الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتح الرباني
لترتيب مسند الأمام أحمد بن حنبل الشيباني
بلوغ الأماني
من أسرار الفتح الرباني
{
…
كلاهما تأليف أفقر العباد وأحوجهم إلى الله}
احمد عبد الرحمن البنا
الشهير بالساعاتي
{خادم السنة السنية بعطفة الرسام رقم 5 بشارع المعز لدين الله (الغورية سابقا)
بمصر}
وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلي الصحيفة ومختصر بلوغ الأماني في أدناها مفصولاً
بينهما بجدول {تنبيه} للحافظ ابن حجر العسقلاني كتاب أسماء
(القول المسدد، في الذب عن مسند الأمام أحمد)
أدرجناه جميعه ضمن الشرح موزعاً علي كل حديث ذب عنه الحافظ مع
عزوه إليه
اعادت طبعه بالأوفست
دار إحياء التراث العربي
بيروت
بسم الله الرحمن الرحيم
{القسم الثاني من السيرة النبوية في حوادث ما بعد الهجرة الي ان لحق صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلي}
{أبواب حوادث السنه الأولي من الهجرة}
{باب مبديء التاريخ واستشارة عمر رضي الله تبارك وتعالي عنه الصحابة في ذلك} (1)
(1) قال الجوهري التاريخ تعريف الوقت والتواريخ مثله، تقول أرخت وورخت، ويقال أول ما أحدث التاريخ من الطوفان اه وروي محمد بن اسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي أنهما قالا أرخ بنو اسماعيل من نار ابراهيم، ثم، أوخوا من بنيان ابراهيم واسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب ابن لؤي، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وذلك سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة اه (وقال الامام احمد) حدثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن اسحاق عن عمرو بن دينار قال إن
_________
{بيان رموز واصطلاحات تختص بالشرح}
(خ) للبخاري (م) لمسلم (حم) للامام احمد (لك) للامام مالك في الموطأ (فع) للامام الشافعي في مسنده (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (الثلاثة) لهم إلا ابن ماجه (د) لأبي داود (نس) للنسائي (مذ) للترمذي (جه) لابن ماجه (حب) لأبن حيان في صحيحه (مي) للدرامي في سننه (خز) لابن خزيمة في صحيحه (بز) للبزار في مسنده (طب) للطبراني في الكبير (طتس) له في الأوسط
(طص) له في الصغير (ص) لسعيد بن منصور في سننه (شي) لابن أبي شيبه في مصنفه (عب) لعبد الرزاق في الجامع (عل) لأبي بعلي في مسنده (قط) للدار قطني في سننه (حل) لابي نعيم في الحلية (هق) للبهيقي في السنن الكبري (هب) له في شعب الايمان (طح) للطحاوي في معاني الاثار (ك) للحاكم في المستدرك (طل) لأبي داود الطبالسي في مسنده رحمهم الله تعالي.
وأما الشراح وأصحاب كتب الرجال والغريب ونحوهم فإليك ما يختص بهم (نه) للحافظ ابن الاثير في كتابه النهاية في غريب الحديث (خلاصة) للحافظ الخزرجي في خلاصة تذهيب الكمال (قر) للحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب، ثم إ ذا قلت قال الحافظ وأطلقت فالمراد به الحتافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري،
(وإذا قلت) قال النووي فالمراد به في شرح مسلم (وإذا قلت) قال المنذري فالمراد به الحافظ زكي الدين ابن عبد العظيم المنذري صاحب كتاب الترغيب والترهيب ومختصر أبي داود (وإذا قلت) قال الهيثمي فالمراد به الحافظ علي ابن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد (وإذا قلت) قال الشوكاني فالمراد به في كتابه نيل الأوطار
(وإذا قلت) بدائع المنن فالمراد به كتابي بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن (وإذا اقلت) انظر القول الحسن فالمراد به شرحي علي بدائع المنن. والله تعالي ولي التوفيق.
{عن ابن عباس} (1) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنزل عليه القرآن (2) وهو ابن أربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، قال فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة (وعنه من طريق ثان)(3) قال أنزل علي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين (4)
فمكث بمكة عشر أو بالمدينة عشرا وقبض.
أول من ورخ الكتب بعلي بن أمية باليمن وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس ارخوا لأول السنة (وروي البخاري) بسنده عن سهل بن سعد قال ماعدوا (يعني ما ارخوا) من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته، ما عدوا الا من مقدمه المدينة (قال الحافظ) قوله مقدمه أي زمن قدومه ولم يرد شهر قدومه، لأن التاريخ انما وقع من أول السنة، وقد أبدي بعضهم للبداءة بالهجرة مناسبة: فقال كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة، مولده ومبعثه وهجرته ووفاته، فرجح عندهم جعلها من الهجرة لأن المولد والمبعث لايخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السنة، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه لما توقع بذكره من الأسف عليه فانحصر في الهجرة. وانما أخروه من ريبع الأول الي المحرم لأن ابتداء العزم علي الهجرة كان في المحرم إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبدءا، وهذا أقوي ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم، (وروي الحاكم) عن سعيد بن المسيب قال جمع عمر الناس فسألهم عن أول يوم يكتب التاريخ فقال علي من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك أرض الشرك ففعله عمر (وروي) ابن أبي خيثمة من طريق ابن سيرين قال قدم رجل من اليمن فقال رأيت باليمن شيئاً يسمونه التاريخ يكتبونه من عام كذا وشهر كذا، فقال عمر هذا حسن فأرخوا، ثم ذكر الحافظ آثارا تدل علي اختلافهم في البدء بالتاريخ وفي الشهر الذي يبدء به ثم قال فاستفدنا من مجموع هذه الآثار أن الذي أشار بالمحرم عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم (1){سنده} حدثنا يزيد أنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس الخ {غريبه} (2) أو للشك من الراوي (3){سنده} حدثنا يحي عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال انزل علي النبي صلى الله عليه وسلم الخ (4) تقدم في الطريق الآولي أنه صلى الله عليه وسلم أنزل عليه القرآن وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وفي هذا الطريق أنه صلى الله عليه وسلم أنزل عليه وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشراً وجمع بينهما بأن المراد بالطريق الأولي أنه مكث بمكة ثلاث عشرة سنة من ابتداء نزول الوحي بالقرآن، وبالطريق الثانية أنه مكث بمكة عشراً يعني غير مدة فترة الوحي وهي ثلاث سنين، وهذا هو الأصح الموافق لما رواه أكثر الرواة والله أعلم؛ أنظر صحيفة 209 و 210 من الجزء العشرين {تخريجه} (ق وغيرهما) ومما يؤيد قول ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بمكة ثلاث عشرة سنة قول أبي صرمة بن أبي أنس أحد بني عدي بن النجار في قصيدة له ذكرها ابن هشام في سيرته عن ابن اسحاق بعد أن اطمأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم داره وأظهر الله بهاديته واشتد سرور الانصار به وأظهروا الأسف علي ما فاتهم أولاً من نصره قال أبو قيس:
تري في قريش بضع عشرة حجة
…
يذكر لو يلقي صديقا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه
…
فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
وهو ابن ثلاث وستين {باب ما جاء في اسلام عبد الله بن سلام} (عن أنس بن مالك) قال
(1)
نزل رسول صلى الله عليه وسلم جانب الحرة (يعني حين قدم المدينة هو وأبو بكر) ثم بعث الي الأنصار
فلما أتانا أظهر الله دينه
…
فأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وألفي صديقاً واطمأنت به النوي
…
وكان له عونا من الله باديا
يقص لنا ما قال
…
نوح لقومه
…
وما قال موسي إذ أجاب المناديا
فأصبح لايخشي من الناس واحدا
…
قريبا ولا يخشي من الناس
…
نائيا
بذلنا له الأموال من حل
…
ما لنا
…
وأنفسنا عند الوغي
…
والتآسيا
ونعلم أن الله لاشئ
…
غيره
…
ونعلم ان الله افضل
…
هاديا
نعادي الذي عادي من الناس كلهم
…
جميعا وإن كان الحبيب المصافيا
فو الله ما يدري الفتي كيف يتقي
…
إذا هو لم يجعل له الله
…
واقيا
ولا تحفل النخل المقيمة
…
ربها
…
إذا اصبحت ريا وأصبح
…
ثاويا
قال ابن اسحاق إن أبا قيس كان رجلا قد ترهب في الجاهلية وليس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وهم بالنصرانية ثم امسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجداً لاتدخل عليه فيه طامث ولا جنب وقال أعبد رب ابرهيم حين فارق الأوثان وكرها حتي قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم وحسن اسلامه وهو شيخ كبير، وكان قوالا بالحق معظما لله عز وجل في جاهليته يقول أشعارا في ذلك حسانا وهو الذي يقول:
يقول أبو قيس وأصبح
…
غاديا
…
ألا ما استطعتم من وصايتي فافعلوا
فاوصيكم بالله والبر والتقي
…
واعراضكم والبر بالله
…
أول
وإن قومكم سادوا فلا تحسدونهم
…
وان كنتم أهل الرياسة
…
فاعدلوا
وإن نزلت احدي الدواهي بقومكم
…
فأنفسكم دون العشيرة
…
فاجعلوا
وان ناب غرم
…
فادح
…
فارفدوهم
…
وما حملوكم في الملمات
…
فاحملوا
وان أنتم أمعرتم
…
فتعففوا
…
وان كان فضل الخير فيكم فأفضلوا
قال المرزباني في معجم الشعراء عاش أبو قيس عشرين ومائة سنة، قال ابن اسحاق وهو الذي نزلت فيه (وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)(وقال الامام البغوي) في تفسيره نزلت في رجل من الأنصار اسمه أبو صرمه بن قيس بن صرمه، وقال عكرمة أبو قيس بن صرمة وقال الكلي أبو قيس صرمة، وذلك أنه ظل نهاره يعمل في أرض له وهو صائم فلما أمسي رجع الي أهله بتمر وقال لأهله قدمي الطعام، فأرادت المرأة أن تطعمه شيئاً سخينا فاخذت تعمل له سخينة وكان في الابتداء من صلي العشاء ونام حرم عليه الطعام والشراب، فلما فرغت من طعامه إذ هو به قد نام وكان قد أعيا وكل فأيقظته فكره أن يعصي الله ورسوله فأبي ان يأكل فاصبح صائما مجهودا، فلم ينتصف النهار حتي غشي عليه، فلما أفاق أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا أبا قيس مالك أصبحت طليما؟ فذكر له حاله، فاغتم لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزوجل (وكلوا واشربوا) الآية رضي الله عنه باب (1){عن أنس بن مالك الخ} نقدم سند هذا الحديث وصدره.
فجاءوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليهما وقالوا اركبا آمنين مطمئنين، قال فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وحفوا حولهما بالسلاح، قال فقيل بالمدينة جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فاستشرفوا نبي الله صلى الله عليه وسلم ينظرون اليه ويقولون جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يسير حتي جاء الي جانب دار أبي أيوب قالوا فانه ليحدث أهلها (1) إذ سمع عبد الله بن سلام (2) وهو في نخل لأهله يخترف (3) لهم منه فعجل ان يضع الذي يخترف فيها فجاء وهي معه فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم (4) فرجع الي أهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بيوت أهلنا أقرب؟ قال فقال أبو أيوب يا نبي الله هذه داري وهذا بابي، قال فانطلق فهيئ لنا مقيلا، قال فذهب فهيئ لهما مقيلا، ثم جاء فقال يا نبي الله قد هيأت لكما مقيلا فقوما علي بركة الله فقيلا، فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم جاءه عبد الله بن سلام فقال أشهد انك رسول الله حقا وأنك جئت بحق، ولقد علمت اليهود اني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فادعهم فاسألهم فدخلوا عليه فقال لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فو الله الذي لا إله إلا هو انكم لتعلمون أني رسول الله حقا وأني جئتكم بحق أسلموا، فقالوا ما نعلمه (5){باب ماجاء في بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة} {عن أنس بن مالك} (6) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في علو (7) المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أنه أرسل الي ملأ (8) من بني النجار (9) قال فجاءوا متقلدين سيوفهم (10) قل فكأني أنظر الي رسول الله صلى الله عليه وسلم
مشروحا في باب قصتهما (أعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر) مع سراقة بن مالك وما جري لهما في الطريق في الجزء العشرين صحيفة 384 رقم 147 إلي قوله ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرة واليك شرح ما بقي هنا منه {غريبه} (1) يعني أهل دار أبي أيوب (2) هو عبد الله بن سلام بن الحارث الاسرائيلي ثم الانصاري الخرزجي الصحابي رضي الله عنه كان حليفا لبني الخزرج وكان اسمه في الجاهلية * فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، أسلم أول قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل في فضله قوله تعالي (وشهد شاهد من بني اسرائيل علي مثله فأمن واستكبرتم) وستأتي ترجمته ومناقبه وقصة اسلامه بطولها في باب مناقبه من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالي (3) أي يجني منه رطبا لأهله فتعجل عندما سمع بمجئ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فحضر اليه بوعائه الذي فيه الرطب (4) أي سمع منه دعوته الي الاسلام وذكر محاسنه وترغيبه الي الدخول فيه ونحو ذلك (5) معناه أنهم لايعلمون أنه صلى الله عليه وسلم رسول الله وقد كذبوا لسبق شقاوتهم قال تعالي (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)
{تخريجه} أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وكذا رواه البخاري منفردا به عن محمد غير منسوب عن عبد الصمد به والله أعلم {باب} (6){سنده} حدثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا أبو النياح يزيد بن حميد الضبعي قال حدثني أنس بن مالك الخ {غريبه} (7) جاء في رواية للبخاري في أعلي المدينة (8) الملأ اشراف الناس ورؤساؤهم ومقدموهم الذين يرجع الي قولهم (9) انما خص بني النجار لأنهم اخواله (10) انما تقلد بنو النجار سيوفهم خوفا من اليهود وليروه ما اعدوه لنصرته
على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله حتي القي بفناء (1) أبي أيوب قال فكان يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض (2) الغنم ثم امر بالمسجد فأرسل الي ملأ من بني النجار فجاءوا فقال يابني النجار ثامنوني (3) حائطكم هذا، فقالوا والله لانطلب ثمنه إلا الي الله (4) قال وكان فيه ما أقول لكم كانت فيه قبور المشركين وكان فيه حرث (5) وكان فيه نخل فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت وبالحرث فسويت وبالنخل فقطع، قال فصفوا النخل الي قبلة المسجد (6) وجعلوا عضاد تيه حجارة قال وجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون (7) ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم يقول {اللهم لاخير إلا خير الآخرة * فأنصر الأنصار (8) والمهاجرة}
صلى الله عليه وسلم (1) بكسر الفاء والمد أي بناحية متسعة امام دار أبي أيوب واسمه خالد بن زيد الأنصاري (2) جمع مربض كمجلس ماؤاها ليلا (3) بالمثلثة أي ساوموني (بحائطكم) اي ببستانكم (4) أي من الله عز وجل كما جاء في بعض الروايات (قال النووي) رحمه الله هذا الحديث كذا هو مشهور في الصحيحين وغيرهما، وذكر محمد بن سعد في الطبقات عن الوافدي ان النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منهم بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه (وقوله وكان فيه) اي في الحائط (ما اقول لكم) اي ما سأذكره لكم (5) اي زرع وجاء عند البخاري (وفيه خرب) بدل قوله هنا حرث وهو بفتح الخاء وكسر الراء اسم جمع واحده خربة ككلم وكلمة، وهو ما تخرب من البناء (6) اي في جهتها (وجعلوا عضادتيه) تثنيه عضادة بكسر العين، قال أهل اللغة اعضاد كل شئ ما يشده من حواليه وعضادتا الباب ما كان عليهما يغلق الباب اذا أصفق (7) اي يقولون شعر الرجز بفتحتين نوع من أوزان الشعر تنشيطا لنفوسهم ليسهل عليهم العمل (8) يعني الأوس والخزرج الذين نصروه علي أعدائه (والمهاجرة) الذين هاجروا من مكة الي المدينة محبة فيه وطلبا للاجر، واستشكل قوله صلى الله عليه وسلم هذا مع قوله تعالي (وما علمناه الشعر){وأجيب} بأن الممتنع عليه صلى الله عليه وسلم انشاء الشعر لا انشاده علي أن الخليل ماعد * المشطور من الرجز شعرا، هذا وقد قيل إنه صلى الله عليه وسلم قالهما بالتاء متحركة فخرج علي وزن الشعر {تخريجه} (ق دنس جه) وتأتي بقية مباحثه مع احاديث أخري في باب أصل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبنائه في أبواب فضائل الأمكنة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالي (قال النووي) رحمه الله فيه جواز قطع الأشجار المثمرة للحاجة والمصلحة، وفيه جواز نبش القبور الدراسة وأنه اذا ازيل ترابها المختلط بصديدهم ودمائهم جازت الصلاة في تلك الأرض وجواز اتخاذ موضعها مسجدا اذا طيبت أرضه، وفيه ان الأرض التي دفن فيها الموتي ودرست يجوز بيعها، وأنها باقية علي ملك صاحبها وورثته من بعده اذا لم توقف، وفيه غير ذلك والله أعلم (قال الحافظ أبن كثير في تاريخه){فصل} وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم حول مسجده الشريف حجر لتكون مساكن له ولأهله وكانت مساكن قصيرة البناء قريبة الفناء قال الحسن بن ابي الحسن البصري وكان غلاما مع أمه خيرة مولاة أم سلمة لقد كنت أنال أطول سقف في حجر النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، وقال السهيلي في الروض كانت مساكنه عليه السلام مبنية من جريد عليه طين بعضها من حجارة مرضومة (أي مصفوفة بعضها فوق بعض وسقوفها)
{باب جاء في المؤاخاة والمحالفة بين المهاجرين والأنصار} {عن أنس بن مالك} (1) قال لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة آخي النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع فقال اقاسمك مالي نصفين ولي امرأتان فأطلق إحداهما فاذا انقضت عدتها فتزوجها، فقال بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني علي السوق، فدلوه فانطلق فما رجع الا ومعه شئ (2) من افط وسمن قد استفضله فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وعليه وضر من صفرة (3) فقال مهيم؟ قال تزوجت امرأة من الانصار، قال ما اصدقتها؟ قال نواة من ذهب قال حميد أو وزن نواة من ذهب، فقال أولم ولو بشاة {وعنه أيضا} (4) قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في دار ي التي بالمدينة (5)(وعنه من طريق ثان)(6) قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار في دارنا قال سفيان (أحد الرواة) كأنه يقول آخي (7){عن عاصم الأحول} (8) قال سمعت أنسا قال له
كلها من جريد، وقد حكي عن الحسن البصري ما تقدم، قال وكانت حجره من شعر مربوطة بخشب من عرعر، قال وفي تاريخ البخاري أن بابه عليه السلام كان يقرع بالأظافير فدل علي انه لم يكن لأبو اسحاق، قال وقد أضيفت الحجر كلها بعد مرت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الي المسجد (قال الوافدي) وابن جرير وغيرهما ولما رجع عبد الله بن اربقط الدئلي الي مكة بعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر زيد بن حارثة وأبا رافع موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتوا بأهاليهم من مكة وبعثا معهم بحملين وخمسمائة درهم ليشتروا بها ابلا من قديد فذهبوا فجاءوا ببنتي النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وأم كلثوم وزوجتيه سودة وعائشة وامها أم رومان وأهل النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبي بكر صحبة عبد الله بن أبي بكر، وقد شرد بعائشة وأمها أم رومان الجمل في أثناء الطريق فجعلت أم رومان تقول واعروساه وأبنتاه: قالت عائشة فسمعت قائلا يقول أرسلي خطامه فأرسلت خطامه فوقف باذن الله وسلمتا الله عز وجل فتقدموا فنزلوا * ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة في شوال بعد ثمانية أشهر كما سيأتي، وقدمت معهم أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير بن العوام وهي حامل متم بعبد الله بن الزبير كما سيأتي بيانه في موضعه (وقد اختلف) في مدة مقامه صلى الله عليه وسلم بدار أبي أيوب فقال الوافدي سبعة أشهر وقال غيره أقل من شهر والله أعلم {باب} (1){سنده} حدثنا اسماعيل ثنا جميد الطويل عن أنس بن مالك الخ {غريبه} (2) جاء في بعض الروايات فدلوه فذهب واشتري وباع فربح فجاء بشئ من اقمط وسمن (3) اي اثر من الزعفران وتقدم الكلام علي ذلك وعلي وزن النواة في الباب الأول من أبواب الصداق من كتاب النكاح في شرح حديث أنس بن مالك صحيفة 168 في الجزء السادس عشر (أما قوله مهيم) فهو بفتح الميم وسكون الهاء ثم ياء تحتيه مفتوحة فمعناه ما أمرك وشأنك؟ وهي كلمة يمانية (نه){تخريجه} (ق، وغيرهما)(4){سنده} حدثنا اسماعيل بن محمد وهو أبو ابراهيم المعقب ثنا عباد يعني ابن عباد عن عاصم عن أنس بن مالك قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (5) جاء في الأصل بعد هذه الجملة قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام احمد) حدثناه أبو ابراهيم المعقب وكان من خيار الناس وعظم أبو عبد الرحمن أمره جدا (6){سنده} قال الامام احمد قرئ علي سفيان سمعت عاصما عن أنس قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (7) معناه أن المراد بالمحالفة هنا المؤاخاة (8){سنده} حدثنا عفان ثنا حفص بن غياث
قائل بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاحلف في الاسلام (1) قال فغضب ثم قال بلي بلي، قد حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داره (2)(وعنه من طريق ثان)(3) عن أنس أيضا قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار في دار أنس بن مالك {عن جبير بن مطعم} (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحلف في الاسلام وأيما حلف كان في الجاهلية (5) لم يزده الاسلام الا شدة {عن قيس بن عاصم} (6) أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف، فقال ما كان.
ثنا عاصم الأحول الخ {غريبه} (1) قال في النهاية أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة علي التعاضد والتساعد والأتفاق، فما كان فيه في الجاهلية علي الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد للنهي عنه في الاسلام بقوله صلى الله عليه وسلم لا حلف في الاسلام، وما كان منه في الجاهلية علي نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جري مجراه فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة يريد من المعاقدة علي الخير ونصرة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الاسلام والممنوع منه ما خالف حكم الاسلام، وقيل المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله لا حلف في الاسلام قاله زمن الفتح فكان ناسخا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وابوبكر رضي الله عنه من المطيبين وكان عمر رضي الله عنه من الأحلاف والأحلاف ست قبائل: عبد الدار وجمح ومخزوم وعدي وكعب وسهم، سموا بذلك لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية وابت عبد الدار عقد كل قوم علي أمرهم حلفا مؤكدا علي أن لا يتخاذلوا، فأخرجت بنوا عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم وهم أسد وزهرة وقيم في المسجد عند الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف لذلك (2) أي آخي بينهم وعاهد قاله في النهاية (وقوله في داره) في دار أنس كما صرح بذلك في الطريق الثانية، قال الطبري ما استدل به أنس علي اثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم (يعني الأتي بعد هذا الحديث) في نفيه فأن الأخاء المذكور كان في أول الهجرة وكانوا يتوارثون به ثم نسخ من ذلك الميراث وبقي ما لم يبطله القرآن وهو التعاون علي الحق والنصر والأخذ علي يد الظالم كما قال ابن عباس الا النصر والنصيحة والرفادة ويوصي له وقد ذهب الميراث اه (وقال الامام الخطابي) قال ابن عيينة حااف بينهم أي آخي بينهم: يريدان معني الحاف في الجاهلية معني الأخوة في الاسلام لكنه في الاسلام، جار علي أحكام الدين وحدوده، وحلف الجاهلية جري علي ما كانوا يتواضعونه بينهم بآرائهم، فبطل منه ما خالف حكم الاسلام وبقي ما عدا ذلك علي حاله والله أعلم (3){سنده} حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا عاصم الأحول عن أنس الخ {تخريجه} (ق، وغيرهما)
(4)
{سنده} حدثنا عبد الله بن محمد ثنا ابن نمير وأبو أسامة عن زكريا عن سعد بن ابراهيم عن ابيه عن جبير بن مطعم، الخ {غريبه} (5) أي علي الخير كصلة الأرحام ونصرة الحق والمظلوم وامثالها (لم يزده الاسلام إلا شدة) يعني توكيدا علي حفظ ذلك والله أعلم
{تخريجه} (م - وغيره)(6){سنده} .
من حلف في الجاهلية (1) فنمسكوا به ولا حلف في الاسلام {عن عبد الرحمن بن عوف} (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شهدت حلف المطيبين (3) مع عمومتي (4) وأنا غلام فما أحب ان لي حمر النعم وأني أنكئه (5) قال الزهري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصب الاسلام حلفا إلا زاده شدة، ولا حلف في الاسلام وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار {عن عكرمة عن أبن عباس} (6) رفعه إلى
حدثنا هشيم قال مغيرة أخبر عن أبيه عن شعبة بن التوأم عن قيس بن عاصم الخ {غريبه}
(1)
يعني علي الخير كصلة الأرحام ونصر الحق والمظلوم وأمثالها كما تقدم في شرح الحديث السابق (فتمسكوا به) اعملوا به لأنه لا يخالف تعاليم الاسلام (ولا حلف في الاسلام) أي يخالف تعاليم الاسلام والله أعلم {تخريجه} قال الحافظ رواه أحمد وعمر بن شبة (قلت) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بعلامة الحسن، ورواه أيضا الطيالسي في مسنده وهو بمعني حديث جبير بن مطعم السابق، وهوحديث صحيح رواه الامام احمد ومسلم وغيرهما والله اعلم {تنبيه} انظر ما كتبته في التعليق المحمود علي كتابي منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود علي هذا الحديث رقم 2338 في الجزء الثاني صحيفة 99 (2){سنده} حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (3) بتشديد الياء التحتية مفتوحه جمع مطيب بمعني متطيب، والتطيب استعمال الطيب، أي حضرت تعاهدهم وتعاقدهم علي أن يكون أمرهم واحدا في النصرة والحماية (4) متعلق بشهدت وهو جمع عم كما يجمع علي أعمام (وأنا غلام صغير)(5) معناه ما يسرني أن يكون لي الأبل الحمر التي هي أعز أموال العرب وأكرمها وأعظمها والحال اني أنقضه، والفاء في فما عاطفة أو سببية، والنكث والنقض يقال نكث الرجل العهد نكثا نقضه ونبذه فانتكث مثل نقضه فانتقض، وقصة حلف المطيبين أنه اجتمع بنو هاشم وزهرة وتميم في الجاهلية بمكة في دار ابن جدعان وتحالفوا علي أن لا يتخاذلوا ثم ملأوا جفنة طيبا ووضعوها في المسجد عند الكعبة وغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا علي التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم: ومسحوا الكعبة بأيديهم المطيبة توكيدا فسموا المطيبين، وتعاقدت بنوعبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر وتعاهدوا علي أن لا يتخاذلو اقسموا الأحلاف وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من المطيبين، وكان عمر من الأحلاف فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه باق علي ما حضره من تحالف قومه المطيبين من التناصر علي الحق والأخذ للمظلوم من الظالم وأنه لا يتعرض له ينقض بل أحكامه باقية في الاسلام وبه صرح في حديث ابن عباس الأتي (كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة){تخريجه} الحديث اسناده صحيح والقسم الأخير منه الذي يقول فيه الزهري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إسناده مرسل {والحديث} رواه الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) ورجال حديث عبد الرحمن بن عوف رجال الصحيح وكذلك مرسل الزهري (6){سنده} حدثنا حجاج أخبرنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظ عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا حلف في الاسلام وما كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة أو حدة) وقال رواه أبو بعلي وأحمد باختصار ورجالهما رجال الصحيح اه (قلت) فقوله رواه أحمد باختصار يريد هذا الحديث وقد مضي معناه مرسلا عن الزهري في حديث عبد الرحمن بن عوف المتقدم
النبي صلى الله عليه وسلم قال كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة أو حدة {عن أنس بن مالك} (1) قال قالت المهاجرون يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن بذلا من كثير ولا أحسن مواساة في قليل، قد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ (2) فقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله (3)، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما ما اثبتم عليهم به (4) ودعوتم الله عز وجل لهم صلى الله عليه وسلم عن عمرو بن شعيب} (5) عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والانصار ان يعقلوا معاقلهم (6) وان يفدوا عانيهم (7) بالمعروف والاصلاح بين المسلمين
والله أعلم (1){سنده} حدثنا معاذ ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(2) أي في السرور قال في النهاية وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيئ وكذلك المهنأ والمهنأ والجمع المهانئ هذا هو الأصل بالهمزة وقد يخفف (3) معناه وليس لنا أجر في ذلك فانهم أصحاب الفضل (4) معناه لكم أجر ما أثنيتم عليهم به ودعوتم الله عز وجل لهم فهذه مكافأة تثابون عليها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح وهو من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا حديث ثلاثي الاسناد علي شرط الصحيحين ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وهو ثابت في الصحيح، قال وقال البخاري أخبرنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قالت الأنصار اقسم بيننا وبين اخواننا النخيل، قال لا، قالوا افتكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة قال سمعنا وأطعنا تفرد به وقال عبد الرحمن بن زيد بن اسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار ان اخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا اليكم، فقالوا أموالنا بيننا قطائع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك؟ قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر، قالوا نعم اه (قلت) سيأتي ما ورد من الأحاديث في فضائل الأنصار ومناقبهم من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالي (5){سنده} حدثنا سريج حدثنا عباد عن حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (6) المعاقل الدايات جمع معقلة بضم القاف والمراد ان الانصار والمهاجرين يتعاونون علي دفع الدية ان لزمت أحدهم (7) العاني الأمير وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا يعنو وهو عان المراة عانية وجمعها عوان (نه)(تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح، واورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد (قال) وقال محمد بن اسحاق كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والانصار وادع فيه اليهود وعاهدهم واقرهم علي دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم بسم الله الرحمن الرحيم،
هذا كتاب من محمد النبي الأمي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش علي ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط، وبنو عوف علي ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، ثم ذكر كل بطن من بطون الأنصار وأهل كل دار بني: ساعدة وبني جثم وبني النجار وبني عمرو بن عوف وبني النبيت الي أن * وان المؤمنين لا يتركون مفرحا (8) بينهم ان يعظوه بالمعروف في فداء وعقل، ولا يحالف مؤمن مولي مؤمن دونه، وان المؤمنين المتقين على من بغى منهم
_________
(8)
المفرح المثقل بالدين الكثير * قاله ابن هشام
(باب ما جاء في بيعة نساء أهل المدينة)(حدثنا اسماعيل بن عبد الرحمن)(1) بن عطية الأنصاري عن جدته أم عطية قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت ثم بعث اليهن عمر بن الخطاب فقام علي الباب فسلم فرددن عليه السلام، فقال أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اليكن، قلنا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله. وقال تبايعن علي أن لا تشركن بالله شيئا ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصينه في معروف؟
أو أبتغي دسيسة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جمعيهم ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافر علي مؤمن، وان ذمة الله واحدة يجير عليهم ادناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وانه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم، وان سلم المؤمنين واحدة لا يسالم، فمؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله الاعلي سواء وعدل بينهم، وان كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا، وأن المؤمنين * (1) بعضهم بعضا بما نال دماؤهم في سبيل الله، وان المؤمنين المتقين علي أحسن هدي واقومه، وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه علي مؤمن، وانه من اغتبط مؤمنا قتلا عن بينه فانه قودبه الي ان يرضي ولي المقتول، وان المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم الا قيام عليه، وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصيحفة وآمن بالله واليوم الآخر ان ينصر محدثا ولا يؤويه، واما من نصره أو آواه فان عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل، وانكم مهما اختلفتم فيه من شئ فان مرده الي الله عز وجل والي محمد صلى الله عليه وسلم، وان اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين وان يهود بني عوف امانة مع المؤمنين: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وانفسهم الا من ظلم واثم فانه لا يوتغ (2) الا نفسه وأهل بيته، وأن ليهود بني النجار وبني الحارث وبني ساعدة وبني جثم وبني الأوس وبني ثعلية وجفنة وبني * مثل ما ليهود بني عوف، وأن بطانة يهود كأنفسهم، وانه لا يخرج منهم أحد الا بإذن محمد ولا ينحجز علي ثار جرح، وانه من فتك فبنفسه فتك إلا من ظلم، وان الله علي أثر هذا، وأن علي اليهود نفقتهم وعلي المسلمين نفقتهم وان بينهم النصر علي من حارب من أهل هذه الصيحفة، وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الأثم، وانه لم يأثم أمرؤ بحليفه، وان النصر للمظلوم وأن يثرب حرام (حرمها) لأهل هذه الصحيفة، وان الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وانه لا تجار حرمة الا بإذن أهلها، وان ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث او اشتجار يخاف فساده فان مرده الي الله والي محمد رسول الله، وان الله علي * ما في هذه الصحيفة وأبره وانه لا تجار قريش ولا من نصرها، وان بينهم النصر علي من دهم يثرب واذا دعوا الي صلح يصالحونه ويلبونه فانهم يصالحونه، وانهم اذا دعوا الي مثل ذلك فان لهم علي المؤمنين إلا من حارب في الدين علي كل اناس حقهم من جانبهم الذي قبلهم، وانه لايحول هذا الكتاب دون ظالم أو أثم. وانه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم، وان الله جار لمن بروا تقي قال الحافظ ابن كثير في تاريخه كذا أورده ابن اسحاق بنحوه وقد تكلم عليه ابن عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه الغريب وغيره مما يطول اه (باب)(1)(سنده) حدثنا ابو سعيد ثنا اسحاق بن عثمان الكلابي أبو يعقوب حدثنا اسماعيل
_________
(1)
…
من السواء أي المساواة
…
(2)
…
أي لا يوبق ويهلك
قلنا نعم (1) فممدنا أيدينا من داخل البيت ومديده من خارج البيت ثم قال اللهم أشهد وامرنا بالعيدين ان تخرج العتق (2) والحيض ونهي عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا (3) وسألتها عن قوله ولا يعصينك في معروف قالت نهينا عن النياحة (وعن أميمة بنت رقيقة)(4) قالت أتيت صلى الله عليه وسلم في نساء نبايعه فأخذ علينا ما في القرآن ان لا نشرك بالله شيئا الآية قال فيما استطتعن واطعتن، قلنا الله ورسوله ارحم بنا من أنفسنا، قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا قال اني لا أصافح النساء، انما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة (عن عمرو بن شعيب)(5) عن أبيه عن جده قال جاءت أميمة بنت رقيقة الي رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه علي الاسلام فقال أبايعك علي أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولي (باب ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة)(عن عائشة رضي الله عنها (6) قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي أوبا (7) أرض الله
ابن عبد الرحمن الخ (غريبه)(1) يستفاد من سياق الحديث ان هذه البيعة كانت لنساء الأنصار خاصة عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد تعددت البيعة منه صلى الله عليه وسلم لأصحابه رجالا ونساءا، فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار بيعة العقبة الأولي والثانية، ونقدم الكلام علي ذلك مستوفي في بابه قبل الهجرة صلى الله عليه وسلم في الجزء العشرين وهذه البيعة لنساء الأنصار، وهي وبيعة العقبة جاءتا موافقتان لما نزل به القرآن في بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبية، وليس هذا عجيب فإن بعض القرآن نزل بموافقة عمر بن الخطاب في أمور من الأحكام، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء عقب فتح مكة أيضا وكان صلى الله عليه وسلم يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد انظر حديث ابن عباس رقم 1657 في باب خطبة العيدين واحكامهما ووعظ النساء الخ في الجزء السادس صحيفة 148: أما تفسير آية البيعة وشرحها فقد تقدم مستوفي في باب يا أيها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك الخ في سورة الممتحنة في الجزء الثامن عشر صحيفة 302 فارجع اليه (2) بضم العين المهملة وفتح المثناة فوق مشددة جمع عاتق وهي الشابة اول ما تدرك، وقيل التي لم تبن من والديها ولم تتزوج وقد ادركت وشبت، والحيض بوزن العتق جمع حائض وهي المرأة في زمن الحيض، والمراد أنهن يشهدن الخير ويكبرن مع المكبرين وان كن لا يصلين (3) تقدم الكلام علي ذلك في أبوابه (تخريجه)(ق _ وغيرهما) بالفاظ مختلفة وكلها تعظي بهذا المعني (4)(عن أميمة بنت رقيقة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أول من أحدث المصافحة الخ من كتاب السلام والأستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 350 رقم 60 (5)(سنده) حدثنا خلف بن الوليد حدثنا ابن عياش عن سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وذكره الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه للامام احمد وابن مروديه وسنده جيد ويؤيده حديثها السابق المروي عنها من مسندها وهو حديث صحيح صححه الحافظ ابن الكثير وعزاه للامام احمد والترمذي والنسائي وابن ماجه اه (قلت) والامام مالك في الموطأ والله أعلم (باب)(6)(سنده) حدثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه)(7) الوباء بالقصر والمد والهمز الطاعون والمرض العام والمراد هنا مرض الحمي كما جاء مصرحا بذلك في رواية محمد بن اسحاق قال
عز وجل فأشتكي أبو بكر، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها وبارك لنا في مدها (1) وصاعها وانقل حماها فاجعلها في الجحفة (2)(وعن عروة عنها أيضا)(3) قالت لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة اشتكي اصحابه واشتكي أبو بكر وعامر بن فهيرة مولي أبي بكر وبلال فاستأذنت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم في عيادتهم فاذن لها، فقالت لأبي بكر كيف نجدك (4)؟ فقال
كل امرأي ومصبح في أهله
…
والموت أدني من شراك نعله
وسألت عامر افقال
…
أني وجدت الموت قبل ذوقه (5)
…
ان الجبان (6) حتفه من
…
فوق
وسألت بلالا فقال
…
ياليت شعري هل ابيتن
…
ليلة
…
بفج (7) وحولي إدخر وجليل
فاتت النبي صلى الله عليه وسلم فاخبرته بقولهم، فنظر الي السماء فقال اللهم حبب الينا المدينة كما حببت الينا مكة أو أشد واللهم بارك لنا في صاعها وفي مدها وانقل وباءها الي مهيعة (8) وهي الجحفة كما زعموا
حدثني هشام بن عروة وعمرو بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهي أويأ ارض الله من الحمي فاصاب أصحابه منها بلاء وسقم وصرف الله ذلك عن نبيه قالت فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبي بكر في بيت واحد فاصابتهم الحمي عليهم أعودهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب (يعني بعد أن أستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب) فذكر نحو الحديث الآتي (1) الضمير يعود الي المدينة والمد بضم الميم وتشديد المهملة وهو في الأصل ربع الصاع وقيل أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما، والصاع أربعة امداد والمراد البركة في المكيل وقد أجبيت الدعوة ووهب لمكيلهم بركة محسوسة عند من كان بها من الثاوين (2) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة تقدم الكلام عليها مستوفي في باب مواقيت الاحرام من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 105 رقم 71 وخصها لانها كانت اذ ذاك دار شرك ليشتغل أهلها بها عن معونة أهل الكفران والطغيان فكانت اكثر البلاد حمي، فلم يشرب أحد من مائها الا حم (تخريجه)(ق. وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن أبي حبيب عن أبي بكر ابن اسحاق بن يسار عن عبد الله بن عروة عن عائشة الخ (غريبه)(4) أي كيف تجد نفسك؟ فقال كل امريء مصبح بفتح الموحدة المشددة (في أهله والموت أدني) أي أقرب (من شراك نعله) بكسر الشين المعجمة سيورها التي علي، وجهها، والمعني أن المرء يصاب بالموت صباحا اويقال له صبحك الله بالخير وقد يفجؤه الموت بقية نهار (5) يشير الي شدة الحمي كأنها الموت والحال أنه لم يمت (6) الجبان هو الذي لايقدم علي القتال خوفا من الموت ولكن لابد له من الموت وان كان من غير قتل ولا ضرب وهذا معني قوله (حتفه من فوقه) يعني أن الموت ينتظره وإن كان من غير قتل ولا ضرب (7) الفج هوالطريق الواسع وقد جاء في رواية للبخاري (بواد) بدل فج، وهو وادي مكة (وحولي إذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين حشيش مكة ذو الرائحة الطيبة (وجليل) نبت ضعيف محشي به خصاص البيوت وهو للثمام (8). بوزن ميمنة وميسرة فسرها في الحديث بالجحفة بوزن تحفة ونقدم، الكلام عليها، وفي القاموس مهيعة الجحفة بين الحرمين ميقات الشاميين
(عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة)(1) قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة ذكر أن الحمي صرعتهم فمرض أبو بكر وكان اذا أخذته الحمي يقول:
كل امرئ مصبح في أهله
…
والموت أدني من شراك نعله
قالت وكان بلال اذا أخذته الحمي يقول:
ألاليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بواد وحولي إذخر
…
وجليل
وهل أردن (2) يوما مياه مرجنة (3) وهل يبدون (4) لي شامة وطفيل
اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومية بن خلف كما أخرجونا من مكة: فلما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم مالقوا قال اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم صححها وبارك لنا في صاعها ومدها وأنقل حماها الي الجحفة، قال فكان المولود يولد بالجحفة فما يبلغ الحلم حتي يقرعه الحمي
(باب ماجاء في ميلاد عبد الله بن الزبير وبنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنهم
(عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما (5) أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت
فخرجت (6) وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء (7) فولدته بقباء ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل (8) في فيه فكان أول ما دخل في جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ثم حنكه (9) بتمرة ثم دعا له وبرك (10) عليه، وكان أول مولود ولد في الاسلام (11)
(تخريجه)(ق) وابن اسحاق وغيرهم (1)(سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه)(2) بنون التأكيد الخفيفة (3) بفتح الميم والجيم والنون المشددة وتكسر الجيم، اسم موضع علي أميال من مكة كان به سوق في الجاهلية (4) بنون التأكيد الخفيية أي يظهرن (لي شامة) بالشين المعجمة والميم المخففة (وطفيل) بطاء مهملة مفتوحة وفاء مكسورة بعدها ياء تحتية ساكنة جبلان بقرب مكة أو عينان (تخريجه)(خ) وابن اسحاق وفيه زيادة ورواه أيضا مسلم مختصرا (باب)(5)(سنده) حدثنا أبو اسامة عن هشام (يعني ابن عروة) عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر الخ (غريبه)(6) أي خرجت من مكة مهاجرة إلي المدينة (وقولها وأنا متم) بضم الميم الأولي وكسر الفوقية وتشديد الميم أي والحال إني قد أتممت مدة الحمل الغالبة وهي تسعة أشهر (7) بصرف لفظ قباء (8) بالفوقية والفاء أي رمي من ريقه (في فيه) أي في فم عبد الله بن الزبير (9) بحاء مهملة ونون مشددة وكاف مفتوحات (بتمرة) بالفوقية وسكون الميم بأن مضغها ودلك بها حنكه (10) بفتح الموحدة والراء المشددة بأن قال بارك الله فيه أو اللهم بارك فيه (11) أي بالمدينة من المهاجرين، فأما من ولد بغير المدينة من المهاجرين فقيل عبد الله بن جعفر بالحبشة، وأما من الأنصار بالمدينة فكان أول مولود لهم بعد الهجرة سلمة بن مخلد كما رواه ابن أبي شيبه وقيل النعمان بن بشير (قال الحافظ) وفي الحديث أن مولد عبد الله بن الزبير كان في السنة الأولي وهو المعتمد اه زاد في رواية لمسلم قالت أسماء ثم مسحه رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي دعا له) وسماه عبد الله ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بذلك الزبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا اليه ثم بايعه، قال النووي هذه بيعة تبريك وتشريف لا بيعة تكليف: قال وفي هذا الحديث مناقب كثيرة لعبد
(عن عروة عن عائشة)(1) رضي الله عنها قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال (2) وبني بي في شوال، فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظي عنده مني، وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال (عن أسماء بنت عميس)(3) قالت كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعى نسوة قالت فو الله ما وجدنا عنده قرى (4) الا قدحاً من لبن قالت فشرب منه ثم ناوله عائشة فاستحيت الجارية، فقلنا لا تردى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خذى منه، فأخذته على حياء فشربت منه ثم قال ناولى صواحبك، فقلنا لا نشتهيه فقال لا تجمعن جوعا وكذبا، قالت فقلت يا رسول الله ان قالت إحدانا لشئ تشتهيه لا أشتهيه يعد ذلك كذبا، قال أن الكذب يكتب كذبا حتى تكتب الكذيبة كذيبة (5)(عن شهر بن حوشب)(6) أن أسماء بنت يزيد بن السكن أحدى نساء بنى عبد الأشهل دخل
الله بن الزبير رضي الله عنه (منها) أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح عليه وبارك عليه ودعا له، وأول شئ دخل جوفه ريق النبى صلى الله عليه وسلم، وأنه أول من ولد في الأسلام بالمدينة والله أعلم (تخريجه)(ق) وغيرهما (1)(سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن اسماعيل بن أمية عن عبدالله بن عروة عن عروة عن عائشة الخ (غريبه)(2) أى عقد عليها بمكة قبل الهجرة فى شوال (وبني بى) أى دخل بها بالمدينة فى السنة الأولي بعد الهجرة فى شوال (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه فعلي هذا يكون دخوله بها عليه السلام بعد الهجرة بسبعة أشهر أو ثمانية أشهر، وقد حكى القولين ابن جرير 1 هـ (قلت) وقد تقدم فى باب وفاة خديجة وزواجه صلى الله عليه وسلم بعائشة وسودة فى الجزء العشرين صحيفة 237 رقم 91 كيفية تزويجه ودخوله بعائشة بعد ما قدموا المدينة وأن دخوله بها كان * نهارا قال (الحافظ ابن كثير) وهذا خلاف ما يعتاده الناس اليوم، وفي دخوله عليه السلام بها في شوال رد لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين، وهذا ليس بشئ لما قالته عائشة رادة على من توهمه من الناس في ذلك الوقت، تزوجني في شوال وبني بي في شوال أى دخل بى في شوال فأى نسائه كان أحظى عنده مني: فدل هذا على أنها فهمت منه عليه السلام أنها أحب نسائه اليه وهذا الفهم منها صحيح، لما دل على ذلك من الدلائل الواضحة، ولو لم يكن الحديث الثابت في صحيح البخارى (قلت ومسند الامام أحمد أيضا) عن عمرو بن العاص قلت يارسول الله أى الناس أحب إليك؟ قال عائشة، قلت ومن الرجال؟ قال أبوها 1 هـ (قال النووي) رحمه الله فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول فى شوال، وقد نص أصحابنا على أستحبابه واستدلوا بهذا الحديث، وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع (تخريجه)(م نس مذجه)(3)(سنده) حدثنا عثمان بن عمر اليمان قال ثنا يونس يعنى ابن يزيد الأيلى قال ثنا ابو شداد عن مجاهد عن أسماء بنت عميس الخ (غريبه)(4) بكسر القاف وفتح الراء منونة ما يقدم للضيف (5) معناه أن الكذب يكتب على صاحبه مطلقا سواء كان من صغائر الكذب أو من كبائره (تخريجه)(طب هق) ورجاله ثقات (6)(سنده) حدثنا أبو اليمان إنا شعيب قال حدثنى عبدالله بن أبي حسين قال حدثنى شهر بن حوشب
عليها يوما فقربت اليه طعاما فقال لا أشتهيه فقالت أني قينت (1) عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته فدعوته لجلوتها (2) فجاء فجلس إلي جانبها فأتي بعس لبن (3) فشرب ثم ناولها النبي صلى الله عليه وسلم فخفضت رأسها وأستحيت: قالت أسماء فانتهزتها وقلت لها خذي من يد النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاخذت فشربت شيئا، ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أعطي تربك (4) قالت أسماء فقلت يا رسول الله بل خذه فاشرب منه ثم ناولينه من يدك فاخذه فشرب منه ثم ناولنيه، قالت فجلست ثم وضعته علي ركبتي ثم طفقت أديره واتبعه بشفتي لاصيب منه مشرب (5) النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لنسوة عندي ناوليهن فقلن لا نشتهيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاتجمعن جوعا وكذبا، فهل أنت منتهية أن تقولي لا اشتهيه (6) قلت أي أمه لا أعود أبدا. (باب ما جاء في مشروعية الأذان وزيادة ركعتين في صلاة الحضر الخ)(عن نافع أن ابن عمر) كان يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصاري، وقال بعضهم بل قرنا مثل قرن اليهود، فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد بالصلاة
أسماء بنت يزيد الخ (غريبه)(1) بفتح القاف وتشديد التحيية بعدها نون ساكنة: أي زينتها لزفافها والتقيين التزيين (2) بكسر الجيم وتفتح أي للنظر اليها متزينة مكشوفة ظاهرة ومنه جلوت السيف ونحوه كشفت صدأه جلاءا أيضا (3) العس بالضم القدح الكبير والجمع عساس مثل سهام وربما قيل اعساس مثل قفل واقفال (4) أي قريننك وصاحبتك بربد اسماء (5) تريد التبرك بموضع شريه صلى الله عليه وسلم (6) هكذا بالأصل (فهل انت منتهية أن تقولي لا أشتهيه) وهو لا يتفق مع سياق الحديث والظاهر انه خطأ من الناسخ أو الطابع وصوابه هل فهل انت منته أن تقول لا أشتهيه) وهو من قول أسماء تخاطب مولاها شهر بن حوشب ولذك قال لها أي أمه لا اعود أبدا والله أعلم ومعني قوله أي أمه يقول باأمي وانما قال ذلك لأنها سيدته بمنزلة أمه، قال في المختار ويقال يا أمة لا تفعلي ويا أية افعل يجعلون علامة التأنيث عوضا عن ياء الاضافة ويوقف عليها بالهاء (تخريجه)(جه هق) وابن أبي الدنيا قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده حسن لأن شهرا مختلف فيه (باب)(1)(عن نافع أن ابن عمر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب بدء الأذان من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 13 رقم 243 هذا وفي الباب المشار اليه رؤيا عبد الله ابن زيد وتلقينه صيغة الآذان والفاظه المشروعة (قال ابن اسحاق) فلما أطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة واجتمع اليه أخوانه من الهاجرين واجتمع أمر الأنصار استحكم أمر الاسلام فقامت الصلاة وفرضت الزكاة والصيام وقامت الحدود وفرض الحلال والحرام وتبوأ الاسلام بين أظهرم، وكان هذا الحي من الانصار هم الذين تبوءوا الدار والايمان، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها انما يجتمع الناس اليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل بوقا كبوق يهود الذين يدعون به لصلاتهم ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به المسلمين للصلاة فبينما هم علي ذلك رأي عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه أخو بلحارث بن الخزرج النداء فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنه طاف بي
(عن عائشة رضي الله عنها (1) قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين بمكة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة زاد مع كل ركعتين ركعتين الا المغرب فأنها وتر النهار، وصلاة الفجر لطول قراءتها وكان اذا سافر صلي الصلاة الأولي (باب ما جاء في مناوأة اليهود ومنافقي المدينة للنبي صلى الله عليه وسلم)(عن ابن عباس)(2) قال أقبلت يهود الي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبي القاسم انا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا انك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ اسرائيل علي بنيه اذ قال (الله علي ما نقول وكيل) قال هاتوا، قالوا أخبرنا عن علامة النبي؟ قال تنام عيناه ولا ينام قلبه، قالوا أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر؟ يلتقي الما آن فاذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت واذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثت، قالوا أخبرنا ما حرم اسرائيل علي نفسه؟ قال كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه الا البان كذا، وكذا قال أبي قال بعضهم يعني الأبل فحرم لحومها، فقالوا صدقت، قالوا أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيديه أو في يده مخراق من ناريز جر به السحاب يسوقه حيث أمر الله، قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع؟ قال صوته قالوا صدقت، انما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها فأنه ليس من نبي الا له ملك يأتيه بالخبر، فأخبرنا من صاحبك؟ قال جبريل عليه السلام، قالوا جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، ولو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان: فأنزل الله عز وجل (من كان عدوا لجبريل إلي آخر الآية (عن ابن مسعود)(2) قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القردة والخنازير أهي من أصل اليهود؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لم يلعن قوما قط فمسخهم فكان لهم نسل حين يهلكهم، ولكن هذا خلق كان، فلما غضب الله علي اليهود (3) مسخهم فجعلهم مثلهم
هذه الليلة طائف فذكر رؤياه في الآذان وصيفته كما أشرنا الي ذالك في باب بدء الآذان المتقدم ذكره (1)(عن عائشة رضي الله عنها الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب افتراض صلاة السفر وحكمها من كتاب الصلاة في الجزء الخامس صحيفة 92 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 1204 فارجع اليه (قال ابن جرير) وفي هذه السنة يعني السنة الأولي من الهجرة زيد في صلاة الحضر فيما قيل ركعتان وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين وذك بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم بشهر في ربيع الآخر لمضي ثنتي عشرة ليلة مضت، قال وزعم الوافدي لا خلاف بين أهل الحجاز فيه اه (قلت) تقدم الكلام علي ذلك واختلاف العلماء فيه في أحكام الباب المشار اليه والله أعلم (باب)(2)(عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم من طريقين بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب من كان عدوا لجبريل الخ من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 73 رقم 165 (3)(سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد ويونس قالا حدثنا داود عن محمد بن زيد عن أبي * العبدي عن أبي، الأحوص الجثمي عن ابن مسعود الخ (غريبه)(3) غضب الله عليهم بكفرهم وقتلهم الأنبياء بغير حق واعتدائهم في السبت وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل، وقولهم ان الله فقير ونحن أغنياء: وقولهم علي مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم، وغير ذلك كثير
(عن محمود بن لبيد)(1) أخي بني عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة وقش وكان من أصحاب بدر قال كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير فوقف علي مجلس عبد الأشهل، قال سلمة وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا: علي بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار، فقال ذلك لقوم أهل الشرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، فقالوا ويحك يا فلان تري هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم الي دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟ قال نعم والذي يحلف به لود أن له له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبق به عليه وأن ينجو من تلك النار غدا، قالوا له ويحك وما آية ذلك؟ قال نبي يبعث من نحو هذه البلاد وأشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا ومتي نراه؟ قال فنظر الي وأنا من أحدثهم سنا فقال أن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة فوالله ماذهب الليل والنهار حتي بعث الله تعالي رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حيي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا، فقلنا ويلك يا فلان الست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال بلي وليس به (2)(عن المسور بن مخرمة الزهري)(3) قال مر بي يهودي وأنا قائم خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ قال فقال ارفع أو اكشف ثوبه عن ظهره (4) قال فذهبت به ارفعه قال
يطول ذكره (تخريجه)(طل) وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه وفي اسناده أبو * العبدي ضعيف ضعفه ابن معين وأبو حاتم، لكن رواه ابن مسعود من وجه آخر مطولا عند الامام احمد أيضا وليس في اسناده أبو الأعين وتقدم بطوله وسنده وشرحه في باب ما جاء في عذاب القبر من كتاب الجنائز في الجزء الثاني صحيفة 122 رقم 300 وفي آخره معني حديث الباب ذكرته في الشرح وهو حديث صحيح رواه مسلم وهو يؤيد حديث الباب والله أعلم بالصواب (1)(سنده) حدثنا يعقوب قال حدثني أبي عن ابن اسحاق قال حدثني صالح بن عبد الرحمن ابن عوف عن محمود بن لبيد الخ (غربيه)(2) أي ليس هو الذي ذكرته لكم، انكر اليهودي معرفة النبي صلى الله عليه وسلم والحال انه يعرفه كما يعرف ابنه وانما قال ذلك اليهودي بغيا وحسدا قال تعالي (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني، قال وفي رواية عنده عن أم سلمة أيضا أن يهوديا كان في بني عبد الأشهل فقال لنا ونحن في المجلس قد أظل هذا النبي القرشي الحرمي، ثم التفت في المجلس فقال أن يدركه أحد يدركه هذا الفتي وأشار الي، فقضي الله ان جاء النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فقلت هذا النبي قد جاء، فقال اما والله انه لأنه (يعني انه النبي حقا) فقلت مالك عن الاسلام؟ فقال والله لا أدع اليهودية ورجال أحد رجال الصحيح غير ابن اسحاق وقد صرح بلسماع اه يعني ان الحديث صحيح (3)(سنده) حدثنا أبو عامر ثنا عبد الله بن جعفر عن أم بكر عن المسور بن مخرمة الخ (قلت) أم بكر هي بنت المسور ابن مخرمة (غريبه)(4) الحديث فيه اختصار وجاء عند البغوي يأتم من هذا قال الحافظ في الاصابة وأخرج للبغوي من طريق أم بكر بنت المسور عن أبيها قال مر بي يهودي والنبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ وأنا خلفه فرفع أو به فاذا خاتم النبوة في ظهره فقال لي اليهودي ارفع رداءه عن ظهره فذهبت أفعل فنضح
فنضح النبي صلى الله عليه وسلم في وجهي من الماء (ز)(عن جابر بن سمرة)(1) قال جاء جرمقاني (2) الي
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال ابن صاحبكم الذي يزعم انه نبي؟ لئن سألته لأعلمن انه نبي أو غير نبي قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال الجرمقاني اقرأ علي أو قص علي فتلا عليه آيات من كتاب الله تبارك وتعالي، فقال الجرمقاني هذا والله الذي جاء به موسي عليه السلام: قال عبد الله بن أحمد هذا الحديث منكر (عن عروة بن الزبير)(3) ان أسامة بن زيد أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف (4) تحته قطيفة فدكية واردف وراءه أسامة بن زيد (5) وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحرث بن الخزرج وذلك قبل وقعة بدر حتي مر بمجلس فيه اخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فيهم عبد الله بن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة (6) خمر عبد الله بن أبي انفه بردائه ثم قال لا تغيروا علينا: فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم (7) ثم وقف فنزل فدعاهم الي الله وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بن أبي أيها المرء لا أحسن من هذا؟ (8) ان كان ما تقول حقا فلا تؤذينا في مجالسنا وارجع الي رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه، قال عبد الله بن رواحة اغشنا في مجالسنا (9) فانا نحب ذلك، قال فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتي هموا ان يتواثبوا (10) فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم (11) ثم ركب دابته حتي نزل علي سعد بن عبادة،
في وجهي كفا من ماء (قلت) فكأن اليهودي طلب من المسور ذلك ليتحقق من خاتم النبوة، وزجر النبي صلى الله عليه وسلم المسور بنضحه الماء في وجهه لأنه علم بالهام أو وحي ان اليهودي لم يؤمن به مهما ظهر له من علامات النبوة والله أعلم (تخريجه) أخرجه البغوي وسنده جيد (ز)(سنده) حدثنا عبد الرحمن المعلم أبو مسلم ثنا أيوب بن جابر اليمامي ثنا سماك بن حرب عن جابر بن سمرة الخ (غريبه)(2) بضم الجيم والميم بينهما راء ساكنة نسبة الي الجرامقة (قال في القاموس) الجرامقة قوم من العجم صاروا بالموصل في أوائل الاسلام الواحد جرمقاني (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله (يعني ابن الامام احمد في زوائده علي مسند أبيه) وقال منكر قال الهيثمي ما فيه غير أيوب بن جابر وثقه احمد وغيره وضعفه ابن معين وغيره (3)(سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير الخ (غريبه)(4) بكسر الهمزة وفتح الكاف مخففة هو للحمار بمنزلة السرج للفرس والقطيفة دثار (بحمل جمعها قطائف وقطف (والفدكية) بوزن حنفية منسوبة إلي فدك بلدة معروفة علي مرحلتين أو ثلاث من المدينة (5) فيه جواز الارداف علي الحمار وغيره من الدواب إذا كان مطيقا، وفيه جواز العيادة راكبا، وفيه ان ركوب الحمار ليس بنقص في حق الكبار (6) هو ما أرتفع من غبار حوافرها (وقوله خمر أنفه) أي غطاه (7) فيه جواز الابتداء بالسلام علي قوم فيهم مسلمون وكفار (قال النووي) وهذا مجمع عليه (8) لا أحسن من هذا) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا بألف في احسن أي ليس شئ أحسن من هذا وكذا حكاه القاضي عن جماهير رواة مسلم، قال ووقع للقاضي أبي علي الأحسن من هذا بالقصر من غير الف (قال القاضي) وهوعندي أظهر وتقديره أحسن من هذا أن تقعد في بيتك ولا تأتينا (9) بقول عبد الله بن رواحة لعبد الله بن أبي اغشنا أنت في مجالسنا فانا نحب ذلك (10) أي سب بعضهم بعضا حتي قصدوا ان يساور بعضهم بعضا للمضاربة بالأيدي (11) أي يسكنهم ويسهل الأمر بينهم
فقال أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟ يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا، فقال اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذى أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة (1)(وفي رواية البحيرة) أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة (2) فلما رد الله ذلك بالحق الذي اعظاك شرق (3) بذلك فذاك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلي الله عليه وسلم (4)
(1) بضم الباء علي التصغير قال القاضي وروينا في مسلم البحيرة مكبرة وكلاهما بمعني، وأصلها القرية، والمراد بها هنا مدينة النبي صلى الله عليه وسلم (2) معناه اتفقوا علي أن يجعلوه ملكهم وكان من عادتهم اذا ملكوا انسانا ان يتوجوه بالتاج والعمامة (3) بكسر الراء أي غص ومعناه حسد النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك بسبب نفاقه (4) زاد في رواية أخري عند مسلم وذلك قبل ان يسلم عبد الله قال النووي معناه قبل ان يظهر الاسلام وإلا فقد كان كافرا منافقا ظاهر النفاق (تخريجه)(ق) وابن اسحاق وغيرهم.
(تتمة في ذكر أسماء أعدائه صلى الله عليه وسلم من رؤساء اليهود ومن أنضم اليهم من المنافقين)
لما تخلص رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذي المشركين بمكة وصارو بالمدينة وقعوا في محنة أخري من اليهود ومنافقي الأنصار بالشنأن والبغض والمقت والغيبة والسم والسحر والغوائل، لكن من غير مجاهرة ولا مكابرة تنميما لامتحانهم ووفورا لأجورهم وتحقيقا لقوله تعالي (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذي كثيرا) فكانت الغلبة لهم وكان اعداؤهم مكبوتين مقهورين يرون في طي الأيام والليالي أنواع المكاره من ارتفاع شأن الاسلام والمسلمين وتجدد فتوحهم وعلو كلمتهم وظهور دينهم، فكان اليهود منافقوا المدينة مخزيين في جميع ما ناوءوه فيه وكادوه به، ويجمل هنا أن نذكر أسماءهم علي ما حكاه ابن هشام عن ابن اسحاق (قال ابن اسحاق) نصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم العدواة بغيا وحسدا وضغنا لما خص الله تعالي به العرب من اخذ رسوله منهم وأضاف اليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كان عسي علي جاهليته فكانوا أهل نفاق علي دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث، الا أن الاسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه، فظهروا بالاسلام واتخذوه جنة من القتل ونافقوا في السر، وكان هواهم مع يهود لتكذبيهم النبي صلى الله عليه وسلم وجحودهم الاسلام، وكانت أحبار يهودهم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنتونه ويأتونه باللبس ليلبسوا الحق بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألونه عنه الا قليلا من المسائل في الحلال والحرام، وكان المسلمون يسألون عنها، (منهم) حيي بن أخطب واخوه ابو ياسر بن اخطب وجدي بن أخطب وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وسلام بن أبي الحقيق وهو أبو رافع الأعور وهو الذي قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، والربيع بن أبي الحقيق وعمر بن جحاش وكعب بن الأشرف وهو من طئ ثم أحد بني نبهان وأمه من بني النضير، والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف، وكردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف فهؤلاء من بني النضير (ومن بني ثعلبة) ابن القطيون عبد الله بن صوريا الأعور ولم يكن بالحجاز في زمانه أعلم منه. وابن صلوبا ومخيربق وكان حبرهم (ومن بني قينقاع) زيد بن اللصيت. وسعد بن حنيف ومحمود بن سيحان وعزيز بن أبي عزيز وعبد الله بن صيف (قال) ابن هشام ويقال ابن ضيف، (قال ابن اسحاق) وسويد بن الحارث ورفاعة بن قبس وفنحاض، وأشيع ونعمان بن أضا
وبحرى بن عمرو، وشاس بن عدي وشاس بن قيس وزيد بن الحارث ونعمان بن عمرو، وسكين ابن أبي سكين وعدي بن زيد ونعمان بن أبي أوفي أبو أنسي ومحمود بن دحية ومالك بن الصيف قال ابن هشام ويقال ابن الضيف، قال ابن اسحاق وكعب بن راشد وعازر ورافع بن أبي رافع وخالد وأزار ابني أبي أزار قال ابن هشام ويقال آزر بن آزر (قال ابن اسحاق) ورافع بن حارثة، ورافع بن حريملة، ورافع بن خارجة، ومالك بن عوف ورفاعة بن زيد بن التابوت وعبد الله بن سلام بن الحارث وكان حبرهم وأعلمهم وكان اسمه الحصين فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله فهؤلاء من بني قينقاع (ومن بني قريظة) الزبير بن باطا بن وهب، وعزال بن سمو أل وكعب بن أسذ وهو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب. وسمويل بن زيد وجبل بن عمرو بن سكينة والنحام بن زيد وقردم ابن كعب ووهب بن زيد ونافع بن أبي نافع وأبو ناقع وعدي بن زيد والحارث بن عوف وكردم ابن زيد وأسامة بن حبيب ورافع بن زميلة وجبل بن أبي قشير ووهب بن يهوذا فهؤلاء من بني قريظة (ومن يهود بني زريق) لبيد بن أعصم وهو الذي أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه (يعني سحره حتي كان لا يأتي النساء)(ومن يهود بني حارثة) كنانة بن صوريا (ومن يهود بني عمرو بن عوف) قردم ابن عمرو (ومن يهود بني النجار) سلسلة بن برهام، فهؤلاء أحبار اليهود وأهل العدواة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأصحاب المسألة والنصب لأمر الاسلام الشرور ليطفئوه. الا ما كان من عبد الله بن سلام ومخيريق ثم ذكر اسلام عبد الله بن سلام واسلام عمته خالدة وذكر اسلام مخيريق يوم أحد كما سيأتي وأنه قال لقومه وكان يوم السبت يا معشر يهود والله انكم لتعلمون ان نصر محمد عليكم لحق، قالوا ان اليوم يوم السبت، قال لا سبت لكم ثم اخذ سلاحه وخرج وعهد الي من وراءه من قومه ان قتلت هذا اليوم فاموالي لمحمد يري فيها ما أراه الله، وكان كثير الأموال ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل حتي قتل رضي الله عنه، قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما بلغني مخيريق خير يهود وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله: فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة منها (فصل) ثم ذكر ابن اسحاق من مال الي هؤلاء الأضداد من اليهود من المنافقين من الأوس والخزرج (فمن الأوس) زري بن الحارث وجلاس بن سويد بن الصلت الانصاري وفيه نزل (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم) قال وقد زعموا انه تاب وحسنت توبته حتي عرف منه الاسلام والخير قال وأخوه الحارث بن سويد قال ومجاد بن عثمان بن عامر ونيتل بن الحارث وهو الذي قال ان محمدا اذن من حدثه بشئ صدقه فأنزل الله فيه (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) الآية قال وابو حبيبة بن الأزعر وكان عمن بني مسجد الضرار وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ثم نكثا (قال ابن اسحاق) وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف قال ووديعة بن ثابت وحذام ابن خالد ومربع بن قيظي وكان أعمي وحاطب بن أمية بن رافع وبشير بن ابيرق أبو طعمة (قال ابن اسحاق) ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة يعلم الا أن الضحاك بن ثابت كان يتهم بالنفاق وحب يهود فهؤلاء كلهم من الأوس (قال بن اسحاق ومن الخزرج) رافع بن وديعة وزيد بن عمرو وعمرو بن قيس وقيس بن عمرو بن سهل والجد بن قيس (وعبد الله بن أبي بن سلول) وكان رأس المنافقين ورئيس الخزرج والأوس أيضا وكانوا قد أجمعوا ان يملكوه عليهم في الجاهلية فلما هداهم الله للاسلام قبل ذلك شرق اللعين بريقه وغاظه، ذلك جدا وهو الذي قال (لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأ ذل) وقد نزلت فيه آيات كثيرة جدا وفيه وفي وديعة رجل من بني عوف ومالك بن أبي نوفل وسويد وداعس
(أبواب حوادث السنة الثانية من الهجرة)
(باب ما جاء في عدد غزواته صلى الله عليه وسلم وشئ من أداب الغزو (1)) (عن البراء بن عازب)(2) قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة (3)(ومن طريق ثان)(4) ثنا إسرائيل عن أبي اسحق عن البراء ابن عازب رضي الله تبارك وتعالي عنه غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة وأنا وعبدالله بن عمر لدة (5)(عن أبي اسحق)(5) قال سألت زيد بن أرقم رضي الله عنه كم غزا النبي صلي الله عليه وسلم قال تسع غزوة وغزوت، معه سبع عشرة وسبقني بغزاتين (6)
وهم من رهطة نزل (لئن اخرجوا لا يخرجون معهم) الآيات حين مالوا في الباطن الي بني النضير (فصل) ثم ذكر ابن اسحاق من أسلم من أحبار اليهود علي سبيل التقية فكانوا كفارا في الباطن فأتبعهم بصنف المنافقين وهم من شرهم سعد بن حنيف. وزيد بن اللصيت ونعمان بن اوفي وعثمان بن أوفي ورافع بن حريملة وكنانة بن صوريا، فهؤلاء ممن أسلم من منافقي اليهود فكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد ويسمعون أحاديث المسلمين ويسخرون ويستهزؤن بدينهم، فاجتمع في المسجد يوما منهم أناس فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون بينهم خافضي أصواتهم قد لصق بعضهم إلي بعض فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوا من المسجد اخراجا عنيفا قاتلهم الله (انتهي ملخصا من سيرة ابن هشام والله أعلم (قال ابن جرير) وفي هذا السنة يعني الأول من الهجرة مات أبو أحيحة بالطائف ومات الوليد ابن المغيرة والعاصي بن وائل السهمي فيها بمكة (قال الحافظ ابن كثير) وهؤلاء ماتوا علي شركهم ولم يسلموا لله عز وجل (قال) وممن توفي في هذه السنة الأولي من الصحابة كلثوم بني الهدم الأوسي الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسكنه بقباء الي حين ارتحل منها الي دار بني النجار كما تقدم وتوفي بعده في هذه السنة ايضا أبو أمامة أسعد بن زرارة نقيب بني النجار توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبني المسجد رضي الله عنهما (باب)(1) قال في القاموس غزاة غزوا أراده وطلبه وقصده كاغتزاه والعدو سار الي قتالهم وانتهابهم غزوا وغزوانا وهو غاز (2)(سنده) حدثنا وكيع ثنا أبي اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه)(3) لعله يريد الغزوات التي حضرها معه أخذا من الطريق الثانية والا فالنبي صلى الله عليه وسلم غزا أكثر من ذلك كما سيأتي (4)(سنده) حدثنا محمد بن عبد الله ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن البراء قال غزونا الخ (5) معناه أنهما متحدان في السن ولدا في عام واحد، وقد ثبت عند الشيخين والامام احمد عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم بحزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فاجازه، فيستفاد من هذا أن البراء لم يلحق النبي صلى الله عليه وسلم في أول غزواته لصغره والله أعلم (تخريجه)(خ)(5)(سنده) حدثنا وكيع وأبي عن أبي اسحاق الخ (غريبه)(6) يحتمل أن تكونا الآبواء وبواط ولعلهما خفيتا عليه لصغره ويؤيد ما في الصحيحين وهذا لفظ مسلم عن أبي اسحاق قال قلت له (يعني لزيد بن أرقم) كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تسع عشرة، فقلت كم غزوت أنت معه؟ قال سبع عشرة غزوة، قال فقلت فما أول غزوة غزاها؟ قال ذات العسيرة أو العشيرة، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن اسحاق قال أول ما غزا النبي صلى الله عليه وسلم الابواء ثم بواط ثم العشيرة فينتج من ذلك أن غزوتا الابواء وبواط خفيتا علي زيد كما تقدم وسيأتي الكلام
(عن ابن بريدة عن أبيه)(1) قال غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة (2)(عن جابر)(3) قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزي (4) أو يغزوا، فاذا حضر ذلك أقام حتي ينسلخ (عن أنس)(5) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا غزا قال اللهم أنت عضدي (6) وأنت نصيري
على هذه الغزوات وضبط أسمائها وتحديد أماكنها والله الموفق (تخريجه)(ق. وغيرهما)(1)(سنده) حدثنا معتمر عن كهمس عن ابن بريده عن أبيه الخ (غريبه)(2) تقدم في حديث زيد بن أرقم ان النبي صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة، بل جاء في رواية لمسلم عن زيد نفسه قال غزا رسول صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن، وأما قوله في هذه الرواية ست عشرة غزوة فليس فيه نفي الزيادة (تخريجه)(ق. وغيرهما)(قال النووي) رحمه الله ذكر في الباب (يعني هند مسلم) من رواية زيد بن أرقم وجابر وبريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة، وفي رواية بريدة قاتل في ثمان منهن، وقد اختلف أهل المغازي في عدد غزواته صلى الله عليه وسلم وسراياه فذكر ابن سعد وغيره عددهن مفصلات علي ترتبيهن فبلغت سبعا وعشرين غزاة وستا وخمسين سرية، قالوا قاتل في تسع من غزواته وهي بدر واحد والمريسيع والخندق وقريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف، هكذا عدوا الفتح فيها وهذا علي قول من يقول فتحت مكة عنوة: قال وهل بريدة أراد بقوله قاتل في ثمان اسقاط غزاة الفتح ويكون مذهبه انها فتحت صلحا كما قاله الشافعي وموافقوه اهـ (قال الزرقاني) في شرح المواهب ويمكن الجمع علي نحو ما قال السهيلي بأن من عدها دون سبع وعشرين نظر الي شدة قرب بعض الغزوات من غيره فجمع بين غزوتين وعدهما واحدة فضم للابواء بواطا لقربهما جدا اذ الابواء في صفر وبواط في ربيع الأول، وضم حمراء الأسد لأحد لكونها صبيحتها، وقريظة للخندق لكونها ناشئة عنها وتلتها ووادي القري لخيبر لوقوعها في رجوعه من خيبر قبل دخوله المدينة، والطائف لحنين لانصرافه منها اليها فبهذا تصير اثنتين وعشرين، والي هذا أشار الحافظ والله اعلم (3)(سنده) حدثنا حجين بن المثني أبو عمرو ثنا ليث عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه)(4) بضم أوله مبني للمفعول (أو يغزوا) بفتح أوله يعني في غير الشهر الحرام (فاذا حضر اقام) بغير حرب حتي ينسلخ الشهر يعنى رجب وكان ذلك في أول الامر ثم * بقوله تعالى (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)(تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد واورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (5)(سنده) حدثنا عبدالرحمن بن مهدى ثناالمثنى بن سعيد عن قتاده عن انس (يعنى ابن مالك) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا رقد احدكم عن الصلاة أو اغفل عنها فليصلها اذا ذكرها فان الله عزوجل يقول اقم الصلاة لذكرى، قال وكان النبى صلى الله عليه وسلم اذا غزا الخ (غريبه) (6) اى معتمدى قال القاضى عياض العضد ما يعتمد عليه ويثق به المرء في الحرب وغيره في الأمور (وانت نصيرى) اى ومجولك وقوتك اقاتل عدوك وعدوى (تخريجه) (مذجه حبك) ورجاله ثقات وسنده صحيح: وأخرج الجزء الأول منه المختص بالصلاة مسلم وتقدم في باب من نسى صلاة فوقتها عند ذكرها في الجزء الثانى صحيفة 30 رقم 205 (غزوة ودان)(قال ابن اسحاق) وفي صفر على رأس اثني عشر شهرا من الهجرة غزا صلى الله عليه وسلم غزوة ودان (قلت قال ياقوت) بالفتح كانه فعلان قرية جامعة من نواحى الفرع بينها وبين هرشى ستة أميال وبينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال قرية من الجحفة وهى لضمرة وغفار وكنانة اهـ (والأبواء)
وبك أقاتل (باب ماجاء في غزوة العشيرة)(1)(عن عمار بن ياسر)(2) قال كنت أنا وعلى (رضى الله عنه) رفيقين في غزوة ذات العشيرة فلما نزلها صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا ناسا من بنى مدلج يعملون؟ في عين لهم في نخل، فقال لى على يا أبا اليقظان هل لك أن نأتى هولاء فننظر كيف يعملون فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم: فإنطلقت أنا وعلى فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء (3) من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا (4) إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا
بفتح الهمزة وسكون الموحدة ممدودا قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهه المدينة ثلاثة وعشرون ميلا وهى ودان المذكورة (قال ابن اسحاق) خرج صلى الله عليه وسلم يربد قريشا وبني ضمرة من كنانة فوادعة مخشى بوزن بكرى بن عمرو الضمرى ورجع وهى أول غزوة غزاها صلى الله عليه وسلم واستعمل على المدينة سعد بن عبادة وتسمى غزوة الابواء (وقال المحب الطبرى) في خلاصة السير كانت لسنة من الهجرة وشهرين وعشرة أيام والله أعلم اهـ (قال في بهجه المحافل (وفيها) يعنى في السنة الثانية كان من الغزوات والسرايا (سرية عبيد ابن الحارث بن المطلب بن عبد مناف) وهى أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعقد قبلها لأحد قبل بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من غزوة الأيواء قبل أن يصل إلى المدينة، وكان عددهم ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين ليس فيهم انصارى، ولقوا جمعا من قريش بالحجاز فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبى وقاص رمى بسهم فكان أول سهم رمى به في سبيل الله ثم انصرفوا وللمسلمين حامية وفر إلى المسلمين يومئذ المقداد بن عمرو البهرانى وعتبة بن غزوان المازنى وكانا من المستضعفين بمكة وكان على المشركين يومئذ عكرمة بن أبى جهل وقيل مكرز بن حفص (ثم سرية حمزة بن عبدالمطلب إلى سيف البحر) من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين فلقى أبا جهل بذلك الساحل في ثلاثمائة راكب فحجز بينهم مجدى بن عمرو الجهنى وكان موادعا للفريقين (ثم غزوة بواط) بضم الموحدة وتخفيف الواو آخرها طاء مهملة جبل من جبال جهينة بقرب ينبع وكانت في ربيع الأول سنة اثنتين قال البكرى وإليها انتهى النبى صلى الله عليه وسلم في غزوته الثانية ولم يلق كيدا، وذلك في شهر ربيع الأول واستعمل على المدينة السائب بن مظعون، وفي صحيح مسلم عن جابر قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطلب فى غزوة بواط مجدى بن عمرو الجهنى وكان الناضح (يعنى البعير) يتعقبه منا الخمسة والستة والسبعة ثم ساق الحديث الطويل المشتمل على معجزات ظاهرة باهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع منها أقام بالمدينة بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى (باب) (1) العشيرة بالشين المعجمة والتصغير آخرها هاء تأنيث ببطن ينبع (قال ابن سعد) غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا العشيرة في جمادى الثانية على رأس ستة عشرا من مهاجره في خمسين ومائة: وقيل مأتين من المهاجرين على ثلاثين بعيرا يعتقبونها، وحمل لواءه حمزة بن عبدالمطلب واستخلف على المدينة أبا سلمة المخزومى يطلب عبرا لقريش التى كانت وقعة بدر بسببها حين رجعت من الشام، فبلغ ذا العشيرة من بطن ينبع، وبين المدينة وينبع سبعة برد فوجد العير قد مضت إلى الشام قبل ذلك بأيام، فوادع بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة ثم رجع ولم يلق كيدا (2)(سنده) حدثنا علي بن بحر ثنا عيسي بن يونس ثنا محمد بن اسحاق حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خثيم أبي يزيد عن عمار بن ياسر الخ (غريبه)(3) هو التراب الكثير (4) اي ما أيقظنا
الا رسول الله صلي الله عليه وسلم
برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول صلى الله عليه وسلم لعلى يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب قال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا بلى يارسول الله، قال أحيمر (1) ثمود الذى عقر الناقة والذى يضربك ياعلى (2) على هذه يعنى قرنه (3) حتى تبل منه هذه يعنى لحيته (باب ما جاء في سر ية عبدالله بن جحش وهو أول أمير أمر في الأسلام)(خط)(عن سعد بن ابى وقاص)(4) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة جاءته جهينه فقالوا إنك قد
نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك وتؤمنا، فأوثق لهم فاسلموا، قال فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ولا نكون مائة وأمرنا أن نغير على حي من بنى كنانة إلى جنب جهينة فأغرنا عليهم وكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة فمنعونا (5) وقالوا لم تقاتلون في الشهر الحرام؟ فقلنا إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام، فقال بعضنا لبعض ما ترون؟ فقال بعضنا نأتى نبى الله صلى الله عليه وسلم فخبره، وقال قوم لا بل نقيم ههنا، وقلت أنا في أناس معى لا بل نأتى عير قريش فنقتطعها، فانطلقنا الى العير وكان
(1) تصغير أحمر وهو قدار بن سالف الذى عقر ناقة نبى الله صالح عليه السلام قال تعالى (فعقروها فاصبحوا نادمين فأخذهم العذاب)(2) هو عبدالرحمن بن ملجم المرادى قبحه الله (3) أى جانب رأسه حتى تبل بالدم منه لحيته رضى الله عنه، وفي هذا الحديث معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما ذكره على الصفة المذكورة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب بز) ورجال الجميع موثقون الا أن التابعى لم يسمع من عمار
(قال ابن اسحاق) ثم لم يقم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالمدينة حين رجع من العشيرة الا ليال قلائل لا تبلغ العشرة حتى اغار كرز بن جابر الفهرى على مسرح المدينة (أى الابل والمواشى التى تسرح للرعى بالغداة) فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر وهى غزوة بدر الأولى وفاته كرز فلم يدركه (قال الواقدى) وكان لواءه مع على بن أبى طالب قال ابن هشام والواقدى وكان قد استخلف على المدينة زبد بن حارثة (قال ابن اسحاق) فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام جمادى ورجبا وشعبان وقد كان بعث بين يدى ذلك سعدا (يعنى ابن أبى وقاص) في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز (الخرار) بمعجمة مضمومة على ما في القاموس ومفتوحة على ما في المعجم والنهاية فراء آخره (قال ياقوت) موضع بالحجاز قرب الجحفة وقيل واد من أودية المدينة، قال ابن هشام ذكر بعض أهل العلم أن بعث سعد هذا كان بعد حمزة ثم رجع ولم يلق كيدا (باب)(خط)(4)(سنده) حدثنا عبدالمتعالى بن عبدالوهاب حدثنى يحي بن سعيد الأموى قال أبو عبد الرحمن (يعنى عبدالله بن الامام احمد) وحدثنا سعيد بن يحي حدثنا أبى ثنا المجالد عن زياد بن علاقة عن سعد بن أبى وقاص الخ (غريبة)(5) من المنعة بالتحريك
الفيئ إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له، فانطلقنا الي العير وانطلق أصحابنا الي النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه الخبر فقام غضبانا (1) محمر الوجه فقال ذهبتم من عندي جميعا وجئتم متفرقين؟ انما اهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم أصبركم علي الجوع والعطش فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي، فكان أول أمير أمر في الاسلام (2)
وهي القوة، أي منعونا بقوتهم ممن يريدنا بسوء (1) هكذا بالأصل مصروفا والقواعد تفيد عدم صرفه فالله أعلم (2) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه هذا الحديث يقتضي أن أول السرايا عبد الله بن جحش الأسدي وهو خلاف ما ذكر هـ ابن اسحاق أن أول الرايات عقدت لعبيدة بن الحارث بن المطلب، (والواقدي) حديث زعم أن أول الرايات عقدت لحمزة بن عبد المطلب والله أعلم اهـ (قلت) سرية عبيدة ابن الحارث وسرية حمزة بن عبد المطلب تقدمنا عقب شرح أحاديث الباب الأول من حوادث السنة الثانية (تخريجه) اخرجه البهيقي في الدلائل من حديث يحيي بن أبي زائدة عن مجالديه نحو حديث الباب وهو منقطع، قال أبو زرعة زياد بن علاقة لم يسمع من سعد بن أبي وقاص اه (قلت) لكن رواه البهيقي من وجه آخر موصولا من حديث أبي اسامة عن مجالد عن زياد بن علاقة عن قطبة ابن مالك عن سعد بن أبي وقاص، وهذا الحديث سبب (في سرية عبد الله بن جحش) لقوله في آخره (فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي (قال ابن اسحاق) وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش ابن رئاب الأسدى في رجب مقفله من بدر الاولى، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الانصار أحد ثم ذكر أسماءهم، قال ابن اسحاق وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضى لما أمر به ولا يستكره من أصحابه أحدا، فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فاذا فيه اذا نظرت في كتابى فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لناس أخبارهم، فلما نظر فى الكتاب قال سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بما في الكتاب وقال قد نهانى أن استكره أحدا منكم، فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها قلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فاما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد، وسلك على الحجاز حتى اذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران أضل سعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوات بعيرا لهما كان يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبدالله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة فمرت عير لقريش فيها عمرو بن الحضر مى (قال بن هشام) واسم الحضرمى عبدالله بن عباد الصدف، وعثمان بن عبدالله بن المغيرة المخزومى وأخوه نوفل والحكم ابن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشه بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا، وقال عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب، فقالوا والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم راجعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبدالله التميمى عمرو بن الحضرمى بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وافلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، واقبل عبد الله بن جحش واصحابه بالعير والأسيرين حتي قدموا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما غنمنا الخمس فعزله وقسم الباقي بين أصحابه وذلك قبل أن ينزل الخمس، قال ولما انزل الخمس نزل كما قسمه عبد الله بن جحش كما قاله ابن اسحاق، فلما قدموا
_________
على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والاسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقط في أيدى القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم اخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش قد استحل محمد واصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال، فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة أنما اصابوا وما أصابوا في شعبان، وقالت يهود تفائل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن الحضرمى قتله واقدين عبدالله، عمرو عمرت الحرب، والحضرمى حضرت الحرب، وواقد بن عبدالله وقدت الحرب، فجعل الله ذلك عليهم لالهم، فلما أكثر الناس في ذلك انزل الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه؟ قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يرودكم عن دينكم ان استطاعوا) أى إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به، وعن المسجد الحرام واخراجكم منه وأنتم أهله اكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم، والفتنة أكبر من القتل. أى قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه الى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل، ثم هم يقيمون على اخبث ذلك واعظمه غير تائبين ولا نازعين، ولهذا قال الله تعالى (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا الآية)(قال ابن اسحاق) فلما نزل القرآن بهذا الآمر وفرج الله عن المسلمين مما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين، وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم ابن كيسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفديكموهما حتي يقدم صاحبانا يعنى سعد بن أبى وقاص وعتبة ابن غزوان فانا نخشاكم عليهما، فان تقتلوهما نقتل صاحبيكم، فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن اسلامه وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا، واما عثمان بن عبدالله فلحق بمكة فمات بها كافرا (قال ابن اسحاق) فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا يا رسول الله أنطمع ان تكون لنا غزاة نعطي فيها أجر المجاهدين؟ فانزل الله فيهم (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) فوصفهم الله في ذلك علي أعظم الرجال، وكان الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين (وقال عبد الملك بن هشام) هو أول قتيل قتله المسلمون، وهذه أول غنيمة غنمها المسلمون: وعثمان والحكم بن كيسان أول من أسره المسلمون (قال الزهري) عن عروة فبلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام حتي أنزل الله براءة: رواه البيهقي (قال ابن اسحاق) فقال أبو بكر الصديق في غزوة عبد الله بن جحش جوابا للمشركين فيما قالوا من احلال الشهر الحرام (قال ابن هشام) هي لعبد الله بن جحش.
تعدون قتلا في الحرام
…
عظيمة
…
وأعظم
…
منه لو يري الرشد راشد
صدوكم عما
…
يقول
…
محمد
…
وكفر
…
به والله
…
راء
…
وشاهد
واخراجكم من مسجد الله اهله
…
لئلا
…
يري
…
لله
…
في
…
البيت
…
ساجد
فانا
…
وان
…
عيرتمونا
…
بقتله
…
وارجف
…
بالاسلام
…
باع
…
وحاسد
سقينا من ابن الحضرمي رماحنا
…
بنخلة لما
…
أوقه الحرب.
…
واقد
كما وابن
…
عبد الله
…
عثمان بيننا
…
ينازعه
…
اغل
…
من
…
القيد
…
عاند
(باب ما جاء في تحويل القبلة الي الكعبة في السنة الثانية من الهجرة)(عن البراء بن عازب)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل علي أجداده أو أخواله من الأنصار وأنه صلي قبل بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنه صلي أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلي معه قوم، فخرج رجل ممن صلي معه فمر علي أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة قال فدارو اكماهم قبل البيت وكان يعجبه أن يحول قبل البيت، وكان اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل المقدس وأهل الكتاب، فلما ولي وجهه قبل البيت انكروا ذلك (عن عائشة رضي الله عنها (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إنهم (يعني اليهود) لا يحسدونا علي شئ كما يحسدونا علي يوم الجمعة التي هدانا الله بها وضلوا عنها وعلي القبلة التي هدانا الله بها وضلوا عنها، وعلي قولنا خلف الامام آمين (باب ما جاء في فريضة صوم رمضان في الثانية أيضا قبل وقعة بدر (عن معاذ بن جبل)(3) قال أحيلت الصلاة
(باب)(1)(عن البراء بن عازب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبوابه القبلة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 115 رقم 421 فارجع اليه وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (2)(عن عائشة الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه في باب ما يقال في رد السلام علي أهل الكتاب من كتاب السلام والأستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 340 رقم 34 ولم اقف عليه لغير الامام احمد، واورده الهيثمي وقال رواه احمد وفي اسناده علي بن عاصم شيخ احمد وقد تكلم فيه بسبب كثرة الغلط والخطأ، قال احمد أما أنا فأحدث عنه وحدثنا عنه وبقية رجال ثقات (قال ابن اسحاق) بعد غزوة عبد الله بن جحش ويقال صرفت القبلة في شعبان علي رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وحكي هذا القول ابن جرير من طريق السدي فسنده عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة، قال الجمهور الأعظم انما عرفت في النصف من شعبان (قال الحافظ ابن كثير) وفي هذا التحديد نظر اه (وفي بهجة المحافل) قال وفيها يعني في السنة الثانية حولت القبلة وكان تحويلها في صلاة الظهر يوم الثلاثاء نصف شعبان وقيل في رجب علي رأس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا من الهجرة، وكان ذلك في منازل بني سلمة: وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم زار امرأة منهم يقال لها أم بشر وصنعت له طعاما فجاءت صلاة الظهر فصلي بهم وأنزل عليه وهو راكع في الثانية قوله تعالي (قد نري تقلب وجهك في السماء الآية) فاستدار صلى الله عليه وسلم واستدارت الصفوف خلفه وتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال، ثم صلي ما بقي من صلاته الي الكعبة ولم يستأنف، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وأخبر أهل مسجد قباء بذلك وهم في صلاة الصبح فاستدارو اكماهم الي الكعبة، قال ولما حولت القبلة (يعني الي الكعبة) وقع في ذلك القالة من اليهود وارتد من رق إيمانه وقالوا رجع محمد الي دين آبائه ونزل في ذلك قوله تعالي (وماجعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه وان كانت (أي التحويلة) لكبيرة الا علي الذين هدي الله) وكان قد مات علي القبلة الأولي ناس من المسلمين فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالهم في صلاتهم، قال فنزل قوله تعالي (وما كان الله ليضيع إيمانكم ان الله بالناس لرءوف رحيم)(باب)(3)(عن معاذ)
ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال (فذكر أحوال الصلاة) قال وأما أحوال الصيام فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام (وفي رواية) فصام سبعة عشر شهرا من ربيع الأول إلي رمضان، من كل شهر ثلاثة أيام، وصام يوم عاشوراء ثم ان الله عز وجل فرض عليه الصيام فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم - الي هذه الآية) وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)
(1)
{ابواب ما جاء في غزوة بدر الكبري (1) في رمضان}
(باب ماجاء في استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بشأنها)(عن أنس بن مالك)(2) قال لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه ثم استشارهم فأشار عليه عمر رضي الله عنه فسكت، فقال رجل من الأنصار إنما يريدكم
ابن جبل الخ) هذا طرف من حديث طويل تضمن أحوال الصلاة والصيام (أما أحوال الصلاة) فتقدمت بسندها وشرحها في كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 235 رقم 83 (وأما احوال الصيام) فتقدمت أيضا في باب الأحوال التي عرضت للصيام بشرحها وتخريجها من كتاب الصيام في الجزء التاسع صحيفة 239 رقم 31 فارجع اليه والله الموفق (قال ابن جرير) وفي هذه السنة (يعني الثانية من الهجرة) فرض صيام شهر رمضان، وقد قيل انه فرض في شعبان منها، ثم حكي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عنه: فقالوا هذا يوم نجي الله فيه موسي، فقال نحن أحق بموسي منكم فصامه وأمر الناس بصيامه اه (قلت) هذا حديث ثابت عند الشيخين والامام احمد واصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس وتقدم في باب ما جاء في يوم عاشوراء من كتاب الصيام في الجزء العاشر ص 178 رقم 228
(1)
" (ابواب غزوة بدر الكبري الخ) "
وتسمي العظمي، وبدر الثانية وبدر القتال، لوقوعه فيها دون الأولي، وتسمي أيضا بدر الفرقان وهي قرية مشهورة بين مكة والمدينة علي نحو أربع مراحل من المدينة قاله النووي في تهذيب الاسماء واللغات (وفي معجم ما استعجم للبكري) علي ثمانية وعشرين فرسخا من المدينة: يذكر ولا يؤنث جعلوه اسم ماء (وفي معجم لياقوت) بدر بالفتح ثم السكون ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصغراء (قال في المواهب) وكان خروجهم يوم السبت، وعن ابن جعد يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان علي رأس تسعة عشر شهراً، ويقال لثمان خلون منه قاله ابن هشام، واستخلف أبا لبابه وقيل رفاعة بن عبد المنذر الأوسي رده من الروحاء واليا علي المدينة قاله ابن اسحاق، وقال الحاكم لم يتابع علي ذلك، وقال ابن هشام واستعمل علي الصلاة واستعمل علي الصلاة ابن أم مكتوم، وقال ابن القيم استخلفه علي المدينة والصلاة معا حتي رد ابا لبابة من الروحاء اه (قلت) وكان عدد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة ونيف وعدد المشركين الف وزيادة كما سيأتي في حديث عمر في باب سياق القصة والتحريض علي القتال (باب)(2)(عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في جبن بني اسرائيل وخوفهم من قتال الجبارين من أبواب ذكر نبي الله موسي عليه السلام
فقالوا يا رسول الله والله لانكون كما قالت بنو اسرائيل لموسي عليه السلام أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن والله لو ضربت أكباد الأبل حتي تبلغ برك الغماد لكنا معك (باب ما جاء في إرساله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينا ينظر ما فعلت عير أبي سفيان ثم الإذن بالقتال)(عن ثابت عن أنس)(1) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينا (2) ينظر ما فعلت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أدري ما استثني بعض نسائه فحدثه الحديث، قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فقال ان لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا، فجعل رجال يستأذنونه في ظهر لهم في علو المدينة قال لا إلا من كان ظهره حاضرا، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتي سبقوا المشركين الي بدر (3) وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتقدمن أحد منكم حتي أكون أنا أوذنه، فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا إلي جنة عرضها السموات والأرض؟ قال نعم فقال بخ بخ (4) فقال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم ما يحملك علي قولك بخ بخ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء ان اكون من أهلها، قال فانك من أهلها، قال فاخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتي آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال ثم رمي بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل
من كتاب أحاديث الأنبياء في الجزء العشرين صحيفة 97 رقم 58 وسيأتي نحوه من طريق ثابت عن أنس بأطول من هذا في باب سياق القصة والله الموفق (باب)(1)(سنده) حدثنا هاشم ثنا سليمان عن أنس (يعني ابن مالك الخ)(غريبه)(2) أي جاسوسا قال الحافظ في الاصابة بسبسة بن عمر بن ثعلبة وهو بموحدتين مفتوحتين بينهما مهملة ساكنة ثم مهملة مفتوحة ويقال له بسبس بغير هاء، وهو قول ابن اسحاق وغيره، شهد بدرا باتفاق، ووقع ذكره في صحيح مسلم من حديث انس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فذكر الحديث في وقعة بدر، وحكي عياض انه في مسلم بموحدة مصغرا اه (3) جاء عند ابن اسحاق أن سعد بن معاذ قال يا نبي الله الا نبي لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقي عدونا فان أعزنا الله وأظهرنا علي عدونا كان ذلك ما أحببنا، وان كانت الأخري جلست علي ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد حبا لك منهم، ولو ظنوا انك تلقي حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك، فأثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عربشا كان فيه (4) هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشئ وتكرر للمبالغة وهي مبنية علي السكون، فان وصلت جررت ونونت فقلت بخ بخ (نه)(تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وجاعة عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة، وقد ذكر ابن جرير أن عميرا
قاتل وهو يقول:
ركضا الي الله بغير زاد
…
الا التقي وعمل المعاد
…
والصبر في الله علي الجهاد
وكل زاد غرضه النفاد
…
غير التقي والبر
…
والرشاد
{باب ما جاء في سياق القصة والتحريض علي القتال}
(عن علي رضي الله عنه (1) قال لما قدمنا المدينة فاجتويناها (2) وأصابنا بها وعك (3) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخبر (4) عن بدر فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار الرسول صلى الله عليه وسلم إلي بدر: وبدر بئر فسبقنا المشركون اليها فوجدنا فيها رجلين منهم، رجلا من قريش، ومولي لعقبة ابن أبي معيط، فاما القرشي فانفلت، وأما مولي عقبة فأخذناه فجعلنا نقول له كم القوم؟ فيقول هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذ قال ذلك ضربوه حتي أنتهوا به الي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له كم القوم؟ فقال هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هم فأبي ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون من الجزور؟ (5) فقال عشرا كل يوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم الف كل جزور لمائة و * ثم انه أصابنا من الليل طش (6) من مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف (7) نستظل تحتها من المطر وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه عز وجل ويقول اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد، فلما أن طلع الفجر نادي الصلاة عباد الله، فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرض علي القتال، ثم قال إن جمع قريش تحت هذا الضلع (8) الحمراء من الجبل، فلما دنا القوم منا وصاففناهم اذا رجل منهم علي جمل له أحمر يسير في القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي ناد لي حمزة، وكان أقربهم من المشركين (9) من صاحب الجمل الأحمر؟ وماذا يقول لهم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن في القوم أحد يأمر بخير فعسي أن يكون صاحب الجمل الأحمر، فجاء حمزة فقال هو عتبة بن ربيعة وهو ينهي عن القتال ويقول لهم يا قوم اني أري قوما مستميتين لا تصلون اليهم وفيكم خير: يا قوم اعصبوها اليوم برأسي (10) وقولو جبن عتبة بن ربيعة وقد علمتم أني لست باجبنكم، فسمع بذلك أبو جهل فقال أنت تقول
(باب)(1)(سنده) حدثنا حجاج حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبه)(2) أي أصابنا الجوي وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها او استوخموها (نه)(3) الوعك بسكون العين المهملة الحي والألم يجده الانسان من شدة التعب (4) أي يتعرف يقال تخبر الخبر واستخبر إذا سأل عن الاخبار ليعرفها (5) الجزور بفتح الجيم البعير ذكرا كان أو أنثي إلا ان اللفظة مؤنثة، تقول هذا الجزور وان أردت ذكر ا، والجمع جزر وجزائر (نه)(6) بفتح الطاء المهملة وتشديد الشين المعجمة منونة هو المطر الضعيف القليل (7) الحجف بفتحتين جمع حجفة وهي الترس بضم التاء الفوقية الذي يتقي به في الحرب، يقال تترس بالشئ جعله كالترس وتستر به، وكل شئ تترست به فهو مترسة لك (قال في الصباح) واذا كان الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب سمي حجفة ودرقة (8) بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام جبيل منفرد صغير ليس بمنقاد يشبه بالضلع (9) أي لأسأله من صاحب الجمل الأحمر (10) قال في النهاية يريد السبة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى
هذا والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته (1) قد ملأت رئتك جوفك رعبا، فقال عتبة إياي تعير يا مصفر استه (2) ستعلم اليوم آيانا الجبان، قال فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقال من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال عتبة لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا علي وقم يا حمزة وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب (3) فقتل الله تعالي عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وجرح عبيدة فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين، فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيراً، فقال العباس يا رسول الله ان هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح (4) من أحسن الناس وجها علي فرس أبلق (5) ما أراه في القوم، فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله: فقال اسكت فقد أيدك الله تعالي بملك كريم (6) فقال علي رضي الله عنه فأسرنا وأسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحرث (عن عمر رضي الله عنه (7) قال لما كان يوم بدر قال نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلي أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ونظر إالي المشركين فاذا هم الف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وازاره ثم قال اللهم اين ما وعدتني، اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة
السلم فأضمرها اعتمادا علي معرفة المخاطبين، أي أقرنو هذه الحالة بي وانسبوها الي وان كانت ذميمة (1) اي قلت له أعضض بإير أبيك (3) الاست همزته وصل ولامه محذوفة والأصل ستة وهو العجز ويراد به حلقة الدير ويجمع علي أستاه مثل سبب وأسباب (قال في النهاية) رماه بالأبنة وانه كان يزعفر استه، وقيل هي كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحنكه التجارب والشدائد (3) هو عبيدة بن الحارث بن المطلب وجاء في الأصل بن عبد المطلب بزيادة عبد وهو خطأ من الناسخ وصوابه بن المطلب كما في جميع المراجع ابن عبد مناف أسلم قديما وكان أسن بني عبد مناف وهو أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين جرح يوم بدر ثم مات رضي الله عنه (4) الأجلح هو الذي انحسر الشعر عن جانبي رأسه (5) الفرس الأبلق ارتفع التحجيل الي فخذيه (6) معناه ان الذي أسره حقيقة هو الملك بفتح اللام: وظاهرا هو الرجل القصير والله أعلم (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا سياق حسن وفيه شواهد لما تقدم ولما سيأتي وقد تفرد بطوله الامام احمد، وروي أبو داود بعضه من حديث اسرائيل اه (قلت) واورده ايضا الهيثمي بطوله وقال رواه احمد والبزار ورجال احمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة اه (قال الأموي في مغازيه) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حين حرض المسلمين علي القتال قد نفل كل امرئ ما اصاب، وقال والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا ادخله الله الجنة، وذكر قصة عمير بن الحمام كما تقدم وقد قاتل صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة قتالا شديدا ببدنه وكذلك ابو بكر الصديق كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع ثم نزلا فحرضا وحثا علي القتال وقاتلا بالابدان جمعا بين المقامين الشريفين (7) (عن عمر رضي الله عنه الخ) هذا الحديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب فداء اسري بدر الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 102 رقم 292 وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره: وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال
من أهل الاسلام فلا تعبد في الأرض ابداً، قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتي سقط رداؤه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك وانزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنه فقال أبو بكر يا نبي الله هؤلاء بنوا العم والعشيرة والأخوان فإني أري أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا علي الكفار وعسي الله أن يهديهم فيكونون لنا عضداً: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تري يا ابن الخطاب؟ قال قلت والله ما أري ما رأي أبو بكر ولكني أري أن تمكنني من فلان قريبا لعمر فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتي يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين: هؤلاء صناديدهم وائمتهم وقادتهم، فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت الي النبي صلى الله عليه وسلم فاذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه واذا هما يبكيان: فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فان وجدت بكاء بكيت، وان لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم الذي عرض علي أصحابك من الفداء لقد عرض علي عذابكم أدني من هذه الشجرة لشجرة قريبة: وأنزل الله عز وجل (ماكان لنبي أن يكون له أسري حتي يثحن في الأرض الي قوله)(لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء، ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة علي رأسه وسال الدم علي وجهه وأنزل الله تعالي (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) الآية بأخذكم
وقد رواه مسلم وابو داود والترمزي وابن جرير وغيرهم من حديث عكرمة بن عمار اليماني وصححه علي ابن المديني والترمذي، وهكذا قال غير واحد عن ابن عباس والسدي وابن جرير وغيرهم ان هذاه الآية نزلت في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وقد ذكر الأموي وغيره ان المسلمين عجو الي الله عز وجل في الا ستغانة بجنابه والاستعانة به، وقوله نعالي (بالف من الملائكة مردفين) اي ردفا لكم ومددا لفئتكم رواه العوفي عن ابن عباس، وقاله مجاهد وابن كثير وعبد الرحمن بن زيد وغيرهم، وقال ابو كدينة عن قابوس عن ابن عباس (مردفين) وراء كل ملك ملك، وقد روي علي بن أبي طلحة الوالي عن ابن عباس وامد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة وكان جبريل في خمسمائة بجنية وميكائيل في خمسمائة بجنية وهذا هو المشهور، ولكن روي ابن جرير بسنده عن محمد بن جبير عن علي فزاد ونزل اسرافيل في ألف من الملائكة علي ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها ابوبكر، ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة علي ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم وانا في الميسرة (وروراه البهيقي) في الدلائل من حديث محمد بن جبير عن علي فزاد ونزل اسرافيل في ألف من الملائكة وذكر انه طعن يومئذ بالحربة حتي اختضبت ابطه من الدماء فذكر انه نزلت ثلاثة الاف من الملائكة
الفداء (عن أنس بن مالك)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور الناس يوم بدر فتكلم ابو بكر فاعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه (2) فقالت الأنصار يا رسول الله إيانا تريد؟ فقال المقداد ابن الأسود (وفي رواية سعد بن عبادة)(3) يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر (4) لأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها (5) إلي برك الغماد فعلنا فشأنك يا رسول الله فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه (6) فانطلق حتي نزل بدراً وجاءت روايا قريش (7) وفيهم غلام لبني الحجاج أسود فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أبي سفيان وأصحابه؟ فقال أما أبو سفيان فليس لي به علم ولكن هذه قريش وأبو جهل وأمية بن خلف قد جاءت، فيضربونه فاذا ضربوه قال نعم هذا أبو سفيان، فاذا تركوه فسألوه عن أبي سفيان قال مالي بأبي سفيان من علم ولكن هذه قريش قد جاءت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فانصرف (8) فقال إنكم لتضربونه اذا صدقكم وتدعونه إذا كذبكم: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فوضعها فقال هذا مصرع فلان غدا وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالي: فالتقوا فهزمهم الله عز وجل فو الله ما أماط (9) رجل منهم عن موضع كفي النبي صلى الله عليه وسلم قال فخرج اليهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام وقد جيفوا (10) فقال يا أبا جهل يا عتبة يا شيبة يا أمية قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا. فاني قد وجدت ما وعدني ربي حقا. فقال له عمر يا رسول الله تدعوهم بعد ثلاثة أيام وقد جيفو؟ فقال ما أنتم باسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون جوابا، فامر بهم فجروا بارجلهم فألقوا في قليب بدر (11)
وهذا غريب وفي اسناده ضعف ولو صح لكان فيه تقوية لما تقدم من الأقوال ويؤيدها قراءة من قرأ (بالف من الملائكة مردفين) بفتح الدال والله أعلم (1)(سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(2) انما اعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لانه كان يقصد بالمشاورة اختيار الأنصار لانه لم يكن بايعهم علي ان يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وانما بايعهم علي أن يمنعوه ممن يقصده، فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان أراد أن يعلم انهم يوافقون علي ذلك قاله النووي (3) سعد بن عبادة من سادة الأنصار وجيه فيهم فأجاب أحسن جواب بالموافقة (4) يعني الخيل (لأخضناها) أي لو أمرتنا بادخال خيولنا في البحر وتمشينا اياها فيه لفعلنا (5) كناية عن ركضها: فان الفارس اذا أراد ركض مركوبه يحرك رجليه من جانبيه ضاربا علي موضع كبده (وقوله الي برك الغماد) قال في القاموس (برك الغماد) موضع أو هو أقصي معمور الأرض (6) أي دعاهم ووجهم (7) أي ابلهم التي كانوا يستقون عليها فهي الأبل الحوامل للماء واحدتها رواية كما في النهاية (8) قال النووي فيه استحباب تخفيفها إذا عرض أمر في أثنائها (9) أي ما عدل ففيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم (10) أي انتنوا (11) القليب البئر التي لم تطو أي لم تبن (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه مسلم عن أبي مسلم عن أبي بكر عن عفان به نحوه، قال وقد روي بن أبي حاتم في تفسيره وابن مردويه واللفظ له من طريق عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم عن أبي عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة إني أخبرت عن عير أبي سفيان انها مقبلة فهل
(باب ما جاء في اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بوقعة بدر واستغاثته بالله عز وجل ونزوله معممة القتال بنفسه وشجاعته واتقاء المحاربين به وتأييد الله له بالملائكة)(عن ابن عباس)(1) أن رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم قال وهو في قبة (2) يوم بدر اللهم اني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم فأخذ ابو بكر بيده فقال حسبك يا رسول الله لقد الححت علي ربك وهو يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر (3)
لكم أن تخرج قبل هذا العير لعل الله يغنمناها؟ فقلنا نعم، فخرج وخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا ما ترون في القوم فانهم قد أخبروا بمخرجكم؟ فقلنا لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم ولكنا أردنا العير، ثم قال ما ترون في قتال القوم؟ فقلنا مثل ذلك، فقام المقداد بن عمرو فقال اذا لا نقول لك يا رسول كما قال قوم موسي لموسي (اذهب أنت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون) قال فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا مثل ما قال المقداد أحب الينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله عز وجل (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) وذكر تمام الحديث اه
أما سبب غزوة بدر فاليك تلخيصه علي ما ذكره ابن اسحاق وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم سمع بابي سفيان صخر بن حرب شرع في تجارة الي الشام معه ثلاثون أو أربعون رجلا، فلما فاتته في ذهابها طمع بها في ايابها وجعل العيون عليها، فحين جاءه عينه بسبة (بموحدتين مفتوحتين بينها سين مهملة ساكنة أو بسبة بضم الموحدة وفتح المهملتين بينهما تحتية ساكنة مصغرا) وتقدم حديث بسبة وانه جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بخبر العير فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ممن خف معه من المسلمين واستعمل علي الصلاة ابن أم مكتوم وعلي المدينة أبا لبابة كما تقدم، ودفع لواءه وكان أبيض الي مصعب بن عمير العبدي وكان له رايتان سوداوان أحداهما مع علي رضي الله عنه والأخري بيد رجل من الأنصار، ثم إن أبا سفيان لما قارب الحجاز اشتد خوفه وجعل يتجسس الأخبار، فلما أخبر بمخرج النبي صلى الله عليه وسلم بعث الي قريش يستنفرهم فأوعبت قريش في الخروج فلم يتخلف من بطونها إلا بنو عدي ولا من أشرافها الا أن أبا لهب استأجر مكانه العاص بن هشام بن المغيرة فقتل العاص فيمن قتل، ولم تمتد حياة أبي لهب بعده: رماه الله بالعدسة بعد مصاب أهل بدر بليال كما تقدم ذلك في تفسير سورة تبت يدا أبي لهب في الجزء الثامن عشر ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق وصح له نفير قريش بهذه الكثرة استشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير وكانت العير أحب اليهم كما قال الله تعالي
(وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) فتكلم المقداد بما تقدم في هذا الحديث فأحسن القول وأجاده وتكلم أيضا سعد بن عبادة بما يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ ما تقدم والله أعلم (باب)(1)(سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه)(2) هو العريش الذي بناه له سعد بن عبادة عندما نزولوا ببدر وتقدم ذكره في شرح حديث أنس في باب ارساله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينا الخ (3) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه هذه الآية مكية وقد جاء تصديقها يوم بدر كما رواه ابن أبي حاتم حدثني أبي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال لما نزلت (سيهزم الجمع ويولون الدبر) قال عمر أي جمع يهزم وأي جمع يغلب؟ قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون
(عن علي)(1) قال ما كان فينا فارس (2) يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا وما فينا الانائم الا رسول صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتي اصبح (3)(وعنه أيضا)(4) قال لما حضر البأس (5) يوم بدر التقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أشد الناس (6) ما كان أو لم يكن أحد أقرب الي المشركين منه (وعنه من طريق ثان)(7) لقد قال رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا الي العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا (عن أبي صالح الحنفي)(8) عن علي رضي الله عنه قال قيل لعلي ولابي بكر يوم بدر مع احدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل، واسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو قال يشهد الصف (عن أبي داود المازني)(9) وكان شهد بدرا قال أني لا تبع رجلا من المشركين لأضربه اذ وقع رأسه قبل أن يصل اليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري (10)(باب ما جاء في مقتل اللعين أبي جهل فرعون هذه الأمة وفرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك)(عن عبد الرحمن بن عوف)(11) أنه قال أني لواقف
الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهي وأمر) فعرفت تأويلها يومئذ (تخريجه) الحديث صحيح وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للبخاري من طريق عفان عن وهيب أيضا، ثم قال وكذا رواه البخاري والنسائي في غيره موضع من حديث خالد وهو ابن مهران الحذاء به (1)(سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبه)(2) يعني صاحب فرس يركبه (قال في بهجة المحافل) وكان معهم ثمانون بعيرا يعتقبونها وفرس واحد للمقدادين الأسود قيل وآخران الزبير وأبي مرئد الغنوي (3) فيه دلالة علي تيقظه صلى الله عليه وسلم وشدة اهتمامه بهذه الغزوة والتجائه الي ربه فان في الالتجاء اليه النصر وقد حصل ولله الحمد (تخريجه)(طل) بلفظ وما فينا فارس الا المقداد، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لأبي بعلي عن زهير عن عبد الرحمن بن مهدي وغفل عن عزوه للامام أحمد وسنده صحيح (4)(سنده) حدثنا عبد الرحمن عن اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبه)(5) يعني الحرب (6) يعني بأسا وشجاعة وعدم اكتراث بالعدو، وقوله (ماكان أو لم يكن) أو للشك من الرواي يشك هل قال ما كان أحد اقرب الي المشركين أو قال لم يكن أحد أقرب الخ (7)(سنده) حدثنا وكيع ثنا اسرائيل عن حارثة ابن مضرب عن علي الخ (تخريجه)(نس) من حديث أبي اسحاق عن حارثة وسنده صحيح ورجاله ثقات (8)(سنده) حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن أبي عون عن أبي صالح الحنفي عن علي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي عن علي بلفظ قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولابي بكر فذكر الحديث كما هنا وقال رواه احمد بنحوه والبزار واللفظ له ورجالهما رجال الصحيح ورواه أبو يعلي اه (9)(سنده) حدثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن ابيه قال قال ابو داود المازني وحدثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن ابيه قال فحدثني أبي عن رجل من بني مازن عن ابي داود المازني الخ (غريبه)(10) قتله ملك من الملائكة الذين أمدهم الله بهم في هذه الغزوة كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه رجل لم يسم، يعني الرجل الذي من بني مازن والله أعلم
(باب)(11)(سنده) حدثنا ابو سلمة يوسف بن يعقوب الماجشون عن صالح بن ابراهيم بن
يوم بدر في الصف نظرت عن يميني وعن شمالي فاذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لوكنت بين أضلع (1) منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال قلت نعم وماحاجتك بابن أخي؟ قال بلغني أنه سب رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده (2) حتي يموت الأعجل منا، قال فغمزني الآخر فقال لي بمثلها فتعجبت لذلك، قال فلم أنشب (3) أن نظرت الي أبي جهل يجول في الناس فقلت لهما الا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه فاستقبلهما فضرباه حتي قتلاه ثم انصرفا الي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال ايكما قتله؟ فقال كل واحد منهما أنا قتلته قال هل مسحتما سيفيكما؟ قالا لا، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في السيفين فقال كلا كما قتله (4) وقضي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح (5) وهما معاذ بن عمر ابن الجموح ومعاذ بن عفراء (عن أنس)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجد ابني عفراء قد ضرباه حتي برد (7)(وفي رواية حتي برك) فأخذ
عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف الخ (غريبه)(1) بفتح اللام المهملة أي بين أقوي منهما وأعظم وأشد (2) أي شخصي شخصه وكل شخص من متاع أو انسان أو غيره سواد لأنه يري من بعيد أسود (وقوله الأعجل منا) أي الأقرب أجلا إصرار علي قتله أو يموت دونه (3) اي لم البث ان نظرت الي أبي جهل الخ (4) قال المهلب نظره صلى الله عليه وسلم في السيفين ليري ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار عمق دخولهما في جسم المقتول ليحكم بالسلب لمن كان في ذلك ابلغ ولذلك سألهما أولا هل مسحتما سيفيكما أم لا؟ لأنهما لو مسحاهما لما تبين المراد من ذلك، وانما قال كلا كما قتله وان كان احدهما هو الذي أثخنه ليطيب نفس الآخر (5) كونه صلى الله عليه وسلم قضي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح دون معاذ بن عفراء يدل علي ان ابن الجموح هو الذي اثخنه اه (قلت) وفي استحقاق السلب للقاتل خلاف بين الأئمة ذكرته مبسوطا في كتابي بدائع المنن، في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن مع تفسير السلب وضبطه في الجزء الثاني منه في باب ان السلب للقاتل من كتاب الجهاد في شرح حديث أبي قتادة رقم 1667 صحيفة 115 فارجع اليه ففيه ما يسرك والله الموفق (تخريجه)(ق) وغيرهما (6)(سنده) حدثنا يحي عن شعبة ثنا التيمي عن أنس (يعني ابن مالك الخ)(غريبه)(7) أي مات قال الحافظ هما معاذ ومعوذ كما سيأتي بيانه (قلت) وتقدم في الحديث السابق عند الامام احمد وعند الشيخين أيضا ان اللذين قتلاه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفران وهو ابن الحارث، وعفراء أمه وهي ابنة عبيد بن ثعلبة النجارية (قال الحافظ) وأما ابن عمرو بن الجموح فليس اسم أمه عفراء وانما اطلق عليه تغليبا، ومحتمل ان تكون أم معوذ أيضا تسمي عفراء أو أنه لما كان لمعوذ أخ يسمي معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل ظنه الراوي أخاه (وقد اخرج الحاكم) من طريق أبي اسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس (قال ابن اسحاق) وحدثني عبد الله بن أبي بكر حزم قال قال معاذ بن عمرو بن الجموح سمعتهم يقولون وابو جهل في مثل الحرجة (بالتحريك شجرة من الأشجار لا يوصل اليها) أبو جهل الحكم لا يخلص اليه فجعلته من شأني فعمدت نحوه فلما امكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه (أي قطعته) وضربني ابنه عكرمة علي عاتقي فطرح يدي، قال ثم عاش معاذ الي زمن عثمان، قال ومر بأبي جهل معوذ بن عفراء
بلحيته فقال أنت أبو جهل! فقال وهل فوق رجل قتلتموه او قتله أهله (عن أبى سحاق عن أبى عبيدة)(1) قال قال عبدالله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) انتهيت الى أبى جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع وهو يذب الناس عنه بسيف له، فقلت الحمد لله الذى اخزاك ياعدو الله، فقال هل هو الا رجل قتله قومه؟ قال فجعلت أتناوله بسيف لى غير طائل فأصبت يده فندر (2) سيفه فاخذته فضربته به حتى قتلته، قال ثم خرجت (3) حتى أتيت النبى صلى الله عليه وسلم كانما أقل من الارض (4) فأخبرته، فقال الله الذى لا اله الا هو؟ قال فرددها ثلاثا (5) قال قلت الله الذى لا اله الا هو، قال فخرج يمشى معى حتى قام عليه فقال الحمد لله الذى أخزاك ياعدو الله، هذا كان فرعون هذه الأمة قال وزاد فيه أبى (6) عن أبى اسحاق عن أبى عبيدة قال قال عبد الله فنفلنى سيفه (وعنه من طريق ثان)(7) عن أبى عبيدة عن عبدالله (8) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يارسول الله ان الله قد قتل أباجهل، فقال الحمد الله الذى نصر عبده وأعز دينه وقال مرة يعنى أمية (9) صدق عبده وأعز
فضربه حتى أثبته وبه رمق ثم قاتل معوذ حتى قتل فمر عبدالله بن مسعود بأبى جهل فوجد بآخر رمق فذكر ماتقدم، فهذا الذى رواه ابن اسحاق يجمع بين الأحاديث لكنه يخالف ما في الصحيح من حديث عبدالرحمن بن عوف انه رأى معاذا ومعوذا شدا عليه جميعا حتى طرحاه، وابن اسحاق يقول ان ابن عفراء هو معوذ وهو بتشديد الواو، والذى فى الصحيح معاذ وهما اخوان فيحتمل ان يكون معاذ ابن عفراء شد عليه مع معاذ بن عمرو كما فى الصحيح وضربه بعد ذلك معوذ حتى اثبته ثم حز رأسه ابن مسعود فتجمع الاقوال كلها، واطلاق كونهما قتلاه يخالف فى الظاهر حديث ابن مسعود انه وجده وبه رمق هو محمول على انهما بلغا به بضربهما اياه بسيفهما منزله المقتول حتى لم يبق به الا مثل حركة المذبوح وفى تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه والله أعلم (تخريجه)(ق، وغيرهما)(1)(سنده) حدثنا وكبع ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن أبى عبيدة الخ (غريبه)(2) بفتحات اى سقط (3) زاد عند الطيالسى في يوم حار (4) أقل من الأرض بضم الهمزة وفتح القاف أى كأن شيئا يرفعنى عن الأرض فلم أشعر بحرولا تعب من شدة فرحى وسرورى بقتل أبى جهل (5) استحلفه النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثا لكونه استبعد قتله مع شدة تحصنه فحلف له (6) الظاهر أن القائل وزاد فيه أبى هو عبدالله بن الأمام احمد يعنى أن أبا مزاد في هذا الحديث من طريق آخر عن أبى اسحاق أن ابن مسعود قال فنفلنى يعنى النبى صلى الله عليه وسلم سيفه والله أعلم (7)(سنده) حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبى اسحاق عن أبى عبيدة الخ (غريبة)(8) يعنى ابن مسعود رضى الله عنه (9) اى ابن خالد الذى روى عنه الامام احمد هذا الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه كله احمد والبزار باختصار وهو من رواية أبى عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه وبقية رجال احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه من طريق ابى اسحاق عن ابى عبيدة عن ابن مسعود وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه ابو داود والنسائى من حديث ابى اسحاق السبيعى به قال (وقال الواقدى) وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصرع ابنى عفراء فقال رحم الله ابنى عفراء لهما شركاء في قتل فرعون هذه الأمة ورأس أثمة الكفر فقيل يارسول الله ومن قتله معهما؟ فقال الملائكة وابن مسعود قد شرك في قتله رواه البيهقى (وعن ابى اسحاق) قال لما رجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم البشير يوم بدر
دينه (وفي لفظ آخر) الحمد الله الذى صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده باب إخبار النبى صلى الله عليه وسلم بمصارع صناديد قريش قبل موتهم ورمى جثثهم في بئر ثم ندائه اياهم بالتقريع والتوبيخ (عن عمر رضى الله عنه)(1) وكان يحدث عن أهل بدر قال إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينا مصارعهم بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدا ان شاء الله تعال: وهذا مصرع فلان غدا ان شاء الله تعال، قال فجعلوا يصرعون عليها: قال قلت والذى بعثك بالحق ما أخطأ وا تيك (2) كانوا يصرعون عليها ثم أمر بهم فطرحوا في بئر، فانطلق اليهم فقال يافلان يافلان هل وجدتم ما وعدكم الله حقا فأنى وجدت ما وعدنى الله حقا: قال عمر يا رسول الله أتكلم قوما قد جيفوا (3) قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يستطعون أن يجيبوا (عن أنس)(4) قال سمع المسلمون النبى صلى الله عليه وسلم وهو ينادى على قليب (5) بدر يا أبا جهل بن هشام ياعتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربية يا أمية بن خلف
بقتل أبي جهل استحلفه ثلاثة أيمان بالله الذى لا إله إلا هو لقد رأيته فحلف له فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا (وعن عبدالله بن ابى أو في) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين حين بشر بالفتح وحين جيء يرأس ابى جهل: أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاها للبيهقى، وعزى الأخير لابن ماجه أيضا، وأورد الهيثمى حديثا مطولا فيه معنى هذا الحديث بجميع طرقه وزيادة عن ابن مسعود ايضا، وقال رواه الطبرانى ورجاله الصحيح غير محمد بن وهب بن ابى كريمة وهو ثقة (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) قال بينما انا سائر بجنيات بدر اذ خرج رجل من حفر ة في عنقه سلسلة فنادانى ياعبد الله اسقنى ياعبد الله اسقنى فلا ادرى عرف اسمى أو دعانى بدعاية العرب، وخرج رجل من ذلك الحفير في يده سوط فنادانى ياعبد الله لا تسقه فانه كافر ثم ضربه بالسيف (هكذا في مجمع الزوائد والظاهر انه بالسوط بدل السيف والله أعلم) فعاد الى حفرته فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم مسرعا فأخبرته فقال لى وقد رأيته؟ قلت نعم، قال ذاك عدو الله أبو جهل وذاك عذابه الى يوم القيامة، أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه من لم أعرفه اهـ (وقال الأموى فى مغازيه) سمعت أبى ثنا المجالد بن سعيد عن عامر قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انى رأيت رجلا جالسا فى بدر ورجل يضرب رأسه بعمود من حديد حتى يغيب فى الأرض: زاد فى رواية ثم يخرج فيفعل به مثل ذلك مرارا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبو جهل وكل به ملك يفعل به كلما خرج فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه والله أعلم (باب)(1)(سنده) حدثنا يحيى بن سعيد وانا سألته حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس قال كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال وكنت حديد البصر فرأيته فجعلت أقول لعمر اما تراه؟ قال سأراه وانا مستلق علي فراشي، ثم أخذ يحدثنا عن أهل بدر قال ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينا مصارعهم الخ (غريبه)(2) اسم أشارة الي المكان الذي أشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم (3) بفتح الجيم وتشديد الياء آخر الحروف مفتوحة اي انتنوا يقال جافت الميتة وجيفت واجتافت والجيفة جثة الميت اذا انتن (نه)(تخريجه)(م. وغيره)(4)(سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن انس (يعني ابن مالك) قال سمع المسلمون الخ (غريبه)(5) القليب هي البئر كما صرح بذلك في الحديث السابق وعند مسلم أيضا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه لابن اسحاق
خلف هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا يا رسول الله تنادي قوما قد جيفوا قال ما أنتم باسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون ان يجيبوا (عن ابن عمر)(1) قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي القليب يوم بدر فقال يا فلان يا فلان هل وجدتم ما وعدكم بكم حقا؟ أما والله إنهم الآن ليسمعون كلامي، قال يحي فقالت عائشة غفر الله لابي عبد الرحمن انه وهل إنما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إنهم ليعلمون الآن ان الذي كنت أقول لهم حقا، وان الله تعالي يقول (انك لاتسمع الموتي: وما أنت بمسمع من في القبور) (عن قتادة عن أنس)(2) قال وحدث أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر ببضعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فألقوا في طوي (3) من أطواء بدر خبيث مخبث قال وكان اذا ظهر علي قوم أقام بالعرصة (4) ثلاث ليال، قال فلما ظهر علي بدر أقام ثلاث ليال حتي اذا كان الثالث أمر براحلته فشدت برحلها ثم مشي واتبعه أصحابه قالوا فما نراه ينطلق الا ليقضي حاجته قال حتي قام علي شفة الطوي فجعل يناديهم باسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان أسركم انكم اطعتم الله ورسوله هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ قال عمر يا نبي الله ما تكلم من اجساد لا أرواح فيها؟ قال والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول، منهم، قال قتادة أحياهم الله عز وجل له حتي سمعوا قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة (عن عائشة رضي الله عنها (5) انها قالت لما مر النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر باولئك الرهط فألقوا في الطوي عتبة وأبو جهل وأصحابه وقف عليهم فقال جزاكم الله شرا من قوم نبي ما كان أسوأ الطرد وأشد التكذيب (6) قالوا يا رسول الله
إسحاق ثم قال وقد رواه الامام احمد عن ابن ابي عدي عن حميد عن أنس فذكر نحوه وهذا علي شرط الشيخين اه (قلت) وهو من ثلاثيات الامام احمد (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يقال عند زيارة القبور وهل يسمع الميت قول الحي؟ من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 176 رقم 340 فارجع اليه (2)(سنده) حدثنا يونس ثنا شيبان عن قتادة عن أنس الخ (غريبه)(3) بفتح الطاء المهملة وكسر الواو وتشديد الياء التحتية أي بئر مطويه من آبار بدر والطوي في الأصل صفة فعيل بمعني مفعول فلذلك جمعوه علي الاطواء كشريف واشراف ويتيم وأيتام وان كان قد انتقل الي باب الاسمية (نه) وقوله خبيث مخبث بكسر الموحدة فيهما أي فاسد مفسد لما يقع فيه (4) العرصة كل موضع واسع لا بناء فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار، رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اه (قلت) وله طريق أخري عند الامام احمد ايضا قال حدثنا روح ثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من اطواء بدر فذكره، وفيه قال قتادة احياهم الله تعالي حتي اسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة، ورواه أيضا مسلم من مسند انس ومن مسند أبي طلحة ايضا كما رواه الامام احمد الا انه ليس فيه قول قتادة والله أعلم (5)(سنده) حدثنا هشيم قال انا مغيرة عن ابراهيم عن عائشة الخ (غريبه)(6) يعني لنبيكم (قال ابن اسحاق) وحدثني بعض أهل العلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أهل القليب بئس عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس،
تكلم قوما جيفو فقال ما أنتم بأفهم لقولى منهم أو (1) لهم أفهم لقولى منكم (وعن عروة عنها أيضا)(2) قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا فى القليب (3) فطرحوا فيه الا ما كان من أمية ابن خلف فانه انتفخ فى درعه فملأها فذهبوا يحركوه فتزايل (4) فأقروه والقوا عليه ما غيبه فى التراب والحجارة فلما ألقاهم فى القليب وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أهل القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فانى وجدت ما وعدنى ربى حقا، قال فقال اصحابه يارسول الله أتكلم قوما موتى؟ قال فقال لهم لقد علموا أن ما وعدتهم حق، قالت عائشة والناس يقولون لقد سمعوا ما قلت لهم وانما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علموا (5)(باب إخبار النبى صلى الله عليه وسلم بمصرع أمية بن خلف فى وقعة بدر وتبليغه ذلك قبل حصوله ولذلك قصة)(عن عبدالله)(6) قال أنطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على صفوان ابن أمية بن خلف وكان أمية اذا انطلق الى الشام فمر بالمدينه نزل على سعد، فقال امية لسعد انتظر حتى اذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت، فبينما سعد يطوف اذ أتاه ابو جهل فقال من هذا يطوف بالكعبة آمنا؟ قال سعد أنا سعد، فقال أبو جهل تطوف آمنا وقد آويتم محمدا فتلاحيا (7) فقال أمية لسعد لا ترفعن صوتك على ابى الحكم فانه سيد أهل الوادى، فقال له سعد والله أن منعتنى أن أطوف بالبيت لآقطعن اليك متجرك الى الشام فجعل أمية يقول لا ترفعن صوتك على أبى الحكم وجعل يمسكه، فغضب سعد فقال دعنا منك فانى سمعت محمدا صلى الله عليه وسلم يزعم انه قاتلك، قال اياى؟ قال نعم قال والله ما يكذب محمد، فلما خرجوا رجع
وأخرجتموني وآرانى الناس، وقاتلتمونى ونصرنى الناس، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فانى قد وجدت ما وعدنى ربى حقا (1) او للشك من الراوى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات إلا أن ابراهيم لم يسمع من عائشة ولكنه دخل عليها (2)(سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثنى يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة)(3) تقدم تفسيره فى أول الباب (4) أى تمزق لحمه (5) تريد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغهم عن ريه سوء مصيرهم اذا تمادوا على الكفر لا انه اسمعهم ذلك بعد موتهم، وهذا مذهبها رضى الله عنها، ولكنه جاء فى احاديث الباب ايضا وغيرها انهم سمعوا كلامه بذلك صلى الله عليه وسلم بعد موتهم وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) رواه ابن اسحاق فى المغازى، واورده الهثيمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (باب)(6)(سنده) حدثنا ابو سعيد حدثنا اسرائيل حدثنا ابو اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله (يعني ابن مسعود الخ) وله طريق آخر عند الامام احمد ايضا قال حدثنا خلف بن الوليد حدثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على امية بن خلف بن صفوان وكان امية إذا انطلق إلى الشام ومر بالمدينة نزل على سعد فذكر الحديث الا انه قال فرجع الى ام صفوان فقال اما تعلمى ما قال اخى اليثربى؟ قالت وما قال؟ قال زعم انه سمع محمدا يزعم انه قاتلى، قالت فو الله ما يكذب محمد، فلما خرجوا الى بدر وساق الحديث (غريبة)(2) الملاحاة واللحاء المنازعة
إلى امرأته فقال أما علمت ما قال اليثربى؟ فأخبرها به، فلما جاء الصريخ (1) وخرجوا الى بدر قالت امرأته أما تذكر ما قال أخوك اليثربى؟ فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل انك من اشراف الوادى فسر معنا يوما او يومين، فسار معهم فقتله الله عزوجل (باب ما جاء فى تاريخ غزوة بدر وعدد رجالها من المهاجرين والأنصار رضى الله عنهم وأمور متفرقة تتعلق بها)(عن ابن عباس)(2) انه قال ان أهل بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وكان المهاجرون ستة وسبعين، وكان هزيمة أهل بدر لسبع عشرة * يوم الجمعة فى شهر رمضان (وعنه أيضا)(3) قال قيل للنبى صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر عليك العير (4) ليس دونها شئ (5) قال فناداه العباس (6) وهو أسير فى وثاقه لا يصلح (وفى رواية إنه لا يصلح لك)(7) قال فقال له النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم؟ قال لأن الله عز وجل وعدك (وفى روايه انما وعدك) احدى الطائفتين (8) وقد أعطاك ما وعدك (9)(عن عباس بن سهل)(10) وحمزة بن أبى أسيد عن أبيه قال لما التقينا نحن والقوم يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
يومئذ لنا اذا اكثبوكم (11) يعنى غشوكم فارموهم بالنبل، وأراه قال
والمخاصمة يقال لحيت الرجل الحاه لحيا اذا لمته وعذلته ولاحيته ملاحاة ولحاءا اذا نازعته (1) أى النذير بالحرب (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه البخارى من طريق ابي اسحاق وقال تفرد به البخارى، وقد رواه الامام احمد عن خلف بن الوليد وعن ابى سعيد كلاهما عن اسرائيل يريد اسنادا حديث الباب والطريق الثانية التى ذكرتها فى الشرح وكلاهما صحيح والله اعلم (باب)(2)(سنده) حدثنا نصر بن باب عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) اورده الهثيمى وقال رواه احمد والبزار الا انه قال ثلاثمائه وبضعة عشر وقال وكانت الانصار مائتين وستا وثلاثين، وكان لواء المهاجرين مع على، رواه الطبرانى كذلك وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس (3)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة)(4) العير يكسر العين الابل باحمالها يعنى عير ابى سفيان التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالمسلمين من المدينة يريدها فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا اليها وسبقت العير المسلمين، فلما فاتهم العدو نزل النبى صلى الله عليه وسلم
…
بالمسلمين بدرا فوقع القتال، وهذه العير يقال كانت الف بعير وكان المال خمسين الف دينار وكان فيها ثلاثون رجلا من قريش وقيل أربعون وقيل ستون (5) أى ليس دون العير شئ يزاحمك (6) يعنى ابن عبد المطلب وكان اذ ذاك أسيرا (فى وثاقه) بكسر الواو وفتحها ما يشد به من قيد وحيل ونحوهما (7) اى لا ينبغى لك (8) المراد بالطائفتين العير والنفير فكان فى العير ابو سفيان ومن معه كعمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل وما معه من الأموال، وكان فى النفير ابو جهل وعقبة بن ربيعة وغيرهم من رؤساء قريش (9) زاد الترمذى قال أى النبى صلى الله عليه وسلم (صدقت) أى فيما قلت (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد أو قال اسناده جيد، ورواه الترمذى من طريق عبدالرزاق عن اسرائيل وقال حديث حسن: وعزاه الحافظ السيوطى فى الدر المنثور للمقربابى وابن أبى شيبة وعبد بن حميد وأبى يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم والطبرانى وابى الشيخ وابن مروديه (10)(سنده) حدثنا بحمد بن عبدالله بن الزبير قال انا عبد الرحمن بن الغسيل عن عباس بن سهل أو حمزة بن ابى أسيد عن أبيه الخ (غريبة)(11) ابوه هو اسيد بضم الهمزة على الارجح (12) * المكث
واستبقوا نبلكم (عن أبى أيوب الآنصارى)(1) قال صففنا يوم بدر فندرت منا ناد ة (2)(وفى رواية فبدرت منا باردة)(3) أمام الصف فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهم فقال معى معى (4)(عن أنس بن مالك)(5) أن أبا طلحة قال غشينا النعاس ونحن فى مصافنا يوم بدر (6) قال أبو طلحة فكنت فيمن غشية النعاس يومئذ فجعل سيفى يسقط من يدى وآخذه ويسقط وآخذه (عن البراء بن عازب)(7) قال استصغرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عمر (8) فرددنا يوم بدر (9)
القرب: والنبل السهام قاله صلى الله عليه وسلم يوم بدر حين اصطف المسلمون لكفار قريش، ومعناه اذا دنوا امنكم وقاربوكم قربا نسبيا بحيث تنالهم السهام لآقرب التحام يفضى الى المطاعنة بالرماح والمضاربة بالسيوف فعليكم أن ترموهم بالنبل، وحكمة الأمر بالرمى عند القرب انهم إذا رموهم على بعد قد لا تصيبهم السهام وتخطئ الغرض المقصود مع ما فيه من ضياعها فاستبقاؤها أولى وجعلها من العدة أحزم (تخريجه) (خ) (1) (سنده) حدثنا عتاب بن زياد ثنا عبدالله انا عبدالله بن لهيعة حدثنى يزيد بن أبى حبيب ان اسلم أبا عمران * حدثه انه سمع أبا أيوب الانصارى يقول صففنا يوم بدر الخ (غريبة) (2) أى خرجت عن الصف (3) يعنى بالباء الموحدة بدل النون اى سبقت الصف والمعنى واحد (4) أى لا تخرجوا عن الصف وتسبقونى بل كونوا معى: وفيه دلالة على حسن النظام فى الحرب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحارب معهم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد وهذا اسناد حسن (5)(سنده) حدثنا يونس ثنا شيبان وحسين فى تفسير شيبان عن قتاده قال وثنا انس بن مالك أن أبا طلحة الخ (غريبة)(6) هكذا بالاصل (يوم بدر) وجاء فى البخارى وغيره (يوم أحد) بدل يوم بدر فيحتمل ان الواقعة تكررت فى الغزوتين لاسيما وقد قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه إن أحدا وقع فيها اشياء مما وقع فى بدر، فذكر منها حصول النعاس حال التحام الحرب، قال وهذا دليل على طمأنينة القلوب بنصر الله وتأييده وتمام توكلها على خالقها وبارئها، قال تعالى فى غزوة بدر (اذ يغشيكم النعاس أمتة منه الآية، وقال فى غزوة أحمد (ثم أنزل عليكم من بعد الغم امتة نعاسا يغشى طائفة منكم) يعنى المؤمنين الكمل فهو أمنة لاهل اليقين فينامون من غير خوف جازمين بان الله سينصر رسوله وينجز له مأموله (وعند ابن أبى حاتم) عن عبدالله بن مسعود انه قال النعاس فى القتال من الله وفى الصلاة من الشيطان (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه البخارى فى التفسير: قال وقد رواه الترمذى والنسائى والحاكم من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبى طلحه قال رفعت رأسى يوم أحد وجعلت انظر وما منهم يومئذ احد الا يميل تحت جحفته من النعاس لفظ الترمذى صحيح ورواه النسائى ايضا والبهيقي اهـ (قلت) وعندهم جميعا يوم أحد والله أعلم (7)(سنده) حدثنا يزيد أنا شعبة أنا شريك ابن عبدالله عن أبى اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبة)(8) أى عند حصول القتال وعرض من يقاتل (9) أى لانهما لم يبلغا، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم رد من لم يبلغ عن مواطن القتال لانها تحتاج الى قوة وجلد وعقل، وهذه الشروط لا تتوفر فيمن لم يبلغ، ولا تنافى بين قول ابن عمر استصغرت يوم أحد وبين قول البراء هنا، لانه عرض فيهما واستصغر، وقد جاء عن ابن عمر نفسه انه عرض يوم بدر وهو ابن ثلاث عشرة سنة فاستصغر وعرض يوم احد وهو ابن اربع عشرة سنة فاستصغر (تخريجه)(خ)
(عن عبد الله بن ثعلبة)(1) بن صعير أن أبا جهل قال حين التقى القوم (2) اللهم أقطعنا الرحم وأتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة (3) فكان المستفتح (4)(باب ما جاء فى زوراج على بفاطمة الزهراء رضى الله عنهما)(عن على رضى الله عنه)(5) قال أردت أن أخطب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضى الله عنها فقلت مالى من شئ فكيف، ثم ذكرت صلته وعائدته فخطبتها اليه، فقال هل لك من شئ؟ قلت لا، فقال فأين درعك * التى أعطيتك يوم كذا كذا؟ قال هى عندى، قال فأعطها اياها (عن عطاء بن السائب)(6) عن أبيه عن على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف (وفى لفظ ليف الاءذخر) ورحيين وسقاء وجرتين (7) فقال على لفاطمة ذات يوم والله لقد سنوت (8)
(1)(سنده) حدثنا يزيد انا محمد يعنى ابن اسحاق حدثنى الزهرى عن عبدالله بن ثعلبة الخ (غريبة)(2) يعنى يوم بدر (3) ذكر الحافظ ابن كثير فى تفسيره قال محمد بن اسحاق وغيره عن الزهرى عن عبدالله بن ثعلبة بن صعير ان أبا جهل قال يوم بدر اللهم اينا كان اقطع الرحم وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة وكان استفتاحا منه، فنزلت (ان تستفحوا فقد جاءكم الفتح إلى آخرالآية) ثم ذكر حديث الباب (قلت) ومعنى الحديث ان أبا جهل كان يدعو الله تعالى ويستنصره ويستحكمه فيمن كان أقطع الرحمن وأنى بما لا يعرف ان يصرعه ويخذله فى أقرب وقت (4) جاء عند ابن اسحاق والبغوى بلفظ فكان هو المستفتح على نفسه أى كأنه كان يدعو على نفسه فانه هو الذى قطع الرحم وأتى بما لا يعرف اصلا من عبادة الآوثان ولذلك أهلكه الله تعالى وقتله فى أقرب وقت، ونقل الحافظ ابن كثير فى تفسيره عن السدى قال كان المشركون حين خرجوا من مكة الى بدر أخذوا باستار الكعبة فاستنصروا الله وقالوا اللهم انصر أعلى الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلتين فقال الله (ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) يقول قد نصرت ماقلتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وأخرجه النسائى فى التفسير من حديث صالح بن كيسان عن الزهرى به، وكذا رواه الحاكم فى مستدركه من طريق الزهرى به وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وروى نحو هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة ويزيد بن رومان وغير واحد (تنبيه) جاء فى مسند الامام احمد رحمه الله أحاديث كثيرة تتعلق بغزوة بدر غير ما ذكرهنا ذكرت بعضها فى بابى المن والفدا ومعاملة الاسرى من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر، وفى التفسير فى الجزء الثامن عشر فى سورتى آل عمران والأنفال وغيرهما والله الموفق (باب)(5)(عن على رضى الله عنه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى تقديم شئ من المهر قبل الدخول من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 174 رقم 94 وإنما ذكرته هنا لوقوع الخطبة فى السنة الثانية عقب غزوة بدر كما يدل عليه حديث على بن حسين على الآتى بعد حديث (6)(سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد انبأنا عطاء بن السائب عن أبيه عن علي (يعني بن أبي طالب) رضى الله عنه الخ (غريبة)(7) هذا الطريق من أول الحديث الى هنا تقدم شرحه فى حديث آخر لعلى أيضا من طرق متعدة فى باب ما جاء فى الجهاز من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 136 رقم 98 (8) أى استقينا، ومنه السانية
حتى لقد اشتكيت صدري، قال وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه (1) فقالت وأنا والله قد طحنت حتي مجلت (2) يدي، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما جاء بك أي بنية؟ قالت جئت لأسلم عليك وأستحيت أن تسأله ورجعت، فقال ما فعلت؟ قالت استحييت أن أسأله، فأتيناه جميعاً فقال علي يا رسول الله والله سنوت حتي اشتكيت صدري، وقالت فاطمة قد طحنت حتي مجلت يداي وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوي (3) بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثملنهم، فرجعا فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما اذا غطت رءوسهما تكشفت أقدامهما، واذا غطيا أقدامهما تكشفت روءسهما فثارا، فقال مكانكما، ثم قال ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا بلي، فقال كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: فقال تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، واذا أويتما الي فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين: قال فو الله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلي الله عليه وسلم: قال فقال له ابن الكواء (4) ولا ليلة صفين (5) فقال قاتلكم الله يا أهل العراق نعم ولا ليلة صفين (6)(حدثنا عبد الرازق)(7) أنبأنا ابن جريح حدثني ابن شهاب عن علي بن حسين ابن علي عن أبيه حسين بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال علي أصبت شارفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا أخري فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرا لأبيعه ومعي صائغ من
وهي الناقة التي يستقي عليها (1) أي اسأليه خادما ولفظ الخادم يقع علي الذكر والأنثي (2) بفتح الميم مع فتح الجيم وكسرها أي ثخن جلدها وتعجر وظهر فها ما يشبه البئر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة (نه) بفتح التاء المثناة فوق والواو بينها طاء ساكنة يقال طوي من الجوع يطوي طوي فهو طاو أي خالي البطن جائع لم يأكل (4) هو عبد الله بن الكواه كان من روءس الخوارج قال البخاري لم يصح حديثه، وقال الحافظ له أخبار كثيرة مع علي وكان يلزمه و* في الأسئلة وقد رجع عن مذهب الخوارج وعاد لصحبة علي (5) صفين بكسر المهملة بعدها فاء مشددة مكسورة، موضع بقرب الفرات كانت فيه حرب عظيمة بين علي وبين أهل الشام بسبب قتل عثمان رضي الله عنه (6) أي لم يمنعني منهن ذلك الأمر والشغل الذي كنت فيه منذ سمعتهن (تخريجه)(ق. وغيرهما)(7)(حدثنا عبد الرازق) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب مفاسد الخمر وقصة حمزة مع ناقتي علي الخ من كتاب الأشربة في الجزء السابع عشر صحيفة 134 رقم 115 وقد وقع في سنده خطأ هناك فقيل عن علي بن حسين بن علي عن علي بن أبي طالب، وهو خطأ وصوابه عن علي بن حسين بن علي عن أبيه حسين بن علي عن علي بن أبي طالب كما هنا وانما ذكرته هنا لتصحيح هذا الخطأ ولأنه يدل علي ان زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما كان في السنة الثانية من الهجرة عقب غزوة بدر ولأنه جاء عند مسلم
بني قينقاع لأستعين به علي وليمة فاطمة، وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت (1) فثار (2) اليهما حمزة بالسيف فجب اسنمتها وبقر خواصرهما ثم أخذ من أكبادهما، قلت لابن شهاب ومن السنام؟ قال جب اسنمتها فذهب بها (3)، قال فنظرت الي منظر أفظعني (4) فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فأخبرته الخبر: فخرج ومعه زيد فانطلق معه فدخل علي حمزة فتغيط عليه (5) فرجع حمزة بصره (6) فقال هل أنتم الا عبيد لأبي فرجع رسول الله.
بزيادة توضحه أكثر مما هنا رأيت اثباتها وشرحها اتماما للفائدة والله الموفق واليك ما أردت (1) زاد مسلم (معه قينة تغنيه فقالت الا يا حمز
…
للشرف النواء) قال النووي رحمه الله تعالي القينة بفتح القاف الجارية المغنية: قوله (الا يا حمزة للشرف النواء) الشرف بضم الشين والراء وتسكين الراء أيضا جمع شارف وهي الناقة المسنة (والنواء) بكسر النون وتخفيف الواو وبالمد أي السمان جمع ناويه بالتخفيف وهي السمينة وقد نوت الناقة تنوي كرمت ثرمي يقال لها ذلك اذا سمنت: هذا الذي ذكرناه في النواء انها بكسر النون وبالمد هو الصواب المشهور في الروايات في الصحيحين وغيرهما، ويقع في بعض النسخ النوي بالياء وهو تحريف، وقال الخطابي رواه ابن جرير للشرف النوي بفتح الشين والراء وبفتح النون مقصور، قال وفسره بالبعد، قال الخطابي وكذا رواه أكثر المحققين: قال وهو غلط في الرواية والتفسير وقد جاء في غير مسلم تمام هذا الشعر،
ألا يا حمز
…
للشرف
…
النواه
…
وهن
…
معقلات
…
بالفناء
ضع السكين
…
في اللبات
…
منها
…
وضرجهن
…
حمزة
…
بالدماء
وعجل
…
من اطايبها
…
لشرءب
…
قديدا
…
من طبيخ أو
…
شواء
قال الحافظ وحكي المرزباني في معجم الشعراء ان هذا الشعر لعبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي المدني قال والفناء بكسر الفاء والمد الجانب اي جانب الدار التي كانوا فيها (والقديد) اللحم المطبوخ (والضربج) بمجمة وجيم * فان كان ثابتا فقد عرف بعض المبهم في قوله في شرب من الانصار لكن المخزومي ليس من الانصار، وكأن قائل ذلك أطلقه عليهم بالمعني الأعم وأراد الذي نظم هذا الشعر وأمر القينة أن تغني به ان يبعث همة حمزة، لما عرف من كرمه علي نحر الناقتين ليأكلوا من لحمهما، وكأنه قال انهض الي الشرف فانحرها وقد تبين ذلك من بقية الشعر، وفي قولها للشرف بصيغة الجمع مع أنه لم يكن هناك الا ثنتان دلالة علي جواز اطلاق صيغة الجمع علي الاثنين وقوله يا حمز ترخيم وهو بفتح الزاء ويجوز ضمها اه (2) أي نهض اليهما مسرعا (3) تقدم شرح هذه الجملة في الباب المشار اليه (4) جاء عند الشيخين (فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما، قلت من فعل هذا؟ قالوا فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الانصار (قوله فلم أملك عيني) معناه انه بكي أسفا وحزنا علي ما أصابه ولأنه خاف من تقصيره في حق فاطمة رضي الله عنها وجهازها والاهتمام بأمرها (وقوله في شرب من الانصار) الشرب بفتح الشين المعجمة واسكان الراء وهم الجماعة الشاربون (5) جاء عند الشيخين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل (6) جاء عند البخاري فاذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه فنظر الي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر فنظر الي ركبتيه ثم صعد الي سرته ثم صعد النظر الي وجهه ثم قال
_________
حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ثمل فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم علي عقبيه القهقري وخرجنا معه) قال الحافظ في رواية بن جريح لآباء (يعني هل انتم الا عبيد لأبائي) قيل أراد أن أباه عبد المطلب جد للنبي صلى الله عليه وسلم ولعلي أيضا والجد يدعي سيدا وحاصله أن حمزة أراد الأفتخار عليهم بأنه أقرب الي عبد المطلب منهم (وقوله القهقري) هو المشي الي الخلف وكأنه فعل ذلك خشية ان يزداد عبث حمزة في حال سكره فينتقل من القول الي الفعل، فاراد أن يكون ما يقع من حمزة بمرآي منه ليدفعه ان وقع منه شئ والله أعلم (تخريجه)(ق. وغيرهما) وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه نقل البيهقي عن كتاب المعرفة لأبي عبد الله بن منده أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة وابتني بها بعد ذلك بسنة أخري (قال الحافظ ابن كثير) فعلي هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة، وظاهر سياق حديث الشارفين يقتضي ان ذلك عقب وقعة بدر بيسير، فيكون ذلك كما ذكرناه في أواخر السنة الثانية والله أعلم اه (قلت) وقد ذكر أصحاب المغازي أشياء كثيرة وقعت في غزوة بدر ذكرتها في كناب الجهاد في الجزء الرابع عشر: وفي كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر لمناسبتها هناك وذكروا أيضا فضائل أهل بدر وما خصهم الله عز وجل به من المكارم وسيأتي في كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالي في باب خاص بهم (قال في المواهب اللدنيه) وقد استشهد بيوم بدر من المسلمين أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون، قال ولما فرغ صلى الله عليه وسلم من بدر آخر رمضان وأول يوم من شوال بعث زيد بن حارثة بشيرا فوصل المدينة ضحي وقد نفضوا أيديهم من تراب رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عثمان رضي الله عنه قد تخلف عن بدر لتمريضها فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره (ومما وقع في هذه السنة غزوة بني قينقاع) قال في (المواهب اللدنيه) بطن من يهود المدينة وكانت يوم السبت نصف شوال علي رأس عشرين شهرا من الهجرة، وقد كان الكفار بعد الهجرة مع النبي صلى الله عليه وسلم علي ثلاثة أقسام، قسم وادعهم علي ان لا يحاربوه ولا يألبوا عليه عدوه وهم طوائف اليهود الثلاثة قريظة والنضير وبنو قينقاع: وقسم حاربوه ونصبوا له العدواة كقريش، وقسم تركوه وانتظروا ما يؤول اليه أمره كطوائف من العرب، فمنهم من كان يحب ظهوره ومنهم من كان معه ظاهرا ومع عدوه باطنا وهم المنافقون، وكان اول من نقض العهد من اليهود بنو قينقاع فحاربهم النبي صلى الله عليه وسلم في شوال بعد وقعة بدر فحاصرهم أشد الحصار خمسة عشر ليلة وكان اللواء بيد حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض، فقذف الله في قلوبهم الرعب ونزلوا علي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ان له أموالهم وان لهم النساء والذرية، وأمر أن يجلوا من المدينة فلحقوا باذرعات، واخذ من حصتهم سلاحا وآلة كثيرة (غزوة بني سليم) ومما وقع في هذه السنة ايضا غزوة بني سليم (قال ابن اسحاق) وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب شهر رمضان أو في أول شوال، ولما قدم المدينة لم يقم بها الا سبع ليالي حتي غزا بنفسه يريد بني سليم، قال ابن هشام واستعمل علي المدينة سباع بن عرقطه الغفاري او ابن ام مكتوم الأعمي (فات وفي بهجة المحافل) كان لواء النبي صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله عنه واستخلف علي المدينة ابن مكتوم وغنم النبي صلى الله عليه وسلم فيها خمسمائة بعير فقسم اربعمائة علي الفاتحين فأصاب كل واحد بعيرين، واخذ صلى الله عليه وسلم مائة وكانت مدة غيبته عن المدينة خمس عشرة ليلة (قال ابن اسحاق) ثم اقام بالمدينة بقية شوال وذو القعدة وأفدي في اقامته تلك * الأساري من قريش والله أعلم (غزوة السويق) قال في المواهب ثم غزوة السويق في ذي الحجة يوم الأحد لخمس خلون منها علي رأس اثنين وعشرين شهرا
_________
من الهجرة وسميت بذلك لأنه كان أكثر زاد المشركين السويق، وغنمه المسلمون، وكان سبب هذه الغزوة إن ابا سفيان حين رجع بالعير من بدر الي مكة نذر ان لا يمس النساء والدهن حتي يغزوا محمدا صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر بيمينه حتي أتو العريض علي ثلاثة اميال من المدينة فحرقوا نخلا وقتلوا رجلا من الأنصار وانصرفوا راجعين، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم في مئتين من المهاجرين والأنصار، وجعل ابو سفيان واصحابه يلقون جرب
السويق وهي عامة أزوادهم يتخففون للهرب فيأخذها المسلمون، ولم يلحقهم النبي صلى الله عليه وسلم فرجع الي المدينة: وكانت غيبته خمسة أيام.
قال ابن اسحاق في أولها كانت غزوة نجد ويقال لها (غزوة ذي أمر) بفتح الهمزة والميم بعدها راء، موضع من ديار غطفان بفتح المعجمة والطاء قبيلة من مضر اضيفت لها الغزوة، لان بني ثعلبة الذين قصدهم من غطفان وسماها الحاكم غزوة أنمار فلها ثلاثة أسماء، وهي بناحية نجد عند واسط الذي بالبادية كما في معجم البكري (قال في المواهب) وسببها أن جمعا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا يريدون الاغارة، جمعهم دعثور بن الجارث المحاربي وكان شجاعا فندب صلى الله عليه وسلم المسلمين وخرج في اربعمائة وخمسين فارسا واستخلف علي المدينة عثمان بن عفان فلما سمعوا بمهبطه صلى الله عليه وسلم هربوا في رءوس الجبال فاصابوا رجلا منهم من بني ثعلبة يقال له هبان فأدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه الي الاسلام فأسلم واصابه صلى الله عليه وسلم مطر فنزع ثوبيه ونشرهما علي شجرة ليجفا واضطجع تحتها وهم ينظرونه، فقالوا لدعثور قد انفرد محمد فعليك به، فأقبل ومعه سيف حتي قام علي رأس النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يمنعك مني اليوم؟ فقام صلى الله عليه وسلم فدفعه جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يمنعك مني اليوم؟ فقال لا أحد وانا أشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله، ثم اتي قومه فدعاهم الي الاسلام (قال الواقدي) فاهتدي به خلق كثير وانزل الله (يا أيها الذين آمنوا اذ ذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم أيديهم الآية) ثم رجع صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا، وكانت غيبته احدي عشرة ليلة وقيل خمس عشرة ليلة وقيل شهرا والله أعلم (سرية زيد بن حارثة الي عير قريش) قال ابن اسحاق كانت بعد وقعة بدر بستة أشهر قال وكان من حديثها ان قريشا خافوا طريقهم التي كانوا يسلكون الي الشام حين كان من وقعة بدر ما كان، فسلكوا طريق العراق فخرج منهم تجار فيهم ابو سفيان ومعه فضة كثيرة وهي عظم تجارتهم، واستأجروا رجلا من بكر بن وائل يقال له فرات بن حيان يعني العجل حليف بني سهم ليدلهم علي تلك الطريق، (قال ابن اسحاق) فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في مائة راكب فلقيهم علي ماء من مياه نجد يقال له القردة بفتح القاف وسكون الراء فأصاب تلك العير وما فيها واعجزه الرجال هربا فقدم بها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في ذلك حسان بن ثابت بعير قريشا باخذهم تلك الطريق.
دعوا فلجات الشام قد حال دونها
…
جلاد كأفواه المخاض الأوارك
بايدي رجال هاجروا نحو ربهم
…
وانصاره حقا وأيدي الملائك
اذا سلكت الغور من بطن عااج
…
فقولا لها ليس الطريق هنالك
واليك شرح غريب هذه الأبيات (قوله فلجات) بالفاء والجيم جمع فلجة وهي الطريق بين الجبلين كالفج.
- صلى الله عليه وسلم يقهقر حتي خرج عنهم وذلك قبل تحريم الخمر (باب ما جاء في قتل كعب بن الأشرف)(عن ابن عباس)(1) قال مشي رسول الله صلي الله عليه وسلم الي بقيع الغرقد ثم وجههم وقال انطلقوا علي اسم الله وقال اللهم أعنهم يعني النفر الذين وجههم الي كعب بن الأشرف
(جلاد) بكسر الجيم أي قوة (المخاض) جمع ما خض وهي قريبة بالعهد بالنتاح (الأوارك) نوع من الأبل لونها أبيض (الغور) بفتح المعجمة المطمئن من الأرض اي المنخفض (عالج) بالمهملة والجيم موضع ذو رمال كثيرة (وقال الواقدي) كان خروج زيد بن حارثة في هذه السرية مستهل جمادي الأول علي رأس ثمانية وعشرين شهرا من الهجرة، وكان رئيس هذه العير صفوان بن امية، وكان سبب بعثه زيد بن حارثه أن نعيم بن مسعود قدم المدينة ومعه خبر هذه العير وهو علي دين قومه واجتمع بكنانة بن ابي الحقيق في بني النضير ومعهم سليط بن النعمان بن أسلم فشربوا وكان ذلك قبل أن تحرم الخمر، فتحدث بقصة العير نعيم بن مسعود وخروج صفوان بن امية فيها وما معه من الأموال، فخرج سليط من ساعته فأعلم رسول صلى الله عليه وسلم فبعث من وقته زيد بن حارثة فلقوهم فأخذوا الأموال واعجزهم الرجال، وانما اسروا رجلا أو رجلين وقدموا بالعير فحسبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ خمسها عشرين الفا، وقسم اربعة أخماسها علي السرية وكان فيمن اسر الدليل فرات بن حبان فأسلم رضي الله عنه (باب)(1)(عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تشييع الغازي واستقباله الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 52 رقم 167 وانما ذكرته هنا لما فيه من ذكر كعب بن الأشرف اليهودي واليك تلخيص قصته كما رواه البخاري وابن اسحاق وموسي بن عقبة ونقله الحافظ ابن كثير في تاريخه في وقائع السنة الثالثة من الهجرة (قال ابن اسحاق) وكان كعب بن الأشرف رجلا من طئ ثم أحد بني نبهان وامه من بني النضير، وكان من حديثه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما انتصر ببدر اشتد حسده وبغضه وقدم مكة وجعل يحرضهم ويرثي من قتل منهم، ثم رجع الي المدينة فشبب بنساء المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف؟ فانه قد آذي الله ورسوله، قال محمد بن سلمة يا رسول الله اتحب ان اقتله؟ قال نعم قال فأذن لي أن أقول شيئا، يعني مما يسر كعبا وان كان فيه شئ بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم قال قل، فرجع محمد بن مسلمة فمكث أياما مشغول النفس بما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل ابن الأشرف، فأتي ابا نائلة سلكان ابن سلامة بن وقش وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش، والحارث بن أوس ابن معاذ، وابا عيسي بن جبر فأخبرهم بما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل ابن الأشرف فاجابوه الي ذلك فقالوا كلنا نفعله، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله انه لابد لنا أن نقول، قال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك، فانطلقوا حتي أتوا حصن ابن الأشرف فقدموا بين أيديهم سلكان بن سلمان أبا نائلة الي عدو الله كعب بن الأشرف فجاءه فتحدث معه ساعة فتناشدا شعرا، وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال ويحك يا ابن الأشرف اني قد جئتك لحاجة اريد ذكرها لك فاكتم عني قال افعل، قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاءا، عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبيل حتي ضاع العيال وجهدت الأنفس واصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب أنا ابن الأشرف اما والله لقد كنت اخبرك يا ابن سلامة ان الأمر يصير الي ما أقول، فقال له سلكان اني قد اردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق
(باب ما رآه النبي صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم قبل وقعة أحد)(1)
لك وتحسن في ذلك، قال ترهنوني ابنائكم، قال لقد أردت أن تفضحنا، ان معي اصحابا لي علي مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء، واراد سلكان ان لا ينكر السلاح اذا جاءوا بها، فقال انه في الحلقة لوفاء، قال فرجع سلكان الي أصحابه فأخبرهم خبره وأمرهم أن يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا اليه، فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال ابن اسحاق) فحدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال مشي معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الي بقيع الغرقد فذكر حديث الباب، قال ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي بيته وهو في ليلة مقمرة فانطلقوا حتي انتهوا إلي حصنه فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس، فوثب في ملحفته فأخذت امرأته بناحيتها وقالت انت امرؤ محارب وان أصحاب الحرب لا ينزلون في هذه الساعة، قال انه أبو نائلة لو وجدني نائما ما أيقظني، فقالت والله اني لأعرف في صوته الشر (وفي رواية البخاري) قالت (يعني امرأته) اسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال انما هو أخي محمد بن سلمة ورضيعي أبو نائلة، ان الكريم لودعي الي طعنة بليل لأجاب، فنزل اليهم متوحشا وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال محمد ما رأيت كاليوم ريحا اطيب، قال كعب عندي أعطر نساء العرب، فقال أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال نعم فشمه ثم اشم اصحابه، ثم قال اتأذن لي؟ قال نعم، فلما استمكن منه قال دونكم فقتلوه وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم واخبروه (وجاء عند ابن اسحاق البغوي وغيرهم) ان الحارث ابن اوس اصيب بجرح في رأسه اصابه بعض اسياف اصحابه فخرجوا وقد ابطأ عليهم الحارث بن اوس ونزف الدم، فوقفوا له ساعة ثم اتي يتبع آثارهم فاحتملوه فجاءوا به الي رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي فسلموا عليه فخرج اليهم فاخبروه بقتل كعب وجاءوا برأسه اليه: وتفل علي جرح صاحبهم (وفي هذه السنة اعني الثالثة من الهجرة) تزوج رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم بحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وتقدمت القصة في ذلك من حديث عمر رضي الله عنه في باب الترغيب في التزويج من ذي الدين الخ (من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 148 رقم 28 فارجع اليه (قال في بهجةالمحافل) وفيها تزوج عثمان أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أختها رقيه (قال وفيها تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة) أم المساكين الهلالية ولبثت عنده شهرين أو ثلاثة وماتت، قال الشمني تزوجها في شهر رمضان علي رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة ولبثت عنده صلي الله عليه وسلم ثلاثة أشهر علي الأصح، وماتت ودفنت بالبقيع رضي الله عنها (باب)(1) كانت هذه الغزوة في شوال سنة ثلاث من الهجرة، قاله الزهري وقتاد وموسي بن عقبة ومحمد بن اسحاق ومالك (قال ابن اسحاق) للنصف من شوال، وقال قتادة يوم السبت الحادي عشر منه، قال مالك وكانت الوقعة في أول النهار وهي علي المشهور التي انزل الله فيها قوله تعالي (واذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم) الي قوله (وما كان الله ليطلعكم علي الغيب) وكان من حديث غزوة أحد علي ما ذكره علماء السير والمغازي انه لما أصيب يوم بدر كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم الي مكة ورجع أبو سفيان بعيره مشي عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن اصيب آباؤهم وابناؤهم واخوانهم يوم بدر فكلموا أبا سفيان.
(عن أبن عباس)(1) قال تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال رأيت في سيفي ذي الفقار فلافأولته فلا (بفتح الفاء وتشديد اللام منونة) يكون فيكم (أي انهزاما) ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير فبقر والله خير، فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن جابر بن عبد الله)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقرا منحرة (3) فأولت أن الدرع الحصينة المدينة وأن البقر هو والله خير (4)، قال فقال لأصحابه لو انا أقمنا بالمدينة فان دخلوا علينا فيها قاتلناهم؟
ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش ان محمدا قد وتركم وقتل خياركم فاعينونا بهذا المال علي حربه لعلنا ندرك منه ثأرا ففعلوا، (قال ابن اسحاق) ففيهم كما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله تعالي (ان الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله قسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون: والذين كفروا الي جهنم يحشرون) قالوا فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فعل ذلك ابو سفيان واصحاب العير وخرجت بحدها وحديدها وجدها واحابيشها ومن تابعها من بني كنانة وأهل تهامة وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة وان لا يفروا، وخرج ابو سفيان صخر بن حرب وهو قائد الناس ومعه زوجته هند بنت عتبة بن ربيعة، وخرج عكرمة بن ابي جهل بزوجته ابنة عمه ام حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، وخرج عمه الحارث بن هشام بزوجته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفية، وخرج عمرو بن العاص بربطة بنت منية بن الحجاج، وهي ام ابنة عبد الله بن عمرو، وذكر غيرهم ممن خرج بامرأته وسار ابو سفيان في جمع من قريش حتي نزلوا ببطن الوادي الذي قبلي أحد، وكان رجال من المسلمين لم يشهدوا بدرا قد ندموا علي ما فاتاهم من السابقة وتمنوا لقاء العدو ليبلوا ما أبلي اخوانهم يوم بدر، فلما نزل ابوسفيان والمشركون باصل احد فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدرا بقدوم العدو عليهم وقالوا قد ساق الله الينا أمنيتنا: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري ليلة الجمعة رؤيا منامية وهي التي ذكرها ابن عباس في حديث الباب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في سيفي ذي الفقار فلا (بفتح الفاء وتشديد اللام منونة) أي كسروا وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه المشركون يوم أحد كان رأيه أن يقيم بالمدينة فيقاتلهم فيها فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدرا نخرج يا رسول الله اليهم نقاتلهم باحد ورجوا ان يصيبهم من الفضيلة ما أصاب أهل بدر، فما زالو برسول الله صلى الله عليه وسلم حتي لبس أداته يعني أداة الحرب وهو السلاح، ثم ندموا وقالوا يا رسول الله أقم فالرأي رأيك، فقال ما ينبغي لنبي ان يضع أداته بعد ما لبسها حتي يحكم الله بينه وبين عدوه (1)(عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب رؤي النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب تفسير الرؤيا في الجزء السابع عشر صحيفة 221 رقم 44 فارجع اليه ففيه (فبقر والله خير مرة واحدة وهو خطأ، وصوابه فبقر والله خير مرتين كما هنا فأصلح نسختك، وتأويل البقر ما أصاب أصحابه يوم أحد من استشهاد سبعين (وقوله ورأيت اني مردف كبشا فأولت كبش الكتيبة)(وفي رواية فأولت اني اقتل صاحب الكتيبة) يعني طلحة بن ابي طلحة صاحب لواء المشركين وقد كان ذلك (2)(سنده) حدثنا عبد الصمد وعفان قال حماد قال عفان في حدثيه أنا ابو الزبير وقال عبد الصمد في حديثه حدثنا ابو الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(3) اي مذبوحة (4) معناه استشهاد.
فقالوا يا رسول الله والله ما دخل علينا فيها في الجاهلية فكيف يدخل علينا فيها في الاسلام؟ قال عفان في حديثه فقال شأنكم اذاً (1) قال فلبس لامته قال فقالت الأنصار رددنا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه فجاءوا فقالوا يا نبي الله شأنك اذا، فقال إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتي يقاتل (عن أنس بن مالك)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت فيما يري النائم كأني مردف كبشا وكأن ظبة (3) سيفي انكسرت فأولت أني أقتل صاحب الكتيبة (4) وأن رجلا من أهل بيتي يقتل (5)(باب خبر موقعة أحد وتنظيم الصفوف والقيادة ووجوب طاعة الامام وسوء مخالفته)(عن أبي أسحق)(6) أن البراء بن عازب قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي الرماة (7) يوم أحد وكانوا خمسين رجلا عبد الله بن جبير (8) قال ووضعهم موضعاً وقال إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتي أرسل اليكم (9) ان رأيتمونا ظهرنا على العدو
أصحابه كما تقدم (1) قال ابن اسحاق لما قص رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤياه علي أصحابه قال لهم ان رأيتم ان تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فان اقاموا اقاموا بشر مقام، وان دخلوا علينا قاتلناهم فيها، وكان رأي عبد الله بن ابي بن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن لا يخرج اليهم، فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم ممن كان فاته بدر يا رسول الله اخرج بنا الي أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا، فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم حتي دخل فلبس لامته اي سلاح الحرب وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الف من اصحابه، قال ابن هشام واستعمل علي المدينة ابن ام مكتوم، قال ابن اسحاق حتي اذا كان بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عنه عبد الله ابن ابي بثلث الناس ممن تبعه من أهل النفاق، وقال اطاعهم وعصاني، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب، ومضي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي وفي الجبلي وجعل ظهره وعسكره الي أحد، وقال لا يقاتلن أحد حتي آمره، وسيأتي تفصيل ذلك في الباب التالي (تخريجه) لم أقف عليه من حديث جابر لغير الامام احمد ورواه الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (2)(سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس الخ (غريبه)(3) بضم الظاء المعجمة وفتح الموحدة ظبة السيف طرفه وحده (4) هذا تأويل قوله كأني مردف كبشا وصاحب الكتيبة هو طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (5) هذا تأويل قوله كأن ظبة سيفي انكسرت يعني قتل حمزة رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار وأحمد باختصار وفيه علي بن زيد وهو ثقة سئ الحفظ وبقية رجالهما ثقات اه قلت ولفظ البزار أورده الهيثمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت فيما يري النائم كأن ظبة سيفي انكسرت وكأني مردف كبشا فأولت ان كسر ظبة سيفي قتل رجل من قومي واني مردف كبشا وأني اقتل كبش القوم فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين وقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (باب)(6)(سنده) حدثنا حسن بن موسي ثنا زهير ثنا أبو اسحاق ان البراء بن عازب الخ (غريبه)(7) بضم الراء الذين يرمون بالنبل (8) هو عبد الله بن جبير بن النعمان اخو بني عمرو بن عوف أي جعله عليهم أميرا (9) معناه لا تتركوا
وأوطأناهم فلا تبرحوا حتي أرسل اليكم، قال فهزموهم قال فانا والله رأيت النساء يشتددن (1) علي الجبل وقد بدت سوقهن (2) وخلا خلهن رافعات ثيابهن؛ فقال أصحاب عبد الله بن جبير الغنيمة أي قوم الغنيمة (3) ظهر أصحابكم فما تنظرون؟ قال عبد الله بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول الله (4) صلى الله عليه وسلم قالوا انا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة (5) فلما أتوهم صرفت وجوهم (6) فأقبلوا منهزمين فذلك الذي يدعوهم الرسول صلى الله عليه وسلم في أخراهم (7) فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا (8) فأصابوا منا سبعين رجلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا، فقال أبو سفيان أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاثا فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه، ثم قال أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ ثم أقبل علي أصحابه فقال أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم، فما ملك عمر نفسه ان قال كذبت والله يا عدو الله ان الذين عددت لأحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوءك، فقال يوم بيوم بدر (9) والحرب سجال، انكم ستجدون في القوم مثلة (10) لم آمر بها ولم تسؤني (11) ثم أخذ يرتجز أعل هبل أعل هبل (12) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تجيبونه؟ قالوا يا رسول الله ما نقول؟ قال
مكانكم سواء رأيتم العدو تغلب علينا أو تغلبنا عليه (وقوله فهزموهم) يعني ان الرماة هزموا المشركين (1) بفتح التحتية وسكون الشين المعجمة وفتح الفوقية وكسر المهملة الأولي وسكون الثانية بعدها نون أي يسر عن المشي علي الجبل (2) أي ظهرت سوقهن جمع ساق (رافعات ثيابهن) ليعينهن ذلك علي سرعة الهرب، وتقدم ذكر اسمائهن في شرح الباب الأول (3) مفعول لفعل محذوف أي خذوا الغنيمة (4) يعني قوله صلى الله عليه وسلم (لا تبرحوا حتي أرسل اليكم)(5) وفي رواية فأبوا وقالوا لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قد انهزم المشركون فما مقامنا هاهنا؟ ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم، وثبت أميرهم عبد الله في نفر يسير دون العشرة مكانه وقال لا أجاوز امر رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) أي عن قتال الكفار بالاشتغال بجمع الغنائم ونظر خالد بن الوليد الي خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة ابن أبي جهل وحملوا علي من بقي من الرماة فقتلوهم وقتلوا أميرهم عبد الله بن جبير وانهزم الذين اشتغلوا بجمع الغنائم وفروا هاربين لا يدرون أين يذهبون (7) يشير الي قوله تعالي (اذ تصعدون ولا تلوون علي أحد والرسول يدعوكم في اخراكم)(8) وفي رواية أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين منهم أبو بكر الصديق وسبعة من الأنصار، وكان يوم بلاء وتمحيص اكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتي خلص العدو الي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقذف بالحجارة حتي وقع لشقه وأصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت شفته وجعل الدم يسيل علي وجهه (9) أي هذا يوم بمقابلة يوم بدر (والحرب سجال) أي توب توبة لك وتوبة لنا (10) بضم الميم وسكون المثلثة اي بمن استشهد من المسلمين كجدع الآذان والأنوف (11) معناه ما أمرت بفعلها ولم يسؤني فعلها (12) بضم الهمزة وسكون المهملة وضم اللام (هبل) أي يا هبل بضم الهاء وفتح الموحدة بعدها لام، اسم صنم كان في الكعبة اي أظهر دينك أو زد
قولوا الله أعلي وأجل، قال إن العزي (1) لنا ولا عزي لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تجيبونه؟ قالوا يا رسول الله وما نقول؟ قال قولوا الله مولانا (2) ولا مولي لكم (عن عبيد الله)
(يعني ابن عتبة) عن (ابن عباس)(3) أنه قال ما نصر الله تبارك وتعالي في موطن كما نصر في يوم أحد قال فأنكرنا ذلك: فقال ابن عباس بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله تبارك وتعالي ان الله عز وجل يقول في يوم أحد (ولقد صدقكم الله وعده (4) إذ تحسونهم باذنه) يقول ابن عباس والحس القتل (حتي اذا فشلتم _ الي قوله _ ولقد عفا عنكم والله ذو فضل علي المؤمنين) عني بهذا الرماة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اقامهم في موضع ثم قال احموا ظهورنا فان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وان رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأباحوا عسكر المشركين اكب الرماة جميعا فدخلوا العسكر ينهبون وقد التفت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم كذا وشبك أصابع يديه والتبسوا (5) فلما أخل الرماة تلك الخلة (6) التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع علي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فضرب بعضهم بعضا والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول النهار حتي قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة: وجال المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغاث وانما كانوا تحت المهراس (7) وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشك فيه أنه حق فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل حتي طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين (8) نعرفه بتكفئه (9) اذا مشي، قالوا ففرحنا حتي كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال فرقي نحونا وهو يقول اشتد غضب الله علي قوم دموا (10) وجه رسوله، قال ويقول مرة أخري اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا حتي أنتهي الينا فمكث ساعة
علوا أي ليرتفع أمرك ويعز دينك فقد غلبت (1) تانيث الأعز بالزاي اسم صنم لقريش (2) أي ولينا وناصرنا (ولا مولي لكم) اي لا ناصر لكم فالله تعالي مولي العباد جميعا من جهة الأختراع وملك التصرف ومولي المؤمنين خاصة من جهة النصرة (تخريجه)(خ طل)
(3)
(سنده) حدثنا سليمان بن دواد انا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله عن ابن عباس الخ (غريبه)(4) اي بالنصر والظفر وذلك ان النصر كان للمسلمين في الابتداء (إذ تحسونهم) اي تقتلونهم قتلا ذريعا (بإذنه) أي بتسليطه اياكم عليه (حتي اذا فشلتم) قال ابن عباس الفشل الجبن (وتنازعتم في الأمر وعصيتم) كما وقع للرماة (من بعد ما أراكم ما تحبون) وهو الظفر بهم (منكم من يريد الدنيا) وهم الذين رغبوا في المغنم حين رأو الهزيمة (ومنكم من يريد الآخرة) يعني الذين ثبتوا مع عبد الله بن جبير حتي قتلوا (ثم صرفكم عنهم) أي ردكم عنهم بالهزيمة (ليبتليكم) ليمتحنكم وقيل لينزل البلاء عليكم (ولقد عفا عنكم) فلم يستاصلكم بعد المعصية والمخالفة منكم لأمر نبيكم (5) أي اختلطوا خالط بعضهم بعضا (6) بفتح الخاء المعجمة الفرجة (7) ماه بجبل أحد دفن بجواره حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) هكذا بالأصل والظاهر انهما مكانان في ذاك الموضع والله أعلم (9) التكفؤ التمايل الي قدام (10) أي أسالوا دمه يقال دماه
فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل أعل هبل مرتين يعني آلهته أين ابن أبي كبشة (1) أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر يا رسول الله ألا أجيبه؟ قال بلي، قال فلما قال أعل هبل قال عمر الله أعلي وأجل، قال فقال أبو سفيان يا ابن الخطاب إنه قد أنعمت عينها (2) فعاد عنها أو فعال عنها، فقال أين ابن أبي كبشه؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وهذا أنا ذا عمر، قال فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر، الأيام دول وإن الحرب سجال (3) قال فقال عمر لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال انكم لتزعمون ذلك لقد خبنا اذا وخسرنا، ثم قال أبو سفيان أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلا (4) ولم يكن ذاك عن رأي سراتنا (5) قال ثم أدركته حمية الجاهلية قال فقال أما إنه قد كان ذاك ولم نكرهه (عن ابن مسعود) (6) أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن علي جرحي المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتي أنزل الله عز وجل (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة: ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) فلما خالف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به أفر د رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة: سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو عاشرهم فلما رهقوه (7) أيضا قال رحم الله رجلا ردهم عنا، فلم يزل يقول ذا حتى قتل
يدميه بتشديد الميم (1) قال في النهاية كان المشركون ينسبون النبي الي أبي كبشه وهو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان الشعري العبور فلما خالفهم النبي صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم في عبادة الأوثان شبهوه به، وقيل انه كان جد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل امه فارادوا انه نزع في الشبه اليه (2) أي قرت قال في النهاية كان الرجل من قريش اذ أراد ابتداء أمر عمد الي سهمين فكتب علي احداهما نعم وعلي الآخر لا، ثم يتقدم الي الصنم ويجيل سهامه فان خرج سهم نعم اقدم، وان خرج سهم لا امتنع، وكان أبو سفيان لما أراد الخروج الي أحد أستفتي هبل فخرج له سهم الانعام فذلك قوله لعمر أنعمت فعال عنها أي تجاف عنها ولا تذكرها بسوء يعني آلهتهم، وقال في موضع آخر أنعمت فعال عنها أي أترك ذكرها فقد صدقت في فتواها وأنعمت أي أجابت بنعم، وأما قوله فعاد عنها فلم يذكره في النهاية، ومعناه ايضا تجاف عن ذكرها كما تقدم (3) بكسر السين المهملة جمع سجل بفتحها وسكون الجيم أي مرة لنا ومرة علينا (4) بفتح الميم وسكون الثاء المثلثة مصدر مثل بالقتيل من بابي ضرب ونصر اذا نكل به بجدع أنفه أو قطع اذنه أو نحو ذلك كمثل به تمثيلا (5) السراة بفتح المهملة جمع سري وهم الأشراف والكبراء (تخريجه)(ك طب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه ايضا ابن أبي حاتم والبيهقي في دلائل النبوة واورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه عبد الرحمن بن ابي الزناد وقد وثق علي ضعفه اه قال الحافظ ابن كثير وهو من مرسلات ابن العباس فانه لم يشهد احدا ولا أبوه قال وله شواهد من وجوه كثيرة (يعني في الصحاح) اشار الي بعضها في التفسير وفي التاريخ والله أعلم (6)(سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد حدثنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود الخ (غربيه)(7) يقال رهق بالكسر يرهقه رهقا أي غشيه وارهقه اي أغشاه اياه (نه) وقال النووي أي غشوه
السبعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبيه ما أنصفنا أصحابنا (1) فجاء أبو سفيان فقال أعل هبل فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم قولوا الله أعلي وأجل، فقالوا الله أعلي وأجل، فقال أبو سفيان لنا عزي ولا عزي لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا والكافرون لا مولي لهم، ثم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر، يوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر، حنظلة بحنظلة وفلان بفلان وفلان بفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سواءا أما قتلانا فاحياء يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون، قال أبو سفيان قد كانت في القوم مثله وإن كانت لعن غير ملاء (2) منا، ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا سرني، قال فنظر وا فاذا حمزة قد بقر بطنه (3): فاخذت هند (4) كبده فلا كتها فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلت منه شيئا؟ قالوا لا، قال ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلي عليه وجئ برجل من الأنصار فوضع الي جنبه فصلي عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة، ثم جئ بآخر فوضع الي جنب حمزة فصلي عليه ثم رفع وترك حمزة، حتي صلي عليه يومئذ سبعين صلاة (باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد من كسر رباعيته وشج وجهه ووقاية الله عز وجل له بالملائكة وشدة غضبه علي من فعل به ذلك)(عن أنس بن مالك)(5) أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته (6) يوم أحد وشج في جبهته حتي سال الدم علي وجهه، فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلي ربهم فنزلت الآية (ليس لك من الآمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)(7)
قربوا منه (1) أي ما أنصفت قريش الأنصار لكون القرشيين لم يخرجوا للقتال بل خرجت الأنصار واحدا بعد واحدا فقتلوا عن آخرهم هذه هي الرواية المشهورة ورواه بعضهم ما أنصفنا بفتح الفاء ورفع أصحاب فيكون الكلام راجعا الي الذين فروا أفاده النووي (2) أي عن غير تشاور من اشرافنا وجماعتنا (3) أي شق وفتح (4) هي هند بنت عتبة بن ربيعه زوجة ابي سفيان (فلاكتها) أي مضغتها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط، وأورده أيضا الحافظ بن كثير في التفسير: وقال في التاريخ تفرد به احمد، وهذا إسناد فيه ضعف أيضا من جهة عطاء بن السائب (قلت) قال في التهذيب وثقه احمد والنسائي، وقال ابن معين جميع من روي عن عطاء في الاختلاط الا شعبة وسفيان. قال ابن عدي واختلاطه في آخر عمره اه تهذيب (وفي المواهب اللدنية) نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي حمزة وقد بقر بطنه عن كبده وجدع أنفه واذناه فلم ينظر إلي شئ أوجع لقلبه منه، فقال رحمة الله عليك فقد كنت فعولا للخير وصولا للرحم، وممن مثل به كما مثل بحمزة ابن أخته عبد الله بن جحش ودفن معه في قبر واحد (باب)(5)(سنده) حدثنا هشيم أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ
(غريبه)(6) هي بتخفيف الياء التحتية وهي السن التي تلي الثنية من كل جانب، وللانسان أربع رباعيات، وفي هذا وقوع الابتلاء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لينالوا جزيل الأجر وشرف أممهئم وغيرهم مما أصابهم (قال القاضي عياض) وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا ويطرأ علي أجسامهم ما يطرأ علي أجسام البشر ليتيقنوا أنهم مخلوقات مربوبون ولا يفتتن بما ظهر علي أيديهم من المعجزات وتلبيس الشيطان من أمرهم ما لبسه علي للنصاري وغيرهم (7) قيل أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوا عليهم
(وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه)(1) ورمي رمية علي كتفه فجعل الدم يسيل علي وجهه وهو يقول كيف تفلح أمة فعلوا هذا بنبيهم الحديث (2)(عن أبي هريرة)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله علي قوم فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حيئذ يشير الي رباعيته (4) وقال اشتد غضب الله عز وجل علي رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله (5)(عن سعد بن أبي وقاص)(6) قال لقد رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن يساره يوم أحد
ـبالاستئصال فنزلت هذه الآية، وذلك لعلم الله عز وجل بان كثيرا منهم يسلمون (1)(سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا حميد عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم شج في وجهه يوم واحد وكسرت رباعيته ورمي رمية علي كتفه الخ (2) يعني بقيته كما نقدم في الطريق الأولي (تخريجه)(ق. وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر احاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(4) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قال الواقدي ثبت عندي ان الذي رمي في وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن قمئة، والذي رمي في شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أبي وقاص قال وقد تقدم عن ابن اسحاق نحو هذا وان الرباعية التي كسرت له عليه السلام هي اليمني السفلي (قلت) اما ابن قمئة فقد جاء في المواهب اللدنية عن ابي امامة قال رمي عبد الله بن قمئة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فشج وجهه وكسر رباعيته فقال خذها وانا ابن قمئة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه أقمأك الله فسلط الله عليه تيس جبل فلم يزل ينطحه حتي قطعه قطعة قطعة
(وأما عتبة بن ربيعة بن أبي وقاص) فقد روي عبد الرزاق بسنده عن مقسم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علي عتبة بن أبي وقاص حين كسر رباعيته ودمي وجهه فقال اللهم لا يحول عليه الحول حتي يموت كافراً. فما حال عليه الحول حتي مات كافراً الي النار (5) يعني ابي بن خلف قتله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة احد، قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قال أبو الأسود عن هروة بن الزبير قال كان ابي بن خلف أخو جمح قد حلف وهو بمكة ليقتلن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلفته قال بل أنا أقتله ان شاء الله: فلما كان يوم أحد أقبل ابي في الحديد مقنعا وهو يقول لا نجوت ان نجا محمدا فحمل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قتله فاستقبله مصعب بن عمير اخو بني عبد الدار يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فقتل مصعب بن عمير وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة ابي بن خلف من فرجة بين سابغه الدرع والبيضة فطعنه فيها بالحربة فوقع الي الارض عن فرسه ولم يخرج من طعنه دم، فاتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور، فقالوا له ما اجزعك انما هو خدش فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا اقتل ابيا، ثم قال والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، فمات الي النار فسحقا لاصحاب السعير،
(قال الواقدي) وكان ابن عمر يقول مات ابي بن خلف ببطن رابغ فاني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل اذا أنا بنار تأججت فهبتها واذا برجل يخرج منها بسلسلة يجذبها يهيهجه العطش، فاذا رجل يقول لا تسقه فانه قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ابي بن خلف (تخريجه)(ق. وغيرهما) وذكر ابن اسحاق ان النبي صلى الله عليه وسلم خدش ابي بن خلف (يعني بالحربة) خدشا غير كبير فاحتقن الدم فقال قتلني والله محمد، فقالوا له ذهب والله فؤادك والله ان بك بأس (اي ما بك بأس) قال انه قد كان، قال لي بمكة أنا أقتلك، فوا الله لو بصق علي لقتلني فمات عدو الله * وهم قافلون الي مكة (6)(سنده)
رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد (1)(باب ما جاء في أمور شتي تتعلق بالقتال والمقاتلين وشهداء أحد)(عن أنس)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال من يأخذ هذا السيف؟ فأخذه قوم فجعلوا ينظرون اليه، فقال من يأخذه بحقه؟ فأحجم القوم، فقال أبو دجانه (3) سماك أنا آخذه بحقه ففلق هام المشركين (عن السائب بن يزيد)(4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر بين درعين (5) يوم أحد (عن جابر ابن عبد الله)(6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا ذكر أصحاب أحد اما والله لوددت أني غودرت مع أصحابي نخص (7) الجبل يعني صفح الجبل (وعنه أيضا)(8) أن قتلي أحد حملوا من مكانهم فنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ردوا القتلي الي مضاجعها (وعنه ايضا)(9) قال استشهد أبي بأحد فأرسلني اخواتي اليه بناضح لهن فقلن اذهب فاحتمل أباك علي هذا الجمل فادفنه في مقبرة بني سلمة، قال فجئته وأعوان لي فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بأحد فدعاني
حدثنا سليمان بن دواد الهاشمي أنبأنا ابراهيم بن سعد عن أبيه عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص الخ (وقوله في السند عن أبيه عن أبيه معناه) ان ابراهيم بن سعد يرويه عن أبيه سعد بن ابراهيم وأبوه سعد يرويه عن ابيه ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وابراهيم بن عبد الرحمن يرويه عن سعد بن أبي وقاص (غريبه)(1) زاد عند مسلم هما جبريل وميكائيل، وهذا يرد قول من قال ان الملائكة لم تقاتل معه الا يوم بدر وكانوا يكونون فيما سواه عددا ومددا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (2) (سنده) حدثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس: وعفان ثنا حماد ثنا ثابت عن انس (يعني ابن مالك) الخ (3) هو سماك بن خرشة (بفتحات) اخو بني ساعدة، جاء عند ابن اسحاق فقال (يعني أبا دجانه) وماحقه يا رسول الله؟ قال ان تضرب به في العدو حتي ينحني قال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه اياه: هكذا ذكره ابن اسحاق منقطعا (تخريجه)(م)(4)(سنده) حدثنا يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد ان شاء الله ان النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر بين درعين يوم احد وحدثنا به مرة أخري فلم يستثن فيه (غريبه)(5) أي جمع بينهما ولبس احداهما فوق الأخري وكأنه من التظاهر بمعني التعاون والتساعد كأن جعل احداهما ظهارة والأخري بطانة، ومنه يعلم أن مباشرة الأسباب لا تنافي التوكل (وقوله في الحديث فلم يستثن) أي لم يقل ان شاء الله (تخريجه)
(اخرجه ابن ماجه) هكذا حدثنا هشام بن سوار ثنا سفيان بن عيينة عن يزيد ابن خصيفة عن السائب بن يزيد ان شاء الله تعالي ان النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد أخذ درعين كأنه ظاهر بينهما قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح علي شرط البخاري (6)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا ابي عن ابن اسحاق حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(7) بضم النون وسكون المهملة بعدها صاد مهملة مفتوحة (قال في النهاية) النحص أصل الجبل وسفحه واراد باصحاب نحص الجبل قتلي أحد وغيرهم من الشهداء اي يا ليتني استشهدت معهم والمغادرة الترك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير ابن اسحاق وقد صرح بالسماع اه يعني ان الحديث صحيح (8)(سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر ان قتلي أحد الخ (تخريجه)(الأربعة) وابن حبان وحسنه الترمذي (9)
(وعنه ايضا الخ) هذا الحديث
وقال والذي نفسي بيده لا يدفن الا مع اخوته فدفن مع أصحابه بأحد (عن ابن عباس)(1) قال امر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود وقال ادفنوهم بدمائهم وثيابهم (باب ما جاء في مقتل حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ومن قتله وسبب ذلك)
(حدثنا حجين بن المثني ابو عمر)(2) قال حدثنا عبد العزيز يعني ابن عبد الله بن أبي سلمة (3) عن عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو الضمري (4) قال خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار (5) إلي الشام فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله هل لك في وحشي (6) نسأله عن قتل حمزة؟ قلت نعم، وكان وحشي يسكن حمص فسألنا عنه فقيل لنا هو ذاك في ظل قصره كانه حميت (7) قال فجئنا حتي وقفنا عليه فسلمنا فرد علينا السلام، قال وعبيد الله معتجر (8) بعمامة ما يري وحشي الا عينيه ورجليه، فقال عبيد الله يا وحشي أتعرفني؟ قال فنظر اليه ثم قال لا والله الا اني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال ابنة أبي العيص فولدت له غلاما بمكة فأسترضعه (9) فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها اياه فلكأني نظرت الي قدميك (10) قال فكشف عبيد الله وجهه ثم قال ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي ببدر فقال لي مولاي جبير بن مطعم ان قتلت حمزة بعمي فأنت حر، فلما خرج الناس يوم عينين (11) قال وعينين جبل تحت أحد (12) وبينه وبينه واد خرجت الناس الي القتال فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع (13) فقال هل من مبارز؟ (14) قال فخرج اليه حمزة بن عبد المطلب فقال سباع بن أم انمار؟ (15) يا ابن مقطعة البظوز (16) اتحاد الله ورسوله؟ ثم شد عليه فكان كأمس
تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الميت ينقل الخ من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 149 رقم 230 فارجع اليه (1)(عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 186 رقم 140 فارجع اليه (باب)(2)(حدثناحجين بن المثني أبو عمر الخ)(غريبه)(3) في الأصل اسامة وهو خطأ وصوابه سلمة كما عند البخاري وغيره (4) يعني ابن عمرو بن أمية الضمري بفتح الضاد المعجمة مشددة (5) بكسر المعجمة وتخفيف التحتية بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي (6) بفتح الواو وسكون الحاء المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد التحتية ابن حرب الحبشي مولي جبير بن مطعم (7) بحاء مهملة مفتوحة فميم مكسورة فتحتية ساكنة ففوقيه علي وزن رغيف كبير زق كبير للسمن يشبه به الرجل السمين (8) بضم الميم وسكون العين المهملة وفتح الفوقية وبعد الجيم المكسورة راء (بعمامته) أي لفها علي رأسه من غير ان يديرها تحت حنكه (9) أي اطلب له من يرضعه (10) يعني انه شبه قدميه بقدمي الغلام الذي حمله فكان هو هو وكان بين الرؤيتين نحو من خمسين سنة (11) تثنية عين أي عام وقعة أحد (12) أي من ناحيته (13) بكسر السين المهملة وتخفيف الموحدة ابن عبد العزي الخزاعي (14) جاء في الأصل فقال من مبارز وهو خطأ سقط لفظ هل من الناسخ أو الطابع وصححناه من البخاري وغيره (15) جاء عند البخاري فقال (يا سباع يا ابن أنمار) قال القسطلاني بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الميم وبعد الالف راء هي أمه وكانت مولاة لشريف بن عمرو الثقفي والد الأخنس (16) بضم الموحدة والظاء
الذاهب واكمنت لحمزة تحت صخرة (1) حتي اذا مر علي فلما أن دنا مني رميته فأضعها في ثنته (2) حتي خرجت من بين وركيه، قال فكان ذلك العهد به (3) قال فلما رجع الناس رجعت معهم قال فأقمت بمكة حتي فشا فيها الاسلام، قال ثم خرجت الي الظائف (4) قال فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم (5) قال وقبل له انه لا يهيج (6) الرسل قال فخرجت معهم حتي قدمت علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما رآني قال أنت وحشي؟ قال قلت نعم، قال أنت قتلت حمزة؟ قال قلت قد كان في الأمر ما بلغك يا رسول الله اذ قال ما تستطيع أن تغيب عني وجهك؟ قال فرجعت، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج مسيلمة (7) الكذاب قال قلت لاخرجن الي مسيلمة لعلي اقتله فاكافئ به حمزة، قال فخرجت مع الناس فكان من امرهم ما كان، قال فاذا رجل قائم في ثلمة (8) جدار كأنه جمل أورق (9) ثائر رأسه قال فأرميه بحربتي فاضعها بين ثدييه حتي خرجت من كتفيه؛ قال ودب اليه رجل من الأنصار (10) قال فضربه بالسيف علي هامته (11) قال عبد الله بن المفضل فاخبرني سليمان بن يسار انه سمع عبد الله بن عمر فقالت جارية علي ظهر بيت وأمير المؤمنين (12) قتله العبد الأسود
المعجمة جمع بظر وهو اللحمة التي تقطع من فرج المرأة الكائنة بين اسكيتها عند ختانها وكانت تختن النساء بمكة فعيره بذلك (ومقطعة بكسر الطاء المهملة)(وقوله اتحاد الله ورسوله) بفتح الهمزة وضم الفوقية وفتح الحاء المهملة وبعد الالف دال مهملة مشددة اي اتعاندهما وتعاديهما (1) اي اختبأت (2) بضم المثلثة وتشديد النون بعدها فوقية في عانته (3) يعني مات (4) أي هاربا لما افتتح رسول الله مكة (5) هكذا الاصل (فارسل الي النبي ص) وجاء عند البخاري في هذا الحديث نفسه (فارسلوا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا، وفي رواية رسلا، فقيل لي إنه لا يهيج الرسل الخ والله أعلم (وعند ابن اسحاق) فلما خرج وفد أهل الطائف الي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا ضاقت علي الأرض وقلت الحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد فاني في ذلك اذ قال رجل ويحك انه والله ما يقتل أحداً من الناس دخل في دينه (6) بفتح الياء التحتية اي لا ينالهم من مكروه (7) بكسر اللام صاحب اليمامة علي أثر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وادعي النبوة وجمع جموعا كثيرة لقتال الصحابة، وجهز له ابو بكر الصديق رضي الله عنه جيشا وأمر عليهم خالد بن الوليد (8) بفتح المثلثة وسكون اللام اي خلل جدار (9) اي اسمر لونه كالرماد (ثائر رأسه) أي مننشر شعره (10) جزم الحاكم والواقدي واسحاق بن راهويه انه عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، وجزم سيف في كتاب الردة انه عدي بن سهل، وقيل أبو دجانة والأول أشهر (11) أي رأسه (12) ذكرته بلفظ الامرة وان كان يدعي الرسالة لما رأته من أن أمور أصحابه الذين آمنوا به كلهم كانت اليه وأطلقت علي أصحابه المؤمنين باعتبار ايمانهم به ولم تقصد الا تلقيبه بذلك والله أعلم (هذا) وفي الباب احاديث أخري تتعلق بحمزة رضي الله عنه تقدمت في أبواب الغسل والتكفين من كتاب الجنائز فارجع اليها (باب)(1) ترجم لها البخاري فقال باب غزوة الرجيع، والرجيع بفتح الراء وكسر الجيم اسم موضع من بلاد هذيل كانت الوقعة بالقرب منه سنة أربع قاله القسطلاني (وفي بهجة المحافل) هو ماء لهذيل
(عن أبي هريرة)(1) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا (2) وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأفلج جد عاصم بن عمرو بن الخطاب (3) رضي الله عنه فانطلقوا حتي اذا كانوا بالهدة (4) بين عسفان ومكة ذكروا حيا من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتي وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، قالوا نوي تمر يثرب فاتبعوا آثارهم، فلما أخبر بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلي فدفه (5) فاحاط بهم القوم فقالوا لهم انزلوا وأعطونا ما بايديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم بن ثابت أمير القوم أما أنا والله لا أنزل في ذمة كافر: اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم (6) فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة ونزل اليهم ثلاثة نفر علي العهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما تمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء لأسوة، فجرروه وعالجوه فأبي أن يصحبهم فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتي باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبا وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيراً حتي أجمعوا قتله، فاستعار من بعض. بنات الحارث موسي يستحد بها للقتل فاعارته إياها، فدرج بني لها قالت وأنا غافلة حتي أتاه فوجدته يجلسه علي فخذه والموسي بيده، قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب، قال اتخشين أني أقتله؟ ما كنت لأفعل؛ فقالت والله مارأيت أسيرا قط خير اً من خبيب، قالت والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول انه لرزق رزقه الله خبيبا
ـبين عسفان ومر الظهران: وعسفان علي مرحلتين من مكة (1)(سنده) حدثنا سليمان بن دواد انا ابراهيم ابن سعد عن الزهري: ويعقوب قال حدثنا أبي عن ابن شهاب قال ابي وهذا حديث سليمان الهاشمي عن عمرو ابن اسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة وكان من أصحاب أبي هريرة ان أبا هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط الخ (غريبه)(2) أي يتجسسون له أخبار قريش سمي منهم عاصم وحبيب ابن عدي ومرثد بن أبي مرتد الغنوي وخالد بن بكير وعبد الله بن طارق وزيد بن الدثنة ومعتب بن عبيد بن اياس البلوي (وفي تفسير البغوي وغيره) ان قريشا بعثوا الي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة أنا قد أسلمنا فابعث الينا نفرا من علماء اصحابك يعلموننا دينك، وكان ذلك مكرا منهم، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب السرية اليهم (3) قال الحافظ عبد العظيم غلط عبد الرزاق وابن عبد البر فقالا في عاصم هذا هو جد عاصم بن عمرو بن الخطاب وذلك وهم، وانما هو خال عاصم، لأن أم عاصم بن عمر جميلة بنت ثابت وعاصم هو أخو جميلة: ذكر ذلك الزبير القاضي وعمه مصعب الامامان في علم النسب (4) كذا بالاصل الهدة وفي المعجم لياقوت الهدأة قال كما ذكره البخاري في قتل عاصم قال وهو موضع بين عسفان ومكة وكذا ضبطه ابو عبيد البكري الاندلسي، وقال أبو حاتم يقال لموضع بين مكة والطائف الهدة بغير الف وهو غير الأول ذكر معه لنفي الوهم اه (5) بفتح الفائين بينهما دال مهملة ساكنة آخره دال أخري أي رابية مشرفة (6) سيأتي في الحديث فاستجاب الله تعالي لعاصم فأخبر رسوله خبره فاخبر أصحابه بذلك
فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب دعوني أركع ركعتين، فركع ركعتين ثم قال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جذعا من القتل لزدت، اللهم أحصهم (1) عددا واقتلهم بددا (2) ولا تبق منهم أحدا
فلست أبالي حين أقتل مسلماً
…
علي أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله (3) وإن يشأ
…
يبارك علي أوصال (4) شلو ممزع
ثم قال اليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله: وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة (5) واستجاب الله عز وجل لعاصم بن ثابت يوم أصيب فاخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا اخبرهم وبعث ناس من قريش الي عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل ليؤتي بشئ منه يعرف (5) وكان قتل رجلا من عظمائهم (6) يوم بدر فبعث الله عز وجل علي عاصم مثل الظلة من الدبر (7) فحمته من رسلهم فلم يقدروا علي أن يقطعوا منه شيئاً
يوم أصيب (1) بقطع الهمزة والحاء والصاد المهملتين أي اهلكهم بحيث لا تبقي من عددهم أحدا (2) روي بفتح الباء الموحدة أي متفرقين وبكسرها جمع بدة وهي القرحه والقطعة من الشئ المبدد ونصبه علي الحال من المدعو عليهم (3) أي طاعته وفيه دليل علي جواز اطلاق الذات عليه تعالي (4) أي أعضاء جمع وصل وهو العضو (شلو) بكسر المعجمة الجسد (ممزع) بزاي ثم مهملة أي مقطع وقيل مفرق (5) قال السهيلي وانما صار فعل خبيب سنة حسنة والسنة انما هي أقوال من النبي صلى الله عليه وسلم وأفعال وإقرار لانه فعلها في حياته عليه السلام فاستحسن ذلك من فعله واستحسنه المعلمون مع أن الصلاة خير ما ختم به عمل العبد (قال ابن اسحاق) وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بابيه فبعثه مع مولي له يقال له نسطاس الي التنعيم واخرجه من الحرم ليقتله واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب فقال له ابو سفيان حين قدم ليقتل انشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وانك في أهلك؟ قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي، قال يقول أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا، قال ثم قتله نسطاس (5) أي يعرف به أنه قتل، وعند البخاري بشئ من جسده يعرفونه (6) قيل هو عقبة بن أبي معيط فان عاصما قتله صبرا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أنصرفوا من بدر (وفي تفسيره البغوي) فلما قتلوه أرادوا حز رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن سهيل وكانت قد نذرت حين أصاب ابنها يوم احد لئن قدرت علي رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر (7) بفتح المهملة وسكون الموحدة وهي الزنابير، وقيل ذكور النحل وقيل جماعة النحل (روي ابن اسحاق) عن محمد بن ابي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال لما قتل أصحاب الرجيع قال ناس من المنافقين يا ويح هؤلاء المفتونين هلكوا هكذا لاهم اقاموا في اهلهم ولاهم ادوا رسالة صاحبهم، فانزل الله فيهم (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام) وما بعدها (وانزل الله في أصحاب السرية)(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد) اه انظر تفسير ابن كثير والبغوي تجد شيئا كثيرا
(باب سرية بئر معونة (1) وهي التي قتل فيها القراء رضي الله عنهم (عن أنس)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث حراما خاله اخا أم سليم في سبعين رجلا فقتلوا يوم بئر معونة (3) وكان رئيس المشركين يومئذ عامر بن الطفيل (4) وكان هو أني النبي صلى الله عليه وسلم فقال اختر مني ثلاث خصال: يكون لك أهل السهل (5) ويكون لي أهل الوبر (6) أو أكون خليفة من بعدك أو أغزوك بغطفان (7) بالف أشقر والف شقراء (8) قال نطعن في بيت امرأة من بني فلان (9) فقال غدة كغدة البعير (10) في بيت امرأة من بني فلان، إيتوني بفرسي، فأتي به فركبه فمات وهو علي ظهره (11) فانطلق حرام أخو أم سليم رضي الله عنهما ورجلان معه (12)، رجل من بني أمية
(تخريجه)(خ طل) والغبوي وابن اسحاق وغيرهم (باب)(1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه كانت في صفر منها (يعني من السنة الرابعة من الهجرة) قال وأغرب مكحول رحمه الله حيث قال انها كانت بعد الخندق (وفي رواية) عن ابن اسحاق قال فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بعد أحد بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة والمحرم ثم بعث اصحاب بئر معونة في صفر علي رأس أربعة أشهر من احد (2)(سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا اسحاق عن أنس
(يعني ابن مالك) الخ (غريبه) سببه كما رواه الأمام احمد والبخاري وغيرهما من حديث انس ايضا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم اتاه رعل وذ كوان وعصية وبنو لحيان فزعموا انهم قد اسلموا فاستمدوه علي قومهم فأمدهم نبي الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بسبعين من النصار، قال انس كنا نسميهم في زمانهم القراء كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل فانطلقوا بهم حتي اذا أتوا بئر معونة غدروا بهم فقتلوهم الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول أبواب القنوت من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 296 رقم 691 فارجع اليه (4) بضم الطاء المهملة وفتح الفاء يعني ابن مالك بن جعفر بن كلاب العامري وهو غير عامر بن الطفيل الأسلي فان هذا مات كافرا وذاك (يعني الأسلمي) كان صحابيا (5) اي سكان البوادي (6) هكذا بالأصل (أهل الوبر) وجاء عند البخاري (اهل المدر) بفتح الميم والدال المهملة وهم سكان البلاد والمدن، اما اهل الوبر فهم سكان البوادي والظاهر انه وقع تحريف من الناسخ او الطابع في قوله الوبر بدل المدر والله أعلم (7) اي باهل غطفان كما صرح بذلك في رواية البخاري وغطفان بفتحات قبيلة من العرب (8) الشقرة من الألوان حمرة تعلو بياضا في الأنسان، وحمرة صافية في الخبل قاله ابن فارس، فقوله الف اشقر والف شقراء يعني من ذكور الخيل واناثها، روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عند ذلك اللهم اكفني عامرا (9) اي اصابه الطاعون (في بيت أمرأة من بني فلان) اي من بني سلول كما عند الطبراني (10) قال أهل الغة الغدة طاعون الابل تأخخذهم في مراقيهم (بتشديد القاف مكسورة) اي في اسفل بطونهم وقلما تسلم منه (11) كانت اصابته هذه بعد استشهاد حرام خال انس وصحبه، قال الدوادي وكانت هذه من حماقات عامر فأماته الله بذلك ليصغر اليه نفسه (12) الظاهر من السباق ان النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل حرام بن ملحان ومن معه اعني السبعين رجلا الي عامر بن الطفيل ساروا حتي نزلوا بئر معونة (وقال ابن اسحاق) وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم قال فلما نزلوا بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الي عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في الكتاب حتي عدا علي الرجل فقتله، هكذا ذكره ابن اسحاق، وهذا يوضح قوله هنا فانطلق حرام
ورجل أعرج (1) فقال لهم كونوا قريبا مني حتي آتيهم، فان آمنوني والا كنتم قريبا فان قتلوني أعلمتم أصحابكم قال فأتاهم حرام فقال أتومنوني أبلغكم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليكم (2) قالوا نعم فجعل يحدثهم واومئوا (3) الي رجل منهم من خلفه فطعنه حتي أنفذه (4) بالرمح قال الله أكبر فزت ورب الكعبة (5) قال ثم قتلوهم كلهم (6) غير الأعرج كان في رأس جبل، قال أنس فأنزل علينا وكان مما يقرأ فنسخ (7)(أن بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) قال فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم أربعين صباحا علي رعل وذكوان وبني لحيان (8) وعصية الذين عصوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم (عن ثابت)(9) قال كنا عند أنس بن مالك رضي الله عنه فكتب كتابا بين أهله فقال اشهدوا يا معشر القراء قال ثابت فكأني كرهت ذلك فقلت يا أبا حمزة لو سميتهم باسمائهم؟ قال وما بأس ذلك إن أقل لكم قراء، أفلا أحدثكم عن اخوانكم الذين كنا نسميهم علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم القراء؟ فذكر أنهم كانوا سبعين فكانوا اذا جنهم الليل انطلقوا الي معلم لهم بالمدينة فيدرسون الليل (10) حتي يصبحوا فاذا أصبحوا فمن كانت له قوة استعذب من الماء وأصاب من الحطب (11) ومن كانت عنده سعة اجتمعوا فاشتروا الشاة وأصلحوها فيصبح ذلك معلقا بحجر (12) رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصيب خبيب (13) بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا علي حي من بني سليم وفيهم خالي حرام (14) فقال حرام لأميرهم (15) دعني فلأخبر هؤلاء أنا لسنا إياهم نريد
اخوام سليم ورجلان معه الخ (1) عند ابن هشام في زيادات السير ان الاعرج اسمه كعب بن زيد وهو من بني دينار بن النجار، واسم الآخر المنذر بن محمد بن عقبة بن احيحة ابن الجلاح الخزرجي (2) أي اتعطوني الأمان (ابلغكم) بالجزم جواب الاستفهام (3) أي أشاروا (4) بالذال المعجمة أي انفذه من الجانب الي الجانب الآخر، قال الحافظ لم أعرف اسم الرجل الذي طعنه اه والظاهر من كلام ابن اسحاق المتقدم انه عامر بن الطفيل والله اعلم (5) أي فزت بالشهادة (6) أي بعد ان قتلوا حرام ابن ملحان أتوا علي سائر أصحابه فقتلوهم جمعيا عدا الاعرج الخ (7) أي نسح تلاوة، وهذه الجملة معترضة بين قوله فأنزل علينا وبين قوله - أن بلغوا قومنا الخ (8) بكسر اللام وفتحها وهذا يوهم ان بني لحيان ممن أصاب القراء يوم بئر معونة وليس كذلك: وإنما أصاب هؤلاء القراء رعل وذكوان وعصية ومن صحبهم من سليم، وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع وانما أتي الخبر الي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم كلهم في وقت واحد فدعا علي الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاءا واحدا والله أعلم، قاله القسطلاني في المواهب، وانظر الباب الأول من أبواب القنوت المشار اليه أول شرح هذا الحديث (تخريجه)(ق طل) والبغوي وابن اسحاق وغيرهم (9)(سنده) حدثنا هاشم وعفان المعني قالا حدثنا سليمان عن ثابت قال كنا عند أنس بن مالك الخ (غريبه)(10) أي يقرءون القرآن بالليل (11) أي ليبيعه ويقتات بثمنه (12) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة أي حجر نسائه معناه انهم يبعثون بها هدية الي النبي صلى الله عليه وسلم (13) يعني في سرية عاصم المسماة بغزوة الرجيح وتقدم الكلام عليها في الباب السابق (14) يعني ابن ملحان أخا أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري (15) أي
حتى يخلوا وجهنا (1). وقال عفان فيخلون وجهنا (2) فقال لهم حرام إنا لسنا إياكم نريد فخلوا وجهنا، فاستقبله رجل بالرمح فانفذه منه، فلما وجد الرمح في جوفه قال الله أكبر فزت ورب الكعبة، قال فانطووا عليهم فما بقي أحد منهم، فقال أنس فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد علي شئ (3) قط وجده عليهم، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم، فلما كان بعد ذلك اذا أبو طلحة (4) يقول لي هل لك في قاتل حرام (5) قال قلت له ماله فعل الله به وفعل (6) قال مهلا فانه قد أسلم (7) وقال عفان رفع يديه يدعو عليهم، وقال أبو النضر رفع يديه
لأمير البعثة (1) كأنهم كانوا يريدون بني لحيان الذين قتلوا خبيبا وصحبه فتعرض لهم هؤلاء في الطريق (2) معناه ان عفان قال في روايته فيخلون وجهنا بدل قوله حتي يخلوا وجهنا (3) أي حزن (4) هو الأنصاري زوج ام سليم أم انس رضي الله عنهم (5) اي هل لك ان اخبرك عن قاتل حرام بن ملحان خالك (6) اي دعا عليه (7) هذا يعارض قول ابن اسحاق المتقدم في شرح الحديث السابق ان الذي قتل حرام بن ملحان هو عامر بن الطفيل لأن عامر بن الطعيل مات كافرا كما تقدم، وهذا قد أسلم، ويمكن الجمع بينهما بأنه نسب لعامر بن الطفيل باعتبار انه الذي امر بذلك لأنه كان رئيس المشركين يومئذ: كما ثقول بني الأمير المدينة، اي امر ببنائها والباني غير الامير، فكذلك الذي قتله غير مثم هداه الله للاسلام فأسلم والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (باب)(1) قال في المواهب اللدنية (النضير) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة قبيلة كبيرة من اليهود وكانت في ربيع الأول سنة أربع ذكرها ابن اسحاق هنا أي بعد أحد وبئر معونة اه قال ابن عباس ومجاهد والزهري وغير واحد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هادنهم وأعطاهم عهدا وذمة علي ان لا يقاتلهم ولا يقاتلوه فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه (قال الحافظ ابن كثير في تفسيره) وكان سبب ذلك فيما ذكره أصحاب المغازي والسير انه لما قتل أصحاب بئر معونة من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وكانوا سبعين وأفلت منهم عمرو بن أمية الضمري، فلما كان في أثناء الطريق راجعا الي المدينة قتل رجلين من بني عامر وكان معهما عهد من رسول صلى الله عليه وسلم وأمان لم يعلم به عمرو، فلما رجع أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد قتلت رجلين لأد ينهما: وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعهد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الي بني النضير ليستعينهم في دية ذينك الرجلين، وكانت منازل بني النضير ظاهر المدينة علي أميال منها (قال محمد بن اسحاق بن يسار) في كتابه السيرة ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الي بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما فيما حدثني يزيد بن رومان وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا نعم يا أبا القاسم نعينك علي ما أحببت مما استعنت بنا عليه، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا انكم لن تجدوا الرجل علي مثل حاله هذه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم الي جنب جدار من بيوتهم فمن رجل يعلو علي هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله
(عن ابن عمر)(1) أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) فأجلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير واقر قريظة (3)(ومن عليهم حتي حاربت قريظة) بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نسائهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين الا بعضهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنهم وأسلموا وأجلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود المدينة كلهم بني قينقاع (4) وهم قوم عبد الله بن سلام (5) ويهود بني حارثة وكل يهودي كان بالمدينة
صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعا الي المدينة، فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه، فقال رأيته داخلا المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي انتهوا اليه فأخبرهم الخبر مما كانت يهود أرادت من الغدر به، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيئ لحربهم والمسير اليهم، ثم سار حتي نزل بهم فتحصنوا منه بالحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل والتحريق فيها فنادوه أن يا محمد قد كنت تنهي عن الفساد في الأرض وتعيبه علي من يصنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبي سلول ووديعة بن مالك ابن أبي قوقل وسويد ودامس قد بعثوا إلي بني النضير ان اثبتوا وتمنعوا فانا لن نسلمكم، ان قوتلتم قاتلنا معكم، وان خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجليهم ويكف عن دمائهم علي ان لهم ماحملت الابل من أموالهم الا الحلقة (بسكون اللام أي السلاح) ففعلوا، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الأبل فكان الرجل منهم يهدم بيته عن ايجاف بابه فيضعه علي ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا الي خيبر، ومنهم من سار الي الشام وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت لرسول الله خاصة يضعها حيث يشاء: فقسمها علي المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وابا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمير بن كعب عم عمرو بن جحاش، وابو سعد بن وهب أسلما علي أموالهما فاحرزاها (قال ابن اسحاق) وقد حدثني بعض آل يامين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني (يعني القاء الصخرة عليه) فجعل يامين لرجل جعلا علي ان يقتل عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون (قال ابن اسحاق) ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها: وهكذا روي يونس بن بكير عن ابن اسحاق بنحو ما تقدم فقوله تعالي (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) يعني بني النضير (من ديارهم لأول الحشر الخ) اه (1)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح عن موسي بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه)(2) تقدم سبب حربهم اياه وهو نقضهم العهد وارادتهم الغدر به صلى الله عليه وسلم (3) جاء بالأصل (واقر قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نسائهم) والكلام بهذا السياق غير ظاهر المعني، وجاء عند الشيخين وأبي دواد من طريق عبد الرزاق أيضا بلفظ واقر قريظة ومن عليهم حتي حاربت قريظة بعد ذلك فقتل من رجالهم الخ وهذا معناه مستقيم جدا، فالظاهر ان هذه الجملة وهي قوله (ومن عليهم حتي حاربت قريظة) التي جعلناها في المتن بين دائرتين سقطت من الناسخ أو الطابع والله أعلم: وسيأتي سبب حرب النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة في باب ما جاء مشتركا في غزوة الخندق وبني قريظة (4) بفتح القاف وسكون الياء التحتية وضم النون، بطن من بطون يهود المدينة (5) بفتح السين المهملة واللام كان من أحبار اليهود وعلمائهم
(وعنه أيضا)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فانزل الله تبارك وتعالي (ما قطعتم من لينة أو تركتوها قائمة علي أصولها فباذن الله وليخزي الفاسقين)، (باب ما جاء في زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة رضي الله عنها (عن أم سلمة)(2) رضي الله عنها قالت أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد سمعت من رسول الله قولا فسررت به، قال لا تصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها الا فعل ذلك به، قالت أم سلمة فحفظت ذلك منه، فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منه، ثم رجعت الي نفسي قلت من أين لي خير من أبي سلمة، فلما انقضت عدتي استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهابا لي فغسلت يدي من القرظ وأذنت له فوضعت له وسادة أكم حشوها ليف فقعد عليها فخطبني الي نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت يا رسول الله ما بي أن لا تكون بك الرغبة في ولكني امرأة في غير شديدة فأخاف أن تري مني شيئا يعذبني الله به، وأنا أمرأة قد دخلت في السن، وأنا ذات عيال، فقال اما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل منك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من عيال فانما عيالك عيالي، قالت فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أم سلمة فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنها أيضا)(3) قالت قال أبو سلمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل انا لله وانا اليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي وأجرني فيها وأبدلني ما هو خير منها فلما احتضر أبو سلمة قال اللهم أخلفني في أهلي بخير، فلما قبض قلت إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها، قالت وأردت أن أقول وأبدلني خيرا منها فقلت ومن
وحليف بني عوف بن الخزرج صحابي جليل أسلم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتقدم الكلام علي ذلك في حوادث السنة الأولي من الهجرة صحيفة 4 رقم 182 من هذا الجزء
(تخريجه)(ق د) وابن اسحاق وغيرهم (1)(وعنه ايضا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده شرحه وتخريجه في باب ما قطعتم من لينة في كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثاني عشر صحيفة 301 رقم 463 (باب)(2)(سنده) حدثنا يونس قال ثنا ليث يعني ابن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عمرو يعني ابن أبي عمرو عن المطلب عن أم سلمة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وقد رواه الترمذي والنسائي من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عمر بن أبي سلمة عن أمه أم سلمة عن أبي سلمة به وقال الترمذي حسن غريب، وفي رواية النسائي عن ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه، ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن عبد الملك بني قدامة الجمحي عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة به (3)
(سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا
خير من أبي سلمة، فما زلت حتي قلتها، فلما أنقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته ثم خطبها عمر فردته فبعث اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسوله، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني امرأة غيري واني مصيبة وأنه ليس أحد من أوليائي شاهدا، فبعث اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما قولك اني مصيبة فان الله يكفيك صبيانك، وأما قولك اني غيري سأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهد ولا غائب الا سير ضاني: قلت يا عمر (1) قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أني لا انقصك شيئا مما أعطيت أختك فلانة رحبين وجرتين ووسادة من أدم حشوها ليف، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها فاذا جاء أخذت زينب في حجرها لترضعها؛ وكان رسول الله حييا كريما يستحي فرجع، ففعل ذلك مرارا ففطن عمار بن ياسر لما تصنع، فأقبل ذات يوم وجاء عمار وكان أخاها لأمها فدخل عليها فانتشطها من حجرها وقال دعي هذه المقبوحة المقشوحة التي آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل فجعل يقلب بصره في البيت ويقول أين زناب مافعلت زناب؟ قالت جاء عمار فذهب بها، قال فبني باهله ثم قال ان شئت أن اسبع لك سبعت للنساء (عن عبد العزيز بن بنت أم سلمة)(2) عن أم سلمة بنحوه وفيه قال فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتاها فوجدها ترضع فانصرف، ثم أتاها فوجدها ترضع فانصرف. قال فبلغ ذلك عمار بن ياسر فأتاها فقال حلت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين حاجته هلم الصبية، قال فاخذها فاسترضع لها، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اين زناب؟ يعني زينب، قالت يا رسول الله اخذها عمار، فدخل بها وقال ان بك علي أهلك كرامة، قال فأقام عندها الي العشي ثم قال ان شئت سبعت لك، وان سبعت لك سبعت لسائر نسائي؟ وان شئت قسمت لك؟ قالت لا بل اقسم لي (عن أبي بكر بن عبد الرحمن)(3) أن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته
ثابت قال حدثني ابن عمر بن أبي سلمة بمتي عن أبيه ان ام سلمة قالت قال ابو سلمة الخ (غريبه)(1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه توهم بعض العلماء انها تقول لابنها عمر بن ابي سلمة وقد كان إذ ذاك صغيرا لا يلي مثله العقد، وقد جمعت في ذلك جزءا مفردا بينت فيه الصواب في ذلك ولله الحمد والمنة، وان الذي ولي عقدها ابنها سلمة بن أبي سلمة وهو اكبر ولدها، وساغ هذا الان اباه ابن عمها فللابن ولاية امه اذا كان سببا لها من غير جهة البنوة بالاجماع وكذا اذا كان معتقا او حاكما، فاما محض البنوة فلا يلي بها عقد النكاح عند الشافعي وحده وخالفه الثلاثة ابوحنيفه ومالك واحمد رحمهم الله (تخريجه)(نس مذك) وصححه الحاكم واقره الذهبي (2)(سنده) حدثنا وكيع ثنا اسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصغيراء قال حدثني عبد العزيز بن بنت أم سلمة أن أبا سلمة لما توفي عنها وانقضت عدتها خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان في ثلاث خصال، أنا امرأة كبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أكبر منك قالت وأنا امرأة غيور، قال ادعوا الله عز وجل فيذهب غيرتك، قالت يا رسول الله واني امرأة مصيبة قال هم الي الله ورسوله قال فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(م. جه)(3)(سنده) حدثنا
أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها أبنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها ويقولون ما أكذب الغرائب، حتي أنشأ ناس منهم إلي الحج، فقالوا ما تكتبين إلي أهلك؟ فكتبت معهم، فرجعوا الي المدينة يصدقونها، فازدادت عليهم كرامة. قالت فلما وضعت زينب جاءني النبي صلى الله عليه وسلم فخطبني، فقلت ما مثلي نكح، أما أنا فلا ولد في (1) وأنا غيور وذات عيال، فقال: أنا أكبر منك، وأما الغيرة فيذهبها الله عز وجل، وأما العيال فالي الله ورسوله، فتزوجها، فجعل يأتيها فيقول أين زناب؟ حتي جاء عمار بن ياسر يوما فاختلجها، وقال هذه تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ترضعها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين زناب؟ فقالت قريبة ابنة أبي أمية ووافقها عندها أخذها عمار بن ياسر، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم اني آتيكم الليلة، قالت فقمت فأخرجت حبات من شعير كانت في جر وأخرجت شحما فعصدته له، قالت فبات النبي صلى الله عليه وسلم ثم أصبح، فقال حين أصبح، ان لك علي أهلك كرامة: فان شئت سبعت لك، فان أسبع لك أسبع لنسائي
عبد الرزاق انا ابن جريج قال أخبرني حبيب بن أبي ثابت ان عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو والقاسم أخبراه أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن يخبر أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم اخبرته انها لما قدمت المدينة الخ (غريبه)(1) تعني أنها كبيرة (تخريجه)(ك) وأخرجه (م دجه) ما عدا الطرف الأول منه الي قولها فلما وضعت زينب وسنده جيد ورجاله ثقات (وفي الباب) للحاكم في المستدرك قال حدثني أبو بكر محمد بن احمد بن بالويه ثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال كانت أم سلمة اسمها رملة وهي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة، وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الاسد بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهو أول من هاجر الي أرض الحبشة وشهد بدرا وتوفي علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت لأبي سلمة عمر ودرة وزينب امهم أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فخلف عليها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة، وقدروي ابنها عمر بن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: هكذا في المستدرك واقره الذهبي (وفيه أيضا) حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم ثنا الحسين بن الفرج ثنا محمد بن عمر قال وأم سلمة اسمها هند بنت أبي أمية واسم أبي أمية سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عبد عمر بن مخزوم وأمها عائكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة تزوجها ابو سلمة عبد الله بن عبد الاسد بن هلال وهاجر بها الي أرض الحبشة في الهجرتين جميعا (وفيه أيضا) قال ابن عمر حدثنا عمر بن عثمان عن عبد الملك بن عبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد قال خرج أبي الي أحد فرماه أبو أسامة الحبشي في عضده بسهم فمكث شهرا يداوي جرحه ثم برئ الجرح وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الي أبي قطن في المحرم علي رأس خمسة وثلاثين شهرا فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع فدخل المدينة لثمان خلون من صفر سنة أربع والجرح ينتقض فمات فيها لثمان خلون من جمادي الآخرة سنة أربع من الهجرة فاعتدت أمي وحلت لعشر ليالي بقين من شوال سنة أربع وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوال سنة أربع ثم ان اهل المدينة قالوا دخلت ايم العرب علي سيد الاسلام والمسلمين أول العشاء عروسا، وقامت من آخر الليل تطحن وهي أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: هكذا في المستدرك وأقره الذهبي والله أعلم
(باب ما جاء في غزوة بني المصطلق (1) أو المريسيع) (عن جابر بن عبد الله)(2) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، قال يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع (3) رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري ياللانصار، وقال المهاجرين ياللمهاجرين، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بال دعوي الجاهلية؟ فقيل رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار، فقال
(باب)(1) ترجم البخاري لهذه الغزوة بقوله باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع قال ابن اسحاق وذلك سنة ست اه وروي البيهقي من رواية قتادة وعروة وغيرهما انها كانت في شعبان سنة خمس، وكذا ذكرها ابو معشر قبل الخندق، وقال الحاكم في الاكليل قول غزوة وغيره انها كانت في سنة خمس اشبه (قال الحافظ ويؤيده ما ثبت في حديث الافك ان سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الافك كما سياتي، فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الافك كان فيها لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطا، لان سعد بن معاذ مات أيام قريظة وكانت سنة خمس علي الصحيح فيظهر ان المريسيع كانت سنة خمس في شعبان وتكون قد وقعت قبل الخندق لان الخندق كانت في شوال من سنة خمس ايضا فتكون بعدها، وعليه فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق ومات من جراحته في قريظة والله أعلم اه قال القسطلاني (المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام بعدها قاف، لقب جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بطن (من بني خزاعة) بضم الخاء المعجمة وقتح الزاي المخففة، قال في القاموس حي من الأزد وسمو بذلك لأنهم تخزعوا أي تخلفوا عن قومهم وأقاموا بمكة وسمي جذيمة بالمصطلق لحسن صوته، وهم أول من غني من خزاعة، والأصل في مصطلق مصتلق بالتاء الفوقية فأبدلت طاء لأجل الصاد قال (والمريسيع) بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر السين المهملة بعدها تحتية ساكنة فعين مهملة، قال في القاموس مصغر مرسوع بئر أو ماء لخزاعة بينه وبين الفرع مسيرة يوم واليه تضاف غزوة بني المصطلق، وفيه سقط عقد عائشة ونزلت آية التيمم اه وقال (الحافظ ابن كثير) في تاريخه قال محمد بن اسحاق بن يسار بعد ما أورد قصة ذي قرد فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعض جمادي الآخرة ورجب ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست قال ابن هشام واستعمل علي المدينة أبا ذر الغفاري ويقال نميلة بن عبد الله الليثي (وقال ابو اسحاق) حدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله ابن أبي بكر ومحمد بن يحي بن حبان كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار ابو جويرية بنت الحارث التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا، فلما سمع بهم خرج اليهم حتي لقيهم علي ماء من مياهم يقال له المريسيع من ناحية قديد الي الساحل، فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونسائهم وأموالهم فافاءهم عليه (2)(سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا سفيان يعني ابن عيينة عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(3) تقدم شرح هذه الجملة الي قوله فانها منتنه في فصل في النهي عن الكسع ولطم الخدود في الجزء
النبي صلى الله عليه وسلم دعوها فانها منتنة، قال جابر وكان المهاجرون حين قدموا المدينة أقل من الأنصار ثم ان المهاجرين كثروا فبلغ ذلك عبد الله بن أبي، فقال أفعلوها؟ والله لئن رجعنا الي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فسمع ذلك عمر، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: دعني أضرب عنق هذا المنافق (1)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عمر: دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، (عن زيد بن أرقم)(2) قال خرجت مع عمي في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي بن سلول يقول لأصحابه، لا تنفقوا علي من عند رسول الله، ولئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فأرسل إلي عبد الله بن أبي سلول وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط، وجلست في البيت، فقال عمي، ما أردت إلي أن كذبك النبي صلى الله عليه وسلم ومقتك، قال حتي أنزل الله عز وجل
(إذا جاءك المنافقون)، قال فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها، ثم قال إن الله عز وجل قد صدقك. (باب ما جاء في زواجه صلى الله عليه وسلم بجويرية بنت الحارث رضي الله عنها في هذه الغزوة)
(عن عروة بن الزبير)(3) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث
التاسع عشر صحيفة 334 رقم 114 (1) جاء عند ابن اسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ان عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انه بلغني انك تريد قتل عبد الله بن ابي فيما بلغك عنه، فان كنت فاعلا فمر لي به فانا أحمل اليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل ابر بوالده مني، وأني أخشي ان تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي ان انظر الي قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فاقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نترفق به وتحسن صحبته ما بقي معنا، وجعل بعد ذلك اذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعتقونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم كيف تري يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت له ألف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته، فقال عمر قدر الله علمت، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري، وقد ذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما ان ابنه عبد الله رضي الله عنه وقف لابيه عبد الله بن أبي بن سلول عند مضيق المدينة فقال قف فو الله لا تدخلها حتي يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنه في ذلك فأرسله حتي دخل المدينة (قال ابن اسحاق) وأصيب يومئذ من بني المصطلق ناس، وقتل علي بن أبي طالب منهم رجلين مالكا وابنه (قال ابن هشام) وكان شعار المسلمين يا منصور امت امت (تخريجه)(ق. والبيهقي وغيرهم)(2)(عن زيد بن أرقم) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب سبب نزول سورة المنافقين من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 309 رقم 469 فارجع اليه والله الموفق (وقوله في غزاة) قال أهل المغازي انها غزوة بني المصطلق ورجحه الحافظ ابن كثير (باب)(3)(عن عروة بن الزبير الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه وشرحه في باب ان الأسير اذ 1 أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه الخ من كتاب الجهاد
في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له وكاتبته علي نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها رجل إلا أخذت بنفسه، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها. قالت فو الله ما هو إلا أن رأيتها علي باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيري منها ما رأيت، فدخلت عليه، فقالت يا رسول الله: أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له، فكاتبته علي نفسي، فجئت أستعينك علي كتابتي. قال فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت نعم يا رسول الله. قال قد فعلت. قالت وخرج الخبر إلي الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث. فقال الناس أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بايديهم، قالت فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق. فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة
في الجزء الرابع عشر صحيفة 109 رقم 309 فأرجع اليه (وفي هذه الغزوة أيضا) كان مشروعية رخصة التيمم بسبب عائشة رضي الله عنها، وتقدم الحديث في ذلك بسنده وشرحه في أول الباب الأول من كتاب التيمم في الجزء الثاني صحيفة 181 رقم 1 (وفيها أيضا) كانت محنة عائشة بحديث الافك، وتقدم بعضه في (باب إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم) من سورة النور في الجزء الثامن عشر صحيفة 218 وقد جاء رقم الصحيفة 128 وهو خطأ وصوابه 218 رقم 361 وقد ذكرت بعض طرقه في الباب التالي، وسيأتي الحديث الطويل في ذلك في باب حديث الافك ومحنة عائشة في مناقبها من أبواب ذكر أزواجه الطاهرات في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالي (وقد ذكر الحديث مطولا أيضا محمد بن اسحاق في المغازي) باسانيده عن الثقات عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فايتهن خرج سهمها خرج بها معه، فلما كان في غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع، فخرج سهمي عليهن معه، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت وكان النساء إذ ذاك يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن، وكنت اذا رحل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه علي ظهر البعير فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به. قالت فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا، حتي إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار، فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري، فلما رجعت الي الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلي مكاني الذي ذهبت اليه فالتمسته حتي وجدته، وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلون لي البعير وقد كانوا فرغوا من رحلته، فاخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع، فاحتملوه فشدوه علي البعير ولم يشكوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت الي العسكر وما فيه داع ولا بحيب قد انطلق الناس، قالت قتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس الي، قالت فو الله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته فلم يبت مع الناس، فرأي سوادي
على قومها منها (باب ما جاء في محنة عائشة رضي الله عنها بحديث الإفك في هذه الغزوة)(حدثنا أبو سلمة)(1) ثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما ذكر من شأني الذي ذكر (2) وما علمت به قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطيبا وما علمت به فتشهد فحمد الله عز وجل واثني عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أشيروا علي في ناس أبنوا (3) أهلي وايم الله ما علمت علي أهلي سوءا قط وأبنوهم بمن؟ (4) والله ما علمت عليه من سوء قط، ولا دخل بيتي قط إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي، فقام سعد بن معاذ (5) فقال تري يا رسول الله أن نضرب أعناقهم؟ فقام رجل من الخزرج (6) وكانت أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل (7) فقال كذبت، أما والله لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم، حتي كادوا أن يكون بين الأوس والخزرج في المسجد شر وما علمت به: فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطح فعثرت فقالت تعس مسطح، فقلت علام تسبين ابنك؟ فسكتت فعثرت الثانية فقالت تعس مسطح، فقلت علام تسبين ابنك؟ ثم عثرت الثالثة فقالت تعس مسطح (8) فانتهرتها فقلت علام تسبين ابنك؟ فقالت والله ما أسبه إلا فيك، فقلت في أي شأني؟ فذكرت لي الحديث، فقلت وقد كان هذا؟ قالت نعم والله، فرجعت إلي بيتي فكأن الذي خرجت لم أخرج له (9) لا أجد منه قليلا ولا كثيرا ووعكت (10) فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إلي بيت أبي، فأرسل معي الغلام فدخلت الدار
فأقبل حتى وقف علي وفد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآني قال انا لله وانا اليه راجعون ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا متلففة في ثيابي، قال ما خلفك يرحمك؟ قالت فما كلمته ثم قرب الي البعير فقال اركبي واستأخر عني، قالت فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس، فو الله ما أدركنا الناس وما افتقدت حتي أصبحت ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الافك ما قالوا وارتج المعسكر ووالله ما أعلم بشئ من ذلك ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوي شديدة لا يبلغني من ذلك شئ وقد أنتهي الحديث الي رسول الله صلى الله عليه وسلم والي أبوي لا يذكرون لي فيه قليلا ولا كثيرا: الحديث معناه كما هنا: أنظر حديث الباب باب (1)(حدثنا أبو سلمة الخ)
(غريبة)(2) تعني قذفها بصفوان بن المعطل (3) بفتح الهمزة والموحدة يعني اتهموا عائشة والأبن بسكون الموحدة التهمة (4) يعني صفوان بن المعطل والله ما علمت عليه من سوء قط الخ (5) هو سيد الأوس وهذا يؤيد ان غزوة بني المصطلق كانت قبل غزوة الخندق كما تقدم (6) هو سعد بن عبادة سيد الخزرج (7) أي من عشيرته وكان حسان متهما مع من قذف عائشة، فقام سعد بن عبادة ليدافع عنه لأنه من عشيرته (8) تعني مسطح ابنها وأبوه أثاثه وانما كررت سبه لأنه كان ممن قذفوا عائشة ومنهم حمنة بنت جحش ويزيد بن رفاعة والذي تولي كبره منهم عبد الله بن أبي سلول (9) تعني أن ما كانت تريد من قضاء الحاجة ذهب عنها، وفي بعض الروايات قالت فو الله ما قدرت علي أن أقضي حاجتي ورجعت (10) أي
فإذا أنا بأم رومان (1) فقالت ما جاء بك يا أمته؟ فاخبرتها، فقالت خفضي عليك الشأن فانه والله لقلما كانت امرأة جميلة تكون عند رجل يحبها ولها ضرائر الا حسدنها وقلن فيها، قلت وقد علم به أبي؟ قالت نعم، قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (2) قالت ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعبرت (3) فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل فقال لأمي ما شأنها؟ فقلت بلغها الذي ذكر من أمرها ففاضت عيناه، فقال أقسمت عليك يابته إلا رجعت إلي بيتك، فرجعت وأصبح أبواي عندي فلم يزالا عندي حتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر وقد اكتنفني أبواي عن يميني وعن شمالي، فتشهد النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله واثني عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد يا عائشة إن كنت قارفت سوءا وظلمت توبي إلي الله عز وجل فان الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده، وقد جاءت امرأة من الأنصار فهي جالسة بالباب فقلت الا تستحي من هذه المرأة أن تقول شيئا؟ فقلت لأبي أجبه، فقال أقول ماذا؟ فقلت لأمي أجيبيه، فقالت أقول ماذا؟ فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله عز وجل وأثنيت عليه؟ بما هو أهله ثم قلت أما بعد فو الله لئن قلت لكم إني لم أفعل والله جل جلاله يشهد أني لصادقة ما ذاك بنافعي عندكم، لقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم، (4) ولئن قلت لكم إني قد فعلت والله عز وجل يعلم اني لم أفعل لتقولن قد باءت به علي نفسها (5) فاني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف وما أحفظ اسمه صبر جميل والله المستعان علي ما تصفون، فأنزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعتئذ فرفع عنه وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه وهو يقول ابشري يا عائشة، فقد أنزل الله عز وجل براءتك، فكنت أشد ما كنت غضبا فقال لي أبواي قومي اليه، قلت والله لا أقوم اليه ولا أحمدكما، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه، ولكن احمد الله الذي أنزل براءتي، (6) ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسأل الجارية عني فقالت لا والله ما أعلم عليها عيبا إلا أنها كانت تنام حتي تدخل الشاة فتأكل خميرتها، وعجينتها شك هشام فانهرها بعض أصحابه وقال أصدقي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حتي أسقطوا لها به (7) قال
أصيبت بمرض الحمي (1) هي أم عائشة رضي الله عنها يقال اسمها زينب (2) أي ورسول الله صلى الله عليه وسلم علم به (3) هو استفعل من العبرة وهي تحلب الدمع (4) أي وقرو وثبت عندكم قالت هذا وان لم يكن علي حقيقته علي سبيل المقابلة لما وقع من المبالغة في التنقيب عن ذلك، وهي كانت لما تعلمه من براءتها ورفعة منزلتها تعتقد أنه كان ينبغي لكل من سمع عنها ذلك أن يقطع بأنه افك أفاك أثيم، لكن العذر لهم عن ذلك انهم أرادوا اقامة الحجمة علي من خاض في ذلك ولا يكفي فيها مجرد نفي ما قالوا والسكوت عليه، بل تعين التنقيب عنه لقطع ما ألقوه من الشبهات (5) أي لأن المرء مؤاخذ باقراره (6) أي لأنه جل شأنه هو الذي أنزل براءتي وأنعم علي بما لم أكن أتوقعه في أن يتكلم الله في شأني بقرآن يتلي: قالت ذلك ادلالا عليهم وعتبا لكونهم شكوا في حالتها مع علمهم بحسن طرائقها وجبل أحوالها وارتفاعها عما نسب اليها مما لا حجة عليه ولا شبة (7) يعني الجارية وهي بريرة
عروة فعيب ذلك علي من قاله، فقالت لا والله أعلم عليها الا ما يعلم الصائغ علي تبر الذهب الأحمر (1) وبلغ ذلك الرجل الذي قيل له (2) فقال سبحان الله والله ما كشفت كف (3) أنثي قط فقتل شهيدا في سبيل الله، قالت عائشة فأما زينب بنت جحش فعصمها الله عز وجل بدينها فلم تقل الا خيرا، وأما أختها حمنة (4) فهلكت فيمن هلك، وكان الذين تكلموا فيه المنافق عبد الله بن أبي كان يستوشيه ويجمعه، وهو الذي تولي كبره منهم، ومسطح وحسان بن ثابت، فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحا بنافعة أبداً (5) فانزل الله عز وجل (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة) يعني أبا بكر (أي يؤتوا أولي القربي والمساكين) يعني مسطحا (ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) فقال أبو بكر بلي والله انا لنحب أن يغفر لنا وعاد أبو بكر رضي الله عنه لمسطح بما كان يصنع. (عن مسروق عن أم رومان)(6) وهي أم عائشة قالت كنت أنا وعائشة قاعدة فدخلت امرأة من الأنصار فقالت فعل الله بفلان وفعل تعني ابنها (7) قالت فقلت لها وما ذلك؟ قالت ابني كان فيمن حدث الحديث، قالت فقلت لها وما الحديث؟ قالت كذا وكذا (8) فقالت عائشة أسمع بذلك أبو بكر؟ قالت نعم، قالت أسمع بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟ قالت نعم، فوقعت أو سقطت عليها فأفاقت بحمي ناقض (9) فالقيت عليها الثياب فدخل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فقال ما لهذه؟ قالت فقلت يا رسول الله أخذتها حمي بناقض، قال لعله من الحديث الذي تحدث به؟ قالت نعم، يا رسول الله، فرفعت عائشة رأسها وقالت ان قلت (10) لم تعذروني وان حلفت لم تصدقوني ومثلي ومثلكم كمثل يعقوب (11) وبنيه حين قال (فصبر جميل
والله المستعان علي ما تصفون): فلما نزل عذرها أتاها النبي صلي الله تبارك وتعالى عليه
مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي سبوها وقالوا لها من سقط الكلام وهو رديئه بسبب حديث الافك (نه) وقال ابن الجوزي أي صرحوا بذلك (1) هذه أعظم مبالغة في المدح، والتبر هو الذهب والفضة قبل ان يضربا دنانير فاذا ضربا كانا عينا (2) يعني صفوان بن المعطل الذي رموها به (3) بفتح الكاف والنون من الكنف بفتحات وهو الجانب يعني انه لم يقرب امرأة قط، قيل انه كان حصورا ليس له حظ في النساء (4) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم (5) معناه أنه لا ينفق عليه لأنه كان ينفق عليه لقرابته وفقره لأنه كان ابن خالة الصديق رضي الله عنه وفي رواية (فقال والله لا أنفق علي مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال (تخريجه)(اق وغيرهما)(6)
(سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا أبو جعفر يعني الرازي عن حصين عن شقيق بن سلمة عن مسروق عن أم رومان الخ (غريبه)(7) الظاهر أنها ام مسطح (8) تعني حديث الافك (9) جاء في رواية أخري (فخرت مغشيا عليها فما أفاقت الا وعليها حمي بناقض) أي برعدة (10) أي ان قلت اني برئية لم تعذروني بفتح التاء الفوقية وكسر المعجمة أي لم تقبلوا مني العذر (11) جاء في الحديث السابق انها قالت (والله ما أجد لي ولكم مثلا الا أبا يوسف وما أحفظ اسمه) وقد صرحت في هذه الرواية باسمه، فيحتمل انها من شدة دهشتها نسيت اسم يعقوب في الرواية السابقة ثم تذكرته
وعلى آله وصحبه وسلم وأخبرها بذلك فقالت بحمد الله لا بحمدك أو قالت ولا بحمد أحد
(وعنه من طريق ثان)(1) عن أم رومان. قالت بينا أنا عند عائشة اذ دخلت علينا امرأة من الأنصار (فذكرت نحو الحديث المتقدم وفيه) قالت وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنزل الله عذرها، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر فدخل فقال يا عائشة ان الله عز وجل قد أنزل عذرك، قالت بحمد الله لا بحمدك، قالت قال لها أبو بكر تقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم، قالت فكان فيمن حدث الحديث (2) رجل كان يعوله أبو بكر (3) فحلف أبو بكر أن لا يصله فأنزل الله عز وجل (ولا يأتل ألوا الفضل منكم والسعة) الي آخر الآية، قال أبو بكر بلي فوصله (باب ما جاء في غزوة الخندق أو الاحزاب (4) وغزوة بني قريظة) واهتمامه صلى الله عليه وسلم
في هذه الرواية (1)(سنده) حدثنا علي بن عاصم قال حدثنا حصين عن أبي وائل عن مسروق عن أم رومان قالت بينا أنا عند عائشة الخ (2) تعني فيمن حدث حديث الافك (3) هو مسطح بن أثاثه (تخريجه)(خ وغيره)(باب)(4) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد أنزل الله صدر سورة الأحزاب في هذه الغزوة فقال تعالي (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا ً وجنوداً لم تروها - إلي قوله - واورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله علي كل شئ قديرا) قال وقد كانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة، نص علي ابن اسحاق وعروة بن الزبير وقتادة والبيهقي وغير واحد من العلماء سلفا وخلفا، قال ولا شك أن المشركين لما انصرفوا عن أحد واعدوا المسلمين إلي بدر العام القابل، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما تقدم في شعبان سنة أربع ورجع أبو سفيان بقريش لجدب ذلك العام فلم يكونوا ليأتوا إلي المدينة بعد شهرين، فتعين أن الخندق في شوال سنة خمس فحدثني يزيد بن رومان عن عروة ومن لا أتهم عن عبيد الله بن كعب بن مالك ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا وبعضهم يحدث ما لا يحدث بعض، قالوا إنه كان من حديث الخندق أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري وحيي بن اخطب النضري وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل وهم الذين حربوا الأحزاب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا حتي قدموا علي قريش بمكة فدعوهم إلي حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتي نستأصله، فقالت لهم قريش يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمداً فديننا خير أم دينه؟ قالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أولي بالحق منه، فهم الذين أنزل الله فيهم (ألم تر إلي الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون الذين كفروا هؤلاء أهدي من الذين آمنوا سبيلا، أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) الآيات، فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوا إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج ألئك النفر من يهود حتي جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلي حرب النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أنهم يكونون معهم عليه وأن قريشاً قد تابعوهم علي ذلك واجتمعوا معهم فيه، فخرجت
بهذه الغزوة وحفر خندق حول المدينة واشتراكه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار والمهاجرين في حفره وظهور بعض معجزاته (عن أبي اسحاق)(1) قال قال رجل للبراء بن عازب وهو يمزح معه قد فررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم أصحابه، قال البراء اني لأشهد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فر يومئذ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حفر الخندق وهو ينقل مع الناس التراب (زاد في رواية حتي واري التراب جلد بطنه)(2) وهو يتمثل كلمة ابن رواحه
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
…
فأنزلن سكنية علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
…
أن الألى (3) قد بغوا علينا
…
وأن أرادوا فتنة أبينا
يمد بها صوته (4)(عن انس بن مالك)(5) قال خرج النبى صلى الله عليه وسلم فى غداة قرة أو باردة (6) فاذا المهاجرون والانصار يحفرون الخندق فقال
اللهم أن الخير خير الآخرة
…
فاغفر للأنصار والمهاجرة
فاجابوه
…
نحن الذين بايعوا محمدا
…
على الجهاد ما بقينا أبدا
(وعنه من طريق ثان)(7) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين يحفرون الخندق فى غداة باردة قال أنس ولم يكن لهم خدم (8) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنما الخير الخ (9) فأجابوه
قريش وقائدها أبوسفيان، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة من بدر فى بنى فزارة والحارث بن أبى حارثة المرى من بنى مرة ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سمحة بن عبد عبدالله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن عطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، قال ابن هشام يقال إن الذى أشار به سلمان (قال الطبرى) والسهيلى أول من حفر الخنادق منو شهر بن إيرج بن أفريدون وكان فى زمن موسى عليه السلام، (وقال ابن إسحاق) فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين فى الأجر، وعمل معه المسلمون وتخلف طائفة من المنافقين يعتذورن بالضعف، ومنهم من ينسل خفية بغير إذنه ولا علم صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله تعالى فى ذلك قوله (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ـ إلى قوله ـ ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم)(قال ابن اسحاق) فعمل المسلمون فيه حتى أحكموه، أنظر هذا الباب ففيه صفه عملهم فى الخندق. (1)(سنده) حدثنا عفان حدثنا عمر بن أبى زائدة قال سمعت أبا اسحاق قال قال رجل البراء بن عازب الخ (غربية)(2) أى ستره (3) يعنى إن إشراف القوم قد أبوا الدخول فى ديننا (4) لفظ البخارى (ثم يمد صوته بأخرها) يعنى أبينا (تخريجه)(ق ـ وغيرهما)(سنده)(5) حدثنا عبيدة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غربية)(6) أو للشك من الراوى يشك هل قال قرة أو باردة والمعنى واحد، فان معنى القر البرد ولكن أتى بأو محافظة على اللفظ، وفى الطريق الثانية بلفظ باردة بغير شك (7)(سنده)(حدثنا) ابن أبى عدى عن حميد عن أنس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (8) أى أنهم عملوا فيه بأنفسهم لاحيتاجهم إلى ذلك لا لمجرد الرغبة فى الأجر قاله الحافظ (9) لفظه إنما الخير
بنحو ما تقدم وزاد فيه ولا نفر ولا نفر ولا نفر (عن سهل بن سعد)(1) رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب علي أكتافنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم لا عيش الا عيش الآخرة (2)
…
فاغفر للمهاجرين والأنصار (3)
(عن ابن عون)(4) عن الحسن عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت ما نسيت قوله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو يعاطيهم اللبن وقد أغبر شعر صدره وهو يقول.
اللهم ان الخير خير الآخرة
…
فاغفر للأنصار والمهاجرة
قال فرأي عمارا فقال ويحه ابن سمية تقتله الفئة الباغية، قال فذكرته لمحمد يعني ابن سيرين فقال عن أمه؟ (5) قلت نعم، أما انها كانت تخالطها تلج عليها (عن البراء بن عازب)(6) رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق قال وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق لا تأخذ فيها المعاول، قال فشكوها الي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عوف واحسبه قال وضع ثوبه ثم هبط الي الصخرة فأخذ المعول فقال بسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله اني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال بسم الله وضرب أخري فكسر ثلث الحجر، فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله اني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال بسم الله وضرب ضربة أخري فقلع بقية الحجر، فقال الله أكبر اعطيت مفاتيح اليمن والله اني لأبصر ابواب صنعاء من مكاني هذا
{باب فيما ابداه المجاهدون من الشجاعة والاستبسال في القتال}
حتي فاتتهم الصلاة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم علي الأحزاب (عن عامر بن سعد) عن أبيه
خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجره. قال فأجابوه نحن الذين بايعوا محمدا. علي الجهاد ما بقينا أبدا. ولا نفر ولا نفر ولا نفر. (تخريجه)(ق. وغيرها)(1)(سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الخ (غريبه)(2) جاء في حديث أنس عند البخاري (فلما رأي ما بهم من النصب والجوع قال (اللهم إن العيش عيش الآخرة) قال الحافظ فيه بيان لسبب قوله اللهم إن العيش عيش الآخرة (3) قال الحافظ في حديث أنس فأغفر للأنصار والمهاجرة وكلاهما غير موزون ولعله صلى الله عليه وسلم تعمد ذلك ولعل أصله فأغفر للأنصار وللمهاجرة بتسهيل لام الأنصار وباللام المهاجرة (تخريجه)
(ق. وغيرهما)(4)(سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن الحسن الخ (5) قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات أمه اسمها خيرة مولاة لأم سلمة (قلت) وهذا معني قوله أنها كانت تخالطها تلج عليها (تخريجه) أورده الهيثمي ماعدا ما يختص بعمار وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه أبو بعلي اه (قلت) ما يختص بعمار رواه الشيخان وغيرهما (6)(سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن البراء بن عازب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة ورجاله ثقات (باب)(7)(سنده) حدثنا ابن عون عن محمد بن محمد بن الأسود عن عامر بن سعد
قال لما كان يوم الخندق ورجل يتمرس (1) جعل يقول بالترس هكذا فوضعه فوق أنفه ثم يقول هكذا يسفله بعد قال فأهويت الي كنانتي فأخرجت منها سهما مدماً (2) فوضعته في كبد القوس فلما قال هكذا يسفل الترس رميت فما نسيت وقع القدح (3) علي كذا وكذا من الترس قال وسقط فقال برجله (4) فضحك نبي الله صلى الله عليه وسلم أحسبه قال حتي بدت نواجذه قال قلت لم؟ قال لفعل الرجل (عن أبي اسحق)(5) قال سمعت سليمان بن صرد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الأحزاب اليوم نغزوهم ولا يغزونا (6)(ز)(عن علي رضي الله عنه (7) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطي صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً (عن أبي سعيد الخدري)(8) قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتي كان بعد المغرب هوياً (وفي رواية حتي ذهب من الليل ما شاء الله) وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل (وفي رواية وذلك قبل أن ينزل صلاة الخوف فرجالا أو ركباناً) فلما كفينا القتال وذاك قوله (وكفي الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً) أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام الظهر فصلاها كما يصليها في وقتها (عن جابر بن عبد الله)(9) أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي إلي مسجد يعني الأحزاب (10) فوضع رداءه وقام ورفع يديه مداً يدعو عليهم ولم يصل ثم جاء ودعا عليهم وصلى
عن أبيه (يعني سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الخ (غريبه)(1) أي يتترس يعني يتوقي بالترس بضم التاء المثناة فوق وهو من آلات الحرب التي يتقي بها (2) بضم الميم الأولي وفتح المهملة وتشديد الميم الثانية مفتوحة قال في النهاية المدمي من السهام الذي أصابه الدم فجصل في لونه سواد وحمرة مما رمي به العدو ويطلق علي ما تكرر الرمي به والرماة يتبركون به (3) بكسر القاف وسكون المهملة عود السهم (4) أي صار يحرك رجله (تخريجه)، أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال كان رجل معه ترسان وكان سعد راميا فكان يقول كذا وكذا بالترسين ينطي جبهته فنزع له سعد بسهم فلما رفع رأسه رماه فلم يخط هذه منه يعني جهته والباقي بنحوه ورجالهما رجال الصحيح غير محمد بن محمد بن الأسود وهو ثقة (5)(سنده) حدثنا يحيي بن سعيد عن سفيان قال حدثني أبو إسحاق قال سمعت سليمان الخ (غريبه)(6) معناه لا يغزونا مرة ثانية بعد هذه الغزوة بل نحن نغزوهم (تخريجه)(خ) وروي البزار عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب وقد جمعوا له جموعا كثيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغزوكم بعدها أبدا ولكن نغزوهم أورده الهيثمي وقال رواه البزار ورجاله ثقات (7)(ز)(عن علي رضي الله عنه الخ) هذا طرف من حديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل صلاة العصر وأنها الوسطي من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 261 رقم 124 فارجع إليه (8)(عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تأخير الصلاة لعذر الاشتغال بالحرب الخ من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 309 رقم 266 (9)(سنده) حدثنا حسين ثنا ابن أبي ذنب عن رجل من بني سليمة عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(10) هكذا بالأصل (أتي مسجد يعني الأحزاب) ونقله
(عن عبد الله بن أبي أوفي)(1) قال دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الأحزاب فقال اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب اهزمهم وزلزهم
(باب ماجاء في استجابة الله تعالي دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وفشل الأحزاب وتفرقهم واندحارهم ورجوعهم بالخيبة والندامة)(عن محمد بن كعب القرظي)(2) قال قال فتي منا من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال نعم يا أبن أخي، قال فكيف كنتم تصنعون؟ قال والله لقد كنا بحهد (3) قال والله لو أدركنا ما تركناه يمشي علي الأرض ولجعلناه علي أعناقنا، قال فقال حذيفة يا أبن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل هويا (4) ثم التفت الينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم يشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يرجع أدخله الله الجنة، فما قام رجل ثم صلي رسول الله صلى الله عليه وسلم هوياً من الليل ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة، فما قام رجل من القوم مع شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد، فلما يقم أحد دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بد في القيام حين دعاني، فقال يا حذيفة فاذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون ولا تحدثن شيئاً حتي تأتينا، قال فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل ما تفعل لا تقر لهم قدر ولا نار ولا بناء، فقام أبو سفيان بن حرب فقال يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه، فقال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي إلي جنبي فقلت من أنت، قال أنا فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام: لقد هلك الكراع (5) واخلفتنا بنو قريظة، بلغنا منهم الذي نكره ولقينا من هذه الريح ما ترون: والله ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلي جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب علي ثلاث فما أطلق عقله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحدث شيئاً حتي تأتيني ثم شئت (6) لقتلته بسهم، قال حذيفة ثم رجعت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط (7) لبعض نسائه
الحافظ ابن كثير عن الإمام أحمد في تاريخه بلفظ (أتي مسجد الأحزاب)(قلت) لعله المسجد الذي أعده النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة أيام حصارهم والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي أسناده رجل لم يسم (1)(سنده) حدثنا وكيع وبعلي هو ابن عبيد قالا ثنا ابن أبي خالد وهو اسماعيل قال سمعت ابن أبي أوفي يقول دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما)(باب)(2)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي الخ (غريبه)(3) بفتح الهاء أي كنا في مشقة شديدة (وقوله لو أدركنا) بفتح الكاف أي لو كان في زماننا (4) بفتح الهاء وكسر الواو قال في النهاية الهوي بالفتح الحين الطويل من الزمان وقيل هو مختص بالليل (5) الكراع بضم الكاف إسم لجميع الخيل (6) أي ثم شئت قتله لقتلته (7) المرط بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف أو خز يؤنز به وتتلفع المرأة به والجمع مروط
مرجل (1) فلما رآني أدخلني إلي رحله وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإنه لفيه (2) فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش وانشمروا (3) إلي بلادهم (باب ما جاء مشتركا في غزوة الخندق وبني قريظة وجرح سعد بن معاذ رضي الله عنه (حدثنا يزيد)(4) قال أنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال أخبرتني عائشة قالت خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس قالت فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حس الأرض، قالت فالتفت فاذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة (5) قالت فجلست إلي الأرض فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه (6) فأنا أتخوف علي أطراف سعد، قالت وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم قالت فمر وهو يرتجز ويقول
ليت قليلا يدرك الهيجاء جمل
…
ما أحسن الموت إذا حان الأجل
قالت فقمت فاقتحمت حديقة فاذا فيها نفر من المسلمين واذا فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه يعني سبغة له مغفراً (7) فقال عمر ما جاء بك؟ لعمري والله إنك لجربثة، وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوز (8) قالت فما زال يلومني حتي تمنيت أن الأرض انشقت لي ساعتئذ فدخلت فيها، قالت فرفع الرجل للسبغة عن وجهه فاذا طلحة بن عبيد الله، فقال يا عمر ويحك انك قد أكثرت منذ اليوم: وأين التحوز أو الفرار إلا إلي الله عز وجل، قالت ويرمي سعداً رجل من المشركين من قريش يقال له ابن العرقة بسهم له فقال له خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكحله (9)
(1) مرجل بضم الميم وتشديد الجيم مفتوحة كمعظم أي فيه أرقام وخطوط (2) أي لفي المرط (3) أي قصدوا وصمموا وأرسلوا إبلهم إلي بلادهم (تخريجه (م ك). والبيهقي في الدلائل وابن اسحاق، وجاء عند البيهقي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حز به امر صلي فأخبرته خبر القوم، أخبرته أني تركتهم يرحلون، قال وأنزل الله تعالي (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها - الي قوله - وكفي الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) أي صرف الله عنهم عدوهم بالريح التي أرسلها عليهم والجنود من الملائكة وغيرهم التي بعثها الله إليهم (وكفي الله المؤمنين القتال) أي لم يحتاجوا إلي منازلتهم بل صرفهم القوي العزيز بحوله وقوته ولم ترجع قريش بعدها إلي حرب المسلمين (قال محمد بن إسحاق رحمه الله فلما انصرف أهل الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا لن تغزوكم قريش بعد عامكم ولكنكم تغزونهم، قال فلم تغز قريش بعد ذلك وكان صلى الله عليه وسلم يغزوهم بعد ذلك حتي فتح الله عليه مكة، وهذا بلاغ من ابن اسحاق (قلت) وتقدم حديث سليمان ابن صرد في الباب السابق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزب اليوم نغزوهم ولا يغزونا رواه البخاري أيضا (باب)(4)(حدثنا يزيد الخ) غريبه (5) بكسر الميم وفتح الجيم هو الترس لأنه يواري حامله أي يستره والميم زائدة (6) أي يديه ورجليه (7) المغفر بوزن المنبر هو ما يلبسه الدراع علي رأسه من الزرد ونحوه والسبغة شئ من حلق الدروع والزرد يعلق بالمغفر دائرا معه يستر الرقبة وجيب الدرع (8) أي حرب أو أسر (9) الأكحل عرق في وسط الذراع في كل عضو منه شعبة إذا
…
فقطعه فدعا الله عز وجل سعد فقال اللهم لاتمتني حتي تقر عيني من قريظة، قالت وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية، قالت فرقي كلمه (1) وبعث الله عز وجل الربح علي المشركين فكفي الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً، فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صيامهم (2) ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي المدينة فوضع السلاح وامر بقبة من أدم فضربت علي سعد في المسجد، قالت فجاءه جبريل عليه السلام وإن علي ثناياه لنقع الغبار (3) فقال أقد وضعت السلاح؟ والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح أخرج إلي بني قريظة فقاتلهم، قالت فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته (4) وأذن في الناس بالرحيل أي يخرجوا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر علي بني غنم وهي جيران المسجد حوله فقال من مر بكم؟ فقالوا مر بنا دحية الكلبي، وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه جبريل عليه السلام، فقالت فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم انزلوا علي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر (5) فاشار اليهم انه الذبح (6) قالوا ننزل علي حكم سعد بن معاذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزلوا علي حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي سعد بن معاذ فاتي به علي حمار عليه إكاف (7) من ليف قد حمل عليه وحف به قومه، فقالوا يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت، قالت وأني (8) لا يرجع اليهم شيئا ولا يلتفت اليهم حتي اذا دنا من دورهم التفت إلي قومه فقال قد أبي (9) لي أن لا أبالي في الله لومة لائم، قال قال أبو سعيد فلما طلع علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قوموا إلي سيدكم
قطع لم يرقأ الدم (1) بفتح الكاف وسكون اللام أصل الكلم الجرح والكليم الجريح (2) أي حصونهم جمع صيصة وكل شئ امتنع به وتحصن به فهو صيصة (3) النقع هو الغبار كما فسره الراوي والمعني ان أثر غبار الحرب باق عليه (4) أي آلة الحرب من السلاح (5) إنما استشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر لأنهم كانوا حلفاءه (6) معناه يريهم أنه يراد بهم القتل، وجاء عند ابن اسحاق أنهم بعثوا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ابعث إلينا ابا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم، وقالوا يا أبا لبابة أتري أن ننزل علي حكم محمد؟ قال نعم، وأشار بيده إلي حلقه أنه الذبح، قال أبو لبابة فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتي عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة علي وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي ارتبط في المسجد إلي عموده وقال لا أبرح مكاني حتي يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبداً ولا أري في بلد خنت الله ورسوله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم فيه أبداً (7) إلاء كاف هو ما يشد علي ظهر الحمار كالرحل للبعير والسرج للفرس (8) أي أبطأ في الجواب وسكت عنهم فلم يرد عليهم (9) معناه آن لي أن لا أبالي فهي بمعني آن، قال في النهاية هل أني الرحيل أي حان وقته، تقول اني يأني وفي رواية هل آن
فأنزلوه، فقال عمر سيدنا الله عز وجل، قال أنزلوه فأنزلوه (1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكم فيهم قال سعد فاني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم اموالهم، وقال يزيد ببغداد (2) ويقسم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله، قالت ثم دعا سعد قال اللهم ان كنت أبقيت علي نبيك صلى الله عليه وسلم من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وان كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني اليك، قالت فانفجر كلمه (3) وكان قد برئ حتي ما يري منه إلا مثل الخرص (4) ورجع إلي قبته التي ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، قالت فو الذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وانا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل (رحماء بينهم) قال علقمة قلت أي امه فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قالت كانت عينه لا تدمع علي احد ولكنه كان إذا وجد (5) فانما هو آخذ بلحيته (عن جابر)(6) أنه قال رمي يوم الأحزاب سعد بن معاذ فقطعوا أكحله فحسمه (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار فانتفخت يده، فحسمه فانتفخت يده، فحسمه أخري فانتفخت يده فنزفه (8) فلما رأي ذلك قال اللهم لا تخرج نفسي حتي تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطر قطرة حتي نزلوا علي حكم سعد فأرسل اليه فحكم أن نقتل رجالهم وتستحيا نساؤهم وذراريهم ليستعين بهم المسلمون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت حكم الله فيهم، وكانوا أربعمائة فلما فرغ من قتلهم اتفتق عرقه فمات رضي الله عنه (عن عبد الله بن الزبير)(9) قال لما كان يوم الخندق كنت انا وعمر بن أبي سلمة في الأطم (10) الذي فيه نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أطم حسان فكان يرفعني وأرفعه فاذا رفعني عرفت أبي حبن يمر إلي بني قريظة وكان يقاتل مع رسول الله
الرحيل أي قرب (1) تقدم الكلام علي ذلك في باب القيام في آخر كتاب السلام والاستئذان صحيفة 352 رقم 66 في الجزء السابع عشر (2) معناه أن يزيد شيخ الإمام احمد حدثه مرة أخري ببغداد بلفظ (وبقسم) بالباء التحتية بدل التاء الفوقية (3) أي جرحه (4) بضم الخاء المعجمة وسكون الراء الحلقة الصغيرة من الحلي وهو حلي الأذن، والمعني أنه لم يبق من جرح سعد إلا مثل حلقة الخرص في قلة ما بقي منه (5) أي حزن (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه ثم قال وهذا الحديث إسناده جيد وله شواهد من وجوه كثيرة. وفيه التصريح بدعاء سعد مرتين مرة قبل حكمه في بني قريظة ومرة بعد ذلك كما قلنا أولا ولله الحمد والمنة. (6)(سنده) حدثنا حجين ويونس قالا حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر أنه قال رمي يوم الأحزاب سعد الخ (غريبه)(7) أي كواه ليقطع دمه وأصل الحسم القطع (8) أي خرج منه الدم بكثرة فلما رأي ذلك سعد قال اللهم لا تخرج نفسي أي لا تمتني الخ فاستجاب الله دعاءه واستمسك عرقه فما قطر قطرة دم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد رواه الترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة عن الليث به وقال الترمذي حسن صحيح. (9)(سنده) حدثنا أبو أسامة أنبأنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه)(10) الأطم بضم الهمزة والطاء بناء مرتفع كالحصن وهو
- صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فقال من يأتي بني قريظة فيقاتلهم؟ فقلت له حين رجع يا أبت تالله ان كنت لأعرفك حين تمر ذاهباً إلي بني قريظة، فقال يا بني أما والله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجمع لي أبويه جميعا يفديني بهما، يقول فداك أبي وأمي (1)(عن جابر بن عبد الله)(2) قال اشتد الامر يوم الخندق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا رجل يأتينا بخبر بني قريظة؟ فانطلق الزبير فجاء يخبرهم؛ ثم اشتد الأمر أيضاً فذكر ثلاث مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل نبي حواري (3) والزبير حواري (باب ما جاء خاصا بغزوة بني قريظة)(عن عائشة رضي الله عنها (4) قالت لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل عليه السلام وعلي رأسه الغبار قال قد وضعت السلاح؟ فو الله ما وضعتها، اخرج اليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين؟ قال ها هنا فأشار إلي بني قريظة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، قال هشام (5) فأخبرني أبي انهم نزلوا علي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد الحكم فيهم إلي سعد، قال فاني أحكم أن تقتل المقاتلة وتسبي النساء والذرية وتقسم أموالهم، قال هشام قال أبي فأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد حكمت فيهم بحكم الله بحكم الله عز وجل (عن أنس بن مالك)(6) قال كأني أنظر إلي غبار موكب جبريل (7) عليه السلام ساطعا (8) في سكة بني غنم حين سار إلي قريظة (عن عائشة) أم المؤمنين (9) رضي الله عنها قالت لم يقتل من نسائهم (10) إلا امرأة واحدة قالت والله انها لعندي تحدث معي تضحك ظهراً وبطنا (11) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالهم بالسوق إذ هتف هاتف باسمها أين فلانة؟ قالت أنا والله، قالت قلت ويلك ومالك؟ قالت أقتل، قالت قلت ولم؟ قالت حدثا أحدثته (12)
مفرد جمعه آطام (1) فيه دلالة علي شجاعة الزبير بن العوام رضي الله عنه ومنقبة عظيمة له لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له فداك أبي وأمي (تخريجه)(ق مذ جه)(2)(سنده) حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد قال هشام وحدثت به وهب بن كيسان فقال أشهد علي جابر بن عبد الله لحدثني قال اشتد الأمر يوم الخندق الخ (غريبه)(3) أي وزيراً أو ناصراً أو خالصاً أو خليلا او خاصة من اصحابه، وحواري الرجل صفوته وخالصته اي صاحب سره سمي به لخلوص نيته وصفاء سريرته من الحور بفتحتين شدة البياض
(تخريجه)(ق مذ)(باب)(4)(سنده) حدثنا ابن نمير عن هشام قال أخبرني ابي عن عائشة الخ (غريبه)(5) هشام هو ابن عروة بن الزبير وعروة هو الذي روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها (تخريجه)(خ. وغيره)(6) حدثنا وهب ثنا ابي قال سمعت حميد بن هلال يحدث عن انس بن مالك انه قال كأني انظر الخ (غريبه)(7) يشير إلي انه يستحضر القصة حتي كأنه ينظر إليها مشخصة له بعد تلك المدة الطويل (8) أي مرتفعا (تخريجه)(خ. وغيره)(9)(سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا ابي عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة ام المؤمنين الخ (غريبه)(10) تعني من نساء بني قريظة (11) اي لم يبد علي ملامحها اثر للحزن (12) قال ابن اسحاق هي التي طرحت الرحا علي خلاد بن سويد فقتلها رسول الله صلى الله عليه وسلم به (قال ابن اسحاق) في موضع آخر وسماها
قالت فانطلق بها فضربت عنقها، وكانت عائشة رضي الله تبارك وتعالي تقول والله ما أنسي عجبي من طيب نفسها (1) وكثرة ضحكها وقد عرفت أنها تقتل
نبانة امراة الحكم القرظي (1) اي منشرحة الصدر (تخريجه) رواه ابن إسحاق وسنده صحيح ورجاله ثقات (قلت) هذا الحديث ذكر فيه قصة المرأة اليهودية وقتلها أما الرجال فقد قال ابن اسحاق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حبسهم في المدينة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلي سوق المدينة فخندق بها خنادق (يعني ليسيل دمهم فيها) ثم بعث اليهم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق، فخرج بهم اليه أرسالا وفيهم عدو الله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ستمائة أو سبعمائة والمكئر لهم يقول كانوا ما بين الثمانمئة والتسعمئة (قلت) وقد تقدم فيما رواه الليث عن جابر انهم كانوا أربعمائة فالله أعلم (قال ابن اسحاق) وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا d اكعب ما تراه يصنع بنا؟ قال أفي كل موطن لا تعقلون ألا ترون الداعي لا ينزع، ومن ذهب به منكم لا يرجع، هو والله القتل، فلم يزل ذلك الدأب حتي فرغ منهم، وأتي بحيي بن أخطب وعليه حلة له فقاحية (قال ابن هشام فقاحية ضرب من الوشي) قد شقها عليه من كل ناحية قدر انملة لئلا يسلها مجموعة يداه إلي عنقه بحبل، فلما نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يخذل، ثم أقبل علي الناس فقال أيها الناس انه لا بأس بامر الله كتاب وقدر وملحمة كتبها الله علي بني إسرائيل، ثم جلس فضربت عنقه وهكذا أنفذ فيهم حكم سعد بن معاذ بحضوره ومشاهدته وأقر الله عينه وشفي صدره منهم بقتلهم جميعا: ثم عاد الي خيمته من المسجد النبوي صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا الله أن تكون شهادة واختار الله له ما عنده فانفجر جرحه في الليل فلم يزل يخرج منه الدم حتي مات رضي الله عنه (قال ابن اسحاق) ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونسائهم وأبناهم علي المسلمين بعد ما أخرج الخمس وقسم للفارس ثلاثة أسهم سهمين للفرس وسهما لراكبه وسهما للراجل وكانت الخيل يومئذ ستا وثلاثين، قال وكان أول شئ وقعت فيه السهمان وخمس، (قال اين اسحاق) وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبايا من بني قريظة الي نجد فابتاع بها خيلا وسلاحا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطفي من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدي نساء بني عمرو بن قريظة وكان عليها حتي توفي عنها وهي في ملكه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها الاسلام فامتنعت ثم أسلمت بعد ذلك فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم باسلامها، وقد عرض عليها أن يعتقها ويتزوجها فاختارت أن تستمر علي الرق ليكون أسهل عليها، فلم تزل عنده حتي توفي عليه الصلاة والسلام (قال ابن اسحاق) واستشهد من المسلمين يوم بني قريظة خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو الخزرجي طرحت عليه رحي فشدخته شدخا شديدا فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان له لأجر شهيدين (قلت) والظاهر أن الذي ألقي عليه الرحي تلك المرأة التي لم يقتل من بني قريظة امرأة غيرها كما تقدم والله أعلم (قال ابن اسحاق) ومات ابو سنان بن محصن بن حرثان من بني أسد بن خزيمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم محاصر بني قريظة فدفن في مقبرتهم اليوم (قلت) وتقدم وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه وله مناقب كثيرة ستأتي في ترجمته من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى
(باب ما جاء في زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش (1) رضي الله عنها ونزول آية الحجاب)
(ما جاء في قتل ابن أبي الحقيق اليهودي في قصر له في أرض خيبر) وكان تاجرا مشهورا بارض الحجاز (قال ابن اسحاق) ولما انقضي شأن الخندق وامر بني قريظة وكان سلام بن أبي الحقيق وهو ابو رافع فيمن حزب الأحزاب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأوس قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف فأستأذن الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل سلام بن أبي الحقيق وهو بخيبر فاذن لهم اه (قلت) روي البخاري بسنده عن البراء قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي رافع اليهودي رجالا من الأنصار وامر عليهم عبد الله بن عتيك وكان ابو رافع يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعين عليه وكان في حصن له بارض الحجاز، فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبد الله اجلسوا مكانكم فإني منطلق متلطف للبواب لعلي أن أدخل، فأقبل حتي دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله ان كنت تريد أن تدخل فادخل فاني أريد أن أغلق الباب، فدخلت فكمنت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الاغاليق علي ود قال فقمت الي الأقاليد واخذتها وفتحت الباب وكان ابو رافع يسمر عنده وكان في علالي له فلما ذهب عنه اهل سمره صعدت اليه فجعلت كلما فتحت بابا اغلقت علي من داخل فقلت إن القوم هو سدر وإلي لم يخلصوا إلي حتي اقتله، فانتهيت اليه فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري اين هو من البيت، قلت ابا رافع قال من هذا؟ فاهويت نحو الصوت فاضربه بالسيف ضربة وانا دهش فما أغنيت شيئا، وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت اليه فقلت ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ (قال وغيرت صوتي كما في رواية أخري) فقال لأمك الويل، ان رجلا في البيت قتل بالسيف قال فأضربه ضربة اثخنته ولم أقتله ثم وضعت صبيب السيف في بطنه حتي اخذ في ظهره فعرفت إني قتلته فجعلت افتح الابواب بابا بابا حتي انتهيت الي رحبة له فوضعت رجلي وانا اري اني قد انتهيت فعرفت اني قتلته فجعلت افتح الأبواب بابا بابا حتي انتهيت الي رحبة له فوضعت رجلي وانا اري قد انتهيت فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة حتي انطلقت حتي جلست علي الباب فقلت لا أخرج الليلة حتي أقتله فلما صاح الديك قام الناعي علي السور فقال انعي ابا رافع ناصر اهل الحجاز فانطلقت إلي أصحابي فقلت النجاة فقد قتل الله ابا رافع، فانتهيت الي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فقال ابسط رجلك فبسطت رجلي فكأنما لم أشكها قط (باب)(1) أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، (قال قتادة والواقدي) وبعض أهل المدينة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة خمس زاد بعضهم في ذي القعدة (قال الحافظ البيهقي) تزوجها بعد بني قريظة، وقال خليفة بن خياط وأبو عبيد معمر بن المثني وابن منده تزوجها سنة ثلاث (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه والأول أشهر، وهو الذي سلكه ابن جرير وغير واحد من أهل التاريخ اه (قلت)، وسبب تزويجه إياها ذكره الامام البغوي في تفسيره قال إن زيدا أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال مالك؟ أرابك منها شئ؟ قال له والله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت منها الا خيرا ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني بلسانها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك واتق الله في أمرها ثم طلقها زيد فذلك قوله تعالي (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله) الآية (قلت) مر تفسيرها في سورة الأحزاب من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 240 (قال الامام البغوي) في تفسيره عن علي بن الحسين ان الله تعالي قد أعلمه أنها ستكون من أزواجه وان زيدا سيطلقها، فلما جاء زيد وقال اني أريد أن أطلقها قال له امسك عليك
(حدثنا بهز)(1) وحدثنا هاشم قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله تبارك وتعالي عنه قال لما انقضت عدة زنيب رضي الله عنها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لزيد اذهب فاذكرها علي (2) قال فانطلق حتي أتاها قال وهي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في صدري حتي ما أستطيع أن أنظر إليها (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فوليتها ظهري ونكصت علي عقبي فقلت يا زينب أبشري أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك قالت ما أنا بصانعة شيئا حتي أؤامر ربي عز وجل، فقامت إلي مسجدها (4) ونزل يعني القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن (5) قال ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم قال هاشم حين عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها (6) قال هاشم في حديثه لقد رأيتنا (7) حين ادخلت علي رسول الله صلى الله عليه وسلم اطعمنا الخبز واللحم، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته فجعل يتتبع حجر نسائه فجعل يسلم عليهن ويقلن يا رسول الله كيف وجدت أهلك (8) قال فما أدري أنا اخبرته أن القوم خرجوا أو أخبر قال فانطلق حتي دخل البيت فذهبت أدخل معه فالقي الستر بيني وبينه ونزل الحجاب (9) قال
زوجك فعاتبه الله وقال لم قلت أمسك عليك زوجك وقد اعلمتك أنها ستكون من أزواجك اه (1)(حدثنا يهز الخ)(غريبه)(2) أي فاخطبها لي من نفسها (قال النووي) فيه دليل علي انه لا بأس أن يبعث الرجل لخطبة المرأة له من كان زوجها اذا علم أنه لا يكره ذلك كما كان حال زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) معناه أنه هابها واستجلها من أجل ارادة النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها فعاملها معاملة من تزوجها صلى الله عليه وسلم في الأعظام والاجلال والمهابة (وقوله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها) قال النووي هو بفتح الهمزة من أن أي من أجل ذلك (وقوله نكصت) أي رجعت وكان جاء اليها ليخطبها وهو ينظر اليها علي ما كان من عادتهم، وهذا قبل نزول الحجاب، فلما غلب عليه الاجلال تأخر وخطبها وظهره اليها لئلا يسبقه النظر اليها (4) أي موضع صلاتها من بيتها (5) يعني نزل قوله تعالي (فلما قضي زيد منها وطرا زوجها كها) فدخل عليها بغير اذن لأن الله تعالي زوجه اياها بهذه الآية (6) هكذا جاء في أصل المسند هذه الجملة في هذا الموضع وهي قوله (قال هاشم حين عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها) ولم تأت هذه الجملة في صحيح مسلم ولا فيما
…
نقله الحافظ ابن كثير عن المسند، والظاهر أنها ترجع الي قول زيد (فلما رأيتها عظمت في صدري) والمعني أن هاشما قال في روايته بسنده عن أنس أن زيدا قال (فلما رأيتها عظمت في صدري حين عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها) والله أعلم (7) القائل لقد رايتنا الخ هو أنس بن مالك وهشام يحكي عنه (8) قال النووي في هذه القصة فوائد (منها) انه يستحب للانسان اذا اتي منزله ان يسلم علي امرأته واهله، وهذا مما يتكبر عنه كثير من الجاهلين المترفعين (ومنها) انه اذا سلم علي واحد قال سلام عليكم، أو السلام عليكم بصيغة الجمع قالوا ليتناوله وملكيه (بفتح الميم واللام)(ومنها) سؤال الرجل اهله عن حالهم فربما كانت في نفس المرأة حاجة فتستحي ان تبتدئ بها فاذا سألها انبسطت لذكر حاجتها، (ومنها) أنه يستحب ان يقال للرجل عقب دخوله كيف حالك ونحو هذا (9) يعني قوله تعالى
ووعظ القوم بما وعظوا به قال هاشم في حديثه (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا: فاذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث: ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق)(عن عبد العزيز بن صهيب)(1) قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول ما أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي امرأة من نسائه أكثر وأفضل مما أولم علي زينب، فقال ثابت البناني فما أولم؟ قال اطعمهم خبزا ولحما حتي تركوه (2)(ومن طريق ثان)(3) عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم علي امرأة من نسائه ما أولم علي زينب بنت جحش قال فأولم بشاة أو ذبح شاة (عن حميد عن أنس)(4) قال أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب فأشبع المسلمين خبزا ولحما ثم خرج كما كان يصنع إذا تزوج فيأتي حجر أمهات المؤمنين فيسلم عليهن ويدعو لهن ويسلمن عليه ويدعون له، ثم رجع وأنا معه فلما انتهي إلي الباب إذا رجلان قد جري بينهما الحديث في ناحية البيت، فلما أبصرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فلما رأي الرجلان النبي صلى الله عليه وسلم قد رجع وثبا فزعين فخرجا فلا أدري أنا أخبرته أو من أخبره فرجع النبي صلى الله عليه وسلم (عن أنس)(5) قال كانت زينب بنت جحش تفخر علي نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول ان الله عز وجل أنكحني من السماء (6)
{ابواب حوادث سنة ست من الهجرة}
(باب ما جاء في سرية محمد بن سلمة (7) رضي الله تبارك وتعالي عنه قبل نجد)
(ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم إلي طعام غير ناظربن إناه ولكن اذا دعيتم فادخلوا: الي قوله: ان ذلكم كان عند الله عظيما) وتقدم تفسير هذه الاية في سورة الأحزاب من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 245 رقم 392 (تخريجه)(م نس)(1)(سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب الخ (غريبه)(2) أي حتي شبعوا وتركوه لشبعهم (3)(سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه)(م - وغيره)(4)(سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا حميد عن أنس (يعني ابن مالك) قال أولم الخ (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين وهو من ثلاثيات الامام احمد وروي معناه الشيخان وغيرهما (5)(سنده) حدثنا هاشم ثنا محمد بن عبد الله ثنا عيسي بن طهمان قال سمعت أنسا قال كانت زينب الخ (غريبه)(6) تعني قوله تعالي (فلما قضي زيد منها وطرا زوجنا كها) وليس هذا آخر الحديث ويقينه وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما وكان القوم جلوسا كما هم في البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم رجع والقوم جلوس كما هم فشق ذلك عليه وعرف في وجهه فنزل آية الحجاب (تخريجه)(خ) وغيره (باب)(7) قال في المواهب اللدنية (ثم سرية محمد بن مسلمة) قال الزرقاني يعني الانصاري الاشهلي أكبر من اسمه محمد من الصحابة وكان من الفقهاء مات بعد الأربعين (إلي القرطاء) بضم القاف وسكون الراء آخره حمزة (بطن)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه (1) قال بعث رسو ل الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة ثمامة بن أثال (2) سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد (3) فخرج اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا عندك يا ثمامة؟ (4) قال عندي يا محمد خير، إن تقتل ذام دم (5) وان تنعم تنعم علي شاكر، وان كنت تريد المال فسل تعط منها ما شئت، فتركه رسو ل الله صلى الله عليه وسلم حتي إذا كان الغد قال له ما عندك يا ثمامة؟ قال ما قلت لك ان تنعم تنعم علي شاكر وان تقتل تقتل ذا دم، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي كان بعد الغد فقال له ما عندك يا ثمامة؟ فقال عندي ما قلت لك ان تنعم تنعم علي شاكر وان تقتل تقتل ذا دم، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا بثمامة: فانطلقوا به إلي نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ارسول الله: يا محمد والله ما كان علي وجه الأرض أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها الي، والله ما كان من دين أبغض الي من دينك فأصبح دينك أحب الأديان الي، والله ما كان بلد أبغض الي من بلدك فاصبح بلدك أحب البلاد الي: وان خيلك أخذتني واني أريد العمرة فماذا تري؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر
من بني بكر وهم ينزلون بناحية ضرية) قال البرهان بفتح الضاد المعجمة وكسر الراء ثم تحتية مفتوحة مشددة ثم تاء تانيث قال في الصحاح قرية لبني كلاب علي طريق البصرة إلي مكة وهي إلي مكة أفرب (بالبكرات) بفتح الموحدة وسكون الكاف موضع بناحية ضرية
(وبين ضرية والمدينة سبع ليال) خرج (لعشر خلون من المحرم سنة ست علي رأس تسعة وخمسين شهراً من الهجرة) يعني من أول دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في شهر ربيع الأول (وقوله سنة ست) يعني من أول المحرم السابق لربيع الأول، لانهم اتفقوا علي أنه أول التاريخ، لان بيعة العقبة كانت في ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال المحرم فناسب ان يجعل ذلك مبتدءاً (بعثه في ثلاثين راكبا) يعني إبلا وخيلا (فلما أثار عليهم هرب سائرهم، وعند الدمياطي فقتل منهم نفرا) النفر ما دون العشرة، لكن قال الواقدي فقتل منهم عشرة (وهرب سائرهم واستاق نعما وشاء وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم ومعه ثمامة بن أثال) اه واليك قصة ثمامة بن أثال في هذا الحديث (1)(سنده) حدثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني سعيد انه سمع أبا هريرة يقول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة ولام ابن النعمان الحنفي (3) في المواهب بأمره صلى الله عليه وسلم (قلت) والظاهر أن الحكمة في ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها فيرق قلبه (4) كأنه صلى الله عليه وسلم يريد منه الاسلام (5) الظاهر من قوله إن تقتل تقتل ذا دم انه يريد أنه عزيز في قومه يحفظون دمه ويأخذون بثأره ان قتل وأنه من أهل الوفاء والشكر شأن العربي الكريم إذا أسديت اليه نعمة شكرها وحفظها، ومن ذلك إباؤه أن يسلم حتي اطلق من الإسار لئلا يقال إنه أسلم رهبة من السيف وكان من حسن إسلامه ووفائه أن ثبت علي الحق حين ارتد قومه من أهل اليمامة مع مسيلمة الكذاب
فلما قدم مكة قال له قاتل صبأت (1) فقال لا ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء فى غزوة بنى لحيان (2) التى صلى فيها النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بعسفان) (عن أبى عياش الزرقى)(3) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، ثم قالوا تأتى عليهم الآن صلاة هى أحب اليهم من ابنائهم وأنفسهم، قال فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات بين الظهر والعصر (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) قال فحضرت فأمرهم رسول الله
…
فأخذوا السلاح الحديث (4)
وكان له شأن فى قتال المرتدين (1) أى ملت عن دينك إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم فأغضبه ذلك وأقسم أن لا يأتيهم من اليمامة، حبة حنطة حتي يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، (جاء عند ابن عبد البر) وكانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم، فلما أضر بهم كثيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم وتحض عليها وان ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا فان رأيت أن تكتب اليه أن يخلى بيننا وبين ميرتنا فافعل، فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خل بين قومى وبين ميرتهم (تخريجه) (ق. د) وابن اسحاق (باب) (2) بكسر اللام وفتحها:(وسبب هذه الغزوة) ما نقله الحافظ ابن كثير فى تاريخه عن البيهقي قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا احمد بن عبد الجبار وغيره قالوا لما أصيب خبيب وأصحابه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبا بدمائهم ليصيب فى بنى لحيان غرة فسلك طريق الشام ليرى أنه لا يريد لحيان حتى نزل بارضهم، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا فى رءوس الجبال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنا هبطنا عسفان لرأت قريش أنا قد جئنا مكة فخرج فى مائتى راكب حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين حتى جا آكراع الغميم ثم انصرفا: فذكر أبو عياش الزرقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعسفان صلاة الخوف، ثم ذكر الحافظ ابن كثير حديث الباب وعزاه للآمام احمد (3)(عن ابى عياش الزرقى الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الأول من أبواب صلاة الخوف فى الجزء السابع صحيفة 3 رقم (73) وتقدم أيضا فى باب (وإذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة) من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 120 رقم 244 وفى هذه الصحيفة وقع خطأ فى موضعين الموضع الاول فى السطر الرابع فى قوله (هى احب اليهم من أبنائهم ونفسهم) وهو خطأ وصوابه (وأنفسهم) والموضع الثانى فى السطر الحادى عشر فى قوله (فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين بعسفان) وهو خطأ وصوابه مرتين مرة بعسفان الخ فصحح نسختك كالحديث المذكور فى أول أبواب صلاة الخوف المشار اليه فليس فيه خطأ (4) الحديث له بقية ذكرت فى الباب الاول من أبواب صلاة الخوف وفى آخره قال فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، مرة بعسفان ومرة بارض بنى سليم اهـ (قلت) القائل فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ هو أبو عياش الزرقى يفتي أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بهذه الكيفية مرتين مرة بعسفان ومرة بأرض بنى سليم وأرض بنى سليم على ثمانية برد من المدنية: وعسفان اول غزوة شرعت فيها صلاة الخوف على الراجح
(عن أبي هريرة)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون ان لهم صلاة هي أحب اليهم من آبائهم وأبنائهم وهي العصر فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة، وان جبريل عليه السلام أتي النبي صلى الله عليه وسلم فامره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي ببعضهم وتقوم الطائفة الأخري وراءهم وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ثم تأني الأخري فيصلون معه ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم لتكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان
(باب) ما جاء في غزوة ذات الرقاع (2) وفيها صلي النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف)
ويقال لها غزوة بني لحيان والله اعلم (تخريجه)(د نس حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (1)(عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النوع الثالث من أبواب صلاة الخوف في الجزء السابع صحيفة 14 رقم 1740 (وضجنان) بوزن سهران (قال في النهاية) جبل أو موضع بين مكة والمدينة: وعسفان تقدم الكلام عليه في الحديث السابق، وأورد هذا الحديث الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الصمد به وقال الترمذي حسن صحيح، وقال الحافظ ابن كثير ان كان أبو هريرة شهد هذا فهو بعد خيبر والإ فهو من مرسلات للصحابي ولا يضر ذلك عند الجمهور والله أعلم: ثم قال بقي الشأن في أن غزوة عسفان قبل الخندق أو بعدها فان من العلماء منهم الشافعي من يزعم أن صلاة الخوف إنما شرعت بعد يوم الخندق فإنهم أخروا الصلاة يومئذ عن ميقاتها لعذر القتال، ولو كانت صلاة الخوف مشروعة إذ ذاك لفعلوها ولم يؤخروها، ولهذا قال بعض أهل المغازي ان غزوة بني لحيان التي صلي فيها صلاة الخوف بعسفان كانت بعد بني قريظة، وقد ذكر الواقدي باسناده عن خالد بن الوليد قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلي الحديبية لقيته بعسفان فوفقت بازائه وتعرضت له فصلي باصحابه الظهر فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا، فأطلعه الله علي ما في أنفسنا من الهم به فصلي بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، قال الحافظ ابن كثير وعمرة الحديبية كانت في ذي القعدة سنة ست بعد الخندق وبني قريظة كما سيأتي وفي سياق حديث أبي عياش الزرقي ما يقتضي أن آية صلاة الخوف نزلت في هذه الغزوة يوم عسفان فاقتضي ذلك أنها أول صلاة خوف صلاها والله أعلم اه (باب)(2) ترجم لها ابن هشام في سيرته هكذا (غزوة ذات الرقاع سنة أربع) قال ابن اسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهر ربيع الآخر وبعض جمادي ثم غزا نجداً يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان واستعمل علي المدينة أبا ذر الغفاري ويقال عثمان بن عفان فيما قال ابن هشام (قال ابن اسحاق) حتي نزل نخلا وهي غزوة ذات الرقاع، قال ابن هشام وانما قيل لها غزوة ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم ويقال ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع (قال ابن اسحاق) فلقي بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتي صلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم أنصرف بالناس (قال الزرقاني في شرح المواهب وتسمي أيضا غزوة محارب وغزوة بني ثعلبة وغزوة أنمار وغزوة صلاة الخوف لوقوعها فيها اه وفي المواهب اللدنية اختلف فيها متي كانت فعند ابن إسحاق بعد بني النضير سنة أربع في شهر ربيع الآخر وبعض جمادي، وعند ابن سعد وابن
(عن جابر بن عبد الله) رضي الله تبارك وتعالي عنهما (1) قال خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع فاصيبت امرأة من المشركين (2) فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا وجاء زوجها وكان غائبا فحلف أن لا ينتهي حتي يريق دما في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا فقال من رجل يكلؤنا (3) فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقالا نحن يا رسول الله، قال فكونا بفم الشعب (4) قال وكانوا نزلوا إلي شعب من الوادي، فلما خرج الرجلان إلي فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري أي الليل أحب اليك أن اكفيكه أوله أو آخره؟ قال اكفني أوله، فاضطجع المهاجري فنام وقام الأنصاري يصلي وأتي الرجل فلما رأي شخص الرجل عرف انه ربيئة (5) القوم فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه فوضعه وثبت قائما، ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه فنزعه فوضعه وثبت قائماً، ثم عادله بثالث فوضعه فيه فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد ثم أهب صاحبه (6) فقال أجلس فقد أوتيت فوثب فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذروا به (7) فهرب فلما رأي المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال سبحان الله ألا أهببتني (8) قال كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتي أنفذها (9) فلما تابع الرمي ركعت فأريتك، وايم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها (10)
حبان في المحرم سنة خمس، وجزم أبو معشر بأنها بعد بني قريظة في ذي القعدة في سنة خمس فتكون ذات الرقاع في آخر السنة الخامسة وأول التي تليها (قال في فتح الباري) قد جنح البخاري إلي أنها كانت بعد خيبر واستدل لذلك بأمور، ومع ذلك فذكرها قبل خيبر (أي عقب بني قريظة) فلا أدري هل تعمد ذلك تسليما لأصحاب المغازي أنها كانت قبلها، أو أن ذلك من الرواة عنه أو إشارة إلي احتمال أن تكون ذات الرقاع اسم لغزوتين مختلفتين كما أشار إليه البيهقي: علي أن أصحاب المغازي مع جزمهم بأنها كانت قبل خيبر مختلفون في زمنها اه كلام الحافظ (قال في المواهب) والذي جزم به ابن عقبة تقدمها لكن تردد في وقتها فقال لا تدري أكانت قبل بدر أو بعدها أو قبل أحد أو بعدها (قال الحافظ ابن حجر) وهذا التردد لا حاصل له بل الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة لأن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شرعت وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع فدل علي تأخرها بعد الخندق اه (1)(سنده) حدثنا إبراهيم بن اسحاق ثنا ابن المبارك عن محمد بن اسحاق قراءة حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(2) قال الواقدي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب في محالهم نسوة وكان في السبي جارية وضيئة وكان زوجها يحبها فحلف ليطلبن محمداً ولا يرجع حتي يصيب دما ويخلص صاحبته (3) أي يحرسنا (4) زاد ابن اسحاق وهما عمار بن ياسر وعباد بن بشر (5) قال في النهاية الربيئة هو العين والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو: ولا يكون إلا علي جبل أو شرف ينظر منه (6) أي أيقظه (7) قال في النهاية المنذر المعلم الذي يعرف القوم بما يكون قد دهمهم من عدواً وغيره وهو المخوف أيضا (8) أي ألا أيقظتني زاد ابن اسحاق أول ما رماك (9) أي أفرغ منها (10) معناه لولا أن نيتي المحافظة علي ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لزهقت نفسي
ــ (وعنه أيضاً)(1) قال قاتل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم محارب خصفة (2) بنخل فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتي قام علي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال من يمنعك مني؟ قال الله عز وجل، فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من يمنعك مني؟ قال كن كخير آخذ قال أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلي سبيله، قال فذهب إلي أصحابه قال قد جئتكم من عند خير الناس، فلما كان الظهر أو العصر صلي بهم صلاة الخوف فكان الناس طائفتين طائفة بازاء عدوهم وطائفة صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلي بالطائفة الذين كانوا معه ركعتين ثم انصرفوا فكانوا مكان أولئك الذين كانوا بازاء عدوهم، وجاء أولئك فصلي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكان للقوم ركعتان وركعتان ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات (عن صالح بن خو ات) (3) بن جبير عمن صلي مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاء العدو فصلي بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم الحديث:
أي مت قبل أن أفرغ من قراءة السورة (تخريجه)(د) وابن اسحاق وسنده جيد ورجاله ثقات (1)(سنده) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة ثنا ابو بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله قال قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) بالخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء المفتوحات وبإضافة محارب لتاليه للتمييز عن غيرهم من المحاربين، لأن محارب في العرب جماعة كأنه قال محارب الذين ينسبون الي خصفة بن قيس بن عيلان بن الياس بن مضر لا الذين ينسبون الي قهر والي غيرهم قاله القسطلاني (وقوله بنخل) هو اسم مكان من المدينة علي يومين بواد يقال له شذخ بمعجمتين بينهما مهملة وبذلك الوادي طوائف من قيس من بني فزازة واشجع وانمار (تخريجه) رواه البيهقي وابن اسحاق وسنده جيد ورواه مسلم عن جابر أيضا قال اقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي اذا كنا بذات الرقاع وكنا اذا اتينا علي شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة، فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختر طه وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم تخافني؟ قال لا؛ قال فمن يمنعك مني؟ قال الله يمنعني منك، قال فهدده اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد
السيف وعلقه، قال ونودي بالصلاة فصلي بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلي بالطائفة الأخري ركعتين، قال فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم اربع ركعات وللقوم ركعتان (3)(عن صالح ابن خو ات الخ) هذا الحديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب النوع الرابع من صلاة الخوف في الجزء السابع صحيفة 16 رقم 1742 فارجع اليه ان شئت (هذا) وقد جاء في تاريخ الحافظ ابن كثير بعد هذه الغزوة ترجمة بلفظ (غزوة بدر الاخرة) قال وهي بدر الموعد التي تواعدوا أليها من احد كما تقدم (قال ابن اسحاق) ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الي المدينة من غزوة ذات الرقاع أقان بها بقية جمادي الأول وجمادي الاخرة ورجبا ثم خرج في شعبان الي بدر لمعياد ابي سفيان (قال ابن هشام) واستعمل علي المدينة عبد الله بن عبد الله بن ابي سلول قال ابن اسحاق فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً واقام عليه ثمانيا ينتظر ابا سفيان وخرج ابو سفيان في اهل مكة حتي نزل مجنة من ناحية الظهران وبعض الناس يقول قد بلغ
باب ما جاء في عمرة الحديبية (1) وصد قريش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن دخول مكة وإجراء الصلح)
عسفان ثم بدا له في الرجوع فقال يا معشر قريش انه لا يصلحكم الا عام خصيب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن فإن عامكم هذا عام جدب واني راجع فارجعوا: فرجع الناس فسماهم اهل مكة جيش السويق يقولون انما خرجتم تشربون السويق، ثم رجع رسو ل الله صلى الله عليه وسلم الي المدينة ولم يلق كيدا: قال ابن اسحاق وقد قال عبد الله بن رواحة يعني في انتظارهم اباسفيان ورجوعه بقريش عامه ذلك قال ابن هشام وقد انشد فيها ابو زيد لكعب بن مالك
وعدنا ابا سفيان بدراً فلم نجد
…
لمعياده صدقا وما كان
…
وافيا
فأقسم لو لاقيتنا
…
فلقيتنا
…
لابت ذميما وافتقدت
…
المواليا
تركنا به أوصال عتبة وابنة
…
وعمراً ابا جهل تركناه ثاويا
عصيتم رسول الله ان لدينكم
…
وأمركم السيئ الذي كان غاويا
فاني وان عنفتموني لقائل
…
فداً لرسول الله أهلي وماليا
…
أطعناه لم نعدله فينا بغيره
…
شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا
وقد ذكر موسي بن عقبة عن الزهري وابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر الناس لموعد أبي سفيان وانبعث المنافقون في الناس يثبطونهم فسلم الله أولياءه، وخرج المسلمون صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الي بدر وأخذوا معهم بضائع وقالوا ان وجدنا ابا سفيان والا اشترينا من بضائع موسم بدر، ثم ذكر نحو سياق ابن اسحاق في خروج أبي سفيان الي بجنه ورجوعه (قال الواقدي) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليها في ألف وخمسمائة من أصحابه واستخلف علي المدينة عبد الله بن رواحه وكان خروجه اليها في مستهل ذي القعدة يعني سنة أربع، والصحيح قول ابن اسحاق أن ذلك في شعبان من هذه السنة الرابعة ووافق قول موسي بن عقبه انها في شعبان لكن قال في سنة ثلاث، وهذا وهم فان هذه تواعدوا اليها من أحد وكانت أحد في شوال سنة ثلاث كما تقدم والله أعلم (قال الواقدي) فأقامو ببدر مدة الموسم الذي كان يعقد فيها ثمانية أيام فرجعوا وقد ربحوا من الدرهم درهمين، وقال غيره فانقلبوا كما قال الله عز وجل (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم، وءواتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)(باب)(1) قال الحافظ هي بئر سمي المكان بها، وقيل شجرة حدباء صغرت وسمي المكان بها (قال المحب الطبري) الحديبية قرية قريبة من مكة اكثرها في الحرم اه قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد كانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف، وممن نص علي ذلك الزهري ونافع مولي ابن عمر وقتادة وموسي بن عقبة ومحمد بن اسحاق بن يسار وغيرهم، وقال ابن اسحاق خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا (قال ابن هشام) واستعمل علي المدينة نميلة بن عبد الله الليثي (قال ابن اسحاق) واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الاعراب ليخرجوا معه وهو يخشي من قريش ان يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فأبطأ عليه كثير من العرب وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس انه انما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له (قال ابن اسحاق) وحدثني محمد بن مسلم
(حدثنا عبد الرازق)(1) عن معمر قال الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان الحديبية (2) في بضع عشرة مائة من اصحابه (3) حتي إذا كانوا بذي الحليفة (4) قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره (5) واحرم بالعمرة وبعث بين يديه عيناً له (6) من خزاعة يخبره عن قريش، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي إذا كان بغدير (7) الأشطاط قريب من عسفان اتاه عينه (8) الخزاعي فقال اني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي (9) قد جمعوا لك الأحابيش (10) وجمعوا لك جموعاً وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أشيروا علي أترون أن تميل الي ذرارعي هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم (11)، فان قعدوا قعدوا موتورين محروبين، وان نجوا وقال يحيي بن سعيد عن ابن المبارك محزونين، وإن يجيئوا تكن عنقاً قطعها الله، أو ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ فقال، أبو بكر الله ورسوله أعلم يا نبي الله، انما جئنا معتمرين ولم نجئ نقاتل أحداً ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فروحوا اذاً، قال الزهري وكان أبو هريرة يقول ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشورة
ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم انهما حدثاه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فذكر نحو حديث الباب (1)(حدثنا عبد الرزاق الخ)(غريبه)(2) قال الحافظ وقع عند ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم خرج يوم الإثنين لهلال ذي القعدة (3) سيأتي في حديث جابر عند الإمام احمد والبخاري أيضاً التصريح بأنهم كانوا أربع عشرة مائة، وروي أقل من ذلك واكثر من ذلك والراجح في ما جاء في حديث جابر والله أعلم (4) قال في القاموس هو ماء لبني جشم علي ستة أميال (يعني من المدينة) وصححه النووي، وهو ميقات أهل المدينة للحج (5) تقليد الهدي هو تعليق نعل أو جلد في رقبة الهدي ليكون علامة الهدي (وإشعاره) هو ان يشق أحد جبني سنام البدنة حتي يسيل دمها ويجعل ذلك لها علامة تعرف بها انها هدي، وتقدم الكلام علي الحكمة في ذلك في شرح الحديث الأول من كتاب الهدايا والضحايا في الجزء الثالث عشر صحيفة 28 (6) أي جاسوسا اسمه بسر بن سفيان بضم الموحدة وسكون السين المهملة كما ذكره ابن عبد البر (7) الغدير النهر وأشطاط بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة بعدها مهملتان بينهما ألف موضع تلقاء الحديبية (8) يعني جاسوسه بسر الخزاعي (9) هما من سادات كفار قريش (10) بالحاء المهملة وبعد الألف موحدة آخره شين معجمة جماعات من قبائل شتي (وقال ابن دريد) حلفاء قريش تحالفوا تحت جبل يسمي حبيشا فسموا بذلك (11) الضمير في قوله نصيبهم للأحابيش الذين ذهبوا إلي مكة لإعانة قريش علي المقاتلة والصد، وهم المشار إليهم بهؤلاء: والمعني أترون ان نميل عن التوجه إلي مكة ونتوجه إلي عيال وذراري هؤلاء في أماكنهم فان يأتونا أي فان يرجعوا إلي مواضعهم لحماية عيالهم وذراريهم وأموالهم منا كان الله عز وجل قد قطع عينا أي جماعة من المشركين بقتلهم واستئصالهم عند رجوعهم إلينا ونحن في مواطنهم وإلا أي وإن لم يأتوا إلينا تركناهم محروبين أي منهوبي الأموال مأسوري العيال، وان يجيئوا تكن
لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) قال الزهري في حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم فراحوا حتي اذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم إن خالد بن الوليد (2) بالغميم في خيل لقريش طليعة (3) فخذوا ذات اليمين فو الله ما شعر بهم خالد حتي اذا هو بقترة (4) الجيش فانطلق يركض (5) نذير اً لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتي اذا كان بالثنية (6) التي يهبط عليهم منها بركت راحلته، وقال يحيي بن سعيد عن ابن المبارك بركت بها راحلته فقال النبي صلى الله عليه وسلم حل حل (7) فالحت فقالوا خلأت القصواء (8) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق (9) ولكن حبسها حابس الفيل (10) ثم قال والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة (11) يعظمون فيها حرمات الله (12) إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فو ثبت به قال فعدل عنها (13) حتي نزل بأقصي الحديبية علي ثمد (14) قليل الماء انما يتبرضه (15) الناس تبرضاً فلم يلبثه الناس أن نزحوه (16) فشكي الي رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته (17) ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، قال فو الله ما زال بجيش لهم (18) بالري حتي صدر وا عنه (19) فثينما هم كذلك اذا جاء بديل من ورقاء الخزاعي في نفر من قومه وكانوا
عنقا قطعها الله والمراد بالعنق هنا الجماعة (1) أي عملا بقوله تعالي (وشاورهم في الأمر)(2) خالد ابن الوليد هذا هو الصحابي المشهور اسلم بعد ذلك وله في الفتوحات ما خلد له للذكري في القوم الآخرين (والغميم) موضع قريب من مكة بين رابغ والجحفة (3) الطليعة مقدمة الجيش التي ترسل لتطلع علي العدو وتستكشف أمره (4) بفتحات وقترة الجيش غبرته (5) الركوض الضرب بالقدم يريدان خالداً انطلق إلي قريش وصار يضرب مطينه استعجالا للسير لينذرهم بقدومه صلى الله عليه وسلم (6) الثنية هي ما أرتفع في الجبل كالعقبة فيه، والمراد بها ثنية المرار موضع بين مكة والمدينة من طريق الحديبية (7) بفتح الحاء المهملة وسكون اللام لفظ يزجر به الدابة إذا حملت علي السير (وقوله فألحت) بتشديد الحاء المهملة وفتح الهمزة أي تمادت في البروك فلم تبرح من مكانها (8) جاء عند البخاري فقالوا خلأت القصواء خلأت القصواء مرتين وخلأت بفتح الخاء واللام والهمزة: والقصواء بفتح القاف وسكون الصاد المهملة وفتح الواو مهموزا ممدوداً إسم لناقة النبي صلى الله عليه وسلم أي حزنت وتصعبت والخلأ الحزن والصعوبة (9) أي ما حزنت للقصواء وما ذاك لها بخلق بضم الخاء واللام أي ليس الخلأ لها بعادة كما حسبتم (10) أي حبسها الله عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخول مكة لأنهم لو دخلوا مكة علي تلك الهيئة رصدهم قريش عن ذلك لوقع بينهم ما يفضي إلي سفك الدماء ونهب الأموال، ولكن سبق في علم الله انه يدخل في الاسلام منهم جمع عظيم (11) بضم الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة مشددة أي خصلة (12) الحرمات جمع حرمة وهي ما لا يحل انتهاكه والمراد بالإعطاء الإجابة أي لا يطلبون أمرا فيه تعظيم ما حرم الله إلا أجبتهم اليه (13) جاء عند البخاري (فعدل عنهم) وفي روابة ابن سعد فولي راجعا (14) بفتح المثلثة والميم آخره دال مهملة (قال الدواودي) الثمد العين وقال غيره حفرة فيها ماء (15) بالموحدة المفتوحة بعد المثناتين التحتية والفوقية فراء مشددة، فضاد معجمة أي يأخذه الناس (تبرضا) نصب علي أنه مفعول مطلق في باب التفعيل للتكلف أي قليلا قليلا، وقال صاحب العين التبرض جمع الماء بالكفين (16) أي فلم يتركه الناس حتي نزحو ملم يبقوا منه شيئا (17) بكسر الكاف أي جعبته التي فيها النبل (18) أي يفور ويرتفع (19) أي رجعوا رواه بعد ورودهم
عيبة نصح (1) لرسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل تهامة (2) وقال اني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد (3) مياه الحديبية معهم العوذ (4) المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إنا لم تجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب فأضرت بهم، فان شاؤ ماددتهم مدة ويخلوا ما بيني وبين الناس فان أظهر فان شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا والا فقد جموا (5) وإن هم أبوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلتهم علي أمري هذا حتي تنفرد سالفتي (6) أو لينفذن الله أمره، قال يحيي عن ابن المبارك حتي تنفرد، قال فان شاؤا ماددناهم مدة، قال بديل سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتي أتي قريشاً فقال إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يقول قولا فان شئتم نعرضه عليكم: فقال سفاؤهم لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشئ، وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول، قال قد سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال أي قوم الستم بالوالد؟ (7) قالوا بلي، قال أو لست بالولد؟ (8) قالوا بلي، قال فهل تتهموني؟ قالوا لا، قال تعلمون أني أستنفرت اهل عكاظ (9) فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي ومن أطاعني؟ قالوا بلي، فقال إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته فقالوا ائته فأتاه، قال فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له نحوا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وان تكن الأخري (10) فو الله أني لأري وجوها (11) وأري أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه
(1) العيبة مستودع الثياب والعرب تكني عن الصدور بالعياب أي انهم موضع سره ومستودع أمانته صلى الله عليه وسلم كما أن العيبة مستودع شعار الانسان ومستقر ريائه (2) بكسر أوله يعني مكة وما حولها (3) بفتح الهمزة وسكون المهملة جمع عد بالكسر والتشديد وهو الماء الذي لا انقطاع لمادته كالعين والبئر وفيه أنه كان بالحديبية مياه كثيرة وأن قربشا سبقوا إلي النزول عليها ولذا عطش المسلمون حين نزلوا علي الثمد المذكور (4) العوذ بضم المهملة آخره ذال معجمة عائذاي النوق الحديثات النتاج ذات اللبن (المطافيل) الأمهات التي معها أطفالها، ومراده أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الأبل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتي يمنعوه، ويراد بذلك أيضا النساء والصبيان لارادة طول المقام وليكون أدعي إلي عدم الفرار (وعند ابن سعد) معهم العوذ المطافيل والنساء والصبيان (5) بفتح الجيم وتشديد الميم المضمومة أي استراحوا من جهة القتال (6) بالسين المهملة وكسر اللام أي حتي تنفصل رقبتي (7) أي يا قوم الستم بالوالد؟ أي مثل الأب في الشفقة لولده (8) أي مثل الأبن في النصح لوالده (9) أي دعوتهم للقتال نصرة لكم (فلما بلحوا علي) بفتح الموحدة وتشديد اللام مفتوحة ثم حاء مهملة، مضمومة اي امتنعوا أو عجزوا (10) أي إن انتصر أعداؤك وظفروا كانت الدولة لهم يعني قريشا ولا آمنهم عليك من إيصال المكروه إليك (11) المراد بالوجوه أعيان القوم والأشواب
أمصص بظر اللات (1) نحن نفر عنه وندعه؟ فقال من ذا؟ قالوا أبو بكر، قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي (2) لم اجزك بها لأجبتك، وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم وكلما كلمه أخذ بلحيته (3) والمغيرة بن شعبة قائم علي رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، وكلما اهوي عروة بيده الي لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنصل السيف وقال أخر يدك عن لحية رسول الله صلي الله عليه وسلم فرفع عروة يده فقال من هذا؟ قالوا المغيرة بن شعية، قال أي غدر (4) أو لست أسعي في غدرتك (5) وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم (6) فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما الاسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيئ (7) ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم بعيينه (8) قال فو الله ما تنخم رسول الله صلي الله عليه وسلم نخامة الا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، واذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه (9) واذا تكلموا خفضوا اصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له: فرجع إلي أصحابه فقال أي قوم والله لقد وفدت علي الملوك ووفدت علي قيصر وكسري والنجاشي والله إن (10) رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً صلى الله عليه وسلم والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم أبتدروا امره. وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوءه: وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما، له وانه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة دعوني آته: فقالوا انته: فلما أشرف علي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعوثها له (11) فبعثت له واستقبله القوم يلبون، فلما رآي ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء
الأخلاط والخليق بالشئ الحقيق به (1) البظر ما تقطعه الخافضة من بضع المرأة عند الختان واللات اسم صنم كانت تعبده قريش من دون الله تعالي، وقد كان من عادة العرب الشتم بذلك ولكن بلفظ الأم فاستعار الصديق ذلك لذلك مبالغة في سب عروة واهانة لمعبوده: والذي حمله علي ذلك ما أغضبه به من نسبة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلي الفرار (2) أي لولا نعمة لك، علي لم أكافئك عليها لأجبتك (3) أي علي عادة العرب من أخذ الرجل لحية من يخاطبه لا سيما عند الملاطفة (4) غدر بضم الغين المعجمة وفتح الدال أي يا غدر معدول من غادر مبالغة في وصفه بالغدر (5) انما كان عروة يسعي في غدرة المغيرة لأنه عمه، وجاء عند ابن اسحاق فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عروة من هذا يا محمد؟ (يعني الذي يضرب يدي) قال هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة (6) أي وأتي بأموالهم للنبي صلى الله عليه وسلم ليري رأيه فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم الخ (7) أي لا أتعرض له ولا آخذه وذلك لكونه أخذه غدراً، لأن أموال المشركين وإن كانت غنيمة عند القهر والغلبة لكنها مصونة عند الأمن فأخذها عند ذلك غدر: وغدرهم محظور كغيرهم من المسلمين، وإنما تباح أموالهم بالمحاربة والمغالبة (8) أي ينظر اليهم بمؤخر عينيه نظراً طويلا (9) بفتح الواو أي ما فضل من وضوئه، وما باشر أعضاءه صلى الله عليه وسلم (10) بكسر الهمزة نافية بمعني ما (11) البعث الإثارة أي أثيروها له وكل شئ أثرته فقد بعثته
أن يصدوا عن البيت، قال فلما رجع إلي أصحابه قال رأيت البدن قد قلدت (1) وأشعرت فلم أر ان يصدوا عن البيت، ققام رجل منهم يقال له مكرز (2) بن حفص فقال دعوني آته، فقالوا أئته، فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا مكرز وهو رجل فاجر، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه اذ جاءه سهيل بن عمرو، قال معمر وأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل قال النبي صلى الله عليه وسلم سهل من أمركم (قال الزهري) في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال هات اكتب بيننا وبينكم كتابا فدعا الكاتب (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أما الرحمن فو الله ما أدري ما هو، (وقال ابن المبارك) ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب (4) فقال المسلمون والله ما نكتبها الا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم ثم قال: هذا ما قاضي عليه رسول الله، فقال سهيل والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله اني لرسول الله وان كذبتموني أكتب محمد بن عبد الله (قال الزهري) وذلك لقوله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله الا أعطيتهم إياها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم علي أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به، فقال سهيل والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة (5) ولكن لك من العام المقبل فكتب، فقال سهيل علي أنه لا يأتيك منا رجل وان كان علي دينك الا رددته الينا، فقال المسلمون سبحان الله كيف يرد الي المشركين وقد جاء مسلما: فبيناهم كذلك إذ جاء أبو جندل (6) بن سهيل بن عمرو يوسف (وقال يحيي) عن ابن المبارك يرصف (7) في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتي رمي بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل هذا يا محمدأول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لم نقض الكتاب بعد (8) قال فو الله اذاً لا نصالحك علي شئ أبدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فأجزه لي، قال ما أنا بمجيزه لك، قال بلي فافعل، قال ما أنا بفاعل، فقال مكرز (9) بلي قد أجزناه لك فقال أبو جندل أي معاشر المسلمين أرد الي المشركين وقد جئت مسلما؟ الا ترون ما قد لقيت
(1) تقدم أن تقليد البدن تعليق شئ في عنقها لتعلم أنها هدي، وإشعارها طعنها في سنامها بحيث يسيل دمها ليكون ذلك علامة أيضاً لذلك (2) بوزن منير هو من بني عامر بن لؤي (3) الكاتب هو الامام علي كرم الله وجهه كما صرح به غير واحد من أصحاب الحديث (4) أي لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب كذلك في يده الاسلام إلي ان نزلت آية النمل فأمر بكتابة بسم الله الرحمن الرحيم (5) أي لا نخلي بينك وبين البيت الحرام فيتحدث العرب أنا اخذنا قهرا (6) بوزن جعفر ومن غرائب الصدق أن أبا جندل هذا هو ابن سهيل الذي يملي الشروط (7) يعني بالصاد بدل السين والأول رواية البخاري وهو مشي المقيد أي يمشي بطيئا بسبب قيوده وكان حبسه أبوه سهيل حين أسلم وعذب في الله تعالي فخرج من السجن وتنكب الطريق وركب الجبال حتي وصل إلي المسلمين (8) أي لم نفرغ من كتابته الآن (9) مكرز بوزن منبر هو الذي جاء أولا لمفاوضة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلح ثم أدركه سهيل
وكان قد عذب عذابا شديدا في الله (1) فقال عمر رضي الله عنه فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت الست نبي الله؟ قال بلي، قلت السنا علي الحق وعدو ناعلي الباطل؟ قال بلي، قلت فلم نعطي الدنية (2) في ديننا اذاً؟ قال اني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري (3) قلت او لست كنت تحدثنا أنا ستأتي البيت فنطوف به؟ قال بلي، قال أفأخبر تك أنك تأتيه العام؟ قلت لا، قال فانك آتيه ومتطوف به، قال فأتيت أبا بكر رضي الله عنه فقلت يا أبا بكر اليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلي، قلت السنا علي الحق وعدونا علي الباطل؟ قال بلي، قلت فلم نعطي الدنية في ديننا اذا؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه عز وجل وهو ناصره فاستمسك وقال يحيي بن سعيد بغرزه (4) وقال تطوق بغرزه حتي تموت، فو الله إنه لعلي الحق، قلت أو ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال بلي، قال فأخبرك أنه يأتيه العام؟ قلت لا، قال فانك آتيه ومتطوف به (قال الزهري) قال عمر فعملت لذلك أعمالا (5) قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال فو الله ما قام منهم رجل حتي قال ذلك ثلاث مرات (6) فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل علي أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة يا رسول الله أتحب ذلك؟ أخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتي تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتي فعل ذلك نحر هديه ودعا حالقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا (7) وجعل بعضهم يحلق بعضا حتي كاد بعضهم يقتل بعضا غما (8) ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين أمنوا اذ جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن (9) حتي بلغ بعصم الكوافر) قال فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج احداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى
ابن عمرو ولم يعتد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ورد أبو جندل إلي قومه لأن ما عليه المعول هو قول سهيل (1) سيأتي في الطريق الثانية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يأبا جندل اصبر واحتسب فان الله عز وجل جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا الخ (2) هي بفتح الدال المهملة وكسر النون وتشديد الياء أي النقيصة والحالة الناقصة (3) ظاهر في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل شيئا من ذلك الا بوحي من الله عز وجل (4) الغرز للابل كالركاب للفرس يريد بذلك التمسك بأمره كما يتمسك بغرز الراكب حال سيره (5) يشير إلي التوقف الذي صدر منه، والمراد بالأعمال ما ورد تفسيرها عنه في بعض الروايات فقد كان يقول ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق خوفا من الذي صنعت يومئذ، مع أن الذي صنعه لم يكن شكا منه في الدين معاذ الله تعالي: بل ليقف علي الحكمة وتنكشف له الشبهة وللحث علي إذلال أهل الضلال كما عرف من صلابته وقوله في نصرة الدين (6) توقفهم عن إجابة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء نزول الوحي بإبطال الصلح أو لما أدهشهم من صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم علي بلوغ مقصدهم وقضاء نسكهم بالغلبة والقهر (7) أي لأنه لم يبق بعد ذلك غاية تنتظر، وفيه دلالة علي وفور عقل أم سلمة وشدة حزمها رضي الله عنها (8) أي من شدة الازدحام غما علي عدم المبادرة إلي الامتثال (9) أي فاختبروهن بما يغلب على ظنكم
-[فرار أبي بصير من قريش ومجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً ورده إليهم وتأليفه عصابة ضد قريش]-
صفوان بن أمية ثم رجع إلى المدينة فجاءه أبو بَصير رجل من قريش وهو مسلم (وقال يحيى عن ابن المبارك) فقدم عليه أبو بصير بن أسيد الثقفي مسلماً مهاجراً، فاستأجر الأخنس بن شريق رجلاً كافراً من بني عامر بن لؤي ومولى معه وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الوفاء، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا العهد الذي جعلت لنافيه، فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيداً فاستله الآخر فقال أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير أرني انظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد (1) وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأى هذا ذعراً (2) فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أو في الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويل أمه (3) مسعر حرب لو كان له أحد (4) فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر (5) قال ويتفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لجق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة (6) قال فوالله ما يسمعون بعير (7) خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم (8) لما أرسل إليهم فمن آتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فأنزل الله عز وجل {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم- (9) ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم حتى
مطابقة قلوبهن لألسنتهن في الإيمان وبقية الآية {الله أعلم بإيمانهن فإن علمتهوهن مؤمناً فلا ترجعوهن إلى الكفار} أي إلى أزواجهن الكفرة لقوله تعالى {لا هنَّ حل لهم ولا هم يحملون لهنّ وآتوهم ما أنفقوا} أي ما دفعوا إليهن من المهور {ولا جناح عليكم أن تنكحوهنَّ إذا آتيتموهنّ أجورهن} أي مهوهن {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} أي بما تعتصم به الكافرات من عقدة النكاح والمراد نهي المؤمنين عن المقام إلى نكاح المشركات، والنهي عن الإرجاع في الآية لا يعد نقضاً لما اصطلحوا عليه، لأن معاقدة الصلح وقعت على رد الرجال لا النساء، ولذلك طلق عمر امرأتين كانتا له في الشرك لأنه كان جائزاً في ابتداء الإسلام (1) بفتح الموحدة والراء أي مات (2) بضم الذال المعجمة وسكون العين المهملة أي خوفاً (3) الضمير لأبي بصير وهذه كلمة ذم تقولها العرب ولا يقصدون معنى ما لها من الذم لأن الويل الهلاك كقولهم لأمه الويل، والمراد هنا التعجب من إقدامه إلى الحرب والنهوض لها وإسعار نارها (4) أي لو كان له أحد ينصره ويؤازره على إيقاد نار الحرب لأثار الفتنة وأفسد الصلح (5) أي ساحل البحر في موضع يسمى العيص كما في بعض الروايات وهو على طريق أهل مكة إذا قصدوا الشام (6) العصابه الجماعة لا واحد لها من لفظها وهي ما بين العشرة إلى الأربعين (7) العير القافلة واعتراضهم لها وقوفهم في طريقها بالعرض، وذلك كناية عن منعهم لها من المسير (8) أي تسأله بالله وبحق القرابة إلا أرسل إلى أبي بصير وأصحابه بالامتناع عن إيذاء قريش فمن أتاه منهم مسلماً فهو آمن من الرد (9) أي منع أيدي كفار مكة عنكم ويريد ببطن مكة الحديبية
-[طريق ثان لحديث الحديبية وإرسال عثمان بن عفان إلى قريش ليأتي بخبرهم]-
بلغ (حمية الجاهلية) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبى الله صلى الله عليه وسلم ولم يقروا بسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت (ومن طريق ثان) قال حدثنا يزيد بن هرون أبنأنا محمد بن إسحق ابن يسار عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان ابن الحكم قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً وساق معه الهدى سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة (1) رجل فكانت كل بدنة عن عشرة قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبداً، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم (2) فذكر نحو ما في الطريق الأولى إلى أن جاء عروة بن مسعود وتكلم مع النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في شأن الصلح ثم رجع إلى قريش، قال فقال يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما والله ما رأيت ملكاً قط مثل محمد صلى الله عليه وسلم في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً فرُوا رأيكم، قال وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعى إلى مكة وحمله على جمل له يقال له الثعلب فلما دخل مكة عقرت به قريش وأرادوا قتل خراش فمنعهم الأحابش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر ليبعثه إلى مكة فقال يا رسول الله إنى أخاف قريشاً على نفسى وليس بها من بني عدى أحد بمعنى وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلطتى عليها، ولكن أدلك على رجل هو أعز منى عثمان بن عفان، قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة ولقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به، فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل، قال محمد فحدثني الزهرى أن قريشاً بعثوا سهيل بن عمرو أحد بنى عامر بن لؤى فقالوا أئت محمداً فصالحه ولا يكون فى صلحه إلا أن يرجع عنا عامة هذا فوالله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة
وإطلاقه عليها مبالغة في القرب وأظفركم أي نصركم عليهم (1) تقدم في الطريق الأولى أنهم كانوا ألفاً وأربعمائة على أرجح الأقوال، وفي هذا الطريق أنهم كانوا سبعمائة، وكذلك عند ابن إسحاق (قال الحافظ) وأما قول ابن إسحاق إنهم كانوا سبعمائة فلم يوافق عليه لأنه قاله استنباطاً من قول جابر (نحرنا البدنة عن عشرة) وكانوا نحروا سبعين بدنة وهذا لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلاً (2) قال في النهاية هو اسم موضع بين مكة والمدينة والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيهاً بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق والغمم بالفتح واد بالحجاز
-[أمر النبى صلى الله عليه وسلم علياً يكتب شروط الصلح واعتراض عمرو بن سهيل على البسملة والرسالة وقصة أبى جندل]-
أبداً فأتاه سهيل (فذكر ما دار بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن اتفقا على الصلح كما فى الطريق الأولى) قال ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علىّ بن أبى طالب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو لا أعرف هذا ولكن أكتب باسمك اللهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو، فقال سهير بن عمرو ولو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بغير إذن وليه رده عليهم، ومن أتى قريشاً ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة (1) وأنه لا إسلال ولا إغلال وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب أنه من أحب أن يدخل فى عقد محمد صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتو أثبت خزاعة فقالوا نحن مع عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، وتوا ثبت بنو بكر فقالوا نحن فى عقد قريش وعهدهم وأنك ترجع عنا عامنا هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك وأقمت فيهم ثلاثاً معك سلاح الراكب، لا تدخلها بغير السيوف في القُرب (2) فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب إذ جاءه أبو جندل بن سهيل ابن عمرو فى الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون فى الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوها رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا: فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال يا محمد قد لجت (3) القضية بينى وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال صدقت، فقام إليه فأخذ بتلبيه (4) قال وصرخ أبو جندل بأعلى صوته يا معاشر المسلمين اتردوننى إلى أهل الشرك فيفتنونى فى دينى، قال فزاد الناس شراً إلى ما بهم، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم يا أبا جندل اصبر واحتسب فان الله عز وجل جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً فأعطيناهم على ذلك
(1) العيبة تقدم انها مستودع الثياب، والعرب تكنى عن القلوب والصدور بالعياب لأنها مستودع السرائر كما أن العياب مستودع الثياب يريد ان بينهم صدراً نقياً من الغل والخداع مطوياً على الوفاء بالصلح (والمكفوفة) المشرجة المشدودة، وقيل أراد أن بينهم موادعة ومكافة عن الخرب تجريان مجرى المودة التي تكون بين المنصافيين الذين يثق بعضهم إلى بعض (والاسلال) السرقة الخفية (والاغلال) الحقد والشحناء (2) بضم القاف والراء جمع قراب بكسر القاف كحمار وحمر، والقراب ما يوضع فيه السيف (3) جاء في النهاية قال سهيل قد لجت القضية بينى وبينك أى وجبت هكذا قال جاء مشروحاً ولا أعرف أصله اهـ (4) يقال أخذت بتلبيب فلان اذا جمعت عليه ثوبه الذى هو لابسه وقبضت عليه تجره والتلبيب بجميع ما في موضع اللبب من
-[رجاء قريش النبى صلى الله عليه وسلم في رده من جاءه مسلماً وعدم قبول النبى صلى الله عليه وسلم ذلك]-
وأعطونا عليه عهداً وإنا لن نغدر بهم، قال فوثب إليه عمر بن الخطاب مع أبى جندل فجعل يمشى إلى جنبه وهو يقول اصبر أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب، قال ويدنى قائم السيف منه، قال يقوم رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية (ثم ذكر أمر النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق وامتناعهم من ذلك حتى نحر هو وحلق) كما فى الطريق الأولى قال فقام الناس ينحرون ويحلقون قال حتى إذا كان بين مكة والمدينة فى وسط الطريق فنزلت سورة الفتح (1)(وإلى هنا انتهى الحديث)(عن على)(2) قال جاء النبى صلى الله عليه وسلم أناس من قريش فقالوا يا محمد انا جيرانك وحلفاؤك وان ناساً من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة فى الدين ولا رغبة فى الفقه (3) انما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا فقال لأبى بكر ما تقول؟ قال صدقوا إنهم جيرانك، قال فتغير وجه النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال لعمر ما تقول؟ قال صدقوا (4) إنهم جيرانك وحلفاؤك فتغير وجه النبى صلى الله عليه وسلم (5)(باب ما جاء فى نص كتاب صلح الحديبية وشروطه)(عن أبى إسحاق)(6) عن البراء بن عازب قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذي القعدة فأبى أهل مكة إن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام فلما كتبوا الكتاب كتبوا هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله قالوا لا نقر بهذا، لو نعم أنك رسول الله ما منعناك شيئاً، ولكن أنت محمد بن عبد الله، قال أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله، قال لعلى امح رسول الله، قال والله لا أمحوك أبداً، فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن أن يكتب (وفى لفظ فقال لعلى امحه فقال ما أنا بالذى أمحاه فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده (فكتب (يعنى عليا) مكان رسول الله: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله أن لا يدخل مكة السلاح
ثياب الرجل (1) انظر ما جاء في سورة الفتح من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 275 و 276 (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه البخارى في موضعين من كتابه وأخرج بعضها البخارى ومسلم أيضاً (2)(سنده)(حدثنا) أسود بن عامر أخبرنا شريك عن منصور عن ربعىّ عن على الخ (غريبه)(3) هذا كان في زمن الحديبية قبل الصلح كما صرح بذلك عند أبى داود (4) إنما صدق أبو بكر وعمر رضى الله عنهما دعوى هؤلاء الوفد من قريش لظنهما صحة القرائن التى ذكرها الوفد (5) إنما تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونهما لم يوافقا الصواب، ويستفاد من ذلك أن من ادعى الاسلام يقبل منه مطلقاً كما يدل على ذلك القرآن والسنة، وأنه لا يجوز البحث عن الدوافع التى دفعته إلى الاسلام سواء أسلم مخلصاً أو متعوذاً أو طامعاً، وقد جاء عند أبى داود بدل قوله فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى ببعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يردهم وقال هم عتقاء الله عز وجل قال الخطابى هذا أصل في أن من خرج من دار الكفر مسلماً وليس لاحد عليه يد قدرة فانه حر، وإنما يعتبر أمره بوقت الخروج منها إلى دار الاسلام (تخريجه)(دمذ) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعى بن خراش عن على (باب)(6)(سنده)(حدثنا) حجين
-[تعنت قريش في شروط الصلح موافقة النبى صلى الله عليه وسلم لهم لحكمة عظيمة]-
إلا السيف فى القراب (1) ولا يخرج من اهلها أحد الا من أراد ان يتبعه، ولا يمنع أحداً من أصحابه أن يقيم بها فلما دخلها (2) ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا قل لصاحبك فليخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثان)(3) عن البراء أيضاً قال وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية على ثلاث، من أتاهم من عند النبى صلى الله عليه وسلم لن يردوه، ومن أتى الينا منهم ردوه اليهم، وعلى أن يجيء النبى صلى الله عليه وسلم من العام المقبل وأصحابه فيدخلون مكة معتمرين فلا يقيمون الا ثلاثاً، ولا يدخلون الا جُلب السلاح (4) السيف والقوس ونحوه (عن أنس)(5) أن قريشاً صالحوا النبى صلى الله عليه وآله وسلم وفيهم سهيل بن عمرو فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم لعلىّ اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أمّا بسم الله الرحمن الرحيم فلا ندرى ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم، فقال اكتب من محمد رسول الله، قال لو علمت أنك رسول الله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب من محمد بن عبد الله، واشترطوا على النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم: ومن جاء منكم رددتموه علينا، فقال (يعنى علياً) يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال نعم أنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله (6)
ثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن البراء الخ (وقوله ما أنا بالذى أمحاه) قال النووى هكذا هو فى جميع النسخ (بالذى أمحاه) وهى لغة فى أمحوه، وهذا الذى فعله على رضى الله عه من باب الأدب المستحب لأنه لم يفهم من النبى صلى الله عليه وسلم تحتيم محو علىّ بنفسه ولهذا لم ينكر، ولو حتم محوه بنفسه لم يجز لعلى تركه ولما أقره النبى صلى الله عليه وسلم على المخالفة (1) هو شبه الجراب يكون من الأدم يوضع فيه السيف مغمداً ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ويعلقه فى الرجل (قال العلماء) وإنما شرطوا هذا لوجهين (أحدهما) أن لا يظهر منه دخول الغالبين القاهرين (والثانى) أنه أن عرض فتنة أو نحوها يكون فى الاستعداد بالسلاح صعوبة (2) يعنى فى السنة الثانية بعد سنة اللح وهى عمرة القضاء وكانوا شارطوا النبى صلى الله عليه وسلم فى عام الحديبية أن يجيء فى العام المقبل فيعتمر ولا يقيم أكثر من ثلاثة أيام فجاء فى العام المقبل فأقام إلى أواخر اليوم الثالث فقالوا لعلى رضى الله عنه قل لصاحبك فليخرج إلى آخره، وسيأتى ذلك فى الطريق الثانية (3) (سند) (حدثنا) مؤمل ثنا سفيان عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب قال وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين الخ (4) جاء عند مسلم جلبان بزيادة ألف ونون قال أبو إسحاق السبيعي جلبان السلاح هو القراب وما فيه: والجلبان بضم الجيم قال القاضى عياض فى المشارق ضبطناه جلبان بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة قال وكذا رواه الأكثرون وصوابه ابن قتيبة وغيره اهـ قلت تقدم شرحه فى الطريق الأولى (تخريجه)(م. وغيره)(5)(سنده)(حدثنا) عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس الخ (غريبه)(6) زاد مسلم (ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً)(تخريجه)(م وغيره) قال العلماء فى شرح هذا الحديث وافقهم النبى صلى الله عليه وسلم فى ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وأنه كتب باسمك اللهم وكذا وافقهم فى محمد بن عبد الله وترك كتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا وافقهم فى رد من جاء منهم
-[بيعة الرضوان وسببها إشاعة قتل عثمان رضى الله عنه]-
(باب ما جاء فى بيعة الرضوان)(عن مَعقِل بن يسار)(1) أنه شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية وهو رافع غصناً من أغصان الشجرة بيده عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس (وفى رواية يد الله فوق أيديهم)(2) فبايعوه على أن لا يفروا وهم يومئذ ألف وأربعمائة (عن جابر)(3) قال كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهى سمرة (4) على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت (5)
إلينا دون من ذهب منا إليهم، وانما وافقهم فى هذه الأمور للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة فى هذه الأمور، أما البسملة وباسمك اللهم فمعناه واحد، وكذا قوله محمد بن عبد الله هو أيضاً رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فى ترك وصف الله سبحانه وتعالى فى هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفى ذلك، ولا فى ترك صفه أيضاً صلى الله عليه وسلم هنا بالرسالة ما ينفيها فلا مفسدة فيما طلبوه، وإنما كانت المفسدة تكون لو طلبوا أن يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك، وأما شرط رد من جاء منهم ومنع من ذهب إليهم فقد بين النبى صلى الله عليه وسلم الحكمة فيهم فى هذا الحديث بقوله من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً ثم كان كما قال صلى الله عليه وسلم فجعل الله الذين جاءونا منهم وردّهم إليهم فرجاً ومخرجاً، ولله الحمد: وهذا من المعجزات قاله النووى (باب)(1)(سنده) حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى أبو محمد ثنا خالد عن الحكم بن عبد الله الأعرج عن معقل بن يسار الخ (غريبه)(2) أى هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} الآية) أما سبب هذه البيعة فقد تقدم فى باب عمرة الحديبية قبل باب فى الطريق الثانية من الحديث الطويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عثمان بن عفان إلى كفار قريش بمكة ليبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت لحرب وأنه جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته، ثم بلغه أن عثمان قتل، قال ابن إسحاق فحدثنى عبد الله بن أبى بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز، القوم، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وكان جابر بن عبد الله يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعهم على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر فبايع الناس ولم يتخلف أحد من المسلمين حضرها الا الجد بن قيس أخو بنى سلمة فكان جابر يقول والله لكأنى أنظر اليه لاصقاً بابط ناقته قد صبا إليها يستتر بها من الناس، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذى كان من أمر عثمان رضى الله عنه باطل (تخريجة)(م)(3)(سنده) حدثنا يونس ابن محمد وحجين قالا حدثنا ليث عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه)(4) بفتح السين المهملة والراء بينهما ميم مضمومة واحدة السمر كرجل وهو شجر الطلح (5) سيأتى فى حديث سلمة بن الأكوع أنهم بايعوه على الموت (قال النووى) وهو معنى رواية عبد الله بن زيد فى حديث سلمة بن الأكوع أنهم بايعوه على الموت (قال النووى) وهو معنى رواية عبد الله بن زيد ابن عاصم، وفى رواية مجاشع بن مسعود البيعة على الهجرة والبيعة على الإسلام والجهاد، وفى حديث ابن عمر
-[عدد من بايع النبى صلى الله عليه وسلم من الصحابة تحت الشجرة وتخلف الجد بن قيس وقصته]-
(عن أبى الزبير عن جابر)(1) قال كان العباس آخذاً بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يواثقنا فلما فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت وأعطيت (2) قال فسالت جابراً يومئذ كيف بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى الموت؟ قال لا ولكن بايعناه على أن لا نقر، قلت أفرأيت يوم الشجرة؟ قال كان آخذاً بيد عمر بن الخطاب حتى بايعناه: قلت كم كنتم؟ قال كنا أربع عشرة مائة فبايعناه كلنا إلا الجد بن قيس (3) اختبأ تحت بطن بعير، ونحرنا يومئذ سبعين من البدن لكل سبعة جزور (4)(حدثنا حجاج)(5) قال ابن جريح أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابرا يُسئل هل بايع النبى صلى الله عليه وآله وسل بذى الحليفة؟ قال لا ولكن صلى بها ولم يبايع إلا عند الشجرة التى للحديبية، وأخبرنا أنه سمع جابراً دعا (6) على بئر الحديبية (عن عبد الله بن مغفل)(7) وكان أحد الرهط الذين نزلت فيهم الآية {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحمله} - الخ الآية قال انى لآخذ بعض من أغصان الشجرة أظلل به النبى صلى الله عليه وآله وسلم وهم يبايعونه فقالوا نبايعك على الموت قال لا ولكن لا تفروا (عن سلمة بن الأكوع)(8) قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع الناس فى الحديبية ثم قعدت متنحياً فلما تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا ابن الأكوع ألا تبايع؟
وعبادة بايعنا على السمع والطاعة وأن لا تنازع الأمر أهله، وفى رواية عن ابن عمر فى غير صحيح مسلم البيعة على الصبر (قال العلماء) هذه الرواية تجمع المعانى كلها وتبين مقصود كل الروايات، فالبيعة على أن لا نفر معناه الصبر حتى نظفر بعدونا أو نقتل، وهو معنى البيعة على الموت، أى نصبر وان آل بنا ذلك إلى الموت لا أن الموت مقصود فى نفسه، وكذا البيعة على الجهاد أى والصبر فيه والله أعلم (تخريجه)(م)(1)(سنده) حدثنا سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن موسى بن عقبة عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه)(2) أى أخذت عليكم البيعة (وأعطيت) أى بلغت ما وعدكم الله عز وجل به بقوله تعالى {ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً} وقوله تعالى {لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} الآية (3) أى فإنه لم يبايع وكان جد هذا ممن يظن فيه النفاق وفيه نزل قوله تعالى {ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى ألا فى الفتنة سقطوا) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم فى غزوة تبوك أغزوا الروم تنالوا بنات الأصغر فقال جد بن قيس قد علمت الأنصار أنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى افتتن فنزلت، وقيل أنه تاب بعد ذلك وحسنت توبته (4) هذا لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلاً قاله الحافظ (تخريجه)(م) ما عدا قوله ونحرنا يومئذ الخ (5)(حدثنا حجاج الخ)(غريبه)(6) هذه العبارة توهم أن جابراً هو الذى دعا وليس كذلك بل الذي دعا هو النبى صلى الله عليه وسلم كما يستفاد من رواية مسلم ولفظه قال ابن جريح وأخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اله يقول دعا النبى صلى الله عليه وسلم على بئر الحديبية (تخريجه)(م)(7)(سنده) حدثنا وكيع عن أبى جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن أبى العالية أو عن غيره عن عبد الله بن مغفل الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى وإسناده جيد إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبى العالية أو عن غيره اهـ (قلت) هكذا عزاه الحافظ الهيثمى للطبرانى فقط وغفل عن عزوه للامام أحمد (8)(سنده)(حدثنا) حماد بن مسعدة عن يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع الخ (غريبه)
-[ما جاء في فضل من بايع تحت الشجرة واختفاء مكانها ومنقبة لعثمان رضى الله عنه]-
قال قلت قد بايعت يا رسول الله، قال أيضاً، قلت علام؟ قال على الموت (1)(ومن طريق ثان)(2) عن يزيد أبى عبيد قال قلت لسلمة بن الأكوع على أى شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قال بايعناه على الموت (عن سعيد بن المسيب)(3) قال كان أبى ممن بايع النبى صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة بيعة الرضوان فقال أنطلقنا فى قابل حاجين فعميى علينا مكانها (يعنى الشجرة) فإن كانت بينت لكم فأنت أعلم (4)(ومن طريق ثان)(5) عن طارق (يعنى ابن عبد الرحمن) قال ذكر عند سعيد بن المسيب الشجرة فقال حدثنى أبى أنه كان ذلك العام معهم فنسوها من العام المقبل (عن جابر بن عبد الله)(6) أنه قال كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض (وعنه أيضاً)(7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة (عن ابن عمر)(8) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث عثمان رضى الله عنه إلى مكة وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان فضرب بها يده على يده وقال هذه لعثمان (حدثنا يحيى بن سعيد)(9) أن شرحبيل بن سعد أخبره أن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية حتى نزلنا السقيا (10) فقال معاذ بن جبل من
(1) تقدم الكلام على ذلك فى شرح حديث جابر الثاني من أحاديث الباب (2)(سنده)(حدثنا) صفوان ثنا يزيد بن أبى عبيد قال قلت لسلمة بن الأكوع الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة عن طارق عن سعيد بن المسيب الخ (قلت) طارق هو ابن عبد الرحمن (غريبه)(4) الظاهر أنه قال هذا وهو يعتقد أنها لم تبين لهم كما يستفاد من رواية البخارى التى سأذكرها بعد التخريج ولذلك أتى بالشرط والله أعلم (5)(سنده) حدثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن طارق قال ذكر عند سعيد بن المسيب الخ (تخريجه)(ق. وغيرها) وهو عند البخارى أتم من هذا ولفظه قال البخارى حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون فقلت ما هذا المسجد؟ قالوا هذه الشجرة حيث بايع النبى صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد حدثنى أبى أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال فلما كان فى العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، ثم قال سعيد إن أصحاب محمد لم يعلموها وعلمتموها وأنتم أفأنتم أعلم؟ (قلت) قال العلماء سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها لما جرى تحتها من الخير ونزول الرضوان والسكينة وغير ذلك، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب والجبال إياها وعبادتهم لها فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى (6)(سنده) حدثنا سفيان عن عمرو سمعت جابراً قال كنا يوم الحديبية الخ (تخريجه)(ق. وغيرها)(7)(سنده)(حدثنا) حجين ويونس قالا حدثنا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(م دمذ)(8)(عن ابن عمر الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه فى باب فضائل عثمان بن عفان رضى الله عنه من كتاب الخلافة والأمارة وهو حديث صحيح رواه البخارى والترمذى وغيرهما (9)(حدثنا يحيى بن سعيد الخ)(غريبه)(10) قال فى النهاية السقيا منزل بين مكة
-[أول من بايع تحت الشجرة سلمة بن الأكوع ومعجزة للنبى صلى الله عليه وسلم فى تكثير الماء]-
يسقينا في أسقيتنا (1) قال جابر فخرجت فى فئة من الأنصار حتى أتينا الماء الذى بالأثاية (2) وبينهما قريباً من ثلاثة وعشرين ميلاً فسقينا فى أسقيتنا حتى إذا كان بعد عتمة (3) إذا رجل ينازعه بعيره إلى الحوض (4) فقال أورد فإذا هو النبى صلى الله عليه وسلم فأورد ثم أخذت بزمام ناقته فأنحتها فقام فصلى العتمة (5) وجابر فيما ذكر إلى جنبه ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة (6)(باب ما جاء فى حديث سلمة بن الأكوع وهو يتضمن تلخيص البابين اللذين قبله)(عن إياس قال حدثنى أبى)(7) قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية (8) ونحن أربع عشرة مائة (9) وعليها خمسون شاة لا ترويها (10) فقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حيالها (11) فإما دعا وإما بسق (12) فجاشت فسقينا واحتتينا، قال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بالبيعة فى أصل الشجرة فبايعه أول الناس (13) وبايع وبايع حتى إذا كان فى وسط (14) من الناس قال يا سلمة بايعنى قال قد بايعتك فى أول الناس يا رسول الله، قال وأيضاً فبايع، ورآنى أعزلاً (15) فاعطاني حجفة (16) أو درفة ثم بايع وبايع حتى إذا كان فى آخر الناس قال ألا تبايعنى؟ قال قلت يا رسول الله قد بايعت أول الناس
والمدينة قيل هي على يومين من المدينة (1) جمع سقاء والسقاء ظرف الماء من الجلد وكأنهم لم يجدوا فى هذا المكان ماءا يكفيهم قال جابر فخرجت الخ (2) قال فى النهاية الأثاية الموضع المعروف بطريق الجحفة إلى مكة وهي فعالة منه وبعضهم يكسر همزتها قال (واثيل) هو مصغر موضع قرب المدينة وبه عين لآل جعفر بن أبى طالب (3) العتمة دخول الليل وظلمته (4) أى يريد الوردود إلى الحوض ليشرب (5) أى صلاة العشاء وكانت الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمية بالوقت لأنها تكون فى ابتداء دخول ظلمة الليل ثم نهى عن تسميتها بالعتمة وإنما هي العشاء كما نطق بذلك القرآن (6) أى ركعة وإنما عبر بالسجود لأنه يكون عقب الركوع ولا تكون ركعة كاملة إلا بالسجود وهى الصلاة التى كان يصليها فى الليل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات وهو من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله تعالى (باب)(7)(سنده) حدثنا عبد الصمد قال حدثنا عكرمة قال ثنا إياس (يعنى ابن سلمة بن الأكوع) قال حدثى أبى الخ (غريبه)(8) هى قرية قريبة من مكة سميت باسم بئر فيها ومعناه قدمنا بئر الحديبية أو ماء الحديبية (9) قال النووى هذا هل الأشهر وفى رواية ثلاث عشرة مائة وفى رواية خمس عشرة مائة (قلت) تقدم الكلام على ذلك رأن أرجحها وأكثرها أربع عشرة مائة (10) اى وعلى البئر خمسون شاة لا تكفى لشربها وهو كناية عن قلة ماء البئر (11) أى جوانبها التى حولها (12) قال النووى هكذا هو فى النسخ بسق بالسين وهى صحيحة يقال بزق وبصق وبسق ثلاث لغات بمعنى والسين قليلة الاستعمال (وجاشت) أى ارتفعت وفاضت يقال جاش الشيء يجيش جيشاناً إذا ارتفع وفى هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (13) يعنى أن سلمة بن الأكوع بايع النبى صلى الله عليه وسلم أول الناس (14) أى فى وسط مبايعة الناس (15) أى ليس معه سلاح (16) الحجفه بالتحريك الترس الصغير يطارق بين جلدين والجمع حجف وحجفات مثل قصبة وقصب وقصبات قاله فى المصباح، والدرقة بوزن الحجفة
-[تكرير بيعة سلمة بن الأكوع وما جاء فى شجاعته رضى الله عنه]-
وأوسطهم، قال وأيضاً فبايع: فبايعته (1) ثم قال أين درقتك أو حجفتك التى أعطيتك؟ قال قلت يا رسول الله لقيتنى عمى عامر أعزلا فأعطيته إياها، قال فقال إنك كالذى قال اللهم أبغنى حبيباً هو أحب إلىّ من نفسى وضحك، ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا إلى بعض، قال وكنت تبيعاً لطلحة (2) بن عبيد الله أحس فرسه واسقيه وآكل من طعامه وتركت أهلى ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله، فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت الشجرة فكسحت شوكها (3) واضطجعت فى ظلها فأتانى أربعة من أهل مكة فجعلوا وهم مشركون يقعون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحولت عنهم إلى شجرة أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فينما هم كذلك اذ نادى مناد من أسفل الوادى يا آل المهاجرين قتل بن زنيم (4) فاخترطت سيفى فشددت على الأربعة فأخذت سلاحهم فجعلته ضغئاً (5) قلت والذى أكرم محمداً صلى الله عليه وسلم لا يرفع رجل منكم رأسه إلا ضربت الذى يعنى فيه عيناه، فجئت أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء عمى عامر بابن مكرز (6) يقود به فرسه يقود سبعين حتى وقفنا فنظر إليهم فقال دعوهم يكون لهم بدوّ الفجور (7) وعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزلت {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم) (8) ثم رجعنا إلى المدينة فنزلنا منزلاً يقال له لحي جمل (9)
نوع من التروس أيضاً (1) جاء عنه مسلم قال فبايعته الثالثة: وفى مبايعته صلى الله عليه وسلم له ثلاث مرات إشارة إلى أنه سيحضر ثلاثة مشاهد يكون له فيها بلاء حسن وقد كان الأمر كذلك، فاتصل بالحديبية وغزوة ذى قرد واتصل بها فتح خيبر، وكان له فى كل منهما غناء كذا فى شرح البهجة (2) أى خادماً اتبعه وقوله (أحس فرصة) بضم الحاء المهملة أى احك ظهره بالمحسة لأزيل عنه الغبار (3) أي كنست ما تحتها من الشوك (4) بضم الزاى وفتح النون (5) الضغث الحزمة (6) بوزن منبر وجاء عند مسلم وجاء عمى عامر برجل من العبلات (بفتح العين والموحدة) يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف فى سبعين من المشركين (قلت) أما العبلات فقد قال الجوهرى فى الصحاح العبلات بفتح العين وللباء من قريش وهم أمية الصغرى والنسبة اليهم عبلى تزده إلى الواحد، قال لأن اسم أمهم عبلة اهـ، (قال القاضى عياض) أمية الأصغر وأخواه نوفل وعبد الله بن عبد شمس بن عبد مناف نسبوا الى أم لهم من بنى تميم اسمها عبله بنت عبيد اهـ (وقوله على فرس مجفف) قال النووى هو بفتح الجيم وفتح الفاء الأولى أي عليه بجفاف بكسر التاء وهو ثوب كالجل يلبسه الفرس ليقية من السلاح وجمعه تجافيف (7) جاء عند مسلم (فقال دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه) بكسر الثاء المثلثة أى أوله وآخره، قال فى النهاية والثنا بالكسر والقصر أن يفعل الشئ مرتين ولاثنا فى الصدقة، أى لا تؤخذ الزكاة مرتين فى السنة (8) تقدم تفسير هذه الآية وسبب نزولها فى باب (وهو الذى كف أيديهم عنكم) فى سورة الفتح من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 286 وان مكرزا واصحابه كانوا يريدون الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عند اشتغالهم بالبيعة (9) قال فى النهاية هو بفتح اللام موضع بين مكة والمدينة، وقيل عقبة وقيل ماء اهـ (قلت) جاء عند مسلم
-[رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرة الحديبية وإغارة المشركين على إبله صلى الله عليه وسلم]-
فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقى الجبل فى تلك الليلة كان طليعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثة ثم قدمنا المدينة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره (1) مع غلامه رباح وأنا معه وخرجت بفرس طلحة أيديه (2) على ظهره (3) فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن بن عيينة الفزارى قد أغار (4) على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتسفه أجمع وقتل راعية (5)
(أبواب حوادث السنة السابعة)
(فنزلنا منزلاً بيننا وبين بنى لحيان وهم المشركون فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقى هذا الجبل الليلة الخ (قلت) ويمكن الجمع بين الروايتين بأنهم نزلوا منزلاً يقال له لحيى جمل به جبل بينهم وبين بنى لحيان وتقدم الكلام على غزوة بنى لحيان، أما قوله عند مسلم (وهم المشركون) فقد ضبطه العلماء بوجهين (أحدهما) بفتح الهاء وشد الميم أى همّ امر المشركين النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه خوف أن يبيتوهم لقربهم منهم، يقال اهمنى الأمر وهمنى بمعنى اى اغمنى وأحزننى (والثانى) بضم الهاء وتخفيف الميم على الابتداء (1) الظهر الابل تعد للركوب وحمل الأثقال (2) هكذا جاء عند الامام احمد فى هذا الموضع ايديه بهمزة مضمومة ثم باء موحدة مفتوحة ثم دال مهملة مشددة وجاء عند مسلم (انديه) بالنون بدل الباء الموحدة (قال النووى) هكذا ضبطناه انديه بهمزة مضمومه ثم نون مفتوحة ثم دال مكسورة مشددة ولم يذكر القاضى فى الشرح عند أحد من رواة مسلم غير هذا، ونقله فى المشارق عبر جماهير الرواة، قال ورواه بعضهم عن أبى الحذاء فى مسلم أبديه بالباء الموحدة بدل النون وكذا قاله ابن قتيبة أى أخرجه إلى البادية وأبرزه إلى موضع الكلأ وكل شئ أظهرته فقد أبديته والصواب رواية الجمهور بالنون وهى رواية جميع المحدثين وقول الأصمعى وأبو عبيد فى غريبه والأزهرى وجماهير أهل اللغة والغريب ومعناه أن يورد الماشية الماء فتسقى قليلاً ثم ترد إلى المرعى (قلت) سيأتى للامام احمد فى الباب التالى من رواية سلمة أيضاً بلفظ (أنديه) بالنون كما جاء عند مسلم (3) أى مع ظهر النبى صلى الله عليه وسلم وهى الإبل، وجاء عند مسلم وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر: فعلى هنا بمعنى مع كما فى رواية مسلم (4) من الإغارة وهى النهب (5) هكذا بالأصل (فانتسفه) ولم أجد لذلك معنى يناسبه فى كتب اللغة وجاء عند مسلم فاستاقه بدل فانتسفه ومعناه ظاهر، والظاهر أن ما هنا خطأ من الطابع أو الناسخ والصواب ما جاء عند مسلم والله أعلم (وقوله اجمع) يعنى استاقه جميعه وقتل راعيه والى هنا انتهى الحديث عند الإمام احمد، وزاد مسلم قال فقلت يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه فذكر قصة غزوة ذى قرد وقد جاءت هذه القصة عند الإمام احمد فى الباب التالى فى حديث مستقل ترجمت لها (بغزوة ذى قرد) فانظره (تخريجه)(م. وغيره)(باب)(1) بفتح القاف والراء عند المحدثين والضم فيهما عند أهل اللغة، قال البلاذرى والصواب الأول اهـ وهو ماء على نحو بريد (يعنى من المدينة) مما يلى بلاد غطفان، وقيل على مسافة يرم (قال البخارى) وهى الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبى صلى الله عليه وسلم قبل خيبر بثلاث (قال الحافظ) كذا جزم
-[سبب غزوة ذى قرد إغارة المشركين على ابل النبى صلى الله عليه وسلم وكلام العلماء فى تاريخها]-
(حدثنا مكي بن ابراهيم)(1) قال حدثنا يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه أخبره قال خرجت من المدينة ذاهباً نحو الغابة (2) حتى إذا كنت بثنية (3) الغابة لقينى غلام لعبد الرحمن ابن عوف قال قلت ويحك ما لك؟ قال أخذت لقاح (4) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال قلت من أخذها؟ قال غطفان وفزارة (5) قال فصرخت ثلاث صرخات أسمعت من بين لابتيها (6) يا صباحاه يا صباحاه (7) ثم اندفعت حتى ألقاهم (8) وقد أخذوها، قال فجعلت أرميهم وأقول.
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم أقرع (9)
قال فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت بها أسوقها فلقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن القوم عطاش وانى أعجلتهم قبل أن يشربوا فاذهب في أثرهم (10)
به ومستنده فى ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فانه قال فى آخر الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم من طريقه قال فرجعنا أى من الغزوة إلى المدينة فوا الله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر، وأما ابن سعد فقال كانت غزوة ذى قرد فى ربيع الأول سنة ست قبل الحديبية وقيل فى جمادى الاولى، وعن ابن إسحاق فى شعبان منها قال الحافظ وما فى الصحيح من التاريخ لغزيوة ذى قرد أصح مما ذكره أهل السير، قال ويحتمل فى طريق الجمع أن تكون إغارة عينية بن حصن على اللقاح وقعت مرتين الأولى التى ذكرها ابن اسحاق وهى قبل الحديبية: والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما فى سياق سلمة عند مسلم، ويؤيده أن الحاكم ذكر فى الأكليل أن الخروج إلى ذى قرد تكرر، ففى الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد، وفى الثانية خرج إليها النبى صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول سنة خمس: والثالثة هذه المختلف فيها، فإذا ثبت هذا قوى هذا الجمع الذى ذكرته والله أعلم اهـ (قلت) وإليك ما ورد فى ذلك (1) (حدثنا مكى بن ابراهيم الخ) (غريبه) (2) الغابة الأجمة ذات الشجر المتكاثف لأنها تغيب ما فيها وجمعها غابات وهى موضع قريب من المدينة من عواليها وبها أموال لأهلها (3) الثنية فى الجبل كالعقبة فيه: وقيل هو الطريق العالى فيه (4) بكسر اللام وتخفيف القاف ومهملة، ذوات اللبن من الإبل واحدتها لقحة بالكسر والفتح قيل وكانت عشرين لقح (5) بفتح الفاء وهو من عطف الخاص على العام لأن فزارة من غطفان (6) يعنى حرّتى المدين (7) هى كلمة تقال عند استنفار من هو غافل عن عدوه وكررها للتأكيد (8) ذكره بهذه الصيغة مبالغة فى استحضار الحال (9) هكذا بالأصل فى هذه الرواية عند الإمام احمد (واليوم يوم أقرع) ولم أقف على هذا اللفظ لغيره على أنه جاء فى هذا الحديث نفسه عند البخارى بلفظ (واليوم يوم الرضع) وجاء فى روايات أخرى عند الشيخين والامام احمد وغيرهم بلفظ (واليوم يوم الرضع) وستأتى فى الحديث التالى، وفى مختصر النهاية للحافظ السيوطى قرع الناقة ضربها بسوطه والقرع الصدم والصك والضرب وقراع الكتائب قتال الجيوش ومحاربتها اهـ وسيأتى شرح الرواية الأخرى وهو قوله (واليوم يوم الرضع فى شرح الحديث التالى والله أعلم)(10) جاء عند البخارى فابعث إليهم الساعة
-[اغارة عبد الرحمن بن عيينة على ابل النبى صلى الله عليه وسلم وما فعله سلمة بن الأكوع برجال ابن عيينة]-
فقال يا ابن الأكوع ملكت فأسجح (1) إن القوم يقرون فى قومهم (عن إياس بن سلمة بن الأكوع) عن أبيه (2) قال قدمنا المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرجنا أنا ورباح غلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بظهر (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت بفرس لطلحة بن عبيد الله كنت أريد أن أنديه (4) مع الأبل فلما كان بغلس (5) أغار عبد الرحمن بن عيينة على ابل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه فى خيل، فقلت يا رباح اقعد (6) على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه (7) قال وقمت على تل فجعلت وجهى من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات يا صباحاه، ثم اتبعت القوم معى سيفى ونبلى فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلىّ فارس جلست له فى أصل الشجرة ثم رميت، فلا يقبل علىّ فارس إلا عقرت به فجعلت أرميهم وأقول (أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضع) (8) فألحق برجل منهم فأرميه وهو على راحلته فيقع سهمى فى الرجل حتى انتظمت كتفه فقلت (خذها وأنا ابن الأكوع: واليوم يوم الرضع) فاذا كنت فى الشجر أحرقتهم بالنبل فاذا تضايقت الثنايا (9) علوت الجبل فرديتهم بالحجارة، فما زال ذاك شأنى وشأنهم اتبعهم. فأرتجز حتى ما خلق الله شيئاً من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته (10) وراء ظهرى فاستنقذته من أيديهم (11) ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحاً وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها ولا يلقون من ذلك شيئاًَ إلا جعلت عليه حجارة (12) وجمعت على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا امتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزارى مدداً لهم وهم فى ثنيه ضيقة ثم علوت الجبل فأنا فوقهم فقال عيينة ما هذا الذى أرى
وعند ابن سعد فلو بعثنى فى مائة رجل استنقذت ما بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا ابن الأكوع ملكت فأسجح (1) أى قدرت عليهم (فأسجح) بهمزة قطع مفتوحة وسكون المهملة وكسر المهملة وكسر الجيم أى فارفق ولا تأخذ بالشدة (تخريجه)(ق. وغيرهما)(2)(سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا عكرمة بن عمار قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه الخ (غريبه)(3) تقدم تفسيره وهى الابل التى تعد للركوب وحمل الأثقال (4) جاء فى هذه الرواية أنديه بالنون كما جاء عند مسلم وتقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (5) الغلس ظلمة آخر الليل (6) جاء عند مسلم يا رباح خذ هذا الفرس ومعناه ظاهر (7) السرح الابل والمواشى الراعية (8) أى يوم هلا كهم وهم اللئام الواحد راضع، وقيل معناه اليوم يعرف من ارتضع الحرب من صغره وتدربها ممن ليس كذلك، وقيل معناه هذا يوم شديد عليكم تفارق فيه المرضعة من أرضعته (9) يعنى الطرق الموصلة إلى الجبل وانحصروا فى هذه المضايق واستتروا بها عنى فصار لا يبلغهم الرمى بالنبل عدلت عن ذلك إلى رميهم من أعلى الجبل بالحجارة (10) اى تركته يريد أنه جعله فى حوزته وحال بينهم وبينه (11) معناه أنه مازال بهم إلى أن استخلص منهم كل بعير أخذوه من ابل رسول الله صلى الله عليه وسلم (12) أى لتستره عن عيون
-[استشهاد أخرم الأسدى وقتل عبد الرحمن بن عيينة الذى أغار على ابل النبى صلى الله عليه وسلم]-
قالوا لقينا من هذا البرح (1) ما فارقنا بسحر حتى الآن وأخذ كل شئ فى أيدينا وجعله وراء ظهره، قال عيينة لولا أن هذا يرى أن وراءه طلباً لقد ترككم (2) ليقم إليه نفر منكم فقام إليه منهم أربعة وصعدوا فى الجبل فلما أسمعتهم الصوت قلت أتعرفونى؟ قالوا ومن أنت؟ قلت أنا ابن الأكوع والذى كرّم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا يطلبنى منكم رجل فيدركنى ولا أطلبه فيفوتنى قال رجل منهم أن أظن (3) قال فما برحت مقعدى ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر وإذ أولهم الأخرم الأسدى وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أثر أبى قتادة المقداد الكندى فولىَّ المشركون مدبرين وأنزل من الجبل فأعرض للأخرم فآخذ بعنان فرسه فقلت يا أخرم ائذن القوم يعنى أحذرهم فانى لا آمن أن يقطعوك فاتئد حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة، قال فحليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر (4) الأخرم بعبد الرحمن وطعنه عبد الرحمن فقتله، فتحول
عبد الرحمن على فرس الأخرم (5) فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر بابى قتادة وقتله أبو قتادة وتحول أبو قتادة على فرس الاخرم، ثم إنى خرجب أعدو فى أثر القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبى صلى الله عليه وسلم شيئاً (6) ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى شعب فيه ماء قال له قرد فأرادوا أن يشربوا منه فأبصرونى أعدو وراءهم فعطفوا عنه واشتدوا فى الثنية (7) ثنية ذى بئر وغربت الشمس فألحق رجلاً (8) فأرميه فقلت (خذها وأنا ابن الأكوع: واليوم يوم الرضع) قال فقال يا ثكل أم أكوع بكرة (9) قلت نعم أى عدو نفسه، وكان الذي
المارة بالطريق خوفاً من أخذه وليكون علامة له عند عدته لأخذه (1) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء أى الشدة وهو مفعول للقينا أى لقينا الشدة من هذا. وأصل التبريح المشقة والشدة يقال برح به إذا شق عليه (2) معناه لولا أنه يعلم أن وراءه مدداً لترككم (3) أى ما أظن ذلك على أن إن نافيه ومفعوله محذوف لكن جاء عند مسلم أنا أظن يعنى ذلك ففيها الاثبات لا النفى ويمكن أن يجمع بين الروايتين بأن يقال إن شرطية لا نافية والتقدير إن أظن ذلك فأنت جدير به وذلك لما رآه من شجاعته وصبره ويحمله المشاق وسرعته فى الجرى والله أعلم (4) أى ضرب قوائم فرسه (5) أى لأن فرسه صار لا يصلح للقتال (6) يريد أنه أمعن فى أثر الأعداء والجرى خلفهم إلى أن بعد عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعداً شاسعاً بحيث أنه صار لا يرى خلفه منهم احداً ولا من غبارهم شيئاً (وقوله ويعرضون) أى يعدلون كما فى رواية مسلم (7) ازداد جريهم فى الثنية اى من الطريق العالى (8) فالحق رجلاً فأر ميه هما بمعنى الماضى واختار صيغة المضارع لاستحضار الحال الواقعة إذ ذاك وتمثيلها للسامع (9) جاء عند مسلم (يا ثكلته امه اكوعه بكرة) قال النووى ثكلته أمه فقدته: وقوله اكوعه هو برفع العين اى أنت الاكوع الذى كنت بكرة هذا النهار؟ ولهذا قال نعم (بكرة منصوب غير منون)، قال اهل العربية يقال أتيته بكرة بالتنوين إذا أردت انك لقيته باكراً فى يوم غير معين، قالوا وإن أردت بكرة
-[إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بشجاعة سلمة بن الأكوع وأبى قتادة وإسهامه لهما]-
رميته بكرة (1) فأتبعه سهماً آخر فعلق به سهمان ويخلفون فرسين (2) فجئت بهما أسوقها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذى جنيتهم (3) عنه ذو قرد، فإذا نبى الله صلى الله عليه وسلم فى خمسمائة وإذا بلال قد نحر جزوراً مما خلقت فهو يشوى لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله خلنى فأنتحب من أصحابك مائة فآخذ على الكفار عشوة فلا يبقى مخبر إلا قتلته، قال أكنت فاعلاً ذلك يا سلمة؟ قال نعم والذى أكرمك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه (4) فى ضوء للنار ثم قال أنهم يُقرون (5) الآن بأرض غطفان، فجاء رجل من غطفان فقال مرءوا على فلان الغطفانى فنحر لهم جزوراً، قال فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هراباً، فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا (6) اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا (7) سلمة، فأعطانى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل والفارس جميعاً (8) ثم أردفنى وراءه على العضباء (9) راجعين إلى المدينة فلما كان بيننا وبينها قريباً من ضحوة وفى القوم رجل من الأنصار كان لا يُسبق جعل ينادى هل من مسابق؟ ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فاعاد ذلك مراراً وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفى، قلت أما تكرم كريماً ولا تهاب شريفاً؟ قال لا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قلت يا رسول الله بأبى أنت وأمى خلنى فلأسابق الرجل، قال إن شئت، قلت اذهب إليك فطفر (10) عن راحلته وثنيت رجلى فظفرت عن الناقة ثم انى ربطت عليها (11) شرفا أو شرفين يعنى استبقيت نفسى (12) ثم انى عدوت حتى ألحقه فاصك (13) بين كتفيه بيدى قلت سبقتك والله أو كلمة نحوها، قال وضحك وقال إن أظن (14) حتى قدمنا المدينة.
يوم بعينه قلت اتيته بكرة غير مصروف لأنها من الظروف غير الممكنة (1) معناه وكان الرجل المتكلم هو الذى رميته بكرة النهار (2) أى ويتركون فرسين خلفهما (3) أى طردتهم عنه (4) أى أنيابه وقيل أضراسه (قال الحافظ) وظاهر السياق إرادة الزيادة على التبسم ويحمل ما ورد فى صفته صلى الله عليه وسلم أن ضحكه كان تبسماً على غالب أحواله (5) بضم الياء التحتية وسكون القاف والواو وبينهما راء مفتوحة أى يضافون والقرى الضيافة وفى ذلك معجزة له صلى الله عليه وسلم حيث وقع الأمر كما قال فقد أخبر بذلك الرجل الغطفانى الذى مر بهم (6) جمع فارس وهو الذى يحارب راكباً وإنما خص أبا قتادة بذلك لأنه هو الذى قتل زعيم القوم وسيدهم (7) بفتح الراء وتشديد الجيم مفتوحة جمع راجل وهو الذى إياه لحسن بلائه (9) هو لقب ناقة النبى صلى الله عليه وسلم والعضباء مشقوقة الأذن ولم تكن كذلك وإنما هو لقب لزمها (10) بفتحاه أى وثب وقفز (11) أى حبست نفسى عن الجرى الشديد والشرف ما ارتفع من الأرض (12) بفتح النون والفاء أى لئلا ينقطع من شدة الجرى (13) مضارع بمعنى الماضى أى فصككته وتقدم نظيره فى هذا الحديث (14) جاء عند مسلم بلفظ (أنا أظن) يعنى ذلك حذف مفعوله وتقدم الكلام على إن فى هذا الحديث آنفاً والله أعلم (تخريجه)(م) من طرق عن عكرمة بن عمار
-[حديث أنس بن مالك وفيه ملخص غزوة خيبر]-
(أبواب ما جاء فى غزوة خيبر)
(باب كيف دخل النبى صلى الله عليه وسلم خيبر (1) وأنها أخذت عنوة وزواجه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى بن أخطب سيد قريظة والنضير) (حدثنا اسماعيل)(2) ثنا عبد العزيز (3) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس (4) فركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبى طلحة فاجرى بنا نبى الله صلى الله عليه وسلم فى زقاق خيبر وإن ركبتى لتمس فخذى نبى الله صلى الله عليه وسلم وانحسر الأزار عن فخذى نبى الله صلى الله عليه وسلم فانى لارى بياض فخذى نبى الله صلى الله عليه وسلم (5) فلما دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر (6) إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها ثلاث مرات، قال وقد خرج القوم إلى أعمالهم فقالوا محمد، قال عبد العزيز (7) وقال بعض أصحابنا والخميس، قال
بنحوه وعنده فسبقته إلى المدينة فلم نبيت إلا ثلاثاً حتى خرجنا إلى خيبر اهـ (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) ولاحمد هذا السياق، ذكر البخارى هذه الغزوة بعد الحديبية وقبل خيبر وهو أشبه مما ذكره ابن اسحاق فينبغى تأخيرها إلى أوائل سنة سبع من الهجرة فان خيبر كانت فى صفر منها يعنى من سنة سبع اهـ (قلت) يريد أن فتحها كان فى صفر سنة سبع (باب)(1) خيبر بوزن جعفر قال الحافظ وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام، وذكر أبو عبيد البكرى أنها سميت باسم رجل من العماليق نزلها (قال ابن اسحاق) خرج النبى صلى الله عليه وسلم فى بقية المحرم سنة سبع فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها فى صفر، وروى يونس بن بكير فى المغازى عن ابن اسحاق فى حديث المسور ومروان قال انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر بقوله {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} يعنى خيبر، فقدم المدينة فى ذى الحجة فأقام بها حتى صار إلى خيبر فى المحرم (يعنى سنة سبع) قال البيهقى وبمعناه رواه الواقدى عن شيوخه فى خروجه أول سنة سبع من الهجرة، وقال عبد الله بن إدريس عن إسحاق حدثنى عبد الله بن أبى بكر قال لما كان افتتاح خيبر فى عقيب المحرم وقدم النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر صفر قال ابن هشام واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثى (2)(حدثنا اسماعيل) يعنى ابن ابراهيم الخ (غريبه)(3) هو ابن صهيب عن أنس يعنى ابن مالك (4) الغلس بالغين المعجمة ظلمه آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح (5) صدر هذا الحديث تقدم بشرحه فى باب حجة من لم يران الفخذ والسرة من العورة من كتاب الصلاة فى الجزء الثالث صفحة 85 رقم 367 (6) يحتمل أن الله عز وجل أعلمه بخرابها بطريق الوحي ولذلك كبر وقال إنا إذا نزلنا بساحة قوم الخ (6) حكى الواقدى أن أهل خيبر سمعوا بقصد النبى صلى الله عليه وسلم لهم فكانوا يخرجون فى كل يوم مسلحين مستعدين فلا يرون أحداً حتى إذا كانت الليلة التى قدم فيها المسلمون ناموا فلم يتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك وخرجوا بالمساحى وطالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين (قلت) وهذا معنى قوله هنا وقد خرج القوم إلى أعمالهم (7) هو ابن صهيب الراوي عن أنس
-[قصة زواج النبى صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى سيد بنى قريظة والنضير وصفة وليمتها]-
فاصبناها عنوة (1) فجمع السبى قال فجاء دحية فقال يا نبى الله أعطنى جارية من السبى، قال اذهب فخذ جارية، قال فاخذ صفية بنت حيى فجاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطيت دحية صفية بنت حييى سيدة قريظة والنضير؟ والله ما تصلح إلا لك (2) فقال صلى الله عليه وآله وسلم أدعوه بها، فجاء بها فلما نظر إليها النبى صلى الله عليه وسلم قال خذ جارية من السبى غيرها (3) ثم إن نبى الله صلى الله عليه وسلم أعتقها فتزوجها فقال له ثابت (4) يا أبا حمزة ما أصدقها؟ (5) قال نفسها أعتقها وتزوجها حتى إذا كان بالطريق جهزتها أم سليم فاهدتها له من الليل وأصبح النبى صلى الله عليه وسلم عروساً فقال من كان عنده شئ فليجئ به وبسط نطعا (6) فجعل الرجل يجيء بالأقط وجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الرجل يجيء بالسمن قال واحسبه قد ذكر السويق قال فحاسوا (7) حيساً وكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(وقال بعض أصحابنا) قال الحافظ أى أنه لم يسمع من أنس هذه اللفظة (يعنى الخميس) بل سمع منه فقالوا محمد: وسمع من بعض أصحابه عنه والخميس، قال وبعض أصحاب عبد العزيز يحتمل أن يكون محمد بن سيرين فقد أخرجه البخارى من طريقه أو ثابتاً البناتى فقد أخرجه مسلم من طريقه اهـ (قلت) قد فسر لفظ الخميس عند البخارى بالجيش (قال الحافظ) تفسير من عبد العزيز أو ممن دونه وأرجها عبد الوارث فى روايته أيضاً، وسمى الجيش خميساً لأنه خمسة أقسام مقدمة، وساقة، وقلب، وجناحان وقد كان أهل الجاهلية يسمون الجيش خميساً (1) بفتح المهملة أى قهراً (2) أى لأنها من بيت النبوة من ولد هارون أخى موسى عليهما السلام، والرياسة لأنها من بيت سيد قريظة والنضير مع الجمال العظيم والنبى صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق (بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام) فى هذه الأوصاف بل فى سائر الأخلاق الحميدة (3) ارتجعها النبى صلى الله عليه وسلم منه وأمره بأخذ غيرها لأنه إنما كان أذن له فى جارية من حشو السبى لا من أفضلهن، فلما رآه أخذ أنفسهن نسباً رشوفاً وجمالاً استرجعها لئلا يتميز دحية بها على سائر الجيش مع أن فيهم من هو أفضل منه، وأيضاً لما فيه من انتهاكها مع علو مرتبتها وربما ترتب على ذلك شقاق أو غيره مما لا يخفى، فكان اصطفاؤه لها قاطعاً لهذه المفاسد، وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى دحية أخت كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق زوج صفية أى تطيبنا لخاطره (وفي سيرة ابن سيد الناس) أنه أعطاه ابنتى عم صفية (4) ثابت هو البنانى وأبو حمزة هو أنس بن مالك كتبته أبو حمزة (5) معناه ما مقدار ما أعطاها من الصداق قال أنس أصدقها (نفسها أعتقها) بلا عوض (وتزوجها) بلا مهر، أو أعتقها وشرط أن ينكحها فلزمها الوفاء. أو جعل نفس العتق صداقها، وكلها من خصائصه صلى الله عليه وسلم وأخذ الإمام احمد والحسن وابن المسيب وغيرهم بظاهره فجوزوا ذلك لغيره أيضاً (6) بكسر النون وفتح الطاء المهملة على الأفصح وهو بساط يتخذ من الأديم أى الجلد (7) أى خلطوا واتخذوا (حيساً) بفتح الحاء والسين المهملتين بينهما مثناة تحتية ساكنة وهو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن وربما عوض بالدقيق عن الأقط، وسيأتى لذلك مزيد فى بابها من أبواب ذكر أزواجه الطاهرات فى القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه)(ق، وغيرهما)
-[استشهاد عامر الأكوع وما قاله عامر ومرحب اليهودى من الشعر]-
(باب ما جاء فى مقتل مرحب اليهودى بطل يهود ومن قتله وفيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم
(ومنقبة عظيمة للامام على بن أبى طالب رضى الله عنه وكرم الله وجهه)
(حدثنا أبو النضر)(1) قال ثنا عكرمة قال حدثنى إياس بن سلمة قال أخبرنى أبى (2) قال بارز عمى يوم خيبر مرحب اليهودى فقال مرحب (3)
قد علمت خيبر أنى مرحب
…
شاكى (4) السلاح بطل مجرب (5) إذا الحروب أقبلت تلهب فقال عمى عامر قد علمت خيبر أنى عامر شاكى السلاح بطل مغامر (6) فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب فى ترس عامر وذهب يسفل له (7) فرجع السيف على ساقه قطع اكحله (8) فكانت فيها نفسه (9) قال سلمة فجئت إلى نبى الله صلى الله عليه وسلم أبكى قلت يا رسول الله بطل عمل عامر، قال من قال ذاك؟ قلت ناس من أصحابك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب من قال ذاك بل له أجره مرتين (10) أنه حين خرج إلى خيبر جعل يرتجز بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم النبى صلى الله عليه وسلم يسوق الركاب (11) وهو يقول
تا الله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
إن الذين قد بغرا علينا
…
إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
…
فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
(باب)(1)(حدثنا أبو النضر الخ)(غريبه)(2) أبوه سلمة بن الأكوع وعمه عامر بن الأكوع رضى الله عنهما (3) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الحاء المهملة هو سيد اليهود وملكهم كما جاء فى رواية لمسلم قتل كافراً، ولفظ رواية مسلم خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول قد علمت خيبر. الخ، (4) أى تام السلاح من الشوكة وهى القوة، والشوكة أيضاً السلاح، ومنه قوله تعالى {وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} (5) هو بفتح الراء أى مجرب بالشجاعة وقهر الفرسان، والبطل الشجاع، يقال بطل الرجل بضم الطاء يبطل بطالة وبطولة أى صار شجاعاً (6) بالغين المعجمة أى يركب غمرات الحرب وشدائدها ويلقى نفسه فيها (7) أى يضربه من أسفله هو بفتح الياء التحتية وسكون المهملة وضم الفاء (8) عرق فى وسط الذراع والساق (9) أى مات منها (10) إلى هنا انتهى كلام النبى صلى الله عليه وسلم وقوله أنه حين خرج إلى خيبر جعل يرتجز بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ من كلام سلمة كما جاء عند مسلم فى رواية سلمة قال فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال (يعنى بعد ذى قرد) حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجعل عمى عامر يرتجز بالقوم، تالله لولا الله ما اهتدينا الخ (11) أى يسوق عامر الركاب أى يحدوا بالابل فهو يسوقهن بحداثه، وسواق الإبل
-[إعطاء الراية لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه وقتله مرحب اليهودى ومعجزة النبى صلى الله عليه وسلم]-
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذا؟ قال عامر (1) يا رسول الله، قال غفر لك ربك قال وما استغفر لانسان قط يخصه إلا استشهد فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال يا رسول الله لو متعتنا بعامر، فقدم فاستشهد: قال سلمة ثم أن نبى الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إلى على (رضى الله عنه) فقال لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال فجئت به أقوده أرمد (2) فبصق نبى الله صلى الله عليه وآله وسلم فى عينه فبرأ، ثم أعطاه الراية فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال.
(قد علمت خيبر أنى مرحب شاكى السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب)
فقال على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى الله عنه.
(أنا الذى سمتنى أمى حيدرة (3) كليث غابات كريه المنظرة أو فيهم بالصاع كيل (4) السندرة)
ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح على يديه (عن بريدة الأسلمى)(5) قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحصن أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ونهض معه من نهض من المسلمين فلقوا أهل خيبر (6) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فلما كان الغد دعا عليا وهو أرمد فتفل فى عينه وأعطاه اللواء ونهض الناس معه فلقى أهل خيبر وإذا مرحب يرتجز بين أيديهم وهو يقول
لقد علمت خيبر انى مرحب
…
شاكى السلاح بطل مجرب
أطغن أحياناً وحيناً أضرب
…
إذا الليوث أقبلت تلهب
يقدمها (نه)(1) في رواية مسلم قال أنا عامر (2) قال أهل اللغة يقال رمد الإنسان بكسر الميم برمد بفتحها رمداً فهو رمد، وأرمد إذا هاجت عينه (3) حيدرة اسم للأسد وكان على رضى عنه قد سمى أسداً فى أول ولادته وكان مرحب قد رأى فى المنام أن أسداً يقتله فذكره على رضى الله عنه بذلك ليخيفه ويضعف نفسه، وكانت أم علىّ سمته أول ولادته أسداً باسم جده لأمه أسد بن هشام بن عبد مناف، وكان أبو طالب غائباً فلما قدم سماه علياً، وسمى الأسد حيدرة لغلظه: والحادر الغليظ القوى، ومراده أنا الأسد على جرأته وإقدامه وقوته، قاله النووى (4) قال النووى معناه أقتل الأعداء قتلاً واسعاً ذريعاً (والسندرة) مكيال واسع، وقيل هي العجلة أي أقتلهم عاجلاً، وقيل مأخوذ من السندرة وهي شجرة الصنوبر يعمل منها النبل والقسى (تخريجه)(ق، هق)(5)(سنده) حدثنا محمد بن جعفر وروح المعنى قالا ثنا عوف عن ميمون أبى عبد الله قال روح الكردى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمى قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(6) جاء عند ابن إسحاق من حديث سلمة بن الأكوع قال بعث النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله عنه إلى بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث عمر رضى الله عنه فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله الخ: وعند البيهقي
-[شجاعة الإمام على رضى الله عنه فى الحرب وأن فتح خيبر كان على يديه]-
قال فاختلف هو وعلى ضربتين فضربه على هامته حتى عض السيف منها بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته قال وما تتامّ آخر الناس مع على حتى فتح له ولهم (عن أبى رافع)(1) مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال خرجنا مع علىّ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده فتناول علىّ باباً كان عند الحصن فترس به نفسه فلم يزل فى يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتنى فى فر معى سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه (عن على)(2) قال لما قتلت مرحباً جئت برأسه إلى النبى صلى الله عليه وسلم (عن جابر بن عبد الله الأنصارى)(3) قال خرج مرحب اليهودى من حسنهم قد جمع سلاحه يرتجز ويقول
قد علمت خيبر أنى مرحب
…
شاكى السلاح بطل مجرب
اطعن أحياناً وحيناً اضرب
…
إذا الليوث أقبلت تلهّب
كان حلمى لحمىً لا يقرب
وهو يقول من مبارز؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لهذا؟ فقال محمد بن مسلمة أنه له يا رسول الله وأنا والله المأثور قتلوا أخى بالأمس (4) قال فقم إليه اللهم أعنه عليه فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية (5) من شجر العشر فجعل أحدهما يلوذ بها
من حديث بريدة قال لم كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر فرجع ولم يفتح له وقتل محمود بن مسلمة ورجع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غداً إلى رجل يحب الله ورسوله الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات (1)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق قال حدثنى عبد الله بن حسن عن بعض أهله عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه روا لم يسم اهـ (قلت) وأورده أيضاً الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال فى هذا الخبر جهالة وانقطاع وذكر له شاهداً عند البيهقى والحاكم من حديث جابر وضعفه (2)(سنده) حدثنا حسين بن الحسن الأشقر حدثنى ابن قابوس بن أبى ظبيان الجنبيّ عن أبيه عن جده عن على (يعنى ابن أبى طالب رضى الله عنه) الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه ابن قابوس ولم أعرفه وبقية رحاله وثقوا وفيهم ضعف اهـ (قلت) ابن قابوس مجهول كما أشار إلى ذلك الحافظ الهيثمى وقوله وثقوا وفيهم ضعف يشير إلى قابوس فقد قال فيه ابن حبان كان رديئ الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أضل له وضعفه أحمد وابن سعد والدارقطنى، ووثقه ابن معين والله أعلم (3)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق قال فحدثنى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بنى حارثة عن جابر بن عبد الله الأنصارى الخ (غريبه)(4) يعنى محمود بن مسلمة وتقدم الكلام عليه فى شرح حديث بريدة قبل حديثين (5) بضم العين المهملة وسكون الميم وتشديد الياء التحتية، قال فى النهاية هى العظيمة القديمة التي أتى عليها عمر طويل
-[ذهاب الحجاج بن علاط إلى مكة ليأتى بماله بعد فتح خيبر]-
من صاحبه كلما لاذ بها منه اقتطع بسيفه ما دونه حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن (1) ثم حمل مرحب على محمد فضربه فاتقى بالدرقة فوقع سيفه فيها فعضت به فأمسكته وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله (عن عبد الله بن مغفل)(2) قال كنا محاصرين قصر خيبر فألقى إلينا رجل جراباً (3) فيه شحم فذهبت آخذه فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم فاستحييت (4)(باب ما جاء فى ذهاب الحجاج بن علاط رضى الله عنه إلى مكة ليأتى بماله بعد فتح خيبر واحتياله فى ذلك على كفار قريش)(حدثنا عبد الرزاق)(5) ثنا معمر قال سمعت ثابتاً يحدث عن أنس (6) قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجاج بن علاط (7)
ويقال للسدر العظيم النابت على الأنهار عمرىّ وعبرى على التعاقب (وقوله من شجر العشر) بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة هو شجر له صمغ يقال له سكر العشر وقيل له ثمر (نه)(1) بفتح الفاء والنون أى غصن (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبى يعلى ورجال احمد وثقات اهـ (قلت) وهذا الحديث يفيد أن الذى قتل مرحباً هو محمد بن مسلمة، وأحاديث الباب المتقدمة تفيد أن الذى قتله هو علىّ رضى الله عنه، وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزا، لابن اسحاق والامام احمد ثم قال قال ابن اسحاق وزعم بعض الناس أن محمداً ارتجز حين ضربه وقال
قد علمت خيبر انى ماض
…
حلو إذا شئت وسيم قاض
قال وهكذا رواه البيهقى عن جابر وغيره من السلف أن محمد بن مسلمة هو الذى قتل مرحباً، ثم ذكر الواقدى أن محمداً قطع رجلى مرحب فقال له اجهز علىّ فقال لا، ذق الموت كما ذاقه محمود بن مسلمة فمر به علىُّ وقطع رأسه، فاختصما فى سلبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة سيفه وريحه ومغفره وبيضته، وكان مكتوباً على سيفه. هذا سيف مرحب. من يذقه يعطب. اهـ (قلت) (قال النووى) فى تهذيب الأسماء واللغات اختلفوا فى قاتل مرحب فقيل على بن أبى طالب: قال ابن عبد البر فى كتابه الدرر فى مختصر السيرة قال محمد بن إسحاق إن محمد بن مسلمه هو الذى قتل مرحباً اليهودى بخيبر، قال وخالفه غيره فقال بل قتله على بن أبى طالب (قال ابن عبد البر) هذا هو الصحيح عندنا، ثم روى ذلك بإسناده عن بريدة وسلمة بن الأكوع، (وقال الشافعى) فى المختصر نفل النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر محمد بن مسلمة سلب مرحب ذكره فى أول باب جامع السير، وهذا تصريح منه بأن قاتله محمد بن مسلمة، (وقال ابن الأثير) الصحيح الذى عليه أكثر أهل السير والحديث أن علياً هو قاتله، قال المصنف رحمه الله قلت وفى صحيح مسلم بإسناده عن مسلمة بن الأكوع التصريح بأن علياً هو الذى قتله اهـ ما ذكره النووى فى التهذيب (قلت) ويجمع بين حديث الباب وحديث سلمة بن الأكوع بما ذكره الوافدى من أن محمد بن مسلمة قطع رجليه وأن علياً أجهزة عليه والله أعلم (2)(سنده) حدثنا عثمان ثنا شعبة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل الخ (غريبه)(3) بكسر الجيم وعاء من جلد (4) أى استحيا من النبى صلى الله عليه وسلم لكونه اطلع على حرصه عليه لأنه جاء عند البخارى بلفظ فنزوت لأخذه أى وثبت مسرعاً (تخريجه)(ق دنس)
(باب)(5)(حدثنا عبد الرزاق الخ)(غريبه)(9) يعنى أنس بن مالك رضى الله عنه (7) قال الحافظ فى الاصابة بكسر المهملة وتخفيف اللام قال ابن سعد قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر
-[احتيال الحجاج بن علاط على كفار قريش لأخذ ماله وقصته مع العباس بن عبد المطلب]-
يا رسول الله إن لى بمكة مالاً وإن لى بها أهلاً وإنى أريد أن آتيهم فأنا فى حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئأً؟ (1) فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء: فأتى امرأته حين قدم فقال أجمعى لى ما كان عندك فإنى أريد أن أشترى من غنائم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم قد استبيحوا أو أصيبت أموالهم، قال ففشا ذلك فى مكة وانقمع (2) المسلمون وأظهر المشركون فرحاً وسروراً قال وبلغ الخبر العباس (رضى الله عنه) فعُقِر (3) وجعل لا يستطيع أن يقوم، قال معمر فأخبرنى عثمان الجزرى عن مقسم قال فأخذ ابناً له يقال له فثم (4) فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول حيى فثم (5) حيى قثم، شبيه ذى الأنف الأشم، (6) نبنى ذى النعم، (7) يرغم من رغم (8) قال ثابت عن الحجاج عن أنس ثم أرسل غلاماً إلى الحجاج بن علاط ويلك ما جئت به وماذا تقول فما وعد الله خير مما جئت به (9) قال الحجاج بن علاط لغلامه اقرأ على أبى الفضل السلام وقل له فليخل لى فى بعض بيوته لآتيه فإن الخبر على ما يسره،
فجاء غلامه فلما بلغ باب الدار قال ابشر يا أبا الفضل قال قوثب العباس فرحاً حتى قبل بين عينيه فأخبره ما قال الحجاج فأعتقه، ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم وجرت سهام الله عز وجل فى أموالهم واصطفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفية بنت حيي فأخذها لنفسه وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته أوتلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته، ولكنى جئت لمال كان لى ههنا أردت أن اجمعه فأذهب به فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لى أن أقول ما شئت فأخف عنى ثلاثاً ثم اذكر ما بدالك، قال فجمعت امرأته ما كان عندها من حلى ومتاع فجمعه فدفعته اليه ثم شمر به (10) فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأ ة الحجاج فقال ما فعل زوجك؟
فأسلم وسكن المدينة واختطبها داراً ومسجداً، وأورد له الحافظ حديث الباب، وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب أنه أول من بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة من معدن بنى سليم، وروى من طريق مجاهد عن الشعبى قل كتب عمر إلى أهل الشام أن ابعثوا إلىّ برجل من أشرافكم، فبعثوا اليه الحجاج بن علاط، وقال بن حبان أنه مات فى أول خلافة عمر رضى الله عنهما (1) معناه أو قلت شيئاً لكفار قريش يشعر بانكسار جيش المسلمين، ونحو ذلك مما يفرح به كفار قريش (2) أى ذلوا وكأنهم ضربوا بالمقمعة وهى خشبة يضرب بها الانسان على رأسه ليذل ويهان (3) أى كأنه ضربت قوائمه بالسيف (4) بضم القاف وفتح المثلثة (5) أى هلم الىّ وأقبل يا فثم (قال النووى) فى تهذيب الأسماء واللغات فثم بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم أمه أم الفضل وهو صحابى وقد غلط بعضهم فذكره فى التابعين والصواب انه صحابى (6) معناه انه يشبه النبى صلى الله عليه وسلم، والشمم ارتفاع الأنف وهو مصدر من باب تعب فالرجل أشم والمرأة شماء وهو من الصفات المحمودة (7) أى نبى الله عز وجل المنعم على خلقه (8) أى يذل الله به من أراد ذله وينصره على أعدائه (9) معناه أن الله عز وجل وعده بالنصر على أعدائه فقال {وينصرك الله نصراً عزيزاً} فكيف تقول ذلك (10) بفتح الشين المعجمة ثم ميم مشددة مفتوحة ثم راء أى مضى به (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بزطب) ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً عبد الرزاق وابن اسحاق
-[خبر الشاة المسمومة التى أهداها اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم]-
فأخبرته أنه ذهب يوم كذا وكذا وقالت لا يخزيك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذى بلغك قال أجل لا يخزينى الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا، فتح الله خيبر على رسوله صلى الله عليه وسلم وجرت فها سهام الله واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي لنفسه، فإن كانت لك حاجة فى زوجك فألحقى به، قالت أظنك والله صادقاً قال فإنى صادق: الأمر على ما أخبرتك، فذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل، قال لهم لم يصبنى الأخير بحمد الله، قد أخبرنى الحجاج بن علاط أن خيبر قد فتحها الله على رسوله وجرت فيها سهام الله، واصطفى صفية لنفسه، وقد سألنى أن أخفى عليه ثلاثاً، وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب: قال فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين وخرج المسلمون ومن كان دخل بيته مكتئباً حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر فسر المسلمون ورد الله يعنى ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين (باب خبر الشاة المسمومة التي أهداها اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأكل منها وظهور معجزة له)(عن أبى هريرة)(1) قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعوا من كان ههنا من اليهود فجُمعوا له فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقىّ عنه؟ قالوا نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبوكم؟ قالوا أبونا فلان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبتم أبوكم فلان (3) قالوا صدقت وبررت، قال لهم هل أنتم صادقىّ عن شئ سألتكم عنه؟ قالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل النار؟ قالوا نكون فيها يسيراً ثم تخلفوننا فيها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نخلفكم فيها أبداً (4) ثم قال لهم هل أنتم صادقىّ عن شئ سألتكم عنه؟
(باب)(1)(سنده) حدثنا حجاج بن محمد قال أنا ليث قال حدثنى سعيد بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه)(2) أهدتها له زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم وكانت سألت أى عضو من الشاة أحب إليه؟ فقيل الذراع: فأكثرت فيها من السم، فلما تناول الذراع لاك منها مضغة ولم يسغها، وأكل منها معه بشر بن البراء فأساغ لقمة ومات منها، وعند البيهقى أنه عليه السلام أكل وقال لأصحابه أمسكوا فإنها مسمومة (3) لم أقف لأحد من الشراح على ذكر اسم أبيهم (4) جاء عند البخارى فقال النبى صلى الله عليه وسلم أخسئوا فيها أى زجراً لهم بالطرد والابعاد أو دعاء عليهم بذلك، ويقال لطرد الكلب اخساً (لا تخلفكم فيها أبداً) معناه أن عصاة المسلمين يعذبون فى النار بقدر أعمالهم ثم يخرجون منها بخلاف غير المسلمين فانهم يخلدون فيها أبداً (تخريجه)(ق د نس) وقد اختلف هل عاقب النبى صلى الله عليه وسلم اليهودية التى أهدت الشاة، وجاء عند مسلم أنهم قالوا ألا نقتلها؟ قال لا وعند البيهقى فما عرض لها، وقال الزهرى أسلمت فتركها، قال البيهقى يحتمل أن يكون تركها أولاً ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها وبذلك أجاب السهيلى وزاد أنه تركها لأنه كان لا ينتقم لنفسه ثم قتلها ببشر
-[إجلاء من بقي من اليهود بالمدينة وإبقائهم بخيبر بعد فتحها مؤقتاً للمصلحة]-
فقالوا نعم يا أبا القاسم، فقال هل جعلتم فى هذه الشاة سماً؟ قالوا نعم، قال فما حملكم على ذلك؟ قالوا أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك، وإن كنت نبياً لم تضرك (عن ابن عباس)(1) أن امرأة من اليهود (2) أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأرسل إليها فقال ما حملك على ما صنعت؟ قالت أحببت أو أردت إن كنت نبياً فإن الله سيطلعك عليه، وإن لم تكن نبياً أريح الناس منك قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد من ذلك شيئاً احتجم، قال فسافر مرة فلما أحرم وجد من ذلك فاحتجم (باب إجلاء من بقى من اليهود بالمدينة وإبقائهم بخيبر بعد فتحها مؤقتاً للمصلحة)(عن أبى هريرة)(3) قال بينما نحن فى المسجد خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا المدارس (4) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم يا معشر اليهود (5) أسلموا تسلموا (6) فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم قال ذاك أريد (7) ثم قالها الثالثة فقال اعلموا أن الأرض لله (8) ورسوله وأنى أريد أن أجليكم (9) من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه (10) وإلا فاعلموا أن الأرض لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم (عن ابن عمر)(11) أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى عن أرض الحجاز وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله تعالى ولرسوله وللمسلمين: فأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بها على
قصاصاً والله أعلم (1)(سنده) حدثنا سريج حدثنا عباد عن هلال عن عكرمة عن ابن عباس الخ (2) تقدم الكلام عليها فى شرح الحديث السابق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقه، وأورده أيضاً الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد وإسناده حسن (باب)(3)(سنده) حدثنا حجاج ابن محمد قال أنا ليث قال حدثنى سعيد بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه)(4) البيت الذى يدرسون فيه، والمدارس أيضاً صاحب دراسة كتبهم، ومفعل ومفعال من أبنية المبالغة (5) قال فى المرقاة إن الخطاب لمن بقى فى المدينة ومن حولها بعد إخراج بنى النضير وقتل بنى قريظة كيهود بنى قينقاع فان اجلاء بنى النضير كان فى السنة الرابعة من الهجرة وقتل بنى قريظة فى خامستها وإسلام أبى هريرة رضى الله عنه فى السنة السابعة فيكون ما ذكره بعد ذلك بستين اهـ (قلت) وهو موافق لفتح خيبر (6) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ولكن ملاعين اليهود إنما فهموا منه الدعاء إلى الإسلام وكرهوه فقالوا فى جوابه (قد بلغت) أى ما عليك من البلاغ فلا حاجة لنا فى الزيادة منه وما فهموا أن مراد النبى صلى الله عليه وسلم هذه المرة إما الإسلام وإما الإجلاء حتى سمعوا ذلك منه صريحاً (7) قال النووى معناه أريد أن تعترفوا أنى بلغت (8) لله يعنى ملكه (ورسوله) يعنى هو الحاكم فيها (9) أى أخرجكم من هذه الأرض وهى أرض الحجاز كما صرح بذلك فى الحديث التالى (10) معناه أن من وجد منكم (بماله) أى فى ماله شيئاً لا يتيسر له نقله (فليبعه)(تخريجه)(ق. وغيرهما)(11)(عن ابن عمر) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخرجه فى أول كتاب المساقاة والمزارعة فى الجزء الخامس عشر
-[ما جاء في تقسيم أموال خيبر وأرضها بينهم وبين المسلمين]-
أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا، فقروا بها حتى أجلاهم عمر (رضى الله عنه) إلى تيماء وأريحاء (باب ما جاء فى تقسيم أموال خيبر وأرضها بينهم وبين المسلمين)(عن جابر بن عبد الله)(1) أنه قال أفاه الله عز وجل خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا (2) وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم (3) ثم قال لهم يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إلىّ قتلتم أنبياء الله (4) عز وجل وكذبتم على الله وليس يحملنى بغضى إياكم على أن أحيف عليكم (5) قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر فإن شئتم فلكم وإن أبيتم فلى، فقالوا بهذا قامت السموات والأرض (6) قد أخذنا فاخرجوا عنا (عن بُشير بن يسار)(7) عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أدركهم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر على خيبر وصارت خيبر لرسول اله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ضعف عن عملها فدفعوها إلى اليهود يقومون عليها وينفقون عليها على أن لهم نصف ما خرج منها فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ستة وثلاثين سهماً جمع كل سهم مائة سهم فجعل نصف ذلك كله للمسلمين، وكان فى ذلك النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معها وجعل النصف الآخر لمن ينزل عليه من الوفود والأمور ونوائب الناس (عن محمد بن أبى المجالد)(8) قال بعثنى أهل المسجد الى ابن أبى أوفى (9) أسأله ما صنع النبى صلى الله عليه وسلم فى طعام خيبر فأتيته فسألته عن ذلك، قال وقلت هل خمسة؟ قال لا، كان أقل من ذلك، وكان أحدنا إذا أراد منه شيئاً أخذ منه حاجته (باب تقسيم غنيمة خيبر وأنها كانت لأهل الحديبية خاصة)
صفحة 14 رقم 365 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (باب)(1) سنده حدثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(2) إنما أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أرضهم مؤقتاً وجعلها بينهم وبينه مناصفة فى نظير إنفاقهم عليها وإصلاحها لكونه لم يجد من المسلمين إذ ذاك من يقوم بإصلاحها كما سيأتى فى الحديث التالى (3) الخرص هو تقدير ما على رموس النخل من الثمر بعد بدء صلاحه بالظن والتخمين (4) أما قتلهم الأنبياء فهو ثابت فى قوله تعالى {وتقتلون الأنبياء بغير حق} وأما كذبهم فقد جاء فى قوله تعالى {وقالت اليهود يد الله مغلولة} وفى قوله تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} وغير ذلك كثير (5) معناه أن هذا لا يحملنى على أن أجور عليكم فى القسمة فاختاروا ما شئتم (6) أى بالعدل وهذا اعتراف منهم بأنه قسم بالحق ولم يجر عليهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون (تخريجه) لم أقف عليه من حديث جابر لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (7)(عن بشير بن يسار الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الحربى إذا أسلم قبل القدرة عليه الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 114 رقم 319 فارجع إليه (8)(سنده) حدثنا هشيم أنا الشيبانى عن محمد بن أبى المجالد الخ (غريبه)(9) هو عبد الله بن أبى أوفى صحابى جليل (تخريجه)(د) وسنده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذرى فهو صالح (باب تقسيم غنيمة خيبر وأنها كانت لأهل الحديبية خاصة)
-[تقسيم غنيمة خيبر وانها كانت لأهل الحديبية خاصة]-
(عن مجمع بن جارية)(1) الأنصارى رضى الله عنه وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذ الناس ينفرون الأباعر (2) فقال الناس بعضهم لبعض ما للناس؟ قالوا أحوى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مع الناس نوجف (3) حتى وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم (4) واجتمع الناس إليه فقرأ عليهم {أنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رسول الله وفتح هو؟ قال إي والذي نفس محمد بيده انه لفتح (5) فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد الا من شهد الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهماً وكان الجيش ألفاً وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فوارس فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهماً (عن عمار بن أبي عمار)(6) قال قال أبو هريرة ما شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغنماً قط الا قسم لى الا خيبر فانها كانت لأهل الحديبية خاصة: وكان أبو هريرة وابو موسى جا آبين الحديبية وخيبر (باب ما جاء في قدوم أبى هريرة في رهط من قومه وقدوم أبى موسى الأشعرى ومن معه من مهاجرى الحبشة والنبى صلى الله عليه وسلم بخيبر)(عغن خثيم يعنى ابن عراك عن أبيه)(7) أن أبا هريرة قدم المدينة فى رهط من قومه والنبى صلى الله عليهوسلم بخيبر وقد استخلف سباع بن عرفطة على المدينة قال فانتهيت اليه وهو يقرأ فى صلاة الصبح في الركعة الاولى بكهيعص وفى الثانية ويل للمطفيين، قال فقلت لنفسى ويل لفلان اذا اكتال اكتال بالوافى، واذا كال كال بالناقص، قال فلما صلى زودنا شيئاً حتى أتينا خيبر قال فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فأشركونا في سهامهم (8)(عن أبي موسى الأشعري)(9)
(1)(سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى قال ثنا مجمع بن يعقوب قال سمعت أبى يقول عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مُجمع بن جارية الخ (غريبه)(2) أى يزجرونها والأباعر جمع بعير أى يحملونها على سرعة السير (3) الايجاف الركض والاسراع (4) بضم الكاف اسم موضع بين مكة والمدينة (5) اختلف في تعيين هذا الفتح: فقال الأكثر هو صلح الحديبية كما يدل على ذلك سياق الحديث، وقال قوم انه فتح، مكة وقال آخرون انه فتح خيبر والأول أرجح، انظر تفسير قوله تعالى {انا فتحنا لك فتحاً مبيناً} من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 275 (وقوله فقسمت خيبر على اهل الحديبية الى آخر الحديث) تقدم شرحه وتخريجه والكلام عليه في باب تقسيم أربعة أخماس الغنيمة الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صفحة 70 رقم 246 (6)(سنده) حدثنا روح ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عمار بن أبى عمار الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه على بن زيد وهو سيء الحفظ وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً أبو داود الطيالسي وفى اسناده على بن زيد أيضاً (باب)(7) سنده حدثنا عفان حدثنا وهيب ثنا خثيم يعنى ابن عراك الخ (قلت) خثيم بالخاء المعجمة والثاء المثلثة مصغراً (غريبه)(8) يستفاد منه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يسهم لأبى هريرة ورهطه عن غنيمة خيبر بل أحالهم على أصحاب XXX فأشركوهم في سهامهم عن طيب خاطر لأن غنيمة خيبر كانت لأصحاب الحديبية خاصة كما تقدم (تخريجه)(هق، طل حزحب ك) وسنده جيد (9)(سنده) حدثنا إسحاق بن عيسى
-[قدوم أبي هريرة وأبى موسى الأشعري ومهاجري الحبشة والنبى صلى الله عليه وسلم بخيبر]-
قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) في ناس من قومى بعدما فتح خيبر بثلاث فأسهم لنا ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا (2)(عن أنس بن مالك)(3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل من خيبر فلما رأى أُحداً قال هذا جبل يحبنا ونحبه (4) فلما أشرف على المدينة قال اللهم انى أحرم ما بين لابنيها (5) كما حرم ابراهيم مكة (6)(باب ما جاء في سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه الى بنى فزارة)(عن اياس بن سلمة بن الأكوع)(7) قال حدثنى أبى قال خرجنا مع أبى بكر بن أبى قحافة أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا قال غزونا فزارة (8) فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرّسنا (9) قال فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة (10) فقتلنا على الماء من قتلنا: قال سلمة ثم نظرت
ثنا حفص بن غياث عن بريد بن عبد الله بن أبى بردة عن أبيه عن جده أبى موسى الأشعرى قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) يعنى من الحبشة مع جعفر ابن أبى طالب ومن كان معه من مهاجرى الحبشة في سفينة كما جاء عند البخارى (2) جاء عند البخارى من وجه آخر عن بريد بلفظ (وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئاً إلا لمن شهد معه إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم) والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم إنما قسم لأبى موسى وأصحابه وجعفر ومن معه وان لم يحضروا فتح خيبر لأنهم من السابقين في الاسلام ولم يمنعهم عن شهود فتح خيبر إلى الهجرة، ولا يرد أنه صلى الله عليه وسلم لم يقسم لأبى هريرة ورهطه بل أحالهم على المسلمين فاعطوهم عن طيب خاطر كما في الحديث السابق مع أن حضورهم وافق حضور أبى موسى ومن معه لانهم كانوا كفاراً كان إسلامهم متأخراً أى في السنة السابعة عند فتح خيبر والله أعلم (تخريجه)(خ. د مذ)(4)(سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا سليمان يعنى ابن بلال عن عمرو بن أبى عمرو عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(4) حب الجبل للنبى صلى الله عليه وسلم يحتمل الحقيقة، ولا ينكر وصف الجماد أنه يحبه كما حنت الاسطوانة على مفارقته صلى الله عليه وسلم حتى سمع القوم حنينها، ويحتمل المجاز والمراد أهله، وأى الأنصار فهو من اسم مشتق من الأحدية وقد سمى الله تعالى هذا الجبل بهذا الاسم مقدمة لما أراده الله تعالى من مشاكلة اسمه لمعناه، إذ أهله وهم الأنصار نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتوحيد، والمبعوث بدين التوحيد استقر عنده حياً وميتاً، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يستعمل الوتر ويحبه في شأنه كله استشعاراً للأحدية، فقد وافق اسم هذا الجبل أغراضه ومقاصده في الأسماء فتعلق الحب من النبي صلى الله عليه وسلم به اسماً ومسمى والله أعلم (5) بتخفيف الموحدة تثنية لابة وهي الحرّة والمدينة بين حرّتين (6) أي كتحريم ابراهيم الخليل عليه السلام مكة ومراده في الحرمة لا في وجوب الجزاء (تخريجه)(ق. وغيرهما) باب (7)(سنده) حدثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع الخ (غريبه)(8) هو اسم أبى قبيلة من قحطان كما في اللقاموس سميت القبيلة به، وفي المواهب ثم سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بني كلاب بنجد بناحية ضرية في شعبان سنة سبع ويقال بنى فزارة قال الزرقاني في شرحه يقال إن ضرية اسم امرأة سمي به للموضع (قال في الصحاح) قرية لبنى كلاب على طريقة البصرة الى مكة أقرب اهـ (9) أى نزلنا آخر الليل لنستريح (10) جاء عند مسلم ثم عن الغارة أي فرق الخيل
-[ما جاء في سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بنى فزارة]-
إلى عنق (1) من الناس فيه الذرية والنساء نحو الجبل وأنا أعدو في آثارهم فخشيت أن يسبقونى الى الجبل فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل، قال فجئت بهم أسوقهم الى أبى بكر رضى الله عنه حتى أتيته إلى الماء وفيهم امرأة من فزارة عليها قِشْع من أدّم (2) ومعها ابنة لها من أحسن العرب قال فنفلنى أبو بكر ابنتها قال فما كشفت لها ثوباً (3) حتى قدمت المدينة ثم بت فلم أكشف لها ثوباً قال فلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة، قال فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوباً فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركنى حتى إذا كان في الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لى المرأة لله أبوك (4) قال قلت يا رسول الله والله أعجبتنى وما كشفت لها ثوباً، وهى لك يا رسول الله، قال فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اهل مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة (5)
(باب ما جاء في سرية غالب بن عبد الله رضى الله عنه لبنى الملوح بالكديد)
(عن جندب بن مكيث)(6) الجهنى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبى كلب ليث (7) إلى بنى ملوح بالكديد (8) وأمره أن يغير عليهم فخرج فكنت في سريته فمضينا حتى اذا كنا بقديد (9) لقينا بها
الخيل المغيرة على العدو وهجم عليهم في ديارهم وأرفع بهم (1) أى جماعة منهم (2) زاد مسلم قال القيشع النطع قال النووى القشع بقاف ثم شين معجمة ساكنة ثم عين مهملة وفي القاف لغتان فتحها وكسرها وهما مشهورتان، وفسره في الكتاب بالنطع وهو صحيح اهـ قلت وفسره المجد بالفرو الخلِق (3) هو كناية عن الوقاع وفيه استحباب الكناية عن الوقاع بما يفهمه (4) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها مثل قولهم لله درك فان الإضافة إلى العظيم تشريف، فاذا وجد من الولد ما يحمد يقال لله أبوك حيث أتى بمثلك (5) قال النووى فيه جواز المفاداة وجواز فداء الرجال بالنساء الكافرات، وفيه جواز التفريق بين الام وولدها البالغ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وقد رواه مسلم والبيهقى من حديث عكرمة بن عمار به (باب)(6)(سنده) حدثنا بعقوب قال قال أبى كما حدثنى ابن اسحاق عن يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله بن جندب الجهنى عن جندب بن مكيث الجهنى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(7) يعنى الليث قال في المواهب ثم سرية غالب بن عبد الله الليثى إلى الميفعة بناحية نجد من المدينة على ثمانية برد في شهر رمضان سنة سبع من الهجرة قال الزرقانى في شرحه على قوله (غالب بن عبد الله الليثى) قال الكنانى الكلبى كان على مقدمة النبى صلى الله عليه وسلم يوم للفتح، وله ذكر في فتح القادسية وهو الذى قتل هرمز ملك الباب وولى خراسان بزمن معاوية سنة ثمان وأربعين (الميفعة) قال الزرقانى بكسر الميم وسكون التحتية وفتح الفاء والعين المهملة فتاء تأنيث، والقياس فتح الميم لأنه اسم لموضع أحد البقاع وهو المرتفع من الأرض كما في النور أى لأنها في الأصل اسم موضع اليفع وهو الارتفاع سمى به ذلك الموضع كما هو مفاد كلامه اهـ (8) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة ماء بين الحرمين الشريفين والبطن الواسع من الأرض والأرض الغليظة (9) بضم القاف وفتح المهملة مصغراً هو موضع بين مكة والمدينة وفي القاموس واد وموضع
-[ما جاء في سرية غالب بن عبد الله لبنى الملوح بالكديد]-
الحرث بن مالك وهو ابن البرصاء الليثى فأخذناه فقال انما جئت لأسلم، فقال غالب بن عبد الله ان كنت انما جئت مسلماً فان يضرك رباط يوم وليلة، وان كنت على غير ذلك استوثقنا منك قال فأوثقه رباطاً ثم خلف عليه رجلاً أسود كان معنا فقال امكث معه حتى تمر عليك، فان نازعك فاجتز رأسه، قال ثم مضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية بعد العصر، فبعنثنى أصحابى فى ربيئة (1) فعمدت الى تل يطعلنى على الحاضر فانبطحت عليه وذلك المغرب، فخرج رجل منهم فنظر فرآنى منبطحاً على التل فقال لامرأته والله انى لأرى على هذا التل سواداً ما رأيته أول النهار، فانظرى لا تكون الكلاب اجتزت بعض أوعيتك، قال فنظرت فقالت لا والله ما أفقد شيئاً، قال فناولينى قوسى وسهمين من كنانتى، قال فناولته فرمانى بسهم فوضعه في جنبى قال فنزعته فوضعته ولم أتحرك، ثم رمانى بآخر فوضعه في راس منكبى فنزعته فوضعته ولم أتحرك، فقال لامرأته والله لقد خالطه سهماى ولو كان دابة لتحرك، فاذا أصبحت فابتغى سهمىّ فخذيهما لا تمضغهما على الكلاب، قال وأمهلناهم حتى راحت رائحتهم حتى اذا اجتلبوا (2) وعطّنوا أو سكنوا (3) وذهبت عتمة من الليل (4) شننا عليهم الغارة (5) فقتلنا من قتلنا منهم واستقنا النعم فتوجهنا قافلين (6) وخرج صريح القوم الى قومهم مغوِّثاً (7) وخرجنا سراعاً حتى نمر بالحارث بن البرصاء وصاحبه فانطلقنا به معنا وأتانا صريخ الناس فجاءنا ما لا قبل لنا به حتى اذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادى أقبل سيل حال بيننا وبينهم بعثه الله تعالى من حيث شاء، ما رأينا قبل ذلك مطراً ولا حالاً، فجاء بما لا يقدر أحد أن يقوم عليه، فلقد رأيناهم وقوفاً ينظرون الينا ما يقدر أحد منهم أن يتقدم ونحن نحوزها (8) سراعاً حتى أسندناها في المشلل (9) ثم حدرناها عنا (10) فاعجزنا القوم بما في أيدينا.
(1) الربيئة هو العين والطليعة الذى ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو ولا يكون إلا على جبل أو شرف ينظر منه (2) أبى حلبوا مواشيهم (وعطنوا) بتشديد الطاء المهملة مفتوحة أي أراحوا مواشيهم، سمى المراح وهو مأواهم عطنا (3) أى قاموا (4) أى ذهبت مدة من ظلمة الليل (5) أى فرقنا عليهم الجيوش من جميع جهاتهم (6) أى راجعين (7) من الإغاثة أى الإعانة وقد أغاثه بغيثه (8) أى نسوق ما غنمناه وملكناه من النعم (9) قال في القاموس المشلل كمعظم جبل يهبط منه إلى قديد (10) يقال حدرت الشيء حدراً من باب قعد أنزلته من الحدور وزن رسول الله وهو المكان الذي ينحدر منه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه فقال قال ابن اسحاق حدثنى يعقوب بن عقبة عن مسلم بن عبد الله الجهنى عن جندب بن مكيث قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبى فذكر الحديث بلفظه كما عند الامام احمد وسنده جيد، ثم قال وقد رواه أبو داود من حديث محمد بن اسحاق: في روايته عبد الله ابن غالب والصواب غالب بن عبد الله كما تقدم، قال وذكر الواقدى هذه القصة باسناد آخر وقال فيه وكان معه من الصحابة مائة وثلاثون رجلاً ثم ذكر البيهقى من طريق الواقدى (سرية بشري بن سعد) أيضاً الى ناحية خيبر فلقوا جمعاً من العرب وغنموا نعماً كثيراً، وكان بعثه في هذه السرية باشارة أبي بكر
-[ما جاء في عمرة القضاء ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم على الأحزاب]-
(باب ما جاء في ذكر عمرة القضاء (1) وزواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحرث رضى الله عنها) (عن عبد الله بن عمر)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمراً فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية فصالحهم على أن يعتمروا العام المقبل ولا يحمل السلاح عليهم (وقال سريج ولا يحمل سلاحاً) إلا سيوفاً ولا يقيم بها الا ما أحبوا، فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم، فلما أن اقام ثلاثاً أمروه بالخروج فخرج (عن عبد الله بن أبى أوفى)(3) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اعتمر فطاف وطفنا وصلى وصلينا معه وسعى بين الصفا والمروة وكنا نستره من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء، زاد في رواية قال فسمعته يدعو على الأحزاب يقول اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم (عن البراء بن عازب)(4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة في عمرة القضاء أتوا علياً
وعمر رضي الله عنهما وكان معه من المسلمين ثلاثمائة رجل ودليله حسيل بن نويرة الذي كان دليل النبى صلى الله عليه وسلم إلى خيبر قاله الواقدي اهـ (باب)(1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه ويقال عمرة القصاص ورجحه السهيلى، ويقال عمرة القضية، فالاولى قضاء عما كان أحصر عام الحديبية، والثانى من قوله تعالى (والحرمات قصاص) والثالث في المقاضاة التى كان قاضاهم عليها على أن يرجع عنهم عامة هذا ثم يأتى في العام القابل ولا يدخل مكة إلا في جلبان السلاح وأ، لا يقيم أكثر من ثلاثة أيام، وهذه العمرة هي المذكورة في قوله تعالى في سورة الفتح المباركة (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين الآية)، وهي الموعود بها في قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين قال له ألم تكن تحدثنا أنا سنأتى البيت ونطوف به؟ قال على أفأخبرتك انك تأتيه عامك هذا؟ قال لا، قال فانك آتية ومطوف به، وهي المشار اليها في قول عبد الله بن رواحة حين دخل بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مكة يوم عمرة القضاء وهو يقول.
(خلوا بنى الكفار عن سبيله اليوم نضر بكم على تأويله كما ضربنا كم على تنزيله)
قال ابن إسحاق فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى المدينة أقام بها شهرى ربيع وجمادين ورجباً وشعبان وشهر رمضان وشوالاً يبعث فيما بين ذلك سراياه، ثم خرج في ذى القعدة في الشهر الذى صده فيه المشركون معتمراً عمرة القضاء ومكان عمرته التى صدوه عنها، قال ابن هشام واستعمل على المدينة عريف بن الأضبط الدئلى ويقال لها عمرة القصاص لأنهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذى القعدة الذى صدوه فيه في سنة سبع (2) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في فصل عمرة الحديبية من كتاب الحج في الجزء الحادى عشر صحيفة 65 رقم 58 وهو حديث صحيح رواه البخارى وغيره (3) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في فصل عمرة القضاء من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر ص 67 رقم 60 وهو حديث صحيح رواه (خ د نس جه)(4) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في نص صلح الحديبية وشروطه في هذا الجزء ص 104 رقم 307 فارجع اليه
-[صفة عمرة القضاء وسبب مشروعية الاضطباع والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى في الطواف]-
فقالوا قل لصاحبك فليخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبى الطفيل عن ابن عباس)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزمر الظهران (2) في عمرته (أى عمرة القضاء) بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشاً تقول ما يتباعثون (3) من العجف، فقال أصحابه لو انتحرنا (4) من ظهرنا فأكلنا من لحمه وحسونا من مرقه أصبحنا غداً حين ندخل على القوم وبنا جمامة (5) قال لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لى من أزوادكم فجمعوا له وبسطوا الانطباع (6) فاكلوا حتى تولوءا وحثاكل واحد منهم في جرابه ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد وقعدت قريش نحو الحجر فاضطبع (7) بردائه ثم قال لا يرى القوم فيكم غميزة (8) فاستلم الركن ثم دخل حتى إذا تغيب بالركن اليمانى مشى إلى الركن الأسود، فقالت قريش ما يرضون بالمشئ انهم لينقزون (9) نقز الظباء، ففعل ذلك ثلاثة أطواف فكانت سنة، قال أبو الطفيل وأخبرنى ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع (عن سعيد بن جبير)(10) عن ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعنى مكة في عمرة القضاء) وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، قال فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم قد وهتهم الحمى، قال فأطلع الله النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك فأمر أصحابه أن يرمّلوا وقعد المشركون ناحية الحجر ينظرون اليهم فرملوا ومشوا ما بين الركنين، قال فقال المشركون هؤلاء الذين تزعمون أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أقوى من كذا وكذا ذكروا قولهم، قال ابن عباس فلم يمنعه أن يأمرهم أن يرملون الأشواط كلها الا ابقاء عليهم، وقد سمعت حماداً (11) يحدثه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وعن عبد الله عن سعيد بن جبير لا شك فيه عنه
(1)(سنده) حدثنا محمد بن الصباح ثنا اسماعيل يعنى ابن زكريا عبن عبد الله يعنى ابن عثمان عن أبى الطفيل عن ابن عباس الخ (غريبه)(2) موضع على مرحلة من مكة (3) من البعث واصله الإثارة ومنه يقال انبعث الشيء وتبعث أى اندفع (وقوله العجف) بفتح العين المهملة والجيم ذهاب السمن والهزال (4) أى لو نحرنا من ظهرنا أى إبلنا (5) بفتح الجيم أى راحة وشبع ورِىّ (6) جمع نطع بفتح النون وكسرها مع سكون الطاء وفتحها أربع لغات، وفى بعضها خلاف وهو بساط من جلد يجعل كالمائدة (7) الاضطباع أن يأخذ الرداء فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقى طرفيه على كتفه الأيسر من جهتى صدره وطهره وسمى بذلك الضبعين (بفتح الضاد مشددة وسكون الموحدة) ويقال للإبط الضبع (8) الغميزة بكسر الميم العيب من الغمز والمغامز المعايب (9) يقفزون ويثبون كوثوب الظباء وقد نقز وأنقز إذا وثب (تخريجه) الحديث سنده صحيح، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد من هذا الوجه (10)(سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه)(11) القائل سمعت حماداً الخ هو عفان يشك فيما سمع من حماد أهو عن سعيد بن جبير مباشرة عن ابن عباس أم عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس فان كان الأول فالحديث منقطع، لأن حماداً لم يدرك سعيد بن جبير، وإن كان الثانى فالحديث متصل لأن
-[(تابع للشرح) تتمة في ذكر ملخص عمرة القضاء وزواج النبى صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث]-
.....
عبد الله بن سعيد في مقام أيوب وهو ثقة مأمون كما قال النسائى، فهو انتقال من ثقة إلى ثقة، ولذلك قال بعد ذلك لا شك فيه عنه يعنى أنه حديث سعيد لا شك فيه، وهذا الشك من عفان وحده ولم يشك فيه أبو الربيع الزهرانى شيخ مسلم فقد رواه عن حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس كما رواه الامام احمد وكذلك أسنده البخارى أيضاً من طريق سليمان بن حرب ثنا حماد بهذا الاسناد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (تتمة) ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه ملخص عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة رأيت ذكره هنا لما فيه من الفائدة (قال رحمه الله تعالى) قال موسى بن عقبة عن الزهرى ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمراً في ذى القعدة سنة سبع وهو الشهر الذى صده فيه المشركون عن المسجد الحرام حتى إذا بلغ يأجج وضع الإداة كلها الجحف والمجان والرماح والنبل ودخلوا بسلاح الراكب السيوف: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه جعفر بن أبى طالب إلى ميمونة بنت الحارث الهلالية فخطبها عليه فجعلت أمرها الى العباس وكان تحته أختها أم الفضل بنت الحارث فزوجها العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه قال اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف ليرى المشركون جلدهم (بفتح اللام) وقوتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع فاستكف أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يطوفون بالبيت وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحاً بالسيف وهو يقول
خلوا بنى الكفار عن سبيله
…
أنا الشهيد أنه رسوله
…
قد أنزل الرحمن في تنزيله
في صحف تتلى على رسوله
…
فاليوم نضر بكم على تأويله
…
كما ضربناكم على تنزيله
ضربنا بزيل الهام عن مقيله
…
ويذهل الخليل عن خليله
قال وتغيب رجال من أشراف المشركين أن ينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غيظاً وحنقاً ونفاساً وحسداً، وخرجوا إلى الخندمة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وأقام ثلاث ليال وكان ذلك آخر القضية يوم الحديبية، فلما أتى الصبح من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس الأ، صار يتحدث مع سعد بن عبادة فصاح حويطب بن عبد العزى نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث، فقال سعد بن عبادة كذبت لا أم لك، ليس بأرضك ولا بأرش آبائك والله لا يخرج، ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيلاً وحويطباً فقال إني نكحت فيكم امرأة فما يضركم أن أمكث حتى أدخل بها ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا؟ فقالوا نناشدك الله والعقد إلا خرجت عنا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع فأذن بالرحيل وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل ببطن سَرِفض وأقام المسلمون وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع ليحمل ميمونة، وأقام بسرف حتى قدمت عليه ميمونة، وقد لقيت ميمونة ومن معها عناءً وأذى من شفهاء المشركين من صبيانهم، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف فبنى بها ثم أدلج فسار حتى أتى المدينة وقدر الله أن يكون موت ميمونة بسرف بعد ذلك بحين، فماتت حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ ابن كثير) ولهذا السياق شواهد كثيرة في أحاديث متعددة ذكر منها حديثا الباب وأحاديث أخرى عند الإمام أحمد والشيخين
-[ما جاء في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث رضى الله عنها]-
(باب زواجه صلى الله عليه وآله وسلم بميمونة بنت الحرث خالة ابن عباس رضى الله عنهم)(عن ميمونة)(1) قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلال بعد ما رجعنا من مكة (2)(عن أبى رافع)(3)(مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كنت في بعث مرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فأتنى بمبمونة (4) فقلت يا نبى الله في البعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألست تحب ما أحب؟ قال بلى يا رسول الله، قال اذهب فأتنى بها فذهبت فجئت بها (وعنه أيضاً)(5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً وبنى بها حلالاً وكنت الرسول بينهما
(أبواب حوادث السنة الثامنة)
(باب ما جاء في إسلام عمرو بن العاص وخالد الوليد رضى الله عنهما)
(حدثنا يعقوب بن ابراهيم)(6) قال ثنا أبى عن أبى اسحاق قال حدثنى يزيد بن أبي حبيب
وغيرهم تقدمت في باب ما جاء في نكاح المحرم وانكاحه من كتاب الحج في الجزء الحادى عشر فارجع اليه ففيه مباحث نفيسه (قال الحافظ ابن كثير) وكانت وفاتها بسرف سنة ثلاث وستين ويقال سنة ستين رضى الله عنهما (باب)(1)(سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق قال حدثنا حماد بن سلمة عن حبيب يعنى ابن الشهيد عن ميمونة بن مهران عن يزيد بن الأصم عن ميمونة (يعنى بنت الحارث زوج النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) لعلها تعنى البناء بها فانه كان بعد رجوعهم من مكة حقيقة، وجاء في حديث آخر لها من طريق يزيد بن الأصم أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً وبنى بها حلالاً وفسره العلماء بانه تزوجها قبل الاحرام بعمرة القضية وبنى بها حلالاً أى بعد انتهاء العمرة (تخريجه)(م د) أن الحسن بن على بن أبى رافع حدثه عن أبى رافع أنه قال كنت في بعث الخ (غريبه)(4) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه من عمرة القضاء وعزمه على الخروج من مكة كلف أبا رافع بإتيانه بميمونة من مكة ليلحقه بها على سرف (بفتح السين المهملة وكسر الراء من مكة على عشرة أميال وقيل أقل أو أكثر) ثم نزل صلى الله عليه وسلم بسرف الانتظار ميمونة حتى جاءت فبنى بها بسرف ثم ذهب الى المدينة كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده جيد، هذا وفي الباب أحاديث أخرى تقدمت في باب ما جاء في نكاح المحرم وإنكاحه من كتاب الحج في الجزء الحادى عشر صحيفة 228 و 229 فاقرأه أحكامه تجد ما يسرك والله الموفق (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار اليه من كتاب الحج صفحة 229 رقم 188 (باب)(6)(حدثنا يعقوب بن ابراهم الخ) هذا الحديث جاء عند الامام احمد في قصة إسلام عمرو بن العاص، أما قصة إسلام خالد بن الوليد فقد ذكرها الحافظ ابن كثير في تاريخه فقال (قال الواقدي) حدثنى يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت أبى يحدث عن خالد بن الوليد قال لما أراد الله بى ما أراد من الخير قذف في قلبى الاسلام وحضرنى رشدى فقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد صلى الله عليه وسلم فليس في موطن أشهد الا أنصرف وأنا أرى في نفسى أنى موضع في غير شيء وأن محمداً سيظهر، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحديبية خرجت في خيل من المشركين فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في
-[قصة إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضى الله عنهما وسبب ذلك]-
عن راشد مولى حبيب بن أبى أوس الثقفي عن حبيب بن أبى أوس قال حدثنى عمرو ابن العاص من فيه قال لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون مكانى ويسمعون منى، فقلت لهم تعلمون والله انى لأرى أمر محمد يعلو الأمور علواً كبيراً منكراً، وانى قد رأيت رأياً فما ترون فيه؟ قالوا وما رأيت؟ قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فان ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشى، فانا إن نكون تحت يديه أحب الينا من أن نكون تحت يد محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرف فلن يأتينا منهم إلا خير، فقالوا ان هذا الرأى، قال فقلت لهم فاجمعوا له ما نهدى له، وكان أحب ما يهدى اليه من أرضنا الأدم (بضم الهمزة وسكون الدال وضمها) فجمعنا له ادماً كثيراً فخرجنا حتى قدمنا عليه فوالله انا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمرى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال فدخل عليه ثم خرج من عنده، قال فقلت لأصحابى هذا عمرو بن أمية الضمرى لو قد دخلت على النجاشى فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فاذا فعلت ذلك رأت قريش أنى قد أجزأت عنه حين قتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحباً بصديقى أهديت لى من بلادك شيئاً؟ قال قلت نعم أيها الملك قد أهديت لك أدماً كثيراً قال ثم قدمته اليه فاعجبه واشتهاه، ثم قلت له أيها الملك إنى قد رأيت رجلاً خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فانه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، قال فغضب ثم مد يده نضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لى الأرض لدخلت فيها فرقاً منه، ثم قلت أيها الملك والله لو ظنت أنك تكره هذا ما سألتكه
أصحابه بعسفان فقمت بإزائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا، وكانت فيه خبرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به، فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك منا موقعاً وقلت الرجل ممنوع، فاعتزلنا وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشاً بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسى أي شيء بقى؟ أين أذهب؟ إلى النجاشى فقد اتبع محمداً وأصحابه عنده آمنون فأخرج إلى هرقل؟ فأخرج من دينى إلى نصرانية أو يهودية، فأقيم في ع جم فأقيم في دارى بمن بقى، فانا في ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضية فتغيبت ولم أشهد دخوله، وكان أخى الوليد بن الوليد قد دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية فطلبنى فلم يجدنى، فكتب إلى كتاباً فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني لم أر أعجب من ذهاب رأيك في الاسلام وعقلك عقلك ومثل الاسلام ما جهله أحد، وقد سألنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك وقال أين خالد؟ فقلت يأتى الله بن، فقال مثله جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيراً له، ولقد مناه على غيره فاستدرك يا أخى ما قد فاتك من مواطن صالحة، قال فلما جاءنى كأنى في بلاد ضيقة مجدبة فخرجت في بلاد خضراء واسعة، فقلت ان هذه لرؤيا، فلما أن قدمت المدينة قلت لأذكرنها لأبى بكر، فقال مخرجك
-[هجرة عمرو بن العاص قبل إسلامه إلى النجاشى هرباً من المسلمين ثم مبايعة النجاشى له على الإسلام]-
فقال له أتسألنى أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذى كان يأتى موسى لتقتله؟ قال قلت أيها الملك أكذلك هو؟ فقال ويحك يا عمرو، أطعنى واتبعه فانه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال قلت فبايعنى له على الاسلام، قال نعم فبسط يده وبايعته على الاسلام ثم خرجت إلى أصحابى وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابى إسلامى، ثم خرجت عامداً لرسول الله صلى الله لأسلم فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة، فقلت أين أيا أبا سليمان؟ فقال والله لقد استقام XXX (1) وإن الرجل لنبى أذهب والله أسلم فحتى متى، قال قلت والله ما جئت إلا لأسلم. قال فقدمنا على رسول الله
الذي هداك الله للاسلام، والضيق الذى كنت فيه من الشرك، قال فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت من أصاحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه؟ إنما نحن كأضراس وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فان شرف محمد لنا شرف، فأبى أشد الإباء فقال لو لم يبق غيرى ما اتبعته أبداً فافترقنا، وقلت هذا رجل قُتل أخوه وأبوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبى جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية، فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية، قلت فاكتم عليَّ لا أذكره، فخرجت إلى منزلى فأمرت براحلتي فخرجت بها إلى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت ان هذا لى صديق فلو ذكرت له ما أرجو، ثم ذكرت من قتل من أبائه فكرهت أن ذكره، ثم قلت وما علىّ وأنا راحل من ساعتى، فذكرت له ما صار الأمر اليه، فقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج، وقلت له نحواً مما قلت لصاحبى فأسرع الإجابة، وقلت له انى غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو وهذه راحلتى بفج مناخة، قال فاتعدت انا وهو يأجج ان سبقنى أقام وأن سبقته أقمت عليه، قال فأدلجنا سحراً فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج فغدونا حتى انتهينا الى الهدة (اسم موضع بالجاز بين عسفان ومكة) فنجد عمرو بن العاص بها، قال مرحباً بالقوم فقلنا وبك، فقال الى أين مسيركم؟ فقلنا وما أخرجك؟ فقال وما أخرجكم؟ قلنا الدخول في الاسلام واتباع محمد صلى الله عليه وسلم قال ذاك الذي أقدمنى فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر بك فسر بعد ذلك وهو ينتظركم، فأسرعنا المشى فاطلعت عليه فما زال يتبسم إلىّ حتى وقفت فقال تعال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير، قلت يا رسول الله انى قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً للحق فادع الله أن يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام يجب ما قبله، قلت يا رسول الله على ذلك، قال اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله، قال خالد وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان قدومنا في صفر سنة ثمان، قال والله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل بن أحداً من أصحابه فيما حزبه (1) بوزن المسجد قال في النهاية معناه تبين الطريق يقال رأيت منسِما من الأمر اعرف به وجهه اى اثراً منه وعلامة، والأصل فيه من المسنم وهو خف البعير يستبان
-[قدوم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد إلى المدينة ومابيعتهما النبى صلى الله عليه وسلم على الإسلام]-
صلى الله عليه وسلم فقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت فقلت يا رسول الله انى أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبى ولا أذكر وما تأخر (1) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو بايع فان الاسلام يجُب ما كان قبله (2) وان الهجرة تجب ما كان قبلها، قال فبايعته ثم انصرفت (قال ابن اسحاق) وقد حدثنى من لا أتهم أن عثمان بن طلحةبن أبى طلحة كان معهما أسلم حين أسلما (3)(باب ما جاء في سرية زيد بن حارثة إلى مؤتة (4) من أرض الشام في جمادى الأولى) (سنة ثمان ويقال لها غزوة مؤتة واستشهاد زيد وجعفر بن أبى طالب وعبد الله بن رواحة رضى الله عنهم)(عن خالد بن شمير)(5) قال قدم علينا عبد الله بن رباح فوجدته قد اجتمع اليه ناس من الناس قال حدثنا أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة، فان أصيب زيد فجعفر، فان أصيب جعفر فعبد لله بن رواحة الأنصارى، فوثب جعفر فقال بأبى أنت يا نبى الله ما كنت أرهب أن تستعمل علىّ زيداً، قال امضوا فانك لا تدرى أى ذلك خير، قال فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله (6) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى الصلاة جامعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خبر، أو ثاب خبر
به على الأرض اثره اذا ضل (1) معناه انه نسى ان يقول وما تأخر يعنى من ذنبه مع انه كان حريصاً على ذلك كما في بعض الروايات (2) اى يقطع ويمحوا ما كان قبله من المعاصى والكفر (3) جاء تفصيل ذلك في قصة إسلام خالد بن الوليد المذكورة آنفاً (تخريجه) رواه بطوله أيضاً ابن اسحاق وسنده جيد (باب)(4) بضم الميم وسكون الواو بغير همز لأكثر الرواة وبه جزم المبرد وجزم ثعلب والجوهرى وابن فارس بالهمز وحكى غيرهم الوجهين وهى من عمل البلقاء، بالشام دون دمشق، وحكى الحافظ عن ابن اسحاق انه قال هى بالقرب من البلقاء (وقال غيره) على المرحلتين من بيت المقدس، وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه قال محمد بن اسحاق بعد قصة عمرة القضية فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ذى الحجة (وولى تلك الحجة المشركون) والمحرم وسفرا وشهرى ربيع وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذى أصيبوا بمؤتة فحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال ان أصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس، ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف (5) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن شمير الخ (غريبه) (6) قال ابن اسحاق ثم مضوا حتى نزلوا معاناً من أرض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة الف من الروم وانضم إليه من لخم وجذام والقين وبهراء وبلاء مائة: وفى رواية يونس عن ابن اسحاق فبلغهم أن هرقل نزل بمآب في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة، فلما بلغ ذلك المسلمين اقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا فإما ان يدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضى له، قال فشجع الناس عبد الله بن رواحة وقال يا قوم والله ان اللتى تكرهون للتي خرجتم
-[ما جاء في سرية زيد بن حارثة الى مؤتة من ارض الشام]-
شك عبد الرحمن (1) الا أخبركم عن جيشكم هذا الغازى، انهم انطلقوا حتى لقوا العدو فاصيب زيد شهيداً فاستغفروا له، فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبى طالب فشد على القوم حتى قتل شهيداً (2) اشهدوا له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة (3) فأثبت قدميه حتى أصيب شهيداً فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء، هو أمر نفسه فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إصبعيه وقال اللهم هو سيف من سيوفك فانصره (4) وقال عبد الرحمن (5) مرة فانتصر به، فيومئذ سمى خالد سيف الله، ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم وآله وسلم انفروا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد، فنفر الناس في حر شديد مشاة وركباناً
تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هى إحدى الحسنيين إما ظهور وإما الشهادة، قال فقال الناس والله قد صدق وابن رواحة فمضى الناس (1) هو ابن مهدى شيخ الإمام احمد يشك هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خبر بالنون أو ثاب خبر بالثاء المثلثة وسواء كان ناب أو ثاب فمعناه الرجوع ارى رجع إلى خبر: أى بلغنى اما بطريق الوحي أو بطريق الكشف، قيل كشف الله عز وجل له الأثر حتى كان ينظر ساحة القتال والله أعلم (2) قال ابن اسحاق وحدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد حدثنى أبى الذى أرضعنى وكان أحد بنى مرة بن عوف وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال والله لكأنى أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل القوم حتى قتل وهو يقول:
(يا حبذا الجنة واقترابها * طيبة وباردا شرابها * والروم روم قد دنا عذابها)
(كافرة بعيدة أنسابها * علىّ إن لاقيتها ضرابها)
(3)
قال ابن إسحاق فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستزل نفسه بعض التردد وبقول:
(يا نفس إن لا تُقتلى تموتى
…
هذا حمام الموت قد صليت)
(وما تمنيت فقد أعطيت
…
إن تفعلى فعلهما هديت)
يريد صاحبه زيداً وجعفراً (4) قال الواقدي وحدثنى عبد الله بن الحارث بن الفضل عن أبيه قال لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن حمى الوطيس، قال الواقدى فحدثنى العطاف بن خالد قال لما قتل ابن رواحة مساءاً بات خالد بن الوليد فلما أصبح غداً وقد جعل مقدمته ساقته وساقته مقدمته وميمنته ميسرته قال فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم وقالوا قد جاءهم مدد فرهبوا وانكشفوا منهزمين قال فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم (5) يعنى ابن مهدى في رواية أخرى فانتصر به بدل فانصره والله أعلم (تخريجه) أولده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للبيهقى من حديث سليمان بن حرب عن الأسود بن شيبان أيضاً غفل عن عزوة للامام أحمد ثم قال ورواه النسائى من حديث عبد الله بن المبارك عن الأسود بن شيبان به نحوه وفيه زيادة حسنة وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما اجتمع إليه الناس قال باب خبر باب خبر وذكر الحديث (قلت) الحديث صحيح ورجاله ثقات
-[استشهاد زيد بن حارثه وجعفر بن ابى طالب وعبد الله بن رواحة رضى الله عنهم]-
(عن عبد الله بن جعفر)(1) قال بعث رسول الله صلى الله ليه وسلم جيشاً استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال فان قتل زيد فأميركم جعفر، فان قتل واستشهد فأميركم عبد الله بن رواحة فلقوا العدو فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية عبد الله رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه، وأتى خبرهم النبى صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال ان إخوانكم لقوا العدو وان زيداً أخذ الراية فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبى طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه (2) فأمهل ثم أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال لا تبكوا على أخى بعد اليوم (3) ادعوا إلى ابنى أخى قال فجيئى بنا كأنا أفرخ، فقال ادعو إلى الحلاق، فجيء بالحلاق فحلق رءوسنا ثم قال: أما محمد فشبيه عمنا أبى طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقى وخُلقى، ثم أخذ بيدى فأشالها (4) فقال اللهم اخلف جعفراً في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه، قالها ثلاثل مرار، قال فجاءت أمنا تُفرح له (5) فقال العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة صلى الله عليه وآله وسلم.
(عن ابن عباس)(6) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة قال فقدم أصحابه وقال أتخلف فأصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ألحقهم، قال فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال أردت أن أصلى معك الجمعة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لون أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم
(1)(سنده) حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال سمعت محمد بن أبى يعقوب بحدث عن الحسن ابن سعد عن عبد الله بن جعفر الخ (غريبه)(2) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه فيه مخالفة لما ذكره ابن إسحاق من أن خالداً إنما جاش بالقوم حتى تخلصوا من الروم وعرب النصارى فقط، وموسى بن عقبة والواقدى مصرحان بأنهم هزموا جموع الروم والعرب الذين معهم (قلت) وهو ظاهر حديث الباب (ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله على يديه) قال الحافظ ابن كثير وهذا هو الذي يجحه الحافظ البيهقى بعد حكاية القولين لما ذكر من الحديث (3) أى بكاءاً يصحبه شيء مما حرمه الشارع (4) أيى رفعها (5) قال في النهاية قال أبو موسى هكذا وجدته بالحاء المهملة وقد أضرب الطبرانى عن هذه الكلمة فتركها من الحديث فان كان بالحاء فهو من أفرحه إذا غمه وزال عنه الفرح وأفرجه الدين إذا أثقله، وإن كانت بالجيم فهو من المفرج الذى لا عشيرة له فكأنها أرادت أن أباهم توفى ولا عشيرة لهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أتخافين العيلة وأنا وليهم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أ؛ د، ورواه أبو داود ببعضه والنسائى في السير بتمامه من حديث وهب بن جرير به اهـ وأورده الحافظ الهيثمى وقال روى أبو داود وغيره بعضه: رواه أحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح (6)(عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في فضل المجاهدين في سبيل الله من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 26 رقم 52
-[سرية ذات السلاسل وسبب تسميتها بذلك واختلاف عمرو بن العاص وابى عبيدة في الإمارة عليها]-
(باب ما جاء في سرية ذات السلاسل)(1)(حدثنا محمد بن أبى عدى)(2) عن داود عن عامر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب فقال لهما تطاوعا (3) قال وكانوا يؤتمرون أن يغيروا على بكر (4) فانطلق عمرو فأغار على قضاعة لأن بكراً أخواله (5) فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبى عبيدة فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملك علينا وإن ابن فلان (6) قد ارتبع أمر القوم
(باب)(1) السلاسل بمهملتين الأولى مفتوحة على المشهور وبه جزم البكرى على لفظ جمع السلسلة: قيل سمى المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة، وضبطها ابن الأثير بالضم قال وهو بمعنى السلسال، قال الحافظ في المناقب ولذا قال ابن القيم بضم السين وفتحها لغتان، وفيل لأن بها ماءاً يقال له السلسل وبه جزم ابن اسحاق وغيره، وفي القاموس السلسل كجعفر وخلخال، الماء العذب أو البارد كالسلاسل بالضم اهـ وهذا المكان وراء وادي القرى من المدينة على عشرة أيام وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان كما قاله ابن سعد والجمهور (2)(حدثنا محمد بن أبى عدى) الخ (غريبه)(3) ظاهره أن النبى صلى الله عليه وسلم جعلهما أميرين على الجيش وأرسلهما معاً وأوصاهما بالمطاوعة وفيه اجمال وقد جاء تفصيل ذلك عند ابن إسحاق فقال حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن لاعاص يستنفر العرب إلى الإسلام وذلك أن ام العاص ابن وائل كانت من بنى بلى (بفتح الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء التحتية) فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يتألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل وبه سميت تلك الغزوة ذات السلاسل، قال فلما كان عليه وخاف بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه أبا عبيدة ابن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر وقال لأبى عبيدة حين وجهه لا تختلفا، فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو إنما جئت ممداً لى، فقال له أبو عبيدة لا ولكنى على ما أنا عليه وأنت عليه (يعنى أن أبا عبيدة أمير على المهاجرين وأن عمراً أمير على الأعراب كما في حديث الباب) وكان أبو عبيدة رجلاً ليناً سهلاً هيناً عليه أمر الدنيا فقال له عمرو أنت مددى فقال له أبو عبيدة يا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لى لا تختلفا وإنك إن عصيتنى أطعتك، فقال له عمرو فإن أمير عليك وإنما أنت مدد لي، قال فدونك، فصلى عمرو بن العاص بالناس (4) بكرهم بنو بلى، قال ابن اسحاق ذات السلاسل بلاد بَلىّ وعُذرة وبنى القين نقله عنه البخارى، قال الحافظ الثلاثة بطون ما قضاعة، وبلى بفتح الموحدة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء النسب قبيلة كبيرة ينسبون إلى بلى بن عمرو بن قضاعة (وعذرة) بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة قبيلة كبيرة يسنبون إلى عذرة بن سعد ونسبة إلى قضاعة وبنو القين بفتح القاف وسكون التحتية قبيلة كبيرة ينسبون إلى القين ونسبة إلى قضاعة، قال ووهم ابن التين فقال بنو القين قبيلة من تميم اهـ
(قلتُ) هذه القبائل تجمعت للإغارة على أطراف المدينة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا سبب إرسال هذه السرية إليهم
(5)
جاء في حديث ابن إسحاق المذكور آنفا: أن أم العاص بن وائل كانت من بني بلي، المعبر عنهم هنا ببكر؛ فهم أخواله بهذا المعنى، وإن كان الجميع من قضاعة
(6)
يعني عمرو بن العاص "قد ارتبع" أي ارتأس أمرهم، وصار
-[براعة عمرو بن العاص في فنون الحرب واعجابه بنفسه وسبب ذلك]-
وليس لك معه أمر، فقال أبو عبيدة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاوع فانا أطيع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وان عصاه عمرو (عن عمرو بن العاص)(1) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل قال فأتيته قال قلت يا رسول الله أيى الناس أحب إليك؟ (2) قال عائشة، قال قلت من الرجال، قال أبوها إذاً، قال قلت ثم من؟ قال ثم عمر، قال فعد رجالاً (عن عمرو بن العاص)(3) قال بعث الىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتنى فأتيته وهو يتوضأ فصعد (4) في النظر ثم طأطأ فقال انى أريد أن أبعثك على جيش (5)
رئيساً مطاعاً (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) لأن عامر بن شراحيل لم يدرك أبا عبيدة وحكى القصة فأرسلها ارسالاً (1)(سنده) حدثنا يحيى بن حماد قال أنا عبد العزيز بن المختار عن خالد؟؟؟؟؟ عن أبى عثمان قال حدثنى عمرو بن العاص قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) سببه هذا السؤال ذكره الزرقانى في شرح المواهب فقال أخرج الشيخان والترمذى والنسائى وغيرهم دخل حديث بعضهم في بعض عن عمرو انه قال قدمت من جيش ذات السلاسل فحدثت نفسى أنه لم يبعثنى على قوم فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلة لى عنده فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت يا رسول الله أى الناس أحب إليك؟ قال عائشة، فقلت إنى لست أعنى النساء إنما أعنى الرجال، فقال أبوها، فقلت ثم من؟ قال ثم عمر، فعد رجالاً فسكت مخافة أن يجعلنى في آخرهم وقلت في نفسى لا أعود أسأله عن هذا (قال الزرقانى) وفي الحديث جواز تأمير المفضول على الفاضل إذا امتاز المفضول بصفة تتعلق بتلك الولاية، وفضل أبى بكر على الرجال وبنته على النساء ومنقبة لعمرو بن العاص لتأميره على جيش فيهم أبو بكر وعمر وان لم يقتض ذلك افضليته عليهم، لكن يقتضى أن له فضلاً في الجملة، وقد قال رافع الطائى هذه الغزوة هي التي يفتخر بها أهل الشام اهـ (تخريجه)(ق. وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا عبد الرحمن (يعنى ابن مهدى) حدثنا موسى بن على عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول بعث إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5)(غريبه)(4) بتشديد العين المهملة أى رفع نظره الى (5) هو جيش ذات السلاسل وإنما اختاره النبى صلى الله عليه وسلم أميراً على هذا الجيش مع أنه كان فيه أبو بكر وعمر رضى الله عنهما لأنه كان أكثر دراية في ضروب الحرب وفنونه منهما، فقد روى ابن راهويه والحاكم وصححه وأقره الذهبى عن بريدة أن عمرو بن العاص أمرهم في تلك الغزوة أن لا يوقدوا ناراً فأنكر ذلك عمر، فقال له أبو بكر دعه فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب فسكت عمر عنه، وجاء عند ابن حبان زيادة فلقوا العدو فهزموهم فأرادوا أن يتبعوهم فمنعم، فلما انصرفوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا ناراً فيرى عدوهم قلتهم، وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فحمد أمرى، وجاء في المواهب أن النبى صلى الله عليه وسلم عقد له رواءاً أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار (بفتح السين المهملة) أى من أشرافهم ومعهم ثلاثون فرساً فسار الليل وكمن النهار فلما قرب منهم بلغه أ، لهم جمعاً كثيراً فبعث رافع بن مكيث (بفتح الميم) الجهنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواءاً وبعث معه مئتين من سراة المهاجرين والأنصار
-[سرية سيف البحر وما لاقاه الصحابة من الشدة والجوع فيها]-
فيسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة (1)، قال قلت يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال ولكني أسلمت رغبة في الاسلام وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح (باب ما جاء في سرية سيف البحر (2) وتسمى أيضاً سرية الخبط) (حدثنا هاشم بن القاسم)(3) وحسن بن موسى قال ثنا زهير ثنا ابو الزبير عن جابر قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ثلاثمائة)(4) وأمر علينا أبا عبيدة فنلقى عيراً لقريش (5) وزوّدنا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره، قال
فيهم أبو بكر وعمرو رضى الله عنهما وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا (1) قال الواقدى حدثنى ربيعة بن عثمان عن يزيد بن رومان أن أبا عبيدة لما آب الى عمرو بن العاص فصاروا خمسمائة فساروا الليل والنهار حتى وطئ بلاد بلى ودوّخها، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا بك تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلى وعذرة وبلقين (أى بنى القين كقولهم بلحارث في بنى الحارث) ولقى في آخر ذلك جمعاً ليس بالكثير فاتتلوا ساعة وتراموا بالنبل ساعة ورمى يومئذ عامر بن ربيعة وأصيب ذراعه وحمل المسلمون عيلهم فهزموا وأعجزوا هرباً في البلاد وتفرقوا ودوخ عمرو ما هناك وأقام أياماً لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه، وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم وكانوا ينحرون ويذبحون ولم يكن في ذلك أكثر من ذلك ولم تكن غنائم تقسم (تخريجه) طب طس على حب ك) والبخارى في الأدب المفرد وصححه أبو عوانة وابن حبان والحاكم وقال الهيثمي رواه (طب طس عل) ورجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح (باب)(2) سماها البخارى غزوة سيف البحر أى ساحل البحر، وكذا ترجمها ابن اسحاق فقال غزوة أبى عبيدة على ساحل للبحر، وهو جرى على غير الغالب من اصطلاح أهل السير أن ما لم يحضره النبى صلى الله عليه وسلم يسمى سرية أو بعثاً، وما حضره غزوة لكن الأقدمون لا يرون ذلك غالباً (وتسمى أيضاً سرية الخبط) بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة بعدهما طاء مهملة ورق السلم كما قاله الحافظ وهو بفتحتين شجر عظيم له شوك كالعوسج والطلع، قيل وهو الذي أكلوه فهذا بيان للشجر الذى أخذ ورقه والا فالخبط لغة ما سقط من ورق الشجر إذا خبط بالعصى سواء كان من شجر السلم أو غيره وسأتى التصريح بذلك في الحديث (3)(حدثنا هاشم بن القاسم الخ)(غريبه)(4) هذا العدد جاء في الصحيحين أيضاً (5) جاء عند مسلم وكان فيهم عمر بن الخطاب ليلقى عيراً لقريش، وظاهر قوله ليلقى عيراً لقريش أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبية سنة ست أو قبلها وليس بلازم، فقد قال الحافظ العلامة أحمد ولى الدين بن الحافظ عبد الرحيم العراقي في شرح تقريب الأسانيد لوالده رحمهما الله ما نصه قالوا وقد كانت هذه السرية في شهر رجب سنة ثمان من الهجرة وذلك بعد نكث قريش العهد وقبل الفتح فإنه ان في رمضان من السنة المذكورة اهـ فان قيل كيف يبعث سرية للقتال في رجب وهو من الأشهر الحرم؟ (فالجواب) ان ذلك كان بعد نسخ النهى عن القتال في الأشهر الحرم، ويحتمل أن يكون البعث في أواخر رجب بحيث لا يصلون إلى مقصدهم الا في شعبان والله أعلم (قال الحافظ) وقد ذكر ابن سعد وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم بعثهم إلى حيى من جهينة القبيلة بفتح القاف والموحدة مما يلى ساحل البحرين بينهم وبين المدينة خمس ليال وأنهم انصرفوا ولم يلقوا كيداً وأن ذلك كان في رجب سنة ثمان وهذا لا يغاير
-[تفريج كرب الصحابة من الجوع بأن رزقهم الله بسمكة من البحر كفتهم شهراً وكانوا ثلاثمائة]-
فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة (وفي رواية فكان يقوتنا حتى كان يصيبنا كل يوم تمرة)(1) قال قلت كيف كنتم تصنعون بها؟ قال نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فيكفينا يومنا إلى الليل، قال وكنا نضرب بعصينا الخبط (2) ثم نبله بالماء فنأكله، قال وانطلقنا على ساحل البحث فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم (3) فأتيناه فإذا هو دابة يدعى العنبر (4) قال أبو عبيدة ميتة قال حسن بن موسى (5) ثم قال لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هاشم في حديثه قال له بل نحن رسل الله وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا وأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب (6) عينيه فالقلال الدهن ونقتطع منه القدر (7) كالثور أو كفدر الثور، قال ولقد أخذ منا أبو عبيده ثلاثة عشر رجلاً فقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا قال حسن ثم رحل أعظم بعير كان معنا فمر من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق (8) فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال هو رزق أخرجه الله عز وجل لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ قال فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله
ظاهره ما في الصحيح لأنه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيراً لقريش ويصدون حياً من جهينة والله أعلم (1) فيه إجمال وتفصيل ذلك جاء في رواية البخارى والامام مالك عن وهب بن كيسان عن جابر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة قال جابر وأنا فيهم فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فنى الزاد (يعنى الذي زودهم النبى صلى الله عليه وسلم به وهو الجراب) فأتوا ابا عبيدة بأدواد ذلك الجيش فجمع كله فكان مزود تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلاً قليلاً حتى فنى ولم يكن نصيبنا إلا تمرة تمرة الحديث (وفي رواية أخرى) للبخارى من طريق وهب بن كيسان أيضاً في هذا الحديث خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا ففنى زادنا حتى كان الرجل منا يأكل كل يوم تمرة) وظاهر هذه الرواية والتي قبلها أنه كان لهم زاد بطريق العموم وأزواد بطريق الخصوص، فلما فنى الذى بطريق العموم اقتضى رأى أبى عبيدة أن يجمع الذي بطريق الخصوص لقصد المساواة بينهم في ذلك ففعل فكان جميعه مزوداً واحداً (2) يعنى ورق شجر السلم كما تقدم (3) الكثيب الرمل المستطيل المحدودب (4) قال أهل اللغة العنبر سمكة بحرية كبيرة يتخذ من جلدها الترسة، ويقال إن العنبر المشموم رجيع هذه الدابة، وقال ابن سينا، بل المشرم يخرج من البحر، وانما يؤخذ من أجواف السمك الذي يبتلعه، ونقل الماوردي عن الامام الشافعى قال سمعت من يقول رأيت العنبر نابتاً في البحر ملتوياً مثل عنق الشاة وفي البحر دابة تأكله وهو سم لها فيقتلها فيقذفها فيخرج العنبر من بطنها، وقال الأزهرى العنبر سمكة تكون بالبحر الأعظم يبلغ طولها خمسين ذراعاً يقال لها بالة وليست بعربية (5) هو أحد الروايين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث والثاني هاشم بن القاسم وكل واحد منهما روى ما سمعه (6) بفتح الواو وسكون القاف وموحدة النقرة التى فيها الحدقة (7) بكسر الفاء وفتح المهملة جمع فدرة بفتح فسكون القطعة من اللحم وغيره (8) قال في النهاية الوشيقة أن يؤخذ اللحم فيغلى قليلاً ولا ينضج ويحمل في الأسفار وقيل هي القديد (تخريجه)(ق وغيرهما)
-[غزوة الفتح الأكبر فتح مكة وسببها وما ذكره الحافظ ابن القيم في ذلك]-
(أبواب ما جاء في غزوة الفتح الأكبر فتح مكة)
(باب ما جاء في تاريخ غزوة الفتح وقصة كتاب حاطب بن أبى بلتعة إلى أهل مكة)(عن ابن عباس)(1) رضى الله تبارك وتعالى عنهما قال خريج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عام الفتح في رمضان فصام رمضان وصام المسلمون معه حتى إذا كان بالكديد
(باب)(1)(عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من شرع في الصوم ثم أفطر في يومه من كتاب للصيام في الجزء العاشر صحيفة 113 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 170 فارجع اليه (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله في كتابه زاد المعاد (فصل) في الفتح الأعظم الذى أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين واستنقذ به بلده وبيته الذى جعله هدى للعالمين من أيدى الكفار والمشركين، وهو الفتح الذى استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً، وأشرقت به الأرض ضياءاً وابتهاجاً، خرج له رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتائب الاسلام وجنود الرحمن سنة ثمان لعشر مضين من رمضان، واستهمل على المدينة أيارهم كلثوم بن حصين الغفارى، وقال ابن سعد بل استعمل عبد الله بن أم مكتوم (وكان السبب الذي جر إليه وحدا إليه) فيما ذكره إمام اهل السير والمغازى والأخبار، محمد بن اسحاق بن يسار، أن بنى بكر بن عبد مناة من كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء يقال له الوتير فبيتوهم وقتلوا منهم، وكان الذى هاج ذلك أن رجلاً من بنى الحضرمى يقال له مالك بن عباد خرج تاجراً فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة على بن الأسود وهم سلمى وكلثوم ودويب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم، هذا كله قبل المبعث، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء الاسلام حجز بينهم وتشاغل الناس بشأنه، فلما كان صلح الحديبية بينه صلى الله عليه وسلم وبين قريش وقع الشرط انه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فعل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فعل. فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم. ودخلت خزواعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، فلما استمرت الهدنة غنمها بنو بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم الثأر القديم، فخرج نوفل بن معاوية الدبلى في جماعة من بنى بكر فبيت خزواعة هم على الوتير فأصابوا منهم رجالاً وتناوشوا واقتتوا وأعانت قريش بنى بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل مستخفياً ليلاً. ذكر ابن سعد منهم صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص حتى حازوا خزاعة إلى الحرم، فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلاهك إلاهك ثأركم فيه، فلما دخلت خزاعة مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى ودار مولىً لهم يقال له رافع ويخرج عمرو بن سالم الخزاعى حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوقف عليه وهو جالس في المجسد بين ظهرانى أصحابه فقال:
يا رب انى ناشد محمدا
…
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
…
قد كنتم ولداً وكنا والدا
ثمة أسلمنا ولم ينزع يدا
…
فانصر هداك الله نصراً أبدا
…
وادع عباد الله يأتوا مددا
-[مجيء أبى سفيان بن حرب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يستعطفه في عدم غزو مكة]-
دعا بماء في قعب وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون يعلمهم أنه قد أفطر فأفطر المسلمون
فيهم رسول الله قد تجردا
…
أبيض مثل البدر يسموا صعدا
…
إن شئتم خشفا وجهه تربدا
في فليق كالبحر يجرى مزبدا
…
ان قريشاً أخلفوك الموعدا
…
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لى في كداء رصدا
…
وزعموا أن لست تدعو أحدا
…
وهم أذل وأقل عددا
هم بيتونا بالوتير هججدا
…
وقتلونا ركعاً وسجدا
نقول قتلنا وقد أسلمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرضت سحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن هذه السحابة لتستهل بنصر بنى كعب ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبروه بما أصيب فيهم وبمظاهرة قريش بنى بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس كأنكم بأبى سفيان وقد جاء ليشد العقد ويزيد في المدة. ومضى بديل بن ورقاء في أصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثه قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة، ومضى بديل بن ورقاء في أصحابه حتى لقوا ابا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثه قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذى صنعوا، فلما لقى أبو سفيان بديل بن ورقاء قال من اين أقبلت يا بديل؟ فظن أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادى، قال أوما جئت محمداً؟ قال لا، فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى فأتى مبرك راحلته فأخذ من بعرها ففتة فرأى فيها النوى، فقال احلف بالله لقد جاء بديل محمداً، ثم خرج أبو سفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال لا بنية ما أدرى أرغبت بى عن هذا الفراش أم رغبت به عنى؟ قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس، فقال والله لقد أصابك بعدى شر، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئاً، ثم ذهب إلى أبى بكر فكلمه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به، ثم جاء فدخل على عليّ بن أبى طالب وعنده فاطمة وحسن غلام يدب بين يديهما فقال يا على إنك أمسَّ القوم بي رحماً وانى قد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائباً: اشفع لى إلى محمد، فقال ويحك يا أبا سفيان، والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة فقال لعل لك أن تأمرى ابنك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر، قالت والله ما يبلغ ابنى ذاك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يا أبا الحسن إنى أرى الأمور قد اشتدت عليّ فانصحني، قال والله ما أعلم لك شيئاً يغنى عنك ولكنك سيد بنى كنانة فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك. قال أوترى ذلك مغنياً عنى شيئاً؟ قال لا والله ما أظنه ولكنى لم أجد لك غير ذلك. فقالم أبو سفيان في المسجد فقال أيها الناس انى قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش قالوا ما ورائك؟ قال جئت محمداً فكلمته فوالله ما رد على شيئاً ثم جئت ابن أبى قحافة فلم أجد فيه خيراً، ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو، ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم، قد أشار عليّ بشيء صنعته فوالله ما أدرى هل يغنى عني شيئاً أم لا. قالوا وبم أمرك؟ قال أمرنى أن أجير بين الناس ففعلت. فقالوا فهل أجاز محمد؟ قال لا، قالوا ويلك والله ان زاد الرجل على أن لعب بك
-[تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم لغزو مكة وقصته مع ابن عمه أبى سفيان بن الحارث وإسلامه]-
(وعنه أيضاً)(1) قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره (2) واستخلف على المدينة أبا رهم (3) كلثوم
(1)(سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنى أبى عن ابن اسحاق قال فحدثنى محمد بن مسلم الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) يعنى غزوة فتح مكة (3) بضم الراء وسكون الهاء الغفارى أحد الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة رضي الله عنهم.
_________
قال لا والله ما وجدت غير ذلك. وامر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضى الله عنها وهى تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اى بنية امركنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهيزه؟ قالت نعم فتجهز، قال فأين ترينه ما يريد؟ قالت والله ما أدرى، ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلم الناس أنه سائر إلى مكة فأمرهم بالجد والتجهز وقال اللهم خذ العيون والأخبار من قريش حتى نبعثها في بلادها فتجهز الناس (ثم ذكر قصة حاطب بن أبى بلتعة وارساله الخطاب لقريش يخبرهم بغزو النبى صلى الله عليه وسلم مكة وستأتى هذه القصى في هذا الباب)(قال) ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم والناس صيام حتى إذا كانوا بالكديد وهو الذي تسميه الناس اليوم قديداً أفطر وأفطر الناس معه (قلت جاء هذا في الحديث الأول والثانى من أحاديث الباب) قال ثم مضى حتى نزل مر الظهران وهو بطن مر ومعه عشرة آلاف وعمَّى الله الأخبار عن قريش فهم على وجل وارتقاب وكان أبو سفيان يخرج يتجسس الأخبار، فخرج هو وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار وكان العباس قد خرج قبل ذلك بأهله وعياله مسلماً مهاجراً فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة وقيل فوق ذلك، وكان ممن لقيه في الطريق ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبى أمية: لقياه بالأبواء وهما ابن عمه وابن عمته، فأعرض عنهما لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى والهجر، فقالت له أم سلمة لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك، وقال عليّ لأبي سفيان فيما حكاه أبو عمر ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقل له ما قال أخوة يوسف ليوسف {تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين} فانه لا يرضى ان يكون أحداً أحسن منه قولاً، ففعل ذلك أبو سفيان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} فأنشده أبو سفيان أبياتاً منها
لعمرك انى ين احمل راية
…
لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكان المدلج الخيران اظلم ليله
…
فهذا أوانى حين أهدى فاهدى
هدانى هاد غير نفسى ودلنى
…
على الله من طردته كل مطرد
فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال انت طردتني كل مطرد وحسن إسلامه بعد ذلك، ويقال انه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلم حياءاً منه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه وشهد له بالجنة وقال ارجوا ان يكون خلفاً من حمزة. ولما حضرته الوفاة قال لا تبكوا علىّ فوالله ما نطقت بخطيئة منذ أسلمت (عاد الحديث) فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران نزله عشاءاً فأمر الجيش فأوقدوا النيران فأوقدت عشرة آلاف نارا، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحرس عمر بن الخطاب رضى الله عنه وركب
-[تاريخ غزو مكة ومجيء أبي سفيان بن حرب إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقصة إسلامه]-
ابن حصين بن عتبة بن خلف الغفارى رضى الله تعالى عنه وخرج لعشر مضين من رمضان فصام
العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء وخرج يلتمس لعله يجد بعض الحطابة أو أحداً يخبر قريشاً ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخلها عنوة، قال والله إنى لأسير عليها إذ سمعت كلام أبى سفيان بن حرب وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً، قال يقول بديل هذه والله خزاعة خمشتها الحرب، فيقول أبو سفيان خزاعة أقل وأذل عن أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، قال فعرفت صوته فقلت أبا حنظلة، فعرف صوته فقال أبا الفضل؟ قلت نعم. قال فداك أبى وأمى، قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وأصباح قريش والله، قال فما الحيلة فداك أبى وأمى؟ قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آت بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك، فركب خلعى ورجع صاحباه، قال فجئت به فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين قالوا من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليها قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال من هذا؟ وقام إلىّ فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبو سفيان عدو الله؟ الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقت فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان فدعنى أضرب عنقه، قال قلت يا رسول الله قد أجرته، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه أحد دوني، فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلاً يا عمر فوالله لو كان من رجال بنى عدى بن كعب ما قلت مثل هذا، قال مهلاً يا عباس فوالله لإسلامك كان أحب إلىّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بى إلا أنى قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتنى به فذهبت، فلما أصبحت غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ قال بأبى أنت وأمى ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى شيئاً بعد، قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنى رسول الله، قال بأبى أنت وأمى ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيء، فقال العباس ويحك اسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قبل أن تضرب عنقك، فأسلم وشهد شهادة الحق، فقال العباس يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً، قال نعم، من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن اغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، وأمر العباس أن يجلس أبا سفيان بمضيق الوادى عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ففعل، فمرت القبائل على راياتها، كلما مرت به قبيلة قال يا عباس من هذه؟ فأقول سليم. قال فيقول مالى ولسليم. ثم تمر القبيلة فيقول يا عباس من هؤلاء؟ فأقول مزينة. فيقول مالى ولمزينة حتى نفدت القبائل ما تمر قبيلة إلا سألنى عنها فإذا اخبرته قال مالى ولبنى فلان حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد قال سبحان الله يا عباس من هؤلاء؟ قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار قال =
-[دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ودهشة أبى سفيان بن حرب وأهل مكة من عظمة جيوش المسلمين]-
.....
= ما لأحد بهؤلاء قِبَل ولا طاقة، ثم قال والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة: قال فنعم إذاً، قال قلت النجاء إلى قومك، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة فلما مر بأبي سفيان قال له اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة. اليوم أذل الله قريشاً. فلما حاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان قال يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟ قال وما قال؟ قال فقال كذا وكذا. فقال عثمان بن عبد الرحمن بن عوف يا رسول الله ما نأمن أن يكون له فى قريش صولة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة. اليوم أعز الله فيه قريشاً. ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فنزع منه اللواء ودفعه إلى قيس ابنه ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد اذ صار الى ابنه (قال أبو عمر) وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما نزع منه الراية دفعها الى الزبير ومضى أبو سفيان حتى اذا جاء قريشاً صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، فقامت اليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت اقتلوا الخبيث الدسم الأخمش الساقين قُبح من طليعة
قوم. قال ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم مالا قبل لكم به: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، قالوا قاتلك الله. وما تغنى عنا دارك. قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن. ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة من أعلاها وضربت له هنالك قبة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد يدخلها من أسفلها وكان على المجنبة اليمنى وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب. وكان أبو عبيدة على الرجالة والخسَّر وهم الذين لا سلاح معهم وقال لخالد ومن معه أن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداً حتى توافونى على الصفا، فما عرض لهم أحد إلا أناموه، وتجمع سفهاء قريش فاحصدوهم حصداً حتى توافونى على الصفا، فما عرض لهم أحد إلا أناموه، وتجمع سفهاء قريش واخفاؤها مع عكرمة بن أبى جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين، وكان حماس بن قيس بن خالد أخو بنى بكر يعد سلاحاً قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له امرأته لماذا تعد ما أرى؟ قال لمحمد وأصحابه، قالت والله ما يقوم لمحمد وأصحابه شيء، قال أنى والله لأرجو أنى أخدمك بعضهم ثم قال.
(أن يقبلوا اليوم فمالى علة * هذا سلاح كامل وآلة * وذو عرارين من سريع السلة)
ثم شهد الخندمة مع صفوان وعكرمة وسهيل بن عمرو فلما لقيهم المسلمون ناوشوهم شيئاً من قتال فقتل كرز بن جابر الفهرى وخنيس بن خالد بن ربيعة من المسلمين وكانا فى خيل خالد بن الوليد فهذا عنه فلسكا طريقاً غير طريقه فقتلا جميعاً وأصيب من المشركين نحو اثنى عشر رجلاً ثم انهزموا وانهزم حماس صاحب السلاح حتى دخل بيته فقال لامرأته اغلقي علىّ بابى فقالت واين ما كنت تقول فقال.
إنك لو شهدت يوم الخندمة
…
إذا فر صفوان وفر عكرمة
…
واستقبلتنا بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة
…
ضرباً فلا تسمع الأغمغمة
…
لهم نَهِيتٌ حولنا وهمهمة
لم تنطقى فى اللوم ادنى كلمة
وقال أبو هريرة اقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين (بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون مشددة وفتح الموحدة) فذكر معنى حديث أبى هريرة الآتى فى الباب التالى والله أعلم
-[قصة حاطب بن أبى بلتعة وإرساله كتاباً إلى كفار مكة يخبرهم بغزو مكة]-
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد (1) ماء بين عسفان وأمج (2) أفطر ثم مضى حتى نزل بمرّ الظهران (3) فى عشرة آلاف من المسلمين (عن جابر ابن عبد الله)(4) أن حاطب بن أبى بلتعة كتب إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوهم (5) فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المرأة التي معها الكتاب فأرسل إليها فأخذ كتابها من رأسها وقال يا حاطب أفعلت؟ قال نعم أما انى لم أفعل غشاً يا رسول الله ولا نفاقاً قد علمت أن الله مظهر رسوله ويتم له أمره غير أنى كنت عريراً (6) بين ظهريهم وكانت والدتى معهم (7) فأردت أن اتخذ هذا عندهم، فقال له عمر ألا اضرب رأس هذا؟ قال أتقتل رجلاً من أهل بدر (8) ما يدريك لعل الله عز وجل
(1) بفتح الكاف وكسر المهملة (2) بفتح الهمزة والميم وآخره جيم بلد بين مكة والمدينة كما في النهاية (3) موضع على مرحلة من مكة (تخريجه) رواه ابن اسحاق في المغازى وأورده الحافظ الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن اسحاق وقد صرح بالسماع (يعنى) فالحديث صحيح، وقال أيضاً في الصحيح طرف منه في الصيام (4)(سنده) حدثنا حجين ويونس قالا ثنا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(5) جاء عند ابن اسحاق قال حدثنى محمد بن جعفر عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قالوا لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبى بلتعة كتاباً إلى قريش يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم لى غيره أنها سارة مولاة لبعض بنى عبد المطلب وجعل لها جُعلاً على أن تبلغه قريشاً، فجعلته في رأسها ثم قتلت عليه قرونها ثم خرجت به، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علىّ بن أبى طالب والزبير بن العوام فقال أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبى بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم، فخرجا حتى أدركا فذكر الحديث مطولاً (قلت) تقدم حديث بعث على والزبير رضى الله عنهما بأطول من حديث جابر بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يفعل بالجاسوس إذا كان مسلماً الخ من كتاب الجهاد صحيفة 11 رقم 311 في الجزء الرابع عشر: وهو حديث صحيح رواه الستة إلا ابن ماجه (6) أى غريباً وجاء في الأصل عزيزاً بزايين بدل الراءين وهوخطأ من الطابع أو الناسخ لأنه يناقض حديث بعث على والزبير المشار إليه ففيه (وكنت امرءاً ملصقاً في قريش ولم أكن من أنفسُهما (بضم الفاء) ومعناه أنه كان ملصقاً فيهم بالحلف فقط ولم يكن من نفس قريش وأقربائهم (أما قوله عريراً) بالراء فقد جاء تفسيره في النهاية قال (وفى حديث حاطب) لما كتب إلى أهل مكة ينذرهم مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما عوتب فيه قال كنت رجلاً عريراً في أهل مكة أى دخيلاً غريباً ولم أكن من صميمهم وهو فعيل بمعنى فاعل من عررته إذا أتيته تطلب معروفه (7) جاء في الأصل منهم بالنون بدل العين المهملة وهو خطأ ظاهر وصوابه معهم بالعين بدل النون لأنه يخشى على والدته منهم إذا أظهر لهم العداء (8) تقدم الكلام على هذه الجملة وما بعدها في شرح حديث بعث علىِّ المشار إليه فارجع إليه ترى ما يسرك والله الموفق (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخ وعزاه للإمام احمد ثم قال تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه الإمام أحمد
-[صفة دخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة حتى تم لهم الفتح وعطفه على أهل مكة]-
قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم (باب ما جاء فى صفة دخول النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة حتى تم لهم الفتح ومعاملته أهل مكة بالرأفة والعفو)(حدثنا بهز وهاشم)(1) قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال هاشم قال حدثنى ثابت البنانى حدثنا عبد الله بن رباح قال وفدت وفود إلى معاوية أنا فيهم وأبو هريرة يكثر ما يدعونا إلى رحله، قال فقلت ألا أصنع طعاماً فادعوهم إلى رحلى؟ قال فأمرت بطعام يصنع ولقيت أبا هريرة من العشاء، قال قلت يا أبا هريرة الدعوة عندي الليلة، قال أسبقتنى؟ قال هاشم قلت نعم، قال فدعوتهم فهم عندى، قال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معاشر الأنصار؟ قال فذكر فتح مكة قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة قال فبعث الزبير على إحدى المجنبتين (2) قال وبعث خالداً على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسّر (3) فأخذوا بطن الوادى (4) ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتيبته، قال وقدوّ بشت قريش أو باشها (5) قال فقالوا تقدِّم هؤلاء فإن كان لهم شئ كنا معهم، وأن اصيبوا أعطينا الذى قال (6) قال فقال أبو هريرة فنظر فرآنى فقال يا أبا هريرة: فقلت لبيك يا رسول الله، قال فقال اهتف لى بالأنصار (7) ولا يأتينى إلا أنصارى فهتفت فجاؤا فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ترون إلى أوباش قريش واتباعهم ثم قال بيديه (8) احداهما على الأخرى حصدا حتى توافونى بالصفا: قال فقال أبو هريرة فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء إلا قتله (9) وما أحد يوجه إلينا منهم شيئاً (10) قال فقال أبو سفيان يا رسول الله ابيحت خضراء قريش (11) لا قريش بعد اليوم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن (12)، قال فغفل الناس أبوابهم، قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الججر فاستمله ثم طاف بالبيت (13) قال وفي يده
وإسناده على شرط مسلم ولله الحمد (باب)(1)(حدثنا بهز وهاشم الخ)(غريبه)(2) بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون مشددة وهما الميمنة والميسرة ويكون القلب بينهما (3) هو بضم الحاء وتشديد السين المهملتين أى الذين لا دروع عليهم (4) أى جعلوا طريقهم في بطن الوادى (5) أى جمعت جموعاً من قبائل شتى: هو بالباء الموحدة مشددة والشين المعجمة (6) جاء عند مسلم أعطينا الذى سئلنا، والظاهر أنهم كانوا سألوهم أجراً على تقديمهم للقتال والله أعلم (7) أى ادعهم لى وإنما خصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لثقته بهم ورفعا لمراتبهم وإظهاراً لجلالتهم وخصوصيتهم (8) فيه إطلاق القول على الفعل أى أشار إلى هيئتهم المجتمعة أو إلى حصدهم واستئصالهم بدليل قوله حصدا أيى احصدوهم حصداً (9) فيه دلالة على جبنهم وانتصار المسلمين عليهم (10) أى لا يدفع أحد عن نفسه (11) أى استؤصلت قريش بالقتل وأفنيت وخضراؤهم بمعنى جماعتهم ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة ومنه السواد الأعظم (12) فيه تأليف لأبى سفيان وإظهار لشرفه (13) فيه الابتداء بالطواف في أول دخوله مكة سواء كان محرماً بحج أو عمرة أو غير محرم وكان صلى الله عليه وسلم دخلها في هذا اليوم وهو يوم الفتح غير محرم بإجماع المسلمين وكان على رأسه المغفر كما سيأتى في حديث أنس والأحاديث
-[خوف الأنصار من بقاء النبى صلى الله عليه وسلم بمكة وتركه المدينة لما رأوه من عطفة على أهل مكة]-
قوس أخذ بسية (1) القوس قال فأتى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال فجعل يطعن (2) بها فى عينه ويقول بماء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟، قال ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء فمن؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بدعوه، قال والأنصار تحته، قال يقول بعضهم لبعض أمّا الرجل فأدركته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بعشيرته (3) قال أبو هريرة وجاء الوحى وكان إذا جاء لم يخف علينا فليس؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضى، قال هاشم فلما قضى الوحى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يا معشر الأنصار قلتم أما الرجل فأدركته رغبة فى قريته ورأفة بعشيرته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (4)، قال فما اسمى إذاً؟ كلا، انى عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم الممات مماتكم، قال فأقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذى قلنا إلا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله ورسوله ليصدقانكم ويعذرانكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) (6) دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح من كدَاء من أعلى مكة ودخل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (وفى لفظ آخر) دخل مكة من أعلى
متظاهرة على ذلك والاجماع منعقد عليه (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وأما قول القاضى عياض رحمه الله أجمع العلماء على تخصيص النبى صلى الله عليه وسلم بذلك ولم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من دخلها بعده لحرب أو بغى أنه لا يحل له دخولها حلالاً فليس كما نقل، بل مذهب الشافعى وأصحابه وآخرين أنه يجوز دخولها حلالاً للمحارب بلا خلاف، وكذا لمن يخاف من ظالم أو ظهر؟؟؟؟؟ وغيره، وأما من لا عذر له أصلاً فللشافعى رضى الله عنه قولان مشهوران؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أنه يجوز له خوفاً بغير إحرام لكن يستحب الإحرام، والثانى لا يجوز والله أعلم (1) السية بكسر السين وتخفيف الياء التحتية المفتوحة: المنعطف في طريق القوس (2) بضم العين المهملة على المشهور؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هذا الفعل إذلال للاصنام ولعابديها وإظهار لكونها لا تضر ولا تنفع ولا تدفع عن نفسها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الرجل النبى صلى الله عليه وسلم وبقريته مكة وبعشيرته قريشاً، قالوا ذلك لما رأوا رأفته عليه السلام؟؟؟؟؟؟؟؟ بأهل مكة بكفه القتل عنهم ظناً منهم أنه صلى الله عليه وسلم يقيم فيها ولا يرجع إلى المدينة كما؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ما قلنا الذى قلنا إلا الضن بالله ورسوله والضن هو البخل بالشئ النفيس، فهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بقائه فيهم وعدم مفارقتهم (4) فيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم حيث أخبره الوحى بما قالوا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صلى الله عليه وسلم (وقوله صلى الله عليه وسلم فما اسمى إذا) معناه انى إذا فعلت ما فهمتم ثم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ عبادى؟؟؟؟ وهذا ينافى اسمى لأنى عبد الله ورسوله وانى أحق بالوفاء لكم (كلا) لا أفارقكم في المحيا والممات فشتوا بما أقول لكم، وفيه معجزة أخرى حيث أخبر أن موته صلى الله عليه وسلم يكون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يعنى المدينة، وهذا لا ينافى قوله تعالى {وما تدرى نفس بأى أرض تموت) فإن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بذلك على لسان الوحى (5) بكسر الضاد المعجمة أى شحا بك أن تفارقنا ويختص؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وجرى ما عليك وعلى مصاحبتك ودوامك عندنا لنستفيد منك ونتبرك بك وتهدينا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (تخريجه)(م دنس)(6)(عن عائشة رضى الله عنها) هذا الحديث والذى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) تقدماً بسندهما وشرحهما وتخريجهما
-[دخول النبي صلى الله عليه وسلم من ثلية الإذخر وعليه عمامة سوداء وعلى رأسه المغفر]-
مكة وخرج من أسفلها (وعنها أيضاً) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من ثنية الإذخر (عن جابر)(1) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء (2)(عن أنس بن مالك)(3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر (4) فلما نزعه جاء رجل وقال ابن خطل متعلق باستار الكعبة (5) فقال اقتلوه. قال مالك ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرماً (6) والله أعلم (عن أبي هريرة)(7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلنا غداً إن شاء الله إذا فتح الله الخيف حيث تقاسموا على الكفر (باب ما جاء في إسلام أبى قحافة والد أبى بكر الصديق رضى الله عنهما يوم الفتح)(عن أسماء بنت أبى بكر)(8) رضى الله عنهما قالت لما وقف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بذى طوى (9) قال أبو تحافة لابنة له من أصغر ولده أي بنية أظهري بي
في الفصل الثاني من باب دخول مكة من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر صحيفة 6 رقم 212 فارجع اليه (1)(سنده) حدثنا عفان ثنا حماد أنا أبو الزبير عن جابر (يعنى بن عبد الله الخ)(غريبه)(2) زاد مسلم (بغير إحرام) وفى رواية له من حديث عمرو بن حريث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب للناس وعليه عمامة سوداء (قال النووى) رحمه الله فيه جواز لباس الثياب السود، وفيه جواز الأسود فى الخطبة وأن الأبيض أفضل منه كما ثبت فى الحديث الصحيح (خير ثيابكم البياض)، وأما لباس الخطباء السواد فى حال الخطبة فجائز ولكن الأفضل البياض كما ذكرنا، وإنما لبس العمامة السوداء فى هذا الحديث بياناً للجواز اهـ والله أعلم (تخريجه) (م والأربعة) (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) بوزن منبر هو زرد ينسبح على قدر الرأس مثل القلنسوة وهو من آلات الحرب يستر به المحارب رأسه (5) سيأتى الكلام على ابن خطل في باب أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل عبد العزى بن خطل الخ (6) قال النووى رحمه الله تعالى هذا دليل لمن يقول بجواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد منسكاً سواء كان دخوله لحاجة تكرر كالحطاب والحشاش والسقا والصياد وغيرهم: أم لم تتكرر كالتاجر والزائر وغيرهما سواء أكان آمناً أو خائفاً، وهذا أصح القولين للشافعي وبه يفتى أصحابه، (والقول الثاني) لا يجوز دخولها بغير إحرام إن كانت حاجته لا تتكرر إلا أن يكون مقاتلاً أو خائفاً من قتال أو خائفاً من ظالم لو ظهر: ونقل القاضي نحو هذا عن أكثر العلماء اهـ (قلت) مالك المذكور في الحديث هو الامام مالك بن أنس يحكى عنه عبد الرحمن بن مهدى (تخريجه)(ق. وغيرهما)(7)(عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بأطول من هذا وأوضح بسنده وشرحه وتخريجه في أول باب نزول المحصب إذا نفر مني من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 228 رقم 430 فارجع إليه تجد ما يسرك، وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (باب)(8)(سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبى بكر الخ (غريبه)(9) قال النووى موضع معروف بقرب مكة يقال بفتح الطاء وضمها وكسرها والفتح أفصح وأشهر ويصرف ولا يصرف
-[خوف أبي قحافة والد أبى بكر الصديق من دخول جيش المسلمين مكة وقصة إسلامه]-
على أبي قبيس (1) قالت وقد كفّ بصره قالت فأشرفت به عليه، قال يا بلية ماذا تر إن؟ قالت أرى سواداً مجتمعاً، قال تلك الخيل، قالت وأرى رجلاً يسعى بين ذلك السواد مقبلاً ومُدبراً، قال يا بنية ذلك الوازع يعنى الذى يأمر الخيل ويتقدم إليها، ثم قالت قد والله انتشر السواد، فقال قد والله انتشر السواد، فقال قد والله إذاً دفعت الخيل فأسرعى بى إلى بيتى، فانحطت به وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته وفى عنق الجارية طوق لها من ورق فتلقاها رجل فاقتلعه من عنقها، قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتاه أبو بكر (رضى الله عنه) بأبيه يقوده (2) فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه (3) قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشى اليك من أن تمشى أنت إليه، قال فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم، فأسلم ودخل به أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه كأنها ثغامة (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا من شعره، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال أنشد بالله وبالإسلام طوق أختى فلم يجبه احد فقال يا أخية احتسبى طوقك (5)(باب ما جاء في طلبه صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة ليدخلها وما فعله بالأصنام التى وضعها المشركون فيها وتطهيرها من ذلك)(عن نافع عن ابن عمر)(6) دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم الفتح وهو على ناقة لأسلمة بن زيد فاناخ يعنى بالكعبة ثم دعا عثمان بن طلحة بالمفتاح فذهب يأتيه به فأبت أمه أن تعطيه (7) فقال لتعطينه أو يخرج بالسيف من صلى (8) فدفعته اليه ففتح الباب فدخل ومعه بلال وعثمان وأسامة فأجافوا الباب عليهم ملياً (9) قال ابن عمر وكنت رجلاً شاباً قوياً فبادرت الناس فبدرتهم (10) فوجدت بلالاً قائماً على الباب فقلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال بين العمودين المقدمين (11) ونسيت أن أسأله كم صلى (عن ابن عباس)(12) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت
(1) أي اصعدي على جبل أبى قبيس، وأبو قبيس مصغر: جبل مشرف على الحرم المعظم من الشرق (2) تقدم فى الحديث أنه قد كف بصره (3) هذا يدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم ومكارم أخلاقه (4) بفتح الثاء المثلثة هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه به الشيب، وقيل هى شجرة تبيض كأنها الثلج (نه)(5) زاد ابن اسحاق والله أن الأمانة فى الناس اليوم لقليل، قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه يعنى به الصديق ذلك اليوم على التعيين لأن الجيش فيه كثرة ولا يكاد أحد يلوى على أحد مع انتشار الناس ولعل الذى أخذه تأوّل أنه من حربى والله أعلم (تخريجه) رواه ابن اسحاق وسنده صحيح ورجاله ثقات (باب)(6)(سنده) حدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه)(7) إنما امتنعت أمه عن إعطائه المفتاح لظنها أن النبى صلى الله عليه وسلم يأخذ الحجابة منهم، قال الآبى يحتمل أنها لم تكن أسلمت حينئذ فلذلك منعت اهـ وفى أسد الغابة أن أمه أم سعيد من بنى عمرو بن عوف ولا ذكر لها فى الصحابيات فالظاهر عدم اسلامها والله أعلم (8) معناه أنه لابد من أخذ المفتاح إما طوعاً أو كرهاً (9) أى ردوه عليهم مدة طويلة (10) أى سابقت الناس فى الذهاب إلى باب الكعبة فسبقتهم (11) فيه اثبات صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة يوم الفتح (تخريجه)(خ) ببعض اختصار (12)(سنده)
-[دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة واخراج الأصنام منها ومن قال أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصلى فيها]-
فأخرج صورة إبراهيم، وإسماعيل عليهما السلام في أيديهما الازلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله أما والله لقد علموا ما اقتسما بها قط (1) قال ثم دخل البيت فكبر فى نواحى البيت وخرج ولم يصل فى البيت (2)(عن عبد الله بن مسعود)(3) دخل النبى صلى الله عليه وسلم وحول الكعبة ستون وثلثمائة نصب (4) فجعل يطعنها بعود كان بيده ويقول جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
(أبواب دخول الكعبة واختلاف الصحابة فى حكم الصلاة فيها)
(باب من روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل داخل الكعبة)(عن ابن جريج)(5) قال ينهى عن دخوله ولكنى سمعته (7) يقول أخبرنى أسامة بن زيد أن النبى صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا فى نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين فى قبل الكعبة (8) قال عبد الرازق (9) وقال هذه القبلة (عن عمرو بن دينار)(10) أن ابن عمر حدث عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى البيت، قال وكان ابن عباس يقول لم يصل فيه ولكن كبر فى نواحيه (عن الفضل بن عباس)(11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فى الكعبة فسبح وكبر ودعا
حدثنا عبد الصمد حدثنى أبى أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه)(1) أى ما استقسما بالأزلام قط كما فى رواية البخارى (2) فيه نفى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى فى أحكام باب ما جاء فى دخول الكعبة من كتاب الحج فى الجزء الثالث عشر صحيفة 16 مع بيان مذاهب الأئمة وكلام العلماء فى ذلك فارجع إليه فإنه بحث نفيس (تخريجه)(خ) وأورده ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به البخارى يعنى لم يروه مسلم (3)(سنده) حدثنا سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن أبى معمر عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه)(4) بضم النون والصاد المهملة أي ضم (وقوله يطعنها) بضم العين المهملة من باب قتل (تخريجه)(ق. نس مذ)(باب)(5)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريح وروح قالا ثنا ابن جريح قال قلت لعطاء الخ (غريبه)(6) يعنى دخول الكعبة (وقوله قال) يعنى عطاء (لم يكن) ابن عباس (ينهى عن دخوله) أى البيت (7) يقول عطاء (ولكنى سمعته) أى سمعت ابن عباس (يقول أخبرنى أسامة الخ)(8) أى مستقبلاً الكعبة (9) معناه أن عبد الرزاق زاد فى روايته ان النبى صلى الله عليه وسلم قال وهذه القبلة (تخريجه)(م نس) وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فى الكعبة: وقد اختلفت الرواة على أسامة بن زيد فبعضهم روى عنه الإثبات كما سيأتى فى الباب التالى، وبعضهم روى عنه النفى كما فى حديث الباب وتقدم الكلام على ذلك مستوفى فى الحج كما أشرنا إلى ذلك آنفاً والله اعلم (10)(سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار الخ (تخريجه)(ق والأربعة)(11)(سنده) حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد يعنى بن سلمة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس
-[من روى أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى فى الكعبة]-
الله عز وجل واستغفر ولم يركع ولم يسجد (وعنه أيضاً)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخلها وقع ساجداً بين العمودين ثم جلس يدعو (وعنه أيضاً)(2) أنه دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم البيت وأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فى البيت حين دخله ولكنه لما خرج فنزل ركع ركعتين عند باب البيت (عن ابن عباس)(3) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وفيها ست سوار فقام عند كل سارية ولم يصل (وعنه من طريق ثان)(4) أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه (يعنى البيت) ولكنه استقبل زواياه (وعنه أيضاً)(5) حدثنى أخى الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها (6) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يصل فى الكعبة ولكنه لما دخلها وقع ساجداً بين العمودين ثم جلس يدعو (باب من روى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم صلى فيها)(عن نافع عن ابن عمر)(7) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء (8) الكعبة فدعا عثمان بن طلحة بالمفتاح فجاء به ففتح فدخل النبى صلى الله عليه وسلم وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة (وفى رواية والفضل بن العباس) فأجافوا عليهم الباب ملياً (9) ثم فتحوه قال عبد الله فبادرت الناس (10) فوجدت بلالاً على الباب قائماً فقلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم؟ قال بين العمودين المقدمين، قال ونسيت أن أسأله كم صلى (11)
عن الفضل ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير بنحوه ورجاله رجال الصحيح (1)(سنده) حدثنا يعقون ثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى عبد الله بن ابى نجيح عن عطاء بن ابى رباح او عن مجاهد بن جبر عن عبد الله بن عباس حدثنى اخى الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (2)(سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا ابن جريح اخبرنى عمرو بن دينار ان ابن عباس كان احمد، وروى الطبرانى معناه فى الكبير ورجال احمد رجال الصحيح (3)(سنده) حدثنا يزيد اخبرنا همام بن يحيى حدثنا عطاء عن ابن عباس الخ (4)(سنده) حدثنا اسماعيل اخبرنا ليث قال قال طاوس قال ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(ق وغيرهما)(5)(سنده) حدثنا يعقوب حدثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى عبد الله بن ابى نجيح عن عطاء بن ابى رباح أو مجاهد بن جبر عن عبد الله بن عباس حدثنى أخى الفضل الخ (غريبه)(6) معناه وكان الفضل ابن عباس مع النبى صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد ورجاله ثقات اهـ (قلت) وقوله فى السند عن عطاء بن ابى رباح او مجاهد بن جبر هذا الشك لا يؤثر فى صحة الحديث لأن كلهما ثقة فالحديث صحيح (باب)(7)(سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه)(8) بكسر الفاء وبالمد جانبها وحريمها (9) أى ردوه عليهم وتقى هكذا مدة طويلة (10) أى سابقتهم فى الوصول إلى باب الكعبة (11) جاء فى رواية أخرى عند الامام أحمد أيضاً
-[من روى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة]-
(وعنه عن طريق ثان بنحوه وفيه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ترك عمودين عن يمينه وعموداً عن يساره؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع (قال اسحق) وكان البيت يومئذ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بين القبلة (عن أبى الشعثاء)(3) قال ذهبت حاجاً فدخلت البيت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ حتى لزقت بالحائط، قال وجاء ابن عمر حتى قام إلى جنبى فصلى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت؟ قال فقال ههنا (4) أخبرنى أسامة بن زيد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صلى؟ قال على هذا أجدنى ألوم نفسي، إني مكثت معه عُمراً ثم لم أسأله كم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ المقبل قال خرجت حاجاً (5) قال فجئت حتى قمت على مقامه (6)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إلى جنبى فلم يزل يزاحمنى حتى أخرجنى منه ثم صلى فيه أربعاً (عن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) أن معاوية حج فأرسل إلى شيبة ابن عثمان أن افتح باب الكعبة فقال علىَّ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ رضى الله عنهما، فقال له معاوية هل بلغت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة؟ فقال: نعم؟؟؟؟؟؟؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فتأخر خروجه فوجدت شيئاً (8) فذهبت ثم جئت سريعاً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً فسألت بلال بن رباح هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الكعبة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بين الساريتين (زاد فى رواية فقام معاوية فصلى بينهما) (وعنه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ معاوية قدم مكة فدخل الكعبة فبعث الى ابن عمر رضى الله عنهما؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فقال صلى بين الساريتين بحبال الباب فجاء ابن الزبير فرجّ الباب رجاً شديداً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فما أنك قد علمت أنى كنت أعلم
وصلى ركعتين حيال وجهه ثم دعاء له؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا مالك واسحاق قال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وعثمان بن طلحة وأسامة بن زيد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (2) ليس هذا من كلام اسحاق من عنده ولكنه يريد أنه ذكر هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وذكره عبد الرحمن بن مهدى، وأن عبد الرحمن ذكر الذى بينه وبين القبلة ولم يذكر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ على هذا أن زيادة اسحاق هذه ثابتة فى الموطأ رواية يحيى بن يحيى وكذلك فى رواية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ والله أعلم (تخريجه)(م د نس مذ)(3)(سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أبى الشعثاء الخ (غريبه)(4) يعنى المكان الذى صلى فيه ابن عمر (5)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أبو الشعثاء (6) أى مقام ابن عمر يعنى المكان الذى قام فيه ابن عمر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير بمعناه ورجاله رجال الصحيح (7)(سنده)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ سعيد عن السائب بن عمر حدثنى ابن أبى مليكة أن معاوية الخ (8) يعنى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ خروج النبى صلى الله عليه وسلم وأسف لعدم دخوله الكعبة (9)(سنده) حدثنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أن معاوية قدم مكة الخ
-[ما جاء في التزام الكعبة والتبرك بها وما يقول ويفعل من دخلها]-
مثل الذي يعلم (1) ولكنك حسدتنى (وعن سماك الحنفى)(2) قال سمعت ابن عمر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى البيت وستأتون (وفى رواية وسيأتى) من ينهاكم عنه فتسمعون منه يعنى ابن عباس (وفى رواية فتسمعون من قوله)(3) قال ابن جعفر (احد الرواة) وابن عباس جالس قريباً منه (عن أسامة بن زيد)(4) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البيت
(باب التزام الكعبة والتبرك بها وما يقول وما يفعل من يدخلها)
(عن عطاء عن أسامة بن زيد)(5) أنه دخل هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فأمر بلالاً فأجاف البيت والبيت إذ ذاك على ستة أعمدة فمضى حتى أتى الاسطوانتين اللتين تليان الباب باب الكعبة فجلس فحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفره ثم قام حتى أتى ما استقبل من دبر الكعبة فوضع وجهه وجسده على الكعبة (وفى رواية فوضع صدر عليه وجسده ويديه) فحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفره ثم انصرف حتى أتى كل ركن من أركان البيت فاستقبله بالتكبير والتهليل والتسبيح والثناء على الله عز وجل والاستغفار والمسألة، ثم خرج فصلى ركعتين خارجاً من البيت مستقبل وجه الكعبة، ثم انصرف فقال هذه القبلة هذه القبلة (وفى رواية مرتين أو ثلاثاً)(عن عبد الرحمن بن صفوان)(6) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ملتزماً الباب ما بين
(غريبه)(1) أي مثل الذى يعلم ابن عمر ولكنك لم تسألنى حسداً منك (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث بلال فى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة بدون قصة معاوية، وفى المواهب قال وفى كتاب تاريخ مكة للازرقى والفاكهى أن معاوية سأل ابن عمر أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال اجعل بينك وبين الجدار ذراعين أو ثلاثة. فعلى هذا ينبغي لمن أراد الاتباع فى ذلك أن يجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع فإنه تقع قدماه فى مكان قدميه صلى الله عليه وسلم إن كانت ثلاثة سواء: أو تقع ركبتاه أو يداه أو وجهه إن كان أقل من ثلاثة أذرع والله أعلم اهـ (قلت) وسند حديث الباب صحيح (2)(سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة وحجاج قال حدثنى شعبة عن سماك الحنفى قال سمعت ابن عمر يقول الخ (غريبه)(3) تقدم فى هذا الباب عن ابن عمر أنه سأل بلالاً فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة وتقدم فى الباب السابق أن ابن عباس نفى الصلاة فيها وابن عباس إنما روى هذا فى الحقيقة عن أخيه الفضل بن عباس كما تقدم فى الحديث الأخير من الباب السابق والصحيح ما روى ابن عمر عن بلال لأن المثبت مقدم على النافى، ولعل الفضل لم ير النبى صلى الله عليه وسلم حين صلى لاشتغاله بالدعاء والله أعلم (4)(عن أسامة بن زيد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى دخول الكعبة واختلاف الصحابة فى الصلاة فيها من كتاب الحج فى الجزء الثالث عشر صحيفة 14 رقم 451 وقد اتفق العلماء على أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة يوم فتح مكة، واختلفوا فى دخوله فى حجة الوداع (وأما الصلاة فيها) فقد قال النووى رحمه الله أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم فواجب ترجيحه اهـ (تنبيه) انظر أحكام الباب المشار إليه من كتاب الحج نجد فيه ما يسرك والله الموفق (باب)(5)(سنده) حدثنا يحيى بن عبد الملك ثنا عطاء عن أسامة بن زيد الخ (تخريجه)(م نس)(6)(عن عبد الرحمن بن صفوان الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه
-[أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل عبد العزى بن خطل ولو متعلقاً بأستار الكعبة]-
الحجر والباب ورأيت الناس ملتزمين البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه أيضاً)(1) قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت لألبس ثيابي وكان داري على الطريق فلأنظرن ما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فوافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم (2) وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى وسطهم: فقلت لعمر كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل الكعبة؟ قال صلى ركعتين.
(باب أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل عبد العزى بن خطل ولو متعلقاً بأستار الكعبة وآخرين معه)
وتأمين من استجار بأم هانى بنت أبى طالب رضى الله عنها (عن أنس بن مالك)(3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل وقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه، قال مالك ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم محرماً والله أعلم (عن أبى برزة الأسلمى)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة الناس آمنون غير عبد العزى بن خطل (5)(عن عامر الشعبى)(6) عن عبد الله بن مطيع بن الأسود أخى بنى عدى بن كعب عن أبيه مطيع وكان اسمه العاصى فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعاً، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل هؤلاء الرهط بمكة (7)
وتخريجه في باب مشروعية طواف الوداع الخ من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر ص 234 رقم 442 (1)(سنده) حدثنا أحمد بن الحجاج أنا جرير عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن ابن صفوان قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة الخ (غريبه)(2) قال فى النهاية هو ما بين الركن والباب (يعنى ركن الحجر الأسود وباب الكعبة، وقيل هو الحجر (بكسر المهملة وسكون الجيم) المخرج منها سمى به لأن البيت رفع وترك هو محطوماً (تخريجه)(د) قال المنذرى فى إسناده يزيد بن أبى زياد ولا يحتج به: وذكر الدارقطنى أن يزيد بن أبى زياد تفرد به عن مجاهد (باب)(3)(عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب صفة دخول النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة الخ فى هذا الجزء ص 115 رقم 267 وإنما ذكرته هنا لمناسبة أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وجماعة معه وسيأتى سبب قتلهم جميعاً وذكر أسمائهم فى شرح الحديث الآتى بعد حديث (4)(سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا شداد أبو طلحة ثنا جابر بن عمرو أبو الوازع عن أبى برزة قال قلت يا رسول الله مرنى بعمل أعمله، قال امط الأذى عن الطريق فهو لك صدقة، قال وقتلت عبد العزى بن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة الخ (غريبه)(5) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة يعنى وآخرون معه كما سيأتى فى الحديث التالي (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد فى حديث طويل والطبرانى ورجال احمد ثقات (6)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن أبى اسحاق حدثنى شعبة بن الحجاج عن عبد الله بن أبى السفر عن عامر الشعبى عن عبد الله بن مطيع الخ (غريبه)(7) الرهط من الرجال ما دون العشرة وقد ذكر أسماءهم وتراجمهم بن اسحاق فقال قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى امرائه أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم غير أنه اهدر دم نفر سماهم وان وجدوا تحت أستار الكعبة وهم (عبد الله بن سعد بن أبي سرح
-[ذكر أسماء من أهدر النبى صلى الله عليه وسلم دمهم عير عبد العزى بن خطل]-
(وفي رواية يوم فتح مكة) يقول لا تغزى مكة بعد هذا العام أبداً (1) ولا يقتل رجل من قريش بعد العام صبراً أبداً (2)(زاد فى رواية) ولم يدرك الإسلام أحداً من عصاة قريش غير مطيع (3)
كان قد أسلم وكتب الوحى ثم ارتد فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد أهدر دمه فرّ إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة، فلما جاء به ليستأ من له صمت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، ثم قال نعم، فلما انصرف مع عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله إما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآنى قد صمتّ فيقتله؟ فقالوا يا رسول الله هلا أومأت الينا؟ فقال إن النبى لا يقتل بالاشارة (وفى رواية) أنه لا ينبغي لنبى أن تكون له خائنة الأعين (قال ابن هشام) وقد حسن إسلامه بعد ذلك وولاه عمر بعض أعماله ثم ولاه عثمان اهـ قال الحافظ ابن كثير ومات وهو ساجد فى صلاة الصبح أو بعد انقضاء صلاتها فى بيته، قال ابن اسحاق (وعبد الله بن خطل) رجل من بنى تيم بن غالب قال الحافظ ابن كثير ويقال ان اسمه عبد العزى بن خطل ويحتمل أنه كان كذلك ثم لما اسلم سمى عبد الله، ولما اسلم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً وبعث معه رجلاً من الأنصار وكان معه مولى له فغضب عليه غضبة فقتله ثم ارتد مشركاً وكان له قينتان فرتنى وصاحبتها (قال فى المواهب) فرتنى بالفاء المفتوحة والراء الساكنة والتاء المثناة الفوقية (وقريبة) بالقاف والراء والموحدة مصغراً فكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فلهذا أهدر دمه ودم قينتيه فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة: اشترك فى قتله أبو برزة الأسلمى وسعيد بن حريث المخزومى، وقتلت إحدى قينتيه (قلت هي قريبة كما يستفد مما سيأتى) قال (والحويرث بن نقيذ) بن وهب بن عبد قصى وكان ممن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، ولما تحمل العباس بفاطمة وأم كلثوم ليذهب بهما إلى المدينة يلحقهما برسول الله صلى الله عليه وسلم أول الهجرة نخس بهما الحويرث هذا الجمل الذي هما عليه فسقطتا إلى الأرض، فلما أهدر دمه قتله على بن أبى طالب، قال (ومقيس ابن صبابة) لأنه قتل قاتل أخيه خطأ بعدما أخذ الدية ثم ارتد مشركاً، قتله رجل من قوله يقال له نميلة بن عبد الله (قال وسارة) مولاة لبنى عبد المطلب ولعكرمة بن أبى جهل لأنها كانت تؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى بمكة (قال الحافظ ابن كثير) وقد تقدم عن بعضهم أنها التي تحملت الكتاب من حاطب بن أبى بلتعة وكأنها عفى عنها أو هربت ثم أهدرت دمها والله أعلم، فهربت حتى استؤمن لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنها فعاشت إلى زمن عمر فأوطأها رجل فرساً فماتت، وذكر السهيلي ان فرتنى أسلمت أيضاً (قال ابن اسحاق) وأما عكرمة بن أبى جهل فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام واستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فذهبت فى طلبه حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم انتهى ما ذكره ابن اسحاق (1) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه بعد قوله (لا تغزى مكة بعد هذا العام أبداً) قال فإن كان نهيا فلا إشكال، وإن كان نفياً فقال البيهقى على كفر أهلها (2) قال النووى قال العلماء معناه الاعلام بأن قريشاً يسلمون كلهم ولا يرتد أحد منهم كما ارتد غيرهم بعده صلى الله عليه وسلم ممن حوله وقتل صبرا، وليس المراد أنهم لا يقتلون ظلماً صبراً فقد جرى على قريش بعد ذلك ما هو معلوم والله أعلم (3) جاء عند مسلم بلفظ (ولم يكن أسلم أحد من عصاة قريش غير مطيع كان اسمه العاصى فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعاً) قال القاضى عياض فى شرحه عصاة هنا جمع العاص من أسماء الأعلام لا من الصفات أى من أسلم ممن كان اسمه العاصى مثل العاص بن وائل
-[ما جاء في تحريم غزو مكة بعد عام الفتح]-
(عن أبي مرة مولى فاختة)(1) أم هانئ عن فاختة أم هانئ بنت أبى طالب قالت لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من احمائي فأدخلتهما بيتاً وأغلقت عليهما باباً فجاء ابن أمى على بن أبى طالب فتفلت عليهما بالسيف (وفى رواية زعم ابن أمى أنه قاتل رجل أجرته فلان انب هبيرة) قالت فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فلم أجده ووجدت فاطمة فكانت أشد علىّ من زوجها، قالت فجاء النبى صلى الله عليه وسلم وعليه أثر الغبار فأخبرته فقال يا أم هانى قد أجرنا من أجرت وأمّنا من أمنت (باب ما جاء في تحريم غزو مكة بعد عام الفتح وخطبته صلى الله عليه وسلم في ذلك)(عن الحارث بن مالك) ابن برصاء (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يقول لا يغزى هذا (3) يعنى بعد اليوم إلى يوم القيامة (عن عمرو بن شعيب)(4) عن أبيه عن جده قال لما فتحت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفو السلاح الا خزاعة عن بنى بكر فأذن لهم حتى صلى العصر، ثم قال كفوا السلاح، فلقى رجل من خزاعة رجلاً من بنى بكر من غد بالمزدلفة فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خطيباً فقال ورأيته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: قال ان أعدى الناس على الله من قتل في الحرم أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول (5) الجاهلية، فقام إليه رجل فقال إن فلاناً ابنى (وفي رواية عاهرت بامه (6) في الجاهلية) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دعوة (7) في الاسلام ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الأثلب، قالوا وما الأثلب؟ (8) قال الحجر، قال وفي
السهمي، والعاص بن هشام أبو البخترى، والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية، والعاص بن هشام بن المغيرة المخزومى، والعاص بن منبه بن الحجاج وغيرهم سوى العاص بن الأسود العذرى فغير النبى صلى الله عليه وسلم اسمه فسماه مطيعا، والا فقد أسلمت عصاة قريش وعتاتهم كلها بحمد الله تعالى ولكنه ترك أبا جندل بن سهيل بن عمرو وهو ممن أسلم واسمه ايضاً العاص: فاذا صح هذا فيحتمل أن هذا لما غلبت عليه كنيته وجهل اسمه لم يعرفه المخبر باسمه فلم يستثنه كما استثنى مطيع بن الأسود والله أعلم (تخريجه) أورد الجزء الأول منه الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه الترمذي عن بندار عن يحيى بن سعيد القطان به وقال حسن صحيح (قلت) وبقية الحديث رواه مسلم في صحيحه (1)(عن أى مرة مولى فاختة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تحريم الدم بالأمان الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صفحة 116 رقم 325 وهو حديث صحيح رواه الشيخان والأربعة من طرق متعددة بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (باب)(2)(سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن زكريا عن الشعبى عن الحارث بن مالك بن برصاء الخ (غريبه)(3) يعنى حرم مكة (تخريجه)(مذ) وقال حسن صحيح (4)(سنده) حدثنا يحيى عن حسين عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه)(5) بضم الذال المعجمة والحاء المهملة جمع ذحل بفتح فسكون وهو العداوة وطلب ثأر من قتل في الجاهلية بعد الإسلام (6) أي زنيت (7) الدعوة بكسر الدال وسكون العين المهملتين هو أن ينتسب الانسان إلى غير أبيه وعشيرته وقد كانوا يفعلونه فنهى عنه وجعل الولد للفراش (8) بفتح الهمزة واللام وكسرهما والفتح أكثر وبينهما ثاء مثلثة ساكنة وهو الحجر كما
-[خطبة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بعد فتح مكة]-
الأصابع عشر عشر، وفى المواضح خمس خمس، قال وقال لا صلاة بعد الغداة حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، قال ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا يجوز لمرأة عطية إلا باذن زوجها (قال الامام أحمد)(1) سمعت يونس يحدث عن الزهرى عن مسلم بن يزيد حدثنى سعد بن بكر أنه سمع أبا شريح الخزاعي ثم الكعبى وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في قتال بنى بكر حتى أصبنا منهم ثأرنا وهو بمكة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برفع السيف فلقى رهط منا الغَدَ (2) رجلاً من هزيل في الحرم يؤم (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم وكان قد وترهم (4) في الجاهلية وكانوا يطلبونه فقتلوه وبادروا أن يخلص الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر (5) فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضباً شديداً والله ما رأيته غضب غضباً أشد منه فسعينا إلى أبى بكر وعلى رضى الله عنهما نستشفعهما وخشينا أن نكون قد هلكنا، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فان الله عز وجل هو حرّم مكة ولم يحرّمها الناس، وانما أحلها لى ساعة من النهار أمس: وهي اليوم حرام كما حرمها الله عز وجل أول مرة، وإن أعتى الناس على الله عز وجل ثلاثة: رجل قتل فيها ورجل قتل غير قاتله، ورجل طلب بذحل في الجاهلية وإنى والله لأدين (6) هذا الرجل الذى قتلتم فواده رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن عمرو)(7) قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح قام في الناس خطيباً فقال يا أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية فان الاسلام لم يزده إلا شدة، ولا حِلف في الاسلام (وفى رواية ولا تحدثوا حلفاً في السلام)(8)(وفى رواية أيضاً ولا هجرة بعد الفتح)(9) والمسلمون يد على من سواهم تكافأ دماؤهم يجير عليهم أدناهم
فسره في الحديث والكلام على شرح باقى الحديث تقدم في أبوابه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات، وغفل عن عزوه للإمام احمد، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه مختصراً وقال هذا غريب جداً، وقد روى أهل السنن بعض هذا الحديث (يعنى عن عمرو بن شعيب) قال فأما ما فيه من أنه رخص لخزاعة أن تأخذ بثأرها من بنى بكر إلى العصر من يوم الفتح فلم أره إلا في هذا الحديث، وكأنه إن صح من باب الاختصاص لهم مما كانوا أصابوا منهم ليلة الوتير (قلت) الحديث صحيح رواه اصحاب الكتب الستة عن غير واحد من الصحابة مقطعاً في أبواب متفرقة (1)(قال الإمام أحمد الخ)(غريبه)(2) يعنى صباح اليوم التالى ليوم الأمر برفع السيف (3) أى بقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم على يديه (4) أى أصاب منهم جناية (5) أى بادروا بقتله قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيامر بعدم قتله والله أعلم (6) بكسر الدال المهملة وفتح الياء التحتية بعدها نون مشددة أى ادفع ديته لأولياء دمه (تخريجه)(ق مذ نس)(7)(سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) الخ (غريبه)(8) هذه الجملة تقدم الكلام على شرحها في باب ما جاء في المؤاخاة والمحالفة بين المهاجرين والأنصار في هذا الجزء صحيفة 7 (9) تقدم الكلام على شرحها في باب لا هجرة بعد الفتح في الجزء العشرين
-[خطبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم فتح مكة]-
ويَردّ عليهم أقصاهم (1) تُردُّ سراياهم على فَقدِهم (2)، لايقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم (3)، لا جلب ولا جنب (زاد في رواية ولا شغار في الإسلام)(4) ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم (5)
395 (عن ابن عمر)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو على درج الكعبة الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ألا إن قتيل العمد (7) الخطأ بالسوط أو العصا فيه مائة من الإبل، وقال مرة المغلظة فيها أربعون خَلِفة في بطونها أولادها إن كل مأثُرة كانت في الجاهلية ودم ودعوى، وقال مرة ودم ومال تحت قدميّ هاتين إلا ما كان من سقاية الحاج وسِدانة البيت فإني أمضيها لأهلها على ما كان
396 (عن عقبة بن أوس)(8) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال لا إله إلا الله وحده نصر عبده وهزم الأحزاب وحده، قال هشيم مرة أخرى الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، ألا إن كل مأثُرة كانت في الجاهلية تعد وتدّعى وكل دم أو دعوى موضوعة تحت قدميّ إلا سِدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وإن قتيل خطأ العمد قال هشيم مرة بالسوط والعصا والحجر
صحيفة 297 (1) تقدم شرح هذه الجملة في باب تحريم الدم بالأمان من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 115 من حديث علي رضي الله عنه قال في النهاية (أقصاهم) أي أبعدهم وذلك في الغزو إذا دخل العسكر أرض الحرب فوجّه الإمام منه السرايا فما غنمت من شيء أخذت منه ما سمى لها وردَّ ما بقي على العسكر لأنهم وإن لم يشهدوا الغنيمة رِدْءٌ للسرايا وظهرٌ يرجعون إليهم (2) القعد بفتح القاف والعين المهملة اسم جمع للقاعد، وهم الذين لا يمضون للقتال، وهذه الجملة تفسير للجملة التي قبلها، أي يأخذ بعض الغنيمة من حضر القتال ويرد الباقي على من لم يحضر لأنهم ردء لمن حضر القتال وظهرٌ يرجعون إليه كما ذكره صاحب النهاية والله أعلم (3) هذ الجملة تقدم شرحها في باب لا يقتل مسلم بكافر من من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر ص 33 و 34 (4) تقدم شرح الجلب والجنب والشغار في باب مشروعية السبق وآدابه من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 126 رقم 353 (5) تقدم شرح هذه الجملة في باب الرفق برب المال إلخ من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 39 رقم 79 (تخريجه)(دمذ) مقطعًا في مواضع مختلفة وهو حديث صحيح صححه الترمذي وغيره وله شواهد كثيرة تعضده (6)(سنده) حدّثنا سفيان عن ابن جُدْعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر إلخ (غريبه)(7) تقدم شرح هذه الجملة وهي قوله (ألا إن قتيل العمد) إلى آخره من حديث ابن عمر أيضًا من طريق ثان في باب دية قتيل شبه العمد من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صفحة 51 رقم 129 وتقدم تخريجه والكلام عليه هناك (8)(سنده) حدّثنا هشام ثنا خالد عن القاسم بن ربيعة بن جوشن عن عقبة بن أوس إلخ (غريبه)(9) قيل إن الرجل المبهم عنا من الصحابة هو عمرو بن العاص، كما جاء صريحًا عند أبي داود والبيهقي والدارقطني، قيل وهِمَ فيه بعضٌ لنسبته لعبد الله بن عمرو بن العاص وقيل هو عبد الله بن عمر لكونه جاء بسياق حديث عبد الله بن عمر المتقدم، وسواءً كان من حديث عبد الله بن عمر أو من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فالحديث
-[حديث أبي شريح العدوي في تحذير عمرو بن سعيد من غزو مكة]-
دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها، وقال مرة أربعون (1) من ثنية إلى بازل عامها كلهن ×فافة
397 (عن أبي شريح العدوي)(2) أنه قال لعمرو بن سعيد (3) وهو يبعث البعوث إلى مكة (4) ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغدَ (5) من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حيث تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال إن مكة حرّمها الله ولم يحرِّمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا ولا يَعضُض (6) فيها شجرة فإن أحد ترخّص (7) بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا إن الله عز وجل أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس (8) فليبلغ الشاهد الغائب، فقيل لأبي شريح ما قال لك عمرو؟ قال قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح (9) إن الحرم لا يعيذ عاصيًا (9) ولا فارًّا بدم ولا فارًّا بجزية وفي لفظ
صحيح ثابت (1) وقال مرة أربعون إلخ تقدم تفسير هذه الجملة من هذا الحديث نفسه في باب دية قتيل شبه العمد المشار إليه آنفًا ص 51 رقم 131 (تخريجه)(د نس جه قط هق) والبخاري في التاريخ الكبير وسنده جيد (2)(سنده) حدّثنا أبو كامل قال ثنا ليث قال حدثني سعيد بن أبي شريح العدري إلخ (غريبه)(3) أي ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية المعروف الأشدق لأنه صعد المنبر فبالغ في شتم علي رضي الله عنه فأصابته لقوة: وكان يزيد بن معاوية ولاه المدينة (قال الطبري) كان قدومه واليًا على المدينة من قِبَل يزيد في السنة التي ولي فيها يزيد الخلافة سنة ستين اهـ (وقال السهيلي) عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية وهو الأشدق ويكنى أبا أمية وكان لطيم الشيطان وكان جبارًا شديد البأس حتى خافه عبد الملك على ملكه فقتله بحيلة، وذكر له خبرًا طويلاً، وهو الذي رعف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سال منه الدم (4) المراد به الجيش المجهز لقتال عبد الله بن الزبير لأنه لما امتنع من بيعة يزيد وأقام بمكة كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد أن يوجه إلى ابن الزبير جيشًا فجهز إليه جيشًا فجاءه أبو شريح العدوي فقال له ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً إلخ (5) بالنصب على الظرفية أي اليوم الثاني من يوم الفتح لمكة (6) بفتح أوله وضم الضاد وفي رواية بكسرها أي لا يقطع (7) من الرخصة وأحد مرفوع بفعل مضمر يفسره ما بعده أي فإن ترخص أحد (بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم متعلق بقوله ترخص أي لأجل قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مستدلاًّ به (فقولوا إن الله إلخ)(8) أي عاد تحريمها كما كانت بالأمس قبل يوم الفتح حرامًا زاد في رواية من حديث ابن عباس عند البخاري وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة (9) معناه اعلم أن مكة حرمها الله وأنك قد صح سماعك ولكنك لم تفهم المراد (10) يشير إلى عبد الله بن الزبير لأن عمرو بن سعيد كان يعتقد أنه عاصٍ بامتناعه عن امتثال أمر يزيد لأنه كان يرى وجوب طاعته لكنها دعوى من عمرو بغير دليل، وليس كلام عمرو بن سعيد هذا حديثًا يحتج به، وزاد في رواية أخرى الإمام أحمد وابن إسحاق أن أبا شريح قال لعمرو بن سعيد بعد قوله إن الحرم لا يعيذ عاصيًا إلخ (قد كنتُ شاهدًا وكنتَ غائبًا وقد بلغت، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك فأنت وشأنك) وإنما ترك أبو شريح مشاققته لعجزه عنه لما كان فيه من قوة
-[بيعة أهل مكة رجالاً ونساءً واستحضار أولادهم ليمسح النبي صلى الله عليه وسلم عليهم]-
ولا مانع جزية (باب ما جاء في بيعة أهل مكة رجالاً ونساءً) واستحضار أولادهم ليمسح النبي صلى الله عليه وسلم عليهم
398 (عن الوليد بن عقبة)(1) قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل أهل مكة يأتون بصبيانهم فيمسح على رءوسهم ويدعو لهم فجيء بي إليه وإني مطيب بالحلوق (2) ولم يمسح على رأسي ولم يمنعه من ذلك إلا أن أمي خلقتني بالخلوق فلم يمسني من أجل الخلوق
399 (حدّثنا عبد الرازق)(3) أنا بن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن خُثَيم أن محمد بن الأسود بن خلف أخبره أن أباه الأسود وأى النبي صلى الله عليه وسلم يبلغ الناس يوم الفتح، قال جلس عند قرن مسقلة (4) فبايع الناس على الإسلام والشهادة، قال قلت وما الشهادة؟ قال أخبرني محمد بن الأسود ابن خلف أنه بايعهم على الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم فكنت أقول كما يقلن
الشوكة والله أعلم (تخريجه)(خ) وابن إسحاق في المغازي (باب)(1) سنده حدّثنا فياض بن محمد الرقى عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج الكلابي عن عبد الله الهمداني عن الوليد بن عقبة إلخ (غريبه)(2) بفتح الخاء المعجمة وهو طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته، وتارة بالنهي عنه، والنهي أكثر وأثبت، وإنما نهي عنه لأنه من طيب النساء وكن أكثر استعمالاً له منهم، والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة (نه)(تخريجه)(د) قال الحافظ المنذري هكذا ذكره أبو داود عن عبد الله الهمداني عن الوليد بن عقبة، وقال البخاري عن عبد الله الهمداني عن أبي موسى الهمداني ويقال الهمذاني قاله جعفر بن بُرقان عن ثابت بن الحجاج ولا يصح، وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي إن عبد الله الهمداني هو أبو موسى (وقال الحاكم) أبو أحمد الكرابيسي وليس يعرف أبو موسى الهمداني ولا عبد الله الهمداني وقد خولف في هذا الإسناد، وقال ابن أبي خثيمة أبو موسى الهمداني اسمه عبد الله، وهذا حديث مضطرب الإسناد ولا يستقيم عن أصحاب التواريخ أن الوليد كان يوم فتح مكة صغيرًا، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ساعيًا إلى بني المصطلق وشكته زوجته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وروي أنه قدم في فداء من أسر يوم بدر، (وقال أبو عمر النمري) وهذا الحديث رواه جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن أبي موسى الهمداني ويقال الهمذاني كذلك ذكره البخاري على الشك عن الوليد بن عقبة، قالوا وأبو موسى هذا مجهول والحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن أن يكون مَن بُعث مصدّقًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صبيًّا يوم الفتح، ويدل على فساد ما رواه أبو موسى المجهول أن الزبير بن بكار وغيره ذكروا أن الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة وكانت هجرتها في الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وكان غلامًا مخلقًا يوم الفتح ليس يجيء منه مثل هذا، ثم قال وله أخبار فيها نكارة وشناعة اهـ (3)(حدّثنا عبد الرزاق إلخ)(غريبه)(4) اسم مكان معروف عندهم لم أقف على تعيينه، وجاء عند الحاكم فجلس عند قرب دار سمرة (5) يستفاد منه أنه صلى الله عليه وآله وسلم بايع أهل مكة على الإيمان والإسلام فقط لأنه لم يرد منهم سوى ذلك ولأن معظهم بايعوا مكرهين بخلاف بيعة المهاجرين والأنصار فإنهم جاءوا راغبين طائعين رضي الله عنهم أجمعين (وعند البيهقي) فجاءه الناس الكبار والصغار والرجال والنساء
-[بيعة نساء مكة وما قالته هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم]-
(عن مجاشع بن مسعود)(1) قال قلت يا رسول الله هذا، مجالد بن مسعود يبايعك على الهجرة فقال لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإسلام
401 (عن عروة عن عائشة)(2) رضي الله عنها قالت جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يزنين الآية: قالت فوضعت يدها على رأسها حياءً (3) فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها، فقالت عائشة أفري أيتها المرأة فوالله ما بايعنا إلا على هذا، قالت فنعم إذًا فبايعها بالآية
402 (عن عائشة بنت قدامة)(4) قالت أنا مع أمي رائطة بنت سفيان الخزاعية والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع النسوة ويقول أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين في معروف، قالت فاطرقن: فقال لهن النبي صلى الله عليه وسلم قلن نعم فيما استطعتن، فكن يقلن وأقول معهن وأمي تلقنني قولي أي بنية فيما استطعت
فبايعهم على الإسلام والشهادة تخريجه (ك) ولم يتكلم عليه بشيء وكذلك الذهبي لم يتعقبه بشيء ورجاله كلهم ثقات (1)(عن مجاشع بن مسعود إلخ) هذا الحديث تقدم من طرق أخرى في باب قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح من أبواب أحكام الهجرة في الجزء العشرين صحيفة 97 رقم 168 وتقدم شرحه وتخريجه هناك وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (2)(سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري أو غيره عن عروة عن عائشة رضي الله عنها إلخ (غريبه)(3) أي حياءً من الزنا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد إلا أنه قال عن معمر عن الزهري أو غيره عن عروة، والبزار لم يشك ورجاله رجال الصحيح (وفي الباب) عند ابن جرير قال ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فجلس لهم فيما بلغني على الصفا وعمر بن الخطاب أسفل من مجلسه فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، قال فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة متنقبة متنكرة لحدثها لما كان من صنيعها بحمزة، فهي تخاف أن يأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدثها ذلك: فلما دنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبايعهن قال بايعنني على أن لا تشركن بالله شيئًا، فقالت هند والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه من الرجال، (ولا تسرقن) فقالت والله إني كنت أصبت من مال أبي سفيان الهنة بعد الهنة وما كنت أدري أكان ذلك علينا حلالاً أم لا، فقال أبو سفيان وكان شاهدًا لما تقول أمّا ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لهند بنت عتبة، قالت نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك ثم قال (ولا يزنين) فقالت يا رسول الله وهل تزني الحرة؟ ثم قال (ولا تقتلن أولادكن) قالت قد ربيناهم صغارًا حتى قتلتهم أنت وأصحابك ببدر كبارًا، فضحك عمر بن الخطاب حتى استغرق ثم قال (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) فقالت والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل ثم قال (ولا يعصينني) فقالت في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بايعهن واستغفر لهن الله (إن الله غفور رحيم) فبايعهن عمر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء ولا يمس إلا امرأة أحلها الله له أو ذات محرم منه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (4)(سنده) حدّثنا إبراهيم بن أبي العباس ويونس المعني قالا ثنا عبد الرحمن يعني ابن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب قال حدثني أبي عن أمه عائشة بنت قدامة إلخ (قلت) قال الحافظ في الإصابة =
-[(تابع الشرح) بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لهدم العزّى وسرية عمرو بن العاص إلى سواع]-
.....
= هي بنت قدامة بن مزعون القرشية الجمحية وهي مكية والبيعة المذكورة كانت بمكة، وقد روى حديثها أحمد فذكر حديث الباب (تخريجه) أورده الحافظ في الإصابة وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورويناه بعلو في المعرفة لابن منده من وجه آخر عن عبد الرحمن بن عثمان وقال فيه مع أمي رائطة بنت سفيان امرأة من خزاعة اهـ (قلت) وسنده حسن (وفي هذه السنة أعني الثامنةمن الهجرة) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لهدم العزّى) قال ابن جرير وكان هدمها لخمس بقين من رمضان عامئذٍ (قال ابن إسحاق) ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى وكانت بيتًا بنخلة يعظمه قريش وكنانة ومضر وكان سدنتها وحجابها من بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، فلما سمع حاجبها السلمي بمسير خالد بن الوليد إليها علق سيفه عليها ثم اشتد في الجبل الذي هي فيه وهو يقول
أيا عز شدي شدة لا سوى لها
…
على خالد ألقي القناع وشمري
أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدًا
…
فبوئي بإثم عاجل أو تنصري
قال فلما انتهى خالد إليها هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقد روى الواقدي وغيره) أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما رأيت؟ قال لم أر شيئًا، فأمره بالرجوع فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول فعلاها بالسيف وجعل يقول
يا عزى كفرانك لا سبحانك
…
إني قد رأيت الله قد أهانك
ثم خرب ذلك البيت الذي كانت فيه وأخذ ما كان فيه من الأموال رضي الله عنه وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تلك العزى ولا تعبد أبدًا (وقال البيهقي) أنبأنا محمد بن أبي بكر الفقيه أنبأنا محمد بن أبي جعفر أنبأنا أحمد بن علي ثنا أبو كريب عن ابن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى فأتاها وكانت على ثلاث سَمرات فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال ارجع فإنك لم تصنع شيئًا، فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا هربًا في الجبل وهم يقولون، يا عزى خبليه يا عزى عوّريه وإلا فموتي برغم، قال فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها ووجهها فعممها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال تلك العزى اهـ (قال في المواهب اللدنية)(ثم سرية عمرو بن العاص إلى سواع) صنم هزيل على ثلاثة أميال من مكة في شهر رمضان سنة ثمانٍ حين فتح مكة، قال عمرو فانتهيت إليه وعنده السادن فقال ما تريد؟ فقلت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه، قال لا تقدر على ذلك، قلت لم؟ قال تمنع، فقلت ويحك وهل يسمع أو يبصر؟ قال فدنوت منه فكسرته ثم قلت للسادن كيف رأيت قال أسلمت لله (ثم سرية سعد بن زيد الأشهلي) إلى مناة صنم للأوس والخزرج بالمشلل في شهر رمضان حين فتح مكة فخرج في عشرين فارسًا حتى انتهى إليها قال السادن ما تريد؟ قال هدم مناة؟ قال أنت وذاك فأقبل سعد يمشي فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها فضربها سعد بن زيد فقتلها، وأقبل إلى الصنم ومعه أصحابه فهدموه وانصرف راجعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك
-[سريِّة خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمة وما جاء في تكسير الأصنام]-
(باب ما جاء في سرية خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمنة)(1)
لست بقين من رمضان (ثم سرية خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني جذيمة) فذكر قصتها (قلت) سيأتي الحديث في ذلك في الباب التالي مشروحًا شرحًا وافيًا (وفي بهجة المحافل) للإمام عماد الدين يحيى بن أبي بكر العامري قال روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح عليه السلام في العرب بعد (أمّاوَدّ) فكانت لكلب بدومة الجندل (وأما سواع) فكانت لهذيل (وأما يغوث) فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ (وأما يعوق) فكانت لهمدان (وأما نَسْر) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، وكانت للعرب أصنام أخر (فاللات) لثقيف (ومناة) لقُدَيد (وإساف ونائلة وهبل) لأهل مكة (وذو الخلصة) لخثعم ودوس فهدمها صلى الله عليه وسلم جميعها (قال) ومما ذكر أيضًا إسلام عباس بن مرداس ذكره ابن هشام عقب فراغه من قصة الفتح (وكان من خبره) أنه كان لأبيه مرداس صنم يعبده يقال له ضمار فأوصاه به عند موته وقال له اعبد ضمارًا فإنه ينفعك ويضرك، فبينما عباس يوما عنده إذ سمع مناديًا من جوفه يقول
قل للقبائل من سليم كلها
…
أودى ضمار وعاش أهل المسجد
إن الذي ورث النبوة والهدى
…
بعد ابن مريم من قريش مهتدى
أودى ضمار وكان يعبد مرة
…
قبل الكتاب إلى النبي محمد
فحرقه عباس ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم اهـ (قلت) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد ذكر البخاري بعد فتح مكة قصة تخريب خثعم البيت الذي كانت تعبده ويسمونه الكعبة اليمانية مضاهية الكعبة التي بمكة ويسمون الكعبة التي بمكة الكعبة الشامية ولتلك - الكعبة اليمانية (فقال البخاري) ثنا يوسف بن موسى ثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تريحني من من ذي الخلصة؟ فقلت بلى فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب يده في صدري حتى رأيت أثر يده في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا، قال فما وقعت عن فرس بعد، قال وكان ذو الخلصة بيتًا باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال له الكعبة اليمانية قال فأتاها فحرقها في النار وكسرها، قال فلما قدم جرير اليمن كان بها رجل يستقسم بالأزلام فقيل له إن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم هاهنا فإن قدر عليك ضرب عنقك، قال فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير فقال لتكسرنها وتشهد أن لا إله إلا الله أو لأضربن عنقك فكسرها وشهد، ثم بعث جرير رجلاً من أحمس يكنى أرطاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بذلك، قال فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال فبارك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات: قال ورواه مسلم من طرق متعددة بنحوه
(باب)(1) جذيمة بفتح الجيم وكسر المعجمة وهم بنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة والنسبة إليها جذمي بفتح المعجمة مع فتح الجيم وضمها (وقال السهيلي) وتعرف تلك الغزوة بالغميصاء اسم ماء لبني جذيمة وكانت في شوال سنة ثمانٍ من الهجرة عقب فتح مكة وقبل الخروج إلى حنين (قال سعد في الطبقات) ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة وكانوا بأسفل مكة على ليلة
قصة خالد بن الوليد مع بني جذيمة وقتلهم وأسرهم خطأ بعد إسلامهم
403
-----
(عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر)(1) قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني - أحسبه قال جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا (2) وجعل خالد بهم أسرًا وقتلاً، قال ودفع إلى كل رجل منا أسيرًا حتى إذا أصبح بوما أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره قال فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له صنيع خالد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين (3)(باب ما جاء في غزوة حنين (4) وتاريخها وسببها وغير ذلك)
ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الغميصاء (1)(سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر إلخ (غريبه)(2) بالهمز وتركه والصابئ الخارج من دين إلى دين (قال في النهاية) يقال صبأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره، من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع، وصبأت النجوم إذا خرجت من مطالعها، وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام (3) قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنكر عليه أحد؟ قال نعم، قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة فنهمه (أي زجره) خالد فسكت عنه، وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر بن الخطاب أما الأول يا رسول الله فابني عبد الله، وأما الآخر فسالم مولى أبي حذافة (قال ابن إسحاق) فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج عليّ حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فَردَى لهم الدماء (أي دفع دية من قتل) وما أصيب لهم من الأموال حتى إنه ليدِي ميلغة الكلب (بكسر الميم وفتح اللام)، الإناء الذي بلغ، فيه وهذا وصف مبالغة في أنه ضمن لهم كل فائت حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه وبقيت معه بقية من المال، فقال لهم عليّ حين فرغ منهم هل بقي لكم دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا لا، قال فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال أصبت وأحسنت، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة قائمًا شاهرًا يديه حتى أنه ليرى ما تحت منكبيه يقول اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات (أما خالد) فإنه لم يقصد إلا نصرة الإسلام وأهله وإن كان قد أخطأ في أمر واعتقد أنهم ينتقصون الإسلام بقولهم صبأنا صبأنا، ولم يفهم عنهم أنهم أسلموا فقتل طائفة كثيرة منهم وأسر بقيتهم وقتل أكثر الأسرى أيضًا ومع هذا لم يعزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استمر به أميرًا وإن كان قد تبرأ منه في صنيعه ذلك وودى ما كان جناه خطأً من دم أو مال: ففيه دليل لأحد القولين بين العلماء في أن خطأ الإمام يكون في بيت المال لا في ماله والله أعلم
(باب)(4) وتسمى غزوة أوطاس وهما موضعان بين مكة والطائف فسميت الغزوة باسم مكانها وتسمى غزوة هوازن لأنهم الذين أتوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن القيم في "زاد المعاد"
-[ما جاء في غزوة حنين وتاريخها وسببها وغير ذلك]-
(حدّثنا بهز)(1) ثنا حماد بن سلمة أخبرني يعلى بن عطاء عن أبي همام قال أبو الأسود هو عبد الله بن يسار (2) عن أبي عبد الرحمن الفهري (3) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لأمتي (4) وركبت فرسي فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فُسطاط فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله حان الرواح (5) فقال أجل، فقال يا بلال فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر (6) فقال لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال أسرج لي فرسي فأخرج سرجا دفتاه (7) من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر (8) قال فأسرج قال فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فنشامت (9) الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل (10) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله
(قال الحافظ) حنين بمهملة ونون مصغرا: وادٍ إلى جنب ذي المجاز قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات، قال أبو عبيد البكري سمي باسم حنين بني قابثة بن مهلاييل (قال أهل المغازي) خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لست خلون من شوال وقيل لليلتين بقين من رمضان (وجمع بعضهم بأنه بدأ الخروج في أواخر رمضان وسار سادس شوال وكان وصوله إليها في عاشره، وكان السبب في ذلك أن مالك بن عوف النضري جمع القبائل من هوازن ووافقه على ذلك الثقفيون وقصدوا محاربة المسلمين فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم اهـ (قلت قال ابن إسحاق) ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم: فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ذكر له أن عند صفوان بن أمية ادراعا له وسلاحًا فأرسل إليه وهو يومئذٍ مشرك، فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا غدًا، فقال صفوان أغصبًا يا محمد؟ قال بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه هكذا أورد هذا ابن إسحاق بغير إسناد (قلت) حديث صفوان في العارية تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر صحيفة 129 رقم 411 فارجع إليه (1)(حدّثنا بهز إلخ)(غريبه)(2) يريد أبو الأسود أن أبا همام اسمه عبد الله بن يسار (3) قال الحافظ في الإصابة مختلف في اسمه فقيل يزيد بن أنيس وقيل كرز بن ثعلبة وقيل اسمه عبيد وقيل الحارث، ذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر، وأخرج حديثه أبو داود والبغوي، ووقع لنا بعلو في مسند الدارمي من طريق يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار عنه أنه شهد حنينًا (يعني حديث الباب) (4) بهمزة بعد اللام وقد يترك الهمز تخفيفًا وهي أداة الحرب (5) أي آن وقت الرواح لحرب العدو: والرواح السير آخر النهار (6) بهامش المنذري قوله ظل طائر مبالغة في رقته ونحافة جسمه (7) أي جانباه (8) أي ليس فيهما ما يدل على الأشر والبطر وهو الكبر من كونهما ذهب أو فضة أو حرير أو نحو ذلك (9) أي تمنى كل فريق أن يظفر بعدوه ويشمت فيه (10) يعني
-[حديث العباس بن عبد المطلب في هزيمة المسلمين يوم حنين وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته]-
أنا عبد الله ورسوله، ثم قال يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله، قال ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه (1) فأخذ كفًّا من تراب فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم وقال شاهت (2) الوجوه فهزمهم الله عز وجل، قال يحيى بن عطاء فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابًا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد (3)
405 (عن العباس بن عبد المطلب)(4) قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا قال فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب (5) فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على بغلة شهباء وربما قال معمر بيضاء أهداها له فروة ابن نَعامة الجُذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون (6) مدبرين وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَل الكفار قال العباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها وهو لا يألوا (7) ما أسرع نحو المشركين وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عباس ناد يا أصحاب السمرة (9) قال وكنت رجلاً
قوله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بمارحبت ثم وليتم مدبرين (إلى قوله تعالى) ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم} أما سبب انهزامهم فهو أن العدو كمن لهم في شعاب الوادي ومضايقه كما قال جابر وسيأتي حديثه في الباب التالي، قال فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس راجعين، وهناك سبب آخر وهو قول رجل من المسلمين لن نغلب اليوم من قلة، قيل هو رجل من بني بكر، حكاه ابن إسحاق، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لأن ظاهره الافتخار بكثرتهم والإخبار بنفي الغلبة لانتفاء القلة، فكأنه قال سبب الغلبة القلة ونحن كثير فلا نغلب، وكان جيش المسلمين اثني عشر ألفًا، عشرة آلاف من أهل المدينة الذين فتح بهم مكة، وألفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء: وكان جيش العدو أكثر من عشرين ألفًا، روى الحاكم وصححه وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم عن أنس لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم اليوم والله نقاتل حين اجتمعنا فكره النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم (1) أي نزل عنها (2) أي قبحت (3) بالجيم تنبيهًا على قوة الصوت الذي سمعوه فإن صوت الجديد أقوى من صوت العتيق (تخريجه)(د طل مي) شيبة والطبراني وابن مردويه والبيهقي ورجاله ثقات كلهم (4)(سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري أخبرني كثير بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه العباس (يعني بن عبد المطلب) قال شهدت إلخ (غريبه)(5) هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة كان كثير الإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام، وقد هداه الله فأسلم حين الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوجه إلى مكة وتقدم الكلام على ذلك ومات في خلافة عمر (6) تقدم سبب انهزامهم في شرح الحديث السابق (7) أي لا يقصر في الإسراع نحو المشركين (8) أي بركابه، الغرز الركاب (9) بفتح السين المهملة
-[حديث العباس بن عبد المطلب في هزيمة المسلمين يوم حنين ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم]-
صيتًا (1) فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة؟ قال فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفةُ البقر على أولادها، فقالوا يا لبيك يا لبيك وأقبل المسلمون فاقتلوا هم والكفار فنادت الأنصار يقولون يا معشر الأنصار ثم قَصَّرَت الداعون (2) على بني الحرث بن الخزرج، قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول (3) عليها إلى قتالهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حين حمي الوطيس (4) قال ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزَموا ورب الكعبة انهزموا ورب الكعبة قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته فما زلت أرى حدّهم كليلاً وأمرهم مُدبِرًا حتى هزمهم الله (5) قال وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته (ومن طريق ثان)(6) عن كثير بن عباس قال كان عباس وأبو سفيان (7) معه يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فخطبهم وقال الآن حمي الوطيس، وقال ناد يا أصحاب سورة البقرة (8)
406 (عن ابن مسعود)(9) كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين قال فولى عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار فنكصنا على أقدامنا (10) نحوًا من ثمانين قدمًا ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عز وجل عليهم السكينة (11) قال ورسول الله
وضم الميم هي الشجرة التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها بيعة الرضوان عام الحديبية (1) بفتح الصاد المهملة وكسر الياء التحتية المشددة هو الشديد الصوت العالية، يقال هو صيت وصائت كميت ومائت (نه)(2) جاء عند مسلم ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ومعناه أنهم أوَّلا نادوا الأنصار عمومًا ثم خصصوا بالنداء بني الحارث بن الخزرج (3) من الطول بالفتح وهو الفضل والعلو على الأعداء (4) قيل هو الضراب في الحرب وقيل هو الوطأ الذي يطس الناس أي يدقهم، وقال الأصمعي هو حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطؤها، ولم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق (5) قال النووي هذا فيه معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما فعلية والأخرى خبرية فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بهزيمتهم، ورماهم بالحصيات فولوا مدبرين (6)(سنده) حدثنا سفيان قال سمعت الزهري مرة أو مرتين فلم أحفظه عن كثير بن عباس قال كان عباس إلخ (7) يعني ابن الحارث بن عبد المطلب (8) خصت بالذكر حين الفرار لتضمنها قوله تعالى {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة} أو لتضمنها {أوفوا بعهدي أوف بعهدكم} أو {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} (تخريجه)(م) وابن إسحاق في المغازي وابن سعد في الطبقات (9)(سنده) حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الحارث بن حَصِيرة حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال قال عبد الله بن مسعود كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (10) يعني رجعوا على أقدامهم إلى الوراء من غير أن يولوهم الدبر وهو القهقرى (11) يعني قوله تعالى {ثم أنزل الله سكينته
-[خروج هوازن برجالهم ونسائهم وأطفالهم ومواشيهم يوم حنين لملاقاة جيش المسلمين]-
صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضى قدمًا (1) فحادت به بغلته فمال عن السرج (2) فقلت له ارتفع رفعك الله، فقال ناولني كفا من تراب فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم ترابًا، ثم قال أين المهاجرون والأنصار؟ قلت هم أولا قال اهتف بهم (3) فهتفت بهم فجاءوا وسيوفهم بإيمانهم كأنهم الشهب وولي المشركون أدبارهم (عن أنس بن مالك)(4) قال فتحنا مكة ثم إنا غزونا حنينًا فجا المشركون بأحسن صفوف رأيت أو رأيت فصف الخيل ثم صفت المقاتلة ثم صفت النساء من وراه ذلك ثم صفت الغنم ثم صفت النعم (5) قال ونحن بشر كثير وقد بلغنا ستة آلاف (6) وعلى مجنبة (7) خيلنا خالد بن الوليد قال فجعلت خيولنا تلوذ خلفت ظهورنا، قال فلم نلبث أن انكشفت خيولنا وفرت الأعراب ومن نعلم من الناس، قال فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا للمهاجرين يا المهاجرين، ثم قال يا للأنصار قال أنس هذا حديث عمية (8) قال قلنا لبيك يا رسول الله، قال فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فايم الله ما أتيناهم حتى هزمهم الله قال، فقبضنا ذلك المال ثم انطلقنا إلى الطائف (9)
على رسوله وعلى المؤمنين) (1) بضم القاف والدال المهملة ويجوز سكون الدال ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتقهقر بل كان يمضي ببغلته إلى الأمام (2) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم مال عن السرح ليأخذ كفا من تراب فلما قال له ابن مسعود ارتفع رفعك الله أمره أن يناوله كفا من تراب (3) أي نادهم وادعهم وقد هتف يهتف هتفا بسكون التاء، وهتف به هتافا إذا صاح به ودعاه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بزطب) ورجل أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة (4)(سنده) حدثنا عارم ثنا معتم بن سليمان التيمي قال سمعت أبي يقول ثنا السميط السدوسي عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(5) معناه أنهم خرجوا برجالهم ونساءهم وأولادهم وأموالهم ليهتم كل واحد منهم بالدفاع عن نسائه وولده وماله (6) لعله يريد المهاجرين والأنصار فقد روى أبو الشيخ أنه كان مع المهاجرين والأنصار ألف من جهينه وألف من مزينه وألف من أسلم وألف من غفار وغيرهم وتقدم في شرح الحديث الأول من الباب أنهم خرجوا في هذه الغزوة في اثنى عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء (7) بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون المشددة (قال في النهاية) مجنبة الجيش هي التي تكون في الميمنة والميسرة وهما مجنيتان والنون مكسورة أهـ (وقال شمر) المجنبة هي الكتيبة من الخيل التي تأخذ جانب الطريق الأيمن وهما مجنيتان، ميمنه وميسرة بجانبي الطريق، والقلب بينهما، (8) بفتح العين المهملة وكسر الميم المشددة وتخفيف الياء التحتية وبعدها هاء السكت أي حدثني به عمي (قال القاضي عياض) معناه عندي جماعتي أي هذا حديثهم، قال صاحب العين العم الجماعة وأنشد عليه ابن دريد في الجمهرة (افنيت عما وجبرت عما) قال القاضي وهذا أشبه بالحديث (9)(قال في المواهب) وكان صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يجمع السبى والغنائم مما أفاء الله على رسوله يوم حنين فجمع ذلك كله إلى الجعرانة فكان بها إلى أن انصرف صلى الله عليه وسلم من الطائف وكان السبي (يعني كما قال ابن سعد وتبعه اليعمري (ستة آلاف رأس) يعني من النساء والأطفال، روى عبد الرزاق ابن المسيب سى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ستة آلاف بين امرأة وغلام
-[انهزام هوازن يوم حنين وإستيلاء المسلمين على نسائهم وأموالهم ومواشيهم]-
فحاصرناهم أربعين ليلة ثم رجعنا إلى مكة (1) قال فنزلنا فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يعطي الرجل المائة ويعطي الرجل المائة فتحدث الأنصار بينها (2) أما من قاتله فيعطيه وأما من لم يقاتله فلا يعطيه فرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بسراة (3) المهاجرين والأنصار أن يدخلوا عليه ثم قال لا يدخل على ألا أنصاري أو الأنصار، قال فدخلنا القبة (4) حتى ملأنا القبة، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار أو كما قال ما حديث أناني؟ قالوا ما أتاك يا رسول الله؟ (5) قال ألا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تدخلوا بيوتكم قالوا رضينا يا رسول الله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أخذ الناس شعيًا وأخذت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار، قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رضينا، قال فارضوا أو كما قال (باب ما جاء في مكائد الحرب وسبب انهزام المسلمين أولا وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه وآل بيته)(عن عبد الرحمن بن جابر)(6) عن جابر بن عبد الله قال لما استقبلنا وادي حنين قال انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط (7) إنما ننحدر فيه انحدارا
-
ومن الأبل أربعة وعشرين ألف بعير ومن الغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضه) (قال الزرقاني) وإطلاق السبى على الأبل والغنم والفضة تغليب، ولم يذكر عدة البقر والحمير مع أنهما كانا معهم أيضا كما ذكره ابن إسحاق وغيره أن دريد بن الصمة قال لمالك بن عوف (يعني رئيس جيش حنين)(مالى اسمع بكاء الصغير ورغاه البعير ونهاق الحمير ويعار الشاه وخوار البقر) أما لقلتهما بالنسبة لما ذكر أو لأنه لم يتحر عدتهما أهـ (قلت) وسبب إيداع الغنائم بالجعرانة وعدم قسمتها أنه صلى الله عليه وسلم رجا قدوم أهل هوازن اللذين انهزموا يوم حنين مسلمين فيعطيهم أموالهم وتربص لذلك بضع عشرة ليلة فلم يأتوا فقسمها بالجعرانة، فقد روى محمد بن سعد كاتب الواقدي عن ابن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم (1) تقدم أن رجوعهم كان إلى الجعرانة وإنما أطلق اسم مكة على الجعرانة لقربها منها ولأنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها بالعمرة ثم ذهب إلى مكة ليلا ثم خرج من تحت ليلته فأصبح بالجعرانه كبائت كما جاء ذلك في حديث محرش الكعبي الخزاعي عند الإمام أحمد وغيره وتقدم في باب كم حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتمر من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 68 رقم 62 (2) أي فيما بينهم فقالوا أما من قاتله كالطلقاء من كفار قريش فيعطيه وأما من لم يقاتله كالأنصار فلا يعطيه: ولم يفهموا أنه صلى الله عليه وسلم إنما أعطى الطلقاء لكي يتألفهم للإسلام لأن الإسلام لم يتمكن من قلوبهم وقد من عليهم بأعناقهم، فهم من الطبع البشري في محبة المال فاعطاهم لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها (3) بفتح السين المهملة أي شرفائهم ورؤسائهم (4) هي خيمة من أدم بفتح الهمزة والدال المهملة أي جلد مدبوغ كما جاء في بعض الروايات (5) جاء في رواية أخرى فسكتوا، وفي رواية أخرى فقال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، ويجمع بينهما بأن بعضهم سكت وبعضهم أجاب (تخريجه)(ق - وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (باب)(6)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر الخ (غريبه)(7) أي واسع منحدر
حديث جابر بن عبد الله في سبب هزيمة المسلمين أولا وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأكابر الصحابة
قال وفي عماية (1) الصبح وقد كان القوم كمنوا لنا في شعابه وفي أجنابه ومضايقه، قد جمعوا وتهيئوا وأعدوا فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد، وانهزم الناس راجعين فاستمروا لا يلوى أحد منهم على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم ذات اليمين قال إلى أيها الناس هلم إلى، أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله، قال فلا شيء (2) احتملت الإبل بعضها بعضًا فانطلق الناس إلا أن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كتير، وفيمن ثبت معه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل بن عباس وأبو سفيان بن الحارث وربيعة بن الحارث وأيمن بن عبيد وهو ابن أم أيمن، وأسامة بن زيد: قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر في يده راية له سوداء في رأس رمح طويل أمام الناس وهوزان خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه فاتبعوه (قال ابن اسحق) وحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن عبد الرحمن ابن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جملة ذلك يصنع ما يصنع إذ هوى له علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه قال فيأتيه على من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه (3) بنصف ساقه فانعجف (4) عن رحله واجتله الناس، فوالله ما رجعت الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبي اسحق)(5)
_________
من أعلى إلى أسفل (1) بفتح المهملة أي بقية ظلمة الليل (2) أي فلا مجيب (وقوله احتملت الأبل بعضها بعضا) كناية عن اختلاط الأبل عند الفرار (3) أي قطعه وجعله يطن من صوت القطع وأصله من الطنين وهو صوت الشيء الصلب (4) أي مال وسقط (وقوله واجتلد الناس) أي قويت نفوسهم وصبروا على الجلاد وهو الضرب بالسيف في القتال (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، ورواه ابن اسحاق في المغازي فقال حدثني عاصم بن عمر بن قتاده عن عبد الرحمن بن جابر ابن عبد الله عن أبيه فذكره: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي وزاد صرخ حين كانت الهزيمة كلدة وكان أخا صفوان بن أمية يومئذ مشركا في المدة التي ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم (الأبطل السخر اليوم) فقال له صفوان اسكت فض الله فاك فوالله لأن يرثني رجل من قريش أحب إلى من أن يرثني رجل من هوازن، ورواه البزار باختصار وفيه ابن اسحاق وقد صرح بالسماع في رواية أبي يعلي وبقية رجال أحمد رجال الصحيح أهـ (قلت) وزاد ابن إسحاق قال ولما انهزم الناس تكلم رجال من جفاة الأعراب بما في أنفسهم من الضغن. فقال أبو سفيان صخر بن حرب يعني وكان إسلامه بعد مدخولا وكانت الأزلام بعد معه يومئذ قال (لا تنتهي هزيمتهم دون البحر) وخرج كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية يعني لأمه وهو مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا بطل السحر اليوم) فقال له صفوان اسكت إلى آخر ما تقدم في زيادة أبي يعلي (5)(سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه عن أبي اسحاق قال سمعت البراء (يعني ابن عازب) رضى الله عنه وسأله رجل من قيس الخ
قصة سلمة بن الأكوع مع جاسوس هوزان وقتله وقول النبي صلى الله عليه وسلم أنا النبي لا كذب الخ
قال سمعت البراء (يعني ابن عازب رضي الله عنه وسأله رجل من قيس فقال أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ فقال البراء ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر (1)، كانت هوازن ناسًا رماة وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا (2) فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسهام (3) ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء (4) وإن أبا سفيان بن الحارث (5) آخذ بلجامها وهو يقول
أنا النبي لا كذب (6)
…
أنا ابن عبد المطلب (7)
410 (عن إياس بن سلمة)(8) بن الأكوع عن أبيه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن وغطفان فبينما نحن كذلك إذ جاء رجل على جمل أحمر فانتزع شيئًا من حقب البعير فقيد به البعير ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغدى قال فنظر في القوم فإذا ظهرهم فيه قلة وأكثرهم مشاة، فلما نظر إلى القوم خرج يعدو: قال فأتى بعيره فقعد عليه قال فخرج يركضه وهو طليعة للكفار فاتبعه رجل منا من أسلم على ناقة له ورقاء، قال إياس قال أبي فاتبعته أعدو على رجلي قال ورأس الناقة عند ورك الجمل قال ولحقته فكنت عند ورك الناقة وتقدمت حتى كنت عند ورك الجمل ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فقلت له أخ، فلما وضع الجمل ركبته إلى الأرض اخترطت سيفي فضربت رأسه فندر، ثم جئت براحلته أقودها فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس قال من قتل هذا الرجل؟ قالوا ابن الاكوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له سلبه اجمع (باب قوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من قتل كافر افله سلبه وما قالته أم سليم والدة أنس بن مالك وجرح خالد بن الوليد واهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأمره) 411 (عن أنس بن مالك)(9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين من قتل كافر آفله سلبه قال فقتل أبو طلحة عشرين (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين
_________
(غريبه)(1) معناه أن الفرار حصل ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر وتقدم في الباب السابق من حديث ابن مسعود قال فولي عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلا، وعند الترمذي باسناد حسن من حديث بن عمر لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس يولون وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل (2) أي انهزموا (فاكببنا) بموحدتين الأولى مفتوحه والثانية ساكنة بعدها نون أي وقعنا وفي لفظ أقبلنا على الغنائم (3) يعني فولينا، قال الطبري الانهزام المنهي عنه هو ما يقع من غير نية العود، وأما الاستطراد للكرة فهي كالمنحيز إلى فئة (4) أي التي أهداها له فروة بن نفاثة على الصحيح (5) يعني ابن عبد المطلب بن عم النبي صلى الله عليه وسلم (6) أي لست كاذبا فيما أقول حتى انهزم بل أنا متيقن بنصر الله عز وجل (7) انتسب على جده دون أبيه عبد الله لأن أباه مات وهو حمل وأن عبد المطلب هو الذي حضنه ورباه ولما لعبد المطلب من نباهة الذكر والسيادة وطول العمر، ولذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب كما في قصة ضمام ابن ثعلبه في قوله أيكم ابن عبد المطلب (تخريجه)(ق. وغيرهما)(8)(عن إياس بن سلمة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أن السلب للقاتل من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 83 رقم 253 (باب)(9)(عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث بطريقيه
قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين من قتل كافر فله سلبه وشجاعة أبي طلحة وزوجته أم سليم
من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، قال فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا (وعنه أيضًا)(1) قال قال قتادة يعني (يوم حنين) يا رسول الله ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع فأجهضت (2) عنه فانظر من أخذها، فقام رجل فقال أنا أخذتها فارضه منها وأعطنيها، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئًا إلا أعطاه أو سكت، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر لا والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) وقال صدق عمر (4) قال وكانت أم سليم (5) معها خنجر فقال أبو طلحة ما هذا معك؟ قالت اتخذته إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه (6) فقال أبو طلحة يا رسول الله ألا تسمع ما تقول أم سليم؟ قالت يا رسول الله أقتل من بعدنا من الطلقاء الذين انهزموا بك، قال إن الله قد كفانا وأحسن يا أم سليم (باب سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس (7) لإدراكه من فر إليها من مشركي غزوة حنين)
_________
تقدم في باب أن السلب للقاتل من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 81 رقم 51 (1)(سنده) حدثنا بهز بن أسد أبو الأسود العمي ثنا حماد بن سلمة أنا اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن هوازن جاءت يوم حنين بالصبيان والنساء والابل والنعم فجعلوهم صفوفا يكثرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما التقوا ولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله، فهزم الله المشركين، قال عفان ولم يضربوا بسيف ولم يطعنوا برمح، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ من قتل كافرًا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم، قال وقال أبو قتادة يا رسول الله ضربت رجلا على حبل العاتق الخ (غريبه) (2) بضم الهمزة وكسر الهاء مبنى للمفعول أي نحاني وأزالني عنه بعض الناس يعني بعد أن قتلته أي (3) ضحكة المعلوم وهو التبسم (4) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قول عمر هذا مستغرب والمشهور أن ذلك أبو بكر الصديق أهـ (قلت) جاء في حديث لأبي قتادة أيضا أن القائل ذلك هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق وهو حديث صحيح رواه الشيخان والإمام أحمد وتقدم في باب أن السلب للقاتل من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 80 رقم 250 وحديث الباب صحيح أيضا: ويجمع بينهما بما قاله الحافظ ابن كثير لعل عمر قال ذلك متابعة لأبي بكر الصديق ومساعدة وموافقة: له أو قد اشتبه على الراوي والله أعلم (5) بضم السين المهملة وفتح اللام هي زوجة أبي طلحة وأم أنس بن مالك (6) بفتح العين المهملة أي أشق به بطنه (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات ورواه الشيخان بألفاظ مختلفة، وروى مسلم منه قصة خنجر أم سليم وأبو داود قوله من قوله من قتل قتيلا فله سلبه وتقدم شطره الأول المذكور في الشرح في أبواب هذه الغزوة (باب)(7) أوطاس بفتح الهمزة وسكون الواو وطاء وسين مهملتين، وهو واد في ديار هوازن غير وادي حنين كما رجحه الحافظ (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه كان سببها أن هوازن لما انهزمت ذهبت فرقة منهم فيهم الرئيس مالك بن عوف النضري فلجئوا إلى الطائف فتحصنوا بها، وسارت فرقة فعسكروا بمكان يقال له أوطاس فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من أصحابه: عليهم أبو عامر الأشعري فقاتلوهم فغلبوهم ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة فحاصر أهل الطائف كما سيأتي (قال ابن إسحاق)
-[سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس وشجاعته وقصة قتله]-
412 (عن عبد الله بن نعيم القيسي)(1) قال حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب (2) الأشعري أن أبا موسى الأشعري حدثهم قال لما هزم الله هوازن بحنين عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي عامر الأشعري على خيل الطلب فطلب (3) فكنت فيمن طلبهم فأسرع به فرسه فأدرك ابن دريد بن الصمة فقتل أبا عامر (4) وأخذ اللواء وشددت على ابن دريد فقتلته وأخذت اللواء وانصرفت بالناس، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمل اللواء قال يا أبا موسى
وحدثني من أثق به من أهل العلم بالشعر: وحديثه أن أبا عامر الأشعري لقى يوم أوطاس عشرة إخوة من المشركين فحمل عليه أحدهم فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول اللهم أشهد عليه فقتله أبو عامر، ثم حمل عليه آخر فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول اللهم أشهد عليه فقتله أبو عامر، ثم جعلوا يحملون عليه وهو يقول ذلك حتى قتل تسعة وبقى العاشر فحمل على أبي عامر وحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول اللهم أشهد عليه، فقال الرجل اللهم لا تشهد على فكف عنه أبو عامر فأفلت فأسلم بعد فحسن إسلامه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآه قال هذا شريد أبي عامر، قال ورمى أبا عامر أخوان العلا وأوفى ابنا الحارث من بنى جشم بن معاوية فاصاب أحدهما قلبه والآخر ركبته فقتلاه، وولى الناس أبا موسى فحمل عليهما فقتلهما (1)(سنده) حدثنا علي بن عبد الله ثنا الوليد بن مسلم ثنا يحيي بن عبد العزيز الأردني عن عبد الله بن نعيم القيسي الخ (غريبه)(2) بفتح العين المهملة وسكون الراء ثم زاى مفتوحة (3) جاء عند البخاري من حديث أبي موسى أيضا (قال لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر) اسمه عبيد بن سليم بن حضار الأشعري وهو ابن عم أبي موسى الأشعري أو عمه على المشهور (على جيش إلى أوطاس فلقى دريد بن الصمة) دريد بوزن عمير والصمة بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم الجشمي بضم الجيم وفتح الشين المعجمة وكان من زعماء كفار هوازن (فقتل دريد) قتله ربيعة ابن رفيع بن وهبان بن ثعلبة السلمى فيما جزم به ابن اسحاق أو هو الزبير بن العوام كما يشعر به حديث عند البزار عن أنس بإسناد حسن (وهزم الله أصحابه) يعني من كان معه من الكفار انتهى حديث البخاري (4) يؤخذ من سياق حديث هذا الباب مع حديث البخاري أنه لما قتل دريد بن الصمة أراد أبو عامر قتل ابن دريد أيضًا واسمه سلمة فأدركه ولك عاجلته المنية فقتل ابن دريد أبا عامر، وجاء عند البخاري (فرمى أبو عامر في ركبته رماه جشمي) أي رجل من بني جشم (قلت) هو ابن دريد لأنه من بني جشم وإن كان البخاري أيهم الرجل فهو صريح في حديث الباب، وزاد البخاري ما معناه أن أبا موسى انتهى إلى أبي عامر قبل موته فقال يا عم من رماك؟ فأشار إليه فقال ذاك قاتلي، فأدركه أبو موسى فقتله ثم، رجع إلى أبي عامر فقال له قتل الله صاحبك، قال فانزع هذا السهم، قال فنزعته فنزل أي انصب من موضع السهم الماء قال أبو عامر لأبي موسى يا ابن أخي أقرئ النبي صلى الله عليه وسلم السلام عني وقل له يستغفر لي: واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرًا ثم مات، ثم قاتلهم أبو موسى حتى فتح الله عليه (وقوله في حديث الباب وانصرفت بالناس) أي رجعت بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انهزام العدو
-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عامر وأبي موسى الأشعريين وسبب غزوة الطائف وتاريخها]-
قتل أبو عامر؟ قال قلت نعم يا رسول (1) قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه يدعو يقول اللهم عبيدك عبيدا أبا عامر جعله من الأكثرين (2) يوم القيامة (عن أبي وائل عن أبي موسى)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل عبيدا أبا عامر فوق أكثر الناس (4) يوم القيامة، قال فقتل عبيد يوم أوطاس وقتل أبو موسى قاتل عبيد، قال أبو وائل (5) وإني لأرجو أن لا يجمع الله عز وجل بين قاتل عبيد وبين أبي في النار (6)(باب غزوة الطائف (7) بسب من لجأ إليها وتحصن بها من مشركي غزوة حنين) (عن أبي نجيح السلمي)(8) قال حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الطائف أو قصر الطائف فقال من بلغ بسهم في سبيل الله عز وجل فله درجة في الجنة (9) فبلغت
(1) جاء عند البخاري قال أبو موسى (فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمل) بضم الميم الأولى وفتح الثانية بينهما راء ساكنة، ولأبي ذر مرمل بفتح الراء والميم الثانية مشددة أي منسوج بحبل ونحوه (وعليه فراش قد أثر رمال السرير في ظهره وجنبه فاخبرته يخبرنا وخبر أبي عامر وقال قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض إبطيه، ثم قال اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس، فقلت ولي فاستغفر: فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريمًا (2) أي من الأكثرين أعمالا صالحة ودرجات مرتفعة (تخريجه)(ق: وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن مؤمل قال ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا عاصم عن أبي وائل عن أبي موسى الخ (غريبه)(4) أي منزلة (5) اسمه شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي (قال في الخلاصة) أحد سادة التابعين مخضرم تعلم القرآن في سنتين قال عاصم بن بهدلة ما سمعته سب إنسانا قط، وقال ابن معين ثقة لا يسأل عن مثله، قال خليفة مات بعد الجماجم، وقال الواقدي في خلافة عمر بن عبد العزيز رحمهما الله (6) معنى هذا أن أبا وائل يدعو لأبيه بالمغفرة لأنه مات في زمن الفترة (تخريجه) أخرج الجزء المرفوع منه الشيخان وغيرهما ورجاله جميعا ثقات (باب)(7) قال عروة وموسى بن عقبة عن الزهري قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وحاصر الطائف في شوال سنة ثمان (قال محمد بن اسحاق) ولما قدم فل ثقيف الطائف أغلقوا عليهم أبواب مدينتها وصنعوا الصنائع للقتال، ولم يشهد حنينا ولا حصار الطائف عروة بن مسعود لا غيلان بن سلمة، كانا بحرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والصنبور، قال ثم سلك رسول الله يعني من حنين إلى الطائف على نخلة اليمانية ثم على قرن ثم على المليح ثم على بحرة الرغاء من لية فابتنى بها مسجدا فصلى فيه (قال ابن اسحاق) ثم مضى رسول الله حتى نزل قريبا من الطائف وضرب بها عسكره فقتل ناس من أصحابه بالليل، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف فتأخر إلى موضع مسجده عليه السلام اليوم بالطائف الذي بنته ثقيف بعد إسلامها، بناه عمرو بن أمية بن وهب وكانت فيه سارية لا تطلع عليها الشمس صبيحة كل يوم إلا سمع لها نقيض فيما يذكرون، قال فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة (قال ابن هشام) ويقال سبع عشرة ليلة، وروى عروة وموسى بن عقبة عن الزهري بضع عشرة ليلة يقاتلهم ويقاتلونه من وراء حصنهم (8)(سنده) حدثنا يحيي بن سعيد عن هشام ثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمى الخ (غريبه)(9) معناه أن من أحسن النية في جهاد الكفار وأطلق سهمه قاصدًا قتل العدو فله درجة في الجنة
-[حصار أهل الطائف وقول النبي صلى الله عليه وسلم من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو له عدل محرر]-
يومئذ ستة عشر سمها، ومن رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو له عدل محرر (1) ومن أصابه 416 شيب في سبيل الله (2) عز وجل فهو له نور (3) يوم القيامة (عن أبي طريف)(4) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف وكان يصلي بنا صلاة العصر (5) حتى لو أن رجلا 417 رمى لرأى موقع نبله (عن ابن عباس)(6) قال حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف فخرج
سواء أخطأ أو أصاب كما في رواية أخرى (1) بكسر العين وفتحها أي مثل ثواب تحرير رقبة أي عتقها (2) جاء في رواية عند الترمذي والنسائي في الإسلام بدل في سبيل الله (قال الطيبي) معناه من مارس المجاهدة حتى يشيب طاقة من شعره فله ما لا يوصف من الثواب، دل
عليه تخصيص ذكر النور والتنكير فيه، قال ومن روى في الإسلام بدل في سبيل الله أراد بالعام الخاص أو سمى الجهاد إسلاما لأنه عموده وذروة سنامه (3) أي ضياء مخلص من ظلمات الموقف وشدائده (قال المناوي) أي يصير الشعر نفسه نورًا يهتدي به صاحبه وإن كان ليس من كسب العبد لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه (تخريجه)(ك. والأربعة) مقطعا في مواضع مختلفة وسنده صحيح وصححه الترمذي والحاكم وأقره الذهبي، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بأطول من هذا وقال رواه أبو داود والترمذي وصححه النسائي من حديث قتادة (4)(سنده) حدثنا أزهر بن القاسم الراسبي ثنا زكريا بن اسحاق عن الوليد بن عبد الله بن شميلة عن أبي طريف الخ (غريبه)(5) هكذا بالأصل (وكان يصلى بنا صلاة العصر) وكذلك جاء في مجمع الزوائد في باب وقت صلاة العصر، وقال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير فقال يصلى العصر وقسوا به المغرب كما رواه أحمد فقال كان يصلى بنا صلاة المغرب وسيأتي إن شاء الله أهـ (قلت) يشير إلى ما سيأتي عنده في باب وقت صلاة المغرب فرجعت إليه فوجدته قال عن أبي طريف قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف فكان يصلي بنا صلاة النصر (بالنون بدل العين) حتى لو أن رجلا رمى لرأى مواقع نبله، وقال رواه أحمد وفيه الوليد بن عبد الله بن شميلة ولم أجد من ذكره ورجال المسند في هذا الموضع ليس هو عندي الآن، قال ورواه الطبراني في الكبير فجعل مكان النصر العصر وهو وهم والله أعلم أهـ (قلت) وهذا يخالف ما ذكره في باب وقت صلاة العصر لأنه قال رواه الإمام أحمد فقال كان يصلي بنا صلاة المغرب فإن كان يريد حديث طريف فلم يأت لفظ المغرب عند الإمام أحمد من حديث طريف وليس لطريف هذا عند الإمام أحمد سوى هذا الحديث وجاء بلفظ صلاة العصر بالعين المهملة: اللهم إلا أن كان يريد غير حديث طريف فذلك ثابت عند الإمام أحمد والشيخين وغيرهما من حديث غير واحد من الصحابة إن ذلك في صلاة المغرب، أنظر باب وقت صلاة المغرب من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 265 (تخريجه) أورده الهيثمي كما تقدم وقال فيه الوليد بن عبد الله بن شميلة ولم أجد من ذكره أهـ (قلت) ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة فقال الوليد بن عبد الله بن أبي شميلة ويقال ابن أبي سميرة عن أبي طريف الهزلي وعنه زكريا بن إسحاق ذكره البخاري كالأول (يعني ابن أبي شميلة) وابن أبي حاتم كالثاني (يعني ابن أبي سميرة) ولم يذكرا فيه جرحا وذكره ابن حبان في الثقات أهـ (قلت) وبقية رجاله عند الإمام أحمد ثقات (6)(عن ابن عباس الخ) تقدم هذا الحديث بطريقيه وسنده وشرحه وتخريجه
-[إسلام عبيد أهل الطائف ورجوع النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الغزوة]-
إليه عبدان فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق العبيد إذا خرجوا إليه (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إلينا من العبيد فهو حر، فخرج عبيد من العبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن ابن عمر)(1) أن 418 النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر أهل الطائف ولم يقدر منهم على شيء (2) قال إنا قافلون غدًا إن شاء الله فكأن المسلمين كرهوا ذلك (3) فقال اغدوا فغدوا على القتال فأصابهم جراح (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قافلون غدا إن شاء الله فسر المسلمون (5) فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب تقسيم غنائم حنين بالجعرانة ومجيء وفد هوازن مسلمين واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في أخذ سباياهم وأموالهم)(عن عبد الله بن مسعد)(6) قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم 419 حنين بالجعرانة قال فازدحموا عليه، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عبدا من عباد الله (7) بعثه الله عز وجل إلى قومه فكذبوه وشجره فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (8) قال قال عبد الله فكأني انظر إلى رسول الله يمسح جبهته يحكى الرجل
في باب أن عبد الكافر إذا خرج إلينا مسلما فهو حر من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 192 رقم 314 فارجع إليه (1)(سنده) حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن أبى العباس عن عبد الله بن عمر قيل لسفيان ابن عمرو؟ قال لا، ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) أي لم يرد الله له فتح هذا الحصن لأنه لو دام حصارهم مدة طويلة لمات أهل الحصن جميعهم، وفي علم الله أنهم سيأتون طائعين مسلمين في رمضان من العام المقبل وقد كان ذلك، وذكر أهل المغازي أنهم رموا على المسلمين سكك الحديد المحماة ورموهم بالنبل فأصابوا قوما فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلي، فقال هم ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك، فقال صلى الله عليه وسلم (إنا قافلون) أي راجعون إلى المدينة (غدًا إن شاء الله)(3) جاء عند البخاري فثقل عليهم وقالوا نذهب ولا نفتحه؟ فقال صلى الله عليه وسلم (اغدوا) أي سيروا أول النهار لأجل القتال (فغدوا على القتال) فلم يفتح عليهم (4) لأن العدو رمى عليهم من أعلى السور فكانوا ينالون منهم بسهامهم ولا تصل سهام المسلمين إليهم لكونهم أعلى السور، فلما رأوا ذلك تبين لهم تصويت الرجوع (5) أي أعجبهم ذلك حينئذ (وقوله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أي تبسم كما ي رواية، وإنما تبسم تعجبا من أمرهم حيث كانوا أولا لا يحبون الرجوع فلما أصابهم ما أصابهم أحبوه وكرهوا ما كانوا يحبونه أولا (تخريجه)(ق. وغيرهما)(باب)(6)(سنده) حدثنا بهز حدثنا حماد بن زيد حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه)(7) يعني نبيا من الأنبياء كما جاء عند مسلم عن ابن مسعود قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى نبيا من الأنبياء ضربه قومه الخ (قال النووي) وقد جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مثل هذا يوم أحد أهـ (قلت) وتقدم الحديث في ذلك في غزوة أحد (8) قال النووي فيه ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم من الحلم والتصبر والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم لهم بالهداية والغفران وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون، وهذا النبي المشار إليه من المتقدمين (تخريجه)
-[تقسيم غنائم حنين وإسلام صفوان بن أمية وقول المنافق يا رسول الله أعدل]-
420 (عن صفوان بن أمية)(1) قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الناس إلي (2) فما 421 زال يعطيني حتى صار وأنه أحب الناس إلي (عن جابر بن عبد الله)(3) قال جئت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الجعرانة وهو يقسم فضة في ثوب بلال للناس فقال رجل (4) يا رسول الله اعدل فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل: لقد خبث (5) إن لم أكن أعدل، فقال عمر يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق (6)، فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم (7) أو تراقيهم يمرقون من الدين (8) مروق السهم من الرمية 422 (عن عمرو بن شعيب)(9) عن ابيه عن جده قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وجاءته وفود هوازن فقالوا يا محمد إنا أصل (10) وعشيرة فمن علينا من الله عليك، فإنه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفي عليك، فقال اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم: فقالوا خيرتنا بين أحسابنا
(ق. جه)(1)(سنده) حدثنا زكريا بن عدى عن سعيد بن المسيب عن صفوان بن أمية الخ (2) كان إذ ذاك كافرًا وهو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي المكي أسلم بعد أن شهد حنينا مع النبي صلى الله عليه وسلم كافرًا، وكان من الموءلفة وشهد اليرموك توفى بمكة سنة اثنين وأربعين، وقيل توفى في خلافه عثمان وقيل عام الجمل سنة ست وثلاثين (قال النووي) في تهذيب الأسماء واللغات (قلت) وهو الذي أعار النبي صلى الله عليه وسلم السلاح يوم حنين وهو كافر فقال أغصبًا يا محمد؟ قال لابل عارية مضمونة، فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب، أهـ وهذا الحديث تقدم في باب ضمان الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر صحيفة 139 رقم 411 (تخريجه)(م. مذ)(3)(سنده) حدثنا حسن بن موسى أنا أبو شهاب عن يحيي بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(4) قيل هو معتب بن قشير المنافق (5) جاء عند مسلم (لقد خبت وخسرت) قال النووي روى بفتح التاء في خبت وخسرت وبضمهما فيهما ومعنى الضم ظاهر، وتقدير الفتح خبت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعا ومقتديا بمن لا يعدل والفتح أشهر (6) جاء في بعض الروايات أن خالد بن الوليد استأذن في قتله وليس فيهما تعارض بل كل واحد منهما استأذن في قتله (7) قال القاضي عياض فيه تأويلان (أحدهما) معناه لا تفقه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف (والثاني) معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل (8) جاء في بعض الروايات يمرقون من الإسلام (قال القاضي) معناه يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شيء منه، والرمية هي الصيد المرمى وهي فعيلة بمعنى مفعولة قال والدين هنا هو الإسلام كما قال تعال (إن الدين عند الله الإسلام) وقال الخطابي هو هنا الطاعة أي من طاعة الإمام والله أعلم (تخريجه)(مز وغيره)(9)(سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد يعني ابن سلمة حدثنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه)(10) يريدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استرضع في بنى سعد بكر بن هوازن وأن أمه من الرضاع
-[مجيء وفد هوازن مسلمين واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في أخذ سباياهم وأموالهم]-
وأموالنا نختار أبناءنا، فقال أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر فقولوا إنا نستشفع برسول الله على المؤمنين وبالمؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسائنا وأبنائنا، قال ففعلوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقال المهاجرون ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت الأنصار مثل ذلك، وقال هيينة بن بدر أما ما كان لي ولبني فزارة فلا، وقال الأقرع بن حايس أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا (1) فقال الحيان كذبت بل هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وابناءهم (2) فمن تمسسك بشيء من الفي فله علينا ستة فرائض (3) من أول شيء يفيئه الله علينا (وفي رواية فردوا على الناس أبناءهم ونساءهم) ثم ركب راحلته وتعلق به الناس يقولون اقسم علينا فيئنا بيننا حتى الجاؤه إلى سمرة (4) فخطفت رداءه، فقال يا أيها الناس ردوا على ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعم لقسمته بينكم ثم لا تلفوني بخيلا (5) ولا جبانا ولا كذوبًا، ثم دنا من بعيره فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصابعه السبابة والوسطى ثم رفعها فقال يا أيها الناس ليس لي من هذا الفيء ولا هذه (6) إلا بالخمس، والخمس مردود عليكم فردوا الخياط (7) والمخيط فإن الغلول (8) يكون على أهله يوم القيامة عارا ونارا وشنارا (9) فقام رجل معه كبة (10) من شعر فقال إني أخذت هذه أصلح بها بردعة (11) بعير لي دبر (12) قال أما ما كان لي
حليمة السعدية بنت عبد الله بن الحارث، وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعه السعدي (1) هؤلاء الثلاثة عيينة بن بدر والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس لم يقبلوا التنازل عن نصيبهم لأنهم كانوا من المؤلفة ولم يتمكن الإسلام في قلوبهم (2) أي تبرعا منكم عن طيب نفس (3) معناه فمن لم تطب نفسه بالتبرع فليعطهم نصيبه وله علينا ستة فرائض (قال في النهاية) الفرائض جمع فريضة وهو البعير المأخوذ في الزكاة، سميت فريضة لأنه فرض واجب على رب المال ثم اتسع فيه حتى سمى البعير فريضة في غير الزكاة (4) بفتح السين المهملة وضم الميم هي ضرب من شجر الطلح له شوك (5) بضم التاء وبالفاء كما ضبط في نسخة أخرى ووقع في الأصل الذي عندي وفي مجمع الزوائد تلقونى بالقاف وهو تصحيف مطبعي ويؤيده ما في رواية البيهقي وتاريخ ابن كثير بلفظ (ثم ما الفيتموني)(6) جاء في الأصل (من هذا الفيء هؤلاء هذه إلا الخمس) وهذا لا معنى له ولابد أن يكون خطأ من الناسخ أو الطابع ولعل صوابه (ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذه إلا الخمس) كما جاء عند النسائي وهذا مستقيم، ومعنى قوله ولا هذه يشير إلى الوبرة كما جاء صريحا عند الطبري بلفظ (ليس لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس) وكذلك عند البيهقي وابن كثير والله أعلم (7) الخياط بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الياء التحتية هو الخيط: والمخيط بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الياء التحتية هو الإبرة (8) الغلول هو السرقة من الغنيمة قبل القسمة (9) الشنار بفتح الشين المعجمة والنون مخففة: العيب والعار (10) بضم الكاف وتشديد الباء الموحدة ما جمع من الشعر (11) بالدال المهملة هي الحلس الذي يلقى تحت الرحل، ويقال برذعة بالذال المعجمة بدل المهملة وكلا اللفظين صحيح (قال شمر) هي البردعة والبرذعة بالذال والدال (12) بفتح الدال المهملة وكسر الموحدة وفتح الراء أي أصابه جرح في ظهره (تخريجه)
-[إسلام مالك بن عوف النصري وئيس المشركين في غزوة حنين ورد ماله إليه وزيادة]-
وليني عبد المطلب فهو لك، فقال الرجل يا رسول الله ألما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي بها وبنذها 423 (حدثنا يعقوب)(1) ثنا ابن أخى ابن شهاب عن عمه قال وزعم عروة بن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوا أن يرد عليهم أموالهم وسبيهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال، وقد كنت استأنيت بكم: وكان انظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشر ليلة حين قفل من الطائف فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فإن إخوانكم قد جاؤوا تائبين وإني قد رأيت أن أرداليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله عز وجل علينا فليفعل: فقال الناس قد طيبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع علينا عرفاؤكم أمركم، فجمع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذاو: هذا الذي بلغني عن سى هوازن (باب في المجيء باسرى حنين ومبايعتهم على الإسلام وقصة الصحابي الذي نذر لئن جيء 424 بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه)(عن أنس بن مالك)(2) وقد سأله
الحديث سنده صحيح ورواه ابن إسحاق في المغازي بلفظ فحدثني عمرو بن شعيب الخ، وكذلك رواه الطبري والبيهقي وابن هشام في سيرته من طريق ابن اسحاق بلفظ فحدثني عمرو بن شعيب الخ، وروى أبو داود والنسائي بعضه (1)(حدثنا يعقوب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب المن على وفود هوازن بأسراهم من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 96 رقم 283 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وأبو داود والنسائي وغيرهم (تتمة فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع مالك ابن عوف النصري) وهو الذي كان جماع أمر الناس إليه في غزوة حنين ضد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أحضر مع الناس أموالهم ونساؤهم وأبناءهم في الغزوة (قال ابن اسحاق) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل؟ فقالوا هو بالطائف مع ثقيف، فقال أخبروه إنه إن أتاني مسلما رددت إليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل، فلما بلغ ذلك مالكا انسل من ثقيف حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة أو بمكة فأسلم وحسن إسلامة فرد عليه أهله وماله، ولما أعطاه مائة قال مالك بن عوف رضي الله عنه.
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله
…
في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتذى
…
ومتى تشأ يخبرك عما في غد
وإذا الكتيبة جردت أنيابها
…
بالسمهري وضرب كل مهند
فكأنه ليث على أشباله
…
وسط الهباءة خادر في مرصد
قال واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وتلك القبائل تمالة وسلمة وفهم فكان يقاتل بهم ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه حتى ضيق عليهم رضي الله عنه (باب)(2)(سنده)
-[المجيء بأسرى حنين وإسلامهم وقصة الرجل الذي كان بفتك بالمسلمين في هذه الغزوة]-
العلاء بن زياد العدوى فقال يا أبا حمزة هل غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم غزوت معه يوم حنين فخرج المشركون بكثرة فحملوا علينا حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي المشركين رجل يحمل عليا فيدقنا ويحطمنا، فلما رأى ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل (1) فهزمهم الله عز وجل فولوا، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم حين رأى الفتح فجعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يجاء بهم أسارى رجلا رجلا فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن على نذر لئن جيء بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا الأضر بن عنقه، قال فسكت نبى الله صلى الله عليه وسلم وجيء بالرجل (2) فلما رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يا نبي الله تبت إلى الله. يا نبي الله تبت إلى الله، فأمسك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم يبايعه ليوفى الآخر نذره (3) فجعل ينظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله وجعل يهاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتله (4) فلما رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يصنع شيئا بايعه (5) فقال يا رسول الله نذري، قال لم أمسك عنه منذ اليوم إلا ليوفى نذرك، فقال يا نبي الله ألا أومضت إلي (6) فقال إنه ليس لنبي أن يومض
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا أبي ثنا نافع أبو غالب الباهلي شهد أنس بن مالك قال فقال العلاء بن زياد العدوي يا أبا حمزة سن أي الرجال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ بعث؟ قال ابن أربعين سنة، قال ثم كان ماذا؟ قال كان بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين فتمت له ستون سنة ثم قبضه الله إليه قال سن أي الرجال هو يومئذ؟ قال كأشب الرجال وأحسنه وأجمله وألحمه، قال يا أبا حمزة هل غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ: وتقدم صدر هذا الحديث وشرحه والكلام عليه في باب بدء الوحي من كتاب السيرة النبوية في الجزء العشرين صحيفة 210 رقم 28 (غريبة)(1) أي نزل عن بغلته فأخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب الكعبة كما جاء في حديث العباس بن عبد المطلب في الباب الأول من غزوة حنين فهزمهم الله عز وجل (2) كان هذا الرجل من الكفار يفتك بالمسلمين أثناء الهزيمة (3) أي فيقتله لأنه نذر أن يقتله إذا جيء به (4) معناه أن صاحب النذر كان يرجو أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بقتل الرجل الكافر فلم يأمره بقتله، وخشى أن يقتله بغير إذن النبي صلى الله عليه وسلم (5) جاء في الأصل يأتيه بدل بايعه ولا معنى له فهو تصحيف من الناسخ أو الطابع وصوابه بايعه كما جاء في تاريخ ابن كثير: وهو الموافق لسياق الحديث، ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصحابي لم يقتل الكافر بايعه (6) أي هلا أشرت إلى إشارة خفية: يقال أومض البرق وومض إيماضًا وومضًا ووميضا إذ لمع لمعا خفيا ولم يعترض (نه)(تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد أهـ (قلت) وسنده صحيح ورجاله ثقات
(تتمة في ذكر مجيء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وهو بالجعرانة وإسمها الشيماء) قال ابن اسحاق وحدثني بع بنى سعد بن بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هوازن أن قدرتم على نجاد رجل من بنى سعد بن بكر فلا يفلتنكم وكان قد أحدث حدثا، فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، قال فعنفوا عليها في السوق، فقالت للمسلمين تعلمون والله إني لأخت صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال ابن اسحاق) فحدثني يزيد بن عبيد السعدي هو أبو وجزة قال فلما انتهى -
-[مجيء الشيماء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم إياها والعفو عن قومها]-
(باب ما جاء في عمرة الجعرانة (1) ثم رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة)
- بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله إني أختك من الرضاعة، قال وما علامة ذلك؟ قالت عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركنك، قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه فأجلسها عليه وخيرها، وقال إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت، قالت بل تمتعني وتردني إلى قومي، فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردها إلى قومها: فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول وجارية فزوجت أحدهما الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية، (وروى البيهقي) من حديث الحكم بن عبد الملك عن قتادة قال لما كان يوم فتح هوازن جاءت جارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أنا أختك أنا شيماء بنت الحارث، فقال لها إن تكوني صادقة فإن بك مني أثرًا لا يبلى، قال فكشفت عن عضدها فقالت نعم يا رسول الله وأنت صغير فعضدتني هذه العضة، قال فبسط لها رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه ثم قال سلى تعطي واشفعي تشفعي (وقال البيهقي) أنبأ أبو نصر بن قتادة أنبأ عمرو بن إسماعيل بن عبد السلمى ثنا مسلم ثنا أبو عاصم ثنا جعفر بن يحيي بن ثوبان أخبرني عمي عمارة بن ثوبان أن أبا الطفل أخبره قال كنت غلاما أحمل عضو البعير ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم نعما بالجعرانة، قال فجاءته امرأة فبسط لها رداءه فقلت من هذه؟ قالوا أمه التي أرضعته: أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا حديث غريب ولعله يريد أخته وقد كانت تحضنه مع أمها حليمة السعدية، وإن كان محفوظا قد عمرت حليمة درها، فإن من قوت أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقت الجعرانة أزيد من ستين سنة، وأقل ما كان عمرها حين أرضعته صلى الله عليه وسلم ثلاثين سنة ثم الله أعلم بما عاشت بعد ذلك، قال وقد ورد حديث مرسل فيه أن أبوابه من الرضاعة قدما عليه والله أعلم بصحته (قال أبو داوود في المراسيل) ثنا أحمد بن سعيد الهمداني ثنا ابن وهب ثنا عمرو بن الحارث أن عمر ابن السائب حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم كان جالسا يوما فجاء أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم جاء أوه من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسه بين يديه، وقد تقدم أن هوازن بكمالها متوالية برضاعته من بني سعد بن بكر وهم شرذمة من هوازن فقال خطيبهم زهير بن صرد يا رسول الله إنما الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك فامتن علينا من الله عليك وقال فيما قال
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها
…
إذ فوك يملؤه من محضها درر
أمنن على نسوة قد كنت ترضعها
…
وإ يزينك ما تأتي وما تذر
فكان هذا سبب إعناقهم عن بكرة أبيهم، فعادت فواضله عليه السلام عليهم قديما وحديثا خصوصا وعموما (باب) (1) فيها لغتان (أحداهما) كسر الجيم وسكون العين المهملة وفتح الراء المخففة وبعد الألف نون (والثانية) كسر العين وتشديد الراء: وإلى التخفيف ذهب الأصمعي وصوبه الخطابي، وقال في تصحيف المحدثين إن هذا مما نقلوه وهو مخفف، وحكى القاضي عياض عن ابن المديني قال أهل المدينة
-[ما جاء في عمرة الجعرانة وأنها كانت في ذي القعدة سنة ثمان بعد غزوة الطائف]-
(عن محرش الكعبي الخزاعي)(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم خرج ليلا من 425 الجعرانة حين أمسى معتمرا فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ثم خرج من تحت ليلته (2) فأصبح بالجعرانة كبائت (3) حتى إذا زالت الشمس خرج من الجعرانة في بطن سرف (4) حتى جامع الطريق طريق المدينة بسرف، قال محرش فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس (5)(زاد في رواية بعد قوله كبائت) قال فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة
يثقلونه وأهل العراق يخففونه وهي ما بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب (1)(سنده) حدثنا روح ثنا ابن جريح قال أخبرني مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي الخ (قلت) محرش بضم أوله وفتح ثانيه وكسر الراء مشددة فمعجمة ويقال بوزن منبر (2) أي خرج من مكة ليلا بعد قضا العمرة (3) يعني أن من رآه يظن أنه كان بائتا بالجعرانة (4) بوزن كتف مصروفا وممنوعا وهو موضع قريب من التنعيم (5) ممن خفى عليه ذلك ابن عمر رضي الله عنهما فقد قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور بن المعتمر عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا نحن بعبد الله بن عمر فجالسناه، قال فإذا رجال يصلون الضحى. فقلنا يا أبا عبد الرحمن ما هذه الصلاة؟ فقال بدعة، فقلنا له كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أربعا إحداهن في رجب، قال فاستحيينا أن نرد عليه، قال فسمعنا استنان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقال لها عروة بن الزبير يا أم المؤمنين ألا تسمعي ما يقوله أبو عبد الرحمن؟ يقول اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا إحداهن في رجب، فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن أما إنه لم يعتمر عمرة إلا وهو شاهد لها، وما اعتمر شيئا في رجب (ومن طريق ثان) قال حدثنا يحيي عن ابن جريح قال سمعت عطاءًا يقول أخبرني عروة ابن الزبير قال كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة أنا لنسمعها تسين، قلت يا أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله في رجب؟ قال نعم، قلت يا أماه ما تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت ما يقول؟ قلت يقول اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب، قالت يغفر الله لأبي عبد الرحمن نسى: ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب، قال وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت (قلت) وهذا الحديث تقدم بطريقيه وشرحه وتخريجه في فصل ما جاء في العمرة في رجب من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 96 رقم 63 (وفي حديث رواه الشيخان) من طريق نافع عن ابن عمر قال نافع ولم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ولو اعتمر لم يخف على عبد الله (يعني ابن عمر)(وفي رواية لمسلم) من طريق نافع أيضا قال ذكر عند ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فقال لم يعتمر منها (قال الحافظ ابن كثير) وهذا غريب جدًا عن ابن عمر، وعن مولاه نافع في إنكارهما عمرة الجعرانة وقد أطبق النقلة ممن عداهما على رواية ذلك من أصحاب الصحاح والسنن كلهم، قال والمقصود أن عمرة الجعرانة ثابتة بالنقل الصحيح الذي لا يمكن منعه ولا دفعه ومن نفاها لا حجة له في مقابلة من أثبتها والله أعلم: ثم وهم كالمجمعين على أنها كانت في ذي القعدة بعد غزوة الطائف وقسم غنائم حنين (تخريجه)(دنس مذ) وقال الترمذي حسن غريب ولا يعرف لمحرش الكعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم =
-[(تابع الشرح) رجوع النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن غاب عنها شهرين وأيامًا من خروجه لفتح مكة.]-
.....
= غير هذا الحديث، وقال أبو عمرو؟؟؟؟ روى عنه حديث واحد اهـ (قلت) وليس له فى مسند الامام احمد سوى هذا الحديث، وله شواهد كثيرة تعضده، أنظر باب كم حج النبى صلى الله عليه وسلم واعتمر من كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر ص 63 واقرأه بجميع فصوله متنًا وشرحًا وانظر الأحكام فى آخره تجد ما يسرك من تحقيقات العلماء فى العمرة ومذاهبهم فى ذلك والله الموفق. (قال ابن اسحاق) فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرته انصرف راجعًا إلى المدينة واستخلف عتاب بن أسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس فى الدين ويعلمهم القرآن! وذكر عروة وموسى بن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف معاذًا مع عتاب بمكة قبل خروجه الى هوزان ثم، خلفهما بها حين رجع الى المدينة (وقال ابن هشام) وبلغنى عن زيد بن أسلم انه قال لما استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على مكة رزقه كل يوم درهمًا فقام فخطب الناس فقال أيها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم فقد رزقنى رسول الله صلى الله عليه وسلم درهمًا كل يوم فليست لى حاجة الى أحد (قال ابن اسحاق) وكانت عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذى القعدة وقدم المدينة فى بقية ذى القعدة وفى أول ذى الحجة (قال ابن هشام) قدمها لست بقين من ذى القعدة فيما قال ابو عمرو المدينى (قال ابن اسحاق) وحج الناس ذلك العام على ما كانت العرب تحج عليه، وحج بالمسلمين تلك السنة عتاب بن اسيد وهى سنة ثمان، قال وأقام أهل الطائف على شركهم وامتناعهم فى طائفهم ما بين ذى القعدة الى رمضان من سنة تسع اهـ (قلت) سياتى أن أهل الطائف أوفدوا قومًا منهم باسلامهم فة حوادث السنة التاسعه إن شاء الله تعالى (وفى المواهب) أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وقد غاب عنها شهرين وستة عشر يومًا يعنى من تاريخ خروجه لغزوة الفتح والله اعلم) (تتمة فى اسلام كعب بن زهير بن أبى سلمى وسبب ذلك) وفى هذه السنة أعنى الثامنة من الهجرة أسلم كعب بن زهير الشاعر صاحب قصيدة (بانت سعاد) المشهورة التى انشدها بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم وأبوه زهير بن ابى سلمة صاحب احدى المعلقات السبع فهو شاعر بن شاعر، وكان ممن يهجو النبى صلى الله عليه وسلم ويؤذيه، وقصته هو وأخوه بحير رواها البيهقى فى دلائل النبوة باسناد متصل فقال حدثنا أبو عبد الله الحافظ أنا ابو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدى بهذان ثنا ابراهيم بن الحسين ثنا ابراهيم بن المنذر الحزامى ثنا الحجاج بن ذى الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير بن أبى سلمة عن أبيه عن جده قال خرج كعب وبحير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزاف فقال بحير لكعب اثبت فى هذا المكان حتى آتى هذا الرجل يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسمع ما يقول، فثبت كعب وخرج بحير فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الاسلام فأسلم فبلغ ذلك كعبًا فقال
ألا مبلغًا عنى بحيرا رسالة
…
على أى شئ ويب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أما ولا أبا
…
عليه ولم تدرك عليه أخًا لك
سقاك أبو بكر بكأس روية
…
وأنهلك المأمون منها وعلكا
فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر دمه وقال من لقى كعبًا فليقتله، فكتب بذلك بحير إلى اخيه وذكر له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه ويقول له النجاء. وما أراك تنفلت، ثم كتب اليه بعد ذلك اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا قبل
-[إسلام كعب بن زهير صاحب قصيدة (بانت سعاد)؟؟؟؟ مع أخيه بحير]-
(باب) في سرية أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى الحرفة) (1)
ذلك منه واسقط ما كان قبل ذلك، فاذا جاءك كتابى هذا فأسلم وأقبل، قال فاسلم كعب وقال قصيدته التى يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع اصحابه كالمائدة بين القوم متحلقون معه حلقة خلف حلقة يلتفت إلى هؤلاء فيحدثهم والى هؤلاء مرة فيحدثهم، قال كعب فأنحت راحلتى بباب المسجد فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة حتى جلست اليه فأسلمت وقلت أشهد أن لا اله إلا الله وانك محمد رسول الله الأمان يا رسول الله، قال ومن أنت؟ قال كعب بن زهير، قال الذى يقول. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف قال يا أبا بكر.
فانشد ابو بكر
…
سقاك بها المأمرن كأسًا روية
…
وأنهلك المأمون منها وعلكًا
قال يا رسول الله ما قلت هكذا قال فكيف قلت. قال قلت.
سقاك ابو بكر بكأس روية
…
وأنهلك المأمون منها وعلكًا
فقال رسول صلى الله عليه وسلم مأمون والله انشده القصيدة كلها حتى أتى على آخرها وهذا مطلعها
بانت سعاد فقلبى اليوم متبول
…
متيم اثرها لم يفد مكبول
وذكر أبو عمر بن عبد البر فى كتاب الاستيعاب أن كعبًا لما انتهى الى قوله
إن الرسول لنور يستضاء به
…
مهند من سيوف الله مسلول
نبئت أن رسول الله أوعدنى
…
والعفو عند رسول الله مأمول
قال فاشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من معه أن اسمعوا: وقد ذكر ذلك قبله موسى بن عقبة فى مغازيه ولله الحمد اهـ (قلت) وفى المواهب اللدنية قال ابو بكر بن الانبارى لما وصل الى قوله.
ان الرسول لنور يستضاء به
…
مهند من سيوف الله مسلول
رمى عليه الصلاة والسلام بردة كانت عليه، وان معاوية بذل له فيها عشرة آلاف فقال ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم آحدًا: فلما مات كعب بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفًا فاخذها منهم، قال وهى البردة التى عند السلاطين إلى اليوم والله أعلم.
(باب)(1) ترجم البخارى هذه السرية بقوله (باب بعث النبى صلى الله عليه وسلم اسامة بنى زيد إلى الحرقات من جهينة) قال القسطلانى بضم الحاء والراء المهملتين وفتح القاف وبعد الألف فوقية نسبة إلى الحرقة، وسمه جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، وسمى الحرقة لأنه حرق قومًا بالقتل فبالغ فى ذلك، والجمع فيه باعتبار بطون تلك القبيلة، قال وهذه الغزوة تعرف عند أهل المغازى بسرية غالب بن عبد الله الليثى إلى الميفعة فى رمضان سنة سبع، فقالوا إن أسامة قتل الرجل فى هذه السرية وهو مخالف أيضًا لترجمة البخارى أن أميرها أسامة، ولعل المصير إلى ما فى البخارى إذ هو الراجح بل الصواب لأن اسامة ما امِّر الا بعد قتل أبيه بغزوة مؤتة فى رجب سنة ثمان والله اعلم اهـ (قلت) وسماها القسطلانى فى المواهب (سرية غالب بن عبد الله اليثى الى الميفعة) بناحية نجد من المدينة على ثمانية ىرد فى شهر رمضان سنة سبع من الهجرة فى مائتين وثلاثين راجلًا فهجموا عليهم فى وسط محالهم فقتلوا من
-[سرية أسامة بن زيد الى الحرقة وقتله الرجل الذى قال لا اله الا الله وغضب النبى صلى الله عليه وسلم من اجل ذلك.]-
(عن أسامة بن زيد)(1) قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة (2) من جهينة قال فصبحناهم فقاتلناهم فكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم، وإذا أدبروا كان حاميتهم، قال فغشيته (3) أنا ورجل من الأنصار، قال فلما غشيناه قال لا اله الا الله، فكف عنه الأنصارى وقتلته، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا اله إلا الله؟ قال قلت يا رسول الله انما كان متعوذا (4) من القتل فكررها على حتى وددت أنى لم أيلم إلا يومئذ (وعنه عن طريق ثان بنحوه)(5) وفيه قلت يا رسول الله إنما قالها مخالفة الملام والقتل، فقال ألا شققت عن قلبه حتى من أجل ذلك أم لا؟ (6) من لك بلا اله الا الله يوم القيامة؟ فمازال يقول ذلك حتى وددت إنى لم أسلم إلا يومئذ
أشرف لهم واستاقوا نعمًا وشاءا الى المدينة، قالوا وفى هذه السرية قتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس بعد أن قال لا اله الا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا شققت عن قلبه فتعلم أصادق أم كاذب فقال أسامة لا أقاتل أحدًا يشهد أن لا اله الا الله ثم ذكر حديث الباب والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1)
سنده حدّثنا هشيم بن بشير ثنا حصين عن أبى ظبيان قال سمعت اسامة بن زيد يحدث قال بعثنا الحديث (غريبة)(2) الحرقة بضم الحاء المهملة وفتح الراء: وجاء في رواية مسلم الحرقان، اسم قبيلة من جهينة (3) أي اتيته وادركته (وقوله فلما غشيناه) بكسر المعجمة اى ادركناه ولحقناه وكانهم اتو من فوق، قاله الفتنى فى مجمع بحار الأنوار (4) متعوذا أى إنما قال هذه الكلمة لاجئًا اليها ليدفع عن نفسه القتل لا مخلصًا فى اسلامه (وقوله حتى وددت الخ) اى تمنى أسامة أنه لم يكن تقدم اسلامه بل ابتدأه الآن ليمحوا عنه ما تقدم، وما قال ذلك ألا لاستعظام مت وقع فيه لما حصل له من التأنيب بسببه (5)(سنده) حدّثنا بعلى ثنا الأعمش عن أبى ظبيان ثنا أسامة فذكر نحوه (6) فيه من التأنيب ما فيه، ومعناه أنك انما كانت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وإما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان لانه لا يمكن الاطلاع على ما فى القلب تخريجه (ق دنس)(هذا وقد ذكر ابن كثير فى تاريخه) ما كان من الحوادث المشهورة فى سنة ثمان (قال رحمه الله فكان فى جمادى منها وقعة مؤتة، وفى رمضان غزوة فتح مكة، وبعدها فى شوال غزوة هوازن بحنين، وبعده كان حصار الطائف، ورجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة الميال بقين من ذى الحجة فى سفرته هذه (قال الوافدى) وفى هذه السنة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعمرو ابنى الجلندى من الأزد وأخذت الجزية من مجوس بلديهما ومن حولها من الاعراب قال (وفيها) تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابى فى ذى القعدة فاستعاذت منه عليه السلام ففارقها، وقيل بل خير فاختارت الدنيا ففارقها (قال وفى ذى الحجة) ولد ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية فاشتدت غيرة أمهات المؤمنين منها حين رزقت ولدًا ذكرًا، وكانت قابلتها فيه سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى أبى رافع فأخبرته فذهب فبشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاعطاه مملوكًا، ودفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم برة بنت المنذر بن أسيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار وزوجها البراء بن اوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول، ثم أشار إلى تدمير الأصنام
-[مجئ عدي بن حاتم الطائى الى النبى صلى الله عليه وسلم وسبب اسلامه]-
(أبواب حوادث السنة التاسعة)
(باب مجئ عدى بن حاتم الطائى رضى الله عنه وقصة اسلامه)
(حدّثنا محمد بن جعفر)(1) حدثنا شعبة قال سمعت سماك بن حرب قال سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدى بن حاتم (2) قال جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب (3) فاخذوا عمتى وناسًا، قال فلما اتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفوا له قالت يا رسول الله نأى الوافد (4) وانقطع الولد وأنا عجوز كبيره ما لى من خدمة فمنّ علىّ منّ الله عليك، قال من وافدك؟ قالت عدى بن حاتم، قال الذى فر من الله ورسوله (5) قالت فمنّ علىّ قالت فلما رجع ورجل إلى جنبه نرى أنه علىّ قال سليه حملانًا (6) قال فسألته فأمر لها قال (أى عدى) فأتتنى فقالت لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها (7) قالت أئته راغبًا أو راهبًا فقد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه، قال فأتيته فاذا عنده امرأة وصبيان أو صبى فذكر قربهم من النبى (8) صلى الله عليه وسلم فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر، فقال له يا عدى بن حاتم ما أفرك أن
التي تقدم ذكرها والله أعلم (باب)(1)(حدّثنا محمد بم جعفر)(غريبه)(2) هو عدى ابن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بفتح المهملة وستكون المعجمة آخره جيم الطائى صحابى شهير ممن ثبت على الاسلام فى الردة وحضر فتوح العراق وحروب على، وكان قبل اسلامه على دين النصرنانية (3) العقرب ويقال العقرباء منزل من أرض اليمامة (4) أي بعد (بفتح الموحدة وضم العين المهملة) الذي يفد إليك من رجالنا (5) أي لأن عدياً لما علم بخروج النبى صلى الله عليه وسلم وبعثته كره خروجه وذهب إلى بلاد الروم كلما سيأتى فى الحديث التالى (6) أى دابة تحملها إلى بلادها (7) تعنى هربه من مقابلة النبى صلى الله عليه وسلم ثم أمرته بالذهاب إلى النبى صلى الله عليه وسلم طائعًا مختارًا: لأنه إن لم يذهب إليه طائعًا فسيذهب اليه مكرهًا، ثم ذكرت له كرم النبى صلى الله عليه وسلم طائعًا مختارًا: لأنه إن لم يذهب اليه طائعًا فسيذهب اليه مكرهًا، ثم ذكرت له كرم النبى صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه بقولها فقد اتاه فلان فاصاحب منه الخ (8) جاء عند الترمذى عند عدى بن حاتم قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى المسجد فقال القوم هذا عدى بن حاتم وجئت بغير أمان ولا كتاب، فلما رفعت اليه أخذ بيدى وقد قال قبل ذلك إنى لأرجو أن يحمل الله يده فى يدى، قال فقام بى فلقيته امرأة وصبى معهما فقالا ان لنا عليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدى حتى أتى بى داره؟؟؟؟ له الوليدة وسادة فجلس عليها وجلست بين يديه، فحمد الله واثنى عليه ثم قال ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله، فذكر نحو حديث الباب، فقوله فى حديث الباب (فاذا عنده امرأة وصبيان أو صبى فذكر قربهممن النبى صلى الله عليه وسلم يمكن تفسيره على رواية الترمذى بأن المرأة والصبى كانا ينتظران النبى صلى الله عليه وسلم قريبًا من المسجد، فلما قام صلى الله عليه وسلم مع عدى لقيته المرأة والصبى فذكرا له حاجتهما فذهب معهما وترك عديًا حتى قضى لهما حاجتهما ثم رجع اليه فاخذ بيده الخ، وقد استدل عدى بقيامه صلى الله عليه وسلم مع المرأة والصبى لقضاء حاجتهما على تواضعه صلى الله عليه وسلم وكرمه وحسنس خلقه ولذلك قال (فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر) يعنى أنه صلى الله عليه وسلم ليس
-[إجتماع عدي بن حاتم الطائى بالنبى صلى الله عليه وسلم وسماعه درر اقواله ومواعظه]-
يقال لا إله الا الله (1) فهل من اله الا الله؟ (2) ما أقرك أن يقال الله اكبر فهل شئ هو اكبر من الله عز وجل؟ (3) قال فأسلمت فرأيت وجهه استبشر (4) وقال إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى (5) ثم سألوه (6) لحمد الله تعالى واثنى عليه ثم قال أما بعد فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل، ارتضخ أمرؤ بصاع أو ببعض صاع (7) بقبضه ببعض قبضة: قال شعية واكثر على أنه قال بتمرة بشق تمرة (8) وإن أحدكم لاقى الله عز وجل فقائل ما أقوال (9)، ألم أجعلك سميعًا بصيرًا الم أجعل لك مالًا وولدًا فماذا قدمت؟ فينظر من بين يديه ومن خلفه ون يمينه وعن شماله فلا شيئًا (10) فما يتقى النار إلا بوجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة
عنده كبر ولا عظمة ولا رفاهية ككسرى وقيصر والله أعلم (1) جاء عند الترمذى بلفظ (ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله) من الفرار وهو الهرب أى ما يحملك على الفرار أنفر من قول لا إله الا الله (2) جاء عند الترمذى قال قلت لا، وكذا يقال فى قوله الله أكبر (3) جاء عند الترمذى (قال قلت لا)(4) أى انبسط فرحًا وسرورًا باسلامه (5) الظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما طلب منه الإسلام فقال اسلم تسلم، قال قلت انى على دين كما فى الحديث التالى يعنى أنه على دين النصرانية، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ان المغضوب عليهم الخ والله أعلم (قال الامام البغوى) فى تفسيره لأن الله تعالى حكم على اليهود بالغضب فقال (من لعنة الله وغضب عليه) وحكم على النصارى بالضلال فقال (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل)(6) هكذا بالأصل بعد قوله (وان الضالين النصارى ثم سألوه) وهذا الكلام غير مرتبط ببعضه ولا يفهم له معنى، ولكنه جاء عند الترمذى (قال ثم أمرنى فانزلت عند رجل من الانصار جعلت أغشاه) أى آتى النبى صلى الله عليه وسلم: من غشيه يغشاه اذا جاءه (طرفى النهار) يعنى الغداة والعشى (قال فبينما أنا عنده عشية غذ جاءه قوم فى ثياب الصوف من هذه النمار) بكسر النون جمع نمرة بالفتح، وهى كل شملة مخططة من مآزر الاعراب كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض (فحث عليهم) أى حث الناس على أن يتصدقوا عليهم بما تيسر لهم من فضل أموالهم وهذا معنى قوله فى حديث الباب (أما بعد فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل) الرضخ العطية القليلة، وبما ذكرنا مما جاء عند الترمذى يستقيم الكلام، والظاهر أنه سقط من الطابع أو الناسخ نسخة الإمام احمد والله أعلم (7) أى نصف صاع كما جاء عند الترمذى (وقوله بقبضة) بضم القاف وربما يفتح والقبضة من الشئ ملء الكف منه (8) شق النمرة بكسر المعجمة نصفها وجانبها وفيه الحث على الصدقة وانه لا يمتنع عنها لقلتها وأن قليلها سبب النجاة من النار، وسيأتى قوله (فاتقوا النار ولو بشق تمرة) وقد جاء حديثًا مستقلًا عند الشخين والامام احمد وغيرهما بلفظ اتقوا النار ولو بشق تمرة) (9) جاء عند الترمذى بلفظ (فقائل له ما أقول لكم) أى والله قائل له؟؟؟؟؟؟؟ قائل اله وضمير له لأحدكم والمجلة حالية (وما أقول لكم) مفعول لقوله قائل (ألم أجعل لك) بدل من قوله ما اقول لكم (10) أى فينظر فى هذه الجهات كلها ليرى أحدًا يستعين به فى الوقت الحرج فلم يجد شيئًا
-[حكاية عدي بن حاتم عن نفسه وانه كره خروج النبى صلى الله عليه وسلم او لا وما لاقاه بسبب ذلك]-
فإن لم تجدوه فبكلمة طيبة (1) إنى لا أخشى عليكم الفاقة، (2) لينصرنكم الله تعالى وليعطينكم أو ليفتحن لكم حتى تسير الظعينة (3) بين الحيرة ويثرب أو اكثر (4): ما تخاف السرق على ظعينتها (5) قال محمد بن جعفر حدثناه شعبة ما لا احصيه وقرأته عليه (6)(حدّثنا يزيد)(7) أنبأنا هشام بن حسان عن محمود بن سيرين عن أبى عبيدة عن رجل قال قلت لعدى بن حاتم حديث بلغنى عنك أحب أن اسمعه منك؟ قال نعم، لما بلغنى خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهت خروجه كراهة شديدة خرجت حتى وقعت ناحية الروم وقال يعنى يزيد ببغداد (8) حتى قدمت على قيصر، قال فكرهت مكانى ذلك أشد من كراهيتى لخروجه، قال فقلت والله لولا أتيت هذا الرجل فان كان كاذبًا بم يضرنى، وإن كان صادقًا علمت، قال فقدمت فاتيته فلما قدمت قال الناس عدى ابن حاتم عدى بن حاتم، قال فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عدى بن حاتم أسلم تسلم ثلاثًا، قال قلت انى على دين قال أنا أعلم بدينك منك، فقلت أنت أعلم بدينى منى؟ قال نعم، ألست من الركوسية (9) وأنت تأكل مرباع قومك (10)؟ قلت بلى، قال فان هذا لا يحل لك فى دينك، قال فلم يعد أن قالها (11) فتواضعت لها، فقال أما انى أعلم ما الذى يمنعك من الاسلام، تقول انما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة وقلت لم أرها وقد سمعت بها، قال فو الذى نفى بيده ليُتَّمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف
(1) الكلمة الطيبة هى التى فيها تطبيب النفس إذا كانت مباحة أو طاعة تكون سببًا للنجاة من النار (2) يعنى الفقر (3) بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة المرأة فى الهودج وهو فى الأصل اسم للهودج (4) يثرب المدينة المنورة (والحيره) بكسر المهملة وسكون الياء التحتية وفتح الراء كانت بلد ملوك العرب الذين تحت حكم فارس، وكان ملكهم يومئذ إياس بن قبيصة الطائى، وليها من تحت يد كسرى بعد قتل النعمان بن المنذر (5) أى مطيتها كما صرح بذلك فى رواية الترمذى، والمعنى حتى تسير الظعينة فيما بين الحيرة ويثرب أو فى أكثر من ذلك من ذلك لا تخاف على راحلتها الشرق (زاد عند الترمذى) فجعلت أقول فى نفسى فأين لصوص طيئ: اللصوص جمع لص بكسر اللام ويفتح ويضم وهو السارق والمراد قطاع الطريق، وطيئ قبيلة مشهورة منها عدى بن حاتم وبلادهم ما بين العراق والحجاز وكانوا يقطعون الطريق على من مر بهم بغير جوار، ولذلك تعجب عدى كيف نمر المرأة عليهم وهى غير خائفة (6) معنى هذا أنه حديث ثابت مشهور (تخريجه)(مذ) وقال هذا حديث حست غريب لا نعرفه الا من حديث سماك بن حرب، وروى شعبة عن سماك بن حرب عن عباد بن حبيش عن عدى بن حاتم عن النبى صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله اهـ (قلت) وقال الحافظ ابن كثير فى تفسيره وقدروى حديث عدى هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها (7)(حدثنا يزيد الخ)(غريبه)(8) معناه أن يزيد حدث الامام احمد بهذا الحديث مرة أخرى ببغداد فقال حتى قدمت على قيصر بدل قوله حتى وقعت ناحية الروم (9) هو دين بين النصارى والصائبين (نه)(10) هو ربع الغنيمة كان الرئيس فى الجاهلية يأخذه حالصًا له (11) أى فلم يعد النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قولها
-[إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عدى بن حاتم بامور ستقع وقد وقع بعضها فى حياته وهى من معجزاته صلى الله عليه وسلم]-
بالبيت في غير جوار أحد، وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز، قال قلت كسرى بن هرمز؟ قال نعم كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد، قال عدى بن حاتم فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت فى غير جوار، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمزن والذى نفسى بيده لتكونن الثالثة (1) لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد قالها
(ابواب ما جاء فى غزوة تبوك)(2)
(باب اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الغزوة)(وما انفقه عثمان بن عفان رضى الله عنه عليها)
(عن عبد الله بن كعب)(3) قال سمعت كعب بن مالك رضى الله عنه يقول كان رسول الله ص (عن عبد الله بن كعب)(3) قال سمعت كعب بن مالك رضى الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى (4) بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر
(1) معناه أنه تحقق وقوع الامرين الأوليين وهما أمان الظعينه وفتح كنوز كسرى، وستقع الثالثه وهى بذل المال وعدم وجود من يقبله (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام احمد وفى إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (2) بفتح الفوقية وتخفيف الموحدة المضمومة، لا ينصرف التأنيث والعملية أو بالصرف على إرادة الموضع (قال ابن قتيبة) جاءها النبى صلى الله عليه وسلم وهم يبوكون مكان مائها بقدح، فقال مازلتم تبوكونها؟ فسميت حينئذ تبوك اهـ وفى النهاية البوك تنوير الماء بعود ونحوه ليخرج من الارض وبه سميت غزوة تبوك اهـ (قال الحافظ) كانت فى شهر رجب من سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف، وعند ابن عائد من حديث ابن عباس أنها كانت بعد الطائف بستة أشهر وليس مخالفًا لقول من قال فى رجب إذا حذفنا الكسور، لأنه صلى الله عليه وسلم قد دخل المدينة من رجوعه من الطائف فى ذى الحجة: وتبوك مكان معروف هو نصف طريق المدينة إلى دمشق، ويقال بين المدينة وبينها أربع عشرة مرحلة اهـ وفى صحيح البخارى (وهى غزوة العسرة) بضم العين وسكون المهملة أى لما وقع فيها من العسرة فى الماء والظهر والنفقة وكانت آخر غزواته صلى الله عليه وسلم (قال ابن سعد وشيخه الوافدى) وغيرهما سببها أنه بلغ النبى صلى الله عليه وسلم من الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل، فندب النبى صلى الله عليه وسلم الناس الى الخروج واعلمهم بالمكان الى يريد (وروى عن ابن عباس) ومجاهدو قتادة والضحاك وغيرهم أنه لما أمر الله تعالى ان يمنع المشركون من قربان المسجد الحرام فى الحج وغيره قالت قريش لينقطعن عنا التاجر والأسواق أمام الحج وليذهبن ما كنا نصيب منها فعوضهم الله عن ذلك بالامر بقتال اهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد هم صاغرون (قال الحافظ بن كثير) فى تاريخه فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال الروم لأنهم أقرب الناس اليه واولى الناس بدعوة الى الحق لقربهم إلى الإسلام وأهله، وقد قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين} (باب)(3)(سنده) حدّثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال أنا يونس عن الزهرى قال أخبرنى عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله ابن كعب قال سمعت كعب بن مالك الخ (غريبة)(4) بفتح الواو والراء المشددة أى أو هم غيرها
-[منقبة عظيمة لعثمان بن عفان رضى الله عنه بسبب تبرعه لجيش العسرة]-
شديد استقبل سفرًا ومفازًا (1) واستقال غزو عدو كثير فجلًا (2) للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة (3) عدوهم أخبرهم بوجهه الذى يريد (عن ابن كعب بن مالك)(4) عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس فى غزوة تبوك (عن عبد الرحمن بن خبّاب السلمى)(5) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة (6) فقال عثمان بن عفان علّى مائة بعير باحلاسها (7) وأقتابها، قال ثم حث فقال عثمان على مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها، قال فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يقول بيده (8) هكذا يحركها وأخرج عبد الصمد يده كالمتعجب ما على عثمان ما عمل بعد هذا (عن عبد الرحمن بن سمرة)(9) قال جاء عثمان بن عفان إلى النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بألف دينار فى ثوبه جهز النبى صلى الله عليه وسلم جيش العسرة قال فصبها فى حجر النبى صلى الله عليه وسلم فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول ما ضر (10) ابن عفان ما عمل بعد اليوم يرددها مرارًا
والتورية أن يذكر لفظًا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيوهم إرادة القريب وهو يريد البعيد (1) بفتح الميم والفاء آخره زاى فلاة لا ماء فيها (2) بالجيم واللام المشددة ويجوز تخفيفها أى أوضح لهم أمرهم (3) بضم الهمزة وسكون الهاء أى ما يحتاجون اليه فى السفر والحرب (تخريجه)(ق. وغيرهما)(4)(سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن ابن كعب بن مالك الخ (تخريجه)(خ. نس)(5)(سنده) حدّثنا أبو موسى العنزى قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنى سكن بن المغيرة قال حدثنى الوليد بن أبى هشام عن فرقد أبى طلحة عن عبد الرحمن بن خباب السلمى الخ (غريبه)(6) أى جيش غزوة تبوك وقد سماها الله عز وجل فى كتابه ساعة العسرة وتقدم معنى ذلك (7) الأحلاس جمع حلس بكسر الحاء وسكون اللام وهو الكساء الذى يلى ظهر البعير تحت القتب والأقتاب جمع قتب كسبب وأسباب، وهو ما يوضع على ظهر البعير كالإكاف الحمار والسرج الفرس (8) أى يشير بيده (وقوله وأخرج عبد الصمد يعنى ابن عبد الوارث أحد رجال السند أخرج يده يصف لهم كيف أشار النبى صلى الله عليه وسلم بيده)(وقوله ما على عثمان ما عمل بعد هذا) من كلام النبى صلى الله عليه وسلم ومعناه ما ضر عثمان ما عمله من الذنوب قبل أن يتصدق بما تصدق به فانه بعد اليوم مكفر عنه بصدقته (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وهكذا رواه الترمذى عن محمد بن يسار عن أبى داود الطيالسى عن سكن بن المغيرة مولى لآل عثمان به وقال غريب من هذا الوجه، ورواه البيهقى من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرة به وقال ثلاث مرات وانه التزم بثلاثمائة بعير باحلاسها واقتابها، قال عبد الرحمن فانا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر ما ضر عثمان بعدها أو قال بعد اليوم (9)(سنده) حدّثنا هارون بن معروف (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من هارون بن معروف ثنا ضمرة ثنا عبد الله بن شوذب عن عبد الله بن القاسم عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (10) يحتمل أن نفي الضر لعدم وقوع زلة فهو اشارة الى أن الله منعه منها ببركة إنفاقه
-[ذكر ما لاقاه الصحابة رضي الله عنهم فى غزوة تبوك من الشدة ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم لهم بزوالها]-
(باب فيما قاساه الصحابة فى هذه الغزوة من قلة الظهر وضعفه وما ظهر من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم
(عن شريح بن عبيد)(1) أن فضاله بن عبيد الأنصارى كان يقول غزونا م النبى صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فجهد بالظهر جهدًا شديدًا (2) فشكوا الى النبى صلى الله عليه وسلم ما يظهرهم من الجهد فتحين بهم مضيقًا (3) فسار النبى صلى الله عليه وسلم فيه فقال مروا باسم الله، فمر الناس عليه بظهرهم فجعل ينفخ بظهرهم (4) اللهم احمل عليها فى سبيلك إنك تحمل على القوى والضعيف (5) وعلى الرطب واليابس في البر والبحر، قال فما بلغنا المدينة حتى جعلت تنازعنا أزمنها (6) قال فضالة هذه دعوة النبى صلى الله عليه وسلم على القوى والضعيف فما بال الرطب واليابس (7) فلما قدمنا الشام غزونا غزوة قبرس (8) فى البحر فلما رأيت السفن فى البحر وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم
في سبيل الله وانه صلح أن يغفر له ما عساه يكون ذنبًا ان وقع، ولا يلزم من الصلاحية وجوده وقد أظهر الله صدق رسوله فانه لم يزل على أعمال أهل الجنة حتى فارق الدنيا (تخريجه)(مذ) وقال حسن غريب ابن عبيد الخ (غريبه)(2) أى بلغت المشقة والتعب بالابل أقصاها، والمراد بالظهر هنا الابل هذا ولم لم يكن المشقة والتعب قاصرًا على الظهر بل تنازل رجال الجيش فقد روى (ك خزحب) بسند صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس انه قال لعمر بن الخطاب حدثنا عن شأن ساعة العسرة فقال عمر خرجنا الى تبوك فى قيظ شديد فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطش حتى ظنننا أن رقابنا ستنقطع حتى ان الرجل لينحر بعيره فيعصر قرئه فيشربه ثم يجعل ما بقى على كبده، فقال ابو بكر الصديق يا رسول الله ان الله قد عودك فى الدعاء خيرًا فادع الله، قال اتحب ذلك؟ قال نعم، فرفع بديه فلم يرجعهما حتى حالت؟؟؟؟؟ فاظلت ثم سكبت فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فم نجدها جاوزت العسكر اهـ وهذا من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم فى استجابة الدعاء، وفيه منقبة ظاهرة لأبى بكر رضي الله عنه حيث اشار على النبى صلى الله عليه وسلم بذلك واستشاره صلى الله عليه وسلم (ومن ذلك ايضًا قلة الزاد) قال البغوى كان زادهم التمر المسوس والشعير المتغير وكان النفر منهم يخرجون ما معهم من التمرات فاذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمرة فأكلها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها فيشرب عليها جرعة من ماء كذلك حتى تلك على آخرهم فلا يبقى من التمرة الا النواة (ومن ذلك أيضًا قلة الظهر) أى الحمولات (قال البغوى قال الحسن) كان العشرة منهم يخرجون على بعير واحد يعتقبونه يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك (3) أى قصد أن يسير بهم فى مكان ضيق (4) أى ينفخ بفيه فى إبلهم ويقول اللهم احمل عليها فى سبيلك، أى اللهم قوها على الحمل فى سبيلك (5) معناه أن الدواب التى يحمل عليها فيها القوى والضعيف والكل يحمل بقدرتك (6) جمع زمام وهو الخيط الذى يشد أزمتها (7) معناه أن فضالة فهم أن قوة الإبل حصلت ببركة دعوة النبى صلى الله عليه وسلم ولم يفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم وعلى الرطب واليابس (8) جاء فى معجم ياقوت بضم أوله وسكون ثانيه ثم ضم الراء
-[نهي النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الدخول على أهل الحجر ومعجزة النبى صلى الله عليه وسلم فى جهود الماء وكثرته]-
(عن أبي كبشة الأنمارى)(1) قال لما كان فى غزوة تبوك تسارع الناس الى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول صلى الله عليه وسلم فنادى فى الناس الصلاة جامعة، قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم، فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله، قال أفلا أنذركم بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم ينبئكم مما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فان الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئًا، وسيأتى قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشئ (عن أبى الطفيل عامر بن وائله)(2) أن معاذًا أخبره انهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال؟؟؟؟؟ الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا (3) ثم قال انكم ستأتون غدًا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوا بها حتى يضحى النهار، فمن جاء فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتى، فجئنا وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك (4) تبض بشئ من ماء فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مسستما من مائها شيئًا؟ فقالا نعم فسبهما، رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول (5) ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيء ثم غسل
وسين مهملة كلة رومية وافقت من العربية النحاس الجيد وهى جزيرة فى بحر الروم (قلت) هو المسمى الآن بالبحر الأبيض المتوسط وهو بحر الاسكندرية؛ وكانت هذه الغزوة سنة 28 من الهجرة استأذن معاوية عثمان فى غزوة البحر فأذن له فسّير معاوية إلى قبرس جيشٍا وسار اليها عبد الله بن سعد من مصرنا فاجتمعوا عليها وقاتلو أهلها ثم صولحوا على جزية سبعة آلاف دينار فى كل سنة يؤدون الى الروم مثلها (وقوله عرفت دعوة النبى صلى الله عليه وسلم يؤيد أنه لما رأى السفن التى يحملها الرطب وهو الماء واليابس السفن نفسها التى تحمل الناس وما معهم عرف دعوة النبى صلى الله عليه وسلم واللع أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى بدون قول فضالة وقال رواه الطبرانى والبزار وفيى يحيى بن عبد الله XXX وهو ضعيف اهـ (قلت) يحيى بن عبد الله ليس فى سند الامام احمد، وسند الامام احمد جيد وليس فى رجاله علة، ومن الغريب أن الحافظ الهيثمى لم يعزه للامام احمد مع أن رواية الإمام احمد أجود سندًا وأكثر معنى ومتناه والظاهر أنه نسى ذلك والله أعلم (1)(عن أبى كبشة الأنمارى الخ) تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه فى باب مرور النبى صلى الله عليه وسلم بوادى الحجر من كتاب أحاديث الأنبياء فى الجزء العشرين ص 47 رقم 18 (2)(سنده) قال الإمام احمد قرأت على عبد الرحمن بن مهدى حدّثنا مالك عن أبى الزبير المكى عن أبى الطفيل عامر بن وائلة الخ (قلت) أبو الطفيل هو آخر من مات من الصحابة على الاطلاق قاله الحافظ فى التقريب (غريبه)(3) الكلام على الجمع بين الصلاتين تقدم فى بابه من كتاب الصلاة الجزء الخامس (4) بكسر الشين المعجمة وهو سير النعل ومعناه ماء قليل جدًا (وقوله تبض) بفتح التاء وكسر الموحدة وتشديد الضاد المعجمة ومعناه تسيل بشئ قليل من ماء (5) هذان
-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بازالة الشدة والجوع ومعجزة أخرى النبى صلى الله عليه وسلم فى تكثير الطعام]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس (1) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانًا (2)(حدّثنا أبو معاوية)(3) ثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد أو عن أبى هريرة شك الاعمش قال لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا (4) فأكلنا وادَهنا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم افعلوا، فجاء عمر فقال يا رسول الله إنهم ان فعلوا قلّ الظهر (5) ولكن ادعهم بفضل أزوارهم ثم ادع لهم بالبركة لعل الله أن يجعل فى ذلك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنطع (6) فبسطه ثم دعاهم بفضل أوزادهم فجعل الرجل يجيئ بكف الذرة والآخر بكف التمر والآخر بالكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شئ يسير، ثم دعا عليه
الرجلان كانا من المنافقين ولذلك سبهما النبى صلى الله عليه وسلم (1) فيه معجزة ظاهرة النبى صلى الله عليه وسلم (2) أى بساتين وهو جمع جنة وهذا أيضًا من معجزاته صلى الله عليه وسلم لأن هذا المكان صار كما قال (تخريجه)(م لك. وغيرهما)(وفى المواهب اللدنية) أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بكل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواءًا وراية وكان معه عليه الصلاة والسلام ثلاثون ألفًا وكانت الخيل عشرة آلاف والله أعلم (وفيها أيضًا) قال لما كان عليه الصلاة والسلام ببعض الطريق ضلت ناقته فقال زيد ابن الصيت وكان منافقًا أليس محمد يزعم أن نبى ويخبركم بأخبار السماء وهو لا يدرى أين ناقته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رجلًا يقول كذا وكذا وذكر مقالته وانى والله لا أعلم إلا ما علمنى الله سبحانه وتعالى وقد دلنى الله تعالى عليها وهى فى الوادى فى شعب كذا وكذا وقد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تؤتونى بها: فانطلقوا فجاءوا بها، رواه البيهقى وأبو نعيم (قلت) وهذا أيضًا من معجزاته صلى الله عليه وسلم (3)(حدّثنا أبو معاوية الخ)(غريبه)(4) جمع ناضح وهى الابل التى يستقى عليها (5) أى أقل ما يحمل عليه من الابل (6) فال فى القاموس النطع بالكسر والفتح وبالتحريك وكعنب بساط من الأديم جمعه أنطاع ونطوع (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للإمام احمد، ثم قال ورواه مسلم عن أبى كريب عن أبى معاوية عن الأعمش به.
(تتمة فيما جاء فى مصالحة النبى صلى الله عليه وسلم ملك أيلة وأهل جرباء وأذرُح وهو مقيم على تبوك قبل رجوعه)(قلت) أيلة بهمزة مفتوحة فتحتية ساكنة فلام مفتوحة مدينة فى طرف الشام على ساحل البحر متوسطة بين المدينة الشريفة ودمشق قال الحازمى هى آخر الحجاز وأول الشام (وجرباء) بجيم مفتوحة فراء ساكنة فموحدة فألف مقصورة على الصواب المشهور (وأذرح) بهمزة ثم معجمة ساكنة فراء مضمومة فمهملة (قال النووى) هى مدينة فى طرف الشام فى قبلة السويك بينها وبينه نحو نصف يوم، وقال الزرقانى فى شرح المواهب قيل هى فلسطين، وفى المواهب أن أذرح وجرباء بلدان بالشام بينهما ثلاثة أميال (قال ابن اسحاق) ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤية صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزيةن وأتاه أهل جرباء وأذرح وأعطوه الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا فهو
-[إرسال النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة وإتيانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقصته معه]-
بالبركة، ثم قال لهم خذوا في أوعيتكم، قال فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا من المعسكر وعاءً إلا ملؤوه: وأكلوا حتى شبعوا وفضلت منه فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله
عندهم، وكتب ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله ومحمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثًا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وأنه طيب لمن أخذه من الناس، وأنه لا يحل أن يمنعوا ماءً يردونه ولا طريقًا يردونه من بر أو بحر، زاد يونس بن بكير عن ابن اسحاق بعد هذا، وهذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسَنه بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال يونس عن ابن اسحاق) لأهل جرباء وأذرج بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل جرباء وأذرح أنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد وإنما عليهم مائة دينار في كل رجب ومائة أوقية طيبة وأن الله عليهم كفيل بالنصح والإحسان إلى المسلمين ومن لجأ إليهم من المسلمين: وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أهل أيلة بردة مع كتابه أمانًا لهم قال فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار (ما جاء في بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة)(قلت) أكيدر بضم الهمزة وفتح الكاف وسكون التحتية وضم وكسر المهملة كأحيمر كما في القاموس (ودومة) بضم الدال المهملة وفتحها والواو ساكنة كان ملكًا عظيمًا من قبل هرقل بدومة الجندل بفتح فسكون حصن وقرى من طرف الشام بينها وبين دمشق خمس ليالٍ يقال عرفت بدومة بن إسماعيل: قال الزرقاني في شرح المواهب (قال ابن اسحاق) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من بني كنانة (وفي نسخة من كندة) كان ملكًا عليها وكان نصرانيًّا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يعيد البقر فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته وباتت البقر تحك بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط؟ قال لا والله (تريد أن البقر الذي يريد صيدها جاءت إلى باب قصره تحك قرونها فيه) قالت فمن يترك هذا؟ قال لا أحد فنزل فأمر بفرسه فأسرج له وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم فلما خرجوا تلقتهم خيل النبي صلى الله عليه وسلم فأخذته وقتلوا أخاه، وكان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس بن مالك قال رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعجبون من هذا؟ فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا (قال ابن إسحاق) ثم ان خالد بن الوليد لمّا قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عيه وعلى آله وصحبه وسلم حقن له دمه فصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته فقال رجل من بني طييء يقال له بحير بن بحرة في ذلك.
-[ما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هِرَقْل وقصته مع بطارقته]-
وإني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فتحجب عنه الجنة (باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وجوابه عليه)
437 (حدّثنا إسحاق بن عيسى)(1) قال حدثني يحيى بن سليمان عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن سعيد بن أبي راشد قال لقيت التنوخي (2) رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص وكان جارًا لي شيخًا كبيرًا قد بلغ الفَنَد (3) أو قرب فقلت ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل؟ فقال بلى (4)،: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فبعث دحية الكلبي إلى هرقل فلما أن جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها ثم أغلق عليه وعليهم بابًا فقال قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم وقد أرسل إليَّ يدعوني إلى ثلاث خصال، يدعوني إلى أن أتبعه على دينه، أو على أن أعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب، والله لقد عرفتم فيما تقرءون من الكتب ليأخذن ما تحت قدميّ فهلم نتبعه على دينه أو نعطيه مالنا على أرضنا، فخروا نخرة (5) رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا تدعونا إلى أن ندع النصرانية أو نكون عبيدًا لأعرابي جاء من الحجاز؟ فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رفأهم (6) ولم يكد، وقال
تبارك سائق البقرات إني
…
رأيت الله يهدي كل هاد
فمن يك حائدًا عن ذي تبوك
…
فإنا قد أمرنا بالجهاد
وقد حكى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهذا الشاعر لا يفضض الله فاك، فأتت عليه سبعون سنة ما تحرك له فيها ضرس ولا سن، (وقد روى ابن لهيعة) عن أبي الأسود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالدًا مرجعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارضًا إلى أكيدر دومة فذكر نحو ما تقدم إلا أنه ذكر أنه ماكره حتى أنزله من الحصن وذكر أنه قدم مع أكيدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة من السبسي وألف بعير وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، وذكر أنه لمّا سمع عظيم أيلة يحنة بن رؤبة بقضية أكيدر دومة أقبل قادمًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحه فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فالله أعلم
(باب)(1)(حدّثنا إسحاق بن عيسى إلخ)(غريبه)(2) قال في اللباب التنوخي بفتح التاء ثالث الحروف وضم النون المخففة وفي آخرها الخاء المعجمة هذه النسبة إلى تنوخ وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديمًا بالبحرين وتحالفوا على التناصر فأقاموا هناك فسموا تنوخًا والتنوخ الإقامة اهـ
(3)
قال في النهاية الفند في الأصل الكذب وأفند تكلم بالفند، ثم قالوا للشيخ إذا هرم قد أفند لإنه يتكلم بالمخرِّف من الكلام عن سنن الصحة، وأفنده الكبر إذا أوقعه في الكبر (4) جاء في هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه عن سعيد بن أبي راشد مولًى لآل معاوية قال قدمت الشام فقيل لي في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدخلنا الكنيسة فإذ أنا بشيخ كبير فقلت له أنت رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم، قال قلت حدثني عن ذلك، قال إنه لمّا غزا تبوك كتب إلى قيصر كتابًا وبعث به مع رجل يقال له دحية بن خليفة، فلما قرأ كتابه وضعه معه على سريره وبعث إلى بطارقته ورؤساء أصحابه فذكر نحو حديث الباب (5) أي تكلموا كلام رجل واحد وكأنه كلام مع غضب ونفور حملهم على أن يخرجوا من برانسهم (6) أي سكنهم
-[جواب هرقل على كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وقيام رسول به وقصته مع النبي صلى الله عليه وسلم]-
قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم، ثم دعا رجلاً من عرب تجيب كان على نصارى العرب فقال ادع لي رجلاً حافظًا للحديث عربي اللسان أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاءني فدفع إليّ هرقل كتابًا فقال اذهب بكتابي إلى هذا الرجل فما ضيعت من حديثه فاحفظ لي منه ثلاث خصال (1) انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إليّ بشيء، وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل، وانظر في ظهره هل به شيء يريبك، فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبيًا على الماء، فقلت أين صاحبكم؟ قيل هاهو ذا، فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه فناولته كتابي، فوضعته في حجره ثم قال ممن أنت؟ فقلت أنا أحد تَنُوخ قال هل لك في الإسلام الحنيفية ملة أبيك إبراهيم؟ قلت إني رسول قوم وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، فضحك وقال (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) يا أخا تنوخ إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه والله ممزقه وممزق ملكه، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرقها والله مخرقه (2) ومخرق ملكه، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها فلن يزال الناس يجدون منه بأسًا ما دام في العيش خير، قلت هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي (3) وأخذت سهمًا من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم انه ناول الصحيفة رجلاً عن يساره: قلت من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا معاوية، فإذا في كتاب صاحبي (4) تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله أين الليل إذا جاء النهار؟ قال فأخذت سهمًا من جعبتي فكتبته في جلد سيفي (5) فلما أن فرغ من قراءة كتابي قال إن لك حقًّا وإنك رسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوّزناك بها إنا سَفر (6) مُرملون، قال فناداه رجل من طائفة الناس قال أنا أجوزه ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية (7) فوضعها في حجري، قلت من صاحب الجائزة؟ قيل لي عثمان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم يُنزل (8) هذا الرجل؟ فقال فتًى من من الأنصار: أنا فقام الأنصاري وقمت معه حتى إذا خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعال يا أخا تنوخ (9) فأقبلت أهوي إليه حتى كنت قائمًا في مجلسي الذي كنت بين يديه
ودعا لهم (ولم يكد) أي لم ينازعهم في الأمر (1) أي مهما نسيت من شيء فاحفظ لي منه ثلاث خصال (2) هذا نجاشي آخر غير النجاشي الذي أسلم ونعاه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى أصحابه فصلى عليه كما يستفاد من الحديث التالي (3) هي قول هرقل له (انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء)(4) يعني في كتاب هرقل الذي يقرؤه معاوية (5) إنما كتب هذه أيضًا لإنها الثانية من الخصال التي أوصاه هرقل بحفظها وهي قوله (وانظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل)(6) بفتح المهملة وسكون الفاء أي مسافرون (مرملون) أن نفد زادنا وأصله من الرمْل كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير الترب بكسر الراء (7) نسبة إلى صفورية بفتح الصاد المهملة وضم الفاء مشددة بلد بالأردن بضم الهمزة او لمهملة كما في القاموس (8) بضم أوله وكسر الزاي بينهما نون ساكنة أي ينزله ضيفًا عنده (9) إنما دعاه النبي
-[تبشير النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ببعض ما خصه الله عز وجل به تكريمًأ له]-
فحل حبوته (1) عن ظهره وقال ههنا امض لما أمرت له، فجاءت في ظهره فإذا أنا بخاتم في موضع غضون (2) الكتف مثل المحجمة (3) للضخمة (ز)
438 (حدّثنا عبد الله) قال ثنا سريج بن يونس من كتابه قال ثنا عباد بن عباد يعني المهلبي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبي راشد مولًى لآل معاوية فذكر نحو الحديث المتقدم (وفيه) أنهم قالوا لا نتبعه على دينه وندع ديننا ودين آبائنا ولا نقر له بخراج يجري له علينا ولكن نلقي إليه الحرب (وفيه أيضًا) قال عباد قلت لابن خُثيم أليس قد أسلم النجاشي ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى أصحابه فصلى عليه؟ قال بلى، ذاك فلان بن فلان وهذا فلان بن فلان قد ذكرهم ابن خثيم جميعًا ونسيتهما (وفيه أيضًا) قال رسول قيصر فلما وليت دعاني (يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أخا تنوخ هلم فامض للذي أمرت به، وكنت قد نسيتهما فاستدرت من وراء الحلقة وألقى بردة كانت عليه عن ظهره فرأيت غضروف كتفه مثل المحجم الضخم (باب ما جاء في تبشير النبي صلى الله عليه وسلم وهم بتبوك بفتح فارس والروم) وخصوصيات أكرمه الله عز وجل بها وفيه ذكر ما فعله المنافقون من الكيد أثناء العودة من تبوك (4)
439 (عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده)(5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم فقال لهم لقد أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي، أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة وكان مَن قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لمليء منه رعبًا
صلى الله عليه وسلم ليحقق له الخصلة الثالثة التي أوصاه بها هرقل بقوله وانظر ظهره هل به شيء يريبك) وكان التنوخي قد نسيها كما في الحديث التالي (1) أي ألقى بردة كانت عليه عن ظهره كما في الحديث التالي (2) الغضون مكاسر الجلد، ومكاسر كل شيء غضون أيضًا، الواحد غَضْن وغَضَن مثل أسد وأسود وفلس وفلوس قاله في المصباح (3) بكسر الميم أي كأثر المحجمة القابضة على اللحم حتى يكون ناشئًا (قال الشامي) هي الآلة التي يجتمع بها دم الحجامة عن المص، والمراد من أثرها اللحم الناتئ من قبضها عليه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال هذا حديث غريب وإسناده لا بأس به تفرد به الإمام أحمد اهـ (قلت) وأورده الهيثمي بنصه وقال رواه عبد الله بن أحمد وأبو يعلى ورجال أبي يعلى ثقات ورجال عبد الله بن أحمد كذلك. اهـ (قلت) هذا الحديث بهذا النص من مسند الإمام أحمد والحديث التالي من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد ومعناهما واحد ولم يختلفا إلا في بعض الألفاظ ولذا أتيت في الحديث التالي بالألفاظ المختلف فيها (ز)(حدّثنا عبد الله) إلخ هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ولذا رمزت له بحرف زاي في أوله وهو كالذي قبله في المعنى والتخريج وجاء فيه لفظ (غضروف كتفه بدل قوله في الحديث السابق (غضرف الكتف) وغضروف الكتف رأس لوحه والله أعلم (باب)(4)(سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلخ
-[قوله صلى الله عليه وسلم أعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي = وإرادة المنافقين كيد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة]-
وأحلت لي الغنائم آكلها، وكان من قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مساجد وطَهورًا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان مَن قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم، والخامسة هي ما هي؟ قيل لي سل فإن كل نبي قد سأل فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة (1) فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله
440 (عن أبي همام الشعباني)(2) قال حدثني رجل من خثعم قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فوقف ذات ليلة واجتمع عليه أصحابه فقال إن الله أعطاني الليلة الكنزين كنز فارس والروم، وأمدني بالملوك ملوك حمير الأحمرين ولا ملك إلا الله، يأتون يأخذون من مال الله ويقاتلون في سبيل الله قالها ثلاثًا
441 (عن أبي الطفيل)(3) قال لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ العقبة (4) فلا يأخذها أحد، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوق به عمار إذ أقبل رهط (5) متلثمون على الرواحل غَشوْا (6) عمارًا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل (7)
(غريبه)(1)، مسألته صلى الله عليه وسلم على الشفاعة كما جاء في حديث ابن عباس عند الإمام أحمد أيضًا وسيأتي في باب خصوصياته صلى الله عليه وسلم في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية وفيه (وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي فهي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا) وتقدم نحوه من حديث جابر وأبي أمامة وعلي وأبي هريرة في باب اشتراط دخول الوقت للمتيمم من كتاب التيمم في الجزء الثاني صفحة 187 وتقدم شرح هذه الأحاديث هناك، وسيأتي أحاديث أخرى عن كثير من الصحابة في باب خصوصياته صلى الله عليه وسلم المشار إليه (تخريجه) أورده الهيثمي وفي نسخته تخليط وسقط من الناسخ أو الطابع، فقد جاء فيه بعد قوله أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها، وهذه الجملة جاءت في غير موضعها فلا معنى لها هنا، ثم قال وجعلت لي الأرض مساجد وسقط قوله فأرسلت إلى الناس كافة إلخ وقوله ونصرت بالرعب إلخ ثم قال البيهقي رواه أحمد ورجاله ثقات (2)(سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي همام الشعباني إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده أبو همام الشعباني قال الحسيني مجهول (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة ذكره الحاكم أبو أحمد تبعًا للبخاري فيمن لا يعرف اسمه ولم يذكر فيه جرحًا (3)(سنده) حدثنا يزيد أنا الوليد يعني ابن عبد الله ابن جميع عن أبي الطفيل إلخ (غريبه)(4) العقبة بالتحريك الطريق العالي في الجبل، وإنما اختار صلى الله عليه وسلم هذا الطريق لنفسه دون الجيش ليفتضح أمر المنافقين الذين تآمروا على قتله، فقد جاء في تاريخ الحافظ ابن كثير عن عروة بن الزبير قال لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة همّ جماعة من المنافقين بالفتك به وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم فأمر الناس بالسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها معه أولئك النفر وقه تلثموا إلخ (5) الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين (6) أي ازدحموا عليه وكثروا (7) جاء في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر حذيفة فرجع إليهم فضرب وجوههم فيحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى عمارًا يضرب وجوه الرواحل أمر حذيفة أن يعاونه، وفي حديث عروة بن الزبير فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه، فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أظهر على ما أضمروه
-[إرادة المنافقين أن ينفروا راحلة النبي صلى الله عليه وسلم فيطرحوه ويقتلوه ومخالفتهم أمره]-
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لحذيفة قد قد (1) حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما هبط رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نزل ورجع عمار فقال يا عمار هل عرفت القوم؟ فقال قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون، قال هل تدري ما أرادوا؟ قال الله ورسوله أعلم، قال أرادوا أن ينَفّروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه، قال فسارّ عمار رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ (2) فقال أربعة عشر، فقال إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعدَّد (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد القوم، فقال عمار أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب (4) لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد قال الوليد (5) وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس وذُكِر له أن في الماء قلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطًا قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ (6)
من الأمر الظعيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس (1) اسم فعل بمعنى كفى أو يكفي ضربًا وتكرارها لتأكيد الأمر، ويقول المتكلم قدني أي حسبي وللمخاطب قدك أي حسبك (2) قال النووي وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار رضي الله عنهم وإنما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فعصمه الله منهم (3) أي أحصى منهم ثلاثة أقسموا أنهم ما سمعوا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجاوز عنهم حسب اعترافهم والله أعلم بسرائرهم (4) أي أعداء وخصوم لله ولرسوله في الدنيا والآخرة، وجاء في رواية لمسلم من حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أصحابي (وفي لفظ) في أمتي اثنا عشر منافقًا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم (قال النووي رحمه الله أما قوله صلى الله عليه وسلم في أصحابي فمعناه الذين ينسبون إلى صحبتي كما قال في الرواية الثانية في أمتي، وسم الخياط بفتح السين وضمها وكسرها والفتح أشهر وبه قرأ القراء السبعة وهو ثقب الإبرة، ومعناه لا يدخلون الجنة أبدًا كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة أبدًا، (وأما الدبيلة) فبدال مهملة مضمومة ثم باء موحدة مفتوحة وقد فسرها في الحديث بسراج من نار (ومعنى ينجم) يظهر ويعلو وهو بضم الجيم، وروي تكفيهم الدبيلة محذف الكاف الثانية، وروي تكفتهم بتاء مثناة فوق بعد الفاء من الكفت وهو الجمع والستر أي نجمعهم في قبورهم وتسترهم اهـ وفي النهاية هي خرّاج ودمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا (5) هو الوليد بن عبد الله بن جميع أحد الرواة (6) هذا الرهط من المنافقين وتقدمت قصة الماء بأطول من هذا من حديث أبي الطفيل عن معاذ في باب ما قاساه الصحابة في هذه الغزوة قبل باب (تخريجه)(هق) في الدلائل ومعناه عند مسلم من حديث حذيفة (قال الحافظ ابن كثير) في تفسيره ويشهد لهذه القصة بالصحة ما رواه مسلم فذكر حديث مسلم بمعناه اهـ (قلت) وحديث الباب رجاله ثقات
-[رجوع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة من غزوة تبوك وفيه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم وأمور أخرى]-
(باب ما جاء في ذكر رجوعهم إلى المدينة من غزوة تبوك وفيه أمور شتى)
442 (حدّثنا عفان)(1) ثنا وهيب بن خالد ثنا عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك حين جئنا وادي القرى (2) فإذا امرأة في حديقة (3) لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أخرْصوا (4) فخرص القوم وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق (5) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة أحصي ما يخرج منه حتى أرجع إليك إن شاء الله، قال فخرج حتى قدم تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستبيت عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقوم منكم فيها رجل، فمن كان له بعير فليوثق عقاله (6) قال أبو حميد فعقلناها فلما كان من الليل هبت علينا ريح شديدة فقام فيها رجل فألقته في جبل طيئ (7) ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك أيلة (8) فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء (9) فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردًا وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم ببحره (10) قال ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جئنا وادي القرى، فقال للمرأة كم حديقتك؟ قالت عشرة أوسق خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني متعجل فمن أحب منكم أن يتعجل فليفعل، قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه حتى إذا أوفى على المدينة قال هي هذه طابة (11) فلما رأى أُحدًا قال هذا أُحد يحبنا ونحبه (12) ألا أخبرك بخير دور الأنصار؟ قلنا بلى يا رسول الله قال خير دور الأنصار بنو النجار (13) ثم
(باب)(1)(حدّثنا عفان إلخ)(غريبه)(2) قال ياقوت في معجمه هو وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثر القرى والنسبة إليه وادي (3) هي البستان من النخل إذا كان عليه حائط (4) هو بضم الراء وكسرها والضم أشهر أي احزروا كم يجيء من ثمرها (قال النووي) وفيه استحباب تمرين العالم أصحابه بمثل هذا التمرين (5) جمع وسْق، (قال في النهاية) الوسق بالفتح ستون صاعًا وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز وأربعمائة وثمانون رطلاً عند أهل العراق (6) فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بالغيب وقد حصل في الحال، وفيه خوف الضرر على أصحابه من القيام وقت الريح وفيه غير ذلك (7) هكذا في الأصل جبل طيئ بالإفراد وجاء عند مسلم جبلي طيئ بالتثنية، وهما جبلان مشهوران يقال لأحدهما أجأ بفتح الهمزة والجيم وبالهمز، والآخر سلمى بفتح السين (وطيئ) بياء مشددة بعدها همزة على وزن سيد وهو أبو قبيلة من اليمن (8) بفتح الهمزة وسكون الياء التحتية بعدها لام مفتوحة مدينة في طريق الشام على ساحل البحر متوسطة بين المدينة الشريفة ودمشق. قال الحازمي قيل هي آخر الحجاز وأول الشام اهـ (قلت) تقدمت قصة ملك أيلة في آخر شرح الباب الثاني من هذه الغزوة (9) هذه البغلة هي بغلته صلى الله عليه وسلم المسماة بدلدل وليست له بغلة غيرها، وظاهره أنها أهديت له في تبوك وهي كانت عنده قبل ذلك ولعله يعني وهو الذي أهدى له قبل ذلك (10) أي ببلده وأرضه والبحر القرى (11) من الطيب بكسر الطاء مشددة وقيل هو الطيب بفتح الطاء مشددة وكسر الياء مشددة بمعنى الظاهر لخلوها من الشرك وتطهيرها منه (12) تقدم الكلام عليه في شرح آخر حديث من غزوة خيبر في هذا الجزء صحيفة 127 رقم 342 (13) قال القاضي عياض المراد أهل الدور والمراد القبائل، وإنما فضل بني النجار لسبقهم في الإسلام وآثارهم
-[فضل من تخلف عن غزوة تبوك لعذر وفرح أهل المدينة بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم حتى الولائد والصبيان]-
دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني ساعده ثم في كل دور الأنصار خير (باب في ذكر من تخلف عن غزوة تبوك لعذر)
443 (عن أنس)(1) قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال إن بالمدينة لقومًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا (2) إلا كانوا معكم فيه قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال وهم بالمدينة حبسهم العذر (3)
444 (عن سعيد بن المسيب)(4) قال قلت لسعد بن مالك (5) إني أريد أن أسألك عن حديث وأنا أهابك أن أسألك عنه، فقال لا تفعل يا بن أخي، إذا علمت أن عندي علمًا فسلني عنه ولا تهبني، قال فقلت قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لعلي رضي الله عنه حين خلفه بالمدينة في غزوة تبوك، فقال سعد خلف رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم عليًّا بالمدينة في غزوة تبوك فقال يا رسول الله أتخلفني في الخالفة (6) في النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى (7) قال بلى يا رسول الله، قال فأدبر عليٌّ مسرعًا كأني أنظر إلى غبار قدميه يسطع (وفي رواية فرجع عليّ مسرعًا)(وعنه في أخرى بنحوه)
الجميلة في الدين اهـ ثم يليهم في الفضل دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني ساعدة، وقد علمت المراد بالدار ثم في كل دور الأنصار خير، هذا عموم بعد خصوص والله أعلم (هذا وفي المواهب) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من تبوك بعد أن أقام بها بضع عشرة ليلة وقيل عشرين ولم يلق كيدًا وبنى في طريقه مساجد وأقبل صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذي أوان بينها وبين المدينة ساعة، جاءه خبر مسجد الضرار من السماء فأرسل في هدمه وحرقه بعد أن أنزل الله فيه (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا الآية) وكان الذين اتخذوه اثني عشر رجلاً يضاربون به مسجد قباء، وذلك أنهم قالوا في طائفة من المنافقين نبني مسجدًا فنقيل فيه فلا نحضر خلف محمد، ولما دنا صلى الله عليه وسلم من المدينة خرج الناس لتلقيه وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن
طلع البدر علينا
…
من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا
…
ما دعا لله داع
(باب)(1)(سنده) حدّثنا ابن أبي عدي ثنا حميد عن أنس (يعني ابن مالك) إلخ (غريبه)(2) الوادي مفرج ما بين الجبال أو التلال أو الآكام، وعند البخاري (ما سلكنا شِعبًا ولا واديًا) الشعب بكسر الشين المعجمة الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن الأرض (3) معنى الحديث أن ناسًا تخلفوا وراءنا ولم يشاركونا في الغزو لِما ألمّ بهم من العارض المانع وهم معنا بالنية الصالحة، فما سرنا سيرًا ولا قطعنا طريقًا ولا وطئنا موطئًا يغيظ الكفار ولا نلنا من عدونا قتلاً أو أسرًا إلا وهم شركاؤنا في المثوبة والأجر (تخريجه)(خ د) ورواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله (4)(سنده) حدّثنا عفان حدثنا حماد يعني ابن سلمة أنبأنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب إلخ (غريبه)(5) يعني ابن أبي وقاص (6) الخالفة هي المرأة القاعدة من النساء في البيت، وفي رواية أخرى من طريق ثانٍ عن سعد بن مالك أن عليًّا رضي الله تعالى عنه قال يا رسول الله ما كنت أحب أن تخرج وجهًا إلا وأنا معك فقال أَوما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟ (7) لعله يريد أن موسى استخلف هارون حينما ذهب إلى الميقات، ولا يقال إن هارون كان خليفة بعد موسى
-[قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى = وقصة أبي رهم الغفاري]-
وفيه قال رضيت ثم قال بلى بلى
445 (عن ابن عباس)(1) قال خرج يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزوة تبوك قال فقال له علي أخرج معك قال فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم لا فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي
446 (عن أبي رُهم الغفاري)(2) وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فلما فصل (3) سرى ليلة فسرت قريبًا منه وألقِيَ عليَّ النعاس فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلته فيفزعني دنوها خشية أن أصيب رجله في الغرز (4) فأؤخر راحلتي حتى غلبتني عيني نصف الليل فركِبَتْ راحلتي راحلته (5) ورجل النبي صلى الله عليه وسلم في الغرز فأصابت رجله فلم أستيقظ إلا بقوله حَس (6) فرفعت رأسي فقلت استغفر لي يا رسول الله فقال سر (7) فطفق يسألني عمن تخلف من بني غفار فأخبره، فإذا هو يسألني ما فعل النفر الحمر الطوال القطاط (8) أو قال القصار عبد الرزاق يشك الذين لهم نَعَم بشظية (9) شرخ قال قال فذكرتهم في بني غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت رهطًا من أسلم فقلت (10) يا رسول الله ما يمنع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرءًا نشيطًا في سبيل الله فادعوا (11) هل أن يتخلف عن المهاجرين من قريش والأنصار وأسلم وغفار (وعنه من طريق ثانٍ)(12)
لأنه توفي قبل موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل التاريخ والسير (تخريجه)(م. وغيره)(1)(عن ابن عباس إلخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه في مناقب علي رضي الله عنه من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وفي هذا الحديث والذي قبله منقبة عظيمة للإمام علي كرم الله وجهه ودلالة على عظيم فضله رضي الله عنه وأرضاه (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري أخبرني ابن أخي أبي رهم أنه سمع أبا رهم الغفاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (قلت) أبو رهم اسمه كلثوم بن الحصين (غريبه) (3) أي خرج بالجنود لغزوة تبوك (4) الغرز المرحل كالركاب المسرج (5) أي زاحمت راحلة أبي رهم راحلة النبي صلى الله عليه وسلم وصدمتها (6) حس كلمة تقولها العرب عند وجود الألم كالأنين الذي يخرجه المتألم نحو آه (7) جاء في الأصل (سل) بسين ولام بدل الراء وجاء عند ابن إسحاق وفي مجمع الزوائد سر بسين وراء من السير وهو ظاهر المعنى بعكس سل (8) بكسر القاف أي الذين شعورهم شديدة الجعودة: وفي التهذيب القطط بفتح القاف الشعر الزنجي ورجال قطاط مثل جبل وجبال (9) جاء في الطريق الثانية بشبكة شرخ قال في النهاية الشظية قطعة مرتفعة من رأس الجبل، وقال في موضع آخر شبكة شرخ هو بفتح الشين وسكون الراء موضع بالحجاز وبعضهم يقوله بالدال اهـ وقال السهيلي شبكة شرخ موضع من بلاد غفار (10) هكذا بالأصل فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ لكن جاء في سيرة ابن هشام عن ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حتى تخلف إلخ وكذلك في مجمع الزوائد فجعله من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الظاهر (11)(فادعوا هل أن بتخلف عن المهاجرين إلخ) هذه الجملة جاءت في المسند هكذا ولا معنى لها فهي قطعًا من خطاء الناسخ أو الطابع، وصوابها كما جاء في سيرة ابن هشام ومجمع الزوائد (إن أعر أهلي عليّ أن يتخلف عني المهاجورن من قريش والأنصار إلخ (12)(سنده) حدّثنا يعقوب
-[حديث كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك]-
قال فطفقت أؤخر راحلتي عنه حتى غلبتني عيني وقال ما فعل النفر السود الجعاد (1) القصار قال قلت والله ما أعرف هؤلاء منا حتى قال بلى الذين لهم نعم بشبكة شرخ (2) قال فتذكرتهم في بني غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا، فقلت يا رسول الله أولئك رهط من أسلم كانوا حلفاءنا (باب حديث كعب بن مالك) وهو أحد الثلاثة (3) الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ونزل القرآن بتوبتهم رضي الله عنهم 447 (حدّثنا إسماعيل)(4) قال أنا ابن عون عن عمر بن كثير بن أفلح قال قال كعب بن مالك ما كنت أيسر للظهر والنفقة مني في تلك الغزاة (يعني تبوك) قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أتجهز غدًا ثم ألحقه فأخذت في جهازي فأمسيت ولم أفرغ، فقلت آخذ في جهازي غدًا والناس قريب بعدُ ثم ألحقهم فأمسيت ولم أفرغ، فلما كان اليوم الثالث أخذت في جهازي فأمسيت فلم أفرغ، فقلت أيْهات (5) سار الناس ثلاثًا فأقمت فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الناس يعتذرون إليه فجئت حتى قمت بين يديه فقلت ما كنت في غزاة أيسر للظهر والنفقة مني في هذه الغزاة (6) فأعرض عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس أن لا يكلمونا وأمِرت نساؤنا أن يتحوان عنا، قال فتسورت حائطًا ذات يوم فإذا أنا بجابر بن عبد الله فقلت أي جابر نشدتك بالله هل علمتني غششت الله ورسوله يومًا قط؟ قال فسكت عني فجعل لا يكلمني، قال فبينما أنا ذات يوم إذ سمعت رجلاً على الثنية (7) يقول كعبًا كعبًا حتى دنا
ثنا أبي عن ابن إسحاق وذكر ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري أنه سمع أبا رهم كلثوم بن حصين وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة يقول غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فذكر الحديث إلا أنه قال فطفقت أؤخر راحلتي إلخ (1) أي جعاد الشعر (2) تقدم الكلام على شرحه في شرح الطريق الأولى (تخريجه) رواه ابن إسحاق في المغازي وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفي إسنادهما ابن أخي أبي رهم ولم أعرفه (باب)(3) هؤلاء الثلاثة هم كعب بن مالك الشاعر صاحب الحديث ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية كلهم من الأنصار، ولكعب بن مالك حديث مطول جدًّا غير هذا تقدم بسنده وطوله وشرحه وتخريجه في باب لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار في سورة التوبة من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص * 16 رقم 301 وحديث الباب مختصر، وإنما ذكرته هنا لمناسبة غزوة تبوك (4)(حدّثنا إسماعيل إلخ)(غريبه)(5) بفتح الهمزة وسكون التحتية وفتح الهاء والتاء الفوقية هي لغة في هيهات (قال في النهاية) هي كلمة لبعيد مبنية على الفتح وناس يكسرونها، وقد تبدل الهاء همزة فيقال أيهات ومن فتح وقف بالتاء ومن كسر وقف بالهاء (6) معناه أنه لم يتخلف لكونه معسرًا بالنفقة أو فاقدًا للظهر أي الدابة التي يركبها بل كان ذلك متوفرًا لديه وما تخلف إلا بسبب الأمور التي ذكرها وليست بعذر، ولكنه ذكر الحقيقة وصدق في قوله واعتقد أن الصدق أنجى، وقد تاب الله عليه بسبب صدقه (7) أي ثنية جبل سلع كما في الحديث الطويل، وهذا الرجل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول بأعلى صوته يقول يا كعب بن مالك أبشر، قال كعب فخررت ساجدًا وعرفت أنه قد جاء فرج
-[بيان أن الصدق سبيل النجاة في كل شيء وبسببه تاب الله على كعب بن مالك وما جاء في وفد ثقيف]-
مني فقال بشروا كعبًا
448 (عن عبد الرحمن بن عبد الله)(1) بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك رضي الله عنه لما تاب الله عليه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لم ينجني إلا بالصدق، وإن من توبتي إلى الله أن لا أكذب أبدًا: وإني أنخلع من مالي صدقة لله تعالى ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فإنه خير لك، قال فإني أمسك سهمي من خيبر (باب ما جاء في وفد ثقيف (2) وضمام بن ثعلبة وافد بني سعد)
449 (عن عثمان بن أبي العاص)(3) أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحشروا (4) ولا يعشروا ولا يجبوا (5) ولا يستعمل عليهم غيرهم، قال فقال إن لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا ولا يستعمل عليكم غيركم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا خير في دين لا ركوع فيه
وأذَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله تبارك وتعالى علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا هكذا في الحديث الطويل فارجع إليه تخريجه (ق، وغيرهما)(1)(سنده) حدّثنا روح حدثنا ابن جريج قال أخبرني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله إلخ (تخريجه) هو مختصر من الحديث الطويل ورجاله من رجال الصحيحين أخرجه الشيخان وغيرهما (باب)(2) ترجم الحافظ ابن كثير في تاريخه لوفد ثقيف بقوله قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع، (وقال ابن إسحاق) قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد من ثقيف (قلت) وتقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم مالك بن عوف النصري أنعم عليه وأعطاه وجعله أميرًا على من أسلم من قومه فكان يغزوا بلاد ثقيف ويضيق عليهم حتى ألجأهم إلى الدخول في الإسلام وذلك أنهم رأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا فأتمروا فيما بينهم على أن يرسلوا وفدًا منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال موسى بن عقبة) كانوا بضعة عشر رجلاً فيهم كنانة بن عبد ياليل وهو رئيسهم، وفيهم عثمان بن أبي العاص وهو أصغر الوفد (قال ابن إسحاق) فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ألفوا المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآهم ذهب يشتد ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم فلقيه أبو بكر الصديق فأخبره عن ركب ثقيف أن قدموا يريدون البيعة والإسلام أن شرط لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطًا ويكتبوا كتابًا في قومهم، فقال أبو بكر للمغيرة أقسمت عليك لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أحدثه، ففعل المغيرة فدخل أبو بكر فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم (قلت) وكان من شروطهم ما جاء في حديث الباب (3)(سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص إلخ (غريبه)(4) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح المعجمة أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم بل يأخذها في أماكنهم (وقوله ولا يعشروا) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح المعجمة أي لا يؤخذ عشر أموالهم، وقيل أرادوا به الصدقة الواجبة، وإنما فسح لهم في تركها لإنها لم تكن واجبة يومئذٍ عليهم إنما تجب بتمام الحول (5) بضم أوله وفتح الجيم وضم الموحدة مشددة (قال في النهاية) أصل المتجبية أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل هو أن يضع يديه
-[قصة ضمام بن ثقلبة وافد بني قسين مع النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله عن فرائض الإسلام]-
قال وقال عثمان بن أبي العاص يا رسول الله علمني القرآن واجعلني إمام قومي
450 (عن ابن عباس)(1) قال بعثت بنو سعد بن بكر بن ضمام بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، وكان ضمام رجلاً جلدًا (2) أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقال أبكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب، قال محمد؟ قال نعم، فقال ابنَ عبد المطلب إني سائلك ومغلظ في المسألة فلا تجدنَّ في نفسك، قال لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك، قال أنشُدك الله إلاهك وإلاه من كان قبلك وإلاه من هو كائن بعدك آلله بعثك إلينا رسولاً؟ قال: اللهم نعم قال: أنشدك الله إلاهك وإلاه من كان قبلك وإلاه من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئًا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا يعبدون معه؟ قال اللهم نعم، قال فأنشدك الله إلاهك وإلاه من كان قبلك وإلاه من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ قال اللهم نعم، قال ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص، قال ثم انصرف راجعًا إلى بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولّى إن يصدق ذوالعقيصتين (3) يدخل الجنة، قال فأتى إلى بعيره فأطلق ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال بئست اللات والعزى، قالوا مه (4) يا ضمام اتق البرص والجذام، اتق الجنون (5) قال ويلكم إنهما والله لا يضران
على ركبتيه وهو قائم، وقيل هو السجود، والمراد بقولهم لا يجبوا أنهم لا يصلون، ولفظ الحديث يدل على الركوع لقوله في جوابهم ولا خير في دين لا ركوع فيه، فسمى الصلاة ركوعًا لإنه بعضها، وسئل جابر رضي الله عنه عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد؟ فقال علم أنهم سيصدّقون ويجاهدون إذا أسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لإن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت الزكاة والجهاد (تخريجه)(د. طل) وسنده جيد ورجاله ثقات إلا أن المنذري قال قد قيل إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص والله أعلم (قال ابن إسحاق) فلما أسلموا وكتب لهم كتابهم أمّر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان أحدثهم سنًّا لإن الصدّيق قال يا رسول الله إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن، وذكر موسى بن عقبة أن وفدهم كانوا إذا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفوا عثمان بن أبي العاص في رحالهم، فإذا رجعوا وسط النهار جاء هو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن العلم فاستقرأه القرآن، فإن وجده نائمًا ذهب إلى أبي بكر الصديق: فلم يزل دأبه حتى فقه في الإسلام وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا (1)(سنده) حدّثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن الوليد بن ويفع عن كريب مولى عبد الله بن عباس إلخ (غريبه)(2) بفتح الجيم وسكون اللام، القوي الشديد (وقوله أشعر) أي طويل الشعر (ذا غديرتين) أي ضفيرتين (3) أي الغديرتين وهي الشعر المعقوص كالمضفور (4) اسم فعل بمعنى اكفف (5) معناه احذر أن تسب
-[إسلام ضمام بن ثعلبة ثم رجوعه إلى قومه وإسلامهم جميعًا ووفاة النجاشي]-
ولا ينفعان، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه، قال فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا، قال يقول ابن عباس رضي الله عنهما فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة
(باب وفاة النجاشي الرجل الصالح
…
وهلاك عبد الله بن أبي المنافق الطالح)
451 (عن أبي هريرة)(1) رضي الله عنه قال نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه فخرج إلى المصلى فصف أصحابه خلفه وكبر عليه أربعًا
452 (عن جابر بن عبد الله) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم مات اليوم رجل صالح من الحبش هلم فصفوا قال فصففنا فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن
اللات والعزى لئلا يصيبك البرص والجنون ببركتهما، فقال ويلكم إلخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بلفظه وعزاه لابن إسحاق والإمام أحمد وأبي داود، ثم قال وفي هذا السياق ما يدل على أنه رجع إلى قومه قبل الفتح لإن العزى خربها خالد بن الوليد أيام الفتح، ثم ذكر الواقدي حديثًا عن ابن عباس قال بعثت بنو سعد بن بكر في رجب سنة خمس ضمام بن ثعلبة وكان جلدًا أشعر ذا غديرتين وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معنى حديث الباب باختصار وإجمال فالله أعلم اهـ وقد تبعت الحافظ ابن كثير في وضع هذا الحديث هنا: على أني ذكرت لضمام هذا حديثنا بهذا المعنى عن أنس بن مالك وتقدم في باب من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من العرب للسؤال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صفحة ال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صفحة 66 وهو حديث صحيح أورده الحافظ ابن كثير عقب حديث الباب وقال هذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما بأسانيد وألفاظ كثيرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد رواه مسلم من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة وعلقه البخاري من طريقه وأخرجه من وجه آخر بنجوه اهـ (باب)(ا)(عن أبي هريرة إلخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما في باب ما جاء في الصلاة على الغائب من كتاب الجنائز في الجزء السابع صفحة 218 و 219 وتقدم الكلام عليهما سندًا وشرحًا وتخريجًا وإنما ذكرتهما هنا لمناسبة حوادث السنة التاسعة من الهجرة فقد توفي النجاشي رضي الله عنه فيها قيل في رجب منها، وفي الحديث الأول معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قد أخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وفي الحديث الثاني أن النجاشي من عباد الله الصالحين حيث وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وفيهما جواز صلاة الجنازة على الغائب وتقدم الكلام على ذلك كله مبسوطًا في الباب المشار إليه (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) كانت في هذه السنة أعني سنة تسع من الأمور الحادثة غزوة تبوك في رجب كما تقدم بيانه (قال الواقدي) في رجب منها مات النجاشي صاحب الحبشة ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس (وفي شعبان) منها أي من هذه السنة توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلتها أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب، وقيل غسلها نسوة من الأنصار فيهم أم عطية (قلت) تقدم ذلك في باب غسل الميت في الجزء السابع من كتاب الجنائز (قال) وفيها صالح ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح وصاحب دومة الجندل كما تقدم إيضاح ذلك كله في مواضعه (وفيها) هدم مسجد الضرار الذي بناه جماعة المنافقين صورة مسجد، وهو دار حرب في الباطن، فأمر به عليه السلام فحرق، (وفي رمضان منها)
-[وفاة عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين وما أكرمه به النبي صلى الله عليه وسلم]-
453 (عن ابن عمر)(1) قال لما مات عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له، فأعطاه قميصه وقال آذني به، فلما ذهب ليصلي عليه قال يعني عمر رضي الله عنه قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} فصلى عليه فأنزل الله عز وجل {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا} قال فتركت الصلاة عليهم
454 (عن جابر)(2) قال لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه (3) النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لم تأت لم نزل نُعَيّر بهذا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته فقال أفلا قبل أن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته فتفل عليه من قرنه إلى قدمه وألبسه قميصه (4)
قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم ورجعوا إليهم بالأمان وكسرت اللات كما تقدم، (وفيها) توفي عبد الله بن أبيّ ابن سلول رأس المنافقين في أواخرها (وفيها) حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ذلك، (وفيها) كان قدوم عامة وفود أحياء العرب، ولذلك تسمى سنة تسع سنة الوفود والله أعلم اهـ (قلت) سيأتي في الباب التالي حج أبي بكر رضي الله تعالى عنه بالناس
(باب)(1)(عن ابن عمر إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قوله عز وجل {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} الآية من تفسير سورة التوبة في الجزء الثامن عشر صفحة 163 رقم 197 فارجع إليه (2)(سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله إلخ)(غريبه)(3) يعني ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي كما صرح بذلك في رواية للبخاري (قال الحافظ) ذكر الواقدي ثم الحاكم في الإكليل أنه مات بعد منصرفهم من تبوك وذلك من ذي القعدة سنة تسع وكانت مدة مرضه عشرين يومًا ابتداؤها من ليالٍ بقيت من شوال قالوا وكان قد تخلف هو ومن تبعه عن غزوة تبوك وفيهم نزلت {لوخرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} (قال الحافظ) وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي هذا من فضلاء الصحابة وشهد بدرًا وما بعدها واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق (ومن مناقبه) أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتله، قال بل أحسن صحبته، أخرجه ابن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن، وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام فلذلك التمس من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضره (4)(قال العلماء) وجه إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لعبد الله بن أبي مبين في حديث جابر قال لما كان يوم بدر أتى بأسارى وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصًا فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه إياه (قال ابن عيينة) كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد فأحب أن يكافئه رواه البخاري (فائدة) قال الإمام الخطابي إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، ولتطيب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم، فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعارًا على قومه، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي فانتهي، (وقد أخرج الطبري) من طريق سعد عن قتادة في هذه القصة قال فأنزل الله تعالى
-[حج أبي بكر رضي الله عنه بالناس وبعث علي رضي الله عنه إلى أهل مكة ببراءة سنة تسع]-
455 (عن أسامة بن زيد)(1) قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على عبد الله بن أبي في مرضه نعوده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد كنت أنهاك عن حب يهود فقال عبد الله فقد أبغضهم سعد بن زُرارة فمات (2)(باب ما جاء في حج أبي بكر رضي الله عنه وبعث علي رضي الله عنه إلى أهل مكة ببراءة)
456 (عن علي رضي الله عنه (3) قال لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي صلى الله عليه وسلم أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه، قال فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال لا ولكن جبريل جاءني فقال لي لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك
457 (عن أبي هريرة)(4) قال كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة فقال ما كنتم تنادون؟ قال كنا ننادي أن لا يدخل الجنة إلا مؤمن ولا يطوف بالبيت عريان (5) ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسولَه، ولا
{ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} قال فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال وما يغني عنه قميصي من الله، وإني لأرجو أن يسلم لذلك ألف من قومه (تخريجه)(ق) قال المنذري في مختصر سنن أبي داود في الجنائز وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبيّ فأخرجه من قبره فوضعه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه والله أعلم (1)(سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد إلخ (غريبه)(2) جاء عند أبي داود وابن إسحاق بلفظ (فمه) وجاء عند الواقدي بلفظ (فما نفعه) والظاهر أنه يريد فما منع عنه الموت، أما قوله (فمه) فقد قال في فتح الودود معناه فماذا حصل له ببغضهم فالهاء منقلبة عن الألف، وأصله فما أو هو اسم فعل بمعني اسكت وكأنه يريد أنه لا يضر حبهم ولا ينفع ولو نفع بعضهم لما مات أسعد بن زرارة، وهذا من قلة فهمه وقصور نظره على أن الضرر والنفع هو الموت أو الخلاص منه اهـ (تخريجه)(د) وسكت عنه أبو داود والمنذري (ورواه ابن إسحاق) فقال حدثني الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد إلخ فالحديث صحيح لإن رجاله كلهم ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث (باب) (3) (عن علي رضي الله) إلخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من تفسير سورة التوبة في الجزء الثامن عشر صفحة 157 رقم 291 فارجع إليه (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن مغيرة عن الشعبي عن محرَّر بن أبي هريرة عن أبيه أبي هريرة إلخ (قلت) محرر بوزن محمد وهو تابعي تقة (غريبه) (5) ذكر الحافظ ابن كثير سبب ذلك في تفسيره فقال: أول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبو ك وهم بالحج ثم ذكر أن المشركين يحصرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم وبعث
-[كلام العلماء في سبب إرسال عليّ إلى أهل مكة ببراءة دون أبي بكر رضي الله عنهما]-
يحج هذا البيت بعد العام مشرك، قال فكنت أنادي حتى صَحَل صوتي (1)
458 (عن أنس)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة مع أبي بكر فلما بلغ ذا الحليفة قال لا يبلغها إلا أنا ورجل من أهل بيتي، فبعث بها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3)
أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرًا على الحج ذلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ويعلم المشركين أن لا يحجوا بعد عامهم هذا وأن ينادي في الناس براءة من الله ورسوله، فلما قفل
أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه عصبة له اهـ (وقال الإمام البغوي) في تفسيره ذكر العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزل أبا بكر رضي الله عنه وكان أميرًا (يعني للحج) وإنما بعث عليًّا رضي الله عنه لينادي بهذه الآيات (يعني الآيات العشر من أول سورة التوبة) وكان السبب فيه أن العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العهود ونقضها أن لا يتولى ذلك إلا سيدهم أو رجل من رهطه فبعث عليًّا رضي الله عنه إزاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا في نقض العهد، واستدل الإمام البغوي على ذلك بحديث رواه بسنده عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال بعثني أبو بكر رضي الله عنه وفي تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى (ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) قال حميد بن عبد الرحمن ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة فأذن معنا عليّ في أهل منًى يوم النحر ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (1) أي بَحّ من الصحل بتحريك الحاء المهملة وهو كالبحة في خفض الصوت (تخريجه)(نس مي) والطبري وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد وقال هذا إسناد جيد، لكن فيه نكارة من جهة قول الراوي أن من كان له عهد فأجله إلى أربعة أشهر، وقد ذهب إلى هذا ذاهبون ولكن الصحيح أن من كان له عهد فأجله إلى أمده بالغًا ما بلغ ولو زاد على أربعة أشهر، ومن ليس له أمد بالكلية فله تأجيل أربعة أشهر، بقي قسم ثالث وهو من له أمد يتناهى إلى أقل من أربعة أشهر من يوم التأجيل، وهذا يحتمل أن يلتحق بالأول فيكون أجله إلى مدته وإن قل ويحتمل أن يقال أنه يؤجل إلى أربعة أشهر لإنه أولى ممن ليس له عهد بالكلية والله تعالى أعلم اهـ (قلت) ما ذكره الحافظ ابن كثير هو الصواب ويؤيده ما جاء عند الإمام أحمد من حديث زيد بن يثيع وتقدم في تفسير سورة براءة في الجزء الثامن عشر صفحة 156 رقم 290 وفيه (ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدته) وتقدم الكلام على شرحه هناك مستوفى والله الموفق (2)(سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد عن سماك عن أنس (يعني ابن مالك إلخ)(غريبه)(3) تقدم الكلام على الحكمة في بعث علي رضي الله عنه بعد أبي بكر وتخصيصه بالتبليغ في شرح الحديث السابق، وجاء في بعض الروايات أن أبا بكر رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ ابن كثير) في التفسير وليس المراد أنه رجع من فوره بل بعد قضاء المناسك التي أمّره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء مبينًا في رواية أخرى (تخريجه)(مذ) وقال حسن غريب من حديث أنس (فائدة) قال الواقدي خرج مع أبي بكر من المدينة ثلاثمائة من الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف وخرج أبو بكر معه خمس بدنات وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعشرين بدنة ثم أردفه بعلي فلحقه بالعرج فنادى ببراءة أمام الموسم
-[بفض بريدة الأسلمي لعليّ رضي الله عنه ووشايته به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبراءة عليّ]-
{{{أبواب حوادث السنة العاشرة} }}}
(باب ما جاء في سرية الإمام علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن)
459 (عن بريدة)(1) قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة (2) فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليًّا فتنقصته (3) فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير (4) فقال يا بريدة، ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت بلى يا رسول الله، قال من كنت مولاه فعلي مولاه (وفي لفظ) من كنت وليه فعليّ وليه (5)
460 (عن عبد الله بن بريدة)(6) حدثني أبي بريدة قال أبغضت عليًّا بغضًا لم يبغضه أحد قط، قال وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليًّا قال فبُعِث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليًّا، قال فأصبنا سبيًا قال فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعث إلينا من يخمسه، قال فبعث إلينا عليًّا وفي السبي وصيفة هي أفضل من السبي فخمس وقسم، فخرج رأسه مغطًى، فقلنا يا أبا الحسن ما هذا؟ قال ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم نم صارت في آل علي ووقعت بها، قال فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت ابعثني فبعثني مصدقًا قال فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق، قال فأمسك يدي والكتاب وقال أتبغض عليًّا؟ قال قلت نعم، قال فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبًّا، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل عليّ في الخمس أفضل من وصيفة: قال فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(باب)(1)(سنده) حدثنا الفضل بن دكين ثنا ابن عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة (يعني الأسلمي إلخ)(غريبه)(2) الظاهر والله أعلم أن عليًّا ما جفاه إلا لأمر يستوجب ذلك لما اتصف به علي رضي الله عنه من الورع والتقوى وكفى بقوله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحديث من كنت مولاه فعلي مولاه (3) معناه أنه ذكره عند النبي صلى الله عليه وسلم بكلام فيه نقص لكرامة علي رضي الله عنه (4) تغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم يشعر بغضبه مما ذكره بريدة في حق علي (5) قال الإمام الشافعي رحمه الله عني به ولاء الإسلام ورواه الديلي بلفظ (من كنت نبيه فعلي وليه) ولهذا قال أبو بكر فيما أخرجه الدارقطني (علي عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذين حث على التمسك بهم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق من حديث بريدة لغير الإمام أحمد وأورده الهيتمي وقال رجال أحمد ثقات وقال في موضع آخر رجاله رجال الصحيح، وأورده الترمذي والنسائي من حديث زيد بن أرقم وقال الحافظ السيوطي حديث متواتر، ورواه باللفظ الآخر الإمام أحمد أيضًا والنسائي والحاكم، قال الهيثمي في موضع رجاله موثقون وفي آخر رجاله ثقات وفي آخر رجاله رجال الصحيح، وسيأتي هذا الحديث أيضًا في مناقب علي رضي الله عنه من طرق كثيرة عن كثيرمن الصحابة بزيادة فيه (6)(عن عبد الله بن بريدة إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب استبراء الأمة من كتاب العِدَد
-[قول النبي صلى الله عليه وسلم لبريدة لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه: وفيه منقبة لعلي رضي الله عنه]-
أحب إلي من علي (1) قال عبد الله (2) فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة
461 (عن عبد الله بن بريدة)(3) عن أبيه بريدة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال إذا التقيتم فعلي على الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده (4) قال فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى عليّ امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم دفعت الكتاب فقُرئ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا إمكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقع في عليّ فإنه مني وأنا منه (5) وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي (6)
في الجزء السابع عشر صفحة 55 رقم 22 فارجع إليه، وهو حديث صحيح رواه البخاري مختصرًا، وفيه منقبة عظيمة للإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، أما الوشاية به بسبب اصطفائه الوصيفة لنفسه فيدفعها قول النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة، وأما كونه واقعها بدون استبراء فقد ذهب إليه كثير من السلف وغيرهم بل من الصحابة، فقد روى البخاري عن ابن عمر أنه قال (إذا وُهِيت الوليدة أو بيعت فلتُستَبرأ بحيضة ولا تستبرأ العذراء) فيحمل ما جاء في هذا الحديث في قصة علي رضي الله عنه مع الوصيفة على أنها كانت صغيرة أو بكرًا أو كان مضى عليها من بعد السبي مدة الاستبراء لإنها قد دخلت في ملك المسلمين في وقت السبي، والمصير إلى هذا متعين للجمع بين الأدلة فعليّ رضي الله عنه أتقى وأزهد وأورع من أن تستفزه غلبة الشهوة على ارتكاب محارم الله، وقد اجتمع فيه من الدين المتين والورع الحاجز والزهادة في الدنيا وجماع الفضائل ما يشهد به كل مسلم رضي الله عنه وأرضاه (1) فيه منقبة لبريدة لمصير من أحب الناس إليه، وقد صح أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، كما رواه الإمام أحمد ومسلم وسيأتي في مناقب علي رضي الله عنه (2) يعني ابن بريدة يقسم أنه تلقى هذا الحديث من والده بريدة مباشرة ليس بينه وبينه واسطة، وهو يفيد أن والده تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بغير واسطة يشير بذلك إلى علوّ السند (3)(سنده) حدثنا ابن نمير حدثني أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة (يعني الأسلمي رضي الله عنه إلخ)(غريبه)(4) معناه إذا كان العدو في جهة واحدة واجتمع الجيشان لمقاتلته فيكون عليّ أميرًا على الجيشين، وإذا وجد العدو في جهتين (فكل واحد منكما)(يعني خالدًا وعليًّا) يكون كل واحد منهما أميرًا على جنده (5) أي في النسب والصهر والمحبة وغير ذلك من المزايا، ولم يرد محض القرابة وإلا فجعفر شريكه فيها قاله الحافظ (6) تقدم أن الإمام الشافعي رحمه الله فسره بولاء الإسلام والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظه وقال رواه الترمذي باختصار، قال ورواه أحمد والبزار باختصار وفيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة: وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) قول الهيثمي) ورواه أحمد والبزار باختصار) الاختصار راجع
-[بعث معاذ بن جبل إلى اليمن وقول النبي صلى الله عليه وسلم يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا]-
(باب ما جاء في بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن)
462 (عن عاصم بن حميد)(1) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته (2) فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا أو قبري (3) فبكى معاذ جشعًا (4) لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ، للبكاء أوان، إن البكاء من الشيطان (5) ثم التفت فأقبل فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال إن أولى الناس بي (6) المتقون من كانوا وحيث كانوا
463 (عن ابن عباس)(7) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال إنك
للبزار فقط، لإن الهيثمي رحمه الله ذكر الحديث تامًّا بلفظ الإمام أحمد حرفًا بحرف (باب)(1)(سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني راشد بن سعد عن عاصم بن حميد إلخ (غريبه)(2) فيه ما يدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه، وفيه أيضًا احترام الأمراء فقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرًا على اليمن (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) بعد إيراد أحاديث تختص ببعث معاذ إلى اليمن قال والمقصود أن معاذًا رضي الله عنه كان قاضيًا للنبي صلى الله عليه وسلم باليمن وحاكما في الحروب ومصدقًا، إليه تدفع الصدقات كما دل عليه حديث ابن عباس (قلت) سيأتي حديث ابن عباس بعد هذا، ومعظم الأحاديث التي ذكرها الحافظ ابن كثير ستأتي في مناقب معاذ من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وقد فعل ذلك أبو بكر رضي الله عنه بأسامة بن زيد مع صغر سنه، فقد عقد له النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته لواءً على جيش ولم يسافر إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فشيّعه أبو بكر رضي الله عنه ماشيًا وأسامة راكبًا اقتداءً بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بمعاذ (3) فيه إشارة وظهور وإيماء إلى أن معاذًا رضي الله لا يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وكذلك وقع، فإنه أقام باليمن حتى كانت حجة الوداع ثم كانت وفاته عليه الصلاة والسلام بعد أحَدَ وثمانين يومًا من يوم الحج الأكبر قاله الحافظ ابن كثير (4) قال في النهاية والجشع الجزع لفراق الإلف، قال ومنه الحديث فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) لعله بكى بصراخ وصوت فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، أما البكاء من غير صراخ وصوت فمن الرحمة وهو جائز ولهذا بكى النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم بغير صوت وقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وسن لأمته الحمد والاسترجاع والرضا، وقد جاء عند ابن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج مرسلاً بسند صحيح البكاء من الرحمة والصراخ من الشيطان (6) أي أقربهم إليّ منزلة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد فقط (قلت) وسنده جيد ورجاله ثقات، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنادين وقال في أحدهما عن عاصم بن حميد أن معاذًا قال وفيها قال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ البكاء أو إن البكاء من الشيطان ورجال الإسنادين رجال الصحيح غير راشد بن سعد وعاصم بن حميد وهما ثقتان (7)(عن ابن عباس إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أركان الإسلام ودعائمه العظام من كتاب الإيمان في الجزء الأول من صفحة 81 رقم 25 وهو حديث جامع لأهم شرائع الدين رواه الشيخان والأربعة
-[قدوم جرير بن عبد الله إلى المدينة وبيعته وإسلامه رضي الله عنه]-
تأتي قومًا أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتردّ في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب
(باب ما جاء في قدوم جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى المدينة وبيعته وإسلامه)
464 (حدّثنا أبو قطن)(1) حدثني يونس عن المغيرة بن شبل قال وقال جرير لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم حللت عيبتي (2) ثم لبست حُلتي ثم دخلت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فرماني الناس بالحدق (3) فقلت لجليسي يا عبد الله ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم ذكرك آنفًا بأحسن ذكر، فبينا هو يخطب إذ عرض له في خطبته وقال يدخل عليكم من هذا الباب أو من هذا الفج (4) من خير ذي يمن الا أن على وجهه مَسْحةُ ملك (5) قال جرير فحمدت الله عز وجل على ما أبلاني (6) وقال أبو قطن فقلت له سمعته منه (7) أوسمعته من المغيرة بن شبل قال نعم (ومن طريق ثانٍ)(8) قال حدثنا أبو نعيم حدثنا يونس عن المغيرة بن شبل بن عوف عن جرير بن عبد الله قال لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي فذكر مثله (9)
465 (عن جرير)(10) قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم وعلى فراق الشرك أو كلمة معناها (11)(وعنه من طريق ثانٍ)(12) أنه قال يا رسول الله
(باب)(1)(حدّثنا أبو القطن إلخ)(غريبه)(2) العيبة مستودع الثياب (3) الحدق جمع حدقة بالتحريك وهي العين والتحديق شدة النظر (4) هو الطريق الواسع (وقوله من خير ذي يمن) أي من خير أهل اليمن (5) مسحة بفتح الميم والحاء المهملة بينهما سن ساكنة (ملك) بضم الميم وسكون اللام (قال في النهاية) يقال على وجهه مسحة ملك ومسحة جمال أي أثر ظاهر منه، ولا يقال ذلك إلا في المدح (6) أي من كونه على وجهه مسحة ملك (7) معنى هذه الجملة والله أعلم أن أبا قطن قال ليونس سمعت هذا الحديث منه أي من جرير أو من المغيرة بن شبل فقال نعم يعني من المغيرة والله أعلم (8) أي روى الإمام أحمد رحمه الله هذا الحديث من طريق ثانٍ عن أبي نعيم الكوفي الملائي بضم الميم الحافظ العلم اسمه الفضل بن دكين واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير (9) أي مثل الطريق الأولى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنهما وأسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وقول الهيثمي باختصار عنهما معناه أن الطبراني رواه في الأوسط باختصار عن الكبير والإمام أحمد، ورجال الإمام أحمد ثقات (10)(سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن جرير (يعني بن عبد الله إلخ)(غرييه)(11) يعني أن يبرأ من الكافر ولا يواليه كما صرح بذلك في الطريق الثانية (12)(سنده) حدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة ثنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل أن جريرًا قال يا رسول الله
-[سرية جرير بن عبد الله البَجَلي إلى هدم ذي الخَلَصة]-
اشترط عليّ، قال تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتنصح المسلم، وتبرأ من الكافر (باب ما جاء في سرية جرير بن عبد الله البَجَلي إلى هدم ذي الخلَصَة)
466 (عن قيس)(1) قال قال لي جرير بن عبد الله (2) قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تريحني من ذي الخلصة (3) وكان بيتًا في خثعم يسمّى كعبة اليمانية (4) قال فانطلقت في خمسين ومائة فارس (وفي رواية سبعين ومائة فارس) من أحمس وكانوا أصحاب خيل، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا، فانطلق إليها فكسرها وحرقها فأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره، فقال رسول جرير (5) لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب (6) فبارك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات (7)(باب ما جاء في حجة الوداع)
467 (حدّثنا يحيى)(8) ثنا جعفر حدثني أبي قال أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو في بني سَلمة فسألناه عن حَجة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بالمدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذِّن في الناس أن
اشترط عليّ إلخ (تخريجه)(ق نس)(باب)(1)(سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل قال حدثني قيس قال قال لي جرير بن عبد الله إلخ (قلت) قيس هو ابن أبي حازم (غريبه)(2) هو جرير بن عبد الله بن جابر الأحمسي البجلي نسبته إلى أحمس بهمزة مفتوحة فمهملة ساكنة فميم مفتوحة فسين مهملة بطن من بجيلة بفتح الموحدة وكسر الجيم، حي من اليمن، كان عمر رضي الله عنه يسميه يوسف هذه الأمة لفرط جماله، وكان طوالاً يقتحم في ذروة البعير، وكان نصله ذراعًا ومع تأخر إسلامه فقد أخذ في نصر الإسلام بحظ وافر كذا في بهجة المحافل (3) بفتح الخاء المعجمة واللام وقد فسره ببيت في خثعم، أي في بلاد دوس باليمن، كان فيه أصنام يعبدونها ويحجون إليه ويطوفون به ويخرون عنده يشبهون به الكعبة المكرمة (4) قال النووي هكذا هو في جميع النسخ وهو من إضافة الموصوف إلى صفته، وأجازه الكوفيون وقدر البصريون فيه حذفًا أي كعبة الجهة اليمانية واليمانية، بتخفيف الياء على المشهور وحكي تشديدها: قال والمراد أن ذا الخلصة كانوا يسمونها الكعبة اليمانية وكانت الكعبة الكريمة التي بمكة تسمى الكعبة الشامية، ففرقوا بينهما للتمييز، هذا هو المراد فيتأول اللفظ عليه وتقديره يقال له الكعبة اليمانية ويقال للتي بمكة الشامية (5) رسول جرير هو أبو أرطاةَ حُصين بن ربيعة كما صرح بذلك في رواية مسلم (6) معناه كالجمل المطلي بالقطران لما به من الجرب حتى صار أسود لذلك، يعني صارت سوداء من إحراقها فكأن التشبيه باعتبار السواد الحاصل بالإحراق (7) أي دعا لخيل أحمس ورجالها بالخير والبركة، ولا شك أن دعاءه صلى الله عليه وسلم مقبول، وفيه منقبة عظيمة لجرير حيث دعا له صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا أي دالاًّ على طريق الهدى مدلولاً عليها وموفقًا لها، زاد في رواية (فما وقعت عن فرس بعدُ)(تخريجه)(ق. وغيرهما)
(باب)(8)(حدثنا يحيى إلخ) هذا طرف من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم بطوله وشرحه وتخريجه في أول باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج في الجزء
-[ما جاء في حجة الوداع وحديث ابن عمر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج هذا العام، قال فنزل المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل مثل ما يفعل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر بقين من ذي القعدة وخرجنا معه (الحديث ذكر بتمامه في كتاب الحج)
468 (عن ابن عمر)(ا) قال تمتع النبي صلى الله عليه وسلم في حَجة الوَداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهلّ بالعمرة ثم أهلَّ بالحج وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فإن من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة استلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة ثم لم يحلل من شيء حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله من أهدى وساق الهدي من الناس (باب ما جاء في بعض خطبه (2) صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع)
469 (عن أبي أمامة الباهلي)(3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث (4) والولد للفراش وللعاهر الحجر (5) وحسابهم على الله، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة (6) لا تنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها، فقيل يا رسول الله ولا الطعام؟ قال ذلك أفضل أموالنا (7)، قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم (8)
470 (عن عمرو بن مرة)(9) قال سمعت مُرة قال حدثني رجل
الحادي عشر صفحة 74 رقم 64 فارجع إليه (1)(عن ابن عمر إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم المشار إليه آنفًا في الجزء الحادي عشر صفحة 86 رقم 66
(باب)(2) تقدم كثير من خطبه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في كتاب الحج في يوم عرفة ويوم النحر وأوسط أيام التشريف في الجزء الثاني عشر فارجع إليه (3)(سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه)(4) تقدم الكلام على ذلك في باب لا وصية لوارث من كتاب الوصايا في الجزء الخامس عشر (5) تقدم الكلام عليه في باب الولد للفراش دون الزاني من كتاب اللعان في الجزء السابع عشر (6) تقدم الكلام عليه في باب التغليظ فيمن ادعى إلى غير أبيه إلخ من كتاب اللعان في الجزء السابع عشر (7) تقدم شرحه في باب حق الزوج على الزوجة من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر (8) تقدم الكلام عليه في باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية من كتاب الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد وقال رواه أهل السنن الأربعة وقال الترمذي حسن (9)(سنده)(حدّثنا يحيى)(يعني ابن سعيد)
-[ذكر بعض خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع]-
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة (1) فقال أتدرون أي يوم يومكم هذا؟ قال قلنا يوم النحر، قال صدقتم يوم الحج الأكبر (2) أتدرون أي شهر شهركم هذا؟ قلنا ذو الحجة، قال صدقتم شهر الله الأصم (3)، أتدرون أي بلد بلدكم هذا؟ قال قلنا المشعر الحرام (4) قال صدقتم، قال فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، أو قال كحرمة يومكم هذا وشهركم هذا وبلدكم هذا (5)، الا وإني فرطكم (6) على الحوض أنظركم، وإني مكثر بكم الأمم فلا تسوّدوا وجهي (7) ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني وستسئلون عني، فمن كذب علي فليتبؤ مقعده من النار (8) ألا وإني مستنقِذ رجالاً أو إناسًا (9) ومستنفَذ مني آخرون أقول يا رب أصحابي (10) فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (11)
ثنا شعبة حدثني عمرو بن مرة قال سمعت مرة إلخ (غريبه)(1) قال في النهاية هي التي قطع طرف أذنها، وكان أهل الجاهلية يخضرمون نَعمهم فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرمو في غير الموضع الذي يخضرم فيه أهل الجاهلية، وأصل الخضرمة أن يجعل الشيء بين بين، فإذا قطع بعض الأذن فهي بين الوافرة والناقصة، وقيل هي المنتوجة بين المجائب والمكاظيات، ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم لإنه أدرك الخضرمتين (2) يفيد أن يوم عيد النحر يسمى أيضًا يوم الحج الأكبر (3) سمي أصم لإنه كان لا يسمع فيه صوت السلاح لكونه شهرًا حرامًا، ووصف بالأصم مجازًا. والمراد به الإنسان الذي يدخل فيه كما قيل ليل نائم، وإنما النائم من في الليل فكأن الإنسان في هذا الشهر أصم عن سمع صوت السلاح، ويقال مثل ذلك في باقي الأشهر الحرم (4) إنما قالوا ذلك باعتبار المكان الذي كانوا فيه لإنه من حرم مكة (وجاء في بعض الروايات) أنهم قالوا في جوابهم بلد حرام (5) تقدم شرح هذه الجملة في باب ما جاء في الخطية وسط أيام التشريق من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صفحة 226 رقم 427 (6) بفتح الفاء والراء أي سابقكم إلى الحوض لأصلحه وأهيئه لكم، قال في المطالع الفرط الذي يتقدم الواردين فيهيئ لهم ما يحتاجون إليه، وهو في هذه الأحاديث النواب والشفاعة. والنبي صلى الله عليه وسلم يتقدم أمته ليشفع لهم (7) أي بكثرة الذوب والمعاصي (8) تقدم شرح هذه الجملة في باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب العلم في الجزء الأول ص 177 (9) أو للشك من الراوي، وجاء في بعض الروايات رجالاً وفي بعضها أناسًا من غير شك والمعني أني مستخلص (بكسر اللام) أناسًا من الشر بِشُربهم من حوضي، ومستخلص (بفتح اللام) مني آخرون من الخير إلى الشر تطردهم الملائكة عن الشرب من الحوض (10) جاء عند مسلم فأقول يا رب هؤلاء من أصحابي فيجيبني ملك فيقول وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ (11) قال النووي هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال (أحدها) أن المراد به المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم فيقال ليس هؤلاء مما وعدت بهم، إن هؤلاء بدلوا بعدك، أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم (والثاني) أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم إن يكن عليهم سيما الوضوء لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم فيقال ارتدوا بعد (والثالث) أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى
-[بعث جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى اليمن]-
471 (حدثنا حجاج)(1) حدثني شعبة عن علي بن مدرك قال سمعت أبا زرعة يحدث عن جرير (2) وهو جده عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال في حجة الوداع يا جرير استنصت الناس، ثم قال في خطبته لا ترجعوا بعدي كفارًا (3) يضرب بعضكم رقاب بعض (باب ما جاء في بعث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه إلي اليمن)
472 (عن جرير)(4) قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن (5) فلقيت بها رجلين ذا كلاع (6) وذا عمرو، قال وأخبرتهما شيئًا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) ثم أقبلنا فإذا قد رفع لنا ركب من قبل (8) المدينة قال فسألناهم
القول لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار بل يجوز أن يذادوا أي يطردوا عقوبة لهم ثم يرحمهم الله تعالى فيدخلهم الجنة بغير عذاب: قال أصحاب هذا القول ولا يمتنع أن يكون لهم غرة وتحجيل، ويحتمل أن يكون كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده لكن عرفهم بالسيما (وقال الإمام) الحافظ أبو عمرو بن عبد البر كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء، قال وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر، قال وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر والله أعلم اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد ومعناه في الصحيحين وغيرهما في مواضع متفرقة (1)(حدّثنا حجاج إلخ)(غريبه)(2) يعني ابن عبد الله البجلي وهو جد أبي زرعة (3) أي لا تصيروا بعد موقفي هذا يعني بعد حجة الوداع أو بعد موتي (وقوله يضرب) بالرفع استئناف جواب لمن سأل عن تلك الحالة الأولى، أو بالجزم بدل من ترجعوا، أو جواب شرط مقدر، أي فإن ترجعوا يضرب، نحو لا تكفر فتدخل النار، قال القاضي عياض والرواية بالرفع، والمراد أن ذلك كفر لمستحله أو كفر النعمة أو يقرب من الكفر أو يشبه فعل الكفار أو الكفار المتلبسون بالسلاح أو أراد به للزجر والتهويل والله أعلم (تخريجه)(ق نس جه)(باب)(4)(سنده) حدّثنا عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من ابن أبي شيبة قال ثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير (يعني ابن عبد الله البَجلي رضي الله عنه إلخ (غريبه)(5) جاء عند الطبراني من طريق إبراهيم بن جرير عن أبيه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم أن يقولوا لا إله إلا الله، وفي رواية أبي إسحاق عن جرير عند ابن عساكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى ذي عمرو وذي الكلاع يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، وعند الواقدي في الردة بأسانيد متعددة نحو هذا قاله الحافظ (6) بفتح الكاف وتخفيف اللام واسمه اسميفع بسكون المهملة وفتح الميم
وسكون الياء التحتية وفتح الفاء بعدها مهملة، ويقال أيفع بن باكوراء، ويقال ابن حوشب بن عمرو (وقوله وذا عمرو) هو أحد ملوك اليمن وهو من حمير، قال الحافظ ولم أقف على اسم غيره ولا رأيت من أخباره أكثر مما ذكر في حديث الباب وكانا عزما على التوجه إلى المدينة فلما بلغهما وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعا إلى اليمن ثم هاجرا في زمن عمر (7) زاد عند البخاري فقال له عمرو (أي قال لجرير) لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك لقد مرّ على أجله منذ ثلاث (أي مضى على وفاته ثلاث ليالٍ) واستظهر الحافظ أنه عرف ذلك عن اطلاع في الكتب القديمة يعني كتب أهل الكتاب لإنه كان كثير منهم باليمن (8) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهتها
-[تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى الشام بإمارة أسامة بن زيد رضي الله عنهما]-
ما الخبر؟ قال فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله تعالى عنه والناس صالحون، قال فقالا لي (1) أخبر صاحبك قال فرجعا، ثم لقيت ذا عمرو فقال لي يا جرير إنكم لم تزالوا بخير ما إذا هلك أمير ثم تأمرتم (2) في آخر، فإذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك ورضيتم رضا الملوك
{{{{أبواب حوادث سنة إحدى عشرة} }}}}
(باب ما جاء في تجهيز جيش إلى الشام بإمارة أسامة بن زيد رضي الله عنهما (4)
473 (حدّثنا) يحيى بن آدم) (5) ثنا زهير عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمّر أسامة بلغه أن الناس يعيبون أسامة ويطعنون في إمارته (6) فقام كما حدثني سالم فقال إنكم تعيبون أسامة وتطعنون في إمارته (7) وقد فعلتم ذلك
(ا) بألف التثنية أي ذو الكلاع وذو عمرو، وفي الأصل فقال بالإفراد وهو خطأ من الطابع أو الناسخ (أخبر صاحبك) يعني أبا بكر رضي الله عنه، زاد البخاري أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله تعالى، وفي البخاري أيضًا فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال أفلا جئت بهم؟ فلما كان بعدُ (بالبناء على الضم) أي بعد هذا الأمر في خلافة عمر وهاجر ذو عمرو (يعني إلى المدينة) قال لي ذو عمرو يا جرير إن لك عليّ كرامة وإني مخبرك خبرًا أنكم معشر العرب لن تزالوا بخير إلخ (2) بقصر الهمزة وتشديد الميم (وفي رواية) بمد الهمزة وتخفيف الميم أي تشاورتم في أمير آخر ومعنى التشديد أقمتم أميرًا منكم عن رضا منكم أو عهد من الأول (فإذا كانت) أي الإمارة (بالسيف) أي بالقهر والغلبة (3) أي كان الخلفاء ملوكًا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك (تخريجه)(خ طب) وابن عساكر
(باب)(4) قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى ثم قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني من الحج) فأقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وضرب على الناس بعثًا إلى الشام وأمّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة مولاه وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهز الناس وأرعب على أسامة بن زيد المهاجرون الأولون اهـ (قال السهيلي) أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة على جيش كثيف وأمَره أن يغير على ابنا صباحًا وأن يحرق، وابنا هي القرية التي عند مؤتة حيث قتل أبوه ولذلك أمّره على حداثة سنه ليدرك ثأره وإليك الحديث في ذلك (5)(حدّثنا يحيى بن آدم إلخ)(غريبه)(6) قال السهيلي إنما طعنوا في إمرته لإنه مولًى مع حداثة سنه لإنه كان إذ ذاك ابن ثمان عشرة سنة، وكان رضي الله عنه أسود الجلدة وكان أبوه أبيض صافي البياض نزع في اللون إلى أمه أم أيمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويمسح خشمه وهو صغير بثوبه، وعثر يوما فأصابه جرح في رأسه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص دمه ويمجه ويقول لو كان أسامة جارية لحلبناها حتى يرغب فيها وكان يسمى الحِب من الحُب (7)(قال العلماء) كان أشد الناس كلامًا في ذلك عياش بن أبي ربيعة المخزومي فقال يستعمل هذا الغلام على المهاجرين؟ وكان في جيشه كبار المهاجرين أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم فكثرت القالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب
-[حديث أبي مويهبة في ابتداء مرض النبي صلى الله عليه وسلم]-
في أبيه من قبل (1): إنه كان لخليقًا للإمارة وإن (2) كان لأحب الناس كلهم إليّ وإن ابنه هذا بعده من أحب الناس إلي فاستوصوا به خيرًا فإنه من خياركم (3)
474 [[[أبواب ما جاء في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن لحق بالرفيق الأعلى]]]]
(باب ما جاء في ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم ومدته)(عن أبي مويهبة)(4) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على أهل البقيع فصلى عليهم (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث مرات، فلما كانت الليلة الثانية قال يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي، قال فركب ومشيت حتى انتهى المبهم فنزل عن دابته وأمسكت الدابة ووقف عليهم أو قال قام عليهم فقال ليهنكم (6) ما أنتم فيه مما فيه الناس أتت الفتن كقطع الليل يركب بعضها بعضًا، الآخرة أشد من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه، ثم رجع
رضي الله عنه بعض ذلك فردّه على من تكلم وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فغضب صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا فخطب فقال إن الناس يعيبون أسامة إلخ (1) أبوه زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم وكان من بني كلب أسر في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة رضي الله عنها فاستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم منه وخيره لما طلب أبوه وعمه أن يفدياه، خيره بين المقام عنده أو يذهب معهما فقال يا رسول الله لا أختار عليك أحدًا أبدًا (قال النوربشتي) إنما طعن من طعن في إمارتهما لإنهما كانا من الموالي وكانت العرب لا ترى تأمير الموالي وتستنكف عن اتباعهم كل الاستنكاف، فلما جاء الله عز وجل بالإسلام ورفع قدر من لم يكن له عندهم قدر بالمسابقة والهجرة والعلم والتقى عرف حقهم المحفوظون من أهل الدين، فأما المرتهنون بالعادة والممتحنون بحب الرياسة من الأعراب ورؤساء القبائل فلم يزل يختلج في صدورهم شيء من ذلك لا سيما أهل النفاق فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن وشدة النكير عليه، وكان صلى الله عليه وسلم بعث زيدًا أميرًا على عدة سرايا وأعظمها على جيش مؤتة وسار تحت رايته فيها نجباء الصحابة، وكان خليقًا بذلك لسوابقه وفضله وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمَّر أسامة في مرضه على جيش فيه جماعة من مشيخة الصحابة وفضلائهم وكأنه رأى في ذلك سوى ما توسم فيه من النجابة أن يمهد الأرض، وتوطئة لمن يلي الأمر بعده لئلا ينزع أحد يدًا من طاعة، وليعلم كل منهم أن العادة الجاهلية قد عميت مسالكها وخفيت معالمها (2) انْ للتأكيد مخففة من إنّ أي إنه كان المخ والخليق مرادف للجدير والحقيق والله ولي التوفيق (3) في هذا الحديث منقبة عظيمة لزيد بن حارثة وابنه أسامة رضي الله عنهما (تخريجه)(ق. وغيرهما)
(باب)(4)(سنده) حدّثنا أبو النضر حدثنا الحكم بن فضيل ثنا يعلى بن عطاء عن عبيد بن جبير عن أبي مويهبة إلخ (غريبه)(5) معنى الصلاة هنا الدعاء والاستغفار لهم (6) بفتح الياء التحتية وكسر النون بينهما هاء ساكنة والأصل ليهنئكم بهمزة بعد النونه حذفت الهمزة للتخفيف وهذا الدعاء لهم بالتهنئة مما نجاهم الله منه من فتن الدنيا، قال في القاموس وهنأه بالأمر (بتشديد النون)
-[مدة مرض النبي صلى الله عليه وسلم وحديث عائشة الجامع من أول مرضه إلى وفاته صلى الله عليه وسلم]-
فقال يا أبا مويهبة إني أعطيت أو قال خيرت مفاتيح ما يفتح على أمتي من بعدي (1) والجنة أو لقاء ربي، فقلت بأبي وأمي يا رسول الله فأخبرني، قال لأن ترد على عقبها ما شاء الله (2) فاخترت لقاء ربي عز وجل، فما لبث بعد ذلك إلا سبعًا أو ثمانيًا حتى قبض صلى الله عليه وسلم وقال أبو النضر ترد على عقبيها (وعنه من طريق ثانٍ)(3) قال بعثني (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم (5) قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس لو تعلمون ما نجاكم الله منه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها، الآخرة شر من الأولى، قال ثم أقبل عليّ فقال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة، قال قلت بأبي وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، قال لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة، ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبضه الله عز وجل حين أصبح (باب حديث عائشة رضي الله عنها الجامع من أول مرضه إلى وفاته صلى الله عليه وسلم
475 (عن يزيد بن بابنوس)(6) قال ذهبت أنا وصاحب لي إلى عائشة رضي الله عنها فاستأذنا عليها فألقت لنا وسادة وجذبت إليها الحجاب فقال صاحبي يا أم المؤمنين ما تقولين في العراك؟ قالت وما العراك؟ وضربتُ منكِب صاحبي فقالت مه (7) آذيت أخاك
وهنأه (بتخفيفها) قال له ليهنئك (بفتح الياء التحتية وكسر النون وسكون الهمزة)(1) يعني خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة كما في الطريق الثانية (2) الظاهر والله أعلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يختر خزائن الدنيا والخلد فيها مدة طويلة خشية أن تفتتن أمته بالدنيا وزخارفها فترتد على عقبها أي ترجع إلى حالتها الأولى في زمن الجاهلية وهو بين أظهرهم فاختار لقاء ربه (3)(سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبي قال عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عمر العبلي قال حدثني عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص عن عبد الله بن عمرو عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثني إلخ (4) أي أيقظني من النوم من جوف الليل أي ثلثه الآخر (5) أي وسط المقابر (تخريجه)(ك طب مي) ومحمد بن إسحاق في المغازي وصححه الحاكم وأقره الذهبي [[[[فائدة]]]] قال الحافظ أما ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم فكان في بيت ميمونة كما سيأتي (قلت سيأتي بعد باب واعتمده الحافظ) قال وذكر الخطابي أنه ابتدأ به يوم الاثنين وقبل يوم السبت، وقال الحاكم أبو أحمد يوم الأربعاء، واختلف في مدة مرضه فالأكثر على أنها ثلاثة عشر يوما وقيل بزيادة يوم وقيل بنقصه والقولان في الروضة صدر بالثاني وقيل عشرة أيام وبه حزم سليمان التيمي في مغازيه، وأخرجه البيهقي بإسناد صحيح وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف في ربيع الأول وكاد يكون إجماعًا (باب)(6)(سنده) حدّثنا بهز قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرني أبو عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس إلخ (غريبه)(7) اسم مبني على السكون بمعنى اسكت
-[بقية حديث عائشة في صفة مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته]-
ثم قالت ما العراك؟ المحيض؟ قولوا ما قاله الله المحيض، ثم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوشحني وينال من رأسي وبيني وبينه ثوب وأنا حائض (1) ثم قالت كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا مرّ ببابي مما يلقي الكلمة ينفع الله عز وجل بها، فمرّ ذات يوم فلم يقل شيئًا ثم مرَّ أيضًا فلم يقل شيئًا مرتين أو ثلاثًا، قلت يا جارية ضعي لي وسادة على الباب وعصبت رأسي فمرّ بي فقال يا عائشة ما شأنك؟ فقلت أشتكي رأسي، فقال أنا وارأساه فذهب فلم يلبث إلا يسيرًا حتى جيء به محمولاً في كساء، فدخل عليّ وبعث إلى النساء فقال إني قد اشتكيت وإني لا أستطيع أن أدور بينكن فأذنَّ لي فلا كِن عند عائشة أو صفية، ولم أمرض أحدًا قبله (2) فبينما رأسه ذات يوم على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي فظننت أنه يريد من رأسي حاجة فخرجت من فيه نطفة (3) باردة فوقعت على ثغرة نحري فاقشعر لها جلدي فظننت أنه غشي عليه فسجيته ثوبًا (4) فجاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما وجذبتُ إليّ الحجاب فنظر عمر إليه فقال واغشياه ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاما، فلما دنوا من الباب قال المغيرة ياعمر مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذبت، بل أنت رجل تحوسك فتنة (5) إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يموت حتى يفني الله عز وجل المنافقين، ثم جاء أبو بكر فرفعت الحجاب فنظر إليه وقال إنا لله وإنا إليه راجعون مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل رأسه فحدر فاه (6) وقبل جبهته ثم قال وانبياه (7) ثم رفع رأسه ثم حدر فاه وقبل جبهته ثم قال واصفياه، ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل جبهته وقال واخليلاه مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد وعمر يخطب الناس ويتكلم ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفني الله عز وجل المنافقين (8) فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل يقول {إنك ميت (9)
(1) تقدم الكلام على ذلك في باب جواز مباشرة الحائض فيما فوق الإزار إلخ من كتاب الحبيض في الجزء الثاني صفحة 157 (2) تقول عائشة رضي الله عنها ولم أمرض (بضم الهمزة وتشديد الراء مكسورة (أحدًا قبله) تعني أنه لم يسبق لها تمريض أحد من المرضى قبل النبي صلى الله عليه وسلم (3) أي ماء قليل وبه سمي المني نطفة لقلته وجمعها نطف (4) أي غطته بثوب عندها (5) أي تخالطك وتَحُثك على ركوبها وكل موضع خالطته ووطئته فقد حُسته وجُسته (نه)(6) أي دنا منه بفمه وقبل جبهته (7) بألف الندبة والهاء الساكنة للوقف ومعنى الندبة إعلان اسم المتفجع عليه كقول أبي بكر رضي الله عنه وانبياه واصفياه واخليلاه، أو المتوجع منه نحو وارأساه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث (8) كان هذا فهم عمر رضي الله عنه (9) أي ستموت {وإنهم ميتون} أي سيموتون قال الفراء والكسائي الميت بالتشديد من لم يمت وسيموت، والميت بالتخفيف من فارقه الروح ولذلك لم يخفف هاهنا قال الخليل أنشد أبو عمرو
أيا سائلي تفسير ميْت وميِّت
…
فدونك قد فسرت إن كنت تعقل
فما كان ذا روح فذلك ميِّت
…
وما الميْت إلا من إلا القبر يحمل
-[ابتداء مرض النبي صلى الله عليه وسلم كان في يوم عائشة ثم أخذ يدور على نسائه]-
وإنهم ميتون} حتى فرغ من الآية {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل (1) أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم} (2) حتى فرغ من الآية فمن كان يعبد الله عز وجل فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، فقال عمر: وإنها لفي كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله (3) ثم قال عمر يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو شيبة المسلمين فبايِعوه فبايَعوه
476 (عن عائشة رضي الله عنها (4) قالت دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه (5) فقلت وارأساه (6) فقال وددت أن ذلك وأنا حي فهيأتك ودفنتك، قال فقلت غيرَى (7) كأني بك في ذلك اليوم عروسًا ببعض نسائك (8) قال وأنا ورأساه (9) أدعوا لي أباك وأخاك حتى
وكانو يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم موته فأخبر أن الموت يعمهم فلا معنى التربص وشماتة الباقي بالفاني (وعن قتادة) نعى إلى نبيه نفسه ونعى إليكم أنفسكم أي إنك وإياهم في عداد الموتى لإن ما هو كائن فكأن قد كان {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} تقدم تفسيرها في أول تفسير سورة الزمر من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صفحة 259 (1) أي له أسوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه (2) أي رجعتم القهقرى (3) إنما نسي ذلك عمر رضي الله عنه من شدة دهشته لعظم المصيبة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه ورجال أحمد ثقات (قلت) وأورده أيضًا الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال وقد روى أبو داود والترمذي في الشمائل من حديث مرحوم بن عبد العزيز العطار عن أبي عمران الجوني به ببعضه (4)(سنده) حدّثنا يزيد أنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة إلخ (غريبه)(5) يستفاد منه أن ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم كان في يوم عائشة ثم أخذ يدور على نسائه فلما اشتد به المرض طلب أن يكون في بيت عائشة كما صرح بذلك في رواية ابن إسحاق بعد أن ذكر قولها وارأساه وقوله صلى الله عليه وسلم وارأساه فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استُعِزّ به (يعني اشتد به المرض وغلبه) في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرّض في بيتي فأذنّ له الحديث (6) قالت ذلك حينما وجدت صداعًا في رأسها كما يستفاد من الطريق الثانية ومعناه ندبت نفسها وأشارت إلى الموت قاله الطيبي، أي كأنها فهمت أن وجع رأسها يتولد منه الموت، فقال صلى الله عليه وسلم مشيرًا إلى أنها لو ماتت قبله لكان خيرًا لها بقوله (وددت ذلك وأنا حيّ إلخ)(7) بفتح الغين المعجمة والراء بينهما ياء تحتية ساكنة حال من فاعل قلت وهي فعلى من الغيرة يقال غرت على أهلي أغار غيرة فأنا غائر وغيور للمبالغة (8) جاء في الطريق الثانية بلفظ (لو فعلتَ ذلك لقد رجعتَ إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك) ومعناه لو فعلت ما ذكرت من غسلي وتكفيني ودفني لرجعت إلى بيتي (فأعرست فيه) من أعرس بالمرأة بالمرأة إذا بنى بها أو غشيها (9) جاء في الطريق الثانية وعند البخاري أيضًا فقال صلى الله عليه وسلم بل أنا وارأساه، (قال في المواهب اللدنية) هكذا في الأصول المعتمدة التي وقفت عليها بإثبات بل الإضرابية (قلت) يريد الإضراب عن كلامها ومعناه اشتغلي بوجع رأسي إذ لا بأس بك فأنت تعيشين
-[اشتد مرضه صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يرجع إلى بيت عائشة فأذِنَّ له]-
أكتب لأبي بكر كتابًا (1) فإني أخاف أن يقول قائل أو يتمنى متمن أنا أولى (2) ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر (3)(وعنها عن طريق ثان)(4) قالت رجع إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعًا في رأسي وأنا أقول وارأساه، قال بل وأنا وارأساه، قال ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك؟ قلت لكني أو لكأني بك والله لو فعلتَ ذلك لقد رجعتَ إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تسم بدئ وجعه الذي مات فيه (باب ما جاء في انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى بيت عائشة رضي الله عنها ليمرّض فيه واستخلافه أبا بكر للصلاة)
477 (حدّثنا سفيان)(5) عن الزهري عن عبيد الله (6) عن عائشة رضي الله عنها قال سفيان سمعت منه حديثًا طويلاً ليس أحفظه من أوله إلا قليلاً: دخلنا على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين أخبرينا عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت اشتكى فجعل ينفث (7) فجعلنا نشبه نفثه نفث آكل الزبيب (8) وكان يدور على نسائه فلما اشتكى شكواه استأذنهن أن يكون في بيت عائشة ويدرن عليه فأذنّ له فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين متكئًا عليهما أحدهما عباس ورجلاه تخطان في الأرض، قال ابن عباس أنما أخبرتك من الآخر؟ قال لا، قال هو على (ومن طريق ثان عن عائشة أيضًا)(9) قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرَّض في بيتي فأذنّ له فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمدًا على
بعدي، عرف ذلك بالوحي (1) جاء في رواية البخاري (لقد هممت أو أردت) بالشك من الراوي (أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهدَ) بفتح الهمزة والنصب عطفًا على أرسل أي أوصي بالخلافة إلى أبي بكر (2) معناه فإني أخاف أن يقول قائل الخلافة لي أو لفلان (أو يتمنى متمن) أن تكون الخلافة له ويقول أنا أولى، وقد أراد الله أن لا يعهد ليؤجر المسلمون على الاجتهاد (3) أي إلا أن تكون الخلافة لأبي بكر (4) (سنده) حدّثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت رجع إليّ إلخ (تخريجه) (خ نس هق) وابن إسحاق (وروى مسلم أيضًا) عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن أو يقول قائل أنا أولى ويأبتى الله والمؤمنون إلا أبا بكر: وهذا من أدل الدلائل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه (باب)(5)(حدّثنا سفيان إلخ)(غريبه)(6) هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني الأعمى الفقيه أحد السبعة عن عمر وابن مسعود مرسلاً وعن أبيه وعائشة وعنه أخوه عون وعراك بن مالك والزهري وأبو الزناد وخلق، قال أبو زرعة ثقة مأمون إمام، وقال العجلي كان جامعًا للعلم، قال البخاري مات سنة أربع وتسعين، وقال ابن نمير سنة ثمان، وقال ابن المديني سنة تسع كذا في الخلاصة (7) النفث بالفم شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (8) هو طرح ما يبقى في فمه من بذر الزبيب (9)(سنده) حدّثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله
-[صلى عمر بالناس مرة واحدة فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس]-
العباس وعلي رجل آخر ورجلاه تحطان في الأرض، وقال عبيد الله فقال ابن عباس أتدري من ذلك الرجل؟ هو علي بن أبي طالب ولكن عائشة لا تطيب لها نفس (1) قال الزهري فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة مر الناس فليصلوا، فلقي عمر بن الخطاب فقال يا عمر صل بالناس فصلى بهم، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فعرفه وكان جهير الصوت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أليس هذا صوت عمر؟ قالوا بلي يا رسول الله، قال يأبى الله عز وجل ذلك والمؤمنون، مروا أبا بكر فليصل بالناس (2) قالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه وإنه إذا قرأ القرآن بكى، قالت وما قلت ذلك إلا كراهية أن ينأثم الناس بأبي بكر أن يكون أول من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس: فراجعته (3) فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف (4)
478 (عن عبد الملك بن أبي بكر)(5) بن عبد الرحمن بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قال لما استُعِزّ (6) برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده
عن عائشة إلخ (1) أي لا تطيب لها نفس بذكر اسمه، وسبب ذلك كما ذكره العلماء أن عليًّا رضي الله عنه حينما استشار النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه في أمر عائش كما جاء في حديث الإفك قال للنبي صلى الله عليه وسلم (لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير) ولم يقصد بذلك إلا تخفيف ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم من القلق والغم المتراكم بسبب ما قيل، فرأى أنه إذا فارقها النبي صلى الله عليه وسلم سكن ما عنده بسببها إلى أن يتحقق ببراءتها فيراجعها، وهذا من بذل التضحية لإراحة فؤاده الشريف لا لعداوة عائشة، ومع ذلك فقد قال عقب ذلك (وسل الجارية تصدقك) فكأنه قال إن أردت تعجيل الراحة ففارقها، وإن أردت الوقوف على حقيقة الشأن فابحث إلى أن تطلع على براءتها والله أعلم (2) فيه إشارة إلى خلافة إبي بكر رضي الله عنه (3) فيه جواز مراجعة أولي الأمر على سبيل العرض والمشاورة والإشارة بما يظهر أنه مصلحة وتكون تلك المراجعة بعبارة لطيفة (4) جاء في بعض الروايات صواحبات يوسف وفي بعضها كصواحبات يوسف (قال الحافظ) وصواحب جمع صاحبة والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، ثم إن هذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به واحد وهي عائشة فقط كما أن صواحب صيغة جمع والمراد زليخا فقط، ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة ومرادها زيادة على ذلك، وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك، وهو أن لا يتشاءم الناس به، وقد صرحت هي فيما بعد ذلك اهـ (قلت) يعني قولها في الحديث (وما قلت ذلك إلا كراهية أن يتأثم الناس با أبي بكر)(تخريجه)(ق، جه) باختلاف في بعض الألفاظ المعنى واحد وقد رواه البخاري في مواضع متعددة من صحيحه ومسلم من طرق عن الزهري (5)(سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال وقال ابن شهاب الزهري حدثني عبد الملك بن أبي بكر إلخ (غريبه)(6) بضم التاء الفوقية وكسر العين المهملة مبني للمفعول أي اشتد به المرض وأشرف على الموت يقال عز يعتز
-[اعتذار عمر بأنه ما صلى بالناس إلا لظنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك لغيبة أبي بكر]-
في نفر من المسلمين دعا بلال (1) للصلاة فقال مروا من يصل بالناس، قال فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبًا فقلت قم يا عمر فصل بالناس، قال فقام فلما كبر عمر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلاً مجهرًا (2) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، قال فبعث إلى أبي بكر بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس، قال وقال عبد الله بن زمعة قال لي عمر ويحك ماذا صنعت بي يا بن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صليت بالناس، قال قلت والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة
479 (عن ابن بريدة عن أبيه)(3) قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس فإنكن صواحبات يوسف فأم أبو بكر الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي (4)
480 (عن عائشة رضي الله عنها (5) قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه مروا أبا بكر يصلي بالناس، قلت إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، قال مروا أبا بكر، فقلت لحفصة قولي إن أبا بكر لا يسمع الناس من البكاء فلو أمرت عمر (وفي رواية فقالت له حفصة يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف (6) وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر) فقال صواحب يوسف، مروا أبا بكر يصلي بالناس
بالفتح إذ اشتد (1) أي أذن بلال للصلاة فقال أي النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (2) أي صاحب جهر ورفع لصوته يقال جهَر بالقول إذا رفع به صوته فهو جهير، وأجهر فهو مُجهر إذا عرف بشدة الصوت (نه)(تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه أبو داود من حديث ابن إسحاق حدثني الزهري. ورواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني يعقوب عن عتبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن عبد الله بن زمعة فذكره، وقال أبو داود ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك حدثني موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن زمعة أخبره بهذا الخبر، قال لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت عمر قال ابن زمعة خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطلع رأسه من حجرته ثم قال لا لا: لا يصلي للنانس إلا ابن أبي قحافة يقول ذلك مغضبًا اهـ (قلت) وحديث الباب صحيح ورجاله ثقات رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي (3)(سنده) حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا زائدة ثنا عبد الملك بن عمير عن ابن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه)(4) يعني في مرضه الذي مات فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5)(سنده) حدّثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه)(6) بوزن قتيل وهو فعيل بمعنى فاعل من الأسف وهو شدة الحزن، والمراد أنه رقيق القلب
-[محاولة عائشة وحفصة أن عمر يصلي بالناس لرقة أبي بكر وعدم قبول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منها]-
فالتفتت إليّ حفصة فقالت لم أكن لأصيب منك خيرًا (1)
481 (عن أبي موسى)(2) قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق متى يقوم مقامك لا يستطيع أن يصلي بالناس، فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحبات يوسف، فأتاه الرسول فصلى أبو بكر بالناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
482 (عن الأسود عن عائشة)(3) رضي الله عنها قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس، قلنا يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف، قال الأعمش رقيق ومتى يقوم مقامك يبكي فلا يستطيع فلو أمرت عمر؟ قال مروا أبا بكر فليصل بالناس (4) قلنا يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف ومتى يقوم مقامك يبكي فلا يستطيع، فلو أمرت عمر يصلي بالناس؟ قال مروا بابكر يصلي بالناس فإنكن صواحب يوسف فأرسلنا إلى أبي بكر فصلى بالناس فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسة خفة فخرج يهادي (5) بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض (6) فلما أحس به أبو بكر ذهب يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أي مكانك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر (7)
483 (عن عبيد الله)(8) بن عبد الله قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت بلى، ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى الناس؟
(1) إنما قالت ذلك حفصة لأنه جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال (مروا أبا بكر إلخ) ثلاث مرات وإن كلامها صادق المرة الثالثة المعاودة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يراجع بعد ثلاث، فلما أشار إلى الإنكار عليها بما ذكر من كونهن صواحب يوسف وجدت حفصة في نفسها من ذلك لكون عائشة هي التي أمرتها بذلك ولعلها تذكرت ما وقع لها معها أيضًا في قصة المغافير التي ذكرت في تفسير أول سورة التحريم (تخريجه)(ق مذ جه) عن أبي موسى إلخ (يعني أبا موسى الأشعري)(تخريجه)(ق)(3)(سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة إلخ (غريبه)(4) جاء في رواية أخرى من طريق أبي معاوية عن الأعمش به قالت (يعني عائشة) فقلت لحفصة قولي له فقالت له حفصة يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر، فقال إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت فأمروا أبا بكر أن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة الحديث (5) بضم أوله وفتح الدال أي يعتمد على الرجلين متمايلاً في مشيه من شدة الضعف (6) أي لم يكن يقدر على تمكينهما من الأرض (7) تقدم الكلام على فقه الحديث في باب جواز الاستخلاف في الصلاة من أبواب صلاة الجماعة في في الجزء الخامس صفحة 256 فارجع إليه (تخريجه). (ق. وغيرهما)(8)(سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا زائدة (يعني ابن قدامة) عن موسى ابن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله
-[محاولة النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس لانتظارهم إياه وعدم تمكنه من ذلك لما اعتراه من الإغماء]-
فقلنا لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال ضعوا لي ماءً في المِخضب (1) ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء (2) فأغمي عليه ثم أفاق، فقال أصلى الناس؟ قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله، قال ضعو لي ماءً في المخضب (3) فذهب لينوء فغشي عليه قالت والناس عكوف (4) في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس، وكان أبو بكر رجلاً رقيقًا، فقال يا عمر صل بالناس، فقال أنت أحق بذلك (5) فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام (6) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس (7) لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلي قائمًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا، فدخلت على ابن عباس فقلت ألا أعرض عليك ما حدثتني به عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال هات (8) فحدثته فما أنكر منه شيئًا غير أنه قال هل سمّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت لا، قال هو علي رحمة الله عليه (عن أرقم بن شرحبيل)
484 (عن ابن عباس)(9) قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة
(يعني بن عتبة بن مسعود إلخ)(غريبه)(1) بكسرالميم وبخاء وضاد معجمتين بوزن منبر وهو إناء نحو الإجّانة التي يغسل فيها الثياب (2) أي يقوم وينهض وقوله فأغمى عليه دليل على جواز الإغماء على الأنبياء فإنه مرض والمرض يجوز عليهم، بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم لأنه نقص، والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجرهم وتسلية الناس بهم ولئلا يفتتن الناس بهم ويبعدوهم لما يظهر عليهم من المعجزات والآيات البينات والله أعلم (3) جاء عند مسلم في المرة الثانية (ففعلنا فاغتسل) وفيه دلالة على استحباب الغسل من الإغماء، وإذا تكرر الإغماء استحب تكرر الغسل لكل مرة فإن لم يغتسل إلا بعد الإغماء مرات كفى غسل واحد قاله النووي (4) أي مجتمعون منتظرون لخروج النبي صلى الله عليه وسلم (5) قال النووي فيه فوائد (منها) فضيلة، أبي بكر الصديق رضي الله عنه وترجيحه على جميع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره (ومنها) أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم (ومنها) فضيلة عمر بعمد أبي بكر لأن أبا بكر لم يعدل إلى غيره (ومنها) أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع (ومنها) جواز الثناء في الوجه لمن أمن عليه الإعجاب والفتنة، لقوله أنت أحق بذلك: وأما قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما صل بالناس فقال للعذر المذكور وهو أنه رجل رقيق القلب كثير الحزن والبكاء لا يملك عينيه (6) الظاهر أن هذه الأيام هي التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت عائشة إلى أن توفي وكان مجيئه ببيت عائشة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين الذي بعده كما جاء في بعض الروايات والله أعلم (7) فسر ابن عباس في آخر الحديث الرجل الآخر بعلي بن أبي طالب (8) بكسر التاء المثناة وق (تخريجه)(ق. وغيرهما)(9)(سنده) حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أرقم بن شُرَحْبِيل عن ابن عباس إلخ
-[آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو جالس وقام أبو بكر عن يمينه يأتم به والناس يأتمون بأبي بكر]-
فقال ادعوا لي عليًّا، قالت عائشة ندعوا لك أبا بكر؟ قال ادعوه قالت حفصة يا رسول الله ندعوا لك عمر؟ قال ادعوه، قالت أم الفضل يا رسول الله ندعوا لك العباس؟ قال ادعوه (1) فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليًّا فسكت، فقال عمر قوموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة إن أبا بكر رجل حَصِر (3) ومتى ما لا يراك الناس يبكون فلو أمرت عمر يصلي بالناس (4) فخرج أبو بكر فصلى بالناس ووجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فلما رآه الناس سبحوا أبا بكر فذهب يتأخر فأومأ إليه أن مكانك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس (5)(وفي رواية حتى جلس إلى جنب أبي بكر) قال وقام أبو بكر عن يمينه وكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر، قال ابن عباس وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من القراءة من حيث بلغ أبو بكر، ومات في مرضه ذاك عليه الصلاة والسلام، وقال وكيع مرة فكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر
485 (عن أنس والحسن)(6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متوكئًا على أسامة بن زيد وعليه ثوب قطن (7) قد خالف بين طرفيه فصلى بهم (باب في ذكر آخر خطبة خطبها في الناس)
486 (عن أبي سعيد الخدري)(8) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وهو عاصب رأسه قال فاتبعته حتى صعد المنبر قال فقال إني الساعة لقائم على الحوض (9) قال ثم قال
(غريبه)(1) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم دعا هؤلاء الصحابة ليكتب لهم كتابًا كما سيأتي بعد باب والله أعلم (2) إنما أمرهم عمر رضي الله عنه بالقيام لكونه فهم من سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم رغبته في الكلام بشيء والله أعلم (3) بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد أي رقيق القلب كثير البكاء (4) لم يجبهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا السؤال ولذلك خرج أبو بكر فصلى بالناس لأنه هو المأمور بذلك (5) قوله فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلخ الحديث تقدم في باب الاستخلاف في الصلاة من أبواب صلاة الجماعة في الجزء الخامس صفحة 359 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 1403 وتقدم شرحه مستوفًى هناك (تخريجه)(جه بزقط طح هق) وابن سعد في الطبقات وقال الحافظ أخرجه أحمد وابن ماجه بسند قوي وصححه من رواية أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس (6)(سنده) حدثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس والحسن إلخ (غريبه)(7) هكذا بالأصل (ثوب قطن) وجاء عند الطيالسي بسند حديث الباب ولفظه (فصلى بالناس في ثوب واحد قِطْريّ) وأظن أن هاهنا خطأ من الناسخ أو الطابع وما عند الطيالسي هو الصواب والله أعلم، وفي النهاية أنه صلى الله عليه وسلم كان متوشحًا بثوب قطري (بكسر القاف وسكون المهملة) هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين، وقال الأزهري في اعراض البحرين فرية يقال لها قطر واحسب الثياب القطرية نسبت إليها فكسروا القاف للنسبة وخففوا (تخريجه)(طل. وغيره) والحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (باب)(8) حدثنا صفوان بن عيسى ثنا أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد إلخ (غريبة)(9) أي لما رواه الشيخان
-[آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في الناس وفيها إطراء لأبي بكر وتلميح بخلافته]-
إن عبدًا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة (1) فلم يفطن لها أحد من القوم إلا أبو بكر (2) فقال بأبي أنت وأمي بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا، ثم هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فما رؤي عليه حتى الساعة (3)(زاد في رواية) إن أمنّ (4) الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا من الناس خليلاً (5) غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام (6) أو مودته، لا يبقى باب في المسجد (7) إلا سُدّ إلا باب أبي بكر
(8)
487 (عن ابن أبي المعلى عن أبيه)(9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يومًا فقال إن رجلاً خيره ربه عز وجل بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها، يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه
ومالك والإمام أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي)(1) معناه كما في الحديث التالي أن الله عز وجل خيره بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه عز وجل فاختار لقاء ربه (2) معناه أن أبا بكر رضي الله عنه فهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أنه ميت في مرضه هذا، ولذلك قال أبو بكر بل نفديك إلخ وبكى كما سيأتي في الحديث التالي، ولم يفهم من الصحابة الحاضرين ما فهمه أبو بكر رضي الله عنه (3) جاء عن مسلم من حديث جندب أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلم بخمس ليال (4) أفعل تفضيل من المن بمعنى العطاء والبذل (قال النووي) قال العلماء معناه أكثرهم جودًا وسماحة لنا بنفسه وماله، وليس هو من المن الذي هو الاعتداء بالصنيعة لأنه أذًى مبطل للثواب ولأن المنة لله ولرسوله في قبول ذلك (5) من الخلة بالضم وهي الصداقة والمحبة التي تخللت في قلب المحب فصارت خلاله أي في باطنه الداعية إلى اطلاع المحبوب على سره، والمعنى لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق يقف على سري لاتخذت أبا بكر خليلاً (وقيل من الخلة بالفتح) وهي الحاجة (قال القاضي عياض) الخليل الصاحب الذي يفتقر إليه ويعتمد في الأمور عليه فإن أصل التركيب من الخلة بالفتح وهي الحاجة، والمعنى لو كنت متخذًا من الخلق خليلاً أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه في جملة الأمور هو الله عز وجل (6) استدراك من مضمون الجملة الشرطية وفحواها، كأنه قال ليس بيني وبينه خلة ولكن بيننا في الإسلام أخوة فنفى الخلة وأثبت الإخاء (7) جاء عن مسلم خوْخة بدل باب، قال في النهاية الخوخة باب صغير كالنافذة الكبيرة وتكون بين بيتين ينصب عليها باب اهـ (8) فيه فضيلة وخصيصة ظاهرة لأبي بكر رضي الله عنه (تخريجه (ق. مذ) قال الحافظ ابن كثير وفي قوله عليه السلام سدوا عني كل خرخة كما في رواية للبخاري (يعني الأبواب) الصغار إلى المسجد غير خوخة أبي بكر إشارة إلى الخلافة أي ليخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين والله أعلم (9)(سنده) حدثنا أبو الوليد هشام قال ثنا أبو عوانة عن عبد الملك عن ابن أبي المعلى عن أبيه إلخ (قلت) قال في التقريب ابن أبي المعلى الأنصاري عن أبيه لم يسم ولا يعرف من الثالثة، وقال في تهذيب التهذيب روى عنه عبد الملك بن عمير
-[تيقظ أبي بكر دون الصحابة لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته إلى موته في هذا المرض]-
عز وجل فاختار لقاء ربه قال فبكى أبو بكر (1) قال فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعجبون من هذا الشيخ (2) أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً صالحًا خيّره ربه تبارك وتعالى بين الدنيا وبين لقاء ربه تبارك وتعالى فاختار لقاء ربه عز وجل، وكان أبو بكر أعلمَهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) فقال أبو بكر رضي الله عنه بل نفديك بأموالنا وأبنائنا وآبائنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من الناس أحد أمَنّ علينا في صحبته وذات يده من ابن أبي قحافة ولو كنت متخذًا خليلاً (4) لاتخذت ابن أبي قحافة ولكن ودّ (5) وإخاء وإيمان، ولكن ودّ وإخاء وإيمان مرتين، وإن صاحبكم (6) خليل الله عز وجل
488 (عن ابن عباس)(7) أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عصابة (8) دَسِمَة
489 (عن وائلة بن الأسقع)(9) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتزعمون أني من آخركم وفاة؟ ألا إني من أولكم وفاة وتتبعوني
أما أبوه أبو المعلى ففي التقريب أيضًا هو ابن لودان الأنصاري، قيل اسمه زيد بن المعلى صحابي له حديث يعني حديث الباب (غريبه)(1) إنما بكى أبو بكر رضي الله عنه لما تقدم من أنه فهم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه ميت في مرضه هذا لا محالة (2) يشيرون إلى أبي بكر رضي الله عنه (3) أي لكونه فهم ما لم يفهموا (4) يعني غير ربي عز وجل كما جاء في الحديث السابق (5) بضم الواو وفتحها وكسرها (وإخاء) بكسر الهمزة وبالمد مصدر آخى أي مواخاة إيمان كما جاء عند الترمذي وإخاء إيمان (6) يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وتخريجه (مد عن) وقال الترمذي هذا حديث غريب، قال وقد روى هذا الحديث عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير بإسناد غير هذا اهـ (قلت) رواه الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد، قالوا وصوابه أبو سعيد بن المعلى (قلت) أبو سعيد بن المعلى ذكره الحافظ في التقريب فقال أبو سعيد بن أبي المعلى ويقال بن المعلى المدني مقبول من الثالثة اهـ (قلت) وعلى هذا فالحديث على أقل درجاته حسن ويؤيده حديث أبي سعيد المذكور قبله والله أعلم (7)(سنده) حدّثنا وكيع حدثنا ابن سليمان بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس إلخ (قلت) ابن سليمان اسمه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري أبو سليمان المدني المعروف بابن الغسيل (غريبه)(8) العصابة بكسر العين المهملة العمامة (وقوله دسمة) بفتح الدال المهملة وكسر السين أي سوداء، وفي بعض الروايات دسماء بوزن سوداء لفظًا ومعنًى (تخريجه)(ح) مطولاً بسند حديث الباب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبًا رأسه بعصابة دسماء ملتحفًا بملحفة على منكبيه فجلس على المنبر فذكر الخطبة وذكر فيها الوصاة بالأنصار، إلى أن قال فكان آخرَ مجلس يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض يعني آخر خطبة خطبها عليه السلام، ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه (9)(سنده) حدّثنا أبو المغيرة قال سمعت الأوزاعي قال حدثني ربيعة بن يزيد قال سمعت وائلة بن الأسقع يقول خرج علينا إلخ (غريبه)
-[استدعاء النبي صلى الله عليه وسلم خواص أصحابه ليكتب لهم كتابًا: وما أوصى به قبل موته]-
أفناءا (1) يهلك بعضكم بعضًا (باب) ما جاء في استدعائه صلى الله عليه وسلم خواص أصحابه ليكتب لهم كتابًا
490 (حدّثنا سفيان)(2) عن سليمان بن أبي مسلم خال ابن أبي نجيح سمع سعيد بن جبير يقول قال ابن عباس يومُ الخميس (3) وما يومُ الخميس ثم بكى حتى بل دمعه وقال مرة دموعه الحصى، قلنا يا أبا العباس وما يوم الخميس؟ قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني اكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبدًا، فتنازعوا (4) ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا ما شأنه؟ أهَجَر (5) قال سفيان يعني هَذَى استفهموه، فذهبوا يعيدون عليه (6) فقال دعوني فالذي أنافيه (7) خير مما تدعوني إليه وأمر بثلاث، وقال سفيان مرة أوصى بثلاث، قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب (8) وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت سعيد عن الثالثة (9) فلا أدري أسكت عنها عمدًا (10) وقال مرة أو نسيها، وقال سفيان مرة وإما أن يكون تركها أو نسيها (11)
(1) أي جماعات متفرقين فرقًا مختلفة قومًا بعد قوم يقتل بعضكم بعضًا، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد كان ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) ورجال أحمد رجال الصحيح (باب)(2)(حدّثنا سفيان إلخ)(غريبه)(3) برفع يوم خبر مبتدأ محذوف ومراده التعجب من شدة الأمر وتفخيمه (4) أي قال بعضهم نكتب لما فيه من امتثال الأمر وزيادة الإيضاح وقال عمر كتاب الله حسبنا كما في البخاري فالأمر ليس للوجوب بل للإرشاد إلى الأصلح (5) بإثبات همزة الاستفهام وفتح الهاء والجيم والراء، ولبعضهم أهُجرًا بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين مفعولاً بفعل مضمر أي قال هجرًا بضم الهاء وسكون الجيم وهو الهذيان الذي يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم، وهذا مستحيل وقوعه من المعصوم صحة ومرضًا، وإنما قال ذلك من قاله منكرًا على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة، فكأنه قال كيف تتوقف أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه، أو المراد (أهَجر) بلفظ الماضي من الهجر بفتح الهاء وسكون الجيم والمفعول محذوف أي أهجر الحياة؟ وعبر بالماضي مبالغة لما رأى من علامات الموت (6) أي يعيدون عليه ×مالته ويستثبتونه فيها (7) أي من المشاهدة والتأهب للقاء الله عز وجل (خير مما تدعوني إليه من شأن كتابة الكتاب (8) هي من عدن إلى العراق طولاً ومن جُدة إلى الشام عرضًا (9) القائل وسكت سعيد إلخ هو سليمان بن أبي مسلم شيخ سفيان كما صرح بذلك في مستخرج أبي نعيم (10) يعني سعيد بن جبير سكت عن الخصلة الثالثة لم يذكرها فإما أن يكون سكت عنها عمدًا أو نسيها والله أعلم هذا وقد قيل إن الثالثة هي الوصية بالقرآن، أو هي تجهيز جيش أسامة لقول أبي بكر لما اختلفوا عليه في تنفيذ جيش أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إليّ بذلك عند موته، أو قوله لا تتخذوا قبري وثنًا فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود، أو هي ما وقع في حديث أنس من (قوله الصلاة وما ملكت أيمانكم) فقد أوصى بذلك كله في أحاديث صحيحة ستأتي والله أعلم (11) زاد البخاري من طريق، عبيد الله بن عبد الله قال عبيد الله قال ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم (تخريجه)(ق. وغيرهما)
-[استدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليكتب له كتابًا بالخلافة ثم عدوله عن ذلك]-
491 (عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بطبق (2) يكتب فيه ما لا تضل أمته من بعده، قال فخشيت أن تفوتني نفسه (3) قال قلت إني أحفظ وأعي، قال أوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم
492 (عن عائشة رضي الله عنها (4) قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر ائتني بكتف (5) أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه، فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال أبى الله والمؤمنين أن يختلف عليك (6) يا أبا بكر (ومن طريق ثان) قال حدثنا مؤمل قال ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة قالت لما كان وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي قبض فيه قال ادعوا لي أبا بكر وابنه فليكتب لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع ولا يتمنى متمنٍّ (7) ثم قال يأبى الله ذلك والمسلمون مرتين وقال مؤمل (8) مرة والمؤمنون، قالت عائشة فأبى الله والمسلمون، وقال مؤمل مرة والمؤمنون إلا أن يكون أبى فكان أبى (9)
493 (عن جابر)(10) أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابًا لا يضلون بعده، قال فخالف عليها عمر بن الخطاب (11) حتى رفضها
(1)(سنده) حدّثنا بكر بن عيسى الراسي حدثنا عمر بن الفضل عن نُعيم بن يزيد عن علي بن أبي طالب إلخ (غريبه)(2) الطبق بفتحتين قال في القاموس عظم رقيق يفصل بين كل فقارين وكانوا يكتبون على العظام والكتف بفتح الكاف وكسر التاء المثناة فوق عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب، والرقاع بكسر الراء مشددة جمع رقعة بضمها وعلى الخرقة من الثياب ونحوها لقلة القراطيس عندهم (3) أي خشي علي رضي الله عنه إن ذهب لإحضار الطبق تفوته نفسه أي يموت قبل أن يحضر (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده نُعيم بن يزيد قال الحافظ في التقريب مجهول، وقال أبو حاتم أيضًا مجهول، وكذلك في الخلاصة والله أعلم (4)(سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن عائشة إلخ غريبه (5) الكتف تقدم الكلام عليه في شرح الحديث السابق (6) يظهر من سياق الحديث أن عبد الرحمن لما أراد القيام ليأتي بالكتف منعه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك لأنه رأى بطريق الوحي أو الإلهام أن الخلافة ستكون لأبي بكر فقال أبى الله والمؤمنون إلخ (7) تقدم شرح هذه الجملة في باب عائشة الجامع من أول مرضه صلى الله عليه وسلم إلى وفاته (8) مؤمل هو ابن إسماعيل العدوي شيخ الإمام أحمد وثقه ابن معين وقال أبو حاتم صدوق كثير الخطأ، والمعنى أن مؤملاً قال في روايته مرة والمومنون بدل (المسلمون) ويقال ذلك فيما سيأتي (9) تعني فكان أبي هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير بطريقيه في تاريخه وقال انفرد به أحمد من هذا الوجه (قلت) الحديث سنده جيد ورجاله ثقات وله شواهد صحيحة تؤيده (10)(سنده) حدّثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله إلخ)(غريبه)، (11) جاء في البخاري عن ابن عباس قال لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر
-[236 هل أوصى النبي بشيء أم لا؟ وهل عهد لأحد بالخلافة أم لا؟]-
494 (باب) هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء أم لا؟ وهل عهد لأحد بالخلافة من بعده أم لا؟ (عن أنس)(1) قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت الصلاة وما ملكت إيمانكم حتى 495 جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها بلسانه (عن طلحة)(2) قال قلت لعبد الله بن أبي أوفي أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لا، قلت فيكيف أمر المؤمنين بالوصية ولم يوص؟ 496 قال أوصى بكتاب الله عز وجل (3)(عن الأسود)(4) قال ذكروا عند عائشة رضي الله عنها أن عليا كان وصيا (5) فقالت متى أوصى إليه؟ فقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت في حجري (6) فدعا بالطست فلقد انخنث (7) في حجري وما شعرت أنه مات فمتى أوصى إليه (8)
اللغط قال قوموا عني، وقد نقل الحافظ عن النووي أنه قال اتفق العلماء على أن قول عمر حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره، لأنه خشى أن يكتب أمورا ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة، وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء، وفي تركة الإنكار على عمر إشارة إلى تصويب رأيه، وأشار بقوله حسبنا كتاب الله إلى قوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ويحتمل أن يكون قصد التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه إذ لو كان من هذا القبيل لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم لأجل اختلافهم أهـ (؟؟) زاد الخطابي أن عمر رضي الله عنه خشى أن يجد المنافقون سبيلا إلى الطعن فيما يكتبه، وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق فكان ذلك سبب توقف عمر، لا أنه تعمد مخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا جوز وقوع الغلط عليه حاشا وكلا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه خلاف أهـ (قلت) أي لأنه عنعن في هذا الحديث، وقالوا إذا عنعن ابن لهيعة فحديثه ضعيف وإذا قال حدثنا فحديثه صحيح أو حسن والله أعلم باب (1)(سنده) حدثنا أسباط بن محمد حدثنا التيمي عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك الخ)(تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد رواه النسائي عن اسحاق بن راهوية عن جرير بن عبد الحميد به وابن ماجه عن أبي الأشعث عن معتمر بن سليمان عن أبيه به أهـ (قلت) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأخرجه أيضا الحاكم وقال قد اتفقا على إخراج هذا الحديث وعلى إخراج حديث عائشة (آخر كلمة تكلم بها الرفيق الأعلى) وأقره الذهبي، إلا أنه قال ردًا على الحاكم فلماذا أخرجته؟ ومعنى ذلك أن من شرط الحاكم أن يأتي بالأحاديث الصحيحة التي تركها الشيخان فلماذا آتى بهذا الحديث الذي اتفقا عليه (2)(سنده) حدثنا حجاج قال قال مالك يعني ابن مغول أخبرني طلحة قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى الخ (قلت) طلحة هو ابن مصرف (غريبه)(3) أي بما فيه ومنه الأمر بالوصية (تخريجه)(ق نس مذ جه طل)(4)(سنده) حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود قال ذكروا عند عائشة الخ (غريبه)(5) أي وصيا عنه صلى الله عليه وسلم أوصى له بالخلافة في مرض موته (6) بفتح الحاء المهملة والشك من الراوي (والطست) بفتح الطاء مشددة وسكون السين المهملة اسم آنية من الأواني أي دعا بالطست ليبزق فيه (7) بنون ساكنة فخاء معجمة فنون فمثلثة مفتوحات أي انثنى ومال لاسترخاء أعضائه الشريفة (8) نفت الوصية إلى علي رضي الله تعالى
-[من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص بالخلافة وإطراء النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليًا رضي الله عنهم]-
(عن الأرقم بن شرحبيل)(1) قال سافرت مع ابن عباس رضي الله عنهما من المدينة إلى الشام 497 فسألته أوصى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر معناه (2) قال ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ثقل جدا فخرج يهادي بين رجلين وإن رجليه لتخطان في الأرض فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوص (عن عائشة) 498 رضي الله عنها (3) قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف أحدا، ولو كان مستخلفا لاستخلف أبا بكر أو عمر رضي عنهما (عن علي رضي الله عنه (4) قال قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك؟ قال إن تؤمر أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبًا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديًا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم (عن عائشة رضي الله عنها (5) قالت كان آخر ما عهد 500 رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال لا يترك بجزيرة العرب (6) دينان
عنه مستندة إلى ملازمتها له صلى الله عليه وسلم إلى أن مات ولم يقع منه شيء من ذلك (تخريجه)(ق. نس جه)(1)(سنده) حدثنا حجاج أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل الخ (غريبه)(2) هكذا جاء في الأصل مختصرا وهو يشير إلى حديث ابن عباس المذكور قبل بابين صفحة 230 رقم 484 وهذا الحديث طرف منه ولكنه جاء في المسند مستقلا عقب حديث ابن عباس المشار إليه (تخريجه) تقدم تخريج حديث ابن عباس المشار إليه وهذا طرف منه (3)(سنده) حدثنا وكيع عن مسعد وسفيان عن معبد بن خالد عن عبد الله بن شداد عن عائشة الخ (تخريجه)(ك) وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي، ويؤيده أيضا ما جاء في حديث عمر عند الشيخين وغيرهما، قال عمران الله يحفظ دينه وغني لا أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف (وفي لفظ) مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف (4)(سنده) حدثنا أسود بن عامر حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر يعني الفراء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع عن علي الخ قلت يثيع على وزن شعيب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بزطس) ورجال البزار ثقات أهـ (قلت) وكذلك رجال الإمام أحمد (5)(سنده) حدثنا يعقوب قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال فحدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة الخ (غريبه)(6) تقدم تحديد جزيرة العرب في شرح الحديث الأول من الباب السابق وقوله دينان معناه تكون للمسلمين خاصة ويخرج منها الكفار مطلقا سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو غير ذلك، وفيه وجوب إخراج الكفار من هذه الجزيرة مطلقا عند مالك وخص الشافعي ذلك بالحجاز وهي مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها وإعمالها دون اليمن وغيره لأدلة عنده والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث عائشة لغير الإمام أحمد، وهو حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأورد نحوه الحافظ ابن كثير في تاريخه، قال قال الإمام مالك في موطئه عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد: لا يبقين دينان بارض العرب ثم قال هكذا رواه مرسلا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله أهـ (قلت) ويؤيده ما رواه الشيخان والإمام أحمد وتقديم في أول الباب السابق
-[اهتمام آل النبي صلى الله عليه وسلم بمرضه ومحاولتهم شفاءه باللدود]-
501 (باب ما جاء في اهتمام آل بيته بمرضه ومحاولتهم شفاءه بالأدوية والرقى)(عن عائشة رضي الله عنها (1) قالت لددنا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني، قلت كراهية المريض الدواء (3) فلما أفاق قال ألم أنهكم أن لا تلدوني؟ قال لا يبقي منكم أحد إلا لد (4) غير العباس فإنه لم يشهدكن 502 (عن هشام بن عروة)(5) قال أخبرني أبي أن عائشة قالت له يا ابن اختي لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه (أي العباس) أمرًا عجيبا، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأخذه الخاصرة (6) فيشتد به جدا فكنا نقول أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الكلية لا نهتدي أن نقول الخاصرة، ثم أخذت رسول الله يوما فاشتدت به جدا حتى أغمى عليه وخفنا عليه وفزع الناس إليه، فقلنا إن به ذات الجنب (7) فلددناه، ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآفاق وعرف أنه قد لد ووجد أثر اللدود، فقال ظننتم أن الله عز وجل سلطها علي، ما كان الله يسلطها علي (8)، والذي نفسي بيده لا يبقي في البيت أحد إلا لد إلا عمى (9) فرأيتهم يلدونهم رجلا رجلا قالت عائشة ومن في البيت يومئذ فتذكر فضلهم، فلد الرجال أجمعون وبلغ اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلددن امرأة امرأة
عن ابن عباس وفيه أخرجوا المشركين من جزيرة العرب والله أعلم (باب)(1)(سنده) حدثنا يحيي عن سفيان حدثني موسى بن عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة للخ (غريبه)(2) بفتح اللام والدال الأولى المهملة وسكون الثانية أي جعلنا الدواء في أحد جانبي فمه وحركناه بالإصبع قليلا وإنما لدوه لأنهم ظنوا به ذات الجنب، فلدوه بالقسط بضم القاف وسكون المهملة وهو العود الهندي والزيت لما ورد فيه من المنافع، ويلد به من ذات الجنب، وتقدمت فوائده في باب ما جاء في معالجة أمراض البطن وذات الجنب الخ من كتاب الطب في الجزء السابع عشر صفحة 171 و 172 فارجع إليه (3) معناه قالت عائشة هذا الامتناع كراهية المريض الدواء (4) بضم اللام أي قصاصًا لفعلهم وعقوبة لهم بتركهم امتثال نهيه عن ذلك، أما من باشروا العمل فظاهر: وأما من لم يباشروا فلكونهم تركوا نهيه عما نهاهم عنه إلا عمه العباس فإنه لم يحضر حال اللد (تخريجه)(ق. وغيرهما)(5)(سنده) حدثنا سليمان بن داود قال أنا عبد الرحمن عن هشام بن عروة الخ (غريبه)(6) أي وجع في الخاصرة قيل أنه وجع في الكليتين (بضم الكاف)(7) قال في النهاية ذات الجنب هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها (8) جاء عند ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال (كنتم ترون أن الله يسلط علي ذات الجنب ما كان الله ليجعل لها علي سلطانا)(فإن قيل) جاء عند أبي يعلى بسند فيه ابن لهيعة من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مات من ذات الجنب (فالجواب) إن الحديث ضعيف، وعلى فرض صحته يجمع بينهما بما قاله الحافظ أن ذات الجنب تطلق بإزاه مرضين أحدهما ورم حار يعرض في الغشاء والمستبطن (قلت) هو ما ذكره صاحب النهاية آنفا قال والآخر ربح محتقن بين الاضلاع فالأول هو المنفي هنا، وقد وقع في رواية الحاكم في المستدرك ذات الجنب من الشيطان، والثاني هو الذي أثبت هنا وليس فيه محذور كالأول (9) يعني العباس بن
-[غضب النبي صلى الله عليه وسلم من كونهم لدوه وأمره بلد كل من حضر ذلك وتعويذ عائشة إياه]-
حتى بلغ اللدود امرأة منا قال ابن أبي الزناد (1) ولا اعلمها إلا ميمونة، قال وقال بعض الناس أم سلمة، قالت أني والله صائمة فقلنا بئسما ظننت أن نتركك وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلددناها والله يا ابن أختي وإنها لصائمة (2)(عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) 503 عن أسماء بنت عميس قالت أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاشتد مرضه حتى حتى أغمى عليه، فتشاور نسائه في لده فلدوه، فلما آفاق قال ما هذا؟ فقلنا هذا فعل نساء جئن من هاهنا وأشار إلى أرض الحبشة، وكانت أسماء بنت عميس فيهن، قالوا كنا نتهم فيك ذات الجنب يا رسول الله، قال إن ذلك لدا ما كان الله عز وجل ليقرفني به، (3) لا يبقين في هذا البيت أحد إلا لتد إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني العباس، قال فلقد التدت ميمونة يومئذ وأنها لصائمة لعزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عائشة رضي الله عنها (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى (وفي رواية 504 كان في مرضه الذي قبض فيه) يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث (5) قالت عائشة فلما اشتد وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أنا أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها (وعنها أيضا)(6) قالت 505 لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم أخذت بيده فجعلت أمرها على صدره ودعوت بهذه الكلمات اذهب الباس رب الناس (7) فانتزع يده من يدي وقال اسأل الله الرفيق الأعلى (8) الأسعد (وعنها أيضا)(9) قالت كنت أعوذ رسول الله بدعاء إذا مرض كان جبريل عليه السلام
عبد المطلب (1) أي في رواية أخرى أشار إلى ذلك البخاري (تخريجه) الحديث سنده جيد ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات (2)(سنده) حدثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري قال أخبرني أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الخ (غريبه)(3) القرف ملابسة الداء ومداناة المرض وجاء عند عبد الرزاق (ليعذبني) بدل ليقر في (تخريجه)(عب) وسنده صحيح وصححه أيضا الحافظ والبيهقي (4)(سنده) حدثنا إيراهيم بن أبي العباس قال ثنا أبو أويس عن الزهري أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(5) بكسر الفاء من باب ضرب من النفث بالفم وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من النفل، لأن النفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (تخريجه)(ق. وغيرها)(6)(سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت لما مرض الخ (غريبه)(7) إنما دعت بذلك رضي الله عنها لأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك بالمريض (8) قيل هم الملائكة أو المذكورون في قوله تعالى (وأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين الآية)، أو المكان الذي يحصل فيه مرافقتهم وهي الجنة، أو السماء: أو المراد به الله عز وجل لأنه من أسمائه - أقوال - يؤيد الثاني منها ما جاء في الحديث الصحيح فجعل يقول مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء. والصالحين، وإنما اختار هذه الكلمة لتضمنها التوحيد والذكر بالقلب حتى يستفاد منه الرخصة بغيره أن لا يشترط منه الذكر باللسان قاله السهيلي (تخريجه)(م. طل. وغيرهما)(9)(سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن عمرو
-[تعويد عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء كان يعوذه به جبريل: وقصة فاطمة مع النبي صلى الله عليه وسلم]-
يعيذه به ويدعو له به إذا مرض، قالت فذهبت أعوذه به أذهب الباس رب الناس بيدك الشفاء ولا شافي إلا أنت أشف شفاء لا يغادر سقما، قالت فذهبت أدعو له به في مرضه الذي توفى 507 فيه، فقال ارفعي عني، قال فإنما كان ينفعني في المدة (1)(عن عروة أو عمرة عن عائشة)(2) رضي الله عنهما قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه صبوا على من سبع قرب لم تحلل (3) أو كيهتن لعلي استريح فاعهد إلى الناس (4) قالت عائشة فاجلسناه في مخضب (5) لحفصة من نحاس وسكبنا عليه الماء منهن حتى طفق (6) يشير إلينا أن قد فعلتن ثم خرج (7) 508 (باب في ذكر أمور عرضت في مرضه صلى الله عليه وسلم (خط ز)(عن عبد الله بن الحارث)(8) عن أم الفضل بنت الحارث وهي أم ولد العباس (9) أخت ميمونة قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعلت أبكي؛ فرفع رأسه فقال ما يبكيك؟ قلت خفنا عليك وما ندري ما يلقى من الناس 509 بعدك يا رسول الله، قال أنتم المستضعفون بعدي (عن عائشة رضي الله عنها (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ابنته فسارها فبكت؛ ثم سارها فضحكت، فقالت عائشة فقلت لفاطمة ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت، ثم سارك فضحكت، قالت سارني بموته فبكيت، ثم سارني فأخبرني
يعين ابن مالك عن أبي الجوزاء إن عائشة قالت الخ (غريبه)(1) أي في المدة التي لم ينته فيها أجلي أما الآن فقد انتهى الأجل فلا فائدة ولا أمل (تخريجه)(م) بنسبة التعويذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى جبريل (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عروة أو عمرة عن عائشة الخ (2)(قلت) شك الراوي في رواية الحديث عن عروة أو عمرة لا يضر لأن كليهما ثقة (غريبه)(3) بضم الفوقية وسكون الحاء وفتح اللام مخففة (أو كيتهن) جمع وكاء وهو رباط القربة (4) أي أوصى (5) المخضب بوزن منبر إناء كبير يغسل فيه الثياب (6) أي جعل يشير إلينا الخ قال القسطلاني والحكمة في عده السبع كما قيل إن له خاصة في دفع ضرر السم والسحر (7) زاد البخاري ثم خرج إلى الناس فصلى لهم وخطبهم (قلت) وكانت هذه آخر خطبة خطبها كما جاء عند الدارمي (فما قام عليه "يعني على منبره" حتى الساعة) والمراد بالساعة القيامة، أي فما قام عليه بعد حياته، ولمسلم من حديث جندب أن ذلك كان قبل موته بخمس (تخريجه)(ق. وغيرهما)(باب)(8)(خط. ز)(سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا أبو معمر وسمعته أنا من أبي مسعد قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال ثنا يزيد يعني ابن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبه)(9) يعني أم أولاد العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ومن أولادها عبد الله بن عباس وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم تعني أتته في يوم الذي توفي فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه يزيد بن أبي زياد وثقه جماعة (قلت) في التهذيب قال أبو داود لم أجد أحدا ترك حديثه وغيره أحب إلي، وفي الخلاصة روى له مسلم مقرونا والله أعلم (10)(سنده) حدثنا يعقوب ابن إبراهيم ثنا أبي عن أبيه عروة بن الزبير حدثه عن عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)
-[آخر نظرة نظرها بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقت الصبح في يوم الاثنين الذي توفي فيه]-
إني أول من اتبعه من أهله فضحكت (1)(عن أنس بن مالك)(2) أن الله عز وجل تابع الوحي 510 على رسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي، وأكثر ما كان الوحي يوم توفى (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب آخر عهده بالصلاة وآخر عهد أصحابه به وله صلى الله عليه وسلم مات شهيدا)(وعنه أيضًا) 511 (4) قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي توفي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة (5) فقال بعد مرتين يا بلال قد بلغت فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع، فرجع إليه بلال فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يصلي بالناس؟ قال مرو أبا بكر فليصل بالناس، فلما أن تقدم أبو بكر رفعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الستور قال فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء (6) عليه خميصة، فذهب أبو بكر يتأخر وظن أنه يريد الخروج إلى الصلاة فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر يقوم فيصلي، فصلى أبو بكر بالناس فما رأيناه بعد (7)(وعنه أيضا)(8) قال لما كان يوم الاثنين (وفي لفظ)
(1) لم تذكر فاطمة لعائشة رضي الله عنهما هذا الخبر إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كما في أحاديث أخرى ستأتي في مناقب فاطمة رضي الله عنها، أما قولها فبكيت أي من أجل فراقه، وأما قولها فضحكت فلكونه أخبرها بأنها أول من يموت من أهل بيته فضحكت سرورا بسرعة اللحاق به، ففي ذلك ما كانوا عليه من إيثار الآخرة والسرور بالانتفال إليها والخلوص من دار الكدر والنكد، وفي الحديث معجزتان ظاهرتان (إحداهما) أنه أخبرها بأنه سيموت في مرضه هذا فكان (والثانية) إخباره صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يموت من أهل بيته فوقع كما قال (قال الحافظ) اتفقوا على أن فاطمة عليها السلام كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه أهـ (قلت) قال المؤرخون توفيت فاطمة رضي الله عنها في اليوم الثالث من شهر رمضان من السنة التي توفى فيها النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (تخريجه)(ق. وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا يعقوب حدثني أبي عن صالح قال أبو شهاب أخبرني أنس بن مالك الخ (قلت) هو صالح بن كيسان ثقة من رجال الصحيحين (غريبه)(3) إنما كثر الوحي يوم وفاته صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم لأجل تسليته وتوديعه وتبشيره بما أعده الله له من النعيم المقيم ونحو ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين (باب)(4)(سنده) حدثنا يزيد أنا سفيان يعني بن حسين عن الزهري عن أنس (يعني ابن مالك قال لما مرض الخ)(غريبه)(5) الظاهر إن إتيان بلال كان بعد خروجه صلى الله عليه وسلم وخفثه من مرضه وصلاته بهم وخطبته فيهم فظن بلال أنه سيواصل الصلاة بهم فأذنه بالصلاة (6) هو عبارة عن الجمال البارع وصفاء الوجه واستنارته (وقوله عليه خميصة) الخميصة ثوب خزا وصوف؟؟، وقيل لا تسمي خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة وكانت من لباس الناس قديما وجمعها الخمائص (له)(7) كان ذلك يوم الاثنين اليوم الذي توفي فيه كما سيأتي في الحديث التالي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري، وهذا من حديثه عنه أهـ (قلت) يؤيده الحديث التالي (8)(سنده) حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال قال الزهري وأخبرني أنس بن مالك
-[آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر يوم الخميس وتوفى يوم الاثنين الذي بعده]-
آخر نظره نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين) كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فرأى أبا بكر وهو يصلى بالناس (1) قال فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف (2) وهو يبتسم قال وكدنا أن نفتتن في صلاتنا (3) فرحا لرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أبو بكر أن ينكص (4) فأشار إليه أن كما أنت ثم أرخى الستر فقبض من يومه ذلك، فقام عمر فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكن ربه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى فمكث عن قومه أربعين ليلة (5) والله إني لا أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين وألسنتهم يزعمون أو قال يقولون 513 إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات (6)(عن أم الفضل بنت الحارث)(7) قالت صلى بنا رسول الله في بيته متوشحا في ثوب المغرب فقرأ المرسلات ما صلى بعدها حتى قبض صلى الله عليه وسلم 514 (عن أم سلمة)(8) قالت والذي أحلف به (9) إن كان على لأقرب الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة بعد غداة (10) يقول جاء علي مرارا، قالت وأظنه كان
قال لما كان يوم الاثنين الخ (غريبه)(1) يعني صلاة الفجر كما جاء مصرحا بذلك في رواية البخاري (2) فيه ثلاث لغات ضم الميم وكسرها وفتحها، وتشبيهه بورقة المصحف عبارة عن الجمال وحسن البشرة وصفاء الوجه كما تقدم (وهو يبتسم) سبب تبسمه صلى الله عليه وسلم فرحه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة واتباعهم لامامهم وإقامتهم شريعته واتفاق كلمتهم واجتماع قلوبهم، ولهذا استنار وجهه صلى الله عليه وسلم على عادته إذا رأى أو سمع ما يسره فيستنير وجهه (3) أي كادوا أن يخرجوا من الصلاة فرحا برؤيته (4) بضم الكاف من باب قعد أي أراد أبو بكر أن يرجع إلى ورائه (5) إنما قال ذلك عمر رضي الله عنه بناء على ظنه الذي أداه اجتهاده إليه (6) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في هذا الحديث أوضح دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل يوم الاثنين صلاة الصبح مع الناس وأنه كان قد انقطع عنهم لم يخرج إليهم ثلاثا فعلى هذا يكون آخر صلاة صلاها معهم الظهر كما جاء مصرحا به في حديث عائشة المتقدم (قلت) حديث عائشة المشار إليه تقدم في باب ما جاء في انتقاله صلى الله عليه وسلم لبيت عائشة ليمرض فيه واستخلافه أبا بكر للصلاة صفحة 229 رقم 483 قال ولها قدمنا من خطبته بعدها وأنه انقطع عنهم يوم الجمعة والسبت والأحد وهذه ثلاثة أيام كوامل، وقال الزهري عن أبي بكر بن أبي سيرة إن أبا بكر صلى بهم سبع عشرة صلاة، وقال غيره عشرين صلاة فالله أعلم، ثم بدالهم وجهه الكريم صبيحة يوم الاثنين فودعهم بنظرة كادوا يفتنون بها ثم كان ذلك آخر عهد مهورهم (ق. جه. وغيرهم)(7)(عن أم الفضل بنت الحارث الخ) هذا الحديث تقدم بسنة وشرحه وتخريجه في باب القراءة في المغرب من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صفحة 227 رقم 588 وقولها ما صلى بعدها الخ أي بحسب علمها، وإلا فإن آخر صلاة صلاها معهم الظهر كما تقدم والله أعلم (8)(سنده) حدثنا عبد الرحمن بن محمد (قال عبد الله ابن الامام أحمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيره عن أم موسى عن أم سلمة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت والذي أحلف به الخ (غريبه)(9) تعني الله عز وجل وغرسها بذلك أن ما سنذكره حصل يقينا بغير شك (10) لأنه صلى الله عليه وسلم
-[بيان أنه صلى الله عليه وسلم مات شهيدا بسبب الشاه المسمومة التي أهدتها إليه اليهودية في غزوة خيبر]-
بعثه في حاجة قالت فجاء بعد فظننت أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب فكنت أدناهم إلى البيت فأكب عليه علي (1) فجعل يساره ويناجيه (2) ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك فكان أقرب الناس به عهدًا (3)(عن عبد الرحمن بن عبد الله)(4) بن كعب بن مالك عن 515 أمه أم مبشر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه فقالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ماتتهم بنفسك؟ فإني لا أتهم إلا الطعام الذي أكل معك بخيبر (5) وكان ابنها مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم وقال وأنا لا اتهم غيره، هذا أو أن قطع أبهري (6)(عن عبد الله)(7) قال 516 لأن أحلف تسعًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك بأن الله جعله نبيا واتخذه شهيدا (8) قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم (9) فقال كانوا يرون أن اليهود سموه وأبا بكر (10)
حينئذ كان في بيت عائشة فكان نساؤه يذهبن لعيادته كل يوم إلى بيت عائشة فسمعت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جاء علي؟ يستفهم عن مجيئه ويكرر ذلك مرارًا (1) أي مال برأسه عليه ولازمه (2) أي يحدثه سرًا (3) تعني عليا رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي إلا أنه قال فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض في بيت عائشة، والطبراني باختصار ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة (4) سنده حدثنا إبراهيم بن خالد ثنا روح ثنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله الخ (غريبه)(5) تعني الشاة المسمومة التي أهدتها اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة خيبر وكان ابنها مبشر من أكل منها مع النبي صلى الله عليه وسلم ومات قبله وتقدم الحديث في ذلك في غزوة خيبر (6) الأبهر بفتح الهمزة والهاء بينهما موحدة ساكنة عرق مستبطن بالصلب متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه، هكذا نقله الحافظ عن أهل اللغة، ثم قال وقال الخطابي يقال أن القلب متصل به (تخريجه)(ك) وصححه وأقره الذهبي، وله شاهد عند البخاري تعليقا من حديث عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أو أن وجدت انقطاع؟؟ من ذلك السم (قال الحافظ) وهذا قد وصله البزار والحاكم والاسماعيلي أهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (7)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه)(8) كان ابن مسعود وغيره يرون أنه صلى الله عليه وسلم مات من السم الذي تناوله بخيبر. ومن المعجزة أنه لم يؤثر فيه في وقته لأنهم قالوا إن كان نبيا لم يضره، وإن كان ملكا استرحنا منه، فلما لم يؤثر فيه تيقنوا نبوته ثم نقض عليه بعد ثلاث سنين لاكرامه بالشهادة (9) هو إبراهيم النيمي من مشايخ الأعمش (10) الظاهران أبا بكر رضي الله عنه مات بسبب هذا السم أيضا، فقد قال الحاكم في المستدرك حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد المروزي غير مرة ثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي ثنا مكي بن إبراهيم ثنا داود بن يزيد الأودي قال سمعت الشعبي يقول والله لقد وسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسم أبو بكر الصديق
-[تعويذ عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بكلمات (أذهب البأس رب الناس الخ) التي كان يعوذ بها المرضى]-
(باب ما جاء في احتضاره صلى الله عليه وسلم ومعالجته سكرات الموت وتخييره بين الدنيا والآخرة 517 واختياره الرفيق الأعلى وهو آخر ما تكلم به)(حدثنا أبو معاوية)(1) قال ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (2) وابن جعفر قال ثنا شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ (3) بهذه الكلمات اذهب الباس (4) رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك (5) شفاء لا يغادر سقما، قالت فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه بها وأقولها (6) قالت فنزع يده مني ثم قال رب اغفر لي وألحقني بالرفيق (7) قال أبو معاوية قالت فكان هذا آخر ما سمعت من كلامه، قال ابن جعفر 518 (8) إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا مسحه بيده وقال أذهب (عن ابن أبي مليكة)(9) قال قالت عائشة مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري (10) ونحري فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه فظنت أن له فيه حاجة، قالت فأخذنه فمضغته (11) ونفضته وطيبته ثم دفتنه إليه فاستن (12) كأحسن ما رأيته مستنا قط ثم ذهب يرفعه
وقتل عمر بن الخطاب صبرا، وقتل عثمان بن عفان صبرا، وقتل علي بن أبي طالب صبرا، وعم الحسن بن علي، وقتل الحسين بن علي صبرًا رضي الله عنهم فما نرجو بعدهم (تخريجه)(ك. هق) وصححه الحاكم واقره الذهبي، وأورده أيضا الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب)(1)(حدثنا أبو معاوية الخ)(غريبه)(2) أعلم وفقني الله وإياك أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى روى هذا الحديث باسنادين انتهى السند الأول إلى هنا ثم ابتدأ السند الثاني بقوله وابن جعفر يعني وحدثنا ابن جعفر الخ (3) بضم أوله وفتح المهملة وكسر الواو مشددة أي يلتجئ إلى الله عز وجل بالدعاء للمريض، وجاء في آخر الحديث من رواية محمد بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا مسحه بيده وقال أذهب يعني اذهب الباس الخ (4) بغير همز المؤاخاة وبالهمز على الأصل والباس ما يقع للإنسان من الشدة من أي نوع كالمرض والفقر وغير ذلك (5) أي لا ينجح الدواء إلا بتقديرك (وقوله لا يغادر سقما) أي لا يترك مرضا (وسقما) بفتحتين ويجوز ضم ثم إسكان لغتان والجملة صفة لقوله شفاه (6) إنما كانت عائشة رضي الله عنها تمسح بيده صلى الله عليه وسلم رجاء بركتها كما صرحت بذلك في حديث آخر (7) جاء عند مسلم في هذا الحديث (بالرفيق الأعلى قالت فذهبت انظر فإذا هو قد قضى) تعني مات، قيل يعني بالرفيق الأعلى الملائكة والنبيين وقيل يعني به الله عز وجل والله أعلم (8) هو أحمد بن جعفر الذي روى عنه الإمام أحمد هذا الحديث في السند الثاني قال في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا الخ (تخريجه)(م) من طرق متعددة مطولا كما هنا وابن ماجه ورواه البخاري والنسائي مختصر إلى قوله سقما (9)(سنده) حدثنا إسماعيل قال أنا أيوب عن ابن أبي مليكة قال قالت عائشة الخ (غريبه)(10) بفتح السين وسكون الحاء المهملتين وتضم السين كما في القاموس وغيره وهي الرئة (ونحري) بالحاء المهملة موضع القلادة في الصدر (11) أي لينته بريقها (وطيبته) أي بالماء ليزداد لينه (12) أي استاك وجاء عند البخاري فاستن بها (أي الجريدة) كأحسن ما كان مسننا
-[معالجة صلى الله عليه وسلم سكرات الموت وقول فاطمة رضي الله عنها واكرباه]-
إلى فسقط من يده فأخذت أدعو الله عز وجل بدعاء كان يدعو له به جبريل عليه السلام (1) وكان هو يدعو به إذا مرض فلم يدع به في مرضه ذلك، فرفع بصره إلى السماء وقال الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى (2) يعني وفاضت نفسه فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه (3) في آخر يوم من أيام الدنيا (عن أنس)(4) قال لما قالت فاطمة ذلك يعني لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من 519 كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة واكرباه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنية قد حضر بابيك ما ليس الله بتارك منه أحدًا لموافاة يوم القيامة (حدثنا أبو اليمان)(5) قال أنا شعيب عن الزهري 520 قال قال عروة بن الزبير إن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يحيا (6) فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غشى عليه، فلما أفاق خص بصره نحو سقف البيت ثم قال اللهم الرفيق الأعلى، قالت فقلت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح (7)(عن عائشة رضي الله عنها (8) قالت سمعت رسول الله 521 صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة، قالت فلما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض الذي قبض فيه أخذته بحة (9) فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين
(1) تقدم في باب الألفاظ الواردة في الرقي في كتاب الطب في الجزء الرابع عشر صلى الله عليه وسلم ص 180 رقم 127 عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام فقال (بسم الله أرقيك من كل داء يشفيك من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذي عين) فالظاهر أنها تعني هذا الدعاء والله أعلم (2) أي الجماعة من الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين وقيل غير ذلك (3) تعني بسبب السواك (تخريجه)(خ هق)(وغيرهما)(4)(سنده) حدثنا أبو النضر ثنا المبارك عن أنس الخ (تخريجه)(طل) وابن سعد في الطبقات ورواه البخاري مطولا من حديث أنس أيضا قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام واكرب أباه، فقال ليس على أبيك كرب بعد هذا اليوم، فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه. من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، فلما دفن قالت فاكمة عليها السلام يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أهـ (قلت) ما جاء عند البخاري من قول فاطمة بعد موته وبعد دفنه صلى الله عليه وسلم سيأتي عند الإمام أحمد في باب احتضاره وفي باب ما جاء في دفنه صلى الله عليه وسلم (5)(حدثنا أبو اليمان الخ)(غريبه)(6) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الياء الثانية مفتوحة أي يتسلم إليه الأمر، أو يملك في أمره، أو يسلم عليه تسليم الوداع، وجاء في رواية عند البخاري ثم يحيا أو يخير، يعني بين الدنيا والآخرة والشك من الراوي وله في رواية أخرى (ثم يخير) بدون ثم يحيا (7) ما فهمته عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم (اللهم الرفيق الأعلى) أنه خير نظير فهم أبيها رضي الله عنه في قوله صلى الله عليه وسلم (إن عبدا خيره الله) أن العبد المراد به هو النبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى أبو بكر، زاد البخاري في رواية أخرى (قالت فكان آخر كلمة تكلم بها اللهم الرفيق الأعلى، وفي رواية أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عند النسائي وصححه ابن حيان فقال أسال الله الرفيق الأسعد جبريل وميكائيل وإسرافيل، وظاهره أن الرفيق المكان الذي يجعل فيه المرافقة مع المذكورين والله أعلم (تخريجه)(ق وغيرهما)(8)(سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن أبيه عن عروة عن عائشة الخ (غريبه)(9) بضم الموحدة وتشديد المهملة
-[قوله صلى الله عليه وسلم اللهم أعني على سكرات الموت وتخييره صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة واختياره الرفيق الأعلى]-
والشهداء والصالحين (1) قالت فعلمت أنه خُير (2)(وعنها أيضا)(3) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلا تقبض نفسه (4) ثم يرى الثواب (5) ثم ترد إليه فيخير بين أن يرد إليه إلى أن يلحق (6) فكنت قد حفظت ذلك منه فإني لمسندته إلى صدري فنظرت إليه حين مالت عنقه فقلت قد قضى (7) قالت فعرفت الذي قال فنظرت إليه حتى ارتفع (8) فنظر قالت قلت إذا والله لا يختارنا، فقال مع الرفيق الأعلى في الجنة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الخ الآية (وعنها من طريق ثان)(9) قالت كنت اسمع (10) لا يموت نبي إلا خير بين الدنيا والآخرة، قالت ناصابته بحة في مرضه الذي مات فيه فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فظننت أنه خير 223 (وعنها أيضا)(11) قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده قدح فيه ماء فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعني على سكرات الموت (12)
شيء يعرض في الحلق فيتغير له الصوت فيغلظ، تقول بححت بالكسر بحا، ورجل أبح إذا كان ذلك فيه خلقة (1) فيه تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم اللهم الرفيق الأعلى الذي في الحديث السابق (2) بضم المعجمة وتشديد الياء التحتية مكسورة (تخريجه)(خ طل جه) وغيرهم (3)(سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا كثير بن زيد عن عبد المطلب بن عبد الله قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (4) أي كقبض روح النائم (5) أي ما أعده الله له من النعم في الجنة (ثم ترد) أي كما ترد روح النائم إليه (6) يعني إلى أن يلحق بالرفيق الأعلى وبين بقائه في الدنيا والظاهر أن هذه الجملة حذفت للعلم بها (7) أي مات (8) أي زال عنه ما لحقه من الغيبوبة (9)(سنده) حدثنا وكيع قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة قالت كنت الخ (10) لم تصرح عائشة بذكر من سمعت ذلك منه في هذه الرواية، وصرحت بذلك في الطريق الأولى. في الحديث السابق رواه البخاري وغيره (تخريجه) أورد الطريق الأولى منه الحافظ الهيثمي، ثم قال وفي رواية الرفيق الأعلى الأسعد رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري قالت وظننت أنه سيرد الله عليه روحه، قالت وكذلك يفعل بالأنبياء فتحرك فقلت أن خيرت اليوم فلن تختارنا وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح أهـ قلت يعني الطريق الثاني منه فقد رواه البخاري وغيره، وأما الطريق الأول ففي بعض رجاله لين وإنما ذكرته لما فيه من الزيادة والله أعلم (11)(سنده) حدثنا يونس قال ثنا ليث عن يزيد عن موسى بن سرجس عن الفاسم بن محمد عن عائشة قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(12) أي شدائده جمع سكرة بسكون الكاف وهي شدة الموت، وقال القاضي في تفسير قوله تعالى (وجاءت سكرة الموت بالحق) إن سكرته الذاهبة بالعقل أهـ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الليث به وقال الترمذي غريب أهـ (قلت) لم يحكم عليه الترمذي بشيء من الصحة والضعف لأن في إسناده موسى بن سرجس بوزن مسجد، قال في التقريب مسنور، وسكت عنه صاحب الخلاصة، ويؤيده ما جاء عند البخاري من حديث عائشة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل
-[كان آخر كلامه صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى: وقول عائشة توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين حاقنتي وذاقني]-
(وعنها أيضا)(1) قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قبض أو مات وهو بين حاقنتي (2) وذاقتني فلا أكره شدة 524 الموت لأحد أبدا بعد الذي رأيت (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حدثنا إبراهيم بن خالد)(4) قال ثنا رباح قال 525 قلت لمعمر قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس؟ قال نعم (عن عائشة رضي الله عنها (5) قالت 526 كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة (6) سوداء حين اشتد به وجعه، قالت فهو يضعها مرة على وجهه ومرة يكشفها عنه ويقول قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (7) يحرم ذلك على أمته (8)(وعنها أيضا)(9) أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى سجي (10) بثوب حبرة 527 (وعنها أيضا)(11) قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه بين سحري ونحري، قالت فلما خرجت نفسه لم أجد 538
يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده (1)(سنده) حدثنا منصور بن سلمة قال أنا ليث عن يزيد بن الهاد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) بالحاء المهملة والقاف المكسورة والنون المفتوحة: النقرة بين الترقوة وحبل العاتق (وذاقني) بالذال المعجمة والقاف المكسورة طرف الحلقوم، وهذا لا ينافي حديثها إن رأسه كان على فخذها لاحتمال أنها رفعته عن فخذها إلى صدرها، وأما ما رواه الحاكم وابن سعد من طرق أنه صلى الله عليه وسلم مات ورأسه في حجر علي ففي كل طريق من طرقه شيعي فلا يحتج به ذكره الحافظ (3) أي بعد الذي رأته من الشدة برسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه)(خ) وغيره (4)(حدثنا إبراهيم بن خالد) الخ هذا الأثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (5)(سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن اسحاق عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة أن عائشة قالت الخ (غريبه)(6) بفتح أوله ثوب خز أو صوف (7) جاء عند الشيخين والإمام أحمد من حديث أبي هريرة وتقدم في باب النهي عن اتخاذ المساجد على القبور من كتاب الجنائز في الجزء الثامن بلفظ (قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وتقدم شرح هذه الجملة هناك، وجاء في هذا الحديث عند البخاري عن عائشة أيضا بلفظ لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا (8) أي يحذر أمته مما صنع اليهود والنصارى (تخريجه) (خ) وغيره (9) (سنده) حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى الخ (غريبه) (10) أي غطى والمسجى المغطى: من الليل الساجي لأنه يغطي بظلامه وسكونه (بثوب حبرة) بوزن عنبة على الوصف والإضافة، وهو برد يمان والجمع حبر وحبرات (تخريجه)(م) وجاء عند البخاري دخل أبو بكر المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فقصده صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة وسيأتي الإمام أحمد مثله في الباب التالي (11)(سنده) حدثنا عفان أنبأنا همام أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا إسناد صحيح على شرط الصحيحين ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ورواه البيهقي من حديث حنبل ابن اسحاق عن عفان أهـ
-[تأثير وفاته على الصحابة رضي الله عنهم وحديث عثمان بن عفان في ذلك]-
أطيب منها (عن أبي بردة)(1) قال دخلت على عائشة فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساءًا من التي يدعون الملبدة (2) فقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين 530 (عن عائشة)(3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليهون على إني رأيت بياض كف عائشة في الجنة (باب ما جاء في تأثير وفاته على أصحابه وآل بيته رضي الله عنهم ودهشتهم عند قبض 531 روحه وبكائهم لذلك وتقبيل أبي بكر إياه بعد موته صلى الله عليه وسلم (عن عثمان بن عفان)(4) أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى النبي صلى الله عليه وسلم حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس قال عثمان وكنت منهم، فبينما أنا جالس في ظل أطم (5) من الآطام مر علي عمر فسلم علي فلم أشعر أنه مر ولا سلم، فانطلق عمر حتى دخل على أبي بكر فقال له ما يعجبك أني مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، وأقبل هو وأبو بكر في ولاية أبي بكر (6) حتى سلما علي جميعا ثم قال أبو بكر جاءني أخوك (7) عمر فذكر أنه مر عليك فسم فلم ترد عليه السلام فما الذي حملك على ذلك؟ قال قلت ما فعلت، قال عمر بلى والله لقد فعلت وكلنها عجبتكم (8) يا بني أمية، قال قلت والله ما شعرت أنك مررت ولا سلمت، قال أبو بكر صدق عثمان وقد شغلك عن ذلك أمر، فقلت أجل قال ما هو؟ فقال عثمان توفى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر (9) قال أبو بكر قد سألته عن ذلك، قال فقمت إليه فقلت بأبي أنت وأمي أنت أحق بها، قال أبو بكر قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الأمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها علي فهي له نجاة (10)
(فلمت) وأورده الهيثمي وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (1)(سنده) حدثنا عفان ويهز قالا ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال عن أبي بردة الخ (غريبة)(2) أي المرقعة، وقيل الملبد الذي ثخن وسطه وصفق حتى صار يشبه اللبدة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال وقد رواه الجماعة إلا النسائي من طرق عن حميد بن هلال به، وقال الترمذي حسن صحيح (3)(سنده) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن مصعب بن إسحاق بن طلحة عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به، وهذا دليل على شدة محبته عليه السلام لعائشة رضي الله عنها وقد ذكر الناس معاني كثيرة في كثرة المحبة ولم يبلغ أحدهم هذا المبلغ، وما ذاك إلا لأنهم يبالغون كلاما لا حقيقة له، وهذا كلام حق لا محالة ولا شك فيه (باب)(4)(سنده) حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني رجل من الأنصار من أهل الفقه أنه سمع عثمان بن عفان يحدث إن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(5) الأطم بالضم بناء مرتفع، وجمعه آطام، وآطام المدينة أبنيتها المرتفعة كالحصون (9) الظاهر أن هذه القصة وقعت في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، والمعنى أن عمر شكا عثمان لأبي بكر رضي الله عنهم فذهب أبو بكر وعمر إلى عثمان فسلما عليه الخ (7) يعني أخوة الإسلام (8) بضم العين المهملة وكسرها مع الباء الموجدة المكسورة والياء التحتية المفتوحة المشددتين قال في النهاية هي الكبر (9) أي نجاة العبد من عذاب يوم القيامة (10) المعنى من أقر بالكلمة التي عرضها
-[ما جاء في بكاء فاطمة وأم أيمن وضرب عائشة وجهها من؟؟؟]-
(عن أنس بن مالك)(1) أن فاطمة رضي الله عنها بكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا أبتاه 532 (2) من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه (3) يا أبتاه جنة الفردوس (4) مأواه (وعنه أيضًا) 532 (5) أن أم أيمن رضي الله عنها بكت لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها ما يبكيك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيموت، ولكن إنما أبكي على الوحي الذي رفع عنا (عن يحيي بن عباد)(6) بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال سمعت عائشة تقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري (7) وفي دولتي لم أظلم فيه أحدا فمن سفهي (8) وحداثه 534 سنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت الندم (9) مع النساء وأضرب وجهي (عن عائشة رضي الله عنها (10) أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم 525
النبي صلى الله عليه وسلم على عمه أبي طالب عند موته وهي لا إله إلا الله - مع محمد رسول الله فلم ينطق بها، من اعترف بهذه الكلمة كانت له نجاة من عذاب يوم القيامة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (1)(سنده) حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(2) أصله يا أب والفوقية بدل من التحتية والألف للندبة والهاء للسكت وقولها (من ربه) الجار والمجرور متعلق بقولها ما أدناه أي شيء جعله قريبا من ربه بصيغة التعجب (3) أي أخبره بموته (4) جاء عند البخاري بلفظ (من جنة الفردوس مأواه) بفتح ميم من مبتدأ والخير (مأواه) أي منزله، زاد البخاري وابن ماجه (يا أبتاه أجاب ربا دعاه) أي إلى حضرته القدسية (تخريجه)(خ جه) من طريق حماد بن زيد عن ثابت به زاد ابن ماجه (قال حماد فرأيت ثابتا حين حدث بهذا الحديث بكى حتى رأيت أضلاعه تختلف)(قال الحافظ) ويستفاد من الحديث جواز التوجع للميت عند احتضاره بمثل قول فاطمة عليها السلام واكرب أباه وأنه ليس من النياحة لأنه صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك، وأما قولها بعد أن قبض وأبتاه الخ فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفا بها لا يمنع ذكره لها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرا وهو في الباطن بخلافه: أولًا يتحقق اتصافه بها فيدخل في المنع والله أعلم (5)(سنده) حدثنا كلهم ثقات (6)(سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيي بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد الخ (غريبه)(7) تقدم معنى السحر والنحو وقولها (وفي دولتي) أي بيتي وفي حيازتي دون غيري من نسائه، وكان ذلك بناء عن رغبته ورضا نسائه لم أظلم فيه أحدًا (8) السفه في الأصل الخفة والطيش وهو المراد هنا (9) قال في النهاية إلا لتدام ضرب النساء وجوههن في النياحة أهـ (فإن قيل) كيف تفعل ذلك عائشة مع ما اتصفت به من العلم والتقوى والورع (قلت) إنما فعلت ذلك لما انتابها من شدة وقع المصيبة، ولما عندها من الطيش والخفة بسبب صغر سنها، على أنها ندمت على ما حصل منها كما يستفاد من كلامها، وهذا هو عين التوبة والرجوع إلى الله رضي الله عنها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات (10)(سنده) حدثنا مرحوم ابن عبد العزيز قال حدثني أبو عمر أن الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة الخ (تخريجه)(ش) والترمذي
-[تقبيل أبي بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وبكائه عند ذلك]-
يعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يده على صدغيه وقال وانبياه واخليلاه واصفياه 526 (وعنها أيضًا)(1) أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل عليها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة (2) فكشف عن وجهه ثم اكب عليه (3) فقبله وبكى ثم قال بابي (4) وأمي والله لا يجمع الله 537 عز وجل عليك موتتين أبدا (5) أما الموته التي قد كتبت عليك فقد متها (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن)(6) قال كان ابن عباس يحدث أن أبا بكر الصديق دخل المسجد وعمر يحدث الناس، فمضى حتى أتى البيت الذي توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم
في الشمائل وسنده حسن وأخرجه أيضا الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي أبو علي البغدادي الصدوق مات سنه سبع وخمسين ومائتين وقد جاوز المائة كما ذكره الطبري في الرياض، قال ولا تضاد أي لا تخالف بين هذا على تقدير صحته وبين ما تقدم مما تضمن ثباته يعني أبا بكر بأن يكون قد قال ذلك من غير انزعاج ولا قلق خافتا به صوته ثم التفت إليهم وقال ما قال (1)(سنده) حدثنا عن بن اسحاق قال أنا عبد الله قال أنا يونس ومعمر عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر الصديق دخل عليها الخ (غريبه)(2) تقدم شرح هذه الجملة في الباب السابق من حديث عائشة أيضا (3) أي لازمه (وقوله فقبله وبكى) فيه جواز تقبيل الميت والبكاء عند ذاك فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث قد دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت فانكب عليه وقبله ثم بكى حتى سالت دموعه على وجنتيه، رواه الترمذي والإمام أحمد وسيأتي في مناقب عثمان بن مظعون من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (4) الباء في بأبي تتعلق بمحذوف اسم أي أنت مفدى بأبي وأمي فيكون مرفوعا مبتدأ أو خبرًا أو فعل فيكون ما بعده نصبا أي فديتك بأبي وأمي لو كان ذلك ممكنا لأن حقيقة التفدية بعد الموت لا تتصور (5) أشار بذلك على الرد على من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحيا بعد موته هذا فيقطع أيدي رجال منافقين، لأنه لو صح ذلك لزم أن يموت موتة أخرى فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعها على غيره كالذي مر على قرية أو لأنه يحيا في قبره ثم لا يموت (نخرجيه)(خ نس جه)(6)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) الحديث صحيح وأخرج نحوه البخاري بمعناه من طريق عقيل عن الزهري في حديث، طويل وفي المواهب اللدنية قال أخرج أبو نعيم عن علي قال لما قبض صلى الله عليه وسلم صعد ملك الموت باكيا إلى السماء، والذي بعثه بالحق نبيا لقد سمعت صوتا من السماء ينادي وامحمداه الحديث: كل المصائب تهون عند هذه المصيبة (وفي سنن ابن ماجه) عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال في مرضه أيها الناس إن أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدا من أمتي أن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي (وقال أبو الجوزاء) كن الرجل من المدينة إذا أصابته المصيبة جاء أخوه يعني في الإسلام فصافحه ويقول يا عبد الله اتق الله فإن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ويعجبني قول القائل
اصبر لكل مصيبة وتجلد
…
واعلم بأن المرء غير مخلد
…
واصبر كما صبر الكرام فإنها
فرب تتوب اليوم تكشف في غد
…
وإذا اتتك مصيبة تشجى بها
…
فاذكر مصابك بالنبي محمد
-[حديث ابن عباس في غسله صلى الله عليه وسلم وكفنه ودفنه]-
وهو في بيت عائشة فكشف عن وجهه برد حبرة كان مسجي به فنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أكب عليه يقبله، ثم قال والله لا يجمع الله عليه موتتين، لقد مت الموتة التي لا تموت بعدها
أبواب ما جاء في غسله وكفنه والصلاة عليه ودفنه صلى الله عليه وسلم
(باب ما جاء من ذلك مشتركا)
(عن ابن عباس)(1) قال لما اجتمع القوم لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله 538 عمه العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وفثم بن العباس وأسامة بن زيد ين حارثه وصالح مولاه: فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الباب أوس بن خولى الأنصارى ثم أحد بني عوف بن الخزرج وكان بدريا علي بن أبي طالب مقال له يا علي نشدنك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقال له علي أدخل، فدخل فحضر عسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئا: قال فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان أسامة بن زيد وصالح مولاهما يصبان الماء وجعل علي يغسله ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت وهو يقول بأبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا، حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يغسل بالماء والسدر: جففوه ثم صنع به ما يصنع بالميت، ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين وبرد حبرد، ثم دعا العباس رجلين فقال ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة (2) وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصار، وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة (3) قال ثم قال العباس لهما حين سرحهما اللهم خر لرسولك، قال فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد
تشجى بفتح التاء وسكون المعجمة أي تحزن بها ويرحم الله القائل
تذكرت لما فرق الدهر بيننا
…
فعزيت نفسي بالنبي محمد
وقلت لها إن المنايا سبيلنا
…
فمن لم يمت في يومه مات في غد
كادت الجمادات تتصدع من الم مفارقته صلى الله عليه وسلم فكيف بقلوب المؤمنين، ولما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حن إليه وصاح أهـ من المواهب (قلت) حديث حنين الجذع تقدم في باب الأذان للجمعة من كتاب الصلاة في الجزء السادس صفحة 82 رقم 1582 وسيأتي له ذكر أيضا في أبواب المعجزات في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى والله الموفق (باب)(1)(سنده) حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه)(3) ويقال الضارح وهو الذي يعمل الضريح وهو القبر فعيل بمعنى مفعول من الضرح وهو الشق في الأرض (3) أي يعمل اللحد وهو الشق الذي يعمل في جانب القبر لموضع الميت لأنه قد اميل عن وسط القبر إلى جانبه، يقال لحدت وألحدت (نه)(تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير بتمامه في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال انفرد به أحمد أهـ (قلت) وفي إسناده لحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس الهاشمي أبو عبد الله المدني قال في الخلاصة عن كريب
-[حبرة الصحابة في تجريد النبي صلى الله عليه وسلم الغسل حتى سمعوا هاتفًا يقول اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه]-
لرسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في غسله صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن الزبير)(1) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ملا أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه، فقالوا والله ما ندري كيف نصنع، أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ قالت فلما اختلفوا أرسل الله عليهم ألسنة (2) حتى والله ما من القوم من رجل إلا ذقنه في صدره نائما قالت ثم كلمهم منن ناحية البيت لا يدرون من هو، فقال اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، قال فثاروا إليه (3) فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قميصه يفاض عليه الماء والسدر (4) ويدلكه الرجال بالقميص وكانت تقول لو استقبلت من الأمر ماستدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه 540 (عن جعفر بن محمد)(5) قال كان الماء ماء غسله صلى الله عليه وسلم حين غسلوه بعد وفاته يستنقع (6) في جفون النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فكان على يحسوه (7) 541 (باب ما جاء في تكفينه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم)(عن علي رضي 542 الله عنه)(8) قال كفن النبي صلى الله عليه وسلم في سبعة أثواب (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعكرمة، وعنه ابن اسحاق وابن جريج ضعفه ابن معين وأبو حاتم، وقال النسائي متروك، توفى في سنة إحدى وأربعين ومائة أهـ (قلت) وفي التهذيب قال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن عدى يكتب حديثه فإني لم أر في حديثه منكرا أهـ والله أعلم (باب)(1)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني يحيي بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) بكسر المهملة مشددة أي النعاس وهو النوم الخفيف (3) أي قاموا إليه مسرعين (4) بكسر السين وسكون الدال المهملتين هو ورق شجر النبق (تخريجه)(د) وابن اسحاق في المغازي وأخرج ابن ماجه منه قول عائشة لو استقبلت من الأمر ما استدبرت الخ والحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات (5)(سنده) حدثنا يحيي بن يمان عن حسن بن صالح عن جعفر بن محمد الخ (غريبه)(6) أي يجتمع في جفون النبي صلى الله عليه وسلم جمع جفن بفتح الجيم وسكون الفاء وجفن العين غطاءها من أعلاها وأسفلها (7) أي يشربه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو منقطع لأن جعفر ابن محمد هو الصادق في إتباع التابعين لم يدرك عليا رضي الله عنهما (وفي الباب) عن ابن بريدة عن أبيه قال لما أخذوا في غسل النبي صلى الله عليه وسلم ناداهم مناد من الداخل لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه رواه ابن ماجه، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده ضعيف لضعف أبي بردة واسمه عمرو بن يزيد التيمي، وقول الحاكم إن الحديث صحيح وأبو بردة هو يزيد بن عبد الله وهم كما ذكره المزى في الأطراف والتهذيب أهـ (قلت) يؤيده حديث عائشة المتقدم أول الباب (وعن علي بن طالب) رضي الله عنه قال لما غسل النبي صلى الله عليه وسلم ذهب يلتمس منه ما يلتمس من الميت يعني من الأمور التي تحصل الميت بعد موته فلم يجده، فقال بأبي الطيب طبت حيا وطبت ميتا رواه ابن ماجه وصححه البوصيري في الزوائد فقال إسناده صحيح ورجاله ثقات أهـ وقوله بأبي الطيب خبر لمبتدأ محذوف تقديره أنت الطيب أي الطاهر وقوله طبت الخ أي طهرت حيا وطهرت ميتا صلى الله عليه وسلم (باب) (8) (عن علي رضي الله عنه قال كفن النبي صلى الله عليه وسلم الخ: هذا الحديث
-[ما جاء في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه]-
كفن في ثلاثة أثواب في قميصه الذي مات فيه وحلة نجرانية، الحلة ثوبان (وعنه من طريق ثاني) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثوبين أبيضين وفي برد أحمر (عن عائشة) (1) رضي الله عنها أن 543 رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أبواب سحولية (2) بيض: وقال أبو بكر في أي شيء كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت في ثلاثة أثواب (وفي رواية في ثلاثة رياط (3) يمانية) قال كفنوني في ثوبي هذين واشتروا ثوبا آخر (4)(عن القاسم بن محمد عن عائشة)(5) قالت أدرج رسول الله 544 صلى الله عليه وسلم في ثوب حبرة (6) ثم أخذ عنه، قال القاسم إن بقايا ذلك الثوب لعندنا بعد (باب ما جاء في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم (حدثنا بهز وأبو كامل)(7) قال ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران 545 يعني الجوني عن أبي عسيب أو أبى قال بهز (8) إنه شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحديث ابن عباس الذي بعده بطريقيه تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما وكلام العلماء عليهما في باب صفة الكفن للرجل والمرأة من كتاب الجنائز في الجزء السابع: الأول صفحة 176 رقم 133 والثاني صفحة 173 و 174 رقم 129 و 130 فارجع الييما (1)(سنده) حدثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه)(2) بضم المهملتين ويروى بفتح أوله نسبة إلى سحول قرية باليمن (قال النووي) والفتح أشهر وهو رواية الأكثرين (قال ابن الأعرابي) وغيره هي ثياب بيض نقية لا تكون إلا من القطن (3) بكسر الراء وتخفيف الياء التحتية (قال في النهاية) الريطة ملاءة ليست بلفقين، وقيل كل ثوب رقيق لين والجمع ريط ورياط (4) معناه أن أبا بكر رضي الله عنه أمرهم أن يكفن في ثوبيه وأمرهم أن يشتروا له ثوبا ثالثا اقتداءا بكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأخرجه الشيخان وغيرهما بدون رواية الرياط وقول أبي بكر: وتقدم نحوه في باب صفة الكفن للرجل والمرأة المشار إليه آنفا، وتقدم كلام العلماء في ذلك واختلاف مذاهبهم فيه والله أعلم (5)(سنده) حدثنا الوليد بن مسلم قال ثنا الأوزاعي قال حدثني الزهري عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه)(6) الظاهر أن المراد بقولها أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ أي سجي كما جاء عند مسلم عن عائشة قالت سجي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات بثوب حبرة (قال النووي) معناه غطى جميع بدنه والحبرة بكسر الحاء وفتح الباء الموحدة وهي ضرب من برود اليمن، وفيه استحباب تسجية الميت وهو مجمع عليه، وحكمته صيانته من الانكشاف وستر عورته عن الأعين، قال أصحابنا ويلف طرف الثوب المسجى به تحت رأسه وطرفه الآخر تحت رجليه لئلا ينكشف عنه، قالوا تكون التجسية بعد نزع ثيابه التي توفى فيها لئلا يتغير بدنه بسببها أهـ (قلت) وقولها ثم أخذ عنه أي لم يدخل في الكفن، ولذلك قال القاسم يعني ابن محمد بن أبي بكر الصديق راوي الحديث عن عمته عائشة رضي الله عنها إن بقايا ذلك الثوب لعندنا بعد أي محفوظا عندهم للتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله ثقات، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بسنده وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا الإسناد على شرط الشيخين، وإنما رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل والنسائي عن محمد بن مثنى ومجاهد بن موسى كلهم عن الوليد بن مسلم به (باب)(7)(حدثنا بهز وأبو كامل الخ)(غريبه)(8) بفتح الموحدة وسكون
-[كيفية صلاة الجنازة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن أول من صلى عليه الملائكة ثم الرجال ثم النساء ثم الصبيان]-
قالوا كيف نصلي عليه؟ قال ادخلوا أرسالا أرسالا (1) قال فكانوا يدخلون من هذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر، قال فلما وضع في لحده صلى الله عليه وسلم قال المغيرة قد بقى من رجليه شيء لم يصلحوه، قالوا فادخل فأصلحه فدخل وأدخل يده فمس قدميه، فقال أهيلوا علي التراب فأهلوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف، ساقيه ثم خرج فكان يقول أنا أحدثكم عهدًا برسول الله 546 صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن الحارث)(2) قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمان عمر أو زمان عثمان فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب، فلما فرغ من عمرته رجع فسكب له
الهاء هو أين أسد العيمي أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث يقول بهز إن أبا عسيم شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) بفتح الهمزة وسكون الراه جمع رسل بفتح الراء والسين أي أفواجا وفرقا متقطعة يتبع بعضهم بعضا (تخريجه) أورده الحافظ في الإصابة تحت ترجمة أبو عسيم بالميم وعزاه للحاكم والبغوي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (قال في المواهب) وفي حديث ابن عباس عند ابن ماجه لما فرغوا دخل النساء حتى إذا فرغن دخل الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أهـ (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه هذا أمر مجمع عليه، واختلف في أنه تعبد لا يعقل معناه أو ليباشر كل واحد الصلاة عليه منه إليه؟ (قال السهيلي) قد أخبر الله تعالى إنه وملائكته يصلون عليه، وأمر كل واحد من المؤمنين أن يصلي عليه، فوجب على كل أحد أن يباشر الصلاة عليه بعد موته من هذا القبيل، قال وأيضا فإن الملائكة لنا أئمة أهـ (وقال الإمام الشافعي في الأم) وذلك لعظم أمره صلى الله عليه وسلم وتنافسهم فيمن يتولى الصلاة عليه أهـ (قال في المواهب) وفي رواية أن أول من صلى عليه الملائكة أفواجا ثم أهل بيته ثم الناس فوجا فوجا ثم نساؤه آخرا أهـ (قال الحافظ بن كثير في تاريخه) قال الواقدي حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم قال وجدت كتابا يخط أبي فيه أنه لما كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار بقدر ما يسع البيت فقالا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وسلم المهاجرون والأنصار كما سلم أبو بكر وعمر ثم صفوا صفوفًا لا يؤمهم أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته وأومن به وحده لا شريك له فاجعلنا إلاهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى تعرفه بنا وتعرفنا به، فإنه كان بالمؤمنين رءوفا رحيما، لا نبتغي بالإيمان به بديلا ولا نشترى به ثمنا أبدا، فيقول الناس آمين آمين ويخرجون ويدخل آخرون، حتى صلى الرجال ثم النساء ثم الصبيان، وقد قيل إنهم صلوا عليه من بعد الزوال يوم الاثنين إلى مثله من يوم الثلاثاء، وقيل أنهم مكثوا ثلاثة أيام يصلون عليه والله أعلم أهـ (وقال الزرقاني في شرح المواهب) وأخرج الترمذي أن الناس قالوا لأبي بكر أتصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، قالوا وكيف نصلي؟ قال يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون، ثم يدخل قوم فيصلون فيكبرون ويدعون فرادى (2)(سنده) حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن ابن اسحاق حدثني أبي اسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى
-[ما جاء في دفنه صلى الله عليه وسلم وقبره ومن كان الناس عهدًا به آخر]-
غسل (1) فاغتسل فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا يا أبا حسن جئناك نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه؟ قال أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا أجل (2) عن ذلك جئنا نسالك، قال أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم فثم (3) بن العباس (باب ما جاء في دفنه وقبره صلى الله عليه وسلم وتغير الحال بعد موته)(عن ابن جريح)(4) قال أخبرني أبي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبرون النبي صلى الله عليه وسلم حتى
عبد الله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبد الله بن الحارث الخ (غريبه)(1) الغسل بضم الغين المعجمة وسكون السين الماء الذي يغتسل به وهو الاسم أيضا من غسلته والغسل بالفتح المصدر وبالكسر ما يغسل به من خطمي وغيره (نه)(2) أي نعم (3) فثم بضم القاف وفتح المثلثة ابن العباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم (قال في المواهب اللدنية) وقد اختلف فيمن أدخله قبره، وأصح ما روى أنه نزل في قبره عمه العباس وعلى وفثم بن العباس والفضل بن العباس وكان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم فثم بن العباس أي أنه تأخر في القبر حتى خرجوا قبله والله أعلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله؟؟، ورواه ابن أسحاق في المغازي بسنده ومتنه إلا أنه قال قبل ذكره ما نصه: وقد كان المغيرة بن شعبة يدعى أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أخذت خاتمي فألقيته في القبر وقلت إن خاتمي سقط مني، وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث الباب بسنده ومتنه وزاد فيه أن عليا رضي الله عليه قال في جوابه عن سؤال النفر من أهل العراق كذب (يعني المغيرة فيما ادعاه) ثم قال أحدث الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم فثم بن عباس، ونقله عنه أيضا الحافظ بن كثير في تاريخه، ثم قال وهذا الذي ذكره عن المغيرة بن شعبة لا يقتضي أنه حصل له ما أمله فإنه قد يكون علي رضي الله عنه لم يمكنه من النزول في القبر بل أمر غيره فناوله إياه، وعلى ما تقدم يكون الذي أمره. بمناولته فثم بن عباس والله أعلم بحقيقة الحال (باب)(4)(سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني ابن جريج الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا فيه انقطاع بين عبد العزيز بن جريج وبين الصديق فإنه لم يدركه (قلت) وتوضيح ذلك أن ابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وأبوه عبد العزيز متأخر لم يدرك هذه القصة (قال) لكن رواه الحافظ أبو يعلي من حديث ابن عباس وعائشة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، ورواه، أيضا الترمذي من حديث عائشة وفي إسناده عندهم عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ضعفه الترمذي، ثم قال وقدروي هذا الحديث من غير هذا الوجه أهـ (قلت) وجاء في الموطأ أن أبا بكر الصديق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه فحفر له فيه (قال الزرقاني) في شرحه على الموطأ أخرجه ابن سعد من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وأخرج الترمذي عن أبي بكر مرفوعا ما قبض الله تعالى نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه، وأخرجه ابن ماجه عنه بلفظ ما مات نبي إلا دفن حيث قبض ولذا سأل موسى ربه عند
-[قوله صلى الله عليه وسلم لن يقبر نبي إلا حيث يموت: واختيار الله عز وجل له أن يلحد له في بيت عائشة]-
قال أبو بكر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لن يقبرني إلا حيث يموت، فأخروا 548 فراشه وحفروا له نحت فراشه (عن أنس بن مالك)(1) قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلا يلحد (3) وآخر يتضرح فقالوا نستخير ربنا (3) فنبعث إليهما فأيهما سبق تركناه (4) فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فألحدوا له (حدثنا وكبع)(5) حدثنا العمري عن نافع عن 549 ابن عمر، وعن عبد الرحمن بن القاسم (6) عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم الحد له (عن عائشة أم المؤمنين)(7) قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المناجي (8) من جوف الليل ليلة الأربعاء، قال محمد (9) وقد حدثتني فاطمة بهذا الحديث
موته أن يدنيه من الأرض المقدسة لأنه لا يمكن نقله إليها بعد موته بخلاف غير الأنبياء فينقلون من بيوتهم التي ماتوا فيها إلى المقابر، فالأفضل في حق من عداهم الدفن في المقبرة، فهذا من خصائص الأنبياء كما ذكره غير واحد أهـ (1)(سنده) حدثنا أبو النضر ثنا المبارك حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه)(2) بفتح أوله والحاء بينهما لام ساكنة كيمنع (وآخر يضرح) كينفع وقد جاء مصرحا باسمهما في حديث ابن عباس الجامع للغسل والكفن والدفن في هذا الجزء ص 251 رقم 538 وبينت في شرحه معنى اللحد والضريح وسبق أيضا الكلام على اللحد والضريح بأوسع منه في شرح قوله صلى الله عليه وسلم من حديث جرير بن عبد الله (اللحد لنا والشق لغيرنا) في باب اختيار اللحد على الشق من كتاب الجنائز في الجزء الثامن ص 52 رقم 147 (3) أي نطلب منه أن يرزق ما فيه الخير (4) أي يعمل فيما يعرف (تخريجه)(جه) قال البوصيري في زوا؟؟ ابن ماجه في اسناده مبارك بن فضالة وثقة الجمهور وصرح بالتحديث فزال تهمه تدليسه وباقي رجال الإسناد ثقات فالإسناد صحيح أهـ وهو يدل على أن اللحد خير من الشق لكونه الذي اختاره الله لنبيه، وأن الشق جائز وإلا لمنع الذي كان يفعله والله أعلم (5)(حدثنا وكيع الح)(غريبه)(6) عبد الرحمن هو ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ثقة ثقة كما قال الإمام أحمد (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وغزاء للإمام أحمد ثم قال تفرد به أحمد من هذين الوجهين أهـ ومعنى ذلك أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث بلفظ واحد بسندين أحدهما عن ابن عمر، والثاني عن عائشة، وكلاهما صحيح، وأورده أيضا الهيثمي وقال رواه أحمد ورجال رجال الصحيح (7)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن امرأته فاطمة بنت محمد ابن عمارة عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عائشة أم المؤمنين الخ (غريبه)(8) جمع مسحاه وهي المجرفة من الحديد والميم زائدة لأنه، من السحو الكشف والإزالة (9) محمد هو ابن إسحاق لأنه ذكر هذا الحديث في المغازي فقال حدثني فاطمة بنت محمد امرأة عبد الله بن أبي بكر وأدخلني عليها حتى سمعته منها عن عمرة عن عائشة فذكر الحديث بنصه كما هنا (يخرجه) أخرجه ابن إسحاق في المغازي وفي إسناده فاطمة بنت محمد بن عمارة لم أقف لها على ترجمة، وبقية رجاله ثقات (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه قال الواقدي حدثنا ابن أبي سبرة عن الحليس بن هشام
-[تحقيق يوم وفاته صلى الله عليه وسلم ويوم دفنه وقوله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا قبري عيدا الخ]-
(وعنها أيضا)(1) قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء (عن ابن عباس)(2) قال جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم نطيفة حمراء (3) 551 (عن أبي هريرة)(4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم 552 قبورا وحيثما كنتم فصلوا على فإن صلاتكم تبلغني (عن أنس)(5) قال لما كان اليوم الذي 553 دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء من المدينة كل شيء (6) فلما كان اليوم الذي مات فيه
عن عبد الله بن وهب عن أم سلمة قالت بينما نحن مجتمعون نبكي لم ننم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوتنا ونحن نتسلى برؤيته على السرير إذ سمعت صوت الكرارين (أي حفارى القبور) في السحر قالت أم سلمة فصحنا وصاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة وأذن بلال بالفجر، فلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى وانتحب فزادنا حزنًا، وعالج الناس الدخول إلى قبره فغلق دونهم: فيا لها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به صلى الله عليه وسلم (سنده)(1) حدثنا أسود بن عامر قال أنا هريم قال حدثني ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) رواه ابن اسحاق في المغازي، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد تقدم مثله في غير ما حديث، وهو الذي نص عليه غير واحد من الأئمة سلفا وخلفا منهم سليمان بن طرخان التيمي وجعفر بن محمد الصادق وابن اسحاق وموسى بن عقبة وغيرهم، والصحيح أنه مكث بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء بكمالة ودفن ليلة الأربعاء كما قدمنا (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن أبي جمرة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) قال في النهاية هي كساء له حمل أهـ (قلت) جاء عند الترمذي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال الذي ألحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة والذي ألقى القطيفة تحته شقران مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعفر وأخبرني ابن أبي رافع قال سمعت شقران يقول أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر (تخريجه) (م مذ) وغيرهما: قال النووي رحمه الله هذه القطيفة ألقاها شقران وقال كرهت أن يلبسها أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نص الشافعي وجمع أصحابنا وغيرهم من العلماء على كراهة وضع قطيفة أو مضربة أو مخدة أو نحو ذلك تحت الميت في القبر، وشذ عنهم البغوي من أصحابنا فقال في كتاب التهذيب لا بأس بذلك لهذا الحديث، والصواب كراهته كما قال الجمهور، وأجابوا عن هذا الحديث بأن شقران انفرد بفعل ذلك ولم يوافقه غيره من الصحابة ولا علموا ذلك، وإنما فعله شقران لما ذكرناه عنه من كرامته أن يلبسها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها ويفترشها فلم تطب نفس شقران أن يتبدلها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه غيره: فروى البيهقي عن ابن عباس أنه كره أن يجعل تحت الميت ثوب في قبره انتهى كلام النووي (وروى الواقدي) عن علي بن حسين أنهم أخرجوها، وبذلك جزم ابن عبد البر كما في التلخيص (4)(عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه في باب وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر ص 307 رقم 272 وتقدم شرحه والكلام عليه مستوفى بما يشفى الغليل في آخر فصل استلام الحجر الأسود من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر ص 39 فار مع إليه والله الموفق (5)(سنده) حدثنا سيار ثنا جعفر ثنا ثابت عن أنس (يعني ابن مالك الخ)(غريبه)(6) أي محاولة فيها، وفي البخاري
-[ظلام المدينة يوم وفاته وحزن فاطمة ورثائها النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الأشعار وعظم المصيبة بموته صلى الله عليه وسلم]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم من المدينة كل شيء، وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا (1) 554 (عن ثابت البناني)(2) قال قال أنس فلما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا قالت فاطمة رضي الله عنها يا أنس أطابت أنفسكم أن دفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم في التراب ورجعتم (3)
عن البراء (ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم (1) قال الحافظ يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة والصفاء والرقة لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأييد (تخريجه)(مذجه مي) وقال الترمذي صحيح غريب (وفي الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كانتقى الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمخافة أن ينزل فينا القرآن فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا رواه البخاري وابن ماجه والإمام أحمد وتقدم في باب وقت نزول القرآن من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثاني عشر ص 46 رقم 111 (وعن أبي ابن كعب) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما وجهنا واحد (أي قصدنا واحد وهو إقامة الدين واعلاؤه) فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا هكذا وهكذا (أي تفرقت المقاصد والمهام فيميل مائل إلى الدنيا وآخر إلى غيرها) رواه ابن ماجه. وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح على شرط مسلم إلا أنه منقطع بين الحسن وأبي ابن كعب يدخل بينهما يحيي بن ضمرة أهـ (2)(سنده) حدثنا يزيد ثنا حماد بن زيد ثنا ثابت البناني قال قال أنس الخ (غريبه)(3) سكت أنس عن جوابها رعاية ولسان حاله يقول لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرنا على فعل ذلك امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم قال القسطلاني وغيره وقد عاشت فاطمة بعده صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فما ضحكت تلك المدة وحق لها ذلك، قال يروي أنها قالت
(أغير آفاق السماء وكورت
…
شمس النهار وأظلم العصران
…
والأرض من بعد النبي كشيبة)
(أسفا عليه كثيرة الرجفان
…
فليبكه شرق البلاد وغربها
…
ولتبكه مضر وكل يمان)
(وقال في المواهب اللدنية) وأخذت (يعني فاطمة رضي الله عنها من تراب القبر الشريف ووضعته على عينيها)
وأنشادت تقول (ماذا علي من شم تربة أحمد
…
إن لا يشم مدى الزمان غواليا)
(صبت علي مصائب لوانها
…
صبت على الأيام عدن لياليا)
(قال السهيلي) وقد كان موته صلى الله عليه وسلم خطبا كالحا ورزءا لأهل الإسلام فادحا، كادت تهد له الجبال وترجف الأرض ويكسف النيران، لانقطاع خبر السماء مع ما آذن به موته عليه الصلاة والسلام من إقبال الفتن السحم، والحوادث الدهم، والكرب المدلهمة، فلولا ما أنزل الله من السكينة على المؤمنين، وأسرج في قلوبهم من نور اليقين، وشرح صدورهم من فهم كتابه المبين، لانقصمت الظهور، وضاقت من الكرب الصدور، وأعاقهم الجزع عن تدبير الأمور، ولقد كان من قدم المدينة يؤمئذ من الناس إذا أشرفا عليها سمعوا لأهلها ضجيجا، وللبكاء في أرجائها عجيجا، وحق ذلك لهم ولمن بعدهم كما روى عن أبي ذؤيب الهذلي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عليل فاستشعرنا حزنا وبت بأطول ليلة لا ينحاب ديجورها ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت: فهتف هاتف وهو يقول (خطب أجل أناخ بالإسلام
…
بين النخيل ومعقد الآطام)
-[حزن أهل المدينة بموته صلى الله عليه وسلم حتى الدواب وكلام أبي ذويب في ذلك: وصفة القبر الشريف]-
(باب ما جاء في تعيين يوم وفاته ومدة عمره صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم)(عن ابن عباس)(1) قال ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، واستنبئ يوم الاثنين، وتوفى 555 يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين (عن جرير)(2) قال قال لي حبر باليمن (3) إن كان صاحبكم نبيا فقد مات اليوم، قال جرير 556 فمات يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم (عن ابن عباس)(4) قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس 557
(قبض النبي محمد فعيوننا
…
تهمى الدموع عليه بالتسحام)
قال فوثبت من نومي فزعا فنظرت إلى السماء فلم أر الأسعد الذابح فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض، فركبت ناقتي وسرت فقدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج فقلت مه؟ فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت المسجد فوجدته خاليا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت بابه مرتجا وقيل هو مسجى قد خلا به أهله، فقلت أين الناس؟ فقيل في سقيفة بنى ساعدة فجئتهم فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فلله دره من رجل لا يطيل الكلام، ومد يده فبايعوه ورجع فرجعت معه فشهدت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه أهـ (وفي المواهب أيضا) قال ومن آياته عليه الصلاة والسلام بعد موته ما ذكر من حزن حماره عليه حتى تردى في بئر، وكذلك ناقته فإنها لم تأكل ولم تشرب حتى ماتت (قال رزين) ورش قبره الشريف رشه بلال بن رباح بقربة بدأ من قبل رأسه، حكاه ابن عساكر، وجعل عليه من حصباء وبيضاه، ورفع قبره عن الأرض قدر شبر (وفي البخاري) من حديث أبي بكر بن عياش عن سفيان التمار أنه حدثه أنه رأى قبر النبي مسنما أي مرتفعا زاد أبو نعيم في المستخرج وقبر أبي بكر وعمر كذلك (ورواه أبو داود والحاكم) من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكشف لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحه ببطحاء العرصة الحمراء (زاد الحاكم) فرأيت رسول الله مقدما وأبو بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كان في خلافة معاوية فكأنها كانت في الأول مسطحة ثم لما بنى جدار القبور في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة، (وقد روى أبو بكر الأجري) في صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عثيم بن قسطاس المدني قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز رأيته مرتفعًا نحوا من أربع أصابع. ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه والله أعلم (باب)(1)(عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في ذكر مولده الشريف في الجزء العشرين ص 189 رقم 12 (2)(سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا زائدة ثنا زياد بن علاقة عن جرير (يعني ابن عبد الله) قال قال لي حبر باليمن الخ (قلت) زائدة هو ابن قدامة الثقفي أبو الصلت ثقة وثقة أبو حاتم وغيره (غريبه)(3) أي من أحبار اليهود علم ذلك بما وجده مكتوبا عندهم في التوراة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات، وتقدم حديث عائشة في الباب السابق أنه صلى الله عليه وسلم توفى يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء وبذلك قال جمهور العلماء، وإنما تأخر دفنه صلى الله عليه وسلم هذه المدة لاشتغلال الصحابة رضي الله عنهم بالبيعة لأبي بكر حرصا على أن لا يمضي زمن على المسلمين بدون خليفة (4)(سنده) حدثنا هشيم أخبرنا
-[بيان مدة عمره صلى الله عليه وسلم وما جاء في مخلفاته وميراثه]-
وستين (وعنه من طريق ثان)(1) قال انزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين (عن عائشة) رضي 559 الله عنها (2) قالت قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة (عن جرير بن عبد الله)(3) قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول وهو يخطب توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وتوفى عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة قال معاوية وأنا اليوم ابن ثلاث وستين (4)(باب ما جاء في مخلفاته صلى الله عليه وسلم وميراثه) 560 (عن عائشة رضي الله عنها (5) قالت ما ترك رسول الله الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة 561 ولا بعيرا ولا أوصى بشيء (حدثنا عبد الرحمن)(6) عن سفيان واسحق يعني الأزرق قال قال ثنا سفيان عن أبي اسحق قال سمعت عمرو بن الحارث قال اسحق ابن المصطلق (7) يقول
علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (تخريجه)(م مذ)(1)(وعنه من طريق ثان الخ) هذا الطريق تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب بدء الوحي في الجزء العشرين ص 209 رقم 35 وهو يخالف حديثه الساق (وفي الباب) عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن ستين سنة وتقدم في الباب المشار إليه، وفي الحديث الآتي عن عائشة قالت قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة وقد جمع الإمام النووي رحمه الله تعالى بين هذه الروايات المختلفة جمعا حسنا تقدم في الجزء العشرين في الباب المشار إليه ص 210 فارجع إليه (2)(سنده) حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من عثمان قال حدثني طلحة بن يحيي الأنصاري عن يونس الأيلي عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما)(3)(سنده) حدثنا روح ثنا شعبة قال حدثنا أبو اسحاق قال سمعت عامر بن سعد يقول سمعت جرير بن عبد الله يقول سمعت معاوية الخ (غريبه)(4) ذكر الحافظ في الإصابة أن معاوية بن أبي سفيان ولد قبل البعثة بخمس سنين على أشهر الأقوال وقيل بسبع، وقيل بثلاث عشرة، ومات في رجل سنة ستين على الصحيح أهـ (قلت) فيستفاد من هذا أنه مات وهو ابن خمس وستين سنة أو أكثر والله أعلم (تخريجه)(م طل) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد روى الترمذي في كتاب الشمائل وأبو يعلي الموصلي والبيهقي من حديث قتادة عن الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة الشيباني النسابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن خمس وستين، ثم قال الترمذي دغفل لا يعرف له سماع عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان في زمانه رجلا، وقال البيهقي وهذا يواقف رواية عمار ومن تابعه عن ابن عباس، ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصلح فهم أوثق وأكثر، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة عن عائشة (هو الحديث السابق) وإحدى الروايتين عن أنس، والرواية الصحيحة عن معاوية، وهي قول سعيد بن المسيب وعامر الشعبي وأبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهم أهـ قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قلت وعبد الله بن عقبة والقاسم بن عبد الرحمن والحسن البصري وعلي بن الحسين وغير واحد والله أعلم (باب)(5)(سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش وابن نمير عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه مسلم منفردا به عن البخاري، وأبو داود والنسائي وابن ماجه من طرق متعددة (6)(حدثنا عبد الرحمن) الخ عبد الرحمن هو ابن مهدي شيخ الإمام أحمد (غريبه)(7) اسحاق هو أحد الراويين
-[قوله صلى الله عليه وسلم أنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركت بعد موته عاملي ونفقة نسائي صدقة]-
ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سلاحه وبغلة بيضاء وأرضا جعلها صدقة (عن أبي بردة)(1) 562 قال أخرجت إلينا عائشة رصي الله عنها كساء ملبدا وإزارا غليظا (وفي رواية مما صنع اليمن) فقالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين (عن عروة عن عائشة)(2) رضي الله عنها أن أزواج 563 النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى أردن أن برسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهن عائشة رضي الله عنها أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه فهو صدقة (عن أبي هريرة)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركت بعد مؤتة 564 عاملي ونفقة نسائي صدقة (عن أنس)(4) قال كانت درع رسول الله مرهونة ما وجد ما يفكها حتى مات 565 (عن أبي هريرة)(5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتسم (6) ورثتي دينار أولا درهما: ما تركت 566 بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقه (زاد في رواية بعد قوله ومؤنة عاملي، قال يعني عامل أرضه (7)(عن عائشة)(8) أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما 567 حينئذ يطلبان أرضه من فدك (9) وسيمه من خيبر، فقال لهم أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال، وإني والله لا أدع أمر أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته (عن عروة بن الزبير)(10) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته أن 568 فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللذين روى عنهما عبد الرحمن هذا الحديث زاد في روايته فقال عمرو بن الحارث بن المصطلق، وقد جا في نسبه أنه عمرو بن الحارث بن المصطلق بن أبي ضرار أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما (تخريجه)(خ مذ نس)(1)(عن أبي بردة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في هذا الجزء في باب ما جاء في احتضاره صلى الله عليه وسلم ومعالجته سكرات الموت (2)(عن عروة عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون من كتاب الفرائض في الجزء الخامس عشر ص 194 رقم 12 (3)(عن أبي هريرة الخ) تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه في الجزء الخامس عشر ص 193 رقم 10 (4)(سنده) حدثنا محمد بن فضيل أنا الأعمش عن أنس (يعني ابن مالك الخ)(تخريجه)(هق) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة (5)(سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به وقال مرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(6) قال الحافظ باسكان الميم على النهي وبضمها على النفي وهو الأشهر (7) يعني العامل الذي يزرعها (تخريجه)(ق د) والترمذي في الشمائل (8)(سنده) حدثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبة)(9) بفتح الفاء والدال المهملة وهي مدينة بينها وبين مدينة النبي صلى الله عليه وسلم مرحلتان وقيل ثلاث (تخريجه)(خ وغيره)(10)(سنده) حدثنا حجاج بن محمد حدثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير
-[مجيء فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر لأخذ ميراثها قبل علمها بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث]-
مما أفاء الله عليه (1) بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر (2) فقال أبو بكر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة: إنما يأكل آل محمد في هذا المال (3) وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر (4) في ذلك، فقال أبو بكر والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر (5) بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم اترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته (وعنه من طريق ثان)(6) عن عائشة أيضًا بنحوه وفيه قالت عائشة فغضبت فاطمة عليها السلام فهجرت
عن عائشة الخ (غريبه)(1) هو ما أخذ من الكفار على سبيل الغلبة بلا قتال ولا إيجاف أي إسراع خيل أو ركاب ونحوهما من جزية أو ما هربوا عنه لخوف أو غيره، أو صولحوا عليه بلا قتال، وسمى فينا لرجوعه من الكفار إلى المسلمين (2) أما ما كان بالمدينة فهو نخل بني النضير التي في أيدي بنى فاطمة وكانت قريبة من المدينة، ووصية مخيريق اليهودي الذي أسلم يوم أحد وأوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت سبع حوائط في بني النضير، وما أعضاه الانصار من أرضهم، وحقه من الفيء من أموال بني النضير وثلث أرض وادي القرى أخذه في الصلح حين صالح اليهود، وحصنان من حصون خيبر الوطيح والسلالم حين صالح اليهود، (وأما فدك) محركة وبالصرف وعدمه بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة (وأما ما بقى من خمس خيير) فهو نصيبه مما افتتح فيها عنوة (3) يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذا المال لآل محمد صلى الله عليه وسلم يأكلون منه ولم يخصص لأحد منهم شيئا معلوما وأنا لا أفعل غير ذلك (4) أي غضبت (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه وأما تغضب فاطمة رضي الله عنها وأرضاها على أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه فما أدرى ما وجهه؟ فإن كان لمنعه إياها ما سألته من الميراث فقد اعتذر إليها بعذر يجب قبوله، وهو ما رواه عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نورث ما تركنا صدقة، وهي ممن تنقاد لنص الشارع الذي خفى عليها قبل سؤالها الميراث كما خفى على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخبرتهن عائشة بذلك ووافقنها عليه، وليس يظن بفاطمة رضي الله عنها أنها اتهمت الصديق رضي الله عنه فيما أخبرها به، حاشاها وحاشاه من ذلك، كيف وقد وافقه على رواية هذا الحديث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، ولو تفرد بروايته الصديق رضي الله عنه لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته والانقياد له في ذلك: وإن كان غضبها لأجل ما سألت الصديق إذا كانت هذه الأراضي صدقة لا ميراثا أن يكون زوجها ينظر فيها فقد اعتذر بما حاصله أنه لما كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يرى أن فرضا عليه أن يعمل بما كان يعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال وإني والله لا أدع أمرًا كان يصنعه رسول الله إلا صنعه (5) أي ما وقع بيني وبينكم من الاختلاف، شجر الأمر يشجر شجورا إذا اختلط واشتجر القوم وتشاجروا إذا تنازعوا واختلفوا (6)(سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب
-[امتناع أبي بكر من إعطاء فاطمة شيئا مما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم وغضبها وإقامته الحجة على ذلك]-
أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت (1) قال وعاشت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر؛ قال وكانت فاطمة رضي الله عنها تسأل أبا بكر نضيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر رضي الله عنه عليها ذلك، وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ (2)، فأما صدقته بالمدينة (3) فدفعها عمر إلى علي وعباس فغلبه عليها علي (4) وأما خيبر وفدك فامسكهما عمر وقال هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه (5) ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر (6) قال فهما على ذلك اليوم (عن أبي الطفيل)(7) قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت فاطمة إلى 569 أبي بكر أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله؟ قال فقال لابل أهله؛ قالت فأين سهم رسول الله
أخبرني عروة بن الزبير إن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك صلى الله عليه وسلم، مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة، فغضبت فاطمة فهجرت أبا بكر الخ (غريبه)(1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه هذا الهجران والحالة كذلك فتح على فرقة الرافضة شرا عريضا وجهلا طويلا، وأدخلوا أنفسهم بسببه فيما لا ينعينهم، ولو تفهموا الأمور على ما هي عليه لعرفوا للصديق فضله وقبلوا منه عذره الذي يجب على كل أسعد قبوله، ولكنهم طائفة مخذولة وفرقة مرذولة يتمسكون بالمتشابه ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام من الصاحبة والتابعين فمن بعدهم من العلماء المعتبرين في سائر الأعصار والأمصار رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين أهـ (قال الكرماني) وأما غضب فاطمة رضي الله عنها فهو أمر حصل على مقتضى البشرية وسكن بعد ذلك أو الحديث كان متا ولا عندها بما فضل من معاش الورثة وضروراتهم نحوها: وأما هجرانها فمعناه أنقباضها عن لقائه لا الهجران المحرم من ترك السلام ونحوه، ولفظ مهاجرته بصيغة اسم الفاعل لا المصدر أهـ (قال القسطلاني) ولعل فاطمة رضي الله عنها لما خرجت غضبي من عند أبي بكر تمادت في اشتغالها بشأنها ثم مرضها، والهجران المحرم إنما هو أن يلتقيا فيعرض هذا وهذا (2) بفتح الهمزة وكسر الزاي وبعد التحتية الساكنة غين معجمة أي أن أميل عن الحق إلى غيره (3) القائل فأما صدقته بالمدينة هي عائشة رضي الله عنها تخير بما فعله عمر في خلافته بعد أبي بكر رضي الله عنهما (4) أي اختص بها علي رضي الله عنه ولذلك جاأ يختصمان إلى عمر رضي الله عنه كما سيأتي في الحديث التالي (5) أي تغشاه وتنتابه (ونوائبه) أي الحوادث التي تصيبه (6) أي بعده صلى الله عليه وسلم فكان أبو بكر رضي الله عنه يقدم نفقة أمهات المؤمنين وغيرها مما كان يصرفه النبي صلى الله عليه وسلم من مال خيبر وفدك وما فضل من ذلك جعله في المصالح، وعمل عمر بعده بذلك فلما كان عثمان تصرف في فدك يحسب ما رأى فأقطعها لمروان لأنه تأول أن الذي يختص به صلى الله عليه وسلم يكون للخليفة بعده فاستغني عثمان عنها بأمواله فوصل بها بعض أقاربه (قال الزهري) حين حدث بهذا الحديث فهما أي الذي كان يخصه صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك على ذلك إلى اليوم يتصرف فيهما من ولي الأمر والله أعلم (تخريجه)(خ وغيره)(7)(سنده) حدثنا
-[اقتناع فاطمة رضي الله عنها بما فعله أبو بكر رضي الله عنه بعد أن ظهرت لها الحجة]-
صلى الله عليه وسلم؟ قال فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده، فرأيت أن أرده إلى المسلمين؛ فقالت فأنت وما سمعت 570 من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم (حدثنا سفيان) (1) حدثنا عبد العزيز بن رفيع قال دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس فقال ابن عباس ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما بين هذين اللوحين (2) ودخلنا على محمد بن على فقال مثال ذلك: قال وكان المختار يقول الوحي
عبد الله بن محمد بن أبي شيبه قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته من عبد الله بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه لإمام أحمد رحمه الله تبارك وتعالى ثم قال وهكذا رواه أبو داود عن عثمان ابن أبي شيبه عن محمد بن فضيل به، ففي لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة، ولعله روى بمعنى ما فهمه بعض الرواة وفيهم من فيه تشيع فليعلم ذلك، وأحسن ما فيه قولها أنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصواب والمظنون بها واللائق بأمرها وسيادتها وعلمها دينها رضي الله عنها وكأنها سأله بعد هذا أن يجعل زوجها ناظرًا على هذه الصدقة فلم يجيبها إلى ذلك لما قدمناه فتعتبت عليه بسبب ذلك وهي امرأة من بنات آدم تأسف كما يأسفون وليست بواجبة العصمة مع وجود نص رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفة أبي بكر الصديق، وقد روينا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه ترضى فاطمة وتلاينها قبل موتها فرضيت رضي الله عنها. وقال وقد روينا أن فاطمة رضي الله عنها احتجت أولا بالقياس وبالعموم في الآية الكريمة فأجابها الصديق بالنص على الخصوص بالمنع في حق النبي صلى الله عليه وسلم وأنها سلمت له ما قال. وهذا هو المظنون بها رضي الله عنها أهـ (قلت) وروى الأمام أحمد أيضا قال حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن فاطمة قالت لأبي بكر من يرثك إذا مت؟ قال ولدي وأهلي قالت فما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن النبي لا يورث: ولكني أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق، أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاء للإمام أحمد ثم قال وقد رواه الترمذي في جامعه عن محمد بن المثنى عن أبي الوليد الطيالسي عن محمد بن عمرو بن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكره بوصل الحديث، وقال الترمذي حسن صحيح غريب (1)(حدثنا سفيان الخ)(غريبه)(2) قال في المصباح اللوح بالفتح كل صفيحة من خشب وكتف إذا كتب عليه سميي لوحا أهـ والظاهر والله أعلم أنه يريد ما ترك شيئا مكتوبًا من الأحكام إلا ما بين هذين اللوحين، وقد سئل علي رضي الله عنه في مثل ذلك ولكنه أوضح مما هنا والأحاديث يفسر بعضها بعضا، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن أبي جحيفة وتقدم في باب لا يقتل مسلم بكافر من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صفحة 33 رقم 100 قال فسألنا عليا رضي الله عنه هل عندكم من رسول صلى الله عليه وسلم شيء بعد القرآن قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة الأفهم يؤتيه الله عز وجل رجلا في القرآن أو ما في الصحيفة، قلت وما في الصحيفة؟ قال القتل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر. (قال الحافظ) وإنما سأله أو جحيفة عن ذلك لأن جماعة من الشيمة كانوا يزعمون أن لأهل البيت لاسيما علي اختصاصا بشيء من الوحي لم يطلع عليه غيرهم أهـ وهذا بوضح معنى قوله وكان المختار يقول الوحي يعني أنهم اختصموا بشيء من الوحي دون غيرهم
-[خطبة في فضل نسبة الشريف وطيب عنصره المنيف]-
(أبواب ما جاء في خطبه صلى الله عليه وسلم غير ما تقدم في الكتاب)
(باب خطبة في فضل نسبه الشريف وطيب عنصره المنيف)
(عن العباس بن عبد المطلب)(1) قال بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس (2) قال فصعد 571 المنبر فقال من أنا؟ قالوا أنت رسول الله، فقال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم
لأنه كان شيعيا وكان يظهر التشيع ويبطن الكهانة، وأسر إلى اخصائه أنه يوحي إليه وأن جبريل عليه السلام كان يأتيه بالوحي، وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي خرج بالكرفة طالبا بدم الحسين سنة ست وستين فاستولى عليها وبايعوه بها، وتجرد لقتل قتلة الحسين فظفر بشعر بن ذي الجوشن. قاتل الحسين فقتله، ثم أحاط بدار خولى الأصبحي صاحب راس الحسين وقتله وأحرقه، وكذلك قتل عمر ابن سعد بن أبي وقاص صاحب الجيش الذي قتل الحسين، وهو الذي أمر أن يداس جسد الحسين وظهره بالخيل وقتل ابنه حفصا أيضا وأرسل برأسيهما إلى محمد بن الحنفية بالحجاز، وذلك في ذي الحجة سنة 66 (وفيها) اتخذ المختار كرسيا وادعى أن فيه سرا وأنه لهم مثل التابوت لبني إسرائيل، ولما خرج المختار لقتال عبيد الله بن زياد الذي أرسل الجيش لقتل الحسين خرج بالكرسي يحف به الرجال ويستر بالحرير ويحمل على البغال فاستولى على الموصل في سنة سبع وستين وقدم على الجيش إبراهيم بن الأشتر النخفي فقتل ابن الأشتر عبيد الله بن زياد وانهزم أصحابه (وفي هذه السنة) ولي ابن الزبير أخاه مصعبا البصرة فسار إلى الكوفة وحارب المختار وضيق عليه الحصار، ثم دخل المدينة وقتل المختار في رمضان سنة 67، وإنما أمر ابن الزبير بقتله لفجوره وفسقه وخروجه عليه، ولا شك أنه كان ضالا مضلا أراح الله المسلمين منه بعد ما انتقم به، من قوم آخرين من الظالمين كما قال الله تعالى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) وتقدم للمختار هذا ذكر في باب ما جاء في الترهيب من الغدر في الجزء التاسع عشر ص 234 رقم 94 و 95 فارجع إليه والله أعلم (تخريجه) رواه البخاري عن قتيبة عن سفيان به (باب)(1)(سنده) حدثنا أبو نعيم عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل عن المطلب بن أبي وداعة قال قال العباس بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس الخ (غريبه)(2) تقدم التصريح بقول الناس في باب ذكر نسبه الشريف في الجزء العشرين ص 176 في حديث رقم 2 عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال أتى ناس من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أنا لنسمع من قومك حتى يقول القائل منهم إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في كياء (بكسر الكاف) قال حسين الكباء الكناسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس من أنا فذكر الحديث كما هنا وتقدم شرحه هناك فارجع إليه (تخريجه)(مذ) من طريق الثوري باسناده عن المطلب بن أبي وداعة قال جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه سمع شيئا فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الخ وكذلك رواه البغوي فيما نقل الحافظ في الإصابة فأوهم هذا أنه من مسند المطلب ولكنه من روايته عن العباس
-[خطبة في الحث على العمل بكتاب الله وسنة رسوله وذكر الساعة]-
بيتا فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا (باب خطبة في الحث على العمل بكتاب الله وسنة 572 رسوله صلى الله عليه وسلم وذكر الساعة)(عن جابر)(1) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال أما بعد (2) فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أصدق الهدى (3) هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها (4) وكل بدعة ضلالة (5) ثم يرفع صوته وتحمر وجنتاه ويشتد غضبه إذا ذكر الساعة كأنه منذر جيش، قال ثم يقول أتتكم الساعة: بعثت أنا والساعة (6) هكذا وأشار بإصبعية السبابة والوسطى (7) صبحتكم الساعة ومستكم (8) من ترك مالا فلاهله ومن ترك دينا أو ضياعا فالي وعلي والضباع يعني ولده المساكين (باب خطبة الحاجة) 573 (عن عبد الله)(9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال علمنا خطبة الحاجة: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يقرأ ثلاث آيات، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما، ثم تذكر حاجتك
فهو من مسند العباس كما جاء عند الإمام أحمد وقال الترمذي هذا حديث حسن (باب (1)(سنده) حدثنا مصعب بن سلام ثنا جعفر عن أبيه عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه)(2) قال الطيبي اثنا وضع للتفصيل فلابد من التعدد، ونقل عن أبي حاتم أنه لا يكاد يوجد في التنزيل أما وما بعدها إلا وتثنى وتثلث كقوله تعالى (أما السفينة: وأما الجدار) وعامله مقدر أي مهما يكن بعد تلك القضية (3) بفتح الهاء وسكون الدال فيهما أي أحسن الطرق طريقته وسمته وسيره من هدى هديه سار بسيرته وجرى على طريقته، ويجوز ضم الهاء وفتح المهملة فيهما، وهو بمعنى الدعاء والرشاد ومنه (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) (4) جمع محدثه بالفتح أي الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة ولا في الكتاب (5) أي كل فعلة أحدثت على خلاف الشرع ضلالة لن الحق فيما جاء به الشارع فما لا يرجع إليه يكون ضلالة إذ ليس بعد الحق إلا الضلال: زاد في بعض الروايات (وكل ضلالة في النار)(6) بنصب الساعة ورفعها فالنصب على المعية، والرفع على العطف (7) قال القاضي عياض يحتمل أنه لتقريب ما بينهما من المدة وأن التفاوت بين الإصبعين تقريبا لا تحديدا، ويحتمل أنه تمثيل لمقارنتها وأنه ليس بينهما إصبع أخرى كما أنه لا نبي بينه وبين الساعة (8) جاء عن مسلم بعد هذه الجملة (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) من ترك مالا الخ (تخريجه)(م نس جه) وتقدم هذا الحديث بنصه وقد بسطنا الكلام على شرحه في الجزء السادس في باب ما جاء في الخطبتين يوم الجمعة ص 86 رقم 858 فارجع إليه تجد ما يسرك والله الموفق (باب)(9)(عن عبد الله) يعني أن مسعدة الخ هذا الحديث تقدم بطريقة وسنده وشرحه وتخريجه في باب
-[خطبة في الأدب والمواعظ والأخلاق والتعزير من الدنيا والنساء]-
(ومن طريق ثان) حدثنا عفان ثنا شعبة أنبأنا أبو إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص قال وهذا حديث أبي عبيدة عن أبيه قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتين خطبة الحاجة وخطبة الصلاة الحمد لله أو إن الحمد لله نستعينه فذكر معناه (عن ابن عباس)(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم رجلا في 574 شيء فقال الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهدى الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (باب خطبة في الأدب والمواعظ والأخلاق والتحذير من الدنيا والنساء)(حدثنا يزيد بن هارون)(2) وعفان 575 قالا ثنا حماد بن سلمة قال أنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قا لخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة بعد العصر إلى مغيربان الشمس (3) حفظها منا من حفظها ونسيها منا من نسي فحمد الله، قال عفان وقال حماد وأكثر حفظي أنه قال بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم قال أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة (4) إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء (5) ألا أن بني آدم خلقوا على طبقات شتى (6) منهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا (7)، ومنهم من يولد كافر ويحيا كافر ويموت كافرا (8) ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا (9) ومنهم من يولد كافر ويحيا كافرا ويموت مؤمنا (10)، ألا إن الغضب حمرة توقد (11) في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه (12) وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك (13) فالأرض الأرض، ألا إن خير الرجال (14) من كان بطئ الغضب سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا، فإذا كان الرجل بطيء
استحباب الخطبة للنكاح من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر ص 165 رقم 73 فارجع إليه (1)(عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه عقب حديث ابن مسعود في الجزء السادس عشر في الباب المشار إليه ص 165 رقم 74 وهو بعض خطبة النكاح كما في حديث ابن مسعود السابق وسنده صحيح (باب)(2)(حدثنا يزيد بن هارون الخ)(غريبه)(3) أي إلى قرب غروبها (4) أي خضرة في المنظر حلوة في المذاق وكل منهما يرغب فيه منفردا فكيف إذا اجتمعا؟ وأراد أن صورة الدنيا ومتاعها حسن المنظر يعجب الناظر (5) حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتنة بهما وخصص بعد ما عمم إيذانا بأن الفتنة بالسماء أعظم الفتن الدنيوية (6) أي متفرقة (7) هذا الفريق هم سعداء الدنيا والآخرة (8) وهذا الفريق هم أهل الشقاوة (9) أي يسبق عليه الكتاب فيختم له بالكفر تعوذ بالله من ذلك (10) أي يختم له بالايمان فيصير من أهل السعادة (11) أي تتوقد حذفت إحدى التاءين تخفيفا (12) أي عند الغضب (وانتفاخ أوداجه) جمع ودج بفتح المهملة وتكسر وهو عرق الأخدع الذي يقطعه الذابح فلا يبقى معه حياة، ويسمى الوريد أيضا (13) يعني من بوادر الغضب (فالأرض الأرض) أي فليضطجع بالأرض ويلصق نفسه فيها لتنكسر حدته وتذهب حدة غضبه (وفي رواية) فليلزق بالأرض وفي أخرى فليجلس (14) ذكر الرجال وصف طردي والمراد الآدميين
-[بقية خطبة الأدب والمواعظ والأخلاق والتحزير من الدنيا والنساء]-
الغضب بطيء الفيء (1) وسريع الغضب وسريع الفيء فإنها بها (2) إلا أن خير التجار من كان حسن القضاء (3) حسن الطلب، وشر التجار من كان سيء الفضاء (4) سي الطلب، فإذا كان الرجل حسن القضاء سيء الطلب أو كان سيء القضاء حسن الطلب فإنها بها (5) إلا أن لكل غادر لواءا يوم القيامة بقدر غدرته، ألا وأكثر الغدر غدر أمير عامة (1) ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه (7) ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق (8) عند سلطان جائر (9)، فلما كان عند مغير بان الشمس قال ألا إن مثل ما بقى من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقى من يومكن هذا فيما مضى منه (10)(ومن طريق ثان) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ذات يوم بنهار ثم قام يخطبنا إلى أن غابت الشمس فلم يدع شيئا مما يكون على يوم القيامة إلا حدثناه حفظ ذلك من حفظ ونسي من نسي (ثم ذكر نحو الحديث المتقدم وفيه إلا أن لكل غادر لواءًا يوم القيامة بقدر غدرته فليجلس أو قال فليلصق بالأرض، وفيه وما شيء أفضل من كلمة عدل تقال عند سلطان جائر فلا يمنعن أحدكم اتقاء الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه أو شهده، ثم بكي أبو سعيد فقال قدو الله منعنا ذلك (12) قال وأنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله (13) قال ثم دنت
ذكورا وإناثا (1) أي الرجوع (2) أي فإن إحدى الخصلتين تقابل الأخرى فلا يستحق مدحا ولا ذما (3) أي الوفاء لما عليه من ديون التجارة ونحوها (حسن الطلب) أي سهل التقاضي يرحم المعسر وينظره ولا يضايق الموسر في الأشياء التافهة، ولا يلجئه إلى الوفاء في وقت معين ولا من مال معين (4) أي لا يوفى لغريمة دينه إلا بكلفة ومشقة وتماطل مع يساره (سيء الطلب) أي ملح على مديونه بالطلب من غير رحمة ولا شفقة بل بصعوبة مع علمه باعساره إذ ذاك (5) أي فإحدى الخصلتين تقابل بالأخرى نظير ما تقدم، ويجري ذلك كله في كل من له حق أو عليه حق، وإنما خص التجار لأكثرية القضاء والتقاضي فيما بينهم (6) جاءت هذه الجملة في حديث مستقل عن عبد الله بن عمر تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الوفاء بالعهد وعدم الغدر من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 119 رقم 332 (7) أي فإن ذلك يجب عليه وليست مهابة الناس عذرا في التخلف بشرط سلامة العاقبة (8) معناه أفضل أنواع الجهاد كلمة حق يتكلم بها كأمر بمعروف أو نهي عن منكر (9) أي ظالم فإن ذلك أفضل من جهاد العدو لأنه أعظم خطرا (10) يعني أن ما بقى من الدنيا أقصر وأقل مما سلف منها، وإذا كانت بقية الشيء وإن كثرت في نفسها قليلة بالإضافة إلى معظمه كانت خليقة بأن توصف بالقلة، ذكره الزمخشري (11) الأست همزته وصل ولامه محذوفة والأصل سته فحذفت الهاء وعوض عنها الهمزة وهو العجز ويراد به حلقة الدبر ويجمع على إسناد كسبب وأسباب، والمراد هنا العجز أي خلفه ليكون علامة يعرف بها، أنظر شرح حديث ابن عمر في باب الوفاء بالعهد المشار إليه آنفا (12) معناه أنهم كانوا يقولون بالحق ولكن وجد في عصرهم من لم يسمع لقولهم ولذلك بكى أبو سعيد (13) يفيد أن الأمة
-[خطبة في التحذير من المال - وخطبة في ذكر الساعة والجنة والنار]-
الشمس أن تغرب فقال وإن ما بقى من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقى من يومكن هذا فيما مضى منه (باب خطبة في التحذير من المال والدنيا)(عن أبي سعيد الخدري)(1) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 576 ذات يوم وصعد المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها، فقال رجل يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأينا أنه ينزل عليه جبريل، فقيل له ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك؟ فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح عنه الرحضاء فقال أين السائل؟ وكأنه حمده فقال أن الخير لا يأتي بالشر، وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم حبطا، ألم تر إلى آكلة الخضرة أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها واستقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت، وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحب المرء المسلم، هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل أو كما قال صلى الله عليه وسلم وإن الذي أخذه بغير حقه كمثل الذي يأكل ولا يشبع فيكون عليه شهيدا يوم القيامة (باب خطبة في ذكر الساعة والجنة والنار)(عن أنس بن مالك)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما 577 سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن بين يديها أمورا عظاما، ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه فوالله لا تسألوني عن شيء غلا أخبرتكم به مادمت في مقامي هذا، قال أنس فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول سلوني: قال أنس فقام رجل فقال أين مدخلي يا رسول الله؟ فقال النار (3) قال فقام عبد الله بن حذافة فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة (4) قال ثم أكثر أن
المحمدية أكرم على الله عز وجل من سائر الأمم قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية)(تخريجه)(مذك هق) وفي إسناده على بن زيد بن جدعان (قال في الخلاصة) قال أحمد وأبو زرعه ليس بالقوى، وقال ابن خزيمة سيء الحفظ، وقال شعبة حدثنا علي بن زيد قبل أن يختلط قال مطين مات سنة تسع وعشرين ومائة: قرنه مسلم بآخر أهـ وفي التهذيب قال يعقوب بن شيبة ثقة، وقال الترمذي صدوق إلا أنه بما رفع الشيء الذي يوقفه غيره والله أعلم (باب)(1)(سنده) حدثنا يزيد أنا هشام بن عبد الله الدستوائي عن يحيي بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمون عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري الخ (هذا الحديث) تقدم من طريق ثان عن أبي سعيد أيضا في باب ما جاء في ذم الدنيا من كتاب المدح والذم في الجزء التاسع عشر ص 311 رقم 39 بسنده وشرحه وتخريجه وهو حديث صحيح رواه (ق نس جه) وزاد هنا في هذا الطريق قوله ونعم صاحب المرء المسلم هو من أعطى منه المسكين واليتيم الخ هكذا بالأصل بهذا اللفظ (ونعم صاحب المرء المسلم هو لمن أعطى الخ) وهذا التركيب غير ظاهر المعنى فالظاهر أنه وقع فيه تحريف من الناسخ أو الطابع ومعناه (ونعم المال المرء المسلم الذي يعطي منه المسكين واليتيم الخ) كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن العاص (نعم المال الصالح للمرء الصالح) وهو حديث صحيح والله أعلم (باب)(2)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهوى قال أخبرني أنس بن مالك الخ (غريبه)(3) لعل هذا الرجل كان من المنافقين وكان يسئل تعنتا (4) جاء في بعض
-[خطبته في ذكر الفتن وطاعة الأمير]-
يقول سلوني، قال فبرك عمر على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط (1) وأنا أصلي فلم أر كاليوم في 578 الخير والشر (باب خطبة في ذكر الفتن وطاعة الأمير)(حدثنا أبو معاوية)(2) عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وهو جالس في ظل الكعبة فسمعته يقول بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلا قمنا من يضرب خباءه ومنا من هو في جشره (3) ومنا من ينتضل (4) إذ نادى مناديه الصلاة جامعة (5) ن قال فاجتمعنا، قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا فقال أنه لم يكن نبي قبلي إلا دل أمته على ما يعلمه خيرا لهم: ويحذرهم ما يعلمه شرا لهم: وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها، وإن آخرها سيصيبهم بلاء شديد وأمور تنكرونها، تجيء فتن يرفق (6)
الروايات فقام إليه رجل من قريش من بنى سهم يقال له عبد الله بن حذافة وكان يطعن فيه، فقال يا رسول الله من أبى؟ قال أبوك فلان فدعاه لأبيه (يعني جذافة)(1) جاء نحو ذلك عند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وتقدم في صلاة الكسوف في الجزء السادس ص 185 رقم 1688 وفيه فوالذي نفسي بيده لقد عرضت على الجنة حتى أشاء لتعاطيت بعض أغصانها، وعرضت علي النار حتى إني لاطفئها خشية أن تغشاكم، وجاء عند مسلم من حديث جابر لقد جيء بالنار حتى رأيتموني تأخرت مخالفة أن يصيبني من لفحها: وفيه ثم جيء بالجنة وذلك حينما رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي، وزاد ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه وتقدم الكلام على شرح ذلك في الباب المشار إليه مستوفى فارجع إليه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره عن انس بهذا المعنى وعزاه لابن جرير، ثم قال أخرجاه يعني البخاري ومسلم من طريق سعيد، ورواه معمر عن انس بنحو ذلك أو قريبا منه يعني حديث الباب والله أعلم (باب)(2)(حدثنا أبو معاوية الخ)(غريبه)(3) قال النووي هو بفتح الجيم والشين وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها أهـ وقال أبو عبيد الحشر القوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبتون مكانهم ولا يأون إلى البيوت (4) أي يرتمون بالسهام يقال انتضل القوم وتناضلوا أي رموا للسبق وناضله إذا راماه (5) قال الحافظ عند قول البخاري (باب النداء بالصلاة جامعة) قال هو بالنصب فيهما على الحكاية ونصب الصلاة في الأصل على الإغراء وجامعة على الحال، أي أحضروا الصلاة في حال كونها جامعة (6) قال في النهاية أي تشوق بتحسينها وتسويلها أهـ (وقال النووي) هذه اللفظة رويت على أربعة أوجه (أحدها) وهو الذي نقله القاضي عن جمهور الرواة يرقق بضم الياء وفتح الراء وبقافين أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده فالثاني يجعل الأول رقيقا، وقيل معناه يشبه بعضها بعضا، وقيل يدور بعضها في بعض ويذهب ويجيء، وقيل معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها (والوجه الثاني) فيرفق بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها فاء مضمومة (والثالث) فيدفق بالدال المهملة الساكنة وبالفاء المكسورة
-[خطبة في الحلال والحرام: وصفة أهل الجنة وأهل النار والبخل والكذب]-
بعضها لبعض، تجيء الفتنة فيقول لمؤمن مهلكتي ثم تنكشف، ثم تجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه ثم تنكشف، فمن سره منكم أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه (1)، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده (2) وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر (3) قال فادخلت رأسي من بين الناس فقلت انشدك بالله (4) أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال فأشر بيده إلى أذنيه فقال سمعته أذناي ووعاه قلبي، قال فقلت هذا ابن عمك معاوية يعني يأمرنا بأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله تعالى} يا أيها اللذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {(5) قال فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكس هنية ثم رفع رأسه فقال أطعه في طاعة الله وأعصه في معصية الله عز وجل (باب خطبة في الحلال والحرام وصفة أهل الجنة والنار والبخل والكذب)(عن عياض بن حمار)(6) أن النبي 579 صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم فقال في خطبته إن ربي عز وجل أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني في يومي هذا، كل مال نحلته (7) عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء (8) كلهم وأنهم أتتهم الشياطين فاضلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، ثم أن الله عز وجل نظر إلى أهل الأرض فمقتهم (9) عجميهم وعربيهم إلا بقايا من أهل الكتاب
أي يدفع ويصب والدفق الصب (1) قال النووي رحمه الله هذا من جوامع كله صلى الله عليه وسلم وبديع حكمه، وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها وإن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا ما يجب أن يفعلوه معه (2) قال في النهاية هو أن يعطي الرجل الرجل عهده وميثاقه، لأن المتعاهدين يضع أحدهما يده في يد الآخر كما يفعل المتبايان وهي المرة من التصفيق باليدين (3) معناه ادفعوا الثاني فإنه خارج على الإمام فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتلة جاز قتلة ولا ضمان فيه لأنه ظالم متعد في قتاله (4) جاء عن مسلم فدنوت منه فقلت له انشدك انشدك الله الخ (5) قال النووي رحمه الله المقصود بهذا الكلام إن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول وأن الثاني يقتل فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليا رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعة على فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب على ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ومن قتل النفس. لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالا في مقاتلته (تخريجه) رواه مسلم بطوله وكذا بن ماجه والنسائي إلا أنهما اختصر اشيئا من آخره وروي بعضه أبو داود (باب)(6)(سنده) حدثنا يحيي بن سعيد ثنا هشام ثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار الخ (غريبه)(2) معنى تحلته اعطيته وفي الكلام حذف، أي قال الله تعالى كل مال أعطيته عبادي فهو لهم حلال، والمراد إنكار ما حرموا على أنفسهم من السائبة والوصيلة والبحيرة والحامي وغير ذلك وأنها لم تصر حراما بتحريمهم: وكل مال ملكه العبد فهو حلال حتى يتعلق به حق (8) أي مسلمين وقيل طاهرين من المعاصى (9) المقت أشد البغض والمراد بهذا المقت النظر ما قبل بعثه رسول الله
-[خطبة ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما كان وما يكون استغرقت يوما كاملا]-
وقال إنما بعقتك لأيليك (1) وابتلى بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان (2) ثم إن الله عز وجل أمرني أن أحرق قريشًا فقلت يا رب إذًا يثلغوا (3) رأسى فيدعوه خبزة، فقال استخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك (4) وأنفق عليهم فسننفق عليك وابعث جندا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط (5) متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربي ومسلم (6) ورجل فقير عفيف متصدق، وأهل النار خمسة، الضعيف الذي لا زبر له (7) الذين هم فيكم تبعا أو تبعاه شك يحيي لا يبتغون أهلا ولا مالا (8) والخائن الذي لا يخفي عليه (9) طمع وإن دق إلا حانة ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل والكذب والشنظير (10) الفاحش
(باب خطبة استغرقت يوما كاملا ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما كان وما هو كائن)
580 (عن أبي زيد الانصاري)(11) قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ثم نزل فصلى الظهر ثم صعد المبنر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى العصر فصعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فاعلمنا احفظنا
صلى الله عليه وسلم والمراد ببقايا أهل الكتاب الباقون على التمسك بدينهم الحق من غير تبديل (1) معناه لا متحنك بما يظهر منك من قيامك بما أمرتك به في تبليغ الرسالة وغير ذلك في الجهاد في الله حق جهاده والصبر في الله تعالى وغير ذلك، وابتلى بك من أرسلتك إليهم فمنهم من يظهر إيمانه ويخلص في طاعاته، ومنهم من يتخلف ويتأبد بالعداوة والكفر، ومنهم من ينافق، والمراد يمنحنه ليصير ذلك واقعا بارزًا فإن الله تعالى إنما يعاقب العباد على ما وقع منهم لا على ما يعلمه قبل وقوعه، وإلا فهو سبحانه عالم بجميع الأشياء قبل وقوعها وهذا نحو قوله تعالى (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) أي نعلمهم فاعلين ذلك متصفين به (2) أما قوله لا يغسله فمعناه محفوظ في الصدور لا يتطرق إليه الذهاب بل يبقى على ممر الأزمان، وأما قوله تقرؤه نائما ويقظان فقال العلماء معناه يكون محفوظا لك في حالتي النوم واليقظة، وقيل تفرؤه في يسر وسهولة (3) بفتح الياء التحتية واللام بينهما مثلثة ساكنة أي يشدخوه ويشجره كما يشنخ الخبز أي يكسر (4) بضم النون وكسر الزاي أي نعينك (5) أي عادل (6) مجرور معطوف على ذي قربى (7) بفتح الزاى وإسكان الموحدة أي لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي وقيل هو الذي لا مال له (8) أي لا يطلبون (9) معنى لا يخفى لا يظهر قال أهل اللغة يقال خفيت الشيء إذا أظهرته وأخفيته إذا سترته وكتمته هذا هو المشهور" وقيل هما لغتان فيهما جميعا (10) بكسر الشين والظاء المعجمتين وإسكان النون بينهما وفسره في الحديث بأنه الفاحش أي السيء الخلق والله أعلم (تخريجه)(م. وغيره)(باب)(11)(سنده) حدثنا أبو عاصم ثنا عزرة بن ثابت ثنا علياء ابن احمر اليشكري ثنا أبو زيد الانصاري الخ (قال النووي رحمه الله أما علباء فبعين مهملة مكسورة ثم لام ساكنة ثم باء موحدة ثم ألف ممدودة، وأحمر آخره راء، وأبو زيد هو عمرو بن أخطب
-[خطبة في شأن الأنصار ومناقبهم رضي الله عنهم]-
(باب خطبة في شأن الأنصار رضي الله عنهم (عن أبي سعيد الخدري)(1) قال لما أعطى 581 رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء (2) وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم الفالة، حتى قال قائلهم لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه (3) فدخل عليه سعد بن عبادة (4) فقال يا رسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت فيه هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الانصار شيء، قال فأين أنت من ذلك يا سعد؟ (5) قال يا رسول الله ما أنا إلا امرء من قومي وما أنا (6) قال فجمع لي قومك في هذه الحظيرة (7) قال فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة، قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم (8) فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، قال فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال يا معشر الأنصار ما قاله بلغتني عنكم؟ وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم أتكم ضلالا فهداكم الله، وعالة فاغناكم الله، وأعداءا فألف الله بين قلوبكم، قالوا بل الله ورسوله أمن وأفضل (9) قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ قالوا وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل (10) قال أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم (11) أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا
بالخاء المعجمة الصحابي المشهور (تخريجه) أخرجه مسلم في الفتن (باب)(1)(سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه)(2) الظاهر أن ذلك كان في تقسيم غنائم هوازن يوم حنين كما يستفاد من حديث أنس، وتقدم في هذا الجزء صفحة 171 رقم 407 (3) معناه فعطف عليهم وترك الانصار (4) هو الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني، اتفقوا على أنه كان نقيب بني ساعدة وكان صاحب راية الأنصار لمشاهد كلها، وكان سيدًا جوادا وجيها في الأنصار ذاا رياسة ودراية وكرم، وكان مشهورا بالكرم، وكان يحمل كل يوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفنة مملوءة ثريدًا ولحمًا رضي الله عنه (5) أي أين تريدون ذلك يا سعد (6) معناه أريد ما يريده قومي (وما أنا) أي وما أنا إلا كذلك (7) هي الموضع الذي يحاط عليه لتأوى إليه الغنم والإبل يقيها البرد والريع (8) إنما ترك بعض المهاجرين فدخلوا ورد بعضهم لأن الذين دخلوا كانوا من كبار المهاجرين وشيوخهم وممن يستفاد برأيهم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ورد الآخرين للاكتفاء بهؤلاء (9) معناه أنه كان ذلك فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم معترفون بذلك وأنهم جعلوا الفضل والمنة لله ولرسوله قال ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ أي ألا تردوا علي قول بما لكم علي من المآثر (10) في قولهم هذا من الأدب والاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا مزيد عليه، فلما رآهم كذلك أراد صلى الله عليه وسلم أن يظهر فضلهم ويجيب عنهم (11) يحتمل أن قوله صدقتم الثانية تأكيد للأولى، ويحتمل أن تكون بضم الصاد المهملة وكسر الدال المشددة أي وصدقكم النبي صلى الله عليه وسلم
-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار ولأبناء الأنصار ولابناء أبناء الانصار]-
فاغنيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة (1) من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، افلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت أمرًا من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار؛ اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال تبكي القوم حتى أخضلوا لحاهم (2) وقالوا رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم 582 قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصرفنا (حدثنا محمد بن جعفر)(3) ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار قال أفيكم أحد من غيركم؟ قالوا لا إلا ابن أخت لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخت القوم منهم، قال حجاج أو من أنفسهم (4) فقال أن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتالفهم، لما؟؟؟ أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟ ولو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار
583 (باب خطته صلى الله عليه وسلم تمنى يوم النحر غير ما تقدم في الحج)(عن عمرو بن خارجة)(5) قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته (وفي رواية خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على راحلته) وأنا تحت جرانها (6) وهي تقصع بجرتها (7) ولعلها؟؟؟ بين كتفى، قال إن الله عز وجل أعطى
والمهاجرون (1) قال في النهاية الساعة بالضم نبت ناعم في أول ما ينبت يعني أن الدنيا كالنبات الأخضر قليل البقاء (2) أي ملوها الدموع، وهذا البكاء نشأ من شدة فرحهم برضا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ومدحه إياهم ودعائه لهم ولابنائهم ولابناء أبنائهم، لأن البكاء يحصل كثيرا لبعض الناس عند شدة الفرح كما يحصل عند المصيبة كما قال بعضهم
(هجم السرور علي حتى أنه
…
من فرط ما قد سرني أبكاني)
(أيا عين قد صار البكا لك عادة
…
تبكين في فرح وفي أحزان)
ولو لم يكن في مناقب الأنصار إلا هذا الحديث لكفى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجال أحمد رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع يعني فالحديث صحيح (3)(حدثنا محمد بن جعفر الخ)(غريبه)(4) يشك حجاج هل قال منهم أو من أنفسهم والمعنى واحد، والمراد به أنه متهم في الصلة والمعاونة والمدافعة عنهم، وفيه التحريض على الإلفة بين الأقارب، قال العلماء وبما يدل على أن الحديث ليس على عمومه أنه لو كان عاما جاز أن ينسب إلى خاله مثلا وكان معارضا للحديث الصحيح (من ادعى إلى غير أبيه فالجنة عليه حرام) إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة المصرحة الوعيد الشديد على ذلك (تخريجه)(ق نس مذ)(باب)(5)(سنده) حدثنا حماد عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة الخ (غريبه)(6) قال في القاموس جران البعير بالكسر مقدم عنقه من مذبحة إلى مهجره جمعه جرن ككتب (7) بكسر الجيم
-[خطبته صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر غير ما تقدم في كتاب الحج]-
لكل ذي حق حقه ولا وصية لوارث (1) والولد للفراش وللعاهر الحجره ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل (وعنه عن طريق ثان)(2) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته فقال إلا أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي وأخذ وبرة من كاهل ناقته فقال ولا ما يساوي هذه أو ما يزن هذه لعن الله من ادعى إلى غير أبيه الحديث كما تقدم (حدثنا أبو معاوية)(3) قال ثنا هلال بن عامر 584 المزني عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى على بغلة وعليه برد أحمر قال ورجل من أهل بدر بين يديه (4) يعبر عنه، قال فجئت حتى ادخلت يدى بين قدمه وشراكه، قال فجعلت أعجب من بردها (5) (ومن طريق ثان) قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا شيخ من بنى فزارة عن هلال بن عامر المزني عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على بغلة شهباء (6) وعلى يعبر عنه (حدثنا إسماعيل) (7) قال أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة 585 أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض (8) السنة اثنا عشر شهرا: منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة
والتاء المثناة فوق بينهما راء مشددة مفتوحة (قال في النهاية) أراد شدة المضغ وضم بعض الأسنان على البعض، وقيل قصع الجرة خروجها من الجرف إلى الشدق ومتابعة بعضها بعضا وإنما تفعل الناقة ذلك إذا كانت مطمئنة، وإذا خافت شيئا لم تخرجها (1) تقدم شرح ذلك إلى آخر الحديث في أبوابه والله الموفق (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب قال أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم: وعن ابن أبي ليلي أنه سمع عمرو بن خارجة قال ليث في حديثه خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (نس مذجه قط هق) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وأخرج الطريق الثانية منه مسلم (3)(حدثنا أبو معاوية الخ)(غريبه)(4) هذا الرجل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما صرح بذلك في الطريق الثانية (وقوله بعير عنه) أي يبلغ كلام النبي صلى الله عليه وسلم يأعلى صوته إلى أهل الموسم (5) معنى هذا أنه دنا من النبي صلى الله عليه وسلم حتى وضع يده بين قدم النبي صلى الله عليه وسلم وشراك نعله وتمكن من رؤيته وسماع صوته ورؤية ملابسه ولنها حتى لقد أحس ببرد قدمه صلى الله عليه وسلم (6) قال في المصباح الشهب مصدر من باب تعب وهو أن يغلب البياض السواد والاسم الشهبة وبغل أهشب وبغلة شهباء (تخريجه)(د) أخرج الطريق الثانية أبو داود قال المنذري اختلف في إسناده فقيل انفرد بحديثه أبو معاوية الضرير وقيل أنه أخطأ فيه لأن يعلي بن عبيد قال فيه عن هلال ابن عمرو عن أبيه وصوب بعضهم الأول أهـ قلت وأورده الحافظ في الإصابة بسند الطريق الأولى وقال أخرجه أحمد وأبو داود من طريقه، ثم قال ابن السكن إن أبا معاوية أخطأ فيه، وقال مروان وغيره عن هلال بن عامر عن رافع بن عمرو وصوب هذا الثاني البغوي قال الحافظ لم ينفرد أبو معاوية بذلك فقد روى أحمد أيضا عن محمد بن عبيد عن شيخ من بنى فزارة عن هلال بن عامر عن أبيه، فيحتمل أن يكون هلال سمعه من أبيه ومن عمه رافع أهـ (7)(حدثنا إسماعيل الخ)(غريبه)(8) قال العلماء معناه أنهم في الجاهلية يتمسكون به
-[بقية خطبة صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]-
والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان (1) ثم قال ألا أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال أليس اليوم يوم النحر؟ قلنا بلى، ثم قال أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال أليس ذا الحجة؟ قلنا بلى، ثم قال أي بلد هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليست البلدة؟ قلنا بلى (2) قال فإن دماءكم وأموالكم قال وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسالكم عن أعمالكم (3) ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض (4) ألا هل بلغت؟ ألا ليبلغ الشاهد الغائب منكم، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من يسمعه (5) قال محمد وقد كان ذاك:
إبراهيم صلى الله عليه وسلم في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده وهو صفر، ثم يوخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة حتى اختلط عليهم الأمر، وصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلم تحريمهم وقد تطابق الشرع، وكانوا في هذه السنة قد حرموا إذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرنا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السموات والأرض (وقال أبو عبيد) كانوا ينسئون أي يؤخرون وهو الذي قال الله تعالى فيه (إنما النسيء زيادة في الكفر) فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم فيؤخرون تحريمه إلى صفر، ثم ثؤخرون صفر في سنة أخرى فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه والله أعلم (1) إنما قيده هذا التقييد مبالغة في إيضاحه وإزالة اللبس عنه، قالوا وقد كان بين بي مضر وبين ربيعة اختلاف في رجب، فكانت مضر تجعل رجبا هذا الشهر المعروف الآن وهو الذي بين جمادى وشعبان، وكانت ربيعة تجعله رمضان فلهذا اضافة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مضر، وقيل لأنهم كانوا يعظمونه أكثر من غيرهم، وقيل أن العرب كانت تسمى رجبا وشعبان الرجبين، وقيل كانت تسمى جمادى ورجبا جمادين وتسمى شعبان رجبا، قال النووي وقد أجمع المسلمون على أن الأشهر الحرم الأربعة هي هذه المذكورة في الحديث، قال وقال علماء المدينة والبصرة وجماهير العلماء هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ثلاثة سرد وواحد فرد وهذا هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة: منها هذا الحديث الذي نحن فيه، وعلى هذا الاستعمال أطبق الناس من الطوائف كلها (2)(قال النووي) هذا السؤال والسكوت والتفسير أراد به التفخيم والتقرير والتلبية على عظم مرتبة هذا الشهر والبلد واليوم، وقولهم الله ورسوله أعلم هذا من حسن أدبهم وأنهم علموا أنه صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه ما يعرفونه في الجواب فعرفوا أنه ليس المراد مطلق الإخبار بما يعرفون (3) المراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك (4) تقدم شرح هذه الجملة في شرح حديث ابن عباس المذكور في باب ما جاء في الخطبة يوم النحر في الجزء الثاني عشر ص 211 رقم 413 وقوله صلى الله عليه وسلم الأهل بلغت أي بلغت ما أمرتني به، وأنما قال ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان التبليغ فرضًا عليه (5) جاء في رواية البخاري معلقا فرب مبلغ بفتح اللام
-[روايات أخرى في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]-
قال قد كان بعض من بلغه أوعى له من بعض من سمعه (وعنه من طريق ثان بنحوه)(1) وزاد بعد قوله (يضرب بعضكم رقاب بعض) قال فلما كان يوم وحرق ابن الحضرمي حرقه جارية بن قثامة (2) قال أشرفوا على أبي بكرة (3) فقالوا هذا أبو بكرة (3) فقال عبد الرحمن (4) فحدثني أمي أن أبا بكرة قال لو دخلوا على ما بهشت (5) اليهم بقصة (وعنه أيضا)(6) قال لما كان ذلك اليوم 586 (7) قعد النبي صلى الله عليه وسلم على بعير وأخذ رجل بزمامه أو بخطامه فقال أي يوم يومكن هذا؟ قال فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، قال أليس بالنحر (فذكر نحو الطريق الأولى من الحديث المتقدم)(وعنه من طريق ثان)(8) قال لما كان ذاك اليوم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ثم وقف فقال أتدرون أي يوم هذا؟ فذكر معنى حديث ابن أبي عدى (9) وقال فيه إلا ليبلغ الشاهد الغائب مرتين فرب مبلغ (10) هو أوعى من مبلغ مثله ثم مال على ناقته إلى
المشددة اسم مفعول أي بلغه كلامي بواسطة (أوعى) أي أحفظ وافهم لمعي كلامي (من سامع) سمعه مني (قال النووي) وفيه تصريح بوجوب نقل العلم على الكفاية وإشاعة السنن والأحكام. وقال المهلب فيه أنه يأتي في أواخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدم إلا أن ذلك يكون في الأقل لأن رب موضوعة للتقليل أهـ (1)(سنده) حدثنا يحيي بن سعيد ثنا قرة ثنا محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة وعن رجل آخر وهو في نفسي أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) قال غير أبي عن يحيي في هذا الحديث أفضل في نفسي حميد ابن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس بمنى فقال ألا تدرون أي يوم هذا فذر نحو الحديث المتقدم وهذا معنى قوله (وعنه من طريق ثان بنحوه) وجاء في رواية عند مسلم حدثنا قرة بإسناد يحيي ابن سعيد وسمى الرجل (يعني الذي أيهم في مسند الإمام أحمد) حميد بن عبد الرحمن (قلت) وحميد هذا قال في الخلاصة حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري الفقيه عن أبي هريرة وأبي بكرة وعنه ابن سيرين وابن أبي وحشية وثقة المجلي، قال ابن سيرين هوافقه أهل البصرة (غريبه)(2) قال الحافظ في الإصابة قال أبو عمر كان من أصحاب علي في حروبه وهو الذي حرق عبد الله بن الحضرمي في دار سنبيل بالبصرة لأن معاوية بعث ابن الحضرمي ليأخذ له البصرة فوجه إليه علي أعين بن ضبيعة فقتل فوجه جارية بن قدامة فحاصر ابن الحضرمي ثم حرق عليه (2) أي تطلعوا إليه وتعرضوا له، وفي حديث الفتن من تشرف لها استشرقت له أي من تطلع إليها وتعرض لها واتته فوقع فيها (4) يعني ابن أبي بكرة (5) أي ما أقبلت وأسرعت إليهم ادفعهم عني بقصبة (تخريجه)(ق. وغيرهما) بغير الزيادة (6)(سنده) حدثنا محمد بن أبي عدى عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة قال لما كان ذلك اليوم الخ (غريبه)(7) يعني يوم النحر بمنى كما صرح بذلك في الطريق الأولى والثانية من الحديث السابق (8)(سنده) حدثنا هوذة بن خليفة ثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة الخ (9) يعني الطريق الأولى من هذا الحديث (10) بضم أوله وفتح الباء الموحدة واللام المشددة وهو من بلغه
-[حديث ابن عباس رضي الله عنهما في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع]-
غنيمات (1) فجعل يقسمهن بين الرجلين الشاة والثلاثة الشاة (2)(عن عكرمة عن ابن عباس)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا هذا يوم حرام؛ قال أي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال فأي شهر هذا؟ قالوا شهر حرام، قال فإن أموالكم ودمائكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. ثم أعادها مرارا ثم رفع رأسه إلى السماء فقال اللهم هل بلغت مرارا، قال يقول ابن عباس والله أنها لوصية إلى ربه عز وجل، ثم قال 588 ألا فليلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (حدثنا يونس)(4) ثنا عمر بن إبراهيم اليشكري ثنا شيخ كبير من بني عقيل يقال له عبد المجيد العقيلي قال انطلقنا حجاجا ليالي خرج يزيد بن المهلب (5) وقد ذكر لنا أن ماءًا بالغالية يقال له الزجيج (6) فلما مضينا
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة غيره (هو أوعى) أي احفظ للحديث (من مبلغ) بضم أوله وكسر اللام المشددة يعني ممن سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وتقدم الكلام على ذلك (1) تصغير غنم وهي القطعة القليلة من الغنم (7) جاء عند مسلم ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا (قال القاضي)، قال الدارقطني قوله ثم انكفأ إلى آخر الحديث وهم من ابن عون فيما قيل وإنما رواه ابن سيرين عن أنس فادرجه ابن عون هنا في هذا الحديث فزواه عن ابن سيرين عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال القاضي) وقد روى البخاري هذا الحديث عن ابن عون فلم يذكر فيه هذا الكلام فلعله تركه عمدا، وقد رواه أيوب مرة عن ابن سيرين في كتاب مسلم في هذا الباب ولم يذكروا فيه هذه الزيادة (قال القاضي)، والأشبه أن هذه الزيادة إنما هي في حديث آخر في خطبة عيد الأضحى فوهم فيها الراوي فذكرها مضمومة إلى خطبة الحجة وهما حديثان ضم أحدهما إلى الآخر، وقد ذكر مسلم هذا بعد هذا في كتاب الضحايا من حديث أيوب وهشام عن ابن سيرين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثم خطب فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ثم قال في آخر الحديث فانكفأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما فقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها: هذا هو الصحيح وهو دافع للاشكال أهـ (تخريجه)(م) ورواه أيضا البخاري بدون قصة الغنيمات (3) عن عكرمة عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الخطبة يوم النحر بمنى من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر ص 211 رقم 413 فارجع إليه (4)(حدثنا يونس الخ)(غريبه)(5) كان يزيد بن المهلب واليا على العراق في خلافة الملك العادل عمر بن عبد العزيز وكان متحيزا للخوارج الذين خرجوا على عمر بن عبد العزيز ويجمع لهم الأموال سرا، فلما علم بذلك عمر بن عبد العزيز عزله وكتب إلى عدى بن أرطاة يأمره بانفاذ يزيد بن المهلب إليه موثوقا فطلب منه عمر أن يرد ما أخذه من الأموال فأبى فسجنه وكان ذلك في سنة 99 وفي خمس وعشرين من شهر جمادى الثانية توفى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعد أن حكم سنتين وخمسة أشهر وأربعة عشر يوما فرجعت الخلافة لأبناء عبد الملك بن مروان فبويع يزيد بن عبد الملك (وفي هذه السنة) حارب الخليفة يزيد بن عبد الملك يزيد بن المهلب لخروجه عن الطاعة، وكان ابن المهلب قد جمع جيوشا من آل المهلب وغيرهم لمحاربة الخليفة، فأرسل الخليفة إليهم أخاه مسلمة بن عبد الملك بن مروان سنة 102 فقتل ابن المهلب وكسر جيشه وانهزم آل المهلب ثم ظفر بهم مسلمة فقتلهم (6) قال ياقوت
-[قصة عبد المجيد العقيلي مع العداء بن خالد الكلابي في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفه]-
مناسكنا جئنا حتى اتينا الزجيج فأنحنا رواحلنا، قال فانطلقنا حتى أتينا على بئر عليه أشياخ مخضبون (1) يتحدثون، قال قلنا هذا الذي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين بيته؟ قال قالوا نعم صحبه وهذاك بيته، فانطلقنا حتى أتينا البيت فسلمنا قال فأذن لنا فإذا هو شيخ كبير مضطجع يقال له العداء بن خالد الكلابي، قلت أنت الذي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، ولولا أنه الليل لأقرأتكم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي، قال فمن أنتم؟ قلنا من أهل البصرة، قال مرحبا بكم؛ ما فعل يزيد ابن المهلب؟ قلنا هو هناك يدعو إلى كتاب الله تبارك وتعالى وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال فيما هو من ذاك فيما هو من ذاك (2) قال قلت أيا نتبع؟ هؤلاء أو هؤلاء يعني أهل الشام (3) أو يزيد؟ قال إن تقعدوا تفلحوا وترشدوا، ولا أعلمه إلا قال ثلاث مرات (4) رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وهو قائم في الركابين ينادى بأعلى صوته يا أيها الناس أي يوم يومكم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال فأي شهر شهركم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال فأي بلد بلدكم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال يومكم يوم حرام وشهركم شهر حرام وبلدكم بلد حرام، قال فقال ألا إن دمائكم وأمولكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم تبارك وتعالى فيسألكم عن أعمالكم، قال ثم رفع يديه إلى السماء فقال اللهم أشهد عليهم اللهم أشهد عليهم ذكر مرارا فلا أدرى كم ذكره (باب خطبته صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق غير ما تقدم في الحج)(عن أبي حرة الرفاشي عن عمه)(5) قال كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق أذود عنه الناس فقال يا أيها الناس أتدرون في أي شهر
في معجمه الزجيج منقول عن لفظ تصغير الزج للرمح منزل الحاج بين البصرة ومكة (1) أي مخضبون لحاهم من الشيب (2) معناه أنه بعيد عن ذلك ولا يقصد بذلك وجه الله (3) يعين المتبعين للخليفة أو يزيد بن المهلب (4) أشار عليهم بالقعود وعدم مناصرة أحدهما لكونهم في وقت فتنة يحارب المسلمون فيه بعضهم بعضا وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ثم ذكر الحديث مستدلا به على تأييد قوله والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال بماء يقال له الرجيع، وقال أليس هذا شهر حرام وبلد حرام ويوم حرام: ورجال الطبراني موثقون، قال وروى أبو داود منه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قائما في الركابين أهـ قلت اقتصر الحافظ الهيثمي على توثيق رجال الطبراني لأن في مسند الإمام أحمد عمر بن إبراهيم اليشكري قال في تعجيل المنفعة روى عن عبد المجيد العقيلي وعنه يونس. لا يعرف (قال الحافظ) أظنه العبدي فإنه بصري من هذه الطبقة ولم يذكر البخاري ومن تبعه إلا العبدي ولا ذكره الخطيب في المتفق، ويونس الرواي عنه هو المؤدب وهو مذكور في الرواة عن العبدي في التهذيب أهـ (قلت) قال في التهذيب شيخ، وفي الخلاصة عمر بن إبراهيم العبدي وثقة ابن معين في رواية الدرامي، وقال ابن عدى حديث عن قتادة مضطرب والله اعلم (باب)(5)(سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن أبي حرة الرقاشي عن عمه الخ (قلت) قبل اسم عمه
-[خطبته صلى الله عليه وسلم أوسط التشريق غير ما تقدم في كتاب الحج]-
أنتم وفي أي يوم أنتم وفي أي بلد أنتم؟ قالوا في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام، قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، ثم قال اسمعوا مني تعيشوا، ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال أمرئ إلا بطيب نفس منه، ألا وإن كل دم ومال ومأثرة (1) كانت في الجاهلية تحت قدمي (2) هذه إلى يوم القيامة، وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث (3) بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، إلا وأن كل ربا كان في الجاهلية موضوع، (4) وإن الله عز وجل قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب (5) لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون إلا وأن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، ثم قرأ (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون (6) ولكنه في التحريش بينكم، فاتقوا الله عز وجل في النساء فانهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقا، أن لا يوطئن فرشكم أحدًا غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لحد تكرهونه فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، قال حميد قلت للحسن ما المبرح؟ قال المؤثر، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل (7) ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه فقال الأهل بلغت الأهل بلغت؟ ثم قال ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع، قال حميد قال الحسن حين بلغ هذه الكلمة قدو الله بلغوا
جذيم بن حنيفة، وقيل عمرو بن حمزة إفادة ابن فتحون، كذا في التقريب للحافظ (غريبه)(1) بفتح المثلثة وضمها أي كل ما يؤثر ويذكر من مكارم أهل الجاهلية ومفاخرهم (2) كناية عن إبطالها وإسقاطها (3) جاء عند مسلم دم ابن ربيعة بن الحارث، قال المحققون والجمهور اسم هذا الابن إياس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، قال القاضي عياض ورواه بعض رواة مسلم دم ربيعة بن الحارث قال وكذا رواه أبو داود. قيل هو وهم، والصواب ابن ربيعة، لأن ربيعة عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن عمر بن الخطاب: وتأوله أبو عبيد فقال دم ربيعة لأنه ولي الدم فنسبه إليه، قال وكان هذا الابن المقتول طفلا صغيرا يحبو بين البيوت فأصابه حجر في حرب كانت بين بنى سعد وبني ليث بن بكر قاله الزبير بن بكار (4) معناه الزائد على رأس المال كما قال تعالى (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم) والمراد بالوضع الراد والإبطال (5) فيه أن الإمام وغيره ممن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر ينبغي أن يبدأ بنفسه وأهله فهو أقرب إلى قبول قوله وإلى طيب نفس من قرب عهده بالإسلام (6) أي عجز عن تكفيرهم وعبادتهم إياه ولكنه لم يعجز عن التحريش بينهم يعني في الخصومات والشحناء والحروب والفتن (7) ما جاء هنا بخصوص النساء تقدم شرحه في باب جامع لحقوق الزوجين من كتاب
-[خطبة في يوم العيد غير ما تقدم في العيد من الخطب]-
أقوامًا كانوا أسعد به (باب الخطبة في يوم العيد غير ما تقدم في العيدين)(ز)(عن إسماعيل 590 ابن أبي خالد)(1) عن قيس بن عائذ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقة خرماء (2) وعبد حبشي (3) ممسك بخطامها وهلك قيس أيام المختار (4)(وعنه من طريق ثان)(5) عن أبي كاهل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عيد على ناقة خرماء وحبشي مسك بخطامها (باب وبعض ما ورد في فضله صلى الله عليه وسلم (عن الطفيل بن أبي بن كعب)(6) عن أبيه قال قال 991 رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم ولا فخر (عن أبي أمامة)(7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضلني ربي على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
النكاح في الجزء السادس عشر ص 225 رقم 242 فارجع إليه (تخريجه) أو رده الحافظ ابن كثير في تاريخه بطوله وعزاه للإمام أحمد ثم قال وروى أبو داود بعضه أهـ (قلت) وروى البزار نحوه بمعناه عن ابن عمر من وجه آخر، وفي إسناد حديث الباب علي بن زيد بن جدعان مختلف فيه: بعضهم وثقة وبعضهم ضعفه، ورواه أئمة الحديث في كتبهم مقطعا في أبواب متفرقة من طرق صحيحة والله أعلم (باب)(1)(ز)(سنده) حدثنا سريج بن يونس من كتابه قال أنا أبو إسماعيل المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد الخ (غريبه)(2) قال في النهاية أصل الخرم النقب والشق، والأخرم المثقوب الأذن والذي قطعت وترة أنفه أو طرفه شيئا لا يبلغ الجدع، وقد انخرم ثقبه أي انشق، فإذا لم ينشق فهو أخزم والأنثى خزماء أهـ وعلى هذا فهي التي قطع من أذنها أو أنفها شيء (3) فسره العلماء بأنه بلال المؤذن رضي الله عنه: والخطام هو الحبل الذي يقاد به البعير (4) أي توفى قيس في أيام خروج المختار ابن عبيد الله الثقفي بالكرفة طالبا بدم الحسين سنة ست وستين وقد تقدم كلام عن المختار في سبب خروجه وانتقامه من قتلة الحسين جميعا وسبب قتله لأنه كان فاسقا يدعى أن الوحي يأتيه تقدم ذلك في هذا الجزء ص 264 و 265 (5)(سنده) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن أبي كاهل الخ (قلت) وقوله عن أبي كاهل في هذا الطريق يومهم أنه صحابي آخر غير راوي الطريق الأولى وليس كذلك، فإن أبا كاهل هذا هو قيس بن عائد كنيته أبو كاهل اشتهر بكنيته (قال لحافظ) في الإصابة أبو كاهل الأحمسي اسمه قيس بن عائذ وقيل عبد الله بن مالك، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم روى حديثه إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عيد على ناقة وحبشي ممسك بخطامها الحديث، وجاء هذا الحديث عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن عائذ بلا واسطة وقال البغوي لا أعلم له غيره، وفي كنى الدولابي من وجه آخر عن إسماعيل قال رأيت أبا كاهل وكان إمامنا وهلك أيام المختار، وفي رواية البخاري قال إسماعيل وكان أبو كاهل إمام الحيي أهـ (تخريجه)(نس جه) ورجاله ثقات، وكلام الحافظ يشعر بأن البخاري رواه ولم أقف عليه والله أعلم (باب)(6)(عن الطفيل بن أبي بن كعب الخ) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، وجاء مثله بلفظه في مسند الإمام أحمد وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في بعض فضائله صلى الله عليه وسلم في الجزء العشرين ص 182 رقم 8 في أول القسم الأول من السيرة النبوية (7)(سنده) حدثنا محمد بن أبي عدى عن سليمان يعني التيمي عن سيار عن أبي إمامة الخ (قلت) أبو امامة اسمه صدى بضم أوله مصغرا ابن عجلان بفتح أوله ابن عمر وبن وهب الباهلي من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم (تخريجه)(مذ) وقال حديث أبي أمامة حديث حسن صحيح، وسيار هذا يقال له سيار مولى
-[بعض ما ورد في فضله صلى الله عليه وسلم]-
أو قال على الامم باربع، قال أرسلت إلى الناس كافة، وجعلت الأرض كلها لي ولا مني مسجدا وطهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب 593 مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي وأحل لنا الغنائم (عن عبد الله بن غالب)(1) عن حذيفة 594 رضي الله عنه قال سيد ولد آدم يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم (عن أبي هريرة)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مأمن الأنبياء نبي إلا وقد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت 595 وحيا أوحاه الله عز وجل إلي وأرجوا أن أكون أكثرهم تبعًا يوم القيامة (عن جابر)(3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت بمقاليد الدنيا (4) على فرس أباق (5) عليه قطيفة من سندس (6) 596 (عن أبي هريرة)(7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وسلم الذي نفس محمد بيده ليأتين على أحدكم يوم لأن يراني (8) ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله ومثلهم معهم
بني معاوية، وروى عنه سليمان التيمي وعبد الله بن جبير وغير واحد أهـ (قلت) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال وبعثت إلى كل أبيض وأسود، ورجال أحمد ثقات أهـ، وهذا الحديث تقدم طرف منه في باب اشتراط دخول الوقت للتيمم من كتاب الطهارة في الجزء الثاني ص 187 وتقدم هناك حديث جابر وأبي هريرة وعلي وعبد الله بن عمرو بمعنى هذا الحديث وهي أحاديث صحيحة رواها الشيخين وغيرهما وتقدم شرحها هناك والله الموفق (1)(سنده) حدثنا حجاج ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عبد الله بن غالب الخ (تخريجه) هذا الحديث موقوف على حذيفة ولكنه جاء مرفوعا من حديث أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وهو حديث صحيح رواه (حم مذجه) وقال الترمذي حسن صحيح، وتقدم في باب ما جاء في بعض فضائله صلى الله عليه وسلم في الجزء العشرين ص 182 وروى نحوه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة (2)(عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب الأول فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص 4 رقم 3 فارجع إليه (3)(سنده) حدثنا زيد ثنا حسين عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (قلت) زيد هو ابن؟؟؟ وحسين هو ابن واقد وكلاهما ثقة (غريبه)(4) أي بمفاتيح خزائن الدنيا وكنوزها كما صرح ذلك في حديث أبي مويهبة وتقدم في الباب الأول من أبواب ما جاء في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ص 222 في هذا الجزء رقم 474 وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة وفيه لقد أخترت لقاء ربي والجنة: وهو حديث صحيح صححه الحاكم وأقره الذهبي (5) قال في المختار الباو سواد وبياض؟؟؟؟ بالضم يقال فرص؟؟ وفرس بلقاء (6) هو مارق من الديباج أي الحرير (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (7)(سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن عمام بن منبه قال هذا، ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده الخ (غريبه)(8) جاء عند مسلم بهذا السند نفسه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده ليأتين يوم ولا يراني ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم (قال أبو اسحاق) المعنى عندي لأن يراني معهم أحب إلي من أهله وماله وهو عندي مقدم ومؤخر أن (قال النووي) رحمه الله هذا الذي قاله أبو اسحاق هو الذي قاله القاضي عياض واقتصر
-[بعض ما ورد في فضله ومثله في النبيين صلى الله عليه وسلم أجمعين]-
(وعنه أيضا)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلبتم علي فأسالوا الله تعالى الوسيلة؟ قيل يا رسول الله وما 597 الوسيلة؟ قال أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو (باب في مثله صلى الله عليه وسلم في النبيين وأنه خاتمهم)(عن أبي الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه)(2) عن النبي صلى الله عليه وسلم 598 قال مثلي في النبيين كمثل رجل بني دارا فاحسنها وأكملها وترك فيها موضع لبنة (3) لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه (4) ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة: فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة (5)(وعن جابر بن عبد الله)(6) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فيه قال
عليه، قال تقديره لأن يراني معهم أحب إليه من أهله وماله ثم لا يراني. وكذا جاء في مسند سعيد ابن منصور ليأتين على أحدكم يوم لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله ثم لا يراني، أي رؤيته إياي أفضل عنده وأحظى من أهله وماله هذا كلام للقاضي، والظاهر أن قوله في تقديم لأن يراني وتأخير من أهله لا يراني كما قال، وأما لفظه معهم فعلى ظاهرها وفي موضعها وتقدير الكلام، يأتي على أحدكم يوم لأن يراني فيه لحظة ثم لا يراني بعدها أحب إليه من أهله وماله جميعا: ومقصود الحديث حثهم على ملازمة مجلسه الكريم ومشاهدته حضرا وسفرا للتأدب بآدابه وتعلم الشرائع وحفظها ليبلغوها وإعلامهم أنهم سيندمون على ما فرطوا فيه من الزيادة من مشاهدته وملازمته، ومنه قول عمر رضي الله عنه الهاني عنه الصفق بالأسواق والله أعلم (تخريجه)(م، ص)(1)(سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن ليث عن كعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صليتم علي الخ (تخريجه)(مذ) بدون قوله إذا صليتم علي، وقال حديث غريب وإسناده ليس بقوى وكعب ليس هو بمعروف، ولا نعلم أحدا روى عنه غير ليث بن أبي سليم أهـ (قلت) قال في تهذيب التهذيب كعب المدني روى عن أبي هريرة وعنه ليث بن أبي سليم ذكره ابن حيان في الثقات، وقال كنيته أبو عامر اخرج له الترمذي حديثه عن أبي هريرة في ذكر الوسيلة وابن ماجه حديث اللهم إني أعوذ بك من الجوع أهـ (قلت) ويؤيده حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بمعناه، وتقدم في باب ما يقول المستمع عند سماع الأذان في الجزء الثالث ص 30 رقم 373 وهو حديث صحيح رواه (م د نس حب) وقال المنذري أخرجه مسلم والترمذي والنسائي (باب)(2)(سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر قالا ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه الخ (غريبه)(3) بفتح اللام وكسر الموحدة بعدها نون، ويجوز كسر اللام وسكون الموحدة، قطعة طين تعجن وتيبس ويبنى بها من غير إحراق (4) أي من حسنه ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة لكان بناء الدار كاملا (5) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم شبه الأنبياء وما بعثوا به من الهدى والعلم وإرشاد الناس إلى مكارم الأخلاق بقصر أسس قواعده ورفع بنيانه وبقى منه موضع لبنة، فنبينا صلى الله عليه وسلم بعث لتتميم مكارم الأخلاق كأنه هو تلك اللبنة التي بها إصلاح ما بقى من الدار والله أعلم (تخريجه)(مذ) قال حدثنا محمد بن بشار أنا أبو عامر العقدي أنا زهير بن محمد به سندا ومتنا وزاد بعد قوله فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة، قال وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب (6)(سنده) حدثنا عفان ثنا سليم بن حيان ثنا سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله
-[رأفته صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء (وعنه أيضا)(1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء (2) كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش (3) والجنادب يقعن فيها قال وهو يذبهن (4) عنها قال وأنا آخذ بحجزكم (5) عن النار وأنتم؟؟؟ (6) من يدي 601 (عن أبي هريرة)(7) عن النبي صلى الله عليه وسلم طعام الاثنين كافي الثلاثة (8) والثلاثة كافي الأربعة، إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش والدواب تتقحم
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويعجبون ويقولون لولا موضع اللبنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء (تخريجه)(م. وغيره) وروى الإمام أحمد أيضا نحوه عن أبي سعيد الخدري فقال (حدثنا) أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل النبيين من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا لبنة واحدة فجئت أنا فاتممت تلك اللبنة (قلت) هذا حديث صحيح رواه مسلم وغيره (1)(سنده) حدثنا عفان ثنا سليم ابن حيان أنا سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) هكذا بالأصل (مثلي ومثل الأنبياء) وهذا التمثيل لا يتفق مع الأنبياء والظاهر أنه خطأ من الناسخ أو الطابع فقد جاء عند مسلم في هذا الحديث نفسه عن جابر بلفظ مثلي ومثلكم، وعنده أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ (مثلي ومثل أمتي) وله رواية أخرى (مثلي ومثلكم) وللإمام أحمد من حديث أبي هريرة وسيأتي بعد هذا بلفظ (إنما مثلي ومثل الناس) وكذلك للبخاري من حديث أبي هريرة أيضا فهذا هو الصواب والله أعلم (3) الفراش بفتح الفاء وتخفيف الراء وآخره شين معجمه هو الطير الذي يلقى نفسه في ضوء السراج وأحدثها فراشة، وقال الخليل هو الذي يطير كالبعوض، وقال غيره ما تراه كصغار البق بتهافت على النار، وقال الحافظ منها البرغش والبعوض (والجنادب) جمع جندب كبندق، قال أبو حاتم الجندب على خلقة الجراد له أربعة أجنحة كالحراد وأصغر منها يطير ويصر بالليل صرأ شديدا وقيل غيره (4) أي يمنعهن عن الوقوع فيها (5) الحجز بضم الحاء المهملة وفتح الجيم جمع حجزة كغرفة، وهي موضع شد الإزار، ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة (6) بضم التاء المثناة فوق وإسكان الفاء وكسر اللام المخففة يقال أفلت مني وتفلت إذا نازعك الغلبة والهرب ثم غلب وهرب، ومقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبه تساقط الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع في ذلك مع منعه إياهم وقبضه على مواضع المنع منهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وكلاهما حريص على هلاك نفسه ساع في ذلك لجهله (تخريجه)(ق. وغيرهما)(7)(سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه)(8) قال ابن عبد السلام في أماليه هو خير بمعنى الأمر أي اطعموا طعام الاثنين للثلاثة أو هو تنبيه على أنه يقوت الأربعة وأخبرنا بذلك لئلا نجزع، أو معناه طعام الاثنين إذا أكلا متفرقين كاف لثلاثة اجتمعوا، وقال المهلب المراد من هذه الأحاديث الحث على المكارمة والتقنع بالكفاية وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية بل المواساة وهذه الجملة جاءت حديثا مستقلا عند الشيخين أيضا وتقدم شرح ذلك
-[إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم النبيين وإنه لا رسول ولا نبي بعده]-
فيها فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تواقعون فيها، ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأكمله وأجمله فجعل الناس يطيفون به ويقولون ما رأينا بنيانا أحسن من هذا إلا هذه الثلمة (1) فأنا تلك الثلمة: وقيل لسفيان من ذكر هذه؟ قال أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (عن أنس بن 602 مالك)(2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي (3) قال فشق ذلك على الناس؛ قال قال ولكن المبشرات قالوا يا رسول الله وما المبشرات؟ قال رؤيا الرجل المسلم (4) وهي جز من أجزاء النبوة (5)
(1) بضم الثاء المثلثة وسكون اللام (قال في المصباح الثلمة في الحائط وغيره الخلل والجمع ثلم مثل؟؟ وغرف، وثلمت الإناء ثلما من باب ضرب كسرته من حافته فانثلم وتثلم هو أهـ، وقوله مثل الأنبياء إلى آخر الحديث جاء أيضا حديثا مستقلا عند الشيخين وتقدم شرحه في شرح حديث أبي الطفيل الأول من أحاديث الباب فهذه ثلاثة أحاديث جاءت عند الإمام أحمد بسند واحد ساقها سفيان بن عينيه رواية واحدة، ولذلك سأله سائل في آخرها (من ذكر هذه؟) فقال أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (تخريجه) الشيخان وغيرهما مقطعا (2)(سنده) حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا المختار بن فلفل ثنا أنس بن مالك الخ (غريبه)(3) فيه أن الرسالة والنبوة متغايران فالرسول هو الذي يبعث إلى الناس بشرع جديد يوحي إليه ليعمل به ويبلغه الناس، والنبي يوحى إليه ليعمل لنفسه، قال أنس راوي الحديث لما قال ذلك شق على الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن المبشرات (4) يعني الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة يرى الشيء في منامه (5) تقدم الكلام على شرح قوله هي جزء من أجزاء النبوة في باب رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة من كتاب تعبير الرؤيا في الجزء السابع عشر ص 210 فارجع إليه (تخريجه)(مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي واله سبحانه وتعالى أعلم
_________
إلى هنا انتهى الجزء الحادي والعشرون من كتاب الفتح الرباني مع مختصر شرحه بلوغ
الأماني ويليه الجزء الثاني والعشرون، وأوله القسم الثالث من كتاب
السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، وكان
الفراغ من طبع هذا الجزء في يوم الخميس الحادي والعشرين
من شهر رمضان المعظم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة
وألف من هجرة سيد الأنام، عليه وعلى
آله الصلاة السلام، نسأل الله
تعالى الإعانة على التمام
وحسن الختام
*