الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الأولى
العلم الظاهر في نفع النسب الطاهر
للعلامة ابن عابدين عليه الرحمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين* وصلى الله تعالى وسلم على أفضل خلقه أجمعين* وعلى آله وصحابته وذريته الطاهرين* ومن حافظ على تباع شريعته * واقتفاء آثاره وسنته* وكان لهديه من التابعين* ولم يتكل على نسب أو عمل* بل كان من الله على خوف ووجل* فكان من الناجين (وبعد) فيقول أسير الذنوب والخطايا المفتقر إلى رحمة رب العالمين* محمد امين ابن عمر الشهير بابن عابدين. غفر الله له ولوالديه آمين * قد وقع البحث في مجلس لطيف* جامع لجملة من أهل العلم الشريف* في أن من كان صحيح النسبة من رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - هل ينفعه نسبه في الآخرة بدخول الجنة والنجاة من النار وإن كان من العاصين* أم يحكم الله فيه بعدله وبكون مفوضا إلى مشيئته كغيره من المذنبين* فبعضهم إثبات النفع وبعضهم نفاه * وكل منهم استدل بأشياء على مدعاه* فطلب منى تحرير هذا البحث بعض فضلاء من كان في ذلك المجلس المعقود * واحضر لي كتابا في فضائل أهل البيت ذوى الفضل المشهود* تصنيف شيخه الشيخ العلامة الحسيب النسيب السيد أحمد الشهير بجمل الليل المدني فيه ما يظهر منه المقصود* فانتخبت منه ما اذكره من الأحاديث النبوية* على قائلها ألف صلاة وسلام وازكى تحية
وجمعت منه ما يشهد لكل من الفريقين * وضممت إليه ما صار به الصواب بمرأى من العين* وسميت ذلك (بالعلم الظاهر* في نفع النسب الطاهر)(فأقول) مستمدا من الملك المعبود* ولي الخير والجود* مما يشهد للنافى قوله تعالى {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} قال قاضى المفسرين فلا انساب بينهم تنفعهم لزوال التعاطف والتراحم لفرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرؤ من أخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه أو يفتخرون بها انتهى والثاني قريب من الأول لأن من أسباب عدم الافتخار انتفاء النفع في تلك الدار وقوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} واما الأحاديث فقد اخرج الإمام أحمد رح عن أبي نضرة قال حدثني من شهد خطبة النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بمنى وهو على بعير يقول يا ايها الناس ان ربكم واحد وإن اباكم واحد لا فضل لعربى على عجمى ولا لاسود على احمر إلا بالتقوى خيركم عند الله أتقاكم (واخرج) مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضى الله تعالى عنه - قال لما نزلت هذه الآية وانذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال يا بنى كعب ابن لؤى انقذوا انفسكم من النار يا بنى هاشم انقذوا انفسكم من النار يا بنى عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار يا فاطمة انقذى نفسك من النار فانى لا املك لكم من الله شيأ غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها يعنى اصلها بصلتها وأخرجه البخارى بدون الاستناء (واخرج) أبو الشيخ عن ثوبان - رضى الله تعالى عنه - قال قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يا بنى هاشم لا يأتين
(1)
الناس يوم القيامة بالآخرة يحملونها على صدورهم وتأتونى بالدنيا على ظهوركم لا اغنى عنكم من الله شيأ (واخرج) البخاري في الأدب المفرد وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة - رضى الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال ان أوليائى يوم القيامة المتقون وإن كان نسب أقرب من نسب لا يأتى الناس بالاعمال وتأتون بالدنيا تحملونها على رقابكم فتقولون يا محمد فأقول هكذا وهكذا واعرض في كلا عطفيه (واخرج) الطبرانى عن معاذ - رضى الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن خرج معه يوصيه ثم التفت إلى المدينة فقال أن اوليائى منكم المتقون من كانوا وحيث كانوا ورواه أبو الشيخ أيضًا وزاد في آخره اللهم انى لا احل لهم فساد ما اصلحت (واخرج) البخارى ومسلم واللفظ له عن عمرو ابن العاص - رضى الله تعالى عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - جهارا غير سر يقول أن آل بنى فلان ليسوا بأوليائي إنما ولي الله وصالح
(1)
هكذا في الأصل وليراجع لفظ الحديث انتهى مصححه.
المؤمنين (واخرج) مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - في حديث قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه والاحاديث في هذا كثيرة شهيرة ومما يشهد للمثبت* ما أخرجه الترمذي وقال حديث حسن عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - انى تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتى أهل بيتى لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفونى فيهما (وروى) الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندى في كتابه نظم درر السمطين عن زيد بن أرقم - رضى الله تعالى عنه - قال اقبل رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يوم حجة الوداع فقال انى فرطكم على الحوض وانكم تبعى وانكم توشكون أن تردوا على الحوض فاسألكم عن ثقلى كيف خلفتمونى فيهما فقام رجل من المهاجرين فقال ما الثقلان قل الأكبر منهما كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بايديكم فتمسكوا به والاصغر عترتى فمن استقبل قبلتى واجاب دعوتى فليستوص بهم خيرا فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم وانى سألت لهم اللطيف الخبير أن يردوا على الحوض كتين أو قال كهاتين وأشار بالمسبحتين الحديث (واخرج) الديلمي عن عبد الرحمن بن عوف - رضى الله تعالى عنه - قال قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - اوصيكم بعترتى خيرا وإن موعدهم الحوض (واخرج) أبو سعيد في شرف النبوة عن عبد العزيز بسنده إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أنه قال أنا واهل بيتى شجرة في الجنة واغصانها في الدنيا فمن تمسك بها اتخذ إلى الله سبيلا (واخرج) الطبرانى في الاوائل عن على - رضى الله تعالى عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقول أول من يرد على الحوض أهل بيتى ومن احبنى من أمتي (واخرج) الطبرانى والدارقطنى وصاحب كتاب الفردوس عن ابن عمر - رضى الله تعالى عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أول من اشفع له يوم القيامة أهل بيتى ثم الأقرب فالأقرب ثم الأنصار ثم من آمن بى واتبعنى من أهل اليمن ثم سائر العرب ثم الاعاجم ومن اشفع له اولا أفضل (وروى) الطبرانى في الصغير عن عبد الله بن جعفر - رضى الله تعالى عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقول يا بنى هاشم انى قد سألت الله عز وجل أن يجعلكم نجبا رحما وسألته أن يهدى ضالكم ويؤمن خائفكم ويشبع جائعكم
(وروي) الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد عن أنس - رضى الله تعالى عنه - قال قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وعدنى ربى في أهل بيتى من اقر منهم بالتوحيد ولى بالبلاغ أن لا يعذبهم (واخرج) أبو سعيد والمنلا في سيرته والديلمي وولده عن عمران بن حصين - رضى الله تعالى عنه - عن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - سألت ربى أن لا يدخل النار احدا من أهل بيتى فاعطانى ذلك (واخرج) الإمام أحمد في المناقب عن على - رضى الله تعالى تعالى عنه - قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يا معشر بنى هاشم والذى بعثنى بالحق نبيا لو اخذت بحلقة الجنة ما بدأت إلا بكم (واخرج) الطبرانى في الكبير ورجاله ثقات عن ابن عباس - رضى الله تعالى عنهما - قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - لفاطمة ان الله عز وجل غير معذبك ولا ولدك (وروى) الإمام أحمد والحاكم في صحيحه والبيهقى عن أبي سعيد قال سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقول على المنبر ما بال رجال يقولون أن رحم رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - لا تنفع قومه يوم القيمة بلى والله أن رحمى موصولة في الدنيا والآخرة وانى ايها الناس فرط لكم على الحوض (واخرج) أبو صالح المؤذن في اربعينه والحافظ عبد العزيز بن الاخضر وأبو نعيم في معرفة الصحابة عن عمر - رضى الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى وكل ولد آدم فإن عصبتهم لابيهم ما خلا ولد فاطمة فانى أنا ابوهم وعصبتهم وورد بطرق عديدة كثيرة بنحو هذا اللفظ إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في ذلك مما يشهد بنجاتهم وحسن حالهم ولو عند وفاتهم* واما الآية السابقة فهى واردة في شأن الكفار بدليل السباق والسياق فهى ليست بعامة ولو قيل بالعموم يقال انها من العام الذى أريد به الخصوص* بشهادة ما تقدم من النصوص* الدالة على أن نسبه الشريف نافع لذريته الطاهرة* وانهم اسعد الانام في الدنيا والآخرة* ولقد أكرم في الدنيا مواليهم حتى حرم اخذ الزكاة عليهم* وما ذلك إلا لانتسابهم إليهم* ولم يفرق بين طائعهم وعاصيهم* فكيف ومع انهم مكرم لاجلهم* ومتفضل على غيرهم لفضلهم* منتسبون نسبة حقيقية إلى اشرف المخلوقات* وافضل أهل اهل الأرض والسموات* الذى اكرمه تعالى بما لا مبلغ لاقله* وخلق الكون لاجله* وشفعه بما لا يحصى من أهل الكبائر* المصرين عليها فضلا عن الصغائر* واسكنهم لاجله فسيح الجنان * وسبل عليهم رداء العفو والغفران* افلا يكرمه
بانقاذ ولده* الذين هم بضعة من جسده * ويرفعهم إلى الدرجة العليا* كما رفعهم على اعيان الانام في الدنيا* وحاشاه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يشفع بالاباعد ويضيعهم* وينسى قرابتهم له ويقطعهم* اللهم يا مالك الملك والممالك * حقق لنا ذلك* فانى بحمده تعالى ممن صح انتسابه لحضرة سيد العالمين* من نسل ولده الحسين* عليهم السلام* وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم كما أخرجه البزار والطبرانى من حديث طويل ما بال أقوام يزعمون أن قرابتى لا تنفع أن كل سبب ونسب منقطع يوم القيمة الا سبى ونسبى وان رحمى موصولة في الدنيا والآخرة وكيف لا تكون رحمه صلى الله تعالى عليه وسلم موصولة وقد روى في تفسير قوله تعالى (واما الجدار) الآية أنه كان بينهما وبين الأب الذى حفظا فيه سبعة آباء فلا ريب في حفظ ذريته صلى الله تعالى عليه وسلم واهل بيته فيه وإن كثرت الوسائط بينهم وبينه. ولهذا قال جعفر الصادق رضى الله تعالى عنه فيما أخرجه الحافظ عبد العزيز بن الاخضر في معالم العترة النبوية احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين وكان ابوهما صالحا. ومما يستأنس به في المقام ما اخبرنى به بعض مشايخى الكرام عن بعض مشايخه بوأ الله تعالى الجميع دار السلام أنه مرة كان مجاورا في مكة المشرفة وكان يقرأ درسا فمر به قول تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} فاستدل بعض العلماء به على أن ذريته صلى الله تعالى عليه وسلم يموتون على اكمل الاحوال فنظر إلى الدليل فرآه قويا ثم استبعد ذلك بما يبلغه عن شرفاء مكة المشرفة فنام فرأى حضرة صاحب الرسالة صلى الله تعالى عليه وسلم في منامه وهو معرض عنه فقال له اتستبعد أن يموت أهل بيتى على اكمل الاحوال أو كما قال فاستيقظ خائفا ورجع عن ذلك. ولا يعارض ذلك أيضًا ما تقدم من الأحاديث من نحو قوله صلى الله تعالى عليه وسلم كل سبب ونسب منقطع لانه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يملك لاحد من الله شيئا لا ضرا ولا نفعا ولكن الله تعالى يملكه نفع اقاربه بل وجميع امته بالشفاعة العامة والخاصة فهو لا يملك إلا ما يملكه له مولاه عز وجل ولذا قال إلا سببى ونسبى* وكذا يقال في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لا أغنى عنكم من الله شيأ أي بمجرد نفسى من غير ما يكرمنى به الله عز وجل من شفاعة أو مغفرة من اجلى ونحو ذلك واقتضى مقام التخويف والحث على العمل الخطاب بذلك مع الايماء إلى حق رحمه بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها وهذا الصنيع البديع الصادر من معدن الحكمة وغاية البلاغة إنما نشأ من كمال حرصه صلى الله تعالى عليه وسلم على أن يكون أهل بيته أو في
الناس حظا في باب التقوى والخشية لله عز وجل* وهذا احسن ما للعلماء في وجه الجمع بين الأحاديث التي سقناها * واما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم أن اوليائى يوم القيمة المتقون من كانوا وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم إنما ولي الله وصالح المؤمنين فلا ينفى نفع رحمه واقاربه* وكذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه لعل المراد والله تعالى أعلم لم يسرع به إلى اعلاء الدرجات فلا ينافى حصول النجاة* وبالجملة فباب الفضل واسع* ومع هذا فإن الله تعالى يغار لانتهاك حرماته ونبينا صلى الله تعالى عليه وسلم عبد الله تعالى لا يملك إلا ما ملكه مولاه* ولا ينال جميع ما تمناه* إلا أن يشاء الله* الا ترى إلى قوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وقوله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} فليس يعلم كل شخص أنه يشفع فيه وإن كان أحب الناس إليه * ورتبته قريبة لديه* فهذا أبو طالب الذى نصر* رسول الله * وايده وآواه * مع أنه صنو أبيه* وكافله ومربيه * فهل نفعه ذلك* ونجاه من المهالك * وهذا نوح عليه السلام* الذى هو أبو الانام* قال له تعالى في ابنه {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} * فالكل تحت مشيئة الله تعالى {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ولهذا كان صلى الله تعالى عليه وسلم أشد الناس خوفا من ربه تعالى* واعظمهم له مهابة واجلالا* وكذلك كان أصحابه الاطهار* واتباعهم الابرار * فهذا عمر بن الخطاب الذي جهز جيوش المسلمين* ونصر شوكة الموحدين * وفتح البلاد* وقهر أهل العناد* وبشره الصادق بالجنة * واسباغ الخير والمنة* ومع هذا قال ليت أم عمر لم تلد عمر* وقال لا آمن مكر الله فلم يتكل على ذلك كله* فإن الناجى منا قليل إذا عاملنا تعالى بعدله* فلا يغتر ذو نسب بنسبه* ويجعله اقوى سببه* فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم حاز القدح المعلى* والمقام الأعلى* بمعرفة حقوق الربوبية * والقيام بما تستحقه من العبودية* فليعلم أنه لا نسبة عنده صلى الله تعالى عليه وسلم بين السيدة فاطمة التى هى فلذة كبده الطاهر* ومقام الرب عز وجل العلى القاهر* فيحب ما يحبه مولاه * ويسخط لما يسخط خلقه وسواه* وإن كان أحب الناس إليه بل يكون ذلك* سببا لانسلاخ محبته إياه. فإن الله تعالى أحب واعز واجل واكبر من كل شيء عنده عليه الصلاة والسلام* كما لا يخفى على من له أدنى تمييز فضلا عن ذوى الافهام* وفى انصرافه صلى الله تعالى عليه وسلم عمن لم يمتثل ما جاء به* وإن كان اخص اقاربه* على ذلك أعظم شاهد * واكبر سند وعاضد* فكيف يظن أحد من ذوى النسب* إذا انتهك
حرمات الله تعالى ولم يراع ما عليه وجب* أن يبقى له حرمة ومقام* عنده عليه الصلاة والسلام* ايزعم الغبي أنه أعظم حرمة من الله عند نبيه كلا والله* بل قلبه مغمور في لجج الغفلة وساه* فمن اعتقد ذلك يخشى عليه سوء الخاتمة والعياذ بالله * فلينظر في حال السلف الاخيار * من أهل البيت الاطهار * بماذا تخلقوا وعلى ماذا اتكلوا* وبأى شيء اتصفوا وعلى ماذا عولوا* فإذا توجه إلى تحصيل أسباب اللحوق بهم بعزم صادق* يسرح الفتح الالهى إليه ويكون بهم خير لاحق* فإن أهل البيت ملحوظون ومعتنى بهم * وهم أقرب إلى الوصول إلى ربهم* فمن جد وجد* ومن قصد الكريم لم يصد* نسأله تعالى دوام التوفيق* والهداية إلى اقوم طريق* وإن يوفقنا لاتباعه والقيام بحقوق القرابة والنسب* وإن لا يجعله سببا للغرور والخروج عن الأدب* وان يميتنا على دين نبيه المعظم * وحبه وحب آل بيته المكرم الاكرمين* أنه أكرم* وارحم الراحمين* وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وعترته الطاهرين* وصحابته أجمعين* وتابعيهم إلى يوم الدين* والحمد لله رب العالمين