الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوَّلُ كِتَابِ الْمُسْنَدِ، مَا يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ، وَتَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ
1 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْخَلَّالُ قَالَ: أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ «وَذُكِرَ لَهُ السُّنَّةُ
⦗ص: 74⦘
وَالْجَمَاعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ
⦗ص: 75⦘
، فَحَثَّ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَرَ بِهِ»
2 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ»
3 -
وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ
⦗ص: 76⦘
عَنْ طَاعَةِ السُّلْطَانِ، فَقَالَ بِيَدِهِ:«عَافَا اللَّهُ السُّلْطَانَ، تَنْبَغِي، سُبْحَانَ اللَّهِ، السُّلْطَانُ»
4 -
أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثنا حَنْبَلٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَتَعْجِيلِهَا؟ . فَقَالَ: «وَلَدُ الْعَبَّاسِ أَقْوَمُ لِلصَّلَاةِ، وَأَشَدُّهُمْ تَعَاهُدًا لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِهِمْ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَطِيعُوهُمْ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ»
وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «الْأَضْحَى
⦗ص: 77⦘
إِلَى الْإِمَامِ وَالْفِطْرُ، إِذَا أَفْطَرَ الْإِمَامُ أَفْطَرَ النَّاسُ، وَإِذَا ضَحَّى الْإِمَامُ ضَحَّى النَّاسُ، وَالصَّلَاةُ إِلَيْهِ أَيْضًا»
5 -
وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ قِيلَ لَهُ:" صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ جَائِزَةٌ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ، الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ مَا دَامُوا يُقِيمُونَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ "
6 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا مُثَنَّى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كُوفِيٌّ مَوْلَى عَزَّةَ مِنْ أَشْجَعَ
⦗ص: 78⦘
، قَالَ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيُّ خَلَفَهُ نَبِيُّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فَوَالِهِمْ بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الْحَدِيثَ، كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، أَوْ كَمَا قَالَ
7 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، قَالَ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيُّ خَلَفَهُ نَبِيُّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ» ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فَوَالِهِمْ بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»
8 -
وَأَخْبَرَنِي الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ ثنا أَبُو كِبْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ:«حِبَّ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ، وَلَا تَكُنْ رَافِضِيًّا، وَاعْمَلْ بِالْقُرْآنِ، وَلَا تَكُنْ حَرُورِيًّا، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَتَاكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَتَاكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ، وَلَا تَكُنْ قَدَرِيًّا، وَأَطِعِ الْإِمَامَ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا»
9 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُرْوَى عَنِ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل زَادَ فِي عُمُرِ هَارُونَ وَنَقَصَ مِنْ عُمُرِي» ؟، قَالَ: نَعَمْ. يُرْوَى هَذَا عَنْهُ، وَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْفُضَيْلَ، كَانَ يَخَافُ أَنْ يَجِيءَ أَشَرُّ مِنْهُ
10 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
⦗ص: 81⦘
سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» ، مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" تَدْرِي مَا الْإِمَامُ؟ الْإِمَامُ الَّذِي يُجْمِعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: هَذَا إِمَامٌ، فَهَذَا مَعْنَاهُ "
11 -
دَفَعَ إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سُفْيَانَ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ:«وَالْفِتْنَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ»
12 -
أَخْبَرَنِي أَبُو نُعَيْمٍ الْهَمْدَانِيُّ، بِطَرَسُوسَ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:«رَأَيْتُ السُّنَّةَ مُعَلَّقَةً بِعُثْمَانَ رحمه الله، وَرَأَيْتُ الْفِتْنَةَ مُعَلَّقَةً بِالسُّلْطَانِ»
13 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ الْكَلْبِيِّ وَالْمُظَفَّرِ رَسُولَيِ الْخَلِيفَةِ:«أَرَى طَاعَتَهُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَالْأَثَرِ، وَإِنِّي لَآسِفٌ عَنْ تَخَلُّفِي عَنِ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً، وَعَنْ حُضُورِي الْجُمُعَةَ وَدَعْوَةِ الْمُسْلِمِينَ»
14 -
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ حَنْبَلًا، حَدَّثَهُمْ ح وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ:«وَإِنِّي لَأَدْعُو لَهُ بِالتَّسْدِيدِ، وَالتَّوْفِيقِ، فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالتَّأْيِيدِ، وَأَرَى لَهُ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيَّ»
15 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
⦗ص: 84⦘
، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلَيْكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ»
16 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْخَلِيفَةَ الْمُتَوَكِّلَ، رحمه الله فَقَالَ:" إِنِّي لَأَدْعُو لَهُ بِالصَّلَاحِ وَالْعَافِيَةِ، وَقَالَ: لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ لَتَنْظُرَنَّ مَا يَحِلُّ بِالْإِسْلَامِ "
17 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا مَرْدَوَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ، يَقُولُ:«النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ عِبَادَةٌ»
18 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ ضُرِبَ ابْنُ عَاصِمٍ الرَّافِضِيُّ رَأْسَ الْجِسْرِ، وَكَانَ ضُرِبَ الْحَدَّ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَرَأَيْتُهُ مُسْتَبْشِرًا يَتَبَيَّنُ فِي وَجْهِهِ أَثَرَ السُّرُورِ، فَقَالَ لِي: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَإِقَامَةُ حَدٍّ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ لِلْأَرْضِ مِنْ أَنْ تُمْطَرَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» ، فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ جَعَلْتُ الْخَلِيفَةَ فِي حِلٍّ إِنْ كَانَ يَجِبُ لَنَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِنَا، فَتَبَسَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ الَّذِي أَمَرَ بِضَرْبِهِ جَعْفَرٌ الْمَنْصُورُ رحمه الله، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الضَّرْبِ الثَّانِي الَّذِي مَاتَ فِيهِ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَجَعَلَ يَسْتَرْجِعُ وَيَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ
19 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «جَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِمَقَالَةٍ، يَعْنِي غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِمَقَالَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْقُرْآنِ»
20 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا عَطِيَّةُ السَّرَّاجُ، أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ، قَالَ:«إِنَّهُ مُؤَمَّرٌ عَلَيْكَ مِثْلُكَ، فَإِنِ اهْتَدَى فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَإِنْ عَمِلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَادْعُ لَهُ بِالْهُدَى، وَلَا تُخَالِفْهُ فَتَضِلَّ»
21 -
قَالَ: وَثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ
⦗ص: 87⦘
: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:«مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ فَارَقَ الْإِسْلَامَ»
22 -
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي رَجَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ:«مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، فَمِيتَةُ جَاهِلِيَّةٍ»
23 -
وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ
⦗ص: 88⦘
، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ عَمِّي: " عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَاءَ إِلَى أَمْرٍ مُظْلِمٍ فَأَنَارَهُ، وَإِلَى سُنَنٍ قَدْ أُمِيتَتْ فَأَحْيَاهَا، لَمْ يَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَا خَافَ فِي اللَّهِ أَحَدًا، فَأَحْيَا سُنَنًا قَدْ أُمِيتَتْ، وَشَرَّعَ شَرَائِعَ قَدْ دَرَسَتْ، رحمه الله، قَالَ عَمِّي: وَيُقَالَ: إِنَّ فِي كُلِّ كَذَا وَكَذَا يَقُومُ قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُتَوَكِّلَ، فَقَالَ: لَقَدْ أماتَ عَنِ النَّاسِ أُمُورًا قَدْ كَانُوا أَحْدَثُوهَا مِنْ دَرْسِ الْإِسْلَامِ، وَإِظْهَارِ الْمُنْكَرِ، قُلْتُ: فَتَرَاهُ مِنْ أُولِي
⦗ص: 89⦘
الْحَقِّ؟ قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ فَقَدْ أَظْهَرَ مَا أَظْهَرَ، وَأَيُّ بَلَاءٍ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الذِّمِّيِّ، كَانَ أَحْدَثَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَعَدُوُّ الْإِسْلَامِ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ إِمَاتَةِ السُّنَّةِ، يَعْنِي الَّذِي قَبْلَ الْمُتَوَكِّلِ، فَأَحْيَا الْمُتَوَكِّلُ السُّنَّةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ "
بَابٌ فِي الْعَبَّاسِ وَالدُّعَاءِ
24 -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ
⦗ص: 90⦘
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ: «إِذَا كَانَ غَدَاةُ الْإِثْنَيْنِ فَأْتِنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ» ، قَالَ: فَغَدَا وَغَدَوْنَا مَعَهُ، فَأَلْبَسَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِسَاءً لَهُ، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مَغْفِرَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، لَا تُغَادِرُ ذَنْبًا، اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي وَلَدِهِ»
25 -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى، قَالَ: أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عز وجل؟» قَالُوا: أَنْتَ، قَالَ:«فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، لَا تُؤْذُوا الْعَبَّاسَ فَتُؤْذُونِي» وَقَالَ: «مَنْ سَبَّ الْعَبَّاسَ فَقَدْ سَبَّنِي»
26 -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْعَبَّاسُ صِنْوُ أَبِي، فَمَنْ آذَى الْعَبَّاسَ فَقَدْ آذَانِي»
27 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمُقَدَّمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَسْقَلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي وَأَخَذَ الْعَبَّاسَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ:«هَذَا عَمُّ نَبِيِّكَ، جِئْنَا نَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَيْكَ، فَاسْقِنَا بِهِ» فَمَا رَجَعُوا حَتَّى سُقُوا
28 -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْعَبَّاسُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
29 -
أخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عُمَرَ السَّكْسَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، يَقُولُ:«إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بَلَاءً وَفِتْنَةً، وَلَنْ يَزْدَادَ الْأَمْرُ إِلَّا بَلَاءً وَشِدَّةً، وَلَنْ تَرَوْا مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا غِلْظَةً، وَلَنْ تَرَوْا أَمْرًا يَهُولُكُمْ وَيَشْتَدُّ عَلَيْكُمْ إِلَّا حَضَرَهُ بَعْدَهُ مَا هُو أَشَدُّ مِنْهُ، أَكْثَرُ أَمِيرٍ وَشَرُّ تَأْمِيرٍ» . قَالَ أَحْمَدُ: اللَّهُمَّ رَضِينَا
30 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ
⦗ص: 94⦘
حُمَيْدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ:«لَنْ تَرَوْا مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا غِلْظَةً، وَلَنْ تَرَوْا أَمْرًا يَهُولُكُمْ وَيَشْتَدُّ عَلَيْكُمْ إِلَّا حَضَرَهُ بَعْدَهُ مَا هُوَ أَشَرُّ مِنْهُ، أَكْثَرُ أَمِيرٍ وَشَرُّ تَأْمِيرٍ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اللَّهُمَّ رَضِينَا، يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً
31 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ ذِي حُبَابٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ:" ثَلَاثٌ مِنَ الْفَوَاقِرِ، وَالثَّالِثَةُ: إِمَامٌ إِنْ أَحْسَنْتَ لَمْ يَشْكُرْ، وَإِنْ أَسَأْتَ لَمْ يَغْفِرْ "
بَابُ ذِكْرِ الْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ
32 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ سَلْمَانَ «لَا يَؤُمُّكُمُ» ، أَلَيْسَ إِنَّمَا أَرَادَ الْخِلَافَةَ؟ قَالَ:«نَعَمْ»
33 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، ذَكَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَوْسِ بْنِ
⦗ص: 96⦘
ضَمْعَجٍ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ:«لَا يَؤُمُّكُمُ» ، قَالَ: لَا يَكُونُ مِنْهُمْ إِمَامٌ "، يَعْنِي الْمَوَالِيَ، قُلْتُ: مَا يَعْنِي بِهِ: لَا يَؤُمُّكُمُ، أَرَادَ أَنْ لَا يَؤُمَّ الرَّجُلُ الْمَوْلَى أَحَدًا؟ قَالَ: لَا، يُرِيدُ الْخِلَافَةَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، فَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ خَلِيفَةٌ
34 -
أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ:«الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ؟» قَالَ: نَعَمْ
35 -
وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَتَخَوَّلُنَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي بَكْرِ وَائِلٍ: لَئِنْ
⦗ص: 97⦘
لَمْ تَنْتَهِ قُرَيْشٌ لَتَضَعَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي جُمْهُورٍ مِنْ جَمَاهِيرِ الْعَرَبِ سِوَاهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
بَابٌ فِي جَامِعِ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلرَّعِيَّةِ
36 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ:«أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ أَبُو سِنَانٍ الْأَسَدِيُّ» يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
37 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ جَدِّهِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قالَ:«بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، وَلَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ»
38 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ
⦗ص: 99⦘
39 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَتَّابٍ مَوْلَى ابْنِ هُرْمُزَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَقَالَ:«فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ»
40 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَجَعَلَ يَقُولُ:«فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ»
41 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُتَحَلِّقِينَ فَمَدَّ يَدَهُ، فَقَالَ:«تُبَايِعُونِي عَلَى أَلَّا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا» ، ثُمَّ اقْتَصَّ آيَةَ النِّسَاءِ إِلَى آخِرِهَا، «فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ»
⦗ص: 102⦘
.
42 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: مَدَّ يَدَهُ
43 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْكِلَابِيِّ، عَنِ ابْنِ الْعَفِيفِ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَجْتَمِعُ
⦗ص: 103⦘
إِلَيْهِ الْعِصَابَةُ، فَيَقُولُ لَهُمْ:" أَتُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِلْأَمِيرِ؟ فَقَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا كَالْمُحْتَلِمِ أَوْ نَحْوِهِ، فَقُلْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، ثُمَّ لِلْأَمِيرِ، قَالَ: فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ، وَرَأَيْتُ أَنِّيَ قَدْ أَعْجَبْتُهُ "
44 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ قُحَيْفٍ قَالَ: بَايَعَ عُمَرَ رَجُلٌ، قَالَ: أُبَايِعُكَ فِيمَا رَضِيتُ وَكَرِهْتُ، فَقَالَ عُمَرُ رحمه الله:«لَا، بَلْ فِيمَا اسْتَطَعْتَ»
45 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أُمَيْمَةَ ابْنَةِ رُقَيْقَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنِّي لَسْتُ أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قَوْلِي لِامْرَأَةٍ مِنْكُنَّ كَقَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ» ، وَقَالَ:«تُبَايِعْنَ فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ» ، قُلْنَا:«اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا»
46 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جِئْنَهُ النِّسْوَةُ يُبَايِعْنَهُ رَجَعَ بَعْضُهُنَّ خَشْيَةَ
⦗ص: 105⦘
الشَّرْطِ، وَبَايَعَ بَعْضُهُنَّ، فَبَسَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رِدَاءَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى كَفِّهِ، فَبَايَعَهُنَّ مِنْ وَرَاءِ الرِّدَاءِ، وَقَالَ:«إِنَّ الْجَنَّةَ مِنْكُنَّ» . وَأَشَارَ وَكِيعٌ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ
47 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْإِمَامَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى الْإِمَامَ فَقَدْ عَصَانِي»
48 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قَالَ: الْأُمَرَاءُ "
49 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ
⦗ص: 107⦘
، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ»
بَابٌ فِي الصَّبْرِ وَالْوَفَاءِ
50 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ:«إِذَا رَأَيْتَ الْبِنَاءَ قَدْ بَلَغَ سَلْعًا فَاخْرُجْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَوَجَّهَ بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ، وَلَا أَرَى أُمَراءَكَ يَدَعُوكَ وَرَأْيَكَ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أَضَعُ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي، وَأَضْرِبُ بِهِ مَنْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَمْرِكَ، قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ إِنْ أُمِّرَ
⦗ص: 108⦘
عَلَيْكَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعْ لَهُ وَأَطِعْ» ، قَالَ:" فَلَمَّا بَلَغَ الْبِنَاءُ سَلْعًا خَرَجَ حَتَّى أَتَى الشَّامَ فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَشْكُوهُ، يَذْكُرُ أَنَّهُ يُفْسِدُ عَلَيْهِ النَّاسَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ أَنِ اقْدَمْ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَقِمْ تَغْدُو عَلَيْكَ اللِّقَاحُ وَتَرُوحُ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، هِيَ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ إِلَى الرَّبَذَةِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَدِمَ الرَّبَذَةَ وَعَلَيْهَا عَبْدٌ حَبَشِيُّ أَمِيرٌ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ لِأَبِي ذَرٍّ: تَقَدَّمْ، فَقَالَ: لَا، إِنِّي أُمِرْتُ إِنْ أُمِّرَ عَلَيَّ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ أَنْ أَسْمَعَ لَهُ وَأُطِيعَ، فَتَقَدَّمَ الْحَبَشِيُّ "
51 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ كَلِمَاتٍ أَصَابَ فِيهِنَّ: «حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْمَعُوا، وَأَنْ يُطِيعُوا، وَيُجِيبُوا إِذَا دُعُوا»
52 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ جَدَّتِهِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ يقولُ: «إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، مَا قَادَكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ»
53 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُو يَخْطُبُ بِعَرَفَةَ وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ مُتَلَفِّعُ بِهَا، وَهُوَ يَقُولُ:«إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، مَا قَادَكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ»
54 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ: " يَا أَبَا أُمَيَّةَ، إِنِّي لَا أَدْرِي، لَعَلِّي لَا أَلْقَاكَ بَعْدَ عَامِي هَذَا، فَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعْ لَهُ وَأَطِعْ، وَإِنْ ضَرَبَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ أَرَادَ أَمْرًا يُنْقِصُ دِينَكَ، فَقُلْ: سَمْعًا وَطَاعَةً، دَمِي دُونَ دِينِي، وَلَا تُفَارِقِ الْجَمَاعَةَ "
55 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:" كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلًا كَتَبَ فِي عَهْدِهِ أَنِ اسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا عَدَلَ فِيكُمْ، فَلَمَّا اسْتَعْمَلَ حُذَيْفَةَ عَلَى الْمَدَائِنِ كَتَبَ فِي عَهْدِهِ أَنِ اسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَأَعْطُوهُ مَا سَأَلَكُمْ، قَالَ: فَقَدِمَ حُذَيْفَةُ عَلَى حِمَارٍ وَكَانَ بِيَدِهِ رَغِيفٌ وَعِرْقٌ "، قَالَ مَالِكٌ: عَنْ طَلْحَةَ: سَادِلًا رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ
وَأَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: هُوَ رُكُوبُ الْأَنْبِيَاءِ، يَسْدِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ "
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ سَلَّامٍ، قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ عَهْدَهُ، فَقَالُوا: سَلْنَا مَا شِئْتَ، قَالَ: أَسْأَلُكُمْ طَعَامًا آكُلُهُ، وَعَلَفَ حِمَارِي هَذَا، قَالُوا: سَلْنَا، قَالَ: أَلَمْ أَسْأَلْكُمْ طَعَامًا آكُلُهُ وَعَلَفَ حِمَارِي هَذَا، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ أَقْدِمْ، قَالَ: فَخَرَجَ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ قُدُومُهُ كَمَنَ لَهُ فِي مَكَانٍ حَيْثُ يَرَاهُ
⦗ص: 113⦘
، قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهَا أَتَاهُ عُمَرُ فَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ:«أَنْتَ أَخِي، وَأَنَا أَخُوكَ»
57 -
أَخْبَرَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، إِلَّا أَنْ تُؤْمَرُوا بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرْتُمْ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ»
58 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ
⦗ص: 114⦘
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ»
59 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ سَمِعَهُ مِنْهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً وَلَّى أَمْرَهَا رَجُلًا، فَقَالَ:«أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي لَا بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ، وَلَا مُنْتَهَى لَكَ دُونَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، وَعَلَيْكَ بِالَّذِي بَعَثْتُكَ لَهُ، وَعَلَيْكَ بِالَّذِي يُقَرِّبُكَ إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَلَفٌ مِنَ الدُّنْيَا»
60 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَالْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ رحمه الله إِذَا بَعَثَ عُمَّالَهُ، قَالَ:«إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكُمْ جَبَابِرَةً، إِنَّمَا بَعَثْتُكُمْ إِلَيْهِ، لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تَحْرِمُوهُمْ فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَأَدُّوا نَصِيحَةَ الْمُسْلِمِينَ، يَعْنِي الْعَطَاءَ»
61 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: " كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي جَيْشٍ، فَطَلَبَ الْعَدُوَّ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ الثَّلْجُ، فَذَهَبَ بَعْضُ جَسَدِهِ، فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَقَالَ
⦗ص: 116⦘
: يَا جَرِيرُ، أَمُسْتَمِعًا، مَا الَّذِي بَلَغَنِي؟ "، قَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ يُقَالَ لِي: هُمْ عِنْدَكَ، هُمْ عِنْدَكَ، فَأَصَابَهُ الَّذِي أَصَابَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمُسْتَمِعٌ؟ إِنَّهُ مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ "
62 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زُبَيْدٍ الْأَيَامِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ كَرَامَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا، الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَجُبَاةُ الْأَمْوَالِ، أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلَهُمْ عَنْ رَضًى مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِ أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ»
63 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ، أَبْرَارُهَا أَئِمَّةُ أَبْرَارِهَا، وَفُجَّارُهَا أَئِمَّةُ فُجَّارِهَا، وَلِكُلٍّ حَقٌّ، فَأَعْطُوا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، مَا لَمْ يُخَيَّرْ أَحَدُكُمْ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَضَرْبِ عُنُقِهِ، فَإِنْ خُيِّرَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَضَرْبِ عُنُقِهِ، فَلْيَمْدُدْ عُنُقَهُ، ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ، فَإِنَّهُ لَا دُنْيَا لَهُ وَلَا آخِرَةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ»
64 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُخَارِقٍ الْأَحْمَسِيِّ
⦗ص: 118⦘
، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رحمه الله إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ: " مَنْ ظَلَمَهُ أَمِيرُهُ فَلَا إِمْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ دُونِي. قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ فَيَقُولُ: إِمَّا أَنْ تُنْصِفَنِي مِنْ نَفْسِكِ، وَإِلَّا فَلَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيَّ "
65 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، قَالَ: " كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ لِلنَّاسِ وُجُوهًا يُذْكَرُونَ بِحَوَائِجِ النَّاسِ، فَأَكْرِمْ وُجُوهَ النَّاسِ قِبَلَكَ، وَبِحَسْبِ الضَّعِيفِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُنْصَفَ فِي الْعَدْلِ وَالْقَسْمِ» . قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عِمْرَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي
66 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«نَاكِثُ بَيْعَتِهِ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ»
67 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِخَيْرٍ أَتَّبِعُهُ، أَوْ شَرٍّ أَتَّقِيهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: بَخٍ بَخٍ، لَقَدْ أَعْظَمْتَ، وَأَطْوَلْتَ، وَأَوْجَزْتَ، أَرِنِي يَدَكَ، فَأَعْطَاهُ يَدَهُ، فَقَالَ: لَا تَنْكُثَنَّ صَفْقَتَكَ، وَلَا تُفَارِقَنَّ أَئِمَّتَكَ، وَلَا تَرْتَدَّنَّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِكَ، خُذْهَا قَصِيرَةً طَوِيلَةً، كَمَا
⦗ص: 120⦘
أَعْطَيْتَهَا قَصِيرَةً طَوِيلَةً "
68 -
بَابُ الْإِمَارَةِ وَمَا قِيلَ فِيهَا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَائْتِ الَّذِي هُو خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ»
69 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّ الْعَبَّاسَ، قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ فَقَالَ:«يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، نَفْسٌ تُنْجِيهَا خَيْرٌ مِنْ إِمَارَةٍ لَا تُحْصِيهَا»
70 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فَقَالَ: «كَيْفَ وَجَدْتَ الْعَمَلَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زَالُوا يُعَظِّمُونِي كُلَّمَا ارْتَحَلْتُ، وَكُلَّمَا نَزَلْتُ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ عَبِيدًا لِي "
71 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَسَتَصِيرُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ»
72 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مِغْوَلٍ، عَنْ
⦗ص: 123⦘
طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: «لَا يَرْزَيَنَّ مُعَاهَدًا إِبْرَةً، وَلَا يَمْشِيَنَّ ثَلَاثَ خُطًى لِيَتَأَمَّرَ عَلَى رَجُلَيْنِ، وَلَا يَبْتَغِي لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ غَائِلَةً»
73 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: " رَأَيْتُ سَلْمَانَ فِي سَرِيَّةٍ هُو أَمِيرُهَا عَلَى حِمَارٍ، وَالْجُنْدُ يَقُولُونَ: جَاءَ الْأَمِيرُ، جَاءَ الْأَمِيرُ، فَقَالَ سَلْمَانُ:«إِنَّمَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَأْكُلَ التُّرَابَ، وَلَا تَأَمَّرَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَافْعَلْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ الْمُضْطَرِّ، فَإِنَّهَا لَا تُحْجَبُ»
74 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ
⦗ص: 124⦘
رضي الله عنه: «مَا حَرَصَ رَجُلٌ عَلَى الْإِمَارَةِ كُلَّ الْحِرْصِ فَعَدَلَ فِيهَا»
75 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، وَمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خِرْ لِي، فَقَالَ:«اجْلِسْ»
76 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هَارُونَ الْحَضْرَمِيِّ
⦗ص: 125⦘
، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ:" أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشِرْ عَلَيَّ، فَقَالَ: اجْلِسْ، وَاكْتُمْ عَلَيَّ "
77 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ تَعْظِيمِ إِجْلَالِ اللَّهِ عز وجل إِكْرَامَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ»
78 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْمَكِّيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرًا، إِنْ هُوَ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِنْ هُوَ نَسِيَ ذَكَّرَهُ»
79 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ شُبَيْلِ بْنِ عَوْفٍ
⦗ص: 126⦘
الْأَحْمَسِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ:" كَانَتْ لِي إِلَى عُمَرَ حَاجَةٌ، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُكَلِّمَهُ فِيهَا، فَسَبَقَنِي إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ لَهُ شَامِيَّةٌ غِلَاظٌ، فَكَلَّمَهُ، فَسَمِعْتُ عُمَرَ رحمه الله يَقُولُ لَهُ: «لَئِنْ أَطَعْتُكَ لَتُدْخِلَنِّي النَّارَ، لَئِنْ أَطَعْتُكَ لَتُدْخِلَنِّي النَّارَ» ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُعَاوِيَةُ "
بَابُ ذِكْرِ الْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ سَلْمَانَ
. . . . .
بَابُ بَيَانِ أَحَادِيثَ ضِعَافٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ضَعْفَهَا، وَثَبَّتَ غَيْرَهَا، مِمَّا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَكُفِّ الدِّمَاءِ، وَإِنْ حَرَمُوا النَّاسَ أُعْطِيَاتِهِمْ
80 -
أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا قُرَادٌ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِيمُوا لَكُمْ فَاحْمِلُوا سُيُوفَكُمْ عَلَى أَعْنَاقِكُمْ، فَأَبِيدُوا خَضْرَاءَهُمْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَكُونُوا زَرَّاعِينَ أَشْقِيَاءَ، وَكُلُوا مِنْ كَدِّ أَيْدِيكُمْ»
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْأَحَادِيثُ خِلَافُ هَذَا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعٍ»
وَقَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ، وَيُسْرِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ» فَالَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَحَادِيثِ خِلَافُ حَدِيثِ ثَوْبَانَ، وَمَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ
81 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: " ذَكَرْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثَ الْأَعْمَشِ حَدِيثَ ثَوْبَانَ: «اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ» ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ:«اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ» . إِلَى هَاهُنَا فَقَطْ
82 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ، عَنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ:«أَطِيعُوا قُرَيْشًا مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ» ، فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحِ، سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ لَمْ يَلْقَ ثَوْبَانَ
⦗ص: 128⦘
. قَالَ: وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَابِسٍ، يُحَدِّثُ عَنْهُ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ حَدِيثِ ثَوْبَانَ «اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ» ، فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، هُوَ مُنْكَرٌ
83 -
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ السَّاوِي، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الشَّالِنْجِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَحْمَدَ: مَا الْقَوْلُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ
⦗ص: 129⦘
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَمَرَ فِي بَعْضِهَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَقَالَ فِي بَعْضِهَا قِيلَ لَهُ: يُحْرَمُونَ مِنَ الْفَيْءِ وَالْعَطَاءِ، قَالَ:«قَاتِلُوهُمْ»
فَقُلْتُ: فَمَا الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ، قَالَ: الْكَفُّ؛ لَأَنَّا نَجِدُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: «أَمَّا مَا صَلَّوْا فَلَا» . فَسَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الْجِهَادِ وَالْجُمُعَاتِ مَعَهُمْ؟ قَالَ: «تُجَاهِدُ مَعَهُمْ»
84 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ مُهَنَّى حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِقُرَيْشٍ: «عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ مَا ائْتُمِنُوا فَأَدَّوْا، وَمَا حَكَمُوا فَعَدَلُوا، وَمَا اسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» فَقَالَ
⦗ص: 130⦘
أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُهُ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مَعْمَرٌ غَيْرَ حَدِيثٍ
بَابُ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَلَى السُّلْطَانِ
85 -
أَخْبَرَنِي جَعْفَرٌ الْمُخَرِّمِيُّ، قَالَ: ثَنَا مَذْكُورٌ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْمُعَلَّى الْعَطَّارُ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَنَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ قَدْ تَخَمَّرَتْ مُصَلَّبًا، فَطَرَفَ لَهَا، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ
⦗ص: 131⦘
اللَّهِ، تَطْرِفُ لَهَا وَهِيَ مِنْكَ غَيْرُ مَحْرَمٍ، فَقَالَ: إِنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ مَا لَا يُؤْمَرُ إِلَّا بِالسَّيْفِ. قَالَ: مَذْكُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمْ يَرْضَ فِعْلَهُ
86 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " قَدْ قُلْتُ لِابْنِ الْكَلْبِيِّ صَاحِبِ الْخَلِيفَةِ: «مَا أَعْرِفُ نَفْسِي مُذْ كُنْتُ حَدَثًا إِلَى سَاعَتِي هَذِهِ إِلَّا أَدَّى الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ، وَأَعْتَدُّ إِمَامَتَهُ، وَلَا أَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْهِ»
87 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، «يَأْمُرُ بِكَفِّ الدِّمَاءِ، وَيُنْكِرُ الْخُرُوجَ إِنْكَارًا شَدِيدًا»
88 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ:«أَنَّهُمَا كَرِهَا الدَّمَ، يَعْنِي فِي الْفِتْنَةِ»
89 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي أَمْرٍ كَانَ حَدَثَ بِبَغْدَادَ، وَهَمَّ قَوْمٌ بِالْخُرُوجِ، فَقُلْتُ: " يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الْخُرُوجِ مَعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، الدِّمَاءَ، الدِّمَاءَ، لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَا آمُرُ بِهِ، الصَّبْرُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْفِتْنَةِ يُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَيُسْتَبَاحُ فِيهَا الْأَمْوَالُ، وَيُنْتَهَكُ فِيهَا الْمَحَارِمُ، أَمَا عَلِمْتَ مَا كَانَ النَّاسُ فِيهِ، يَعْنِي أَيَّامَ الْفِتْنَةِ، قُلْتُ: وَالنَّاسُ الْيَوْمَ، أَلَيْسَ هُمْ فِي فِتْنَةٍ
⦗ص: 133⦘
يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ، فَإِنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ خَاصَّةٌ، فَإِذَا وَقَعَ السَّيْفُ عَمَّتِ الْفِتْنَةُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، الصَّبْرَ عَلَى هَذَا، وَيَسْلَمُ لَكَ دِينُكَ خَيْرٌ لَكَ، وَرَأَيْتُهُ يُنْكِرُ الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ: الدِّمَاءَ، لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَا آمُرُ بِهِ "
90 -
وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ حَنْبَلًا يَقُولُ فِي وِلَايَةِ الْوَاثِقِ: اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَطْبَخِيُّ، وَفَضْلُ بْنُ عَاصِمٍ، فَجَاءُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ لَهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذَا الْأَمْرُ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا، يَعْنُونَ إِظْهَارَهُ لِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: أَنْ نُشَاوِرَكَ فِي أَنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ، وَلَا سُلْطَانِهِ، فَنَاظَرَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَاعَةً، وَقَالَ لَهُمْ: «عَلَيْكُمْ بِالنَّكِرَةِ بِقُلُوبِكُمْ، وَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ
⦗ص: 134⦘
وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمُ، انْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ» ، وَدَارَ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ كَثِيرٌ لَمْ أَحْفَظْهُ وَمَضَوْا، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَمَا مَضَوْا، فَقَالَ أَبِي لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ لَنَا وَلِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَمَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا، وَقَالَ أَبِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذَا عِنْدَكَ صَوَابٌ، قَالَ: لَا، هَذَا خِلَافُ الْآثَارِ الَّتِي أُمِرْنَا فِيهَا بِالصَّبِرِ "، ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ ضَرَبَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ. . . وَإِنْ فَاصْبِرْ» ، فَأَمَرَ بِالصَّبِرِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَذَكَرَ كَلَامًا لَمْ أَحْفَظُهْ "
91 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: " لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ كَانَ يَكُونُ بِالشَّامِ أَصْلُهُ كُوفِيُّ سَدِيدٌ عَقْلُهُ، قَالَ لِخَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ لَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ: اجْمَعْ بَقِيَّةَ مَنْ بَقِيَ وَاصْنَعْ طَعَامًا، فَجَمَعَهُمْ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ:«أَنَا لَكُمُ النَّذِيرُ، كَفَّ رَجُلٌ يَدَهُ، وَمَلَكَ لِسَانَهُ، وَعَالَجَ قَلْبَهُ» .
92 -
فَأَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 135⦘
الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً. قَالَ الْقَاسِمُ: قَالَ أَحْمَدُ: «انْظُرُوا إِلَى الْأَعْمَشِ، مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ، مَعَ سُرْعَتِهِ وَشِدَّةِ غَضَبِهِ»
93 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبَّاسٌ يَعْنِي الْعَنْبَرِيَّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ دَاوُدَ: " كَانَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ إِذَا ذَكَرَ عُثْمَانَ سَكَتَ يَعْنِي لَمْ يَتَرَحَّمْ عَلَيْهِ، وَتَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ الْجُمُعَةَ سَبْعَ سِنِينَ، فَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ، فَقَالَ: " كَانَ
⦗ص: 136⦘
يَرَى السَّيْفَ، وَلَا يَرْضَى مَذْهَبَهُ، وَسُفْيَانُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ حَيٍّ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِآخِرِهِ، وَقَدْ كَانَ أَفْتَنَ النَّاسَ بِسُكُوتِهِ وَوَرَعِهِ، وَذَكَرَ أَيْضًا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، يَعْنِي مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: قَدْ كَانَ أَبُو فُلَانٍ، سَمَّاهُ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَدْ خَرَجَ مَعَ أَبِي السَّرَايَا وَأَصْحَابِهِ، وَحَكَى أَمْرًا قَذِرًا، قُلْتُ: كَيْفَ احْتَمَلُوهُ، فَسَكَتَ "
94 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ آدَمَ أَيَّامَ أَبِي السَّرَايَا يَقُولُ: «هَاهُنَا قَوْمٌ يَنْتَحِلُونَ قَوْلَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ قَدْ هَلَكُوا» ، وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ: لَا أَخْرَجُ وَإِمَامٌ قَائِمٌ، وَلَا أَخْرَجُ إِلَّا فِي فِرْقَةٍ، وَلَا أَخْرَجُ إِلَّا فِي جُنْدٍ يُوَازِي عَدُوِّي، لَا أُلْقِيَ بِيَدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا أَخْرَجُ إِلَّا مَعَ إِمَامٍ فِيهِ شَرَائِعُ
⦗ص: 137⦘
السُّنَنِ كُلِّهَا، إِنْ كَانَتِ السُّنَنُ مِائَةَ شَرِيعَةٍ، وَكَانَ فِيهِ مِنْهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ شَرِيعَةً لَمْ أَخْرُجْ مَعَهُ
95 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ وَهْبَ بْنَ بَقِيَّةَ حَكَى أَنَّ خَالِدًا لَمَّا كَانَ زَمَانُ الْمُبَيِّضَةِ أَنْكَرَ خَالِدٌ عَلَى مَنْ خَرَجَ، وَقَالَ: رَأَيْتُ إِنْسَانًا مَعَهُ رُمْحَيْنِ فَأَدْخَلْتُهُ دُكَّانَ الطَّحَّانِ فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«عَبَّادٌ كَانَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ
96 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فِي زَمَنِ هَارُونَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ خَرَجَ وَأَظْهَرَ مَا تَرَى مِنَ الْعَدْلِ، فَمَا تَرَى فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ:«كَفَيْتُكَ هَذَا الْأَمْرَ، وَنَقَّرْتُ لَكَ عَنْهُ، اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ»
97 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، فَقَالَ: لَمْ يَلْتَبِسْ بِشَيْءٍ مِنَ الْفِتَنِ، وَذُكِرَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: رحمه الله مَاتَ مَسْتُورًا قَبْلَ أَنْ يُبْتَلَى بِشَيْءٍ مِنَ الدِّمَاءِ
98 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:«نَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ رحمه الله فِي الْجَمَاعَةِ، وَبِقَوْلِ ابْنِهِ فِي الْفُرْقَةِ»
99 -
وَأَخْبَرَنَا الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ آدَمَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: «لَوْ أَدْرَكْتُ عَلِيًّا مَا خَرَجْتُ
⦗ص: 139⦘
مَعَهُ» ، قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ يَحْكِي هَذَا عَنْكَ؟، فَقَالَ سُفْيَانُ: نَادِ بِهِ عَنِّي عَلَى الْمَنَارِ "
100 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّسَائِيُّ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللُّهِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ ابْنُ أُخْتِ سَكَنٍ الزَّيَّاتِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ:" مَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ، قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ عَنْهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: قُلْ لِسُفْيَانَ: يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْكَ؟ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ، فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنِّي حَدَّثْتُ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ بِقَوْلِكَ فِي هَذَا، فَقَالَ: قُلْ لِسُفْيَانَ: يُرْوَى هَذَا عَنْكَ؟ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: نَعَمْ، لِيُنَادَى بِهِ عَلَى الْمَنَارِ، أَوْ عَلَى الصَّوْمَعَةِ "
101 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " ابْنُ عُمَرَ، وَسَعْدٌ، وَمَنْ كَفَّ عَنْ تِلْكَ
⦗ص: 140⦘
الْفِتْنَةِ، أَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ أَحْمَدَ؟، ثُمَّ قَالَ: هَذَا عَلِيٌّ رحمه الله لَمْ يَضْبِطِ النَّاسَ، فَكَيْفَ الْيَوْمَ وَالنَّاسُ عَلَى هَذَا الْحَالِ وَنَحْوِهِ، وَالسَّيْفُ لَا يُعْجِبُنِي أَيْضًا "
102 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْمُرُ بِكَفِّ الدِّمَاءِ وَيُنْكِرُ الْخُرُوجَ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَأَنْكَرَ أَمْرَ سَهْلَ بْنَ سَلَامَةَ، وَقَالَ:" كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ حَمْدُونَ بْنِ شَبِيبٍ أُنْسٌ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِي، فَلَمَّا خَرَجَ مَعَ سَهْلٍ جَفَوْتُهُ بَعْدُ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ ذَاكَ الْجَانِبِ، فَذَهَبْتُ أَنَا وَابْنُ مُسْلِمٍ فَعَاتَبْنَاهُ، وَقُلْتُ: إِيشْ حَمَلَكَ، فَكَأَنَّهُ نَدِمَ أَوْ رَجَعَ "
103 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي النَّوْمِ فِي الْفِتْنَةِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا أَحْوَجَ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنْ عَرَفُوا مَذْهَبَكَ، مَا تَقُولُ فِي الْفِتْنَةِ؟ قَالَ:" مَذْهَبُنَا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، قُلْتُ: فَإِنْ دَخَلَ عَلَيَّ الْحَرَمَ، فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ "
104 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ
⦗ص: 141⦘
الْعَمِّيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ مِنْ حَاشِي الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:«يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنِ النَّاسَ قُتِلُوا حَتَّى تَغْرَقُ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«تَدْخُلُ بَيْتَكَ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ، فَإِنْ أُتِيَ عَلَيَّ؟ قَالَ:«تَأْتِي مَنْ أَنْتَ مِنْهُ» قَالَ: قُلْتُ: فَأَحْمِلُ السِّلَاحَ؟ قَالَ: «إِذًا شَارَكْتَ الْقَوْمَ» قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنْ خِفْتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِكَ عَلَى وَجْهِكَ، يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ»
105 -
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام:«يَكُونُ أُمَرَاءٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ» . قَالَ أَحْمَدُ: جَعْفَرٌ هَذَا هُوَ أَبُو عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ لَيْسَ بِمَحْمُودِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يُشْبِهُهُ كَلَامُ ابْنُ مَسْعُودٍ. ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي»
106 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَعْطَانَا ابْنُ الْأَشْجَعِيِّ كُتُبًا مِنْ كُتُبِ أَبِيهِ، فَنَسَخْنَا مِنْ كِتَابِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنِ ابْنَةَ الْمَعْرُورِ، عَنِ الْمَعْرُورِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ:«مَنْ دَعَا إِلَى أَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ»
107 -
أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
⦗ص: 144⦘
وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:«إِنَّمَا اعْتِبَارُهَا عَلَى مَنْ أَثَارَهَا» ، قَالَ أَحْمَدُ: يَعْنِي فِي الْفِتْنَةِ
108 -
بَابٌ: تَفْرِيعُ أَبْوَابِ أَمْرِ الْخَوَارِجِ وَقِتَالِهِمْ، وَقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَلَى السُّلْطَانِ، وَأَحْكَامِ دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَذَرَارِيِّهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَبَايَاهُمْ، وَسَبْيِ بَابَكَ الْخَبِيثِ
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا الْأَثْرَمُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ الصُّفْرِيَّةَ فَقَالَ: «الصُّفْرِيَّةُ الْخَوَارِجُ. . .»
109 -
وَأَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى وَسَأَلْتُهُ عَنِ الصُّفْرِيَّةِ، مَا هُمْ؟ فَقَالَ:«يَرَوْنَ رَأْيَ الْخَوَارِجِ»
110 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " الْخَوَارِجُ قَوْمُ سُوءٍ، لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ قَوْمًا شَرًّا مِنْهُمْ، وَقَالَ:«صَحَّ الْحَدِيثُ فِيهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ عَشَرَةِ وُجُوهٍ»
فِي تَوَقُّفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَارِقَةِ
111 -
وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: " أَكَفَرَ الْخَوَارِجُ؟ قَالَ: هُمْ مَارِقَةٌ، قِيلَ: أَكُفَّارٌ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ مَارِقَةٌ مَرَقُوا مِنَ الدِّينِ»
112 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ وَالْمَارِقَةِ يَكْفُرُونَ قَالَ:«اعْفُنِي مِنْ هَذَا، وَقُلْ كَمَا جَاءَ فِيهِمُ الْحَدِيثُ»
113 -
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْحَرُورِيَّةُ: مَا تَرَى فِيهِمْ؟ قَالَ: " إِذَا دَعُوا إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ إِلَى دِينِهِمْ فَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا طَلَبُوا مَالَكَ فَقَاتِلْهُمْ، وَأَمَّا إِذَا قَالُوا: نَكُونُ وُلَاتُكُمْ فَلَا تُقَاتِلُونَ ". قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ
114 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: " تُصَحِّحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُخْتَارِ
⦗ص: 147⦘
، قَالَ:" لَا أَدْرِي، إِلَّا أَنَّهُ يُقَالَ: إِنَّ هَدَايَا الْمُخْتَارِ كَانَتْ تَجِيئُهُ، وَكَانَ آخِرَ مَوْتِهِ "
115 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: نَسَخْتُ كِتَابَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَبْلَ أَنْ يُحْدَثَ، عُنْوَانُهُ: إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَدَاخِلُهُ: إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ: «سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَسَلَّمَكَ وَإِيَّانَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِرَحْمَتِهِ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا وَمَنْ أَعْنِي بِهِ فِي نِعَمٍ مِنَ اللَّهِ مُتَظَاهِرَةً، أَسْأَلُهُ الْعَوْنَ عَلَى أَدَاءِ شُكْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ، رَحِمَكَ اللَّهُ، فِي أَمْرٍ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلَغَكَ مِنْ أَمْرِ هَذَا الْخُرَّمِيِّ الَّذِي قَدْ رَكِبَ
⦗ص: 148⦘
الْإِسْلَامَ بِمَا قَدْ رَكِبَهُ بِهِ مِنْ قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَانْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ، وَسَبْيِ النِّسَاءِ، وَكَلَّمَنِي فِي الْكِتَابِ إِلَيْكَ بَعْضُ إِخْوَانِكَ رَجَاءَ مَنْفَعَةِ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَحْضُرُكَ مِمَّنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي النُّهُوضِ إِلَى أَهْلِ أَرْدَبِيلَ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ وَعَنْ حَرِيمِهِمْ، مِمَّنْ تَرَى أَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْكَ ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَيْتَ، رَحِمَكَ اللَّهُ، لِمَنْ حَضَرَكَ مِمَّنْ تَرَى أَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْكَ، فَإِنَّهُمْ عَلَى شَفَا هَلَكَةٍ، وَضِيعَةٍ، وَخَوْفٍ مِنْ هَذَا الْعَدُوِّ الْمُظِلِّ، كَفَاكَ اللَّهُ وَإِيَّانَا كُلَّ مُهِمٍّ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» ، وَكَتَبَ
116 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ، عَنْ غَزْوِ بَابَكَ، فَقَالَ:«مَا أَعْرِفُ أَحَدًا كَانَ أَضَرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْهُ، الْفَاسِقُ»
117 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ الصَّائِغَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ بَابَكَ، جَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُحَرِّضُ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِ وَكَتَبَ مَعِي كِتَابًا إِلَى أَبِي الْوَلِيدِ وَالِي الْبَصْرَةِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى بَابِكَ
118 -
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَدَّعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ حِينَ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى بَابَكَ، فَقَالَ:«لَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا وَمِنْكَ»
119 -
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى بْنِ مَشِيشٍ، حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا اسْتَغَاثَ مِنَ الْعَدُوِّ مِنْ مِثْلِ بَابَكَ وَنَحْوِهِ إِلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ، يَجِبُ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَخْرُجُوا؟ قَالَ:" يَجِبُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي الْقُرْبِ أَوَّلَ فَأَوَّلَ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُغِيثُوا؟ قَالَ: إِذًا ضَيَّعُوا مَا عَلَيْهِمْ "
120 -
وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
⦗ص: 150⦘
حَمَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: " الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ الْغَزْوَ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ الْخُرَّمِيَّةُ قُلْتُ: فَإِلَى أَيِّ الْوِجْهَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ: وَأَيْنَ مَسْكَنُ الرَّجُلِ، قُلْتُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَأَشَارَ نَحْوَ الْخُرَّمِيَّةِ "
بَابُ الْحُكْمِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يُصِيبُهَا الْخُرَّمِيَّةُ وَالْخَوَارِجُ وَأَهْلُ الْبَغْيِ مِنَ الْمُحَارِبِينَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ
121 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَاتَلْتَ الْحَرُورِيَّةَ ثُمَّ أَخَذُوا، قَالَ: كُلَّمَا أَصْبُوا مِنْ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ فَهُوَ عَلَيْهِمْ ". قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كَذَا هُوَ
122 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ حَارَبَ الدِّينَ، قَالَ:«إِذَا خَرَجَ مُحَارِبًا مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْخُرَّمِيَّةِ فَمَا أَصَابُوا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ إِلَى السُّلْطَانِ» . قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كَمَا قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي عَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ، كَذَلِكَ قَتْلُ
⦗ص: 151⦘
الْغِيلَةِ هُوَ إِلَى السُّلْطَانِ
123 -
أخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:«ثَارَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ، فَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَصَابَ دَمًا، أَوْ فَرْجًا، أَوْ مَالًا، بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُوجَدَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ»
124 -
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدَةَ، قَالَ
⦗ص: 152⦘
: سَأَلْتُ أَحْمَدَ، قُلْتُ: حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ: " هَاجَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ فَأَجْمَعُوا أَلَّا يُقَادَ، وَلَا يُؤْخَذَ مَالٌ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، إِلَّا مَا وُجِدَ بِعَيْنِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هَذَا فِي الْحَرُورِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَأَمَّا اللُّصُوصُ وَالصَّعَالِيكُ فَلَا يُؤْمَنُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا، يُؤْخَذُونَ بِهِ كُلِّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ "
125 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا الْأَثْرَمُ، قَالَ: ذُكِرَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: «هَاجَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ، فَرَأَوْا أَنْ يُهْدَرَ كُلُّ دَمِ أُصِيبَ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ» ، قِيلَ لَهُ: مِثْلَ الْحَرُورِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَأَمَّا قَاطِعُ طَرِيقٍ فَلَا "
126 -
أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الشَّاوِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ، قَالَ:«لَيْسَ فِي أَمْوَالِهِمْ بَغْيٌ»
127 -
وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَرَحِ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ، فَلَمْ يَرَوْا قِصَاصًا عَلَى مَالٍ
⦗ص: 153⦘
، وَلَا دَمٍ، أُصِيبَ فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَلَا فِي فِتْنَةٍ، وَذَلِكَ لِسُوءِ حَالِهِمْ، أَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا إِمَامَ لَهَا، وَبِالْإِمَامِ تُقَامُ الْحُدُودُ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ دَمٍ أُصِيبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ»
128 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْجَا، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ خُرَّمِيَّةٍ كَانَ لَهُمْ سَهْمٌ فِي قَرْيَةٍ فَخَرَجُوا يُقَاتِلُونَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ كَيْفَ تَصْنَعُ بِأَرْضِهِمْ، قَالَ: هِيَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَخَذَهُ، فَيُؤْخَذُ خُمُسُهُ فَيُقْسَمُ بَيْنَ خَمْسَةٍ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلَّذِينَ فَاءُوا، وَيَكُونُ سَهْمُ الْأَمِيرِ خَرَاجٌ لِلْمُسْلِمِينَ، مِثْلَ مَا أَخَذَ عُمَرُ السَّوَادِ عَنْوَةً، فَأَوْقَفَهُ لِلْمُسْلِمِينَ "
بَابُ الْحُكْمِ فِي سَبْيِ مَنْ سَبَى بَابَكَ وَبَيْعِ الذُّرِّيَّةِ
129 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ بِسَبْيٍ لَا يُشْتَرَى؟ قَالَ: «لَا، لِحَالِ مَا فَعَلَ بغه، مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْبِيَ الذُّرِّيَّةَ»
130 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، نَأْخُذُ الْمَرْأَةَ تَدَّعِي الْإِسْلَامَ، فَتَقُولُ: دَعُونِي وَأُرْسِلُ لَكُمْ عَشْرَ مُسْلِمَاتٍ بَدَلِي؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " إِذَا كَانَتْ تُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ كَيْفَ تُتْرَكُ؟ لَا تُتْرَكُ، قَالَ: لَهَا وَلَدٌ، ثُمَّ يَعْنِي عِنْدَ بَابَكَ، فَقَالَ لَهُ أَيْضًا: لَا تُتْرَكُ، تَذْهَبُ إِلَيْهِمْ "
131 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: أَمْرُ هَذَا الْكَافِرِ لَيْسَ كَغَيْرِهِ، أَعْنِي بَابَكَ، سَبَى نِسَاءَ فَوَقَعُوا عَلَيْهِنَّ، فَمَا تَقُولُ فِي أَوْلَادِهِنَّ؟ قَالَ: " الْوَلَدُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: كَذَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ، أَلَيْسَ إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَهُمْ مَمَالِيكُ، فَهُمْ تَبَعٌ لِأُمِّهِمْ، قُلْتُ: كِبَارًا كَانُوا أَوْ صِغَارًا؟ قَالَ: نَعَمْ، غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ قَالَ
⦗ص: 155⦘
: الشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلَغَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا مُحَارِبًا وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ، إِيشْ حُكْمُهُ؟ إِذًا هَكَذَا حُكْمُ الِارْتِدَادِ، أَوْ حُكْمٌ يُرِيدُ حُكْمَ أُمِّهِ، وَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُرَدِّدُ هَذَا الْمَوْضِعَ، وَلَا يَدْرِي مَا حُكْمُهُ فِي ذَا الْمَوْضِعِ إِذَا بَلَغَ عِنْدَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ فَقَاتَلَنَا، وَقَدْ كُنْتُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي ابْتِدَاءِ الْمَسْأَلَةِ: إِذَا أَخَذْنَا الْمَرْأَةَ فَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا كَانَتْ مَسْلَمَةً، أَوِ ادَّعَتِ الْإِسْلَامَ، فَمَا كَانَ مَعَهَا مِنْ وَلَدٍ أَلَيْسَ تَبَعٌ لِأُمِّهِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ عَبْدُ الْمَلَكِ: أَرَدْتُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهَا يَجُوزُ وَحْدَهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ هِيَ مِنَ الْإِسْلَامِ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَإِنَّمَا نَاظَرْتُهُ عَلَى بَابَكَ لَمَّا أَخَذَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ فَوَثَبُوا عَلَيْهِنَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: قَوْلُ الْمَيْمُونِيُّ هَا هُنَا: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَدْرِ مَا حُكْمُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَدْ حَكَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ حُكْمَ الْمُرْتَدِّينَ، وَحُكْمَ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ إِذَا وُلِدُوا فِي دَارِ الشِّرْكِ، وَحَارَبُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مِمَّا سَأَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي نِسَاءِ مَنْ أَخَذَهُ بَابَكَ، وَقَدْ أَجَابَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ، وَيَطُولُ شَرْحُهُ هَا هُنَا، وَإِنَّمَا تَوَهَّمَ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَا يَدْرِي مَا حُكْمُ الْوَلَدِ إِذَا حَارَبَنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
132 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: " الرَّجُلُ يَبِيعُ غُلَامَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ، قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَيَبِيعُ مِنْهُمُ الطَّعَامَ وَالثِّيَابَ، قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَإِنْ أَكْرَهُوهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ كُلَّهُ، قُلْتُ: فَيَشْتَرِي مِنْهُمْ، قَالَ: لَا يَشْتَرِي، وَلَا يَبِيعُ "
133 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْسَارُ، أَنْ يَعْقُوبَ بْنَ بُخْتَانَ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" لَا تَبِعْ لَهُمُ الطَّعَامَ وَالثِّيَابَ، وَلَا تَشْتَرِ مِنْهُمْ، وَقَالَ: الْخَوَارِجُ مَارِقَةٌ، قَوْمُ سُوءٍ "
134 -
أَخْبَرَنِي حَامِدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ يُحْمَلُ إِلَى مِثْلِ سِجِسْتَانَ الْبُزْيُونَ وَالْأُدْمِ نَبِيعُهُ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ قَوْمٍ لَا يَرَوْنَ رَأْيَ الْخَوَارِجِ، إِلَّا أَنَّهُ يَرَى أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَبِيعَ مِمَّنْ لَا يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ، قُلْتُ: تَرَى أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ عَلَى مَا يَرَى، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِمْ، يَعْنِي أَهْلَ سِجِسْتَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ
135 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: " فَإِنَّ بَلَدَنَا بَلَدٌ يَأْتِيهِ الْخَوَارِجُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ عَلَيْنَا فِي الْمَقَامِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، فَذَهَبَ إِلَى التَّسْهِيلِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامَ
136 -
وَأَخْبَرَنِي حَامِدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ
⦗ص: 157⦘
السِّجِسْتَانِيَّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَمْرِ الْخَوَارِجِ عِنْدَنَا، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا فِي الْمَدِينَةِ نُظْهِرُ خِلَافَهُمْ، وَنُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ، وَنُجَمِّعُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ إِنْ كَتَبُوا إِلَى الْوَالِي بِأَمْرٍ لَمْ يَجِدِ الْوَالِيَ بُدًّا مِنْ أَنْ يُنْفِذَهُ، فَقَالَ:«يُظْهِرُونَ مُخَالَفَتَهُمْ» ؟، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:«أَكْرَهُ مُجَاوَرَتَهُمْ» ، قُلْتُ: إِذَا كَانَتْ مَعِيشَتُهُ فِيهَا يَعْنِي فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُمْ فِيهِ، قَالَ:«أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَحِيصًا فَتَخَلَّصْ»
137 -
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، سُئِلَ عَنِ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ:«لَا تُكَلِّمْهُمْ وَلَا تُصَلِّي عَلَيْهِمْ»
138 -
أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا الْعَوَّامُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:" {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] قَالَ: هُمُ الْخَوَارِجُ "
139 -
أَخْبَرَنِي حَرْبٌ، قَالَ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ مُحَمَّدٌ خَرْجًا أَبِيعُهُ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ أَوِ ابْنِ الْمُهَلَّبِ، قَالَ: فَقُلْتُ أَبِيعُهُ مِنْهُمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِسِلَاحٍ، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدُ: لَا تَبِعْهُ مِنْهُمْ "
140 -
أَخْبَرَنِي حَرْبٌ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَوَّارَ بْنَ عُمَارَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ رُشَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الْأَزَارِقَةُ بِفَارِسَ، قَالَ: جَعَلَ أَهْلُ الْأَهْوَازِ يُسَيِّرُونَ الْخَيْلَ فَيَحْمِلُونَهَا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ:«مَا أَعْلَمُ أَهْلَ الْأَهْوَازِ إِلَّا قَدْ حَلَّ سِبَاهُمْ»
تَفْرِيعٌ، قِتَالُ اللُّصُوصِ وَدَفْعُ الرَّجُلِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَذِكْرُ الرِّبَاطِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ مِنَ اللُّصُوصِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ
141 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مِنْحَارًا يَقْطَعُ الطَّرِيقَ، حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَسْلُكَهُ إِلَّا بِبَذْرَقَةٍ، فَتَرَى لِلْمُبَذْرِقِينَ فَضْلٌ فِي هَذَا؟ فَقَالَ:" سُبْحَانَ اللَّهِ، وَأَيُّ فَضْلٍ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، يُقَوُّنَهُمْ وَيُؤَمِّنُوهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، قِيلَ لَهُ: يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ؟ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو لَهُمْ ذَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ "
142 -
وَأَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: إِنَّ عِنْدَنَا حُصُونًا عَلَى طَرَفِ الْمَفَازَةِ يُرَابِطُ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ الْعَدُوَّ، وَهُمُ الْأَكْرَادُ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ يُصَلُّونَ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ، فَمَا تَرَى فِي الرِّبَاطِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا؟ قُلْتُ: إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، قَالَ: وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، أَلَيْسَ يَرُدُّ عَنِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ مَرَّةً أُخْرَى، قُلْتُ: مَوْضِعُ
⦗ص: 161⦘
رِبَاطٍ يُقَالَ: لَهُ بَابَنِيذُ فِي الْمَفَازَةِ، يَكُونُ فِيهِ الْمُطَّوِّعَةُ يُبَذْرِقُونَ الْقَوَافِلَ وَالْعَدُوَّ وَهُمُ الْأَكْرَادُ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ فَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ: أَلَيْسَ يَدْفَعُونَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا لَمْ يَكُنْ قِتَالٌ؟ قُلْتُ: إِنَّهُمْ رُبَّمَا بَذْرَقُوا الْقَوَافِلَ فَوَقَعَ عَلَيْهِمُ الْأَكْرَادُ، قَالَ: إِذَا أَرَادُوهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ قَاتَلُوهُمْ "
بَابُ قَوْلِهِ: مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ
143 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ الْعَاقُولِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُقَاتِلُ اللُّصُوصَ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ»
144 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ قِتَالِ اللُّصُوصِ، فَقَالَ:«كُلُّ مَنْ عَرَضَ لَكَ يُرِيدُ مَالَكَ وَنَفْسَكَ، فَلَكَ أَنْ تَدْفَعَ عَنْ نَفْسِكِ وَمَالِكَ»
145 -
وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
146 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اللُّصُوصِ، يَخْرُجُونَ يُرِيدُونَ مَالِي وَنَفْسِي، قَالَ:«قَاتِلْهُمْ حَتَّى تَمْنَعَ نَفْسَكَ وَمَالَكَ»
147 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْقَطَّانُ، قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قِتَالِ اللُّصُوصِ، قَالَ:«أَرَى قِتَالَ اللُّصُوصِ إِذَا أَرَادُوا مَالَكَ وَنَفْسَكَ»
148 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثَنَا حَنْبَلٌ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: امْرَأَةٌ أَرَادَهَا رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّهَا وَجَدَتْ خَلْوَةً فَقَتَلَتْهُ لِتُحْصِنَ نَفْسَهَا، هَلْ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ:«إِذَا كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ إِلَّا نَفْسَهَا فَقَتَلَتْهُ لِتَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهَا فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ الْمَتَاعَ وَالثِّيَابَ فَأَرَى أَنْ تَدْفَعَهُ إِلَيْهِ، وَلَا تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ فِيهَا عِوَضٌ، وَالنَّفْسُ لَا عِوَضَ فِيهَا»
بَابُ مَنْ قَاتَلَ دُونَ حُرْمَتِهِ
149 -
أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ دُونَ حُرْمَتِهِ وَأَهْلِهِ، فَقَالَ:«مَا أَدْرِي»
150 -
فَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: مَا أَدْرِي، لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ
151 -
وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَدُونَ أَهْلِهِ، فَقَالَ: الرِّوَايَةُ عَنْهُ: «مَالِهِ» ، وَوَاحِدٌ يَقُولُ: دُونَ أَهْلِهِ وَمَالِهِ "
152 -
أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، وَأَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«يُقَاتِلُ دُونَ حُرْمَتِهِ»
153 -
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: الرَّجُلُ يَكُونُ فِي مِصْرٍ فِي فِتْنَةٍ، فَيَطْرُقُهُ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ لَيْلًا، قَالَ: " أَرْجُو إِذَا جَاءَتِ الْحُرْمَةُ وَدُخِلَ عَلَيْهِ مَنْزِلُهُ، قِيلَ لَهُ: فَمَنِ احْتَجَّ بِعُثْمَانَ أَنَّهُ دُخِلَ عَلَيْهِ، قَالَ: تِلْكَ فَضِيلَةٌ
⦗ص: 166⦘
لِعُثْمَانَ، وَأَمَّا إِذَا دُخِلَ دَارُهُ وَجَاءَتِ الْحُرُمُ، قِيلَ: فَيَدْفَعُهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا "، وَقَالَ: " قَدْ أَصْلَتَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى لِصٍّ السَّيْفَ، قَالَ: فَلَوْ تَرَكْنَاهُ لَقَتَلَهُ "
154 -
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَسَأَلَهُ، قَالَ: قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دُخِلَ عَلَى رَجُلٍ فِي بَيْتِهِ فِي الْفِتْنَةِ، قَالَ:" لَا يُقَاتِلْ فِي الْفِتْنَةِ، قُلْتُ: فَإِنْ أُرِيدَ النِّسَاءُ، قَالَ: إِنَّ النِّسَاءَ لَشَدِيدٌ "
قَالَ: إِنَّ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ رَجُلًا ضَافَ نَاسًا مِنْ هُذَيْلٍ، فَأَرَادَ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا، فَرَمَتْهُ بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهُ، فَقَالَ:«وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا»
وَحَدِيثٌ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ: «أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَضَرَبَهُمَا بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَ فَخِذَ الْمَرْأَةِ وَفَخِذَ الرَّجُلِ، كَانَ
⦗ص: 167⦘
عُمَرُ أَهْدَرَ دَمَهُ»
155 -
بَابُ مَا كُرِهَ أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ وَأَهْلِ رُفْقَتِهِ
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: كُنْتُ فِي سَفَرٍ وَأَمَامِي رَجُلٌ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، فَنَادَانِي وَاسْتَغَاثَ بِي، قَالَ:«مَا أَدْرِي، لَوْ كَانَ مَالَكَ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِي شَيْءٌ، فَأَمَّا مَالُ غَيْرِكَ فَمَا أَدْرِي»
156 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اللُّصُوصِ يَعْرُضُونَ لِلرَّجُلِ فِي الطَّرِيقِ، قَالَ:" يُقَاتِلُهُمْ دُونَ مَالِهِ، قُلْتُ: فَإِنْ عَرَضُوا لِلرُّفْقَةِ وَلَمْ يَعْرِضُوا لِمَالِهِ تَرَى أَنْ يُقَاتِلَهُمْ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقَاتِلَهُمْ بِالسَّيْفِ إِلَّا دُونَ مَالِهِ "
157 -
أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيَّ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: فَيُقَاتِلُ عَنْ أَهْلِ رُفْقَتِهِ، قَالَ:«يُقَاتِلُ عَنْ مَالِهِ» ، إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
158 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ مَنَعْتُ نَفْسِي وَمَالِي وَأُخِذَ مِنْ صَاحِبِي فَاسْتَغَاثَ بِي، أُغِيثُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تُغِيثُهُ، وَلَا تُقَاتِلْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَحْ لَكَ أَنْ تَقْتُلَهُ لِمَالِ غَيْرِكَ، إِنَّمَا أُبِيحَ لَكَ أَنْ تُقَاتِلَهُ لِنَفْسِكَ وَمَالِكَ "
159 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَهُ الْمَالُ لِغَيْرِهِ فَيُقَاتِلُ عَنْهُ؟ قَالَ: «أَعْفِنِي عَنِ الْجَوَابِ فِيهَا» ، قُلْتُ: أَلَيْسَ يُرْوَى: مَنْ قُتِلَ دُونَ جَارِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ؟ قَالَ: لَيْسَ يَصِحُّ هَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ»
160 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ
⦗ص: 169⦘
ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ»
بَابُ مَا يُتَوَقَّى فِي قَتْلِهِ إِذَا دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يَلْحَقَهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ قَتْلَهُ بِالنِّيَّةِ
161 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنًّا، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّجُلِ تَلْقَاهُ اللُّصُوصُ يُرِيدُونَ مَالَهُ، قَالَ:" يَدْفَعُهُمْ عَنْهُ، قُلْتُ: يُقَاتِلُهُمْ؟، قَالَ: يَدْفَعُهُمْ عَنْهُ "
162 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: هَلْ عَلِمْتَ أَحَدًا تَرَكَ قِتَالَ اللُّصُوصِ تَأَثُّمًا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: قَوْمٌ يَقُولُونَ: إِنْ لَقِيتَهُمْ فَقَاتِلْهُمْ، لَا تَضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ وَأَنْتِ تُرِيدُ قَتْلَهُ، قَالَ: «إِنَّمَا أَضْرِبُهُ لَأَمْنَعَ
⦗ص: 170⦘
نَفْسِي وَمَالِي مِنْهُ، فَإِنْ أُصِيبَ فَسَهْلٌ فِيهِ» ، قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَعْلَمُ أَنِّي أَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، وَلَسْتُ آلُو قَطْعَ يَدِهِ وَرِجْلِهِ، وَأُشَاغِلُهُ عَنِّي بِكُلِّ مَا أَمْكَنَنِي، قَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُ فِي أَنْ يَخْرُجَ عَلَيْهِ، قَالَ:" وَهُوَ يَدْعُوكَ حَتَّى تَخْرُجَ عَلَيْهِمْ، هُمْ أَخْبَثُ مِنْ ذَاكَ، وَرَأَيْتُهُ يَعْجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ: أُقَاتِلُهُ وَأَمْنَعُهُ، وَأَنَا لَا أُرِيدُ نَفْسَهُ، أَيْ فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْغَلَ بِهِ الْقَلْبُ، لَهُ قِتَالُهُ وَدَفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَهُ، أُصِيبَتْ نَفْسُهُ أَوْ بَقِيَتْ "
163 -
أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ مُحَمَّدًا حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَتَعَمَّدْ قَتْلَهُ»
164 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَرَّاقُ، قَالَ: ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَافِرِيِّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قِيلَ لَهُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قِيلَ لَهُ: فَيُقَاتِلُ دُونَ مَالِهِ؟، فَقَالَ: " لَا يُقَاتِلْ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ، يَعْنِي اللِّصَّ
⦗ص: 171⦘
، عَلَيْكَ حَرَامٌ، وَلَكِنِ ادْفَعْ عَنْ مَالِكَ، قِيلَ: كَيْفَ أَدْفَعُ؟ قَالَ: لَا تُرِيدُ قَتْلَهُ وَلَا ضَرْبَهُ، وَلَكِنِ ادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنْكَ شَيْءٌ فَهُوَ حَدٌّ نَزَلَ بِهِ، مِثْلُ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَمَاتَ "
165 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثَ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قِتَالِ اللُّصُوصِ، فَقَالَ:" مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قُلْتُ: أُقَاتِلُهُ وَأَضْرِبُهُ، قَالَ: إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ يُرِيدُ مَالَكَ فَقَاتِلْهُ، وَقَالَ: إِذَا قَاتَلَ الرَّجُلُ دُونَ مَالِهِ فَقَتَلَ أَوْ جَرَحَ أَوْ أَثْخَنَ فِيهِمْ، أَرْجُو لَا يُحَرَّجَ، وَذَاكَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي الْقِتَالِ "
166 -
وَحَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ، ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اللُّصُوصِ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ مُكَابَرَةً، قَالَ:" يُقَاتِلُهُمْ، وَلَكِنْ لَا يَنْوِي الْقَتْلَ، قِيلَ لَهُ: يَضْرِبُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ قَالَ: يَدْفَعُهُمْ عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ، بِالسَّيْفِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَنْوِي قَتْلَهُ، قَالَ: فَإِنْ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟، قُلْتُ: السُّلْطَانُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ، قَالَ: إِذَا عَلِمَ النَّاسُ وَقَتَلَهُ فِي دَارِهِ، وَقَتَلَهُ مَا عَلَيْهِ؟ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِنَّمَا يُقَاتِلُ دُونَ مَالِهِ، وَدُونَ نَفْسِهِ "
بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الرَّجُلُ إِذَا أَثْخَنَ فِي الْقِتَالِ، أَوْ جَرَحَ اللِّصَّ حَتَّى يَمْنَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَقْتُلُهُ بَعْدَ الْإِثْخَانِ، وَلَا يُعِيدُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ، وَلَا يَقْتُلُهُ إِنْ أَخَذَهُ أَسِيرًا، وَلَا يُحْدِثُ فِيهِ حَادِثَةً إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ
167 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«فَإِنْ جَرَحْتَهُ حَتَّى مَنَعْتَهُ عَنْ نَفْسِكَ، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُعِيدَ عَلَيْهِ الضَّرْبَ حَتَّى تَقْتُلَهُ، إِنَّمَا لَكَ أَنْ تَمْنَعَ عَنْ نَفْسِكَ وَمَالِكَ، فَقَدْ مَنَعْتَهُ»
168 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: أُصُولُ السُّنَّةِ، فَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا، وَقَالَ: " قِتَالُ
⦗ص: 173⦘
اللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ، قَالَ: وَلَا يُجْهِزُ عَلَيْهِ إِنْ صُرِعَ، أَوْ كَانَ جَرِيحًا، وَإِنْ أَخَذَ أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَا يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ فَيَحْكُمَ "
بَابُ كَرَاهِيَةِ اتِّبَاعِهِ إِذَا وَلَّى
169 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُقَاتَلُ اللِّصُّ؟ قَالَ: «إِذَا كَانَ مُقْبِلًا تُقَاتِلُهُ، وَإِذَا وَلَّى فَلَا تُقَاتِلْ» . قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ. قُلْتُ: أَخَذَ ابْنُ عُمَرَ لِصًّا فِي دَارِهِ فَأَصْلَتَ السَّيْفَ، قَالَ: إِذَا كَانَ مُقْبِلًا، وَأَمَّا مُوَلِّيًا فَلَا، قَالَ إِسْحَاقُ: كَمَا قَالَ
170 -
حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«فَإِنْ وَلَّى فَلْيَدَعْهُ وَلَا يَتَّبِعْهُ» ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ أَخَذَ مَالِي وَذَهَبَ أَتَّبِعُهُ؟ قَالَ: " إِنْ أَخَذَ مَالَكَ فَاتَّبِعْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ، فَأَنْتَ تَطْلُبُ مَالَكَ، فَإِنْ أَلْقَاهُ إِلَيْكَ فَلَا تَتَّبِعْهُ، وَلَا تَضْرِبْهُ، دَعْهُ يَذْهَبْ، وَإِنْ لَمْ يُلْقِهِ إِلَيْكَ ثُمَّ ضَرَبْتَهُ، وَأَنْتَ لَا تَنْوِي قَتْلَهُ، إِنَّمَا تُرِيدُ تَأْخُذُ شَيْئَكَ وَتَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِكِ، فَإِنْ مَاتَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تُقَاتِلُ دُونَ
⦗ص: 174⦘
مَالِكَ. حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي اللِّصِّ، يَعْنِي فَلَمْ يَرَ بَأْسًا عَلَى قَاتِلِهِ، فَذَكَرَهُ، وَابْنُ عُمَرَ قَدْ دَخَلَ لِصٌّ، فَخَرَجَ يَعْدُو بِالسَّيْفِ صَلْتًا "
171 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ:«قِتَالُ اللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ، إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَيَدْفَعَ عَنْهُمَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ، أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ، وَلَا يَتَّبِعَ آثَارَهُمْ، لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْإِمَامِ، أَوْ وُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ، وَيَنْوِيَ بِجُهْدِهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ أَحَدًا، فَإِنْ أَتَى عَلَى بَدَنِهِ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَأَبْعَدَ اللَّهُ الْمَقْتُولَ، وَإِنْ قُتِلَ هَذَا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ رَجَوْتُ لَهُ الشَّهَادَةَ كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ، وَجَمِيعُ الْآثَارِ فِي هَذَا إِنَّمَا أُمِرَ بِقِتَالِهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ، وَلَا اتِّبَاعِهِ»
172 -
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قِتَالِ اللُّصُوصِ، قَالَ: " أَرَى أَنْ
⦗ص: 175⦘
يَدْفَعَ الرَّجُلُ عَنْ مَالِهِ وَيُقَاتِلَ، قَالَ: لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» قَالَ: وَلَكِنْ إِذَا وَلَّى اللِّصُّ لَا تَتَّبِعْهُ، قُلْتُ: أَلَيْسَ اللِّصُّ مُحَارِبًا؟ قَالَ: أَنْتَ لَا تَدْرِي قَتَلَ أَمْ لَا؟ فَأَمَّا إِذَا كَانَ لِصٌّ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَ وَشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مُحَارِبٌ، يَفْعَلُ بِهِ الْإِمَامُ مَا أَحَبَّ "
173 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:«فَإِنْ وَلَّى فَلَا تَتَّبِعْهُ، وَإِنْ صَارَ فِي مَوْضِعٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْكَ فَلَا تَتَّبِعْهُ»
174 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَيُّوبَ بْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«وَإِنْ وَلَّى فَلَا تَطْلُبْهُ، دَعْهُ يَذْهَبْ عَنْكَ»
175 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ:«أَرَى قِتَالَ اللُّصُوصِ إِذَا أَرَادُوا مَالَكَ وَنَفْسَكَ، فَأَمَّا أَنْ تَذْهَبَ إِلَيْهِمْ أَوْ تَتْبَعَهُمْ إِذَا وَلَّوْا فَلَا يَجُوزُ لَكَ قِتَالُهُمْ»
176 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ هَرَبَ أَتَّبِعْهُ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَتَاعُكَ مَعَهُ»
بَابُ قِتَالِ اللِّصِّ يَدْخُلُ مَنْزِلَ الرَّجُلِ مُكَابَرَةً، وَذِكْرِ مُنَاشَدَتِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ
177 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ قَوْمٍ بِسِلَاحٍ فَقَتَلُوهُ؟ فَلَمْ يُجِبْ فِيهِ، فَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ لُصُوصٍ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ مُكَابَرَةً، يُقَاتِلُهُمْ أَوْ يُنَاشِدُهُمْ؟ قَالَ: " قَدْ دَخَلُوا عَلَى حُرْمَتِهِ، مَا يُنَاشِدُهُمْ، يُقَاتِلُهُمْ، يَدْفَعُهُمْ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَا يَنْوِي الْقَتْلَ، قَالَ: فَيَضْرِبُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ قَالَ: يَدْفَعُهُمْ عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ، بِالسَّيْفِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَنْوِي قَتْلَهُ، قَالَ: فَإِنْ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، قُلْتُ لَهُ: السُّلْطَانُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ، قَالَ: إِذَا عَلِمَ النَّاسُ وَقَتَلَهُ فِي دَارِهِ مَا عَلَيْهِ، لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِنَّمَا يُقَاتِلُ دُونَ مَالِهِ، وَدُونَ نَفْسِهِ وَحُرْمَتِهِ، قَالَ: فَإِنْ وَلَّى فَلْيَدَعْهُ، وَلَا يَتَّبِعْهُ، قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ أَخَذَ مَالًا وَذَهَبَ، أَتَّبِعُهُ؟ قَالَ: إِنْ أَخَذَ مَالَكَ فَاتَّبِعْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، فَأَنْتَ تَطْلُبُ مَالَكَ، فَإِنْ أَلْقَاهُ إِلَيْكَ فَلَا تَتَّبِعْهُ وَلَا تَضْرِبْهُ، دَعْهُ يَذْهَبْ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَهُ إِلَيْكَ ثُمَّ ضَرَبْتَهُ وَأَنْتَ لَا تَنْوِي قَتْلَهُ، إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ
⦗ص: 177⦘
تَأْخُذَ شَيْئَكَ وَتَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِكِ، فَإِنْ مَاتَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّكَ إِنَّمَا تُقَاتِلُ دُونَ مَالِكَ. حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي اللِّصِّ، يَعْنِي لَمْ يَرَ بَأْسًا عَلَى قَاتِلِهِ، قَدْ ذَكَرَهُ، قَالَ: وَابْنُ عُمَرَ قَدْ دَخَلَ لِصٌّ فَخَرَجَ يَعْدُو بِالسَّيْفِ صَلْتًا
178 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: قَالُوا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لِصٌّ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ فِي دَارِهِ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: أَلَيْسَ ابْنُ عُمَرَ أَخَذَ السَّيْفَ، لَوْلَا أَنْ مَنَعْنَاهُ، قَالُوا: فَيَضْرِبُهُ؟ قَالَ لَهُمْ: «لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ مَالَهُ وَنَفْسَهُ، يَعْنِي بِكُلِّ مَا»
179 -
وَأَخْبَرَنِي الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ لِصًّا دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَأَصْلَتَ ابْنُ عُمَرَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، فَلَوْ تَرَكْنَاهُ لَقَتَلَهُ "
180 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: " هَلْ عَلِمْتَ أَحَدًا تَرَكَ قِتَالَ اللُّصُوصِ تَأَثُّمًا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ لَهُ: فِي أَنْ يَخْرُجَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: وَهُمْ يَدَعُوكَ حَتَّى تَخْرُجَ عَلَيْهِمْ، هُمْ أَخْبَثُ مِنْ ذَلِكَ "
181 -
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ، فَذَكَرَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَاشَدَةَ لِلِّصِّ فِي غَيْرِ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ: حَدِيثُ قَابُوسَ عَنْ سَلْمَانَ، وَلَمْ يُثْبِتْهُ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
182 -
بَابُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِقِتَالِهِمْ أَوْ لَا، مَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ اللُّصُوصَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِمْ فَيَقْتُلُوهُ، قَالَ أَبِي: " إِنْ كَانَ
⦗ص: 179⦘
يَغْلِبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا أَعْطَاهُ بِيَدِهِ خَلَّوْا سَبِيلَهُ، فَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ يَقْتُلُوهُ فَلْيَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ مَا اسْتَطَاعَ، قُلْتُ لِأَبِي: الرَّجُلُ يُوَافِقُ الْعَدُوَّ وَاللُّصُوصَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ قَاتَلَ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالِهِ عَلَى عَدُوِّهِ ضَرَرٌ مِنْ قِتَالِهِ إِيَّاهُمْ، أَيُقَاتِلُهُمْ أَوْ يَسْتَسْلِمُ لَهُمْ؟ قَالَ: هَذَا مِثْلُ تِلْكَ الْأُولَى "
183 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِمْ، وَإِنْ هُوَ قَاتَلَ قُتِلَ، فَمَا تَرَى لَهُ، يُقَاتِلُ أَوْ يُعْطِي بِيَدِهِ وَيُسَلِّمُ مَالَهُ؟ قَالَ:«إِنْ كَانَ الَّذِي تَرَى أَنَّهُ إِنْ أَعْطَاهُمْ مَالَهُ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَمْ يُقْتَلْ فَتَرَكَ الْقِتَالَ، رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَمْرِهِ مِنْهُمْ أَنَّهُ إِنْ أَعْطَى بِيَدِهِ قُتِلَ، فَلْيَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ بِطَاقَتِهِ مَا اسْتَطَاعَ»
بَابُ قِتَالِ اللُّصُوصِ فِي الْفِتْنَةِ
184 -
دَفَعَ إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، «كَرِهَ قِتَالَ اللُّصُوصِ فِي الْفِتْنَةِ»
185 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«وَأَمَّا الْفِتْنَةُ، فَلَا تَمَسَّ السِّلَاحَ، وَلَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِكَ بِسِلَاحٍ وَلَا شَيْءٍ، وَلَكِنِ ادْخُلْ بَيْتَكَ»
186 -
وَأَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكُونُ فِي مِصْرَ فِي فِتْنَةٍ
⦗ص: 180⦘
. وَأَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ مُحَمَّدًا حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: الرَّجُلُ يَكُونُ فِي مِصْرٍ فِي فِتْنَةٍ، فَيَطْرُقُهُ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ لَيْلًا، قَالَ: " أَرْجُو إِذَا جَاءَتِ الْحُرْمَةُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ، قِيلَ فَمَنِ احْتَجَّ بِعُثْمَانَ رحمه الله أَنَّهُ دُخِلَ عَلَيْهِ، قَالَ: تِلْكَ فَضِيلَةٌ لِعُثْمَانَ، وَأَمَّا إِذَا دَخَلَ دَارَهُ، وَجَاءَتِ الْحُرُمِ، قِيلَ: فَيَدْفَعُهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا، وَقَالَ: قَدْ أَصْلَتَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى لِصٍّ السَّيْفَ، قَالَ: فَلَوْ تَرَكْنَاهُ لَقَتَلَهُ، فَذَكَرَ لَهُ الْمُنَاشَدَةَ لِلِّصِّ فِي غَيْرِ الْفِتْنَةِ. فَقَالَ: حَدِيثُ قَابُوسَ عَنْ سَلْمَانَ وَلَمْ يُثْبِتْهُ، وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
بَابُ جَامِعِ الْقَوْلِ فِي قَتْلِ اللُّصُوصِ
187 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي قِتَالِ اللُّصُوصِ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ عَنْ مَالِهِ وَيُقَاتِلَ، قَالَ: أَلَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ. قَالَ: وَلَكِنْ إِذَا وَلَّى اللِّصُّ لَا يَتَّبِعُهُ، قُلْتُ: أَلَيْسَ اللِّصُّ مُحَارِبًا؟ قَالَ: أَنْتَ
⦗ص: 181⦘
لَا تَدْرِي قَتَلَ أَمْ لَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَ لِصٌّ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَ، وَشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُحَارِبٌ، يَفْعَلُ بِهِ الْإِمَامُ مَا أَحَبَّ، قَالَ: وَلَا أَرَى قِتَالَهُمْ فِي الْفِتْنَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ، فَهَذِهِ فِتْنَةٌ لَا يُحْمَلُ فِيهَا سِلَاحٌ
لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ فِي الْفِتْنَةِ: «اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ» ، قَالَ:«فَإِنْ خِفْتَ شُعَاعَ السَّيْفِ فَغَطِّ وَجْهَكَ»
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ» ، فَقَالَ فِي الْفِتْنَةِ هَكَذَا، وَقَالَ: مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ هَكَذَا، فَهُوَ عِنْدِي قِتَالُ اللِّصِّ جَائِزٌ إِلَّا فِي الْفِتْنَةِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ دُخِلَ عَلَى رَجُلٍ بَيْتُهُ فِي الْفِتْنَةِ؟ قالَ: لَا نُقَاتِلُ فِي الْفِتْنَةِ، قُلْتُ: فَإِنْ أُرِيدَ النِّسَاءُ؟ قَالَ: إِنَّ النِّسَاءَ لَشَدِيدٌ "
قَالَ: إِنَّ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ رحمه الله، يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ:" أَنَّ رَجُلًا ضَافَ نَاسًا مِنْ هُذَيْلٍ فَأَرَادَ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا فَرَمَتْهُ بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا "
وَحَدِيثٌ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ: «أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ فَخِذَ الْمَرْأَةِ وَفَخِذَ الرَّجُلِ، فَكَانَ عُمَرُ أَهْدَرَ دَمَهُ»
188 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَالْحَسَنُ بْنُ جَحْدَرٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، كُلُّهُمْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ ثَوَابٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي
⦗ص: 182⦘
عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ الزُّبَيْرِيَّ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» ، فَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ: مَا تَقُولُ فِي الرُّومِيِّ إِذَا لَقِيَكَ فَقَتَلْتَهُ، أَلَيْسَ لَكَ فِيهِ أَجْرٌ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَإِذَا قَتَلَكَ، قُلْتُ: شَهِيدٌ، قَالَ: كَذَلِكَ اللِّصُّ إِذَا لَقِيَكَ، لَوْ أَقَمْنَاهُ مَقَامَ الْمُسْلِمِ مَا كُتِبْتُ شَهِيدًا أَبَدًا، وَلَكِنَّهُ يُقَامُ مَقَامَ الْكَافِرِ، فَلِذَلِكَ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ، فَلَمَّا حَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لِي: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَقِيَكَ عَلَى غَيْرِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَقَالَ: ضَعْ ثَوْبَكَ وَإِلَّا ضَرَبْتُكَ بِالسَّيْفِ فَأَبَيْتَ، ثُمَّ حَمَلْتَ عَلَيْهِ فَضَرَبْتَهُ ضَرْبَةً وَأَنْتَ لَا تَدْرِي يَمُوتُ مِنْهَا أَوْ لَا، فَمَاتَ، مَا عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْتَ لَا تَدْرِي حِينَ قَالَ لَكَ: إِنْ وَضَعْتَ ثَوْبَكَ وَإِلَّا ضَرَبْتُكَ بِالسَّيْفِ، كَانَ يَفْعَلُ أَوْ لَا مَا تَرَى فِيهِ إِنْ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: مَا تَرَى فِي قَتْلِهِ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قُلْتُ: لَا شَيْءَ إِذَا كَانَ لِصًّا، قَالَ: نَعَمْ، هُدِرَ دَمُهُ "
189 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " وَلَا أَرَى قِتَالَ اللُّصُوصِ فِي الْفِتْنَةِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ فَهَذِهِ فِتْنَةٌ لَا يُحْمَلُ فِيهَا سِلَاحٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: لِأَبِي ذَرٍّ فِي الْفِتْنَةِ اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ، قَالَ: فَإِنْ خِفْتَ شُعَاعَ السَّيْفِ فَغَطِّ وَجْهَكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ»
⦗ص: 183⦘
فَقَالَ فِي الْفِتْنَةِ هَكَذَا، وَقَالَ: مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ هَكَذَا فَهُوَ عِنْدِي قِتَالُ اللُّصُوصِ جَائِزٌ إِلَّا فِي الْفِتْنَةِ
190 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ قَوْمٍ لُصُوصٍ قَطَعُوا الطَّرِيقَ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ، وَقَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَلَهُمْ ذُرِّيَّةٌ فَبِيعُوا، قُلْتُ لِأَبِي: يَحِلُّ شِرَاؤُهُمْ، قَالَ:" لَا يَحِلُّ، يَرُدُّهُمْ عَلَى مَنِ اشْتَرَاهُمْ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ إِنْ رَدَّهُمْ بَاعُوهُمْ لَمْ يَرُدَّهُمْ يُرْسِلُهُمْ، هُمْ أَحْرَارٌ، قُلْتُ لِأَبِي: يُعْتِقُهُمْ، قَالَ: هُمْ أَحْرَارٌ، لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُعْتِقَهُمْ ".
191 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: اسْتَقَرَّتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا تُقَاتِلُ اللِّصَّ دُونَ نَفْسِكَ وَمَالِكَ، فَأَمَّا الْحُرُمُ فَمُتَوَقِّفٌ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، فَأَمَّا الْمَيْمُونِيُّ فَبَيِّنٌ عَنْهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَوَاحِدٌ يَقُولُ: وَأَهْلِهِ، وَاتَّفَقُوا عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ عَنْ حُرْمَتِهِ، وَأَشْبَعَ الْحُجَّةَ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِعُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا قِتَالُهُ عَنْ جَارِهِ وَأَهْلِ رُفْقَتِهِ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَنْهُ أَنْ لَا يُقَاتِلَ بِالسَّيْفِ فِي إِعَانَةِ جَارِهِ وَالرُّفْقَةِ، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ جَارِهِ. وَأَشْبَعَ الْمَسْأَلَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَقَالَ: قَالَ: لَمْ يُبَحْ لَكَ أَنْ تَقْتُلَهُ لِمَالِ غَيْرِكَ، إِنَّمَا أُبِيحَ لَكَ لِنَفْسِكَ وَمَالِكَ، وَأَمَّا قَتْلُهُ فَقَدْ أَجْمَعُوا عَنْهُ أَنَّهُ إِذَا قَاتَلَهُ لَا يَنْوِي قَتْلَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ قَتَلَهُ فِي مُدَافَعَتِهِ عَنْ نَفْسِهِ بَاعَدَهُ اللَّهُ وَأَشْبَعَ الْمَسْأَلَةَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: مَنْ أَخَذَ بَرَكَ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَأَمَّا إِذَا أَثْخَنَ فِيهِ الْقِتَالَ وَالْجِرَاحَ
⦗ص: 184⦘
فَلَا يُعِيدُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْهِزُ وَلَا يَقْتُلُهُ، إِذَا أَخَذَهُ أَسِيرًا وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْإِمَامِ، وَأَمَّا اتِّبَاعُهُ إِذَا وَلَّى فَقَالَ: لَا تَتَّبِعْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَعَهُ، فَإِنْ طَرَحَ الْمَالَ وَوَلَّى فَلَا تَتَّبِعْهُ أَصْلًا، وَأَمَّا إِذَا دَخَلَ مُكَابَرَةً فَيُقَاتِلُهُ، وَلَا يَدَعُ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا الْمُنَاشَدَةُ لَهُ فَضَعَّفَ الْحَدِيثَ فِيهِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ أَصْلًا، وَأَمَّا فِي الْفِتْنَةِ فَلَمْ يَرَ قِتَالَهُمْ أَصْلًا، وَقَدِ احْتَجَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْأَحَادِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجْتُ الْأَحَادِيثَ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا كُلِّهَا، فَعَلَى هَذَا الَّذِي شَرَحْتُ عَنْهُ اسْتَقَرَّتِ الرِّوَايَةُ فِي مَذْهَبِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
192 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَنَسٍ يَعْنِي السَّرَّاجَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَّاجِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ»
193 -
وَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، ثَنَا
⦗ص: 185⦘
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
194 -
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
195 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا
⦗ص: 186⦘
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، كَذَا قَالَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُصِيبَ دُونَ مَالِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ، أَوْ دُونَ أَهْلِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ»
196 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُصِيبَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»
197 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
⦗ص: 187⦘
طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ، فَهُوَ شَهِيدٌ» .
198 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، ثَنَا مُؤَمَّلٌ، هَذَا وَمَا قَبْلَهُ كَانَ مُخَرَّجًا فِي الْحَاشِيَةِ، وَضَاقَتْ عَنْ تَمَامِهِ، فَقَالَ بَعْدَ ثَنَا مُؤَمَّلٌ: تَمَامُ كِتَابِ اللُّصُوصِ فِي الْوَرَقَةِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ وَهِيَ مَعَهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ أَجِدْهَا فِيهِ، وَلَعَلَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ
فَضَائِلُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْقَاسِمِ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ عليه السلام
199 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَبُو النَّضْرِ قَالَ: ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْأَسَدِيِّ، قَالَ:«وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ خَلْقًا وَآخِرَهُمْ بَعْثًا، وَأَوَّلَهُمْ مَقْضِيًّا لَهُ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ الْفَضْلُ: قَالَ لِي أَحْمَدُ: " أَوَّلُ
⦗ص: 188⦘
النَّبِيِّينَ يَعْنِي خَلْقًا، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] فَبَدَأَ بِهِ "
200 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِإِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ: حَدِيثُ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ:«وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» ، مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ:«قَبْلَ أَنْ تُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، وَقَدْ خُلِقَ»
201 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: ثَنَا شَيْخُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:" فِي خَاتَمِ سُلَيْمَانَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ "
202 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " هَلْ وُلِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَخْتُونًا قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَدْرِي "
203 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَمَعَهُ شَيْطَانٌ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَا أَدْرِي هُوَ يَسْلَمُ مِنْهُ أَوْ إِبْلِيسُ أَسْلَمَ، قُلْتُ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 191⦘
يَسْلَمُ مِنْهُ، قَالَ: لَا أَدْرِي "
204 -
سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى النَّحْوِيَّ ثَعْلَبَ عَنْ قَوْلِهِ: «إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» ، الشَّيْطَانُ أَسْلَمَ أَوِ النَّبِيُّ، قَالَ: " أَنَا أَسْلَمُ مِنْهُ، قَالَ: الشَّيْطَانُ أَسْلَمَ
205 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ أَخُو خَطَّابٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ، يَقُولُ: " مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ» ، قَالَ: يَعْنِي فَأَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ
206 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، قَالُوا: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«وَأَنَا، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَيْسَ يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ»
207 -
أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَلَفٍ الْحَنْظَلِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ، قَالَ:«ذَاكَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ»
قَالَ: قَدْ رُوِيَ غَيْرُ هَذَا، أَنَّهُ قَالَ:«أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ» ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وَذَهَبَ فِيهِ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ التَّوَاضُعَ بِهِ
208 -
سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى ثَعْلَبًا النَّحْوِيَّ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي سَأَلَهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيءَ اللَّهِ، وَهَمَزَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَسْتُ نَبِيءَ اللَّهِ
⦗ص: 193⦘
، وَهَمَزَ، وَلَكِنِّي أَنَا نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يَهْمِزْ. قَالَ:" يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنَا مِنَ الِارْتِفَاعِ، لَيْسَ أَنَا مِنُ النَّبَاءِ "
209 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، تَذَاكَرُوا أَيَّ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ، فَقَالَ رَجُلٌ: قَوْلَ أَبِي طَالِبٍ:
[البحر الطويل]
وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ
…
فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
210 -
وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ
⦗ص: 194⦘
التَّرْجُمَانِيُّ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] قَالَ: «بِالنُّبُوَّةِ الَّتِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ»
211 -
وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] قَالَ: «لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»
212 -
قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ السُّدِّيَّ {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} قَالَ: «مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم»
213 -
أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ الْعُكْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ؟ فَقَالَ: " هَذَا قَوْلُ سُوءٍ، يَنْبَغِي لِصَاحِبِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ تَخَذُّرَ كَلَامَهُ، وَلَا يُجَالَسُ، قُلْتُ لَهُ: إِنَّ جَارَنَا النَّاقِدَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ؟ فَقَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، أَيُّ شَيْءٍ أَبْقَى إِذَا زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل وَبَشَّرَ بِهِ عِيسَى، فَقَالَ: اسْمُهُ أَحْمَدُ، قُلْتُ لَهُ: وَزَعَمَ أَنَّ خَدِيجَةَ كَانَتْ عَلَى
⦗ص: 196⦘
ذَلِكَ حِينَ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: أَمَّا خَدِيجَةُ فَلَا أَقُولُ شَيْئًا، قَدْ كَانَتْ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ مَاذَا يُحَدِّثُ النَّاسُ مِنَ الْكَلَامِ، هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْكَلَامِ، مَنْ أَحَبَّ الْكَلَامَ لَمْ يُفْلِحْ، سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَاسَتْعَظَمَ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِكَلَامٍ لَمْ أَحْفَظْهُ، وَذَكَرَ أُمَّهُ حَيْثُ وَلَدَتْ رَأَتْ نُورًا، أَفَلَيْسَ هَذَا عِنْدَمَا وَلَدَتْ رَأَتْ هَذَا وَقَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ كَانَ طَاهِرًا مُطَهَّرًا مِنَ الْأَوْثَانِ، أَوَ لَيْسَ كَانَ لَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، ثُمَّ قَالَ: احْذَرُوا أَصْحَابَ الْكَلَامِ، لَا يَئُولُ أَمْرُهُمْ إِلَى خَيْرٍ "
214 -
وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ رَبَاحًا مَرَّ بِأَبِي عَفِيفٍ فَجَرَى بَيْنَهُمَا كَلَامٌ، فَقَالَ
⦗ص: 197⦘
رَبَاحٌ لِأَبِي عَفِيفٍ: أَنْتَ تَشْهَدُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ زُورًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَفِيفٍ وَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ: كَيْفَ وَيْحَكَ؟ قَالَ: تَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، إِنَّمَا هُوَ رَسُولٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" قَاتَلَهُ اللَّهُ، إِنَّهُ رَدَّ عَلَى اللَّهِ أَمْرَهُ وَقَوْلَهُ، وَكَفَرَ بِالْقُرْآنِ وَجَحَدَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الْكُفْرُ بِاللَّهِ صُرَاحًا، وَالرَّدُ عَلَى اللَّهِ عز وجل، وَتَكْذِيبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ عَرَفْتُ لِلْقَوْمِ مَقَالَاتٍ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَقُولُ بِهَا، وَلَا يَحْتَجَّ بِهَا "، وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَاحْتَجَّ بِهِ، لَمْ أُخَرِّجْهُ هَا هُنَا
215 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
⦗ص: 198⦘
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى مَا وَرَائِي كَمَا أَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيَّ، فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَأَحْسِنُوا رُكُوعَكُمْ وَسُجُودَكُمْ»
216 -
أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَدَاوُدَ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219] أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرَى أَصْحَابَهُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ خَلْفِهِ، كَمَا يَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ "
217 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» ، فَقَالَ:" كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ إِنْسَانًا قَالَ لِي: هُوَ فِي هَذَا مِثْلُ غَيْرِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَرَاهُمْ كَمَا يَنْظُرُ الْإِمَامُ إِلَى مَنْ عَنِ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا "
218 -
وَأَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ مُحَمَّدًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» ، فَقَالَ:" كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ، قِيلَ: أَفَلَيْسَ هَذَا لَهُ خَاصٌّ؟ قَالَ: بَلَى "
219 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: «تَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ
⦗ص: 200⦘
خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ» ، مَا تَفْسِيرُهُ؟، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" يَرَاهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَاهُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219] ، هَذَا تَفْسِيرُهُ "
220 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَسْأَلُهُ عَمَّا رُوِيَ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ خَاصٌّ.
221 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، وَهَذَا لَفْظُهُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَمَّا يُرْوَى مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ خَاصٍّ، مَا هُوَ يَكُونُ مِثْلَ النَّوْمِ وَالصَّفِيِّ، مَا مَعْنَاهُ، مِنَ الْأَفْعَالِ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ غَيْرُهُ؟ قَالَ: " مِثْلَ مَا أُبِيحَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ، مَاتَ عَنْ تِسْعٍ، وَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقَالَ: تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي
⦗ص: 201⦘
. . . . وَكَانَ يَصْطَفِي مِنَ الْمَغْنَمِ "
222 -
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّعْبِيِّ: سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّفِيُّ؟ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْطَفِي مِنَ الْغَنِيمَةِ»
223 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «تَنَامُ عَيْنَايَ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُصَّ بِهَذَا، كَانَ إِذَا نَامَ لَمْ يَتَوَضَّأْ» ، وَقَالَ:«تَنَامُ عَيْنَايَ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»
⦗ص: 202⦘
.
224 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحَرْبِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سِقْلَابٍ قَالَ: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُوَارِزْمِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «تَنَامُ عَيْنَايَ» ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَسْأَلَةِ صَالِحٍ سَوَاءً
225 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَزَوَّجَهَا؟، قَالَ: فِيهِ اخْتِلَافٌ، أَمَّا مُجَاهِدٌ فَكَانَ يَقُولُ: إِنْ وَهَبَتْ، أَيْ لَمْ تَهِبْ "
226 -
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فِطْرُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَوَّارٍ عَنِ الْجَفْنَةِ الْغَرَّا، قَالَ:«هُوَ الَّذِي يُقْتَبَسُ مِنْهُ كُلُّ خَيْرٍ»
227 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْعَارِ الَّتِي فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِيهَا أَشْعَارُ تَنَقُّصٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِمَّا قَالَ لَهُ الْكُفَّارُ، فِي الْقَصِيدَةِ الْبَيْتَ وَالْبَيْتَيْنِ، وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، قَالَ:«تُمْحَى أَشَدَّ الْمَحْوِ»
228 -
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِيشْ كَتَبَ مِنْ شِعْرِ الْمَغَازِي؟ قَالَ: مَا هَجَا الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَكْتُبْ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمِينَ
229 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، قَالَ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ دُكَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْخَثْعَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ أَوْ أَرْبَعُمِائَةٍ نَسْأَلُهُ طَعَامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:«قُمْ فَأَعْطِهِمْ» ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَا يَقِيظُنِي وَالصِّبْيَةَ، قَالَ وَكِيعٌ: وَالْقَيْظُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، قَالَ:«قُمْ فَأَعْطِهِمْ» قَالَ عُمَرُ: سَمْعًا وَطَاعَةً، قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ، وَقُمْنَا مَعَهُ فَصَعِدَ إِلَى غَرْفَةٍ لَهُ
⦗ص: 205⦘
فَأَخْرَجَ عُمَرُ الْمِفْتَاحَ مِنْ حُجْزَتِهِ، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ، قَالَ دُكَيْنٌ: فَإِذَا فِي الْغُرْفَةِ شِبْهُ الْفَصِيلِ الرَّابِضِ، وَقَالَ: شَأْنُكُمْ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا حَاجَتَهُ مَا شَاءَ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ، وَإِنِّي لَمِنْ آخِرِهِمْ، فَكَأَنَّا لَمْ نَرْزَأْهُ تَمْرَةً "
230 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَثْنَ الْكَفَّيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ»
231 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:" مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ، فَقَالَ: لَا "
232 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَشْعَثَ السَّمَّانِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَسْمَحَ النَّاسِ»
233 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَتْ: فَأَصَابَتْهُ بُحَّةٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] قَالَتْ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ "
234 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
⦗ص: 208⦘
إِبْرَاهِيمَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْكَبُ رَدِيفًا عَلَى الْحِمَارِ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ»
235 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوَّلُهُمُ، وَأَنَا قَائِدُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا أَنْصَتُوا، وَأَنَا مُشَفَّعُهُمْ إِذَا حُبِسُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، الْكَرَامَةَ وَالْمَفَاتِيحُ يَوْمَئِذٍ بِيَدَيَّ، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي، يَطُوفُ عَلَيَّ أَلْفُ خَادِمٍ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ، أَوْ لُؤْلُؤٌ مَنْثُورٌ»
ذِكْرُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ
236 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ ثِقَةً، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ سَيْفٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:«إِنَّ مُحَمَّدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ عز وجل، عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ تبارك وتعالى»
237 -
أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَيْفٌ السَّدُوسِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جِيءَ بِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فَأُقْعِدَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَلَى كُرْسِيِّهِ» ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ، إِذَا كَانَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، فَلَيْسَ هُوَ مَعَهُ، قَالَ: وَيْلَكُمْ، هَذَا أَقَرُّ حَدِيثٍ لِعَيْنَيَّ فِي الدُّنْيَا "
238 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ
⦗ص: 212⦘
، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَكْرَاوِيُّ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَيْفٌ السَّدُوسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جِيءَ بِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُجْلِسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ» ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ، فَإِذَا أَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهُوَ مَعَهُ، قَالَ: وَيْلَكَ، مَا سَمِعْتُ حَدِيثًا قَطُّ أَقَرَّ لِعَيْنَيَّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، حِينَ عَلِمْتُ أَنَّهُ يُجْلِسُهُ مَعَهُ.
239 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَدِيثَ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] ، مِنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَخِيهِ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ. قَالَ: فَذَاكَرْتُهُ أَبِي، فَقَالَ:«مَا وَقَعَ إِلَيَّ بِعُلُوٍّ، وَجَعَلَ كَأَنَّهُ يَتَلَهَّفُ، يَعْنِي إِذَا لَمْ يَقَعْ إِلَيْهِ بِعُلُوٍّ» .
240 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: أُمْلِيَ عَلَيْنَا هَذَا الْكَلَامُ وَكَلَامٌ كَثِيرٌ طَوِيلٌ
⦗ص: 213⦘
اخْتَصَرْتُ هَذَا مِنْهُ، أَمْلَاهُ عَلَيْنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي مَجْلِسِهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، عَنْ هَارُونَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسَمِعْتُ أَيْضًا أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَدَقَةَ أَبَا بَكْرٍ شَيْخَنَا الثِّقَةَ الْمَأْمُونَ، قَالَ: ذُكِرَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: فَاتَنِي مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، وَجَعَلَ يَتَلَهَّفُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ صَدَقَةَ قَدْ سَمِعَ مِنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَسَائِلَ كَثِيرَةً سَمِعْنَاهَا مِنْهُ، وَكَانَ رَجُلًا جَلِيلًا فِي زَمَانِهِ
241 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، قَالَ:«يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ»
242 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، قَالَ: ثَنَا عُثْمَانُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ
⦗ص: 214⦘
: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ»
243 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» . فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ، قَالَ: مَنْ رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ فَهُوَ جَهْمِيُّ
244 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ عَلَى عَرْشِهِ» ، وَسَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: مَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَهُوَ عِنْدَنَا مُتَّهَمٌ، وَقَالَ: مَا زَالَ النَّاسُ يُحَدِّثُونَ بِهَذَا، يُرِيدُونَ مُغَايَظَةَ الْجَهْمِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ
⦗ص: 215⦘
يُنْكِرُونَ أَنَّ عَلَى الْعَرْشِ شَيْئًا
245 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ ثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: «مَا كُنْتَ لَاعِبًا بِهِ فَلَا تَلْعَبَنَّ بِدِينِكَ»
246 -
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: مَنْ رَدَّهُ فَقَدْ رَدَّ عَلَى اللَّهِ عز وجل، وَمَنْ كَذَّبَ بِفَضِيلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ.
247 -
وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: «مَنْ رَدَّ هَذَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ، وَزَعَمَ أَنَّ مَنَ قَالَ
⦗ص: 216⦘
بِهَذَا فَهُوَ ثَنَوِيُّ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَالتَّابِعِينَ ثَنَوِيَّةٌ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَهُوَ زِنْدِيقٌ يُقْتَلُ»
248 -
وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ، قَالَ: ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«يُقْعِدْهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ»
⦗ص: 217⦘
.
249 -
قَرَأَ عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ كِتَابَ الْمَقَامِ الْمَحْمُودَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ فَلَمْ أَنْظُرْ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ آخُذْهُ، وَخَرَجْتُ إِلَى كَرْمَانَ فَرَجَعْتُ وَقَدْ مَاتَ الْمَرُّوذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
250 -
251 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَبَعْضُهُمَا أَتَمُّ مِنْ بَعْضٍ، قَالَا: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ: مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فَسَكَتَ فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَكَيْفَ مَنْ طَعَنَ فِيهَا؟، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّقِيقِيُّ: مَنْ رَدَّهَا فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ، وَحُكْمُ مَنْ رَدَّ هَذَا أَنْ يُتَّقَى، وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: لَا يَرُدُّ هَذَا إِلَّا مُتَّهَمٌ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: الْإِيمَانُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ لِأَبِي عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيِّ: مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ جَهْمِيُّ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ لِلَّذِي رَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْأَصْبَهَانِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَ بِهِ الْعُلَمَاءُ مُنْذُ سِتِّينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَلَا يَرُدُّهُ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، قَالَ: وَسَأَلْتُ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: كَتَبْتُهُ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَرُدُّهُ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَمَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، قَالَ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ: هَذَا حَدِيثٌ يُسَخِّنُ اللَّهُ بِهِ أَعْيَنَ الزَّنَادِقَةِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيَّ يَقُولُ: مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَوْجِبْ مِنَ اللَّهِ عز وجل مَا قَالَ مُجَاهِدٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْخَفَّافَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ يَعْنِي الْعَابِدَ يَقُولُ: نَعَمْ، يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ لِيَرَى الْخَلَائِقُ مَنْزِلَتَهُ
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ صَدَقَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى النَّاقِدَ، رحمه الله، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ الْعَابِدَ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَقَالَ فِيهِ:«ثُمَّ يَصْرِفُهُ إِلَى أَزْوَاجِهِ وَكَرَامَتِهِ، صلى الله عليه وسلم»
252 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ الْعَابِدَ وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ، قَالَ ابْنُ مُصْعَبٍ:«يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ لِيَرَى الْخَلَائِقُ كَرَامَتَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْزِلُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَزْوَاجِهِ وَجَنَّاتِهِ»
253 -
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ صَدَقَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجَبَلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ مَعْرُوفٍ، يَقُولُ:«لَيْسَ يُنْكِرُ حَدِيثَ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ إِلَّا الْجَهْمِيَّةُ»
254 -
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ صَدَقَةَ، يَقُولُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يَوْمًا، وَذَكَرَ حَدِيثَ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا حَدَّثَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَكَمْ تَرَى كَانَ فِي الْمَجْلِسِ، عِشْرِينَ أَلْفًا، فَتَرَى لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَامَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ
⦗ص: 220⦘
: لَا تُحَدِّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، أَوْ أَظْهَرَ إِنْكَارَهُ، تَرَاهُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثَمَّ إِلَّا وَقَدْ قُتِلَ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ صَدَقَةَ، وَصَدَقَ، مَا حُكْمُهُ عِنْدِي إِلَّا الْقَتْلُ "
255 -
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ شَبِيبٍ الْمُغَازِلِيَّ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَلْمٍ: أَخْرَجَ التَّفْسِيرَ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ بِطَرَسُوسَ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، فَإِنَّ فِيهِ حَدِيثَ أَنَّهُ فَضَلَ مِنَ الْعَرْشِ فَضْلَةٌ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ صَدَقَةَ يَعْنِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّ الْعَرْشَ يَئِطُّ بِهِ، قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ شَبِيبٍ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَلْمٍ: «تِلْكَ الْفَضْلَةُ مَجْلِسُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَجْلِسُ مَعَهُ»
256 -
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ صَدَقَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْجَبَلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ النَّرْسِيِّ قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِسْمَاعِيلَ فَحَدَّثَنِي، قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لِي: هَذَا التِّرْمِذِيُّ، أَنَا جَالِسٌ لَهُ، يُنْكِرُ فَضِيلَتِي "
257 -
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ السَّرَّاجِ، قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ، رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَرِضْوَانُهُ، فَتَقَدَّمْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ شَيْئًا فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ: إِنَّ التِّرْمِذِيَّ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يُقْعِدُكَ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَكَيْفَ تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ شِبْهَ الْمُغْضَبِ وَهُوَ يُشِيرُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَاقِدًا بِهَا أَرْبَعِينَ، وَهُوَ يَقُولُ:«بَلَى وَاللَّهِ، بَلَى وَاللَّهِ، بَلَى وَاللَّهِ، يُقْعِدُنِي مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، بَلَى وَاللَّهِ يُقْعِدُنِي مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، بَلَى وَاللَّهِ يُقْعِدُنِي مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَ:«مَا كَانَ أَحْسَنَ رَأْيِهِ»
259 -
أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ " قِيلَ لَهُ
⦗ص: 222⦘
: لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ يُتَّهَمُ بِالْبِدْعَةِ؟ قَالَ: لَا "
260 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، يَقُولُ:«كَانَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَعْلَمَ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْمَنَاسِكِ»
261 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ لَيْثَ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَاكْتَرَى حِمَارًا، فَضَحِكَ إِبْرَاهِيمُ
262 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ:«صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ لِأَخْدُمَهُ، فَكَانَ هُوَ يَخْدُمُنِي»
263 -
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«هُوَ مَكِّيٌّ، لَقِيَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
264 -
وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي حَدِيثِ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، سَمِعْتُ صَوْتَ عَائِشَةَ تَقُولُ لِلنِّسَاءِ: عَلَيْكُنَّ بِالْحِجْرِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ "، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا يُثْبِتُ سَمَاعَهُ مِنْهَا
265 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»
⦗ص: 224⦘
. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: قَرَأْتُ كِتَابَ السُّنَّةِ بِطَرَسُوسَ مَرَّاتٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ سِنِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ قَرَأْتُهُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَقَرَأْتُ فِيهِ ذِكْرَ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، فَبَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا مِمَّنْ طُرِدَ إِلَى طَرَسُوسَ مِنْ أَصْحَابِ التِّرْمِذِيِّ الْمُبْتَدِعِ أَنْكَرُوهُ، وَرَدُّوا فَضِيلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَظْهَرُوا رَدَّهُ فَشَهِدَ عَلَيْهِمُ الثِّقَاتُ بِذَلِكَ فَهَجَرْنَاهُمْ، وَبَيَّنَا أَمْرَهُمْ، وَكَتَبْتُ إِلَى شُيُوخِنَا بِبَغْدَادَ، فَكَتَبُوا إِلَيْنَا هَذَا الْكِتَابَ، فَقَرَأْتُهُ بِطَرَسُوسَ عَلَى أَصْحَابِنَا مَرَّاتٍ، وَنَسَخَهُ النَّاسُ، وَسَرَّ اللَّهُ تبارك وتعالى أَهْلَ السُّنَّةِ، وَزَادَهُمْ سُرُورًا عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنْ صِحَّتِهِ وَقَبُولِهِمْ، وَهَذِهِ نُسْخَتُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ كِتَابَكُمْ وَرَدَ عَلَيْنَا بِشَرْحِ مَا حَدَثَ بِبَلَدِكُمْ، وَكَتَبْنَا إِلَيْكُمْ بِمَا تَقِفُونَ عَلَيْهِ، وَبِاللَّهِ نَسْتَعِينُ، وَعَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَبَعْدُ، فَنُوصِيكُمْ وَأَنْفُسَنَا بِتَقْوَى اللَّهِ عز وجل وَالْإِحْسَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، وَتَقْوَى اللَّهِ تبارك وتعالى بِهَا يُرْزَقُ الْعِبَادُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ، وَبِهَا يُوجِبُ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ لِأَهْلِهَا وَبِهَا تَحِلُّ دَارُهُ، وَبِهَا يُنْظَرُ إِلَى وَجْهِهِ، وَبِهَا تُنَالُ وِلَايَةُ اللَّهِ عز وجل، وَهِيَ غَايَةُ الْكَرَامَةِ، وَمَنْزِلَةُ الشُّرَفِ، وَمِنْهَاجُ الرُّشْدِ، وَجَوَامِعُ الْخَيْرِ، وَمُنْتَهَى الْإِيمَانِ، فَأَسْعَدَكُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ سَعَادَةَ مَنْ رَضِيَ عَمَلَهُ، وَتَوَلَّاكُمْ بِحِفْظِهِ وَحِيَاطَتِهِ، وَشَمَلَكُمْ بِسَتْرِهِ، وَعَصَمَكُمْ بِتَوْفِيقِهِ، وَأَيَّدَكُمْ بِمَا أَيَّدَ بِهِ الْمُتَّقِينَ، وَأَوْصَلَكُمْ أَفْضَلَ مِيرَاثِ الصَّالِحِينَ، وَجَعَلَكُمْ لِأَنْعُمِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَاسْتَخْلَصَكُمْ بِأَشْرَفِ عِبَادَةِ الْعَابِدِينَ
⦗ص: 225⦘
، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَجْمَعِينَ. كِتَابُنَا أَسْعَدَكُمُ اللَّهُ سَعَادَةَ مَنْ رَضِيَ عَمَلَهُ، وَشَكَرَ سَعْيَهُ، سَعَادَةً لَا شَقَاءَ بَعْدَهَا، جَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكُمْ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَأَكْرَمَكُمْ بِمَا يُسْتَوْجَبُ بِهِ ثَوَابَهُ، وَيُؤْمَنُ مِنْ عِقَابِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِنَا وَآخِرِهِ. كَذَلِكَ رُوِيَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلَ الْكَلَامِ، وَآخِرَهُ، وَنَبْتَدِئُ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تبارك وتعالى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولِهِ وَصَفِيِّهِ كَذَلِكَ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ، اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ، وَوَسَطِ الدُّعَاءِ، وَآخِرِ الدُّعَاءِ» . فَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ بَلَغَنَا مَا حَدَثَ بِبَلَدِكُمْ مِنْ نابغٍ نَبَغَ بِالزَّيْغِ وَقِيلِ الْبَاطِلِ، فَأَحْدَثَ عِنْدَكُمْ بِدْعَةً اخْتَرَعَهَا، وَشَرَعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، فَفَرَّقَ جَمَاعَتَكُمْ بِخَبِيثِ قَوْلِهِ، وَسُوءِ لَفْظِهِ، فَلَوْلَا مَا أَمَرَ اللَّهُ عز وجل بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النُّصْحِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَخَاصَّتِهِمْ، وَحَضَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَوَسِعَنَا السُّكُوتُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عز وجل أَخَذَ مِيثَاقَ الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ وَذَلِكِ بِمَا رُوِيَ عَنْ تَمِيمٍ
⦗ص: 226⦘
الدَّارِيِّ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِجَمَاعَتِهِمْ» ، فَاعْلَمُوا، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِلسَّدَادِ، وَالرَّشَادِ، وَالصَّوَابِ، فِي الْمَقَالَ بِصِدْقِ الضَّمِيرِ وَصِحَّةِ الْعَزْمِ بِحُسْنِ النِّيَّةِ، فَإِنَّا نَرْضَى لَكُمْ مِنَ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالْقَوْلِ بِهَا مَا نَرْتَضِيهِ لِأَنْفُسِنَا، وَمَا أُرِيدَ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، إِنْ أُرِيدَ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ، فَاتَّقَى رَجُلٌ رَبَّهُ، وَنَظَرَ لِنَفْسِهِ فَأَحْسَنَ لَهَا الِاخْتِيَارِ، إِذْ كَانَتْ أَعَزَّ النُّفُوسِ عَلَيْهِ، وَأَوْلَاهُ مِنْهُ بِذَلِكَ بِلُزُومِ الِاتِّبَاعِ لِصَالِحِ سَلَفِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ، فَاقْتَدَى بِفِعَالِهِمْ، وَجَعَلَهُمْ حُجَّةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل، وَقَلَّدَهُمْ مِنْ دِينِهِ مَا تَحَمَّلُوا لَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَحَذَرُ امْرِئٍ أَنْ يَبْتَدِعَ وَيَخْتَرِعَ بِالْمَيلِ إِلَى الْهَوَى، وَالْقَوْلِ بِالْخَطَأِ فَيُوبِقُ نَفْسَهُ، وَيُولِغُ دِينَهُ فَيَعْمَهُ فِي طُغْيَانِهِ، وَيَضِلُّ فِي عَمَايَةِ جَهْلِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَسْتَنْصِحُ مُرْشِدًا، وَلَا يُطِيعُ مُسَدَّدًا، أَذْهَبَهُمْ عَلَيْهِ أَجَلُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ، فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وَالَّذِي حَمَلَ هَذَا الْعَدُوَّ لِلَّهِ الْمَسْلُوبَ أَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَخَالَفَ الْأَئِمَّةَ وَأَهْلَ الْعِلْمِ، وَانْسَلَخَ مِنَ الدِّينِ اللَّجَاجُ وَالْكِبْرُ، كَيْ يُقَالَ فُلَانٌ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْكِبْرِ، وَالنِّفَاقِ، وَالْغُلُوِّ فِي
⦗ص: 227⦘
الدِّينِ، وَالَّذِي حَمَلَنَا، أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ، عَلَى الْكِتَابِ إِلَيْكُمْ، مَا حَدَثَ بِبَلَدِكُمْ مِنْ رَدِّ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ رحمه الله وَمُخَالَفَتِهِمْ مَنْ قَدْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُكُمْ قَرْنِيَ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» فَمَالَ أُولُو الزَّيْغِ وَالنِّفَاقِ إِلَى قَوْلِ الْمُلْحِدِينَ، وَبِدْعَةِ الْمُضِلِّينَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَمَا سَبِيلُ هَؤُلَاءِ إِلَّا النَّفْيُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي هُمْ فِيهِ، كَمَا أَنَّ صَاحِبَهُمُ الْمُبْتَدِعَ مَنْفِيُّ عَنِ الْجَامِعِ مَطْرُودٌ مِنْهُ، لَيْسَ إِلَى دُخُولِهِ سَبِيلٌ، وَذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَمَنِّهِ، وَمَنْعِ السُّلْطَانِ، أَيَّدَهُ اللَّهُ، إِيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ، مُعَمِّمًا أَنَّهُ مَسْلُوبٌ عَقْلُهُ، مَلْزُومٌ بَيْتُهُ، يَصِيحُ بِهِ الصِّبْيَانُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَهَذَا قَلِيلٌ لِأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ وَالضَّلَالِ فِي جَنْبِ اللَّهِ عز وجل، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ، وَسَلَّمَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ بِمَنِّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَثَبَّتَنَا وَإِيَاكُمَا عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَاتِّبَاعِ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ، فَقَدْ كَانَ اضْمَحَلَّ ذِكْرُ هَذَا التِّرْمِذِيِّ وَانْدَرَسَ، وَإِنَّمَا هَذَا ضَرْبٌ مِنَ التَّعْرِيضِ وَالْخَوْضِ بِالْبَاطِلِ، فَانْتَهُوا حَيْثُ انْتَهَى اللَّهُ بِكُمْ، وَأَمْسِكُوا عَمَّا لَمْ تُكَلَّفُوا النَّظَرَ فِيهِ، وَضَعُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ مَا وَضَعَهُ اللَّهُ عَنْكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، فَإِنَّمَا يَتَحَكَّكُ بِدِينِهِ، وَيَتَوَلَّعُ بِنَفْسِهِ، وَيَتَكَلَّفُ مَا لَمْ يَتَعَبَّدْهُ اللَّهُ بِهِ، وَقَدْ أَدَّبَ اللَّهُ عز وجل الْخَلْقَ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُمْ، وَأَرْشَدَهُمْ فَأَنْعَمَ إِرْشَادَهُمْ
⦗ص: 228⦘
، فَقَالَ عز وجل وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاقْبَلُوا وَصِيَّتَهُ، وَأَمْسِكُوا عَنِ الْكَلَامِ فِي هَذَا، فَإِنَّ الْخَوْضَ فِيهَا بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ، مَا سَبَقَكُمْ بِهَا سَابِقٌ، وَلَا نَطَقَ فِيهَا قَبْلَكُمْ نَاطِقٌ، فَتَظُنُّونَ أَنَّكُمُ اهْتَدَيْتُمْ لِمَا ضَلَّ عَنْهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونُوا كُلَّمَا تَكَلَّمَ جَاهِلٌ بِجَهْلِهِ أَنْ يُجِيبُوهُ، وَيُحَاجُّوهُ، وَيُنَاظِرُوهُ، فَيُشْرِكُوهُ فِي مَأْثَمِهِ، وَيَخُوضُوا مَعَهُ فِي بَحْرِ خَطَايَاهُ، وَلَوْ شَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُنَاظِرَ صَبِيغًا، وَيَجْمَعَ لَهُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُنَاظِرُوهُ، وَيُحَاجُّوهُ، وَيَبِينُوا عَلَيْهِ لَفَعَلَ، وَلَكِنَّهُ قَمَعَ جَهْلَهُ، وَأَوْجَعَ ضَرْبَهُ، وَنَفَاهُ فِي جِلْدِهِ، وَتَرَكَهُ يَتَغَصَّصُ بِرِيقِهِ، وَيَنْقَطِعُ قَلْبُهُ حَسْرَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ مَطْرُودًا، مَنْفَيًّا، مُشَرَّدًا، لَا يُكَلَّمُ وَلَا يُجَالَسُ، وَلَا يُشْفَى بِالْحُجَّةِ وَالنَّظَرِ، بَلْ تَرَكَهُ يَخْتَنِقُ عَلَى حِرَّتِهِ، وَلَمْ يُبَلِّعْهُ رِيقَهُ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، فَهَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ شَرَعَ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ عَلَى بِدْعَةٍ وَضَلَالَةٍ، فَيُحَذِّرُ مِنْهُ وَيَنْهَى عَنْ كَلَامِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، فَاسْتَرْشِدُوا الْعِلْمَ، وَاسْتَحِضُّوا الْعُلَمَاءَ، وَاقْبَلُوا نُصْحَهُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَزَالَ الْجَاهِلُ بِخَيْرٍ مَا وَجَدَ عَالِمًا يَقْمَعُ جَهْلَهُ، وَيَرُدُّهُ إِلَى صَوَابِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، إِنْ مَنَّ اللَّهُ
⦗ص: 229⦘
عَلَيْهِ بِالْقَبُولِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ الْجَاهِلُ بِجَهْلِهِ، وَعُدِمَ النَّاسُ الْعَالِمَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ، فَقَدْ تَوَدَّعَ مِنَ الْخَلْقِ، وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا يَصِفُونَ، فَاللَّهَ اللَّهَ، ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ يَا إِخْوَتَاهْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالْمَحَبَّةَ لِلسَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَأَدْيَانِكُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ لُحُومُكُمْ وَدِمَاؤُكُمْ، لَا تَعْرِضُونَ لِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ عز وجل مِنَ الْجَدَلِ وَالْخَوْضِ فِي آيَاتِ اللَّهِ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَذَّرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أَئِمَّةُ الْهُدَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ ارْتَضَاهُمْ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاخْتَارَهُ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، يَنْهَوْنَ عَنِ الْجَدَلِ وَالْخُصُومَاتِ فِي الدِّينِ، وَيُحَذِّرُونَ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ، حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ فِي ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ، فَكَانَ أَشَدَّ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلًا، وَأَوْكَدَهُ فِيهِ رَأْيًا، وَآخِذًا بِهِ عَلَى الْخَلْقِ وَأَنْصَحَهُ لَهُمْ، صَبَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاءِ مِنْ فِتْنَتِهِ، وَالضَّرَّاءِ وَالسَّرَّاءِ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ بَعْدَ طُولِ الْحَبْسِ فِي ضَنْكِ الْحَدِيدِ، فَبَذَلَ لِلَّهِ مُهْجَةَ نَفْسِهِ، وَجَادَ بِالْحَيَاةِ لِأَهْلِهَا، وَآثَرَ الْمَوْتَ عَلَى أَصْعَبِ الْعُقُوبَاتِ، يَرْضَى مِنْهُ عَلَى بُلُوغِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ، وَرَحْمَةً مِنْهُ عَلَى الْخَلْقِ، وَشَفَقًا عَلَيْهِمْ، فَصَبَرَ لَعَظِيمِ جَهْدِ بَلَاءِ الدُّنْيَا نَفْسَهُ، وَاحْتَمَلَ فِي ذَاتِ اللَّهِ كُلَّمَا عَجَزَ الْخَلْقُ أَجْمَعُونَ عَنِ احْتِمَالِ مِثْلِهِ أَوْ بَعْضِهِ، أَخَذَ بِعِنَانِ الْحَقِّ صَابِرًا عَلَى وَعْرِ الطَّرِيقِ وَخُشُونَةِ الْمَسْلَكِ، مُنْفَرِدًا بِالْوَحْدَةِ، عَاضًّا عَلَى لِجَامِ الصَّوَابِ، جَوَّادًا لِمَحْبُوبِ الْعَافِيَةِ لِأَهْلِهَا، إِذْ كَانُوا لَا يَصِلُونَ
⦗ص: 230⦘
إِلَيْهَا إِلَّا بِفِرَاقِ السُّنَّةِ، فَحَالَفَ الْوَحْشَةَ، وَأَنِسَ بِالْوَحْدَةِ، فَمَضَى عَلَى سُنَّتِهِ عَلَى مُعَانَقَةِ الْحَقِّ غَيْرَ مُعَرِّجٍ عَنْهُ، رَضِيَ بِالْحَقِّ صَاحِبًا، وَقَرِينًا، وَمُؤْنِسًا، لَا يُثْنِيهِ عَنْ ذَلِكَ خِلَافُ مَنْ خَالَفَهُ، وَلَا عَدَاوَةُ مَنْ عَادَاهُ، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، لَا يُزْعِجُهُ هَلَعٌ، وَلَا يَسْتَمِيلُهُ طَمَعٌ، وَلَا يُزِيغُهُ فَزَعٌ، حَتَّى قَمَعَ بَاطِلَ الْخَلْقِ بِمَا صَبَّرَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْذِ بِعِنَانِ الْحَقِّ، لَا يَسْتَكْثِرُ لِلَّهِ الْكَثِيرَ، وَلَا يَرْضَى لَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَلِيلِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، غَيْرَ مُدْبِرٍ، مُعَانِقًا لَعِلْمِ الْهُدَى، غَيْرَ تَارِكٍ لَهُ، حَتَّى أَوْرَى زِنَادَ الْحَقِّ، فَاسْتَضَاءَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ فَاتَّبَعُوهُ، وَكَشَفَ عَوْرَاتِ الْبِدَعِ، وَحَذَّرَ مِنْ أَهْلِهَا، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى رَجَعُوا إِلَى قَوْلِهِ طَوْعًا وَكَرْهًا، فَدَخَلُوا فِي الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، وَعَادُوا لِلْحَقِّ الَّذِي رَغِبُوا عَنْهُ، وَاعْتَرَفُوا لَهُ بِفَضْلِ مَا فَضَّلُهُ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْإِذْعَانِ، وَسَمِعُوا لَهُ وَأَطَاعُوا، إِذْ كَانَ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ، وَأَنْظَرَهُمْ لِخَلْقِهِ، وَأَدَلَّهُمْ عَلَى سُبُلِ النَّجَاةِ، وَأَمْنَعَهُمْ لِمَوَاقِعِ الْهَلَكَةِ، فَبَيْنَا الْخَلْقُ بِضِيَائِهِ مُسْتَتِرُونَ، يُحْصِي لَهُمُ الْحَقَّ، وَيَنْفِي عَنْهُمُ الْبَاطِلَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، إِذْ أَتَاهُ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل مَا أَتَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَاسْتَأَثْرَ اللَّهُ بِهِ، وَنَقَلَهُ إِلَى مَا عِنْدِهِ، فَتَحَيَّرَتْ مِنْ بَعْدِهِ الْأَدِلَّاءُ، وَتَاهَ الْجَاهِلُونَ فِي سَكَرَاتِ الْخَطَأِ، فَكَانَ خَلْفَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَنْ أَقَامَ نَفْسَهُ مِنْ بَعْدِهِ ذَلِكَ الْمَقَامَ، مُنْتَصِبًا لِمَذَاهِبِهِ، ذَابًّا عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، مُتَشَدِّدًا عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فِي حَقَائِقِ الْأُمُورِ، لَا يَنْعَرِجُ عَنْ مَذَاهِبِهِ، وَلَا يُدَنِّسُهُ طَمَعُ طَامِعٍ، مُؤْنَسًا بِالْوَحْشَةِ، مُنْفَرِدًا بِالْوَحْدَةِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُبِينًا عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ، مُشْفِقًا
⦗ص: 231⦘
عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، لَا يَفْزَعُهُ مَيْلُ مَنْ مَالَ إِلَى غَيْرِهِ، لَمْ يَدْعُهُ طَمَعٌ إِلَى أَحَدٍ، صَبَرَ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَاثِقًا بِمَوَاهِبِ اللَّهِ لَهُ مِنْ لُزُومِ أَصْحَابِهِ إِيَّاهُ، قَامِعًا لِأَهْلِ الْبِدَعِ، مُحِبًّا لِأَهْلِ الْوَرَعِ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيِّ، وَمَغْفِرَتُهُ وَرِضْوَانُهُ، فَقَدْ كَانَ وَفِيًّا لِصَاحِبِهِ، مُشْفِقًا عَلَى أَصْحَابِهِ، لَمْ تَرَ مِثْلَهُ الْعُيُونُ، فَجَزَاهُ اللَّهُ مِنْ صَاحِبٍ وَأُسْتَاذٍ خَيْرًا، فَأُلْزِمُوا مِنَ الْأَمْرِ مَا تَوَفَّى اللَّهُ عز وجل أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله عَلَيْهِ، وَأَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ، فَإِنَّهُ الدِّينُ الْوَاضِحُ، وَكُلُّ مَا أَحْدَثَ هَؤُلَاءِ فَبِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ، فَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِلُزُومِ السُّنَّةِ، وَتَرْكِ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا، فَقَدْ كَانَ أَحْدَثَ هَذَا التِّرْمِذِيُّ الْمُبْتَدِعُ بِبَلَدِنَا مَا اتَّصَلَ بِنَا أَنَّهُ حَدَثَ بِبَلَدِكُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ كَانَ اضْمَحَلَّ وَأَخْمَلَهُ اللَّهُ، وَأَخْمَلَ أَهْلَهُ وَقَائِلَهُ، وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي النَّاسِ، قَدْ سُلِبَ عَقْلُهُ، أَخْزَاهُ اللَّهُ وَأَخْزَى أَشْيَاعَهُ، وَقَدْ كَانَ الشُّيُوخُ سُئِلُوا عَنْهُ فِي حَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ رحمه الله وُمَحَدِّثِي بَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَنْكَرَهُ، وَكَرِهَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَتَبْنَا بِهِ إِلَيْكُمْ لِتَقِفُوا عَلَيْهِ، فَأَمَّا مَا قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ عِنْدَ سُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ عَنْهُ وَرَدِّهِ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ: ذَكَرَ أَنَّ هَذَا التِّرْمِذِيَّ الَّذِي رَدَّ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ مَا رَآهُ قَطُّ عِنْدَ مُحَدِّثٍ، وَلَا يَعْرِفُهُ بِالطَّلَبِ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُنْكِرْهُ إِلَّا مُبْتَدِعٌ جَهْمِيُّ، فَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ بِدْعَتِهِ وَضَلَالَتِهِ، فَمَا أَعْظَمَ مَا جَاءَ بِهِ هَذَا مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْبِدَعِ، عَمَدَ إِلَى حَدِيثٍ فِيهِ فَضِيلَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ أَنْ يُزِيلَهُ وَيَتَكَلَّمُ فِي مَنْ رَوَاهُ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى
⦗ص: 232⦘
الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمُ مَنْ نَاوَأَهُمْ» وَنَحْنُ نَحْذِرُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ أَنْ تَسْتَمِعُوا مِنْهُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِهِ، أَوْ تُصَدِّقُوهُمْ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ السُّنَّةَ عِنْدَنَا إِحْيَاءُ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا تَرُدُّهُ الْجَهْمِيَّةُ
وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ مَشْيَخَتِنَا، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا رَدَّ هَذَا
267 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَلَا فِي عَصْرِنَا هَذَا إِلَّا وَهُوَ مُنْكِرٌ لِمَا أَحْدَثَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رَدِّ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ، يُهْجَرُ وَنَحْذِرُ عَنْهُ، فَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ
⦗ص: 233⦘
: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:«يُقْعِدُهُ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ جَلَّ وَعَزَّ» ، فَقِيلَ لِلْجُرَيْرِيِّ: إِذَا كَانَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ فَهُوَ مَعَهُ، قَالَ: وَيْحَكُمْ، هَذَا أَقَرُّ لِعَيْنِي فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ أَتَى عَلَيَّ نَيِّفٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ إِلَّا جَهْمِيُّ، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي الْأَمْصَارِ، وَتَلَقَّتْهُ الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ مُنْذُ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَبَعْدُ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ هَذَا التِّرْمِذِيَّ، وَلَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُهُ عِنْدَ مُحَدِّثٍ، فَعَلَيْكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالتَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ:«لَا أَعْرِفُ هَذَا الْجَهْمِيَّ الْعَجَمِيَّ، لَا نَعْرِفُهُ عِنْدَ مُحَدِّثٍ، وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِنَا، وَلَا عَلِمْتُ أَحَدًا رَدَّ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ» يُقْعِدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَرْشِ "، رَوَاهُ الْخَلْقُ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَاحْتَمَلَهُ الْمُحْدِثُونَ الثِّقَاتُ، وَحَدَّثُوا بِهِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، لَا يَدْفَعُونَ ذَلِكَ، يَتَلَقَّوْنَهُ بِالْقَبُولِ وَالسُّرُورِ بِذَلِكَ، وَأَنَا فِيمَا أَرَى أَنِّي أَعْقِلُ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ أَحَدًا رَدَّهُ، وَلَا يَرُدُّهُ إِلَّا كُلُّ جَهْمِيٍّ مُبْتَدَعٍ خَبِيثٍ، يَدْعُو إِلَى خِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَشْيَاخُنَا وَأَئِمَّتُنَا، عَجَّلَ اللَّهُ لَهُ الْعُقُوبَةَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ جِوَارِنَا، فَإِنَّهُ بَلِيَّةٌ عَلَى مَنِ ابْتُلِيَ بِهِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَدَلَ عَنَّا مَا ابْتَلَاهُ بِهِ وَالَّذِي عِنْدَنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَنَّا نُؤْمِنُ بِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَنَقُولُ بِهِ عَلَى مَا جَاءَ، وَنُسْلِمُ الْحَدِيثَ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُخَالِفُ فِيهِ الْجَهْمِيَّةَ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَالصِّفَاتِ، وَقُرْبِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَيَّ هَذَا الْعَجَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ كِتَابًا بِخَطِّهِ، وَدَفَعْتُهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيِّ، وَفِيهِ: أَنَّ مَنْ قَالَ بِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ فَهُوَ جَهْمِيُّ ثَنَوِيُّ، وَكَذَبَ الْكَذَّابُ الْمُخَالِفُ لِلْإِسْلَامِ، فَحَذَرُوا عَنْهُ، وَأَخْبِرُوا عَنِّي أَنَّهُ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ مَا كَتَبْتُ بِهِ فَهُوَ جَهْمِيُّ، فَلَوْ أَمْكَنَنِي لَأَقَمْتُهُ لِلنَّاسِ، وَنَادَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى أُشْهِرَهُ لِيَحْذَرَ النَّاسَ مَا قَدْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ، فَهَذَا دِينِي الَّذِي أَدِينُ للَّهِ عز وجل بِهِ، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُمِيتَنَا وَيُحْيِيَنَا عَلَيْهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ: " أَمَّا بَعْدُ: فَعَلَيْكُمْ بِالتَّمَسُّكِ بِهَدْيِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه، فَإِنَّهُ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَطَعْنٌ لِمَنْ خَالَفَهُ، وَأَنَّ هَذَا التِّرْمِذِيَّ الَّذِي طَعَنَ عَلَى مُجَاهِدٍ بِرَدِّهِ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُبْتَدَعٌ، وَلَا يَرُدُّ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: يُقْعِدُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ «إِلَّا جَهْمِيُّ يُهْجَرُ، وَلَا يُكَلَّمُ وَيُحَذَّرُ عَنْهُ، وَعَنْ كُلِّ مَنْ رَدَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى هَذَا التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ جَهْمِيُّ خَبِيثٌ، لَقَدْ أَتَى عَلَى أَرْبَعٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا رَدَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ إِلَّا جَهْمِيُّ، وَمَا أَعْرِفُ هَذَا وَلَا رَأَيْتُهُ عِنْدَ مُحَدِّثٍ قَطُّ، وَأَنَا مُنْكِرٌ لِمَا أَتَى بِهِ مِنَ الطَّعْنِ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَرَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقْعِدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَرْشِ، وَأَنَّهُ مَنْ قَالَ بِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ، فَهُوَ جَهْمِيُّ ثَنَوِيُّ، لَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ، فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ يُهْجَرُ وَلَا يُكَلَّمُ، وَيُحَذَّرُ عَنْهُ» ، وَقَدْ حَدَّثَنِي آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: «صَحِبْتُ ابنَ عُمَرَ لِأَخْدُمَهُ، فَكَانَ هُوَ يَخْدُمُنِي» فَمِثْلُ هَذَا يَرُدُّ حَدِيثَهُ؟ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِيَ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ، فَقَدْ سَبَقَتْ شَهَادَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمُجَاهِدٍ رحمه الله وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: الَّذِي نَعْرِفُ وَنَقُولُ بِهِ وَنَذْهَبُ إِلَيْهِ: أَنَّ مَا سَبِيلُ مَنْ طَعَنَ عَلَى مُجَاهِدٍ وَخَطَّأَهُ إِلَّا الْأَدَبُ وَالْحَبْسُ،
268 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ " وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تبارك وتعالى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَمَنْ رَدَّ عَلَى مُجَاهِدٍ مَا قَالَهُ مِنْ قُعُودِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَرْشِ وَغَيْرَهُ، فَقَدْ كَذَبَ، وَلَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا التِّرْمِذِيَّ الَّذِي يُنْكِرُ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ قَطُّ فِي حَدِيثٍ وَلَا غَيْرِ حَدِيثٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: أَرَى أَنْ يُجَانَبَ كُلُّ مَنْ رَدَّ حَدِيثَ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ "، وَيُحَذَّرُ عَنْهُ، حَتَّى يُرَاجِعَ الْحَقَّ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يُذَكِّرُ بِالسُّنَّةِ يَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا إِنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ تُنْكِرُهُ مِنْ جِهَةِ إِثْبَاتِ الْعَرْشِ، فَإِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ أَمْرَ الْعَرْشِ، وَيَقُولُونَ: الْعَرْشُ عَظَمَةٌ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُنْكِرُوا مِنْهُ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ هَذَا التِّرْمِذِيَّ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ وَرَأَيْتُ مَنْ عِنْدِي مِنْ أَصْحَابِنَا، يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ فِي الطَّلَبِ، وَلَا عَرَفْتُهُ أَنَا، وَمُجَاهِدٌ كَانَتْ لَهُ جَلَالَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، يَأْخُذُ لَهُ بِالرِّكَابِ، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا، وَعَلَيْكُمْ بِلُزُومِ السُّنَّةِ، وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ، بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، فَإِنَّهُ أَوْضَحَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَاتِ مَا هُوَ كِفَايَةٌ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ: كُلُّ مَنْ ظَنَّ أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَوْجِبْ مِنَ اللَّهِ عز وجل هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَذْكُرَ أَحَدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَقْدُمُوا عَلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمْ، وَلَوْلَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ رحمه الله اجْتَهَدَ فِي هَذَا لَخِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِنَا وَبِمَنْ يَقْصُرُ عَنْ هَذَا الضَّالِّ الْمُضِلِّ عُقُوبَةٌ، فَإِنَّهُ مِنْ شَرِّ الْجَهْمِيَّةِ مَا يُبَالِي مَا تَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا عَرْشَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ عَرْشِ بِلْقِيسَ، وَعَرْشٌ مِنَ الْعُرُوشِ شَبَّهَ عَرْشَ الْآدَمَيِّينَ بِعَرْشِ الرَّحْمَنِ عز وجل، لَا يَرْعَوِي عَنْ دَفْعِ فَضِيلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَيْفَ بِمَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لَا شَكَّ فِي تَجَهُّمِهِ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّحْذِيرِ وَتَبْيِينِ أَمْرِهِ، وَنُعَادِي مَنْ يَنْصُرُهُ، أَوْ يَمِيلُ إِلَى مَنْ يَنْصُرُهُ بِتَكْفِيرِ مُجَاهِدٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ مُجَاهِدٍ فِي {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] فَإِنَّهُ يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالَ: هَذَا كُفْرٌ، وَمَنْ قَالَ: بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ هَارُونُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ: مَنْ رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ فَهُوَ عِنْدِي جَهْمِيُّ، وَمَنْ رَدَّ فَضْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ عِنْدِي زِنْدِيقٌ لَا يُسْتَتَابُ، وَيُقْتَلُ، لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ فَضَّلَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ:«لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي» وَيُرْوَى فِي قَوْلِهِ {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72] قَالَ: بِحَيَاتِكَ، وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ:«يَا مُحَمَّدُ، لَوْلَاكَ مَا خَلَقْتُ آدَمَ» ، فَاحْذَرُوا مِنْ رَدِّ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُنْكِرُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْزِلُ، فَمَنْ رَدَّ هَذَا وَحَدِيثَ مُجَاهِدٍ فَلَا يُكَلَّمُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ: أَنَّ هَذَا الْمَعْرُوفَ بِالتِّرْمِذِيِّ عِنْدَنَا مُبْتَدَعٌ جَهْمِيُّ، وَمَنْ رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ، فَقَدْ دَفَعَ فَضْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ رَدَّ فَضِيلَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَانَ وَرَدَ عَلَيَّ كِتَابٌ مِنْهُ فِيهِ: أَنَّ الْعَرْشَ سَرِيرٌ مِثْلُ عَرْشِ بِلْقِيسَ، وَعَرْشِ سَبَأٍ، وَعَرْشِ يُوسُفَ، وَعَرْشِ إِبْلِيسَ، فَأَنْكَرْتُ هَذَا وَغَيْرَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَنْكَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِسْلَامِ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَالَّذِي نَدِينُ للَّهِ عز وجل بِهِ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَمَنْ رَدَّ هَذَا فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ كَافِرٌ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: الْهَاشِمِيُّونَ مَعِي عَلَى مِثْلِ قَوْلِي، وَكَذَبَ، أَخْزَاهُ اللَّهُ، مَا هَاشِمِيُّ يَدْفَعُ فَضِيلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ كَانَ ذَلِكَ فَخْرَةٌ لَهُ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ فَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَنْهُ وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِهِ، وَلَا أَعْرِفُهُ، وَلَا رَأَيْتُهُ قَطُّ مِنْ حَيْثُ أَعْرِفُهُ، وَلَقَدْ كَانَ عِنْدَ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ رضي الله عنه بِالْمَدِينَةِ، فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، ثُمَّ إِنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ الْعَدَاءُ لِلَّهِ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ، وَأَطَالَ حَبْسَهُ مِنْ دَفْعِهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَغَيْرَهُ، مِمَّا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ، وَوَضَعَ فِيهِ الْكُتُبَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي مُسْلِمٍ أَصَحُّ مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، وَوَضَعَ لِآلِ أَبِي طَالِبٍ كِتَابًا يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ الْعَلَوِيَّةَ أَحَقُّ بِالدَّوْلَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، يَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ أَرَادَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ حَبَسَهُ أَرَادَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ ابْنِي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَسَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ يَذْكُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْهُ وَيَضَعُهُ، فَيَنْبَغِي لِسَامِعِ ذِكْرِهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيُحَذِّرَ عَنْهُ النَّاسَ، وَيَتَبَيَّنُ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْفَارِسِيُّ الزَّاهِدُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَلَا فِي الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَلَا فِي الْعُلَمَاءِ الْمُتَفَقِّهِينَ، وَلَا فِي الْعَارِفِينَ الْعَابِدِينَ، وَلَا فِي الضُّلَّالِ الْمُبْتَدِعِينَ أَحَدٌ يَسْتَحِلُّ فِي عَقْدِ دِيَانَتِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ الطَّعْنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَدَّ فَضِيلَةً فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهَا، وَخَصَّهُ بِهَا، كَمَا خُصَّ بِالزِّيَارَةِ إِلَيْهِ حَيًّا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَنَادَى بِذَلِكَ فِي أَسْمَاعِ الْخَلَائِقِ، فَقَالَ:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1] ثُمَّ سَارَ بِهِ الْمَلَكُ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مُنْتَهَى مُنْقَطِعِ عِلْمِ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَقَالَ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14] فَانْتَهَى الْعِلْمُ إِلَيْهِمَا مِنْ قِبَلِ الْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً دُونَ وَلَدِ آدَمَ عليه السلام؛ لِأَنَّ بَنِي آدَمَ قَدْ شَغَلَهُمُ اللَّهُ عز وجل بِأَنْفُسِهِمْ عَنِ النَّظَرِ فِي مَلَكُوتِ الْأَعْلَى، فَقَالَ:{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]
وَقَدْ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، قَالَ:«يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ» . فَبَلَغَنِي أَنَّ مَسْلُوبًا مِنَ الْجُهَّالِ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَنَظَرْتُ فِي إِنْكَارِهِ، فَإِنْ كَانَ قَصَدَ مُجَاهِدًا، فَابْنَ عَبَّاسٍ قَصَدَ، وَإِنْ كَانَ لِابْنِ عَبَّاسٍ قَصَدَ، فَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّ، فَبِاللَّهِ كَفَرَ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَهُ مَنْ أَنْكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقًّا، أَوْ جَحَدَ لَهُ فَضْلًا، أَوْ غَاضَهُ شَيْءٌ مِنْ فَضْلِهِ، أَنْ لَا يُنِيلَهُ شَفَاعَتَهُ، وَأَنْ لَا يَحْشُرَهُ فِي زُمْرَتِهِ، وَأَنْ يَحْتَجِبَ عَنْهُ كَمَا وَعَدَ الْجَهْمِيَّةَ فِي كِتَابِهِ مِنَ الِاحْتِجَابِ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُ قَالَ:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمَ ثُمَّ يُقَالَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: 16] ، وَوَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَقْعَدَ الصِّدْقَ عِنْدَهُ، وَالنَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ بِالنُّضْرَةِ فِي وُجُوهِهِمْ إِذَا نَظَرُوا إِلَى وَجْهِهِ، وَالسُّرُورَ فِي قُلُوبِهِمْ إِذَا عَبْدُوهُ بِالْحُبِّ لَهُ، وَالِاشْتِيَاقَ إِلَى الْمَقْعَدِ عِنْدَهُ وَمُجَاوَرَتِهِ فِي دَارِ الْقَرَارِ، فَالْعَجَبُ الْعَجَبُ أَنَّ النَّصَارَىَ تَضْحَكُ بِنَا أَنَّا نُسَلِّمُ الْفَضَائِلَ كُلَّهَا لِعِيسَى عليه السلام تُشْبِهُ الرُّبُوبِيَّةَ، أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، فَهَذِهِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِيهِ وَحْدَهُ، فَسَلَّمْنَا ذَلِكَ لِعِيسَى بِالرِّضَا وَالتَّصْدِيقِ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل، وَأَنْكَرَ هَذَا الْمَسْلُوبُ فَضِيلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ نَفْخَرُ عَلَى الْأُمَمِ كُلِّهَا أَنَّ نَبِيَّنَا أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَّا قَوْلُ الْمُسْلِمِينَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ: الشَّفَاعَةُ، فَإِنَّا لَا نَدْفَعُ ذَلِكَ فَنُشَارِكُهُ فِي جَهْلِهِ، بَلْ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ عز وجل يُشَفِّعُهُ فِي وَقْتٍ مَا، يَأْذَنُ لَهُ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكْرِمُهُ بِمَا أَحَبَّ مِنَ الْكَرَامَةِ، حَتَّى يُعَرِّفَ أَوْلِيَاءَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ كَرَامَتَهُ وَفَضْلَهُ، وَلَقَدْ ضَاقَ قَلْبُ الْمَسْلُوبِ عَنْ حَمْلِ مَعَانِي الْعِلْمِ، فَلَا يَطَّلِعُ بِحُسْنِ النِّيَّةِ وَالِاتِّبَاعِ عَلَى مَعَانِي الْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى:{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35] فَهَذِهِ سَاعَةُ تَزْفِرُ جَهَنَّمَ، فَتَذْهَلُ الْعُقُولُ، حَتَّى يَقُولَ الرُّسُلُ مِنْ شِدَّةِ الْجَهْدِ إِذَا زَفِرَتْ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى {مَاذَا أُجِبْتُمْ، قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا} [المائدة: 109] ثُمَّ تَأْتِي عَلَيْهِمْ سَاعَةُ يَشْهَدُونَ بِعُقُولٍ صَحِيحَةٍ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51] وَقَوْلِهِ {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31] فَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ فِي وَقْتٍ، وَالشَّفَاعَةُ فِي وَقْتٍ، إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ هَذَا الْجَاهِلُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَقْدِرُ أَنْ يُجْلِسَهُ عَلَى الْعَرْشِ، أَوْ يَقُولَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ كَذَلِكَ وَاللَّهُ يَحْلِفُ بِحَيَاتِهِ، فَقَالَ:{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] وَمَعْنَاهُ: وَحَيَاتِكَ، وَيُقَالَ: وَعَيْشِكَ، كَيْفَ وَهُوَ يَتْرُكُ يَعْقُوبَ فِي حُزْنِهِ ثَمَانِينَ سَنَةً لَا يَسْأَلُهُ عَنْ حُزْنِهِ، فَقَالَ:{وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] حَتَّى إِذَا حَزَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ أَنْزَلَ عَلَيْهِ {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [الحجر: 88] وَقَالَ: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنَكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] أَيْ أَنَا الْمُكَذَّبُ لَا أَنْتَ، وَلَقَدْ بَلَغَ مِنْ قَدْرِهِ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِأُمِّ سَلَمَةَ أَوْ زَيْنَبَ أَرْسَلَ ضُعَفَاءَ أَصْحَابِهِ، فَأَوْلَمَ عَلَيْهِمْ فَجَلَسُوا لِلْحَدِيثِ، وَعَلِمَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهُ أَرَادَ الْخَلْوَةَ بِأَهْلِهِ، فَمَنَعَهُ الْحَيَاءُ مِنْهُمْ أَنْ يُخْرِجَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى {إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} [الأحزاب: 53] وَعَاتَبَ عَنْهُ نِسَاءَهُ إِذَا سَأَلُوهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ اللَّهُ {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} . وَبَلَغَ مِنْ قَدْرِهِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل كَانَ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ إِذَا سَأَلَهُ الْمُسْلِمُونَ عَنْ دِينِهِمْ، وَإِذَا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ بِقَوْلِهِمْ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1]{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} [البقرة: 220] يَسْأَلُونَكَ عَنْ كَذَا، يَسْتَفْتُونَكَ فِي كَذَا، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] وَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [الأعراف: 187] فِي كُلِّ ذَلِكَ يَتَوَلَّى عَنْهُ الْجَوَابَ، فَوَاللَّهِ يَا إِخْوَتِي، لَوْ رُدَّتْ كَلِمَةُ جَاهِلٍ فِي فِيهِ لَسَعِدَ رَادُّهَا كَمَا شَقِيَ قَائِلُهَا، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ عز وجل مَنْ رَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أَنْكَرَ لَهُ حَقًّا، أَوْ جَحَدَ لَهُ فَضْلًا، أَوْ أَغَاضَهُ شَيْءٌ مِنْ فَضْلِهِ، وَفَضَائِلِ أَصْحَابِهِ أَنْ لَا يُنِيلَهُ شَفَاعَتَهُ، وَلَا يَحْشُرَهُ فِي زُمْرَتِهِ، وَلَسْتُ أَدَّعِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذِكْرَ مَا فَضَّلَنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ فَضَائِلِ نَبِيِّنَا، وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى قَوْلِهِ {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 2] فَلِرَبِّنَا الْحَمْدُ عَلَى مَا أَوْدَعَ قُلُوبَنَا مِنْ حُبِّ الِاتِّبَاعِ، وَلَهُ الْحَمْدُ إِذْ لَمْ يُذِلَّنَا بِالِابْتِدَاعِ، وَالسَّلَامُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْمَعْرُوفَ بِالتِّرْمِذِيِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَنَا وَلِأَصْحَابِنَا بِدْعَتُهُ وَإِلْحَادُهُ فِي الدِّينِ، وَرَدِّ الْآثَارِ الَّتِي يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ، وَوَقِيعَتُهُ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ مَنْ رَدَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، فَقَدْ أَزْرَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَعْنُهُ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَهُوَ مِنْ عَالِيَةِ التَّابِعِينَ، قَدْ صَحِبَ جَمْعًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَفِظَ عَنْهُمْ، وَمَا سَمِعْنَا أَحَدًا مِنْ شُيُوخِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ إِلَّا بِالْقَبُولِ لَهَا، وَيَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ، وَيَقْمَعُونَهُمْ بِهَا، وَيُكَفِّرُونَهُمْ، وَلَا يَرُدُّهَا إِلَّا رَجُلٌ مُعَطَّلٍ جَهْمِيُّ، فَمَنْ رَدَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، أَوْ طَعَنَ فِيهَا فَلَا يُكَلَّمُ، وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا التِّرْمِذِيَّ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا أَهْلُ السُّنَّةِ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبَيَّنَ أَمْرُهُ، فَعَلَيْكُمْ بِالسُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ، وَمَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه فَهُوَ الْإِمَامُ يُقْتَدَى بِهِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:«لَا تَزَالُ عَلَى الطَّرِيقِ مَا زِلْتَ تَطْلُبُ»
269 -
270 -
وَقَالَ هَارُونُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ: جَاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذَا التِّرْمِذِيَّ الْجَهْمِيَّ الرَّادَّ لِفَضِيلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْتَجُّ بِكَ، فَقَالَ: كَذَبَ عَلَيَّ، وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ: اكْتُبْهَا لِي، فَكَتَبَهَا بِخَطِّهِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبِي رضي الله عنه، فَقَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ يُحَدِّثُ بِهِ، فَلَمْ يُقَدِّرْ لِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْهُ، فَقَالَ هَارُونُ: فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِيكَ أَنَّهُ كَتَبَهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ حَكَوْا هَذَا عَنْهُ
278 -
وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ»
279 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، ثَنَا أَبُو الْهُذَيْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يُنْكِرُهُ، وَكَانَ عِنْدَنَا فِي وَقْتٍ مَا سَمِعْنَاهُ مِنَ الْمَشَايِخِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا تُنْكِرُهُ الْجَهْمِيَّةُ، وَأَنَا مُنْكَرٌ عَلَى كُلِّ مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ، وَهُوَ مُتَّهِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
280 -
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: كَتَبَ إِلَيَّ الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ بِخَطِّ يَدِهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ ثِقَةً عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ سَيْفٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ عز وجل» ، فَقِيلَ لِأَبِي مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيُّ: إِذَا كَانَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ فَهُوَ مَعَهُ، قَالَ: نَعَمْ، مَعَ الرَّبِّ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَشْرَفُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ، وَأَنَا مُنْكَرٌ عَلَى مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ، وَهُوَ عِنْدِي رَجُلُ سُوءٍ مُتَّهِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
281 -
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ: أَبِي يَقُولُ: «كُلُّ مَنْ قَصَدَ إِلَى الْقُرْآنِ بِلَفْظٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، يُرِيدُ مَخْلُوقًا، فَهُوَ جَهْمِيُّ»
282 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي ذَلِكَ
⦗ص: 246⦘
: حَدَّثَنَا أَبِي وَعَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَعُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ» . إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْجُهَّالِ دَفْعُ الْحَدِيثِ بَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ فِي رَدِّهِ مِمَّا أَجَازَهُ الْعُلَمَاءُ مِمَّنْ قَبْلَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ ذَكَرْتُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ، إِلَّا وَقَدْ سَلَّمَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ، وَكَانُوا أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْجُهَّالِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ لَا مَقَامَ غَيْرُهُ. فَهَذِهِ حِكَايَاتُ الشُّيُوخِ وَالثِّقَاتِ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ وَالْكُوفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْلَا مَا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ لَزِدْنَاكُمْ مِنَ الْحِكَايَاتِ، وَفِيمَا كَتَبْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
283 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، رحمه الله قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَرُدُّهَا الْجَهْمِيَّةُ فِي الصِّفَاتِ، وَالرُّؤْيَةِ، وَالْإِسْرَاءِ، وَقِصَّةِ
⦗ص: 247⦘
الْعَرْشِ، فَصَحَّحَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ:" قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ، نُسَلِّمُ الْأَخْبَارَ كَمَا جَاءَتْ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا اعْتَرَضَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ كَمَا جَاءَتْ فَقَالَ: يُجْفَى، وَقَالَ: مَا اعْتِرَاضُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، يُسَلِّمُ الْأَخْبَارَ كَمَا جَاءَتْ؟ "
284 -
قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيَّ، يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ الدَّقِيقِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الرِّضَا الْعَدْلَ حِينَ قَدِمَ إِلَى بَغْدَادَ فِي مَجْلِسِهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا التِّرْمِذِيِّ الَّذِي رَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَدِيثَ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ: حَدَّثَنَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، «حُكْمُ مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يُنْفَى، لَا يَرُدُّ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا الزَّنَادِقَةُ»
285 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ يَقُولُ: قَالَ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ: «هَذَا الْحَدِيثُ تَرُدُّهُ الزَّنَادِقَةُ»
286 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ: ثَنَا ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ
⦗ص: 248⦘
مُجَاهِدٍ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ:«مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ جَهْمِيُّ»
287 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ صَاحِبُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَغَيْرُهُ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَهُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ لِأَبِي عَلِيٍّ الْقُوهُسْتَانِيِّ:«مَنْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ جَهْمِيُّ»
288 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ صَاحِبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبَّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ: مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فَسَكَتَ عَنْهَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ، فَكَيْفَ مَنْ رَدَّهَا وَطَعَنَ فِيهَا، أَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا
289 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قالِ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ الْعَابِدِ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ: وَأَيُّ رَجُلٍ. قُلْتَ: كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي، لَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ مِنْ قَدْرِهِ، وَقَالَ لِي عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، قَالَ لَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: وَذَكَرَ ابْنَ مُصْعَبٍ فَذَكَرَهُ بِخَيْرٍ وَقَالَ: اكْتُبُوا عَنْهُ "
290 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قالَ: ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ، ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ لِيُرِيَ الْخَلَائِقَ كَرَامَتَهُ عَلَيْهِ»
291 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قالِ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْخَفَّافَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ مُصْعَبٍ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: نَعَمْ، يُقْعِدُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِيُرِيَ الْخَلَائِقَ مَنْزِلَتَهُ لَدَيْهِ "
292 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قالِ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مُوسَى الرَفَا: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، قَالَ:«نَعَمْ، يُقْعِدُ مُحَمَّدًا عَلَى الْعَرْشِ»
293 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قالِ: وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ الْأَصْبَهَانِيُّ: " جَاءَنِي جَمَاعَةٌ بِكِتَابٍ زَعَمُوا أَنَّهُ بَعَثَ بِهِ إِلَيَّ هَذَا التِّرْمِذِيُّ لِأَنْظُرَ فِيهِ، فَنَظَرْتُ فِيهِ، فَإِذَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، لَقَدْ عَلَّمَنِي وَالِدِي مِنَ الْأَدَبِ مَا أَعْجَزُ عَنْ حَمْلِهِ، وَفِي الْكِتَابِ طَعْنٌ عَلَى مُجَاهِدٍ رحمه الله وَعَلَى مَنْ قَالَ بِحَدِيثِ مُجَاهِدٍ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالَ: مَنْ قَالَ بِهِ فَهُوَ جَهْمِيُّ، فَرَدَدْتُ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ "، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ ثَبْتٌ، حَدَّثَ بِهِ الْعُلَمَاءُ مُنْذُ سِتِّينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، لَا يَرُدُّهُ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، وَطَعَنَ عَلَى مَنْ رَدَّهُ، وَقَالَ: هَذَا التِّرْمِذِيُّ لَا أَعْرِفُهُ، وَمَا رَأَيْتُهُ قَطُّ
294 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ شَرِيكٍ: جَاءَنِي قَوْمٌ مِنْ عِنْدِكُمْ مِنْ بَغْدَادَ، وَمَعَهُمْ جُزْءٌ، فَقَالُوا: بَعَثَ بِهَذَا إِلَيْكَ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: انْظُرْ فِيهِ، فَمَا أَنْكَرْتَ مِنْهُ فَعَلِّمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى قَوْلِكَ، فَنَظَرْتُ فِيهِ، فَإِذَا فِي الْكِتَابِ طَعْنٌ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ قَالَ بِحَدِيثِ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، وَفِيهِ كَلَامٌ رَدِيءٌ أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ
⦗ص: 251⦘
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اصْبِرْ حَتَّى أَدْفَعَهُ إِلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ: قُمْ بِنَا، فَدَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَقَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَ لِي: لَمْ يَكُنْ هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ وَحْدَهُ، هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَدْ خَرَّجْتُ فِي هَذَا أَحَادِيثَ، وَقَالَ لِي: أَنَا أَكْتُبُهَا لَكَ فَكَتَبَهَا بِخَطِّهِ، ثُمَّ جَاءَنِي إِلَى طَاقِ الْمَحَامِلِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَأَعْطَانِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ: اقْرَأْهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: لَا يُقْنِعُكَ أَنْ كَتَبْتُهَا لَكَ بِخَطِّي، فَقُلْتُ: لَا، أَنَا أُرِيدُ أَنْ تَقْرَأَهَا عَلَيَّ، فَقَرَأَهَا عَلَيَّ "
295 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرِ بْنِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الطَّائِيُّ، قَالَا: ثَنَا عُبَادَةُ بْنُ أَبِي رَوْقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]
⦗ص: 252⦘
قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ»
296 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُ مُحَمَّدًا عَلَى الْعَرْشِ»
297 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ يَعْنِي عَمَّهُ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: ثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قَالَ عَطَاءٌ فِي حَدِيثِهِ: وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عز وجل:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ»
298 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ، وَطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، قَالَا: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» .
299 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَابِشِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ، قَالَا: ثَنَا ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
300 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبَاحٍ الْأَشْجَعِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْخَزَّازُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الثَّقَفِيُّ، قَالُوا: ثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ
⦗ص: 254⦘
301 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ»
302 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قالِ: حَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مَحْبُوبٍ السَّكُونِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، وَعَطِيَّةُ بْنُ أَسْبَاطٍ الشَّوْذَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، قَالَ:«يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» .، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَفِي هَذَا غَيْرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَلَكِنْ ثَقُلَ عَلَيَّ كِتَابَتُهَا
303 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَأَلْتُ أَبَا قِلَابَةَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ هَذَا، فَقَالَ
⦗ص: 255⦘
: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرِ بْنِ كَنِيزٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: لَا يَرُدُّ هَذَا إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّةُ
304 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: جَاءَنِي كِتَابُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ بِخَطِّهِ، وَفِيهِ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَخَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ» . وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ رَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَافِرٌ، وَلَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى: قُلْتُ لِأَبِي: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِ؟ قَالَ: أَقْتُلُهُ، قُلْتُ: فَعُمَرَ، قَالَ: أَقْتُلُهُ، فَهِيَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَكَيْفَ بِمَنْ رَدَّ فَضَائِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
305 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قالِ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ النُّورِ عَنْ فَضِيلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، فَقَالَ:«وَاللَّهِ مَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَضِيلَةٌ مِثْلُهَا، أَدْرَكْتُ شُيُوخَنَا عَلَى ذَلِكَ يَتَلَقَّوْنَهُ بِالْقَبُولِ، وَيُسَرُّونَ بِهَا، وَلَا يَرُدُّهَا إِلَّا رَجُلُ سُوءٍ جَهْمِيِّ»
306 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ مُسْتَمْلِي ابْنِ عَرَفَةَ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمَكْيُونُ ذَكَرَ مِنْهُمْ عَطَاءً وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ: أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَغْضَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ مِثْلَهُ، فَيَقُومُ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَيُثْنِي عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ: ادْنُهُ، قَالَ: ثُمَّ يَغْضَبُ فَيَقُومُ نَبِيُّنَا، فَيُثْنِي عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، فَيَقُولُ لَهُ: ادْنُهُ، فَلَا يَزَالُ يَقُولُ لَهُ: ادْنُهُ، حَتَّى يُقْعِدَهُ عَلَى الْعَرْشِ، قَالَ: وَجِبْرِيلُ عليه السلام قَائِمٌ، فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذَا يَعْنِي جِبْرِيلَ جَاءَنِي بِرَسَالَاتِكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: صَدَقَ "
307 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ، ثِقَةً عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ سَيْفٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ» ، قِيلَ لِلْجُرَيْرِيِّ: إِذَا كَانَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ فَهُوَ مَعَهُ
⦗ص: 257⦘
، قَالَ: نَعَمْ، وَزَادَنِي إِبْرَاهِيمُ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَالَ الْجُرَيْرِيُّ: وَيْحَكُمْ، مَا فِي الدُّنْيَا حَدِيثٌ أَقَرُّ لِعَيْنَيَّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ
308 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَسْعَدَةَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَكْرَاوِيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ سَيْفٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ عَنْ عَرْشِهِ وَقَدَمَيْهِ عَلَى الْكُرْسِيِّ، وَيُؤْتَى بِنَبِيِّكُمْ عليه السلام، فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْكُرْسِيِّ» ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ، عَلَى الْكُرْسِيِّ إِذَا كَانَ عَلَى الْكُرْسِيِّ فَهُوَ مَعَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيْلَكُمْ، هَذَا أَقَرُّ حَدِيثٍ فِي الدُّنْيَا لِعَيْنَيَّ
309 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَكَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيْفٌ السَّدُوسِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ:«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ عَنْ عَرْشِهِ وَقَدَمَيْهِ عَلَى الْكُرْسِيِّ، فَيُقْعِدُ مُحَمَّدًا عَلَى الْكُرْسِيِّ» ، قَالَ: فَقُلْتُ لِلْجُرَيْرِيِّ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ، يُقْعِدُهُ عَلَى الْكُرْسِيِّ، قَالَ: نَعَمْ، يُقْعِدُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ
310 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: ثَنَا
⦗ص: 258⦘
مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ: فَمَنْ رَدَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ سَلَّامٍ وَحَدِيثَ مُجَاهِدٍ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، فَقَدْ أَزْرَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَدَّ فَضْلَهُ، وَكَانَ عِنْدَنَا مُبْتَدِعًا
311 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامِ، يَقُولُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ حَقٌّ لَا يُشَكُّ فِيهَا، نَقَلَهَا الثِّقَاتُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ حَتَّى صَارَتْ إِلَيْنَا، نُصَدِّقُ بِهَا، وَنُؤْمِنُ بِهَا عَلَى مَا جَاءَتْ. قَالَ أَبُو الْفَضْلِ: وَنَحْنُ نَقُولُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مُتَّبِعِينَ لَهُ وَلِآثَارِهِ فِي ذَلِكَ
312 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَسْوَدَ بْنَ سَالِمٍ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، فَقَالَ: «نَحْلِفُ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ
⦗ص: 259⦘
وَالْمَشْيِ، إِنَّهَا حَقٌّ»
313 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ، وَالْأَوْزَاعِيَّ، وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ،؟ فَقَالُوا:«نُمِرُّهَا كَمَا جَاءَتْ»
314 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ الْفَضْلِ عَنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَعُثْمَانُ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالَ: وَقَالَ: مَنْ رَدَّ هَذِهِ
⦗ص: 260⦘
الْأَحَادِيثَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ. قَالَ: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا يَرُدُّهُ إِلَّا مَنْ فِي قَلْبِهِ بَلِيَّةٌ، يُهْجَرْ وَلَا يُكَلَّمُ
315 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ وَفَاءٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُ الْمَقْعَدَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي "
316 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصْمَةَ، قَالَ: ثَنَا جَنْدَلٌ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" أَوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَى عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِيمَا أَوْحَى: أَنْ صَدِّقْ مُحَمَّدًا، وَأْمُرْ أُمَّتَكَ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، فَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُ آدَمَ، وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُ النَّارَ، وَلَقَدْ خَلَقْتُ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ، فَاضْطَرَبَ، فَكَتَبْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَسَكَنَ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَلْقَيْتُهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرِ بْنِ شَرِيكٍ فَأَقَرَّ بِهِ، وَقَالَ: هُوَ عِنْدِي عَنْ جَنْدَلِ بْنِ وَالِقٍ
317 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
⦗ص: 262⦘
، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] قَالَ: «لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»
318 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ يَقُولُ: كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ، قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي "
319 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ شَرِيكٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، وَسَالِمٌ الْأَفْطَسُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «إِذَا نَظَرَ دَاوُدُ إِلَى خَصْمِهِ وَلَّى هَارِبًا مِنْهُ، فَيُنَادِي اللَّهُ عز وجل يَا دَاوُدُ، ادْنُ مِنِّي، فَلَا يَزَالُ
⦗ص: 263⦘
يُدْنِيهِ حَتَّى يَمَسَّ بَعْضَهُ»
320 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ:{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} [ص: 25] قَالَ: «ذَكَرَ الدُّنُوَّ حَتَّى يَمَسَّ بَعْضَهُ»
321 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورٌ، قَالَ: ثَنَا مُجَاهِدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ:{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} [ص: 25] قَالَ: «ذَكَرَ الدُّنُوَّ مِنْهُ»
322 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَا: ثَنَا مُجَاهِدٌ، قَالَ:" إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ذَكَرَ دَاوُدُ ذَنْبَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ: كُنْ أَمَامِي، فَيَقُولُ: رَبِّ، ذَنْبِي ذَنْبِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كُنْ خَلْفِي، فَيَقُولُ: رَبِّ، ذَنْبِي ذَنْبِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: خُذْ بِقَدَمِي "
323 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قالَ: حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّدِّيُّ، قَالَ أَبُو يَحْيَى: عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ:{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} [ص: 25] قَالَ: " يَدْنُو مِنْهُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: خُذْ بِقَدَمِي "
324 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: ثَنَا حَمْزَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَخَيْرُهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم» . وَبَعْدَ هَذَا، أَسْعَدَكُمُ اللَّهُ، فَلَوْ ذَهَبْنَا نَكْتُبُ حِكَايَاتِ الشُّيُوخِ، وَالْأَسَانِيدِ، وَالرِّوَايَاتِ، لَطَالَ الْكِتَابُ، غَيْرَ أَنَّا نُؤْمِلُ مِنَ اللَّهِ عز وجل أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ مَا كَتَبْنَا بُلْغَةً لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ، فَثِقُوا بِاللَّهِ، وَبِالنَّصْرِ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مُخَالِفِيكُمْ، فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ اللَّهِ بِقُرْبِهِ، وَتَحْتَ كَنَفِهِ مَا دُمْتُمْ
⦗ص: 265⦘
عَلَى الْأَثَرِ، سَلَّمَ اللَّهُ لَكُمْ أَدْيَانَكُمْ وَأَمَانَاتِكُمْ، وَلَسْنَا نَأْمَنُ أَنْ تَرْتَفِعَ هَذِهِ النَّائِرَةُ وَتَشِيعَ فِي النَّاسِ فَيَنْزِلَ بِبَلَدِكُمْ أَمْرٌ لَا تُطِيقُوهُ، فَاللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَانْصَحُوا لِإِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَخْرِجُوا هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةَ عَنْ بَلَدِكُمْ، وَاسْتَعِينُوا بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ صَاحِبَهُمُ الَّذِي أَسَّسَ لَهُمْ هَذَا مَطْرُودٌ عَنِ الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقَاتِ، مَا لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْمَسْتُورِينَ قَدْرٌ، قَدْ سُلِبَ عَقْلُهُ، وَتَاهَ عَلَى وَجْهِهِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ كَلَامَهُ إِلَّا رَدَّ عَلَيْهِ بِالشَّتْمِ، أَخْزَاهُ اللَّهُ، وَأَخْزَى أَشْيَاعَهُ، فَإِنَّ أَشْيَاعَهُ هُمُ الْأَخْسَرُونَ، وَشِيعَةُ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ، مَسَّكَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَأَحْيَانَا وَأَمَاتَنَا عَلَيْهَا بِرَحْمَتِهِ، وَنَحْنُ خَائِفُونَ إِنْ صَحَّ هَذَا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَأَصْحَابِنَا أَجْمَعِينَ، أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ هَذَا الْبَلَدِ الْمُجَاهِدُونَ وَأَهْلُ الْخَيْرِ، وَأَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ أَيَّامَ اللَّفْظِيَّةِ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِينَا، أَخْرِجُوا هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةَ الْخُبَثَاءَ مِنْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ، وَثِقُوا بِالنَّصْرِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، وَأَقْرَبِ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ، وَأَنْجَحِ مَنْ دَعَاهُ
⦗ص: 266⦘
وَطَلَبَ إِلَيْهِ، وَصَرَفَ عَنَّا وَعَنْكُمْ أَجْمَعِينَ الْفِتَنَ وَالْمَضَلَّةَ، وَسَلَّمْنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْأَهْوَاءِ الْمُرْدِيَةِ بِمَنِّهِ وَقُدْرَتِهِ، فَرَأْيُكُمْ أَسْعَدَكُمُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ بِمَا أَحْدَثَ اللَّهُ عز وجل مِنْ سَلَامَتِكُمْ وَإِظْهَارِكُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَهْلَ مِلَّتِكُمْ لِيَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى مَا وَهَبَ مِنْ نُصْرَتِهِ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ مَشَايِخُنَا، وَهَذَا نُسْخَتُهُ، قَدْ سَمِعْتُ أَكْثَرَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيِّ، وَمِمَّنْ كَتَبَهُ عَنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ هَذَا الْكَلَامُ، مِنْهُمُ الدُّورِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَحَضَرْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيِّ مُحَمَّدَ بْنَ بِشْرِ بْنِ شَرِيكٍ فِي طَاقِ الْمَحَامِلِ سَنَةَ حَجَجْنَا مَعَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَنَحْنُ نَاحِيَةً، وَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَدَخَلَ هُوَ فَلَمْ نَدْخُلْ نَحْنُ، وَقَدْ كَانَ الْمَرُّوذِيُّ رحمه الله قَالَ: انْتَظِرْنِي فِي الْمَخْرَمِ حَتَّى أَجِيءَ فَآخُذَ خَطَّ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي فِي أَمْرِ التِّرْمِذِيِّ، كَمَا أَخْرَجَهُ الشُّيُوخُ، فَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ ابْنُ الْمُنَادِي مَنْ يَأْتِيكَ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَظُنَّ أَنِّي عَارِفٌ، نَسِيَ مِنْ هَذَا النَّحْوِ، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنِّي، وَقَالَ: انْتَظِرْنِي، فَانْتَظَرْتُهُ بِبَابِ الْمَخْرَمِ، وَقَالَ لِي: خُذْ مَعَكَ شَيْئًا مِنْ فَوَائِدِهِ، فَلَمَّا كَانَ صَلَاةُ الْغَدَاةِ فَإِذَا بِهِ قَدْ جَاءَ وَحْدَهُ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أَنْتَ تَصْلُحُ لِلسَّفَرِ، فَصَلَّيْنَا الْغَدَاةَ بِبَابِ الْمَخْرَمِ، وَمَضَيْنَا إِلَى ابْنِ الْمُنَادِي، فَلَمَّا رَأَى أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ رَفَعَ قَدْرَهُ وَعَظَّمَهُ، غَيْرَ أَنَّ ابْنَ الْمُنَادِي رحمه الله كَانَتْ مَعَهُ أَخْلَاقُ الْأَحْدَاثِ مِنَ الْمِزَاحِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، وَلَمْ
⦗ص: 267⦘
أَكُنْ أَحْسَبُهُ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَطَالَ قُعُودُنَا مَعَهُ فِي الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنَادِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَحْرُفًا حِسَانًا، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ وَلَمْ يُذَاكِرْهُ الْمَرُّوذِيُّ بِشَيْءٍ مِمَّا جَاءَهُ لَهُ، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ: هَاتِ، إِيشْ مَعَكَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مِنْ فَوَائِدَ، أَخْرَجْتُهَا لَهُ، وَانْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ: أَرَاكَ تُبْصِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، أَوْ نَحْوَ مَا قَالَ: وَسُرَّ بِمَا رَآهُ مِنْ تَفَقُّدِي لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنَّ أَنِّي أَحْتَاجُ أَنْ أَشْرَحَ مِنَ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ هَذَا كُلَّهُ، فَلَمَّا كَتَبْتُ إِلَى أَصْحَابِنَا بِمَا كَانَ بِطَرَسُوسَ، كَتَبُوا هَذَا الْكِتَابَ وَأَلَّفُوهُ عَلَى هَذَا الَّذِي قَدْ كَتَبُوا بِهِ، وَهُوَ عَلَى مَا وَلَّفُوهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
325 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَلَاعِبَ الْمُخَرِّمِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهُوَ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي»
326 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ أَنَّ رَحْمَتِيَ غَلَبَتْ غَضَبِي»
327 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ أَنَّ رَحْمَتِيَ غَلَبَتْ غَضَبِي»
328 -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ
⦗ص: 269⦘
. . . . . . . .، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ اللَّهُ فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ غَلَبَتْ، أَوْ قَالَ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ ". أَوْ كَمَا قَالَ
جَامِعُ أَمْرِ الْخِلَافَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
329 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يَوْمُ
⦗ص: 271⦘
الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى دُمُوعِ عَيْنَيْهِ تَحَدَّرُ عَلَى خَدِّهِ، كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ائْتُونِي بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ، أَوِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا»
⦗ص: 272⦘
فَقَالُوا: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهْجُرُ "
330 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا، وَلَوْ كَانَ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا لَاسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرِ أَوْ عُمَرَ»
331 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " ثَلَاثٌ لَأَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَهُنَّ لَنَا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: الْكَلَالَةُ، وَالْخِلَافَةُ، وَالرِّبَا "
332 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبْعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: «لَتُخَضَبَنَّ هَذِهِ، يَعْنِي لِحْيَتِهِ، مِنْ رَأْسِهِ، فِيمَا يُنْتَظَرُ بِالْأَشْقِيَاءِ؟» ، قَالُوا: فَأَخْبِرْنَاهُ بِهِ نَبِيرُ عِتْرَتَهُ، قَالَ:«إِذَنْ وَاللَّهِ تَقْتُلُونَ بِي غَيْرَ قَاتِلِي» ، قَالُوا: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنِّي أَتْرُكْكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ، قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ تَرَكْتِنِي فِيهِمْ، ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ وَأَنْتَ فِيهِمْ، فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ "
333 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ
⦗ص: 274⦘
334 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، قَالَ:«لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ عز وجل، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ، أَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ»
335 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْعَلَاءِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ»
336 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، أَظُنُّهُ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«إِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا مَقَامِي فِيكُمْ؟ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَمَا حَدَّثَكُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَصَدِّقُوهُ»
337 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رحمه الله لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ رحمه الله يَسْتَخْلِفُهُ، فَقَالَ النَّاسُ:" تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا عُمَرَ فَظًّا غَلِيظًا، فَلَوْ قَدْ وَلِيَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ، فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ، وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " أَبِرَبِّي تُخَوِّفُونِي؟ أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ "، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ، إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهَا، إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَإِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْحَقَّ، وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا، وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ أَنْ لَا يُوضَعَ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَصْلَحَ مَا عَمِلُوا، وَأَنَّهُ يَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَيَقُولُ قَائِلٌ: لَا أَبْلَغُ هَؤُلَاءِ، وَذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَأِ الَّذِي عَمِلُوا، وَأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ صَالِحَ مَا عَمِلُوا، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَذَكَرَ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَآيَةَ
⦗ص: 276⦘
الْعَذَابِ، لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا زَاهِدًا، وَلَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ غَيْرَهُ، وَلَا يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَإِنْ أَنْتَ حَفِظْتَ وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ، وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَنْ تُعْجِزَهُ "
338 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَشْرَفَ مِنْ كَنِيفٍ أَوْ رَفِيفٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ هِيَ مُمْسِكَتُهُ وَهِيَ مَوْشُومَةُ الْيَدَيْنِ: أَتَرْضَوْنَ بِمَنِ اسْتُخْلِفَ عَلَيْكُمْ؟ فَوَاللَّهِ مَا أَلَوْتُ وَلَا تَلَوْتُ، وَلَا أَلَوْتُ عَنْ جَهْدِ رَأْيٍ، وَلَا وَلَّيْتُ ذَا قَرَابَةٍ، اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ
⦗ص: 277⦘
أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رحمه الله بِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلِ، وَهُوَ يُجْلِسُ النَّاسَ وَيَقُولُ:«اسْمَعُوا لِقَوْلِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، قَالَ: فَجَاءَ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ يُقَالَ لَهُ شَدِيدٌ، مَعَهُ صَحِيفَةٌ فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لِمَنْ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَوَاللَّهِ مَا أَلَوْتُكُمْ، قَالَ قَيْسٌ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ "
340 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " أَفْرَسُ النَّاسِ الَّتِي قَالَتْ لِأَبِيهَا: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} [القصص: 26]، وَالْعَزِيزُ حِينَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: 21] وَالْقَوْمُ فِيهِ زَاهِدُونَ، وَأَبُو بَكْرٍ
⦗ص: 278⦘
حِينَ تَفَرَّسَ فِي عُمَرَ فَاسْتَخْلَفَهُ "
341 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ، قَالَ: خَالَفَ اللَّهُ بِكَ "
342 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لَمَّا حُضِرَ: " ادْعُو لِي عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدًا، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ، فَقَالَ: يَا عَلِيٌّ، لَعَلَّ هَؤُلَاءِ يَعْرِفُونَ لَكَ قَرَابَتَكَ، وَمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، فَاتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ هَذَا الْأَمْرَ فَلَا تَرْفَعَنَّ بَنِي فُلَانٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ: يَا عُثْمَانُ، لَعَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ يَعْرِفُونَ لَكَ صِهْرَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، وِسِنَّكَ، وَشَرَفَكَ، فَإِنْ أَنْتَ وُلِّيتَ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَرْفَعَنَّ بَنِي فُلَانٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي صُهَيْبًا، فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا، وَلْيَجْتَمِعْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَلْيُخَلُّوا هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَاضْرِبُوا رَأْسَ مَنْ خَالَفَهُمْ "
343 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: ثَنَا أَشْيَاخُنَا قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِالشِّدَّةِ الَّتِي لَا جَبْرِيَّةَ فِيهَا، وَبِاللِّينِ الَّذِي لَا وَهْنَ فِيهِ»
344 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " مَنْ أَسْتَخْلِفُ؟ لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ بِهَا اللَّهَ، أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا لَمْ يُحْسِنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ "
345 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أنبأ وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي إِلَّا لَوْ شِئْتُ أَنْ آخُذَ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ إِلَّا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ»
346 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ»
347 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: جَاءَ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 281⦘
فَقَالَا: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِينَكَ، قَالَ:«نَعَمْ، سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» ، وَتَشَرَّفَ لَهَا النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ
348 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كَانَ الْحَادِي يَحْدُو بِعُثْمَانَ، وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
إِنَّ الْأَمِيرَ بَعْدَهُ عَلِيَّا
…
وَفِي الزُّبَيْرِ خَلَفًا رَضِيَّا
قَالَ: فَقَالَ كَعْبٌ: «لَا، وَلَكِنَّهُ صَاحِبُ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ» يَعْنِي مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ كَعْبًا يَسْخَرُ بِكَ، يَزْعُمُ أَنَّكَ تَلِي هَذَا الْأَمْرَ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، وَكَيْفَ وَهَاهُنَا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ:«أَنْتَ صَاحِبُهَا»
349 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَ وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ عُبَادٍ، وَابْنَ الْكَوَّاءِ، أَتَيَا عَلِيًّا، فَقَالَا: هَلْ عِنْدَكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْأَمْرِ عَهْدٌ، فَقَالَ:«مَعَاذَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَوَّلَ مَنْ صَدَّقَهُ، فَلَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْأَمْرِ مِنْ عَهْدٍ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ لَقَاتَلْتُ بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ»
بَابُ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَمَرْثِيَّةُ عَلِيٍّ لِأَبِي بَكْرٍ
350 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرُّوذِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ يُعْرَفُ بِزَاجٍ يُكَنَّى أَبَا صَالِحٍ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ صَفْوَانَ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَلْهَمُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ
⦗ص: 284⦘
، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ صَفْوَانَ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رحمه الله، وَسُجِّيَ عَلَيْهِ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَدُهِشَ النَّاسُ كَيَوْمِ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رحمه الله بَاكِيًا مُسْرِعًا، قَالَ زَاجٌ مُسْتَرْجَعًا، وَهُوَ يَقُولُ:«الْيَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ» ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ رحمه الله، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ مُسَجًّى، فَقَالَ: " رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، كُنْتَ إِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ، وَأُنْسِهِ وَمُسْتَرَاحِهِ، وَنَعَتَهُ، وَمَوْضِعًا لِسِرِّهِ وَمُشَاوَرَتِهِ، وَأَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَامًا، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ، وَأَعْظَمَهُمْ غِنًى فِي دِينِ اللَّهِ، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَيْمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً، وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبًا وَأَفْضَلَهُمْ سَوَابِقًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقًا، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً، وَأَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ هَدْيًا وَسَيْفًا، دَرَجَةً وَفَضْلًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَأَقْرَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسًا، وَأَشْبَهَهُمْ بِهِ هَدْيًا، وَخُلُقًا، وَسَمْتًا، وَفِعْلًا وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عِلْيَةً
⦗ص: 285⦘
، وَأَوْثَقَهُمْ عِنْدَهُ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا، وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ، فَسَمَّاكَ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صَدِّيقًا فَقَالَ:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33] أَبُو بَكْرٍ، وَوَاسَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَخَلَّوْا، وَقُمْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْمَكَارِهِ حِينَ عَنْهُ قَعَدُوا، وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ، ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَصَاحِبُهُ فِي الْغَارِ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ، وَخَلَفْتَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْخِلَافَةِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ، وَمَوَاطِنِ الْكُرْهِ، خَلَفْتَهُ فِي أُمَّتِهِ بِأَحْسَنِ الْخِلَافَةِ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ، وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَقُمْتَ بِدِينِ اللَّهِ قِيَامًا لَمْ يَقُمْهُ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ، قَوَيْتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُكَ، وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا، قَالَ زَاجٌ: حِينَ وَهَنَ أَصْحَابُكَ، وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا، وَقَوَيْتَ حِينَ ضَعَفُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ هَمُّوا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: إِذْ هَمَّ أَصْحَابُهُ كُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقًّا، لَمْ تُنَازِعْ وَلَمْ تَصَدَّعْ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَلَمْ تَصُدَّ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَبْتِ الْكَافِرِينَ وَغَيْظِ الْبَاغِينَ، وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ، وَصِغَرِ الْفَاسِقِينَ، وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، مَضَيْتَ بِنُورٍ إِذْ وَقَفُوا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللَّهِ إِذْ وَهَنُوا، فَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا، كُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتًا، وَأَعْلَاهُمْ فَوْقًا، وَأَقَلَّهُمْ كَلَامًا، وَأَصْوَبَهُمْ مِنْطَقًا، وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا، وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلًا، وَأَكْبَرَهُمْ رَأْيًا، وَأَشْجَعَهُمْ نَفْسًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَأَشْجَعَهُمْ قَلْبًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَحْسَنَهُمْ عَقْلًا، قَالَ زَاجٌ: وَأَشْرَفَهُمْ عَمَلًا
⦗ص: 286⦘
، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ، كُنْتَ وَاللَّهِ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا أَوَّلًا حِينَ نَفَرَ عَنْهُ النَّاسُ، وَأَخِيرًا حِينَ أَقْبَلُوا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: كُنْتَ أَوَّلًا حِينَ نَفَرُوا عَنْهُ، وَأَخِيرًا حِينَ أَفْشَلُوا، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: صَارُوا عَلَيْكَ عَيْلًا، فَحَمَلْتَ أثقالَ مَا عَنْهُ ضَعَفُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا لِعِلْمِكَ بِمَا جَهِلُوا، شَمَّرْتَ إِذْ خَنَعُوا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَشَمَّرْتَ مَا اتَّجَعُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلَعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزَعُوا، وَدَرَكْتَ أَوْثَارَ مَا طَلَبُوا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ وَأَدْرَكْتَ آثَارَ مَا طَلَبُوا، وَرَاجَعُوا رُشْدَهُمْ بِرَأْيِكَ، فَظَفَرُوا وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا، كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: عَذَابًا وَاصِبًا وَنَهْبًا، وَلِلْمُسْلِمِينَ غَيْثًا وَخِصْبًا، قَالَ زَاجٌ: وَلِلْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةٌ، وَأُنْسًا وَحِصْنًا، فَطِرْتَ وَاللَّهِ بِغَنَايِهَا، وَفُزْتَ بِجَبَايِهَا، وَذَهَبْتَ بِفَضَايِلِهَا، وَأَدْرَكْتَ سَوَابِقَهَا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَأَحْرَزْتَ سَوَابِقَهَا، لَمْ تَفَلَلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ نُصْرَتُكَ، وَلَمْ تَخْتَرْ نَفْسَكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، كُنْتَ كَمَا الْجَبَلِ، فَلَا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَلَا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ، كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي صُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ» ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ضَعِيفًا فِي بَدَنِكَ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ، مُتَوَاضِعًا فِي
⦗ص: 287⦘
نَفْسِكَ، عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ، جَلِيلًا فِي أَعْيُنِ الْمُؤْمِنِينَ، كَبِيرًا فِي أَنْفُسِهِمْ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: جَلِيلًا فِي الْأَرْضِ، كَبِيرًا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلَا لِمَخْلُوقٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيُّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ذَلِيلٌ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْكَ أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، شَأْنُكَ الْحَقُّ، وَالصِّدْقُ، وَالرِّفْقُ، قَوْلٌ حُكْمُ وَحَتْمٌ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: قَوْلُكُ حَقٌّ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حُكْمٌ وَحَزْمٌ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَأَمْرُكَ جُبَارٌ وَحَزْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ، فَأَقْلَعْتَ وَقَدْ نَهَجَ السَّبِيلُ، وَسَهُلَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَقَوِيَ الْإِيمَانُ، وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَثَبَتَ الْإِسْلَامُ وَالْمُسْلِمِينَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: الْإِسْلَامُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَقَوِيَ الْإِيمَانُ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، فَجَلَّيْتَ عَنْهُمْ فَأَبْصَرُوا، فَسَبَقْتَ وَاللَّهِ سَبْقًا بَعِيدًا، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ إِتْعَابًا شَدِيدًا، وَفُزْتَ بِالْخَيْرِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: بِالْحَقِّ فَوْزًا مُبِينًا، فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَا، وَعَظُمَتْ رُزْيَتُكَ فِي السَّمَاءِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: فِي السَّنَا، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا لَهُ أَمْرَهُ، فَوَاللَّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِكَ أَبَدًا، كُنْتَ لِلدِّينِ عِزًّا وَحِرْزًا وَكَهْفًا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ فَيْئًا وَحِصْنًا وَغَيْثًا، فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ بِمِيتَةِ نَبِيِّكَ، وَلَا أَحْرَمَنَا
⦗ص: 288⦘
أَجْرَكَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَلِلْمُسْلِمِينَ حِصْنًا وَأُنْسًا، وَعَلَى الْمُنَافِقِينَ غَلِيظًا وَغَيْظًا وَكَظْمًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لَا أَحْرَمَنَا اللَّهُ أَجْرَكَ، وَلَا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قَالَ: فَسَكَتَ النَّاسُ حَتَّى انْقَضَى كَلَامُهُ، ثُمَّ بَكَوْا عَلَيْهِ حَتَّى عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ، وَقَالُوا: صَدَقْتَ يَا خَتَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ: وَقَالُوا: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
351 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو ذَرٍّ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَاغْتَنَمْتُ ذَلِكَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: " لَا أَقُولُ لِعُثْمَانَ إِلَّا خَيْرًا بَعْدَ الَّذِي رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كُنْتُ أَتَتَبَّعُ خَلَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَعَلَّمُ مِنْهُ، فَمَرَّ بِي، وَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ حَائِطًا، وَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا جَاءَ بِكَ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ، إِذْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ، إِذْ جَاءَ عُمَرُ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ، إِذْ جَاءَ عُثْمَانُ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ عُمَرَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، أَوْ تِسْعَ حَصَيَاتٍ فِي كَفِّهِ، فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرَسْنَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرَسْنَ
⦗ص: 289⦘
، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ، حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرَسْنَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ، فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرَسْنَ "
352 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ»
353 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: «بُغْضُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ نِفَاقٌ»
354 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرِّجَالِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، «بُغْضُ الْعَرَبِيِّ الْمَوْلَى نِفَاقٌ»
355 -
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دِثَارٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ شَيْئًا فِي أَمْرِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: يَا جَاهِلُ، مَا عَلِمْنَا بِعَلِيٍّ حَتَّى خَرَجَ فَصَعِدَ هَذَا الْمِنْبَرَ، فَوَاللَّهِ مَا سَأَلْنَاهُ حَتَّى قَالَ لَنَا: " تَدْرُونَ مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ فَسَكَتْنَا، فَقَالَ:«أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» يَا جَاهِلُ
⦗ص: 291⦘
، أَفَكُنَّا نَقُومُ فَنَقُولُ لَهُ: كَذَبْتَ
356 -
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو مَسْعُودٍ الزُّجَاجُ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ أَبِي، فَقَالَ:" أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَبُوكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ "
357 -
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: قَاتَلَ عَلْقَمَةُ مَعَ عَلِيٍّ حَتَّى عَرَجَ بِصِفِّينَ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ:«لَقَدْ هَلَكَ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرَأْيِهِمْ فِي عَلِيٍّ كَمَا هَلَكَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام»
358 -
أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كُنَّا نَتَرَحَّمُ عَلَى عُمَرَ حَتَّى وُضِعُ عَلَى سَرِيرِهِ رحمه الله، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:" مَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عز وجل بِعَمَلِهِ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتُ لِأَظُنَّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، فَإِنِّي كُنْتُ أَكْثَرَ أَنْ أَسْمَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَقُلْتُ: أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ «، وَكُنْتُ أَظُنُّ لِيَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ» ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
359 -
أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
⦗ص: 293⦘
مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبُو بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ "
360 -
أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّهَلَا بِعُمَرَ» .
361 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
362 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيَّ الطَّائِيَّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " يَهْلِكٌ فِي رَجُلَانِ: عَدُوٌّ مُبْغِضٌ، وَمُحِبٌّ مُفْرِطٌ "
363 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَمْرٍو شَبَابَةُ الْمَدَايِنِيُّ قَالَ: ثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: لَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ بِالْمَدِينَةِ فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ كَيْفَ كَانَ مَقْتَلُ عُمَرَ، فَقَالَ: إِذَنْ أُعْلِمُكَ أَنَّ أَبَا لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ أَتَاهُ يَشْكُو إِلَيْهِ مَا يُكَلِّفُهُ الْمُغِيرَةُ مِنَ الضَّرِيبَةِ، قَالَ: وَكَمْ عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فِي الشَّهْرِ، قَالَ: وَمَا عَمَلُكَ؟ قَالَ: أَصْنَعُ هَذِهِ الْأَرْحِيَةَ، فَوَعَدَهُ أَنْ يُكَلِّمَ مَوْلَاهُ، فَخَرَجَ يَتَهَدَّدَهُ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ الْعَبْدُ؟ قَالُوا أَحْمَقُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا خُوِّلْتَ وَخَفِّفْ عَنْ غُلَامِكَ، وَأَرَادَ الْإِصْلَاحَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَخَرَجَ الْخَبِيثُ فَصَنَعَ مُدْيَةً لَهَا رَأْسَانِ مَقْبِضُهَا فِي وَسَطِهَا، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَعُمَرُ رحمه الله مَعَهُ دِرَّتُهُ، يَأْمُرُ النَّاسَ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ يَقُولُ: سَوُّوا بَيْنَ مَنَاكِبِكُمْ، لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ صُدُورُكُمْ، فَطَعَنَهُ تِسْعَ طَعْنَاتٍ، فَقَالَ عُمَرُ رحمه الله: دُونَكُمُ الْكَلْبَ فَقَدْ قَتَلَنِي، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَجَعَلَ لَا يَدْنُو إِلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا أَهْوَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ، فَطَعَنَ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِنْسَانًا، فَمَاتَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ رحمهم الله، وَاحْتُمِلَ عُمَرُ رحمه الله فَأُدْخِلَ إِلَى بَيْتِهِ، فَكَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ وَلَمْ يُصَلُّوا الْفَجْرَ، فَدَفَعَ فِي قَفَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
⦗ص: 295⦘
وَإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ مُبَادَرَةً لِلشَّمْسِ، ثُمَّ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَى مَنْزِلِ عُمَرَ رحمه الله، فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ، اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَسَلْهُمْ عَنْ مَلَأٍ كَانَ هَذَا مِنْهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ، وَحَاشَ لِلَّهِ، وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا فَدَيْنَاهُ بِالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَاللَّهِ مَا أَتَى عَلَيْنَا يَوْمٌ قَطُّ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمَ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سَلِ النَّاسَ، هَلْ يُثْبِتُونَ لِي قَاتِلًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَتَلَكَ قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَاسْتَهَلَّ بِحَمْدِ اللَّهِ عز وجل إِلَّا يَكُونُ ذُو حَقٍّ فِي الْفَيْءِ، إِنَّمَا اسْتُحِلَّ دَمُهُ بِمَا اسْتَحَلَّ مَنْ فِيهِ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَتِهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ بَكَى، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ، قَالَ: تَشْهَدُ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: فَكَأَنَّهُ كَعَّ، فَضَرَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رحمه الله مَنْكِبَهُ فَقَالَ: أَجَلْ، فَاشْهَدْ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ إِسْلَامُكَ عِزًّا، وَوِلَايَتُكَ عَدْلًا، وَمِيتَتُكَ شَهَادَةً، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا تَغْرُونِي مِنْ رَبِّي وَدِينِي، ثَكِلَتْ عُمَرَ أُمُّهُ إِنْ لَمْ يَرْحَمْهُ رَبُّهُ، ثُمَّ قَالَ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِي: ضَعْ رَأْسِي بِالْأَرْضِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْكَ أَنْ تُصَوِّبَ، فَقَالَ: ضَعْهُ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى أُمِّي عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، فَسَلْهَا أَنْ تَصْفَحَ لِي عَنْ مَضْجَعِهَا الَّذِي أَعَدَّتْهُ بَيْنَ بَعْلِهَا وَأَبِيهَا، فَإِنْ
⦗ص: 296⦘
فَعَلَتْ فَادْفِنُونِي مَوْضِعَهَا، وَإِلَّا امْضُوا بِي إِلَى الْبَقِيعِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَنْزِلَ عَائِشَةَ، فَضَرَبْتُ الْبَابَ، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُكِ، فَرَحَّبَتْ بِي، فَقَالَتْ مَجِيءُ مَا جِيتَ؟ فَقُلْتُ: تَرَكْتُ عُمَرَ يَتَشَحَّطُ فِي الْمَوْتِ، وَهُوَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَيَسْأَلُكِ أَنْ تَصْفَحِي عَنْ مَضْجَعِكِ الَّذِي أَعْدَدْتِيهِ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ رحمه الله، قَالَتْ: وَمَا الَّذِي أَصَابَهُ، قُلْتُ: طَعَنَهُ قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ، قَالَتْ: صَدَقَنِي خَلِيلِي، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، «قَدْ كَانَ أَخْبَرَنِي أَنَّ وَفَاتَهُ شَهَادَةٌ» ، هَنِيًّا مَرِيًّا، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا بَشَرٌ غَيْرِي، فَأَمَّا إِذْ سَبَقَنِي إِلَى الْآخِرَةِ، فَلَيْسَ لِحَاجَتِهِ مَتْرَكٌ، قُلْ: نَعَمْ وَنِعِمَّا عَيْنٌ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ: مَهْيَمْ؟ قُلْتُ: قَدْ فَعَلَتْ، قَالَ: جَزَاهَا اللَّهُ خَيْرًا فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، فَإِنْ أُصِبْتُ فَاسْتَأْذِنْهَا ثَانِيَةً، فَإِنْ تَمَّتْ، وَإِلَّا فَامْضُوا بِي إِلَى الْبَقِيعِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ مَنْ حَوْلَهُ: اسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا رَجُلًا تَرْضَاهُ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا، قَالَ: قَالَ: الْمُسْلِمُونَ يَرْضَوْنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: حَسْبُ آلِ الْخَطَّابِ أَنْ يُدَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ بِالْخَلَائِقِ، مَا نَظَرَتْ لَهُ إِذْ قَالُوا: أَفَتَارِكُنَا أَنْتَ ثُلُثًا بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، فَلَا تُشِيرُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ أُشِيرَ عَلَيْكُمْ فَعَلْتُ، فَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ ذَلِكَ، فَقَالَ: رُءُوسُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ يَصْلُحُونَ لِلْخِلَافَةِ مَعَ مَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سَبْعَةُ نَفَرٍ، مِنْهُمْ: سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مِنْ أَهْلِي، وَلَسْتُ مُدْخِلُهُ فِيهِمْ، وَالنُّجَبَا السِّتَّةُ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدٌ خَالُ
⦗ص: 297⦘
الرَّسُولِ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ، وَأَحْضِرُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنْ أَجْمَعَ خَمْسَةٌ وَأَبَى وَاحِدٌ فَاجْلِدُوا عُنُقَهُ "
364 -
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:" كُنْتُ أَدْخُلُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي وَأَنَا حَاسِرَةٌ، وَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ أَبِي وَزَوْجِي، فَلَمَّا دُفِنَ فِيهِ عُمَرُ لَمْ أَدْخُلْهُ إِلَّا وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ؛ حَيَاءً مِنْ عُمَرَ "