَلَ يَطْلُبُهُ إِذْ رَآهُ يَوْمًا، فَقَالَ:«يَا فُلَانُ، لَقَدْ فَقَدْنَاكَ، فَمَا الَّذِي حَبَسَكَ عَنْا؟» قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ، فَقَرَأْتُهُ، فَأَغْنَانِي عَنْ بَابِ عُمَرَ، فَقَالَ:«وَمَا قَرَأْتَ؟» قَالَ: قَرَأْتُ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3] فَقَالَ عُمَرُ: «فَقِهَ الرَّجُلُ، لَا كَلَّ هَذَا»
أنا بَشِيرٌ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ، لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ تبارك وتعالى أَوْشَكَ اللَّهُ لَهُ بِالْغِنَى، إِمَّا مَوْتًا عَاجِلًا أَوْ غِنًى آجِلًا»
أنا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، «لَوْ دَخَلَ الْعُسْرُ جُحْرًا، لَجَاءَ الْيُسْرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ» لِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}
أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ قَالَ:" قَالَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ: أَخْبِرْنَا مَنِ الْمُخْلِصُ لِلَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ لَا يُحِبُّ أَنْ يَحْمَدَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، قَالُوا: فَمَنِ النَّاصِحُ لِلَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَبْدَأُ بِحَقِّ اللَّهِ قَبْلَ حَقِّ النَّاسِ،. . . حَقُّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ النَّاسِ، وَإِذَا حَضَرَهُ أَمْرَانِ أَمْرُ الدُّنْيَا، وَأَمْرُ الْآخِرَةِ، بَدَأَ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ تَفَرَّغَ لِأَمْرِ الدُّنْيَا "
بَابٌ فِي خَوْفِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ
نا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] قَالَ: «هُوَ لِمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَذَكَرَ اللَّهَ فَتَرَكَهَا»
أنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«هُوَ الرَّجُلُ يَخْلُو بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيَذْكُرُ مَقَامَ اللَّهِ فَيَدَعُهَا فَرَقًا مِنَ اللَّهِ»
أنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} [المؤمنون: 60] قَالَ: «يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا» ، {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ قَالَ: «يَخْشَوْنَ الْمَوْقِفَ يَعْلَمُونَ مَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْحِسَابِ»
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:«الْخَشْيَةُ أَنْ تَخْشَى اللَّهَ حَتَّى تَحُولَ خَشْيَتُهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَعْصِيَتِهِ، فَتِلْكَ الْخَشْيَةُ، وَالذِّكْرُ طَاعَةُ اللَّهِ، وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَهُ، وَمَنْ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ فَلَيْسَ بِذَاكِرٍ وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيحَ وَتِلَاوَةَ الْكِتَابِ»
قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2] قَالَ: «هُوَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَ» أَوْ قَالَ: " يَهُمُّ بِمَعْصِيَةٍ فَيُقَالُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فَيَجْلُ قَلْبَهُ "
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" الْغِرَّةُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُصِرَّ الْعَبْدُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَيَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ، وَالْغِرَّةُ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَغْتَرَّ بِهَا وَأَنْ تَشغَلَهُ عَنِ الْآخِرَةِ أَنْ يُمهِّدَ لَهَا، وَيَعْمَلَ لَهَا كَقَوْلِ الْعَبْدِ إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ: يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، وَأَمَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ فَهُوَ مَا يُلْهِيكَ عَنْ طَلَبِ الْآخِرَةِ، فَهُوَ مَتَاعُ الْغُرُورِ، وَمَا لَمْ يُلْهِكَ فَلَيْسَ بِمَتَاعِ الْغُرُورِ، وَلَكِنَّهُ مَتَاعُ بَلَاغٍ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا "
أنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: أنا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ لِلَّهِ»
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ أُوِ الْأَجْدَلِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«الْجَرِيءُ حَقَّ الْجَرِيءِ إِذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ وَلَّى فِرَارًا، وَالْجَبَانُ كُلَّ الْجَبَانِ الَّذِي إِذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ حَمَلَ فِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ» فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبِرْنِي كَيْفَ هَذَا؟ قَالَ:«إِنَّ الَّذِي يَفِرُّ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ، وَالْجَبَانُ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ»
أنا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلَانِ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا أَمْرَ النَّاسِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ:. . . «مَا بَطَّأَ بِهِمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ بَعْدَمَا زَعَمُوا أَنْ قَدْ آمَنُوا؟» قَالَ: جَعَلَ يَقُولُ: ضَعْفُ النَّاسِ، وَالذُّنُوبُ، وَالشَّيْطَانُ يَعْرِضُ بِأَمْرٍ لَا يُوَافِقُ الَّذِي فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ:«أَبْطَأَ بِهِمْ وَثَبَّرَهُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ بَعْدَمَا زَعَمُوا أَنْ قَدْ آمَنُوا، أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى أَشْهَدَ الدُّنْيَا، وَعَيَّبَ الْآخِرَةَ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالشَّاهِدِ، وَتَرَكُوا الْغَائِبَ، وَالَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، لَوْ أَنَّ اللَّهَ قَهَرَ إِحْدَاهُمَا إِلَى جَانِبِ الْأُخْرَى حَتَّى يُعَايِنَهُمَا النَّاسُ مَا عَدَلُوا وَلَا مَيَّلُوا»
أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ أَصْهَارًا لَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «فَأَذِنَ لَهُ» فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَجَعَ
⦗ص: 37⦘
، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ وَهُوَ يُقَلِّبُ يَدَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام:«لَقَدْ رَأَى سَعْدٌ عَجَبًا» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْتُكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ إِنَّمَا هَمُّهُمْ فِيمَا هَمُّ أَنْعَامِهِمْ فِيهِ مِنْ لذَّاتِ بُطُونِهِمْ، وَفُرُوجِهِمْ، فَقَالَ:«لَقَدْ رَأَى سَعْدٌ عَجَبًا، أَفَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ؟ مَنْ عَرَفَ مِثْلَ الَّذِي أَنْكَرْتُمْ وَفِعْلُهُ كفِعْلِهِمْ»
بَابٌ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَازِمِ اللَّذَّاتِ الْمَوْتِ»
نا نُعَيْمٌ، قَالَ نا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَاتِ الْمَوْتِ»
أنا عِيسَى قَالَ: بَلَغَنَا، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِكُلِّ سَاعٍ غَايَةٌ، وَغَايَةُ كُلِّ سَاعٍ الْمَوْتُ، فَسَابِقٌ وَمَسْبُوقٌ»
أنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، وَكَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى، وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا»
أنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ قَلَّ فَرَحُهُ، وَقَلَّ حَسَدُهُ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ:«لَمْ يُنْزِلِ الْمَوْتَ حَقَّ مَنْزِلَتِهِ مَنْ عَدَّ غَدًا مِنْ أَجَلِهِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا يَزِيدَ؟ قَالَ: «أَصْبَحْنَا ضُعَفَاءَ مُذْنِبِينَ نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا، وَنَنتَظِرُ آجَالَنَا»
أنا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ الْبَهَائِمَ تَعْلَمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِينًا»
أنا عِيسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ:" حَضَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْتُ فَجَعَلَ يَقُولُ: الْمَوْتُ، فَقَالُوا لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَقَدْ كُنْتَ وَكُنْتَ، فَقَالَ: الْمَوْتُ، يَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي "
أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلْمُ بْنُ بُشَيْرِ بْنِ جَحْلٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، بَكَى فِي مَرَضِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: «أَمَا إِنِّي لَا أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى بُعْدِ سَفَرِي، وَقِلَّةِ زَادِي، وَإِنِّي أَمْسَيْتُ فِي صَعُودِ مَهْبَطَةٍ عَلَى جَنَّةٍ وَنَارٍ، لَا أَدْرِي إِلَى أَيَّتِهِمَا يُؤْخَذُ بِي»
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرِّيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ الْحَسَرَاتِ؟ رَجُلٌ جَمَعَ دِرْهَمًا إِلَى دِرْهَمٍ، وَقِيرَاطًا إِلَى قِيرَاطٍ، ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَهُ غَيْرُهُ، فَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ وَلَمْ يُمْسِكْهُ عَنْ حَقِّهِ»
أنا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: نا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ
⦗ص: 39⦘
مُعَاوِيَةَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: «أَيُّكُمْ مَا مَرِضَ مَرَضًا أُشْفِي مِنْهُ، فَلْيَنْظُرْ أَيَّ عَمَلٍ كَانَ أَغْبَطَ عِنْدَهُ فَلْيَلْزَمْهُ، وَأَيَّ عَمَلِهِ كَانَ أَكْرَهَ عِنْدَهُ فَلْيَذَرْهُ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، «إِنَّنِي الْيَوْمَ لَأَشْيَقُ لِلْمَوْتِ، خَفِيفُ الْحَاذِ، مَا عَلَيَّ دَيْنٌ، مَا أَدَعُ عِيَالًا أَخَافُ عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ، إِلَّا هَوْلَ الْمَطْلَعِ، فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَأَسْرِعُوا بِي إِلَى حُفْرَتِي، وَاطْرَحُوا عَلَيَّ أَطْبَاقًا مِنْ قَصَبٍ، فَإِنِّي رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ يَسْتَحِبُّونَهُ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَلَا تُطِيلُوا جَدَثِي فِي السَّمَاءِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ نا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَمُرُّ بِالْمَجَالِسِ وَيَقُولُ: «إِنَّ أَخَاكُمْ فُلَانًا تُوُفِّيَ فَاشْهَدُوا جِنَازَتَهُ»
بَابٌ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الْمَوْتِ
أنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: " أَيْ بُنَيَّ، إِذَا مِتُّ فَكَفِّنِّي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: أَزِّرْنِي إِحْدَاهُنَّ، ثُمَّ شُقُّوا لِيَ الْأَرْضَ شَقًّا، وَسُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا؛ فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، اللَّهُمَّ أَمَرْتَ بِأُمُورٍ وَنَهَيْتَ عَنْ أُمُورٍ، اللَّهُمَّ فَتَرَكْنَا كَثِيرًا مِمَّا أَمَرْتَ بِهِ
⦗ص: 40⦘
، وَوَقَعْنَا فِي كَثِيرٍ مِمَّا نَهَيْتَ عَنْهُ، اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِإِبْهَامِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُهَلِّلُ حَتَّى فَاظَ "
بَابُ مَا يُبَشَّرُ بِهِ الْمَيِّتُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَثَنَاءِ الْمَلَكَيْنِ عَلَيْهِ
أنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذَا فَنِيَتْ أَيَّامُ الدُّنْيَا عَنْ هَذَا الْمُؤْمِنِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ مَنْ يَتَوَفَّاهَا قَالَ: فَقَالَ صَاحِبَاهُ اللَّذَانِ يَحْفَظَانِ عَلَيْهِ عَمَلَهُ: إِنَّ هَذَا قَدْ كَانَ لَنَا أَخًا وَصَاحِبًا، وَقَدْ حَانَ الْيَوْمَ مِنْهُ الْفِرَاقُ، فَأْذَنُوا لَنَا، أَوْ قَالَ: دَعُونَا نُثْنِي عَلَى أَخِينَا، فَيُقَالُ: أَثْنِيَا عَلَيْهِ، فَيَقُولَانِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا خَيْرًا، وَرَضِيَ عَنْكَ، وَغَفَرَ لَكَ، وَأَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ، فَنِعْمَ الْأَخُ كُنْتَ وَالصَّاحِبُ، مَا كَانَ أَيْسَرَ مُؤْنَتَكَ، وَأَحْسَنَ مَعُونَتَكَ عَلَى نَفْسِكَ، مَا كَانَتْ خَطَايَاكَ تَمْنعُنَا أَنْ نَصْعَدَ إِلَى رَبِّنَا، وَنُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ، وَنُقَدِّسَ لَهُ، وَنَسْجُدَ لَهُ، وَيَقُولُ الَّذِي يَتَوَفَّى نَفْسَهُ: اخْرُجْ أَيُّهَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ إِلَى خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ، فَنِعْمَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، اخْرُجْ إِلَى الرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ، وَجَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَرَبٍّ عَلَيْكَ غَيْرِ غَضْبَانٍ، وَإِذَا فَنِيَتْ أَيَّامُ الدُّنْيَا عَنِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ بَعَثَ إِلَى نَفْسِهِ مَنْ يَتَوَفَّاهَا، فَيَقُولُ صَاحِبَاهُ اللَّذَانِ كَانَا يَحْفَظَانِ عَلَيْهِ عَمَلَهُ: إِنَّ هَذَا قَدْ كَانَ لَنَا صَاحِبًا، وَقَدْ حَانَ مِنْهُ فِرَاقٌ فَأْذَنُوا لَنَا، أَوْ دَعُونَا، نُثْنِي عَلَى صَاحِبِنَا، فَيَقُولُ: أَثْنِيَا عَلَيْهِ، فَيَقُولَانِ: لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ عَلَيْهِ، وَلَا غَفَرَ لَهُ، وَأَدْخَلَهُ النَّارَ، فَبِئْسَ الصَّاحِبُ، مَا كَانَ أَشَدَّ مُؤْنَتَهُ، وَمَا كَانَ يُعِينُ عَلَى نَفْسِهِ، إِنْ كَانَتْ خَطَايَاهُ وَذُنُوبُهُ لتَمْنَعُنَا أَنْ نَصْعَدَ إِلَى رَبِّنَا، فَنُسَبِّحَ لَهُ، وَنُقَدِّسَ لَهُ
، وَنَسْجُدَ لَهُ، فَيَقُولُ الَّذِي يَتَوَفَّى نَفْسَهُ: اخْرُجْ أَيُّهَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ إِلَى شَرِّ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ، فَبِئْسَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ، اخْرُجْ إِلَى الْحَمِيمِ، وَتَصْلِيَةِ الْجَحِيمِ، وَرَبٍّ عَلَيْكَ غَضْبَانٍ "
أنا رَجُلٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ صَاحِبِ سُلَيْمَانَ " أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ تَنَادَتْ بِقَاعُ الْأَرْضِ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ قَالَ: فَتَبْكِي عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، فَيَقُولُ الرَّحْمَنُ تبارك وتعالى: مَا يُبْكِيكُمَا عَلَى عَبْدِي؟ فَيَقُولَانِ: يَا رَبَّنَا، لَمْ يَمْشِ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ يَذْكُرُكَ "
أنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: بَلَغَنِي " أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَاتَ وَحُمِلَ قَالَ: أَسْرِعُوَا بِي، فَإِذَا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ كَلَّمَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنْ كُنْتُ لَأُحِبُّكَ وَأَنْتَ عَلَى ظَهْرِي، فَأَنْتَ الْآنَ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَإِذَا مَاتَ الْكَافِرُ وَحُمِلَ قَالَ: ارْجِعُوا بِي، ارْجِعُوا بِي، فَإِذَا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ، كَلَّمَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لَأُبْغِضُكَ وَأَنْتَ عَلَى ظَهْرِي، فَأَنْتَ الْآنَ أَبْغَضُ إِلَيَّ "
أنا دَاوُدُ بْنُ نَافِذٍ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يَقُولُ: بَلَغَنِي " أَنَّ الْمَيِّتَ يَقْعُدُ فِي حُفْرَتِهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ وَخْطَ مُشَيِّعِيهِ، وَلَا يُكَلِّمُهُ شَيْءٌ أَوَّلُ مِنْ حُفْرَتِهِ، تَقُولُ: وَيْحَكَ ابْنَ آدَمَ، أَلَيْسَ قَدْ حُذِّرْتَنِي، وَحُذِّرْتَ ضِيقِي، وَظُلْمَتِي، وَنَتْنِي، وَهَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَكَ؟، فَمَا أَعْدَدْتَ لِي؟ "
بَابٌ فِي أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ مَنْصُورَ بْنَ أَبِي مَنْصُورٍ، حَدَّثَهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَرْوَاحِ الْمُسْلِمِينَ، أَيْنَ هِيَ حِينَ يَمُوتُونَ؟ قَالَ:«مَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ؟» قُلْتُ: لَا أَدْرِي قَالَ: " فَإِنَّهَا فِي صُوَرِ طَيْرٍ بِيضٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، وَأَرْوَاحُ الْكَافِرِينَ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ وَمُرَّ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي أَنْدِيَةٍ، وَيَسْأَلُونَهُ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، فَإِنْ قَالَ: قَدْ مَاتَ، قَالُوا: قَدْ سُفِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا هُوِيَ بِهِ إِلَى الْأَرْضِ السَّافِلَةِ فَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الرَّجُلِ، فَإِنْ قَالَ: قَدْ مَاتَ قَالُوا: عُلِيَ بِهِ " قَالَ يَزِيدُ: كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: «إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ الْأَمْوَاتِ كَمَا أَسْتَحْيِي مِنَ الْأَحْيَاءِ»
بَابٌ فِي عَرْضِ عَمَلِ الْأَحْيَاءِ عَلَى الْأَمْوَاتِ
أنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يَقُولُ:«إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى مَوْتَاكُمْ، فَيُسَرُّونَ وَيُسَاءُونَ» قَالَ: يَقُولُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا يُخْزَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ
أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ:" لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ إِلَّا يُعْرَضُ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتُهُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَيَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ، لِيَشْهَدَ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] "
بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْبُنْيَانِ
أنا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، نا دَاوُدُ الْأُبُلِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " بَنَى مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ بُنْيَانًا، ثُمَّ صَنَعَ لِلنَّاسِ طَعَامًا، فَدَخَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَيَسْأَلُهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِهِ: هَلْ تَرَوْنَ عَيْبًا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِمْ عَابِدَانِ فَقَالَا: نَعَمْ، نَرَى عَيْبًا قَالَ: وَمَا عَيْبُهُ؟، قَالَا: يَخْرَبُ وَيَمُوتُ أَهْلُهُ، ثُمَّ سَأَلَهُمُ الْمَلِكُ: هَلْ عَابَ وَاحِدٌ بُنْيَانِي؟ قَالُوا: لَا، إِلَّا رَجُلَيْنِ تَافِهَيْنِ لَيْسَا بِشَيْءٍ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَهُمَا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: اطْلُبُوهُمَا، فَطَلَبُوهُمَا فَجَاءُوا بِهِمَا، فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمَانِ فِي بُنْيَانِي عَيْبًا؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَا: يَخْرَبُ وَيَمُوتُ أَهْلُهُ، فَرَفَعُوا مَنْزِلَتَهُمَا قَالَ: فَمَا تَأْمُرَانِي؟ قَالَا: تَعْمَلُ لِآخِرَتِكَ "
بَابُ النَّدَمِ عَلَى الْخَطِيئَةِ
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ،. . . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«النَّدَمُ تَوْبَةٌ» وَعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلَهُ
بَابٌ فِي مَحْوِ الْحَسَنَاتِ السَّيِّئَاتِ
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: نا أَبُو الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعٌ ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقَتْهُ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ أُخْرَى فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ أُخْرَى فَانْفَكَّتْ أُخْرَى، حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْأَرْضِ»
بَابٌ فِي.
. .
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: " إِنَّ آدَمَ كَانَ رَجُلًا طُوَالًا كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ. . . سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلَمَّا وَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْخَطِيئَةِ، بَدَتْ لَهُ عَوْرَتُهُ، وَكَانَ لَا يَرَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ هَارِبًا، فَأَخَذَتْ بِرَأْسِهِ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي، قَالَتْ: لَسْتُ مُرْسِلَتَكَ، قَالَ: فَنَادَاهُ رَبُّهُ عز وجل أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: أَيْ رَبِّ لَا، أَسْتَحْيِيكَ. قَالَ: فَنَادَاهُ: وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْتَحْيِي رَبَّهُ عز وجل مِنَ الذَّنْبِ إِذَا وَقَعَ بِهِ، ثُمَّ يَعْلَمُ بِحَمْدِ اللَّهِ أَيْنَ الْمَخْرَجُ، يَعْلَمُ أَنَّ الْمَخْرَجَ فِي الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ عز وجل "
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَدَّتِ الدُّمُوعُ فِي وَجْهِهِ كَتَخْدِيدِ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ»
أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ «أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، كَانَ يَعُودُهُ النَّاسُ مَا يَظُنُّونَ إِلَّا أَنَّهُ مَرِيضٌ، وَمَا بِهِ إِلَّا شِدَّةُ الْفَرَقِ مِنَ اللَّهِ»
أنا وُهَيْبٌ قَالَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَقُولُ: «حُبُّ الْفِرْدَوْسِ، وَخَشْيَةُ جَهَنَّمَ يُورِثَانِ الصَّبْرَ عَلَى الْمَشَقَّةِ، وَيُبَاعِدَانِ الْعَبْدَ مِنْ رَاحَةِ الدُّنْيَا»
فِي خُشُوعِ سُلَيْمَانَ صلى الله عليه وسلم
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ سَلَامَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرَأَيْتُمْ سُلَيْمَانَ وَمَا أُعْطِيَ مِنْ مُلْكِهِ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ تَخَشُّعًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ»
بَابُ طَعَامِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا
أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«كَانَ طَعَامُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليهما السلام الْعُشْبَ، وَإِنْ كَانَ لَيَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مَا لَوْ كَانَ الْقَارُ عَلَى عَيْنَيْهِ لَخَرَقَتْهُ دُمُوعُهُ، وَلَقَدْ كَانَتِ الدُّمُوعُ اتَّخَذَتْ مَجْرًى فِي وَجْهِهِ»
أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَلَسْتُ يَوْمًا إِلَى أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَهُوَ يَقُصُّ فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ كَانَ أَطْيَبَ النَّاسِ
⦗ص: 48⦘
طَعَامًا؟» فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ نَظَرُوا إِلَيْهِ قَالَ: «إِنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا كَانَ أَطْيَبَ النَّاسِ طَعَامًا، إِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الْوُحُوشِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُخَالِطَ مِنْ مَعَايِشِهِمْ»
بَابٌ فِي أَيُّوبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ
أنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمًا أَيُّوبَ النَّبِيَّ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْبَلَاءَ الَّذِي أَصَابَهُ كَانَ بِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ، وَلِسَانُهُ صَحِيحٌ يَذْكُرُ اللَّهَ تبارك وتعالى بِهِ وَفُؤَادُهُ صَحِيحٌ، وَعَقْلُهُ عَلَى حَالِهِ الْأُولَى، فَأَمَّا جَسَدُهُ فَقَدِ اعْتَرقَهُ الْبَلَاءُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ إِلَّا أَوْصَالُهُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، عُرُوقُهُ وَعصَبُهُ، وَكَمَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِلْدِهِ، مَعَ ذَهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَكَانَ كَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ سَنَةً، حَتَّى تَفَرَّقَ عَنْهُ إِخْوَانُهُ، وَمَلَّهُ النَّاسُ، وَصَابَرَهُ رَجُلَانِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَكَانَ يَأْتِيَانِهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً فَيُحدِّثَانِهِ قَالَ: وَكَانَتِ امْرَأَةُ أَيُّوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ تَقُومُ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى حَاجَتِهِ فَرَاثَ عَلَيْهَا اتَّبَعَتْهُ فَتَجِدُهُ مِرَارًا كَثِيرَةً سَاقِطًا فَترفُعُهُ وَتَحْمِلُهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ لِلْآخَرِ: أَمَا يُعْجِبُكَ شَأْنُ أَيُّوبَ؟ إِنَّهُ فِي هَذَا الْبَلَاءِ مُنْذُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ سَنَةً، لَا يَرْحَمُهُ اللَّهُ مِمَّا بِهِ، إِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ أَذْنَبَ ذَنْبًا مَا عَمِلَ أَحَدٌ مِثْلَهُ قَطُّ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَنَبِيُّهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ رَاحَا إِلَيْهِ كَمَا كَانَا يَصْنَعَانِ فَحَدَّثَاهُ وَقصَّرَا عَنْهُ، ثُمَّ أَبَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ إِلَّا أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَمْرُكَ، وَذَكَرْتُ إِلَى أَخِيكَ وَصَاحِبِكَ أَنَّهُ قَدِ ابْتَلَاكَ بِذَهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَفِي
جَسَدِكَ مُنْذُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ سَنَةً، حَتَّى بَلَغْتَ مَا تَرَى، لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَيَكْشِفَ عَنْكَ، لَقَدْ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا، مَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا بَلَغَهُ، فَقَالَ أَيُّوبُ صلى الله عليه وسلم: مَا أَدْرِي مَا تَقُولَانِ، غَيْرَ أَنَّ رَبِّي عز وجل يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَزَعَّمَانِ، فَكُلٌّ يَحْلِفُ بِاللَّهِ، أَوْ عَلَى النَّفَرِ يَتَزَعَّمُونَ فَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأُكَفِّرُ عَنْ أَيْمَانِهِمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَأْثَمَ أَحَدُهُمْ وَلَا يَذْكُرَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِحَقٍّ، فَنَادَى رَبَّهُ، إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ دُعَاؤُهُ عَرْضًا عَرَضَهُ عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى، يُخْبِرُهُ بِالَّذِي بَلَّغَ صَابِرًا لِمَا يَكُونُ مِنَ اللَّهِ تبارك وتعالى فِيهِ، فَخَرَجَ لِمَا كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْ حَاجَتِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ، فَاغْتَسَلَ فَأَعَادَ اللَّهُ لَحْمَهُ وَشعْرَهُ وَبشَرَهُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ يَكُونُ، وَشَرِبَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ فِي جَوْفِهِ مِنَ أَلَمٍ وَضَعْفٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ فَاتَّزَرَ بِأَحَدِهِمَا، وَارْتَدَى بِالْآخَرِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي إِلَى مَنْزِلِهِ وَرَاثَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَأَقْبَلَتْ حَتَّى لَقِيَتْهُ وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ، فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: أَيْ رَحِمَكَ اللَّهُ، هَلْ رَأَيْتَ هَذَا الرَّجُلَ الْمُبْتَلَى؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: نَبِيُّ اللَّهِ أَيُّوبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إِذْ كَانَ صَحِيحًا، قَالَ: فَإِنِّي أَيُّوبُ، وَأَخَذَ ضِغْثًا ضَرَبَهَا بِهِ - فَزَعَمَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ ذَلِكَ الضِّغْثَ كَانَ ثُمَامًا -، وَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ أَهْلَهُ وَمِثلَهُمْ مَعَهُمْ، فَأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ حَتَّى سَجَلَتْ فِي أَنْدَرِ قَمْحِهِ ذَهَبًا حَتَّى امْتَلَأَتْ، وَأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنْدَرِ شَعِيرِهِ وَقَطَانِيِّهِ فَسَجَلَتْ فِيهِ وَرِقًا حَتَّى امْتَلَأَ "
بَابٌ فِي الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ
أنا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ لَمْ يَكُونَا فِيهِ، لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا، مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ. . . سُنَّةَ نَبِيِّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ، كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا»
فِي الْحِرْصِ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ وَالشَّرَفِ
أنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا ذِئْبَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»
فِي التَّهْلِيلِ وَالْحَمْدِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِرْجَاعِ
أنا الْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: " أَرْبَعُ خِصَالٍ، مَنْ كُنَّ فِيهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، مَنْ كَانَ عِصْمَةُ أَمْرِهِ
⦗ص: 51⦘
: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، وَإِذَا أُعْطِيَ شَيْئًا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ "
بَابٌ فِي الِاسْتِهَانَةِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ
أنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: نا أَبُو سَلَمَةَ الْحِمْصِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْجَتْ صَبِيًّا لَهَا بِكِسْرَةٍ مِنْ خُبْزٍ، ثُمَّ جَعَلَتْهَا فِي جُحْرٍ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهَا الْجُوعَ حَتَّى أَكَلَتْهَا»
أنا بَقِيَّةُ قَالَ: أنا أَبُو سَلَمَةَ الْحِمْصِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «أَحْسِنُوا مُجَاوَرَةَ نِعَمِ اللَّهِ، لَا تَمَلُّوهَا، وَلَا تَنْفِرُوهَا، فَإِنَّهَا لَقَلَّمَا نَفَرَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ»
فِي التَّوَاضُعِ
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: نا عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهَ قَالَ:«مَنْ كَانَ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ، وَفِي مَوْضِعٍ لَا يُشِينُهُ، وَوُسِّعَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّزْقِ، ثُمَّ تَوَاضَعَ لِلَّهِ تبارك وتعالى، كَانَ مِنْ خَالِصِي اللَّهِ»
فِي تَعْظِيمِ الْمُنَافِقِ
أنا ابْنُ حَوْطٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدًا، فَقَدْ أَهَانَ اللَّهَ "
فِي كَرَاهِيَةِ مِشْيَةِ الْمُطَيْطَاءِ
أنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 52⦘
بَابٌ فِي التَّوَاضُعِ وَكَرَاهِيَةِ الْكِبْرِ
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ زَحْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ:«لَنْ يَبْلُغَ عَبْدٌ ذُرْوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ الضَّعَةُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ»
أنا يَحْيَى بْنُ عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:«لَا يَبْلُغُ عَبْدٌ ذُرَى الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ التَّوَاضُعُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ، وَمَا قَلَّ مِنَ الدُّنْيَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا كَثُرَ، وَيَكُونُ مَنْ أَحَبَّ وَأَبْغَضَ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، يَحْكُمُ لِلنَّاسِ كَمَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ»
نا رَجُلٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لِسَلْمَانَ: «يَا سَلْمَانُ، مَا أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْئًا إِلَّا وَضَعَهُ اللَّهُ عَنَّا بِالْإِسْلَامِ، إِلَّا أَنَّا لَا نَنْكِحُ إِلَيْكُمْ، وَلَا نُنْكِحُكُمْ، فَهَلُمَّ فَلْنُزَوِّجْكَ ابْنَةَ الْخَطَّابِ» قَالَ: «أَفِرُّ وَاللَّهِ مِنَ الْكِبْرِ» قَالَ: فَتَفِرُّ مِنْهُ وَتَحْمِلُهُ عَلَيَّ، لَا حَاجَةَ لِي بِهِ
أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنِ جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ: طِينَةِ الْخَبَالِ "
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَالَ: أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى جَعْفَرٍ رحمه الله وَأَصْحَابِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ، عَلَيْهِ خُلْقَانٌ جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ، قَالَ جَعْفَرٌ: وَأَشْفَقْنَا مِنْهُ حِينَ رَأَيْنَاهُ عَلَى تِلْكِ الْحَالِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وُجُوهِنَا قَالَ: إِنِّي أُبَشِّرُكُمْ بِمَا يَسُرُّكُمْ، إِنَّهُ جَاءَنِي مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ عَيْنٌ لِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَرَ نَبِيَّهُ، وَأَهْلَكَ عدُوَّهُ، وَأَسَرَ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَقَتَلَ فُلَانًا وَفُلَانًا، الْتَقَوْا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ بَدْرٌ كَثِيرُ الْأَرَاكِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، كُنْتُ أَرْعَى لِسَيِّدِي، رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ إِبِلَهُ، قَالَ جَعْفَرٌ:«مَا بَالُكَ جَالِسًا عَلَى التُّرَابِ؟ لَيْسَ تَحْتَكَ بِسَاطٌ وَعَلَيْكَ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ» قَالَ: إِنَّمَا نَجِدُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى عِيسَى صلى الله عليه وسلم أَنَّ حَقًّا عَلَى عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يُحْدِثُوا لِلَّهِ تَوَاضُعًا عِنْدَ كُلِّ مَا أَحْدَثَ لَهُمْ مِنْ نِعْمَةٍ، فَلَمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَنَا نَصْرَ نَبِيِّهِ عليه السلام أَحْدَثْتُ لِلَّهِ هَذَا التَّوَاضُعَ
أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ عليه السلام بِطَعَامٍ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَوْ أَكَلْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَأَنْتَ مُتَّكِئٌ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْكَ، فَأَصْغَى بِجَبْهَتِهِ حَتَّى كَادَ يَمَسُّ الْأَرْضَ بِهَا، قَالَ:«بَلْ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَنَا جَالِسٌ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ، وَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ» وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ مُحْتفِزًا
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، قَالُوا:«أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَقَفَ بِذِي طُوًى، وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ خُيُولُهُ، وَرَأَى مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ تَوَاضَعَ لِلَّهِ حَتَّى إِنَّ عُثْنُونَهُ لَتَمَسُّ وَاسِطَةَ رَحْلِهِ»
أَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ الْحَصِيرُ بِجِلْدِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ جَعَلْتُ أَمْسَحُ عَنْهُ، وَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا آذَنْتَنِي قَبْلَ أَنْ تَنَامَ عَلَى هَذَا الْحَصِيرِ فَأَبْسِطَ لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، وَمَا لِلدُّنْيَا وَلِي، مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ فِي فَيْءٍ، أَوْ ظِلِّ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»
أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ، ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ، أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَأَطَاعَهُ فِي الْعُمُرِ، وَكَانَ غَامِضًا فِي النَّاسِ، لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا، فَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ» ثُمَّ نَقَدَ بِيَدِهِ، فَقَالَ: عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ، قَلَّتْ بَوَاكِيهِ، قَلَّ تُرَاثُهُ
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي تبارك وتعالى لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا، قُلْتُ: لَا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا، وَأَجُوعُ يَوْمًا، أَوْ قَالَ: ثَلَاثًا، أَوْ نَحْوَ ذَا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ "
فِي كَرَاهِيَةِ الْبُنْيَانِ
أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ بَنَيْتَهُ يَعْنِي الْمَسْجِدَ، قَالَ:«لَا، بَلْ جَرَائِدُ عَلَى أَعْوَادِ الشَّأْنِ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ»
أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ، يَعْنُونَ الْمَسْجِدَ، يَقُولُونَ: طَيِّنْهُ، قَالَ:«لَا، بَلْ عَرْشٌ كَعَرْشِ مُوسَى» ، يَعْنِي الْعَرِيشَ "
بَابٌ فِي الرِّضَا بِالدُّونِ مِنَ الْعَيْشِ
أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ حَنَشًا، حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ غَرْبَلَتْ دَقِيقًا لِتَصْنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَغِيفًا، فَمَرَّ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا هَذَا؟» فَقَالَتْ: طَعَامٌ نَصْنَعُهُ فِي أَرْضِنَا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصْنَعَ لَكَ رَغِيفًا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«رُدِّيهِ، ثُمَّ اعْجِنِيهِ»
أنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ زِيَادٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَوِيقٍ مِنْ سَوِيقِ اللَّوْزِ، فَلَمَّا خِيضَ قَالَ:" مَا هَذَا؟ قَالُوا: سَوِيقٌ قَالَ: أَخِّرُوهُ عَنِّي، هَذَا شَرَابُ الْمُترَفِينَ "
بَابٌ فِي الذَّبِّ عَنْ عِرْضِ الْمُؤْمِنِ
أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: نا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، أَوِ الصُّنَابِحِيِّ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسْتُ
⦗ص: 56⦘
مَعَهُمْ سَاعَةً، وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ زِمِّيتٌ لَا يَكَادُ يُحَدِّثُهُمْ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْأَلُوهُ عَنْهُ، لَمْ أَعْرِفْهُ، ثُمَّ قُمْتُ لِحَاجَةٍ، فَأَخَذَتْنِي نَدَامَةٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ أَلْتَمِسُهُمْ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْهُمْ، فَمَكَثْتُ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ، وَزَالَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا أَنَا بِالرَّجُلِ الْحَسَنِ الْهَيْئَةِ، فَإِذَا هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي كَانُوا يَنْتَهُونَ إِلَيْهِ، فَعَمَدَ إِلَى سَارِيَةٍ فَصَلَّى، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسْتُ، فَظَنَّ أَنَّ بِي حَاجَةً، فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ، فَجَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَهُ، فَمَكَثْتُ سَاعَةً لَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ، وَلَا يُحَدِّثُنِي شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثُنِي رَحِمَكَ اللَّهُ؟، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِجَلَالِ اللَّهِ، وَأُحِبُّ حَدِيثَكَ قَالَ: آللَّهِ إِنَّكَ لَتُحِبُّنِي لِجَلَالِ اللَّهِ، وَتُحِبُّ حَدِيثِي؟، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِجَلَالِ اللَّهِ وَأُحِبُّ حَدِيثَكَ، فَقَالَهَا ثَلَاثًا، فَأَخَذَ بِحِبْوَتِي حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ لِجَلَالِ اللَّهِ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ» ، فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَرِحًا بِهَا، فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَقُلْتُ: إِنَّ مُعَاذًا حَدَّثَنِي كَذَا وَكَذَا، أَفَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ أَنَّهُ قَالَ:«حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَجَالَسُونَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ فَيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَافُّونَ فَيَّ»
أنا عَوْفٌ، عَنْ خَالِدٍ الرِّبْعِيِّ قَالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ «أَنَّ مِمَّا يُعَجَّلُ عُقُوبَتُهُ» أَوْ قَالَ
⦗ص: 57⦘
: " لَا يُؤَخَّرُ عُقُوبَتُهُ: الْأَمَانَةُ تُخَانُ، وَالْإِحْسَانُ يُكْفَرُ، وَالرَّحِمُ تُقْطَعُ، وَالْبَغْيُ عَلَى النَّاسِ "
أنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «لَيْسَ حِفْظُ الْقُرْآنِ بِحِفْظِ الْحُرُوفِ، وَلَكِنْ بِإِقَامَةِ حُدُودِهِ»
أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، يُحَدِّثُ مُجَاهِدًا أَنَّ الْقُرْآنَ يَقُولُ:«إِنِّي مَعَكَ مَا تَبِعْتَنِي، فَإِذَا لَمْ تَعْمَلْ بِي اتَّبَعْتُكَ حَتَّى آخُذَكَ عَلَى أَسْوَأِ عَمَلِكَ»
أنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ، عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ قَالَ:«اتَّقِ اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالسَّدَادِ وَبِالصَّوَابِ، ذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْلَمُونَ فِيمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ»
أنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي مَخْزُومٍ النَّهْشَلِيِّ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنَّكُمْ تَسْتَفْتُونَنَا اسْتِفْتَاءَ قَوْمٍ، كَأَنَّا لَا نُسْأَلُ عَمَّا نُفْتِيكُمْ بِهِ»
أنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ قَالَ: أَحْسَبُهُ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ قَالَ: " انْطَلَقْنَا نَؤُمُّ الْبَيْتَ، فَلَمَّا عَلَوْنَا فِي الْأَرْضِ، إِذَا نَحْنُ بأَخْبِيَةٍ مَبْثُوثَةٍ، وَإِذَا فِيهَا فُسْطَاطٌ قَالَ: قُلْتُ لِأَصْحَابِي: عَلَيْكُمْ بِصَاحِبِ الْفُسْطَاطِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ الْقَوْمِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا، فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا مِنَ الْفُسْطَاطِ شَيْخٌ فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، نَؤُمُّ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ قَالَ: وَأَنَا قَدْ حَدَّثْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ، قَالَ: قَالَ: وَلَا أَرَى إِلَّا سَأَصْحَبُكُمْ، فَأَتَانَا بِسَوِيقٍ لَهُ غَلِيظٍ، فَجَعَلَ يُطْعِمُنَا مِنْهُ وَيَسْقِينَا، ثُمَّ أَمَرَ الْغُلَامَ بِالرَّحِيلِ "
أنا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، " أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ، كَانَ فِي بَعْضِ مَسِيرِهِ، إِذْ مَرَّ بِقَوْمٍ، وَقُبُورُهُمْ عَلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَإِذَا ثِيَابُهُمْ لَوْنٌ وَاحِدٌ، وَرِقَاعُهَا وَاحِدَةٌ، وَإِذَا هُمْ رِجَالٌ كُلُّهُمْ، لَيْسَ فِيهِمُ امْرَأَةٌ، فَتَوَسَّمَ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ رَأَيْتُ شَيْئًا مَا رَأَيْتُهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا سِرْتُ فِيهِ، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ، هِيهِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: أَمَّا هَذِهِ الْقُبُورُ الَّتِي عَلَى أَبْوَابِنَا فَإِنَّا جَعَلْنَاهَا مَوْعِظَةً لِقُلُوبِنَا، تَخْطُرُ عَلَى قَلْبِ رَجُلِ الدُّنْيَا، فَيَخْرُجُ فَيَرَى الْقُبُورَ، فَيَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ، فَيَقُولَ: إِلَى هَذَا الْمَصِيرُ، وَإِلَيْهَا صَارَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَأَمَّا هَذِهِ الثِّيَابُ، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ رَجُلٌ يَلْبَسُ ثِيَابًا أَحْسَنَ مِنْ ثِيَابِ صَاحِبِهِ، إِلَّا رَأَى لَهُ بِهِ فَضْلًا عَلَى جَلِيسِهِ، وَأَمَّا مَا قُلْتَ: إِنَّكُمْ رِجَالٌ لَيْسَ مَعَكُمْ نِسَاءٌ، فَلَعَمْرِي، لَقَدْ خُلِقْنَا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَلَكِنَّ هَذَا الْقَلْبَ لَا نَشْغَلُهُ بِشَيْءٍ إِلَّا اشْتَغَلَ بِهِ، قَدْ جَعَلْنَا نِسَاءَنَا وَذَرَارِيَّنَا فِي قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَّا، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، أَتَاهَا فَبَاتَ مَعَهَا اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَا هَاهُنَا، إِنَّمَا خَلَوْنَا هَاهُنَا لِلْعِبَادَةِ، قَالَ: مَا جِئْتُ لِأَعِظَكُمْ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا وَعَظْتُمْ بِهِ أَنْفُسَكُمْ، سَلْنِي مَا شِئْتَ قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: ذُو الْقَرْنَيْنِ قَالَ: مَا أَسْأَلُكَ، وَلَا تَمْلِكُ لِي شَيْئًا، فَذَرْ، قَالَ: وَكَيْفَ؟ وَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا قَالَ: لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِمَا لَمْ يُقَدَّرْ لِي، وَلَا تَصْرِفَ عَنِّي مَا قُدِّرَ لِي "
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ " أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ، فِي بَعْضِ مَسِيرِهِ دَخَلَ مَدِينَةً، فَاسْتَكَفَّ عَلَيْهِ أَهْلُهَا، يَنْظُرُونَ إِلَى مَرْكَبِهِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، وَعِنْدَ بَابِهَا شَيْخٌ عَلَى عَمَلٍ لَهُ، فَمَرَّ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَلَمْ يَلْتَفِتِ الشَّيْخُ إِلَيْهِ، فَعَجِبَ ذُو الْقَرْنَيْنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟
⦗ص: 59⦘
اسْتَكَفَّ لِيَ النَّاسُ وَنَظَرُوا إِلَى مَرْكِبِي، فَقَالَ: فَمَا بَالُكَ أَنْتَ؟ قَالَ: لَمْ يُعْجِبْنِي مَا أَنْتَ فِيهِ، إِنِّي رَأَيْتُ مَلِكًا مَاتَ فِي يَوْمٍ هُوَ وَمِسْكِينٌ، وَلِمَوْتَانَا مَوْضِعٌ يُجْعَلُونَ فِيهِ، فَأُدْخِلَا جَمِيعًا، فَاطَّلَعْتُهُمَا بَعْدَ أَيَّامٍ، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ أَكْفَانُهُمَا، ثُمَّ اطَّلعْتُهُمَا وَقَدْ تَزَايَلَ لُحُومُهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُمَا تَقَلَّصَتِ الْعِظَامُ وَاخْتَلَطَتْ، فَمَا أَعْرِفُ الْمَلِكَ مِنَ الْمِسْكِينِ، فَمَا يُعْجِبُنِي مُلْكُكَ؟ قَالَ: مَا كَسْبُكَ؟ قَالَ: فِي يَدِي عَمَلٌ، أَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَدِرِهَمٌ أَقْضِيهِ، وَدِرْهَمٌ آكُلُهُ، وَدِرْهَمٌ أُسَلِّفُهُ، فَأَمَّا الدِّرْهَمُ الَّذِي أَقْضِي فَأُنْفِقُهُ عَلَى أَبَوَيَّ، كَمَا كَانَا يُنْفِقَانِ عَلَيَّ وَأَنَا صَغِيرٌ حَتَّى بَلَغْتُ، فَأَنَا أَقْضِيهِمَا قَالَ: أَنْتَ، فَلَمَّا خَرَجَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: " كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَتِ الرِّيحُ تَرْفَعُهُ، وَالرِّيحُ تُظِلُّهُ، يَلِيهِ الْإِنْسُ، ثُمَّ الْجِنُّ، فَتَغْدُو بِهِ شَهْرًا، وَتَرُوحُ بِهِ شَهْرًا، فَتَمُرُّ بِالسُّنْبُلَةِ فَلَا تُحَرِّكُهَا، فَمَرَّ بِرَجُلٍ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: تَسْبِيحَةٌ وَاحِدَةٌ خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادٍ أَبِي عُثْمَانَ، مَوْلَى مُصْعَبٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً إِلَّا عَلَيْهِ تَبِعَةٌ، إِلَّا سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 39] "
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ بِالْكُوفَةِ إِلَى مُحَدِّثٍ لَنَا، فَإِذَا تَفَرَّقَ النَّاسُ بَقِيَ رِجَالٌ، فِيهِمْ رَجُلٌ لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَتَكَلَّمُ كَلَامَهُ، قَالَ: فَأَحْبَبْتُهُ وَوَقَعَ حُبُّهُ فِي قَلْبِي، قَالَ: فَبَيْنَا كَذَلِكَ إِذْ فَقَدْتُهُ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: ذَلِكَ الرَّجُلُ كَذَا وَكَذَا، الَّذِي كَانَ يُجَالِسُنَا، هَلْ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ
⦗ص: 60⦘
مِنْكُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ، ذَلِكَ أُوَيْسٌ الْقَرْنِيُّ، قُلْتُ: هَلْ تُهْدِي إِلَى مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، حَتَّى ضَرَبْتُ عَلَيْهِ حُجْرَتَهُ قَالَ: فَخَرَجَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَخِي، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنَا؟ قَالَ: الْعُرْيُ، لَمْ يَكُنْ لِي شَيْءٌ آتِيكُمْ فِيهِ قَالَ: وَعَلَيَّ بُرْدٌ، فَقُلْتُ لَهُ: الْبَسْ هَذَا الْبُرْدَ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي، إِنْ لَبِسْتُ هَذَا الْبُرْدَ اسْتَهْزَأَ بِيَ النَّاسُ وَآذَوْنِي، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى لَبِسَهُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَنْ خَادَعَ عَنْ بُردِهِ هَذَا؟ فَجَاءَ فَوَضَعَهُ قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ، فَقُلْتُ: مَا تُرِيدُونَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ قَدْ آذَيْتُمُوهُ، الرَّجُلُ يَكْتَسِي مَرَّةً، وَيَعْرَى مَرَّةً قَالَ: وَأَخَذْتُهُمْ بِلِسَانِي أَخْذًا شَدِيدًا قَالَ: وَثَمَّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَهُوَ الَّذِي يَسْخَرُ بِهِ، فَوَفَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى عُمَرَ، وَوَفَدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِيهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: أَهَهُنَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرْنِيِّينَ، فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا: " إِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ، أَوْ قَالَ: مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ، فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ " قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيْنَا هَهُنَا، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ قَالَ: مَنْ تَرَكْتَ بِالْيَمَنِ؟ قَالَ: أُمًّا لِي، فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ بِكَ بَيَاضٌ؟ فَدَعَوْتَ اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ، إِلَّا مِثْلَ مَوْضِعَ الدِّينَارِ، أَوْ مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيَسْتَغْفِرُ مِثْلِي لِمِثْلِكَ؟ قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَنْتَ أَخِي فَلَا تُفَارِقْنِي قَالَ: فَانْمَلَسَ مِنِّي، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الْكُوفَةَ قَالَ: فَجَعَلَ يُحَقِّرُهُ عَمَّا يَقُولُ فِيهِ عُمَرُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: مَا ذَلِكَ فِينَا، وَلَا نَعْرِفُ هَذَا؟
⦗ص: 61⦘
قَالَ عُمَرُ: بَلَى، إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا، جَعَلَ أَيْ يَصِفُ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: عِنْدَنَا رَجُلٌ يُسْخَرُ بِهِ، يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، قَالَ لَهُ: أَدْرِكْ قَالَ: وَمَا أَرَاكَ تُدْرِكُ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَقَالَ أُوَيْسٌ: مَا كَانَتْ هَذِهِ عَادَتَكَ، فَمَا بَالُكَ؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَقِيَنِي عُمَرُ فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي قَالَ: لَا أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ عَلَيْكَ أَنَّكَ لَا تَسْخَرُ بِي، وَلَا تَذْكُرُ مَا سَمِعْتَ مِنْ عُمَرَ إِلَى أَحَدٍ، قَالَ: لَكَ ذَلِكَ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، قَالَ أَسِيرٌ: فَمَا لَبِثْنَا حَتَّى فَشَا حَدِيثُهُ فِي الْكُوفَةِ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي، أَلَا أُرَاكَ أَنْتَ الْعَجَبَ وَكُنَّا لَا نَشْعُرُ بِهِ قَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ فِيهِ إِلَى النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إِلَّا بِعَمَلِهِ، قَالَ: فَلَمَّا فَشَا الْحَدِيثُ قَالَ: هَرَبَ فَذَهَبَ
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ:" مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَمْدَحُنِي إِلَّا تَصَاغَرَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، أَوْ قَالَ: مَقَتُّ نَفْسِي " قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَزِيدَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: «مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يَسْمَعُ هَذَا إِلَّا سَيَنْزُو بِهِ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ يُرِاجِعُ»
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ:«مَنْ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُمْلَأَ سَمْعُهُ مِمَّا يُحِبُّ» قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ قَالَ:«مَنْ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُمْلَأَ سَمْعُهُ مِمَّا يَكْرَهُ»
أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ يَقُولُ: «مَا عَمِلْتُ عَمَلًا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، أُبَالِي مَنْ يَرَاهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا حَاجَةَ الرَّجُلِ إِلَى أَهْلِهِ، أَوْ حَاجَتَهُ مِنَ الْخَلَاءِ»
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، فِيمَا نَعْلَمُ قَالَ: كَانَ صِلَةُ صَنَعَ مَسْجِدًا بِالْجُبَّانِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ فَيُصَلِّي فِيهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَمُرُّ عَلَى مَجْلِسٍ، فَأَتَاهُمْ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ:«أَلَا تُحَدِّثُونِي عَنْ قَوْمٍ أَتَوْا أَرْضًا، فَجَعَلُوا يَنَامُونَ اللَّيْلَ، وَيَجُورُونَ النَّهَارَ، فَمَتَى يَبْلُغُونَ؟» قَالُوا: لَا مَتَى، فَقَالَ:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» ، وَتَرَكَهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَا تَدْرُونَ مَنْ يَعْنِي؟ مَا عَنَى غَيْرَكُمْ قَالَ: «فَأَقْبَلَ إِقْبَالًا حَسَنًا وَتَرَكَ مَجْلِسَهُمْ»
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قَدْ أَدْرَكْتُ بَعْضَهُمْ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُصَلِّي مَا يَأْتِي فِرَاشَهُ إِلَّا حَبْوًا
أنا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: أَتَيْنَا أَخًا لَنَا مَرِيضًا نَعُودُهُ، فَتَحَدَّثَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ «أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا يَمْرَضُ يُرْفَعُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ، وَهُوَ صَحِيحٌ» قَالَ مُسْلِمٌ: «لَيْسَ هَكَذَا كُنَّا نَسْمَعُ، وَلَكِنْ يُرْفَعُ لَهُ أَحْسَنُ مَا كَانَ يَعْمَلُ» وَأَنَا صَاحِبٌ لَنَا، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمَّا دَخَلُوا، وَهزَمُوا أَهْلَ الْبَصْرَةِ زَمَنَ ابْنِ الْأَشْعَثِ فَصَوَّتَ أَهْلُ دَارِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدِهِ: أَمَا سَمِعْتَ الصَّوْتَ؟ قَالَ: «مَا سَمِعْتُهُ»
⦗ص: 63⦘
قَالَ سُلَيْمَانُ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ إِذَا رُئِيَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ ثَوْبٌ مُلْقًى، أَيْ لَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ سُلَيْمَانُ، وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ:«مَا أَعْلَمُ شَيْئًا الْيَوْمَ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ طَيِّبٍ يُنْفِقُهُ صَاحِبُهُ فِي حَقٍّ، أَوْ أَخٍ يُسْكَنُ إِلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ» قَالَ: «مَا يَزْدَادَانِ إِلَّا قِلَّةً»
وَعَنْ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الصُّفَّةِ، فَقَالَ:«أَلَا تُحَدِّثُونِي عَنْ شَيْءٍ أَسْأَلُكُمْ عَنْهُ؟» أَتَيْتُ عَلَى رَجُلٍ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ مُحَرَّرِينَ قَالَ: فَرَآهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَبِّ، لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْتِقُ، وَلَكِنْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ أَفْضَلُ فِيمَا تَرَوْنَ؟ فَمَا عَدَلُوا وَمَا مَيَّلُوا أَنَّ " مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَفْضَلُ مِمَّا صَنَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ "
قَالَ سُلَيْمَانُ، وَنا صَاحِبٌ لَنَا، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ:«أَلَا إِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ، وَإِمْسَاكٌ عَنِ الْمَحَارِمِ»
أنا سُلَيْمَانُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَعْظَمَ رَجَاءً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَا أَشَدَّ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ، يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ»
أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ:«اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، وَاحْسَبْ نَفْسَكَ مَعَ الْمَوْتَى، وَاجْتَنِبْ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا مُسْتَجَابَةٌ»
أنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الْهُذَلِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَهُ. . . فَقَالَ:. . . إِنَّ بِهَذَا لسَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا ثُمَّ. . . إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَلَمْ أَسْمَعْ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ. . . هَاهُنَا أَحَدٌ خَيْرًا مِنْكَ؟ قَالَ: لَا، «عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنْكَ» أَوْ كَلِمَةً نَحْوَ هَذِهِ
أنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، أَنَّ الصَّلْتَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مِنْ صُوفٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ نَظَرًا تَكْرَهُهُ ثُمَّ قَالَ:. . . إِنَّ نَاسًا يَلْبَسُونَ الصُّوفَ يَقُولُونَ: إِنَّ عِيسَى كَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ، وَقَدْ. . . لَا أَتَّهُمُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ الْقُطْنَ، وَالْكَتَّانَ، وَالْيُمْنَةَ» فَسُنَّةُ نَبِيِّنَا، أَوْ قَالَ: نَبِيُّ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ
أنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ حَضَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ الْمَوْتُ، فَقَالَ: مَنْ فِي الْبَيْتِ؟ قَالُوا: أَهْلُكَ وَإِخْوَانُكَ وَجُلَسَاؤُكَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: أَقْعِدُونِي، فَأَسْنَدَهُ ابْنُهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا لَهُ خَيْرًا، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي مُحَدِّثُكُمُ الْيَوْمَ حَدِيثًا مَا حُدِّثْتُ بِهِ أَحَدًا مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتِسَابًا، وَمَا أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ إِلَّا احْتِسَابًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ
⦗ص: 65⦘
خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِي جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَرْفَعْ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ بِهَا حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ رِجْلَهُ الْيُسْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهَا خَطِيئَةً، حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ، فَلْيَقْرُبْ أَوْ لِيَبْعُدْ، فَإِذَا صَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ انْصَرَفَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ هُوَ أَدْرَكَ بَعْضًا وَفَاتَهُ بَعْضٌ، فَإِنَّ مَا فَاتَهُ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ هُوَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا كَانَ كَذَلِكَ» أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ. . .
فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا
أنا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:" قَالَ مُوسَى لِرَبِّهِ: يَا رَبِّ، أَيُّ عِبَادِكَ أَدْنَى عِنْدَكَ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: عَبْدٌ يَبْقَى فِي الدِّمْنَةِ بَعْدَمَا يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: انْظُرْ أَرْبَعَةَ مُلُوكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا، فَسَمِّ مِنْ مُلْكِهِمْ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَشْتَهِي كَذَا، وَأَشْتَهِي كَذَا، وَأَشْتَهِي كَذَا قَالَ: فَسَمِّ مِنْ مُلْكِهِمْ مَا لَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: يَلَذُّ عَيْنِي كَذَا، يَلَذُّ عَيْنِي كَذَا، قَالَ أَرَضِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَهُوَ لَكَ، وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، قَالَ مُوسَى: رَبِّ، هَذَا لِأَدْنَى مَنْ فِي الْجَنَّةِ، فَمَا لِأَهْلِ صَفْوَتِكَ؟ قَالَ: هَذِهِ الَّتِي أَرَدْتَ يَا مُوسَى، خَلَقْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَعَمِلْتُهَا وَخَتَمْتُ عَلَى خَزَائِنِهَا، وَفِيهَا مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ يَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ "
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا «أَنَّ نَخْلَ الْجَنَّةِ جِذْعُهَا يَاقُوتٌ، وَسَعَفُهَا ذَهَبٌ، وَشَعَفُهَا حُلَلٌ، وَثِمَارُهَا أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَالشَّهْدِ»
أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«إِنَّ أَرْضَ الْجَنَّةِ مِنَ الْوَرِقِ، وَتُرَابَهَا مِسْكٌ، وَأُصُولَ شَجَرِهَا ذَهَبٌ وَوَرِقٌ، وَأَفْنَانُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالزَّبَرْجَدُ، وَيَاقُوتٌ، وَالْوَرَقُ وَالثَّمَرُ تَحْتَ ذَلِكَ، فَمَنْ أَكَلَ قَائِمًا لَمْ يُؤْذِهِ، وَمَنْ أَكَلَ جَالِسًا لَمْ يُؤْذِهِ، وَمَنْ أَكَلَ مُضْطَجِعًا لَمْ يُؤْذِهِ، وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا»
أنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، " وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا قَالَ:«أَهْلُ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ الثِّمَارَ فِي الشَّجَرِ كَيْفَ شَاءُوا، جُلُوسًا، وَمُضْطَجِعِينَ، وَكَيْفَ شَاءُوا»
أنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:«الْحِنَّاءُ سَيِّدُ رَيْحَانُ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ فِيهَا مِنْ عِتَاقِ الْخَيْلِ، وَكِرَامِ النَّجَائِبِ يَرْكَبُهَا أَهْلُهَا»
أنا رَجُلٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ «ذَكَرَ مَرَاكِبَهُمْ» ثُمَّ تَلَا:{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: 20]
أنا سُفْيَانُ قَالَ: بَلَغَنَا فِي قَوْلِهِ: {وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: 20] قَالَ: «اسْتِئْذَانُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ»
أنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فِي قَوْلِهِ:{أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70] قَالَ: «السَّمَاعُ»
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: بَلَغَنَا «أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ، يَزُورُ الْأَعْلَى الْأَسْفَلَ، وَلَا يَزُورُ الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى»
أنا رِشْدِينُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ عَلَيْهِمُ التِّيجَانَ، إِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ مِنْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»
أنا بَقِيَّةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مَشْيَخَةِ الْجُنْدِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْحَجَّاجِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ، فَقَالَ:" إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَكُونُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَعِنْدَهُ سِمَاطَانِ مِنْ خَدَمٍ، وَعِنْدَ طَرَفِ السِّمَاطَيْنِ بَابٌ مُبَوَّبٌ، فَيُقْبِلُ الْمَلَكُ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ يَسْتَأْذِنُ، فَيَقُومُ أَدْنَى الْخَدَمِ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ بِالْمَلَكِ يَسْتَأْذِنُ، فَيَقُولُ لِلَّذِي يَلِيهِ: هَذَا مَلَكٌ يَسْتَأْذِنُ، وَيَقُولُ لِلَّذِي يَلِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَاهُ الْمُؤْمِنَ، فَيَقُولُ: ائْذَنُوا لَهُ، فَيَقُولُ أَقْرَبُهُمْ إِلَى الْمُؤْمِنِ: ائْذَنُوا لَهُ، فَيَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ لِلَّذِي يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَاهُمُ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ، فَيَفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَدْخُلُ، فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«لِكُلِّ مُؤْمِنٍ خَيْرَةٌ، وَلِكُلِّ خَيْرَةٍ خَيْمَةٌ، وَلِكُلِّ خَيْمَةٍ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، تَدْخُلُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ رَبِّهِ تُحْفَةٌ، وَكَرَامَةٌ، وَهَدِيَّةٌ لَهُ، لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ، لَا بَخِرَاتٍ، وَلَا دَفِرَاتٍ، وَلَا مَرِحَاتٍ، وَلَا طَمَّاحَاتٍ، وَلَا يَغَرْنَ، وَلَا يُغَرْنَ، حُورٌ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ»
أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ شُفِيِّ بْنِ مَاتِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مِنْ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ عَلَى الْمَطَايَا وَالنُّجُبِ، وَإِنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِخَيْلٍ مُسَوَّمَةٍ مُلْجَمَةٍ، لَا تَرُوثُ وَلَا تَبُولُ، فَيَركَبُونَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، فَيَأْتِيهِمْ مِثْلُ السَّحَابَةِ، فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، فَيَقُولُونَ: أَمْطِرِي عَلَيْنَا، فَمَا تَزَالُ تُمْطِرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى فَوْقِ أَمَانِيهِمْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا غَيْرَ مُؤْذِيَةٍ فَتَنْسِفُ كُثْبَانًا مِنْ مِسْكٍ عَلَى أَيْمَانِهِمْ، وَعَلَى شَمَائِلِهِمْ، فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْمِسْكُ فِي نَوَاصِي خُيُولِهِمْ، وَفِي مَعَارِفِهَا، وَفِي رُءُوسِهَا، وَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ جُمَّةٌ عَلَى مَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، فَيَتَعَلَّقُ ذَلِكَ الْمِسْكُ فِي تِلْكَ الْجِمَامِ، وَفِي الْخَيْلِ، وَفِي مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ، ثُمَّ يُقْبِلُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا الْمَرْأَةُ تُنَادِي بَعْضَ أُولَئِكَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَمَا لَكَ فِينَا حَاجَةٌ؟ فَيَقُولُ: مَا أَنْتِ؟ وَمَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا زَوْجَتُكَ، فَيَقُولُ: مَا كُنْتُ عَلِمْتُ مَكَانَكِ، فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: أَوَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] فَيَقُولُ: بَلَى
⦗ص: 70⦘
وَرَبِّي، فَلَعَلَّهُ يُشْغَلُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، لَا يَلْتَفِتُ وَلَا يَعُودُ، مَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا إِلَّا مَا هُوَ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالْكَرَامَةِ "
أنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ:" إِنَّ مِنَ الْمَزِيدِ فِي الْجَنَّةِ أَنْ تَمُرَّ السَّحَابَةُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ، فَتَقُولَ: مَا تَدْعُونِي أَنْ أُمْطِرَكُمْ؟ قَالَ: فَلَا يَدْعُونَ بِشَيْءٍ إِلَّا أَمْطَرَتْهُمْ "، قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ:" لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ ذَلِكَ لَأَقُولَنَّ: أَمْطِرِينَا جَوَارِيَ مُزَيَّنَاتٍ " قَالَ نُعَيْمٌ: سَمِعْتُهُ مِنْ بَقِيَّةَ سَوَاءً
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: انْطَلِقُوا إِلَى السُّوقِ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْكُثْبَانِ، أَوْ قَالَ: الْجِبَالِ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى أَزْوَاجِهِمْ، قَالُوا: إِنَّا لَنَجِدُ لَكُنَّ رِيحًا مَا كَانَتْ لَكُنَّ إِذْ خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكُنَّ قَالَ: فَيَقُلْنَ: لَقَدْ رَجَعْتُمْ بِرِيحٍ مَا كَانَتْ لَكُمْ إِذْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا "
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يُمْنُونَ وَلَا يَبْزُقُونَ، إِنَّمَا نَعِيمُهُمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ مِسْكٌ يتَحَدَّرُ مِنْ جُلُودِهِمْ كَالْجُمَانِ، وَعَلَى
⦗ص: 71⦘
أَبْوَابِهِمْ كُثْبَانٌ مِنَ الْمِسْكِ، يَزُورُونَ اللَّهَ فِي الْجُمُعَةِ مَرَّتَيْنِ، فَيَجْلِسُونَ عَلَى كَرَاسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلَةٍ بِاللُّؤْلُؤِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ، يَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ، وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا قَامُوا انْقَلَبَ أَحَدُهُمْ إِلَى الْغُرْفَةِ مِنْ غُرْفَةٍ لَهَا سَبْعُونَ بَابًا، مُكَلَّلَةٍ بِاللُّؤْلُؤِ، وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ»
أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25] قَالَ: «مُطَهَّرَةٌ مِنَ الْحَيْضِ، وَالْغَائِطِ، وَالْبَوْلِ، وَالْمُخَاطِ، وَالنُّخَامِ، وَالْبُصَاقِ، وَالْمَنِيِّ، وَالْوَلَدِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ: «جِمَاعٌ مَا شَاءَ وَلَا وَلَدَ»
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:«لِسَانُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ»
أنا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ، بَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، يَرَى الَّذِي قَدْ فُضِّلَ بِهِ فَضِيلَتَهُ، وَلَا يَرَى الَّذِي أَسْفَلَ مِنْهُ أَنَّهُ فُضِّلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ "
أنا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] قَالَ: «الدُّرُّ الْمُجَوَّفُ»
أنا سَعِيدٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الدُّرُّ الْمُجَوَّفُ»
أنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ
⦗ص: 72⦘
، فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ، لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ»
أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خُلَيْدٍ الْعَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَمْ يُجَاوِزْ بِهِ خُلَيْدًا قَالَ:«الْخَيْمَةُ لُؤْلُؤَةٌ وَاحِدَةٌ، لَهَا سَبْعُونَ بَابًا كُلُّهَا دُرٌّ»
أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، أَنَّ قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:«حَائِطُ الْجَنَّةِ لَبِنَةٌ ذَهَبٌ، وَأُخْرَى فِضَّةٌ، وَرَضْرَاضُهَا اللُّؤْلُؤُ، وَدَرَجُهَا الْيَاقُوتُ، وَاللُّؤْلُؤُ»
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«حَائِطُ الْجَنَّةِ لَبِنَةٌ ذَهَبٌ، وَلَبِنَةٌ فِضَّةٌ، وَدَرَجُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ» قَالَ: وَكُنَّا نُحَدَّثُ «أَنَّ رَضْرَاضَهَا اللُّؤْلُؤُ، وَتُرَابَهَا الزَّعْفَرَانُ»
أنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، أَوِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ:{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ} [الرحمن: 58] وَالْمَرْجَانُ قَالَ: «بَيَاضُ اللُّؤْلُؤِ، وَصَفَاءُ الْيَاقُوتِ»
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَ:«ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ أَزْوَاجِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَهَا سَبْعُونَ حُلَّةً فِي أَرَقِّ مِنْ شَفِّكُمْ هَذَا، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ»
أنا رِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ أَنْعُمٍ، عَنْ حِبَّانِ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ «إِنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الدُّنْيَا مَنْ دَخَلَتْ مِنْهُنَّ الْجَنَّةَ فُضِّلْنَ عَلَى الْحُورِ الْعِينِ بِمَا عَمِلْنَ فِي الدُّنْيَا»
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ
⦗ص: 73⦘
، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ كَعْبٍ فَقَالَ: «لَوْ أَنَّ يَدًا مِنَ الْحَوْرَاءِ تُدْلِي بِبَيَاضِهَا وَخَوَاتِمِهَا دُلِّيَتْ، لَأَضَاءَتْ لَهَا الْأَرْضُ كَمَا تُضِيءُ الشَّمْسُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا» ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّمَا قُلْتُ يَدَهَا، فَكَيْفَ بِالْوَجْهِ بِبَيَاضِهِ، وَحُسنِهِ وَجَمَالِهِ، وَتَاجِهِ بِيَاقُوتِهِ وَلُؤْلُؤِهِ وَزَبرْجَدِهِ؟ وَلَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غِسْلِينَ دُلِّيَتْ لَمَاتَ مِنْ رِيحِهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»
أنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسٍ» أَوْ قَالَ «قَيْدُ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهَا، وَلَنَصِيفُهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
أنا رِشْدِينُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ»
أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:«إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى وَجْهَهُ فِي وَجْهِ صَاحِبَتِهِ، وَتَرَى وَجْهَهَا فِي وَجْهِهِ، وَيَرَى وَجْهَهُ فِي نَحْرِهَا، وَتَرَى وَجْهَهَا فِي نَحْرِهِ، وَيَرَى وَجْهَهُ فِي مِعْصَمِهَا، وَتَرَى وَجْهَهَا فِي سَاعِدِهِ، وَيَرَى وَجْهَهُ فِي سَاقِهَا، وَتَرَى وَجْهَهَا فِي سَاقِهِ، وَتَلْبَسُ حُلَّةً تَلَوَّنُ فِي سَاعَةٍ سَبْعِينَ لَوْنًا»
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لَيُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ مِنْ تَحْتِ سَبْعِينَ حُلَّةً، كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ»
أنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:«لَوْ أَنَّ خَيْرَةً مِنْ خَيْرَاتٍ حِسَانٍ اطَّلَعَتْ مِنَ السَّمَاءِ لَأَضَاءَتْ لَهَا، وَلقَهَرَ ضَوْءُ وَجْهِهَا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَلَنَصِيفٌ تُكْسَاهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «إِنَّ دَارَ الْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ بَيْتًا، فِي وَسَطِهَا شَجَرَةٌ تُنْبِتُ الْحُلَلَ، فَيَذْهَبُ فَيَأْخُذُ بِإِصْبَعِهِ سَبْعِينَ حُلَّةً مُنَظَّمَةً بِاللُّؤْلُؤِ، وَالزَّبَرْجَدِ، وَالْمَرْجَانِ»
أنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: إِنَّهُ. . . بِالْأَعْرَابِ وَمَسَائِلِهِمْ، قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً مُؤْذِيَةً، وَمَا كُنْتُ أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً تُؤْذِي صَاحِبَهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَمَا هِيَ؟» قَالَ: السِّدْرَةُ، فَإِنَّ لَهُ شَوْكًا مُؤْذِيًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَوَلَيْسَ يَقُولُ: {سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة: 28] خَضَّدَ اللَّهُ شَوْكَهُ، فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةً، فَإِنَّهَا لَتُنْبِتُ ثَمَرًا لَقِنْوٌ مِنَ الثَّمَرِ مِنْهَا عَلَى اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْنًا، طَعَامٌ مَا فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ "
أنا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ ثِيَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَعمَلُهَا بِأَيْدِينَا؟ فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:«مَا يُضْحِكُكُمْ مِنْ جَاهِلٍ سَأَلَ عَالِمًا؟ وَلَكِنَّهَا ثَمَرَاتٌ»
أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا طُوبَى، يَقُولُ اللَّهُ لَهَا: تفَتَّقِي لِعَبْدِي عَمَّا شَاءَ فَتُفَتَّقُ لَهُ عَنْ فَرَسٍ بسَرْجِهِ، وَلِجَامِهِ، وَهَيْئَتِهِ كَمَا شَاءَ، وَتُفَتَّقُ عَنِ الرَّاحِلَةِ بِرَحْلِهَا، وَزِمَامِهَا وَهَيْئَتِهَا كَمَا شَاءَ، وَعَنِ النَّجَائِبِ وَالثِّيَابِ "
أنا شُعْبَةُ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ، شَكَّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ فِي اسْمِ الرَّجُلِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ، أَوْ قَالَ: مِائَةَ سَنَةٍ، وَهِيَ شَجَرَةُ الْخُلْدِ "
أنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِيَادٍ، مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " إِنَّ فِي
⦗ص: 76⦘
الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] "، فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا، فَقَالَ:«صَدَقَ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى، وَالْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَكِبَ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً ثُمَّ دَارَ بِأَصْلٍ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَا بَلَغَهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرَمًا، إِنَّ اللَّهَ غَرَسَهَا بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ، وَإِنَّ أَفْنَانَهَا لَمِنْ وَرَاءِ سُوَرِ الْجَنَّةِ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ نَهَرٍ إِلَّا وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبِي الْأَشْرَسِ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ قَالَ:" طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ دَارٌ إِلَّا فِيهَا. . . مِنْهَا، فَيَجِيءُ الطَّائِرُ فَيَقَعُ، فَيَدْعُوهُ فَيَأْكُلُ مِنْ أَحَدِ جَنْبَيْهِ قَدِيدًا، وَمِنَ الْآخَرِ شِوَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: طِرْ فَيَطِيرُ "
أنا. . . عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: رَفْرَفٍ خُضْرٍ قَالَ الْمَحَابِسُ:، الْعَبْقِرِيُّ: الزَّرَابِيُّ، وَالْإِسْتَبْرَقُ: الدِّيبَاجُ الْغَلِيظُ، وَهُوَ بِلُغَةِ الْعَجَمِ اسْتَبْرَهْ "
أنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" {رَفْرَفٍ خُضْرٍ} [الرحمن: 76] قَالَ: رِيَاضُ الْجَنَّةِ، قَالَ: {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] قَالَ: عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ فَإِنِّي أُحِبُّ الْخَيْلَ قَالَ:«إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ تَرْكَبَ فَرَسًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فَيَطِيرُ بِكَ فِي أَيِّ الْجَنَّةِ شِئْتَ إِلَّا فَعَلْتَ» ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي الْجَنَّةِ إِبِلٌ فَإِنِّي أُحِبُّ الْإِبِلَ؟ فَقَالَ:«يَا أَعْرَابِيُّ، إِنْ أَدْخَلَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَصَبْتَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ»
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَصَابَتْ أَحَدُكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي، وَلْيُعَزِّهِ ذَلِكَ مِنْ مُصِيبَتِهِ بِي»
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عُثْمَانَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ سُفُنًا مَقَاذِفُهَا مِنْ ذَهَبٍ»
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ "
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: " يُؤْتَوْنَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ،. . . فَإِذَا
⦗ص: 78⦘
أُتُوا بِالشَّرَابِ الطَّهُورِ، فَيَشْرَبُونَ فَتَضْمُرُ لِذَلِكَ بُطُونُهُمْ، وَيَفِيضُ عَرَقًا مِنْ جُلُودِهِمْ. . . مِسْكٌ، ثُمَّ قَرَأَ:{شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، فِي قَوْلِهِ {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 28] قَالَ: «هِيَ عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، وَيُمزَجُ مِنْهَا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ»
أنا رَجُلٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26] قَالَ: «شَرَابٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الْفِضَّةِ يَخْتِمُونَ بِهَا آخِرَ أَشْرِبَتِهِمْ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا أَدْخَلَ فِيهِ يَدَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَمْ يَبْقَ ذُو رُوحٍ إِلَّا وَجَدَ رِيحَ طِيبِهَا»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:{خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26] قَالَ: «خِلْطُهُ وَلَيْسَ بخَاتِمٍ يُخْتَمُ»
أنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ} [الصافات: 58] قَالَ: «عَلِمُوا وَاللَّهِ أَنَّ كُلَّ نَعِيمٍ بَعْدَهُ الْمَوْتُ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ» ، فَقَالُوا:{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [الصافات: 59] قِيلَ: لَا، قَالُوا:{إِنْ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصافات: 60]
أنا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: «النَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ، وَلَا يَمُوتُ أَهْلُ الْجَنَّةِ»
أنا عُمَيْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ "
أنا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ _ قَالَ: أَظُنُّهُ رَفَعَهُ _ قَالَ: " يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالْكَبْشِ الْأَمْلَحِ حَتَّى يُوقَفَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، هَذَا الْمَوْتُ، يَا أَهْلَ النَّارِ، هَذَا الْمَوْتُ قَالَ: فَيُذْبَحُ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ فَرَحًا لَمَاتَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا، وَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ حُزْنًا لَمَاتَ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا "
أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: نا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قِيلَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ أُعْطُوا فِيهَا مَا أُعْطُوا مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ، نُودُوا يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمُ الزِّيَادَةَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ» قَالَ
⦗ص: 80⦘
أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِجُلَسَاءِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: «هُمُ الْخَائِفُونَ، الْخَاضِعُونَ، الْمُتَوَاضِعُونَ، الذَّاكِرُونَ لِلَّهِ كَثِيرًا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَهُمْ أَوَّلُ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:«لَا» قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: " الْفُقَرَاءُ يَسْبِقُونَ النَّاسَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مِنْهَا مَلَائِكَةٌ، فَيَقُولُونَ: ارْجِعُوا إِلَى الْحِسَابِ، فَيَقُولُونَ: عَلَامَ نُحَاسَبُ؟ وَاللَّهِ مَا أُفِيضَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْأَمْوَالِ فِي الدُّنْيَا فَنَقْبِضَ فِيهَا وَنَبْسِطَ، وَمَا كُنَّا أُمَرَاءَ نَعْدِلُ وَنَجُورُ، وَلَكِنَّا. . . اللَّهُ فَعبَدْنَاهُ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ "
أنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ: أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟» قَالُوا: لَا قَالَ: «فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا، فَقَالَ: " فَإِنَّكُمْ لتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَقُولُ: لِكُلِّ أُمَّةٍ كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِهِ شَيْئًا، مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ الشَّمْسَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُهَا، وَيَتْبَعُ الْقَمَرَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُهُ، وَيَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهِمْ مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمْ رَبُّهُمْ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَاتْبَعُونِي، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا رَأَيْنَا رَبَّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمْ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَهُ
⦗ص: 81⦘
، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَقَوْلُهُمْ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «فَأَجْتَازُ بِأُمَّتِي، وَفِي النَّارِ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: " فَإِنَّهَا مِثْلُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَالْمُوبَقُ فِي جَهَنَّمَ بِعَمَلِهِ، وَالْمُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو، فَإِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، فَأَرَادَ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِمَّنْ فِي النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ جَهَنَّمَ مَنْ أَرَادَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيُعلِّمُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَقَدِ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، حَتَّى يَبْقَى رَجُلٌ مِنْ آخِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا، قَاعِدًا بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، مُقْبِلًا بِوَجْهِهِ إِلَى جَهَنَّمَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، أَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، وَقشَبَنِي رِيحُهَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ: فَعَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيُعْطِي رَبَّهُ مِنَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا برَزَتْ لَهُ الْجَنَّةُ
⦗ص: 82⦘
سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ مِنَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ أَنْ لَا تَسْأَلَ اللَّهَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ بِكَ، فَيُقَدِّمُهُ اللَّهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَ الْجَنَّةِ، انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْبَهْجَةِ وَالنَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ مِنَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَلَا يَزَالُ يَسْأَلُهُ الْجَنَّةَ حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْهُ، فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الْأَمَانِيُّ، وَيُذَكِّرُهُ اللَّهُ: وَمِنْ كَذَا وَمِنْ كَذَا، فَيَسْأَلُ: وَمِنْ كَذَا، وَمِنْ كَذَا، فَيَسْأَلُ حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ نَفْسُهُ، قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ "، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ حِينَ حَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ» ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَوْلَهُ «لَكَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ» ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ» أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
بَابُ صِفَةِ النَّارِ
أنا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَيَقُولُ: خُذُوهُ، فَيَأْخُذُهُ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ وَيَزِيدُونَ، فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ نَاصِيَتِهِ وَقَدَمَيْهِ غَضَبًا لِغَضَبِ اللَّهِ، فَيَسْحَبُونَهُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ، فَالنَّارُ عَلَيْهِ أَشَدُّ غَضَبًا مِنْ غَضَبِهِ سَبْعِينَ ضِعْفًا، فَيَسْتَغِيثُ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَيُسْقَى شَرْبَةً يَسْقُطُ مِنْهَا لَحْمُهُ وَعصَبُهُ، ثُمَّ يُرْكَسُ فِي النَّارِ، فَوَيْلٌ لَهُ مِنَ النَّارِ، وَحُدِّثْتُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ فِي أَيْدِيهِمْ إِذَا أَخَذُوهُ، فَيَقُولُ: أَلَا تَرْحَمُونِي؟ فَيَقُولُونَ: وَكَيْفَ نَرْحَمُكَ وَلَمْ يَرْحَمْكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ؟ "
أَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] قَالَ: «مُتَقَطِّعَةً أَعْنَاقُهُمْ مِنَ الْعَطَشِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، أَنَّهُ سَمِعَ نَوْفًا، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:{فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: 32] قَالَ: «كُلُّ ذِرَاعٍ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَكُلُّ بَاعٍ سَبْعُونَ بَاعًا، أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ»
أنا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّ كَعْبًا قَالَ: إِنَّ حَلْقَةً مِنَ السِّلْسِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: 32]«أَنَّ حَلْقَةً مِنْهَا مِثْلُ جَمِيعِ حَدِيدِ الدُّنْيَا»
أنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ رَصَاصَةً مِثْلَ هَذِهِ ـ وَأَشَارَ إِلَى الْجُمْجُمَةِ - أُرْسِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَهِيَ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ لَبَلَغَتْ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَلَوْ أَنَّهَا أُرْسِلَتْ مِنْ رَأْسِ السِّلْسِلَةِ لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْأَرْضَ أَصْلُهَا أَوْ قَعْرُهَا» سَمِعْتُ سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ: {فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: 32] قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ فِيهِ»
أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ:{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] قَالَ: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الرَّأْسِ الْمَشِيطِ بِالنَّارِ، قَدْ بَدَتَ أَسْنَانُهُ وَقَلَصَتْ شَفَتَاهُ»
أنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي قَوْلِهِ:{وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] قَالَ: «تَشْوِيهِ النَّارُ فَتَتَقَلَّصُ شَفَتُهُ الْعُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ، وَتَسْتَرْخِي شَفَتُهُ حَتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ»
أنا حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «يُعَظَّمُ الْكَافِرُ فِي النَّارِ مَسِيرَةَ سَبْعِ لَيَالٍ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَشِفَاهُهُمْ عِنْدَ سُرُرِهِمْ سُودٌ حُبْنٌ زُرْقٌ مَقْبُوحُونَ»
أَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ حِطَّانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: «هَلْ تَدْرُونَ كَيْفَ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ؟» قَالَ: قُلْنَا: هِيَ مِثْلُ أَبْوَابِنَا هَذِهِ قَالَ: «لَا، هِيَ هَكَذَا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ»
أنا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ التَّغْلِبِيُّ قَالَ: نا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا؛ فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ كَأَنَّهَا جَدَاوِلُ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ فَتَسِيلَ الدِّمَاءُ، فَتَقْرَحَ الْعُيُونَ، فَلَوْ أَنَّ سُفُنًا أُجْرِيَتْ فِيهِ لَجَرَتْ»
أنا جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:«شَدَّ مَا ذَلَّتْ أَلْسِنَةُ النَّاسِ بِذِكْرِ النَّارِ»
أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبِي رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ:{هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} [ص: 57] قَالَا: «مَا يَسِيلُ مِنْ صَدِيدِهِمْ»
أنا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَتَدْرِي مَا سِعَةُ جَهَنَّمَ؟» قَالَ: قُلْتُ: لَا قَالَ: «أَجَلْ، وَاللَّهِ مَا تَدْرِي إِنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا، يَجْرِي فِيهَا أَوْدِيَةُ الْقَيْحِ وَالدَّمِ» ، قُلْتُ لَهُ: أَنْهَارٌ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ أَوْدِيَةٌ» ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرِي مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ مَا تَدْرِي
حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ قَوْلِهِ:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] قُلْتُ: فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ»
أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {إِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ} [الفرقان: 13] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ جَهَنَّمَ لَتُضَيَّقُ عَلَى الْكَافِرِ كَتَضْيِيقِ الزُّجِّ عَلَى الرُّمْحِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ} [النساء: 145] الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ قَالَ: «تَوَابِيتُ مِنْ حَدِيدٍ نُصِبَتْ عَلَيْهِمْ فِي أَسْفَلِ النَّارِ»
أَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، كَانَ يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَفَةِ النَّارِ، وَقَعْرِهَا كَصَخْرَةٍ زِنَةِ سَبْعِ خَلِفَاتٍ، شُحُومِهِنَّ، وَلُحُومِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ، تَهْوِي مِنْ شَفَةِ النَّارِ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا»
أنا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: «إِنَّ مَا بَيْنَ شَفِيرِ جَهَنَّمَ إِلَى قَعْرِهَا، مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا مِنْ حَجَرٍ يَهْوِي» أَوْ قَالَ: «صَخْرَةٍ تَهْوِي، عِظَمُهَا كَعَشْرِ عُشَرَاوَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ» فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: هَلْ تَحْتَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، غِيٌّ وَأَثَامٌ»
أنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ، يُعَظَّمُونَ لِتَمْتَلِئَ مِنْهُمْ، وَلْيَذُوقُوا الْعَذَابَ»
أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَجَنْبَاهُ مِثْلُ الْوَرَقَانِ، وَمَجْلِسُهُ مِنَ النَّارِ كَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ، وَكَثُفُ بَصَرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَبَطْنُهُ مِثْلُ إِضَمٍ»
أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُصْرُ جِلْدِ الْكَافِرِ، يَعْنِي غِلَظَ جِلْدِهِ، سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفِي سَائِرِ خَلْقِهِ»
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، بِسَنَدِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ النَّارَ تَأْكُلُ أَهْلَهَا، حَتَّى إِذَا اطَّلَعَتْ عَلَى أَفْئِدَتِهِمُ انْتَهَتْ، ثُمَّ يَعُودُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُهُ أَيْضًا، فَتَطَّلِعُ عَلَى فُؤَادِهِمْ، فَهُوَ كَذَلِكَ أَبَدًا» ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: 7]
أَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ
⦗ص: 88⦘
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" إِنَّ الْحِجَارَةَ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24] حِجَارَةٌ مِنْ كِبرِيتٍ، خَلَقَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَكَمَا شَاءَ "
أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَارُكُمُ الَّتِي يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا، مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» ، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنَّهَا فَضَلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا»
أَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«إِنَّ النَّارَ أُوقِدَتْ أَلْفَ سَنَةٍ فَابْيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَتْ أَلْفَ سَنَةٍ فَاحْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَتْ أَلْفَ سَنَةٍ فَاسْوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ»
أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ:«النَّارُ سَوْدَاءُ، لَا يُضِيءُ لَهَبُهَا وَلَا جَمْرُهَا» ، ثُمَّ قَرَأَ:{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [الحج: 22]
أنا مِسْعَرٌ، عَنْ عِفَاقٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، أَنَّهُ سَمِعَ:«بَيْنَ جِلْدِ الْكَافِرِ وَلَحْمِهِ وَجَسَدِهِ، دَوِيُّ الدُّودِ كَدَوِيِّ الْوَحْشِ»
أنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ الرَّيَاحِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: «أَنَّ فِي النَّارِ أَوْدِيَةً فِي ضَحْضَاحٍ
⦗ص: 89⦘
مِنَ النَّارِ، فِي تِلْكَ حَيَّاتٌ أَمْثَالُ كَذَا وَكَذَا، وَعَقَارِبُ كَالْبِغَالِ الْخُنَّسِ، فَإِذَا سَقَطَ إِلَيْهِنَّ شَيْءٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْشَأْنَ بِهِمْ لَسْعًا وَتَشْطًا» أَوْ قَالَ:«نَشْطًا حَتَّى يَسْتَغِيثُوا بِالنَّارِ؛ فِرَارًا مِنْهُنَّ أَوْ هَرَبًا مِنْهُنَّ»
أنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَيَنْفُذُ الْحَمِيمُ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ، وَيَسْلُتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصَّهْرُ، ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ»
أَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:{وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ} [إبراهيم: 17] قَالَ: «يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ، فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ، وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ، فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ» يَقُولُ اللَّهُ: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15] وَيَقُولُ اللَّهُ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ} [الكهف: 29]
أَنَا أَبُو الصَّبَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُمَيَّةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْمُهْلُ؟ مُهْلُ الزَّيْتِ، يَعْنِي أَحَرَّهُ»
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{كَالْمُهْلِ} [الكهف: 29]، قَالَ:«كَعَكَرِ الزَّيْتِ، إِذَا قُرِّبَتْ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لِسُرَادَقِ النَّارِ أَرْبَعَةُ جُدُرٍ كُثْفُ كُلِّ جِدَارٍ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غِسْلِينَ أُهْرِيقَ فِي الدُّنْيَا، لَأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا»
أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ:{إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65] قَالَ: " الْغَرَامُ: اللَّازِمُ الَّذِي لَا يُفَارِقُ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ عَذَابٍ يُفَارِقُ صَاحِبَهُ فَلَيْسَ بِغَرَامٍ "
أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: سَأَلَ عَلِيٌّ هِلَالًا الْهَجَرِيَّ: مَا تَجِدُونَ الْحُقْبَ الْوَاحِدَ؟ قَالَ: «نَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ ثَمَانِينَ سَنَةً، كُلُّ سَنَةٍ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَكُلُّ يَوْمٍ أَلْفُ سَنَةٍ»
أنا. . .، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، يَذْكُرُهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: " إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَدْعُونَ مَالِكًا فَلَا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ:{إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] قَالَ: فَكَانَتْ وَاللَّهِ دَعْوَتَهُمْ. . . قَالَ: ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ، فَيَقُولُونَ:{رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106]. . . {مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] قَالَ: هَذِهِ الثَّالِثَةُ قَالَ: ثُمَّ نَادَوُا الرَّابِعَةَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] قَالَ: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]، ثُمَّ سَكَتَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَادَاهُمْ:{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: 105] قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ قَالُوا: الْآنَ يَرْحَمُنَا، فَقَالُوا
⦗ص: 92⦘
عِنْدَ ذَلِكَ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] أَيِ الْكِتَابُ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْنَا، {وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} فَانْقَطَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالرَّجَاءُ مِنْهُمْ، وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، بَعْضُهُمْ فِي وَجْهِ بَعْضٍ، فَأُطْبِقَتْ عَلَيْهِمْ قَالَ: فَحَدَّثَنِي الْأَزْهَرُ بْنُ أَبِي الْأَزْهَرِ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35] "
أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنِ الثِّقَةِ أَنَّ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ دَخَلَتْهُ خَشْيَةٌ مِنَ النَّارِ، فَكَانَ يَبْكِي عِنْدَ ذِكْرِ النَّارِ حَتَّى حَبَسَهُ ذَلِكَ فِي الْبَيْتِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهَ فِي الْبَيْتِ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ عليه السلام اعْتنَقَهُ الْفَتَى فَخَرَّ مَيِّتًا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«جهِّزُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّ الْفَرَقَ مِنَ النَّارِ فَلَذَ كَبِدَهُ»
. . . . . . . عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: «لَمَّا خُلِقَتِ النَّارُ فَزَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَطَارَتْ أَفْئِدَتُهَا، فَلَمَّا خُلِقَ آدَمُ سَكَنَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَذَهَبَ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ»
أنا زِيَادُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ قَالَ: قَالَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الرُّسُلِ، فَتُلُقُّوا بِالْفَرَحِ وَالْبِشْرِ، وَفِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ مُصَلٍّ يُصَلِّي لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْكُمْ
⦗ص: 93⦘
إِلَّا قَدْ رَأَيْتُ مِنْهُ الْبِشْرَ وَالْفَرَحَ غَيْرَ صَاحِبِ الزَّاوِيَةِ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ فَرِحَ بِكَ كَمَا فَرِحْنَا، وَلَكِنَّهُ خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِ جَهَنَّمَ "
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ:«أَعْجَبَنِي ضَاحِكٌ مِنْ وَرَائِهِ النَّارُ، وَمُؤَمِّلٌ مِنْ وَرَائِهِ الْمَوْتُ»
أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْغَزْوَانُ «جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَلَّا يَضْحَكَ حَتَّى يَعْلَمَ مَصِيرَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَمَلَكَ نَفْسَهُ فَلَمْ يَضْحَكْ إِلَى أَنْ مَاتَ»
أنا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الزَّاهِرِيَّةِ يُحَدِّثُ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:«وَيْلٌ لِلْأَقْمَاعِ، أَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ، الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»
أَنَا أَيْضًا أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: " إِنِّي لَسْتُ أَخَافُ أَنْ يُقَالَ لِي: يَا عُوَيْمِرُ، مَاذَا عَلِمْتَ؟ وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يُقَالَ: يَا عُوَيْمِرُ، مَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ وَلَمْ يُؤْتِ اللَّهُ امْرَأً عِلْمًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَأَلَهُ عَمَلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
أنا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ عَنْ بَعْضِ مَنْ حَدَّثَهُ قَالَ: " ثَلَاثَةٌ فِي النَّارٍ قَدْ آذَوْا أَهْلَ النَّارِ، وَكُلُّ أَهْلِ النَّارِ فِي أَذًى، رِجَالٌ مُغلَّقَةٌ عَلَيْهِمْ تَوَابِيتُ مِنْ نَارٍ، وَهُمْ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ، فَيَصِيحُونَ حَتَّى تَعْلُوَ أَصْوَاتُهُمْ أَهْلَ النَّارِ، فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ النَّارِ: مَا بَالُكُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ النَّارِ فَعَذَّبَكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: كُنَّا مُتَكَبِّرِينَ، وَرِجَالٌ قَدْ
⦗ص: 94⦘
فَتُقِتْ بُطُونُهُمْ يَسْحَبُونَ أَمْعَاءَهُمْ فِي النَّارِ، فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ النَّارِ: مَا بَالُكُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ النَّارِ فُعِلَ بِكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: كُنَّا نُقَطِّعُ حُقُوقَ النَّاسِ بِأَيْمَانِنَا وَأَمَانَاتِنَا، وَرِجَالٌ يَسْعَوْنَ بَيْنَ الْجَحِيمِ وَالْحَمِيمِ، لَا يَقِرُّونَ، قِيلَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ النَّارِ فُعِلَ بِكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: كُنَّا نَسْعَى بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ "
أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَرْبَعَةٌ يُؤْذُونَ أَهْلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَذَى، يَسْعَوْنَ بَيْنَ الْجَحِيمِ وَالْحَمِيمِ، يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ قَدْ آذَوْنَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَرَجُلٌ مُغَلَّقٌ عَلَيْهِ تَابُوتٌ مِنْ جَمْرٍ، وَرَجُلٌ يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ، وَرَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا، وَرَجُلٌ يَأْكُلُ لَحْمَهُ قَالَ: فَيُقَالُ لِصَاحِبِ التَّابُوتِ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ مَاتَ، وَفِي عُنُقِهِ أَمْوَالُ النَّاسِ لَمْ يَجِدْ لَهَا فَضْلًا، أَوْ قَالَ: وَفَاءً، ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ لَا يُبَالِي أَيْنَ أَصَابَ الْبَوْلُ مِنْهُ، ثُمَّ لَا يَغْسِلُهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ قَذِعَةٍ خَبِيثَةٍ يستَلِذُّهَا وَيَستَلِذُّ الرَّفَثَ، ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَأْكُلُ لَحْمَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ وَيَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ "
أَنَا رَجُلٌ عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] قَالَ: «تُنْضِجُهُمْ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ»
أنا رَجُلٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ قَالَ: وَكَانَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَهُ عَلَى الْجُيُوشِ فَلَقِيَ عَدُوًّا، فَرَأَى فِي أَصْحَابِهِ فَشَلًا فَجَمَعَهُمْ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ: إِنَّكُمْ مَكْتُوبُونَ عِنْدَ اللَّهِ بِأَسْمَائِكُمْ وَسِيمَائِكُمْ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ: يَا فُلَانُ، هَا نُورُكَ، يَا فُلَانُ، لَا نُورَ لَكَ، إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَاحِلًا كَسَاحِلِ الْبَحْرِ، فِيهِ هَوَامُّ، وَحَيَّاتٌ كَالْبَخَاتِيِّ، وَعَقَارِبُ كَالْبِغَالِ الدُّلْمِ، فَإِذَا اسْتَغَاثَ أَهْلُ النَّارِ، قَالُوا: السَّاحِلَ، فَإِذَا أُلْقُوا فِيهَا سُلِّطَتْ تِلْكَ الْهَوَامُّ عَلَيْهِمْ، فَتَأَخُذُ شِفَارَ أَعْيُنِهِمْ وَشِفَاهِهِمْ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ تَكْشُطُهَا كَشْطًا، فَيَقُولُونَ: النَّارَ النَّارَ، فَإِذَا أُلْقُوا فِيهَا سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْجَرَبُ، فَيَحُكُّ أَحَدُهُمْ جِلْدَهُ حَتَّى يَبْدُوَ عَظْمُهُ، وَإِنَّ جِلْدَ أَحَدِهِمْ لَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا قَالَ: يُقَالُ: يَا فُلَانُ، هَلْ تَجِدُ هَذَا يُؤْذِيكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: وَأَيُّ أَذًى أَشَدُّ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: يُقَالُ: هَذَا مَا كُنْتَ تُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ "
نا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ لَمْلَمُ، إِنَّ أَوْدِيَةَ جَهَنَّمَ لَتَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْ حَرِّهِ»
أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ:«الْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ لَوْ سُيِّرَتْ فِيهِ الْجِبَالُ لَمَاعَتْ مِنْ حَرِّهِ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ قَالَ:«الْوَيْلُ مَسِيلٌ فِي أَصْلِ جَهَنَّمَ»
أنا رُشْدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ، وَالصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ فَيَصْعَدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، ثُمَّ يَهْوِي فَهُوَ كَذَلِكَ»
أنا سُفْيَانُ بِنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: " إِنَّ {صَعُودًا} [المدثر: 17] صَخْرَةٌ فِي جَهَنَّمَ، إِذَا وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهَا ذَابَتْ، فَإِذَا رَفَعُوهَا عَادَتْ، اقْتِحَامُهَا {فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: 14] الْآيَةَ
أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: نا ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ، عَنْ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ قَالَ: " إِنَّ فِي جَهَنَّمَ جَبَلًا يُدْعَى صَعُودًا، يَطَلُعُ فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَرْقَاهُ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17] قَالَ: وَإِنَّ فِي جَهَنَّمَ قَصْرًا يُقَالُ لَهُ هَوًى يُرْمَى الْكَافِرُ مِنْ أَعْلَاهُ فَيَهْوِي أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أَصْلَهُ، قَالَ اللَّهُ:{وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه: 81]، وَإِنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا يُدْعَى أَثَامًا، فِيهِ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ، فِي فِقَارٍ إِحْدَاهُنَّ مِقْدَارُ سَبْعِينَ قُلَّةَ سُمٍّ، وَالْعَقْرَبُ مِنْهُنَّ مِثْلُ الْبَغْلَةِ الْمُؤَكَّفَةِ، تَلْدَغُ الرَّجُلَ فَلَا تُلِهِيهِ عَمَّا يَجِدُ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ حُمُوَّةُ لَدْغَتِهَا فَهُوَ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَإِنَّ فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ دَاءً لِأَهْلِهَا
⦗ص: 97⦘
، كُلُّ دَاءٍ مِثْلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ جَهَنَّمَ، وَإِنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا يُدْعَى غَيًّا يَسِيلُ قَيْحًا وَدَمًا، فَهُوَ لِمَا خُلِقَ لَهُ، قَالَ اللَّهُ:{فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] "
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ أَبِي يَسَارٍ قَالَ:«الظُّلَّةُ فِي جَهَنَّمَ فِيهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زَاوِيَةٍ، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ صِنْفٌ مِنَ الْعَذَابِ لَيْسَ فِي الْأُخْرَى»
أَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ فُلَانُ؟ - قَالَ زُبَيْدٌ: حَسِبْتُهُ قَالَ: ابْنُ فُلَانٍ - هَا نُورُكَ، أَيْنَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ؟ لَا نُورَ لَكَ "
أنا رَجُلٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:{يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} [الحج: 20] قَالَ: " يُقَطَّعُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ، {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج: 21]، بِأَيْدِي الزَّبَانِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَضْرِبُهُمْ بِلَهَبِهَا فَترفَعُهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي أَعْلَاهَا ضُرِبُوا بِمَقَامِعَ فَهَوَوْا سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْهَاوِيَةَ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَقِرُّونَ سَاعَةً، فَإِذَا انْتَهَوْا، انْتَهَوْا إِلَى أَسْفَلِهَا، ضَرَبَهُمْ زَفِيرُ لَهَبِهَا، وَالزَّفِيرُ زَفِيرُ اللَّهَبِ، وَالشَّهِيقُ بُكَاؤُهُمْ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ. . . يَخْرُجُوا "
أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي الْعَوَّامِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: 28] فَقَالَ: " وَمَا تِسْعَةَ عَشَرَ؟ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ؟ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا؟
⦗ص: 98⦘
قَالَ: قُلْتُ: بَلْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا قَالَ: وَأَنَّى تَعْلَمُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا. . .} [المدثر: 31] قَالَ أَبُو الْعَوَّامِ: «صَدَقْتَ، وَبِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَهَا شُعْبَتَانِ، فَيُضْرَبُ بِهَا الضَّرْبَةَ يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ أَلْفًا، كَذَا بَيْنَ مِنْكَبَيْ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ مَسِيرَةُ كَذَا»
أَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قُولُوا كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ»
أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُشْحِذُ نَفْسَهُ، يَعْنِي كَانَ يَتَشَدَّدُ فِي الْحَرِّ وَهُوَ صَائِمٌ وَيَقُولُ لَهَا:«أَبْشِرِي بِالرِّيِّ»
أنا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: نا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ قَالَ: بَلَغَنِي " أَنَّ مَنْ كَرِهَ الْمَوْتَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ: أُفَارِقُ الصَّلَاةَ، أُفَارِقُ الصِّيَامَ، أُفَارِقُ كَذَا مِنَ الْعِبَادَةِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: نا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي الْمِحْجَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ: مَنْ إِذَا عَرَفَ حَقًّا لِلَّهِ لَمْ يُؤَخِّرْهُ إِلَى أَيَّامٍ لَا يُدْرِكُهَا، وَكَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى قِوَامٍ مِنَ السَّرِيرَةِ، وَكَانَ يَجْمَعُ مَعَ مَا قَدْ عَمِلَ صَلَاحَ مَا يَأْمَلُ، وَهَكَذَا وَلِيُّ اللَّهِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: قَالَ مَسْرُوقٌ: " يَا أَبَا الضُّحَى، أَيُعْجِبُكُمْ عِبَادَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ؟ قَالَ: يُعْجِبُنَا عِبَادَتُهُ وَفِقْهُهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأَبُوهُ كَانَ أَعْجَبَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ:{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] قَالَ: «جَزَّءُوا اللَّيْلَ»
أنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ:" تُدْنَى الشَّمْسُ مِنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تَكُونَ مِنْ رُءُوسِهِمْ قَدْرَ قَوْسٍ - أَوْ قَالَ: قَدْرَ قَوْسَيْنِ - فَتُعْطَى حَرَّ عَشْرِ سِنِينَ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ يَوْمَئِذٍ طَحْرَبَةٌ، وَلَا تُرَى فِيهَا عَوْرَةُ مُؤْمِنٍ، وَلَا مُؤْمِنَةٍ، وَلَا يَضُرُّ حَرُّهَا يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنًا وَلَا مُؤْمِنَةً، وَأَمَّا الْأَدْيَانُ - أَوْ قَالَ: الْكُفَّارُ - فَتَطْبُخُهُمْ، فَإِنَّمَا تَقُولُ: أَجْوَافُهُمْ: غِقْ غِقْ " قَالَ نُعَيْمٌ: الطَحْرَبَةُ: الْخِرْقَةُ
أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«يُقَصَّرُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ كَوَقْتِ صَلَاةٍ»
أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:{الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 2] قَالَ: «حَقَّتْ وَلِكُلِّ عَامَلٍ عَمَلُهُ» قَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 3] قَالَ: «تَعْظِيمًا لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ»
أنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] «الصَّافِيَةُ، يَعْنِي الْوَردَةَ أَنَّهَا مُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ»
أنا الْمُبَارَكُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:{وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] قَالَ: «تَكُونُ أَلْوَانًا»
أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19]، قَالَ:" حَالًا بَعْدَ حَالٍ، قَالَ: مَرَّةً تَشَقَّقُ، وَمَرَّةً وَاهِيَةٌ "
أنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ الرَّيَاحِيِّ قَالَ: نا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ، وَزِيدَ فِي سَعَتِهَا كَذَا وَكَذَا، وَجُمِعَ الْخَلَائِقُ بصَعِيدٍ وَاحِدٍ، جِنُّهُمْ وَإِنْسُهُمْ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قُيِّضَتْ هَذِهِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَنِ أَهْلِهَا، فَيَنْتَشِرُونَ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَلَأَهْلُ السَّمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ جِنِّهِمْ وَإِنْسِهِمْ بِالضِّعْفِ، فَإِذَا رَآهُمْ أَهْلُ الْأَرْضِ فَزِعُوا إِلَيْهِمْ، وَيَقُولُونَ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَفْزَعُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبِّنَا، لَيْسَ فِينَا، وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ تَقَاضُّ السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ، فَلَأَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَحْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالضِّعْفِ، فَإِذَا نُثِرُوا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَزِعَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْأَرْضِ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَفْزَعُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ، فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبِّنَا، لَيْسَ فِينَا، وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ تَقَاضُّ السَّمَوَاتُ سَمَاءً سَمَاءً، كُلَّمَا قُيِّضَتْ سَمَاءٌ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ السَّمَوَاتِ الَّتِي تَحْتَهَا، وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالضِّعْفِ جِنِّهِمْ وَإِنْسِهِمْ، كُلَّمَا نُثِرُوا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَزِعَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ
⦗ص: 102⦘
، فَيُرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى تَقَاضَّ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ، فَلَأَهْلُهَا وَحْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ سِتِّ سَمَاوَاتٍ، وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالضِّعْفِ، وَيَجِيءُ اللَّهُ فِيهِمْ تبارك وتعالى، وَالْأُمَمُ جُثًى صُفُوفًا، فَيُنَادِي مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمُ الْحَامِدُونَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَيَقُومُونَ، فَيَسْرَحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُنَادِي ثَانِيَةً: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمُ الَّذِينَ كَانَتْ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]، فَيَقُومُونَ، فَيَسْرَحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي ثَالِثَةً: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمُ الَّذِينَ كَانُوا {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]، فَيَقُومُونَ، فَيَسْرَحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَإِذَا أُخِذَ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، خَرَجَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْخَلَائِقِ، لَهُ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَلِسَانٌ فَصِيحٌ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ: وُكِّلْتُ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنْيدٍ، قَالَ: فَيَلْقُطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السِّمْسِمِ، فَيُحْبَسُ بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، قَالَ: ثُمَّ يَخْرُجُ ثَانِيًا، فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِمَنْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَيَلْقُطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السِّمْسِمِ، فَيُحْبَسُ بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، قَالَ: ثُمَّ يَخْرُجُ ثَالِثَةً، قَالَ أَبُو الْمِنْهَالِ: فَأَحْسَبُهُ يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِأَصْحَابِ التَّصَاوِيرِ، فَيَلْقُطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السِّمْسِمِ قَالَ: فَيُحْبَسُ بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، قَالَ: فَإِذَا أَخَذَ مِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً
⦗ص: 103⦘
، وَمِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً، وَمِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً، نُشِرَتِ الصُّحُفُ، وَوُضِعَتِ الْمَوَازِينُ، وَدُعِيَ الْخَلَائِقُ لِلْحِسَابِ "
أَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ:" إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَتَشقَّقَتْ بِأَهْلِهَا، فَيَكُونُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى حَافَّاتِهَا حَتَّى يَأْمُرَهُمُ الرَّبُّ فَيَنْزِلُونَ إِلَى الْأَرْضِ، فَيُخْلَطُونَ بِالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ الَّتِي تَلِيهَا فَيَنْزِلُونَ فَيَكُونُونَ صَفًّا فِي جَوْفِ ذَلِكَ الصَّفِّ، ثُمَّ السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ الْخَامِسَةَ، ثُمَّ السَّادِسَةَ، ثُمَّ السَّابِعَةَ، فَيَنْزِلُ الْمَلِكُ الْأَعْلَى فِي بَهَائِهِ وَمُلْكِهِ، وَمَجْنَبَتُهُ الْيُسْرَى جَهَنَّمُ، فَيَسْمَعُونَ زَفِيرَهَا وَشَهِيقَهَا، فَلَا يَأْتُونَ قُطْرًا مِنْ أَقْطَارِهَا إِلَّا وَجَدُوا صُفُوفًا قِيَامًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} وَالسُّلْطَانُ: الْعُذْرُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحاقة: 17] يَعْنِي حَافَّاتِهَا، يَعْنِي بِأَرْجَائِهَا مَا يَشَقَّقُ مِنْهَا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا الصَّوْتَ فَأَقْبَلُوا إِلَى الْحِسَابِ "
أنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالًا يَقُولُ: " إِنَّ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
⦗ص: 104⦘
. . . لِقَوْلِ رَبِّهِ عز وجل: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} [القيامة: 10] وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [سبأ: 51] "
أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: نا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ، فِي قَوْلِهِ:{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} [غافر: 33]" ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالدَّمْعِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَدَ الدَّمْعُ، ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالدَّمِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَدَ الدَّمُ، ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالْقَيْحِ، قَالَ: يُرْسَلُ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ فَيُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ تَسْتَجِيبُ لَهُمْ أَعْيُنُهُمْ بِالْقَيْحِ، فَيَبْكُونَ قَيْحًا، حَتَّى يَنْفَدَ الْقَيْحُ، فَتَغُورُ أَبْصَارُهُمْ كَالَحَدَقِ فِي الطِّينِ "
أَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 43] قَالَ: «رَافِعِي رُءُوسِهِمْ هَكَذَا»
أنا سفيان عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109] قَالَ: " فَيَفْزَعُونَ وَيَقُولُونَ: {لَا عِلْمَ لَنَا} [البقرة: 32] "
أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {كُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ} [الجاثية: 28] قَالَ: «مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ»
أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَابَاهْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَأَنِّي أَرَاكُمْ بِالْكَوَمِ جَاثِينَ دُونَ جَهَنَّمَ»
أَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: «يَوْمُ كَرَبٍ وَشِدَّةٍ»
أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«شِدَّةُ الْأَمْرِ وَجَدُّهُ» ، قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«هِيَ أَشَدُّ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
أنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَيَّارٍ الشَّامِيِّ قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف: 68]«فَيَرْجُوهَا النَّاسُ أَجْمَعُونَ فَيُتبِعُهَا» : {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف: 69]«فَيَيْئَسُ مِنْهَا النَّاسُ غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ»
أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ
⦗ص: 106⦘
، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى خَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ قُبْطِيَّتَيْنِ ثُمَّ يُكْسَى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً حِبَرَةً عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ»
أنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِيسَى يَحْيَى بْنَ رَافِعٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21] قَالَ: «سَائِقٌ يَسُوقُهَا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِمَا عَمِلَتْ»
أنا رَجُلٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: بَلَغَنِي " أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُمَثَّلُ لَهُ عَمَلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَأَحْسَنِ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَجْهًا وَثِيَابًا، وَأَطْيَبِهِ رِيحًا، فَيَجْلِسُ إِلَى جَنْبِهِ، كُلَّمَا أَفْزَعَهُ شَيْءٌ أَمَّنَهُ، وَكُلَّمَا تَخَوَّفَ شَيْئًا هَوَّنَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ خَيْرًا، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَدْ صَحِبْتُكَ فِي قَبْرِكَ، وَفِي دُنْيَاكَ، أَنَا عَمَلُكَ، كَانَ وَاللَّهِ حَسَنًا؛ فَلِذَلِكَ تَرَانِي حَسَنًا، وَكَانَ طَيِّبًا؛ فَلِذَلِكَ تَرَانِي طَيِّبًا، تَعَالَ فَارْكَبْنِي، فَطَالَمَا رَكِبْتُكَ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تبارك وتعالى:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61] حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ كُلَّ صَاحِبِ عَمَلٍ فِي الدُّنْيَا قَدْ أَصَابَ فِي عَمَلِهِ، وَكُلَّ صَاحِبِ تِجَارَةٍ وَصَانِعٍ قَدْ أَصَابَ فِي تِجَارَتِهِ، غَيْرَ صَاحِبِي قَدْ شُغِلَ فِي نَفْسِهِ، فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ تبارك وتعالى: فَمَا تَسْأَلُ لَهُ، فَيَقُولُ: الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَيُكْسَى حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ تَاجُ الْوَقَارِ، فِيهِ لُؤْلُؤَةٌ تُضِيءُ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ أَبَوَيْهِ قَدْ كَانَ شُغِلَ عَنْهُمَا كُلُّ صَاحِبِ
⦗ص: 107⦘
عَمَلٍ وَتِجَارَةٍ، قَدْ كَانَ يُدْخِلُ عَلَى أَبَوَيْهِ مِنْ عَمَلِهِ فَيُعْطَيَانِ مِثْلَ مَا أُعْطِيَ، وَيَتَمَثَّلُ لِلْكَافِرِ عَمَلُهُ فِي صُورَةِ أَقْبَحِ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَجْهًا، وَأنْتَنِهِ رِيحًا، فَيَجْلِسُ إِلَى جَنْبِهِ، كُلَّمَا أَفْزَعَهُ شَيْءٌ زَادَهُ فَزَعًا، وَكُلَّمَا تَخَوَّفَ شَيْئًا زَادَهُ خَوْفًا، فَيَقُولُ: بِئْسَ الصَّاحِبُ أَنْتَ، وَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا تَعْرِفُنِي، فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ، كَانَ قَبِيحًا؛ فَلِذَلِكَ تَرَانِي قَبِيحًا، وَكَانَ مُنْتِنًا؛ فَلِذَلِكَ تَرَانِي مُنْتِنًا، فَطَأْطِئْ رَأْسَكَ أَرْكَبْكَ، فَطَالَمَا رَكِبْتَنِي فِي الدُّنْيَا، فَيَركَبُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [النحل: 25] "
أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقِ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] قَالَ: " خَلِيلَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ، وَخَلِيلَيْنِ كَافِرَيْنِ، فَمَاتَ أَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ فَبُشِّرَ بِالْجَنَّةِ، فَذَكَرَ خَلِيلَهُ الْمُؤْمِنَ، قَالَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ خَلِيلِي فُلَانًا كَانَ يَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ، فَيَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ فَلَا تُضِلُّهُ بَعْدِي، وَاهْدِهِ كَمَا هَدَانِي، وَأَكْرِمْهُ كَمَا أَكْرَمَنِي، فَإِذَا مَاتَ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَيُقَالُ لَهُمَا: لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَانَ يَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ، فَيَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ، فَنِعْمَ الْأَخُ وَالْخَلِيلُ وَالصَّاحِبُ، قَالَ: ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُ الْكَافِرَيْنِ فَيُبَشَّرُ بِالنَّارِ، فَيَذْكُرُ خَلِيلَهُ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ خَلِيلِي فُلَانٌ، كَانَ يَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ، وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ، وَيَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِكَ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ، اللَّهُمَّ فَأَضِلَّهُ كَمَا أَضَلَّنِي
⦗ص: 108⦘
، فَإِذَا مَاتَ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي النَّارِ، فَيُقَالُ: لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَانَ يَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ، وَيَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِكَ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ، فَبِئْسَ الْأَخُ وَالْخَلِيلُ وَالصَّاحِبُ "
أَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ فِي بَابِ دِمَشْقَ، وَمَعَنَا أَبُو أُمَامَةَ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَخَذُوا فِي دَفْنِهَا، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ فِي مَنْزِلٍ تقْتَسِمُونَ فِيهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَتُوشِكُونَ أَنْ تَظْعَنْوا مِنْهُ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ، وَهُوَ هَذَا، فَيُشِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، بَيْتِ الْوَحْدَةِ، وَبَيْتِ الظُّلْمَةِ، وَبَيْتِ الدُّودِ، وَبَيْتِ الضِّيقِ، إِلَّا مَا وَسِعَ اللَّهُ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَوَاطِنِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّكُمْ لَفِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ حِينَ يَغْشَى النَّاسَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ، وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ إِلَى مَنْزِلٍ، فَتَغْشَى النَّاسَ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ يُقْسَمُ النُّورُ فَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ نُورًا وَيُتْرَكُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ، فَلَا يُعْطَيَانِ شَيْئًا مِنَ النُّورِ، وَهُوَ الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ:{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} [النور: 40] إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] فَلَا يَسْتَضِيءُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ بِنُورِ الْمُؤْمِنِ، كَمَا لَا يَسْتَضِيءُ الْأَعْمَى بِبَصَرِ الْبَصِيرِ، فَيَقُولُ الْمُنَافِقُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13] وَهِيَ خِدْعَةُ اللَّهِ الَّتِي يَخْدَعُ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]، فَيَرْجِعُونَ إِلَى
⦗ص: 109⦘
الْمَكَانِ الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّورُ، فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ {ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُوَرٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} نُصَلِّي صَلَاتَكُمْ، وَنغْزُو مَغَازِيَكُمْ؟ {قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَربَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ} [الحديد: 14] إِلَى قَوْلِهِ: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحديد: 15] " وَيَقُولُ سُلَيْمٌ: «فَمَا يَزَالُ الْمُنَافِقُ مُغْتَرًّا حَتَّى يُقْسَمَ النُّورُ، وَيُمَيِّزَ اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ»
أَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 7] قَالَ: «ذَلِكَ الْعَرْضُ»
أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ قَالَ: نا أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقْتَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلْفَ قَتْلَةٍ» ، فَقَالَ لَهُ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: يَا أَبَا زُرْعَةَ، أَلْفَ قَتْلَةٍ؟ قَالَ:«نَعَمْ، بِضُرُوبِ مَا قَتَلَ»
أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ
⦗ص: 110⦘
اللَّهَ يَسْتَخِصُّ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدُّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ؟ أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَبُهِتَ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدِي حَسَنَةً، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتَخْرُجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ، قَالَ: فَلَا يَثْقُلُ اسْمَ اللَّهِ شَيْءٌ "
أنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ قَالَ:" إِنَّ الْأَقْدَامَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ النَّبْلِ فِي الْقَرَنِ، وَالسَّعِيدُ الَّذِي يَجِدُ لِقَدَمَيْهِ مَوْضِعًا يَضَعُهُمَا عَلَيْهِ، وَإِنَّ الشَّمْسَ تُدْنَى مِنْ رُءُوسِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُءُوسِهِمْ، إِمَّا قَالَ: مِيلٌ، أَوْ مِيلَيْنِ، ثُمَّ يُزَادُ فِي حَرِّهَا بِضْعَةً وَسُتُّونَ ضِعْفًا، وَعِنْدَ الْمِيزَانِ مَلَكٌ إِذَا وُزِنَ الْعَبْدُ نَادَى: أَلَا إِنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ قَدْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، وَسَعِدَ سَعَادَةً لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا، إِلَّا فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ، وَشَقِيَ شَقَاءً لَا يَسعَدُ بَعْدَهُ أَبَدًا "
أنا أَبُو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ
⦗ص: 111⦘
الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنِ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي السِّيَاقَيْنِ اخْتِلَافٌ يَسِيرٌ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَدِيثَ:" فَيَقُولُ عِيسَى: أَدُلُّكُمْ عَلَى النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، فَيَأْتُونَ، فَيَأْذَنُ اللَّهُ لِي أَنْ أَقُومَ، فَيَثُورُ مَجْلِسِي مِنْ أَطْيَبِ رِيحٍ شَمَّهَا أَحَدٌ حَتَّى آتِيَ رَبِّي، فَيُشَفِّعَنِي، وَيَجْعَلُ لِي نُورًا مِنْ شَعْرِ رَأْسِي إِلَى ظُفُرِ قَدَمَيَّ، ثُمَّ يَقُولُ الْكَافِرُ: قَدْ وَجَدَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْ شَفَعَ لَهُمْ، فَمَنْ يَشْفَعُ لَنَا؟ فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ غَيْرُ إِبْلِيسَ، فَهُوَ الَّذِي أَضَلَّنَا، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُونَ قَدْ وَجَدَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَهُمْ، فَقُمْ أَنْتَ فَاشْفَعْ لَنَا، فَإِنَّكَ أَضْلَلْتَنَا، فَيَقُومُ فَيَثُورُ مِنْ مَجْلِسِهِ أَنْتَنُ رِيحٍ شَمَّهَا أَحَدٌ، ثُمَّ يَعْظُمُ لِجَهَنَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ، {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} [إبراهيم: 22] الْآيَةَ "
أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " تُمَدُّ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَدَّ الْأَدِيمِ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لِبَشَرٍ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْهَا إِلَّا مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ، وَدَعَا أَوَّلَ النَّاسِ، فَأَخِرُّ سَاجِدًا حَتَّى يُؤْذَنَ لِي، وَأَقُومُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَخْبَرَنِي هَذَا - لِجِبْرِيلَ، وَهُوَ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، فَوَاللَّهِ مَا رَآهُ قَبْلَهَا يَعْنِي رَبَّهُ - أَنَّكَ أَرْسَلْتَهُ إِلَيَّ، وَجِبْرِيلُ سَاكِتٌ، فَلَا يَتَكَلَّمُ جِبْرِيلُ
⦗ص: 112⦘
حَتَّى يَقُولَ اللَّهُ: صَدَقَ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فِي الشَّفَاعَةِ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، عِبَادُكَ عَبَدُوكَ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ، فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ "
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي السُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ، فَأَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، وَأَنْظُرُ عَنْ شِمَالِي، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَأَنْظُرُ مِنْ خَلْفِي، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، مَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى أُمَّتِكَ، قَالَ: غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَلَا يَكُونُ مِنَ الْأُمَمِ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، وَأَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، وَأَعْرِفُهُمْ بِنُورِهِمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَبِأَيْمَانِهِمْ "
أنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
⦗ص: 113⦘
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعِي مِنْ أُمَّتِي مِثْلُ اللَّيْلِ وَالسَّيْلِ، فَيَخْطَفُ النَّاسَ خَطْفَةً وَاحِدَةً، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: لِمَا جَاءَ مِنْ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ مِمَّا جَاءَ مَعَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ "
أنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَفَى بِهَا مِنْ نِعْمَةٍ»
أنا مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيَسُرُّكُمْ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«أَيَسُرُّكُمْ أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«فَإِنَّ أُمَّتِي ثُلُثَا أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، وَإِنَّ أُمَّتِي مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُونَ صَفًّا»
أنا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، وَبَيْنَ الشَّفَاعَةِ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ»
أنا هِشَامٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَذْكُرُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً قَدْ دَعَا بِهَا، فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْبَأْتُ دَعْوَتِي
⦗ص: 114⦘
شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
أنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّكُمْ تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا، وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ»
أنا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ أُوتُوهُ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا لَهُ، فَهُمْ لَنَا تَبَعٌ، لِلْيَهُودِ غَدًا، وَلِلنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ»
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:«مَنْ سَجَدَ فِي مَوْضِعٍ عِنْدَ حَجَرٍ، أَوْ شَجَرَةٍ شَهِدَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حُيَيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ الصِّيَامَ وَالْقُرْآنَ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ، وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: رَبِّ، مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيَشْفَعَانِ "
أنا أَيُّوبُ بْنُ خُوطٍ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ الْقُشَيْرِيِّ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيَّ حَدَّثَهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: حَدَّثَنَا كَعْبٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّهُ " لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ إِلَّا وَهُمَا تُظِلَّانِهِ، عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، يَقُولَانِ: رَبَّنَا، لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ "
نا التِّرْمِذِيُّ، سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ غَيْرَ مَرَّةٍ إِذَا مَرَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي الصِّيَامِ، وَفِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ يَقُولُ:«إِنَّمَا يَجِيءُ ثَوَابُ الْقُرْآنِ، وَثَوَابُ الصِّيَامِ، وَثَوَابُ ذَلِكَ الْعَمَلِ كُلِّهِ»
أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ بِأَرْضٍ بَيْضَاءَ، كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ، لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهَا قَطُّ، وَلَمْ يُخْطَأْ فِيهَا، فَأَوَّلُ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ أَنَّهُ يُنَادِي: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، ثُمَّ يَكُونُ أَوَّلُ مَا يَبْدَءُونَ مِنَ الْخُصُومَاتِ فِي الدُّنْيَا، فَيُؤْتَى بِالْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، فَيُقَالُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَ؟ فَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ؛ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِلَّهِ، قَالَ: فَإِنَّهَا لِي، فَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ؛ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، قَالَ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ، فَيَقْتُلُهُ بِمَنْ كَانَ قَتَلَ، بَالِغِينَ مَا بَلَغُوا، وَيَذُوقُ الْمَوْتَ عِدَّةَ مَا ذَاقُوا "
أنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَقَالَ مَرَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ جَعَلَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ - قَوْلُهُ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48] قَالَ: «أَرْضٌ بَيْضَاءُ كَالْفِضَّةِ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا بِخَطِيئَةٍ، فَيَسْمَعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ حَتَّى يَلْقَوُا اللَّهَ كَمَا خُلِقُوا حُفَاةً عُرَاةً»
أنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ»
أنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: «مَا أَكْثَرَ الْأَسْمَاءَ عَلَى اسْمِي وَاسْمِكَ، فَإِذَا دَعَا أَيْنَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ؟ لَمْ يَقُمْ إِلَّا مَنْ دُعِيَ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ:" ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَ يُدْعَى إِلَى الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، هَلُمَّ إِلَى الْحِسَابِ حَتَّى يَقُولَ: مَا يُرَادُ أَحَدٌ غَيْرِي مِمَّا يُخَصُّ بِهِ مِنَ الْحِسَابِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: نا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:" يُوقَفُ الْعَبْدُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَيَقُولُ: قِيسُوا بَيْنَ نِعْمَتِي عَلَيْهِ وَبَيْنَ عَمَلِهِ، فَتُغْرِقُ النِّعْمَةُ الْعَمَلَ، فَيَقُولُ: أَغْرَقَتِ النِّعْمَةُ الْعَمَلَ، فَيَقُولُ: هَبُوا لَهُ النِّعْمَةَ، قِيسُوا بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَإِنِ اسْتَوَى الْعَمَلَانِ أَذْهَبَ اللَّهُ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ، وَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ أَفْضَلَ، أَعْطَاهُ فَضْلَهُ، وَلَمْ يَظْلِمْهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَضْلٌ، فَهُوَ {أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56]، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ
⦗ص: 117⦘
، عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" يُجَاءُ بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَعْطَيْتُكَ، وَخَوَّلْتُكَ، وَأَنْعَمْتُ عَلَيْكَ، فَمَاذَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، جَمَعْتُهُ، وَثَمَّرْتُهُ، فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَرِنِي مَا قَدَّمْتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، جَمَعْتُهُ، وَثَمَّرْتُهُ، فَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ، فَإِذَا عَبْدٌ لَمْ يُقَدِّمْ خَيْرًا فَيَمْضِي بِهِ إِلَى النَّارِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ: " يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ: فَأَمَّا عَرْضَتَانِ: فَجِدَالٌ، وَمَعَاذِيرُ، وَأَمَّا الْعَرْضَةُ الثَّالِثَةُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطَايُرُ الصُّحُفِ فِي الْأَيْدِي، فَإِمَّا آخِذٌ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا الْحَكَمُ - أَوْ أَبُو الْحَكَمِ، شَكَّ نُعَيْمٌ - عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا مِنْ حَدِيثِ الْآخِرَةِ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رُفِعَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ إِلَّا وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى عَمَلِهِ فِيهِ، قَالَ: ثُمَّ يُؤْتَى بِالصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ، قَالَ فَتُنْشَرُ حَوْلَ الْعَرْشِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ
صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} قَالَ الْأَسَدِيُّ: الصَّغِيرَةُ مَا دُونَ الشِّرْكُ، وَالْكَبِيرَةُ: الشِّرْكُ إِلَّا أَحْصَاهَا "، قَالَ كَعْبٌ: " ثُمَّ يُدْعَى الْمُؤْمِنُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ فَحَسَنَاتُهُ بَادِيَاتٌ لِلنَّاسِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سَيِّئَاتِهِ؛ لِكَيْ لَا يَقُولَ كَانَتْ لِي حَسَنَاتٌ فَلَمْ تُذْكَرْ، فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُرِيَهُ عَمَلَهُ كُلَّهُ، حَتَّى إِذَا اسْتَنْقَصَ مَا فِي الْكِتَابِ وَجَدَ فِي آخِرِ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ مَغْفُورٌ، وَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ إِلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} ثُمَّ يُدْعَى الْكَافِرُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يُلَفُّ فَيُجْعَلُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَيُلْوَى عُنُقُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الانشقاق: 10] يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، فَسَيِّئَاتُهُ بَادِيَاتٌ لِلنَّاسِ، وَيَنْظُرُ فِي حَسَنَاتِهِ؛ لِكَيْ لَا يَقُولَ: أَفَأُثَابُ عَلَى السَّيِّئَاتِ؟ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ امْرَأً لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا شَهِدَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَلَا يَمْتَدِحُ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا امْتَدَحَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَمَّنْ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ يَذْكُرُ عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ يَقُولُ: " إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ، قُلْتُ لَهُ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَلَكًا مُقَرَّبًا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ، قَالَ: أَتَدْرِي كَيْفَ خَلْقُ الْمَلَائِكَةِ؟ إِنَّمَا
⦗ص: 119⦘
خَلْقُ الْمَلَائِكَةِ كَخَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكَخَلْقِ الْجِبَالِ، وَكَخَلْقِ السَّحَابِ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، وَأُمَّةً أُمَّةً حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ مَرْكَزًا مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، وَيُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَيُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ؟ فَيَقُومُ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَتْبَعُهُ أُمَّتُهُ بَرُّهَا وَفَاجِرُهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ يَطْمِسُ اللَّهُ أَبْصَارَ أَعْدَائِهِ، فَتَهَافَتُوا فِي النَّارِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَيَمْضِي النَّبِيُّ عليه السلام وَالصَّالِحُونَ مَعَهُ، فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ رُتَبًا؛ يَدُلُّونَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ، عَلَى يَمِينِكَ، عَلَى شِمَالِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَبِّهِ فَيُوضَعُ لَهُ كُرْسِيٌّ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَتْبَعُهُ عِيسَى عَلَى مِثْلِ سَبِيلِهِ، وَيَتْبَعُهُ بَرُّهَا وَفَاجِرُهَا، حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الصِّرَاطِ طَمَسَ اللَّهُ أَبْصَارَ أَعْدَائِهِ، فَتَهَافَتُوا فِي النَّارِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَيَمْضِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّالِحُونَ مَعَهُ، فَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ رُتَبًا، يَدُلُّونَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ عَلَى يَمِينِكَ، عَلَى يَسَارِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَبِّهِ، فَيُوضَعُ لَهُ كُرْسِيٌّ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، ثُمَّ يُدْعَى نَبِيٌّ نَبِيٌّ، وَأُمَّةٌ أُمَّةٌ، حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ نُوحٌ رَحِمَ اللَّهُ نُوحًا "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ
⦗ص: 120⦘
: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ أَنْ لَا أَفْتَحَ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: " إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يَأْخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيُفْتَحُ لَهُ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ قَرَأَ آيَةً مِنَ التَّوْرَاةِ: أخرايا قدمايا "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالٌ كَانَتْ لَهُمْ ذُنُوبٌ عِظَامٌ، وَكَانَ جَسِيمُ أَمْرِهِمْ لِلَّهِ، فَأُقِيمُوا عَلَى ذَلِكَ الْمُقَامِ، إِذَا نَظَرُوا إِلَى أَهْلِ النَّارِ عَرَفُوهُمْ بِسَوَادِ الْوُجُوهِ، وَقَالُوا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 47] وَإِذَا نَظَرُوا إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَفُوهُمْ بِبَيَاضِ الْوُجُوهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] "، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" أَدْخَلَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ الْجَنَّةَ قَوْلُهُ {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف: 49] "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ «أَنَّ الصِّرَاطَ مِثْلُ السَّيْفِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، وَإِنَّ بِجَنْبَتَيْهِ كَلَالِيبُ وَحَسَكٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُؤْخَذُ بِالْكَلُّوبِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَيَتَبَاهَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدًا، فَيَدْعُو كُلُّ نَبِيٍّ إِلَيْهِ مَنْ يَعْرِفُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدًا، فَإِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ، أَوْ عَمَّانَ وَصَنْعَاءَ، تُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، أَحَدُهُمَا مِنْ وَرِقٍ، وَالْآخَرُ مِنْ ذَهَبٍ، شَرَابُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ أَقْوَامٌ مِمَّنْ صَحِبَنِي، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَعَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ غُنَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ، عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: " هَذِهِ الْآيَةُ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا وُرُودُهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ وُرُودَهَا أَنْ يُجَاءَ بِجَهَنَّمَ، وَتُمْسَكُ لِلنَّاسِ كَأَنَّهَا مَتْنُ إِهَالَةٍ، حَتَّى إِذَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ أَقْدَامُ الْخَلَائِقِ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ نَادَاهَا مُنَادٍ
⦗ص: 122⦘
أَنْ خُذِي أَصْحَابَكِ وَدَعِي أَصْحَابِي. . . بِكُلِّ وَلِيٍّ لَهَا، فَهِيَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ، وَيَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ الصِّرَاطَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ أَدَقَّ مِنَ الشَّعْرِ، وَعَلَى بَعْضِ النَّاسِ مِثْلُ الْوَادِي الْوَاسِعِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ:" قَالُوا: أَلَمْ يَعِدْنَا رَبُّنَا أَنَّا نَرِدُ النَّارَ؟ فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَرَرْتُمْ بِهَا، وَهِيَ خَامِدَةٌ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا عَوْفٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ:«يَجُوزُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصِّرَاطَ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، فَيَجُوزُ الرَّجُلُ كَالطَّرْفَةِ فِي السُّرْعَةِ، وَكَالسَّهْمِ الْمَرْمِيِّ، وَكَالطَّائِرِ السَّرِيعِ الطَّيْرَانِ، وَكَالْفَرَسِ الْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ، وَيَجُوزُ الرَّجُلُ يَعْدُو عَدْوًا، وَالرَّجُلُ يَمْشِي مَشْيًا، حَتَّى يَكُونَ آخِرُ مَنْ يَجُوزُ يَحْبُو حَبْوًا»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ، أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، وَعُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَيَفْرُغُ اللَّهُ مِنْ قَضَاءِ الْخَلْقِ، فَيَبْقَى رَجُلَانِ يُؤْمَرُ بِهِمَا إِلَى النَّارِ، فَيَلْتَفِتُ أَحَدُهُمَا، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى: رُدُّوهُ فَيَرُدُّونَهُ، فَيَقُولُ لَهُ: لِمَ الْتَفَتَّ؟ قَالَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: فَيَقُولُ: لَقَدْ آتَانِي رَبِّي حَتَّى لَوْ أَنِّي أَطْعَمْتُ أَهْلَ الْجَنَّةِ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي شَيْئًا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَهُ يُرَى السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَنْعُمَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" رَجُلَانِ مِمَّنْ أُدْخِلَا النَّارَ، اشْتَدَّ صِيَاحُهُمَا، فَيَقُولُ الرَّبُّ عز وجل: أَخْرِجُوهُمَا، فَلَمَّا أَخْرَجُوهُمَا، قَالَ لَهُمَا: لِأَيِّ شَيْءٍ اشْتَدَّ صِيَاحُكُمَا؟ قَالَا: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِتَرْحَمَنَا، قَالَ: إِنَّ رَحْمَتِي لَكُمَا أَنْ تَنْطَلِقَا، فَتُلْقِيَا أَنْفُسَكُمَا حَيْثُ كُنْتُمَا مِنَ النَّارِ، فَيَنْطَلِقَانِ فَيُلْقِي أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ، فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَيَقُومُ الْآخَرُ فَلَا يُلْقِي نَفْسَهُ، فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ جَلَّ وَعَلَا: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُلْقِيَ نَفْسَكَ كَمَا أَلْقَى صَاحِبُكَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تُعِيدَنِي فِيهَا بَعْدَمَا أَخْرَجْتَنِي، فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ: لَكَ رَجَاؤُكَ، فَيَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ جَمِيعًا بِرَحْمَةِ اللَّهِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«يُحَاسَبُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَتْ حَسَنَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِوَاحِدَةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ كَانَتْ سَيِّئَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِوَاحِدَةٍ دَخَلَ النَّارَ»
⦗ص: 124⦘
، ثُمَّ قَرَأَ {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9] ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْمِيزَانَ يَخِفُّ بِمِثْقَالِ حَبَّةٍ، أَوْ يَرْجُحُ، قَالَ: وَمَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ، فَوَقَفُوا عَلَى الصِّرَاطِ، ثُمَّ عَرَفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَأَهْلَ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرُوا إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ نَادَوْا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَإِذَا صَرَفُوا أَبْصَارَهُمْ إِلَى يَسَارِهِمْ نَظَرُوا إِلَى أَصْحَابِ النَّارِ، قَالُوا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 47] فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ، قَالَ: فَأَمَّا أَصْحَابُ الْحَسَنَاتِ فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ، وَيُعْطَى كُلُّ عَبْدٍ يَوْمَئِذٍ نُورًا، وَكُلُّ أُمَّةٍ نُورًا، فَإِذَا أَتَوْا عَلَى الصِّرَاطِ سَلَبَ اللَّهُ نُورَ كُلِّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ، فَلَمَّا رَأَى أَهْلُ الْجَنَّةِ مَاذَا لَقِيَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا: {أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التحريم: 8] وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ فَإِنَّ النُّورَ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَنَعَتْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ أَنْ يَمْضُوا بِهَا، فَبَقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الطَّمَعُ، إِذْ لَمْ يُنْزَعِ النُّورُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَبِذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] فَكَانَ الطَّمَعُ النُّورَ فِي أَيْدِيهِمْ، ثُمَّ أُدْخِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ الْجَنَّةَ، وَكَانُوا آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا "، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْرًا، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ إِلَّا وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَقُولُ: هَلَكَ مَنْ غَلَبَتْ وَحْدَاتُهُ أَعْشَارَهُ "
نا نُعَيْمٌ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَضْرِبُ النَّاسُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمٍ بِالْمَدِينَةِ» ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: فَمَنْ تَرَاهُ؟ قَالَ نُعَيْمٌ: فَسَمِعْتُهُ مِرَارًا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً يَقُولُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ فَهُوَ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ الْعَابِدُ بِالْمَدِينَةِ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ رَافِعٍ أَبِي الْحَسَنِ. . . قَالَ:" فَيُشِيرُ اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَى لِسَانِهِ، فَيَرْبُو فِيهَا حَتَّى يَمْلَأَ فَاهُ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْطِقَ بِكَلِمَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ لِآرَابِهِ - يَعْنِي أَعْضَاءَهُ كُلَّهَا: تَكَلَّمِي وَاشْهَدِي عَلَيْهِ، فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ سَمْعُهُ، وَبَصَرُهُ، وَجِلْدُهُ، وَفَرْجُهُ، وَيَدَاهُ، وَرِجْلَاهُ، صَنَعْنَا، فَعَلْنَا، عَمَلْنَا " قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ يَقُولُ: " أَجْسَرُ النَّاسِ عَلَى الْفُتْيَا أَقَلُّهُمْ عِلْمًا بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، وَ. . . النَّاسِ مِنَ الْفُتْيَا أَعْلَمُهُمْ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ:. . . مَنْ يُعْطِي كُلَّ حَدِيثٍ حَقَّهُ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزَّمَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً -
⦗ص: 126⦘
وَمَا مِنْهُمْ دَانٍ - لَمَنْ يَغْدُو عَلَيْهِ وَيَرُوحُ عَشَرَةُ آلَافِ خَادِمٍ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طُرْفَةٌ لَيْسَتْ مَعَ صَاحِبِهِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ قَالَ:«إِنَّهُ لَيُصَفُّ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِمَاطَانِ، لَا يُرَى أَطْرَافُهُمَا مِنْ غِلْمَانِهِ، حَتَّى إِذَا مَرَّ مَشَوْا وَرَاءَهُ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ ظُفُرٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ بَدَا لَتَزَخْرَفَ لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَ، فَبَدَا أَسَاوِرُهُ لَطَمَسَ ضَوْءُهُ ضَوْءَ الشَّمْسِ، كَمَا يَطْمِسُ ضَوْءُ الشَّمْسِ ضَوْءَ النُّجُومِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ:«لَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَمَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ فِي الْغُرَفِ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الشَّرْقِيَّ، أَوِ الْغَرْبِيَّ الْغَارِبَ فِي الْأُفُقِ، أَوِ الطَّالِعَ فِي تَفَاضُلِ الدَّرَجَاتِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُولَئِكَ النَّبِيُّونَ، قَالَ:«لَا، بَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَقْوَامٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ قَالَ: نا أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَلَكًا إِلَى الْجَنَّةِ، يَقُولُ: هَلْ أنْجَزَكُمُ اللَّهُ مَا وَعَدَكُمْ؟ فَيَنْظُرُونَ فَيَرَوْنَ الْحُلِيَ، وَالْحُلَلَ، وَالثِّمَارَ، وَالْأَنْهَارَ، وَالْأَزْوَاجَ الْمُطَهَّرَةَ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، قَدْ أَنْجَزَنَا اللَّهُ مَا وَعَدَنَا، فَيَقُولُ الْمَلَكُ: هَلْ أنْجَزَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ؟ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَلَا يَفْقِدُونَ شَيْئًا مِمَّا وُعِدُوا، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: بَقِيَ لَكُمْ شَيْءٌ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] أَلَا إِنَّ الْحُسْنَى الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى اللَّهِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:«الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّهِمْ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَسِيرُ فِي مُلْكِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، لَنْ يَرَى أَقْصَاهُ كَمَا يَرَى أَدْنَاهُ، وَأَرْفَعُهُمُ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى رَبِّهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْ لَهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَةً
⦗ص: 128⦘
، وَتُنْصَبُ لَهُ قُبَّةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَزَبَرْجَدٍ، وَيَاقُوتٍ، كَمَا بَيْنَ الْجَابِيَةِ إِلَى صَنْعَاءَ»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ يُرَدُّونَ أَبْنَاءَ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا يَزِيدُونَ عَلَيْهَا أَبَدًا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ النَّارِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: نا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:«أَهْلُ الْجَنَّةِ أَبْنَاءُ ثَلَاثِينَ جُرْدٌ مُرْدٌ مُكَحَّلُونَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، كَانَ طُولُهُ سِتِّينَ ذِرَاعًا»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «بَلَغَنَا أَنَّهُمْ يُبْعَثُونَ عَلَى قَوَامِ آدَمَ، وَكَانَ قَوَامُهُ سِتِّينَ ذِرَاعًا»
نا نُعَيْمٌ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" جَنَّاتُ عَدْنٍ بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، يَعْنِي: سُرَّةَ الْجَنَّةِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى فِي قَوْلِهِ: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] قَالَ: «خَضْرَاوَانِ» وَفِي قَوْلِهِ: {نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: 66] قَالَ: «نَضَّاخَتَانِ بِالْخَيْرِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زُهْرَةُ
⦗ص: 129⦘
بْنُ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ قَالَ:«إِنَّ الْعَبْدَ أَوَّلُ مَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَتَلَقَّاهُ سَبْعُونَ أَلْفَ خَادِمٍ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَغَرُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" كَذَا يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَتَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَتَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَتَنْعَمُوا فَلَا تَبْؤُسُوا أَبَدًا "، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةَ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ:" ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ صُوِّرَ صُورَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأُلْبِسَ لِبَاسَهُمْ، وَحُلِّيَ حِلْيَتَهُمْ، وَأُرِيَ أَزْوَاجَهُ، وَخَدَمَهُ، يَأْخُذُهُ سُوَارُ فَرَحٍ، لَوْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمُوتَ لَمَاتَ مِنْ سُوَارِ فَرَحِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ سُوَارَ فَرْحَتِكَ هَذِهِ، فَإِنَّهَا قَائِمَةٌ لَكَ أَبَدًا "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: يَا رَبُّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْكُوفِيُّ الْبَجَلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:«الْحِلْيَةُ تَبْلُغُ حَيْثُ انْتَهَى الْوُضُوءُ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْعَوَّامِ مُؤَذِّنَ إِيلِيَاءَ - أَوَّلُ رَجُلٍ أَذَّنَ بِإِيلِيَاءَ - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ كَعْبًا يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا: إِنَّ لِكُلِّ ضَيْفٍ جَزُورًا، وَإِنِّي أُجْزِرُكُمُ الْيَوْمَ حُوتًا وَثَوْرًا، فَتُجْزَرُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ:" إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلَا يَمْتَخِطُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الْأَلُوَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمْ مِنَ الْأَلُوَّةِ - أَوْ قَالَ: اللُّؤْلُؤِ - وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ، وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] قَالَ: «لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ فِي قَفَا بَعْضٍ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ " أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ يَتَلَقَّيْنَ أَزْوَاجَهُنَّ، عِنْدَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُلْنَ: طَالَمَا انْتَظَرْنَاكُمْ، فَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ، وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ، وَنَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُوتُ، بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سُمِعَتْ، فَيَقُولُ هُوَ: أَنْتِ حِبِّي لَيْسَ دُونَكِ مُقَصِّرٌ، وَلَا وَرَاءَكِ مَعَدًّى "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«تَسَارَعُوا إِلَى الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَبْرُزُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ أَبْيَضَ، فَيَكُونُونَ مِنْهُ فِي الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا»