المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ذِكْرُ الرَّوَافِضِ - السنة لأبي بكر بن الخلال - جـ ٣

[أبو بكر الخلال]

فهرس الكتاب

‌ذِكْرُ الرَّوَافِضِ

ص: 489

776 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدَةَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: فِي رَجُلٍ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَعَظَّمَهُ، وَقَالَ:«أَخْشَى أَنْ يَكُونَ رَافِضِيًّا»

ص: 489

777 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: مَنِ الرَّافِضَةُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَشْتِمُ وَيَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ»

ص: 492

778 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«الرَّافِضِيُّ الَّذِي يَشْتِمُ»

ص: 493

779 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْ يَشْتِمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ؟ قَالَ: مَا أُرَآهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ مَالِكٌ: " الَّذِي يَشْتِمُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ، أَوْ قَالَ: نَصِيبٌ فِي الْإِسْلَامِ "

ص: 493

780 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:" مَنْ شَتَمَ أَخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرَ مِثْلَ الرَّوَافِضِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ شَتَمَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَرَقَ عَنِ الدِّينِ "

ص: 493

781 -

أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَشْتِمُ عُثْمَانَ؟ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَجُلًا تَكَلَّمَ فِيهِ، فَقَالَ: هَذِهِ زَنْدَقَةٌ "

ص: 493

782 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنٍ رَجُلٍ شَتَمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا أُرَاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ»

ص: 493

783 -

أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ، وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ جَارٍ لَنَا رَافِضِيٍّ يُسَلِّمُ

⦗ص: 494⦘

عَلَيَّ، أَرُدُّ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا "

ص: 493

784 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ جَارٌ رَافِضِيُّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ:«لَا، وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ»

ص: 494

785 -

كَتَبَ إِلَيَّ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ، يُسَلِّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ:«إِذَا كَانَ جَهْمِيًّا، أَوْ قَدَرِيًّا، أَوْ رَافِضِيًّا دَاعِيَةً، فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ»

ص: 494

786 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ زِيَادٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«الرَّافِضَةُ لَا تُكَلِّمْهُمُ»

ص: 494

787 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَمَّادُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَيْضَمٍ، قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ

⦗ص: 495⦘

بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ، وَسُبَّ أَصْحَابِي، فَعَلَى الْعَالِمِ أَنْ يُظْهِرَ عِلْمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» قَالَ: قُلْتُ لِلْوَلِيدِ: وَمَا إِظْهَارُ عِلْمِهِ؟ قَالَ: السُّنَّةُ، قَالَ: وَسُئِلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: السُّنَّةُ

ص: 494

788 -

أَخْبَرَنِي حَرْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ هَانِي بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ عَنْ غِيبَتِهِ الرَّافِضَةَ؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ إِذًا لِقَوْمُ صِدْقٍ» . قَالَ حُسَيْنٌ: لَمْ يَرَ بِغِيبَتِهِمْ بَأْسًا

ص: 495

789 -

أَخْبَرَنِي حَرْبٌ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِمَنْصُورٍ: " يَا أَبَا عَتَّابٍ، الْيَوْمَ

⦗ص: 496⦘

الَّذِي يَصُومُ فِيهِ أَحَدُنَا يَنْتَقِصُ الَّذِينَ يَنْتَقِصُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ "

ص: 495

790 -

أَخْبَرَنِي حَرْبٌ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: " يَهْلِكُ فِيَّ اثْنَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَمُبْغِضٌ مُفْتَرٍ "

ص: 496

‌جَامِعُ أَمْرِ الرَّافِضَةِ

ص: 496

791 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: " يَا مَالِكُ، لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَطَأَ رِقَابَهُمْ عَبِيدًا، وَيَمْلَئُوا بَيْتِي ذَهَبًا عَلَى أَنْ أَكْذِبَ لَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ عَلَيْهِ أَبَدًا، يَا مَالِكُ، إِنِّي دَرَسْتُ

⦗ص: 497⦘

الْأَهْوَاءُ فَلَمْ أَرَ قَوْمًا أَحْمَقَ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ، وَلَوْ كَانُوا مِنَ الدَّوَابِّ كَانُوا حُمُرًا، وَلَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ كَانُوا رَخَمًا. ثُمَّ قَالَ: أُحَذِّرُكُمُ الْأَهْوَاءَ الْمُضِلَّةَ، وَشَرُّهَا الرَّافِضَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْهُمْ يَهُودًا يَغْمِصُونَ الْإِسْلَامَ لِيَتَجَاوَزَ بِضَلَالَتِهِمْ، كَمَا يَغْمِصُ بُولُسُ بْنُ شَاوِلَ مَلِكُ الْيَهُودِ النَّصْرَانِيَّةَ لِيَتَجَاوَزَ ضَلَالَتَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ رَغْبَةً عَنْهُ، وَلَا رَهْبَةً مِنَ اللَّهِ عز وجل، وَلَكِنْ مَقْتًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَبَغْيًا عَلَيْهِمْ، قَدْ حَرَّقَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالنَّارِ، وَنَفَاهُمْ فِي الْبُلْدَانِ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ نَفَاهُ إِلَى إِسْبَاطٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ نَفَاهُ إِلَى حَازِهٍ، وَأَبُو الْكَرَوَّسِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ مِحْنَةَ الرَّافِضَةِ مِحْنَةُ الْيَهُودِ، قَالَتِ الْيَهُودُ: لَا تَصْلُحُ الْإِمَامَةُ إِلَّا لِرَجُلٍ مِنْ آلِ دَاوُدَ، وَقَالَتِ الرَّافِضَةُ: لَا تَصْلُحُ الْإِمَامَةُ إِلَّا لِرَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ: لَا جِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ، وَيَنْزِلُ سَبَبٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَقَالَتِ الرَّافِضَةُ: لَا جِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَهْدِيُّ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْيَهُودُ: يُؤَخِّرُونَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ حَتَّى

⦗ص: 498⦘

تَشْتَبِكَ النُّجُومُ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» ، وَالْيَهُودُ تَزُولُ عَلَى الْقِبْلَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ تَنَودُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، «وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ سَدَلَ ثَوْبَهُ فَغَمَصَهُ عَلَيْهِ» ، وَالْيَهُودُ يَسْتَحِلُّونَ دَمَ كُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ لَا يَرَوْنَ عَلَى النِّسَاءِ عِدَّةً، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ لَا يَرَوْنَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ حَرَّفُوا التَّوْرَاةَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ حَرَّفُوا الْقُرْآنَ، وَالْيَهُودُ يَبْغَضُونَ جِبْرِيلَ، وَيَقُولُونَ: هُوَ عَدُوُّنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَذَلِكَ صِنْفٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَقُولُونَ غَلَطَ بِالْوَحْيِ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم "

ص: 496

792 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ فَقَالَ: " لَا حَظَّ لِلرَّافِضِيِّ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ حِينَ ذَكَرَ آيَةَ الْفَيْءِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ فَقَالَ فِي آخِرِ آيَةِ الْفَيْءِ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} "

ص: 498

793 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ فِي الرَّافِضِيِّ: قَالَ: " أَنَا لَا أَشْهَدُهُ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ، قَدْ تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَقَلِّ مِنْ ذَا، الدَّيْنِ، وَالْغُلُولِ، وَالْقَتِيلِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ، وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثًا مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ أَهْلَ خَيْبَرَ مِنْ نَوَاحِيهَا، فَثَبَتَ رَجُلٌ فَقُتِلَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يَرْوِيهِ؟ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَلَعَلِّي كَتَبْتُهُمَا، قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَقُولُونَ: أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا نَصَارَى مَنْ يَشْهَدُهُ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُجِيبًا لَهُ: أَنَا لَا أَشْهَدُهُ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ "

ص: 499

794 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيُّ، وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَمَّنْ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: كَافِرٌ، قَالَ: فَيُصَلَّى عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، وَسَأَلْتُهُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ وَهُو يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: «لَا تَمَسُّوهُ بِأَيْدِيكُمْ، ارْفَعُوهُ بِالْخَشَبِ حَتَّى تُوَارُوهُ فِي حُفْرَتِهِ»

ص: 499

795 -

أَخْبَرَنِي الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ، يَقُولُ: " عَاشَرْتُ النَّاسَ وَكَلَّمْتُ أَهْلَ الْكَلَامِ، وَكَذَا، فَمَا رَأَيْتُ أَوْسَخَ وَسَخًا، وَلَا أَقْذَرَ قَذَرًا ، وَلَا أَضْعَفَ حُجَّةً، وَلَا أَحْمَقَ مِنَ الرَّافِضَةِ

⦗ص: 500⦘

، وَلَقَدْ وُلِّيتُ قَضَاءَ الثُّغُورِ، فَنَفَيْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ جَهْمِيِّينَ وَرَافِضِيًّا، أَوْ رَافِضِيَّيْنِ وَجَهْمِيًّا، وَقُلْتُ: مِثْلُكُمْ لَا يُسَاكِنُ أَهْلَ الثُّغُورِ، فَأَخْرَجْتُهُمْ "

ص: 499

796 -

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: وَقَالَ عَلْقَمَةُ: «لَقَدْ هَلَكَ قَوْمٌ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرَأْيِهِمْ فِي عَلِيٍّ كَمَا هَلَكَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ»

ص: 500

797 -

أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيَّ الطَّائِيَّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ: عَدُوٌّ مُبْغِضٌ، وَمُحِبٌّ مُفْرِطٌ "

ص: 500

798 -

أَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: «يَاأَهْلَ الْعِرَاقِ، حِبُّونَا حُبَّ الْإِسْلَامِ، فَوَاللَّهِ إِنْ زَالَ بِنَا حُبُّكُمْ حَتَّى صَارَ عَلَيْنَا شَيْنًا»

ص: 500

‌التَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ كَتَبَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا طَعْنٌ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ص: 501

799 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: إِنَّ قَوْمًا يَكْتُبُونَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ حَكَوْا عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتُ: أَنَا لَا أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ حَدِيثٍ يَكْتُبُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ يَعْرِفُهَا، فَغَضِبَ وَأَنْكَرَهُ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَقَالَ:" بَاطِلٌ، مَعَاذَ اللَّهِ، أَنَا لَا أُنْكِرُ هَذَا، لَوْ كَانَ هَذَا فِي أَفْنَاءِ النَّاسِ لَأَنْكَرْتُهُ، كَيْفَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: أَنَا لَمُ أَكْتُبْ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ "، قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَمَنْ عَرَفْتَهُ يَكْتُبُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ وَيَجْمَعُهَا أَيُهْجَرُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، يَسْتَأْهِلُ صَاحِبُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الرَّدِيئَةِ الرَّجْمَ» ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَاءَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، فَقُلْتُ لَهُ: تُحَدِّثُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ؟ فَجَعَلَ يَقُولُ: قَدْ حَدَّثَ بِهَا فُلَانٌ، وَحَدَّثَ بِهَا فُلَانٌ، وَأَنَا أَرْفُقُ بِهِ، وَهُوَ يَحْتَجُّ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدُ فَأَعْرَضْتُ عَنْهُ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ "

ص: 501

800 -

وَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَسَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَرْوِي الْحَدِيثَ فِيهِ عَلَى

⦗ص: 502⦘

أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ، يَقُولُ: أَرْوِيهِ كَمَا سَمِعْتُهُ؟ قَالَ: " مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْوِيَ الرَّجُلُ حَدِيثًا فِيهِ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ، قَالَ: وَإِنِّي لَأُضْرِبُ عَلَى غَيْرِ حَدِيثٍ مِمَّا فِيهِ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ "

ص: 501

801 -

أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخُو أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: كُنْتُ رَفِيقَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: فَجَعَلْنَا نَسْمَعُ، فَلَمَّا جَاءَتْ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا بَعْضُ مَا فِيهَا قَامَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَاعْتَزَلَ نَاحِيَةً، وَقَالَ:«مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ» ، فَلَمَّا انْقَطَعَتْ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ، فَجَاءَ، فَجَعَلَ يَسْمَعُ

ص: 502

802 -

وَأَخْبَرَنَا مُقَاتِلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّاسًا الدُّورِيَّ، يَقُولُ: كُنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَجَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْمَثَالِبِ، اعْتَزَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَتَّى نَفْرُغَ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُحَدِّثُ رَجَعَ فَسَمِعَ، قَالَ مُقَاتِلٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ شَيْخٍ يَحْكِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هَذَا

ص: 502

803 -

وَأَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرًا الطَّيَالِسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: كَانُوا عِنْدَ

⦗ص: 503⦘

عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَحْمَدُ، وَخَلَفٌ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا مَرَّتْ أَحَادِيثُ الْمَثَالِبِ وَضَعَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ طَوِيلًا حَتَّى مَرَّ بَعْضُ الْأَحَادِيثِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى مَضَتِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا أَوْ كَمَا قَالَ

ص: 502

804 -

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُنَادِيَ، يَحْكِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَلَمْ أَحْفَظْهُ وَلَمْ أَكْتُبْهُ، فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنَادِي، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَجَاءَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَأَخْرَجَ الْمَوْصِلِيُّ مِنْ كُمِّ ابْنِهِ دَفْتَرًا فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَنَظَرَ أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ كَأَنَّهُ يُنْتَقَصُ، فَلَمَّا فَرَغَ أَحْمَدُ مِنَ النَّظَرِ فِي الدَّفْتَرِ قَالَ: قَالَ عز وجل {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ، وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ، أَمَا يَخَافُ الَّذِي حَدَّثَ بِهَذِهِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بَعْدَ أَنْ مَضَى الْمَوْصِلِيُّ: تَدْرِي مَنْ يُحَدِّثُ بِهَذِهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: هَذَا جَارُكَ، يَعْنِي خَلَفًا

ص: 503

805 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَلَفٍ الْمُخَرِّمِيُّ؟ فَقَالَ: خَرَجَ مَعِي إِلَى طَرَسُوسَ، وَكُتُبِهِ عَلَى عُنُقَهُ، خَرَجْنَا مُشَاةً فَمَا بَلَغْنَا رَحَبَةَ طَوْقٍ

⦗ص: 504⦘

حَتَّى أَزْحَفَ بِي قَالَ: وَخَرَجْنَا فِي اللِّقَاطِ يَعْنِي بِطَرَسُوسَ، وَمَا كُنْتُ أَعْرِفُهُ إِلَّا عَفِيفَ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَهَبْتُ إِلَى مَنْزِلِ عَمِّي بِالْمُخَرِّمِ، فَرَأَيْتُهُ فَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيْشِ أَنْكَرَ النَّاسُ عَلَى خَلَفٍ إِلَّا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ؟ لَقَدْ كَانَ عِنْدَ غُنْدَرٍ وَرَقَةٌ، أَوْ قَالَ رُقْعَةً، فَخَلَا بِهِ خَلَفٌ، وَيَحْيَى فَسَمَعُوهَا، فَبَلَغَ يَحْيَى الْقَطَّانَ فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ شَدِيدٍ.

806 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ خَلَفِ بْنِ سَالِمٍ، فَلَمْ يَحْمَدْ، وَلَمْ يَرَ أَنْ يَكْتُبَ عَنْهُ.

807 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ،؟ فَقَالَ: كُوفِيٌّ، فَقُلْتُ: فَكَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: كَمَا شَاءَ اللَّهُ، قُلْتُ: كَيْفَ هُوَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ فِيهَا تَنَقُصٌّ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 505⦘

.

808 -

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُنَادِيَ، يَقُولُ: كُنَّا بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، وَكَانَ مَعَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، فَحَدَّثَ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّ حَدِيثٌ لِمُعَاوِيَةَ، فَلَعَنَ مُعَاوِيَةَ، وَلَعَنَ مَنْ لَا يَلْعَنُهُ، قَالَ ابْنُ الْمُنَادِي: فَأَخْبَرْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: مُتَعَدِّي يَا أَبَا جَعْفَرٍ، فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ حُبَيْشَ بْنَ سِنْدِيٍّ، حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، ذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، فَقَالَ: مَا أَحْسَبُ هُوَ بِأَهْلٍ أَنْ يُحَدَّثَ عَنْهُ، وَضَعَ الطَّعْنَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مُنْذُ أَيَّامٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَدُوقًا، أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَحَدَّثَ بِحَدِيثٍ لَعَنَ فِيهِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَلَعَنَ مَنْ لَا يَلْعَنُهُ، فَهَذَا أَهْلُ يُحَدَّثُ عَنْهُ؟، عَلَى الْإِنْكَارِ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَيْ إِنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ يُحَدِّثُ عَنْهُ

ص: 503

809 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَعَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَّرَ خَالِدًا فِي عَلِيٍّ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ؟ فَلَمْ يَعْرِفْهَا، فَقَالَ:«مَا يُعْجِبُنِي أَنْ تُكْتَبَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ»

ص: 505

810 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«هَذِهِ أَحَادِيثُ الْمَوْتَى»

ص: 506

811 -

أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ كُتَبَهُ عَنْ شُعْبَةَ، فَكَتَبْنَا مِنْهَا: كُنْتُ أَنَا وَخَلَفُ بْنُ سَالِمٍ، وَكَانَ فِيهَا تِلْكَ الْأَحَادِيثُ، فَأَمَّا أَنَا فَلَمُ أَكْتُبْهَا، وَأَمَّا خَلَفٌ فَكَتَبَهَا عَلَى الْوَجْهِ كُلِّهَا، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كُنْتُ أَكْتُبُ الْأَسَانِيدَ وَأَدَعُ الْكَلَامَ، قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَعْرِفَ مَا رَوَى شُعْبَةُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لَا حَلَالٌ، وَلَا حَرَامٌ، وَلَا سُنَنٌ، قُلْتُ: أَكْتُبُهَا؟ قَالَ: لَا تَنْظُرْ فِيهَا، وَأَيُّ شَيْءٍ فِي تِلْكَ مِنَ الْعِلْمِ، عَلَيْكُمْ بِالسُّنَنِ وَالْفِقْهِ، وَمَا يَنْفَعُكُمْ

ص: 506

812 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تَعْرِفُ أَبَا سَيَّارٍ سَمَّاهُ، بَلَغَنِي أَنَّهُ رَدَّ عَلَى أَبِي هَمَّامٍ حَدِيثًا حَدَّثَ بِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَ أَبُو هَمَّامٍ بِحَدِيثٍ فِيهِ شَيْءٌ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَظَنَّ أَبُو هَمَّامٍ أَنَّهُ فَضِيلَةٌ، فَلَمَّا كَانَ الْمَجْلِسُ الثَّانِي، وَنَحْنُ حُضُورٌ فَوَثَبَ جَمَاعَةٌ، وَقَالُوا: يَا أَبَا هَمَّامٍ، حَدَّثْتَ بِحَدِيثٍ رَدِيءٍ؟ فَقَالَ: قَدْ أَخْطَأْتُ، اضْرِبُوا عَلَيْهِ، وَلَا تَحْكُوهُ عَنِّي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَخَلْتُ عَلَى

⦗ص: 507⦘

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدِ انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي هَمَّامٍ، فَقَالَ: أَيْشِ حَدَّثَكُمُ الْيَوْمَ؟ فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فَنَظَرَ، فَإِذَا فِيهِ أَحَادِيثُ، رُخْصَةُ مَنْ كَانَ يَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: هَذَا زَمَانٌ يُحَدَّثُ بِمِثْلِ هَذِهِ الرُّخَصِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَجَاءُوا بِأَحَادِيثَ كُتِبَتْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ، فَذَهَبُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: مِنْهَا مَا لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَشْتَرِي لِي حَوَائِجَ، فَكَتَبَ مِنْ كِتَابِي مَا لَمْ أَقْرَأْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ أَضْرِبُ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابِي، وَلَا أُحَدِّثُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَأَقُولُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، فَقَامَ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ الْكُرْدِيَّةِ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي عِنْدِي، وَلَا يُحَدِّثُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَجَاءَ ابْنُ الْكُرْدِيَّةِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ: اللَّهَ اللَّهَ، هَاتِ الْأَحَادِيثَ حَتَّى نُقَطِّعَهَا، وَلَا نُحَدِّثَ مِنْهَا بِشَيْءٍ، وَنَضْرِبُ عَلَيْهَا بِحَضْرَتِكَ، فَأَخْرَجْتُ الْكِتَابَ، فَجَعَلَ ابْنُ الْكُرْدِيَّةِ يَضْرِبُ عَلَيْهَا حَدِيثًا حَدِيثًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَا عَلِمْتُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَ مِنْهَا بِشَيْءٍ حَتَّى مَاتَ

ص: 506

813 -

سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبَنْدَنِجِيَّ، قَالَ: جَمَعْنَا أَحَادِيثَ فِيمَا كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ: الْمَثَالِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَأَتَيْنَا بِهَا سُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: فَأَبَى أَنْ يَقْرَأَهَا عَلَيْنَا، فَقَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَا

⦗ص: 508⦘

تُحَدِّثُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثَ، قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ إِذَا مَرَّ مِنْهَا بِشَيْءٍ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ

ص: 507

814 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، يَقُولُ: وَذَكَرَ حَدِيثَهُ الَّذِي يُنْكِرُونَهُ، فَقَالَ:«كُنْتُ أُحَدِّثُهُمْ بِأَحَادِيثَ يَقُولُهَا الرَّجُلُ لِأَخِيهِ فِي الْغَضَبِ، فَاتَّخَذُوهَا دِينًا، لَا جَرَمَ، لَا أَعُودُ لَهَا»

ص: 508

815 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا حَدِيثَ الْأَعْمَشِ وَمَا يَغْلَطُ فِيهِ، وَمَا يَرَى مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الْمُظْلِمَةِ، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَعَ هَذَا؟ فَقَالَ لِي: هَا أَيْ يَثْبُتُ، وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَسْمَعَهَا، لَقَدْ بَلَغَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ أَنَّ غُنْدَرَ حَدَّثَ بِشَيْءٍ عَنْ شُعْبَةَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَصْحَابُنَا، وَلَمْ أَذْهَبْ أَنَا، فَقَالَ يَحْيَى: مَا حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يُحَدِّثَ بِهَا، لَعَلَّ رَجُلًا قَدْ غَلَطَ فِي شَيْءٍ فَحَدَّثَ بِهِ، يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ

ص: 508

816 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَسُئِلَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: كَانَ صَالِحَ

⦗ص: 509⦘

الْحَدِيثِ، فِيمَا حَدَّثَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قِيلَ: حَدِيثُ مِينَا؟ قَالَ: مَنْ مِينَا؟ مَا فَحَصْتُ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي عَيْبِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تُرَى مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سَلِمَ عَلَى النَّاسِ إِلَّا بِتَرْكِهِ، هَذِهِ الْأَحَادِيثَ تُورِثُ الْغِلَّ فِي الْقَلْبِ

ص: 508

817 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَهَا؟ قَالَ: " لَا أَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ مِنْهَا شَيْئًا، قُلْتُ: فَإِذَا رَأَيْنَا الرَّجُلَ يَطْلُبُهَا وَيَسْأَلُ عَنْهَا، فِيهَا ذِكْرُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَطْلُبُ هَذِهِ وَيَجْمَعُهَا، فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبِيئَةُ سُوءٍ ".

818 -

أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ حَمْدُونَ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: كَانَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ أَخَذَ كِتَابَ أَبِي عَوَانَةَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَحْرَقَ أَحَادِيثَ الْأَعْمَشِ تِلْكَ

ص: 509

819 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ، قُلْتُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: قَالَ سَلَّامٌ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ خِدَاشٍ، قَالَ: جَاءَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ إِلَى أَبِي عَوَانَةَ، فَقَالَ: هَاتِ هَذِهِ الْبِدَعَ الَّتِي قَدْ جِئْتَنَا بِهَا مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ أَبُو عَوَانَةَ كُتَبَهُ، فَأَلْقَاهَا فِي التَّنَّورِ، فَسَأَلْتُ خَالِدًا مَا كَانَ فِيهَا؟ قَالَ: حَدِيثُ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ» ، وَأَشْبَاهِهِ، قُلْتُ لِخَالِدٍ: وَأَيْشِ؟ قَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ: «أَنَا قَسِيمُ النَّارِ» ، قُلْتُ لِخَالِدٍ: حَدَّثَكُمْ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

820 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ مِنَ الثِّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ أَيُّوبَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، حَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ أَبِي: كَانَ أَبُو عَوَانَةَ وَضَعَ كِتَابًا فِيهِ مَعَايِبُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ بَلَايَا، فَجَاءَ إِلَيْهِ سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَوَانَةَ، أَعْطِنِي ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَأَعْطَاهُ، فَأَخَذَهُ سَلَّامٌ فَأَحْرَقَهُ

ص: 510

821 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: اسْتَعرْتُ مِنْ صَاحِبِ حَدِيثٍ كِتَابًا، يَعْنِي فِيهِ الْأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ، تَرَى أَنْ أُحَرِّقَهُ، أَوْ أُخَرِّقُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَقَدِ اسْتَعَارَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ كِتَابًا، فِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ، فَأَحْرَقَ سَلَّامٌ الْكِتَابَ، قُلْتُ: " فَأَحْرِقُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ

ص: 510

822 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ مُجْتَمِعَةٌ، مَا يُنْكَرُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْوَهُ، فَنَظَرَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ:«مَا يَجْمَعُ هَذِهِ إِلَّا رَجُلُ سُوءٍ» ، وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: بَلَغَنِي عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى أَبِي عَوَانَةَ، فَاسْتَعَارَ مِنْهُ كِتَابًا كَانَ عِنْدَهُ فِيهِ بَلَايَا، مِمَّا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَوَانَةَ، فَذَهَبَ سَلَّامٌ بِهِ فَأَحْرَقَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَرْجُو أَنْ لَا يَضُرَّهُ ذَلِكَ شَيْئًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَضُرُّهُ؟ بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ص: 511

823 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ إِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ، قُلْتُ: رَجُلٌ سَرَقَ كِتَابًا مِنْ رَجُلٍ فِيهِ رَأْيُ جَهْمٍ أَوْ رَأْيُ الْقَدَرِ؟ قَالَ: " يَرْمِي بِهِ، قُلْتُ: إِنَّهُ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يُحَرِّقَهُ أَوْ يَرْمِيَ بِهِ، هَلْ عَلَيْهِ قَطْعٌ؟ قَالَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، قُلْتُ لِإِسْحَاقَ: رَجُلٌ عِنْدَهُ كِتَابٌ فِيهِ رَأْيُ الْإِرْجَاءِ أَوِ الْقَدَرِ أَوْ بِدْعَةٌ، فَاسْتَعَرْتُهُ مِنْهُ، فَلَمَّا صَارَ فِي يَدِي أَحْرَقْتُهُ أَوْ مَزَّقْتُهُ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ

ص: 511

824 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«لَا نَقُولُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْحُسْنَى»

ص: 511

825 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أنَّ أَبَا الْحَارِثِ قَالَ: جَاءَنَا عَدَدٌ وَمَعَهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ مِنَ الرَّقَّةِ، فَوَجَّهْنَا بِهَا

⦗ص: 512⦘

إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِيمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي مَسَاوِئِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«هَذَا كَلَامُ سُوءٍ رَدِيءٌ، يُجَانَبُونَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ، وَلَا يُجَالَسُونَ، وَيُبَيَّنُ أَمْرُهُمْ لِلنَّاسِ»

ص: 511

826 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ إِلَى أَبِي مَعْمَرٍ، فَذَكَرَ بَعْضَ الْأَحَادِيثِ الرَّدِيئَةِ، فَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: خُذُوا بِرِجْلِهِ، وَجُرُّوهُ، وَأَخْرِجُوهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَجُرَّ بِرِجْلَيْهِ، وَأُخْرِجَ مِنَ الْمَسْجِدِ

ص: 512

827 -

أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَاضِرَ، وَرَأَيْتُ، فِي كُتُبِهِ أَحَادِيثَ مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: هَذِهِ الْعَقَارِبُ، نَهَانِي ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنْ أُحَدِّثَ بِهَا

ص: 512

828 -

أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ، رحمه الله، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرْوِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ

⦗ص: 513⦘

حَسَّانَ، وَتَذَاكَرُوا، مَا كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا جَرَى مِنَ الْكَلَامِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقُولَ مَا قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَيْفَ بِحَدِيثِ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ عَمِّهِ:«تَذَاكَرُوا مَحَاسِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَيْ تَأْتَلِفَ عَلَيْهِمْ قُلُوبُ النَّاسِ، وَلَا تَذْكُرُوا مَسَاوِئَهُمْ»

ص: 512

829 -

وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ عَمِّهِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ:«اذْكُرُوا مَحَاسِنَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عليه السلام تَأْتَلِفُ عَلَيْهِ الْقُلُوبُ، وَلَا تَذْكُرُوا مَسَاوِيَهُمْ، فَتُحَرِّشُوا النَّاسَ عَلَيْهِمْ»

ص: 513

830 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْوَرْكَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَايِطَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 514⦘

: «اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمُ غَرَضًا، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ عز وجل يُوشِكُ أَنْ يَخْذُلَهُ» .

831 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ السِّمْسَارُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْفَتْحِ السِّمْسَارُ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، رحمه الله يَذْكُرُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ أَبِي رَايِطَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْوَرْكَانِيِّ.

832 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَبِي رَايِطَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْحَدِيثُ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ أَبِي رَايِطَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا بِهِ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ

ص: 513

833 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الصُّدَائِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو شَيْبَةَ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ص: 515

834 -

أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ الطَّوِيلِ التَّيْمِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى اخْتَارَنِي، وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا، فَجَعَلَ مِنْهُمْ أَصْهَارًا، وَأَنْصَارًا، وَوُزَرَاءَ، فَمَنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا»

ص: 515

835 -

وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ

⦗ص: 516⦘

بْنَ وَكِيعٍ، فَقُلْتُ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الرَّدِيئَةُ نَكْتُبُهَا؟ فَقَالَ: مَا طَلَبَهَا إِنْسَانٌ فَأَفْلَحَ، قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبَا هَمَّامٍ؟ فَقَالَ: لَا تَكْتُبْهَا، وَسَأَلْتُ مُجَاهِدَ بْنَ مُوسَى؟ فَقَالَ: لِأَيْشِ تَكْتُبُهَا؟ قُلْتُ: نَعْرِفُهَا، قَالَ: تَعْرِفُ الشَّرَّ

ص: 515

‌ذِكْرُ الْفِتَنِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَغَيْرِهِمْ

ص: 516

836 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: قَالَ أَبِي: فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: نَبَّأَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُمَرَ مَعَاشِرَ مَذْحِجٍ، وَكُنْتُ مِنْ أَقْرَبِهِمْ مِنْهُ مَجْلِسًا، فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَى الْأَشْتَرِ وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ، فَقَالَ: أَمِنْكُمْ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا لَهُ، قَاتَلَهُ اللَّهُ

⦗ص: 517⦘

، كَفَى اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ شَرَّهُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ أَنَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ يَوْمًا عَصِيبًا "

ص: 516

837 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى وَدَفَعَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سَمِعَ مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ، يُرْوَى عَنْهُ الْحَدِيثَ؟ قَالَ: لَا، وَسَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْكَوَّاءِ؟ قَالَ: كُوفِيُّ ، قُلْتُ: يُرْوَى عَنْهُ الْحَدِيثُ؟ قَالَ: لَا "

ص: 517

838 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا الْأَثْرَمُ، قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ فِي حَدِيثٍ فَقَالَ: أَبُو الْكَوَّاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ أَبُو الْكَوَّاءِ وَهُوَ ابْنُ الْكَوَّاءِ. وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: أَبُو الْكَوَّاءِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ

ص: 517

839 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، مَنْ قَتَلَهُ؟، قَالَ: يَقُولُونَ: مَرْوَانُ، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: نَظَرَ مَرْوَانُ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَقَالَ:«لَا أَطْلُبُ بِثَأْرِي بَعْدَ الْيَوْمِ» ، قَالَ: فَرَمَى بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، قُلْتُ: مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: وَكِيعٌ عَنْ

⦗ص: 518⦘

إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قُلْتُ: حَدِّثُونِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ:" نَظَرَ مَرْوَانُ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَقَالَ: لَا أَطْلُبُ بِثَأْرِي بَعْدَ الْيَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ "، فَقَالَ: مَا أَدْرِي

ص: 517

840 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ مَرْوَانَ اعْتَرَفَ أَنَّهُ قَتَلَ طَلْحَةَ

ص: 518

841 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: " لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّثَ عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَخُو عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَخُو مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ صَاحِبُ

⦗ص: 519⦘

الْجُيُوشِ، وَصَاحِبُ الدِّمَاءِ، قُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ

ص: 518

842 -

قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ:«كَانَ الْعُلَمَاءُ يُحَدِّثُونَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ خَارِجَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَاجِمِ، وَالْخُبُرِ»

ص: 519

843 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعْدٍ: «رَأَيْتُ فِيَ أَيْدِيهِمُ الْمَصَاحِفَ وَالسُّيُوفَ وَهُمْ يَشْتَدُّونَ، يَعْنِي يَوْمَ شَبِيبٍ»

ص: 519

844 -

قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ:«لَمْ يُبَايِعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَا حُسَيْنٌ وَلَا ابْنُ عُمَرَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي حَيَاةِ مُعَاوِيَةَ، فَتَرَكَهُمْ مُعَاوِيَةُ»

ص: 520

845 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: هُوَ فَعَلَ بِالْمَدِينَةَ مَا فَعَلَ؟ قُلْتُ: وَمَا فَعَلَ؟ قَالَ: قَتَلَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفَعَلَ، قُلْتُ: وَمَا فَعَلَ؟ قَالَ: نَهَبَهَا، قُلْتُ: فَيُذْكَرُ عَنْهُ الْحَدِيثُ؟ قَالَ: لَا يُذْكَرُ عَنْهُ الْحَدِيثُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ عَنْهُ حَدِيثًا، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ حِينَ فَعَلَ مَا فَعَلَ؟ قَالَ: أَهْلُ الشَّامِ؟ قُلْتُ لَهُ: وَأَهْلُ مِصْرَ، قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ مِصْرَ مَعَهُمْ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ

ص: 520

846 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ؟ قَالَ: لَا أَتَكَلَّمُ فِي هَذَا "، قُلْتُ: مَا تَقُولُ؟ فَإِنَّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ رَجُلٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَنَا صَائِرٌ إِلَى قَوْلِكَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ» وَقَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ، وَقَدْ صَارَ يَزِيدُ فِيهِمْ، وَقَالَ:«مَنْ لَعَنْتَهُ أَوْ سَبَبْتَهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ رَحْمَةً» ، فَأَرَى الْإِمْسَاكَ أَحَبُّ لِي

ص: 521

847 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمُقْرِئُ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الضَّيْفِ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا

⦗ص: 522⦘

الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ، يَقُولُ:" الْعَنُوا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، فَيُقَالَ لَهُ: قَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَيَقُولُ: الْعَنُوا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، قَتَلَهُ مَنْ قَتَلَهُ ".

848 -

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: وَبَعْدَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنَ التَّوَقِّي لِلَّعْنَةِ، فَفِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَنْ كَتَبَ الْحَدِيثَ إِذَا أَنْصَفَ فِي الْقَوْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ:" {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] إِذَا ذُكِرَ لَهُمْ مِثْلُ الْحَجَّاجِ وَضَرْبِهِ "، وَنَحْنُ نَتَّبِعُ الْقَوْمَ وَلَا نُخَالِفُ، وَنَتَّبِعُ مَا قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، فَهُمَا الْإِمَامَانِ الْعَدْلَانِ فِي زَمَانِهِمَا، الْوَرِعَانِ، الْفَقِيهَانِ، وَمِنْ أَفَاضِلِ التَّابِعِينَ، وَمِنْ أَعْلَمِهِمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَأَمْرِ الدِّينِ، وَلَا نَجْهَلُ وَنَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ عُمَرَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ عَلِيًّا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا قَتْلًا، وَيُقَالَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، إِذَا ذُكِرَ لَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْفِتَنِ، وَعَلَى مَا تَقَلَّدَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِنْ ذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 521

849 -

قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ

⦗ص: 523⦘

، قَالَ:«مَا بَقِيَ أَرْضٌ إِلَّا مَلَكَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَّا الْأُرْدُنَّ»

ص: 522

850 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا مَخْلَدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: مَا تَرَى فِي لَعْنِ الْحَجَّاجِ وَضَرْبِهِ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: لَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]

ص: 523

851 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ ثَنَا صَالِحٌ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: الرَّجُلُ يُذْكَرُ عِنْدَهُ الْحَجَّاجُ أَوْ غَيْرُهُ فَيَلْعَنُهُ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، لَوْ عَبَّرَ فَقَالَ: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، وَرُوِي عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: الْمِسْكِينُ أَبُو مُحَمَّدٍ

ص: 523

852 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ: الرَّجُلُ يُذْكَرُ عِنْدَهُ الْحَجَّاجُ فَيَقُولُ: كَافِرٌ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، قُلْتُ: فَإِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ يَلْعَنُهُ؟ قَالَ: يَقُولُ: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]

⦗ص: 524⦘

. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ كَانَ رَجُلَ سُوءٍ يَرْوِي عَنْهُ ابْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: الْمِسْكِينُ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لَهُ: وَمَنْ يَرْعَ عَنْ ذِكْرِ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَسَكَتَ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ جَوَابًا

ص: 523

853 -

وَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ رَجُلَ سُوءٍ»

ص: 524

854 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، قَالَ: بَصْرِيٌّ، قُلْتُ: كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: كَانَ صَاحِبَ فِتْنَةٍ، يَقُولُ: هُوَ الَّذِي يَقُولُ شُعْبَةُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: «هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ ابْنُ الْمُهَلَّبِ»

ص: 524

855 -

أَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، عَلَى مِنْبَرِ وَاسِطٍ يَقُولُ:«عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ، لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَسَقَيْتُ الْأَرْضَ مِنْ دَمِهِ»

ص: 524

856 -

أَخْبَرَنِي الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: أُتِيتُ فِي الْمَنَامِ، فَقِيلَ لِي: إِيَّاكَ وَالزِّنَا، إِيَّاكَ وَالسَّرِقَةَ، إِيَّاكَ وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ، أَوِ الْحَرَامِ، إِيَّاكَ وَالصَّلَاةَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ، فَإِنِّي أَقْسَمْتُ لَأَقْصِمَنَّهُ كَمَا يَقْصِمُ عِبَادِي

ص: 525

857 -

أَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ شَاذَانَ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ ابْنِ عُمَيْرٍ يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا: " مَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَلْيَقُمْ فَلْنُعْطِهِ عَلَى بَلَائِهِ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَعْطِنِي عَلَى بَلَائِي، قَالَ: وَمَا بَلَاؤُكَ؟ قَالَ: قَتَلْتُ الْحُسَيْنَ، قَالَ: وَكَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: دَسَرْتُهُ وَاللَّهِ بِالرُّمْحِ دَسْرًا، وَهَبَرْتُهُ بِالسَّيْفِ هَبْرًا، وَمَا أَشْرَكْتُ مَعِي فِي قَتْلِهِ أَحَدًا، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ وَإِيَّاهُ لَنْ تَجْتَمِعَا فِي مَكَانٍ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، وَلَمْ يُعْطِهِ، أَحْسَبُهُ، شَيْئًا "

ص: 525

858 -

أَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: ثَنَا شَاذَانُ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُصَلُّونَ فِيهِ عَلَى الْحَجَّاجِ»

ص: 525

‌تَفْرِيعُ أَبْوَابِ الْقَدَرِ

ص: 526

‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ

ص: 526

859 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو حَامِدٍ الْوَرَّاقُ الطَّرَسُوسِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيِّ، وسَسَلُوا رَجُلٌ مِنَ الْأَسَاوِرَةِ

ص: 526

860 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ: كَانَ مُسْلِمُ يَقْعُدُ إِلَى هَذِهِ السَّارِيَةِ، فَقَالَ: إِنَّ مَعْبَدًا يَقُولُ بِقَوْلِ النَّصَارَى: يَعْنِي مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ

ص: 528

861 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«الْقَدَرِيَّةُ أَشَدُّ اجْتِهَادًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ»

ص: 528

‌ذِكْرُ الْقَدَرِيَّةِ الَّتِي تَرُدُّ عَلَى اللَّهِ عز وجل

ص: 529

862 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَسَأَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ عَمَّنْ قَالَ بِالْقَدَرِ يَكُونُ كَافِرًا، فَقَالَ أَبِي: إِذَا جَحَدَ الْعِلْمَ، إِذَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا حَتَّى خَلَقَ عِلْمًا فَعَلِمَ. فَجَحَدَ عِلْمَ اللَّهِ عز وجل كَافِرٌ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: الْعِلْمُ مَخْلُوفٌ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ حَتَّى خَلَقَهُ

ص: 529

863 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: كَانَ لَا يُقِرُّ بِالْعِلْمِ، وَهَذَا الْكُفْرُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

ص: 529

864 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" الْقَدَرِيُّ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْلَمْ الشَّيْءَ حَتَّى يَكُونَ، هَذَا كَافِرٌ "

ص: 529

865 -

أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَالِمًا»

ص: 530

866 -

وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عَاصِمٍ، أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: آدَمُ عليه السلام خَلَقَهُ اللَّهُ عز وجل لِلْأَرْضِ، وَعَلِمَ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، قَالَ اللَّهُ عز وجل لِلْمَلَائِكَةِ:{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ، هَذَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:«عَلِمَ اللَّهُ عز وجل أَنَّ آدَمَ سَيَأْكُلُ مِنَ الشَّجَرَةَ الَّتِي نَهَاهُ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ»

ص: 530

867 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] قَالَ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عز وجل.

868 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ نَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ

⦗ص: 531⦘

، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ

ص: 530

869 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: ثَنَا هِقْلٌ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، كَتَبَ إِلَيَّ رَجُلٌ: أَمَّا بَعْدُ، فَأْمُرْ بِالْعِلْمِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ إِلَّا فَرَّطِ فِي الْإِسْلَامِ أَعْظَمَ مِنَ الْإِهْمَالِ، وَالسَّلَامُ

ص: 531

870 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ قَدَرِيُّ؟ قَالَ: الْقَدَرُ لَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ. قُلْتُ: أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا يَدْعُونَ إِلَى الْقَدَرِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَالِمًا وَجَحَدَ الْعِلْمَ؟ قَالَ: إِذَا جَحَدَ كَفَرَ

ص: 531

871 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَدَرِيِّ، فَلَمْ يُكَفِّرْهُ إِذَا أَقَرَّ بِالْعِلْمِ

ص: 532

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: إِذَا جَحَدَ الْعِلْمَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ حَتَّى يَكُونَ، اسْتُتِيبَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَقَالَ:{وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ

ص: 532

873 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْ قَالَ: إِنَّ لَمِنَ الْأَشْيَاءِ أَشْيَاءَ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ يَكُونُ مُشْرِكًا؟ قَالَ: «لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ إِذًا جَحَدَ الْعِلْمَ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ»

ص: 532

874 -

أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ صَاحِبَ أَبِي عُبَيْدٍ وَسَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْ جَحَدَ الْعِلْمَ؟ قَالَ: «يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ»

ص: 532

875 -

أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ

⦗ص: 533⦘

أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَدَرِيِّ، يُسْتَتَابُ؟ وَقُلْتُ: إِنَّ مَالِكًا، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرَوْنَ أَنْ يَسْتَتِيبُوهُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، قَالَ:" أَرَى أَنْ أَسْتَتِيبَهُ إِذَا جَحَدَ عِلْمَ اللَّهِ، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَجْحَدُ عِلْمَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي عِلْمِ اللَّهِ أَسْتَتِيبُهُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، قَالَ: إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ فِي عِلْمٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَأْمُرْكَ بِالْمَعْصِيَةِ "

ص: 532

876 -

أَخْبَرَنِي الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ، قُلْتُ: أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ذَلِكَ رَأْيِي، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ رَأْيِي.

877 -

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ، وَزَادَ: قَالَ حَنْبَلٌ: سَأَلْتُ عَمِّي عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَذَلِكَ رَأْيِي

ص: 533

878 -

أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» ، قَالَ:«الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا»

ص: 534

879 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ، وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ، سَمِعُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ:«الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهَ عز وجل الْعِبَادَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ»

ص: 534

880 -

أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ: قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ:«كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» قَالَ: " عَلَى الشَّقَاءِ، وَالسَّعَادَةِ، قَالَ: يَرْجِعُ عَلَى مَا خُلِقَ ".

881 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: «الْفِطْرَةُ الْأُولَى الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ

⦗ص: 535⦘

عز وجل عَلَيْهَا» ، قُلْتُ لَهُ أَنَا: فَمَا الْفِطْرَةُ الْأُولَى، هِيَ الدِّينُ؟ قَالَ: نَعَمْ "

ص: 534

882 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ:«كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» ، مَا تَفْسِيرُهَا؟ قَالَ:" هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عز وجل النَّاسَ عَلَيْهِ، شَقِيُّ أَوْ سَعِيدٌ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلَنِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنْسَانٌ بِمَكَّةَ، وَكَانَ قَدَرِيًّا، فَلَمَّا قُلْتُ لَهُ كَأَنِّي أَلْقَمْتُهُ حَجَرًا "

ص: 535

883 -

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، أَوْ قَالَ فِي بَعْضِ الْمَغَازِي، فَتَجَاوَزَ قَوْمٌ إِلَى الذُّرِّيَّةِ لِيَقْتُلُوهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَا بَالُ قَوْمٍ تَجَاوَزُوا إِلَى الذُّرِّيَّةِ يَقْتُلُونَهَا؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ. فَقَالَ:«إِنَّ خِيَارَكُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ إِلَّا تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، ثُمَّ لَا تَزَالُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَبَ عَنْهَا، فَإِمَّا يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا» . سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ لِي

⦗ص: 536⦘

: نَقُولُ: الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعِبَادَ مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ

ص: 535

884 -

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ، «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ» ، فَقَالَ:«الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عز وجل الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا»

ص: 536

885 -

أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: أَفَاعِيلُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ، مُقَدَّرَةٌ عَلَيْهِمْ بِالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ، قُلْتُ لَهُ: الشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ مَكْتُوبَانِ عَلَى الْعَبْدِ؟ قَالَ: نَعَمْ سَابِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَهُمَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، وَالشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ مِنَ اللَّهِ عز وجل، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:«الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:«الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بِغَيْرِهِ» ، قَالَ: وَكَتَبَ اللَّهُ عز وجل عَلَى آدَمَ أَنَّهُ يُصِيبُ الْخَطِيَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، قُلْتُ: فَأَمَرَ اللَّهُ عز وجل الْعِبَادَ بِالطَّاعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِمُ الْمَعْصِيَةَ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَيُعَذِّبُ اللَّهُ الْعِبَادَ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ. وَقَالَ: قَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21] وَقَوْلُهُ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وَفِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ لِمَنْ تَفَهَّمَهُ وَتَدَبَّرَهُ

ص: 536

886 -

وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَالشَّقْوَةُ وَالسَّعَادَةُ مَكْتُوبَانِ عَلَى الْعَبْدِ» ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا، وَيَحْيَا مُؤْمِنًا، وَيَمُوتُ كَافِرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا، وَيَحْيَا كَافِرًا، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا قَالَ: هَذَا مَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ؟ قَالَ: نُؤْمِنُ بِهِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَنَا لَمْ يَكُنْ يُخْطِئُنَا، وَمَا أَخْطَأَنَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَنَا، وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَهُوَ سَابِقٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، الشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ مَكْتُوبَانِ عَلَى ابْنِ آدَمَ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ، وَنَحْنُ فِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ

ص: 537

887 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ لَهُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ»

ص: 537

888 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَلَى الْقَدَرِ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يُضِلَّ أَحَدًا هُوَ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُضِلَّ أَحَدًا، ثُمَّ يُعَذِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31] ، فَاللَّهُ عز وجل قَدَّرَ الطَّاعَةَ وَالْمَعَاصِيَ، وَقَدَّرَ الْخَيْرَ

⦗ص: 538⦘

وَالشَّرَّ، وَمَنْ كُتِبَ سَعِيدًا فَهُوَ سَعِيدٌ، وَمَنْ كُتِبَ شَقِيًّا فَهُوَ شَقِيُّ

ص: 537

889 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَسْفَاطِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْفَاطِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ جَالِسًا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رحمه الله، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، حَدَّثَ بِحَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، أُرِيدُ حَدِيثَ الْقَدَرِ؟ فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَدَّثْتُهُ، أَعَادَهَا ثَلَاثًا، غَفَرَ اللَّهُ لِلْأَعْمَشِ كَمَا حَدَّثَ بِهِ، وَغَفَرَ اللَّهُ لِمَنْ حَدَّثَ بِهِ قَبْلَ الْأَعْمَشِ، وَغَفَرَ اللَّهُ لِمَنْ حَدَّثَ بِهِ بَعْدَ الْأَعْمَشِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ، فَبَكَى، يَعْنِي حَدِيثَ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا الْأَسْفَاطِيُّ ضَرَبَهُ الزِّنْجُ فَمَاتَ، فَرَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَمِتَّ؟ قَالَ: أَنَا حَيٌّ

ص: 538

890 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَيَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ

⦗ص: 539⦘

ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ عز وجل إِلَيْهِ الْمَلَكَ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَقُولُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ، وَيَقُولُ: اكْتُبْ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا "

ص: 538

891 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ «جَفَّ الْقَلَمُ» ، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا خَلَقَ الْقَلَمَ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْءٌ اهْتَدَى»

ص: 539

892 -

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَهَنَّمَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ

⦗ص: 540⦘

أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ نَالَتْ كُلَّ شَعْرٍ وَبِشَرٍ، ثُمَّ تَكُونُ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَكُونُ عِظَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يِكْسُو اللَّهُ الْعَظْمَ لَحْمًا، فَيَقُولُ الْمَلَكُ: أَيْ رَبِّ شَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ؟ أَيْ رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي اللَّهُ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ شَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيَقْضِي اللَّهُ عز وجل وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ مَا أَجَلُهُ وَرِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي اللَّهُ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، وَأَنْتُمْ تُعَلِّقُونَ عَلَى أَوْلَادِكُمُ التَّمَائِمَ "

ص: 539

893 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنَا مُعَاذٌ، قَالَ: ثَنَا الْأَغْضَفُ عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاذِ بْنِ مَنْصُورِ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ «أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَدَّ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ حَدِيثِهِ فِي الْقَدَرِ» ؟ قَالَ: فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: فَأَنَا أَعْرِفُهُ، قَالَ: فَقَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: الشَّيْطَانُ

ص: 540

‌قَوْلُهُ: الْمَعَاصِي أَفَاعِيلُ الْعِبَادِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُقَدَّرَةٌ

ص: 540

894 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزِّنَا، بِقَدَرٍ؟ فَقَالَ: " الْخَيْرُ وَالشَّرُّ بِقَدَرٍ، ثُمَّ قَالَ: الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ، وَذَكَرَ عَنْ سَالِمٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَالُوا

⦗ص: 541⦘

: «الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ بِقَدَرٍ» ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ قَدْ سَأَلُوهُ عَنْ ذَا؟ فَقَالَ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ بِقَدَرٍ، فَفَحَشُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: الزِّنَا وَالسِّحَاقُ بِقَدَرٍ؟ فَكَأَنَّهُ أَنْكَرَ هَذَا، وَقَالَ: قَدْ أَجَابَهُمْ إِلَى أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِقَدَرٍ، فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ لَهُ مِثْلَ هَذِهِ الْأَقْدَارِ

ص: 540

895 -

أَخْبَرَنَا الدُّورِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ فِي الْقَدَرِ، قَالَ: وَجَاءُوا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

⦗ص: 542⦘

مَهْدِيٍّ، فَقَالَ: قُلِ السِّحَاقُ بِقَدَرٍ؟ يَعْنِي سِحَاقَ النِّسَاءِ، فَقَالَ: لَا أَقُولُ: يُسْتَخَفُّ بِي، وَلَكِنَّهُ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ

ص: 541

896 -

أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ، قَالَ: جَاءُوا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالُوا: قُلِ: الزِّنَا بِقَدَرٍ؟ قُلِ: اللِّوَاطُ بِقَدَرٍ؟ فَقَالَ لَهُمُ ابْنُ مَهْدِيٍّ: «نُهِينَا عَنْ مُجَالَسَةِ السُّفَهَاءِ»

ص: 542

897 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ثَوَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي بَحْرٍ مَوْلَى بَنِي عَفْرَاءَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: الزِّنَا بِقَدَرٍ؟ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَفِيهِ كَلَامٌ آخَرُ

ص: 542

898 -

قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَالِمٍ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: الزِّنَا

⦗ص: 543⦘

بِقَدَرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . فَذَكَرَ رَجُلٌ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ تَمَامَ الْحَدِيثِ يُقَدِّرُهُ عَلَيْهِ، وَيُعَذِّبُهُ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ.

899 -

وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ثَوَابٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزِّنَا بِقَدَرٍ؟ فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

ص: 542

900 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ عِنْدَنَا قَوْمًا يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَيْرَ، وَلَمْ يَخْلُقِ الشَّرَّ، وَيَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. فَقَالَ: «هَذَا كُفْرٌ، هَؤُلَاءِ قَدَرِيَّةٌ جَهْمِيَّةٌ، الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرٌ عَلَى الْعِبَادِ» ، قِيلَ لَهُ: اللَّهُ خَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، اللَّهُ قَدَّرَهُ»

ص: 543

901 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يُلْجِئُنِي الْقَدَرِيُّ إِلَى أَنْ أَقُولَ: الزِّنَا بِقَدَرٍ وَالسَّرِقَةُ بِقَدَرٍ؟ فَقَالَ: «الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنَ اللَّهِ»

ص: 543

902 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ:«الْخَيْرُ وَالشَّرُّ بِقَدَرٍ، وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ كُلُّهُ بِقَدَرٍ»

ص: 543

903 -

أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَفَاعِيلُ الْعِبَادُ مَخْلُوقَةٌ، وَأَفَاعِيلُ الْعِبَادِ مَقْضِيَّةٌ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، قُلْتُ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَكْتُوبَانِ عَلَى الْعِبَادِ، قَالَ: الْمَعَاصِي بِقَدَرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: الْمَعَاصِي بِقَدَرٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ بِقَدَرٍ، وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ بِقَدَرٍ، وَأَفَاعِيلُ الْعِبَادِ كُلُّهَا بِقَدَرٍ "، وَقَالَ حَنْبَلٌ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَنْ قَالَ: الْمَعَاصِي لَيْسَ بِقَدَرٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ، وَرَدَّهُ فَقَدْ صَادَّ اللَّهُ عز وجل فِي أَمْرِهِ، وَرَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا جَاءَ بِهِ، وَجَحَدَ الْقُرْآنَ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَفَاعِيلُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ مَقْضِيَّةٌ عَلَيْهِمْ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَكْتُوبَانِ عَلَى الْعِبَادِ، وَالْمَعَاصِي بِقَدَرٍ، قَالَ اللَّهُ عز وجل {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]

ص: 544

904 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ:" الْقَدَرُ قَدَّرَهُ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْعِبَادِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنْ زَنَى فَبِقَدَرٍ، وَإِنْ سَرَقَ فَبِقَدَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، اللَّهُ قَدَّرَهُ عَلَيْهِ "

ص: 544

905 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: ثَنَا هَارُونُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَوَانَةَ: عِدْنِي، قَالَ:«مَا تَرْجُو أَنْ أَعِدَكَ، وَيَجِيءُ الْقَدَرُ فَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَأْيِي فَآثَمُ»

ص: 545

906 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ مَوْعِدًا، فَقَالَ:«إِنْ قُدِّرَ»

ص: 545

907 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ:«الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرَانِ»

ص: 545

908 -

وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ:" خَيْرُهُ وَشَرُّهِ كَتَبَهُ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْعِبَادِ، قِيلَ لَهُ: مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: فَمِنْ مَنْ؟ وَأَظُنَّهُ قَالَ: نَعَمْ، فَمِنْ مَنْ "

ص: 545

909 -

أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ قَوْمًا يَحْتَجُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ، وَاللَّهُ قَضَاهَا»

ص: 545

911 -

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: ثَنَا الْحُبَيْبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ بِقَدَرٍ»

ص: 546

912 -

أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، أَنَّ حَنْبَلَ بْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " وَنُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ بِالْقَدَرِ وَعَظَّمَ الْمَعَاصِيَ فَهُوَ أَقْرَبُ، مِثْلُ الْحَسَنِ وَأَصْحَابِهِ، قُلْتُ: مَنْ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ؟ قَالَ: عَلِيُّ الرِّفَاعِيُّ، وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، وَنَحْوُهُمْ، وَمَنْ قَالَ بِالْإِبْطَالِ بِالرُّؤْيَةِ كَانَ أَشَدَّ قَوْلًا وَأَخْبَثَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ

⦗ص: 547⦘

: وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَنُظَرَاؤُهُ يَقُولُونَ بِهَذَا: ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فِي الْقُرْآنِ كَذَا وَكَذَا مَوْضِعٌ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، قُلْتُ: فَالَّذِي يَلْزَمُ الْقَدَرِيَّةَ، قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ عز وجل، {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21] ، وَقَالَ:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] ، وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَوْ تَدَبَّرَ إِنْسَانٌ الْقُرْآنَ كَانَ فِيهِ مَا يَرُدُّ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ بِدْعَتَهُ

ص: 546

913 -

قَالَ حَنْبَلٌ: وَثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مُنَبِّهٍ، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَطْعَمَنِي مِنْ جَوْزَةٍ فِي دَارِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ كَتَبْتَ فِي الْقَدَرِ كِتَابًا قَطُّ؟ قَالَ: وَأَنَا وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ، قَالَ حَنْبَلٌ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يُرِيدُ كِتَابَ وَهْبٍ كِتَابَ الْحِكْمَةِ، وَيَذْكُرُ فِيهِ الْمَعَاصِيَ، وَيُنَزِّهُ الرَّبَّ جَلَّ وَعَزَّ وَيُعَظِّمُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِهِ، يَعْنِي الْقَدَرِيَّةَ

ص: 547

914 -

قَالَ حَنْبَلٌ: وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:«مَا ابْتُدِعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةٌ إِلَّا وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل مَا يُكَذِّبُهُ»

ص: 547

915 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مُنَبِّهٍ وَأَتَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَأَطْعَمَنِي جَوْزًا مِنْ جَوْزَةٍ فِي الدَّارِ، فَقُلْتُ: وَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ كَتَبْتَ كِتَابًا فِي الْقَدَرِ قَطُّ؟ قَالَ: وَأَنَا وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ "

ص: 548

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَذَكَرَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَجَّ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ سَنَةَ مِائَةٍ، فَذَهَبَ إِلَيْهِ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ يُسَلِّمَانِ عَلَيْهِ وَيُذَكِّرَانِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْقَدَرِ، فَأَمْسَى فِي بَابٍ مِنَ الْحَمْدِ، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ إِلَى أَنِ انْفَجَرَ الصُّبْحُ فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يُذَاكِرُوهُ شَيْئًا

ص: 548

916 -

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ بِدِمْيَاطٍ، قَالَ: ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «كُلُّ شَيْءٍ

⦗ص: 549⦘

بِقَدَرٍ، حَتَّى وَضْعِكَ يَدَكَ عَلَى خَدِّكَ»

ص: 548

917 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ الْفَرَحِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ حُسَيْنٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ:{غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتَنَا} [المؤمنون: 106]، قَالَا:«غَلَبِ عَلَيْنَا قَضَاؤُكَ»

ص: 549

918 -

أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَجْلَانَ الْأَفْطَسُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«مَا غَلَا أَحَدٌ فِي الْقَدَرِ إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ»

ص: 549

‌الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي

ص: 549

919 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُنَاظِرُ خَالِدَ بْنَ خِدَاشٍ، يَعْنِي فِي الْقَدَرِ، فَذَكَرُوا رَجُلًا، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" إِنَّمَا كُرِهَ مِنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ: جَبَرَ اللَّهُ عز وجل "

ص: 549

920 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: رَجُلٌ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ، فَقَالَ:«هَكَذَا لَا تَقُلْ» ، وَأَنْكَرَ هَذَا، وَقَالَ:{يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل: 93]

ص: 550

921 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الطَّاعَةِ، قَالَ: بِئْسَ مَا قَالَهُ.

922 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السِّمْسَارُ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: بَصْرِيٌّ. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ غَيْرَ ذَاكَ الْحَدِيثِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا آخَرَ

⦗ص: 551⦘

غَرِيبًا. قُلْتُ: اذْكُرْهُ لِي؟ فَحَدَّثَنِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ص: 550

923 -

وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ، وَأَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الْقَدَرِ، قَالَ:«تَكْفِيكَ آخِرُ الْآيَةِ فِي الْفَتْحِ» ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} [الفتح: 29] . زَادَ أَبُو طَالِبٍ: فَوَصَفَهُمُ اللَّهُ عز وجل فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ

ص: 551

924 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ:«لَمْ نُوَكَّلْ إِلَى الْقَدَرِ، وَإِلَيْهِ نَصِيرُ»

ص: 551

قَالَ مُهَنَّى: وَسَمِعْتُ حَمْزَةَ يَعْنِي ابْنَ رَبِيعَةَ يَقُولُ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: «لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى الْقَدَرِ، وَإِلَيْهِ نَصِيرُ»

ص: 551

925 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي أَمْرِ حُسَيْنِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْعُكْبَرِيِّ، وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ تَنَزَّهَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ، فَقَالَ رَجُلٌ قَدَرِيُّ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُجْبِرِ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ رَجَاءٍ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ، أَرَادَ بِذَلِكَ إِثْبَاتَ الْقَدَرِ، فَوَضَعَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا يَحْتَجُّ فِيهِ، فَأَدْخَلْتُهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ، فَقَالَ: وَيَضَعُ كِتَابًا؟ وَأَنْكَرَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ حِينَ قَالَ: جَبَرَ الْعِبَادَ، وَعَلَى الْقَدَرِيِّ الَّذِي قَالَ: لَمْ يُجْبِرِ الْعِبَادَ، وَأَنْكَرَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ وَضْعَهُ الْكِتَابَ، وَاحْتِجَاجَهُ، وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ لِوَضْعِهِ الْكِتَابَ، وَقَالَ لِي: يَجِبُ عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ لِمَا قَالَ: جَبَرَ الْعِبَادَ، فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَمَا الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ قَالَ: {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31]

ص: 552

926 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي قَالَ: لَمْ يُجْبِرْ، وَعَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كُلَّمَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً اتَّسَعُوا فِي جَوَابِهَا، وَقَالَ: يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُحْدَثَةٍ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَدَّ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا إِمَامٌ تَقَدَّمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ: فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ قَدِمَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عُكْبَرَا، وَمَعَهُ شِيَخَةٌ، وَكِتَابٌ مِنْ أَهْلِ عُكْبَرا، فَأَدْخَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ ذَا الْكِتَابُ، ادْفَعْهُ إِلَى أَبِي

⦗ص: 553⦘

بَكْرٍ حَتَّى يُقَطِّعَهُ، وَأَنَا أَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ عُكْبَرَا وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عز وجل، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِي: يَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلُوا وَتَرْجِعُوا لَهُ

ص: 552

927 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ صَاحِبُ غُنْدَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْقُوبَ التُّسْتَرِيُّ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: تَكَلَّمَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ بِكَلَامٍ أَرَادَ بِهِ ضِدَّ الْقَدَرِيَّةِ، فَبَلَغَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ، فَأَرْسَلَ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ: أَدْرَكْتَ ابْنَ عَوْنٍ، وَيُونُسَ، هَلْ سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ تَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا؟

ص: 553

928 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ صَاحِبُ ابْنِ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ التُّسْتَرِيُّ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَرَادَ بِهِ ضِدَّ الْقَدَرِيَّةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ: أَدْرَكْتَ ابْنَ عَوْنٍ وَيُونُسَ، سَمِعْتُهُمْ تَكَلَّمُوا بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ مُعَاذٌ: فَأَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ يَحْيَى حَتَّى أَقُولَ، فَرَجَعَ مُعَاذٌ، فَصَارَ إِلَى قَوْلِ يَحْيَى

ص: 553

929 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ، تَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: أَنْكَرَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ جَبَرَ، وَقَالَ: اللَّهُ عز وجل جَبَلَ الْعِبَادَ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ: أَظُنُّهُ أَرَادَ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 554⦘

لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ

ص: 553

930 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81]، قَالَ:{مِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] قَالَ: " قَدَّمَهُ عَلَى نُوحٍ، قَالَ: هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ "

ص: 554

931 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمُقْرِئُ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفَزَارِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَتَانِي رَجُلَانِ فَسَأَلَانِي عَنِ الْقَدَرِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ آتِيَكَ بِهِمَا تَسْمَعُ كَلَامَهُمَا، وَتُجِيبُهُمَا: قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ، قَالَ: فَأَتَانِي الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ، فَقَالَ: تَكَلَّمَا، فَقَالَا: قَدِمَ عَلَيْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ، فَنَازَعُونَا فِي الْقَدَرِ وَنَازَعْنَاهُمْ، حَتَّى بَلَغَ بِنَا وَبِهِمُ الْجَوَابُ إِلَى أَنْ قُلْنَا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَبَرَنَا عَلَى مَا نَهَانَا عَنْهُ، وَحَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَا أَمَرَنَا بِهِ، وَرَزَقَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا

⦗ص: 555⦘

، فَقَالَ: أَجِبْهُمَا يَا أَبَا إِسْحَاقَ، قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ، قَالَ: أَجِبْهُمَا، فَكَرِهْتُ خِلَافَهُ، فَقُلْتُ: يَا هَؤُلَاءِ، إِنَّ الَّذِينَ أَتَوْكُمْ بِمَا أَتَوْكُمْ قَدِ ابْتَدَعُوا وَأَحْدَثُوا حَدَثًا، وَإِنِّي أَرَاكُمْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْبِدْعَةِ إِلَى مِثْلِ مَا خَرَجُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ

ص: 554

932 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، قَالَ: ثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّبَيْدِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الْجَبْرِ؟، فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ، وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُجْبِرَ أَوْ يَعْضِلَ، وَلَكِنْ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبِلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا السُّنَّةِ، فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ، وَلَكِنِ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرِ وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ، فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا وُضِعَتْ كِلَاهُمَا مَذْكُورَةً هَذَا مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَابَ رَجُلُ مِنَ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ

ص: 555

933 -

أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، قَالَ: جَبَلْتُهُمْ عَلَى الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ

ص: 556

934 -

وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

⦗ص: 557⦘

، قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، قَالَ: مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ شِقْوَةٍ وَسَعَادَةٍ

ص: 556

935 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا تَسَمَّى الْجَبَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُجْبِرُ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَرَادَ.

936 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمْيَاطِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، مِثْلَهُ

ص: 557

‌الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ فِي قَوْلِهِمُ: الْمَشِيئَةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ إِلَيْنَا

ص: 557

937 -

أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ أَعْمَالِ الْخَلْقِ، مُقَدَّرَةٌ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: وَالشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ مُقَدَّرَانِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: وَالنَّاسُ يَصِيرُونَ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ فِيهِمْ مِنْ حَسَنٍ أَوْ سَيِّئٍ؟ قَالَ: نَعَمْ

ص: 557

938 -

وَأَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ رَجُلًا مُحَدِّثًا قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ يَفْعَلُ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَفْعَلْ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ لَا يَشَأُ اللَّهُ يَفْعَلُ، فَاسْتَعْظَمَ ذَاكَ، قُلْتُ: يُسْتَتَابُ؟ قَالَ: أَيْشِ يُسْتَتَابُ؟ قَالَ: هَذَا الْكُفْرُ

ص: 558

939 -

وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ مَنْ قَالَ: إِنَّ مِنَ الْأَشْيَاءِ شَيْئًا لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ، هَذَا يَكُونُ مُشْرِكًا؟ قَالَ: إِذَا جَحَدَ الْعِلْمَ فَهُوَ مُشْرِكٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ، إِذَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ حَتَّى يَكُونَ

ص: 558

940 -

أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الِاسْتِطَاعَةُ لِلَّهِ وَالْقُوَّةُ. مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي الْمُعْتَزِلَةَ الِاسْتِطَاعَةُ إِلَيْهِمْ

ص: 559

941 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ رَجُلٌ: أَنَا كَافِرٌ بِرَبٍّ يَرْزُقُ أَشْنَاسَ، فَقَالَ: هَذَا كَافِرٌ، وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي عَقِبِ كَلَامِ هَذَا الشَّيْخِ: هَذَا هُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ

ص: 559

942 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، قَالَ: قَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: مَا كَلَّمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِلَّا الْقَدَرِيَّةَ، قُلْتُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي عَنِ الظُّلْمِ مَا هُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ؟ قَالُوا: أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مَا لَيْسَ لَهُ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ اللَّهَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ

ص: 559

943 -

أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: قُلْتُ لِوَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ: إِنَّ عَبَّادَ بْنَ صُهَيْبٍ يَقُولُ: لَا أَقُولُ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقَالَ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، قَالَ: فَقَالَ وَهْبٌ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، نَعَمْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقَالَ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، يَا عَدُوَّ اللَّهِ، شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَأَوْمَأَ وَهْبٌ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى، قَالَ إِبْرَاهِيمُ، فَلَقِيتُ ابْنَ دَاوُدَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ وَهْبٍ، فَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: صَدَقَ وَهْبٌ فَلَمْ يَسْأَلْهُ، فَقَالَ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل لَأَجَفَّ أَلْسِنَتُهُمْ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبَا جَهْلٍ أَبَا جَهْلٍ

ص: 560

944 -

وَأَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِإِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا يَكُونُ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً» ، قَالَ: يَقُولُ: إِنْ ضَلَّ النَّاسُ ضَلَلْتُ، وَإِنْ اهْتَدَوُا اهْتَدَيْتُ

ص: 560

945 -

أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُبَارَكِ الصُّورِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَقَدْ وَعَظَ النَّاسَ عِظَةً رَقَّتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا تَقُولُ، إِنْ قُمْتُ إِلَى هَذَا الْمِنْبَرِ، فَعَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لَا أَعْصِيَهُ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: «وَمَنْ أَعْظَمُ مِنْكَ جُرْمًا إِنْ تَأَلَّيْتَ عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ لَا يَمْضِيَ فِيكَ حُكْمُهُ»

ص: 561

946 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: رَجُلٌ قَدَرَيُّ أَعُودُهُ؟ قَالَ: «إِذَا كَانَ دَاعِيَةً إِلَى هَوًى فَلَا»

ص: 561

947 -

أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الشَّاوِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَدَرِيٌّ أَعُودُهُ؟، قَالَ:«إِنْ كَانَ دَاعِيَةً يَدْعُو فَلَا»

ص: 561

948 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمِ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أُصَلِّي عَلَيْهِ، يَعْنِي عَلَى الْقَدَرِيَّ؟ فَلَمْ يُجِبْ، فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَسْمَعُ: إِذَا كَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ، فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ، وَلَا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عَافَاكَ اللَّهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، وَجَزَاكَ

⦗ص: 562⦘

خَيْرًا "، كَالْمُعْجَبِ بِقَوْلِهِ

ص: 561

949 -

أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْقَدَرِيِّ أُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَلَمْ يُجِبْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ أَنَا لَهُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَسْمَعُ: إِذَا كَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَلَا يُكَلَّمُ، وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ، وَلَا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«عَافَاكَ اللَّهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، وَجَزَاكَ خَيْرًا» ، كَالْمُعْجَبِ بِقَوْلِي

ص: 562

950 -

أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَجْلَانَ الْأَفْطَسُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«مَا غَلَا أَحَدٌ فِي الْقَدَرِ إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ»

ص: 562

‌تَفْرِيعُ أَبْوَابِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، وَالرَّدِّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ

ص: 562

‌ذِكْرُ فِتْنَةِ الْمُرْجِئَةِ وَإِحْدَاثِهِمْ ذَلِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ

ص: 562

951 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الْأَزْرَقُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، يَقُولُ:«لَفِتْنَةُ الْمُرْجِئَةِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ فِتْنَةِ الْأَزَارِقَةِ»

ص: 562

952 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: «دِينٌ مُحْدَثٌ دِينُ الْإِرْجَاءِ»

ص: 563

953 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِيمَانِ مَنْ هُوَ؟

⦗ص: 564⦘

قَالَ: " يَقُولُونَ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ ذَرٌّ "

ص: 563

954 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:«كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَعِيبُ عَلَى ذَرٍّ قَوْلَهُ فِي الْإِرْجَاءِ»

ص: 564

‌ذِكْرُ بَدْءِ الْإِيمَانِ كَيْفَ كَانَ وَالرَّدُ عَلَى الْمُرْجِئَةِ؛ لِأَنَّهُ نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ بَعْدَ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

ص: 564

955 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قُلْتُ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ؟ قَالَ:" كَذَا كَانَ بَدْءُ الْإِيمَانِ، ثُمَّ نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ: الصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ "

ص: 564

956 -

أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى النَّاقِدُ قَالَ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ رَأَوْهُ يُصَلِّي فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ يُقْتَلُ؟ قَالَ: لَا

⦗ص: 565⦘

، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«نُهِيتُ أَنْ أَقْتُلَ الْمُصَلِّينَ» . قَالَ: وَهَذَا يَدْخُلُ عَلَى الْمُرْجِئَةِ، وَقَدْ صَلَّى وَلَمْ يَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَهَذَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ "

ص: 564

957 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" إِذَا جَاءَ بِالْقَوْلِ، نَقُولُ: فَالْقَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّمَا تَنْقُصُ الْأَعْمَالُ وَتَزِيدُ، مَنْ أَسَاءَ نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِ، وَمَنْ أَحْسَنَ زِيدَ فِي إِيمَانِهِ "

ص: 565

958 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«أَيْشِ كَانَ بَدْءُ الْإِيمَانِ، أَلَيْسَ كَانَ نَاقِصًا فَجَعَلَ يَزِيدُ»

ص: 565

‌ذِكْرُ الْمُرْجِئَةِ مَنْ هُمْ، وَكَيْفَ أَصْلُ مَقَالَتِهِمْ

ص: 565

959 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ وَقِيلَ لَهُ: الْمُرْجِئَةُ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ»

ص: 565

960 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: مَنِ الْمُرْجِئُ؟ قَالَ: " الْمُرْجِئُ الَّذِي يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ "

ص: 565

961 -

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ:" الْمُرْجِئَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ "

ص: 565

962 -

وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«الْإِيمَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِعَمَلٍ»

ص: 566

963 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَنْ لَا يَرَى الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، قَالَ:«هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةُ»

ص: 566

964 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَمَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ؟ قَالَ: " مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، فَهُوَ مُرْجِئٌ "، قَالَ: وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ الْإِرْجَاءِ مَا هُوَ؟ قَالَ: " مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، فَهُوَ مُرْجِئٌ. وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ تَقُولَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ". وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: تَرَى الْإِرْجَاءَ؟ قَالَ: " أَنَا أَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَكَيْفَ أَكُونُ مُرْجِئًا "

ص: 566

965 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ النَّسَائِيُّ بِحِمْصَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مَنْصُورٍ، يَقُولُ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَا مُؤْمِنٌ؟» قُلْتُ: مَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَثِقُ بِهِ. قَالَ: «لَمْ تَقُلْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَنَا»

ص: 566

966 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ

⦗ص: 567⦘

قَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ عَلَيَّ فِي هَذَا شَيْءٌ، إِنْ قُلْتُ: أَنَا مُؤْمِنٌ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " لَا تَقُلْ: أَنَا مُؤْمِنُ حَقًّا، وَلَا الْبَتَّةَ، وَلَا عِنْدَ اللَّهِ "

ص: 566

967 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: قِيلَ لِي مُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ هَلْ النَّاسُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ؟ فَغَضِبَ أَحْمَدُ، وَقَالَ:«هَذَا كَلَامُ الْإِرْجَاءِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ» .

968 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَزَادَ:{إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ، وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 106]

ص: 567

969 -

وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الْأَشْعَثُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ سُفْيَانُ يُنْكِرُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ. قَالَ سُلَيْمَانُ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: «النَّاسُ عِنْدَنَا مُؤْمِنُونَ فِي الْأَحْكَامِ وَالْمَوَارِيثِ، نَرْجُو أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، وَلَا نَدْرِي مَا حَالُنَا عِنْدَ اللَّهِ»

ص: 567

970 -

وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْخَلِيلِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ أَبُو حَامِدٍ الْخَفَّافُ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَقُولُ: أَنَا مُسْلِمٌ، وَلَا يَرْجِعُ

⦗ص: 568⦘

، قَالَ:" إِذَا صَلَّى وَشَهِدَ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: يَنْبَغِي لِلْمُرْجِئَةِ، إِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْمُرْجِئَةُ تَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ الْإِقْرَارُ "

ص: 567

971 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ، قَالَ: قَالَ الْخَلِيلُ النَّحْوِيُّ: " إِذَا قُلْتَ: إِنِّي مُؤْمِنٌ، فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ "

ص: 568

972 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّ هَارُونَ بْنَ حُمَيْدٍ الْوَاسِطِيَّ ذَكَرَ لَهُمْ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى الْأَوْزَاعِيِّ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ حَقًّا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: " أَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ حَقًّا، فَالْمَسْأَلَةُ فِي هَذَا بِدْعَةٌ، وَالْكَلَامُ فِيهِ جَدَلٌ، لَمْ يَشْرَحْهُ لَنَا سَلَفُنَا، وَلَمْ نُكَلَّفْهُ فِي دِينِنَا، وَسَأَلْتُ أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ حَقًّا؟ فَلَعَمْرِي لَإِنْ كُنْتُ عَلَى الْإِيمَانِ، فَمَا تَرْكِي شَهَادَتِي لَهَا بِضَائِرِي، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عَلَيْهَا، فَمَا شَهَادَتِي لَهَا بِنَافِعِي، فَقِفْ حَيْثُ وَقَفَتْ بِكَ السُّنَّةُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّعَمُّقَ فِي الدِّينِ، لَيْسَ مِنَ الرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ، إِنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ قَالُوا حَيْثُ تَنَاهَى عِلْمُهُمْ: آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا "

ص: 568

973 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ

⦗ص: 569⦘

، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قُلْتُ لِإِسْحَاقَ: هَلْ لِلْإِيمَانِ مُنْتَهًى حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نَقُولَ: الْمَرْءُ مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: «لَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الطَّاعَةِ مِنَ الْإِيمَانِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَشْهَدَ بِاسْتِكْمَالٍ لِأَحَدٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاءَ، أَوْ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْأَنْبِيَاءُ بِالْجَنَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَإِنْ كَانُوا أَذْنَبُوا فَقَدْ غُفِرَ ذَلِكَ الذَّنْبُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا»

ص: 568

974 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، قَالَ: الرَّجُلُ يَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا؟ قَالَ: «هُوَ كَافِرٌ حَقًّا»

ص: 569

975 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ:" لَا يُعْجِبُنَا أَنْ نَقُولَ: مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَلَا نُكَفِّرُ مَنْ قَالَهُ "

ص: 569

‌الرَّدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ قَوْلَهُمْ: إِنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ

ص: 569

976 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْمُرْجِئَةِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ:" الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ "

ص: 569

977 -

أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ: مَا الْمُرْجِئَةُ؟ قَالَ: " الَّذِي يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ ". قِيلَ: فَالَّذِي يَقُولُ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟

⦗ص: 570⦘

قَالَ: «مَا أَدْرِي مَا هَذَا»

ص: 569

978 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ الْمُقْرِئُ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ: مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ، وَهُوَ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، قَالَ:«هَذَا قَوْلُ الْمُرْجِئَةِ»

ص: 570

979 -

كَتَبَ إِلَيَّ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْإِسْكَافِيُّ يَذْكُرُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْإِسْكَافِيَّ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ: مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«مَنْ سَرَّتْهُ سَيِّئَتُهُ فَأَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟ سَلْهُمْ»

ص: 570

980 -

‌ وَمِنْ قَوْلِ الْمُرْجِئَةِ: إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلُ الْجَارِحَةِ فَإِذَا قَالَ: فَقَدْ عَمِلَتْ جَوَارِحُهُ، وَهَذَا أَخْبَثُ قَوْلٍ لَهُمْ

ص: 570

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ الْوَرَّاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُرْجِئَةُ، فَقُلْتُ لَهْ: إِنَّهُمْ

⦗ص: 571⦘

يَقُولُونَ: إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ:" الْمُرْجِئَةُ لَا تَقُولُ هَذَا، بَلِ الْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ بِهَذَا، الْمُرْجِئَةُ تَقُولُ: حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ، وَتَعْمَلَ جَوَارِحُهُ، وَالْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ: إِذَا عَرَفَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ، وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْ جَوَارِحُهُ، وَهَذَا كُفْرُ إِبْلِيسَ، قَدْ عَرَفَ رَبَّهُ، فَقَالَ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39] ". قُلْتُ: فَالْمُرْجِئَةُ لِمِ كَانُوا يَجْتَهِدُونَ وَهَذَا قَوْلُهُمْ؟ قَالَ: «الْبَلَاءُ»

ص: 570

981 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " كَانَ شَبَابَةُ يَدْعُو إِلَى الْإِرْجَاءِ، وَكَتَبْنَا عَنْهُ قَبْلَ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، كَانَ يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، فَإِذَا قَالَ: فَقَدْ عَمِلَ بِلِسَانِهِ، قَوْلٌ رَدِيءٌ "

ص: 571

982 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ لَهُ: شَبَابَةُ، أَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ فِيهِ؟ فَقَالَ: شَبَابَةُ كَانَ يَدْعُو إِلَى الْإِرْجَاءِ "، قَالَ: " وَقَدْ حُكِيَ عَنْ شَبَابَةَ قَوْلٌ أَخْبَثُ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا عَنْ مِثْلِهِ، قَالَ: قَالَ شَبَابَةُ: إِذَا قَالَ فَقَدْ عَمِلَ، قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ كَمَا يَقُولُونَ: فَإِذَا قَالَ فَقَدْ عَمِلَ بِجَارِحَتِهِ أَيْ

⦗ص: 572⦘

بِلِسَانِهِ. فَقَدْ عَمِلَ بِلِسَانِهِ حِينَ تَكَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«هَذَا قَوْلٌ خَبِيثٌ، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ، وَلَا بَلَغَنِي»

ص: 571

‌وَمِنْ قَوْلِ الْمُرْجِئَةِ: قَالَ مِسْعَرٌ: أَشُكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي الْإِيمَانِ، وَهُوَ أَسْهَلُ قَوْلٍ لَهُمْ، وَقَدْ فَسَّرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله

ص: 572

983 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ لِيَ الثَّوْرِيُّ: كَلِّمْ مِسْعَرًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " يُشَكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي الْإِيمَانِ، قَالَ: لَا أَشُكُّ فِي إِيمَانِي، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ يُرِيدُ مِنْهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ "

ص: 572

984 -

فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ الْفَرَجِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَنْ كَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا قَوْلٌ، وَلَا يَسْتَثْنِي، فَذَكَرُوا مِسْعَرًا، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَانَ يَقُولُ بِالْإِرْجَاءِ؟ قَالَ:" إِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنَّهُ قَالَ: أَشُكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي إِيمَانِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُهُ مِنْ مِسْعَرٍ، وَلَيْسَ يَرْوُونَ عَنْ مِسْعَرٍ غَيْرَ هَذَا "

⦗ص: 573⦘

، قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: أَشُكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ أَرَادَ تَقْوِيَةَ قَوْلِهِ فِي تَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ، أَيُّ مَعْنًى لِقَوْلِهِ: أَشُكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لَا مَا يَشُكُّ نَحْنُ فِي الْمَوْتِ، وَلَا فِي الْجَنَّةِ، وَلَا فِي النَّارِ، وَلَا فِي الْبَعْثِ. فَقَالَ:" سُبْحَانَ اللَّهِ، لَمْ يُرِدْ هَذَا الطَّرِيقَ، إِنَّمَا أَرَادَ فِيمَا أَرَى، أَيْ شَكَّ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَغِيبُ عَنْهُ، وَسَمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «أَلَا تُكَلِّمْ مِسْعَرًا فِي هَذَا الَّذِي يَقُولُهُ» : قَالَ: كَانَ مِسْعَرٌ عِنْدَهُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا "

ص: 572

985 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " أَلَا تَقُولُ لِمِسْعَرٍ: أَيْ بِالْهِلَالِيَّةِ، يَعْنِي فِي الْإِرْجَاءِ ". فَقَالَ أَبِي وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ مِسْعَرٌ: «أَشُكُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا فِي إِيمَانِي»

ص: 573

986 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ قَالَ:" أَمَّا مِسْعَرٌ فَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ كَانَ مُرْجِئًا، وَلَكِنْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَثْنِي "

ص: 573

987 -

وَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ

⦗ص: 574⦘

أَحْمَدَ: مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ عِنْدَ نَفْسِي مِنْ طَرِيقِ الْأَحْكَامِ وَالْمَوَارِيثِ، وَلَا أَعْلَمُ مَا أَنَا عِنْدَ اللَّهِ عز وجل، قَالَ:«لَيْسَ هَذَا بِمُرْجِئٍ»

ص: 573

988 -

وَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ: هَلْ تَخَافُ أَنْ يَدْخُلَ الْكُفْرُ عَلَى مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ، فَقَالَ:«لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ»

ص: 574

989 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، فَأَدْعُو لَهُمْ؟، قَالَ:«ادْعُوا لَهُمْ بِالصَّلَاحِ»

ص: 574

‌وَمِنْ حُجَّةِ الْمُرْجِئَةِ بِالْجَارِيَةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَأَلَهَا عَنْ بَعْضِ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ

ص: 574

990 -

كَتَبَ إِلَيَّ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فِي الْحَدِيثِ «أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» ، قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقُولُ: إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ

⦗ص: 575⦘

هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ الْفَرَائِضُ»

ص: 574

991 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى: أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، قَالَ:" لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقُولُ فِيهِ: إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، يَقُولُونَ: أَعْتِقْهَا. قَالَ: وَمَالِكٌ سَمِعَهُ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، لَا يَقُولُ: فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، فَهِيَ حِينَ تُقِرُّ بِذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤْمِنَةِ. هَذَا مَعْنَاهُ "

ص: 575

992 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَوْمًا، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، يَعْنِي حَدِيثَ الْجَارِيَةِ الَّتِي أُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" هُمْ يَحْتَجُّونَ بِهِ، يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ، يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، النَّبِيُّ عليه السلام لَمْ يَرْضَ مِنْهَا حَتَّى قَالَ: تُؤْمِنِينَ بِكَذَا، تُؤْمِنِينَ بِكَذَا "

ص: 575

993 -

أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقُولُ فِيهِ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، يَقُولُونَ: أَعْتِقْهَا، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، حِينَ تُقِرُّ بِذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤْمِنَةِ "

ص: 575

‌وَمِمَّا احْتَجَّتْ بِهِ الْمُرْجِئَةُ وَفَسَّرَتْ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا» ، «لَيْسَ مِثْلَنَا» ، وَأَرَادَتِ الْمُرْجِئَةُ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ غَشَّ أَوْ عَمِلَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ شَيْئًا فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الْمِلَّةِ، وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ، وَقَدْ فَسَّرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

ص: 576

994 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَا مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، فَلَمْ يُجِبْ فِيهِ. قِيلَ: فَإِنَّ قَوْمًا، قَالُوا: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِثْلَنَا، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ:«هَذَا تَفْسِيرُ مِسْعَرٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ، كَلَامُ الْمُرْجِئَةِ» قَالَ أَحْمَدُ: وَبَلَغَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: " لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمِلَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ أَكَانَ يَكُونُ مِثْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟

ص: 576

995 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ: وَذَكَرَ رَجُلٌ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ

⦗ص: 577⦘

الرَّجُلُ: إِنَّمَا هُوَ لَيْسَ مِثْلَنَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مُنْكَرًا لِقَوْلِ الرَّجُلِ: «أَرَأَيْتَ لَوْ عَمِلَ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا، كَانَ يَكُونُ مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟»

ص: 576

996 -

وَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ الْفَرَجِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، قِيلَ لَهُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ فَسَّرَ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُمْ قَالُوا: لَيْسَ مِثْلَنَا. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمِلَ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ كُلِّهَا، كَانَ يَكُونُ مِثْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ لَيْسَ هَذَا التَّفْسِيرُ بِشَيْءٍ» ، فَحَسَّنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ

ص: 577

997 -

أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُثَنَّى مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنْبَرِيُّ، أَنَّ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّارَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ، فَسَكَتَ، فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ مِنَّا: لَيْسَ مِثْلَنَا؟ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: هَذَا رَوَاهُ مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَهِمُ فِيهِ، يَقُولُ: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَامَ وَصَلَّى، كَانَ يَكُونُ مِثْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةُ، يَعْنِي أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ:«لَيْسَ مِنَّا»

ص: 577

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ

⦗ص: 578⦘

فَلَيْسَ مِنَّا»

ص: 577

998 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» : كَمَا جَاءَ الْحَدِيثُ

ص: 578

بَلَغَنِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي هَذَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ مِنَّا: لَيْسَ بِمِثْلِنَا، فَقَالَ: " لَوْ عَمِلُوا جَمِيعَ أَعْمَالِ الْبِرِّ مَا كَانُوا مِثْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّهُ مِثْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَعَمَلِهِمْ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، يَحْمِلُ أَحَدٌ السِّلَاحَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يُرِيدُ قَتْلَهُ، وَيَحْمِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْإِسْلَامِ، مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ، وَمَنْ غَشَّنَا، وَمَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَهَذِهِ كُلُّهَا إِنَّمَا هِيَ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ: لَيْسَ مِنَّا أَيْ لَيْسَ مَعَنَا، هُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا

ص: 578

999 -

وَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: ثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ، مَا وَجْهُهُ؟ قَالَ:«لَا أَدْرِي إِلَّا عَلَى مَا رَوَى» ، وَذَكَرَ قَوْلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: هُوَ لَوْ لَمْ يَغُشَّ، كَانَ مِثْلَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

ص: 578

1000 -

أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَيْنَا فَلَيْسَ مِنَّا؟ قَالَ:«عَلَى التَّأْكِيدِ وَالتَّشْدِيدِ، وَلَا أُكَفِّرُ أَحَدًا إِلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ»

ص: 579

1001 -

وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلزُّهْرِيِّ: يَا أَبَا بَكْرٍ، حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» ، وَمَا أَشْبَهَ مِنَ الْحَدِيثِ؟ قَالَ سُفْيَانُ: فَأَطْرَقَ الزُّهْرِيُّ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«مِنَ اللَّهِ عز وجل الْعِلْمُ، وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ»

ص: 579

‌الرَّدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ فِي زِيَادَةِ الْعَمَلِ وَنُقْصَانِهِ مَا يُبْتَدَأُ بِهِ فِي ذَلِكَ مِنَ النِّيَّةِ مَعَ الْإِقْرَارِ، كَذَا يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ

ص: 579

1002 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ

⦗ص: 580⦘

: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، وَعَمَلٌ، وَنِيَّةٌ؟ فَقَالَ لِي:" كَيْفَ يَكُونُ بِلَا نِيَّةٍ، نَعَمْ، قَوْلٌ، وَعَمَلٌ، وَنِيَّةٌ، لَا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ، قَالَ لِي: النِّيَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ "

ص: 579

1003 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«الْإِيمَانُ قَوْلٌ، وَعَمَلٌ، وَنِيَّةٌ صَادِقَةٌ»

ص: 580

1004 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ عز وجل فِي الْقَلْبِ، يُتَفَاضَلُ فِيهِ؟ قَالَ:«نَعَمْ» ، قُلْتُ: وَيَزِيدُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»

ص: 580

1005 -

أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يُوسُفَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ قَالَ: «يَتَفَاضَلُ، كَلِمَةٌ أَحْسَنُ مِنْ كَلِمَةٍ»

ص: 580

1006 -

وَأَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ وَشَرِيكٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ:" الْإِيمَانُ: الْمَعْرِفَةُ، وَالْإِقْرَارُ، وَالْعَمَلُ "

ص: 580

1007 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْ يَعْقُوبَ بْنَ بُخْتَانَ حَدَّثَهُمْ قَالَ

⦗ص: 581⦘

: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَعْرِفَةِ وَالْقَوْلِ، تَزِيدُ وَتَنْقُصُ؟ قَالَ:«لَا، قَدْ جِئْنَا بِالْقَوْلِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَبَقِيَ الْعَمَلُ»

ص: 580

‌قَوْلُهُ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ

ص: 581

1009 -

أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ قَالَ: «هَذَا بَرِيءٌ مِنَ الْإِرْجَاءِ»

ص: 581

1010 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَحَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ:«الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ»

ص: 582

1011 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ»

ص: 582

1012 -

أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ»

ص: 582

1013 -

أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى حَدَّثَهُمْ، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:«الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، إِذَا عَمِلْتَ الْخَيْرَ زَادَ، وَإِذَا ضَيَّعْتَ نَقَصَ»

ص: 582

1014 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرِيَّ أَبَا عُثْمَانَ صَاحِبَ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ»

ص: 582

‌تَفْسِيرُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي الْإِيمَانِ

ص: 583

1015 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: حَسَّنَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَرَآهُ

ص: 583

1016 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ يَزِيدُ» ، وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ:" لَا يُعَنَّفُ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ يَنْقُصُ "

ص: 583

1017 -

وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا، قَالَ:«الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ» ، قَالَ:«وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ»

ص: 583

1018 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: «يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ» ، فَقَالَ:" كَانَ يَقُولُ: " الْإِيمَانُ يَتَفَاضَلُ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: يَنْقُصُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ "

ص: 583

1019 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «الْإِيمَانُ مِثْلُ قَمِيصِ أَحَدِكُمْ يَنْزِعُهُ»

ص: 583

1020 -

وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«الصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ، وَالْبِرُّ كُلُّهُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْمَعَاصِي تُنْقِصُ الْإِيمَانَ» ، وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: لَا أُصَلِّي، فَهُوَ كَافِرٌ "

ص: 584

1021 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ:«بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النُّصْحِ» ، فَيَكُونُ النُّصْحُ وَالْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَا يَكُونُ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ؟

ص: 584

1022 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ الْهَادِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ اللَّهَ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا»

ص: 584

1023 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيَّ، وَنَحْنُ خَلْفَ الْمَقَامِ: أَيْشِ تَقُولُ الْمُرْجِئَةُ؟ قَالَ: فَوَثَبَ فِي وَجْهِي، وَقَالَ:" يَقُولُونَ: لَيْسَ الطَّوَافُ بِهَذَا الْبَيْتِ مِنَ الْإِيمَانِ "

ص: 585

1024 -

وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: شَهِدَ أَبُو يُوسُفَ عِنْدَ شَرِيكٍ بِشَهَادَةٍ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ، وَأَبَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، فَقَالَ:" أُجِيزُ شَهَادَةَ رَجُلٍ يَقُولُ: الصَّلَاةُ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ؟ "

ص: 585

1025 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ، أَحْسَبُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَذَكَرَ أَصْحَابَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ لَهُ وَبَعَثَهُ فِيهِمْ، وَوَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ، فَقَالَ:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، تَرَاهُمْ رُكَّعًا، سُجَّدًا، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29]، " وَيَقُولُونَ: إِنَّ فَرَائِضَ اللَّهِ عز وجل عَلَى عِبَادِهِ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ قَدْ يُطْلَبُ بِلَا عَمَلٍ، وَقَالَ: وَإِنَّ النَّاسَ لَا يَتَفَاضَلُونَ فِي إِيمَانِهِمْ، وَأَنَّ بَرَّهُمْ

⦗ص: 586⦘

وَفَاجِرَهُمْ فِي الْإِيمَانِ سَوَاءٌ، وَمَا هَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ:" الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ قَالَ: بِضْعَةٌ وَسِتُّونَ جُزْءًا، أَوَّلُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ "، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا، وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13] . الدِّينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ، فَوَصَفَ اللَّهُ عز وجل الدِّينَ قَوْلًا وَعَمَلًا فَقَالَ:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] وَالتَّوْبَةُ مِنَ الشِّرْكِ، وَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ عَمَلٌ "

ص: 585

1026 -

أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ:«أَنْ تُصَدِّقَ اللَّهَ عز وجل بِمَا قَالَ»

ص: 586

1027 -

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَأُخْبِرْتُ أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ:: " إِنَّ مَنْ أَقَرَّ

⦗ص: 587⦘

بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَلَمْ يَفْعَلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُصَلِّيَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، مَا لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا، إِذَا عَلِمَ أَنْ تَرْكَهُ ذَلِكَ فِي إِيمَانِهِ إِذَا كَانَ يُقِرُّ الْفُرُوضَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ، فَقُلْتُ: هَذَا الْكُفْرُ بِاللَّهِ الصُّرَاحُ، وَخِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِعْلِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ:{حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] . قَالَ حَنْبَلٌ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَرَدَّ عَلَى اللَّهِ أَمْرَهُ، وَعَلَى الرَّسُولِ مَا جَاءَ بِهِ»

ص: 586

1028 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا وَائِلٍ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ، وَأَنَا أَسْمَعُ: أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنْ شَهِدَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَلْيَشْهَدْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ؟» قَالَ: نَعَمْ

ص: 587

1029 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ فِي النَّارِ»

ص: 587

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي، مَا زِيَادَتُهُ وَنُقْصَانُهُ؟ قَالَ:«زِيَادَتُهُ الْعَمَلُ، وَنُقْصَانُهُ تَرْكُ الْعَمَلِ، مِثْلُ تَرْكِهِ الصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَالْحَجَّ، وَأَدَاءَ الْفَرَائِضِ، فَهَذَا يَنْقُصُ، وَيَزِيدُ بِالْعَمَلِ» وَقَالَ: " إِنْ كَانَ قَبْلَ زِيَادَتِهِ تَامًّا، فَكَيْفَ يَزِيدُ التَّامُّ، فَكَمَا يَزِيدُ كَذَا يَنْقُصُ، وَقَدْ كَانَ وَكِيعٌ قَالَ: تَرَى إِيمَانَ الْحَجَّاجِ مِثْلَ إِيمَانِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؟ "

ص: 588

1031 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ يَقُولُ: إِيمَانُهُ مِثْلُ إِيمَانِ النَّبِيِّ عليه السلام؟ قَالَ: «لَا» ، قِيلَ: فَيَكُونُ إِيمَانُهُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: «لَا»

ص: 588

1033 -

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ نُقْصَانِ الْإِيمَانِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«مَا نَقَصَتْ أَمَانَةُ عَبْدٍ إِلَّا نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِ»

ص: 588

1034 -

أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سَامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ

⦗ص: 589⦘

، قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْبَيْتِ: «فَكَيْفَ بِصَلَاتِنَا الَّتِي صَلَّيْنَا إِلَيْهَا؟» ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، فَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ:«فَجَعَلَ صَلَاتَهُمْ إِيمَانًا، فَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ»

ص: 588

1035 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَالَ: هَذَا مِنَ الْإِيمَانِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:" فَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَقَالَ: الزِّيَادَةُ فِي الْعَمَلِ، وَذَكَرَ النُّقْصَانَ إِذَا زَنَى وَسَرَقَ "

ص: 589

1036 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:" هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ فِي الْإِيمَانِ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] وَهَذِهِ الْآيَةُ: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] "

ص: 589

1037 -

وَأَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ خُرَاسَانِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدَنَا قَوْمًا يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ، فَقَالَ: " مَا يَقْرَءُونَ مِنْ

⦗ص: 590⦘

كِتَابِ اللَّهِ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] "

ص: 589

1038 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الشَّافِعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَنَا لِلَيْلَةٍ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَعَنَا الْحُمَيْدِيُّ، فَذَكَرْنَا شَيْئًا مِنَ الْإِيمَانِ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: " لَيْسَ شَيْءٌ أَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ. . .} [البينة: 5] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ "، ثُمَّ قَالَ: مَا سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَ مِنْ هَذَا شَيْئًا قَبْلَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ

ص: 590

1039 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ مُنْذُ أَكْثَرِ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَإِنَّ الَّذِي يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَفْعَلُ الصَّالِحَاتِ أَكْثَرُ إِيمَانًا مِنَ الَّذِي يَسْرِقُ وَيَزْنِي»

ص: 590

1040 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُرَيْجٌ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، قَالُوا:«الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعُمَلٌ»

ص: 590

1041 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَقَوْلُ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، فَقَالَ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ:«أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ كَذَا، أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ كَذَا» ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ذَاكَ "

ص: 591

1042 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ بُهْلُولٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَالَ:" قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، أَمَا تَقْرَأُ: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4] "

ص: 591

1043 -

أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ الْفَرَجِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تَقُولُ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَتَقُولُ: قَوْلٌ

⦗ص: 592⦘

وَعَمَلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَيَكُونُ ذَاكَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى هَذَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا يَكُونُ أَنْقَصَ مِمَّنْ لَمْ يَفْعَلْهَا، وَيَكُونُ هَذَا أَكْثَرَ إِيمَانًا مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَكُونُ الْإِيمَانُ بَعْضُهُ أَكْثَرُ مِنْ بَعْضٍ، هَكَذَا هُوَ " فَتَذَاكَرْنَا مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، فَعَدَّ غَيْرَ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ مَالِكَ يَحْكُونَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، فَقَالَ: بَلَى، قَدْ رُوِيَ عَنْهُ: يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، كَانَ ابْنُ نَافِعٍ يَحْكِيهِ عَنْ مَالِكٍ. فَقُلْتُ لَهُ: ابْنُ نَافِعٍ حَكَى عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ "

ص: 591

1044 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، قَالَ:«الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَيَزِيدُ»

ص: 592

1045 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ، قَالَ: نُقْصَانُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ»

ص: 592

1046 -

فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَ الْكِتَابَ فِي الزِّيَادَةِ، وَذَكَرَ الْحَيَاءَ، وَذَكَرَ جَرِيرًا، وَذَكَرَ النُّقْصَانَ، يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ، وَقَوْلُهُ: لَا يَزْنِي الزَّانِي

ص: 592

1047 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ حُبَيْشَ بْنَ سِنْدِيٍّ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ نَقُولُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ

⦗ص: 593⦘

يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: لَا يَزْنِيَنَّ الزَّانِي، فَقَالَ:«هَؤُلَاءِ كَذَّابُونَ، سَمِعُوا هَذَا وَعَمِيَ عَلَى النَّاسِ؟»

ص: 592

1048 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ، وَمُقَاتِلُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ قَالَ:«الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، يَنْقُصُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ»

ص: 593

‌الرَّدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ

ص: 593

1049 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَيْمَانِ، فَقَالَ: " نَعَمْ، الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى شَكٍّ مَخَافَةً وَاحْتِيَاطًا لِلْعَمَلِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ

⦗ص: 594⦘

الشُّورَى، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَقَالَ فِي الْبَقِيعِ: عَلَيْهِ نُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ص: 593

1050 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، يَقُولُ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ أَنَّهُ قَالَ:«وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» . قَالَ: " هَذَا حُجَّةٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ. لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لُحُوقِهِمْ، لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27] ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ دَاخِلُوهُ "

ص: 594

1051 -

وَأَخْبَرَنِي حَرْبٌ، قَالَ: سُئِلَ أَحْمَدُ: " مَا تَقُولُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ؟ قَالَ: «نَحْنُ نَذْهَبُ إِلَيْهِ» ، قِيلَ: الرَّجُلُ يَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»

ص: 594

1052 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ،: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ، يَقُولُ:«مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَا بَلَغَنَا إِلَّا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ»

ص: 595

1053 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ:«مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا، لَا ابْنَ عَوْنٍ، وَلَا غَيْرَهُ إِلَّا وَهُمْ يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ»

ص: 595

1054 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ حُبَيْشَ بْنَ سِنْدِيٍّ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُ النَّبِيِّ عليه السلام حِينَ وَقَفَ عَلَى الْمَقَابِرِ. فَقَالَ: «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ، وَقَدْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ أَنَّهُ صَائِرٌ إِلَى الْمَوْتِ

ص: 595

وَفِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: " أَحَدُنَا يُصْبِحُ جُنُبًا يَصُومُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي لِأَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ أَصُومُ» فَقَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، أَنْتَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ

ص: 595

مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ؟ فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ» ، وَهَذَا كَثِيرٌ، وَأَشْبَاهُهُ عَلَى الْيَقِينِ "، قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» . فَقَالَ لَهُ: يَزِيدُ؟ فَقَالَ: «يَزِيدُ وَيَنْقُصُ» ، فَقَالَ لَهُ: أَقُولُ مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لِي: إِنَّكَ شَاكٍ. قَالَ: «بِئْسَ مَا قَالُوا» . ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: رُدُّوهُ، فَقَالَ: " أَلَيْسَ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «هَؤُلَاءِ مُسْتَثْنُونَ» قَالَ لَهُ: كَيْفَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: " قُلْ لَهُمْ: زَعَمْتُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ. فَالْقَوْلُ قَدْ أَتَيْتُمْ بِهِ، وَالْعَمَلُ فَلَمْ تَأْتُوا بِهِ، فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ لِهَذَا الْعَمَلِ "، فَقِيلَ لَهُ: فَيُسْتَثْنَى فِي الْإِيمَانِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، أَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَسْتَثْنِي عَلَى الْيَقِينِ، لَا عَلَى الشَّكِّ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] ، فَقَدْ عَلِمَ تبارك وتعالى أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ "

ص: 596

1055 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا الْأَثْرَمُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ

⦗ص: 597⦘

لِلَّهِ» ، فَقَالَ:«هَذَا أَيْضًا أَرْجُو» ، أَيْ: هُوَ حُجَّةٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ، أَيْ إِنَّهُ قَدْ قَالَ: أَرْجُو، وَهُوَ أَخْشَاهُمْ

ص: 596

1056 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُهُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْإِيمَانِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ، وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ، وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ أَتَمُّ: قِيلَ لِي: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ هَلْ النَّاسُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ، فَغَضِبَ أَحْمَدُ، وَقَالَ:" هَذَا كَلَامُ الْإِرْجَاءِ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} [التوبة: 106] ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ "، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: أَلَيْسَ الْإِيمَانُ قَوْلًا وَعَمَلًا؟ " قَالَ الرَّجُلُ: بَلَى، قَالَ: «فَجِئْنَا بِالْقَوْلِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَجِئْنَا بِالْعَمَلِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَكَيْفَ تَعِيبُ أَنْ يَقُولَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَسْتَثْنِي؟» . زَادَ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: " أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، فَجِئْنَا بِالْقَوْلِ وَلَمْ نَجِئْ بِالْعَمَلِ، فَنَحْنُ مُسْتَثْنُونَ بِالْعَمَلِ، زَادَ الْفَضْلُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَمَلَ هَذَا عَلَى التَّقَبُّلِ، يَقُولُ: نَحْنُ نَعْمَلُ وَلَا نَدْرِي يُتَقَبَّلُ مِنَّا أَمْ لَا

ص: 597

1057 -

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " لَا نَجِدُ بُدًّا مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ

⦗ص: 598⦘

فَقَدْ جَاءَ بِالْقَوْلِ، فَإِنَّمَا الِاسْتِثْنَاءُ بِالْعَمَلِ لَا بِالْقَوْلِ "

1058 -

أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ. . . . . . .

ص: 597

1059 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَعْنِي لَمَّا قَالَ لَهُ: الِاسْتِثْنَاءُ مَخَافَةً وَاحْتِيَاطًا، فَقُلْتُ لَهُ: كَأَنَّكَ لَا تَرَى بَأْسًا أَنْ لَا يُسْتَثْنَى، فَقَالَ:" إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَقُولُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَهُوَ أَسْهَلُ عِنْدِي "، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:«إِنَّ قَوْمًا تَضْعُفُ قُلُوبُهُمْ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ» ، كَالْمُتَعَجَّبِ مِنْهُمْ

ص: 598

1060 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ الْفَرَجِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَرْوِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ:" الِاسْتِثْنَاءُ وَتَرْكُ الِاسْتِثْنَاءِ سَوَاءٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] ، فَهَذَا لَيْسَ عَلَى شَكٍّ. فَلَمْ أُرَاهُ يُعْجِبُهُ تَرْكُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَرَأَيْتُهُ أَكْثَرَ عِنْدَهُ "

ص: 598

1061 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ حُبَيْشَ بْنَ سِنْدِيٍّ حَدَّثَنَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ:«أَوَّلُ الْإِرْجَاءِ تَرْكُ الِاسْتِثْنَاءِ»

ص: 598

1062 -

وَأَخْبَرَنِي حَامِدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: يَصِحُّ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَجَعَ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ،؟ فَقَالَ:«لَا يَصِحُّ، أَصْحَابُهُ يَعْنِي عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ» ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ حَجَّاجًا، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَمُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّ حَائِكًا بَلَغَهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: زَلَّةُ عَالِمٍ، يَعْنِي حَيْثُ قَالَ لَهُ: إِنْ قَالُوا: إِنَّا مُؤْمِنُونَ، فَقَالَ:«أَلَا سَأَلْتُمُوهُمْ أَفِي الْجَنَّةِ هُمْ؟» وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ قَوْلِي: رَجَعَ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَقَالَ:«كَذَلِكَ أَصْحَابُهُ، يَقُولُونَ بِالِاسْتِثْنَاءِ»

ص: 599

1063 -

وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: هَذَا الْأَعْمَشُ وَزُبَيْدٌ وَمَنْصُورٌ حَدَّثُونَا، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ» ، فَأَيُّهُمْ نَتَّهِمُ؟ أَنَتَّهِمُ الْأَعْمَشَ، أَنَتَّهِمُ مَنْصُورًا أَنَتَّهِمُ أَبَا وَائِلٍ؟ قَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَأَيْشِ أَتَّهِمُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ؟ قَالَ: " اتَّهِمْ رَأْيَهُ الْخَبِيثَ، يَعْنِي حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ لِي: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: " كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا حَتَّى أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ: قَالَ: أَحْدَثَ الْإِرْجَاءَ "

ص: 599

1064 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَتِ الْمُرْجِئَةُ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فَسَأَلْتُهُ، فَحَدَّثَنِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سِبَابُ الْمُسْلِمِ فِسْقٌ أَوْ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» . قَالَ: وَحَدَّثَنِيهِ الْأَعْمَشُ وَمَنْصُورٌ، سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقُلْتُ لِحَمَّادٍ: أَتَّهِمُ زُبَيْدًا، أَتَّهِمُ مَنْصُورًا، أَتَّهِمُ الْأَعْمَشَ، قَالَ:«لَا، وَلَكِنْ أَتَّهِمُ أَبَا وَائِلٍ»

ص: 600

1065 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " اذْهَبْ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ، وَالْعَمَلُ الْفِعْلُ، فَقَدْ جِئْنَا بِالْقَوْلِ، وَنَخْشَى أَنْ نَكُونَ قَدْ فَرَّطْنَا فِي الْعَمَلِ، فَيُعْجِبُنِي أَنْ نَسْتَثْنِيَ فِي الْإِيمَانِ، نَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ، الِاسْتِثْنَاءُ هَاهُنَا عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَقَعُ؟ قَالَ:«عَلَى الْبِقَاعِ، لَا يَدْرِي أَيُدْفَنُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرِهِ»

ص: 600

1066 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِهِ وَرَأْيِهِ فِي: مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ قَالَ: " أَقُولُ: مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمُؤْمِنٌ أَرْجُو، لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى كَيْفَ أَدَاؤُهُ لِلْأَعْمَالِ، عَلَى مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ، أَمْ لَا؟ "

ص: 601

1067 -

وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:" لَوْ كَانَ الْقَوْلُ كَمَا تَقُولُ الْمُرْجِئَةُ: إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ، ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْدُ عَلَى الْقَوْلِ لَكَانَ هَذَا قَبِيحًا، أَنْ تَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْعَمَلِ "

ص: 601

‌الرَّجُلُ يُسْأَلُ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي ذَلِكَ

ص: 601

1068 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: إِذَا سَأَلَنِي الرَّجُلُ أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: " سُؤَالُهُ إِيَّاكَ بِدْعَةٌ، لَا يُشَكُّ فِي إِيمَانِكَ، أَوْ قَالَ: لَا نَشُكُّ فِي إِيمَانِنَا ". قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَحِفْظِي أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَقُولُ كَمَا قَالَ طَاوُسٌ: «آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ»

ص: 601

1069 -

وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَالَ لَهُ

⦗ص: 602⦘

: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: " سُؤَالُهُ إِيَّاكَ بِدْعَةٌ، يَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ "

ص: 601

1070 -

أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ، الْمَعْنَى قَرِيبٌ. قَالَ حَرْبٌ: ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ:«إِذَا سُئِلَ مُؤْمِنٌ أَنْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ لَمْ يُجِبْهُ، وَسُؤَالُكَ إِيَّايَ بِدْعَةٌ، وَلَا أَشُكُّ فِي إِيمَانِي» . قَالَ: «إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَيْسَ يَكْرَهُ، وَلَا يُدَاخِلُ الشَّكَّ»

ص: 602

1071 -

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: يَقُولُ لِي: أَنْتَ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ:" سُؤَالُهُ إِيَّاكَ بِدْعَةٌ، وَقُلْ: أَنَا مُؤْمِنٌ أَرْجُو "، قُلْتُ: أَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ:" إِنْ قُلْتُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَرْجُو "

ص: 602

1072 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَسْأَلُنِي: مُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: " تَقُولُ: نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ "

ص: 602

‌التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ

ص: 602

1073 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ: نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: نَقُولُ نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ ، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: وَقُلْتُ لِأَبِي

⦗ص: 603⦘

عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ: إِنَّا مُؤْمِنُونَ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنْ نَقُولُ: إِنَّا الْمُسْلِمُونَ "

ص: 602

1074 -

وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، أَنَّهُ سَمِعَ حَنْبَلًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، فَقَالَ:«الْإِيمَانُ غَيْرُ الْإِسْلَامِ»

ص: 603

1075 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ

⦗ص: 604⦘

، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامًا، يَقُولُ: كَانَ الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولَانِ: مُسْلِمٌ، وَيَهَابَانِ: مُؤْمِنٌ "

ص: 603

1076 -

وَأَخْبَرَنِي زُهَيْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أَبِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: " الْإِسْلَامُ: الْقَوْلُ، وَالْإِيمَانُ: الْعَمَلُ "، قِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: «الْإِسْلَامُ غَيْرُ الْإِيمَانِ» ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام:«أَوْ مُسْلِمٌ»

ص: 604

1077 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللِّهِ: تُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَأَقُولُ: مُسْلِمٌ، وَلَا أَسْتَثْنِي "، قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْتَجُّ؟ قَالَ: " عَامَّةُ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا، ثُمَّ قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا، وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] " قُلْتُ: وَفِي كِتَابِ اللَّهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا، وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءِ عَلِيمٌ، يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا، قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ، بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} "

⦗ص: 605⦘

. وَقُلْتُ لِابْنِ حَنْبَلٍ: فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَيْضًا آيَاتٌ، قَالَ لِيَ ابْنُ حَنْبَلٍ: وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ وَشَرِيكٌ وَذَكَرَ قَوْلَهُمْ، قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَالَ لِيَ ابْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي رَجُلٌ: لَوْ لَمْ يَجِئْنَا فِي الْإِيمَانِ إِلَّا هَذَا لَكَانَ حَسَنًا، قُلْتُ لِأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: فَتَذْهَبُ إِلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ مَعَ السُّنَنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْقَوْلُ؟ قَالَ: «هُمْ يُصِيِّرُونَ هَذَا كُلَّهُ وَاحِدًا، وَيَجْعَلُونَهُ مُسْلِمًا وَمُؤْمِنًا شَيْئًا وَاحِدًا عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ، وَمُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ» . قُلْتُ: فَمِنْ هَاهُنَا حُجَّتُنَا عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ

ص: 604

1078 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ فُلَانٌ: «الْإِيمَانُ سَهْمٌ، وَالْإِسْلَامُ سَهْمٌ

⦗ص: 606⦘

، وَالصَّلَاةُ سَهْمٌ، وَالصَّوْمُ سَهْمٌ، وَالْجِهَادُ سَهْمٌ، وَالْهِجْرَةُ سَهْمٌ، وَالْحَجُّ سَهْمٌ، وَالزَّكَاةُ سَهْمٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ سَهْمٌ، وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ سَهْمٌ، اضْرِبْ بِسَهْمِكَ، وَقَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ»

ص: 605

1079 -

كَتَبَ إِلَيَّ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْإِيمَانِ أَوْكَدُ أَوِ الْإِسْلَامُ؟ قَالَ:«جَاءَ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا وَحَدِيثُ سَعْدٍ أَحَبُّ لِي»

ص: 606

1080 -

وَأَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: ثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو أَحْمَدُ، قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، كَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ، قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ:«أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةُ»

⦗ص: 607⦘

. وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ، قَوْلُهُ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، فَبَيْنَ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْمُسْلِمِ رَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلٌ، وَقَوْلُهُ:«إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَيِّتٌ يَشُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، الِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ ذَنْبًا مِنْ زِنًا أَوْ سَرَقَ يُزَايِلُهُ إِيمَانُهُ؟ قَالَ: هُوَ نَاقِصُ الْإِيمَانِ، فَخُلِعَ مِنْهُ كَمَا يُخْلَعُ الرَّجُلُ مِنْ قَمِيصِهِ، فَإِذَا تَابَ وَرَاجَعَ عَادَ إِلَيْهِ إِيمَانُهُ قَالَ حَنْبَلٌ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، قَالَ: هَكَذَا يُرْوَى الْحَدِيثُ. وَيُرْوَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ:«لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، قَالَ: يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَالْإِيمَانُ مَقْصُورٌ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِذَا زَنَى خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ. قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ: قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ مُؤْمِنٌ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَوْ مُسْلِمٌ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَنَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ، وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ. قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: الْإِسْلَامُ غَيْرُ الْإِيمَانِ

ص: 606

1081 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: " أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ

⦗ص: 608⦘

مُحَمَّدٍ، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ، لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: أَنَا عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ "

ص: 607

1082 -

أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَيُكْرَهُ ذِكْرُ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَحَقٌّ فِي الْكَلَامِ»

ص: 608

1083 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: «هَذَا الْإِسْلَامُ، وَدَوَّرَ دَوَّارَةً فِي وَسَطِهَا أُخْرَى، وَهَذَا الْإِيمَانُ الَّذِي فِي وَسَطِهَا مَقْصُورٌ فِي الْإِسْلَامِ» ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، قَالَ: يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ الْبَتَّةَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَرَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ "

ص: 608