الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الملقب شمس الدّين أَبُو الْخَيْر وَأَبُو عبد الله بن الزين أَو الْجلَال أبي الْفضل وَأبي مُحَمَّد السخاوي الأَصْل القاهري)
الشَّافِعِي المُصَنّف الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف بالسخاوي، وَرُبمَا يُقَال لَهُ ابْن الْبَارِد شهرة لجده بَين أنَاس مخصوصين وَلذَا لم يشْتَهر بهَا أَبوهُ بَين الْجُمْهُور وَلَا هُوَ بل يكرهها كَابْن عليبة وَابْن الملقن فِي الْكَرَاهَة وَلَا يذكرهُ بهَا إِلَّا من يحتقره. لد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين علو الدَّرْب المجاور لمدرسة شيخ الْإِسْلَام البُلْقِينِيّ مَحل أَبِيه وجده، ثمَّ تحول مِنْهُ حِين دخل فِي الرَّابِعَة مَعَ أَبَوَيْهِ لملك اشْتَرَاهُ أَبوهُ مجاور لسكن شَيْخه ابْن حجر، وَأدْخلهُ أَبوهُ الْمكتب بِالْقربِ من الميدان عِنْد الْمُؤَدب الشّرف عِيسَى بن أَحْمد المقسي النَّاسِخ فَأَقَامَ عِنْده يَسِيرا جدا، ثمَّ نَقله لزوج أُخْته الْفَقِيه الصَّالح الْبَدْر حُسَيْن بن أَحْمد الْأَزْهَرِي أحد أَصْحَاب الْعَارِف بِاللَّه يُوسُف الصفي فَقَرَأَ عِنْده الْقُرْآن وَصلى بِهِ للنَّاس التَّرَاوِيح فِي رَمضًا بزاوية لأبي أمه الشَّيْخ شمس الدّين الْعَدوي الْمَالِكِي، ثمَّ توجه بِهِ أَبوهُ لفقيهه المجاور لسكنه الشَّيْخ الْمُفِيد النفاع الْقدْوَة الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد النحريري الضَّرِير مؤدب الْبُرْهَان بن خضر والجلال بن الملقن وَابْن أَسد وَغَيرهم من الْأَئِمَّة وَأحد من علق شَيْخه فِي تَذكرته من نوادره وَسمع مِنْهُ الطّلبَة والفضلاء وَيعرف بالسعودي وَذَلِكَ حِين
انْقِطَاعه بمنزله لضَعْفه فجوده عَلَيْهِ وانتفع بِهِ فِي آدَاب التجويد وَغَيرهَا وعلق عَنهُ فَوَائِد ونوادر وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَدِيثا الْتحق فِي قِرَاءَته عَلَيْهِ بشيوخه، وتلاه فِي غُضُون ذَلِك مرَارًا على مؤدبه بعد زوج عمته الْفَقِيه الشَّمْس مُحَمَّد بن عمر الطباخ أَبوهُ أحد قراء السَّبع هُوَ، وَحفظ عِنْده بعض عُمْدَة الْأَحْكَام. ثمَّ انْتقل بِإِشَارَة السعودي الْمَذْكُور للعلامة الشهَاب بن أَسد فأكمل عِنْده حفظهَا مَعَ حفظ التَّنْبِيه كتاب عَمه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن مَالك والنخبة، وتلا عَلَيْهِ لأبي عَمْرو ثمَّ لِابْنِ كثير وَسمع عَلَيْهِ غَيرهمَا من الرِّوَايَات إفرادا وجمعا وتدرب بِهِ فِي المجطالعة وَالْقِرَاءَة وَصَارَ يُشَارك غَالب من يتَرَدَّد إِلَيْهِ للتفهم فِي الْفِقْه والعربة والقراآت وَغَيرهَا.
وَكلما انْتهى حفظه لكتاب عرضه على شُيُوخ عصره فَكَانَ من جملَة من عرض عَلَيْهِ مِمَّن لم يَأْخُذ عَنهُ بعد: الْمُحب بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَالشَّمْس بن عمار الْمَالِكِي والنور التلواني وَالْجمال عبد الله الزيتوني وَكَذَا الزين عبَادَة ظنا فقد اجْتمع بِهِ وبالشمس الْبِسَاطِيّ مَعَ جده، ثمَّ حفظ بعد ألفية الْعِرَاقِيّ وَشرح النخبة وغالب الشاطبية وَبَعض جَامع المختصرات ومقدمة الساوي فِي الْعرُوض وَغير ذَلِك مِمَّا لم يكمله. وَقَرَأَ بعض الْقُرْآن على النُّور البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر والزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي لِابْنِ كثير ظنا وَسمع الْكثير من الْجمع للسبع وللعشر على)
الزين رضوَان العقبي وَالْبَعْض من ذَلِك على الشهَاب السكندري وَغَيره بل سمع الْفَاتِحَة وَإِلَى المفلحون للسبع على شَيْخه بِقِرَاءَة ابْن أَسد وجعفر السنهوري وَغَيرهمَا من أَئِمَّة الْقُرَّاء. وَلزِمَ الْأُسْتَاذ الفريد الْبُرْهَان بن خضر أحد أَصْحَاب عَمه ووالده حَتَّى أمْلى عَلَيْهِ عدَّة كراريس من مُقَدّمَة فِي الْعَرَبيَّة مفيدة وَقَرَأَ عَلَيْهِ غَالب شرح الألفية لِابْنِ عقيل وَسمع الْكثير من توضيحها
لِابْنِ هِشَام وَغَيره من كتب الْفَنّ وَغَيره، وَكَذَا قَرَأَ على أوحد النُّحَاة الشهَاب أبي الْعَبَّاس الحناوي مقدمته الْمُسَمَّاة بِالدرةِ المضية وكتبها لَهُ بِخَطِّهِ إِكْرَاما لجده، وتدرب بهما فِي الْإِعْرَاب حَيْثُ أعرب على الأول من الْأَعْلَى إِلَى النَّاس وعَلى الثَّانِي مَوَاضِع من صَحِيح البُخَارِيّ، وَأخذ الْعَرَبيَّة أَيْضا عَن الشهَاب الأبدي المغربي وَالْجمال بن هِشَام الْحَنْبَلِيّ حفيد سِيبَوَيْهٍ وقته الشهير وَغَيرهمَا وَقَرَأَ التَّنْبِيه تقسيما على ابْن خضر وَالسَّيِّد الْبَدْر النسابة وَبَعضه على الشَّمْس الشنشي وَحضر تقسيمه مرَارًا عِنْد غير هَؤُلَاءِ بل حضر عِنْد الشَّمْس الونائي تِلْكَ الدُّرُوس الطنانة الَّتِي أقرأها فِي الرَّوْضَة وَلم يسمع الْفِقْه عَن أفْصح مِنْهُ وَلَا أجمع. واليسير جدا عِنْد القاياتي وَكَذَا أَخذ الْكثير من الْفِقْه عَن الْعلم صَالح البُلْقِينِيّ وَمن جملَة ذَلِك فِي الرَّوْضَة والمنهاج وَبَعض التدريب لوالده والتكملة الَّتِي لَهُ وَسمع دروسا من شرح الْحَاوِي لِابْنِ الملقن على شَيْخه وَكَذَا من التَّفْسِير وَالْعرُوض. وَحضر تَقْسِيم الْبَهْجَة بِتَمَامِهِ عِنْد الشّرف الْمَنَاوِيّ وتقسيم الْمُهَذّب أَو غالبه عِنْد الزين البوتيجي وَتردد إِلَيْهِ فِي الْفَرَائِض وَغَيرهَا. بل أَخذ طرفا من الْفَرَائِض والحساب والميقات وَغَيرهَا عَن الشهَاب بن المجدي وَقَرَأَ الْأُصُول على الْكَمَال بن إِمَام الكاملية قَرَأَ عَلَيْهِ غَالب شَرحه الصَّغِير على الْبَيْضَاوِيّ وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك من فقه وَغَيره وَقَرَأَ على غَيره فِي متن الْبَيْضَاوِيّ. وَحضر كثيرا من دروس التقي الشمن فِي الْأَصْلَيْنِ والمعاني وَالْبَيَان وَالتَّفْسِير وَعَلِيهِ قَرَأَ شَرحه نظم وَالِده للنخبة مَعَ شرح أَبِيه لَهَا بل أَخذ عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ فِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف والمنطق وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ دروسا كَثِيرَة عَن الْأمين الأقصرائي
وَكَثِيرًا من التَّفْسِير وَغَيره عَن السعد بن الديري وَمن شرح ألفية الْعِرَاقِيّ عَن الزين السندبيسي بل قَرَأَ الشَّرْح بِتَمَامِهِ على الزين قَاسم الْحَنَفِيّ وَأخذ قِطْعَة من الْقَامُوس فِي اللُّغَة تحريرا وإتقانا مَعَ الْمُحب بن الشّحْنَة. وَكتب يَسِيرا على شيخ الْكتاب الزين عبد الرَّحْمَن بن الصَّائِغ ثمَّ ترك لما رأى عِنْده من كَثْرَة اللَّغط وَلزِمَ الشَّمْس الطنتدائي الْحَنَفِيّ إِمَام مجْلِس البيبرسية فِيهَا أَيَّامًا. وَلبس الْخِرْقَة مَعَ التَّلْقِين من المحيوي حفيد الْجمال يُوسُف العجمي)
وَأبي مُحَمَّد مَدين الأشمومي وَأبي الْفَتْح الفوي وَعمر النبتيتي فِي آخَرين فِي هَذِه الْعُلُوم وَغَيرهَا كَابْن الْهمام وَأبي الْقسم النويري والْعَلَاء القلقشندي والجلال الْمحلي والمحب الأقصرائي وَمِمَّا حَضَره عِنْده التصوف، وَاجْتمعَ بِأبي عبد الله الغمري وَغَيره من الأكابر، وَأذن لَهُ غير وَاحِد مِنْهُم وَمن غَيرهم بالإفتاء والتدريس والإملاء بل كَانَ الْكثير مِنْهُم يُرْسل لَهُ بالفتاوى أَو يسْأَله شفاها. وَرُبمَا أَخذ بَعضهم عَنهُ.
وَقبل ذَلِك كُله سمع مَعَ وَالِده لَيْلًا الْكثير من الحَدِيث على شَيْخه إِمَام الْأَئِمَّة الشهَاب بن حجر فَكَانَ أول مَا وقف عَلَيْهِ من ذَلِك فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وأوقع الله فِي قلبه محبته فلازم مَجْلِسه وعادت عَلَيْهِ بركته فِي هَذَا الشَّأْن الَّذِي باد جماله وحاد عَن السّنَن الْمُعْتَبر عماله فَأقبل عَلَيْهِ بكليته إقبالا يزِيد على الْوَصْف بِحَيْثُ تقلل مِمَّا عداهُ لقَوْل الْحَافِظ الْخَطِيب أَنه علم لَا يعلق إِلَّا بِمن قصر نَفسه عَلَيْهِ وَلم يضم غَيره من الْفُنُون إِلَيْهِ، وَقَول إمامنا الشَّافِعِي لبَعض أَصْحَابه أَتُرِيدُ أَن تجمع بَين الْفِقْه والْحَدِيث هَيْهَات، وتوجيه شَيخنَا تَقْدِيم شَيْخه لَهُ فِيهِ على وَلَده وَغَيره بِعَدَمِ التوغل
فِيمَا عداهُ كتوجيهه لكثير مِمَّن وصف من أَئِمَّة المحديثن وحفاظهم وَغَيرهم باللحن بِأَن ذَلِك بِالنِّسْبَةِ للخليل وسيبويه وَنَحْوهمَا دون خلوهم أصلا مِنْهُ حَسْبَمَا بسط ذَلِك معنى وأدلة فِي عدَّة من تصانيفه وَلذَا توهم الغبي الْغمر مِمَّن لم يخالطه أَنه لَا يحسنها وَقَالَ الْعَارِف المخالط إِن من قصره على هَذَا الْعلم ظلمه.
وداوم الْمُلَازمَة لشيخه حَتَّى حمل عَنهُ علما جما اخْتصَّ بِهِ كثيرا بِحَيْثُ كَانَ من أَكثر الآخذين عَنهُ، وأعانه على ذَلِك قرب منزله مِنْهُ فَكَانَ لَا يفوتهُ مِمَّا يقْرَأ عَلَيْهِ إِلَّا النَّادِر إِمَّا لكَونه حمله أَو لِأَن غَيره أهم مِنْهُ وينفرد عَن سَائِر الْجَمَاعَة بأَشْيَاء. وَعلم شدَّة حرصه على ذَلِك فَكَانَ يُرْسل خَلفه أَحْيَانًا بعض خدمه لمنزله يَأْمُرهُ بالمجيء للْقِرَاءَة.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ الِاصْطِلَاح بِتَمَامِهِ وَسمع عَلَيْهِ جلّ كتبه كالألفية وَشَرحهَا مرَارًا وعلوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح إِلَّا الْيَسِير من أَوَائِله وَأكْثر تصانيفه فِي الرِّجَال وَغَيرهَا كالتقريب وَثَلَاثَة أَربَاع أَصله ومعظم تَعْجِيل الْمَنْفَعَة وَاللِّسَان بِتَمَامِهِ ومشتبه النِّسْبَة وَتَخْرِيج الرَّافِعِيّ وتلخيص مُسْند الفردوس والمقدمة وبذل الماعون ومناقب كل من الشَّافِعِي وَاللَّيْث وأماليه الحلبية والدمشقية وغالب فتح الْبَارِي وَتَخْرِيج المصابيح وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَبَعض إتحاف المهرة وَتَعْلِيق التَّعْلِيق ومقدمة الْإِصَابَة وَجُمْلَة، وَفِي بعضه مَا سَمعه أَكثر من مرّة، وَقَرَأَ بِنَفسِهِ مِنْهَا النخبة)
وَشَرحهَا وَالْأَرْبَعِينَ المتباينة والخصال المكفرة وَالْقَوْل المسدد وبلوغ المرام وَالْعشرَة العشاريات وَالْمِائَة والملحق بهَا لشيخه التنوخي وَالْكَلَام على حَدِيث أم رَافع وَمُلَخَّص مَا يُقَال فِي الصَّباح والمساء وديوان خطبه وديوان شعره وَأَشْيَاء يطول إيرادها. وَسمع بسؤاله لَهُ من لَفظه أَشْيَاء كالعشرة العشاريات ومسلسلات الإبراهيمي خَارِجا عَمَّا كتبه عَنهُ فِي الْإِمْلَاء مَعَ الْجَمَاعَة من سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَإِلَى أَن مَاتَ. وَأذن لَهُ فِي الإقراء والإفادة والتصنيف وَصلى بِهِ إِمَامًا التَّرَاوِيح فِي بعض ليَالِي رَمَضَان. وتدرب بِهِ فِي طَرِيق الْقَوْم وَمَعْرِفَة العالي والنازل والكشف عَن التراجم والمتون وَسَائِر الِاصْطِلَاح وَغير ذَلِك.
وَكَذَا تدرب فِي الطّلبَة بمستمليه مُفِيد الْقَاهِرَة الزين رضوَان العقبي وَأكْثر من ملازمته قِرَاءَة وسماعا وبصاحبه النَّجْم عمر بن فَهد الْهَاشِمِي وانتفع بإرشاد كل مِنْهُم وأجزائه وإفادته، بل كتب شَيْخه من أَجله إِلَى دمياط لمن عِنْده
المعجم الصَّغِير للطبراني بإرساله إِلَيْهِ حَتَّى قَرَأَهُ عَلَيْهِ لكَون نسخته قد انمحى الْكثير مِنْهَا وَمَا علم أَنه فِي أوقاف سعيد السُّعَدَاء إِلَّا بعد وَلم يَنْفَكّ عَن ملازمته وَلَا عدل عَنهُ بملازمة غَيره من عُلَمَاء الْفُنُون خوفًا على فَقده وَلَا ارتحل إِلَى الْأَمَاكِن النائية، بل وَلَا حج إِلَّا بعد وَفَاته، لكنه حمل عَن شُيُوخ مصر والواردين إِلَيْهَا كثيرا من دواوين الحَدِيث وأجزائه بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره فِي الْأَوْقَات الَّتِي لَا تعَارض أوقاته عَلَيْهِ غَالِبا سِيمَا حِين اشْتِغَاله بِالْقضَاءِ وتوابعه حَتَّى صَار أَكثر أهل الْعَصْر مسموعا وَأَكْثَرهم رِوَايَة، وَمن محَاسِن من أَخذ عَنهُ من عِنْده الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن النَّجْم وَابْن الهبل وَالشَّمْس بن الْمُحب وَالْفَخْر بن بِشَارَة وَابْن الجوخي والمنيجي والزيتاوي والبياني والسوقي والطبقة، ثمَّ من عِنْده القَاضِي الْعِزّ بن جمَاعَة والتاج السُّبْكِيّ وَأَخُوهُ الْبَهَاء وَالْجمال الأسنائي والشهاب الْأَذْرَعِيّ والكرماني وَالصَّلَاح الصَّفَدِي والقيراطي والحراوي ثمَّ الْحُسَيْن التكريتي والأميوطي والباجي وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ والنشاوري وَابْن الذَّهَبِيّ ابْن العلائب والآمدي والنجم بن الكشك وَأَبُو الْيمن بن الكويك وَابْن الخشاب وَابْن حَاتِم والمليجي وَابْن رزين والبدر بن الصاحب ثمَّ السراج الْهِنْدِيّ والبلقيني وَابْن الملقن والغراقي الهيثمي والأبناسي والبرهان بن فَرِحُونَ وَهَكَذَا حَتَّى سمع من أَصْحَاب أبي الطَّاهِر بن الكويك والعز بن جمَاعَة وَابْن خير، ثمَّ من أَصْحَاب الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والوي وَابْن الْجَزرِي ثمَّ من يليهم وقمش وَأخذ عَمَّن دب ودرج، وَكتب العالي والنازل حَتَّى بلغت عدَّة من أَخذ عَنهُ بِمصْر والقاهرة وضواحيها كإنبابة والجيزة وعلو الأهرام)
وَالْجَامِع الْعمريّ وسرياقوس والخانقاه وبلبيس وسفط الْحِنَّاء ومنية الرديني وَغَيرهَا زِيَادَة على أَرْبَعمِائَة نفس كل ذَلِك وَشَيْخه يمده بالأجزاء والكتب والفوائد الَّتِي لَا تَنْحَصِر وَرُبمَا نبهه على عَوَالٍ لبَعض شُيُوخ الْعَصْر ويحضه على قرَاءَتهَا. وشكا إِلَيْهِ ضيق عطن بَعضهم فكاتبه يستعطفه عَلَيْهِ ويرغبه فِي الْجُلُوس مَعَه ليقْرَأ مَا أحبه.
وَبعد وَفَاة شَيْخه سَافر لدمياط فَسمع بهَا من بعض المسندين وَكتب عَن نفر من المتأدبين، ثمَّ توجه فِي الْبَحْر لقَضَاء فَرِيضَة الْحَج وَصَحب والدته مَعَه فلقي بِالطورِ والينبوع وَجدّة غير وَاحِد أَخذ عَنْهُم، وَوصل لمَكَّة أَوَائِل شعْبَان فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن حج، وَقَرَأَ بهَا من الْكتب الْكِبَار والأجزاء الْقصار مَا لم يتهيأ لغيره من الغرباء حَتَّى قَرَأَ دَاخل الْبَيْت الْمُعظم وبالحجر وعلو غَار ثَوْر وجبل
حراء وبكثير من الْمشَاهد المأثورة بِمَكَّة وظاهرها كالجعرانة وَمنى وَمَسْجِد الْخيف على خلق كَأبي الْفَتْح المراغي والبرهان الزمزمي والتقي بن فَهد والزين الأميوطي والشهاب الشوائطي وَأبي السعادات بن ظهيرة وَأبي حَامِد بن الضياء وَزِيَادَة على ثَلَاثِينَ نفسا فَمنهمْ من يروي عَن الْبَهَاء بن خَلِيل والكرماني والأذرعي النشاوري وَالْجمال الأميوطي وَابْن أبي الْمجد والتنوخي وَابْن صديق والعراقي والهيثمي والأبناسي والمجدين اللّغَوِيّ وَإِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ وَمن لَا أحصره سوى من أجَاز لَهُ فِيهَا وهم أَضْعَاف ذَلِك، وأعانه عَلَيْهِ صَاحبه النَّجْم بن فَهد بكتبه وفوائده وَنَفسه ودلالته على الشُّيُوخ وَكَذَا بكتب وَالِده ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَهُوَ مُتَعَلق الأمل بهَا. وَقَرَأَ فِي رُجُوعه بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة تجاه الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة على الْبَدْر عبد الله بن فَرِحُونَ وَبِغَيْرِهِ من أماكنها على الشهَاب أَحْمد بن النُّور الْمحلى وَأبي الْفرج المراغي فِي آخَرين ثمَّ ينبوع أَيْضا وَعقبَة أَيْلَة وَقبل ذَلِك برابغ وخليص.
وَرجع للقاهرة فَأَقَامَ بهَا ملازما السماع وَالْقِرَاءَة والتخريج والاستفادة من الشُّيُوخ والأقران غير مشتغل بِمَا يعطله عَن مزِيد الاستفادة إِلَى أَن توجه لمنوف الْعليا فَسمع بهَا قَلِيلا وَأخذ بفيشا الصُّغْرَى عَن بعض أَهلهَا، ثمَّ عَاد لوطنه فارتحل إِلَى الثغر السكندري وَأخذ عَن جمع من المسندين وَالشعرَاء بهَا وبأم دِينَار ودسوق وفوة ورشيد والمحلة وسمنود ومنية عساس ومنية نابت والمنصورة وفارسكورود نجيه والطويلة وَمَسْجِد الْخضر. وَدخل دمياط فَسمع بهَا.
وَحصل فِي هَذِه الرحلة أَشْيَاء جليلة من الْكتب والأجزاء والفوائد عَن نَحْو خمسين نفسا فيهم من يروي عَن ابْن الشيخة والتنوخي وَالصَّلَاح الزفتاوي والمطرز وَعبد الله بن أبي بكر الدماميني)
والبلقيني وَابْن الملقن والعراقي والهيثمي والكمال الدَّمِيرِيّ والحلاوي والسويداوي وَالْجمال الرَّشِيدِيّ وابي بكر بن إِبْرَاهِيم ابْن الْعِزّ وَابْن صديق وَابْن أقبرس وناصر الدّين بن الْفُرَات والنجم البالسي والتاج ابْن مُوسَى السكندري والزين الفيشي الْمرْجَانِي وناصر الدّين بن الْمُوفق وَابْن الْخَرَّاط والهزبر والشرف بن الكويك.
ثمَّ ارتحل إِلَى حلب وَسمع فِي توجهه إِلَيْهَا بسرياقوس والخانقاه وبلبيس وقطيا وغزة والمجدل والرملة وَبَيت الْمُقَدّس والخليل ونابلس ودمشق وصالحيتها
والزبداني وبعلبك وحمص وحماة وسرمين وحلب وجبرين ثمَّ بالمعرة وطرابلس وبرزة وَكفر بَطنا والمزة وداريا وصالحية مصر والخطارة وَغَيرهَا شَيْئا كثيرا من قريب مائَة نفس وَفِيهِمْ من أَصْحَاب الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن الهبل والزين عبد الرَّحْمَن بن الْأُسْتَاذ وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن قَاضِي شُهْبَة وَيحيى بن يُوسُف الرَّحبِي والحافظ أبي بكر بن الْمُحب وناصر الدّين بن دَاوُد وَأبي الهول الْجَزرِي وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن الْعِمَاد بن الْعِزّ الْمَقْدِسِي وَابْن عوض والشهاب المرداوي وَأبي الْفرج بن نَاظر الصاحبة والكمال بن النخاس وَمُحَمّد بن الرشيد عبد الرَّحْمَن بن أبي عمر والشرف أبي بكر الْحَرَّانِي والشهاب أبي الْعَبَّاس بن المرحل وَفرج الشرفي فَمن بعدهمْ واستمد فِي بَيت الْمُقَدّس من أَجزَاء التقي أبي بكر القلقشندي وَكتبه وإرشاده فقد كَانَ ذَا أنسة بالفن وَفِي الشَّام من أَجزَاء الضيائية وَغَيرهَا بمعاونة الإِمَام التقي بن قندس والبرهان القادري وَآخَرين، ثمَّ فِي حلب بمحدثها وَابْن حافظها أبي ذَر الْحلَبِي فأعاره وأرشده وَطَاف مَعَه على من بَقِي عِنْدهم وساعده غَيره بتجهيز ساع بإحضار سنَن الدَّارَقُطْنِيّ من دمشق حَتَّى أَخذهَا عَن بعض من يَرْوِيهَا بحلب.
وَأَجَازَ لَهُ خلق باستدعائه واستدعاء غَيره من جِهَات شَتَّى مِمَّن لم يَتَيَسَّر لَهُ لَقِيَهُمْ أَو لَقِيَهُمْ وَلَكِن لم يسمع مِنْهُم بل كَانَ وَهُوَ صَغِير قبل أَن يتَمَيَّز ألهم الله سُبْحَانَهُ بفضله بعض أهل الحَدِيث استجازة جمَاعَة من محَاسِن الشُّيُوخ لَهُ تبعا لِأَبِيهِ فيهم من يرْوى عَن الْمَيْدُومِيُّ وَابْن الخباز والخلاطي وَابْن الْقيم وَابْن الْمُلُوك والعز مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْحَمَوِيّ وَأبي الْحرم القلانسي وَابْن نباتة وناصر الدّين الفارقي والكمال بن حبيب والظهير بن العجمي والتقي السُّبْكِيّ وَالصَّلَاح العلائي وَابْن رَافع ومغلطاي والنشائي وَابْن هِشَام وَأبي عبد الله بن جَابر ورفيقه أبي جَعْفَر الرعيني المعروفين بالأعمى والبصير وشبههم، بل من يرْوى بِالسَّمَاعِ عَمَّن حدث عَنهُ)
بِالْإِجَازَةِ كالزيتاوي وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر والعماد مُحَمَّد بن مُوسَى الشيرجي والعز مُحَمَّد بن أبي بكر السوقي وَأبي عبد الله الْبَيَانِي والشهاب بن النَّجْم وَأبي عَليّ بن الهبل وَزَيْنَب ابْنة قَاسم وَغَيرهم، وَكَذَا دخل فِي استدعاء صَاحبه النَّجْم بن فَهد الْهَاشِمِي بل وَكثير من استدعاءات شَيْخه الزين رضوَان وَغَيره إِمَّا لكونهمن أَبنَاء صوفية الخانقاه البيبرسية أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا هُوَ أخص من الْعَامَّة بل تكَاد أَن تكون خَاصَّة كَمَا ألهم الله الْمُحب بن نصر الله حِين عرضه عَلَيْهِ كِتَابَة الْإِجَازَة مَعَ كَونه
إِنَّمَا كتب لَهُ بالهامش وَكَونه لم يكْتب بهَا لكل من أَبِيه وَعَمه مَعَ كِتَابَته لَهما نَحْو ورقة وَلِهَذَا كُله زَاد عدد من أَخذ عَنهُ من الْأَعْلَى والدون والمساوي حَتَّى الشُّعَرَاء وَنَحْوهم على ألف وَمِائَتَيْنِ، والأماكن الَّتِي تحمل فِيهَا من الْبِلَاد والقرى على الثَّمَانِينَ.
وَاجْتمعَ لَهُ من المرويات بِالسَّمَاعِ وَالْقِرَاءَة مَا يفوق الْوَصْف وَهِي تتنوع أنواعا أَحدهَا مَا رتب على الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة وَنَحْوهَا وَهِي كَثِيرَة جدا مِنْهَا مَا تقيد فِيهِ بِالصَّحِيحِ كالصحيحين للْبُخَارِيّ وَلمُسلم وَلابْن خُزَيْمَة وَلم يُوجد بِتَمَامِهِ وَلأبي عوَانَة الإسفرايني وَهُوَ وَإِن كَانَ مستخرجا على ثَانِي الصَّحِيحَيْنِ فقد أَتَى فِيهِ بِزِيَادَات طرق بل وَأَحَادِيث كَثِيرَة. وَعِنْده من المستخرجات بِالسَّمَاعِ الْمُسْتَخْرج على صَحِيح مُسلم لأبي نعيم كَمَا أَن فِي مروياته لَكِن بِالْإِجَازَةِ من الْكتب الَّتِي تقيد فِيهَا بِالصِّحَّةِ كتاب الْمُسْتَدْرك على الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا للْحَاكِم وَهُوَ كثير التساهل بِحَيْثُ أدرج فِي كِتَابه هَذَا الضَّعِيف بل والموضوع المنافيين لموضوع كِتَابه، وَمن الْكتب الصَّحِيحَة الْمُوَطَّأ لمَالِك وَوَقع لَهُ بِالسَّمَاعِ عَن دون عشرَة من أَصْحَابه وإدراجه فِي الصِّحَاح إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ للتصانيف قبله وَإِلَّا فَلَا يتمشى الْأَمر فِي جَمِيعه على مَا اسْتَقر الْأَمر عَلَيْهِ فِي تَعْرِيف الصَّحِيح. وَمِنْهَا مَا لم يتَقَيَّد فِيهِ بِالصِّحَّةِ بل اشْتَمَل على الصَّحِيح وَغَيره كالسنن لأبي دَاوُد رِوَايَة أبي على اللؤْلُؤِي وَأبي بكر بن داسة عَنهُ وَقيل إِنَّه يَكْفِي الْمُجْتَهد وَلأبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ رِوَايَة ابْن السّني وَابْن الْأَحْمَر وَغَيرهمَا عَنهُ وَلأبي عبد الله بن ماجة الْقزْوِينِي وَلأبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَلأبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَالسّنَن الَّتِي لَهُ أجمع كتاب سَمعه فِي مَعْنَاهُ ولمحمد بن الصَّباح وكالجامع لأبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَلأبي مُحَمَّد الدَّارمِيّ وَيُقَال لَهُ أَيْضا الْمسند بِحَيْثُ اغْترَّ بَعضهم بتسميته وأدرجه فِي النَّوْع بعده وَقد أطلق بَعضهم عَلَيْهِ الصِّحَّة، وَكَانَ بعض الْحفاظ مِمَّن روى عَن بعض الآخذين عَنهُ يَقُول إِنَّه لَو جعل بدل ابْن ماجة بِحَيْثُ يكون)
سادسا للكتب الشهيرة أصُول الْإِسْلَام لَكَانَ أولى وكالمسند للْإِمَام الشَّافِعِي وَلَيْسَ هُوَ من جمعه وَإِنَّمَا التقطه بعض النيسابوريين من الْأُم لَهُ وَالسّنَن لَهُ رِوَايَة الْمُزنِيّ وَرِوَايَة ابْن عبد الحكم وَشرح مَعَاني الْآثَار لأبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، ثمَّ أَن فِي بعض هَذِه مَا يُمَيّز فِيهِ مُصَنفه المقبول من غَيره كالجامع لِلتِّرْمِذِي وَنَحْوه السّنَن لأبي دَاوُد، وَمِمَّا يلْتَحق بِهَذَا النَّوْع مَا يقْتَصر فِيهِ على فَرد من أَفْرَاده أَو غَيره كالشمائل النَّبَوِيَّة لِلتِّرْمِذِي وَدَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي والشفا لعياض والمغازي لمُوسَى بن عقبَة والسيرة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام
وَلابْن سيد النَّاس وبشرى اللبيب لَهُ وَفضل الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم لإسماعيل القَاضِي وَلابْن أبي عَاصِم وَلابْن فَارس وللنميري وحياة الْأَنْبِيَاء فِي قُبُورهم وفضائل الْأَوْقَات وَالْأَدب الْمُفْرد ثلاثتها للبيهقي، وَكَذَا للْبُخَارِيّ الْأَدَب الْمُفْرد وَفِي مَعْنَاهُمَا مَكَارِم الْأَخْلَاق للطبراني وَكَذَا للخرائطي مَعَ مساويها لَهُ، وكالتوكل وذم الْغَيْبَة وَالشُّكْر والصمت والفرح وَالْيَقِين وَغَيرهَا من تصانيف أبي بكر بن أبي الدُّنْيَا وَكبر الْوَالِدين وَالْقِرَاءَة خلف الإِمَام وَرفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة ثَانِيهَا للْبُخَارِيّ والبسملة لأبي عمر بن عبد الْبر وَالْعلم للمرهبي وَلأبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب وَالطَّهَارَة وفضائل الْقُرْآن وَالْأَمْوَال ثلاثتها لأبي عبيد وَالْإِيمَان لِابْنِ مندة وَلأبي بكر بن أبي شيبَة وذم الْكَلَام للهروي والأشربة الصَّغِير والبيوع والورع ثلاثتها لِأَحْمَد وكالجامع لأخلاق الرَّاوِي وآداب السَّامع للخطيب والمحدث الْفَاصِل بَين الرَّاوِي والواعي للرامهرمزي وعلوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَمن قبله للْحَاكِم وَشرف أَصْحَاب الحَدِيث وَرِوَايَة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء واقتضاء الْعلم الْعَمَل والزهد والطفيليين خمستها للخطيب. وَفِي مسموعاته أَيْضا الزّهْد لِابْنِ الْمُبَارك وكالدعوات للمحاملي وللطبراني وَهُوَ أجمع كتاب فِيهَا وَعمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة لِابْنِ السّني وَفضل عشر ذِي الْحجَّة للطبراني وَلأبي إِسْحَاق الْغَازِي، وَكَذَا فِي مسموعاته من التصانيف فِي فضل رَجَب وَشَعْبَان ورمضان جملَة وَاخْتِلَاف الحَدِيث والرسالة كِلَاهُمَا للشَّافِعِيّ وعوارف المعارف للسهروردي وبداية الْهِدَايَة للغزالي وصثفة التصوف لِابْنِ طَاهِر. ثَانِيهَا مَا رتب على المسانيد كمسند أَحْمد وَهُوَ أجمع مُسْند سَمعه وَأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَأبي مُحَمَّد عبد بن حميد وَأبي عبد الله الْعَدنِي وَأبي بكر الْحميدِي ومسدد وَأبي يعلى الْموصِلِي. وَلَيْسَ فِي وَاحِد مِنْهَا مَا هُوَ مُرَتّب على حُرُوف المعجم نعم مِمَّا رتب فِيهِ على الْحُرُوف من المسانيد مَعَ تَقْيِيده بالمحتج بِهِ المختارة للضياء الْمَقْدِسِي وَلَكِن لم يكمل تصنيفا وَلَا استوفى الْمَوْجُود سَمَاعا والمعجم الْكَبِير للطبراني)
وَهُوَ مَعَ كَونه يَلِي مُسْند أَحْمد فِي الْكبر أَكْثَرهَا فَوَائِد والمعجم لِابْنِ قَانِع وَالْأَحَادِيث فِيهِ قَليلَة وَنَحْوه الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر إِذْ لَيْسَ الْقَصْد فِيهِ إِلَّا تراجم الصَّحَابَة وأخبارهم وَقَرِيب مِنْهُ فِي كَون مَوْضُوعه التراجم وَلَكِن لم يقْتَصر فِيهِ على الصَّحَابَة مَعَ الاستكثار فِيهِ من الحَدِيث وَنَحْوه حلية الْأَوْلِيَاء لأبي نعيم وَكَذَا مِمَّا يذكر فِيهِ أَحْوَال الصُّوفِيَّة الْأَعْلَام الرسَالَة القشيرية، وَقد يقْتَصر على صَحَابِيّ وَاحِد كمسند عمر للنجاد وَسعد للدورقي، كَمَا أَنه قد يقْتَصر
على الْفَضَائِل خَاصَّة كفضائل الصَّحَابَة لطراد ووكيع. وَنَحْوه الذُّرِّيَّة الطاهرية للدولابي وَقد يكون فِي مُطلق التراجم لَكِن لأهل بلد مَخْصُوص كأصبهان لأبي نعيم وبغداد للخطيب وَعِنْده بِالسَّمَاعِ مِنْهُمَا جملَة وَقد يكون فِي فَضَائِل الْبلدَانِ كفتوح مصر لِابْنِ عبد الحكم وفضائل الشَّام للربعي، ثَالِثهَا مَا هُوَ على الْأَوَامِر والنواهي وَهُوَ صَحِيح أبي حَاتِم بن حبَان الْمُسَمّى بالتقاسيم والأنواع والكشف مِنْهُ عسر على من لم يتقن مُرَاده، رَابِعهَا مَا هُوَ على الْحُرُوف فِي أول كَلِمَات الْأَحَادِيث وَهُوَ مُسْند الشهَاب للقضاعي، خَامِسهَا مَا هُوَ فِي الْأَحَادِيث الطوَال خَاصَّة وَهُوَ الطوالات للطبراني وَلابْن عَسَاكِر مِنْهَا كتاب الْأَرْبَعين، سادسها مَا يقْتَصر فِيهِ على أَرْبَعِينَ حَدِيثا فَقَط ويتنوع أنواعا كالأربعين الآلهية لِابْنِ الْمفضل وكالأربعين المسلسلات لَهُ وكالأربعين فِي التصوف لأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ إِلَى غَيرهَا كالأحكام وَقَضَاء الْحَوَائِج وَمَا لَا تقيد فِيهِ كأربعي الْآجُرِيّ وَالْحَاكِم وَهِي شَيْء كثير، وَقد لَا يقْتَصر على الْأَرْبَعين كالثمانين للآجري وَالْمِائَة لغيره، سابعها مَا هُوَ على الشُّيُوخ للْمُصَنف كالمعجم الْأَوْسَط وَالصَّغِير كِلَاهُمَا للطبراني ومعجم الْإِسْمَاعِيلِيّ وَابْن جَمِيع وَنَحْوهَا كالمشيخات الَّتِي مِنْهَا مشيخة ابْن شَاذان الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى ومشيخة الْفَسَوِي وَبَعضهَا مُرَتّب على حُرُوف المعجم وَمِنْه مَا لم يرتب وَنَحْو هَذَا جمع مَا عِنْد الْحَافِظ أبي بكر بن الْمقري وَكَذَا الْحَارِثِيّ وَغَيرهمَا مِمَّا هُوَ مسموع عِنْده مِمَّا عِنْدهم من حَدِيث الإِمَام أبي حنيفَة وترتيبه على شُيُوخه وَيُسمى كل وَاحِد مِنْهُمَا مُسْند أبي حنيفَة، ثامنها مَا هُوَ على الروَاة عَن إِمَام كَبِير مِمَّن يجمع حَدِيثه كالرواة عَن مَالك للخطيب وَمِمَّنْ روى عَن مَالك من شُيُوخه لِابْنِ مخلد، تاسعها مَا يقْتَصر فِيهِ على الْأَفْرَاد والغرائب كالأفراد لِابْنِ شاهين وللدارقطني وَهِي فِي مائَة جُزْء سمع مِنْهَا الْكثير وَمِنْه الغرائب عَن مَالك وَغَيره من المكثرين. عَاشرهَا مَا لَا تقيد فِيهِ بِشَيْء مِمَّا ذكر بل يشْتَمل على أَحَادِيث نثرية من العوالي وَغَيرهَا وَهُوَ على قسمَيْنِ: أَولهمَا مَا كل تَخْرِيج مِنْهُ فِي مُجَلد وَنَحْوه كالثقفيات)
والجعديات والحنائيات والخلعيات والسمعونيات والغيلانيات القطيعيات والمحامليات والمخلصيات وقوائد تَمام وفوائد سموية وَجُمْلَة وَنَحْوهَا المجالسة للدينوري وَمَا هُوَ دون ذَلِك كجزء أبي الجهم والأنصاري وَابْن عَرَفَة وسُفْيَان وَمَا يزِيد على ألف جُزْء. حادي عشرهَا مَا لَا إِسْنَاد فِيهِ بل اقْتصر فِيهِ على الْمُتُون مَعَ الحكم عَلَيْهَا وَبَيَان جملَة من أَحْكَامهَا كالأذكار والتبيان والرياض وَغَيرهَا من
تصانيف النَّوَوِيّ وَغَيره، إِلَى غَيرهَا من المسموعات الَّتِي لَا تقيد فِيهَا بِالْحَدِيثِ كالشاطبية والرائية فِي علمي الْقِرَاءَة والرسم والألفية فِي علمي النَّحْو وَالصرْف وَجمع الْجَوَامِع فِي الْأَصْلَيْنِ والتصوف والتنبيه والمنهاج وبهجة الْحَاوِي فِي الْفِقْه وتلخيص الْمِفْتَاح فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وقصيدة بَانَتْ سعاد والبردة والهمزية وَلَيْسَ مَا ذكر بآخر التَّنْبِيه كَمَا أَنه لَيْسَ المُرَاد بِمَا ذكر فِي الْأَنْوَاع الْحصْر إِذا لَو سرد كل نوع مِنْهُ لطال ذكره وعسر الْآن حصره بل لَو سرد مسموعه ومقروءه على شَيْخه فَقَط لَكَانَ شَيْئا عجبا.
وَأَعْلَى مَا عِنْده من الْمَرْوِيّ مَا بَينه وَبَين الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بالسند المتماسك فِيهِ عشرَة أنفس وَلَيْسَ مَا عِنْده من ذَلِك بالكثير. وَأكْثر مِنْهُ وَأَصَح مَا بَين شُيُوخه وَبَين النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ الْعدَد الْمَذْكُور. واتصلت لَهُ الْكتب السِّتَّة وَكَذَا حَدِيث كل من الشَّافِعِي وَأحمد والدارمي وَعبد بِثمَانِيَة وسائط بل وَفِي بعض الْكتب السِّتَّة كَأبي دَاوُد من طَرِيق ابْن داسة وأبواب من النَّسَائِيّ مَا هُوَ بسبعة بِتَقْدِيم الْمُهْملَة واتصل لَهُ حَدِيث مَالك وَأبي حنيفَة بِتِسْعَة بِتَقْدِيم الْمُثَنَّاة.
وَلما ولد لَهُ وَلَده أَحْمد جدد الْعَزْم لأَجله حَيْثُ قَرَأَ لَهُ على بقايا المسندين شَيْئا كثيرا جدا فِي أسْرع وَقت وانتفع بذلك الْخَاص وَالْعَام وَالْكَبِير وَالصَّغِير وانتشرت الْأَسَانِيد المحررة والأسمعة الصَّحِيحَة والمرويات الْمُعْتَبرَة وتنبه النَّاس لإحياء هَذِه السّنة بعد أَن كَادَت تَنْقَطِع فلزموه أَشد مُلَازمَة وَصَارَ من يأنف الاستفادة مِنْهُ من المهملين يتسور على خطه فيستفيد مِنْهُ وَمَا يدْرِي أَن الِاعْتِمَاد على الصُّحُف فَقَط فِي ذَلِك فِيهِ خلل كَبِير ولعمري إِن الْمَرْء لَا ينبل حَتَّى يَأْخُذ عَمَّن فَوْقه وَمثله ودونه على أَن الأساطين من عُلَمَاء الْمذَاهب ومحققيهم من الشُّيُوخ وأماثل الأقران الْبعيد غرضهم عَن الْمَقَاصِد الْفَاسِدَة غير متوقفين عَن مسئلته فِيمَا يعرض لَهُم من الحَدِيث ومتعلقاته مرّة بِالْكِتَابَةِ الَّتِي ضَبطهَا بخطوطهم عِنْده وَمرَّة بِاللَّفْظِ وَمرَّة بأرسال السَّائِل لَهُم نَفسه وَبِغير هَذَا مِمَّا يستهجن إِيرَاد مثله مَعَ كَونه أفرد أَسْمَاءَهُم فِي مَحل آخر، وطالما كَانَ)
التقي الشمني يحض أماثل جماعته كالنجمي بن حجي على ملازمته وَيَقُول مَتى يسمح الزَّمَان بقرَاءَته بل حضه على عقد مجْلِس الْإِمْلَاء غير مرّة وَلذَا لما صَارَت مجَالِس الحَدِيث آنسة عامرة منضبطة وَرَأى إقبالهم على هَذَا الشَّأْن وَللَّه الْحَمد امتثل إِشَارَته بالإملاء فأملى بمنزله يَسِيرا ثمَّ تحول لسَعِيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا متقيدا بالحوادث والأوقات حَتَّى أكمل تِسْعَة وَخمسين مَجْلِسا.
ثمَّ توجه هُوَ وَعِيَاله وأكبر إخْوَته ووالداه لِلْحَجِّ فِي سنة سبعين فحجوا وجاوروا وَحدث هُنَاكَ بأَشْيَاء من تصانيفه وَغَيرهَا وأقرأ ألفية الحَدِيث تقسيما وغالب شرحها لناظمها والنخبة وَشَرحهَا وأملى مجَالِس. كل ذَلِك بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام، وَتوجه لزيارة ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما بِالطَّائِف رَفِيقًا لصَاحبه النَّجْم بن فَهد فَسمع مِنْهُ هُنَاكَ بعض الْأَجْزَاء، وَلما رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة شرع فِي إملاء تَكْمِلَة تَخْرِيج شَيْخه للأذكار إِلَى أَن تمّ، ثمَّ أمْلى تَخْرِيج أربعي النَّوَوِيّ ثمَّ غَيرهَا مِمَّا يُقيد فِيهِ بِحَيْثُ بلغت مجَالِس الْإِمْلَاء سِتّمائَة مجْلِس فَأكْثر، وَمِمَّنْ حضر إملاءه مِمَّن شهد إملاء شَيْخه: النَّجْم بن فَهد وَالشَّمْس الأمشاطي وَالْجمال بن السَّابِق. وَمِمَّنْ حضر إملاء شَيْخه وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ: الْبَهَاء العلقمي، وَمِمَّنْ حضر إملاءهما والزين الْعِرَاقِيّ: الشهَاب الْحِجَازِي والجلال القمصي والشهاب الشاوي.
وَكَذَا حج فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وجاور سنة سِتّ ثمَّ سنة سبع وَأقَام مِنْهَا ثَلَاثَة أشهر بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة. ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وجاور سنة ثَلَاث ثمَّ سنة أَربع. ثمَّ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وجاور إِلَى أثْنَاء سنة ثَمَان فَتوجه إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَأَقَامَ بهَا أشهرا وَصَامَ رَمَضَان بهَا، ثمَّ عَاد فِي شوالها إِلَى مَكَّة وَهُوَ الْآن فِي جُمَادَى الثَّانِيَة من الَّتِي تَلِيهَا بهَا ختم لَهُ بِخَير. وَحمل النَّاس من أهلهما والقادمين عَلَيْهِمَا عَنهُ الْكثير جدا رِوَايَة ودراية، وحصلوا من تصانيفه جملَة وَسُئِلَ فِي الْإِمْلَاء هُنَاكَ فَمَا وَافق نعم أمْلى بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة شَيْئا لِأُنَاس مخصوصين.
ثمَّ لما عَاد للقاهرة من الْمُجَاورَة الَّتِي قبل هَذَا تزايد انجماعه عَن النَّاس وَامْتنع من الْإِمْلَاء لمزاحمة من لَا يحسن فِيهَا وَعدم التَّمْيِيز من جلّ النَّاس أَو كلهم بَين العلمين وراسل من لامه على ترك الْإِمْلَاء بِمَا نَصه: إِنَّه ترك ذَلِك عِنْد الْعلم بإغفال النَّاس لهَذَا الشَّأْن بِحَيْثُ اسْتَوَى عِنْدهم مَا يشْتَمل على مُقَدمَات التَّصْحِيح وَغَيره من جمع الطّرق الَّتِي يتَبَيَّن بهَا انْتِفَاء الشذوذ وَالْعلَّة أَو وجودهما مَعَ مَا يُورد بالسند مُجَردا عَن ذَلِك وَكَذَا مَا يكون مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ مَعَ غَيره)
وَكَذَا العالي والنازل والتقيد بِكِتَاب وَنَحْوه مَعَ مَا لَا تقيد فِيهِ إِلَى غَيرهَا مِمَّا يُنَافِي الْقَصْد بالإملاء وينادي الذاكر لَهُ الْعَامِل بِهِ على الْخَالِي مِنْهُ بِالْجَهْلِ. كَمَا أَنه الْتزم ترك الْإِفْتَاء مَعَ الإلحاح عَلَيْهِ فِيهِ حِين تزاحم الصغار على ذَلِك واستوى المَاء والخشبة سِيمَا وَإِنَّمَا يعْمل بالأغراض، بل صَار يكْتب على الاستدعاآت وَفِي عرض الْأَبْنَاء من هُوَ فِي عداد من يلْتَمس لَهُ ذَلِك حِين التقيد بالمراتب والأعمال بِالنِّيَّاتِ، وَقد سبقه
للاعتذار بِنَحْوِ ذَلِك شيخ شُيُوخه الزين الْعِرَاقِيّ وَكفى بِهِ قدوة، بل وأفحش من إغفالهم النّظر فِي هَذَا وَأَشد فِي الْجَهَالَة إِيرَاد بعض الْأَحَادِيث الْبَاطِلَة على وَجه الِاسْتِدْلَال وإبرازها حَتَّى فِي التصانيف والأجوبة، كل ذَلِك مَعَ مُلَازمَة النَّاس لَهُ فِي منزله للْقِرَاءَة دراية وَرِوَايَة فِي تصانيفه وَغَيرهَا بِحَيْثُ ختم عَلَيْهِ مَا يفوق الْوَصْف من ذَلِك، وَأخذ عَنهُ من الْخَلَائق من لَا يُحْصى كَثْرَة أفردهم بِالْجمعِ بِحَيْثُ أَخذ عَنهُ قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِطيبَة الشَّمْس السخاوي بن القصبي ومدحه بِغَيْر قصيد ثمَّ وَلَده قَاضِي الْمَالِكِيَّة أَيْضا الخيري أبي الْخَيْر أَيْضا ثمَّ وَلَده المحبي مُحَمَّد أَو أحد النجباء الْفُضَلَاء ثمَّ بنوه فَكَانُوا أَرْبَعَة فِي سلسلة كَمَا اتّفق لشَيْخِنَا حَسْبَمَا أوردته فِي الْجَوَاهِر، وَقد قَالَ الْوَاقِدِيّ فِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن الضَّحَّاك بن عُثْمَان بن الضَّحَّاك بن عُثْمَان بن عبد الله بن خلة بن حرَام إِنَّه خَامِس خَمْسَة جالستهم وجالسوا على طلب الْعلم يَعْنِي فيهم من شُيُوخه وَمن طلبته.
وَشرع فِي التصنيف والتخريج قبل الْخمسين وهلم جرا فَكَانَ مِمَّا خرجه من المشيخات لكل من الرَّشِيدِيّ وَسَماهُ العقد الثمين فِي مشيخة خطيب الْمُسلمين وصغرى. وَمن الأربعينيات لكل من زَوْجَة شَيْخه والكمال بن الْهمام والأمين الأقصرائي والتقي القلقشندي الْمَقْدِسِي والبدر بن شَيْخه والشرف الْمَنَاوِيّ والمحبين ابْن الْأَشْقَر وَابْن الشّحْنَة والزين بن مزهر. وللعلم البُلْقِينِيّ مائَة حَدِيث عَن مائَة شيخ، وَأَحَادِيث مسلسلات، وللأقصرائي وَابْن يَعْقُوب والمحبين القمني والفاقوسي وأخيه وَالْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَالشَّمْس الْقَرَافِيّ وَابْنَة الهوريني وَهَاجَر القدسية وَالْفَخْر الأسيوطي والملتوتي والحسام بن حريز وَابْن إِمَام الكاملية والعبادي وزَكَرِيا وَابْن مزهر فهرستا وَكَذَا الْحَفِيد سَيِّدي يُوسُف العجمي ولتغري بردى القادري وللشمس الأمشاطي معجما وَكَذَا لِابْنِ السَّيِّد عفيف الدّين بسؤال الْكثير مِنْهُم فِي ذَلِك وتوسلهم بِمَا يَقْتَضِي الْمُوَافقَة ولنفسه الْأَحَادِيث المتباينة الْمُتُون والأسانيد بِشُرُوط كَثِيرَة لم يسْبق لمجموعها بلغت أحاديثها نَحْو السِّتين وَهِي فِي مُجَلد كَبِير استفتحه بِمن سبقه لذَلِك من الْأَئِمَّة والحفاظ، وَالْأَحَادِيث)
البلدانيات فِي مُجَلد ترْجم فِيهِ الْأَمَاكِن مَعَ ترتيبها على حُرُوف المعجم مخرجا فِي كل مَكَان حَدِيثا أَو شعرًا أَو حِكَايَة عَن وَاحِد من أَهلهَا أَو الواردين عَلَيْهَا مستفتحة بِمن سبقه أَيْضا لذل وَإِن لم ير من تقدمه لمجموع مَا جمعه فِيهَا أَيْضا
وَالْأَحَادِيث المسلسلات وَهِي مائَة استفتحها أَيْضا بِمن سبقه لجمع المسلسلات مَعَ انْفِرَاده بِمَا اجْتمع فِيهَا وسماها الْجَوَاهِر المكللة فِي الْأَخْبَار المسلسلة، وتراجم من أَخذ عَنهُ على حُرُوف المعجم فِي ثَلَاث مجلدات سَمَّاهُ بغية الرَّاوِي بِمن أَخذ عَنهُ السخاوي وعزمه انتقاءه واختصاره لنَقص الهمم، وفهرست مروياته وَهُوَ إِن بيض يكون فِي أَزِيد من ثَلَاثَة أسفار ضخمة شرع فِي اختصاره وتلخيصه بِحَيْثُ يكون على الثُّلُث مِنْهُ لنَقص الهمم أَيْضا، وعشاريات الشُّيُوخ مَعَ مَا وَقع لَهُ من العشاريات فِي عدَّة كراريس، والرحلة السكندرية وتراجمها، وَكَذَا الرحلة الحلبية مَعَ تراجمها أَيْضا والرحلة المكية، والثبت الْمصْرِيّ فِي ثَلَاث مجلدات، والتذكرة فِي مجلدات وَتَخْرِيج أربعي النَّوَوِيّ فِي مُجَلد لطيف، وتكملة تَخْرِيج شَيخنَا للأذكار وَيُسمى القَوْل الْبَار، وَتَخْرِيج أَحَادِيث العادلين لأبي نعيم وأربعي الصُّوفِيَّة للسلمي والغنية المنسوبة للشَّيْخ عبد الْقَادِر وَتسَمى البغية كتب مِنْهُ الْيَسِير وَتَخْرِيج طرق إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعا عمله تجربة للخاطر فِي يَوْم وَإِن سبق لجمعه فِيمَا لم يقف عَلَيْهِ، والتحفة المنيفة فِيمَا وَقع لَهُ من حَدِيث الإِمَام أبي حنيفَة والأمالي الْمُطلقَة.
وَمِمَّا صنفه فِي عُلُوم هَذَا الشَّأْن: فتح المغيث بشرح ألفية الحَدِيث وَهُوَ مَعَ اختصاره فِي مُجَلد ضخم وسبك الْمَتْن فِيهِ على وَجه بديع لَا يعلم فِي هَذَا الْفَنّ أجمع مِنْهُ وَلَا أَكثر تَحْقِيقا لمن تدبره.
وتوضيح لَهَا حَاذَى بِهِ الْمَتْن بِدُونِ إفصاح فِي المسودة، والغاية فِي شرح منظومة ابْن الْجَزرِي الْهِدَايَة فِي مُجَلد لطيف والإيضاح فِي شرح نظم الْعِرَاقِيّ للاقتراح فِي مُجَلد لطيف أَيْضا، والنكت على الألفية وَشَرحهَا بيض مِنْهُ نَحْو ربعه فِي مُجَلد وَشرح التَّقْرِيب للنووي فِي مُجَلد متقن، بُلُوغ الأمل بتلخيص كتاب الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل كتب مِنْهُ الرّبع مَعَ زَوَائِد مفيدة، تَكْمِلَة تَلْخِيص شَيخنَا للمتفق والمفترق. وَمِنْه فِي الشُّرُوح: تَكْمِلَة شرح التِّرْمِذِيّ للعراقي كتب مِنْهُ أَكثر من مجلدين فِي عدَّة أوراق من الْمَتْن، وحاشية فِي أَمَاكِن من شرح البُخَارِيّ لشيخه وَغَيره من تصانيفه، وَشرح الشَّمَائِل النَّبَوِيَّة لِلتِّرْمِذِي وَيُسمى أقرب الْوَسَائِل كتب مِنْهُ نَحْو مُجَلد، وَالْقَوْل الْمُفِيد فِي إِيضَاح شرح الْعُمْدَة لِابْنِ دَقِيق الْعِيد كتب مِنْهُ الْيَسِير من أَوله، شرح ألفية)
السِّيرَة للعراقي فِي المسودة ثمَّ عدم، وَالْجمع بَين شرحي الألفية لِابْنِ المُصَنّف وَابْن عقيل وتوضيحها كتب مِنْهُ الْيَسِير.
وَمِنْه فِي التَّارِيخ التَّعْرِيف بِهِ وتشعب مقاصده وَسَببه بل اسْمه الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التوريخ، والتبر المسبوك فِي الذيل على تَارِيخ المقريزي السلوك يشْتَمل على الْحَوَادِث والوفيات من سنة خمس وَأَرْبَعين وَإِلَى الْآن فِي نَحْو أَرْبَعَة أسفار، والضوء اللامع لأهل الْقرن التَّاسِع وَهُوَ هَذَا الْكتاب يكون سِتّ مجلدات والذيل على قُضَاة مصر لشيخه فِي مُجَلد وَيُسمى الَّذِي المتناه، والذيل على طَبَقَات الْقُرَّاء لِابْنِ الْجَزرِي فِي مُجَلد، والذيل على دوَل الْإِسْلَام للذهبي نَافِع جدا، والوفيات فِي القرنين الثَّامِن وَالتَّاسِع على السنين يكْتب فِي مجلدات واسْمه الشافي من الْأَلَم فِي وفيات الْأُمَم، ومعجم من أَخذ عَنهُ وَإِن كَانَ هُوَ بعض أَفْرَاد هَذَا الْكتاب، والتحصيل وَالْبَيَان فِي قصَّة السَّيِّد سلمَان، والمنهل العذب الروي فِي تَرْجَمَة قطب الْأَوْلِيَاء النَّوَوِيّ، والاهتمام بترجمة النَّحْوِيّ الْجمال بن هِشَام، وَالْقَوْل الْمُبين فِي تَرْجَمَة القَاضِي عضد الدّين. والجواهر والدرر فِي تَرْجَمَة شَيْخه شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر فِي مُجَلد ضخم وَرُبمَا فِي مجلدين، والاهتمام بترجمة الْكَمَال بن الْهمام. وترجمة نَفسه إِجَابَة لمن سَأَلَهُ فِيهَا. وَكَذَا أفرد من أثنى عَلَيْهِ من الشُّيُوخ والأقران فَمن دونهم وَمَا علمه مِمَّا صدر عَنهُ من السجع. وتاريخ الْمَدَنِيين فِي نَحْو مجلدين فِي المسودة. والتاريخ الْمُحِيط وَهُوَ فِي نَحْو ثلثمِائة رزمة على حُرُوف المعجم لَا يعلم من سبقه إِلَيْهِ. وَتَجْرِيد حَوَاشِي شَيْخه على الطَّبَقَات الْوُسْطَى لِابْنِ السُّبْكِيّ. وتقفيص قِطْعَة من طَبَقَات الْحَنَفِيَّة كَانَ وَقع الشُّرُوع فِيهِ لسائل، وطبقات الْمَالِكِيَّة فِي أَرْبَعَة أسفار تَقْرِيبًا بيض مِنْهُ المجلد الأول فِي تَرْجَمَة الإِمَام والآخذين عَنهُ. وترتيب طَبَقَات الْمَالِكِيَّة لِابْنِ فَرِحُونَ. وَتَجْرِيد مَا فِي المدارك للْقَاضِي عِيَاض مِمَّا لم يذكرهُ ابْن فَرِحُونَ إِجَابَة لسائل فِيهِ وَفِي الَّذِي قبله. تقفيص مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ الشفا من الرِّجَال وَنَحْوهم. وَالْقَوْل المنبي فِي تَرْجَمَة ابْن عَرَبِيّ فِي مُجَلد حافل، ومحصله فِي كراسة اسْمهَا الْكِفَايَة فِي طَرِيق الْهِدَايَة نافعة جدا تَجْرِيد أَسمَاء الآخذين عَن ابْن عَرَبِيّ، وَأحسن المساعي فِي إِيضَاح حوادث البقاعي والفرجة بكائنة الكاملية الَّتِي لَيْسَ فِيهَا للمعارض حجَّة، وَدفع التلبيس وَرفع التَّنْجِيس عَن الذيل الطَّاهِر النفيس، وتلخيص تَارِيخ الْيمن وَكَذَا طَبَقَات الْقُرَّاء لِابْنِ الْجَزرِي، ومنتقى تَارِيخ مَكَّة للفاسي، عُمْدَة الْأَصْحَاب فِي معرفَة الألقاب تَرْتِيب شُيُوخ الطَّبَرَانِيّ
تَرْتِيب شُيُوخ أبي الْيمن)
الْكِنْدِيّ، تَرْتِيب شُيُوخ جمَاعَة من شُيُوخ الشُّيُوخ وَنَحْوهم وَمِنْه فِي ختم كل من الصَّحِيحَيْنِ وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ والشفا وسيرة ابْن هِشَام وسيرة ابْن سيد النَّاس والتذكرة للقرطبي، وَاسم الأول عُمْدَة الْقَارِي وَالسَّامِع فِي ختم الصَّحِيح الْجَامِع وَالثَّانِي غنية الْمُحْتَاج فِي ختم صَحِيح مُسلم ابْن الْحجَّاج، وَالثَّالِث بذل المجهود فِي ختم السّنَن لأبي دَاوُد وَالرَّابِع اللَّفْظ النافع فِي ختم كتاب التِّرْمِذِيّ الْجَامِع، وَالْخَامِس القَوْل الْمُعْتَبر فِي ختم النَّسَائِيّ رِوَايَة ابْن الْأَحْمَر، بل لَهُ فِيهِ مُصَنف آخر حافل سَمَّاهُ بغية الرَّاغِب المتمنى فِي ختم سنَن النَّسَائِيّ رِوَايَة ابْن السّني وَالسَّادِس عجالة الضَّرُورَة وَالْحَاجة عِنْد ختم السّنَن لِابْنِ ماجة وَالسَّابِع القَوْل المرتقي فِي ختم دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي، وَالثَّامِن الانتهاض فِي ختم الشفا لعياض، بل لَهُ مُصَنف آخر حافل اسْمه الرياض، وَالتَّاسِع الْإِلْمَام فِي ختم اليسرة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام، والعاشر رفع الإلباس فِي ختم سيرة ابْن سيد النَّاس، وَالْحَادِي عشر الْجَوْهَرَة المزهرة فِي ختم التَّذْكِرَة.
وَمِنْه فِي أَبْوَاب ومسائل: القَوْل البديع فِي الصَّلَاة على الحبيب الشَّفِيع صلى الله عليه وسلم الْفَوَائِد الجلية فِي الْأَسْمَاء النَّبَوِيَّة لم يبيض. الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعد مَوته.
وَالِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم. الْمَقَاصِد الْحَسَنَة فِي بَيَان كثير من الْأَحَادِيث المشتهرة على الْأَلْسِنَة. الابتهاج بأذكار الْمُسَافِر الْحَاج، القَوْل النافع فِي بَيَان الْمَسَاجِد والجوامع وَرُبمَا سمى تَحْرِيك الْغَنِيّ الْوَاجِد لبِنَاء الْجَوَامِع والمساجد، الاحتفال بِجمع أولى الظلال. الْإِيضَاح والتبيين فِي مسئلة التَّلْقِين، إرتياح الأكباد بأرباح فقد الْأَوْلَاد. قُرَّة الْعين بالثواب الْحَاصِل للْمَيت وللأبوين، الْبُسْتَان فِي مسئلة الاختتان، القَوْل التَّام فِي فضل الرَّمْي بِالسِّهَامِ، استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَذَوي الشّرف، عُمْدَة النَّاس أَو الإيناس بمناقب الْعَبَّاس، الْفَخر الْعلوِي فِي المولد النَّبَوِيّ، عُمْدَة المحتج فِي حكم الشطرنج، التمَاس السعد فِي الْوَفَاء بالوعد الأَصْل الْأَصِيل فِي تَحْرِيم النَّقْل من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل القَوْل المألوف فِي الرَّد على مُنكر الْمَعْرُوف، الْأَحَادِيث الصَّالِحَة فِي المصافحة، القَوْل الأتم فِي الِاسْم الْأَعْظَم، السِّرّ المكتوم فِي الْفرق بَين الْمَالَيْنِ الْمَحْمُود والمذموم، القَوْل الْمَعْهُود فِيمَا على أهل الذِّمَّة من العهود الْكَلَام على حَدِيث الْخَاتم، الْكَلَام على قصّ الظفر، الْكَلَام على الْمِيزَان.
القناعة مِمَّا تحسن الْإِحَاطَة بِهِ من أَشْرَاط السَّاعَة، تَحْرِير الْمقَال فِي الْكَلَام على حَدِيث كل أَمر)
ذِي بَال، القَوْل المتين فِي تَحْسِين
الظَّن بالمخلوقين، الْكَلَام على قَول لَا تكن حلويا فتسترط.
الْكَلَام على قَول كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا. الْكَلَام على حَدِيث إِن الله يكره الحبر السمين. الْكَلَام على حَدِيث المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى. الْكَلَام على حَدِيث تنزل الرحمات على الْبَيْت الْمُعظم. الْإِيضَاح المرشد من الغي فِي الْكَلَام على حَدِيث حبب من دنياكم إِلَيّ. المستجاب دعاؤهم. تَجْدِيد الذّكر فِي سُجُود الشُّكْر. نظم اللآل فِي حَدِيث الأبدال. انتقاد مدعي الِاجْتِهَاد.
الأسئلة الدمياطية. الاتعاظ بِالْجَوَابِ عَن مسَائِل بعض الوعاظ. تَحْرِير الْجَواب عَن مسئلة ضرب الدَّوَابّ. الامتنان بالحرس من دفع الافتتان بالفرس. الْمَقَاصِد الْمُبَارَكَة فِي إِيضَاح الْفرق الهالكة بل اسْتَقر اسْمه رفع القلق والأرق بِجمع المبتدعين من الْفرق. بذل الهمة فِي أَحَادِيث الرَّحْمَة، السّير الْقوي فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ شرع فِيهِ. رفع الشكوك فِي مفاخر الْمُلُوك. الإيثار بنبذة من حُقُوق الْجَار، الْكَنْز المدخر فِي فتاوي شَيْخه ابْن حجر قصّ مِنْهُ الْكثير. الرَّأْي الْمُصِيب فِي الْمُرُور على التَّرْغِيب كتب مِنْهُ الْيَسِير، الْحَث على تعلم النَّحْو الْأَجْوِبَة الْعلية عَن الْمسَائِل النثرية تكون فِي مجلدين، الاحتفال بالأجوبة عَن مائَة سُؤال، التَّوَجُّه للرب بدعوات الكرب، مَا فِي البُخَارِيّ من الْأَذْكَار، الْإِرْشَاد وَالْمَوْعِظَة لزاعم رُؤْيَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعد مَوته فِي الْيَقَظَة. وَمِنْه جَامع الْأُمَّهَات وَالْمَسَانِيد إِجَابَة لسائل فِيهِ كتب مِنْهُ مجلدا وَلَو تمّ لَكَانَ فِي مائَة مُجَلد فأزيد. جمع الْكتب السِّتَّة بتميز أسانيدها وألفاظها كتب مِنْهُ أَيْضا مجلدا فَأكْثر. تَرْتِيب كل من فَوَائِد تَمام والحنائيات والخلعيات وكل من مُسْند الْحميدِي وَالطَّيَالِسِي والعدني وَأبي يعلى على المسانيد. تطريف مشيخة الزين المراغي وعدة أَجزَاء على المسانيد أَيْضا. وَكَذَا تَرْتِيب الغيلانيات وفوائد تَمام على الْأَبْوَاب كتب مِنْهُ قِطْعَة قبل الْعلم بسبق الهيثمي لَهُ، تَجْرِيد مَا وَقع فِي كتب الرِّجَال سِيمَا المختصة بالضعفاء من الْأَحَادِيث وترتيبها على المسانيد كتب مِنْهُ جملَة.
وقرض أَشْيَاء من تصانيفه غير وَاحِد من أَئِمَّة الْمذَاهب: فَمن الشَّافِعِيَّة شَيْخه والْعَلَاء القلقشندي والجلال الْمحلى وَالْعلم البُلْقِينِيّ والبدر حفيد أَخِيه الْجلَال البُلْقِينِيّ والشرف الْمَنَاوِيّ والعبادي والتقي الحصني والبدر بن الْقطَّان وَعَمه. وأئمة الْأَدَب مِنْهُم الشهب الْحِجَازِي وَابْن صَالح وَابْن حبطة. وَمن الْحَنَفِيَّة الْعَيْنِيّ وَابْن الديري والشمني والأقصرائي والكافياجي والزين قَاسم وَأَبُو الْوَقْت المرشدي
الْمَكِّيّ وَمن الْمَالِكِيَّة الْبَدْر بن التنسي قَاضِي مصر وَابْن المخلطة قَاضِي اسكندرية والحسام بن حريز قَاضِي مصر أَيْضا وَمن الْحَنَابِلَة الْعِزّ الْكِنَانِي، وأفرد مَجْمُوع)
ذَلِك نَحوه فِي تأليف كَمَا سلف اجْتمع فِيهِ مِنْهُم نَحْو الْمِائَتَيْنِ أَجلهم شَيْخه فقرض لَهُ على غير وَاحِد من تصانيفه وَكَانَ من دعواته لَهُ قَوْله: وَالله الْمَسْئُول أَن يُعينهُ على الْوُصُول إِلَى الْحُصُول حَتَّى يتعجب السَّابِق من اللَّاحِق، وَأثْنى خطا ولفظا بِمَا أثْبته فِي التَّأْلِيف الْمشَار غليه، وَضبط عَنهُ غير وَاحِد من أَصْحَابه تَقْدِيمه على سَائِر جماعته بِحَيْثُ قَالَ أحد الْأَفْرَاد من جماعته الزين قَاسم الْحَنَفِيّ مَا نَصه: وَقد كَانَ هَذَا المُصَنّف يَعْنِي المترجم بالرتبة المنيفة فِي حَيَاة حَافظ الْعَصْر وأستاذ الزَّمَان حَتَّى شافهني بِأَنَّهُ أنبه طلبتي الْآن، وَقَالَ أَيْضا: حَتَّى كَانَ يُنَوّه بِذكرِهِ وَيعرف بعلي فخره ويرجحه على سَائِر جماعته المنسوبين إِلَى الحَدِيث وصناعته كَمَا سمعته مِنْهُ وأثبته بخطي قبل عَنهُ، وَقَالَ صهره وَأحد جماعته الْبَدْر بن الْقطَّان عَنهُ إِنَّه أَشَارَ حِين سُئِلَ من أمثل الْجَمَاعَة الملازمين لكم فِي هَذِه الصِّنَاعَة بِصَرِيح لَفظه إِلَيْهِ قَالَ مَا مَعْنَاهُ إِنَّه مَعَ صغر سنه وَقرب أَخذه فاق من تقدم عَلَيْهِ بجده واجتهاده وتحريه انتقاده بِحَيْثُ رَجَوْت لَهُ وانشرح لذَلِك الصَّدْر أَن يكون هُوَ الْقَائِم بأعباء هَذَا الْأَمر، وَكَذَا نقل عَنهُ توسمه فِيهِ لذَلِك قَدِيما الزين السندبيسي.
وَمِنْهُم الْحَافِظ مُحدث الْحجاز التقي بن فَهد الْهَاشِمِي حَيْثُ وصف بأَشْيَاء مِنْهَا: زين الْحفاظ وعمدة الْأَئِمَّة الأيقاظ شمس الدُّنْيَا وَالدّين مِمَّن اعتنى بِخِدْمَة حَدِيث سيد الْمُرْسلين اشْتهر بذلك فِي الْعَالمين على طَريقَة أهل الدّين وَالتَّقوى فَبلغ فِيهِ الْغَايَة القصوى.
وَكَانَ وَلَده الْحَافِظ النَّجْم عمر لَا يقدم عَلَيْهِ أحدا. وَمِمَّا كتبه الْوَصْف بشيخنا الإِمَام الْعَلامَة الأوحد الْحَافِظ الفهامة المتقن الْعلم الزَّاهِر وَالْبَحْر الزاخر عُمْدَة الْحفاظ وخاتمتهم من بَقَاؤُهُ نعْمَة يجب الِاعْتِرَاف بِقَدرِهَا ومنة لَا يُقَام بشكرها وَهُوَ حجَّة لَا يسع الْخصم لَهَا الْجُحُود وَآيَة تشهد بِأَنَّهُ إِمَام الْوُجُود وَكَلَامه غير مُحْتَاج إِلَى شُهُود وَهُوَ وَالله بَقِيَّة من رَأَيْت من الْمَشَايِخ وَأَنا وَجَمِيع طلبة الحَدِيث بالبلاد الشامية والبلاد المصرية وَسَائِر بِلَاد الْإِسْلَام عِيَال عَلَيْهِ وَوَاللَّه مَا أعلم فِي الْوُجُود لَهُ نَظِير.
والحافظ الرحلة الزين قَاسم الْحَنَفِيّ وَمن بعض كِتَابَته الْوَصْف بالواصل إِلَى دقائق هَذَا الْفَنّ وجليله والمروي فِيهِ من الصدى جَمِيع غليله:
(تلقف الْعلم من أَفْوَاه مشيخة
…
نصوا الحَدِيث بلامين وَلَا كذب)
(فَمَا دفاتره إِلَّا خواطره
…
يمليك مِنْهَا بِلَا ريب وَلَا نصب)
)
وَهُوَ الَّذِي لم يزل قَائِما من السّنة بأعبائها ناصبا نَفسه لنشرها وأدائها محققا لفنونها ومضمون عيونها مَعَ قلَّة الْمعِين والناصر والمجاري لَهُ فِي هَذَا الْعلم والمذاكر لَا يفتر عَن ذَلِك طرفَة عين وَلَا يشغل نَفسه بغيبة ولامين.
والعلامة الْمُوفق أَبُو ذَر بن الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ فوصف بمولانا وَشَيخنَا الْعَلامَة الْحَافِظ الأوحد قدم علينا حلب فَأفَاد وأجاد كَانَ الله لَهُ بل صرح بِمَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ.
والبرهان البقاعي وَكَانَ عجبا فِي التَّنَاقُض حِين الْغَضَب والرضى فَقَالَ: إِن مِمَّن ضرب فِي الحَدِيث بأوفر نصيب وأوفى سهم مُصِيب الْمُحدث البارع الأوحد الْمُفِيد الْحَافِظ الأمجد إِلَى آخر كَلَامه. وَقَالَ مرّة: إِذا وَافقنِي فلَان لَا يضرني من خالفني فِي ثَنَاء كثير ذكر فِي التَّأْلِيف الْمشَار إِلَيْهِ، وَقدم هَؤُلَاءِ لاشتغالهم بِالْحَدِيثِ أَكثر.
وَمِمَّنْ أثنى من الْحفاظ الْمُحدثين الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي وَكَذَا التقي القلقشندي والعز الْحَنْبَلِيّ وَمِنْه الْوَصْف بِالْإِمَامِ الْعَلامَة الْحَافِظ الْأُسْتَاذ الْحجَّة المتقن الْمُحَقق شيخ السّنة حَافظ الْأمة إِمَام الْعَصْر أوحد الدَّهْر مفتي الْمُسلمين محيي سنة سيد الْأَوَّلين أبقاه الله للمعارف علما ولمعالم الْعلم إِمَامًا مقدما وَأَحْيَا بحياته الشَّرِيفَة مآثر شَيْخه شيخ الْإِسْلَام وَجعله خلفا عَن السّلف الْأَئِمَّة الْأَعْلَام ويحرسه من حوادث الزَّمَان وغدره ويأمنه من كيد الْعَدو ومكره بِرَسُولِهِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
والمفوه البليغ الْبُرْهَان الباعوني شيخ أهل الْأَدَب فَكَانَ مِمَّا قَالَ: الشَّيْخ الإِمَام الْحَائِز لأنواع الْفضل على التَّمام الْحَافِظ لحَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام أمتع الله بحياته وَأعَاد على الْمُسلمين من بركاته هُوَ الْآن من الْأَفْرَاد فِي علم الحَدِيث الَّذِي اشْتهر فِيهِ فَضله وَلَيْسَ بعد شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر فِيهِ مثله وَقد حصل الِاجْتِمَاع بخدمته والفوز ببركته والاقتباس من فَوَائده والاستمتاع بفرائده.
وقاضي الْقُضَاة الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن وَصفه قَوْله: الشَّيْخ الْفَاضِل الْعَلامَة الْحَافِظ جمع فأوعى واهتم بِهَذَا الْفَنّ وَلم يزل لَهُ يرْعَى، وَصرح غير مرّة بالانفراد.
وقريبه الولوي قَاضِي الشَّام فَكَانَ مِمَّا كتبه فِي أثْنَاء مدح لغيره من أقربائه خُصُوصا وَاسِطَة عقدهَا من انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَنه أَمْسَى كالجوهر الْفَرد وَأصْبح فِي وَجه الدَّهْر كالغرة حَتَّى صَارَت الدُّرَر مَعَ جواهره كالذرة بل جواد جوده شهد لَهُ جَرَيَانه بِالسَّبقِ فِي ميدان الفرسان)
وَحكم لَهُ بِأَنَّهُ هُوَ الْفَرْع الَّذِي فاق أَصله البديع بالمعاني وَلَا حَاجَة للْبَيَان أَضَاء هَذَا الشَّمْس فاختفت مِنْهُ كواكب الذَّرَارِي كَيفَ لَا وَقد جَاءَهُ الْفَيْض بِفَتْح الْبَارِي فَهُوَ نخبة الْقَمَر والدهر وَعين القلادة فِي طبقَة الْجُود لِأَنَّهُ عين السخاء وَزِيَادَة فبدايته لَهَا النِّهَايَة ومنهاجه أوضح الطّرق إِلَى الْغَايَة وَهُوَ الْخَادِم للسّنة الشَّرِيفَة وَالْحَاوِي لمحاسن الِاصْطِلَاح النكت المنيفة فبهجته زهت بروضتها وروضته زهت ببهجتها إِلَى آخر كَلَامه.
وقريبه الآخر البدري قَاضِي مصر كَانَ فَكَانَ مِمَّا كتبه فِي أثْنَاء كَلَام: وَكَيف لَا وإمامة مُؤَلفه فِي فنون الحَدِيث النَّبَوِيّ لَا تنكر وتقدمه فِيهِ لَيْسَ بشاذ وَلَا مُنكر بل هُوَ باستفاضته أشهر من أَن يُقَال وَيذكر وَحفظه للرِّجَال وطبقاتهم ومراتبهم سما فِيهِ على أهل عصره وتصانيفه إِلَيْهَا النِّهَايَة فِي الشَّهَادَة لَهُ بمزيد علوه وفخره واستحضاره للأسانيد والمتون من أُمَّهَات الْكتب لَا يدْرك قَرَار بحره ومعرفته بمظان مَا يلْتَمس مِنْهُ فِي جَمِيع فنونه وإبراز المخدرات من مخبآت عيونه يقصر عَن بَيَان الْأَمر فِيهِ الْمقَال وَلَا يحصر ذَلِك الْمِثَال فقد حَاز قصب السَّبق فِي مضماره وميز صعاب القشر من لبابه بجودة قريحته وَبَنَات أفكاره بِحَيْثُ صَار هُوَ الْكَعْبَة وَالْحجّة فِي زَمَانه وَشهد لَهُ الْحفاظ بالتقدم على الشُّيُوخ فضلا عَن أقرانه.
وفقيه الْمَذْهَب الشّرف الْمَنَاوِيّ، وَمِمَّا كتبه أَنه لما أشرف علم الحَدِيث على الإندراس من التدريس حَتَّى لم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْأَثر والانفصال من التَّأْلِيف حَتَّى لم يبْق مِنْهُ إِلَّا الْخَبَر انتدب لذَلِك الْأَخ فِي الله تَعَالَى الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة والحافظ الناسك الألمعي الهامة الْحجَّة فِي السّنَن على أهل زَمَانه والمشمر فِي ذَلِك عَن ساعد الِاجْتِهَاد فِي سره وإعلانه فجد بجد فِي حفظ السّنة حَتَّى هجر الوسن وَهَاجَر بعزم فِيهَا حَتَّى طلق الوطن وأروى العطاش من عذب بَحر السّنة حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن.
وحافظ الْمَذْهَب السراج الْعَبَّادِيّ فَقَالَ هُوَ الَّذِي انْعَقَد على تفرده
بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيّ الْإِجْمَاع وَأَنه فِي كَثْرَة اطِّلَاعه وتحقيقه لفنونه بلغ مَا لَا يُسْتَطَاع ودونت تصانيفه واشتهرت وَثبتت سيادته فِي هَذَا الْفَنّ النفيس وتقررت وَلم يُخَالف أحد من الْعُقَلَاء فِي جلالته ووفور ثقته وديانته وأمانته بل صَرَّحُوا بأجمعهم بِأَنَّهُ هُوَ المرجوع إِلَيْهِ فِي التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح والتحسين والتصحيح بعد شَيْخه شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام ابْن حجر حَامِل راية الْعُلُوم والأثر تغمده الله بِالرَّحْمَةِ والرضوان وَأَسْكَنَهُ فسيح الْجنان وَالله أسأَل وَله الْفضل والْمنَّة أَن يحفظ بِبَقَائِهِ هَذِه السّنة ويزيده علوا ورفعة وَسموا)
وَيتم عَلَيْهِ بمزيد الأفضال وَالنعَم ويبقيه لإرشاد المبتدعين فهداية رجل وَاحِد خير من حمر النعم وينفع ببركته ومحبته آمين.
والعلامة فريد الأدباء الشهَاب الْحِجَازِي فَكَانَ مِمَّا قَالَه: الإِمَام الْعَلامَة حَافظ عصره ومسند شامه ومصره هُوَ بَحر طَابَ موردا وَسيد صَار لطالبي اتِّصَال متون الحَدِيث على الْحَالين سندا بل هُوَ لعمري عين فِي الْأَثر وَمَا رَآهُ أحد مِمَّن سمع بِهِ إِلَّا قَالَ قد وَافق الْخَبَر الْخَبَر لقد أَجَاد النَّقْل من كَلَامي الله وَرَسُوله الْقَدِيم والْحَدِيث وسارت بفضله الركْبَان وبالغت بالسير الحثيث فَلَو رَآهُ صَاحب الْجَامِع الصَّحِيح رفع مناره وَقدمه للْإِمَامَة وَقَالَ هَذَا مُسلم على الْحَقِيقَة وَزَاد فِي تَعْظِيمه وإكرامه وَلَو أدْركهُ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ لم يتَكَلَّم مَعَه إِلَّا بالميزان أَو الْبُرْهَان القيراطي لرجح مَا قَالَه وَعلم أَن بلدته قِيرَاط بِالنِّسْبَةِ عِنْد تَحْرِير الأوزان وَلَو لحقه الْمزي ولى هربا بعد مَا لم أَطْرَافه أَو عاينه صَاحب الذيل مَلأ ردته من هَذِه الْفَوَائِد الَّتِي لَيْسَ لَهَا بهَا طوق وَطلب إسعافه نعم هُوَ المأمول فِي الشدَّة والرخا والمليء من الْفَوَائِد والسخي بهَا وَلَا بدع إِذْ هُوَ من أهل سخا.
والأستاذ شيخ الْفُنُون فِي وقته التقي الحصني الشَّافِعِي فَقَالَ إِنَّه أصبح بِهِ رباع السّنة المصطفوية معمورة الأكناف والعرصات ورياض الْملَّة الحنيفية ممطورة الأكمام والزهرات قد صعد ذرى الْحَقَائِق بأقدام الأفكار وَنور غياهب الشكوك بأنوار الْآثَار، قارع عَن الدّين فكشف عَنهُ الفوارع والكروب وسارع إِلَى الْيَقِين فصرف عَنهُ العوادي والخطوب وَإِذا قرع سَمعك مَا لم تسمع بِهِ فِي الْأَوَّلين فَلَا تسرع وقف وَقْفَة المتأملين وَقل للمعاند فَائت بِمثلِهِ إِن كنت من الصَّادِقين فَالله
تَعَالَى يغمره بجزيل بره فِي سَائِر أوقاته ويعصمه بالسداد فِي حركاته وسكناته ويبوئه من الفردوس الْأَعْلَى أَعلَى درجاته بِمُحَمد وَآله وَأَصْحَابه وأزواجه وذرياته.
وأوحد أهل الْأَدَب الشهَاب بن صَالح فَقَالَ فِي كَلَام لَهُ: هُوَ الْحَافِظ الَّذِي تمكن من الحَدِيث دراية وَرِوَايَة فَاطلع وروى وتضلع وارتوى وأعان نَفسه نَفسه حَيْثُ طَال فطاب على غوص ذَلِك الْبَحْر ولنعم الْمعِين وأمده مديده بالجوهر الثمين فحبذا ابْن معِين جمع مَا تفرق من فنون الِاصْطِلَاح فَحكى ابْن الصّلاح بل أربى بنخبة الْفِكر فِي مصطلح أهل الْأَثر بل جلى كعبة فضل لَو حَجهَا أَبُو شَيْخه تهيب النُّطْق حَتَّى قيل ذَا حجر فَكَأَنِّي عنيته بِقَوْلِي فِي شَيْخه شيخ الحَدِيث قَدِيما إِذْ نثرت عَلَيْهِ عقد مدحي نظيما:)
(وَقد حفظ الله الحَدِيث بحفظه
…
فَلَا ضائع إِلَّا شذى مِنْهُ طيب)
ومازال يمْلَأ الطرس من بَحر صَدره لآليء إِذْ يملي علينا ونكتب جعل الله تَعَالَى مصر بِهِ موطنا لهَذَا الْعلم حَتَّى تصاهي بَغْدَاد دَار السَّلَام وأثابه فِي الْأُخْرَى جنَّة النَّعيم دَار السَّلَام وَرفع بهَا درجاته عدد مَا كتب وسيكتب فِي الصُّحُف المكرمة من الصَّلَاة على الحبيب الشَّفِيع وَالسَّلَام.
وَالْإِمَام الْمُحب بن الْقطَّان فَمن قَوْله: يَا لَهُ من ندى نديم يجود على السَّائِل بالعوم الَّتِي يبخل بِمِثْلِهَا ابْن العديم لَو رَآهُ الْخَطِيب أَو ابْنه لضربا بِالسَّيْفِ مِنْبَر تاريخهما إعْرَاضًا ولسكنا عَن كشف حَال الرِّجَال أعراقا وأعراضا جاب بالبلاد وجال واقتحم المهامه وَلم يخف إِلَّا وجال وجد فِي الرحلة آخِذا من تقلباتها بِالدّينِ المتين مَاشِيا فِي جنباتها عِنْدَمَا سمع قَوْله: فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة ليتفقهوا فِي الدّين مُقبلا تَارَة بإقباله ومتصلا تَارَة بجبهة مغرى بجمالها حَال اتِّصَاله واطئا بعزمه فروج الثرى رَاغِبًا فِي قَول الْقَائِل عِنْد الصَّباح يحمد الْقَوْم السرى مستولدا من جنَّات جنان فَوَائِد الموائد جَنِينا شاربا من مَاء حبات هبات هباته كَيْمَا يحيا معينا دخل دمشق الشَّام دَار ابْن عَامر فأحيا الذاكر بعد أَن أمات ذكر ابْن عَسَاكِر وَلما قدم من حلب أغْنى باطلاعه عَن مطالعة الدّرّ المجتلب فَللَّه دره من حَافظ رقي بسعيه وطوافه بزماننا هَذَا أَسْنَى المراقي وَأَبَان بمرامز إشاراته مَا طواه بعد النشر الْحَافِظ ابْن الْعِرَاقِيّ.
وَقَالَ ابْن أَخِيه الْبَدْر عقب دُعَاء شيخهما بقوله الَّذِي سلف وَالله الْمَسْئُول. أَن يُعينهُ على الْوُصُول إِلَى الْحُصُول حَتَّى يتعجب السَّابِق من اللَّاحِق مَا نَصه: وَقد اسْتَجَابَ الله دَعوته وحقق رَجَاءَهُ وبغيته إِذْ تصانيفه وتعاليقه شاهدة لذَلِك ومبرهنة لما هُنَالك فكم من مُشكل غامض بَينه ومقفل أوضح الْأَمر فِيهِ وأعلنه ومعلول كشف القناع عَن علته وحقق مَا لَعَلَّه خَفِي عَن أهل صَنعته وَهُوَ الْآن كَمَا سبقني إِلَيْهِ الْأَعْيَان حَافظ الْوَقْت ومحدث الزَّمَان وَإِن رغمت أنوف بعض الحساد لذَلِك فضوء شمسه يقتبس مِنْهُ القاطن والسالك وَمن جد وجد وَمن قنع وَاعْتَزل فَفِي ازدياد من المعارف لم يزل وَمن للتواضع سلك فجدير بِأَن للقلوب ملك وَمن ترفع بِالْجَهْلِ هلك وَالله أسأَل أَن يزِيدهُ من فَضله وَأَن يديم حَيَاته لإحياء هَذَا الشَّأْن وَنَقله. وَهَؤُلَاء شافعيون.
والعلامة المُصَنّف الْبَدْر الْعَيْنِيّ قَالَ عَن بعض التصانيف: إِنَّه حوى فَوَائِد كَثِيرَة وزوائد غزيرة وأبرز مخدرات الْمعَانِي بموضحات الْبَيَان حَتَّى جعل مَا خَفِي كاعليان فَدلَّ على أَن منشئه مِمَّن)
يَخُوض فِي بحار الْعُلُوم ويستخرج من دررها المنثور والمنظوم، وَمِمَّنْ لَهُ يَد طولى فِي بَدَائِع التراكيب وتصرفات بليغة فِي صنائع التراتيب زَاده الله تَعَالَى فضلا يفوق بِهِ على أنظاره وتسمو بِهِ فِي سَمَاء قريحته قُوَّة أفكاره إِنَّه على ذَلِك قدير وبالإجابة جدير.
وفقيه الْمَذْهَب سعد الدّين بن الديري فوصف بالشيخ الإِمَام الْفَاضِل الْمُحدث الْحَافِظ المتقن وقرض بعض التصانيف.
والتقى الشمني وَآخر مَا كتب الْوَصْف بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الثِّقَة الفهامة الْحجَّة مفتي الْمُسلمين إِمَام الْمُحدثين حَافظ الْعَصْر شيخ السّنة النَّبَوِيَّة ومحررها وحامل راية فنونها ومقررها من صَار الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ والمرجوع فِي كشف المعضلات إِلَيْهِ أمتع الله بفوائده وأجراه على جميل عوائده.
والأميني الأقصرائي، وَمِمَّا كتبه أخيرا قَوْله لَهُ متمثلا:
(إِذا قَالَت حذام فصدقوها
…
فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام)
وَكَيف لَا ومؤلفه سيدنَا ومولانا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الحبر الفهامة الثِّقَة الْحجَّة المتقن المحجة حَافظ الْوَقْت وَشَيخ السّنة ونادرة الْوَقْت الَّذِي حقق الْفُنُون وفنه الشيخي العاملي الشمسي فَهُوَ المرجوع إِلَيْهِ وَالْمُعْتَمد والمعول عَلَيْهِ فِي فنون الحَدِيث بأسرها والقائم بالذب عَنْهَا ونشرها بعد شَيْخه شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام خَاتِمَة الْمُجْتَهدين الْأَعْلَام الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي تغمده الله برحمته وَأَسْكَنَهُ فسيح جنته وَالله أَرْجُو أَن يُؤَيّدهُ بمعونته ويكافئه بمثوبته ويكفيه شماتة الْأَعْدَاء والحاسدين ويمد فِي حَيَاته لنفع الْمُسلمين.
وَابْن أُخْته المحبي فوصف بسيدنا ومولانا وأولانا الْعَالم الْعَلامَة وَالْبَحْر الفهامة الْمُحدث البارع الْحَافِظ المتقن الضَّابِط.
والمحيوي الكافياجي وَمِنْه الْوَصْف بِالْإِمَامِ الْهمام زين الْكِرَام فَخر الأام الصَّالح الزَّاهِد الْعَارِف الْعَالم الْعَلامَة النسابة الْعُمْدَة الرحلة وَارِث عُلُوم الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ الْمَوْصُوف بالمعارف القدسية الْمَشْهُور بالكمالات السّنيَّة الأنسية الْفَرد الفريد الوحيد الْمَشْهُود لَهُ بِأَنَّهُ إِمَام جليل أحفظ زَمَانه فِي الْمَنْقُول والمعقول بالِاتِّفَاقِ الْمُقدم على الْكل بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي جَمِيع الْبلدَانِ والآفاق أحسن الله تَعَالَى إِلَيْهِ ونفعنا بِهِ وببركات علومه وَالْمُسْلِمين آمين آمين ألف آمين يَا رب الْعَالمين.)
والرضى أَبُو حَامِد بن الضياء وَمِمَّا كتبه الْوَصْف بِالْإِمَامِ الْعَالم الْمُفِيد الأوحد الفريد قدوة الْمُحدثين وعمدة الْعلمَاء العاملين نفع الله بِهِ وَأعَاد من بركته وَوصل الْخَيْر بِسَبَبِهِ. قَوَّال قدم بَيت الله الْمحرم وجاور لَدَى بَيت الله الْمُعظم وتجرد لِلْعِبَادَةِ مُجْتَهدا وواصل ذَلِك بالفحص عَن رُوَاة الحَدِيث بهَا مستعدا تكميلا لمراده وتحصيلا لمفاده فَأفَاد واستفاد واشتغل وأشغل ورام الْإِحَاطَة بالتحصيل فَحصل. وَكلهمْ حنفيون.
والمحيوي الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ فوصف بسيدنا الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحدث حَافظ الْوَقْت بديع الزَّمَان وعلامة عُلَمَاء هَذَا الشان أبقاه الله تَعَالَى على ممر الدهور والأزمان.
والشمسي الْقَرَافِيّ سبط ابْن أبي جَمْرَة فَقَالَ: الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث الْكَامِل الْحَافِظ المتقن الباحث فِي هَذَا الْفَنّ عَن حقائقه الْمبلغ فِي طلب التَّصْحِيح غَايَة
دقائقه أَفَاضَ الله علينا من بركاته وعلومه وأدام نعمه عَلَيْهِ فِي حركاته وسكونه.
والبدري بن المخلطة فَقَالَ: هُوَ الإِمَام الْمُنْفَرد فِي عصره الْمُجْتَهد فِي إِقَامَة الصَّلَاة فِي مصره فقسما لَو رفعت إِلَى الْحَاكِم قصَّته لقبل مِنْهُ القَوْل وَأوجب لَهُ الْجَائِزَة ذَات الطول وَحكم على من نازعه بِالتَّسْلِيمِ ومناولة الْكتاب بِالْيَمِينِ وَإنَّهُ إِن شافه النَّاس بحَديثه فيوثق بِهِ وَلَا يَمِين وَلَو تصفحه الذَّهَبِيّ لنقطه بذهبه أَو رَآهُ الْبَيْهَقِيّ لرفعه مَعَ شعبه وَلَو سمع بِهِ القصري لأمر بِالْوُقُوفِ على أبوابه بل بالتوسد بأعتابه هَذَا وَإِنِّي وجدت القَوْل ذَا سَعَة غير أَن عبارتي قَاصِرَة والفكرة مني مَقْصُورَة فاترة. وَالثَّلَاثَة مالكيون.
بل سمع مِنْهُ بعض تصانيفه من شُيُوخه الزين البوتيجي واستجازه لنَفسِهِ وللقاضي الحسام بن حريز وَأَشَارَ لهَذَا بقوله: فاستجزته مِنْهُ لأرويه عَنهُ بِسَنَد صَحِيح وتناولت من يَده بقلب منشرح وأمل فسيح، وَكَذَا سمع مِنْهُ بَعْضهَا إِمَام الكاملية مَعَ مناولة جَمِيعه مقرونة بِالْإِجَازَةِ، والمحب بن الشّحْنَة وَاشْتَدَّ غرامه بهَا وتكرر سُؤَاله فِي بَعْضهَا بِخَطِّهِ وبلفظه. وَكتب الشّرف أَبُو الْفَتْح المراغي وَكَانَ فِي التَّحَرِّي واليبس والورع بمَكَان بِخَطِّهِ مَا نَصه: وكاتبه يسْأَل سَيِّدي الْحَافِظ أمده الله تَعَالَى وعمره أَن يُجِيز لولد عَبده فلَان. بل سمع مِنْهُ جَمِيع القَوْل البديع مِنْهَا شيخ الْمَذْهَب الشّرف الْمَنَاوِيّ وَأحد أَئِمَّة الْحَنَفِيَّة الْبَدْر بن عبيد الله وَصَالح الْأُمَرَاء وأوحدهم يشبك المؤيدي الْفَقِيه وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعضه وَتَنَاول سائره مِنْهُ التقي الجراعي الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ وَحدث بِهِ عَنهُ الشهَاب بن يُونُس المغربي وَالْفَخْر عُثْمَان الديمي والشرف عبد الْحق السنباطي وَهُوَ)
بِخُصُوصِهِ مِمَّن سَمعه مِنْهُ ثمَّ قَرَأَهُ بالروضة الشَّرِيفَة عِنْد الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة وَكَذَا قَرَأَهُ قبله فِيهَا النَّجْم بن يَعْقُوب الْمدنِي وَخير الدّين بن القصبي المالكيان وَأَبُو الْفَتْح بن إِسْمَاعِيل الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي حَسْبَمَا أخبرهُ بِهِ كل مِنْهُم وَبَالغ الْجلَال الْمحلي فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ والتنويه بِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ قد عزمت على إشهاره وإظهاره، وَكَذَا أثنى على غَيره من التصانيف وتكرر ثَنَاؤُهُ فِي الْغَيْبَة كَمَا أخبرهُ بِهِ الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ وَالسَّيِّد السمهودي وَغَيرهمَا وَاخْتصرَ التقي الشمني بَعْضهَا وَأكْثر عَالم الْحَنَابِلَة الْعِزّ الْكِنَانِي من مطالعتها والانتقاء مِنْهَا وَرُبمَا صرح بذلك فِي بعضه وَقَالَ فِي بَعْضهَا: إِن لم تكن التصانيف هَكَذَا وَإِلَّا فَلَا فَائِدَة. وَكتب الأكابر بَعْضهَا بخطوطهم كالعز السنباطي وَالشَّمْس بن قمر والبرهان
القادري أحد الْأَوْلِيَاء وَالشَّمْس بن الْعِمَاد والأستاذ عبد الْمُعْطِي المغربي نزيل مَكَّة والنجم بن قَاضِي عجلون وقابل مَعَه بَعْضهَا وَالسَّيِّد السمهودي وَسمع بَعْضهَا والبرهان البقاعي وَنقل مِنْهَا فِي مجاميعه تناقهلا النَّاس إِلَى كثير من الْبلدَانِ والقرى وَلم يعْدم من يَأْخُذ مِنْهَا المُصَنّف بِكَمَالِهِ سلخا ومسخا وينسبه لنَفسِهِ من غير عزو بل وَمِنْهُم من ينْتَقد والأعمال بِالنِّيَّاتِ وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح.
ولقب بمشيخة الْإِسْلَام المحيوي الكافياجي مشافهة غير مرّة والشمسي بن الْحِمصِي عَالم غَزَّة مراسلة والزيني زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ فِي غير مَوضِع والجمالي بن ظهيرة والبدري السَّعْدِيّ والمحيوي الْمَكِّيّ الحنبليان وَآخَرُونَ من الْأَئِمَّة الْأَحْيَاء والأموات.
وامتدحه بالنظم خلق أفردهم بِالْجمعِ وَمِنْهُم مِمَّن مدح شَيْخه المحبان ابْن الشّحْنَة وَابْن الْقطَّان والبرهان الباعوني وَغَابَ الْآن نظمه عَنهُ دون نثره والمليجي الْخَطِيب والشهب الْحِجَازِي والمنصوري وَابْن صَالح والجديدي والشمسي بن الْحِمصِي والسخاوي قَاضِي طيبَة والقادري وَابْن أَيُّوب الفوي وَأَبُو اللطف الحصكفي الْمَقْدِسِي وَغَابَ الْآن نظمه عَنهُ دون كَلَامه وَعبد اللَّطِيف الطويلي وَالْجمال عبد الله الْمحلى والزين عبد الْغَنِيّ الأشليمي وعدتهم سِتَّة عشر نفسا بِقَيْد الْحَيَاة مِنْهُم ثَلَاثَة الْآن بل اثْنَان فالمحب الأول قَالَ وَقد قلت فِيهِ قَول الْمُحب فِي الحبيب:
(وقف الْمُحب على الَّذِي
…
رقم الحبيب فِرَاقه)
(قسما وَلم يسمع بِهِ
…
من وصف إِلَّا سَاقه)
بل من وَصفه لَهُ الْحَافِظ الْكَبِير والمحدث الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي عصره نَظِير وَأَنه ظهر لَهُ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيح من هَذِه الْأَوْصَاف أَن إِجْمَاع أهل السّنة لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الْخلاف وَأَن المترجم جدير أَن)
يترجم بطبقات فَوق مَا ترْجم وجدير بِالْعلمِ بتقييد المهمل وتبيين المعجم فَالله يبقيه لكشف مشكلات الْأَحَادِيث الغامضة وَبَيَان معضلات الْأَسَانِيد الْعَارِضَة وإحياء دواوين السّنَن السّنيَّة وإماتة أَقْوَال أهل الْبدع الْفِتَن والعصبية فِي كَلَام طَوِيل. والمحب الثَّانِي قَالَ:
(على السخاوي دون حفظ الَّذِي سما
…
بوقتي هَذَا رُتْبَة ابْن عَليّ)
(لَهُ من لجين الطرس نقد دوينه
…
مناقشة النقاش والذهبي)
(بدا بسما الْعرْفَان شمس معارف
…
وَيَوْم بَيَان كالرضى الْعلوِي)
وَقَالَ أَيْضا:
(وَغير عَجِيب من محب بديهة
…
سخبا بالمعاني فِي مديح سخاوي)
(روى عطشا بِالْعلمِ عِنْد رِوَايَة
…
فَأكْرم بري من رِوَايَته رَاوِي)
وَقَالَ أَيْضا:
(بليغ إِذا مَا رَاح يَتْلُو رِوَايَة
…
يشنف آذَانا ويشرح خاطرا)
(يقر لَهُ عِنْد الْقِرَاءَة خَصمه
…
فَأكْرم بمولى يبهج الْخصم إِن قرا)
والمليجي قَالَ من قصيدة:
(أولاك فضلا فِي حَدِيث نبيه
…
تبدي جميل الْوَصْف من أنبائه)
(تملى ارتجالا فِيهِ وصف رِجَاله
…
وتذيع مَا قد شاع من أَسْمَائِهِ)
(يَا شمس دين الله حَسبك مَا تَجِد
…
من خير خلق الله عِنْد لِقَائِه)
(فضلا يجيزك وَهُوَ أكْرم سيد
…
أغْنى الورى بنواله وسخائه)
(وَالْفضل فضلك فِي الحَدِيث وَغَيره
…
عجز الْمُفِيد الْوَصْف عَن إحصائه)
والحجازي قَالَ من أَبْيَات:
(أَعنِي الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة
…
الْمسند الْمُحدث الفهامة)
(الْحَافِظ المفوه السخاوي
…
بِعلم كل عَالم وراوي)
والمنصوري أثبت فِي الْجمع الْمشَار إِلَيْهِ وَابْن صَالح تقدم مَعَ نثره. والجديدي قَالَ فِي أَبْيَات:
(وافي جوابك فَاسْتَنَارَ ظلام
…
وغدت بدور الْأُفق وَهِي تَمام)
(يَا كَاتبا كبت العدى لما كبت
…
من خَلفه فِي شوطها الأقلام)
(صلى وَرَاءَك فِي الحَدِيث جمَاعَة
…
مِمَّن يعانيه وَأَنت إِمَام)
)
(أَهْدَت لنا طرسا سطور بَيَانه
…
روض ومغناه البديع حمام)
(وكأنما تِلْكَ الْحُرُوف جَوَاهِر
…
فِيهَا تأنق جهده النظام)
(لَا بل كؤوس مدامة من فَوْقهَا
…
قد در من مسك المدام ختام)
(لَا بدع إِن مَالَتْ بعطفي نشوة
…
فَمن الْكَلَام إِذا اعْتبرت مدام)
وَابْن الْحِمصِي قَالَ:
(يَا خَادِمًا أَخْبَار أشرف مُرْسل
…
وسخا فنسبته إِلَيْهِ سخاوي)
(وحوى السياسة والرياسة ناهجا
…
منهاج حبر للمكارم حاوي)
وَقَالَ أَيْضا:
(أحببتكم من قبل رؤياكم
…
لحسن وصف عَنْكُم فِي الورى)
(وَهَكَذَا الْجنَّة محبوبة
…
لأَهْلهَا من قبل أَن تنظرا)
والسخاوي قَالَ فِي قصيدة طَوِيلَة قيلت بِحَضْرَة كل مِنْهُمَا فِي الرَّوْضَة النَّبَوِيَّة:
(وَفِي فضائله القَوْل البديع فكم
…
أبدى بديعا لأرباب الحجا حسنا)
(فكم فَوَائِد فِيهَا للورى جمعت
…
من دَعْوَة وَصَلَاة أذهبا الحزنا)
(فاسمعه فِي الرَّوْضَة الزهرا تنَلْ رشدا
…
بِحَضْرَة الْمُصْطَفى تظفر بِكُل منى)
(فَكل أَقْوَاله كم فرجت كربا
…
وَكم بهَا خَائِف من بأسه أمنا)
(جمع الإِمَام السخاوي الشَّافِعِي فَلَقَد
…
أَجَاد فِي جمعه إِذْ فَارق الوسنا)
(الْعَالم الْحَافِظ الْمَحْمُود سيرته
…
أضحى بضبط على الْأَخْبَار مؤتمنا)
(يقْرَأ ويقرئ مَا يقريه يُوضحهُ
…
للطالبين فَمَا فِي الْعَصْر عَنهُ غنى)
(يروي الْأَحَادِيث والْآثَار مُتَّصِلا
…
عَن الْأَسَانِيد لَا ريبا وَلَا وَهنا)
والقادري وَقَوله فِي الْجمع الْمشَار إِلَيْهِ، وَابْن أَيُّوب وَقد غَابَ الْآن عَنهُ نظمه، والطويلي فَقَالَ:
(بِهَذَا الْعِيد قد جِئْنَا نهني
…
إِمَام الْعَصْر شيخ النَّاس طرا)
(أَطَالَ الله عمرك فِي ازدياد
…
من الْخيرَات للدنيا وَأُخْرَى)
والمحلى وَقد غَابَ الْآن عَنهُ نظمه والزين الإشليمي فَقَالَ:
(يَا سيدا أضحى فريد زَمَانه
…
وَدَلِيل مَا قد قلته الْإِجْمَاع)
(عِنْدِي حَدِيث مُسْند ومسلسل
…
يرويهِ ذُو الاتقان لَا الوضاع)
)
(مَا فِي الزَّمَان سواك يلفى عَالما
…
صحت بِذَاكَ إجَازَة وَسَمَاع)
(الْخَيْر فِيك تَوَاتَرَتْ أخباره
…
وَهُوَ الصَّحِيح وَلَيْسَ فِيهِ نزاع)
(يَا من إِذا مَا قد أَتَاهُ ممرض
…
يشكو يَزُول الضّر والأوجاع)
فِي أَبْيَات. وَقد يكون فِيمَا طوى أبدع وأبلغ مِمَّا أثبت وَلَكِن إِنَّمَا اقْتصر على هَؤُلَاءِ لما سبق.
وَقَالَ لَهُ الشَّمْس بن القاياتي مُخَاطبا لَهُ:
(يَا حَافِظًا سنة الْمُخْتَار من مُضر
…
وباذلا جهده فِي خدمَة الْأَثر)
(وَمن سما وَعلا فِي كل مكرمَة
…
حَتَّى استكان لَهُ من كَانَ ذَا بصر)
(إِنِّي أَقُول لمن أضحى يشانئكم
…
أقصر عَن الطعْن واسمع قَول مختبر)
(قد تنكر الْعين ضوء الشَّمْس من رمد
…
وينكر الْفَم طعم المَاء من ضَرَر)
(مازال ذُو الْجَهْل يَبْغِي النَّقْص من حسد
…
لذِي الْفَضَائِل إِذا فَاتَتْهُ فِي الْعُمر)
(فاصفح بِفَضْلِك عَنهُ واجتهد فَلَقَد
…
حباك رَبك علما صَادِق الْخَبَر)
واقتفى أَثَره بعض الآخذين عَنْهُمَا فَقَالَ:
(يَا عَالما على الحَدِيث قد جذا
…
وماحيا بحفظه ضرم الجذي)
(وباذلا للسعي فِيهِ جهده
…
وراكبا لأَجله شط الشذى)
(لَا ينثني عَن حبكم إِلَّا فَتى
…
معاند أَو حَاسِد وَمن هذي)
(إِنِّي أَقُول للعداة إِنَّه
…
لقد سما على العدا مستحوذا)
وَقَالَ:
(لعمرك مَا بدا نسب الْمُعَلَّى
…
إِلَى كرم وَفِي الدُّنْيَا كريم)
(وَلَكِن الْبِلَاد إِذا اقشعرت
…
وضوح نبتها رعى الهشيم)
وَاسْتقر فِي تدريس الحَدِيث بدار الحَدِيث الكاملية عقب موت الْكَمَال وَلَكِن تعصب مَعَ أَوْلَاده من يحْسب أَنه يحسن صنعا وَكَانَت كوائن أُشير إِلَيْهَا فِي الفرجة ثمَّ رغب الابْن عَنْهَا لعبد الْقَادِر بن النَّقِيب وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الحَدِيث بالصرغتمشية عقب الْأمين الأقصرائي وناب قبل ذَلِك فِي تدريس الحَدِيث بالظاهرية الْقَدِيمَة بتعيينه وسؤاله، ثمَّ فِي تدريس الحَدِيث بالبرقوقية عقب موت الْبَهَاء المشهدي، وَقَررهُ الْمقر الزيني بن مزهر فِي الْإِمْلَاء بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا فاستعفى من ذَلِك لالتزامه تَركه كَمَا قدمه وَكَذَا قَرَّرَهُ الْمَنَاوِيّ فِي تدريس الحَدِيث بالفاضلية)
لظَنّه أَنه وَظِيفَة فِيهَا، كَمَا أَنه سَأَلَ شَيْخه بعد موت شَيْخه الْبُرْهَان بن خضر فِي تدريس الحَدِيث بالمنكوتمرية فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُ لم يكن مَعَه إِنَّمَا كَانَ مَعَه الْفِقْه وَقد أَخذه تَقِيّ الدّين القلقشندي، بل عينه الْأَمِير يشبك الْفَقِيه الدوادار حِين غيبته بِمَكَّة لمشيخة الحَدِيث بالمنكوتمرية عقب التقي الْمَذْكُور فَلَا زَالَ بِهِ صهره حَتَّى أَخذهَا لنَفسِهِ وَكَذَا ذكر فِي غيبته التالية لَهَا لقِرَاءَة الحَدِيث بِمَجْلِس السُّلْطَان بعد إِمَامه وَمَا كَانَ يفعل لِأَن الدوادار الْمشَار إِلَيْهِ سَأَلَهُ فِي الْمبيت عِنْد الظَّاهِر خشقدم لَيْلَتَيْنِ فِي الْأُسْبُوع ليقْرَأ لَهُ نخبا من التَّارِيخ كَمَا كَانَ الْعَيْنِيّ يفعل فَبَالغ فِي التنصل كَمَا تنصل مِنْهُ حِين التمَاس الدوادار يشبك من مهْدي لَهُ عِنْد نَفسه، وَمن مُطلق التَّرَدُّد لتمر بغا المستقر بعد فِي السلطنة وَفِي
الْحُضُور عِنْد برد بك والشهابي بن الْعَيْنِيّ وَغَيرهمَا، نعم طلبه الظَّاهِر نَفسه فِي مرض مَوته فَقَرَأَ عِنْده الشفافي لَيْلَة بعض ذَلِك بِحَضْرَتِهِ وَفِي غيبته الَّتِي بعْدهَا لمشيخة سعيد السُّعَدَاء بعد الكوراني، وَعرض عَلَيْهِ الأتابك شفاها قَضَاء مصر فَاعْتَذر لَهُ فَسَأَلَهُ فِي تعْيين من يرضاه فَقَالَ لَهُ لَا أنسب من السُّيُوطِيّ قاضيك، إِلَى غير هَذَا مِمَّا يَرْجُو بِهِ الْخَيْر مَعَ أَن مَاله من الْجِهَات لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع، وَللَّه در الْقَائِل:
(تقدمتني أنَاس كَانَ شوطهم
…
وَرَاء خطوي لَو أَمْشِي على مهل)
(هَذَا جَزَاء امْرِئ أقرانه درجوا
…
من قبله فتمنى فسحة الْأَجَل)
(فَإِن علاني من دوني فَلَا عجب
…
لي أُسْوَة بانحطاط الشَّمْس عَن زحل)
(فاصبر لَهَا غير محتال وَلَا ضجر
…
فِي حَادث الدَّهْر مَا يُغني عَن الْحِيَل)
(أعدى عَدوك من وثقت بِهِ
…
فعاشر النَّاس واصحبهم على دخل)
(فَإِنَّمَا رجل الدُّنْيَا وواحدها
…
من لَا يعول فِي الدُّنْيَا على رجل)
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب النَّحْوِيّ فِيمَا روينَاهُ عَنهُ يَقُول دخلت على أَحْمد بن حَنْبَل فَسَمعته يَقُول:
(إِذا مَا خلوت الدَّهْر يَوْمًا فَلَا تقل
…
خلوت وَلَكِن قل عَليّ رَقِيب)
(إِذا مَا مضى الْقرن الَّذِي أت فيهم
…
وخلفت فِي قرن فَأَنت غَرِيب)
(فَلَا تَكُ مغرورا تعلل بالمنى
…
فعلك مدعُو غَدا فتجيب)
ألم تَرَ أَن الدَّهْر أسْرع ذَاهِب وَأَن غَدا للناظرين قريب هَذَا كُله وَهُوَ عَارِف بِنَفسِهِ معترف بالتقصير فِي يَوْمه وأمسه خَبِير بعيوبه الَّتِي لَا يطلع عَلَيْهَا)
مُسْتَغْفِر مِمَّا لَعَلَّه يَبْدُو مِنْهَا، لكنه أَكثر الهذيان طَمَعا فِي صفح الإخوان مَعَ كَونه فِي أَكْثَره نَاقِلا واعتقاد أَنه فضل مِمَّن كَانَ لَهُ قَائِلا.
وَالله يسْأَل أَن يَجعله كَمَا يظنون وَأَن يغْفر لَهُ مَا لَا يعلمُونَ، وَللَّه در الْقَائِل:
(لَئِن كَانَ هَذَا الدمع يجْرِي صبَابَة
…
على غير ليلى فَهُوَ دمع مضيع)
وَقَول غَيره:
(سهر الْعُيُون لغير وَجهك بَاطِل
…
وبكاؤهن لغير فضلك ضائع)
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْجمال الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن يُوسُف الْجمال بن الْعَلامَة الْوَجِيه الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْجمال الْمصْرِيّ وَسمع من الزين المراغي فِي سنة ثَلَاث عشرَة أَشْيَاء واشتغل على أَبِيه وَغَيره وَفضل وجود الْخط. مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة سِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى الشَّمْس بن الزين بن الشَّمْس القاهري الصحراوي الشَّافِعِي أَخُو عبد الصَّمد الْمَاضِي وَيعرف بالهرساني. ولد بالصحراء وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد أَبِيه والسنديوني والتنبيه وَغَيره، وَعرض على جمَاعَة ح وَسمع على جده والحافظين الْعِرَاقِيّ والهيثمي والتنوخي وَابْن أبي الْمجد وَابْن الشيخة والأبناسي والغماري فِي آخَرين. واشتغل قَلِيلا وتنزل فِي الْجِهَات كالطلب بدرس وَكَانَ هُوَ الدَّاعِي فِي حَلقَة مدرسه محفوفا بالأنس فِي ذَلِك والخفر وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ. وَمَات بعد أَن كف فَصَبر بعد السِّتين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر الشَّمْس الصبيبي الْمدنِي الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد وَأبي الْحرم مُحَمَّد وَابْن عَمه الْجمال الكازروني وَابْن أُخْت أبي الْعَطاء أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد. ولد فِي ربيع الآخر سنة صمان وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع على الْبَدْر إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عِيسَى بن الخشاب فِي سنة سبعين فَمَا بعْدهَا وَوَصفه النَّجْم السكاكيني فِي إجَازَة وَلَده بالعالم الْفَاضِل الْكَامِل ووالده بالشيخ الصَّالح الزَّاهِد العابد، وَحدث بالبخاري لفظا فِي الرَّوْضَة سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة فَسمع من جمَاعَة، وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه اشْتغل بالفقه ودرس فِي الْحرم النَّبَوِيّ. مَاتَ بصفد سنة سبع وَقد بلغ الْخمسين. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حجي بن فضل الشَّمْس بن الزين السنتاوي الأَصْل)
القاهري الشَّافِعِي سبط المحيوي يحيى الدمياطي والماضي أَبوهُ. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا عرضهَا عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة واشتغل عِنْد أَبِيه والجوجري وَغَيرهمَا فِي فنون، وَفضل وبرع ولازمني مُدَّة فِي قِرَاءَة الْأَذْكَار وَغَيره، وَحج ورزق أَوْلَادًا. كل هَذَا مَعَ أدب واقتفاء لطريقة أَبِيه وَرُبمَا احتطب طلبا للْحَلَال. مَاتَ فِي مستهل الْمحرم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بالأزهر فِي مشْهد حافل وتأسف اللناس على فَقده وأثنوا عَلَيْهِ وتوجعوا لِأَبِيهِ من بعده عوضهما الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حسن الفاقوسي الْمَاضِي أَبوهُ وجده مِمَّن
سمع هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمد ختم البُخَارِيّ بالظاهرية. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن أَسد بن الشَّيْخ خَلِيل صَاحب الضريح الشَّمْس النشيلي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالنشيلي. وَأخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه وَغَيره رَفِيقًا للشمس الطَّيِّبِيّ وَكَذَا أَخذ عَن الْمَنَاوِيّ وَابْن حسان وَآخَرين وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ باستدعائي جمَاعَة وَصَحب الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري وَأقَام بجامعه مُدَّة بل أم بِهِ قَلِيلا وداوم التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة وَالنَّظَر فِي كتب الرَّقَائِق والتصوف فعلق بذهنه كثيرا من الْفَوَائِد والنكت وَصَارَ يذاكر بهَا ويبديها لمن لَعَلَّه يجْتَمع بِهِ ونوه خطيب مَكَّة أَبُو الْفضل الويري بِهِ بِحَيْثُ تردد لَهُ الشّرف الْأنْصَارِيّ بل الْأَمِير أزبك الظَّاهِرِيّ وَجلسَ فِي خلْوَة بسطح جَامع الْأَزْهَر وَتردد النَّاس إِلَيْهِ وَرُبمَا حصل التوسل بِهِ فِي الْحَوَائِج، وَقَرَأَ عِنْده إِبْرَاهِيم الْحَمَوِيّ الميعاد فِي بعض أَيَّام الْأُسْبُوع وَكَذَا الْبَهَاء المشهدي ثمَّ لما هدمت الخلاوي تحول لبيته الأول وتقلل مِمَّا كَانَ فِيهِ، كل ذَلِك مَعَ كَونه لم يتَزَوَّج قطّ ومزيد عفته وإكرامه للوافدين بِحَسب الْحَال بِحَيْثُ لَا يبْقى على شَيْء وملازمته للتلاوة وَالْعِبَادَة، وَهُوَ من قدماء أَصْحَابنَا. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن رَجَب بن صلح الشَّمْس الطوخي الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بِابْن رَجَب. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبية وَبَعض التَّقْرِيب للنووي أَو جَمِيعه والتبريزي وَالْحَاوِي والملحة، وَعرض على جمَاعَة وَأخذ فِي الْفِقْه عَن الشَّمْس الشنشي وَفِي النَّحْو عَن ابْن الزين بل تَلا عَلَيْهِ للسبع إفرادا وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَن شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ والبدر النسابة وَغَيرهم، وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا وَقَرَأَ بِمَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي فِي مُسلم وَولي عُقُود الْأَنْكِحَة بِبَلَدِهِ وَكَانَ عين أَهلهَا فضلا وديانة وصلاحا وتعبدا، وَقد حضر)
عِنْدِي فِي بعض مجَالِس الأملاء واغتبط بهَا وَذَلِكَ حِين قدومه الْقَاهِرَة قبيل مَوته ليتداوى من مرض وَأقَام نَحْو شَهْرَيْن، ثمَّ رَجَعَ وَقد نصل يَسِيرا فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشري جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين وَدفن فِي عصره وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن صلح فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن نَاصِر الدّين أبي الْفرج بن الشَّمْس ابْن الْخَطِيب التقي أبي الْبَقَاء الْكِنَانِي بل زعم أَنه هاشمي الْمصْرِيّ الأَصْل الْمدنِي
الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن صلح. ولد فِي لَيْلَة ثَانِي عشر ربيع الأول سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَقَالَ إِنَّه تلاه للعشر من طَرِيق النشر على ابْن الْجَزرِي مُصَنفه وَالْحَاوِي وَجمع الْجَوَامِع والجمل للزجاجي وألفية الْعِرَاقِيّ الحديثية، وَعرض على جمَاعَة واشتغل فِي الْفِقْه على وَالِده وَالْجمال الكازروني والنجم السكاكيني ويوسف الريمي اليمني وَالشَّمْس الغراقي وَالْجمال بن ظهيرة فِي آخَرين وَعَن النَّجْم أَخذ الْأُصُول مَعَ الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكَذَا أَخذ الْأُصُول مَعَ الْعَرَبيَّة والمنطق عَن أبي عبد الله الوانوغي وَعنهُ وَعَن غَيره أَخذ النَّحْو وَكَذَا أَخذ الحاجبية وَغَيرهَا عَن أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الزرندي تلميذ الْمُحب بن هِشَام وَقَرَأَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيّ وَكَذَا قَرَأَ البُخَارِيّ وَغَيره على أَبِيه وَحسن الدرعي وَفتح الدّين النحريري وَخلف الْمَالِكِي وَغَيرهم كَابْن الْجَزرِي فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين بِالْمَدِينَةِ الشفا وَغَيره وَسمع عَلَيْهِ الْحصن الْحصين لَهُ وَكَذَا سمع على أبي الْحسن الْمحلي سبط الزبير وَقبل ذَلِك جَمِيع البُخَارِيّ على الزين المراغي فِي آخَرين من الْمَدَنِيين والقادمين إِلَيْهَا كالجمال بن ظهيرة وَالْمجد اللّغَوِيّ وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة خمس فَمَا بعْدهَا ابْن صديق وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والعراقي وَولده والهيثمي وَابْن الشرائحي والشهابان ابْن حجي والحسباني وَآخَرُونَ كالفرسيسي والجوهري وَعبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد الْحلَبِي وَأبي الطّيب السحولي وَأبي الْيمن الطَّبَرِيّ وَغَيرهم تجمعهم مشيخته تَخْرِيج التقي بن فَهد وَهِي فِي مُجَلد اقْتصر فِيهَا على المجيزين، وناب فِي الْقَضَاء والخطابة والإمامة بِبَلَدِهِ طيبَة عَن أَبِيه ثمَّ اسْتَقل بذلك بعد مَوته وَاسْتمرّ إِلَى أثْنَاء سنة أَربع وَأَرْبَعين فَترك الْقَضَاء لِأَخِيهِ الْآتِي وَاقْتصر على الخطابة والإمامة مَعَ نظر الْمَسْجِد النَّبَوِيّ حَتَّى مَاتَ، وَقدم الْقَاهِرَة بِسَبَب اتهامه بالمواطأة على قتل)
أبي الْفضل المراغي أخي أبي الْفَتْح وَأبي الْفرج الْمَاضِي ذكرهم وزار بَيت الْمُقَدّس، وَكَانَ ذكيا مُسَددًا فِي قَضَائِهِ كَرِيمًا من دهاة الْعَالم ذَا سمت حسن وملقي جميل مَعَ فَضِيلَة فِي الْفِقْه ومشاركة فِي غَيره وسهولة للنظم بِحَيْثُ كَانَ قد ابْتَدَأَ نظم القراآت الْعشْر من طرق ابْن الْجَزرِي فِي رُوِيَ الشاطبية وَنَحْوهَا مَعَ التَّصْرِيح بأسماء الْقُرَّاء نظما منسجما واختصارا حسنا لَو كَانَ سالما من اللّحن لَقيته بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فَأخذت عِنْده. وَمَات بهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة سِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح بالروضة وَدفن بمقبرتهم بِالْقربِ من السَّيِّد عُثْمَان على قَارِعَة الطَّرِيق، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَنسب المشيخة لعمر بن فَهد
وَوَصفه بصاحينا رحمه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد ولي الدّين أَبُو عبد الله بن صثالح أَخُو الَّذِي قبله. ولي الْقَضَاء اسْتِقْلَالا حِين استعفى أَخُوهُ مِنْهُ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين فدام حَتَّى استعفى هُوَ أَيْضا مِنْهُ وَتَركه لِابْنِ أَخِيه صَلَاح الدّين مُحَمَّد وشارك فِي الخطابة والإمامة وَكَانَ جيد الخطابة مِمَّن سمع على أبي الْحسن سبط الزبير وَغَيره وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي إِحْدَى الجماديين سنة أَربع وَسبعين. مُحَمَّد شمس الدّين أَخُو اللَّذين قبله. سمع على أبي الْحسن سبط الزبير. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن القَاضِي نَاصِر الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد بن صَالح معِين الدّين الْكِنَانِي الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. شَاب رَأَيْته قَرَأَ فِي الشفا على خير الدّين قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِالْمَدِينَةِ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين يَوْم خَتمه فِي الرَّوْضَة النَّبَوِيَّة. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْقسم الْحِمْيَرِي الفاسي الأَصْل القسنطيني التّونسِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي وَالِد أَحْمد الْمَعْرُوف بالخلوف. جاور بِمَكَّة سنة ثَلَاثِينَ فَمَا بعْدهَا ثمَّ قدم بَيت الْمُقَدّس فقطنه حَتَّى مَاتَ فِي سنة تسع وَخمسين، وَكَانَ بارعا فِي الْفِقْه مُتَقَدما فِيهِ وَكتب لصَاحب الْمغرب. أَفَادَهُ وَلَده. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد الْبَدْر بن الزين بن الشَّمْس بن الديري الْمَقْدِسِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ ابْن أخي شَيخنَا القَاضِي سعد الدّين. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والكنز والمنتخب للأخسيكتي والحاجبية.
واشتغل عِنْد عَمه والأمين الأقصرائي وَأذن لَهُ أَولهمَا بل نَاب عَنهُ فِي الْقَضَاء ثمَّ لَازم)
الكافياجي وَرغب لَهُ عَن تدريس التربة الأشرفية برسباي فَوَثَبَ عَلَيْهِ الْبَدْر بن الْغَرْس ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بعد مَوته، وَقبل ذَلِك رغب لَهُ العضدي الصيرامي عَن تدريس صرغتمش بِجَامِع المارداني. وناب عَن ابْن عَمه التَّاج عبد الْوَهَّاب فِي مشيخة المؤيدية تصوفا وتدريسا وَأذن لَهُ فِيهَا بعد مَوته ثمَّ طلب مِنْهُ بذل عَلَيْهِ فَأبى فبادر ابْن الدهانة للبذل وتألم لذَلِك الأحباب، هَذَا مَعَ تصديه للتدريس والإفتاء وتكرمه مَعَ تقلله ومحاسنه وتجمله فِي مركبه وملبسه ومزيد ذكائه وفضائله وترشحه لقَضَاء الْحَنَفِيَّة، وَحج مَعَ الرجبية فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَهُوَ مِمَّن كتب فِي مسئلة الْمِيَاه بِعَدَمِ التطهر من البرك الصَّغِيرَة وَنَحْوهَا كالفساقي ووافه الصّلاح الطرابلسي وَغَيره وَكتب فِي ضِدّه الْبَدْر بن الْغَرْس. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله النَّاشِرِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. ولد سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي عُلُوم مَعَ حسن خلق وكرم ومواظبة على التِّلَاوَة. مَاتَ شَابًّا فِي شَوَّال
سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بالفخة وَدفن عِنْد أَبِيه، ذكره النَّاشِرِيّ فِي أَبِيه. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر أَبُو صهى الْحَضْرَمِيّ ثمَّ الشبامي الْكِنْدِيّ الْأَشْعَرِيّ الشَّافِعِي. قدم مَكَّة من الْيمن فِي أثْنَاء سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَأخذ عني وَلبس مني الطاقية وَقَرَأَ على أربعي النَّوَوِيّ وَغَيرهَا وَكتب الابتهاج وَغَيره من تصانيف وَأَخْبرنِي أَنه ابْن أَربع وَثَلَاثِينَ تَقْرِيبًا، وَأخذ الْفِقْه عَن عبد الله بِأَفْضَل وَمُحَمّد بن أَحْمد الدوعني عرف باباجرفيل وَالرَّقَائِق عَن الشريف عَليّ بن أبي بكر باعلوي فِي آخَرين، وَخلف وَالِده فِي الْفتيا وَالصُّلْح وَنَحْو ذَلِك، وَهُوَ خير متعبد. كتب إِلَى: سيدنَا وبركتنا ونورنا الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة بَقِيَّة السّلف وقدوة الْخلف شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام وقطب كَافَّة عُلَمَاء الْأَنَام صدر المدرسين عين الْمُحدثين شمس الدُّنْيَا وَالدّين نفع الله بِهِ وبعلومه، واستجازني لَهُ ولأخيه أَحْمد وللفقهاء عمر بن عبد الله باجمان الغرفي نزيل شبام وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بَافضل التريمي وَعبد الرَّحْمَن وَعبد الله ابْني الشريف عَليّ بن أبي بكر بن علوي التريمي وَمُحَمّد بن عبد الله بن خطيب باذيب الشبامي وَعلي بن عبد الرَّحْمَن بابهير البوري وَعبد الله بن مُحَمَّد أَبَا عكابة الهبتي. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله السَّيِّد معِين الدّين ابْن)
السَّيِّد صفي الدّين الحسني الْحُسَيْنِي الأيجي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد وَيعرف بلقبه.
ولد فِي جُمَادَى الأولى يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشرِيَّة وبخطي أَيْضا ثامن عشرَة وَهُوَ فِيمَا قيل أشبه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بايج ولازم وَالِده فِي الْفِقْه والعربية وَالصرْف والأصلين وَغَيرهَا، وَابْن عَمه القطب عِيسَى فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان ثمَّ ارتحل إِلَى كرمان فَقَرَأَ على الْمولى على أحد تلامذة السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ حَاشِيَة شرح الْمطَالع لشيخه. ثمَّ إِلَى خُرَاسَان فَأَخذهَا أَيْضا عَن الْمولى خواجا على أحد العظماء من تلامذة السَّيِّد أَيْضا بِحَيْثُ قَالَ فِيهِ شَيْخه السَّيِّد: لَو اجْتمع فِي أحذ ذهنه وجدي فِي الْعلم وَتَقْرِير وَلَدي مُحَمَّد لغلب الْعَالم، وَأخذ شرح المواقف عَن الْمولى مُحَمَّد الجاجرمي وَقدمه خواجا عَليّ للتدريس بِحَضْرَتِهِ وَكَذَا أذن لَهُ غَيره فتصدى لذَلِك وللإفتاء بِبَلَدِهِ، وقطن مَكَّة أَكثر من عشر سِنِين مُتَوَالِيَة أَولهَا سنة سبع وَسِتِّينَ على طَريقَة جميلَة إقراء وتصنيفا وتقللا من الْخَوْض فِيمَا لَا يُفِيد، وانتفع بِهِ جمَاعَة وَعمل تَفْسِيرا فِي مُجَلد ضخم وشرحا لأربعي النَّوَوِيّ فِي مُجَلد لطيف ورسالة فِي تَفْضِيل الْبشر على الْملك وَأُخْرَى فِي تَفْسِير الْكَوْثَر وَأُخْرَى فِي
الْحيض وَأُخْرَى فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك إِلَى غَيرهَا. وَأَجَازَ لَهُ ولحفيد عَمه ابْن أُخْته السَّيِّد عبيد الله جمَاعَة مِنْهُم زَيْنَب ابْنة اليافعي وَأَبُو الْفَتْح المراغي والمحب المطري والتقي بن فَهد وَمُحَمّد بن عَليّ الصَّالِحِي الْمَكِّيّ وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن الأعسر، ولقيته غير مرّة فِي الْمُجَاورَة الثَّانِيَة ثمَّ قدم فِي أَيَّام الثمان من الْمُجَاورَة الثَّالِثَة عَابِر سَبِيل وَرجع فَأَقَامَ ببار ثمَّ انْتقل إِلَى جهرم مُتَوَجها للإقراء والإفادة وَنعم الرجل أصلا ووصفا. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ. مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة أَربع وَخمسين. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد النَّاصِر بن هبة الله بن عبد الرَّحْمَن الصَّدْر بن التقي الزبيرِي الْمحلي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط الْجمال عبد الله بن الْعَلَاء التركماني الْحَنَفِيّ، أمه صَالِحَة والماضي أَبوهُ. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل قَلِيلا وَفضل وَسمع على الفرسيسي وَأمه صَالِحَة وَغَيرهمَا، وناب فِي الْقَضَاء وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ لطيفا حسن الْعشْرَة كثير الْأَدَب. مَاتَ مطعونا)
مبطونا فِي يَوْم تاسوعاء سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بعد مرض طَوِيل وَدفن بتربة بني جمَاعَة رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس بن الشّرف بن النَّجْم بن النُّور بن الشهَاب القاهري الشَّافِعِي القباني أَخُو قَاسم ووالد عبد الْعَزِيز الماضيين، وَيعرف كسلفه بِابْن الكويك. ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقيل سنة ثَمَان وَسبعين تَقْرِيبًا وَالْأول أصوب بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج والشاطبية، وَعرض على جمَاعَة واشتغل قَلِيلا وَسمع على التنوخي وَابْن الشيخة وَابْن أبي الْمجد والمطرز والعراقي والهيثمي والعماد أَحْمد بن عِيسَى الكركي والتقي الدجوي والشرف بن الكويك فِي آخَرين وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وسافر إِلَى الثغر السكندري وتكسب كأبيه قبانيا وَمهر فِيهَا، ثمَّ حصل لَهُ مرض بعد سنة أَرْبَعِينَ أقعد مِنْهُ مَعَ ابتلائه أَيْضا وتسليط النَّمْل عَلَيْهِ ودخوله تَحت أَظْفَاره وَأكل بعض لَحْمه وإسكاته فَلَا ينْطق، وَهُوَ مَعَ ذَلِك صابر حَامِد مشتغل بِنَفسِهِ وبالتلاوة حَتَّى مَاتَ، وَحدث قبل ذَلِك وَبعده باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ شَيْئا. وَمَات فِي آخر يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع أَو ثامن عشر ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَخمسين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن عبد
الرَّحِيم أَبُو أُمَامَة بن الزين أبي هُرَيْرَة بن الشَّمْس أبي أُمَامَة الدكالي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن النقاش، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: اشْتغل قَلِيلا وَهُوَ شَاب ثمَّ صَار يخالط الْأُمَرَاء فِي تِلْكَ الْفِتَن الَّتِي كَانَت بعد وَفَاة برقوق فجرت لَهُ خطوب وَقد خطب نِيَابَة عَن أَبِيه بِجَامِع طولون، وَحج مرَارًا وجاور وتمشيخ بعد وَفَاة أَبِيه فَلم ينجب وأصابه فألج فِي أَوَائِل سنة وَفَاته ثمَّ مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشري شعْبَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَقد قَارب السّبْعين وَدفن بِجَانِب أَبِيه بِبَاب القرافة رحمه الله. مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو الْيُسْر بن النقاش أَخُو الَّذِي قبله. نَشأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وكتبا، وَعرض وَسمع على أَبِيه والفوى وَشَيخنَا وَفَاطِمَة ابْنة الصّلاح خَلِيل الْحَنْبَلِيّ والزين القمني ولازمه فِي الْفِقْه وَغَيره، وَأذن لَهُ فِيمَا بَلغنِي فِي التدريس والإفتاء، وَاسْتقر شَرِيكا لِأَخِيهِ بعد أَبِيهِمَا فِي خطابة جَامع طولون ثمَّ اسْتَقل بهَا بعد أَخِيه وَمنعه اغلظاهر جقمق)
محتجا بلكنته وَعدم فَصَاحَته وَقرر عوضه الْبُرْهَان بن الميلق. وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الْفِقْه بِجَامِع أصلم وبرغبة الْمُحب القمني لَهُ فِي تدريس الْفِقْه بالظاهرية الْقَدِيمَة ودرس فِيهَا وَأعَاد بالشريفية، وناب جَامع أصلم فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة سبع وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى المؤمني ثمَّ دفن بِبَاب القرافة أَيْضا وَأَظنهُ قَارب السّبْعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْقسم بن صَالح بن هَاشم التَّاج بن الزين القاهري، وَيعرف كسلفه بِابْن العرياني. ولد قبل التسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا وَسمع على ابْن الشيخة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَمَا بعْدهَا جُزْء الدراج ومستخرج أبي نعيم على مُسلم بفوت يسير، وَحدث بِالْقَلِيلِ سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأَ عَلَيْهِ. وَكَانَ خيرا يسقى المَاء فِي بعض الحوانيت. مَاتَ فِي سنة تسع وَسِتِّينَ رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ حفيد الْأمين الْحِمصِي كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق وَابْن قَاضِي حمص الْحَنَفِيّ. ولد سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن وَقَامَ بِهِ فِي رَمَضَان سنة خمس وَثَلَاثِينَ قبل إِكْمَال عشر سِنِين ثمَّ حفظ الملحة ثمَّ مجمع الْبَحْرين ثمَّ ألفية ابْن ملك على شَيخنَا فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بحمص حِين اجتيازه فِي سنة آمد وَأثْنى على مزِيد حفظه ونجابته وذكائه وبراعته. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَادِر بن الأسعد أفضل الدّين أَبُو الْفضل بن الصَّدْر بن عَزِيز الدّين الْقرشِي الْأَسدي الزبيرِي المليجي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن. ولد فِي جُمَادَى
الأولى سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَغَيره. واشتغل، وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل كَانَ مباشرا على أوقاف جَامع الْأَزْهَر وَشَاهد الْخَاص رَفِيقًا فِيهِ لأصيل الخضري، وَولى خطابة الحسنية أَظُنهُ بعد التقي المقريزي وَكَانَ قد سمع من حَده الْمِائَة الشريحية وَغَيرهَا. وَحدث قَرَأَ عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء. مَاتَ فِي تَاسِع عشر شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَدفن بتربتهم بالقرافة. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْخَيْر الحسني الفاسي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي. وَأمه أم هَانِيء ابْنة الشريف على الفاسي. حضر على الْعِزّ بن جمَاعَة وَسمع من)
الْجمال بن عبد الْمُعْطِي وَفَاطِمَة ابْنة الشهَاب أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي والنشاوري والأميوطي والكمال بن حبيب وَغَيرهم. وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَابْن الهبل والسوقي وَابْن النَّجْم وَعمر بن إِبْرَاهِيم النقبي وَأحمد بن عبد الْكَرِيم البعلي فِي آخَرين.
وتفقه بالشيخ مُوسَى المراكشي وَأَبِيهِ وَخَلفه فِي تصديره بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فأجاد وَأفَاد. وَكَانَ من الْفُضَلَاء الأخيار ذَا حَظّ من الْعِبَادَة وَالْخَيْر وَالثنَاء عَلَيْهِ جميل. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث شَوَّال سنة سِتّ بِطيبَة وَدفن بِالبَقِيعِ وَقد جَازَ الْأَرْبَعين بِيَسِير وعظمت الرزية بفقده فَإِنَّهُ لم يَعش بعد أَبِيه إِلَّا نَحْو سنة. ذكره الفاسي مطولا وتبعته فِي تَارِيخ الْمَدِينَة، والمقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد الْمُحب أَبُو عبد الله الحسني الفاسي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي شَقِيق الَّذِي قبله. ولد سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا من الْعَفِيف النشاوري وَعبد الْوَهَّاب الْقَرَوِي وَالْجمال الأميوطي وَابْن صديق وبالقاهرة من ابْن أبي الْمجد والتنوخي والحلاوي والسويداوي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَآخَرُونَ، وَكَانَ قد حفظ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الفرعي وَكَذَا الرسَالَة وَغَيرهمَا وَحضر دروس أَبِيه كثيرا بل قَرَأَ فِي الْفِقْه بِالْقَاهِرَةِ على بعض شيوخها وتميز فِيهِ قَلِيلا. وتكرر دُخُوله لليمن وَكَذَا للقاهرة وَدخل مِنْهَا اسكندرية ودرس بِمَكَّة يَسِيرا وَكَذَا حدث، ثمَّ عرض لَهُ قولنج تعلل بِهِ سِنِين كَثِيرَة إِلَى أَن مَاتَ وَقد عرض لَهُ إسهال أَيْضا فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَصلى عَلَيْهِ عقب طُلُوع الشَّمْس عِنْد قبَّة الفراشين كأبيه وَدفن عَلَيْهِ بالمعلاة بِقَبْر أبي لكوط، ذكره الفاسي قَالَ وَهُوَ ابْن عَمَّتي وَابْن عَم أبي. وَذكره شَيخنَا فِي تَرْجَمَة الَّذِي بعده من إنبائه وَقَالَ إِنَّه مهر فِي الْفِقْه. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي رحمه الله.
مُحَمَّد الرضي أَبُو حَامِد الحسني الفاسي الْمَكِّيّ الْمَالِكِي شَقِيق اللَّذين قبله. ولد فِي رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقيل فِي سادس رَجَب من الَّتِي قبلهَا بِمَكَّة وَسمع بهَا ظنا على الْعَفِيف النشاوري وَالْجمال الأميوطي ويقينا على ابْن صديق والزين المراغي، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَحفظ عدَّة من مختصرات الْفُنُون وتفقه بِأَبِيهِ وبالزين خلف النحريري وَأبي عبد الله الوانوغي وَقَرَأَ عَلَيْهِ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ بل وَحضر دروسه فِي فنون من الْعلم بِمَكَّة وَغَيرهَا، وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس الْخَوَارِزْمِيّ المعيد وَالشَّمْس البوصيري حِين جاور)
بِمَكَّة وَكَثُرت عنايته بالفقه فتميز فِيهِ وَفِي غَيره، وَكتب بِخَطِّهِ الَّذِي لَا بَأْس بِهِ عدَّة كتب، وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وتصدر للتدرس والإفتاء وَولي الْقَضَاء فِي رَابِع عشري شَوَّال سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة عوضا عَن مستنيبه وَابْن عَمه التقي الفاسي وَوصل التوقيع لمَكَّة فِي أَوَائِل ذِي الْحجَّة مِنْهَا فَلبس خلعة الْولَايَة وباشر فَلَمَّا رَحل المصريون جِيءَ بتوقيع التقي الفاسي مؤرخ بسابع ذِي الْقعدَة مِنْهَا فَترك الْمُبَاشرَة وَاسْتمرّ حَرِيصًا على الْعود فَمَا تيَسّر لَهُ، وَقد نَاب عَن الْجمال بن ظهيرة وَحكم فِي قضايا لَا تَخْلُو من انتقاد وَكتب على مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وشارحيه الصَّدْر عبد الْخَالِق بن الْفُرَات وبهرام شَيْئا فِي قدر ثَلَاث كراريس فَلم يقْرض عَلَيْهِ عُلَمَاء الْقَاهِرَة شَيْئا، بل قيل إِنَّه علق على ابْن الْحَاجِب شَيْئا بَين فِيهِ الرَّاجِح مِمَّا فِيهِ من الْخلاف وَسَماهُ الْأَدَاء الْوَاجِب فِي تَصْحِيح ابْن الْحَاجِب ذكره الفاسي وَقَالَ: ولديه فِي الْجُمْلَة خير. مَاتَ بعد تعلله ثَمَانِيَة أَيَّام بحمى حادة دموية فِي وَقت عصر يَوْم الْخَمِيس منتصف ربيع الأول سنة أَربع وَعشْرين وَدفن بكرَة يَوْم الْجُمُعَة بالمعلاة عِنْد قبر أبي لكوط وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ: كَانَ خيرا سَاكِنا متواضعا ذَاكِرًا للفقه.
والمقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد أَبُو السرُور الحسني الفاسي الْمَكِّيّ أَخُو الثَّلَاثَة قبله ووالد عبد الرَّحْمَن وَأبي الْخَيْر. سمع الثَّلَاثَة على الفوى من لفظ الكلوتاتي فِي الدَّارَقُطْنِيّ مَاتَ وإبناه فِي الطَّاعُون بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ، أرخهم ابْن فَهد وَهُوَ أَيْضا وَالِد عبد اللَّطِيف.
وَكَانَ مولد أبي السرُور فِي صفر سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا من الْعَفِيف النشاوري وَالْجمال الأميوطي صَحِيح مُسلم بفوت يسير وَمن الثَّانِي فَقَط التِّرْمِذِيّ وَبَعض السِّيرَة لِابْنِ سيد النَّاس وَغَيرهمَا وَمن أَولهمَا الْأَرْبَعين المختارة لِابْنِ مسدي وَأَشْيَاء وَكَذَا سمع على ابْن صديق البُخَارِيّ ومسند عبد وبالمدينة من الْعلم سُلَيْمَان السقا نُسْخَة أبي مسْهر، وَأَجَازَ لَهُ إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن فَرِحُونَ وَابْن خلدون وَابْن عَرَفَة والعراقي والهيثمي وَابْن حَاتِم والمحب الصَّامِت
وَخلق وتفقه بِأَبِيهِ وَجلسَ بعد موت أَخِيه أبي حَامِد للتدريس، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة فقدرت وَفَاته بهَا كَمَا تقدم. وَكَانَ خيرا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد التَّاج الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الأرسوفي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي. ولد)
تَقْرِيبًا سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والملحة وَغَيرهَا وَعرض على الْعِزّ مُحَمَّد بن جمَاعَة وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ والشرف ابْن الكويك واشتغل فِي الْفِقْه على الْمجد الْبرمَاوِيّ والسراج الدموهي والزكي الْمَيْدُومِيُّ وَغَيرهم. وَحج وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتعاني النّظم واشتهر فِي ناحيته بإجادته مَعَ فضيلته. لَقيته بِمصْر فَكتبت عَنهُ قَوْله:
(بمبسمه مر النسيم غدية
…
وَعَاد وَفِي أرجائه الند والندى)
(وَقَالَ أما لولاه مَا كنت ذَا شذى
…
ولولاي مَا كَانَ الرضاب مبردا)
مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى الْمُحب بن الزين بن التَّاج السندبيسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أحد الصُّوفِيَّة بالمؤيدية. مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَلم يتكهل. وَكَانَ خيرا يتكسب بِالتِّجَارَة مِمَّن أَخذ يَسِيرا عَن أَبِيه رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يحيى بن حُسَيْن فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الْعِرَاقِيّ الأَصْل القمني ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الشاذلي الْوَاعِظ. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة مستهل رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بقمن وتحول مِنْهَا مَعَ أَبَوَيْهِ وَهُوَ مرضع إِلَى الْقَاهِرَة فحفظ مَعَ الْقُرْآن الْمجمع والأخسيكتي والملحة وألفية ابْن ملك وَعرض على جمَاعَة من الشَّافِعِيَّة كالمحلي والبلقيني والمناوي والعبادي والديمي وكاتبه وَمن الْحَنَفِيَّة الْعَيْنِيّ وَابْن الديري وَابْن الْهمام وَابْن قديد وَأبي الْعَبَّاس السرسي وَأقَام تَحت نظره بزاوية الشَّيْخ مُحَمَّد الْحَنَفِيّ ثمَّ بِجَامِع كزلبغا فِي حفظهَا، وَمن الْمَالِكِيَّة الزين طَاهِر وَابْن عَامر وجود الْقُرْآن على الشَّمْس بن الحمصاني واشتغل عِنْد أبي الْعَبَّاس الْمَذْكُور والأمين الأقصرائي وَسيف الدّين وَغَيرهم فِي الْفِقْه والعربية، وَحج غير مرّة وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس وَقَرَأَ بعض الْقُرْآن على ابْن عمرَان بل سمع عَلَيْهِ جُزْء ابْن الْجَزرِي وتسلسل لَهُ مَا فِيهِ وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى
وَسبعين، وَكَذَا حضر دروس الْكَمَال من أبي شرِيف وَقَرَأَ البُخَارِيّ هُنَاكَ على السراج أبي حَفْص عمر بن أبي الْجُود عبد الْمُؤمن الْحلَبِي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي وَدخل الصَّعِيد فزار فِي طنبذا صالحها الشَّيْخ حسن وَكَذَا اجْتمع فِي الْقَاهِرَة بعمر الْكرْدِي وَقدمه للْإِمَامَة بِجَامِع قيدان فَكَانَ فِي ذَلِك)
إِشَارَة إِلَى استقراره إِمَامًا بمدرسة جانم المواجهة لجامع قوصون أَصَالَة وبالجانبكية وَغَيرهَا نِيَابَة، وَلما كنت بِمَكَّة طلع فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين فحج وَتَأَخر مجاورا السّنة الَّتِي تَلِيهَا فَاجْتمع بِي وَعقد مجْلِس الْوَعْظ وَكَذَا عقده بغَيْرهَا وسألني فِي شرح غرامي صَحِيح وَفِي كِتَابَة شَيْء من تصانيفي وَالْقِرَاءَة وَكَذَا بَلغنِي أَنه أَخذ عَن ابْن الأسيوطي. وَبِالْجُمْلَةِ فَعنده إحساس ومزاحمة مَعَ سَلامَة صدر. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد التَّاج بن التقي بن التَّاج القاهري المشهدي نِسْبَة لمشهد الْحُسَيْن مِنْهَا الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن المرخم. ولد فِي لَيْلَة رَابِع الْمحرم سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتلاه للسبع على وَالِده بِأَخْذِهِ عَن الْمجد الكفتي، وَسمع على الْجمال الْبَاجِيّ جُزْء أبي الجهم وَحدث بِهِ سَمعه مِنْهُ الْفُضَلَاء. وَكَانَ شَيخا يقظا خيرا دينا مستحضرا أحد صوفية البيبرسية وقراء الشباك بهَا بل قَارِئ الصّفة فِيهَا كأبيه. وَوَصفه بَعضهم بالشيخ الإِمَام الصَّالح الْمُقْرِئ. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سلخ شَوَّال سنة أَرْبَعِينَ رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشَّمْس القاهري الصَّيْرَفِي حفيد الْمقري الشَّمْس الشراريبي وَيعرف كَهُوَ بِابْن عبد الرَّحْمَن. كَانَ وَالِده حريريا كأبيه فَحسن لَهُ نور الدّين السفطي الجباية وَأدْخلهُ فِيهَا بالصرغتمشية والحجازية ولازم خدمَة الزين عبد الباسط فاستقر بِهِ فِي جباية أوقافه وأوقاف الْأَشْرَف برسباي وَأخرج لَهُ مرسوما بِصَرْف الأشرفية بل وَبرد داريتها. وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ ف يالأيام الإينالية بعد انْقِطَاعه مُدَّة بالفالج بِحَيْثُ استنيب عَنهُ فيهمَا ثمَّ اسْتمرّ من كَانَ يَنُوب عَنهُ يَنُوب بعد مَوته عَن وَلَده هَذَا بِقدر معِين لإضافتهما لَهُ إِلَى أَن استبد الْوَلَد حِين براعته واختبار صلاحيته لذَلِك وَمَوْت النَّائِب بالتكلم، وسافر مَعَ عَليّ بن رَمَضَان حِين كَانَ صيرفيا بجدة وناظرا بهَا ثمَّ اسْتَقل بِالصرْفِ حِين نظر شاهين الجمالي وترقى وتجمل مَعَ النَّاس فركن إِلَيْهِ بَنو الجيعان وَنَحْوهم ووثقوا بنصحه وتدبيره مَعَ مزِيد حَظّ من جَمِيع من يخالطه وسماح وَمَعْرِفَة بالمتجر ولطف عشرَة مَعَ مَا انْضَمَّ لَهُ من قِرَاءَة الْقُرْآن فِي صغره فنمى وتزايدت وجاهته وَتزَوج ابْنة ابْن قُضَاة الْجَوْهَرِي الشهير بالملاءة وَسكن قاعته الهائلة الَّتِي بناها ابْن كدوف بحارة
برجوان بل بنى هُوَ دَارا ظريفة بزقاق الْكحل بَين الدروب، وتكرر إِلْزَام السُّلْطَان لَهُ بالاستقلال بجدة وَهُوَ يستعفي بِالْمَالِ)
لِكَثْرَة مَا يُقرر عَلَيْهَا. فَلَمَّا كَانَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ أرْسلهُ أَمينا على أبي الْفَتْح المنوفي ثمَّ اسْتَقل فِي الَّتِي تَلِيهَا على كره واستكثار لما كلف بِهِ مِمَّا لم يجد بدا للإجابة إِلَيْهِ وسافر فَلم يجد مَا كَانَ يتوقعه من المراكب وراسل يعلم بذلك ثمَّ لم يلبث أَن جَاءَ الْخَبَر فِي عَاشر رَجَب بِمَوْتِهِ فِي سَابِع جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَنه تمرض ثَمَانِيَة أَيَّام لم يَنْقَطِع عَن الْمُبَاشرَة فِيهَا سوى أَرْبَعَة وَدفن بالمعلاة سامحه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشَّمْس أَو حميد الدّين أَبُو الْحَمد الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي. يَأْتِي فِيمَن لم يسم جده. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمَدْعُو خَليفَة بن مَسْعُود بن مُحَمَّد بن مُوسَى الشَّمْس أَبُو عبد الله المغربي الجابري نِسْبَة لبني جَابر قَبيلَة من الْمغرب الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن خَليفَة. ولد فِي حادي عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ بِهِ فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه عبد الله البسكري وتلاه على عَليّ ابْن اللفت وَحسن العجلوني وَحفظ غَالب الرسَالَة وَقَرَأَ فِيهَا على حسن الدرعي الْمَالِكِي، وَأخذ التصوف عَن وَالِده وَسمع الحَدِيث على مُحَمَّد بن سعيد إِمَام الدركاة، وَولي مشيخة المغاربة بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَذَا مشيخة الْفُقَرَاء المنتسبين لأبي مَدين والمدرسة السَّلامَة والتوقيت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مَعَ تصدير فِيهِ، ولقيته هُنَاكَ فَقَرَأت عَلَيْهِ المسلسل ونسخة إِبْرَاهِيم بن سعد بِسَمَاعِهِ لَهما على مُحَمَّد بن سعيد أَنا الْمَيْدُومِيُّ وتبرأ بحضرتي مِمَّا ينْسب لِأَبِيهِ من انتحال مقَالَة ابْن عَرَبِيّ مَعَ كَونه لَيْسَ فِي عداد من يفهم بل كَانَ مسمتا نير الشيبة جميل الْهَيْئَة شَدِيد السمرَة كثير التِّلَاوَة، حج غير مرّة وَدخل الشَّام. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس منتصف جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن بمقبرة بَاب الله بحوش الْموصِلِي بجوار أَبِيه. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الْكَمَال بن الزين الفكيري بِفَتْح الْفَاء ثمَّ كَاف مَكْسُورَة نِسْبَة لقبيلة بالمغرب التّونسِيّ ثمَّ السكندري الْمَالِكِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالعسلوني بمهملتين. ولد باسكندرية سنة تسعين وَسَبْعمائة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على أَبِيه وَحفظ بعض الرسَالَة فِي الْفِقْه والملحة واشتغل يَسِيرا، وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء ابْن يفتح الله الزين المراغي، وتحول إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ سَافر مِنْهَا قَرِيبا من سنة أَربع وَأَرْبَعين وقطن دمياط مديما التكسب بِالتِّجَارَة إِلَى أَن)
عدي على حانوته فَصَارَ حِينَئِذٍ ينسج على السرير، وَرُبمَا شهد فِي بعض مراكز الثغر، ولقيته هُنَاكَ
فَقَرَأت عَلَيْهِ، وَكَانَ خيرا سليم الْفطْرَة محبا فِي الْعلم وَأَهله. مَاتَ بعد سنة سبعين. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُؤمن ولي الدّين القوصي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي موقع الأتابك أزبك الظَّاهِرِيّ. مَاتَ فِي غيبته مَعَ أميره سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ قد بَاشر توقيع الْمُفْرد كأبيه وقتا وتوقيع الدست عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مهيب الصدقاوي الزواوي قاضيها الْمَالِكِي الْمَاضِي ابْنه إِبْرَاهِيم وحفيده مُحَمَّد. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين أَو الَّتِي قبلهَا عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن مُوسَى بن مُحَمَّد الشَّمْس بن التقي العساسي بمهملات السمنودي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ نزيل الْأَزْهَر وَيعرف بالسمنودي. ولد فِي ثَالِث ذِي الْحجَّة سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بسمنود وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وغالب المناج وَجَمِيع ألفية النَّحْو وَأخذ عَن خَاله الْجلَال السمنودي الْمحلى والعز الْمَنَاوِيّ وَأكْثر عَنهُ. ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فلازم عبد الْحق السنباطي وَأخي الزين أَبَا بكر فِي الْفِقْه وَغَيره وانتفع بالمطالعة للبدر حسن الضَّرِير الدماطي بل كَانَ يَأْخُذهُ مَعَه لدرس الْمَنَاوِيّ، وَكَذَا لَازم تقاسيم الْفَخر عُثْمَان المقسي والجوجري وَأخذ أَيْضا عَن ثَانِيهمَا الْعَرَبيَّة وَعَن الشّرف البرمكيني وَكَذَا عَن الزين المنهلي الْفِقْه وأصوله وَعَن الْكَمَال بن أبي شرِيف غَالب شَرحه للإرشاد وَفِي الْأَصْلَيْنِ وَعَن أَخِيه إِبْرَاهِيم فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَالْفِقْه وَغير ذَلِك وَأخذ عَن السنهوري فِي الْعَضُد وَغَيره وَعَن الْبَدْر المارداني فِي الْفَرَائِض قَرَأَ عَلَيْهِ ترتيبه للمجموع، وجود الْقُرْآن على الْبُرْهَان بن أبي شرِيف بل قَرَأَ الزهراوين على أَخِيه الْكَمَال وَكَذَا أَخذ عني شرحي للألفية وَقَرَأَ على صَحِيح البُخَارِيّ وَغَيره وَقَرَأَ على الديمي فِي السِّيرَة وَحضر عِنْد الْبَهَاء المشهدي قَلِيلا وتميز فِي الْفِقْه وشارك فِي الْفَضَائِل وإقراء الطّلبَة وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا وخطب بِجَامِع الْأَزْهَر وانجمع مَعَ عقل وَدين وتواضع. مُحَمَّد أَخُو الَّذِي قبله ويدعى بَرَكَات وَهُوَ بهَا أشهر. مِمَّن سمع مني وَالله يوفقه لِأَبَوَيْهِ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن سحلول نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله ابْن الشَّمْس)
الْحلَبِي الْمَاضِي وَالِده وَيعرف بِابْن سحلول، كَانَ إنْسَانا حسنا رَئِيسا كَبِيرا عِنْده حشمة ومروءة وكرم أَخْلَاق تولى مشيخة خانقاه وَالِده الَّذِي كَانَ نَاظر الْخَاص بحلب ثمَّ مشيخة الشُّيُوخ بحلب بعد موت السَّيِّد عماد الدّين الْهَاشِمِي فباشرها مُدَّة، وَسمع على الْبُرْهَان الْحلَبِي بهَا وعَلى أَحْمد بن عبد
الْكَرِيم الْأَرْبَعين المخرجة من مُسلم وعَلى ابْن الحبال جُزْء المناديلي كِلَاهُمَا فِي بعلبك، وسافر إِلَى الْقَاهِرَة فحج ثمَّ عَاد فَمَاتَ بعقبة إيلة فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة، ذكره ابْن خطيب الناصرية وَكَذَا شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه لما ولي مشيخة خانقاه وَالِده كَانَ أهل حلب يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ لرياسته وحشمته وسودده وَمَكَارِم أخلاقه بِحَيْثُ كَانَ مواظبا على إطْعَام من يرد عَلَيْهِ، وَعظم جاهه لما اسْتَقل الْجمال الاستادار بالتكلم فِي المملكة فَإِنَّهُ كَانَ قَرِيبه من قبل أمه فَأم جمال الدّين هِيَ ابْنة عبد الله وَزِير حلب عَم الشَّمْس أبي هَذَا، بل لما قدم الْقَاهِرَة بَالغ الْجمال فِي إكرامه وجهزه حِين كَانَ ابْنه أَحْمد أَمِير الركب مَعَه إِلَى الْحجاز فِي أبهة زَائِدَة فحج وَعَاد فَمَاتَ بعقبة إيلة وَسلم مِمَّا آل إِلَيْهِ أَمر قَرِيبه وَآله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الزين بن الْجمال الْجَوْهَرِي نِسْبَة للجوهرية بِالْقربِ من طنتدا بالغربية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الأحمدي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن بطالة بِكَسْر الْمُوَحدَة، مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَغَيره وتفقه بالبرهان الأبناسي واختص بِهِ وَكَانَ مجاورا مَعَه بِمَكَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفِقْه وأصوله والفرائض والعربية فَفِي الْفِقْه مُخْتَصر الْوَجِيز للأمين أبي الْعِزّ مظفر بن أبي الْخَيْر الواراني التبريزي وَالْحَاوِي وَفِي الْأُصُول منهاج الْبَيْضَاوِيّ وَفِي الْفَرَائِض مُخْتَصر الكلائي وَفِي الْعَرَبيَّة المطرزية وأجازوه وَوَصفه بالشيخ الإِمَام المربي السالك الناسك الْفَاضِل وصاهر الشَّيْخ على المغربل على ابْنَته خَدِيجَة وَجلسَ لللمريدين، وابتني زَاوِيَة بفيشا المنارة وَكَانَ مشارا إِلَيْهِ بالصلاح وإكرام الوافدين. مَاتَ فِي لَيْلَة حادي عشر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بزاوية وَلَده بقنطرة الموسكي. وَقد ذكره شَيخنَا فِي انبائه فَقَالَ: مُحَمَّد الشهير بِابْن بطالة كَانَ أحد الْمَشَايِخ الَّذين يعتقدهم أهل مصر وَله زَاوِيَة بقنطرة الموسكي وَكَانَت كَلمته مسموعة عِنْد أهل الدولة واشتهر جدا فِي ولَايَة عَلَاء الدّين بن الطبلاوي. وَمَات فِي خَامِس عشري ربيع الأول وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة)
حملهَا الصاحب بدر الدّين بن نصر الله وَمن تبعه انْتهى. وَمَا سبق فِي تعْيين وَفَاته وَفِي كَون الزاوية لوَلَده هُوَ الْمُعْتَمد. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الْكَمَال أَبُو البركات بن أبي زيد الْحسنى المسكناسي السكندري. أجَاز لِابْنِ شَيخنَا وَغَيره فِي سنة سبع عشرَة وأرخه المقريزي فِي عقوده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَقَالَ أَنه ذكر أَن أَبَاهُ صافحه قَالَ: صَافَحَنِي أَبُو الْحسن على الْحطاب وَعمر مائَة وَثَمَانِينَ صَافَحَنِي أَبُو عبد الله الصّقليّ صَافَحَنِي
أَبُو عبد الله معمر وَكَانَ عمره أَرْبَعمِائَة سنة صَافَحَنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم انْتهى. وَهُوَ شَيْء لَا يعتمده الْحفاظ الْإِثْبَات. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الشَّمْس الطرابلسي ثمَّ القاهري ابْن النحال وَيعرف بِابْن مُزَاحم. مِمَّن يزْعم قرَابَة بَينه وَبَين الزيني الاستادار وهما دخيلان. خدم عَليّ بن أرج الاستادار بطرابلس وَتزَوج زَوجته بعده ثمَّ اينال الْأَشْقَر حِين كَانَ نَائِب طرابلس ودام يُبَاشر عِنْده بهَا ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى مَاتَ وَوصل فِي خدمَة الأتابك حِين رَجَعَ من بعض التجاريد فرقاه لمباشرة منية ابْن سلسيل والصرمون وَغير ذَلِك كالعباسة والصالحية وَالْتزم فِيهَا بِمَال ثمَّ ارْتقى لِاسْتِيفَاء البيمارستان تلقاها عَن عبد الباسط بن الجيعان حِين نأى أَقَاربه عَنْهَا وقاسى الضُّعَفَاء من مستحقيه مِنْهُ غلظة وَرُبمَا شكر مِمَّن يلين مَعَه وَكنت مِمَّن اجْتمع بِي وَأخذ عني التَّوَجُّه للرب بدعوات الكرب وَبَلغنِي أَنه اتَّصل بِالْملكِ وَصَارَت لَهُ حركات. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْبَدْر أَبُو الْفَوْز القاهري الْحَنَفِيّ ربيب الشَّمْس الأمشاطي وَهُوَ بكنيته أشهر. مَاتَ فِي حَيَاة أمه فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ فِي مشْهد حافل ثمَّ دفن بتربتهم بِالْقربِ من الرَّوْضَة خَارج بَاب النَّصْر وَقد زَاد على الْأَرْبَعين وَكَانَ مَوْصُوفا بعقل وَاحْتِمَال وتواضع وَفهم، مِمَّن اشْتغل قَلِيلا وَحضر عِنْد جمَاعَة كَزَوج أمه وَحج مَعَهُمَا فِي الرجبية وَجلسَ للشَّهَادَة عِنْد زوج أُخْته المظفر مَحْمُود الأمشاطي بل نَاب فِي الْقَضَاء وَيُقَال إِنَّه حفظ النقاية رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الصَّدْر جمال الدّين الْحَضْرَمِيّ الْيَمَانِيّ ويدعى أَبَا حنان قريب عبد الله بن الخواجا الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَاضِي. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ قَافِلًا من مَكَّة بِجَزِيرَة كمران بِالتَّحْرِيكِ ووالده هُوَ الَّذِي رفع الخواجا مُحَمَّد بن أَحْمد وَالِد)
قَرِيبه الْمشَار إِلَيْهِ وَأَدْنَاهُ وَصَرفه فِي مَاله وزوجه بِاثْنَتَيْنِ من بَنَاته وَاحِدَة بعد أُخْرَى وَأسْندَ وَصيته إِلَيْهِ فتصرف وَفتح عَلَيْهِ بِحَيْثُ زَاد على قَرِيبه. أَفَادَهُ بعض الآخذين عني.
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن جمال الدّين الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي بكر. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن جمال الدّين بن وجيه الدّين الْحُسَيْنِي الْعلوِي الْيَمَانِيّ. كتب مصنفي القَوْل البديع وَسمع عَليّ مِنْهُ جملَة وَكَذَا من غَيره من تصانيفي ومروياتي بل سمع مني المسلسل وكتبت لَهُ وسافر قبل التسعين. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عز الدّين بن بهاء الدّين القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن بكور.
مَاتَ فِي الْمحرم سنة تسع وَسبعين بعد تعلله بالفالج، وَكَانَ قد نَاب
عَن الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن بعده مَعَ كَونه مزجي البضاعة متساهلا فِي الْأَحْكَام وَغَيرهَا بِحَيْثُ امْتنع القاياتي من ولَايَته وَأعْرض هُوَ بعده عَنْهَا، وَهُوَ مِمَّن قربه الظَّاهِر جقمق ثمَّ أبعده وضربه وشهره وَأدْخلهُ حبس أولى الجرائم ثمَّ أطلقهُ فِي يَوْمه وَزعم أَنه جمع تَفْسِيرا وَكَانَ عَامَّة النَّاس يسخرون بِهِ فِي ذَلِك. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمُحب الحسني القاهري الْأَزْهَرِي الْحَنَفِيّ. حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل وتميز فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية والمنطق وَغَيرهَا وأقرأ وقتا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة حسن الْأَعْرَج بل أَخذ عَنهُ أحد الْأَفْرَاد ابْن بردبك والمحب بن هِشَام. وَبَلغنِي أَن الكافياجي كَانَ يجله وَاسْتقر فِي مشيخة الجوهرية الأزهرية، وناب فِي الْقَضَاء وَكَانَ سَاكِنا وقورا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَهُوَ خَال الْمُحب بن الجليس الْحَنْبَلِيّ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن حميد الدّين وبخطي فِي مَوضِع آخر شمس الدّين أَبُو الْحَمد الْمصْرِيّ الأَصْل الْقُدسِي الشَّافِعِي. ولد فِي حادي عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَحفظ الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو وبخطي فِي مَوضِع آخر بدل الْمِنْهَاج الْحَاوِي وَعرض وتفقه بالبرهان العجلوني وَأبي مساعد بل أَخذ عَن ماهر وَغَيره وَبحث جمع الْجَوَامِع على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وتميز وَأذن لَهُ فِي التدريس فدرس وَكَانَ عَالما مفتيا نَاب فِي الْقَضَاء بِبَيْت الْمُقَدّس مُدَّة وَكَانَ مفتيها. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين. وَهُوَ مِمَّن سمع مَعنا بِبَيْت الْمُقَدّس وَاسم جده مُحَمَّد وَيُقَال إِن ديانته معلولة. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عبد الله بن أبي زيد المراكشي القسنطيني المغربي الْمَالِكِي)
الضَّرِير. ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة ضريرا كَمَا قرأته بِخَطِّهِ، وَرَأَيْت لَهُ عِنْد الْبَدْر بن عبد الْوَارِث الْمَالِكِي مصنفا ابتدأه فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة سَمَّاهُ إسماع الصم فِي إِثْبَات الشّرف من قبل الْأُم صَدره باخْتلَاف عُلَمَاء تونس وبجاية فِيهَا سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة فَمَنعه التونسيون وأثبته البجائيون قَالَ وَأَنا مَعَهم بل هُوَ قَول ابْن الغماز من عُلَمَاء تونس وَابْن دَقِيق الْعِيد وأشياخنا بني باديس رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مَنْصُور المارديني الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ. سمع على الْمَيْدُومِيُّ وَحدث عَنهُ بِجُزْء البطاقة سَمَاعا سَمعه مِنْهُ التقي أَبُو بكر القلقشندي. وَمَات فِي خَامِس عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْحلَبِي وَيعرف بِابْن أَمِين الدولة. قيم مصَارِع معالج لَهُ إجَازَة من الصّلاح بن أبي عمر وَغَيره، وَأَجَازَ لِابْنِ شَيخنَا وَغَيره بعد الثَّلَاثِينَ
وَاسم جده. مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الصبيبي الْمدنِي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي بكر. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الْجمال أَبُو الْبَقَاء أمه تركية لِأَبِيهِ. مِمَّن حفظ الْمِنْهَاج وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك، وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة بل سمع مني تَرْجَمَة النَّوَوِيّ تأليفي وَكَذَا سمع عَليّ الشاوي وَعبد الصَّمد الهرساني وَغَيرهمَا واشتغل عِنْد الزين عبد الرَّحْمَن السنتاوي فِي الْفِقْه والعربية بل قَرَأَ على الْجَوْجَرِيّ ولازم قَرِيبه النَّجْم بن حجي كثيرا فِي الْحساب والعربية وَغَيرهمَا، وتميز وشارك. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن أَحْمد الشَّمْس الْمصْرِيّ الشَّافِعِي المنهاجي وَهِي شهرة جده لكَونه يحفظ الْمِنْهَاج أما أَبوهُ فَكَانَ أعجوبة فِي حسن الْأَذَان مَشْهُورا بذلك يضْرب بِهِ الْمثل فِي حسن الصَّوْت، وَهُوَ سبط الشَّمْس بن اللبان وَلذَا كَانَ ابْنه صَاحب التَّرْجَمَة يعرف أَيْضا بسبط اللبان. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا أَو الَّتِي قبلهَا وَمَات أَبوهُ وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ يَتِيما ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه اشْتغل قَدِيما وَأخذ عَن مَشَايِخ الْعَصْر كالعز مُحَمَّد ابْن جمَاعَة وَالشَّمْس بن الْقطَّان وَقَرَأَ عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ بحضوري بل قَرَأَ على تَرْجَمَة البُخَارِيّ من جمعي يَوْم الْخَتْم، وتعاني نظم الشّعْر فتمهر فِيهِ وَأَنْشَأَ عدَّة قصائد ومقاطيع وَكَذَا مهر فِي الْفِقْه وأصوله وَعمل المواعيد وشغل النَّاس، وَلزِمَ بِأخرَة جَامع عمر)
وَلذَلِك ولقراءة الحَدِيث وَكَانَت قِرَاءَته فصيحة صَحِيحَة، وَكَانَ مَعَه إِمَامَة التربة الظَّاهِرِيَّة بالصحراء فَتَركهَا اخْتِيَارا، وانتفع بِهِ أهل مصر سِيمَا مَعَ تواضعه وَكَانَ حسن الْإِدْرَاك وَاسع الْمعرفَة بالفنون، حج فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من الْبَحْر وَدخل مَكَّة فِي رَجَب فَأَقَامَ حَتَّى قضى نُسكه وَرمى جَمْرَة الْعقبَة ثمَّ رَجَعَ فَمَاتَ قبل طواف الْإِفَاضَة فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا يَعْنِي بعد أَن كَانَ أشرف فِي مَجِيئه على الْغَرق ثمَّ نهب مَا مَعَه من أثاث وَثيَاب بجدة، وَحصل لَهُ قبُول تَامّ بِمَكَّة وَعمل فِيهَا المواعيد الجيدة بل وأقرأ الْعلم إِلَى أَن مَاتَ كَمَا سبق فَجْأَة وَحمل من الْغَد وَدفن بالمعلاة جوَار السيدة خَدِيجَة. قلت: ورأيته شهد بِمَكَّة على ابْن عَيَّاش فِي سلخ ذِي الْقعدَة مِنْهَا بِإِجَازَة عبد الأول. قَالَ شَيخنَا: سَمِعت من نظمه وطارحني مرَارًا وَكتب عني كثيرا. وَقَالَ فِي مُعْجَمه إِنَّه اشْتغل كثيرا ونظم الشّعْر ففاق الأقران ولازم شَيخنَا الْعِزّ بن جمَاعَة وَمهر فِي الْفُنُون سَمِعت من شعره وطارحني ومدحني بقصيدة. قلت وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار، وَقد سمع على الصّلاح
الزفتاوي الصَّحِيح وَرُوِيَ عَن الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيره. وَمن نظمه:
(أحبتي والخضوع يشْهد
…
أَنِّي بِهِ مغرم مسهد)
(ألطف من خامة إِذا مَا
…
مرت بِهِ نسمَة تأود)
(أودعتموا سَمعه حَدِيثا
…
كالسمط من جفْنه تبدد)
(فالدمع والسمع عَن ملام
…
مسفه ذَا وَذَا مُسَدّد)
(وعاذل كلما رَآنِي
…
أركض خيل الدُّمُوع فند)
(أروغ من ثَعْلَب وَمن لي
…
أَن لَا أرى شكله الْمبرد)
(حمدت ذمِّي لَهُ ومدحي
…
لسَيِّد الْمُرْسلين أَحْمد)
مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الْمُحب أَبُو حَاتِم بن الزين أبي الْفضل الْعِرَاقِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو الْوَلِيّ أبي زرْعَة أَحْمد الْمَاضِي، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: أسمعهُ أَبوهُ الْكثير واشتغل ودرس ثمَّ ترك وَكَانَ فَاضلا حسن الشكالة قَلِيل الِاشْتِغَال. مَاتَ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَكَانَ توجه لمَكَّة فِي رَجَب ثمَّ رَجَعَ قبل الْحَج لمَرض أَصَابَهُ فاستمر بِهِ حَتَّى مَاتَ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عبد الْكَرِيم بن نصر الله بن سعد الله بن أبي حَامِد عبد الله بن)
عبيد الله الْعَلامَة عفيف الدّين أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو السعادات بن الشّرف الْقرشِي الْبكْرِيّ الجرهي بِكَسْر الْجِيم وَالرَّاء الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي نعْمَة الله وَلَده. ولد فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشري وبخطي فِي مَكَان آخر خَامِس رَجَب سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بشيراز واعتنى بِهِ أَبوهُ فاستجاز لَهُ من جمَاعَة من شُيُوخ الْآفَاق ثمَّ طلب بِنَفسِهِ فَقَرَأَ على أَبِيه جملَة وعَلى غَيره بِمَكَّة وَغَيرهَا، فَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ بِمَكَّة إِمَام الْمَالِكِيَّة النُّور أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الْعقيلِيّ النويري وَابْن أَخِيه الْمُحب أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز وَابْن صديق وَأَبُو عبد الله بن سكر وَأَبُو الْيمن وَأَبُو الْخَيْر الطبريان وَالْجمال بن ظهيرة وَالْمجد اللّغَوِيّ وَابْن سَلامَة وَشَيخنَا ابْن حجر والتقي الفاسي وَابْن الْجَزرِي وبشيراز محيي الدّين أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْغَزالِيّ ونسيم الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الكازروني البلياني والنور مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الأيجي وبكازرون أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر البلياني وبعدن عبد الرَّحْمَن بن حيدر الدهقلي وَشَيخنَا حَسْبَمَا قَالَه صَاحب التَّرْجَمَة فِي مشيخته وَأَن ذَلِك سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُسْند الشَّافِعِي والبردة وَسمع عَلَيْهِ أربعي النَّوَوِيّ ولازم مَجْلِسه
قَرِيبا من ثَلَاثَة أشهر ثمَّ لقِيه أَيْضا بِمَكَّة فِي سنة خمس عشرَة فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمَنَاسِك للعلامة تَقِيّ الدّين الجراحي وراسله بأسئلة أَجَابَهُ عَنْهَا كَمَا بيّنت بعض ذَلِك فِي الْجَوَاهِر والدرر، وَأخذ الْفُنُون عَن السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ لقِيه بِالْمَدْرَسَةِ البهائية وَالْفِقْه عَن الغياث مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الجيلي قَرَأَ عَلَيْهِ بعض الْحَاوِي، وَكَانَ ذَا عناية بِالْحَدِيثِ ولقاء الشُّيُوخ وعَلى يَدَيْهِ أجَاز جمَاعَة من المسندين لأهل نواحيه وانتفع بِهِ فِي ذَلِك كوالده وَمن شُيُوخه ظهير الدّين عبد الرَّحْمَن بن أبي الْفتُوح الطاووسي بل حدث هُوَ وإياه بالشمائل لِلتِّرْمِذِي بِقِرَاءَة الطاوسي ابْن أخي أَحدهمَا وَأَجَازَ لَهُ وَخرج لَهُ مشيخة وقفت على منتقى النَّجْم بن فَهد مِنْهَا، وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ أَبوهُ التقي. مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ ببلاده رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ بن الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ وَالِد عبد الرَّحِيم الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن الْفُرَات. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، وأسمع وَهُوَ صَغِير على أبي الْفرج بن عبد الْهَادِي وَأبي الْفتُوح الدلاصي وَأبي بكر بن الصناج فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ من دمشق الحافظان الْمزي والذهبي)
وَأَبُو الْحسن البدنيجي وَجَمَاعَة، وَحدث بالشفا وَغَيره وَتفرد بِالسَّمَاعِ من ابْن الصناج وبإجازة الْبَنْدَنِيجِيّ، روى لنا عَنهُ خلق أَجلهم شَيخنَا. وَقَالَ فِي مُعْجَمه إِنَّه اشْتغل وتكسب بحوانيت الشُّهُود وَولي خطابة الْمدرسَة المعزية بِمصْر وَكَانَ لهجا بالتاريخ لَا يزَال مكبا على كِتَابَته بِحَيْثُ كتب فِيهِ كتابا كَبِيرا جدا بيض مِنْهُ المئين الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة فِي نَحْو عشْرين مجلدا وأظن لَو أكمله لَكَانَ سِتِّينَ، وَلكنه لم يكن يحسن الْإِعْرَاب وَلذَا يَقع فِيهِ اللّحن الْفَاحِش إِلَّا أَن كِتَابَته كَثِيرَة الْفَائِدَة من حَيْثُ الْفَنّ الَّذِي هُوَ بصدده، وَآخر مَا كتب إِلَى انْتِهَاء سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَقد بيع مسودة لعدم اشْتِغَال وَلَده بذلك. وَقَالَ فِي إنبائه: وتاريخه كثير الْفَائِدَة إِلَّا أَنه بِعِبَارَة عامية جدا، وَكَانَ يتَوَلَّى عُقُود الْأَنْكِحَة وَيشْهد فِي الحوانيت ظَاهر الْقَاهِرَة مَعَ الْخَيْر وَالدّين والسلامة. مَاتَ لَيْلَة عيد الْفطر سنة سبع. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَقَالَ إِنَّه تفقه وَكتب فِي التَّارِيخ مسودة تبلغ مائَة مُجَلد بيض مِنْهَا نَحْو الْعشْرين وقفت عَلَيْهَا واستفدت مِنْهَا، إِلَى أَن قَالَ وَترك ولدا يَنُوب فِي الحكم وتشكر سيرته رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ أَبُو الْخَيْر العقبي القاهري الشَّافِعِي. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره وأسمع على الشَّمْس الشَّامي ثلاثيات مُسْند أَحْمد وَغَيرهَا، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة واشتغل عِنْد الزين البوتيجي فِي الْفِقْه وَغَيره
وَكتب فِي الْإِمْلَاء عَن شَيخنَا وَلكنه لم ينجب، وَبَلغنِي أَنه حدث بِأخرَة وَكَانَ سَاكِنا. مَاتَ فِي سنة أَربع وَتِسْعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن صديق الْمعِين أَبُو الْخَيْر بن التَّاج أبي الْفضل بن الشَّمْس الطرابلسي القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده والآتي ابْنه مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن الطرابلسي. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار والمنار وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على التفهني والعيني والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَعَلِيهِ قَرَأَ فِي الْأُصُول أَيْضا وَكَذَا اشْتغل فِي النَّحْو عَلَيْهِ وعَلى الحناوي وَسمع على الشّرف ابْن الكويك وَالشَّمْس الشَّامي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وناب فِي بعض الْبِلَاد عَن شَيخنَا ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن التفهني فَمن بعده وَحج غير مرّة آخرهَا مَعَ الرجبية سنة إِحْدَى وَسبعين، وَاسْتقر فِي تدريس العاشورية عوضا عَن أَبِيه وَفِي تدريس الأزكوجية بسوق أَمِير الجيوش عوضا عَن ابْن عَمه ظهير الدّين بل نَاب عَنهُ فِي تدريس جَامع طولون وَلم يكن فِي عداد المدرسين وَلَا كَانَ مَحْمُودًا فِي قَضَائِهِ)
وَغَيره وَقد صحب الزين الاستادار وقتا وعاونه فِي حل أوقافه من كتب وَغَيرهَا واختص بالاستبدالات وقتا، وَقيل إِنَّه لما عَاد من الْحَج أول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين تنزه عَن تعَاطِي الْأَحْكَام وَلزِمَ الصَّوْم والبادة إِلَى أَن مرض أسبوعا ثمَّ مَاتَ فِي الطَّاعُون لَيْلَة الْأَرْبَعَاء رَابِع رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين بعد أَن كتب على الاستدعاآت وَرُبمَا حدث وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي بكر بن عمر ابْن صلح الْمُحب أَبُو البركات بن الزين الهيثمي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ ابْن أخي الْحَافِظ النُّور الهيثمي. ولد فِي صَبِيحَة الْجُمُعَة مستهل ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بالخانقاه النجمية الدوادارية من الصَّحرَاء ظَاهر الْقَاهِرَة، وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد جمَاعَة مِنْهُم عَمه الْعِزّ عبد الْعَزِيز وَحفظ كتبا مِنْهَا التَّوْضِيح لِابْنِ هشامن وَعرض على جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ حِينَئِذٍ الْعِزّ بن جمَاعَة وَغَيره، وَسمع على الفوى وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَعنهُ وَكَذَا عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والشطنوفي أَخذ الْفِقْه وَعَن الْأَخير مَعَ الْبِسَاطِيّ وناصر الدّين البارنباي أَخذ النَّحْو وَعَن الْأَخير فَقَط علم الْعرُوض والقوافي وَعَن شَيخنَا الحَدِيث وانتفع بالبساطي فِي فنون
كالأصلين والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا وبرع وَأذن لَهُ غير وَاحِد فِي التدريس والإفتاء وناب عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين بِبَعْض الْبِلَاد وَعَن غَيره بِالْقَاهِرَةِ وأضاف إِلَيْهِ الْعلم البُلْقِينِيّ مَعهَا منوف وأعمالها ودرس الْفِقْه بِجَامِع المارداني وَأم السُّلْطَان بالحسنية والفرائض بالسابقية برغبة ابْن سَالم لَهُ عَنْهَا وَولي مشيخة الزمامية وتدريس الْفِقْه والْحَدِيث بتربة السِّت كِلَاهُمَا بالصحراء وَحج مرَارًا إِمَامًا عَالما فَقِيها نحويا أصوليا فصيحا مفوها مُتَقَدما فِي الْأَحْكَام والمكاتيب مشاركا فِي فنون مَعَ ذكاء وذهن مُسْتَقِيم وَحسن شكالة ومديد قامة ومداومة على الصّيام وَالْقِيَام والتلاوة والمحافظة على الْجَمَاعَة وَكَثْرَة الطّواف حِين مجاورته بِحَيْثُ يفوق الْوَصْف ورغبة فِي النِّكَاح وَعدم التبسط فِي معيشته مَعَ ثروته وَكَثْرَة وظائفه وأملاكه ومتحصله سِيمَا من الْقَضَاء فَإِنَّهُ كَانَ مَقْصُودا فِيهِ لوجاهته وَأَحْكَامه وَلذَا دخل فِي قضايا وَأَحْكَام وأهين فِي بَعْضهَا، وَأدْخلهُ الظَّاهِر جقمق حبس أولى الجرائم وَلَو تعفف عَن ذَلِك لَكَانَ أولى بِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ بِأخرَة من أَعْيَان الشَّافِعِيَّة وَمِمَّنْ يرشح للْقَضَاء الْأَكْبَر، وَقد كثر اجتماعي بِهِ وَسمعت من فَوَائده وأبحاثه بَين يَدي شَيخنَا وَغَيره وَأَجَازَ لي)
مرَارًا، وَكَانَ يعْتَرف بتقصير نَفسه بِحَيْثُ أَخْبرنِي بعض أَعْيَان المكيين عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ فِي مجاورته الَّتِي مَاتَ عَقبهَا: فَكرت فِي شأني وحرصت على أَن يكون وُقُوفِي بِعَرَفَة بِثِيَاب وَزَاد من وَجه حل فَمَا أمكنني هَذَا. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن بالمعلاة رحمه الله وسامحه. مُحَمَّد بن التقي أبي الْفضل عبد الرَّحِيم بن الْمُحب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد موفق الدّين بن الأوجاقي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسبعين وَدفن بِالْقربِ من مقَام الشَّافِعِي وَقد جَازَ الْعشْرين وَكَانَ قد قَرَأَ وَفهم وتأسف كل من أَبَوَيْهِ عَلَيْهِ جدا عوضهم الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله الْموصِلِي الدِّمَشْقِي الْمُؤَذّن بالجامع الْأمَوِي.
روى عَن أَبِيه قَوْله مضاهيا للزيدونية:
(بَكَى الزَّمَان علينا من تنائينا
…
وَكَانَ يضْحك حينا من تدانينا)
أجَاز، وَيُحَرر من الاستدعاء فَفِي كَلَام العجلوني لبس. مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم الْحُسَيْنِي الكتبي الْفراش بالتربة الظَّاهِرِيَّة برقوق. سمع على الْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ وَأثبت الزين رضوَان اسْمه فِيمَن يُؤْخَذ عَنهُ وَقَالَ
إِنَّه فِي الكتبيين وَلم نره فَكَأَنَّهُ مَاتَ قبل الْخمسين. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن أَحْمد أَبُو الْفضل المنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي إِمَام جَامع الزَّاهِد بالمقس. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره، ولازم الشَّمْس المسيري ثمَّ ابْن سولة والبدر حسن الْأَعْرَج وَأَبا حَامِد التلواني وَغَيرهم فِي الْفِقْه والعربية وَأخذ أَيْضا عَن النُّور الكلبشي وَقَرَأَ على الديمي وَكَذَا أَكثر من الْقِرَاءَة عَليّ وَكتب القَوْل البديع وَغَيره من مؤلفاتي، وَولي إِمَامَة جَامع الزَّاهِد وخطب بِهِ وَقَرَأَ فِيهِ الحَدِيث، وتكسب بِالشَّهَادَةِ قَلِيلا مَعَ خير ومشاركة فِي الْفِقْه. مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء رَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة تسعين وَدفن من الْغَد وَأَظنهُ جَازَ الْأَرْبَعين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن عبد الْقَادِر بن جساس بِفَتْح الْجِيم ثمَّ مهملتين أولاهما مُشَدّدَة بَينهمَا ألف الشَّمْس أَبُو عبد الله الأريحي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه ببني نَفِيس بِفَتْح النُّون وَآخره مُهْملَة وَيُقَال إِنَّه أَنْصَارِي. ولد فِي ثَانِي عشري رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ)
وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالأريحة من مُعَاملَة أَذْرُعَات وَنَشَأ بِدِمَشْق وَسمع على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي جُزْء أبي الجهم وَالصَّحِيح بِكَمَالِهِ بل سَمعه كَمَا قرأته بِخَطِّهِ على ابْن صديق فِي سنة ثَمَانمِائَة وَسمع صَحِيح مُسلم على أبي حَفْص البالسي، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فَكتب عَن الزين الْعِرَاقِيّ مجَالِس من أَمَالِيهِ وَأَجَازَهُ هُوَ ورفيقه الهيثمي ولقيته بالجامع الْأمَوِي فِي دمشق غير مرّة وَأَجَازَ لنا، وَكَانَ خيرا حسن السمت محبا فِي الحَدِيث وَأَهله مَعَ فَضِيلَة فِي الْجُمْلَة. مَاتَ بِدِمَشْق فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين عَن نَيف وَتِسْعين سنة رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن عبد الْكَرِيم بن عبد الْغَنِيّ بن يَعْقُوب فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن التَّاج بن الْكَرِيم بن الْفَخر أَخُو عبد الْكَرِيم الْمَاضِي وَهَذَا أكبر وَيعرف كسلفه بِابْن فخيرة تَصْغِير جده. وَهُوَ أحد شُهُود الإدارة بالبيمارستان تلقاها عَن الشريف كَمَال الدّين بن المحيريق بل بَاشر نِيَابَة النّظر فِيهِ عَن كَاتب المماليك يُوسُف بن أبي الْفَتْح وباسمه مُبَاشرَة فِي ديوَان المماليك، وَلَا بَأْس بِهِ شَارك أَخَاهُ فِي السماع عَليّ وَفِي جَمِيع مَا ذكر هُنَاكَ. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن عبد الله الْعلم أَبُو الْخَيْر بن الشَّمْس أخي الصاحب الْعلم يحيى بن أبي كم وَالِد يحيى الْآتِي وَيعرف بِابْن أبي كم، مِمَّن بَاشر فِي الدَّوَاوِين
وَمَات تَقْرِيبًا سنة سِتِّينَ عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن عبد الْوَهَّاب اعلجلال القاهري المرجوشي الشَّافِعِي الْمقري نزيل البيبرسية وَهُوَ بلقبه أشهر. حفظ الْقُرْآن وكتبا عِنْد فقيهنا الشهَاب ابْن أَسد وعرضها على جمَاعَة واشتغل فِي فنون وترافق مَعَ الشّرف مُوسَى البرمكيني فِي الْأَخْذ عَن الْأمين الأقصرائي والتقيين الشمني والحصني وَغَيرهم، وتلا بالسبع على الزين رضوَان والشهاب السكندري وَمن قبلهمَا على الزين جَعْفَر السنهوري وَهُوَ الَّذِي دربه، وَكتب الْمَنْسُوب وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشَّمْس المقسي الْحَنَفِيّ الشريف وَكَانَ، مُمَيّزا فِي الْفَضَائِل عَاقِلا ذَا تؤدة وَحسن سمت مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة من الْعشْر الثَّانِي من ربيع الثَّانِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَقد زَاد على الثَّلَاثِينَ ظنا رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن أبي الْفرج نَاصِر الدّين بن الْوَزير تَاج الدّين أَخُو الْفَخر عبد الْغَنِيّ صَاحب الفخرية وَعم الزين عبد الْقَادِر ووالد أَحْمد الماضين كلهم. ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة)
أَربع وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وتنقل فِي الخدم إِلَى أَن عمل فِي أَيَّام ابْن أَخِيه الزين فِي الْأَيَّام الأشرفية ملك الْأُمَرَاء بِالْوَجْهِ البحري سِنِين ثمَّ عزل وَاسْتقر بِهِ الظَّاهِر جقمق فِي نقابة الْجَيْش فِي أَوَائِل مَمْلَكَته عقب موت أَمِير طبر فدام يَسِيرا ثمَّ اسْتَقر بِهِ فِي الاستادارية فِي يَوْم السبت سلخ ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِحَيْثُ أرخه بَعضهم فِي أول سنة ثَلَاث عوضا عَن جَانِبك الزيني عبد الباسط بعد الْقَبْض عَلَيْهِمَا بعد أَن كَانَ دوادارا نِيَابَة بِإِشَارَة سَيّده فَإِن صَاحب التَّرْجَمَة كَانَ مديما لخدمته فباشرها إِلَى أَن انْفَصل عَنْهَا فِي ثامن الْمحرم سنة أَربع وَأَرْبَعين بقيز طوغان العلائي وامتحن وصودر وَأخذ مِنْهُ جملَة، ثمَّ أخرج إِلَى ولَايَة قطيا قُدَّام بهَا قَلِيلا وَصَارَ لَهُ بهَا نخل وَنَحْو ذَلِك، ثمَّ شفع فِيهِ إِمَّا الْجمال نَاظر الْخَاص أَو الزين بن الكويز فِي عوده فدام بهَا يَسِيرا مُقْتَصرا على التَّكَلُّم فِي أوقاف الفخرية مدرسة أَخِيه، ثمَّ أُعِيد لنقابة الْجَيْش فباشرها بِشدَّة وعسف وَتردد النَّاس لَهُ فِي حوائجهم مَعَ كَرَاهَة أَكْثَرهم فِيهِ وغضهم مِنْهُ سِيمَا الزين الاستادار مَعَ كَونه مَعْرُوفا بقريب ابْن أبي الْفرج فَإِنَّهُ جاهره بالمعاداة وتعب هَذَا من معاكسته إِلَى أَن جمع الْمَنْصُور فِي أول أَيَّامه أَعْيَان مَمْلَكَته وشكا لَهُم عدم وجود مَا ينْفق مِنْهُ على المماليك فانتهز هَذَا الفرصة وَأَشَارَ بإمساك الزين على خَمْسمِائَة ألف دِينَار وباستقرار جَانِبك شاد جدة عوضه وَضمن كل مِنْهُمَا فَفعل ذَلِك بِحَيْثُ كَانَ مبدأ انحطاط الزين وتولي هَذَا الثلاثاءثم ولي بعد ذَلِك الاستادارية أَيْضا فَلم يسْعد
فِيهَا وَنهب بَيته وأفحش فِي حريمه بل رجمه الْعَامَّة قبل فِي أَيَّام الْمَنْصُور وأفحشوا فِي أمره وَرَضي فِي بعض الْأَوْقَات بِولَايَة قطيا للخوف من فتك الزين بِهِ انتقاما فَلم يلبث إِلَّا قَلِيلا وأعيد لنقابة الْجَيْش وَاسْتمرّ فِيهَا حَتَّى مَاتَ فِي بَيته بِقرب قنطرة سنقر لَيْلَة الثُّلَاثَاء سَابِع عشري الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ عَن نَحْو الثَّمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بسبيل المؤمني، وَكَانَ من سيئات الدَّهْر جرْأَة وإقداما وظلما وَجَبْرِيَّة مَعَ قَول ابْن تغري بردى عَن نقابة الْجَيْش إِنَّهَا وَظِيفَة جليلة ومتوليها أجل، وَقد حج صُحْبَة الزين عبد الباسط وَغَيره عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق شمس الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَالْفَخْر بن أبي الْفرج مَاتَ فِي حَيَاة أَخَوَيْهِ بعد أَن بَاشر نظر قطيا فِيمَا قي. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق. فِي أبي البركات. مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق القَاضِي بدر الدّين الْقرشِي البالسي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد التَّاج)
مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن مُسلم أحد النواب مِمَّن سمع على الوَاسِطِيّ وَشَيخنَا وَسمع مِنْهُ بعض الطّلبَة، وَكَانَ سَاكِنا. مَاتَ فِي رَجَب سنة تسع وَثَمَانِينَ. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن إِسْحَاق بن أَحْمد الْعِزّ الْأمَوِي بِضَم الْهمزَة الْمحلى ثمَّ القاهري الْمَالِكِي ابْن عَم الولوي السنباطي الْآتِي. قَرَأَ ابْن الْحَاجِب الفرعي بحثا فِي تسعين يَوْمًا على الْجمال الأقفهسي ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي فنون وَكَذَا أَخذ عَن البلقيتي والغماري وَجمع غَرِيب أَلْفَاظ ابْن الْحَاجِب وانْتهى مِنْهُ فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وتفقه بِهِ قَرِيبه الْمشَار إِلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ فِي أَوَائِل هَذَا الْقرن. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام وَيُسمى أَيْضا عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد الْجمال أَبُو عبد الله بن الْعِزّ أَو التقي بن الْفَقِيه الزبيرِي الْيَمَانِيّ النَّاشِرِيّ الشَّافِعِي أحد قُضَاة زبيد. أرسل إِلَيّ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَنا بِمَكَّة كتابا يَسْتَدْعِي مني الْإِجَازَة لَهُ ولولديه الْمُوفق على السباعي وَعبد السَّلَام الْمَوْلُود فِي سنته فَكتبت لَهُ كراسة بل كتب إِلَيّ فِي سنة سبع وَتِسْعين يسْأَل عَن أَشْيَاء وكتبت لَهُ جوابها. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن حسن الشَّمْس بن الخواجا الْجِرْجَانِيّ الأَصْل البحري الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وأخو عَليّ شاه الْمَاضِي. شَاب سمع على أربعي النَّوَوِيّ وَكَثِيرًا من المصابيح وَغير ذَلِك كالكثير من البُخَارِيّ وَالْبَعْض من مُسْند الشَّافِعِي بل قَرَأَ على الْمَشَارِق للصغاني وكتبت لَهُ كراسة، وَدخل مصر للتِّجَارَة فِي أول سنة ثَمَان وَتِسْعين مَعَ الركب ثمَّ رَجَعَ بحرا فِي سنته. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن رَاجِح الْقرشِي القندهاري نِسْبَة لبَعض قرى الْهِنْد. نزيل مَكَّة ونائب إِمَام مقَام الْحَنَفِيَّة بهَا. مَاتَ بِمَكَّة شَهِيدا تَحت هدم فِي
ربيع الثَّانِي سنة سبع وَسِتِّينَ.
أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن عبد الْعَزِيز العزيزي الْمدنِي أحد شُهُود الْحرم وَمِمَّنْ سمع مني بهَا. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن أبي الْفَتْح مُحَمَّد أَبُو الْفضل الكازروني الْمدنِي وَيعرف بِابْن تَقِيّ، مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ أَيْضا. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن روزبة التقي والشرف بن الْعِزّ الكازروني الأَصْل)
الْمدنِي وَالِد المحمدين فتح الدّين وَأبي حَامِد وَعم الشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز. ولد فِي ثَالِث شعْبَان سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَعرض على أَحْمد بن مُحَمَّد السلاوي الشَّافِعِي بِالْمَدِينَةِ وأحضر على الشَّمْس الششتري، وَسمع على الْبَدْر بن الخشاب والعراقي والهيثمي والزين المراغي بل قَرَأَ على ابْن صديق وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الْمُحب بن هِشَام وَالْفِقْه عَن جمَاعَة، وناب فِي الْقَضَاء والإمامة والخطابة عَن ابْن عَمه الْجمال الكازروني قَلِيلا لكَون الْجمال كَانَ بِالْقَاهِرَةِ، وَوَصفه أَبُو الْفَتْح المراغي بالفقيه الْعَالم أقضى الْقُضَاة. وَقَالَ شَيخنَا فِي إنبائه إِنَّه كَانَ نبيها فِي الْفِقْه. مَاتَ فِي صفر سنة خمس عشرَة. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْمدنِي سبط عَليّ البواب. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن مُوسَى بن عبد الله ولي الدّين أَبُو زرْعَة البهوتي الأَصْل الدمياطي الشَّافِعِي أَخُو عبد الله وعَلى الماضيين وأبوهما وعمهما عبد الرَّحْمَن. ولد بدمياط فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والبهجة ومختصر أبي شُجَاع وجانبا من الألفية وَغير ذَلِك، ولازم الشهَاب البيجوري فِي الْفِقْه والعربية وَالْأُصُول وتميز وأجاد وَقدم الْقَاهِرَة فَقَرَأَ عَليّ يَسِيرا وَكَذَا على الديمي، وناب فِي الْقَضَاء عَن الولوي البارنباري والأشموني مُدَّة ولايتهما ثمَّ اقْتصر على الْعُقُود لعدم قَاض بهَا مَعَ عقل وتؤدة، وَقد حج فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَاجْتمعَ بِي ثمَّ رَجَعَ. مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الشَّمْس السعودي. مِمَّن سمع مني.
مُحَمَّد بن عبد السَّلَام المنوفي. كَذَا فِي مُعْجم النَّجْم بن فَهد مُجَردا وَأَظنهُ الْعِزّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام نسب لجده وَسَيَأْتِي. مُحَمَّد بن عبد الصَّمد بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْجمال السكْسكِي البريهي بِضَم الْمُوَحدَة مصغر الدملوي اليمني الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن عبد الصَّمد. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل فِي الْفِقْه والنحو على أَبِيه وَعَمه وَسمع بِبِلَاد الْيمن من النفيس الْعلوِي وأخيه الْجمال مُحَمَّد وَالْمجد اللّغَوِيّ
وَابْن الْجَزرِي وَحج فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وجاور بِمَكَّة الَّتِي تَلِيهَا فَسمع بهَا من الشَّمْس الْبرمَاوِيّ)
وَالْجمال المرشدي والتقي بن فَهد ولازم أَوَّلهمْ كثيرا فِي الْفِقْه وأصوله وَبحث عَلَيْهِ شَرحه للألفية فِي الْأُصُول وَغَيره، وَعَاد إِلَى بِلَاده بعد حجه فِيهَا أَيْضا واشتهر بالفضيلة بِبِلَاد الْيمن، ثمَّ حج فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وجاور الَّتِي تَلِيهَا فقدرت وَفَاته بهَا فَجْأَة فِي ظهر يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَخمسين وَدفن بالشبيكة رحمه الله وَغفر لَهُ. مُحَمَّد بن عبد الصَّمد المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بالتازي نزيل مَكَّة. جاور بهَا قريب عشْرين سنة أَو أَزِيد واشتغل بالفقه قَلِيلا وَكَانَ يذاكر من حفظه بمواضع من موطأ إِمَامه رِوَايَة يحيى بن يحيى وَيفهم أَنه يحفظه، وَسمع بِمَكَّة من النشاوري وَابْن صديق وَغَيرهمَا وَلم يكن بالمرضى فِي دينه. مَاتَ فِي آخر ذِي الْحجَّة سنة خمس أَو أول الَّتِي بعْدهَا برباط السدة مَحل سكنه وَدفن بالمعلاة، ذكره الفاسي فِي مَكَّة. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن قَاسم نَاصِر الدّين أَبُو الْفرج التَّمِيمِي المغربي الأَصْل الْمدنِي الْمَالِكِي الطّيب النغمة وَيعرف بِابْن قَاسم. ولد سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا بالفقه والعربية عِنْد مَسْعُود المغربي ولازمني فِي مجاورتي بِالْمَدِينَةِ فِي أَشْيَاء وَسَمعنَا من أناسيده الطّيبَة هُنَاكَ، وتكرر دُخُوله الْقَاهِرَة. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْعِزّ أَبُو المفاخر ابْن الشّرف أبي الْقسم بن الْمُحب النويري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ولد فِي سَابِع شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والمنهاج وقرأه عَليّ بِتَمَامِهِ بل سمع مني أَشْيَاء ثمَّ قَرَأَ عَليّ فِي سنة أَربع وَتِسْعين جَمِيع البُخَارِيّ ومؤلفي فِي خَتمه، وَقد اشْتغل بالفقه والعربية وَغَيرهمَا وَحضر عِنْد الْخَطِيب الوزيري وَنَحْوه بل لَازم القَاضِي فِي سنة تسع وَتِسْعين وَهُوَ ذكي فهم يقظ كَانَ مِمَّن زار الْمَدِينَة وَقَرَأَ عَليّ بالروضة الشَّرِيفَة أَشْيَاء. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَبُو عبد الله بن صَاحب الْمغرب أبي فَارس ووالد الْمُنْتَصر مُحَمَّد الْآتِي. مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بزاويته الَّتِي أَنْشَأَهَا بطرابلس الْمغرب وَكَانَ ولي عَهده فأسف عَلَيْهِ جدا وَكَذَا كثر أَسف غَيره عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ مَوْصُوفا بالشهامة وَمَكَارِم الْأَخْلَاق لَا تعرف لَهُ صبوة إِلَّا فِي الصَّيْد بل كَانَ مغرما بالجواري وَيعلم أَبوهُ بذلك فينهاه لِأَنَّهُ حدث لَهُ ورم فِي رُكْبَتَيْهِ فَكَانَ يخْشَى عَلَيْهِ)
من كَثْرَة الْجِمَاع بِحَيْثُ يَقُول لَهُ إياك وَالنِّسَاء
ويكرر ذَلِك فِي الْمجْلس حَتَّى يخجله وَمَعَ ذَلِك فَلَا يرتدع وَقدر أَن وَفَاته كَانَت فِيمَا قيل بِسَبَبِهِ، وَقد تخلى لَهُ أَبوهُ غير مرّة عَن الْملك فَكَانَ يمْتَنع ويبالغ فِي الِامْتِنَاع، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَلم يكن عِنْد أبي فَارس أخص مِنْهُ وَجَرت على يَدَيْهِ بسفارته مبرات كَثِيرَة بل بنى هُوَ عدَّة زَوَايَا وَرَأَيْت من أرخه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد أَخُوهُ الْمُعْتَمد. مَاتَ سنة خمسين. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أَسد جمال الدّين ابْن الْعِزّ بن الْعِمَاد الفيومي الأَصْل الْمَكِّيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو عمر الْمَاضِي وأبوهما ولد بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وزوجه أَبوهُ ابْنة الشريف الوفائي الْحَنَفِيّ طَمَعا فِي أَن يكون شَاهدا عِنْده فَلم يحصل اتِّفَاق ولازم زَكَرِيَّا فاستنابه فِي الْقَضَاء وَجلسَ بِمَجْلِس النَّوَوِيّ السراج فَلم يحْتَمل ذَلِك فحوله لمجلس الجمالية ثمَّ لغيره بل صَار من قُضَاة النّوبَة عوض الْمُحب الأسيوطي مَعَ مجْلِس بقناطر السبَاع وعد كل هَذَا من القبائح وَأنكر ولَايَته السُّلْطَان فَمن دونه. مَاتَ بالطاعون فِي سنة سبع وَتِسْعين وَخَلفه فِي مَجْلِسه أَبُو الْفَوْز بن زين الدّين وَقيل ردونا إِلَى الأول. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد نَاصِر الدّين الْمدنِي الْحَنَفِيّ الْخَواص. سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن إِسْمَاعِيل بن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس ابْن الْعِزّ الْبَصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ المولد وَالدَّار الشَّافِعِي وَيعرف بالزقزق وجده إِسْمَاعِيل الْمَاضِي هُوَ أَخُو إِبْرَاهِيم الْمُسَمّى باسم أَبِيهِمَا الَّذِي هُوَ الْآن فِي الْأَحْيَاء. ولد سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والإرشاد وبحثه عِنْد الشَّيْخ أَحْمد الْخَولَانِيّ وَلزِمَ الشَّيْخ عبد الله الْبَصْرِيّ وَبِه عرف فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَرَائض الْمِنْهَاج ثمَّ الأشنهية والحساب وَالْفِقْه وَغَيرهَا وَبِه انْتفع، وَقَرَأَ على الشَّمْس النشيلي نزيل مَكَّة الْفُصُول لِابْنِ الهائم وعَلى السَّيِّد أصيل الدّين عبد الله عقيدة التقي وعَلى أَحْمد بن المغربي نزيل مَكَّة ألفية ابْن ملك وعَلى السراج معمر بعض الألفية وَنَحْو ثلث الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ، ولازمني فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَبعدهَا حَتَّى قَرَأَ على جَمِيع الصَّحِيحَيْنِ وشرحي لتقريب النَّوَوِيّ بحثا وَسمع مجَالِس من جَامع الْأُصُول وَغير ذَلِك، وزار وَأَنا هُنَاكَ الْمَدِينَة ثمَّ رَجَعَ وَتزَوج وَكَذَا قَرَأَ عَليّ فِي سنة سبع وَتِسْعين)
جَمِيع ألفية الْعِرَاقِيّ بحثا وَسمع عَليّ فِي الْمَرَّتَيْنِ أَشْيَاء أثبتها لَهُ فِي كراسة وَهُوَ مِمَّن يلازم درس الجمالي القَاضِي وَكَذَا قَرَأَ على السَّيِّد كَمَال الدّين ابْن صاحبنا السَّيِّد حَمْزَة حِين مجاورته فِيهَا قِطْعَة من الأرشاد وَسمع أُخْرَى ولازم فِي المطالعة على ذَلِك وَغَيره الزين عبد الْغفار النطوبسي الْأَزْهَرِي وَقَرَأَ فِي أصُول الدّين على
عبد النَّبِي المغربي وَكَذَا قَرَأَ على عبد الْمُعْطِي، وَهُوَ فَقير خير يقظ فَاضل متفنن رَاغِب فِي التَّحْصِيل حسن الْفَهم كثير الْأَدَب مِمَّن ينظم الشّعْر، وَمِمَّا كتبته لَهُ فِي الْمرة الثَّانِيَة: اجْتمع بِي الْمشَار إِلَيْهِ وَقد ارْتَفع من سَائِر مَا أثنيت بِهِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ صَار بَين فضلاء وقته كَالشَّامَةِ وَصَارَ فِي أقوم طرق الاسْتقَامَة من حرصه على لِقَاء الْخَيْر وتربصه لتأمل مَا يَنْفَعهُ فِي الْإِقَامَة وَالسير وَعدم خوضه فِيمَا لَا يعنيه والندم على الْوَقْت الَّذِي فِي غير الْعلم يمضيه فسررت بِوُجُود مثله وقررت مَا عَلمته مِنْهُ من عشيرته وَأَهله فَالله تَعَالَى يفتح عَلَيْهِ بِمَا يُعينهُ على الْقيام بِمَا هُوَ بصدده ويرجح مِيزَانه من فَضله ومدده، وَقد أَقرَأ فِي بَيت بني الْخَطِيب الفخري أبي بكر النويري ويصحح عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَاد ابْن أبي المكارم ويقرئ فِي الْفَرَائِض وَغَيرهَا. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن إِسْمَاعِيل الْغَزِّي الْحَنْبَلِيّ. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن روزبة بن مَحْمُود بن إِبْرَاهِيم ابْن أَحْمد الشَّمْس وَرُبمَا لقب الْمُحب ويكنى أَبَا عبد الله وَأَبا الْفَتْح بن الْعِزّ بن الْعِزّ الكازروني الْمدنِي الشَّافِعِي. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة خمسي وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وَالْحَاوِي والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك، وَعرض على الزينين خلف الْمَالِكِي والمراغي بل وَسمع عَلَيْهِ وَحضر مَجْلِسه فِي الْفِقْه وانتفع بِهِ وَكَذَا عرض على أبي حَامِد المطري وَسمع عَلَيْهِمَا صَحِيح البُخَارِيّ وَعرض أَيْضا على أبي عبد الله الوانوغي وَبحث عَلَيْهِ فِي الألفية والجمل للزجاجي والتقريب فِي النَّحْو أَيْضا وَفِي التَّنْقِيح فِي الْأُصُول للقرافي وَحضر دروسه أَيْضا فِي التَّفْسِير وَأخذ أَيْضا عَن ابْن عَم أَبِيه الْجمال مُحَمَّد بن الصفي الكازروني الْفِقْه وأصوله وَقَرَأَ عَلَيْهِ من كتب الحَدِيث أَشْيَاء وَوَصفه بالفقيه الْعَلامَة الْعَالم صدر المدرسين وَقَرَأَ النَّحْو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان وإعراب الْقُرْآن على النُّور عَليّ بن مُحَمَّد الزرندي وَحضر فِي الْفِقْه والْحَدِيث بِمَكَّة فِي سنة أَربع عشرَة عِنْد الْجمال بن ظهيرة وبالمدينة عِنْد الزين عبد الرَّحْمَن الْقطَّان وَبحث الْحَاوِي والمنهاج الْأَصْلِيّ)
مَعَ شَرحه وألفية ابْن ملك وَالتَّلْخِيص على النَّجْم السكاكيني وَأذن لَهُ فِي الإقراء والتدريس والإفتاء وَوَصفه بالعلامة، وتلا على الزين بن عَيَّاش لأبي عَمْرو ثمَّ لعاصم ثمَّ لورش وأكمل الثَّالِثَة عِنْد وَجه النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ لِابْنِ كثير ولقالون عَن نَافِع ثمَّ لِابْنِ عَامر وَالْكسَائِيّ ولحمزة وأكملها عِنْد وَجه النَّبِي صلى الله عليه وسلم فكمل لَهُ بهَا سِتّ ختمات ثمَّ جمع للسبع من أول الْقُرْآن إِلَى والوالدات وَأذن لَهُ وَسمع عَلَيْهِ قصيدته غَايَة الْمَطْلُوب وَسمع بِالْمَدِينَةِ على النُّور الْمحلى سبط الزبير وَالشَّمْس مُحَمَّد
بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُحب سمع عَلَيْهِ الصَّحِيحَيْنِ حِين جاور عِنْدهم بِالْمَدِينَةِ والشرف الشِّيرَازِيّ والجرهي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ حِين قدم لِلْحَجِّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَابْن الْجَزرِي، وَدخل الشَّام فَأخذ عَن التَّاج عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد بن صَالح الزُّهْرِيّ والشهاب أَحْمد بن عبد الله بن بدر الْغَزِّي وَالْجمال بن نشوان وَالشَّمْس الكفيري والبرهان خطيب عذراء والنجم بن حجي وَأَبُو بكر اللوبياني وَالشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الحسباني الشافعيين وَعرض عَلَيْهِم، وبالقدس عَن الشَّمْس الْهَرَوِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض مُسلم وسَاق لَهُ إِسْنَاده فَكَانَ بَينه وَبَين مُسلم سَبْعَة كلهم حَسْبَمَا كتبته فِي تَرْجَمَة الْهَرَوِيّ نيسابوريون والزين القباني وَسمع عَلَيْهِ بعض صَحِيح مُسلم، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة البُلْقِينِيّ والعراقي والهيثمي وَابْن الملقن والحلاوي والسويداوي وَالْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ والنجم البالسي وَغَيرهم وَحدث وَأَجَازَ للتقي بن فَهد وابنيه وَغَيرهم. وَمَات فِي الْمحرم سنة تسع وَأَرْبَعين بِالْمَدِينَةِ وَصلى عَلَيْهِ بالروضة وَدفن بِالبَقِيعِ وَقد تَرْجَمته فِي الوفيات والمدنيين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد السَّلَام بن مُوسَى بن أبي بكر الْجمال بن الْعِزّ الشِّيرَازِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الزمزمي الشَّافِعِي نزيل الْقَاهِرَة والماضي أَبوهُ والآتي عَمه مُوسَى. ولد فِي شعْبَان سنة سِتّ أَو سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فاشتغل يَسِيرا بعد أَن حفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو بكر الْآتِي التَّرَاوِيح بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام لَيْلَة بليلة، وَحفظ الْمِنْهَاج وَغَيره وَأخذ بهَا فِي الْفلك عَن نور الدّين الزمزمي وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَسِتِّينَ فَأَقَامَ بهَا مُدَّة واشتغل بالفرائض والحساب والميقات والهندسة وَغَيرهَا حَتَّى برع وتميز فِي بَعْضهَا وَحضر فِي الْفِقْه عِنْد الْمَنَاوِيّ وَغَيره وَتردد للشمني وأئمة الْوَقْت وَكتب عني عدَّة أمالي بل سمع على غير ذَلِك ومدحني بِمَا كتبه الْجَمَاعَة عَنهُ بحضرتي، وَطلب الحَدِيث)
يَسِيرا وَدَار على شُيُوخ الرِّوَايَة وَرغب فِي ذَلِك وارتحل إِلَى الشَّام وَأخذ بهَا عَن الخيضري وَغَيره وولع بالنظم وانتفع بالشهاب الْحِجَازِي فِيهِ، وَكَانَ ذكيا ظريفا عشيرا ذَا نَغمَة حَسَنَة وطلاقة. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ غَرِيبا مطعونا فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سلخ شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَدفن من الْغَد فِي مشْهد صَالح رحم الله شبابه وعوضه خيرا. وَمن عنوان نظمه:
(كن راحما لِلْخلقِ كي تسلما
…
فَحق للراحم أَن يرحما)
(إرحم عبيد الله فِي أرضه
…
ترحم من الرَّحْمَن رب السما)
مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد بن عياذ بتحتانية الإِمَام الأوحد كَمَال الدّين الْأنْصَارِيّ الْمدنِي الْمَالِكِي وَالِد حُسَيْن الْمَاضِي، سمع على صهره النُّور على الْمحلى فِي سنة عشْرين وَكتب عَنهُ فِي إجَازَة سنة سبع وَثَلَاثِينَ بل عرض عَلَيْهِ بَعضهم فِي سنة خمس وَأَرْبَعين. وَمَات بعد ذَلِك وَكَانَ. مُحَمَّد عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الْهَاشِمِي النويري اليمني الْمَكِّيّ وَأمه قمرا الْهِنْدِيَّة فتاة أَبِيه. ولد سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بتعز أَو زبيد من الْيمن، وسافر مَعَ أَخَوَيْهِ عمر وَعبد الرَّحْمَن إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ثمَّ إِلَى الْمغرب ثمَّ التكرور وَمَات. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن عُثْمَان بن يَعْقُوب بن عبد الْحق السُّلْطَان السعيد أَبُو مُحَمَّد بن أبي فَارس بن أبي الْحسن المريني صَاحب مَدِينَة فاس وبلاد الْمغرب. طول المقريزي تَرْجَمته وَأَنه أقيم وَهُوَ ابْن خمس سِنِين بعناية الْوَزير أبي بكر بن غَازِي بعد موت أَبِيه فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة واستبد الْوَزير بالتكلم فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا وتحركوا عَلَيْهِ فَانْتزع أَبُو حمو مُوسَى بن يُوسُف تلمسان ومحا دَعْوَة بني مرين من أَعماله وَأَبُو عبد الله بن الْأَحْمَر حَبل الْفَتْح ومحا دَعْوَة بني مرين مِمَّا وَرَاء الْبَحْر بل وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم إِبْرَاهِيم على فاس فِي أول الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين فَكَانَت مُدَّة السعيد سنة وَتِسْعَة أشهر إِلَّا أَيَّامًا ثمَّ بعد محاربات وَفتن ودامت الحروب بعد ذَلِك إِلَى أَن تقنطر بِهِ فرسه فِي بَعْضهَا بخندق وَهُوَ سَكرَان فَأدْرك بِهِ فحز رَأسه فِي محرم سنة سِتّ عشرَة وجئ بِهِ إِلَى أبي سعيد. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان خير الدّين أَبُو الْخَيْر بن الْبِسَاطِيّ. يَأْتِي فِي الكنى.) ::: مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن مظفر بن نصير بن صلح الْبَهَاء أَبُو الْبَقَاء ابْن الْعِزّ البُلْقِينِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَولده عبد الْعَزِيز وَيعرف بِابْن عز الدّين ويلقب شفترا. ولد فِي رَجَب سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك، وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم الْعِزّ بن جمَاعَة والجلال البُلْقِينِيّ والطبقة وأحضر على ابْن أبي الْمجد مُعظم البُخَارِيّ والختم مِنْهُ على التنوخي والعراقي والهيثمي، واشتغل يَسِيرا على أَبِيه فِي الْفِقْه وأصوله والْحَدِيث والنحو والفرائض وَكَانَ عَلامَة فِيهَا وَزعم أَنه أذن لَهُ فِي
الْإِفْتَاء والتدريس، وَأَجَازَ لَهُ ابو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَآخَرُونَ، وَحج فِي سنة تسع عشرَة وَدخل دمياط والمحلة وَنَحْوهمَا، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده وترقب ولَايَة الْقَضَاء الْأَكْبَر وَرُبمَا ذكر لذَلِك خُصُوصا فِي الْأَيَّام الْمُتَأَخِّرَة وخوطب بِهِ وَكَاد أمره أَن يتم فِي أَيَّام الظَّاهِر خشقدم ودرس بمدرسة سودون من زادة بالتبانة عقب أَبِيه وَكَذَا ولي بعده إِفْتَاء دَار الْعدْل واشتهر بالثروة الزَّائِدَة الَّتِي جرها إِلَيْهِ الْمِيرَاث من قبل أَبِيه وَغَيره مَعَ التقتير الزَّائِد والإزراء فِي ملبسه وإفراطه فِي البأو والتعاظم لَا لموجب حَتَّى أَن الديمي سَأَلَهُ فِي الْمَجِيء للكاملية ليحدث بِصَحِيح البُخَارِيّ فَأجَاب بتكلف زَائِد وَلما حضر خاطبه بشيخ الْإِسْلَام وَقَرَأَ بَين يَدَيْهِ مَعَ جمَاعَة من الشُّيُوخ الْمجْلس الأول ثمَّ أنف من إشراك غَيره مَعَه فِي الأسماع وَانْقطع عَن الْحُضُور إِلَّا إِن كَانَ بمفرده وَلَو لم يمْتَنع كَانَ أجمل فِي حَقه وَأجل، وَقد حدث باليسير جدا قَرَأت عَلَيْهِ جُزْءا وَقَرَأَ عَلَيْهِ غير وَاحِد من الطّلبَة وليم من قَرَأَ عَلَيْهِ بعد توعكه فِي سنة سِتّ وَسبعين لكَونه كَمَا قيل فِي حيّز الْمُخْتَلطين، وَكَانَ قد امتحن فِي أَوَائِل سلطنة الظَّاهِر جقمق فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِسَبَب جَارِيَة أفسدها عَبده جر ذَلِك إِلَى إهانته وضربه وإشهاره على حمَار وَفِي عُنُقه باشه وبذل ألف دِينَار وَأكْثر وَلَوْلَا تلطف شَيخنَا فِي أمره لَكَانَ الْأَمر أَشد. وَآل أمره إِلَى عَزله من نِيَابَة الحكم، وَلزِمَ بَيته حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين بعد توعك طَوِيل يزِيد على خمس سِنِين بِحَيْثُ أقعد وَصلى عَلَيْهِ بمصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن فِي تربة سعيد السُّعَدَاء رحمه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد جلال الدّين بن الْعِزّ بن الْبَدْر الْحَرَّانِي الأَصْل القاهري)
القادري أَخُو عبد الْقَادِر الْمَاضِي لِأَبِيهِ والمحب بن بلكا القادري لأمه. مِمَّن حفظ الْقُرْآن والعمدة وَسمع على شَيخنَا وَغَيره كالبخاري بالظاهرية حَيْثُ سمع فِيهِ وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة باستدعاء ابْن فَهد وَغَيره وتكررت تَسْمِيَة ابْن فَهد لِأَبِيهِ بِمُحَمد وَهُوَ غلط. وَمَات قبل أَن يتكهل سنة سِتِّينَ تَقْرِيبًا رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُسلم الشَّمْس أَبُو عبد الله المستناني المغربي السكندري الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ فِي سنة خمس وَسبعين أَو أَوَائِل الَّتِي بعْدهَا بدمياط فَإِنَّهُ توجه غليها صُحْبَة الْمَنْصُور لكَونه كَانَ إِمَامه وَله فِيهِ مزِيد اعْتِقَاد مَعَ استفاضة ذكره بالصلاح وَالْعلم وعقل وَسُكُون، وَقد كتب الْكثير بِخَطِّهِ رحمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز أبي فَارس صَاحب الْمغرب. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد
بن أبي بكر. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْجمال الْمَكِّيّ الشهير ببيسق الْفراش. مضى فِي ابْن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس بن الْعِمَاد الْأَبْهَرِيّ. مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا.
مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز زعيم تونس. مَاتَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ. كَذَا كتبه ابْن عزم وَأَظنهُ الْمَاضِي فِيمَن جده أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر وَإِن لم تكن وَفَاته كَذَلِك. مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت الْجمال عبد الله بن البحشور. قَرَأَ الْقُرْآن وشيئا من التَّنْبِيه وَكتب شَرحه للزنكلوني وتعاني الشَّهَادَة وَجلسَ مَعَ خَاله فِي حَانُوت المراحليين وَكَذَا كَانَ شَاهد العمائر فِي وقف البيمارستان، وَلم يذكر عَنهُ فِي ذَلِك إِلَّا الْخَيْر مَعَ كَثْرَة تِلَاوَته ورغبته فِي الْجَمَاعَات وإقباله على شَأْنه وسكونه وَقدم تبسطه. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانِينَ وَقد زاحم السّبْعين رحمه الله.
مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز. أَظُنهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز نسب لجده وَسَيَأْتِي. مُحَمَّد بن عبد الْعَظِيم بن يحيى بن أَحْمد بن عبد الْعَظِيم الخانكي. ولد سمع عَليّ بِقِرَاءَة أَبِيه ثلاثيات البُخَارِيّ فِي ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَتِسْعين وأجزت لَهُ. مُحَمَّد بن عبد الْغفار بن مُحَمَّد بدر الدّين السمديسي الأَصْل الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَهُوَ أكبر من مُوسَى الْآتِي وَالَّذِي يَلِيهِ. مُحَمَّد جلالي الدّين أَخُوهُ. ولد سنة ثَلَاث وخسين بالصحراء أَيْضا وَحفظ الْقُرْآن)
وَبَعض الْمُخْتَصر وجود على أَبِيه وَقَرَأَ على السنهوري مُقَدّمَة شَيخنَا الحناوي فِي النَّحْو وَسمع عَلَيْهِ بحث الْمُخْتَصر وَابْن الْجلاب وَبَعض ابْن الْحَاجِب وَقَرَأَ على ابْن يُونُس المغربي حِين قدم الْقَاهِرَة الجرومية بعد حفظه لَهَا فِي لَيْلَة ومعظم الرسَالَة وعَلى الزين السنتاوي غَالب الفوى وعَلى التقي الحصني تصريف الْعزي، وصاهر الشّرف الْأنْصَارِيّ على ابْنة أُخْته، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة سِتّ وَسبعين وَغير مرّة وَكَذَا زار طيبَة مرَارًا أَقَامَ فِي بَعْضهَا أشهرا، وَمَال إِلَى التِّجَارَة وسافر فِيهَا إِلَى الْيمن وهرموز ثمَّ إِلَى كالكوت من الْهِنْد فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين بِمَكَّة، وَلَا بَأْس بِهِ. مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن عبد الرَّزَّاق نَاصِر الدّين بن الْفَخر بن أبي الْفرج أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَهُوَ توءمه. ولي نِيَابَة دمياط فدام بهَا سنة وتنسب لَهُ ولأخيه معصرة، وَحج وجاور. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين تَقْرِيبًا. مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن نعيم بدر الدّين
الْبِسَاطِيّ الأَصْل القاهري الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده ويلقب ديبس. ولد فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ، وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَغَيره وَحفظ بعض الْكتب وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَلَيْسَ بمحمود السِّيرَة. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس التَّاجِر وَيعرف بِابْن كرسون. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة خمس وَسبعين وَقد ناهز الثَّمَانِينَ وَخلف دنيا طائلة، وَكَانَ يسكن بحارة الديلم ويوصف بِخَير فِي الْجُمْلَة وَهُوَ وَالِد أبي الْفَتْح مُحَمَّد الْآتِي، وَفِي طبقَة بِخَط الشهَاب بن الضياء بِسَمَاع الشفا على الْمَشَايِخ الثَّلَاثَة أبي الْعَبَّاس ابْن عبد الْمُعْطِي والنشاوري وَالْفَخْر القاياتي مؤرخة بِسنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة ذكر فِيهَا من سامعي جَمِيع الْكتاب الصَّدْر الْأَجَل شمس الدّين مُحَمَّد بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْبَزَّاز بِمَكَّة وَيعرف بكرسون وَابْنه عبد الرَّزَّاق فَينْظر إِن كَانَ هُوَ جد الْمَذْكُور أَو غَيره رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ نَاصِر الدّين القاهري نقيب السقاة ووالد وفا وأمير حَاج قاري النعماني ويوسف وَيعرف بِابْن أخي شفتر. اسْتَقر نقيب السقاة عقب عَمه أخي أَبِيه لأمه الشَّمْس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بركَة الْمَاضِي. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَاسْتقر بعده ابْنه وفا.)
مُحَمَّد الصَّدْر أَخُوهُ. مضى فِي الأحمدين وَذَاكَ أفضل. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن أبي البركات بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن أبي بكر بن عَليّ بن أبي بكر سعد الدّين بن الزين الْبكْرِيّ البلبيسي الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بكاتب العليق. ولد فِي عَاشر الْمحرم سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والخرقي وَكتب على الزين بن الصَّائِغ وَمهر فِي الْكِتَابَة وتدرب
بِأَبِيهِ فِي الْمُبَاشرَة ثمَّ اسْتَقر بعده فِي كِتَابَة العليق ثمَّ أضيف إِلَيْهِ كِتَابَة المماليك حِين اسْتَقر متوليها صهره فرج فِي الْوزر واستناب أَخَاهُ لأمه الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ الْبُوَيْطِيّ فِي العليق ثمَّ اسْتَقل بِهِ وباشر سعد الدّين كِتَابَة المماليك خَاصَّة حَتَّى صرف عَنْهَا بالتاج المقسي ثمَّ اسْتَقر فِي نظر الاسطبل والأوقاف بعد الْعَلَاء بن الصَّابُونِي ثمَّ صرف عَنْهُمَا وَاسْتقر فِي اسْتِيفَاء الْخَاص أَيَّام صهره الزين بن الكويز إِلَى أَن صرف بصرفه، ثمَّ لما مَاتَ عبد الْكَرِيم بن جُلُود وَاسْتقر ابْن أبي الْفَتْح المنوفي عوضه فِي كِتَابَة المماليك صَار هَذَا ثَانِي قلم فِيهَا بل صرح لَهُ السُّلْطَان غير مرّة بِأَن الْمعول فِي الدِّيوَان عَلَيْهِ وألزمه بديوان الْمُفْرد وَتقدم فِي الْمُبَاشرَة جدا مَعَ عقل وَسُكُون وأدب وشكالة وصاهر عدَّة من الْأَعْيَان، وَهُوَ بِأخرَة فِي ديانته وتصونه أحسن مِنْهُ قبل، وعَلى كل حَال فَهُوَ نَاقص الْحَظ عَن كثيرين مِمَّن لم يبلغ مرتبته وَلَا كَاد، وَقد حج سنة الزين عبد الباسط رجبيا. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن أبي بكر الْبَدْر أَبُو السعادات الْقَابِسِيّ الأَصْل الْمحلى الشَّافِعِي من ذُرِّيَّة موفق الدّين عمر بن عبد الْوَهَّاب الْقَابِسِيّ، مِمَّن عرض عَليّ وَأَبوهُ يَنُوب عَن قَاضِي الْمحلة بل هُوَ نَفسه. وَقد تقدم عَمه أَبُو الطّيب مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن)
عبد الْقَادِر بن حُسَيْن بن عَليّ الغمري أَخُو أَحْمد الْمَاضِي هُوَ وجده وَيعرف بِجلَال. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن أبي الْخَيْر واسْمه عبد الْحق بن عبد الْقَادِر الْحَكِيم غياث الدّين أَبُو الْفضل بن أبي الْفتُوح الطاوسي الأبرقوهي الأَصْل الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي عَم أَحْمد بن عبد الله الْمَاضِي. سمع الْكثير من أَبِيه وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر والشهاب أَحْمد بن عبد الْكَرِيم البعلي والزيتاوي والتقي ابْن رَافع والعز بن جمَاعَة واليافعي وَخلق رُوِيَ عَنهُ ابْن أَخِيه. وَمَات فِي ثَانِي عشري رَجَب سنة اثْنَتَيْ عشرَة بشيراز. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَارِث بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو الْيمن بن المحيوي الْبكْرِيّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي وَالِد زين العابدين مُحَمَّد الْآتِي والماضي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن عبد الْوَارِث. ولد فِي وَحفظ الْقُرْآن ومختصر الْفَقِيه خَلِيل وتنقيح الْقَرَافِيّ وألفية ابْن ملك، وَعرض فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ فَمَا بعْدهَا على الْعلم البُلْقِينِيّ والبوتيجي والعز الْحَنْبَلِيّ وَأبي الْجُود الْمَالِكِي وأجازوا لَهُ، واشتغل قَلِيلا عِنْد أَبِيه وسافر مَعَه إِلَى الشَّام حِين توجه على قَضَائهَا ثمَّ قدم بعد مَوته فَلَزِمَ النِّيَابَة عَن قضاتها وَأكْثر من حُضُور دروس السنهوري، وَيذكر
بحشمة وعقل وَرُبمَا نوه باسمه فِي الْقَضَاء الْأَكْبَر. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عُثْمَان بدر الدّين السخاوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه وَهُوَ ابْن أخي. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بسكننا الشهير وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج وَسمع على الْكثير خُصُوصا حِين كَانَ معي بِمَكَّة فِي مجاورتين وجاور مَعَ أَبَوَيْهِ حِين كُنَّا جَمِيعًا بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين، ثمَّ حج بِانْفِرَادِهِ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَكَانَت حجَّة الْإِسْلَام وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَرجع معي فِي موسمها فوصلنا الْقَاهِرَة فِي أول سنة ثَمَان وَجلسَ كأبيه للتكسب فتميز فِي البيع وَالشِّرَاء بسوق الْغَزل مَعَ عقل وَسُكُون وأدب وذوق وَفهم ومحبة فِي الْفُضَلَاء ورغبة فِي سَماع مذاكرتهم وإقبال على شَأْنه ثمَّ أقبل على الاشتغل وَقَرَأَ عَليّ فِي الْفِقْه وَفِي كتابي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة ومسند الشَّافِعِي وَكَذَا قَرَأَ الْعَرَبيَّة مَعَ بعض الْفُضَلَاء وفهمها، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ فِيهَا السراج معمر وأتقن مَعَ غَيره شَرحه للقطر وَالسَّيِّد عبد الله الأيجي قَرَأَ عَلَيْهِمَا فِي شرح عَمه للقواعد وأكمله مَعَ شرح الألفية وَغَيرهمَا من كتب الْفَنّ وَغَيره على الشهَاب المنزلي وَسمع عَلَيْهِ فِي الْفِقْه كثيرا من الْإِرْشَاد لِابْنِ الْمقري وَلَو تفرغ)
لذَلِك لما سبقه غَيره، وَقد أثكل أمه فِي مجاورة تلِي الْمشَار إِلَيْهَا ثمَّ وَالِده بعد رُجُوعه مِنْهَا وتجرع ألم فقدهما عوضه الله وإياهما خيرا. مُحَمَّد كَمَال الدّين شَقِيق الَّذِي قبله. مَاتَ صَغِيرا سنة وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْغَيْث بن محيي الدّين الشَّيْبَانِيّ الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ أَخُو عمر الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بِابْن زبرق، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة وَقد حفظ الْقُرْآن وَبَعض المختصرات ولازم زوج أُخْته أَبَا اللَّيْث بن الضياء فِي الْفِقْه وَحضر دروس قاضيهم. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عَليّ إِمَام الدّين أَبُو الْمَعَالِي الجزيري القاهري الشَّافِعِي، مِمَّن قَرَأَ الْمِنْهَاج عِنْد الْأمين بن النجار إِمَام الغمري ثمَّ عرضه على الْجَمَاعَة مبتدئا بِي فِي يَوْم السبت ثَانِي عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسمع مني المسلسل بِشَرْطِهِ وأجزت لَهُ وَكَذَا حفظ غَيره واشتغل فِي الْفِقْه والعربية وَفهم. مُحَمَّد بن الْقَادِر بن عمر بن حُسَيْن بن عَليّ الْمُحب أَبُو البركات الزفتاوي الأَصْل المقسي الْمَاضِي أَبوهُ وجده أسمعهُ أَبوهُ الْكثير على جمَاعَة وَكَذَا سمع عَليّ وأثكل أَبَاهُ. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عمر النَّجْم السنجاري الشِّيرَازِيّ الأَصْل الوَاسِطِيّ المولد الشَّافِعِي الْمُقْرِئ نزيل الْحَرَمَيْنِ وَرُبمَا كتب لَهُ الْمدنِي وَيعرف بالسكاكيني وسمى شَيخنَا وَالِده عبد الله بن عبد الْقَادِر. ولد فِيمَا بَين سنة سبع وَخمسين إِلَى سِتِّينَ
بواسط واشتغل فِي بَغْدَاد على جمَاعَة مِنْهُم فريد الدّين عبد الْخَالِق بن الصَّدْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زنكي الإسفرايني الشعيبي قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُحَرر للرافعي وَالْحَاوِي الصَّغِير والغاية القصوى للبيضاوي وينابيع الْأَحْكَام فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة لوالده وَكَذَا قَرَأَ فِي بَغْدَاد الْبردَة على قَاضِي قُضَاة الْعرَاق على الْإِطْلَاق الشهَاب أَحْمد بن يُونُس بن إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك المَسْعُودِيّ التّونسِيّ الْمَالِكِي وتلا للسبع وَالْعشر بِمَا تضمنه الْإِرْشَاد لأبي الْعِزّ القلانسي على خضر العجمي عِنْد قدومه من الْقَاهِرَة إِلَى الْعرَاق وَعرض عَلَيْهِ من حفظه الشاطبية وتلا على الْعَلَاء مُحَمَّد بن التقي عبد الرَّحْمَن بن عبد المحسن الوَاسِطِيّ بِمَا تضمنه الْكَنْز من القراآت إِلَى آخر آل عمرَان وَرُوِيَ عَنهُ الشاطبية أَيْضا وَأَجَازَ لَهُ، ثمَّ ارتحل فِي الطّلب وتبحر فِي القراآت فَقَرَأَ الشاطبية على أبي الْعَبَّاس أَحْمد التروجي مدرس البرجانية بِبَغْدَاد قِرَاءَة بحث واتقان وَتَحْقِيق لوجوه القراآت، وَلما غارت أَصْحَاب تمر على الْعرَاق أخذت كتبه جَمِيعهَا مَعَ)
مقروءاته ومسموعاته وإجازاته وَلم يبْق لَهُ شَيْء من الْكتب، وَحج فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وجاور بِمَكَّة الَّتِي تَلِيهَا وتلا فِيهَا للسبع إِلَى آخر آل عمرَان على النُّور بن سَلامَة بِمَا تضمنه التَّيْسِير والشاطبية، وَعرض عَلَيْهِ الشاطبية حفظا وَأذن لَهُ فِي الإقراء والتصدير وَأخذ عَن الْمجد اللّغَوِيّ بعض شَرحه للْبُخَارِيّ وَبَعض الْقَامُوس وَغير ذَلِك وَعَاد إِلَى الْعرَاق وتصدى بهَا لإقراء الْقُرْآن. ثمَّ دخل دمشق قَاصِدا زِيَارَة بَيت الْمُقَدّس سنة خمس عشرَة فَقَرَأَ بِهِ إِلَى آخر آل عمرَان أَيْضا على الزين أبي الْمَعَالِي بن اللبان بِمَا تضمنه الْكَنْز فِي القراآت الْعشْر والكفاية نظم الْكَنْز كِلَاهُمَا للْإِمَام النَّجْم عبد الله بن عبد الْوَاحِد الوَاسِطِيّ والإرشاد لأبي الْعِزّ القلانسي والتيسير وَأذن لَهُ فِي الإقراء والتصدير، ثمَّ قدم مَكَّة قبل الثَّلَاثِينَ بِمدَّة يسيرَة وَانْقطع بهَا للإقراء وَصَارَ يتَرَدَّد فِي بعض السنين إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة ثمَّ انْقَطع بهَا وَصَارَ يتَرَدَّد إِلَى مَكَّة فِي أَيَّام الْمَوْسِم لِلْحَجِّ خَاصَّة ثمَّ قطنها بعد الْحَج فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ إِلَى أَن مَاتَ بهَا فِي لَيْلَة الْأَحَد خَامِس عشري ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَدفن بالمعلاة، وَكَانَ إِمَامًا عَالما صَالحا متواضعا حَرِيصًا على نفع الطّلبَة مَشْهُورا بخبرة كتاب الْحَاوِي وَحسن تَقْرِيره درس بالحرمين وَأفْتى بهما وانتفع بِهِ كثير من الطّلبَة فيهمَا وَفِي غَيرهمَا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَبُو الْفرج المراغي والمحب الطَّبَرِيّ إِمَام الْمقَام بِمَكَّة وَالْكثير من نظمه الشَّمْس بن الشَّيْخ عَليّ بواب سعيد السُّعَدَاء، وَعرض عَلَيْهِ ابْن أبي الْيمن وَغَيره وَقَرَأَ عَلَيْهِ التقي بن فَهد وَجَمَاعَة. وَله مؤلفات مِنْهَا شرح الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وتخميس الْبردَة وَبَانَتْ سعاد وَسَماهُ تَنْفِيس
الشدَّة وبلوغ المُرَاد فِي تخميس بَانَتْ سعاد وَله قصيدة دون أَرْبَعِينَ بَيْتا فِيمَا وَقع من النهب بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَغير ذَلِك ونظم التَّتِمَّة فِي القراآت الْعشْر وَجعلهَا فِي وزن الشاطبية وقافيتها وَجعلهَا بَين بيوتها أَدخل كل شَيْء مَعَ مَا يُنَاسِبه وَشَرحهَا بِاخْتِصَار. وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ يُقَال إِنَّه قَرَأَ على العاقولي وَمهر فِي القراآت وَالنّظم وَالْفِقْه بِحَيْثُ قيل إِنَّه أَقرَأ الْحَاوِي ثَلَاثِينَ مرّة وَله شرح على الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ ونظم لبَقيَّة القراآته الْعشْر تَكْمِلَة للشاطبي على طَرِيقَته حَتَّى يغلب على الظَّن أَنه نظم الشاطبي وَخمْس الْبردَة وَبَانَتْ سعاد. مَاتَ بِمَكَّة فِي سادس عشري ربيع الآخر رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن جِبْرِيل خير الدّين أَبُو الْخَيْر بن المحيوي الْعزي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن جِبْرِيل، مِمَّن اشْتغل قَلِيلا وقرأعلي قِطْعَة من أول شرح)
ألفية الْعِرَاقِيّ للناظم ولازمني فِي غير ذَلِك وَهُوَ فهم تحول عَن مذْهبه لغيره وَولي الْقَضَاء بغزة فِيهِ. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم بن نعْمَة بن سُلْطَان بن سرُور بن رَافع بن حسن بن جَعْفَر الْبَدْر أَبُو عبد الله بن الشّرف بن الشَّمْس أبي عبد الله بن الشّرف بن الْفَخر بن الإِمَام الْجمال أبي الْفرج الْجَعْفَرِي الْمَقْدِسِي النابلسي الْحَنْبَلِيّ وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن عبد الْقَادِر. من بَيت كَبِير بيّنت من فِي عَمُود نسبه من الْأَعْيَان فِي تَرْجَمته من معجمي. ولد فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بنابلس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْخرقِيّ وَأخذ عَن بلديه التقي الْمُفْتِي أبي بكر بن عَليّ بن أبي بكر بن حكم وَسمع عَلَيْهِ وعَلى القباني والتدمري وَغَيرهم مِمَّن كَانَ يُمكنهُ السماع من أقدم مِنْهُم بل لَا أستبعد أَن يكون أُجِيز لَهُ من جده وَغَيره مَعَ أَنِّي رَأَيْت من قَالَ أَنه سمع من جده وَأبي الْخَيْر بن العلائي وَلَكِن قَائِله لَا أعتمده. وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا فَأخذ فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين عَن الْمُحب بن نصر الله فِي الْفِقْه وَغَيره وناب عَنهُ ثمَّ عَن الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ بهَا، ثمَّ ولاه النظام بن مُفْلِح فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين قَضَاء نابلس حِين كَانَ أمرهَا لقضاة الشَّام مَعَ كَون قَضَاء الْحَنَابِلَة بهَا مِمَّا تجدّد فِي أَوَائِل هَذَا الْقرن أَو أَوَاخِر الَّذِي قبله، وَاسْتمرّ على قَضَاء بَلَده دهرا وانفصل فِي أَثْنَائِهِ قَلِيلا ثمَّ أضيف إِلَيْهِ قَضَاء الْقُدس وقتا وَقَضَاء الرملة. وَأَجَازَ لي بعد ثمَّ لقِيه الْعِزّ بن فَهد فَأخذ عَنهُ، وَلما كبر أعرض عَن الْقَضَاء لأولاده وَاقْبَلْ على مَا يهمه. وَحج أَربع مرار ولقيته بنابلس فِي سنة تسع وَخمسين فَسمع بِقِرَاءَتِي على بعض الروَاة. وَمَات فِي يَوْم
الْخَمِيس سادس عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عبد الْملك الْبَدْر الدَّمِيرِيّ الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. شَاب لَا بَأْس بِهِ كأبيه. اشْتغل أَيْضا وتميز قَلِيلا وَجلسَ مُحَمَّد ع الشُّهُود. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو البركات بن المحيوي بن الْكَمَال أبي البركات النويري الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة وَالْمَدينَة. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ كَمَال الدّين بن المحيوي الطوخي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عَليّ. ولد فِي الْمحرم سنة خمسين وَثَمَانمِائَة)
بِالْقَاهِرَةِ وَحضر القاياتي عقيقته فَكَانَ آخر مُجْتَمع حضر فِيهِ، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنقيح للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة كَالْعلمِ البُلْقِينِيّ والمناوي وَحضر عِنْد الْعَبَّادِيّ والجوجري والمقسي وَغَيرهم، وَحج مَعَ أَبِيه وخطب بالأزهر وباشر فِي الحسنية، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْعلم بطوخ وَغَيرهَا ثمَّ عَن الْمَنَاوِيّ فَمن بعده وَجلسَ بِجَامِع الصَّالح مُدَّة ثمَّ ترك وَأَقْبل على معيشته وسافر لمَكَّة بحرا وَمَعَهُ زَوجته ابْنة الْجمال يُوسُف بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ فوصلها فِي رَجَب فحج وجاور حَتَّى السّنة الَّتِي بعْدهَا سنة تسع وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن مَدين الأشموني القاهري الْمَالِكِي، حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل فِي الْفِقْه على النُّور الْوراق والعلمي وَفِي الْعَرَبيَّة على التقي الحصني قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الرضى وَتردد للبقاعي وَكَذَا قَرَأَ عَليّ فِي أَشْيَاء وتميز فِي الْفَضَائِل، وَحج وقطن أشمون مَعَ حسن العقيدة وصفاء الْفطْرَة، وَلَو لزم الِاشْتِغَال لارتقى. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن فَهد أَبُو الْبَقَاء الْهَاشِمِي. مَاتَ فِي المهد قبل استكمال شهر فِي رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر أحد مَشَايِخ نابلس وأظن عبد الْقَادِر جدله أَعلَى. عَزله الظَّاهِر جقمق عَنْهَا بِابْن عَمه وحبسه باسكندرية فاستمر إِلَى سنة ثَمَان وَخمسين فاحتال بِلبْس زِيّ النِّسَاء حَتَّى خرج من محبسه وَلَا زَالَ يسْتَعْمل الْحِيَل حَتَّى وصل لنابلس فانضم إِلَيْهِ جمَاعَة من عشيره وخواصه وطرق ابْن عَمه الْمشَار إِلَيْهِ فاصطدما فَقتل هَذَا هُوَ وَجَمَاعَة مِمَّن مَعَه وَأرْسل بِرَأْسِهِ فَكَانَ وصولها الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري شَوَّال مِنْهَا فسر السُّلْطَان بذلك وَأمر فطيف بهَا فِي شوارعها على رمح ثمَّ علقت أَيَّامًا.
مُحَمَّد بن عبد الْقوي بن مُحَمَّد بن عبد الْقوي بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن معمر بن سُلَيْمَان بن عبد الْعَزِيز بن أَيُّوب بن عَليّ الْجمال أَو القطب أَبُو الْخَيْر بن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد البجائي المغربي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَالِكِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وَيعرف بِابْن عبد القوى وَهُوَ بكنيته وبقطب الدّين أشهر. ولد فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَالِث عشر شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَلَكِن سَيَأْتِي فِي نظمه أَنه فِي الَّتِي بعْدهَا بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والرسالة وألفية ابْن ملك، وَعرض على الْجمال بن ظهيرة وتفقه بِأَبِيهِ والشريف عبد)
الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر الفاسي وَسمع عَلَيْهِ صَحِيح ابْن حبَان وَالْقَاضِي على النويري وَكَذَا بالبساطي أَيَّام مجاورته وبغلني أَنه أذن لَهُ فِي الْفتيا وَسمع من ابْن صديق صَحِيح البُخَارِيّ وَكَذَا مُسْند عبد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة بِقِرَاءَة أبي الْفَتْح المراغي وَسمع أَيْضا من ابْن سَلامَة وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَابْن الْجَزرِي وَآخَرين مِنْهُم فِيمَا ذكر القَاضِي أَبُو الْفضل النويري بل كَانَ يَقُول إِنَّه حضر مجْلِس ابْن عَرَفَة حِين ورد عَلَيْهِم حَاجا سنة تسعين وَابْن خلدون وَغَيرهمَا وَإنَّهُ زار الْمَدِينَة وقبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسمع على الزين المراغي كثيرا وَكَذَا سمع على الشهَاب بن الناصح وَأَنه أَخذ النَّحْو عَن خَلِيل بن هرون الجزائري وَالشَّمْس الوانوغي وَأبي الْقسم العقباني وَإنَّهُ سمع من الْقَامُوس على مؤلف الْمجد واستفاد مِنْهُ كثيرا من اللُّغَة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة مِنْهُم الشهَاب أَحْمد بن أقبرص وَأحمد بن عَليّ بن يحيى بن تَمِيم الْحُسَيْنِي وَأَبُو بكر بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الْهَادِي وَعبد الله بن خَلِيل الحرستاني وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قوام وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن منيع وَفَاطِمَة ابْنة ابْن المنجا وَفَاطِمَة وَعَائِشَة ابنتا ابْن عبد الْهَادِي والعراقي والهيثمي والفرسيسي وَسليمَان السقاء وَعبد الْقَادِر الحجار. وتعانى الشّعْر فتميز فِيهِ وَأكْثر من مطالعة التَّارِيخ بِحَيْثُ صَار يحفظ مِنْهُ كثيرا لَا سِيمَا تواريخ الْحجاز وَمَا يتَعَلَّق بعربها ومحالها، وتميز فِي الْأَنْسَاب الْجَاهِلِيَّة وَغَيرهَا وناب عَن الْكَمَال بن الزين وَأبي عبد الله النويري فِي الْعُقُود، وَكَانَ ذَا نظم جيد وحافظة قَوِيَّة فِي التَّارِيخ وذكاء يتسلط بِهِ على الْخَوْض فِي كثير من الْفُنُون بِحَيْثُ يقْضِي لَهُ بالتقدم فِيهَا مَعَ قلَّة مطالعته إِلَّا فِيمَا أُشير إِلَيْهِ بل لَا يكَاد يرَاهُ أحد نَاظرا فِي كتاب باقعة فِي الهجاء مِمَّن يخْشَى لِسَانه وَيَتَّقِي وَقد كذبه البقاعي لبَعض الْأَغْرَاض. وَذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ إِنَّه برع فِي الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر الْجيد وشارك فِي عدَّة فنون وَقدم عَليّ بِمَكَّة لما حججْت فِي سنة خمس وَعشْرين
ولازمني مُدَّة مجاورتي بهَا فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ فبلوت مِنْهُ فضلا وفضائل واستفدت مِنْهُ أَخْبَارًا وَنعم الرجل هُوَ، وَذكر غَيره فِي محفوظه ابْن الْحَاجِب وَقَالَ إِنَّه قَرَأَ على شُيُوخ عصره وبرع فِي فنون من الْعلم وَغلب عَلَيْهِ الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر الْفَائِق الرَّائِق ومدح أَعْيَان مَكَّة وأمراءها وَكَانَ حُلْو المحاضرة راوية للْأَخْبَار كثير الِاطِّلَاع يذاكر بِكَثِير من التواريخ وَأَيَّام النَّاس سِيمَا أَحْوَال مَكَّة وأعيانها فَكَانَ أعجوبة فِيهَا مَعَ مَعْرفَته بأراضي الْحجاز وخططه هجاء بذئ اللِّسَان قل من يسلم من أهل مَكَّة من هجوه)
وَهُوَ فِيهِ أطبع وَكثر بَين المكيين تناشدهم لَهُ. قلت: بل كتب النَّاس عَنهُ من نظمه الْكثير وَجمع النَّجْم بن فَهد مِنْهُ مجلدا، أجَاز لي وَبَلغنِي أَنه كَانَ يُكَاتب التقي بن قَاضِي شُهْبَة بأخبار الْحجاز بعد التقي الفاسي، وَكَانَ ابْن قَاضِي شُهْبَة يشْكر حفظه وَيَقُول إِنَّه لما حج فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ جَاءَهُ بمنى بعد انْقِطَاع الْحَج لَيْلَة الرحيل ولامه فِي عدم إرْسَاله إِلَيْهِ أول قدومه وَقَالَ لَهُ كنت أحج مَعَك وأريك كل مَكَان بِمَكَّة وكل مَزَار وَمن وقف بِهِ وَمَا قيل فِيهِ ومقابر كَثِيرَة لَا يعرفهَا النَّاس ومواضع يجهلونها إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يدل على فضل كَبِير واطلاع كثير وَمَات بِمَكَّة بعد أَن كف سِنِين وتمرض بإسهال مفرط فِي لَيْلَة الْأَحَد منتصف ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ بعد الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن عِنْد أَبِيه فِي المعلاة سامحه الله وإيانا. ورثاه الْبَدْر بن العليف بِمَا كتبت بعضه مَعَ كثير من نظمه فِي تَرْجَمته من معجمي. وَمن نظمه:
(ومايس شبهت عساله
…
فِي رَوْضَة الْحسن كغصن وريق)
(رشفت من ملمضه قهوة
…
قد مزجت مِنْهُ بمسك وريق)
وَقَوله:
(فيا نفس عَن كم زفرَة تتنفسي
…
وَمن طيبَة الجرعاء كم تتجرعي)
(أَرَاك إِذا مَا الْوَرق بالجزع غردت
…
بتذكارها عهد الْمحبَّة تجزعي)
(ويشجيك إِن غنى أَخُو الشوق منشدا
…
حمامة جرعا حومة الجندل اسمعي)
(وَإِن حن إلْف أَو تألق بارق
…
بَكَيْت على سكان بجد بأدمع)
وَقَوله:
(صب تناءت دَاره
…
لما جفته نواره)
(كالربع يبعد أَهله
…
إِن لم ترش أشجاره)
(وَلَقَد يكون ممتعا
…
ومصونة أسراره)
(أَيَّام تقمن عقله
…
بالمنحنى أقماره)
فِي أَبْيَات. وَأورد لَهُ المقريزي مِمَّا بعث بِهِ إِلَيْهِ من مَكَّة افْتِتَاح رِسَالَة:
(يَا أَحْمد بن عَليّ دمت فِي نعم
…
مدى الزَّمَان مصونا من تقلبه)
(هَذَا الَّذِي كنت أَرْجُو أَن أفوز بِهِ
…
من فيض فضلك قد جَاءَ البشير بِهِ)
)
وَقَوله:
(يَا غافلا عَن نَفسه
…
أخذتك أَلْسِنَة الورى)
(السهل أَهْون مسلكا
…
فدع الطَّرِيق الأوعرا)
(وَاعْلَم بأنك مَا تقل
…
فِي النَّاس قَالُوا أكثرا)
وَقَوله:
(أجزت لَهُم مَا قد رويت بِشَرْطِهِ
…
وَمَا لي من نظم بديع وَمن نثر)
(بثانية بعد الثَّمَانِينَ مولدِي
…
بِمَكَّة من شواله ثالثه الْعشْر)
مُحَمَّد بن عبد الْكَافِي بن عبد الله بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد محب الدّين وَرُبمَا لقب شمس الدّين أَبُو الطّيب بن الصَّدْر بن الْجمال الْأنْصَارِيّ الْعَبَّادِيّ البنمساوي بِكَسْر الْمُوَحدَة وَالنُّون وَسُكُون الْمِيم ثمَّ مُهْملَة نِسْبَة لقرية تعرف قَدِيما ببنمسوية واشتهرت ببني سويف حَتَّى صَار يُقَال فِي النِّسْبَة إِلَيْهَا السويفي القاهري نزيل القطبية الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بالسويفي. ولد تَقْرِيبًا سنة سبعين وَسَبْعمائة أَو بعْدهَا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْمُؤَدب الشَّمْس القاياتي والشهاب بن الْبَدْر الْحَنَفِيّ وَحفظ الْعُمْدَة والتنبيه وَالصَّلَاح البلبيسي وَالشَّمْس بن ياسين الْجُزُولِيّ والمطرز والآمدي وَابْن حَاتِم وَآخَرين، وَدخل اسكندرية والصعيد وَغَيرهمَا وأضر من سنة خمس وَأَرْبَعين وأعلمت بِهِ الْجَمَاعَة وَحدث بالكثير سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة وَسمعت مِنْهُ أَشْيَاء وارتفق لفقره بذلك، وَكَانَ عالي الهمة صبورا على الأسماع. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الْكَافِي بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن مَدين الْمَدِينِيّ السّلمِيّ الْمَنَاوِيّ نِسْبَة لمنية الْقَائِد من الجيزية القاهري الشَّافِعِي. مولده تَقْرِيبًا سنة سبعين بميدان الْغلَّة من الْقَاهِرَة وَنَشَأ. مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْجمال الْقرشِي الْمَكِّيّ وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة وَهُوَ بِأبي سمنطح، وَأمه حبشية فتاة أَبِيه. ولد فِي آخر حَيَاة أَبِيه أَو بعد وَفَاة أَبِيه بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة فَمَا بعْدهَا الْأَذْرَعِيّ وَابْن كثير والكمال بن حبيب وَخلق، وَتردد إِلَى الْيمن بعد بيع كثير مِمَّا وَرثهُ من أَبِيه وَتزَوج فِي زبيد وَغَيرهَا وَانْقطع عَن الْحَج فِي غَالب السنين. مَاتَ فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَعشْرين)
بِمَكَّة بعد أَن تعلل، وَدفن بالمعلاة وَقد جَازَ الْخمسين بسنين، ذكره الفاسي بِمَكَّة ثمَّ ابْن فَهد، وَرَأَيْت من أرخه سنة سبع وَعشْرين وَسمي جده مُحَمَّد بن أَحْمد.
مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن دَاوُد الْمُحب أَبُو الْجُود ابْن شيخ القراآت بالقدس وَإِمَام الْأَقْصَى كريم الدّين البدري بن أبي الْوَفَاء الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. سمع مني بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة المسلسل وَعرض على محافيظه.
مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن عبد الله الأردبيلي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد قَرِيبا. مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْجمال الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة وَهُوَ بالطويل، وَأمه أم كُلْثُوم ابْنة حسن بن عبد الْمُعْطِي. سمع من الْجمال بن عبد الْمُعْطِي، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سبعين فَمَا بعْدهَا الشهَاب الْأَذْرَعِيّ وَآخَرُونَ، وتنزل فِي طلبة البنجالية الجديدة بِمَكَّة وتعاني بِأخرَة الشَّهَادَة، وَدخل مصر مرَارًا للارتزاق، وَحدث فِي مَكَّة باليسير سمع مِنْهُ النَّجْم بن فَهد وَغَيره. وَمَات بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَعشْرين. ذكره ابْن فَهد وَمن قبله الفاسي. مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن صَالح بن شهَاب بن مُحَمَّد الْبَدْر بن كريم الدّين بن الشَّمْس الهيثمي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده وَيعرف بالهيثمي. ولد سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن والتنقيح فِي الْفِقْه للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَعرضه واشتغل يَسِيرا على اللشهاب الْحَاوِي والبدر النسابة وَتزَوج ابْنَته وتميز فِي الوراقة وَكِتَابَة الشُّرُوط وخطب أَحْيَانًا بِبَعْض الْجَوَامِع، وَاسْتقر فِي كِتَابَة الْغَيْبَة بالبيبرسية بعد الشَّمْس العباسي وراج فِيهَا، وَحج وسافر مرَارًا وَكَانَ يحمل مَعَه بالكراء فِي كل سنة جمَاعَة من المعتبرين وَغَيرهم فيشتط عَلَيْهِم فِي الْكِرَاء وَيُكَلِّفُونَهُ بِحَيْثُ يُوسع البابكة لذَلِك وَمَعَ هَذَا فَلم يظفر بطائل، وَآل أمره إِلَى أَن توعك وَهُوَ رَاجع أَيَّامًا ثمَّ مَاتَ بعقبة أَيْلَة فِي حادي عشر الْمحرم سنة سبعين وَدفن فِيهَا بجوار جده عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد تَقِيّ الدّين الهيثمي أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَصْغَر. جلس مَعَ الشُّهُود وَلكنه غير مرضِي مَعَ فاقته وإتلافه لما وَرثهُ من أَبِيه وَأَظنهُ انتسب حنبليا. مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْجمال أَبُو المكارم وَرَأَيْت ابْن فَهد قَالَ جلال الدّين أَبُو السرُور وَالْأول)
هُوَ الَّذِي اسْتَقر ابْن الشّرف أبي الْقسم الرَّافِعِيّ بن الْجلَال أبي السعادات بن الْكَمَال أبي البركات بن أبي السُّعُود الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن ظهيرة وَهُوَ بكنيته أشهر، وَأمه ابْنة أبي الْفضل بن ظهيرة. ولد فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ
بهَا فِي كنف أَبوهُ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والمنهاج الفرعي والمختصر الْأَصْلِيّ وألفيتي الحَدِيث والنحو وَمن التَّلْخِيص إِلَى الْإِنْشَاء وَمن الشاطبية إِلَى فرش الْحُرُوف، وَعرض على جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ الشَّمْس التنكزي وَأم هَانِئ الهورينية ولازم المنهلي وَعبد الْحق السنباطي فِي مجاورتيهما بل لما قدم الْقَاهِرَة داوم الْأَخْذ عَن أَولهمَا وَكَذَا عرض على الزيني زَكَرِيَّا والبكري والجوجري ولازمني حَتَّى قَرَأَ على ألفية الْعِرَاقِيّ بحثا وَالْقَوْل البديع وترجمة النَّوَوِيّ وَغير ذَلِك من تصانيفي بل قَرَأَ على الْخَطِيب الوزيري لقرب سكنه فِيهَا مِنْهُ وَكَذَا قَرَأَ على الخيضري وَأَظنهُ كتب بعض تصانيفه وَأخذ بِمَكَّة فِي النَّحْو عَن أبي الْعَزْم الحلاوي ومُوسَى الحاجبي الفاسي وَفِي الْفِقْه عَن عَمه الْمُحب بل أَخذ فِي الْأُصُول وَغَيره عَن العلمي والمعاني وَالْبَيَان عَن الشريف القَاضِي المحيوي الْحَنْبَلِيّ ورافقه فِي التَّوَجُّه للزيارة النَّبَوِيَّة وَقَرَأَ عَليّ فِي الْحَرَمَيْنِ الْكثير وَكَذَا سمع مني وعَلى جملَة وَمن ذَلِك شرحي لألفية الْعِرَاقِيّ وَكتبه بِخَطِّهِ مَعَ غَيره من تأليفي وَكَذَا كتب أَشْيَاء وتميز وبرع وشارك مَعَ ذكاء وأدب وكتبت لَهُ إجَازَة هائلة أودعت حاصلها فِي التَّارِيخ الْكَبِير ورأيته كتب للخيضري من نظمه وَكَذَا كتب لي مِنْهُ مَا كتبته فِي مَوضِع آخر وَلما ولي قَرِيبه الْجمال أَبُو السُّعُود بعد وَالِده لَازمه فِي الْفِقْه والأصلين والمعاني وَغَيرهَا بل قَرَأَ عَلَيْهِ الحَدِيث على جاري عَادَة الْقُضَاة بل هُوَ من طلبته قبل الْقَضَاء. مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد الشَّمْس الأردبيلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَرَأَيْت فِي مَوضِع آخر اسْم جده عبد الله. مِمَّن اخْتصَّ بأمير آخور جَانِبك الْفَقِيه وَحج مرَارًا وجاور فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَقَرَأَ عَليّ الْحَج تَمَامه من البُخَارِيّ مَعَ قِطْعَة أُخْرَى بعده ولازمني فِي غير ذَلِك وَكَذَا قَرَأَ على الديمي وَلَا بَأْس بِهِ. مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن أَحْمد الشَّمْس بن التقي الأقصري بِالضَّمِّ ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد الْبَدْر أبي الْفضل مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالمحلى لكَون جده كَانَ يتَرَدَّد إِلَيْهَا للتِّجَارَة فِي البطائن وَنَحْوهَا. ولد بالأقصر من الصَّعِيد ويحول مِنْهَا وَهُوَ صَغِير إِلَى الْقَاهِرَة)
فحفظ الْقُرْآن واشتغل شافعيا وَأخذ عَن الشَّمْس البوصيري وَتزَوج سبطة لَهُ هِيَ ابْنة لِلشِّهَابِ الْحُسَيْنِي وَسمع على الشهَاب الكلوتاتي وَغَيره ثمَّ أَنه أَقرَأ المماليك فِي الطباق وتحول حِينَئِذٍ حنفيا وَحفظ الْقَدُورِيّ وَغَيره واشتغل فِي الْفَرَائِض والحساب والميقات وَغَيرهَا على ابْن المجدي وَكَذَا أَخذ الْفَرَائِض والميقات مَعَ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا عَن الشهَاب الْخَواص والميقات فَقَط عَن النُّور النقاش والفرائض فَقَط عَن أبي الْجُود والعربية عَن الشَّمْس بن الجندي
ولازمه وَكَذَا ابْن الْهمام والشمني وَابْن عبيد الله والأمين الأقصرائي فِي الْفِقْه وَغَيره واشتدت عنايته بملازمة الْأمين جدا وَحمل عَنهُ من الْفُنُون شَيْئا كثيرا وَقَرَأَ عَلَيْهِ التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ وانْتهى فِي رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين، وَكَذَا سمع على شَيخنَا والزين الزَّرْكَشِيّ وَعَائِشَة الحنبلية وَالشَّمْس البالسي والقطب القلقشندي والجلال بن الملقن وَأم هاني الهورينية فِي آخَرين، وتلقن الذّكر من الشَّيْخ مَدين وَغَيره وَحج مرَارًا وَأخذ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين مِنْهَا عَن أبي الْبَقَاء بن الضياء وَأكْثر من التَّرَدُّد للمذكورين من شُيُوخ الدِّرَايَة وَغَيرهم وبرع فِي الْمِيقَات والفرائض والحساب والعربية وشارك فِي غَيرهَا وَاخْتصرَ سيرة ابْن سيد النَّاس وحياة الْحَيَوَان وَكتب على الْكَنْز حَاشِيَة فِي جُزْء مَاتَ عَنهُ مسودة وأوراقا فِي الصَّبْر وَسكن الشرابشية بِالْقربِ من جَامع الْأَقْمَر وَكَانَ باسمه مشيختها وأقرأ الطّلبَة يَسِيرا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْمِيقَات المظفر الأمشاطي وَعبد الْعَزِيز الميقاتي وَكَذَا أَخذ عَنهُ نَاصِر الدّين الأخميمي وَكَانَ صديق وَالِده وَهُوَ الَّذِي حنفه، وَكَانَ خيرا سَاكِنا متواضعا منجمعا عَن النَّاس مقتصدا على طَرِيق السّلف. مَاتَ عَن بضع وَسِتِّينَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَدفن عِنْد ضريح الجعبري بِبَاب النَّصْر وَكَانَ لَهُ مشْهد حافل رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن عُثْمَان بن عماد الْكَمَال بن الْمعِين بن الشّرف الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْموضع الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده وَيعرف بِابْن العجمي ثمَّ بِابْن معِين الدّين. ولد فِي وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن وَغَيره وتدرب فِي التوقيع وباشره دهره وَلكنه مَعَ تقدمه فِيهِ مُتَأَخّر عَن من هُوَ دونه سِيمَا مَعَ كَثْرَة دُيُونه وَتوقف أَحْوَاله وَلكنه فِيهِ بَقِيَّة حشمة وأدب ورام الزين بن مزهر تَقْدِيمه لنيابته فَمَا أمكن وَحصل لَهُ رمد عدمت إِحْدَى عَيْنَيْهِ. مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن أبي السرُور واسْمه مُحَمَّد بن الْعَلامَة شيخ الْحرم التقي عبد)
الرَّحْمَن بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد القطب أَبُو الْخَيْر بن السراج الحسني الفاسي الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده، أمه أم الْخَيْر ابْنة عبد الْقَادِر بن أبي الْفَتْح الفاسي. ولد فِي لَيْلَة من ليَالِي الْعشْر الْأَخير من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَسمع بهَا، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة مولده أَبوهُ وقريبه السراج عبد اللَّطِيف الفاسي وَأُخْته أم الْهدى والإهدل وَزَيْنَب ابْنة اليافعي وَالسَّيِّد صفي الدّين الأيجي وَأَخُوهُ عفيف الدّين وَأَبُو الْفَتْح
المراغي والمحب المطري وَآخَرُونَ مِنْهُم أَبُو جَعْفَر بن العجمي والضياء بن النصيبي، وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه فِي أول سنة سِتّ وَخمسين وتوجها مِنْهَا إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ لدمشق ثمَّ رجعا إِلَى الْقَاهِرَة وسافرا مِنْهَا لبلاد الْمغرب فدخلا تونس وبجاية والجزائر وزهران وتلمسان وفاس ومكناس ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة فِي موسم سنة ثَمَان وَخمسين ثمَّ سَافر وَحده إِلَى بِلَاد الْمغرب فِي موسم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ فَدخل تونس فَقَط وَعَاد إِلَى مَكَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وتكرر دُخُوله للقاهرة ثمَّ دخل الْمغرب أَيْضا وزادت إِقَامَته فِيهَا على سنتَيْن، ولازم بِالْقَاهِرَةِ فِي بعض مراته السنهوري فِي الْفِقْه وَغَيره وَكَذَا لازمني حَتَّى قَرَأَ على الألفية وَشَرحهَا وَقَرَأَ على الشاوي والزكي الْمَنَاوِيّ وَعبد الصَّمد الهرساني وَآخَرين، وناب فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة بمرسوم من السُّلْطَان وتوهم استقلاله بِهِ بعد موت القَاضِي فَمَا اتّفق وَخَاصم الرَّافِعِيّ لكَونه ابْن عمته فَمَا أنجح، وسافر بعد ذَلِك إِلَى الغرب أَيْضا ثمَّ عَاد وانجمع بمنزله وَبِيَدِهِ الْإِمَامَة بِمَسْجِد الْخيف وَغير ذَلِك وسافر بعد ذَلِك أَيْضا إِلَى الْهِنْد وَهُوَ فِي سنة تسع وَتِسْعين بهَا. مُحَمَّد أَبُو عبد الله الحسني الفاسي الْمَكِّيّ شَقِيق الَّذِي قبله. ولد فِي غرُوب الشَّمْس ثَالِث عشر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَخمسين أَبوهُ وَإِبْرَاهِيم الزمزمي والعليف وَأَبُو الْبَقَاء بن الضياء وَأَبُو الْفَتْح المراغي والزين الأميوطي والمحب المطري والبدر بن فَرِحُونَ وَأَبُو جَعْفَر بن النصيبي والضياء بن النصيبي وَآخَرُونَ وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا مِنْهَا فِي سنة خمس وَتِسْعين، وَكتب من القَوْل البديع نسخا وَكَذَا كتب الْأَحَادِيث المشتهرة وَسمع مني فِي مَكَّة قَلِيلا، وَهُوَ ثقيل السّمع طبع وَحده. مُحَمَّد الرضي أَبُو حَامِد الحسني الفاسي الْمَكِّيّ شَقِيق اللَّذين قبله. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَغَيره وَقدم الْقَاهِرَة مَعَ أول أَخَوَيْهِ فَعرض عَليّ وَسمع مني.)
مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف الْكَمَال أَبُو البركات الششيني الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَهُوَ بكنيته)
أشهر. يَأْتِي هُنَاكَ. مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف الْبُرُلُّسِيّ السكندري أَخُو على الْمَاضِي. أحد التُّجَّار مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بالرمل ظَاهر اسكندرية فَحمل إِلَى الجزيرة خَارج بَاب الْبَحْر فَدفن عِنْد الشَّيْخ عَليّ الموازيني، وَكَانَ كثير الملاءة جدا مَعَ خير وَقُوَّة نفس وسماحة بالبذل فِي بُلُوغ مقاصده وَحسن شكالة، وسافر فِي التِّجَارَة لمَكَّة وَغَيرهَا وَله أوقاف فِي جِهَات قرب من جُمْلَتهَا بَيت الْمَنْصُور بن الظَّاهِر جقمق الَّذِي صَار إِلَيْهِ بعد خَلِيل بن النَّاصِر اشْتَرَاهُ مِنْهُ حِين تحول لدمياط ثمَّ وَقفه رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن حمام الشَّمْس الشَّامي ثمَّ الْمَكِّيّ الْمُؤَدب بهَا. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. وَكَانَ قدم مَكَّة وقطنها وأدب بهَا الْأَطْفَال وَتزَوج بِزَيْنَب ابْنة أَحْمد الشوبكي واستولدها أَوْلَادًا مِنْهُم أَحْمد وَأَبُو الْفَتْح وَكَانَ فَقِيرا مباكا، وَلما قدم مَكَّة السراج عمر بن المزلق اشْترى دَارا بقعيقعان ووقفها عَلَيْهِ وعَلى أَوْلَاده. مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن سِنَان بن رُمَيْح مُحي الدّين أَبُو نَافِع بن الْجمال بن الْبُرْهَان السَّعْدِيّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالأزهري وبابن الريفي.
ولد فِي أحد الربيعين سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وألفية النَّحْو، وَعرض فِي سنة ثَمَانمِائَة فِيمَا بعْدهَا على جمَاعَة كالأبناسي وَابْن الملقن والبلقيني والعراقي وَأَوْلَاد كل من الثَّلَاثَة النُّور والجلال وَالْوَلِيّ وناصر الدّين الصَّالِحِي والدميري وأجازوه والصدر الْمَنَاوِيّ وَغَيره مِمَّن لم نر فِي خطه الْإِجَازَة، واشتغل بِالْعلمِ يَسِيرا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكتب التوقيع وتنزل فِي الْجِهَات وباشر المؤيدية والباسطية وَكَانَ خطيبها، وَحج مرَارًا مِنْهَا فِي سنة سِتِّينَ وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَقيد فَوَائِد ومسائل بِخَطِّهِ وَكتب عَن الْبَدْر الدماميني شَيْئا من شعره بل اعتني بِالسَّمَاعِ فَسمع على الفرسيسي مُعظم سيرة ابْن سيد النَّاس وَهُوَ أول سَماع وقفت لَهُ عَلَيْهِ كَانَ فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وعَلى الشّرف بن الكويك والجمالين الْحَنْبَلِيّ والكازروني والشموس الشَّامي وَابْن البيطار والرزاتيتي وَابْن الْمصْرِيّ والبوصيري وَابْن عَليّ البيجوري والبرماوي وَالْوَلِيّ لاعراقي والنور الفوى والشهاب البطائحي والسراج قَارِئ الْهِدَايَة، وَكَانَ يضْبط الْأَسْمَاء وَيكْتب الطباق بِدُونِ براعة)
فيهمَا، وَأَجَازَ لَهُ فِي استدعاء بِخَط الْبَدْر بن الدماميني فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة أَبُو الْخَيْر بن العلائي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء حملت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ معدلا فَاضلا ضابطا لفوائد ونوادر طلق الْكَلَام خَطِيبًا جَهورِي الصَّوْت. وَقَالَ البقاعي إِنَّه كَانَ غير عدل مجازفا فِي شهاداته متساهلا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس سَابِع جُمَادَى الأولى سنة سبعين بمنزله من السيوفية قريب الأشرفية سامحه الله. مُحَمَّد أَخُو الَّذِي قبله. ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَسمع فِي الْخَامِسَة على الفرسيسي مَعَ أَخِيه مسموعه من السِّيرَة وَمَا عَلمته. مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْبَدْر القاهري الْأَزْهَرِي وَيعرف بالمصري. كتب عَنهُ الْعِزّ بن فَهد قصيدة من نظمه يمدح بهَا الفخري بن غلبك أَولهَا:
(خليلي قد هام الْفُؤَاد بأسره
…
وعدة مقاطيع وَكَانَ قد)
مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس المسوفي ثمَّ الْمدنِي المادح بحرمها والآتي وَلَده محمدت. ولد فِي سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَقدم مَعَ أَبِيه الْمَدِينَة وَهُوَ ابْن سنتَيْن أَو ثَلَاث فَقَرَأَ الْقُرْآن وَصَارَ مادح الْحرم مَعَ سُكُون وَخير. وَلما كنت هُنَاكَ سمع مني وَكتب لي من نظم وَلَده قصيدة. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب أَبُو السعادات الْأَكْبَر الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ. أجَاز لَهُ أَو لِأَخِيهِ الْآتِي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة ركن الدّين مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الخوافي. مُحَمَّد أَبُو السعادات الْأَصْغَر. أَخُو الَّذِي قبله. مُحَمَّد أَبُو الْبَقَاء أخوهما. سمع الزين المراغي وَعلي بن مَسْعُود بن عبد الْمُعْطِي وَأَبا حَامِد المطري وَابْن سَلامَة وَالْجمال بن ظهيرة وَغَيرهم، وَأَجَازَ لَهُ عَائِشَة
ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والشرف بن الكويك وَآخَرُونَ. مَاتَ بالطاعون فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء، وَسَيَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد الْجمال أَبُو الْخَيْر الْحَنْبَلِيّ أَخُو الثَّلَاثَة قبله. سمع من ابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ الشَّمْس الشاوي وَالزَّرْكَشِيّ وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَعبد الرَّحْمَن بن الْأَذْرَعِيّ وَابْنَة ابْن الشرائحي وَخلق وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق وحلب)
وحمص وحماة، وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا حَتَّى أدْركهُ أَجله فِي الْمحرم مطعونا سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَدفن بتربة سعيد السُّعَدَاء أَيْضا. مُحَمَّد أَبُو المكارم الْحَنْبَلِيّ أَخُو الْأَرْبَعَة قبله وشقيق اللَّذين قبله، أمّهم خَدِيجَة ابْنة إِبْرَاهِيم بن أَحْمد المرشدي. سمع ابْن الْجَزرِي وَالشَّمْس الشَّامي وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع عشرَة الزين المراغي، وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق وَأقَام بهامدة وَصَحب الزين عبد الرَّحْمَن أَبَا شعر ولازمه وتفقه عَلَيْهِ وَكَذَا صحب غَيره من الأكابر. وَمَات بطرابلس من الشَّام سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ، وَسَيَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس بن الْجمال بن الْحَافِظ الشهَاب القاهري القزازي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف كسلفه بالعرياني. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة، كَانَ من بَيت حَدِيث وَرِوَايَة وَلَكِن مَا علمت لَهُ سَمَاعا وَلَا إجَازَة نعم سمع وَهُوَ كَبِير مَعنا على بعض الشُّيُوخ يَسِيرا واشتغل بالتكسب فِي الزّجاج بحانوت بالوراقين وَكَانَ صوفيا فِي سعيد السُّعَدَاء. مَاتَ فِي الْمحرم سنة تسع وَسبعين بعد تعلله بالفالج مُدَّة.
عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن كَمَال بن عَليّ الْفَاضِل شمس الدّين بن الْجمال الْمَكِّيّ الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمقري وَيعرف بالحجازي. ولد فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِمصْر وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين والتبرزي والمنهاج والملحة
ألفية ابْن ملك، وَعرض على الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والعبادي والبكري والعز الْحَنْبَلِيّ والقطب الْجَوْجَرِيّ وَالْفَخْر السُّيُوطِيّ وَآخَرين مِنْهُم الشهابان الشارمساحي وَابْن الدقاق الْمصْرِيّ الشريف وتلا بالسبع على كل من عمر بن قَاسم الْأنْصَارِيّ النشار وَعبد الْغَنِيّ الهيثمي وَابْن أَسد وأذنوا لَهُ، وَبحث فِي الْمِنْهَاج والألفية وتصريف الْعزي على الْأَخير وَكَذَا أَخذ عَن غَيره فِي الْفِقْه وأصوله والعربية بل بحث الْمِنْهَاج بِتَمَامِهِ على البامي وَأذن لَهُ فِي الإقراء والافتاء، وَقَرَأَ بعض البُخَارِيّ عَليّ وعَلى الشاوي بل قَرَأَ علينا مَعًا الشاطبية فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين وَسمع على أبي الْحسن على حفيد يُوسُف العجمي أَشْيَاء وتميز فِي الْفَضَائِل وَلزِمَ حفظ الْمِنْهَاج فَكَانَ يقْرَأ كل يَوْم ربعه وَيكثر التِّلَاوَة وَالصِّيَام ويحرص على الْجَمَاعَة مَعَ التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة وَالشَّهَادَة لتكسبه مِنْهَا رَفِيقًا لِلشِّهَابِ الْقُسْطَلَانِيّ ومزيد)
الاسْتقَامَة وَرُبمَا نظم الشّعْر وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير، وَقد كثر تردده إِلَيّ وَكنت مِمَّن يمِيل إِلَيْهِ.
مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَاشم بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَامِد بن عشائر الْبَدْر بن التَّاج بن الشهَاب بن الشّرف بن الزين السّلمِيّ الْحلَبِي الشَّافِعِي قريب الْحَافِظ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن هَاشم وَيعرف كسلفه بِابْن عشائر. وَلم يتَمَيَّز لكنه كتب الْخط الْحسن، وَسمع على الظهير مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن العجمي سنَن ابْن ماجة وعَلى جده والكمال بن حبيب وَعمر بن إِبْرَاهِيم بن العجمي والشهاب بن المرحل والشرف أبي بكر الْحَرَّانِي وناصر الدّين بن الطباخ والأستاذ أبي جَعْفَر الرعيني وَابْن صديق وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سبع وَسِتِّينَ فَمَا بعْدهَا ابْن الهبل وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر والشهاب بن النَّجْم وَأحمد بن مُحَمَّد زغلش وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم النقبي وَمُحَمّد بن أبي بكر السوقي ومحمود المنيحي وَأحمد بن عبد الْكَرِيم البعلي وَأحمد بن يُوسُف الخلاطي وَمُحَمّد بن الْمُحب عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الْمَقْدِسِي وَالشَّمْس بن نباتة والبهاء بن خَلِيل والموفق الْحَنْبَلِيّ وَخلق. وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ من بَيت رياسة وحشمة وكرم ومروءة تَامَّة منجمعا عَن النَّاس لقلَّة علمه. مَاتَ قبل سنة خمسين. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد شمس الدّين أَبُو عبد الله بن الْجمال بن الشهَاب الزفتاوي القاهري الشَّافِعِي وَالِد نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْآتِي ويلقب فت فت. ولد سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بزفتا وتحول مِنْهَا وَهُوَ صَغِير إِلَى الْقَاهِرَة فَنَشَأَ بمدرسة
مَحْمُود الترجماني بِالْقربِ من درس خَاص ترك الْمَعْرُوف الْآن بالطبلاوي برحبة الْعِيد فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ انقتل إِلَى الجمالية العتيقة برحبة الأيدمري فسكنها مُدَّة طَوِيلَة، وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين والعمدة والتنبيه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَقَرَأَ الْفِقْه على الأسنوي والبلقيني وَابْنه الْجلَال وَابْن الْعِمَاد والعز السُّيُوطِيّ وَأخذ القراآت عَن الْفَخر البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر وَالشَّمْس مُحَمَّد النشوي، وَسمع على ابْن حَاتِم والصدر بن مَنْصُور الْحَنَفِيّ والمطرز وَابْن الشيخة والغماري وَالْجمال الرَّشِيدِيّ فِي آخَرين اشْترك مَعَه ابْنه فِي بَعضهم وأقرأ أَوْلَاد بعض الرؤساء، وَمهر فِي الْفَرَائِض جدا وَكَانَ يقْرَأ فِي كل يَوْم الرّبع من التَّنْبِيه وَيَتْلُو ختمة وَأما فِي رَمَضَان فختمتين مَعَ التكسب بِالشَّهَادَةِ ثمَّ عمل التوقيع وَتقدم فِيهِ بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال)
البُلْقِينِيّ وَجلسَ بالقبة الصالحية النجمية وبالواجهة ببولاق وأضيف إِلَيْهِ أَيْضا الْقَضَاء بمنفلوط وعملها بِالْوَجْهِ القبلي وبدمنهور والبحيرة وَغير ذَلِك، وَكَانَ يجلس فِي البيبرسية لكَونه من صوفيتها عَن يَمِين شَيخنَا لكَونه يعظمه جدا، وَقد تَرْجمهُ فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَأَنه كَانَ كثير التِّلَاوَة خيرا سليم الْبَاطِن بل كَانَ من المختصين بالجمال الْمَلْطِي قَاضِي الْحَنَفِيَّة وبالصدر الْمَنَاوِيّ قَاضِي الشَّافِعِيَّة، وَانْقطع فِي آخر عمره بمنزله بعد أَن أعرض عَن الْقَضَاء مُدَّة إِلَى أَن مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَدفن ظَاهر بَاب النَّصْر بتربة الأوجاقي قَرِيبا من تربة حُسَيْن الجاكي وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ. أفادنيه حفيده بِاخْتِصَار عَن هَذَا رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد التّونسِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف بِابْن الْمرْجَانِي. سمع من ابْن صديق وَغَيره واشتغل بالفقه والعربية وتنبه فِي ذَلِك مَعَ نظم وَخط جيد كتب بِهِ الْكثير وَدين وَخير وَسُكُون، مَاتَ فِي لَيْلَة السبت ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة عشر بِمَكَّة عَن أَربع وَعشْرين سنة تَقْرِيبًا وَدفن بالمعلاة ذكره الفاسي. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد الْحَضْرَمِيّ. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد الخانكي البلبيسي الأَصْل وَيعرف بِابْن التَّاجِر. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ. مُحَمَّد بن عبد الله بن أَيُّوب الشَّمْس القاهري ثمَّ الطولوني المرقي أَخُو أبي بكر وَالِد أَحْمد الْمَذْكُورين وَيعرف بالمستحل وبالرئيس. قَرَأَ الْقُرْآن واعتنى بالميقات وَأَخذه عَن جمَاعَة مِنْهُم الشهَاب السطحي وَعبد الرَّحْمَن المهلبي وباشر الرياسة بِجَامِع طولون وبالقلعة وَلذَا رعف بالرئيس وتنزل فِي الْجِهَات وَتكلم على أوقاف وَكَانَ يصحب الْأُمَرَاء وَغَيرهم من الْقُضَاة كتمرباي وَحج مَعَه وقتا والجلال
البُلْقِينِيّ وَشَيخنَا وَكَانَ المرقي بَين يَدَيْهِ فِي القلعة وَله بِهِ مزِيد اخْتِصَاص للطف عشرته وظرفه وفكاهته بِحَيْثُ أَنه لما تنزل فِي الْحَنَفِيَّة بالشيخونية وَقيل لَهُ كَيفَ هَذَا وَأَنت شَافِعِيّ فَقَالَ تمحي الْحَاشِيَة الَّتِي كتبتها على الْمِنْهَاج أَو كَمَا قَالَ، سِيمَا مَعَ وضاءته وَكَثْرَة تِلَاوَته. مَاتَ فِي يَوْم السبت سَابِع ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَيُقَال إِنَّه زَاد على الْمِائَة أَو قاربها رحمه الله وإيانا. وَله ذكر فِي تَرْجَمَة أَخِيه من أنباء شَيخنَا قَالَ وَهُوَ أَخُو شمس الدّين رَئِيس الْأَذَان بِجَامِع ابْن طولون الَّذِي يُقَال لَهُ)
المستحل. مُحَمَّد بن عبد الله بن بكتمر نَاصِر الدّين بن جمال الدّين وَيعرف بِابْن الْحَاجِب. تقدم فِي ولَايَة صهره بالدوادارية وَكَانَ من أُمَرَاء العشرات بالديار المصرية. مَاتَ فِي خَامِس عشري ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ. أرخه الْعَيْنِيّ وَقَالَ إِنَّه خلف مَوْجُودا كثيرا. وأرخه شَيخنَا فِي إنبائه فِي ربيع الأول وَالْأول هُوَ الصَّوَاب. مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ، أمه زبيدية وَهِي نفيسة ابْنة إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الْمُعْطِي العصامي.
أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فَمَا بعْدهَا جمَاعَة أَجَازُوا لأبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفضل بن أَحْمد بن ظهيرة الْمَاضِي. وَمَات فِي شَوَّال سنة سِتّ وَسِتِّينَ بجدة وَحمل فَدفن بالمعلاة. مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن محود الشَّمْس بن الْجمال الأثميدي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالأثميدي. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره، وتنزل فِي الْجِهَات ولازم دروسها وَلم يمهر، وتكسب بِالشَّهَادَةِ بل نَاب فِي الفسوخ والعقود عَن الْمُحب بن نصر الله فَمن بعده وَسمع بِأخرَة على ابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس بِحَضْرَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وَقبل ذَلِك سمع على صهره الشَّمْس الشَّامي وَالْجمال عبد الله الْكِنَانِي ذيل مشيخة القلانسي للعراقي وَغير ذَلِك وَكَذَا سمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَغَيره. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَخمسين وَقد أسن رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر الشَّمْس الْأنْصَارِيّ القليوبي ثمَّ القاهري الخانكي الشَّافِعِي وَالِد مُحي الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف جده بِابْن أبي مُوسَى. ولد فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس عشري ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأخذ الْفِقْه عَن الْوَلِيّ الملوي والبهاء بن عقيل وَالْجمال الأسنائي وقريبه الْعِمَاد الأسنائي والْعَلَاء الأقفهسي والبهاء السُّبْكِيّ والشهاب بن النَّقِيب والأبناسي والضياء العفيفي بحث عَلَيْهِ الْحَاوِي وَالْأُصُول عَن التَّاج السُّبْكِيّ وَبحث عَلَيْهِ بعض مُؤَلفه جمع الْجَوَامِع والفرائض عَن الكلائي والفنون عَن أكمل الدّين الْحَنَفِيّ وأرشد
الدّين العجمي والقراآت السَّبع عَن السَّيْف بن الجندي وَالْمجد الكفتي وناصر الدّين الترياقي، وَتقدم فِي الْعُلُوم وتميز فِي الْفَرَائِض وأذنوا لَهُ وَكَذَا أذن لَهُ ابْن الملقن فِي التدريس)
والإفتاء وَالْجُلُوس على السجادة والضياء فِي التدريس والتاج السُّبْكِيّ وَغَيرهم، وَسمع على الزين الْعِرَاقِيّ والبلقيني وَابْن أبي الْمجد بل سمع على الْعَفِيف اليافعي الصَّحِيحَيْنِ وعدة من تصانيفه وعَلى أبي عبد الله بن خطيب بيروذ والتقي عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الأيوبي وَالْجمال بن نباتة والمحب الخلاطي وَمِمَّا سمع عَلَيْهِ السّنَن للدارقطني وعَلى الَّذِي قبله سيرة ابْن هِشَام والعرضي ومظفر الدّين بن الْعَطَّار وَحدث ودرس وَأفْتى، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْفِقْه وَغَيره القاياتي والونائي وَآخَرُونَ وَقَرَأَ على الزين رضوَان ومحمود الْهِنْدِيّ وَكَذَا قَالَ الشهَاب الزفتاوي أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي خانقاه المواصلة بَين الزقاقين بِمصْر وَكَانَ شيخها. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه: واشتهر بِالدّينِ وَالْخَيْر وَكَانَ متواضعا لينًا متقللا جدا إِلَى أَن قرر فِي مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس فباشرها حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشري جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْ عشرَة، وَفِي تَرْجَمته من التَّارِيخ الْكَبِير زيادات رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن بِلَال الْفراش بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وأخو أَحْمد وَإِسْحَاق. مُحَمَّد بن عبد الله بن جَار الله بن زَائِد السنبسي الْمَكِّيّ. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين، ذكره ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الله بن حجاج بدر الدّين الْبرمَاوِيّ الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَبوهُ. رجل سيئ الطباع بغيض متساهل فِي الدّيانَة وَالْأَمَانَة، بَاشر الجمالية والسابقية وأوقاف درس الشَّافِعِي وَغَيرهَا وَكتب مَعَ موقعي الدرج مَعَ عدم دربته وَأكله بِدُونِ حِسَاب وتمول جدا وصاهر ابْن الْأَمَانَة على ابْنَته فَمَا رَأَوْا مِنْهُ سوى الرقاعة والحمق وكل وصف منَاف وَنسب إِلَيْهِ أَنه اختلس من تَرِكَة الشَّيْخ ابْن الْجَوْهَرِي لآلئ وجواهر نفيسة أبدلها بِدُونِهَا وبادر هُوَ للمرافعة فِي بعض الأوصياء فحاق الْمَكْر السَّيئ بِهِ ورسم عَلَيْهِ حَتَّى أَخذ مِنْهُ مَا ينيف على ألفي دِينَار وَمَا رثي لَهُ أحد بل هُوَ تَحت الْعهْدَة إِلَى الْآن، وَقبل ذَلِك أهانه الْأَمِير يشبك الجمالي بِسَبَب افتياته بِبِنَاء عمله بالجمالية، وَهدم بناءه وَكَذَا ضرب بِسَبَب وقف السابقية وَهُوَ لَا يزْدَاد إِلَّا فحشا وقبحا وَآل أمره فِي سنة خمس وَتِسْعين إِلَى قيام مستحقي السابقية عَلَيْهِ حَتَّى أخرج مِنْهَا بعد مزِيد إهانته وذله وضبطت عَنهُ كَلِمَات مُنكرَة لَا تستكثر على جَهله، وَاسْتمرّ على تخلفه ومقته لسوء مُعَامَلَته وتصرفه، وَكَذَا كَانَت لَهُ كائنة قبيحة بِسَبَب وسع يَده على تَرِكَة عَليّ القليوبي بالوصياية وَزعم بعد اعترافه
بالوصة عدمهَا وَكَانَ)
مَا يطول شَرحه مِمَّا أُشير إِلَيْهِ مَعَ كائنة ابْن الْفَقِيه مُوسَى فِي الْحَوَادِث وَلَا يظلم رَبك أحدا.
وَهُوَ مِمَّن سمع فِي البخار بالظاهرية. مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن عَطِيَّة بن مُحَمَّد بن الْمُؤَيد الْحَارِثِيّ من بني الْحَارِث بن عبد المدان النجراني الأَصْل الخباني نِسْبَة إِلَى خبان بِضَم الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة وَاد قريب تعز الْحَنَفِيّ. ولد فِي ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بقرية مصنعة بِفَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الصَّاد وَفتح النُّون من وَادي خبان وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَأخذ فِيهَا الْفَرَائِض والنحو عَن عبد الله الخباني وَبحث المقامات وَشَرحهَا للمسعودي ومقصورة ابْن دُرَيْد فِي دمث على مُحَمَّد الْمعلم. وَحج غير مرّة أَولهَا فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ. وَقدم الْقَاهِرَة قبيل الْخمسين صُحْبَة الْحَاج فبحث المطول وَكَذَا فِي الْمنطق على التقي الحصني وَأخذ فقه الْحَنَفِيَّة عَن الْبُرْهَان الْهِنْدِيّ وَالْأُصُول عَن الشَّمْس الكريمي السَّمرقَنْدِي. ولازم الْمَشَايِخ والاشتغال فِي فنون الْعلم، وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين. ونظم الشّعْر الْحسن ومدح الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ بقصيدة رائة مِنْهَا:
(هُوَ السِّرّ فِي صدر الزَّمَان فلذ بِهِ
…
فَمَا أحسن الصَّدْر الَّذِي يكتم السرا)
ثمَّ سَافر إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَالشَّام ودام بهَا. مَاتَ تَقْرِيبًا نَحْو السِّتين ذكره البقاعي ورماه بِأَنَّهُ زيدي فَالله أعلم. مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْبَدْر بن الْجمال الْأَذْرَعِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَعَمه الإِمَام الشهَاب أَحْمد. ولد فِي ربيع الأول سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن، وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَسمع بهَا رفقا للخيضري على الْمُحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ فِي النَّسَائِيّ وعَلى الْبَدْر بن روق الْعلم للمرهبي وعَلى شَيخنَا فِي آخَرين، وقطنها وقتا وتكسب بسوق الهرامزة وَحج غير مرّة.
وَكَانَت وَفَاته بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد أَن حدث بِالْقَاهِرَةِ بعض المبتدئين. مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن فَرِحُونَ وبخط ابْن عزم مَرْوَان ابْن عبد الحميد بن رَحْمَة بن زيد بن تَمام بن جَعْفَر الْبَدْر بن القطب الْقرشِي البهنسي المهلبي الشَّافِعِي وَالِد الولوي أَحْمد وَعبد الله. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع من الزبير الأسواني الشفا لعياض وَمن وَالِده وخليل الْمَالِكِي وَعمر بن مُحَمَّد النويري والعز بن جمَاعَة وَأحمد بن)
الرضى الطَّبَرِيّ وَآخَرين، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء
روى عَنهُ التقي بن فَهد، وَله ذكر فِي وَلَده أَحْمد من معجمي. مَاتَ سنة خمس. مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن الْمَوَّاز. مَاتَ فَجْأَة فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ عَن نَحْو السِّتين، ذكره المقريزي فِي عقوده وَقَالَ: كَانَ دينا صَاحب نسك وتجرد وتقلل من الدُّنْيَا مَعَ عصبية ومروءة ومحبة فِي الحَدِيث وَأَهله وَاتِّبَاع للسّنة وَأَنه رأى لَهُ بعد مَوته مناما فِيهِ أَنه سلم من عَذَاب الْقَبْر. مُحَمَّد بن عبد الله بن حُسَيْن الْجمال أَبُو عبد الله بن الْعَفِيف الحسني الْيَمَانِيّ حفيد الْبَدْر الأهدل وَابْن عَم حُسَيْن بن صديق، سمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ أَشْيَاء. وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسافر مِنْهَا إِلَى الصَّعِيد فَحصل رزيقا ثمَّ عَاد، وَنعم الرجل خيرا وسكونا وتقنعا ثمَّ لَقِيَنِي بِمَكَّة أَيْضا فِي سنة أَربع وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عبد الله بن حُسَيْن الشَّمْس النويري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي جد الْبَدْر النويري لأمه. ذكر لي سبطه أَنه حفظ الشاطبية والتنبيه وَغَيرهمَا وَأَنه تَلا بالسبع، وَكَانَ متميزا يقرئ القراآت وَالْفِقْه. وَمَات فِي سنة سِتِّينَ عَن نَحْو الْمِائَة فَالله أعلم. مُحَمَّد بن عبد الله بن حمود الشَّمْس الطنبدي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بطنبد بلد كَبِير من أَعمال البهنسا من الْقَاهِرَة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والبيضاوي وألفية ابْن ملك اخذ الْفِقْه والعقليات عَن قَرِيبه الْبَدْر الطنبدي ولازمه حَتَّى مَاتَ وَكَذَا أَخذ عَن الشهَاب بن الْعِمَاد وقنبر العجمي والدميري والجلال البُلْقِينِيّ وَآخَرين وَسمع الْعِرَاقِيّ والهيثمي، وَكَانَ خيرا متقشفا مُفِيدا متواضعا لَا يأنف الاستفادة مِمَّن دونه. مَاتَ على مَا تحرر قريب السِّتين. مُحَمَّد بن عبد الله بن خَلِيل بن أَحْمد بن عَليّ بن حسن الشَّمْس البلاطنسي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. ولد فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة ببلاطنس وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على جمَاعَة مِنْهُم عمر بن الْفَخر المغربي، ونزح عَنْهَا فِي طلب الْعلم فَأخذ الْفِقْه بطرابلس عَن الشَّمْس بن زهرَة وبحماة عَن النُّور بن خطيب الدهشة وبدمشق عَن التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَعنهُ أَخذ الْأُصُول أَيْضا وَعَن الْأَخيرينِ أَخذ الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذهَا بجيلة عَن الشهَاب أَحْمد المغربي وبطرابلس عَن الشهَاب أَحْمد المغربي وبطرابلس عَن الشهَاب بن يهودا وبدمشق عَن الْعَلَاء)
القابوني، ولازم الْعَلَاء البُخَارِيّ فِي المطول وَغَيره وَأخذ عَنهُ رسَالَته الفاضحة وَغَيرهَا بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه علما وَعَملا، وَأَقْبل على كتب الْغَزالِيّ حَتَّى كَاد يحفظ غَالب الْأَحْيَاء، والمنهاج وَقَرَأَ على الشهَاب بن الْبَدْر الصَّحِيحَيْنِ بطرابلس وعَلى ابْن نَاصِر الدّين غَالب التِّرْمِذِيّ
وَكَذَا سمع الْيَسِير جدا على شَيخنَا لَا عَن قصد كَمَا صرح بِهِ لحرمانه وعَلى الزين عمر الْحلَبِي وَلكنه لم يكثر من ذَلِك بل وَلَا من غَيره من الْفُنُون إِلَّا أَن شَيْخه الْعَلَاء كَانَ يمِيل إِلَيْهِ ويقدمه على غَيره من طلبته فراج أمره خُصُوصا وَقد اقْتدى بِهِ فِي أَكثر أَفعاله وأقواله حَتَّى فِي تقبيح ابْن عَرَبِيّ وَمن نحا نَحوه بل وَفِي الْحَط على التقي بن تَيْمِية وَأَتْبَاعه وَأكْثر الْحَنَابِلَة مَحْض تَقْلِيد، مَعَ ملازمته لِلْعِبَادَةِ وحثه على التقنع والزهادة وحرصه على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بِحَيْثُ لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَلَا يهاب أحدا بل يَقُول اعلحق ويصدع بِهِ الْمُلُوك والنواب والأمراء ويقنع الْجَبَابِرَة وَنَحْوهم، فَصَارَ بذلك إِلَى مَحل رفيع ونفذت أوامره وَقبلت شفاعاته فازدحم لذَلِك عِنْده أَرْبَاب الْحَوَائِج وَلم يتَخَلَّف عَن إغاثة الملهوفين وإكرام كثير من الغرباء والوافدين سِيمَا أهل الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ يجبي من زكوات ذَوي الْيَسَار مَا يفرقه عَلَيْهِم وَكَذَا صنع مَعَ البقاعي حَيْثُ ساعده فِي عمَارَة خَان الفندق بالزبداني وَمَعَ ذَلِك فَلم يسلم من أَذَاهُ وراسله بالمكروه كَمَا هُوَ دأبه وَلَو تَأَخّر يَسِيرا لزاد الْأَمر بَينهمَا على الْوَصْف وتصدى مَعَ ذَلِك للتدريس والإفتاء فَأخذ عَنهُ جمَاعَة كَثِيرُونَ من أهل دمشق والقادمين إِلَيْهَا قصدا للتجوه بالانتساب إِلَيْهِ، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ النَّجْم بن قَاضِي عجلون بل حفظ مُخْتَصره لمنهاج العابدين وَهُوَ فِي كراسين، وناب عَن الْبَهَاء بن حجي فِي تدريس الشامية البرانية بعد الْعَلَاء بن الصَّيْرَفِي ثمَّ عَن وَلَده النَّجْم وَحضر عِنْده فِيهِ شَيْخه التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَولده الْبَدْر والتقي الْأَذْرَعِيّ وَمن شَاءَ الله مِمَّن لَا يتَوَقَّف أَن فيهم من هُوَ أفضل مِنْهُ. وَقَالَ التقي إِنَّه وَإِن كَانَ دينا عَالما فقد استنكر النَّاس هَذَا لكبر المنصب بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَلَكِن قد آل الزَّمَان إِلَى فَسَاد عَظِيم وَعدم الْتِفَات لمراعاة مَا كَانَ النَّاس عَلَيْهِ انْتهى. وَكَذَا نَاب فِي تدريس الناصرية عَن الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ بعد ابْن قَاضِي شُهْبَة وَحج غير مرّة وجاور وَقَرَأَ عَلَيْهِ هُنَاكَ الْبُرْهَان بن ظهيرة وَابْن أبي الْيمن وَآخَرُونَ، وَكَانَ قدومه لدمشق فِي سنة سبع وَعشْرين بعد أَن أفتى فِي بِلَاده وَخرج مِنْهَا فِي قَضِيَّة أَمر فِيهَا بِالْمَعْرُوفِ. وَله من التصانيف سوى مَا تقدم شرح مُخْتَصره الْمَاضِي ذكره وَهُوَ فِي مُجَلد)
لطيف دون عشرَة كراريس والباعث على مَا تجدّد من الْحَوَادِث فِي كراسين قرضه لَهُ جمَاعَة مِنْهُم الْعلم البُلْقِينِيّ والجلال الْمحلى والْعَلَاء القلقشندي والشرف الْمَنَاوِيّ حِين قدومه الْقَاهِرَة وجرد حَاشِيَة الشهَاب بن هِشَام على التَّوْضِيح فِي مُجَلد انْتفع بِهِ الْفُضَلَاء وَله فَتَاوَى طنانه فِيهَا مَا يستحسن ووقائع يطول شرحها، وَهُوَ الْقَائِم على أبي الْفَتْح الطَّيِّبِيّ حِين
ولي كِتَابَة بَيت المَال بِدِمَشْق وَقدم سَببه الْقَاهِرَة خوفًا من معاكسة مخدومه أبي الْخَيْر النّحاس وَصعد إِلَى الظَّاهِر فَأكْرمه وصادف ذَلِك ابْتِدَاء انخفاض النّحاس فَاقْتضى ذَلِك ظُهُور ثَمَرَة مَجِيئه بل عرض عَلَيْهِ الظَّاهِر مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس فَأبى كَمَا أَنه أَبى قَضَاء دمشق حِين عرض عَلَيْهِ، وَلم يزل أمره فِي ازدياد وحرمته وشهرته مستفيضة بَين الْعباد إِلَى أَن حج فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ ورام الْمُجَاورَة بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة فَمَنعه مَا كَانَ يَعْتَرِيه من وجع فِي بَاطِنه وَلم يزل بِهِ ذَلِك الوجع حَتَّى مَاتَ بعد رُجُوعه بِيَسِير فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس عشري صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد وَكَانَت جنَازَته حافلة بِحَيْثُ قيل أَنه لم ير فِي هَذَا الْقرن بِدِمَشْق نظيرها وَحمل نعشه على الْأَصَابِع وَكَانَ ذَلِك زمن الشتَاء فَلَمَّا حمل نعشه أمْطرت فَلَمَّا وضع سكن الْمَطَر، وَعظم تأسف الْعَامَّة وَكثير من الْخِيَار عَلَيْهِ رحمه الله وسامحه وإيانا وَقد لَقيته بمشهد الإِمَام عَليّ فِي الْجَامِع الْأمَوِي مَحل إِقَامَته وَكَذَا بِمَكَّة وَلست أعلم فِيهِ مَا يعاب إِلَّا منابذته للحنابلة والمحدثين وَشدَّة تعصبه فِي أُمُور كَثِيرَة رُبمَا تخرجه عَن الطّور المتخلق بِهِ وَلما اجْتمعت بِهِ بِدِمَشْق وَسمعت مِنْهُ تصريحه بِرُجُوعِهِ عَن الرِّوَايَة عَن ابْن نَاصِر الدّين سَأَلته عَن سَببه فَلم أر مِنْهُ إِلَّا مُجَرّد عناد وتعصب وَكَذَا رَأَيْت مِنْهُ نفرة عَن شَيخنَا سَببهَا فِيمَا يظْهر تقريضه مُصَنف أَولهمَا فِي الِانْتِصَار لِابْنِ تَيْمِية وَقد كتب لناظر الْخَاص مطالعة فِيهَا حط زَائِد على الخيضري ومبالغة تَامَّة، بل حكى لي صاحبنا السنباطي أَنه سمع مِنْهُ بِمَكَّة قَوْله: قد مَاتَ ابْن حجر وَمَا بَقِي إِلَّا الترحم عَلَيْهِ فالمحدثون يقطعون ويحذفون أَو كَمَا قَالَ نسْأَل الله السَّلامَة والتوفيق وَقد تَرْجَمته فِي معجمي وَغَيره بأطول من هَذَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ للشام بِهِ جمال. مُحَمَّد بن عبد الله بن زَكَرِيَّا اليمني البعداني بموحدة ثمَّ مهملتين وَآخره نون بَلْدَة من مخلاف جَعْفَر بِالْيمن الشَّافِعِي نزيل الْحَرَمَيْنِ. قَالَ الفاسي: كَانَ خيرا صَالحا مؤثرا منور الْوَجْه كثير الْعِبَادَة لَهُ إِلْمَام بالفقه والتصوف، جاور بالحرمين نَحْو ثَلَاثِينَ سنة على طَريقَة)
حَسَنَة من الْعِبَادَة وَسَمَاع الحَدِيث والاشتغال بِالْعلمِ وتمشيخ على الْفُقَرَاء برباط دكالة بِالْمَدِينَةِ وعمره بِمَال سعى فِيهِ عِنْد بعض بني الدُّنْيَا. وَبهَا توفّي فِي الْعشْر الْأَخير من ذِي الْحجَّة سنة عشر وَدفن بِالبَقِيعِ وَهُوَ فِي عشر السِّتين، وَكَانَ من وُجُوه أهل بعدان أَصْحَاب الشَّوْكَة بهَا وَذكره المقريزي فِي عقوده رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أبي بكر بن سعد
القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة ووالد سعد وَإِخْوَته وَيعرف بِابْن الديري نِسْبَة لمَكَان بمردا من جبل نابلس. ولد بعد الْأَرْبَعين وَسَبْعمائة وعينه فِي دفعات بِسنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وثمان وَكَانَ يَقُول إِن سَببه اخْتِلَاف قَول أَبَوَيْهِ عَلَيْهِ فِيهِ. قَالَ شَيخنَا: وحقق لي أَنه يذكر أَشْيَاء وَقعت فِي اللطاعون الْعَام سنة تسع وَأَرْبَعين وَجزم بَعضهم بِأَنَّهُ سنة أَربع. وَقَالَ ابْن مُوسَى الْحَافِظ أَنه فِي يَوْم السبت عَاشر الْمحرم سنة ثَمَان وَنَحْوه للمقريزي، وَكَانَ أَبوهُ تَاجِرًا فحبب إِلَيْهِ هُوَ الْعلم وَحفظ الْقُرْآن وعدة متون فِي فنون وَأَقْبل على الْفِقْه وَعمل فِي غَيره من الْفُنُون وَأخذ عَن جمَاعَة، ثمَّ رَحل إِلَى الشاعم وَأخذ عَن علمائها وَكَانَ دُخُوله لَهَا وَهِي ممتلئة من المسندين أَصْحَاب الْفَخر ابْن البُخَارِيّ وَغَيره فَمَا تهَيَّأ لَهُ السماع من أحد مِنْهُم، وَكَذَا قدم الْقَاهِرَة غير مرّة واشتهرت فضائله سِيمَا فِي مذْهبه، وَتقدم فِي بَلَده حَتَّى صَار مفتيها والمرجوع إِلَيْهَا فِيهَا وَعقد مجَالِس الْوَعْظ وناظر الْعلمَاء، وَمهر فِي الْفُنُون وَكتب الْخط الْحسن وَكَانَت لَهُ أَحْوَال مَعَ الْأُمَرَاء وَغَيرهم يقوم فِيهَا عَلَيْهِم وَيَأْمُرهُمْ بكف الظُّلم بِحَيْثُ اشْتهر ذكره. فَلَمَّا مَاتَ نَاصِر الدّين بن العديم فِي سنة تسع عشرَة استدعى بِهِ الْمُؤَيد وَقَررهُ فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِالْقَاهِرَةِ فباشره بشهامة وصرامة وَقُوَّة نفس وَحُرْمَة وافرة وعفة زَائِدَة غير ملتفت لرسالة كَبِير فضلا عَن صَغِير بل كَانَ مَعَ الْحق حَيْثُ كَانَ. ويحكى أَن امْرَأَة رفعت لَهُ قصَّة فِيهَا أَن السُّلْطَان تزَوجهَا قَدِيما وَلها عَلَيْهِ حق فَكتب عَلَيْهَا عَاجلا يحضر أَو وَكيله ثمَّ أرسلها مَعَ بعض رسله فَأعلمهُ بذلك بِغَيْر احتشام فسر وَأرْسل طواشيه وخازنداره مرجان الْهِنْدِيّ بعد أَن وَكله إِلَى القَاضِي يُصَالح الْمَرْأَة بمبلغ لَهُ وَقع، وَأَعْلَى من هَذَا أَنه بلغه أَن الْهَرَوِيّ قَاضِي الشَّافِعِيَّة تصرف فِيمَا كَانَت تَحت يَده بِغَيْر طَرِيق فَبعث إِلَى نوابه بمنعهم من الحكم بِمُقْتَضى ثُبُوت فسق مستنيبهم وهددهم إِن خالفوه فكفوا بأجمعهم بل لما اجْتَمعُوا عِنْد السُّلْطَان حكم بِمَنْعه من الْفَتْوَى وعزله فِي مَجْلِسه)
فَلم يَسعهُ إِلَّا إمضاءه فِي أَشْيَاء من نمطهما ثمَّ أَنه انمزج مَعَ المصريين وياسر النَّاس سِيمَا كَاتب السِّرّ نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ فَكَانَ منقادا لَهُ فِيمَا يرومه وَلذَا لما كملت عمَارَة المؤيدية أَشَارَ على السُّلْطَان بتقريره فِي مشيختها تدريسا وتصوفا فَفعل بعد أَن كَانَ عين لَهَا الْبَدْر بن الأقصرائي وَظن ابْن الديري استمراره فِي الْقَضَاء فَلَمَّا قَرَّرَهُ فِي المشيخة قَالَ لَهُ بِحَضْرَة الْجَمَاعَة: الْآن اسْتَرَحْنَا واسترحت، يُشِير بذلك إِلَى كَثْرَة الشكاوي من الْأُمَرَاء وَنَحْوهم فِيهِ وَقرر عوضه فِي الْقَضَاء الزين التفهني وَذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. وَلم يسهل بِهِ ذَلِك بل ظهر عَلَيْهِ الأسف وَكَانَ بعد إلقائه دروسا فِيهَا بِحَضْرَة السُّلْطَان يجلس كل لَيْلَة فِيمَا بَين صَلَاتي الْمغرب وَالْعشَاء بمحرابها وَيعلم النَّاس وَيذكرهُمْ ويفقههم فَلَمَّا كَانَ فِي سنة سبع وَعشْرين خيل إِلَيْهِ أَن السُّلْطَان يلْزمه بِحُضُور الحَدِيث بالقلعة ويجلسه تَحت الْهَرَوِيّ فسافر فِي رجبها إِلَى بَلَده لزيارة أَهله ثمَّ أَرَادَ الْعود فِي شوالها فعاقه التوعك ثمَّ أفْضى بِهِ إِلَى الإسهال فَمَاتَ بِهِ يَوْم عَرَفَة مِنْهَا وَكَانَ يأسف على فِرَاقه وَيَقُول سكنته أَكثر من خمسين سنة ثمَّ أَمُوت فِي غَيره فقدرت وَفَاته فِيهِ وَقد قَارب التسعين كَمَا قرأته بِخَط الْعَيْنِيّ مَعَ نقل شَيخنَا أَنه زَاد على التسعين، قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، قَالَ فِي الإنباء: وَكَانَ كثير الازدراء بِأَهْل عصره لَا يظنّ أَن أحدا مِنْهُم يعرف شَيْئا مَعَ دَعْوَى عريضة وَشدَّة إعجاب يكَاد يقْضِي الْمجَالِس بالثناء على نَفسه مَعَ شدَّة التعصب لمذهبه والحط على مَذْهَب غَيره. وَقَالَ فِي رفع الأصر: وَمهر فِي مذْهبه واشتهر بِقُوَّة الْجنان وطلاقة اللِّسَان وَالْقِيَام فِي الْحق وَكَانَ حسن الْقَامَة مهاب الْخلقَة. وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه كَانَ حسن التَّذْكِير كثير الْمَحْفُوظ وَلكنه لم يطْلب الحَدِيث بل قَالَ لي غير مرّة اشْتغل فِي كل فن إِلَّا فِي الحَدِيث ولازم التَّاج أَبَا بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْأمَوِي الْمَقْدِسِي القَاضِي الشَّافِعِي وَسمع عَلَيْهِ ثلاثيات البُخَارِيّ بِسَمَاعِهِ على الْملك لَا وحد أنابه ابْن الزبيدِيّ. وَلما قدم الْقَاهِرَة حدث بِالصَّحِيحِ كُله عَنهُ سَمَاعا ثمَّ حدث عَنهُ بِصَحِيح مُسلم وَذكر لي أَنه سمع من الْمَيْدُومِيُّ وَلم نجد مَا يدل على ذَلِك. وَقد أجَاز فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد وَحَضَرت دروسه وَسمعت من فَوَائده الْكثير. قلت: وَقد أَخذ عَنهُ الْأَئِمَّة مِنْهُم وَلَده سعد وَابْن مُوسَى الْحَافِظ وَقَالَ إِنَّه ذكر لَهُ أَن الْمَيْدُومِيُّ أجَاز لَهُم وَأَنَّهُمْ كاوا يأخذوه مَعَ الْأَطْفَال من المكاتيب بالقدس فَيسمع مَعَهم عَلَيْهِ وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ الأبي وَفِي الْأَحْيَاء من سمع مِنْهُ. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما فَاضلا)
رَأْسا فِي مبذهبه متخلقا بأخلاق أهل التصوف أدْرك عُلَمَاء كَثِيرَة فِي مصر وَالشَّام وَبَيت الْمُقَدّس وعاشر صلحاء كثيرين لِأَن بَيت الْمُقَدّس كَانَ محط الْعلمَاء والصلحاء. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده: صحبته سِنِين وقرأت عَلَيْهِ قِطْعَة من البُخَارِيّ وَكَانَ مفوها مكثارا جم الْمَحْفُوظ شَدِيد التعصب لمذهبه منحرفا عَن من خَالفه يجلس كل لَيْلَة فِيمَا بَين صَلَاتي الْمغرب وَالْعشَاء بالمحراب يعلم النَّاس وَيذكرهُمْ ويفتيهم انْتهى. وَكَانَ شَيخا أَبيض اللِّحْيَة نيرها جَهورِي الصَّوْت فصيح الْعبارَة مليح الشكل رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد الشَّمْس الكلبشاوي الْخَطِيب مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ. مُحَمَّد بن عبد الله بن سَلام الدِّمَشْقِي أَخُو عَلَاء الدّين وَهُوَ الْأَصْغَر.
مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث بعد انْفِصَال التمرية قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان الْعِزّ الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أحد النواب مِمَّن اشْتغل ولازم الْعلم البُلْقِينِيّ وَعمل التوقيع بِبَابِهِ فَمَنعه الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَأثبت شَيْئا فِي تَرِكَة ابْن حجي، وَكَاد أزبك الظَّاهِرِيّ الْإِيقَاع بِهِ فاختفى وَكَانَ ذَلِك سَببا لهجر يحيى بن حجي مجْلِس مستنيبه وإقباله على الْمَنَاوِيّ. مُحَمَّد بن عبد الله بن شاه خَان الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْجمال الْحلَبِي المنشأ الدِّمَشْقِي الاستيطان الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالعذول بِفَتْح الْمُهْملَة وَضم الْمُعْجَمَة وَآخره لَام.
ولد بعيد الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة. وانتقل مِنْهَا وَهُوَ طِفْل مَعَ أَبِيه إِلَى حلب ثمَّ لدمشق وَأخذ فِيهَا السلوك عَن نَاصِر الدّين بن البيطار، وَدخل الْقَاهِرَة فلقي فِيهَا شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيرهمَا وَفِي مصثر الْمُحب الفيومي الْمصْرِيّ قَارِئ الحَدِيث بجامعها الْعمريّ والبهاء بن الْقطَّان والجلال الْبكْرِيّ وَأقَام بهَا نَحْو أَربع سِنِين وَأخذ عَن بَعضهم فِي آخَرين وَدخل دمياط وَغَيرهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَصَحب السَّيِّد الْمُحب ابْن أخي التقي الحصني وَغَيره من السادات، وَحج غير مرّة ثمَّ قطن مَكَّة وَكَانَ يحضر دروس القَاضِي وأخيه بهَا والجمالي ويعقد مجْلِس الذّكر وقتا وَرُبمَا أَفَادَ بعض المريدين لأنسه بِأَبْوَاب الْعِبَادَات وَنَحْوهَا ومراجعته فِي كثير مِمَّا يروم التفقه فِيهِ وَلما كنت بِمَكَّة لازمني فِي كثير مِمَّا أَخذ عني ومني رِوَايَة ودراية وَزَاد اغتباطه بذلك وَرُبمَا اشْتغل فِي أصُول الدّين وَغَيره، وَقد كتبت لَهُ إجَازَة حَسَنَة فِي التَّارِيخ الْكَبِير بَعْضهَا ولكثيرين فِيهِ اعْتِقَاد بل كَانَ كل من الْبُرْهَان وحسين ابْني)
قاوان يمِيل إِلَيْهِ مَعَ غَيرهمَا من ذَوي الْيَسَار، ثمَّ تضعضع حَاله وَلكنه نعم الرجل متجمل كثير الطّواف وَالْعِبَادَة وَالرَّغْبَة فِي الْخَيْر. مُحَمَّد بن عبد الله بن شوعان الزبيدِيّ الْحَنَفِيّ. انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي مذْهبه بِبَلَدِهِ، ودرس وَأفَاد. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عبد الله بن صَالح ذُو النُّون الْغَزِّي الصَّالِحِي، ذكره شَيخنَا فِي فَوَائِد الرحلة الآمدية، وَقَالَ إِنَّه لقِيه بالمخيم بِظَاهِر غَزَّة، وَذكر لَهُ أَنه ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَأَنه سمع الصَّحِيح من القَاضِي نور الدّين على ابْن خلف بن كَامِل الْغَزِّي قاضيها الْمُتَوفَّى فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَمن السلاوي. قَالَ شَيخنَا: وَأَجَازَ لي ولأولادي وأحفادي.
قلت: وَمَات فَجْأَة فِي سنة أَرْبَعِينَ وَكَانَ حسن الذِّهْن جيد القريحة مَشْهُورا بِكَثْرَة الْأكل والإفراط فِيهِ وَله نَوَادِر فِي لطف الْعباد وَحسن الْعشْرَة مَعَ تحمل المشاق فِي قَضَاء حوائج إخوانه ومحافظة
عل الدّين قولا وفعلا ومبالغته فِي النَّصِيحَة لخلق الله، وتكسب وقتا بِبيع الْكَتَّان. فِي بعض الحوانيت فَكَانَ عجبا فِي النصح رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن صَدَقَة الشَّمْس السفطي الْبُحَيْرِي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَيعرف بِأبي سعدة بِضَم الْمُهْملَة. مَاتَ فِي لَيْلَة السبت منتصف ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة بعد تعلله مُدَّة بالبطن وَغَيره. وتنزل بالبيمارستان ثمَّ تحول مِنْهُ لبيت أَخ لَهُ ببولاق فَكَانَت بِهِ منيته فَنقل إِلَى البردبكية برحبة الأيدمري مَحل سكنه فَغسل بهَا ثمَّ صلي عَلَيْهِ وَدفن فِي حوش الشَّيْخ عبد الله المنوفي، وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن والشاطبية والمختصر الفرعي وألفية النَّحْو والْحَدِيث وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة واشتغل فِي الْفِقْه والعربية على العلمي وَأبي الْجُود فِي آخَرين وَجمع للسبع وَقَرَأَ على الديمي ثمَّ تردد إِلَى قَلِيلا وَأخذ عني طرفا من الِاصْطِلَاح بل سمع كثيرا مِمَّا قرأته للْوَلَد على بقايا الشُّيُوخ، وَكَانَ يضْبط الْأَسْمَاء بِدُونِ تَمْيِيز وَلَا أَهْلِيَّة وَلَا تثبت وَحج وجاور بِمَكَّة أشهرا وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس بل دخل الشَّام وحلب وَأخذ عَن جمَاعَة بهَا كَابْن مقبل خَاتِمَة أَصْحَاب الصّلاح ابْن أبي عمر ولازم قِرَاءَة البُخَارِيّ على الْعَامَّة بالأزهر فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة مَعَ المداومة على سبع عرف بِهِ وَحصل كتبا نفيسة كَانَ سَمحا بعاريتها وَتردد لبَعض المباشرين وَرُبمَا أَقرَأ مَعَ توقف فاهمته، وَأَظنهُ قَارب الْأَرْبَعين رحمه الله وإيانا.)
مُحَمَّد بن عبد الله بن طيمان سنة خمس عشرَة وَأَظنهُ. مُحَمَّد بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة بن مَرْزُوق بن
مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْجمال أَبُو حَامِد بن الْعَفِيف الْقرشِي المَخْزُومِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف كأبيه بِابْن ظهيرة وَأمه مَرْيَم ابْنة السلامى. ولد لَيْلَة عيد الْفطر سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَسمع بهَا الْمُوَطَّأ على الشَّيْخ خَلِيل الْمَالِكِي وَهُوَ أقدم من سمع عَلَيْهِ وَمن التقي الْحرَازِي وَمُحَمّد بن سَالم الْحَضْرَمِيّ والعز بن جمَاعَة والموفق الْحَنْبَلِيّ وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِمَا جُزْء ابْن نجيد، واليافعي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي وَأحمد بن سَالم الْمُؤَذّن والكمال بن حبيب وَمِمَّا سَمعه مِنْهُ سنَن ابْن ماجة ومعجم ابْن قَانِع فِي آخَرين من أَهلهَا والقادمين إِلَيْهَا ورحل فَسمع بِمصْر من أبي الْفرج ابْن الْقَارِي والحراوي والبهاء بن خَلِيل وبدمشق من ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر والبدر بن قواليح والبرهان بن فلاح السكندري وَابْن النَّجْم وببعلبك من أَحْمد بن عبد الْكَرِيم البعلي وَخلق بهَا وبغيرها كحمص وحماة وحلب وَبَيت الْمُقَدّس واسكندرية، وَأَجَازَ لَهُ الجم الْغَفِير كالعلائي وَسَالم بن ياقوت يجمع الْجَمِيع مُعْجَمه تَخْرِيج الصّلاح الأقفهسي وَكَذَا جمع لَهُ فهرستا التقي بن فَهد وَحصل الْأَجْزَاء والنسخ وَالْأُصُول وَلم يقْتَصر على الرِّوَايَة بل اجْتهد فِي غُضُون ذَلِك فِي الْعُلُوم فَتلا بالسبع على التقي الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وتفقه بِبَلَدِهِ على عَمه الشهَاب بن ظهيرة وَالْقَاضِي أبي الْفضل)
النويري وَالْجمال الأميوطي والبرهان الأبناسي والزين الْعِرَاقِيّ وبالقاهرة على أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ والبلقيني وَابْن الملقن وبدمشق على الْعِمَاد الحسباني وبحلب على الْأَذْرَعِيّ فِي آخَرين بهَا ولازم مِنْهُم عَمه وَأَبا الْفضل مُلَازمَة تَامَّة بِحَيْثُ ان جلّ انتفاعه بهم وَصَحب أَبَا الْبَقَاء لدمشق وَأخذ عَنهُ غير الْفِقْه من فنون الْعلم وَأخذ الْعَرَبيَّة بِبَلَدِهِ عَن أبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي وبالقاهرة عَن البُلْقِينِيّ وبدمشق عَن أبي الْعَبَّاس العنابي تلميذ أبي حَيَّان وَأذن لَهُ جلهم وَكَذَا الْجمال مُحَمَّد بن عبد الله الريمي شيخ الشَّافِعِيَّة بِالْيمن فِي الْإِفْتَاء والتدريس والعنابي وَابْن عبد الْمُعْطِي فِي الْعَرَبيَّة بل أذن لَهُ البُلْقِينِيّ أَيْضا فِيهَا وَفِي أصُول الْفِقْه والْحَدِيث والعراقي فِي الحَدِيث وَرَأَيْت بِخَطِّهِ على نُسْخَة من شَرحه للألفية أَنه أَخذه عَنهُ مَا بَين قِرَاءَة وَسَمَاع مَالِكه الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْمُحدث الْمُفِيد الأوحد جمال الدّين نفع الله بفوائده قَالَ وأذنت لَهُ أحسن الله إِلَيْهِ أَن يقرئ ذَلِك ويفيده وَمَا شَاءَ من الْكتب المصنفة فِي ذَلِك لوثوقي بِحسن تصرفه وجودة فهمه نفع الله بِهِ وَكثر أَمْثَاله، وَلم يؤرخ ذَلِك، وَصَارَ كثير الاستحضار للفقه مَعَ التميز فِي الحَدِيث متا وإسنادا ولغة وفقها وَمَعْرِفَة حَسَنَة بِالْعَرَبِيَّةِ ومشاركة جَيِّدَة فِي غَيرهَا من فنون الْعلم ومذاكرة بأَشْيَاء مستحسنة من التَّارِيخ وَالشعر بِحَيْثُ انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الشَّافِعِيَّة بِبَلَدِهِ ولقب عَالم
الْحجاز، وتصدى لنشر الْعلم بعد السّبْعين ودرس وَأفْتى كثيرا وَقد بالفتاوى. من بِلَاد الْيمن وزهران والطائف وَإِلَيْهِ وَأقَام فِي نشر الْعلم نَحْو أَرْبَعِينَ سنة وازدحم الطّلبَة من أهل بَلَده والقادمين لَهَا ورحلوا إِلَيْهِ وانتفعوا بِهِ وَكَذَا حدث بالكثير من مروياته بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَغَيره أَخذ عَنهُ الْأَئِمَّة، وروى لنا عَنهُ جمَاعَة بل فِي الْأَحْيَاء من سمع مِنْهُ، وَكتب بِخَطِّهِ الدَّقِيق الْحسن الْكثير وَشرح قطعا مُتَفَرِّقَة من الْحَاوِي الصَّغِير حرر مِنْهَا من البيع إِلَى الْوَصَايَا وَله أجوبة مفيدة عَن مسَائِل وَردت عَلَيْهِ من زهران فِي كراريس وَأُخْرَى عَن مسَائِل ج من عدن مَعَ تعاليق وفوائد وَشعر حسن وضوابط نظما ونثرا وأسئلته للبلقيني دَالَّة على بَاعَ متسع فِي الْعلم وَخرج لنَفسِهِ جُزْءا أَوله المسلسل وَآخر فِيمَا يتَعَلَّق بزمزم وَولي مُبَاشرَة فِي الْحرم وتدريس درس بشير الجمدار وَكَذَا تصديرين فِيهِ وتدريس المجاهدية والبنجالية وَفِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة قَضَاء مَكَّة وخطابتها وَنظر الْحرم والأوقاف والربط والحسبة والأيتام عوضا عَن الْعِزّ النويري وانفصل عَن ذَلِك غير مرّة كَمَا بَين ذَلِك كُله التقي الفاسي وَقَالَ: كَانَ ذَا حَظّ عَظِيم من)
الْخَيْر وَالْعِبَادَة والعفاف والصيانة وَمَا يدْخل تَحت يَده من الصَّدقَات يصرفهُ فِي غَالب النَّاس وَإِن قل. وَقَالَ أَنه سمع وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكثير وَأذن لَهُ فِي التدريس فِي علم الحَدِيث وَأَنه كَانَ يتفضل بِكَثِير من الثَّنَاء بِمَا اكتسبناه من صِفَاته الْحسنى وَقد سمعنَا مِنْهُ بِبِلَاد الْفَرْع وَنحن متوجهون فِي خدمته لزيارة الحضرة النَّبَوِيَّة وَمَا أطيب تِلْكَ الْأَوْقَات وَللَّه در الْقَائِل:
(وَتلك اللَّيَالِي الماضيات خلاعة
…
فَمَا غَيرهَا بِاللَّه فِي الْعُمر يحْسب)
وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: وَكَانَت لَهُ عبَادَة وأوراد لَا يقطعهَا مَعَ وقار وَسُكُون وسلامة صدر قَالَ وَهُوَ أول من بحثت عَلَيْهِ فِي علم الحَدِيث وَذَلِكَ فِي مجاورتنا بِمَكَّة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَنا ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة، كنت أَقرَأ عَلَيْهِ فِي عُمْدَة الْأَحْكَام ثمَّ كَانَ أول من سَمِعت بقرَاءَته الحَدِيث فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا بِمصْر، ثمَّ سَمِعت من لَفظه وَأَجَازَ فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد وعلقت عَنهُ فَوَائِد وناولني مُعْجَمه وَأذن لي فِي رِوَايَته وَكَانَ شَدِيد الِاغْتِبَاط بِي وَنَحْوه فِي إنبائه، وَذكره ابْن قَاضِي شُهْبَة وَابْن خيطب الناصرية وسَاق عَن الْبُرْهَان الْحلَبِي عَن الشّرف أبي بكر خطيب مرعش عَنهُ من نظمه قصيدة نبوية لامية بل سَاق عَنهُ الْبُرْهَان بِلَا وَاسِطَة قَوْله فِي ضبط الْمسَائِل الَّتِي يُزَوّج فِيهَا الْحَاكِم:
(عدم الْوَلِيّ وفقده ونكاحه
…
وكذاك غيبته مَسَافَة قَاصِر)
(وكذاك إِغْمَاء وَحبس مَانع
…
أمة لمحجور تواني الْقَادِر)
(إِحْرَامه وتعزز مَعَ عضله
…
إِسْلَام أم الْفَرْع وَهِي لكَافِر)
قَالَ الْبُرْهَان وأعجب قَوْله: إِسْلَام أم الْفَرْع وَهِي لكَافِر شَيخنَا البُلْقِينِيّ إعجابا عَظِيما وَبَالغ فِي استحسانه. وَقَالَ غَيره: كَانَ إِمَامًا عَلامَة حَافِظًا متقنا مفننا فصيحا صَالحا خيرا ورعا دينا متواضعا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس طارحا للتكلف كثير الْمُرُوءَة وَالْبر والنصح والمحبة لأَصْحَابه وافر الْعقل حسن الْأَخْلَاق جميل الصُّورَة مُسَددًا فِي فَتَاوِيهِ كثير التَّحْقِيق فِي دروسه مواظبا على الِاشْتِغَال والأشغال حَافِظًا لكتاب الله كثير التِّلَاوَة مثابرا على أَفعَال الْخَيْر وَالْعِبَادَة والعفاف والصيانة والأوراد حَرِيصًا على تَفْرِقَة مَا يدْخل تَحت يَده من الصَّدقَات فِي غَالب النَّاس وَلَو قل مَعَ السمت الْحسن وَالْوَقار وسلامة الصَّدْر. مَاتَ وَهُوَ على الْقَضَاء بعد أَن تعلل مُدَّة طَوِيلَة بالإسهال فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشر رَمَضَان سنة سبع عشرَة بِمَكَّة وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالمعلاة على جد أَبِيه لأمه مقرئ الْحرم الْمَكِّيّ)
الْعَفِيف الدلاصي وَلم يخلف بِمَكَّة فِي مَجْمُوعه مثله، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأَنه كَانَت لَهُ عبَادَة وأوراد يواظب عَلَيْهَا مَعَ الْوَقار والسكون وسلامة الْبَاطِن. قلت وَقد أنْشد مضمنا إِمَّا لنَفسِهِ أَو لغيره:
(أهديت لي بسرا حَقِيقَته نوى
…
عَار وَلَيْسَ لجسمه جِلْبَاب)
(وَأَنا وان تَبَاعَدت الجسوم فودنا
…
بَاقٍ وَنحن على النَّوَى أحباب)
مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي السُّعُود الْوَلَد الْكَمَال أَبُو الْفضل بن الْعَفِيف أبي السِّيَادَة بن الْكَمَال أبي الْفضل بن الْجمال أبي المكارم ابْن الْكَمَال أبي البركات بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده. ذكي فطن. ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين بِمَكَّة سمع مني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بِمَكَّة الْكثير وكتبت لَهُ ثبتا أوردت فِي التَّارِيخ الْكَبِير شَيْئا مِنْهُ، وَكَانَ مِمَّن يحضر عِنْد الْجمال أبي السُّعُود ثمَّ ترك وزار الْمَدِينَة غير مرّة وَرُبمَا اشْتغل عِنْد مجلى وَقد زوجه وَالِده وَلم تلبث الزَّوْجَة أَن مَاتَت بعد أَن خلفت لَهُ ولدا وميراثا. مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صلح بن إِسْمَاعِيل الْكَمَال أَبُو الْفضل بن الْجمال بن نَاصِر الدّين الْكِنَانِي الْمدنِي الشَّافِعِي. مِمَّن أَخذ عَن الشهَاب البيجوري فِي الْفِقْه والفرائض وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره وَدخل مصر وَالشَّام وَغَيرهمَا بل الْعَجم. وَهُوَ حَيّ.
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف بن مَنْصُور بن مَحْمُود بن توفيق بن مُحَمَّد بن عبد الله نجم الدّين بن الولوي أبي مُحَمَّد بن الزين بن الشَّمْس الزرعي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن والآتي أخوهما أَبُو بكر وَيعرف كسلفه بِابْن قَاضِي عجلون لكَون جد أَبِيه كَانَ نَائِبا فِي قَضَائهَا وَهِي من أَعمال دمشق. ولد فِي يَوْم السبت ثَانِي عشري ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَزِيَادَة على اثْنَيْنِ وَعشْرين كتابا فِي عُلُوم شَتَّى وَعرض مها على الْعَلَاء البُخَارِيّ وَابْن زهرَة الطرابلسي وَابْن خطيب الناصرية فِي آخَرين وَسمع على الْعَلَاء بن بردس وَابْن نَاصِر الدّين وَغَيرهمَا وَلكنه لم يكثر وتلا للعشر إفرادا ثمَّ جمعا على الزين خطاب وَكَذَا جمع على الشهَاب السكندري، وتفقه بِأَبِيهِ والتقي بن قَاضِي شُهْبَة والبلاطنشي)
وخطاب وَحضر الونائي وَغَيره ولازم الشرواني حِين نُزُوله البادرائية عِنْدهم فِي الْأَصْلَيْنِ والمعاني وَالْبَيَان والنحو وَالصرْف والمنطق وَغَيرهَا من الْعُلُوم حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ، وَكَذَا أَخذ قطعا من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره على الْعَلَاء الْكرْمَانِي وَقَرَأَ تَلْخِيص ابْن الْبناء فِي الْحساب وَشرح الخزرجية فِي الْعرُوض على أبي الْفضل المغربي، وَقدم الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه فِي سنة خمسين فَعرض على علمائها بل وعَلى سلطانها وَتردد لشَيْخِنَا فِي الرِّوَايَة والدراية وَلكنه لم يكثر وَأخذ شرح ألفية الْعِرَاقِيّ أَو غالبه وَغير ذَلِك عَن الْعَلَاء القلقشندي وَشرح الْمِنْهَاج مَعَ الْكثير من شرح جمع الْجَوَامِع عَن مؤلفهما الْمحلى وَبَعض شرح الشواهد عَن مُؤَلفه الْعَيْنِيّ والفرائض والحساب وَغَيرهمَا عَن البوتيجي والتحرير أَو غالبه عَن مُؤَلفه ابْن الْهمام وحاشية المغنى وَغَيرهَا عَن مؤلفها الشمني وَكَذَا أَخذ ظنا عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَحضر دروس الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي بل والسفطي فِي الْكَشَّاف والمحب بن الشّحْنَة فِي مُقَابلَة المقروء من الْقَامُوس وتكرر قدومه الْقَاهِرَة غير مرّة وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس وَأكْثر من مُخَالطَة الْعلمَاء والفضلاء مَعَ مُلَازمَة المطالعة وَالْعَمَل وَالنَّظَر فِي مطولات الْعُلُوم ومختصرها قديمها وحديثها بِحَيْثُ كَانَ فِي ازدياد من التفنن والفضائل، بل أقبل على الإقراء والإفتاء والتأليف وَصَارَ أحد الْأَعْيَان، وَولي بِالْقَاهِرَةِ إِفْتَاء دَار الْعدْل وتدريس الْفِقْه فِي جَامع طولون والحجازية مَعَ الخطابة بهَا وخزن الْكتب بالباسطية كل ذَلِك برغبة الولوي البُلْقِينِيّ لَهُ عَنْهَا، وناب بِبَلَدِهِ فِي تدريس الشامية الجوانية والعزيزية والأتابكية عَن متوليها وَفِي الناصرية الجوانية والظاهرية البرانية وَولي نظر الركنية تَلقاهُ عَن عَمه الشهَاب بن قَاضِي عجلون وَالِد الْعَلَاء والتدريس
بمدرسة ابْن أبي عمر بالصالحية برغبة شَيْخه خطاب لَهُ عَنهُ واشترك مَعَ إخْوَته فِي تدريس الفلكية والدولعية والبادرائية ومشيخة التصوف بالخاتونية وَغَيرهَا بعد والدهم وتصدر بِجَامِع بني أُميَّة مَعَ قِرَاءَة الحَدِيث فِيهِ أَيْضا إِلَى غير ذَلِك من الْوَظَائِف والجهات وترفع عَن النِّيَابَة فِي الْقَضَاء إِلَّا فِي قَضِيَّة وَاحِدَة مسئولا ثمَّ ترك، وَمن تصانيفه تَصْحِيح الْمِنْهَاج فِي مطول عمل عَلَيْهِ توضيحا ومتوسط ومختصر والتاج فِي زَوَائِد الرَّوْضَة على الْمِنْهَاج والتحرير جعله معوله فِي الْمُرَاجَعَة مَاشِيا فِيهِ على مسَائِل الْمِنْهَاج فِي نَحْو أَرْبَعمِائَة كراسة لم يبيض بل عمل على جَمِيع محافيظه إِمَّا شرحا أَو حَاشِيَة وأفرد فِي ذَبَائِح أهل الْكتاب ومناكحتهم جُزْءا وَكَذَا فِي السنجاب جنح فِيهِ)
لتأييد عدم الطَّهَارَة مَعَ نظم ونثر وتقاييد مهمة. وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة متقنا حجَّة ضابطا جيد الْفَهم لَكِن حافظته أَجود دينا عفيفا وافر الْعقل كثير التودد والخبرة بمخالطة الْكِبَار فَمن دونهم حسن الشكالة والمحاضرة جيد الْخط رَاغِبًا فِي الْفَائِدَة والمذاكرة عديم الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه ومحاسنه جمة وَلم يكن بِالشَّام من يماثله بل وَلَا الديار المصرية بِالنِّسْبَةِ لاستحضار محفوظاته لفظا وَمعنى لكَونه لم يكن يغْفل عَن تعاهدها مَعَ المداومة على التِّلَاوَة وَإِن كَانَ يُوجد من هُوَ فِي التَّحْقِيق أمتن مِنْهُ، وَقد كتب عني بعض الْأَجْوِبَة كَمَا كتبت عَنهُ من نظمه مَا أوردته فِي المعجم والوفيات وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَقُول لي أغيب عَن بلدكم ثمَّ أجئ فَلَا أجد علماءها وفضلاءها انتقلوا ذرة بل هم فِي محلهم الَّذِي فَارَقْتهمْ فِيهِ أَو دونه، وَلم يكن الْمَنَاوِيّ بالمنصف لَهُ. مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر شَوَّال سنة سِتّ وَسبعين بعد أَن ضعف بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى نقه وَركب فِي محفة رَاجعا إِلَى بَلَده على كره من أَصْحَابه وخاصته فَمَا انْتهى إِلَى بلبيس إِلَّا وَقد قضى فَرَجَعُوا بِهِ فِي المحفة إِلَى تربة الزين بن مزهر بِالْقربِ من تربة الشَّيْخ عبد الله المنوفي قبيل الْغُرُوب من يَوْمه فَغسل وكفن وَصلي عَلَيْهِ فِي مشْهد لَيْسَ بالطائل ثمَّ دفن وَحصل التأسف على فَقده. وبلغنا أَنه كَانَ إِذا أَفَاق من غمراته يَقُول ثَلَاثًا يَا لطيف وَمرَّة سُبْحَانَ الفعال لما يُرِيد حَتَّى مَاتَ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن التقي عبد الرَّحْمَن الشَّمْس الصَّالِحِي وَيعرف بِابْن الْملح. سمع فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة من الْعِمَاد أَحْمد بن عبد الْهَادِي بن عبد الحميد الْمَقْدِسِي النّصْف الأول من السَّفِينَة الأصبهانية وَحدث سمع مِنْهُ الأبي مَعَ رَفِيقه الْحَافِظ ابْن مُوسَى فِي سنة خمس عشر وَذكره التقي بن فَهد وَغَيره. مَاتَ. مُحَمَّد بن عبد الله بلكان بن عبد الرَّحْمَن الْمُحب أَبُو المحاسن القاهري
القادري الشَّافِعِي وَالِد أبي الطَّاهِر مُحَمَّد الْآتِي. ولد سنة إحدة عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَمَات أَبوهُ وَهُوَ ابْن سنة فَتزَوج بِأُمِّهِ الْعِزّ القادري شيخ زَاوِيَة القادرية بِبَاب الزهومة فرباه أحسن تربية وَحفظ الْقُرْآن والعمدة وغالب الْمِنْهَاج وَعرض ثمَّ اعتنى بِسَمَاع الحَدِيث وَسمع مَعنا على شَيخنَا وَغَيره بل قبلنَا على الزَّرْكَشِيّ والشرابيشي والفاقوسي وَصَحب الشّرف يُونُس القادري وتسلك وتهذب وَحصل بعض الْأَجْزَاء والفوائد بِخَطِّهِ، وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء ابْن فَهد المؤرخ بِذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ خلق وَاسْتقر فِي مشيخة زَاوِيَة زوج أمه الْمشَار)
إِلَيْهَا، وَكَانَ خيرا نيرا كَبِير الهمة كثير التَّوَاضُع حسن الْعشْرَة والفتوة مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع الْأَزْهَر فِي مشْهد حافل جدا وَدفن بزاويتهم وأثنوا عَلَيْهِ وَنعم الرجل كَانَ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد السَّلَام بن مَحْمُود بن عبد السَّلَام بن مَحْمُود بن عبَادَة صَلَاح الدّين بن جمال الدّين العبدوي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن عَم الشَّمْس بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عبد السَّلَام الْمَاضِي. ولد فِيمَا بَين الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فَأخذ عَن البلاطنسي وخطاب والرضى الْغَزِّي فِي آخَرين، وَكَانَ فِي خدمَة ابْن عَمه ثمَّ اسْتَقر فِي وكَالَة السُّلْطَان بِدِمَشْق بعد لانابلسي ثمَّ نظر جيشها ثمَّ ولي قَضَاء دمشق بعد الخيضري فدام أَيَّامًا ثمَّ صرف قبل انْفِصَاله عَن الْقَاهِرَة بالشهاب بن الفرفور. وَقدم الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين، وصودر مرّة بِأخذ عشرَة آلَاف دِينَار للسُّلْطَان وَألف للقاصد بذلك فوزنها وَهُوَ فِي الترسيم ثمَّ بعد قَلِيل أحسن بالتوجه لمصادرته أَيْضا فهرب فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين مَعَ ملاءته وَكَثْرَة مَا فِي حوزته على مَا قيل ثمَّ ظهر.
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْقَادِر السكاكيني. فِي ابْن عبد الْقَادِر بن عمر. مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْكَرِيم الْبناء الشهير بتشن. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الآخر سنة سِتِّينَ، أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الْمقري.
تَرْجمهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي فَقَالَ: إِنْسَان حسن حنبلي أصلا وفرعا من محبي التقي بن تَيْمِية، قدم حلب فِي عَاشر الْمحرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ فَقَرَأَ على سنَن ابْن ماجة ومشيخة الْفَخر، ثمَّ عَاد إِلَى جِهَة دمشق فِي خَامِس عشرِيَّة كتب الله سَلَامَته. مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد الله بن حسن السنباطي الأَصْل الصحراوي
إِمَام تربة يلبغا الْعمريّ. ولد بهَا سنة ارْبَعْ وَأَرْبَعين وَحفظ الْقُرْآن وجوده على الْبُرْهَان الشَّامي الْأَزْهَرِي بل على إِمَامه النُّور البلبيسي والعمدة وَجل التَّنْبِيه وَحضر دروس الْعَبَّادِيّ وَابْن أَخِيه ومُوسَى البرمكيني وَكتب على يس الجلالي وشمس الدّين بن سعد الدّين فأجاد وَأم بالتربة الْمَذْكُورَة فِي حَيَاة أَبِيه وَبعده واختص بالمحب بن المسدي الإِمَام، وَقدم مَكَّة فِي أَوَائِل سنة سبع وَتِسْعين بحرا فجاور حَتَّى وأقرأ ابْن محتسبها قَلِيلا ثمَّ انْفَصل عَنهُ وَتردد إِلَيّ وَسمع بل)
سَمِعت أَنه سمع على عَليّ حفيد يُوسُف العجمي وَغَيره بملاحظة ابْن الشَّيْخ يُوسُف الصفي وَكَانَ يَصْحَبهُ وسافر جدة.
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمُنعم الجرواني. فِي مُحَمَّد بن أَحْمد الجرواني. مُحَمَّد بن عبد الله بن عُثْمَان بن عَفَّان الشَّمْس الْحُسَيْنِي بَلَدا المقسي ثمَّ الموسكي الشَّافِعِي أَخُو الْفَقِيه عُثْمَان الْمَاضِي وأبوهما ووالد مُحَمَّد الْآتِي. ولد فِي ربيع الأول سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بمنية فضَالة وتحول مَعَ أَبَوَيْهِ وأخيه إِلَى الْقَاهِرَة فسكنوا المقس وَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده على الزين الهيثمي بل تلاه لأبي عَمْرو على عبد الْغَنِيّ الفارقاني وَقَرَأَ من الاهتمام تَلْخِيص الإِمَام إِلَى الْحَج وَكَذَا بعض مُخْتَصر التبريزي وَجمع ألفية النَّحْو وَبحث فِي التبريزي على الْمَنَاوِيّ بل حضر عِنْده عدَّة تقاسيم، وَكَذَا قَرَأَ فِي النَّحْو على الحناوي وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَجلسَ لإقراء الْأَطْفَال كأبيه وأخيه بزاوية بقنطرة الموسكي فنبغ من عِنْده جمَاعَة وأقرأ فِي بَيت أزبك الظَّاهِرِيّ وقطن تِلْكَ النَّاحِيَة وتكسب مَعَ ذَلِك بالخياطة على طَريقَة جميلَة من النصح وَالْوَفَاء وَحج وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا بل خطب بأماكن كجاع عَمْرو نِيَابَة، ولمامات أَخُوهُ تكلم فِي تركته ثمَّ لم يلبث أَن مَاتَ وَلَده فورثه وتلقى عَنهُ وظائف مِنْهَا الْإِمَامَة بضريح الشَّافِعِي، وَهُوَ خير متودد سليم الْفطْرَة منجمع على شَأْنه. مُحَمَّد بن عبد الله بن عشائر. هُوَ ابْن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَاشم بن عب الْوَاحِد. مضى. مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس الْقَرَافِيّ الشَّافِعِي الْوَاعِظ وَيعرف بالحفار وَهِي حِرْفَة أَبِيه. ولد فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالقرافة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والملحة، وَعرض على الأبناسي وَابْن الملقن والغماري وَعبد اللَّطِيف الأسنائي وَأَجَازَ لَهُ فِي آخَرين مِمَّن لم يجز كالصدر الْمَنَاوِيّ والتقي الزبيرِي، واشتغل يَسِيرا وتنزل فِي الْجِهَات وتعاني الْوَعْظ واشتهر شَأْنه فِيهِ وَصَارَ بِأخرَة شيخ الْجَمَاعَة مَعَ الدّين والتواضع والسكون وَحسن السمت
وانفراده بالإتيان فِي المحافل بالأشياء الْمُنَاسبَة سَمِعت إنشاده كثيرا وَكنت مِمَّن أتوسم فِيهِ الْخَيْر وَأَجَازَ فِي استدعاء بعض الْأَبْنَاء بل حدث بالعمدة سَمعهَا عَلَيْهِ الطّلبَة. مَاتَ بعد أَن تعلل مُدَّة فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَدفن من الْغَد ورأيته بعد مَوته فِي حَالَة حَسَنَة رحمه الله وإيانا.)
مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ البعلي بن المغربي. فِي صَدَقَة. مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ الخواجا الشَّمْس الْبزورِي. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ نَاصِر الدّين النطوبسي الْأَزْهَرِي المادح مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ. مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو عبد الله بل أَبُو النجباء النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، وتفقه بأَخيه إِسْمَاعِيل ثمَّ بِالْقَاضِي أبي بكر بن عَليّ النَّاشِرِيّ وَآخَرين مِنْهُم الشّرف أَبُو الْقسم بن مُوسَى الدوالي وَكَانَ يدرس كل يَوْم جُزْءا من كِتَابه التَّنْبِيه وَولي قَضَاء القحمة ثمَّ قَضَاء الكدراء ثمَّ زبيد فَلم تطل مدَّته فِيهَا، وَكَانَ مُعْتَقدًا قَائِما بِالْمَعْرُوفِ وَدفع الْمُنكر لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم غير مصرف لأوقاته فِي غير الطَّاعَات مواظبا على الْقيام وَالصِّيَام لَهُ كرامات كَكَوْنِهِ فرغ سليط سراجه فبصق فِيهِ فأضاء كنحو مَا اتّفق للرافعي وكنية النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَهُ فِي مَنَام بِأبي النجباء فَكَانَ كَذَلِك مَعَ حسن شكالة وَخلق وَتَمام عقل وهيبة ومروءة، وَله تصانيف كالتاريخ والنصائح الإيمانية لِذَوي الولايات السُّلْطَانِيَّة ومختصر فِي الْحساب وَفِي مساحة الْمُثَلَّثَة وَضَبطه بقوله:
(إِذا رمت تكسير المثلث يَا فَتى
…
فجمعك للإضلاع أصل لنا أَتَى)
(وَنصف لمجموع الضلوع فابتده
…
وَخذ كل ضلع فاعرضه مفاوتا)
(على النّصْف ثمَّ الضَّرْب للْبَعْض بهيع
…
وَنفذ بِبَعْض وَنصف فاعلمن متثبتا)
كَذَا ورسالة تعقب بهَا إِنْكَار عِيَاض على الشَّافِعِي فِي قَوْله: أَنه خَالف فِي وجوب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأخذ عَنهُ الْأَئِمَّة كالبدر حُسَيْن الأهدل وَمُحَمّد بن نور الدّين.
مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَعشْرين، طول النَّاشِرِيّ تَرْجَمته. مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن مَسْعُود الْقَائِد الْعمريّ الْمَكِّيّ. كَانَ من أَعْيَان القواد الْعمرَة وَمِمَّنْ جسر السَّيِّد رميثة بن مُحَمَّد بن عجلَان على هجم مَكَّة فِي آخر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ عشرَة. وَتُوفِّي فِي آخر سنة أَربع
وَعشْرين أَو أول سنة خمس وَعشْرين وَقد بلغ الْخمسين وقاربها ظنا، ذكره الفاسي فِي مَكَّة.)
مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي الْفَتْح. ثَلَاثَة مجد الدّين وَنجم الدّين وشمس الدّين. يأْتونَ فِيمَن جدهم مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب. مُحَمَّد بن الْمجد عبد الله بن فتح الدّين أَبُو النجا بن البقري أحد الكتبة. يَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن لاجين الشَّمْس بن الْجمال بن الشَّمْس ابْن الْبُرْهَان الرَّشِيدِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد وَعَمه عبد الرَّحْمَن والآتي وَلَده يحيى وَيعرف بالرشيدي. ولد فِي رَجَب سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه، وَعرض على التقي بن حَاتِم والبدر بن أبي الْبَقَاء وَابْن الملقن والبلقيني فِي آخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن الأبناسي وَابْن الْعِمَاد وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَحْكَام الْمَسَاجِد ولمحة فِي شرح القَوْل فِي الْبَاقِيَات الصَّالِحَات كِلَاهُمَا لَهُ بعد كتابتهما، واستفى البُلْقِينِيّ وَسمع كَلَامه وَحكى لنا عَنهُ حِكَايَة، والنحو عَن الْبُرْهَان الدجوي وجود الْقُرْآن على بعض الْأَئِمَّة واعتنى بِهِ أَبوهُ فأسمعه الْكثير على ابْن حَاتِم والعزيز المليجي وَابْن الْيمن بن الكويك والمطرز وَابْن الخشاب وَابْن أبي الْمجد والتنوخي وَابْن الفصيح وَابْن الشيخة والحلاوي والسويداوي والجوهري والأبناسي والعراقي والهيثمي وَالشَّمْس الرفا والشرف الْقُدسِي وَالْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ والْعَلَاء بن السَّبع والفرسيسي وَفتح الدّين مُحَمَّد بن الْبَهَاء بن عقيل وَنصر الله الْبَغْدَادِيّ وَنصر الله الْعَسْقَلَانِي والتاج أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن البلبيسي فِي آخَرين مِنْهُم أَبوهُ وَعَمه، بل وَقَرَأَ بِنَفسِهِ قبل الْقرن وَكتب الطباق وَأَجَازَ لَهُ خلق كَأبي الْخَيْر بن العلائي وَأبي هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وناصر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن حَمْزَة، وَحج فِي أول الْقرن وَدخل اسكندرية وَغَيرهَا واشتغل وَفضل وَكتب الْخط الْحسن وَنسخ بِهِ
لنَفسِهِ)
جملَة كمختصر الْكِفَايَة وَالتَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَولي مشيخة التربة العلائية بالقرافة والتلقين بِجَامِع أَمِير حُسَيْن بالحكر وَكَذَا خطابته تبعا لأسلافه. وَكَانَ غَايَة فِي جودة أَدَاء الْخطْبَة قَادِرًا على إنْشَاء الْخطب بِحَيْثُ ينشئ كل جُمُعَة خطْبَة مُنَاسبَة للوقائع وارتفع ذكره بذلك بِحَيْثُ سَمِعت الثَّنَاء عَلَيْهِ من ابْن الْهمام والْعَلَاء القلقشندي لكنه كَانَ يرجح قِرَاءَته فِي الْمِحْرَاب على تأديته لَهَا وَكَأَنَّهُ اتّفق حِين سَمَاعه لَهُ مَا اقْتضى لَهُ ذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ كَانَ نادرة فيهمَا. وَقد قصد من الْأَمَاكِن النائية لسَمَاع خطبَته وَالصَّلَاة خَلفه بل كتب عَنهُ بعض الْفُضَلَاء خطبا ثمَّ أفردها بتصنيف وَلَو اعتنى هُوَ بذلك لجاء فِي عشرَة أسفار، وَكَذَا كَانَت بِيَدِهِ وَظِيفَة الإسماع بِجَامِع الْأَزْهَر والشهاب بن تمرية هُوَ الْقَارئ بَين يَدَيْهِ فِيهِ غَالِبا وَقِرَاءَة الحَدِيث بالجانبكية من واقفها وبالقصر الأول السلطاني من القلعة عقب الشهَاب الكلوتاتي، وَكَانَ على قِرَاءَته أنس مَعَ الإتقان وَالصِّحَّة ومزيد الْخُشُوع وَقد حدث بالكثير خُصُوصا من بعد اجتماعي بِهِ وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَإِلَى أَن مَاتَ فَإِنِّي أكثرت عَنهُ جدا، وَخرجت لَهُ مشيخة فِي مُجَلد قرضها شَيخنَا والعيني والْعَلَاء القلقشندي وَغَيرهم من الأكابر وسر بذلك وَحدث بِنِصْفِهَا الأول وحضني على أَن أريها للبدر بن التنسي قَاضِي الْمَالِكِيَّة فَإِنَّهُ كَانَ نَاظر الْجَامِع وَرُبمَا كَانَ يناكده حَتَّى أَن الشَّيْخ قَالَ لَهُ: إِذا كَانَ هَذَا فعلك معي فَكيف يكون مَعَ وَلَدي إِذا مت فأسأل الله أَن لَا يَجْعَل قضائي فِي قضائك فَلم يلبث أَن مَاتَ القَاضِي وتخلف الشَّيْخ بعده، وَكَانَ شَيخا ثِقَة ثبتا صَالحا خيرا مُحدثا مكثرا متحريا فِي رِوَايَته وأدائه كثير التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ إِمَامًا فَاضلا بارعا مشاركا ظريفا فكها حسن النادرة والعبارة محبا فِي النُّكْتَة بهي الْهَيْئَة نير الشيبة ذَا سكينَة ووقار كَرِيمًا جدا متواضعا طارحا للتكلف سليم الْبَاطِن ذَاكِرًا لكثير من مسكلات الحَدِيث ضابطا لمعانيها حسن الإصغاء للْحَدِيث صبورا على التحديث كثير الْبكاء من خشيَة الله عِنْد إسماعه بل وقراءته لَهُ وَفِي الْخطْبَة طري النغمة ومحاسنه غزيرة وَكَانَ مجيدا للشطرنج يلْعَب مَعَ الشَّمْس بن الجندي الْحَنَفِيّ جَاره الْعَالم الشهير فَلَمَّا مَاتَ تَركه، وَمِمَّنْ كَانَ يلْعَب مَعَ الشَّمْس بن الجندي الْحَنَفِيّ جَاره الْعَالم الشهير فَلَمَّا مَاتَ تَركه، وَمِمَّنْ كَانَ يَقْصِدهُ للزيارة ويغرها الزين طَاهِر الْمَالِكِي وَهُوَ من بَيت علم. مَاتَ فِي عشَاء لَيْلَة الْجُمُعَة حادي عشر ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين عَن سبع وَثَمَانِينَ عَاما وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بعد صَلَاة الْجُمُعَة بِجَامِع أَمِير حُسَيْن ثمَّ بِجَامِع)
المارداني فِي مشْهد عَظِيم وَدفن بالعلائية مَحل مشيخته وَهِي بِالْقربِ من بَاب القرافة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن قَاسم بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر
التقي أَبُو الْفضل بن الْعَفِيف بن التقي الْقرشِي الْعَدوي الغمري الحراري الْمَالِكِي. قَالَ الفاسي حضر على عَمه فِيمَا أَحسب وَسمع من ابْن صديق وَغَيره وعني بِالْعلمِ فَتنبه وَدخل الْيمن والهند طلبا للرزق فأدركه أَجله بكلبرجة بِبِلَاد الْهِنْد فِي سنة عشر عَن نَيف وَثَلَاثِينَ سنة وَوصل نعيه لمَكَّة فِي سنة أَربع عشرَة. مُحَمَّد الْجمال بن الْعَفِيف أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي صثفر سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَسمع بهَا من الْبُرْهَان بن صديق صَحِيح البُخَارِيّ بفوت وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة كَابْن أبي الْبَقَاء وَابْن الناصح والكمال الدَّمِيرِيّ والعراقي والهيثمي، وَدخل فِي التِّجَارَة لليمن وجزيرة سواكن. وَمَات بهَا فِي الْعشْر الأول من صفر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين، ذكره النَّجْم عمر بن فَهد فِي مُعْجَمه وذيله. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُجَاهِد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله بن أبي بكر الْقَيْسِي الْحَمَوِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن نَاصِر الدّين. ولد فِي الْعشْر الأول من الْمحرم سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وعدة مختصرات واشتغل قَلِيلا وَحصل وَفضل وتفقه واعتنى بِهَذَا الشَّأْن وَتخرج فِيهِ بِابْن الشرائحي ولازمه مُدَّة وَكَذَا انْتفع فِي الطّلب بمرافقة الصّلاح الأقفهسي وَحمل عَن شُيُوخ بَلَده والقادمين إِلَيْهَا بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره الْكثير وَكتب الطباق وارتحل لبعلبك وَغَيرهَا، وسافر بِأخرَة صُحْبَة تِلْمِيذه النَّجْم بن فَهد الْمَكِّيّ إِلَى حلب وَقَرَأَ على حافظها الْبُرْهَان بعض الْأَجْزَاء وَكَذَا سمع من ابْن خطيب الناصرية وَحج قبل ذَلِك وَسمع بِمَكَّة من الْجمال بن ظهيرة وَغَيرهَا بهَا وَكَذَا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَمَا تيسرت لَهُ الرحلة إِلَى الديار المصرية وأتقن هَذَا الْفَنّ حَتَّى صَار الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ بِبَلَدِهِ وَمَا حولهَا وَخرج وَأفَاد ودرس وَأعَاد وَأفْتى وانتقى وتصدى لنشر الحَدِيث فَانْتَفع بِهِ النَّاس، وَحدث بالكثير فِي بَلَده وحلب وَغَيرهَا من الْبِلَاد بل حدث هُوَ وَشَيخنَا مَعًا فِي دمشق بقرَاءَته بِجُزْء أبي الجهم وَامْتنع شَيخنَا من ذَلِك إِلَّا إِن أخبر الْجَمَاعَة بِسَنَدِهِ فَمَا أمكنته الْمُخَالفَة وَلكنه اقْتصر على الْأَخْبَار)
بِبَعْض شُيُوخه فِيهِ دون استيفائهم أدبا وَأخذ عَنهُ الأماثل وَرُبمَا تدرب بِهِ فِي الطّلب وشارك فِي الْعُلُوم وأملى. وَمن شُيُوخه أَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن عوض ورسلان الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْفرج بن نَاظر الصاحبة وَعبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن الْمِقْدَاد الْقَيْسِي ومحيي الدّين الرَّحبِي والشهاب أَحْمد بن عَليّ الْحُسَيْنِي والبدر بن قوام وَابْن أبي الْمجد وَابْن صديق وَعمر البالسي وَأَبُو الْيُسْر بن الصَّائِغ وَابْن منيع وَمن يطول إِيرَاده كالبلقيني
والصدر الْمَنَاوِيّ وَغَيرهمَا مِمَّن قدم دمشق لَا ابْن الملقن بل كَانَ يذكر أَنه سمع وَهُوَ بالمكتب من الْمُحب الصَّامِت، وَأَجَازَ لَهُ التنوخي وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَمَرْيَم ابْنة الْأَذْرَعِيّ ومعين الْمصْرِيّ. وَمن تصانيفه طَبَقَات شُيُوخه وجعلهم ثَمَان طَبَقَات وجامع الْآثَار فِي مولد الْمُخْتَار ثَلَاثَة أسفار ومورد الصادي فِي مولد الْهَادِي فِي كراسة وَاللَّفْظ الرَّائِق فِي مولد خير الْخَلَائق أخصر من الَّذِي قبله ومنهاج الْأُصُول فِي مِعْرَاج الرَّسُول وإطفاء حرقة الحوبة بالباس خرقَة التَّوْبَة وَاللَّفْظ الْمحرم بِفضل عَاشُورَاء الْمحرم ومجلس فِي فضل يَوْم عَرَفَة وافتتاح الْقَارِي لصحيح البُخَارِيّ ومجلس فِي خَتمه وَآخر فِي ختم مُسلم وَآخر فِي ختم الشفا وَبرد الأكباد عَن فقد الْأَوْلَاد وَقَالَ فِيهِ:
(يَا باكيا ميته فِي الْحَيّ يندبه
…
قد عَمه وجده من فقد الْأَوْلَاد)
(إِن كنت ذَا كبد حرى اصطبر برضى
…
فالصبر خير وَفِيه برد الأكباد)
وتنوير الفكرة فِي حَدِيث بهز بن حَكِيم فِي حسن الْعشْرَة ومسند تَمِيم الدَّارِيّ وترجمة حجر بن عدي الْكِنْدِيّ والإملاء الْأَنْفس فِي تَرْجَمَة عسعس واتحاف السالك برواة الْمُوَطَّأ عَن ملك وتوضيح المشتبه فِي أَسمَاء الرِّجَال وَغَيرهَا فِي ثَلَاثَة أسفار كبار والأعلام بِمَا وَقع فِي مشتبه الذَّهَبِيّ من الأوهام وأرجوزة سَمَّاهَا عُقُود الدُّرَر فِي عُلُوم الْأَثر وَشَرحهَا فِي مطول ومختصر وَأُخْرَى فِي الْحفاظ وَشَرحهَا أَيْضا وبديعة الْبَيَان عَن موت الْأَعْيَان نظم أَيْضا فِي ألف بَيت وَشَرحهَا وَسَماهُ التِّبْيَان لبديعة الْبَيَان وَعرف العنبر فِي وصف الْمِنْبَر وبواعث الفكرة فِي حوادث الْهِجْرَة نظم أَيْضا ومنهاج السَّلامَة فِي ميزَان يَوْم الْقِيَامَة وريع الْفَرْع فِي شرح حَدِيث أم زرع فِي كراريس وَزَوَال البوسى عَمَّن أشكل عَلَيْهِ حَدِيث تحاج آدم ومُوسَى والصلبة اللطيفة لحَدِيث الْبضْعَة الشَّرِيفَة عليها السلام وَالتَّلْخِيص لحَدِيث ربو الْقَمِيص ونفحات الأخيار من مسلسلات الْأَخْبَار فِي مُجَلد وَأَحَادِيث سِتَّة فِي معَان سِتَّة من طَرِيق)
رُوَاة سِتَّة عَن حفاظ سِتَّة من مَشَايِخ الْأَئِمَّة السِّتَّة بَين مخرجها ورواتها سِتَّة، والانتصار لسَمَاع الحجار وَرفع الدسيسة بِوَضْع حَدِيث الهريسة وَكتاب الْأَرْبَعين المتباينات الْمُتُون والإسناد ومعجم شُيُوخه وخطب فِي مُجَلد وَغير ذَلِك كالرد الوافر على من زعم أَن من أطلق على ابْن تَيْمِية أَنه شيخ الْإِسْلَام كَافِر قرضه لَهُ الْأَئِمَّة كشيخنا وَهُوَ أحْسنهم وَالْعلم البُلْقِينِيّ والتقهني والعيني والبساطي والمحب بن نصر الله وَخلق وَحدث بِهِ غير مرّة، وَقَامَ عَلَيْهِ الْعَلَاء البُخَارِيّ لكَون التصنيف فِي الْحَقِيقَة رد بِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لما
سكن دمشق كَانَ يسْأَل عَن مقالات ابْن تَيْمِية الَّتِي انْفَرد بهَا فيجيب بِمَا يظْهر من الْخَطَأ فِيهَا وينفر عَنهُ قلبه إِلَى أَن استحكم أمره عَنهُ وَصرح بتبديعه ثمَّ بتكفيره ثمَّ صثار يُصَرح فِي مَجْلِسه بِأَن من أطلق على ابْن تَيْمِية أَنه شيخ الْإِسْلَام يكفر بِهَذَا الْإِطْلَاق واشتهر ذَلِك فَجمع صَاحب التَّرْجَمَة فِي كِتَابه الْمشَار إِلَيْهِ كَلَام من أطلق عَلَيْهِ ذَلِك من الْأَئِمَّة الْأَعْلَام من أهل عصره من جَمِيع الْمذَاهب سوى الْحَنَابِلَة بِحَيْثُ اجْتمع لَهُ شَيْء كثير وَحِينَئِذٍ كتب الْعَلَاء إِلَى السُّلْطَان كتابا بَالغ فِيهِ فِي الْحَط وَلكنه لم يصل بِحَمْد الله إِلَى تَمام غَرَضه وساس الْقَضِيَّة الشهَاب ابْن المحمرة قَاضِي الشَّام حِينَئِذٍ مَعَ كَونه مِمَّن أنكر عَلَيْهِ فِي فتياه تصنيفه الْمَذْكُور وَتَبعهُ التقي بن قَاضِي شُهْبَة حَتَّى أَن البلاطنسي رَجَعَ عَن الْأَخْذ عَنهُ بل وَالرِّوَايَة عَنهُ بعد أَن كَانَ مِمَّن تتلمذ لَهُ كل ذَلِك عنادا ومكابرة وَكَانَت حَادِثَة شنيعة فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وهلم جرا، وَلَكِن لما كَانَ شَيخنَا بِدِمَشْق حدث بتقريضه للْمُصَنف الْمشَار إِلَيْهِ وَلم يلْتَفت إِلَى المتعصبين. وَقد ولي مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ إِمَامًا عَلامَة حَافِظًا كثير الْحيَاء سليم الصَّدْر حسن الْأَخْلَاق دَائِم الْفِكر متواضعا محببا إِلَى النَّاس حسن الْبشر والود لطيف المحاضرة والمحادثة بِحَيْثُ لَا تمل مُجَالَسَته كثير المداراة شَدِيد الِاحْتِمَال قل أَن يواجه أحدا بمكروه وَلَو آذاه، جود الْخط على طَريقَة الذَّهَبِيّ حَتَّى صَار يحاكي شطه غَالِبا بِحَيْثُ بيع بعض الْكتب الَّتِي بِخَطِّهِ وَرغب المُشْتَرِي فِيهِ لظَنّه أَنه خطّ الذَّهَبِيّ ثمَّ بَان الْأَمر، وَكتب بِهِ الْكثير رَاغِبًا فِي إِفَادَة الطّلبَة شُيُوخ بَلَده بل وَيَمْشي هُوَ مَعَهم إِلَى السماع عَلَيْهِم مَعَ كَونه هُوَ الْمرجع فِي هَذَا الشَّأْن وَرُبمَا قَرَأَ لَهُم هُوَ. وَقد سُئِلَ شَيخنَا عَنهُ وَعَن الْبُرْهَان الْحلَبِي فَقَالَ ذَلِك نظره قَاصِر على كتبه وَأما هَذَا فيحوش وَأثْنى عَلَيْهِ فِي غير مَوضِع فَقَرَأت بِخَطِّهِ: كتب إِلَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ مُفِيد الشَّام فَذكر شَيْئا، وَفِي مَوضِع آخر: الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث حَافظ الشَّام بل كتب لَهُ)
بالثناء على مُصَنفه شرح عُقُود الدُّرَر كَمَا أثْبته فِي الْجَوَاهِر وَاعْتذر عَن الْحَوَاشِي الَّتِي أفادها حَسْبَمَا جردتها بطريقة زَائِدَة فِي الْأَدَب. وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ: وَسمع من شُيُوخنَا وَمِمَّنْ مَاتَ قبل أَن أَدخل من الدمشقيين وَأكْثر ثمَّ لما خلت الديار من الْمُحدثين صَار هُوَ مُحدث تِلْكَ الْبِلَاد أجَاز لنا غير مرّة، قَالَ وشارك فِي الْعُلُوم وَنظر فِي الْأَدَب حَتَّى نظم الشّعْر الْوسط، وَلكنه أغفل إِيرَاده فِي أنبائه. وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي بقوله: الشَّيْخ الإِمَام الْمُحدث الْفَاضِل الْحَافِظ خرج الْأَرْبَعين المتباينة وَله أَعمال غير ذَلِك ورد على مشتبه
الذَّهَبِيّ وَكتابه فِيهِ فَوَائِد وَقد اجْتمعت بِهِ فَوَجَدته رجلا كيسا متواضعا من أهل الْعلم وَهُوَ الْآن مُحدث دمشق وحافظها نفع الله بِهِ الْمُسلمين وَابْن خطيب الناصرية فَقَالَ: رَأَيْته إنْسَانا حسنا مُحدثا فَاضلا وَهُوَ مُحدث دمشق وحافظها والمقريزي فَقَالَ: طلب الحَدِيث فَصَارَ حَافظ بِلَاد الشَّام بِغَيْر مُنَازع وصنف عدَّة مصنفات وَلم يخلف فِي الشَّام بعده مثله. والمحب بن نصر الله فَقَالَ فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ: وَلم يكن بِالشَّام فِي علم الحَدِيث آخر مثله وَلَا قريب مِنْهُ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ التقي بن قندس وتلميذه الْعَلَاء المرداوي. وَقَالَ الإِمَام الْحَافِظ النَّاقِد الجهبذ المتقن المفنن حَافظ عصره وراوية زَمَانه وعلامته لَهُ التصانيف الْحَسَنَة وَالنّظم الْمُتَوَسّط.
وَكَذَا ذكره التقي بن فَهد فِي ذيل طَبَقَات الْحفاظ لَهُ وَآخَرُونَ وَاتَّفَقُوا على توثيقه وديانته، وشذ البقاعي جَريا على عَادَته فَقَالَ: وَكَانَ مُحدثا مَشْهُورا بِالْحَدِيثِ. وَوَصفه شَيخنَا بِالْحِفْظِ وَهُوَ عِنْد كثير من النَّاس مَشْهُور بدين، واطلعت أناله على تزوير وكشط وتغيير فِي حق مَالِي كَبِير فِي غير مَا مَكْتُوب انْتهى. وَالله حسيبه وَقد أوردت فِي معجمي من نظمه أَشْيَاء وَمِنْه:
(وَعشرَة خير صحب بالجنان أَتَى
…
وعد النَّبِي لَهُم سردا بِلَا خلل)
(عَتيق عُثْمَان عَامر طَلْحَة عمر ال
…
زبير سعد سعيد وَابْن عَوْف على)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار وَأَنه كتب الْخط الْجيد وَصَارَ حَافظ بِلَاد الشَّام بِغَيْر مُنَازع وَلم يخلف هُنَاكَ مثله. مَاتَ فِي ربيع الثاغني على الْمُعْتَمد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِدِمَشْق مسموما فَإِنَّهُ خرج مَعَ جمَاعَة لقسم قَرْيَة من قرى دمشق فسمهم أَهلهَا وحصلت لَهُ الشَّهَادَة وَدفن بمقابر العقيبة عِنْد وَالِده وَلم يخلف فِي هَذَا الشَّأْن بِالشَّام بعده مثله بل سد الْبَاب هُنَاكَ رحمه الله وإيانا.)
(لعبت بالشطرنج مَعَ شادن
…
رمى بقلبي من سناه سِهَام)
(وجدت شامات على خَدّه
…
فمت من وجدي بِهِ وَالسَّلَام)
وَزعم أَنه عمل أرجوزة فِي النَّحْو تنيف عَن ثَمَانِينَ بَيْتا وشيئا فِي علم الرمل وتسيير الْفلك فَالله أعلم. مَاتَ بالمحلة فِي ربيع الثَّانِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس بن الْجمال بن الرُّومِي القاهري الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد. صاهر الْبَدْر بن فيشا على ابْنَته واستولدها وناب عَن ابْن الشّحْنَة وَامْتنع الأمشاطي من استنابته، وَهُوَ مبغض فِي خطته مستفيض أمره فِي طَرِيقَته وَجَرت لَهُ كائنة فِي تَرِكَة ابْن السمخراطي أهانه فِيهَا الْمَالِكِي وَغَيره وعدة كوائن غَيرهَا وَلَا يَنْفَكّ عَن عَادَته. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خضر الشَّمْس بن الْجمال الكوراني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. مِمَّن اشْتغل وَقَرَأَ عَليّ وعَلى غَيْرِي كَابْن قَاسم وَلم يتَمَيَّز وَنزل فِي بعض الْجِهَات ثمَّ أقبل على تعَاطِي مَا لَا يرتضى بِحَيْثُ كثر هذيانه وتعب أَبوهُ بِسَبَبِهِ وتزايد فحشه جدا بعد مَوته. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف الله بن عبد السَّلَام القلشاني وَالِد قَاضِي الْجَمَاعَة وأخويه، مِمَّن أَخذ عَن ابْن عَرَفَة وَغَيره وَولي قَضَاء الْأَنْكِحَة بتونس والتدريس بمدرسة)
الْعُنُق. وَكَانَ عَالما صَالحا مَذْكُورا بالكرامات. مَاتَ فِي أَوَائِل أَيَّام السُّلْطَان عُثْمَان حفيد أبي فَارس. استفدته من بعض المغاربة. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خَلِيل بن بكتوت بن بيرم بن بكتوت الشَّمْس الْكرْدِي الأَصْل العلمي القاهري الْحُسَيْنِي الْحَنْبَلِيّ سبط الشَّمْس الغزولي الْحَنْبَلِيّ نزيل البيبرسية الْمَاضِي وَيعرف بِابْن بيرم، قدم بعض سلفه مَعَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين بل كَانَ بيرم مِمَّن عمل ملك الْأُمَرَاء بالبحيرة وَأما أَبوهُ عبد الله فحفظ الْقُرْآن وشيئا من الْقَدُورِيّ وَلَكِن عمل ابْنه هَذَا حنبليا لجده. ومولده فِي حادي عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَالْمُحَرر فِيمَا قَالَ وَقَرَأَ فِيهِ على ابْن الرزاز ثمَّ على الْعِزّ الْكِنَانِي وناب عَنهُ، وَكتب الْخط الْحسن وَنسخ بِهِ أَشْيَاء كتفسير ابْن كثير وَسمع الحَدِيث عَليّ وعَلى جمَاعَة بِقِرَاءَتِي، وَصَحب ابْن الشَّيْخ يُوسُف الصفي بل تردد للمتبولي وَغَيره من الصَّالِحين، ولازم الِاجْتِمَاع بِي وَلَا بَأْس
بِهِ عقلا ودربة وَتَعَفُّفًا بل هُوَ خير نواب الْحَنَابِلَة الْآن وَإِن كَانَ فيهم من هُوَ أفضل وَقد حج موسميا سنة سِتّ وَتِسْعين وَنعم الرجل. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو عبد الله النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ. أَخذ عَن جده أبي عبد الله وَاقْبَلْ على التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة والورع والقناعة مَعَ مشاركته فِي النَّحْو وَالْفِقْه. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد بن بن مُحَمَّد بن عبد الله الْجمال بن الْجلَال بن القطب بن الْجلَال الْحُسَيْنِي التبريزي الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. أَخذ عَنهُ ابْن أُخْته الْعَلَاء مُحَمَّد بن السَّيِّد عفيف الدّين وَصَافحهُ بمصافحته للزين الخوافي بِسَنَد لَا يثبت مثله. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن الرضي مُحَمَّد بن أبي بكر بن خَلِيل الْقرشِي العثماني الْمَكِّيّ. ولد بهَا فِي شَوَّال سنة أَربع وَثَلَاثِينَ ولازم أَبَا الْخَيْر بن عبد الْقوي وتكسب بِالشَّهَادَةِ بِبَاب السَّلَام وسافر إِلَى الْبِلَاد المصرية والشامية غير مرّة للرزق. وَمَات مطعونا بِالشَّام سنة بضع وَسبعين. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف فتح الدّين بن الْجمال بن الْمُحب بن الْجمال بن هِشَام الْأنْصَارِيّ القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده. نَشأ فحفظ الْقُرْآن واشتغل بالفرائض وَغَيرهَا عِنْد الْبَدْر المارداني وَأذن لَهُ وَكَذَا قَرَأَ قَلِيلا على الْعَلَاء الْبَغْدَادِيّ)
الدِّمَشْقِي حِين كَانَ بِالْقَاهِرَةِ وَحضر دروس القَاضِي وتنزل فِي الْجِهَات وخطب بالزينية وتكسب بِالشَّهَادَةِ. مُحَمَّد الْمُحب أَبُو عبد الله شَقِيق الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَكْبَر. ولد فِي سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَالْمُحَرر وَسمع مَعَ أَبِيه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية بل سمع مَعَه قبل ذَلِك سنة خمس وَأَرْبَعين على ابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَابْن بردس بِحَضْرَة الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ شَيْئا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ منجمعا سَاكِنا جيد الْكِتَابَة خطب بالزينية بعد أَبِيه فَإِنَّهَا مَعَ تدريس الفخرية وَغَيرهَا من جِهَات أَبِيه قررت بَينه وَبَين أَخِيه بل كَانَ باسمه إدارة بالبيمارستان برغبة ابْن الْقطَّان لَهُ عَنْهَا أهين من الأتابك أزبك بِسَبَبِهَا وَمَا سمح باستمرار الْوَظِيفَة مَعَ عَمه إِلَّا بِجهْد. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس أَبُو نصر بن الْعِزّ بن الشَّمْس اللاري الشَّافِعِي. شَاب لطيف حسن التَّصَوُّر لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَقَرَأَ على الثلاثيات وَقَالَ لي أَن مولده فِي رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَأَنه أَخذ عَن الْجمال الْمَشْهُور بأخي فنونا وَعمر رِسَالَة كتبهَا برسم الْأَمِير نظام الدّين
عَلَاء الْملك بن الْمعِين جاهنشاه وَقَرَأَ بَعْضهَا بحضرتي وَكَذَا سمعته ينشد قَوْله:
(تركنَا كل شَيْء غير ليلى
…
وأطلب وَصلهَا يَوْمًا وليلا)
وَهُوَ من رُؤَسَاء ناحيته. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد النَّاصِر بن عبد الْعَزِيز بن رشيد بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين بن الْكَمَال الشَّمْس الْمَعْرُوف بالشيخ ابْن نَاصِر الدّين بن الْعِزّ بن الرشيد التوريزي الأَصْل ثمَّ المنصوري القاهري السعودي الشَّافِعِي. ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس الْمحرم سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ بقنطرة أَمِير حُسَيْن وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ والمنهاج وألفية ابْن ملك وعرضهما على الْجلَال البُلْقِينِيّ وناصر الدّين بن الْبَارِزِيّ وَبحث فِي الْمِنْهَاج عِنْد الشّرف السُّبْكِيّ وَفِي النَّحْو عِنْد الشَّمْس بن الجندي وَكتب فِي ديوَان الْإِنْشَاء بِالْقَاهِرَةِ، وَولي فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ حمايات الذَّخِيرَة والمفرد بِالْوَجْهِ البحري، ولقيه ابْن فَهد والبقاعي بالمنصورة فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ فكتبا عَنهُ أَشْيَاء من نظمه مِنْهَا:
(رجوتك عونا فِي الْمضيق فعندما
…
رجوتك جَادَتْ لي يداك بِكُل مَا)
)
(وَإِنِّي لأثني الْخَيْر فِي كل موطن
…
عَلَيْك وأبدي ذكر جودك حَيْثُمَا)
وَأَنْشَأَ قصَّة ظريفة نظما ونثرا على لِسَان المنصورة فِي قاضيها الشَّمْس بن كميل. مَاتَ قريب الْأَرْبَعين ظنا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن علين يُوسُف الْمجد بن الْجمال بن فتح الدّين الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَهُوَ أكبر إخْوَته، ابْن عَم قَاضِي الْحَنَفِيَّة بهَا عَليّ بن سعيد. ولد فِي أول سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وألفية النَّحْو وَبَعض الْمنَار، وَعرض على عَمه سعيد وَبِه تفقه وعَلى الشهَاب الأبشيطي وَحضر عِنْده فِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذ فِي الْفِقْه أَيْضا بِبَلَدِهِ عَن الْفَخر عُثْمَان الطرابلسي وَفِي النَّحْو أَيْضا والمنطق عَن أَحْمد بن يُونُس وَفِي القراآت عَن عمر النجار وَعبد الرَّحْمَن الششتري، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة أَربع وَسبعين فَأخذ فِي الْفِقْه وَغَيره عَن الْأمين الأقصرائي بل قَرَأَ عَلَيْهِ سنَن ابْن ماجة وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَكَذَا قَرَأَ على الْمُحب بن الشّحْنَة وَغَيره وسافر مِنْهَا إِلَى الشَّام فِي الَّتِي بعْدهَا فَقَرَأَ على الزين خطاب والخيضري فِي البُخَارِيّ وَغَيره، وَدخل حلب وزار بَيت الْمُقَدّس مرَّتَيْنِ وَلما كنت مجاورا بِالْمَدِينَةِ سمع مني وعَلى أَشْيَاء، وَقدم بعد ذَلِك الْقَاهِرَة
أَيْضا فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَقَرَأَ على بعض البُخَارِيّ وَسمع على غير ذَلِك وَأخذ حِينَئِذٍ عَن النظام الْحَنَفِيّ فِي الْفِقْه وأصوله وَكَذَا عَن الصّلاح الطرابلسي وَأبي الْخَيْر بن الرُّومِي وتميز فِي الْفِقْه وشارك فِي غَيره وَله نظم، ودرس بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ بعد الْأذن لَهُ فِي ذَلِك مَعَ عقل وَسُكُون وانجماع، وصاهره يحيى بن شَيْخه الْفَخر الطرابلسي على ابْنَته وَوَجهه للاشتغال. مُحَمَّد نجم الدّين أَخُو الَّذِي قبله. حفظ الْقَدُورِيّ. مُحَمَّد شمس الدّين أَخُو الْأَوَّلين. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ أَيْضا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان أَبُو النَّصْر العجمي الأَصْل الْمَكِّيّ. ولد سنة أَربع عشرَة أَو الَّتِي بعْدهَا ظنا بِمَكَّة وَأمه أم الْحسن نسيم ابْنة الإِمَام أبي الْيمن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضى إِبْرَاهِيم الطَّبَرِيّ، مِمَّن سمع فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين على خالتيه أم الْحسن فَاطِمَة وَأم مُحَمَّد عُلَمَاء المسلسل وتساعيات الرضيى الطَّبَرِيّ وعَلى الأولى فَقَط خماسيات ابْن النقور، وتكررت زيارته لطيبة وَدخل بِلَاد الْعَجم، وَكَانَ فَقِيرا طيب)
النَّفس يسكن كثيرا وَاسِط من هدة بني جَابر على طَريقَة سلفه. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَدفن بتربة أهل أمد من المعلاة. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عِيسَى الولوي بن التَّاج البُلْقِينِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيُقَال أَن وَالِده ابْن أُخْت للسراج البُلْقِينِيّ. ولد فِي خَامِس عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَقيل ثَلَاثَة وَسِتِّينَ بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتدريب وَغَيره، وَعرض التدريب على مُصَنفه خَال وَالِده وجود الْقُرْآن عِنْد الزكي عبد الْعَظِيم البُلْقِينِيّ وَأخذ الْفِقْه عَن السراج وَولده الْجلَال وقريبه الْبَهَاء أبي الْفَتْح وَغَيرهم، والنحو عَن الشَّمْس البوصيري، وَالْأُصُول عَن السراج وَكَانَ يذكر أَنه لَازمه فِي سَماع البُخَارِيّ وَغَيره وَلَيْسَ بِبَعِيد وَكَذَا سمع الزين الْعِرَاقِيّ وأثبته فِي أَمَالِيهِ والهيثمي والشرف بن الكويك فِي آخَرين مِنْهُم الشهَاب البطائحي وَالْجمال الكازروني وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وقارى الْهِدَايَة بل رَأَيْت فِيمَن سمع على الشهَاب الْجَوْهَرِي فِي ابْن ماجة سنة ثَمَان وَتِسْعين مَا نَصه: القَاضِي ولي الدّين مُحَمَّد بن الْجمال عبد الله البُلْقِينِيّ، وَهُوَ مُحْتَمل أَن يكون هَذَا وَلَكِن الظَّاهِر أَنه غَيره، وَحج قَدِيما رجبيا وجاور بَقِي السّنة وَدخل دمشق مَعَ الْجلَال البُلْقِينِيّ وَكَانَ نَائِبه وَحكم عَنهُ فِي بِلَاد الشَّام وَغَيرهَا وَكَذَا دخل اسكندرية وَغَيرهمَا واشتغل كثيرا وَكتب بِخَطِّهِ جملَة ولازم الْجلَال فِي التَّقْسِيم
وَغَيره وَكَذَا نَاب عَن من بعده وَجلسَ بالجوزة خَارج بَاب الْفتُوح وَهُوَ من الْمجَالِس الْمُعْتَبرَة للشَّافِعِيّ حَتَّى إِن السراج البُلْقِينِيّ جلس فِيهِ لما ولي صهره الْبَهَاء بن عقيل وَكَذَا بَلغنِي عَن القاياتي أَن التقي السُّبْكِيّ جلس فِيهِ فَالله أعلم، بل نَاب بالمحلة الْكُبْرَى. وَكَانَ شَيخنَا مَعَ محبته لَهُ يعتب عَلَيْهِ فِي السَّعْي على قَرِيبه الشهَاب بن العجيمي فِي قَضَائهَا وَحدث باليسير سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ المسلسل بِسَمَاعِهِ لَهُ من لفظ ابْن الكويك وَكَانَ إنْسَانا حسن شهما حاد الْخلق كثير الاستحضار للتدريب فِي أول أمره جَامِدا بِأخرَة لَا سِيمَا حِين لقيناه حسن الْمُبَاشرَة للْقَضَاء عفيفا كتبت فِي تَرْجَمته من معجمي مَا يعد ف حَسَنَاته. وَقد تزوج القَاضِي علم الدّين ابْنَته فأولدها فَاطِمَة وَأَبا الْبَقَاء وَغَيرهمَا. وَمَات فِي شَوَّال سنة خمس وَخمسين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْجمال الْعَوْفِيّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما والآتي ابْنه أَبُو النجا مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن)
الزيتوني. خطب بِجَامِع الطواشي وتكسب شَاهدا، وَكَانَ سَاكِنا. مَاتَ سنة سبعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن الرضى مُحَمَّد بن أبي بكر بن خَلِيل الْقرشِي الْأمَوِي العثماني الْمَكِّيّ الْمَاضِي حفيده قَرِيبا. أجَاز لَهُ فِي سنة خمس الْعِرَاقِيّ والهيثمي وَابْن صديق والزين المراغي وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي. وَمَات بِمَكَّة فِي آخر لَيْلَة مستهل الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ أَو الَّتِي قبلهَا. وَقَالَ ابْن فَهد مرّة: سنة بضع وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَطاء بن جميل بن فضل بن خير بن النُّعْمَان الْفَخر بن الْكَمَال الْأنْصَارِيّ السكندري الْمَالِكِي ابْن أخي الْجمال عبد الرَّحْمَن قَاضِي مصر والماضي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن خير. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَمَات فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري رَجَب سنة أَرْبَعِينَ ذكره البقاعي مُجَردا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد بن خلف التَّمِيمِي الونسي المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن المحجوب. ولد سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة بتونس، ذكره البقاعي مُجَردا وَهُوَ مِمَّن لَقيته ظنا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الضياء مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي المكارم أَبُو الْخَيْر الْحَمَوِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الضياء. سمع على الزين المراغي الْكثير وَقَرَأَ فِي التَّنْبِيه حفظا وَبحث مِنْهُ جانبا على قَاضِي مَكَّة الْمُحب بن الْجمال ابْن ظهيرة وَكَانَ كثير الْمُلَازمَة لَهُ وَيكْتب عَنهُ بعض الإسجالات وتبصر بِهِ فِي
الْفِقْه مَعَ حَيَاء وَخير وَدين. توفّي فِي ضحى يَوْم الْأَرْبَعَاء مستهل جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة عَن نَحْو ثَلَاثِينَ سنة. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الشَّمْس بن الْجمال الْكِنَانِي المتبولي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ ابْن أخي عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَاضِي وَقَرِيب الشَّيْخ إِبْرَاهِيم المتبولي، وَيعرف بِابْن الرزاز. ولد تَقْرِيبًا سنة تسعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا وَسمع ابْن أبي الْمجد والتنوخي والعراقي والهيثمي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ يَسِيرا وَكَانَ خيرا مديما للتلاوة، وتعلل مُدَّة وأضر وَلزِمَ بَيته حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسبعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد رحمه الله.)
(قَالُوا ابْن مُفْلِح أكمل قُلْنَا نعم
…
فِي نَقصه فِي كل أَمر يصلح)
(كذبا وبهتانا وجهلا قد حوى
…
فَهُوَ الَّذِي لَا يرتضيه مصلح)
مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى الأفنيشي ثمَّ الْعَبَّادِيّ ثمَّ القاهري
الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالعبادي. ولد بافنيش فِي نواحي منية عباد من الغربية وتحول إِلَى الْقَاهِرَة قبل بُلُوغه فقطن الْأَزْهَر وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره ولازم دروس بلديه السراج بل قَرَأَ على أبي الْقسم النويري فِي النَّحْو، وجود الْكِتَابَة وَكتب الْكثير يُقَال من ذَلِك مَا يزِيد على مائَة مصحف وتنزل فِي جِهَات كَثِيرَة وأقرأ فِي طبقَة الزِّمَام وباشر ديوَان نوروز الظَّاهِرِيّ جقمق الدوادار الْكَبِير للأتابك أزبك وَأحد العشرات أَظُنهُ بعناية بلديه سَالم، واستنابه سَالم فِي خزن الْكتب بالمحمودية وَلم يحسن مباشرتها وتولع بالشعر فَكَانَ ينظم مِنْهُ مَا لَا يذكر مَعَ توهمه الإجادة وَأَظنهُ كَانَ يقْرَأ الجوق، وَكَانَ كثير الْإِقْدَام وَله حركات آخرهَا مَعَ ابْن حجاج)
وانتزع مِنْهُ نصف العمالة بالسابقية لكَونه كَانَ مقررا فِيهَا ثمَّ رغب عَنْهَا، وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَتِسْعين بعد تعلل مُدَّة وَقد زاحم الثَّمَانِينَ رحمه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن وهاس الشريف الحسني الحرضي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي.
مِمَّن لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَتِسْعين فَسمع مني بحرمها المسلسل وَهُوَ من الْخِيَار.
مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى بن يحيى بن قَاسم بن خلف الأزيرق. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْبَدْر بن الْجمال السمنودي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. خَلفه فِي تدريس القطبية الْمُجَاورَة للصاحبية ثمَّ انتزعها مِنْهُ زين العابدين بن الْمَنَاوِيّ فِي أبام أَبِيه وَكَذَا كَانَ باسمه الْإِعَادَة بمدرسة أم السُّلْطَان وخزن كتبهَا وَكتاب السَّبِيل بهَا وغمامتها شركَة لِعبيد الهيتي فِي الْإِمَامَة خَاصَّة. مَاتَ بعد السِّتين ظنا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْبَدْر بن العصياتي. صَوَابه ابْن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب وَقد مضى. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْعمريّ أحد أَعْيَان موقعي الدست ووالد نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن كَاتب السمسرة، كَانَ شَيخا فَاضلا ماهرا فِي صناعته حشما وجيها عِنْده دعابة وخفة روح ولي قَدِيما نِيَابَة كِتَابَة السِّرّ ثمَّ عَاد إِلَى التوقيع حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء عشري شعْبَان سنة تسع وَعشْرين عَن نَحْو شبعين سنة، وَهُوَ مِمَّن قرض سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَأنْشد عَنهُ أَن الْكَمَال الدَّمِيرِيّ كتب إِلَيْهِ وَهُوَ بِدِمَشْق:
(الصالحية جنَّة
…
والصالحون بهَا أَقَامُوا)
(فعلى الديار وَأَهْلهَا
…
مني التَّحِيَّة وَالسَّلَام)
وَحكي عَنهُ أَنه وجد على حَائِط مَكْتُوبًا: من كَانَت بِهِ حمى الرّبع وَهِي يَوْم بعد يَوْم فليكتب على فَخذه الْأمين قَوْله تَعَالَى: واسألهم عَن الْقرْيَة إِلَى لَا تأتيهم ولتكن الْكِتَابَة فِي يَوْم السبت الَّذِي تَجِيء فِيهِ النّوبَة قبل مجيئها فَإِنَّهَا لَا تجيئه. رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّمْس المنصوري القاهري الشَّافِعِي قريب الشهَاب المنصوري الشَّاعِر ونزيل قنطرة أَمِير حُسَيْن. كَانَ فِي خدمَة شَيخنَا الرَّشِيدِيّ وَلذَا سمع عَلَيْهِ الْكثير بل سمع على شَيخنَا ابْن حجر، وتولع بالأدب ونظم قَلِيلا وَكَذَا تميز فِي لعب)
الشطرنج وَفِي التوقيع وخدم نَائِب صفد وَغَيره، وَحدث قَرَأَ عَلَيْهِ الْعِزّ بن فَهد ثلاثيات الصَّحِيح عَن الرَّشِيدِيّ وأظن أنني سَمِعت من نظمه وَكَانَ حسن الْعشْرَة لطيفا. مَاتَ فِي بِذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وَأَظنهُ قَارب السّبْعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّمْس الهوشاتي الْأَزْهَرِي، مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْعِزّ الْمَالِكِي. أَخذ عَن الشهَاب المغراوري وَغَيره وَفضل وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير كالعبر للذهبي وَأم بكمشبغا الجمالي صَاحب الرّبع بِالْقربِ من الأشرفية برسباي وسكنه هُوَ وَأَخُوهُ فِي الله الْكَمَال بن الْهمام وقتا وَكَانَ كل مِنْهُمَا حسن العقيدة فِي الآخر وسافر مَعَه قَدِيما إِلَى الشَّام، وَكَانَ نيرا سَاكِنا غَايَة فِي الزّهْد وَالْعِبَادَة والورع والتحري والانجماع عَن النَّاس والتقنع زرته ودعا لي وَسمع بِقِرَاءَتِي على الْكَمَال. وَمَات بعده بِخَمْسَة وَأَرْبَعين يَوْمًا فِي أَوَائِل ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَدفن بحوش الْأَشْرَف إينال لكَونه كَانَ غضب لعدم دفن الْكَمَال بِهِ وَقد جَازَ السّبْعين بِكَثِير فِيمَا أَظن وَنعم الرجل كَانَ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد مظفر الدّين بن حميد الدّين بن سعد الدّين الكازروني نزيل مَكَّة. برع فِي فنون وتصدى للإقراء بِمَكَّة فَقَرَأَ عَلَيْهِ القطب وحاشيته للسَّيِّد الْفَخر أَبُو بكر بن ظهيرة وَكَذَا قَرَأَ على قَاضِي الْحَنَابِلَة بِمَكَّة والشهاب بن خبطة وأقرأ غير ذَلِك كالطب، وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة سبعين ونوزع فِي دعاويه وَتكلم مَعَه الكافياجي وَغَيره وَعقد لَهُ مجْلِس وَمَا أنصف وَلم يلبث أَن رَجَعَ وَمَات، وَبَالغ ابْن الأسيوطي فِي تقبيحه وَوَصفه بالمبتدع الرافضي الفلسفي وَأَنه قد غلبت عَلَيْهِ الْعُلُوم الفلسفية حَتَّى أخرجته عَن سنَن السّنة المرضية وأدته إِلَى الرَّفْض وبغض الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم ثمَّ إِلَى اللّعب بِالْقُرْآنِ وَالْقَوْل فِيهِ بِالرَّأْيِ وتنزيله على الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم ثمَّ إِلَى اللّعب بِالْقُرْآنِ وَالْقَوْل فِيهِ بِالرَّأْيِ وتنزيله على قَوَاعِد الفلسفة وَشرح كائنته كَمَا كتبتها فِي مظفر من الْكَبِير. وَقَالَ النَّجْم بن فَهد: كَانَت لَهُ يَد فِي الطِّبّ والمنطق والفلسفة عَار من الشرعيات بِالْكُلِّيَّةِ لَا يحسن من الْفِقْه شَيْئا وَله نظم كالأعاجم وَيمْكث الْأَيَّام المتطاولة يحاول إنْشَاء رِسَالَة أَو نَحْوهَا
وَلَا يَأْتِي بِشَيْء، كل ذَلِك مَعَ كَونه ضنينا بِنَفسِهِ متحسرا على عدم تَعْظِيم الْأَطِبَّاء بِبِلَاد الْعَرَب لكَوْنهم فِي بِلَاده كَمَا زعم يحكمون على قُضَاة الْقُضَاة سِيمَا وَكَاتب السِّرّ غَالِبا لَا يكون إِلَّا مِنْهُم.)
وَدخل الْهِنْد ودام بهَا حَتَّى مَاتَ مسموما فِيمَا قيل.
مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد العلمي بن بيرم. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن خَلِيل. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الغمري الخانكي مؤدب الْأَطْفَال بهَا وغاسل الْأَمْوَات، مِمَّن يجيد حفظ الْقُرْآن وَيعرف بالخواص. أَقَامَ بِمَكَّة مُدَّة وَتزَوج ابْنة الصَّفَدِي الحاشر بهَا مِمَّن سمع مني بهَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. وَمَات قبيل التسعين. مُحَمَّد بن عبد الله بن مُوسَى بن رسْلَان بن زين الدّين مُوسَى بن إِدْرِيس بن مُوسَى بن موهوب الْبَدْر أَبُو عبد الله بن الْجمال أبي مُحَمَّد بن الشّرف أبي البركات السّلمِيّ بِضَم الْمُهْملَة الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. ولد فِي ذِي الْحجَّة لَيْلَة عَرَفَة سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وأحضر وَهُوَ فِي الْخَامِسَة فِي عَاشر رَمَضَان سنة ثَمَان وَخمسين على الْعِمَاد بن كثير الْحَافِظ منتقى من رَابِع حَدِيث سَعْدَان بِسَمَاعِهِ على الحجار وَسمع على مُحَمَّد بن مُوسَى بن سُلَيْمَان الشيرجي جُزْء الْأنْصَارِيّ مَعَ الْفَوَائِد وعَلى الشَّمْس مُحَمَّد بن مُوسَى بن سَنَد الْحَافِظ بعض الْمِائَة انتقاء العلائي من مشيخة الْفَخر وَمن الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الْموصِلِي قصيدة من نظمه أَولهَا: جواني لسواكم قطّ مَا جنحت وَمن الشَّمْس الْخفاف أَيْضا قصيدة من نظمه أَولهَا: زارت فتاها وَعقد الشّعْر محلول وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وأسمع ابْن نَاصِر الدّين طلبته عَلَيْهِ بعض جُزْء الْأنْصَارِيّ وَوَصفه بِالْعلمِ وَالْفضل. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه وَلكنه لم يزدْ على مُحَمَّد بن عبد الله الشَّيْخ بدر الدّين السّلمِيّ. مُحَمَّد بن عبد الله بن نجم الصفي أَبُو عبد الله الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الصفي بِالتَّخْفِيفِ. ولد سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِبَيْت لهيا من دمشق وَنَشَأ بِدِمَشْق فَقَرَأَ القرآ عِنْد جمَاعَة مِنْهُم الزين عبد الرَّحْمَن بن بوري وَقَرَأَ الْخرقِيّ وتفقه بِأبي شعر وَغَيره وَسمع جُزْء الْجُمُعَة على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَكَذَا سمع على الطوباسي وَغَيرهمَا وَحج وَكَانَ عَالما ورعا عفيفا زاهدا قدوة لَقيته بالصالحية فَقَرَأت عَلَيْهِ بمدرسة أبي عمر مِنْهَا جُزْء الْجُمُعَة. وَمَات فِي سادس عشري رَمَضَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَدفن من يَوْمه)
بالروضة فِي سفح قاسيون بعد أَن صلي عَلَيْهِ بالجامع المظفري وَكَانَت جنَازَته حافلة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن نشابة الْأَشْعَرِيّ الحرضي بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ ومعجمة
ثمَّ العريشي بِمُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ مَكْسُورَة وشين مُعْجمَة نِسْبَة لقرية يُقَال لَهَا عَرِيش من عمل حرض وحرض آخر بِلَاد الْيمن من جِهَة الْحجاز بَينهَا وَبَين حلي مفازة الْفَقِيه الشَّافِعِي وَالِد عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي، ذكره الأهدل فِي ذيله لتاريخ الجندي وَقيد وَفَاته فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو الَّتِي بعْدهَا. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن عُثْمَان بن عَرَفَة أَبُو عبد الله الحساني الأربسي بِفَتْح الْهمزَة ثمَّ رَاء سَاكِنة وموحدة مَضْمُومَة بعْدهَا مُهْملَة نِسْبَة لبلد من تونس التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي قَاضِي الركب. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بأربس وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَأَشْيَاء كبانت سعاد والبردة وَتردد لتونس للاشتغال عِنْد إِبْرَاهِيم الأخضري وَمُحَمّد الرصاع وَأحمد النخلي وَأحمد السلاوي فِي آخَرين فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا وتميز فِي الْفَضِيلَة، وَحج مرَارًا وَهُوَ قَاضِي ركب المغاربة سِنِين، وقصدني فِي الْمحرم سنة تسعين فَأخذ عني بقرَاءَته الْيَسِير من الصَّحِيحَيْنِ والموطأ وَالشَّمَائِل وَغَيرهَا مَعَ بَانَتْ سعاد والبردة من حفظه وَسمع مني غير ذَلِك وشاركه فِي جله وَلَده مُحَمَّد الْأَكْبَر، وكتبت لَهما ذَلِك فِي إجَازَة حافلة، وَكَذَا استكتبني فِي بعض الاستدعاآت وَتردد إِلَى غير مرّة مغتبطا وَسمع بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا على أبي الْحسن على حفيد يُوسُف العجمي وبمكة على مُحَمَّد بن أبي الْفرج المراغي الْمدنِي وحسين الفتحي وَهُوَ إِنْسَان نير عَاقل فَاضل متحر فِي نَقله وَكَلَامه اسْتَفَدْت مِنْهُ جمَاعَة من المغاربة وكتبت عَنهُ من نظمه مَا كتب بِهِ على شرح بَانَتْ سعاد لصَاحبه عمر بن عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَهُوَ قَوْله:
(لَك الْفضل يَا شيخ الحَدِيث مَعَ الْعلي
…
لَدَى نَاظر بِالْحَقِّ لَا بعناد)
(بشرحك بَانَتْ بَان مَا قد ذكرته
…
وإيضاحك الْمَعْنى بِوَجْه سداد)
(وجمعك فِي الْإِرْشَاد علما منوعا
…
لُغَات وإعرابا ورمز مُرَاد)
(لإحيائك المنظوم فِي مدح أَحْمد
…
وَلَا زلت مأجورا ليَوْم معاد)
(تقبل مِنْك الله ذَاك بجوده
…
وجازاك مَا جازاه خير عباد)
)
وَأَظنهُ مَاتَ بعد السِّتين وقارب السّبْعين. مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف بن عبد الْحق الْفَاضِل أَبُو عبد الله التّونسِيّ الأَصْل المغربي الْمَالِكِي قدم الْقَاهِرَة فَنزل البرلس عِنْد عالمه الشهَاب بن الأقيطع، وَحفظ الْقُرْآن والرسالة والمختصر وألفية النَّحْو وَالتَّلْخِيص وَلم يكمله والمصباح للبيضاوي ولازمه فِي الْفِقْه والأصلين والفرائض والحساب وَالْغُبَار والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا وتميز، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فَقَرَأَ على السنهوري فِي الْفِقْه وَسمع فِي أُصُوله وَفِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا عَن ابْن قَاسم وَتردد للجوجري والأبناسي وَغَيرهمَا من فضلاء الْوَقْت للاستفادة وَقَرَأَ على الْكثير من ألفية الْعِرَاقِيّ بحثا وَغَيرهَا وَكَذَا سمع مني وَعلي أَشْيَاء وَأكْثر من حُضُور الأمالي، وَبَلغنِي أَنه كتب على مُخْتَصر ابْن عَرَفَة فِي الْفَرَائِض قِطْعَة وَإنَّهُ حج وَأسر مَعَ الحبالصة فَأَقَامَ عِنْدهم أشهرا وزار بَيت الْمُقَدّس، وَكَانَ عَاقِلا سَاكِنا دينا قانعا عفيفا ريضا مشاركا فِي الْفَضَائِل وَرُبمَا أَقرَأ بعض الطّلبَة، أَقَامَ بأسكندرية يَسِيرا وَتزَوج من تروجة وَصَارَ يتَرَدَّد بَينهمَا مَعَ تكسب بالخياطة قبل ذَلِك وَبعده فِي خلوته أَو ببيته حَتَّى مَاتَ بالثغر فِي أَوَاخِر شعْبَان أَو أَوَائِل رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ عَن أَزِيد من أَرْبَعِينَ سنة وَنعم الرجل كَانَ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف الججاوي الْحَنْبَلِيّ وَأَخْطَأ من قَالَ الْحَنَفِيّ، ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَقَالَ إِنَّه ذكر أَنه سمع من الصّلاح بن أبي عمر والمحب الصَّامِت، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: أجَاز لأولادي سنة سبع وَعشْرين وَلم يزدْ. مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف الصَّدْر بن التَّاج بن النُّور الباسكندي الهرموزي الشَّافِعِي)
قاضيها ابْن عَم يُوسُف بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْآتِي. مِمَّن أَخذ عَنْهُمَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم وَكَانَ بعد الْخمسين. مُحَمَّد بن عبد الله بن الرِّفَاعِي. شهد على ابْن عَيَّاش فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بِإِجَازَة عبد الأول. مُحَمَّد بن عبد الله أَمِين الدّين الصَّفَدِي، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ كَانَ من مسلمة السامرة وَسكن دمشق بعد الكائنة الْعُظْمَى وَكَانَ عَالما بالطب مستحضرا وَلكنه لم يكن ماهرا بالمعالجة بل إِذا شخص لَهُ غَيره الْمَرَض نقل أَقْوَال أهل الْفَنّ
فِيهِ وَكَذَا كَانَ بارع الْخط فرتب موقعا، واعترته فِي آخر عمره غَفلَة بِحَيْثُ صَار يسْأَل عَن الشَّيْء فِي حَال كَونه يَفْعَله فينكره لشدَّة ذُهُوله. مَاتَ فِي صفر سنة خمس عشرَة.
مُحَمَّد بن عبد الله الْبَدْر السّلمِيّ. فِيمَن جده مُوسَى بن رسْلَان. مُحَمَّد بن عبد الله التَّاج بن الْجمال القليوبي الخانكي الشَّافِعِي إِمَام الخانقاه الناصرية بسرياقوس وسبط الشَّمْس القليوبي. مَاتَ سنة بضع وَثَمَانِينَ وَخَلفه فِي الْإِمَامَة أَخُوهُ أَحْمد شَرِيكا لغيره، وَكَانَ لسنا كوالده وَإِخْوَته وَأحد الشُّهُود بهَا مِمَّن يدارى.
مُحَمَّد بن عبد الله الْجمال الكازروني. كَذَا وَقع فِي إنباء شَيخنَا. وَصَوَابه مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود وَقد مضى. مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله البعداني الأَصْل الْمدنِي وَيعرف بالمسكين وَيُقَال لَهُ الْعَوْفِيّ أَيْضا. ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ بهَا وَسمع على ابْن صديق فِي سنة سبع وَتِسْعين الصَّحِيح بفواتات يسيرَة. أجَاز لي. وَمَات سنة ثَمَان وَخمسين. مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس القاهري وَيعرف بِابْن سمنة قاري الحَدِيث. مَاتَ فِي الْمحرم سنة سبع وَخمسين أرخه ابْن الْمُنِير. مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس بن الغمري. فِيمَن جده مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس الزفتاوي. فِيمَن جده أَحْمد. مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس الصعيدي الشَّافِعِي نزيل الْحَرَمَيْنِ ومؤدب الْأَطْفَال بِمَكَّة بِبَاب خرورة وَأحد مؤذنيها نِيَابَة وَيعرف بالمدني مِمَّن أَقرَأ الْأَبْنَاء طبقَة بعد أُخْرَى وجود الْخط وَكتب بِهِ جملَة وَرَأَيْت مِنْهَا الشفا نُسْخَة هائلة وَرُبمَا كتب للنَّاس وَكَانَ فَاضلا صَالحا استفيض الثَّنَاء عَلَيْهِ. مَاتَ فِي صفر سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَظنهُ قَارب السّبْعين وَهُوَ أفضل)
من فَقِيه مَكَّة الْأُخَر مكي.
مُحَمَّد بن عبد الله الشَّمْس القليوبي. فِيمَن جده أَبُو بكر. مُحَمَّد بن عبد الله الصَّدْر بن الْجمال الرُّومِي الْحَنَفِيّ. هَكَذَا ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
وَصَوَابه ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل. مُحَمَّد بن عبد الله نَاصِر الدّين التروجي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي أحد نواب الْمَالِكِيَّة. مَاتَ سنة ثَلَاث وَكَانَ مشكورا. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه وَلم يسم المقريزي فِي عقوده أَبَاهُ وَإنَّهُ مَاتَ فِي صفر وَإِن الْكَمَال الدَّمِيرِيّ رَآهُ بعد مَوته وَسَأَلَهُ: مَا فعل الله بك فَقَالَ: إِن ساتطعت أَن لَا تتْرك بعْدك مَالا فافعل. مُحَمَّد بن عبد الله نَاصِر الدّين الدِّمَشْقِي العقبي، قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ جنديا يُبَاشر فِي الاستادارية ثمَّ ترك ذَلِك وَلبس بزِي الصُّوفِي وَصَحب أَبَا بكر
الْموصِلِي ثمَّ بنى زَاوِيَة بِالْعقبَةِ الصُّغْرَى وَعمل شيخها وَأنزل بهَا فُقَرَاء فَكَانَ يُطعمهُمْ فَكثر أَتْبَاعه وَصَارَ يتكسب من المستأجرات وَكَانَ حسن الشكل واللحية بهي المنظر. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة من ثَلَاث وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عبد الله نَاصِر الدّين الْمحلى الشَّافِعِي نزيل مَكَّة. ذكره الفاسي وَقَالَ أَظُنهُ حفظ الْمِنْهَاج الفرعي فقد كَانَ يذاكر بمسائل مِنْهُ وعانى الشَّهَادَة والوثائق وناب فِي بعض أَعمال الْمحلة الْكُبْرَى عَن قاضيها صهره الْعِزّ بن سليم، وَكَذَا عانى التِّجَارَة وَتردد لأَجلهَا مَرَّات إِلَى عدن، وجاور بِمَكَّة سِنِين كَثِيرَة وبالمدينة أشهرا، وَتوجه من مَكَّة قَاصِدا وَادي الطَّائِف فَسقط من الْبَعِير الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَاكِبًا فَحمل إِلَى مَكَّة فَمَاتَ قبل وُصُوله إِلَيْهَا وَغسل بِالْأَبْطح وَدفن بالمعلاة وَذَلِكَ فِي أحد الربيعين سنة عشْرين وَأَظنهُ بلغ السّبْعين، وَفِيه دين وَخير. مُحَمَّد بن عبد الله ولي الدّين السنباطي القاهري الْمَالِكِي ويلقب حصيرم. كَانَ شَيخا مسنا متساهلا مزري الْهَيْئَة يَنُوب عَن قُضَاة مذْهبه وَيَزْعُم أَنه أَخذ عَن بهْرَام وَغَيره وَلَيْسَ بِثِقَة. مَاتَ فِي أول ربيع الأول أَو آخر الَّذِي قبله سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَيُقَال إِن أَبَاهُ كَانَ أسلميا فتكسب بِالتِّجَارَة فِي الشّرْب ثمَّ افْتقر وَعمل دلالا فَالله أعلم. مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الأرميوني ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمَذْكُور بالشرف وَهُوَ)
بكنيته أشهر، وأرميون بالغربية حفظ الْقُرْآن واشتغل فِي الْفِقْه والنحو والأصلين وبرع فِي النَّحْو وشارك فِي غَيرهَا وَمن شُيُوخه السنهوري والشمني والحصني ولازمه والْعَلَاء الحصني وَمُحَمّد الطنتدائي الضَّرِير. مَاتَ سنة إِحْدَى وَسبعين وَلم يبلغ الثَّلَاثِينَ، وَكَانَ خيرا، وَبَلغنِي عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول: لَا ينشرح صَدْرِي للبس شظفة الشّرف، لتوقفه فِي ذَلِك رحمه الله.
مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْفَيْض الْحلَبِي. صَوَابه مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله.
مُحَمَّد بن عبد الله البُخَارِيّ ثمَّ الْخَوَارِزْمِيّ وَيعرف بِكَمَال ريزة. يَأْتِي فِي كَمَال من الألقاب وَينظر إِن كَانَ من شرطا. مُحَمَّد بن عبد الله البرموني الأَصْل الدَّمِيرِيّ الْمَالِكِي نزيل زَاوِيَة الْحَنَفِيّ مِمَّن تخرج بِأبي الْعَبَّاس الْحَنَفِيّ فِي الْعَرَبيَّة والأصلين والتصوف وبابن كتيلة فِي الْفِقْه والتصوف، وَسمع على شَيخنَا وَعرض عَلَيْهِ الرسَالَة وَأَجَازَهُ، وَحج وتصدر للإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْفِقْه والعربية إِبْرَاهِيم الدَّمِيرِيّ وشكره لي غير وَاحِد وَإنَّهُ صَاحب كرامات مديم لتعليم الْأَبْنَاء.
مُحَمَّد بن عبد الله التركماني القبيباتي الدِّمَشْقِي وَيعرف بالقواس. شيخ صَالح زاهد عَابِد لَهُ زَاوِيَة غربي الْمصلى ظَاهر دمشق مُقيم بهَا وَله أَصْحَاب ومريدون وحلقة ذكر بالجامع الْأمَوِي عَظِيمَة مَقْصُود بالزيارة، وَكَانَ مِمَّن صَاحب أَبَا بكر الْموصِلِي دهرا وَغَيره من الأكابر. قَالَ التقي بن قَاضِي شُهْبَة: وَكَانَ يجيد تَعْبِير الرُّؤْيَا عَن صَلَاح لَا علم. مَاتَ بزاويته عَن أَزِيد من مائَة فِيمَا قيل لَيْلَة الْجُمُعَة سادس ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَلم يظْهر عَلَيْهِ الْهَرم رحمه الله. مُحَمَّد بن عبد الله التنسي نِسْبَة لتنس من أَعمال تلمسان المغربي الْمَالِكِي. بَلغنِي فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بِأَنَّهُ حَيّ مُقيم بتلمسان جَازَ السِّتين مشار إِلَيْهِ بِالْعلمِ، وَله تصانيف.
بل قيل إِنَّه صنف فِي إِسْلَام أبي طَالب جُزْءا كَمَا هُوَ مَذْهَب بعض الرافضة. مُحَمَّد بن عبد الله الججيني الْحَنَفِيّ ويلقب الْقطعَة ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: كَانَ من أَكثر الْحَنَفِيَّة معرفَة باستحضار الْفُرُوع وجمود ذهنه وَكَونه رَدِيء الْخط إِلَى الْغَايَة رث الْهَيْئَة خاملا. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة.)
(بقراط مسموما مضى لسبيله
…
ومبرسما قد مَاتَ افلاطون)
(وَمضى أرسطاطاليس مسلولا وجا
…
لينوس مَاتَ وَإنَّهُ مبطون)
(مَا إِن دَوَاء الدَّاء إِلَّا عِنْد من
…
إِن قَالَ للمعدوم كن فَيكون)
مُحَمَّد بن عبد الله الحمامي مِمَّن سمع مني قريب التسعين. مُحَمَّد بن عبد الله الخردقوشي أحد المعتقدين. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة.
أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عبد الله الْخَواص أحد المعتقدين أَيْضا بِمصْر. مَاتَ بالوراريق فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس. ذكره شَيخنَا أَيْضا. مُحَمَّد بن عبد الله الزهوري العجمي. مِمَّن يعْتَقد للظَّاهِر برقوق فَمن بعده وَيُسمى مجذوبا. كَانَت غَالب إِقَامَته بقلعة الْجَبَل فِي دور حرم السُّلْطَان وَيُقَال إِنَّه قَالَ لَهُ يَا برقوق أَنا آكل فراريج وَأَنت تَأْكُل دجاجا وَأَنه أَشَارَ بِمَوْتِهِ ثمَّ يَمُوت برقوق من بعده بِمِقْدَار مَا يكبر الْفروج فَكَانَ كَذَلِك، وَرُبمَا نسبت هَذِه الْمقَالة
لمُحَمد بن سَلامَة النويري الْمغرب الْمَعْرُوف بالسكندري أحد أخصاء الظَّاهِر أَيْضا مَاتَ فِي أول صفر سنة إِحْدَى. وَقيل إِن الظَّاهِر لما مَاتَ دَاخله الْوَهم فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي شوالها. مُحَمَّد بن عبد الله العجمي السقاء بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام كأبيه. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الله الْعمريّ. قرض سيرة الْمُؤَيد لِابْنِ ناهض، وَاسم جده مُحَمَّد مضى. مُحَمَّد بن عبد الله الْكَاهِلِي. مَاتَ بِمَدِينَة إب سنة سبع وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عبد الله المازوني نزيل تلمسان. مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عبد الله الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ الطَّبِيب وَيعرف بالخضري بمعجمتين الأولى مَضْمُومَة وَالثَّانيَِة مَفْتُوحَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: كَانَ يعاني الطِّبّ والكيمياء وَالنَّار نجيات والنجوم وَأقَام بِمَكَّة مُدَّة مجاورا، ولقيته بهَا سنة سِتّ ثمَّ دخل الْيمن فَأقبل عَلَيْهِ)
سلطانهخا النَّاصِر فَيُقَال إِن طَبِيب النَّاصِر دس عَلَيْهِ من سمه فَهَلَك فِي سنة ثَمَان وَكَانَ هواتهم بِأَنَّهُ دس على الرئيس الشهَاب الْمحلى التَّاجِر سما فَقتله فِي آخر سنة سِتّ. مُحَمَّد بن عبد الله المغربي نزيل بَيت الْمُقَدّس وَيعرف بفولاد، قدم بَيت الْمُقَدّس فِي حُدُود التسعين وَسَبْعمائة فَانْقَطع فِيهِ لِلْعِبَادَةِ خَاصَّة وداوم الْجَمَاعَات وَأكْثر فِي كل سنة الْحَج والزيارة حَتَّى قيل إِنَّه حج مَا ينيف على سِتِّينَ مرّة غالبها مَاشِيا واشتهر بالصلاح بَين الْخَاص وَالْعَام وَذكرت لَهُ كرامات جمة وأموال مهمة. وَقد تَرْجمهُ ابْن قَاضِي شُهْبَة فَقَالَ: كَانَ رجلا صَالحا مَشْهُورا لَهُ حجات كَثِيرَة تزيد على السِّتين أَكْثَرهَا على أقدامه وَله اجْتِمَاع بالأولياء وكشف، وَأما التقي الحصني فَإِنَّهُ لم يكن إِذا قدم بَيت الْمُقَدّس ينزل عِنْد أحد سواهُ وَلَا يَأْكُل لغيره فِيهِ طَعَاما وَوَصفه فِي بعض تعاليقه بالسيد الْجَلِيل وناهيك بِهَذَا من مثله.
مَاتَ بعد رُجُوعه من الْحَج فِي صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ. مُحَمَّد بن عبد الله الْمقري أحد الْمُفْتِينَ بتعز وَكَانَ عَارِفًا بالفرائض والحساب مِمَّن تفقه فِيهِ بالجمال مُحَمَّد بن أبي الْقسم الضراسي. مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ، ذكره الْعَفِيف. مُحَمَّد بن عبد الله النفياني ثمَّ القاهري أحد أَصْحَاب الغمري وأخو أَحْمد وعَلى مِمَّن هدَاهُم الله لِلْإِسْلَامِ وَأَعْطَاهُمْ الظَّاهِر جقمق رزقة، وَقَرَأَ الْقُرْآن وَسمع الْكثير على شَيخنَا وَغَيره حَتَّى سمع عَليّ وبقراءتي أَشْيَاء وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَغَيرهَا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشر شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد
وَأَظنهُ جَازَ السِّتين رحمه الله. مُحَمَّد بن أبي عبد الله الْمُنْتَصر حفيد أبي فَارس والمستقر بعده. هُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز يَأْتِي. مُحَمَّد بن عبد الْأَحَد بن عَليّ الشَّمْس القاهري النَّحْوِيّ سبط ابْن هِشَام وَيعرف بالعجيمي وَسمي الْعَيْنِيّ وَالِده عبد الْأَحَد، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: أَخذ عَن خَاله الْمُحب بن هِشَام وَمهر فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية ولازم الْعَلَاء البُخَارِيّ لما قدم الْقَاهِرَة وَكَذَا لَازم الْبَدْر الدماميني، وَكَانَ كثير الْأَدَب فائقا فِي معرفَة الْعَرَبيَّة ملازما لِلْعِبَادَةِ وقورا سَاكِنا.
مَاتَ فِي عشري شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَدفن بالصوفية وَكَانَت جنَازَته حافلة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد بن القَاضِي أبي الْحسن عَليّ بن أبي بكر الْجمال النَّاشِرِيّ)
الْيَمَانِيّ. ولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الشاطبية والمنهاج الفرعي وألفية ابْن مَالك وتفهمهما بجد واجتهاد حَتَّى تميز وَتعين وَكَانَت أوقاته موزعة على التركير على محفوظاته والمطالعة عَلَيْهَا وَالْكِتَابَة وأنواع الطَّاعَات مَعَ ذكاء وَفهم ونسك وَعلم. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَسبعين. أَفَادَهُ لي بعض الْفُضَلَاء الآخذين عني. مُحَمَّد بن عبد المحسن بن أَحْمد بن حُسَيْن الأهدل الْجمال بن الشَّيْخ شهَاب الدّين حفيد الأهدل. ولد سنة إِحْدَى وَسبعين بِمَكَّة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ ابْن سبع فَكَفَلَهُ زوج أُخْته وَابْن عَمه الْجمال مُحَمَّد وأقرأه الْقُرْآن والإرشاد وَغير ذَلِك وَدخل بعد بُلُوغه الْيمن مَعَ ابْن عَمه الآخر حُسَيْن فَأَقَامَ بهَا نَحْو خمس سِنِين ثمَّ عَاد لمَكَّة وَتزَوج بهَا ولقيني فَحَدَّثته بالمسلسل فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة.
مُحَمَّد بن عبد المحسن بن عبد اللَّطِيف. يَأْتِي فِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد المحسن. مُحَمَّد بن عبد المغيث بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الطواب. وسط فِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين وحزن عَلَيْهِ كَثِيرُونَ من أجل من تَركه من أم وَولد سِيمَا وَلَيْسَ لَهُ ذَنْب ظَاهر وَإِن كَانَ من فساق المباشرين فَإِنَّهُ مِمَّن بَاشر فِي الْمُفْرد بِالْوَجْهِ الغربي عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الْملك بن عبد الْكَرِيم بن يحيى نَاصِر الدّين بن المحيوي بن التقي بن محيي الدّين بن الزكي أسن إخْوَته، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: ولد بعد الْخمسين وَسمع من العرضي وَابْن الجوخي وَغَيرهمَا من أَصْحَاب الْفَخر، وَكَانَ يرجع لدين وعقل، خرج مَعَ الْعَلَاء بن أبي الْبَقَاء لقسم بعض المغلات فَقطع عَلَيْهِم الطَّرِيق فَقتل هَذَا وجرح الآخر وَسقط فظزنوا مَوته فَسلم وَذَلِكَ فِي الْمحرم سنة سِتّ.
مُحَمَّد بن عبد الْملك بن عبد اللَّطِيف بن الجيعان. يَأْتِي فِي أبي الْبَقَاء بن
الجيعان فَهُوَ بكنيته أشهر. مُحَمَّد بن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الْمرْجَانِي. مَاتَ بِمَكَّة سنة ثَمَان وَعشْرين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن دَاوُد بن سُلَيْمَان لابدر أَبُو عبد الله بن الشّرف أبي المكارم الْبَغْدَادِيّ الأَصْل القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمَاضِي أَبوهُ والآتي وَلَده الْبَدْر مُحَمَّد. خلف وَالِده فِي تهدريس الحسنية وَأم السُّلْطَان والصالح وَغَيرهَا وَفِي إِفْتَاء دَار الْعدْل وَقَضَاء الْعَسْكَر فَلم)
تطل مدَّته. وَمَات. مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن أبي الطَّاهِر إِسْمَاعِيل الشَّمْس بن نبيه الدّين الْجَوْجَرِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بَين أهل بَلَده بِابْن نبيه الدّين وَفِي غَيرهَا بالجوجري. ولد فِي إِحْدَى الجماديين وَالظَّن أَنه الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة أَو الَّتِي بعْدهَا بجوجر وتحول مِنْهَا إِلَى الْقَاهِرَة صُحْبَة جده لِأَبِيهِ بعد موت وَالِده وَهُوَ ابْن سبع فأكمل بهَا القرآ وَحفظ الْمِنْهَاج الفرعي مَعَ أَن جده كَانَ مالكيا وَكَذَا الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَعرض بَعْضهَا واشتغل بالفنون فَأخذ النَّحْو بقرَاءَته عَن الحناوي والشهاب السخاوي وَأبي الْقسم النويري وعظمت ملازته لَهُ فِيهِ وَفِي غَيره من الْفُنُون سِيمَا فِي ابْتِدَاء أمره وترعرعه وبقراءة المحيوي الدماطي فِي شرح التسهيل عَن ابْن الْهمام وبقراءة الزين طَاهِر غَالب الْمُغنِي عَن القاياتي فِي آخَرين كالشمني والمحلى والكافياجي بل قَرَأَ الْعَرَبيَّة فِي ابْتِدَائه على الْبَدْر بن الشَّرّ بدار كَمَا قَرَأَ فِي ابْتِدَائه على فقيهه النُّور أخي حُذَيْفَة وَالْفِقْه عَن الشّرف السُّبْكِيّ والونائي والقاياتي وَابْن المجدي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والمحلى والمناوي واشتدت عنايته بملازمته بِحَيْثُ أَخذ عَنهُ التَّنْبِيه وَالْحَاوِي والبهجة والمنهاج تقسيما غير مرّة كَانَ أحد الْقُرَّاء فِيهِ وَغير ذَلِك وَعَن الأول الْحَاوِي وَعَن الثَّانِي مَا عدا الْبَهْجَة مَعَ مَا أقرأه من الرَّوْضَة وَعَن السَّادِس بقرَاءَته شَرحه للمنهاج وَمن الاسْتِسْقَاء فِي الرَّوْضَة إِلَى بيع الْأُصُول وَالثِّمَار ولازمه فِي أَخذ جلّ تصانيفه كشرح الْبردَة وَغَيرهَا وأصوله عَن الْمحلى قَرَأَ عَلَيْهِ شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَالشَّمْس البدرشي قَرَأَ عَلَيْهِ الْجَار بردى والمناوي أَخذ عَنهُ الْبَيْضَاوِيّ وَجمع الْجَوَامِع تقسيما كَانَ أحد الْقُرَّاء فِيهِ فِي آخَرين كالشرواني والشمني والنويري والكافياجي وَأبي الْفضل المغربي وأصول الدّين عَن هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة وَكَذَا الْمعَانِي وَالْبَيَان عَنْهُم مَعَ القاياتي والزين جَعْفَر العجمي نزيل المؤيدية وَمِمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ الْمُخْتَصر والمنطق عَن الْخَمْسَة وَالْعرُوض والقوافي عَن الشهَاب الأبشيطي والفرائض والحساب عَن ابْن المجدي والبوتيجي وَالتَّفْسِير عَن الشمني والكافياجي
وَشَيخنَا وَوَقع لَهُ مَعَه فِيهِ مَا أوردته فِي الْجَوَاهِر، والْحَدِيث عَن شَيخنَا أَخذ عَنهُ شَرحه للنخبة إِمَّا قِرَاءَة أَو سَمَاعا لما عدا الْمجْلس الْأَخير مِنْهُ ظنا واليسير من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ بقرَاءَته بل سمع غالبه وَسمع عَلَيْهِ فِي الْحِلْية وَفِي الْكتب السِّتَّة وَغَيرهَا وَكَذَا سمع على الزين الزَّرْكَشِيّ فِي صَحِيح)
مُسلم بل قَرَأَ الشفا وَالصَّحِيح على القَاضِي سعد الدّين بن الديري وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وَعرف بمزيد الذكاء وَأذن لَهُ غير وَاحِد بالإقراء والإفتاء وتصدى لذَلِك قَدِيما فِي حَيَاة كثير من مشايخه حَتَّى كَانَ الْمحلى يُرْسل لَهُ الْفُضَلَاء للْقِرَاءَة عَلَيْهِ فِي تصانيفه وَغَيرهَا ونوه هُوَ والمناوي بِهِ جدا بل كَانَ الْمَنَاوِيّ يناوله الْفَتْوَى ليكتب عَلَيْهَا واستنابه فِي الْقَضَاء فِي ولَايَته الأولى فباشر قَلِيلا بِحَيْثُ ذكر أَنه لَا يعرف من قَضَائِهِ مِمَّا يضْبط بالحكم سوى أَرْبَعَة قضايا ثمَّ تعفف عَن ذَلِك، هَذَا مَعَ اشْتِغَاله مُعظم عمره بالتكسب فِي بعض الحوانيت بسوق الشّرْب وَكَذَا بالسكر وَنَحْوه بل وَقبل ذَلِك جلس عِنْد الْعِزّ بن عبد السَّلَام شَاهدا حِين كَانَ يتناوب مَعَ غَيره الْقَضَاء فِي جَامع الصَّالح وَحمد الْعُقَلَاء صَنِيعه فِي ترك الْقَضَاء، وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء طبقَة بعد أُخْرَى وَصَارَ بِأُخْرَى شيخ الْقَاهِرَة وقسموا عَلَيْهِ الْكتب فَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ فِي التَّقْسِيم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ الحليبي وَابْن قريبَة وَسعد الدّين الذَّهَبِيّ والكمال الْغَزِّي وَفِي الَّتِي تَلِيهَا إِلَّا الرَّابِع فبدله المحيوي عبد الْقَادِر الْعَنْبَري وَفِي الَّتِي تَلِيهَا هُوَ والحليبي وَابْن قريبَة والغزي وَفِي الَّتِي تَلِيهَا الذَّهَبِيّ بلد الْغَزِّي، واتسعت حلقته جدا سِيمَا حِين تهحول للمؤيدية ثمَّ جَامع الْأَزْهَر وَقصد بالفتاوى، وَكتب عل عمد السالك لِابْنِ النَّقِيب شرحا فِي جُزْء سَمَّاهُ تسهيل المسالك فِي شرح عُمْدَة السالك، وَكَذَا على الْإِرْشَاد مُخْتَصر الْحَاوِي لِابْنِ الْمقري فِي أَرْبَعَة فأزيد وعَلى شذور الذَّهَب مطول ومختصر سبكه وقصيدة البوصيري الهمزية الَّتِي أَولهَا كَيفَ ترقى رقيك الْأَنْبِيَاء فِي مطول ومختصر أَيْضا سمى أَحدهمَا خير الْقرى فِي شرح أم القرا والمفرجة وَغير ذَلِك من نظم ونثر، وسارع بِقُوَّة ذكائه فِي الْكِتَابَة على الْفَتَاوَى فكثرت مُخَالفَته الَّتِي أدّى إِلَيْهَا عدم تأنيه وَرُبمَا يُنَبه على ذَلِك فِيهَا وَفِي تصانيفه فَلَا يكَاد يرجع ويبرهن على مَا تورط فِيهِ وَكَذَا كثر تسارعه إِلَى الْأذن بالفتوى والتدريس بل والتقريض على التصانيف الصادرة من غير المتأهلين حَتَّى إِنَّه كتب لشخص كَانَ يُسمى تَاج الدّين الشَّامي ولي نظر الإسطبل مرّة على مُصَنف زعم أَنه اختصر فِيهِ الْمُهَذّب مَا نَصه كَمَا نقلته من خطه: وقفت على هَذَا الْمُؤلف وَرَأَيْت فِي أبوابه وفصوله، وتأملت مَا سطره مُؤَلفه أدام الله نَفعه وَكثر جمعه وتأملت بعض تفاريعه وأصوله
فَوَجَدته قد أحسن فِي انتخابه كل الْإِحْسَان وأجاد فِيمَا لخصه مقورنا بالتوضيح وَالْبَيَان فَلَا يقدر على الْخَوْض فِي مثل ذَلِك إِلَّا من تضلع من الْعُلُوم وأحاط بسرها المكتوم وحرر مَا دلّ عَلَيْهِ الْمَنْطُوق وَمَا)
أَفَادَهُ الْمَفْهُوم أدام الله النَّفْع بفوائده وعلومه للْمُسلمين وَجعله قُرَّة عين إِلَى يَوْم الدّين، وَكتب فلَان معترفا بفضائله مغترفا من فواضله، إِلَى غير هَذَا مِمَّا يجره إِلَيْهِ سرعَة الْحَرَكَة، وَقد سَمِعت الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ غير مرّة يَقُول إِنَّه يعرف كل شَيْء فِي الدُّنْيَا، هَذَا مَعَ سكونه فِي مَوَاطِن دينية كَانَت سرعَة حركته ومبادرته إِلَى الِاحْتِجَاج فِيهَا والتأييد لجهتها كالواجب وَلكنه كَانَ حسن الْعشْرَة كثير التودد والتواضع والامتهان لنَفسِهِ غير متأنق فِي سَائِر أَمرُوهُ بِحَيْثُ لَا يتحاشى عَن الْمَشْي فِيمَا كَانَ الأولى الرّكُوب فِيهِ وَلَا يأنف مُرَاجعَة الباعة فِيمَا لَعَلَّه يجد من يتعاطاه عَنهُ وَلَا يمْتَنع من الْجُلُوس فِي مطبخ السكر بِحَضْرَة الْيَهُود وَغَيرهم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تَأَخّر بِهِ عِنْد من لم يتدبر وَأَرْجُو قَصده الْجَمِيل بذلك كُله سِيمَا وَعِنْده نوع فتوة وإحسان لكثير من الغرباء وبذل همة فِي مساعدتهم، وحجد غير مرّة وَسمع على التقي بن فَهد وَغَيره وجاور فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وأقرأ الطّلبَة هُنَاكَ وَبَالغ فِي مُلَازمَة قاضيها وعالمها ووالى عَلَيْهِ بره وفضله ثمَّ كَانَ مِمَّن قَامَ مَعَ نور الدّين الفاكهي فِي الكائنة الشهيرة وَكَذَا كَانَ بَيْننَا من الود مَا الله بِهِ عليم بِحَيْثُ إِنَّه لم يزل يُخْبِرنِي عَن شَيْخه الْمحلى بالثناء الْبَالِغ بل طالع هُوَ عقب موت ولد لَهُ كتابي ارتياح الأكباد فتزايد اغتباطه بِهِ وأبلغ فِي تحسينه مَا شَاءَ وأحضر إِلَى بعض تصانيف السَّيِّد السمهودي لأقرضها لَهُ إِلَى غير ذَلِك من الْجَانِبَيْنِ ثمَّ كَانَ مِمَّن مَال على مَعَ من صرح بعد حِين فجر عَلَيْهِ بِعَدَمِ وجاهته وديانته وَلذَا قبيل مَوته بِيَسِير تجرأ عَلَيْهِ بعض الطّلبَة انتصارا لنَفسِهِ وَعمر جُزْءا سَمَّاهُ اللَّفْظ الْجَوْهَرِي فِي بَيَان غلط اعلجوجري وَمَا أمكنه التَّكَلُّم فَانْتدبَ لَهُ بعض الطّلبَة بالردوكان من الْفَرِيقَيْنِ مَا لَا خير فِي شَرحه ويغلب على ظَنِّي أَن ذَلِك انتقام لكَونه كتب مَعَ البقاعي فِي مسئلة الْغَزالِيّ وَإِن كَانَ لَهُ مخلص فِي الْجُمْلَة فَترك الْكَلَام كَانَ أليق بمقام حجَّة الْإِسْلَام، وَكَانَ فِي صوفية المؤيدية قَدِيما ثمَّ بعد تقدمه رغب أَن يكون فِي طلبة الخشابية والشريفية مِمَّا كَانَ اللَّائِق بِهِ الترفع عَنهُ بل تهالك فِي السَّعْي فيهمَا، وَكَذَا درس الْفِقْه بالظاهرية الْقَدِيمَة لكَونه تلقى نصف تدريسها عَن أبي الْيُسْر بن النقاش وبالمدرسة الجانبكية بالقربيين بعد نور الدّين التلواني صهر ابْن المجدي وبأم السُّلْطَان بعد الْبَدْر بن الْقطَّان وبالقطبية بِرَأْس حارة زويلة بعد إِبْرَاهِيم النابلسي وبالقجماسية من واقفها وبالمؤيدية عقب موت الشَّمْس بن المرخم
سوى مَا كَانَ باسمه من اطلاب وإعادات وأنظار وَنَحْوهَا جلّ ذَلِك سِيمَا القجماسية بعناية أبي الطّيب)
الأسيوطي وَلم يلْتَفت لسبق تَقْرِير الْوَاقِف للزين ياسين البلبيسي مَعَ مزِيد حَاجته واستغنائه كَمَا أَنه لم يمْتَنع من النِّيَابَة فِي تدريس الحَدِيث بالكاملية عَن من علم غصبه لَهُ من مُسْتَحقّه، وَبِالْجُمْلَةِ فمحاسنه جمة والكمال لله، وَلم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ شبه الْفجأَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر رَجَب سنة تسع وَثَمَانِينَ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر بالجامع الْأَزْهَر فِي مشْهد حَافظ جدا ثمَّ دفن بزاوية الشَّاب التائب مَحل سكنه أَيْضا وتأسف النَّاس على فَقده وَلم يخلف فِي مَجْمُوعه مثله وَإِن كَانَ لَعَلَّ فيهم من هُوَ أمتن تَحْقِيقا وَأمكن تدبرا وتدقيقا رحمه الله وغيانا وعوضه الْجنَّة. وَمِمَّا كتبته من نظمه يمدح شَرحه للإرشاد:
(ودونك للإرشاد شرحا منقحا
…
خليقا بأوصاف المحاسن والمدح)
(تكفل بالتحرير والبحث فارتقى
…
وَفِي الْكَشْف والإيضاح فاق على الصُّبْح)
(بِعَين الرِّضَا فَانْظُرْهُ أَن جَاءَ محسنا
…
فقابله بِالْحُسْنَى وَإِلَّا فبالصفح)
وَكَذَا كتبت لَهُ مرثية لشيخه الْمَنَاوِيّ ومقطوعا فِي النَّجْم بن فَهد وَقَوله أَيْضا مِمَّا سمعته مِنْهُ:
(قل للَّذي يدعى حذقا وَمَعْرِفَة
…
هون عَلَيْك فللأشياء تَقْدِير)
(دع الْأُمُور إِلَى تَدْبِير مَالِكهَا
…
فَإِن تَركك للتدبير تَدْبِير)
وترجمته تحْتَمل أَكثر مِمَّا ذكر. مُحَمَّد بن عبد الْمهْدي بن عَليّ بن جَعْفَر الْمَكِّيّ. كَانَ من مشارفي ديوَان حسن بن عجلَان فِي بعض ولَايَته على مَكَّة. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة بِبَعْض بِلَاد الْيمن. ذكره الفاسي. مُحَمَّد بن بعد الْمُؤمن البرنوسي. مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي بن أبي الْيمن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْيمن الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ وَأمه زَيْنَب ابْنة أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي العباسي بن عبد الْمُعْطِي. بيض لَهُ ابْن فَهد. مُحَمَّد أَبُو حَامِد أَخُو الَّذِي قبله. سمع من ابْن الْجَزرِي فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين. ذكره وبيض لَهُ أَيْضا. مُحَمَّد بن الْجلَال أبي المحامد عبد الْوَاحِد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب الْجمال المرشدي الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ. ولد فِي صفر سنة ثَمَان واشتغل على أَبِيه وَلم)
يتَزَوَّج وَلَا سَافر، وَكَانَ مُبَارَكًا سَاكِنا. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشّرف السنقاري
نزيل هُوَ.
ولد فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ مُوسِرًا فَمَاتَ. بعد الثَّمَانِينَ وَنَشَأ هُوَ يتعانى التِّجَارَة والزراعة ويتردد إِلَى الْقَاهِرَة، وتقلبت بِهِ الْأُمُور وتفقه قَلِيلا وَأخذ عَن الْمَشَايِخ، وَكَانَ فَاضلا مشاركا متدينا بِحَيْثُ كَانَ. يَقُول مَا عشقت قطّ وَلَا طربت قطّ. مَاتَ فِي الطَّاعُون فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَكَانَ يحْكى عَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَطاء الله قَاضِي هُوَ أَنه كَانَت بِجَانِب دَاره نَخْلَة جربها بضعا وَثَلَاثِينَ سنة إِن قل حملهَا توقف النّيل وَإِن كثر زَاد وَإِنَّهَا سَقَطت فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة فقصر النّيل فِي تِلْكَ السّنة وَوَقع الغلاء المفرط. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه والمقريزي فِي عقوده وَطوله. مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الحميد بن مَسْعُود الْكَمَال بن همام الدّين بن حميد الدّين بن سعد الدّين السيواسي الأَصْل ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَولي جده كجد أَبِيه قَاضِي سيواس وَيعرف بِابْن الْهمام. ولد سنة تسعين وَسَبْعمائة ظنا كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَقَالَ المقريزي فِي عقوده سنة ثَمَان أَو تسع وَثَمَانِينَ باسكندرية وَمَات أَبوهُ وَكَانَ قَاضِي اشكندرية وَهُوَ ابْن عشر أَو نَحْوهَا فَنَشَأَ فِي كَفَالَة جدته لأمه وَكَانَت مغربية خيرة تحفظ كثيرا من الْقُرْآن وَقدم صحبتهَا الْقَاهِرَة فأكمل بهَا الْقُرْآن عِنْد الشهَاب الهيثمي وَكَانَ فقيهه يصفه بالذكاء المفرط وَالْعقل التَّام والسكون وتلاه تجويدا على الزراتيتي وباسكندرية على الزيدن عبد الرَّحْمَن الفكيري وَحفظ الْقَدُورِيّ والمنار والمفصل للزمخشري وألفية النَّحْو ثمَّ عَاد صحبتهَا أَيْضا إِلَى اسكندرية فَأخذ بهَا النَّحْو عَن قاضيها الْجمال يُوسُف الْحميدِي الْحَنَفِيّ وَقَرَأَ فِي الْهِدَايَة على الزين السكندري وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة أَيْضا وَقَرَأَ على يحيى العجيسي بلدي جدته وَكَانَ الْكَمَال يَقُول إِنَّه لم يكن عِنْده كَبِير فَائِدَة بل أنكر أَن يكون قَرَأَ وَإِنَّمَا حضر عِنْده مَعَ رَفِيق لَهُ وَبِمَا قَالَ العجيسي لَهُ بعد أَن كبر ألم نربك فِينَا وليدا وَفِي الْمنطق على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والبساطي وَعنهُ أَخذ أصُول الدّين وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لملازادة وَكَذَا أَخذ عَن همام الدّين شيخ الجمالية والكمال الشمني وَالشَّمْس البوصيري وَاجْتمعَ بِكُل من حفيد ابْن مَرْزُوق وَابْن الفنري حِين رجوعهما من الْحَج وَبحث مَعَ كل)
مِنْهُمَا بِمَا أبهر بِهِ من حضر وَرُبمَا كَانَ يحضر عِنْد الْبَدْر الأقصرائي فِي التَّفْسِير ويدقق المباحث مَعَه بِحَيْثُ لَا يجد الْبَدْر لَهُ مخلصا وَأخذ شرح الْمطَالع عَن الْجلَال الْهِنْدِيّ وَشرح المواقف عَن القطب الأبرقوهي وَقَالَ إِنَّه لم يكن فِي شُيُوخه أذكى مِنْهُ وأقليدس عَن ابْن المجدي والدواوين السَّبع أشعار الْعَرَب عَن الْعَيْنِيّ وَكَانَ أحد المقررين عِنْده فِي محدثي
المؤيدية وغالب شرح ألفية الْعِرَاقِيّ عَن ولد مُؤَلفه الْوَلِيّ ورام أَولا التدقيق فِي الْبَحْث بِحَيْثُ يشكك فِي الِاصْطِلَاح فَلم يُوَافقهُ الْوَلِيّ على الْخَوْض فِي ذَلِك وَتردد للعز بن جمَاعَة فِي الْعُلُوم الَّتِي كَانَت تقْرَأ عَلَيْهِ وَكَانَ لوفور ذكائه إِذا استشعر الشَّيْخ بمجيئه قطع الْقِرَاءَة وَلذَا كَانَ الْكَمَال يرجح الْبِسَاطِيّ عَلَيْهِ وَيَقُول أَنه أعرف بشرح الْمطَالع والعضد والحاشية مِنْهُ، وَأخذ الْفِقْه عَن السراج قَارِئ الْهِدَايَة قَرَأَهَا بِتَمَامِهَا عَلَيْهِ فِي سنتي ثَمَانِي عشرَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَبِه انْتفع وَكَانَ يحاققه ويضايقه بِحَيْثُ كَانَ يحرج مِنْهُ مَعَ وصف الْكَمَال لَهُ بالتحقيق فِي كل فن قَالَ وَلكنه أقبل بِأخرَة على الْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَترك مَا عَداهَا وَكتب لَهُ السراج أَنه أَفَادَ أَكثر مِمَّا اسْتَفَادَ بِقِرَاءَة السراج لَهَا حَسْبَمَا كتبته من خطّ صَاحب التَّرْجَمَة على مَشَايِخ عِظَام من جُمْلَتهمْ الْعَلَاء السيرامي عَن السَّيِّد الإِمَام جلال الدّين شارحها عَن الْعَلَاء عبد الْعَزِيز البُخَارِيّ صَاحب الْكَشْف وَالتَّحْقِيق عَن حَافظ الدّين الْكَبِير عَن الْكرْدِي عَنهُ والزين التفهني ونزله طَالبا عِنْده بالصرغتمشية بِغَيْر سُؤال، وسافر صبته إِلَى الْقُدس فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ هُنَاكَ فِي الْكَشَّاف وَيسمع فِي الْهِدَايَة بل رام استنابته فِي الْقَضَاء فَامْتنعَ الْكَمَال بعد أَن أُجِيب لما اشْتَرَطَهُ أَولا من الحكم فِيمَا جرت الْعَادة بِالتَّعْيِينِ فِيهِ بِدُونِ تعْيين والإعفاء من حُضُور عُقُود الْمجَالِس وَاسْتمرّ التفهني فِي الإلحاح عَلَيْهِ إِلَى أَن قَالَ لَهُ: لست أحب أحدا من الشُّيُوخ وَغَيرهم يتَقَدَّم عَليّ لكوني لست قَاصِر البنان وَاللِّسَان عَن أحد مِنْهُم فَمن ثمَّ لم يعاود التفهني الْكَلَام مَعَه فِي ذَلِك. هَذَا مَعَ شدَّة تواضعه مَعَ الْفُقَرَاء حَتَّى أَنه جَاءَ مرّة لمجلس الْعَلَاء البُخَارِيّ وَهُوَ غاص بهم فَجَلَسَ فِي جَانب الْحلقَة فَقَامَ إِلَيْهِ الْعَلَاء وَقَالَ لَهُ: تعال إِلَى جَانِبي فَلَيْسَ هَذَا بتواضع فَإنَّك تعلم أَن كلا مِنْهُم يعْتَقد تقدمك وإجلالك إِنَّمَا التَّوَاضُع أَن تجْلِس تَحت ابْن عبيد الله فِي مجْلِس الْأَشْرَف، وَلما قدم الْمُحب أَبُو الْوَلِيد بن الشّحْنَة الْقَاهِرَة قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من الشَّرْح الصَّغِير شرح منار حَافظ الدّين النَّسَفِيّ للكاكي ولازمه واستصحبه مَعَه فِي سنة أَربع عشرَة إِلَى حلب فَأَقَامَ عِنْده بهَا يَسِيرا. وَمَات الْمُحب عَن)
قرب بعد أَن أوصى لَهُ بِنَفَقَة اسْتَعَانَ بهَا فِي رُجُوعه وَكَانَ يثني على علم الْمُحب وَالْتمس مِنْهُ بعض أَصْحَابه وَهُوَ بِالشَّام حِين اجتيازه بهَا قَاصِدا الْقَاهِرَة الإنشاد بِبَعْض الختوم لطراوة نغمته فَفعل وَحصل لَهُ بِسَبَب ذَلِك دَرَاهِم وتسلك فِي طَرِيق الْقَوْم بالأدكاوي والخوافي وسافر مَعَه إِلَى الْقُدس ودعا لَهُ أَن يكون من الْعلمَاء العاملين والعباد الصاحين.
وَصَحب نصر الله وقتا وَأقَام مَعَه بالمنصورية وَسكن الجمالية مُدَّة وَلذَا كثرت مخالطته للكمال
الشمني وَكَانَ يتَوَجَّه مِنْهَا غَالِبا فَيشْهد الْجَمَاعَة بالبرقوقية قصدا للاسترواح بِالْمَشْيِ وَنَحْوه، وَسمع على الْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والشمسين الشَّامي والبوصيري وتغرى برمش التركماني والشهاب الوَاسِطِيّ وَشَيخنَا وَوَصفه بالعالم الْعَلامَة الْفَاضِل حفظه الله وَرفع دَرَجَته، وَلم يكثر من الرِّوَايَة، وَأَجَازَ لَهُ الزين المراغي والحمال بن ظهيرة بذلك، وَحدث بهَا سَمعهَا مِنْهُ الْفُضَلَاء وتزايد تَعْظِيمه لي وثناؤه عَليّ كَمَا بَينته فِي مَكَان آخر، وَكَذَا أجَاز لَهُ شَيْخه التفهني والكلوتاتي والزين الزَّرْكَشِيّ وحسين البوصيري وَالْجمال عبد الله بن الْبَدْر البهنسي والتاج مُحَمَّد بن مُوسَى الْحَنَفِيّ والقبابي التدمري وَالشَّمْس بن الْمصْرِيّ وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَعَائِشَة الكنانية وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي فِي آخَرين باستدعاء الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي وَغَيره. وَلم يبرح عَن الِاشْتِغَال بالمعقول وَالْمَنْقُول حَتَّى فاق فِي زمن يسير وأشير إِلَيْهِ بِالْفَضْلِ التَّام والفطرة السمتقيمة بِحَيْثُ قَالَ الْبُرْهَان الأبناسي أحد رفقائه حِين رام بَعضهم الْمَشْي فِي الاستيحاش بَينهمَا: لَو طلبت حجج الدّين مَا كَانَ فِي بلدنا من يقوم بهَا غَيره. قَالَ وَشَيخنَا الْبِسَاطِيّ وَإِن كَانَ أعلم فالكمال أحفظ مِنْهُ وَأطلق لِسَانا هَذَا مَعَ وجود الأكابر إِذْ ذَاك، بل أَعلَى من هَذَا أَن الْبِسَاطِيّ لما رام المناظرة مَعَ الْعَلَاء البُخَارِيّ بِسَبَب ابْن الفارض وَنَحْوه قيل لَهُ من يحكم بَيْنكُمَا إِذا تناظرتما فَقَالَ ابْن الْهمام لِأَنَّهُ يصلح أَن يكون حكم الْعلمَاء بل حضر إِلَيْهِ الْبِسَاطِيّ بنسخة من تائية ابْن الفارض ذَات هوامش عريضة وتباعد بَين سطورها وَالْتمس مِنْهُ الْكِتَابَة عَلَيْهَا بِمَا يخلق لَهُ من غير نظر فِي كَلَام أحد. وَسُئِلَ مرّة عَن من قَرَأَ عَلَيْهِ فعد القاياتي والونائي وَمن شَاءَ الله من جماعته ثمَّ قَالَ وَابْن الْهمام وَهُوَ يصلح أَن يكون شَيخا لهَؤُلَاء. وَقَالَ يحيى بن الْعَطَّار: لم يزل يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْجمال الْمُفْرد مَعَ الصيانة وَفِي حسن النغمة مَعَ الدّيانَة وَفِي الفصاحة واستقامة الْبَحْث مَعَ الْأَدَب. قلت وَفِي التقلل فِي أوليته مَعَ الشهامة وَفِي الرياضة وَالْكَرم مَعَ)
كَون جدته مغربية وَاسْتمرّ يترقى فِي درج الْكَمَال حَتَّى صَار عَالما مفننا عَلامَة متقنا درس وَأفْتى وَأفَاد وَعَكَفَ النَّاس عَلَيْهِ واشتهر أمره وَعظم ذكره وَأول مَا ولي من الْوَظَائِف الْكِبَار تدريس الْفِقْه بقبة المنصورية وقف الصَّالح عِنْد رَغْبَة الصَّدْر بن العجمي لَهُ عَنهُ ف يكائنته وَعمل حِينَئِذٍ أجلاسا بِحُضُور شُيُوخه شَيخنَا والبساطي وقارئ الْهِدَايَة والبدر الأقصرائي وَخلق من غَيرهم وَامْتنع من الْجُلُوس صدر الْمجْلس أدبا بعد إلحاح الْحَاضِرين عَلَيْهِ فِي ذَلِك بل جلس مَكَان الْقَارئ تكلم فِيهِ على قَوْله
تَعَالَى يُؤْتِي الْحِكْمَة من يَشَاء وَقَالَ الْكَلَام على هَذِه الْآيَة كَمَا يجِئ لَا كَمَا يجب أبان فِيهِ عَن يَد طولى وَتمكن زَائِد فِي الْعُلُوم بِحَيْثُ أقرّ النَّاس بسعة علمه وأذعنوا لَهُ وَبحث مَعَ صَاحب الْهِدَايَة وَشرع شَيخنَا يصف علم الْمدرس وتفننه على الغادة فِي الإشراة بذلك إِلَى الِانْتِهَاء فَقَالَ الْبِسَاطِيّ دَعوه يتَكَلَّم ويتلذذ بمقاله فَإِنَّهُ يَقُول مَا لَا نَظِير لَهُ، وَقَررهُ الْأَشْرَف برسباي شَيخا فِي مدرسته بعد صرف الْعَلَاء عَليّ بن مُوسَى الرُّومِي عَنْهَا واستدعائه بِهِ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشري ربيع الآخر سنة تسع وَعشْرين وَلَا شُعُور عِنْده بذلك وسؤاله لَهُ عَن سنه لكَون بَعضهم قَالَ لَهُ أَنه شَاب وَقَوله لَهُ بعد تَكْرِير السُّؤَال إِنَّه دون الْأَرْبَعين فألبسه الخلعة وَرجع وَقد تزايدت بذلك رفعته فباشرها بشهامة وصرامة إِلَى أَن كَانَ فِي ثَالِث عشري شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فَأَعْرض عَنْهَا لكَونه عين تِلْمِيذه الشَّمْس الأمشاطي لتصوف فِيهَا وعارضه جَوْهَر الخازندار بِغَيْرِهِ فَغَضب وَقَالَ بعد أَن حضر التصوف وَقت الْعَصْر على الْعَادة وخلع طيلسانه وَرمى بِهِ: اشْهَدُوا على أنني عزلت نَفسِي من هَذِه المشيخة وخلعتها كَمَا خلعت طيلساني هَذَا، وتحول فِي الْحَال لبيت فِي بَاب القرافة وَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فشق عَلَيْهِ وراسله يستعطف خاطره مَعَ أَمِير آخور جقمق الَّذِي صَار سُلْطَانا وَغَيره من الْأَعْيَان فَلم يجب، وانتقل لطرا بالعدوية فسكنها وانجمع عَن النَّاس، وخشي جَوْهَر غضب السُّلْطَان عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ فبادر للاجتماع بِهِ لتلافي الْأَمر فَمَا أمكنه فَجَلَسَ بزاوية هُنَاكَ كَانَت عَادَة الشَّيْخ الصَّلَاة فِيهَا حَتَّى جَاءَ فَقَامَ إِلَيْهِ حاسر الرَّأْس ذليلا فَقبل قدمه مُصَرحًا بالاعتذار وَالِاسْتِغْفَار فَأَجَابَهُ بأنني لم أتركها بسببك بل لله تَعَالَى، وَحِينَئِذٍ قرر الأميني الأقصرائي فِيهَا بعد تصميمه على عدم الْقبُول حَتَّى تحقق رضى الْكَمَال بِهِ وَلم يحصل الانفكاك عَن من عينه ثمَّ لم يلبث أَن أعرض عَن تدريس المنصورية أَيْضا لتلميذه السيفي وَاسْتمرّ تَارَة فِي طرا وَتارَة فِي مصر إيثارا للعزلة وحبا)
للانفراد مَعَ المداومة على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وإغاثة الملهوفين والإغلاظ على الْمُلُوك فَمن دونهم وَلَكِن كَاد أمره أَن يقف حَتَّى اسْتَعَانَ بالولوي السفطي وَابْن الْبَارِزِيّ فِي تَقْرِيره فِي مشيخة الشيخونية بعد موت باكير فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَأَرْبَعين فباشرها بِحرْمَة وافرة وَعمر أوقافها وزار معاليمها وَلم يحاب أحدا وَلَو عظم وَلَا وقف فِيمَا لَا يحسن فِي الشَّرْع لرسالة وَلَا غَيرهَا كَمَا بسطته مَعَ بَيَان تصانيفه الَّتِي مِنْهَا شرح الْهِدَايَة وَلم يكمل بل انْتهى فِيهِ إِلَى الْوكَالَة، والتحرير فِي أصُول الْفِقْه والمسايرة فِي أصُول الدّين فِي جُزْء مُفْرد، وَمن تصانيفه جُزْء فِي الْجَواب عَمَّا سُئِلَ عَنهُ فِي حَدِيث
كلمتان خفيفتان افتتحه بقوله: دخلت على ارمأة بِوَرَقَة ذكرت أَن رجلا دَفعهَا إِلَيْهَا يسْأَل الْجَواب عَمَّا فِيهَا فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا سُؤال عَن إِعْرَاب قَوْله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان هَل كلمتان مُبْتَدأ وَسُبْحَان الله الْخَبَر أَو قلبه. وَهل قَول من عين سُبْحَانَ الله للابتداء لتعريفه صَحِيح أم لَا وَهل قَول من رده للُزُوم سُبْحَانَ الله النصب صَحِيح أم لَا وَهل الحَدِيث مِمَّا تعدد فِيهِ الْخَبَر أم لَا. فَكتب العَبْد الضَّعِيف على قلَّة البضاعة وَطول التّرْك وعجلة الْكِتَابَة فِي الْوَقْت مَا نَصه وَذكر الْجَواب، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة عَارِفًا بأصول الديانَات وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه وأصوله والفرائض والحساب والتصوف والنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع والمنطق والجدل وَالْأَدب والموسيقى وَجل علم النَّقْل وَالْعقل متفاوت الْمرتبَة فِي ذَلِك مَعَ قلَّة علمه فِي الحَدِيث عَالم أهل الأَرْض ومحقق أولى الْعَصْر حجَّة أعجوبة ذَا حجج باهرة واختيارات كَثِيرَة وترجيحات قَوِيَّة بل كَانَ يُصَرح بِأَنَّهُ لَوْلَا الْعَوَارِض الْبَدَنِيَّة من طول الضعْف والأسقام وتراكمهما فِي طول المدد لبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد فكم استخرج من مجمع الْبَحْرين درا وَكم ضم إِلَيْهَا مِمَّا استخرجه من الْكَنْز شذرة إِلَى أُخْرَى وَكم وصل طَالبا للهداية بإيضاحها وتبيينها وَكم أنار لمنغمر فِي ظلمات الْجَهْل بمنار الْأُصُول وبراهينها فَلَا تدْرك دقة نظره وَلَيْسَت فكر قويمة لإِنْسَان كفكره وَقد تخرج بِهِ جمَاعَة صَارُوا رُؤَسَاء فِي حَيَاته، فَمن الْحَنَفِيَّة التقي الشَّمْس والزين قَاسم وَسيف الدّين، وَمن الشَّافِعِيَّة ابْن خضر والمناوي والوروري. وَمن الْمَالِكِيَّة عبَادَة وطاهر والقرافي. وَمن الْحَنَابِلَة الْجمال بن هِشَام وَهُوَ أنظر من رَأَيْنَاهُ من أهل الْفُنُون وَمن أجمعهم للعلوم وَأَحْسَنهمْ كلَاما فِي الْأَشْيَاء الدقيقة وأجلدهم على ذَلِك مَعَ الْغَايَة فِي الاتقان وَالرُّجُوع إِلَى الْحق فِي المباحث وَلَو على لِسَان آحَاد الطّلبَة كل ذَلِك مَعَ)
ملاحة الترسل وَحسن اللِّقَاء والسمت والبشر وَالْبزَّة وَنور الشيبة وَكَثْرَة الفكاهة والتودد والإنصاف وتعظيم الْعلمَاء والإجلال للتقي بن تَيْمِية وَعدم الْخَوْض فِيمَا يُخَالف ذَلِك وعلو الهمة وَطيب الحَدِيث ورقة الصَّوْت وطراوة النغمة جدا بِحَيْثُ يطرب إِذا أنْشد أَو قَرَأَ وَله فِي ذَلِك أَعمال وإجادته للمتكلم بالفارسي والتركي إِلَّا أَنه بأولهما أمهر وسلامة الصَّدْر وَسُرْعَة الانفعال والتغير والمحبة فِي الصاحلين وَكَثْرَة الِاعْتِقَاد فيهم والتعهد لَهُم والانجماع عَن التَّرَدُّد لبني الدُّنْيَا حَتَّى الظَّاهِر جقمق مَعَ مزِيد اخْتِصَاصه بِهِ وَلكنه كَانَ يراسله هُوَ وَمن دونه فِيمَا يسْأَل فِيهِ بل طلع إِلَيْهِ بعد إحسانه إِلَيْهِ عِنْد توجهه لِلْحَجِّ فوادعه ومحاسنه كَثِيرَة، وَقد حج غير مرّة وجاور بالحرمين مُدَّة وَشرب
مَاء زَمْزَم كَمَا قَالَه فِي شَرحه للهداية للاستقامة والوفاة على حَقِيقَة الْإِسْلَام مَعهَا انْتهى. وَنشر فيهمَا أَيْضا علما جما وَعَاد فِي رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَهُوَ متوعك فسر الْمُسلمُونَ بقدومه وَعَكَفَ عَلَيْهِ من شَاءَ الله من طلبته وَغَيرهم أَيَّامًا من الْأُسْبُوع إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ عصره بسبيل المؤمني فِي مشْهد حافل شهده السُّلْطَان فَمن دونه قودم للصَّلَاة عَلَيْهِ قَاضِي مذْهبه ابْن الديري وَكَانَ الشَّيْخ يجله كَمَا أَنه كَانَ يجل شَيخنَا وينقل عَنهُ فِي تصانيفه كشرح الْهِدَايَة ويروي عَنهُ فِي حَيَاته ويفتخر بانتسابه إِلَيْهِ، وَدفن بالقرافة فِي تربة ابْن عَطاء الله وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله رحمه الله وإيانا. وَمن كَلِمَاته إِذا صدقت الْمحبَّة ارْتَفَعت شُرُوط التَّكْلِيف وَكَذَا من نظمه أول قصيدة كتبتها عَنهُ:
(إِذا مَا كتبت تهوي خفض عَيْش
…
وَأَن ترقى مدراج للكمال)
(فدع ذكر الحميا والمحيا
…
وآثار التواصل والمطال)
(وَأَن تهدى بزهر وسط روض
…
وأخبار المهاة أَو الغزال)
(وَكن حبسا على مدح المفدى
…
رَسُول الله عين ذَوي الْمَعَالِي)
(فَإِن لَدَيْهِ مَا يُرْجَى ويهوى
…
جميل الذّكر مَعَ جزل النوال)
وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه برع فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وشارك فِي فنون وتجرد وسلك ثمَّ ولي تدريس الأشرفية مُدَّة وَتركهَا تنزها عَنْهَا، وَشرح الْهِدَايَة والبديع وَغير ذَلِك انْتهى.
مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَنَاوِيّ. فِي عبد الْعَزِيز.)
مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن خَلِيل بن غَازِي الْمَقْدِسِي أَبُو مساعد. يَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن سعد بن نَاصِر الدّين بن التَّاج بن الديري الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده. يُقَال أَنه غير مرضِي كتب عَنهُ الْبَدْر فِي مَجْمُوعَة قَوْله:
(ظَبْي من التّرْك فاق حسنا
…
وفَاق سَعْدا وفَاق لَبَنًا)
(سَأَلته قبْلَة فأخنى
…
فَقلت مَا الْجِنْس قَالَ بسنا)
)
(بسطت إِلَيْكُم أكف الرجا
…
ونافى حماكم غَرِيب غَرِيب)
(فبالله ارحموني وَلَا تهجروا
…
وجودوا فحال عَجِيب عَجِيب)
مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن شَاكر. فِي الَّذِي قبله. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن صَدَقَة الشَّمْس القوصوني الطَّبِيب ابْن الطَّبِيب الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن أُخْت الْجمال بن عبد الْحق. ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَمَات أَبوهُ فِي الَّتِي تَلِيهَا فَنَشَأَ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره، وتدرب فِي الصِّنَاعَة وتميز فِيهَا وَدَار على المرضى وتنزل فِي الْجِهَات ثمَّ ترقى إِلَى الرياسة وَحمد النَّاس سكونه وأدبه وعقله وَحسن علاجه وَمِمَّنْ نوه بِهِ المظفر الأمشاطي، وَأَنْشَأَ دَارا بِالْقربِ من جَامع الخطيري ثمَّ احْتَاجَ لبيعها وَكَذَا أنشأ بَيْتا بِرَأْس حارة زويلة بِالْقربِ من الخرنفش. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد اللَّطِيف بن عَليّ أَبُو الْفضل السنباطي الْكَاتِب. فِي الكنى. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الله بن أسعد بن عُثْمَان بن سُلَيْمَان بن فلاح الْجمال أَبُو الْخَيْر بن التَّاج أبي مُحَمَّد بن الْعَفِيف أبي مُحَمَّد اليافعي الْيَمَانِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه باليافعي. ولد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ وعرضها فِي سنة تسع والمنهاج الفرعي وَعرضه فِي سنة ثَلَاث عشرَة، واشتغل يَسِيرا وَسمع على الزينين المراغي وَمُحَمّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُحب الطَّبَرِيّ وَالْجمال بن ظهيرة وَابْن الْجَزرِي وَغَيرهم، وَأَجَازَ لَهُ الْعِرَاقِيّ والهيثمي)
وَابْن صديق وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَخلق وَدخل الديار المصرية والشامية وَبَيت الْمُقَدّس صُحْبَة التقي الفاسي فِي سنة تسع وَعشْرين وَكَذَا دخل الْيمن مرَارًا للاسترزاق وَكَانَ يذكر أَنه سمع بِدِمَشْق والخليل وَلكنه لم يعين المشمع وَلَا المسموع وَقد حدث باليسير.
ولقيته بِمَكَّة فَكتبت عَنهُ وَكَانَ خيرا محسنا متوددا لطيف الْعشْرَة. مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَخمسين رَحمَه اللهز وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله:
(رعى الله أَيَّامًا تقضت بِمَكَّة
…
مَعَ الْأَهْل والأوطان والشمل جَامع)
(وَحيا لييلات تقضت برفقة
…
وَرَاء مقَام الْمَالِكِي هواجع)
(ترى تجمع الْأَيَّام بيني وَبينهمْ
…
وَأصْبح مسترضي من الله قَانِع)
مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الله الزبيرِي البنهاوي الشَّافِعِي. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ أَنه
سمع من الْبَيَانِي وَابْن الْقَارِي وَغَيرهمَا وَمِمَّا سَمعه على أَولهمَا جُزْء حَيَاة الْأَنْبِيَاء فِي قُبُورهم للبيهقي، واشتغل فِي الْفِقْه وناب فِي الحكم، وَكَانَ سَاكِنا خيرا فِيهِ غَفلَة، أجَاز فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد وَمَا عَلمته حدث. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة عشْرين وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن التَّاج عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن حسن النطوبسي الأَصْل القاهري الْمَكِّيّ نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة والماضي أَبوهُ. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل قَلِيلا وتلا بالقراآت على الزين جَعْفَر السنهوري وَحضر عِنْدِي حِين نيابتي عَنهُ فِي تدريس الحَدِيث بِمحل سكنه دروسا ثمَّ بَاشَرَهَا مَعَ تصدير القراآت بهَا بل وتحدث عَن النَّاظر فِي أوقافها وَكَذَا بَاشر الخطابة بتربة الظَّاهِر خشقدم. وَهُوَ حاذق فطن وَلَو اشْتغل لجاء مِنْهُ وَلكنه ضيع نَفسه. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن يُوسُف بن الْحسن بن مَحْمُود فتح الدّين أَبُو الْفَتْح بن التَّاج الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ وَالِد أَحْمد وَسعد وَسَعِيد وَعبد الله وَمُحَمّد الْمَذْكُورين فِي محالهم. حضر فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على سُلَيْمَان السقاء نُسْخَة أبي مسْهر وَسمع على الأميوطي والبرهان بن فَرِحُونَ وَأَجَازَ لَهُ البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والعراقي والهيثمي والدميري والحلاوي والسويداوي وَغَيرهم. ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه، وَولي قَضَاء الْمَدِينَة وحسبتها بعد النَّجْم يُوسُف بن مُحَمَّد الزرندي بعد أَن كَانَ هُوَ الْقَائِم بأعباء المنصب عَنهُ. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَدفن)
بِالبَقِيعِ وَاسْتقر بعده ابْنه سعد. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر ظهير الدّين أَبُو الطّيب ابْن الْأمين بن الشَّمْس القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن الطرابلسي. ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا تَحت كنف وَالِده فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَقَرَأَ فِيمَا قَالَ على الزين الْعِرَاقِيّ أَحَادِيث جمعت لَهُ فِي خطْبَة وَكَذَا على السراج البُلْقِينِيّ وَحفظ أَيْضا الْمُخْتَار والمنار وَالْمُغني فِي الْأُصُول والحاجبية، وَعرض على جمَاعَة وَسمع على الشّرف بن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَأبي الْحسن الفوى ثمَّ من شَيخنَا وَآخَرين من أهل هَاتين الطبقتين بل حضر قبل ذَلِك وَهُوَ مَوضِع على الشهَاب الْجَوْهَرِي بعض ابْن ماج وَبعد ذَلِك بِيَسِير الْخَتْم من البُخَارِيّ على ابْن أبي الْمجد والتنوخي والعراقي والهيثمي وأجازوا لَهُ وَدخل دمياط غير مرّة وَأدْركَ بهَا المحيوي بن النّحاس الدِّمَشْقِي الشَّهِيد وَسمع مِنْهُ
واشتغل يَسِيرا عِنْد السراج قاري الْهِدَايَة وَالشَّمْس بن الديري فِي الْفِقْه والزين التفهني فِيهِ وَفِي الْأُصُول وَالشَّمْس البوصيري وَسَعِيد الدّين الْخَادِم فِي النَّحْو وَلم يمهر لكنه ولي خطابة القانبيهية وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس جَامع طولون والأزكوجية وَغَيرهمَا وَفِي إِفْتَاء دَار الْعدْل كلهَا بعد أَبِيه وَمِمَّنْ كَانَ يحضر عِنْده فِي جَامع طولون شَيْخه السراج لكَونه كَانَ مُرَتّب الدَّرْس لَهُ وَرُبمَا كتب على الْفَتْوَى وناب عَن قُضَاة مذْهبه بل وَعَن شَيخنَا وَلم يكثر من تعَاطِي الْأَحْكَام بل أعرض عَنْهَا أصلا بِأخرَة مَعَ أَنه لم يذكر عَنهُ فِيهَا إلاالخير، بلَى كَانَ مُسْرِفًا على نَفسه وَله أحباب يَجْتَمعُونَ عِنْده مِمَّن هم على مذْهبه وَرُبمَا ينتابه غَيرهم من الغرباء لما كَانَ متصفا بِهِ من الحشمة وَالْكَرم والهمة بِحَيْثُ عد فِي أَعْيَان النَّاس لَا سِيمَا مَعَ بيتوتته بل رَأَيْت شَيخنَا يُكرمهُ لمزيد اخْتِصَاصه بولده، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ بل قَرَأَ عَلَيْهِ الزين قَاسم الْحَنَفِيّ مُسْند أبي حنيفَة للحارثي، وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فِي آخر عمره أحسن حَالا مِنْهُ قبله. وَقد حج مرَارًا أَولهَا فِي سنة تسع عشرَة وزار ثمَّ حج بِأخرَة وجاور يَسِيرا وَلم تتيسر لَهُ الزِّيَارَة لكَونه اعترته هُنَاكَ أمراض فبادر إِلَى الْمَجِيء فِي الْبَحْر ثمَّ دَامَت بِهِ مُدَّة طَوِيلَة بِحَيْثُ قيل أَنه اخْتَلَط وَعَسَى أَن يكون كفر عَنهُ. وَمَات فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشري شعْبَان سنة سِتِّينَ وَدفن من الْغَد بحوش سعيد السُّعَدَاء عَفا الله عه وإيانا.) ::: مُحَمَّد الرضى أَبُو الْمَعَالِي بن الطرابلس الْحَنَفِيّ أَخُو الَّذِي قبله وسبط ابْن البوري الدمياطي. حفظ الْقُرْآن وَغَيره وَسمع على ابْن الكويك وَغَيره وَولي نظر جَامع التركماني وَكَذَا خطابة القانبيهية بعد أَخِيه مَعَ طلب فِي التَّفْسِير بالمؤيدية وَغَيرهَا من الْجِهَات وَكَانَ عَال الهمة أَمينا تَامّ الْعقل خَفِيف الرّوح حسن الْعشْرَة محبا فِي الصَّالِحين كَرِيمًا ثقيل السّمع جدا، يرتفق فِي معيشته بقصب السكر وَنَحْوه ذَا دربة بِعَمَل الفاخر من أَنْوَاع الْحَلْوَى والأطعمة بل وَغَيرهمَا من الْأَشْرِبَة الَّتِي كَانَ يزْعم أَن أحدا لَا يَجْسُر يُفْتِي بتحريمها مَعَ الِاكْتِفَاء بهَا عَن الْمُحرمَة، متقنا فِي غَالب مَا يَتَوَلَّاهُ مَقْصُودا من الأكابر فِي مُبَاشرَة كثير من أَصْنَاف الْحَلْوَى وَغَيره حسن الْخط فَإِنَّهُ جوده عِنْد ابْن الصَّائِغ وَكتب بِهِ أَشْيَاء مِنْهَا ربعَة كَانَت فِي دمياط كل ذَلِك مَعَ التعفف عَن القاذورات وَشرف النَّفس وَكَثْرَة التِّلَاوَة والحرص الزَّائِد على تربية وَلَده حَتَّى أَنه أول مَا ترعرع زوجه بابنة الْمَنَاوِيّ وتكلف على المهم ومقدماته وتوابعه مَا يفوق الْوَصْف ورام بذلك قطع أطماع ابْن عَمه عَن تَزْوِيجه بابنته ويأبى الله إِلَّا مَا أَرَادَ، وَقد حج مرَارًا وجاور وسافر لدمياط واسكندرية
وَغَيرهمَا وَكتب بِبَعْض الاستدعاآت. مَاتَ فِي صفر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ باسكندرية وَدفن بالجيزة ظَاهر بَاب الْبَحْر رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن الْمُحب مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي سبط الْجمال الكازروني. سمع على جده لأمه. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن يحيى بن عبد الله النَّجْم أَبُو الْمَعَالِي بن التَّاج أبي نصر بن الْجمال بن الشّرف المغربي الأَصْل الْمدنِي الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن يَعْقُوب. ولد فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء الْعشْرين من ربيع الأول أَو الثَّانِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ لانبوية وَأمه سارة ابْنة غياث بن طَاهِر بن الْجلَال الخجندي توفيت قبل استكماله سنة، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي والثلثين من الْأَصْلِيّ وغالب الرسَالَة وألفيتي الحَدِيث والنحو وَعرض على جمَاعَة من أهل بَلَده والقادمين إِلَيْهَا ولازم أَبَا الْفرج المراغي فِي قِرَاءَة الحَدِيث وَغَيره وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على يحيى العلمي حِين مجاورته عِنْدهم وَابْن يُونُس وَجَمَاعَة مِنْهُم بِالْقَاهِرَةِ السنهوري بل قَرَأَ على الْأمين الأقصرائي فِي بعض الْعُلُوم وَكَذَا قَرَأَ على الديمي وكاتبه وَمِمَّا أَخذه عَنهُ تصنيفه القَوْل)
البديع قِرَاءَة ومناولة وألفية الْعِرَاقِيّ وَجُمْلَة من الْكتب السِّتَّة والموطأ مَعَ المسلسل بالأولية وبالمحمدين وَحَدِيث زُهَيْر العشاري وَبَعض ذَلِك بِلَفْظِهِ وامتدحه بقصيدة أنْشدهُ إِيَّاهَا لفظا وكتبها مَعَ غَيرهَا من نظمه وَغَيره بِخَطِّهِ وَأذن لَهُ فِي الإفادة وَكتب لَهُ إجَازَة حَسَنَة. وَمن شُيُوخه أَيْضا فِي الْفِقْه مُوسَى الحاجبي وَفِي الْفُنُون السَّيِّد السمهودي وَأَظنهُ أَخذ عَن الْجَوْجَرِيّ. وَلم يزل يجْتَهد حَتَّى ولي قَضَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة ثمَّ بعناية الخواجا ابْن قاوان قَضَاء مَكَّة وقطنها وَتزَوج ابْنة الجمالي بن نجم الدّين بن ظهيرة ورسخت قدمه بهَا وَحسنت حَاله فِي دُنْيَاهُ وابتنى دَارا حَسَنَة، وَولي مشيخة الزمامية بعد يحيى الرسولي، وَتقدم فِي فروع الْمَذْهَب وَفِي الْفَرَائِض والحساب وتصدر بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وأقرأ الْفُضَلَاء وَأفْتى، وكتابته جَيِّدَة ومجالسه مفيدة وأدبه غزير ونظمه شهير، مَعَ ظرف ولطف عشرَة وعقل وتودد وَاحْتِمَال ومداراة وَعدم مماراة وباطن متسع، وَقد رَافع فِيهِ بعض من كَانَ فِي خدمته وَأكْثر الْكَلَام وَلم يظفر بِغَيْر الملام. وَمن نظمه:
(إِن كنت ترجو من الرَّحْمَن رَحمته
…
فَارْحَمْ ضِعَاف الورى يَا صَاح مُحْتَرما)
(واقصد بذلك وَجه الله خالقنا
…
سُبْحَانَهُ من إِلَه قد بَرى النسما)
(واطلب جزاذاك من مَوْلَاك رَحمته
…
فَإِنَّمَا يرحم الرَّحْمَن من رحما)
مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الصَّدْر بن الْبَهَاء السُّبْكِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي المتطبب. ولد قَرِيبا من سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وحدده مرّة بِخمْس وَسبعين وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه وألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَعرض فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمَا قاربها على الْجلَال بن أَحْمد بن يُوسُف التباني وَالشَّمْس الطرابلسي وَابْن عبد الرَّحْمَن الصَّائِغ وَأبي بكر بن عبد الله الشهير بالتاجر وَالْجمال مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عَليّ العجمي الحنفيين والبدر الطنبدي وَعبد اللَّطِيف ابْن أُخْت الْجمال الأسنائي وَالشَّمْس القليوبي والصدر الأبشيطي الشافعيين وَالشَّمْس الركراكي الْمَالِكِي وَالْجمال عبد الله بن الْعَلَاء الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين وَأَجَازَهُ الْكثير مِنْهُم واشتغل يَسِيرا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ أَولا ثمَّ بَاشر النقابة عِنْد الْجمال الْبِسَاطِيّ الْمَالِكِي مُدَّة وَكَذَا عِنْد الْبِسَاطِيّ يَسِيرا مَعَ نَقصه فِي الصِّنَاعَة وَسُوء خطه، ثمَّ تعانى الطِّبّ والكحل وخدم بالبيمارستان وَبَاب الستارة وَغَيرهمَا مَعَ أَنه لم يكن بالبارع فِيهِ أَيْضا وَمَعَ هَذَا فَكَانَ إِذا كَانَ مَعَ الْفُقَهَاء يَقُول قَالَ أبقراط مُشِيرا لمعْرِفَة الطِّبّ وَحين يكون مَعَ الْأَطِبَّاء)
يَقُول كتابي كتاب النَّوَوِيّ مُشِيرا إِلَى الْفِقْه. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَقد شاخ وَضعف بَصَره بل أشرف على الْعَمى سامحه الله. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله البارنباري القاهري الشَّافِعِي.
ولد قبيل السّبْعين بِيَسِير ببارنبار قَرْيَة بالمزاحميتين، وَقدم الْقَاهِرَة فاشتغل وَمهر فِي الْفِقْه والعربية والفرائض والحساب وَالْعرُوض وَغَيرهَا ودرس وَأفْتى بالجمالية العتيقة مَحل سكنه بِالْقربِ من رحبة الأيدمري، وَكَذَا بالأزهر احتسابا، وَكَانَ فِيمَا بَلغنِي يُقيم بثغر دمياط نصف السّنة فيقرئ الْعُلُوم بهَا أَيْضا فِي الْجَامِع الزكي ويخطب بجامعها الْعَتِيق، وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء فِي البلدين وَكَذَا فِي الْمحلة وَغَيرهَا، وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد مِمَّن لقيناه وتقي الدّين بن وَكيل السُّلْطَان مِنْهُم. وَعمل لغزا فِي دمياط أجَاب عَنهُ الْبَدْر الدماميني، وَكَانَ من خِيَار النَّاس لَهُ مدد وَجلد، وناب عَن حفيد الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي مشيخة الجمالية الجديدة تصوفا وتدريسا ثمَّ وثب عَلَيْهِ الشَّمْس الْبرمَاوِيّ فانتزعها مِنْهُ فِي جملَة وظائف الْحَفِيد وَلبس للنيابة تَشْرِيفًا فِي أثْنَاء سنة سبع وَعشْرين وَلم يرع حق صَاحب التَّرْجَمَة مَعَ ظُهُور اسْتِحْقَاقه وَلم يلبث أَن أُصِيب بفالج فَأبْطل نصفه وَاسْتمرّ بِهِ موعوكا أَكثر من أَربع سِنِين إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد حادي عشر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَقد أناف على السِّتين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن نصر الله بن حسن بن مُحَمَّد الشّرف أَبُو الطّيب
ابْن التَّاج الفوي ثمَّ القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه حسن، وَيعرف بِابْن نصر الله. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي حجر السَّعَادَة وَتعلم الْكِتَابَة واشتغل بِالْعلمِ وَكتب الْإِنْشَاء وَعظم فِي أَيَّام الظَّاهِر ططر بِحَيْثُ ولاه نظر الْكسْوَة وديوان الضَّرْب وديوان الإشراف وَغَيرهَا، وَمَات فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بِمَرَض السل، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
وَقَالَ غَيره إِنَّه كَانَ شَابًّا جميلا ممدحا ربعَة يسكن بالبندقانيبن لَهُ أَصْحَاب وندماء وَعِنْده فضل وأفضال وَمَكَارِم كَثِيرَة وهمة ومروءة مَعَ عدم ثروة بِحَيْثُ أَنه لما مَاتَ وجدت عَلَيْهِ دُيُون جمة. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بِاخْتِصَار عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عُبَيْدَان الْبَدْر الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. ولد قبل الْخمسين وتفقه وَشهد عِنْد الْحُكَّام وتميز، وَأَجَازَهُ البُلْقِينِيّ بالإفتاء، وَولي قَضَاء بعلبك عَن الْبُرْهَان بن جمَاعَة ثمَّ قَضَاء)
حمص. وَمَات فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عبيد الله بن عوض بن مُحَمَّد الأردبيلي الشرواني القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن والآتي أخوهما الْبَدْر مَحْمُود وَيعرف بِابْن عبيد الله. حفظ الْمجمع والبديع، وَولي تدريس الأيتمشية والأبو بكرية وَأم السُّلْطَان بعد أول أَخَوَيْهِ، وَمَات سنة تسع عشرَة. مُحَمَّد بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الصفي أَبُو بكر بن النُّور بن الْعَلَاء بن الْعَفِيف الْحُسَيْنِي الأيجي الشَّافِعِي شَقِيق الْعَفِيف عبد الرَّحْمَن وحبِيب الله الماضيين وَهَذَا أكبر الثَّلَاثَة، أمّهم بديعة ابْنة النُّور أَحْمد بن الصفي ولد فِي ثامن عشر ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فاشتغل عِنْده وَعند عبد المحسن الشرواني فِي النَّحْو وَالصرْف وَغَيرهمَا، وَأقَام مَعَ أَبَوَيْهِ بِمَكَّة ولازمني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ قِرَاءَة وسماعا وكتبت لَهُ إجَازَة فِي التَّارِيخ الْكَبِير بَعْضهَا، ثمَّ سَافر مَعَ أَبِيه إِلَى بِلَادهمْ وزوجه ابْنة ابْن عَمه وَرجع لمَكَّة فِي موسم سنة أَربع وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله قطب الدّين بن محب الدّين بن نور الدّين الْحُسَيْنِي الأيجي ابْن أخي الصفي والعفيف الْمَذْكُورين فِي محليهما ووالد جلال الدّين عبد الله أبي عابدة. مُحَمَّد بن عبيد بن عبد الله الْمُحب وَقيل الزين بن القَاضِي الزين البشكالسي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَسَماهُ الْعَيْنِيّ عبيدا فغلط. نَشأ ذكيا فاشتهر ذكره بِالْفَضْلِ وَكَانَ يتعاشر مَعَ جمَاعَة من الْفُضَلَاء مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن وفا فاتفق أَنهم توجهوا لشاطيء النّيل فَرَكبُوا شختورا فَانْقَلَبَ بهم فَغَرقُوا وَذَلِكَ فِي
سنة أَربع عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. وَقَالَ أَيْضا أَن أَبَاهُ كَانَ من أَعْيَان أهل مذْهبه، وناب فِي الحكم وَأفْتى وَحدث عَن القَاضِي عز الدّين بن جمَاعَة وَغَيره. قلت وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة حَيا فِي سنة خمس عشرَة قَرَأَ فِيهَا الشفا على الشّرف بن الكويك فيحرر مَعَ مَا تقدم وَسمع فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة على الفوى سنَن الدَّارَقُطْنِيّ بِقِرَاءَة الْكَمَال الشمني وَشَيْخه ولقبه محب الدّين. مُحَمَّد بن عبيد بن عمر الشَّمْس الْحُسَيْنِي سكنا الْخياط على بَاب جَامع كَمَال من الحسينية. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.) ::: مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد الشَّمْس البشبيشي بِكَسْر الموحدتين ومعجمتين قَرْيَة بِالْقربِ من الْمحلة ثمَّ الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالبشبيشي. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ببشبيش وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ بهَا بعض الْقُرْآن ثمَّ أكمله بالمحلة وَحفظ كتاب أبي شُجَاع والملحة عِنْد ابْن كتيلة والشاطبية وجود بعض الْقُرْآن عِنْد الشهَاب بن جليدة وَنور الدّين ابْن الكريوني وَغَيرهمَا وتحول لمصر فَنزل الْأَزْهَر وتلا بِهِ الْقُرْآن لأبي عَمْرو على إِمَامه وَحضر دروس الشنشي والعبادي وَقَرَأَ على زَكَرِيَّا ومُوسَى البرمكيني والبدر حسن الضَّرِير وَغَيرهم بل أَخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ ولازمه فِي دروسه ومواعيده وَغَيرهَا وَعَن قَاسم وَابْن تَقِيّ الدّين وَأبي السعادات وَغَيرهم من البلاقنة وَغَيرهم كالمناوي وتلميذه الْفَخر المقسي، وَسمع على الشاوي والكمال بن أبي شرِيف والخيضري فِي آخَرين كَعبد الرَّحْمَن الخليلي وَابْن حَامِد وتلا على عبد الله بن عِيسَى الْكرْدِي الضَّرِير لِحَمْزَة ولغالب السَّبع إفرادا وعَلى الزين جَعْفَر والجلال المرجوشي، وارتحل لمَكَّة فجاور فِي سنة ثَمَان وَخمسين، وتلا الْقُرْآن غير مرّة على عمر الْحَمَوِيّ النجار وَبَعضه على عَليّ الديروطي والشريف الطباطبي وشهاب الدّين القباقبي وَكَانَ حج فِي تِلْكَ السّنة وَآخَرين كالشيخ عمر المرشدي وَحضر دروس الشوائطي وَسمع على النَّجْم عمر بن فَهد ثمَّ قطن مَكَّة من سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، وسافر مِنْهَا بعد السّبْعين إِلَى الْيمن ثمَّ بعد الثَّمَانِينَ إِلَى الْحَبَشَة وَقَرَأَ هُنَاكَ الحَدِيث وَكَذَا سَافر للحيلة والطائف وَنَحْوهمَا كعدن وَجُمْلَة كل ذَلِك بِسَبَب الاسترزاق بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ إِنْسَان خير متودد مُفِيد محب فِي الْفَائِدَة رَاغِب فِي كتَابَتهَا مَعَ تقنع وتعفف واتقان لقِرَاءَة البُخَارِيّ وَكثير من أوجهه، وَهُوَ مِمَّن لازمني بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بِمَكَّة وَقَرَأَ على غَالب البُخَارِيّ وَغَيره من تصانيفي وَسمع عَليّ ومني الْكثير وعلق عني فَوَائِد، وتكرر دُخُوله لليمن وَهُوَ على طَرِيقَته ونمطه فِي التقنع وَكَثْرَة التودد.
مُحَمَّد بن الْفَقِيه عبيد الشَّمْس الْمحلى نِسْبَة لمحلة منوف وَلذَا نسب منوفيا بل لم يشْتَهر بِدُونِهَا الْمَالِكِي أحد قدماء أَصْحَاب الشَّيْخ مَدين مِمَّن اختلى عِنْده عدَّة خلوات وتهذب حَتَّى أذن لَهُ فِي التَّلْقِين وتصدى لذَلِك بعده بالبلاد بل وبالقاهرة لَكِن قَلِيلا، وَكَانَ على قدم فِي الْعِبَادَة وَالذكر والمراقبة إِلَّا أَنه من الدعاة لِابْنِ عَرَبِيّ المتظاهرين لَهُ. وَمن شُيُوخه فِي الْعلم. مَاتَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ أَو الَّتِي بعْدهَا عَفا الله عَنهُ.) ::: مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عُثْمَان بن يَعْقُوب بن عبد الْحق أَبُو عبد الله بن أبي سعيد المريني الْمَاضِي أَبوهُ وَصَاحب فاس. اسْتَقر فِيهَا بعد قتل أَخِيه فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين كَمَا تقدم. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَحْمد الشَّمْس الْحَمَوِيّ ثمَّ القاهري وَكيل ابْن الزَّمن والمتردد بِمَكَّة مَعَه وبمفرده بل لَهُ دَار بهَا وَيكثر الطّواف وَبِيَدِهِ سَبِيل الْملك المجاور لمدرسته. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن إِسْرَائِيل الشَّمْس أَبُو الْجُود ويقولونها بلجود بِفَتْح الْمُوَحدَة كلمة وَاحِدَة الخرباني البقاعي الشَّافِعِي مؤدب الْأَطْفَال بقرية خربة روحاء من الْبِقَاع. ولد قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة بالخربة وَحفظ الْقُرْآن واشتغل بالفقه والقراآت وتصدى لتعليم الْأَبْنَاء فَانْتَفع بِهِ فِي حفظ الْقُرْآن وَغَيره، وَذكر البقاعي أَنه مِمَّن قَرَأَ عِنْده وَأَنه مَاتَ بالخربة فِي ذِي الْحجَّة سنة خمسين. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَيُّوب بن دَاوُد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْفَخر اللؤْلُؤِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الكتبي. ولد سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة فِي الْفِقْه لِلشِّهَابِ الزُّهْرِيّ وَالِد تَاج الدّين وشذور الذَّهَب والجرجانية وتصريف الْعُزَّى واشتغل على الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والحصني وناصر الدّين التنكزي فِي آخَرين وَسمع على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَابْن الشرائحي والشهاب بن حجي وَجَمَاعَة مِنْهُم عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَهِي أَعلَى شُيُوخه وَالْفَخْر عُثْمَان بن الصلف، ولازم ابْن نَاصِر الدّين فَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا وَكتب عَنهُ الْأَسْمَاء وَتخرج بِهِ يَسِيرا وَوَصفه بالمحدث الْفَاضِل وارتحل مَعَه إِلَى بعلبك فَأخذ بهَا عَن التَّاج بن بردس وأخيه الْعَلَاء، وَحج فِي سنة أَربع وَعشْرين وَلَقي هُنَاكَ شَيخنَا وَكَذَا أَخذ عَن ابْن الْجَزرِي والتقي الفاسي وخليل بن هرون الجزائري بل كتب عَن شَيخنَا مَا أملاه فِي جَامع بني أُميَّة من دمشق، وتلقن الذّكر من الخوافي، وزار بَيت الْمُقَدّس والخليل وَكَانَ خيرا فَاضلا واعظا حسن السمت كثير الْبر والإيثار والتواضع والمحبة فِي الطّلبَة وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم خُصُوصا أهل الحَدِيث لِكَثْرَة اخْتِلَاطه
بهم حَتَّى صَارَت فِيهِ رَائِحَة الْفَنّ خَبِيرا بالكتب متكسبا بِالتِّجَارَة فِيهَا بحانوت فِي بَاب الْبَرِيد أحد أَبْوَاب الْجَامِع الْأمَوِي، واعتنى بِالْجمعِ فَعمل حادي الْقُلُوب الطاهرة إِلَى الدَّار الْآخِرَة فِي ثَلَاث مجلدات كبار وَتَذْكِرَة الأيقاظ فِي اخْتِصَار تبصرة الوعاظ والدر المنظم فِي مولد النَّبِي الْمُعظم كل مِنْهُمَا فِي مجلدين والدر)
النضيد فِي فضل الذّكر وَكلمَة التَّوْحِيد والنجوم المزهرة فِي اخْتِصَار التَّبْصِرَة كل مِنْهُمَا فِي مُجَلد كَبِير وَاللَّفْظ الْجَمِيل بمولد النَّبِي الْجَلِيل وزهر الرّبيع فِي مِعْرَاج النَّبِي الشَّفِيع وتحفة الْأَبْرَار بوفاة الْمُخْتَار والدر المنثور فِي أَحْوَال الْقُبُور ولوامع البروق فِي فضل الْبر وذم العقوق وَنور الْفجْر فِي فضل الصَّبْر وتحف الْوَظَائِف فِي اخْتِصَار اللطائف كل مِنْهَا فِي مُجَلد وَغَيرهَا، وَتكلم على الْعَامَّة على طَرِيق الْوَعْظ وَلذَا جمع التآليف الْمشَار إِلَيْهَا لَقيته بِدِمَشْق فَقَرَأت عَلَيْهِ جُزْء أبي الجهم. وَمَات فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد بمقبرة بَاب الصَّغِير وَكَانَت جنَازَته حافلة وَنعم الرجل كَانَ رحمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أَيُّوب أصيل الدّين الإشليمي. يَأْتِي فِيمَن جده عبد الله. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة أَبُو الْفَتْح الْقرشِي الْمَكِّيّ بن ظهيرة، وَأمه شريفة زبيدية اسْمهَا سَلامَة ابْنة مُحَمَّد. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ من أجَاز قَرِيبه الْمُحب مُحَمَّد بن أبي حَامِد بن ظهيرة. وَمَات بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة ثَمَان وَسبعين. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن حُسَيْن الشَّمْس الجزيري بِفَتْح الْجِيم ثمَّ زَاي مَكْسُورَة ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. ولد تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والخرقي واليسير من الْمقنع ولازم قَاضِي مذْهبه الْبَدْر السَّعْدِيّ وَمن قبله حضر عِنْد الْعِزّ يَسِيرا وَأخذ فِي الِابْتِدَاء عَن الْمُحب بن جناق وَقَرَأَ فِي الْأُصُول وَغَيره على الزين الأبناسي وَكَذَا تردد إِلَيّ فِي كثير من الدُّرُوس وَتزَوج سبطة خَالَتِي وَجلسَ مَعَ الشُّهُود بل أذن لَهُ فِي الْعُقُود وبرع فِي الْفِقْه والصناعة، وَكَانَ جيد الْفَهم حسن الْإِدْرَاك متين الْعقل محبا للنَّاس لِكَثْرَة تواضعه وتودده، وَكتب جُزْءا فِي الْحيض أجاده وَأرْسل بِهِ إِلَى الْعَلَاء المرداوي بِدِمَشْق فقرضه وَأذن لَهُ وَكَذَا شرع فِي تَرْتِيب فروع قَوَاعِد ابْن رَجَب. مَاتَ فِي يَوْم السبت عَاشر شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فِي الجسر وحول مِنْهُ إِلَى بَيته بالدرب الْأَصْفَر فَغسل وكفن وَصلي عَلَيْهِ فِي مشْهد حسن ثمَّ دفن بحوش البيبرسية عِنْد أَبِيه وتأسف النَّاس على فَقده وَكَانَ مترقبا فِي الْفضل رحمه الله وعوضه وَأمه الْجنَّة. وَخلف ولدا تزايد فحشه بِحَيْثُ
ضيع مَا اسْتَقر فِيهِ من جِهَات أَبِيه وَصَارَ نفطيا، وَابْنَة يلطف الله بأمها فِيهَا. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سُلَيْمَان بن رَسُول بن أَمِير يُوسُف بن خَلِيل بن نوح الْمُحب بن)
الشّرف الكرادي الأَصْل نِسْبَة لكراد بِفَتْح الرَّاء الْخَفِيفَة قَبيلَة من التركمان وَوهم الْعَيْنِيّ فنسبه تركمانيا القرمي القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد أَحْمد وَإِبْرَاهِيم وأخو حُسَيْن الماضيين وَيعرف بِابْن الْأَشْقَر لقب لوالده المترجم فِي الْمِائَة قبلهَا. ولد فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقيل قبلهَا بِالْقَاهِرَةِ بزاوية أرغون الأقرم بالصوة، وَيُقَال أَن أمه كَانَت بكرية وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ وانتفع فِيمَا قيل بالجمال إِسْحَاق الْأَشْقَر نزيل الْقُدس وَلَزِمَه سِنِين فِي عدَّة عُلُوم وَذكر أَنه كَانَ يَخْدمه وَيحمل وَلَده وانتمى ليشبك الناصري الْكَبِير لوصيته بِهِ من أَبِيه فحفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل يَسِيرا وَسمع على الزين الْعِرَاقِيّ كَمَا سمعته من شَيخنَا كثيرا كالصحيحين وَكَانَ هُوَ يحْكى فِيمَا بَلغنِي أَن سَمَاعه لَهما كَانَ بِمَجْلِس يشبك الْمَذْكُور وَأَن الشَّيْخ لم يكن يجلس إِلَّا على طَهَارَة فَكَانَ إِذا حدث قطع الْقَارئ الْقِرَاءَة حَتَّى يتَوَضَّأ وَلَا يسمح بِالْمَشْيِ على بِسَاط الْأَمِير بِدُونِ حَائِل لَكِن قَرَأت بِخَطِّهِ على بعض الاستدعاآت سَمِعت البُخَارِيّ على الزين الْعِرَاقِيّ بِقِرَاءَة الشهَاب الأشموني فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة فَالله أعلم، وَأَجَازَ لَهُ بِأخرَة ابْن الْجَزرِي فِي استدعاء النَّجْم بن فَهد وَلَا أَشك أَن لَهُ أَشْيَاء عَمَّن فَوق هَذِه الطَّبَقَة لَكِن مَا وقفت على ذَلِك، وَكَانَ شَيخنَا رام مني التَّخْرِيج لَهُ فَمَا تيَسّر فِي حَيَاته وَأول مَا تأهل اسْتَقر بِهِ يشبك الْمَذْكُور عِنْده فِيمَا قيل إِمَامًا وَرفع من جَانِبه بِحَيْثُ لم يكن يرد لَهُ كلَاما وَلذَا قصد فِي الْقَضَاء فاشتهر ذكره ثمَّ جهزه لمَكَّة واليمن عقب موت الخواجا الْبُرْهَان الْمحلي عَن النَّاصِر فرج فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة فضبط موجوده وأحر بولده مَعَه فَأَقْبَلت عَلَيْهِ السَّعَادَة وَتزَوج أُخْته فتزايدت وجاهته، وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن العديم فَمن بعده وَاسْتقر فِي مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس فِي ربيع الأول سنة خمس عشرَة برغبة شمس الدّين مُحَمَّد بن أوحد حِين مرافعة صوفيتها فِيهِ لمعرفته كَمَا قَالَ شَيخنَا بمحبة النَّاصِر للمنزول لَهُ لحسن سياسته فَأمْضى لَهُ يلبغا الناصري نَائِب غيبَة النَّاصِر النُّزُول فرسخت قدمه فِي سرياقوس وباشرها برياسة وحشمة وتودد وعقل، وبرز بعد استقراره بِيَسِير من السّنة للقاء المستعين بِاللَّه لكَونه زوجا لأخت زَوجته الْمشَار إِلَيْهَا فتلقي بالإكرام والتعظيم فتزايدت
وجاهته وعلت مكانته، وأضيف إِلَيْهِ فِي الْأَيَّام الناصرية نظر جَامع عَمْرو وَاسْتمرّ مَعَه إِلَى أَن سَافر لِلْحَجِّ فَأخْرج عَنهُ حِين أنهى إِلَى السُّلْطَان أَنه أَخذ مَال الْجَامِع فحج بِهِ فَلَمَّا جَاءَ بَادر للاجتماع بالمستقر عوضه وَالْتمس مِنْهُ إرْسَال قَاصد مَعَه إِلَى خلوته بالشيخونية)
ليتسلم مَال الْجَامِع فَفعل وَظَهَرت بَرَاءَته مِمَّا نسب إِلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان فَمن دونه، ثمَّ اسْتَقر فِي الْأَيَّام المؤيدية فِي نظر دَار الضَّرْب بِدُونِ خلعة فدام نَحْو سنة وابتهج السُّلْطَان بِمَا ضرب فِي أَيَّامه وَحج فِي أَيَّامه أَيْضا وزار بَيت الْمُقَدّس وَدخل الشَّام، وَاتفقَ أَن الْمُؤَيد وَهُوَ نظام قَالَ لَهُ: مَا فعل صهرك يَعْنِي الْخَلِيفَة ثمَّ كرر ذَلِك مرّة بعد أُخْرَى فَقَالَ لَهُ: أُخْت زَوجته طَالِق ثَلَاثًا فعد ذَلِك من وفور عقله ليزيل تخيله. وصاهر شَيخنَا على ابْنَتَيْهِ وَاحِدَة بعد أُخْرَى وَحج بِالْأولَى مِنْهُمَا وبرز مَعَ والدها بعد انْفِصَال الركب بِعشْرَة أَيَّام فأدركا الركب بِالْقربِ من الْحَوْرَاء. وَلم يزل يترقى حَتَّى اسْتَقر فِي كِتَابَة السِّرّ بالديار المصرية فِي رَجَب سنة تسع وَثَلَاثِينَ بعد صرف ابْن الْبَارِزِيّ وَرغب حِينَئِذٍ لأكبر أَوْلَاده أَحْمد عَن مشيخة الخانقاه السرياقوسية ثمَّ استعفى عَن كِتَابَة السِّرّ فِي الَّتِي تَلِيهَا وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان نظر الخانقاه مَعَ نظر جَامعه هُنَاكَ وَلبس لَهما كاملية، ثمَّ فِي ربيع الثَّانِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين اسْتَقر فِي نظر البيمارستان بعد وَفَاة النُّور بن مُفْلِح وَكَانَ يَنُوب عَن الْمُحب فِيهِ أَخُوهُ الْبَدْر حُسَيْن، ثمَّ فِي أول أَيَّام الظَّاهِر جقمق اسْتَقر فِي نظر الْجَيْش عوضا عَن الزيني عبد الباسط ثمَّ انْفَصل عَنهُ وَهُوَ غَائِب فِي الْحَج فِي سلخ ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَأَرْبَعين ثمَّ أُعِيد إِلَيْهِ فِي شَوَّال الَّتِي بعْدهَا ثمَّ صرف عَن البيمارستان فِي ربيع الآخر سنة خمسين ثمَّ عَن الخانقاه نظرا ومشيخة ثمَّ عَن نظر الْجَيْش، وأعيد لكتابة السِّرّ مرّة بعد أُخْرَى وَكَذَا إِلَى الخانقاه نظرا ومشيخة وَآل أمره إِلَى أَن لزم بَيته على نظر الخانقاه فَقَط حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَدفن بتربة تجاه الناصرية فرج برقوق بعد أَن أثكل ابْنا لَهُ كَانَ أعز عِنْده من سَائِر أَوْلَاده عوضهما الله الْجنَّة ورحمه وإيانا. وَكَانَ رَئِيسا دينا مُعظما فِي الدول مَعَ السّكُون وَالْعقل والحشمة وَالْوَقار وَالِاحْتِمَال والمداراة، مَوْصُوفا بالإمساك مَعَ الثروة وبقلة البضاعة فِي الْعلم مَعَ اشْتِغَاله حَتَّى بعد رياسته على الْأَئِمَّة مِمَّن كَانَ يَسْتَدْعِي بهم عِنْده كالبساطي قبل دُخُوله فِي الْقَضَاء والشرواني بل أسْكنهُ عِنْده بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والعقائد وَغير ذَلِك. أثنى عَلَيْهِ شَيخنَا فِي تَرْجَمَة أَبِيه من درره بقوله: كَانَ حسن الْمعرفَة بالأمور خَبِيرا بِعشْرَة أهل الدولة وَغَيرهم قوى الرَّأْي مَسْعُود
الحركات بل اسْتَخْلَفَهُ فِي قَضَاء الديار المصرية سنة آمد فَنظر فِي الْأُمُور بسياسة وَحسن تَدْبِير وَكَذَا أسْند إِلَيْهِ المشارفة فِيمَا أوصى بتفرقته من الثُّلُث بعد مَوته وَوَصفه بأخي فِي الله تَعَالَى القَاضِي)
محب الدّين نَاظر الجيوش المنصورة رزقه الله الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالثنَاء عَلَيْهِ مستفيض. وَفِي تَرْجَمته من تصنيفي ذيل الْقُضَاة والمعجم والفوائد زَوَائِد وَقد اجْتمعت بِهِ غير مرّة وَسمعت عَلَيْهِ ختم البُخَارِيّ وَكَذَا سمع عَلَيْهِ غير وَاحِد وَأكْرم فِي موطنين شريفين الْقَارئ بِمَا لم يتَّفق لغيره مِمَّن حضرهما مَعَ كَونه أكْرم وأسمح وَحمد لَهُ هَذَا وَذكر فِي سَعَة عقله وتأمله، وَقَرَأَ عَلَيْهِ البقاعي الصَّحِيح أَو غالبه بمنزله قصدا لنائله وبره وَصَارَ يروم مِنْهُ الْمَشْي فِي خصوماته ويلح على عَادَته بِحَيْثُ أَنه تكلم مَعَه فِي بَعْضهَا وهما فِي جَنَازَة فَمَا احْتمل الْمُحب هَذَا وَقَالَ لَهُ يال أخي وَكم أما تفتر وَترجع إِن هَذَا لعجيب. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن صَدَقَة بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مخلص الدّين عبد الله بن مُحَمَّد الشَّمْس المخلصي نِسْبَة لبلد بالعراق خرج مِنْهَا جده عبد الله الشار مساحي العطائي المولد نِسْبَة لقرية صَغِيرَة بهَا ضريح لصالح مُجَاهِد اسْمه عَطِيَّة الدمياطي المنشأ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده نزيل الْقَاهِرَة وَيعرف بالدمياطي. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بقرية عَطِيَّة وتحول مِنْهَا وَهُوَ صَغِير لدمياط فحفظ بهَا الْقُرْآن والمنهاج وَحضر كثيرا من دروس الشهَاب الجديدي فِي المعينية وَغَيرهَا وقليلا عِنْد الْفَقِيه علم الدّين، ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فَنزل زَاوِيَة ابْن بكتمر الْمُجَاورَة لزاوية الشَّيْخ مَدين من المقس. وَحفظ الوردية وَنصف ألفية ابْن ملك ولازم ابْن قَاسم فِي أَشْيَاء مِنْهَا الْمُتَوَسّط بقرَاءَته وَالْفَخْر عُثْمَان المقسي فِي قِرَاءَة جمع الْجَوَامِع بل أَخذ عَنهُ الْفِقْه فِي تقاسيمه وَكَذَا أَخذ فِي التَّقْسِيم عَن الْعَبَّادِيّ والبدر بن الْقطَّان بل قَرَأَ عَلَيْهِ فِي دروس الشيخونية وَعَن الْجَوْجَرِيّ حِين تقسيمه سنة خمس بالأزهر وَقَرَأَ على الْبكْرِيّ حَاشِيَته على الْمِنْهَاج وعَلى الْكَمَال بن أبي شرِيف شرح العقائد وحاشيته عَلَيْهِ وَسمع عَلَيْهِ فِي حَاشِيَته على شرح جمع الْجَوَامِع وَفِي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ بل أَخذ عَن الكافياجي من تَفْسِير سُورَة النُّور إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي الْفرْقَان وَأحسن تَفْسِيرا بِقِرَاءَة ابْن يُوسُف وَقَرَأَ على أبي حَامِد التلواني مقدمته فِي الْعَرَبيَّة الْمُسَمَّاة كاشفة الكرب عَن لفظ الْعَرَب غير مرّة وَبَعض مُؤَلفه فِي التَّعْبِير، وَأخذ فِي الْأُصُول وَغَيره عَن إِمَام الكاملية وَقَرَأَ الْمِنْهَاج على الْبَدْر حسن الْأَعْرَج مَعَ سَماع أَشْيَاء فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عَليّ فِي شرح النخبة وَفِي البُخَارِيّ وَغير ذَلِك ولازمني فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَسمع بحضرتي
على الْجلَال القمصي والشهابين الْحِجَازِي والشاوي فِي)
آخَرين وَكتب عدَّة من تصانيفي وَأَجَازَ لَهُ على حفيد الْجمال يُوسُف العجمي وتزايد اخْتِصَاصه بِعَبْد الْهَادِي السكندري وتدرب بِهِ وتميز قَلِيلا وَأَجَازَ لَهُ ابْن الْقطَّان والمقسي وَأَبُو حَامِد فِي الإقراء وَبَعْضهمْ فِي الْإِفْتَاء، وتكسب بِالشَّهَادَةِ مَعَ عقل وَسُكُون وتعفف. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن ظافر بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عبد الله المغربي البجائي الْمَالِكِي نزيل اسكندرية. ولد سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ببجاية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وتلاه لنافع على مُحَمَّد بن زين الدّين وَعنهُ أَخذ الْعَرَبيَّة وَالْعرُوض وَغَيرهمَا وَحضر فِي الْفِقْه عِنْد المشدالي وَالِد أبي الْفضل وَغَيره، وَحج وَدخل دمشق والقاهرة وطوف واستطاب اسكندرية فقطنها مُدَّة وأقرأ الْمَنْصُور حِين إِقَامَته بهَا فِي شرح الخزرجية ولقيته بهَا فَكتبت عَنهُ من نظمه، وَكَانَ إنْسَانا حسنا لَدَيْهِ فضل وأدب وتواضع مَعَ تخيل وانجماع وأظهار لحب الخمول وَعدم الشُّهْرَة، وَبَلغنِي أَنه تزوج إمرأة فاتهم بقتلها وأودع السجْن لذَلِك ثمَّ أطلق بعد سعي شَدِيد فَمَاتَ من يَوْمه وتوهم كَثِيرُونَ أَنه قتل نَفسه وَذَلِكَ بعد السِّتين وَفِي مُعْجَمه من نظمه أَشْيَاء عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن الْملك الْأَفْضَل عَبَّاس بن عَليّ بن دَاوُد أَسد الدّين الأيوبي. اسْتَقر فِي زبيد حِين خَالف المماليك بهَا على المظفر وأقاموه ولقبوه الْمفضل أَسد الدّين وَلَكِن لم يلبث حَتَّى جهز إِلَيْهِ المظفر من قبض عَلَيْهِ وَأدْخل بعض الْحُصُون فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ كل ذَلِك فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الله بن سكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس النبحاني بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْمُوَحدَة بعْدهَا مهلمة البعلي ثمَّ الدِّمَشْقِي اعلحنبلي. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع الْكثير، وَحدث وَأفَاد، وَمِمَّا سَمعه الْمِائَة الفراوية ومعجم ابْن جَمِيع سمعهما على ابْن الخباز وَثَانِيهمَا على العرضي، وَأَجَازَ لَهُ الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره، وَكَانَ فَاضلا صَالحا دينا خيرا متواضعا لقِيه شَيخنَا وَمَا تيَسّر لَهُ الْأَخْذ عَنهُ وَذكره فِي مُعْجَمه، وَقَالَ فِي إنبائه أَنه جمع مجاميع حَسَنَة مِنْهَا كتاب فِي الْجِهَاد وكا خطه حسنا ومباشرته محمودة. قَالَ ابْن حجي: جمع وَألف وَعبارَته فِي تصانيفه جَيِّدَة. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث بغزة وَكَانَ سَافر إِلَيْهَا، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي رحمه الله. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الله وَيُقَال أَيُّوب بدل عبد الله وَهُوَ أصح أصيل
الدّين أَبُو)
عبد الله بن الْفَخر أبي عَمْرو بن النَّجْم الْعمريّ فِيمَا قيل الإشليمي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد الشهَاب أَحْمد بن أصيل الْمَاضِي. ولد بعد سنة أَرْبَعِينَ بإشليم. وَلما ترعرع تعانى الْقُرْآن ثمَّ اشْتغل قَلِيلا فِي الْفِقْه والعربية وتلا للسبع، وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه ابْن الملقن والبلقيني، وَرَأَيْت إِذن أَولهمَا لَهُ بالتدريس والإفتاء وَوَصفه بالعالم الْعَلامَة ذِي الْفُنُون أقضى الْقُضَاة مفتي الْمُسلمين جمال المدرسين، وَأثْنى على صَحِيح ذهنه وَأطَال الْإِجَازَة وأرخها فِي سنة ثَمَانِينَ وَشهد عَلَيْهِ التقي الزبيرِي وَالشَّمْس الغماري وتكسب بِالشَّهَادَةِ ولازم الصَّدْر بن رزين خَليفَة الحكم فرقاه لنيابة الحكم ثمَّ حسن لَهُ الصَّدْر الْمَنَاوِيّ السَّعْي فِي الْقَضَاء الْأَكْبَر حِين كَانَ متوليه التقي الزبيرِي بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك وَسِيلَة لعود الصَّدْر بعد صرف الزبيرِي ولرغبتهم فِي دَرَاهِم صَاحب التَّرْجَمَة الَّتِي استدانها لذَلِك عوضوه بِقَضَاء دمشق فَوَلِيه فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة فِي أَوَاخِر دولة الظَّاهِر فباشره قَلِيلا نَحْو مائَة يَوْم فَلم تحمد سيرته وَلم يلبث أَن مَاتَ الظَّاهِر وسعى الأخنائي حَتَّى عَاد وَصرف هَذَا وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة ونالته محنة بِسَبَب الدُّيُون الَّتِي تحملهَا وسجن بالصالحية مُدَّة ثمَّ أطلق، وَكَانَ لَهُ استحضار ليسير من السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَمن شرح مُسلم فَكَانَ يلقى درسه غَالِبا من ذَلِك لكَونه لَا يستحضر من الْفِقْه إِلَّا قَلِيلا، وَلذَا لما دخل على البُلْقِينِيّ بعد ولَايَته قَالَ لَهُ:
(مَا أَنْت بالحكم الترضي حكومته
…
وَلَا الْأَصِيل وَلَا ذِي الرَّأْي والجدل)
مَاتَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة أَربع عَن سِتِّينَ سنة فَأكْثر ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار عَن هَذَا وَكَذَا المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عبد الله نَاصِر الدّين أَبُو الْحسن وَأَبُو عبد الله بن فَخر الدّين الْمصْرِيّ الشاذلي الشَّافِعِي صهر الزين الْعِرَاقِيّ وَيعرف بِابْن النيدي. هَكَذَا سمي وَالِده فِيمَا كتبه بِخَطِّهِ عُثْمَان، وَالَّذِي فِي عرضه فَخر الدّين فَخر، وَكَذَا اقْتصر عَلَيْهِ شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: مُحَمَّد بن الْفَخر فَكَأَنَّهُ غَيره حَتَّى لَا يعرف أَن أَصله من القبط. ولد فِي الْعشْر الْأَخير من ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ تَاجِرًا فَنَشَأَ هُوَ محبا فِي الْعلم وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك، وَعرض على الأبناسي وَابْن الملقن والبلقيني والشمسين ابْن الْقطَّان وَابْن المكين الْبكْرِيّ وأجازوا لَهُ وَسمع على عَزِيز الدّين المليجي صَحِيح البُخَارِيّ وعَلى الزين بن الشيخة مُسْند الشَّافِعِي وَعَلِيهِ قَرَأَ الْبِدَايَة للغزالي)
وَالْأَرْبَعِينَ لإِمَام الدّين وعَلى التنوخي مسندي عبد والدارمي بفوت فِي ثَانِيهمَا وعَلى الْعرَاق والهيثمي
أَشْيَاء مِنْهَا التَّاسِع عشر وَغَيره من أمالي ابْن الْحصين وَسمع على الْفَخر القاياتي الْجُزْء الْعشْرين من الخلعيات بِقِرَاءَة شَيخنَا وَكَذَا سمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والفوي والطبقة بل ذكر أَنه سمع على ابْن رزين أَيْضا صَحِيح البُخَارِيّ وعَلى البلبيسي صَحِيح مُسلم بل كتب عَن الزين الْعِرَاقِيّ من أَمَالِيهِ، وَحج وجاور وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْعلمِ والتفنن والمهارة فِي الْعَرَبيَّة وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، واستجازه الزين رضوَان لِابْنِهِ عبد الرَّحْمَن وصاهر الزين الْعِرَاقِيّ على ابْنَته ثمَّ مَاتَت فَتزَوج بركَة ابْنة أَخِيهَا الْوَلِيّ وَمَات وَهِي فِي عصمته وَذَلِكَ فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع رَمَضَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ بِالْقَاهِرَةِ وَصلي عَلَيْهِ وعَلى سميه نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن تَيْمِية مَعًا وَكَانَا صديقين، تقدم النَّاس شَيخنَا، وَدفن بالصحراء رحمهمَا الله. وَخلف وَلدين، وَكَانَ مَعْرُوفا بِكَثْرَة المَال فَلم يظْهر لَهُ شَيْء ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عَليّ بن عُثْمَان بن عَليّ بن عُثْمَان بن سعد بن أبي الْمَعَالِي الشَّمْس بن الْفَخر الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمزي القاهري الشَّافِعِي ابْن عَم إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالرقي. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بالمزة وَنَشَأ بهَا فقرا فِي صوفية البيبرسية، وَكَانَ يذكر أَنه سمع الصَّحِيح على الْحَافِظ ابْن الْمُحب ومحيي الدّين الرَّحبِي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن السراج بِدِمَشْق وَلَيْسَ بِبَعِيد سِيمَا وَقد كَانَ خيرا نيرا حسن الشيبة مَعَ السّكُون والانعزال وَلذَا أخْبرته حِين شهد ختم الصَّحِيح بِقِرَاءَتِي بِنَاء على غَلَبَة الظَّن وَأَجَازَ وَكتب بِخَطِّهِ، وتعانى التِّجَارَة فِي الْأَشْيَاء الظريفة كالملاليح والملاعق وَنَحْوهَا لشدَّة دربته فِي ذَلِك وحوزه لكثير من آلَات الصَّنَائِع الَّتِي لَا تُوجد عِنْد غَيره وَكَذَا كَانَ يتَكَلَّم على أوقاف جَامع المارداني نِيَابَة وحمدت سيرته. مَاتَ قريب الْخمسين ظنا. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عَليّ الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الحريري. أَخذ القراآت عَن ابْن النجار والقباقبي وَغَيرهمَا وَقَالَ أَنه أَخذ عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ وَشَيخنَا وَابْن المحمرة وَابْن نَاصِر الدّين وَالشَّمْس الصَّفَدِي الْحَنَفِيّ وَأبي الْعَبَّاس الْقُدسِي، ولقيه النوبي فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ بِدِمَشْق فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَكَذَا ابْن القصبي الْيَسِير بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن الْفَخر عُثْمَان بن عَليّ الشَّمْس المارديني ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي الْأَبَّار وَهِي)
رحفته وَالِد عبد الْقَادِر الْمَاضِي. ذكر لي أَن أَبَاهُ حفظ الْحَاوِي بعد التَّنْبِيه وَغَيرهمَا وتفقه وَأخذ فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا عَن الْبَدْر بن سَلامَة وأخيه شهَاب الدّين
وَسمع على الْبُرْهَان الْحلَبِي وَكتب على الْمِنْهَاج شرحا فِي أَرْبَعَة عشر مجلدا بَقِي مِنْهُ نَحْو مُجَلد وعَلى الورقات فِي الْأُصُول بل عمل على البُخَارِيّ حَاشِيَة فِي ثَلَاث مجلدات، وَكَانَ صَالحا خيرا سليم الصَّدْر. مَاتَ فِي رُجُوعه من الْحَج ببدر وَحمل إِلَى الفارعة فَدفن بهَا فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَقد جَازَ الْخمسين رحمه الله. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عَليّ السيلاوي نِسْبَة للسيلة بلد بنابلس الْحَنْبَلِيّ ثمَّ القاهري مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عَليّ الصَّالِحِي العلاف وَيعرف بِابْن الضَّرِير. سمع فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة على عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الرشيد والعماد أبي بكر بن أَحْمد بن عبد عبد الْهَادِي وَفِي الَّتِي تَلِيهَا على أَحْمد بن مُحَمَّد بن رَاشد بن خطليشا وَعبد الله بن خَلِيل الحرستاني وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء ابْن فَهد وَغَيره، وَكَانَ يتكسب بحانوت قريب الشركسية من الصالحية مَاتَ قبل الْخمسين ظنا. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن عِيسَى بن سُلَيْمَان الشَّمْس البرمي العلجوني الأَصْل الصَّالِحِي المولد الدِّمَشْقِي الْحَنْبَلِيّ الكتبي سمع مني. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْبَدْر بن الْفَخر بن التَّاج السّلمِيّ الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو الْبَهَاء أَحْمد الْمَاضِي، اسْتَقر شَرِيكا لَهُ بعد موت أَبِيهِمَا فِي تداريسه وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَنه يروي عَن ابْن عَم وَالِده الصَّدْر الْمَنَاوِيّ. وَالظَّاهِر أَنه من أهل هَذَا الْقرن ثمَّ رَأَيْت من عرض عَلَيْهِ سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عُثْمَان صَلَاح الدّين بن الْفَخر الديمي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط أَحْمد بن عبد الْوَاحِد البهوتي الْمَاضِي وَأَبوهُ. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والمناجين والألفيتين والشاطبيتين، وَعرض عَليّ فِي جملَة الْجَمَاعَة وتولع بطريقة وَالِده ولازمه فِيهَا، وخالقه فِي سكونه وَعدم تعرضه للفضلاء مَعَ فطنة وذكاء ولازمني فِي أَشْيَاء مِنْهَا شرحي للألفية بِحَيْثُ قَرَأَ عَليّ نَحْو النّصْف مِنْهُ وَكَذَا كَانَ يقْرَأ عَليّ أَشْيَاء مِمَّا يتَوَجَّه لجمعه كتعليق على التَّذْكِرَة لِابْنِ الملقن وَأجل شُيُوخه فِي)
الْفِقْه الشَّمْس البامي وَكَذَا قَرَأَ على الْكَمَال بن أبي شرِيف وأخيه قَلِيلا وَابْن قَاسم وَحسن الْأَعْرَج والسنتاوي وَفِي الْفَرَائِض والحساب على الْبَدْر المارداني، وتميز قَلِيلا مَعَ نوع وسواس وخفة، وَحج مَعَ أمه فِي سنة خمس وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي فَارس المسعود بِاللَّه بن صَاحب تونس المتَوَكل على الله الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي سلطنة أَبِيه أَو بعْدهَا بِيَسِير وَكَانَ ولي عَهده من بعده
وَأجل أَوْلَاده، أثنى عَلَيْهِ بعض من لقِيه وَأَنه من أَعْيَان الْمُلُوك وَرُؤَسَائِهِمْ اشْتَمَل على بر وَخير ومحبة للأدباء وَأهل الْفضل مَعَ ميل للهو بل قيل أَنه رَجَعَ عَنهُ. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد السّلمِيّ السويدي ثمَّ الدِّمَشْقِي. سمع من ابْن الشيرجي جُزْء الْأنْصَارِيّ وَمن عَليّ بن مُوسَى الصَّفَدِي والتقي بن رَافع وَجَمَاعَة وَوَقع فِي الحكم فِي ولَايَة البُلْقِينِيّ لقَضَاء دمشق وفَاق أقرانه فِي ذَلِك. قَالَ ابْن حجي: كَانَ صَحِيح الْعَدَالَة محررا عَارِفًا بِالشُّرُوطِ انْفَرد بذلك فِي وقته مَعَ حسن خطه وجودة ضَبطه. وَقد حدث قَلِيلا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة خمس عشرَة، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن مُوسَى بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله الإسحاقي الأَصْل نِسْبَة لمحلة إِسْحَاق بالغربية القاهري الْمَالِكِي جد الرضي مُحَمَّد بن مُحَمَّد صهر الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالإسحاقي. مِمَّن اشْتغل عِنْد الشَّيْخ خَلِيل وَغَيره، وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير بل جمع كتابا فِي الْأُصُول، وَحج وناب فِي الْقَضَاء بل يُقَال إِن الشَّمْس الْمدنِي اسْتَخْلَفَهُ فِي بعض غيباته.
مَاتَ تَقْرِيبًا سنة عشر وَقد زَاد على التسعين. أَفَادَهُ حفيده. مُحَمَّد بن عُثْمَان بن يُوسُف الشَّمْس العاصفي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي شيخ رواق الريافة من الْأَزْهَر وَيعرف بالعاصفي. تلقن الذّكر من إِبْرَاهِيم الأدكاوي وَألبسهُ الطاقية وَأذن لَهُ كَمَا قرأته بِخَطِّهِ بل سمع الشفا على الْكَمَال بن خير وَكَذَا سمع على نَاصِر الدّين الفاقوسي وَعَائِشَة الكنانية وَغَيرهمَا، واشتغل وَكَانَ أحد صوفية سعيد السُّعَدَاء مُبَارَكًا خيرا، لَقيته كثيرا وتلقنت مِنْهُ. مَاتَ وَقد جَازَ السّبْعين ظنا فِي شعْبَان سنة أَربع وَسبعين بعد تعلله مُدَّة وإعراضه عَن المشيخة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عُثْمَان أصيل الدّين الإشليمي.
فِيمَن جده عبد الله مُحَمَّد بن عُثْمَان الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بالأخنائي كَذَا فِي مُعْجم التقي بن فَهد وَصَوَابه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان وَسَيَأْتِي)
مُحَمَّد بن عُثْمَان الشَّافِعِي. هُوَ ابْن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق مضى. مُحَمَّد بن عجلَان بن رميثة بن أبي نمى الحسني الْمَكِّيّ، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه مؤرخا لَهُ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَقَالَ نَاب فِي إمرة مَكَّة ثمَّ كحل بعد موت أَخِيه أَحْمد وَاسْتمرّ خاملا، وَقد دخل الْيمن مسترفدا صَاحبهَا وجهز مَعَه الْمحمل فِي سنة ثَمَانمِائَة فرافقته وَسلمنَا من الْعَطش الَّذِي أصَاب أَكثر الْحَاج تِلْكَ السّنة بمرافقة صَاحب التَّرْجَمَة لكَونه سَار بِنَا من جِهَة وَخَالفهُ أَمِير الركب فَسَار من الْجِهَة الْمُعْتَادَة فَلم يَجدوا مَاء فَهَلَك الْكثير مِنْهُم. وَطول الفاسي تَرْجَمته وَذكره المقريزي فِي
عقوده وَأَنه مَاتَ فِي ثَانِي عشر ربيع الأول. مُحَمَّد بن عجلَان شيخ الْعَرَب. هُوَ الْمعِين للظَّاهِر تمربغا فِي خُرُوجه من دمياط وَلم يتم لَهما أَمر بل أمسكا وأودع هَذَا البرج مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ. وَمَات ظنا فِي أول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ أَو أَوَاخِر الَّتِي قبلهَا بعد معاقبة تغري بردى الاستادار لَهُ. مُحَمَّد بن عرام الشَّمْس الْمَيْمُونِيّ الأَصْل الْبُرُلُّسِيّ الْمَالِكِي. أَخذ الْفِقْه واصوله عَن مُحَمَّد الرباحي وَالْفِقْه والفرائض والعربية عَن يحيى المغربي الفرضي والعربية وَالصرْف وَالْأَدب عَن الزين خلف وَالِد أبي النجا فِي آخَرين مِنْهُم بِالْقَاهِرَةِ الزين عبَادَة، وَحج وتميز فِي الْفَضِيلَة وأقرأ الطّلبَة فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة كالبدر حسن الشورى وأفادني تَرْجَمته وَأَنه كَانَ ينسج على النول على طَريقَة جميلَة من الدّيانَة والورع. مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين بالبرلس رحمه الله. مُحَمَّد بن عَرَفَة الْحلَبِي الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي، مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. وَمَات سنة إِحْدَى وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَطاء الله بن مُحَمَّد وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل أَحْمد بن مَحْمُود بن الإِمَام فَخر الدّين مُحَمَّد بن عمر وَقيل مَحْمُود بن أَحْمد بن فضل الله بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن أبي الْجُود وَأبي البركات الرَّازِيّ الأَصْل الْهَرَوِيّ. هَكَذَا كَانَ يزْعم أَنه من بني الْفَخر الرَّازِيّ، قَالَ شَيخنَا: وَلم نقف على صِحَة ذَلِك وَلَا بلغنَا من كَلَام أحد من المؤرخين إِنَّه كَانَ للْإِمَام ولد ذكر فَالله أعلم. ولد بهراة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة واشتغل فِي بِلَاده حنفيا ثمَّ)
تحول شافعيا وَأخذ عَن التَّفْتَازَانِيّ وَغَيره واتصل بتمرلنك على هَيْئَة المباشرين، ثمَّ حصل لَهُ مِنْهُ جفَاء فتحول لبلاد الرّوم مملكة ابْن عُثْمَان فَقَامَ عَلَيْهِ ابْن الفنري حَتَّى إنفصل عَنْهَا بعد يسير، وَقدم الْقُدس سنة أَربع عشرَة فحج وَعَاد غليه فِي الَّتِي بعْدهَا فاتفق قدوم نوروز صَاحب مملكة الشَّام الْقُدس فِيهَا وَقد اشْتهر أمره بهَا وأشاع أَتْبَاعه أَنه يحفظ الصَّحِيحَيْنِ وَأَنه إِمَام النَّاس فِي الْمَذْهَب الشَّافِعِي والحنفي وَفِي غَيره من الْعُلُوم على جاري عَادَة الْعَجم فِي التفخيم والتهويل بِحَيْثُ كَانَ حَامِلا لنوروز على الِاجْتِمَاع بِهِ فراج عَلَيْهِ سِيمَا لما حَدثهُ عَن مُلُوك الشرق فولاه تدريس الصلاحية بِهِ بعد الشهَاب ابْن الهائم فباشرها وَلم يلبث أَن دخل الْمُؤَيد الْقُدس بعد قَتله نوروز فراج أمره عَلَيْهِ أَيْضا وَعظم فِي عَيْنَيْهِ فأقره على الصلاحية. وَلما رَجَعَ لمصر هاداه الْهَرَوِيّ وكاتبه وَسَأَلَهُ فِي الْقدوم عَلَيْهِ فَأذن لَهُ فَقدم الْقَاهِرَة فِي صفر سنة ثَمَانِي عشرَة بعد
أَن خرج الطنبغا العثماني لتلقيه وَصعد بِهِ إِلَى القلعة وَبَالغ السُّلْطَان فِي إكرامه وَأَجْلسهُ عَن يَمِينه ثمَّ أنزلهُ بدار أعدت لَهُ وأنعم عَلَيْهِ بفرح بسرج ذهب وقماش ورتب لَهُ فِي كل يَوْم ثَلَاثِينَ رَطْل لحم ومائتي دِرْهَم وَتَبعهُ كثير من الْأُمَرَاء والمباشرين والأعيان فِي إكرامه بالهدايا الوافرة فتزايد اشتهار الدَّعَاوَى العريضة مِنْهُ وَأَنه يحفظ عَن ظهر قلب صَحِيح مُسلم بأسانيده وصحيح البُخَارِيّ متْنا بِلَا إِسْنَاد بل تَارَة يَقُول أَنه يحفظ إثني عشر ألف حَدِيث بأسانيدها فعقد لَهُ الْمُؤَيد مَجْلِسا بَين يَدَيْهِ بالعلماء وألزم بإملاء اثْنَي عشر حَدِيثا متباينة فَلم يفْطن لذَلِك وَلَا عرف المُرَاد بِهِ وَلَا أمْلى وَلَا حَدِيثا وَاحِدًا بل لم يُورد حَدِيثا إِلَّا وَظهر خطأه فِيهِ بِحَيْثُ ظهر لمن يعْتَمد مجازفته وَأَن كل مَا ادَّعَاهُ لَا صِحَة لَهُ وَمَا أمكنه إِلَّا التبري مِمَّا نسب إِلَيْهِ وَكَانَ مِمَّا وَقع أَنه سُئِلَ عَن سَنَده بِصَحِيح البُخَارِيّ فَقَالَ حَدثنِي بِهِ شَيخنَا الشَّمْس عَليّ بن يُوسُف عَن شيخ يُقَال لَهُ أَبُو الْفَتْح عمر مائَة وَعشْرين سنة عَن البوشنجي شيخ عَاشَ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة عَن أبي الْوَقْت ثمَّ نَاقض ذَلِك لما ولي الْقَضَاء بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين حَيْثُ رَوَاهُ عَن أَبِيه عَن أبي البركات عَطاء الله ليحاكي فِي ذَلِك رِوَايَة القَاضِي جلال الدّين عَن أَبِيه وَإِن وَالِده أَبَا البركات سَمعه من شيخ يُقَال لَهُ عبد الْكَرِيم الْهَرَوِيّ بِسَمَاعِهِ من أبي الْفَتْح البوشنجي عَن ابي الْوَقْت، وناقضهما فِي سنة مَوته فَإِنَّهُ كتب للتقي الفاسي إِنَّه قَرَأَهُ على الْعَلامَة الزي عبد السَّلَام بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الأبرقوهي قَالَ حَدثنَا الإِمَام المعمر شَارِح السّنة أَبُو الْمَعَالِي أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن)
يحيى البُخَارِيّ ثَنَا الإِمَام التقي أَبُو بكر بن عَليّ بن خلد الْبكْرِيّ وَكتب لَهُ أَيْضا أَنه حَدثهُ بِهِ الإِمَام الزين أَبُو الْقسم إِسْمَاعِيل بن أَحْمد التكريتي أَنا الإِمَام الْعَلَاء أَبُو البركات عَليّ بن يُوسُف بن إِسْحَاق الكازروني أَنا الشَّيْخ جلال الدّين مَحْمُود بن عبد السَّلَام الحصني وَكتب لَهُ أَيْضا أَنه حَدثهُ بِهِ أَبُو الْفَتْح الْقسم بن أَحْمد المرغيناني ثَنَا الشَّيْخ جمال الدّين عبد الرَّحِيم بن الْحسن الْأنْصَارِيّ أَنا الشَّيْخ بدر الدّين حسن بن عبد الْقوي الْمدنِي الثَّلَاثَة عَن أبي الْوَقْت.
وَكتب بِخَطِّهِ أَيْضا فِي سنة خمس عشرَة للجمال بن مُوسَى المراكشي أَنه سَمعه على الشَّمْس عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْكَرِيم الكازروني بِسَمَاعِهِ لَهُ على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غسماعيل بن أبي الْقسم الفارقي عَن ابْن أبي الذّكر عَن الزبيدِيّ، وَحدث فِي بَيت الْمُقَدّس بِصَحِيح مُسلم عَن نور الدّين أبي زَكَرِيَّا يحيى بن حسن بن أَحْمد النَّيْسَابُورِي قِرَاءَة وسماعا عَن شمس الدّين أبي الْقسم مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الأسحاقابادي النَّيْسَابُورِي سَمَاعا ثَنَا أَبُو الْفَتْح مَنْصُور الفراوي بِسَنَدِهِ، وَقَالَ إِنَّه فِي غَايَة الْعُلُوّ
كَانَ بَيْننَا وَبَين مُسلم سَبْعَة وَكلهمْ نيسابوريون. وَبعد عقد الْمجْلس بِقَلِيل ولي نظر الْقُدس والخليل مَعَ تدريس الصلاحية وَتوجه لمباشرة ذَلِك ثمَّ قدم فِي سلخ ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين وَاجْتمعَ بالسلطان فَأكْرمه وأجرى عَلَيْهِ راتبه وأتته الْهَدَايَا من الْأُمَرَاء وَنَحْوهم وَلم يلبث أَن غضب السُّلْطَان على الْجلَال البُلْقِينِيّ فاستقر بالهروي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري جُمَادَى الأولى مِنْهَا عوضه وَنزل مَعَه جقمق الدوادار وقطلو بغا التنمي رَأس نوبَة فِي آخَرين من الْأُمَرَاء وَغَيرهم من الْقُضَاة والأعيان حَتَّى حكم بالصالحية على الْعَادة وَتوجه لداره فَسَار سيرة غير مرضية وَظَهَرت مِنْهُ فِي الْقَضَاء أُمُور كَثِيرَة واقتضت النفرة مِنْهُ من الطمع والمجازفة ثمَّ اجْتمع جمع من أهل بَيت الْمُقَدّس فَرفعُوا عَلَيْهِ أَشْيَاء عاملهم بهَا لما كَانَ نَاظرا عَلَيْهِم فَثَبت عَلَيْهِ مَال كثير وألزم بِهِ. قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة وتعصب عَلَيْهِ جمَاعَة البُلْقِينِيّ فصرف قبل استكمال سنة فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين مَعَ إهانته وَجمع من الْخَاصَّة بِحَيْثُ لزم بَيته لَا يجْتَمع بِأحد إِلَى أَن رسم لَهُ بِالْعودِ إِلَى الْقُدس على تدريس الصلاحية فسافر فِي عَاشر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين وَلم يَنْفَكّ عَن دَعْوَاهُ وَلَكِن لكسر شوكته داهن النَّاس وداهنوه، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة بعد موت الْمُؤَيد وَلم تطل إِقَامَته وَرجع إِلَى الْقُدس ثمَّ سعى حَتَّى قدم الْقَاهِرَة أَيْضا فِي صفر سنة سبع وَعشْرين فولي فِي تَاسِع ربيع الآخر مِنْهَا)
كِتَابَة السِّرّ عوضا عَن الْجمال يُوسُف الكركي وَلم يلبث أَن انْفَصل فِي حادي عشر جُمَادَى الْآخِرَة عَنْهَا وأعيد بعد أشهر فِي ثامن ذِي الْقعدَة لقَضَاء الشَّافِعِيَّة فَلم يَنْفَكّ عَن سيرته الأولى فصرف فِي ثَالِث رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وفر هَارِبا مِمَّن لَهُ ظلامة فَمَا طلع خَبره إِلَّا فِي بَيت الْمُقَدّس فاستمر بِهِ على تدريس الصلاحية وَحج فِيهَا ثمَّ عَاد إِلَى بَيت الْمُقَدّس وأشاع أَنه تزهد وَلبس ثِيَاب الْفُقَرَاء وتبرأ من زِيّ الْفُقَهَاء ثمَّ فِي أثْنَاء السّنة الَّتِي تَلِيهَا ظهر بطلَان ذَلِك فَإِنَّهُ ورد مِنْهُ كتاب إِلَى السُّلْطَان يَسْتَدْعِي مِنْهُ الْإِذْن فِي الْحُضُور إِلَى الْقَاهِرَة ليبدي لَهُ نصيحة فَلم يُؤذن لَهُ فِي الْحُضُور وَأجِيب بِأَن يكْتب بِالنَّصِيحَةِ فَإِن كَانَ لَهَا حَقِيقَة أذن لَهُ فِي الْحُضُور فَلم يعد جَوَابه إِلَى أَن ورد الْخَبَر بِمَوْتِهِ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَعشْرين وَقد جَازَ السِّتين بِقَلِيل. وَقد ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ عقب إِيرَاد الْأَسَانِيد الَّتِي كتبهَا للفاسي: وَالَّذِي أَحْلف بِهِ أَنه لَا وجود لأحد من هَؤُلَاءِ التِّسْعَة فِي الْخَارِج وَالسَّلَام وَأَقُول فِي سَنَد مُسلم أَيْضا أَنه من أبطل الْبَاطِل ثمَّ قَالَ وَقد سَمِعت من فَوَائده كثيرا لكنه كَانَ كثير المجازفة جدا اتّفق كل من عرفه أَنهم لم يرَوا أسْرع ارتجالا مِنْهُ للحكايات المختلقة وَذكر لي عَنهُ الزين القلقشندي
والبدر الأقصرائي وَسَهل بن أبي الْيُسْر وَغَيرهم من ذَلِك الْعَجَائِب وشاهدت مِنْهُ الْكثير من ذَلِك. وَذكره فِي إنبائه محيلا على الْحَوَادِث وَوَصفه فِي فتح الْبَارِي بالعالم. وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: كَانَ إِمَامًا عَالما غواصا على الْمعَانِي يحفظ متونا كَثِيرَة ويسرد جملَة من تواريخ الْعَجم مَعَ الْوَضَاءَة والمهابة وَحسن الشكالة والضخامة ولين الْجَانِب على مَا فِيهِ من طبع الْأَعَاجِم وَلَقَد سَمِعت الشهَاب بن حجي يثني عَلَيْهِ ويتعجب من سرده لتواريخ الْعَجم. وَقَالَ الْجمال الطيماني أَنه يحل الْكتب المشكلة ويتخلص فِيهَا وصنف شرح مُسلم وَغَيره وَبني بالقدس مدرسة وَلم تتمّ. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما فَاضلا متفننا لَهُ تصانيف كشرح مَشَارِق الْأَنْوَار وَشرح صَحِيح مُسلم يعي الْمُسَمّى فضل الْمُنعم وَشرح الْجَامِع الْكَبِير من أَوَائِله وَلم يكمله وَكَانَ قد أدْرك الْكِبَار مثل التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد وَصَارَت لَهُ حُرْمَة وافرة بِبِلَاد سمرقندر وهراة وَغَيرهمَا حَتَّى كَانَ اللنك يعظمه ويحترمه ويميزه على غَيره بِحَيْثُ يدْخل عِنْده فِي حريمه ويستشيره وَرُبمَا كَانَ يُرْسِلهُ فِي مهماته وَلذَا قيل إِنَّه وزيره وَلَيْسَ كَذَلِك، وَقدم فِي زمن النَّاصِر فرج وتوطن الْقُدس، إِلَى أَن قَالَ: وَلم يخلف سوى زَوجته وَهِي وسطوة فِي وظائفه غير أَنه لم يكن مشكورا من غير)
عِلّة ظَاهِرَة فِيهِ. وَقَالَ المقريزي أَنه ولي الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ فَلم ينجب وَكَانَ يقرئ فِي المذهبين وَيعرف الْعَرَبيَّة وَعلمِي الْمعَانِي وَالْبَيَان ويذاكر الْأَدَب والتاريخ ويستحضر كثيرا من الْأَحَادِيث وَالنَّاس فِيهِ بَين غال ومقصر وَأَرْجُو أَن يكون الصَّوَاب مَا ذكرته. وَقَالَ وَغَيره: كَانَ شَيخا ضخما طوَالًا أَبيض اللِّحْيَة مليح الشكل إِلَّا أَن فِي لِسَانه مسكة إِمَامًا بارعا فِي فنون من الْعُلُوم لَهُ تصانيف تدل على غزير علمه واتساع نظره وتبحره فِي الْعُلُوم منصفا للحنفية إِلَى الْغَايَة صادعا بِالْحَقِّ تَارِكًا للتعصب، وَكَانَ يركب بعد ولَايَته الْبلْغَة بهيئة الْأَعَاجِم بفرجية وعذبة مرخية على يسَاره فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ لبس زِيّ قُضَاة مصر، وسَاق الأبيات الَّتِي وجدهَا الْمُؤَيد وأولها:
(يَا أَيهَا الْملك الْمُؤَيد دَعْوَة
…
من مخلص فِي حبه لَك يفصح)
وَأَن غَالب الْفُقَهَاء تعصبوا عَلَيْهِ وبالغوا فِي التشنيع ورموه بعظائم، الظَّن بَرَاءَته عَن أَكْثَرهَا وَادّعى عَلَيْهِ بِمَال بعض الْأَوْقَاف وتوجهوا بِهِ مَاشِيا ومنعوه من الرّكُوب إِلَى غير ذَلِك مِمَّا بسط فِي الْحَوَادِث وَكَانَ معدودا من أَعْيَان الْأَئِمَّة الْعلمَاء لكنه لم يرْزق السَّعَادَة فِي مناصبه لِأَنَّهُ كَانَ ظنينا بِنَفسِهِ معجبا بهَا إِلَى الْغَايَة فعجزه الله. قلت وَقد قرئَ عَلَيْهِ شَرحه لمُسلم وَكَذَا صنف شرحا على المصابيح وَحدثنَا
عَنهُ غير وَاحِد مِنْهُم الأبي وَسمع مِنْهُ ابْن مُوسَى وَغَيره وَحكى لنا الزين البوتيجي من مباسطاته وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مَبْسُوطا رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن أَحْمد بن جَار الله بن زَائِد السنبسي الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَطِيَّة بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَهد أَبُو الْخَيْر الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا قبل استكماله سنة فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. مُحَمَّد أَبُو سعد أَخُوهُ ويلقب فهدا أَيْضا مَاتَ قبل السّنة أَيْضا فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَطِيَّة. كَانَ يخْدم برددارا عِنْد جانم الأشرفي بحلب ثمَّ بِالشَّام وَبعده اسْتَقر فِيهَا أَيْضا عِنْد تنم المؤيدي وَسَاءَتْ سيرته فأمسكوه بعده وَادّعى عَلَيْهِ بِمَا يُوجب الْكفْر وَخرج لتقام الْبَيِّنَة فهجم الْعَامَّة وسحبوه من رسله ثمَّ ضربه بَعضهم بسكين فَقتله ثمَّ أحرق وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ غير مأسوف عَلَيْهِ فقد كَانَ من مساوئ الدَّهْر)
وقبائح الزَّمَان. مُحَمَّد بن عِقَاب بِضَم الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْقَاف وَآخره مُوَحدَة المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي. أَخذ عَن ابْن عَرَفَة وَغَيره، وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بعد عمر القلجاني الْمَاضِي.
وَمَات فِي سنة إِحْدَى وَخمسين. أَفَادَهُ بعض الآخذين عَنهُ مِمَّن أَخذ عني. مُحَمَّد بن عقيل بن خرص الشريف. مَاتَ بِمَكَّة فِي مغرب لَيْلَة الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عقيل ظافر البجائي. مِمَّن سمع من شَيخنَا. مُحَمَّد بن علوان الْجمال الموزعي ثمَّ الجبائي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي فِيمَا أَظن. تفقه بِجَمَاعَة إِلَى أَن تميز ثمَّ لزم الشَّمْس يُوسُف الجبائي الْمقري سفرا وحضرا واختص بِهِ وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء بقرية جبا من أَعمال حصن صَبر مُدَّة بل كَانَ يتعانى التدريس فِي الْفِقْه وَله وظائف بِمَدِينَة زبيد مَعَ ذكاء وَفهم وحرص على الْعلم، وَلَكِن شغله الْقَضَاء عَن الترقي بل وقف وَلم يزل مترددا بَين زبيد لوظائفه فِيهَا وَبَين تعز إِلَى أَن مَاتَ فِيهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ. أَفَادَهُ لي بعض الآخذين عني. مُحَمَّد بن عليان الْغَزِّي الخواجا، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد نَاصِر الدّين الصَّالِحِي البزاعي بِضَم الْمُوَحدَة بعْدهَا زَاي خَفِيفَة ثمَّ عين مُهْملَة الْخياط قيم الناصرية من الصالحية. ولد بعد الْأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِيَسِير وَسمع على زَيْنَب ابْنة إِسْمَاعِيل بن الخباز ولقيه شَيخنَا فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَذكره فِي مُعْجَمه وَقَالَ: مَاتَ فِي سادس عشر شَوَّال سنة ثَلَاث.
وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الشَّمْس الْمَنَاوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد وَإِبْرَاهِيم الماضيين وَهَذَا الْأَكْبَر وَيعرف بالشويهد بِضَم الْمُعْجَمَة وَآخره مُهْملَة مصغر. حفظ الْقُرْآن وَجلسَ مَعَ الشُّهُود وتنزل فِي بعض الْجِهَات كسعيد السُّعَدَاء والسابقية.
وَمَات بعد أَن شاخ وَصَارَ يرغب عَمَّا بِيَدِهِ شَيْئا فَشَيْئًا قبل السّبْعين فِيمَا أَظن. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عدنان بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عدنان بن جَعْفَر نَاصِر الدّين ابْن كَاتب السِّرّ الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي. قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: كَانَ فَاضلا ماهرا فِي الْأَنْسَاب كثير الِاشْتِغَال إِلَّا أَنه جامد الذِّهْن وَلم يكن مِمَّن يتعانى الملابس والمراكب بل)
كَانَ كثير التقشف مُتَّهمًا بالتشيع مَعَ تبرئه مِنْهُ أعجوبة فِي زَمَانه فِي السَّعْي كثير الدهاء، سمع مَعنا كثيرا وَكَانَت بَيْننَا موردة وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا بِسَبَب السَّعْي لِأَبِيهِ فِي كِتَابَة السِّرّ فَكَانَ غَالِبا هُوَ الْغَالِب، وَفِي غُضُون ذَلِك حصل لنَفسِهِ كثيرا من الْوَظَائِف والتداريس والأنظار. قَالَ ابْن حجي: كَانَ دينا صينا لَا تعرف لَهُ صبوة وَقد عين لكتابة السِّرّ فَلم يتَّفق.
وَقَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: كَانَ يتقشف ويقتصد فِي ملبوسه ومركوبه مَعَ الدّين المتين والبشاشة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي. مَاتَ فِي صفر سنة أَربع عشرَة بالطاعون عَن سبع وَثَلَاثِينَ سنة. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن طَاهِر الشَّمْس أَبُو بكر القليوبي ثمَّ القاهري الزيات على بَاب سعيد السُّعَدَاء وَهِي حِرْفَة أَبِيه أَيْضا وَالِد أبي الْخَيْر مُحَمَّد المخبزي الْآتِي. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسبعين. وَكَانَ خيرا مديما للجماعات مَسْتُورا رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم السلسيلي الْمَنَاوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الهليس بِكَسْر الْهَاء وَاللَّام وَآخره مُهْملَة لقب لجده. ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بمنية بنى سلسيل وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ والعمدة وعرضها على جمَاعَة ونظم الْيَسِير مِمَّا يُوجد فِيهِ المقيول، كتب عَنهُ ابْن فَهد والبقاعي فِي الْمنية سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ قَوْله:
(أَيهَا المذنبون مثلي أجِيبُوا
…
دَاعِي الله أَسْرعُوا وأنيبوا)
(وتنحوا عَن كل فعل قَبِيح
…
وافعلوا الْخَيْر فَهُوَ فعل حسيب)
(وَإِلَى الله فَارْجِعُوا من قريب
…
فنهار الْحساب مِنْكُم قريب)
فِي أَبْيَات مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مهْدي ولي الدّين أَبُو الطّيب بن النُّور الْكِنَانِي الدلجي الفوي الأَصْل الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَذْكُور
أَبوهُ فِي الثَّامِنَة. ولد بِطيبَة وَنَشَأ نشأة جميلَة وأسمعه أَبوهُ الْكثير بالحجاز وَالشَّام على غير وَاحِد من أَصْحَاب ابْن البُخَارِيّ وَابْن شَيبَان وطبقتهم كست الْعَرَب حفيدة الْفَخر وزغلش ومحمود بن خَليفَة، وَحفظ كتبا وَكَانَت فِيهِ نباهة مَعَ فطنة وذكاء وَلكنه لم يعتن بِالْعلمِ وَدخل فِيمَا لَا يعنيه، وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا وَذكر بالمروءة والهمة والعصبية لمن يعرفهُ بِحَيْثُ كَانَ يقوم دَائِما فِي السَّعْي)
لجماز أَمِير الْمَدِينَة على ابْن عَمه نابت فاتفق أَنه قدم الْمَدِينَة على عَادَته وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توجه مِنْهَا يُرِيد الْقَاهِرَة فَبعث إِلَيْهِ نابت بِجَمَاعَة فاعترضوه وقتلوه فِي أَوَائِل سنة خمس.
ذكره المقريزي فِي عقوده وَحكى عَنهُ. وَمضى لَهُ ذكر فِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد المغيربي. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْفَتْح القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي نزيل طيبَة وَيعرف بِأبي الْفَتْح بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ بكنيته أشهر وَرُبمَا قيل لَهُ ابْن الريس لكَون وَالِده كَانَ رَئِيس الوقادين بِجَامِع الْأَزْهَر. ولد بعيد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره واشتغل بِالْعلمِ فَأخذ الْفِقْه عَن الْجمال الأمشاطي ظنا والعربية عَن بعض المغاربة والشهاب الأبدي ولازم ابْن الْهمام فَانْتَفع بِهِ فِي فنون وَسمع معي عَلَيْهِ بِمَكَّة وَغَيرهَا وَكَذَا قَرَأَ على شَيخنَا فِي الْفِقْه وداوم الِاشْتِغَال حَتَّى برع مَعَ سُكُون وعقل وديانة ورام شَيْخه استقراره فِي مشيخة الطيبرسية بعد موت زين الصَّالِحين المنوفي، وَكَانَ مِمَّا كتبه مَعَه لناظرها: وَقد أرْسلت رجلا من أهل الْعلم وَالدّين والفقر لَيْسَ لَهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا وَظِيفَة فِي مدرسة وَلَا طلب وَلَا تدريس وَلَا تصوف وَاجْتمعت فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى جِهَات الِاسْتِحْقَاق، إِلَى أَن قَالَ: وَلَوْلَا علمي بِتمَام أَهْلِيَّته وَفَقره وَعلمه مَا تعرضت لذَلِك فَقدر أَن كَانَ سبق وَآل أمره إِلَى أَن توجه للمدينة النَّبَوِيَّة بعد أَن حج فقطنها وتصدى لنفع الطّلبَة بهَا مَعَ الْمُحَافظَة على التِّلَاوَة والتهجد وَأَسْبَاب الْخَيْر وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ بهَا أَحْمد بن ياسين الْمدنِي الْمُؤَذّن فِي سنة ثَمَان وَخمسين. وَلما أرْسلت بمصنفي القَوْل البديع عقب تصنيفه إِلَى الْمَدِينَة وَقع مِنْهُ موقعا عَظِيما وَبَالغ فِي تقريظه وَأرْسل يعلمني بِأَنَّهُ عزم على قِرَاءَته فِي رَمَضَان ثمَّ لم يلبث أَن ورد الْقَاهِرَة فاجتمعت بِهِ فَأَعْلمنِي بقرَاءَته فِي الرَّوْضَة الشَّرِيفَة، وَتوجه مِنْهَا لزيارة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وسافر فِي الْبَحْر عَائِدًا إِلَى طيبَة فغرق مَعَ جمع كثيرين فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَنعم الرجل كَانَ عوضه الله الْجنَّة وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس الرحماني نِسْبَة لمحلة عبد الرَّحْمَن بالبحيرة ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. قدم الْقَاهِرَة فحفظ الْقُرْآن واشتغل بالفقه والعربية والفرائض وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه الونائي ولازمه فِي تَقْسِيم الرَّوْضَة وَغَيرهَا والقاياتي وَالْعلم البُلْقِينِيّ بل وَأكْثر من تقاسيم أبي الْعدْل قَاسم البُلْقِينِيّ وَكَانَ أحد الْقُرَّاء فِيهَا وَكَذَا سمع على شَيخنَا)
وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الْحَنَابِلَة عِنْد الْقصر وقتا بل نَاب فِي الْقَضَاء بدمنهور من الْبحيرَة وَكَذَا بديروط وَغَيرهمَا، وَكَانَ يستحضر كثيرا من فروع الْفِقْه مَعَ مُشَاركَة فِي أَصله والعربية وَجمع بَين شرحي الْمِنْهَاج لِأَبْنِ الملقن والأسنائي مَعَ التكملة للزركشي غير مقتصر عَلَيْهَا لَكِن بِدُونِ اسْتِيفَاء وَلم يكن بِذَاكَ المتقن. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو الَّتِي بعْدهَا وَقد قَارب الْخمسين تَقْرِيبًا رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْأمين التقي بن النُّور الْمصْرِيّ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
ولد سنة سِتِّينَ وتفقه قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ يحفظ شَيْئا كثيرا من الْآدَاب والنوادر واشتهر بِمَعْرِِفَة الْملح والزوائد المصرية وثلب الْأَعْرَاض خُصُوصا الأكابر فَكَانَ بعض الأكابر يقربهُ لذَلِك وَلم يكن متصونا فِي نَفسه وَلَا فِي دينه. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَالله يسامحه. قلت: وَقد حكى لي الْبَدْر الدَّمِيرِيّ الْكثير من مَا جرياته وَمِنْهَا أَن شخصا من أَصْحَابه حضر إِلَيْهِ وشكا لَهُ شدَّة إملاقه وَأَن زَوجته وضعت فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قصَّة للْقَاضِي الشَّافِعِي وَهُوَ إِذْ ذَاك نَاصِر الدّين بن الميلق فَقَالَ قد فعلت وَكتب لي بِقدر حقير لَا وَقع لَهُ فَأَخذه وَتوجه بِهِ لبطرك النصاري وأعلمه بذلك فَأمره بالإنصراف وَمَا وصل حَتَّى جهز لَهُ شَيْئا كثيرا من الدَّقِيق وَالْعَسَل والشمع وَنَحْوهَا مَعَ عشرَة دَنَانِير فَدَفعهَا إِلَيْهِ بكمالها.
وَفِي الظَّن أَن هَذِه الْحِكَايَة تقدّمت فَإِن كَانَ كَذَلِك فَالصَّوَاب أَنَّهَا لصَاحب التَّرْجَمَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي البركات الشَّمْس الْغَزِّي ثمَّ الْحلَبِي وَيعرف بِابْن أبي البركات. ولد سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بغزة وتعانى الِاشْتِغَال بالقراآت فمهر واشتغل بِدِمَشْق فِي الْفِقْه مُدَّة وقطن حلب وَأَقْبل على التِّلَاوَة والإقراء فَانْتَفع بِهِ الحلبيون وأقرأ غَالب أكابرهم وأقرأ الْفُقَرَاء بِغَيْر أُجْرَة، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ إِنَّه رجل دين خير صَالح من أهل الْقُرْآن مديم لإقرائه بالجامع الْكَبِير بحلب احتسابا بِحَيْثُ قَرَأَهُ عَلَيْهِ غَالب أَوْلَادهَا وانتفعوا بِهِ وَله اشْتِغَال مَعَ ذَلِك فِي الْفِقْه بِدِمَشْق وحلب ومداومة على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر
وَلَا تَأْخُذهُ فِي الْقيام مَعَ الْحق لومة لائم وَكَذَا كَانَ مداوما على التِّلَاوَة مَعَ الشيخوخة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشر بيع الأول سنة سِتّ وَعشْرين وَصلي عَلَيْهِ فِي يَوْمه تقدم النَّاس الْبُرْهَان الْحلَبِي، ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَقَالَ الْمَعْرُوف بالركاب بدل ابْن أبي البركات، وَمَا علمت الصَّوَاب مِنْهُمَا.)
نَشأ بِدُونِ تصون وخالط السُّفَهَاء بِدُونِ تدبر واختص ببني عليبة ثمَّ بِابْن عواض، وتكسب فِي سوق أَمِير الجيوش وَغَيره وتطور وفجر مَعَ مزِيد عاميته وَلم يحصل لأحد مِنْهُم رَاحَة، ولازمني قَلِيلا فِي سَماع البُخَارِيّ وَغَيره وتولع بالنظم فَلم يجد وَكَانَ يتمرن فِيهِ بِمن هُوَ قريب مِنْهُ من الْعَوام وَنَحْوهم ورأيته فِيمَن قرض مَجْمُوع البدري فِي سنة أَربع وَسبعين فَكَانَ من قَوْله فِيهِ:
(أشبه أهل الشّعْر فِي الْعَصْر كلهم
…
نجوما بفلك الْأُفق فِي لَيْلهَا تسري)
(فَمَا عَن قَلِيل لَاحَ بدر بِهِ خفوا
…
وَذَلِكَ عجز عَن مُقَابلَة الْبَدْر)
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي بكر الشَّمْس بن أبي الْحسن الْمصْرِيّ البندقداري)
الشَّافِعِي الشاذلي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن أبي الْحسن. ولد فِي سَابِع عشري ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة بالبندقدارية من نواحي الصليبة، وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَحفظ الْعُمْدَة وَالْحَاوِي والتوضيح لِابْنِ هِشَام، وَعرض على شُيُوخ وقته وتلا للسبع جمعا بِمَكَّة على عبد الْكَرِيم الْيَمَانِيّ وتفقه بِأَبِيهِ وَالشَّمْس البيجوري وَعَن أَبِيه والطشنوفي أَخذ الْعَرَبيَّة وبرع فيهمَا وَفِي الْأُصُول مَعَ مُشَاركَة فِي غَيرهَا وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس بن الْقطَّان بل سمع فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة مَعَه على شَيخنَا تَرْجَمَة البُخَارِيّ من تأليفه وَوَصفه بِالْإِمَامِ وَسمع على ابْن أبي الْمجد الصَّحِيح ومسند الشَّافِعِي وَغَيرهمَا وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء قَرَأت عَلَيْهِ الْمسند وَغَيره وَكَانَ خيرا ذَا فَضِيلَة ومحبة فِي الْعلم ورغبة فِي الحَدِيث وَأَهله وحرص على التحديث بهمة عالية وعزم جيد، وَحج وجاور بالحرمين وَأم بالبندقدارية مَحل سكنه وَولي مشيخة فِيهَا. وَاسْتمرّ مثابرا على الْخَيْر حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة السبت سَابِع عشري جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسِتِّينَ وَدفن من الْغَد بِالْقربِ من التَّاج بن عَطاء الله رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن خلف بن شهَاب بن عَليّ الْمُحب أَبُو الطّيب بن النُّور الْمحلي الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بِابْن حميد بِالتَّصْغِيرِ وبابن وَدَن بِفَتْح الْوَاو والمهملة وَآخره نون وَسمي بَعضهم جد أَبِيه مُحَمَّدًا وَالصَّوَاب خلف. ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي ثَالِث عشري رَمَضَان سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقيل بعد ذَلِك بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وأربعي النَّوَوِيّ وَالنِّهَايَة لَهُ فِي الْفِقْه وَالْحَاوِي الصَّغِير والرحبية فِي الْفَرَائِض والملحة وألفية ابْن ملك وَجمع الْجَوَامِع، وَعرض على شَيخنَا والبساطي وَغَيرهمَا وَبحث فِي الْحَاوِي عِنْد الشّرف السُّبْكِيّ والبرهان الأبناسي والشهاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة وَآخَرين وَقَرَأَ فِي الْأُصُول والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا من الْفُنُون على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَكَذَا قَرَأَ على الْبُرْهَان الكركي وَشَيخنَا وَآخَرين مِنْهُم ابْن المجددي قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهَا، وسافر إِلَى الشَّام فَقَرَأَ على ابْن نَاصِر الدّين وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي ثمَّ سمع بِالْقَاهِرَةِ معي على الرَّشِيدِيّ وَغَيره وَحج وَسمع بِمَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَخمسين وزار بَيت الْمُقَدّس وَأذن لَهُ بعض شُيُوخه فِي الافتاء والتدريس، وتعانى الْأَدَب فتميز وَكتب عدَّة تصانيف مِنْهَا
النجمة الزاهرة)
والنزهة الفاخرة فِي نظام السلطنة وسلوك طَرِيق الْآخِرَة ولقبه أَيْضا بالجواهر المقعودة فِي إشارات النحلة والدودة دخل فِيهِ من حَيْثُ أَن النحلة لَا بُد لَهَا من أَمِير نقيمه وتجتمع على رَأْيه فَفِي ذَلِك إِشَارَة إِلَى أَنه لَا بُد من الْملك وَمن حَيْثُ أَن دود القز لَا يقْتَصر على طَعَام وَاحِد وَلَا يتسبب وَأَنه يفطم نَفسه بعد الْأَرْبَعين عَن الْأكل وَيقبل على الْعُزْلَة وَنَحْو ذَلِك فَفِيهِ إشارات إِلَى من سلك طَرِيق الْآخِرَة، وقرة عين الرَّاوِي فِي كرامات مُحَمَّد بن صلح الدمراوي. ومحاسن النظام من جَوَاهِر الْكَلَام فِي ذمّ الْملك الْغُلَام وَكتاب فِي الْحُدُود النحوية وَآخر سَمَّاهُ الْبَرْق اللامع فِي ضبط أَلْفَاظ جمع الْجَوَامِع فِي نَحْو أَرْبَعَة كراريس، وَكَانَ فَاضلا لطيفا حسن الْعشْرَة متواضعا كتب عَنهُ غير وَاحِد من الْفُضَلَاء كتبت عَنهُ قَوْله:
(تشاغل بالمولي رجال فَأَصْبَحت
…
مَنَازِلهمْ تنمو بمجد مؤثل)
(رجال لَهُم حَال مَعَ الله صَادِق
…
فَإِن لم تكن مِنْهُم بهم فتوسل)
وَمَا أودعته فِي مَحل آخر. مَاتَ بِمَكَّة فِي عصثر يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر ربيع الأول أَو الآخر سنة خمس وَخمسين وَدفن بالمعلاة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن سَالم بن سُلَيْمَان الْبَدْر الجناجي بجيمين الأولى مَفْتُوحَة بَينهمَا نون خَفِيفَة نِسْبَة لجناج قَرْيَة بَين النجرارية وسنهور من الغربية ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي وَرُبمَا يعرف هُنَاكَ بِابْن وَحشِي. ولد فِي سنة سِتِّينَ أَو بعْدهَا تقريباص وَحفظ الْقُرْآن وَنَحْو النّصْف الأول من مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَمن ألفية النَّحْو واشتغل عِنْد دَاوُد القلتاوي فِي الْفِقْه والعربية بل وَقَرَأَ على السنهور النّصْف من توضيحها وَسمع عَلَيْهِ غير ذَلِك وَقَرَأَ على الديمي البُخَارِيّ وَسمع على الْكَمَال بن أبي شرِيف فِي مُسلم وعَلى الشاوي فِي البُخَارِيّ بِحَضْرَة الخيضري وَحج غير مرّة ولقيني فِي سنة سبع وَتِسْعين بِمَكَّة فَقَرَأَ على الْمُوَطَّأ وَنَحْو النّصْف الأول من الشفا مَعَ سَماع بَاقِيه ولازمني فِي غير ذَلِك سَمَاعا وتفهما واختص بالشمس الْحلَبِي التَّاجِر ثمَّ بِأبي الْفَتْح بن كرسون وسافر مَعَه إِلَى الْيمن فَحصل بعض مَا ارتفق بِهِ وَعَاد بعد أشهر فِي سنة تسع وَتِسْعين وَاسْتمرّ مُقيما بِمَكَّة يقريء ولد الْمشَار إِلَيْهِ بعد رُجُوع الْأَب إِلَى الْقَاهِرَة وَمَعَهُ جَارِيَة يتقنع بهَا وَلَا بَأْس بِهِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم بن عبد الرَّحْمَن الشَّهِيد الْجمال أَبُو الْخَيْر ويدعى الْخضر بن النُّور أبي الْحسن بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس بن الْكَمَال أبي مُحَمَّد)
الْمَدْعُو بالخضر الْهَاشِمِي الْعقيلِيّ النويري ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَالِد أبي الْيمن مُحَمَّد الْآتِي، وَأمه زَيْنَب
ابْنة القَاضِي الشهَاب الطَّبَرِيّ. ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وَسمع على جدته فَاطِمَة ابْنة أَحْمد بن قَاسم الْحرَازِي والعز بن جمَاعَة والكمال بن حبيب والعفيف النشاوري وَابْن عبد الْمُعْطِي والأميوطي وَآخَرين، وَأَجَازَ لَهُ اليافعي والأسنائي وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن أميلة وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ النَّجْم ابْن فَهد وَغَيره، وَكَانَ قد حفظ التَّنْبِيه وَغَيره وَعرض على جمَاعَة وتفقه بالأبناسي وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وناب فِي الخطابة وَالْقَضَاء بِمَكَّة فناب عَنهُ القَاضِي أَبُو حَامِد المطري وَلم يلبث أَن صرف بناصر الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صَالح، وَدخل الْيمن مرَارًا للاسترزاق وَانْقطع بِمَنْزِلَة مُدَّة لنقل بدنه وعجزه عَن الْحَرَكَة حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة وَدفن عِنْد أَهله بالمعلاة. وَكَانَ شهما مقداما جريئا ضخما جدا وانصلح بِأخرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وأرخ مولده فِي ربيع الآخر وَالْمُعْتَمد مَا قَدمته.
وَكَذَا هُوَ فِي عُقُود المقريري. مُحَمَّد ولي الدّين أَبُو عبد الله الْمَالِكِي أَخُو الَّذِي قبله وَأمه أم الْهدى ابْنة مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عَليّ الْعلوِي. ولد فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وأحضر فِي الرَّابِعَة على النشاوري وَسمع من أَبِيه وَابْن صديق وبدمشق من عبد الْقَادِر الأرموي وباسكندرية من التَّاج بن التنسي، وَأَجَازَ لَهُ التنوخي وَأَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَأَبُو الْخَيْر بن العلائي وَآخَرُونَ، وَحدث روى عَنهُ النَّجْم بن فَهد، وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق مرَارًا وَالروم واليمن لطلب الرزق وَولي إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة وَكَذَا قضاءها عوضا عَن الْكَمَال بن الزين مرَّتَيْنِ وناب فِي حسبتها. وَكَانَ عفيفا فِي قَضَائِهِ حشما فخورا جميل الْهَيْئَة ذَا مُرُوءَة وأفضال وَمِمَّنْ أثنى عَلَيْهِ المقريزي. مَاتَ فِي قضاءها فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِمَكَّة وَدفن عِنْد أَهله أَيْضا بالمعلاة رحمه الله. مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو البركات الْحَنَفِيّ أَخُو اللَّذين قبله وشقيق ثَانِيهمَا. ولد فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا بِمَكَّة وأحضر على الْجمال الأميوطي وَسمع من أَبِيه وَالشَّمْس بن سكر وَابْن طولوبغا وَابْن عَمه الْمُحب أبي البركات أَحْمد بن الْكَمَال النويري، وَدخل الْقَاهِرَة ودمشق مرَارًا وَسمع بِدِمَشْق من عبد الْقَادِر الأرموي موافقات زَيْنَب ابْنة)
الْكَمَال وَكَذَا دخل الرّوم واليمن للاسترزاق وَأَجَازَ لَهُ الْعَفِيف النشاوري والصدر الياسوفي وابو الهول الْجَزرِي وَعمر بن أَحْمد الجرهمي وَابْن حَاتِم والصردي وَأَبُو هُرَيْرَة بن الذَّهَبِيّ وَجَمَاعَة، وَحدث باليسير روى عَنهُ النَّجْم
ابْن فَهد واستجازه لي غير مرّة، وناب فِي حسبَة مَكَّة وَكَذَا فِي الْقَضَاء بجدة عَن ابْن أَخِيه القَاضِي أبي الْيمن. وَكَانَ خيرا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس مديما للتلاوة وللإقامة بمنزله. مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِمَكَّة وَدفن عِنْد سلفه بالمعلاة رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله نَاصِر الدّين الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بلقبه. مَاتَ وَقد جَازَ الْأَرْبَعين فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ ثمَّ دفن تجاه الرَّوْضَة خَارج بَاب النَّصْر، وَكَانَ فَاضلا بارعا مفنناص متقنا ميدما للاشتغال والأشغال مَعَ الدّيانَة التَّامَّة والسكون وَعدم التكثر بفضائله والإقبال على شَأْنه والازدياد من المحاسن بِحَيْثُ قل أَن يكون فِي أقرانه نظريه. وَمن شُيُوخه الْأمين الأقصرائي والشمني والحصني والكافياجي والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والشرواني والكريمي بل وَسمع الحَدِيث على الشريف النسابة والنور البارنباري وَأم هَانِئ الهورينية وَحضر عِنْدِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء رحمه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْمُجيب الْمَاضِي أَبوهُ. خَلفه فِي الْمقَام الأحمدي بطنتدا وَهُوَ صَغِير جدا حَتَّى مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْمُنعم بن عبد الرَّحِيم بن يحيى بن الْحسن بن مُوسَى بن يحيى بن يَعْقُوب بن نجم بن عِيسَى بن شعْبَان بن عِيسَى بن دَاوُد بن مُحَمَّد بن نوح بن عَليّ بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْمُحب بن النُّور ابي الْحسن الْبكْرِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي الْحسن. ولد كَمَا قَالَ فِي سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَسَبْعمائة بدهروط وَنَقله أَبوهُ إِلَى مصر فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ حفظ الْعُمْدَة والتبريزي وَالْحَاوِي والملحة، وَعرض على جمَاعَة وَبحث الْحَاوِي على الشَّمْس بن الْقطَّان وَالِي الْحَضَانَة مُحَمَّد على الْبَدْر الطندي وَبَعضه على السراج البُلْقِينِيّ والتريزي أَو بعضه على النُّور الْبكْرِيّ وَسمع بعض دروس النَّحْو على ابْن الْقطَّان وَسمع على ابْن رزين والزفتاوي أَمَاكِن من الصَّحِيح وعَلى النَّجْم البالسي التَّرْغِيب للأصفهاني وعَلى نَاصِر الدّين بن الْفُرَات الشفا وَحدث سمع)
مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَحج سنة عشْرين ثمَّ سنة سبع وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين، وسافر إِلَى دمياط واسكندرية وقوص، وناب فِي الْقَضَاء من ذِي الْقعدَة سنة سِتّ عَن الشَّمْس الأخنائي فَمن بعده وحصلت لَهُ بحة قَوِيَّة بعد سنة خمس وَثَلَاثِينَ لم يكد يسمع مَعهَا صَوته. مَاتَ فِي آخر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بالينبوع وَهُوَ رَاجع من الْحَج وَصلي عَلَيْهِ هُنَاكَ ثمَّ دفن فِيهِ وَقد جَازَ السّبْعين بِسنتَيْنِ، أرخه شَيخنَا فِي حوادث إنبائه وَقَالَ: كَانَ عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ متثبتا فِي القضايا وقورا عَاقِلا
كثير الِاحْتِمَال مشاركا فِي الْفِقْه لم يشْتَغل فِي غَيره درس بالبدرية الخروبية بشاطئ النّيل نَحوا من عشر سِنِين وَتوجه إِلَى الْحجاز فِي الرجبية فجاور ثمَّ رَجَعَ، وَذكر لي من أَثِق بِهِ أَنه كَانَ كثير الطّواف يواظب على خمسين أسبوعا فِي كل يَوْم قَالَ وَهُوَ من قدماء معارفنا وَأهل الِاخْتِصَاص بِنَا فَالله يعظم أجرنا فِيهِ ويبدلنا بِهِ خيرا مِنْهُ، قَالَ: وَقد غبطته بِمَا اتّفق لَهُ من حسن الخاتمة بِالْحَجِّ والاعتمار والمجاورة وزيارة الحضرة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وَالْمَوْت عقب ذَلِك فِي الغربة رحمه الله وإيانا. قلت: وَقَول البقاعي إِنَّه من قُضَاة السوء على مَا نقلوا قَالَه لغَرَض على جاري عوائده وَإِلَّا فقد علمت بُطْلَانه. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن عبد المغيث الشَّمْس الأبياري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن المغيربي بميم مَضْمُومَة ثمَّ مُعْجمَة مصغر نِسْبَة لجده فَإِنَّهُ كَانَ كأسلافه مغربيا ثمَّ تحول مِنْهَا انْتقل أَبوهُ عَن مَذْهَبهم، وسمى بَعضهم جد أَبِيه عبد الْمُؤمن بن عبد الْبر بن مُحَمَّد بن الْقسم بن ربيعَة بن عبد القدوس. وَمن املائه هُوَ كتبت مَا أسلفته وَقَالَ لي أَنه ولد فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بأبيار وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فأكمله وألفية النَّحْو والملحة والشذرة الذهبية والمقصورة الدريدية وَبحث بأبيار ألفية ابْن معطي على التَّاج مُحَمَّد الْقَرَوِي وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ عِنْد الأبناسي الْكَبِير وَبحث عَلَيْهِ الْمِنْهَاج وَكَذَا لَازم البُلْقِينِيّ فِي بَحثه والغماري والبدر الطنبدي فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَآخَرين بل بحث الْعَضُد وَالتَّلْخِيص على قنبر وَصَحب مُحَمَّدًا الْعَطَّار خَاتِمَة مريدي يُوسُف العجمي وناب عَن الصَّدْر الْمَنَاوِيّ بِالْقَاهِرَةِ وَفِي أبيار وعملها عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ ثمَّ أعرض عَنهُ مَعَ حلفه بِالطَّلَاق على عدم قبُوله وَكَذَا عرض عَلَيْهِ الزين عبد الباسط ضبط الشؤون السُّلْطَانِيَّة فَأبى تعففا وتورعا مَعَ كَثْرَة المتحصل من هَذِه الْجِهَة وَكَانَ قبل ذَلِك تكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا بعد ثُبُوت عَدَالَته على الْعِزّ البُلْقِينِيّ وَالِد الْبَهَاء، وباشر)
الشَّهَادَة بالاسطبل وَصَحب الظَّاهِر جقمق قبل تملكه، فَلَمَّا اسْتَقر اخْتصَّ بِهِ وَمَال إِلَيْهِ فَصَارَ من ذَوي الوجاهات وأثرى وَكَذَا اخْتصَّ بولده الناصري مُحَمَّد مَعَ مزِيد رغبته فِي التقلل من التَّرَدُّد إِلَيْهِمَا، وَحج مرَارًا وجاور اجْتمعت بِهِ غير مرّة وكتبت عَنهُ من نظمه مَا طارح بِهِ شَيخنَا مِمَّا أودعته الْجَوَاهِر والمعجم وَغير ذَلِك. وَكَانَ خيرا دينا سَاكِنا منعزلا عَن أَكثر النَّاس سِيمَا بِأخرَة حسن المحاضرة مُتَقَدما فِي حل المترجم وَله
فِي تلعمه حِكَايَة أوردتها فِي المعجم مَعَ حِكَايَة غَرِيبَة اتّفقت لَهُ مَعَ ابْن زقاعة وَكَونه تطارح مَعَ الْمجد بن مكانس وَغَيره. مَاتَ وَقد أسن فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء عَاشر الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بحوش جوشن رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان الْمُحب بن النُّور البلبيسي الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي إِمَامه وَابْن أئمته الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وجد أَبِيه. حفظ الْقُرْآن وتلاه على أَبِيه للسبع إفرادا وجمعا، ولازم مجْلِس شَيخنَا للسماع فِي رَمَضَان خَاصَّة، وَأم بعد أَبِيه بالجامع وَكَانَ يدْفع عَن مباشرتها بِنَفسِهِ لعدم تصونه. وَآل أمره إِلَى أَن كف وَانْقطع مُدَّة، ثمَّ مَاتَ فِي ثامن عشري رَمَضَان سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد توعك طَوِيل وَاسْتقر ابْنه يحيى فِي الْإِمَامَة وَكَانَ قد نَاب عَنهُ فِي حَيَاته وَأَظنهُ جَازَ السِّتين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عل بن أَحْمد بن عمر بن عَليّ بن مُجَاهِد بن ربيعَة بن فتوح الْبَدْر الدجوي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي. نَشأ بِالْقَاهِرَةِ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية النَّحْو وَغَيرهَا واشتغل يَسِيرا وَقَرَأَ على الْمَنَاوِيّ فِي شرح الْبَهْجَة وعَلى الْبكْرِيّ فِي الرَّوْضَة وَفِي المباديء على الشمسين ابْن الْعِمَاد والأبناسي وَكَذَا أَخذ عَن الْخَواص فِي الْعَرَبيَّة وَالْعرُوض وَغَيرهمَا وَحضر عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ وَكتب قَلِيلا على ابْن حجاج وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَتخرج فِيهَا وَفِي التوقيع بخاله غرس الدّين الأمبيهي وباشر التوقيع بِبَاب أبي الْخَيْر النّحاس بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْعلم فَمن بعده مسئولا بذلك وَعمل النقابة لِابْنِ حريز وتمول من ذَلِك كُله وَحج، وَكَانَ شهما عالي الهمة بهي الْهَيْئَة، عمل لغزا فِي سعادات كتبه عَنهُ بلديه الزين الدجوي وَهُوَ الْمُفِيد لأكْثر تَرْجَمته. مَاتَ فِي رَابِع ذِي الْقعدَة سنة سبعين بعد تعلله مُدَّة رحمه الله.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن فضل الله بن أبي بكر بن عبد الله. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن أبي)
بكر. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْقَادِر الْبَدْر ويلقب قَدِيما بالمحب بن النُّور أبي الْحسن المنوفي الأَصْل القاهري البهائي الشَّافِعِي شَقِيق أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وجدهما وأمهما ابْنة ابْن حلفا الضَّرِير. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ وَقَرَأَ الْقُرْآن والعمدة وعرضها على جمَاعَة كالمناوي وَالْعلم البُلْقِينِيّ وكاتبه، وَأَجَازَ لَهُ ولأخيه باستدعائي شَيخنَا وَابْن الْفُرَات وَآخَرُونَ وَقَرَأَ عَليّ قَلِيلا فِي البُخَارِيّ وَرُبمَا حضر دروس الزين الأبناسي وَجلسَ مَعَ أَبِيه شَاهدا وتولع بالنظم وَله فِيهِ نوع فهم، وَكَانَ أحسن حَالا من أَخِيه. مَاتَ فِي ذِي
الْحجَّة سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد أَبِيه بأشهر وَدفن بتربة تجاه أرغون بِأَسْفَل الكوم عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو عبد الله اللواتي المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي. ولد فِي ثَالِث عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا فجود الْقُرْآن على مُحَمَّد بن الْعَرَبِيّ وتلا بِهِ عَليّ لنافع وَأخذ فِي الْفِقْه عَن المحمدين الزلديوي والقلشاني قَاضِي الْجَمَاعَة والواصلي وَابْن عقبَة وَابْن قَاسم الرصاع وَإِبْرَاهِيم الأخدري وَفِي الْعَرَبيَّة عَن إِبْرَاهِيم الْبَاجِيّ أحد عدُول تونس وَمَنْصُور سوسو رَاوِي الحَدِيث بِجَامِع الزيتونة والشريفة أمه وَغَيرهمَا وَفِي أصُول الْفِقْه عَن أَحْمد حلولو وَفِي أصُول الدّين عَن مُحَمَّد اللباد فِي آخَرين. وَقَررهُ السُّلْطَان فِي شَهَادَة ديوَان الْبَحْر وَفِي شَهَادَة الشمع وَمَعْنَاهَا تحكير بَيْعه وَفِي كِتَابَة السِّرّ عِنْد خَلِيفَته بتونس لتوالي مدحه لَهُ، وَحج فِي سنة سبع وَسبعين مَعَ القلشاني شَيْخه وَدخل مصر فِيهَا ثمَّ وصثل مَكَّة من الْبَحْر فِي أَوَائِل جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَتِسْعين ولقيته بهَا وَقد تبرم من كل مَا سلف ومقبل على التصوف والسلوك مديم للتلاوة وَالْعِبَادَة تَارِك للرعونات وَسمع على أَشْيَاء ثمَّ أَنْشدني لنَفسِهِ بديهة:
(حبر الْمعَانِي صَادِق الأنباء
…
نقلته آبَاء عَن الْأَبْنَاء)
(قد صححوه عَن الثِّقَات صححوا
…
أَن السخاوي أوحد الْعلمَاء)
وَقَوله:
(يَا رب عَبدك قد وافى الْمقَام وَفِي
…
وَالْحجر وَالْحجر الْمَعْلُوم والحرما)
(وَطَاف بِالْبَيْتِ فِي حَال الصَّفَا وسعى
…
وَدون موقفه حَال الزَّمَان بِمَا)
)
(فجد عَلَيْهِ بيمن الْأَمر ينج بِهِ
…
من كل معضلة يَا مالكي كرما)
وَقَوله أول قصيدة نبوية:
(طَرِيق الْهدى بَانَتْ أهيل مودتي
…
بمولد خير الْخلق كنزي وعدتي)
وَاشْترى دَارا بِمَكَّة وعمرها وامتحن بهَا فِي أَوَائِل ذِي الْقعدَة بزعم زوج ابْنَته الْمُعْتَرف بِمَا يَقْتَضِي اختلاقه أَنه سكن بِبَيْت ابْن عليبة فِي اسكندرية وَأَنه وجد فِي جِدَاره أَرْبَعَة آلَاف دِينَار فرسم عَلَيْهِ الباش وسجنه وتكلف لَهُ ولأتباعه نَحْو ثَلَاثِينَ دِينَارا وَأطلق بِضَمَان الشهَاب بن حَاتِم لَهُ حَتَّى يَجِيء أَمِير الْحَاج ثمَّ بدا لَهُم فأمسكوه وأعيد للسجن أَيْضا وَاسْتمرّ بِهِ هُوَ والمرافع حَتَّى خلص وفارقته هُنَاكَ ثمَّ لَقيته بهَا وبالمدينة وَمَعَهُ والدته وَولده وَبَعض الْعِيَال وَعظم اغتباطه بِي ولازمني رِوَايَة ودراية وامتدحني بقصيدة طَوِيلَة كتبهَا بِخَطِّهِ وأسمع وَلَده عَليّ، وَهُوَ على خير كثير تِلَاوَة وَعبادَة وانجماعا ويلاطف أحبابه وَنَحْوهم بِالطَّلَبِ، وَرجع فِي سنة تسع وَتِسْعين لمَكَّة بِسَبَب ابْنة لَهُ توفيت كَانَت تَحت بعض بني الْعزي بن
المراجلي ثمَّ عَاد إِلَى الْمَدِينَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُحب أَبُو البركات بن النُّور القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ، وَيعرف بِابْن الصُّوفِي. ولد فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ كأبيه الْقُرْآن والعمدة والكنز والمنار وألفية ابْن ملك وَعرض عَليّ ف الْجَمَاعَة. وَحج مَعَ أَبِيه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وجاور الَّتِي تَلِيهَا واشتغل قَلِيلا وَجلسَ عِنْد أَبِيه وزوجه ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن الأهناسي ثمَّ فَارقهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الدواخلي الصَّغِير نزيل جَامع الغمري. مِمَّن سمع عَليّ فِي سنة خمس وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن مُوسَى فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الأبشيهي الْمحلي وَالِد الشهَاب أَحْمد والبدر مُحَمَّد. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وتفقه بالولي بن قطب وَأخذ الْفَرَائِض عَن نَاصِر الدّين البارنباري وتميز فِيهَا وناب فِي قَضَاء الْمحلة وصاهر قاضيها الشهَاب بن العجيمي على ابْنَته وَحج وجاور فِي سنة خمس وَخمسين وَسمع هُنَاكَ على التقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي. مَاتَ بالمحلة فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ عَن ثَمَان وَسِتِّينَ سنة. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن هبة الله الْأمَوِي السكندري ابْن أخي الْجمال مُحَمَّد بن أَحْمد)
بن هبة الله الْمَذْكُور فِي الَّتِي قبلهَا، وَيعرف بِابْن البوري. ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن المصفي وَأبي الْفتُوح بن الْفُرَات وَآخَرين سداسيات الرَّازِيّ وَقَرَأَ بهَا عَلَيْهِ مَعَ غَيرهَا شَيخنَا وترجمه فِي مُعْجَمه، وَذكره المقريزي فِي عقوده فَقَالَ: مُحَمَّد بن عَليّ بن هبة الله وَقَالَ أَنه حدث عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن ظافر بِسَمَاعِهِ من مَنْصُور بن سليم وَكَذَا حدث عَن غَيره وَقدم الْقَاهِرَة قَدِيما وَنزل بجوارنا وصحبناه مُدَّة. وَمَات بالثغر سنة اثْنَتَيْنِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن هِلَال بن عُثْمَان الْمُحب الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ بن القصيف الْمَاضِي أَبوهُ. نَاب عَن الْعَلَاء بن قَاضِي عجلون فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق ثمَّ عَن الشّرف بن عيد أَيَّامًا تمّ عَزله واستقل بِهِ بعد التَّاج بن عربشاه فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة خمس وَثَمَانِينَ فدام دون سنة ثمَّ صرف بِإِسْمَاعِيل النَّاصِر فِي رَجَب من الَّتِي تَلِيهَا ودام مصروفا. وَقد جاور بِمَكَّة وَسمعت من يذكرهُ بِسوء كَبِير مَعَ جهل، وَرَأَيْت بخطي أَن أَبَاهُ كَانَ شافعيا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْبَدْر أَبُو عبد الله بن أبي الْحسن بن القَاضِي الشهَاب
أبي الْعَبَّاس الْجَعْفَرِي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ. اشْتغل وتميز وَسمع فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بلدانيات السلَفِي على التَّاج أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن مَحْبُوب الشَّافِعِي وَحدث بهَا قَرَأَهَا عَلَيْهِ نَاصِر الدّين بن زُرَيْق بِحَضْرَة الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين وَغَيره فِي سنة أَرْبَعِينَ وَوَصفه فِي ثبته بالسيد الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الأوحد الْقدْوَة، وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق مُدَّة طَوِيلَة عَن ابْن الكشك ثمَّ اسْتَقل بِهِ مسؤلا، وَكَانَ عفيفا عَالما. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشري صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَدفن بسفح قاسيون بِالْقربِ من الْمدرسَة المعظمية وَكَانَت جنَازَته حافلة. أرخه ابْن اللبودي وَوَصفه أَيْضا بالسيد الْعَالم القَاضِي وَكَذَا أرخه غَيره وَقَالَ إِنَّه ناهز الثَّمَانِينَ وَخلف كتبا كَثِيرَة نفيسة تزيد على ألفي مُجَلد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بهاء الدّين الحسني القاهري أَخُو الْكَمَال عبد اللَّطِيف الْمَاضِي وَيعرف بِابْن أخي المحيريق. كَانَ يجيد التَّعْبِير وَأَظنهُ كَانَ يشْهد ثمَّ أضرّ، وَمَات فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين. وَيُحَرر اسْمه.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد التقي بن الْأمين الْمصْرِيّ. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن الْأمين. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس بن النُّور بن الشهَاب المنوفي ثمَّ القاهري الفاضلي)
الشَّافِعِي الفرضي وَيعرف بِابْن مَسْعُود. ولد تَقْرِيبًا سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بمنوف وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْمِنْهَاج وَأخذ الْفِقْه عَن الْعَلَاء القلقشندي وَالْعلم البُلْقِينِيّ والطبقة والفرائض عَن البوتيجي وَأبي الْجُود وَنَحْوهمَا وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَهُوَ مِمَّن سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة ولازم بِأخرَة الْجلَال الْبكْرِيّ فِي دروسه وَكَذَا أَبَا السعادات البُلْقِينِيّ فِي آخَرين وقصدني مرّة للاستفتاء فِي حَدِيث نازعه بَعضهم فِيهِ وَأَغْلظ عَلَيْهِ فنصرته. وَكَانَ سَاكِنا خيرا ذَا فَضِيلَة فِي الْفَرَائِض والحساب أَقرَأ فيهمَا الطّلبَة. وناب فِي الْقَضَاء عَن الْعلم البُلْقِينِيّ فَمن بعده وَجلسَ بحانوت بِالْقربِ من وكَالَة قوصون وَلكنه لم يتهالك على ذَلِك بل كَانَ جلّ استرزاقه من الشَّهَادَة وَمن جِهَات خَفِيفَة كالتصوف بِسَعِيد السُّعَدَاء والإمامة بالفاضلية مَعَ طلب فِيهَا بل وقطنها. وَحج وزار فِي صغره الْقُدس والخليل وَكَانَ ضَعِيف الْبَصَر. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثامن ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالروضة خَارج بَاب النَّصْر رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس النُّور البتنوني الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد ولي الدّين مُحَمَّد وَيعرف بالبتنوني. كَانَ جده من جمَاعَة الْجمال يُوسُف العجمي
فَلَمَّا مَاتَ انْتَمَى وَلَده أَبُو صَاحب التَّرْجَمَة مَعَ إخْوَته لَهُ وَلم يلبث أَن مَاتَ الشَّيْخ فَنَشَأَ على خير وَستر وأقرأ المماليك فِي الأطباق، اسْتَقر فِي عدَّة مباشرات. وَكَانَ مولد وَلَده هَذَا تَقْرِيبًا فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج، وَعرض على جمَاعَة كشيخنا وَمَات وَالِده وَقد قَارب المراهقة فقرر فِي جهاته كالمباشرة بطيلان وبالحلي وَالظَّاهِر وبهادر المعزي وَغَيرهَا كالحسنية فَلم يحسن السّير وَلكنه انْتَمَى لأبي الْبَقَاء بن الْعلم البُلْقِينِيّ ثمَّ للصلاح المكيني ربيب الْعلم. واجتهد فِي التَّحْصِيل من أَي وَجه كَانَ مَعَ تسلطه فِي أَيَّام الْعلم فَمن بعده على ضعفاء الْمُسْتَحقّين فِي الْأَوْقَاف الَّتِي تَحت مُبَاشَرَته بِالْقطعِ وَنَحْوه وإيذائه لأهل الذِّمَّة لكَونه يتَكَلَّم على مَسْجِد بِالْقربِ من كَنِيسَة حارة زويلة وَأَخذه مِنْهُم بالرهبة وَالرَّغْبَة حَتَّى أثرى وَأَنْشَأَ بِجوَارِي ملكا ارْتكب فِيهِ السهل والوعر كل ذَلِك مَعَ تعرضه للأكاب حَتَّى أَنه نافر المكيني بعد موت عَمه وَنسي كل أَمر كَانَ مِنْهُ فِي حَقه وَصدق قَول الْقَائِل: من أعَان ظَالِما سلط عَلَيْهِ. وَلزِمَ من ذَلِك إغراؤه البباوي فِي أَيَّام تسلطه عَلَيْهِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ وثبة كَاد يهلكه فِيهَا فترامى عَليّ مَعَ كَثْرَة أذيته لي حَتَّى خلصته.)
وَاسْتمرّ على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ فِي ثَانِي عشري صفر سنة سبع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بحوش سعيد السُّعَدَاء عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس بن الركاب. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن أبي البركات. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس الزيَادي بِالتَّشْدِيدِ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وَهَذَا أسن وأخير. ولد قبيل سنة أَرْبَعِينَ تَقْرِيبًا بالصحراء وَقَرَأَ الْقُرْآن وجوده عِنْد الْفَقِيه النُّور السنهوري والعمدة والشاطبية والمنهاج. وَعرض على شَيخنَا والقاياتي وَابْن الديري وَحضر دروس الْبكْرِيّ وزَكَرِيا بل والمناوي وَقَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ ولازمني فِي غَيره، وَحج فِي الْبَحْر رَفِيقًا لِابْنِ أبي السُّعُود وجاور بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَسمع على التقي بن فَهد وَغَيره وَكَذَا زار الْقُدس والخليل وتنزل فِي بعض الْجِهَات وَأذن فِي الجمالية وَغَيرهَا وَرُبمَا قَرَأَ فِي الجوق ثمَّ تَركه وَنعم هُوَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الشَّمْس الشغري الْحلَبِي نزيل مَكَّة، سمع مني بهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُحب أَبُو الطّيب الفارقي الشاذلي، أَظُنهُ ابْن فكيك. لَازم مَعَ أَبِيه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُحب الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن القصيف. مضى قَرِيبا فِيمَن جده أَحْمد بن هِلَال.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُوفق الْمحلي الأَصْل الْغَزِّي المولد وَالدَّار الْحَنَفِيّ. أَصله من الْمحلة فتحول وَالِده مِنْهَا غَضبا من أَقَاربه إِلَى غَزَّة فولد لَهُ هَذَا وَنَشَأ طَالب علم فَأخذ عَن نَاصِر الدّين الإياسي رَفِيقًا للعلاء الْغَزِّي إِمَام إينال وَكَانَ قد اخْتصَّ أَيْضا بإينال وأقرأ أَوْلَاده. وَمَات بعد أَن أسْند وَصيته لرفيقه الْمشَار إِلَيْهِ، وَتزَوج الصّلاح الطرابلسي ابْنَته بعد مَوته واستولدها، وَكَانَ خيرا رحمه الله وَهُوَ ابْن عَم عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شيخون المدولب الْمَاضِي.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد نَاصِر الدّين الْحلَبِي الأَصْل الْحَنَفِيّ. فِيمَن جده أَحْمد بن عبد الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد نَاصِر الدّين الخطيري ثمَّ القاهري نزيل الصالحية. مِمَّن خدم الْبَدْر الْبَغْدَادِيّ وتنزل فِي جِهَات وباشر فِي أوقاف الْحَنَابِلَة وَغَيرهَا وَهُوَ خير كثير التِّلَاوَة مِمَّن سمع الحَدِيث على جمَاعَة مِنْهُم أم هَانِئ الهورينية وَمن أحضرناه مَعهَا وَكَانَ مَعَه ابْنه مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة أَبُو عبد الله النويري. فِيمَن جده أَحْمد)
بن عبد الْعَزِيز بن الْقسم. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْبُرُلُّسِيّ، مِمَّن عرض عَلَيْهِ خير الدّين بن القصبي بعيد الْخمسين بأبيار. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد البرديني ثمَّ القاهري مِمَّن سمع على شَيخنَا وَسَيَأْتِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله البرديني فيحرر.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الزراتيتي. فِي ابْن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الزواوي القباني شيخ جماعته وأخو شعْبَان الْمَاضِي. لَهُ ذكر فِيهِ. مَاتَ قريب السِّتين. مُحَمَّد بن الْفَقِيه عَليّ بن أَحْمد السفطي وَيعرف بِابْن مشيمش مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد الْمُحب الشرنوبي القاهري الشَّافِعِي سبط الزَّاهِد وَأحد النواب.
مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَكَانَ ثقيل السّمع. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد العتال، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد العذري الْمَالِكِي. شهد على بعض الْقُرَّاء فِي إجَازَة كتبهَا بِخَطِّهِ أرخها فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد النجاري أحد جمَاعَة أبي الْعَبَّاس بن الغمري. قَرَأَ الْقُرْآن وَحصل بعض الدُّرُوس وَسمع مني فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وجاور بالحرمين مُدَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِدْرِيس بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْعلوِي التعزي الزبيدِيّ الشَّافِعِي وَالِد أبي الطَّاهِر مُحَمَّد الْآتِي. انْتفع بِهِ وَلَده
فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع عَلَيْهِ كثيرا. وَهُوَ من أهل هَذَا الْقرن لَكِن مَا رَأَيْت تَرْجَمته. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن رضوَان الشَّمْس الْمحلي ثمَّ الْأَزْهَرِي الْخَطِيب. مولده قبيل الْخمسين بالمحلة وَحفظ بهَا الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه أَحْمد بن خليدة وَقَرَأَ لأبي عَمْرو على الشَّيْخ عبد الله الضَّرِير، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة واشتغل عِنْد الْبكْرِيّ والعبادي وَغَيرهمَا كالزين الأبناسي وَقَرَأَ عَليّ كثيرا فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَكَذَا قَرَأَ على الديمي وجود الْخط الْقُرْآن وَقَرَأَ بِهِ فِي الأجواق رياسة وَغَيرهَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا وَقَرَأَ على الْعَامَّة بالأزهر وَغَيره، واختص بِتَمْر الْحَاجِب وَأم بِهِ بل سَافر مَعَه فِي توجهه مَعَ الْعَسْكَر لسوار أَولا وَثَانِيا وَكَذَا انْتَمَى لجانبك حبيب وسافر مَعَه إِلَى الرّوم حِين كَانَ الرَّسُول لصَاحبه فِي سنة تسعين وزار)
فِي رُجُوعه بَيت الْمُقَدّس والخليل ولشاهين الجمالي وسافر مَعَه إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة حِين ولي مشيخة الخدام بهَا وجهزه من هُنَاكَ إِلَى الْعَجم لأوقافها ولخير بك من حَدِيد وَقَررهُ شيخ سَبْعَة مَعَ الذّكر بالأزهر وَله فِي ذَلِك كُله حكايات، وَصَارَ يتجر فِي غُضُون ذَلِك، وَعِنْده سرعَة حَرَكَة وخفة روح. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْيمن بن الْعَلَاء الْمَقْدِسِي الأَصْل الْمصْرِيّ المولد الشَّافِعِي. ولد فِي لَيْلَة نصف ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والشاطبية وَغَيرهَا وَأخذ القراآت عَن الشهابين السكندري والشارمساحي وَالشَّمْس بن الْعَطَّار والتاج عبد الْملك الطوخي وَابْن عمرَان وَالشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد البقاعي الْآتِي والهيثمي والسنهوري وَآخَرين وَقَرَأَ بعض البُخَارِيّ على ابْن الديري وَغَيره وَسمع بِقِرَاءَتِي فِي الكاملية ختم مُسلم على النسابة والبارنباري وَغَيرهمَا وَقبل ذَلِك ختم البُخَارِيّ بالظاهرية. وَأَجَازَ لَهُ الْعلم البُلْقِينِيّ وَعبد السَّلَام البغدلادي وَآخَرُونَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل فتح الدّين المشائي الشَّافِعِي. شرح الْحَاوِي وَاخْتصرَ الرَّوْضَة وَغَيرهمَا وَكَانَ قَاضِي المرتاحية مُقيما بِالْمَدْرَسَةِ الغربية بإشموم طناح بِالْقربِ من منية ابْن سلسيل، وَله من التصانيف سوى مَا ذكر أَيْضا واقرأ الطّلبَة فَكَانَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ وَالِد التقي بن وَكيل السُّلْطَان ورأيته كتب شَيْئا أرخه فِي سنة أَربع وَتِسْعين فَيحْتَمل أَن يكون تَأَخّر إِلَى هاذ الْقرن. مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْفَتْح بن الريس. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن إِسْمَاعِيل قَرِيبا. مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَليّ بن الأتابك إينال اليوسفي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. رباه
الظَّاهِر جقمق لكَونه كَانَ قبل اتِّصَاله بِالظَّاهِرِ برقوق مَمْلُوكا لِأَبِيهِ وَلما كبر صيره من مماليكه فَلم يلبث أَن أعرض عَن زِيّ الجندية وتشبه بالفقراء وَصَارَ يسْأَل النَّاس ودام على ذَلِك زَمنا فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر أمره بِالْعودِ لزيه الأول فَامْتنعَ لكنه صَار يركب حمارا ويطلع إِلَى القلعة ويتردد إِلَى الأكابر ويتناول مِنْهُم بالرغبة والرهبة بِحَيْثُ اشْتهر طمعه ودناءة نَفسه ثمَّ ركب الْفرس وَصَارَ أَمِير شكار بل أَمِير عشرَة مُضَافا لعدة أقاطيع حلقه وَلم يكتف بذلك حَتَّى أنهى للسُّلْطَان أَن منظرة الْخمس وُجُوه المقاربة لكوم الريش ظَاهر الْقَاهِرَة الْمَعْرُوفَة بالتاج والسبع وُجُوه الَّتِي تكلّف الْمُؤَيد فِي تجديدها فِيمَا قيل نَحْو عشْرين ألف دِينَار وتكرر نُزُوله)
لَهَا يَقع فِيهَا فواحش من المتفرجين والمقيمين فَأمره بهدمها فَفعل وَصَارَ مَكَانهَا موحشا بعد أَن كَانَ قصرا فريدا وَاسْتولى على أنقاضها وَبَاعَ مِنْهَا مَا يفوق الْوَصْف بل بنى من بَعْضهَا مَكَانا على كوم القنطرة الجديدة صَار حَقِيقَة مأوى الْفَاسِقين غَالِبا وَكَذَا بنى دَارا بصليبة الحسينية ومدرسة بجانبها وجامعا تجاهها للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وتربة تجاه تربة كنبوش وَضعف مرّة فَأمر الظَّاهِر أَعْيَان الْعَسْكَر بعيادته فامتثلوا رضَا أَو كرها وَبَالغ فِي التكرم حِين عافيته بل كَانَ الْإِعْطَاء والسماح غَالِبا دأبه وَقد شح على الْمُسْتَحقّين. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ نهاب وهاب وَلما مَاتَ الظَّاهِر أخرج الْأَشْرَف إمرته عَنهُ وَمنعه من الْأَمِير شبكارية وانحط جَانِبه فَتحَرك ابْنه الْمُؤَيد لمطالبته بالأنقاض الْمشَار إِلَيْهَا فهرب ثمَّ وجد فرسم عَلَيْهِ وَوزن نَحْو ألف دِينَار ثمَّ اختفى ثمَّ ظهر بعد مُدَّة وَلزِمَ دَاره مُدَّة. وَكَانَ طَويلا كَبِير اللِّحْيَة والشوارب أهوج يسْتَدلّ ناظره بهيئته على خفَّة عقله يظْهر تدينا واعتقادا فِي الصَّالِحين وَالْعُلَمَاء وَرُبمَا قَرَأَ على ابْن الْهمام ف الْقَدُورِيّ بل قَرَأَ من قبله عَليّ مِنْهَا الْحَنَفِيّ. مَاتَ فِي سنة أَربع وَسبعين بصفد أَو نَوَاحِيهَا عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن أَيُّوب بن إِبْرَاهِيم أَبُو الْفَتْح الْبرمَاوِيّ الأَصْل الْمدنِي المولد الْمَكِّيّ الدَّار الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن الشيخة وَيُقَال لَهُ الْمدنِي لكَونه ولد بِالْمَدِينَةِ، وَنَشَأ بِمَكَّة فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وأسمعه أَبوهُ على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وتكرر قِيَامه بِالْقُرْآنِ فِي كل سنة بحاشية الطّواف. وَلَيْسَ بالمرضي وأموره زَائِدَة الْوَصْف. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس الْبكْرِيّ القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي القادري وَيعرف بالبكري. ولد قبل الْقرن بالمقس وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس بن الخص وَحضر دروس الشهَاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة
والبهاء بن الحارس الْمحلي الفرضي وَسمع على شَيخنَا وَغَيره بل تردد إِلَيّ فِي الْإِمْلَاء وَغَيره وَأخذ عَن معتوق القادري نزيل ميدان الْقَمْح وانعزل عَن النَّاس مَعَ سُكُون وبهاء واعتقده طَائِفَة كَأبي السعادات البُلْقِينِيّ. وَهُوَ فِي سنة تسع وَتِسْعين فِي الْأَحْيَاء. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد بن عَطاء الله الشَّمْس الرَّشِيدِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن عَطاء الله. حفظ الْقُرْآن وَغَيره واشتغل قَلِيلا وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة وَسمع على شَيخنَا)
وَغَيره وجاور مَعنا فِي سنة إِحْدَى وَسبعين فَسمع مني كثيرا من تصانيفي وَغَيرهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن أَحْمد بن علوش الدِّمَشْقِي نزيل الصالحية الزُّهْرِيّ النساج. ولد قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة وَسمع من لفظ الْمُحب الصَّامِت قِطْعَة من مُسْند عُثْمَان من أبي يعلى وَحدث وَأخذ عَنهُ النَّجْم بن فَهد. مَاتَ قريب الْأَرْبَعين أَو قبلهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل الْمصْرِيّ الْمَكِّيّ الجوخي الْفراش بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام والمكبر بمقام الْحَنَابِلَة وَفِي رَمَضَان على زَمْزَم. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله القَاضِي الْجمال أَبُو عبد الله النَّاشِرِيّ. ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأخذ عَن أَبِيه وَعَمه ابْن عَمه وَمِمَّا قَرَأَهُ على عَمه الشهَاب أَحْمد المختصرات الثَّلَاثَة وَالْوَجِيز وَسمع عَلَيْهِ الْوَسِيط والمهذب وجود الْفَرَائِض والحساب مَعَ الْعَلامَة على بن أَحْمد الجلاد وَسمع الْمجد الفيروزابادي وَابْن الْجَزرِي فِي آخَرين، وَحج غير مرّة وزار مَاشِيا وَحمل هُنَاكَ عَن الْجمال بن ظهيرة وَابْن سَلامَة والزين المراغي وانتفع بِهِ جمَاعَة، وَولي إِمَامَة الصلاحية بزبيد وتدريس الأشرفية بهَا وناب عَن أَبِيه فِي الْأَحْكَام. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِض والحساب أَخُوهُ القَاضِي حَافظ الدّين عبد الْمجِيد وَولده الْمقري عفيف الدّين وَآخَرُونَ، ذكره الْعَفِيف النَّاشِرِيّ وَمَا رَأَيْته أرخ وَفَاته. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن عَليّ الْمُحب الْكِنَانِي السُّيُوطِيّ الشَّافِعِي وَالِد أبي السُّعُود الْآتِي وَيعرف بِابْن النَّقِيب. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا، واشتغل وَحصل وَمن شُيُوخه القاياتي بل أَخذ بِمَكَّة فِي القراآت عَن ابْن عَيَّاش وَمُحَمّد الكيلاني. وَكَانَ دينا متعبدا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين بأسيوط وَدفن تجاه أبي بكر الشاذلي رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُحَمَّد الخواجا الْكَبِير الشَّمْس الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي
وَالِد حسن وَعمر الماضيين وَيعرف بِابْن المزلق بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي المنقوطة وَاللَّام الْمُشَدّدَة كَبِير التُّجَّار الدمشقيين. مَاتَ وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ فِي تَاسِع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي وَدفن بتربته خَارج بَاب الْجَابِيَة وَكَانَت جنَازَته حافلة حضرها النَّائِب فَمن دونه من الْأَعْيَان وَهُوَ صَاحب المآثر الْكَثِيرَة)
بدرب الشَّام كعدة خانات وَإِصْلَاح كثير من طرقاته وَغير ذَلِك وَأوصى بِثلث مَاله وَيبدأ مِنْهُ بتكملة عمَارَة خَان الأرنبية وتنظيف وعرة سعسع ثمَّ مَا فضل مِنْهُ يقسم بَين فُقَرَاء مَكَّة وَالْمَدينَة وَبَيت الْمُقَدّس ودمشق بِالسَّوِيَّةِ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن مُوسَى الشَّمْس الْعَسْقَلَانِي الأَصْل السندبسطي الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي النَّاسِخ الشَّاهِد الْوَاعِظ، وَيعرف بِابْن دبوس. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسندبسط وانتقل مِنْهَا إِلَى الْمحلة فَنَشَأَ بهَا وَحفظ الْقُرْآن ومختصر أبي شُجَاع والوردية النحوية وَغَيرهَا واشتغل قَلِيلا وَولي الْعُقُود وَرُبمَا عمل الميعاد وداوم النّسخ ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فتكسب شَاهدا بِبَاب الصالحية وَأَحْيَانا بالمواعيد وَرُبمَا مدح بعض الرؤساء وَقد كتبت عَنهُ فِي الْمحلة قَوْله فِي رثاء شَيخنَا: بَكت سَمَاء وَأَرْض عَلَيْك يَا عسقلاني لكننا نتسلى إِذْ مَا سوى الله فَانِي. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر بن نَاصِر الشَّمْس أَبُو النجا الأبحاصي الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي.
مِمَّن سمع مني.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الْجمال الشيبي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عل بن أبي بكر الشَّمْس بن نور الدّين بن مخلص الدّين الفاوي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي. اشْتغل ولازم الْبكْرِيّ فِي الْفِقْه وأنجب وَتردد إِلَيّ حَتَّى سمع غَالب تَرْجَمَة النَّوَوِيّ وَغَيرهَا. كل ذَلِك وَهُوَ يتجر فِي سوق الشّرْب حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ عَن نَحْو الْأَرْبَعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الشَّمْس أَبُو الْفضل الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الأديب قدم حلب فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وعَلى يَده كتاب من قَاضِي حماة الْعَلَاء بن القضامي إِلَى أبي الْوَلِيد بن الشّحْنَة وَوَصفه فِيهِ بالعالم الْعَامِل الأديب الْفَاضِل وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ السُّلْطَانِيَّة وَأثْنى أَبُو الْوَلِيد على فضيلته فِي الْأَدَب، وَدخل الْقَاهِرَة وَكَانَ فِيهَا سنة تسع. وَمن نظمه مِمَّا كتبه عَنهُ ابْن خطيب الناصرية:
(مَا صنيعي فِي الَّذِي أحبه
…
ذهبت أَيَّام عمري غَلطا)
(وخطا الشيب برأسي لَيْتَني
…
أنذر النَّفس بشيب وخطا)
وَقَوله:)
(تعارضني الْأَيَّام على مشيبي
…
وهد الْحبّ لست لَهُ بناقض)
(فَقلت لَهُم وَلَو قاسى الَّذِي بِي
…
صَغِير السن شَاب من الْعَوَارِض)
مُحَمَّد بن عَليّ ابْن أبي بكر الشَّمْس الْبكْرِيّ مضى قَرِيبا فِيمَن جده أَبُو بكر بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الشَّمْس بن النُّور الْبُوَيْطِيّ الأَصْل القاهري كَاتب العليق وَابْن كَاتبه وخال الْبَدْر السَّعْدِيّ القَاضِي الْحَنْبَلِيّ. مَاتَ عَن أَزِيد من خمسين سنة فِي ربيع الأول سنة سبع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ ثمَّ دفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا بِالْقربِ من مشْهد السِّت زَيْنَب خَارج بَاب النَّصْر وَكَانَ قد برز للقاء الْعَسْكَر وزار بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رَجَعَ وَهُوَ متوعك فَأَقَامَ يَسِيرا ثمَّ مَاتَ وَهُوَ مِمَّن بَاشر كِتَابَة العليق نِيَابَة فِي الأول عَن أَخِيه لأمه سعد الدّين مُحَمَّد الْمَاضِي وَغَيره ثمَّ اسْتِقْلَالا واستهلك مَا مَعَه بِسَبَبِهَا حَتَّى افْتقر وَأقَام مُدَّة خاملا قانعا باليسير مَعَ احتشامه وتودده وعقله عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد كريم الدّين الْبُوَيْطِيّ الأَصْل القاهري الزيني نِسْبَة لخال أمه عبد الْقَادِر الْمَاضِي الْحَنْبَلِيّ وَهُوَ أَخُو الَّذِي قبله وخال الْبَدْر السَّعْدِيّ بل وَابْن عمته أَيْضا وَيعرف بلقبه. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فتعلم الْمُبَاشرَة وخدم بهَا فِي عدَّة أَمَاكِن ولازم خَال أمه النُّور البلبيسي فتدرب بِهِ فِي مطالعة التواريخ وَشبههَا وَصَارَ يحفظ كثيرا من الحكايات والأشعار والنكت بل واعتنى بأنواع الفروسية من الثقاف وَالرَّمْي وَنَحْو ذَلِك وبرع وغزا غير مرّة، وَكَذَا حج مرَارًا وجاور وَحفظ الْخرقِيّ بل ومنظومة الْعِزّ الْقُدسِي قَاضِي الشَّام الألفية الَّتِي أفرد فِيهَا مُفْرَدَات أَحْمد، وَحضر دروس القَاضِي عز الدّين الْكِنَانِي وَسمع عَلَيْهِ فِي الْمسند وَغَيره وَكَذَا سمع على شَيخنَا وَجَمَاعَة، وَجلسَ بِأخرَة لما ولي ابْن أُخْته الْقَضَاء مَعَ الشُّهُود وَلم يحصل على طائل مَعَ اشتماله على فَضَائِل وَكَذَا لعبد الْغَنِيّ بن الجيعان بِهِ مزِيد اعتناء. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي رحبة مصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن بحوش سعيد السُّعَدَاء عِنْد أمه رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الْحَضْرَمِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الأشرم. مِمَّن لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَحضر سَماع السِّيرَة وَغَيرهَا وَذكر لي أَنه شرح الْإِرْشَاد فِي اثْنَي عشر مجلدا قَالَ غَيره لوما نهبت جبن كَانَ الشَّرْح من جملَة مَا نهب فَأَخذه شخص من)
الطّلبَة يُقَال لَهُ ابْن مِسْمَار من المنتمين لعامر بن عبد الْوَهَّاب وغسله حسدا بعد أَن قرر مَعَ عَامر أَن مُؤَلفه من جِهَة بني عَامر بن طَاهِر المباينين لعامر فَلم يلبث ابْن مِسْمَار سوى يَوْمَيْنِ أَو أقل وغرق فِي بركَة بِبَيْت عَامر وَمَات
فعد ذَلِك كَرَامَة وَالله أعلم وَلما حج هَذَا رَجَعَ لبلاده.
مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر الشيبي. فِي ابْن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر. مُحَمَّد بن عَليّ بن جَار الله بن زادئ السنبسي الْمَكِّيّ وَيعرف بالاستر مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر بن مُخْتَار الشَّمْس أَبُو عبد الله القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قمر. ولد مزاحما لرأس الْقرن وَاخْتلف قَوْله فِي تَعْيِينه بل كتب بِخَطِّهِ نقلا عَن أمه أَنه فِي أثْنَاء سنة ثَلَاث وَعَلِيهِ اقْتصر الْبُرْهَان الْحلَبِي بالحسينية من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وألفية الحَدِيث والنحو ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَالْبَعْض من التَّنْبِيه وَمن الْبَيْضَاوِيّ، وَعرض على جمَاعَة كالعز بن جمَاعَة والجلال البُلْقِينِيّ واشتغل فِي الْفِقْه على البيجوري والشهاب الطنتدائي والزين القمني وَأكْثر من ملازمته بل وملازمة وَلَده الْمُحب من بعده وَكَذَا أَخذ عَن الشَّمْس البوصيري فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَعَن الْمجد الْبرمَاوِيّ والبرهان بن حجاج الأبناسي والقاياتي وَطَائِفَة وَقَرَأَ ألفية الحَدِيث على الْوَلِيّ بن ناظمها رِوَايَة ثمَّ بحثا مَعَ الْكثير من شرحها ثمَّ أَخذ الشَّرْح عَن شَيخنَا واشتدت عنايته بملازمته فِي هَذَا الشَّأْن حَتَّى حمل عَنهُ جملَة من الْكتب الْكِبَار ووالى عَلَيْهِ الْبر وَالْإِحْسَان مبتدئا بذلك مرّة ومسئولا فِيهِ أُخْرَى وَكَانَ ضَابِط الْأَسْمَاء عِنْده وارتفق بذلك خُصُوصا من الغرباء بل واستملى عَلَيْهِ بعد الزين رضوَان وَقدمه فِيهِ على غير وَاحِد مِمَّن كَانَ يتمناه، وَطلب بِنَفسِهِ وَكتب الْكثير سِيمَا من تصانيف شَيخنَا حَتَّى أَنه كتب فتح الْبَارِي مرَّتَيْنِ وباعهما وَدَار على الشُّيُوخ. وارتحل للبلاد الشامية وَغَيرهَا وَسمع بِمَكَّة وَبَيت الْمُقَدّس والخليل ودمشق وحلب واسكندرية وَغَيرهَا وتكرر لَهُ دُخُول بَعْضهَا بل دخل الشَّام فِي صغره مَعَ أَبَوَيْهِ. وَمن محَاسِن شُيُوخه بِالْقَاهِرَةِ الشموس الشَّامي وَابْن الْجَزرِي وَابْن الْمصْرِيّ والبدر حُسَيْن البوصيري والكلوتاتي والواسطي وبحلب الْبُرْهَان الْحلَبِي وَأقَام عِنْده نَحْو شهر وبدمشق ابْن نَاصِر الدّين وببيت الْمُقَدّس القبابي وبالخليل التدمري وباسكندرية)
قاضيها الْجمال بن الدماميني وبمكة فِيمَا كَانَ يخبرنا بِهِ الزين عبد الرَّحْمَن بن طولوبغا.
وَعرف بِالطَّلَبِ واشتهر بِالْحَدِيثِ وَوَصفه شَيْخه الْحلَبِي بالشيخ الْمُحدث الْفَاضِل بل وترجمه بِبَعْض مجاميعه. وَهُوَ أحد الْعشْرَة الَّذين أوصى لَهُم شَيخنَا بعد مَوته ووصفهم وَغَيرهمَا، وناب عَن الْمَنَاوِيّ فَمن بعده فِي الْقَضَاء بِالْقَاهِرَةِ وأضيف إِلَيْهِ فِي بعض
الْأَوْقَات قَضَاء بعض الْجِهَات انتزعها لَهُ من الْمُحب بن الشّحْنَة وَمَا كنت أحب لَهُ الدُّخُول فِي الْقَضَاء مَعَ أَنه لم يحصل فِيهِ على طائل. وَكَذَا نَاب فِي تدريس الْفِقْه بالظاهرية الْقَدِيمَة وَغَيرهَا وَقَرَأَ الحَدِيث فِي كثير من الماكن كجامع الْحَاكِم والخانقاه البيبرسية وَكَانَ إمامها والقارئ بدرس الحَدِيث فِيهَا زَمنا وَأحد صوفيتها حَتَّى مَاتَ. بل قَرَأَ بِأخرَة بِمَجْلِس الْأَشْرَف قايتباي حِين توعك صَاحب الْوَظِيفَة مَجْلِسا وتنزل فِي صوفية الخانقاه السعيدية أَيْضا ورأيته يقْرَأ الحَدِيث بهَا أَحْيَانًا بعد انْتِهَاء الْحُضُور، وَكَذَا تنزل فِي غَيرهَا من الأطلاب، وَحدث باليسير أَخذ عَنهُ جمَاعَة من الطّلبَة وحَدثني من لَفظه بالمسلسل بالأولية وَكَذَا سَمِعت مِنْهُ غير ذَلِك من الحَدِيث والفوائد وَرُبمَا كتب على الْفَتْوَى. وَاخْتصرَ الْأَنْسَاب لِابْنِ الْأَثِير فِي مُجَلد وقفت عَلَيْهِ وَسَماهُ معِين الطلاب بِمَعْرِِفَة الْأَنْسَاب وَشرع فِي اخْتِصَار أَطْرَاف الْمزي وَسَماهُ إلطاف الْأَشْرَاف بزهر الْأَطْرَاف فِي أَشْيَاء لَيست بالمتينة مَعَ أَوْهَام فِيهَا وَعدم حسن تصرف لكَونه لم يكن فِي الْفَنّ وَلَا غَيره بالبارع، وَكَانَ جَامِدا بطيء الْحَرَكَة غير حاذق فِي شَيْء من أَنْوَاعه لكنه كَانَ يستحضر أَشْيَاء من الْمُتُون وَالرجل ذَا أنسة بالفن فِي الْجُمْلَة وإحساس بِطرف من الْفِقْه والعربية ملازما الانجماع غَالِبا مديما للتلاوة وَالْجَمَاعَات مُقبلا على التَّحْصِيل مَعَ التقنع وَالِاحْتِمَال ولين الْجَانِب ومقاساة ضنك العائلة وخفة الْمُؤْنَة. وَقد منحه الله الْقيام على عدَّة بَنَات حَتَّى زوجهن، وَأَنْشَأَ لنَفسِهِ بِكُل من الْقَاهِرَة ومصر دَارا بعد أَن جدد أُخْرَى وَهُوَ من قدماء معارف الْوَالِد وَلذَلِك استدعى لي فِي رحلته الشامية الْإِجَازَة من جمَاعَة من الْأَعْيَان كثر دعائي لَهُ بسببهم ثمَّ كثر اختصاصي مَعَه ومرافقته لي فِي الطّلب ومزيد اغتباطه بِي وإظهاره من التَّعْظِيم والإجلال مَا يفوق الْوَصْف لفظا وخطا خُصُوصا حِين يقصدني فِي أَشْيَاء من متعلقات هَذَا الشَّأْن يَزُول الأشكال عَنهُ فِيهَا حَتَّى كَانَ يحلف بالإنفراد وَعدم الْمُشَاركَة. وَرَأَيْت مِنْهُ مزِيد التألم بكائنة الكاملية وَصَارَ مَعَ ذَلِك يخْفض عني أمرهَا وَيَقُول لم أزل أسمع شَيخنَا يَقُول لَا أعلم الْآن وَظِيفَة فِي الحَدِيث مَعَ)
مستحقها ويردف ذَلِك بقوله الْعلم يبطئ وَلَا يُخطئ وَلَا بُد لَك من كَذَا وَكَذَا وَأحب أ، لَا تهملني. ورام غير مرّة كِتَابَة تَرْجَمَة شَيخنَا تصنيفي والمرور عَلَيْهَا معي فَمَا تيَسّر. هَذَا مَعَ كوني فِي عداد أَوْلَاده وَمِمَّنْ اسْتَفَادَ مِنْهُ فِي ابْتِدَاء طلبه، وَلم يزل يرغب عَن وظائفه شَيْئا فَشَيْئًا وَكَذَا عَن كثير من كتبه حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جُمَادَى الأولى سنة سِتّ
وَسبعين بعد توعكه مُدَّة طَوِيلَة وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر وَدفن بجوار قبر أمه بمقبرة بَاب الصَّحرَاء من بَاب النَّصْر بن النشاشيبي والعصافيري وَأثْنى النَّاس عَلَيْهِ رحمه الله وإيانا. وَقد وَصفه البقاعي بالشيخ الإِمَام الْمُحدث الرّحال ثمَّ رَمَاه لتقديم شَيخنَا لَهُ عَلَيْهِ فِي الاستملاء وَنَحْوه نسْأَل الله السَّلامَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن جَعْفَر الشَّمْس العجلوني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الصُّوفِي وَيعرف بالبلالي بِكَسْر الْمُوَحدَة ثمَّ لَام خَفِيفَة. ولد قبل الْخمسين وَسَبْعمائة واشتغل بِتِلْكَ الْبِلَاد قَلِيلا ولازم أَبَا بكر الْموصِلِي فَانْتَفع بِهِ وَبِغَيْرِهِ وتميز فِي التصوف ولازم النّظر فِي الْأَحْيَاء بِحَيْثُ كَاد يَأْتِي عَلَيْهِ حفظا وَصَارَت لَهُ بِهِ ملكة قَوِيَّة بِحَيْثُ اخْتَصَرَهُ اختصارا حسنا جدا وَكَانَ بِالنِّسْبَةِ لأصله كالحاوي مَعَ الرَّافِعِيّ وانتفع بِهِ النَّاس وَأَقْبلُوا على تَحْصِيله سِيمَا المغاربة وقريء عَلَيْهِ غير مرّة وَرُبمَا استكثر عَلَيْهِ وَكَذَا صنف السول فِي شَيْء من أَحَادِيث الرَّسُول وَاخْتصرَ الرَّوْضَة وَلَكِن لم يكملا وَاخْتصرَ الشفا وَعمل مُخْتَصرا بديعا فِي الْفُرُوع وقرض السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ ناهض. وَعرف بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح قَدِيما واشتهر بالتعظيم فِي الْآفَاق وَحسنت عقيدة النَّاس فِيهِ، واستقدمه سودون الشيخوني نَائِب السلطنة فِي خدود التسعين وولاه مشيخة سعيد السُّعَدَاء فدام بهَا نَحْو ثَلَاثِينَ سنة لم يزل عَنْهَا إِلَّا مرّة بخادمها خضر لقِيَام تمراز نَائِب الْغَيْبَة فِي الْأَيَّام الناصرية فرج وَلم يمض سوى عشرَة أَيَّام ثمَّ جِيءَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وعد ذَلِك من كرامات البلالي ثمَّ أُعِيد. وَكَانَ كثير التَّوَاضُع إِلَى الْغَايَة منطرح النَّفس جدا مَشْهُورا بذلك كثير الْبَذْل لما فِي يَده شَدِيد الْحيَاء كثير الْعِبَادَة والتلاوة وَالذكر سليم الْبَاطِن جدا بِحَيْثُ كَانَ كثير من النَّاس يتَكَلَّم فِيهِ بِسَبَب مَا لَهُ من المباشرات بالخانقات وترثر عَنهُ كرامات وخوارق. ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه بِمَا هَذَا حَاصله قَالَ وَكَانَ يودني كثيرا وَأَجَازَ فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد وَذكر أَنه ضَاعَ مِنْهُ مسموعاته. وَكَذَا ذكره فِي الأنباء بِاخْتِصَار وَأَنه اسْتَقر فِي مشيخة سعيد السُّعَدَاء مُدَّة متطاولة مَعَ التَّوَاضُع الْكَامِل والخلق)
الْحسن وإكرام الْوَارِد. وَاخْتصرَ الْأَحْيَاء فأجاد وطار اسْمه فِي الْآفَاق ورحل إِلَيْهِ بِسَبَبِهِ ثمن صنف تصانيف أُخْرَى وَكَانَت لَهُ مقامات وأوراد وَله محبون معتقدون ومبغضون منتقدون.
وَنَحْوه قَول المقريزي كَانَ مُعْتَقدًا وَله شهرة طارت فِي الْآفَاق وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد وَعَلِيهِ انتقاد. مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر شَوَّال سنة عشْرين وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة بعد شُهُود شَيخنَا الصَّلَاة عَلَيْهِ وَقد جَازَ السّبْعين. وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وَقَالَ كَانَ كثير الذّكر متواضعا إِلَى الْغَايَة بِحَيْثُ لما اجْتمعت بِهِ قبل يَدي مرَارًا وَقدم
إِلَى نَعْلي لما انصرفت عَنهُ وَهَذِه سيرته مَعَ كل أحد وَحَضَرت عِنْده وَظِيفَة الذّكر بعد الْعشَاء بالخانقاه وَكَانَ يرى رفع الصَّوْت بِهِ ويعلل ذَلِك، كثير الْحيَاء يديم التِّلَاوَة مَعَ سَلامَة الْبَاطِن وَله محبون يؤثرون عَنهُ كرامات وخوارق رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس الْحِجَازِي القاهري الْمُقْرِئ وَالِد الشهَاب أَحْمد الْمَاضِي. برع فِي القراآت وَتقدم فِي قراء الجوق لطراوة صَوته وَحسن نغمته بِحَيْثُ فاق فِي ذَلِك حَتَّى إِن الضياء العفيفي شيخ البيبرسية وناظرها وَكَانَ كثير التَّوَقُّف فِي إِمْضَاء النزولات إِلَّا للمتأهل لما جَاءَهُ ليمضي لَهُ قِرَاءَة الشباك بهَا امتحنه بِالْحِفْظِ أَولا ثمَّ بجودة الْأَدَاء وَسمع مَا أطربه بَادر للكتابة بل كَانَ غَيره من شيوخها إِذا كَانَت نوبَته بعطية دَرَاهِم لَهَا وَقع وَرُبمَا كَانَ بعض الصُّوفِيَّة يغيب عَن الْحس وَيضْرب على فَخذيهِ وَكَانَ لذَلِك للكمال الدَّمِيرِيّ وَنَحْوه من الْمَشَايِخ المعتبرين بِهِ اعتناء، وخطبه الْمجد إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ لإقراء أَوْلَاده وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ عد رِوَايَات وَلَده. وَقَالَ لي مَعَ مَا أَفَادَهُ مَا أوردته أَنه مَاتَ فِي لَيْلَة مستهل شعْبَان سنة تسع رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْمولى نور الدّين السَّمرقَنْدِي البدخشاني بموحدة ثمَّ مُهْملَة مفتوحتين ثمَّ معجمتين الأولى سَاكِنة وَآخره نون الْحَنَفِيّ الشريف سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن بن يُوسُف الْعَلَاء أَبُو عبد الله بن الْبَدْر أبي الْحسن البنهاوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد تقريا قبيل الْقرن وجاور وَهُوَ صَغِير مَعَ وَالِده وَكَانَ تَاجِرًا بِمَكَّة فَسمع بهَا على ابْن صديق البُخَارِيّ وَغَيره. وَحدث سمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء سَمِعت عَلَيْهِ وَكَانَ سَاكِنا ربعَة أسود اللِّحْيَة يتكسب بِالشَّهَادَةِ وبالسفر أَحْيَانًا لدمياط بنزر يسير، وَرُبمَا نَاب فِي)
الْحِسْبَة ببولاق والقاهرة وأهين مرّة بِمَا ظهر بعد بَرَاءَته مِنْهُ. مَاتَ فِي شَوَّال سنة أَربع وَسِتِّينَ رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن أَبُو الْخَيْر الغمري الشبراملسي. مِمَّن سمع على قريب التسعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن حسن الشَّمْس القاهري الْحَنَفِيّ صهر الْبَدْر الْعَيْنِيّ وَيعرف بالأزهري وبابن السقاء. قَرَأَ على الْبِسَاطِيّ فِي الْأُصُول وَغَيره وعَلى صهره شَرحه للشواهد وَغَيره وَحصل شَرحه للْبُخَارِيّ وباشر عِنْده فِي الأحباس وَغَيرهَا، رَأَيْته سَاكِنا.
مَاتَ تَقْرِيبًا سنة سبع وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن شرشيق الشَّمْس بن النُّور بن الْعِزّ بن الشَّمْس الأكحل الحسني القادري وَالِد الشّرف مُوسَى الْآتِي. مَاتَ فِي رَابِع صفر
سنة أَرْبَعِينَ بالطاعون وَدفن بزاوية عدي بن مُسَافر بِالْقربِ من بَاب القرافة رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن شكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن أَحْمد بن سُلَيْمَان الحسني الْبَصْرِيّ الشهير بِابْن شكر. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَرْبَعِينَ أَيْضا أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ أحد التُّجَّار بهَا وَيعرف بِابْن جوشن.
مَاتَ فِي سنة سِتّ مقتولا بوادي الهدة الْمَعْرُوف بهدة بني جَابر وَخلف عقارا طائلا. ذكره الفاسي فِي مَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلد بن أَحْمد الشَّمْس الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الشَّاعِر. ولد فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالمحلة ظنا وجود الْخط وتعاني النّظم فَأحْسن وَكَانَ ذكيا مِمَّن خالط الحلقية والحكوية ففاق عَلَيْهِم ثمَّ صحب الولوي بن تَقِيّ الدّين البُلْقِينِيّ وانسلخ من ذَاك الطّور وَصَارَ يكْتب لَهُ وارتفق ببره لشدَّة فقره وَرُبمَا انْتفع هُوَ بِهِ فِي شَيْء من متعلقات الْأَدَب، وَلما ولي الشَّام كَانَ مِمَّن استصحبه مَعَه فَتوفي هُنَاكَ غَرِيبا بعد أَرْبَعَة أشهر فِي محرم سنة خمس وَسِتِّينَ عَفا الله عَنهُ وَمِمَّنْ اسْتَعَانَ بِهِ فِي أَشْيَاء كَانَ ينسبها لنَفسِهِ سبط شَيخنَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلد بن عَليّ بن مُوسَى بن عَليّ الْبَدْر القنبشي الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة)
وَالشَّاهِد بِبَاب السَّلَام. مَاتَ بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين بعد أَن خرف. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن البيطار. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع الصَّحِيح ومشيخة أبي الْفرج بن الْقَارِي كِلَاهُمَا عَلَيْهِ وشيئا من النَّسَائِيّ على الشّرف عبد الرَّحْمَن بن عَسْكَر وَكَذَا سمع على أَصْحَاب ابْن الصَّواف مسموعه مِنْهُ بل سمع الْكثير مَعَ أَوْلَاده رَفِيقًا لشَيْخِنَا وَذكره فِي مُعْجَمه. وَقَالَ: أجَاز فِي استدعاء ابْني وَكَانَ حسن السمت كثير التِّلَاوَة انْتهى. وَقد سمع على شَيخنَا فِي تَعْلِيق التَّعْلِيق لَهُ وَحدث بأَشْيَاء روى لنا عَنهُ التقي الشمني وَآخَرُونَ. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده: وَكَانَ كثيرا التِّلَاوَة خيرا محبا فِي أهل الْخَيْر صحبته من القَاضِي الْبَدْر بن أبي الْبَقَاء نين فَإِنَّهُ كَانَ من أَتْبَاعه. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة خمس وَعشْرين. مُحَمَّد بن عَليّ بن خلف أَبُو الْبَقَاء الترسي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي، وترسة بِكَسْر أَولهَا ثمَّ رَاء سَاكِنة بعْدهَا مُهْملَة من الجيزية وَيعرف بكنيته. ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والبهجة والحاجبية واشتغل
كثيرا ونظم قَوَاعِد ابْن هِشَام ألفية وأيساغوجي وألفية فِي الْعرُوض وَكَانَ أَخذه لَهُ عَن نور الدّين الْجَوْجَرِيّ وللعربية وَغَيرهَا عَن التقي الحصني والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَالْفِقْه عَن الْمَنَاوِيّ وَغَيره وَمن شُيُوخه أَيْضا الْمحلى، وَحكى عَن شَيْخه الحصني أَنه التمس مِنْهُ الْجَواب عَن لغز قَالَ إِنَّه لَهُ فِي نعناع وَهُوَ:
(وَذي عينين مَا اكتحلا بكحل
…
يؤمهما شَبيه الحاجبين)
(إِذا ناديته وافى طريحا
…
لما عاناه من قطع الْيَدَيْنِ)
(أَبَاحَ الْمُسلمُونَ الْقطع فِيهِ
…
كسراق النضار أَو اللجين)
فَقَالَ:
(أَلا يَا ذَا الحجا من قد تَعَالَى
…
على الأقران فَوق الفرقدين)
(بِعلم زَائِد كالبحر يَنْمُو
…
بِلَا نقص وَلم يُوصف بمين)
(فَخذ مني جَوَاب اللغز إِنِّي
…
قدحت الْفِكر فِيهِ قدحتين)
(فأورى زند فكري لي جَوَابا
…
أحب إِلَيّ مِمَّا فِي الْيَدَيْنِ)
(فبع خمساه يَا سؤلي وصحف
…
بماضي البيع شبه الحاجبين)
)
وَقد تكَرر اجتماعه بِي وَزعم أَنه شرح الْحَاوِي وأنشدني زجلا قَالَه فِي جَانِبك الجداوي لَا بَأْس بِهِ. وَهُوَ مِمَّن يتكسب فِي سوق النِّسَاء تَحت الرّبع بجوار إِسْمَاعِيل بن الْمُعَلَّى، وَحج وَلَقي ابْنا للشَّيْخ إِسْمَاعِيل بن الْمُقْرِئ وَقَالَ أَيْضا إِنَّه أَخذ الْفَرَائِض عَن البوتيجي والعمدة وَالْأَرْبَعِينَ وَغَيرهمَا عَن الشريف النسابة وَقَرَأَ على الديمي فِي آخَرين وَأثْنى على شخص أَخذ عَنهُ فِي التصوف يُقَال لَهُ علم الدّين الحصني وَلما قدم حبيب الله اليزدي أَكثر من ملازمته مغتبطا بِهِ فِي الفلسفة وَغَيرهَا وكلماته أَكثر من فَضله. مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْبَدْر بن النُّور الحكري القاهري الْحَنْبَلِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ نَشأ نشأة حَسَنَة واشتغل كثيرا وَبحث الْمقنع وَالْمُسْتَوْعب على القَاضِي اعلحنبلي وتميز وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا، وناب فِي الحكم مُدَّة وَكَانَ جميل الصُّورَة حسن المعاشرة متواضعا. مَاتَ فِي أول ربيع الأول سنة سبع وَثَلَاثِينَ عَن ثَلَاث وَخمسين سنة طلعت لَهُ جَمْرَة فِي قَفاهُ فَمَاتَ بهَا. قلت وَقد سمع الحَدِيث وَرَأَيْت بِخَطِّهِ بعض الْأَثْبَات للعز الْكِنَانِي وَغَيره وَكَذَا رَأَيْت بِخَطِّهِ أصُول ابْن مُفْلِح فرعها فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَكَانَ يجلس بِمَجْلِس الحلوانيين. مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل الشَّمْس القاهري الْمُقْرِئ نزيل مَكَّة والماضي ابْنه عَليّ وحفيده عمر ثمَّ ابْنه عَليّ وَيعرف بِابْن الشيرجي. ذكره الفاسي فِي مَكَّة
وَقَالَ إِنَّه فَاضل عني بالقراآت السَّبع وَكَانَ لَهُ بهَا خبْرَة وعَلى ذهنه حكايات وأخبار حَسَنَة مَعَ حسن صَوت بِالْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ كاني صلي التَّرَاوِيح بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فيكثر الْجمع لسماعه، ودام على ذَلِك سِنِين ثمَّ انْقَطع قبيل مَوته لضَعْفه وَكَانَ فِي الْقَاهِرَة من ملازمي الْقِرَاءَة بمشهد اللَّيْث كل جُمُعَة، وَتردد لمَكَّة كثيرا آخرهَا سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فِي رِسَالَة لصَاحب مَكَّة ثمَّ قطنها وَسكن بدار أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة بزقاق الْحجر فِي آخر سنة خمس وَثَمَانمِائَة بعد موت عمر النجار الْمُؤَذّن حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ يجْتَمع إِلَيْهِ بهَا فِي لَيْلَة كل سبت جمَاعَة يقرؤن ويذكرون ويمدحون بل كَانَ مديما للتلاوة بِحَيْثُ بَلغنِي أَنه كَانَ يقْرَأ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ختمة وَفِي مرض مَوته ثلث ختمة رحمه الله. واتصل فِي مَكَّة بابنة الْجمال الأميوطي ورزق مِنْهَا أَوْلَادًا. مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشري ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن فِي صبيحتها بالمعلاة.) ::: مُحَمَّد بن عَليّ بن خَلِيل الشَّمْس الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن غَانِم قريب نَاصِر الدّين بن غَانِم. قدم الْقَاهِرَة فاشتغل وَسمع مني المسلسل بالأولية. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي رَاجِح مُحَمَّد بن إِدْرِيس الْجمال بن النُّور الْعَبدَرِي الشيبي الحَجبي الْمَكِّيّ شيخ الحجبة وفاتح الْكَعْبَة وَأَظنهُ يكنى ابا رَاجِح، وَليهَا بعد موت قَرِيبه الْفَخر أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر فِي سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة فدام حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ قد جود الْكِتَابَة وَسكن زبيد مُدَّة سِنِين مَعَ تردده مِنْهَا إِلَى مَكَّة ثمَّ اسْتَقر بِمَكَّة حِين اسْتَقر فِي المشيخة حَتَّى مَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَعشْرين وَصلي عَلَيْهِ فِي الساباط الَّذِي خلف الْمقَام ونادى الْمُؤَذّن بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَوق زَمْزَم، وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السِّتين ظنا وَكَانَ فِيهِ خير وَسُكُون رحمه الله. وَاسْتقر بعده قَرِيبه عَليّ بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالعراقي كَذَا قَالَه التقي الفاسي وَقَالَ غَيره إِن المستقر بعده الْجمال مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر وَبعده اسْتَقر الْعِرَاقِيّ الْمَذْكُور. مُحَمَّد بن عَليّ بن رَاشد الحفصي الوصابي الْيَمَانِيّ. سمع على شَيخنَا المجالسة وَغَيرهَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن رحال الشَّافِعِي مِمَّن عرض عَلَيْهِ خير الدّين بن القصبي بعيد الْخمسين. مُحَمَّد بن عَليّ بن زَكَرِيَّا الشَّمْس السُّهيْلي الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَبوهُ. نَشأ فاشتغل وَحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ فِي الجوق وجود الْكِتَابَة على عَليّ بن مُحَمَّد مشيمش وَالْجمال الهيتي وتميز فِي النّسخ وَغَيره وَكتب كثيرا وَكَذَا فِي التذهيب وَغسل اللازورد وَمِمَّا كتبه للدوادار يشبك تَفْسِير الْفَخر الرَّازِيّ فِي مُجَلد أتلف فِيهِ شَيْئا كثيرا. وَرغب عَن بعض وظائفه وَبَاعَ جَمِيع أملاكه وَمَا تخلف لَهُ عَن
أَبِيه وَهُوَ شَيْء كثير فِيمَا لَا طائل تَحْتَهُ كَمَا هِيَ سنة الله غَالِبا فِي المَال الْمَوْرُوث من زائدي الْحِرْص مَعَ مزِيد سماح هَذَا بِهِ ثمَّ قَرَّرَهُ الاستادار فِي تربة الدوادار يشبك وَأقَام بهَا متقنعا بمعلومها وَكَانَ باسمه بقلعة الْجَبَل طبقَة من طباق القاعة فَكَانَ بهَا من المماليك يودعون عِنْده مَا يتَحَصَّل لَهُم بِحَيْثُ اجْتمع عِنْده نَحْو أَلِي دِينَار أنفد غالبها، وَآل أمره إِلَى أَن اختفى وَأمْسك وَلَده مُحَمَّد فأودع السجْن مُدَّة طَوِيلَة وَانْقطع خبر أَبِيه.)
وَهُوَ حَيّ قريب التسعين.)
ولد بعد الْقرن بسنين فِي قلعة الْجَبَل وَنَشَأ بهَا تَحت كنف أَبِيه إِلَى أَن رسم الْأَشْرَف برسباي فِي حُدُود سنة خمس وَعشْرين لبني الأسياد بالنزول مِنْهَا فسكن هُوَ وَأَخُوهُ أَبُو بكر مَعَ والدهما بمدرسة جدهم الحسنية وضاق حَالهم
لمزيد كلفتهم بِالنِّسْبَةِ لسكنى القلعة فَاحْتَاجَ)
صَاحب التَّرْجَمَة لتعاطي الْغناء والطرب لكَونه كَانَ يدْرِي طرفا من الموسيقى مَعَ طراوة صَوته فَمشى حَاله بذلك قَلِيلا، وَصَحب خشقدم الرُّومِي الزِّمَام ولازمه بِحَيْثُ حج مَعَه مَعَ تجرع الْفَاقَة سِيمَا بعد مَوته فَلَمَّا تسلطن الظَّاهِر جقمق كَانَ مِمَّن يدْخل عَلَيْهِ ويلازمه فِي رمي النشاب لمشاركته فِيهِ وَغَيره فحظي عِنْده وَصَارَ من خواصه وندمائه بِحَيْثُ عد فِي الْأَعْيَان وَتكلم فِي الدولة وَقصد فِي الْحَوَائِج فانتعش وَكثر حشمه وخدمه وابتنى بَيْتا بِقرب قنطرة بَاب الْخرق وَآخر بموردة الجبس على الخليج تجاه جَزِيرَة أروى وَحج فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَعَاد وَقد نقص عَمَّا كَانَ فِيهِ فَلم يلبث أَن مرض وَلزِمَ الْفراش أشهرا ثمَّ مَاتَ فِي سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ وَنزل السُّلْطَان فَصلي عَلَيْهِ. وَكَانَ كثير الْأَدَب بشوشا عَاقِلا مُحْتملا حسن الْأَخْلَاق مَعَ إلمامه بالموسيقى وَالرَّمْي.
وَهُوَ فِي آخر عمره أحسن حَالا مِنْهُ قبله مَعَ حرصه على الدُّنْيَا ورغبته فِي جمعهَا من أَي وَجه ومزيد إِمْسَاكه عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن شعْبَان الْبَدْر القاهري الزيات أَبوهُ المجاور لجامع أصلم وأخو عبد الْقَادِر بن شعْبَان الْمَاضِي ووالد أبي البركات مُحَمَّد. كَانَ إسكافا مِمَّن قَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ ترك حرفته وَهُوَ مِمَّن جاور مَعَ أَخِيه فِي سنة إِحْدَى وَخمسين فَسمع مَعَه على أبي الْفَتْح المراغي. مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن شُعَيْب بن يُوسُف العثماني الأسنائي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. رَأَيْت لَهُ متْنا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الاصطفاء معرضًا فِيهِ عَن حِكَايَة الْخلاف بل مُقْتَصرا على مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وابتدأه بِشَيْء من أصُول الدّين وَشَرحه فِي مُجَلد سَمَّاهُ الِاكْتِفَاء فِي تَوْجِيه الاصطفاء وَقَالَ إِنَّه فرغ مِنْهُ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ينْقل فِيهِ عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ بقوله: قَالَ شَيخنَا. وَهَذَا الشَّرْح بِخَطِّهِ عِنْد الشَّمْس الزبيرِي كَاتب غيبَة البرقوقية ولقلاقة خطه شرع فِي تبييضه. مُحَمَّد بن عَليّ بن صلح بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد نَاصِر الدّين بن الْعَلَاء بن الصّلاح الْحلَبِي ابْن عَم عمر بن أَحْمد وَمُحَمّد بن مُحَمَّد ابْني صَالح وَيعرف كسلفه بِابْن السفاح. مُحَمَّد بن عَليّ بن صلح بن إِسْمَاعِيل الْكِنَانِي الْمدنِي ابْن عَم القَاضِي نَاصِر الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن صلح وخادم ضريح حَمْزَة عَم النَّبِي صلى الله عليه وسلم. أجَاز للتقي)
بن فَهد وبيض لترجمته. مُحَمَّد بن عَليّ بن صبيح الْمدنِي أحد فراشيها وأخو أَحْمد الْمَاضِي مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح الشَّمْس السكندري الحريري. كَانَ سَاكِنا خيرا
ظريفا فهما مديما للْجَمَاعَة بِجَامِع الغمري ولمجلس الْإِمْلَاء مَعَ تجرع فاقة وتقنع. مَاتَ بعيد الثَّمَانِينَ وَأَظنهُ جَازَ السّبْعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن الْحسن إِمَام الزيدية. مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ. وَينظر فِيمَن ذكر بل سَيَأْتِي مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن طنطاش الفلكي. مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَادل نَاصِر الدّين الوفائي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِأبي الْفَوْز ابْن البريدي.
قَرَأَ عَليّ بِمَجْلِس يشبك الْفَقِيه فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة للدمياطي وَكَانَ فهما لَا بَأْس بِهِ فِيمَا أرى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَبَّاس بن صافي بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن النُّور بن الزين بن الصفي بن الْمجد الهيثمي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن عَبَّاس. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة أَو قبلهَا بمحلة أبي الْهَيْثَم وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على أَبِيه وَصلى بِهِ والعمدة وأربعي النَّوَوِيّ والتبريزي والرحبية فِي الْفَرَائِض والملحة وعرضها على القاضيين الْعِمَاد الباريني والعز عبد الْعَزِيز بن سليم وَغَيرهمَا فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَبحث على وَالِده فِي التريزي والرحبية والملحة. وَكَانَ أَبوهُ شَاعِرًا بارعا فولع هُوَ بالنظم ومدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَعَ ونه شَيخا منورا يعرف من النَّحْو مَا يصلح بِهِ لِسَانه. وَقد لقِيه ابْن فَهد والبقاعي فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وكتبا عَنهُ قصيدة طَوِيلَة أَولهَا:
(رق النسيم وهب فِي الأسحار
…
وهمى الْغَمَام بوابل الأمطار)
(واهتزت الأغصان تيها بالصبا
…
وتراقصت طَربا على الْأَشْجَار)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْحق الصّلاح الْأنْصَارِيّ التبريزي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الخازن بالبيمارستان وَيعرف بِابْن الملا عَليّ. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بعد توعك يَوْمَيْنِ وَدفن عِنْد نصر الله العجمي وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين وَكَانَ قد)
اشْتغل وَحج مرَارًا مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَخمسين ولقيته هُنَاكَ وَسمع معي على ابْن الْهمام بل سمع البُخَارِيّ بِتَمَامِهِ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَقبل ذَلِك على شَيخنَا والمحب الْبَغْدَادِيّ والطبقة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن حسن بن عَليّ الشَّمْس بن الْعَلَاء الْغَزِّي بن المشرقي الْمَاضِي أَبوهُ. حضر إِلَيّ فِي رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الغفور بن عبد الْكَرِيم الْحلَبِي الطَّوِيل وَيعرف بِابْن آمين الدولة. ولد فِي صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَأَجَازَ
لَهُ فِي سنة ثَمَانِينَ فَمَا بعْدهَا الصّلاح بن أبي عمر وَعبد الْوَهَّاب الْقَرَوِي والتقى الْبَغْدَادِيّ والمحب الصَّامِت والباجي وَأَبُو الهول الْجَزرِي وَأَبُو الْيمن بن الكويك والحراوي فِي آخَرين. وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء أجَاز لَهُ فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير، وَكَانَ معالجا مصارعا جيد الرَّمْي بِالسِّهَامِ من بَيت مَعْرُوف بحلب ذكر جده ابْن خطيب الناصرية فِي تاريخها ولقبه بالشيخ فَخر الدّين وَأَنه حدث عَن سنقر. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن غَازِي البعلي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الْجوف بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ وَاو سَاكِنة وَآخره فَاء. ولد فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من عبد الرَّحْمَن بن الزعبوب الصَّحِيح بل كَانَ يذكر أَنه سَمعه ايضا على الشَّمْس بن اليونانية والعمادين ابْن بردس وَابْن يَعْقُوب والأمين بن الْمُحب. وَحدث أَخذ عَنهُ النَّجْم بن فَهد وَغَيره. وَمَات قبل دخولي بعلبك. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن هَاشم الشَّمْس أَبُو عبد الله التفهني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو قَاضِي الْحَنَفِيَّة الزين عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي. مِمَّن أَخذ عَنهُ التقي بن وَكيل السُّلْطَان وَقَالَ أَنه مَاتَ سنة سبع وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشَّمْس الدمنهوري ثمَّ الفوى الفخاري نِسْبَة لبيع الفخار الشَّافِعِي. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بدمنهور وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الْفَقِيه الزين أبي بكر بن خضير واشتغل فِي الْفِقْه على ابْن الْخلال والشهاب المتيجي ووالده وَجَمَاعَة وَكتب عَن السراج الأسواني الشَّاعِر شَيْئا من نظمه وَجلسَ بِبَلَدِهِ لتعليم الْأَطْفَال فَانْتَفع بِهِ وتعانى النّظم فَكَانَ مِنْهُ مِمَّا كتبته عَنهُ حِين لَقيته بفوة قَوْله:)
(إِذا مَا قضى الله فَكُن صَابِرًا
…
وَمَا قدر الله لَا تنأ عَنهُ)
(وَكن حامدا شاكرا ذَاكِرًا
…
فربي هُوَ الْكل وَالْكل مِنْهُ)
وَنعم الرجل صلاحا وَخيرا وأنسا. مَاتَ قريب السِّتين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ أبي عمر الْعَلَاء بن الْبَهَاء بن الْعِزّ بن التقي الْعمريّ الْمَقْدِسِي الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ. ولد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وأحضر فِي الثَّالِثَة على سِتّ الْعَرَب حفيدة الْفَخر جلسا من أمالي نظام الْملك وَغَيره وعني بِالْعلمِ وَحفظ الْمقنع وَأخذ عَن ابْن رَجَب وَابْن الْمُحب وَمهر فِي الْفِقْه والْحَدِيث ودرس بدار الحَدِيث الأشرفية بِالْجَبَلِ وناب فِي الْقَضَاء عَن صهره الشَّمْس النابلسي ثمَّ اسْتَقل بِهِ ثمَّ عزل بِابْن
عبَادَة ثمَّ أُعِيد بعد مَوته فَلم تطل مدَّته بل مَاتَ عَن قرب فِي ذِي الْقعدَة سنة عشْرين بالصالحية وَدفن بالسفح. وَكَانَ ذكيا فصيحا يذاكر بأَشْيَاء حَسَنَة وينظم الشّعْر. وَلما وقف على عنوان الشّرف لِابْنِ الْمقري أعجبه فسلك على طَرِيقَته نظما حسب فتراح صَاحبه مجد الدّين عَلَيْهِ فَعمل قِطْعَة أَولهَا:
(أَشَارَ الْمجد مكتمل الْمعَانِي
…
بِأَن أحذو على حَذْو الْيَمَانِيّ)
بل هُوَ صَاحب الْمَنْظُومَة الَّتِي فِي مُفْرَدَات أَحْمد عَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة. وَقد أَكثر الْمُجَاورَة بِمَكَّة وَصَارَ فِي آخر عمره عين الْحَنَابِلَة وثنى عَنهُ الْمُوفق الأبي سمع عَلَيْهِ مَعَ ابْن مُوسَى وَأَجَازَ جمَاعَة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن معالي بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الْعَلَاء المعري ثمَّ الْحلَبِي. ولد فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَسمع من الشهَاب بن المرحل. وحدثسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ عَاقِلا مَشْهُور الْعَدَالَة متكسبا بِالشَّهَادَةِ متقنا لصناعتها أحد شُهُود قلعة حلب والجرائد فِيهَا مباشرا بِجَامِع منكلي بغا. مَاتَ قريب الْخمسين تَقْرِيبًا. وَفِي تَارِيخ حلب مِمَّن أجَاز للبرهان الْحلَبِي عبد الرَّحْمَن بن معالي ابْن أَسد بن أبي الْقسم الأرموي المعري الْمُؤَذّن وَأَظنهُ جد هَذَا وَيحْتَمل أَن يكون غَيره. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس أَبُو الْغَيْث بن الْمقري النُّور بن الزين الخليلي ثمَّ الصَّفَدِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالمغربي. تَلا بالسبع على ابْن عمرَان والنجار وَبَعضهَا على جَعْفَر فِي سنة إِحْدَى وَسبعين.)
ذكره البقاعي مُجَردا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الصَّمد بن يُوسُف بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو الْمَعَالِي بن الْعَلَاء أبي الْحسن بن الزين أبي الْجُود التيزيني الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد فِي رَجَب أَو شعْبَان سنة سبع وَثَمَانمِائَة فِي مَدِينَة تيزين من أَعمال حلب وانتقل بِهِ أَبوهُ إِلَى حلب فحفظ الْقُرْآن والمنهاج والرحبية فِي الْفَرَائِض والملحة واللمع لِابْنِ جني وَبحث بعض الْمِنْهَاج والملحة على عبيد وجود عَلَيْهِ الْقُرْآن وَكَذَا بحث بعض الْمِنْهَاج على الشَّمْس النَّوَوِيّ وَأخذ عَنهُ صناعَة الشُّرُوط وَكَانَ مُتَقَدما فِيهَا وَبحث الرحبية وعروض الْحلِيّ وَبَعض اللمع واللمحة على الْبَدْر بن سَلامَة. ثمَّ ارتحل إِلَى حماة بعد سنة ثَلَاثِينَ وَبحث على الزين بن الخرزي بعض الْمِنْهَاج وَجَمِيع اللمع على الْعَلَاء بن بيور فِي الْفِقْه والنحو ثمَّ إِلَى دمشق فبحث على مُحَمَّد الزرعي عرف بالنووي وَبعد الرَّحْمَن اليمني فِي الْفِقْه والنحو وَبحث بسرمين على الْعَلَاء بن كَامِل الرفكاحية فِي الْفَرَائِض وبديعة الْعِزّ الْموصِلِي وَابْن حجَّة. وَحج فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَولي قَضَاء تيزين وَغَيرهَا من أَعمال حلب وحصلت لَهُ كائنة مَعَ ابْن الشّحْنَة فِي سنة خمسين قَالَ البقاعي أَنه نكبه فِيهَا وَأدْخل عَلَيْهِ الْخمر إِلَى بَيته من جِهَة ربيبه وزين لحاجب حلب حَتَّى أوقع بِهِ وسجنه ثمَّ قدم الْقَاهِرَة ليشكوهما فَكسرت رجله فِي الْعَريش بِحَيْثُ كَانَ دُخُوله لَهَا على أَسْوَأ حَال فَلَمَّا عوفي سعى فِي ذَلِك فَلم ينجع وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ خوفًا)
من الْحَاجِب فَمَا لبث أَن مَاتَ فِي آخرهَا وَكَفاهُ الله أمره. وناب فِيهَا فِي الْقَضَاء وتنقل بالمجالس وتناوب مَعَ الْبَدْر الدَّمِيرِيّ فِي مجْلِس بَاب اللوق فَقيل للبدر كَأَنَّك غفلت عَن ذكر الله يَوْم سلط هَذَا على مشاركيك لقَوْله تَعَالَى: وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين وَكَانَ ناظما مشاركا فِي طرف من الْعَرَبيَّة حَافِظًا لكثير من القصائد المطولة والأشعار اللطيفة مُؤديا لذَلِك بفصاحة وَصَوت جَهورِي مِمَّن يُدَارِي وَيَتَّقِي وَأكْثر من التَّرَدُّد لجَماعَة من أَعْيَان الْوَقْت كالمستجدي مِنْهُم وَكَانَ من عَادَته أَنه إِذا أَرَادَ خصام أحد قَالَ سأنطحه نطحة أهلكه بهَا كَمَا نطحت فلَانا وَفُلَانًا. وَكنت مِمَّن سمع مِنْهُ الْكثير. وَمَات فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسبعين. وَقد كتب عَنهُ البقاعي من نظمه وَقَالَ مِمَّا يعد فِي مجازفاته أَنه رجل حسن فصيح مفوه غير أَنه مكثار مُمل مشكور السِّيرَة فِي تحمله الشَّهَادَة عفيف متعفف مترفع عَن الدنايا وَمن نظمه:
(الصَّبْر أَحْمد إِذْ لَا ينفع الْجزع
…
يَا نفس صبرا لَعَلَّ الضّيق يَتَّسِع)
(إِن حل بِالْمَرْءِ بؤس لَيْسَ يَدْفَعهُ
…
شكوى وَلَا قلق باد وَلَا هلع)
(والدهر من شَأْنه تَغْيِير حَالَته
…
وَبَعض حادثه بِالْبَعْضِ ينْدَفع)
(إِنِّي بِمصْر غَرِيب لست مُسْتَندا
…
إِلَّا إِلَى من بِهِ الْإِسْلَام مُرْتَفع)
(قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد من
…
فِيهِ المحامد والأفضال تَجْتَمِع)
فِي أَبْيَات. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن عَليّ بن عبد الْكَافِي الْجمال الدقوقي الْمَكِّيّ أَخُو عبد الْعَزِيز الْمَاضِي. ولد بِمَكَّة تَقْرِيبًا سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَمَات أَبوهُ وَهُوَ ابْن نَحْو عشر سِنِين فَنَشَأَ فِي حجر أمه فَقِيرا فَلَمَّا ترعرع أقبل على التَّسَبُّب إِلَى عدن من الْيمن وَغَيرهَا وَحصل بعض دنيا وَمَات أَخُوهُ بِالْقَاهِرَةِ بعد أَن أسْند وَصيته إِلَيْهِ فانتقل وَصَحب الخواجا الْبَدْر الطَّاهِر واختص بِهِ وَدخل مَعَه الْقَاهِرَة فاشتهر وَعرف بَين المصريين وَغَيرهم وأثرى وَكثر مَاله وَحصل عقارا بِمَكَّة وَبنى عدَّة دور وَكَانَ من خِيَار أَبنَاء جنسه القاطنين بِمَكَّة مقربا لأهل الْخَيْر بِحَيْثُ كَانَ الْمُوفق الأبي من خواصه، وَله سَماع فِي المسلسل وَغَيره على الزين المراغي، وَعمر مولد جَعْفَر الصَّادِق المجانب لدوره بدار أبي سعيد وأماكن من عين حنين فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين، لَقيته بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الأولى. وَمَات)
بهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشري ربيع الأول سنة سِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة ثمَّ دفن بالمعلاة رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْغَنِيّ الْبَدْر السعودي القاهري المقسي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كهوبا بن الْوَقَّاد حِرْفَة جده. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَكَانَ يصحح على الْمُحب بن الشّحْنَة وَسمع مني ثمَّ خالط ذَوي السَّفه وَأمْسك غير مرّة. وَمَاتَتْ لَهُ زَوْجَة فَورثَهَا، وقربه ابْن المغربي الْغَزِّي قَاضِي الْحَنَفِيَّة واستنابه بل عمل نقيبه. وَأَنْشَأَ دَارا وَكَانَ من الْفساد بهما مَا لَا يُوصف مَعَ كَرَاهَة كل مِنْهُمَا فِي الآخر كَمَا هِيَ سنة الله فِيمَن هَذَا سَبيله وَكَاد أَن يهلكه ثمَّ صَار عِنْد الَّذِي يَلِيهِ بِمحل دون ذَلِك فَمَا وَسعه إِلَّا الْحَج وجاور سنة وَرُبمَا قَرَأَ فِيهَا فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا مَعَ بعده عَن هَذَا المهيع ثمَّ عَاد، وَهُوَ من سيئات الْوَقْت مَعَ جَهله وَلكنه إِلَى الوكلاء أقرب. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَافِي بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن صَغِير الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْعَلَاء أبي الْحسن القاهري الْحَنْبَلِيّ الطَّبِيب وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن صَغِير. مِمَّن تميز فِي الطِّبّ وعالج وتدرب بِهِ جمَاعَة بل لَهُ فِي
الطِّبّ كتاب يُسمى الزّبد عرضه ابْنه فِي جملَة محافيظه على ابْن جمَاعَة وَغَيره فِي سنة سِتّ عشرَة وَكَانَ أحد الْأَطِبَّاء بالبيمارستان وبخدمة السُّلْطَان. وَمَات فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ عَن أَربع وَثَمَانِينَ فِيمَا قَالَه لي وَلَده الآخر الْعَلَاء عَليّ وَقد وَصفه الْعِزّ بن جمَاعَة فِي إجَازَة وَلَده بالشيخ الْقدْوَة الْعُمْدَة الْكَامِل الْفَاضِل السَّالِم المتقن المتفنن، وَأَبُو الْفَتْح الباهي بالشيخ الإِمَام الرئيس الْبَالِغ من الكمالات النفسانية مبلغا لَا يحد والحائز من الْفَضَائِل أنواعا لَا تعد. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الكيم بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة أَبُو عبد الله الْقرشِي الْمَكِّيّ وَأمه عَائِشَة ابْنة عبد الرَّحْمَن بن حسن بن هَارُون الْقرشِي المَخْزُومِي أجَاز لَهُ فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة فَمَا بعْدهَا التنوخي. وَأَبُو بكر بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي وَابْن منيع وَمَرْيَم ابْنة أَحْمد الْأَذْرَعِيّ وَغَيرهم. وَمَات كهلا. مُحَمَّد التقي شَقِيق الَّذِي قبله. أجَاز لَهُ فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة ابْن صديق والعراقي والهيثمي وَعَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والزين المراغي والفرسيسي وَغَيرهم. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي سنّ الكهولة أَيْضا.)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم الفوى. فِي ابْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْكَرِيم الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة وَشَيخ الفراشين بهَا وَيعرف باليمني وبالكتبي. كَانَ من سكان الْقَاهِرَة وصوفية بيبرسيتها ثمَّ ولي فراشة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَكَانَ يتَرَدَّد لمَكَّة من أجلهَا وَيُقِيم بهَا أوقاتا ثمَّ بِأخرَة كثرت إِقَامَته بهَا وَصَارَ يتَرَدَّد إِلَى الْقَاهِرَة قَلِيلا، وتمشيخ بِأخرَة على الفراشين وَدخل الْيمن للتِّجَارَة وَاشْترى بِمَكَّة دَارا ثمَّ وَقفهَا على نَفسه وَأَوْلَاده. مَاتَ بهَا فِي تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَعشْرين وَدفن بالمعلاة وَقد قَارب السّبْعين أَو بلغَهَا. ذكره
الفاسي وَلم يسم جده وَقَالَ بَلغنِي عَنهُ أَنه سمع بِالْقَاهِرَةِ على أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ بعض الصَّحِيح فَالله أعلم. وَذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وسمى جده وَأورد عَنهُ حَدِيثا وَكَانَ استقراره فِي المشيخة فِيمَا قيل بعد أَحْمد الدوري خَال مُحَمَّد البيسق وَلذَا لما مَاتَ هَذَا وتلقاها عَنهُ عَليّ بن أمد بن فرج الطَّبَرِيّ ثمَّ مَاتَ تلقاها عَنهُ ال. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ ثمَّ الخانكي الشَّافِعِي وَالِد عَليّ الْمَاضِي وَيعرف بالجوجري. ولد سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بجوجر ثمَّ تحول مَعَ أَبِيه وَكَانَ فَقِيرا إِلَى خانقاه سرياقوس فَنزل وتسبب الْأَب بالعلاقة وَغَيرهَا وَحفظ هُوَ الْقُرْآن وجانبا من التَّنْبِيه بِوَاسِطَة انتمائه لشريفين أعجميين أَخَوَيْنِ كَانَا نازلين بهَا اسمهما عَليّ وَمُحَمّد فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِمَا فِي الْفِقْه وَغَيره وتدرب بهما فِي الطّلب وَمَعْرِفَة اللِّسَان العجمي ولازم خدمتهما حَتَّى انفصلا عَنْهَا إِلَى الْحَرَمَيْنِ ثمَّ اخْتصَّ بعلي الْخُرَاسَانِي حِين اسْتَقر بِهِ سودون من عبد الرَّحْمَن فِي مشيخة مدرسته بهَا وبصاحب التَّرْجَمَة فِي مباشرتها وَزَاد بَينهمَا الِاخْتِصَاص سِيمَا حِين ترقيه بالحسبة وَنظر الخانقاه ومشيختها وَتكلم عَنهُ فِي الخانقاه بل كَانَ هُوَ المستبد بهَا وبابن الْمُحب بن الْأَشْقَر لذَلِك)
وَامْتنع من مُبَاشرَة حسبتها وَكَذَا اخْتصَّ بقانم التَّاجِر وألزمه جَانِبك الجداوي بالتكلم عَنهُ فِي الخانقاه، ثمَّ بعده بَاشَرَهَا عِنْد الشهابي بن الْعَيْنِيّ إِلَى أَن اسْتَقل بِالنّظرِ بعد موت الشريف عَليّ الْكرْدِي وَقَامَ فِي أمرهَا وتنمية وَقفهَا وعمارته وناكد كثيرا من مستحقيها، وَكَذَا تكلم عَن قانم وَغَيره فِي الشيخونية والصرغتمشية والبيمارستان وَعَن قجماس فِي البرقوقية وَامْتنع من ذَلِك أَيَّام الأمشاطي مَعَ اختصاصهما وَلَا زَالَ فِي ترق من المَال والدور بالخانقاه وَغَيرهَا وَكَثْرَة الْجِهَات مَعَ مزِيد إقدامه وَكَثْرَة كَلَامه وميله إِلَى الغلظة وَتَمام التجبر وَاتفقَ أَن أَخا لَهُ اسْمه إِبْرَاهِيم ضعف فَنقل إِلَى علية بِبَيْت هَذَا مِمَّا كَانَ اللَّائِق خِلَافه فَلم يلبث أَن ألْقى نَفسه من كوَّة إِلَى أَسْفَل فَمَاتَ ورام الْملك التَّعَرُّض لَهُ بِسَبَبِهِ فدوفع. وَرُبمَا مَال للْفُقَرَاء والفضلاء بِحَيْثُ خطب الشّرف عبد الْحق السنباطي لتزويج ابْنَته من ابْنه أخي البلبيسي وانتفع الشّرف من قبله فِي حَيَاته وَبعدهَا. وَلم يخل من فَضِيلَة سِيمَا وَيذكر أَنه حضر عِنْد القاياتي والشرواني وَكَذَا أَخذ عَن الْمَنَاوِيّ والوروري وَتزَوج بابنته وتكدر أَبوهَا مِنْهُ وَكَذَا تزوج بابنة ابْن الشَّيْخ عَليّ الْمُحْتَسب وبابنة أخي السراج البلبيسي وَكَانَت بَينهمَا كَلِمَات أَفْحَمَهُ هَذَا فِيهَا وَأخذ عَن البوشي وَغَيرهم وَكَانَ مِمَّا أَخذه عَن البوشي فِي الْفِقْه وَقَرَأَ على السنهوري فِي الْعَرَبيَّة مَعَ حسن الْخط وامتحن فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتباي مرَارًا أَولهَا وتجلد وتهدد بالمرافعة والمكافحة وَغير
وَبدل وَمَات لَهُ ولد ثمَّ آخر من ابْنة ابْن العجمي زَاد على عشْرين سنة أحضر لَهُ البدري أَبُو الْبَقَاء بن الجيعان لتجهيزه عشرَة دَنَانِير مَعَ ثوب بعلبكي فَأخذ ذَلِك وأزلم أمه بتجهيزه مِمَّا هُوَ عِنْدهَا للْمَيت وعد ذَلِك فِي تجبره. كل ذَلِك وَهُوَ مُنْقَطع متوجع حَتَّى مَاتَ فِي رَجَب سنة سبع وَتِسْعين عقب وَلَده بِيَسِير وَمَا تحققت مَا اتّفق بعده فِي تركته وأوقافه ووظائفه وَالظَّاهِر أَنَّهَا استهلكت عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو الْعَطاء البارنباري الدمياطي الشَّافِعِي إِمَام المعينية بدمياط وَيعرف بالشارمساحي. ولد بعد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا ببارنبارة قَرْيَة بِالْقربِ مِنْهَا قَرْيَة تعرف ببني عَطِيَّة الدنجاوي وَلذَا يُقَال لَهُ العطائي أَيْضا ثمَّ انْتقل مِنْهَا مَعَ أَبَوَيْهِ إِلَى دمياط فقطنها وَحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج والألفية والملحة، وَعرض على الشَّمْس بن الْفَقِيه حسن وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ واشتغل فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا عرض على الْفَقِيه حسن وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ واشتغل فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا)
عرض على الْفَقِيه مُوسَى بن عبد الله البهوتي الدمياطي واشتغل أَيْضا عِنْد النُّور الْمَنَاوِيّ وَالطِّيبِي وَسمع الحَدِيث على الْفِرْيَانِيُّ بل وَقَرَأَ على شَيخا فِي سنة إِحْدَى وَخمسين بعض الصَّحِيح وتلا لنافع وَحَمْزَة على الشَّمْس مُحَمَّد البُخَارِيّ الْقُدسِي تلميذ ابْن الْجَزرِي وَغَيره حِين قدم عَلَيْهِم دمياط، وارتحل لمَكَّة فَقَرَأَ على كل من الزين بن عَيَّاش وَمُحَمّد الكيلاني لأبي عَمْرو وَبَعضهَا على الديروطي وَعمر النجار وَسمع على اللَّذين قبلهمَا الْجمع، وتصدى فِي دمياط لتعليم الْأَبْنَاء ثمَّ ولي إِمَامَة الْمدرسَة المعيية أول مَا فتحت وصاهر الشهَاب الجديدي على ابْنَته، وَحضر عِنْدِي فِي بعض قدماته الْقَاهِرَة مجَالِس الْإِمْلَاء بل كتب من تصانيفي جملَة وَقَرَأَ عَليّ مِنْهَا واغتبط بهَا وَهُوَ إِنْسَان حسن طوال فَاضل حسن الْخط مديم التِّلَاوَة حَرِيص على الْخَيْر، لَهُ نظم كتبت عَنهُ مِنْهُ مدحا فِي وَغير ذَلِك. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله الشَّمْس الْحرفِي بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا فَاء المعري. مَاتَ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَكَانَ خصيصا بِالظَّاهِرِ برقوق. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه.
زَاد غَيره أَنه كَانَ عَارِفًا بِعلم الْحَرْف مَعَ مُشَاركَة جَيِّدَة فِي عُلُوم أُخْرَى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله أَبُو الْفَيْض بن الْعَلَاء بن الْجمال الْحلَبِي الأَصْل الشغري المولد الْمصْرِيّ المنشأ الْمَالِكِي الوفائي الجوال. ولد فِي رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي ضواحي دمشق وَأَبوهُ مُتَوَجّه إِلَى الْقُدس ثمَّ انْتقل بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة فَنَشَأَ بهَا وَقَرَأَ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على الْجمال النويري والرسالة الفرعية وتفقه بالجمال الأقفهسي والزين عبَادَة وَآخَرين، وَبحث فِي فروع ابْن
الْحَاجِب وعيون الْمجَالِس لِابْنِ الْقصار وَالْمذهب فِي قَوَاعِد الْمَذْهَب لِابْنِ رشد، وَحضر عِنْد الزين الْعِرَاقِيّ والفرسيسي وَقَالَ إِنَّه قَرَأَ عَلَيْهِ السِّيرَة لِابْنِ سيد النَّاس وَسمع الْأَذْكَار على الشّرف بن الكويك والشهاب أَحْمد بن حسن البطائحي بِقِرَاءَة الكلوتاتي وَقطعَة من مُسلم وَكَذَا من النَّسَائِيّ الْكَبِير وَمِنْهَا الْخَتْم بِقِرَاءَة شَيخنَا والشفا وَمن لَفظه المسلسل وَغير ذَلِك والحصن الْحصين على مُؤَلفه ابْن الْجَزرِي وَكَذَا سمع على شَيخنَا وَآخَرين. ثمَّ رَحل سنة خمس عشرَة إِلَى دمشق ثمَّ إِلَى حلب فَسمع حافظها الْبُرْهَان.
ثمَّ حج فِي سنة سِتّ وَعشْرين ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فجاور بهَا الَّتِي تَلِيهَا وَبهَا رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَالِسا على كرْسِي بالروضة فَقَامَ من فِي الْمَسْجِد يهرعون إِلَيْهِ ويقبلون يَده وَهُوَ يَقُول لكل كَلِمَتَيْنِ إِلَى أَن وصلت النّوبَة إِلَيْهِ فَقبل يَده ثمَّ قَالَ لَهُ يَا رَسُوله)
الله وَأَبُو الْفَيْض قَالَ شَأْنك الِانْتِقَال فَقلت يَا رَسُول الله للْمَوْت قَالَ لَا فِي الدُّنْيَا قَالَ فحججت سنة ثَمَان وَعشْرين ورحلت إِلَى الْيمن أَبْيَات حُسَيْن ثمَّ المهجم ثمَّ زبيد ثمَّ تعز ثمَّ تَوَجَّهت إِلَى عدن ثمَّ إِلَى هرموز ثمَّ إِلَى الْبَحْرين ثمَّ إِلَى القطيف ثمَّ عدي إِلَى بر الْعَجم إِلَى شيلاو ثمَّ إِلَى شيراز فَأَقَامَ بهَا سنة فَتكلم فِيهَا بِاللِّسَانِ الْفَارِسِي وَعلم بعض الْعَجم اللِّسَان الْعَرَبِيّ وَألف فِيهِ كتابا وَرَأى بهَا شخصا مجذوبا عُريَانا يرْجم النَّاس بِالْحِجَارَةِ فَمر بِهِ فَقَالَ لَهُ أمالك ابْن فِي بَغْدَاد بِكَلَام عَرَبِيّ فصيح فَقلت لَا فَقَالَ بلَى رح إِلَى ولدك فِي بَغْدَاد فرحلت إِلَى أَخَوَيْنِ ثمَّ إِلَى وَاسِط ثمَّ إِلَى بَغْدَاد فأقمت بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين وَتَزَوَّجت بهَا فولد لي ولد سميته عبد الْقَادِر ثمَّ رحلت إِلَى هيت ثمَّ إِلَى تكريت ثمَّ إِلَى إربل ثمَّ إِلَى الْموصل ثمَّ إِلَى جَزِيرَة ابْن عمر ثمَّ إِلَى حصن كيفا ثمَّ إِلَى آمد ثمَّ إِلَى الرها ثمَّ إِلَى قلعة الرّوم ثمَّ إِلَى البيرة ثمَّ إِلَى حلب ثمَّ إِلَى أنطاكية ثمَّ إِلَى طرابلس ثمَّ إِلَى حماة ثمَّ إِلَى حمص ثمَّ إِلَى بعلبك ثمَّ إِلَى دمشق ثمَّ زرت الْقُدس والخليل ثمَّ رحلت إِلَى القاهر سنة أَرْبَعِينَ ثمَّ قدمت دمشق فِي الَّتِي بعْدهَا ثمَّ رجعت إِلَى الرّوم فأقمت ببرصة ثمَّ رجعت إِلَى حلب سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ حَملَنِي الله على حمَار معقور لبلد تسمى عقير والعمادية وهما من بِلَاد الأكراد ثمَّ رجعت إِلَى حلب فأقمت بهَا الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ قدمت مصر سنة خمس وَأَرْبَعين ثمَّ تَوَجَّهت إِلَى الصَّعِيد وَاجْتمعت بِبَعْض صلحائها. ثمَّ حج فِي الَّتِي تَلِيهَا ثمَّ رَجَعَ فِي الْبَحْر سنة ثَمَان إِلَى مصر ولقيته بِالْقَاهِرَةِ قَرِيبا من هَذَا الأوان وَكَذَا لقِيه البقاعي فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بِسَعِيد السُّعَدَاء وَقَالَ إِنَّه جمع كتابا فِي التَّعْبِير وَأثْنى عَلَيْهِ. قلت وتحلى بشعار الصُّوفِيَّة وَكَانَ لطيف الذَّات حسن الْعشْرَة حدث بعدة أَمَاكِن سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء سَمِعت مِنْهُ المسلسل
وَغَيره بل سمع مِنْهُ بعض أَصْحَابنَا بِبَيْت الْمُقَدّس فِي سنة سبع وَخمسين. وَمَات بعد بِيَسِير رحمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْقطَّان هَكَذَا نسبه المقريزي وَيَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عمر بن عِيسَى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله البلان ثمَّ السدار وَيعرف هُوَ وَأَبوهُ بالمجاور. مِمَّن سمع على شَيخنَا وَكَذَا سمع مني فِي اعلإملاء وَغَيره وَحضر عِنْد البقاعي وَغَيره وَتردد إِلَى مشَاهد الصَّالِحين كثيرا، وَحج غير مرّة وجاور، وَكَانَ عاميا خيرا يَحْكِي عَن شَيخنَا أَشْيَاء.
مَاتَ وَقد أسن فِي صفر سنة تسعين رحمه الله وإيانا.)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله. فِيمَن جده عبيد قَرِيبا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله وَأَبُو الْخَيْر بن نور الدّين القاهري الصُّوفِي الشَّافِعِي بواب سعيد السُّعَدَاء وَابْن بوابها وَيعرف بِابْن الشَّيْخ على المخبزي. ولد سنة تسع وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده واشتغل بالفقه والعربية وَغَيرهمَا يَسِيرا وتعانى الْأَدَب ونظم الشّعْر وَقَرَأَ الحَدِيث على الكلوتاتي وَشَيخنَا فِي آخَرين وَمِمَّا قَرَأَهُ على شَيخنَا ديوانه الْخطب الْأَزْهَرِي والسبع السيارة وَهُوَ مِمَّن لَازم مَجْلِسه فِي الأمالي بل سمع قبل ذَلِك على النُّور الفوى وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والواسطي وَابْن الْجَزرِي والزين القمني والتلواني وَجَمَاعَة وَكتب من فتح الْبَارِي قَدِيما قِطْعَة وَكَذَا من غَيره بل كتب فِي أحد الْحَرَمَيْنِ تخميس الْبردَة للنجم السكاكيني وقرأه على ناظمه بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ قصيدة أُخْرَى فِي مدح الْكَعْبَة وَغَيرهَا من قصائده وَأَجَازَ لَهُ وعظمه وَقَرَأَ فِي تَارِيخه أَيْضا على الْجمال الكازروني الشفا بالروضة النَّبَوِيَّة وَسمع عَلَيْهِ بعض البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَقَرَأَ على الْعَامَّة فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة بِجَامِع الْأَزْهَر
وَكَذَا بالخانقاه الصلاحية وَكَانَ بوابها وَأحد صوفيتها والقاطنين غَالِبا بهَا، وتنزل فِي الْجِهَات وخطب بِجَامِع ابْن شرف الدّين. نعم الرجل كَانَ دينا وَخيرا وسكونا وتواضعا وتوددا وَعشرَة وخفة روح سَمِعت من نظمه. وَمَات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين بعد أَن أُصِيب بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ من رمد وَنزل عَلَيْهِ بعض السراق فَأخذ أَشْيَاء من بَيته، وَدفن بحوش الصُّوفِيَّة رحمه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة.) ::: مُحَمَّد بن عَليّ بن عبيد أَبُو عبد الله الصنهاجي التّونسِيّ الْمُقْرِئ الْمُؤَدب الْعَرَبِيّ المفنن وَالْغَالِب عَلَيْهِ القراآت مَعَ مُشَاركَة. مَاتَ بهَا فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. ذكره ابْن عزم. مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن عبد الله التركماني. يَأْتِي بعد وَاحِد. مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الخواجا الفومني. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع وَخمسين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد وَهُوَ وَالِد الْجمال مُحَمَّد مِمَّن سكن مَكَّة وَاشْترى بهَا دَارا وعمرها وَخلف أَوْلَادًا وتركة لَهَا صُورَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بهاء الدّين بن الْمصْرِيّ بن التركماني خَازِن كتب النورية وَغَيرهَا بِدِمَشْق. أحضر على أَصْحَاب الْفَخر وَغَيرهم وَلم يكن مرضيا، مَاتَ فِي صفر سنة إِحْدَى. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ فِي مُعْجَمه: مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان بن عبد الله التركماني ثمَّ الدِّمَشْقِي أجَاز لي وَمن مسموعه من ابي عبد الله بن الخباز خَامِس الحنائيات وَالظَّاهِر أَنه هَذَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عثمانالزبيدي المطيب الْحَنَفِيّ. خلف وَالِده بِالْيمن فِي جودة الْفِقْه وانتهت إِلَيْهِ بعده رياسة الْحَنَفِيَّة بزبيد ثمَّ درس فِي المحالبية لِلشِّهَابِ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم المحالبي. وَمَات فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بزبيد. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَطاء أَمِين الدّين الدِّمَشْقِي. كَانَ فَاضلا بارعا عَارِفًا بالتصوف والعقليات درس بالأسدية وَكَانَ يسجل على الْقُضَاة وَإِلَيْهِ النّظر على وقف جده الصاحب شهَاب الدّين بن تَقِيّ الدّين. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عَليّ بن علاق قَاضِي غرناطة. مَاتَ سنة سِتّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن غَزوَان السكندري الشَّافِعِي الْمُؤَذّن الموقت وَيعرف بالهزبر. ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة باسكندرية وَسمع من ابْن الْمُصَفّى وَابْن الْفُرَات مشيخة الرَّازِيّ وَغَيرهَا، وَحدث باسكندرية وبالقاهرة روى عَنهُ جمَاعَة. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَلم يتَّفق لي لقاؤه لكنه أجَاز لي غير مرّة. وَمَات فِي سادس شعْبَان سنة سبع وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده.
مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نصير كبكبير الشَّمْس أَبُو الْفضل الدِّمَشْقِي القوصي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الفالاتي حِرْفَة أَبِيه، وَكَانَ)
شَيخنَا يَقُول لَهُ لَو قيل الفالي كَانَ أحسن لِئَلَّا تحذف أَلفه فَتَصِير الفالتي. ولد فِي الْعشْر الأول من رَجَب سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفية النَّحْو والبيضاوي وَالتَّلْخِيص وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة وَنَشَأ فِي كَفَالَة أَبَوَيْهِ بزِي أَبنَاء الْفُقَهَاء وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة أَبُو عبد الله الرَّاعِي والأبدي وَعنهُ أَخذ الْعرُوض وَغَيره وَكَذَا أَخذ فِي الْعرُوض عَن النواجي وَفِي الْفِقْه الْجمال الأمشاطي والونائي والْعَلَاء القلقشندي وَعنهُ أَخذ فُصُول ابْن الهائم والمناوي والمحلى وَأكْثر من ملازمته فِيهِ وَفِي الْأُصُول وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ شروحه للمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والبردة وَغَيرهَا وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ وَكثر انقياده لَهُ وَكَذَا لَازم الْعلم البُلْقِينِيّ بعد وَفَاة شَيخنَا أتم مُلَازمَة حَتَّى حمل عَنهُ أَشْيَاء فِي الْفِقْه وَغَيره بقرَاءَته وَقِرَاءَة غَيره وَأكْثر من الْأَخْذ عَن الشمني فِي فنون كالتفسير والأصلين والعربية والمعاني وَعَن شَيخنَا فِي الحَدِيث بِحَيْثُ قَرَأَ عَلَيْهِ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح وَتَخْرِيج الرَّافِعِيّ من تأليفه وَغير ذَلِك بل أَخذ عَنهُ فِي الْفِقْه أَيْضا وَتردد فِي أول أمره للبدر بن الْأَمَانَة وَفِي أواخره لِابْنِ الْهمام والشرواني وَمن قبلهمَا للقاياتي وَعَن ابْن أَسد أَخذ الْيَسِير من القراآت، وَصَحب الشَّيْخ مَدين وقتا واختلى عِنْده وَأَقْبل الشَّيْخ عَلَيْهِ وَقَرَأَ الحَدِيث على الْعِزّ بن الْفُرَات والشهاب العقبي وَعبد الْكَافِي بن الذَّهَبِيّ وَشَعْبَان الْعَسْقَلَانِي وَرَجَب الخيري فِي آخَرين بل هُوَ قَارِئ الصَّحِيح بالظاهرية الْقَدِيمَة فِي الْجمع الَّذِي لم يتَّفق فِي أَوَانه مثله شُيُوخًا وطلبة، وَسمع مَعنا على جمع كثيرين وَقَبلنَا يَسِيرا ورافقته فِي عُلُوم الحَدِيث على شَيخنَا إِلَّا فِي الْيَسِير من أَوَائِله وَكتب لي بِخَطِّهِ أَنه اسْتَفَادَ فِيهِ مني، وَحج مرَّتَيْنِ الثَّانِيَة فِي سنة خمسين وَقَرَأَ بِمَكَّة على أبي الْفَتْح المراغي والتقي بن فَهد والزين الأميوطي وَغَيرهم، وَأَجَازَ لَهُ فِي استدعائي وَغَيره جمَاعَة وَأول مَا تنبه تنزل فِي البرقوقية ثمَّ فِي إِمَامَة الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة ثمَّ فِي نِيَابَة نظرها وانتقل بعد الْإِمَامَة فسكنها وَكَذَا فِي قِرَاءَة الحَدِيث بالتربة البرقوقية وَفِي غَيرهَا من الْجِهَات كالطلب فِي التَّفْسِير بالمؤيدية ونيابة مشيخة البيبرسية مَعَ كَونهَا حَادِثَة وَلم يزل مديما للاشتغال مَعَ وفور ذكائه ويقظته واستقامة فهمه وفطنته حَتَّى برع وشارك فِي الْفُنُون وانتفع بتربية شَيْخه البُلْقِينِيّ لَهُ كثيرا وَقدمه وَعرض عَلَيْهِ النِّيَابَة فِي الْقَضَاء فَأبى وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَكَذَا أذن لَهُ الْمحلى وَغَيره
فِي الإقراء وَمِمَّنْ أذن لَهُ فِي إقراء عُلُوم الحَدِيث وَغَيرهَا شَيخنَا، وتصدر)
لإقراء الطّلبَة عدَّة سِنِين وَلما مَاتَ نَاصِر الدّين بن السفاح اسْتَقر عوضه فِي تدريس الْفِقْه بالحسنية تَكْلِيفه للنَّاظِر وتجاذب هُوَ والمحيوي الطوخي فِيهِ ثمَّ أعرض عَنهُ الطوخي لَهُ وَعمل فِيهَا إجلاسا بِحَضْرَة البُلْقِينِيّ وَغَيره وَكَذَا اشْترك مَعَ الزين المنهلي فِي تدريس النابلسية ثمَّ رغب بواسطتي لَهُ عَمَّا يَخُصُّهُ فِيهِ ورام بعد شَيْخه الْمحلي الِاسْتِقْرَار فِي تدريس الْفِقْه بالبرقوقية لكَونه أمثل شافعيتها عملا بِشَرْط الْوَاقِف فَمَا تيَسّر مَعَ مساعدة شيخها لَهُ وَكَذَا رام بعد موت التَّاج السكندري النِّيَابَة عَن وَلَده فِي تدريس الحَدِيث بالظاهرية مَحل سكنه مُتَبَرعا فَمَا وَافق الْأمين الأقصرائي وَأَشَارَ لي بالنيابة ثمَّ لما أردْت التَّوَجُّه لمَكَّة أرسل يسألني فِيهَا عني فَلم أخالفه فقدرت وَفَاته قبل وَقت الدَّرْس وناب فِي الخطابة بالأزهر وراج أمره عِنْد الْعَامَّة بِسَبَبِهَا جدا خُصُوصا وَقد صَار يعتني بالوقائع والأوقات وَنَحْوهمَا فيسبك مَا يلائمها فِي الْخطب ويستعين بِي كثيرا فِي الْأَحَادِيث الْمُنَاسبَة لذَلِك تَارَة بالمشافهة وَتارَة بِالْإِرْسَال الَّذِي يفْتَتح أَكْثَره بالمسؤول من فضل سَيِّدي الشَّيْخ الْعَلامَة أمتع الله بحياته إِلَى آخِره، هَذَا مَعَ إلمامه بِصُحْبَة الرؤساء ونحهم وَحسن عشرَة لَهُم وانضمام قِرَاءَته الحَدِيث عِنْد الحسام بن حريز قَاضِي الْمَالِكِيَّة لذَلِك فَزَاد رواجه وَتقدم على أقرانه بل وَمن لَعَلَّه أمهر مِنْهُ وَرُبمَا قصدب الْفَتَاوَى فِي النَّوَازِل والحضور فِي عُقُود الْمجَالِس وَصِحَّة عقيدته حَتَّى أَنه فِي كائنة جرت خطب فِي الْحَط على ابْن عَرَبِيّ وَغَيره من الاتحادية مُصَرحًا بالإنكار على مِنْبَر الْأَزْهَر ورغبته فِي الْقيام وَالصِّيَام ومراعاة سلوك الاحتشام فِي ملبسه وهيئته وَشدَّة إِظْهَاره التجمل مَعَ التقلل وَعدم تهافته وَجحد النعم وعلو همته مَعَ من يَقْصِدهُ حَتَّى أَن كل وَاحِد من صَاحِبيهِ الزين قَاسم الزفتاوي وكريم الدّين العقبي أسْند وَصيته إِلَيْهِ بل كَانَ أحد الشَّاهِدين بتأهل أكبر أَوْلَاد شَيْخه البُلْقِينِيّ لمباشرة وظائفه وشافه أَبَا السعادات البُلْقِينِيّ بِوَاسِطَة مساعدته فِي ذَلِك وَغَيرهَا بِمَا لم أَحْمَده فِيهِ وَكَثْرَة أدبه مَعَ أحبابه وَغَيرهم مِمَّا يستجلب ميل الْقلب لمحبته ومزيد احْتِمَاله خُصُوصا لأَذى بعض المتظاهرين بِصُحْبَتِهِ وَكَذَا كَانَت أمه كَثِيرَة الْإِيذَاء لَهُ بل ولأبيه من قبله مَعَ صَبر الْوَلَد عَلَيْهَا وإحسانه جهده إِلَيْهَا. وَهُوَ فِي أَوَاخِر أمره فِي كل مَا اشرت إِلَيْهِ أحسن مِنْهُ حَالا قبله وَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى التَّطْوِيل بالتفصيل، وَلم يزل أمره فِي ازدياد وشهرته مستفيضة بَين الْعباد بِحَيْثُ أَنه تحدث بتقدمه للْقَضَاء وَرُبمَا حدث نَفسه بذلك إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشر ذِي الْقعدَة سنة)
سبعين وَأَنا مُتَوَجّه لمَكَّة وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بِبَاب النَّصْر فِي مشْهد جليل جدا وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَأثْنى
النَّاس عَلَيْهِ وتأسفوا على فَقده وَكَانَ أَعْطَانِي حِين موادعته إيَّايَ رِسَالَة من نظمه ونثره للحضرة النَّبَوِيَّة وَجعل أَمر إيصالها فِي هَذَا الْعَام أَو الَّذِي بعده لأضماري الْمُجَاورَة إِلَيّ فَقدر أنني أخرتها حَتَّى أديتها فِي الْعَام الْآتِي وتبررت لَهُ بذلك وَقد أودعتها مَعَ أَبْيَات امتدحني بهَا فِي مَحل آخر. رحمه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ الْحِجَازِي. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن عَليّ السكرِي أَبوهُ. كَذَلِك. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن حسن أَبُو حَامِد التلواني. فِي الكنى. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن مهنا بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْعَلَاء الْحلَبِي الْحَنَفِيّ أَخُو مَحْمُود الْآتِي وَيعرف بِابْن الصَّفَدِي. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا مِنْهَا الْمُخْتَار فِي الْفِقْه ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ ولازم الْجمال الْمَلْطِي فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَأخذ الْمعَانِي وَالْبَيَان وَغَيرهمَا عَن الشَّمْس الزَّاهدِيّ العنتابي الْحَنَفِيّ والمختصر وكافية ابْن الْحَاجِب وشروحها مَعَ الْمفصل أَصْلهَا عَن التَّاج الأصفهيدي الشَّافِعِي بل سمع عَلَيْهِ شَرحه لألفية ابْن ملك بحثا وَقَرَأَ على الشَّمْس البسقامي الْحَنَفِيّ المصابيح وَسمع عَلَيْهِ البُخَارِيّ والمشارق وَكَذَا سمع قبل ذَلِك البُخَارِيّ والشفا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ على الْجمال إِبْرَاهِيم بن العديم والشاطبيتين على الشهَاب بن المرحل. وَنَشَأ فَقِيرا فتكسب بِالشَّهَادَةِ إِلَى أَن تفنن وفَاق الأقران. وسافر فِي سنة ثَمَانمِائَة إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ شَيْخه الْمَلْطِي حِين طلب لقضائها فَلَمَّا قدماها واستضاف البُلْقِينِيّ الْمَلْطِي استصحبه عه وأوصاه بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِهِ ليذكره بالمنقول فِيمَا لَعَلَّه يَقع التَّكَلُّم فِيهِ وناهيك بِهَذَا جلالة، وَقَرَأَ حِينَئِذٍ على ابْن الملقن فِي البُخَارِيّ وَحضر دروس السَّيْف الصيرامي وَالِد النظام وَتزَوج حِينَئِذٍ بِامْرَأَة من بَيت الكلستاني وساعدها فِي تحيل مِيرَاث لَهَا ثمَّ وهبته لَهُ بعد فَكَانَ يحْكى أَنه كَانَ سَبَب ثروته. وَولي إِذْ ذَاك فِي زمن الظَّاهِر برقوق قَضَاء طرابلس بِتَعْيِين شَيْخه الْمَلْطِي لَهُ وَلِهَذَا كَانَ يَقُول مَا بالممالك الْآن قَاض من أَيَّام برقوق غَيْرِي، وَأقَام فِيهِ مُدَّة ثمَّ صرف فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بالتاج ابْن الْحَافِظ الْحلَبِي وَلم يلبث أَن أُعِيد قبل مشارة التَّاج وشكرت سيرته.
ثمَّ انْتقل فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لقَضَاء الشَّام عوضا عَن الشهَاب بن الكشك وعزل)
مِنْهُ مرَارًا مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين بحميد الدّين النعماني، وَعرض عَلَيْهِ مرّة قَضَاء حلب فَأبى وَاتفقَ فِي مُرُور الْأَشْرَف لآمد أَنه كَانَ معزولا فَانْتزع لَهُ إِمَّا الخاتونية أَو القصاعين تدريسا ونظرا من ابْن الكشك وَكَذَا بَاشر الصادرية والنورية. وامتحن فِي سنة أَربع
وَأَرْبَعين وَوجه إِلَى الْقُدس بطالا وَكَذَا حصلت لَهُ كائنة أُخْرَى خلص مِنْهَا بالبذل. وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة أصوليا ماهرا بذلك مشاركا فِي الْفُنُون مَعَ الْخَيْر والعفة والسيرة الحميدة فِي قَضَائِهِ وَحسن الْعشْرَة وخفة الرّوح. وَصفه شَيخنَا فِي حوادث سنة أَربع وَأَرْبَعين من إنبائه بِأَنَّهُ من أهل الْعلم لَا يُنكر عَلَيْهِ الْعَمَل بِمَا رجح عِنْده. وَنقل غَيره عَن الْعِزّ الْقُدسِي أَنه وَصفه بمزيد الْحِفْظ وقصوره فِي التَّحْقِيق. وَقد حج وَقدم الْقَاهِرَة سوى مَا تقدم غير مرّة، وَحدث قَدِيما بالموطأ ثمَّ بَان أَن لَا رِوَايَة لَهُ فِيهِ وَأَن الْغَلَط من البقاعي وَهُوَ قارئه ثمَّ نقل عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ أَن وَالِده أحضرهُ وَهُوَ مَوضِع على الْكَمَال بن حبيب وَكَانَ يقرئ أَوْلَاد بني حبيب وَأَن ثبته بذلك وَبِغَيْرِهِ ضَاعَ مِنْهُ فِي الْفِتْنَة وَتَأَخر مِنْهُ ورقة وَاحِدَة فِيهَا حُضُوره للشفا على الْكَمَال وتصحيحه بآخرها انْتهى. وَهَذَا لَا يمْنَع بطلَان سَمَاعه للموطأ على ابْن حبيب فقد بَين الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ بُطْلَانه وَكَذَا حدث بِبَيْت الْمُقَدّس ولقيته بِالْقَاهِرَةِ وَأخذت عَنهُ أَشْيَاء. مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي عشري رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِدِمَشْق معزولا وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس بطرفها الشمالي رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي سبط ابْن الشريشي وَيعرف بِابْن الإربلي.
مَاتَ فِي الْمحرم سنة أَربع عشرَة. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن عميرَة الشَّمْس الْمَالِكِي نِسْبَة لملك بن النَّضر الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي ولد على الْمَاضِي. قَالَ لي وَلَده أَنه سمع على أبي الْخَيْر بن العلائي وَأَنه ولي تدريس الْمدرسَة الخاصكية العمرية بِبَلَدِهِ وانتفع بِهِ وَلَده وَغَيره وَأفْتى. وَمَات فِي شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِمَّا كتبت عَن وَلَده من إنشاد أَبِيه لنَفسِهِ:
(يَقُول لَك الْأَثْبَات أهل التجارب
…
تصبر فعقبى الصَّبْر نيل المآرب)
(وَنَصّ كتاب الله بِالصبرِ آمُر
…
وَقد وعد الصبار حسن العواقب)
فِي أَبْيَات يَقُول فِيهَا:
(رأى ابْن سَلام وَجهه صثار مُسلما
…
وَقَالَ لعمري لَيْسَ ذَا وَجه كَاذِب)
)
وَقَوله:
(أخْلص توكل فوض أَرض اصطبر
…
وَلَا تُؤخر تَوْبَة ناصحه)
(وجانب الْكبر وخل الريا
…
ثمَّ اجْتنب أعمالك الفاضحه)
مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر بن قنان شمس الدّين بن نور الدّين الْعَيْنِيّ الدِّمَشْقِي الْمدنِي الشَّاعِر عَم الْفَخر بن أَحْمد. سمع مَعَ أَخِيه عمر وأبيهما الماضيين على الزين المراغي فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وعَلى النُّور الْمحلى سبط الزبير بعد ذَلِك وتميز فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وتعانى التِّجَارَة. وقدرت وَفَاته بكنباية من الْهِنْد سنة ثَمَان وَخمسين رحمه الله.
مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الشَّمْس الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ الزعيم نزيل دمشق. ولد سنة بضع وَخمسين وَسَبْعمائة بِبَغْدَاد، وكف بَصَره وجال فِي الْبِلَاد كاليمن والهند والحجاز والقاهرة.
وَمَات بهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل. ذكره المقريزي فِي عقوده وَحكي عَنهُ حِكَايَة. مُحَمَّد عَليّ بن عمر الشَّمْس الصَّابُونِي القاهري الْموقع. كَانَ لَا بَأْس بِهِ شكالة وسكونا ووجاهة فِي صَنعته وَرُبمَا لقب بِابْن كشكة. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الخواجا بير مُحَمَّد الكيلاني ثمَّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. قدم مَكَّة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة فحفظ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ التَّرَاوِيح فِي الْمَسْجِد الْحَرَام والمنهاج الفرعي وَعرضه على الْجمال بن ظهيرة وَغَيره وتلا بالسبع على الزين بن عَيَّاش وَحضر بعض الدُّرُوس بل سمع فِي سنة أَربع عشرَة على الزين المراغي النّصْف من مُسلم وَسنة سِتّ عشرَة ثلاثيات أَحْمد على الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُحب الْمَقْدِسِي، وسافر إِلَى بِلَاد الْيمن والقاهرة وَغَيرهَا مرَارًا للتِّجَارَة فأثرى وَكثر مَاله وابتنى بِمَكَّة دورا، وَكَانَ عَارِفًا بِأُمُور دُنْيَاهُ متقنا لَهَا حَافِظًا لكتاب الله كثير التِّلَاوَة مَعَ ظرف وحشمة فِي الْجُمْلَة اجْتمعت بِهِ مرَارًا فِي القدمة الأولى لمَكَّة. وَمَات بهَا فِي ثَالِث عشري الْمحرم سنة سِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الصُّبْح عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة وَخلف تَرِكَة هائلة من النَّقْد وَالْعرُوض وَالْعَقار وَلم يتْرك ذكرا بل سِتّ بَنَات سامحه الله وإيانا.) ::: مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر البسيوني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد ببسيون من الغربية بِالْقربِ من النحرارية سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ قَلِيلا وَتزَوج ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فسكن قَرِيبا من الْأَزْهَر وأكمل الْقُرْآن وَحضر عِنْد الشهَاب الْعَبَّادِيّ وَابْن الصَّيْرَفِي وَعمر الدهتوري وَقَرَأَ على الشرنقاشي فِي الْمِنْهَاج وَالْحَاوِي ولازم الديمي حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الشفا والعمدة وَثلث البُخَارِيّ وَغير ذَلِك ثمَّ قَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ جملَة وَسمع مني المسلسل. وَهُوَ من المنزلين بتربة الْأَشْرَف قايتباي. مُحَمَّد بن عَليّ بن عواض السكندري التروجي نزيل الْقَاهِرَة ثمَّ مَكَّة وَيعرف بِابْن أُخْت ابْن عواض وَأكْثر مَا يُقَال ابْن عواض، وَرَأَيْت من سَمَّاهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ. أحد من كَانَ عِنْد ابْن الْفَقِيه مُوسَى وَابْني عليبة وتمول من التِّجَارَة وَغَيرهَا وَعرف بالنهضة والجسارة ورزق حظا، وابتنى دَارا بِالْقربِ من سوق أَمِير الجيوش وَأقَام بِمَكَّة مُدَّة وصودر بعد موت الْجَمَاعَة لاتهامه بِمَال لِابْنِ مُوسَى
ثمَّ طلب فِي سنة أَربع وَتِسْعين فَعمِلت مصْلحَته بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار فَأكْثر، وَرجع فِي أثْنَاء سنة خمس وَتِسْعين فِي الْبَحْر وَأَرْدَفَ بِجَمِيعِ عِيَاله مَعَ الْمَوْسِم وَهُوَ مِمَّن يحب الصَّالِحين سِيمَا ابْن الغمري وَله سبع بجامعه، وَسمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. مَاتَ فِي لَيْلَة خَامِس عشري ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين بِمَكَّة وَصلي عَلَيْهِ ضحى الْغَد فِي مشْهد حافل وَدفن بتربة بني عليبة وَقد زَاد على السِّتين. وَكَانَ فِيهِ خير وبر وانتماء لأبي الْعَبَّاس بن الغمري رحمه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن عِيسَى بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الشّرف بن جوشن الْمَاضِي أَبوهُ والآتي عَمه الْفَخر مُحَمَّد. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَسمع على شَيخنَا وَغَيره ولازم الْمَنَاوِيّ فِي التَّقْسِيم وَغَيره وتنزل فِي الْجِهَات وَهُوَ إِلَى الانجماع أقرب. مُحَمَّد بن عَليّ بن عِيسَى الشَّمْس الْبَغْدَادِيّ ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ صهر موفق الدّين بن الْمُحب بن نصر الله، كَانَ الْمُوفق زوج أُخْته، وَكَانَ خيرا يسكن القراسنقرية ويقرئ فِي بَيت الْمُحب بن الْأَشْقَر وَهُوَ أَخُو زَيْنَب وزليخا ابْنَتي إِبْرَاهِيم الشنويهي لِأُمِّهِمَا. مَاتَ سظنا سنة بضع وَخمسين وَنعم الرجل. مُحَمَّد بن عَليّ بن فتح بن أوحد الشَّمْس بن النُّور الخانكي سبط الْعِزّ المنوفي وحفيد شيخ الخانقاه الْمَاضِي أَبوهُ وجده. سمع عَليّ فِي الشفا بِقِرَاءَة أبي الْغَيْث.)
وأرخه شَيخنَا فِي السّنة قبلهَا، وَطوله ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ إِنَّه مَاتَ فِيهَا يَعْنِي سنة أَربع وَعشْرين أَو فِي الَّتِي بعْدهَا من حجر أَصَابَهُ وَهُوَ يحاصر قلعة هتاك وَاسْتقر بعده ابْنه إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. مُحَمَّد بن عَليّ بن قطلوبك نَاصِر الدّين بن الْعَلَاء الفازاني وَالِد عبد الْعَزِيز الْمَاضِي وَيعرف بالصغير بِمُهْملَة مَضْمُومَة ثمَّ مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة مُشَدّدَة تَصْغِير صَغِير، وَيُقَال لَهُ أَيْضا الْمعلم لتقدمه فِي تَعْلِيم الرَّمْي بالنشاب وبراعته فِيهِ علما وَعَملا بِحَيْثُ قيل إِنَّه لم يخلف بعده فِيهِ مثله مَعَ مُشَاركَة ومحاضرة حَسَنَة وَصَوت طري وَقِرَاءَة فِي الْمِحْرَاب جَيِّدَة. وَهُوَ من أَصْحَاب الظَّاهِر جقمق قبل تملكه وَلذَا قربه بعده وَصَارَ من ندمائه ومسامريه وولاه فِي أَوَائِل دولته نِيَابَة دمياط ثمَّ عَزله وأهانه قَلِيلا ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى مرتبته بل جعله من جملَة الْحجاب فَلَمَّا مَاتَ لزم دَاره حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث عشري ذِي)
الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وَدفن من الْغَد وَقد زَاد على الثَّمَانِينَ وانتعش ابْنه بإرثه رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم الجعبري الخليلي وَالِد مُحَمَّد وَعمر الْمَذْكُورين. ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة بالخليل وَلبس الْخِرْقَة من عَمه عمر بلباسه لَهَا من خَاله عَليّ بن عمر بن أرش بلباسه لَهَا من أَبِيه وَهُوَ من على البكا وَولي مشيخة الْخَلِيل. مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد ابْن القطب أَمِين الدّين الْقُسْطَلَانِيّ أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ جمَاعَة وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَمْدُود الشَّمْس بن الْعَلَاء بن نَاصِر الدّين الْغَزِّي الأَصْل الشارنقاشي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالشارنقاشي نِسْبَة لبلده بالغربية أقطاعهم بِهِ، وَأمه أمة بَيْضَاء. ولد سنة خمسين وَثَمَانمِائَة بحارة المنبجية وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ جرده بالحلة فِي جَامع الغمري وتلا بِهِ لأبي عَمْرو وَابْن كثير على عبد الله الضَّرِير، وَحفظ الشاطبية ومختصر أبي شُجَاع والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَغَيرهَا وَعرض على الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي والقرافي وَغَيرهم، وتفقه بالعبادي وزَكَرِيا وَحضر دروس الْمَنَاوِيّ، ولازم الْجَوْجَرِيّ فِي الْفِقْه والأصلين والعربية
وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان وَالْعرُوض وَغَيرهَا وَكَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ فِي الْأُصُول شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي والعبري على الْبَيْضَاوِيّ وَفِي أصُول الدّين شرح العقائد وَشرح المواقف وَفِي الْعَرَبيَّة الرضي وَابْن المُصَنّف والتوضيح والمغنى كِلَاهُمَا لِابْنِ هِشَام وَفِي الصّرْف الجاربردي وَشرح التَّفْتَازَانِيّ على تصريف الْعزي وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان الْمُخْتَصر وَقطعَة من المطول وَفِي الْعرُوض شرح الأبشيطي للخزرجية وَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن الْبَدْر المارداني وَقَرَأَ على التقي الحصني فِي الْمنطق شرح الشمسية للتفتازاني والقطب والحاشية وَكَذَا قرأهما على الْعَلَاء الحصني ولازم الشرواني دروسا مفرقة فِي عُلُوم شَتَّى والكافياجي والشمني وَسيف الدّين فِي آخَرين وَقَرَأَ البُخَارِيّ على الشاوي واليسير مِنْهُ على الديمي وَقطعَة من مُسلم على الْجلَال القمصي وَسمع على أم هَانِئ الهورينية وَهَاجَر وَأبي السُّعُود الغراقي وَغَيرهم وَحضر فِي مجْلِس خطيب مَكَّة أبي الْفضل والخيضري، وتميز)
وبرع وَجلسَ للأقراء بالأزهر قبيل السّبْعين وناب عَن بني شَيْخه الْجَوْجَرِيّ فِي تدريس المؤيدية واختص بجوهر المعيني وَأَسْكَنَهُ بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا فِي غيط الْعدة وأقرأ بهَا الطّلبَة وَصَارَ مشارا إِلَيْهِ وَكثر تودده وسكونه وتأدبه معي وَلكنه تكلم بِحَضْرَة السنتاوي بِمَا لَا يَلِيق فزبره وَاجْتمعَ بِي لنصرته فَمَا وجدت الْمحل قَابلا لمساعدته مَعَ كَونه مِمَّن حضر عِنْدِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من خِيَار الْجَمَاعَة وأقربهم إِلَى التثبت. وَقد حج فِي موسم سنة سِتّ وَتِسْعين فَكَانَ على طَريقَة شريفة بِحَيْثُ لم يقبل من أحد شَيْئا الْبَتَّةَ. وَعَاد فَلم يلبث أَن تعلل ثمَّ مَاتَ فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن طرخان الْكَمَال ابْن النُّور بن لاشمس بن الشهَاب بن الضياء القاهري البحري نِسْبَة لباب الْبَحْر الْحَنْبَلِيّ وَيعرف كسلفه بِابْن الضياء وَأمه أطس سبطة النُّور الرَّشِيدِيّ وَزَوْجَة البوشي عَالم الخانقاه ثمَّ قاضيها تلميذة الونائي. ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَاب الْبَحْر وَنَشَأ هُنَاكَ فَقَرَأَ الْقُرْآن ومختصر الْخرقِيّ واشتغل يَسِيرا فِي النَّحْو وَغَيره على الْجمال عبد الله بن هِشَام وَكَذَا حضر عِنْد القَاضِي عز الدّين الْكِنَانِي فِي الْفِقْه وَغَيره وفوض إِلَيْهِ عُقُود الْأَنْكِحَة وفسوخها بل كَانَ عزمه استنابته مُطلقًا فَمَا اتّفق فولاه بعده الْبَدْر واختص بِهِ لعلو همته وَكَثْرَة دربته وَقَالَ لي إِنَّه كَانَ يعرف طرفا من الْعَرَبيَّة مَعَ براعة فِي الصِّنَاعَة وانتفع بِهِ كأسلافه أهل خطته مَعَ تكلم فِي معاملاته.
مَاتَ بعد مرض طَوِيل فِي لَيْلَة السبت تَاسِع رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَحمل من بَاب الْبَحْر لمصلى بَاب النَّصْر فَصلي عَلَيْهِ بالرحبة فِي مشْهد حافل ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء سامحه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى القطبي الضَّرِير أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. ولدا فِي بطن سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقَرَأَ الْقُرْآن وَأخذ مَعَ أَخِيه عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ كَمَا هُنَاكَ. وَحج وأقرأ الْأَبْنَاء وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَتردد إِلَيّ للسماع ويغره مَعَ أَخِيه وبانفراده. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى اليافعي قَاضِي عدن. مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس القاهري البهائي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن المرخم حِرْفَة أَبِيه. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين بِالْقربِ من)
مدرسة البُلْقِينِيّ، وَأمه سَرِيَّة كَانَت للشَّيْخ البُلْقِينِيّ. وَنَشَأ بهَا فِي كنف وَالِده فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْغَرْس خَلِيل الْحُسَيْنِي وَرُبمَا كَانَ يقْرَأ مَعَه فِي الجوق والتنبيه ومختصر ابْن الْحَاجِب وألفية ابْن ملك وَعرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وناصر الدّين الْبَارِزِيّ وَالشَّمْس الفنري حِين قدومه الْقَاهِرَة وَآخَرين، واشتغل فِي الْفِقْه عِنْد البيجوري والطنتدائي وَالشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَعَلِيهِ سمع فِي شَرحه للعمدة وَغير ذَلِك وَكَذَا أَخذ عَن قَرِيبه الْمجد فِي الْفِقْه وأصول الدّين وَأخذ النَّحْو عَن الشطنوفي والبوصيري قَرَأَ عَلَيْهِ الألفية والبرهان بن حجاج الأبناسي قَرَأَ عَلَيْهِ توضيحها لِابْنِ هِشَام فِي سنة ثانتين وشعرين، وَقَرَأَ على القاياتي شرح القطب بِتَمَامِهِ وَقطعَة من شرح الْمطَالع للدَّار حَدِيثي وَمن الْعَضُد، وَمِمَّنْ رافقه فِيمَا قَرَأَهُ مِنْهُ خَاصَّة ابْن خضر وَابْن سارة وَابْن حسان وَيحيى الدماطي وَفِي بعضه العرياني والعبادي وتحدث النَّاس إِذْ ذَاك بلوم القاياتي فِي إقراء الْكتب المشكلة لكل أحد وعَلى شَيخنَا شرح النخبة وَسمع عَلَيْهِ وعَلى البوصيري وَابْن الْجَزرِي والواسطي وَبَعضه بِقِرَاءَة الكلوتاتي وَحضر دروس الْهَرَوِيّ والْعَلَاء البُخَارِيّ والبساطي وَآخَرين وانتمى لتقي الدّين البُلْقِينِيّ فعاونه فِي استنزال النُّور الشلقامي لَهُ عَن مشيخة الفخرية تصوفا وتدريسا فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَتوقف النَّاظر فِي إمضائه فألزمه ابْن الْبَارِزِيّ بعناية القاياتي بذلك وَعمل حِينَئِذٍ أجلاسا بِحَضْرَة الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن المحمرة وَابْن الديري وَابْن نصر الله والأبناسي والقاياتي وَغَيرهم وَركب البغلة من ثمَّ. واستنابه شَيخنَا فِي الْقَضَاء وَلكنه لم يتصد لَهُ بل قنع باسمه حَسْبَمَا أثْبته شَيخنَا بِخَطِّهِ، ثمَّ اسْتَقر فِي تدريس مدرسة ابْن أقبغاآص
برغبة التَّاج الْمَيْمُونِيّ لَهُ عَنهُ وَفِي تدريس الشَّافِعِيَّة بالمؤيدية بعد الْجلَال الْمحلي بكليفه فِيمَا قيل لخوند لكَون زَوجته ابْنة الناصري بن المخلطة المنتمي لَهُم وَيُقَال إِنَّه توجه للمحلي قبيل مَوته بِمَال ليرغب لَهُ عَنهُ فَأبى وَعمل لَهُ أجلاسا حضر عِنْده فِيهِ البُلْقِينِيّ والتقي الحصني وَجَمَاعَة من الأكابر وَكنت مِمَّن حضر لمجيئه إِلَيّ مستدعيا وَكَاد الْجَوْجَرِيّ يقد غبنا لصرفه عَنْهَا لكَونه أمثل صوفية شافعيتها وَفِي تدريس الألجيهية برغبة الْعَلَاء البُلْقِينِيّ لَهُ عَنهُ مَعَ مَا كَانَ باسمه قبل من شَهَادَة وَقفهَا وَفِي الخطابة بالتربة الناصرية فرج بن برقوق مَعَ الْمُبَاشرَة بهَا وَفِي الشَّهَادَة بوقف الْحلِيّ وَفِي الدهيشة وَفِي سعيد السُّعَدَاء والمشارفة بوقف السيفي ومرتب بالجوالي وَغَيرهَا من الْوَظَائِف والمرتبات، بل ولي نظر البيمارستان بعد استفتاء بن الملقن)
فَأَقَامَ فِيهِ مُدَّة ثمَّ انْفَصل عَنهُ بِالْعَلَاءِ بن الصَّابُونِي فِي صفر سنة سبع وَسِتِّينَ، وَكَانَ غير مُعْتَمد فِي مُبَاشَرَته على غَيره بل يشارف الْمُتَكَلِّمين حَتَّى فِي عمل المصلوق والأشربة.
وثمول جدا وَلم يزل فِي نمو من الدُّنْيَا فَفِي أَوَائِل أمره من صناعَة الشمع وَفِي معظمه من نشر الرخام وانضم متحصله فِي ذَلِك لما يفضل عَن نَفَقَته المتوسطة أَو دونهَا من جهاته وَهُوَ شَيْء كثير وَأَنْشَأَ دَارا هائلة بِالْقربِ من مَكَان أَبِيه بحارة بهاء الدّين وَعمر بجانبه ربعا وَغير ذَلِك سوى مَا ملكه من الدّور الْمُقَابلَة لَهُ والقريبة مِنْهُ وَسوى مَكَان هائل ملكه بِالْقربِ من جَامع ابْن مُوسَى ببولاق وَآخر ببركة الرطلي. وابتنى بِأخرَة تربة ملاصقة لمصلى بَاب النَّصْر اسْتَقر بعده فِيهَا صوفية وشيخا على غير الْوَجْه الَّذِي كَانَ يرومه، وَحصل كتبا نفيسة جمة بِالشِّرَاءِ والاستكتاب وَغير ذَلِك وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء كالقاموس والتعقبات لِابْنِ الْعِمَاد وَنَحْوهَا بل كَانَ يكْتب على دروسه كِتَابَة لَا بَأْس بهَا وَرُبمَا كتب على الفتوي، وَأجَاب عَن استشكال أبي الْفضل المغربي الَّذِي أبرزه على لِسَان تِلْمِيذه البقاعي فِي تَعْلِيل سُقُوط طهورية المَاء الْمُسْتَعْمل بِمَا انقمع كل مِنْهُمَا بِهِ خُصُوصا وَقد أثنى عَلَيْهِ التقي الحصني والكافياجي وَأَبُو الْقسم النويري وَأَبُو عبد الله التريكي المغربي بِمَا يطول إِيرَاده هُنَا وَشهد لَهُ ثالثهم بِأَن فضيلته مَشْهُورَة من نَيف وَعشْرين سنة وَكَانَ ذَلِك بعد موت شَيخنَا وَلكنه مَعَ هَذَا لم يكن مجيدا للتقرير وَقد حج وصاهر ابْن المخلطة على ابْنَته فاستولدها عدَّة أَوْلَاد تَأَخّر مِنْهُم وَاحِد فَقَط فَلَمَّا ترعرع خالط ابْني ابْن أصيل لِلْقَرَابَةِ فَكَانَ ذَلِك سَببا لمُخَالفَته طَرِيق أَبِيه فِي التبذير والأتلاف بِحَيْثُ ضَاعَ على أَبِيه أَشْيَاء وَآخر أمره فَقده ألف دِينَار ظن أَبوهُ اختلاسه لَهَا وَظَهَرت قَرَائِن تشهد لذَلِك وَلَكِن لم يعلم أَبوهُ بهَا إِلَّا بعد
أَن فقدت أَو غالبها فتهدم لفقدها وَمَا احْتمل بل مَاتَ عَن قرب ممتعا بحواسه إِلَّا إِحْدَى عَيْنَيْهِ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد قبل الصَّلَاة برحبة مصلى بَاب النَّصْر ثمَّ دفن بتربته وَكَانَ لَهُ مشْهد حسن وأتلف ابْنه مَا تَأَخّر من تركته وَصَارَ زَائِد القل ثمَّ تراجع حَاله قَلِيلا. وَهُوَ من بقايا أَصْحَاب الْوَالِد بل قدمائهم والمعدود فِي عقلاء الرِّجَال مِمَّن نوه بِهِ فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة غير مرّة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي البركات مُحَمَّد بن ملك بن أنس بن عبد الْملك التقي السُّبْكِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْموقع، وَعبد الْملك هُوَ أَخُو عبد الْكَافِي وَالِد التقي السُّبْكِيّ، وَأمه)
فَاطِمَة ابْنة التقي أبي حَاتِم مُحَمَّد بن التقي أبي حَاتِم مُحَمَّد بن الْبَهَاء أَحْمد بن التقي السُّبْكِيّ وَلكَون جدها مَاتَ فِي حَيَاة أَبِيه بعد السِّتين وَسَبْعمائة خَلفه ابْنه فِي اسْمه وكنيته ولقبه. ولد التقى هَذَا فِي إِحْدَى الجماديين سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بقاعة الْأَصْبَهَانِيّ ظَاهر بَاب النَّصْر، وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والتنبيه والملحة وَعرض على الْمجد الْبرمَاوِيّ وَغَيره.
وتعانى التوقيع وتدرب فِيهِ بالقدماء وصاهر الْعِزّ بن عبد السَّلَام على ابْنَته واستولدها وَمَاتَتْ تَحْتَهُ فاتصل بابنة عَم الْبَدْر السَّعْدِيّ قَاضِي الْحَنَابِلَة شَقِيقَة زَوجته، وَحج بهَا وبالتي قبلهَا وجاور فِي كليهمَا وَكَذَا زار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَدخل الشَّام مرَارًا. وَعرض لَهُ فِي سَمعه ثقل فَاحش تعطل مِنْهُ وَتَأَخر بِهِ عَن كثير من الأشغال الَّتِي يتَوَجَّه إِلَيْهَا من هُوَ فِي عداد بنيه مَعَ لطف عشرَة وَفهم فِي الْأَدَب بل رُبمَا ينظم وَمن ذَلِك مَا كتبه للبرهان بن ظهيرة حِين قدومه الديار المصرية وصادف زِيَادَة النّيل:
(بك استأنست أَرض الْعَزِيز ومصره
…
وأوحش بَيت الله مِنْك وحجره)
(قدمت إِلَى مصر كمقدم وَائِل
…
تبيت بقطر النّيل ينهل قطره)
فِي أَبْيَات. وَكَذَا هجا ابْن الفرفور قَاضِي الشَّام بِمَا كتبته فِي تَرْجَمته. وَكَانَ مجاورا بجوارنا فِي سنة تسع وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الرَّجَاء الشَّمْس الدمسيسي ثمَّ الصحراوي الشَّافِعِي الْخَطِيب وَالِد يحيى وَابْن أخي الْفَقِيه أَحْمد الدمسيسي وَيعرف بَين أهل بِلَاده بِابْن قطب، قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل قَدِيما وتميز فِي الْفَضَائِل وخطب بِبَلَدِهِ ثمَّ بالتربة الأشرفية برسباي أول مَا فتحت إِلَى أَن مَاتَ واقفها.
وَكَانَ بديع الْقِرَاءَة والخطابة يصدع بهما الْقُلُوب النيرة مَعَ الْخط المأنوس المجود وَالنّظم بِحَيْثُ مدح شَيخنَا وَغَيره وَشرع فِي تخميس الْوَفَاة النَّبَوِيَّة وَكَذَا امتدح ابْن الديري بقصيدة قرأتها بِخَطِّهِ أَولهَا:
(فاح عبير الْمَدْح فاستنشق
…
أَوْصَاف سعد صَاح واسترفق)
(قَاضِي الْقُضَاة الديري من قد نشا
…
مَا الدَّيْر فِي زِيّ بِهِ مشرق)
(فيا لَهُ من بلد اسْمه
…
من سعده أشرق بالمشرق)
(فالمدح يمتاز بأوصافه
…
كَمَا بِهِ مداحه ترتقي)
إِلَى آخرهَا. مَاتَ فِي سنة خمس وَسِتِّينَ تقريباص رحمه الله.)
وَمَات وَهُوَ طِفْل سنة ثَلَاثِينَ بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَيُّوب الشَّمْس بن النُّور ابْن)
البرقي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد والآتي أَخُوهُ الآخر أَبُو بكر وجدهم مَعَ وَلَدي هَذَا المحمدين أبي الْفضل وَأبي الْيمن. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خلف بن عَليّ نَاصِر الدّين المنوفي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بِابْن أُخْت حُذَيْفَة. حفظ الْقُرْآن واشتغل وانضم لِابْنِ زغدان وعظمه وَكَانَ مِمَّن سمع مَعَ وَلَدي كثيرا مِمَّا قرأته لَهُ مَعَ سُكُون وَخير بِحَيْثُ كتبت عَنهُ فِي تَرْجَمَة جقمق مناما. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْيمن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو الميامن النويري الْمَكِّيّ. مَاتَ وَلم يكمل شَهْرَيْن فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. مُحَمَّد أَبُو الْيمن شَقِيق الَّذِي قبله. مَاتَ عَن ثَمَانِيَة أشهر سنة ثَمَان وَخمسين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عُثْمَان الشَّمْس البدرشي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل تربة الجبرتي بالقرافة الصُّغْرَى وَيعرف بالبدرشي. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وعدة مختصرات عرض بَعْضهَا على الزن الْعِرَاقِيّ، وتفقه بِابْن قَبيلَة الْبكْرِيّ نزيل المنصورية والبيجوري وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس السُّيُوطِيّ وَالْأُصُول عَن الْعَلَاء البُخَارِيّ والنظام الصيرامي وَعنهُ أَخذ الْمعَانِي وَالْبَيَان ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي علومه مُدَّة، ودأب حَتَّى برع واشتغل ودرس وَأفَاد وَولي تدريس الْفِقْه بِجَامِع اقسنقر وبوقف خشقدم فِي جَامع الْأَزْهَر ثمَّ ولي مشيخة التصوف والتدريس بتربة الشَّيْخ عبد الله الجبرتي بالقرافة وتنازع هُوَ وَابْن عمار بِسَبَبِهَا. وَكَانَ خيرا عَالما صَالحا انْتفع بِهِ الطّلبَة واختص بجانبك الصُّوفِي فَلَمَّا فر من السجْن امتحن هَذَا بِحَيْثُ اختفى نَحْو عشر سِنِين ثمَّ ظهر فأمسكه بَغْتَة ثمَّ فرج الله عَنهُ. وَمَات فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبَعين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم نَاصِر الدّين الْمصْرِيّ الشَّافِعِي
وَيعرف بِابْن مُسلم كمحمد. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِمصْر وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد الشهَاب الْأَشْقَر وَحضر دروس البُلْقِينِيّ ثمَّ ولديه وَغَيرهم وَكَانَ يذكر لنا وَهُوَ مِمَّن يوثق بِهِ أَنه سمع على الشّرف بن الكويك بل رَأَيْت بِخَط شَيخنَا إجَازَة الزين المراغي لناصر الدّين مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُسلم مؤرخة بالمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَلَكِن)
الظَّاهِر أَنه غَيره من أقربائه. وَكَانَ خيرا سَاكِنا مديما للتلاوة وَالصِّيَام محبا فِي الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ كثير التعهد لغالب الْأَحْيَاء مِنْهُم بل ولغالب الرؤساء بالزيارة فِي يومي الِاثْنَيْنِ وَالْخمسين بِحَيْثُ إشتهر بذلك مَعَ حسن العقيدة وَالتَّعَفُّف وَقد قصدني بالمجيء غير مرّة للسؤال عَن بعض الْأَحَادِيث ولغير ذَلِك وَكَانَ شَيخنَا يُكرمهُ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَشهد دَفنه الأكابر وَنعم الرجل كَانَ رحمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الرُّكْن مُحَمَّد الْبَدْر وَالشَّمْس أَبُو الْغَيْث الخانكي قاضيها الشَّافِعِي.
مَاتَ فِي يَوْم السبت ثَانِي جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَتِسْعين. وَسَيَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْعِمَاد البلبيسي وَالِد صاحبنا الشَّمْس مُحَمَّد الْآتِي. وَكَانَ خيرا أصيلا. مَاتَ عِنْد وَلَده بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة أَربع وَسبعين وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين السكندري ثمَّ الدمياطي الشَّافِعِي الشاذلي وَيعرف بصهر الْعَنْبَري. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن إِسْمَاعِيل بن الْمُنْتَخب الْمُحب بن الْعَلَاء ابْن الشَّمْس الْحلَبِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي جده وَيعرف بالألواحي لعملها. ولد فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَو بعْدهَا تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاجين وألفية ابْن ملك وعرضها على أَئِمَّة عصره واجتهد أَبوهُ فِي شَأْنه وحرص عَلَيْهِ أَشد الْحِرْص حَتَّى كَانَ يسمع عَلَيْهِ محافيظه دَاخل الْحمام وَيُقَال أَنه تنَاول حب البلادر. واشتغل يَسِيرا وَسمع على ابْن أبي الْمجد والتنوخي والعراقي والهيثمي والحلاوي، وَأَجَازَ لَهُ خلق باستدعاء شَيخنَا، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي الصالحية وَغَيرهَا، وَحدث بِالصَّحِيحِ وَغَيره مرَارًا وَسمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ خيرا سَاكِنا محبا فِي السماع وأقعد قبل مَوته وتعلل وَضعف بَصَره وقتا فَكَانَ الطّلبَة يقصدونه فِي منزله بالصالحية. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء خَامِس جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَدفن من الْغَد رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَليّ بن عبد الله بن مَنْصُور الشَّمْس
السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ ثمَّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن خطيب زرع لكَون جد وَالِده كَانَ خطيبها ثمَّ تداولها ذُريَّته. ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ حنفيا ثمَّ تحول شافعيا.)
وناب فِي قَضَاء بَلَده ثمَّ تولع بالأدب فنظم الشّعْر وباشر التوقيع عِنْد الْأُمَرَاء واتصل بِابْن غراب حِين مَجِيئه لدمشق ومدحه ورافقه إِلَى الْقَاهِرَة واستخدمه فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَكَذَا صحب بعض الْأُمَرَاء وَحصل وظائف ثمَّ ترقت حَاله بعد موت ابْن غراب. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَانَ عريض الدَّعْوَى جدا. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة وَهُوَ الْقَائِل:
(وأشقر فِي وَجهه غرَّة
…
كَأَنَّهَا فِي نورها فجر)
(بل زهرَة الْأُفق لِأَنِّي أرى
…
من فَوْقهَا قد طلع الْبَدْر)
وَله فِيمَا اقترح عَلَيْهِ مِمَّا يقْرَأ مدحا فَإِذا صحف كَانَ هجوا:
(التَّاج بِالْحَقِّ فَوق الرَّأْس نرفعه
…
إِذْ كَانَ فَردا حوى وَصفا مجالسه)
(فضلا وبذلا وصنعا فاخرا
…
فأسأل الله يبقيه ويحرسه)
وَذكره فِي مُعْجَمه بِاخْتِصَار فَقَالَ: تعلق بأذيال الْأَدَب وَقَالَ الشّعْر المقبول وَكَانَ فِيهِ عجب شَدِيد وَدَعوى عريضة، وَصَحب أخيرا سعد الدّين بن غراب وخدم فِي ديوَان الْإِنْشَاء، رَأَيْته مرَارًا وَسمعت من نظمه ومدح فتح الله بقصيدة نونية لَا بَأْس بهَا. وَذكره ابْن خطيب الناصرية أَيْضا والمقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن نصير ككبير الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الأديب عَم الشَّمْس مُحَمَّد الْمَاضِي قَرِيبا وَيعرف بِابْن الفالاتي. ولد كَمَا أَخْبرنِي بِهِ فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بدار الْبِطِّيخ من دمشق وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن ثمَّ انْتقل مِنْهَا وَقد جَاوز عشر سِنِين بِيَسِير مَعَ أَبِيه إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها وَكتب على الوسيمي فانصلح خطه وعني بنظم الْفُنُون حَتَّى صَار لَهُ فِي ذَلِك يَد وَعظم بَين أهل فنه فَكَانَ هُوَ الَّذِي يكْتب مَا يتَعَلَّق بالعوام من الأوراق الَّتِي ينحون بهَا نَحْو مَا يَفْعَله موقعو الْإِنْشَاء بالتقاليد وَكَانَ أَبوهُ منجمعا يَأْخُذ الفأل وَينظر الطالع كالثور والزهرة وَنَحْو هَذَا مِمَّا يعمله أهل الطّرق واقام ابْنه بِالْقَاهِرَةِ يعاني النّظم ويمدح الإمراء والأكابر إِلَى أَن بَقِي أديبها وحكويها الْمَوْصُوف حَتَّى كَانَ يدْخل لجمال الدّين الاستادار فينشده وَتردد مَعَه إِلَى الشَّام وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَلَاث وَكَانَ يكْتب لشَيْخِنَا بعض مَا ينظم من الأزجال والمواليا وَنَحْوهَا فَيُجِيبهُ، وَله حَلقَة هائلة بَين العشاءين تَحت شباك الصالحية وتمول من ذَلِك بحث خلف من الْأَوْقَاف مَا ارتفق بِهِ ابْن
أَخِيه كل ذَلِك مَعَ الْخَيْر النسبي والسكون وَكَونه أحد صوفية البيبرسية. وَقد كتب عَنهُ شَيخنَا ومدحه)
بل رثاه بِقِطْعَة ضمنهَا أَسمَاء السُّور بديعة سَمعتهَا مِنْهُ وَمَا تيسرت كتَابَتهَا، وَكَذَا كتبت عَنهُ قَوْله:
(قَالَ الحبيب اصف قدي وَلَا تشتط
…
وصف عذارى الَّذِي فِي وجنتي قد خطّ)
(قلت الَّذِي قد كتب فِي لوح خدك خطّ
…
قلم قوامك بَرى مَا لَاحَ مثلو قطّ)
وَفِي معجمي من نظمه غير هَذَا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتِّينَ عَفا الله عَنهُ ورحمه وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن مُسلم البالسي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن عِيسَى التقي بن النوربن الْأمين التسولي بِالْمُثَنَّاةِ ثمَّ الْمُهْملَة المضمومة الشَّاهِد الْمَذْكُور أَبوهُ فِي مُعْجم شَيخنَا. ولد سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وتفقه قَلِيلا ثمَّ جلس مَعَ الشُّهُود وَأحب الْآدَاب، وارتحل لدمشق سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي طلبَهَا. وَكَانَ حاد النادرة لطيف المحاضرة قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه سَمِعت من فَوَائده كثيرا وأنشدني لغيره أَيْضا كثيرا وَلم أَقف على شَيْء من سَماع الحَدِيث. مَاتَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله بن النُّور القاياتي القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت الْفَخر القاياتي. ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بالقايات من أَعمال البهنساوية وَقَرَأَ بعض الْقُرْآن ثمَّ نَقله أَبوهُ إِلَى الْقَاهِرَة عِنْد عَمه الناصري مُحَمَّد فأكمله عِنْده وَحفظ الْمِنْهَاج وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وألفية النَّحْو وَكَذَا التسهيل فِيمَا قيل وَعرض على جمَاعَة وَحضر دروس البُلْقِينِيّ وَكَذَا درس الأبناسي وَابْن الملقن وَأخذ الْفِقْه والفرائض عَن عَمه، وَكَانَ ماهرا فِي الْفَرَائِض والفرائض فَقَط عَن الشَّمْس الغراقي والتقي بن الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ مُتَقَدما فِيهَا والشهاب العاملي وَالْفِقْه عَن الشَّمْس القليوبي والبدر الطنبدي والنور الأدمِيّ وعنهما أَخذ أصُول الْفِقْه وَعَن أَولهمَا أَخذ النَّحْو وَكَذَا أَخذ الْأُصُول عَن قنبر العجمي وَأثْنى على علمه سِيمَا التصوف والقطب الأبرقوهي وعنهما أَخذ الْمنطق ولازم الْهمام العجمي فِي الْأَصْلَيْنِ والنحو وَالصرْف وَكَانَ الْهمام فائقا فِيهِ وَسمع عَلَيْهِ غَالب مَا أقرأه من الْكَشَّاف وَهُوَ الَّذِي ألزمهُ فِيمَا قيل بِحِفْظ التسهيل وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة أَيْضا عَن الشطنوفي وَيُقَال إِن جلّ انتفاعه فِيهَا كَانَ بِهِ وَكَذَا أَكثر من مُلَازمَة الْعِزّ بن جمَاعَة فِيمَا كَانَ يقرئه من الْعُلُوم بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ والبساطي والْعَلَاء البُخَارِيّ حِين قدومه الْقَاهِرَة)
فَسمع مِنْهُ الْمنطق والجدل والأصلين والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَغَيرهَا من المعقولات والمنقولات وَلم يُفَارِقهُ حَتَّى سَافر وَتقدم بِهِ كثيرا
لدقة نظره وحدة فكره الَّذِي لم يكن يقدم عَلَيْهِ فيهمَا غَيره بل قَالَ أَنه إِذا فكر فِي مَحل خَال لَا يلْحقهُ لَا القطب وَلَا التَّفْتَازَانِيّ وَلَا غَيرهمَا، وَلما سَافر مغضبا برز والأبناسي والونائي إِلَى دمياط حَتَّى رجعُوا بِهِ. وجود الْقُرْآن على بعض الْقُرَّاء وَسمع اتِّفَاقًا على الْعِزّ بن جمَاعَة تساعيات جده الْأَرْبَعين وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ ختم السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وَغَيره والشهاب الوَاسِطِيّ جُزْء البطاقة وَغَيره وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ الْكثير ولازمه وَأخذ عَنهُ فِي شرح الألفية لوالده وَوَصفه بالشيخ الْفَاضِل وَكَذَا أَخذ فِيهِ عَن شَيخنَا وَسمع عَلَيْهِ كثيرا من كتب الحَدِيث فِي رَمَضَان وَغَيره بل ذكر أَنه سمع البُخَارِيّ على البُلْقِينِيّ وَأَنه سمع على أهل طبقته كالزين الْعِرَاقِيّ وَابْن الملقن ثمَّ التقي الدجوي والبدر الطنبدي فِي آخَرين، وتلقن الذّكر من إِبْرَاهِيم الأدكاوي وَغَيره. وَلم يزل يدأب حَتَّى تقد فِي الْفُنُون كلهَا وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ فِي جلها مَعَ مزِيد الْفَاقَة والتقلل بِحَيْثُ صَار لذَلِك يتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي جَامع الصَّالح وَغَيره إِلَى أَن حصل لَهُ ولرفيقه الفيشي فِي تَرِكَة ابْن مخلوف الزيات ألف دِينَار فِيمَا قيل فَأَعْرض حِينَئِذٍ عَن الشَّهَادَة وَكَذَا تكسب بالزراعة أَيْضا ثمَّ ارْتقى فَنزل طَالبا بالمؤيدية ثمَّ مدرس الْمُحدثين بالبرقوقية بعد وَفَاة النُّور القمني ثمَّ مدرس الشَّافِعِيَّة بالأشرفية برسباي أول مَا فتحت ثمَّ شيخ سعيد السُّعَدَاء برغبة الشهَاب بن المحمرة ثمَّ مدرس الغرابية بعد الشّرف السُّبْكِيّ ودام إِلَى أَن خطبه الظَّاهِر جقمق لقَضَاء الشَّافِعِيَّة بعد صرف شَيخنَا فباشره بعفة ونزاهة وَتثبت فِي النواب بِحَيْثُ أَنه لم يَأْذَن إِلَّا لقَلِيل مِنْهُم وَقَامَ بعمارة الْأَوْقَاف وَالنَّظَر فِي مصالحها وَالصرْف لمستحقيها ثمَّ اسْتَقر بِهِ فِي تدريسي الْفِقْه بالشيخونية والصلاحية الْمُجَاورَة للشَّافِعِيّ مَعَ النّظر عَلَيْهَا بعد موت الونائي ثمَّ انتزع لَهُ مشيخة البيبرسية ونظرها من شَيخنَا وَلم يحمد الْعُقَلَاء إجَابَته فِيهَا وَلَا تعرضه لوَلَده وَنَحْوه مِمَّا بسطته فِي محاله مَعَ أَن ذَلِك لم يكن بمانع لَهُ عَن الثَّنَاء عَلَيْهِ فِي إنبائه بعد مَوته، وَنَدم فِيمَا بَلغنِي على قبُول الْولَايَة وَمَا جرت إِلَيْهِ وَكَاد أَن يتزحزح عِنْد السُّلْطَان فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمسين وَصلي عَلَيْهِ فِي سَبِيل المؤمني فِي مشْهد فِيهِ السُّلْطَان والقضاة وَالْعُلَمَاء والأعيان وَخلق تقدمهم أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ دفن بتربة سعيد السُّعَدَاء وَعظم الأسف على فَقده ورثاه غير وَاحِد كيحيى بن الْعَطَّار وأولها:)
(حقيق أَنْت بِالذكر الْجَمِيل
…
لبعدك فِي زَمَانك عَن مثيل)
(طلعت على الْبَريَّة شمس علم
…
فَلَا عجب مصيرك للأفول)
وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة غَايَة فِي التَّحْقِيق وجودة الْفِكر والتدقيق مزيحا للمشكلات بجلى
عِبَارَته ومريحا من التَّعَب بواضح عباراته فكره الثاقب غَايَة فِي الاسْتقَامَة وَنَظره الصائب لَو رام اعوجاجا لم يبلغهُ ميزَان الْعلم مرامه بعد صيته وشاع ذكره وخشي فَوته وَصَارَ شيخ الْفُنُون بِلَا مدافعة وَمن بِهِ تقر الْعُيُون بعد النّظر والمطالعة لَا يمترى فِي تَحْقِيقه وَصِحَّة فكره ممترى وَلَا يتَوَقَّف فِي ذَلِك إِلَّا حَاسِد أَو مفترى تصدى للإقراء زَمَانا فَانْتَفع بِهِ خلق وتزاحم النَّاس عَلَيْهِ من سَائِر أَرْبَاب الْفُنُون والطوائف والمذاهب وانتشرت تلامذته وصاروا رُؤَسَاء فِي حَيَاته وتحرى فِي الْفَتَاوَى فَلذَلِك قلت وَحدث باليسير. كل ذَلِك مَعَ الدّين وَالْعقل والتواضع والتقشف والحلم وَالِاحْتِمَال والمحاسن الوافرة. وَكتب على الْمِنْهَاج قطعا مُتَفَرِّقَة كثر اعتناؤه فِيهَا بِدفع كَلَام الأسنوي وَعمل ذيلا ونكتا على الْمُهِمَّات وَقد بسطت تَرْجَمته فِي ذيل الْقُضَاة والمعجم والحوادث وَهِي إطالة فِي مَعْلُوم قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: وَلم تحمد سيرته يَعْنِي من قَضَائِهِ لتتبع عثرات من قبله مَعَ كَونه أحد شُيُوخه والقائمين بِهِ وَلذَا مقت، قَالَ وَكَانَت طَرِيقَته قبل الْقَضَاء أحسن لِأَنَّهُ كَانَ متصديا للْعلم لَيْلًا وَنَهَارًا بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَببا لشهرته بِالْعلمِ وانتفاعه رحمه الله وإيانا. وَقد أفحش يُوسُف بن تغري بردى مِمَّا أَظن أَن البقاعي كتبه لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّه تغير بعد يسير عَن حَاله الأول حَيْثُ لبس المسقول وَكبر عمَامَته وَمَال إِلَى المنصب ميلًا كثيرا واستناب النواب الْكَثِيرَة وراعى أهل الدولة وَعمل بالرسالة من الْأَعْيَان وتشاهم فِي سَلامَة وتعاظم فنفرت قُلُوب بعض النَّاس مِنْهُ لذَلِك لما كَانُوا يعهدونه من تملقه وبشابته وتقشفه أَولا. وَإِنَّمَا ظَنَنْت كَون هَذَا كَلَام البقاعي لِأَنِّي رايت بِخَطِّهِ فِي تَرْجَمته مَا هُوَ أقبح من هَذَا نسْأَل الله السَّلامَة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو المحاسن بن نور الدّين الْمحلي الشَّافِعِي وَالِد عَليّ وَيعرف بِابْن الْكَبِير لكَون جده كَانَ كَبِير الحرافيش. اشْتغل فِي الْعَرَبيَّة يَسِيرا وشارك فِي صناعَة الشُّرُوط وَاسْتقر بِهِ الْعلم البُلْقِينِيّ فِي قَضَاء الْمحلة عوضا عَن قريبهم أوحد الدّين العجيمي وَكَذَا اسْتَقر بِهِ الْمَنَاوِيّ ثمَّ الولوي الأسيوطي وَلم تتفق مُبَاشَرَته لَهَا إِلَّا فِي أَيَّامه على رغم من الأسيوطي لكَونه بِأَمْر من السُّلْطَان، وَآل أمره إِلَى استقراره فِي محلّة أبي)
الْهَيْثَم. وَيذكر بِسوء سيرة وأفعال غير مرضية. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر القاهري الْوَكِيل وَالِد التقي مُحَمَّد الْحَنَفِيّ الْآتِي وَيعرف بِابْن القزازي. مِمَّن ترقى فِي صناعته وتمول مَعَ حشمة وعقل. مَاتَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر بن القَاضِي. نور الدّين بن الشّرف الشنشي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أحد شُهُود الصالحية وسوق الرَّقِيق. مِمَّن سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية وعَلى شَيخنَا قبل ذَلِك فِي سنة أَرْبَعِينَ فِي الدَّارَقُطْنِيّ وَكَانَ يسكن جوَار
جَامع الغمري وَله تصوف فِي البيبرسية وَلم يكن بالمرضي. مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء رَابِع عشر صفر سنة سِتّ وَخمسين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْبَدْر القاهري ثمَّ الخانكي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن التَّاجِر لكَون أَبِيه كَانَ تَاجِرًا. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَهُوَ أسن الثَّلَاثَة ويليه أَحْمد الْمَاضِي. مُحَمَّد أَبُو الْخَيْر البلبيسي الأَصْل الخانكي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن التَّاجِر أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ بكنيته أشهر. ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالخانقاه وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره، وَعرض على جمَاعَة واشتغل عِنْد النُّور البوشي ثمَّ ارتحل وَأخذ عَن الْمحلي والمناوي والوروري والتقي والْعَلَاء الحصنيين والتقي الشمني وتميز وأقرأ الطّلبَة وَاسْتقر فِي تدريس الخانقاه عوضا عَن الونائي وَحج غير مرّة وَدخل بَغْدَاد وَالْعراق وَغَيرهَا كالشام وحلب وتكسب وَلم يحمد فِي معاملاته مَعَ تقشف وميل فِي الدُّنْيَا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْجمال بن النُّور أبي الْحسن بن أبي الْخَيْر المريسي الأَصْل الْمدنِي المولد الجدي نِسْبَة لجدة فَهُوَ مَعَ أَخِيه مِمَّن يُبَاشر مَا يتَعَلَّق بالشريف بهَا، وَمِمَّنْ ارتحل إِلَى مَكَّة فَقَرَأَ على ثلاثيات البُخَارِيّ وأربعي النَّوَوِيّ وَبَعض الشفا وَسمع على غير ذَلِك بل سمع مني المسلسل وَأثْنى على عقله وسياسته وَأَنه هُوَ وَأَبوهُ مِمَّن يقْرَأ الْقُرْآن بل حفظ هَذَا فِي الْمِنْهَاج وَغَيره، وكتبت لَهُ إجَازَة وأجزت لِبَنِيهِ الثَّلَاثَة وفارقته فِي موسم سنة أَربع وَتِسْعين ثمَّ رَأَيْته بعد ذَلِك حِين سلم عَليّ فِي الْمُجَاورَة بعْدهَا مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله الزراتيتي الْمُقْرِئ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس بن النُّور خَادِم سَيِّدي جَعْفَر بِالْقربِ من سوق أَمِير الجيوش مِمَّن قَرَأَ الحَدِيث وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَتردد إِلَيّ مَعَ ولد لَهُ وَغَيره، وتكسب)
بالتعليم وتنزل فِي الْجِهَات بل بَاشر فِي بعض وظائف البيمارستان وَكَانَ خَبِيرا بدنياه. مَاتَ قريب السّبْعين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو الْوَفَاء بن النُّور الحصني الأرميوني القاهري المقسي الْحَنَفِيّ الشريف إِمَام القجماسية. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وَالْمجْمَع والمنار والعمدة للنسفي وألفيتي الحَدِيث والنحو وَالتَّلْخِيص والشمسية والتهذيب للتفتازاني كِلَاهُمَا فِي الْمنطق وَعرض على جمَاعَة كَابْن الديري وَابْن الْهمام والمناوي وَأخذ القراآت
عَن الشهابين الشارمساحي والسكندري وَالشَّمْس بن الْعَطَّار والزين ماهر وَأبي الْقسم النويري وَابْن كزلبغا فعلى الأول للعشر وعَلى الثَّالِث للسبع بعض ختم وعَلى الثَّانِي لنافع وَابْن كثير وَغَيرهمَا وعَلى الأخي رلنافع وَابْن كثير وَأبي عَمْرو ثمَّ للسبع إِلَى أثْنَاء الْحجر كلهم بِالْقَاهِرَةِ وَعَن السَّيِّد الطباطبي للعشر بِمَكَّة ثمَّ بعضه بِجَامِع ابْن الرّفْعَة وَالْفِقْه عَن أبي الْعَبَّاس السريسي والزين قَاسم بل وَالْقَاضِي سعد الدّين بن الديري وَأكْثر عَنهُ وَالْأُصُول عَن أَوَّلهمْ وأصول الدّين عَن ابْن الْهمام والعربية عَن الشّرف مُوسَى البرمكيني والجلال المرجوشي وألفية الحَدِيث وَغَيرهَا بحثا عَن كَاتبه فِي آخَرين مِمَّن حضر دروسهم كالأقصرائي والكافياجي وبرع فِي الْفَضَائِل وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن الديري فَمن بعده وناكده الْمُحب بن الشّحْنَة لمزيد اخْتِصَاصه بِابْن الصَّواف وَمَا نَهَضَ لترك استنابته ثمَّ اقتفى أَثَره الأمشاطي بعد أَن ولاه إِلَى أَن أخْلص هُوَ فِي التّرْك، وَحج غير مرّة قبل ذَلِك وَبعده وجاور وَصَحب عبد الْمُعْطِي المغربي وَعظم اخْتِصَاصه بِهِ وَأخذ عَنهُ التصوف وَغَيره وَاسْتقر فِي تدريس الأينالية بالشارع والإعادة بالمهمندارية مَعَ نِيَابَة نظرها برغبة الْبُرْهَان الكركي لَهُ عَنْهَا وَفِي التدريس بالفخرية ابْن أبي الْفرج وبمسجد خَان الخليلي بعد الشَّمْس الأمشاطي وَفِي الْإِمَامَة بِالْقصرِ ومرتب بالجوالي الطرابلسية بعد التَّاج عبد الْوَهَّاب الشَّامي وَفِي تدريس القجماسية المستجدة وإمامتها وخزن كتبهَا فالتدريس بعد قَاضِي الْحَنَفِيَّة ابْن المغربي والإمامة والخزن بعد الشَّمْس النوبي. وتصدى للإقراء فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والمعاني وَالْبَيَان وَغَيرهَا كالقراآت بل وَكتب على الْمجمع كِتَابَة جَامِعَة وَصلى فِيهَا إِلَى صَلَاة الْعِيد فَأكْثر، ورزقه الله ملكة قَوِيَّة فِي التَّعْبِير عَن مُرَاده مَعَ مزِيد حافظة وَحسن تصور واستحضار لمحافيظه واعتناء بزيارة الشَّافِعِي فِي كل جُمُعَة)
وَكَونه يمشي لذَلِك من بَاب القرافة أدبا وَكَثْرَة خضوعه للمنسوبين للصلاح وتراميه عَلَيْهِم بل عِنْده من التَّوَاضُع وَالْأَدب والمداراة والتودد بالتردد لمن يألفه أَو يترجى نَفعه وألفاظ بليغة وَمَعَان جَيِّدَة يستعملها فِي مخاطباتهم لَو كَانَت عَن روية لحمدت مَعَ بُد تَامّ عَن دناءة النَّفس ومزيد رَغْبَة فِي إِظْهَار النِّعْمَة فِي ملبسه وَنَحْوه وحشمة وافرة وموافاة تَامَّة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس الحليبي القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي ابْن الْأَبَّار وَيعرف بالحليبي تَصْغِير حَلَبِيّ. لَازم الْفَخر المقسي والعبادي الْجَوْجَرِيّ وَحضر عِنْد البقاعي وَابْن قَاسم والْعَلَاء الحصني وزَكَرِيا وَابْن أبي شرِيف بل قَرَأَ
على أَخِيه الْبُرْهَان فِي التَّقْسِيم وَفِي ابْتِدَائه عِنْد السنتاوي وتميز سِيمَا فِي الْفِقْه وتنزل فِي البيبرسية وَغَيرهَا كالأزبكية بل اسْتَقر فِي مشيخة زَاوِيَة نصر الله بِالْقربِ من خَان الخليلي لكَونه لَازم درس الْبَدْر مُحَمَّد بن الْكَمَال نَاظر الْجَيْش وَكَذَا أَكثر من مُلَازمَة الزيني بن مزهر وَبِه تخلص من قَاضِي الْمَالِكِيَّة ابْن تَقِيّ فِي كائنة ابْن عَرَبِيّ حَيْثُ بَادر إِلَى تعذيره والاستحكام بخفر دَمه وَتردد إِلَى من أجلهَا ثمَّ بعْدهَا وَحضر عِنْدِي بعض الْمجَالِس ورام تقريضي شَيْئا جمعه فَمَا أمكن، وَقد حج مرَارًا على السحابة المزهرية وَغَيرهَا وَكَاد أَن يبعده وَهُوَ من عشراء عبد الْبر بن الشّحْنَة وَابْن قَرِيبه مِمَّن درس بالأزهر وَغَيره بل وَأفْتى وتمشيخ بل استنابه الزيني زَكَرِيَّا وَصَارَ أحد قُضَاة الْبَاب بل هُوَ أحد الْمشَار إِلَيْهِم عِنْده فِي عُقُود الْمجَالِس وَنَحْوهَا مَعَ حمق وتظاهر بالتدين ومدح نَفسه بِمَجْلِس الْأَشْرَف قايتباي بِحَضْرَة الْقُضَاة وانتهره الْأَشْرَف وتأسف بعد ذَلِك على فَوت ضربه وإشهاره فتدارك نَفسه بعزلها وَاسْتمرّ معزولا إِلَى وَفَاة واشتهر حِين دُخُوله فِي الإمانة نِيَابَة بتساهله فِي التركات وتناوله مِنْهَا مَا ينبو عَنهُ السّمع بِحَيْثُ أثرى وتمول وَعلم بِهِ الزين زَكَرِيَّا سَمَاعا إِلَّا أَنه لزم غلطه فِيهِ إِلَى انْفِصَاله مِنْهَا بِالصرْفِ وَجهد نَفسه بعد عوده للْقَضَاء فِي السَّعْي فِيهَا فَلم يجب وَصَارَ ممقوتا عِنْده مَعَ انحطاط رتبته عَمَّا قبله وعَلى كل حَال فباطنه أحسن من رَفِيقه، وَقد صنف بَعضهم غضب الْجَبَّار على ابْن الْأَبَّار.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس الزراتيتي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس المشهدي ابْن الْقطَّان. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ: أَخذ عَن الْوَلِيّ الملوي وَنَحْوه واعتنى بالعلوم الْعَقْلِيَّة. واشتغل كثيرا حَتَّى تنبه وَكَانَ يدْرِي الطِّبّ)
وَلَكِن لَيست لَهُ معرفَة بالعلاج سَمِعت فَوَائده. وَمَات فِي الطَّاعُون سنة تسع عشرَة عَن نَحْو السِّتين. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْفَخر أَبُو بكر بن دويم الْمصْرِيّ التَّاجِر وَكيل شَيخنَا. تمول وَأَنْشَأَ دَارا هائلة بِمصْر وسافر فِي التِّجَارَة لمَكَّة وَغَيرهَا ثمَّ انْقَطع بِمَكَّة وَتزَوج الشَّرِيفَة ابْنة الفاسي زوج أبي السعادات بن ظهيرة وَأم وَلَده الرَّافِعِيّ فِي حَيَاته وَكَانَ يترفع على رفاقه التُّجَّار متمسكا بِكَوْنِهِ خالط الْعلمَاء وَيَزْعُم مَعَ عدم تحرية أَن شَيخنَا كَانَ يَقُول هُوَ الْفجْر الصَّادِق. مَاتَ قريب السّبْعين ظنا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد البهرمسي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد السّلمِيّ. فِيمَن جده مُحَمَّد بن مَحْمُود. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الْخَطِيب الصُّوفِي. شخص لقِيه مُحَمَّد المرشدي الْمَكِّيّ
بهَا فِي شَوَّال سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة فصافحه وَأخْبرهُ بهَا عَن الْجمال عبد الله بن أَحْمد بن أبي الْقسم الْأمَوِي الخلاطي الْمَالِكِي الكحال عَن عَمه الشَّمْس مُحَمَّد بن أبي الْقسم عَن الشهَاب أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْغفار بقوص عَن أبي الْعَبَّاس الملثم عَن معمر وَهُوَ بَاطِل فمعمر لَا وجود لَهُ وشابكه وَأخْبرهُ بهَا عَن الْعِزّ بن أبي بكر ابْن جمَاعَة وَأَنه شابك أَبَا عبد الله مُحَمَّد شيرين وَهُوَ أَبوهُ بِسَنَدِهِ الَّذِي انتهاؤه مَنَام وَألبسهُ الْخِرْقَة وَأَنه لبسهَا من الْعَلَاء أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد وَمن عَمه التقي أبي بكر بن يحيى بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن الْعِمَاد أبي صلح بن أبي بكر بن عبد الرَّزَّاق بن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الكيلاني بلباس أَولهمَا من أَبِيه وَهُوَ وَأَخُوهُ من أَبِيهِمَا وَهَكَذَا إِلَى انتهائه. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو الْفَتْح الْهِنْدِيّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن عَليّ الملقب سناء القطب بن الزين بن النَّجْم بن الزين الْأَصْبَهَانِيّ ثمَّ الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي نزيل مَكَّة ووالد لعفيف الدّين مُحَمَّد الْآتِي. ولد بعيد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بشيراز وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد حُسَيْن الْملك وَأخذ النَّحْو عَن محيي الدّين الكوش كناري قَرْيَة من قرى لار وَالصرْف عَن تَاج الدّين الخفري والمنطق عَن الخواجا حسن شاه الْبَقَّال والمعاني وَالْبَيَان عَن الخواجا الشَّمْس مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ عرف بالمؤيد وأصول الدّين عَن غياث الدّين المنشي وقوام الدّين الخفري والمنطق عَن الخواجا)
حسن شاه الْبَقَّال والمعاني وَالْبَيَان عَن الخواجا الشَّمْس مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ عرف بالمؤيد وأصول الدّين عَن غياث الدّين المنشي وقوام الدّين الكربالي أحد تلامذة الْجِرْجَانِيّ وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بِجَامِع بَلَده الْعَتِيق وبلار وهرموز وَغَيرهَا، وَحج وجاور بِمَكَّة نَحْو ثَمَان سِنِين ولقيني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَقَرَأَ عَليّ أَشْيَاء دراية وَرِوَايَة واغتبط بذلك وَسمع الْكثير من تصانيفي وَغَيرهَا، وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة كتبت مِنْهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير، مَعَ فَضِيلَة فِي الْعَرَبيَّة وَالصرْف وتصديه لإقرائهما هُنَاكَ مَعَ إنجماع وتقنع وَرجع إِلَى بِلَاده وَبَلغنِي أَنه تمول وَطَابَتْ دُنْيَاهُ ثمَّ عَاد لمَكَّة ولقيني بهَا فِي سنة سبع وَتِسْعين فَمَا بعْدهَا وتزايد انجماعه بِحَيْثُ أعرض عَن الْأَقْرَاء وَسمع عَليّ فِيهَا وَفِي الَّتِي بعْدهَا أَشْيَاء وَهُوَ على قدم صَالح.
مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَليّ بن مَحْمُود الشَّمْس بن المغلي الْحَنْبَلِيّ. هُوَ عبد الْقَادِر مضى. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود الشَّمْس بن التَّاج بن النَّجْم الْعمريّ الكيلاني الْحَنْبَلِيّ. مِمَّن سمع على شَيخنَا المبتاينات بِقِرَاءَة الفتحي وَوَصفه بالعالم وَكَذَا سمع عَلَيْهِ فِي الْبَحْث كثيرا من شرح ألفية الحَدِيث وَشَيْخه فِي التَّبْلِيغ بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْخُلَاصَة للطيبي بحثا وأربعي النَّوَوِيّ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود الْمَكِّيّ
لقرية تَلا من عمل الأشمونين بِأَدْنَى الصَّعِيد. ولد بهَا قبل سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على أَبِيه ثمَّ تحول فِي حَيَاته إِلَى الْقَاهِرَة مُهَاجرا فِي طلب الْعلم فاشتغل أَولا على مَذْهَب أَبِيه مالكيا وَحضر دروس خلف الْمَالِكِي ثمَّ تحول شافعيا وَحضر دروس الأبناسي والبلقيني وَابْنه الْجلَال وقريبه أبي الْفَتْح وَابْن الملقن والبرهان الْقُدسِي وَغَيرهم وَكَذَا حضر دروسا فِي النَّحْو عِنْد عبيد البشكالسي وَالشَّمْس الغراقي فِي آخَرين وَسمع على الزفتاوي وَابْن الشيخة والتنوخي والمطرز والحلاوي والسويداوي والغراقي والهيثمي والأبناسي والغماري والمراغي والتقي الدجوي والشرف بن الكويك والتاج بن الفصيح وناصر الدّين نصر الله الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ جمع من الشاميين، وَكتب التوقيع فِي ديوَان الْإِنْشَاء وَأم بِالْقصرِ من القلعة بل نَاب فِي الْقَضَاء عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ وتنزل فِي سعيد السُّعَدَاء وَحدث بالبخاري وَغَيره سمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء، أخذت عَنهُ أَشْيَاء، وَكَانَ خيرا مديم التِّلَاوَة بِحَيْثُ كَانَ تلائيا حسا وَمعنى مَعَ التَّهَجُّد والمحافظة على الْجَمَاعَة والانجماع وَالْحِفْظ لكثير من كرامات الصَّالِحين، وَله نظم كتبت)
بعضه فِي المعجم. وَمَات فِي ثَانِي الْمحرم سنة سبع وَخمسين بِمصْر الْقَدِيمَة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله الجزيري المغربي الْمَالِكِي نزيل الْمَدِينَة. اشْتغل ببلاده ثمَّ قدم فحج وَدخل الرّوم وَأخذ بهَا باسطنبول عَن مولى عراب وَحضر دروس الشهَاب الكوراني، واستوطن الْمَدِينَة من سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ مديما للاشتغال عِنْد الْمَالِكِي وَالسَّيِّد وَغَيرهمَا ولازمني فِي إقامتي بهَا حَتَّى قَرَأَ على بعض شرح الْعُمْدَة لِابْنِ دَقِيق العَبْد وَمن أول الأَصْل الثَّانِي من تَحْرِير الأقطاب والفصول فِي تَحْرِير علم الْأُصُول لِابْنِ شَاس بحثا. وَسمع على مبَاحث جلّ الألفية واليسير من شرحها وَغير ذَلِك رِوَايَة ودراية وكتبت لَهُ مَا أوردت بعضه فِي التَّارِيخ الْكَبِير، وَهُوَ إِنْسَان فَاضل مشارك رَاغِب فِي المباحث والتحصيل. مَاتَ فِي أحد الربيعين سنة إِحْدَى وَتِسْعين. مُحَمَّد بن عَليّ بن الشَّيْخ مِصْبَاح بن مُحَمَّد بن أبي الْحسن الشَّمْس بن النُّور ابْن الضياء اللامي ثمَّ القاهري المقسي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن أُخْته عبد الرَّحِيم
الأبناسي.
ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمُتُون ولازم صهره الْبُرْهَان ابْن حجاج الأبناسي فِي قِرَاءَة الْعَضُد وَغَيره بل وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء فِي الْأَصْلَيْنِ والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك وَأخذ الْفِقْه عَن الشّرف السُّبْكِيّ والونائي بل وَقبل ذَلِك عَن الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الوَاسِطِيّ أَشْيَاء وَابْن الْجَزرِي والفوي وَابْن الْمصْرِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ فِي آخَرين مِمَّا ضبط الْأَسْمَاء فِي بعضه وَأكْثر عَن شَيخنَا وَكَانَ فَاضلا لكنه وقف فِي أَوَاخِر أمره مَعَ ملازومته للخير وَالتَّعَفُّف الزَّائِد وَالْكَرم التَّام مَعَ الْفَاقَة، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَخمسين قبل إِكْمَال الْخمسين وَدفن عِنْد أَخِيه مِصْبَاح بجوار ضريح شهَاب ظَاهر بَاب الشعرية. رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن معبد بن عبد الله الشَّمْس الْمَقْدِسِي الْمدنِي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَيعرف بالمدني. ولد سنة تسع وَخمسين وَأذن بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة ثمَّ قطن الْقَاهِرَة واشتغل قَلِيلا وَأخذ عَن الْجمال بن خير ولازمه وَسمع الحَدِيث من المحيوي عبد الْقَادِر الْحَنَفِيّ وَحدث عَنهُ بالزهد للبيهقي، ثمَّ ولي تدريس الحَدِيث بالشيخونية فباشره مَعَ قلَّة علمه بِهِ مُدَّة ثمَّ نزل لشَيْخِنَا عَنهُ ثمَّ ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بعناية فتح الله كَاتب السِّرّ فِي الْأَيَّام الناصرية ثمَّ صرف)
فِي الْأَيَّام المؤيدية ثمَّ أُعِيد وَكَانَ مَشْهُورا بالعفة فِي أَحْكَامه وَوَقعت لَهُ كائنة صعبة مَعَ شرِيف فَلم يقْتله فَأنْكر عَلَيْهِ ذَلِك أهل مذْهبه وَلم يكن فِي مذْهبه بالماهر. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ مَاتَ يَعْنِي وَهُوَ قَاض فِي عَاشر ربيع الأول سنة تسع عشرَة. وَقَالَ فِي مُعْجَمه أجَاز فِي استدعاء ابْني. وَقَوله فِي رفع الأصر أَنه ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة مرَّتَيْنِ سَهْو. وَهُوَ فِي الإنباء والمعجم على الصَّوَاب، وترجمه المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن مقدم بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة الثَّقِيلَة ابْن مشرف بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُشَدّدَة القاهري الصحراوي النجار بواب تربة برقوق وَيعرف بخادم أبي بكر البجائي وَكَانَ يلقب قبل بسكيكر بِالتَّصْغِيرِ. ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن فِي مكتب تربة طشتمر حمص أَخْضَر فَمسح الزين الْعِرَاقِيّ على رَأسه ودعا لَهُ، وخدم غير وَاحِد من الْعلمَاء والصلحاء وتكسب نجارا وَكَانَ معلمه فِيهَا يخْدم أَبَا بكر البجائي فَلَمَّا مَاتَ خَلفه فِي خدمته فَعرف بِهِ ثمَّ اشْترك مَعَ الشَّيْخ عبيد بن أَحْمد فِي بوابة تربة الظَّاهِر برقوق وَأقَام بهَا وَسمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ، وأجازت لَهُ عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَآخَرُونَ ولقيه البقاعي.
مَاتَ قريب الْأَرْبَعين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ بن مَنْصُور بن زين الْعَرَب أَبُو اللطف الحصكفي ثمَّ الْمَقْدِسِي
الشَّافِعِي وَيعرف فِي بِلَاده بِابْن الْحِمصِي وَفِي هَذِه النواحي بكنيته. ولد فِي سنّ تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بحصن كيفا من بِلَاد بكر وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن عِنْد النَّجْم العجمي المراغي وتلا بِهِ عَلَيْهِ لعاصم وَنَافِع وَابْن كثير وَكَذَا على ابْن المصبر، وَحضر عِنْد الزين عبد الرَّحْمَن بن الْحَلَال بِالْمُهْمَلَةِ ثمَّ التَّشْدِيد واستفاد من قِرَاءَة النَّاس عَلَيْهِ وَأخذ النَّحْو وَالصرْف عَن الْجلَال بن الحلوائي الْحَاج زين الدّين عبد الرَّحْمَن قَاضِي الْحصن وَعنهُ أَخذ الْمنطق وَكَذَا أَخذه مَعَ الْعرُوض والقوافي عَن الْخَطِيب الْجمال حسن بن قَاضِي الْقُضَاة بالحصن النُّور على الشَّافِعِي والمنطق عَن سراج الرُّومِي بِبَيْت الْمُقَدّس والكافياجي بِالْقَاهِرَةِ مَعَ سَماع قِطْعَة صَالِحَة من شرح الْعَضُد على الْمُخْتَصر بل قَرَأَ عَلَيْهِ موقفين من شرح المواقف للسَّيِّد علم الْهَيْئَة والهندسة والحساب والحرف عَن المفنن قوام الدّين الشِّيرَازِيّ والموسيقى عَن الْحَاج قلندر بحصن كيفا والحاج زين الدّين طَاهِر بن قَاضِي الْموصل قَرَأَ عَلَيْهِ الأدوار للصفي عبد الْمُؤمن الأرموي قِرَاءَة متقنة والمعاني وَالْبَيَان والبديع عَن الْعَلَاء عَليّ الْكرْدِي مدرس)
السفاحية بحلب وَغَيره وَالْفِقْه عَن عبيد البابي إِمَام الْجَامِع الْكَبِير بحلب والزين ماهر بِبَيْت الْمُقَدّس وَعنهُ أَخذ الْفَرَائِض والحساب وَكَذَا أَخذ الْفِقْه مَعَ الْأَصْلَيْنِ والنحو وَالتَّفْسِير والْحَدِيث والتصوف عَن الشهَاب بن رسْلَان وَهُوَ أجل شيخ لَازمه، وَسمع بحلب على حافظها الْبُرْهَان وبالقدس على الشَّمْس بن الْمصْرِيّ والشهاب بن حَامِد وَعَائِشَة الكنانية والتقي القلقشندي وبالقاهرة عَن شَيخنَا ولازمه ومدحه بقصيدة طنانة كتبت مِنْهَا فِي الْجَوَاهِر. وَأَجَازَ لَهُ الشَّمْس العصيري وَآخَرُونَ، وَكَانَ قدومه حلب فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده ثمَّ عَاد إِلَيْهَا سنة ثَمَان أَو تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ تحول مِنْهَا إِلَى الْقُدس فقطنه، وَحج وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة وَاسْتقر معيدا بصلاحية الْمُقَدّس، ولقيته بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بِهِ وأكرمني بنثره ونظمه وَسمع بِقِرَاءَتِي، وَكَانَ فَاضلا مشاركا فِي الْفَضَائِل بديع الْخط بهج التذهيب فائق التجليد متميزا فِي كثير من الصَّنَائِع العجمية شجي الصَّوْت مطربه عَالما بذلك مُتَقَدما فِي فنون الْأَدَب عالي النّظم لَهُ قصائد ومقاطيع، كل ذَلِك مَعَ لطف الذَّات وَحسن المحاضرة وَجَمِيل الْعشْرَة وفصاحة الْعبارَة بِحَيْثُ كَانَ مجموعا فائقا ونوعا رائقا عمل مؤلفا فِي ذَبَائِح أهل الْكتاب ومناكحتهم سَمَّاهُ رفع الْحجاب عَن مناكحه أهل الْكتاب فِي كراسين أَجَاد فِيهِ إِلَى الْغَايَة وَتَحْقِيق الْكَلَام فِي موقف الْمَأْمُوم والأمام وشجرة فِي علم النَّحْو بديعة الْوَضع وَأُخْرَى فِي الصّرْف ابدع مِنْهَا، كتبت عَنهُ من نظمه أَشْيَاء. مِنْهَا قَوْله:
(إجعل شعارك حَيْثُ مَا كنت التقى
…
قد فَازَ من جعل التقى إشعاره)
(واسلك طَرِيق الْحق مصطحبا بِهِ
…
إخلاص قَلْبك حارسا أسراره)
(وَإِذا أردْت الْقرب من خير الورى
…
يَوْم الْقِيَامَة فَاتبع آثاره)
وَقَوله:
(عَلَيْك بإخفاء السلوك لَدَى الورى
…
لتأمن من شَرّ الريا وعنائه)
(وَعند الصَّفَا خالطهم كَيفَ مَا تشا
…
بِحَق فلون المَاء لون إنائه)
وَمن نظمه:
(لَيْسَ السوَاد بوجنتيه عَارض
…
حَتَّى يلوم على هَوَاهُ اللاحي)
(بل ذَاك ظلّ الحاجبين تَعَارضا
…
فِي نور شمس جَبينه الوضاح)
مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَخمسين بعد انفصالي عَنهُ بِيَسِير)
وتأسفت على فَقده رحمه الله وإيانا. قَالَ ابْن أبي عذيبة وَلَا أعلم بِهَذِهِ الْبِلَاد من يدانيه فِي حسن النّظم والنثر والتمكن من علم الْأَدَب وَقَالَ أَنه أَخذه ببلاده عَن خَاله عَليّ بن مشرف مَعَ لطافة الشكل وَحسن الْمُلْتَقى وحلاوة اللِّسَان وَالْكَرم وَالدّين اسْتَقر فِي إِعَادَة كبرى بالصلاحية وَأفْتى ودرس وانتفع بِهِ جمَاعَة وتصدر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تلقاها مَعَ الْإِعَادَة عَن الْعِمَاد بن شرف بعد مَوته بِزِيَادَة مَعْلُوم، وَكَانَ أَبوهُ تَاجِرًا فِي القماش. مَاتَ بالقدس سنة خمس وَخمسين وَخلف لَهُ ثروة. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن عِيسَى بن عمرَان الْمَكِّيّ الْمَعْرُوف بالمزرق. مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن قُرَيْش الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. أرخهما ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى أَمِين الدّين بن النُّور الْقَرَافِيّ القاهري الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الْمَاضِي أَبوهُ. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج وألفية النَّحْو وكتابا فِي الْأُصُول وَغَيرهَا واشتغل بِالْعلمِ وَأخذ القراآت عَن أَبِيه وانْتهى فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأذن لَهُ وَأشْهد عَلَيْهِ جمَاعَة وتصدى لنشرها فَأَخذهَا عَنهُ جمَاعَة وَاسْتقر فِي تدريسها بالمؤيدية عقب الشهَاب بن يحيى وبالشيخونية عقب التَّاج ابْن تمرية، وَكَانَ بارعا فِيهَا وجيها متأنقا فِي هَيئته وملبسه حسن الْعشْرَة. مَاتَ فِي تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الْبَدْر القاهري الْمَاوَرْدِيّ وَيعرف بِابْن مُوسَى. مِمَّن سمع معي فِي سنة سِتّ وَخمسين بِمَكَّة وَالْمَدينَة على جمَاعَة بل والظاهرية الْقَدِيمَة فِي الْقَاهِرَة ختم البُخَارِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب السنباطي، كتب الْمَنْسُوب وتكسب فِي الوراقين. وَمَات قريب السّبْعين ظنا.
مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قديدار. هَكَذَا سَمَّاهُ شَيخنَا فِي إنبائه وَهُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله. مضى. مُحَمَّد بن عَليّ بن نجم غياث الدّين بن خواجا الكيلاني التَّاجِر وَرُبمَا قيل لَهُ غياث.
ولد فِي حُدُود السّبْعين وَكَانَ أَبوهُ من أَعْيَان التُّجَّار فَنَشَأَ ابْنه هَذَا فِي عز ونعمة طائلة وتعاظم زَائِد ثمَّ شغله بِالْعلمِ بِحَيْثُ كَانَ يَشْتَرِي لَهُ الْكتاب الْوَاحِد بِمِائَة دِينَار فأزيد وَيُعْطِي)
معلمه فيفرط وَكَانَ يحضر لَهُ من يقرئه فِي الْفُنُون فمهر فِي أَيَّام قَلَائِل واشتهر بِالْفَضْلِ فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ تنقلت بِهِ الْأَحْوَال والتهى عَن الْعلم بِالتِّجَارَة فَصَعدَ وَهَبَطَ وغرق وَسلم وَزَاد وَنقص إِلَى أَن مَاتَ خاملا مَعَ أَنه كَانَ عَارِفًا بِالتِّجَارَة فَصَعدَ وَهَبَطَ وغرق وَسلم وَزَاد وَنقص إِلَى أَن مَاتَ خاملا مَعَ أَنه كَانَ عَارِفًا بِالتِّجَارَة محظوظا مِنْهَا لكنه كَانَ سيئ الْمُعَامَلَة، وَتزَوج جَارِيَة من جواري النَّاصِر يُقَال لَهَا سمراء فهام بهَا وأتلف عَلَيْهَا مَاله وروحه بل ألزمته بِطَلَاق زَوجته ابْنة عَمه فَطلقهَا لأَجلهَا وأفرطت هِيَ مَعَ ذَلِك كُله فِي بغضه حَتَّى قيل أَنَّهَا سقته السم فتعلل مُدَّة وَلم تزل بِهِ حَتَّى فَارقهَا فتدله عقله من حبها إِلَى أَن مَاتَ وَلها بهَا وَبَلغنِي أَنَّهَا زارته فِي مَرضه واستحللته فحاللها من شدَّة حبه لَهَا وَأَنَّهَا تزوجت بعده رجلاص من الْعَوام فأذاقها الهوان وأحبته فأبغضها عكس مَا جرى لَهَا مَعَ غياث قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه، قَالَ وَقد طَار حَتَّى بمقاطيع عديدة، وألغاز وترافقنا فِي السّفر وَهُوَ آخر من عرفنَا خَبره من المتيمين قَالَ وَمن شعره قصيدة مُطَوَّلَة فِي سمراء أَولهَا:
(سلوا سمراء عَن حَرْبِيّ وحزني
…
وَعَن جفن حكى هطال مزن)
(سلوها هَل عراها مَا عراني
…
من الْجِنّ الهواتف بعد جن)
(سلوا هَل هزت الأوتار بعدِي
…
وَهل غنت كَمَا كَانَت تغني)
تَقول فِي آخرهَا:
(سأشكوها إِلَى مولى حَلِيم
…
ليعفو فِي الْهوى عَنْهَا وعني)
وَقَالَ فِي مُعْجَمه أَنه سمع مَعنا من بعض الشُّيُوخ ثمَّ تنقلت بِهِ الْأَحْوَال بعد أَبِيه ورغق ثمَّ تخامل وعاش غَالب عمره فِي نكد ثمَّ ختم لَهُ بالعشق فَمَاتَ شَهِيدا، وَقد كتبت قصَّته فِي مَكَان آخر، اجْتَمَعنَا مرَارًا وأنشدني الْكثير من شعره وطارحني بألغاز. قلت كتبت بَعْضهَا فِي الْجَوَاهِر. وَمَات فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَعشْرين قَالَ فِي الإنباء فِي سَابِع عشره وَفِي المعجم فِي رابعه، وَعَلِيهِ اقْتصر المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عَليّ بن نور الدّين أَبُو عبد الله الموزعي الإِمَام الأصولي وَيعرف بِابْن نور الدّين. مَاتَ فِي حُدُود الْعشْرين وَجَرت لَهُ مَعَ صوفية وقته أُمُور بَان فِيهَا فَضله. مُحَمَّد بن عَليّ بن هَاشم بن عَليّ بن مَسْعُود بن أبي سعد بن غَزوَان بن
حسن الْجمال أَبُو سعد بن الإِمَام الأوحد الْمدرس نور الدّين الْقرشِي الْهَاشِمِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي سبط زَيْنَب)
ابْنة القَاضِي أبي الْفضل النويري الَّتِي أمهَا أم الْحُسَيْن ابْنة القَاضِي شهَاب الدّين الطَّبَرِيّ وَأمه أم كُلْثُوم سعيدة ابْنة الْمُحب الطَّبَرِيّ. هَكَذَا رَأَيْت نسبه بِخَط أَبِيه، وَهُوَ بكنيته أشهر.
ولد فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْحجَّة سنة خمس عشرَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فتفقه بالجمال الكازروني وَأذن لَهُ بالإفتاء والتدريس وَصَحب عبد الْكَبِير الْحَضْرَمِيّ ولازمه واختص بِهِ وَكَذَا اخْتصَّ بالشرف أبي الْفَتْح المراغي وَسمع عَلَيْهِ بل سمع على ابْن الْجَزرِي وَابْن سَلامَة وَغَيرهمَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة فِي سنة سبع وَأَرْبَعين على الْمُحب المطري سنَن الدَّارَقُطْنِيّ فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ ابْن طولوبغا وَغَيره وَكَانَ فَاضلا خيرا دينا بهيا عفيفا شرِيف النَّفس حسن الْخط منجمعا عَن النَّاس لَا يخالط إِلَّا الْقَلِيل مِمَّن يَثِق بِهِ، وَلم يتَزَوَّج وَلَا تسري مَعَ مزِيد الْعِفَّة من صغره إِلَى أَن مَاتَ، ومحاسنه جمة وَالنَّاس كالمتفقين عَلَيْهِ بَاشر أوقاف جدته بعفة ونزاهة وَثَمَرهَا بعد عمارتها وَقد لَقيته بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَخمسين فَسمع بِقِرَاءَتِي ووصفني بسيدنا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْمُحدث البارع بل أجَاز بِبَعْض الاستدعاآت. مَاتَ فِي ظهر يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر صفر سنة تسع وَخمسين بِمَكَّة وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر بالساباط الْمُتَّصِل بمقام الشَّافِعِي وَدفن بالمعلاة فِي تربة بنى النويري بِقَبْر أمه رحمه الله ونفعنا بِهِ.
مُحَمَّد بن عَليّ بن هبة الله. فِيمَن جده أَحْمد بن هبة الله. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي الْوَفَاء الْمَقْدِسِي. مَاتَ فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَلم أَقف على أمره. مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن حُسَيْن بن سُلَيْمَان الشَّمْس الأوسي الأربلي جده الْموصِلِي أَبوهُ الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الجرادقي. ولد فِي حُدُود سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فَتلا الْقُرْآن بالروايات على الشهَاب بن عَيَّاش والزين عمر بن اللبان والشريف حسن الفاخوري والشرف الطوسي وَقَرَأَ الْهِدَايَة فِي الْفِقْه وَشرح الطوالع والمختصر للتفتازاني والسراجية فِي الْفَرَائِض وَشرح مَوْلَانَا زَاده فِي الفلسفة وشيئا من الْمنطق، كل ذَلِك على الْكَمَال قَاضِي برصا وَالْمُخْتَار على الشَّمْس بن يهوذا والكافية على أَخِيه الشهَاب بن يهوذا نزيل طرابلس والمتوفى بهَا وَالْأُصُول على ابْن الفنري والتصوف على جمَاعَة أَجلهم وَأَعْلَاهُمْ السَّيِّد مُحَمَّد بن عَليّ البُخَارِيّ بِبَلَد يورسا من طَرِيق الأثني)
عشر وَألبسهُ الْخِرْقَة ولقنه الذّكر، وَسمع الصَّحِيح غير مرّة بِفَوَات على المحيوي الرَّحبِي وغالب الْمُوَطَّأ
على بعض أَصْحَاب الوادياشي وَقَرَأَ على الْكَمَال الشمني، وَأَجَازَ لَهُ الشّرف بن الكويك. وَدخل الْقَاهِرَة مرَّتَيْنِ اجْتمع فِي الثَّانِيَة بالجلال البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَشَيخنَا وَحضر دروس الْبِسَاطِيّ وَغَيره وَحج مرَارًا. وجاور وَكَانَ إنْسَانا حسنا فَاضلا ذَا سمت حسن ووضاءة متواضعا منعزلا عَن النَّاس مُقبلا على شَأْنه وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير، لَقيته بِدِمَشْق فَأجَاز لي وَمَات بهَا فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس عشري الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ بعد قدومه من الْمُجَاورَة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى جمال الدّين بن نور الدّين بن جَمِيع الْعَدنِي الْمَاضِي أَخُوهُ الْوَجِيه عبد الرَّحْمَن وأبوهما. ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة أَو الَّتِي قبلهَا بعدن وَنَشَأ بهَا وَقدم مَكَّة لِلْحَجِّ والمجاورة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة فدام إِلَى أَوَائِل سنة أَربع عشرَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى عدن راجيا حُصُول رزق يتجمل بِهِ حَاله من أَخِيه لِأَبِيهِ الْوَجِيه لتوليه مَا كَانَ يَلِيهِ أَبوهُمَا بعدن فأدركه بهَا أَجله فِي أثْنَاء السّنة وَكَانَ قد ظفر من مَال أَبِيه بِجَانِب يسير ثمَّ ذهب من يَده فِي غير لَهو. ذكره الفاسي. مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي يحيى الشَّمْس أَبُو عبد الله الملياني المغربي ثمَّ الْبُرُلُّسِيّ ثمَّ الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عَليّ بن يَعْقُوب الشَّمْس أَبُو عبد الله النابلسي الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد سنة بضع وَخمسين وَسَبْعمائة بنابلس وَقدم دمشق فتفقه بهَا مُدَّة ثمَّ حلب وَمن شُيُوخه بهَا الشهَاب الْأَذْرَعِيّ، وبرع وتصدر فِيهَا لإقراء الْفِقْه وَأَصله والنحو، وَكَانَ إِمَامًا فَقِيها مشاركا فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول والميقات ذكيا دينا حفظ كتبا كَثِيرَة مِنْهَا أَكثر الْمِنْهَاج وَأكْثر الْحَاوِي وَجَمِيع التَّمْيِيز للبارزي والعمدة والشاطبية ومختصر ابْن الْحَاجِب والمنهاج الْأَصْلِيّ والتسهيل لِابْنِ ملك وَكَانَ يُكَرر عَلَيْهَا. قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي: وَكَانَ سريع الْإِدْرَاك محافظا على الطَّهَارَة سليم اللِّسَان صَحِيح العقيدة لَا أعلم بحلب أحدا من الْفُقَهَاء على طَرِيقَته، زَاد غَيره أَنه نَاب فِي الْقَضَاء عَن الشّرف أبي البركات الْأنْصَارِيّ ودرس بالنورية البقرية. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَدفن بتربة بني الخابوري خَارج بَاب الْمقَام تجاه تربة بني النصيبي ذكره ابْن خطيب الناصرية وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ، وَشَيخنَا فِي إنبائه.)
وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن مُوسَى وَشَيخنَا الأبي. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه: أجَاز لي فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد. وَمَات سنة سبع وَعشْرين أَو بعْدهَا، وَتَبعهُ المقريري فِي عقوده وأرخه سنة سبع عشرَة جزما. مُحَمَّد بن عَليّ بن يوسيف الشَّمْس بن النُّور القاهري وَالِد سعد الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الجندي لكَونه هُوَ الَّذِي رباه فَإِن وَالِده وَكَانَ تَاجِرًا توفّي وَهُوَ حمل فَتزَوج بِأُمِّهِ فَعرف بِهِ وَكَذَا يعرف بالذهبي. ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه على شَيخنَا والبساطي وَنَحْوهمَا واشتغل قَلِيلا، وَمن شُيُوخه أَبُو الْجُود وَلكنه لم ينجب وَهُوَ مِمَّن سمع ختم البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة على الْأَرْبَعين وبواسطة زوج أمه أَقرَأ الفخري عُثْمَان بن الظَّاهِر بل صَار يؤم بِهِ فتميز وَاسْتمرّ فِي خدمته حَتَّى عمل السلطنة وَبعده سكن بل توجه إِلَى دمياط وَأم بِهِ هُنَاكَ مُدَّة وَرجع فَمَاتَ فَجْأَة فِي شعْبَان)
سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء بِالْقربِ من الْكَمَال الدَّمِيرِيّ. وَقد تزوج بِأُمِّهِ بعد ابْن الجندي السراج الْعَبَّادِيّ واستولدها كَمَال الدّين مُحَمَّدًا واستمرت تَحْتَهُ حَتَّى مَاتَ. مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْبَزَّاز سبط عبد السَّلَام الزمزمي أمه أم الْأمان. كَانَ من مريدي عبد الْكَبِير الْحَضْرَمِيّ مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَخمسين أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ بن كبا قَالَ الحسناوي نِسْبَة لقبيلة بَين بجاية والجزيرة تعرف ببني حسن الْفَقِيه الْمَكِّيّ. مَاتَ بالجزائر وَهُوَ على قَضَائهَا سنة خمس وَعشْرين. مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر بن القَاضِي نور الدّين الرهوني نِسْبَة لقبيلة بالمغرب
القاهري الْمَالِكِي أحد النواب. مِمَّن حفظ الْقُرْآن وَابْن الْحَاجِب وَغَيره وَأخذ عَن أَبِيه والبساطي وَغَيرهمَا، وناب عَن الْبِسَاطِيّ فَمن بعده، وَكَانَ فهما فَاضلا فِي الْفِقْه والفرائض والعربية لكنه كَانَ زَائِد التهور فِي أَحْكَامه شَدِيد الْإِقْدَام على الانتقام مِنْهُ فعل ذَلِك بالشمس الديسطي الْمَالِكِي مَعَ خفَّة روح ومزاح وهيئة مزرية وَلم يشْتَهر بدين وَلَا تقوى. مَاتَ فِي سنة سبعين وَأَظنهُ جَازَ السِّتين عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر الْحِجَازِي القباني عِنْد سعيد السُّعَدَاء. غرق ببحر النّيل فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن عَليّ الْبَدْر الحكري الْحَنْبَلِيّ. مضى فِيمَن جده خَلِيل بن عَليّ بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّيْخ جمال الدّين الْحداد وَيعرف بِصَاحِب الدراع. مَاتَ فِي أثْنَاء شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَكَانَت لَهُ وجاهة عِنْد الْمُلُوك من بني طَاهِر وَله عِنْدهم تمكن زَائِد بِحَيْثُ تقضي بواسطته أَشْيَاء كَثِيرَة وينفع ويضر تجَاوز الله عَنهُ. كتب إِلَيّ بذلك من الْيمن الْجمال مُوسَى الدؤالي.
مُحَمَّد بن عَليّ الْجمال الزمزمي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن دَاوُد بن شمس. مُحَمَّد بن عَليّ الْجمال السوهائي الْمصْرِيّ أحد عدولها. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ كتب الْمَنْسُوب على شَيخنَا أبي عَليّ الزفتاوي وانتفع بِهِ النَّاس فِي ذَلِك. مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَعشْرين وَقد جَازَ الْخمسين. مُحَمَّد بن عَليّ الْجمال بن الطّيب الْيَمَانِيّ الزبيدِيّ الْحَنَفِيّ عَالم زبيد ومفتيه. تصدر بهَا)
للإقراء والإفتاء عدَّة سِنِين وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْعلم بهَا حَتَّى مَاتَ فِي عَاشر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَهُوَ فِي عشر السّبْعين وَلم يخلف بعده مثله. وَذكره المقريزي وَقَالَ: الفقهي الْفَاضِل الْمَعْرُوف بالمطيب. مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْجمال التوريزي القاهري التَّاجِر أَخُو النُّور عَليّ الْمَاضِي وَالْفَخْر أبي بكر الْآتِي. تنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَتَوَلَّى بِبِلَاد الْيمن التحدث فِي المتجر السلطاني بعدن ثمَّ صرف وَكَانَ قد تسحب من الْقَاهِرَة من ديوَان ركبته فِي سنة أَربع وَعشْرين فَلم يعد إِلَيْهَا. وَمَات فِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة. قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ وَهُوَ أَخُو عَليّ الْمَقْتُول فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، مَعَ كَونه لم يذكرهُ فِي الإنباء إِلَّا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد بن عي الشّرف الْحبرِي الشرابي أَبوهُ. بَاشر فِي أعوان الحكم للمالكية ثمَّ وَقعت لَهُ وَاقعَة سجن بِسَبَبِهَا ثمَّ حكم بحقن دَمه وَأطلق ثمَّ عمل فِي
دكان سكريا ثمَّ توصل حَتَّى عمل حسبَة مصر ثمَّ الْقَاهِرَة، وَكَانَ عاميا جلفا قَلِيل الْخَيْر كثير الشَّرّ. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَعشْرين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. وَقَالَ غَيره أَنه كَانَ يَرْمِي بعظائم. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس أَبُو شامة الْأنْصَارِيّ فِيمَا كَانَ يزْعم الشَّامي. ولي أَمَانَة الحكم بِدِمَشْق ثمَّ نَاب فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ كثير السّكُون مَعَ إقدام وجرأة، وَقد خمل فِي أَوَاخِر دولة الْأَشْرَف برسباي وتغيب مُدَّة ثمَّ ظهر فِي دولة الظَّاهِر وَولي وكَالَة بَيت المَال بدمش وَقبل ذَلِك ولي قَضَاء طرابلس وَكِتَابَة سرها، وَمَات بِدِمَشْق فِي ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة خمس وَأَرْبَعين وَدفن بمقبرة بَاب الفرادسي. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَسَيَأْتِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب أَبُو شامة الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وأجوز أَنه هُوَ حصل السَّهْو فِي تَسْمِيَة أَبِيه عليا وَيحْتَمل التَّعَدُّد.
مُحَمَّد بن عَليّ السَّيِّد شمس الدّين الْجِرْجَانِيّ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الشارنقاشي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْأَزْرَق القاهري أحد الْكتاب. مِمَّن أَخذ الْكِتَابَة عَن الزين بن الصَّائِغ وَابْن حجاج وبرع فِيهَا وَفِي التذهيب وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَمِمَّا كتبه تصنيفي فِي الرَّمْي بالنشاب، بل جلس للتعليم وقتا وانتفع بِهِ جمَاعَة وَكَانَ مَعَ ذَلِك لَهُ إِلْمَام بِالضَّرْبِ بِالْعودِ والشعبذة وَنَحْوهمَا مَعَ مزِيد الخمول والفاقة. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى)
وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ قَارب السّبْعين سامحه الله ورحمه وغيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الذَّهَبِيّ. مضى فِيمَن جده يُوسُف. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الْعَلَاء أبي الْحسن الجلالي بِالتَّخْفِيفِ نِسْبَة لجلال الدّين التباني وَالِد حَافظ الدّين أَحْمد الْمَاضِي الْحَنَفِيّ وَيعرف بالجلالي. اشْتغل فِي فنون وتميز وَولي تدريس الْحَنَفِيَّة بالألجيهية وخزن الْكتب بالمحمودية وتكسب بِالشَّهَادَةِ، وَكَانَ عَاقِلا خيرا لطيف الْعشْرَة، وَمن شُيُوخه مصطفى بن تقطمر النظامي الْحَنَفِيّ وَالشَّمْس أَبُو عبد مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله الدفري الْمَالِكِي أَخذ عَنْهُمَا البُخَارِيّ قِرَاءَة على أَولهمَا وسماعا على الآخر وَحدث بِهِ قَرَأَهُ عَلَيْهِ التقي عبد الْغَنِيّ بن الشهَاب بن تَقِيّ الْمَالِكِي. مَاتَ بعد السِّتين وَقد قَارب السِّتين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس السكندري الْمدنِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس السنهوري وَيعرف بِابْن الأصيفر. قَرَأَ على شَيخنَا الرَّشِيدِيّ البُخَارِيّ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الصَّابُونِي. فِيمَن جده عمر.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الصَّالِحِي الْمَكِّيّ. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الطَّيِّبِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَوجدت بخطي فِي مَوضِع آخر أَنه مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد وَقد تَرْجَمته هُنَاكَ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الفرنوي الأَصْل القاهري نزيل الحسنية وَأحد الْكتاب. كتب عَنهُ عَمه الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الفرنوي الْمَاضِي وَصَحب يشبك الْفَقِيه وانتمى لوَلَده يحيى لكَونه مِمَّن كتب على عَمه ثمَّ ليشبك من مهْدي الدوادار وترقى وَصَارَ هُوَ الْمُقدم عِنْده للاستكتاب فَلم يحمد كثير من ضعفاء الْكتاب أمره وَكَاد أَن يتزحزح عِنْده بل أهانه ثمَّ لزم خدمَة الدوادار بعده أياض وَنسب إِلَيْهِ أَن شخصا اسْمه زرمك أودع عِنْد عمده ذَهَبا فاحتال هَذَا حَتَّى أبدله بفلوس واتهم بذلك فِي آخر دولة الظَّاهِر خشقد فساعده يشبك الْفَقِيه لوَلَده، وَمَعَ ذَلِك فأر تمر الظَّاهِرِيّ بِالنّظرِ فِي الْقَضِيَّة، وَأقَام فِي الترسيم حَتَّى عملت مصلحَة تمر ثمَّ أطلق وقهر رب الْوَدِيعَة حَتَّى مَاتَ وَكَذَا أهين من الظَّاهِر تمربغا بِسَبَبِهَا أَيْضا، وَقد تزوج الْعِزّ ابْن هِشَام سبط الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ ابْنَته وَلم يحصل لَهُم مِنْهُ رَاحَة، وَاسْتقر بعد الجمالي سبط شَيخنَا فِي مشارفة حَاصِل البيمارستان وحاله مَعْلُوم.)
كَانَ مِمَّن يذكر بالمعرفة فِي صناعته وَجلسَ عِنْد خير الدّين الشنشي الْحَنَفِيّ فأثرى. وَمَات فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخلف تَرِكَة جمة عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الكفرسوسي الْخَطِيب. قَالَ شَيخنَا فِي مُعْجَمه حفظ الْقُرْآن وتعانى النّسخ وَكَانَ مَأْمُونا خيارا أضرّ بِأخرَة وَمَات فِي رَمَضَان سنة سبع.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْمحلي الشَّاعِر. فِيمَن جده خلد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس المقسي الْخَطِيب ويدعى وَالِده سندا وَلِهَذَا يُقَال لَهُ ابْن سَنَد.
اشْتغل عِنْد الْفَخر المقسي والزين الأبناسي وَغَيرهمَا وتميز يَسِيرا وَقَرَأَ عَليّ فِي لطائف المعارف لِابْنِ رَجَب وَفِي غَيره وخطب بِجَامِع المقسي ظَاهر بَاب الْبَحْر وَقَرَأَ فِيهِ على الْعَامَّة فِي البُخَارِيّ وَغَيره وَكَانَ خيرا. مَاتَ فِي ثَانِي عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمَا بلغ الثَّمَانِينَ رحمه الله. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس المقسمي أحد النواب الشَّافِعِيَّة. مِمَّن تميز فِي الشَّهَادَات وَصَارَ الْمعول عَلَيْهِ فِيهَا فِي خطبه بنواحي جَامع الراصد من الْمقسم وَقَامَ وَقعد وَلم يكن مَحْمُودًا لكنه كَانَ دربا وَآل أمره إِلَى أَن صَار بهيئة منحطة حَتَّى مَاتَ وَهُوَ على النِّيَابَة فِي شعْبَان سنة خمس وَتِسْعين وَقد جَازَ السِّتين ظنا أَو بلغ السّبْعين سامحه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْهَرَوِيّ. لقِيه الطاووسي وَقَالَ إِنَّه ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأَنه أجَاز لَهُ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ صَالحا عابدا أمارا بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر بَرِيئًا من التَّكَلُّف. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الوفائي القاهري رَفِيق الْمُحب بن الْقطَّان فِي الشَّهَادَة. كَانَ خيرا من صوفية البيبرسية والبرقوقية. قَرَأَ فِي البُخَارِيّ على السَّيِّد النسابة وقرأه وَغَيره على الْعَامَّة بِبَعْض الزوايا وخطب نِيَابَة أَيْضا وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَلم يكن بالمتقن. مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين قبل رَفِيقه بِيَسِير وَقد قَارب السّبْعين ظنا. مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس الْمَيْمُونِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل سويقة صَفِيَّة جوَار النُّور بن الطباخ. كَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه والعربية مِمَّن أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الشَّمْس ابْن الجندي الْحَنَفِيّ وَأخذ عَنهُ أَبُو الْفَتْح السوهائي وَهُوَ الْمَعْرُوف بِهِ.)
مُحَمَّد بن عَليّ فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الأبشيهي. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مُوسَى. مُحَمَّد بن عَليّ الْمُحب الفارقي مِمَّن سمع من شَيخنَا، وَأَظنهُ ابْن فكيك فيحرر.
مُحَمَّد بن عَليّ كَمَال الدّين الطَّوِيل. فِيمَن جده مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو سعيد الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي. مِمَّن تفقه وتميز فِيهِ وَفِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهمَا. وَمَات بديار بكر عَن نَحْو الْخمسين سنة خمس وَقد استوطنها، ذكره المقريزي فِي عقوده عَن الشهَاب الكوراني.
مُحَمَّد بن عَليّ بن الرُّكْن المعري. هُوَ ابْن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان. مضى. مُحَمَّد بن عَليّ بن الْعَطَّار أحد رُؤَسَاء قراء الجوق كأبيه. حظي عِنْد الظَّاهِرِيّ خشقدم بقرَاءَته وشكالته إِلَى أَن أمره بتغيير زيه بِحَيْثُ لبس التخفيفة كالأتراك ثمَّ نسب إِلَيْهِ عشرَة الجلبان فَأمر بِرُجُوعِهِ إِلَى زيه. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين فِي حَيَاة أَبِيه بعد أَن أَنْجَب وَولدا يقْرَأ أَيْضا. وَيذكر بحذق فِي فنه. مُحَمَّد بن عَليّ ويدعى حَافظ بن نور الدّين اليعقوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي المقريء وَهُوَ بحافظ أشهر. ولد بيعقوبا من شَرْقي بَغْدَاد وتحول مِنْهَا مَعَ أمه إِلَى روذبار همذان فَقَرَأَ على حَافظ سُلَيْمَان الْقُرْآن وجوده عَلَيْهِ ثمَّ تحول لتبريز فلقي غير وَاحِد من الْقُرَّاء كحسن الخليلي وزين العابدين وشكر الله فَأخذ عَنْهُم القراآت السَّبع بل وَالْعشر فأزيد وَفِيهِمْ من أَخذ عَن ابْن الْجَزرِي واشغل بالفقه فِي الْمُحَرر وَبِغَيْرِهِ قَلِيلا وتميز فِي القراآت وَقدم الْقَاهِرَة فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق واختص بعلي الْخُرَاسَانِي الْمُحْتَسب ونزله بالزاوية البسطامية الْمَعْرُوفَة بتقي الدّين فِي جملَة الْفُقَرَاء وَكَذَا فِي صوفية الشيخونية وَقَرَأَ قَلِيلا على الْجمال عبد الله الكوراني
ثمَّ لما مَاتَ الْمُحْتَسب الْمَذْكُور اسْتَقر عوضه فِي مشيخة الزاوية الْمَذْكُورَة وَصَارَ يتَرَدَّد إِلَى الْأُمَرَاء نحوهم وَقرر فِي صوفية الخانقاه الناصرية بسرياقوس بل فِي تدريس الدوادارية وَكَذَا فِي مشيخة الْقبَّة الَّتِي للسُّلْطَان بِالْقربِ من المرج عقب امْرَأَة كَانَت بهَا وَيُقَال أَن معلومها نَحْو دِينَار فِي كل يَوْم وَحج غير مرّة وجاور وأقرأ فِي القراآت وَكَانَ يُبَالغ فِي تَعْظِيم نَفسه فِيهَا مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ بالسبيل المؤمني وَدفن بمقبرة التقي العجمي تجاه جَامع مَحْمُود بالقرافة عَن بضع وَسِتِّينَ سنة. مُحَمَّد بن عَليّ الْحَضْرَمِيّ أَبَا حنان.)
مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الْخَيْر بن التَّاجِر. فِيمَن جده مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عَليّ البجائي البوسعيدي، مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ وَزِير هُرْمُز، مَاتَ فِي عشَاء لَيْلَة الْجُمُعَة ثامن عشري صفر سنة خمس وَسِتِّينَ بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ البلالي، فِيمَن جده جَعْفَر. مُحَمَّد بن عَليّ التكروري إِن الله مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن عَليّ الجدي الْمَكِّيّ معلم القبانيين بجدة وَيعرف بِابْن خضراء، مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَمَانِينَ بَين جدة وَمَكَّة وَحمل فَدفن بالمعلاة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عَليّ الْحلَبِي الْوَاعِظ وَيعرف بِابْن الحارس لكَون أَبِيه كَانَ حارسا فِي بعض أسواق حلب وَرُبمَا كَانَ يتعاطى خدمَة الْبُرْهَان الْحلَبِي. طَاف الْبِلَاد فِي عمل المواليد الْمُشْتَملَة على الأكاذيب بِحَيْثُ ظَهرت بذلك صِحَة فراسة شَيخنَا فَإِنَّهُ أَقَامَهُ من بَين يَدَيْهِ كَمَا سقت حكايته فِي الْجَوَاهِر وَمَعَ ذَلِك فَكَانَت لَهُ وجاهة بَين الْعَوام وَلما اشْتَدَّ الْخطب بِسوار ورام نَائِب حلب بردبك البشمقدار إِلْزَام أهل حلب بِمَال يستخدم بِهِ جَيْشًا أرجالا قَامَ فِي منع ذَلِك بالغوغاء وَنَحْوهم بِحَيْثُ كبروا علو المنارات وغلقت أَبْوَاب الْجَوَامِع وتوارى كل من أبي ذَر وَابْن أَمِير حَاج خشيَة من نِسْبَة ذَلِك لَهما، وَمَا وسع النَّائِب إِلَّا الشكوت، ثمَّ أعمل حيلته فِي مسك الْمشَار إِلَيْهِ وَالنَّاس محرمون بِصَلَاة الصُّبْح وَجِيء بِهِ إِلَيْهِ فَأمر بضربه بَين يَدَيْهِ بالمقارع وَأظْهر حنقا زَائِدا ثمَّ حمل لي بَيته وانزعج الظَّاهِر خشقدم حِين بلغه ذَلِك لكراهته فِي النَّائِب لَا لمحبة الْمَضْرُوب وعاش حَتَّى مَاتَ بحلب فِي أَوَاخِر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ودف بالسنيبلة ظَاهر بَاب الْفرج وَقد قَارب السِّتين وَكَانَ ذكيا جريئا مقداما وَرُبمَا أفتى الْعَوام بِبَعْض المعضلات عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عَليّ بن العفريت. مَاتَ فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين.
مُحَمَّد بن عَليّ الذَّهَبِيّ فِيمَن جده يُوسُف. مُحَمَّد بن عَليّ الشيرجي، مضى
فِيمَن جده خَلِيل.
مُحَمَّد بن عَليّ الْفراش الكتبي، فِيمَن جده عبد الْكَرِيم. مُحَمَّد بن عَليّ الْقُدسِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. اشْتغل وَأخذ القراآت عَن الشهابين السكندري وَابْن أَسد وأكملها على الزينين الهيثمي وجعفر. مُحَمَّد بن الْبَهَاء على المزار الكازروني، لقِيه الطاووسي فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَهُوَ)
يَوْمئِذٍ ابْن مائَة وَأَرْبع عشرَة سنة فاستجازه وَقَالَ أَنه مِمَّن لَازم الْأمين مُحَمَّد الكازروني كثيرا. مُحَمَّد بن عَليّ المزرق، فِيمَن جده مُوسَى.
مُحَمَّد بن عَليّ الْمصْرِيّ نزيل مَكَّة، هُوَ الْفراش الكتبي قَرِيبا وَإِن جده عبد الْكَرِيم.
مُحَمَّد بن الْعِمَاد. هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن خضر. مُحَمَّد بن عمار بن مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو يَاسر ولقبه بعض شُيُوخه نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن الزين أبي يَاسر أَو أبي شَاكر القاهري الْمصْرِيّ الْمَالِكِي وَالِد أبي سهل وَيعرف بِابْن عمار. ولد كَمَا بِخَطِّهِ أَذَان عصر يَوْم السبت الْعشْرين من جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَقَالَ شَيخنَا أَنه أثبت محضرا يَقْتَضِي أَن يكون سنة ثَمَان وَخمسين، وَنَحْوه قَول المقريزي أَنه مَاتَ عَن نَيف وَثَمَانِينَ سنة وَالْأول أثبت بقناطر السبَاع وَنَشَأ فِي كنف وَالِده وَكَانَ صَالحا أوردت شَيْئا من تَرْجَمته فِي معجمي فحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية وألفية الحَدِيث والنحو والرسالة الفرعية ومختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَغير ذَلِك، وَعرض على جمَاعَة كالتقي عبد الرَّحْمَن بن الْبَغْدَادِيّ وَأبي عبد الله بن مَرْزُوق الْكَبِير والصدر الْمَنَاوِيّ والضياء العفيفي وَنصر الله الْكِنَانِي الْحَنْبَلِيّ والبلقيني وَابْنه الْبَدْر والأبناسي وَإِمَام الصرغتمشية والغماري والنورين الدَّمِيرِيّ أخي بهْرَام وَعلي بن قطز الحكري الْمقري وعَلى كل من الثَّلَاثَة الْأَخيرينِ قَرَأَ الشاطبية تَامَّة وَكَذَا قَرَأَ الْقُرْآن والعمدة بِتَمَامِهَا على الْوَلِيّ عبد الله الجبرتي صَاحب الزاوية الشهيرة بالقرافة وأجازوه كلهم فِي آخَرين مِمَّن لم يكْتب بِخَطِّهِ أَنه أجَاز، وتلا على الحكري لأبي عَمْرو فِي ختمتين الأولى للسوسي وَالثَّانيَِة للدوري انْتهى فِيهَا إِلَى الحزب من ياسين وَأخذ عُلُوم الحَدِيث عَن الْعِرَاقِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ نكته على ابْن الصّلاح دراية بِحَضْرَة الهيثمي رَفِيقه وَابْن الملقن قَرَأَ عَلَيْهِ تقريب النَّوَوِيّ وَقطعَة من شَرحه للعمدة والبلقيني قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من محَاسِن الِاصْطِلَاح لَهُ ولازمه فِي دروس التَّفْسِير بالبرقوقية والعربية وَالصرْف عَن الْمُحب بن هِشَام ولازمه مُدَّة وَكَذَا لَازم الغماري حَتَّى أَخذ عَنهُ أَيْضا النَّحْو
واللغة وَغَيرهمَا من الْعُلُوم اللسانية وَالْعرُوض مَعَ قِطْعَة من الْكَشَّاف وَمن شرح لَهُ على ابْن الْحَاجِب الظَّاهِر أَنه الْأَصْلِيّ والعز بن جمَاعَة فِي كثير من الْفُنُون الَّتِي كَانَ يقرئها وَقَرَأَ هُوَ عَلَيْهِ كل مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ مَعَ قِطْعَة من كل من التَّلْخِيص وَمن شرحيه المطول والمختصر وَأخذ أصُول الْفِقْه أَيْضا عَن ابْن خلدون مَعَ)
سَماع قِطْعَة من مُقَدّمَة تَارِيخه وتفقه فِي الِابْتِدَاء بِأبي عبد الله مُحَمَّد الزواوي ثمَّ لَقِي أَبَا عبد الله بن عَرَفَة باسكندرية فِي قفوله من الْحَج فَقَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة صَالِحَة من مُؤَلفه الشهير وَكَذَا أَخذ الْفِقْه أَيْضا عَن بهْرَام وَعبيد البشكالسي وَابْن خلدون وناصر الدّين أَحْمد بن التنسي وَآخَرين وَصَحب غير وَاحِد من الصُّوفِيَّة كمحمد المغيربي خَادِم اليافعي وانتفع بِهِ فِي السلوك وَغَيره بِأبي عبد الله مُحَمَّد الدكالي المغربي وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَقَرَأَ وَسمع أَشْيَاء بِالْقَاهِرَةِ واسكندرية فَكَانَ من شُيُوخه بِالْقَاهِرَةِ الصّلاح الزفتاوي وَابْن أبي الْمجد والتنوخي وَابْن الشيخة والمطرز والتاج الصردي والأبناسي والبلقيني والعراقي والهيثمي والغماري والمراغي وَعبيد البشكالسي والسويداوي والحلاوي والنجم البالسي وَإِمَام الصرغتمشية والتاج بن الفصيح والجوهري وَالشَّمْس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم العاملي وَمِنْهُم باسكندرية الْبَهَاء عبد الله الدماميني والزين مُحَمَّد بن أَحْمد الفيشني الْمرْجَانِي وَابْن الْمُوفق وَابْن قرطاس فِي آخَرين كالفخر بن أبي شَافِع وَمُحَمّد بن التقي التّونسِيّ والتاجين ابْن مُوسَى وَابْن الْخَرَّاط وناصر الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم الْحَرَّانِي وَابْن الهزبر، ورافق شَيخنَا فِي كثير مِنْهُ سِيمَا باسكندرية، وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْخَيْر بن العلائي وَأَبُو حَفْص البالسي وَابْن قوام وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن يفتح الله وَفَاطِمَة ابْنة ابْن المنجا وَفَاطِمَة وَعَائِشَة ابْنا ابْن عبد الْهَادِي وَطَائِفَة، وَأذن لَهُ مُعظم شُيُوخه فِي الإقراء والإفتاء كَابْن عَرَفَة وَابْن الملقن والعز بن جمَاعَة، وَاسْتقر معيدا بِجَامِع طولون بل مدرسا للفقه بالمسلمية بِمصْر عوضا عَن ابْن مكين وبقبة الصَّالح إِسْمَاعِيل دَاخل البيمارستان عوضا عَن ابْن خلدون وَعمل لكل مِنْهُمَا أجلاسا حافلا شهده الأكابر وبالبرقوقية بعد الْبِسَاطِيّ وشيخا للصوفية بزاوية الجبرتي ثمَّ تَركهَا، وناب فِي الْقَضَاء مسؤلا بل اسْتَخْلَفَهُ الشَّمْس بن معبد الْمدنِي بمرسوم حِين سَفَره، وَحج فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة حجَّة الْإِسْلَام وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة وزار بَيت الْمُقَدّس. وصنف قَدِيما بِحَيْثُ قرض الغماري بعض تصانيفه ووقف عدَّة من شُيُوخه على بَعْضهَا وَمِنْهَا غَايَة الإلهام فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام فِي ثَلَاث مجلدات وَالْأَحْكَام فِي شرح غَرِيب عُمْدَة الْأَحْكَام وَزَوَال الْمَانِع فِي شرح جمع الْجَوَامِع وجلاب الموائد فِي شرح تسهيل الْفَوَائِد فِي ثَمَان مجلدات وَالْكَافِي فِي
شرح المغنى لِابْنِ هِشَام فِي أَربع مجلدات وَاخْتصرَ توضيح ابْن هِشَام وَشَرحه بل شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الفرعي كتب مِنْهُ إِلَيّ أثْنَاء النِّكَاح وَقطعَة من أواخره وَاخْتصرَ شرح)
ألفية الْعِرَاقِيّ للمؤلف، ودرس وَأعَاد وَأفْتى وَحدث وَأفَاد وانتفع بِهِ الأفاضل خُصُوصا فِي إِقَامَته بِمصْر وَهُوَ المفتتح لقِرَاءَة تَلْخِيص ابْن أبي جَمْرَة من البُخَارِيّ عِنْد ضريحه أول كل سنة. وَكَانَ إِمَامًا عَالما عَلامَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالصرْف مُتَقَدما فيهمَا مشاركا فِي كثير من الْفُنُون ممتع المحاضرة الْفَوَائِد حسن الِاعْتِقَاد فِي الصَّالِحين أمارا بِالْمَعْرُوفِ كثير الابتهال محظوظا فِي استجلاب الأكابر بعزة نفس وشهامة قل أَن يُوجد فِي آخر عمره فِي مذْهبه مَجْمُوعه وَلَوْلَا مزِيد حِدته الَّتِي أدَّت إِلَى أَن خرج عَلَيْهِ جذام قبل مَوته بسنين وَاسْتمرّ يتزايد إِلَى مَوته لأخذ عَنهُ الجم الْغَفِير، وَوَصفه شَيخنَا فِي بعض مَا أثْبته لَهُ بالشيخ الإِمَام الْعَلامَة الْفَقِيه الْفَاضِل الفهامة الْمُفِيد الْمُحدث. وَذكره فِي إنبائه بِاخْتِصَار فَقَالَ: الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة اشْتغل قَدِيما وَلَقي الْمَشَايِخ وَسمع من كثير من شُيُوخنَا وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَلم يكثر وَسمع معي بِالْقَاهِرَةِ واسكندرية وَكَانَ صَاحب فنون حسن المحاضرة محبا فِي الصَّالِحين حسن المعتقد جمع مجاميع كَثِيرَة وَشرح الْعُمْدَة وَكتب على التسهيل وَاخْتصرَ كثيرا من الْكتب المطولة وَسكن مصر بجوار جَامع عَمْرو مُدَّة وانتفع بِهِ المصريون وَكَذَا سكن بتربة الشَّيْخ عبد الله الجبرتي بالقرافة مُدَّة. وَقَالَ الْبَدْر الْعَيْنِيّ كَانَ من أهل الْعلم لَكِن كَانَت عِنْده طرف تعتعة وحركة المجانين يركب الْحمار وَتَحْت فَخذه عَصا ثخينة، وَقَالَ المقريزي كتب على الْفَتْوَى ودرس وَصَارَ مِمَّن يعْتَقد فِيهِ الْخَيْر وَقَالَ جَاره يحيى العجيسي إِنَّه كَانَ مَعَ كَثْرَة طلبه من النَّاس وَأَخذه من صَالحهمْ وطالحهم إِذا نَاب فِي الْقَضَاء لَا يقبل من أحد شَيْئا لَا هَدِيَّة وَلَا غَيرهَا وَينفذ الْأَحْكَام فِي الأكابر والأصاغر. مَاتَ فِي مَحل سكنه بالناصرية من بَين القصرين يَوْم السبت رَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَصلي عَلَيْهِ بِبَاب النَّصْر تقدم النَّاس شَيخنَا وَدفن بحوش الْحَنَابِلَة أصهاره تجاه تربة كوكاي رحمه الله وإيانا. وَمن نظمه:
(رويت عَن ابْن عمار حَدِيثا
…
فَذكره بِذَاكَ على لساني)
(فَإِن لم يفهم الْعَرَبِيّ يَوْمًا
…
فحدثه إِذا بالتركماني)
وَقَالَ:
(يَا رب يَا غفار يَا باري
…
تدارك برحماك ابْن عمار)
وَقد طولت تَرْجَمته فِي معجمي وفيهَا فَوَائِد.)
ذكره ابْن خطيب الناصرية وَتَبعهُ شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن هبة الله بن أبي جَرَادَة نَاصِر الدّين أَبُو غَانِم وَأَبُو عبد الله بن الْكَمَال أبي الْقسم وَأبي حَفْص بن الْجمال أبي إِسْحَاق الْعقيلِيّ بِالضَّمِّ الْحلَبِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف كسلفه بِابْن العديم وبابن أبي جَرَادَة، ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بحلب وَحفظ بهَا فِي صغره كتبا واشتغل على مشايخها كأبيه وأسمع على مسندها عمر بن أيدغمش وَغَيره، وَقدم الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه وَهُوَ شَاب فَشَغلهُ فِي فنون على غير وَاحِد من الشُّيُوخ كقاري الْهِدَايَة وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الزين الْعِرَاقِيّ قَلِيلا من ألفيته، وَمَات أَبوهُ بعد رغبته لَهُ عَن تدريس المنصورية ثمَّ الشيخونية توصفا وتدريسا ومباشرته لذَلِك فِي حَيَاته وأوصاه أَن لَا يتْرك بعده المنصب وَلَو ذهب فِيهِ جَمِيع مَا خَلفه فَقبل الْوَصِيَّة وبذل حَتَّى اسْتَقر فِيهِ قبل استكماله عشْرين سنة فِي ثَالِث الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْأمين الطرابلسي وَاسْتمرّ إِلَى أَن سَافر مَعَ النَّاصِر سنة مَقْتَله فاتصل بالمؤيد حِين حصره للناصر فِي دمشق فَغَضب مِنْهُ النَّاصِر فَعَزله وَقرر أَبَا الْوَلِيد بن الشّحْنَة الْحلَبِي وَلم يلبث أَن قتل النَّاصِر بِحكم هَذَا قبل مُبَاشرَة المستقر بل وَلَا إرْسَاله لمصر نَائِبا فأعيد الْحَاكِم ثمَّ صرف فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة بالصدر الأدمِيّ قبل دُخُول الْمُؤَيد الْقَاهِرَة وَقبل تسلطنه وبذل حِينَئِذٍ مَالا حَتَّى أُعِيدَت إِلَيْهِ فِي رجبها مشيخة الشيخونية بعد صرف الْأمين الطرابلسي، ثمَّ سَافر لِلْحَجِّ مستخلفا فِي التدريس شَيْخه قَارِئ الْهِدَايَة وَفِي التصوف الشهَاب بن سَفَرِي فَوَثَبَ عَلَيْهِمَا الشّرف التباني وانتزعها مِنْهُمَا ثمَّ أُعِيد إِلَى الْقَضَاء فِي رَمَضَان الَّتِي تَلِيهَا بعد موت ابْن الأدمِيّ وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ خَفِيف اللِّحْيَة يتوقد ذكاء سَمحا بأوقاف الْحَنَفِيَّة متساهلا فِي شَأْنهَا إِجَارَة وبيعا حَتَّى كَادَت تخرب بل لَو دَامَ قَلِيلا خربَتْ كلهَا، كثير الوقيعة فِي الْعلمَاء قَلِيل المبالاة)
بِأَمْر الدّين يكثر التظاهر بِالْمَعَاصِي سِيمَا الرِّبَا بل كَانَ سيئ الْمُعَامَلَة جدا أَحمَق أهوج متهورا محبا فِي المزاح والفكاهة مثريا ذَا حشم ومماليك فصيحا باللغة التركية وَقد امتحن فِي الدولة الناصرية
على يَد الْوَزير سعد الدّين البشيري وصودر مَعَ كَونه قَاضِيا. وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ من سيئات الدَّهْر. مَاتَ قبل استكمال ثَمَان وَعشْرين سنة فِي لَيْلَة السبت تَاسِع ربيع الآخر سنة تسع عشرَة بعد أَن كَانَ ذعر من الطَّاعُون الَّذِي وَقع فِيهَا ذعرا شَدِيدا وَصَارَ دأبه أَن يستوصف مَا يَدْفَعهُ ويستكثر من ذَلِك أدعية ورقى وأدوية بل تمارض حَتَّى لَا يشْهد مَيتا وَلَا يدعى لجنازة لشدَّة خَوفه من الْمَوْت فَقدر الله سَلَامَته من الطَّاعُون وابتلاءه بالقولنج الصفراوي بِحَيْثُ اشْتَدَّ بِهِ الْخطب وَكَانَ سَبَب مَوته وَدفن بالصحراء بِالْقربِ من جَامع طشتمر حمص أَخْضَر عَفا الله عَنهُ وإيانا. وَذكره ابْن تغري بردى وَقَالَ إِنَّه كَانَ زوج أُخْته وَأَن المقريزي رَمَاه بعظائم ثمَّ برِئ مِنْهَا وَأَنه أعلم بِحَالهِ مِنْهُ وَمن غَيره كَذَا قَالَ. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن هَاشم ولي الدّين بن السراج القمني ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. حفظ الْمِنْهَاج غَيره وَعرض وَسمع مُعظم مُسلم على ابْن الكويك وَكَذَا سمع من لفظ الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد وَحج وجاور وزار النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَرَأَ الْقُرْآن هُنَاكَ وَهُوَ قَائِم على قَدَمَيْهِ وَكَانَ جيد الصَّوْت بالتلاوة. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم بن الشّرف هبة الله نَاصِر الدّين بن الزين الْجُهَنِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي أَخُو هبة الله الْآتِي وَيعرف كسلفه بِابْن الْبَارِزِيّ. من بَيت أصل وَعلم وَقَضَاء وَكَانَ مَعَ ذَلِك إنْسَانا حسنا عَاقِلا دينا عفيفا ولي قَضَاء بَلَده زَمنا وشكرت سيرته. مَاتَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة بهَا. ذكره ابْن خطيب الناصرية، وَقَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ مَوْصُوفا بِالْخَيرِ والمعرفة فَاضلا عفيفا مشكورا فِي الحكم بَاشر الْقَضَاء مُدَّة رحمه الله.
مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الْكَمَال الْحلَبِي الشَّافِعِي ابْن العجمي. مضى قَرِيبا فِيمَن جده إِبْرَاهِيم بن عبد الله. مُحَمَّد بن عمر بن إِبْرَاهِيم نَاصِر الدّين بن الْأَمِير زين الدّين الحلبوني الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي سبط مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي، أمه فَاطِمَة. أحضر فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين فضل عشر ذِي الْحجَّة لِابْنِ أبي الدُّنْيَا على جده لأمه وَسمع من عمر بن عُثْمَان بن سَالم وَغَيره، وَحدث)
سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى وَمَعَهُ الْمُوفق الأبي فِي سنة خمس عشرَة وَولي حسبَة الصالحية. وَمَات بعد ذَلِك بِيَسِير فِيمَا أَظن. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن سيف بن أَحْمد الطرابلسي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن النيني بنونين الأولى مَفْتُوحَة بَينهمَا تَحْتَانِيَّة ولد فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة أَو الَّتِي بعْدهَا وَسمع فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ بطرابلس على مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
ابْن أبي الْمَوَاهِب الشَّافِعِي وَفِي الَّتِي بعْدهَا ببعلبك على الشريف أَحْمد بن مُحَمَّد بن المظفر الْحُسَيْنِي وَمُحَمّد بن عَليّ بن أَحْمد بن اليونانية وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الجردي الْقطَّان ثمَّ على ابْن صديق الصَّحِيح قَالُوا أَنا الحجار وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وخطب بِجَامِع التَّوْبَة بِبَلَدِهِ وَعرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي الْحَنَفِيّ فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَكتب لَهُ إجَازَة وصف فِيهَا الْعِرَاقِيّ بشيخنا وَلكنه غلط فِي اسْمه وَسَماهُ أَبَا حَفْص عمر. وَمَات قَرِيبا من ذَلِك. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن علوي الشَّمْس الصلخدي الشَّامي. مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة خمس وَخمسين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن عمر الْعِزّ بن النَّجْم بن الشهَاب الْحلَبِي نزيل الْقَاهِرَة والماضي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن نجم الدّين الْموقع. سمع مَعَ أَبِيه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة على الْأَرْبَعين وَهُوَ فِي الْخَامِسَة فِي الْمحرم سنة أَربع وَخمسين وَحفظ الْقُرْآن وَتردد إِلَيْهِ عبد الْحق السنباطي وَغَيره لإشغاله قَلِيلا وَكتب التوقيع كأبيه وباشر أوقاف الجمالية وخالط بَيت ابْن الشّحْنَة كسلفه ثمَّ زوج قبيل مَوته ابْنَته لِابْنِ عبد الْبر وَلم ير رَاحَة. وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس حادي عشري ذِي الْقعدَة سنة خمس وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد ثمَّ دفن بحوش صوفية البيبرسية. وَكَانَ كأبيه سَاكِنا عَاقِلا خلف أَوْلَادًا رحمه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن الْمُبَارك الْكَمَال بن الزين الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْنه عمر وَيعرف كهوبابن الخرزي بمعجمتين بَينهمَا مُهْملَة قدم مَعَ أَبِيه الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة أَرْبَعِينَ وَسمع فِيهَا مَعَه على شَيخنَا فِي الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ على أَرْبَعِينَ ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة وَولي قَضَاء بَلَده عوضا عَن الْبَدْر بن مغلي فدام دون سنة ثمَّ صرف بالزين فرج بن السَّابِق وَاسْتمرّ مصروفا حَتَّى مَاتَ فِي أحد الربيعين سنة ثَلَاث)
وَتِسْعين عَن نَحْو الثَّمَانِينَ، وَكَانَ كأبيه خيرا بارعا فِي الطِّبّ وَكَذَا فِي كبر الْعِمَامَة والاصفرار وَنَحْوهمَا. وَمَات ابْنه الزين عمر الَّذِي لَيْسَ لَهُ غَيره بعده بِثلث سنة عَن بضع وَثَلَاثِينَ وَلم يكن كهما رحمهم الله.
مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد أثير الدّين الخصوصي. كَذَا رَأَيْته بِخَط الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ. وَسَيَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عمر بن الشهَاب أَحْمد الْبَدْر الْبرمَاوِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي نزيل الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة ووالد التقي مُحَمَّد الْآتِي. ولد تَقْرِيبًا قبيل سنة عشر وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ
فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين وألفية ابْن ملك والشاطبية والكافية والشافية، وَعرض على جمَاعَة وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَأخذ عَن الشَّمْس الْحِجَازِي والشرف السُّبْكِيّ وَطَائِفَة وَصَحب النَّاس وَأكْثر من خلْطَة جَاره الشّرف بن الخشاب من صغره وَكَانَ بديعا فِي الْجمال وَإِلَى أَن مَاتَ وأتقن الْكِتَابَة والتوقيع وتكسب بِهِ وَجلسَ وقتا بِبَاب الْمَنَاوِيّ بل نَاب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَاسْتقر بِهِ الزين الاستادار إِمَام جَامعه ببولاق وَحج وجاور مَعَ الرجبية وَغَيرهَا، وَهُوَ مِمَّن كَانَ يحضر عِنْدِي فِي دروس الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة، مَاتَ فِي شَوَّال سنة سبع وَسبعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الْبَدْر القاهري القلعي. عمل نَقِيبًا للونائي فِي الشَّام وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وتعانى الطِّبّ وخدم بِهِ فِي مَكَّة حِين مجاورته بهَا بعد الْخمسين وسافر للهند وروى بِهِ عَن شَيخنَا فراج أمره بِهِ وَتقدم مَعَ نقص بضاعته. وَمَات هُنَاكَ قَرِيبا من سنة سبع وَسبعين وسافر وَلَده مُحَمَّد فِي سنة تسع وَسبعين صُحْبَة حَافظ عبيد لتركة أَبِيه عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الشَّمْس أَبُو عبد الله الوَاسِطِيّ الأَصْل الغمري ثمَّ الْمحلي الشَّافِعِي وَالِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بالغمري. ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بمنية غمر وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن عِنْد الْفَقِيه أَحْمد الدمسيسي الْمَذْكُور بالصلاح الوافر والتنبيه وَغَيره، وقدمالقاهرة فَأَقَامَ بالأزهر مِنْهَا مُدَّة للاشتغال فِي التَّنْبِيه وَغَيره وَلَكِن لم يحضرني تعْيين أحد من شُيُوخه فِي الْعلم الْآن نعم انْتفع بالجمال المارداني فِي الْمِيقَات وتدرب بِغَيْرِهِ فِي الشَّهَادَة وتكسب بهَا يَسِيرا لكَونه كَانَ فِي غَايَة التقلل حَتَّى أَنه كَانَ رُبمَا يطوي الْأُسْبُوع الْكَامِل فِيمَا بَلغنِي ويتقوت بقشر الفول والبطيخ وَنَحْو ذَلِك، وتكسب قبل ذَلِك بِبَلَدِهِ بل وببلبيس حِين إِقَامَته بهَا مُدَّة متجردا بالخياطة وَكَذَا فِي بعض)
الحانيت بالعطر حِرْفَة أَبِيه وَيُقَال إِنَّه كَانَ يطْلب مِنْهُ الشَّيْء فيبذله لطالبه بِدُونِ مُقَابل ثمَّ يَجِيء وَالِده فيسأله مَاذَا بِعْت فَيَقُول كَذَا بِكَذَا وَكَذَا بِدُونِ شَيْء فَيَقُول لَهُ هَل طلبت ثمنه فَيَقُول لَا فيدعو لَهُ بِسَبَب ذَلِك وَهَذَا أدل شَيْء على خيرية الْأَب أَيْضا، وَأعْرض عَن إشغال فكره بِكُل مَا أَشرت إِلَيْهِ ثمَّ لَازم التجرد وَالْعِبَادَة وَصَحب غير وَاحِد من السادات كالشيخ عمر الوفائي الحائك وَلَكِن إِنَّمَا كَانَ جلّ انتفاعه بِأَحْمَد الزَّاهِد فَإِنَّهُ فتح لَهُ على يَدَيْهِ وَأَقْبل الشَّيْخ بكليته عَلَيْهِ حَتَّى أذن لَهُ فِي الْإِرْشَاد، وتصدى لذَلِك بِكَثِير من النواحي والبلاد وقطن فِي حَيَاته وبإشارته الْمحلة ووعده بالزيارة لَهُ فِيهَا اهتماما بِشَأْنِهِ فَمَا قدر وَأخذ بهَا مدرسة يُقَال لَهَا الشمسية فوسعها وَعمل فِيهَا
خطْبَة وانتفع بِهِ أهل تِلْكَ النواحي وَكَذَا ابْنَتي بِالْقَاهِرَةِ بِطرف سوق أَمِير الجيوش بِالْقربِ من خوخة المغازلي جَامعا كَانَت الخطة مفتقرة إِلَيْهِ وَيُقَال أَن شَيْخه الزَّاهِد كَانَ خطب لعمارته فَقَالَ الْمَأْذُون لَهُ فِيهِ غَيْرِي أَو كَمَا قَالَ وَلذَلِك لما راسله شَيخنَا بِسَبَب التَّوَقُّف عَن الْخطْبَة فِيهِ قَالَ إِنَّمَا فعلت ذَلِك بِإِذن وَعم النَّفْع بِهِ إِلَى أَن اشْتهر صيته وَكثر أَتْبَاعه وَذكرت لَهُ أَحْوَال وكرامات وَصَارَ فِي مريديه جمَاعَة لَهُم جلالة وشهرة، وجدد عدَّة جَوَامِع بِكَثِير من الْأَمَاكِن كَانَت قد دثرت أَو أشرفت على الدُّثُور وَكَذَا أنشأ عدَّة زَوَايَا كثر الِاجْتِمَاع فِيهَا للتلاوة وَالذكر، كل ذَلِك مَعَ إقباله على مَا يقربهُ إِلَى الله وَصِحَّة عقيدته ومشيه على قانون السّلف والتحذير من الْبدع والحوادث وإعراضه عَن بني الدُّنْيَا جملَة بِحَيْثُ لَا يرفع لأحد مِنْهُم وَلَو عظم رَأْسا وَلَا يتَنَاوَل مِمَّا يقصدونه بِهِ غَالِبا إِلَّا فِي الْعِمَارَة والمصالح الْعَامَّة ومزيد تواضعه مَعَ الْفُقَرَاء وإجلاله للْعُلَمَاء بِالْقيامِ والترحيب وورعه وتعففه وَكَرمه ووقاره ومحاسنه الجمة، وَقد حج غير مرّة وجاور وزار بَيت الْمُقَدّس وسلك طَرِيق شَيْخه فِي الْجمع والتأليف مستمدا مِنْهُ وَمن غَيره وَكَثِيرًا مَا كَانَ يسْأَل شَيخنَا عَن الْأَحَادِيث وَمَعْنَاهَا بل رُبمَا ينْقل عَنهُ فِي تصانيفه وَصرح بالإنكار على القاياتي مَعَ كَثْرَة مَجِيئه لزيارته فِي كَونه أَخذ البيبرسية من شَيخنَا وَكَذَا كَانَ يسْأَل غَيره عَن الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة وَنَحْوهَا. وَمن تصانيفه النُّصْرَة فِي أَحْكَام الْفطْرَة ومحاسن الْخِصَال فِي بَيَان وُجُوه الْحَلَال والعنوان فِي تَحْرِيم معاشرة الشبَّان والنسوان وَالْحكم المضبوط فِي تَحْرِيم عملل قوم لوط والانتصار لطريق الأخيار والرياض المزهرة فِي أَسبَاب الْمَغْفِرَة وقواعد الصُّوفِيَّة وَالْحكم الْمَشْرُوط فِي بَيَان الشُّرُوط ومنح الْمِنَّة فِي التَّلَبُّس بِالسنةِ فِي أَربع مجلدات وَالْوَصِيَّة)
الجامعة وَأُخْرَى فِي الْمَنَاسِك. وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْكَمَال إِمَام الكاملية وَأَبُو السعادات البُلْقِينِيّ والزين زَكَرِيَّا والعز السنباطي وَكنت مِمَّن اجْتمع بِهِ وَسمع كَلَامه بل رَأَيْته يقْرَأ عَلَيْهِ بعض تصانيفه، وَصليت بجانبه ولحظني. وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سلخ شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن فِي جَامعه بالمحلة وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وتأسف النَّاس على فَقده، وَالثنَاء عَلَيْهِ كثير، وَقد ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: وَكَانَ مَذْكُورا بالصلاح وَالْخَيْر وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد، وَعمر فِي وسط سوق أَمِير الجيوش جَامعا فعاب عَلَيْهِ أهل الْعلم ذَلِك وَأَنا مِمَّن كنت راسله بترك إِقَامَة الْجُمُعَة فَلم يقبل وَاعْتذر بِأَن الْفُقَرَاء طلبُوا مِنْهُ ذَلِك وَعجل بِالصَّلَاةِ فِيهِ بِمُجَرَّد فرَاغ الْجِهَة الْقبلية، وَاتفقَ أَن شخصا من أهل السُّوق الْمَذْكُور يُقَال لَهُ بليبل تبرع من مَاله
بعمارة المأذنة. وَمَات الشَّيْخ وغالب الْجَامِع لم تكمل عِمَارَته رحمه الله ونفعنا بِهِ. مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الخواجا الشَّمْس العامري الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ. مَاتَ بهَا فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. ذكره ابْن فَهد وَقد سكن مَكَّة، وَكَانَ مُبَارَكًا اشْترى بهَا دورا ثَلَاثَة وحوشا وعمرها ووقف بَعْضهَا على جبرت يقرءُون لَهُ فِي ربعَة كل يَوْم وَبَعضهَا على ملْء الأزيار الَّتِي بِالْعُمْرَةِ ثمَّ فِي إِحْدَى الجماديين من سنة سِتّ وَتِسْعين استبدل ذَلِك حَنَفِيّ مَكَّة لشافعيها بتسعمائة دِينَار.
مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد النَّجْم بن الزَّاهِد. يَأْتِي فِيمَن لم يسم جده.
مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد النيني الطرابلسي. فِيمَن جده أَحْمد بن سيف. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن أَحْمد الشَّمْس الْكِنَانِي نِسْبَة لبني كنَانَة الطوخي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بطوخ من الغريبة وَحفظ الْقُرْآن وتحول للقاهرة عِنْد نَاظر السابقية مولى واقفها فقطنها وَحفظ التَّنْبِيه وتفقه بِابْن الملقن وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الغراقي وجود الْقُرْآن على الْفَخر الضَّرِير إِمَام الْأَزْهَر وَسمع على مُحَمَّد بن الْمعِين قيم الكاملية وَابْن الملقن وَغَيرهمَا وَحج فِي سنة ثَمَانمِائَة وَدخل اسكندرية وَاجْتمعَ فِيهَا بالشهاب الفرنوي وَسمع عَلَيْهِ شَيْئا وتكسب بِالشَّهَادَةِ بحانوت الْحَنَابِلَة إِمَام البيسرية ثمَّ كف بَصَره فِي حُدُود سنة أَرْبَعِينَ، وَحدث باليسير، وَكَانَ خيرا كيسا ذَا فَضِيلَة ونظم حسن فَمِنْهُ يرثي أَخا لَهُ اسْمه عَليّ:)
(مذ غَابَ شخصك عَنَّا يَا أَبَا الْحسن
…
غَابَ السرُور وَلم نَنْظُر إِلَى حسن)
(وأقفرت بعْدك الأوطان اندرست
…
وَحَال حَالي مذ درجت فِي الْكَفَن)
وَمِنْه:
(رب خود جَاءَت لنا بمساء
…
فِي خَفَاء تمشي على استحياء)
(فتوهمت أَن ليلِي نَهَارا
…
عِنْد مَا أسفرت لَدَى الظلماء)
مَاتَ فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن عَليّ بن عمر الْمُحب أَبُو عبد الله القاهري الشَّافِعِي السعودي خَليفَة أبي السُّعُود بن أبي الْغَنَائِم وَشَيخ السعودية الْمَاضِي وَلَده أَحْمد أجَاز لَهُ فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة جمَاعَة. وَمَات فِي ربيع الثَّانِي سنة أَرْبَعِينَ رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد الْقَادِر بن عبد الْوَاحِد بن هبة الله ابْن طَاهِر بن يُوسُف بن مُحَمَّد
الضياء بن الزين بن الشّرف بن التَّاج أبي المكارم بن الْكَمَال أبي الْعَبَّاس بن الزين أبي عبد الله الْقرشِي الْأمَوِي الْحلَبِي الشَّافِعِي وَالِد عمر وَأبي بكر وَيعرف كسلفه بِابْن النصيبي نِسْبَة لبلد نَصِيبين جَزِيرَة ابْن عمر. من بَيت كَبِير مَعْرُوف بالرياسة وَالْجَلالَة يُقَال إِنَّهُم من ذُرِّيَّة عمر بن عبد الْعَزِيز. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ فِي جَامعهَا الْأمَوِي والمنهاج وألفية النَّحْو وعرضها على ابْن خطيب المنصورية قبل الْفِتْنَة واشتغل قَلِيلا ولازم الْبُرْهَان الْحَافِظ وَحج مَعَه فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة وَسمع على ابْن المرحل وَابْن صديق وَالسَّيِّد الْعِزّ الإسحاقي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الطباخ وَغَيرهم وَولي بِبَلَدِهِ توقيع الدست وَقَضَاء الْعَسْكَر بل وتدريس السيفية والإعادة بالظاهرية وناب فِي كِتَابَة سرها بل عرضت عَلَيْهِ مرّة اسْتِقْلَالا فَامْتنعَ كل ذَلِك مَعَ دماثة الْأَخْلَاق والثروة وَالْعقل والحشمة والرياسة، وَقد حدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَقدم الْقَاهِرَة فَقَرَأت عَلَيْهِ بعض الْأَجْزَاء، وَرجع فِي محفة لكَونه كَانَ متوعكا فَأَقَامَ بِبَلَدِهِ حَتَّى مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَخمسين وَدفن بحوش بِالْقربِ من الدقماقية، وَكتب لشَيْخِنَا حِين كَانَ بحلب من قَوْله:
(العَبْد طُولِبَ بِالْجَوَابِ عَن الَّذِي
…
لم يخف عَنْكُم من سُؤال السَّائِل)
)
(فانعم بِهِ لَا زلت تنعم مفضلا
…
بفوائد وفواضل وفضائل)
مُحَمَّد بن عمر بن الرضي أبي بكر بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن سَالم الْجمال أَبُو الْفَتْح الْمَكِّيّ سبط التقي بن فَهد، أمه أم ريم الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الرضي. مِمَّن سمع من جده وخاليه وَغَيرهم ثمَّ سمع مني بِمَكَّة وَكتب عدَّة من تصانيفي وَغَيرهَا وصاهر ابْن خَالَته أَبَا اللَّيْث بن الضياء على ابْنَته فاستولدها عدَّة مَعَ ولد لَهُ كَبِير من أمة لَهُ. وَهُوَ عَاقل سَاكن. ولد فِي شهر رَجَب سنة تسع وَخمسين وزار الْمَدِينَة. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ التَّاج أَبُو الْفَتْح بن الْبَدْر بن السَّيْف القاهري الشرابيشي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا ولازم السراج بن الملقن فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَغَيرهمَا بل واستملى مِنْهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ جملَة من تصانيفه وَكَذَا أَكثر عَن الزين الْعِرَاقِيّ فِي فنون الحَدِيث وَغَيرهمَا وَكتب الْخط الْحسن المتقن وَطلب قَدِيما بِحَيْثُ وجدت قِرَاءَته فِي الصَّحِيح سنة سبعين وَدَار على الشُّيُوخ ورافق الأكابر وقتا وحرر وَضبط لكنه كَمَا قَالَ شَيخنَا لم يمهر مَعَ أَنه كَانَ فِي الطّلبَة المنزلين عِنْده بالجمالية المستجدة وَكَذَا كَانَ فِي غَيرهَا من الْجِهَات، نعم كَانَ يستحضر كثيرا من الْفَوَائِد الْفِقْهِيَّة والحديثية خُصُوصا من
الْأَلْفَاظ المشكلة فِي الْمَتْن والإسناد لكَونه كَانَ يعلق الْفَوَائِد الَّتِي يسْمعهَا فِي مجَالِس الشُّيُوخ وَالْأَئِمَّة حَتَّى اجْتمع عِنْده من ذَلِك جملَة ثمَّ تفرق أَكْثَرهَا فَإِنَّهُ ضعف وَصَارَ أَهله يسرقونها شَيْئا فَشَيْئًا بِالْبيعِ وَغَيره وَلَا يَهْتَدُونَ لأخذ مجلدات الْكتاب بِتَمَامِهَا بل وَلَا الْكتاب الَّذِي يكون فِي مُجَلد وَاحِد بِدُونِ حبك فتمزقت تمزيقا فَاحِشا وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ فَاضلا بارعا جيد الحافظة الَّتِي يتَذَكَّر بهَا غَالب مسموعاته مَعَ كَونه تَارِكًا للف، وَقد سمع مِنْهُ الأكابر وَمَا لقِيه أَصْحَابنَا حَتَّى أملق جدا وتزايد بِهِ الْحَال إِلَى أَن صَار يَأْخُذ الْأُجْرَة على التحديث وَلم يكثروا عَنهُ كعادتهم فِي التَّفْرِيط مَعَ كَونه من كبار المكثرين مسموعا وشيوخا، وَمن شُيُوخه الْحَافِظ الْبَهَاء بن خَلِيل وَقد أَكثر عَنهُ جدا وَأَبُو الْفرج بن الْقَارِي والباجي والعز أَبُو الْيمن بن الكويك وَالْجمال عبد الله بن مغلطاي وَالشَّمْس بن الخشاب. مَاتَ وَقد تغير بِالنِّسْبَةِ لما كَانَ قَلِيلا فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَدفن من الْغَد بالقرافة الصُّغْرَى قَرِيبا من تربة الكيزاني بعد الصَّلَاة عَلَيْهِ بالأزهر رحمه الله وإيانا.) ::: مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر الْمَعْرُوف بالمولى أبي بكر الْهَمدَانِي الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الطَّبِيب الحاسب. قدم الْقَاهِرَة فِي أخريات الدولة المؤيدية واشتهر بِمَعْرِِفَة الطِّبّ وعالج الْمُؤَيد فِي مرض مَوته وَبعده دخل الشَّام ثمَّ الرّوم. وَمَات بهَا فِي سنة عشْرين وَكَانَت لَدَيْهِ فَضَائِل مَشْهُورا بالطب والنجوم ودعواه أَكثر من علمه. ذكره المقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر الْمُحب السعودي. مضى فِيمَن جده أَبُو بكر بن عَليّ بن عمر قَرِيبا. مُحَمَّد بن عمر بن تيمورلنك وَيُقَال لَهُ بير مُحَمَّد بن أميرزه عمر شيخ بن تيمورلنك كوكان أَخُو إسكندر شاه الْمَاضِي صَاحب شيراز من بِلَاد فَارس ملكهَا بعد موت أَبِيه وَحسنت أَيَّامه وحمدت سيرته أحبه الرّعية ثمَّ قَتله وزيره أَمِير حُسَيْن الْمَعْرُوف بشراب دَار فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَاسْتقر بعده أَخُوهُ وَقتل قَاتله. مُحَمَّد بن عمر بن حجي بن مُوسَى بن أَحْمد بن سعد الْبَهَاء أَبُو الْبَقَاء ابْن النَّجْم أبي الْفرج بن الْعَلَاء أبي البركات السَّعْدِيّ الحسباني ثمَّ الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد ووالد النجمي يحيى وَيعرف كأبيه بِابْن حجي. ولد فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وكتبا، وَأخذ عَن الشَّمْس الْبرمَاوِيّ وَغَيره، وَسمع على أَبِيه بعض الْأَجْزَاء وَوَصفه كَاتب الطَّبَقَة والقارئ الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين بالمشتغل المحصل البارع الأمجد، وَولي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق بعد موت أَبِيه ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَولي نظر جيشها مُدَّة قدم
الْقَاهِرَة فِي أَثْنَائِهَا وأضيف إِلَيْهِ نظر جيشها قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده وَقد أضيف إِلَيْهِ مَعَ نظر جيشها نظر قلعتها، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وسعى فِي الْعود لنظر جيشها فَمَا أمكن وَاسْتمرّ بهَا عِنْد صهره الكمالي بن الْبَارِزِيّ وَفِي إِقَامَته صلى وَلَده بِالنَّاسِ، وَوصف شَيخنَا فِي عرضه وَالِده بالمقر الْأَشْرَف العلامي المفيدي الفريدي البهائي. وَبعد ذَاك تمرض صَاحب التَّرْجَمَة مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ مَاتَ فِي ثَالِث عشري صفر سنة خمسين بقاعة البرابخية من سَاحل بولاق فَغسل بهَا وَحمل لمصلى المؤمني فصلى عَلَيْهِ هُنَاكَ وَشهد السُّلْطَان الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدفن بتربة نَاصِر الدّين بن الْبَارِزِيّ تاه شباك قبَّة إمامنا الشَّافِعِي. وَكَانَ شكلاص جميلا طوَالًا جسيما طَوِيل اللِّحْيَة أصهبها أَبيض اللَّوْن ذَا حشمة ورياسة وأصالة وكرم زَائِد بِحَيْثُ مَاتَ وَعَلِيهِ مَا ينيف على عشْرين ألف دِينَار دينا وَلكنه لم يصل لمرتبة سلفه فِي الْعلم وبالانتماء إِلَيْهِ ذكر القطب الخيضري. وَقد قَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ نَاظر الْجَيْش بِدِمَشْق وَقدم)
لمصر ليتولى نظر جيشها وَقدم تقدمة هائلة للسُّلْطَان وَغَيره من الْأَعْيَان فَلم يبلغ أمله، وَمَات وَعَلِيهِ آلَاف كَثِيرَة من الدُّيُون قَالَ وَكَانَ عَارِيا من الْعلم وَلم يكن مشكور السِّيرَة وينسب إِلَى أُمُور من الْمُنْكَرَات وَبَلغنِي أَن أهل دمشق لما سمعُوا بِمَوْتِهِ فرحوا فَرحا عَظِيما. مُحَمَّد بن عمر بن حسن بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن عمر الْبَدْر أَبُو الْفضل بن السراج النَّوَوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي نزيل النابلسية وسبط أبي البركات الغراقي والماضي أَبوهُ.
ولد وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاجي وألفية النَّحْو ونظم النخبة للكمال الشمني وَعرض على جمَاعَة كالمحلى والبلقيني والمناوي وَابْن الديري واشتغل فِي ابْتِدَائه على ابْن بردبك الْحَنَفِيّ ثمَّ لَازم ابْن قَاسم وَتزَوج ابْنَته وفارقها وبواسطته انْتَمَى للبدر بن مزهر فِي إقرائه وَغير ذَلِك بل خالطه أتم مُخَالطَة وباشر عَنهُ فِي ابْتِدَاء تكَلمه فِي الْحِسْبَة أَشْيَاء فنما بذلك قَلِيلا وَحج مَعَه ثمَّ أبعده بعد أَن ضربه بل تكَرر مِنْهُ مَا تألم بِسَبَبِهِ وَتردد حِينَئِذٍ للخيضري وانجمع مَعَ اشْتِغَاله قبل ثمَّ بعد على الْجَوْجَرِيّ وزَكَرِيا وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي تَقْسِيم شَرحه للروض على الأبناسي فِي الْأُصُول وَغَيره وعَلى ابْن حجي فِي الْفِقْه وأصوله وعَلى أعجمي نزل البيبرسية فِي الْمنطق وَحضر تَقْسِيم الْبكْرِيّ بل أَخذ عَن الشمني وَتردد إِلَيّ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وقتا وَتكلم فِي النابلسية واستبد بهَا بعد موت المنهلي بل كَانَ رام الِاسْتِقْرَار فِي تدريسها بعده فسوعد وَلَده وتنزل فِي بعض الْجِهَات مَعَ عقل وَسُكُون ودربة وَفهم وفضيلة. مُحَمَّد بن عمر بن حسن الشَّمْس القاهري الشَّافِعِي مؤدب الْأَبْنَاء وَيعرف بِابْن عمر الطباخ. كَانَ أَبوهُ فائقا فِي الطَّبْخ من مؤذني جَامع الْحَاكِم وَيعرف بالقطان
فَنَشَأَ ابْنه فحفظ الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس النحريري السعودي وجوده عِنْده وَأَظنهُ حفظ الْعُمْدَة وَسمع على رقية ابْنة ابْن الْقَارِي وتلا على الْبُرْهَان المارداني بل جمع للسبع على الْعَلَاء القلقشندي وَكَانَ فَقِيه ولديه وقتا وَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي بعض التقاسيم واشتغل بالميقات ومتعلقاته على الْبَدْر القباني أحد صوفية البيبرسية وبرع فِيهِ وَفِي القراآت وَكَانَ صيتًا حسن الْأَدَاء تصدى لتعليم الْأَبْنَاء فَانْتَفع بِهِ وَكنت مِمَّن قَرَأَ عِنْده يَسِيرا، وسجن فِي وَقت لرُؤْيَته هِلَال رَمَضَان حَتَّى يَأْتِي من يشْهد بِهِ مَعَه فعاهد الله أَن لَا يشْهد بِرُؤْيَة الْهلَال، وَكَذَا لما اسْتَقر دولات باي المؤيدي فِي نظر جَامع الْحَاكِم مَسّه مِنْهُ بعض الْمَكْرُوه فبادر إِلَى السّفر لمَكَّة فِي الْبَحْر فغرقت الْمركب فتوصل لجزيرة هُنَاكَ رَجَاء أَن يمر بِهِ من يحملهُ فَمَا اتّفق ودام بهَا عَن تخلي عَن نَفسه.)
وَمَات وَذَلِكَ بعد سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن حُسَيْن بن حسن الْجلَال بن السراج الْعَبَّادِيّ الأَصْل الاقهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسوق أَمِير الجيوش وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد عَمه الْمُحب والمنهاج وَأخذ عَنهُ مَجْمُوع الكلائي ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وَقِرَاءَة الحَدِيث وَقَرَأَ أَيْضا على صهره الْجمال بن أَيُّوب الْخَادِم الشفا وَكَذَا سمع الْكثير على شَيخنَا وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه مجَالِس من البُخَارِيّ فِي الظَّاهِرِيَّة وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي والكمال اعلكازروني وَآخَرُونَ مِنْهُم الْبَدْر حُسَيْن البوصيري وَولي توقيع الدرج ثمَّ تلقى عَن الْبُرْهَان العرياني توقيع الدست وتنزل فِي الْجِهَات وَاسْتقر بعد صهره فِي خدمَة سعيد السُّعَدَاء وَبعد وَالِده فِي تدريس الْفِقْه بالبرقوقية وَفِي غير ذَلِك وسافر مَعَ أَبِيه لمَكَّة صَغِيرا ثمَّ حج مَعَه فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وبانفراده بعد ذَلِك وَدخل اسكندرية ودمياط وَغَيرهمَا. ونظم كثيرا من ذَلِك قصيدة نبوية حاكى بهَا قصيدة شَيخنَا الَّتِي أَولهَا: مَا دمت فِي سفن الْهوى تجْرِي بِي أَولهَا:
(سوابق الْعِشْق للأحباب تجْرِي بِي
…
لما شربت الْهوى صرفا لتجري بِي)
وَعِنْدِي من نظمه بِخَطِّهِ فِي التَّارِيخ الْكَبِير غير هَذَا وَهُوَ كثير الودد والتأدب. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد أَن رغب فِي تدريس البرقوقية لِابْنِ النَّقِيب رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد كَمَال الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَأمه وَالِدَة شمس الدّين مُحَمَّد بن الذَّهَبِيّ وَالِد سعد الدّين مُحَمَّد أحد الْفُضَلَاء. ولد فِي رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ وَحفظ الْقُرْآن وَشهد بعض دروس أَبِيه بل سمع فِي البُخَارِيّ بالظاهرية
وَمن ذَلِك الْمجْلس الْأَخير على الْأَرْبَعين وَحج بِأُمِّهِ مَعَ الرجبية وَاسْتقر فِي مشيخة الباسطية بعد أَبِيه وتخلف عَن أَخِيه فِي الْمُشَاركَة فِي الْجُمْلَة لكنه ارْتقى مِنْهُ بالتحصيل وَعدم التبذير وَخَلفه فِي خدمَة سعيد السُّعَدَاء مَعَ سُكُون وأدب، وَفِي لِسَانه حبسة بل ابتلى بالجذام عافاه الله. مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو الْبَقَاء أَخُو اللَّذين قبله وَأمه ابْنة الْبَدْر بن الشربدار الْوَاعِظ. ولد تَقْرِيبًا سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فِي كنف أَبَوَيْهِ فِي رفاهية فحفظ الْقُرْآن وَصلى)
بِهِ فِي جَامع الْأَقْمَر الْبَهْجَة وألفية الحَدِيث والنحو وَغَيرهَا وَقَرَأَ على أَبِيه وَغَيره وَفهم وبدا صَلَاحه وخطب بعد موت جده الْبَدْر بِجَامِع الزَّاهِد وَحضر عِنْدِي بعض مجَالِس الْإِمْلَاء وَكَانَ جميلا. مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة سَابِع الْمحرم سنة خمس وَسبعين عَن دون ثَمَانِيَة عشر عَاما وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد برحبة مصلى بَاب النَّصْر وَدفن بحوش سعيد السُّعَدَاء وَكَانَت جنَازَته حافلة وفجع بِهِ كل من أَبَوَيْهِ عوضهما الله وإياه الْجنَّة ورحم شبابه. مُحَمَّد بن عمر بن خطاب الشَّمْس بن السراج البهوتي ثمَّ القاهري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي.
مَاتَ وَقد قَارب الثَّمَانِينَ فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالْقربِ من الحناوي بمقبرة البوابة من نواحي الحسينية، وَكَانَ من شُهُود تِلْكَ الخطة غير متقن فِي شهاداته مَعَ كَثْرَة مخاصماته وَيُقَال أَنه كَانَ بارعا فِي الروحاني والحرف والكيمياء وَرُبمَا قَرَأَ فِيهَا وَأَنه سمع على شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَقَرَأَ على الْعَامَّة بِجَامِع ابْن شرف الدّين وخطب بِجَامِع الأميرية وقيدان عَفا الله عَنهُ وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن رضوَان بن عمر بن يُوسُف بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الزين الْحلَبِي أَخُو إِبْرَاهِيم وَأحمد وَيعرف بِابْن رضوَان. ولد فِي حُدُود سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن واشتغل يَسِيرا فِي التَّنْبِيه وَغَيره وَسمع على ابْن صديق صَحِيح البُخَارِيّ خلا من أَوله إِلَى الْغسْل، وتكسب بِالشَّهَادَةِ وحمدت سيرته ثمَّ رتكها. وانجمع عَن النَّاس وَقد بِأخرَة الْقَاهِرَة فَقَرَأت عَلَيْهِ ثلاثيات الصَّحِيح وَمَات بعد الْخمسين. مُحَمَّد بن عمر بن سُوَيْد أَبُو عبد الله النابلسي الْحَنْبَلِيّ سبط مُحَمَّد بن يُوسُف بن سُلْطَان، سمع عَلَيْهِ وعَلى البرزالي المنتقي من الْعلم لأبي خَيْثَمَة بِإِجَازَة البرزالي من ابْن عبد الدَّائِم وَحُضُور الْجد على خطيب مردا وعَلى الْمَيْدُومِيُّ جُزْء ابْن عَرَفَة وَأَجَازَ لَهُ ابْن الخباز وَحدث سمع مِنْهُ التقي أَبُو بكر القلقشندي جُزْء ابْن عَرَفَة وَغَيره. مَاتَ فِي أَوَائِل الْقرن بنابلس رحمه الله.
مُحَمَّد بن عمر بن شوعان أَبُو عبد الله أحد فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة المتضلعين من العقليات والنقليات. انْتفع بِهِ جمَاعَة مَعَ غَلَبَة التقشف عَلَيْهِ والعفاف والديانة قَرَأَ عَلَيْهِ الْعَفِيف النَّاشِرِيّ. وَمَات سنة سبع عشرَة. مُحَمَّد بن عمر بن صلح الْبَدْر بن السراج الْبُحَيْرِي الْأَزْهَرِي الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ.)
مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن العجمي الْحلَبِي وَيعرف بِابْن النَّاظر، ولد تَقْرِيبًا سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا وَسمع من ابْن صديق بعض الصَّحِيح وَحدث باليسير سمع مِنْهُ بعض أَصْحَابنَا، وَكَانَ يجيد عمل النشاب. مَاتَ قبل سنة أَرْبَعِينَ. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الزفتاوي القاهري الشَّافِعِي. حفظ الْقُرْآن واشتغل ولازم الشّرف السُّبْكِيّ فِي الْفِقْه وَكَذَا ابْن المجدي فِيهِ وَفِي الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهَا وَحضر دروس القاياتي وَغَيره بل أَخذ عَن شَيخنَا وتميز بذكائه فِي الْفَضِيلَة ودرس فِي مَسْجِد خَان الخليلي برغبة أبي يزِيد الرُّومِي لَهُ عَنهُ وتكسب بِالشَّهَادَةِ وارتقى فِي الشطرنج وَذكر بِهِ مَعَ عقل وَسُكُون. مَاتَ قريب السِّتين تَقْرِيبًا وَأَظنهُ جَازَ الْخمسين وَخَلفه فِي التدريس الولوي الأسيوطي رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن الْعِمَاد أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن أَسد أَبُو عبد الله حفيد الْعِزّ الْمَاضِي الفيومي الأَصْل الْمَكِّيّ نزيل الْقَاهِرَة الشَّافِعِي مِمَّن نَشأ بِمَكَّة واشتغل قَلِيلا وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فَحَضَرَ عِنْد الزين زَكَرِيَّا وَغَيره قَلِيلا بل وَحضر عِنْدِي بِمَكَّة قبل ذَلِك دروسا بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة دراية وَرِوَايَة وَكتب بِخَطِّهِ الْقَامُوس وَأَشْيَاء، ثمَّ لما قدمت الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَتِسْعين قَرَأَ عَليّ من الْجَوَاهِر جملَة وَسمع مني وَعلي وسافر لبيت الْمُقَدّس وَغَيره وَهُوَ ذكي غير متصون مِمَّن تولع بالنظم وَكثر محفوظه فِيهِ وَزَاد ذكاره وهجا الأماثل وأهين من جِهَة خدم أبي المكارم بن ظهيرة وَأَبِيهِ بِسَبَب هجائه أَبَا المكارم بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك سَبَب خُرُوجه من مَكَّة ثمَّ عَاد إِلَيْهَا مَعَ الشَّامي فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَرجع فِي أثْنَاء الَّتِي بعْدهَا بحرا وَذكرت عَنهُ قبائح وَالْولد سر أَبِيه. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الشَّيْخ على الْبَدْر بن الخواجا الْكَبِير السراج التَّاجِر الكارمي بن الْعِزّ أبي عمر بن الصّلاح الخروبي الْمصْرِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ سُلَيْمَان، وَأمه تجار ابْنة كَبِير التُّجَّار المصريين نَاصِر الدّين بن مُسلم. حصل من تَرِكَة عمته آمِنَة بِغَيْر علم أَبِيه قدرا جيدا وَكَذَا أَخذ من أمه
شَيْئا كثيرا فأثرى وَعمر بَيتهمْ وَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون الْعَام سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ. مُحَمَّد عز الدّين أَخُو الَّذِي قبله، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين.)
مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس بن أَمِين الدولة الْحلَبِي الْحَنَفِيّ. فِيمَن جده عبد الْوَهَّاب. مُحَمَّد بن عمر بن عب الله بن مُحَمَّد بن غَازِي الشَّمْس الدنجاوي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالدنجاوي. ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بدمياط وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن لأبي عَمْرو على صلح بن مُوسَى الطبناوي ثمَّ اشْتغل بالفقه على الشَّمْس بن الْفَقِيه حسن البدراني وبالفرائض والنحو على الشَّمْس السنهوري عرف بالسكندري وَكَذَا أَخذ النَّحْو والحساب عَن نَاصِر الدّين البارنباري حِين كَانَ يُقيم فِي دمياط ثمَّ لَازمه كثيرا بِالْقَاهِرَةِ وروى عَنهُ لغزا فِي دمياط أَجَابَهُ عَنهُ الْبَدْر الدماميني وَكَذَا حضر دروس الشَّمْس الْبرمَاوِيّ والشهاب الطنتدائي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والطبقة ثمَّ لَازم القاياتي فِي دروسه وَكَانَ يقرئ أَوْلَاده)
فَعظم انتفاعه بِهِ، ثمَّ تكسب بِالشَّهَادَةِ وبالنسخ وَكتب الْمُنْتَقى للنسائي للقاياتي فِي مُجَلد
وعاشر التقي بن حجَّة الشَّاعِر فَتخرج بِهِ فِي الْأَدَب ونظم الشّعْر الْحسن فأجاد ثمَّ أعرض عَنهُ وغسله بِحَيْثُ لم يتَأَخَّر مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ حفظ عَنهُ، وجاور بالجامع الْأَزْهَر وَحج فِي سنة ثَلَاثِينَ وزار الْقُدس سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسمع هُنَاكَ على الشَّمْس ابْن الْمصْرِيّ وَكَذَا قَرَأَ بِالْقَاهِرَةِ صَحِيح مُسلم على الزَّرْكَشِيّ وختمه فِي يَوْم عَرَفَة سنة أَرْبَعِينَ وَسمع على غَيره شَيخنَا وَصَحب الشّرف بن الْعَطَّار وبواسطته نَاب فِي خزن الْكتب بالمويدية وتنزل فِي صوفي الأشرفية برسباي مَعَ شَيْخه القاياتي، وَكَانَ كثير التِّلَاوَة منجمعا عَن النَّاس ذَا تهجد تَامّ لَا يقطعهُ بِحَيْثُ إِذا ألم بأَهْله يغْتَسل لأَجله خَفِيف ذَات الْيَد على طَرِيق السّلف فِي ملبسه وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ نصف البُخَارِيّ الْفَخر عُثْمَان الديمي. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشري ذِي الْقعدَة وأرخه شَيخنَا فِي شَوَّال سنة خمس وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ بعد توعك يسير بِمَرَض صَعب وَصلى عَلَيْهِ القاياتي بِجَامِع الْأَزْهَر وَدفن بالصحراء جوَار الشَّيْخ سليم خلف جَامع حمص أَخْضَر وَكَانَ ذكر لأَصْحَابه أَنه رأى فِي الْمَنَام أَنه يؤم بناس كثيرين وَأَنه قَرَأَ بِسُورَة نوح وَوصل إِلَى قَوْله تَعَالَى: إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ وَجل فقصه على بعض أَصْحَابه وَقَالَ هَذَا دَلِيل على أَنِّي أَمُوت فِي هَذَا الْمَرَض فَكَانَ كَذَلِك بل حكوا عَنهُ أَنه كَانَ يُحَدِّثهُمْ فِي مَرضه بِأُمُور قبل وُقُوعهَا فَتَقَع كَمَا قَالَ رحمه الله وإيانا. وَمن نظمه:
(وصالك معتز وحسنك حَاكم
…
ولحظك مَنْصُور وصدك قاهر)
(وصبري مَأْمُون وقلبي واثق
…
ودمعي سفاح وَمَالِي نَاصِر)
مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله الدَّمِيرِيّ ثمَّ الْمحلي الْمَالِكِي ثمَّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن كتيلة بِضَم الْكَاف ثمَّ مثناة مَفْتُوحَة وَآخره لَام. نَشأ وتفقه بالولي الْعِرَاقِيّ وَالشَّمْس بن النصار نزيل القطبية وَغَيرهمَا، وَأخذ الْفَرَائِض والحساب وَغَيرهمَا عَن نَاصِر الدّين البارنباري وَصَحب مُحَمَّد الْحَنَفِيّ وصاهره على ابْنَته فأنجب مِنْهَا وَلَده أَبَا الْغَيْث مُحَمَّدًا وانتفع بِصَاحِبِهِ أبي الْعَبَّاس السرسي وابتنى لنَفسِهِ بالمنشية الْمُجَاورَة للمحلة جَامعا وَأقَام بِهِ يدرس ويفتي ويربي المريدين بل ويعظ يَوْمًا فِي الْأُسْبُوع مَعَ الْمُحَافظَة على الْخَيْر وَالْعِبَادَة والأوراد وَالذكر واشتماله على مزِيد التَّوَاضُع وَحسن السمت وبهاء المنظر وإكرام الوافدين وتقلله من الدُّنْيَا وَقد لَقيته بجامعه الْمَذْكُور وَسمعت من فَوَائده وَعمر طَويلا)
وضعفت حركته إِلَى أَن مَاتَ قبيل الْفجْر من لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس ربيع الثَّانِي سنة سبع وَثَمَانِينَ، وفاحت إِذْ ذَاك فِيمَا قيل ريح طيبَة مَلَأت الْبَيْت لَا تشبه رَوَائِح الطّيب وَلَا الْمسك
بل أعظم بِكَثِير رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الْجمال العوادي بِفَتْح الْعين وَالْوَاو الْخَفِيفَة نِسْبَة لقرية تَحت جبل بعدان العواجي بِالْفَتْح أَيْضا التعزي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه القَاضِي. ولد فِي قريته سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَقَرَأَ الْقُرْآن على أَهلهَا ثمَّ فِي إب ثمَّ قدم جبلة فَقَرَأَ على عالمها ابْن الْخياط وَبِه اسْتَفَادَ ثمَّ نزل تعز إِلَى الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله الريمي فَقَرَأَ عَلَيْهِ التَّنْبِيه والمهذب وَالْوَجِيز والوسيط وحصلها بِيَدِهِ وعلق عَلَيْهَا وحققها ودرس فِي زَمَنه وَأفْتى بِاخْتِيَارِهِ وَأذنه أضَاف إِلَيْهِ المنصورية وَأخذ كتب الحَدِيث جَمِيعهَا وشروحها عَن مُحَمَّد بن ضفر وَحصل كتبا كَثِيرَة، وولاه النَّاصِر قَضَاء تعز فَلم يقْتَصر عَلَيْهِ بل كَانَ يقْضِي أَحْيَانًا ويدرس أَحْيَانًا ويشتغل على الشُّيُوخ أَحْيَانًا، ثمَّ استعفى وَاقْتصر على التدريس وَنشر الْعلم إِلَى أَن أضيفت لَهُ الْمدرسَة الظَّاهِرِيَّة الْكُبْرَى وَكَذَا درس بمدرسة سَلامَة ابْنة الْمُجَاهِد، وَلم يلبث أَن مَاتَ بتعز فِي ربيع الأول سنة سِتّ عشرَة. وَكَانَ متواضعا كثير الطّلب. أَفَادَهُ النفيس الْعلوِي. وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ اشْتغل بِبَلَدِهِ تعز وشغل النَّاس كثيرا واشتهر وَأفْتى ودرس ونفع النَّاس وَكَثُرت تلامذته ثمَّ ولي الْقَضَاء بِبَلَدِهِ فباشر بشهامة وَترك مُرَاعَاة أهل الدولة فتعصبوا عَلَيْهِ حَتَّى عزل وَأَقْبل على الأشغال والنفع للنَّاس حَتَّى مَاتَ وَقد أراق فِي مُبَاشَرَته الْخُمُور وأزال الْمُنْكَرَات وألزم الْيَهُود بتغيير عمائمهم رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الله الكمشيشي ثمَّ القاهري الغمري نِسْبَة للشَّيْخ مُحَمَّد الغمري لكَونه من جماعته، حفظ الْقُرْآن وَكَانَ كثير التِّلَاوَة لَهُ وَسمع على شَيخنَا فَمن بعده بل سمع مني كثيرا فِي الْإِمْلَاء وَغَيره. وَكَانَ متوددا رَاغِبًا فِي الْخَيْر، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن خَارج بَاب النَّصْر وَأَظنهُ جَازَ السِّتين رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْمجِيد. هَكَذَا رَأَيْته بخطي وَفِي مَوضِع آخر اسْم جده مُحَمَّد وَهُوَ الصَّوَاب وَسَيَأْتِي. مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْوَهَّاب الشَّمْس الرعباني الْحلَبِي الْحَنَفِيّ القَاضِي وَيعرف بِابْن أَمِين الدولة ذكره ابْن خطيب الناصرية وَقَالَ أَنه اشْتغل فِي الْفِقْه على الْجمال يُوسُف)
الْمَلْطِي وناب عَن الْكَمَال بن العديم فَمن بعده ثمَّ اسْتَقل بِالْقضَاءِ فدام سِنِين وحمدت سيرته فِي ذَلِك كُله وَكَانَ جيدا عَاقِلا متدينا مزجي البضاعة فِي الْعلم. مَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الخميش ثَانِي عشر شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَدفن
خَارج بَاب الْمقَام بِالْقربِ من الْعِزّ الحاضري. وَذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار وَسمي جده عبد الْعَزِيز. مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان بن حسن الحسني الْموصِلِي وَيعرف بالمازوني ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وبيض. مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان الشَّمْس الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ نزيل حلب وَيعرف بِابْن الشحرور.
ولد بعد السِّتين تَقْرِيبًا. وَمَات بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَخمسين. وَفِي استدعاآت ابْن شَيخنَا مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان الْمصْرِيّ لَهُ نظم استجيز لَهُ وَالظَّاهِر أَنه هَذَا. مُحَمَّد بن عمر بن عُثْمَان الصَّفَدِي. مِمَّن سمع من شَيخنَا. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْجمال المعابدي الْوَكِيل. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ من كبار التُّجَّار كثير المَال جدا كثير الْقرى وَالْمَعْرُوف مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن النبيه الْجمال أَبُو عبد الله بن أبي حَفْص بن نَفِيس الدّين أبي الْحسن الْقرشِي الطنبدي القاهري الشَّافِعِي وَالِد السراج عمر وَيعرف بِابْن عرب. ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَغَيره واشتغل يَسِيرا وَكَانَ يذكر أَنه سمع من إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الخشاب صَحِيح البُخَارِيّ وَمن ابْن حَاتِم صَحِيح مُسلم وَمن أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ الشفا وكل ذَلِك مُمكن وتعانى التوقيع قَدِيما وَهُوَ فِي الْعشْرين. وناب فِي الْقَضَاء بل ولي الْحِسْبَة ووكالة بَيت المَال غير مرّة ثمَّ بعد الثَّمَانمِائَة اقْتصر على نِيَابَة الْقَضَاء، وَجَرت لَهُ خطوب إِلَى أَن انْقَطع بِأخرَة بمنزله مَعَ صِحَة عقله وَقُوَّة جسده ثمَّ توالت عَلَيْهِ الْأَمْرَاض وتنصل ثمَّ أَنه سقط من مَكَان فَانْكَسَرت سَاقه وَأقَام نَحْو أَرْبَعَة أشهر، ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين عَن اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين سنة وَزِيَادَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه قَالَ وَهُوَ أقدم من بَقِي من طلبة الْعلم ونواب الشَّافِعِيَّة رحمه الله. قلت وَقد أَشَارَ للثناء عَلَيْهِ وعَلى سلفه ابْن الملقن وَابْنه والصدر الْمَنَاوِيّ والدميري والأبشيطي وَغَيرهم فِي عرض وَلَده حَسْبَمَا ذكرته فِي تَرْجَمته من المعجم. وَهُوَ خَال نجم الدّين مُحَمَّد بن عَليّ)
الطنبدي الَّذِي شَاركهُ فِي كَونه نَاب فِي الْقَضَاء وَولي الْحِسْبَة وَالْوكَالَة. وَمَات فِي آخر ذَاك الْقرن سنة ثَمَانمِائَة. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن حجي الشَّمْس بن الشَّيْخ سراج الدّين البسطامي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَدفن عِنْد أَبِيه بزاويته رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن شعْبَان الْمُحب بن السراج التتائي الْأَزْهَرِي
الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عَليّ. أسمعهُ أَبوهُ الْكثير على بقايا الشُّيُوخ وَكَذَا سمع مني وَمَات. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الديماسي الزملكاني القباني. مَاتَ بِدِمَشْق فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد بن أسعد أَبُو الطّيب السحولي بِفَتْح الْمُهْملَة وَقيل بضَمهَا نِسْبَة لسحول من الْيمن اليمني ثمَّ الْمَكِّيّ الْمُؤَذّن. ولد فِي لَيْلَة السبت مستهل رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة كَمَا ذكر، وَقَول شَيخنَا فِي إنبائه سنة إِحْدَى سَهْو، وأحضر فِي آخر الْخَامِسَة بِالْمَدِينَةِ على الزبير الأسواني الشفا وَسمع من عَليّ بن عمر بن حَمْزَة الحجار وَالْفَخْر التوزري والعز ابْن جمَاعَة وَالْجمال المطري وخالص البهائي وَأَجَازَ لَهُ الْجمال الأقشهري وعيشى الحجي والشهاب الْحَنَفِيّ والزين أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ وَغَيرهم، وَحدث سمع من الْأَئِمَّة سِيمَا الشفا فَحدث بِهِ غير مرّة لِتَفَرُّدِهِ بِهِ فِي الدُّنْيَا. وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه والتقي بن فَهد، وَقدم الْقَاهِرَة وَالشَّام غير مرّة وَكتب الْخط الْحسن ونظم الشّعْر الْجيد وَأذن بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام الْمَكِّيّ على زَمْزَم دهرا، وَكَانَ من فُقَهَاء مدارسه وعَلى أَذَانه هَيْبَة. مَاتَ بعد أَن أضرّ قبل بسنين وتعلل أَيَّامًا يسيرَة فِي يَوْم السبت ثامن ذِي الْحجَّة سنة سبع وَدفن بالمعلاة، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي مُكَرر وَأَنه قدم الْقَاهِرَة غير مرّة. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن غنيم بن عَليّ الشَّمْس أَبُو عبد الله بن السراج أبي حَفْص النبتيتي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ عَليّ وَكَذَا أَخُوهُ لأمه إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن الْجمال وَولده عبد الْقَادِر. نَشأ فَقَرَأَ الْقُرْآن واشتغل بالفقه وَغَيره وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْجَوْجَرِيّ وَإِمَام الكاملية والزين زَكَرِيَّا فِي آخَرين، وَأكْثر التَّرَدُّد إِلَيّ وَإِلَى الزين عبد الرَّحِيم الأبناسي، وَكَانَ خيرا فَاضلا حسن المحاضرة ذَاكِرًا لنبذة من حكايات الصَّالِحين وأحوالهم أنسا كثير التودد والبشر)
عفيفا قانعا سنيا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فِي منزل زَوجته المجاور لزاوية الشَّيْخ تركي من الكداشين وَحمل إِلَى زاويتهم بِالْقربِ من خانقاه سرياقوس فَدفن بهَا. مُحَمَّد بن عمر بن الْفَقِيه نور الدّين على الشَّمْس الْبُرُلُّسِيّ الْمَالِكِي تلميذ ابْن الأقيطع وَيعرف بِابْن فريج بفاء مَضْمُومَة ثمَّ رَاء بعْدهَا تَحْتَانِيَّة وجيم. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الْمُحب بن السراج الْحلَبِي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ خَادِم نَاصِر الدّين بن عشائر ونزيل قناطر السبَاع وَيعرف بِابْن البابا ذكره شَيخنَا فِي
مُعْجَمه وَقَالَ أَنه اشْتغل بِالْعلمِ وَذكر لي أَنه حضر دروس الْبَهَاء بن عقيل وَمهر فِي الْفِقْه، وَضعف بَصَره بِأخرَة وَوجدت لَهُ سَمَاعا على أبي الْحرم القلانسي وناصر الدّين الفارقي فِي المعجم الصَّغِير للطبراني وعَلى ثَانِيهمَا فَقَط جُزْء من حَدِيث ابْن أبي الصَّقْر وحنبل بن إِسْحَاق وسماعه لَهُ بِقِرَاءَة شَيخنَا الْعِرَاقِيّ، وَأَجَازَ لَهُ الْعِزّ أَبُو عمر بن جمَاعَة، كتب لنا فِي إجَازَة ابْني مُحَمَّد.
وَمَات سنة تسع عشرَة، وَتَبعهُ المقريزي فِي عقوده. وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ ابْن مُوسَى ورفيقه الأبي الْمُوفق. مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ المغربي الأَصْل ثمَّ السكندري الأسيوطي المولد الشَّافِعِي نزيل جَامع كزلبغا من الْقَاهِرَة. أَخذ عَن أبي الْعَبَّاس السرسي الْحَنَفِيّ ولازمه وتسلك بِهِ. وترقى فِي التصوف مَعَ البراعة فِي غَيره بِحَيْثُ انْتفع بِهِ الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم تلميذ أبي الْمَوَاهِب بن زغدان وَذكر بإتقان شرح التائية. وَمن نظمه:
(الْفقر خير من الْغنى
…
لِأَنَّهُ رُتْبَة الولا)
(وَلَا عجب إِذا سلكنا
…
سَبِيل سَادَات أَنَبِيًّا)
وَاسْتقر فِي مشيخة التصوف بدرسة قراقجا الحسني وانجمع عَن النَّاس، وَمِمَّنْ تردد إِلَيْهِ جلال الدّين الأسيوطي بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَيذكر بزهد وَأَنه يَأْكُل من نساخته.
مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الحزيزي الْيَمَانِيّ. مُحَمَّد بن عمر بن عمر بن حصن الشَّمْس بن السراج القاهري الصُّوفِي الوفائي الشَّافِعِي النقاش شيخ الذكارين بالجامع الحاكمي وَيعرف بالملتوتي. ولد سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقيل بعْدهَا بست أَو سبع بِظَاهِر بَاب النَّصْر من الْقَاهِرَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد ابْن يزوان والعمدة وعرضها على الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَربع الْمِنْهَاج عِنْد الْجمال الصنفي،)
وَكَانَ وَالِده يخْدم الْفُقَرَاء وَيُحب شُهُود مجَالِس الحَدِيث ويستصحب مَعَه إِذا شَهِدَهَا كعكا وَنَحْوه فلقب بالملتوتي وَرُبمَا لقبه شَيخنَا فِي الطباق باللتات. واعتنى بِهِ أَبوهُ فأسمعه الْكثير على ابْن الشيخة والتنوخي والحلاوي والسويداوي وَغَيرهم وتعانى التكفيت والنقش بِحَيْثُ كَانَ هُوَ الَّذِي نقش قبر السراج البُلْقِينِيّ ثمَّ تنزل فِي صوفية البيبرسية وَحضر بعض الدُّرُوس وَأخذ عَن البلالي وَأكْثر من شُهُود المواعيد وزيارة الصَّالِحين ولازم حَلقَة الذّكر بِجَامِع الْحَاكِم عقب صَلَاة الصُّبْح إِلَى الضُّحَى حَتَّى كَانَ كَبِير الْجَمَاعَة، وتطيلس وَمَشى بالعكاز وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت يَبِيع السمس والأبر وَالْوَرق وَالْخَيْط وَنَحْوهَا وَهُوَ مَعَ ذَلِك يتَرَدَّد لمجالس الْخَيْر، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبا من سنة سبعين أعلمنَا بِنَفسِهِ وأحضر أثباتا ظَاهرهَا يشْهد لَهُ وحاققته حَتَّى غلب على الظَّن
أَنه هُوَ الْمُسَمّى بهَا وَأَنه لم يكن لَهُ أَخ يُسمى باسمه وَأخذت حِينَئِذٍ فِي تتبع الطباق وأفردت مَا وقفت عَلَيْهِ من المسموع لَهُ فِي كراسة انْتفع بهَا الطّلبَة وَأَكْثرُوا عَنهُ وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْبَهَاء المشهدي والتقي القلقشندي وَحصل لَهُ ارتفاق بذلك وَكَانَ يكثر من زيارتي وَالدُّعَاء لي وَالثنَاء عَليّ مِمَّا أسر بِجَمِيعِهِ لتوسم الْخَيْر فِيهِ وَمَعَ ذَلِك فَمَا طابت نَفسِي للْقِرَاءَة عَلَيْهِ. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين بالبيمارستان المنصوري رحمه الله ونفعنا بِهِ. مُحَمَّد بن عمر بن عِيسَى بن أبي بكر الْبَدْر بن السراج الوروري الأَصْل القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي أَخُو عبد الْقَادِر الْمَاضِي وأبوهما. ولد تَقْرِيبًا سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك وَقَرَأَ على أَبِيه قَلِيلا ثمَّ لَازم أَخَاهُ فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا والشرواني فِي شرح العقائد والمنطق وتميز فيهمَا بِحَيْثُ كتب على أَولهمَا حَاشِيَة وأقرأ بعض الطّلبَة وتنزل فِي تربة الْأَشْرَف قايتباي وَهُوَ مِمَّن سمع ختم البُخَارِيّ بالظاهرية مَعَ سكونه وفضله وإدمانه على الِاشْتِغَال. مُحَمَّد بن عمر بن عليسى بن مُوسَى بن حسن الشَّمْس أَبُو عبد الله البصروي ثمَّ الْمَقْدِسِي وَيعرف بِابْن القرع بقاف مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء سَاكِنة بعْدهَا مُهْملَة. سمع على الْمَيْدُومِيُّ المسلسل وجزء البطاقة وجزء ابْن عَرَفَة وجزء الْأنْصَارِيّ ونسخة إِبْرَاهِيم بن سعد وَغَيرهَا وَحدث وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس فَسمِعت مِنْهُ المسلسل بِشَرْطِهِ وجزء البطاقة وَكَذَا سمع مِنْهُ التقي أَبُو بكر القلقشندي المسلسل وجزء ابْن عَرَفَة وَكَانَ)
خيرا صَالحا محبا فِي الرِّوَايَة بِحَيْثُ يقْصد من يسمع مِنْهُ. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشري الْمحرم سنة إِحْدَى عشرَة بِبَيْت الْمُقَدّس رحمه الله. مُحَمَّد بن عَم بن الْمُبَارك بن عبد الله بن عَليّ الْحِمْيَرِي الْحَضْرَمِيّ الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الشهير ببحرق. ولد فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ بحضرموت وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن ومعظم الْحَاوِي ومنظومة الْبرمَاوِيّ فِي الْأُصُول وألفية النَّحْو بكمالها وَغير ذَلِك واشتغل فِي الْفِقْه وأصوله والعربية على عبد الله أبي مخرمَة حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَأخذ عَن غَيره، وصاهر صاحبنا حَمْزَة النَّاشِرِيّ على ابْنَته وأولدها، وتولع بالنظم أَيْضا ومدح عَامر بن عبد الْوَهَّاب حِين شرع فِي بِنَاء مدارس زبيد وَالنَّظَر فِيهَا فَكَانَ من أَولهَا فِيمَا أنشدنيه حِين لقِيه لي بِمَكَّة وَأَخذه عني وَكَانَ قدومه لَهَا لَيْلَة الصعُود فحج حجَّة الْإِسْلَام وَأقَام قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ كَانَ الله لَهُ:
(أَبى الله إِلَّا أَن تحوز المفاخرا
…
فسماك من بَين الْبَريَّة عَامِرًا)
(عمرت رسوم الدَّرْس بعد دروسها
…
وأحييت آثَار الْإِلَه الدوائرا)
(فَأَنت صَلَاح الدّين لَا شكّ هَذِه
…
شواهده تبدو عَلَيْك ظواهرا)
وَهِي نَحْو عشْرين بَيْتا وَكَذَا أنشندي مِمَّا امتدح بِهِ الْمشَار إِلَيْهِ بَيْتا هُوَ عشر كَلِمَات وَهُوَ:
(يَا رب كن أبدا معينا ناصرا
…
شمس الْمُلُوك صَلَاح دينك عَامِرًا)
ضمنه فِي أَرْبَعَة أَبْيَات يسْتَخْرج مِنْهَا الضَّمِير من الْعشْر فَقَالَ:
(أيدت دينك يَا رب الْعلَا أبدا
…
بناصر لملوك الأَرْض قد ضهدا)
(أَعنِي بِهِ عَامِرًا شمس الْمُلُوك فَكُن
…
ظهيره أبدا فِي كل مَا قصدا)
(وناصرا ومعينا فَهُوَ شمس ضحى
…
أخْفى نُجُوم مُلُوك الأَرْض مُنْذُ بدا)
(سميته عَامِرًا لما أردْت بِهِ
…
صَلَاح دينك إرغاما لمن جحدا)
مُحَمَّد بن عمر بن محب الشَّمْس الزرندي الْمدنِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّامي الأَصْل القاهري الكتبي الْمَاضِي أَبوهُ.
تميز فِي صناعته بل والتذهيب وَنَحْوه، وَتخرج بِهِ غير وَاحِد مَعَ خموله وتقلله. مَاتَ قَرِيبا من سنة تسعين ظنا عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال وَرَأَيْت من قَالَ الْبَدْر أَبُو عبد الله بن)
الْفَخر بن الْجمال البارنباري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد وأخو عَليّ الماضيين وَأبي بكر الْآتِي. ولد فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِمصْر وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن والتبريزي بل والمنهاج والملحة بل وألفية ابْن ملك والورقات، وَعرض على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن والأبناسي والعراقي، وتفقه بِالنورِ الأدمِيّ وَالشَّمْس بن الْقطَّان وَابْن الملقن والبلقيني فبحث على الأول الْمِنْهَاج والتنبيه وَغَيرهمَا ولازمه وعَلى الثَّالِث بعض شَرحه على الْحَاوِي وَعَن الْأَوَّلين أَخذ ألفية ابْن ملك بحثا بل أَخذ عَن بعض الْمَذْكُورين بحثا غَيرهمَا وَكَذَا قَرَأَ على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ غَالب نكته وَتَخْرِيج أَحَادِيث الْبَيْضَاوِيّ لِأَبِيهِ وَكتب من أَمَالِيهِ كثيرا مَعَ الْمجْلس الَّذِي أملاه فِي مَكَّة هُنَاكَ، وَكَانَ حج قبل ذَلِك فِي سنة تسع وَتِسْعين وَسمع على شَيخنَا قَدِيما تَرْجَمَة البُخَارِيّ من جمعه بِالْمَدْرَسَةِ البرهانية الْمَحَلِّيَّة من مصر ولازم إملاءه أَيْضا فَكَانَ يَجِيء من مصر العتيقة، وخطب بِجَامِع عَمْرو نِيَابَة وَكَانَ صَالحا سَاكِنا ذَا فَضِيلَة وَخير. مَاتَ بِمصْر يَوْم السبت ثَانِي عشر أَو ثَالِث عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين رحمه الله.
مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عزم الشَّمْس أَبُو عبد الله التَّمِيمِي التّونسِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ الْمَالِكِي وَالِد محيي الدّين مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن عزم بِمُهْملَة ثمَّ مُعْجمَة مفتوحتين ثمَّ مِيم. ولد فِي شَوَّال سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا فَقَالَ أَنه حفظ الْقُرْآن والرائية والجرومية وأرجوزة الْولدَان الْمَعْرُوفَة بالقرطبية وَقطعَة صَالِحَة من الرسَالَة ومعظم الشاطبية وَعرض بَعْضهَا بِبَلَدِهِ وتلا لورش على مؤدبه مقرئ تونس أبي الْقسم بن الْمَاجِد وَبَعضه لنافع على غَيره بل سمع بالعشر بِقِرَاءَة أَخِيه على بعض الْقِرَاءَة، وارتحل فِي مستهل رَجَب سنة سبع وَثَلَاثِينَ فَقدم اسكندرية أول الَّتِي تَلِيهَا وَحضر بهَا مجْلِس عمر البسلقوني وَغَيره، ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي أَثْنَائِهَا فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَوَاخِر سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَتوجه إِلَى مَكَّة فِي الْبَحْر فوصلها فِي أول سنة أَرْبَعِينَ فدام بهَا حَتَّى حج ثمَّ توجه فِي أَوَائِل الَّتِي تَلِيهَا إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فجاور بهَا بعض سنة وَسمع بهَا على الْجمال الكازروني ثمَّ انْفَصل عَنْهَا فِي أثْنَاء السّنة فوصل الْقَاهِرَة ثمَّ رَجَعَ لمَكَّة فِي أثْنَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وَسمع بهَا اتِّفَاقًا بساحل جدة على الْمُوفق الأبي وَاسْتمرّ إِلَى أثْنَاء سنة سبع وَأَرْبَعين فوصل الْقَاهِرَة فَسمع بهَا من شَيخنَا المسلسل ومجلسا من صَحِيح مُسلم وَكتب عَنهُ مجَالِس من)
أَمَالِيهِ وَتوجه مِنْهَا فِي سنة تسع وَأَرْبَعين إِلَى الْبِلَاد الشامية وزار بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى مَكَّة فِيهَا فقطنها وَسمع بهَا على مشايخها والقادمين إِلَيْهَا، وَأكْثر عَن أبي الْفَتْح المراغي، وسافر مِنْهَا غير مرّة إِلَى الْقَاهِرَة وتكسب فِي كل مِنْهَا بالتجليد وَكَذَا بِالتِّجَارَة فِي الْكتب ولازم بِمَكَّة المحيوي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي فِي الْعَرَبيَّة وَغَيره وانتفع بِهِ فِي الظَّوَاهِر يَسِيرا وَتخرج بصاحبنا النَّجْم بن فَهد فِي كِتَابَة الطباق، وتتبع شُيُوخ الرِّوَايَة وَصَارَ لَهُ فِي ذَلِك نوع المام مَعَ اعتناء بتقييد بعض الوفيات وتتبع لترتيب من يرَاهُ فِي الاستدعاآت وَنَحْوهَا وَرُبمَا سمع يَسِيرا ثمَّ لما كنت بِمَكَّة رافقني فِي سَماع أَشْيَاء بل سَمِعت بقرَاءَته الرسَالَة القشيرية وَغَيرهَا وَكَذَا طَاف بِالْقَاهِرَةِ على الشُّيُوخ وَسمع فِيهَا أَيْضا بِقِرَاءَتِي واستمد مني كثيرا ووصفني بشيخنا الْعَلامَة حَافظ الْعَصْر وَبَالغ فِي غير ذَلِك ثمَّ أَنه خلط فَإِنَّهُ اشْتَدَّ حرصه على تَحْصِيل تصانيف ابْن عَرَبِيّ والتنويه بهَا وبمصنفها حَتَّى صَار دَاعِيَة لمقالته وركن إِلَيْهِ أهل هَذَا الْمَذْهَب فَكَانَ يجلب إِلَيْهِم من تصانيفه مَا ينمقه ويحسنه فيرغبونه فِي ثمنه وَرُبمَا قصد كثيرا من عوام المسندين فِي الْخفية لقراءتها لتَكون مُتَّصِلَة الْإِسْنَاد زعم وعذلته
كثيرا عَن ذَلِك فَمَا كف بل أَفَادَ حقدا ومقاطعة، وسمعته ينشد مِمَّا زعم أَنه كتب بِهِ لشَيْخِنَا:
(ديني وفقري وهم عائلتي
…
دعت يداك لَعَلَّ ترحمهم)
(حاشا يخيبون إِن دعوك وهم
…
ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم)
وَكَذَا سمعته يَقُول:
(يَا بن فَهد يَا عمر
…
جادك الْفَتْح ودر)
(إِنَّمَا النَّاس نُجُوم
…
بَينهم أَنْت قمر)
وَقد رَأَيْته فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَالَّتِي بعْدهَا وَقد هش وَكبر واستعان بالعكاز ولازم الشكوى والعتب على الزَّمن وَأَهله، وَاسْتمرّ كَذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَتِسْعين عَفا الله عَنهُ وإيانا وَخلف أَوْلَادًا وَلم يُوجد فِي تركته من جمعه وتعبه مَا ينْتَفع بِهِ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد أثير الدّين بن الْمُحب بن الْخَطِيب الشَّمْس الخصوصي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بأثير الدّين الخصوصي الْمَاضِي أَخُوهُ)
أَحْمد. ولد سنة نَيف وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَذكر أَنه اشْتغل بالفقه على أَبِيه وَابْن الملقن والبلقيني والأبناسي وَعَلِيهِ بحث نكت النَّسَائِيّ على التَّنْبِيه وبالأصول على الْبَدْر بن أبي الْبَقَاء والشهاب النحريري الْمَالِكِي وقنبر والعز بن جمَاعَة وَكَذَا البُلْقِينِيّ وَحضر دروسه ودروس السَّيْف الصيرامي وشيرين العجمي نزيل مدرسة حسن وقاضي دمشق الشهَاب الْقرشِي فِي التَّفْسِير وبالعربية عَن الْمُحب بن هِشَام والغماري وَعبد اللَّطِيف الأقفاصي وَالشَّمْس السُّيُوطِيّ وَأَنه سمع على الْبَهَاء أبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ والضياء القرمي وَابْن الصَّائِغ الْحَنَفِيّ والتنوخي وَابْن الملقن والبلقيني والعراقي والهيثمي وَابْن خلدون ووقفت على سَمَاعه هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمد من الزين الْعِرَاقِيّ لكثير من أَمَالِيهِ بِحَضْرَة الهيثمي، وَحج بِهِ وَالِده صَغِيرا ثمَّ سَافر هُوَ بعد إِلَى الْبِلَاد وطوف فَأكْثر وَدخل دمشق غير مرّة وَولي باسكندرية تدريس مدرسة الوشاقي، وَكَانَ فَاضلا فكها حُلْو النادرة قَادِرًا على اختراع الخراع أمة فِي ذَلِك وعَلى التطور فِي أشكال مُخْتَلفَة بِحَيْثُ يحسن كَلَام المغاربة حَتَّى لَا يشك سامعه أَنه مِنْهُم، كل ذَلِك مَعَ الْمُشَاركَة الجيدة فِي الْفُنُون بِحَيْثُ درس وصنف ونظم ونثر وناب فِي الحكم عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فَمن بعده، وَعمر أرجوزة فِي ألف بَيت سَمَّاهَا الارتضاء فِي شُرُوط الْقَضَاء وَأُخْرَى فِي الْأُصُول وتعاليق فِي الْفِقْه وَغَيره وَلكنه غلب عَلَيْهِ الْبسط والمجون مَعَ مُلَازمَة الِاشْتِغَال والمطالعة، سَافر إِلَى دمشق صُحْبَة الْبَهَاء بن حجي فَقَدمهَا وَهُوَ متوجع بالبطن ثمَّ تزايد بِهِ الْحَال حَتَّى مَاتَ بالبيمارستان النوري فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر صفر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين
وَدفن من يَوْمه بِبَاب الصَّغِير عَفا الله عَنهُ. وَمن نظمه:
(وَلما ادعيت الصبو قَالَت عواذلي
…
أتصبو مَعَ الهجران وَالرَّمْي بالبين)
(وَقد ألزموني أَن أقيم شُهُوده
…
فَقلت على رَأْسِي أقيم وَمن عَيْني)
وَمضى فِي عَليّ بن أقبرس مَا تلاعب بِهِ كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ بِسَبَب الْمجْلس وهجا ابْن أقبرس بِغَيْر ذَلِك ونظمه سَائِر عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي الطّيب. يَأْتِي قَرِيبا فِيمَن جده مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بكتمر نَاصِر الدّين بن الزين بن الْحَاجِب خَاتِمَة الذُّكُور من ذُرِّيَّة جده بكتمر الْحَاجِب خَاتِمَة الذُّكُور من ذُرِّيَّة جده بكتمر الْحَاجِب.
مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشر صفر سنة خمس وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن)
بمدرستهم بِالْقربِ من مصلى بَاب النَّصْر. وَكَانَ مُسْرِفًا على نَفسه، وَهُوَ زوج أم الْحسن ابْنة التقي البُلْقِينِيّ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خلف الله بن عبد السَّلَام أَبُو عبد الله القلجاني بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون اللَّام وجيم أَو شين مُعْجمَة التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي قَاضِي الْجَمَاعَة بتونس والماضي أَبوهُ وَعَمه أَحْمد وأخواه حسن وحسين. ولد سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة بتونس وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده وَأخذ عَن أَبِيه وَعَمه وَأبي الْقسم الْبُرْزُليّ بل زعم أَنه أَخذ عَن جده فقد رَأَيْت البدري كتب عَنهُ فِي مَجْمُوعه أَن جده أنْشدهُ وحفيده لابس برنسا:
(لبس الْبُرْنُس الْفَقِيه فتاها
…
ودري أَنه الظريف فتاها)
(لَو زليخا رَأَتْهُ حِين تبدى
…
لتمنته أَن يكون فتاها)
وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بتونس فِي شعْبَان سنة تسع وَخمسين بعد صرف عَمه فدام سبع عشرَة سنة وأثرى وَكَثُرت عقاراته ومتاجره مَعَ إساءة تصرفه فِي الْأَحْكَام وَفِيمَا تَحت نظره من الْأَوْقَاف خُصُوصا بعد موت أَخِيه حسن فَإِنَّهُ كَانَ لعلمه وسياسته مَسْتُورا بِهِ ثمَّ قدر أَنه توعك فانتهز السُّلْطَان الفرصة وَصَرفه فِي سنة خمس أَو سِتّ وَسبعين فَلم يحْتَمل، وبادر الْمَجِيء إِلَى الْقَاهِرَة ليحج فَقَدمهَا فِي سنة سبع وَسبعين فحج ثمَّ رَجَعَ وسلمت عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَأنْكرت عَلَيْهِ شَيْئا من كَلِمَاته فرام إلفاتي مَعَه بتعظيمي وَإِظْهَار مَا هُوَ متصنع فِي أَكْثَره كدأبه وَكَانَ ذَلِك بِحَضْرَة صاحبنا قَاضِي الْحَنَفِيَّة الشَّمْس الأمشاطي، وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ وراج أمره فِيهَا وأقرأ فِي الْفِقْه وأصوله والنحو وَالتَّفْسِير وَأظْهر ناموسا مَعَ الطّلبَة وَنَحْوهم ومزيد انخفاض مَعَ السُّلْطَان وَنَحْوه وَحسن اعْتِقَاد الْأَمِير تمراز فِيهِ ووالى عَلَيْهِ
الْعَطاء وَالْإِكْرَام، وَلم يلبث أَن اسْتَقر بِهِ السُّلْطَان فِي مشيخة تربته فتزايدت وجاهته وَحضر ختم البُخَارِيّ مَعَ الْجَمَاعَة بالقلعة فَجَلَسَ بِجَانِب الْمَالِكِي وَفَوق الْعَبَّادِيّ وَاسْتمرّ فِي الترفع إِلَى أَن كَانَ أعظم قَائِم مَعَ الدولة فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة بِبَيْت الْمُقَدّس حَسْبَمَا شرحته فِي غير هاذ الْمحل. وَكتب على استفتاء الْيَهُود لذَلِك مَا لَا يسوى سَمَاعه وَلم ينْهض لإِقَامَة حجَّة مَعَ آحَاد الطّلبَة وَلكنه لعلمه بتقصيره أسلف مَعَ عَظِيم الدولة مَا اقْتضى لَهُ الْمَنْع من التَّكَلُّم مَعَه حِين الْمجْلس الْمَعْقُود لذَلِك وَمَعَ هَذَا فقد برزت للرَّدّ عَلَيْهِ وَلَكِن لكَونه خلاف الْغَرَض لم يفد وَكَانَ)
يترجى بِهَذَا وَنَحْوه التَّقَدُّم لخطة الْقَضَاء فَمَا أمكن، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ متساهل علماص وَعَملا وَقد تَكَلَّمت مَعَه مرّة بعد أُخْرَى واتضح لي شَأْنه وَأَنه لم يرج أمره إِلَّا على أكمه لَا يعرف القمرا. وَلما علم انحطاطه عِنْد خِيَار الْمُسلمين اسْتخْلف تِلْمِيذه ابْن عَاشر فِي التربة وبادر إِلَى الرُّجُوع لبلاده ورام التَّوَصُّل لعود قَضَاء الْجَمَاعَة إِلَيْهِ بالسعي بصاحبنا أبي عبد الله البرنتيشي فِيمَا وَرثهُ من المَال الَّذِي أرسل بِهِ ابْن عَم وَالِده إِلَى حَاجِب تونس فَكَانَ ذَلِك سَببا لإفلات المَال من يَد الْوَارِث بعد محنته وَالْمُبَالغَة فِي أذيته وَأمره فَوق هَذَا وَمَعَ ذَلِك فَلم يتهيأ لَهُ إِلَّا الِاسْتِقْرَار فِي منصب الْقَضَاء بِجَامِع الزيتونة وَفِي الخطابة بِجَامِع الْمُوَحِّدين من القلعة ثمَّ صرف. وبلغنا أَنه مَاتَ بِبَلَدِهِ مقهورا بِسَبَب صرفه فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسعين وَشهد السُّلْطَان فَمن دونه جنَازَته عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن غَانِم بن مفرج الْجمال بن السراج أبي حَفْص بن الْجمال أبي رَاجِح الْعَبدَرِي الشيبي الحَجبي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي شيخ الحجبية كسلفه والماضي أَبوهُ وأخواه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن. ولد فِي ثَالِث عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ فِيمَا زعم بعد الْقُرْآن الشاطبية وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَعرض على الْكَمَال بن الْهمام وَأبي السعادات بن ظهيرة وَأبي البركات بن الزين وَالْقَاضِي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي وَأخذ فِي الْفِقْه عَن النُّور الفاكهي وَأخذ الْمِنْهَاج عَن الْكَمَال إِمَام الكاملية تقسيما هُوَ الْقَارئ فِي بعضه ولازم الْجَوْجَرِيّ وَابْن يُونُس المغربي، وتميز فِي حفظ أشعار وكلمات وَسمع على أبي الْفَتْح بن المراغي والبلاطنسي وخطاب فِي مجاورتهم وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَاسْتقر فِي المشيخة بعد ابْن عَمه بَرَكَات بن يُوسُف. مُحَمَّد أَبُو الْخَيْر الملقب بالطيب وَبِه اشْتهر أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ التَّالِي لَهُ. ولد فِي أثْنَاء رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وأربعي
النَّوَوِيّ ومنهاجه والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك والشاطبية والبردة وَعرض بِمَكَّة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ على جمَاعَة وَكنت مِمَّن عرض عَليّ فِيهَا وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة افتتحها بِقَوْلِي: الْحَمد لله جَاعل الطّيب للخلاصة منهاجا ومانح خَادِم بَيته من الْكسْوَة بردة تحرزه لَهُ رتاجا. وَسمع على أبي الْفَتْح المراغي والكمال إِمَام الكاملية بل قَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى الزين خطاب واشتغل قَلِيلا ثمَّ ترك.)
حفظ الْمِنْهَاج وَغَيره وَأخذ القراآت عَن ابْن عَيَّاش والطباطبي وَسمع من أبي الْفَتْح المراغي ثمَّ مني حِين كنت هُنَاكَ وَهُوَ إِنْسَان خير صاهره السَّيِّد السمهودي على أُخْته رقية بعد عبد الْقَادِر عَم النَّجْم بن يَعْقُوب القَاضِي وباشر فِي حَاصِل الْحرم مَعَ دشيشة الظَّاهِر جقمق بعد مُسَدّد. مَاتَ فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ عَن دون السّبْعين. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد القاهر ابْن هبة الله الْجلَال أَبُو بكر بن الزين أبي حَفْص بن الضياء بن النصيبي الشَّافِعِي سبط الْمُحب بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ والماضي جده قَرِيبا. ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بحلب وَقدم الْقَاهِرَة وَهُوَ صَغِير مَعَ أَبِيه ثمَّ قدمهَا بعد على جده لأمه فِي سنة إِحْدَى ثمَّ فِي سنة سِتّ وَسبعين وَكَذَا بعد ذَلِك، وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن وَصلي بِهِ بالجامع الْكَبِير سنة تسع وَخمسين وَهُوَ ابْن ثَمَان والمنهاجين والألفيتين ثمَّ جمع الْجَوَامِع وَعرض على الْجمال الباعوي وأخيه الْبُرْهَان والبدر بن قَاضِي شُهْبَة والنجم بن قَاضِي عجلون وَأخذ فِي الْفِقْه عَن أبي ذَر وَفِيه وَفِي أُصُوله والنحو عَن السلَامِي ووالده الزين عمر وبالقاهرة عَن الْفَخر المقسيفي تقسيمين والجوجري وَقَرَأَ على البعادي فِي الْفِقْه وعَلى الشمني فِي شرح نظم أَبِيه للنخبة والقليل من شرح الألفية لِابْنِ أم قَاسم وَكَذَا أَخذ فِي النَّحْو عَن البقاعي وَحضر عِنْد جده الْمُحب فِي دروسه وَغَيرهَا كثيرا وَأخذ عني بقرَاءَته فِي الْجَوَاهِر وَفِي غَيرهَا وامتدحني بِأَبْيَات وَجمع أَشْيَاء مِنْهَا تَعْلِيق على الْمِنْهَاج سَمَّاهُ الأبهاج فِي أَربع مجلدات قرضه لَهُ الْكَمَال بن أبي شرِيف وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ عَلَيْهِ الْفِقْه وحاشيته على الْمحلي والبيضاوي وَبَالغ فِي تَعْظِيمه وَغير ذَلِك، وبرع وتميز ونظم ونثر مَعَ ظرف ولطف ومحاسن جمة وَلكنه بِوَاسِطَة خلطته لخاله عبد الْبر غير أسلوب أسلافه من قبل الْآبَاء وَبَاعَ لذَلِك كتبه وموجوده وَركبهُ الدّين مرّة بعد أُخْرَى وأتلف مَا لزوجته ابْنة الشَّمْس بن الشماع بل كَانَ لأجلهم لَا يجْتَمع بالأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ وكاتبه حَسْبَمَا صرح لي بِهِ ويتأسف على ذَلِك، وَحج مَعَ وَالِده فِي سنة
سِتّ وَسِتِّينَ وَسمع مَعَه على التقي بن فَهد بِمَكَّة ثمَّ بِانْفِرَادِهِ على الزين أبي الْفرج المراغي بِالْمَدِينَةِ، وَكتب عَن قَاضِي الْمَالِكِيَّة بهَا الشَّمْس بن القصبي تخميس الْبردَة فِي الْقَضَاء فِي الْقَاهِرَة ودمشق وبلده، وَكتب بهَا التوقيع نِيَابَة عَن)
التادفي بل نَاب فِي الْقَضَاء فِي الْقَاهِرَة ودمشق وبلده، وَحسن حَاله وتراجع قَلِيلا وَكَانَ بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة خمس وَتِسْعين وزارني حِينَئِذٍ، وَمِمَّا كتبه عَنهُ الْعِزّ بن فَهد من نظمه مِمَّا يقْرَأ على قافيتين:
(ولي قمر مَا زلت أَهْوى مديحه
…
عَسى أَن يُبِيح الْوَصْل مِنْهُ فَمَا أَبَاحَ)
(وَكم قلت أَن الصُّبْح يَحْكِي جَبينه
…
ليصبو فَمَا حَكَاهُ بدر وَلَا صباح)
وَقَوله:
(حُسَيْن إِن هجرت فلست أقوى
…
على الهجران مذ فَرح الحسود)
(ودمعي قد جرى نَهرا وَلَكِن
…
عذولي فِي محبته يزِيد)
مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر الزَّمن بن مُحَمَّد بن صديق بن أبي بكر بن يُوسُف بن عَليّ بن عادي بن ثَابت بن نابت بن ركاب بن ربيع بن نزار الخواجا الشَّمْس بن السراج الْقرشِي الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي عَم إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم الْمَاضِي ووالد الْجمال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الزَّمن. ولد فِي سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا فِي كَفَالَة أَبِيه فَقَرَأَ الْقُرْآن والزبد لِابْنِ رسْلَان وهدية الناصح للزاهد وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي ثمَّ اشْتغل كأبيه بِالتِّجَارَة وَأَقْبل على السّفر فِيهَا فَدخل الرّوم وَغَيرهَا مِمَّا يَليهَا وَمن بِلَاد الفرنج سمندرة. وَشهد غير مَا غَزْوَة برا وبحرا وَكَذَا دخل مصر غير مرّة أَولهَا حِين كَانَ السَّعْدِيّ بن كَاتب حَكِيم نَاظر الْخَاص وقطنها مدَدا ودوره بهَا بَيت التوريزي تجاه البردبكية من رحبة الأيدمري وَلَقي الظَّاهِر جقمق، وَاجْتمعَ فِي سَفَره مَعَ وَالِده وبمفرده بالتقي الحصني والْعَلَاء البُخَارِيّ وَغَيرهمَا كالشرواني وَابْن قندس والزين خطاب بِدِمَشْق وبالشهاب بن رسْلَان بالرملة وبابن زهرَة والسوبيني بطرابلس وبحمزة أحد الْعلمَاء بأنطاكية وبحمزة القرماني بِلَا رندة من أَعمالهَا وبالفخر العجمي وَالْقَاضِي خصروه بأذرنة وبشيخنا والْعَلَاء القلقشندي والقاياتي والمحلي والمناوي وَإِمَام الكاملية وَغَيرهم من الشَّافِعِيَّة وبابن الْهمام من الْحَنَفِيَّة وبأبي الْقسم النويري من الْمَالِكِيَّة وبالتقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي وَيحيى العلمي الْمَالِكِي بِمَكَّة وبأبي الْفرج المراغي بِالْمَدِينَةِ فِي آخَرين من العماء بِهَذِهِ الْبِلَاد وَغَيرهَا وَحضر مجَالِسهمْ وَكَذَا لَقِي غير وَاحِد
من الصَّالِحين وَوَقع لَهُ مَعَ بَعضهم غرائب وكرامات انْتفع بهَا وَأَعْطَاهُ شخص مِنْهُم يُسمى بير جمال الشِّيرَازِيّ شَعْرَة تنْسب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ)
وَسلم وَقَالَ إِنَّهَا عِنْده وَكَذَا أحضر لَهُ من خَيْبَر بعض الْأَحْجَار الْمَنْسُوب لِأَن بهَا أثر الْقدَم الشريف وَكتاب قيل أَنه بِخَط أحد كتاب الْوَحْي شرحيل وَالْكل مَحْفُوظ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي شرع فِي إنشائها باشطئ بولاق. وَأول اخْتِصَاصه بالأشرف قايتباي وَهُوَ أَمِير فَلَمَّا تسلطن عينه لمشارفة العمائر المكية وَكَانَ حج هُوَ قبل ذَلِك فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وجاور بهَا غير مرّة وَله مآثر بِهِ كالرباط والدشيشة، وَمِمَّا شارفه بِمَكَّة الْعِمَارَة بداخل الْبَيْت الشريف بَين الرُّكْنَيْنِ اليمانين بعد أَن قلع من الْجِدَار قاربتين أكلتهما الأرضة فَدَفْنُهُمَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَجعل مَحلهمَا من الْجِدَار أحجارا بالجبس وسترها بالرخام مَعَ إصْلَاح أَمَاكِن غير ذَلِك من دَاخل الْبَيْت ورخم غَالب الْحجر وَأصْلح مَحل الْقَدَمَيْنِ من الْمقَام وأجرى عين بازان غير مرّة ومدرسة السُّلْطَان ومنارتها وَغير ذَلِك ورسم لَهُ أَيْضا بمشارفة العمائر بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَكَانَ أول ذَلِك فِي سنة تسع وَسبعين وتكرر ذَلِك لَهُ بِحَضْرَتِهِ أَو بِحَضْرَة جماعته وَمِمَّا بناه حِينَئِذٍ الْقبَّة الْبَيْضَاء الَّتِي بعلو الْقَبْر الشريف وَمَا حوله وَغير ذَلِك ثمَّ لما وَقع الْحَرِيق كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِي لإصلاحه وَمِمَّا أصلحه هُنَاكَ مَسْجِد قبا مَعَ منارته وأجرى الْعين الزَّرْقَاء بل أنشأ هُنَاكَ الرِّبَاط ومدرسة السُّلْطَان ومنارتها والمنارة الرئيسية وَأَنْشَأَ مدرسة بِبَيْت الْمُقَدّس وَعمر قبَّة الإِمَام الشَّافِعِي وجدد رخامها وزخرفتها وتربة الشَّيْخ عبد الله المنوفي إِلَى غير ذَلِك من القربات ومكانا هائلا ببولاق مَعَ مدرسة هُنَاكَ مَا أظنها كملت وَكَانَ زَائِد التَّوَجُّه لما يكون من هَذَا الْقَبِيل مَعَ إكرام الغرباء والوافدين عَلَيْهِ وإتحافهم بِحَسب مَرَاتِبهمْ وتأدبه مَعَ الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ واعترافه بِالنَّقْصِ والعامية والتلفت لإرشاده فِيمَا لَعَلَّه يصدر عَنهُ مِمَّا يُخطئ فِيهِ وَله معي من هَذَا النَّوْع شَيْء كثير وَقد امتحن غير مرّة وَكثر التعصب عَلَيْهِ بِمَا الْكثير مِنْهُ بَاطِل فَصَبر وخدم وَلم يزل فِي المكابدة والمناهدة مَعَ طول يَده بِالْإِحْسَانِ وتكميل محاسنه بحلاوة اللِّسَان إِلَى أَن كَانَ فِي موسم سنة سِتّ وَتِسْعين فَاسْتَأْذن فِي الْحَج فَأذن لَهُ وسافر على هَيْئَة جميلَة وَمَعَهُ الشريف شمس الدّين القادري شيخ طائفته وَغَيره فحج وَاسْتمرّ فتعلل بعد ذَلِك أشهرا، وَتوجه فِي أواخرها لجدة فتزايد ضعفه وَرجع فِي محفة مَغْلُوبًا عَلَيْهِ فَمَا مضى يَوْم قدومه حَتَّى مَاتَ عِنْد غرُوب شمسه يَوْم الْأَحَد ثامن عشر شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ بعد صبح يَوْم الِاثْنَيْنِ ثمَّ دفن بتربته وَكَذَا كثر الثَّنَاء عَلَيْهِ وَلم يخلف بعده فِي أَبنَاء جنسه مثله وَلم أكن مَعَ الْجَمَاعَة فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِ بِمَا
نسب إِلَيْهِ من)
التجري لبطلانه، نعم قَامَ مَعَ حَظّ نَفسه من عدم الانقياد لقَاضِي مَكَّة البرهاني وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ أضرّ من وسائط السوء والكمال لله وَعند الله تلتقي الْخُصُوم رحمه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد النفطي المغربي نزيل مَكَّة ومؤدب الْأَطْفَال بهَا ويلقب تنه. مَاتَ بهَا فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان النَّجْم أَبُو الْفضل بن الزين الْبكْرِيّ اعلدمشقي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن عَم أَبِيه الْعَلَاء عَليّ بن أَحْمد وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن الصَّابُونِي. عرض عَليّ وَهُوَ فِيمَا قَالَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين الشاطبية والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وايساغوجي ومقدمة فِي الْمنطق وَسمع مني المسلسل وَكَانَ مَعَه فقيهه الشَّيْخ عمر التتائي وَجَمَاعَة وكتبت لَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عمل لَهُ الْعَلَاء الْوَلِيمَة فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين وَعرض فِيهَا على مَشَايِخ الْوَقْت وقضاته واستهدعيت فَلم أحضر فجيء بِهِ إِلَيّ بَارك الله فِيهِ وَلم يلبث أَن مَاتَ بالطاعون سنة سبع وَتِسْعين عوضه الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن فَهد موفق الدّين أَبُو المحاسن ابْن صاحبنا النَّجْم بن فَهد. مَاتَ قبال إِكْمَال سنتَيْن فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. مُحَمَّد أَبُو زرْعَة أَخُو الَّذِي قبله. يَأْتِي فِي عبد الله. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الْكَتَائِب نَاصِر الدّين بن التقي بن النَّجْم بن الزين بن أبي الْقسم ابْن أبي الطّيب الْعجلِيّ النهاوندي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن أبي الطّيب. ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يكْتب بِخَطِّهِ الْعمريّ العثماني لِأَن أمه من بني فضل الله يُقَال إِنَّهَا ابْنة الشهَاب أَحْمد بن يحيى بن فضل الله وَكَانَ هُوَ يلبس بزِي الْجند وَهُوَ شَاب وَأول مَا ولي بعد موت وَالِده تدريس بعض الْمدَارِس ثمَّ نظر الخزانة بِدِمَشْق سنة تسع وَسِتِّينَ ثمَّ كِتَابَة السِّرّ بحلب سنة ثَمَان وَسبعين عوضا عَن الشَّمْس بن مهَاجر ثمَّ بطرابلس ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا بحلب عوضا عَن نَاصِر الدّين بن السفاح فِي سنة سبع وَتِسْعين ثمَّ عزل فِي آخر الْقرن فسافر إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا حَتَّى ولي كِتَابَة سرها فِي الْمحرم سنة إِحْدَى بعد موت أَمِين الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْحِمصِي ثمَّ عزل فِي شعْبَان من الَّتِي تَلِيهَا فِي فتْنَة تمر وأهين وَأخذ لمصر)
موكلا بِهِ ثمَّ أطلق فَقدم مَعَ الْعَسْكَر لقِتَال التتار فَلَمَّا فر السُّلْطَان عَن الشَّام
توصل إِلَى أَن ولي كِتَابَة السِّرّ عَن اللنكية ثمَّ عُوقِبَ حَتَّى مَاتَ فِي الْعقُوبَة فِيمَن مَاتَ فِي رَجَب سنة ثَلَاث عَن بضع وَخمسين سنة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه والمقريزي فِي عقوده. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود بن إِبْرَاهِيم الْجمال أَبُو أَحْمد بن الْوَلِيّ السراج أبي حَفْص الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ العرابي بِفَتْح الْعين وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَكسر الْمُوَحدَة. ولد فِي الْمحرم سنة خمس بِأَبْيَات حُسَيْن وَقدم مَعَ وَالِده لمَكَّة فِي سنة إِحْدَى عشرَة فأكمل بهَا حفظ الْقُرْآن وَسمع بهَا من الزين المراغي الصَّحِيحَيْنِ وَسنَن أبي دَاوُد وَقطعَة من آخر ابْن حبَان وتسلك بوالده، وَدخل الْقَاهِرَة فِي سنة خمس وَعشْرين وَلَقي بهَا جمَاعَة من الصلحاء فلحظوه وبلاد الْيمن غير مرّة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ خلق من قبائلها واعتقدوه وأباه وتزايد شَأْنه جدا عِنْدهم وَصَارَ لَهُ فِي الْعَرَب أعظم قبُول بِحَيْثُ يقفون عِنْد أوامره بل لَهُ عِنْد أَمِير مَكَّة وجاهة لَا يتَخَلَّف لأَجلهَا عَن قبُول شفاعاته، هَذَا كُله مَعَ معرفَة بطرِيق الْقَوْم ونظم رائق وَيَقَع لَهُ فِي حَال السماع والوجد مِنْهُ مَا لَا يسمح بِذكرِهِ فِي لاصحو وَقد يكْتب عَنهُ وَهُوَ لَا يشْعر، إِلَى غير ذَلِك من محبَّة فِي الجاه وَالْمَال الَّذِي لم يَقع مِنْهُ على طائل. مَاتَ بِمَكَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين وَدفن بِجَانِب قبر أَبِيه من المعلاة. وَله أَوْلَاد أَحْمد ومولده فِي المرحم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَعمر ومولده فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَبُو بكر ومولده فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الزين الْغَزِّي الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن المغربي. ولد سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على الشَّمْس بن عمرَان بل تلاه عَلَيْهِ للسبع إفرادا وجمعا وعَلى الشَّمْس القباقبي لِابْنِ مُحَيْصِن وَكَذَا قَرَأَ للسبع على الشهَاب السكندري وَابْن كزلبغا بِالْقَاهِرَةِ واليسير بالسبع أَيْضا على ابْن عَيَّاش بِمَكَّة وَحفظ الشاطبيتين وَالْمجْمَع وألفية ابْن ملك وَعرض على الشَّمْس بن الجندي واشتغل على نَاصِر الدّين الأياسي فِي الْفِقْه وعَلى أبي الْقسم النويري فِي الْفَرَائِض والحساب وتلقن الذّكر من ابْن رسْلَان، وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة أَولهَا فِي سنة أَرْبَعِينَ وَأخذ عَن شَيخنَا وَحج كثيرا وجاور غير مرّة وَدخل الْيمن فاغتبط بِهِ جمَاعَة بهَا وأقرأ هُنَاكَ وَكَذَا دخل أَمَاكِن كالشام وحلب وأقرأ بهَا أَيْضا بل أَخذ فِيهَا عَن المرعشي نظمه للكنز وَهُوَ مِمَّن)
أَخذ عني قبل ولَايَة أَخِيه ثمَّ بعْدهَا وَله نباهة فِي القراآت وجودة فِي الْأَدَاء بِالنِّسْبَةِ لحديثه فَإِنَّهُ كأبيه وَكَذَا أَخُوهُ فِي لِسَان كل مِنْهُم مسكة تضيق الأنفاس من أجلهَا لسَمَاع حَدِيثهمْ مَعَ ثروة وَعدم إِظْهَار نعْمَة ولتوهم أَن بعض مَا بِيَدِهِ لِأَخِيهِ ضيق عَلَيْهِ فِي
محنته سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ خلص وعَلى كل حَال فَهُوَ أشبه مِنْهُ. مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله وقديما أَبُو الْجُود الْغَزِّي ثمَّ القاهري بن المغربي أَخُو الَّذِي قبله والماضي أَبوهُمَا. ولد فِي شَوَّال سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بغزة وَكَانَ أَبوهُ مالكيا فَنَشَأَ ابْنه هَذَا متحنفا وَحفظ الْقَدُورِيّ ومنظومة ابْن وهبان وَغَيرهمَا وَأخذ الْفِقْه والفرائض والحساب والعربية عَن زوج أُخْته الشَّمْس بن دمرداش الْخَطِيب الحصري بل زعم أَنه قَرَأَ فِي بَيت الْمُقَدّس قِطْعَة من شرح النزهة فِي الْحساب لِابْنِ الهائم فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين على الْعِمَاد بن شرف وَكَذَا أَخذ الْفِقْه والعربية أَيْضا مَعَ الْأُصُول عَن شيخ الْمَذْهَب بِبَلَدِهِ نَاصِر الدّين الإياسي ولازمه فِي قِرَاءَة الصَّحِيحَيْنِ والموطأ والشفا وَغَيرهَا وَلم يَنْفَكّ عَنهُ حَتَّى مَاتَ بِحَيْثُ كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ، وَرَأَيْت من كتب عَنهُ أبياتا زعم أَنَّهَا من نظم شَيْخه الإياسي وَالْفِقْه وَأَصله أَيْضا عَن قَاضِي بَلَده الشَّمْس بن عمر وَكتب لَهُ التوقيع وَتخرج بِهِ فِيهِ وتكسب بِهِ وَالْعرُوض فِي حلب عَن الزين قَاسم الرَّمْلِيّ ثمَّ الْحلَبِي أحد أَصْحَاب ابْن رسْلَان وبرع فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وَكثر استحضاره لفروعه وَكَذَا برع فِي الشُّرُوط وَكتب بِخَطِّهِ جملَة، وَحج بعد الْخمسين وزار بَيت الْمُقَدّس غير مرّة وَدخل الشَّام وحلب وَغَيرهمَا أَظُنهُ فِي التِّجَارَة وَمَعَ ذَلِك فَلَا أستبعد أَخذه فِيهَا عَن بعض فضلائها ثمَّ بَلغنِي عَنهُ أَنه اجْتمع بِدِمَشْق فِي سنة أَربع وَخمسين بالجمال الباعوني وأخيه الْبُرْهَان الشافعيين ويوسف الرُّومِي وَعِيسَى الْبَغْدَادِيّ الحنفيين وَأخذ عَنْهُم وَتردد فِي حلب إِلَى الشَّمْس بن الشماع والْعَلَاء الحاضري وَالشَّمْس الغزولي واستفاد مِنْهُم وَإنَّهُ لَقِي فِي بَيت الْمُقَدّس الْعِزّ عبد السَّلَام الْقُدسِي وماهرا وَالْجمال بن جمَاعَة والتقي القلقشندي وَعبد الْمُؤمن الْوَاعِظ وَغَيرهم وَاسْتقر فِي مشيخة البردبكية بِبَلَدِهِ، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة مرَارًا وَحضر دروس الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَابْن الْهمام والشمني والكافياجي والعضد الصيرامي وَسيف الدّين الحنفيين ولازم فِيهَا الزين قاسما فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَحضر مَوته وَكَذَا لَازم الْأمين الأقصرائي وأذنا لَهُ والصيرامي وَمن قبلهم الإياسي فِي الْإِفْتَاء والإقراء، وقطن الْقَاهِرَة من سنة ثَمَان)
وَسبعين وقصدني غير مرّة وَكَذَا لَازم الشَّمْس الأمشاطي فِي دروسه وَغَيرهَا وكساه حِين أعلمهُ أَخُوهُ المظفر بمزيد فقره لظَنّه صدقه مِمَّا بَان خِلَافه جوخة فَلَمَّا ولي الْقَضَاء نوه بِهِ ونزله فِي صوفية البرقوقية ورتب لَهُ لتوهم فقره مَعْلُوما وَصَارَ يحِيل فِي الْفَتَاوَى عَلَيْهِ.
ودرس بالأزهر لسكناه بجواره وَلذَا كَانَ يحضر بِهِ درس الزين عبد الرَّحْمَن السنتاوي فِي الْعَرَبيَّة وَكَذَا درس فِي غَيره ثمَّ اسْتَقر بعد
مَوته فِي تدريس السودونية ثمَّ القجماسية المستجدة أول مَا فتحت ثمَّ قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالديار المصرية، وَسكن الصالحية وانفصل عَن القجماسية وَلم تحمد سيرته بل ألصق بِهِ مَا يستهجن ذكره وَطلب لرأس نوبَة غير مرّة فأهين وشوفه بمكروه كَبِير بل أهين بِمَجْلِس السُّلْطَان وَصَارَ الْفُقَهَاء بِهِ عِنْد الأتراك مثلَة وَقيل فِيهِ:
(يَا حسرة وافت وَيَا ذلة
…
لمصر بعد الْعِزّ والمرتقى)
(قد قهقرت لما ولي قَاضِيا
…
الألكن الْغَزِّي يَا ذَا الشقا)
وَكَذَا قيل: أبكيت يَا مصر جَمِيع الْبِلَاد وَضَاقَتْ الأَرْض بهَا والفضا
(وَقَامَ نعيا لَك فِي كلهَا
…
لما ولي ابْن المغربي القضا)
وَبِالْجُمْلَةِ فَلم يجد خصما يُكَافِئهُ وَلذَا توقف الْأَمر وتزايد الِابْتِلَاء بِهِ خُصُوصا وَعمل نقيبه بعض الْأَحْدَاث مِمَّن لَعَلَّه اتّفق مَعَه فِي الْمُقَاسَمَة وتزايدت بذلك أَمْوَاله، كل هَذَا مَعَ عقد لِسَانه الموازي للخرس وفقد الْبَهَاء الَّذِي لَا يخفى وَلَا على أكمه فِي مزِيد الْغَلَس ومزيد شحه حَتَّى على عِيَاله وتبديد أَمَانَته لَهُ لزِيَادَة أَمْوَاله، وَقد تزوج فِي أثْنَاء ولَايَته بكرا فحكت هِيَ وَأَهْلهَا من ذَلِك مَا يفوق الْوَصْف وَلَا أرى لَهُ ذكرا ولسان حَال أخصامه يَقُول: أشبعناك سبا وفزت بِالْإِبِلِ على إِنَّه تَامّ الْخِبْرَة بِالْأَحْكَامِ كثير الاستحضار لفروع الْمَذْهَب جيد الْكِتَابَة على الْفَتَاوَى من بَيت مَعْرُوف بِالْخَيرِ فِي غَزَّة وَمَا قيل مِمَّا شوفه بِهِ أَنه اتّفق لَهُ فِيهَا فَبَاطِل، وَلَا زَالَ يُجَاهد ويكابد وَيجمع وَيدْفَع إِلَى أَن كَانَ عَزله على أَسْوَأ حَال بعد استصفاء مَا زعم أَنه آخر مَا مَعَه بِحَيْثُ نزل عَن السودونية لبَعض نوابه وَسكن الأبوبكرية وَتردد إِلَيْهِ بعض الطّلبَة والمستفتين وَلم يتَّفق فِي عصرنا لقاض مَا اتّفق لَهُ إِلَّا إِن كَانَ السفطي، وَقد بسطت شَأْنه فِي الْقُضَاة.) ::: مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد خير الدّين أَبُو الْجُود بن نَاصِر الدّين ابْن الشَّمْس أبي عبد الله بن أبي عمرَان بن الشَّمْس أبي عبد الله الشنشي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأحد النواب وَيعرف جده بِابْن الْجلَال وَهُوَ بالشنشي. ولد فِي منتصف رَجَب سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل فِي الْفِقْه وَأَصله ولافرائض والنحو وَالصرْف والمنطق وَالْعرُوض والمعاني وَغَيرهَا حَتَّى تميز وَأذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَولي الْإِعَادَة بالصرغتمشية بعد شَيْخه الإردبيلي وتصدى لفصل الْأَحْكَام وَتوسع جدا فانحطت مرتبته بذلك عَن كثيرين مِمَّن هُوَ أرفع مِنْهُم وأقدم وَمن شُيُوخه الزين التفهني وَابْنه وَكَانَ سبط عمته وَأَبُو الْعَبَّاس السرسي وَالْجمال عبد الله الإردبيلي وَمُحَمّد الرُّومِي وَسعد الدّين بن
الديري والأمين الأقصرائي وَسيف الدّين وَغَيرهم من أَئِمَّة مذْهبه وَمن غَيرهم كَأبي الْفضل وَمُحَمّد المغربيين المالكيين. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَلم يخلف بعده فِي النواب مثله عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن وجيه بن مخلوف بن صَالح بن جِبْرِيل بن عبد الله القطب أَبُو البركاتن السراج بن الْجمال بن الْوَجِيه الشيشيني القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت النُّور عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الهوريني ووالد أَحْمد الماضيين بل لوَلَده ذكر فِي تاريخي الْكَبِير. ولد فِي الْعشْر الْأَخير من الْمحرم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بشيشين الكوم بمعجمتين مكسورتين بعد كل مِنْهُمَا تَحْتَانِيَّة من أَعمال الْمحلة بَينهمَا قدر نصف يَوْم وَنَشَأ بهَا فحفظ بعض الْقُرْآن ثمَّ انْتقل صُحْبَة أَبِيه إِلَى الْمحلة فأكمله وتحول بعد مَوته إِلَى الْقَاهِرَة وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَأَقَامَ عِنْد عَمه الْفَخر عُثْمَان وتدرب بِهِ فِي الشُّرُوط وَأخذ عَنهُ الْفَرَائِض والحساب وَحفظ عِنْده التَّنْبِيه وَعرضه على البُلْقِينِيّ وَابْن الملقن وأجازا لَهُ واشتغل فِي الْفِقْه على النُّور بن قَبيلَة وَغَيره وَسمع من الزين الْعِرَاقِيّ من أَمَالِيهِ وَمن الهيثمي وخاله الهوريني وَمِمَّا سَمعه عَلَيْهِ جلّ الشفا والشرف بن الكويك بل كَانَ لَهُ بِهِ مزِيد اخْتِصَاص بِحَيْثُ أَنه كتب مَعَه حِين سَافر لدمشق إِلَى التَّاج بن الشريطي بِالْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ فَبَالغ فِي إكرامه فِي آخَرين وتكسب بِالشَّهَادَةِ وتنزل فِي صوفية الخانقاه القوصونية بالقرافة حِين كَانَ خَاله شيخها وأسكن عِيَاله هُنَاكَ فَلَمَّا مَاتَ خَاله حَولهمْ وَحج مرَارًا مِنْهَا مرّة رافق فِيهَا شَيخنَا وَاجْتمعَ مَعَه فِي الْيمن بالمجد الفيروزابادي وجاور بضع سِنِين وَمِنْهَا مرّة من بِلَاد)
الصَّعِيد ركب الْبَحْر من بَريَّة الْقصير بعد قوص وَلَقي بِمَكَّة التَّاج عبد الْوَهَّاب بن الْعَفِيف اليافعي وَحمل عَنهُ أَشْيَاء من تصانيف أَبِيه كروض الرياحين وَغَيرهَا مِمَّا كَانَ هُوَ الأَصْل فِي انتشارها بِالْقَاهِرَةِ وَعقد مجْلِس الْوَعْظ بِالْيمن وَمَكَّة وَغَيرهمَا وزار أَيْضا بَيت الْمُقَدّس والخليل وَكَانَ يَحْكِي أَنه ولي فِي بَيت الْمُقَدّس الْحِسْبَة بعناية الشهَاب بن الهائم، وَكَذَا سَافر لدمشق كَمَا أُشير إِلَيْهِ وللثغرين وَغَيرهمَا فِي التِّجَارَة وانتقع بآخرة مُقْتَصرا على الشَّهَادَة بمركز ميدان الْقَمْح ثمَّ ضعفت حركته عَن امشي وَغَيره حَتَّى كَانَ كثيرا يَقُول:
(من يشري مني عَظِيم الشوم
…
مكسر الْعظم صَحِيح البلعوم)
اجْتمعت بِهِ كثيرا وَسمعت كثيرا من فَوَائده وَمَا جرياته، وَكَانَ يَحْكِي أَن شخصا فِي قريتهم مَاتَ فِيمَا يظْهر للنَّاس فجهزوه وأحضروه يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا تقدم الْخَطِيب بعد صَلَاة الْجُمُعَة ليصلى عَلَيْهِ قَامَ فَجَلَسَ على النعش فخاف الْخَطِيب مِنْهُ
وَسقط وَاسْتمرّ مَرِيضا حَتَّى مَاتَ وعوفي ذَلِك الْمَيِّت، بل قَرَأت عَلَيْهِ منتقى من الشفا وتناولته مِنْهُ، وَكَانَ محبا فِي الْعلم لَدَيْهِ فَضِيلَة ذَا نظم متوسط بارعا فِي الْفَرَائِض والحساب جيد المحاضرة عَظِيم الاهتمام بالموافاة لأَصْحَابه والتودد إِلَيْهِم محبا فِي لِقَاء الصَّالِحين رَاغِبًا فِي التَّبَرُّك بآثارهم بِحَيْثُ كَانَت عِنْده طاقية يذكر أَنَّهَا لأبي بكر الشاذلي الصعيدي وسجادة لِلشِّهَابِ أَحْمد الزَّاهِد مَعَ كَثْرَة الْعِبَادَة وَالِاحْتِيَاط فِي الطَّهَارَة وَلكنه كَانَ مقترا على نَفسه مَعَ مزِيد ثروته وَكَونه يقْصد للاقتراض مِنْهُ فَلَا يمْتَنع من جلب مَا يجره إِلَيْهِ الْقَرْض من أكل وَنَحْوه، وَقد فتحت خلوته بالمنكوتمرية مرّة واختلس لَهُ مِنْهَا شَيْء فَصَبر. وَمن نظمه:
(يَا سَيِّدي يَا رَسُول الله خُذ بيَدي
…
وَانْظُر بِفَضْلِك فِي أَمْرِي وَفِي ألمي)
إِلَى أَن قَالَ:
(جرائمي عظمت إجرامها وَلَقَد
…
أربت على الراسيات الصم فِي الْعظم)
مَاتَ فِي أَوَاخِر رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَدفن بتربة البيبرسية عِنْد وَلَده وَعَمه عُثْمَان.
وَهُوَ من بَيت كَبِير بالمحلة كَانَ وَالِده خَليفَة الْحَاكِم بهَا كتب لَهُ التقي السُّبْكِيّ فِي عرضه للتّنْبِيه عَلَيْهِ سنة سبع وَعشْرين سراج الدّين بن القَاضِي الصَّدْر الرئيس الْعدْل الْأمين ابْن الْحَاج المرحوم وجيه الدّين. وَكَذَا وصف أَبُو حَيَّان جده بالشيخ الْفَقِيه الْعَالم الْعدْل الرضي رحمهم الله وإيانا.)
مَاتَ وَقد جَازَ الْخمسين ظنا فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ بالأزهر عَفا الله عَنهُ. وَهُوَ وَالِد مُحَمَّد الْآتِي. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين بن ركن الدّين الشيخي نزيل الكاملية وصهر ناظرها وأخو أَحْمد الْمَاضِي. مَاتَ فَجْأَة دَاخل المغطس بالحمام المجاور للكاملية فِي رَجَب سنة أَربع وَسبعين وَكَانَ أَبوهُ من أَصْحَاب ابْن أبي الْفرج وَيُقَال لَهُ الْحِجَازِي فَجَلَسَ ابناه بحانوت بالوراقين ثمَّ تَركه هَذَا وَلزِمَ التِّلَاوَة وَالْخَيْر والانعزال مَعَ التَّحَرِّي فِي الطَّهَارَة حَتَّى)
مَاتَ شَهِيدا، وَقد سمع أَكثر المقروء بِأخرَة بالكاملية بل لَازم قبل ذَلِك مجْلِس الْإِمْلَاء عِنْد شَيخنَا وَسمع ختم البُخَارِيّ بالظاهرية الْقَدِيمَة رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد نَاصِر الدّين بن ركن الدّين الطبناوي بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة وَتَخْفِيف النُّون نِسْبَة لطبنا وَمن عمل سخا. ذكره شَيخنَا ي إنبائه فَقَالَ ذكر لي أَنه ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ مدْركا يُقَال لَهُ ركن الدّين فَنَشَأَ ابْنه فِي محبَّة الْفُقَرَاء وَخدمَتهمْ حَتَّى تقدم فيهم بل صَار مُطَاعًا عِنْد الْأُمَرَاء والأكابر وَقَامَ فِي سنة أَرْبَعِينَ بهدم الدَّيْر الْمَعْرُوف بالمغطس فاتفق تخذيل السُّلْطَان عَن الْأَمر بذلك بعد أَن كَانَ أذعن لَهُ وَاقْتصر على الْأَمر بفلقه ثمَّ قدر الله أَنه أَمر بهدمه فِي الَّتِي بعْدهَا فبادر الشَّيْخ وأعوانه لذَلِك. وَمَات فِي آخر السّنة، قَالَ وَكَانَ على طَريقَة حَسَنَة من الْعِبَادَة والتوجه وَالرَّغْبَة فِي الْخَيْر وَله أَتبَاع وَقد قدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَآخر اجتماعي بِهِ فِي أول ذِي لاحجة من سنة وَفَاته وَذكروا لي أَن والدته كَانَت من الصَّالِحَات ويؤثر عَنْهَا كرامات وَلها شهرة فِي تِلْكَ الْبِلَاد. قلت قد أفرد مناقبها تِلْمِيذه وبلديه النُّور الطبناوي الْمَاضِي وَاسْمهَا سِتّ الْبَنِينَ، وبلغنا أَن صَاحب التَّرْجَمَة كَانَ يقدم الْقَاهِرَة للاشتغال وَأَنه فِي بعض قدماته تخيل فِي أثْنَاء سَفَره من تعبث بَعضهم فِي غيبته بِزَوْجَتِهِ وَلم يَنْفَكّ هَذَا الْوَارِد عَنهُ وَإنَّهُ بِمُجَرَّد اجتماعه بشيخه الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ قَالَ لَهُ ابْتِدَاء طب نفسا وقر عينا فَإِنَّهُ لَا يسْقِي زرعك غير
مائك فانبسط حِينَئِذٍ وَزَالَ الْوَارِد رحمهم الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر بن مَحْمُود الشَّمْس القاهري الْحَنَفِيّ وَالِد الْمُحب مُحَمَّد أبي سعد الدّين إِبْرَاهِيم وَيعرف بالكماخي بِفَتْح الْكَاف ثمَّ مِيم ومعجمة. درس بعدة أَمَاكِن وافتى وتصدى للْأَحْكَام واستخلفه الْبَدْر الْعَيْنِيّ حِين توجه إِلَى آمد وَكَانَ جيد الْقَضَاء. مَاتَ سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَقد ذكره الْعَيْنِيّ فَسمى أَبَاهُ قطلوبك وَقَالَ أَنه كَانَ مستعدا متواضعا مشتغلا بِالْعلمِ، نَاب فِي الْقَضَاء واختص بالتفهني جدا ثمَّ انجمع عَنهُ لقلَّة معرفَة التفهني بل صَار هَذَا يسبه ويتمنى مَوته فَبلغ أمْنِيته. وَمَات بعده فِي لَيْلَة السبت خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة، وَكَذَا أرخه شَيخنَا وسمى أَبَاهُ أَيْضا قطلبك وَزَاد أَنه كَانَ مَذْمُوم السِّيرَة. مُحَمَّد بن عمر بن مُسلم كمحمد بن سعيد الشَّمْس بن الزين الْقرشِي الدِّمَشْقِي أَخُو الشهَاب أَحْمد ونزيل القبيبات من دمشق. سمع مَعَ أَخِيه كثيرا وَكَانَ يذاكر بأَشْيَاء من الشّعْر)
وفنون الْأَدَب كثير المزاح. مَاتَ فِي سنة خمس عشرَة عَن نَحْو السِّتين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن عمر بن نَاصِر الطنبدي. مِمَّن شهد على الزين طَاهِر فِي إِجَازَته لأبي عبد الْقَادِر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمَا عَرفته. مُحَمَّد بن عمر بن وجيه بن مخلوف فتح الدّين الشيشيني الْمحلي الشَّافِعِي جد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْآتِي وَقَرِيب مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن وجيه الْمَاضِي قَرِيبا. حفظ التَّنْبِيه وتفقه بِجَمَاعَة وناب عَن الْجلَال البُلْقِينِيّ فِي الْقَضَاء، وَكَانَ وجيها ذَا شكالة حَسَنَة مِمَّن يركب البغلة بالديار المصرية. مَاتَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ بعد أَن أثكل ابْنا لَهُ اسْمه جلال الدّين مُحَمَّد رحمه الله.
مُحَمَّد بن عمر تَاج الدّين الْكرْدِي الْحَنَفِيّ. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد قَرِيبا.
مُحَمَّد بن عمر جمال الدّين العوادي بِالتَّخْفِيفِ الْيَمَانِيّ. فِيمَن جده عبد الله. مُحَمَّد بن عمر جمال الدّين الفارقي الزبيدِيّ مولدا وتفقها ثمَّ الوصابي بِفَتْح الْوَاو والمهلمة الْخَفِيفَة نِسْبَة لأصاب بِالْهَمْزَةِ وَالْوَاو من جبال الْيمن فَهُوَ قاضيها أَزِيد من أَرْبَعِينَ سنة الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي النهاري نِسْبَة لشيخ مُعْتَقد قديم وَبهَا اشْتهر. مِمَّن أَخذ عَن الشّرف بن الْمقري الْإِرْشَاد وَالرَّوْض وَغَيرهمَا من تصانيفه وَغَيرهَا رَفِيقًا للفتى وَغَيره فَكَانَ خَاتِمَة أَصْحَابه وَكَذَا أَخذ عَن الطّيب النَّاشِرِيّ الْحَاوِي بل أَخذ الرَّوْض أَيْضا عَن مُحَمَّد بن نَاصِر أحد أَصْحَاب شَيْخه ابْن الْمقري وتلا بالسبع على عُثْمَان النَّاشِرِيّ أحد أَصْحَاب ابْن الْجَزرِي وَكَذَا أَخذ القراآت
عَن غَيره وتميز فِيهَا بل تقدم فِي الْفِقْه وَكثر استحضاره لَهُ وَصَارَ فَقِيه ناحيته. وصنف شرحا للمنهاج فِي أَربع مجلدات سَمَّاهُ مِفْتَاح الأرتاج وَاخْتصرَ الْجَوَاهِر للقمولي فِي أَربع مجلدات وَغير ذَلِك وتصدى للإقراء والإفتاء وَالْقَضَاء فَانْتَفع بِهِ فِي ذَلِك، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشهَاب الْخَولَانِيّ وَأقَام عِنْده سِتّ سِنِين وَلم يحجّ. مَاتَ فِي ثَالِث عشر أَو ثامن عشر شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين كَمَا أَخْبرنِي بِهِ أَخُوهُ أَحْمد بِبِلَاد وصاب وَكَانَ قد فَارق زبيد لتعسر أَمر الْمَعيشَة بتهامة وطلع إِلَى الْجَبَل فَأكْرم وَعظم وَتَوَلَّى الْقَضَاء الْمدَّة الْمعينَة وَقد قَارب التسعين وَكتب إِلَى بَعضهم أَنه ولد سنة خمس عشرَة فَإِن كَانَ قَارب التسعين فَلَعَلَّهُ فِي سنة خمس رحمه الله وإيانا. وَلم يكن أَبوهُ من الْفُقَهَاء بل كَانَ حريريا وَكَذَا)
كَانَ ابْنه الآخر أَحْمد عاميا بِحَيْثُ لما اجْتمع بِي بِمَكَّة وسالته عَن اسْم جده لم يعرفهُ. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس السمديسي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ نزيل بَاب الْوَزير صَوَابه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مخلوف مضى. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس بن السراج الْمَيْمُونِيّ ثمَّ القاهري الشَّافِعِي. ولد فِي حُدُود السّبْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ أَبوهُ من أَعْيَان الطّلبَة الشَّافِعِيَّة عِنْد البُلْقِينِيّ وَغَيره ونقيب الزاوية الْمَعْرُوفَة بالخشابية فِي جَامع عَمْرو فَمَاتَ وَابْنه صَغِير فاشتغل بالفقه وتنزل فِي الْوَظَائِف ثمَّ ترك وسلك طَرِيق الْفقر وَجلسَ فِي زَاوِيَة وَنصب لَهُ خَادِمًا ثمَّ ترك وواظب الْحَج كل سنة مَعَ المداومة جدا على التِّلَاوَة وَوَقعت لَهُ مَعَ الزين التفهني قَاضِي الْحَنَفِيَّة كائنة ذكرت فِي حوادث سنة ثَمَان وَعشْرين وَنَجَا مِنْهَا بعد أَن حكم بإراقة دَمه وعاش حَتَّى مَاتَ فِي البيمارستان بالقولنج فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه وَكَانَ الْكَفّ عَن قَتله بمساعدته وتأثر التفهني مَعَ تعصب أَكثر الْجند والمباشرين مَعَه.
مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس الْغَزِّي قاضيها الْحَنَفِيّ. فِي ابْن مُحَمَّد بن عمر بن إِسْرَائِيل. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس القاهري الصُّوفِي وَيعرف بِابْن عمر. مَاتَ فِي منتصف ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وتفرق النَّاس وظائفه الَّتِي زَادَت على الْأَرْبَعين مَا بَين تصوف وَقِرَاءَة وَطلب وَغير ذَلِك وَمِنْهَا نصف خزن الْكتب بالباسطية وَصَارَت لِابْنِ أبي الطّيب السُّيُوطِيّ بعد أَن عرض عَلَيْهِ الرَّغْبَة عَن وظائفه لترتفق بَنَاته بِثمنِهَا فَامْتنعَ مَعَ كَونه لم يخلف لَهُم شَيْئا، وَالله أعلم بمقصده فقد كَانَ خيرا كثير التِّلَاوَة أَقرَأ فِي مكتب السابقية وقتا مَعَ عقل وتؤدة وتودد رحمه الله. مُحَمَّد بن عمر الشَّمْس الصهيوني الأَصْل الكركي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالكركي وَفِي بَلَده كسلفه بِابْن العريض. ولد بكرك الشوبك وَنَشَأ بهَا ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وَابْن المغلى قَاضِي الْحَنَابِلَة حِينَئِذٍ فَحَضَرَ درسه واشتغل شافعيا
ورافق القاياتي والمحلي والطبقة فِي الطّلب ثمَّ تحول حنفيا ولازم الشَّمْس بن الجندي فِي الْفِقْه والعربية وَبِه انْتفع وَحدث عَنهُ بِجُزْء فِيهِ رِوَايَة أبي حنيفَة عَن الصَّحَابَة وناب عَنهُ فِي خزانَة الْكتب بالأشرفية برسباي بل وأقرأ الْأَيْتَام بمكتبها وَكَذَا أَقرَأ أَوْلَاد بعض الْأَعْيَان ولازم أَيْضا الْبَدْر الْعَيْنِيّ والأقصرائي والشمني وَابْن الْهمام وَابْن عبيد الله فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَالصرْف والمنطق)
وَالْعرُوض وَأخذ عَن ابْن الديري وتميز وشارك فِي الْفَضَائِل وأنشا الْخطب الهزلية وَغَيرهَا بل صنف كل ذَلِك على خير واستقامة وَعبادَة وتنزل فِي بعض الْجِهَات وباشر فِي الأبوبكرية وَولي الْعُقُود ثمَّ بِأخرَة الْقَضَاء عَن ابْن الديري وَجلسَ بحانوت الجملون بعد جُلُوسه بخان الخليلي ظنا وَحج. وَمَات بعد السِّتين تَقْرِيبًا عَن نَحْو السّبْعين. أفادنيه النُّور الصُّوفِي وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ بل كَانَ عريفا عِنْده وَكَذَا أَخْبرنِي بِكَثِير من أَحْوَاله الشَّمْس الأمشاطي رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عمر النَّجْم بن الزَّاهِد وَالِد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وَأحد الْعُدُول بقنطرة طقزدمر وَأَظنهُ حفيد أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد الْمَاضِي. مِمَّن سمع التقي الدجوي وَغَيره من طبقته بل وأقدم. وَأثبت اسْمه الزين رضوَان فِيمَن يُؤْخَذ عَنهُ. مَاتَ. مُحَمَّد بن عمر نظام الدّين الْحَمَوِيّ التَّفْتَازَانِيّ الْحَنَفِيّ وَيعرف بنظام. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ: كَانَ أَبوهُ خضريا فَنَشَأَ ابْنه بَين الطّلبَة واشتغل شافعيا ثمَّ حنفيا وتعانى الْأَدَب مَعَ الِاشْتِغَال بِبَعْض الْعُلُوم الآلية وَتكلم بِكَلَام الْعَجم وتزيا بزيهم وَتسَمى نظام الدّين التَّفْتَازَانِيّ وَغلب عَلَيْهِ الْهزْل والمجون وجاد خطه ونظم الشّعْر الْوسط وَقرر موقعا فِي الدرج وَكَانَ عريض الدَّعْوَى. مَاتَ فِي رَابِع عشري ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين عَن نَحْو السِّتين ثمَّ نقل عَن خطّ شَيخنَا الْمُحب ابْن نصر الله الْحَنْبَلِيّ أَنه كَانَ حسن المنادمة لطيف المعاشرة لم يتَزَوَّج قطّ وَلذَا اتهمَ بالولدان كَانَ يَأْخُذ الصَّغِير فيربيه أحسن تربية فَإِذا كبر وَبلغ حد التَّزْوِيج زوجه، وَقَالَ غَيره كَانَ فَقِيها عَارِفًا بالنحو وأصوله بارعا فِي الْأَدَب والفرائض تولى دروسا فقهية. وَمن شعره فِي خَاتم:
(أَنا للخنصر زين مثل نجم فِي صباح
…
صانني كف مليح قد حوى حسن الملاح)
وَمِنْه أَيْضا:
(عاشرتكم وازداد فخري مِنْكُم
…
ونظمت فِي سلك الْمحبَّة والوفا)
(لَا غرو أَن يرقى القرين مَحَله
…
من عَاشر الْأَشْرَاف عَاشَ مشرفا)
وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي وسَاق عَنهُ من نظمه أَشْيَاء.
مُحَمَّد بن عمر بن الْهِنْدِيّ تربية عَليّ بن نَاصِر الْحِجَازِي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ.)
مُحَمَّد بن عمر قَاضِي الْجَمَاعَة. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن عمر الشَّيْخ الهواري نزيل وهران. مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن عمر الأخضري المغربي الْمَالِكِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة. مُحَمَّد بن عمر التهامي الحلاج وَيعرف بالنبلا. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَمَضَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ. أرخه ابْن فَهد.
مُحَمَّد بن عمر الزبيدِيّ شوعان. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَقد مضى فِيمَن جده شوعان لَكِن الْوَفَاة مُخْتَلفَة فإمَّا أَن يكون الْغَلَط فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ أَو هُوَ أَخ آخر لَهُ.
مُحَمَّد بن عمر المصراتي. مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين وَقد مضى فِيمَن جده. مُحَمَّد بن عنان بن مغامس بن رميثة كَانَ نجيبا. مَاتَ بينبع قَافِلًا لمَكَّة باستدعاء السَّيِّد حسن بن عجلَان فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عواد بن غيث الشَّمْس أَبُو عبد الله القريتائي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْخَطِيب مِمَّن أَخذ عَن التَّاج بن بهادر وَحصل وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وخطب، وَقدم الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وخطب بزاوية عُثْمَان الْحطاب وَغَيرهَا ولازمني حَتَّى قَرَأَ القَوْل البديع وترجمة النَّوَوِيّ وَغَيرهمَا ثمَّ سَافر قبيل الثَّمَانِينَ إِلَى دمشق وَأَظنهُ مَاتَ بعيد قَلِيل. مُحَمَّد بن عوض بن خضر بن حسن الْكرْمَانِي. مَاتَ سنة سبع وَعشْرين. مُحَمَّد بن عوض بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الشَّمْس أَبُو عبد الله السكندري الْمَالِكِي الفرضي وَالِد شعْبَان الْمَاضِي وَيعرف بجنيبات بجيم مَضْمُومَة ثمَّ نون مَفْتُوحَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثمَّ مُوَحدَة وَآخره مثناة. ولد فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة باسكندرية وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَحفظ الرسَالَة وغالب مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل وَكتاب)
عبد الغافر المغربي فِي الْفَرَائِض مَعَ الحوفي والإشبيلي
وغالب مَجْمُوع الكلائي والجعدية والرحبية وعمدة الرائض فِي الْفَرَائِض وَغير ذَلِك كالعنقود فِي النَّحْو لشعلة الْمُقْرِئ والحصار فِي الْحساب وبحثه على الشَّمْس الحريري وَبَعض ألفية ابْن ملك وَأخذ عَنهُ الْفَرَائِض أَيْضا وَكَذَا أَخذهَا عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد المعاز والسراج البسلقوني وَبحث بعض الرسَالَة على الشَّمْس مُحَمَّد بن يُوسُف المسلاتي وَمُحَمّد الكيلاني ويحث شِفَاء المتداوي فِي شرح فَرَائض الْحَاوِي لِابْنِ اليارغلي على عمر اللَّقَّانِيّ وَبَعض الْمُخْتَصر على الشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ الفلاحي وعَلى المعاز بحث أَيْضا فِي علم الْوَقْت وأوائل أقليدس والتواريخ الثَّمَانِية لِابْنِ يُونُس وَفِي الْجَبْر الياسمينية وَفِي الْحساب تَلْخِيص ابْن الْبناء وَشَرحه وَغَيرهمَا وعَلى الشَّمْس الدمياطي بن الْخَطِيب النزهة لِابْنِ الهائم، وَسمع على الْكَمَال بن خير أَمَاكِن من الْمُوَطَّأ، ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فَأخذ عَن الشَّمْس الغراقي فِي مَجْمُوع شَيْخه الكلائي وَأكْثر من التَّرَدُّد إِلَيْهَا وَتقدم فِي علم الْوَقْت وبرع فِي الْحساب والفرائض حَتَّى صَار الْمشَار إِلَيْهِ بِبَلَدِهِ فِيهَا وَكتب فِيهِ قَوَاعِد شَتَّى يجْتَمع مِنْهَا مُجَلد كَبِير وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ النَّاس وَحدث باليسير وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ البقاعي وَكَانَ وقاد الذِّهْن لطيف المحاضرة حُلْو النادرة عِنْده دعابة كثير الْفَائِدَة محبا لنشر الْعلم كَرِيمًا بإفادة الْملح كريم النَّفس يجلس فِي حَانُوت الشُّهُود المجاور لجامع صَفْوَان من الثغر. مَاتَ فِي شَوَّال وَدفن سنة سِتّ وَخمسين بالثغر بجوار أبي بكر الْمُجَرّد خَارج بَاب رشيد رحمه الله. مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن حَامِد بن خَليفَة الشَّمْس بن الشّرف الصَّفَدِي الشَّافِعِي ابْن عَم الْعَلَاء عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن حَامِد. ولد فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بصفد وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك والتقريب للنووي فِي عُلُوم الحَدِيث وَغَيرهَا وتفقه فِي بَلَده بِالْعَلَاءِ النيني وبدمشق بالعلامة نَاصِر الدّين بن بهادر ولازمه فِي فنون وَكَذَا أَخذ الْعَرَبيَّة عَن الْعَلَاء القابوني وَالْفِقْه والْحَدِيث والتصوف وَغَيرهَا عَن الشهَاب بن رسْلَان وَقَرَأَ على شَيخنَا الصَّحِيح فِي مُدَّة قَليلَة ولازمه فِي علم الحَدِيث وَقَرَأَ على أبي الْفضل المغربي حِين قدم عَلَيْهِم صفد الموجز فِي الطِّبّ وَقطعَة من الْعَضُد. وتميز فِي الْعلم سِيمَا الْعَرَبيَّة والطب والميقات علما ووضعا مَعَ فصاحة وسمت وبلاغة، وتصدى للإفتاء والتدريس بِبَلَدِهِ وَقَرَأَ البُخَارِيّ بِجَامِع بَلَده الطاهري)
الْأَحْمَر على الْعَامَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة بل كتب على الْمِنْهَاج والبهجة وجامع المختصرات أَشْيَاء لم تكمل
وَلكنه كَانَ دَاعِيَة لِابْنِ عَرَبِيّ مناضلا عَنهُ قَائِما بتقرير كَلَامه وتوجيه طاماته حَتَّى فِي مواعظه على الكراسي بِدِمَشْق وَغَيرهَا، وَقد حج غير مرّة آخرهَا فِي سنة ثَمَانِينَ وجاور وزار بَيت الْمُقَدّس. وَلم يزل على طَرِيقَته حَتَّى مَاتَ بمدرسة أرقطاي مَحل سكنه من صفد فِي شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وَدفن بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة عَفا الله عَنهُ. وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ صهره الزين عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب واستفدت مِنْهُ حِين قِرَاءَته على أَكثر تَرْجَمته. مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِبْرَهِيمُ الشَّمْس النواجي الطنتدائي ثمَّ الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الضَّرِير.
مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين بعد تعلله أشهرا بِذَات الْجنب وَغَيره وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد قبل صَلَاة الْجُمُعَة فِي مشْهد حافل وشيعه خلق وَأَظنهُ جَازَ الْأَرْبَعين بِيَسِير وَحصل التأسف على فَقده. وَكَانَ مولده ببزوك وَنَشَأ بنواج ثمَّ تحول مِنْهَا قريب الْبلُوغ إِلَى طنتدا فَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن بالْمقَام ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فقطن الْأَزْهَر وَحفظ كتبا الشاطبية والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية النَّحْو وَالتَّلْخِيص والجمل وَغَيرهَا وجد فِي الِاشْتِغَال فَأخذ النَّحْو عَن السراج الوروري وَأحمد بن يُونُس المغربي ونظام الْحَنَفِيّ وَدَاوُد الْمَالِكِي فِي آخَرين وَالْفِقْه والمنطق وأصول الدّين عَن الشّرف مُوسَى البرمكيني وَكَذَا من شُيُوخه الْمَنَاوِيّ والعبادي والتقى الحصني والشرواني والكافياجي وَبَعْضهمْ فِي الْأَخْذ عَنهُ أَكثر من بعض وَأخذ القراآت عَن الزين عبد الْغَنِيّ الهيثمي واليسير عَن جَعْفَر السنهوري واشتدت عنايته بملازمة زَكَرِيَّا حَتَّى عرف بِهِ وَمهر فِي فنون وفَاق كثيرا من شُيُوخه وطار صيته بالفضيلة التَّامَّة والفهم الْجيد وتصدى للإقراء وَكثر الْأَخْذ عَنهُ بِحَيْثُ انْتفع بِهِ جمَاعَة من رفقائه فَمن فَوْقهم، كل ذَلِك مَعَ السّكُون والتواضع ومزيد الْعقل وَالصَّلَاح والديانة، وَقد حج وجاور وأقرأ هُنَاكَ وسألني عَن بعض الْأَشْيَاء وَكنت مِمَّن أحبه رحمه الله وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس أَبُو عبد الله بن الشّرف الْقَارِي الأَصْل الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الْقَارِي شَقِيق عَليّ الْمَاضِي وَهَذَا أكبرهما. ولد فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَأمه خَدِيجَة ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن الدقاق السكرِي، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن عِنْد)
جمَاعَة وجوده عِنْد الشَّمْس بن الخدر وَغَيره بل تلاه عَلَيْهِ لنافع وَغَيره وَقَرَأَ بعض الْمِنْهَاج، وتعانى كأبيه التِّجَارَة وَدخل فِيهَا لحلب وللحجاز غير مرّة وجاور غير مرّة أَولهَا سنة سِتّ وَسبعين بل جاور
سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَالَّتِي بعْدهَا وَقدم الْقَاهِرَة بعد موت أَبِيه لمشاركته فِي مِيرَاثه بل أَخْبرنِي أَنه أَخذ مِنْهُ وَمن أَبِيه قبل مَوته نَحْو سِتِّينَ ألف دِينَار ولقيتي يمكة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ فِي رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل وَحَدِيث زُهَيْر وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على من أول الصَّحِيح إِلَى بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان فِي الْأَعْمَال وتناوله مني وأجزت لَهُ ولبنيه المحيوي عبد الْقَادِر والزين عمر والبرهان إِبْرَاهِيم والتقي أبي بكر والشهاب أَحْمد وَمَرْيَم وَفَاطِمَة وَجَمِيع وابنتين فَالْأول والأخير من الذُّكُور شقيقان من حرَّة وَإِبْرَاهِيم وَفَاطِمَة شقيقان من أم ولد وَعمر من حرَّة وَالْبَاقُونَ من أمة. مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشَّمْس الدواخلي ثمَّ القاهري الْمَدِينِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالدواخلي. ولد سنة سِتِّينَ تَقْرِيبًا وَنَشَأ فَأَقَامَ بالمحلة بِجَامِع الغمري وَحفظ الْقُرْآن وَغَيره وَقدم الْقَاهِرَة فلازم الِاشْتِغَال عِنْد ابْن حجي وأقرأ فِي بَيت ابْن الْبَارِزِيّ وَكَذَا أَخذ عَن الْجَوْجَرِيّ وَابْن قَاسم وَغَيرهمَا حَتَّى تميز ثمَّ تنازل حَتَّى صَار يقْرَأ عِنْد الْبَدْر بن كَاتب جكم نَاظر الْجَيْش وَكَذَا قَرَأَ على الْكَمَال الطَّوِيل وَرُبمَا أَقرَأ صغَار الطّلبَة. وَقد سمع مني وَعلي، وَهُوَ أشبه من كثيرين عقلا وفضلا وتوددا وأدبا، وَقد حج من الْبَحْر فِي أثْنَاء سنة سِتّ وَتِسْعين بعد موت رَفِيقه وبلديه وسميه بَاعَ تصوفه بالبيبرسية وَغَيره وَرجع فِي موسمها. مُحَمَّد بن عِيسَى بن عُثْمَان بن مُحَمَّد الْفَخر بن الشّرف القاهري الشَّافِعِي ابْن أُخْت الولوي الفيشي الضَّرِير أحد عدُول جَامع الصَّالح وأخو أَحْمد وَعلي الماضيين وأبوهم وَيعرف كسلفه بِابْن جوشن، ولد سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَغَيره واشتغل يَسِيرا على شَيخنَا ابْن خضر وعَلى عبَادَة فِي الْعَرَبيَّة بل أَخذ عَن البيجوري وَالْمجد الْبرمَاوِيّ والطبقة قَلِيلا ولازم شَيخنَا فِي الأمالي وَغَيرهَا وقابل مَعَه فِي التَّرْغِيب نُسْخَة بِخَطِّهِ وَفِي فتح الْبَارِي وَغَيره بل كَانَ مِمَّن سمع البُخَارِيّ من لَفظه قَدِيما ثمَّ ولاه النقابة بِأخرَة بواسط وَلَده، وَأَنْشَأَ دَارا بِالْقربِ من قاعة الأحمدي وَكَانَ سَاكِنا، حج غير مرّة مِنْهَا فِي الرجبية، وَضعف بَصَره وَقلت حركته وتوالى الخراب على جهاته. وَمَات ف ذِي الْقعدَة)
سنة ثَمَان وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ بمصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد لَا بَأْس بِهِ ثمَّ دفن بتربتهم الْمَعْرُوفَة عِنْد أسلافه رحمه الله.
مُحَمَّد بن عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى أَبُو الْفضل الأقفهسي ثمَّ القاهري وَهُوَ بكنيته أشهر. يَأْتِي فِي الكنى. مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن عطيف الْجمال أَبُو عبد الله الْعَدنِي الْيَمَانِيّ وَالِد عَليّ الْمَاضِي. ولد بعدن وَنَشَأ بهَا وَأخذ الْفَرَائِض عَن عَليّ الجلاد الزبيدِيّ
وتميز فِيهَا وَأَخذهَا عَنهُ بعدن جمَاعَة مِنْهُم وَلَده وَهُوَ المترجم لَهُ وَقَالَ أَنه كَانَ مبارك التدريس لم يقْرَأ عَلَيْهِ أحد إِلَّا ودرس مَعَ مزِيد التَّوَاضُع وسلامة الخاطر وَعدم الادخار. قدم مَكَّة فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ فحج وَمَات قبل أَن يتم أَفعَال الْحَج فِي لَيْلَة مستهل الْمحرم سنة أَربع وَسِتِّينَ بِمَكَّة وَقد زاحم الثَّمَانِينَ وَبشر فِي الْمَنَام بِأَنَّهُ مِمَّن يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب رحمه الله. مُحَمَّد بن القَاضِي عِيسَى بن عمر اليافعي الْيَمَانِيّ الْعَدنِي. مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عِيسَى بن عوضة بن أَحْمد الْيَمَانِيّ الْمَاضِي أَبوهُ قَرَأَ الْقُرْآن وَهُوَ مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد الْجمال الْيَمَانِيّ الأَصْل السلَامِي الطَّائِفِي قاضيها الْمَالِكِي عَم مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى ووالد عبد الرَّحْمَن وَيعرف بِابْن مكينة. سمع على شَيخنَا بمنى المتباينات فِي سنة أَربع وَعشْرين وعَلى الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ المجلسين اللَّذين أملاهما بِمَكَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. وَولي قَضَاء الطَّائِف بعد أَبِيه. مَاتَ فِي الْعشْر الْأَخير من شعْبَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله السَّيِّد مرشد الدّين بن قطب الدّين بن عفيف الدّين الْحُسَيْنِي الأيجي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. ولد فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بأيج واشتغل وتميز وَرُبمَا أَقرَأ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ على عيان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَاضِي. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد الشَّمْس الْقرشِي الأقفهسي القاهري الشَّافِعِي أحد الصُّوفِيَّة بالفخرية وَيعرف بِابْن سمنة. ولد بعد الْعشْرين وَثَمَانمِائَة بِسنة أَو سنتَيْن تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ)
بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النَّحْو وَغَيرهَا، وَعرض على الْبِسَاطِيّ وَآخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن الونائي والشرف السُّبْكِيّ وَابْن المجدي ولازم الْمَنَاوِيّ فَأكْثر وَكَذَا أَخذ فِي الْعَرَبيَّة عَن ابْن حسان وتميز فِي الْفِقْه وَغَيره بِكَثْرَة دبكه وحرصه على المطالعة مَعَ توقف فاهمته ومزيد ديانته وورعه وفاقته وتقنعه وانجماعه سِيمَا بعد موت الْمَنَاوِيّ. وأقرأ بعض الطّلبَة وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَكَانَ يتَرَدَّد للمحمودية حَتَّى قَابل نسخته بالمنهاج وَالرَّوْضَة على خطّ الْمُؤلف فيهمَا. وَهُوَ مِمَّن سمع على شَيخنَا وَغَيره وَحج وجاور سنة سِتِّينَ وَقَررهُ الشَّمْس مُحَمَّد بن شكير فِي مشيخة الصُّوفِيَّة الْأَحَد عشر بِجَامِع أَمِير حُسَيْن أول النَّهَار وَكَانَ يعْتَكف بسطح الْأَزْهَر فِي رَمَضَان وَرُبمَا يتَرَدَّد لزيارة أحبابه الْعلمَاء
والصلحاء كالزين الإبناسي وَالشَّمْس النشيلي وقصدني غير مرّة. وَاخْتصرَ نكت بَان النَّقِيب على الْمِنْهَاج مَعَ زيادات ميزها وَكَانَ يكْتب فِي التَّفْسِير وَنعم الرجل كَانَ. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين فِي سلخ الَّذِي قبله توجه للأزهر للاعتكاف على عَادَته فجيء بِهِ أثْنَاء يَوْم السبت وَهُوَ مَحْمُوم فَمَكثَ يَوْمَيْنِ وَمَات وَصلي عَلَيْهِ بالأزهر فِي مشْهد صَالح تقدمهم الديمي وَقرر ابْن تَقِيّ الْمَالِكِي نَاظر جَامع أَمِير حُسَيْن ولد نَفسه بعد مَوته فِي المشيخة الْمشَار إِلَيْهَا ثمَّ دفن بسيدي حبيب بِالْقربِ من بَيت ابْن الْعلم وَكثر الثَّنَاء عَلَيْهِ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُوسَى بن عَليّ بن قُرَيْش بن دَاوُد الْقرشِي الْهَاشِمِي سبط النَّجْم الْمرْجَانِي أم كمالية. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين. أرخه ابْن فَهد. وَكَانَ يقْرَأ الْقُرْآن وَله أَمْوَال بالوادي يعالجها. مُحَمَّد بن عِيسَى بن هَانِئ الهربيطي ثمَّ القاهري ابْن أخي مُوسَى الْآتِي. سمع على الشّرف بن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ والشمسين الشَّامي وَابْن البيطار وَذكره الزين رضوَان فِيمَن يُؤْخَذ عَنهُ. مَاتَ قبل الْخمسين ظنا. مُحَمَّد بن عِيسَى بن بدر الدّين الشَّمْس الطنبدي. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن عِيسَى الشَّمْس أَبُو عبد الله التبسي الأندلسي المغربي الْمَالِكِي النَّحْوِيّ. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه فَقَالَ ولي قَضَاء حماة وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى الرّوم فاقام بهَا أَيْضا وَأَقْبل عَلَيْهِ النَّاس وان حسن الْفَهم شعلة نَار فِي الذكاء كثير الاستحضار عَارِفًا بعدة عُلُوم)
خُصُوصا الْعَرَبيَّة وَقد قَرَأَ عَليّ فِي عُلُوم الحَدِيث. مَاتَ ببرصا من بِلَاد الرّوم فِي شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ. قلت وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ الْبَدْر بن الْقطَّان وَقَالَ أَنه كَانَ جَامعا بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول. مُحَمَّد بن عِيسَى الْحلَبِي. مُحَمَّد بن عَزِيز الْحَنَفِيّ الْوَاعِظ. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه كَانَ فَاضلا ذكيا ولي مشيخة التونسية ودرس بِغَيْر مَكَان وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير مَعَ حسن الْخط وَالْعشرَة وكرم النَّفس. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع عشرَة. قلت وَمَا علمت ضبط أَبِيه.
مُحَمَّد بن غزي أَبُو بكر. مُحَمَّد بن غياث بن طَاهِر بن الْعَلامَة الْجلَال أَحْمد الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ. اشْتغل عِنْد السَّيِّد عَليّ الْمكتب شيخ الباسطية الْمَدِينَة وجود عَلَيْهِ الْخط وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ توجه إِلَى الْحَبَشَة فَقتل بهَا شَهِيدا فِي سنة تسع وَسبعين رحمه الله. مُحَمَّد أَبُو الْفَتْح الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ أَخُو الَّذِي قبله وَذَاكَ الْأَكْبَر. اشْتغل أَيْضا عِنْد السَّيِّد وجود عَلَيْهِ الْخط وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة. وَمَات بهَا فِي
الطَّاعُون سنة ثَلَاث وَسبعين رحمه الله. مُحَمَّد بن غيث الْحِمصِي نزيل دمشق ذكره ابْن فَهد والبقاعي مُجَردا. وَمن نظمه:
(أَلا لَيْت شعري هَل أبيتن لَيْلَة
…
بحمص وَمن أَهْوى لدي نزيل)
(وَهل أردن يَوْمًا مياها بنهرها
…
وَهل يطردن نذل بهَا ورذيل)
مُحَمَّد بن أبي الْغَيْث بن أبي الْغَيْث بن عَليّ بن حسن بن عَليّ الْجمال الْقرشِي المَخْزُومِي الكمراني بِفَتَحَات نِسْبَة لجزيرة كمران الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي. ولد بِأَبْيَات حُسَيْن من الْيمن وتفقه فِيهَا بعمر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا وعَلى الْأَزْرَق وَتقدم فِي الطِّبّ والنحو وصنف فيهمَا فَفِي النَّحْو مقدمتين وَفِي الطِّبّ مصنفا كَبِيرا وَكَانَ من المتبحرين فِي الْفِقْه وَسَائِر الْعُلُوم وَعَلِيهِ مدَار الْفَتْوَى والتدريس بِبَلَدِهِ أَبْيَات حُسَيْن وَتفرد بذلك مُدَّة فِي حَيَاة الْبَدْر حُسَيْن الأهدل وَكَانَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد وَلَهُم عَلَيْهِ إقبال واعتماد بِخِلَاف غَيره لتواضعه وَحسن أخلاقه، وَفِي آخر حَيَاته اشْتغل بِالنّظرِ فِي كتب الطِّبّ وَصَارَ النَّاس يعتمدون عَلَيْهِ فِيهِ. وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى مَاتَ فِي منتصف شعْبَان سنة سبع وَخمسين وَرَأَيْت من أرخه فِي آخر لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سَابِع شعْبَان سنة سِتّ بِأَبْيَات حُسَيْن وَدفن هُنَاكَ وَالثَّانِي أشبه وَوَصفه)
الْعَفِيف بالفقيه الصَّالح الْوَرع وَقَالَ أَخْبرنِي من أَثِق بِهِ أَنه فَقِيه مُحَقّق وعالم مدقق عُمْدَة فِي الْفَتْوَى لَهُ مُشَاركَة جَيِّدَة فِي سَائِر الْفُنُون وَقد وقفت لَهُ على مؤلف صَغِير فِي مسئلة جرى فِيهَا بَين الْفُقَهَاء كَلَام فِي النّذر وَهِي مَا إِذا قَالَ نذرت كَذَا فَقَالَ صَاحب التَّرْجَمَة إِن ذَلِك صِيغَة صَحِيحَة ملزمة صَرِيحَة وَقرر ذَلِك تقريرا حسنا وَخَالفهُ الشّرف إِسْمَاعِيل بن الْمقري.
مُحَمَّد بن أبي فَارس. فِي ابْن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر. مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد الْجمال الْبَيْضَاوِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الزمزمي الشَّافِعِي الْآتِي أَبوهُ والماضي أَخُوهُ أَحْمد. ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة وَحفظ الْمِنْهَاج الملحة وألفية النَّحْو، عرض على أبي السعادات بن ظهيرة وَغَيره وَقَرَأَ الصَّحِيح على عَم وَالِده إِبْرَاهِيم وَأخذ عَنهُ فِي الْعَرَبيَّة والفرائض والفلك ولازمه فِي غَيرهَا وَكَذَا أَخذ الْفلك عَن ابْن عَمه نور الدّين بل لَازم الْجَوْجَرِيّ وَإِمَام الكاملية فِي مجاورتيهما فِي الْفِقْه وَغَيره وَسمع قبلهَا من أبي الْفَتْح المراغي وَغَيره، وسافر الطَّائِف وباشر الْأَذَان بِمَكَّة وَتوجه للزيارة غير مرّة آخرهَا فِي أثْنَاء سنة ثَمَان وَتِسْعين فتعلل هُنَاكَ وَكَانَ يحضر مَعَ الْجَمَاعَة عِنْدِي وَهُوَ متوعك، ثمَّ عَاد فَلم يلبث أَن مَاتَ فِي شَوَّال مِنْهَا رحمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن حُسَيْن الْحلَبِي الْفراش بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة وَيعرف بالأقباعي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الفيومي. فِي ابْن أَحْمد بن عبد النُّور. مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الكتبي. فِي ابْن مُحَمَّد بن عِيسَى بن أَحْمد.
مُحَمَّد بن الْفَخر الْمصْرِيّ. مضى فِي ابْن عُثْمَان بن عبد الله بن النيدي. مُحَمَّد بن فرامرز بن عَليّ محيي الدّين خصروي قَاضِي بروسا. مُحَمَّد بن فرج بن برقوق بن أنس الناصري بن الناصرين الظَّاهِر. مَاتَ بسجن اسكندرية فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشري جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ مطعونا عَن إِحْدَى وَعشْرين سنة وَدفن بهَا ثمَّ نقل إِلَى مصر فَدفن بتربة أَبِيه وجده. مُحَمَّد أَخُو الَّذِي قبله. مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ. أرخه شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن فرج بن عَليّ الْفَاضِل نور الدّين الْحِمصِي النَّاسِخ. مِمَّن سمع مني مُحَمَّد بن أبي الْفرج. فِي ابْن عبد الرَّزَّاق بن أبي الْفرج.)
اشْتغل على أَحْمد الجزيري فِي الْعَرَبيَّة وشارك فِيهَا وَفِي الرمل والنحو وَغير ذَلِك وَأكْثر الجولان، وَكَانَ فَاضلا. وَهُوَ أَخُو أبي الْفضل. مُحَمَّد بن أبي الْفضل بن مُوسَى بن أبي الْهون الْبَدْر بن الْمجد أَخُو عبد الْقَادِر)
الْمَاضِي. اسْتَقر شَرِيكا لِأَخِيهِ بعد أَبِيهِمَا فِي عمالة الْأَشْرَاف واختص هُوَ بِالْكِتَابَةِ فِي اسْتِيفَاء الدولة بالوزر. مُحَمَّد بن أَبُو الْفضل الْجلَال السمسار أَبوهُ. مِمَّن سمع مني. مُحَمَّد بن فندو الْجلَال أَبُو المظفر ملك بنجالة من الْهِنْد ووالد المظفر أَحْمد الْمَاضِي وَيعرف بكاس. كَانَ أَبوهُ كَافِرًا فثار عَلَيْهِ الشهَاب مَمْلُوك سيف الدّين حَمْزَة ابْن غياث الدّين أعظم شاه بن اسكندرشاه بن شمس الدّين فغلبه عَليّ بنجالة وأسره فبادر ابْنه هَذَا إِلَى الْإِسْلَام وَتسَمى مُحَمَّدًا وثار على الشهَاب فَانْتزع مِنْهُ الْبِلَاد ولحسن إِسْلَامه أَقَامَ شعار الْإِسْلَام وجدد مَا خربه أَبوهُ من الْمَسَاجِد وَنَحْوهَا وتقلد لأبي حنيفَة وَبنى مآثر بل عمر بِمَكَّة مدرسة هائلة وراسل الْأَشْرَف برسباي صَاحب مصر بهدية واستدعى الْعَهْد من الْخَلِيفَة فَجهز لَهُ مَعَ التشريف على يَد شرِيف فَلبس التشريف ثمَّ أرسل للخليفة هَدِيَّة وَكَانَت هداياه متواصلة بِالْعَلَاءِ البُخَارِيّ بِمصْر وبدمشق. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَاسْتقر بعده فِي المملكة ابْنه وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة رحمه الله. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَغَيره.
مُحَمَّد بن فهيد. مضى فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد المغيربي. مُحَمَّد بن فلاح الْخَارِجِي الشعشاع. مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن الْقسم بن أَحْمد أَبُو عبد الله اللَّخْمِيّ المكناسي المغربي وَيعرف بالقوري نِسْبَة للقور مفتي الْمغرب الْأَقْصَى، كَانَ مُتَقَدما فِي حفظ الْمُتُون وفقيهها وعلق على مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل شَيْئا لم ينتشر وانتفع بِهِ الطّلبَة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْفَاضِل أَحْمد بن أَحْمد زَرُّوق وَقَالَ لي أَنه مَاتَ فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَنه سُئِلَ عَن ابْن عَرَبِيّ فَقَالَ النَّاس فِيهِ مُخْتَلفُونَ مَا بَين مكفر ومقطب فَالْأولى الْوَقْف.
مُحَمَّد بن قَاسم بن أَحْمد الشَّمْس الدِّمَشْقِي التَّاجِر وَيعرف بِابْن السكرِي. مِمَّن سمع مني المسلسل فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين. مُحَمَّد بن قَاسم بن أبي بكر بن مُؤمن الخانكي أحد صوفيتها الْحَنَفِيّ وَيعرف بالجوهري. جي فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَقَالَ إِنَّه عرض الْكَنْز على شَيخنَا وَابْن الديري وَغَيرهمَا وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَن الْأمين الأقصرائي. وتميز فِي الْفَضِيلَة وَتردد للبقاعي وَرُبمَا أَقرَأ. مُحَمَّد بن قَاسم بن حُسَيْن. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن حُسَيْن.) ::: مُحَمَّد بن قَاسم بن رستم العجمي وَيعرف بالرفاعي. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن قَاسم بن سعيد العقباني المغربي الْمَالِكِي أَخُو إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وأبوهما. لَهُ ذكر فِي إِبْرَهِيمُ. مُحَمَّد بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر هَذَا هُوَ الْمُعْتَمد فِي نسبه الولوي أَبُو الْيمن بن التقي بن الْجمال الشيشيني الأَصْل الْمحلي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن قَاسم. كَانَ جده الْجمال من أَعْيَان شُهُود الْمحلة وَأما وَالِده فناب بهَا وبغيرها عَن قضاتها وَولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والمنهاج وَعرضه هُنَاكَ على جمَاعَة واشتغل على الْكَمَال جَعْفَر البُلْقِينِيّ وَالْوَلِيّ بن قطب وَنور الدّين بن عميرَة وَغَيرهم يَسِيرا وناب فِي الْقَضَاء بالدماتر وديسط وبساط من أَعمال الْمحلة عَن قاضيها وَكَانَ ذَلِك سَبَب رياسته فَإِن الْأَشْرَف برسباي حِين كَانَ أحد المقدمين فِي الْأَيَّام المؤيدية نزل لما اسْتَقر فِي كشف الجسور بالغربية الْمحلة على عَادَة الْكَشَّاف انجفل مِنْهُ أهل ديسط وعدوا إِلَى شارمساح فانزعج من ذَلِك خوفًا من الْمُؤَيد سِيمَا وَهُوَ كَانَ يكرههُ فَقَامَ الولوي فِي استرجاع أهل الْبَلَد بسياسته وَبَالغ مَعَ ذَلِك فِي إكرامه وَالْوُقُوف فِي خدمته فرعى لَهُ ذَلِك، فَلَمَّا اسْتَقر فِي السلطنة كَانَ حِينَئِذٍ مجاورا بِمَكَّة فَأمر أَمِير الْحَاج باستصحابه مَعَه فَقدم بمفرده وَأرْسل بعياله إِلَى الْمحلة فَأكْرمه غَايَة الْإِكْرَام بل وجهز سرا من أحضر عِيَاله بِغَيْر علمه اشْترى لَهُ منزلا فِي السَّبع قاعات وَزَاد فِي رفعته ونادمه فَرغب فِي حسن محاضرته وخفة روحه ولطف مداعبته هَذَا مَعَ إفراط سمنه، وَعز ترقيه على الزين عبد الباسط قبل اختباره فَلَمَّا خَبره حسن موقعه عِنْده فَزَاد أَيْضا فِي تقريبه فتكاملت حِينَئِذٍ سعادته وأثرى جدا وَصَارَ أحد الْأَعْيَان وازدحم النَّاس على بَابه، وأضيف إِلَيْهِ قَضَاء سمنود وأعمالها وطوخ ومنية غزال والنحرارية اسْتَقر فِيهَا عَن ابْن الشَّيْخ يحيى وقطيا عَن الشهَاب بن مَكْنُون ودمياط ثمَّ اسْتَقر فِيهَا عوضه الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ وَنظر دَار الضَّرْب عَن الشّرف بن نصر الله وَغير
ذَلِك من الحمايات والمستأجرات، وَعرضت عَلَيْهِ الْحِسْبَة بل وَكِتَابَة السِّرّ فِيمَا بَلغنِي فَأبى ورام بعد سِنِين التنصل مِمَّا هُوَ فِيهِ فسعى بعد موت بشير التنمي فِي مشيخة الخدام وَنظر الْحرم فَأَجَابَهُ الْأَشْرَف لذَلِك مُرَاعَاة لخاطره وَإِلَّا فَهُوَ لم يكن يسمح بِفِرَاقِهِ مَعَ كَونه عز على الخدام وَقَالُوا إِن الْعَادة لم تجر فِي ولَايَة المشيخة)
لفحل، وسافر فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ أضيف إِلَيْهِ نظر حرم مَكَّة عوضا عَن سودون المحمدي وَاسْتمرّ يتَرَدَّد بَين الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَن اسْتَقر الظَّاهِر جقمق فَأمر بإحضاره فَحَضَرَ وتكلف لَهُ ولحاشيته أَمْوَالًا جمة فَلهُ خَمْسَة عشر ألف دِينَار وأزيد من نصفهَا لمن عداهُ وَآل أمره إِلَى أَن رَضِي عَنهُ ونادمه وَأَعْطَاهُ إقطاعا بَاعه بِسِتَّة آلَاف دِينَار وَتقدم عِنْده أَيْضا إِلَى أَن مَاتَ بالطاعون فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر صفر سنة ثَلَاث وَخمسين وَدفن بتربة ابْن عبود من القرافة وَكَانَ خيرا فكه المحاضرة لطيف الْعشْرَة مَعَ مزِيد سمنه حَتَّى لم يكن يحملهُ إِلَّا جِيَاد الْخَيل تَامّ الْعقل يرجع إِلَى دين وعفة عَن الْمُنْكَرَات وإمساك لَا يَلِيق بِحَالهِ فِي الْيَسَار. وَله ذكر فِي تَرْجَمَة جَوْهَر القنقباي من إنباء شَيخنَا رحمه الله. مُحَمَّد كريم الدّين أَبُو الكارم الْمحلى ثمَّ القاهري وَالِد الشّرف مُحَمَّد الْآتِي وأخو الَّذِي قبله ووارثه وَذَاكَ الْأَكْبَر. ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والرسالة وَعرض على جمَاعَة وناب فِي الْقَضَاء عَن أَخِيه غَيره. مَاتَ بالطاعون فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَدفن بتربة أعدهَا لنَفسِهِ فِي سوق الدريس رحمه الله. مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ الشَّمْس المقسي نِسْبَة للمقسم القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن قَاسم. ولد فِيمَا قَالَ تَقْرِيبًا سنة سبع عشرَة أَو بعْدهَا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وبلوغ المرام وألفية الحَدِيث والنحو والمنهاج الفرعي والأصلي وَالتَّلْخِيص وَغَيرهَا، وَعرض على جمَاعَة مِنْهُم الشهَاب الطنتدائي والزين القمني والتفهني والصيرامي والبساطي وَابْن نصر الله فِي آخَرين ولازم الشهَاب الْمحلي خطيب جَامع ابْن ميالة ثمَّ ترقى فَأخذ عَن الْبُرْهَان بن حجاج الإبناسي تَصْحِيحا وَغَيره ثمَّ عَن القاياتي والونائي والْعَلَاء القلقشندي فِي التَّقْسِيم وَغَيره وَمِمَّا أَخذه عَنهُ فُصُول ابْن الهائم ثمَّ الْمَنَاوِيّ والبلقيني وَأكْثر من ملازمتهما بِأخرَة والجلال الْمحلي وَعنهُ حمل شروحه على الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والبردة وَغَيرهَا وَكَذَا لَازم الشمني فِي الْعَضُد والبيضاوي وحاشيته على الْمُغنِي وَغَيرهَا وَمن قبل هَؤُلَاءِ أَخذ عَن السَّيِّد النسابة والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والحناوي وَأبي الْقسم النويري ثمَّ عَن أبي الْفضل المغربي وَكَذَا الكافياجي والأبدي والشرواني فِي آخَرين
كقاسم البُلْقِينِيّ فلازمه فِي التقاسيم والسفطي فِي الْكَشَّاف، بل سَافر مَعَ الزين عبد الرَّحِيم الإبناسي حَتَّى مر مَعَه على القطب وَقَرَأَ شرح ألفية الحَدِيث وَغَيره على شَيخنَا وَسمع عَلَيْهِ بِقِرَاءَتِي)
وَقِرَاءَة غَيْرِي أَشْيَاء وَكَذَا سمع اتِّفَاقًا على جمَاعَة وَكتب الْمَنْسُوب على البسراطي المقسي وَغَيره وَأخذ فِي القراآت عَن فقيهه ابْن أَسد وَفِي التصوف بِمَكَّة عَن عبد الْمُعْطِي وَتردد للشَّيْخ مَدين وقتا بل واختلى عِنْده وَأول مَا ترعرع جلس فِي حَانُوت للتِّجَارَة بقيسارية طيلان من سوق أَمِير الجيوش تَحت نظر أَبِيه وتدرب بِهِ، وسافر فِي التِّجَارَة للشام وَهُوَ فِي خلال ذَلِك مديم للاشتغال حَتَّى تميز وشارك فِي فنون وَذكر بالذكاء بِحَيْثُ أذن لَهُ غير وَاحِد من شُيُوخه كشيخنا والمحلي والبلقيني وَاسْتقر بِهِ فِي مشيخة البشتكية حِين إخْرَاجهَا لَهُ عَن التَّاج عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن شرف بعد عرضه لَهَا على من أَبَاهَا، وَلم يلبث أَن رجعت لصَاحِبهَا وَصَارَ يناكده حَتَّى فِي نظم لَهُ فِي حل الْحَاوِي كَمَا أسلفته فِي تَرْجَمته وَكَذَا نَاب فِي الْإِمَامَة بالأزكوجية بجوار سوقه عَن ابْن الطرابلسي وَاسْتقر فِي التصوف بِسَعِيد السُّعَدَاء والبرقوقية وَغير ذَلِك بل فِي تدريس الحَدِيث بالجمالية عوضا عَن ابْن النواجي بعناية الزيني بن مزهر فَإِنَّهُ كَانَ قد اخْتصَّ بِهِ وقتا وَقَرَأَ عِنْده الحَدِيث فِي رَمَضَان وَغَيره بل أم بِهِ وَعلم وَلَده وَقَررهُ فِي إِمَامَة مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا ومشيخة صوفيتها وَكَذَا أَقرَأ عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ الحَدِيث فِي رَمَضَان ثمَّ من بعده عِنْد وَلَده بل هُوَ أحد الشَّاهِدين بأهليته لوظائف أَبِيه وَعند ربيبه أَيَّام تلبسه بِالْقضَاءِ، وزار بَيت الْمُقَدّس وَحج غير مرّة آخرهَا فِي الرجبية مَعَ الزيني، وَاسْتقر فِي مشيخة الشَّافِعِيَّة بالبرقوقية بعد الْعَبَّادِيّ فِي حَيَاته وَلكنه بَطل وانتزعها مِنْهُ الأتابك لوَلَده وَكَذَا رغب عَن الجمالية لداود الْمَالِكِي ثمَّ استرجعها مِنْهُ ثمَّ رغب عَنْهَا لِابْنِ النَّقِيب كل ذَلِك بِرِبْح وتصدى للإقراء فَأخذ عَنهُ الطّلبَة فنونا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير وَقيد وحشى وَأفَاد بل كتب على الْمِنْهَاج شرحا وعَلى غَيره وَرُبمَا قصد بالفتاوى، وَلَيْسَ بمدفوع عَن مزِيد عمل وفضيلة وتميز عَن كثيرين مِمَّن هم أروج مِنْهُ لكَونه عديم الدربة والمداراة مَعَ مزِيد الخفة والطيش والتهافت والكلمات الساقطة وَسُرْعَة البادرة الَّتِي لَا يحتملها مِنْهُ آحَاد طلبته فضلا عَن أقرانه فَمن فَوْقه واستعمالها فِي الْعلم بِحَيْثُ يكون خطأه من أجلهَا أَكثر من إِصَابَته هَذَا وكتابته غير متينة وَلكُل هَذَا لم يزل فِي انحطاط بِحَيْثُ يتجرأ عَلَيْهِ من هُوَ فِي عداد طلبة تلامذته فضلا عَنْهُم. مَاتَ ي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد أَن أوصى بِثُلثِهِ لمعينين وَغَيرهم
ووقف أَمَاكِن حصلها فِي حَيَاته على مَحل دَفنه بتربة بسوق الدريس خَارج بَاب النَّصْر جعل بهَا صوفية وشيخا رحمه الله
وإيانا وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ الشَّمْس الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ الشاذلي الْوَاعِظ الغزولي. مَاتَ بِمَكَّة فِي ربيع الآخر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَقد قَارب السِّتين ظنا وَكَانَ قد قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا وَفهم وَقَرَأَ على الْعَامَّة بِمَكَّة بل كَانَ قَارِئ المراسيم الْوَارِدَة لَهَا من مصر وَاسْتقر بِهِ الْأَمِير خير بك من حَدِيد فِي مشيخة سَبْعَة هُنَاكَ وَكثر توجهه للزيارة النَّبَوِيَّة فِي كل سنة غَالِبا وَتزَوج كثيرا. وَله نظم فَمِنْهُ مِمَّا ذيل بِهِ الأبيات المضافة للزمخشري فَقَالَ:
(طُوبَى لعين عَايَنت أم الْقرى
…
وَأَتَتْ لَهَا حول الطّواف مبادره)
(ورجالها طافوا بهَا من حولهَا
…
وَقُلُوبهمْ بِاللَّه أضحت عامره)
مُحَمَّد بن قَاسم بن عَليّ الْأَسْلَمِيّ الْمَكِّيّ الشهير بالأبيني. مَاتَ فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن قَاسم بن عِيسَى الْبَدْر الْحُسَيْنِي سكنا الحريري وَيعرف بِابْن قَاسم. مِمَّن اشْتغل عِنْد الزين عبد الرَّحِيم الإبناسي وَالشَّمْس بن قَاسم وَغَيرهمَا وَحضر عِنْد البقاعي الزيني زَكَرِيَّا وخالطه فِي ابْتِدَائه ابْن قَرِيبه والحليبي وَتزَوج ابْنه ابْنه عبد الله التَّاجِر وَحج بهَا بعد مَوته فِي موسم سنة ثَمَان وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَكَانَ يحضر دروس قاضيها بل حضر عِنْدِي فِي شرح التَّقْرِيب وَقَرَأَ عَليّ فِي البُخَارِيّ وَجلسَ بِبَعْض الحوانيت وَلَا يَخْلُو من مُشَاركَة وَفهم مَعَ أدب وعقل وسياسة. مُحَمَّد بن قَاسم بن قطلوبغا الْبَدْر أَبُو الْوَفَاء القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي كنف أَبِيه فحفظ الْقُرْآن والنقاية وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة خمسين على شَيخنَا بعض محافيظه وَسمع عَلَيْهِ وعَلى غَيره كَأُمّ هَانِئ الهورينية والشهاب الْحِجَازِي وَغَيرهمَا بل سمع ختم البُخَارِيّ على الْأَرْبَعين بالظاهرية ولازم دروس وَالِده ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وَأَقْبل على التَّشَبُّه بالظرفاء والاعتناء بالتصحيف وَالضَّرْب وَإِخْرَاج الخفائف وَنَحْو ذَلِك وخالط المتسمين بأبناء الْبَلَد وَقد حج بحرا مَعَ ابْن رَمَضَان حِين كَانَ صيرفي جدة وَلم تحصل لَهُ رَاحَة وَكَذَا سَافر لدمياط للمنصور غير مرّة بل للشام فِي بعض ضرورات الْخَاص وساعده المحيوي ابْن عبد الْوَارِث قَاضِي الْمَالِكِيَّة بهَا وَله ثروة بِسَبَب تعانيه للسَّفر بإحضار الْحبّ وَنَحْوه.) ::: مُحَمَّد أفضل الدّين أَبُو الْفضل أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ أَصْغَر وأشبه طَريقَة. نَشأ فحفظ الْقُرْآن والقدوري ولازم أَبَاهُ وأحضره على شَيخنَا وَغَيره، وَحج مَعَ أَبِيه
صُحْبَة الْمَنْصُور وَجلسَ بعده مَعَ الشُّهُود وَكَانَ متقللا. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين رحمه الله. مُحَمَّد كَمَال الدّين أَخُو اللَّذين قبله. أحضر على أم هَانِئ وَغَيرهَا، وَمَات وَهُوَ طِفْل فِي حَيَاة أَبِيه. مُحَمَّد بن قَاسم وَاخْتلف فِيمَن بعده فَقيل حُسَيْن وَقيل مُحَمَّد بن حُسَيْن الشَّمْس أَبُو عبد الله الْمَنَاوِيّ الأَصْل الدمياطي ثمَّ الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بالطبناوي لكَون نَاصِر الدّين الطبناوي كَانَ زوج أُخْته. نَشأ فحفظ الْقُرْآن وكتبا كالشاطبيتين ومقدمة فِي التجويد لِابْنِ الْجَزرِي وعمدة الْمجِيد فِي علم التجويد للسخاوي وَقَرَأَ الأوليتين على عبد الدَّائِم الْأَزْهَرِي وَبحث عَلَيْهِ شَرحه للثَّالِث وتلا بالسبع على الزين رضوَان وجعفر وَغَيرهمَا كالشهاب الزواوي وَالشَّمْس الْبكْرِيّ بن الْعَطَّار وَعنهُ أَخذ النَّحْو وَالْفِقْه وَغَيرهمَا، وبرع فِي الْحساب والقراآت وَغَيرهمَا وشارك فِي الْفِقْه والعربية وانتفع بِهِ جمَاعَة فِي القراآت واختص بِصُحْبَة مُحَمَّد الكويس ثمَّ كَانَ بعد مَوته يتَعَاهَد قَبره مَاشِيا فِي الْغَالِب ويديم التِّلَاوَة ذَهَابًا وإيابا وَعند قَبره وَبَلغنِي ان الشَّيْخ كَانَ يَقُول من أَرَادَ النّظر إِلَى من قرع الْإِيمَان قلبه فَلْينْظر إِلَى هَذَا. وَكَانَ كثير التَّهَجُّد والتلاوة وَالصِّيَام وَاتِّبَاع السّنة وَاتِّبَاع السّلف. مَاتَ كهلا بالخانقاه بعد السِّتين وَدفن تَحت شباك قبر شَيْخه رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز أَبُو عبد الله الْقرشِي المَخْزُومِي القفصي نِسْبَة لمدينة عَظِيمَة من بِلَاد الجريد من أَعمال إفريقية وأضيفت للجريد لِكَثْرَة نخيلها وَيعرف بالقفصي وَرُبمَا قيل لَهُ البسكري وَكَانَ يَقُول لَا أعرف لذَلِك مُسْتَندا إِنَّمَا نَحن من قفصة أصولا وفروعا. ولد سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة بقفصة وَنَشَأ بهَا فَأخذ الْعلم عَن جمَاعَة كَأبي عبد الله الدكالي، وارتحل إِلَى الْحجاز فِي أَوَاخِر الْقرن الَّذِي قبله فجاور بِمَكَّة نَحْو ثَلَاث سِنِين متجردا ثمَّ توجه مِنْهَا مَاشِيا إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَأَقَامَ بهَا أَزِيد من سنة ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاده فدام بهَا إِلَى نَحْو سنة خمس عشرَة ثمَّ تحول إِلَى الْحجاز بأَهْله فجاور بِمَكَّة سبع سِنِين، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة فَانْقَطع بهَا بمدرسة شيخ الشُّيُوخ نظام الدّين بالصحراء قريب قلعة الْجَبَل وَلم يقْصد الْإِقَامَة بِالْقَاهِرَةِ إِنَّمَا كَانَت)
نِيَّته بالمجئ من بِلَاده للمجاورة بِأحد الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وَلَكِن اعتقده الظَّاهِر جقمق وأحبه واغتبط بِهِ وَلم يسمح بِفِرَاقِهِ بِحَيْثُ أَنه لما رام التَّوَجُّه لمَكَّة كَاد أَن يكفه عَنهُ فَمَا بلغ وسافر فِي موسم سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فَلم يلبث أَن مرض بعد إِتْمَامه الْحَج. وَمَات بِمَكَّة فِي
يَوْم الْأَحَد مستهل محرم الَّتِي تَلِيهَا رحمه الله وإيانا. وَكَانَ إِمَامًا زاهدا ورعا مديما للانقطاع إِلَى الله من صغره وهلم جرا لَا يتَرَدَّد إِلَى أحد سِيمَا الْخَيْر عَلَيْهِ لائحة كَرِيمًا ريضا متضلعا من علم السّنة كثير الِاطِّلَاع على الْخلاف العالي والنازل يكثر مطالعة التَّمْهِيد لِابْنِ عبد الْبر وَله عَلَيْهِ حواش مفيدة غير أَنه لَا يعرف الْعَرَبيَّة. تَرْجَمَة ابْن فَهد النَّجْم وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ وَكَذَا قَالَ البقاعي لَهُ أَبْيَات فِي السِّوَاك كتبتها عَنهُ وساقها وَأَشَارَ إِلَى أَن فِيهَا عدَّة أَبْيَات من نظمه وَلم يميزها فحذفت كتَابَتهَا لذَلِك. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس السُّيُوطِيّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الشاذلي. كَانَ مَذْكُورا بِعلم الْحَرْف مَقْصُودا فِيهِ، الْوَاعِظ نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن قَاسم. ولد فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بسيوط وَذكر أَنه أَخذ طَرِيق الشاذلية عَن أبي بكر بن مُحَمَّد السُّيُوطِيّ الشاذلي بِأَخْذِهِ لَهَا عَن خَاله الشهَاب بن القطب عبد الْملك الألواحي القلموني بِأَخْذِهِ لَهَا عَن أَبِيه وَأَخذه أَيْضا عَالِيا عَن رضيعة وَالِدَة شَيْخه أبي بكر عَن أَبِيهَا عبد الْملك عَن أبي الْعَبَّاس المرسي عَن أبي الْحسن الشاذلي قَالَ النَّجْم ابْن فَهد وَله نظم ومدحني بِبَعْضِه وَأَجَازَ لي.
مَاتَ بِمَكَّة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَسِتِّينَ سامحه الله. وَهُوَ مِمَّن شَارك الْمَاضِي قَرِيبا فِي اسْمه وَاسم أَبِيه وَكَونه شاذليا واعظا. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله الْغَزِّي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الغرابيلي. ولد فِي رَجَب تَحْقِيقا سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بغزة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والشاطبية والمنهاج وألفية الحَدِيث والنحو ومعظم جمع الْجَوَامِع وَغير ذَلِك وَأخذ عَن الشَّمْس بن الْحِمصِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَعَن الْكَمَال بن أبي شرِيف بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا الْفِقْه والأصلين وَغَيرهَا وَمِمَّا أَخذه عَنهُ شرح الْمحلي لجمع الْجَوَامِع وَوَصفه بالعالم المفنن النحرير وَقدم الْقَاهِرَة فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ فَأخذ عَن الْعَبَّادِيّ فِي الْفِقْه قِرَاءَة وسماعا ولازم التقاسيم عِنْد الْجَوْجَرِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ جانبا فِي أصُول الْفِقْه وَالْعرُوض بِكَمَالِهِ وَقَرَأَ على الْعَلَاء الحصني شرح العقائد والحاشية عَلَيْهِ وَشرح التصريف والقطب فِي)
الْمنطق ومعظم المطول والحاشية وَغير ذَلِك وعَلى الْبَدْر المارداني فِي الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة وغالب تَوَابِع ذَلِك وَمِمَّا قَرَأَهُ عَلَيْهِ من تصانيفه شرح الْفُصُول وعَلى الزين زَكَرِيَّا الْقيَاس من شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وعَلى الْجمال الكوراني من شرح أشكال التأسيس وَأخذ القراآت جمعا وإفرادا عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن القادري ثمَّ عَن الزين جَعْفَر جمعا للسبع من طَرِيق النشر وللأربعة عشر مِنْهُ وَمن المصطلح إِلَى أثْنَاء النِّسَاء وعَلى الشَّمْس بن الحمصاني جمعا للعشر إِلَى سُورَة الْحجر
وعَلى الزين زَكَرِيَّا جمعا للسبع وَكَذَا على السنهوري لَكِن إِلَى العنكبوت وَقَرَأَ على ألفية الحَدِيث بِتَمَامِهَا بحثا وَالْقَوْل البديع وَغَيره من تصانيفي بعد أَن كتبهَا والأذكار للنووي واغتبط بذلك كُله، وتميز فِي الْفُنُون وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة والسكون والديانة الْعقل والانجماع والتقنع باليسير ونزله الزيني بن مزهر فِي مدرسته، وخالط الشهَاب الأبشيهي فَكَانَ هُوَ يرتفق بِمَا يكون عِنْده من الأشغال وَذَاكَ بِمَا يَسْتَعِين بِهِ فِي الْفَهم وَجلسَ لذَلِك بِبَاب زَكَرِيَّا وزوجه نقيبه الْعَلَاء الْحَنَفِيّ ابْنَته وَمَا حمدته فِي شَيْء من هَذَا، وَآل أمره إِلَى أَن صَار حِين ضيق على جمَاعَة القَاضِي هُوَ النَّقِيب وَظَهَرت كفاءته فِي ذَلِك وَقسم بِجَامِع الْأَزْهَر وَعمل الختوم الحافلة وَرُبمَا خطب بِجَامِع القلعة حِين يتعلل قاضيه وشكرت خطابته وَفِي غُضُون نقابته تردد إِلَيّ وَكتب بعض تصانيفي وقرأه وأوقفني على حَاشِيَة كتبهَا على شرح العقائد فِي كراريس فقرضت لَهُ عَلَيْهَا وَكَذَا عمل حَاشِيَة على شرح التصريف أقرأهما وَغَيرهمَا بل وَكتب على الْفتيا وَهُوَ جدير بذلك فِي وقتنا. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد الشَّمْس السُّيُوطِيّ ثمَّ القاهري. سمع على الْمُحب الخلاطي وَالْفَخْر السنباطي والشهاب الْعَطَّار سنَن الدَّارَقُطْنِيّ وعَلى الْعِزّ بن جمَاعَة تساعياته الَّتِي خرجها لنَفسِهِ وَحدث سمع مِنْهُ جمَاعَة مِمَّن لَقِينَاهُمْ كالزين رضوَان بل فِي الْأَحْيَاء الْآن من يروي عَنهُ. وتكسب بِالشَّهَادَةِ وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ أجَاز فِي استدعاء ابْني مُحَمَّد، وَمَات سنة أَربع وَعشْرين. مُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّد القاسمي البلبيسي وَيعرف بِابْن وشق. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.
مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس واعظ مَكَّة. فِيمَن جده عَليّ. مُحَمَّد بن قَاسم صَلَاح الدّين بن الماطي الْمَاوَرْدِيّ. أَمِين المركبات كالدرياق)
بالبيمارستان وَأحد صوفية المؤيدية بل لَهُ بهَا خلْوَة. مَاتَ بِمَكَّة فَجْأَة فِي صفر سنة خمس وَتِسْعين وَكَانَ ذَا ثروة وَلذَا ختم الشَّافِعِي بِمصْر على موجوده وَخرجت المؤيدية وَالْخلْوَة عَن وَلَده. مُحَمَّد بن قَاسم الشَّمْس الطبناوي الْمُقْرِئ. مضى قَرِيبا. مُحَمَّد بن قَاسم أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ التلمساني ثمَّ التّونسِيّ المغربي الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن الرصاع بمهملتين وَالتَّشْدِيد صَنْعَة لأحد آبَائِهِ. مِمَّن أَخذ عَن أَحْمد وَعمر القلشانيين وَابْن عِقَاب وَآخَرين كَأبي الْقسم الْبُرْزُليّ، وَولي الْمحلة ثمَّ الْأَنْكِحَة ثمَّ الْجَمَاعَة ثمَّ صرف نَفسه فِي كائنة صاحبنا أبي عبد الله البرنتيشي وَاقْتصر على إِمَامَة جَامع الزيتونة وخطابته متصديا للإفتاء ولإقراء الْفِقْه وأصول الدّين والعربية والمنطق وَغَيرهَا وَجمع شرحا فِي شرح الْأَسْمَاء النَّبَوِيَّة وَآخر فِي الصَّلَاة
على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأفرد الشواهد القرآنية من المغنى لِابْنِ هِشَام ورتبها على السُّور وَتكلم عَلَيْهِمَا وَشرح حُدُود ابْن عَرَفَة بل بَلغنِي أَنه شرع فِي تَفْسِير وَأَنه اختصر شرح البُخَارِيّ لشَيْخِنَا وَعِنْدِي أَنه انتقاء لَا اخْتِصَار وبلغنا أَنه فِي سنة أَربع وَتِسْعين على خطة. مُحَمَّد بن قَاسم الأجدل نَاظر زبيد ثمَّ عدن بل ولي إمرة لحج وَغَيرهَا. مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه. مُحَمَّد بن قَاسم البجائي المغربي الْمَالِكِي نزيل طيبَة. مِمَّن سمع مني بهَا.
مُحَمَّد بن قَاسم القفصي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عمر بن عمر بن الشَّيْخ على الأهدل بن عمر الْجمال أَبُو عبد الله الْحُسَيْنِي السهامي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي الْخَطِيب بالمراوعة قَرْيَة جده الْأَعْلَى عَليّ. سمع مني فِي سنة سِتّ أَو سبع وَثَمَانِينَ بِمَكَّة أَشْيَاء وكتبت لَهُ إجَازَة. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن أَحْمد النويري. مضى فِي ابْن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن سَالم الوشتاتي القسنطيني الأَصْل التّونسِيّ الْمَالِكِي. أَخذ عَن يَعْقُوب الزعبي تلميذ ابْن عَرَفَة وَولي قَضَاء الْجَمَاعَة بعد مُحَمَّد الرصاع الْمَاضِي قَرِيبا سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن الصّديق بن عمر أَبُو الطّيب بن الْمقري الشّرف الْيَمَانِيّ)
المطري الشَّافِعِي من أَبْيَات الْفَقِيه ابْن عجيل وَيعرف بلقب جد أَبِيه زبر فَيُقَال لَهُ كسلفه بَنو زبر. لَقِيَنِي بِمَكَّة فِي محرم سنة أَربع وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ قِطْعَة من عدَّة ابْن الْجَزرِي، وحدثته بالمسلسل بِشَرْطِهِ وَذكر لي أَن أَبَاهُ كَانَ قَارِئ السَّبع وَإنَّهُ مَاتَ تَقْرِيبًا سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَن سنه هُوَ نَحْو ثَلَاثِينَ سنة وَله اشْتِغَال متفرق، وَحكى لي عَن نَاصِر الدّين بن الْفَقِيه حسن الدمياطي الْمُقِيم بزيلع وَعَن سيرته هُنَاكَ وَكَذَا أَخذ عَن الْجلَال بن سُوَيْد بل قَرَأَ عَلَيْهِ شرحي للهداية الجزرية وكتبت لَهُ من نسخته نُسْخَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْعدة وَأخْبرهُ بهَا عَن الْعَبَّادِيّ وَابْن عبيد الله وبالشرح عني وحَدثني بِشَيْء من سيرته وَأَنه تبَاين مَعَ نَاصِر الدّين مَعَ تقاربهما.
مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الشيشيني. صَوَابه مُحَمَّد بن قَاسم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن. مضى. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن عبد الله بن أبي الْقسم أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي الْأنْصَارِيّ الْمَكِّيّ.
مِمَّن سمع مني بِمَكَّة. مُحَمَّد بن أبي الْقسم المكني بِأبي الْفضل بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ
الشَّمْس أَبُو عبد الله ابْن الْفَقِيه الإِمَام المرتضى الجذامي الرنتيشي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالرَّاء بعْدهَا نون سَاكِنة ثمَّ مثناة مَكْسُورَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا مُعْجمَة نِسْبَة لحصن من عرب الأندلس من أَعمال أشبونة المغربي الْمَالِكِي الْمَاضِي ابْن عَم وَالِده إِبْرَهِيمُ بن عبد الْملك بن إِبْرَهِيمُ، وَيعرف بالرنتيشي. ولد فِي أَوَائِل سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ يَتِيما فَقَرَأَ الْقُرْآن والشاطبية الصُّغْرَى وأحضر مجَالِس الْعلمَاء كَأبي عبد الله الزلديوي وإبرهيم الأخضري وَمُحَمّد الواصلي وَالْقَاضِي الغافقي، وتلا فِي الأندلس للسبع على قَاضِي الْجَمَاعَة بمالقة أبي عبد الله الفرعة ولبعض الْقُرَّاء على غَيره، وَبحث التَّيْسِير وَشَرحه للرعيني ومنظومة ابْن بري والشاطبية مَعَ شرحيها للفاسي وَأبي شامة والكشف وَالْبَيَان لمكي والأفراد لِابْنِ شُرَيْح وَغَيرهَا ولازم أَبَا عبد الله بن الْأَزْرَق فِي الْأَصْلَيْنِ والعربية والمنطق وَالْعرُوض والموجز وَغَيرهَا وَفِي غضونها قَرَأَ الرسَالَة لِابْنِ أبي زيد وقواعد عِيَاض فِي الْفِقْه وأوائل ابْن الْحَاجِب الفقهي وَجُمْلَة من بَاب الْحجر مِنْهُ وكتبا من أَوَائِل الْمُدَوَّنَة وَغَيرهَا على غير وَاحِد وَدخل الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ ليحوز مِيرَاث إِبْرَهِيمُ الْمَذْكُور فحج)
وَسمع بِمَكَّة على النَّجْم بن فَهد وَغَيره وَأخذ فِي الْقَاهِرَة عَن الْعَلَاء الحصني فِي الْأَصْلَيْنِ والمنطق وَالْحكمَة وَعَن حَمْزَة البجائي نزيل الشيخونية فِي الْمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَلم يَنْفَكّ عَنهُ مُحْتملا لجفائه ويبسه حَتَّى أَنه رُبمَا كَانَ يختفي مِنْهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة فَأكْثر مَعَ مزِيد إحسانه الْخَفي إِلَيْهِ وَكَانَ جلّ انتفاعه بِهِ وَعَن أَحْمد بن عَاشر فِي الْمنطق أَيْضا فِي آخَرين ولازمني حَتَّى قَرَأَ الْمُوَطَّأ بِتَمَامِهِ مَعَ ألفية الْعِرَاقِيّ وَأَصلهَا بحثا وَسمع على الْكثير من تصانيفي وَغَيرهَا وَسمع على أبي السُّعُود الغراقي وحمدت وفور أدبه وعقله ومحاسنه وَسُرْعَة إِدْرَاكه وَحسن قلمه وَعبارَته. وَحصل لَهُ إجحاف فِي إِرْثه هُنَا وَهُنَاكَ وَقرر لَهُ السُّلْطَان راتبا فِي الجوالي وَصَارَ يُكرمهُ ثمَّ لم يزل يتطلف بِهِ حَتَّى اسْتَقر بِهِ فِي متجره باسكندرية كَابْن عَم وَالِده فدام فِيهِ سِنِين ثمَّ صرفه بالمحيوي عبد الْقَادِر بن عليبة وَلزِمَ هَذَا الِاشْتِغَال، وصاهر الشريف العواني على إبنته فَلَمَّا مَاتَ ابْن عليبة عين لضبط تركته وَنَحْوهَا وَتوجه ثمَّ عَاد فأعيد إِلَى الْوَظِيفَة بِزِيَادَة أرْغم عَلَيْهَا وألزم صهره بِالسَّفرِ مَعَه فَخرج مكْرها وودعاني حِين سفرهما فَمَا كَانَ بأسرع من وَفَاة الشريف هُنَاكَ وَاسْتمرّ الآخر حَتَّى أنهى مَا كلف بِهِ بمكابدة وديون ثمَّ حضر فرافع فِيهِ مغربي
آخر يُقَال لَهُ ابْن غَازِي واسترسل حَتَّى زيدت الْجِهَة قدرا لَا يحْتَمل وكمد هَذَا قهرا وَغَلَبَة وَلم يجد معينا وَلَا دافعا كَمَا هُوَ دأب الْجَمَاعَة مَعَ السُّلْطَان الْآن فَلَزِمَ الوساد أشهرا بأمراض باطنية متنوعة حَتَّى مَاتَ بمنزل سكنه ببركة الرطلي فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَختم على موجوده ليحوزه الْملك، وتأسفنا عَلَيْهِ لما كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ من المحاسن رحمه الله وإيانا وعوضه الْجنَّة. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد بن حسن بن عبد المحسن الْعَلامَة الْوَرع الزَّاهِد أَبُو عبد الله ابْن الْعَلامَة الزَّاهِد الْمُنْقَطع إِلَى الله المشدالي بِفَتْح الْمِيم والمعجمة وَتَشْديد الدَّال نِسْبَة لقبيلة من زواوة الزواوي البجائي المغربي الْمَالِكِي وَالِد أبي الْفضل مُحَمَّد وأخيه أبي عبد الله. أَخذ عَن أَبِيه بل ترافق مَعَه فِي بعض شُيُوخه وَكَانَ إِمَامًا كَبِيرا مقدما على أهل عصره فِي الْفِقْه وَغَيره ذَا وجاهة عِنْد صَاحب تونس فَمن دونه كمل تعليقة الوانوغي على البراذعي واستدرك مَا صرح فِيهِ ابْن عَرَفَة فِي مُخْتَصره بِعَدَمِ وجوده وتتبع مَا فِي الْبَيَان والتحصيل بِغَيْر مظانه وَحَوله لَهَا وحاذى بِهِ ابْن الْحَاجِب، أم وخطب بالجامع)
الْأَعْظَم ببجاية وتصدى فِيهِ وَفِي غَيره للتدريس والإفتاء وَتخرج بِهِ ابناه وأئمة، وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل حَيْثُ يُقَال أَتُرِيدُ أَن تكون مثل أبي عبد الله المشدالي، كل ذَلِك ديانَة وَقُوَّة نفس، رَأَيْت من أرخه سنة بضع وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله أَبُو عبد الله النَّاشِرِيّ الْيَمَانِيّ. سمع من جده أبي عبد الله الْبِدَايَة وَغَيرهَا وَكَانَ يخْدم وَالِده بِحَيْثُ كَانَ يُوصي بِهِ أخوته وَيَقُول اقدروا لَهُ قدره. مَاتَ أول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد الْأَكْبَر بن عَليّ الفاكهي الْمَكِّيّ. ولد فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ بِمَكَّة، وَأمه سِتّ الْقُضَاة سَعَادَة ابْنة أبي الْبَقَاء مُحَمَّد بن عبد الله بن الزين.
وأحضر فِي الثَّانِيَة على الزين عبد الرَّحِيم الأميوطي ختم البُخَارِيّ وجزء ابْن فَارس والدراح، وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ زوج أمه عبد الْقَادِر النويري. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة خمس وَثَمَانِينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن أَو مُحَمَّد الْمصْرِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الْمَاضِي جده وَعم أَبِيه أَحْمد والآتي أَبوهُ وَيعرف بِابْن جوشن. كَانَ يقْرَأ
الْقُرْآن ويتعانى التِّجَارَة كجده بِحَيْثُ خلف أَمْوَالًا كَثِيرَة وَكَانَ يُؤَدِّي زَكَاة ثماره وحبه بِحَيْثُ يُقَال إِنَّه عِنْد مَوته انْفَرد عَن أهل مَكَّة أوجلهم بذلك مَعَ نسبته لإمساك. مَاتَ بِمَكَّة فِي صفر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَنا هُنَاكَ وَقد زاحم السِّتين أَو جازها رحمه الله. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد النويري. يَأْتِي فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ أَبُو الطّيب. مُحَمَّد بن أبي الْقسم بن محب الدّين بن عز الدّين. مضى قَرِيبا فِي مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد.
مُحَمَّد بن أبي الْقسم الْجمال أَبُو عبد الله الْيَمَانِيّ بن الأهدل الْخَطِيب بالمراوغة. مضى قَرِيبا فِيمَن جده إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد. مُحَمَّد بن أبي الْقسم الْجمال أَبُو عبد الله المقدشي بِالْمُعْجَمَةِ شيخ النُّحَاة بِالْيمن.
انْتفع بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الشهَاب أَحْمد بن عمر المنقش. وَمَات فِي ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين.)
ذكره الْعَفِيف النَّاشِرِيّ مُخْتَصرا. مُحَمَّد بن أبي الْقسم الشَّمْس الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن الْأَجَل. ذكر أَنه ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأَنه قَرَأَ الْفِقْه على التقي السُّبْكِيّ وَالْفَخْر الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَغَيرهمَا، وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مستحضرا لفوائد مَعَ زهد وتخيل من النَّاس وانحراف عَنْهُم وتخل عَن دنيا طائلة حَيْثُ تَركهَا وآثر الْإِقَامَة بِمَكَّة على طَريقَة حميدة حَتَّى مَاتَ بهَا بعد مجاورته نَحْو خمس عشرَة سنة فِي النّصْف الثَّانِي من ربيع الأول سنة خمس، ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَمن قبله التقي الفاسي. مُحَمَّد بن قانباي الجركسي الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَصلي عَلَيْهِ فِي مصلى المؤمني بِمحضر فِيهِ السُّلْطَان والأعيان وَدفن بِالْمَكَانِ الَّذِي صَار مَعْرُوفا بِأَبِيهِ وَكثر توجعه لفقده، وَكَانَ خيرا أثنى عَلَيْهِ الْعَيْنِيّ حَيْثُ وَصفه بالشاب الصَّالح وَكَذَا قَالَ شَيخنَا إِنَّه كَانَ مشكور السِّيرَة من أَقْرَان مُحَمَّد بن الظَّاهِر جقمق الْمَاضِي عوضهما الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن قانباي اليوسفي الْمَاضِي أَبوهُ. ولي المهمندارية بعد أَبِيه انحط أمره عِنْد الظَّاهِر خشقدم ثمَّ اخْتصَّ بالدوادار الْكَبِير يشبك من مهْدي بِحَيْثُ جالسه وسامره وتوسل بِهِ كَثِيرُونَ فِي ضروراتهم. مُحَمَّد بن قديدار. فِي ابْن أَحْمد بن عبد الله. مُحَمَّد بن قرابغا خير الدّين العلائي الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ. ولد قبل سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ. ذكره البقاعي وَوَصفه بصاحبنا الإِمَام الْعَالم الأديب
البارع وَأورد من نظمه:
(يَا غزالا لَيْسَ لي عَنهُ اصطبار
…
لَا وَلم يسل فُؤَادِي عَنهُ غاده)
(بَحر صبري مذ تنافرت ووجدي
…
ذَا وَهَذَا فِي احتراق وزياده)
مَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشري شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين مطعونا وَدفن من الْغَد. مُحَمَّد شاه بن قرا يُوسُف بن قرا مُحَمَّد مُتَوَلِّي بَغْدَاد. مَاتَ مقتولا فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ على حصن يُقَال لَهُ شنكان من بِلَاد شاه رخ. وَكَانَ شَرّ مُلُوك زَمَانه فسقا وإبطالا للشرائع، وَاسْتقر بعده فِي المملكة أَمِير زاه على ابْن أخي قرا يُوسُف، طول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته بِالنِّسْبَةِ لما هُنَا.) ::: مُحَمَّد بن قرقماس بن عبد الله نَاصِر الدّين الأقتمري القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن قرقماس. ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن على الْجمال مَحْمُود بن الفوال الْمُقْرِئ وتعانى فِي أول أمره الحبك وفَاق فِيهِ ثمَّ أعرض عَنهُ وَأخذ القراآت السَّبع إفرادا عَن مؤدبه الْمَذْكُور وَالْفِقْه عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَعنهُ أَخذ طرفا من الْعَرَبيَّة وَالصرْف والمنطق والجدل والأصلين وَغَيرهَا وَكَذَا أَخذ عَن غَيره مِمَّن هُوَ فِي طبقته وَقبلهَا بِيَسِير بل ذكر أَنه حضر دروس الْعِزّ بن جمَاعَة وَهُوَ مُمكن، وتعانى الْأَدَب وَعلم الْحَرْف فَصَارَ لَهُ ذكر فيهمَا ونظم كثيرا وخاض فِي بحور الشّعْر وَرُبمَا قصد بالأسئلة فِي الْحَرْف وإقرائه بل وصنف فِيهِ وَكَانَ إِذا سُئِلَ عَن شَيْء من الضمائر يخرج فِيهِ نظما على هَيْئَة مَا يخرج من الزايرجة وَرُبمَا زعم أَنه مِنْهَا ثمَّ يُوجد فِي بعض الدَّوَاوِين، وَتقدم عِنْد الظَّاهِر خشقدم لذَلِك وَغَيره وَقَررهُ شَيخا للقبة بتربته فِي الصَّحرَاء وَجعل لَهُ خزن كتبهَا وَغير ذَلِك. وصنف زهر الرّبيع فِي البديع زِيَادَة على عشر كراريس وقف عَلَيْهِ كل من شَيخنَا والعيني وقرضاه وقسمه تقسيما حسنا وصل فِيهِ إِلَى نَحْو مِائَتي نوع ذكر فِي كل نوع مِنْهَا شَيْئا من نظمه فِي ذَلِك النَّوْع وَهُوَ حسن فِي بَابه لَكِن قيل إِنَّه اشْتَمَل على لحن كثير فِي النّظم والنثر وَخطأ فِي أبنية الْكَلِمَات من حَيْثُ التصريف وتراكيب غير سَائِغَة فيحرر وَشَرحه شرحا كَبِيرا سَمَّاهُ الْغَيْث المريع وَكتب تَفْسِيرا فِي عشْرين مجلدة نسخه من مَوَاضِع وَفِيه مَا ينْتَقد وَكَذَا لَهُ الجمان على الْقُرْآن سجع، وَغير ذَلِك وَنسخ بِخَطِّهِ الْفَائِق كتبا كَثِيرَة صيرها وَقفا بمدرسة أَنْشَأَهَا بلصق درب الْحجر تجاه سكنه قَدِيما، وَقد حج رَفِيقًا للدقدوسي وَكَانَت مَعَه حِينَئِذٍ ودائع لِأُنَاس شَتَّى فَضَاعَت مِنْهُ فَبينا هُوَ فِي حِسَاب ذَلِك إِذْ بقائل يَقُول من فقد لَهُ هَذَا الْكيس فَأَخذه مِنْهُ وَفِيه شَيْء كثير فَلم يجد فقد
مِنْهُ شَيْء ورام الْإِحْسَان لواجده بِشَيْء من عِنْده فَالْتَفت فَلم يجده فَوَقع فِي خاطره أَنه من الرِّجَال، وزار بَيت الْمُقَدّس وطوف اجْتمعت بِهِ غير مرّة وكتبت عَنهُ من نظمه بسمنود وَغَيرهَا. وَكَانَ خيرا متواضعا كَرِيمًا ذَا خطّ فائق وشكل نضر بهج رائق وَشَيْبَة نيرة وسكينة وَصمت ومحبة فِي الْفُقَرَاء واعتقاد حسن حَتَّى كَانَ هُوَ مِمَّن يقْصد بالزيارة للتبرك بِهِ ومحاضرة حَسَنَة لَوْلَا ثقل سَمعه مُنْقَطِعًا عَن النَّاس ملازما للكتابة بِحَيْثُ أَن أَكثر رزقه مِنْهَا وَيُقَال أَن أَكثر كِتَابَته فِي اللَّيْل وَإِن مَا فَقده من سَمعه ممتع بِهِ فِي بَصَره حَتَّى أَنه يكْتب فِي ضوء)
الْقَمَر وَأَنه يتهجد فِي اللَّيْل وَيَتْلُو كثيرا متوددا للطلبة مُقبلا عَلَيْهِم باذلا نَفسه مَعَ قاصده متزييا بزِي أَبنَاء الْجند تعلل مُدَّة ثمَّ مَاتَ فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَدفن بمدرسته الْمشَار إِلَيْهَا رحمه الله وإيانا. وَمِمَّا كتبته عَنهُ من نظمه:
(يَا خليلي أصَاب قلبِي المعني
…
يَوْم سَار الظعون والركبان)
(ظاعن طَاعن بِرُمْح قوام
…
قد علاهُ من مقلتيه سِنَان)
وَأثبت فِي معجمي من نظمه غير هَذَا. مُحَمَّد بن قرمان. هُوَ ابْن عَليّ بن قرمان. مُحَمَّد بن قُرَيْش بن أبي يزِيد أَبُو يزِيد الدلجي الأَصْل القاهري. ولد فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسعين، أحضرهُ إِلَى أَبوهُ الْمَاضِي فِي يَوْم عيد الْفطر سنة خمس وَتِسْعين وَهُوَ فِي أثْنَاء السَّادِسَة فَسمع مني مسلسل الْعِيد وَقَبله المسلسل بالأولية وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين عوض الله أَبَوَيْهِ الْجنَّة. مُحَمَّد بن قريع الشَّمْس الْحَمَوِيّ التَّاجِر السفار للأماكن النائية كالهند والحبشة مَاتَ بجدة فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَحمل إِلَى المعلاة فَدفن بهَا.
مُحَمَّد بن قطلوبك الشَّمْس الكماخي. مضى فِيمَن اسْم أَبِيه عمر بن مَحْمُود.
مُحَمَّد بن قلبة الشَّمْس الشَّامي. فِي ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قلبة. مُحَمَّد بن قماقم. هُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قماقم. مُحَمَّد بن قمر. هُوَ ابْن عَليّ بن جَعْفَر بن مُخْتَار.
مضى.
مُحَمَّد بن قندو ملك بنجالة. رَأَيْت من كتبه هُنَا. وَمضى فِي الْفَاء من الْآبَاء. مُحَمَّد بن قوام الْحَنَفِيّ. عرض عَلَيْهِ الصّلاح الطرابلسي وَقَالَ أَنه قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وَكَانَ عرضه عَلَيْهِ فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَلم يجزه. وَيُحَرر فأظنه قوام الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن قوام. مُحَمَّد بن قِيَاس بن هندو الشَّمْس بن الْفَخر الشِّيرَازِيّ الأَصْل القاهري عَم مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَاضِي. سمع على ابْن الْجَزرِي وَكَانَ خيرا مسنا من صوفية سعيد السُّعَدَاء. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَسبعين رحمه الله.
مُحَمَّد بن قَيْصر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عبد الله بن الْعلم أبي الْجُود الْمصْرِيّ وَيعرف بالقطان. رَأَيْت لَهُ مصنفا سَمَّاهُ الْتِقَاط الْجَوَاهِر والدرر من معادن التواريخ وَالسير فِي)
مجلدين معظمه وفيات كتب بِخَطِّهِ أَنه وَقفه فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين. وكتبته هُنَا على الِاحْتِمَال. مُحَمَّد بن كجك الْجمال الْعزي نِسْبَة للسَّيِّد عز الدّين حميضة بن أبي نمى صَاحب مَكَّة. نَشأ ملائما لجَماعَة من أَعْيَان الإشراف وَغَيرهم وَظَهَرت مِنْهُ خِصَال جميلَة واشتهر ذكره وَصَارَ مَقْبُول الشَّهَادَة عِنْد الْحُكَّام وَغَيرهم مَعَ كَونه زيديا ينْسب إِلَيْهِ الغلو فِيهِ ورزق جانبا من الدُّنْيَا وعدة أَوْلَاد وَقُوَّة فِي رمي النشاب، وَكَانَ طَوِيل الشكل غليظ الْجِسْم شَدِيد السمرَة على ذهنه فَوَائِد من أَخْبَار بني حسن وُلَاة مَكَّة مَاتَ فِي الْمحرم سنة عشْرين وَقد جَازَ الثَّمَانِينَ بِسنة أَو سنتَيْن. ذكره الفاسي فِي مَكَّة. مُحَمَّد بن كَرَاهَة. جرده ابْن عزم. مُحَمَّد بن كزلبغا نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله الجوباني القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن الجندي وبابن كزلبغا، كَانَ أَبوهُ من مماليك الطنبغا الجوباني نَائِب دمشق فولد لَهُ هَذَا فِي أَوَائِل الْقرن تَقْرِيبًا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وَغَيرهمَا وَعرض واشتغل بالفقه وأصوله والعربية وَغَيرهَا على غير وَاحِد، واعتنى بالقراآت فَتلا بالسبع على حبيب والتاج بن تمرية مفترقين وَكَذَا على ابْن الْجَزرِي وَلكنه لم يكمل مَعَ عرض الشاطبيتين عَلَيْهِ بتمامهما حفظا بل سمع عَلَيْهِ الْكثير بالباسطية، وَكَذَا عرض جَمِيع الشاطبية على الزراتيتي الْمُقْرِئ وَسمع التَّيْسِير للداني بِكَمَالِهِ على أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الفوى فِي سنة سبع وَعشْرين بِسَنَدِهِ فِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الكركي، وَسمع على شَيخنَا المسلسل ويسيرا من الْكتب السِّتَّة وَنَحْوهَا وأسمع ولدا لَهُ مَعَه ذَلِك وَكَانَ النُّور الصُّوفِي الْحَنَفِيّ مَعَهُمَا، وناب فِي إِمَامَة الأشرفية برسباي عَن شَيْخه حبيب ثمَّ اسْتَقل بهَا ورام أَخذ مشيخة القراآت بالشيخونية بعده أَيْضا فقدموا عَلَيْهِ شَيْخه التَّاج بن تمرية وتصدى لإقراء الطّلبَة وقتا فانتفعوا بِهِ فِي القراآت، اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَسمعت قِرَاءَته بل وَبَعض من يقْرَأ عَلَيْهِ وَصليت خَلفه وَبَلغنِي أَن شخصا حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَنه رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْمُرهُ بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَكَانَ الرَّائِي لَهُ مُدَّة يسْأَله فِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَهُوَ يمْتَنع فَأَقْرَأهُ حِينَئِذٍ. وَكَانَ متواضعا خيرا سَاكِنا منجمعا عَن النَّاس مُتَقَدما فِي القراآت سِيمَا فِي الْأَدَاء والإيراد فِي الْمِحْرَاب لجودة صَوته حَتَّى كَانَ من الْإِفْرَاد فِي ذَلِك مَعَ مزِيد حِدة)
وسطوة على الطّلبَة
على عَادَة أَبنَاء التّرْك بِحَيْثُ يحصل لَهُ فِي حِدته غتمة زَائِدَة وَلذَلِك كَانَت لَهُ حُرْمَة تَامَّة على أَرْبَاب الْوَظَائِف بالأشرفية كالمؤذنين والفراشين وَنَحْوهم، وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَخمسين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن كَمَال الخانكي الْحَنَفِيّ. مِمَّن أَخذ عَن الْأمين الأقصرائي. وَمَات فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين. مُحَمَّد بن مَالك التروجي الْمَالِكِي. شهد فِي إجَازَة الْجمال الزيتوني على بعض الْقُرَّاء سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بل عرض عَلَيْهِ ابْن الحفار بعْدهَا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين.
وكتبته على الِاحْتِمَال. مُحَمَّد بن مبارك بن أَحْمد بن قَاسم بن عَليّ بن حُسَيْن بن قَاسم الذويد وَيعرف بالبدري. مَاتَ بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشري رَمَضَان سنة ثَمَان وَسِتِّينَ. مُحَمَّد بن مبارك بن حسن بن شكوان العلاف. مَاتَ فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، أرخهما ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك بن عُثْمَان الْحلَبِي الْحَنَفِيّ. مُحَمَّد بن مبارك بن عَليّ بن أبي سُوَيْد الشريف الحسني الْمَكِّيّ، مَاتَ بهَا فِي ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك بن مُحَمَّد بن عَليّ عين الدّين بن معِين الدّين بن عين الدّين بن نصير الدّين الفاروقي الْملك بنواحي كأبيه وجده ويلقب عادلخان طلب مني قريب للسَّيِّد الْجِرْجَانِيّ الْإِجَازَة لَهُ، فَكتبت لَهُ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَنا بِمَكَّة إجَازَة حافلة. مُحَمَّد بن مبارك بن مَنْصُور الْقرشِي المطلبي الشَّافِعِي وَيعرف بنغيمش كَانَ متسببا صَاحب ملاءة، مَاتَ فِي ربيع الأول سنة سِتِّينَ بِمَكَّة وَخلف بهَا أملاكا. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك الشَّمْس الآثاري شيخ الْآثَار مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ عَن ثَمَانِينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ كَانَ مُغْرِي بالمطالب والكيمياء كثير النَّوَادِر والحكايات المعجبة أعجوبة فِي وَضعهَا وَالله يغْفر لَهُ. مُحَمَّد بن مبارك التكروري الشهير بِابْن هوا، كَانَ شَاهدا بجدة، وَمَات بِمَكَّة بعد اختباله وَعقد لِسَانه فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مبارك القسنطيني المغربي الْمَالِكِي نزيل الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة استوطنها مُدَّة)
وحمده أَهلهَا بِحَيْثُ رَأَيْتهمْ كالمتفقين على ولَايَته وَبَلغنِي عَنهُ أَحْوَال صَالِحَة مَعَ تقدمه فِي الْعُلُوم حَتَّى أَنه أَقرَأ الطّلبَة فِي الْفِقْه ولاعربية وَغَيرهمَا وانتفعوا بِهِ مَعَ أَنه لم يشْتَغل إِلَّا بعد كبره، وَمن شُيُوخه مُحَمَّد بن عِيسَى، مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ
أَو الَّتِي تَلِيهَا بِالْمَدِينَةِ رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن مباركشاه نَاصِر الدّين الطازي أَخُو المستعين بِاللَّه الْعَبَّاس لأمه وَيعرف بِابْن الطازي. ولد بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ فِي السَّعَادَة وَمهر فِي لعب الرمْح حَتَّى صَار فِيهِ فريدا وَبِه تخرج جمَاعَة، وَلما تسلطن أَخُوهُ الْمشَار إِلَيْهِ فِي سنة خمس عشرَة صَار دوادارا من جملَة أُمَرَاء الطبلخاناه فَلَمَّا انْفَصل أَخُوهُ أخرج الْمُؤَيد إقطاعه وأبعده. وَاسْتمرّ خاملا حَتَّى مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين. مُحَمَّد بن مباركشاه نَاصِر الدّين الدِّمَشْقِي حَاجِب الْحجاب بهَا وَيعرف بِابْن مبارك. ولد فِي حُدُود عشر وَثَمَانمِائَة وَأول مَا عرف من أمره عمل دوادارا عِنْد زوج أُخْته سودون النوروزي حَاجِب الْحجاب بِدِمَشْق ثمَّ تَأمر بعده بهَا وتنقل فِي وظائف فِيهَا كشد الأغنام بالبلاد الشامية إِلَى أَن اسْتَقر فِي حجوبيتها ثمَّ نقل لنيابة حماة سنة تسع وَسِتِّينَ ثمَّ فِي الَّتِي تَلِيهَا لنيابة طرابلس بعد موت جَانِبك الناصري كل ذَلِك وَشد الأغنام مَعَه ثمَّ أخرج عَنهُ للعلاء الأزبكي، وَلم يلبث أَن عزل فِي ذِي الْقعدَة مِنْهَا بقانباي الحسني المؤيدي عَن نِيَابَة طرابلس وجهز لَهُ من يَنْقُلهُ لدمشق وصودر بهَا حَتَّى صَالح على خَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَاسْتمرّ على الحجوبية وَكَانَ مَذْكُورا بِخَير فِي الْجُمْلَة مَعَ نوع فَضِيلَة ومذاكرة وَأَنْشَأَ مدرسة للْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات بصالحية دمشق ورباطها فِيمَا أَظن ورام من صاحبنا الْبُرْهَان القادري أَن يكون شيخ صوفيتها فَأبى فقرر وَلَده، ثمَّ لم يلبث أَن مَاتَ على حجوبيتها فِي رَجَب سنة تسع وَسبعين وَحضر وَلَده فبذل الْأَمْوَال وَسلم من الْقَتْل عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن مُحرز الجزيري. مَاتَ سنة خمس. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أفوش بن عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْعَطَّار أَبوهُ وَيعرف بِابْن جوارش بجيم ثمَّ وَاو مفتوحتين وَرَاء مَكْسُورَة ثمَّ شين مُعْجمَة وَرُبمَا جعل اسْم جده بل أَكثر أَصْحَابنَا قَالُوا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله. ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَسَبْعمائة بصالحية دمشق وَنَشَأ بهَا وَسمع من الْمُحب الصَّامِت وَكَذَا فِيمَا قيل من رسْلَان الذَّهَبِيّ،)
وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَأَكْثَرت عَنهُ وَكَانَ خيرا نيرا على الهمة صبورا على الأسماع مديما للْجَمَاعَة بِجَامِع الْحَنَابِلَة وَرُبمَا اتّجر بِسَبَب عِيَاله. مَاتَ فِي خَامِس عشري رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة وَدفن بسفح قاسيون رحمه الله وإيانا.
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد الْكَمَال أَبُو الْفَضَائِل بن الْجمال أبي المحاسن المرشدي ثمَّ الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ سبط الْكَمَال الدَّمِيرِيّ، أمه أم حَبِيبَة والماضي أَبوهُ وأخو عبد الأول وعمهما عبد الْوَاحِد وَهُوَ بكنيته أشهر، ولد فِي نصف ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وتلا بِهِ لأبي عَمْرو على أبي بكر السكندري زُرَيْق وَالْمجْمَع وَعرضه على أَبِيه وَعَمه عبد الْوَاحِد وَالْقَاضِي على الزرندي واشتغل فِي الْفِقْه على أَبِيه وَعَمه وبالقاهرة على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ وَآخَرين وَفِي النَّحْو على أَبِيه وَتردد إِلَى الْقَاهِرَة وَإِلَى الشَّام حلب فَمَا دونهَا وَكَذَا دخل الْيمن وَكَانَ أَبوهُ قد إعتنى بِهِ فِي صغره وأحضره فِي أول شهر من عمره فَمَا بعده فَكَانَ مِمَّن حضر عَلَيْهِ الشَّمْس بن سكر وَأحمد بن حسن بن الزين، وَهُوَ مِمَّن سمع عَلَيْهِ ابْن صديق وَأَبُو الطّيب السحولي والشهاب بن مُثبت والزين المراغي وَآخَرُونَ، وَأَجَازَ لَهُ جده الْكَمَال والعراقي والهيثمي وَغَيرهم، وَخرج لَهُ صاحبنا ابْن فَهد فهرستا لخصته، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء ولقيته بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الأولى فَقَرَأت عَلَيْهِ أَشْيَاء، مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ ضحى عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة عِنْد أسلافه بِالْقربِ من الفضيل بن عِيَاض رحمه الله. مُحَمَّد أَبُو النجا المرشدي الْمَكِّيّ أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي ربيع الآخر سنة عشْرين بِمَكَّة وَحفظ الْكَنْز وَعرضه سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ على الْكَمَال بن الزين وإبرهيم بن خَلِيل بن مُحَمَّد الْكرْدِي الشَّامي وأحضر على الْجمال مُحَمَّد بن عَليّ النويري نور الْعُيُون لِابْنِ سيد النَّاس ونسخة بكار وَغير ذَلِك ثمَّ سمع على أَبِيه الشفا وعَلى عَمه أَحْمد وَالْجمال مُحَمَّد بن أبي بكر المرشدي السِّيرَة الصُّغْرَى لِابْنِ جمَاعَة وعَلى ابْن الْجَزرِي غَالب سنَن أبي دَاوُد، مَاتَ فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بسطح عقبَة إيلة وَحمل لأسفل الْعقبَة فَدفن بِهِ. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن أَحْمد بن غَانِم أَبُو البركات بن النَّجْم الْمَقْدِسِي لاشافعي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن غَانِم. ولي بِبَلَدِهِ مشيخة الخانقاه الصلاحية ونظرها)
كسلفه. وَمَات فِي عَاشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين عَن أَرْبَعِينَ سنة وَهُوَ آخر الذُّكُور من بَيتهمْ. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن الْجلَال أَحْمد بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الخجندي الْمدنِي الْحَنَفِيّ، ولد فِي صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْكَنْز وَعرضه بِالْمَدِينَةِ والقاهرة وأحضره أَبوهُ فِي الأولى على الْجمال الكازروني ثمَّ سمع عَلَيْهِ وعَلى أبي
الْفَتْح المراغي والمحب المطري وبالقاهرة على الْمُحب الأقصرائي وَكَانَ يشْتَغل عَلَيْهِ وعَلى ابْن الْهمام وَعِنْده مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَخمسين رحمه الله. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس القليوبي القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي وَيعرف بالنائي وَأكْثر الِاشْتِغَال وَفضل وتنزل فِي البيبرسية والسعيدية وَغَيرهمَا، وتعلل دهرا وَهُوَ صابر متجرع فاقة وألما ولازم أخي فِي الْفِقْه والعربية وَكَذَا لازمني فِي شرح الألفية وَغَيره رِوَايَة ودراية وَعم الرجل. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب بن العصياتي. يَأْتِي بعد قَلِيل بِزِيَادَة مُحَمَّد فِي نسبه قبل أَيُّوب. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي وَيعرف بِابْن الشماع. سكن مَعَ أَبِيه الْأمين بن الشماع بِمَكَّة مُدَّة سِنِين ثمَّ بعده سكن الْيمن بزبيد كَذَلِك وَكَانَ يتَرَدَّد مِنْهَا لمَكَّة إِلَى أَن أدْركهُ أَجله بهَا فِي أحد الربيعين سنة ثَلَاث عشرَة وَدفن بالمعلاة. ذكره الفاسي. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الشّرف السكندري ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمُقْرِئ نزيل المؤيدية، مِمَّن اعتنى بالقراآت وَجمع على النوبي والزين الهيثمي فِي آخَرين كالسنهوري وزَكَرِيا مِمَّن لم يكمل عَلَيْهِم ولازم الديمي فِي قِرَاءَة أَشْيَاء ثمَّ تردد إِلَيّ فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فَسمع مني المسلسل بِشَرْطِهِ وَقَرَأَ على جملَة من التَّرْغِيب للأصبهاني وَبَعض التَّرْغِيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَسمع عَليّ دروسا فِي شرحي للتقريب والألفية وَغَيرهمَا وحمدت قِرَاءَته وتمييزه وفهمه وَلكنه يشكو فاقة ووقف للسُّلْطَان فِي سنة خمس وَتِسْعين فَقَرَأَ بِحَضْرَتِهِ رَجَاء أَن يرتب لَهُ على الْبسَاط فوعده. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن عبد الْمُهَيْمِن الْفَخر بن الشّرف القليوبي الأَصْل القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه أَحْمد وَيعرف بِابْن الخازن. كَانَ مثابرا على التَّحْصِيل بِحَيْثُ أَنه ضم لما انْتقل إِلَيْهِ عَن أَبِيه أَشْيَاء وَلكنه لم يمتع بِهِ لقرب وفاتيهما، وَقد حج وَسمع بِمَكَّة على)
التقي بن فَهد وَأبي الْفَتْح المراغي، مَاتَ فِي أَوَائِل سنة خمس وَخمسين قبل أَن يتكهل ظنا فيهمَا وَكَانَ عَارِيا عَفا الله عَنهُ. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب الْبَدْر بن التَّاج الأخميمي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط نَاصِر الدّين الزفتاوي، أمه زَيْنَب والماضي أَبوهُ. ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فَقَرَأَ الْقُرْآن وَصلى بِهِ واحتفل أَبوهُ لَهُ وَحفظ الْعُمْدَة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك وَعرض ثمَّ لَازم الْمَنَاوِيّ وَالْفَخْر المقسي وزَكَرِيا وَكَانَ أحد قراء شَرحه للبهجة فِي آخَرين
وَسمع على جمَاعَة مِنْهُم سارة ابْنة ابْن جمَاعَة بل قَرَأَ على الْعلم البُلْقِينِيّ وَابْن الديري والعز الْحَنْبَلِيّ والشريف النسابة والمحب بن الْأَشْقَر ختم البُخَارِيّ فِي ثَانِي ربيع الأول سنة سِتِّينَ بمدرسة الزين الأستادار وَأخذ عني يَسِيرا وَحج غير مرّة وجاور وَقَرَأَ هُنَاكَ على التقي بن فَهد وَغَيره، وَأَجَازَ لَهُ مَعَ أمه وَهُوَ مرضع ابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان لما قدمُوا الْقَاهِرَة، وَكَذَا لَهُ ذكر فِي خَاله الصَّدْر أَحْمد، وداخل النَّاس كأبيه وناب فِي الْقَضَاء واختص بتمراز وتحدث عَنهُ فِي أَمَاكِن كالشيخونية وَكَذَا تكلم فِي الظَّاهِرِيَّة الْقَدِيمَة وَكَانَ مَعَه خزن كتبهَا وَفِي غير ذَلِك، وَذكر بِحسن الْمُبَاشرَة وبالتودد والاحتشام فِي الْجُمْلَة. مَاتَ فِي حَيَاة أَبَوَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة سادس ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ عَن أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا أَيَّامًا وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد فِي مشْهد حافل جدا وَدفن بتربتهم تجاه تربة النَّاصِر بن برقوق وَكثر الْبكاء عَلَيْهِ والتوجع لِأَبَوَيْهِ عوضهم الله الْجنَّة. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أبي البركات مُحَمَّد صَلَاح الدّين أَبُو المحاسن بن الْجمال أبي السُّعُود بن الْبُرْهَان بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَأَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد، وَأمه ابْنة الْجمال أبي المكارم بن النَّجْم مُحَمَّد بن ظهيرة. ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشري صفر سنة ثَمَانِينَ بِمَكَّة وَحفظ الْقُرْآن وَجل محافيظ أَبِيه الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع والأفيتين وَالتَّلْخِيص واشتغل على أَبِيه وَفهم وتيقظ وَسمع مني فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَبعدهَا أَشْيَاء ثمَّ قَرَأَ عَليّ فِي سنة سبع وَتِسْعين الشفا ومؤلفي فِي خَتمه ولازمني وَتوجه مَعَ أَبِيه قبل ذَلِك لزيارة الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَسمع على أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفرج المراغي فِي الشفا وَغَيره وعَلى أم حَبِيبَة زَيْنَب ابْنة الشوبكي مَا سلف فِي أَخِيه الْبَهَاء أَحْمد وَأكْثر)
عَن أَبِيه فِي الرِّوَايَة والدراية وزوجه سبطة عمته ابْنة الزيني عبد الباسط وَكَانَ المهم فِي أَوَائِل سنة سبع وَتِسْعين حافلا وتمرن فِي النَّحْو بالشمس الزعيفريني ولازم إِسْمَاعِيل بن أبي يزِيد فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه وَغَيرهمَا وَقَرَأَ على الوزيري وَحضر عَن أَبِيه فِي مشيخة الجمالية وَكَذَا خطب بجدة، وَهُوَ شَدِيد الْحيَاء زَائِد الْوَقار أَرْجُو فِيهِ الْخَيْر. مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو السعادات أَخُو الَّذِي قبله. ولد فِي لَيْلَة رَابِع عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأمه أم ولد حبشية. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْبَدْر الْحِمصِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي سبط خطيب حمص ومدرسها الشَّمْس السُّبْكِيّ وَرُبمَا يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد المحسن أسقط مُحَمَّد الثَّالِث من نسبه وَيعرف كسلفه
بِابْن العصياتي.
ولد فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة بحمص وَنَشَأ بهَا فحفظ الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع وألفيتي الحَدِيث والنحو والمغنى لِابْنِ هِشَام، وَعرض على جده لأمه الْمشَار إِلَيْهِ واشتغل على أَبِيه وَغَيره بِبَلَدِهِ وَغَيرهَا وتميز عَن أَبِيه فِي الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ كَانَ يَقُول لوَلَده مَحْمُود الْآتِي إِنَّه يحفظ لسيبويه خَاصَّة خَمْسمِائَة شَاهد. وَلَقي شَيخنَا فِي سنة آمد فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَأذن لَهُ وَسَأَلَهُ عَن ملك غَسَّان وَصَاحب رُومِية فَكتب لَهُ الْجَواب، وَتكلم على الْعَامَّة فِي التَّفْسِير من الْقُرْطُبِيّ وَغَيره. وَحج فِي سنة سبع وَأَرْبَعين، وزار بَيت الْمُقَدّس وناب فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق عَن التقي ابْن قَاضِي شُهْبَة بل ولي قَضَاء بَلَده فِي أَيَّام الظَّاهِر جقمق وَقرر لَهُ على الجوالي راتبا فَلم يتَنَاوَلهُ بل استعفى عَن الْقَضَاء بعد يسير ودرس بِدِمَشْق وَغَيرهَا، وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ التقي الْأَذْرَعِيّ والبدر بن قَاضِي شُهْبَة والنجم بن قَاضِي عجلون. مَاتَ فِي رَابِع عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَخمسين بعد أَن أجَاز لي رحمه الله. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطير الْعِزّ بن الطّيب الْحكمِي ايماني الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي. تفقه بِابْن عَمه أبي الْقسم غَالِبا وَسمع الحَدِيث وَبحث وَحصل ودرس وَأفْتى وَهُوَ فَقِيه خير مُحَقّق. ذكره الأهدل. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد الصارم زين العابدين الْمصْرِيّ الأَصْل ثمَّ الْعَدنِي الشَّافِعِي الضَّرِير أَبوهُ وَيعرف بِابْن النقانقي. كتب إِلَيّ من زبيد يطْلب الْإِجَازَة فَينْظر كِتَابه وَكتاب حفيد الأهدل بِسَبَبِهِ فِيهَا عِنْدِي.)