الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الأذان والإقامة
1 -
باب الأمر بالأذان وتأكيد طلبه
(224)
عن عبادة بن نسي قال كان رجل بالشام يقال له معدان كان أبو الدرداء يقرئه القرآن ففقده أبو الدرداء فلقيه يوماً وهو بدابق فقال له
أبواب الأذان والإقامة
الأذان لغة الإعلام. قال الله تعالى "وأذان من الله ورسوله" واشتقاقه من الأذن بفتحتين وهو الاستماع، وشرعاً الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، قال القرطبي وغيره الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً، ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت والدعاء إلى الجماعة وإظهار شعائر الإسلام؛ والحكمة في اختيار القول له دون الفعل سهولة القول وتيسره لكل أحد في كل زمان ومكان، واختلف أيهما أفضل الأذان أو الإقامة؛ فقيل إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة فهي أفضل وإلا فالأذان، وفي كلام الشافعي رحمه الله ما يوميء إليه، واختلف أيضا في الجمع بينهما فقيل يكره، وفي البيهقي في حديث جابر مرفوعاً النهي عن ذلك لكن سنده ضعيف، وصح عن عمر لو أطيق الأدان مع الخلافة لاذنت، رواه سعيد بن منصور وغيره، وقيل هو خلاف الأولى، وقيل يستحب وصححه النووي أفاده الحافظ.
(224)
عن عبادة بن نسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن ثابت حدثني هشام بن سعد عن حاتم بن أبي نصر عن عبادة بن نسى (غريبة)(1) هي قرية بحلب وفي الأصل اسم نهر قاله في القاموس
أبو الدرداء يا معدان ما فعل القرآن الذي كان معك؟ كيف أنت والقرآن اليوم؟ قال قد علم الله منه فأحسن، قال يا معدان أفي مدينة تسكن اليوم أو في قرية؟ قال لا بل في قرية قريبة من المدينة (وفي رواية في قرية قريبة دون حمص) قال مهلا ويحك (1) يا معدان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من خمسة أهل أبيات (2) لا يؤذن فيهم بالصلاة وتقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، وإن الذئب يأخذ الشاذة فعليك بالمدائن ويحك يا معدان (وعنه (5) من طريق ثان) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من ثلاثة في قرية فلا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة فإنما يأكل
(1) ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر وقد ترفع وتضاف ولا تضاف يقال ويح زيد وويحا له وويح له (نه)(2) أي رجال أصحاب مساكن يسكنونها في قرية ورواية ابي داوود يفيد أن ما فوقها كذلك بالأولى (3) أي غلبهم وجعلهم من حزبه فأنساهم ذكر الله وأقام الصلاة (الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون) نعوذ بالله من ذلك أما إذا أقاموا الشعائر بفعل الأذان وصلاة الجماعة فالله عز وجل يحفظهم من كيده فلا يصل إليهم قال تعالى (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) أي المؤمنين الطائعين الذين هم من حزب الله (الا أن حزب الله هم المفلحون) جعلنا الله منهم وقد روى الإمام احمد والبخاري وغيرهما عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط على يسمع التأذين) الحديث سيأتي بتمامه قريبا ان شاء الله (4) أي التي شذت وانفردت وحدها عن قطيع الغنم والمعنى أن الشيطان يتسلط على من أهمل الأذان والجماعة كما يتسلط الذئب على الشاة المنفردة عن القطيع لان عين الراعي تحمي الغنم المجتمعة (5) أي عن معدان عن أبي الدردا ومعدان هذا هو ابن ابي طلحة ويقال ابن طلحة الكناني روي عن عمر وأبي الدرداء وغيرهما من الصحابة وروي عنه سالم بن أبي الجعد والوليد بن هشام وغيرهما وثقة العجلي وابن حبان وابن سعد وذكره في الطبقة الاولى من أهل الشام (6)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن زائدة بن قدامة ووكيع قال حدثني زائدة بن قدامة عن السائب قال وكيع بن حبيش الكلاعي عن معدان بن ابي طلحة اليعمري قال قال لي
الذئب القاصية قال ابن مهدي قال السائب يعني بالجماعة في الصلاة
(225)
عن مالك بن الحويرث قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة متقاربون فأقمنا معه عشرين ليلة، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه فقال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم.
2 -
باب فضل الأذان والمؤذنين والأئمة
(226)
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق أنا مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم
أبو الدرداء أين مسكنك؟ قال قلت في قرية دون حمص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) أحد رجال السند يفسر قوله صلى الله عليه وسلم عليك بالجماعة يعني الجماعة في الصلاة (تخريجه)(د. نس. خز. حب. ك) وقال صحيح الإسناد.
(255)
عن مالك بن الحويرث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الخ (تخريجه)(ق وغيرهما)(الأحكام) احتج بأحاديث الباب من قال بوجوب الأذان والإقامة لان الترك الذي هو نوع من استحواذ الشيطان يجب تجنبه وإلى وجوبها ذهب أكثر المترة وعطاء ومجاهد والاوزاعي وداود واحمد بن حنبل وحكى عن عطاء وجوب الإقامة دون الأذان فإن تركها بعذر أجزأه ولغير عذر قضى وفي البحر أن القائل بوجوب الإقامة دون الأذان الاوزاعي وروى عن علي بن ابي طالب أن الأذان واجب دون الإقامة وعند الشافعي وأبي حنيفة انهما سنة واختلف أصحاب الشافعي على ثلاثة أقوال (الأول) أنهما سنة (الثاني) فرض كفاية (الثالث) سنة في غير الجمعة وفرض كفاية فيها وروي ابن عبد البر عن مالك وأصحابه أنهما سنة مؤكدة واجبة على الكفاية وقال آخرون الأذان فرض على الكفاية أفاده الشوكاني (226) حدثنا عبد الله الخ (غريبة)(2) بالتصغير مولى أبي بكر رضي الله عنه صرح بذلك
الناس ما في النداء (1) والصف الأول لاستهموا (2) عليهما، ولو يعلمون ما في التهجير (3) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة (4) والصبح لأتوهما ولو حبواً، فقلت لمالك أما يكره أن يقول العتمة؟ قال هكذا قال الذي حدثني
(227)
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف
(228)
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يعجب (5) ربك عز وجل من راعي غنم في رأس
البخاري في روايته (1) أي الأذان (2) أي لحكموا القرعة بينهم لكثرة الراغبين فيه وقيل إن المراد بالاستهمام هنا الترامي بالسهام وأنه أخرج مخرج المبالغة ويستأنس له بحديث أبي سعيد الآتي (لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف) واختار البخاري الاول تدل عليه رواية لمسلم (لكانت قرعة) وقال النووي معناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وعظيم جزائه ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت أو لكونه لا يؤذن للمسجد الا واحد لاقترعوا في تحصيله (3) أي التبكير إلى الصلاة قاله الهروي (4) أي صلاة العشاء يعني لو يعلمون ما في ثواب أدائها وأداء الصبح لأتوهما ولو حبوا أي لو كانوا حابين من حبا الصبي إذا مشي على أربع قاله صاحب المجمل (وقوله فقلت لمالك الخ الحديث) هذه الزيادة لم أقف عليها لغير الامام أحمد والمعنى أن عبد الرزاق قال لمالك أما يكره النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي الذي رويت عنه أو غيرع أن يسمى العشاء بالعتمة وقد ثبت النهى عن تسميتها بذلك فقال مالك هكذا قال الذي حدثني يعني فأنا أنقل الحديث كما سمعت (قلت) والجواب عن هذا السؤال تقدم في الكلام على حديث ابن عمر في الباب التاسع من أبواب مواقيت الصلاة (تحريجه)(ق. لك. والثلاثة)(227) عن ابي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله خدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد (تخريجه) لم أقف عليه وفي إسناده ابن طيعة فيه ضعف (228) عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا أبو عشانة عن عقبة بن عامر الحديث (غريبه)(5) أي عظم عنده وكبر لديه واطلاق التعجب على الله عز وجل مجاز لأنه لا تخفى عليه أسباب الأشياء والتعجب مما خفى سببه ولم يعلم وقد أعلم الله أنه انما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم موقعه عنده وخفى عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا مواقع هذه الاشياء عنده وقيل
الشظية (1) للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم يخاف شيئا قد غفرت له وأدخلته الجنة (وعنه من طريق ثان)(2) بسند صحيح قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعجب ربك فذكر معناه إلا أنه قال قد غفرت له وأدخلته الجنة وعنه من طريق ثان) (2) بسند صحيح قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعجب ربك فذكر معناه إلا أنه قال قد غفرت له فأدخلته الجنة
(229)
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره سمعنا مناديا ينادي الله أكبر، الله أكبر، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة (3) فقال أشهد أن لا إله إلا الله، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم خرج من النار فابتدرناه (4) فإذا هو صاحب ماشية أدركته الصلاة فنادى بها
(230)
وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه نحوه، وفيه فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم شهد بشهادة الحق قال أشهد أن محمداً
معناه الرضا والثواب فسماه عجبا مجازا وليس بعجب في الحقيقة والاول الوجه (نه)(1) الشظية قطعة مرتفعة في رأس الجبل والشظية الفلقة من العصى ونحوه والجمع الشظايا وهو من التشعب والتشقق (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب عن عمر بن الحارث أن أبا عشانة المعافري حدثه عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(د. نس) ورجال إسناده ثقات (229) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا سعيد ثنا قتادة وعبد الوهاب عن ابن أبي الاحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه)(3) أي السنة والدين الحق (4) أي تسابقنا اليه لنعرف من هذا الرجل الذي شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج من النار (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (قلت) وأخرج نحوه مسلم عن أنس بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طله الفجر وكان يستمع الأذان فان سمع إذانا أمسك والا أغار فسمع رجلا يقول الله اكبر الله اكبر الحديث وفي آخره فنظروا فإذا هو راعي معزي رواه أيضا الامام أحمد سيأتي في كتاب الجهاد وأخرج البخاري منه ذكر الاغارة ولم يذكر قصة الرجل وأخرجه أيضا الأربعة الا النسائي بألفاظ متقاربة (230) عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا
رسول الله قال خرج من النار انظروا فستجدونه إما راعيا معزبا (1) وإما مكلبا (2) وفي رواية تجدونه راعي غنم أو عازبا عن أهله فنظروه فوجدوه راعيا حضرته الصلاة فنادى بها
(231)
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يغفر الله للمؤذن مد (3) صوته ويشهد له كل رطب ويابس سمع صوته (وفي لفظ)(4) يغفر الله للمؤذن منتهى أذانه ويستغفر له كل رطب ويابس (5) سمع صوته
الحكم بن عبد الملك عن عمار بن ياسر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ الخ هكذا السند بالأصل فليحرر (غريبه)(1) المعزب طالب الكلأ أي المرعى العازب وهو البعيد الذي لم يرع وأعزب القوم أصابوا عازبا من الكلأ (2) بفتح الكاف وكسر اللام مشددة أي صاحب كلاب يتصيد بها كما في رواية عند الطبراني (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني ف يالصغير وفيه الحكم بن عبد الملك القرشي وهو ضعيف (قلت) له شاهد عند الطبراني في الكبير من حديث أبي جحيفة قال الهيثمي وفيه موسى بن محمد ابن حبان ضعفه أبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما خالف وبقية رجاله ثقات اهـ (231) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن الاعمش عن مجاهد عن ابن عمر الحديث (غريبه)(3) بفتح الميم والدال المهملة مشددة القدر يريد به قدر الذنوب أى يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته وهو تمثيل لسعة المغفرة يريد أن المكان الذي ينتهى اليه صوت المؤذن لو قدر وكان ما بين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة لغفرها الله تعإلى له (سنده)(4) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا معاوية ثنا زائدة عن الاعمش عن رجل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغفر الله الخ (5) أي كل نبات وحجر وما في معناها بل كا مخلوق من انس وجن وحيوان وغير ذلك يدل على ذلك مافي رواية البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم (فارفع صوتك بالنداء فانه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس ولا شيئ الا شهد له يوم القيامة) أما معنى هذه الشهادة فقد نقل الحافظ عن ابن بزيزة قال تقرر في العادة ان السماع والشهادة والتسبيح لا يكون الا من حي فهل هي هنا لسان الحال لان الموجودات ناطقة بلسان حالها بجلال بارئها أم على ظاهرها وغير ممتنع عقلا أن الله تعإلى يخلق فيها الحياة والكلام اهـ
(332)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن يغفر له مد صوته ويشهد له كل رطب ويابس وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون حسنة ويكفر عنه ما بينهما
(233)
وعنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإمام ضامن (2) والمؤذن مؤتمن (3) اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين.
(234)
عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فأرشد الله الإمام وعفا عن المؤذن
(232) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان قال سمعت أبا عثمان قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة)(1) أي في الجماعة (وقوله حسن) هكذا رواية الإمام احمد ورواية أبي داود (درجة) بدل حسنة والمعنى أن من يلبي دعوة المؤذن ويحضر صلاة الجماعة يكتب له ثواب خمس وعشرين صلاة ويكفر عنه ما ارتكبه من الذنوب الصغائر بين الصلاتين اللتين شهدهما، أما إذا صلى منفردا فيكتب له ثواب صلاة واحدة (تخريجه)(دجة. خز. حب. هق. نس) إلى قوله كل رطب ويابس وقاله فيه وله مثل أجر من صلى (233) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش قال حدثت عن أبي صالح ولا أراني إلا قد سمعته من أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) أي لصلاة المأمومين لارتباط صلاتهم بصلاته فسادا وصحة فهو الاصل وهم الفره ولهذا الضمان كان ثواب الأئمة أكثر ووزرهم أكثر إذا أخلوا بها (3) بصيغة المفعول أي أمين على الاوقات يعتمد الناس على إذانه في الصلاة والصيام لما روي ابن ماجة من حديث ابن عمر"خصلتان متعلقتان في صلاتهم وصيامهم"(وما رواه البيهقي) من حديث أبي محذورة (امناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم المؤذنون) ولان المؤذن يرتقي الاماكن المرتفعة فيطلب منه ان لا ينظر إلى بيوت الناس وعوراتهم (تخريجه)(د. حب. خز. فع) وغيرهم وصحة ابن بان (234) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو عبد الرحمن ثنا حيوة ابن شريح قال حدثني نافع بن سليمان بن محمد بن ابي صالح حدثه عن ابيه انه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الامام الخ (تخريجه) هق (حب) وصححه
(235)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، أطول الناس أعناقاً (1) يوم القيامة المؤذنون
(236)
وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
(237)
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وملائكته يصلون (2) على الصف المقدم والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه (3) من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه (4)
(235) عن انس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا عبد الصمد ثنا زائدة ثنا الأعمش قال حدثته عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أطول الناس الخ (غريبة)(1) هو بفتح الهمزة جمع عنق واختلف السلف والخلف في معناه ، فقيل معناه اكثر الناس تشوفا إلى رحمة الله لان المتشوف يطيل عنقه لما يتطلع اليه فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب وقال النضر بن شميل إذا الجم الناس العرق يوم القيامة طالت اعناقهم لئلا ينالهم العرق وقيل معناه اكثر اتباعا وقال ابن الاعرابي اكثر الناس أعمالا قال القاضي عياض وغيره وروي بعضهم إعناقا بكسر الهمزة أي اسراعا إلى الجنة وهو من سير العنق قال ابن ابي داود سمعت ابي يقول معناه ان الناس يعطشون يوم القيامة فإذا عطش الانسان انطوت عنقه والمؤذنين لا يعطشون فاعناقهم قائمة وفي صحيح ابن حبان من حديث ابي هريرة يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة زاد السراج لقولهم لا اله الا الله وظاهره الطول الحقيقي فلا يجوز المصير إلى تفسيره بغيره الا لمجيء نقله الشوكاني (تخريجه) لم اقف عليه وقال الهيثمي رواه احمد ورجاله رجال الصحيح الا أن الاعمش قال حدثت عن أنس (قلت) يعني فيه مبهم لان الأعمش لم يذكر من حدثه عن أنس) (236) عن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابن نمير ويعلى قالا ثنا طلحة يعني ابن يحي عن عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة)(تخريجه)(م هق)(237) عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا على ابن عبد الله ثنا معاذ حدثني ابي قتادة عن ابي اسحاق الكوفي عن البراء بن عازب وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام أحمد) وحدثني عبيد الله القواريري قال ثنا معاذ بن هشام فذكر مثله (غريبة)(3) الصلاة من الله عز وجل الرحمة ومن الملائكة الدعاء والاستغفار (3) أي يشهد له كما تقدم (4) أي من حضر الصلاة بسماع أذانه
(3)
باب الأمر برفع الصوت بالأذان وفضله واستجابة الدعاء بين الأذان (والإقامة وهروب الشيطان عند سماعهما)
(338)
عن ابن أبي صعصعة عن أبيه قال قال لي أبو سعيد الخدري وكان في حجره فقال لي يا بني إذا أذنت فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس شيء يسمعه إلا شهد له، جن ولا إنس ولا حجر. وقال مرة يا بني إذا كنت في البراري فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يسمعه جن ولا إنس ولا حجر ولا شيء يسمعه إلا شهد له
لانه المتسبب والدال على الخير كفاعله (تخريجه) قال المنذري رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن جيد (قلت) وصححه ابن السكن (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل الأذان وقد جاء في ذلك أحاديث كثيره في الصحيحين وغيرهما مصرحة بعظيم فضله وارتفاع درجته وأنه من أجل الطاعات التي يتنافس فيها المتنافسون وان صاحبه يوم القيامة يمتاز من غيره بشرط أن يكون المؤذن غيره بشرط أن يكون المؤذن غير متخذ اجرا عليه والا كان فعله لذلك من طلب الدنيا والسعي للمعاش وليس من أعمال الآخرة وقد استدل بأحاديث الباب من قال ان الأذان أفضل من الامامة وهو نص الشافعي في الأم وقول أكثر أصحابة وذهب بعض أصحابه إلى أن الامامة أفضل وهو نص الشافعي أيضا قاله النووي وبعضهم ذهب إلى أنهما سواء وقال بعضهم انه ان علم من نفسه القيام بحقوق الامامة وجمع خصالها فهي أفضل والا فالأذان قال أبو علي وابو القاسم بن كج والمسعودي والقاضي حسين من أصحاب الشافعي واختلف في الجمع بين الأذان والامامة فقاله جماعة من أصحاب الشافعي انه يستحب ان لا يفعله وقال بعضهم يكره وقال محققوهم واكثرهم لا بأس به بل يستحب قال النووي رحمه الله وهذا أصح وفي البيهقي مرفوعا من حديث جابر النهى عن ذلك قال الحافظ لكن سنده ضعيف قال الشوكاني ويؤيد من ذهب إلى أن الامامة أفضل ان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده أمو ولم يؤذنوا وكذا كبار العلماء بعدهم أهـ (238) عن ابن ابي صعصعة (سنده) حدثناا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان حدثني ابن ابي صعصعة عبد الله بن عبد الرحمن عن ابيه (الحديث) وفي أخره قال "يعني عبد الله بن الامام احمد" قال ابي وسفيان مخطئ في اسمه والصواب عبد الرحمن بن عبد الله
(وعنه من طريق ثان)(1) ان أبا سعيدا قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(239)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان (2) وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي التأذين أقبل حتى إذا ثوب بها (3) أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر (4)
ابن عبد الرحمن بن ابي صعصعة (قلت) وسنده عند البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي صعصعة عن أبيه الخ فالصواب ماصو به الامام احمد رحمه الله (1)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي قال قرأت على عبد الرحمن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي صعصعة المازني عن أبيه انه أخبره ان ابا سعيد قال له الخ (تخريجه)(خ. نس. جه. لك. فع)(239) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منيه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي الخ (غريبة)(2) انما يدبر الشيطان لعظم أمر الأذان لما اشتمل عليه من قواعد التوحيد واظهار شعائر الإسلام وإعلانه وقيل ليأسه من وسوسة الانسان عند الاعلان بالتوحيد (وقوله ضراط) بضم الضاد المعجمة وهو ريح له صوت يخرج من دير الانسان وغيره ثم هو يحتمل أن يكون باقيا على ظاهره لأن الشيطان جسم يأكل ويشرب كما جاء في الاخبار فصح منه خروج الريح ويحتمل أن يكون على سبيل التمثيل فيكون النبي صلى الله عليه وسلم شبه حال الشيطان عند هروبه من سماع الأذان بحال من حزبه امر عظيم فلم يزل يحصل له الضراط من شدة ما هو فيه لأن الواقع في شدة من خوف وغيره تسترخي مفاصله ولا يملك نفسه فينفتح مخرجه (3) المراد بالتثويب الإقامة واصله من ثاب إذا رجع ومقيم الصلاة راجع إلى الدعاء اليها فان الأذان دعاء إلى الصلاة والإقامة دعاء اليها (4) هو بضم الطاء وكسرها حكاهما القاضي عياض في المشارق قال ضبطناه عن المتقنين بالكسر وسمعناه من أكثر الرواه بالضم قال والكسر هو الوجه ومعناه يوسوس وهو من قولهم خطر الفحل
بين المرء ونفسه فيقول له أذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل حتى يظل الرجل إن (1) يدري كيف يصلي (وعنه من طريق ثان)(2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمع الشيطان المنادي ينادي بالصلاة ولي وله ضراط حتى لا يسمع الصوت فإذا فرغ رجع فوسوس فإذا أخذ في الإقامة فعل مثل ذلك.
(240)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن هرب الشيطان حتى يكون بالروحاء وهي من المدينة ثلاثون ميلا
(241)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة
بذنبه إذا حركه فضرب به فخذيه وأما بالضم فمن السلوك والمرور أي يدنو منه فيمر بينه وبين قلبه فيشغله عما هو فيه وبهذا فسره الشارحون للموطأ وبالاول فسره الخليل قاله النووي م (1) ان بمعنى ما كما في رواية عند مسلم قال النووي رحمه الله هذا هو المشهور في قوله ان يدري انه بكسر همزة ان قال القاضي عياض وروي بفتحها قال وهي رواية ابن عبد البر وادعى انها رواية اكثرهم وكذا ضبطه الاصيلي في كتاب البخاري والصحيح الكسر م (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا معاوية بن عمر وقال ثنا زائدة ثنا سليمان الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليع وسلم الخ (تخريجه)(ق. لك. نس. هق)(240) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن أبي سفيان عن جابر الخ (تجريبه)(م. هق)(241) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان عن زيد العمى عن أبي إياس يعني معاوية بن قرة عن أنس بن مالك (الحديث)(تخريجه)(د. نس. حزحب. مذ) وحسنه
(242)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ثوب (1) بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء
(4)
باب بدء الأذان ورؤيا عبد الله بن زيد وسبب مشروعية التثويب في الفجر
(243)
عن نافع أن ابن عمر كان يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة (2) وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوماً في ذلك فقال
(242) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا ابو الزبير عن جابر الخ (غريبة)(1) المراد بالتثويب هنا الإقامة وقد مر الكلام عليه في شرح حديث ابي هريرة المتقدم في الباب (تخريجه) الحديث لم أقف عليه وفي إسناده ابن طيعة وله شواهد (منها) مارواه الامام مالك في الموطأ وابن حبان في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ساعتان تفتح لهما أبواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته عند حضرة النداء للصلاة والصق في سبيل الله) ومنها حديث أنس المتقدم (ومنها) ما أخرجه مسلم والامام احمد والنسائي وابن ماجة والترمذي وحسنة وصححه اليعمري من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا وسيأتي في "باب ما يقول المستمع عند سماع الأذان" الخ ومنها ما أخرجه) ابو داود والترمذي من حديث ام سلمة قالت علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول عند إذان المغرب "اللهم ان هذا اقبال ليلك وادبار نهارك واصوات دعاتك فاغفر لي" وقد عين صلى الله عليه وسلم ما يدعى به لما قال "الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد) قالوا فما نقول يارسول الله "قال سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة " قال ابن القيم هو حديث صحيح وفي المقام أدعية غير هذه (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على استحباب رفع الصوت بالأذان لكونه سببا للمغفرة وشهادة الموجودات ولأنه أمر بالمجيء إلى الصلاة ،فكل ما كان ادعى لاسماع المأمورين بذلك كان أولى (وفيها) ما يدل على فضل الأذان الإقامة وهروب الشيطان عند سماعهما وتقدم الكلام على ذلك (وفيها) استجابة الدعاء بين الأذان والإقامة وهو مقيد بما لم يكن فيه اثم أو قطيعة رحم كما في الأحاديث الصحيحة وقد ورد تعيين أدعية تقال حال الأذان وبعده وبين الأذان والإقامة منها ما سلف (ومنها) ما سيأتي في كتاب الأذكار والدعوات ان شاء الله تعإلى والله الموفق (243) عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق وابن بكر المعنى قالا أنا ابن جريج اخبرني نافع ان ابن عمر الخ (غريبة)(2) أي يقدرون حينها ليأتوا اليها فيه والحين الوقت من الزمان
بعضهم اتخذوا ناقوسا (1) مثل ناقوس النصاري وقال بعضهم بل قرنا (2) مثل قرن اليهود فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد (3) بالصلاة.
(244)
عن عبد الله بن زيد (بن عبد ربه) قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به للناس في الجمع للصلاة (وفي رواية وهو كاره لموافقته النصارى) طاف بي (4) وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت له يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال ما تصنع به؟، قال: فقلت ندعوا به إلى الصلاة، قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قال: فقلت له بلى، قال: تقول الله أكبر الله أكبر
(1) الناقوس خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها والنصارى يعلمون بها أوقات الصلاة (2) أي ينفخ فيخرج منه صوت يكون علامة للأوقات كما كانت تفعل اليهود وهذا هو الذي يسمى بوقا بضم الباء وكان ذلك في الزمن الغابر ما الان فقد اتخذوا الاجراس بدل البوق والناقوس (3) كان اللفظ الذي ينادي به للصلاة قوله الصلاة جامعة كما أخرجه ابن سعد في الطبقات من مراسيل سعيد بن المسيب (تخريجه)(ق. نس. مذ) وقال حسن صحيح ووقع لابن ماجة من وجه أخر عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس فيما يجمعهم إلى الصلاة فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى والظاهر ان اشارة عمر رضي الله عنه بارسال رجل ينادي للصلاة كانت عقب المشاورة فيما يفعلونه وان رؤيا عبد الله بن زيد كانت بعد ذلك لان ما في قصة رؤيا عبد الله بن زيد بلفظ فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه صريح في ان عمر لم يكن حاضرا عند قصة رؤيا عبد الله (244) عن عبد الله بن زيد (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثني ابي عن محمد بن اسحق قال حدثني محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال حدثني عبد الله بن زيد قال لما امر الخ (4) أي ألم بي طائف حال
الله اكبر الله اكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله أشهد أن محمد رسول الله حي (1) على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا إله إلا الله ثم استأخر غير بعيد ثم قال تقول إذا أقيمت الصلاة الله اكبر الله اكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به قال فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله الحمد (وعنه من طريق ثان بنحوه)(3) وزاد ثم أمر بالتأذين فكان
النوم يقال طاف به الخيال طوفا ألم به في النوم (1) اسم فعل أمر أمر مبني على فتح الياء التحتية المشددة معناه اقبلوا اليها وهلموا إلى الفوز والنجاة وفتحت الياء لسكونها وسكون الياء السابقة المدغمة (2) أي ارفع وقيل أحسن وأعذب (3)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال أنا أبي عن ابن اسحاق قال وذكر محمد بن مسلم الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه "الحديث"(تخريجه) أخرج الطريق الاول منه (جه خز حب هق) قال محمد بن يحي الذهلي ليس في أخبار عبد الله بن زيد أصح من حديث محمد بن اسحاق عن محمد بن ابراهيم التيمي يعني هذا لأن محمدا قد سمع من أبيه عبد الله بن زيد وقال ابن خزيمة في صحيحه هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل لأن محمدا سمع من أبيه وابن إسحاق س مع من التيمي وليس هذا مما دلسه وقد صحح هذه الطريقة البخاري فيما حكاه الترمذي في العلل عنه وأخرج الطريق الثانية منه الحاكم وقال هذه أمثل الروايات في قصة عبد الله بن زيد لأن سعيد بن المسيب قد سمع من عبد الله بن
بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال فجاءه فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم قال فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم قال سعيد بن المسيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر
[(245) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت في النوم كأني مستيقظ أرى رجلا نزل من السماء عليه بردان أخضران نزل على جذم (1) حائط من المدينة فأذن مثنى مثنى ثم جلس، فقال نعم ما رأيت، علمها بلالاً، قال عمر قد رأيت مثل ذلك ولكنه سبقني.
(246)
عن بلال رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب (2) في شيء من الصلاة إلا في صلاة الفجر وقال أبو أحمد (أحد الرواة) في حديثه
زيد ورواه يونس ومعمر وشعيب وابن إسحاق عن الزهري، ومتابعة هؤلاء لمحمد بن إسحاق عن الزهري ترفع احتمال التدليس الذي تحتمله عنعنة ابن إسحاق اهـ (245) عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنبأنا ابو بكر يعني ابن عياش عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن ابي ليلى عن معاذ بن جبل (غريبة)(1) الجذم بكسر الجيم وسكون الذال الأصل اراد بقية حائط أو قطعة من حائط (نه)(تخريجه)(قط هق) وسنده جيد (246) عن بلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن الربيع وأبو أحمد قالا ثنا اسرائيل قال أبو أحمد في حديثه ثنا الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال الخ (غريبه)(2) الأصل في التثويب أن يجيء الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى ويشهر فسمى الدعاء تثويبا لذلك وكل داع مثوب وقيل انما سمى تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة وان المؤذن إ ذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم اليها وإذا رجع فهو رجوع إلى الآمر بالمبادرة إلى الصلاة وان المؤذن إذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم اليها وإذا قال بعدها الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلام معناه
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنت فلا تثوب (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو قطن قال ذكر رجل لشعبة الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال قال فأمرني أن أثوب في الفجر ونهاني عن العشاء فقال شعبة والله ماذكر ابن ابي ليلى ولا ذكر إلا إسنادا ضعيفا قال أظن شعبة قال كنت أراه رواه عن عمران بن مسلم.
المبادرة اليها ومنه حديث بلال قال "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا أثوب في شيء من الصلاة الا في صلاة الفجر" وهو قوله الصلاة خير من النوم مرتين (نه)(تخريجه)(جه مذ) وفيه انقطاع بين ابن أبي ليلى وبلال لأن ابن أبي ليلى ولد سنه سبع عشرة ووفاة بلال كانت سنه عشرين أو احدى وعشرين بالشام وكان مرابطا بها قبل ذلك من أوائل فتوحها فهو شامي وابن أبي ليلى كوفي فكيف يسمع منه مع حداثة السن وتباعد الديار لكن له شواهد تعضده (منها) ما رواه أبو داود في بعض طرقه عن أبي محذورة وصححه ابن غزيمة من طريق ابن جريج (ومنها) ما رواه النسائي من وجه أخر وصححه أيضا ابن خزيمة ومنها ما رواه الامام أحمد من حديث ابي محذورة أيضا وسيأتي في الباب التالي وروي التثويب أيضا الطبراني والبيهقي بإسناد حسن عن ابن عمر بلفظ "كان الأذان بعد حي على الفلاح "الصلاة خير من النوم مرتين" قال اليعمري وهذا اسناد صحيح وروي ابن خزيمة والدار قطى والبيهقي عن أنس أنه قال من السنة إذا قال المؤذن في الفجر "حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم" قال ابن سيد الناس وهو اسناد صحيح والله أعلم (الأحكام) حديث ابن عمر فيه أول بدء الأذان (وفيه) منقبة عظيمة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه الذي أشار بالنداء إلى الصلاة ولاصابته الصواب في ذلك وان كان بغير اللفظ المشروع (وفيه) التشاور في الامور لاسيما المهمة وذلك مستحب في حق الأمة بإجماع العلماء وفيه انه ينبغي للمتشاورين أن يقول كل منهم ما عنده ثم صاحب الأمر يفعل ما ظهرت له فيه المصلحة (وحديث عبد الله ابن زيد) "وهو عمدة أحاديث الباب" فيه سبب مشروعية الأذان والإقامة والتثويب في الفجر بالألفاظ المخصوصة (وفيه تربيع التكبير) واليه ذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي واحمد وجمهور العلماء كما قال النووي واحتجوا بهذا الحديث وبان التربيع عمل أهل مكة
وهي مجمع المسلمين في المواصم وغيرها ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة وغيرهم وفيه أيضا ذكر الشهادتين مثنى مثنى وقد اختلف الناس في ذ لك فذهب ابو حنيفة والكوفيون والهادوية والناصرية إلى عدم استحباب الترجيع تمسكا بظاهر الحديث والترجيع هو العود إلى الشهادتين مرتين مرتين برفع الصوت بعد قولها مرتين مرتين بخفض الصوت ذكر ذلك النووي في طرح مسلم وذهب الشافعي ومالك واحمد وجمهور العلماء كما قال النووي إلى ان الترجيع في الأذان ثابت لحديث ابي محذورة الاتي في الباب التالي وهو حديث صحيح مش تمل على زيادة غير منافية فيجب قبولها وهو أيضا متأخر عن حديث عبد الله بن زيد قال النووي في شرح مسلم إن حديث ابي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين وحديث عبد الله ابن زيد في أول الامر ويرجحه أيضا عمل أهل مكة والمدينة به قال وقد ذهب جماعة من المحدثين وغيرهم إلى التخيير بين فعل الترجيع وتركه اهـ وفيه أيضا التثويب في صلاة الفجر لقول سعيد بن المصيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر يعني قول بلال "الصلاة خير من النوم" وقد ذهب إلى القول بشرعية التثويب عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري وابن سيرين والزهري ومالك والنووي واحمد واسحاق وأبو ثور وداود وأصحاب الشافعي وهو راي الشافعي في القديم ومكروه عنده في الجديد وهو مروى عن أبي حنيفة واختلفوا في محله فالمشهور أنه في صلاة الصبح فقط وعن النخعي وابي يوسف انه سنة في كل الصلوات وحكى القاضي ابو الطيب عن الحصن بن صالح انه يستحب في إذان العشاء وروي عن الشعبي وغيره انه يستحب في العشاء والفجر والأحاديث لم ترد باثباته الا في صلاة الصبح لا في غيرها فالواجب الاقتصار على ذك والجزم بان فعله في غيرها بدعة كما صرح بذلك ابن عمر وغيره افاده الشوكاني وفيه أيضا دليل على استحباب اتخاذ مؤذن حسن الصوت لقوله صلى الله عليه وسلم "فانه اندى صوتا منك" قال النووي قيل معناه أرفع صوتا وقيل أطيب فيؤخذ منه كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه وهذا متفق عليه قال اصحابنا فلو وجدنا مؤذنا حسن الصوت يطلب على أدانة رزقا واخر يتبرع بالأذان لكنه غير حسن الصوت فايهما يؤخذ؟ فيه وجهان اصحهما يرزق حسن الصوت وهو قول شريح والله اعلم وذكر العلماء في حكمة الأذان اربعة اشساء اظهار شعائر الاسلام وكلمة التوحيد والاعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء إلى الجماعة والله اعلم أهـ وحديث معاذ يدل على تثنية الأذان والإقامة وسيأتي الكلام على ذلك في الباب التالي وحديث بلال يدل على التثويب في الفجر وتقدم الكلام عليه.
(5)
باب صفة الأذان والإقامة وعدد كلمتهما وقصة أبي محذورة
[(247) عن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيما في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام قال فقلت لأبي محذورة يا عم إني خارج إلى الشام وأخشى أن أسأل عن تأذينك فأخبرني أن أبا محذورة قال له نعم، خرجت في نفر (وفي رواية في عشرة فتيان) فكنا ببعض طريق حنين فقفل (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون (2) فصرخنا نحكيه ونستهزيء به فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوت فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني، فقال قم فأذن بالصلاة فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو نفسه فقال: قل الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال لي ارجع فامدد من صوتك (3) ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح
(247) عن عبد العزيز بن عبد الملك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج ومحمد بن بكر انا ابن جريج قال اخبرني عبد العزيز بن عبد الملك الخ (غريبة)(1) أي رجع من غزوة حنين (2) يقال نسكب عن الطريق إذا عدل عنه وتنكب أي تنحى واعرض والمعنى انهم عدلوا عن الطريق التي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذوا يصرخون بالأذان كما يفعل مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء به لانهم كانوا كفارا (3) أي ارفع صوتك اكثر من المرة الاولى وهذا هوا المسمى بالترجيع في الأذان
حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من الفضة (1) ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه مرتين ثم مرتين على يديه ثم على كبده ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة (2) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله فيك فقلن يارسول الله مر بي بالتأذين بمكة فقال قد أمرتك به وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية وعاد ذلك محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت على عتاب بن اسيد عامل رسول الله صلى عليه وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر بي ذلك من ادركت من أهلي ممن أدرك أبا محذورة على نحو ما أخبرني عبد الله بن محيريز
(1) استدل به ابن حبان على الرخصة في أخذ الاجرة وعارض به الحديث الوارد في النهي عن ذلك قال ابن سيد الناس ولا جليل فيه لوجهين الاول حديث ابي محذورة هذا متقدم قبل اسلام عثمان بن ابي العاص الراوي لحديث النهي فحديث عثمان متاخر بيقين الثاني انها واقعة يتطرق اليها الاحتمال بل اقرب الاحتمالات فيها ان يكون من باب التأليف لحداثة عمدة بالاسلام كما أعطى حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم ووقائع الاحوال إذا تطرق اليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الاجمال قلت هذا حسن ويمكن الجمع بان يحمل حديث النهى على من اشترط على إذانه اجرا ويحمل حديث الباب على من إذان محتسبا واتاه شيء من عند الله بدون مسألة فله أخذه ولا يعد اجرا والله اعلم (2) لعله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع أبي محذورة ليزول ما عنده من الكراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليحفظ ما يلقى اليه وقد كان ذلك ببركته صلى الله عليه وسلم ومعجزته فقد صرح به ابو محذورة فقال وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية وعاد ذلك محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فائدة) اسم ابي محذورة أوس بن معير بكسر الميم وسكون العين المهملة ابن لوذان بن سعد بن جمح قال الزبير بن بكار من قال غير هذا فقد أخطأ أهـ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه ابنه عبد الملك وعبد الله بن محيريز ومحمد بن يزيد النخعي وغيرهم ولاه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان يوم الفتح وكان أحسن الناس إذانا وانداهم صوتا وقد اخرج الدارمي وابو الشيخ بإسناد متصل بابي محذورة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بنحو عشرين
(248)
عن السائب مولى أبي محذورة وأم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا من أبي محذورة فذكر نحو الحديث المتقدم مختصراً وفيه ذكر التكبير الأول أربعاً وزاد فيه قوله صلى الله عليه وسلم وإذا أذنت بالأول (1) من الصبح فقل الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، وإذا أقمت فقلها مرتين قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، أسمعت؟ قال وكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح عليها
(249)
عن أبي محذورة رضي الله عنه قال كنت أؤذن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح فإذا قلت حي على الفلاح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الأذان الأول
(250)
وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة
رجلا فأذنوا فأعجبه صوت أبي محذورة فعلمه الأذان وأخرجه أيضا ابن حبان من طريق اخرى ورواه ابن خزيمة في صحيحه قال الزبير بن بكار كان أبو محذورة أحسن حسن الناس صوتا وإذانا ولبعض شعراء قريش في إذان أبي محذورة
أما ورب الكعبة المستورة، وما تلا محمد من سورة ، والنغمات من أبي محذورة ، لافعلن فعلة مذكورة
(تخريجه)(د. نس. حب. جه. هق) ورجالة عند الامام احمد كلهم من رجال الصحيحين الا عبد العزيز بن عبد الملك وقد أخرج له الاربعة وقال فيه الحافظ في التقريب صدوق (248) عن السائب مولى ابى محذورة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق اخبرني ابن جريج حدثني عثمان بن السائب مولاهم عن أبيه السائب مولى أبي محذورة الخ (غريبة)(1) أي بالأذان الاول (تخريجه)(د. هق. قط والطحاوي) وسنده جيد (249) عن أبي محذورة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان عن أبي جعفر قال عبد الرحمن ليس هو الفراء عن أبي سليمان عن أبي محذورة (الحديث)(تخريجه)(نس. هق) وسنده جيد (250) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا همام ثنا عامر الاحول حدثني مكحول ان عبد الله بن محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه أن رسول
(276)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلعات (1) اليمن فقام بلال ينادي فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال مثل ما قال هذا يقيناً دخل الجنة.
(277)
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.
(278)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة (2) والصلاة القائمة آتِ
(276) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وقال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه أن علي بن خالد الدؤلي حدثه أن النضر بن سفيان الدؤلي حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) التلعات بفتحات جمع تلعة كسجدة وسجدات ويجمع أيضا على تلاع مثل قلعة وقلاع والتلعة مجرى الماء من أعلى الوادي، والتلعة أيضا ما انهبط من الأرض، فهي من الأضداد ، والمعنى كنا بهذه الأماكن من بلاد اليمن (تخريجه)(نس. جه. ك) وقال صحيح الإسناد
(277)
عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن مالك وثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخ (تخريجه)(ق. هق. والإمامان والأربعة)
(278)
عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن عياش ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر الخ (غريبه)(2) المراد بها دعوة التوحيد لقوله تعالى (له دعوة الحق) وقيل لدعوة التوحيد تامة لأنه لا يدخلها تغيير ولا تبديل بل هي باقية إلى يوم القيامة ، وقال ابن التين وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو لا إله إلا الله اهـ (والوسيلة) فسرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عبد الله بن عمرو ، ولا قول لأحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المنزلة العلية في الجنة فيتعين المصير إلى ذلك «والفضيلة» أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون تفسيرا للوسيلة (وقوله مقاماً محمود) أي يحمد القائم فيه وهو يطلق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا أو ضمن ابعثه معنى أقمه ، أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه أعطه ، ويجوز أن يكون حالا.
إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، مرتين تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح مرتين فإن كان صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله (زاد في رواية) قال والإقامة مثنى مثنى لا يرجع.
(252)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا جعفر يعني المؤذن (1) يحدث عن مسلم أبي المثنى (2) يحدث عن ابن عمر قال إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين وقال حجاج يعني مرتين مرتين (3) والإقامة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة وكنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة (4) قال شعبة لا أحفظ غير هذا (5).
(252) حدثنا عبد الله الخ (غريبه)(1) هو محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران ابن المثنى القرشي مولاهم ويقال البصري، قال ابن معين والدارقطني لا بأس به، وقال الحافظ في التقريب صدوق يخطئ وقال ابن عدي ليس له من الحديث إلا اليسير، روى له الأربعة إلا ابن ماجه (2) هو ابن المثنى ويقال ابن مهران بن المثنى الكوفي المؤذن وثقه أبو زرعة وابن حبان، روى له مسلم وأبو داود والنسائي (3) لم يذكر الترجيع في هذا الحديث وتقدم ذكره في روايات أخرى صحيحة (4) الظاهر من هذا أن بعضهم كان يؤخر الخروج إلى الصلاة في بعض الأحيان إلى حين الإقامة اعتماداً على تطويل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (5) رواية أبي داود قال شعبة لم أسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث، ولعله يريد أن أبا جعفر كان قليل الرواية والله أعلم (تخريجه)(د. نس. فع. قط. ك. هق. خز. والدارمي وأبو عوانة والطحاوي) وقال اليعمري في شرح الترمذي إن حديث ابن عمر إسناده صحيح.
(253)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أمر (1) بلال أن يشفع الأذان (2) ويوتر الإقامة (ومن طريق ثانٍ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا خالد عن أبي قلابة قال أنس أمر بلالٌ أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة فحدثت به أيوب فقال إلا الإقامة.
(254)
عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه (أبي جحيفة رضي الله عنه قال رأيت بلالاً يؤذن ويدور وأتتبع فاه (3) هاهنا وهاهنا (زاد في رواية يعني يميناً وشمالاً وإصبعاه في أذنيه (4).
(253) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس الخ (غريبه)(1) هو بضم الهمزة وكسر الميم أي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي رحمه الله هذا هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء من الفقهاء وأصحاب الأصول وجميع المحدثين وشذ بعضهم فقال هذا اللفظ وشبههه موقوف لاحتمال أن يكون الآمر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ، والصواب أنه مرفوع لأن إطلاق ذلك إنما ينصرف إلى صاحب الأمر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا اللفظ قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا أو أمر الناس بكذا ونحوه فكله مرفوع سواء قال الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بعد وفاته والله أعلم اهـ م (2) أي يأتي به مثنى وهذا مجمع عليه اليوم وحكى في افراده خلاف عن بعض السلف، وأما قوله ويوتر الإقامة فمعناه يأتي بها وتراً ولا يثنيها بخلاف الأذان (وقوله) إلا الإقامة معناه إلا لفظ الإقامة وهي قوله قد قامت الصلاة فإنه لا يوترها بل يثنيها قاله النووي م (تخريجه)(ق. الأربعة. فع. هق. قط. والطحاوي)
(254)
عن عون بن أبي جحيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه الخ (غريبه)(3) في لفظ آخر وكنت أتتبع فاه الخ ولم يبين في الحديث وقت التفات المؤذن يميناً وشمالا والظاهر أنه مقيد بوقت الحيعلتين لما في رواية أبي داود «رأيت بلال خرج إلى الأبطح فأذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر» وقد بوب له ابن خزيمة فقال باب انحراف المؤذن عند قوله «حي على الصلاة حي على الفلاح بفمه لا ببدنه كله» والحكمة في ذلك الاسماع (4) في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه حال الأذان فائدتين ذكرهما العلماء، (الأولى) أن ذلك أرفع لصوته، قال الحافظ وفيه حديث ضعيف من طريق سعد القرظ
(255)
عن ابن أبي محذورة عن أبيه أو عن جده قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان لنا ولموالينا، (1) والسقاية لبني هاشم، والحجامة لبني عبد الدار.
عن بلال، (والثانية) أنه علامة للمؤذن ليعرف من يراه على بعد أو من كان به صمم أنه يؤذن والله أعلم (تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم)
(255)
عن ابن أبي محذورة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف ابن الوليد قال ثنا هذيل بن بلال عن ابن أبي محذورة الخ (غريبه)(1) الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصهم بذلك لمزية علمها فيهم وربما كانت حسن الصوت وارتفاعه في الأذان والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم (الأحكام) الحديث الأول من أحاديث الباب فيه تثنية التكبير لا تربيعه وإليه ذهبت المالكية وأبو يوسف، ومن أهل البيت زيد بن علي والصادق والهادي والقاسم محتجين به وبما أخرجه مسلم من روايات هذا الحديث عن أبي محذورة وفيه أن الأذان مثنى فقط وبأن التثنية عمل أهل المدينة وهم أعرف بالسنن، وبحديث أمره صلى الله عليه وسلم لبلال بتشفيع الأذان وإيتار الإقامة وهو من أحاديث الباب أيضاً وأخرجه الشيخان وغيرهما (قال الشوكاني رحمه الله الحق أن روايات التربيع أرجح لاشتمالها على الزيادة وهي مقبولة لعدم منافاتها وصحة مخرجها اهـ
(قلت) وفي أحاديث الباب أيضاً ذكر الترجيع والتثويب وقد تقدم الكلام عليهما في الباب السابق (وفيها أيضا) تثنية الإقامة وإفرادها، أما تثنيتها فقد جاءت في حديث أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة وفيه والإقامة مثنى مثنى ثم ذكرها مفصلة وأما إفرادها فقد جاء في حديث أنس «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة» وحديث ابن عمر، إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الخ (وقد اختلف الناس في ذلك) فذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن ألفاظ الإقامة إحدى عشرة كلمة كلها مفردة إلا التكبير في أولها وآخرها ولفظ قد قامت الصلاة فإنها مثنى مثنى مستدلين بحديث أنس وابن عمر المشار إليهما، قال الخطابي مذهب جمهور العلماء والذي جرى به العمل في الحرمين والحجاز والشام واليمن ومصر والمغرب إلى أقصى بلاد الإسلام أن الإقامة فرادى
قال ومذهب كافة العلماء أنه يكرر قوله قد قامت الصلاة إلا مالكا فإن المشهور عنه أنه لا يكررها (وذهب الشافعي) في قديم قوليه إلى ذلك، قال النووي ولنا قول شاذ أنه يقول في التكبير الأول الله أكبر مرة وفي الأخيرة مرة ويقول قد قامت الصلاة مرة، قال ابن سيد الناس وقد ذهب إلى القول بأن الإقامة إحدى عشرة كلمة عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر، (وذهبت) الحنفية والهادوية والثوري وابن المبارك وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين واستدلوا بما في روايات أبي محذورة عند الإمام أحمد وغيره وبما في رواية من حديث عبد الله بن زيد عند الترمذي وأبي داود بلفظ «كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة» قال الحافظ وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائي وغيره اهـ وساقه الحازمي في الناسخ والمنسوخ وذكر فيه الإقامة مرتين مرتين وقال هذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي (قلت) وصححه الترمذي وغيره، وهو متأخر عن حديث بلال الذي فيه الأمر بإيتار الإقامة لأنه بعد فتح مكة لأن أبا محذورة من مسلمة الفتح وبلال أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان فيكون ناسخاً، وقد روى أبو الشيخ أن بلالا أذن بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرتين مرتين وأقام مثل ذلك، إذا عرفت هذا تبين لك أن أحاديث تثنية الإقامة صالحة للاحتجاج بها لما أسلفنا، وأحاديث إفراد الإقامة وإن كانت أصح منها لكثرة طرقها وكونها في الصحيحين لكن أحاديث التثنية مشتملة على الزيادة فالمصير إليها لازم لاسيما مع تأخر تاريخ بعضها كما عرفناك،
(وقد ذهب) بعض أهل العلم إلى جواز إفراد الإقامة وتثنيتها، قال أبو عمر بن عبد البر: ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي ومحمد بن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وحملوه على الإباحة والتخيير، قالوا كل ذلك جائز لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ذلك وعمل به أصحابه فمن شاء قال الله أكبر أربعا في الأذان، ومن شاء ثنى الإقامة ومن شاء أفردها إلا قوله قد قامت الصلاة فإن ذلك مرتان على كل حال أفاده الشوكاني (قلت) وفي أحاديث الباب أيضا مشروعية التفات المؤذن يمينا وشمالا حال الأذان ووضع أصبعيه في أذنيه وتقدم الكلام على الحكمة في ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
(6)
باب النهي عن أخذ الأجرة على الأذان
(266)
عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي؛ فقال أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً.
(7)
باب ما يقول المستمع عند سماع الأذان والإقامة وبعد الأذان
(267)
عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن النبي
(266) عن عثمان بن أبي العاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا حماد عن الجريري عن أبي العلاء عن عثمان بن أبي العاص الخ (تخريجه)(الأربعة وغيرهم) وسنده جيد وصححه الحاكم وقال ابن المنذر ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص «واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» وأخرج ابن حبان عن يحيى البكالي قال سمعت رجلا قال لابن عمر إني لأحبك في الله، فقال له ابن عمر إني لأبغضك في الله، فقال سبحان الله، أحبك في الله وتبغضني في الله، قال نعم، إنك تسأل على أذانك أجرا، وروي عن ابن مسعود أنه قال أربع لا يؤخذ عليهن أجر، الأذان، وقراءة القرآن، والمقاسم، والقضاء، ذكره ابن سيد الناس في شرح الترمذي ، وروى ابن أبي شيبة عن الضحاك أنه كره أن يأخذ المؤذن على أذانه جعلا ويقول إن أعطي بغير مسئلة فلا بأس ، وروى أيضا معاوية بن قرة أنه قال كان يقال لا يؤذن لك إلا محتسب (الأحكام) حديث الباب مع هذه الآثار فيها النهي عن أخذ الأجرة شرطا على الأذان والإقامة، وقد ذهب إلى تحريم ذلك القاسم والهادي والناصر وأبو حنيفة وغيرهم ، (وقال مالك) لا بأس بأخذ الأجر على ذلك، وقال الأوزاعي يجاعل عليه ولا يؤاجر (وقال الشافعي) في الأم أحب أن يكون المؤذنون متطوعين ، قال وليس للإمام أن يرزقهم وهو يجد من يؤذن متطوعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله قال ولا أحسب أحد ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا يؤذن متطوعا ، فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا ، ولا يرزقه إلا من خمس الخمس الفضل ، وقد عقد ابن حبان ترجمة على الرخصة في ذلك. وأخرج عن أبي محذورة أنه قال فألقى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان فأذنت ثم أعطاني حين قضيت التأذين صرة فيها شيء من فضة ، وتقدم الكلام على ذلك في أول باب صفة الأذان فارجع إليه
(267)
عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر
صلى الله عليه وسلم قال كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله.
(268)
عن عبد الله بن ربيعة السلمي رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع مؤذناً يقول أشهد أن لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله، قال أشهد أن محمداً رسول الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم أشهد أني محمدٌ رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم تجدونه راعي غنم أو عازبا عن أهله فلما هبط الوادي قال مر على سخلة (1) منبوذة فقال أترون هذه هينةً على أهلها؟ للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها.
(269)
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المنادي (2) قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
وحسين بن محمد قالا ثنا شريك عن عاصم بن عبيد الله عن علي بن حسين عن أبي رافع الخ (تخريجه)(نس) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وفيه عاصم ابن عبيد الله وهو ضعيف إلا أن مالكا روى عنه اهـ
(268)
عن عبد الله بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن ربيعة الخ (غريبه)(1) السخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال وتجمع أيضا على سخل مثل تمرة وتمر قاله في المصباح ، (وقوله منبوذة) أي متروكة مطروحة على الأرض لا قيمة لها ولا انتفاع بها فهي هينة على أصحابها من غير شك فكذلك الدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أصحابها (تخريجه)(نس) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
(269)
عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثني عمرو بن ميمون بن مهران قال أخبرني أبي قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(2) أي المؤذن يؤذن (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم
(270)
عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سمع المؤذن يؤذن قال كما يقول حتى يسكت.
(271)
ز عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا سمع المؤذن يؤذن قال كما يقول، فإذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، قال عليٌ رضي الله عنه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأن الذين جحدوا محمداً هم الكاذبون.
(272)
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
أشهد أن لا إله إلا الله الخ، واختلف في أنه هل كان صلى الله عليه وسلم يتشهد مثلنا؟ أو يقول أني رسول الله ، وهذا الحديث يرفع الخلاف ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول أشهد أن محمدا رسول الله كما نقول (تخريجه)(هق. حب. ك) وصححه
(270)
عن أم حبيبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن أبي المليح عن أم حبيبة الخ (تخريجه)(جه. خز. ك) ورجاله ثقات
(271)
ز عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن المنهال أخو حجاج بن منهال ثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن اسحاق حدثني أبو سعيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر وهو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله في زياداته وفيه أبو سعيد عن ابن أبي ليلى ولم أجد من ذكره اهـ
(272)
عن سعد بن أبي وقاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد ثنا ليث عن الحكم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد «الحديث» (تخريجه)(م والأربعة. ك. هق. والطحاوي)
له وأن محمداً عبده ورسوله رضينا بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه.
(273)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة.
(274)
عن سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوسيلة درجةٌ عند الله ليس فوقها درجةٌ، فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة.
(275)
عن عبد الله بن عمرو (ابن العاص) رضي الله عنه أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن المؤذنين يفضلونا بأذانهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعط.
(273) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة انا كعب بن علقمة أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يقول أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (تخريجه)(م والثلاثة وغيرهم)
(274)
عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد فقط ورمز له بالصحة
(275)
عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا الخ (تخريجه)(د. حب. نس) في عمل اليوم والليلة وفي إسناده ابن لهيعة ووجود هذا الحديث في صحيح ابن حبان يدل على صحته والله أعلم.
(276)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلعات (1) اليمن فقام بلال ينادي فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال مثل ما قال هذا يقيناً دخل الجنة.
(277)
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.
(278)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة (2) والصلاة القائمة آتِ
(276) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وقال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه أن علي بن خالد الدؤلي حدثه أن النضر بن سفيان الدؤلي حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) التلعات بفتحات جمع تلعة كسجدة وسجدات ويجمع أيضا على تلاع مثل قلعة وقلاع والتلعة مجرى الماء من أعلى الوادي، والتلعة أيضا ما انهبط من الأرض، فهي من الأضداد ، والمعنى كنا بهذه الأماكن من بلاد اليمن (تخريجه)(نس. جه. ك) وقال صحيح الإسناد
(277)
عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن مالك وثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخ (تخريجه)(ق. هق. والإمامان والأربعة)
(278)
عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن عياش ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر الخ (غريبه)(2) المراد بها دعوة التوحيد لقوله تعالى (له دعوة الحق) وقيل لدعوة التوحيد تامة لأنه لا يدخلها تغيير ولا تبديل بل هي باقية إلى يوم القيامة ، وقال ابن التين وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو لا إله إلا الله اهـ (والوسيلة) فسرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عبد الله بن عمرو ، ولا قول لأحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المنزلة العلية في الجنة فيتعين المصير إلى ذلك «والفضيلة» أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون تفسيرا للوسيلة (وقوله مقاماً محمود) أي يحمد القائم فيه وهو يطلق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا أو ضمن ابعثه معنى أقمه ، أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه أعطه ، ويجوز أن يكون حالا.
محَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي أَنْتَ وَعَدْتَهُ إِلَّا حَلَّتْ (1)
لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
(279)
وعنه أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال من قال حين ينادي المنادي اللهم
رَبِّ هذه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ النَّافِعَةِ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَارْضَ عني (1) رِضَاً
لَا تَسْخَطُ بَعْدَهُ اسْتَجَابَ الله له دَعْوَتَهُ
(280)
خط عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ إِنِّي لَعِنْدَ مُعَاوِيَةَ
إِذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا
بِاللَّهِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ
أي أبعثه ذا مقام محمود والتنكير للتفخيم والتعظيم كما قال الطيبي كأنه قال مقاما أي مقام محمود بكل لسان وقد روى بالتعريف عند النسائي وابن حبان والطحاوي والطبراني
والبيهقي قاله الشوكاني (1) أي استحق ووجبت أو نزلت عليه ولا يجوز أن تكون من الحل لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة فا اللام في قوله << له >> بمعنى على كما في رواية ((حلت عليه الشفاعة)). ((تخريجه)) (خ والأربعة وغيرهم)(279) وعنه أيضا (سنده) - حدثنا عبد اللَّهِ حدثني أبي ثنا حَسَنٌ ثنا ابن لَهِيعَةَ ثنا أبو الزُّبَيْرِ (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال من قال الخ ((تخريجه)) (طس) وفي إسناده ابن لهيعة وفيه ضعف ولكن أحاديث الباب تعضده (280) <<خط>> عن علقمة بن وقاص < (سنده) > قَالَ عَبْد اللَّهِ وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَهُوَ البُرْسَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى أَنَّ عِيسَى بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ الخ < (تخريجه) > (نس) ورواه البيهقي بسنده عن عيسى بن طلحة قال دخلنا على معاوية فنادى المنادى بالصلاة فذكر نحوه وقال رواه البخاري في الصحيح عن معاذ بن فضالة عن هشام مختصرا اهـ ((قلت)) وقد روى مسلم وابو داود وغيرهما نحوه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال احدكم الله اكبر الله اكبر ثم قال اشهد ان لا إله إلا الله قال اشهد أن لا إله إلا الله ثم قال اشهد أن محمدا رسول الله قال اشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة)
(281)
عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يتشهد مع المؤذنين (1)
(282)
عن مُجَمِّعُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْمُؤَذِّنِ وَكَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ اثْنَتَيْنِ فَكَبَّرَ أَبُو أُمَامَةَ اثْنَتَيْنِ وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اثْنَتَيْنِ فَشَهِدَ أَبُو أُمَامَةَ اثْنَتَيْنِ وَشَهِدَ الْمُؤَذِّنُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اثْنَتَيْنِ وَشَهِدَ أَبُو أُمَامَةَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(281) عن معاوية (سنده) حدثنا عبد اللَّهِ حدثني أبي ثنا وَكِيعٌ ثنا محمد بن يحيى عن أبي أُمَامَةَ بن سَهْلٍ عن مُعَاوِيَةَ الخ (غريبه)(1) أي يقول اشهد ان محمدا رسول الله كما يقول المؤذن وليس المراد انه كان يقتصر على ذكر الشهادتين فقط بل كان يحكى الاذان جميعه كما يقول حتى في ذكر الشهادتين بدليل ما ثبت في الأحاديث الاخرى (تخريجه)(نس) واسنده أبي أمامة بن سهل قال سمعت معاوية رضي الله عنه يقول سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع المؤذن فقال مثل ما قال وسنده عند الامام احمد والنسائي جيد
(282)
عن مجمع {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا يعلى ويزيد بن هارون قالا ثنا مجمع بن يحيى الخ {تخريجه} رواه (البخاري والنسائي){الاحكام} احاديث الباب فيها الامر باجابة المؤذن وقول السامع مثل ما يقول من غير فرق بين الترجيح وغيره قال الشوكاني وفيه متمسك لمن قال بوجوب الاجابة لان الامر يقتضيه بحقيقته وقد حكى ذلك الطحاوي عن قوم من السلف وبه قالت الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب وذهب الجمهور الى عدم الوجوب اهـ {قلت} وممن ذهب الى عدم الوجوب الأئمة مالك والشافعي واحمد والطحاوي محتجين بما رواه الامام احمد عن ابن مسعود وتقدم في الباب الثاني من ابواب الاذان وما رواه مسلم من حديث أنس أنهم سمعوا مناديا ينادي «الله اكبر الله اكبر فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة فقال اشهد ان لا إله إلا الله فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم خرج من النار فابتدرناه فإذا هو صاحب ماشية ادركته الصلاة فنادى بها» قال الطحاوي فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع المنادي ينادي فقال غير ما قال فدل ذلك على أن قوله «إذا سمعتم المنادي فقولوا مثل الذي يقول» ليس على الإيجاب وانه على الاستحباب
والندب الى الخير واصابة الفضل كما علم الناس في الدعاء الذي أمرهم به أن يقولو الصلوات وما أشبه ذلك اهـ {قلت} ومن حججهم أيضا أن الأذان الذي هو الأصل ليس عند الجمهور فالاجابة لا تكون واجبة وعلى هذا فيستحب لسامع الأذان أن يقول مثل ما يقول المؤذن الا في الحيعلتين فانه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» عام مخصوص بحديث ابي رافع ان النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى اذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله» وتقدم أول الباب وبحديث عمر رضي الله عنه عند مسلم وابي داود والنسائي وتقدم في الكلام على حديث علقمة بن الوقاص (قال النووي في شرح المهذب) قال اصحابنا وانما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين ليدل على رضاه به وموافقته في ذلك وأما الحيعلة فدعاء الى الصلاة وهذا لا يليق بغير المؤذن فاستحب للمتابع ذكر آخر فكان لا حول ولا قوة إلا بالله لانه تفويض محض الى الله تعالى وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة» قال اصحابنا ويستحب متابعه لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير لانه ذكر وكل هؤلاء من أهل الأهواء من أهل الذكر ويستثنى من هذا المصلي ومن هو على الخلاء والجماع فإذا فرغ من الخلاء والجماع تابعه صرح به صاحب الحاوي وغيره فإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس أو نحو ذلك قطعه وتابع المؤذن ثم عاد الى ما كان عليه ان شاء وان كان في صلاة فرض أو نفلقال الشافعي والاصحاب لا يتابع عليه في الصلاة فإذا فرغ منها قاله اهـ (قال الشوكاني) في الدرر البهية وقد اختار بعض العلماء الجمع عند الحيعلتين بين المتابع للمؤذن والحوقله وهو جمع حسن وان لم يكن متعينا اهـ {وفي احاديث الباب أيضا} أنه يستحب للسامع أن يقول كل كلمة بعد فراغ المؤذن منها ولا ينتظر فراغه من كل الأذان لحديث عمر المشار إليه سابقا (وفيها) أنه يستحب أن يقول بعد قوله وانا أشهد ان محمدا رسول الله رضينا بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا لحديث سعد بن ابي وقاص (وفيها) استحباب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعد فراغه من متابعة المؤذن واستحباب سؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم ويستحب الدعاء بين الإذان والإقامة لحديث أنس المتقدم في الباب الثالث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «الدعاء لا يرد بين الأذان والاقامة» فإذا كان الاذان لصلاة المغرب استحب للسامع أن يقول بعد فراغ وقبل الإقامة «اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك وأصوات دعاتك اغفر لي» لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة رضي الله عنها أن تقول ذلك رواه أبو داود والترمذي (يستحب) أيضا متابعة المقيم في ألفاظ
(8)
باب الأذان في أول الوقت وتقديمه عليه في الفجر خاصة
(283)
عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا يَخْرِمُ ثُمَّ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ
(284)
حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سليمان (2) عن أبي عثمان (3) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ (4) فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُنَادِي أَوْ قَالَ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ (5) قَائِمُكُمْ وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ لَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا (6) وَلَكِنْ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَضَمَّ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ أَبُو عَمْرٍو أَصَابِعَهُ وَصَوَّبَهَا وَفَتَحَ مَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ يَعْنِي الْفَجْرَ
الإقامة كالأذان إلا أنه يقول عند قوله قد قامة الصلاة أقامها الله وأدامها لما روى عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم أقامها الله وأدامها) وقال في سائر الإقامة بنحو حديث عمر في سائر الأذان رواه أبو داود يعني أنه تابعه في باقي ألفاظ الإقامة كما تابعه في باقي ألفاظ الأذان عدا الحيعلتين فأنه قال لا حول ولا قوة إلا بالله كما تقدم (وفيها) غير ذلك كثير والله أعلم
(283)
عن جابر بن سمرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بن سمرة الخ {غريبه} (1) أي لا يترك شيئا من ألفاظه قاله الشوكاني {تخريجه}
(م. د. نس)
(284)
حدثنا عبدالله الخ {غريبه} (2) يعني التيمي (3) يعني النهدي (4) بفتح أوله اسم لما يؤكل في السحر ويجوز الضم وهو اسم للفعل (5) بفتح الياء المثناه من تحت وكسر الجيم المخففة يستعمل هذا لازما ومتعديا يقال رجع زيد ورجعت زيدا ولا يقال في المتعدي بالتثقيل فعلى هذا من رواه بالضم والتثقيل أخطأ فإنه يصير من الترجيع وهو الترديد وليس مرادا هنا وغنما معناه يرد القائم أي المجتهد الى راحته ليقوم الى الصلاة الصبح نشيطا أو يكون له حاجة الى الصيام فيتسحر ويوقظ النائم ليتأهب لها بالغسل ونحوه (ف)(6) رواية البخاري «وليس أن يقول الفجر أو الصبح وقال باصابعه ورفعها الى فوق وطأطا
(285)
عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ (عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
(286)
وعنه أيضا عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا تَأْذِينَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُبْصِرُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ أَذِّنْ قَدْ أَصْبَحْتَ
(287)
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم
الى أسفل حتى يقول هكذا» وقال زهير بسبابتيه إحدهما فوق الأخرى ثم مدها عن يمينه وشماله {قلت} وقوله في
رواية البخاري وطأطأ إلى أسفل هو معنى قوله في الباب (وصوبها) أي أمالها إلى أسفل قال الحافظ في الفتح (قوله وليس أن يقول الفجر) فيه اطلاق القول على الفعل أي يظهر وكذا قوله وقال باصابعه ورفعها أي أشار وفي رواية الكشميهني باصبعيه ورفعها (وقوله الى فوق) بالضم على البناء وكذا أسفل لنية المضاف إليه دون لفظه نحو لله الامر من قبل ومن بعد (وقوله وقال زهير) أي الراوي وهي أيضا بمعنى اشار وكأنه جمع بين أصبعيه ثم فرقها ليحكى صفة الفجر الصادق لانه يطلع معترضا ثم الأفق ذاهبا يمينا وشمالا بخلاف الفجر الكاذب وهو الذي تسميه العرب ذنب السرحان فانه يظهر في أعلى السماء ثم ينخفض والى ذلك أشار بقوله رفع وطأطأ رأسه وفي رواية الاسماعيلي من طريق عيسى بن يونس عن سليمان فان الفجر ليس هكذا ولا هكذا ولكن الفجر هكذا فكأن أصل الحديث كان بهذا اللفظ مقرونا بالاشارة الدالة على المراد وبهذا أختلف عبارة الرواة وأخصر ما وقع فيها رواية جرير عن سليمان عند مسلم «وليس الفجر المعترض ولكن المستطيل» اهـ {تخريجه} (ق والاربعة إلا الترمذي)
(285)
عن سالم عن أبيه {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هشام بن ثنا عبدالعزيز يعني ابن عبدالله ابن أبي سلمة أنا ابن شهاب عن سالم عن أبيه الخ {تخريجه} (ق لك نس مذ)
(287)
عن نافع عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد
مؤذنان (7)
ابن بشر ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (7) يعني بالمدينة وهما بلال وابن أم مكتوم وكان أبو محذورة مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وسعد القرظ اذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء مرات {تخريجه} (م. وغيره) زاد مسلم في روايته بعد قوله مؤذنان (بلال وابن مكتوم الاعمى){الأحكام} في احاديث الباب المحافظة على الأذان عند دخول الوقت الظهر بدون تقديم ولا تأخير وهكذا سائر الصلوات إلا صلاة الفجر ففي أحاديث الباب دلالة على جواز الأذان قبل دخول وقتها (وقد ذهب) الى مشروعيته الجمهور وخالف في ذلك الثوري وأبو حنيفة ومحمد والقاسم والناصر وزيد بن علي (قال الترمذي) وقد أختلف أهل العلم في الأذان بالليل فقال بعض أهل العلم إذا أذان المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وقال بعض أهل العلم إذا أذن بالليل أعاد وبه يقول سفيان الثوري وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالا أذن بليل فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي إن العبد نام قال الترمذي هذا حديث غير محفوظ والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
«ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» اهـ (قال الخطابي) في معالم السنن وذهب بعض أصحاب الحديث الى أن ذلك جائز (يعني الأذان قبل دخول وقت الفجر) إذا كان للمسجد مؤذنان كما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأما إذا لم يؤذن فيه إلا واحد فانه لا يجوز أن يفعله إلا بعد دخول الوقت فيحتمل على هذا لم يكن لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي نهى فيه بلالا الا يؤذن واحدة وهو بلال ثم أجاز حين أقام ابن أم مكتوم مؤذنا لان الحديث في تأذين بلال قبل الفجر ثابت من رواية ابن عمر. اهـ (وقد أختلف) في أي وقت يشرع في ذلك فقيل انه يشرع من وقت السحور ورجحه جماعة من أصحاب الشافعي وقيل انه يشرع من النصف الأخير ورجحه النووي وتأول ما خالفه وقيل يشرع في السبع الأخير في الشتاء وفي الصيف لنصف السبع قاله الجويني وقد ورد ما يشعر بتعيين الوقت الذي كان بلال يؤذن فيه وهو ما رواه الامام أحمد والنسائي والطحاوي من حديث عائشة (سيأتي في الصيام) أنه (لم يكن بين أذان بلال وابن أم مكتوم إلا ان يرتقي هذا وينزل هذا) وكانا يؤذنان في بيت مرتفع كما أخرجه أبو داود فهذه الرواية تقيد اطلاق سائر الروايات {وفي أحاديث الباب أيضا} استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد يؤذن احدهما قبل طلوع الفجر والآخر عند طلوعه كما كان بلال وابن مكتوم يفعلان (قال النووي) قال أصحابنا فإذا احتاج إلى أكثر من مؤذنين اتخذ ثلاثة وأربعة فأكثر بحسب الحاجة وقد اتخذ عثمان رضي الله عنه أربعة للحاجة عند كثرة الناس اهـ.
(9)
باب ما جاء في الأذان للجمعة واليوم المطير
(288)
عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ (1) فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ قَالَ كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُقِيمُ إِذَا نَزَلَ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (2) رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا حَتَّى كَانَ عُثْمَانُ
(289)
وعنه أيضا قَالَ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَذَانَيْنِ (3) حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُثْمَانَ فَكَثُرَ النَّاسُ فَأَمَرَ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ (4) بِالزَّوْرَاءِ (5)
(288) عن السائب بن يزيد {سنده} (1) حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني قال حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري عن السائب بن يزيد الخ {غريبه} (1) هذا يعارض ما ثبت في الصحيح من أن الني صلى الله عليه وسلم كان له أكثر من واحد وتقدم في الباب السابق ويجمع بين ذلك بأنه أراد بالمؤذن الواحد يعني الراتب وهو بلال وأما أبو محذورة وسعد القرط فكان كل منهما بمسجده الذي رتب فيه وأما ابن أم مكتوم فلم يرد انه كان يؤذن الا الصبح فقط كما تقدم وأما من فسره بان المراد بقوله مؤذن واحد أي في الجمعة فينا فيه ما في حديث الباب من قوله في الصلوات كلها في الجمعة وغيرها والله أعلم (2) يعني ان الأذان كان في عهد أبي بكر وعمر إذا جلس الامام على المنبر يوم الجمعة وقد جاء ذلك مفسرا في رواية البخاري بسنده عن السائب بن يزيد أيضا قال «كان النداء يوم الجمعة أوله اذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء» {تخريجه} (خ والأربعة وغيرهم)
(289)
وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال كان الأذان الخ {غريبه} (3) يريد الأذان والإقامة يعني تغليباء أولا شتراكهما في الأعلام قاله ابن خزيمة (4) أي الذي يفعل الآن اولا في يوم الجمعة (5) بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدودة وقد فسرها البخاري بقوله موضع
(290)
عن عمرو بن أوس أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ (1) يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ (2)
بالسوق بالمدينة وقال ابن بطال هو حجر كبير عند باب المسجد وعند الطبراني «فامر بالنداء الاول على دار له يقال لها الزوراء» {تخريجه} (خ والاربعة وغيرهم)
(290)
عن عمرو بن أوس {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبدالرزاق أخبرني ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن عمر بن اوس أخبره ان رجلا الخ {غريبه} (1) أي ذا مطر (2) الرحال جمع رحل وهو مسكن الرجل وما فيه من اثاث سواء من حجر ومدر وخشب أو شعر وصوف ووبر وغيرها والظاهر أن قوله صلوا في رحالكم إذن لهم لا إيجاب لذلك فقوله حي على الصلاة نداء بالحضور لمن يريد ذلك فلا منافاة بين مؤداهما وقد جاء في بعض روايات مسلم ان هذه الجملة تقال بعد الشهادتين وعند النسائي بعد الفراغ من الأذان قال النووي وكل ذلك جائز كما نص عليه الشافعي لكن بعده احسن ليتم نظم الأذان نقله عنه الحافظ (ف){تخريجه} (نس) من هذا الطريق وفي اسناده مبهم ورواه مسلم بسنده عن نافع عن ابن عمر أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر فقال في آخر ندائه الا صلوا في رحالكم الا صلوا في رحالكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يامر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر في السفر أن يقول «الا صلوا في رحالكم» رواه البخاري من حديث ابن عباس بنحوه ومالك والبخاري أيضا من حديث عبدالله بن عمر {الأحكام} في أحاديث الباب دليل على أن الأذان المشروع الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر هو ما كان يفعله بلال على باب المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم جالس على المنبر كما في رواية الطبراني
«ان بلالا كان يؤذن على باب المسجد» وان الأذان الذي يفعل اليوم على المنارة انما احدثه عثمان رضي الله عنه حينما كثر الناس بالمدينة» كما هو مصرح به في رواية وكان امره بذلك بعد مدة من خلافته كما عند أبي نعيم في المستخرج للاعلام بوقت الجمعة قال الحافظ والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك لكونه كان خليفة مطاع الأمر لكن ذكر الفاكهاني ان أول من أحدث الأذان الاول بمكة الحجاج وبالبصرة زياد قال الحافظ وبلغني أن أهل الغرب الأدنى الآن الآن لا تاذين عندهم سوى مرة وروى ابن ابي شيبة من طريق ابن عمر قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الأنكار ويحتمل ان يريد انه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكل ما لم يكن في
(10)
باب في الفصل بين الاذان والإقامة ومن أذن فهو يقيم
(291)
عن جَابِر بْنَ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قال كَانَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَذِّنُ ثُمَّ يُمْهِلُ فَلَا يُقِيمُ حَتَّى إِذَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ أَقَامَ الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ
(292)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ (وفي رواية إذا أقيمت الصلاة) فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي
زمنه يسمى بدعة وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسا على بقية الصلوات والحق الجمعة بها خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب وأما ما احدث الناس قبل الجمعة من الدعاء اليها بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض واتباع السلف الصالح أولى كذا في الفتح اهـ {وفي أحاديث الباب} أيضا مشروعية الأذان في السفر وادخال جملة صلوا في رحالكم في الأذان في اليوم المطير واستنبط منه بعضهم جواز الكلام في الأذان ومنهم البخاري ولذا ترجم له في صحيحه بقوله (باب الكلام في الأذان وتكلم سليمان بن صرد في اذانه وقال الحسن لا بأس أن يضحك وهو يؤذن أو يقيم) هكذا ترجم البخاري وحى ابن المنذر الجواز مطلقا عن عروة وعطاء والحسن وقتادة وبه قال احمد وعن النخعي وابن سيرين والأوزاعي الكراهة وعن الثوري المنع وعن أبي حنيفة وصاحبيه أنه خلاف الأولى وعليه يدل كلام مالك والشافعي وعن اسحاق ابن راهويه يكره الا ان كان فيما يتعلق بالصلاة واختاره ابن المنذر افاده الحافظ (ف)
(291)
عن جابر بن سمره) {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا عبدالرزاق انا اسرائيل قال أخبرني سماك انه سمع جابر بن سمرة يقول كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ
{تخريجه} (م. د. مذ. نس. هق)
(292)
عن عبدالله بن أبي قتادة) {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا اسماعيل ثنا الحجاج بن أبي عثما ن حدثني يحيى بن ابي كثير عن عبدالله بن أبي قتادة الخ) {تخريجه} (ق. د. نس)
(293)
ز عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا بِلَالُ اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ نَفَسًا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ طَعَامِهِ فِي مَهَلٍ وَيَقْضِي الْمُتَوَضِّئُ حَاجَتَهُ فِي مَهَلٍ
(294)
عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ أَنَّهُ أَذَّنَ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا أَخَا صُدَاءٍ إِنَّ الَّذِي أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ
عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِّنْ يَا أَخَا صُدَاءٍ قَالَ فَأَذَّنْتُ وَذَلِكَ حِينَ أَضَاءَ الْفَجْرُ قَالَ فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ
يُقِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقِيمُ أَخُو صُدَاءٍ فَإِنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ
(295)
عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه أرى الأذان قال فجئت
(293) ز عن أبي بن كعب {سنده} حدثنا عبدالله حدثني زكريا بن يحيى بن عبدالله بن أبي سعيد الرقاشي الحزاز ثنا مسلم بن قتيبة ثنا مالك بن مغول عن ابن الفضل عن أبي الجوزاء عن أبي ابن كعب الخ {تخريجه} الحديث من زيادات عبدالله بن الامام أحمد ولم أقف عليه لغيره وأورده الهيثمي وقال رواه عبدالله بن احمد من زياداته من رواية أبي الجوزاء عن أبي وأبو الجوزاء لم يسمع من أبي {قلت}
اخرج نحوه الترمذي من حديث جابر بزيادة «والمعتصر اذا دخل لقضاء الحاجة» قال الترمذي لا نعرفه الا من حديث عبدالمنعم واسناده مجهول اهـ
(294)
عن زياد بن نعيم الحضرمي الخ {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن عبدالرحمن بن زياد عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي الخ (1) وعنه من طريق ثان {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا محمد بن يزيد الواسطي الافريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الخ {تخريجه} (الأربعة إلا النسائي) وقال الترمذي حديث زياد إنما نعرفه من حديث الافريقي والأفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره قال أحمد لا أكتب حديث الأفريقي قال ورأيت محمد بن أسماعيل يقوي امره ويقول هو مقارب الحديث والعلم على هذا عند أكثر أهل العلم من اذن فهو يقيم اهـ
(295)
عن عبدالله بن زيد {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا زيد
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ألقه على بلال، فألقيته فأذن قال فأراد أن يقيم فقلت يا رسول الله أنا رأيت، أريد أن أقيم، قال فأقم أنت، فأقام هو وأذن بلال
ابن الحباب أبو الحسين العكلي قال أخبرني أبو سهل عن محمد بن عمرو قال أخبرني عبد الله بن محمد بن زيد عن عمه عبد الله بن زيد رائي الأذان قال فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(د) وفي إسناده محمد بن عمرو الواقفي الأنصاري البصري وهو ضعيف ضعفه القطان وابن نمير ويحيى بن معين واختلف عليه فيه فقيل عن محمد بن عبد الله وقيل عبد الله بن محمد، قال ابن عبد البر إسناده أحسن من حديث الإفريقي وقال البيهقي إن صحا لم يتخالفا، لأن قصة الصدائي بعد اهـ.
(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الفصل بين الأذان والإقامة وكراهة الموالاة بينهما لما في ذلك من تفويت صلاة الجماعة على كثير من المريدين لها، لأن من كان على طعامه أو غير متوضيء حال النداء إذا استمر على أكل الطعام أو توضأ للصلاة فاتته الجماعة أو بعضها بسبب التعجل وعدم الفصل لا سيما إذا كان مسكنه بعيدا من مسجد الجماعة، فالتراخي بالإقامة نوع من المعاونة على البر والتقوى المندوب إليهما، وقد ضاعت هذه السنة في زمننا هذا في كثير من المساجد فلا حول ولا قوة إلا بالله (وفي أحاديث الباب) دلالة على أن المقيم لا يقيم إلا إذا أراد الإمام الصلاة، وقد أخرج ابن عدي من حديث أبي هريرة مرفوعاً "المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة" وضعفه وله شواهد عند البيهقي وغيره وإن كانت ضعيفة فيعضد بعضها بعضاً (وفيها أيضاً) جواز الإقامة من المؤذن وغيره (واتفق العلماء على ذلك) واختلفوا في الأولوية فقال أكثرهم لا فرق والأمر متسع، ممن رأى ذلك مالك وأكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور، وقال بعض العلماء من أذن فهو يقيم، قال الشافعي وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة، وإلى أولوية المؤذن بالإقامة ذهب الهادوية، واحتجوا بحديث الصدائي، واحتج القائلون بعدم الفرق بحديث عبد الله بن زيد (قال الشوكاني) والأخذ بحديث الصدائي أولى؛ لأن حديث عبد الله ابن زيد كان أول ما شرع الأذان في السنة الأولى، وحديث الصدائي بعده بلا شك قاله الحافظ اليعمري، قال الشوكاني على أنه لو لم يتأخر لكان حديث عبد الله بن زيد خاصا به، والأولوية باعتبار غيره من الأمة، والحكمة في التخصيص تلك المزية التي لا يشاركه فيها غيره أعني الرؤيا فإلحاق غيره به لا يجوز لوجهين، (الأول) أنه يؤدي إلى إبطال فائدة النص أعني
(11)
باب تغليظ التخلف عن إجابة المؤذن والخروج من المسجد بعد الأذان
(296)
عن سهل عن أبيه (معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال، الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع منادي الله ينادي يدعوا إلى الفلاح ولا يجيبه
(297)
حدقنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا المسعودي وشريك عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة قال خرج رجل من المسجد بعد ما أذن المؤذن، فقال أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال (1) وفي حديث شريك ثم قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي
حديث "من اذن فهو يقيم" فيكون فاسد الاعتبار (الثاني) وجود الفاروق وهو بمجرده مانع من الالحاق أهـ فان أذن واحد فهو الذي يقيم الا إذا تعذر ذلك وبه قالت الحنابة وإذا أذن جماعة دفعة واتفقوا على من يقيم منهم فهو الذي يقيم وان تشاحنوا أقرع بينهم قال ابن سيد الناس اليعمري ويستحب ان لا يقيم في المسجد الواحد الا واحد الا إذا لم تحصل به الكفاية اهـ والله اعلم (11) باب تغليظ التخلف عن إجابة المؤذن والخروج من المسجد بعد الأذان
(296)
عن سهل عن أبيه الخ (سنده) حدثنا ------ (1) الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا زبان ثنا سهل عن أبيه "الحديث"(تخريجه) أورده المنذري في (تر.) وقال رواه احمد والطبراني عن رواية زبان بن فائد وفي رواية الطبراني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بحسب المؤمن من الشقاء الخيبة ان سمع المؤذن يثوب بالصلاة فلا يجيبه" قال المنذري (التثويب) هنا اسم لإقامة الصلاة (قلت) حديث الباب في إسناده ابن طيعة وسكت عنه المنذري فالظاهر انه قوي من طريق أخرى (297) حدثنا عبد الله (غريبة)(1) أي الراري يعني ان شريكا زاد في روايته "امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ الحديث اما رواية السعودي فقد انتهت عند قوله فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد واللفظ له وإسناده صحيح ورواه (م. د. مذ. نس. جه) دون قوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره اهـ (تر.)
(298)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده فلا يدعه حتى يقضي حاجته منه (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فيه وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر
(298) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي روح ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة (الحديث)(غريبة)(1) البزوغ الطلوع يقال بزغت الشمس وبزغ القمر وغيرهما إذا طلعت (نه)(تخريجه)(د. ك) وسنده جيد وصححه العيوطي (في الجامع الصغير)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بدون عذر وان ذلك من خصال المنافقين لا سيما إذا سمع النداء وعلم بدخول الوقت قال الترمذي وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انهم قالوا (من سمع النداء فلك يجب فلا صلاة له) وقال بعض أهل العلم هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لاحد في ترك الجماعة الا من عذر قال مجاهد وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل لا يشهد جمعة ولا جماعة فقال هو في النار حدثنا بذلك هناد المحاربي عن ليث عن مجاهد ومعنى الحديث ان لا يشهد الجماعة والجمعة رغبة عنها واستخفافا لحقها ونهاونا بها اهـ وفيها أيضا تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان وإلى ذلك ذهبت الحنابلة وقالت المالكية بالكراهة عقب الأذان وقبل الإقامة ويحرم بعدها وذهبت الحنفية والشافعية إلى الكراهة أيضا قال ابو عيسى الترمذي وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان الا من عذر ان يكون على غير وضوء او لابد منه ويروي عن ابراهيم النخمي انه قال يخرج مالم يأخذ المؤذن في الإقامة قال أبو عيسى الترمذي وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه قال وأبو الشعثاء اسمه سليم بن الاسود وهو والد اسود بن ابي الشعثاء وقد روي اشعث بن ابي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه اهـ قلت وحديث ابي هريرة الاخير يدل على جواز التخلف لمن سمع النداء إذا كان يأكل او يشرب بقدر حاجته والله اعلم
(أبواب المساجد)
(1)
باب أول مسجد وضع في الأرض وفضل بناء المساجد
(299)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة وسليمان الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال كنت أعرض عليه ويعرض علي (1) وقال أبو عوانة كنت أقرأ عليه ويقرأ علي في السكة فيمر بالسجدة (2) فيسجد قال قلت أتسجد في السكة؟ قال نعم سمعت أبا ذر يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً، قال المسجد الحرام (3) قال قلت ثم أي؟ قال ثم المسجد الأقصى (4) قال قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة، ثم قال أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد، وفي رواية فكلها مسجد (5)
(300)
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى لله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له به بيتاً في الجنة
(299) حدثنا عبد الله (غريبة)(1) أي أقرأ عليه القران ويقرأ عليّ كما فسره أبو عوانة في روايته والسكة بكسر السين مشددة وفتح الكاف مشددة أيضا الطريق (2) أي بالآية من القرآن تكون فيها السجدة كقوله تعإلى (ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون) فيسجد في الطريق وسيأتي الكلام على سجدات القرآن في بابه ان شاء الله (3) يعني مسجد مكة (4) يعني مسجد بيت المقدس (5) أي فكل بقعة من الارض تصح الصلاة فيها الاما استثني من ذلك كالمواضع المتنجسة ونحوها (تخريجه)(ق. نس. جه وغيرهم)(300) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو سلمة الخزاعي أنبأ ليث ويونس ثنا ليث عن يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد بن عثمان بن عبد الله يعني ان سراقة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال
(301)
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة.
(302)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجداً بني له بيت أوسع منه في الجنة.
(303)
وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
(304)
عن بشر بن حيان قال جاء واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ونحن نبني مسجدنا، قال فوقف علينا فسلم ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من أظل رأس غاز أظله الله يوم القيامة ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت قال قال يونس أو يرجع ومن بنى لله مسجدا الخ "(تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي قلت ووجوده في صحيح ابن حبان وسكوت المنذري عنه يدل على صحته (301) عن عثمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الكبير بن عبد المجيد أبو بكر الحنفي قنا عبد الحميد يعني ابن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان (الحديث)(تخريجه)(ق وغيرهما)(302) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (تخريجه) لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه احمد وفيه الحجاج بن أرطاه فهو يتكلم فيه (303) عن أسماء بنت يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سويد بن عمر ثنا أبان يعني العطار قال حدثني يحي بن ابي كثير عن محمود بن عمرو عن اسماء بنت يزيد الخ (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظ "من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة" وقال رواه احمد والطبراني في الكبير والأوسط واللفظ له وقال احمد "فان الله يبني له بيتا أوسع منه في الجنة " ورجاله موثقون أهـ (304) عن بشر بن حيان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة قال أنا أبو عبد الملك الحسن بن يحي الخشني عن بشر بن حيان الخ
يقول من بنى لله مسجدا يصلي فيه بنى الله عز وجل له في الجنة أفضل منه قال أبو عبد الرحمن (1) وقد سمعته من هيثم بن خارجة.
(305)
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة (2) لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة.
(306)
عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجداً ليذكر الله عز وجل فيه بنى الله له بيتاً في الجنة ومن أعتق نفساً مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن شاب شيبة في سبيل الله عز وجل كانت له نوراً يوم القيامة.
(غريبة)(1) هو عبد الله بن الامام احمد يعني أن عبد الله سمع هذا الحديث من هيثم كما سمعه أبوه منه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الكبير وفيه الحسن بن يحي الخشني ضعفه الدارقطني وابن معين في رواية ووقفه في روايه ووثقه دحيم وأبو حاتم اهـ (305) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جابر عن عمار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (الحديث)(غريبة)(2) مفحص بوزن مذهب وهو موضع تجثم فيه القطاة وتبيض يقال جثم الطائر يجثم جثوما من باب ضرب وهو كالبروك من البعير وربما أطلق على الظباء والفحص البحث والكشف كأنها تفحص عن التراب أي تكشف (والقطاة) طائر يقال له في الفارسية سنكخوار ومفحصه لا يكفي للصلاة فيحمل على المبالغة أو على أن يشترك في بنائه أو يزيد فيه قدرا محتاجا اليه (تخريجه)(حب. بز. ش) وسنده جيد (306) عن عمرو بن عبسة حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عمرو بن عبسة أنه حدثعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(نس) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن أول مسجد وضع في الارض مسجد مكة وذلك ثابت بنص القرآن قال تعإلى (ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) وبكة بالباء المهملة لغة في مكة بالميم ومن المعلومات الثابت الذي لا يشك فيه أن باني المسجد الحرام هو ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام
-[كلام العلماء في بناء المساجد]-
(2)
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض طهورا ومسجدًا.
(307)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته
كما لا يشك أن باني مسجد بيت المقدس هو داود وابنه سليمان من بعده عليهما الصلاة والسلام، وكان بين إبراهيم وبينهما من المدد ما يتجاوز عن الأربعين بأمثالها ولكن الوضع غير البناء والسؤال عن مدة ما كان بين وضعهما لا عن مدة ما بين بنائهما، فيحتمل أن يكون واضع المسجد الأقصى بعض الأنبياء قبل داود وسليمان ثم بناه داود وابنه في الوقت الذي بنياه فيه، وكذلك يجب أن يحمل تأويل مثله عليه لا سيما وقد ورد الحديث في ذلك (قال علي كرم الله وجهه) إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم أهناه وأنقاه وأهداه، وقد تقدم هذا الأثر والكلام عليه في الباب التاسع من كتاب العلم (وفي أحاديث الباب) أيضا فضل بناء المساجد وإن ذلك من أعظم القرب إلى الله عز وجل سواء أكان المسجد كبيرا أم صغيرا ولو كمفحص قطاة كما في بعض الروايات، وفي رواية (بنى الله له مثله) على المماثلة في التسمية لا غير كقوله تعإلى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) وبذلك تتفق روايه المثلية مع رواية التفضيل (قال النووي) رحمه الله يحتمل أن يكون مثله معناه بنى الله له مثله في مسمى البيت وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها فانها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويحتمل أن يكون معناه أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا اهـ والله أعلم
(307)
عن جابر عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هشيم ثنا سيار عن يزيد الفقير عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي بعثت إلى الأحمر والأسود وكان النبي إنما يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ونصرت بالرعب من مسيرة شهر وجعلت لي الأرض الخ (تخريجه)(ق. نس. وغيرهم) وتقدم الكلام على شرحه في الباب الثاني من كتاب التيمم
-[أبواب المساجد - الفتح الرباني]-
(3)
باب فضل الجلوس في المساجد
والسعى إليها وفضل أهل الدور القريبة منها
(308)
عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الدَّار (1) القريبة من المسجد على الدَّار الشَّاسعة (2) كفضل الغازي على القاعد (3)
(309)
عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النَّبى صلى الله عليه وسلم إنَّ للمساجد أوتاداً (4) الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وان مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم، وقال صلى الله عليه وسلم جليس المسجد على ثلاث خصال، أخٌ مستفادٌ (5)
(308) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا ابن طيعة عن بكر بن عمرو عن أبي عبد الملك عن حذيفة الخ (غريبه)(1) قال المناوي أضاف الفضل للدار والمراد أهلها على حد (وأسأل القرية) اهـ (2) أي البعيدة (3) هذا يعارض ما ورد في فضل كثرة الخطأ إلى المساجد وقوله صلى الله عليه وسلم "أعزم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم اليها ممشي فأبعدهم" أخرجه الشيخان وغيرهما وأجاب العلقمي عن التعارض بأن ما هنا في نفس البقعة وذاك في الفعل فالبعيد دارا مشيه أكثر وثوابه أعظم والبيت القريب أفضل وقال بعض العلماء هذا (يعني حديث الباب) محمول على من تتوقف عليه الجماعة من إمام وغيره فسكناه قريبا من المسجد أفضل من بعده عنه وما ورد من أهل الدار البعيدة عن المسجد أكثر ثوابا لكثرة السعي والمشي في الخير محمول على من لم تتوقف عليه الجماعة والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد فقط ورمز له بالصحة وحسنه المناوي (309) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال حدثني ابن طيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة (غريبة)(4) جمع وتد بكسر التاء على اللغة الفصحى ويجوز فتحها أي اناسا يحبون المساجد يكثرون الجلوس فيها للعبادة ثابتين على ذلك كثبوت الوتد في الأرض هؤلاء تجالسهم الملائكة فان غابوا بحثوا عنهم وإن مرضوا عادوهم الحديث (5) أي لا يعدم صحبة أخ صالح في الله يستفيد منه نصيحة أو مساعدة أو نحو ذلك والإخوة في الله لها فضل عظيم وثواب جسيم وسيأتي بيان ذلك في كتاب الصحبة من قسم الترغيب إن شاء الله
-[فضل الجلوس في المسجد]-
أو كلمةٌ محكمةٌ (1) أو رحمةٌ منتظرةٌ (2)
(310)
وعنه أيضاً عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لا يوطن (3) رجلٌ مسلمٌ المساجد للصَّلاة والذِّكر إلَاّ تبشبش الله به (4) يعني حين يخرج من بيته كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم
(311)
وعنه رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال من غدا (5) إلى المسجد وراح أعدَّ الله له الجنَّة نزولاً كلَّما غدا وراح
(312)
عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الرَّجل يعتاد المسجد فاشهدوا عليه بالإيمان، قال الله عز وجل
(1) أي مما يتيسر الحصول عليه في المسجد أكثر من غيره كسماع تلاوة القرآن أو حضور مجالس العلم أو رأى رجل عاقل صالح (2) أي لما ثبت أن الجالس في المسجد تدعو له الملائكة بالمغفرة والرحمة (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد من رواية ابن لهيعة ورواه الحاكم من حديث عبد الله بن سلام دون قوله جليس المسجد الخ فإنه ليس في أصلى وقال صحيح على شرطهما اهـ
(2)
(310) وعنه أيضاً (سنده) حدَّنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج قال أنا ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة "الحديث"(غريبه)(3) أي يألفها ويلتزم حضورها (4) أصل التبشبش فرح الصديق بمجيء الصديق واللطف في المسألة والإقبال، والمراد هنا تلقيه ببره وتقريبه وإكرامه (تخريجه)(جه. ش. خز. حب. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين وفى رواية لابن خزيمة قال "ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم" نقله المنذرى (تر).
(311)
وعنه رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة الخ (غريبه)(5) الغدو الذهاب بكرة النهار، والرواح الإياب بالعشى، والمراد هنا مطلق الذهاب والأوبة (والنزول) المنزل ومنه قوله تعالى} كانت لهم جنات الفردوس نزلاً {وما يهيأ للضيف من القِرى ويراد به هنا الأجر والمثوبة والله أعلم (تخريجه) ق. وغيرهما.
(312)
عن ابى سعيد الخدرى (سندن) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج
-[أبواب المساجد - الفتح الرباني]-
(إنَّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر).
(313)
عن عبد الله بن عامر الألهانىِّ قال دخل المسجد حابس بن سعدٍ الطَّائى رضى الله عنه من السَّحر وقد أدرك النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فرأى النَّاس يصلَُّون في مقدَّم المسجد (1) فقال مراؤن وربِّ الكعبة ارعبوهم فمن أرعبهم فقد أطاع الله ورسوله، فأتاهم النَّاس فأخرجوهم، فقال إنَّ الملائكة يصلُّون من السَّحر في مقدَّم المسجد.
(4)
باب ما يقال عند دخول المسجد والخروج منه
وآداب الجلوس فيه والمرور
(314)
عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصارىِّ قال سمعت
ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح حدثه عن أبى الهيثم عن ابى سعيد الخدرى الخ (تخريجه)(مذ. جه. خز. حب. ك) كلهم من طريق دراج أبى السمح عن أبى الهيثم عن أبى سعيد وقال الترمذى حسن غريب وقال الحاكم صحيح الإسناد.
(313)
عن عبد الله بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا حريز بن عثمان الرحبى قال سمعت عبد الله بن عامر الخ (غريبه)(1) مقدم المسجد هو ما يلى المحراب مكان الصف الأول والظاهر أن هؤلاء الناس كانوا مرائين في صلاتهم وتحقق حابس بن سعد رضى الله عنه ذلك منهم فأمر بإخراجهم (وفيه) أن الصلاة في مقدم المسجد أفضل منها في غيره ولذلك أختاره الملائكة للصلاة فيه (وفيه أيضاً استحباب التهجد من وقت السحر والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن عامر الألهاني ولم أجد من ذكره اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل السعي إلى المساجد والجلوس فيها للعبادة وإن ذلك من أسباب دخول الجنة والسعادة في الدارين ورضا الله عز وجل ومحبته لعبده وعنايته به، ومن كان هذا شأنه فقد حاز خيري الدنيا والآخرة جعلنا الله منهم (وفيها) أن العمل لغير الله يودى بصاحبه إلى الهلاك والدمار ولابد أن يفضحه الله عز وجل على رؤوس الأشهاد إما معجلاً وإما مؤجلاً ويكون نصيبه الخزى والخذلان ودخول نار جهنم نعوذ بالله من ذلك (وفيها) غير ذلك تقدم بعضه في الشرح والله أعلم.
(314)
عن عبد الملك بن سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
-[ما يقال عند دخول المسجد وعند الخروج منه]-
أبا حميد وأبا أسيد (1) يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أحدكم المسجد فليقل (2)، اللَّهمَّ افتح لنا أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللَّهمَّ إنىِّ أسألك من فضلك.
(315)
عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله ورضى عنها وأرضاها قالت كان رسول الله صلى الله إذا دخل المسجد صلَّى على محمَّد وسلَّم (وفى رواية قال بسم الله والسَّلام على رسول الله) وقال اللَّهم اغفر لى ذنوبى وافتح لى أبواب رحمتك، وإذا خرج صلَّى على محمِّد وسلِّم (وفى رواية قال بسم الله والسَّلام على رسول الله) ثمَّ قال اللَّهم اغفر لى ذنوبي وافتح لى أبواب فضلك.
(316)
عن عبيد الله بن عبد الرَّحمن بن موهب عن مولى لأبي
ابو عامر قال ثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن ابي عيد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد الخ (غريبه)(1) ابو حميد هو عبد الرحمن بن سعد الساعدي وابو أسيد بضم الهمزة مصغرا هو مالك بن ربيعة الساعدي الانصاري (2) في رواية ابي داود فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل الخ وروى ابن السني عن أنس رضي الله عنه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صلى على محمد وإذا خرج قال بسم الله اللهم صلي على محمد" قال النووي وروينا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد والخروج منه من رواية ابن عمر أيضا اهـ وسيأتي حديث فاطمة رضي الله عنها (تخريجه)(م. د. نس. جه)(315) عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا اسماعيل بن ابراهيم قال ثنا ليث يعني ابن ابي سليم عن عبد الله بن حسن عن امه فاطمة ابنة حسين عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) وفي آخره قال اسمان عيل فلقيت عبد الله بن حسن فسألته عن هذا الحديث فقال كان إذا دخل قال رب افتح لي باب رحمتك وإذا خرج قال رب افتح لي باب فضلك (تخريجه)(جه. مذ) وقال حديث فاطمة حديث حسن وليس إسناده بمتصل وفاطمة ابنة الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى انما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم اشهر اهـ (316) عن عبيد الله بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا عبيد الله بن عبد الله بن موهب قال حدثني عمي يعني
-[كراهة الاحتباء والتشبيك فى المسجد]-
سعيد الخدرىِّ قال بينما أنا مع أبى سعيد الخدرىِّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد فإذا رجلٌ جالسٌ فى وسط المسجد محتبيًا (1) مشبِّكًا أصابعه بعضها فى بعضٍ، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن الرَّجل لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى سعيدٍ فقال إذا كان أحدكم فى المسجد فلا يشبِّكنـ فإنَّ التَّشبيك من الشَّيطان، وإنَّ أحدكم لا يزال فى صلاةٍ ما دام فى المسجد حتى يخرج منه.
(317)
عن كعب بن عجرة رضى الله عنه قال دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد شبَّكت بين أصابعى، فقال لى يا كعب إذا كنت فى المسجد فلا تشبِّك بين أصابعك، فأنت فى صلاةٍ ما انتظرت الصَّلاة.
(318)
عن أبى موسى (الأشعرى) رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا مررتم بالسِّهام (2) فى أسواق المسلمين أو مساجدهم فأمسكوا بالأنصال لا تجرحوا بها أحدًا (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(3) قال قال رسول الله
عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب الخ (غريبة)(1) الاحتباء هو أن يضم الانسان وجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما وقد يكون الاحتياء باليدين عوض الثوب (نه)(تخريجه) لم أقف عليه وأورده المنذري (تر) وقال رواه أحمد بإسناد حسن وكذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد (317) عن كعب بن عجرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا شريك بن عبد الله عن محمد بن عجلان عن المقبري عن كعب بن عجرة الخ (تخريجه)(د. مذ. جه. جه. حب) وجود المنذري اسناد الامام احمد وابي داود (318) عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن ليث عن أبي برده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة)(2) السهم واحد من النبل وقيل السهم نفس النصل اهـ مصباح (3)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد قال انا حماد بن سلمة عن ثابت البنائي عن ابي برده عن
-[كراهة دخول المسجد بالسلاح]-
صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ أحدكم بسوقٍ أو مجلسٍ أو مسجدٍ ومعه نبلٌ (1) فليقبض على نصالها فليقبض على نصالها ثلاثًا قال أبا موسى فما زال بنا البلاء حتىَّ سدَّد بها بعضنا فى وجوه بعضٍ (2)
(319)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان (3) قال قلت لعمرٍ وأسمعت جابرًا يقول مرَّ رجلٌ فى المسجد معه سهامٌ فقال له النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم أمسك بنصالها؟ فقال نعم (ومن طريقٍ ثانٍ) حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن جابرٍ أنَّ بنَّة الجهنىَّ أخبره أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ على قومٍ فى المسجد أو فى المجلس يسلُّون سيفًا بينهم يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال لعن الله من يفعل ذلك، أو لم أزجركم عن هذا؟ فإذا سللتم السَّيف فليغمده الرَّجل ثمَّ ليعطه كذلك.
(320)
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ
أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مر احدكم الخ (1) النبل بفتح النون المشددة وسكون الموحدة السهام العربية وهى مؤنثة ولا واحدّا لها من لفظها بل الواحد سهم فى مفردة اللفظ مجموعة المعنى وتقدم معنى السهم، وانما خص هذه المواضع بالذكر لازدحام الناس فيها عادة (2) يعنى ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يحذرهم من المرور بهذه المواضع بالنصال الا مقبوضًا عليها خوفًا من اصابة أحدهم بها خطأ، فتساهلوا فى ذلك حتى آل أمرهم الى ان ضرب بعضهم بعضًا بها عمدًا أيام الفتن والحروب فلا حول ولا قوة الا بالله (تخريجه)(ق. د. جه. وغيرهم)
(319)
حدّثنا عبد الله (غريبه)(3) سفيان المذكور فى الاسناد هو ابن عيبنة وعمرو هو ان دينار وجابر هو ابن عبد الله رضى الله عنهما (تخريجه) اخرج الطريق الاولى منه (ق. نس. جه وغيرهم) ولم اقف على من أخرج الطريق الثانى وفى اسناده نظر
(320)
عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابو بكر الحنفى الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة الحديث
-[أحكام الباب وما فيها من الفوائد]-
أحدكم إذا كان فى المسجد جاء الشَّيطان فأبسَّ به (1) كما يبس الرَّجل بدابَّته فإذا سكن له زنقه (2) أو ألجمه، قال أبو هريرة فأنتم ترون ذلك، أمَّا المزنوق فتراه مائلًا كذا لا يذكر الله، وأمَّا الملجوم ففاتحٌ فاه لا يذكر الله عز وجل
(5)
باب تنزيد المساجد عن الأقذار
(321)
عن سعد بن أبى وقَّاصٍ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله
(غريبه)(1) بالسين المهملة اى احتال عليه بالوسوسة وتقدم تفسيره فى الباب الثانى من ابواب نواقض الوضوء (وقوله فاذا سكن اليه) اى انقاد له (2) المزنوق المائل شقه فسره بذلك ابو هريرة، قيل اصله من الزنقة وهو ميل فى جدار فى سكة أو عرقوب دار هكذا فسره الزمخشرى (نه)(تخريجه) ام أقف عليه بهذا اللفظ، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) فى أحاديث الباب استحباب التسمية عند دخول المسجد والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء بالمغفرة والدعاء بالفتح لأبواب الرحمة داخلًا ولابواب الفضل خارجًا، والفضل هو الرزق الحلال وطلب العلم، وينبغى ان يضم الى ذلك ما أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر وعن النبى صلى الله عليه وسلم انه كان اذا دخل المسجد قال ((اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال فاذا فعل ذلك قال الشيطان حفظ منى سائر اليوم)) وما أخرج الحاكم فى المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى {فاذا دخلتم بيوتًا فسلموا على انفسكم} قال هو المسجد اذا دخلته فقل السلام علينا وعلى عباد الصالحين (وفيها أيضًا) كراهة الاحتباء فى المسجد وتشبيك الاصابع سواء أكان فى الصلاة أم خارجًا عنها (وفيها) أنه يكتب لمنتظر الصلاة فى المسجد اجر المصلى (وفيها أيضًا) اشارة الى تعظيم حرمة دم المسلم قليله وكثيره وكراهة ادخال السلاح المسجد الا اذا كان غمده فيجوز (وفيها) انه ينبغى لمن فى المسجد مصليًا أو جالسًا عدم الالتفات لوسوسة الشيطان فانها تكثر فى مواضع العبادة ليحرم الانسان من ثوابها، فالحذر من موافقته والاسترسال معه فعداوته للانسان ثابتة بنص القرآن، قال تعالى {ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا، انما يدعو حزبه ليكونوا أصحاب السعير} نعوذ بالله من ذلك
(321)
عن سعيد بن أبى وقاص (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن ابى عدى عن ابن اسحاق ويعقوب ثنا أبى عن أبى اسحاق حدثنى عبد الله بن محمد قال يعقوب ابن أبى عتيق عن عامر بن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث
-[كراهة النخامة فى المسجد]-
صلى الله عليه وسلم إذا تنخَّم أحدكم في المسجد فليغِّيب نخامته (1) أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه
(322)
عن ابن عمر رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فرأى فى القبلة نخامةً، فلمَّا قضى صلاته قال إنَّ أحدكم إذا صلَّى فى المسجد فإنَّه يناجى (2) ربه، وإنَّ الله تبارك وتعالى يستقبله بوجهه (3) فلا يتنخَّمنَّ أحدكم في القبلة ولا عن يمينه، ثمَّ دعا فحكَّه ثمَّ دعا بخلوق (4) فخضبه
(323)
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
(غريبة)(1) النخامة بضم النون النخاعة وقد ذكره البخاري بهذا اللفظ بهذا اللفظ في باب الالتفات يقال تنخم الرجل إذا تنخع وفي المطالع النخامة ما يخرج من الصدر وهو البلغم اللزج وفي النهاية النخامة البزقة التي تخرج من الرأس ويقال النخامة ما يخرج من الصدر والبصاق ما يخرج من الفم والمخاط ما يسيل من الأنف (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلي ورجاله موثقون اهـ (322) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه)(2) أصل المناجاة والنجوى هو السر بين الاثنين يقال ناحيته إذا ساررته وكذلك نجوت نجوى ومناجاة الرب مجاز لأن القرينة صارفة عن إرادة الحقيقة إذا لا كلام محسوسا إلا من طرف العبد فيكون المراد لازم المناجاة وهو إرادة الخير وفسر النووي رحمه الله المناجاة هنا بأنها إشارة إلى إخلاص القلب وحضوره وتفريغه لذكر الله تعإلى (3) رواية البخاري "فإنه يناجي ربه أو أن ربه بينه وبين القبلة"(قال الخطابي) معناه أن توجهه إلى القبلة مفض بالقصد منه إلى ربه فصار في التقدير كأن مقصوده بينه وبين قبلته فأمر أن تصان ذلك الجهة عن البصاق ونحوه من أثقال البدن اهـ (4) الخلوق بفتح الخاء هو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة (تخريجه)(ق. د. نس. لك)(323) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب أخبرني أبو مورود حدثني عبد الله بن أبي حدرد قال سمعت باهريرة يقول قال رسول الله
-[أبواب المساجد - الفتح الربانى]-
بزق (1) أحدكم فى المسجد فليدفنه فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه
(324)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم رآى نخامةُّ فى قبلة المسجد فحكَّها بحصاةٍ ثمَّ نهي أن يبصق الرَّجل بين يديه وعن يمينه، وقال ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى
(325)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحى عنابن عجلان قال حدّثنى عياض بن عبد الله عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه العراجين (2) أن يمسكها بيده، فدخل المسجد ذات يوم وفي يدره واحدٌ منها فرآى نخاماتٍ فى قبلة المسجد فحتَّهنَّ به حتَّى أنقاهن، ثمَّ أقبل على النَّاس مغضبًا فقال أيحب أحدكم أن يستقبله رجلٌ فيبصق في وجهه؟ إنَّ أحدكم إذا قام إلى الصَّلاة فإنَّما يستقبل ربَّه (3) عز وجل والملك عن يمينه فلا يبصق بين يديه ولا عن يمينه، وليبصق تحت قدمه اليسرى أو عن يساره، فإن عجَّلت به بادرةٌ (4) فليقل هكذا وردَّ بعضه على بعض وتفل يحيى فى ثوبه ودلكه
"الحديث"(غريبة)(1) البزاق بضم الباء فيه ثلاث لغات بالزاي والصاد والسين المهملتين والاوليان مشهورتان وبابه نصر وتقدم انه ما يخرج من الفم (تخريجه)(ق. جه. وغيرهم)(324) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه)(ق. نس. جه)(325) حدثنا عبد الله (غريبة)(2) العراجين جمع عرجون بضم العين المهملة وهو أصل العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا ولعله صلى الله عليه وسلم كان يحب حملها لما فيها من المنافع (3) أي قبلة ربه (وقوله والملك عن يمينه) الظاهر أن هذا الملك كاتب الحسنات وخص به تكرمة له على صاحب الشمال وقيل انه ملك خاص يحضر الصلاة للتأمين على الدعاء والله أعلم (4) أي إن غلب عليه البصاق أو النخامة ولم يتمكن من
-[التفل في المسجد سيئة ودفنه حسنة]-
(326)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ نبى الله صلى الله عليه وسلم قال النُّخاعة (1) فى المسجد خطيئةٌ (2) وكفَّارتها دفنها
(327)
وعنه أيضًا أنَّ نبىَّ الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم فى الصَّلاة فإنَّه مناجٍ ربَّه، فلا يتفلنَّ أحدٌ منكم عن يمينه، قل ابن جعفرٍ فلا يتفل أمامه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدميه
(328)
عن أبى غالبٍ أنَّه سمع أبا أمامة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التَّفل (3) فى المسجد سيِّئةٌ ودفنه حسنةٌ
القائها جهة يساره أو تحت قدمه (فليقل هكذا) أى فليفعل هكذا وتفل يحيى أحد الرواة فى ثوبه ودلكه ورد بعضه على بعض يصف فعل النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه)(د. ك) بنحو حديث الباب ورواه (ق. نس. جه) بدون قصة العرجون.
(326)
عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن سعيد وابن جعفر قال أنا سعيد عن قتادة عن أنس الخ (غريبه)(1) هى البزقة التى تخرج من أصل الفم مما يلى أصل النخاع، وهو الخيط الأبيض الذى فى فقار الظهر ويقال له خيط الرقبة (نه)(2) أى إثم وأصلها بالهمزة ويجوز تشديد الياء، واختلف العلماء فى المراد بدفن البزاق، فالجمهور على انه الدفن فى تراب المسجد ورمله وحصائه ان كانت فيه هذه الأشياء والا يخرجه، لما روى أبو داود من حديث أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه فان لم يفعل فليبزق فى ثوبه ثم ليخرج به)) (قلت) ويكفى عن ذلك استصحاب نحو منديل لهذا الغرض (تخريجه)(ق. د. طب. وغيرهم)
(327)
وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن أنس ان نبى الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(ق نس) ورواه أيضًا (د. مذ. نس) من حديث أبى هريرة وأبى سعيد وعائشة
(328)
عن أبى غالب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الخباب أنا حسين بن واقد ثنا أبو غالب الخ (غريبه)(3) التفل بوزن النخل نفخ معه أدنى بزاق وهو أكثر من النفث (نه)(تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواها احمد والطبرانى فى الكبير الا انه قال خطية وكفارتها دفنها ورجال أحمد موثقون اهـ
-[تأديب من بصق فى القبلة]-
(329)
عن أبي سعدٍ (1) قال رأيت واثلة بن الأسقع يصلىِّ فى مسجد دمشق فبزق تحت رجله اليسرى ثمَّ عركها برجله، فلمَّا انصرف قلت أنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تبزق فى المسجد؟ قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل
(330)
عن أبى سهلة السَّائب بن خلَاّدٍ رضى الله عنه أنَّ رجلًا أمَّ قومًا فبسق (2) فى القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ لا يصلِّ لكم، فأراد بعد ذلك أن يصِّلى لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم، وحسبت (3) أنَّه قال آذيت الله عز وجل
(329) عن أبى سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا هشام قال ثنا الفرج بن فضالة قال ثنا أبو سعد قال رأيت وائلة الخ (غريبه)(1) هو أبو سعد الحميرى الحمصى (تخريجه) لم أقف عليه وفى اسناده الفرج بن فضالة قال صاحب الخلاصة ضعيف وقال الحافظ فى التقريب مجهول (قلت) وقد وقع اسم الفرج بن فضالة فى الأصل أعنى نسخة المسند المطبوعة محرفًا حيث ذكر هكذا (أبو فضالة الفرج) وهو خطأ والصواب ما ذكرنا
(330)
عن أبى سهلة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبى ثنا سريج بن النعمان قال ثنا عبد الله بن وهب عن عمر وبن الحارث بن بكر بن سوادة الحذامى عن صالح بن حيوان عن أبى سهلة الخ (غريبه)(2) هو لغة فى بزق وبصق (نه)(3) أى قال أبو سهلة رضى الله عنه ظننت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بعد قوله نعم. تعليلًا. (آذيت الله) وعند أبى داوود (انك آذيت الله ورسوله) والمعنى فعلت فعلًا يكرهه الله ورسوله (تخريجه)(د. حب) وسنده جيد، وروى الطبرانى فى الكبير باسناد جيد عن ابن عمر رضى الله عنهما نحوه بلفظ (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلمرجلًا يصلى بالناس الظهر فتفل بالقبلة وهو يصلى، للناس فلما كان العصر أرسل صلى الله عليه وسلم الى آخر فاشفق الرجل الاول، فجاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انزل فىّ شى؟ قال لا ولكنك تفلت بين يديك وأنت تؤم الناس فآذيت الله والملائكة)
-[مذاهب العلماء فى حكم البصاق فى المسجد]-
(331)
عن أبي ذرٍ رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال عرضت علىَّ أمَّتى بأعمالها حسنةٍ وسيِّئةٍ، فرأيت فى محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق، ورأيت فى سيِّئ أعمالها النُّخاعة فى المسجد لا تدفن
(332)
عن طارق بن عبد الله رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال إذا صلَّيت فلا تبصق بين يديك ولا عن يمينك، ولكن ابصق تلقاء شمالك إن كان فارغًا، وإلَاّ فتحت قدميك وادلكه
(231) عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا مهدي ثنا واصل عن يحي بن عقيل عن يحي بن يعمر وكان واصل ربما ذكر ابا الاسود الديلي عن ابي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث)(تخريجه)(م. جه)(332) عن طارق بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر قال شعبة عن منصور قال سمعت ربى بن حراش عن طارق بن عبد الله (تخريجه)(د. نس. مذ) وقال حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم اهـ (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن البصاق في المسجد وانه خطيئة وكفارته دفنه أو إخراجه من المسجد حمل بعض العلماء النهي على التنزيه وحمله بعضهم على التحريم وهو الاظهر ونقل العيني عن القرطبي تحريم البصاق في القبلة قال فان الدفن لا يكفيه قيل هو كما قال وقيل دفنه كفارته وقيل النهى فيه للتنزيه والأصح انه للتحريم وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان من حديث حذيفة مرفوعا " من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه" اهـ (قال النووي رحمه الله واعلم ان البزاق في المسجد خطيئة وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق هذا هو الصواب ان البزاق خطيئة كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها ان البزاق والمخاط والنخاعة طاهرات وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين الا ما حكاه الخطابي عن ابراهيم النخعي انه قال البزاق نجس ولا أظنه يصح عنه وفيها ان البصاق لا يبطل الصلاة وكذا التنخع ان لم يتبين منه حرفان أو كان أو كان مغلوبا عليه وفيها أيضا تعظيم المساجد وجهتي القبلة واليمين وجواز البزاق جهة اليسار أو نحن القدم عند الضرورة وفيها انه صلى الله عليه وسلم علم الأمة جميع الآداب حتى كيف
…
وفيها غير ذلك (12) الشرعية والله اعلم اهـ م
-[أبواب المساجد - الفتح الربانى]-
(6)
باب صيانة المساجد من الروائح الكريهة
(333)
عن عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه أنَّه قال فى خطبةٍ (1) له ثمَّ إنَّكم أيُّها النَّاس تأكلون من شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين هذا الثَّوم والبصل وايم الله لقد كنت أرى النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يجد ريحها من الرَّجل فيأمر به فيؤخذ بيده فيخرج به من المسجد حتَّى يؤتى به البقيع، فمن أكلها لابدَّ فليمتها طبخًا (2)
(334)
عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال (3) من أكل من هذه الشَّجرة فلا يأتينَّ المساجد
(335)
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه الشَّجرة يعنى الثَّوم فلا يؤذينَّا فى مسجدنا، وقال فى موضعٍ آخر فلا يقربنَّ مسجدنا ولا يؤذينا بريح الثُّوم
(333) عن عمر بن الخطاب (غريبة)(1) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الباب الرابع من سيرة عمر في خطبه رضي الله عنه (2) معناه من أراد أكلهما فليمت رائحتها بالمطبخ واماته كل شيء كسر قوته وحدته ومنه قولهم قتلت الخمر إذا مزجها بالماء وكسر حدتها (تخريجه)(م. نس)(334) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يحيي عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر (الحديث)(غريبة)(3) رواية مسلم قال في غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يأتين المساجد وعنده من رواية أخرى عن ابن شمر أيضا يرفعه (من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها يعنى الثوم)(تخريجه)(ق. د. وغيرهم)(335) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (تخريجه)(م وغيره)
-[كراهة دخول المسجد بالرئحة الكريهة]-
(336)
عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه لم نعد (1) أن فتحت خيبر وقعنا فى تلك البقلة فأكلنا منها أكلًا شديدًا وناسٌ جياعٌ، ثم رحنا إلى المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرِّيح، فقال من أكل من هذه الشجرة الخبيثة (2) شيئًا قلا يقربنَّا فى المسجد، فقال النّاس حرِّمت حرَّمت! فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها النَّاس، إنَّه ليس لى تحريم ما أحلَّ الله ولكنَّهما شجرةٌ أكره ريحها
(337)
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا، أو قال فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته
(338)
عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال أكلت ثومًا ثمَّ
(336) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا اسماعيل انا الجريرى عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخ (1) أى لم نتجاوز فتح خيبر (2) سماها خبيثة لقبح رائحتها، (قال أهل اللغة) الخبيث فى كلام العرب المكروه من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص قاله النووى م. (تخريجه)(م. وغيره)
(337)
عن جابر بن عبد الله حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عبد الله حدثنا ابو صفوان وسماه فى غير هذا الحديث عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان اخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثنى عطاء ان جابر بن عبد الله زعم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل الخ (وقوله زعم) هنا ليست للشك لانها تأتى فى القول المحقق والصدق الذى لاشك فيه كقوله زعم جبريل كذا وتقدم الكلام عليها فى الباب الثالث من كتاب الايمان (تخريجه)(ق. نس. مذ)
(338)
عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سليمان بن المغبرة عن حميد بن هلال عن أبى بردة عن المغيرة بن شعبة الخ
-[كلام العلماء فى حكم من دخل المسجد بالروائح الكريهة]-
أتيت مصلَّى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقنى بركعةٍ فلمَّا صلَّى قمت أقضى فوجد ريح الثُّوم، فقال من أكل هذه البقلة فلا بقر بنَّ مسجدنا حتَّى يذهب ريحها، قال فلمَّا قضيت الصَّلاة أتيته فقلت يا رسول الله إنَّ لى عذرًا، ناولنى يدك، قال فوجدته والله سهلًا (2) فناولنى يده فأدخلها فى كمِّى إلى صدرى فوجده معصوبًا (3) فقال إنَّ لك عذرًا
(غريبه)(1) أى مسجده، (2) أى حيث قد أجاب طلبه وناوله يده بسهولة (3) أى لمرض، به والظاهر ان مرضه هذا كان يستدعى أكل الثوم للتداوى، قال صاحب بذل المجهود فى شرح سنن أبى داود (ومعنى قوله ان لك عذرًا) ليس هو الرخصة فى أكل الثوم ودخول المسجد بريحه، بل المعنى انك معذور فى أكله وان لم يكن حرامًا من دون العذر أيضًا الا أنه ليس لك دخول المسجد قبل ازالة الرائحة عن فيك هكذا قال اهـ والله أعلم (تخريجه)(د. مذ) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب فيها التصريح بنهى من أكل الثوم والبصل عن دخول كل مسجد قال النووى رحمه الله وهذا مذهب العلماء كافة الا ما حكاه القاضى عياض عن بعض العلماء ان النهى هـ=خاص فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم فى بعض روايات مسلم ((فلا يقربن مسجدنا)) وحجة الجمهور ((فلا يقربن المساجد)) ثم ان هذا النهى انما هو عن حضور المساجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما، فهذه البقول حلال باجماع من يعتد به، وحكى القاضى عياض عن أهل الظاهر تحريمها لانها تمنع من حضور الجماعة وهى عندهم فرض عين، وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم فى احاديث الباب ((كل فانى اناجى من لا تناجى)) وقوله صلى الله عليه وسلم أيها الناس انه ليس لى تحريم ما أحل الله لى (قلت) هذان الحديثان عند مسلم ورواهما الامام احمد أيضًا وسيأتيان فى كتاب الاطعمة فى الباب السادس من أبواب ما يباح اكله (قال النووى) قال العلماء ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها (قال القاضى) ويلحق به من أكل فجلًا وكان يتجشى، قال وقال ابن المرابط ويلحق به من به بخر فى فيه أو به جرح له رائحة، (قال القاضى) وقاس العلماء عن هذا مجامع الصلاة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ولا يلتحق بها الاسواق ونحوها (قال النووى) وقد اختلف اصحابنا فى الثوم هل كان حرامًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ام كان يتركه تنزهًا وظاهر هذا الحديث (يعنى قوله صلى الله عليه وسلم ايها الناس انه ليس لى تحريم ما أحل الله لى ولكنها شجرة أكره
-[كراهة البيع والشراء فى المسجد]-
(7)
باب جامع فيما تصان عند المساجد
(339)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشِّراء والبيع فى المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار، (1) وأن تنشد فيه الضَّالَّة (2) وعن الحلق يوم الجمعة قبل الصَّلاة
(340)
عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والاشتراء في المسجد
ريحها أنه ليس بمحرم عليه صلى الله عليه وسلم ومن قال بالتحريم يقول المراد ليس أن أحرم على أمتي ما أحل الله لها اهـ م
(339)
عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي ابن عجلان ثنا عمرو بن شعيب الخ (غريبة)(1) أي المذمومة كالمباهاة والافتخار لا ما كانت في الزهد وذم الدنيا والدفاع عن الاسلام كما فعل حسان فقد ثبت عند البخاري والامام احمد وغيرهما وسيأتي في الباب التالي نه أنشد الشعر في المسجد يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل قال له النبي صلى الله عليه وسلم اجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له فقال اللهم أيده بروح القدس (2) بتشديد اللام الضائعة من كل ما يقتني من الحيوان وغيره يقال ضل الشيء إذا ضاع قال في المصباح الضالة مختص بالحيوان ويقال لغير الحيوان ضائع ولقيط اهـ ويقال نشدت الدابة إذا طلبتها وعرفتها وانشتها إذا عرفت فالنشد يستعمل في الطلب والتعريف بخلاف الانشاد فانه يستعمل في التعريف فقط (وقوله عن الحلق) بكسر الحاء وفتح اللام جمع حلقة بفتح الحاء وسكون اللام أي القعود حلقا حلقا لانه يقطع الصفوف مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف فيكره عل جميع المذكورات والله أعلم (تخريجه)(الاربعة) وحسنه الترمذي (340) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن اسحق انا عبد الله يعني ابن المبارك حدثني اسامة بن زيد حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو يعني ابن العاص الخ (تخريجه)(جه) وفي إسناده أسامة بن زيد بن أسلم العدوي المدني ضعفه الامام احمد وابن معين من قبل حفظه وسنده عند بن ماجه جيد
-[كراهة نشد الضالة في المسجد]-
(341)
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سمع رجلًا ينشد فى المسجد ضالَّةً فليقل له لأدَّاها الله إليك (1) فإنَّ المساجد لم تبن لهذا (2)
(342)
عن سليمان بن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمىِّ أنَّ أعرابيًا قال فى المسجد من دعا للجمل الأحمر بعد الفجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وجدته لا وجدته، إنَّما بنيت هذه البيوت قال مؤملٌ هذه المساجد لما بنيت له
(343)
عن حكيم بن حزامٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقام الحدود فى المساجد (3) ولا يستفاد فيها (زاد فى وراية غير مرفوعة) ولا ينشد فيها الأشعار
(341) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابو عبد الرحمن المقري حدثنا حيوة قال سمعت ابا الاسود يقول اخبرني ابو عبد الله مولى شداد انه سمع ابا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) أي لا أوصلها الله اليك وعند مسلم لا ردها الله عليك وعند النسائي لا وجدت فهو دعاء عليه (2) أي لنشد الضالة بل ينيت لذكر الله تعإلى والصلاة وتعليم العلم كما في رواية (تخريجه)(م. د. جه)(342) عن سليمان بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الله ابن الوليد ومؤمل قال ثنا سفيان ثنا علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه "الحديث"(تخريجه)(م. وغيره)(343) عن حكيم بن حزام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد ابن عبد الله الشعيثي عن العباس بن عبد الرحمن المدني عن حكيم بن حزام "الحديث"(غريبة)(3) قال المناوى صونا لها وحفظا لحرمتها فيكره اهـ (وقوله ولا يستقاد) القود القصاص وقتل القاتل بدل القتيل وتقدم الكلام على انشاد الشعر في المسجد (تخريجه)(د. قط. ك. هق. وابن السكن) قال الحافظ في التلخيص ولا باس بإسناده وقال في بلوغ المرام إسناده ضعيف وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي وابن ماجة وفيه اسماعيل ابن مسلم المكي وهو ضعيف من قبل حفظه أفاده الشوكاني
-[كراهة وضع شئ فى المسجد يلهى المصلين]-
(344)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا علىُّ بن إسحاق قال أنا عبد الله قال أنا محمَّد بن عبد الرَّحمن عن منصور بن عبد الرَّحمن عن أمِّه (1) عن أمِّ عثمان ابنة سفيان وهى أمُّ بنى شيبة الأكابر قال محمَّد بن عبد الرَّحمن وقد بايعت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم دعا شيبة (2) ففتح فلمَّا دخل البيت ورجع وفرغ، ورجع شيبة، إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجب، فأتاه فقال إنِّى رأيت فى البيت قرنًا فغيِّبه، قال منصورٌ فحدَّثنى عبد الله بن مسافع عن أمِّى عن أمِّ عثمان بنت سفيان أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال له فى الحديث فإنَّه لا ينبغى أن يكون فى البيت شئ لا يلهى المصلِّين (ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان قال حدَّثنى منصورٌ عن خالة مسافع (3) عن صفيَّة بنت شيبة أمَّ منصورٍ قالت أخبرتني امرأةٌ من بنى سليمٍ (4) ولدت عامَّة أهل دارنا، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة، وقال مرَّة إنَّها سألت عثمان بن طلحة لم دعاك النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم؟ قال قال لى إنِّى كنت رأيت قرنى الكبش (5) حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمِّرهما (6)
(344) حدثنا عبد الله (غريبه)(1) هي صفية بنت شيبة القرشية العبدرية وقد جاءت مسماة في الطريق الثانية من هذا الحديث واختلف في صحبتها وقد جاءت أحاديث ظاهرة في صحبتها (2) هكذا بالأصل دعا شيبة والذي في الكتب الستة وغيرها أن الذي دعاه النبي صلى الله عليه وسلم لفتح باب الكعبة هو عثمان بن طلحة وكذلك عند الامام أحمد في غير هذه الرواية عثمان بن طلحة بل ف يالطريق الثانية عثمان بن طلحة وهي الرواية المعتمدة وعثمان ابن طلحة المذكور هو القرشي العبدري الحجي بفتح الحاء المهملة وبعدها جيم مفتوحة وباء موحدة منسوب إلى حجابة بيت الله الحرام شرفه الله تعإلى وهم جماعة من بني عبد الدار واليهم حجابة الكعبة وكانت هذه القصة في فتح مكة سنة ثمان من الهجرة (3) هو ابن ابي شيبة أخو صفية بنت شيبة (4) سليم بالتصغير والظاهر أن هذه المرأة هي أم عثمان بنت سفيان المذكورة في الطريق الاولى (5) أي كبش ابراهيم الذي فدى به اسماعيل عليهما الصلاة والسلام (6) أي تغطيهما وتسترهما عن أعين الناس وقد ذكر العلة وهي اشتغال المصلى
-[تاريخ وقعة الحرة بالمدينة واحتراق الكعبة بمكة]-
فخمِّرهما، فإنَّه لا ينبغى أن يكون فى البيت شئٌ يشغل المصلىِّ، قال سفيان لم تزل قرنا الكبش فى البيت، حتَّى احترق البيت (1) فاحترقا
(345)
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم السَّاعة حتى يتباهى (2) النَّاس في المساجد
(346)
عن الحضرمىِّ بن لاحق عن رجلٍ من الأنصار أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وجد أحدكم القملة في ثوبه فليصرَّها (3) ولا يلقها في المسجد
(1) كان ذلك في الخلافة المشؤومة خلافة يزيد بن معاوية بعد وقعة الحرة بالمدينة ثم سار الجيش إلى مكة وحاصروا بها ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق وذلك في صفر سنة أربع وستين وأحرقت من شرارة نيرانهم استار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل وكانا في السقف وأهلك الله يزيد في نصف شهر ربيع الاول من ذلك العام كدا في تاريخ الخلفاء للحافظ السيوطي (تخريجه)(د. وغيره) وقصة المفتاح رواها (ق والاربعة) والامام احمد من طرق اخرى (345) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله حدثني ابي ثنا حماد سلمة عن أيوب عن ابي قلابة عن أنس بن نالك الحديث (غريبه)(2) أي يتفاخرون في بناء المساجد والمباهاة بها كما في رواية البخاري أن يتفاخروا بها بالنقش والكثرة وروي في شرح السنة بسنده عن أبي قلابة قال غدونا مع أنس بن مالك إلى الزاوية فحضرت صلاة الصبح فمررنا بمسجد فقال أنس أي مسجد هذا؟ قالوا مسجد احدث الآن فقال أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "سيأتي على الناس زمان يتباهون في المساجد ثم لا يعمرونها الا قليلا"(تخريجه)(خز والاربعة) واورده البخاري عن أنس تعليقا ووصله أبو يعلى وحديث الباب صححه ابن خزيمة (346) عن الحضرمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل حدثني حجاج الصواف عن يحي بن أبي كثير عن الحضرمي الخ (غريبه)(3) أي فليقبض عليها في ثوبه حتى يخرجها من المسجد ولا يلقها فيه حية ويقتلها (فان قيل) ثبت في مسند الامام احمد ان ابا امامة كان يتفلى في المسجد ويدفن القمل في الحصى وتقدم ذلك في الباب الثالث من أبواب الوضوء (قلت) يحمل على أنه كان يدفنه بعد قتله وهذا ليس بمحظور أنما المحظور القاء القملة في المسجد حية لئلا تؤذي غيره وقد ثبت قتل القمل في المسجد عند الطبراني في الكبير بسنده عن مالك بن يخامر قال "رأيت معاذ بن جبل
-[كراهة طرح القمل في المسجد وقصة بول الأعرابى]-
(347)
عن طلحة بن عبيد الله يعنى بن كرزٍ عن شيخٍ من أهل مكَّة من قريش قال وجد رجلٌ في ثوبه قملةً فأخذها ليطرحها في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل، اردها في ثوبك حتَّى تخرج من المسجد
(348)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد وأصحابه معه إذ جاء أعرابىٌّ فبال في المسجد، فقال أصحابه مه مه (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه (2) دعوه، ثمَّ دعاه فقال له إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشئ من القذر والبول والخلاء أو كما فال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنَّما هي لقراءة القرآن وذكر الله والصَّلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقتل القمل والبراغيث في المسجد " قال الهيثمي ورجاله موثقون (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله موثقون (347) عن طلحة بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد ابن عبيد ثنا محمد بن اسحاق عن طلحة بن عبيد الله الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات الا ان محمد بن اسحاق عنعنه وهو مدلس اهـ (348) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار ثنا اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الانصاري عن عمه أنس بن مالك الحديث (غريبة)(1) اسم فعل مبني على السكون معناه اكفف وقال صاحب المطالع هي كلمة زجر اصلها ما هذا ثم حذف تخفيفا وتقال مكررة وفردة ومثله به به بالباء الموحدة (2) بضم التاء الفوقية واسكان الزاي بعدها راء أي لا تقطعوا عليه بوله والازرام القطع وقطع البول فجأة يضر بصاحبه ولذل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك رأفة بالرجل (وقوله ان هذه المساجد الخ) قال الشوكاني مفهوم الحصر مشعر بعدم جواز ماعدا هذه المذكورة من الأقذار والقذى والبصاق ورفع الصوت والخصومات والبيع والشراء وسائر العقود وانشاد الضالة والكلام الذي ليس بذكر وجميع الامور التي لا طاعة فيها واما التي فيها طاعة كالجلوس في المسجد للاعتكاف والقراءة للعلم وسماع الموعظة وانتظار الصلاة ونحو ذلك فهذه الامور وان لم تدخل في المحصور فيه لكنه أجمع المسلموت على جوازها كما حكاه النووي فيخصص مفهوم الحصر بالامور التي فيها طاعة لائقة بالمسجد لهذا الاجماع وتبقى الامور التي لا طاعة
-[مذاهب العلماء فى أحكام تتعلق بالمسجد]-
لرجل من القوم قم فأتنا بدلو من ماء فشنه عليه (1) فأتاه بدلو من ماء فشنه عليه
فيها داخلة تحت المنع وحكي الحافظ في الفتح الاجماع على ان مفهوم الحصر منه غير معمول به قال ولا ريب ان فعل غير المذكورات ومافي معناها خلاف الاولى (1) يروي بالشين المعجمة والسين المهملة قال النووي وهو في أكثر الاصول والروايات بالمعجمة ومعناه صبه وفرق بعض العلماء بينهما فقال هو بالمهملة الصب بسهولة وبالمعجمة التفريق في صبه وتقدم الكلام على فقه الحديث في الباب الرابع من أبواب تطهير النجاسة والله أعلم (تخريجه)(ق. وغيرهما) لكن ليس للبخاري فيه "ان هذه المساجد" إلى تمام الامر بتنزيهها (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على تحريم البيع والشراء وانشاد الضالة وانشاد الاشعار والتحلق يوم الجمعة قبل الصلاة (أما البيع والشراء) فذهب جمهور العلماء إلى ان النهى محمول على الكراهة قال العراقي وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه وهكذا قال الماوردي قال الشوكاني وأنت خبير بان حمل النهى على الكراهة يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بان النهي حقيقة في التحريم وهو الحق وإجماعهم على عدم جواز النقض وصحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم فلا يصح جعله قرينه لحمل النهي على الكراهة وذهب بعض اصحاب الشافعي إلى انه لا يركه البيع والشراء في المسجد والأحاديث ترد عليه وفرق أصحاب ابي حنيفة بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره أو يقل فلا كراهة وهو فرق لا دليل عليه (وأما إنشاد الأشعار) في المسجد فحديث الباب ومافي معناه يدل على عدم جوازه ويعارضه ما سيأتي في الباب التالي من قصة عمر وحسان وتصريح حسان بانه كان ينشد الشعر بالمسجد وفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جمع بين الأحاديث بوجهين (الاول) حمل النهى على التنزبه والرخصة على بيان الجواز (والثاني) حمل أحاديث الرخصة على الشعر الحسن المأذون فيه كهجاء حسان للمشركين ومدحه النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ويحمل النهى على التفاخر والهجاء ونحو ذلك ذكر هذين الوجهين العراقي في شرح الترمذي وقال الشافعي رحمة الله الشعر كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح وقد ورد هذا مرفوعا عن عائشة عند أبي يعلى وحسنة العراقي (وفيها أيضا) النهى عن رفع الصوت بنشد الضالة وما في معناه من البيع والشراء والإجارة والعقود كما تقدم وفيها دليل على جواز الدعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان معاقبة له على فعله ومعاملة له بنقيض قصده قال ابن رسلان ويلحق بذلك من رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع
-[مذاهب العلماء فى أحكام تتعلق بالمساجد]-
.....
صوته وقال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره واجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج اليه الناس لانه مجمعهم ولابد لهم منه (وفيها أيضا) دليل على تحريم إقامة الحدود في المساجد وتحريم الاستقادة فيها لان النهى حقيقة في التحريم ولا صارف له ههنا عن معناه الحقيقي وفي أحاديث الباب أيضا دلل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير مما يلهي وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي فيه لارتفاع العلة وهي اشتغال قلب المصلي بالنظر اليها وفيها أيضا كراهة التفاخر والمباهاه ببناء المساجد وتشييدها وزخرفتها قال الشوكاني وقد روي عن ابي حنيفة الترخيص في ذلك وروي عن ابي طالب انه لا كراهه في تزيين المحراب وقال المنصور بالله انه يجوز في جميع المسجد وقال البدر بن المنير لما شيد الناس بيوتهم وزخرفها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة وتعقب بان المنع ان كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال وان كان لخشبة شغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة ومن جملة ما عول عليه المجوزون للتزيين بان السلف لم يحصل منهم الانكار على من فعل ذلك وبانه بدعة مستحسنة وبانه مرعب إلى المسجد وهذه حجج لا يعول عليها من له حظ من التوفيق لا سيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على ان التزيين ليس من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه نوع من المباهاة المحرمة وانه من علامات الساعة كما روي عن علي عليه السلام وانه من صنع اليهود والنصارى وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفتهم ويرشد اليها عموما وخصوصا ودعوى ترك انكار السلف ممنوعة لان التزيين بدعة أحدثها أهل الدول الجائرة من غير مؤاذنة لأهل العلم والفضل وأحدثوا من البدع مالا يأتي عليه الحصر ولا ينكره أحد وسكت العلماء عنهم تقية لا رضا بل قام في وجه باطلهم جماعة من علماء الآخرة وصرخوا بين اظهرهم بنعى ذلك عليهم ودعوى انه بدعة مستحسنة باطلة للحديث الصحيح " من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد" ودعوى انه مرغوب إلى المسجد فاسدة لان كونه داعيا إلى المسجد ومرغبا اليه لا يكون الا لمن كان غرضه وغاية قصده النظر إلى تلك النقوش والزخرفة فأما من كان غرضه قصد المساجد لعبادة الله التي لا تكون عبادة على الحقيقة الا مع خشوع والا كانت كجسم بلا روح فليست الا شاغلة عن ذلك كما فعله صلى الله عليه وسلم في الانبجانية التي بعث بها إلى أبي جهنم وكهتكه للستور التي فيها نقوش وتقويم البدع المعوجة التي يحدثها الملوك توقع أهل العلم في المسالك الضيقة فيتكلمون في ذلك من الحجج الواهية ما لا ينفق إلا على بهيمة اهـ بتصرف في بعض الألفاظ قلت وفي الباب
-[جواز النوم فى المسجد]-
(8)
باب ما يباح قعد فى المساجد
(349)
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كنَّا فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنام فى المسجد فقيل فيه ونحن شبابٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(1) قال ما كان لى مبيتٌ ولا مأوى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَاّ فى المسجد
(350)
عن عبَّاد بن تميم عن عمِّه أنَّه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيًا فى المسجد على ظهره واضعًا إحدى رجليه على الأخرى
(351)
حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة قال
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أمرت بتشييد المساجد" قال ابن عباس لتزخرفنها اليهود والنصارى رواه ابو داود وصححه ابن حبان قال محيي السنة انهم زخرفوا المساجد (يعني اليهود والنصارى) عند ما بدلوا دينهم وحرفوا كتبهم وانتم تصيرون إلى مثل حالهم وسيصير امركم إلى المرآآه بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها قال ابو الدرداء إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مساجدكم فالدمار عليكم قال ابن رسلان وهذا الحديث فيه معجزة ظاهرى لاخباره صلى الله عليه وسلم عما سيقع بعده فان تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والامراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس باخذهم اموال الناس ظلما وعمارتهم بها المدارس على شكل بديع نسأل الله الصحة والعافية اهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) النهى عن القاء القمل ودفنه حيا في المسجد والبول فيه وقد تقدم الكلام على ذلك والله أعلم (8) باب ما يباح فعله في المساجد (349) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ادريس أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (1) وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن ابن عمر قال ما كان لي الخ (تخريجه)(خ. نس. د)(350) عن عباد بن تميم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ان محمد عن ابن جريج قال أخبرني يحي بن جرحة عن ابن شهاب عن عباد بن تميم الخ (مخرجه)(ق. وغيرهما)(351) حدثنا عبد الله الخ (تخريجه) أورده الهيثمي هكذا عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد قلت لابن عيينة في مسجد بيته؟ قال لا في مسجد
-[حكم اللعب بالحراب فى المسجد وإنشاد الشعر فيه]-
كتب إلىَّ موسى بن عقبة يخبرنى عن بسر بن سعدٍ عن زيد بن ثابتٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتجم فى المسجد، قلت لابن لهيعة فى مسجد بيته؟ قال لا، فى مسجد الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم
(352)
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد والحبشة يلعيون فزجرهم (1) عمر، فقال النَّبى صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر، فإنَّهم بنو أرفدة (2)
(353)
عن سعيد (بن المسيَّب) قال مرَّ عمر رضى الله عنه بحسَّان بن ثابت وهو ينشد (وفى روايةٍ وهو ينشد الشِّعر) فى المسجد فلحظ إليه (3)((وفى رواية فقال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تنشد الشِّعر؟)) قال
الرسول صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وفيه ابن طيعة وفيه كلام وذكر مسلم في كتاب التمييز ان ابن طيعة أخطأ حيث قال احتجم بالميم وإنما هو احتجز أي اتخذ حجرة والله أعلم اهـ (352) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا الاوزاعي عن الزهري عن سعيد عن ابي هريرة الخ (غريبه)(1) في رواية الزهري أيضا عن سعيد عن أبي هريرة عند البخاري غي الجهاد قال فاهوى إلى الحصباء فخصبهم بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر (2) بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح قيل هو لقب للحبشة وقيل هو اسم جنس لهم وقيل اسم جدهم الاكبر وكأنه يعني بالتعليل أن هذا شأنهم وطريقهم وهو من الأمور المباحة فلا انكار عليهم قال المحب الطبري فيه تنبيه على أنه يغتفر لهم مالا يغتفر لهم لغيرهم لأت الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب فيقتصر على ما ورد فيه النص اهـ وروى السراج من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ "لتعلم يهود أن في ديننا فسحة أني بعثت بحنيفية سمحة" وهذا يشعر بعدم التخصيص وكأن عمر بني على الأصل في تنزيه المساجد فبين له النبي صلى الله عليه وسلم وجه الجواز فيما كان هذا سبيله أو لعله لم يكن على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراهم أفاده الحافظ ف (تخريجه)(ق. وأبو عوانة في صحيحه وغيرهم)(353) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ابن عيينة عن الزهري عن سعيد الخ (غريبة)(3) أي نظر اليه نظرة إنكار
-[كلام العلماء فيما يجوز فعله فى المسجد]-
كنت أنشد وفيه من هو خيرٌ منك (1) ثمَّ التفت إلى أبى هريرة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عنِّى اللهمَّ أيِّده بروح القدس؟ (2) قال نعم (زاد فى رواية قال فانصرف عمر وهو يعرف أنَّه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(9)
باب النهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد للتبرك والتعظيم
(354)
عن عبد الله بن عبَّاس وعن عائشة رضى الله عنهما أنَّهما قالا لما
(1) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) أي قوة وروح القدس المراد به هنا جبريل عليه السلام بدليل حديث البراء عند البخاري بلفظ "وجبريل معك" والمراد بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوا رسول صلى الله عليه وسلم وفي الترمذي من حديث عائشة قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبرا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار) وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حدث صحيح الاسناد اهـ (تخريجه)(ق. وغيرهم)(الأحكام) في أحاديث الباب جواز النوم في المسجد وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وروي عن عباس كراهه إلا لمن يريد الصلاة وعن ابن مسعود مطلقا وعن مالك التفصيل بين من له مسكن فيكره وبين من لا مسكن له فيباح وثبت عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء وعلي مضطجع ف يالمسجد قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه ويقول قم أبا تراب (وفيها أيضا) جواز الاستلقاء في المسجد ووضع احدى الرجلين على الاخرى قال الخطابي فيه ان النهي الوارد عن ذلك منسوخ او يحمل النهي حيث يخشى ان تبدو عورته والجواز حيث يؤمن من ذلك قال الحافظ والثاني اولى من ادعاء النسخ لأنه لا يثبت بالاحتمال وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما (وفيها أيضا) جواز الحجامة في المسجد ان ثبت الحديث في ذلك بشرط عدم تلويث المسجد بشيء من الدم وقد علمت ما في الحديث وفيها أيضا جواز اللعب بالحراب في المسجد بقصد التدريب لحرب العدو لا لمجرد اللعب قال الحافظ واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا قيل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو قال وقال المهلب المسجد موضوع لأمن جماعة المسلمين فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه اهـ وفي أحاديث الباب أيضا) جواز انشاد الشعر في المسجد وقد تقدم الجمع بين حديث الباب وبين ما يعارضه في الباب السابق والله اعلم (9) باب النهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد للتبرك والتعظيم (354) عن عبد الله بن عباس الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس الخ
-[التحذير من اتخاذ القبور مساجد]-
نزل (1) برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق (2) يلقى خميصته على وجهه فإذا اغتمَّ (3) رفعناها عنه وهو يقول لعن الله اليهود والنَّصارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد (4) تقول عائشة يحذِّرهم مثل الَّذى صنعوا
(355)
عن عائشة رضى الله عنها أن أمَّ حبيبة وأمَّ سلمة ذكرتا كنيسةً رأينها بالحبشة (وفى رواية تذاكروا عند النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فى مرضه فذكرت أمُّ سلمة وأمُّ حبيبة كنيسةً رأينها فى أرض الحبشة) فيها تصاوير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أولئك إذا كان فيهم الرَّجل الصَّالح فمات بنوا على قبره مسجدًا وصوَّروا فيه تلك الصُّور، أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل يوم القيامة
(356)
وعنها رضى الله عنها قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصةٌ سوداء حين اشتدَّ به وجعه قالت فهو يضعها مرَّة على وجهه ومرَّة يكشفها
(غريبه)(1) بضم النون وكسر الزاي قال النووي هكذا ضبطناه قال وفي اكثر الاصول بفتح الحروف الثلاثة وبتاء التأنيث الساكنة أي لما حضرت المنية أو الوفاه واما الاول فمعناه نزل ملك الموت والملائكة الكرام اهـ (2) يقال طفق بكسر الفاء وفتحها أي جعل الكسر افصح واشهر وبه جاء القرآن وممن حكى الفتح الاخفش والجوهري والخميصة كساء له اعلام قاله النووي م (3) أي إذا احتبس نفسه عن الخروج وهو افتعل من الفم التغطية والستر (نه)(4) ظاهرة انهم كانوا يجعلونها مساجد يصلون فيها وقيل هو اعم من الصلاة عليها وفيها (تخريجة)(ق. وغيرهم)(355) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى يحيى عن هشام قال ابي ووكيع ثنا هشام المعنى قال حدثني ابي عن عائشة (الحديث)(تخريجه)(ق. نس)(356) وعنها رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يعقوب قال ثنا ابي عن ابن اسحاق عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة أن
-[التحذير من اتخاذ القبور مساجد وكلام العلماء فى ذلك]-
عنه ويقول قاقل الله قومًا (1) اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحرِّم ذلك على أمته
عائشة قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) عند مسلم قاتل الله اليهود كما عند الامام احمد في رواية اخرى ومعناه لعنهم كما في رواية وقيل معناه قتلهم واهلكهم (تخريجه)(ق. وغيرهما) وفي الباب عند مسلم بسنده إلى عبد الله بن الحارث النجراني قال حدثني جندب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بخمس وهو يقول (اني أبرأ إلى الله ان يكون لي منكم خليل فان الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من امتى خليلا لاتخذت ابا بكرا خليلا الا وان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد الا فلا تتخذوا القبور مساجد انى أنهاكم عن ذلك) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم أبرأ أي امتنع من هذا وأنكره والخليل هو المنقطع إليه وقيل المختص بشيء دون غيره قيل هو مشتق من الخلة بفتح الخاء وهو الحاجة وقيل من الخلة بضم الخاء وهي تخلل المودة في القلب فنفي صلى الله عليه وسلم ان تكون حاجته وانقطاعه إلى غير الله تعالى وقيل الخليل من لا يتسع القلب لغيره الأحكام أحاديث الباب تدل على تحريم اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين لان في الصلاة فيها استنانا بسنة اليهود والنصارى وقد نهينا عن التشبه بهم في العادات فما بالك بالعبادات وقد لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الاتخاذ احاديث الباب برهان قاطع لمواد النزاع وحجة نيرة على كون هذه الأفعال جالبة للعن واللعن امارة الكبيرة المحرمة بركته في العبادة ومجاروة روح ذلك الميت فقد شمله الحديث شمولا واضحا كشمس النهار ومن توجه اليه في صلاته خاضعا له مستمدا منه فلا شك انه أشرك بالله وخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في احاديث الباب ومافي معناها ولم تشرع الزيادة في ملة الإسلام إلا للعبرة والزهد في الدنيا وتذكر الآخرة والدعاء بالمغفرة للموتى نسأل الله السلامة قال النووي رحمة الله قال العلماء انما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتتان به فربما ادى ذلك الى الكفر كما جرى لكثير من الامم الخالية ولما احتاجت الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين والتابعون الى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة الى ان دخلت بيوت امهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد فيصلي اليه العوام ويؤدي
-[أصل مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم]-
(10)
باب جواز نبسن قبور الكفار واتخاذ أرضها مساجد
(357)
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان موضع مسجد النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم لبنى النَّجار وكان فيه نخلٌ وخربٌ (1) وقبورٌ من قبور الجاهليِّة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثامنونى (2) فقالوا لا نبغى به ثمنًا إلَاّ عند الله عز وجل (3) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّخل فقطَّع وبالحرث فأفسد (4) وبالقبور فنبشت (5) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يصلِّى فى مرابض (6) الغنم حيث أدركته الصَّلاة
ألى المحذور ثم بنوا جدارين من ركنيي القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر ولهذا قال في الحديث يعني حديث مسلم "ولولا ذلك لا برز قبره غير انه خشي أن يتخذ مسجدا" والله تعالى اعلم بالصواب اهـ (10) باب جواز نبش قبور الكفار واتخاذ أرضها مساجد (357) عن انس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد انا حماد بن سلمة عن ابي التياح عن أنس بن مالك "الحديث"(غريبه)(1) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء قال النووي هكذا ضبطناه وقال القاضي عياض رويناه هكذا ورويناه بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وكلاهما صحيح وهو ما تخرب من البناء لانه كما أمر بقطع النخل لتسوية الارض امر بالخرب فرفعت رسومها وسويت مواضعها لتصير جميع الارض مبسوطة مستوية للمصلين وكذلك فعل بالقبور (2) أي بايعوني (3) قال النووي هذا الحديث كذا هو مشهور في الصحيحين وغيرهما وذكر محمد بن سعد في الطبقات عن الواقدي ان النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منهم بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه (4) أي الزرع وقوله فأفسد أي سوى كما في رواية عند ابي داود (فقطع النخل وسوى الحرث)(5) أي قبور المشركين فاخرج ما فيها من العظام وأمر بنبشها لانهم لا حرمة لهم (6) قال أهل اللغة هي مباركا ومواضع مبيتها ووضعها أجسادها على الارض للاستراحة قال ابن دريد ويقال ذلك أيضا لكل دابة من ذوات الحوافر والسباع واستدل بهذا الحديث الإمامان مالك واحمد رحمهما الله وغيرهما ممن يقول بطهارة بول الماكول وروثه وقد سبق الكلام على ذلك في الباب الثاني من أبواب حكم البول في كتاب الطهارة وفيه انه لا كراهة في الصلاة في مراح الغنم بخلاف اعطان الابا وسيأتي الكلام على ذلك والله اعلم (تخريجه)(ق. د. نس)(الأحكام) حديث الباب يدل على جواز بناء المساجد موضع قبور
-[كلام العلماء في اتخاذ المساجد فى المقبرة اذا درست]-
(11)
باب جواز اتخاذ البيع مساجد
(358)
عن طلق بن علىّ رضى الله عنه قال وفدنا (1) على النَّبي صلى الله عليه وسلم
المشركين بعد نبشها واخراج ما فيها وفيه دليل على ان من لا حرمه لدمه في حياته لا حرمة لعظامه بعد مماته وفيه طلب المبادرة ببناء المساجد اذا احتاج الامر اليها وفيه أيضا دليل على مشروعية البيع والشراء ومنع الغصب وعلى مشروعية التبرع لله عز وجل وجواز قطع الاشجار الغير المثمرة مطلقا والمثمرة للحاجة وعلى جواز الصلاة في مقابر المشكرين بعد نبشها واخراج ما فيها قال الخطابي ان المقابر اذا نبشت ونقل ترابها ولم يبق هناك نجاسة تخالط ارضها فان الصلاة جائزة وانما نهي عن الصلاة في المقبرة اذا كان قد خالط ترابها صديد الموتى ودماؤهم فاذا نقلت عنها زال ذلك الاسم وعاد حكم الارض الى الطهارة اهـ وقال ابن القاسم من المالكية لو ان مقبرة من مقابر المسلمين عفت فبنى قوم عليها مسجدا لم ار بذلك بأسا وذلك لان المقابر وقف من أوقاف المسلمين لدفن موتاهم لا يجوز لاحد ان يملكها فاذا درست واستغنى عن الدفن فيها جاز صرفها الى المسجد لان المسجد أيضا وقف من أوقاف المسلمين لا يجوز تمليكه لاحد وما هو الله فلا بأس أن يستعان ببعضه في بعض وقال ابن وهب منهم أيضا ان المقبرة اذا ضاقت عن الدفن تحرث أي تزرع بعد عشر سنين وقال ابن الماجشون منهم أيضا اذا ضاقت عن الدفن وبجانبها مسجد ضاق باهله لا بأس ان يوسع المسجد ببعضها والمقبرة والمسجد حبس المسلمين وقالت الحنابلة اذا صار الميت رميما جازت زراعة المقبرة وحرثها والبناء عليها والا فلا يجوز وقال العيني من الحنفية ذكر اصحابنا ان المسجد اذا خرب ودثر ولم يبق حوله جماعة والمقبرة اذا عفت ودثرت تعود ملكا لاربابها فاذا عادت ملكا يجوز ان يبنى موضع المسجد دار وموضع المقبرة مسجد وغير ذلك فان لم يكن لها أرباب تكون لبيت المال اهـ وقالت الشافعية يكره البناء في مقبرة غير مسبلة ويحرم في المسبلة سواء اكان البناء فوق الارض ام في باطنها فيجب على الحاكم هدم جميع الابنية التي في القرافة المسبلة للدفن فيها وهي التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها لانه يضيق على الناس ولا فرق بين أن يكون البناء قبة او بيتا او مسجدا او غير ذلك والله اعلم (11) باب جواز اتخاذ البيع مساجد (358) عن طلق بن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا موسى بن داود ثنا محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر عن طلق بن علي الخ (غريبه)(1) قال في المختار وفد فلان على الامير أي ورد رسولا وبابه وعد فهو وافد والجمع وفد مثل صاحب وصحب وجمع الوفد أوفاد ووفود والاسم الوفادة بالكسر وأوفده إلى الأمير أرسله اهـ
-[جواز اتخاذ البيع مساجد]-
فلمَّا ودَّعنا أمرنى فأتيته بإداوةٍ من ماء فحثا (1) منها ثمَّ مجَّ فيها ثلاثًا ثمَّ أوكأها ثمَّ قال اذهب بها وانضج مسجد قومك (2) وأمرهم أن يرفعوا برؤوسهم أن رفعها الله، قلت إنَّ الأرض بيننا وبينك بعيدةٌ وإنَّها تيبس، قال فإذا يبست فمدَّها (3)
(12)
باب ما جاء فى اتخاذ المساجد فى البيوت
(359)
عن سمرة بن جندبٍ رضى الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتَّخذ المساجد فى ديارنا (4) وأمرنا أن ننظِّفها.
(1) عند النسائي فاستوهبناه أي سألناه ان يعطينا من فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ ومضمض ثم صبه في اداوه الحديث فمعنى قوله في حديث الباب فحثا منها أي اغترف منها فتوضأ وتمضمض ثلاثا ومج ماء المضمضة في الاداوة وقوله ثم اوكأها أي شد رأسها بالوكاء وهو الحبل الذي يشد به رأس القربة ونحوها (2) رواية النسائي فاذا اتيتم ارضكم فاكسروا بيعتكم والضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا والبيعة بكسر الباء الموحدة معبد النصارى أو اليود كالمسجد للمسلمين (والنضح) معناه الرش وفيه من التبرك بآثار الصالحين مالا بخفى (3) رواية النسائي قلنا ان البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف فقال مدوه من الماء (أي زيدوه ماء) فانه لا يزيده الا طيبا يعني والله أعلم ان فضل الطهور الذي في الاداوة لا يزيد الماء الزائد الا طيبا فيصير الكل طيبا والعكس غير مناسب فتأمل (تخريجه)(نس. طب. طس)(وسنده جيد)(وفي الباب) عن عثمان بن أبي العاص ان النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مساجد الطائف حيث كان طواغيتهم رواه أبو داود وابن ماجة قال البخاري وقال عمر انا لا ندخل كنائسهم من جل التماثيل التي فيها الصور قال وكان ابن عباس يصلي في البيعة الا بيعة فيها التماثيل (الاحكام) هذا الحديث مع حديث الباب يدلان على جواز جعل الكنائس والبيع وأمكنة الاصنام مساجد وكذلك فعل كثير من الصحابة حين فتحوا البلاد وجعلوا متعبداتهم متعبدات للمسلمين وغيروا محاريبها وفي أُري عمر وابن عباس رضي الله عنهم ما يدل على جواز دخول البيع والصلاة فيها الا اذا كان فيها تماثيل والله أعلم (12) باب ما جاء في اتخاذ المساجد في البيوت (359) عن سمرة بن جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ابن النعمان ثنا بقية عن اسحاق بن ثعلبة عن مكحول عن سمرة بن جندب الخ (غريبة)(4) فسر سفيان بن عيينة الدور بالقبائل في رواية عند الترمذي وقال
-[إستحباب تنظيف المساجد وتطييبها]-
(360)
عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ببنيان المساجد فى الدور وأمر بها أن تنظَّف (1) وتطيب
(361)
عن علىِّ بن زيد بن جدعان قال حدَّثنى أبو بكر بن أنس ابن مالك قال قدم أبى من الشَّام وافدًا وأنا معه فلقينا محمود بن الرَّبيع فحدث
صاحب المرفاة هو جمع دار وهو اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة والمراد المحلات فانهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة دارا أو محمول على اتخاذ بيت في الدار للصلاة كالمسجد يصلي فيه أهل البيت قاله ابن الملك والأول هو المعول وعليه العمل وحكمه أمره صلى الله عليه وسلم لأهل كل محلة ببناء مسجد فيها أنه قد يتعذر او يشق على أهل محلة الذهاب للاخرى فيحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه فأمروا بذلك ليتيسر لاهل كل محلة العبادة في مسجدهم من غير مشقة تلحقهم وقال البغوي قال عطاء لما فتح الله تعالى على عمر رضي الله عنه الا مصار امر المسلمين ببناء المساجد وأمرهم أن لا يبنوا مسجدين يضار أحدهما الاخر ومن المضار فعل تفريق الجماعة اذا كان هناك مسجد يسعهم فان ضاق من توسعته أو اتخاذ مسجد يسعهم اهـ مافي المرقاة (تخريجه)(د. مذ) بلفظ حديث الباب وصححه س (360) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عامر ابن صالح قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الحديث (غريبه)(1) بالتاء والياء بصيغة المجهول أي تطهر كما في رواية ابن ماجة والمراد تنظيفها من الوسخ والدنس والنتن والتراب (وقوله وتطيب) بالتاء والياء أيضا أي بالرش والعطر ويجوز أن يحمل التطيب على التجمير في المسجد قال القارئ في المرفاة قال ابن حجر وبه يعلم أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافا لمالك حيث كرهه فقد كان عبد الله يجمر المسجد اذا قعد عمر رضي الله عنه على المنبر واستحب بعض السلف التخليق بالزعفران والطيب وروي عنه عليه السلام فعله وقال الشعبي هو سنة وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك وأنه يستحب أيضا كنس المسجد وتنظيفه وقد روي ابن أبي شيبة أنه عليه السلام كان يتبع غبار المسجد بجريدة اهـ من المرفاة (تخريجه)(د. جه. حب) وسنده جيد (361) عن علي بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حسين بن
-[جواز اتخاذ المساجد في الدور]-
أبي حديثًا عن عتبان (1) بن مالك قال أبى أى بنىِّ احفظ هذا الحديث فإنَّه من كنوز الحديث، فلمَّا قفلنا (2) انصرفنا إلى المدينة فسألنا عنه فإذا هو حىٌّ، وإذا شيخٌ أعمى معه، قال فسألناه عن الحديث فقال نعم، ذهب بصرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ذهب بصرى ولا أستطيع الصَّلاة خلفك فلو بوَّأت (3) فى دارى مسجدًا فصلَّيت فيه فأتَّخذه مصلىَّ قال نعم، فإنِّى غادٍ عليك غدًا، قال فلمَّا صلَّّى من الغد التفت إليه فقام حتَّى أتاه (وفى روايةٍ فجاء هو أبو بكرٍ وعمر) فقال يا عتبان أين تحبُّ أن أبوِّئ لك فوصف له مكانًا فبوَّأ له وصلَّى فيه، ثمَّ حبس (4) أو جلس (وفى رواية فاحتبسوا على طعامٍ) وبلغ من حولنا من الأنصار فجاؤا حتَّى ملئت علينا الدَّار فذكروا المنافقين وما يلقون من أذاهم وشرَّهم حتَّى صيروا وأمرهم (5) إلى رجلٍ منهم يقال له مالك بن الدُّخشم (6)(وفى روايةٍ الدُّخشن أو الدُّخيشن)
محمد قال ثنا جرير يعني ابن حازم عن علي بن زيد بن جدعان (الحديث){غريبه} (1) بكسر أوله وسكون ثانيه هو ابن مالك بن عمرو العجلاني رضي الله عنه
(2)
القفول الرجوع من السفر وبابه دخل ومنه القافلة. وهي الرفقة الراجعة من السفر، قاله في المصباح (3) أي اتخذت واخترت (4) رواية البخاري وحبسناه على خزيرة صنعناها له أي منعناه من الرجوع (والخزيرة) نوع من الأطعمة، قال ابن قتيبة تصنع من لحم يقطع صغارا ثم يصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق، وإن لم يكن فيه لحم فهو عصيدة اهـ (5) عند الإمام أحمد من طريق آخر تقدم في الباب التاسع من كتاب الإيمان " فأسندوا عظيم ذلك إلى مالك بن دخيشم " تصغير دخشم بالميم هكذا بالأصل هناك، أي جعلوه رأس المنافقين (6) بضم الدال المهملة مشددة وسكون الخاء المعجمة بعدها شين مضمومة ثم ميم. ونقل الطبراني عن أحمد بن صالح أنه الصواب. وهي رواية الطيالسي، وكذا لمسلم من طريق ثابت عن أنس عن عتبان، والطبراني من طريق النضر بن أنس عن أبيه، وفي رواية للإمام أحمد والبخاري "الدخشن" بضم الدال المهملة والشين المعجمة بينهما خاء ساكنة (أو الدخيشن) بضم الدال المهملة وفتح الخاء المعجمة وسكون الياء التحتانية بعدها شين معجمة مكسورة ثم نون، والشك فيه من الراوي هل هو مصغر أو مكبر
-[أبواب المساجد - الفتح الرباني]-
وقالوا من حاله ومن حاله (1) ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتٌ، فلمَّا أكثروا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس يشهد أن لا إله إلَاّ الله؟ فلمَّا كان فى الثَّالثة قالوا إنَّه ليقوله، قال والذَّى بعثنى بالحقَّ لئن قالها صادقًا من قلبه لا تأكله النَّار أبدًا (2) قالوا فما فرحوا بشئٍ قطُّ كفرحهم بما قال (3)(ومن طريقٍ ثانٍ)(4) عن ثابتٍ عن أنس (بن مالكٍ) رضى الله عنه أنَّ عتبان بن مالكٍ ذهب بصره فقال يا رسول الله لو جئت صلَّيت فى دارى أو قال فى بيتى لاتَّخذت مصلَاّك مسجدًا، فجاء النَّبى صلى الله عليه وسلم فصلَّى في داره أو قال فى بيته، واجتمع قوم عتبان إلى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال فذكروا مالك بن الدُّخشم، فقالوا يا رسول الله إنَّه وإنَّه يعرِّضون (5) بالنِّفاق، فقال النَّبى صلى الله عليه وسلم أليس يشهد أن لا إله إلَاّ الله وأنِّى رسول الله؟ قالوا بلى، قال والَّذى نفسي بيده لا يقولها عبدٌ صادقٌ بها إلَاّ حرِّمت عليه النَّار
(362)
عن أنس بن سيرين قال سمعت أنس بن مالكٍ قال كان رجلٌ من الأنصار ضخمًا (6) لا يستطيع لأن يصلِّى مع النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول
(1) أي من حاله كذا وكذا ومن حاله كذا وكذا من الخصال الذميمة (2) رواية البخاري " إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " والمعنى واحد، والمراد من التحريم هنا وعدم أكل النار إياه تحريم التخليد؛ جمعا بينه وبين ما ورد من دخول أهل المعصية فيها وتوفيقا بين الأدلة (3) أي لما في الدين الإسلامي من السهولة والتسامح (4){سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا حماد عن ثابت عن أنس "الحديث"{غريبه} (5) التعريض ضد التصريح يقال عرّض لفلان وبفلان إذا قال قولا وهو يعنيه، ومنه المعاريض في الكلام وهي التورية بالشئ عن الشئ {تخريجه} (ق. لك. نس. جه. طب. وغيرهم)
(362)
عن أنس بن سيرين {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة قال أخبرني أنس بن سيرين الخ {غريبه} (6) الضخم الغليظ من كل شئ والأنثى ضخمة والجمع ضخمات بالتسكين لأنه صفة وإنما يحرك إذا كان اسما مثل جفنات وثمرات
-[كلام العلماء فى فوائد حديث عتبان بن مالك]-
الله إنّي لا أستطيع أن أصلَّى معك، فصنع له طعامًا ودعا النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم إليه وبسطوا له حصيرًا ونضحوه فصلَّى عليه ركعتين، فقال له رجلٌ من آل الجارود، أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّى الضُّحى؟ قال ما رأيته صلَّاها إلَاّ يومئذٍ
(أبواب ستر العورة)
(1)
باب حد العورة وبيانها وحجة من قال ان الفخذ عورة
(363)
ز عن علىٍّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه
قاله في المختار اهـ {تخريجه} (خ. جه. جب. وابن أبي شيبة) الصحيحين {الأحكام} اشتمل هذا الباب على أحكام وفوائد جليلة (منها) جواز التخلف عن الجماعة لعذر شرعي كعدم قدرته على الوصول إلى مسجد الجماعة لعاهة ونحوها (ومنها) جواز إخبار المرء عن نفسه بما فيه من عاهة، ولا يكون ذلك من الشكوى المذمومة (ومنها) جواز اتخاذ موضع معين للصلاة في البيوت (ومنها) أن المسجد المتخذ في البيوت لا يخرج عن ملك صاحبه بخلاف المسجد المتخذ في المحلة (ومنها) التبرك بمصلى الصالحين ومساجد الفاضلين (ومنها) أن من دعي من الصالحين إلى شئ يتبرك به منه فله أن يجيب إليه إذا أمن العجب (ومنها) الوفاء بالعهد (ومنها) جواز صلاة النافلة في جماعة بالنهار لأنه ثبت في بعض طرق هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم جماعة (ومنها) إكرام العلماء إذا دعوا إلى شئ بالطعام وشبهه (ومنها) التنبيه على أهل الفسق والنفاق عند السلطان؛ فيه أن السلطان يجب عليه أن يتثبت في أمر من يذكر عنده بفسق ويوجه له أجمل الوجوه، (ومنها) إمامة الزائر المزور برضاه (ومنها) أن السنة في نوافل النهار ركعتان، وفيه خلاف سيأتي في بابه إن شاء الله (ومنها) أنه يستحب لأهل المحلة إذا ورد رجل صالح إلى منزل بعضهم أن يجتمعوا إليه ويحضروا مجلسه لزيارته وإكرامه والاستفادة منه، (ومنها) الذب عمن ذكر بسوء وهو برئ منه (ومنها) أنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد
{تنبيه} سيأتي ذكر فضائل المساجد الثلاثة ومسجد قباء في آخر كتاب الحج إن شاء الله لأنه أليق به
(363)
ز عن علي رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثني يزيد أبو خالد البيسري القرشي ثنا ابن جريج أخبرني حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن أبي ضمرة عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "
-[حجة من قال أن الفخذ عورة]-
وآله وسلَّم لا تبرز (1) فخذك ولا تنظر إلى فخذ حىٍّ ولا ميِّتٍ
(364)
عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وفخذه خارجةٌ، فقال غطِّ فخذك فإنَّ فخذ الرَّجل من عورته
(365)
عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا أبناءكم بالصَّلاة لسبع سنين واضربوهم عليها العشر سنين، وفرِّقوا بينهم فى المضاجع، وإذا أنكح أحدكم خادمه (2) عبده أو أجيره فلا ينظرنَّ إلى شئٍ من عورته، فإنَّ ما أسفل من سرَّته إلى ركبتيه من عورته
(366)
عن زرعة بن مسلمٍ عن جرهد أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وآله وسلم رآى جرهدًا في المسجد وعليه بردة قد انكشف فخذه، فقال الفخذ عورةٌ (ومن طريقٍ ثانٍ)(3) عن عبد الله بن جرهدٍ الأسلمي أنَّه
{غريبه} (1) أي لا تظهرها عارية ينظرها الناس {تخريجه} (د. جه. ك. بز) وهو معلوم بعدم سماع حبيب من عاصم وأن بينهما رجلا ليس بثقة قاله ابن معين
(364)
عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا محم بن سابق ثنا إسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس " الحديث "{تخريجه} (مذ. خ) تعليقا وفي إسناده أبو يحيى القتات فيه لين
(365)
عن عمرو بن شعيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي وعبد الله بن بكر السهمي المعنى واحد قال ثنا سوّار أبو حمزة عن عمرو بن شعيب الخ
{غريبه} (2) أي أمته يعني إذا زوج أحدكم أمته لعبده أو أجيره فلا يحل له أن ينظر من أمته إلى ما بين السرة والركبة لأنها حرمت عليه حينئذ، ومن باب أولى لو زوجها لغير عبده أو أجيره ومفهومه أنه يجوز له النظر إلى غير ذلك إلا إذا كان بشهوة فلا يجوز والله أعلم {تخريجه} (د. ك. قط) وسنده جيد
(366)
عن زرعة بن مسلم {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم الخ (3) ومن طريق ثان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر قال ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد
-[حجة من قال أن الفخذ عورة]-
سمع أباه جرّهدًا يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فخذ المرء المسلم عورةٌ (وعنه من طريقٍ ثالثٍ)(1) عن أبيه قال مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا كاشفٌ فخذى فقال النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم غطِّها فإنَّها من العورة
(367)
عن محمَّد بن جحشٍ ختن (2) النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ على معمرٍ بفناء المسجد محتبيًا كاشفًا عن طرف فخذه، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خمِّر فخذك يا معمر، فإنَّ الفخذ عورةٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(3) قال مرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وأنا معه على معمرٍ وفخذاه مكشوفتان فقال يا معمر غطِّ فخذيك فإنَّ الفخذين عورةٌ
"الحديث"(1)(وعنه من طريق ثالث){سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن أبي الزناد عن ابن جرهد عن أبيه الخ {تخريجه} (لك. د. مذ. حب) وصححه، وحسنه الترمذي
(367)
عن محمد بن جحش {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عن محمد بن جحش الخ {غريبه} (2) الختن "بفتحتين" عند العرب كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ والجمع أَختان، وختن الرجل عند العامة زج ابنته قاله الجوهري؛ وقال الأزهري الختن أبو المرأة والختنة أمها فالأختان من قبل المرأة، والأحماء من قبل الرجل، والأصهار يعمهما، ويقال المخاتنة المصاهرة من الطرفين، يقال خاتنتهم إذا صاهرتهم اهـ (ومحمد بن جحش) هذا هو محمد بن عبد الله بن جحش نسب إلى جده، له ولأبيه صحبة (وزينب بنت جحش) زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي عمته، (ومعمر) المشار إليه هو معمر بن عبد الله بن نضلة القرشي العدوي (والفناء) بالمد وكسر الفاء هو المتسع أمام المسجد وقيل ما امتد من جوانبه (والاحتباء) ضم الساق إلى البطن بالثوب أو باليدين (3){سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا إسماعيلي أخبرني العلاء عن أبي كثير عن محمد بن جحش قال مر النبي صلى الله عليه وسلم الحديث {تخريجه} (ك. خ. في التاريخ) وأخرجه أيضا البخاري في صحيحه تعليقا، قال الحافظ رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير فقد روى عنه جماعة لكن لم أجد فيه تصريحا بتعديل، وقد أخرج ابن قانع هذا الحديث من طريقه أيضا، قال وقد وقع لي حديث محمد بن جحش هذا
-[مذاهب العلماء فى حد العورة]-
(2)
باب حجة من لم ير أن الفخذ والسرة من العورة
(368)
عن أنس (بن مالكٍ رضى الله عنه) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلَّينا عندها صلاة الغداة بغلسٍ فركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبى طلحة فأجرى النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم (1) في زقاق خيبر وإنَّ ركبتى لتمسُّ فخذي نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم وانحسر (2) الإزار عن فخذى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فإنِّى لأرى بياض فخذى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم ((الحديث))
(369)
عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله
مسلسلا بالمحمدين من ابتدائه إلى انتهائه وقد أمليته في الأربعين المتباينة أفاده الشوكاني {قلت} أورده الهيثمي بروايتيه وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال في الأولى (يعني الطبراني) فإن الفخذ من العورة ورجال أحمد ثقات اهـ {الأحكام} أحاديث الباب تدل على أن ما بين السرة والركبة عورة ومنها الفخذ، وليست السرة والركبة داخلة فيها وإلى ذلك ذهبت الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، إلا أن الحنفية يقولون بدخول الركبة في العورة ووافقهم المؤيد بالله وعطاء وهو قول للشافعي (قال النووي) رحمه الله ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة، وعن أحمد ومالك في رواية، العورة القبل والدبر فقط، وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري، قال الحافظ في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر، فقد ذكر المسألة في تهذيبه ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة اهـ
(368)
عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس الحديث {غريبه} (1) أي أجرى فرسه (2) أي انكشف قال النووي رحمه الله هذا محمول على أنه انكشف الإزار وانحسر بنفسه، لا أن النبي صلى الله عليه وسلم تعمد كشفه بل انكشف لإجراء الفرس، ويدل عليه أنه ثبت في رواية الصحيحين فانحسر الإزار اهـ ج {قلت} وعلى هذا فلا حجة فيه للقائلين بأن الفخذ ليست بعورة والله أعلم {تخريجه} (ق) وليس هذا آخر الحديث بل له بقية، وسيأتي بتمامه في الفصل الأول من باب غزوة خيبر من كتاب السيرة النبوية، إن شاء الله وهذا الحديث من ثلاثيات الإمام أحمد
(369)
عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان قال انا
-[تحقيق أن الفخذ من العورة]-
وسلَّم كان جالسًا كاشفًا عن فخذه فاستأذن أبو بكرٍ فأذن له وهو على حاله، ثمَّ استأذن عمر فأذن له وهو على حاله، ثمَّ استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه، فلمَّا قاموا قلت يا رسول الله استأذن أبو بكرٍ وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلمَّا استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك، فقال يا عائشة ألا أستحى من رجلٍ والله إنَّ الملائكة تستحى منه
(370)
عن عمير بن إسحاق قال كنت مع الحسن بن علىٍ رضى الله عنهما فلقينا أبو هريرة فقال أرنى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل، فقال (1) بقميصه، قال فقبل سرَّته
عبد الله بن سيار قال سمعت عائشة بنت طلحة تذكر عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا "الحديث"{تخريجه} (م) والبخاري تعليقا، ولفظ مسلم عن عائشة قالت
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه الحديث) وفيه فلما استأذن عثمان جلس
(370)
عن عمير بن إسحاق {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن عمير بن إسحاق الخ {غريبه} (1) هذا من التعبير بالقول عن الفعل وهو كثير {تخريجه} (ك) وصححه بإسناد آخر من غير طريق عمير، وحديث الباب في إسناده عمير بن إسحاق الهاشمي مولاهم وفيه مقال والله أعلم بحقيقة الحال {الأحكام} استدل بأحاديث الباب من قال أن الفخذ ليست بعورة؛ وقد تقدم ذكرهم في الباب السابق وأجاب القائلون أن الفخذ عورة بأجوبة، (منها) أن أحاديث الباب حكاية فعل (ومنها) أنها لا تقوى على معارضة تلك الأقوال الصحيحة العامة لجميع الرجال (ومنها) التردد الواقع في رواية مسلم التي ذكرناها في خلال الشرح بلفظ (كاشفا عن فخذيه أو ساقيه) قالوا والساق ليس بعورة إجماعا (ومنها) أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يظهر فيها دليل يدل على التأسي به في مثل ذلك، وأجابوا أيضا عن حديث أبي هريرة وتقبيله سرة الحسن بأن فعل أبي هريرة لا حجة فيه، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقع والحسن طفلا، وفرق بين عورة الصغير والكبير، وإلا لزم أن ذكر الرجل ليس بعورة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قبل زبيبة الحسن أو الحسين أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث أبي ليلى الأنصاري، قال البيهقي وإسناده ليس بالقوي
-[احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك]-
(3)
باب ما جاء فى وجوب ستر العورة
(371)
عن بهز بن حكيمٍ قال حدَّثني أبى عن جدِّى (معاوية بن حيدة رضى الله عنه) قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر؟ (1) قال احفظ عورتك إلَّا من زوجتك أو ما ملكت يمينك (2) قال قلت ي رسول الله فإذا كان القوم بعضهم فى بعضٍ (3) قال إن استطعت أن لا يراها أحدٌ فلا يرينَّها (4) قلت فإذا كان أحدنا خاليًا (5) قال فالله أحقُّ أن يستحيا (6) منه (زاد فى رواية وقال النَّبىُّ صلى الله عليه وآله وسلم بيده (7) فوضعها على فرجه
(372)
عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه عنه أنَّ النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال
(قال الشوكاني رحمه الله فالواجب التمسك بتلك الأقوال الناصة على أن الفخذ عورة والله أعلم
(371)
عن بهز بن حكيم {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن بهز بن حكيم الخ {غريبه} (1) أي ما يجوز النظر إليه منها وما لايجوز (2) أي من الإماء ملكا شرعيا كسبايا حرب الكفار، أما من بيعت أو ملكت بسبب سرقة أو اغتصاب أو فقر والديها فلا يجوز شراؤها ولا التمتع بها إلا بالعقد الشرعي (وفيه) أنه يجوز للرجل النظر إلى جميع بدن زوجته أو أمته الشرعية كما يجوز لها منه ذلك ويؤخذ منه أنه لا يجوز النظر لغير من استثني، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة كما تقدم (3) أي من بعض كما في بعض الروايات كأب وجد وابن وابنة، أو المراد المثل لمثله كرجل لرجل وأنثى لأنثى (4) بنون التوكيد شديدة أو خفيفة، أي اجتهد في حفظها ما استطعت، وإن دعت ضرورة للكشف جاز بقدرها (5) أي في خلوة لا يراه أحد (6) بالبناء للمفعول أي فالله أوجب أن يستحيا منه من الناس، وقد استدل به القائلون بعدم جواز كشف العورة مطلقا، ويؤيده حديث ابن عمر عند الترمذي بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرمهم "(7) أي رفع يده فوضعها على فرجه إشارة إلى التستر والله أعلم {تخريجه} (أخرجه الأربعة وغيرهم) وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم
(372)
عن أبي سعيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمدبن إسماعيل
-[الدليل على وجوب ستر العورة]-
لا ينظر الرَّجل إلى عورة الرَّجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضى (1) الرَّجل إلى الرَّجل فى الثَّوب، ولا تفضى المرأة إلى المرأة فى الثَّوب
(373)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ موسى بن عمران كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتَّى يوارى عورته فى الماء
(374)
عن عائشة رضى الله عنها قالت ما نظرت إلى فرج النَّبىِّ صلى الله عليه وآله وسلم قطُّ، أو ما رأيت فرج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قطُّ
ابن أبي فديك ثنا الضحاك يعني ابن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (1) قال في المصباح أفضى الرجل بيده إلى الأرض بالألف مسها بباطن راحته، قاله ابن فارس وغيره، وأفضيت إلى الشئ وصلت إليه، وأفضيت إليه بالسر أعلمته اهـ {قلت} والمارد هنا نوم الرجل مع الرجل في لحاف واحد ليس بينهما حائل يمنع مباشرة جسد أحدهما الآخر، وكذلك المرأة مع المرأة لما في ذلك من المفاسد {تخريجه} (م. د. ت. وغيرهم)
(373)
عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد التيمي ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس "الحديث"{تخريجه} لم أقف عليه، وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون إلا أن علي بن زيد مختلف في الاحتجاج به اهـ
(374)
عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن منصور عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي عن مولى لعائشة عن عائشة " الحديث "{تخريجه} لم أقف عليه وفي إسناده مبهم {الأحكام} أحاديث الباب تدل على وجوب ستر العورة عن العيون إلا لحاجة، فإن احتاج إلى الكشف جاز أن يكشف قدر الحاجة فقط، وبذلك قال جمهور العلماء، وقد ذهب قوم إلىعدم وجوب ستر العورة، وتمسكوا بأن تعليق ألَاّ بالاستطاعة في الحديث الأول من الباب قرينة تصرف الأمر إلى معناه المجازي الذي هو الندب، ورد بأن ستر العورة مستطاع لكل أحد، فهو من الشروط التي يراد بها التهييج والإلهاب كما في علم البيان، وتمسكوا أيضاً من كشفه صلى الله عليه وسلم لفخذه وقد تقدم الكلام على ذلك، والحق وجوب ستر العورة في جميع الأوقات إلا وقت قضاء الحاجة وإفضاء الرجل
-[أبواب ستر العورة- الفتح الربانى]-
(4)
باب ما جاء فى أن المرأة الحرة كلها عورة الا وجهها وكفيها
(375)
عن عائشة رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لا تقبل صلاة حائضٍ (1) إلَّا بخمارٍ
(376)
عن محمدٍ (2) أنَّ عائشة نزلت على صفية أمِّ طلحة الطَّلحات فرأت بناتٍ لها يصلِّين بغير خمرةٍ قد حضن، قال فقالت عائشة لا تصلِّينَّ جاريةٌ منهنَّ إلَّا فى خمارٍ، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل علىَّ وكانت فى حجري (3) جاريةٌ (4) فألقي علىَّ حقوه (5) فقال شقِّيه بين هذه
إلى أهله كما في حديث ابن عمر " ذكر في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب " وعند الغسل على الخلاف فيه، ومن جميع الأشخاص إلا في الزوجة والأمة كما في حديث الباب والطبيب والشاهد والحاكم على نزاع في ذلك، أفاده الشوكاني
(375)
عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل وعفان قالا ثنا حماد عن قتادة قال عفان أنا قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة "الحديث"{غريبه} (1) أي لا تصح صلاة المرأة البالغة سن الحيض، لا من هي ملابسة للحيض فإنها ممنوعة من الصلاة، وهو مبين في رواية ابن خزيمة في صحيحه بلفظ " لايقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار " فأراد بنفي القبول نفي الصحة وبه قال جماعة، وقال آخرون لا يقبل الله صلاة حائض أي قبولا كاملا وقوله " إلا بخمار " هو بكسر الخاء ما يغطى به رأس المرأة وجمعه أخمرة وخمر {تخريجه} (د. جه. مذ.) وحسنه. والحاكم صححه (376) عن محمد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب عن محمد الحديث {غريبه} (2) هو ابن سيرين (وقوله نزلت على صفية) أي في قصر عبد الله بن خلف بالبصرة عقب وقعة الجمل وكنيت بأم طلحة مضافا إلى الطلحات لأنه كان في أجداده جماعة يسمى كل منهم بطلحة (والخمرة) بكسر الخاء المعجمة لغة في الخمار وتقدم تفسيره آنفاً (3) بكسر الحاء المهملة وفتحها قال في القاموس نشأ في حِجره وحَجره أي في حفظه وستره اهـ (4) أي شابة وكانت مولاة لها (5) بفتح الحاء المهملة أي إزاره. لأن الحقو في الأصل موضع شد الإزار ثم توسعوا فيه حتى سموا الإزار حقوا، تسمية للحال باسم المحل (وقوله شقيه) أي اقطعيه قطعتين فأعطي جاريتك هذه
-[مذاهب الأئمة فى احكام العورة]-
وبين الفتات الَّتى في حجر أمِّ سلمة فإنِّى لآ أراها إلا قد حاضت أو لا أراهما إلَّا قد حاضتا
نصف الأزار وأعطى الشابة التي عند أم سلمة النصف الآخر فإني لا أظنهما الاقد بلغتا سن الحيض (تخريجه)(د. جه) ورجاله من رجال الصحيحين (الأحكام) استدل بحديثي الباب على وجوب ستر المرأة لرأسها حال الصلاة واستدل بهما من سوى بين الحرة والأمة في العورة لعموم ذكر الحائض ولم يفرق بين الحرة والأمة وهو قول أهل الظاهر وفرق الجمهور بين عورة الحرة والأمة (فذهب الشافعي) إلى أن عورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين إلى الكوعين وحكي الخراسانيون قولا وبعضهم يحكيه وجهاً أن باطن قدميها ليس بعورة وقال المزني القدمان ليسا بعورة والمذهب الأول (وممن قال) عورة الحرة جميع بدنها إلا وجهها وكفيها مالك والأوزاعي وأبو ثور (وقال) أبو حنيفة والنوري والمزني قدماها أيضاً ليس بعورة (وقال أحمد) جميع بدنها إلا وجهها فقط وحكى المارودي والمتولى عن أبي بكر بن عبد الرحمن التابعي أن جميع بدنها عورة (وأما عورة الامة) فقد ذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنها ما بين السرة والركبة كالرجل (وقد استدل بحديث عائشة) على أن ستر العورة شرط في صحة الصلاة لأن قوله لا تقبل صالح للاستدلال به على الشرطية كما قيل (وقد اختلف في ذلك) فقال الحافظ في الفتح ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة قال وعن بعض المالكية التفرقة بين الذاكر والناسي ومنهم من أطلق كونه سنة لا يبطل الصلاة اهـ (قال الشوكاني) والحق أن ستر العورة في الصلاة واجب فقط كسائر الحالات لا شرط يقتضي تركه عدم الصحة اهـ والله أعلم (فائدة) ذكر الإمام النووي رحمه الله في هذا الباب جملة أحكام في شرحه على صحيح مسلم آثرت نقلها هنا لما فيها من الفوائد الجليلة قال رحمه الله أما أحكام الباب ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وهذا لا خلاف فيه وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالاجماع ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة أما الزوجان فلكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعها إلا الفرج نفسه ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا (اصحها) انه مكروه لكل واحد منهما النظر إلى فرج صاحبه من غير حاجة وليس بحرام (والثاني) إنه حرام عليهما (والثالث) انه حرام على الرجل مكروه للمرأة والنظر إلى باطن فرجها أشد كراهة وتحريماً و (أما السيد) مع أمته
-[كلام الإمام النووي في أحكام العورة]-
.....
فإن كان يملك وطأها فهما كالزوجين وإن كانت محرمة عليه بنسب كأخته وعمته وخالته أو برضاع أو مصاهرة كأم الزوجة وبنتها وزوجة ابنه فهي كما إذا كانت حرة وإن كانت الأمة مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو معتدة أو مكاتبة فهي كالأمة الأجنبية (وأما) نظر الرجل إلى محارمه ونظرهن إليه فالصحيح أنه يباح فيما فوق السرة وتحت الركبة وقيل لا يحل إلا ما يظهر في حال الخدمة والتصرف والله أعلم (وأما) ضبط العورة في حق الأجانب فعورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة وكذلك المرأة مع المرأة وفي السرة والركبة ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحها ليستا بعورة (والثاني) هما عورة (والثالث) السرة عورة دون الركبة (وأما) نظر الرجل إلى المرأة فحرام في كل شيء من بدنها فكذلك يحرم عليها النظر إلى كل شيء في بدنه سواء كان نظره ونظرها بشهوة أم بغيرها وقال بعض أصحابنا لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة وليس هذا القول بشيء ولا فرق أيضاً بين الأمة والحرة إذا كانتا أجنبيتين (وكذلك) يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمر إذا كان حسن الصورة سواء كان نظره بشهوة أم لا سواء أمن الفتنة أم خافها هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين نص عليه الشافعي وحذاق أصحابه رحمهم الله تعالى ودليله أنه في معنى المرأة فإنه يشتهي كما تشتهي وصورته في الجمال كصورة المرأة بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر مالا يتمكن من مثله في حق المرأة والله أعلم وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة أما إن كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه وأما الشهوة فلا حاجة إليها قال أصحابنا النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة والله أعلم (وأما) قوله صلى الله عليه وسلم " لا يفضى الرجل إلى الرجل في ثوب واحد وكذلك في المرأة مع المرأة فهو نهى تحريم إذا لم يكن بينهما حائل وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان وهذا متفق عليه وهذا مما تعم به البلوى ويتساهل فيه كثير من الناس باجتماع الناس في الحمام فيجب على الحاضر فيه أن يصون بصره ويده وغيره عن عورة غيره وأن يصون عورته عن بصر غيره ويد غيره من قيم وغيره ويجب عليه إذا رأى من يخل بشيء من هذا أن ينكر عليه (قال العلماء) ولا يسقط عنه الإنكار بكونه يظن أن لا يقبل منه بل يجب عليه الإنكار إلا أن يخاف على نفسه وغيره فتنة والله أعلم (وأما) كشف الرجل عورته في حال الخلوة بحيث لا يراه آدمي فإن كان لحاجة جاز وإن كان
-[الحكمة في النهي عن تجريد المنكبين فى الصلاة]-
(5)
باب النهى عن تجريد المنكبين فى الصلاة وجوزا الصلاة فى ثوب واحد
(377)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لا يصلَّ الرَّجل فى الثَّوب الواحد ليس على منكبيه (1) منه شئٌ وقال مرَّةً عاتقه
(378)
وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أحدكم فى ثوبٍ فليخالف (2) بين طرفيه على عاتقه
لغير حاجة ففيه خلاف للعلماء في كراهته وتحريمه والأصح عندنا أنه حرام ولهذه المسائل فروع وتتمات وتقييدات معروفة في كتب الفقه وأشرنا هنا إلى هذه الأحرف لئلا يخلو هذا الكتاب من أصل ذلك والله أعلم اهـ (377) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه)(1) المنكب كالمجلس مجمع عظم العضد والكتف (والعاتق) ما بين المنكبين إلى أصل العنق والمراد أنه لا يتزر في وسطه ويشد طرفي الثوب في حقويه " أي خاصرتيه " بل يتوشح بهما على عاتقيه فيحصل الستر من أعالي البدن وأن كان ليس بعورة أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة (قال النووي) قال العلماء حكمته أنه إذا اتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يأمن أن تنكشف عورته بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده فيشتغل بذلك وتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت صدره ورفعها اهـ (تخريجه)(ق. لك. د. نس)(378) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة الحديث (غريبه)(2) أي كما هو مشاهد في الأزياء العربية اليوم أعني يتزر به ويرفع طرفيه فيخالف بينهما ويشده على عاتقه فيكون بمنزلة الأزار والرداء وقد جاء في بعض الروايات بلفظ الاشتمال والتوشح ومعناها كلها واحد قال ابن السكيت التوشح أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدهما على صدره اهـ وحكمة ذلك أنه أحفظ للسوأة من النظر وأبعد عن وقوع الثوب وأقوم للصلاة وأدنى إلى الكمال (تخريجه)(خ. د)
-[جواز الصلاة فى الثوب الواحد]-
(379)
عن عبد الرَّحمن بن كيسان مولى خالد بن أسيدٍ قال حدَّثني أبى أنَّه رآى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من المطابخ حتَّى أتى البئر (1) وهو متَّزرٌ بإزار ليس عليه رداءٌ، فرآى عند البئر عبيدًا يصلُّون، فحلَّ الإزار وتوشَّح به (2) وصلَّى ركعتين لا أدرى الظُّهر أو العصر (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(3) قال سألت أبى كيسان ما أدركت من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال رأيته يصلِّى عند البئر العليا بئر بنى مطيعٍ متلبِّبًا (4) فى ثوبٍ الظُّهر أو العصر فصلَّاها ركعتين
(379) عن عبد الرحمن بن كيسان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد أنا عمرو بن كثير المكي قال سألت عبد الرحمن بن كيسان مولى خال بن أسيد قلت ألا تحدثني عن أبيك؟ فقال ما سألتني! فقال حدثني أبي الخ (غريبه)(1) البئر والمطابخ مكانان معلومان عندهم وقد عرف البئر في الرواية الثانية (والأزار) معروف وهو يغطي العورة كلها من السرة إلى الركبة بمنزلة السراويل (والرداء) ما يغطى الجسم كله (2) أصل الوشاح شيء ينسج عريضاً من أديم وربما رصع بالجواهر والخرز شبه قلادة تلبسه النساء وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحها والتوشح هو أن يدخله تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم أفاده في النهاية والمصباح (قلت) والظاهر أن ذلك كان بمكة في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم محرم وكان الأزار كبيراً وإنما توشح به ليستر جميع بدنه حيث أراد الصلاة ليكون على أكمل الحالات والله أعلم (3)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد الخياط ثنا عمرو بن كثير بن أفلح عن عبد الرحمن بن كيسان قال سألت أبي الخ (4) بموحدتين أي متجمعاً به عنده صدره يقال تلبب بثوبه إذا جمعه عليه (تخريجه) الحديث أورده الحافظ في الإصابة وعزاه للإمام أحمد (وحسنه الحافظ) قال وأخرجه ابن ماجه وابن أبي حثمة من وجه آخر عن عبد الرحمن بمعناه وأخرجه البغوى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن بشر مثله وعن عمر والناقد عن حماد ابن خالد الخياط عن عمرو بن كثير عن عبد الرحمن بن كيسان عن أبيه قال (قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلى عند البئر العليا بئر ابن مطيع بالابطح ملتفاً في ثوب الظهر والعصر صلاها
-[الرخصة في الصلاة فى الثوب الواحد]-
(380)
عن سعيد بن الحارث قال دخلنا على جابر بن عبد الله وهو يصلِّى فى ثوبٍ واحدٍ ملتحفًا به ورداؤه قريبٌ لو تناوله بلغه، فلمَّا سلَّم سألناه عن ذلك، فقال إنَّما أفعل هذا ليرانى الحمقى (1) أمثالكم فيفشوا على جابرٍ رخصةً رخَّصها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم َّ قال جابرٌ خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أسّفاره فجئته ليلةً وهو يصلِّى في ثوبٍ واحدٍ، وعلىَّ ثوبٌ واحدٌ فاشتملت به، (2) ثمَّ قمت إلى جنبه، قال يا جابر ما هذا الإشتمال؟ إذا صلَّيت وعليك ثوبٌ واحدٌ فإن كان واسعًا فالتحف به، (3) وإن كان ضيِّقًا فاتَّزر به،
ركعتين) وأخرجه أحمد عن حماد بنحوه اهـ كلام الحافظ (قلت) وهذه الرواية تؤيد ما استظهرنا من أن ذلك كان بمكة لأن الابطح مكان معروف بها وصلاته صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر ركعتين تدل على السفر والله أعلم (380) عن سعيد بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا فليح ثنا سعيد بن الحارث قال دخلنا على جابر بن عبد الله الخ (غريبه)(1) كسكرى وسكارى يقال قوم حمقى ونسوة حمقى وحماق وحمق واستمحق فهو أحمق قليل العقل قاله في القاموس وفي النهاية الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه وقال الأزهري الحمق فساد في العقل اهـ (قلت) والمراد به هنا الجهل والغرض بيان جواز الصلاة في الثوب الواحد وإن كانت الصلاة في الثوبين أفضل فكأنه قال صنعته عمدا لبيان الجواز إما يقتدى بي الجاهل ابتداء أو ينكر على فاعلمه إن ذلك جائز وإنما أغلظ لهم في الخطاب زجراً عن الإنكار على العلماء وليحثهم على البحث عن الأمور الشرعية (2) الاشتمال افتعال من الشملة وهو كساء يتغطى به ويتلفف في والمنهى عنه هو التجلل بالثوب واسباله من غير أن يرفع طرفه (نه)(3) الالتحاف بالثوب التغطي به كما أفاده في القاموس والمراد أنه لا يشد الثوب في وسطه فيصلى مكشوف المنكبين بل يتزر به ويرفع طرفيه فيلتحف بهما فيكون بمنزلة الأزار والرداء هذا إذا كان واسعاً وأما إذا كان ضيقاً جاز الاتزار به بدون كراهة والله أعلم (تخريجه)(ق. د. هق)
-[كلام العلماء في حكم الصلاة فى الثوب الواحد]-
(381)
عن عبد الله بن محمِّد بن عقيل قال قلت لجابر بن عبد الله صلَّ بنا كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلَّى، فصلَّى بنا فى ثوبٍ واحدٍ وشدَّه تحت التَّندوتين (1)
(382)
عن سهل بن سعدٍ السَّاعدي رضى الله عنه قال رأيت الرِّجال عاقدى أزرهم فى أعناقهم أمثال الصِّبيان من ضيق الإزار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلَّاة، فقال قائل يا معشر النِّساء لا ترفعنَّ رؤوسكنَّ حتَّى يرفع الرِّجال
(383)
عن أم هانئ (بنت أبى طالبٍ) رضى الله عنها أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى ثوبٍ واحدٍ مخالفًا بين طرفيه ثمان ركعاتٍ بمكَّة يوم الفتح (وفي روايةٍ) فصلَّي الضُّحي ثمان ركعاتٍ
(381) عن عبد الله بن محمد بن عقيل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا عبيد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل الخ (غريبه)(1) بفتح الثاء المثلثة مشددة وسكون النون بعدها دال مضمومة والتندوتان للرجل كالثديين للمرأة فمن ضم الثاء همز ومن فتحها لم يهمز (نه)(تخريجه) لم أقف عليه ويؤيده ما قبله (382) عن سهل بن سعد الساعدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا وكيع عن سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد الخ (تخريجه)(ق. د. نس. هق)(383) عن أم هانئ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا عبد الله بن الحارث المخزومي قال حدثني الضحاك بن عثمان عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبي مرة عن أم هانئ " الحديث "(تخريجه)(ق. وغيرهما)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الصلاة في الثوب الواحد قال النووي رحمه الله ولا خلاف وفي هذا الا ما حكى عن ابن مسعود ولا أعلم صحته واجمعوا أن الصلاة في ثوبين أفضل (وفيها أيضاً) دليل على المنع من الصلاة في الثوب الواحد إذا لم يكن على عاتق المصلى منه شيء وقد حمل الجمهور هذا النهي على التنزيه وعن الإمام أحمد لا تصح صلاة من قدر على ذلك فتركه وعنه أيضاً تصح ويأثم ونقل ابن المنذر عن محمد بن على عدم الجواز وكلام الترمذي يدل على ثبوت الخلاف أيضاً وعقد الطحاوي له باباً في شرح المعاني ونقل المنع عن
-[إستحباب الصلاة فى ثوبين]-
(6)
باب استحباب الصلاة فى ثوبين وجوازها فى الثوب الواحد
(وما يفعل من صلى فى قميص واحد تبدو منه عورة)
(384)
ز عن أبى نضرة بن بقيَّة قال قال أبيُّ بن كعبٍ الصَّلاة فى الثَّوب الواحد سنَّةٌ كنَّا نفعله مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يعاب علينا، فقال ابن مسعودٍ إنَّما كان ذاك إذا كان فى الثِّياب قلَّةٌ، فأمَّا إذ وسَّع الله فالصَّلاة فى الثَّوبين أزكى (1)
(385)
عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلِّى من اللَّيل فى بردٍ (2) له حضرمىٍّ متوشِّحه ما عليه غيره
عن ابن عمر ثم عن طاوس والنخعى ونقله غيره عن ابن وهب وابن جرير وجمع الطحاوي بين الأحاديث بأن الأصل أن يصلي مشتملاً فإن ضاق اتزر واختاره ابن المنذر وبان حزم وهو الحق الذي يتعين المصير إليه فالقول بوجوب طرح الثوب على العاتق والمخالفة من غير فرق بين الثوب الواسع والضيق ترك للعمل بما تقيده الأحاديث وتعمير مناف للشريعة السمحة أفاده الشوكاني والله أعلم (384) ز عن أبي نضرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا عبد الوهاب الثقفي وحدثنا عبد الله قال وحدثني وهب أنا خالد الواسطى قال الثقفي في حديثه ثنا أبو مسعود الجربري قال وهب أنا خالد عن الجريري عن أبي نضرة بن بقية الخ (غريبه)(1) يعني أفضل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله من زياداته والطبراني في الكبير بنحوه من رواية زر عنهما (يعني من رواية زر بن حبيش عن أبي بن كعب وابن مسعود) موقوفاً وأبو نضرة لم يسمع من أبي ولا ابن مسعود اهـ (385) عن عبد الله بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق حدثني سلمة بن كهيل الحضرمي ومحمد بن الوليد بن نويفع مولى آل الزبير كلاهما حدثني عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس الخ (غريبه)(2) البرد بالضم ثوب مخطط جمعه ابراد وأبرد وبرود اكسية يلتحف بها
-[أبواب ستر العورة- الفتح الربانى]-
(368)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نادى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيصلِّى أحدنا فى ثوبٍ واحدٍ؟ قال أو كلُّكم يجد ثوبين (زاد فى روايةٍ من طريقٍ ثانٍ)(1) قال أبو هريرة أتعرف أبا هريرة يصلِّى فى ثوبٍ واحدٍ وثيابه على المشجب (2)
(387)
عن نافعٍ قال كان عبد الله بن عمر يقول إذا لم يكن للرَّجل إلَّا ثوبٌ واحدٌ فليأتزر به ثمَّ ليصلِّ، فإنِّى سمعت عمر يقول ذلك، ويقول لا تلتحفوا بالثَّوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود، قال نافعٌ ولو قلت لك إنَّه أسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) لرجوت أن لا أكون كذبت
(388)
عن زهيرٍ قال ثنا أبو الزُّبير عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فى ثوبٍ واحدٍ متوشِّحًا به، فقال بعض
الواحدة بهاء قاله في القاموس (وقوله) حضرمي نسبة لحضرموت بلدة باليمن تصنع بها هذه الثياب (والتوشح) تقدم تفسيره (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد (386) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا إسماعيل ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة الخ (غريبه)(1) سند هذه الرواية هكذا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال رجل يا رسول الله أيصلي أحدنا في ثوب؟ قال أو لكلكم ثوبان؟ قال أبو هريرة الخ (2) كمنبر قال في النهاية هو بكسر الميم عيدان تضم رؤسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء وهو من تشاجب الأمر إذا اختلط اهـ ومراد أبي هريرة أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة مع وجود غيره وإن كانت في الثوبين أفضل كما تقدم والله أعلم (تخريجه)(ق. هق. والأربعة إلا الترمذي) بدون الزيادة 387 عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق كما حدثني عنه نافع مولاه قال كان عبد الله بن عمر الخ (غريبه)(3) أي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجعله من كلامه (تخريجه)(د. هق) وسنده جيد 388 عن زهير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زهير قال ثنا
-[ما يفعل من لم يجد الا قميصًا واحدًا]-
القوم لأبي الزُّبير آلمكتوبة (1) قال المكتوبة وغير المكتوبة
(389)
عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله إنِّى أكون فى الصيد فأصلِّي وليس علىَّ إلَّا قميصٌ واحدٌ، قال فزرَّه (32) وإن لم تجد إلَّا شوكةً
(7)
باب كراهية اشتمال الصماء والاحتباء فى ثوب واحد
(390)
عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبستين، (3) الصَّمَّاء (4) وأن يحتبي الرَّجل بثوبه ليس على فرجه منه شيء
أبو الزبير الخ (غريبه)(1) مفعول لفعل محذوف والمعنى أصلى المكتوبة في ثوب واحد؟ قال نعم صلى المكتوبة وغير المكتوبة في ثوب واحد والمراد بالمكتوبة المفروضة (وغير المكتوبة) النافلة (تخريجه)(ق. د. هق) 389 عن سلمة بن الأكوع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ابن القاسم قال ثنا عطاف عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة قال سمعت سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول الله " الحديث "(غريبه)(2) هكذا وقع في المسند وفي رواية البخاري قال يزره وفي رواية أبي داود فازرره وفي رواية ابن حبان والنسائي زره والمراد شد القميص والجمع بين طرفيه لئلا تبدو عورته ولو لم يمكنه ذلك إلا بأن يغرز في طرفه شوكة يستمسك بها (تخريجه)(د. نس. فع. خز. حب. والطحاوي) وعلقه البخاري في صحيحه ووصله في تاريخه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب الصلاة في ثوبين وجوازهما في ثوب واحد وتقدم الكلام على ذلك في الباب (السابق) وفيها دلالة أيضاً على جواز الصلاة في القميص منفرداً عن غيره مقيداً بعقد الزر أو طول القميص زيادة عن محل العورة والله أعلم 390 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبه بن سعيد قال ثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن عن سهيل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة " الحديث "(غريبه)(3) هو بكسر اللام لأن المراد بالنهي الهيئة المخصوصة لا المرة الواحدة من اللبس (4) أي أحداهما الصماء بالصاد المهملة والمد " قال أهل اللغة " هو أن يجلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانباً ولا يبقى ما يخرج منه يده قال ابن قتيبة سميت صماء لأنه
-[كراهة الاحتباء واشتمال الصماء وكلام العلماء فى ذلك]-
(391)
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال لا ترتدوا الصَّماء فى ثوبٍ واحدٍ، ولا يأكل أحدكم بشماله، ولا يمش فى نعلٍ واحدةٍ، ولا يحتب فى ثوبٍ واحدٍ
(أبواب اجتناب النجاسة فى مكان المصلى وثوبه وبدنه والعفو عما لا يعلم منها)
(1)
باب الأماكن المنهى عنها والمأذون فيها للصلاة
(392)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ الأرض مسجدٌ وطهورٌ إلَّا المقبرة (1) والحمَّام
يسد المنافذ كلها فيصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق " وقال الفقهاء " هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه بادياً " قال النووي " فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا تعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة (والاحتباء) أن يقعد على اليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوباً يقال له الحبوة وكانت من شأن العرب (وقوله ليس على فرجه منه شيء) فيه دليل على أن الواجب ستر السوءتين فقط لأنه قيد النهي بما إذا لم يكن على الفرج شيء ومقتضاه أن الفرج إذا كان مستوراً فلا نهى قاله الشوكاني اهـ (تخريجه)(ق. وغيرهما) 391 عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب أنا هشام بن أبي عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه)(الأربعة وغيرهم) وسنده جيد (الأحكام) في حديثي الباب النهي عن هاتين اللبستين وحمله الجمهور على الكراهة وحمله الشوكاني على التحريم قال لأنه المعنى الحقيقي للنهي وصرفه إلى الكراهة مفتقر إلى دليل والله أعلم 392 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد (غريبه)(1) مثلثة الباء مفتوحة الميم وقد تكسر الميم وهي المحل الذي يدفن فيه الموتى (تخريجه)(فع. خزاك. حب. والأربعة إلا النسائي) وتكلم فيه بالاضطراب
-[النهي عن الصلاة الى القبر والجلوس عليه]-
(393)
عن أبي مرثدٍ الغنويِّ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلُّوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (وفي لفظ) لا تجلسوا على القبور ولا تصلُّوا عليها
(394)
عن عبد الله بن عمروٍ (بن العاص رضى الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى فى مرابدٍ (1) الغنم ولا يصلِّى فى مرابد الإبل والبقر
(395)
عن أبى هريرة عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا لم تجدوا إلا
والإرسال وقال صاحب الإمام حاصل ما علل به الإرسال وإذا كان الواصل له ثقة فهو مقبول قال الحافظ وافحش ابن دحية فقال في كتابه التنوير له هذا لا يصح من طريق من الطرق كذا قال فلم يصب انتهى " والحديث " صححه الحاكم في المستدرك وابن حزم الظاهري وأشار ابن دقيق العبد في الإمام إلى صحته 293 عن أبي مرثد الغنوى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت ابن جابر (يعني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) يقول حدثني بسر ابن عبيد الله الخضرمي أنه سمع وائلة بن الأسقع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حدثني أبو مرثد الغنوى " الحديث "(تخريجه)(م والأربعة إلا ابن ماجه) ورواه مسلم والإمام أحمد أيضاً من راوية أبي هريرة بلفظ (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر أخيه) 394 عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن حييى بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلى حدثه عن عبد الله بن عمرو " الحديث "(غريبه)(1) جمع مربد بكسر الميم وفتح الباء الموحدة آخره دال مهملة قال في النهاية الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم وبه سمى مربد المدينة والبصرة وهو بكسر الميم وفتح الباء من ربد بالمكان إذا اقام به وربده إذا حبسه قال والمربد أيضاً الموضع الذي يجعل فيه التمر لينشف كالبيدر للحنطة اهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه ولم يذكر البقر وفيه ابن لهيعة وفيه كلام اهـ (قلت) له شواهد صحيحة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم تعضده 395 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا يزيد قال ثنا
-[الأماكن المنهي عنها والمأذون فيها للصلاة]-
مرابض (1) الغنم ومعاطن الإبل فصلُّوا فى مرابض الغنم ولا تصلُّوا فى معاطن الإبل
(396)
حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا عبد الملك بن الرَّبيع بن سبرة عن أبيه عن جدِّه (سبرة بن معبدٍ صلى الله عليه وسلم عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نحوه
(397)
عن ابن مغفلٍ (2) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلَّاة وأنتم فى مرابض الغنم فصلُّوا، وإذا حضرت وأنتم فى أعطان (3) الإبل فلا تصلُّوا، فإنَّها خلقت من الشَّياطين (4)
(398)
وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلُّوا في عطن
هشام عن محمد عن أبي هريرة الخ (غريبه)(1) مرابض جمع مربض كمجلس آخره ضاد معجمه هكذا جاءت هذه الرواية وفي رواية عبد الله بن عمرو المتقدمة بالدال المهملة الكل صحيح قال الجوهري المرابض للغنم كالمعاطن للإبل وأحدهما مريض مثال مجلس قال وربوض الغنم والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير (تخريجه)(جه مذ) وصححه 396 حدثنا عبد الله الخ (تخريجه)(جه) وسنده جيد 397 عن ابن مفغل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سليمان عن أبي سفيان بن العلاء عن الحسن عن ابن مغفل (الحديث)(غريبه)(2) هو عبد الله بن مغفل المزني الصحابي رضي الله عنه (3) جمع عطن بفتح العين والطاء المهملتين وفي بعض الطرق معاطن وهي جمع معطن بفتح الميم وكسر الطاء قال في النهاية العطن مبرك الإبل حول الماء اهـ (4) أي أنها لما فيها من النفار والشرور فربما أفسدت على المصلى صلاته فصارت كأنها في حق المصلى من نجس الشياطين (تخريجه)(جه) بنحو حديث الباب والنسائي مقتصراً على النهى عن إعطان الإبل ورجال حديث الباب من رجال الصحيح إلا أبا سفيان بن العلاء فلم أجد من ذكره 398 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن إسحاق حدثني عبيد الله بن طلحة بن كريز الخزاعي عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن عبد الله بن مغفل المزني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ
-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى الاماكن المنهى عنها]-
الإبل فإنَّها من الجنِّ خلقت، ألا ترون عيونها وهبابها (1) إذا نفرت وصلُّوا في مراح (2) الغنم فإنَّها هى أقرب من الرَّحمة
(غريبه)(1) الهباب بكسر الهاء النشاط (وقوله إذا نفرت) أي فرت وذهبت يقال نفر ينفر نفوراً ونفاراً إذا فر وذهب (نه)(2) هو بضم الموضع الذي تروح إليه الغنم وتأوى إليه ليلاً (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال " وصلوا في مراح الغنم فإنها بركة من الرحمن وقد رواه ابن ماجه والنسائي باختصار ورجال أحمد ثقات وقد صرح ابن إسحاق بقوله حدثني اهـ (قلت) يعني أن ابن إسحاق مدلس إنا عنعن فإذا صرح بالتحديث انتفى التدليس وهنا قد صرح بالتحديث فلا تدليس (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على المنع من الصلاة في المقبرة والحمام وقد اختلف الناس في ذلك (أما المقبرة) (فذهب الإمام أحمد) إلى تحريم الصلاة فيها ولم يفرق بين المنبوشة وغيرها ولا بين أن يفرش عليها شيئاً يقيه من النجاسة أم لا ولا بين أن يكون في القبور أو في مكان منفرد عنها كالبيت (وإلى ذلك ذهبت الظاهرية) ولم يفرقوا بين مقابر المسلمين والكفار قال ابن حزم وبه يقول طوائف من السلف فحكى عن خمسة من الصحابة النهى عن ذلك وهم عمر وعلي وأبو هريرة وأنس وابن عباس رضي الله عنهم (وقد ذهب) إلى تحريم الصلاة على القبر من أهل البيت المنصور بالله والهادوية وصرحوا بعدم صحتها إن وقعت فيها (وذهب الشافعي) إلى الفرق بين المقبرة المنبوشة وغيرها فقال إذا كانت مختلطة بلحم الموتى صديدهم وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة فإن صلى رجل في مكان طاهر منها اجزأته وقال الرافعي بكراهة الصلاة فيها بكل حال (وذهب) النوري والأوزاعي وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة ولم يفرقوا كما فرق الشافعي ومن معه بين المنبوشة وغيرها (وذهب مالك) إلى جواز الصلاة في المقبرة وحكى أيضاً عن الحسن أنه صلى في المقبرة (وأما الحمام) فذهب أحمد إلى عدم صحة الصلاة فيه ومن صلى فيه أعاد أبداً وقال أبو ثور لا يصلي في حمام ولا مقبرة على ظاهر الحديث وإلى ذلك ذهبت الظاهرية وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال " لا تصلين إلى حش ولا في حمام ولا في مقبرة " قال ابن حزم ما نعلم لابن عباس في هذا مخالفاً من الصحابة وروينا مثل ذلك عن نافع بن جبير بن مطعم وإبراهيم النخعي وخيثمة والعلاء ابن زياد عن أبيه (قال ابن حزم) ولا تحل الصلاة في حمام سواء في ذلك مبدأ بابه إلى جميع حدوده ولا على سطحه وسقف مستوقده وأعالي حيطانه خرباً كان أو قائماً فإن سقط من بنائه شيء يسقط عنه اسم حمام جازت الصلاة في أرضه حينئذ اهـ (وذهب الجمهور) إلى صحة الصلاة
-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى الاماكن المنهى عنها]-
.....
في الحمام مع الطهارة وتكون مكروهة وتمسكوا بعمومات نحو حديث " أينما أدركت الصلاة فصل " وحملوا النهي على حمام متنجس أفاده الشوكاني قال والحق ما قاله الأولون لأن أحاديث المقبرة والحمام مخصصة ذلك للعموم وحكمة المنع من الصلاة في المقبرة قيل هو ما تحت المصلى من النجاسة وقيل لحرمة الموتى وحكمة المنع من الصلاة في الحمام أنه بكثر فيه النجاسات وقيل أنه مأوى الشياطين اهـ (وفي الباب) عن زيد بن جبيرة عن داود بن حصين عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي أعطان الإبل وفوق ظهر بيت الله رواه عبد بن حميد في مسنده وابن ماجه والترمذي وقال اسناده ليس بذاك القوي وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على جواز الصلاة في مرابض الغنم وعلى تحريمها في معاطن الإبل " قال الشوكاني " وإليه (ذهب أحمد بن حنبل) فقال لا تصح بحال وقال من صلى في عطن إبل أعاد أبدا (وسئل مالك) عمن لا يجد إلا عطن إبل قال لا يصلي فيه قيل فإن بسط عليه ثوبا قال لا (وقال ابن حزم لا تحل في عطن إبل وذهب الجمهور) إلى حمل النهى على الكراهة مع عدم النجاسة وعلى التحريم مع وجودها وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة وذك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وإزبالها قال ولو سلمنا النجاسة فيه لم يصح جعلها علة لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي وأيضاً قد قيل أن حكمة النهى ما فيها من النفور فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهى عن الخشوع في الصلاة وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل وقد يحتمل أن علة النهي أن يجاء بها إلى معاطنها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها أو يستمر فيها مع شغل خاطره وقيل لأن الراعي يبول بينها وقيل الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين وبدل على هذا أيضاً حديث ابن مغفل السابق وكذا عند النسائي من حديثه وعند أبي داود من حديث البراء وعند ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم كما ذهب إليه أحمد والظاهرية (وأما) الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب قال العراقي اتفاقا وإنما نبه على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالإذن (وأما) الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ فإنه بركة فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم
-[جواز الصلاة فى النعل وتطهيرها بالدلك]-
(6)
باب ما جاء فى الصلاة فى النعل
(399)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي ينتفل (1) عن يمينه وعن شماله، ورأيته يصلِّى حافيًا ومنتعلًا، (2) ورأيته يشرب قائمًا وقاعدًا
(400)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فخلع نعليه فخلع النَّاس نعالهم، فلمَّا انصرف قال لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا، قال إنَّ جبريل أتانى فأخبرنى أنَّ بهما خبثًا، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعله فلينظر فيهما، فإن رآى بهما خبثًا فليمسحه بالأرض ثمَّ ليصلِّ فيهما
(401)
عن سعيد بن يزيد أبى مسلمة قال قلت لأنس بن مالكٍ رضى الله عنه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى نعليه؟ قال نعم
(402)
عن أبى هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي
الإبل كما وصف أصحاب الإبل بالغلظ والقسوة ووصف أصحاب الغنم بالسكينة والله أعلم 399 عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب (الحديث) وفي آخره قال محمد بعني غندراً أنبأنا به الحسين عن عمرو بن شعيب " الحديث " وفي آخره قال محمد يعني غندراً أنبأنا به الحسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (غريبه)(1) أي ينصرف (2) أي وهو لابس نعله (تخريجه)(د. جه. هق) والطحاوي وسنده جيد 400 عن أبي سعيد الخدري سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي سعيد (تخريجه)(د. حب. هق ك) وسنده جيد وتقدم الكلام على فقه في الباب الثالث من أبواب تطهير النجاسة من كتاب الطهارة 401 عن سعيد بن يزيد سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عباد بن عباد وغسان بن مضر عن سعيد بن يزيد "الحديث "(تخريجه)(ق. نس. وغيرهم) 402 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن
-[أبواب اجتناب النجاسة- الفتح الربانى]-
قائمًا وقاعدًا وحافيًا ومنتعلًا
(403)
عن أبي العلاء بن الشِّخِّير عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى نعليه قال فتنخَّع (1) فتفله تحت نعله اليسرى قال ثمَّ رأيته حكَّها بنعليه
(404)
عن أبى الأوبر قال أتى رجلٌ أبا هريرة فقال أنت الَّذى تنهى النَّاس أن يصلُّوا وعليهم نعالهم؟ قال لا، ولكن وربِّ هذه الحرمة (2) لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى إلى هذا المقام وعليه نعلاه وانصرف وهما عليه، ونهى النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة إلَّا أن يكون في أيَّامٍ (3)(وفى روايةٍ) رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في نعليه
عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر عن أبي هريرة الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد عن أبي هريرة ورجاله ثقات 403 عن أبي العلاء بن الشخير عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم أخبرني الجريري عن أبي العلاء بن الشخير عن أبيه " الحديث "(غريبه)(1) النخاعة في البزقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي أصل النخاع وهو خيط الرقبة المتصل بفقار الظهر (وقوله فتفله) أي طرحه (تخريجه)(م. طب) 404 عن أبي الأوبر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ابن عمرو قال ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر الخ (غريبه)(2) بضم الحاء المهملة وسكون الراء هي مالا يحل انتهاكه ولعله يريد حرمة مكة أو المدينة أو الكعبة أو الشهر الحرام أو ما حرمه الله مطلقاُ والله أعلم (3) أي ضمن أيام صامها معه (تخريجه)(هق. والطحاوي) وقال الهيثمي رواه أحمد والبزار باختصار ورجاله ثقات خلا زياد بن الأوبر الحارئي فأنى لم أجد من ترجمه بثقة ولا ضعف اهـ (قلت) قال الحافظ في تعجيل المنفعة قد جزم الحسيني بأنه أبو الأوبر وهو معروف ولكنه مشهور بكنيته أكثر من اسمه وقد سماء زياداً النسائي والدولابي وأبو أحمد الحاكم ووثقه ابن معين وابن حبان وصحح حديثه اهـ
-[جواز الصلاة في النعلين]-
(405)
عن مجمِّع بن يعقوب عن غلامٍ من أهل قباء أنَّه أدركه شيخًا أنَّه قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فجلس فى فئ الأحمر (1)(وفى روايةٍ فى فناء الأجم) واجتمع إليه ناسٌ فاستسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقى فشرب وأنا عن يمينه وأنا أحدث القوم، فناولني فشربت وحفظت أنَّه صلَّى بنا يومئذٍ الصَّلاة وعليه نعلاه لم ينزعهما (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(2) عن محمَّد بن إسماعيل بن مجمِّع قال قيل لعبد الله بن أبى حبيبة (3) ما أدركت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم وهو غلامٌ حديثٌ، قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا إلى مسجدنا يعنى مسجد قباءٍ، قال فجئنا فجلسنا إليه وجلس إليه النَّاس (4) قال فجلس ما شاء الله أن يجلس ثمَّ قام يصلِّي فرأيته يصلِّى في نعليه
405 عن مجمع بن يعقوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ابن محمد قال ثنا العطاف قال حدثني مجمع بن يعقوب " الحديث "(غريبه)(1) هكذا بالأصل هو غير ظاهر عندي وما في الرواية الثانية أظهر وهو قوله (وفي رواية في فناء الأجم) لأن الفناء " بكسر الفاء " معناه المتسع أمام الدار (والأجم) بفتح الهمزة وسكون الجيم هو كل بيت مربع مسطح أو بضم الهمزة والجيم حصن بالمدينة كما في القاموس والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم جلس في المتسع الذي أمام الدار أو الحصن وطلب الشراب فشرب " الحديث " هذا ما ظهر لي والله أعلم (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد وكتب به إلى قتيبة ثنا مجمع بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل بن مجمع الخ (3) هو ما أبهمه في الطريق الأولى بقوله عن غلام من أهل قباء (4) يؤخذ منه أن جلوسه صلى الله عليه وسلم معهم كان في المسجد وفي الحديث السابق أنه صلى الله عليه وسلم جلس بفناء الأجم ويجمع بين ذلك باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم جلس أولا بنفاء الأجم فاستسقى فشرب ثم قام معهم إلى المسجد فجلس فيه والله أعلم (تخريجه) أو رده الهيثمي وقال رواه أحمد وسماه عبد الله بن أبي حبيبة في رواية أخرى وكذلك رواه الطبراني ورجال أحمد موثقون ورواه البزار مختصراً " إن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى في نعلين " وقال لا نعلم روى عن أبي حبيبة إلا هذا اهـ
-[أين يضع المصلي نعليه اذا خلعهما]-
(406)
عن ابن مسعودٍ رضى الله عنه قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى الخفَّين والنَّعلين
(407)
عن النُّعمان بن سالمٍ عن رجلٍ (1) جدُّه أوس بن أبى أوسٍ كان يصلِّى ويومئ إلى نعليه وهو فى الصَّلاة (2) فيأخذهما فينتعلهما ويصلِّى فيهما ويقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى نعليه
(408)
عن عبد الله بن السَّائب رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى يوم الفتح (3) فوضع نعليه عن يساره (4)، قال عبد الله سمعت هذا الحديث من أبى ثلاث مرارٍ
406 عن ابن مسعود الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب من هو أحق بالإمامة من أبواب صلاة الجماعة 407 عن النعمان بن سالم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهزئنا شعبة ثنا النعمان بن سالم الخ (غريبه)(1) في رواية أخرى عن ابن أبي أوس عن جدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه (2) لعله فعل ذلك لحاجة كألم في رجليه يؤذيه الحصى أو نحو ذلك والله أعلم (تخريجه)(بجه طب) وفيه رجل لم يسم 408 عن عبد الله بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن ابن جريج قال حدثني محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن سفيان عن عبد الله بن السائب " الحديث "(غريبة)(3) أي فتح مكة (4) هذا محمول على ماذا لم يكن على يساره أحد والمراد أنه ينحيهما عن الناس يؤذ بهما أحدا كما في رواية وقد أحسن أهل زماننا في جعلهم أماكن مخصوصة في المساجد توضع بها النعال (تخريجه)(د. نس. جه ش) وسنده جيد (وفي الباب) عند أبي داود والحاكم وابن حبان في صحيحه عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم " ورواه أيضاً الطبراني في الكبير بسند صحيح مرفوعاً بلفظ (صلوا في النعال خالفوا اليهود)" وفي الباب أيضاً " عند ابي داود والبيهقي والحاكم وصحح العراقي إسناده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحد ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما)(الأحكام) أحاديث
-[مذاهب الأئمة فى حكم الصلاة فى النعلين]-
......
الباب تدل على مشروعية الصلاة في النعال وقد اختلف نظر الصحابة والتابعين في ذلك هل هو مستحب أو مباح أو مكروه؟ فروى عن عمر بإسناد ضعيف إنه كان يكره خلع النعال ويشتد على الناس في ذلك وكذا عن ابن مسعود وكان أبو عمر الشيباني يضرب الناس إذا خلعوا نعالهم وروى عن إبراهيم أنه كان يكره خلع النعال وهذا يشعر بأنه مستحب عند هؤلاء قاله الشوكاني وقال العراقي في شرح الترمذي (وممن كان يفعل ذلك) يعني لبس النعل في الصلاة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وعويمر بن ساعدة وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع وأوس الثقفي ومن التابعين سعيد بن المسيب والقاسم وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وعطاء بن يسار وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وطاوس وعد جماعة كثيرة (وممن كان لا يصلي فيهما) عبد الله بن عمر وأبو موسى الأشعري قال الشوكاني (وممن ذهب إلى الاستحباب) الهادوية وأن أنكر ذلك عوامهم قال الإمام المهدي في البحر (مسئلة) ويستحب في النعل الطاهر لقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا في نعالكم "(قلت) يشير إلى حديث شداد بن أوس عن أبيه عند الطبراني وبقيته " خالفوا اليهود " ورواه أيضاً أبو داود والحاكم وابن حبان بلفظ آخر وتقدم ذكره آنفاً " واستدل من قال بالجواز فقط " لا بالاستحباب بأحاديث الباب التي ليس فيها أمر وبما رواه ابن أبي شيبة باسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه فصلى الناس في نعالهم فخلع نعليه فخلعوا فلما صلى قال من شاء أن يصلي في نعله فليصل ومن شاء أن يخلع فليخلع " قال العراقي وهذا مرسل صحيح الإسناد قال الشوكاني رحمه الله ويجمع بين أحاديث الباب بجعل أبي هريرة وما بعده يعني الأحاديث التي ليس فيها أمر صارفاً للأوامر المذكورة المعللة بالمخالفة لأهل الكتاب من الوجوب إلى الندب لأن التحيير والتفويض إلى المشيئة بعد تلك الأوامر لا ينافي الاستحباب كما في حديث " بين كل اذانين صلاة لمن شاء " وهذا أعدل المذاهب وأقواها عندي اهـ (وقال ابن بطال) الصلاة في النعال والخفاف من الرخص كما قال ابن دقيق العيد لا من المستحبات لأن ذلك يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وأن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسة الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين التي هي من جلب المصالح ومراعاة إزالة النجاسة التي هي من باب دفع المفاسد قدم دفع المفاسد إلا أن يرد دليل بالحافة بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر اهـ (وقال القاضي عياض) الصلاة في النعل رخصة مباحة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وذلك ما لم تعلم نجاسة النعل فإن علمت وكانت نجاسة متقفاً عليها كالدم لم يطهرها إلا الماء وإن كانت مختلفاً فيها كأرواث الدواب وأبوالها ففي تطهيرها بالدلك بالتراب عندنا قولان وأطلق الأوزاعي والنوري أجزاء الدلك (وقال أبو حنيفة) لا يجزئ
-[جواز الصلاة على الحصير]-
(7)
باب في الصلاة على الحصير والبسط والفراء وألخمرة
(409)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حصيرٍ
(410)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال صنع بعض عمومتى للنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم طعامًا فقال يا رسول الله إنِّي أحبُّ أن تأكل فى بيتى، قال فأتاه وفى البيت فحلٌ (1) من تلك الفحول، فأمر بجانبٍ منع فكنس ورشَّ فصلَّى وصلَّينا معه
(411)
وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّما تحضره الصَّلاة وهو فى بيتنا فيأمر بالبساط الَّذى تحته فيكنس ثمَّ ينضح بالماء
في البول ورطب الروث إلا الغسل (وقال الشافعي) لا يطهر شيئاً من ذلك إلا الماء واختلف عندنا فيما أصاب الرجل من المتخلف فيه هل يكفي فيه الدلك بالتراب؟ وبالأجزاء قال النوري وبعدمه قال أبو يوسف وفي الصلاة في النعل حمل الجلد على الطهارة مالم يتعين أنها ميتة أو جلد خنزير واختلف العلماء فيهما إذا كانا مدبوغين وفيه حمل الطرقات والتراب على الطهارة حتى تتيقن النجاسة اهـ 409 عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد الخدري " الحديث "(تخريجه)(م. جه. هق) 410 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا إبن عون أنا أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس بن مالك " الحديث "(غريبه)(1) الفحل ها هنا حصير معمول من سعف فحال النخل وهو فحلها وذكرها الذي تلقح منه فسمى الحصير فحلا مجاز (نه) والسعف بالتحريك ورق النخل تنسج منه الأوعية والظروف قاله الفارسي (تخريجه)(ق. وغيرهما) 411 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي قال أنا أبو التياح ثنا أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال عمير قال أحسبه قال فطيماً قال وكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال أبا عمير ما فعل النفير قال نفر كان يلعب به قال فربما تحضره الصلاة " الحديث " وقد ذكرته بتمامه في الباب الثاني
-[جواز الصلاة على البساط]-
ثمَّ يقوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونقوم خلفه فيصلِّي بما قال وكان بساطهم من جريد النَّخل (1)
(412)
عن ابن عباسٍ رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى على بساطٍ
(413)
عن أنسٍ بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى فى بيت أم حرامٍ (2) على بساطٍ
من كتاب الشمائل من قسم السيرة النبوية وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة الترجمة (1) ذكر في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى على البساط وفسر بأنه من جريد النخل وذكر في الحديث السابق أنه صلى على فحل وفسره صاحب النهاية بأنه حصير معمول من سعف ذكور النخل فيحتمل أن ما عمل من سعف النخل يسمى حصيراً وما عمل من جريده يسمى بساطاً ولذا فرق الترمذي بين حديث أنس في الصلاة على البسط وبين حديثه في الصلاة على الحصير وعقد لكل منهما باباً لكن يمنع من ذلك أن ما رواه أنس بلفظ البسط أخرجه أصحاب الكتب الستة بلفظ الحصير قال العراقي في شرح الترمذي وقد روى ابن أبي شيبة في سننه ما يدل على أن المراد بالبساط الحصير بلفظ فيصلي أحياناً على بساط لنا وهو حصير ننضحه بالماء قال العراقي فتبين أن مراد أنس بالبساط الحصير ولا شك أنه صادق على الحصير لكونه يبسط على الأرض أي يفرش اهـ (قلت) فتلخص من هذا أنه يرى يراد بالبساط في حديث أنس وغيره مما سيأتي الحصير المصنوع من سعف النخل أو من جريده لأنه هو المعروف عند العرب إذ ذاك أما البساط المعروف في زماننا المصنوع من الصوف ونحوه فسيأتي الكلام عليه في الأحكام والله أعلم (تخريجه)(ق. د. مذ. هق) 412 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا زمعة ابن صالح عن عمرو بن دينار عن ابن عباس (الحديث)(تخريجه)(جه. ش هق) وفي إسناده زمعة بن صالح الحيدي ضعفه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي وقد أخرج له مسلم فرد حديث مقروناً بآخر وأحاديث الباب تعضده 413 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد عن ثابت عن أنس الخ (غريبه)(2) بفتح الحاء المهملة بنت ملحان هي خالة أنس بن مالك رضي الله عنهما (تخريجه)(هق وسنده جيد)
-[جواز الصلاة على الفروة والخمرة]-
(414)
عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى أو يستحبُّ أن يصلِّى على فروةٍ (1) مدبوغةٍ
(415)
عن ميمونة زوج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على الخمرة (2) فيسجد فيصيبنى ثوبه وأنا إلى جنبه وأنا حائضٌ
(416)
عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على الخمرة
414 عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن ربيعة ثنا يونس بن الحارث الطائفي عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة " الحديث "(غريبه)(1) الفروة هي التي تلبس وجمعها فراء كبهمة وبهام (تخريجه)(د. هق) الحديث في إسناده عبيد الله بن سعيد والد أبي عون وفيه جهالة لكن صلاته صلى الله عليه وسلم على الحصير وغيره ثابتة من طرق كثيرة صحيحة عند الجماعة وغيرهم والله أعلم 415 عن ميمونة سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان الشيباني قال ثنا عبد الله بن شداد قال سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه)(2) بضم الخاء المعجمة سجادة من سعف النخل على قدر ما يسجد عليه المصلى فإن عظم بحيث يكفي لجسده كله في صلاة أو اضطجاع فهو حصير وليس بخمرة قاله أبو عبيدة وقال الجوهري الخمرة بالضم سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وترمل بالخيوط " وقال الخطابي " الخمرة السجادة وكذا قال صاحب المشارق قال وهي على قدر ما يضع عليه الوجه والأنف " وقال صاحب النهاية " هي مقدار ما يضع عليها الرجل وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة خوص ونحوه من الثياب ولا يكون خمرة إلا في هذا المقدار اهـ (تخريجه)(ق والأربعة إلا الترمذي) 416 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن وأبو سعيد قالا ثنا زائدة ثنا سماك قال عبد الرحمن عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه)(هق. مذ) وقال حسن صحيح وفي الباب عن أم حبيبة عند (طب هق) وعن عائشة عند (م. د. مذ. نس) وعن أنس وأم سليم عند (هق) وغير ذلك (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الصلاة على الحصر والبسط والفراء والخمرة من غير كراهة ويلحق بها ما في معناها مما يفرش سواء أكان من حيوان أو نبات وحكاه الترمذي عن
-[أقوال العلماء فى الصلاة على الحصير والبسط والفراء]-
(4)
باب في الصلاة فى ثوب النوم وشعر النساء وحكم ثوب الصغير
(417)
عن معاوية رضي الله عنه قال قلت لأمَّ حبيبة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى الثَّوب الَّذى ينام معك فيه؟ قالت نعم ما لم ير فيه أذًى (1)
(418)
عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قا لسمعت رجلًا سأل النَّبىَّ صلى الله عليه وآله وسلم أصلِّى فى ثوبى الَّذى آتى فيه أهلى؟ قال نعم إلَّا أن ترى فيه شيئًا تغسله
أكثر أهل العلم ومن بعدهم وبذلك قال الإمام أحمد والأوزاعي والشافعي وإسحاق وجمهور الفقهاء بل روى البيهقي بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال ما أبالي لو صليت على خمس طنافس وقد كره ذلك جماعة من التابعين فمن بعدهم فروى ابن أبي شبيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين أنهما قالا الصلاة على الطنفسة وهي البساط الذي تحته خمل محدثة وعن جابر بن زيد أنه كان يكره الصلاة على كل شيء من الحيوان ويستحب الصلاة على كل شيء من نبات الأرض وعن عروة بن الزبير أنه كان يكره أن يسجد على شيء دون الأرض وإلى كراهة الصلاة على ما كان من نبات الأرض وعن عروة بن الزبير أنه كان يكره أن يسجد على شيء دون الأرض وإلى كراهة الصلاة على ما كان من نبات الأرض فدخلته صناعة أخرى كالكتان والقطن ذهب مالك قال ابن العربي وإنما كرهه من جهة الزخرفة (قلت) ذهب المالكية إلى كراهة السجود على الثياب والبسط ونحوها مما فيه رفاهية بخلاف الحصير فإنه لا يكره قالوا وتركه أولى والسجود على الأرض أفضل والله أعلم 417 عن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن خديج عن معاوية الخ (غريبه)(1) أي نجاسة (تخريجه)(د. نس. جه) ورجال إسناده كلهم ثقات 418 عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله ابن ميمون أبو عبد الرحمن يعني الرقى ثنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة " الحديث " وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) قال أبي هذا الحديث لا يرفع عن عبد الملك بن عمير (تخريجه)(جه) ورجال اسناده عند ابن ماجه ثقات
-[إجتناب الصلاة في شعر النساء]-
(419)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عفَّان قال ثنا بشرٌ يعنى ابن مفضِّلٍ قال ثنا سلمة بن علقمة عن محمَّد بن سيرين قال نبِّئت أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلِّى فى شعرنا (1) قال بشرٌ هو الثَّوب الَّذى يلبس تحت الدِّثار
(420)
عن أبى قتادة رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة أو أميمة (2) بنت أبي العاص وهى بنت زينب يحملها إذا قام ويضعها إذا ركع حتَّى فرغ
419 حدثنا عبد الله (غريبه)(1) بضم الشين والعين المهملة جمع شعار على وزن كتب وكتاب وهو الثوب الذي يلي الجسد وخصتها بالذكر لأنها أقرب إلى أن تنالها النجاسة من الدثار وهو الثوب الذي يكون فوق الشعار قال ابن الأثير المراد بالشعار هنا الأزار الذي كانوا يتغطون به عند النوم وفي رواية أبي داود في شعرنا أو لحفنا شك من الراوي واللحاف اسم لما يلتحف به (تخريجه)(الأربعة وغيرهم) وصححه الترمذي ولفظه عنده " لا يصلي في لحف نسائه " 420 عن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن المفضل أبو إسماعيل عبد الرحمن يعني إبن إسحاق عن يزيد بن أبي عتاب عن عمرو بن أبي سليم عن أبي قتادة " الحديث "(غريبه)(2) شك من الراوي في اسمها والمشهور أمامة بضم الهمزة وتخفيف الميمن وهي بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوها أبو العاص ابن الربيع وكانت صغيرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها على رضى الله عنه بعد فاطمة بوصية منها وفي رواية عند الإمام أحمد أيضاَ " فحملها على عاتقه " وفي أخرى " على رقبته " ذكرتهما في باب جواز حمل الصغير في الصلاة وسيأتي (تخريجه)(ق. لك. د. نس. حب. هق) الأحكام في أحاديث الباب دلالة على جواز الصلاة في ثياب النوم إذا لم تكن متنجسة وهل طهارة ثوب المصلى شرط لصحة الصلاة أم لا؟ ذهب الجمهور إلى أنه شرط وروى عن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وهو مروى عن مالك أنها ليست بواجبة ونقل صاحب النهاية عن مالك قولين أحدهما إزالة النجاسة
-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى ثياب النوم والعمل باليقين]-
.........
سنة وليست بفرض وثانيهما أنها فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان وقديم قولى الشافعي إن إزالة النجاسة غير شرط قال الشوكاني احتج الجمهور (يعني القائلين بأن طهارة الثوب شرط في صحة الصلاة) بحجج منها قول الله تعالى (وثيابك فطهر) وأتى بادلة أخرى ثم أخذ ينقضها دليلاً دليلاً وأطال في ذلك ثم قال إذا تقرر لك ما سقناه من الأدلة وما فيها فأعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركاً لواجب وأما إن صلاته باطلة كما هو شأنه فقدان شرط الصحة باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت قال (ومن فوائد حديثي الباب)" يعني حديثي أم حبيبة وجابر بن سمرة رضي الله عنهما " أنه لا يجب العمل بمقتضى المظنة لأن الثوب الذي يجامع فيه لوقوع النجاسة فيه فأرشد الشارع إلى أن الواجب العمل بالمئنة دون المظنة (ومن فوائدهما) كما قال ابن رسلان في شرح السنن طهارة رطوبة فرج المرأة لأنه لم يذكر هنا أنه كان يغسل ثوبه من الجماع قبل أن يصلي ولو غسله لنقل ومن المعلوم أن الذكر يخرج وعليه رطوبة من فرج المرأة انتهى (قلت) وقال الشوكاني في حديث عائشة أنه يدل على مشروعية تجنب ثياب النساء التي هي مظنة لوقوع النجاسة فيها وكذلك سائر الثياب التي تكون كذلك قال (وفيه أيضاً) أن الاحتياط والأخذ باليقين جائز غير مستنكر في الشرع وأن ترك المشكوك فيه إلى المتيقن المعلوم جائز وليس من نوع الوسواس كما قال بعضهم وقد تقدم (يعني في حديثي أم حبيبة وجابرة بن سمرة) أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الثوب الذي يجامع فيه أهله ما لم ير فيه أذى وأنه قال لمن سأله هل يصلي في الثوب الذي يأتي فيه أهله " نعم إلا أن يرى فيه شيئاً فيغسله " وذكرنا هناك أن من باب الأخذ بالمئنة لعدم وجوب العمل بالمظنة وحديث عائشة عند مسلم وأبي داود وابن ماجه وغيرهما " قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه " يدل على عدم وجوب تجنب ثياب النساء وإنما هو مندوب فقط عملاً بالاحتياط كما يدل عليه حديث الباب وبهذا يجمع بين الأحاديث اهـ (قلت) وحديث أبي قتادة يدل على صحة صلاة من حمل آدمياً أو حيواناً طاهراً وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تحقق نجاستهما (قال النووي رحمه الله هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرها من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعو أجواز ذلك الفريضة وهذا التأويل فاسد لأن قوله " يؤم الناس " (يعني في رواية مسلم وبعض روايات الإمام أحمد وستأتي في غير هذا المكان) صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة
-[مدة استقبال بيت المقدس]-
(أبواب القبلة)
(1)
باب مدة استقبال بيت المقدس وتحويل القبلة منه الى الكعبة
(421)
عن البراء بن عازبٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوَّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنَّه صلَّى قبل بيت المقدس ستَّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت (1) وأنَّه صلَّى أوَّل صلاةٍ صلَّاها صلاة العصر (2) وصلَّى معه قومٌ فخرج رجلٌ ممَّن صلَّى معه (3) فمرَّ على أهل مسجدٍ (4) وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكَّة، قال فداروا كما هم قبل البيت (5) وكان يعجبه أن يحوَّل قبل البيت، وكان اليهود قد أعجبهم
وكل هذه الدعاوي باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت وتفرقت وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بياناً للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التي ذكرتها اهـ باختصار والله أعلم 421 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ابن موسى ثنا زهير أبو إسحاق عن البراء بن عازب " الحديث "(غريبه)(1) أي الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام (2) أي أن أول صلاة صلاها كاملة إلى الكعبة صلاة العصر (3) قيل هو عباد بن بشر وقيل عباد بن نهيك وقيل غيرهما (4) هو مسجد قباء كما في حديث ابن عمر الآتي (5) يعني الكعبة وقد وقع بيان كيفية التحول في خبر تويلة قالت فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء (قال الحافظ) وتصويره أن الإمام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس وهو لو دار في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف ولما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه وتحول النساء حتى صرن خلف الرجال وهذا يستدعي
-[صحة صلاة من علم الصواب فى القبلة فتحول اليها وهو فى الصلاة]-
إذا كان يصلِّي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب (1) فلمَّا ولَّى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك
(422)
عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال بينما النَّاس بقباء (2) فى صلاة الصُّبح إذ أتاهم آتٍ فقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه قرآنٌ اللَّيلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها (3) وكانت وجوههم إلى الشَّام فاستداروا إلى الكعبة
(423)
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بيت المقدس ستَّة عشر شهرًا ثمَّ صرفت القبلة
(424)
عن عبيد بن آدم وأبى مريم وأبى شعيبٍ أنَّ عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه كان بالجابية فذكر فتح بيت المقدس، قال فقال أبو سلمة
عملاً كثيراً في الصلاة فيحتمل أن ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير كما كان قبل تحريم الكلام ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة أو وقعت الخطوات غير المتوالية عند التحول بل وقعت متفرقة اهـ (1) لأي لأنه قبلتهم وكانوا يطمعون أن يكون على دينهم فخيبهم الله (تخريجه)(ق. نس. مذ. جه) 422 عن عبد الله بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق أنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبه)(2) هو بالمد ومصروف ومذكر وقيل مقصور وغير معروف وقيل مؤنث وهو موضع بقرب المدينة معروف (3) روى فاستقبلوها بكسر الباء وفتحها والكسر أصح وأشهر وهو الذي يقتضيه تمام الكلام بعده قاله النووي م (تخريجه)(ق. هق. وغيرهم) 423 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سماك بن حرب عكرمة عن ابن عباس " الحديث "(تخريجه)(بز. هق. طب) قال العراقي وإسناده صحيح 424 عن عبيد بن آدم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حماد ابن سلمة عن أبي سنان عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب " الحديث "
-[الاجتهاد في معرفة القبلة]-
فحدثني أبو سنانٍ عن عبيد بن آدم قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعبٍ أين ترى أن أصلِّى فقال إن أخذت عنِّي صلَّيت خلف الصَّخرة فكانت القدس كلُّها بين يديك، فقال عمر ضاهيت (1) اليهوديَّة، لا، ولكن أصلَّى حيث صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدَّم، إلى القبلة (2) فصلَّى ثمَّ جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة فى ردائه وكنس النَّاس
(425)
عن إبراهيم بن أبى عبلة قال رأيت عبد الله بن عمرو بن أمِّ حرامٍ (3) الأنصارىَّ وقد صلَّى مع النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم القبلتين وعليه ثوب خزٍّ (4) أغبر وأشار إبراهيم بيده إلى منكبيه فظنَّ كثيرٌ أنَّه ردأه (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(5) قر قال رأيت أبا أبىِّ الأنصارىَّ وهو ابن أبي حرامٍ الأنصارىِّ فأخبرنى أنَّه صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين جميعًا وعليه كساء خزٍّ أغبر
(غريبه)(1) بضم التاء أي فعلت كفعلهم أن عملت برأيك لأنهم يستقبلون بيت المقدس (2) أي إلى جهة الكعبة (وقوله فكنس الخ) الظاهر أنهم كانوا يريدون المقيل أو البيتوتة في هذا المكان فقام عمر رضي الله عنه يكنسه واقتدى الناس به وفي هذا منتهى التواضع من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه وإسناده جيد 425 عن إبراهيم بن أبي عبلة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا كثير بن مروان أبو محمد سنة إحدى وثمانين ومائة ثنا إبراهيم بن أبي عبلة قال رأيت عبد الله ابن عمرو الخ (غريبه)(3) هو آخر من مات من الصحابة بفلسطين واختلف في اسم أبيه واخرج حديثه البغوى وغيره من طريق إبراهيم ابن أبي عبلة قال الحافظ ص (4) الخز المعروف أولا ثياب تنسج من صوف وابر يسنم وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون (نه)(والأغبر) الذي يشبه لونه لون الغبار (5)(سنده) قر قال عبد الله قرأت على أبي أو في كتاب أبى والظاهر أن هذا تحريف) أنا سفيان ثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا أبو الوليد رديح بن عطية عن إبراهيم بن أبي عبلة قال رأيت أبا أبي الخ (تخريجه)
-[كلام العلماء فى جواز نسخ السنة بالقرآن والعكس وجواز الصلاة الواحدة الى جهتين]-
(2)
باب وجوب استقبال القبلة فى الفريضة
(426)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَّت أن أقاتل النَّاس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله
قال الحافظ في الإصابة أخرجه البغوى وغيره (قلت) في إسناد الطريق الأول كثير بن مروان ضعيف ولا يحتج به وإسناد الطريق الثاني جيد فيعضده (الأحكام) في أحاديث الباب جواز النسخ ووقوعه (وفيها) قبول خبر الواحد (وفيها) جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين (قال النووي رحمه الله وهذا هو الصحيح عند أصحابنا من صلى إلى جهة بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده في أثنائها فيستدير إلى الجهة الأخرى حتى لو تغير اجتهاده أربع مرات في الصلاة الواحدة فصلى كل ركعة منها إلى جهة صحت صلاته على الأصح لأن أهل هذا المسجد المذكور في الحديث استداروا في صلاتهم واستقبلوا الكعبة ولم يستأنفوها وفيه دليل على أن النسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه فإن قيل هذا نسخ للمقطوع به بخبر الواحد وذلك ممتنع عند أهل الأصول فالجواب أنه احتفت به قرائن ومقدمات أفادت العلم وخرج عن كونه خبر واحد مجرداً (واختلف أصحابنا) وغيرهم من العلماء رحمهم الله تعالى في أن استقبال بيت المقدس هل كان ثابتاً بالقرآن أم باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فحكى المارودي في الحاوى وجهين في ذلك لأصحابنا قال القاضي عياض رحمه الله تعالى الذي ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنة لا بقرآن فعلى هذا يكون فيه دليل لقول من قال أن القرآن ينسخ السنة وهو قول أكثر الأصوليين المتأخرين وهو أحد قولى الشافعي رحمه الله تعالى (والقول الثاني له) لا يجوز وبه قالت طائفة لأن السنة مبينة للكتاب فكيف ينسخها وهؤلاء يقولون لم يكن استقبال بيت المقدس بسنة بل كان بوحى قال الله تعالى (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الآية) واختلفوا أيضاً في عكسه هو نسخ السنة للقرآن فجوزه الأكثرون ومنعه الشافعي رحمه الله وطائفة اهـ م (وفيها أيضاً) الاجتهاد في معرفه القبلة لمريد الصلاة بنفسه أو بسؤال من يعرفها وأن كان أقل منه قدراً وشرفاً (وفيها) دليل على تواضع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث كنس المكان ووضع الكناسة في ردائه وهو أمير المؤمنين فرضى الله عنك يا عمر (وفيها) منقبة لأبي أبي الأنصارى واسمه عبد الله (واختلف في اسم أبيه) حيث قد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى القبلتين مما يدل على أنه من السابقين في الإسلام رضي الله عنه (وفيها) أن القبلة أولاً إلى بيت المقدس (وفيها) غير ذلك والله أعلم 426 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن
-[وجوب استقبال القبلة فى الفريضة]-
فإذا شهدوا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلَّوا صلاتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلَّا بحقَّها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم
(427)
عن رفاعة بن رافعٍ الزرقىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (للمسيء فى صلاته) إذا اردت أن تصلِّى فتوضَّأ فأحسن وضوءك ثمَّ استقبل القبلة ثمَّ كبِّر ((الحديث))
(428)
عن عامر بن ربيعة رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبَّح (1) وهو على الرَّاحلة ويومئ (2) برأسه قبل أىِّ وجهٍ توجَّه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك فى الصَّلاة المكتوبة
إسحاق قال أنا عبد الله أنا حميد الطويل عن أنس " الحديث "(تخريجه)(خ. والثلاثة) باختلاف في بعض الألفاظ وتقدم شرحه في حديث أي هريرة في الباب التاسع من كتاب الإيمان 427 عن رفاعة بن رافع هذا طرف من حديث صحيح طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في الباب الأول من أبواب صفة الصلاة وذكرت هذا الطرف هنا لمناسبة الترجمة ففيه دليل على وجوب استقبال القبلة لقوله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القبلة هو أمر في مقام التعليم (تخريجه)(الثلاثة) 428 عن عامر بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عامر بن ربيعة قال رأيت الخ (غريبه)(1) أي يتنقل والسبحة بضم السين وإسكان الباء النافلة (2) الإيماء الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد والعين والحاجب وإنما يريد ههنا الرأس يقال أو مات إليه أو مئ وإيماءً وومأت لغة فيه ولا يقال أو ميت وقد جاءت في الحديث غير مهموزة على لغة من قال في قرأت قريت وهمزة الإيماء زائدة وبابها الواو (نه)(تخريجه)(ق. وغيرها)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب استقبال القبلة وهو ثابت بالكتاب والسنة والاجماع قال تعال (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) واستدل بذلك النووي رحمه الله على أن المكتوبة
-[جواز التبرك بالكعبة والتمسح بها]-
(3)
باب صلاة التطوع فى الكعبة
(429)
عن أسامة بن زيدٍ رضى الله عنهما قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت (1) فجلس فحمد الله وأثني عليه وكبَّر وهلَّل، ثمَّ قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخدَّه ويديه، قال ثمَّ كبَّر وهلَّل ودعا، ثمَّ فعل ذلك بالأركان كلِّها، ثمَّ خرج فأقبل على القبلة وهو على الباب، فقال هذه القبلة هذه القبلة، مرَّتين أو ثلاثًا
(430)
عن ابن جريجٍ قال قلت لعطاء أسمعت ابن عبَّاسٍ يقول إنَّما أمرتم بالطَّواف ولم تؤمروا بالدُّخول؟ قال لم يكن ينهى عن دخوله، ولكنِّى سمعته يقول أخبرنى أسامة بن زيدٍ أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا دخل البيت دعا فى نواحيه كلِّها ولم يصلِّ فيه حتَّى خرج، فلمَّا خرج ركع
لا تجوز إلى غير القبلة ولا على الدابة قال وهذا مجمع عليه إلا في شدة الخوف فلو أمكنه استقبال القبلة والقيام والركوع والسجود على الدابة واقفة عليها هودج أو نحوه جازت الفريضة على الصحيح من مذهبنا فإن كانت سائرة لم تصح على الصحيح المنصوص للشافعي وقيل تصح كالسفينة فإنها تصح فيها الفريضة بالإجماع ولو كان في ركب وخاف لو نزل للفريضة انقطع عنهم ولحقه ضرر قال أصحابنا يصلي الفريضة على الدابة بحسب الإمكان وتلزمه إعادتها لأنه عذر نادر اهـ م (قلت) وسيأتي بعد باب الخلاف في صلاة الفرض على الراحلة لعذر 429 عن أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عبد الله عطاء قال قال أسامة دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) أي الكعبة وكذلك قوله في آخر الحديث ثم أقبل على القبلة وهو على الباب يعني الكعبة أيضاً (وقوله هذه القبلة هذه القبلة) أي التي استقر الأمر عليها وكرر هذه الجملة للتأكيد (تخريجه)(م. نس) بلفظ (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فسبح في نواحيها ولم يصل ثم خرج فصلى خلف المقام ركعتين) ورواه أبو داود الطيالسى في مسنده بنحو حديث الباب وجود الحافظ إسناده 430 عن ابن جريج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق
-[جواز صلاة التطوع في الكعبة]-
ركعتين في قبل (1) القبله قال عبد الرزَّاق وقال هذه القبلة (2)
(431)
عن عمرو بن دينارٍ أنَّ ابن عمر حدَّث عن بلالٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فى البيت، قال وكان ابن عبَّاس يقول لم يصلِّ فيه ولكنَّه كبَّر فى نواحيه
(432)
عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه سأل بلالًا هل صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الكعبة؟ قال نعم ركع ركعتين بين السَّاريتين (3)
أنا ابن جريج وروح قال ثنا ابن جريج قال قلت لعطاء الخ (غريبه)(1) هو بضم القاف والباء الموحدة ويجوز إسكان الباء كما في نظائره قيل معناه ما استقبلك منها وقيل مقابلها (قال النووي رحمه الله وهو دليل لمذهب الشافعي والجمهور أن تطوع النار يستحب أن يكون مثنى وقال أبو حنيفة أربعاً (2) قال الخطابي رحمه الله معناه أن أمر القبلة قد استقر على استقبال هذا البيت فلا ينسخ بعد اليوم فصلوا إليه أبداً ويحتمل أنه علمهم سنة موقف الإمام وأنه يقف في وجهها دون أركانها وجوانبها وإن كانت الصلاة في جميع جهاتها مجزئة هذا كلام الخطابي (وقال النووي) يحتمل معنى ثالثاً وهو أن معناه هذه الكعبة هي المسجد الحرام الذي أمرتم باستقباله لا كل الحرم ولا مكة ولاكل المسجد الذي حول الكعبة بل هي الكعبة نفسها فقط والله أعلم (تخريجه)(م. وغيره) وزاد مسلم بعد قوله هذه القبلة " قلت له ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال بل في كل قبلة من البيت " 431 عن عمرو بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار " الحديث "(تخريجه)(م. وغيره) 432 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد افتح باب الكعبة فقال علي بعبد الله بن عمر قال فجاء ابن عمر فقال له معاوية هل بلغك أن رسول اله صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة؟ فقال نعم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعب فتأخر خروجه فوجدت شيئاً فذهبت ثم جئت سريعاً فوجدت سريعاً رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً فسألت بلال بن رباح هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(غريبه)(3) لفظ مسلم قال بين العمودين تلقاء وجهه قال ونسيت أن أسأله كم صلى (تخريجه)(ق. وغيرهما)
-[مذاهب الأئمة في حكم الصلاة فى الكعبة]-
(433)
عن عثمان بن طلحة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل البيت فصلَّى ركعتين وجاهك حين تدخل بين السَّاريتين
(4)
باب جواز تطوع المسافر على راحلة حيث توجهت به
(434)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى على ناقته تطوُّعًا فى السَّفر لغير القبلة
433 عن عثمان بن طلحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عثمان بن طلحة " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه ورجاله من رجال الصحيحين (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على جواز صلاة النفل في الكعبة (قال النووي رحمه الله واختلف العلماء في الصلاة في الكعبة إذا صلى متوجهاً إلى جدار منها أو إلى الباب وهو مردود (فقال الشافعي) والثوري وأبو حنيفة وأحمد والجمهور تصح فيها صلاة النفل وصلاة الفرض (وقال مالك) تصح فيها صلاة النفل المطلق ولا يصح الفرض ولا الوتر ولا ركعتا الفجر ولا ركعتا الطواف (وقال محمد بن جرير) وأصبغ المالكي وبعض أهل الظاهر لا تصح فيها صلاة أبداً لا فريضة ولا نافلة وحكاه القاضي عن ابن عباس أيضاً ودليل الجمهور حديث بلال وإذا صحت النافلة صحت الفريضة لأنهما في الموضع سواء في الاستقبال في حالة النزول في الحضر وإنما يختلفان في الاستقبال في حال السير في السفر والله أعلم (قال) وأجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم فواجب ترجيحه والمراد الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود ولهذا قال ابن عمر ونسيت أن أسأله كم صلى وأما نفى أسامة فسببه أنهم لما دخلو الكعبة أغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية أخرى وبلال قريب منه ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله وكانت صلاة خفيفة فلم يرها أسامة لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدعاء وجاز له نفيها عملاً بظنه وأما بلال فحققها فأخبر بها والله أعلم اهـ م 434 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ابن عبد الوارث ثنا بكار بن ماهان ثنا بن سيرين عن أنس بن مالك " الحديث "(تخريجه)(ق. د. نس)
-[جواز تطوع المسافر على راحلته حيث توجهت به]-
(435)
وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يصلِّى على راحلته (1) تطوُّعًا استقبل القبلة فكبَّر للصَّلاة ثمَّ خلَّى عن راحلته فصلَّى حيثما توجَّهت به (2)
(436)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ وعن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهم أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى على راحلته فى التَّطوُّع حيثما توجَّهت به، يوميء إيماءً، ويجعل السُّجود أخفض من الرُّكوع
(437)
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله
(438)
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على راحلته مقبلًا من مكَّة إلى المدينة حيث توجَّهت به، وفيه نزلت
435 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون قال أنا ربعي بن الجارود بن أبي سبرة التميمي قال حدثني عمرو بن أبي الحجاج عن الجارود بن أبي سبرة عن أنس بن مالك قال كان الخ (غريبه)(1) الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء والهاء فيها للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت (نه)(2) يعني في جهة مقصدة (قال النووي) قال أصحابنا فلو توجه إلى غير المقصد فإن كان إلى القبلة جاز وإلا فلا (تخريجه)(ق. هق. قط وغيرهما) 436 عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن عطاء وعطية عن أبي سعيد الخ وفي آخره قال عبد الله " يعني ابن الإمام أحمد " والصواب عطية (تخريجه)(ق. هق) عن ابن عمر 437 وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج اخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة ولكنه يخفض السجود من الركعة ويومئ إيماء (تخريجه)(خ. د. لك. نس. جه. حب. مذ) وقال حسن صحيح والعمل على هذا عند عامة أهل العلم 438 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى عن عبد الملك
-[صلاة التطوع على الحمار فى السفر]-
{فأينما تولُّوا فثمَّ وجه الله}
(439)
وعنه أيضًا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على حمارٍ (1) وهو موجِّهٌ (وفى رواية وهو متوجّهٌ) إلى خيبر
(440)
عن نافعٍ قال رأيت ابن عمر يصلِّى على دابَّته التطَّوع حيث توجَّهت به، فذكرت له ذلك فقال رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يفعله
(441)
عن أنس بن سيرين قال تلقَّينا أنس بن مالكٍ حين قدم
ثنا سعيد بن جبير أن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث "(تخريجه)(م. وغيره) 439 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن عمرو بن يحيى عن سعيد بن يسار عن ابن عمر " الحديث "(غريبه)(1) قال النووي قال الدارقطني وغيره هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني قالوا وإنما المعروف في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته أو على البعير والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس كما ذكره مسلم بعد هذا ولهذا لم يذكر البخاري حديث عمرو هذا كلام الدارقطني ومتابعيه (قال النووي) وفي الحكم بتغليظ رواية عمر ونظر لأنه ثقة نقل شيئاً محتملاً فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات لكن قد يقال أنه شاذ فإنه مخالف لرواية الجمهور في البعير والراحلة والشاذ فإنه مخالف للجماعة والله أعلم (قلت) وحديث مسلم المشار إليه هو الآتي في أحاديث الباب بعد حديث واحد عن أنس بن سيرين رواه البخاري أيضاً (تخريجه)(م. لك. د. نس. هق. قط) قال الحافظ وقد روى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر إسناده حسن اهـ ف (قلت) وما ذكره الحافظ يقول الحديث ويرفع عنه الشذوذ الذي ذكره النووي والله أعلم 440 عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر بن سليمان عن عبد الله عن نافع قال رأيت ابن عمر الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد ورواه مسلم عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته حيث توجهت به 441 عن أنس بن سيرين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد
-[مذهب العلماء في السفر الذى يجوز فيه التنقل على الراحة]-
من الشام (1) فلقيناهُ بعين وهُو يُصلَّي على دابته لغير القبلة، فقُلنا لهُ إنَّك تُصلى إلى غير القبلة، فقال لولا أنَّة رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعلُ ذلك ما فعلتُ.
(442)
عن عامر بن ربيعة رضى الله عنهُ رأيتٌ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصلَّى على ظهر راحلته النَّوافل فى كلَّ جهة
ابن هرون أنا همام عن أنس ابن سيرين الخ (غريبه)(1) قيل قدم أنس الشام يشكو من الحجاج بن يوسف فلقيه أنس بن سيرين (بعين التمر) وهو موضع بطريق العراف مما يلي الشام وكانت به وقعة شهيرة في آخره خلافة أبي بكر رضي الله عنه بين خالد ابن الوليد والأعاجم ووجد بها غلماناً من العرب كانوا رهناً تحت يد كسرى منهم جد الكلبي المفسر وحمران مولى عثمان وسيرين مولى أنس أفاده الحافظ (ف)(فائدة) لم يبين في هذا الحديث كيفية صلاة أنس وذكره في الموطأ عن يحيى بن سعيد " قال رأيت أنسا وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماء من غير أن يضع جبهته على شيء "(تخريجه)(ق. لك. وغيرهم) 442 عن عامر بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه (عامر بن ربيعة) الخ (تخريجه)(ق وغيرهما)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز التنقل على الراحلة في السفر قبل مقصده حيث توجهت به ولو إلى غير القبلة وقد حكى النووي وغيره الإجماع على ذلك إلا أن حديث أنس الثاني من أحاديث الباب يدل على استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام وإليه ذهب الشافعي وابن حبيب من المالكية وهو رواية عن أحمد وخالفهم الجمهور محتجين بالأحاديث المطلقة (واختلفوا) أيضاً في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فذهب الجمهور إلى جواز ذلك في كل سفر غير مالك فخصه بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة قال الطبري لا أعلم أحداً وافقه على ذلك (قال الحافظ) ولم يتفق على ذلك عنه وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفراً قصيراً فصنع ذلك وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك (قال النووي) وقال أبو السعيد الاصطخرى من أصحابنا يجوز التنقل على الدابة في البلد وهو محكي عن أنس بن مالك وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة (قلت)
-[الرخصة فى صلاة الفرض على الراحلة لعذر]-
(5)
باب الرخصة فى صلة الفرض على الراحلة لعذر
(443)
عن يعلى بن مرَّة رضى الله عنهُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتهي إلى مضيق هُو وأصحابُهُ وهُو على راحلته والسّماء (1) من فوقهم والبلةُ (2) من أسفل منهم، حضرت الصَّلاةُ، فأمر المُؤذَّن فأذَّن وأقام، ثُمّ تقدَّم رسول الله
قال ابن حزم وقد روينا عن وكيع عن سفيان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخمى قال كانوا يصلون على رحالهم ودوابهم حيثما توجهت قال وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم عموماً في الحضر والسفر اهـ وهو مبني على عدم حمل المطلق على المقيد لكن الجمهور يقولون بحمل الروايات المطلقة على المقيدة وظاهر أحاديث الباب أن جواز التنقل على الراحلة إلى الجهة المقصودة مختص بالراكب (وإليه ذهب الأمامان) أبو حنيفة وأحمد والظاهرية (وقال الأمامان) الشافعي والأوزاعي يجوز التنقل إلى الجهة المقصودة للراجل قياساً على الراكب بجامع التيسير للمتطوع إلا أنه قيل لا يعفى له عدم الاستقبال في الركوع والسجود وعدم إتمامها وأنه لا يمشى إلا في قيامه وتشهده وهل يمشى حال الاعتدال من الركوع؟ قولان ولا يمشى في الاعتدال بين السجدتين (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على أن الصلاة المفروضة لا تجوز إلى غير القبلة ولا على الدابة وهو مجمع عليه إلا حال العذر كما سيأتي بيانه في الباب الآتي والله أعلم 443 عن يعلى بن مرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا عمر بن ميمون بن الرماح عن أبي سهل كثير بن زياد البصري عن عمرو بن عثمان ابن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده (يعلى بن مرة) أن رسول اله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) المراد بالسماء هنا المطر قال الشاعر إذا نزل المساء بأرض قوم رعيناه وأن كانوا غضابا قال الجوهري يقال ما زلنا نطأ في السماء حتى أتيناكم (2) بكسر الباء الموحدة وتشديد اللام قال الجوهري البلة بالكسر النداوة اهـ والمراد هنا الوحل والله أعلم (تخريجه)(نس. قط. مذ) وقال حديث غريب تفرد به عمر بن الرماح وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز صلاة الفرض على الراحلة لمن يتأذى بنحو مطر ووحل أو يخاف على نفسه من نزوله وعليه الاستقبال وما يقدر عليه ويومئ من الماء والطين وحكى النووي الإجماع على عدم جواز صلاة الفريضة على
-[اختلاف العلماء فى العذر الذى يبيح صلاة الفرض على الراحلة]-
صلى الله عليه وسلم على راحلته فصلَّى بهم يُومى، إيماء تجعلُ السجُود أخفض من الركُوع أو يجعلُ سُجُودهُ أخفض من رُكُوعه
(أبواب السترة أمام المصلى وحكم المرور دونها)
(1)
باب استحباب السترة للمصلى والدنو منها ومن أى شئ تكون وأين تكون من المصلى
(444)
عن أبى هٌريرة رضى الله عنهُ قال قال أبُو القاسم صلى الله عليه وسلم إذا
الدابة من غير ضرورة وتقدم كلامه في ذلك في باب وجوب استقبال القبلة في الفريضة (وقالت الحنفية) لا يجوز الفرض على الدابة إلا لضرورة كتعذر النزول لخوف مرض أو زيادته وخوف عدو وسبع ونفار دابة وكثرة طين ووحل وفوات رفقة فيجوز أن يصلي على الراحلة بإيماء للسجود اخفض من الركوع وقبلته حيث توجهت دابته ولا يضره نجاسة السرج والركابين والدابة ومثل الفرض في ذلك صلاة الجنازة والواجب كقضاء نفل أفسده ومنذورة والوتر عند أبي حنيفة وسجدة التلاوة إذا وجبت على الأرض فلا يجوز على الدابة بغير ضرورة لأنها وجبت كاملة فلا تتأدى بما هو ناقص (وقالت المالكية) لا يصح فرض على الدابة ولو كان مستقبل القبلة إلا في حرب جائز لا يمكن النزول فيه عن الدابة أو خوف من نحو سبع أن نزل عن دابته ويعيد الخائف في الوقت إن أمن أو كان راكباً في طين رقيق لا يمكنه النزول فيه فله أن يصلي على الدابة يؤديها على الدابة كما يؤديها على الأرض فإن أمكنه أن يؤديها على الأرض أكمل من تأديتها على الدابة وجب علي أن يؤديها على الأرض ويجب عليه استقبال القبلة في هذه الأحوال كلها متى أمكنه ذلك وإلا صلى على الدواب؟ " قلت لم يرخص لهن في ذلك في شدة ولا رخاء " قال محمد هذا في المكتوبة رواه أبو داود والبيهقي وكذا الدار قطنى وقال تفرد به النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى عن عطاء (وقوله) قال محمد يعني ابن شعيب قال حديث عائشة إنما هو في الفرائض أما النوافل فيجوز لهن صلاتها على الدابة في السفر مطلقاً كالرجال بل هن أولى والله أعلم 444 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث العدوى وقال مرة عن أبي عمرو بن محمد ابن حريث عن جده سمعت أبا هريرة يقول أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " الحديث "
-[مشروعية السترة أمام المصلى]-
صلَّى أحدُكُم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا (1) فإن لم يجد شيئًا فلينصب (2) عصًا، فإن لم يكُن معهُ عصًا فليخُطَّ خطَّا (3) ولا يضرُهُ ما مرَّ بين يديه
(445)
عن سبرة بن معبد رضى الله عنهُ قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أحدكُم فليستتر لصلاته ولو بسم (4)
(446)
عن عبيد الله بن عُمر (5) عن نافع عن أبن عُمر رضي الله
(غريبه)(1) فيه أن السترة لا تختص بنوع بل كل شيء ينصبه المصلى تلقاء وجهه يحصل به الامتثال (2) فلينصب بكسر الصاد أي يرفع أو يقم (وقوله عصاً) ظاهره عدم الفرق بين الرقيقة والغليظة يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سبرة بن معبد الآتي " فليستتر ولو بسهم "(3) رواية أبي داود فليخطط وصفة الخط ما ذكره أبو داود في سننه قال سمعت أحمد يعني ابن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال هكذا عرضنا مثل الهلال قال أبو داود وسمعت مسدداً قال قال ابن داود الخط بالطول اهـ فاختار أحمد أن يكون مقوساً كالمحراب ويصلى إليه كما يصلي في المحراب واختار مسدد أن يكون مستقيماً من بين يديه إلى القبلة (قال النووي رحمه الله في كيفية المختار ما قاله الشيخ أبو إسحاق أنه إلى القبلة لقوله في الحديث تلقاء وجهه واختار في التهذيب أن يكون من المشرق إلى المغرب اهـ (تخريجه)(د. جه. هق. حب. وصححه) وصححه أيضاً الإمام أحمد وابن المديني فيما نقله إبن عبد البر في الاستذكار وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوى وغيرهم (قال الحافظ) وأورده ابن الصلاح مثالا للمضطرب ونوزع في ذلك قال في بلوغ المرام ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل حسن اهـ 445 عن سبرة بن معبد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد أخبرني عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده (سبرة بن معبد رضي الله عنه " الحديث " (غريبه)(4) السهم واحد من النبل وقيل نفس النصل " مصباح "(تخريجه)(طب. عل) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه الحاكم أيضاً وقال صحيح على شرط مسلم 446 عن عبيد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة ابن حميد حدثني عبيد الله بن عمر الخ (غريبه)(5) هو ابن حفص بن عاصم بن
-[مقدار ما يجزيء سترة أمام المصلى]-
عنهُما قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلَّى فيعرضُ (1) البعير بينهُ وبين القبلة وقال عُبيد الله سألت نافعًا فقُلتُ ذهبت الإبل كيف كان يصنعُ ابنُ عُمر؟ قال كان يعرضُ مُؤخرة (2) الرَّجل بينهُ وبين القبلة (وفى لفظ) قال كان رسًولُ الله صلى الله عليه وسلم يعرضُ على راحلته ويُصلِّى إليها
(447)
عن ابن عُمر رضى الله عنهُما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان تُركز لهُ الحر بةُ فى العيد قيُصلِّى إليها (3)
(448)
عن طلحة (بن عُبيد الله) رضى الله عنهُ قال كنَّا نصلِّى والدّواب تمرُ بين أيدينا فذكرنا ذلك للنَّبى صلى الله عليه وسلم فقال مثلُ مُؤخرة الرحل تكُونُ بين يدى أحدكُم ثُم لا يضُرهُ ما مرَّ عليه وقال عُمرُ (4) مرة بين يديه
عمر بن الخطاب العمري أبو عثمان المدني أحد الفقهاء السبعة والعلماء الأثبات (1) هو بفتح الياء وكسر الراء وروى بضم الياء وتشديد الراء معناه يجعلها معترضة بينه وبين القبلة قاله النووي م (2) المؤخرة بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة ويقال بفتح الخاء مع فتح الهمزة وتشديد الخاء ومع إسكان الهمزة وتخفيف الخاء ويقال آخره الرحل وهي بهمزة ممدودة وكسر الخاء فهذه أربع لغات وهي العود الذي آخر الرحل وهي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه هكذا أفاده النووي م (تخريجه)(ق. د. مذ. هق) 447 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمرى عن نافع عن ابن عمر " الحديث "(غريبه)(3) زاد في رواية الشيخين " والناس وراءه وكان يفعل ذلك في السفر فمن ثم اتخذها الأمراء " أي فمن تلك الجهة اتخذ الأمراء الحربة يخرج بها بين أيديهم في العيد ونحوه قاله الحافظ ف (تخريجه)(ق. د. نس. جه) 448 عن طلحة بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمر ابن عبيد ثنا زائدة ثنا سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه (طلحة بن عبيد الله) الخ (غريبه)(4) هو ابن عبيد شيخ الإمام أحمد يعني أن الإمام أحمد رحمه الله سمع الحديث من عمر بروايتين رواية قال فيها ثم لا يضره ما مر عليه وقال في الأخرى ثم
-[المرور وراء سترة المصلى لا يضره]-
(449)
عن ابن عبَّاس رضضى الله عنهُما قال رُكزت المنزةُ (1) بين يدى النبىّ صلى الله عليه وسلم بعرفات (2) فصلَّى إليها واُلحمار يمُر من وراء العنزة
(450)
عن عون بن أبى جُحيفة عن أبيه رضى الله عنه قال صلَّى بنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح (3)(وفى رواية بالبطحاء) الظُهر والعصر ركعتين ركعتين وبين يديه عمزة قد أقامها بين يديه يمرُ من ورائها الناسُ والحمارُ والمرأةُ (4)(زاد فى رواية) قال قيل لهُ مثلُ من أنت يومئذ؟ قال أبرى النَّبل وأريشُها (5)
(451)
عن سهل بن أبى حثمة رضى الله عنهُ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلَّى أحدُكُم إلى سُترة فليدنُ منها (6) لا يقطع (7) الشيَّطانُ عليه صلاتهُ
لا يضره ما مر بين يديه (تخريجه)(م. د. جه. مذ) وقال حسن صحيح 449 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن أبي حكيم ثنا الحكم يعني ابن أبان قال سمعت عكرمة يقول قال ابن عباس ركزت العنزة الخ (غريبه)(1) العنزة بفتحات مثل نصف الرمح أو أكبر شيئاً وفيها سنان مثل سنان الرمح والعكازة قريب منها وقد مر تفسيرها في غير هذا الموضع (2) كان ذلك في حجة الوداع (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وأخرجه الشيخان بلفظ آخر وحديث الباب سنده جيد وله شواهد تعضده منها حديث أي جحيفة الآتي بعده 450 عن عون بن أبي جحيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال أخبرني مالك بن مغول وعمر بن أبي زائدة عن عون بن أبي جحيفة الخ (غريبه)(3) هو الموضع المعروف على باب مكة ويقال البطحاء أيضاً (4) معناه يمر الناس والحمار والمرأة وراء السترة فلم يمنعهم ولا يضره من مر وراء ذلك (5) أي أنحتها وأصلحها وأعلم لها ريشاً لتصير سهاماً (نه) ومثل هذا لا بد أن تكون سنة فوق سن التمييز (تخريجه)(ق. وغيرهما) 451 عن سهل بن أبي حثمه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال وقال سفيان مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم " الحديث "(غريبه)(6) فيه مشروعية الدنو من السترة حتى يكون مقدار ما بينهما ثلاثة أذرع كما سيأتي في حديث بلال (7) جملة مستأنفة في قول التعليل أي لئلا يقطع الشيطان عليه صلاته والمراد بالشيطان
-[استحباب جعل السترة منحرفة الى يمين المصلى أو يساره]-
(452)
عن ضُباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها أنَّه قال ما رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى عُمود ولا عُود ولا شجرة إلَاّ جعلهُ على حاجبه الأيمن أو الأيسر (1) ولا يصعدُ (2) لهُ صمدًا
(453)
عن بلال رضى الله عنه وقد سألهُ ابن عُمر عن ما صنع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم منذ دخُوله الكعبة، قال ترك عمُودين عن يمينه وعنودًا عن يساره وثلاثة أعمدة خلفهُ، ثُم صلَّى وبينهُ وبين القبلة ثلاثة أذرُع
المار بين يدي المصلي كما في حديث " فأن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان " قال في شرح المصابيح معناه يدنو من السترة حتى لا يوسوس وسيأتي سبب تسمية المار شيطاناً والخلاف فيه (تخريجه)(د. طب. بز. حب. هق. ك) وقال على شرط الشيخين 452 عن ضباعه بنت المقداد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بني عياش ثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل من أهل حمص البجلي حدثني المهلب بن حجر البهراني عن ضباعه بنت المقداد بن الأسود الخ (غريبه)(1) شك الرواي هل الأيمن أو الأيسر والأولى الأيمن ولذا بدأبه وكذلك في رواية أبي داود ويرجح ذلك حديث أنه صلى الله عليه وسلم " كان بعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله "(4) فتح أوله وضم ثالثه والصمد في اللغة القصد يقال أصمد صمد فلان أي أقصد قصده أي لا يجعله قصده الذي يصلي إليه تلقاء وجهه (تخريجه)(د) وفي إسناده أبو عبيدة الوليد بن كامل قال المنذرى فيه مقال 453 عن بلال رضي الله عنه (سنده) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب دخول الكعبة والصلاة فيها من كتاب الحج إن شاء الله وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية السترة أمام المصلى منحرفة شيئاً يسيراً إلى يمينه أو يساره (قال الحافظ) اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقل السترة واختلفوا في تقديرها فقيل ذراع وقيل ثلثا ذراع وهو أشهر ليكن في مصنف عبد الرزاق عن نافع أن مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع اهـ (قال النووي) في شرح حديث طلحة بن عبيد الله عند مسلم وفي هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلى وبيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين بيديه هكذا (وشرط مالك) رحمه الله تعالى أن
-[كلام العلماء فى أحكام السترة]-
(2)
باب دفع المار بين يدى المصلى من آدمى وغيره
(454)
عن عبد الله بن عُمر رضى الله عنهُما أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم
يكون في غلظ الرمح قال العلماء والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه واستدل القاضي عياض رحمه الله تعالى بهذا الحديث على أن الخط بين يدي المصلى لا يكفي قال وإن كان قد جاء به حديث وأخذ به أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى فهو ضعيف (واختلف فيه) فقيل يكون مقوساً كهيئة المحراب وقيل قائماً بين يدي المصلى إلى القبلة وقيل من جهة يمينه إلى شماله قال ولم ير مالك رحمه الله ولا عامة الفقهاء الخط هذا كلام القاضي وحديث الخط رواه أبو داود وفيه ضعف واضطراب واختلف قول الشافعي رحمه الله تعالى فيه فاستحبه في سنن حرملة وفي القديم ونفاه في البويطي وقال جمهور أصحابه باستحبابه وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط والله أعلم اهـ كلام النووي (قلت) حديث الخط صححه الإمام أحمد وابن المديني وقال الحافظ لم يصب من زعم أنه مضطرب بل حسن اهـ (وقالت الشافعية) يستحب أن يدنو المصلى من السترة ولا يزيد ما بينهما على ثلاثة أذرع فإن لم يجد عصاَ ونحوها جمع أحجاراً أو تراباً أو متاعه وإلا فليبسط مصلى وإلا فليخط الخط وإنما قدروا المسافة بين المصلى وسترته بثلاثة أذرع لحديث بلال الذي في الباب وفيه ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع " وقال البغوى " استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدروا مكان السجود وكذلك بين الصفوف اهـ (وقالت المالكية) لا تصح السترة إلا إذا كان بشيء مرتفع في غلط رمح وطول ذراع (وقالت الحنفية) طولها ذراع وغلظها قدر أصبع (وقالت الحنابلة) تصح السترة ولو بسهم كما في حديث سبرة بن معبد وهي مندوبة عند الأئمة الأربعة ولم يقل أحد منهم بوجوبها وحملوا الأمر على الاستحباب لقرائن ستأتي (فائدة) قال الشوكاني أعلم أن ظاهر أحاديث الباب عدم الفرق بين الصحاري والعمران وهو الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من اتخاذه السترة سواء كان في الفضاء أو في غيره وحديث أنه كان بين مصلاه وبين الجدار ممر شاة ظاهر أن المراد في مصلاه في مسجده لأن الإضافة للعهد وكذلك حديث صلاته في الكعبة المتقدم فلا وجه لتقييد مشروعية السترة بالفضاء اهـ 454 عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن أبي فديك ثنا الضحاك بن عثمان عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر " الحديث "
-[دفع المار بين يدى المصلي]-
قال إذا كان أحدُكُم يصلَّى (1) فلا يدع أحدًا يمُر بين يديه، فإن أبى فليثُا تلهُ (2) فإنَّ معهُ القرين (3)
(455)
عن أبى سعيد الخُدرى رضى الله عنهٌ قال قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدُكُم يصلَّى فلا يدع أحدًا يمُر بين يديه، وليدرأه (4) ما استطاع، فإن أل فليقُا تلهُ، فإنما هو شيطان
(456)
عن أبى عُبيد صاح سُليمان قال رأيتُ عطاء بن يزيد الليثى قائمًا يُصلَّى مٌعيًّا معمامة سوداء مرحٍ طرفها من خلف مُصفر اللّحية، فذهبتُ أمر بين يديه فردنى ثُم قال حدثنى، أبُو سعيد الخُدرى (رضى الله عنهُ) أنَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قام فصلَّى صلاة الصُبح وهُو خلفهُ فقرأ
(غريبه)(1) في رواية عند مسلم " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس "(2) في رواية عند الإسماعيلي بلفظ " فإن أبي فليجعل يده في صدره ليدفعه " وهي مفسرة لقوله فليقاتله فالمراد بالمقاتلة المدافعة (قال الحافظ) وهو صريح في الدفع باليد وكذلك فعل أبو سعيد بالغلام الذي أراد أن يجتاز بين يديه فإنه دفعه في صدره ثم عاد فدفعه أشد من الأولى كما في البخاري وغيره ونقل البيهقي عن الشافعي أن المراد بالمقاتلة دفع أشد من الدفع الأول (3) في القاموس القرين المقارن والصاحب والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه وهو المراد هنا أو يراد به المار نفسه لأنه فعل فعل الشيطان وقيل إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان والله أعلم (تخريجه)(م. جه. وغيرهما) 455 عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه)(4) أي يدفعه " وقوله فإنما هو شيطان " قال الحافظ اطلاق الشيطان على المار من الأنس شائع ذائع وقد جاء في القرآن قوله تعالى " شياطين الإنس والجن " وسبب اطلاقه عليه أنه فعل فعل فعل الشيطان (تخريجه)(قد. د. نس. وغيرهم) 456 عن أبي عبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا
-[كلام العلماء فى أمور تتعلق بلجن]-
فالتيست عليه القراءةُ (1) فلمَّا فرغ من صلاته قال لو رأيتمُونى وإبليس فأهويتُ بيدى فما زلت أخنقهُ (2) حتى وجدتُ برد لعُابه بين إصبعى هاتين، الإبهام والتى تليها (3) ولولا دعوة أخى سُليمان (4) لأصبح مربُوطًا بسارية من سوارى المسجد يتلاعب به صبيانُ المدينة (5) فمن استطاع
مسرة بن معبد حدثني أبو عبيد " الحديث "(غريبه)(1) أي توقف فيها بعض التوقف (2) لفظ البخاري من حديث أبي هريرة (أن عفريتا من الجن تفلت على البارحة أو كلمة نحوها ليقطع على الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا أو تنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي) ولفظ مسلم (أن عفريتا من الجن جعل يفتك على البارحة ليقطع علي الصلاة وإن الله أمكنني منه فذعته فلقد هممت أن أربطه) وبقية الحديث كرواية البخاري (قال النووي) هكذا هو في مسلم يفتك وفي رواية البخاري تفلت وهما صحيحان والفتك الأخذ في غفلة وخديعة والعفريت العاتي المارد من الجن وقوله صلى الله عليه وسلم فذعته هو بذال معجمة وتخفيف العين المهملة أي خنقته (3) قال العيني رحمه الله فيه دليل على أن الجن ليسوا باقين على عنصرهم الناري وقال صلى الله عليه وسلم " رأيت ليلة أسرى بي عفريتا من الجن يطلبني بشعلة من نار كلما التفت إليه رأيته " ولو كانوا باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار محرقة لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد اللمس فدل على أن تلك النارية انغمرت في سائر العناصر حتى صار إلي البرد ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " حتى وجدت برد لسانه على يدي " وفي رواية " برد لعابه " اهـ (4) أي قوله (رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي) كما حكاه الله عز وجل عنه في كتابه العزيز " قال القاضي عياض رحمه الله " معناه أنه مختص بهذا " يعني سليمان " عليه الصلاة والسلام فامتنع نبينا صلى الله عليه وسلم من ربطه إما أنه لم يقدر عليه لذلك وإما لكونه لما تذكر ذلك لم يتعاط ذلك لظنه أنه لم يقدر عليه أو تواضعاً وتأدبا اهـ والله أعلم (5) رواية البخاري ومسلم (حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم) قال النووي رحمه الله فيه دليل على أن الجن موجودون وأنهم قد يراهم بعض الآدميين وأما قول الله تعالى (أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) فمحمول على الغالب فلو كانت رؤيتهم محالاً لما قال صلى الله عليه وسلم ما قال من رؤيته إياه ومن أنه كاد يربطه لينظروا كلهم إليه ويلعب به ولدان أهل المدينة (قال القاضي) وقيل أن رؤيتهم على خلقهم وصورهم الأصلية ممتنعة لظاهر الآية إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه
-[دفع المار بين يدي المصلي]-
منكُم أن لا يحُول بينهُ وبين القبلة أحد فليفعل (1)
(457)
عن عبد الله بن زيد وأبى بشير الأنصارى رضى اله عنهُما أنَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم ذات يوم فمرَّت أمرأة بالبطحاء فأشار إليها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تأخرى، فرجعت حتَّى صلَّى ثمَّ مرت
(458)
عن محمد بن قيس عن أُمه عن أُم سلمة رضى الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلَّى فى حُجرة أُم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عُمرُ (2) فقال بيده هكذا قال فرجع، قال فمرت ابنةُ أُم سلمة فقال بيده هكذا، قال فمضت فلما صلَّى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال هُنَّ أغلبُ (3)
(459)
ز عن إبراهيم بن سعد حدثنى أبى عن أبيه قال كُنت أصلِّي فمرَّ
عليهم أجمعين ومن خرقت له العادة وإنما يراهم بنو آدم في صور غير صورهم كما جاء في الآثار (قال النووي) قلت هذه دعوى مجردة فإن لم يصح لها مستند فهي مردودة قال الإمام أبو عبد اله المازري الجن أجسام لطيفة روحانية فيحتمل أنه تصور بصورة يمكن ربطه معها ثم يمنع من أي يعود إلى ما كان عليه حتى يتأنى اللعب به وإن خرقت العادة أمكن غير ذلك اهـ م (1) أي فليدفعه ولا يتركه يمر بينه وبين سترته (تخريجه)(ق. د) 457 عن عبد الله بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على ابن إسحاق ثنا عبد الله ثنا ابن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد الخ (تخريجه)(طب) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام 458 عن محمد بن قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن قيس عن أمه عن أم سلمة " الحديث "(غريبه)(2) في رواية ابن ماجه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة (وقوله فقال بيده) أي أشار إليه أن يرجع فرجع (3) يعني أن النساء أغل في المخالفة والمعصية فلذلك امتنع الغلام من المرور ومضت الجارية والمعنى أنه مضى على صلاته فعلم أن مرورها لا يقطع (تخريجه)(جه) وفي إسناده ضعف لأن ابن ماجه رواه عن محمد بن قيس عن أبيه وفي حديث الباب عن أمه وكلاهما لا يعرف والله أعلم 459 ز عن إبراهيم بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا سويد بن
-[دفع المار بين يدي المصلي]-
رجُل بين يدى فمنعتُهُ فأتى فسألتُ عُثمان بن عفَّان رضى لله عنهُ فقال لا يضُرُك يابن أخى
(460)
عن ابن عباس رضى الله عنهُما قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّى فجاءت جاريتان حتَّى قامتا بين يديه عند رأسه فنحَّاهُما وأمأ بيديه عن يمينه وعن يساره
(461)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهُما قال بينما نحنُ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أعلى الوادى نُريد أن نصلَّى قد قام وقُمنا إذ خرج علينا حمار من شعب أبى دُب مُوسى فأمسك النَّبى صلى الله عليه وسلم فلم يكبِّر وأجرى إليه يعقُوب بن زمعة حتِّى ردهُ
(462)
صلَّى بهم إلى جدر اتخذهُ قبلة فأقبلت بهمة (1) تمر بين يدى النبي
سعيد ثنا إبراهيم بن سعد " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه عبد الله بن أحمد ورجاله رجال الصحيح 460 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا المسعودي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه)(د. نس خز. بز) 461 عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون 462 عن ابن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو مغيرة ثنا هشام بن الغاز حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " الحديث " وتجمع على بهم مثل تمرة وتمر وجمع البهم بهام مثل سهم وسهام وتطلق البهمة أيضاً
-[لا يضر المصلي مرور شئ بين يديه اذا قام بالمدافعة]-
صلى الله عليه وسلم قما زال يُدارئُها (1) ويدنُو من الجدر حتى نظرتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قد لصق بالجدار ومرت من خلفه
(463)
عن ميمُونة (زوج النبَّى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) قالت كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وثمَّ بهمةُ (2) أرادت أن تمرَّ بين يديه تجافى (3)
(464)
حدثنا عبدُ الله حدثنى أبى ثنا مُحمد بنُ جعفرٍ ثنا شُعبةُ وحجَّاج عن عمر بن مُة عن يحيى بن الجزَّار عن ابن عبَّاس رضى الله عنهُما أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى فجعل جدى (4) يُؤسدُ أن يمُرَّ بين يدى النبىِّ صلى الله عليه وسلم فجعل يتقدّمُ ويتأخَّرُ قال، حجَّاج يتَّقيه (5) ويتأخَّرُ حتى يُرى وراء الجدي (6)
على أولاد الضأن والمعز تغليباً فإذا انفردت قيل لأولاد الضأن بهام ولأولاد المعز سخال (1) أي يدافعها (تخريجه)(د) وسنده جيد وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في باب نهى الرجال عن لبس المعصفر من كتاب اللباس إن شاء الله تعالى 463 عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن الأصم قال أبي وقرئ على سفيان اسمه عبيد الله بن عبد الله بن أخي يزيد بن الأصم عن عمه عن ميمونة وهي خالته قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(غريبه)(2) البهمة تقدم تفسيرها آنفاً (3) أي باعد يديه عن جنبيه يضيق عليها الطريق لئلا تمر بين يديه (تخريجه) لم أقف عليه 464 حدثنا عبد الله (غريبه)(4) بفتح الجيم وسكون الدال على اللغة الفصحى هو الذكر من أولاد المعز والأنثى عناق (5) أي يدفعه حتى لا يمر بينه وبين السترة (6) أي أثناء تأخره وفيه أن العمل القليل لا يبطل الصلاة (تخريجه)(د) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب فيها مشروعية دفع المار بين يدي المصلى سواء أكان آدمياً أو بهيمة أو نحوها ما استطاع وإن لزم على ذلك انتقال المصلى نحو خطوة أو خطوتين بحيث لا يفعل فعلاً يبطل الصلاة هذا إذا كان المرور بين المصلى وبين سترته أما إذا كان خارجاً عنها فلا حاجة إلى الدفع ولا يضره المرور وهل الأمر بالدفع للوجوب أم للاستحباب؟ الظاهر أنه للوجوب وبه قال
-[كلام العلماء فى كيفية دفع المار بين يدى المصلى وحكمه]-
(3)
باب التغليظ فى المرور بين يدى المصلى وبين سترته
(465)
عن بُسر بن سعيدٍ قال أرسلنى أبو جًهيم (1) بن أخت أًبىِّ أبن كعب إلى زيد بن خالد (الجًهنيِّ) رضى الله عنه أسألهً ما سمع فى المارِّ بين يدى المصلِّى؟ قال سمعتً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقًول لأن يقًوم
أهل الظاهر وقال النووي الأمر بالدفع أمر ندب وهو ندب متأكد قال ولا أعلم أحداً من العلماء أوجبه بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب قال القاضي عياض وأجمعوا على أنه لا يلزم مقاتله بالسلاح ولا ما يؤدي إلى هلاكه فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء وهل يجب ديته أم يكون هدراً؟ فيه مذهبان للعلماء وهما قولان في مذهب مالك رضي الله عنه قال واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته بل احتاط وصلى إلى سترة أو في مكان يأمن المرور بين يديه ويدل عليه قوله في حديث أبي سعيد " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره فإن أبى فليقاتله " قال وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده وإنما يدفعه ويرده من موقفه لأن مفسدة الشيء في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه ولهذا أمر بالقرب من سترته وإنما يرده إذا كان بعيداً بالإشارة والتسبيح قال وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر لا يرده لئلا يصير مروراً ثانياً إلا شيئاً روى عن بعض السلف أنه يرده وتأوله بعضهم هذا آخر كلام القاضي رحمه الله تعالى قال النووي رحمه الله تعالى وهو كلام نفيس والذي قاله أصحابنا إنه يرده إذا أراد المرور بينه وبين سترته بأمهل الوجوه فإن أبى فيأشدها وإن أدى إلى قتله فلا شيء عليه كالصائل عليه لأخذ نفسه أو ماله وقد أباح له الشرع مقاتله والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها اهـ م (قلت) وهل يدفع المار إذا لم يتخذ المصلى سترة أو اتخذها وتباعد عنها أم لا يدفع؟ (قال النووي) الأصح عدم الدفع لتقصيره قال ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه لكن يكره ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول فله أن يمر بين يدي الصف الثاني ويقف فيها لتقصير أهل الصف الثاني بتركها والله أعلم اهـ م 465 عن بسر بن سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله بن معمر عن بسر بن سعيد (غريبه)(1) هو بضم الجيم وفتح الهاء مصغراً واسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري النجاري
-[التغليظ في المرور بين يدى المصلى]-
أربعين (1) لا أدري (2) من يومٍ أو شهر أو سنةٍ خير له من أن يُمرَّ بين يديه (466) عن أَبى هُريرة رضى الله عنهُ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلمُ أحدُكُم مالهُ فى أن يمشى بين يدى أخيه مُعترضًا وهو يُناجى ربَّهُ كان أن يقف فى ذلك المكان مائة عامٍ أحبَّ إليه من أن يخطُو
وهو المذكور في التيمم وهو غير أبي جهم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بفتح الجيم وبغير ياء واسمه عامر بن حذيفة العدوى قاله النووي م (1) ذكر الأربعين لا مفهوم له فقد روى ابن ماجه والإمام أحمد وسيأتي بعد ذلك وابن حيان في صحيحه واللفظ له عن ابي هريرة رضي اله عنه مرفوعاً " لو يعلم أحدكم ماله في أن يمشي بين يدي أخيه معترضاً وهو يناجي ربه لكان أن يقف في ذلك المقام مائة عام أحب إليه من الخطوة التي خطاها " وهذا مثمر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين وفي مسند البزار لكان أن يقف خريفاً (2) القائل لا أدرى هو أبو النضر كما صرح بذلك في رواية الشيخين بلفظ " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه " قال أبو النضر لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراً أو سنة والغرض منه التغليظ في المرور بين يدي المصلى والإشارة إلى عظيم ما يرتكبه المار (واختلف) في تحديد المكان الذي يأثم المار بمروره فيه فقيل ما بين المصلي وبين موضع سجوده (وقيل) مقدار ثلاثة أذرع (وقيل) مقدار رمية بحجر والأول أظهر والمعنى لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لا ختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم فجواب لو قوله لكان أن يقف والله أعلم (تخريجه)(ق. لك. هق. والأربعة) 466 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله يعني أبا أحمد الزبيري قال أنا عبيد الله يعني ابن عبد الله بن موهب قال أخبرني عمي عبيد الله ابن عبد الرحمن بن موهب عن أبي هريرة " الحديث "(تخريجه)(جه حب) قال البوصيري في زوائد بن ماجه في إسناده مقال لأن عم عبيد الله بن عبد الرحمن اسمه عبيد الله ابن عبد الله قال أحمد بن حنبل أحاديثه منا كبير ولكن ابن حبان خص ضعف أحاديث بما إذا روى عنه اهـ (قلت) وهذا الحديث لبس من رواية ابنه عنه ولذا رواه ابن حبان في صحيحه ومن شرطه أنه لا يروى في صحيحه إلا الصحيح والله أعلم
-[المرور بين يدي المصلي من الكبائر وقصة من أصيب بداء أقعده بسبب ذلك]-
(463)
عن يزيد بن نمر أن قال لقيت رجلا مقعدا (1) بتبوك فسألته فقال مررت بين يدى رسُول الله صى الله عليه وسلم على أتانٍ (2) أو حمارٍ فقال قطع علينا صلاتنا قطع الله عليه أثرهُ (3) فأقعد
(3)
باب من صلى وبين يديه انسان أو بهيمة
(463)
عن على رضى الله عنه قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُسبَّحُ
463 عن يزيد بن نمران (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي ثنا مولى ليزيد بن نمران ثنا يزيد بن نمران الخ (غريبه)(1) بضم الميم وسكون القاف أي لا يقدر على المشي لداء أصابه وقوله (تبوك) بفتح أوله وضم ثانيه اسم موضع من بادية الشام قريب من مدين الذين بعث الله إليهم شعيباً بينه وبين المدينة أربع عشرة مرحلة وبه سميت غزوة تبوك (2) بفتح الهمزة أنثى الحمير ولا تقل أتانة وأو للشك من الراوي هل كان راكباً على حمار أم أتان (3) أي أثر إقدامه وهو إنشاء في صورة الأخبار أي اللهم أقطع أثره فاستجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم واقعد الرجل بسبب تجاوزه الحدود الشرعية (تخريجه)(د. هق) وسنده جيد ولأبي داود رواية أخرى من طريق أخر عن سعيد بن غزوان عن أبيه (أنه نزل بتبوك وهو حاج فإذا هو برجل مقعد فسأله عن أمره فقال سأحدثك حديثاً فلا تحدث به ما سمعت أنى حيي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزل بتبوك إلى نخلة فقال هذه قبلتنا ثم صلى إليها قال فاقبلت أنا وغلام اسعى حتى مررت بينه وبينها فقال قطع صلاتنا قطع الله أثره فما قمت عليها إلى يومي هذا وهذا الحديث ضعيف لأن فيه سعيداً وأباه غزوان وهما مجهولان وأخرجه أيضاً البيهقي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار وظاهره عدم الفرق بين صلاة الفريضة والنافلة (تنبيه) ما ورد في الأحاديث من قطع الصلاة بمرور بعض الآدميين أو الدواب أمام المصلى مؤول بأن المراد بالقطع نقص الصلاة بشغل القلب بهذه الأشياء وليس المراد أبطأها قاله النووي وغيره وإلى ذلك ذهب الجمهور وقال قوم بالبطلان حقيقة وهم أهل الظاهر وسيأتي لذلك مزيد بحث في مبطلات الصلاة إن شاء الله تعالى 464 عن على رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا موسى بن أبي أيوب حدثني عمي إياس بن عامر سمعت على بن أبي طالب يقول
-[من صلى وبين يديه إنسان أو بهيمة]-
من الليل (1) وعائشةُ مُمَّرضه يينهُ وبين القلة (2)
(465)
عن محُمدٍ بن الزُّبير قال حدث عُروةُ بِّنُ الزُّبير عٍمر بن عبد العزيز وهُو أمير على المدينة عن عائشة زوج النِّبىِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى إليها وهى معترضة بين يديه، قال فقال أبو أثمامة بنُ سهلٍ وكان عند عُمر فلعلَّها يا أبا عبد الله قالت وأنا إلى جنبه، قال فقال عرُروةُ أُخبرُك باليقين وترُد علىَّ بالظَّنِّ، بل معترضة بين يديه اعتراض الجنازة
(466)
عن الفضل بن عباٍس رضي الله عنهما قال زار الُنَّبى صلى الله عليه وسلم عباسًا فى باديةٍ (3) لنا ولنا كليبة وحمارة ترعي فصلَّى النبَّبى صلى الله عليه وسلم العصر وهما بين يديه فلم تُؤخَّرا ولم تُزجرا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه)(1) أي يصلي تطوعاً (2) زاد أبو داود من حديث عروة بن الزبير عن عائشة " وعائشة راقدة على الفراش الذي يرقد عليه حتى إذا أراد أن يوتر أيقظها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله موثقون 465 عن محمد بن جعفر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير " الحديث " (تخريجه) (ق. والأربعة) بدون ذكر عمر بن عبد العزيز وأبي أمامة 466 عن الفضل بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال قال ابن جريج أخبرني محمد بن عمر بن على عن عباس بن عبيد الله بن عياس عن الفضل ابن عباس " الحديث " (غريبه)(3) البادية البدو وهو خلاف الحضر (وقوله كليبة) بالتصغير ورواية أبي داود كلبة بالتكبير (وحمارة) قال في المفاتيح التاء في حمارة وكلبة للأفراد كما يقال تمر وتمرة ويجوز أن تكون للتأنيث قال الجوهري وربما قالوا حمارة والأكثر أن يقال للأنثى أتان اهـ (تخريجه)(د. نس. هق. قط) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الحمار والكلب والمرأة لا تقطع الصلاة وفي ذلك خلاف سيأتي
-[حكم المرور بين الصفوف]-
(4)
باب سرة الامام سترة لمن صلى خلفه وأنه لا يقطع الصلاة مرور شئ (467) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهُما قال جئتُ أنا والفضلُ ونحنُ على أتان (1) ورسُولُ الله عليه وسلم يصُلِّلى بالنَّاس بعرفة (2) فمررنا على بعض الصفَّ فنزلنا عنها وتر كناها ترتع (3) ودخلنا فى الصَّف فلم يقُل لى رسُول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا (4)(وعنهُ من طريق ثانٍ)(5) قال أقبلت وقد ناهزتُ الُحُلم (6) أسيرُ على أتان ورسُولُ صلى الله عليه وسلم قائم يُصلِّى للناس يعنى حتى صرت بين يدى بعض الّصف الأوَّل ثُم نزلت عنها فرتعت (7) فصففُ مع
تفصيله في باب مبطلات الصلاة إن شاء الله تعالى 476 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس الحديث (غريبه)(1) هي الأنثى من الحمير ولا يقال أتانة والحمار يطلق على الذكر والأنثى كالفرس (2) رواية البخاري وأبي داود (بمنى) قال الحافظ كذا قال مالك وأكثر أصحاب الزهرى ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينه (بعرفة) قال النووي يحمل ذلك على أنهما فضيتان وتعقب بأن الأصل عدم التعدد ولا سيما مع اتحاد مخرج الحديث فالحق أن قول ابن عيينة بعرفة شاذ ووقع عند مسلم أيضاً من رواية معمر عن الزهري (وذلك في حجة الوداع أو الفتح) وهذا الشك من معمر لا يعول عليه والحق أن ذلك كان في حجة الوداع اهـ ف (3) أي ترعى (4) رواية البخاري فلم ينكر ذلك على أحد (قال ابن دقيق العيد) استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة (قال الحافظ) وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معاً اهـ ف (5)(حدثنا) عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس قال أقبلت الخ (6) أي قاربته ومن قولهم نهز نهزاً أي نهض يقال ناهز الصبي البلوغ أي داناه وقد أخرج البزار بإسناد صحيح أن هذه القصة كانت في حجة الوداع كما تقدم ففيه دليل على أن ابن عباس كان في حجة الوداع دون البلوغ (قال العراقي) وقد اختلف في سنة حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم فقيل ثلاث عشرة ويدل له قولهم إنه ولد في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل كان عمره عشرة سنين وهو ضعيف وقيل خمس عشرة قال أحمد إنه الصواب (7) يقال رتعت الماشية
-[مذاهب العلماء في حكم سترة الامام وانه لا يقطع الصلاة مرور شئ]-
النَّاس وراء رسُول الله صلى الله عليه وسلم
(468)
وعنهُ أيضًا أنه كان على حمار هُو وغُلام من بنى هاشمٍ (1) فمر بين يدى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم وهُو يُصلِّى فلم ينصرف، وجاءت جاريتان (2) من بنى عبد المطُلب فأخذتا برُكبى النَّبى صلى الله عليه وسلم ففرع بينهما (3) أو فرق بينهما ولم ينصرف
(469)
عن الحسن المُرنىِّ قال ذكر عند ابن عبَّاس رضى الله عنهُما يقطع الصلَّاة الكلب والحمارُ والمرأة، قال بئسما عدلتم بامرأة مسلمة كلبًا وحمارًا، لقد رأيتنى أقبلت على حماًر ورسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى بالنَّاس حتَّى إذا كُنتُ قريبًا منهُ مُستقبلهُ نزلت عنهُ وخلَّيتُ عنهُ ودخلت مع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّى بالنَّاس فجاءت وليدة (4)
أكلت ما شاءت وبابه خضع (تخريجه)(ق. لك. هق. والأربعة) 468 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وعفان قالا ثنا شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن صهيب عن ابن عباس وقال عفان يعني في حديثه اخبرنيه الحكم عن يحيى بن الجزار عن صهيب قلت من صهيب؟ قال رجل من أهل البصرة عن ابن عباس أنه كان على حمار " الحديث "(غريبه)(1) لعله الفضل بن العباس أخوه كما في الحديث الأول من أحاديث الباب (2) يعني صغيرتين وهي في الأصل الشابة ثم توسعوا حتى سموا كل أمة جارية وإن كانت عجوزاً لا تقدر على السعي تسمية بما كانت عليه وجمعها جوار وسميت جارية تشبيها لها بالسفينة لجريها مسخرة في أعمال مواليها (3) أي فرق بينهما كما في رواية ابن أبي شيبة بغير شك وأو للشك من الراوي " وقوله ولم ينصرف " أي من صلاته وفي رواية أبي داود " فما بالي ذلك " أي لم يهتم بفعلها ولم يقطع صلاته (تخريجه)(دنس. خز. بز) 469 عن الحسن العربي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم أنا أبو المعلى العطار ثنا الحسن العربي الخ (غريبه)(4) الوليد في الأصل
-[مرور المرأة والحمار لا يقطع الصلاة]-
تخلل الصفُوف حتَّى عادت (1) برسُول الله صلى الله عليه وسلم فما أعاد رسثولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاتهُ ولا نهاها عماَّ صنعت، ولقد كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّى فى مسجدٍ فخرج جدي من بعض حُجرات النَّبي صلى الله عليه وسلم فذهب يجتازُ بين يديه فمنعه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال ابنُ عبَّاس أفلا تقُولُون الجدى يقطع الصلاة؟
(5)
باب من صلى الى غير سترة
(470)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رسثولُ الله صلى الله عليه وسلم صلى
الطفل الصغير والجمع ولدان والأنثى وليدة والجمع الولائد وقد تطلق الوليدة على الجارية والأمة وإن كانت كبيرة (1) أي لجأت إليه واستغاثت به وفي رواية أبي داود " فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا فأخذهما فنزع أحداهما من الأخرى " فما بالي ذلك " أي فما اهتم بدخولهما بين الصف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ ومعناه في الصحيحين وغيرهما ورجاله ثقات (الأحكام) في أحاديث الباب دليل القائلين بعدم قطع الصلاة بمرور شيء وهم الجمهور (وفيها) أن سترة الإمام سترة لم خلفه لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفع المار بين يديه وهو يصلي سواء أكان آدمياً أم غيره ولم ينكر على ابن عباس مروره بين يدي الصف ولا على الجاريتين ولم يقل شيئاً وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه " فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث ابن عباس هذا قال وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء وكذا نقل القاضي عياض الاتفاق على أن المأمومين يصلون إلى سترة لكن اختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أو سترتهم الإمام بنفسه اهـ (قلت) ذهبت الحنفية والحنابلة إلى أن سترة الإمام سترة لمن خلفه (وعند المالكية) قولان أحدهما قول الإمام مالك أن الإمام نفسه سترة للمأمومين وهو المعتمد وقيل سترة الإمام سترة للمأموم قال الحافظ ويظهر أثر الخلاف الذي نقله عياض فيما لو مر بين يدي الإمام أحد فعلى قول من يقول إن سترة الإمام سترة من خلفه يضر صلاته وصلاتهم معاً وعلى قول من يقول إن الإمام نفسه سترة من خلفه يضر صلاته ولا يضر صلاتهم اهـ (وفي الباب) عند الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن عبد العزيز عن عاصم عن أنس مرفوعاً " سترة الإمام سترة لمن خلفه " وقال تفرد به سويد عن عاصم قال الحافظ وسويد ضعيف عندهم والله أعلم 473 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية
-[حجة من رأى عدم وجوب السترة]-
في فضاء ليس بين يديه شئ
(471)
حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سُفيان بنُ عيينة قال حدثنى كثير بنُ المثطَّلب بن أبى وداعة سمع بعض أهله يُحدِّثُ عن جده أنَّهُ رأى النَّىِّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّى ممِّا يلى باب بنى سهمُ والنِّاس يُمرُّون بين يديه وليس بينه وبين الكعبة سترة، وقال سفيان مرة أُخرى حدثنى كثير بنُ كثير بن المُطَّلب بن أبى وداعة عمَّن سمع جدهُ يقُولُ رأيتُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلَّى ممَّا يلى باب بنى سهمٍ والنَّاسث يُرون بين يديه ليس بينهُ وبين الكعبة سترة، قال سفيان وكان ابنُ جُريح أنبأ عنه قال ثنا كثير عن أبيه فقال ليس من أبى سمعتُهُ ولكن من بعض أهلى عن جدِّي أنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم صلِّى ممَّا يلى باب بنى سهمٍ ليس بينه وبين الطَّواف سترة
(أبواب صفه الصلاة)
(6)
باب جامع صفة الصلاة)
(472)
عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يفتتح
ثنا الحجاج عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس " الحديث "(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه ضعف اهـ " قلت " قال صاحب التنقيح قال أحمد كان من الحفاظ وقال شعبة اكتبوا عن حجاج بن أرطاة وابن إسحاق فإنهما حافظان اهـ 471 حدثنا عبد الله (تخريجه)(د) ورواه (جه. نس) ولفظهما (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذى بالركن فصلى ركعتين في حاشية المطاف " أي جانبه " وليس بينه وبين الطواف أحد " وحديث الباب من رواية كثير بن كثير ابن المطلب بن أبي وداعة عن بعض أهله عن جده ففي إسناده مجهول والمطلب وأبوه لهما صحبة وهما من مسلمة الفتح (الأحكام) أحاديث الباب احتج بها الجمهور على عدم وجوب السترة لأنها لو كانت واجبة لما تركها لكن قال الشوكاني إن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بنا اهـ فهو يرى الوجوب والله أعلم 472 عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حسين
-[إفتتاح الصلاة بالتكبير والقرأءة]-
الصلَّاة بالتَّكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، فإذا ركع لم ايثشخص رأسه (1) ولم يصوَّبهُ، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسهُ من الرَّكوع لم يسجد حتَّى بستوى قائما (2) وكان إذا رفع رأسهُ من السجُود لم يسجدثد حتَّى يستوى قاعدًا، وكان يقول فى كُل ركعتين التحيَّة (3) وكان يكره أن يفترش ذراعيه افترش السبعُ (4) وكان بفرش رجلهُ اليُسرى وينصب رجلهُ اليمنى وكان ينهى عن عقب (5) الشَّيطان، وكان يختمُ الصلاة بالتّسليم (6)
قال حدثني بديل عن أبي الجوزاء عن عائشة " الحديث "(غريبه)(1) أي لم يرفعها من أشخص رأسه إذا رفعا (ولم يصوبه) أي لم يخفضه من صوب إذا خفض رأسه كثيراً ولكن بين الخفض والرفع والمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل رأسه حال الركوع مستوية مع ظهره لا مرتفعة ولا منخفضة (2) أي مطمئناً بعد الرفع من الركوع كما سيأتي في بابه وقد رأيت بعيني رأسي يسيراً بدون طمأنينة بين الرفع والسجود محتجين بأنه ليس ركناً عندهم فإذا لم يكن ركناً فهو من السنن المنصوص عليها في المذهب بل نقل عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه فرض وعلى القول بأنه سنة فلم يتركون السنة وهم قدوة؟ ألم يبلغهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده " رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة (وفي هذا الباب) أحاديث كثيرة سيأتي ذكرها في باب الرفع من الركوع اللهم قنا شر الغفلة واهدنا بهدى نبيك صلى الله عليه وسلم ونور بصائرنا حتى نرى الحق حقاً فنتبعه ونرى الباطل باطلاً فنتجنبه (3) أي يتشهد بالتحيات لله بعد كل ركعتين وهذا باعتبار الغالب فإن المغرب يتشهد فيها بعد الركعة الأخيرة وحدها (4) وكيفيته أن يبسط الرجل ذراعيه في السجود كما يبسط الكلب والذئب ذراعيه (قال القرطبي) ولا شك في كراهة هذه الهيئة والسنة أني يضع كفيه على الأرض ويجافي ذراعيه اهـ (5) بفتح العين المهملة وكسر القاف وفي رواية مسلم " عن عقبة الشيطان " وهو الإفعاء في الجلوس وصفته أن يلصق الرجل اليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يقعى الكلب وغيره من السباع (6) فيه دليل على وجوب التسليم وفيه خلاف سيأتي في بابه والله أعلم (تخريجه)(م. د. جه)
-[جامع صفة الصلاة]-
(473)
عن القاسم قال جلسنا إلى عبد الرحمن بن أبزى رضى الله عنهُ فقال ألا أريكُم صلاة رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال فقلنا بلى، قال فقام فكبَّر ثُم ركع فوضع يديه على رُكبتيه حتَّى أخذ كُل عثضوٍ مأخذهُ، (1) ثُم رفع حتَّى أخذ كُل عثضوٍ مأخذه، ثُمَّ سجد حتَّى أخذ كُل عظمٍ مأخذه، ثُم رفع فصنع في الركعة الثَّانية كما صنع فى الُركعة الأولى، ثُم قال هكذا صلاةُ رسثول الله صلى الله عليه وسلم
(474)
حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمَّد ثنا زائدة ثنا عاصم بن كليب أخبرنى أبى أن وائل بن حجر الخضرىَّ أخبرهُ قال قُلتُ لا نظرنَّ إلى صلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم كيف يُصلِّى، قال فنظرتُ إليه قام (وفى رواية فاستقبللل القبلة) فكبرَّر ورفع يديه (3) حتىَّ حاذتا أذنيه (وفي رواية حتى كانتا حذو منكبيه)(4) ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفِّه اليسرى والرسغ والساعد، (5) ثُمَّ قال لماَّ أراد أن يركع رفع
473 عن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هرون بن معروف ثنا ضمرة عن ابن شوذر عن عبد الله عن القاسم الخ (غريبه)(1) أي اطمأنت المفاصل كما في رواية عند أبي داود (2) عبر العظم في هذه المرة والتي بعدها والمعنى واحد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات 474 حدثنا عبد الله (غريبه)(3) أي حين التكبير أخذا من رواية أخرى عن وائل أيضاً قال " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة الحديث " سيأتي ذكره بعد سند الطريق الثالثة (4) ربما يتوهم أن هذه الرواية تعارض التي قبلها ولا معارضة وتصوير أنه جعل الكوعين " وهما طرفا الزند مما يلي الإبهام " محاذيين للمنكبين فتكون الأصابع محاذية للأذنين وبهذا تتفق الروايتان والله أعلم (5) الرسغ من الإنسان مفصل ما بين الكف والساعد وما بين القدم والساق ويجمع على أرساغ
-[كيفيه الجلوس للتشهد والاشارة بالسبابة]-
يديه مثلها فلمَّا ركع وضع يديه على ركبتيه، ثُم رفع رأسه فرفع يديه مثلها، ثُم سجد فجعل كيفَّه محذاء أذنيه، ثُمَّ قعد فافترش رجله اليُسرى فوضع كفّهُ اليُسرى على فخده ورُكبته اليُسرى، وجعل حد مرفقه الايمن على فخذه اليُمنى، ثُمَّ قبض بين أصابه فخلَّّق حلقه (1)(وفى رواية حلَّق بالوسطى والابهام وأشار بالسبابة) ثُمَّ رفع إِصبعهُ (3) فرأيته يّحرِّكُها يدعو بها، ثُمَّ جئت بعد ذلك فى زمان فيه برد فرأيتُ النَّاس عليهم الثياب تحرك (3) أيديهم من تحت الثياب من البرد (ومن طريق ثان (4) بنحوه وفيه) قال أتيتهُ مرةَّ أخرى وعلى النَّاس ثياب فيها البرانسُ (5) والأكسية فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب (ومن طريق ثالث (6) بنحوه وفيه قال) ثم وضع يده اليُسرى
(والساعد) ما بين المرفق والكف وهو مذكر ويجمع على سواعد وسمى ساعدا لأنه يساعد الكف في بطشها وعملها (1) في رواية للإمام أحمد أيضاً وقبض أصبعين وحلق الإبهام على السبابة " أي قبض الخنصر والبنصر وجعل الإبهام والوسطى كالحلقة بسكون اللام (2) يعني السبابة (وقوله يدعو بها) أي يحركها حال الدعاء (3) أصله تتحرك حذفت منه إحدى التاءين تخفيفاً أي ترتفع عند الإحرام وغيره وهي مستورة تحت الثياب من شدة البرد (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا زهير ابن معاوية عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره قالت قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره نحوه وفيه قال أتيته مرة أخرى الخ (5) البرانس جمع برنس وهو كل ثوب رأسه منه ملتصق به وقال الجوهري هو قلنسوة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام اهـ والبرنس شائع عند المغاربة يلبسونه بدون أكمام (وإلا كسية) جمع كساء (وقوله) فرأيتهم " يقولون هكذا " أي يحركون أيديهم من تحت الثياب فعبر بالقول عن الفعل وهو شائع عند العرب وتقدم بيان ذلك غير مرة (6)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة
-[وضع اليمين على اليسار فى القيام]-
على رُكبته اليسرى ووضع ذراعيهُ اليُمنى على فخذه اليُمنى ثُمَّ أشار بسباَّبته ووضع الابهام على الوسُطي وقبض سائر أصابعه (1)
(475)
حدثنا عبد الله حدَّثنى عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهُما حدَّثاهُ عن أبيه وائل بن حُجر أنَّنه رأى النَّبى صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل فى الصلاة وصف همام (3) حيال أذنيه، ثم التحفف بثوبه، ثُم وضع يده اليمنى على اليُسرى (3) فلمَّا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلمَّا سجد سجد بين كفيه (4)
(476)
عن عطاء بن السائب قال حدثنا سالم البرَّادُ قال وكان عندى أوثقُ من نفسى قال قال لنا أبو مسعُود البدرىَّ (رضى الله عنه) ألا أصلى لكم صلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال فكبَّر فوضع كفيه على ركبتيه وفصلت أصابعهُ على ساقيه (وفى روايةٍ وفرج بين أصابعه من
ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى الخ (1) في هذه الرواية أنه قبض سائر أصابعه ووضع الإبهام على الوسطى وهذه كيفية غير التي تقدمت والكل جائز (تخريجه)(د. نس. جه خز. هق) وسنده جيد 475 حدثنا عبد الله (غريبه)(2) أي وصف همام شيخ الإمام أحمد كيفية رفع اليدين حيال الأذنين عند تكبيرة الإحرام بالفعل " وقوله ثم التحف بثوبه " يعني أنه جعل يديه داخل ثوبه ولعل ذلك كان لبرد شديد أو لبيان أن عدم كشف اليدين في غير التكبير جائز من غير كراهة (3) أي قبض بيده اليمنى على يده اليسرى واضعهما على صدره (4) أي جعلهما إزاء أذنيه (تخريجه)(هق) بلفظ حديث الباب (م. د. مذ. خز) بألفاظ متقاربة 476 عن عطاء ابن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا
-[جامع صفة الصلاة]-
وراء ركبته) (1) وجافى عن إبطيه حتى استقر كل شئ منهُ (2) ثُمَّ قال سمع الله لمن حمدهُ فأستوى قائمًا حتى استقر كل شئٍ منهُ، ثُمَّ كَّبر وسجد وجافى عن إبطيه حتَّى أستقر كُل شئٍ منهُ، ثُمَّ رفع رأسهُ فاستوى جالسً حتَّى استقرَّ كُلُّ شئٍ منهُ، ثُمَّ سجد الثانية فصلى بنا أربع ركعات هكذا، كانت صلاةُ رسُولُ الله، صلى الله عليه وسلم وقال هكذا رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم
(477)
عن أيُّوب عن أبى قلابة عن مالك بن الحُويرث الليثىِّ (رضى الله عنهُ) أنَّهُ قال لأصحابه يومًا ألا أريكُم كيف كانت صلاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وذلك فى غير حين صلاةٍ، فقام فأمكن القيام (3) ثُمَّ ركع غأمكن الرّكُوع، ثُمَّ رفع رأسهُ وانتصب قائمًا هُنيّة (4) ثُمَّ سجد، قال أبو قلابة فصلَّى صلاة كصلاة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمه الجرمىَّ، وكان يؤم على عهد النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال أيّوبُ فرأيت عمرو بن سلمه سصنعُ شيئًا لا أراكُم تصنعُونُه، كان إذا رفع رأسهُ من السَّجدتين استوى قاعدًا ثُمّ قام من الرَّعة الأولى والثالثة (5)
عفان ثنا همام ثنا عطاء بن السائب الخ (غريبه)(1) هذه الرواية تفسير للأولى وهي قوله وفصلت أصابعه على ساقيه والمعنى أنه فرق بين أصابعه جاعلها وراء ركبتيه (2) أي اطمأن جسمه جميعاً (تخريجه)(د. نس) ورجال إسناده ثقات 477 عن أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن يزيد ثنا أيوب عن أبي قلابة " الحديث "(غريبه)(3) أي اتقنه وأحسنه بأن وقف معتدلاً غير مائل ولا متحرك وكذا يقال في الركوع وفعل ذلك في غير وقت صلاة ليكونوا متفرغين لقبول التعليم وهكذا ينبغي للعالم تعليم الجاهل بالفعل في الأمور الفعلية وبالقول في الأمور القولية وصلى أربع ركعات لاشتمالها على جميع أحوال الصلاة والله أعلم (4) أي قليلاً من الزمن وهو تصغير هنة ويقال هنيهية أيضاً (5) يعني أنه كان
-[تعليم الرجل أهله وأولاده ما يجب عليهم]-
(478)
عن عبد الرَّحمن بن غنم أنَّ أبا مالك الأشعريَّ (رضى الله عنه) جمع قومه فقال يا معشر الأشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم التى كان يصلِّى لنا بالمدينة، فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم فتوضَّأ وأراهم كيف يتوضأ فأحصى الوضوء إلى أماكنه (1) حتىَّ لمَّا أن فاء الفئ (2) وانكسر الظِّلُّ قام فأذن فصف الرِّجال فى أدنى الصِّفِّ، وصفَّ الولدان (3) خلفهم، وصفَّ النِّساء خلف الولدان، ثمَّ أقام الصَّلاة، فتقدَّم فرفع يديه فكبَّر، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورةٍ يسرُّها، ثمَّ كبَّر فركع فقال سبحان الله وبحمده ثلاث مرَّات، ثمَّ قال سمع الله لمن حمده واستوى قائمًا، ثمَّ كبِّر وخرَّ ساجدًا ثمَّ كبَّر فرفع رأسه، ثمَّ كبَّر فسجد، ثمَّ كبَّر فانتهض قائمًا، فكان تكبيره فى أوَّل ركعة ستَّ تكبيرات (4) وكبَّر حين قام إلى الركعة التَّانية، فلمَّا قضى صلاته أقبل إلى قومه بوجهه فقال احفظوا تكبيرى، وتعلَّموا ركوعىوسجودى، فإنَّها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التى كان يصلَّى لنا كذا الساعة من النهار (5) ثمَّ إنَّ
يجلس جلسة خفيفة عقب رفعه من السجود وقبل القيام من الركعة الأولى والثالثة، وهي التي يسميها الشافعية جلسة الاستراحة (تخريجه)(ق. وغيرهما).
(478)
عن عبد الرحمن بن غنم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري عن شهر بن حوشب ثنا عبد الرحمن بن غنم "الحديث"(غريبه)(1) بفتح الواو أي استوعب جميع الأعضاء بالماء (2) أي رجع الظل بعد الزوال من جانب الغرب إلى جانب الشرق (وقوله) وانكسر الظل أي مال وهو الوقت المستحب للظهر في شدة الحر (3) جمع وليد وهو الصبي الذي لم يبلغ الحلم (وقوله) وصف النساء خلف الولدان أي كما هي السنة (4) أي بتكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام إلى الركعة الثانية (5) أي كان يصلي لنا هكذا في هذه الساعة من النهار كما صليت فاحرصوا على ذلك وافعلوا
-[فضل المتحابين فى الله عز وجل]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا قضى صلاته أقبل إلى النَّاس بوجهه، فقال يا أيُّها النَّاس اسمعوا واعقلوا واعلموا أنَّ لله عز وجل عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم (1) الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، فجاء رجل من الأعراب من قاصية الناس (2) وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبيَّ الله، ناس من النَّاس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، انعتهم لنا يعني صفهم لنا، فسرَّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسؤال الأعرابىِّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم ناس من أفناء النَّاس (3) ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابُّوا فى الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورًا وثيابهم نورًا، يفزع النًّاس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الَّذين لا خوف عليهم ولا يحزنون
(479)
عن أبى مالك الأشعريَّ رضى الله عنه عن رسول الله
كما فعلت وقد أتى في هذا الحديث بمعظم أفعال الصلاة وأقوالها فرائضها وسننها وهكذا يجب على كل مسلم أن يعلم أهل بيته وذويه كل ما يطلب منهم شرعاً مقدماً الأهم على المهم كما فعل أبو مالك رضي الله عنه ليخرج من تبعة ذلك وليقي نفسه وأهله من الوقوع في المهالك قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)(1) الغبطة بالكسر أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه وليس بحسد (2) أي من أبعدهم وليس معروفاً عندهم " والوى بيده " أي أشار (3) أي ناس غير معلومين غرباء عن قبائلهم وعشيرتهم لا تصلهم قرابة ولا مصاهرة ولا تجمعهم إلا رابطة الذين (تخريجه) قال المنذرى رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن والحاكم وقال صحيح الإسناد 479 عن أبي مالك الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان وليث عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري
-[تطويل الركعة الأولى وترتيب الصفوف]-
صلى الله عليه وسلم أنّضه كان يسوِّي بين الأربع ركعات فى القراءة والقيام ويجعل الرَّكعة الأولى هى أطولهن لكى يثوب الناس (1) ويجعل الرِّجال قدَّام الغلمان والغلمان خلفهم والنِّساء خلف الغلمان ويكبِّر كلَّما سجد وكلَّما رفع، ويكبَّر كلَّما نهض بين الرَّكعتين إذا كان جالسًا
(480)
عن محمد بن عطاء (2) عن أبى حميدٍ السَّاعدى رضى الله عنه قال سمعته (3) وهو فى عشرة من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعىّ يقول (4) أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا له ما كنت أقدمنا صحبة ولا أكثر ناله تباعة (5) قال بلى (6) قالوا فاعرض، (7) قال
الخ (غريبه)(1) أي يرجعون إلى الصلاة ويكثر جمعهم ومنه قوله تعالى (وإذا جعلنا البيت مثابة للناس) أي مرجعاً مجتمعاً (تخريجه)(طب) قال الهيثمي وفي إسناده شهر بن حوشب وفيه كلام وهو ثقة إن شاء الله (قلت) شهر بن حوشب وثقة ابن معين والإمام أحمد وقال يعقوب بن سفيان شهر وأن قال ابن عون تركوه فهو ثقة وقال ابن معين ثبت قاله في الخلاصة 480 عن محمد بن عطاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر قال حدثني محمد بن عطاء عن أبي حميد الساعدي الخ (غريبه)(2) هكذا بالأصل محمد بن عطاء والمعروف في كتب الرجال والأصول الأخرى محمد بن عمرو بن عطاء قال في الخلاصة محمد بن عمرو بن عطاء القرشي العامري أبو عبد الله المدني عن أبي حميد وأبي أسيد وأبي هريرة وجماعة وعنه يزيد بن أبي حبيب ومحمد ابن عمرو بن طلحة وطائفة وثقة ابن سعد وقال مات في آخر ولاية هشام اهـ (3) يعني أن محمد ابن عمرو بن عطاء سمع أبا حميد الساعدي كما صرح بذلك في رواية أبي داود (4) القائل أنا أعلمكم الخ هو أبو حميد وفيه مدح الإنسان نفسه لمن يأخذ عنه ليكون كلامه أوقع وأثبت عند السامع كما أنه يجوز مدح الإنسان نفسه افتخاره في الجهاد ليوقع الرهبة في قلوب الكفار (5) أي اقتداء وفي رواية الترمذي " ما كنت أقدم منا له صحبة ولا أكثرنا اتياناً " وخصوا هاتين الحالتين لأنهما اللتان يظن بجمعيهما كثرة العلم (6) أي قال أبو حميد رداً لقولهم ما كنت أقدمنا الخ (بلى أي أنا أكثركم متابعة وأقدمكم صحبة فبلى لنفي النفي (7) بوصل الهمزة وكسر الراء من قولهم عرضت الكتاب عرضاً قرأته عن
-[جامع صفة الصلاة]-
كان إذا قام الصَّلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه حتَّى حاذى بهما منكبيه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه، ثمَّ قال الله أكبر فركع ثمَّ اعتدل فلم يصبَّ (1) رأسه ولم يقنعه، ووضع يديه على ركبتيه (7) ثمَّ قال سمع اله لمن حمده، ثمَّ رفع واعتدل حتىَّ رجع كل عظم فى موضعه معتدلا، ثمَّ هوى ساجدًا وقال الله أكبر، ثمَّ جافى وفتح عضديه عن بطنه، وفتح (7) أصابع رجليه، ثمَّ رجله اليسرى وقعد عليها واعتدل حتَّى رجع كل عظم فى موضعه، ثمَّ هوى ساجدًا وقال الله أكبَّر، ثمَّ ثنى رجله وقعد عليها حتًّى يرجع كلّ عضو إلى موضعه، ثمَّ نبض فصنع فى الرَّكعة الثانية مثل ذلك، حتَّى إذا قام من السَّجدتين
كبَّر ورفع يديه حتَّى يحاذى بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة ثمَّ كذلك حتَّى إذا كانت الرَّكعة التىتنقضى فيها الصَّلاة أخَّر رجله اليسرى (4) وقعد على شقه متورِّكا ثم سلَّم
ظهر قلب ويحتمل أن يكون من قولهم عرضت الشيء عرضاً من باب ضرب أي أظهرته والمعنى بين لنا كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم إن كنت صادقاً فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) بفتح الياء التحتية وضم الصادر أي لم يمله إلى أسفل (وقوله) ولم يقنعه بضم أوله وسكون ثانيه من أقنع إذا رفع رأسه حتى تكون أعلى من ظهره والمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يحوى ظهره ورأسه حين الركوع (2) أي وضع باطن كفيه على ركبتيه حال الركوع (3) بالخاء المعجمة أي يلينها ويثنيها والمراد أنه يجعل بعاون الأصابع إلى الأرض ورؤسها إلى القبلة (4) أي أخرجها من تحت مقعدته إلى الجانب الأيمن وقعد (متوركاً) على شقه الأيسر أي مفضياً بوركه اليسرى إلى الأرض وسيأتي الكلام على تفصيل ذلك في أبوابه إن شاء الله (تخريجه)(حب. هق والأربعة إلا النسائي) وأخرجه أيضا البخاري مختصراً وصححه الترمذي
-[حديث المسيء صلاته]-
(فصل منه فى حديث المسئفى صلاته)
(481)
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال دخل رجل (1) المسجد فصلى (2) ثم جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسلَّم فردِّ عليه السلام وقال ارجع فصل فإنَّك لم تصلَّ (3) فرجع ففعل ذلك ثلاث مرَّات، قال فقال والَّذى بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلَّمى. قال إذا قمت إلى الصَّلاة فكبر (4) ثمَّ اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن (5) ثمَّ اركع حتَّى تطمن راكعًا، ثمَّ اسجد حتَّي تطمئنَّ ساجدّا، ثم أرفع حتى تستدل قائمًا، ثمَّ أسجد حتىَّ تطمئنَّ ساجدًا ثمَّ ارفع حتَّى تطمئنَّ جالسًا، ثمَّ افعل ذلك في صلاتك كلهِّا (482) عن رفاعة بن رافع الزُّرقىَّ رضى الله عنه وكان من أصحاب النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فى المسجد فصلَّي قريبًا منه، ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد صلاتك فإنَّك لمّ تصلِّ، قال فرجع فصلَّى كنحو مَّما صلَّى، ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أعد صلاتك فإنك لم تصلَّ، فقال يا رسول
481 عن أبي هريرة حدثنا عبد الله أبي ثنا يحيى عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة " الحديث "(1) هو خالد بن رافع كذا بينه ابن أبي شيبة (2) زاد النسائي ركعتين وفيه إشعار بأنه صلى نفلاً قال الحافظ والأقرب أنها تحية المسجد (3) فيه أن أفعال الجاهل في العبادة على غير علم لا تجزئ وهذا مبني على أن المراد بالنفي الأجزاء وهو الظاهر وحمله بعضهم على نفي الكمال (4) وفي رواية للبخاري " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر " وهي في مسلم أيضا وستأتي في حديث رفاعة بن رافع الآتي (5) في رواية لأبي داود والنسائي من حديث رفاعة " فإن كان معك قرآن فأقرأ وإلا فاحمد الله تعالى وكبره وحلله " وفي رواية لأبي داود من حديث رفاعة أيضاً " ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله " وسيأتي ذلك أيضاً (تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم) 482 عن رفاعة بن رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن
-[بقية حديث المسيء صلاته]-
الله علَّمني كيف أصنع قال إذا استقبلت القبلة (1) فكبِّر ثمَّ اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت، فإذا ركعت فاجعل راحتيك (2) على ركبتيك وامدد ظهرك (3) ومكن لركوعك (4) فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتَّ ترجع العظام إلى مفاصلها، (5) وإذا سجدت فمكِّن لسجودك (6) فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك فى كلِّ ركعةٍ وسجدةٍ (وعنه من طريق ثانٍ)(7) قال كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فدخل رجل فصلَّى فى ناحية المسجد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه (8) ثمَّ جاء فسلَّم فردَّ عليه وقال ارجع فصلِّ فإنَّك لم تصل، قال مرَّتين أو ثلاثًا، فقال له فى الثَّالثة أو فى الرَّابعة والَّذى بعتك بالحقَّ لقد أجهدت نفسى (9) فعلمنى وأرنى؟ فقال له النَّبى صلى الله عليه وسلم إذا أردت أن تصلى فتوضَّأ فأحسن وضوءك، ثمَّ استقبل القبلة، ثمَّ كبِّر، ثمَّ أقرأ، ثمَّ اركع حتَّى تطمئن راكعًا، ثمَّ ارفع حتَّى تطمئن قائمًا، ثمَّ اسجد حتَّى تطمئنَّ ساجدًا، ثمَّ ارفع حتَّى تطمئن جالسًا، ثمَّ اسجد حتَّى تطمئن ساجدًا، ثمَّ قم فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد أتممتها، وما انتقصت من هذا من
هرون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقى عن رفاعة بن رافع الزرقى " الحديث "(غريبه)(1) في الطريق الثانية ثم استقبل القبلة بلفظ الأمر وكذلك عند مسلم من رواية أبي هريرة (2) أي باطن كفيك (3) أي أبسطه معتدلاً (4) أي اطمئن في ركوعك اطمئناناً كاملاً (5) في الطريق الثانية ثم ارفع حتى تطمئن قائماً ونحو ذلك عند الشيخين من حديث أبي هريرة وفيه رد على القائلين بعدم وجوب الطمأنينة في الرفع من الركوع (6) أي اطمئن في سجودك على جبهتك إطمئناناً كاملاً (7)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا ابن عجلان ثنا على بن ثنا بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه وكان بدر يا قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(8) أي ينظر إليه (9) أي بذلت ما في
-[إستدلال الفقهاء بحديث المسئ صلاته فى أركان الصلاة]-
شيء فإنَّما تنقصه من صلاتك (1)
طاقتي في إصلاح صلاتي بقدر ما أعرف (1) أي ما تركته مما ذكر فقد انتقصته من صلاتك وترك شيء مما ذكر يؤدي إلى بطلان الصلاة عند الجمهور (تخريجه)(د. نس. مذ)(الأحكام) اشتملت أحاديث الباب على كيفية الصلاة وصفتها ومعظم أحكامها من فرائض وسنن وأقوال وأفعال وسنأتي على ذكر والخلاف فيه مفصلاً في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد اشتمل حديث المسئ في صلاته على معظم أحكامها من فرائض وسنن وأقوال وأفعال وسنأتي على ذكر والخلاف فيه مفصلاً في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد اشتمل حديث المسئ في صلاته على معظم أركان الصلاة وصفتها ومعظم أحكامها من فرائض وسنن واقوال وأفعال وسنأتي على ذكر ذلك والخلاف فيه مفصلاً في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد اشتمل حديث المسئ في صلاته على معظم أركان الصلاة واعتمده الفقهاء في بيان الواجبات دون السنن (قال ابن دقيق العيد) قد تكرر من الفقهاء في بيان الواجبات دون السنن (قال ابن دقيق العيد) قد تكرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعلى عدم وجوب ما لم يذكر (فأما) وجوب ما ذكر فيه فلتعلق الأمر به (وأما) عدم وجوب غيره فليس ذلك بمجرد كون الأصل عدم الوجوب بل لأمر زائد على ذلك وهو أن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وتعريف لواجبات الصلاة وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكره ويقوى مرتبة الحصر أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ما تعلقت به الإساءة من هذا المصلى وما لم يتعلق به الإساءة من واجبات الصلاة وهذا يدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت فيه الإساءة (فإذا تقرر هذا) فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه وكان مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه وكل موضع اختلفوا في وجوبه ولم يكن مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه وكل موضع اختلفوا في وجوبه ولم يكن مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في عدم وجوبه لكونه غير مذكور في هذا الحديث على ما تقدم من كونه موضع تعليم وقد ظهرت قرينة مع ذلك على قصد ذكر الواجبات إلا أن على طالب التحقيق أن يجمع طرق هذا الحديث ويحصى الأمور المذكورة فيه ويأخذ بالزائد فالزائد فإن الأخذ بالزائد واجب وإذا قام دليل على أحد الأمرين أما على عدم الوجوب أو الوجوب فالواجب العمل به ما لم يعارضه ما هو أقوى منه اهـ (قال الحافظ) وقد جمعت طرقه القوية من رواية أبي هريرة ورفاعة وقد أمليت الزيادات التي اشتملت عليها اهـ باختصار (قال النووي) رحمه الله (فإن قيل) لم يذكر فيه " يعني حديث المسئ في صلاته " كل الواجبات فقد بقى واجبات مجمع عليها ومختلف فيها فمن المجمع عليه النية والقعود في التشهد الأخير وترتيب أركان الصلاة ومن المختلف فيه التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام وهذه الثلاثة واجبة عند الشافعي رحمه الله تعالى وقال بوجوب السلام الجمهور وأوجب التشهد كثيرون وأوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الشافعي الشعبي وأحمد بن حنبل وأصحابهما وأوجب جماعة من أصحاب الشافعي نية الخروج من الصلاة وأوجب أحمد رحمه الله تعالى التشهد الأول وكذلك التسبيح
-[كلام العلماء في أحكام حديث المسئفى صلاته]-
..........
وتكبيرات الانتقالات (فالجواب) أن الواجبات الثلاثة المجمع عليها كانت معلومة عند السائل فلم يحتج إلى بيانها وكذلك المختلف فيه عند من يوجبه يحمله على أنه كان مملوما عنده (وفي هذا الحديث دليل) على أن إقامة الصلاة ليست واجبة (وفيه) وجوب الطهارة واستقبال القبلة وتكبيرة الإحرام والقراءة (وفيه) أن التعوذ ودعاء الافتتاح ورفع اليدين في تكبيرة الإحرام ووضع اليد اليمنى على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد اليمنى على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد على الفخذ وغير ذلك مما لم يذكره في الحديث ليس بواجب إلا ما ذكرناه من المجمع عليه والمختلف فيه (وفيه) دليل على وجوب الاعتدال في الركوع والجلوس بين السجدتين ووجوب الطمأنينة في الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ولم يوجبها أبو حنيفة رحمه الله تعالى وطائفة يسيرة وهذا الحديث حجة عليهم وليس عنه جواب صحيح (وأما) الاعتدال فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء يجب الطمأنينة فيه كما يجب في الجلوس بين السجدتين وتوقف في إيجابها بعض أصحابنا واحتج هذا القائل بقول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث " ثم ارفع حتى تعتدل قائماً " فاكتفى بالاعتدال ولم يذكر الطمأنينة كما ذكرها في الجلوس بين السجدتين وفي الركوع والسجود (وفيه) وجوب القراءة في الركعات كلها وهو مذهبنا ومذهب الجمهور كما سبق (وفيه) أن المفتي إذا سئل عن شيء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل ولم يسأله عنه يستحب له أن يذكر له ويكون هذا من النصيحة لا من الكلام فيما لا يعني وموضع الدلالة أنه قال علمني يا رسول الله أي علمني الصلاة فعلمه الصلاة واستقبال القبلة والوضوء وليسا من الصلاة لكنها شرطان لها (وفيه) الرفق بالمتعلم والجاهل وملاطفته وإيضاح المسألة له وتلخيص المقاصد والاقتصاد في حقه على المهم دون المكملات التي لا يحتمل حاله حفظها والقيام بها (وفيه) استحباب السلام عند اللقاء ووجوب رده وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء وإن قرب العهد وإنه يجب رده في كل مرة وأن صبغة الجواب وعليكم السلام أو وعليك بالواو وهذه الواو مستحبة عند الجمهور وأوجبها بعض أصحابنا وليس بشيء بل الصواب أنها سنة قال الله تعالى " قالوا سلاماً قال سلام "(وفيه) أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته ولا يضحى مصلياً بل يقال لم تصل (فإن قيل) كيف تركه مراراً يصلي صلاة فاسدة (فالجواب) أنه لم يأذن له في صلاة فاسدة ولا أعلم من حاله أنه يأتي بها في المرة الثانية والثالثة فاسدة بل هو محتمل أن يأتي بها صحيحة وإنما لم يعلمه أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة كما أمرهم بالإحرام بالحج ثم بفسخه إلى العمرة ليكون أبلغ في تقرير عندهم والله أعلم اهـ م
-[مفتاح الصلاة الطهور]-
(7)
باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها
(483)
عن علىٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصَّلاة الطهُّور (1) وتحريمها التكبير (2) وتحليلها التسليم (3)(وفى لفظٍ) مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم (484) عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة مثنى مثنى تشهَّد (4) فى كلِّ ركعتين
483 عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن أبيه " على بن أبي طالب رضي الله عنه الحديث "(غريبه)(1) بضم الطاء ويفتح والمراد به المصدر وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الطهور مفتاحاً مجازاً لأن الحديث مانع من الصلاة فالحدث كالقفل موضوع على المحدث حتى إذا توضأ انحل الغلق وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها انحل الغلق وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها إلا النبوة وكذلك مفتاح الجنة الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة يفتحها الطاعات وركن الطاعات الصلاة قاله ابن العربي (2) قال المظهر سمى الدخول في الصلاة تحريماً لأنه يحرم الأكل والشرب وغيرهما على المصلى فلا يجوز الدخول في الصلاة إلا بالتكبير مقارناً به النية (3) التحليل جعل الشيء المحرم حلالاً وسمي التسليم به لتحليل ما كان حراماً على المصلى لخروجه عن الصلاة وهو واجب وقال الحافظ ابن الأثير في النهاية كأن المصلى بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها فقيل للتكبير تحريم لمنعه المصلى من ذلك ولهذا سميت تكبيرة الإحرام أي الإحرام بالصلاة (وقال) في قوله تحليلها التسليم أي صار المصلى بالتسليم يحل له ما حرم عليه بالتكبير من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراماً عليه اهـ (تخريجه)(فع. د. جه. بز. ك. مذ) وقال هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن (قلت) وصححه ابن السكن أيضاً 484 عن الفضل بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على ابن إسحاق أنا عبد الله بن مبارك أنبأنا ليث بن ربيعة سعد ثنا عبد ربه بن سعيد عن عمر أن بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس " الحديث "(غريبه)(4) أي صلاة الليل كما في حديث ابن عمر عند الشيخين وغيرهما " صلاة الليل مثنى مثنى "(5) أصله تتشهد حذفت منه إحدى التاءين تخفيفاً وقيل بالتنوين خبر بعد خبر لقوله الصلاة وكذا ما عطف عليه وقال التوربشني وجدنا الرواية فيهن بالتنوين لا غير وكثير ممن لا علم له بالرواية يسردونها على الأمر وتراها تصحيفاً كذا في المرقاة شرخ المشكاة وقال (الحافظ السيوطي) في قوت المغتذى قال العراقي المشهور في هذه الرواية
-[الخشوع فى الصلاة]-
وتضرع (1) وتخشع) (2) وتمسكن (3) ثمَّ تقنع يديك (4) يقول (5) ترفعها إلى ربِّك مستقبلاً ببطونهما وجهك تقول يارب يارب (6) ، فمن لم يفعل ذلك فقال فيه قولا شديدًا (7)
أنها أفعال مضارعة حذف منها إحدى التاءين ويدل عليه قوله في رواية أبي داود " وإن تتشهد " ووقع في بعض الروايات بالتنوين فيها على الاسمية وهو تصحيف من بعض الرواة اهـ (1) في النهاية التضرع التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة يقال ضرع يضرع بالكسر والفتح وتضرع إذا خضع وذل اهـ (2) التخشع في البصر والبدن والصوت وقيل الخضوع في الظاهر والخشوع في الباطن والأظهر أنهما بمعنى لقوله صلى الله عليه وسلم " لو خشع قلبه لخشعت جوارحه " كذا في المرقاة والخشوع من كمال الصلاة قال الله عز وجل (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) قال القارئ وفي قوله تخشع إشارة إلى أنه إن لم يكن له خشوع فيتكلف ويطلب من نفسه الخشوع ويتشبه بالخاشعين (3) قال أنه قال لمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع وهو ثم فعل من السكون والقياس أن يقال تسكن وهو الأكثر الأفصح وقد جاء على الأول أحرف قليلة قالوا تمدرع وتمنطق وتمندل اهـ (4) من إقناع اليدين رفعهما في الدعاء ومنه قوله عز وجل (مقنعي رؤسهم) أي ترفع بعد الصلاة يديك للدعاء فعطف على محذوف أي إذا فرغت منها فسلم ثم ارفع يديك سائلاً حاجتك فوضع الخبر موضع الطلب أفاده الطيبي (5) أي الراوي معناه " ترفعهما " أي لطلب الحاجة " إلى ربك "(6) الظاهر أن المراد بالتكرير التكثير (7) رواية الترمذي ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا (قال أبو عيسى) أعني الترمذي وقال غير ابن المبارك في هذا الحديث من لم يفعل ذلك فهو خداج اهـ (قلت) وخداج بكسر الخاء المعجمة أي ناقص قيل تقديره فهو ذات خداج أي صلاته ذات خداج أو وصفها بالمصدر نفسه له مبالغة والمعنى أنها ناقصة (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه الترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحيحه وتردد في ثبوته وروه كلهم عن ليث بن سعد حدثنا عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث عن الفضل وقال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يعني البخاري يقول روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه فأخطأ في مواضع قال وحديث ليث ابن سعد أصح من حديث شعبة اهـ " تر "(قلت) وحديث الباب لم يروه الإمام أحمد من طريق شعبة بل من طريق ليث بن سعد فهو صالح والله أعلم
-[من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم انه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه]-
(485)
عن أبي هريرة رضى الله عنه أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قال هل ترون قبلتى (1) ههنا؟ ما يخفى على شئ من خشوعكم وركوعكم (2)(وعنه من طريق ثان)(3) عن النبى صلى الله عليه وسلم إنِّى لأري (4) خشوعكم (486) عن مطرف (5) عن أبيه رضى الله عنه قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى ولصدره أزير (6) كأزير المرجل (وعنه من
485 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين قال ثنا سفيان يعني ابن عيينة عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رواية أن النبي صلى لله عليه وسلم الخ (غريبه)(1) هو استفهام إنكار لما يلزم منه أي أنتم تظنون أني لا أرى فعلكم لكون قبلتي في هذه الجهة لأن من استقبل شيئاً استدبره ما وراءه لكن بين النبي صلى الله عليه وسلم أن رؤيته لا تختص بجهة واحدة وقد اختلف في معنى ذلك على أقوال والصواب المختار أنه محمول على ظاهره وأن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به صلى الله عليه وسلم انخرقت له فيه العادة وكذا نقل عن الإمام أحمد ولهذا أخرج البخاري هذا الحديث علامات النبوة ثم ذلك الإدراك يجوز أن يكون بروية عينه انخرقت له العادة فيه أيضاً فكان يرى بها من غير مقابلة لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلاً عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب فإنما تلك أمور عادية يجوز حصول الإدراك مع عدمها عقلاً ولذلك حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الدار الآخرة خلافاً لأهل البدع لوقوفهم مع العادة أفاده الحافظ (2) أي في جميع الأركان ويحتمل أن يريد به السجود لأن فيه غاية الخشوع وقد صرح بالسجود في رواية مسلم (3)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأ على سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (4) بفتح الهمزة (تخريجه)(ق وغيرهما) وفي الباب عند مسلم عن أبي هريرة أيضاً قال (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ثم انصرف فقال يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلى إذا صلى كيف يصلي؟ فإنما يصلي لنفسه أنى والله لأبصر من بين يدي) 486 عن مطرف سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا حماد عن ثابت عن مطرف عن أبيه " الحديث "(غريبه)(5) مطرف بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة وأبوه هو عبد الله بن الشخير بكسر الشين وتشديد الخاء المعجمتين بن عوف العامري صحابي من مسلمة الفتح (6) الأزيز بفتح الهمزة
-[كلام العلماء في حكم تكبيرة الأحرام والخشوع فى الصلاة]-
طريق ثان) (1) عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء
(487)
عن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى سجدتين لا يسهو فيهما غفر الله له ما تقدم من ذنبه
بعدها زاي معجمة مكسورة ثم تحتانيه ساكنة ثم زاي أيضاً هو صوت القدر عند غليان الماء (والمرجل) بكسر الميم وسكون الراء المهملة وفتح الجيم قدر من نحاس قد يطلق على كل قدر يطبخ فيها ولعله المراد في الحديث وحاصل المعنى أنه يجيش جوفه ويغلى من البكاء خوفاً وخشية من الله تعالى (1)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا حماد ابن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله عن أبيه " الحديث " وفي آخره قال عبد الله " يعني ابن الإمام أحمد " لم يقل من البكاء إلا يزيد بن هرون (تخريجه)(د. نس. حب. خز. مذ) وصححه 487 عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مريج ثنا عبد الرحمن ثنا عبد العزيز يعني ابن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن زيد بن خالد الجهني " الحديث "(تخريجه)(د) ولفظه " من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه " وفي رواية عنده (ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه وبوجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)(الأحكام) الحديث الأول من أحاديث الباب يدل على وجوب تكبيرة الإحرام وإليه ذهب الجمهور (قال النووي رحمه الله وتكبيرة الإحرام واجبة عند مالك والنوري والشافعي وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم لا ما حكاه القاضي عياض رحمه الله وجماعة عن ابن المسيب والحسن والزهري وقتادة والحكم والأوزاعي له سنة ليس بواجب وأن الدخول في الصلاة يكفي فيه النية ولا أظن هذا يصح عن هؤلاء الإعلام مع هذه الأحاديث الصحيحة مع حديث على رضي الله عنه أن رسول الله عليه وسلم قال " مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " ولفظة التكبير (الله أكبر) فهذا يجزى بالإجماع (قال الشافعي) ويجزى الله الأكبر لا يجزى غيرهما (وقال مالك) لا يجزى إلا (الله أكبر) وهو الذي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله وهذا قول منقول عن الشافعي في القديم وأجاز (أبو يوسف) الله الكبير وأجاز (أبو حنيفة) الاقتصار فيه على كل لفظ فيه
-[كلام العلماء فى حكم تكبيره الأحرام والخشوع فى الصلاة]-
....
تعظيم الله تعالى كقوله (الرحمن أكبر)(والله أجل) أو أعظم وخالفه جمهور العلماء من السلف والخلف والحكمة في ابتداء الصلاة بالتكبير افتتاحها بالتنزيه والتعظيم لله تعالى ونعته بصفات الكمال والله أعلم (قلت) احتج الجمهور على وجوب تكبيرة الإحرام وكونها بلفظ التكبير بحديث الباب وبأنه صلى عليه وآله وسلم لم ينقل عنه أنه تركها أو تلفظ بغير التكبير وبحديث المسئ صلاته عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما بلفظ " فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر " وعند الجماعة من حديثه بلفظ (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) وقد تقرر أن حديث المسئ هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة وأن كل ما هو مذكور فيه واجب وما خرج عنه وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه ففيه خلاف ويدل للشرطية حديث رفاعة في قصة المسئ صلاته عند أبي داود بلفظ " لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر " ورواه الطبراني بلفظ " ثم يقول الله أكبر " قال الشوكاني والاستدلال بهذا على الشرطية صحيح أن كان نفي التمام يستلزم نفي الصحة وهو الظاهر لأنا متعبدون بصلاة لا نقصان فيها فالناقصة غير صحيحة ومن ادعى صحتها فعليه البيان اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) مشروعية الخشوع في الصلاة قال الحافظ والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة يكون من فعل البدن كالسكون وقيل لا بد من اعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره وقال غيره هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث على (الخشوع في القلب) أخرجه الحاكم وأما حديث " لو خشع هذا خشعت جوارحه " ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن (قال) وقد حكى النووي الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب ولا يرد عليه قول القاضي حسين أن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة وقال أيضاً أبو زيد المروزي لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق أو المراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه وكلاهما في أمر يحصل من مجموع المدافعة وترك الخشوع وفيه تعقب على من نسب إلى القاضي وأبى زيد أنهما قالا أن الخشوع شرط في صحة الصلاة وقد حكاه المحب الطبري وقال هو محمول على أن يحصل في الصلاة في الجملة لا في جميعها والخلاف في ذلك عند الحنابلة أيضاً وأما قول ابن بطال فإن قال قائل فإن الخشوع فرض في الصلاة قيل له بحسب الإنسان أن يقبل على صلاته بقلبه ونيته يريد بذلك وجه الله عز وجل ولا طاقة له بما اعترضه من الخواطر فحاصل كلامه أن القدر المذكور هو الذي يجب من الخشوع وما زاد على ذلك فلا وأنكر ابن المنير إطلاق الفرضية وقال الصواب
-[فضل الخشوع فى الصلاة وما ورد فيه]-
(8)
باب رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام وغيرها
(488)
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه عن رسول الله
أن عدم الخشوع تابع لما يظهر عنه من الآثار وهو أمر متفاوت فإن أثر نقصاً في الواجبات كان حراماً وكان الخشوع واجباً وإلا فلا (وقد سئل) عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم دون تحذيرهم برؤية الله تعالى لهم وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل كما تقدم في كتاب الإيمان (اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)(فأجيب) بأن في التعليل برؤيته صلى الله عليه وسلم لهم تنبيهاً على رؤية الله تعالى لهم فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي صلى الله عليه وسلم يراهم أيقظهم ذلك إلى مراقبة الله تعالى مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له صلى الله عليه وسلم بذلك ولكونه يبعث شهيداً عليهم يوم القيامة فإذا علموا أنه يراهم تحفظوا في عبادتهم ليسهد لهم بحسن عبادتهم أفاده الحافظ (ف)(قلت) إذا علمت ذلك فإعلم أن الخشوع لب العبادة ولا تكون الصلاة كاملة إلا به فقد روى عن عثمان بن أبي دهر شن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يقبل الله من عبد عمله حتى يشهد له قلبه مع بدنه " أورده المنذرى وقال رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة هكذا مرسلاً وصله أبو منصور الديملي في مسند الفردوس يأبي بن كعب والمرسل أصح اهـ لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس خشوعاً في صلاته وعباداته كلها وقد وصل به الخشوع في الصلاة إلى درجة البكاء وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم " أما والله إني لأخشاكم لله " وتورمت قدماه في العبادة فقيل له يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك (قال أفلا أكون عبد شكوراً) رواه مسلم والإمام أحمد وغيرهما وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال عز وجل إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي ولم يبت مصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس أكلؤه بعزتي واستحفظه ملائكتي اجعل له في الظلمة نوراً وفي الجهالة حلماً ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة " أورده المنذرى وقال رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحراني وبقية رواته ثقات اهـ (تر) فعليكم أيها المسلمون بالخشوع والتواضع والتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن الله يمن علينا بنور الإسلام فيطمئن بالخشوع قلوبنا ويغرس التواضع في نفوسنا ويثبت الإيمان في أفئدتنا والله أسأل أن يرزقنا إيماناً كاملاً وعملاً متقبلاً إنه سميع الدعاء 488 عن على بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
-[رفع اليدين عند تكبير الأحرام وغيرها]-
صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كان إذا قام إلى الصلاة المكتوُبة (1) كبَّرو رفع يديه حذو منكبيه، ويصنعُ مثل ذلك إذا قضى قراءتهُ وأراد أن يركع، ويصنعُهُ إذا رفع رأسهُ من الرّكوع، ولا يرفعُ يديه فى شئ من صلاته وهُو قاعد، (2) وإذا فلم من السجدتين (3) رفع يده كذلك وكَّر
(489)
عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عن أبيه رضى الله عنهُ قال رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أفتتح الصلَاّة فرفع يديه حتَّى جاوز بهما بهما أذنبه
سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن يعني ابن الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله ابن أبي رافع عن علي بن أبي طالب "الحديث "(غريبه)(1) لا مفهوم لقوله المكتوبة بل النافلة كذلك ولعله قيد بالمكتوبة نظراً لما رآه (2) يعني لا يرفع يديه حين يرفع رأسه من السجدة الأولى ولا حين يهوى إلى السجدة الثانية (3) المراد بهما الركعتان كما قاله العلماء والمحدثون وقال أبو داود عقب هذا الحديث وفي حديث أبو حميد الساعدي حين وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة " اهـ (قلت) فالمراد بالسجدتين هنا الركعتان كما جاء في رواية الباقين (تخريجه)(الأربعة) وصححه الترمذي وصححه أيضاً الإمام أحمد ابن حنبل فيما حكاه الخلال 489 عن عامر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس قال أنا حجاج عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه " الحديث " وفي آخره قال قرئ على سفيان وأنا شاهد سمعت ابن عجلان وزياد بن سعد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم هكذا وعقد ابن الزبير (قلت) يعني وصف كيفية رفع اليدين بالفعل والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه الحجاج بن أرطاة واختلف في الاحتجاج به اهـ (قلت) قال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في حفظه وصدقه وقال ابن معين صدوق يدلس وقال أيضاً هو والنسائي ليس بالقوي روى له مسلم مقروناً بغيره (خلاصة)
-[المواضع التي يشرع فيها رفع اليدين]-
(490)
عن أبي هريرة رضى الله عنهُ قال ثلاث كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم بهنَّ قد تركهُن النَّاس، كان يرفع يديه مدَّا (1) إذا دخل فى الصلَّاة، ويكُبَّبرُ كلَّما ركع ورفع، والسَّكوتُ قبل القراءة يدعوُ (2) ويسأل الله من فضله،
(491)
عن أبن عُمر رضى الله عنهمُا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعُ يديه حين يُكبِّرُ حتَّى يكُونا حذو منكبيه أو قريبًا من ذلك، وإذا ركع رفعهُما، وإذا رفع رأسهُ من الرَّكعة رفعهُما، ولا يفعل ذلك في السّجُود
490 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن ذئب ويزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب المعنى قال ثنا سعيد بن سمعان قال أتانا أبو هريرة في مسجد بني زريق قال ثلاث الخ (غريبه)(1) يجوز أن يكون منتصباً على المصدرية بفعل مقدر وهو يمدها مداً ويجوز أن يكون منتصباً على الحالية أي رفع يديه في حال كونه ماداً لهما إلى رأسه ويجوز أن يكون مصدراً منتصباً بقول رفع لأن الرفع بمعنى المد وأصل المد في اللعنة الجر قاله الراغب وقد فسر ابن عبد البر المد المذكور في الحديث بمد اليدين فوق الأذنين مع الرأس (2) يعني دعاء الافتتاح (تخريجه)(هق والأربعة إلا ابن ماجه) وقال الشوكاني لا مطعن في إسناده 491 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر " الحديث "(تخريجه)(ق. فع. وغيرهم) وللبخاري " ولا يفعل ذلك حين يسجدو ولا حين يرفع رأسه من السجود " ولمسلم " ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود " وله أيضاً " ولا يرفعهما بين السجدتين " وأخرجه (هق) بزيادة " فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى " قال ابن المديني هذا الحديث عندي حجة على الخلق كل من سمعه فعليه أن يعمل به لأنه ليس في إسناده شيء وقد صنف البخاري في هذه المسألة جزءاً مفرداً وحكى فيه عن الحسن وحميد بن هلال أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك يعني الرفع في الثلاثة المواطن ولم يستثن الحسن أحداً وقال ابن عبد البر كل من روى عنه ترك الرفع في الركوع والرفع منه روى عنه فعله إلا ابن مسعود
-[صفة رفع اليدين وبيان غاية الرفع]-
(492)
وعنهُ أيضًا قال إنَّ رفعكم أيديكُم بدعه، (1) مازاد رسُول الله صلى الله عليه سلم على هذا يعنى إلى الصَّدر
(493)
عن مالك بن الحُويرث رضى الله عنهُ أنَّهُ رآى رسُول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الرُّكُوع، وإذا رفع رأسهُ من السُّجُود حتَّى يحُاذى بهما فُروع (2) أذُونيه
(494)
عن ميمُون المكِّىِّ أنَّهُ رآى ابن الزبير عبد الله (رضى الله عنهُ) وصلَّى بهم يشُيرُ بكفيه حين يقوم (3) وحين يركعُ وحين يسجد (4) وحين ينهض للقيام (5) فيقُومُ فيُشبرُ بيديه، قال فانطلقتُ إلى
492 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن حماد بن بشر بن حرب سمعت ابن عمر يقول أن رفعكم الخ (غريبه)(1) يعني لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر والله أعلم أنه يريد بذلك رفعهم أيديهم زيادة عن الصدر في غير تكبيرة الإحرام أما هي فيجوز رفع اليدين عندها حتى يكونا حذو منكبيه أخذا من حديثه وفي غيره دون ذلك (وهذا) رأى ابن عمر رضي الله عنهما وقد صحت الأحاديث برفع اليدين حتى يحاذى بهما أذنيه كما صحت بمحاذاة المنكبين أيضاً وعنده أبي داود من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر أنه جمع بينهما فقال حتى يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطراف أنامله الأذنين وعلى هذا فلا تعارض والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد 493 عن مالك بن الحويرث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث " الحديث "(غريبه)(2) أي أعالي أذنيه وهو غاية للرفع (تخريجه)(ق. د. وغيرهم) بدون قوله وإذا رفع رأسه من السجود فتحمل الزيادة على الرفع من السجود للركعة الثالثة 494 عن ميمون المكي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي الخ (غريبه)(3) أي يرفع يديه وقت قيامه وافتتاحه الصلاة أخذاً مما تقدم لأحال الشروع في القيام لأحال الشروع في القيام (4) أي حين الرفع من السجدة الأولى كما في أخرى عند أبي داود (5) أي من السجدة الثانية
-[بيان ضعف حديث رفع اليدين عند الرفع من السجدتين]-
ابن عبَّاس فقُلت لهُ إنِّى قد رأيتُ ابن الزُبير صلَّى صلاًة لم أر أحدًا يُصليَّها فوصف لهُ هذه الاشارة (1) فقال إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة ابن الزُبير
فصل منفى حجة من لم يد الرفع الا عند تكبيرة الاحرام
(495)
عن علقمة قال قال ابن مسعُود رضى الله عنه ألا أصلّى لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه قال فصلَّى فلم يرفع يديه ألا مرة (2)
(1) يعني رفع ابن الزبير يديه في هذه المواضع فقال ابن عباس أن أحببت أن تنظر الخ الحديث (تخريجه)(د) وفي إسناده ابن لهيعة وفيه مقال وفيه أيضاً ميمون المكي وهو مجهول وتقدم في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في هذين الموضعين قال بعض العلماء وعلى تقدير صحة حديث الباب فلا يعارض ما تقدم أيضاً لاحتمال أن يراد بقوله حين يسجد أي يرفع رأسه من الركوع ليهوى للسجود ويراد بقوله وحين ينهض للقيام أي من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة (قلت) وفيه نظر لأنه لو كان كما قال لما أنكره ميمون المكي بقوله أني قد رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحداً يصليها ولأنه يخالف صريح وراية أبي داود بلفظ " فكان إذا سجد السجدة إلا ولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه " فالأولى أن يقال إن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة والله أعلم 495 عن علقمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال ابن مسعود الخ (غريبه)(3) أي لم يرفع عبد اله بن مسعود يديه في الصلاة إلا مرة واحدة عند افتتاح الصلاة وبه استدل من قال بعدم رفع اليدين عند الركوع الرفع منه لكنه لا يصلح للاستدلال به لأنه ضعفه الإمام أحمد ويحيى بن آدم وقال ابن مبارك لم يثبت عندي وقال ابن أبي حاتم عن أبيه حديث خطأ (تخريجه)(د. نس. مذ) وقد اختلف الحفاظ في هذا الحديث فحسنه الترمذي وصححه بان حزم وابن القطان وضعفه الإمام أحمد وشيخه يحيى بن آدم والبخاري وأبو داود وأبو حاتم ورواه أيضاً (هق. قط وابن عدي) من طريق محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود بلفظ (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند الاستفتاح) وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من هذا الطريق وقال الإمام أحمد محمد بن جابر لا شيء ولا يحدث عنه إلا
-[حجة من قال بعدم الرفع الا عند تكبيرة الاحرام وبيان ضعفها]-
(496)
عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم أفتتح الصلَّاة رفع يديه حتى تكون إبهاماه حذاء أُذنيه (1)
من هو شر منه اهـ أما حديث الباب فسنده جيد ولكن صحة السند لا تستلزم صحة المتن فالظاهر والله أعلم أن ابن مسعود قد نسيه كما نسي أموراً كثيرة قال الحافظ الزيلعى في نصب الراية نقلاً عن صاحب التنقيح ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب قد نسي ابن مسعود لذلك ما يستغرب قد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف المسلمون فيه بعد وهي المعوذتان ونسي ما اتفق العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود ونسي كيف كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم " وما خلق الذكر والأنثى " وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين اهـ 496 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسباط ثنا يزيد ابن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب " الحديث "(غريبه)(1) زاد أبو داود (ثم لا يعود) ولفظه " كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه على قريب من أذنيه ثم لا يعود " وقد استدل به القائلون بعدم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه ولا دلالة فيه بغير الزيادة وهي قوله " ثم لا يعود " وقد اتفق الحفاظ على أن قوله " ثم لا يعود " مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد وقد رواه بدون قوله " ثم لا يعود " شعبة والنوري وخالد الطحان وزهير وغيرهم من الحفاظ (وقال الحميدي) روى هذه الزيادة يزيد ويزيد يزيد اهـ (وقال البزار) قوله في الحديث ثم لا يعود لا يصح (وروى الدارقطني) هذا الحديث بدون هذه الزيادة عن زيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء " أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه قال وهذا هو الصواب وإنما لقن يزيد في آخر عمره " ثم لم يعد " فتلقنه وكان قد اختلط اهـ باختصار على أنه قد أنكر هذه الزيادة يزيد نفسه فقد روى الدارقطني من طريق على بن عاصم قال حدثنا محمد بن أبي ليلى عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة فكبر ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه ثم لم يعد قال على فلما قدمت الكوفة قيل لي إن يزيد حي فأتيته فحدثني بهذا الحديث وقال إلى الصلاة فكبر ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه
-[مذاهب العلماء في حكم رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام ها]-
....
فقلت له أخبرني ابن أبي ليلى إنك قلت ثم لم يعد قال لا أحفظ هذا فعاودته فقال ما أحفظه (تخريجه)(د. قط. والطحاوي) في شرح معاني الآثار والبيهقي وقال يزيد بن أبي زياد غير قوي وضعفه البخاري والإمام أحمد والإمام الشافعي وابن عيينة وابن الزبير والدارمي وغيرهم من الأئمة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه (قال النووي رحمه الله أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام واختلفوا فيما سواها (وقال الشافعي وأحمد) وجمهر العلماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم يستحب رفعهما أيضاً عند الركوع وعند الرفع منه وهو رواية عن مالك (وللشافعي) قول أنه يستحب رفعهما في موضع آخر رباع وهو إذا قام من التشهد الأول وهذا القول هو الصواب فقد صح فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله رواه البخاري وصح أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة (قلت)(ورواه الأمام أحمد أيضاً وتقدم في باب جامع صفة الصلاة فارجع إليه) قال وقال أبو بكر ابن المنذر وأبو علي الطبري من أصحابنا وبعض أهل الحديث يستحب أيضاً في السجود (وقال أبو حنيفة وأصحابه) وجماعة من أهل الكوفة لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام وهو أشهر الروايات عن مالك اهـ (قلت) قال بان عبد الحكم لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع في هذه المواضع إلا ابن القاسم والذي نأخذ به الرفع على حديث ابن عمر وهو الذي رواه ابن وهب وغيره ولم يحك الترمذي عن مالك غيره ونقل الخطابي وتبعه القرطبي في المفهم أنه آخر قول مالك اهـ واحتج القائلون بعدم الرفع إلا عند تكبيرة الإحرام بحديثي ابن مسعود والبراء بن عازب وقد علمت ما فيهما قال النووي رحمه الله وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع وحكى عن داود إيجابه عند تكبيرة الإحرام وبهذا قال الإمام أبو الحسن أحمد بن سيار السيارى من أصحابنا أصحاب الوجوه وقد حكيته عنه في شرح المهذب وفي تهذيب اللغات قال (وأما صفة الرفع) فالمشهور من مذهبنا ومذهب الجماهير أنه يرفع يديه حذو منكبيه بحيث تحاذى أطراف أصابعه فروع أذنيه أي أعلى أذنيه وابهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبيه فهذا معنى قولهم حذو منكبيه وبهذا جمع الشافعي رضي الله عنه بين روايات الأحاديث فاستحسن الناس ذلك منه (وأما وقت الرفع) فالأصح أنه يبتدى الرفع مع ابتداء التكبير ولا استحباب في الانتهاء فإن فرغ من التكبير قبل تمام الرفع أو بالعكس تمم الباقي وإن فرغ منهما حط يديه ولم يستدم الرفع ويستحب أن يكون كفاه إلى القبلة عند الرفع وأن يكشفهما وأن يفرق بين أصابعهما تفريقاً وسطاً ولو ترك الرفع حتى أتى ببعض التكبير رفعهما في الباقي فلو تركه حتى أتمه لم يرفعهما بعده ولا
-[اختلاف العلماء فى الحكمة فى رفع اليدين]-
(9)
باب ما جاء فى وضع اليمين على الشمال
(497)
ز عن علّى رضى الله عنهُ قال إن من السُّنة فى الصّلاة وضع الأكُف على الأكُف تحت السرَّة
(498)
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهُما قال مرَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم برجُل وهُو يُصلَّي وقد وضع اليُسرى على اليمنى فانتزعها ووضع اليُمني على اليُسرى
يقصر التكبير بحيث لا يفهم ولا يبالغ في مده بالتمطيط بل يأتي مبيناً وهل يمده أو يخففه؟ فيه وجهان أصحهما يخففه وإذا وضع يديه حطهما تحت صدره فوق سرته هذا مذهب الشافعي والأكثرين وقال (أبو حنيفة) وبعض أصحاب الشافعي تحت سرته وإلا صح أنه إذا أرسلهما أرسلهما إرسالاً خفيفاً إلى تحت صدره والله أعلم قال (واختلفت عبارات العلماء في الحكمة في رفع اليدين) فقال الشافعي رضي الله عنه فعلته إعظاماً لله تعالى وإتباعاً لرسول صلى الله عليه وسلم (وقال غيره) هو استكانة واستسلام وانقياد وكان الأمير إذا غلب مد يديه علامة للاستسلام (وقيل) هو إشارة إلى إستعظام ما دخل فيه (وقيل) إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على الصلاة ومناجاة ربه سبحانه وتعالى كما تضمن ذلك قوله الله أكبر فيطابق فعله قوله (وقيل) إشارة إلى دخوله في الصلاة وهذا الأخير مختص بالرفع لتكبير الإحرام (وقيل) غير ذلك وفي أكثرها نظر والله أعلم اهـ م 497 ز عن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن سليمان الأسدي لوين ثنا يحيى بن أبي جحيفة عن على " الحديث "(تخريجه)(د. هق) وفي إسناده عبد الرحمن إبن إسحاق قال البيهقي هو الواسطى القرشي جرحه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم ورواه أيضاً عن عبد الرحمن عن يسار عن أبي وائل عن ابي هريرة كذلك وعبد الرحمن بن اسحاق متروك اهـ 498 عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن الحسن الواسطى يعني المزني ثنا أبو يوسف الحجاج يعني ابن أبي زينب الصيقل عن أبي سفيان عن جابر الخ (تخريجه)(قط) وقال النووي في الخلاصة إسناده صحيح على
-[ثبوت وضع اليد اليمنى على اليسرى فى الصلاة]-
(499)
عن قبيصة بن هلب عن أبيه (1) رضى الله عنهُ قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يؤمُنا فيأخُذُ شمالهُ يمينه (2)، وكان ينصرف عن جانبيه جميعًا عن يمينه وعن شماله (3)(وعنه من طريق ثانٍ)(4) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينهُ على شماله فى الصلاة ورأيتُهُ ينصرفُ عن يمينهُ وعن شماله (وفي لفظٍ) ورأيتهُ ينصرف مرة عن يمينه ومرة عن شماله
(500)
عن أبى حازم عن سهل بن سعد رضى الله عنهُما قال كان النَّاس يؤمرون (5) أنَّ يضعوا اليمنى على اليسرى فى الصلاة قال أبو حازم
شرط مسلم كذا في التعليق المعنى على سنن الدارقطني 499 عن قبيصة بن هلب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان ابن أبي شيبة ثنا أبو الأحوس عن سماك عن قبيصة بن علب عن أبيه " الحديث "(غريبه)(1) اسمه هلب بضم أوله وسكون اللام ثم موحدة الطائي صحابي نزل الكوفة وقيل اسمه يزيد وهلب لقب قاله الحافظ في التقريب وقال التزمذي اسم هلب يزيد بن قنافة الطائي اهـ (2) وفي رواية عند الإمام أحمد أيضاً (ورأيته قال يضع هذه على صدره وصف يحيى اليمني على اليسرى فوق للفصل)(3) أي تارة عن يمينه وتارة عن شماله كما في الرواية الثانية والمراد بالانصراف تحوله من مكانه بعد السلام وسيأتي الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله تعالى (4)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن قصيبة بن الهلب عن أبيه قال رأيت الخ (تخريجه)(جه. قط. مذ) وقال حديث هلب حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة ورأى بعضهم أن بعضها فوق السرة ورأي بعضهم أن يضعها تحت السرة وكل ذلك واسع عندهم اهـ 500 عن أبي حازم عن سهل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الخ (غريبه)(5) قال
-[مذاهب الأئمة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى]-
ولا أعلم إلا ينمي (1) ذلك، قال أبو عبد الرَّحمن ينمي برفعُه إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم
(501)
عن غضيف بن الحارث قال ما نسيتُ من الأشياء (1) ما نسيتُ (وفى رواية لم أنس) أنَّى رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينهُ على شماله في الصَّلاة
الحافظ هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي لا خلاف في ذلك بين أهل النقل (1) هو بفتح أوله وسكون النون وكسر الميم (وقوله) قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد)(وقوله يرفعه) تفسير لقوله ينمى فسره بذلك عبد الله بن الإمام أحمد رحمها الله قال أهل اللغة نميت الحديث أي رفعته وأسندته (وفي رواية) يرفع مكان ينمى (تخريجه)(خ وغيره) قال النووي هذا حديث صحيح مرفوع 501 عن غضيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد ثنا معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن غضيف بن الحارث الخ (غريبه)(1) المعنى ما نسيت من الأشياء شيئاً رأيته أو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات (وفي الباب) عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (وفي الباب) غير ذلك تقدم في باب جامع صفة الصلاة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية وضع اليد اليمنى على ظهر اليسرى في الصلاة كما صرح بذلك في رواية عند الطبراني وإليه ذهب الجمهور (قال الشوكاني رحمه الله وروى ابن المنذر عن ابن الزبير والحسن البصري والنخعى أنه يرسلهما ولا يضع اليمنى على اليسرى ونقله النووي عن الليث بن سعد ونقله المهدي في البحر عن القاسمية والناصرية والباقر ونقله ابن القاسم عن مالك وخالفه ابن الحكم فنقل عن مالك الوضع والرواية الأولى عنه هي رواية جمهور أصحابه وهي المشهورة عندهم ونقل ابن سيد الناس عن الأوزاعي التخيير بين الوضع والإرسال احتج الجمهور على مشروعية الوضع بأحاديث الباب وأشار الشوكاني إلى عشرين حديثاً وردت في هذا الباب عن ثمانية عشر صحابياً وتابعيين وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف (واحتج القائلون بالإرسال) بأن الوضع مناف للخشوع وهو مأمور به في الصلاة وهذه المنافاة ممنوعة قال الحافظ قال
-[إختلاف العلماء فى مكان وضع اليد اليمنى على اليسرى]-
(10)
باب السكتات بعد تكبيرة الاحرام
وقبل القراءة بعد قوله ولا الضالين وبعد السورة قبل الركوع
(502)
حدثنا عبدُ الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا حمَّاد بنُ سلمة عن حُميد الطَّويل عن الحسن عن سمرة بن جُندُب رضى الله عنهُ قال أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان، سكتة حين يفتح الصلَاّة (1)، وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع (2)، فذكر ذلك لعمران بن حُصينٍ
العلماء الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع للعبث وأقرب للخشوع ومن اللطائف قول بعضهم القلب موضع النية والعادة أن من حرص على حفظ شيء جعل يديه عليه اهـ قال المهدي في البحر ولا معنى لقول أصحابنا ينافي الخشوع والسكون أفاده الشوكاني (قلت) واحتجوا أيضاً بحجج لا تنتهض مع حجج الجمهور (أما كيفية الوضع) فقد ذهب أبو حنيفة وسفيان النووي وإسحاق بن راهويه وأبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي إلى أنه يكون تحت السرة محتجبين بحديث على الذي ذكر أول الباب (وذهبت الشافعية) قال النووي وبه قال الجمهور إلى أن الوضع يكون تحت صدره فوق سرته وعن أحمد روايتان كالمذهبين ورواية ثالثة أنه يخير بينهما ولا ترجيح (وبالتخيير) قال الأوزاعي وابن المنذر قال ابن المنذر في بعض تصانيفه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء فهو مخير وعن مالك روايتان إحداهما يضعها تحت صدره (والثانية) يرسلهما ولا يضع إحداهما على الأخرى واحتجت الشافعية لما ذهبت إليه بما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وصححه من حديث وائل بن حجر قال (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره " (قال الشوكاني) وحديث وائل لا يد على ما ذهبوا إليه لأنهم قالوا إن الوضع يكون تحت الصدر كما تقدم والحديث مصرح بأن الوضع على الصدر قال وهو المناسب لتفسير على وابن عباس لقوله تعالى " فصل لربك وانحر " بأن النحر وضع اليمين على الشمال في محل النحر والصدر اهـ (قلت) ونسبة هذا التفسير إلى علي وابن عباس لا تصح كما قال ابن كثير والصحيح نحر البدن 502 حدثنا عبد الله غريبه (1) الغرض من هذه السكتة ليفرغ المأمومون من النية وتكبيرة الإحرام لأنه لو قرأ الإمام عقب التكبير لفات من كان مشتغلاً بالتكبير والنية بعض سماع القراءة وهذه ليست سكتة حقيقة بل المراد عدم الجهر بشيء من القراءة لأنه يكون مشتغلاً بالدعاء حينئذ كما تؤيده رواية أبي هريرة الآتية (2) رواية ابن
-[عدد سكتات المصلي في الصلاة]-
رضي الله عنه فقال كذب سُمرةُ (1)(وفى رواية فقال أنا ما أحفظُها عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم فكتب (2) فى ذلك إلى المدينة إلى أبي بن كعب فقال صدق سُمرةُ (ومن طريق ثانٍ) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هُشيم أنا منصُور ويونس عن الحسن عن سمرة بن جُندُب (رضى الله عنهُ) أنَّهُ كان إذا صلَّى بهم سكت سكتتين إذا فتتح الصَّلاة، وإذا قال ولا الضالَّين سكت أيضًا هُنية (3)، فانكروا ذلك عليه، فكتب إلى أبىِّ ابن كعب فكتب إليهم أبى إنَّ الأمر كما صنع سمُرةُ (ومن طريق ثالثٍ) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفَّانُ ثنا يزيد بن وُريع عن يونس قال وإذا فرغ من قراءة السورة (4)
ماجه " وسكتة عند الركوع " وهي أخف من الأولى لأنه بقدر فصل القراءة عن تكبير الركوع وتراد النفس (1) يريد أنه نسي أو اختلط عليه الأمر لا تعمد الكذب وإنما قال ذلك عمران لأنه لم يبلغه إلا سكتة واحدة ولذا قال (حفظنا سكتة واحدة) كما في رواية الترمذي (2) أي عمران ويحتمل أني كون سمرة هو الذي كتب وفي رواية عند أبي داود " فكتبنا في ذلك إلى أبي بن كعب " وهي تفيد أن الكتابة حصلت منهما وغرضهما بذلك الوصول إلى الحق والاستظهار بما سمعه أبي في ذلك فأقرأ بن سمرة ووافقة على ما حفظه فما أجمل هذا (3) أي زمناً يسيراً وتقدم تفسيره وظاهر هذه الرواية ينافي ما تقدم عن سمرة نفسه من أن السكتة الثانية تكون إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع ويمكن الجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يسكت في الصلاة ثلاث سكتات سكتة بعد تكبيرة الإحرام وسكتة بعد قراءة الفاتحة وسكتة بعد الفراغ من قراءة السورة وقبل الركوع وسمرة اخبر مرة ببعضهما ومرة ببعضها الآخر ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه قال حدثنا حفص عن عمرو عن الحسن قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات إذا افتتح التكبير حتى يقرأ الحمد وإذا فرغ من الحمد حتى يقرأ السورة وإذا فرغ من السورة حتى يركع (4) يعني أن يونس زاد في روايته عن الطريق الثانية سكتة ثالثة هي عند فراغه من قراءة السورة بعد الفاتحة (د. قط. جه. مذ) وقال حديث سمرة حديث حسن
-[ما يقول في السكتة الأولى]-
(503)
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبَّر فى الصَّلاة سكت بين التَّكبير والقراءة، فقلت بأبى أنت وأمِّى (1) أرأيت إسكاتك بين التَّكبير والقراءة أخبرنى ما هو؟ قال أقول اللَّهمَّ باعد (2) بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللَّهمَّ نقِّني (3) من خطاياى كالثَّوب الأبيض من الدَّنس، قال جرير كما ينقَّى الثَّوب، اللَّهمَّ اغسلنى من خطاياى بالثَّلج والماء والبرد (4)
503 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة وجرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة " الحديث " وفي آخره بعد قوله والبرد (قال عبد الله بن الإمام أحمد) قال أبي كلها عن أبي زرعة إلا هذا عن أبي صالح (غريبه)(1) هو متعلق بمحذوف أما اسم أو فعل والتقدير أنت مفدى أو أفديك (وقوله) أرأيت الظاهر أنه بفتح التاء بمعنى أخبرني (2) قال الحافظ المراد بالمباعدة نحو ما حصل منها يعني الخطايا والعصمة عما سيأتي منها اهـ (3) بتشديد القاف وهو مجاز عن زوال الذنوب ومحوها بالكلية (قال الحافظ) ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به " والدنس " الوسخ الذي يدنس الثوب (4) جمع بين الثلج والماء والبرد تأكيداً ومبالغة كما قال الخطابي لأن الثلج والبرد نوعان من الماء قال ابن دقيق العيد عبر بذلك عن غاية المحو فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء قال ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع به المحو (تخريجه)(ق. والأربعة إلا الترمذي)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية السكتات الثلاث السكتة الأولى بعد الإحرام لقراءة دعاء الافتتاح ويشترك في هذه السكتة الإمام والمأموم والفذ والتقييد بالإمام في بعض الروايات لا مفهوم له (والثانية) للإمام بعد الفراغ من الفاتحة وقبل السورة قالت الحنابلة والشافعية ليقرأ المأمون فيها الفاتحة قال النووي ويختار الذكر والدعاء والقراءة سراً لأن الصلاة ليس فيها سكوت في حق الإمام (والثالثة) إذا فرغ من القراءة كلها قبل الركوع وقد ذه إلى استحباب هذه السكتات الثلاث الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق وقال أصحاب الرأي ومالك السكتة مكروهة وهذه الثلاث السكتات قد دل عليها حديث سمرة باعتبار الروايتين المذكورتين وفي رواية في سنن أبي داود بلفظ إذا دخل في صلاته وإذا
-[كتاب الصلاة - الفتح الرباني]-
(11)
باب في دعاء الافتتاح والتعوذ قبل القراءة
(504)
عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من اللَّيل واستفتح صلاته وكبَّر قال سبحانك (1) اللَّهمَّ وبحمدك تبارك اسمك (2) وتعالى جدُّك (3) ولا إله غيرك، ثمَّ يقول لا إله إلَاّ الله ثلاثًا (4) ثمَّ يقول أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفخه (5) ثمَّ يقول الله أكبر ثلاثًا ثمَّ يقول أعوذ بالله السَّميع العليم من
فرغ من القراءة ثم بعد وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين " واستحب أصحاب الشافعي سكتة رابعة بين ولا الضالين وبين آمين قالوا ليعلم المأموم أن لفظة آمين ليست من القرآن 504 عن أبي سعيد الخدري حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الحسن بن أنس ثنا جعفر يعني ابن سليمان عن على بن علي الشكري عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري " الحديث " (غريبه) (1) قال ابن الملك سبحان اسم أقيم مقام المصدر وهو التسبيح منصوب بفعل مضمر تقديره أسبحك تسبيحاً أي انزهك تنزيهاً من كل السوء والنقائض وقيل تقديره أسبحك تسبيحاً متلبساً ومقترناً بحمد الله فالباء للملابسة والواو زائدة وقيل الواو بمعنى مع أي أسبحك مع التلبس بحمدك وحاصله نفي الصفات السلبية وإثبات النعوت الثبوتية (2) أي كثرت بركة أسمك إذ وجد كل خير من ذكر اسمك وقيل تعاظم ذاتك أو هو على حقيقته لأن التعاظم إذا ثبت لاسمائه تعالى فأولى لذاته ونظيره قوله تعالى (سبح اسم ربك الأعلى) (3) أي علا جلالك وعظمتك " والجد " الحظ والسعادة والغنى وقال الحافظ أي تعالى عناك عن أن ينقصه انفاق أو يحتاج إلى معين ونصير (4) رواية الترمذي (ثم يقول الله أكبر كبيرا) (5) زاد الترمذي ونفثه وبها انتهى الحديث عنده (وقوله أعوذ بالله) هذه الزيادة المكررة إلى قوله ونفثه ثابتة في المسند ولم أجدها مكررة عند غيره فلا أدري إذا كانت من أصل الحديث أم كررت خطأ من الناسخ وقد جاء معنى الهمز والنفخ والنفث مفسراً في حديث جبير بن مطعم الآتي بعد حديث أبي أمامة قال (قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أما همزه فالموتة " بضم الميم " التي تأخذ ابن آدم وفي رواية يعني الصرع وأما نفخه الكبر ونفثه الشعر) وأصل النفث قذف النفس مع شيء من الريق وهو شبيه بالنفخ وأقل من التفل وكان الشعر من نفث الشيطان لأنه
-[دعاء الافتتاح]-
الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفخه ونفثه
(505)
عن أبى أمامة الباهلىِّ رضى الله عنه قال كان نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصَّلاة (وفى رواية إذا دخل فى الصَّلاة من اللَّيل) كبَّر ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال لا إله إلَاّ الله ثلاث مرَّاتٍ، وسبحان الله وبحمده ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفخه ونفثه
(506)
عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يقول فى التَّطوع الله أكبر (1) كبيرًا ثلاث مرارٍ، والحمد لله كثيرًا
كالشيء ينفثه الإنسان من فيه وذلك لأن الشيطان يحس الشعراء على المدح والذم والتعظيم والتحقير في غير موضعها (وفر النفخ بالكبر) وكان الكبر من نفخ الشيطان لأنه ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره (وفسر الهمز بالموتة) وهي نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله واصل الهمز النخس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم وسمي به الجنون لأنه سببه فهو إطلاق اسم المسبب على السبب (تخريجه)(مذ. هق) قال الترمذي وفي الباب عن على وعبد الله بن مسعود وعائشة وجابر وجبير بن مطعم وابن عمر قال وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث وأما أكثر أهل العلم فقالوا إنما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) وهكذا روى عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي وقال أحمد لا يصح هذا الحديث اهـ 505 عن ابن أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف ثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن رجل حدثه أنه سمع أبا أمامة الباهلي الخ (تخريجه) لم أقف عليه وفي سنده رجل لم يسم 506 عن نافع بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يحيى بن سعيد عن مسعر قال حدثني عمرو بن مرة عن رجل عن نافع بن جبير بن مطعم الخ (غريبه)(1) أي أعظم من أن تدرك حقيقته أو تعرف عظمته (وقوله) كبيراً
-[التعوذ قبل القراءة]-
ثلاث مرارٍ وسبحان الله بكرةً وأصيلًا (1) ثلاث مرارٍ اللَّهمَّ إنى أعوذ بك من الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفثه ونفخه، قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أمَّا همزه فالموتة الَّتى تأخذ بن آدم (وفى روايةٍ قال فذكر كهيئة الموتة يعنى يصرع) وأمَّا نفخه الكبر ونفثه الشَّمر
(507)
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال بينا نحن نصلِّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجلٌ في القوم الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من القائل كذا وكذا؟ فقال رجلٌ من القوم أنا يا رسول الله، قال عجبت لها، فتحت لها أبواب السَّماء، قال ابن عمر فما تركتهنَّ منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك
(508)
عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضى الله عنهما) أنَّ رجلًا قال ذات يومٍ ودخل الصَّلاة الحمد لله ملء السموات وسبَّح ودعا،
منصوب بفعل محذوف أي أكبر كبيراً أو على أنه صفة لمحذوف أي تكبيراً كبيراً أو حال مؤكدة للجملة التكرير للتأكيد (1) أي أول النهار وآخره وخص هذين الوقتين بالذكر لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما أو لتنزيه الله عز وجل عن التغير في أوقات تغير المخلوقات وقال الطيبي الأظهر أن يراد بهما الدوام كما في قوله تعالى (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً)(تخريجه)(م. د. جه. حب) والحديث عند الإمام أحمد في إسناده رجل لم يسم وقد سماه أبو داود فقال عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه وقد ورد من طرق متعددة يقوى بعضها بعضاً ولذا سكت عنه أبو داود والمنذري ورواه ابن حبان في صحيحه 507 عن أبي عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا الحجاج بن إبن عثمان عن أبي الزبير عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن عمر (الحديث)(تخريجه)(م. طب) 508 عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
-[فضل التهليل والتكبير والتسبيح]-
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائلهنَّ؟ فقال الرَّجل أنا، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لقد رأيت الملائكة تلقَّي به بعضهم بعضًا (1)
(509)
عن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه قال جاء رجل ونحن في الصَّفِّ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله أكبر كبيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، قال فرفع المسلمون رؤسهم واستنكروا الرَّجل وقالوا من الَّذى يرفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فامَّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من هذا العالى الصَّوت؟ فقيل هو ذا يا رسول الله، فقال والله لقد رأيت كلامك يصعد في السَّماء حتَّى فتح بابٌ فدخل فيه
(510)
عن عبد الجبَّار بن وائل عن أبيه (وائل بن حجرٍ رضى الله عنه) قال صلَّيت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال رجلٌ الحمد لله كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، فلمَّا صلَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من القائل؟ قال الرَّجل أنا
الخ (غريبه)(1) أي يستبقون برفعها إلى محل العرض والقبول لعظم قدرها وكثرة ثوابها فيلاقي بعضهم بعضاً أثناء المسابقة ويؤيد ذلك ما في رواية أنس عند مسلم وأبي داود (فقال لقد رأيت اثنى عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة اختلط ولكنه من رواية حماد بن سلمة عن عطاء وحماد سمع منه قبل الاختلاط قاله أبو داود اهـ 509 عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن عبد الملك ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط ثنا إياد عن عبد الله بن سيعد عن عبد الله بن أبي أوفى " الحديث " وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) حدثناه جعفر ابن حميد الكوفي ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن إياد عن عبد الله بن سعيد عن عبد الله ابن أبى أوفى مثله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال ثقات 510 عن عبد الجبار بن وائل (سند هـ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه " الحديث "
-[دعاء التوجه]-
يا رسول الله وما أردت إلَاّ الخير، فقال لقد فتحت لها أبواب السَّماء فلم ينهِّها (1) دون الَّعرش
(511)
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبَّر استفتح (2) ثمَّ قال (وفى روايةٍ كان إذا استفتح الصَّلاة يكبِّر (3) ثمَّ يقول) وجَّهت وجهى (4) للَّذى فطر السَّموات والأرض
(غريبه)(1) أي ما منعها وكفها عن الوصول إلى العرش شيء (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد 511 عن علي بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون ثنا عبد الله بن الفضل والماجشون عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طال ب رضي الله عنه " الحديث "(تنبيه) ما ذكر في هذا الحديث بين قوسين هو ما زاد من رواية أخرى سندها هكذا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا عبد العزيز يعني أبي عبد الله بن أبي سلمة عن عمه الماجشون بن ابي سلمة عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة يكبر ثم يقول وجهت وجهي فذكر الحديث وفي آخره قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد رحمها الله) قال بلغنا عن ابن اسحق بن راهويه عن النضر بن شميل أنه قال في هذا الحديث والشر ليس إليك قال لا يتقرب بالشر إليك (غريبه)(2) أي استفتحها بالدعاء بعد التكبير (3) يعني إذا ابتدأ الصلاة يكبر ثم يقول (وجهت وجهي الخ) وبه يقول جمهور العلماء وخالف في ذلك الهادي والقاسم وأبو العباس ذلك ممنوع لورود التقييد في حديث أبي هريرة المتقدم (بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه سلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل القراءة فقلت يا رسول الله يأبي أنت أمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول الله باعد بيني وبين خطاياي الخ) رواه الشيخان والإمام أحمد وغيرهم وقد ورد التقييد في غير حديث وحمل المطلق على المقيد واجب كما هو الحق في الأصول (4) قيل معناه قصدت بعبادتي وقيل أقبلت بوجهي وجمع المسوات وأفراد الأرض مع كونها سبعاً لشرفها وقال القاضي أبو الطيب لأنا لا ننتفع من الأرضي إلا بالطبقة الأولى بخلاف السماء فإن الشمس والقمر والكواكب موزعة عليها
-[بقية دعاء التوجه]-
حنيفًا (1) مسلمًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتى ونسكى (2) ومحياى ومماتى لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، قال أبو النَّضر وأنا أوَّل المسلمين (3) الَّلهمَّ لا إله إلَاّ أنت (وفى روايةٍ اللَّهمَّ أنت الملك لا إله إلَاّ أنت) ربِّي وأنا عبدك ظلمت نفسى (4) واعترفت بذنبي فاغفرلى ذنوبى جميعًا لا يغفر الذُّنوب إلَاّ أنت واهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلَاّ أنت واصرف عنِّي سيِّئها لا يصرف عنِّى سيِّئها إلَاّ أنت تباركت (5)(وفي رواية لبَّيك (6) وسعديك والخير كلُّه فى يديك (7) والشَّرُّ ليس
وقوله " فطر " أي خلق (1) الحنيف المائل إلى الدين الحق وهو الإسلام قاله الأكثر ويطلق على المائل والمستقيم وهو عند العرب اسم لمن كان على ملة إبراهيم وانتصابه على الحال (2) النسك العبادة لله وهو من ذكر العام بعد الخاص (ومحياي ومماتي) أي حياتي وموتي والجمهور على فتح الياء الآخرة في محياي وقرئ بإسكانها (3) عند مسلم وأبي داود وأنا أول المسلمين كالرواية الأولى واختارها الشافعية ويقولها الرجل والمرأة سواء وفي المستدرك للحاكم من رواية عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة " قومي فاشهدي اضحيتك وقولي أن صلاتي ونسكي محياي ومماتي إلى قوله وأنا من المسلمين " فدل على ما ذكرناه (4) هو اعتراف بما يوجب نقص حظ النفس من ملابسة المعاصي تأدباً وأراد بالنفس هنا الذات المشتملة على الروح (5) قال ابن الأنباري تبارك العباد بتوحيدك وقيل ثبت الخير عندك وقال النووي استحققت الثناء (6) هو من الب بالمكان إذا أقام به وثنى هذا المصدر مضافاً إلى الكاف وأصل لبيك لبين فحذف النون للإضافة وقال النووي قال العلماء ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة (وقوله) وسعديك قال الأزهري وغيره معناه مساعدة لأمرك بعد مساعدة ومتابعة لدينك بعد متابعة (7) زاد الشافعي عن مسلم بن خالد عن موسى بن عقبة (والمهدي من هديت) قال الخطابي وغيره فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على الأدب ولفظ اليدين في الحديث من المتشابه وللسلف والخلف فيه مذهبان مشهوران فالسلف يقولون فيه وفي أمثاله نؤمن بكل ما ورد من ذلك ولا يعلم المراد منه إلا الله
-[بقاء دعاء التوجه]-
إليك (1) إنَّا بك وإليك (2) تباركت) وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك، وكان إذا رفع قال اللَّهمَّ لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع (3) لك سمعى وبصرى ومخِّى وعظامى وعصبي، وإذا رفع رأسه من الرَّكعة قال سمع الله لمن حمده ربَّنا ولك الحمد ملء (4) السَّموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شئ بعد، وإذا سجد قال اللَّهمَّ لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهى للَّذي خلقه فصوَّره فشقَّ سمعه
والخلف يؤولونه وأمثاله فيقولون المراد باليدين القدرة أو القوة ومذهب السلف أسلم وهو مذهبي وعقيدتي (1) قال الخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري وغيرهم معناه لا يتقرب به إليك روى ذلك النووي عنهم (وهذا القول الأول) والقول الثاني حكاه الشيخ أبو أحمد عن المزني أن معناه لا يضاف إليك على انفراد لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويارب الشر ونحو هذا وإن كان خالق كل شيء ورب كل شيء وحينئذ يدخل الشر في العموم (والثالث) معناه والشر لا يصعد إليك وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح (والرابع) معناه والشر ليس شراً بالنسبة إليك فإنك خلقته بحكمة بالغة وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين (والخامس) حكاه الخطابي أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده منهم حكى هذه الأقوال النووي في شرح مسلم وقال إنه يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها اهـ وفي المقام كلام طويل ليس هذا موضعه (2) أي التجائي وانتمائي إليك وتوفيقي بك قاله النووي (3) أي خضع وأقبل عليك من قولهم خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت (وقوله) ومخي قال ابن رسلان المراد به هنا الدماغ وأصله الودك الذي في العظم " أي الدهن " وخالص كل شيء مخه (وقوله وعصبى) العصب طنب المفاصل وهو ألطف من العظم (زاد الشافعي) في مسنده من رواية أبي هريرة " وشعري وبشرى " والجمهور على تضعيف هذه الزيادة (وزاد النسائي) من رواية جابر " ودمي ولحمي " بكسر الميم ونصب الهمزة ورفعها والنصب أشهر قاله النووي ورجحه ابن خالويه واطنب في الاستدلال وجوز الرفع على أنه مرجوح وحكى عن الزجاج أنه يتعين الرفع ولا يجوز غيره وبالغ في إنكار النصب والذي تقتضيه القواعد النحوية هو ما قاله ابن خالويه
-[مذاهب العلماء فى حكم دعاء الافتتاح]-
وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين (1)، فإذا سلَّم من الصَّلاة قال اللَّهمَّ اغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت (2) وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت (3) وما أنت أعلم به منِّى (4) أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر (5) لا إله إلَاّ أنت
(قال النووي) قال العلماء معناه حمداً لو كان أجساماً لملا السموات والأرض وما بينهما لعظمه وهكذا قال القاضي عياض وصرح أنه من قبيل الاستعارة (وقوله وملء ما شئت من شيء بعد) وذلك كالكرسي والعرش وغيرهما مما لم يعلمه إلا الله والمراد الاعتناء في تكثير الحمد (1) أي المصورين والمقدرين والخلق في اللغة الفعل الذي يوجده فاعله مقدراً له لا عن سهو وغفلة والعبد قد يوجد منه ذلك قال الكعبي لكن لا يطلق الخالق على العبد إلا مقيداً كالرب (2) المراد بقوله ما أخرت إنما هو بالنسبة إلى ما وقع من ذنوبه المتأخرة لأن الاستغفار قبل الذنب محال كذا قال أبو الوليد النيسابوري قال الأسنوي ولقائل أن يقول المحال إنما هو طلب مغفرته قبل وقوعه وإما الطلب قبل الوقوع أن يغفر إذا وقع فلا استحالة فيه (3) المراد به الكبائر لأن الإسراف الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد فيه (4) أي من ذنوبي وإسرافي في أموري وغير ذلك (5) قال البيهقي قدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين وأخر من شاء عن مراتبهم وقيل قدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده وأخر من أبعده عن غيره فلا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم (6) أي ليس لنا معبود نتذلل له ونتضرع إليه في غفران ذنوبنا إلا أنت ربنا إغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت إقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (تخريجه)(م. فع. د. مذ. قط) وصححه الترمذي ورواه ابن ماجه مختصراً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الافتتاح بالأدعية المذكورة فيه (قال النووي رحمه الله تعالى) أما الاستفتاح فقال باستحبابه جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ولا يعرف من خالف فيه إلا مالكاً رحمه الله فقال لا يأتي بدعاء الاستفتاح ولا بشيء بين القراءة والتكبير أصلاً بل يقول الله أكبر الحمد لله رب العالمين " قال النووي " وأما ما يستفتح به فإنه يستفتح بوجهت وجهي الخ وبه قال علي بن أبي طالب (وقاله عمر) بن الخطاب وابن مسعود والأوزاعي والنوري وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وداود يستفتح بسبحانك اللهم الخ ولا يأتي بوجهت وجهي (وقال أبو يوسف) يجمع بينه وهو قال أبي إسحاق المروزى والقاضي أبي حامد من أصحابنا قال ابن المنذر أي ذلك قال أجزأه وأنا
-[روايات أنس بن مالك رضى الله عنه فى البسملة]-
(12)
باب ما جاء فى البسملة عند قراءة الفاتحة
(512)
عن سعيد بن يزيد أبى مسلمة قال سألت؟؟؟ أكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم أو الحمد لله ربِّ العالمين؟، فقال إنَّك لتسألني عن شيءٍ ما أحفظه (1) أو ما سألني أحد قبلك
إلى الحديث وجهت وجهي أميل دليلنا أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح بسبحانك اللهم شيء وثبت وجهت وجهي فتعين اعتقاده والعمل به والله أعمل اهـ ج (قلت) وفي أحاديث الباب رد لما ذهبت إليه المالكية من عدم استحباب الافتتاح بشيء وفي تقييده بكونه يكون بعد التكبير كما هو صرح في أحاديث الباب رد لما ذهب إليه من قال أن الافتتاح قبل التكبير (وفيها أيضاً) مشروعية التعوذ من الشيطان من غمزه ونفخه ونفثه وإلى ذلك ذهب أحمد وأبو حنيفة والثوري وابن راهويه وغيرهم وقد ذهب الهادي والقاسم من أهل البيت إلى أن محله قبل التوجه ومذهبهما أن التوجه قبل التكبير وقد عرفت التصريح بأنه بعد التكبير (قال النووي رحمه الله تعالى) التعوذ مشروع في أول ركعة فيقول بعد دعاء الاستفتاح أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا هو المشهور الذين نص عليه الشافعي وقطع به الجمهور (قال الشافعي رحمه الله تعالى) في الأم وأصحابنا يحصل التعوذ بكل ما اشتمل على الاستعاذة بالله من الشيطان لكن أفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال صاحب الحاوي وبعده في الفضيلة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وبعد هذا أعوذ بالله العلي من الشيطان القوي اهـ ج (فائدة) قال الشوكاني رحمه الله الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى وقد ذهب الحسن وعطاء وإبراهيم إلى استحبابه في كل ركعة واستدلوا بعموم قوله تعالى (وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) ولا شك أن الآية تدل على مشروعية الاستعاذة قبل قراءة القرآن وهي أعم من أن يكون القارئ خارج الصلاة أو داخلها وأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة تدل على المنع منه إلى الصلاة من غير فرق بين الاستعاذة وغيرهما مما لم يرد به دليل يخصه ولا رفع الأذن بجنسه فالأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط اهـ 512 عن سعيد بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا غسان ابن مضر ثنا سعيد يعني ابن يزيد أبو مسلمة " الحديث "(1) أي نسيته
-[ما رواه أنس بن مالك فى البسملة]-
(513)
عن قتادة عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، قال قتادة سألت أنس بن مالك بأىِّ شئٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة؟ فقال إنَّك لتسألنى عن شيءٍ ما سألنى عنه أحد
(514)
وعن أنسٍ رضى الله عنه فى روايةٍ أخري قال صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبى بكرٍ وعمر وعثمان رضى الله عنهم وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم
(515)
وعنه أيضًا قال صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكرٍ وعمر وعثمان رضى الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله
وعروض النسيان في مثل هذا غير مستنكر فقد حكى الحازمي عن نفسه أنه حضر جامعاً وحضره جماعة من أ÷ل التمييز المواظبين في ذلك الجامع فسألهم عن حال أمامهم في الجهر والأخفات قال وكان صيتاً يملأ صوته الجامع فاختلفوا في ذلك فقال بعضهم يجهر وقال بعضهم يخفت اهـ (قلت) رما كان ذلك في آخر أيام أنس عندما ضعفت ذاكرته في الكبر فقد عاش إلى سنة اثنتين وتسعين وقيل ثلاثة وتسعين وقد جاوز المائة رضي الله عنه (تخريجه)(قط) وقال هذا إسناد صحيح وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون 513 عن قتادة عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك (الحديث)(تخريجه)(م. هق) وليس فيه قال قتادة الخ الحديث 514 وعن أنس الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن قتادة عن أنس "الحديث "(تخريجه)(نس. حب. قط. طب والطحاوي) بإسناد على شرط الصحيح 515 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي قال كتب إلى قتادة حدثني أنس بن مالك قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ
-[بقية روايات أنس فى البسملة]-
ربِّ العالمين (1) لا يذكرون بسم الله الرَّحمن الرَّحيم في أوَّل القراءة ولا فى آخرها
(516)
قط عن شعبة عن قتادة عن أنس رضى الله عنه قال صليَّت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبى بكرٍ وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم يكونوا يستفتحون ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم، قال شعبة قلت لقتادة أسمعته من أنسٍ؟ قال نعم نحن سألناه عنه
(517)
عن ابن عبد الله (1) بن مغفَّل قال سمعني أبى وأنا أقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربِّ العالمين، فلمَّا انصرف قال يا بنَّي إيَّاك والحدث فى الإسلام (2) فإنِّي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكرٍ
(غريبه)(1)" قوله فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين " قال الشوكاني هذا متفق عليه " يعني اتفق البخاري ومسلم على هذا اللفظ " قال وإنما انفرد مسلم بزيادة لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم وقد أعل هذا اللفظ بالاضطراب لأن جماعة من أصحاب شعبة رووه عنه بهذا وجماعة رووه عنه بلفظ " فلم أسمع أحداً منهم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم " وأجاب الحافظ عن ذلك بأنه قد رواه جماعة من أصحاب قتادة عنه باللفظين اهـ وأخرجه مسلم أيضاً من طريق الأوزاعي عن قتادة بلفظ " لم يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم "(تخريجه)(م. هق) والبخاري إلى قوله رب العالمين 516 قط عن شعبة (سنده) حدثنا أبو عبد الله السلمي ثنا أبو داود عن شعبة ولم أقف عليه بهذا اللفظ ويؤيده الحديث الذي قبله والله أعلم 517 عن ابن عبد الله بن مغفل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان وهيب عن أبي مسعود الجريري سعيد بن إياس عن قيس بن عباية حدثني ابن عبد الله بن مغفل قال سمعني أبي الخ (غريبه)(1) اسمه يزيد بن عبد الله بن مغفل (2) يحذره من الحدث في الإسلام وهو فعل شيء في الدين لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا باعتبار علمه لأنه لم يبلغه ذكر البسملة في الصلاة ولم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من
-[حجة من لم ير ذكر البسملة قبل الفاتحة فى الصلاة]-
وخلف عمر وعثمان رضى الله عنهم (1) فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم (وفى روايةٍ فلا تقلها، إذا أنت قرأت فقل الحمد لله ربِّ العالمين) قال ولم أر رجلًا. قطُّ أبغض إليه الحدث منه
(518)
عن عائشة رضى الله عنها أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان يستفتح القراءة بالحمد لله ربِّ العالمين
(519)
عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّها سئلت عن قراءة رسول الله
الخلفاء بعده ولكن غيره سمع وعلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (1) لم يذكر عليا رضي الله عنه لأنه عاش في خلافته بالكوفة وما أقام بالمدينة إلا يسيرا فلعل عبد الله بن مغفل لم يدركه ولم يضبط صلاته (تخريجه)(هق. والأربعة إلا أبا داود) وحسنه الترمذي وضعفه الخطيب وغيره وسبب تضعيفهم هذا الحديث جهالة ابن عبد الله بن مغفل والمجهول لا تقوم به حجة (قال أبو الفتح اليعمري) والحديث عندي ليس معللاً بغير الجهالة في ابن عبد الله بن مغفل وهي جهالة حالية لا عينية للعلم بوجوده فقد كان لعبد الله بن مغفل سبعة أولاد سمي هذا منهم يزيد وما رمى بأكثر من أنه لم يزو عنه إلا أبو نعامة فحكمه حكم المستور قال وليس في رواة هذا الخبر من يتهم بكذب فهو جار على رسم الحسن عنده وأما تعليله بجهالة المذكور ما أراه يخرجه عن رسم الحسن عند الترمذي ولا غيره وأما قول من قال غير صحيح فكل حسن كذلك اهـ 518 عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر ثنا أبان عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة الخ (تخريجه)(جه) وسنده جيد 519 عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد الأموي قال ثنا ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن أم سلمة الحديث (تخريجه)(د. ك) وابن خزيمة والدارقطني بسنده ولفظه وقال إسناده صحيح وكلهم ثقات (الأحكام) أحاديث الباب بعضها يدل على قراءة البسملة جهراً في أول الفاتحة في الصلاة وبعضها يدل على قراءتها سراً وبعضها يدل على عدم قراءتها مطلقاً وقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب (أحدها) أن قراءتها واجبة وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أ؛ مد وطائفة من المحدثين بناء على أنها من الفاتحة قالوا وحكمها حكم الفاتحة في السر والجهر واستدلوا على ذلك بحديث أم سلمة المذكور في الباب (صححه الدارقطني)
-[صفة قراءة النبى صلى الله عليه وسلم ومذاهب الأئمة فى حكم البسملة]-
صلى الله عليه وسلم فقالت كان يقطع قراءته آيةً آيةً، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، الرَّحمن الرَّحيم، مالك يوم الدِّين،
وبعده أحاديث أخرى أكثرها ضعيف وأجودها حديث نعيم المجمر قال (صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين وقال الناس آمين الحديث وفي آخره قال والذي نفسي بيده أني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث وهو أصح حديث ورد في ذلك يعني في الجهر بالبسملة قال وقد تعقب الاستدلال بهذا الحديث باحتمال أن يكون أبو هريرة أراد بقوله أشبهكم أي في معظم الصلاة لا في جميع أجزائها وقد رواه جماعة غير نعيم عن أبي هريرة بدون ذكر البسملة " والجواب " أن نعيماً ثقة فتقبل زيادته والخبر ظاهر في جميع الأجزاء فيحمل على عمومه حتى ينبت دليل يخصصه اهـ (والثاني) أن قراءتها جائزة بل مستحبة ولا يسن الجهر بها وهو كما قال الترمذي مذهب أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وبه يقول سفيان النوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قالوا ويقولها في نفسه (قلت) وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي أيضاً وهو مذهب أبي حنيفة وجمهور أهل الحديث والرأي وفقهاء الأمصار وقالوا هي آية مستقلة من القرآن انزلت للتيمن والفصل بين السور وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها واحتج هؤلاء بما رواه أنس في أحاديث الباب قال " صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " وإسناده على شرط الصحيح وبما رواه أبو بكر الرازي عن عبد اللهب ن مسعود قال (ما جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة مكتوبة ببسم الله الرحمن الرحيم ولا أبو بكر ولا عمر) وبغير ذلك من الأحاديث التي يطول ذكرها (والثالث) أنها مكروهة سراً وجهراً في الفرض دون النافلة وهو المشهور عن مالك وأصحابه وهي عندكم ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها إلا في سورة النمل فإنها بعض آية منها قالوا لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولم ويوجد واستدلوا على عدم قراءتها بحديث أنس المذكور في الباب " صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها " ورواه أيضاً مسلم في صحيحه وبحديث عبد الله بن المغفل المذكور في الباب أيضاً (فإن قيل) أن أدلة المالكية تعارض أدلة من أثبت البسملة (قلت) لا تعارض لأن رواية أنس
-[بقية مذاهب الائمة فى حكم البسملة]-
(13)
باب تفسير سورة الفاتحة وحجة من قال ان البسملة ليست آية منها
(520)
عن العلاء بن عبد الرَّحمن بن يعقوب أنَّ أبا السَّائب مولى
التي استدل بها المالكية وفيها " لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها " محمولة على أنهم لا يذكرونها جهراً في أول الفاتحة ولا في أول السورة بعدها وليس المراد نفي ذكرها مطلقاً لما في بعض روايات الحديث من أنهم كانوا يسرون بها وحديث عبد الله بن المغفل ليس بحجة على عدم قراءتها لأنه أخبر بما علم وغيره من الصحابة أثبت قراءتها والمثبت مقدم على النافي بل قال العلماء أن حديث عبد الله بن المغفل يدل على عدم الجهر بها فقط لا على نفيها ولهذا ترجم له الترمذي فقال (باب ماجاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) ولم يورد في الباب غيره وهو من حجج القائلين بعدم الجهر (وأما قول المالكية) أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولم يوجد في البسملة " فغير مسلم " لأن بعض القراء السبعة أثبت البسملة والقراآت السبع متواترة فيلزم تواترها وأيضاً فإن أثباتها في المصحف في معنى التواتر وقد صرح عضد الدين بأن الرسم دليل علمي (أي قطعي) على أن التواتر يشترط فيما يثبت قرآنا على سبيل القطع بخلاف ما ثبت قرآنا على سبيل الحكم والذي يظهر لي أن أدلة القائلين بعدم البسملة مطلقاً غير قوية (بقيت أدلة القائلين بالجهر بها والقائلين بعدمه) والجمع سهل وهو أن النبي صلى اله عليه وسلم كان يجهر بها أحياناً ويسر بها أخرى قال بان القيم رحمه الله تعالى في الهدى كان صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم تارة ويخفيها أكثر مما يجهر بها ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل ليلة خمس مرات أبدا حضراً وسفراً ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه وأهل بلده في الإعصار الفاضلة اهـ (قال الشوكاني) وقد جمع القرطبي بما حاصله أن المشركين كانوا يحضرون المسجد فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أنه يذكر رحمن اليمامة يعنون مسيلمة فأمران يخافت ببسم الله الرحمن الرحيم ونزلت " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال الحكيم الترمذي فبقى ذلك إلى يومنا هذا على ذكر الرسم وإن زالت العلة وقد روى هذا الحديث الطبراني في الكبير والأوسط وعن سعيد بن جبير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وكان المشركون يهزؤن بمكاء وتصدية ويقولون محمد يذكر إله اليمامة وكان مسيلمة الكذاب يسمى رحمن فأنزل الله " ولا تجهر بصلاتك " فتسمع المشركين فيهزؤا بك " ولا تخافت عن أصحابك فلا تسمعهم " رواه ابن جبير عن ابن عباس ذكره النيسابوري في التفسير وهذا جمع حسن أن صح أن هذا كان السبب في ترك الجهر وقد قال في مجمع الزوائد أن رجاله موثقون اهـ 520 عن العلاء بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
-[تفسير سورة الفاتحة عدم صحة الصلاة بغيرها]-
هشام بن زهرة أخبره أنَّه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلَّى صلاةً لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن (1)(وفى روايةٍ بفاتحة الكتاب) فهى خداجٌ (2) هى خداجٌ غير تمامٍ، قال أبو السَّائب لأبى هريرة إنِّى أكون أحيانًا وراء الإمام، قال أبو السَّائب فغمز (3) أبو هريرة ذراعى فقال يا فارسى اقرأها فى نفسك، إنِّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل قسمت الصَّلاة (4) بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى (5) ونصفها لعبدى (6) ما سأل، (7) قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا يقول فيقول العبد (8) الحمد لله ربِّ العالمين، فيقول الله حمدني (9) عبدي،
عبد الرزاق قال ابن جريج قال أخبرني العلاء بن عبد الرحمن الخ (غريبه)(1) أم القرآن اسم الفاتحة وسميت أم القرآن لأنها فاتحته كماس ميت أم القرى لأنها أصلها (2) الخداج النقصان يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه وإن كان تام الخلق وأخدجته إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل وإنما قال فهي خداج والخداج مصدر على حذف المضاف أي ذات خداج أو يكون قد وصفها بالمصدر نفسه مبالغة كقوله " فإنما هي إقبال وإدبار "(نه)(3) غمزه تنبيهاً له وحثاً على جمع ذهنه وفهمه لجوابه (وقوله) اقرأها في نفسك يعني اقرأ الفاتحة سراً في نفسك وفيه حجة لمذهب الشافعي من أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام مطلقاً سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية (4) قال النووي قال العلماء المراد بالصلاة الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار (5) يعني خاصة وهو الثلاث آيات الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين (6) وهو من اهدنا الصراط المستقيم إلى آخرها (وإياك نعبد وإياك نستعين) بينه وبين عبده (7) أي لعبدي سؤاله ومني الإعطاء (8) هكذا بالأصل " اقرءوا يقول فيقول العبد " وفي رواية عند الإمام أحمد أيضاً " اقرءوا يقوم العبد فيقول " في رواية الموطأ " وأبي داود " اقرءوا يقول العبد " ورواية مسلم " ولعبد ما سأل فإذا قال العبد " ومعنى قوله اقرؤا أي الفاتحة (9) الحمد الثناء بجميل الفعال (والتمجيد) الثناء بصفات الجلال (والثناء)
-[بقية تفسير سورة الفاتحة]-
ويقول العبد الرَّحمن الرَّحيم، (1) فيقول الله أثنى علىَّ عبدي، فيقول العبد مالك يوم الدِّين، (2) فيقول الله مجَّدنى عبدى، وقال هذه (3) بينى وبين عبدى، يقول العبد إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين قال أجدها، (4) لعبدى ولعبدى ما سأل، (5) قال يقول عبدى اهدنا الصِّراط المستقيم (6) صراط الَّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين يقول الله عز وجل هذا (7) لعبدى ولعبدى ما سأل (وعنه من طريقٍ ثانٍ (8) بنحوه)
مشتمل على الأمرين (1) أي المحسن بجميع النعم الموصوف بكمال الأنعام (2) أي الجزاء بالثواب للطائعين والعقاب للعاصين وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأن الله هو المالك المتصرف فيه ولا دعوى لأحد ذلك اليوم حقيقة ولا مجازاً وأما في الدنيا فلبعض العباد ملك مجازى ويدعى ببعضهم دعوى باطلة وكل هذا ينقطع في ذلك اليوم (3) رواية أبي داود وهذه الآية بنين وبني عبدي يعني قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فمعنى إياك نعبد أي فخصك بالعبادة من توحيد وغيره وقدم المعمول إفادة للاختصاص والحصر " وإياك نستعين " أي نطلب المعونة على العبادة ومعنى كون هذه الآية بين العبد وبين ربه أن بعضها تعظيم لله تعالى وبعضها استعانة العبد على أمر دينه ودنياه فالذي لله منها إياك نعبد والذي للعبد وإياك نستعين (4) الضمير يرجع إلى قوله " وإياك نستعين "(5) قال القرطبي إنما قال الله تعالى هذا لأن في ذلك تذلل العبد لله وطلبه الاستعانة منه وذلك يتضمن تعظيم الله وقدرته على ما طلب منه (6) أي أرشدنا إلى المنهاج الواضح الذي لا اعوجاج فيه وأصل الصراط الطريق الحسي ثم أريد به هنا دين الإسلام ويبدل منه " صراط الذين أنعمت عليهم " أي بالهداية وهم جميع المؤمنين وقيل هم المذكورون في قوله عز وجل " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " والأنعام الإحسان ويبدل من الذين بصلته " غير المغضوب عليهم " وهم اليهود " ولا " بمعنى غير " الضالين " وهم النصارى ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا بيهود ولا نصارى (7) رواية أبي داود (فهؤلاء لعبدي) أي هؤلاء الآيات مختصة به لأنها دعاؤه بالتوفيق إلى صراط من أنعم عليهم والعصمة من صراط المغضوب عليهم ولا الضالين المخالفين وقد وعد الله العبد بأن له ما سأله ولا يخلف الله وعده (8)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان أخبرني العلاء ابن عبد الرحمن عن يعقوب الحرقي في بيته على فراشه عن أبي هريرة الحديث وفيه أيما صلاة الخ
-[إختلاف الائمة فى البسملة هل هى آية من الفاتحة أم لا]-
وفيه أيُّما صلاةٍ لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ، وفيه فإذا قال مالك يوم الدِّين قال فوَّض إلىِّ عبدى (1) فإذا قال إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين، قال فهذه بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل، وقال مرَّة ما سألنى فيسأله عبده اهدنا الصِّراط المستقيم صراط الَّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين، قال هذا لعبدى، لك ما سألت، وقال مرَّة ولعبدى ما سألنى
(14)
باب وجوب قراءة الفاتحة
(521)
عن عبادة بن الصَّامت رضى الله عنه روايةً يبلغ بها
(1) هذه الجملة في مقابلة قوله في الطريق الأولى " مجدني عبدي " والمعنى أن هذا اعتراف من العبد لربه بأنه المالك ليوم الجزاء وتقدم تفسيره وفي هذا الاعتراف من التعظيم والتمجيد وتفويض الأمر مالا يخفى (تخريجه)(م. لك. والأربعة إلا ابن ماجه)(الأحكام) قال النووي رحمه الله احتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث وهو من أوضح ما احتجوا به قالوا لأنها سبع آيات بالإجماع فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله وثلاث دعاء أولها اهدنا الصراط المستقيم والسابعة متوسطة وهي " إياك نعبد وإياك نستعين " قالوا ولأنه سبحانه وتعالى قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين فلم يذكر البسملة ولو كانت منها لذكرها وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول أن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة " إحدها " إن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا حقيقة اللفظ " والثاني " إن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة " والثالثة " معناه فإذا انتهى العبد من قراءته إلى الحمد لله رب العالمين فحينئذ تكون القسسة اهـ قال الشوكاني رحمه الله ولا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ومنها ما هو متعسف اهـ (قلت) وقال القاضي عياض رحمه الله في هذا الحديث عند قوله اهدنا الصراط إلى آخر السور ما نصه هذا يدل على أن من اهدنا إلى أخرها ثلاث آيات وأن صراط الذين أنعمت عليهم آية وهو عداد المدنيين والبصريين والشاميين وبه تتم القسمة المتقدمة ولو كانت على عداد الكوفيين والمكيين أن صراط الذين أنعمت عليهم إلى آخرها آية واحدة وجعلوا السابعة البسملة لم تصح تلك القسمة لأن أربعة أولاً لله تعالى وواحدة مشتركة وثنتان للعبد اهـ (قلت) وفي الحديث أيضاً دلالة على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة وإليه ذهب الجمهور وسيأتي الكلام على ذلك في الباب التالي إن شاء الله تعالى 521 عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
-[الدليل على وجوب قراءة الفاتحة فى الصلاة]-
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم (1) لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن فصاعدًا (3)
(522)
عن عائشة زوج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلَّي صلاةً لا يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهى خداجٌ
(523)
عن عبادة بن الصَّامت رضى الله عنه قال صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة فثقلت عليه القراءة فلمَّا انصرف قال إنِّى لأراكم تقرءون وراء إمامكم، قلنا نعم والله يا رسول الله إنَّا لنفعل هذا، قال فلا تفعلوا إلَاّ بأمِّ القرآن (4) فإنَّه لا صلاة لمن لم يقرأ بها
سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت الخ (غريبه)(1) أي يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت الخ (3) أي فما زاد عليها كقولهم اشتريته بدرهم فصاعداً وهو منصوب على الحال تقديره فما زاد الثمن صاعداً (نه)(تخريجه) أخرج الرواية الأولى منه (ق. والأربعة وغيرهم) وأخرج الرواية الثانية (م. د. حب) بزيادة فصاعداً كرواية حديث الباب 522 عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة " الحديث "(تخريجه)(جه) ويشهد لصحته حديث أبي هريرة المتقدم الذي أخرجه الشيخان وغيرهما يلفظ " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج " وما أخرجه البيهقي عن على مرفوعاً بلفظ " كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج " والخداج تقدم تفسيره في الكلام على حديث أبي هريرة 523 عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت " الحديث "(غريبه)(4) في رواية عند أبي داود والنسائي والدارقطني " بلفظ " فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن (تخريجه)(د. نس. مذ حب. قط) وقال كلهم ثقات
-[الدليل على وجوب قراءة الفاتحة فى الصلاة]-
(524)
عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ صلاةٍ لا يقرأ فيها (1) فهى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ
(525)
عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج فينادى أن لا صلاة إلَاّ بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد (2)
(526)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكرٍ وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله ربِّ العالمين
(527)
عن عبد الله بن سوادة القشيرى قال حدَّثنى رجلٌ من
524 عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نصر ابن باب عن حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه)(1) هكذا في الأصل ورواية ابن ماجه " لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب "(تخريجه) الحديث في إسناده من اختلف فيه ورواه ابن ماجه حدثنا الوليد بن عمرو بن شعيب الخ قال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده حسن 525 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن جعفر بن ميمون قال ثنا أو عثمان النهدي عن أبي هريرة الخ (غريبه)(2) أي فما زاد عليها فهو خير كما تفيده رواية عبادة بن الصامت المتقدمة (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن فصاعداً) ورواية أبي سعيد الخدري عند أبي داود والطبراني " أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر "(تخريجه) الحديث أخرجه (د. قط) من طريق جعفر بن ميمون قال النسائي ليس بثقة وقال الإمام أحمد لير بقوى وقال ابن عدي يكتب حديثه أهـ ولكنه يشهد لصحته حديث عبادة المتقدم الذي رواه المتقدم الذي رواه مسلم وأبو داود وابن حبان بلفظ " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً " ويشهد له أيضاً حديث أبي سعيد عند أبي داود بلفظ " أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر " قال ابن سيد وإسناده صحيح ورجاله ثقات وقال الحافظ إسناده صحيح 526 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس " الحديث "(تخريجه)(ق. وغيرهما) 527 عن عبد الله بن سوادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي
-[مذاهب الأئمة فى حكم قراءة الفاتحة فى الصلاة]-
أهل البادية عن أبيه وكان أبوه أسيرًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت محمَّدًا صلى الله عليه وسلم يقول لا تقبل صلاةٌ لا يقرأ فيها بأمِّ الكتاب
ثنا عفان ثنا عبد الوارث حدثني عبد اله بن سوادة القشيري " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه وفيه مبهم لكن أحاديث الباب تعضده (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة وأنها متعينة لا يجزئ غيرها إلا لعاجز عنه " قال النووي " وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم (قلت وبه قال الحنابلة أيضاً) قال وقال أبو حنيفة رضي الله عنه وطائفة قليلة لا تجب الفاتحة بل الواجب آية من القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم (اقرأ ما تيسر) ودليل الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة إلا بأم القرآن " فإن قالوا المراد لا صلاة كاملة قلنا هذا خلاف ظاهر اللفظ ومما يؤيده حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " رواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه بإسناد صحيح وكذا رواه أبو حاتم وابن حبان وأما حديث " اقر ما تيسر " فمحمول على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة بعدها أو على من عجز عن الفاتحة بعدها أو على من عجز عن الفاتحة وقوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب " فيه دليل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أن قراءة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم والمنفرد ومما يؤيد وجوبها على المأموم قول أبي هريرة " اقرأ بها في نفسك " فمعناه اقرأها سراً بحيث تسمع نفسك وإن ما حمله عليه بعض المالكية وغيرهم أن المراد تدبر ذلك وتذكره فلا يقبل لأن القراءة لا تطلق إلا على حركة اللسان بحيث يسمع نفسه ولهذا اتفقوا على أن الجنب لو تدبر القرآن بقلبه من غير حركة لسانه لا يكون قارئاً مرتكباً لقراءة الجنب المحرمة وحكى القاضي عياض عن علي بن أبي طال رضي الله عنه وربيعة ومحمد بن أبي صفرة من أصحاب مالك أنه لا يجب قراءة أصلاً وهي رواية شاذة عن مالك وقال النوري والأوزاعي وأبو حنيفة رضي الله عنهم لا يجب القراءة في الركعتين الأخيرتين بل هو بالخياران شاء قرأ وإن شاء سبح وإن شاء سكت والصحيح الذي عليه جمهور العلماء من السلف والخلف وجوب الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) اهـ م (قلت) وحديث أبي هريرة والرواية الثانية من حديث عبادة بن الصامت يدلان بظاهرهما على وجوب قراءة شيء من القرآن مع الفاتحة قال الشوكاني وإلى ذلك ذهب عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما وعثمان بن أبي العاص والهادي والقاسم والمؤيد بالله كذا في البحر اهـ ولا خلاف في استحباب قراءة السورة مع الفاتحة في صلاة الصبح والجمعة والأوليين من كل
-[حجة القائلين بعدم قراءة المأموم اذا جهر الامام]-
(15)
باب ما جاء فى قراءة المأموم وانصاته اذا سمع امامه
(528)
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به فإذا كبَّر فكربِّروا، وإذا قرأ فأنصتوا
(529)
وعن أبى موسى الأشعرىِّ رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نحوه
(530)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاةً جهر فيها بالقراءة، ثمَّ أقبل على النَّاس بعد ما سلَّم فقال هل قرأ منكم أحدٌ معى آنفًا (1) قالوا نعم يا رسول الله، قال إنِّى أقول مالى أنازع القرآن فانتهى النَّاس عن القراءة (3) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر به من القراءة
الصلوات (قال النووي رحمه الله تعالى) إن ذلك سنة عند جميع العلماء (قلت) وحجتهم في ذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة أنه قال " في كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفى عنا أخفينا عنكم وإن لم تزد على أم القرآن اجزأت وإن زدت فهو خير " وبأدلة أخرى يطول ذكرها وحملوا ما يشعر بالوجوب في أحاديث الباب على الاستحباب والله أعلم بالصواب 528 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله بن أحمد وسمعت أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة " الحديث "(تخريجه)(الأربعة إلا الترمذي) وقال مسلم هو صحيح 529 وعن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بين عبد الله قال ثنا جرير عن سليمان التيمى عن قتادة عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قمتم إلى الصلاة فليؤمكم أحدكم وإذا قرأ الإمام فأنصتوا (تخريجه)(م. وغيره) 530 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال سمعت بن أكيمة يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث "(غريبه)(1) أي قريباً (2) مبني للمفعول أي اجاذب وأغالب في قراءته كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه ولم يدر أولاً ما سبب ذلك (3) أي جهراً ولا بد من تقدير
-[حجة من أوجب قراءة الفاتحة على المأموم وان جهر الامام]-
حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
(531)
عن عبد الله بن بحينة رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله
(532)
عن محمد بن أبى عائشة عن رجل من أصحاب النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال قال النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم لعلكم تقرءون خلف الإمام والإمام يقرأ؟ قالوا يا رسول الله إنَّا لنفعل، قال فلا تفعلوا، إلَاّ أن يقرأ أحدكم بأمِّ القرآن أو قال فاتحة الكتاب
(533)
وعن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه
(534)
عن عبد الله (بن مسعود) رضى الله عنه قال كانوا يقرءون
ذلك لأنه ثبت في حديث عبادة الثاني في الباب السابق وحديث محمد بن أبي عائشة الآتي بعد حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم " لا تفعلوا إلا بأم القرآن " وفي لفظ " إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب " وهما صحيحان وثبت الأمر بالقراءة في غير حديث فيحمل النهي في أحاديث الباب على الجهر فقط (تخريجه)(نس. حب. والإمامان. مذ) وقال حديث حسن الباب على الجهر فقط (تخريجه)(نس. حب والإمامان. مذ) وقال حديث حسن 531 عن عبد الله بن بحينة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال أخبرني عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله ابن بحينة " الحديث " بنحو الحديث المتقدم إلا قوله (فيما يجهر به من القراءة) فليس فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح 532 عن محمد بن أبي عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن خالد عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه وقال الحافظ إسناده حسن وله شاهد عن ابن حبان من حديث أنس 533 وعن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا سليمان يعني التيمى قال حدثت عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تقرءون خلفي؟ قالوا نعم قال فلا تفعلوا إلا بأم القرآن (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم (قلت) يعضده ما قبله 534 عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
-[حجة القائلين بعدم قراءة المأموم مطلقًا]-
خلف النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال خلطتم (1) علىَّ القرآن
(535)
عن كثير بن مرَّة الحضرمى قال سمعت أبا الدَّرداء رضى الله عنه يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أفى كلِّ صلاةٍ قراءةٌ؟ قال نعم، فقال رجلٌ من الأنصار وجبت هذه (2) فالتفت إلىَّ أبو الدَّرداء وكنت أقرب القوم منه فقال يا ابن أخى ما أرى الإمام إذا أمَّ القوم إلَاّ قد كفاهم
(536)
عن عمران بن حصينٍ رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظُّهر فقرأ رجل خلفه بسبِّح اسم ربِّك الأعلى، فلمَّا صلَّى قال أيُّكم قرأ بسبِّح اسم ربِّك الأعلى؟ فقال رجل أنا، قال قد عرفت أنَّ بعضكم خالجنيها (3)
أبو أحمد الزبيري ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن الأحوص عن عبد الله (بن مسعود) الحديث (غريبه)(1) لمعنى أنهم جهروا بالقراءة خلفه فالتبست عليه القراءة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد الصحيح 535 عن كثير بن مرة الحضرمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية حدبر بن كريب عن كثير بن مرة الحضرمي "الحديث "(غريبه)(2) يعني القراءة (تخريجه)(هق. نس) وسنده جيد وقد أورده نحوه الهيثمي عن أبي الدرداء بلفظ " قال سأل رجل النبي صلى الله عله وسلم فقال يا رسول الله أفي كل صلاة قراءة؟ قال نعم فقال رجل من القوم وجب هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أرى الإمام إذا قرأ إلا كان كافياً " قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن اهـ (قلت) حديث الطبراني وإن كان الهيثمي حسن إسناده لكن متنه خطأ فقدروي نحوه البيهقي وقال كذا رواه أبو صالح كاتب الليث وغلط فيه وكذلك رواه زيد بن الحباب في إحدى الروايتين عنه واخطأ فيه والصواب أن أبا الدرداء قال ذلك لكثير بن مرة (يعني أنه من قول أبي الدرداء) كما قال ابن وهب وهم فيه زيد بن الحباب أفاده البيهقي 536 عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ثنا قتادة وإسماعيل بن إبراهيم أنا سعيد ثنا قتادة عن زرارة بن أو في عن عمران بن حصين " الحديث "(غريبه)(3) أي نازعنيها ومعنى هذا
-[مذاهب الأئمة في حكم القراءة خلف الامام]-
.....
= الكلام الإنكار عليه في جهره أو رفع صوته بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة، بل فيه أنهم كانوا يقرءون بالسورة في الصلاة السرية، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم.
تخريجه: (ق. نس. قط).
وفي الباب عن عبد الله بن شداد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(مَنْ كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) رواه الدارقطني، قال صاحب المنتقى: وقد روي مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح أنه مرسل، اهـ.
قلت: وفي الباب أيضًا عند ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد ثنا عبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح عن جابر (يعني الجعفي) عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة).
قال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجة: في إسناده جابر الجعفي، كذاب، والحديث مخالف لما رواه السنة من حديث عبادة، اهـ
الأحكام:
أحاديث الباب منها ما يدل على عدم قراءة المأموم خلف الإمام في الصلاة الجهرية.
ومنها ما يدل بظاهره على عدم القراءة خلف الإمام مطلقًا سواء في ذلك الجهرية والسرية.
ومنها ما يدل على عدم الجهر فقط بالقراءة خلف الإمام ولكنه يقرأ بأم القرآن في كل صلاة، سواء كانت سرية أم جهرية، لهذا اختلفت أنظار العلماء.
فذهب الأئمة: مالك وأحمد وزيد بن علي والهادي والقاسم وإسحاق بن راهويه وآخرون إلى عدم قراءة المأموم في الصلاة الجهرية، محتجين بقول الله عز وجل:{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} ، وبحديث أبي هريرة المذكور أول الباب، وفيه:(وإذا قرأ فأنصتوا).
وذهبت الحنفية إلى عدم قراءة المأموم مطلقًا في كل صلاة، سواء أكانت سرية أم جهرية، محتجين بحديث الباب عن أبي الدرداء، وحديث عبد الله بن شداد عند الدارقطني، وحديث جابر عند ابن ماجة، أما حديث أبي الدرداء فلا يدل على المطلوب، لأن قوله (يا ابن أخي ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم) يُفيد أن هذا رأي أبي الدرداء، ورأي الصحابي لا تقوم به حجة بمفرده إلا إذا استند إلى حديث مرفوع، بل الجزء المرفوع من حديث أبي الدرداء يدل على إثبات القراءة، لأنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفي كل صلاة قراءة؟ قال: (نعم).
وأما حديث عبد الله بن شداد فضعيف، قال الحافظ في الفتح: إنه ضعيف عند جميع الحفاظ، اهـ
وأما حديث جابر فأضعف منه، لأن في إسناده جابر الجعفي، نُسب إلى الكذب، فلا تقوم بمثلهما حجة.
وذهبت الشافعية إلى وجوب قراءة الفاتحة على المؤتم من غير فرق بين الجهرية والسرية، سواء سمع المؤتم قراءة الإمام أم لا، واستدلوا على ذلك بحديث عبادة بن الصامت الذي ذُكر في الباب السابق، وبحديث محمد بن أبي عائشة وحديث أبي قتادة اللذين في الباب، وأجابوا عن أدلة المخالفين بأنها عمومات.
قال الشوكاني: وحديث عبادة خاص، وبناء العام على الخاص واجب، كما تقرر في الأصول، وهذا لا محيص عنه، ويؤيده الأحاديث المتقدمة القاضية =
-[أبواب صفة الصلاة - الفتح الربانى]-
(16)
باب النهي عن الجهر بالقراءة فى الصلاة اذا هو سن على مصل آخر
(537)
عن علىّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرَّجل صوته بالقراءة قبل العشاء وبعدها (1) يغلِّط أصحابه وهم يصلُّون (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر القوم بعضهم على بعضٍ بين المغرب والعشاء بالقرآن
(538)
عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم اعتكف وخطب
= بوجوب فاتحة الكتاب في كل ركعة، من غير فرق بين الإمام والمأموم، لأن البراءة عن عهدتها إنما تحصل بناقل صحيح، لا بمثل هذه العمومات التي اقترنت بما يجب تقديمه عليها، قال: وظاهر الأحاديث المنع من قراءة ما عدا الفاتحة من القرآن من غير فرق بين أن يسمع المؤتم الإمام أو لا يسمعه، لأن قوله صلى الله عليه وسلم:(فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت) يدل على النهي عن القراءة عند مجرد وقوع الجهر من الإمام، وليس فيه ولا في غيره ما يُشعر باعتبار السماع، والله أعلم، اهـ.
قلت: وقوله: (فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت) يعني رواية أبي داود والنسائي والدارقطني من حديث أبي عبيدة، وتقدمت الإشارة إليها في الكلام على حديث عبادة في الباب السابق، ولفظه:(فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت به، إلا بأم القرآن)، ورواه الدارقطني عن عبادة أيضًا بلفظ (لا يقرأن أحد منكم شيئًا من القرآن إذا جهرت بالقراءة إلا بأم القرآن)، وقال: رجاله كلهم ثقات، والله أعلم.
(537)
عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن خالد عن مطرف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه.
(غريبه)
(1)
إنما خص هذين الوقتين بالذكر لكون الأول وقت انتظار العشاء، والثاني وقت التهجد، وكلاهما مرغب في الصلاة فيه تطوعًا، وكان الصحابة رضوان الله عليهم أحرص الناس على ذلك، فكان يجهر بعضهم على بعض بالقراءة في الصلاة، فيحصل التهويش والغلط لبعضهم في القراءة ويختلط عليه الأمر، وهو معنى التهويش، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
(2)
سنده: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا خالد بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
إلخ
تخريجه: لم أقف عليه، وفي إسناد الطريقين الحارث بن عبد الله الهمداني الحوتي: ضعيف، لكن يشهد له حديث أبي هريرة وأبي سعيد والبياضي.
(538)
عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن =
-[النهي عن الجهر فى الصلاة إذا شوش على غيره]-
النَّاس فقال أما إنَّ أحدكم إذا قام فى الصَّلاة فإنه يناجى (1) ربَّه فليعلم أحدكم ما يناجى ربَّه، ولا يجهر بعضكم على بعضٍ بالقراءة فى الصَّلاة
(539)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ عبد الله بن حذافة السَّهمىَّ رضى الله عنه قام يصلِّي فجهر بصلاته. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يا ابن حذافة لا تسمعنى وأسمع ربَّك عز وجل
(540)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالقراءة وهم فى قبَّة (2) لهم فكشف السُّتور وقال ألا إنَّ كلَّكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذينَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفعنَّ بعضكم على بعضٍ بالقراءة أو قال فى الصَّلاة
(541)
عن البياضيَّ (3) رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على
= خالد ثنا رباح عن معمر عن صدقة المكي عن عبد الله بن عمر
…
الحديث.
غريبه:
(1)
المناجي: المخاطب للإنسان والمحدّث له، يقال: ناجاه مناجاة فهو مناجٍ، (نه) وإنما سمي المصلي مناجٍ ربه لأنه يخاطبه بقوله:(إياك نعبد وإياك نستعين)، وهو يعلم أن الله يعلم السر وأخفى، فلا داعي للجهر الذي يشوّش على غيره والله أعلم.
تخريجه: (طب) والبزار، وفي إسناده صدقة بن عمرو المكي، قال في التقريب: مجهول، اهـ.
قلت: يؤيده ما بعده.
(539)
عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال: سمعت النعمان يحدّث عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
…
الحديث.
تخريجه: أخرجه أيضًا البزار وقال العراقي: إسناده صحيح.
(540)
عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن إسماعيل بن أمية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري
…
الحديث.
غريبه:
(2)
القبة من الخيام: بيتٌ صغير مستدير، وهو من بيوت العرب يتخذه المعتكف في المسجد للإقامة فيه مدة الاعتكاف.
تخريجه: (نس) وصححه النووي.
(541)
عن البيّاضي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: قرأت عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي حازم التمار عن البياضي
…
الحديث.
غريبه:
(3)
بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء =
-[كلام العلماء فى حكم الجهر بالقراءة فى الصلاة]-
النَّاس وهم يصلُّون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال إنَّ المصلِّى يناجى ربَّه عز وجل فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعضٍ بالقرآن
(17)
باب ما جاء فى التأمين والجهر به فى القراءة واخفائه
(542)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين فقولوا آمين (1) فإنَّ الملائكة (2) يقولون
= التحتية ثم ضاد معجمة، اسمه فروة بن عمرو، وقيل له البياضي نسبة إلى بياضة بن عامر.
تخريجه: (لك) وقال العراقي: إسناده صحيح، وقال صاحب التنقيح: رجال إسناد أحمد لا بأس به، ورواه أيضًا مالك في الموطأ يرفعه، وله شاهد عند النسائي من حديث أبي سعيد، قال ابن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان، وله شاهد أيضًا عند الطبراني من حديث ابن عمر، اهـ.
الأحكام:
في أحاديث الباب النهي عن الجهر بالقراءة في صلاة الليل إذا شوش على غيره، فإن قيل: إن السنة في القراءة في صلاة الليل الجهر، فالجواب: إن ذلك إذا لم يتأذّ به غيره، وإلا حرم ذلك بالإجماع، بل ورد ما يفيد جواز الجهر والإسرار، فعند أبي داود والترمذي والنسائي عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسرّ بالقرآن كالمسر بالصدقة).
وفي الباب أحاديث كثيرة تفيد أن الجهر والإسرار جائزان في قراءة الليل، وأكثرها تدل على أن المستحب في الصلاة في صلاة الليل التوسط بين الجهر والإسرار، وحديث عقبة وما في معناه يدل على أن السر أفضل، لما علم من أن إخفاء الصدقة أفضل من إظهارها، والله أعلم.
(542)
عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهما حدثاه عن أبي هريرة
…
الحديث.
غريبه:
(1)
هو بالمد والتخفيف في جميع الروايات عن جميع القراء، وحكى أبو نصر عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيه ثلاث لغات أخر شاذة، وآمين من أسماء الأفعال، ويُفتح في الوصل لأنها مثل كيف، ومعناه (اللهم استجب) عند الجمهور، وقيل غير ذلك مما يرجع جميعه إلى هذا المعنى، وقيل: إنه اسم الله، حكاه صاحب القاموس عن الواحدي.
(2)
قال النووي: واختلف في هؤلاء الملائكة، فقيل: هم الحفظة، وقيل غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم:(من وافق قوله قول أهل السماء)، وأجاب الأولون عنه بأنه إذا قالها الحاضرون من =
-[فضل قول المصلي آمين عقب الفاتحة]-
آمين، وإنَّ الإمام يقول آمين فمن وافق (1) تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه
(543)
ز وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أمَّن القارئ (2) فأمِّنوا فإنَّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه
(544)
ز وعنه فى أخرى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال أحدكم آمين، قالت الملائكة فى السَّماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدَّم من ذنبه
= الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء.
(1)
المراد بالموافقة: الموافقة في وقت التأمين، فيؤمّن مع تأمينهم، قاله النووي، وقال ابن المنير: الحكمة في إثبات الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها، وقال القاضي عياض: معناه وافقهم في الصفة والخشوع والإخلاص، قال الحافظ: والمراد بتأمين الملائكة استغفارهم للمؤمنين.
تخريجه: (د، نس) وفي الصحيحين بعضه.
(543)
ز وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله قال قرأت على عبد الرحمن بن معدي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمّن القارئ
…
) الحديث.
غريبه:
(2)
يعني الإمام كما في الروايات الأخرى.
تخريجه: (ق، فع، والأربعة) بلفظ: (إذا أمن الإمام
…
) وفي آخره: (وقال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين)، إلا أن الترمذي لم يذكر قول ابن شهاب، ومعنى قول ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين، يعني أن هذه صيغة تأمين النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفسير لقوله:(إذا أمّن الإمام فأمّنوا)، وردٌّ لقول من زعم أن معناه: إذا دعا الإمام بقوله إهدنا الصراط إلى آخره، وفي هذا الحديث دليل على قراءة الفاتحة، لأن التأمين لا يكون إلا عقبها والله أعلم، قاله النووي.
قلت: وظاهر الرواية الأولى من أحاديث الباب أن المؤتم يوقع التأمين عند قول الإمام {غير المغضوب عليه ولاالضالين} ، وظاهر الرواية الثانية أنه يوقعه عند تأمين الإمام، وجمع الجمهور بين الروايتين بأن المراد بقوله (إذا أمّن) أي إذا أراد التأمين، ليقع تأمين الإمام والمأموم معًا.
(544)
ز وعنه في أخرى (سنده) حدثنا عبد الله قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال أحدكم =
-[أدلة من قال بالجهر بالتأمين ومن قال بالاخفاء]-
(545)
عن وائل بن حجرٍ رضى الله عنه قال سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ ولا الضَّالِّين فقال آمين يمدُّ (1) بها صوته صلى الله عليه وسلم
(546)
وعنه أيضًا قال صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين قال آمين وأخفى بها صوته ووضع يده اليمنى على يده اليسرى وسلَّم عن يمينه وعن يساره
=
…
إلخ.
تخريجه: (ق، هق، وغيرهم).
(545)
عن وائل بن حجر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر
…
الحديث.
غريبه:
(1)
أي يرفع بها صوته، كما في رواية عند البيهقي من حديثه.
تخريجه: (مذ، هق، قط، حب، د)، وزاد: ورفع بها صوته، قال الحافظ: وسنده صحيح، وصححه أيضًا الدارقطني وحسّنه الترمذي.
(546)
وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس قال: سمعت علقمة يحدث عن وائل أو سمعه حجر من وائل قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
إلخ.
تخريجه: (جه، قط).
وأُعلّت هذه الرواية باضطراب شعبة في إسنادها ومتنها، ورواها سفيان ولم يضطرب في الإسناد ولا المتن، قال ابن القطان: اختلف شعبة وسفيان، فقال شعبة: خفض، وقال الثوري: رفع، وقال شعبة: حجر أبو عنبس، وقال الثوري: حجر بن عنبس، وصوب البخاري وأبو زرعة قول الثوري، وقد جزم ابن حبان في الثقات أن كنيته كاسم أبيه، فيكون ما قاله صوابًا، وقال البخاري: إن كنيته أبو السكن، ولا مانع من أن يكون له كنيتان، وقد ورد الحديث من طرق ينتفي بها إعلاله بالاضطراب من شعبة، ولم يبق إلا التعارض بين شعبة وسفيان، وقد رجحت رواية بمتابعة اثنين له بخلاف شعبة، فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح، كما روي ذلك عن البخاري وأبي زرعة، وقد حسّن الحديثَ الترمذيُّ، قال ابن سيد الناس: ينبغي أن يكون صحيحًا، أفاده الشوكاني.
الأحكام:
أحاديث الباب تدل على مشروعية التأمين عقب قراءة الفاتحة، قال النووي رحمه الله: في هذه الأحاديث استحباب التأمين عقب الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد، وأنه ينبغي أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده، لقوله صلى الله عليه وسلم:(وإذا قال {ولا الضالين} فقولوا: آمين)، وأما رواية:(إذا أمّن فأمّنوا)، فمعناه: إذا أراد التأمين، قال: ويُسنّ للإمام والمنفرد الجهر بالتأمين، وكذا للمأموم على المذهب الصحيح =
-[مذاهب العلماء فى حكم التأمين والجهر به واخفائه]-
(18)
باب حكم من لم يحسن فرض القراءة
(547)
عن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه قال أتى رجلٌ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنِّي لا أقرأ القرآن (1) فمرنى بما يجزئنى منه، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قل الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلَاّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوَّة إلَاّ بالله، قال فقالها الرَّجل وقبض كفَّه وعدَّ خمسًا مع إبهامه، فقال يا رسول الله هذا لله تعالى فما لنفسى؟ قال قل اللَّهم اغفر لى وارحمنى وعافنى واهدنى وارزقنى، قال فقالها وقبض على كفِّه الأخرى وعدَّ خمسًا
= هذا تفصيل مذهبنا، وقد اجتمعت الأمة على أن المنفرد يؤمّن، وكذلك الإمام والمأموم في الصلاة السرية، وكذلك قال الجمهور في الجهرية.
وقال مالك رحمه الله تعالى في رواية: لا يؤمّن الإمام في الجهرية.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون ومالك في رواية: لا يجهر بالتأمين، وقال الأكثرون: يجهر، اهـ م.
قلت: ومذهب الحنابلة كمذهب الشافعية في التأمين.
وفي الباب عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: (آمين) حتى يسمع من يليه من الصف الأول، رواه أبو داود، وابن ماجة وزاد: حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد، وذكر نحوه البخاري تعليقًا في صحيحه عن ابن الزبير بصيغة الجزم، قال النووي: إن تعليق البخاري إذا كان بصيغة جزم كان صحيحًا عنده وعند غيره، اهـ ج، والله أعلم. (547) عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد أنا المسعودي عن إبراهيم بن إسماعيل السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى
…
الحديث. غريبه: (1) رواية أبي داود والنسائي والدارقطني: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن، ورواية ابن ماجة: إني لا أحسن من القرآن شيئًا. قال شارح المصابيح: اعلم أن هذه الواقعة لا تجوز أن تكون في جميع الأزمان، لأن من يقدر على تعلم هذه الكلمات لا محالة يقدر على تعلم الفاتحة، بل تأويله: لا أستطيع أن أتعلم شيئًا من القرآن في هذه الساعة، وقد دخل عليَّ وقت الصلاة، فإذا فرغ من تلك الصلاة لزمه أن يتعلم، اهـ. تخريجه:(د، نس، جه، قط، حب، ك) وابن الجارود، وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل السكسكي، وهو من رجال البخاري، ولكن عيب عليه إخراج حديثه وضعفه النسائي، وقال ابن القطان: ضعفه قوم فلم يأتوا بحجة، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكر المتن، وذكره النووي في الخلاصة =
-[مذاهب العلماء فى حكم من لم يحسن القراءة]-
مع إبهامه فانطلق الرَّجل وقد قبض كفَّيه جميعًا، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لقد ملأ كفَّيه من الخير
(19)
باب قراءة السورة بعد الفاتحة فى الأوليين
وهل تسن قراءتها فى الأخريين أم لا؟
(548)
عن أبى قتادة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى بنا فيقرأ فى الظُّهر والعصر فى الرَّكعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين (1) ويسمعنا الآية أحيانًا (2) (زاد فى روايةٍ ويقرأ فى الرَّكعتين الأخريين
= في فصل الضعيف، وقال في شرح المهذب: رواه أبو داود والنسائي بإسناد ضعيف، اهـ. ولم يتفرد بالحديث إبراهيم، فقد رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه أيضًا من طريق طلحة بن مصرف عن ابن أبي أوفى، ولكن في إسناده الفضل بن موفق، ضعفه أبو حاتم، كذا قال الحافظ. قلت: يشهد لحديث الباب حديث رفاعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم رجلاً الصلاة، فقال:(إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع) رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال حديث رفاعة حديث حسن. قلت: وهو طرف من حديث المسيء صلاته. الأحكام: حديث الباب يدل على أن الذكر المذكور يجزئ من لا يستطيع أن يتعلم القرآن، وليس فيه ما يقتضي التكرار، فظاهره أنها تكفي مرة، وقد ذهب البعض إلى أنه يقوله ثلاث مرات، والقائلون بوجوب الفاتحة في كل ركعة لعلهم يقولون بوجوبه في كل ركعة، أفاده الشوكاني. وقال النووي فيمن لم يُحسن قراءة الفاتحة ولم يمكنه التعلم، مذهبنا أنه يجب عليه قراءة سبع آيات غيرها، فإن لم يحسن شيئًا من القرآن لزمه الذكر، فإن لم يحسنه ولا أمكنه وجب أن يقف بقدر قراءة الفاتحة، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: إذا عجز عن القرآن قام ساكتًا ولا يجب الذكر، وقال مالك: لا يجب ولا القيام، اهـ ج. (548) عن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن الحجاج يعني الصواف بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة وأبي سلمة عن أبي قتادة
…
الحديث. غريبه: (1) أي في كل ركعة سورة، ويدل على ذلك ما ثبت من حديث أبي قتادة أيضًا عند البخاري بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة، وفيه دليل على إثبات القراءة في الصلاة السرية والرد على من أنكر ذلك. (2) قال الطيبي: أي يرفع صوته ببعض =
-[قراءة السورة بعد الفاتحة وتطويل الركعة الاولى]-
بأمِّ الكتاب) (1) وكان يطوِّل فى الرَّكعة الأولى (2) من الظُّهر ويقصِّر فى الثَّانية وكذا في الصُّبح (3)
(549)
عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فى الظُّهر في الرَّكعتين الاوليين فى كلِّ ركعة قدر قراءة ثلاثين آيةً (4)
= الكلمات من الفاتحة والسورة، بحيث يسمع، حتى يعلم ما يقرأ من السورة. قال النووي رحمه الله: والحديث محمول على أنه أراد به بيان جواز الجهر في القراءة السرية وأن الإسرار ليس بشرط لصحة الصلاة بل هو سنة، ويُحتمل أن الجهر بالآية كان يحصل بسبق اللسان للاستغراق في التدبر، اهـ والله أعلم. (1) روى هذه الزيادة مسلم في صحيحه بنحو حديث الباب، ورواها البخاري مختصرًا على الظهر بلفظ: كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب
…
الحديث. (2) استدل به على استحباب تطويل الأولى على الثانية، سواء أكان التطويل بالقراءة أم بترتيلها مع استواء المقرون في الأوليين. (3) زاد أبو داود: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى، وكذلك روى هذه الزيادة عبد الرزاق وابن خزيمة، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوّل الركعة الأولى ليدركها الناس، وروى أيضًا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: إني لأحب أن يطول الإمام الركعة الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس، وقيل: الحكمة في تطويل الركعة أن النشاط فيها أكثر، فيكون الخشوع والخضوع فيها كذلك، وخفف في غيرها حذرًا من الملل، والتطويل في الأولى إما بكثرة القراءة فيها أو بالمبالغة في الترتيل وإن استوت القراءة فيهما. قال الشوكاني رحمه الله: فيه دليل على عدم اختصاص القراءة بالفاتحة وسورة في الأوليين وبالفاتحة في الأخريين والتطويل في الأولى بصلاة الظهر، بل ذلك هو السنة في جميع الصلوات، اهـ. تخريجه:(ق، د، نس، جه). (549) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يونس ثنا أبو عوانة عن منصور بن زاذان عن الوليد بن بشر عن أبي الصديق عن أبي سعيد
…
الحديث. غريبه: (4) في هذا الحديث استحباب التسوية بين الأوليين في التطويل، وبه قال جماعة، وفي حديث أبي قتادة استحباب التطويل في الأولى، وبه قال آخرون، وجمع بعضهم بأنهما في القراءة سواء، وإنما طالت الأولى بسبب دعاء الافتتاح والتعوذ، وقد جمع البيهقي بين الأحاديث بأن الإمام يطول في الأولى إن كان منتظرًا لأحد، وإلا سوّى بين =
-[دليل من قال بزيادة القراءة على الفاتحة فى الاخيرتين من الظهر]-
وفي الأخريين في كلِّ ركعةٍ قدر قراءة خمس عشرة آيةً (1) وكان يقوم فى العصر فى الركعتين الأوليين فى كلِّ ركعةٍ قدر قراءة خمس عشرة آيةً، وفي الأخريين قدر نصف ذلك (2)
(550)
وعنه أيضًا قال أمرنا نبيُّنا صلى الله عليه وآله وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسَّر (3)
(551)
عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال شكا أهل الكوفة سعدًا (يعنى ابن أبى وقَّاص) إلى عمر رضى الله عنه فقالوا لا يحسن يصلِّى قال فسأله عمر رضى الله عنه، فقال إنِّى أصلِّي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أركد (4) فى الأوليين، وأحذف فى الأخريين، قال ذلك الظَّنُّ بك يا أبا إسحاق.
= الأوليين، وجمع ابن حبان بأن تطويل الأولى إنما كان لأجل الترتيل في قراءتها مع استواء المقروء في الأوليين والله أعلم. (1) هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأخريين من الظهر بزيادة على الفاتحة لأنها ليست إلا سبع آيات. (2) هذا يدل على استحباب التخفيف في صلاة العصر وجعلها على النصف من صلاة الظهر، والحكمة في إطالة الظهر أنها في وقت غقلة بالنوم في القائلة، فطولت ليدركها المتأخر، والعصر ليست كذلك، بل تُفعل في وقت تعب أهل الأعمال فخففت، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوّل في صلاة الظهر تطويلاً زائدًا على هذا المقدار كما في حديث: إن صلاة الظهر كانت تقام ويذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضّأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها، أفاده الشوكاني. تخريجه:(م، وغيره). (550) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال
…
إلخ. غريبه: (3) أي: وما تيسر من القرآن زيادة على الفاتحة. تخريجه: (د، وغيره). قال ابن سيد الناس: وإسناده صحيح ورواته ثقات. (551) عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة
…
الحديث. (4) أي أسكن وأطيل القيام في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية (نه)، وقال القزاز: أي أقيم طويلاً أطوّل فيهما القراءة، ويحتمل التطويل لما هو أعم كالأذكار والقراءة والركوع والسجود =
-[قصة سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه مع أهل الكوفة]-
(وعنه من طريق ثان)(1) قال قال عمر رضى الله عنه لسعد شكاك النَّاس (2) فى كلِّ شيء حتَّى في الصَّلاة، قال أمَّا (3) أنا فأمد من الأوليين وأحذف من الأخريين ولا آلو (4) ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر ذاك الظَّن بك أو ظنِّي بك (5)
والمعهود في التفرقة بين الركعات إنما هو ة (وقوله وأحذف) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة قال الحافظ وكذا هو في جميع طرق هذا الحديث التي وقفت عليها لكن في رواية البخاري (وأخف) بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة والمراد بالحذف حذف الأوليين لا حذف أصل القراءة والإخلال بها فكأنه قال أحذف المد (1)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر شعبة عن أبي عون عن جابر بن سمرة وبهز وعفان قالا حدثنا شعبة أخبرني أبو عون قال بهز قال سمعت جابر بن سمرة قال قال عمر الخ (2) يعني أهل الكوفة وقد سمى الطبري منهم الجراح بن سنان وقبيصة وذكر العسكري في الأوائل أن منهم الأشعث بن قيس وقال الزبير بن بكار رفع أهل الكوفة عليه أشياء كشفها عمر فوجدها باطلة ويقويه قول عمر في وصيته فإنى لم أعزله من عجز ولا خيانة وكان عمر رضي الله عنه أمر سعداً على قتال الفرس في سنة أربع عشرة ففتح الله عز وجل العراق على يديه ثم احتط الكوفة سنة سبع وعشرة واستمر عليها أميراً إلى سنة إحدى وعشرين فوقع له من أهل الكوفة ما وقع (3) أما بالتشديد للتقسيم والقسيم محذوف والتقدير أما هم فقالوا ما قالوا وأما أنا فأمد أي أطول القراءة في الركعتين الأوليين (واحذف) أي أقصرها في الأخريين (4) بمد الهمزة وضم اللام من آلا يألو ومنه قوله عز وجل " لا يألونكم خبالاً " أي لا يقصرون في إفسادكم والمراد هنا أي ما قصرت في صلاتي بهم فإني اقتديت بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) أي هذا الذي تقوله هو الذي نظنه بك (تخريجه)(ق. د. هق وغيرهم)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية قراءة سورة أو شيء من القرآن بعد الفاتحة (وقد ذهب) إلى إيجاب قرآن مع الفاتحة عمر وابنه عبد الله وعثمان بن أبي العاص والهادي والقاسم والمؤيد بالله كذا في البحر وقدره الهادي بثلاث آيات قال القاسم والمؤيد بالله أو آية طويلة أفاده الشوكاني (قال النووي رحمه الله واستحباب السورة بعد الفاتحة مجمع عليه في الصبح والجمعة والأوليين من كل الصلوات وهو سنة عند جميع العلماء وحكى القاضي عياض رحمه الله تعالى عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة وهو شاذ مردود وأما السورة الثالثة والرابعة فاختلف العلماء
-[مذاهب العلماء فى حكم السورة بعد الفاتحة وبيان المفصل من السور]-
(20)
باب قراءة سورتين أو أكثر فى ركعة، وقراءة بعض سورة
وجواز تكرر السورة أو الآيات فى ركعة
(552)
عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة رضى الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين السُّور في ركعةٍ (1) قالت المفضَّل
هل تستحب أم لا وكره ذلك مالك رحمه الله تعالى واستحبه الشافعي رضي الله عنه في قوله الجديد دون القديم والقديم هنا أصح وقال آخرون هو مخير إن شاء قرأ وإن شاء سبح وهو ضعيف وتستحب السورة في صلاة النافلة ولا تستحب في الجنازة على الأصح لأنها مبنية على التخفيف ولا يزاد على الفاتحة إلا التأمين عقبها ويستحب أن تكون السورة في الصبح والأوليين من الظهر من طوال المفصل وفي العصر والعشاء من أوساطه وفي المغرب من قصاره (واختلفوا) في تطويل القراءة في الأولى على الثانية والأشهر عندنا أنه لا يستحب بل يسوى بينهما والأصح أنه يطول الأولى للحديث الصحيح (وكان يطول في الأولى مالا يطول في الثانية) ومن قال بالقراءة في الأخريين من الرباعية يقول هي أخف من الأوليين واختلفوا في تقصير الرابعة على الثالثة والله أعلم قال وقراءة سورة قصيرة أفضل من قراءة قدرها من طويلة ويقرأ على ترتيب المصحف ويكره عكسه ولا تبطل به الصلاة اهـ بتصرف 552 عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن شقيق الخ (غريبه)(1) أي يقرأ أكثر من سورة في الركعة " قالت المفصل " أي كان يقرأ بأكثر من سورة من سور المفصل والمفصل بضم الميم وفتح الفاء بعدها صاد مهملة مشددة مفتوحة عبارة عن السبع الأخير من القرآن قال الطيبي أوله سورة الحجرات لأن سورة قصار كل سورة كفصل من الكلام اهـ وهو على ثلاثة أقسام طوال وأوساط وقصار وقد اختلف العلماء في تحديث ذلك (فعند الحنفية) طواله من الحجرات إلى البروج وأوساطه من البروج إلى آخر لم يكن وقصاره إلى آخر القرآن (وعند المالكية " طواله من الحجرات إلى والنازعات وأوساطه من عبس إلى الليل وقصاره من الضحى إلى آخر القرآن (وعند الشافعية) طواله من الحجرات إلى سورة عم يتساءلون وأوساطه إلى الضحى وقصاره إلى آخر القرآن (وعند الحنابلة) طواله من ق إلى عم يتساءلون وأوساطه إلى الضحى وقصاره إلى آخر القرآن وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه)(هق) وسنده جيد
-[جواز قراءة أكثر من سورة بعد الفاتحة]-
(553)
عن نافعٍ قال رَّبما أمَّنا ابن عمر بالسُّورتين والثَّلاث فى الفريضة
(554)
عن نهيك بن سنانٍ السَّلميِّ أنه أتى عبد الله بن مسعودٍ رضى الله عنه فقال قرأت المفصَّل اللَّيلة فى ركعةٍ (1) فقال هذَّا مثل هذِّ الشِّعر (2) أو نثرًا مثل نثرٍ الدَّقل (3) إنَّما فصِّل لتفِّصلوا، لقد علمت النَّظائر (4) الَّتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن (5) عشرين سورةً، الرَّحمن
553 عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع قال الخ (تخريجه)(هق) وأرده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 554 عن نهيك بن سنان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام (غريبه)(1) سبب قول نهيك جاء في رواية أخرى للإمام أحمد ذكرته في كتاب تفسير القرآن في باب ما جاء من القراآت مفصلاً وذكره مسلم من رواية أبي وائل قال " جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف؟ ألفاً تجده أم ياء؟ من ماء غير آسن أو ماء غير ياسن قال فقال عبد الله وكل القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال إني لأقرأ المفصل في ركعة الحديث " والمعنى أن نهيك أخبر ابنم سعود بكثرة تهذبه هذا كهذ الشعر وهو بتشديد الذال أي تسرع إسراعاً كإسراع الشعر لأن الهذ معناه شدة الإسراع والإفراط في العجلة والاستفهام إنكاري بمعنى النهي فكأنه قال لا تسرع في القراءة ففيه النهي عن الهذ والحث على الترتيل والتدبر وبه قال الجمهور (3) الدقل بفتحتين هو ردئ التمر ويابسه لأن لردائته ويبسه لا يجتمع ويكون منثوراً وشبه قراءته به لتساقط الترتيل فيها كما يتساقط الرطب اليابس من العذق (وقوله إنما فصل) أي بينت معانيه أحكمت أحكامه (لتفصلوا) أي تبينوا ألفاظه وترتلوا قراءته (4) يعني السور المتماثلة في المعني كالمواعظ والحكم والقصص لا المتماثلة في عدد الآي (5) أي يجمع بين كل اثنتين منهن وقوله عشرين مفعول ثان لقول علمت وفي رواية لمسلم " إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين في ركعة عشرين سورة في عشر ركعات " ورواية أبي داود " كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة النجم والرحمن في ركعة واقتربت والحاقة في ركعة
-[تأليف مصحف عبد الله بن مسعود خلاف تأليف المصحف العثمانى]-
والنَّجم (1) على تأليف ابن مسعود كلَّ سورتين فى ركعةٍ، وذكر الدُّخان وعمَّ يتساءلون فى ركعةٍ (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(2) عن أبى إسحاق عن الأسود بن يزيد وعلقمة عن عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ) أنَّ رجلًا أتاه فقال قرأت المفصَّل فى ركعةٍ فقال بل هذذت كهذِّ الشعر أو كنتر الدَّقل، لكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل كما فعلت، كان يقرأ النُّظر (3) الرَّحمن والنِّجم فى ركعةٍ، قال فذكر أبو إسحاق عشر ركعاتٍ بعشرين سورةً على تأليف عبد الله (يعنى ابن مسعود) آخرهنَّ إذا الشَّمس كوِّرت والدُّخان
(555)
عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
والطور والذاريات في ركعة وإذا وقعت ونون في ركعة وسأل سائل والنازعات في ركعة وويل للمطففين وعبس في ركعة والمدثر والمزمل في ركعة وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة قال أبو داود هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله تعالى " أي ما ذكر من ترتيب السور في كل ركعتين على هذه الهيئة تأليف ابن مسعود وجمعه له في صحيفته (قال الحافظ) فيه دلالة على أن تأليف مصحف ابن مسعود غير تأليف العثماني وكان أوله الفاتحة ثم البقرة ثم النساء ثم أل عمران ولم يكن على ترتيب النزل ويقال إن مصحف على كان على ترتيب النزول أوله اقرأ ثم المدثر ثم ن والقلم ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير ثم سبح وهكذا الخ المكي ثم المدني وال تعالى أعلم وأما ترتيب المصحف على ما هو عليه الآن فقد قال القاضي أبو بكر الباقلاني يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بترتيبه هكذا ويحتمل أن يكون من اجتهاد الصحابة اهـ (1) أي في ركعة على تأليف ابن مسعود وقد علمته وهكذا كل سورتين من العشرين في ركعة كما تقدم بيانه في رواية أبي داود قال القاضي عياض رحمه الله هذا صحيح موافق لرواية عائشة وابن عباس أن قيام النبي صلى الله لعيه وسلم كان إحدى عشرة ركعة بالوتر وأن هذا كان قدر قراءته غالباً وأن تطويله الوارد إنما كان في التدبر والترتيل وما ورد غير ذلك في قراءته البقرة والنساء وآل عمران كان في نادر من الأوقات اهـ (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبي إسحاق الخ (3) هكذا بالأصل في هذه الرواية ولم أقف عليها لغير الإمام أحمد (تخريجه)(ق. د. وغيرهم) 555 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب
-[جواز قراءة بعض سورة عقب الفاتحة]-
يقرأ فى ركعتيه قبل الفجر بفاتحة القرآن والآيتين من خاتمة البقرة فى الراَّكعة الأولى، وفى الرَّكعة الآخرة بفاتحة القرآن وبالآية من سورة آل عمران {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم} حتَّى يختم الآية
(556)
عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفاتٍ (2) عظامٍ سمانٍ؟ قال قلنا نعم، قال فثلاث آياتٍ يقرأ بهنَّ في الصَّلاة خيرٌ له منهنَّ
(557)
عن أبي ذرٍّ رضى الله عنه قال صلَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً
ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس عن بعض أهله عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ ورواه مسلم بسنده عن سعيد بن يسار عن ابن باس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا " والتي في آل عمران " تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " وفي لفظ آخر عند مسلم أيضاً عن سعيد بن يسار أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) وفي إسناد رواية الإمام أحمد من لم يسم لكن يشهد ما ذكرناه من روايتي مسلم 556 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة " الحديث "(غريبه)(1) بفتح الخاء وكسر اللام الحوامل من الإبل على أن يمضي عليها نصف أمدها ثم هي عشار والواحدة خلفة وعشراء وكانت الإبل المتصفة بذلك لها قيمة عظيمة عند العرب والمعنى أن تعلم ثلاث آيات من القرآن يقرأ بهن في الصلاة خير له من وجود هذه الإبل ملكاً له بغير ثمن ومحل هذا الحديث في فضل تعلم القرآن وقد أثبته هنا للاستشهاد به على جواز القراءة بعد الفاتحة ببعض سورة لاحتماله ذلك (تخريجه)(م. وغيره) 557 عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل
-[جواز تكرير آية أو سورة فى كل ركعة]-
فقرأ بآية حتَّى أصبح يركع ويسجد بها {إن تعذِّبهم فإنَّهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنَّك أنت العزيز الحكيم} فلمَّا أصبح قلت يا رسول الله ما زلت نقرأ هذه الآية حتَّى أصبحت تركع وتسجد بها، قال إنِّى سألت الله الشَّفاعة لأمَّتى فأعطانيها، وهى نائلةٌ إن شاء الله لمن لا يشرك بالله عز وجل شيئًا
(21)
) باب جامع القراءة فى الصلوات
(558)
عن سليمان بن يسارٍ عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ما رأيت رجلًا (وفى روايةٍ ما صلَّيت وراء أحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاةٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلانٍ لإمامٍ كان بالمدينة (1) قال سليمان بن يسارٍ فصلَّيت خلفه فكان يطيل الأوليين (وفى روايةٍ الرَّكعتين الأوليين) من الظُّهر
حدثني فليت العامري عن ميسرة العامرية عن أبي ذر الخ (تخريجه)(نس. جه. ك) وقال صحيح (وفي الباب) عن أنس رضي الله عنه قال " كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها فكان يصنع ذلك في كل ركعة فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة قال إني أحبها قال حبك إياها أدخلك الجنة " روا الترمذي وأخرجه البخاري تعليقاً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز قراءة أكثر من سورة بعد الفاتحة في ركعة وعلى قراءة بعض سورة مع الفاتحة في ركعة وعلى جواز تكرير سورة أو آية بعد الفاتحة في كل ركعة وعلى استحباب القراءة في ركعتي الفجر بعد الفاتحة بالآية من سورة البقرة في الركعة الأولى وفي الثانية بالآية من سورة آل عمران إلى قوله (بأنا مسلمون) أو يقل يأ أيها الكافرون في الركعة الأولى ويقل هو الله أحد في الثانية لثبوت ذلك في الأحاديث الصحيحة وسيأتي مزيد بحث في محله من أبواب الرواتب والله الموفق 558 عن سليمان بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة " الحديث (غريبه)(1) هو عمر بن عبد العزيز كما سيأتي التصريح بذلك
-[جامع القراءة فى الصلوات]-
ويخفِّف الأخريين، ويخفِّف العصر، ويقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصَّل، ويقرأ فى الأوليين من العشاء من وسط المفصَّل، ويقرأ فى الغداة (وفي روايةٍ فى الصُّبح) بطوال المفصَّل، قال الضَّحَّاك وحدَّثنى من سمع أنس بن مالكٍ (1) يقول ما رأيت أحدًا أشبه صلاةٍ بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعنى عمر بن عبد العزيز، قال الضَّحَّاك فصلَّيت خلف عمر بن عبد العزيز وكان يصنع مثل ما قال سليمان بن يسارٍ
(559)
عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ فى الظُّهر واللَّيل إذا يغشى، وفى العصر نحو ذلك، وفى الصُّبح أطول من ذلك
(560)
عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمُّنا يقرأ بنا فى الرَّكعتين الأوليين من صلاة الظُّهر ويسمعنا الآية أحيانًا، ويطول في الأولى، ويقصِّر في الثَّانية، وكان يفعل ذلك في صلاة الصُّبح يطوِّل
في الحديث من طريق الضحاك (1) حديث أنس بن مالك رواه النسائي قال أخبرنا قتيبة قال حدثنا العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال " دخلنا على أنس بن مالك فقال صليتم؟ قلنا نعم قال يا جارية هلمي لي وضوأ ما صليت وراء إمام أشبة صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا قال زيد وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود "(تخريجه)(نس وغيره) وقال الحافظ في الفتح صححه ابن خزيمة وغيره وقال في بلوغ المرام أن اسناده صحيح 559 عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا شعبة عن سماك عن جابر بن مسرة الخ (تخريجه)(م. د. نس) 560 عن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة
-[لا صلاة إلا بقراءة]-
الأولى ويقصِّر فى الثَّانية وكان يقرأ بنا في الرَّكعتين الأوليين من صلاة العصر (1)
(561)
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال كلُّ صلاة يقرأ (2) فيها فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم (3)
(562)
وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمُّنا فى الصَّلاة فيجهر ويخافت، فجهرنا فيما جهر به، وخافتنا فيما خافت فيه، فسمعته يقول لا صلاة إلَاّ بقراءةٍ (4)
عن أبيه (غريبه)(1) يعني بفاتحة الكتاب وسورة كما يستفاد ذلك من رواية أخرى عن ي باب قراءة السورة بعد الفاتحة (تخريجه)(ق. د. نس. جه) وتقدم الكلام على شرحه في باب قراءة السورة بعد الفاتحة حيث لا ذكر لأبي قتادة حديث آخر هناك بنحو هذا 561 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عد الله حدثني أبي ثنا عبد الواحد الحداد أبو عبيدة ثنا حبيب بن الشهيد عن عطاء قال قال أبو هريرة كل صلاة يقرأ فيها الخ (غريبه)(2) بالبناء للمجهول (3) يعني أن الصلاة التي كان يجهر فيها رسول الله صلى اله عليه وسلم ويسمعنا القراءة فيها جهرنا وأسمعناكم القراءة والتي كان يسر فيها اسررنا بها وأخفيناها عليكم والغرض من هذا أن الجهر والسر منقولان عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه)(ق. د. نس. وغيرهم) 562 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة " الحديث "(غريبه)(4) رواية أبي عوانه " وسمعته يقول لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " قال الحافظ في الفتح وظاهر سياقه أن ضمير سمعته للنبي صلى الله عليه وسلم فيكون مرفوعاً بخلاف رواية الجماعة " يعني الحديث الذي قبله " فقوله ما أسمعنا وما أخفى عنا يشعر بأن جميع ما ذكره متلقى عن النبي صلى اله عليه وسلم فيكون للجميع حكم الرفع اهـ (تخريجه)(هق. وأبو عوانه)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية تطويل القراءة في صلاتي الصبح والظهر وتكون في الصبح أطول وعلى التوسط في العصر والعشاء وعلى التخفيف في المغرب (قال النووي رحمه الله تعالى) قال العلماء كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الإطالة ولتخفيف باختلاف الأحوال فإذا كان المأمون يؤثرون التطويل ولا شغل هناك له ولا لهم طول وإذا لم يكن كذلك خفف وقد يريد
-[حكم تطويل القراءة وتقصيرها، والجهر والاسرار بها]-
(22)
باب القراءة فى الظهر والعصر
(563)
عن أبى معمر قال قلنا لخبَّابٍ (1) رضى الله عنه هل كان
الإطالة ثم يعرض ما يقتضي التخفيف كبكاء صبي ونحوه وينضم إلى هذا أنه قد يدخل في الصلاة في أثناء الوقت فيخفف وقيل إنما طول في بعض الأوقات وهو الأقل وخفف ف معظمها فالإطالة لبيان جوازها والتخفيف لأنه الأفضل وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتخفيف وقال " إن منكم منفرين فإيكم صلى بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة " وقيل طول في وقت وخفف في وقت ليبين أن القراءة فيما زاد على الفاتحة لا تقدير فيها من حيث الاشتراط بل يجوز قليلها وكثيرها وإنما المشترط الفاتحة ولهذا اتفقت الروايات عليها واختلف فيما زاد وعلى الجملة السنة التخفيف كما أمر به النبي صلى الله عليه وللعلة التي بينها وإنما طول في بعض الأوقات لتحققه انتفاء العلة فإن تحقق أحد انتفاء العلة طول قال (وأما اختلاف قدر القراءة في الصلوات) فهو عند العلماء على ظاهره قالوا فالسنة أن يقرأ في الصبح والظهر بطوال المفصل ويكون الصبح أطول وفي العشاء والعصر بأوساطه وفي المغرب بقصاره قالوا والحكمة في إطالة الصبح والظهر أنهما في وقت غفلة بالنوم آخر الليل وفي القائلة فيطولهما ليدركهما المتأخر بغفلة ونحوها والعصر ليست كذلك بل تفعل في وقت تعب أهل الأعمال فخففت عن ذلك والمغرب ضيقة الوقت فاحتيج على زيادة تخفيفها لذلك ولحاجة الناس إلى عشاء صائمهم وضيفهم والعشاء في وقت غاية النوم والنعاس ولكن وقتها واسع فاشبهت العصر والله أعلم اهـ م (وأما الجهر والإسرار بالقراءة في الصلوات) فقد اجمعت الأمة على أن الجهر يكون في ركعتي الصبح والجمعة والأوليين من المغرب والعشاء وعلى أن الأسرار في الظهر والعصر وثالثة المغرب والأخريين من العشاء (واختلفوا) في العيد والاستسقاء فجمهور الأئمة على أنه يجهر في العيدين (أما الاستسقاء) فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه يجهر فيهما وبه قال أبو يوسف ومحمد (وقال أبو حنيفة) لا صلاة في الاستسقاء وإنما فيها دعاء واستغفار (وأما الخسوف والكسوف) فقال جمهور الفقهاء يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر وقال الطبري يخير فيهما بين السر والجهر وقال ابن المنذر وابن خزيمة وإسحاق يجهر فيهما (وأما بقية النوافل) فالنهارية لا جهر فيها والليلية يخير فيها بين الجهر والاسرار (والجنازة) يسر فيها ليلاً ونهاراً وقيل يجهر بها ليلاً والله أعلم 563 عن أبي معمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر " الحديث "(غريبه)(1) بفتح الخاء
-[ما كان يستدل به على قراءة النبى صلى الله عليه وسلم فى الظهر والعصر]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر والعصر؟ قال نعم (1) قال فقلنا بأىِّ شئٍ كنتم تعرفون ذلك؟ قال فقال باضطراب لحيته
(564)
عن عبد الله بن عبيد الله بن عبَّاسٍ قال دخلت أنا وفتيةٌ (2) من قريش على ابن عبَّاس، قال فسألوه هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر والعصر؟ قال لا، فقالوا فلعلَّه كان يقرأ فى نفسه (3) قال خمشًا، هذه شرٌّ، (4) إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عبدًا مأمورًا بلَّغ ما أرسل به، وإنَّه لم يخصَّنا دون النَّاس إلَاّ بثلاث (5) أمرنا أن نسبغ الوضوء (6) ولا نأكل الصدَّقة (7) ولا ننرى (8) حمارًا على فرسٍ
ثم باء مشددة مفتوحة هو ابن الأرث بفتح الهمزة والراء صحابي جليل وهو عربي لحقه سباء في الجاهلية فبيع بمكة وكان من السابقين إلى الإسلام وممن عذب في الله تعالى وكان سادس ستة في الإسلام قال مجاهد أول من أظهر إسلامه من الصحابة أبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار فكان أبو بكر رضي الله عنه يمنه عنه قومه وأما الآخرون فكانوا يعذبونهم وهم صابرون رضي الله عنهم وستأتي ترجمته مستوفاة في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (1) لعلهم ظنوا أنه لا قراءة في الظهر والعصر لعدم الجهر بالقراءة فيهما فسألوا خبايا ليتثبتوا (تخريجه)(خ. نس. جه. هق. والطحاوي) 564 عن عبد الله بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن سالم أبو جهضم ثنا عبد الله بن عبيد الله بن عباس " الحديث "(غريبه)(2) جمع فتى وهو الشاب وفي رواية أبي داود " دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم " والشباب جمع شاب وهو من بلغ الحلم إلى الثلاثين (3) أي سراً (وقوله خمشاً) بالشين المعجمة مصدر خمش من بابي ضرب ونصر أي دعا عليه بخموش جلده أو وجهه كما يقال جدعاً له وطعناً (4) رواية أبي داود هذه شر من الأولى أي مسألتك الثانية شر لأنها تتضمن اتهامه صلى الله عليه وسلم بالكتمان ولذلك قال (كان عبداً مأمور بلغ ما أرسل به) فأفعل التفضيل ليس على بابه لأن المسألة الأولى لا شر فيها (5) لعل ابن عباس رضي الله عنهما فهم من حال السائل أنه صلى الله عليه وسلم كان يخص آل بيته ببعض المسائل الدينية فقال ذلك (6) أي نتمه (7) أي واختصنا صلى الله عليه وسلم أن لا نأكل الزكاة لما روى مسلم وغيره عن عبد المطلب بن ربيعة مرفوعاً " إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد "(8) أي لا نحمله عليها للنسل يقال نزا على الشيء ينزو إذا وثب عليه ويتعدى بالهمز
-[من قال بعدم القراءة فى الظهر والعصر]-
(565)
عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قرأ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فى صلواتٍ وسكت (1) فنقرأ فيما قرأ فيهنَّ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم ونسكت فيما سكت، فقيل له فلعلَّه كان يقرأ فى نفسه، فغضب منها وقال أيتَّهم (وفى روايةٍ أنتَّهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)
(566)
عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قد حفظت السُّنَّة
والتضعيف فيقال أنزاه صاحبه ونزاه ينزيه أي حمله على النزو واستشكل اختصاص آل البيت بإسباغ الوضوء وبالنهي عن إنزاء الحمار على الفرس والناس كلهم في ذلك سواء (وأجيب) بأن إسباغ الوضوء في حقهم للوجوب وفي حق غيرهم للندب ولعل وجوب كل أعمال الوضوء عليهم كان في صدر الإسلام وبأن النهي عن انزاء الحمار على الفرس في حقهم للتحريم وفي حق غيرهم للكراهة وشدد على أهل البيت دون غيرهم لمزيد شرفهم ولأنه يقتدي بهم والحكمة في النهي عن ذلك كما قاله الخطابي أن الحمر إذا حملت على الخيل قل عددها وانقطع نماؤها وتعطلت منافعها والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والجهاد وإحراز الغنائم وغير ذلك من المنافع وليس للبغال شيء من هذه فأحب أن يكثر نسلها ليكثر الانتفاع لها اهـ (تخريجه)(د. نس. والطحاوي) وسنده جيد 565 عن عكرمة عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيد المعنى وقال ابن أبي عدي عن سعيد عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(1) يعني أنه سكت في الظهر والعصر وهذا باعتبار علمه وقتئذ فقد ثبت الأمر بالقراءة عن كثير من الصحابة ولعل ابن عباس لم يبلغه قراءة صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر إذ ذاك فلما بلغه رجع عنه فقد روى أبو بكر بن أبي شيبة من طريق سلمة بن كهيل عن الحسن العربي عن ابن عباس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر " وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار عن يزيد بن هارون قال أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن العيزار بن حريث عن ابن عباس قال " اقرأ خلف الإمام بفاتحة الكتاب في الظهر والعصر " وروى عن العيزار أيضاً قال شهدت ابن عباس فسمعته يقول لا تصل صلاة إلا قرأت فيها ولو بفاتحة الكتاب (2) يعني أنه صلى الله عليه وسلم لم يكتم شيئاً أمر بتبليغه فلو كان يقرأ في الظهر والعصر لبلغنا ذلك وقد علمت ما فيه (تخريجه)(خ) ولفظه " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر وما كان ربك نسياً لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " 566 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن
-[حجة من قال بالقراءة فى الظهر والعصر]-
كلَّها (1) غير أنِّي لا أدرى أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر والعصر أم لا، (2)(زاد في روايةٍ ولكنَّا نقرأ) ولا أدرى كيف كان يقرأ هذا الحرف (وقد بلغت من الكبر عتيًّا أو عسيًّا)(3)
(567)
عن المطَّلب بن عبد الله قال تماروا فى القراءة في الظُّهر والعصر فأرسلوا إلى خارجة بن زيدٍ فقال قال أبى (4) قام أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام ويحرِّك شفتيه فقد أعلم ذلك لم يكن إلَاّ لقراءة (5)
النعمان ثنا هشيم أنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(1) أي معظمها وكان يقال لابن عباس حبر الأمة والبحر لكثرة علمه دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة وحنكه بريقه حين ولد وثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ضم ابن عباس إلى صدره وقال " اللهم علمه الكتاب " وله في رواية أخرى " اللهم علمه الحكمة " ولمسلم في رواية " اللهم فقهه " وعند الإمام أحمد " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " ومناقبه كثيرة سنذكرها في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (2) المعنى أن ابن عباس رضي الله عنهما شك في قراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر وقد روى عنه الجزم بعد القراءة كما تقدم وروى عنه أيضاً ثبوت القراءة فكيف الجمع بين هذه الروايات؟ (قلت) كيفية الجمع أن يقال أنه جزم أولاً بعد القراءة كما تفيده رواياته السابقة ولما تكلم بعض الصحابة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما تشكك فقال لا أدري ولما تواترت أخبار الصحابة بالقراءة جزم بالقراءة فيهما والله أعلم (3) يعني ابن عباس رضي الله عنهما شك أيضاً في القراءة في قوله تعالى حكاية عن زكريا (وقد بلغت من الكبر عتياً) هل قرأ النبي صلى الله عليه وسلم عتياً بالتاء الفوقية أو عسياً بالسين المهملة لأن معناهما واحد يقال عتا أي عسى عظمه ونجل ولم يبق فيه لقاح ولا جماع والعرب تقول للعود إذا يبس عتا يعتو عتياً وعتواً وعسى يعسو عسواً وعسياً (تخريجه)(د) وابن جرير في تفسيره وسنده جيد 567 عن المطلب بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله " الحديث "(غريبه)(4) يعني زيد ابن ثابت رضي الله عنه (وقوله قام أو كان) شك الراوي هل قام زيد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام (5) يعني أن زيداً رضي الله عنه كان يستدل على قراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر بتحريك شفتيه وفي حديث أبي الأحوص الآتي بعد هذا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال (كانت تعرف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر
-[ثبوت القراءة فى الظهر والعصر]-
(568)
عن أبي الأحوص عن بعض أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال كانت تعرف قراءة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فى الظُّهر بتحريك لحيته
(569)
عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كنَّا نحرر (1) قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظُّهر والعصر، قال فحزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الظُّهر الرَّكعتين الأوليين قدر قراءة ثلاثين آيةً (2) قدر قراءة سورة آلم تنزيل السَّجدة، قال وحزرنا قيامه في الأخريين على النَّصف من ذلك، قال وحزرنا قيامه فى العصر فى الرَّكعتين الأوليين على النَّصف من ذلك (3) قال وحزرنا قيامه فى الأخريين فى النِّصف من الأوليين
بتحريك لحيته) وكل من تحريك شفتيه أو لحيته ليس كافياً في الدلالة على القراءة لاحتمال انه صلى الله عليه وسلم كان يشتغل بتسبيح أو ذكر فلا بد من قرينة أخرى تعيين القراءة ولعلهم قاسوا هاتين الصلاتين على الصلاة الجهرية سيما إذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة (فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا) وهو حديث صحيح رواه الشيخان والإمام احمد وتقدم في باب قراءة السورة بعد الفاتحة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه كثير بن زيد واختلف في الاحتجاج به 568 عن أبي الأحوص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان بن أبي الزعراء عن أبي الأحوص " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات 569 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور يعني ابن زاذان عن الوليد بن مسلم عن أبي المتوكل أو عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري " الحديث "(غريبه)(1) بتقديم الزاي على الراء من باب ضرب وقتل أي تقدر قيامه للقراءة في صلاتي الظهر والعصر (2) أي في كل ركعة كما في رواية سلم " كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية "(3) أي قدر الأخريين من الظهر كما صرح بذلك في رواية أبي داود (تخريجه)(م. د. نس والطحاوي وغيرهم)
-[تطويل الركعة الأولى من صلاة الظهر]-
(570)
عن ربيعة بن يزيد قال حدَّثنى فزعة قال أتيت أبا سعيدٍ وهو مكثورٌ (1) عليه، فلمَّا تفرَّق النَّاس عنه قلت إنِّى لا أسألك عمَّا يسألك هؤلاء عنه، قلت أسألك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مالك فى ذلك من خيرٍ، (2) فأعادها عليه، فقال كانت صلاة الظُّهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضى حاجته ثمَّ يأتى أهله فيتوضَّأ ثمَّ يرجع إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرَّكعة الأولى
(571)
عن عبد الله بن أبى أوفي رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقوم فى الرَّكعة الأولى من صلاة الظُّهر حتَّى يسمع وقع (2) قدم
(572)
عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر بسبِّح اسم ربِّك الأعلى ونحوها، وفى الصُّبح بأطول من ذلك،
570 عن ربيعة بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال حدثني معاوية يعني ابن صالح عن ربيعة بن يزيد " الحديث "(غريبه)(1) أي عنده ناس كثيرون للاستفادة منه (2) معناه أنك لا تستطيع الإتيان بمثلها لطولها وكمال خشوعها وان تكلفت ذلك شق عليك ولم تحصله فتكون قد علمت السنة وتركتها 0 تخريجه) (م. وغيره) 571 عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام محمد بن جحادة (بتقديم الجيم وضمها) عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفي " الحديث "(غريبه)(3) أي حتى لا يحس بداخل وهو غاية للتطويل في القيام للقراءة في الركعة الأولى من الظهر (تخريجه) رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن عفان بسند حديث الباب وفيه رجل لم يسم وهو طرفة الحضرمي صاحب ابن أبي أوفى مقبول من الخامسة لم يقع مسمى في رواية أبي داود اهـ (قلت) وبقية رجال حديث الباب ثقات 572 عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان ابن داود ثنا شعبة عن سماك سمع جابراً يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث ط (تخريجه)(م. وغيره)
-[مقدار القراءة في الظهر والعصر]-
(573)
عن أبي العالية قال اجتمع ثلاثون من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا أمَّا ما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة فقد علمناه، وما لا يجهر فيه فلا نقيس بما يجهر به، قال فاجتمعوا فما اختلف منهم اثنان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظُّهر قدر ثلاثين آيةً فى الرَّكعتين الأوليين فى كلِّ ركعةٍ، وفى الرَّكعتين الأخريين قدر النِّصف من ذلك،
573 عن أبي العالية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن زيد العمي عن أبي نضرة قال يزيد أنا سفيان عن زيد العمي عن أبي العلاية " الحديث "(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط ويقال أن يزيد بن هارون سمع منه في حال اختلاطه والله أعلم اهـ (قلت) الحديث له شاهد عند مسلم والنسائي والطحاوي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الآخريين قدر قراءة خمس عشرة آية وفي الآخريين قدر نصف ذلك " وهذا لفظ مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية القراءة في الظهر والعصر وأما إنكار ابن عباس رضي الله عباس رضي الله عنهما ذلك فكان في أول الأمر ثم ثبت عنه الرجوع إلى القراءة كما تقدم (قال الخطابي رحمه الله وهذا وهم من ابن عباس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الظهر والعصر من طريق كثيرة (منها) حديث أبي قتادة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا (ومنها) حديث خباب " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر فقيل له بم كنتم تعرفون؟ قال باضطراب لحيته؟ اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) دلالة على تطويل القراءة في الركعتين الأوليين من الظهر بقدر ثلاثين آية في كل ركعة وفي الركعتين الأوليين من العصر في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وقد وردت أحاديث مختلفة في قدر القراءة في الظهر والعصر (قال الترمذي رحمه الله وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة وروى عنه أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية وفي الركعة الثانية قدر خمس عشرة آية وروى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل ورأى بعض أهل العلم أن قراءة صلاة العصر كنحو القراءة في صلاة المغرب يقرأ بقصار المفصل
-[القراءة في المغرب بسورة والطور]-
ويقرأ في العصر فى الأوليين بقدر النِّصف من قراءته في الرَّكعتين الأوليين من الظُّهر، وفي الأخريين قدر النَّصف من ذلك
(23)
باب القراءة فى المغرب
(574)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ وبهزٌ قالا ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال سمعت بعض إخونى يحدِّث عن أبى عن جبير (1) ابن مطعمٍ أنَّه أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في فداء المشركين قال بهزٌ فى فداء أهل بدرٍ، وقال ابن جعفرٍ وما أسلم يومئذٍ، قال فانتهيت إليه وهو يصلِّى المغرب وهو يقرأ فيها بالطُّور، قال فكأنَّما صدع قلبي (2) حيث سمعت القرآن، وقال
وروي عن إبراهيم النخمي أنه قال تعدل صلاة العصر بصلاة المغرب في القراءة وقال إبراهيم تضعف صلاة الظهر على صلاة الظهر على صلاة العصر في القراءة أربع مرار اهـ (قلت وفي الباب أيضاً) عند مسلم من حديث جابر بن سمرة قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك وفي الصبح أطول من ذلك " وعنه في رواية أخرى عند أبي داود والترمذي وصححه " كان يقرأ في الظهر بو السماء ذات البروج " وعنه في رواية أخرى عند أبي داود والترمذي وصححه " كان يقرأ في الظهر بو السماء ذات البروج والسماء والطارق وشبههما "(وعن البراء بن عازب) أنه صلى الله عليه وسلم قرأ من سورة لقمان والذاريات في صلاة الظهر " أخرجه النسائي (وعن أنس) " أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الأولى من الظهر بسبح اسم ربك العلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية " أخرجه أيضاً النسائي (قال الحافظ) في الفتح وجمع بينها بوقوع ذلك في أحوال متغايرة إما لبيان الجواز أو لغير ذلك من الأسباب واستدل ابن العربي باختلافها على عدم مشروعية سورة معينة في صلاة معينة وهو واضح فيما اختلف لا فيما لم يختلف كتنزيل وهل أتى في صبح يوم الجمعة اهـ كلام الحافظ (قلت) وقوله كتنزيل (يعني ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه) سورة السجدة 574 حدثنا عبد الله (غريبه)(1) جبير بالتصغير ومطعم بضم الميم وكسر العين بينهما طاء مهملة ساكنة ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي قدم على النبي صلى اله عليه وسلم في وفد أسارى بدر فسمعه يقرأ الطور قال فكان ذلك أول ما دخل الإيمان في قلبي روى ذلك البخاري في الصحيح وقال له النبي صلى الله عليه وسلم لو كان أبوك حياً وكلمني فيهم وهبتهم له وأسلم جبير ببن الحديبية والفتح وقيل في الفتح وقال البغوي أسلم قبل فتح مكة ومات في خلافة معاوية أفاده الحافظ (ص)(2) أي انشق وتمزق لشدة تأثره
-[القراءة في المغرب بسورة الأعراف فى الركعتين]-
بهزٌ في حديثه فكأنِّما صدع قلبي حين سمعت القرآن
(575)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ ثنا ابن جريجٍ عن ابن أبى مليكة أخبرنى عروة بن الزُّبير أنَّ مروان أخبره أنَّ زيد بن ثابتٍ قال له مالى أراك تقرأ فى المغرب بقصار السُّور، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بطولى الطُّوليين، قال ابن أبى مليكة (وفى روايةٍ قلت (1) لعروة) ما طولى الطُّوليين قال الأعراف
(576)
حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا وكيعٌ ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبى أيوب أو (2) عن زيد بن ثابتٍ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ فى المغرب بالأعراف في الرَّكعتين
بسماع القرآن وفي رواية للبخاري في التفسير بلفظ سمعته يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية " أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون " الآيات التي قوله المصيطرون كاد قلبي يطير (تخريجه)(ق. د. نس. جه) كلهم من طريق محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه بلفظ (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بالطور في المغرب) وللإمام أحمد رحمه الله روايات أخرى من هذا الطريق بهذا اللفظ وبأطول منه (فمن الطوال) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد قال ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أهل بدر فقام فصلى بالناس صلاة الغرب فقرأ بالطور) وقد أتيت بهذا الطريق دفعاً لما يتوهم من أن الإمام أحمد لم يرو هذا الحديث من طريق محمد بن جبير عن أبيه كما رواه الجماعة 575 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر الخ (غريبه)(1) أي قال ابن أبي مليكة لعروة ما طولي الطوليين قال الأعراف زاد أبو داود في روايته (والأنعام قال " يعني ابن جريج " وسألت أنا ابن أبي مليكة فقال لي من قبل نفسه المائدة والأعراف) اهـ (قلت) والثانية من الطوليين الأنعام قال الحافظ وهو المحفوظ قال ابن المنير تسمية الأعراف والأنعام بالطوليين إنما هو لفرق فيهما لا أنهما أطول من غيرهما اهو قيل ثانية الطوليين المائدة كما ذكره ابن أبي مليكة وقيل يونس والله أعلم (تخريجه)(خ. والثلاثة. هق. طب) 576 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع (غريبه)(2) شك الراوي
-[القراءة في المغرب بالمرسلات]-
(577)
عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنَّه قال إنَّ أمِّ الفضل بنت الحارث (1) سمعته (2) وهو يقرأ والمرسلات عرفًا فقالت يا بنىَّ لقد ذكَّرتنى (3) بقراءتك هذه السوُّرة، إنَّها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب
(578)
عن أمِّ الفضل بنت الحارث رضى الله عنها قالت صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته متوشِّحًا فى ثوبٍ المغرب فقرأ المرسلات، ما صلَّى بعدها حتَّى قبض صلى الله عليه وآله وسلم
(579)
عن حنظلة السُّدوسىِّ قال قلت لعكرمة إنِّى أقرأ في صلاة
فيمن روى هذا الحديث من الصحابة هل هو أبو أيوب أو زيد بن ثابت وقد روى هذا الحديث عن كل واحد منهما منفرداً وسيأتي بيان ذلك في التخريج (تخرجيه) أورده الهيثمي بلفظه وقال رواه أحمد والطبراني وحديث زيد بن ثابت في الصحيح خلا قوله فرقها في الركعتين ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي أيوب وأخرجه ابن خزيمة عن زيد بن ثابت وأخرج مثله النسائي عن عائشة وقد استدل الخطابي وغيره بالحديث على امتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق والله أعلم 577 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وحدثنا حماد بن خالد قال ثنا مالك المعنى عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(1) هي والدة ابن عباس الراوي عنها وبذلك صرح الترمذي فقال (عن أمه أم الفضل) واسمها لبابة بنت الحارث الهلالية ويقال إنها امرأة أسلمت بعد خديجة (2) أي شيئاً نسيته (ت. لك والثلاثة وغيرهم) 578 عن أم الفضل (سنده) حدثنا عبد الله حدود ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن حميد عن أنس عن أم الفضل " الحديث "(تخريجه)(نس. هق) وسنده جيد 579 عن حنظلة السدوسي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان
-[القراءة في المغرب بالمعوذتين]-
المغرب بقل أعوذ بربِّ الفلق وقل أعوذ بربِّ النَّاس، وإنَّ ناسًا يعيبون ذلك علىَّ، فقال وما بأسٌ بذلك، اقرأهما فإنَّهما من القرآن، ثمَّ قال حدَّثنى ابن عباسٍ رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء فصلَّى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأمِّ الكتاب
(580)
عن يزيد بن أبى حبيب قال حدَّثنى أبو عمران أنَّه سمع عقبة بن عامرٍ يقول تعلَّقت بقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أقرئنى سورة هودٍ وسورة يوسف، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عقبة بن عامرٍ لم تقرأ سورةٌ أحبُّ إلى الله عز وجل ولا أبلغ عنده من قل أعوذ بربِّ الفلق، قال يزيد لم يكن أبو عمران يدعها، وكان لا يزال يقرؤها فى صلاة المغرب
ثنا عبد الوارث ثنا حنظلة السدوسي " الحديث "(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير وفيه حنظلة السدوسي ضعفه ابن معين وغيره ووثقه ابن حبان اهـ 580 عن يزيد بن أبي حبيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة وابن لهيعة قال سمعنا يزيد بن أبي حبيب يقول حدثني أبو عمران " الحديث "(تخريجه) راه النسائي بمثل حديث الباب إلى قوله قل أعوز برب الفلق وليس فيه قال يزيد الخ الحديث وسنده جيد (وفي الباب) عن زيد بن ثابت (كان يقرأ في الركعتين من المغرب بسورة الأنفال) رواه الطبراني ف الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن عمر) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح (وعن عبد الله بن زيد) أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالتين وه الطبراني في الكبير وفيه جابر الجعفي وثقه شعبة وسفيان وضعفه بقية الأئمة (وعن عبد الله بن الحارث) بن عبد المطلب " آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية يقل يا أيها الكافرون " رواه الطبراني في الكبير وفيه حجاج بن نصير ضعفه ابن المديني وجماعة ووثقه ابن معين في رواية ووثقه ابن حبان ذكر هذه الأحاديث الأربعة مع بيان درجاتها الهيثمي في مجمع الزوائد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بطوال المفصل وأحياناً
-[القراءة في العشاء بسورتى البروج والطارق]-
(24)
باب القراءة فى العشاء
(581)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ بالسَّموات (1) فى العشاء (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى العشاء الآخرة بالسَّماء يعني ذات البروج والسَّماء والطارق
بقصاره وقرأ في بعض الأحيان بطولي الطوليين في الركعتين وأنه صلى الله عليه وسلم لم يلتزم حالة واحدة في القراءة (قال الحافظ) وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يطيل القراءة في المغرب إما لبيان الجواز وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين اهـ (ف) وقال ابن خزيمة في صحيحه هذا من الاختلاف المباح فجائز للمصلى أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب إلا أنه إذا كان إماماً استحب له أن يخفف في القراءة اهـ (وقال الترمذي) روى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل وروى عن أبي بكر أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل قال وعلى هذا العمل عند أهل العلم وبه يقول ابن المبارك وأحمد وإسحاق قال الشافعي لا اكره ذلك بل أستحب أن يقرأ بهذه السور في صلاة المغرب اهـ كلام الترمذي (قال الحافظ) وكذا نقله البغوي في شرح السنة عن الشافعي والمعروف عند الشافعية أنه لا كراهية في ذلك ولا استحباب (وأما مالك) فاعتمد العمل بالمدينة بل وبغيرها (قال ابن دقيق) العيد استمر العمل على تطويل القراءة في الصبح تصيرها في المغرب والحق عندنا أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وتثبتت مواظبته عليه فهو مستحب وما لا تثبت مواظبته عليه فلا كراهة فيه اهـ (ف) والله أعلم 581 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا حماد بن عباد السدوسي قال أنا المهزم يحدث عن أبي هريرة (الحديث)(غريبه)(1) المراد بالسموات هنا والسماء ذات البروج والسماء والطارق كما فسرت بذلك في الطريق الثانية (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا رزيق يعني ابن أبي سلمى ثنا أبو المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه) أورده الهيثمي بطريقيه وقال رواهما أحمد وفيهما أبو المهزم ضعفه شعبة وابن المديني وأبو زرعه وأبو حاتم والنسائي وقال أحمد ما أقرب حديثه (قلت) قال الحافظ أبو المهزم بتشديد الزاي مكسورة التميمي البصري اسمه يزيد وقيل عبد الرحمن بن سفيان متروك من الثالثة اهـ (تق)
-[القراءة في العشاء بالتين والشمس وضحاها وبأطول من ذلك]-
(582)
عن البراء (بن عازبٍ رضى الله عنه) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى سفرٍ فقرأ فى العشاء الآخرة فى إحدى الرَّكعتين بالتِّين والزَّيتون (زاد فى روايةٍ) وما سمعت إنسانًا أحسن قراءةً منه (وفى أخرى) فلم أسمع أحسن صوتًا ولا أحسن صلاةً منه
(583)
عن عبد الله بن بريدة (الأسلمىِّ) عن أبيه أنَّ رسول لله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى صلاة العشاء بالشَّمس وضحاها وأشباهها من السُّور
(584)
عن أبى مجلزٍ قال صلَّى أبو موسى الأشعرىُّ رضى الله عنه بأصحابه وهو مرتحلٌ من مكَّة إلى المدينة فصلَّى العشاء ركعتين ثمَّ قام فقرأ مائة آيةٍ من سورة النِّساء فى ركعةٍ فأنكروا ذلك عليه فقال ما ألوت (1) أن أضع قدمى حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه، وأن أصنع مثل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم
582 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة ثنا عدي بن ثابت عن البراء (الحديث)(تخريجه)(ق. مذ. هق. وغيرهم) 583 عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه " الحديث " 584 عن أبي مجاز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا ثابت قال ثنا عاصم عن أبي مجاز " الحديث "(غريبه)(1) أي ما قصرت " وقوله " أن أضع قدمي إلى آخره مبالغة في شدة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء والمعنى أني ما فعلت شيئاً باجتهادي وإنما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا فعلته اقتداء به صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (وفي الباب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يا معاذ أفتان أنت؟ أو قال أفاتن أنت؟ فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى " وهو طرف من حديث طويل رواه الشيخان والإمام أحمد وكان ذلك في صلاة العشاء وسيأتي الحديث بطوله في باب قصة معاذ في تطويل الصلاة من أبواب الجماعة إن شاء الله تعالى (قال
-[القراءة في الصبح بق~ ويس~]-
(25)
باب القراءة فى الصبح وصبح يوم الجمعة
(585)
عن سماك بن حربٍ عن رجلٍ من أهل المدينة أنَّه صلَّى خلف النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ في صلاة الفجر ق~ والقرآن المجيد ويس~ والقرآن الحكيم
(586)
عن عمرو بن حريث (رضى الله عنه) قال سمعت رسول الله
الترمذي) وروى عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها وروى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أنهم قرءوا بأكثر من هذا وأقل كأن الأمر عندهم واسع في هذا وأحسن شيء في ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها والتين والزيتون اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية القراءة في العشاء بأوساط المفصل كما حكاه الترمذي عن الصحابة والتابعين وتقدم حديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة في باب جامع القراءة وفيه " ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط المفصل " وفي حديث معاذ الذي أشرنا إليه مشروعية التخفيف للإمام لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في بعض رواياته بلفظ " فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير " وفي لفظ " فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة "(قال أبو عمر) التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه مندوب عند العلماء إلي إلا أن ذلك إنما هو أقل الكمال وأما الحذف والنقصان فلا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب ورأي رجلاً يصلي ولم يتم ركوعه وسجوده فقال له ارجع فصل فإنك لم تصل وقال لا ينظر الله عز وجل إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده وقال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام قال ابن دن الأمور الإضافية فقد يكون الشيء ضعيفاً بالنسبة إلى عاد قوم طويلاً بالنسبة إلى عاد آخرين اهـ 585 عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 586 عن عمرو بن حريث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مسعر
-[القراءة في الصبح بق أو التكوير]-
صلى الله عليه وسلم بقرأ في الفجر إذا الشَّمس كوِّرت (1) وسمعته يقول واللَّيل إذا عسعس (2)(وعنه من طريقٍ ثانٍ)(3) قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ لا أقسم بالخنَّس (4) الجوار الكنَّس (5)
(587)
عن قطبة بن مالكٍ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر {والنَّخل باسقاتٍ} (6)
(588)
عن أم هشامٍ بنت حارثة بن النُّعمان رضى الله عنها قالت ما أخذت ق~ والقرآن المجيد إلَاّ من وراء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، كان يصلِّى بها فى الصُّبح
(589)
عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كانت صلاة رسول الله
والمسعودي عن الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث " الحديث "(غريبه)(1) أي ذهب بضوئها من كورت العمامة إذا لففتها أي يلف ضوؤها لفاً فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق (2) أي أقبل بظلامه أو أدبر فهو من الأضداد (3)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحجاج المحاربي عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث قال صليت " الحديث "(4) قيل هي النجوم الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطار تجري مع الشمس والقمر وتخنس أي ترجع حتى تختفي تحت ضوء الشمس (وقوله الجوار) أي السيارة (5) أي الغيب من كنس الوحش إذا دخل كناسه فخنوسها رجوعها وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس وقيل هي جميع الكواكب والله أعلم (تخريجه)(م. هق. والأربعة) 587 عن قطبة بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ثنا مسعر عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك " الحديث "(غريبه)(6) أي طويلات (تخريجه)(م. والأربعة. وغيرهم) ولفظ مسلم " قال صليت وصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ ق والقرآن المجيد حتى قرأ والنخل باسقات قال فجعلت أرددها ولا أدري " 588 عن أم هشام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال قال ذكره يحيى ابن سعيد عن عمرة عن أم هشام الخ (تخريجه)(نس) وسنده لا بأس به 589 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حميد
-[القراءة في الصبح بالواقعة ونحوها]-
صلى الله عليه وسلم متقاربة (1) وأبو بكرٍ حتَّى كان عمر فمدَّ فى صلاة الغد (2)
(590)
عن سماك بن حربٍ قال سألت جابر (بن سمرة) رضى الله عنه عن صلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال كان يخفِّف ولا يصلِّى صلاة هؤلاء، قال ونبَّأنى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الفجر بق~ والقرآن المجيد ونحوها
(591)
وعنه أيضًا أنه سمع جابر بن سمرة رضى الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي الصَّلوات كنحوٍ من صلاتكم الَّتي تصلُّون اليوم ولكنَّه كان يخفِّف، كانت صلاته أخفَّ من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السُّور
(592)
عن أبى برزة الأسلمىِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
عن أنس " الحديث "(غريبه)(1) أي وسطاً ليست بالطويلة جداً ولا القصيرة (2) أي أطال فيها ولعله فعل ذلك لكون الناس لم يبادروا بالمجيء إلى المسجد كما كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطالها ليدرك الناس الجماعة أو نحو ذلك من الأمور التي فيها مصلحة (تخريجه)(م وغيره) 590 عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا سماك بن حرب " الحديث "(تخريجه)(م وغيره) 591 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا إسرائيل ويحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب أنه سمع جابر بن سمرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه)(عب) وسنده جيد (وروى مسلم) عن جابر بن سمرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في الفجر " بق والقرآن المجيد " وكانت صلاته بعد تخفيفاً " وورد أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح بالمعوذتين أخرجه النسائي (وروى أبو داود) بسنده عن رجل من جهينة " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح إذا زلزلت الأرض في الركعتين كلتيهما قال فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمد " ورجاله رجال الصحيح وجهالة الصحابي لا تضر عند الجمهور 592 عن أبي برزة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر قال أنبأني
-[القراءة في صبح يوم الجمعة بسورة السجدة وهل أتى على الانسان]-
نقرأ في صلاة الغداة بالسِّتِّين إلى المائة
(593)
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصُّبح يوم الجمعة الم~ تنزيل وهل أتي، وفى الجمعة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون
(594)
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرَّاتٍ فقرأ السَّجدة في المكتوبة (1)
أبي عن أبي المنهال عن أبي برزة " الحديث "(تخريجه)(م. نس. جه) 593 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة حدثني مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " الحديث "(تخريجه)(م. والثلاثة) ولم يذكر الترمذي الشق الأخير منه 594 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عمر " الحديث "(غريبه)(1) يعني سورة السجدة ولم يبين في أي صلاة من المكتوبات قرأها والظاهر أن ذلك كان في صلاة الصبح أخذا من حديث ابن عباس المتقدم (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (وفي الباب أيضاً) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة (ألم تنزيل وهل أتى على الإنسان) رواه مسلم والبخاري والنسائي وابن ماجه (وعن ابن مسعود) عند ابن ماجه والطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ألم تنزيل وهل أتى " ورجاله ثقات وفيه غير ذلك (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب تطويل القراءة في صلاة الصبح بنحو ما ذكر فيها مع مراعاة المأمومين فإن كان فيهم أحد من ذوي الأعذار فللإمام أن يقتصر على قصار المفصل وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك ولنا برسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة (وفيها أيضاً) مشروعية قراءة ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الإنسان إلى أخرهما في صبح يوم الجمعة (قال العراقي) وممن كان يفعله من الصحابة عبد الله بن عباس ومن التابعين إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف وهو (مذهب الشافعي وأحمد) وأصحاب الحديث وكرهه مالك وآخرون اهـ (قلت) أما السجود عند تلاوة آية السجدة في صبح يوم الجمعة فقد قال الحافظ ليس في شيء من الطريق التصريح بأنه صلى اله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل (يعني ألم
-[مذاهب العلماء فى حكم السجدة فى صبح يوم الجمعة]-
(26)
باب جامع صفة القراءة من سر وجهر ومد وترتيل وغير ذلك
(595)
عن علّىٍ رضى الله عنه قال كان أبو بكرٍ رضى الله عنه يخافت بصوته إذا قرأ، وكان عمر رضى الله عنه يجهر بقراءته، وكان عمَّارٌ رضى الله عنه إذا قرأ يأخذ من هذه السُّورة وهذه، فذكر ذاك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال لأبى بكرٍ رضى الله عنه لم تخافت؟ قال إنِّى لأسمع من أناجى، (1) وقال لعمر رضى الله عنه لم تجهر بقراءتك؟ قال أفزع الشَّيطان (2) وأوقظ الوسنان، (3) وقال لعماَّرٍ لم تأخذ من هذه السُّورة وهذه؟ قال أتسمعنى أخلط به
تنزيل) في هذا المحل إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال (غدوت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر فقرأ سورة فيها سجدة فسجد الحديث) وفي إسناده من ينظر في حاله (وللطبراني في الصغير) من حديث علي " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة " لكن في إسناده ضعف اهـ (قال العراقي) قد فعله عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن مسعود وابن عمر وعبد الله بن الزبير (وهو قول الشافعي وأحمد) وقد كرهه في الفريضة من التابعين أبو مجاز وهو قول (مالك وأبي حنيفة) وبعض الحنابلة ومنعته الهادوية (قلت) رحم الله الإمام مالكاً فإنه ما كره ذلك السجود إلا خوفاً من اعتقاد العوام فرضيته لأن رحمه الله بني مذهبه على سد الذرائع وقد وقع ما خاف منه فقد رأيت بنفسي بعض عوام الشافعية يستجهلون كل إمام لا يأتي بالسجدة في صبح يوم الجمعة ويشنون الغارة عليه ويعيدون صلاتهم لاعتقادهم أنه ترك فرضاً من فرائض الصلاة فينبغي للأئمة الشافعية ترك هذه السجدة في بعض الأحيان وعدم المواظبة عليها وتفهيم العوام أنها غير مفروضة وتركها جائز والصلاة صحيحة بدونها حتى تزول هذه العقيدة الفاسدة من أذهانهم نسأل الله الهداية والتوفيق على أقوم طريق 595 عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا زكريا عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي رضي الله عنه " الحديث "(غريبه)(1) أي من أخاطب يعني أنه يخاطب الله تعالى وهو لا يحتاج إلى رفع الصوت قال تعالى " والله يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون "(2) أي أخفيه وأطرده عن الوسوسة (3) أي أنبه النائم نوماً خفيفاً وهو من ليس بمستغرق في نومه
-[الجهر بالقراءة فى صلاة الليل وصفة قراءة النبى صلى الله عليه وسلم]-
ما ليس منه؟ قال لا، قال فكلُّه طيِّبٌ (1)
(596)
عن قتادة قال سألت نس بن مالكٍ رضى الله عنه عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان يمدُّ بها صوته مدًّا (2)
(597)
عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل قدر ما يسمعه من فى الحجرة وهو في البيت
(1) أي فقال عمار في سبب جمعه آيات من سور القرآن كلام حسن طيب جمع الله بعضه على بعض وهو كلام الله أقرأ منه ما تدعو إليه الحاجة (تخريجه) الحديث لم أقف عليه من رواية على رضي الله عنه لغير الإمام أحمد ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل ذكر عن يحيى بن القطان عن عبد الله بن حرملة عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر فذكر نحو حديث الباب إلا أنه جعل مكان عمار بلالاً وفيه فقال لأبي بكر ارفع من صوتك شيئاً وقال لعمر اخفض شيئاً وقال لبلال اقرأ السورة على وجهها (وفي رواية) قال لبلال إذا قرأت السورة فأنفذها " أي أتمها " ورواه (د. مذ. هق. ك) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) رووه بنحو حديث الباب عن أبي قتادة إلا أنهم لم يذكروا بلالاً ولا عماراً وزاد الحاكم والبيهقي وأبو داود في رواية فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئاً وقال لعمر اخفض من صوتك شيئاً (ولأبي داود) في رواية أخرى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة لم يذكر " فقال لأبي بكر ارفع شيئاً ولا لعمر اخفض شيئاً " زاد وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة قال كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلكم قد أصاب 596 عن قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا جرير بن حازم عن قتادة الخ (غريبه)(2) المد تطويل الصوت وهو خلاف القصر ويكون في السر والجهر (تخريجه)(خ. د. جه. هق) زاد البخاري " ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم " والمعنى أنه يمد لام لفظ الجلالة والميم من لفظ الرحمن والحاء من لفظ الرحيم وهو الذي يسميه القراء المد لطبيعي الذي لا يتحقق حرف المد بدونه وحروف المد هي الألف والواو والياء 597 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث "(تخريجه) (د.
-[الوقف على رؤوس الآى فى القراءة]-
(598)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّنا وكيعٌ عن نافه بن عمر (ابن عبد الله بن جميلٍ) وأبو عامر ثنا نافعٌ عن ابن أبى مليكة عن بعض أزواج النبيٍّ صلى الله عليه وسلم قال نافعٌ أراها حفصة أنَّها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنكم لا تسطيعونها، قال فقيل لها أخبرينا بها، قال فقرأت قراءة ترسَّلت (1) فيها، قال أبو عامرٍ قال نافعٌ فحكى لنا ابن أبى مليكة، الحمد لله رب العالمين. ثمَّ قطه (2). الرَّحمن الرَّحيم، ثمَّ قطع، مالك يوم الدِّين.
(599)
عن أم هانئٍ (بنت أبى طالب) رضي الله عنها قالت أنا أسمع قراءة النبِّي صلى الله عليه وسلم في جوف الليَّل وأنا على عريشى (3) هذا وهو عند الكعبة
هق) وفي إسناده ابن أبي الزناد وفيه مقال لكن استشهد به البخاري في مواضع 598 حدثنا عبد الله (غريبه)(1) أي تمهلت فيها قال اليزيدي الترسل والترسيل في القراءة هو التحقيق بلا عجلة (2) أي وقف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ (وسنده جيد) وفي معناه ما رواه الإمام أبو عبيد ثنا أحمد بن عثمان عن عبد الله ابن مبارك عن الليث بن سعد عن ابن مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرة حرفاً حرفاً وهكذا رواه الإمام أحمد عن يحيى بن إسحاق وأوب داود عن يزيد بن خالد الرملي والترمذي والنسائي كلاهما عن قتيبة كلهم عن الليث بن سعد به وقال الترمذي حسن صحيح ثم قال أبو عبيد وحدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن بن أبي مليكة عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يقطع قراءته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وهكذا رواه أبو داود من حديث ابن جريج وقال الترمذي غريب وليس إسناده بمتصل يعني أن عبد الله ابن عبيد الله بن أبي مليكة لم يسمعه من أم سلمة إنما رواه عن يعلي بن مملك كما تقدم والله تعالى أعلم 599 عن أم هانئ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا ثابت بن يزيد أبو زيد ثنا هلال يعني أن خباب قال نزلت أنا ومجاهد على يحيى بن جعدة بن أم هانئ فحدثنا عن أم هانئ قالت أنا اسمع الخ (غريبه)(3) هو ما يستظل
-[استحباب التعوذ من النار وسؤال الرحمة إذا مر بذكرهما فى القراءة]-
(600)
عن أبي ليلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى صلاةٍ ليست بفريضةٍ فمرَّ بذكر الجنَّة والنَّار، فقال أعوذ بالله من النَّار، ويحٌ أو ويلٌ (1) لأهل النَّار.
(601)
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مرَّ بآية رحمةٍ سأل (2) وإذا مرَّ بآيةٍ فيها عذابٌ تعوَّذ، (3) وإذا مرَّ بآيةٍ فيها تنزيه الله عز وجل سبّح
(27)
باب حكم ما يطرأ على الامام فى القراءة وحكم الفتح عليه
(602)
عن سعيد بن عبد الرَّحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه
به كعريش الكرم والمراد أنها كانت على سقف بيتها وكان سقف البيت على تلك الهيئة (تخريجه)(نس. جه) إلى قولها وأنا على عريشي بدون ذكر الكعبة وقال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات ورواه الترمذي في التماثل والنسائي في الكبرى اهـ 600 عن أبي ليلى (سنده) حثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى " الحديث "(غريبه)(1) شك الراوي هل قال ويح أو ويل ومعناهما واحد وهو الحزن الهلاك المشقة من العذاب وهو المراد هنا وقد تكون ويح كلمة رحمة في بعض المواضع (تخريجه)(جه) وسنده جيد 601 عن حذيفة بن اليمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن مستوردين أحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة " الحديث "(غريبه)(2) أي سأل الله تعالى الرحمة (3) أي تعوذ بالله عز وجل من النار وعذابها (تخريجه)(م. نس. جه. وغيرهم) وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في أبواب صلاة الليل (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب التوسط في القراءة بين الجهر والسر والترسل فيها ومد الممدود منها والوقف على رءوس الآي وإذا مر بآية فيها ذكر الجنة سأل الله الجنة وإذا مر بآية فيها ذكر النار تعوذ بالله من النار وإذا مر بآية فيها تنزيله الله عز وجل سبح الله تعالى ونزهه عما لا يليق به (قال النووي رحمه الله فيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد اهـ 602 عن سعيد بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
-[جواز النسيان على الأنبياء وقطع القراءة لعذر]-
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى فى الفجر فترك آية فلمَّا صلَّى قال أفي القوم أبىُّ بن كعبٍ؟
(1)
قال أبى يا رسول الله نُسخت آية كذا أو نسيتها؟ قال نسيتُها (2)
(603)
عن عبد الله بن السَّائب صلى الله عليه وسلم أنَّ النبسَّ صلى الله عليه وسلم افتتح الصلَاّة يوم الفتح فى الفجر فقرأ بسورة المؤمنين فلمَّا بلغ ذكر موسى وهرون أصابته سعلة (3) فركع
(604)
ز عن مسوَّر (4) بن يزيد الأسديَّ رضي الله عنه قال
يحيى بن سعيد عن سفيان ثنا سلمة بن كهيل عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزى عن أبيه " الحديث "(غريبه)(1) إنما سأل صلى الله عليه وسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه لكونه كان أقرأهم (2) يستدل الفقهاء بمثل هذا على جواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قيدوه إجماعاً بما ليس سبيله التبليغ فلا يجوز نسيانه كما لا يجوز كتمانه ونتيجتها واحدة وإن كان حكيماً في الناس مختلفاً من حيث يكون النسيان عن غير تقصير أمراً طبيعياً لا يؤاخذ صاحبه عليه ولكن الله عصم رسله من نسيان ما أمرهم بتبليغه لئلا تبطل به حكمة الرسالة فيه (تخريجه) لم أقف عليه مروياً عن عبد الرحمن بن أبزى إلا عند الإمام احمد (وروى نحوه) أبو داود والحاكم وابن حبان بسند رجاله ثقات عن عبد الله بن عمر رضي اله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فليس عليه فل انصرف قال لأبي أصليت معنا؟ قال نعم قال فمامنعك ولفظ ابن حبان فالتبس عليه فلما فرغ قال لأبي أشهدت معنا؟ قال نعم قال فما منعك أن تفتحها على)" وقوله فلبس عليه " ضبطه ابن رسلان بفتحات كضرب أي التبس واختلط عليه قال ومنه قوله تعالى (وللبسنا عليهم ما يلبسون) اهـ 603 (3) بفتح السين قال في المصباح سعل يسعل من باب قتل سعلة بالضم والسعال اسم منه والمسعل مثال جعفر موضع السعال من الخلق اهـ (تخريجه)(ق. د. نس) 604 ز عن مسور (سنده) سريج بن يونس قال ثنا مروان بن معاوية عن يحيى بن كثير الكاهلي عن مسور بن يزيد الأسدي الحديث (غريبه)(4) مسور بوزن محمد كذا ضبطه الدارقطني وابن ما كولا والمنذري قال الخطيب يروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد (قلت) ولم أقف على غير هذا الحديث له
-[جواز الفتح على الإمام ومذاهب العلماء فى ذلك]-
صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وترك آيةً، فقال له رجلٌ يا رسول الله تركت آيةً كذا وكذا، قال فهلَاّ ذكَّرتنيها؟ (1)
في مسند الإمام أحمد (1) زاد ابن حبان فقال ظننت أنها قد نسخت قال فإنها لم تنسخ (تخريجه)(د. حب. والأثرم) وفي إسناده يحيى بن كثير الكاهلي وثقة ابن حبان وابن شاهين وقال أبو حاتم لما سئل عنه شيخ وضعفه النسائي وقال الحافظ في التقريب لين الحديث (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز النسيان على الأنبياء في غير ما أمروا بتبليغه وتقدم الكلام على ذلك وفيها جواز قطع القراءة لعذر كسعال (قال النووي) وهذا جائز بلا خلاف ولا كراهة فيه إن كان القطع لعذر وإن لم يكن له عذر فلا كراهة اهـ (قلت) وفيها أيضا على الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم " فهلا ذكرتنيها " أي ذكرتني الآية التي تركتها وفيه أشعار بأن الفتح على الإمام كان معهوداً لهم ويؤيده ما رواه الحاكم عن أسن رضي اله عنه قال (كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحافظ وقد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال على (إذا استطعمك الإمام فأطعمه) يعني أنه إذا تعايا في القراءة فلقيه (وقد اختلف الناس في حكم هذه المسألة فروى عن المنصور بالله أنه كان يرى الوجوب (وروى) عن عثمان ابن عفان وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يريان بذلك بأساً وهو قول طاء والحسن وابن سيرين ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق (وروى) عن ابن مسعود والشعبي والنوري كراهة ذلك وهو قول بي حنيفة في رواية (وفي رواية) أنه ينوي الفتح على الإمام ولا ينوي القراءة على الصحيح لأن الفتح مرخص فيه والقراءة منهي عنها (واختلفوا أيضاً في الفتح على غير الإمام) سواء أكان ذلك الغير مصلياً أم تالياً (فذهبت الحنفية) إلى أنه مبطل للصلاة إلا إذا قصد به التلاوة (وذهبت المالكية) إلى البطلان إلا إذا فتح مأموم على مأموم آخر ففيه خلاف والأصح البطلان (وذهبت الشافعية) إلى جواز الفتح مطلقاً على إمامه وغيره إلا أن الفتح على غير إمامه يقطع الموالاة في قراءة الفاتحة إن كان مشغولاً بها أثناء الفتح على أمامه فلا (وذهبت الحنابلة) إلى أن الفتح على غير الإمام مكروه والصلاة صحيحة (قال الشوكاني رحمه الله والأدلة قد دلت على مشروعية الفتح مطلقاً فعند نسيان الإمام الآية في القراءة الجهرية يكون الفتح عليه بتذكيره تلك الآية كما في حديث الباب وعند نسيانه لغيرها من الأركان يكون الفتح بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء اهـ والله أعلم
-[منقبة عظيمة لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه]-
(28)
باب الحجة فى الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبى ممن اثنى على قراءته
(605)
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من سرَّه أن يقرأ القرآن رطبّا (1)(وفى رواية غضَّا) كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمِّ عبدٍ (2)
(606)
حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة وحجَّاجٌ قال حدّثنى شعبة قال سمعت قتادة يحدِّث عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبىِّ بن كعبٍ قال حجاجٌ حين أنزل لم يكن الذين كفروا، ولا جميعًا إنَّ الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك (3) لم يكن الَّذين
605 عن عمر بن الخطاب الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده في باب مناقب عبد الله بن مسعود من كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم (غريبه)(1) أي ليناً لا شدة في صوت قارئه (وفي رواية عنا) أي رطباً لم يتغير (2) هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وكانت أمه تكنى أم عبد ومات أبوه في الجاهلية وأسلمت أمه وصحبت فلذلك نسب إليها أحياناً وكان من السابقين وقد روى ابن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وولى بيت المال بالكوفة لعمر وعثمان سنة اثنتين وثلاثين وقد جاوز الستين وكان من علماء الصحابة وممن انتشر بكثرة أصحابه والآخذين عنه وستأتي ترجمته وافية في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عمر ورواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط من حديث عمار بن ياسر قال في مجمع الزوائد ورجال البزار ثقات اهـ ورواه أبو يعلى والبزار عن أبي هريرة وفيه جرير بن أيوب البجلي وهو متروك 606 حدثنا عبد الله (غريبه)(3) فيه استحباب قراءة القرآن على الهذاق فيه وأهل اعلم به والفضل وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه وفيه منقبة عظيمة لأبي بقراءته صلى الله عليه وسلم لم يشاركه فيها أحد لا سيما مع ذكر الله تعالى لاسمه ونصه عليه في
-[ذكر حذّاق القرّاء من الصحابة رضي الله عنهم]-
كفروا (1) قال وقد سمانَّى؟ (2) قال نعم، قال فبكى (3)
(607)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يملى ثنا الأعمش عن أبى وائلٍ عن مسروقٍ قال كنت جالسًا عند عبد الله بن عمرٍو فذكر عبد الله بن مسعودٍ، فقال إنَّ ذاك الرَّجل لا أزال أحبُّه أبدًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن عن أربعةً (4) عن ابن أمِّ عبد فبدأ به، (5) وعن معاذٍ، وعن سالمٍ مولى أبى حذيفة، قال يعلى ونسيت الرَّابع (6)(ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ ثنا شعبة عن سليمان سمعت أبا وائلٍ يحدِّث عن مسروقٍ عن عبد الله بن عمر وعن النبى صلى الله عليه وسلم قال،
هذه المنزلة الرفيعة (1) وجه تخصيص هذه السورة أنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والإخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار (2) فيه جواز الاستثبات في الاحتمالات وسببه هنا أنه جوز أن يكون الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على رجل من أمته ولم ينص عليه (3) فيه جواز البكاء للسرور والفرح بما يبشر الإنسان ويعطاه من معالي الأمور واختلفوا في وجه الحكمة في قراءته على أبي فقيل سببها أن يسن لأمته القراءة على أهل الاتقان والفضل ليتعلموا آداب القرآن ولا يأنف أحد من ذلك وقيل التنبيه على جلالة أبي وأهليته لأخذ القرآن عنه ولذلك كان بعده صلى الله عليه وسلم رأسا وإماماً في إقراء القرآن وهو أجل ناشريه أو من أجلهم رضي الله عنه (تخرجيه)(ق وغيرهما) 607 حدثنا عبد الله (غريبه)(4) أي تعلموه عنهم ولم يذكر الرابع في هذه الرواية وذكر في الرواية الثانية وهو أبي بن كعب كما في رواية الشيخين أيضاً والأربعة المذكورون منهم اثنان من المهاجرين وهما عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وهو ابن معقل بوزن مسجد وتخصيص هؤلاء الأربعة بأخذ القرآن عنهم إما لأنهم كانوا أكثر ضبطاً له وأتقن لأدائه أو لأنهم تفرغوا لأخذه منه صلى الله عليه وسلم مشافهة وتصدوا لأدائه من بعده فلذلك ندب إلى الأخذ عنهم ل أنه لم يجمعه غيرهم ولا شاركهم أحد في حفظ القرآن بل حفظه جماعة من الصحابة أيضاً قتل منهم سبعون في غزوة بئر معونة وكان يقال لهم القراء رضي الله عنهم أجمعين (5) فيه أن البداءة بالرجل في الذكر على غيره في أمر اشترك فيه مع غيره يدل على تقدمه فيه (6) هو أبي بن كعب كما في الرواية الثانية
-[حكم القراءة فى الصلاة وغيرها بغير قراءة السبعة المشهورين]-
استقرئوا القرآن من أربعةٍ (1) من عبد الله بن مسعودٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل وأبىِّ بن كعبٍ،
(1) أي اطلبوا تعليمه منهم (تخريجه)(ق. مذ. ك)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل هؤلاء الأربعة وأن قراءتهم حجة في الصلاة وغيرها إذا صح سندها ولم تشذ عن أحد أوجه العربية ووافقت رسم المصحف العثماني ولو احتمالاً وإن خالفت قراءة السبعة وقد قال جماعة من المتأخرين إنها لا تجزئ في الصلاة إلا قراءة السبعة المشهورين قالوا لأن ما نقل آحادياً ليس بقرآن ولم تتواتر إلا السبع دون غيرها فلا قرآن إلا ما اشتملت عليه وقد هذا الاشتراط إمام القراآت الجزري فقال في النشر زعم بعض المتأخرين أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولا يخفى ما فيه لأنا إذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثة عن هؤلاء السبعة وغيرهم وقال ولقد كنت أنجح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف على خلافه وقال القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما نقل عن غيرهم اهـ انظر كيف جعل اشتراط التواتر قولاً لبعض المتأخرين وجعل قول أئمة السلف والخلف على خلافه وقال أيضاً في النشر كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت احد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح إسنادها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردعا ولا يحل إنكارها بل هي عن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف صرح بذلك المدني والمكي والمهدي وأبو شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف من أحدهم خلافه (قال أبو شامة) في المرشد الوجيز لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد هؤلاء السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها أنزلت هكذا إلا إذا دخلت في تلك الضابطة وحينئذ لا ينفرد مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلب عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه إلى آخر كلام ابن الجزري الذي حكاه عنه صاحب الاتقان (وقال أبو شامة) شاع على
-[ضابط مهم من الطيبة لابن الجوزى فيما تجوز به القراءة]-
(39)
باب تكبيرات الانتقال
(608)
عن واسع بن حبَّان قال قلت لابن عمر أخبرنى عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت، قال فذكر التًّكبير كلَّما وضع رأسه وكلَّما رفعه (1)
ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن السبعة كلها متواترة أي كل حرف مما يروي عنهم قالوا والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب ونحن نقول بهذا القول ولكن فيما أجمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير فلا أدل من اشتراط ذلك إذ لم يتفق التواتر في بعضها اهـ أفاده الشوكاني ثم قال إذا تقرر لك إجماع أئمة السلف والخلف على عدم تواتر كل حرف من حروف القراآت السبع وعلى أنه لا فرق بينها وبين غيرها إذا وافق وجهاً عربياً وصح إسناده ووافق الرسم ولو احتمالاً بما نقلناه عن أئمة القراء تبين لك صحة القراءة في الصلاة بكل قراءة متصفة بتلك الصفة سواء كانت من قراءة الصحابة المذكورين في الحديث أو من قراءة غيرهم وقد خالف هؤلاء الأئمة النويري المالكي في شرح الطيبة فقال عند شرح قول ابن الجزري فيها فكل ما وافق وجه نحوى وكان للرسم احتمالاً يحوى وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان وكل ما خالف وجها أثبت شذوذه لو أنه في السبعة قال النويري ما لفظه إن القرآن يكتفي في ثبوته مع الشرطين المتقدمين بصحة السند فقط ولا يحتاج على التواتر وهذا قول حادث مخالف لأجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم من الأصوليين والمفسرين اهـ وأنت تعلم أن نقل مثل الإمام الجزري وغيره من أئمة القراءة لا يعارضه نقل النويري لما يخالفه لأنا إن رجعنا نقل أولئك الأئمة أرجح وقد وافقهم عليه كثير من أكابر الأئمة حتى إن الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري لم يحك فابن الحاجب اهـ 608 عن واسع بن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة الخزاعي أنا عبد العزيز بن محمد بن الأندراوردي مولى بني ليث عن عمرو بن حيى ابن عمارة بن أبي حسن الأنصاري ثم المحاربي عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع ابن حبان الخ (غريبه)(1) هذا وأمثاله مما يأتي في أحاديث الباب عام في جميع
-[مشروعية تكبيرات الانتقال ومواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليها والخلفاء الراشدين بعده]-
وذكر السلَاّم ورحمة الله عن يمينه السلَاّم عليكم (1) عن يساره
(609)
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال إنَّ أبا بكرٍ وعمر وعثمان كانوا يتمنون للتكبير فيكبرون إذا سجدوا، وإذا رفعوا أو خفضوا كبَّروا
(610)
عن عبد الرَّحمن بن غنم (2) عن أبى مالكٍ الأشعرىِّ رضي الله عنه أنَّه جمع أصحابه فقال هلمَّ أُصلّى صلاة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم قال وكان رجلاً من الأشعريِّين، قال فدعا بجفنةٍ (3) من ماءٍ فغسل يديه ثلاثًا، ومضمض واستنشق، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه، وأذنيه، وغسل قدميه، قال فصلَّي الظُّهر فقرأ فيها بفاتحة الكتاب وكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرةٌ (4)(وعنه من طريق ثانٍ بنحوه)(5) وفيه ومسح برأسه وظهر قدميه ثمَّ صلَّي بهم فكبَّر بهم ثنتين وعشرين تكبيرة، يكبَّر إذا سجد وإذا رفع رأسه من السُّجود، وقرأ فى الرَّكعتين بفاتحة الكتاب وأسمع من يليه
الانتقالات في الصلاة لكن خصمنه الرفع من الركوع بالإجماع فإنه شرع فيه التحميد أعني سمع الله لمن حمده بدل التكبير فتنبه (1) لم يذكر ورحمة الله في التسليمة الثانية وكذلك عند النسائي في رواية وذكرها في أخرى (تخريجه)(نس) وسنده جيد 609 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا يع عن يحيى عن سفيان عن عبد الرحمن الأصم سمعت أنس بن مالك يقول إن أبا بكر " الحديث "(تخريجه)(نس هق) وسنده جيد 610 عن عبد الرحمن بن غنم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم "الحديث "(غريبه)(2) بفتح الغين المعجمة وسكون النون (3) إناء كبير كالقصعة (4) أي لأن كل ركعة فيها خمس تكبيرات بعشرين تكبيرة يزاد عليها تكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام من التشهد إلى الركعة الثالثة (5)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم الخ (تخريجه)
-[تسوية الركعات فى القراءة والقيام وتطويل الأولى وصفة تكبيرات الأنتقال]-
(611)
عن أبي مالك الأشعرىَّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يسوِّى بين الأربع ركعاتٍ فى القراءة والقيام، ويجعل الرَّكعة الأولى هى أطولهنَّ لكى يثوب النَّاس، ويجعل الرِّجال قدَّام العلمان، والغلمان خلفهم، والنسِّاء خلف الغلمان، ويكبِّر كلَّما سجد وكلَّما رفع، ويكبِّر كلَّما نهض بين الرَّكعتين إذا كان جالسًا
(612)
عن عكرمة قال قلت لابن عبِّاس رضي الله عنهما صلَّيت الظُّهر بالبطحاء (1) خلف شيخٍ أحمق فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرةً، يكبِّر إذا سجد وإذا رفع رأسه، قال فقال ابن عبَّاسٍ تلك صلاة أبى القاسم (2) صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلم
(613)
عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبِّر فى كلِّ خفض ورفعٍ وقيامٍ، ويسلِّم عن يمينه وعن يساره
(ش) وأورده الهيثمي بروايتيه مع الرواية الآتية بعده وقال رواها كلها أحمد وروى الطبراني بعضها في الكبير وفي طرقها كلها شهر بن حوشب وفيه كلام وهو ثقة إن شاء الله اهـ 611 عن أبي مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان ولينا عن شهر بن حوشب عن أبي مالك " الحديث "(تخريجه)(د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده شهر بن حوشب فيه مقال والراجح أنه ثقة وتقدم كلام الهيثمي عليه في الحديث السابق 612 عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن عكرمة " الحديث "(غريبه)(1) هو مسيل واد بمكة (وقوله أحمق) أي جاهل وقليل العقل (2) في لفظ للبخاري " أوليس تلك صلاة أبي القاسم؟ لا أم لك " وفي لفظ له " ثكلتك أمك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم "(تخرجيه)(خ. هق) 613 عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن
-[أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه فى صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم]-
حتَّى يرى بياض خدَّيه، أوخدِّه، ورأيت أبا بكرٍ وعمر يفعلان ذلك
(614)
عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال كان أبو هريرة يصلِّى بنا فيُكبِّر حين يقوم وحين يركع، وإذا أراد أن أن يسجد بعد ما يرفع من الرُّكوع، وإذا أراد أن يسجد بعد ما يرفع به من السُّجود، وإذا جلس، وإذا أراد أن يرفع فى الرَّكعتين كبَّر، ويُكبَّر مثل ذلك فى الرَّكعتين الأخريين، فإذا سلمَّ قال والِّذى نفسى بيده إنِّى لأقربكم شبهًا برسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى صلاته، مازالت هذه صلاته حتَّى فارق الدُّنيا
(615)
عن سهيلٍ عن أبيه عن أبى هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبِّر كُلُّما خفض ورفع (1) ويحدِّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك
(616)
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلَاّة يكبِّر حين يقوم، ثمَّ يكبِّر حين يركع، ثم يقول سمع الله
زهير قال حدثني أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة عن عبد الله " الحديث "(تخريجه)(نس. مذ) وصححه وأرج نحوه البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين وأخرجا نحوه أيضاً من حديث أبي هريرة وأخرج نحوه البخاري من حديثه 614 عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن " الحديث "(تخريجه)(ق. هق. عب وغيرهم) 615 عن سهيل عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال ثنا يعقوب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة" الحديث "(غريبه)(1) أي إلا في الرفع من الركوع فيقول سمع الله لمن حمده بدل التكبير وتقدمت الإشارة إلى ذلك في الكلام على الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه)(ق. وغيرهما) 616 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال
-[جواز جهر الإمام بتكبيرات الانتقال ليسمع من خلفه]-
لمن حمده حين يرفع صلبه من الرَّكعة، ثمَّ يقول وهو قائمٌ ربَّنا لك الحمد، ثم يكبِّر حين يهوى ساجداً، ثمَّ يكبِّر حين يرفع رأسه، ثمَّ يكبِّر حين يهوى ساجداً، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثمَّ يفعل ذلك فى الصَّلاة كلِّها حتَّى يقضيها، ويكبَّر حين يقوم من اللَّتين بعد الجلوس
(617)
عن سعيد بن الحارث قال اشتكى أبو هريرة أو غاب فصلَّى بنا أبو سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه فجهر بالتَّكبير حين افتتح الصَّلاة وحين ركع وحين قال سمع الله لمن حمده وحين رفع رأسه من السُّجود وحين سجد وحين قام بين الرَّكعتين حتَّى قضى صلاته على ذلك، فلمَّا صلَّي قيل له قد اختلف النَّاس على صلاتك، (1) فخرج فقام عند المنبر فقال أيُّها النَّاس، والله ما أُبالى اختلفت صلاتكم أو لم تختلف، هكذا رأيت النِّبي صلى الله عليه وسلم يصلِّى
(618)
عن أبى موسى الأشعرىِّ رضي الله عنه قال لقد ذكِّرنا علىُّ ابن أبى طالب صلاة كنا نصلِّيها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إمَّا نسياناها وإمَّا تركناها
ثنا ليث قال حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنهال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه)(ق. د. وغيرهم) 617 عن سعيد بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا فليح عن سعيد بن الحارث الخ (غريبه)(1) إنما اختلفوا عليه لأنهم كانوا لا يجهرون بالتكبير وحكى الطحاوي أن بني أمية كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع وما هذا بأول سنة تركوها ولهذا اختلف الناس لما صلى أبو سعيد هذه الصلاة فقام عند المنبر وقال ما قال (تخرجيه) أخرجه البخاري مختصراً 618 عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود قال قال أبو موسى لقد ذكرنا الخ
-[ذكر أول من ترك تكبيرات الأنتقال]-
عمداً (2) يكبِّر كلَّما سجد
(619)
عن مطرِّف بن الشِّخِّير عن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه قال صلَّيت خلف علىِّ بن طالبٍ رضي الله عنه صلاةً ذكَّرنى صلاةً صلَّيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين، قال فانطلقت فصلَّيت معه فإذا هو يكبِّر كلَّما سجد وكلَّما رفع رأسه من الرُّكوع (1) فقلت يا أبا نجيدٍ كم أوَّل من تركه؟ قال عثمان بن عفانٍ رضي الله عنه حين كبر وضعف صوته تركه (2)
(620)
عن شعبة حدَّثنا الحسن بن عمران رجل كان بواسطٍ (3)
(غريبه)(2) يرمي بذلك إلى أئمة بني أمية حيث قد تركوا تكبير الانتقال وسيأتي ذكر أول من تركه وسبب ذلك في الكلام على الحديث التالي (تخريجه) قال الحافظ في الفتح رواه أحمد والطحاوي بإسناد صحيح اهـ (قلت) وأورده الهيثمي بلفظه وقال رواه البزار ورجاله ثقات 619 عن مطرف بن الشخير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب خالد عن رجل عن مطرف بن الشخير "الحديث "(غريبه)(1) هكذا بالأصل " من الركوع " ولعل صوابه من السجود لأنه لا يستقيم المعنى إلا بهذا لا سيما وسياق اللفظ يدل عليه ولأنه ثبت في أحاديث الباب الصحيحة التي رواها الإمام أحمد والشيخان وغيرهم أن النبي صلى اله عليه وسلم " كان يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه " بل حكى النووي والحافظ الإجماع على ذلك ولفظ البخاري في هذا الحديث نفسه كان يكبر كلما رفع وكلما وضع) يعني في كل رفع وخفض ولمسلم والبخاري بلفظ آخر " فان إذا سجد كبر وإذا رفع رأسه كبر) والله أعلم (2) يستفاد منه أن عثمان رضي الله عنه ما تركه إلا لعذر (قال الحافظ) وهذا يحتمل إرادة ترك الجهر وروى الطبراني عن أبي هريرة أن أول من ترك التكبير معاوية وروى أبو عبيد أول من تركه زياد وهذا لا ينافي الذي قبله لأن زياداً تركه بترك معاوية وكان معاوية تركه بترك عثمان وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء اهـ (تخرجيه) وه بدون ذكر قصة عثمان 620 عن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح بن عبادة ثنا شعبة الخ (غريبه)(3) في القاموس واسط مذكر مصروف وقد يمنع بلد
-[مذاهب العلماء فى حكم تكبيرات الأنتقال]-
قال سمعت عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبزى يحدَّث عن أبيه أنَّه صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يتمُّ (1) التكبير، يعنى إذا خفض وإذا رفع
بالعراق اختطها الحجاج في سنتين قال وقرية بحلب اهـ (قلت) وهي المرادة هنا فقد نسبه أبو داود الطيالسي إلى عسقلان فقال أبو عبد الله العقلاني ونسبه ابن بشار إلى الشام فقال الشامي كذا في سنن أبي داود وواسط وعسقلان كلاهما بلد بالشام فيحتمل أنه أقام بكل واحد منهما مدة فنسب إليه والله أعلم (1) أي لم يتم الجهر به أو لم يمده أو لم يأت به جميعه والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز إذا صح الحديث وإلا فالمروى عنه بل المتواتر أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت أتم صلاة وأكملها وأحسنها (تخريجه)(د. هق) وفي إسناده الحسن بن عمران قال أبو زرعة شيخ وثقة ابن حبان (قال الحافظ) وقد نقل البخاري في التاريخ عن أبي داود الطيالسي أنه قال هذا عندنا باطل وقال الطبري والبزار تفرد به الحسن بن عمران وهو مجهول وأجب على تقدير صحته بأنه فعل ذلك لبيان الجواز أو المراد لم يتم الجهر به أو لم يمده اهـ ف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التكبير في كل رفع وخفض وقيام وقعود إلا في الرفع من الركوع فإنه يقول سمع الله لمن حمده (قال النووي) وهذا مجمع عليه اليوم من الإعصار المتقدمة وقد كان فيه خلاف في زمن أبي هريرة وكان بعضهم لا يرى التكبير إلا للإحرام وقد حكى مشروعية التكبير في كل رفع وخفض الترمذي عن الخلفاء الأربعة وغيرهم ومن بعدهم من التابعين قال وعليه عامة الفقهاء والعلماء وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وجابر وقيس بن عباد والشعبي وأبي حنيفة والأوزاعي ومالك وسعيد بن عبد العزيز وعامة أهل العلم (وقال البغوي) في شرح السنة اتفقت الأمة على هذه التكبيرات قال ابن سيد الناس (وقال آخرون) لا يشرع إلا تكبير الإحرام فقط يحكي ذلك عن عمر بن الخطاب وقتادة وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري ونقله ابن المنذر عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر ونقله بن بطال عن جماعة أيضاً منهم معاوية بن أبي سفيان وابن سيرين (وقال أبو عمر) قال قوم من أهل العلم إن التكبير ليس بسنة إلا في الجماعة وأما من صلى وحده فلا بأس عليه أن يكبر (وقال أحمد) أحب إلي أن يكبر إذا صلى وحده في الفرض وأما في التطوع فلا وروى ابن عمر أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده (واستدل من قال بعدم مشروعية التكبير) بالحديث الأخير من أحاديث الباب المروي
-[كيفية التكبير للانتقال وحكمته]-
أبواب الركوع والسجود وما جاء فيهما
(1)
باب مشروعية التطبيق فى الركوع ثم نسخه
(621)
عن ابن الأسود عن علقمة والأسود أنهما كانا مع ابن
عن ابن أبزي عن أبيه وقد علمت ما فيه وأنه لا يقوى عل معارضة صحتها وكونها مثبتة ومشتملة على الزيادة والأحاديث الواردة في هذا الباب أقل أحوالها الدلالة على سنية التكبير في كل خفض ورفع (وحكى الطحاوي) أن قوماً كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع قال وكذلك كانت بنو أمية تفعل وروى ابن المنذر نحوه عن ابن عمر وعن بعض السلف أنه كان لا يكبر سوى تكبيرة الإحرام وفرق بعضهم بين المنفرد وغيره ووجهه بان التكبير شرع بالأذان لحركة الإمام فلا يحتاج إليه المنفرد لكن استقر الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكل مصلى فالجهور على ندبية ما عدا تكبيرة الإحرام أهل العلم بالظاهر يجب كله " وفي أحاديث الباب أيضاً " مشروعية الجهر بتكبيرات الانتقال للإمام ليسمع من وراءه (أما كيفية التكبير) فقد ذكرها النووي في شرح مسلم بقوله يبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع ويمده حتى يصل حدا الراكعين ثم يشرع في تسبيح الركوع ويبدأ في قول سمع الله لمن حمده حين يشرع في الرفع من الركوع ويمده حتى ينتصب قائماً ثم يشرع في ذكر الاعتدال وهو ربنا لك الحمد إلى آخره ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الهوى إلى السجود ويمده حتى يضع جبهته على الأرض ثم يشرع في تسبيح السجود ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال ويمده حتى ينتصب قائماً هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما رو عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (وبه قال مالك) أنه لا يكبر للقيام من الركعتين حتى يستوي قائماً ودليل الجمهور ظاهر الحديث وفيه دلالة لمذهب الشافعي رضي الله عنه وطائفة أنه يستحب لكل مصل من إمام ومأموم ومنفرد أني يجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد فيقول سمع الله لمن حمده في حال ارتفاعه وربنا لك الحمد في حال استوائه وانتصابه في الاعتدال لأنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعاً وقال صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " اهـ ببعض تصرف (وأما حكمة التكبير) فقد قال ناصر الدين بن المنير حكمة في مشروعية التكبير في الخفض والرفع أن المكلف أمر النية أو الصلاة مقرونة بالتكبير وكان من حقه أن يستصحب النية إلى آخر الصلاة فأمر أن يجدد العهد في أثنائها بالتكبير الذي هو شعار لنية اهـ والله أعلم 621 عن ابن الأسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود أنا
-[مشروعية التطبيق فى الروكوع]-
مسعود رضي الله عنه فحضرت الصَّلاة فتأخَّر علقمة والأسود فأخذ ابن مسعود بأيديهما فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره (1) ثمَّ ركعا فوضعا أيديهما على ركبهما فضرب أيديهما ثمّ طبق (2) بين يديه وشبك وجعلهما بين فخذيه وقال رأيت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فعله
(622)
عن الأسود وعلقمة عن عبد الله (بن مسعود رضي الله عنه قال إذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه فخذيه (3) وليحنأ (4) ثمَّ طبَّق بين كفيَّه فكأنَّى أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال ثم صبق بين كفيَّه فأراهم
إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود عن علقمة والأسود الخ (غريبه)(1) قال النووي هذا مذهب ابن مسعود وصاحبيه وخالفهم جميع العلماء من الصحابة فمن بعدهم إلى الآن فقالوا إذا كان مع الإمام رجلان وقفاً وراءه صفاً قال وأجمعوا إذا كانوا ثلاثة أنهم يقفون وراءه وأما الواحد فيقف عن يمين الإمام عند العلماء كافة ونقل جماعة الإجماع فيه ونقل القاضي عياض رحمه الله تعالى عن ابن المسيب أنه يقف عن يساره ولا أظنه يصح عنه وإن صح فلعله لم يبلغه حديث ابن عباس وكيف كان فهم اليوم مجمعون على أنه يقف عن يمينه اهـ م (2) التطبيق الألصاق بين باطني الكفين حال الركوع وجعلهما بين الفخذين (تخريجه)(م. هق وغيرهم) 622 عن الأسود وعلقمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأس (3) رواية مسلم " فليفرش ذراعيه على فخذيه " أي يلقيهما على فخذيه كما يلقى البساط على الأرض ممدوتين مطبقاً بين كفيه (4) بفتح الياء وإسكان الحاء المهلمة آخره مهموز هكذا بالأصل ورواية مسلم وليجنأ بالجيم بدل الحاء (قال صاحب النهاية) وليجنأ هكذا جاء الحديث فإن كانت بالحاء فهي من حتى ظهره عطفه وإن كانت بالجيم هفي من جنا الرجل على الشيء إذا أكب عليه وهما متقاربان قال والذي قرأناه في كتاب مسلم بالجيم وفي كتاب الحميدي بالحاء اهـ (تخريجه)(م. نس. هق)
-[فسخ التطبيق في الركوع بوضع الكفين على الركبتين]-
(632)
عن علقمة عن عبد الله (بن مسعود رضي الله عنه قال علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة فكبَّر ورفع يديه ثمَّ ركع وطبَّق بين يديه وجعلهما بين ركبتيه، فبلغ سعدًا (1) فقال صدق أخى، فد كنَّا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا وأخذ بركبتيه
(624)
عن مصعب بن سعد (بن أبى وقاص) قال كنت إذا ركعت وضعت يدىَّ بين ركبتىَّ (2) قال فرآنى سعد بن مالكٍ (3) فنهانى وقال إنَّا كنَّا نفعله فنهينا عنه (4)
(625)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن
623 عن علقمة عن عبد الله الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا عبد الله بن إدريس أملاه على من كتابه عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن ابن الأسود علقمة عن عبد الله " الحديث " وفي آخره حدثني عاصم بن كليب هكذا (غريبه)(1) يعني ابن أبي وقاص رضي الله عنه (تخريجه)(نس. وابن خزيمة) وسنده جيد وأورده الحازمي في الاعتبار مستدلاً به على النسخ الأول والثاني وفهم الناسخ والمنسوخ اهـ 624 عن مصعب بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد " الحديث "(غريبه)(2) في رواية البخاري " فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي "(3) يعني والده سعد بن أبي وقاص ويقال سعد بن مالك فمالك اسم والد سعد وأبو وقاص وكنيته فكان سعد ينسب أحياناً إلى اسم والده وأحياناً إلى كنيته (4) زاد أبو داود " وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب " وعند مسلم " وأم بالأكف على الركب " والمراد بالأيدي في رواية أبي داود الأكف كما في رواية مسلم (قوله فنهينا عن ذلك) يعني نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التطبيق في الصلاة وأمرنا أن نضع أكفنا على الركب وفي هذا دليل على نسخ التطبيق أيضاً لأن الآمر والناهي هو النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم) 625 عن ابن عباس الخ هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه في الفصل الثالث من
-[إتفاق العلماء على أن السنة وضع الكفين على الركبتين فى الركوع]-
شئ من أمر الصَّلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خلَّل أصابع يديك ورجليك، يعنى إسباغ الوضوء، وكان فيما قال له، إذا ركعت فضع كفيَّك على ركبتيك حتى تطمئن (1)(وفى روايةٍ حتَّى تطمئنَّا) وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتَّى حجم (2) الأرض
(2)
باب مقدار الركوع وصفته والطمأنينة فيه
وفى جميع الأركان على السواء (626) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عفَّان ثنا محمَّد بن عبد الرَّحمن الطفاوىَّ ثنا سعيدٌ الجريرىُّ (3) عن رجلٍ من بنى تميمٍ وأحسن الثَّناء عليه
الباب الثالث عشر من أبواب الوضوء وقد ذكرته هناك لمناسبة تخليل الأصابع وذكرته هنا لمناسبة الركوع والسجود (غريبه)(1) أي مفاصلك (وقوله) في الرواية الثانية " حتى تطمئنا " يعني الكفين على الركبتين (2) المراد بذلك تمكين جبهته من الأرض أو ما فرش عليها حتى تستقر وتطن المفاصل والله أعلم (تخريجه)(مذ. جه. ك) وحسنه البخاري والترمذي (وفي الباب) عن أبي مسعود البدري واسمه عقبة بن عمرو ورضي الله عنه أنه ركع فجافى بين إبطيه ووضع كفيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من رواء ركبتيه وقال هكذا رأيت رسول الله عليه وسلم يصلي رواه الإمام أحمد " وتقدم في باب صفة الصلاة " وأبو داود والنسائي ورجاله ثقات (وفي حديث رفاعة بن رافع) عن النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك " رواه أبو داود بإسناد لا مطعن فيه (وعن عبد الرحمن بن أبزي ووائل بن حجر) عند الإمام أحمد وتقدماً أيضاً في باب صفة الصلاة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية وضع اليدين على الركبتين ونسخ التطبيق (قال النووي رحمه الله مذهبنا ومذهب العلماء كافة أن السنة وضع اليدين على الركبتين وكراهة التطبيق إلا ابن مسعود وصاحبيه علقمة والأسود فإنهم يقولون إن السنة التطبيق لأنه لم يبلغهم الناسخ وهو حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه والصواب ما عليه الجمهور بثبوت الناسخ الصريح اهـ م 626 حدثنا عبد الله (غريبه)(3) هو ابن إياس (وقوله عن رجل من بني
-[مقدار الركوع والسجود]-
عن أبيه أو عمَّه (1) قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن قدر ركوعه وسجوده، فقال قدر ما يقول الرَّجل سبحان الله وبحمده ثلاثاً (ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا خلف بن خلف بن الوليد ثنا خالد عن سعيدٍ الجريرى عن السعَّدى عن أبيه عن عمَّه قال رمقت (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاته فكان يمكث فى ركوعه وسجوده قدر ما يقول سبحان الله وبحمده ثلاثاً (627) عن سعيد بن جبيرٍ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما رأيت أحداً أشبه صلاةٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام (3) يعني عمر
تميم) هو السعدي المذكور اسمه عبد الله (وقوله وأحسن الثناء عليه) يعني أن سعيداً أحسن الثناء على الرجل التميمي (1) شك الراوي وهو صحابي مجهول وفي الطريق الثانية عن أبيه عن عمه فعلى الرواية الأولى يكون بين السعدي والنبي صلى الله عليه وسلم واحد وعلى الرواية الثانية اثنان (وقوله فسألناه) أي سألنا هذا الصحابي المجهول عن قدر ركوع النبي صلى الله عليه وسلم الخ (2) أي نظرت إليه حال صلاته فكان يطمئن في ركوعه وسجوده زمناً قدر قوله سبحان الله وبحمده ثلاث مرات (تخريجه)(د. هق) وفي إسناده السعدي مجهول قال الحافظ في التقريب لا يعرف ولم يسم (قلت) له شاهد عند أبي داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عون بن عبيد الله بن عتبة عن ابن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه) قال أبو داود هذا مرسل عون لم يدرك عبيد الله وذكره البخاري في تاريخه الكبير وقال مرسل وقال الترمذي ليس إسناده بمتصل اهـ (قلت) فمراد أبي داود والبخاري بقولهما مرسل أي منقطع كما أشار إلى ذلك الترمذي 627 عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن عمر بن كيسان قال أخبرني أبي عن وهب بن مانوس عن سعيد بن جبير " الحديث "(غريبه)(3) الغلام في الأصل الابن الصغير وجمع القلة غلمة بالكسر وجمع الكثرة غلمان ويطلق الغلام على الرجل مجازاً باسم ما كان عليه كما يقال للصغير شيخ مجازاً
-[تساوي الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والجلوس بين السجدتين فى المقدار]-
ابن عبد العزيز قال فحزرنا (1) فى الرُّكوع عشر تسبيحاتٍ وفى السُّجود عشر تسبيحاتٍ
(628)
عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى فركع، وإذا رفع رأسه من الرُّكوع، وإذا سجد، وإذا رفه رأسه من السُّجود، وبين السَّجدتين قريبًا من السَّواء (2)
باسم ما يئول إليه أفاده في الصباح (قلت) وإطلاقه على الرجل هو المراد هنا (1) أي قدرنا في ركوع عمر بن عبد العزيز عشر تسبيحات وهو بيان لأشبهية صلاته بصلاة رسول الله صلى اله عليه وسلم (تخريجه)(د. نس) وسنده جيد 828 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني قال فحدث أن البراء بن عازب قال كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(غريبه)(2) يعني أن رمان ركوعه وسجوده واعتداله وجلوسه متقارب ولم يذكر القيام في هذه الرواية وذكر في بعض روايات مسلم بلفظ (رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء)(قال النووي) رحمه الله فيه دليل على تخفيف القراءة والتشهد وإطالة الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الاعتدال عن الركوع وعن السجود ونحو هذا قول أنس في الحديث الثاني بعده (يعني عند مسلم) ما صليت خلف أحد أوجز صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام (وقوله قريباً من السواء) يدل على أن بعضها كان فيه طول يسير على بعض وذلك في القيام ولعله أيضاً في التشهد واعلم أن هذا الحديث محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبتت الأحاديث السابقة بتطويل القيام وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة وفي الظهر بالم تنزيل السجدة وأنه كان تقام الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع فيتوضأ ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى وأنه قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر موسى وهارون صلى الله عليه وسلم وأنه قرأ في المغرب باري بالأعراف وأشباه هذا وكله يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات وقد ذكره مسلم في الرواية الأخرى ولم يذكر فيه القيام وكذا ذكره البخاري وفي رواية للبخاري ما خلا القيام والقعود وهذا تفسير الرواية الأخرى اهـ م (تخرجيه)(ق وغيرهم)
-[إستواء الظهر في الركوع وتسوية الأركان فى المقدار]-
(629)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد الأموىُّ عن عاصم قال ثنا أبو العالية قال أخبرنى من سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول لكل سورةٍ حظُّها (1) من الرُّكوع والسُّجود (وفى روايةٍ أعطوا كلَّ سورةٍ حظَّها من الرَّكوع والسُّجود) قال ثمَّ لقيته بعد فقلت له إنَّ ابن غمر كان يقرأ فى الرَّكعة بالسُّور، فتعرف من حدَّثك هذا الحديث؟ قال إنَّي لأعرفه وأعرف منذ كم حدَّثنيه، حدَّثنى منذ خمسين سنة
(630)
خط عن علىّ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لو وضع قدحٌ من ماء على ظهره لم يهراق (2)
629 حدثنا عبد الله (غريبه)(1) أي نصيبها ومقدارها يعني والله أعلم أنه إذا كانت القراءة طويلة يكون الركوع والسجود قريبين من ذلك في الطول وإذا كانت قصيرة فكذلك تكون النسبة ويؤيد ذلك ما قدمنا في الكلام على الحديث السابق من رواية مسلم عن البراء بن عازب وفيها قال " فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته بين التسليم والانصراف قريباً من ذلك " فهذه الرواية تشير على تقارب الأركان بعضها من بعض ومنها القيام للقراءة هذا ما ظهر لي والله أعلم وحمل بعضهم قوله " لكل سورة حظها من الركوع والسجود " على جواز القراءة فيهما ويمنع من ذلك ما صح في النهي عن القراءة في الركوع لسجود عن مسلم والإمام أحمد وغيرهما وقد عقدت لذلك باباً مخصوصاً سيأتي بعد بابين إن شاء الله تعالى والله الموفق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح 630 خط عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي قال أخبرت عن سنان بن هارون ثنا بيان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على " الحديث "(غريبه)(2) أي لم ينصب منه شيء لاستواء ظهره في الركوع غير مرتفع ولا منخفض وقد ترجم له البخاري فقال (باب في استواء الظهر في الركوع)(تخريجه) قال الحافظ في التخليص رواه أبو داود في مراسيله من حديث عبد الرحمن ابن أبي ليلى ووصله أحمد في مسنده عنه عن علي وذكره الدارقطني في العلل عنه عن البراء
-[كلام العلماء فى مقدار الركوع والطمأنينة فيه]-
.....
ورجح أبو حاتم المرسل (ورواه الطبراني) في الكبير من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو ومن حديث أبي برزة السلمي وإسناد كل منهما حسن ومن حديث أسن وابن عباس وإسناد كل منهما ضعيف وعزاه القاضي حسن في تعليقه لرواية عائشة ولم أره من حديثها ومعناه عند مسلم من حديثها " كان إذ ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك " اهـ (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على مقدار الطمأنينة في الركوع والسجود وهو قدر ما يقول الرجل سبحان الله وبحمده ثلاث مرات وهو أدناه كما صرح بذلك في حديث ابن مسعود وفيه إشعار بأن المصلى لا يكون متسنناً بدون الثلاث قال النووي (قال الشافعي) رحمه اله في المختصر يقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً وذلك أدنى الكمال وقال في الأم أحب أن يبدأ الراكع فيقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً ويقول ما حكيته عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني حديث على رضي اله عنه (سيأتي بعد باب الذكر في الركوع والسجود) قال وقال أصحابنا يستحب التسبيح في الركوع ويحصل أصل السبحة بقوله سبحان الله أو سبحان ربي وأدنى الكمال أن يقول سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فهذا أدنى مراتب الكمال (قال القاضي) حسين قول الشافعي يقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً وذلك أدنى الكمال لم يرد أنه لا يجزيه أقل من الثلاث لأنه لو سبح مرة واحدة كان آتياً بسنة التسبيح وإنما أراد أن أول الكمال الثلاث قال ولو سبح خمساً أو سبعاً أو تسعاً أو إحدى عشرة كان أفضل وأكمل لكنه إذا كان إماماً يستحب أن لا يزيد على ثلاث وكذا اقل صاحب الحاوي أدنى الكمال ثلاث وأعلى الكمال إحدى عشرة أو تسع وأوسطه خمس ولو سبح مرة حصل التسبيح قال أصحابنا ويستن يقول سبحان ربي العظيم وبحمده وممن نص على استحباب قوله وبحمده القاضي أبو الطيب والقاضي حسين وصاحب الشامل والغزالي وآخرون اهـ ج (قلت) وقد ترك جماعة العمل بحديث بن المروي عن السعدي وحديث ابن مسعود الذي أشرنا إليه بحجة أنهما ضيفان وان الثابت هو حديث العشر تسبيحات المروي عن سعيد بن جبير عن أنس قالوا وثبت أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركوع والسجود (والجواب عن ذلك) أن حديثي السعدي وابن مسعود وإن كانا ضعيفين إلا أن لهما شواهد تعقيدهما (فمن ذلك) حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثاً وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثاً رواه البزار والطبراني في الكبير وقال البزار لإنعامه روى عن أبي بكرة إلا بهذا الإسناد وعبد الرحمن بن أبي بكرة صالح الحديث (ومن ذلك) حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه سبحان ربى العظيم ثلاثاً رواه البزار والطبراني قال البزار
-[حجة من قدر الطمأنينة فى كلّ من الركوع والسجود بثلاث تسبيحات]-
(3)
باب بطلان صلاة من لم يتم الركوع والسجود
(631)
عن البراء بن عثمان الأنصاريِّ عن هانئ بن معاوية الصَّد فىِّ حدَّثه قال حججت زمان عثمان بن عفَّان فجلست فى مسجد النبي
لا يروى عن جبير إلا بهذا إسناد وعبد العزيز بن عبد الله صالح ليس بالقوي (ومن ذلك) حديث أبي مالك الأشعري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فلما ركع قال سبحان الله وبحمده ثلاث مرات ثم رفع رأسه " رواه الطبراني في الكبير وفيه شهر بن حوشب وفيه بعض كلام وقد وثقه غير واحد أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد مع بيان درجاتها كما ذكرنا وهي بمجموعها تدل على استحباب التسبيح في الركوع والسجود ثلاثاً لا أقل ومن فعل ذلك كان عاملاً بأصل السنة قال الترمذي والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات وروى عن ابن المبارك أنه قال أستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم اهـ (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاً مشروعية التسبيح عشر مرات أخذاً من حديث الباب المروي عن أبي سعيد عن أنس قال الشوكاني قيل فيه حجة لمن قال إن كمال التسبيح عشر تسبيحات والأصح أن المنفرد يزيد في التسبيح وما أراد وكلما زاد كان أولى والأحاديث الصحيحة في تطويله صلى الله عليه وسلم ناطقة بهذا وكذلك لإمام إذا كان المؤتمون لا يتأذون بالتطويل اهـ (وقال ابن عبد البر) ينبغي لكل إمام أن يخفف لأمره صلى الله عليه وسلم وإن علم قوة من خلفه فإنه لا يدري ما يحدث عليهم من حادث وشغل وعارض وحاجة وحدث وغير ذلك (وفي أحاديث الباب أيضاً) استحباب تسوية الأركان بعضها ببعض ما عدا القيام للقراءة والجلوس للتشهد فإنهما يكونان أطول وإن لم يرد هذا الاستثناء في أحاديث الباب لكنه ورد عند البخاري عن البراء بن عازب قال " كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده بين السجدتين وإذا رفع من الركوع ما خلال القيام والقعود قريباً من السواء " وهذا الحديث عند الإمام أحمد ومسلم بدون استثناء (قال الحافظ) وإذا جمع بين الروايتين ظهر من الأخذ بالزيادة فيهما أن المراد بالقيام المستثنى القيام للقراءة وكذا القعود المراد به القعود للتشهد اهـ (وفيهما أيضاً) استحباب تسوية الظهر في الركوع وفيها غير ذلك والله أعلم 631 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا بن لهيعة ثنا الحارث
-[بطلان الصلاة بعدم الاطمئنان]-
صلى الله عليه وسلم فإذا رجل يحدِّثهم، قال كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فأقبل رجلٌ فصلَّى فى هذا العمود فعجَّل قبل أن يتم صلاته ثمَّ خرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ هذا لو مات لمات وليس من الدِّين على شئٍ، إنَّ الرَّجل ليخفّف صلاته ويتمُّها، قال فسألت عن الرَّجل (1) من هو فقيل عثمان بن حنيفٍ الأنصارىُّ
(632)
عن زيد بن وهب قال دخل حذيفة بن اليمان المسجد فإذا رجلٌ (2) يصلِّى ممَّا يلى أبواب كندة (3) فجعل لا يتّمُّ الرُّكوع ولا السُّجود فلمَّا انصرف قال له حذيفة منذ كم هذه صلاتك"؟ قال منذ أربعين سنةً (4) قبال فقال له حذيفة ما صلَّيت (5) منذ أربعين سنةً، ولو متَّ وهذه
عن البراء بن عثمان " الحديث "(غريبه)(1) أي سأل هانئ الحاضرين في المجلس عن الرجل الذي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا هو عثمان بن حنيف رضي الله عنه وهو صحابي جليل من أهل الكوفة شهد أحداً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقى إلى زمن معاوية وولاه عمر بن الخطاب ساحة سواد العراق روى عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه عمارة ابن خزيمة وابن أخيه أبو أمامة بن سهل وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهم ذره النووي (سغ)(تخريجه)(طب) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وفيه البراء بن عثمان ول حديث حذيفة الآتي بعده 632 عن زيد بن وهب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا العشم عن زيد (3) بضم الكاف قرية بسمر قند (4) هذا مشكل لأن حذيفة رضي الله عنه مات سنة وثلاثين من الهجرة فعلى هذا يكون ابتداء صلاة الرجل قبل الهجرة بأربع سنين أو أكثر قال الحافظ ولعل الصلاة لم تكن فرضت بعد فلعله أراد المبالغة أو لعله كان ممن يصلي قبل إسلامه ثم أسلم فحصلت المدة المذكورة من الأمرين ولهذا العلة لم يذكر البخاري هذه الزيادة (5) هو نظير صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته فإنك لم
-[كلام العلماء فى حكم من لم يطمئن فى صلاته]-
صلاتك لمتَّ على الفطرة (1) التَّى فُطر عليها محمد صلى الله عليه وسلم وقال ثمَّ أقبل عليه يعلَّمه. فقال إن الرَّجل ليخفِّف فى صلاته وإنه اليتم الركوع والسجود
(4)
باب الذكر فى الركوع
(633)
عن علىِّ بن أبى طالبٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال اللَّهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربِّي خشع سمعى وبصرى ومخِّى وعظمى وعصبي وما استقلَّت به قدمى لله رب العالمين
(634)
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه لَّما نزلت فسبِّح باسم
تصل (1) قال الخطابي الفطرة الملة والدين قال ويحتمل أن يراد بها السنة كما في حديث خمس من الفطرة (تخريجه)(خ) مختصراً بلفظ " رأى حذيفة رجلاً لا يتم الركوع والسجود قال ما صليت ولومت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلى الله عليه وسلم " ورواه أيضاً (نس. حب. عب) وابن خزيمة بنحو حديث الباب (الأحكام) حديثاً الباب يدلان على أن السرعة في الصلاة وعدم الطمأنينة في ركوعها وسجودها مبطل لها (قال الحافظ) واستدل به على والطمأنينة في الركوع والسجود وعلى أن الإخلال بها مبطل للصلاة وعلى تكفير تارك الصلاة لأن ظاهره أن حذيفة نفي الإسلام عمن أخل ببعض أركانها فيكون نفيه عمن أخل بها كلها أولى وهذا بناءً على أن المراد بالفطرة الدين وقد أطلق الكفر على من لم يصل كما رواه مسلم وهو إما على حقيقته عند قوم وإما على المبالغة في الزجر عند آخرين ويكون حذيفة قد أراد توبيخ الرجل ليرتدع في المستقبل ويرجحه وروده من وجه آخر عند البخاري بلفظ سنة محمد صلى الله عليه وسلم قال وهذه الزيادة تدل على أن حديث حذيفة المذكور مرفوع لأن قول الصحابي من السنة يفيد ذلك وقد مال إليه قوم وخالفه آخرون والأول هو الراجح اهـ ف بتصرف قليل 633 عن علي بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن عبد االفضل عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع رضي الله عنه " الحديث "(غريبه) تقدم الكلام عليه في الباب الحادي عشر من أبواب صفة الصلاة في دعاء الافتتاح فارجع إليه (تخريجه)(م. فع. د. مذ. قط. هق) 634 عن عقبة بن عامر (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد
-[أذكار الركوع والسجود]-
ربِّك العظيم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها (1) فى ركوعكم، فلمَّا نزلت سبَّح اسم ربَّك الأعلى، قال اجعلوها فى سجودكم
(635)
عن حذيفة (بن اليمان) رضي الله عنه قال صلَّيت مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول فى ركوعه سبحان ربِّي العظيم وفى سجوده سبحان ربِّى الأعلى، قال وما مرِّ بآية رحمةٍ إلا وقف عندها فسأل (2) ولا آية عذابٍ إلَاّ تعوَّذ منها
(636)
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول فى ركوعه وسجوده سبُّوحٌ قدُّوسٌ (3) الملائكة والرُّوح
الرحمن ثنا موسى يعني ابن أيوب الغافقي حدثني عمي إياس بن عامر قالت سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول لما نزلت الخ (غريبه)(1) أي اجعلوها بلفظها وقد جاء تفسير هذا الجعل في حديث حذيفة الآتي بعده وهو أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود والحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم والسجود بالأعلى أن السجود لما كان فيه غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام كان أفضل الركوع فحسن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل وهو الأعلى بخلاف العظيم جعل للأبلغ من الأبلغ والمطلق مع المطلق والله أعلم (تخريجه)(د. جه. ك. حب. هق) وسنده جيد 635 عن حذيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان يعني الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد عن صلة عن حذيفة " الحديث "(غريبه)(2) أي سأل الله تعالى الرحمة (قوله تعوذ) أي من العذاب وشر العقاب قال ابن رسلان ولا بآية تسبيح إلا سبح وكبر ولا بآية دعاء واستغفار إلا دعا واستغفر وإن مر بمرجو سأل يفعل ذلك بلسانه أو بقلبه (تخريجه)(م. والأربعة) وصححه الترمذي 636 عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمرو بن الهيثم قال ثنا هشام عن قتادة عن مطرف عن عائشة " الحديث "(غريبه)(3) هما بضم
-[أذكار الركوع والسجود]-
(637)
وعنها أيضاً قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول فى ركوعه وسجوده سبحانك (1) اللَّهم وبحمدك أغفر لى يتأوَّل القرآن (2)
السين والقاف (قال النووي رحمه الله والضم أفصح وأكثر قال الجوهري في فصل (سبح) سبوح من صفات الله تعالى قال ثعلب كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح والقدوس فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الذروح وهي دويبة حمراء منقطة بسواد تطير وهي من ذوات السموم وقال ابن فارس والزبيدي وغيرهما سبوح هو الله عز وجل فالمراد بالسبوح القدوس المقدس فكأنه قال مسبح مقدس رب الملائكة والروح ومعنى سبوح المبرأ من النقائص والشريك وكل مالا يليق بالألهية قدوس المطهر من كل ما لا يليق بالخالق وقال الهروي قيل القدوس المبارك قال القاضي عياض وقيل فيه سبوحاً قدوساً على تقدير أسبح سبوحاً أو أذكر أو أعظم أو أعبد (وقوله رب الملائكة الروح) قيل الروح ملك عظيم وقيل يحتمل أن يكون جبريل عليه السلام وقيل خلق لأراهم الملائكة كما لا نرى نحن الملائكة والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ م (تخريجه)(م. د. نس. هق) 637 وعنها أيضاً (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(غريبه)(1) في رواية ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول فيها سبحانك " الحديث " وفي بعض طرقه عند مسلم ما يشعر بأنه كان يواظب على غير ذلك داخل الصلاة وخارجها (وقوله سبحانك) منصوب على المصدرية والتسبيح التنزيه كما تقدم غير مرة (وقوله بحمدك) هو متعلق بمحذوف دل عليه التسبيح أي وبحمدك سبحتك ومعناه بتوفيقك لي وهدايتك وفضلك علي سبحتك لا بحولي وقوتي قال القرطبي ويظهر وجه آخر وهو إبقاء معنى الحمد على أصله وتكون الباء باء السببية ويكون معناه بسبب أنك موصوف بصفات الكمال والجلال سبحك المسبحون وعظمك المعظمون قد روى بحذف الواو من قوله وبحمدك وبإثباتها (2) يعني قوله تعالى " فسبح بحمد ربك واستغفره " أي يعمل بما أمر به فيه فكأني قول هذا الكلام البديع في الجزالة المستوفى ما أمر به في الآية وكان يأتي به في الركوع والسجود لأن حالة اختارها لأداء هذا الواجب الذي أمر به فيكون أكمل والله أعلم (تخريجه)(ق. هق. والأربعة إلا الترمذي)
-[الذكر في الركوع والسجود والرفع منهما]-
(638)
عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان ما يكثر أن يقول سبحانك ربنَّا وبحمَّدك اللَّهم اغفر لى، قال لها فلمَّا نزلت إذا جاء نصر الله، الفتح قل سبحانك ربَّنا بحمدك اللَّهم أغفر لى، إنَّك أنت التَّواب الرَّحيم (وعنه إن طريق ثانٍ)(1) قال منذ أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح كان يكثر أن يقول إذا قرأها ثمَّ ركع بها أن يقول سبحانك ربَّنا بحمدك، اللهم اغفر لى إنَّك أنت التوَّاب الرَّحيم ثلاثاً
(639)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بتُّ عند خالتى ميمونتة قال فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللَّيل فذكر الحديث (2) قال ثمَّ ركع قال فرأيته قال فى ركوعه سبحان ربَّى العظيم، ثمَّ رفع رأسه فحمد الله ما شاء أن يحمده (3) قال ثمَّ سجد فكان يقول فى سجوده سبحان ربِّى الأعلى، قال ثمَّ رفع رأسه قال فكان يقول فيما بين السَّجدتين ربِّ اغفر لى وارحمنى واجبرني وارفعني وارزقني واهدني
638 عن ابن مسعود (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله " الحديث "(1) وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال منذ أنزل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني في الأوسط وفي إسناد الثلاثة أبو عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه ورجال الطبراني رجال الصحيح حماد بن أبي سليمان وهو ثقة ولكنه اختلط (قلت) يؤيده حديث عائشة الذي قبله 639 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال أنا كامل عن حبيب عن ابن عباس "الحديث "(غريبه)(2) هكذا بالأصل يعني حديث صلاته صلى الله عليه وسلم منا لليل وسيأتي ذلك في غيرهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما في أبواب صلاة الليل إن شاء الله تعالى (3) أي قال سمع الله لمن حمده مع ما يأتي من
-[مذاهب الأئمة فى حكم التسبيح فى الركوع والسجود]-
(5)
باب النهي عن القراءة فى الركوع والسجود
(640)
عن علىّ رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ
أذكار الاعتدال قريباً في باب الرفع من الركوع (تخريجه)(فع. د. مذ. جه. هق) وغيرهم بإسناد جيد ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولفظ أبي داود (اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني) ولفظ الترمذي مثله لكنه ذكر (واجبرني وعافني) وفي رواية ابن ماجه (وارفعني بدل واهدني) وفي رواية البيهقي (رب اغفر لي وارحمني وأجرني وارفعني وارزقني واهدني) قال النووي رحمه الله فالاحتياط والاختيار أن يجمع بين الروايات ويأتي بجميع ألفاظها وهي سبعة " اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وأجرني وارفعني واهدني وارزقني " اهـ ج (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية هذا التسبيح في الركوع والسجود وقد ذهبت الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وجمهور العلماء إلى أنه سنة وليس بواجب (وقال إسحاق بن راهويه) التسبيح واجب فإن تركه عمداً بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل (وقال الظاهري) واجب مطلقاً وأش اختياره (وقال أحمد) التسبيح في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجب فإن ترك منه شيئاً عمداً بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو هذا هو الصحيح عنه وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور وقد روى القول بوجوب تسبيح الركوع والسجود عن ابن خزيمة احتج الموجبوب بحديث عقبة بن عامر وبقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وبقول الله تعالى " سبحوه " ولا وجوب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها وبالقياس على القراءة (واحتج الجمهور) حديث المسيء صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمه واجبات الصلاة ولم يعلمه هذه الأذكار مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فيكون تركه لتعليمه دالاً على أن الأوامر الواردة بما زاد على علمه للاستحباب لا للوجوب جمعاً بين الأدلة (قال النووي) وأما القياس على القراءة ففرق أصحابنا بأن الأفعال في الصلاة ضربان (أحدهما) معتاد للناس في غير الصلاة وهو القيام والقعود وهذا لا تتميز العبادة من العادة فوجب فيه الذكر ليتميز (والثاني) غير معتاد وهو الركوع والسجود فهو خضوع في نسفه متميز لصورته عن أفعال العادة فلم يفتقر إلى مميز والله أعلم اهـ 640 عن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير ثنا
-[النهي عن القراءة فى الركوع والسجود]-
الرَّجل وهو راكعٌ أو ساجدٌ
(641)
ز عن النُّعمان بن سعدٍ عن علىٍ رضي الله عنه قال سأله رجلٌ آاقرأ فى الرُّكوع والسُّجود؟ فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنِّى نهيت (1) أن أقرأ فى الرُّكوع السُّجود، فإذا ركعتم فعظِّموا الله، (2) وإذا سجدتم فاجتهدوا فى المسألة (3) فقمنٌ (4) أن يُستجاب لكم
(642)
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ألا إنَّي نهيت
حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه " الحديث " تخريجه) (م. د. مذ. نس. هق) 641 ز عن النعمان بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني سويد بن سعيد سنة ست وعشرين ومائتين أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان ابن سعد عن علي رضي الله عنه " الحديث "(غريبه)(1) النهي له صلى الله عليه وسلم نهي لأمته كما يشعر بذلك قوله في الحديث فإذا ركعتم فعظموا الله الخ ويشعر به أيضاً ما في صحيح مسلم وغيره أن علياً رضي الله عنه قال " نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً "(2) أي سبحوه ونزهوه ومجدوه وقد بين صلى الله عليه وسلم اللفظ الذي يقع به هذا التعظيم بالأحاديث المتقدمة في الباب السابق (3) أي الدعاء كما في الحديث الآتي وفيه الحدث على الدعاء في السجود وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء "(4) قال النووي هو بفتح القاف وفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان فمن فتح عنده مصدر لا يثني ولا يجمع ومن كسر فهو وصف يثني ويجمع وفيه لغة ثالثة قمين بزيادة ياء وفتح القاف وكسر الميم ومعناه حقيق وجدير وفيه الحث على الدعاء في السجود فيستحب أن يجمع في سجوده بين الدعاء والتسبيح اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ عليه بهذا اللفظ عند غير الإمام أحمد من حديث علي رضي الله عنه وهذا الحديث من زائد عبد الله على مسند أبيه ورواه (م. نس. مذ هق) م حديث ابن عباس بنحو هذا ورواه الإمام أحمد أيضاً من حديث ابن عباس وهو التالي لهذا الحديث حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا سفيان ثنا سليمان بن سجيم قال سفيان لم أحفظ عنه غيره قال مسته عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد
-[كلام العلماء فى النهى عن القراءة فى الركوع والسجود]-
أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا، فأمَّا الرُّكوع فعظِّموا فيه الرَّبَّ، وأمَّا السُّجود فاجتهدوا فى الدُّعاء فقمنٌ أن يُستجاب لكم
(6)
باب وجوب الرفع من الركوع والسجود والطمأنينة بعدهما ووعيد من ترك ذلك
(643)
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله (1)
ابن عباس عن أبيه عن ابن عباس قال كشف رسول الله عن الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا صالحة يراها المسلم أو ترى له ثم قال ألا إني نهيت أن أقرأ الخ وسيأتي الحديث بطوله في كتاب تعبير الرؤيا في باب الرؤيا الصالحة (تخريجه)(م. د. نس. هق)(الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (قال الشوكاني) وهذا النهي يدل على تحريم قراءة القرآن في الركوع والسجود وفي بطلان الصلاة بالقراءة حال الركوع والسجود خلاف اهـ (قلت) وحمله الجمهور على الكراهة قال الترمذي وهو قول أهل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم كرهوا القراءة في الركوع والسجود اهـ (قال النووي) وإنما وظيفة الركوع التسبيح ووظيفة السجود التسبيح والدعاء فلو قرأ في ركوع أو سجود غير الفاتحة كره ولم تبطل صلاته وإن قرأ الفاتحة ففيه وجهان لأصحابنا أصحها أنه كغير الفاتحة فيكره ولا تبطل صلاته والثاني يحرم وتبطل صلاته هذا إذا كان عمداً فإن قرأ سهواً لمي كره وسواء قرأ عمداً أو سهواً يسجد للسهو عند الشافعي رحمه الله اهـ م (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاً الأمر بتعظيم الله عز وجل في الركوع والاجتهاد في الدعاء في السجود وهو محمول على الندب عند الجمهور وقد تقدم ذكر من قال بوجوب تسبيح الركوع والسجود والله أعلم 643 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا عامر بن يساف يحيى بن أبي كثير عن عبد اله بن بدر الحنفي عن أبي هريرة " الحديث "(غريبه)(1) أي نظر قبول فهي مردودة على صاحبها باطلة غير مقبولة لا تجزئ كما صرح بذلك في رواية أبي مسعود الأنصاري عند الإمام أحمد أيضاً والأربعة وصححه
-[وعيد من لم يقم صلبه بين الركوع والسجود]-
إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه (1) بين ركوعه وسجوده
(644)
عن طلق بن علىٍ الحنفِّى رضي الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله
(645)
عن علىِّ بن شيبان رضي الله عنه أنَّه خرج وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلَّينا خلف النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فلمح بمؤخر (2) عينيه إلى رجلٍ لا يقيم صلبه فى الرُّكوع والسُّجود، فلمَّا انصرف قال يا معشر المسلمين إنَّه لا صلاة لمن لا يُقيم صلبه فى الرُّكوع والسُّجود
(646)
عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوأ النَّاس سرقةً الذَّى يسرق من صلاته، قالوا يا رسول الله
الترمذي بلفظ " لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود "(1) أي ظهره كما في رواية أبي داود من حديث أبي مسعود الأنصار أي لا تصح صلاة من لم يسو ظهره في الركوع والسجود (تخريجه) تفرد به الإمام أحمد وسنده جيد لكن قال الحافظ في تعجيل المنفعة إن عبد الله بن بدر لا يروي عن أبي هريرة إلا بواسطة (قلت) تؤيده الأحاديث التي بعده 644 عن طلق بن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا عكرمة بن عمار عن عبد الله بن زيد أو بدر أنا أشك عن طلق بن علي الحنفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين ركوعها وسجودها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات 645 عن علي بن شيبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وسريج قال ثنا ملازم بن عمرو ثنا عبد الله بن بدر أن عبد الرحمن بن 'لي حدثه أن أباه على بن شيبان حدثه أنه خرج وافداً الخ (غريبه)(2) بوزن مؤمن ما يلي الصدغ ومقدمها ما يلي الأنف (تخريجه)(جه. حب. وابن خزيمة) في صحيحهما وسنده جيد 646 عن عبد اله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن النوشجان وهو أبو جعفر السويدي ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة " الحديث "(تخريجه)(طب. ك) وقال صحيح
-[وجوب الطمأنينة بعد الرفع من الركوع والسجود]-
وكيف يسرق من صلاته؟ قال لا يتمُّ ركوعها ولا سجودها أو قال لا يقيم صلبه فى الرُّوع والسُّجود
(647)
وعن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضي الله عنه عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوه
(648)
عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السَّجدة أو الرَّكعة فيمكث بينهما حتَّى نقول أنسى (1) صلى الله عليه وسلم
الإسناد ورواه ابن خزيمة في صحيحه قاله المنذري (تر) 647 وعن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد أنا علي بن زيد عن المسيب عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله عليه وسلم يشرق صلاته قال يا رسول الله وكيف يسرقها؟ قال لا يتم ركوعها ولا سجودها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وفيه علي بن زيد وهو مختلف في الاحتجاج به وبقية رجاله رجال الصحيح 648 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس " الحديث "(غريبه)(1) أي نسي أنه في صلاة ولفظ أبي داود " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يكبر ويسجد وكان يقعد بين السجدتين حتى تقول قد أوهم " ومعنى أوهم أي نسي كما في حديث الباب ويؤيده أيضاً ما رواه البخاري عن ثابت قال (كان أنس بن مالك ينعت لنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول قد نسي) وفي بعض النسخ حتى نقول قد وهم أي غلط (وفي لفظ لمسلم) من طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك قال إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا قال ثابت كان أنس يصنع شيئاً لم أركم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل فد نسي (وله في لفظ آخر) عن أنس أيضاً قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم)(تخريجه)(ق. د)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الرفع من الركوع والسجود وعلى وجوب الطمأنينة بعدهما وإلى ذلك ذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وأكثر العلماء قالوا ولا تصح صلاة
-[تحقيق أن الطمأنينة واجبة الركوع والسجود والأعتدال منهما حتى عند الحنفية]-
(7)
باب أذكار الرفع من الركوع
(649)
عن علىّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الرَّكعة قال سمع الله لمن حمده ربَّنا ولك الحمد ملء السمَّوات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد
من لم يقم صلبه مع الطمأنينة فيهما (قال الترمذي) رحمه الله والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود (قال وقال الشافعي وأحمد وإسحاق) من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فصلاته فاسدة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود " اهـ (قال الحافظ) واشتهر عن الحنفية أن الطمأنينة سنة وصرح بذلك كثير من مصنفيهم لكن كلام الطحاوي كالصريح في الوجوب عندهم فإنه ترجم (مقدار الركوع والسجود) ثم ذكر الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره في قوله سبحان ربي العظيم ثلاثاً في الركوع وذلك أدناه قال فذهب قوم إلى أن امقدار الركوع والسجود ولا يجزئ أدنى منه قال وخالفهم آخرون فقالوا إذا استوى راكعاً واطئمن ساجداً أجزأ ثم قال وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد اهـ ف (قلت) قال صاحب السعاية بعد ذكر عبارات كتب الحنفية في هذا الباب ما لفظه وجمله المرام في هذا المقام أن الركوع والسود ركنان اتفاقاً وإنما الخلاف في اطمئنانهما (فعند الشافعي) وأبي يوسف فرض (وعند محمد وأبي الطحاوي (وسنة) على تخريج الجرجاني (وواجب) على تخريج الكرخي وهو الذي نقله جمع عظيم عنهما وعليه المتون والقومة والجلسة والاطئمنان فيهما كل منها فرض أيضاً عند أبي يوسف والشافعي سنة عند أبي حنيفة ومحمى ما ذكره القدماء واجب على ما حققه المتأخرون ومقتضى القاعدة المشهورة أن تقوم القومة والجلسة واجبتين والاطمئنان فيهما سنة لكن لا عبرة بها بعد تحقيق الحق اهـ كلامه (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاَ دم ترك إقامة الصلب في الركوع والسجود وجعله الشارع من أشر أنواع السرقة وجعل الفاعل لذلك أشر من تلبيس بهذه الوظيفة الخسيسة التي لا أوضع ولا أخبث منها تنفيراً عن ذلك على تحريمه فضلاً عن بطلان صلاته كما صرح صلى الله عليه وسلم بذلك في أحاديث الباب بأن صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود غير مجزئة نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق لأقوم طريق 649 عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل تقدم
-[قول سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، فى الرفع من الركوع عند الأعتدال منه]-
(650)
عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاس أحسبه رفعه (1) قال إذا كان رفع رأسه من الرُّكوع قال سمع الله لمن حمد اللهمَّ ربنًّا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد
(651)
وعن عبد الله بن أبى أوفي رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (وعنه من طريق ثانٍ)(2) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يقول (وفى لفظٍ يدعو إذا رفع رأسه من الرُّكوع) اللهمَّ لك الحمد ملء السَّماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد اللَّهم طهرِّنى بالثَّلج والبرد والماء البارد (3) اللَّهمَّ
بسنده وشرحه وتخريجه في باب دعاء الافتتاح 650 عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا حماد يعني ابن سلمة عن قيس عن سعيد بن جبير " الحديث "(غريبه)(1) أي أظنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) جاء مرفوعاً بالتحقيق عند مسلم من طريق عطاء عن ابن عباس بلفظ حديث الباب وزاد في رواية أخرى عنده بعد قوله وملء ما شئت م شيء بعد " أهل الثناء والمجد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " وهذه الزيادة جاءت عند الأمام أحمد من حديث أبي سعيد وسيأتي في آخر هاذ الباب مع شرحه إن شاء الله (تخريجه)(م. وغيره) 651 وعن عبد الله بن أبي أوفى (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا مسعر عن عبيد بن حسن عن ابن أبي أوفى " الحديث " مثل حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس إلا أنه قال ملء السموات بالجمع (2)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مجزأة بن زاهر وروح قال ثنا شعبة عن مجزأة بن زاهر مبولى لقريش قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول " الحديث "(غربه)(3) استعارة للمبالغة في الطهارة من الذنوب وغيرها (والثلج) معروف (والبرد) بفتحتين شيء ينزل من السماء يشبه الحصى ويسمى حب الغمام وحب المزن قاله في المصباح وقال الحافظ ابن الأثير إنما خصهما بالذكر تأكيداً للطهارة ومبالغة فيها لأنهما ماءان مفطوران على خلقتهما لم يستعملا ولم تنلهما الأيدي ولم تخضهما الأرجل كسائر المياه
-[غفران الذنوب بقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد الخ]-
طهِّرني من الذُّنوب ونقنَّى منها كما ينقَّى الثَّوب الأبيض من الوسخ (1)
(652)
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال القارئ (2) سمع الله لمن حمده فقال من خلفه اللهمَّ ربَّنا لك الحمد فوافق قوله ذلك قول أهل السَّماء (3) اللَّهم وبَّنا لك الحمد غفر له ما تقدَّم من ذنبه (وعنه من طريقٍ ثانٍ)(4) ز أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللَّهم ربَّنا لك الحمد فإنَّ من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه (5)
التي خالطت التراب وجرت فيها الأنهار وجمعت في الحياض فكانا أحق بكال الطهارة (1) في رواية عند مسلم من الدرن وفي رواية عنده أيضاً من الدنس (قال النووي) كله بمعنى واحد ومعناه اللهم طهرني طهارة كاملة معتنى بها كما يعتني بتنقية الثوب الأبيض من الوسخ (تخريجه) أخرجه مسلم بطريقيه وأخرج الطريق الأولى منه أبو داود وابن ماجه 652 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال القارئ الخ (غريبه)(2) أي الإمام كما في الرواية الثانية (3) أي الملائكة كما في الرواية الثانية (قال الحافظ) وهو الدال على أن المراد الموافقة في القول والزمان قال وقال ابن المنير الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها لأن الملائكة لا غفلة عندهم فمن وافقهم كان متيقظاً ثم إن ظاهره أن المراد بالملائكة جميعهم واختاره ابن بز بزة وقيل الحفظة منهم وقيل الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا إنهم غير الحفظة والذي يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في السماء اهـ باختصار (4)(سنده) حدثنا ز عبد الله قال قرأت علي عبد الرحمن عن مالك وثنا إسحاق قال أنا مالك عن سمى مولى أبي بكر يعني ابن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(5) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية وهو محمول عند العلماء على الصغائر وتقدم البحث في ذلك غير مرة في مواضع متعددة (تخريجه)(ق. مذ)
-[الجمع بين قول سمع الله لمن حمد وقول اللهم ربنا ولك الحمد]-
(653)
عن رفاعة بن رافعٍ الزرقىِّ رضي الله عنه قال كنَّا نصلِّى بومًا (1) وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الرَّكعةِ وقال سمع الله لمن حمده (2) قال رجلُ وراءه ربًّنا لك الحمد حمدًا كثيراً طيبّْاً مباركاً فيه، فلمَّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من المتكلِّم آنفاً، (3) قال الرَّجل أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت بضعةً (4) وثلاثين ملكاً يبتدرونها (5) أيُّهم يكتبها أوَّلاً (6)
(654)
عن سعيدٍ المقبريِّ عن أبى هريرة رضي الله عنه قال أنا أشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللَّهمَّ ربَّنا ولك الحمد (7) قال وكان يكبِّر إذا ركع وإذا قام من
653 عن رفاعة بن رافع الزرقى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزرقي " الحديث "(غريبه)(1) أي صلاة المغرب كما أفاده) أي عند شروعه في الرفع (وقوله قال رجل) لم يعرف اسم ها الرجل (3) يعني من المتكلم بهذه الكلمات المذكورة قريباً (4) البضع بكسر الباء ما بين الثلاث إلى التسع يستوي فيه المذكر والمؤنث فيقال بضع رجال وبضع نسوة والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة كما يؤيده ما في الصحيحين " إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر " ولعل الحكمة في تخصيص هذه العدد من الملائكة أن حروف هذه الكلمات أربع وثلاثون فأنزل الله تعالى ملائكة بعددها وفي مسلم اثنا عشر ملكاً فهو على عدد كلماتها على اصطلاح النجاة كذا في مجمع بحار الأنوار (5) أي يسرع كل ليكتب قبل الآخر ويصعد بها إلى حضرة الرب لعظم قدرها (6) رواية البخاري وأبي داود (أول) بالبناء على ضم ويجوز نصبه غير منصرف على الحال وأيهم مبتدأ مرفوع ويكتبها خبره ولعل الحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم هي أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله (تخريجه)(خ. لك. د) خرج الطبراني نحوه 654 عن سعيد المقبري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال ثنا يزيد قال أنا ابن أبي ذب عن سعيد المقبري الخ (غريبه)(7) في هذه الرواية
-[الذكر في الأعتدال من الركوع]-
السُّجود، وإذا رفع رأسه من السَّجدتين
(655)
عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمد ملء السَّموات (1) وملء الأرض وملس ما شئت من شيءٍ بعد، أهل (2) الثَّناءٍ والمجد أحقُّ ما قال العبد وكلُّنا لك عبدٌ، لا مانع لما أعطيت (3) ولا ينفع ذا الجدِّ (4) منك الجدُّ
ثبوت الواو في قوله "ربنا ولك الحمد " وفي حديث علي أول الباب ولم تثبت في غيرهما من أحاديث الباب (قال النووي رحمه الله وثبت في الأحاديث الصحيحة من روايات كثيرة " ربنا لك الحمد " وفي روايات كثيرة " ربنا ولك الحمد " بالواو وفي روايات " اللهم ربنا ولك الحمد " وفي روايات " اللهم ربنا لك الحمد " وكله في الصحيح قال الشافعي والأصحاب كله جائز (قال الأصمعي) سألت أبا عمرو عن الواو في قوله " ربنا ولك الحمد " فقال هي زائدة قلت يحتمل أن تكون عاطفة على محذوف أي ربنا أطعناك وحمدناك ولك الحمد (قال الشافعي) والأصحاب ولو قال " ولك الحمد ربنا " أجزأه لأنه أتى باللفظ والمعنى وقد سبق الآن الفرق بينه وبين قوله " أكبر الله " قالوا ولكن الأفضل قوله " ربنا لك الحمد " على الترتيب الذي وردت به السنة قال صاحب الحاوي وغيره يستحب للإمام أن يجهر بقوله " سمع الله حمده " ليسمع المأمومون ويعلموا انتقاله كما يجهر بالتكبير ويسر بقوله " ربنا لك الحمد " لأنه يفعله في الاعتدال فيسر به كالتسبيح في الركوع والسجود وأما المأموم فيسر بهما كما يسر بالتكبير فإن أراد تبليغ غيره انتقال الإمام كما يبلغ التكبير جهر بقوله سمع الله لمن حمده لأنه المشروع في حال الارتفاع ولا يجهر بقوله ربنا لك الحمد لأنه إنما يشرع في حال الاعتدال والله أعلم (تخريجه)(ق. د. عب) 655 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز قال حدثني عطية بن قيس عمن حدثه عن أبي سعيد الخدري " الحديث "(غريبه)(1) تقدم تفسيره في الكلام على حديث على رضي الله عنه في باب دعاء الافتتاح (2) أهل منصوب على النداء أو الاختصاص وهذا هو المشهور وجوز بعضهم رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف (والثناء) الوصف الجميل (والمجد) العظمة والشرف وقد وقع في بعض نسخ مسلم الحمد مكان المجد (3) هذه جملة مستأنفة متضمنة للتفويض والإذعان والاعتراف (4) بفتح الجيم على المشهور وروى ابن عبد البر عن
-[كلام العلماء فى أذكار الأعتدال من الركوع والرفع منه]-
.....
البعض الكسر قال ابن جرير هو خلاف ما عرفه أهل النقل ولا يعلم من قاله غيره ومعناه بالفتح الحظ والغنى والعظمة وغنما ينفعه العمل الصالح وبالكسر الاجتهاد أي لا ينفعه اجتهاده وإنما تنفعه الرحمة (تخريجه)(م. د. نس)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الإتيان بما جاء فيها من الأذكار حين الرفع من الركوع وحين الاعتدال بعده وإنه عام لكل مصل وقد اختلف الأئمة في ذلك (فذهب الشافعي) إلى أنه يقول في حال ارتفاعه سمع الله لمن حمده وإذا استوى قائماً قال ربنا لك الحمد إلى آخره وأنه يستحب الجمع بين هذين الذكرين للإمام والمأموم والمنفرد وبهذا قال عطاء وأبو بردة ومحمد بن سيرين وإسحاق وداود (وقال أبو حنيفة) يقول الإمام والمنفرد سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة الشعبي ومالك وأحمد قال وبه أقول وقال (النووي) والأوزاعي وروى عن مالك أنه يجمع بينهما الإمام والمنفرد ويحمد المؤتم (وقال أبو يوسف ومحمد) الإمام والمنفرد أيضاً ولكن يسمعل المؤتم احتج القائلون بأن الإمام والمنفرد يقولان سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط بحديث الباب عن أبي هريرة (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد) الحديث رواه أيضاً البخاري ومسلم واحتج القائلون بأنه يجمع بينهما كل مصل بحديث أبي هريرة الثاني في الباب (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللهم ربنا ولك الحمد) رواه الشيخان أيضاً بأحاديث أخرى بهذا المعنى وكلها صحيحة (قال النووي) وثبت في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" صلوا كما رأيتموني أصلي " فيقتضي هذا مع ما قبله أن كل مصل يجمع بينهما ولأنه ذكر يستحب للإمام فيستحب لغيره كالتسبيح في الركوع وغيره ولأن الصلاة مبينة على أن لا يفتر عن الذكر في شيء منها فإن لم يقل بالذكرين في الرفع واعتدال بقي أحد الحالين خالياً عن الذكر قال (وأما الجواب) عن قوله صلى الله عليه وسلم " وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد " فقال أصحابنا فمعناه قولوا ربنا لك الحمد مع ما قد علمتموه من قول سمع الله لمن حمده وإنما خص هذا بالذكر لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الله لمن حمده وإنما خص هذا بالذكر لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم بسمع الله لمن حمده فإن السنة فيه الجهر ولا يسمعون قوله ربنا لك الحمد لأنه يأتي به سراً وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " مع قاعدة التأسي به صلى الله عليه وسلم مطلقاً وكانوا يوافقون في سمع الله لمن حمده فلم يحتج إلى الأمر به ولا يعرفون ربنا لك الحمد فأمروا به والله أعلم اهـ ج واحتج الباقون ببعض هذه الأدلة (أما حكم هذه الأذكار) فالجمهور على استحبابها وتقدم الخلاف في ذلك في باب الذكر في الركوع والسجود (قال
-[كيفية الهوي إلى السجود]-
(8)
باب هيئات السجود وكيف الهوىّ اليه
(656)
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل، وليضع يديه ثمَّ ركبتيه (1)
(657)
عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه قال إن اليدين يسجدان
النووي) رحمه الله ويستحب أن يجمع بين هذه الأذكار كلها فإن اقتصر على بعضها فليقتصر على سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد فإن بالغ في الاقتصار اقتصر على سمع الله لمن حمده فلا أقل من ذلك واعلم أن هذه الأذكار مستحبة كلها للإمام والمأموم والمنفرد إلا أن الإمام لا يأتي بجميعها إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل واعلم أن هذا الذكر سنة ليس بواجب فلو تركه كراهة تنزيه ولا يسجد للسهو ويكره قراءة القرآن في هذا الاعتدال كما يكره في الركوع والله أعلم اهـ أذكار 656 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سعيد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة " الحديث "(غريبه)(1) لفظ أبي داود وغيره " وليضع يديه قبل ركبتيه "(تخريجه)(د. نس) قال النووي بسند جيد اهـ ج وأورده الحازمي في كتابه الاعتبار وقال هو على شرط أبي داود والترمذي والنسائي أخرجوه في كتبهم اهـ وقال القارئ في المرقاة قال ابن حجر سنده جيد اهـ (قلت) وأخرجه الترمذي أيضاً ولفظه (عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل) قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه اهـ وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني هذه سنة تقربها أهل المدينة ولهم فيها إسنادان هذا أحدهما والآخر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) حديث ابن عمر المشار إليه أخرجه الدارقطني والحاكم في المستدرك بلفظ (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه قبل ركبتيه) وقال على شرط مسلم وقال الحافظ في بلوغ المرام صححه ابن خزيمة وذكره البخاري تعليقاً 657 عن ابن عمر (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا
-[استحباب تفريح المصلى عن جنبيه فى السجود]-
كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه (1) وإذا رفعه فليرفعهما
(658)
عن ابن بجينة (2) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنِّح (3) فى سجوده حتَّى يُري (4) وضح إبطيه (وعنه من طريق ثانٍ)(5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلَّي فرَّج حتَّى يبدو (6) بياض إبطيه
(659)
عن أبى جميدٍ الساعدىِّ رضي الله عنه يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمَّ خوى ساجداً وقال اللها أكبر، ثمَّ جافي وفتح عضديه عن
أيوب عن نافع عن ابن عمر "حديث"(غريبه)(1) يعني أن حكم اليدين في السجود وفي الوضع والرفع حكم الوجه ولا يشاركهما في ذلك سائر الأعضاء (تخريجه)(د. س. لك) 658 عن ابن بجينة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين ثنا عمرو بن الحارث عن جعفر بن ربيعة عن ابن هرمز عن ابن بجينة " الحديث "(غريبه)(2) اسمه عبد الله بن مالك بن بجينة كما جاء ذلك صريحاً في سند الطريق الثانية (3) بضم الباء المثناة من تحت فتح الجيم وكسر النون المشددة وروى فرج وروى خوي وكلها بمعنى واحد والمراد أنه نحى كل يد عن الجنب الذي يليها (4) بالياء المثناة من تحت مبنى للمجهول وفي رواية عند مسلم (حتى نرى) بالنون قال النووي وكلاهما صحيح (وقوله وضح إبطيه) أي بياضهما كما في الطريق الثانية وقد أتيت بها لأنها مفسرة للطريق الأولى وسندها أصح قال (الحافظ) قال القرطبي والحكمة في استحباب هذه الهيئة أن يخفف اعتماده على وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته ولا يتأذى بملاقاة الأرض (5)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن عبد الله بن مالك بن بجينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) أي يظهر (تخريجه)(ق. وغيرهما) 659 عن أبي حميد الساعدي الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب جامع صفة الصلاة وقد أثبتت هذا الطرف منه هنا لمناسبة هيئات السجود
-[صفة السجود والرفع منه والطمأنينة فيهما]-
بطنه وفتخ (1) أصابع رجليه ثمَّ ثنى رجله اليسرى وقعد عليها واعتدل (2) حتَّى رجع كلُّ عظيم فى موضعه (3)"الحديث"
(660)
قط عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال اعتدلوا فى سجودكم ولا يفترش (4) أحدكم ذراعيه افتراش الكلب، أتمُّوا الرُّكوع والسُّجود، فوالله إنىِّ لأراكم من بعدى أو من بعد ظهرى (5) إذا ركعتم وإذا سجدتم
(661)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أحدكم فليعتدل ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب
(غريبه)(1) بالخاء المعجمة وتقدم تفسيره في باب جامع الصلاة (2) أي في الجلوس بين السجدتين (3) أي اطمأنت المفاصل وفيه دلالة على مشروعية الطمأنينة في هذا الوضع وقد تقدم الكلام على ذلك قريباً (وفي الباب) عند أبي داود من حديث أبي حميد أيضاً يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه " 660 قط عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبيد الله بن سعيد قال حدثني عمي يعقوب عن شريك عن شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث "(غريبه)(4) في رواية " ولا يبسط " وفي رواية " يبتسط " بزيادة التاء المثناة من فوق ومعناها واحد كما قاله ابن المنير وابن رسلان أي لا يجعل ذراعيه على الأرض كالفراش أو البساط قال القرطبي ولا شك في كراهة هذه الهيئة ولا في استحباب نقيضها اهـ والمراد بالاعتدال المأمور به في الحديث هو التوسط بين الافتراش والقبض (5) تقدم تفسيره في شرح حديث أبي هريرة في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها (تخريجه)(ق والأربعة وغيرهم) 661 عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ووكيع قالا ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر " الحديث "(تخريجه)(هق. جه. مد) وقال حديث جابر حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم يختارون الاعتدال في السجود ويكرهون الافتراش كافتراش السبع
-[النهي عن الافتراش فى السجود كافتراش الكلب]-
(662)
عن شعبة قال جاء رجلٌ إلى ابن عبَّاس فقال إنَّ مولاك إذا سجد وضع جبهته وذراعيه وصدره بالأرض، فقال له ابن عبَّاس ما يحملك على ما تصنع؟ قال التَّواضع، قال هكذا ربضة الكلب (1) رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا يسجد رؤى بياض إبطيه (2)
(663)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال تدبَّرت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته مخوِّيَّا (3) فرأيت بياض إبطيه
662 عن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم عن ابن أبي ذئب عن شعبة " الحديث " وفي آخره قال أبي وحدثنا هـ حسن أنا ابن أبي ذئب فذكر مثله (غريبه)(1) أي هيئة نومه ولصوقه بالأرض وربوض الكلب والغنم والبقر والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير وبابه جلس قاله في المختار (2) يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع مرفقيه عن إبطيه في السجود حتى يرى بياضهما (قال الحافظ) قال إن التين فيه دليل على أنه لم يكن عليه صلى الله عليه وسلم قميص لانكشاف إبطيه وتعقب باحتمال أن يكون القميص واسع الأكمام وقد روى الترمذي في الشمائل عن أم سلمة (قالت كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص) أو أراد الراوي أن موضع بياضهما لو لم يكن عليه ثوب الرؤى قاله القرطبي اهـ ما نقله الحافظ (فإن قيل) يؤخذ منه أن إبطيه صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهما شعر (قلت) في ذلك نظر لأنه سيأتي في حديث عبد الله بن أقرم (فلما أنظر إلى عفرتي إبطي رسول الجلد بسواد الشعر لأن العفرة بياض غير خالص وسيأتي توضيح ذلك فيكون المراد بالبياض بياض الجلد من خلال الشعر (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد 663 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(3) أي مجافياً بطنه عن الأرض (وفي رواية كان إذا سجد خوّى) أي جافى بطنه عن الأرض ورفعها وجافى في عضديه عن جنبيه حتى يخوى ما بين ذلك (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد
-[استحباب التجنيح فى السجود]-
(664)
عن أبي سعيد الخدرىِّ رضي الله عنه قال رأيت بياض كشح (1) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ساجدٌ
(665)
عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد رؤى أو رأيت بياض إبطيه
(666)
عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعىِّ عن أبيه (2) قال كنت مع أبى أقرم بالقاع (3)(وفى روايةٍ بالقاع من نمرة) قال فمرَّ بنا ركبٌ فأناخوا بناحية الطريق فقال لى أبى أى بني كن فى بهمك (4) حتَّى آتى هؤلاء القوم وأسأئلهم، قال فخرج وخرحت فى أثره فإذا رسول
664 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن إسحاق أنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة سمعت أبا الهيثم يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول رأيت الخ (غريبه)(1) الكشح مثال فلس ما بخاصرة إلى الضلع الخلف يعني أنه صلى الله عليه وسلم جافى عضديه عن جنبيه حتى ظهر كشحه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه كلام 665 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد عمن سمع أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد لولا ما فيه من إبهام الراوي عن أنس 666 عن عبيد الله بن عبد الهرم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا داود بن قيس عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم " الحديث "(غريبه)(2) أي عبد الله بن أقرم وهو صحابي مقل (3) قال في القاموس القاع أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام جمعه قيع وقيعة وقيعان بكسرهن وأقواع وأقواع اهـ (وقوله من نمرة) بفتح النون ثم كسر الميم قال في القاموس نمرة كفرحة موضع بعرفات أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم علي يمينك خارجاً من المأزمين اهـ (4) جمع بهمة وهي ولد الضأن ذكراً كان أو أنثى والسخال أولاد المعز فإذا اجتمعت البهام
-[كيفية السجود المستحبة]-
الله صلى الله عليه وسلم، قال فحضرت الصّلاة فصلَّيت معه فكنت أنظر إلى عفرتى (1) أبطى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّما سجد
(667)
عن أبى إسحاق عن البراء بن عازبٍ صلى الله عليه وسلم أنَّه وصف السجود قال فبسط كفَّيه ورفع عجيزته (2) وخوَّى وقال هكذا سجد النَّبيُّ صلَّي الله عليه وآله وسلَّم
(668)
عن ميمونة زوج النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجدت فضع كفَّيك (3) وارفع مرفقيك
والسخال قيل لهم جميعاً بهام وبهم أيضاً قاله في المختار (1) العفرة بالضم هو بياض غير خالص كلون عفر الأرض وهو وجهها أراد منبت الشعر من الإبطين بمخالطة بياض الجلد سواد الشعر كذا في مجمع البحار (تخريجه)(فع. نس. مذ) وقال حديث عبد الله بن أقرم حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث داود بن قيس ولا يعرف لعبد الله بن أقرم عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث والعمل عليه عند أهل العلم 667 عن أبي إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو كامل ثنا شريك عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب " الحديث "(غريبه)(2) أي عجزه والعجز مؤخر الشيء والعجيزة للمرأة فاستعارها للرجل (قوله خوّى) أي جافى بطنه عن الأرض وتفسيره آنفاً (تخريجه)(نس. ش. هق) وسنده جيد 668 عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حثني أبي ثنا وكيع جعفر ابن برقان عن يزيد الأصم عن ميمونة " الحديث "(تخريجه)(م. والأربعة. هق. ط. طب) 669 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد وعفان قالا ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(غريبه)(3) أي مبسوطتين على الأرض رافعاً مرفقيك عنها (تخريجه)(م. وغيره)
-[وضع الأنف مع الجبهة على الارض فى السجود]-
(670)
عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد على أنفه مع جبهته (وعنه من طريق ثانٍ)(1) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع أنفه على الأرض
(671)
وعنه أيضاً أنَّه رأي النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يسجد بين كفيَّه (وفى روايةٍ) ويداه قريبتان من أذنيه
(672)
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتَّى تجد حجم الأرض
670 عن وائل بن حجر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس قال أنبأنا الحجاج عن عبد الجبار بن وائل الحضرمي عن أبيه وائل بن حجر " الحديث "(غريبه)(1)(وعنه من طريق ثان)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حجاج عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد وله شاهد عند الأربعة وغيرهم من حديث أبي حميد الساعدي وقال الترمذي حديث أبي حميد حديث حسن صحيح 671 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه وائل الحضرمي (يعني بن حجر) أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث "(تخريجه) وتقدم نحوه في باب جامع صفة الصلاة 672 (عن ابن عباس الخ) طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وشرحه في الباب الأول من أبواب الركوع والسجود (تخريجه)(مذ. جه. ك) وحسنه البخاري والترمذي (الأحكام) في أحاديث الباب النهي عن وضع الركبتين قبل اليدين في الهوى إلى السجود والأمر بوضع اليدين ثم الركبتين وإلى ذلك ذهبت العترة والأوزاعي ومالك وابن حزم وهي رواية عن أحمد وروى الحازمي عن الأوزاعي أنه قال أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم قال ابن أبي داود وهو قول أصحاب الحديث (وذهب الجمهور) إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين (قال النووي) مذهبنا أنه يستحب أن يقدم في السجود الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة ثم الأنف وحكاه القاضي
-[اختلاف العلماء فى كيفية الهوّى الى السجود]-
....
أبو الطيب عن عامة الفقاء وحكاه بن المنذر عن عمر بن الخطاب قول اهـ ج وحجتهم في ذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم (قال الترمذي) وهو حديث تقديم اليدين وهو أرفق بالمصلى وأحسن في الشكل ورأي العين (وقال الدارقطني) قال ابن أبي داود وضع الركبتين اليدين تفرد به شريك القاضي عن ابن كليب وشريك ليس هو منفرداً به (وقال البيهقي) هذا الحديث يعد من أفراد شريك هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين وزاد أبو داود في رواية له " وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه " وهي زيادة ضعيفة من رواية عبد الجبار ابن وائل عن أبيه ولم يسمعه وقيل ولدلى الله عليه وسلم كبر وذكر الحديث وقال في السجود سبقت ركبتاه يديه " رواه الدارقطني والبيهقي وأشار إلى تضعيفه (واحتج الأولون) بحديث أبي هريرة المذكور أول الباب وقد بينا درجته وشواهده (وأجاب الآخرون) عن ذلك بأجوبه (منها) أن حديث أبي هريرة وابن منسوخان بما أخرج ابن خزيمة في صحيحه من حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال " كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين " ولكن قال الحازمي في إسناده مقال ولو كان محفوظاً لدل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق وقال الحافظ في الفتح إنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن سلمة بن كهيل عن أبيه وهما ضعيفان وقد عكس ابن حزم فجعل حديث أبي هريرة في وضع اليدين قبل الركبتين ناسخاً لما خالفه (ومنها) ما جزم ب ابن القيم في الهدي أن حديث أبي هريرة انقلب متنه على بعض الرواة قال ولعله " وليضع ركبتيه قبل يديه " قال وقد رواه كذلك أبو بكر بن أبي شيبة فقال حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل " ورواه الأثرم في سننه أيضاً عن أبي بكر كذلك وقد روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يصدق ذلك ويوافق حديث وائل بن حجر قال ابن أبي داود حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه اهـ ولكنه قد ضعف عبد الله بن سعيد يحيى بن القطان وغيره قال أبو أحمد الحاكم إنه ذاهب الحديث وقال
-[اختلاف المحدثين فى حديثى ابى هريرة ووائل بن حجر ايهما اصح]-
(8)
باب أعضاء السجود والنهى عن كف الشعر والثوب
(673)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال
أحمد بن حنبل هو منكر الحديث (ومما أجاب به ابن القيم) عن حديث أبي هريرة أن أوله يخالف آخره قال فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولاً قال ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا ركبتا البعير في يديه لا في رجليه فهو إذا برك وضع ركبتيه أولا فهذا هو المنهي عنه قال وهو فاسد لوجوده حاصلها أن البعير إذا برك يضع يديه ورجلاه قائمتان وهذا هو المنهي عنه وأن القول بأن ركبتي البعير ف يديه لا يعرفه أهل اللغة وأنه لو كان الأمر كما قالوا صلى الله عليه وسلم فليبرك كما يبرك البعير لأن أول ما يمس الأرض من البعير يداه (ومنها) الاضطراب في حديث أبي هريرة فإن منهم من يقول وليضع يديه قبل ركبتيه ومنهم من يقول بالعكس كما تقدم ومنهم من يقول وليضع يديه على ركبتيه كما رواه البيهقي (ومنها) أن حديث وائل موافق لما نقل عن الصحابة كعمر بن الخطاب وابنه وعبد الله بن مسعود (ومنها) أنه مذهب الجمهور (ومنها) أن لحديث وائل شواهد من حديث أنس وابن عمر اهـ (قال الشوكاني) ويجنه بأن لحديث أبي هريرة شواهد كذلك (من المرجحات) لحديث أبي هريرة أنه قول وحديث وائل حكاية فعل والقول أرجح مع أنه قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض قوله الخاص بالأمة ومحل النزاع من هذا القبيل وأيضا حديث أبي هريرة مشتمل على النهي المقتضي للحظر وهو مرجح مستقل وهذا خلاصة ما تكلم به الناس في هذه المسألة والمقام من معارك الأنظار ومضايق الأفكار ولهذا قال النووي لا يظهر له ترجيح أحد المذهبين وأما الحافظ ابن القيم فقد رجح حديث وائل بن حجر وأطال الكلام في ذلك وذكر عشرة مرجحات قد أشرنا ههنا على بعضها أفاده الشوكاني (وفي أحاديث الباب أيضاً) أنه ينبغي للساجد أن يضع كفيه على الأرض ويرفع مرفقيه عن الأرض وعن جنبيه رفعاً بليغاً بحيث يظهر باطن إبطيه إذا لم يكن مستوراً وهذا أدب متفق على استحبابه فلو تركه كان مسيئاً مرتكباً والنهي للتنزيه وصلاته صحيحة والله أعلم قال العلماء والحكمة في هذا أنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض وأبعد هيئات الكسالى فإن المتبسط يشبه الكلب ويشعر بالتهاون بالصلاة وقلة الاعتناء بها والإقبال عليها والله أعلم أفاده النووي 673 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر
-[أعضاء السجود]-
أمرت (1) أن أسجد على سبعةٍ (2) ولا أكفَّ شعرًا ولا ثوبًا (3)(وعنه من طريقٍ ثانٍ)(4) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يسجد على سبعٍ ونهى أن يكفَّ شعره وثيابه (وعنه من طريقٍ ثالثٍ)(5) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أسجد على سبعة أعظمٍ، الجبهة وأشار بيده إلى أنفه (6) واليدين والركبتين وأطراف الأصابع (7) ولا أكف الثَّياب ولا الشعر
(674)
عن العبَّاس (بن عبد المطَّلب) رضي الله عنه قال قال رسول
ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن طاوس يحدث عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(1) قال الحافظ هو بضم الهمزة في جميع الروايات على البناء لم لم يسم فاعله وهو الله عز وجل اهـ وهذا الخطاب عام يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وأمته كما هو الأصل إلا إذا دل دليل على الخصوصية ولا دليل إلا على العموم أخرجه البخاري في صحيحه من هذا الطريق بلفظ أمرنا وهو دال على العموم (2) أي سبعة أعظم كما صرح بذلك في الطريق الثالثة وكذلك في رواية لمسلم أيضاً (3) ظاهره أن ترك الكف واجب حال الصلاة لا خارجها ورد القاضي عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور فأهم كرهوا ذلك للمصلى سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها (قال الحافظ) واتفقوا على أنه لا يعيد الصلاة لكن حكى ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة قيل والحكمة في ذلك إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبرين (4)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمر وعن طاوس عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "(5)(وعنه من طريق ثالث)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيى بن إسحاق قال أنا وهيب بن خالد ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) عند النسائي من طريق سفيان عن ابن طاوس فذكر هذا الحديث وقال في آخره قال ابن طاوس ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه وقال هذا واحد فهذه رواية مفسرة قال القرطبي هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع وقال ابن دقيق العيد قيل معناه أنهما جعلا كعضو واحد إلا لكانت الأعضاء ثمانية اهـ (وقوله واليدين) المراد بهما الكفان بقرينة ما تقدم من النهي عن افتراش السبع والكلب (7) أي أطراف أصابع الرجلين (تخريجه)(ق. وغيرهما) 674 عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله
-[كراهته كف الشعر حين السجود]-
الله صلّى عليه وآله وسلَّم إذا سجد الرَّجل سجد معه سبعة آرابٍ (1) وجهه وكفَّاه وركبتاه وقدماه
(675)
ز عن عمرو بن يحيى عن أبيه أو عمِّه قال كانت لى جمَّةٌ (2) كنت إذا سجدت رفعتها فرآنى أبو حسنٍ المانُّى (3) فقال ترفعها لا يصيها التُّراب؟ والله لأحلقنها فحلقها
حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عبده بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه " الحديث "(غريبه)(1) أراب بالمد جمع إرب بكسر أوله وإسكان ثانيه وهو العضو (تخريجه)(م. والأربعة) 675 ز عن عمرو بن يحيى (سنده) حدثنا عبد الله قال ثنا أحمد بن حاتم الطويل وكان ثقة رجلاً صالحاً قال ثنا عبد العزيز بن محمد يعني الدرا وردي عن عمر بن يحيى عن أبيه أو عمه الخ (غريبه)(2) الجمة " بضم الجيم " من شعر الرأس ما سقط عن المنكبين (3) أبو حسن المازني هو جد عمرو بن يحيى (وقوله ترفعها لا يصيبها التراب) يعني خشية أن يصيبها تراب الأرض وأن ساجد وغنما وبخ حفيده وحلق جمته لكراهة رفع الشعر والنهي عنه وأنه من أفعال رين (قال العلماء) والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد معه ولهذا جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما مثل الذي يصلي ورأسه معقوص مثل الذي يصلي وهو مكتوف " رواه مسلم وعن عبد الله بن مسعود أنه مر على رجل ساجد ورأسه معقوص فحله فلما انصرف قال له عبد الله لا تعقص فإن الشعر يسجد وإن لك بكل شعرة أجراً قال إنما عقصته لكيلا يتترب قال إن يتترب خير لك أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (وفي الباب) أيضاً عن ابن مسعود رضي اله عنه قال " إذا سجد أحدكم فلا يسجد مضطجعاً ولا متوركاً فإنه إذا أحسن السجود سجد كل عضو فيه " أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن أعضاء السجود سبعة وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها وأن يسجد عليها كلها وأن يسجد على الجب الله فأما الجبهة وضعها مكشوفة على الأرض ويكفي بعضها والأنف مستحب فلو تركه جاز ولو اقتصر عليه وترك الجبهة لم يجز هذا مذهب الشافعي ومالك رحمهما الله تعالى والأكثرون (وقال أبو حنيفة)
-[مذاهب العلماء فيما يجب السجود عليه فى الأعضاء وما لا يجب]-
(9)
باب سجود المصلي على ثوبه لحاجة وكيف يسجد من زوحم
(676)
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى فى ثوبٍ واحدٍ
رضي الله عنه وابن القاسم من أصحاب مالك له أن يقتصر على أيهما شاء (وقال أحمد رحمه الله وابن حبيب) من أصحاب مالك رضي الله عنهما يجب أن يسجد على الجبهة والأنف جميعاً لظاهر الحديث قال الأكثرون بل ظاهر الحديث أنهما في حكم عضو واحد لأنه قال في الحديث سبعة فاز جعلا عضوين صارت ثمانية وذكر الأنف استحباباً وأما اليدان والركبتان والقدمان فهل يجب السجود عليهما فيه قولان للشافعي رحمه الله تعالى (أحدهما) لا يجب لكن يستحب استحباباً متأكداً (والثاني) يجب وهو الأصح وهو الذي رجحه الشافعي الله تعالى فلو أخل بعضو منها لم تصح صلاته وإذ أوجبناه لم يجب كشف القدمين والركبتين وفي الكعبين قولان للشافعي رحمه الله تعالى أحدهما يجب كشفهما كالجبهة وأصحهما لا يجب اهـ (قلت) ومذهب الحنابلة كمذهب الشافعية في السجود على هذه الأطراف إلا أن الحنابلة قالوا لا يتحقق السجود إلا بوضع جزء من الأنف زيادة على ما ذكر والشافعية قالوا يشترط أن يكون السجود على بطون الكفين وبطون الأصابع (وقالت الحنفية) لا بد من وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف إحدى القدمين ولو كان إصبعاً واحداً أما وضع أكثر الجبهة فإنه واجب ويتحقق السجود الكامل بوضع جمع اليدين والركبتين وأطراف القدمين والجبهة والأنف (وقالت المالكية) بوجوب السجود على الجبهة واستحبابه على كل ما عدها إلا أنه يعيد الصلاة في الوقت إذا ترك السجود على الأنف مراعاة ثم لوجوبه (وفي أحاديث الباب أيضاً) والنهي عن كف الشعر والثياب (قال النووي) رحمه الله اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو تحو ذلك فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته واحتج في ذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإجماع العلماء حكى ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقاً لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها كذلك لا لها بل لمعنى آخر وقال الداودي يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة والمختار الصحيح هو الأول وها هو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم اهـ م 676 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله
-[حجة من قال بجواز السجود على ثوب المصلى المتصل به]-
متوشِّحاً به يتقَّى بفضوله (2) حرَّ الأرض وبردها
(677)
عن أنس بن نالٍ رضي الله عنه قال كنَّا نصلَّى مع النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فى شدَّة الحرِّ فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكَّن وجهه من الأرض بسط ثوبه فيسجد عليه
(678)
عن عبد الله بن عبد الرحمن قال جاءنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فصلَّى بنا فى مسجد بنى عبد الأشهل فرأيته واضعاً يديه فى ثوبه إذا سجد
(679)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه ولآله وسلم فى يومٍ مطيرٍ وهو يتَّقى الطِّين إذا يجد بكساءٍ عليه يجمله دون يديه إلى الأرض إذا سجد
ابن محمد وسمعته أنا منهيك عن حسين عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(1) أي بما فضل منه وفيه دليل على أن الكساء الذي سجد عليه كان متصلاً به (تخريجه)(عل. طب. طس) قال في مجمع الزائد رجال أحمد رجال الصحيح 677 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن المفضل ثنا غالب القطان بن عبد الله عن أنس بن مالك " الحديث "(تخريجه)(ق. والأربعة وغيرهم) 678 عن عبد الله بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن " الحديث "(تخريجه) أخرجه أيضاً ابن ماجه بهذا السند وهذا الحديث قد اختلف في إسناده فقال ابن أبي أويس عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت عن أبيه عن جده وهذا أولى بالصواب قاله المزني 679 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال ثنا حسين بن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس قال لقد رأيت الخ (تخريجه) لم أقف عليه وفي
-[ما يفعل من زوحم أو أعياه السجود بسبب التفريج]-
(680)
عن سيَّار بن المعرور قال سمعت عمر وهو يخطب يقول إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى هذا المسجد (1) ونحن معه المهاجرون والأنصار (2) فإذا اشتدَّ الزِّحام فليسجد الرَّجل منكم على ظهر أخيه، ورآى قوماً يصلُّون فى الطَّريق فقال صلُّوا فى المسجد (3)
(681)
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال شكا أصحاب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إليه مشقَّة السُّجود عليهم إذا تفرَّجوا (4) قال استعينوا بالرُّكب، قال ابن عجلان وذلك أن يضع مرفقة على ركبتيه إذا طال السُّجود وأعيا
إسناده الحسين بن عبد الله بن عبيد اله بن عباس ضعيف 680 عن سيار بن المعرور (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا سلام يعني أبا الأحوص عن سماك بن حرب عن سيار بن المعرور " الحديث ط (غريبه) (1) يعني مسجد المدينة المنورة (2) يريد أنهم كانوا قليلي العدد أما وقد كثر الناس فإذا ضاق بكم المسجد واشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه للضرورة وهذا لا يكون إلا في صلاة الجمعة لاش المسجد والجماعة أما غيرها فلا ضرورة إذ يمكنه أن يصلي في أي مكان شاء (3) أي وإن زوحمتم وفي ذلك إشارة إلى أن الجمعة لا تصح إلا في المسجد وللأئمة تفصيل في ذلك وسنبسط المقام في باب صلاة الجمعة إن شاء الله تعالى (تخريجه) هذا الأثر سنده جيد ورواه أيضاً البيهقي بسنده ولفظه في الجمعة قال النووي في المجموع وإسناده صحيح 681 عن أبي هريرة (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن ابن عجلان عن سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه)(4) يعني أنهم اشتكوا تعب السجود عليهم إذا باعدوا أيديهم عن جنوبهم ورفعوا بطونهم عن أفخاذهم كما هو المطلوب في الأحاديث السابقة فقال صلى الله عليه وسلم (استعينوا بالركب) وقد فسر ابن عجلان أحد الرواة معنى ذلك في الحديث (قال النووي رحمه الله قال صاحب التتمة إذا طول السجود ولحقه المشقة بالاعتماد على كفيه وضع ساعديه على ركبتيه لحديث سمى أهـ وقد رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك للمشقة ولهذا ترجم له أبو داود فقال باب الرخصة في ذلك (تخريجه)(د. مذ. ك. هق) وابن خزيمة وقال
-[مذاهب الأئمة فى حكم السجود على الثياب وكور العمامة]-
....
الترمذي هذا حديث لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه من حديث الليث عن ابن عجلان وقد روى هذا الحديث سفيان عن عيينة وغير واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وكأن رواية هؤلاء أصح من رواية الليث اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر أو برد أو وحل أو نحو ذلك وفيها إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل لتعليق بسط الثوب بعدم الاستطاعة وقد استدل لها أيضاً على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلى " قال النووي رحمه الله " وبه قال (أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وإسحاق وأحمد في رواية قال صاحب التهذيب وبه قال أكثر العلماء واحتج لهم بحديث أنس رضي الله عنه " يعني حديث الباب " وبحديث ابن عباس رضي اله عنهما (قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير) فذكر حديث الباب وعن الحسن قال (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل على عمامته) رواه البيهقي وبما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور عمامته وقياساً على باقي الأعضاء (قال ومذهبنا) أنه لا يصح السجود على كمه وذيله وكور عمامته وغير ذلك مما هو متصل به وال داود وأحمد في رواية (قال الشافعي والأصحاب) ويجب أن يكشف ما يقع عليه الاسم فيباشر به موضع السجود اهـ (قلت) واحتج الشافعية بحديث خباب بن الأرت رضي الله عنه " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " قال النووي رواه البيهقي بلفظه وإسناد جيد قال رورواه مسلم بغير هذا فرواه عن زهير عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن وهب عن حبان قال " أتينا رسول الله صلى اله عليه وسلم فشكونا إليه حر الرمضاء فلم يشكنا " قال زهير قلت لأبي إسحاق أفي الظهر؟ قال نعم قلت في تعجيلها؟ قال نعم هذا لفظ مسلم (قلت) ورواه الإمام أحمد أيضاً بنحو رواية مسلم وتقدم في باب وقت الظهر وتعجيلها قال النووي ورواه البيهقي من طريق آخر وقال " فما أشكانا وقال إذا زالت الشمس فصلوا " وقد اعترض بعضهم على أصحابنا في احتجاجهم بهذا الحديث على وجوب كشف الجبهة وقال هذا ورد في الأبراد وهذا الاعتراض ضعيف لأنهم شكوا حر الرمضاء في جباههم وأكفهم ولو كان الكشف غير واجب لقيل لهم استروها فلما لم يقل ذلك دل على أنه لا بد من كشفها وقوله فلم يشكنا أي لم يجبنا إلى ما طلبناه ثم نسخ هذا وثبتت السنة بالأبراد بالظهر قال واحتج أصحابنا أيضاً بحديث رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته أنه لا يتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء وذكر صفة الصلاة إلى أن قال فيمكن وجهه وربما قال جبهته من الأرض وذكر تمام صفة الصلاة ثم قال " لا يتم صلاة أحدكم حتى يفعل
-[الدعاء في السجود بقوله اللهم لك سجدت الخ اللهم اجعل فى قلبى نوراً الخ]-
(10)
باب الدعاء فى السجود وما يقال فيه من الأذكار غير ما مد فى الركوع
(682)
عن علىّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول اللهمَّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهى للَّذى خلقه فصوَّره فأحسن صوره فشقَّ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين
(683)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما يضف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التَّهجُّد، قال ثمَّ خرج إلى الصَّلاة فصلَّى وجعل يقول فى صلاته أو فى سجوده اللَّهمَّ اجعل فى قلبى نوراً (1) وفى يمعي نوراَ، وفي بصرى نوراً، وعن يميني
ذلك " رواه أبو داود والبيهقي بإسنادين صحيحين وفي رواية للبيهقي " فيمكن وجهه " بلا شك قال وأجاب أصحابنا عن حديث أنس أنه محمول على ثوب منفصل وأما حديث ابن عباس المذكور في مسند أحمد فضعيف في إسناده مجروح ولو صح لم يكن فيه دليل لستر الجبهة وأجاب البيهقي والأصحاب عن حديث الحسن أنه محمول على مع بعض الجبهة ويدل على هذا أن العلماء مجمعون على أن المختار مباشرة الجبهة للأرض فلا يظن بالصحابة إهمال هذا وأما المروي أن النبي صلى الله عليه وسلم " سجد على كور عمامته " فليس بصحيح قال البيهقي فلا يثبت في هذا شيء وأما القياس على باقي الأعضاء أنه لا يختص وضعها على قول وإن وجب ففي كشفها مشقة بخلاف الجبهة اهـ بتصرف ج (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على جواز سجود المصلى على ظهر غيره وإذا اشتد الزحام في صلاة الجمعة وسيأتي تفصيله في أبواب الجمعة إن شاء الله تعالى (وفيها أيضاً) دليل على جواز ترك التحافي حال السجود للضرورة فتكون قرينة صارفة للأحاديث المتقدمة في باب هيئات السجود في تفريجه صلى الله عليه وسلم والأمر به من الوجوب إلى الندب والله أعلم 682 عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب دعاء الافتتاح فأرجع إليه 683 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس " الحديث " وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في باب ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل (غريبه)(1) قال القرطبي رحمه الله هذه الأنوار التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن
-[ما يقال في السجود]-
نوراً، وعن يساري نوراً، وأمامى نوراً، وخلفى نوراً، وفوقى نوراً، وتحتى نوراً، واجعلنى نوراً، قال شعبة أو قال اجعل لى نوراً "الحديث"
(684)
عن عائشة رضي الله عنها أنَّها فقدت (1) النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم من مضجعه فلمسته بيدها فوقعت عليه (2) وهو ساجدٌ وهو يقول ربِّ أعط نفسى تقواها، وكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليَّها ومولاها
(685)
وعنها أيضاً قالت افتقدت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذات ليليةٍ فظنت أنَّه ذهب إلى بعض نسائه فتحسَّست (3)(وفى روايةٍ فطلبته) ثمَّ رجعت فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول سبحانك وبحمدك لا إله إلَاّ أنت (وفى روايةٍ فإذا هو ساجدٌ يقول ربِّ اغفر لى ما أسررت وما أعلنت) فقلت بأبى أنت وأمِّى (4) إنَّك لفى شأنٍ وأنا فى شأنٍ آخر
تحمل على ظاهرها فيكون معنى سؤاله أن يجعل الله تعالى في كل عضو من أعضائه نوراً يوم القيامة يستضيء به في تلك الظلم هو ومن تبعه والأولى أن يقال هي مستعارة للعلم والهداية (وقال النووي) قال العلماء سأل النور في أعضائه وجهاته والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شيء منها عنه اهـ (تخريجه)(م. والأربعة. إلا الترمذي) 684 عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن نافع يعني أبن عمر عن صالح بن سعيد عن عائشة " الحديث "(غريبه)(1) أي لم تجهد سراج (2) الظاهر أنها عثرت فيه فوقعت أي سقطت عليه وهو ساجد الخ (وقوله زكها) أي طهرها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات 685 وعنها أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة عن عائشة " الحديث "(غريبه)(3) بالحاء المهملة أي طلبت معرفة خبره (4) أي أفديك بأبي وأمي إنك مشغول بعبادة ربك وأنا أظنك عند بعض نسائك (تخريجه)(م. د. جه. وغيرهم) وفي رواية لمسلم عن عائشة رضي الله عنها
-[حديث أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد]-
(686)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أقرب ما يكون العبد من ربه (1) وهو ساجدٌ فأكثروا الدعاء
(11)
باب الجلسة بين السجدتين وما يقال فيها
(687)
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع أسه من السُّجود لم يسجد حتَّى يستوى قاعداً
قالت " فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " 686 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون قال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال ثنا ابن وهب عن عمرو عن عمارة بن غزية عن سميي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة " الحديث "(غريبه)(1) معناه أقرب ما يكون من رحمة ربه وإنما كان العبد في السجود أقرب إلى رحمة ربه من سائر أحوال الصلاة وغيرها لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه والسجود فيه غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس لأنها لا تأمر صاحبها بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها فإذا بعد عن نفسه قرب من رحمة ربه (تخريجه)(م. د. نس. ك)(وفي الباب) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده " اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره " وقوله دقه وجله بكسر أولهما يعني صغيره وكبيره رواه مسلم واللفظ له وأبو داود والحاكم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الإتيان بما ذكر فيها من الدعاء والذكر وفيها الترغيب في الاستكثار من الدعاء في السجود وهو مستحب عند جمهور العلماء (قال النووي رحمه الله واعلم أنه يستحب أن يجمع في سجوده جميع ما ذكرناه فإن لم يتمكن منه في وقت أتى به في أوقات وإذا اقتصر يقتصر على التسبيح مع قليل من الدعاء اهـ أذكار 687 عن عائشة رضي الله عنها الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه ف أول باب من أبواب صفة الصلاة
-[الجلسة بين السجدتين وما يقال فيها وكلام العلماء فى ذلك]-
(688)
عن عبد الرَّحمن بن أبزى رضي الله عنه أنًّه صلَّى يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد حتَّى أخذ كلُّ عضوٍ مأخذه، ثمَّ رفع حتَّى أخذ كلُّ عظمٍ مأخذه، ثمَّ سجد حتَّى أخذ كلُّ عظمٍ مأخذه، ثمَّ رفع فصنع فى الرَّكعة الثَّانية كما صنع فى الرَّكعة الأولى، ثمَّ قال هكذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(689)
عن ابن عبِّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين السَّجدتين فى صلاة الليل ربِّ اغفر لى وارحمني (1) وارفعنى وارزقني واهدني
688 عن عبد الرحمن بن أبزى الخ طرف من حديث طويل تقم بتمامه وتقدم الكلام عليه سنداً وشرحاً وتخريجاً في باب جامع صفة الصلاة 689 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " الحديث "(غريبه)(1) في رواية أخرى للإمام أحمد أطول من هذه تقدمت في آخر باب الذكر في الركوع زيادة (واجبرني) بعد قوله وارحمني (تخريجه)(ك. هق. والأربعة إلا النسائي) وصححه الحاكم وحسنه النووي في رواية ابن ماجه زيادة (واجبرني) ولم يقل اهدني ولا عافني وزاد أبو داود عافني) ولم يقل واجبرني وجمع بينها الحاكم كلها إلا أنه لم يقل (وعافني)(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية تطويل الجلسة بين السجدتين والطمأنينة في ذلك ولا عبرة من قال أن تطويلها ينفي الموالاة فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره وتقدم عند الإمام أحمد أيضاً " كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريباً من السواء " قال ابن دقيق العيد هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل وحديث أنس أصرح في الدلالة على ذلك بل هو نص فيه (قلت) يعني حديث أنس في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم وفيه " فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول الناس قد نسي وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول الناس قد نسي " رواه الشيخان والإمام أحمد قال فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على مشروعية الدعاء بهذه الكلمات في الجلسة بين السجدتين (ويستحب) للداعي أن
-[مشروعية جلسة الاستراحة]-
(12)
باب جلسة الاستراحة
(690)
عن أبى قلابة قال جاء أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى مسجدنا فقال والله إنِّي لأصلِّى وما أريد الصلَاّة (1)، ولكنِّي أريد أن أريكم كيف رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يصلِّى، قال فقعد فى الرَّكعة الأولى حين رفع رأسه من السَّجدة الأخيرة (2) ثمَّ قام (وعنه من طريق ثانٍ) بنحوه (3) وفيه قال أبو قلابة فصلَّى صلاةً كصلاة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمة الجرمىَّ، وكان يومُّ على عهد النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال أيوب فرأيت عمرو بن سلمة يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع من السَّجدتين (4) استوى قاعداً ثمَّ قام من الرَّكعة الأولى والثَّالثة
يجمع بين رواياتها في دعائه ليكون عاملاً بجميع الوارد وله أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ولكن التمسك بالوارد أكثر ثواباً وأقرب إجابة (وفي الباب) عند النسائي وابن ماجه عن حذيفة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين ربي اغفر لي ربي اغفر لي " قال المتولي ويستحب للمنفرد أن يزيد هنا " اللهم هب لي قلباً تقياً نقياً من الشرك برياً لا كافراً ولا شقياً " قال الأذرعي لحديث ورد فيـ والله أعلم 690 عن أبي قلابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي قلابة الخ (غريبه)(1) استشكل نفي هذه الإرادة لما يلزم عليها من وجود صلاة غير قربة ومثلها لا يصح (وأجيب) بأنه لم يرد نفي القربة وإنما أراد بيان السبب الباعث له على الصلاة في غير وقت صلاة معينة جماعة وكأنه قال ليس الباعث لي على هذا الفعل حضور صلاة معينة من أداء أو إعادة أو غير ذلك وإنما الباعث لي عليه قصد التعليم وكأنه تعين عليه حينئذ لأنه أحد من خوطب بقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " ورأي أن التعليم بالفعل أوضح من القول ففيه دليل على جواز مثل ذلك أفاده الحافظ ف (2) أي الثانية من الركعة الأولى (وقوله ثم قام) أي إلى الركعة الثانية ولم تذكر جلسة الركعة الثالثة في هذا الطريق وذكرت في الطريق الثاني (3) ذكر حديثه بتمامه وسنده وشرحه في باب جامع صفة الصلاة (4) يعني الأخيرتين من الركعة الأولى والثالثة (وقوله استوى
-[كلام العلماء فى حكم جلسة الأستراحة]-
أبواب القنوت (*)
(1)
باب القنوت فى الصبح وسببه وهل هو قبل الركوع أو بعده
(691)
حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا ابن أبى عدىّ عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيدٌ المعني عن قتادة عن أنس (بن مالكٍ) رضي الله عنه أن نبَّي صلى الله عليه وسلم أتاه رعلٌ وذكوان (1) وعصيَّة وبنو لحيان فزعموا أنَّهم
قاعداً) أي جلس مدة يسيرة ثم قام من الركعة الأولى إلى الثانية (وقوله والثالثة) يعني كذلك يجلس مدة يسيرة بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الثالثة ثم يقوم إلى الرابعة (وفي رواية) للبخاري والأربعة إلا ابن ماجه عن مالك بن الحويرث أيضاً أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً (تخريجه) حديث الباب أخرجه (خ. دنس. مذ. فع. هق. قط)(الأحكام) في حديث الباب مشروعية جلسة الاستراحة وهي بعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة وقبل النهوض إلى الركعة الثانية والرابعة وقد ذهب إلى استحباب ذلك (الشافعي) في المشهور عنه وطائفة من أهل الحديث وعن أحمد روايتان وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى وصف صلاته صلى الله عليه وسلم (تقدم في باب جامع صفة الصلاة) ولم يذكر فيه هذه الجلسة بل ثبت في بعض ألفاظه أنه قام ولم يتورك كما أخرجه أبو داود قال فيتحمل أن ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كان لها ذكر مخصوص وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث (صلوا كما رأيتموني أصلي) فحكاياته لصفات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة تحت هذا الأمر وحديث أبي حميد يستدل به على عدم وجوبها وأنه تركها لبيان الجواز لا لعدم مشروعيتها على أنها لم تتفق الروايات عن أبي حميد في نفي هذه الجلسة بل أخرج أبو داود والترمذي وأحمد عنه من وجه آخر بإثباتها (وأما) الذكر المخصوص فأنها جلسة خفيفة جداً استغنى فيها بالتكبير المشروع للقيام أفاده الشوكاني القنوت له معان كثيرة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام والسكوت فيصرف كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه والمراد بالقنوت هنا الدعاء 691 حدثنا عبد الله (غريبه)(1) رعل بكسر الراء وسكون المهملة
-[سبب مشروعية القنوت]-
قد أسلموا فاستمدوه على قومهم (1) فأمدَّهم نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ بسبعين من لأنصار، ال أنسٌ كنا نسماقَّيهم في زمانهم القرَّاء، (2) كانوا يحتطبون بالنَّهار ويصلون بالليَّل، فانطلقوا بهم حتَّى إذا أتوا بئر معونة (3) غدروا بهم فقتلوهم، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا فى صلاةٍ الصبُّح يدعوا على هذه الحياء رعلٍ وذكوان وعصيَّة وبنى الحيان (4) قال قتادة وحدَّثنا أنسٌ أنَّهم قرؤا به قرآناً (5) وقال ابن جعفرٍ فى حديثه إنَّا قرأنا بهم قرآناً (يلِّغوا عنَّا قومنا أنَّا قد لقينا ربَّنا فرضى عنَّا وأرضانا) ثم رفع ذلك بعد، (6) قال ابن جعفرٍ ثمَّ نسخ
بطن من بني سليم ينسبون رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم وأما ذكوان فبطن من بني سليم أيضاً ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم (وعصيه) بوزن رقيه قبيلة من بني سليم أيضاً (1) في رواية للبخاري أنهم استمدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدو فأمدهم بسبعين الخ (2) أي لأنهم كانوا يحفظون القرآن وكانوا من أصلح الناس وقد بين قتادة في روايته أنهم كانوا يحتطبون بالنهار (أي يجمعون الحطب فيبيعونه ويشترون بثمنه الطعام) ويصلون بالليل وفي رواية ثابت ويشترون به الطعام لأهل الصفة ويتدارسون القرآن بالليل ويتعلمون (3) بفتح الميم وضم المهملة وسكون الواو بعدها نون موضع في بلاد هذيل بين مكة وعسفان وهذه الوقعة تعرف بسرية القراء وكانت مع بني رعل وذكوان المذكورين قاله الحافظ ف (4) هذا يوهم أن بني لحيان ممن أصاب يوم بئر معونة وليس كذلك وإنما أصاب هؤلاء القراء رعل وذكوان وعصية ومن يحبهم من سليم وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع وإنما أتى الخبر إلى رسول الله عنهم كلهم في وقت واحد فدعا على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاء واحداً والله أعلم قاله القسطلاني في المواهب لت) وعلى هذا يحمل حديث الباب ويندفع الإيهام وسيأتي ذكر سرية الرجيع وبئر معونه بأوسع من هذا في كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى (5) سبب نزوله أنهم قالوا (اللهم بلغ عنا نبينا " وفي لفظ " اخواننا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا) فأخبره جبريل فحمد الله وأثنى عليه فقال إن إخوانكم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم قال أنس فكنا نقرأ (بلغوا عنا الخ) قال الإمام السهيلي ثبت هذا في الصحيح وليس عليه رونق الإعجاز فيقال إنه لم ينزل بهذا النظم ولكن بنظم معجز كنظم القرآن اهـ (6) أي
-[إكرام الله عز وجل لقراء الصحابة وحزن النبى صلى الله عليه وسلم على قتلهم]-
ذلك أو رفع (ومن طريقٍ ثانٍ) حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن عاصمٍ عن أنسٍ قال ما وجد (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم على سريَّةٍ ما وجد عليهم، كانوا يسمَّون القرَّاء، قال سفيان نزل فيهم (بلغَّوا قومنا عنَّا أنًّا قد رضينا ورضى عنَّا) قيل لسفيان فيمن نزلت؟. قال فى أهل بئر معونة
(692)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا بعد الرُّوع يدعوا على رعلٍ وذكوان، وقال عصيَّة عصت الله ورسوله
(693)
(وعنه أيضًا) قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعوا بعد الرُّكوع على حىٍ أحياء العرب ثمَّ تركه
نسخ كما قال ابن جعفر (قال في الروض الأنف) فإن قيل هو خبر والخبر لا ينسخ (قلنا) لم ينسخ منه الخبر وإنما نسخ الحكم فإن حكم القرآن أن يتلى في الصلاة ولا يمسه إلا طاهر ويكتب بين اللوحين وتعلمه فرض كفاية فما نسخ رفعت عنه هذه الأحكام وإن بقي محفوظاً فهو منسوخ فإن تضمن حكماً جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولاً به وإن تضمن خبراً بقي ذلك الخبر مصدقاً به وأحكام التلاوة منسوخة عنه كما نزل (لو أن لابن آدم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) ويروي " ولا يملأ عيني ابن آدم وفم ابن آدم " وكلها في الصحاح وكذا روى من مال فهذا خبر حق والخبر لا ينسخ وإنما نسخت أحكام تلاوته قال وكانت هذه الآية في سورة الانسان بعد قوله تعالى (كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) كما قال ابن سلام اهـ (1) أي ما حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتل سرية مثل ما حزن عليهم لأنهم كانوا من خواص الصحابة رضي الله عنهم (تخريجه)(ق. وغيرهما) 692 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد حدثنا التيمي عن أبي مجلز عن أنس "الحديث "(تخريجه)(ق. وغريهما) 693 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن هشام عن قتادة عن أنس الحديث (تخريجه)(م. د. نس. جه. هق) وقد استدل به الحنفية على نسخ القنوت في الصلوات المكتوبة لكنه لا يصلح دليلاً على النسخ لأنه صلى الله عليه وسلم
-[القنوت في الصبح بعد الركوع]-
(694)
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى صلاة الفجر حين رفع رأسه من الرَّكعة، قال ربَّنا ولك الحمد فى الرَّكعة الآخرة، ثمَّ قال اللَّهمَّ العن فلاناً دعا على ناسٍ من المنافقين (1) فأنزل الله تعالى (ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذِّبهم فإنِّهم ظالمون)
(695)
عن أبى هريرة رضي الله عنه لماَّ رفع النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم رأسه من
كان يدعو على أحياء من العرب في هذا الشهر ثم ترك الدعاء عليهم فالمراد ترك الدعاء على هؤلاء الكفار فقط لا أنه ترك أصلاً حتى عند النوازل فقد روى ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم) وأجاب القائلون بالقنوت في الصبح دائماً بأن المراد ترك القنوت في غير الصبح من الصلوات لحديث أنس " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا" وسيأتي الكلام عليه آخر الباب إن شاء الله تعالى 694 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر " الحديث "(غريبه)(1) وقع تسميتهم في حديث أبي هريرة بلفظ (الله العن لحيان ورعلاً وذكوان وعصية عصت الله ورسوله) ثم بلغنا ترك ذلك لما نزل " ليس لك من الأمر شيء " الآية رواه مسلم " والقائل ثم بلغنا هو الزهري " بين ذلك مسلم وظاهره يدل على أن الآية نزلت بعد قصة رعل وذكوان لكن ثبت عند مسلم أيضاً والإمام أحمد من حديث أنس وسيأتي في غزوة أحد (أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه حتى سال الدم على وجهه (قال كيف فيها قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم) فأنزل الله تعالى (ليس لك من الأمر شيء الآية) فهذا يدل على أن نزول الآية كان في غزوة أحد وقصة رعل وذكوان كانت بعد أحد فكيف الجمع بين الحديثين؟ قال الحافظ طريق الجمع بينه وبين حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وآله وسلم دعا على المذكورين بعد ذلك في صلاته فنزلت الآية في الآمرين معاً وقع له من الأمر المذكور وفيما نشأ عنه من الدعاء عليهم وذلك كله في أحد بخلاف قصة رعل وذكوان فإنها أجنبية ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلاً ثم نزلت في جميع ذلك والله أعلم اهـ ف (تخريجه)(خ. مذ. وغيرها) 695 عن أبي هريرة) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا
-[جواز الدعاء فى القنوات للمظلومين بأسمائهم]-
الرَّكعة الآخرة من صلاة الصُّبح (وفى روايةٍ الفجر) قال اللَّهم أنج الوليد
1 (وفى روايةٍ قال اللَّهمَّ ربنَّا ولك الحمد أنج الوليد) ابن الوليد وسلمة ابن هشامٍ (2) وعيَّاش بن لأبى ربيعة (3) والمستضعفين بمكًّة (4) اللَّهم اشدد وطأتك (5) على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف (6)
الزهري عن سعيد عن أبي هريرة " الحديث "{غريبة} (1) قال الحافظ هو ابن الوليد بن المغيرة وهو أخو خالد بن الوليد رضي الله عنهما، وكان ممن شهد بدراً مع المشركين وأسر وفدى نفسه، ثم أسلم فحبس بمكة ثم تواعد هو وسلمة وعياش المذكورين معه وهربوا من المشركين، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمخرجهم ودعا لهم،، أخرجه عبد الرزاق بسند مرسل، ومات الوليد المذكور لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، روينا ذلك في فوائد الزيادات من حديث الحافظ أبي بكر بن زياد النيسابوري بسنده عن جابر " قال رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الآخيرة من صلاة الصبح صبيحة خمسة عشرة من رمضان فقال اللهم اللهم أنج الوليد " الحديث " وفيه فدعا بذللك خمسة عشرة يوماً حتى إذا كان صبيحة يوم الفطر ترك الدعاء فسأله عمر فقال أوما علمت أنهم قدموا؟ قال بينما هو يذكرهم أنفتح عليهم الطريق يسوق بهم الوليد بن الوليد قد نكت أصبعه بالحرة وساق بهم ثلاثاً على قدمية فنهج بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى قضى فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهيد، أنا على هذا شهيد، ورثته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بآبيات مشهورة أهـ (2) أي ابن المغيرة وهو ابن الذي قبله وهو أخو أبو جهل وكان من السابقين إلى الإسلام إيضاً وهاجر الهجرتين ثم خدعه أبو جهل فرجع إلى مكة فحبسه ثم فر مع رفيقيه المذكورين وعاش إلى خلافة عمر فمات سنة خمسة عشرة، وقيل قبل ذلك والله أعلم أفادة الحافظ ف (4) يعني ضعفاء المؤمنين الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم (5) أي اللهم أجعل بأسك وعذابك عليهم (والوطأة والوطء) في الأصل الدوس بالقدم، والمراد به هنا الإهلاك والعذاب الشديد (ومضر) أسم قبيلة سميت بأسم مضر بن نزار بن معد بن عدنان وقد ظهر من ثمرة ذلك التجائهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم برفع القحط كما ثبت ذلك عند البخاري والإمام أحمد (6) المراد بسنى يوسف ما وقع في زمانه عليه السلام من القحط في
-[جواز الدعاء في القنوت على الظالمين بأسماء قبائلهم]-
(696)
عن خفاف (1) بن إيناء بن رحضة الغفارىِّ قال صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصُّبح ونحن معه، فلماًّ رفع رأسه من الرَّكعة الأخيرة قال لعن الله لحيان ورعلاً وذكوان وعصيَّة، عصوا الله ورسوله، أسلم سالمها الله، (2) وعفار عفر الله لها، ثمَّ وقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً، فلمَّا انصرف قرأ على النَّاس يا أيها النَّاس إنَّى أنا لست قلته، ولكنَّ الله عز وجل قاله (3)(زاد فى روايةٍ) قال خفافٌ فجعلت لعنة الكفرة من أجل ذلك (4)
(697)
عن ابن سيرين قال سئل أنس بن مالك هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم بعد الركوع، ثمَّ سُئل بعد ذلك مرَّة أخرى هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاة الصبُّح قال بعد الرُّكوع يسيراً (5)
السنين السبع كما جاء في القرآن، وجاء مصرحاً به في رواية للبخاري حيث قال قال سبع كسبع يوسف، وأضيفت إليه لكونه الذي أنذر به أو لكونه الذي قام بأمور الناس فيها {تخريجه} (ق. هق)).
(696)
عن خفاف بن إيماء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون قال: أنا محمد بن إسحاق عن عمران بن أبي أنس عن حنظلة بن علي الأسلمي عن خفاف بن إيماء " الحديث "
(غريبه)(1) بضم الخاء المعجمة (وإيماء) بكسر الهمزة وهو مصروف، قاله النووي (2) اختصت هاتان القبيلتان بهذا الدعاء، لأن غفار أسلموا قديماً، وأسلم سالموا النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيان ذلك في باب ما جاء في بعض القبائل من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى (3) يعني والله أعلم أن ما صدر منه صلى الله عليه وسلم من الدعاء على قوم والدعاء لآخرين ليس بإرادته واختياره، وإنما هو بوحي من الله تعالى (وما ينطق عن الهوى)(4) أي بسبب معصيتهم وما حصل منهم (تخريجه)(م. وغيره)
(697)
عن ابن سيرين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن ابن سيرين " الحديث "
(غريبه)(5) أي من الزمن وقد جاء عن أنس
-[حجة القائلين بالقنوت فى الصبح لغير نازلة]-
عن عاصم الأحول عن أنسٍ رضي الله عنه قال سألته عن القنوت أقبل الرُّكوع أو بعد الرُّكوع؟ فقال قبل الرُّكوع، قال قلت فإنَّهم يزعمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الرّ! كوع، (1) فقال كذبوا، إنَّما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعوا على ناسٍ قتلوا أناساً من أصحابه يقال لهم القرَّاء
(699)
عن أنسٍ رضي الله عنه قال مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت فى الفجر حتى فارق الدنيا
في عدة طرق أن القنوت بعد الركوع كان شهراً ومنها الحديث الآتي بعد هذا {تخريجه} (ق. د. نس. جه. والطحاوي وغيرهم)
(698)
عن عاصم الأحول {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول ألخ {غريبة} (1) رواية البخاري (قال فإن فلاناُ أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع، فقال كذب) قال الحافظ لم أقف على تسمية هذا الرجل صريحاً (يعني المعبر عنه بفلان) قال ويحتمل أن يكون محمد بن سيرين بدليل روايته المتقدمة، فإن مفهوم قوله بعد الركوع يسيراً ويحتمل أن يكون وقبل الركوع كثيراً، ويحتمل أن يكون لا قنوت قبله أصلاً، ومعنى قوله كذب (باعتبار لفظ رواية البخاري) أي أخطأ وهو لغة أهل الحجاز يطلقون الكذب على ما هو أعم من العمد والخطأ، ويحتمل أن يكون أراد بقوله كذب أي أن كان حكى أن القنوت دائماً بعد الركوع، وهذا يرجع الاحتمال الأول، وبينه ما أخرجه ابن ماجه من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال في الركوع وبعده، اسناده قوى أهف {تخريجه} (ق. وغيرهما)
(699)
عن أنس رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا أبو جعفر يعني الرزاي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك " الحديث "{تخريجه} (قط. والبزار) وقال الهيثمي رجاله موثوقون، وقال النووي رواه جماعة من الحفاظ وصححوه، وممن نص على صحته الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البلخي والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كثبه والبيهقي، ورواه الدارقطني من طرق بأسانيد صحيحة أهـ ج {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية القنوت عند النوازل، وأن سبب مشروعية اعتداء الكفار على المسلمين وقتلهم ظلماً وعدواناً وحبس ضعفائهم كعمار بن ياسر.
-[اختلاف العلماء في محل القنوات هل هو قبل الركوع أو بعده]-
.....
وأمه وأبيه رضي الله عنهم وتعذيبهم بانواع العذاب، وأنه صلى الله عليه وسلم، مكث شهراً متوالياً يدعو على الكافرين ويدعو للمسلمين (وفيها) أن محل القنوت بعد الركوع من الركعة الأخيرة، واليه ذهب الخلفاء الأربعة أبوبكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنه وأبو قلابه وأبو المتوكل والشافعي وابن حبيب من المالكية (وذهب جماعة) إلى أنه قبل الركوع، منهم مالك واسحاق وهو مروى عن ابن عباس والبراء وعمر بن عبد العزيز وعبيدة السلماني وحميد الطويل وابن أبي ليلى، محتجبين بحديث الباب عن عاصم الأحول عن أنس وقد رواه الشيخان أيضاً، وبما رواه ابن نصر عن الأسود أن عمر بن الخطاب قنت في الوتر قبل الركوع، وفي رواية بعد القراءة قبل الركوع، وبما رواه أيضاً عن ابن مسعود أنه قنت في الوتر قبل الركوع، وبما روى أيضاً عن عبد الله بن شداد قال صليت خلف عمر وعلى وأبي موشى فقنتوا في صلاة الصبح قبل الركوع، وأول من قنت قبل الركوع عثمان كما رواه ابن نصر من طريق حميد عن أنس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت بعد الركعة وأبو بكر وعمر حتى كان عثمان قنت قبل الركعة ليدركها الناس، وقال الأثرم قلت لأحمد أيقول أحد في حديث أنس أنه قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول؟ قال لا يقوله غيره، خالفوه، كلهم هشام عن قتادة والتيمى عن أبي مجلز، وأيوب عن ابن سيرين، وغير واحد عن حنظلة، وكلهم عن أنس، وكذا روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء وغير واحد، وروى ابن ماجه من طريق سهل بن يوسف عن حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت في صلاة الصبح قبل الركوع أم بعده؟ فقال كلاهما قد كنا نفعل وقبل وبعد، وصححه أبو موسى المديني، وقال الحافظ اسناده قوى، وروى ابن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع، وبعضهم بعد الركوع، (قال الحافظ) ومجموع ما جاء عن أنس في ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع قال وقد أختلف الصحابة في ذلك، والظاهر أنه من الاختلاف المباح (وفيها) دليل على أنه صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح وغيرها عند النوازل، فلما زالت استمر يقنت في الصبح فقط حتى فارق الدنيا، وقد اختلف العلماء في ذلك (فذهب جماعة) إلى مشروعية القنوت في الصلوات المكتوبات كلها عند النوازل، وعليه أكثر أهل العلم، أما عند عدم النوازل فاتفقوا ايضاً على عدم القنوت في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، واختلفوا في الصبح (فقال جماعة) إنه مشروع فيها، وقد حكاه الحازمي عن أكثر الناس، الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار، ثم عد من الصحابة الخلفاء الأربعة إلى تمام تسعة عشر من الصحابة، ومن التابعين أثنا عشر، ومن الأئمة والفقهاء أبو اسحاق الفزارى وأبو بكر بن محمد، والحكم بن عتيبة
-[اختلاف العلماء فى القنوت فى الصبح لغير نازلة]-
.....
وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه، (وعن النوري) روايتان ثم قال وغير هؤلاء خلق كثير، وحكاه الخطابي في معالم السنن عن أحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه وحكى الترمذي عنهما خلاف ذلك (قال النووي) في المجموع " شرح المهذب " القنوت في الصبح مذهبنا، وبه قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم، وقال الثوري وابن حزم كل من الفعل والترك حسن (احتج المثبتون) بحديث الباب عن أنس " مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " وبما رواه الحاكم وصححه والدارقطني عن أنس أيضاً من عدة طرق " أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو عليهم ثم تركه فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا "(وذهب جماعة) إلى عدم مشروعية القنوت في الصبح إذا لم تكن نازلة، منهم ابن المبارك وابن عباس وابن مسعود وأبو الدرداء وأبو اسحاق وأصحابه وسفيان الثوري وأبو حنيفة، مستدلين بحديث أبي مالك الأشجعي عند الترمذي وابن ماجه والأمام احمد "وسيأتي في باب حجة من أنكر القنوت " وبما أخرجه ابن حبان عن ابراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم أو على قوم " وبما أخرجه الخطيب في كتاب القنوت من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت لا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم "رواه ابن خزيمة "أيضاً وصححه وبأحاديث أخري لا تخلو من مقال، وأجابوا عن حديث أنس بإنه ضعيف لا تقوم به حجة لأنه من طريق أبي جعفر الرازي وهو أن وثقه جماعة فيه مقال، ويزيده ضعفا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان قال قلنا لأنس بن مالك إن قوما يزعمون " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يقنت بالفجر "قال كذبوا، وإنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً واحداً يدعو على حي من أحياء العرب (قال ابن القيم في الهدى) قيس ابن الربيع وان كان يحي ضعفه فقد وثقه غيره، وليس بدون أبي جعفر الرازي، فكيف يكون أبو جعفر حجة في قوله " لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا " وقيس ليس بحجة في هذا الحديث وهو أوثق منه أو مثله، والذين ضعفوا أبا جعفر أكثر من الذين ضعفوا قيسا، فإنما يعرف تضعيف قيس عن يحي، قال أحمد بن سعيد بن أبي مريم سألت يحي عن قيس ابن الربيع فقال ضعيف لا يكتب حديثه، كان يحدث بالحديث عن عبيدة وهو عنده عن منصور، ومثل هذا لا يوجب رد حديث الراوي، لأن غاية ذلك أن يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومن الذي يسلم من هذا من المحدثين (قال) وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة وتركه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر بل كان أكثر قنوته
-[مذهب أهل الحديث في القنوت]-
......
فيها لأجل ما شرع فيها من الطول ولاتصالها بصلاة الليل وقربها من السحر وساعة الأجابة وللتنزل الألهي ولأنها الصلاة المشهودة التي يشهدها الله وملائكته أو ملائكة الليل والنهار كما روى هذا في تفسير قوله تعالى أن قرآن الفجر كان مشهودا (ثم قال) نعيم يصح عن أبي هريرة أنه قال والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين، ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثم تركه، فأحب أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، وهذا يرد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقا عند النوازل وغيرها، ويقولون هو منسوخ وفعله بدعة، فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أشعر بالحديث من الطائفتين، فأنهم يقنتون حيث يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به فب فعله وتركه، ويقولون فعله سنة وتركه سنة، ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة، كما لا ينكرون على من تركه عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن، وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه، وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه، كالخلاف في أنواع التشهدات، وانواع الأذان والأقامة، وأنواع النسك من الأفراد والقران والتمتع وليس مقصودنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان يفعله هو فانه قبله القصد، وإليه التوجه وعليه مدار التفتيش والطلب، وهذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء فنحن لم نتعرض لما يجوز ولما لا يجوز، وإنما مقصدونا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يختاره لنفسه فإنه أكمل الهدي وأفضله، فإذا قلنا لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره ولا أنه بدعة، ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأفضله أهـ {قلت} وقال الحافظ في التلخيص اختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة أهـ _ (وقال الشوكاني الحق ما ذهب إليه من قال أن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة إلا تختص به صلاة دون صلاة، وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص في حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحة، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ " كان لا يقنت إلا أن يدعو لآحد ويدعو على أحد " قال وأعلم أنه قد وقع الأتفاق على عدم وجوب القنوت مطلقاً كما صرح بذلك صاحب البحر وغيره أهـ {قلت} وفي أحاديث الباب أيضاً جواز الدعاء في القنوت لضعفة المسلمين بتخليصهم من الأسر ويقاس عليه جواز الدعاء لهم
-[القنوت في الصبح والظهر والمغرب والعشاء]-
(2)
باب القنوت فى الظهر وصلوات أخرى
(700)
عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعوا فى دبرٍ صلاة الظُّهر اللًّهمَّ خلِّص الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشامٍ، وعياش ابن أبى ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدى المشركين الَّذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً
(701)
عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قنت فى الصبُّح والمغرب (1)
(702)
عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيًّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الرَّكعة الأخيرة من صلاة العشاء الآخرة قنت وقال اللَّهم أنج الوليد ابن الوليد، اللَّهمَّ أنج سلمة بن هشامٍ، اللَّهم أنج عيَّاش بن أبي ربيعة
بالنجاة من كل ورطة يقعون فيها من غير فرق بين المستضعفين وغيرهم والله أعلم
(700)
عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا على بن زيد عن عبد الله بن إبراهيم القرشي أو إبراهيم بن عبد الله القرشي عن أبي هريرة " الحديث "{تخريجه} لم أقف عليه بهذا الفظ وفي أسناده على بن زيد ضعيف ويؤيده ما بعده.
(701)
عن البراء بن عازب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن ادريس أنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن البراء بن عازب " الحديث "{غريبه} (1) تمسك بهذا الطحاوي والحنيفية في ترك القنوت في الفجر، قال لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب فيكون في الصبح كذلك، وقد عارضه بعضهم فقال أجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح، ثم أختلفوا هل ترك أم لا، فيتمسك بما أجمعوا عليه حتى يثبت ما أختلفوا فيه، وقد تقدم الكلام في ذلك مستوفى {تخريجه} (م. هـ. مد. نس. هق)
(702)
عن أبي هريرة {سنده} حثنا عبد الله أبي ثنا عبد الملك
-[القنوت في الصبح والظهر والعشاء]-
اللَّهمَّ أنج المستضعفين من المؤمنين، اللَّهمّ أشدد وطأتك على مضر، اللَّهمَّ اجعلها سنين كسنى يوسف عليه السلام
(703)
حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو قطنٍ وأبو عامرٍ قالا حدّثنا هشامٌ يعنى الدَّستوائىَّ عن يحيى عن أبى سلمة عن أبى هريرة رضي الله عنه قال والله لأقرِّبنَّ لكم (1) صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفى رواية إنَّى لأقربكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكان أبو هريرة يقنت فى الرَّكعة الآخرة من صلاة الظُّهر وصلاة العشاء وصلاة الصُّبح، قال أبو عامرٍ فى حديثه العشاء الآخرة وصلاة الصُّبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده (2) ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفَّار قال أبو عامرٍ فى ويلعن الكافرين
(فصل منه فى القنوت فى الصلوات الخمس)
(704)
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً فى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء والصبُّح فى دبر كلِّ صلاةٍ إذا قال سمع الله لمن حمده من الرَّكعة الأخيرة، يدعو عليهم، على حيٍ من بني سليمٍ
ابن عمر قال ثنا هشام عن يحي عن أبي سلمة عن أبي هريرة " الحديث "{تخريجه} (ق. د. هق)
(703)
حدثنا عبد الله ألخ {غريبة} (1) أي لأبيننها لكم بياناً فعليا فأصلى كما كان يصلي، وفي الرواية الثانية " أني لأقربكم " كما في رواية الأسماعيلي، وفي رواية عند الطحاوي " لأرينكم "(2)(قوله بعدما يقول سمع الله لمن حمده) هذه الجملة لم تأت في رواية الشيخين وأبي داود، وبدونها يحتمل أن يكون القنوت قبل الركوع أو بعده، فوجدوها هنا عين المراد، وهو بعد الركوع، وفي رواية أخ رى عند الشيخين عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع){تخريجه} (ق. د. نس. هق. قط)
(704)
عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان
-[مذاهب العلماء في القنوت هى الصلوات الخمس للنازلة]-
على رعلٍ وذكوان وعصيَّة ويرمِّن من خلفه، أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام (1) فقتلوهم، قال عفَّان فى حديثه قال وقال عكرمة هذا كان مفتاح القنوت (2)
(3)
باب ما جاء فى الجهر بالقنوت
(705)
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحدٍ أو يدعو لأحدٍ قنت بعد الرُّكوع، فربَّما قال إذا قال
قالا ثنا ثابت عن هلال عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث "{غريبه} (1) تقدم في حديث أنس رضي الله عنه في أول الباب الأول أن رعل وذكوان وعصية وبني لحيان أتو النبي صلى الله عليه وسلم فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدواه على قومهم، وفي رواية للبخاري (استمدوه على عدو فأمدهم) وظاهر حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسل إليه يدعوهم إلى الإسلام، ويمكن الجمع بين الحديثين بأن يقال أن هؤلاء الناس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بدعوى أنهم مسلمون وأن قومهم لم يوافقوهم على الإسلام فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلما والمدد ليستعينوا به على محاربة من خالفهم من قومه لأنهم صاروا أعداء، ولما كان مبدؤ الإسلام المسألة أمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين لدعاية المخالفين إلى الإسلام، واختارهم من القراء لأنهم أقدر على أستمالة القلوب من غيرهم فغدروا بهم (2) يعني أن قتل المرسلين كان سبباً في مشروعية القنوت {تخريجه} (د. هق. ك) وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه بهذا اللفظ (قلت) وأقره الذهبي {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية القنوت للنازلة في الصلوات الخمس ولا يختص به فرض دون آخر، وبذلك قال جمهور العلماء، وخالف في ذلك الحنفية فقالوا هو مختص بصلاة الصبح فقط للنازلة، وأحاديث الباب ترده (وفي حديث ابن عباس) مشروعية تأمين المأمومين على دعاء الأمام في القنوت، قال أبو داود سمعت أحمد سئل عن القنوت فقال الذي يعجبنا أن يقنت الأمام ويؤمن من خلفه، وروى محمد بن نصر عن أبي عثمان النهدي قال كان عمر يقنت بنا في صلاة الغداة حتى يسمع صوته من وراء المسجد، فيؤخذ من هذا ومن حديث ابن عباس أيضاً أن القنوت يكون جهراً لأن المأمومين إذا لم يسمعوا لم يؤمنوا، وحكى الحافظ في الفتح الاتفاق على الجهر في قنوت النازلة قال بخلاف القنوت في الصبح فاختلف في محله وفي الجهر به أهـ والله أعلم
(705)
عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل
-[الجهر بالقنوت]-
سمع الله لمن حمده ربَّنا ولك الحمد، اللَّهمَّ أنج الوليد بن الوليد، وسلمة ابن هشامٍ، وعياش بن أبى ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللَّهمَّ اشدد وطأتك على مصر وأجعلها سنين كسني يوسف، قال يجهر بذلك، ويقول فى بعض صلاته فى صلاة الفجر، اللَّهمَّ العن فلاناً وفلاناً حييَّن من العرب حتَّى أنزل الله عز وجل (ليس لك من الأمر شئٌ أو يتوب عليهم أو يعذَّبهم فإنَّهم ظالمون)(وعنه من طريقٍ ثانٍ)(1) قال ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصَّلاة ثمَّ رفع رأسه فقال اللَّهمَّ أنج عيَّاش بن أبى ربيعة إلى أن قال اللَّهمَّ أجعلها سنين كسنى يوسف، الله أكبر ثم خرَّ ساجداً
(4)
باب حجة القائلين بعدم القنوت فى الصبح الا عند النوازل
(706)
عن أبى مالكٍ (الأشجعىَّ) قال قلت لأبى (2) يا أبت إنَّك قد صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر وعثمان وعلى ههنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أكانوا يقنتون؟ قال أى بنيَّ محدثٌ (3) وعنه من طريقٍ
ثنا إبراهيم يعني ابن سعيد ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة " الحديث "(1) وعنه من طريق ثان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال ركع ألخ {تخريجه} (خ. وغيره){الأحكام} حديث الباب يدل على مشروعية الجهر بالقنوت وأنه بعد الركوع وتقدم الكلام على ذلك في الباب السابق
(706)
عن أبي مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا أبو مالك (الأشجعي) قال قلت لأبي " الحديث "{غريبة} (2) هو طارق بن أشيم بوزن أحمر صحابي له أحاديث، قال مسلم لم يرو عنه إلا ابنه كذا في التقريب (3) يعني استمرار القنوت في الصبح لغير نازلة، لأنه قد ثبت في الصحيحن وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت في الصبح وغيرها من الفرائض في النوازل كما تقدم
-[حجة القائلين بعدم القنوات فى الصبح الا عند النوازل]-
ثانٍ) (4) قال كان أبى قد صلَّي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستَّ عشرة سنةً وأبى بكرٍ وعمر وعثمان، فقلت له أكانوا يقنتون؟ قال لا، أى بنيَّ محدثٌ
(5)
باب القنوت فى الوتر وألفاظه
(707)
عن الحسن بن على رضي الله عنهما قال علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4){سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي حسين بن محمد ثنا خلف عن أبي مالك قال كان أبي ألخ {تخريجه} (نس. جه. مذ) وصححه وقال الحافظ في التلخيص إسناده حسن (قلت) مسند الطريق الأولى من حديث الباب من ثلاثيات الأمام أحمد رحمه الله، وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي أن القنوت ي صلاة الصبح بدعة، قال البيهقي لا يصح (وعن ابن عمر) عند الطبراني قال في قيامهم عند فراغ القارئ من السورة يعني قيام القنوت إنها لبدعة، ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إسناده بشر بن حرب الداري وهو ضعيف (وعن ابن مسعود) عند الطبراني في الأوسط والبيهقي والحاكم في كتاب القنوت بلفظ (ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيئ من صلاته " زاد الطبراني " إلا في الوتر وأنه إذا حارب يقنت في الصلوات كلها يدعو على المشركين، ولا قنت أبو بكر ولا عمر حتى ماتوا ولا قنت علىّ حتى حارب أهل الشام، وكان يقنت في الصلوات كلهن، وكان معاوية يدعو عليه أيضاً) قال البيهقي كذا رواه محمد بن جابر السحيمي وهو متروك (وعن أم سلمة) عند ابن ماجه قالت (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في الفجر) ورواه الدارقطني وفي أسناده ضعف {الأحكام} قال الشوكاني الحديث يدل على عدم مشروعية القنوت وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم كما حكاه الترمذي في كتابه وحكاه العراقي عن أبي بكر وعمر وعلى وابن عباس، وقال قد صح عنهم القنوت، وإذا تعارض الأثبات والنفي قدم المثبت، وحكاه عن أربعة من التابعين وعن أبي حنيفة وابن المبارك وأحمد وأسحاق، وحكاه المهدي في البحر عن العبادلة وأبي الدرداء وابن مسعود أهـ (قلت) تقدم الخلاف في ذلك مبسوطاً لا يحتاج إلى أعادة، وقد رجح الشوكاني مذهب القائلين بأن القنوت مختص بالنوازل في الصلوات الخمس والله أعلم
(707)
عن الحسن بن على رضي الله عنهما {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا يونس بن أبي أسحاق عن يزيد (بموحدة راء معغرا) بن أبي مريم السلولي عن أبي الحوراء (بحاء مهملة فواو ثم راء) عن الحسن بن على "الحديث "
-[القنوت في الوتر والفاظه]-
كلماتٍ أقولهنَّ فى قنوت الوتر، اللَّهمَّ اهدني فيمن هديت (1) وعافنى فيمن عافيت، وتولَّنى فيمن تولَّيت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شرَّ ما قضيت (2) فإنَّك تقضى ولا يقضى عليك (3) إنَّه لا يذل (4) من واليت، تباركت ربَّنا وتعاليت (5)
{غريبه} (1) قال النووي أن كان إماماً لم يخص نفسه بالدعاء بل يعمم فيأي بلفظ الجمع اللهم أهدنا ألخ (2) أي أحفظني مما يترتب على ما قضيته علىّ من السخط والجزع، هذا إن أريد بالقضاء القضاء المبرم إذا لا بد من نفوذه، وأن أريد به المعلق فلا حاجة إلى هذا التأويل (3) أي تحكم بما تريد ولا يُحكم عليك، ولا رادّ لما قضيت ولا معقب لحكمك (4) بفتح الياء وكسر الذال أي لا يخذل من واليته من عبادك في الآخرة أو في الدارين، وإن ابتلى في الدنيا بأنواع البلايا فإن ذلك يزيده رفعة عند الله عز وجل، ومن ثم كلن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل (5) أي تزايد برك واحسانك وتنزهت عما لا يليق بك {تخريجه} قال النووي في المجموع بعد إيراده بلظ حديث الباب رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بإسناد صحيح، قال الترمذي هذا حديث حسن، قال ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء أحسن من هذا، قال وفي رواية رواها البيهقي عن محمد بن الحنيية وهو ابن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال أن هذا الدعاء هو الذي كان أبي يدعو به في صلاة الفجر في قنوته، ورواه البيهقي من طرق عن ابن عباس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء ليدعو به في القنوت من صلاة الصبح (وفي رواية) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهذه الكلمات) (وفي رواية) كان يقوها في قنوت الليل، قال البيهقي فدل كله على أن تعليم هذا الدعاء وقع لقنوت صلاة الصبح وقنوت الوتر وبالله التوفيق أهـ (قلت) زاد أبو داود والبيهقي هذه الجملة " ولا يعز من عاديت " قيل قوله في حديث الباب " تباركت ربنا وتعاليت " قال الحافظ في التلخيص وهذه الزيادة ثابته في الحديث، إلا أن النووي قال في الخلاصة أن البيهقي رواها بسند ضعيف، وتبعه ابن الرفعة في المطلب فقال لم تثبت هذه الزيادة (قال الحافظ) وهو معترض وساق سند البيهقي ثم قال وروى هذه الزيادة الطبراني أيضاً من حديث شريك وزهير بن معاوية عن أبي أسحاق ومن حديث الأحوص عن أبي اسحاق قال وقد وقع لنا عالياً متصلاً بالسماع ذكر سنده متصلاً إلى إبي الأحوص عن أبي اسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن على، قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر
-[القنوت بقوله اللهم إنا نستعينك الخ]-
.......
" اللهم اهدني فيمن هديت " فذكر الحديث وزاد " ولا بعز من عاديت " اهـ.
(قلت) وزاد النسائي بعد قوله في حديث الباب " تباركت ربنا وتعاليت " وصلى الله على النبي وآله وسلم " قال النووي: إنها زيادة بسند صحيح أو حسن، وتعقبه الحافظ بأنه منقطع وتوقف ابن حزم في صحة حديث الباب عن الحسن، فقال: هذا الحديث وإن لم يكن مما يحتج به فإنا لم نجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره، والضعيف من الحديث أحب إلينا من الراي كما قال ابن حنبل. اهـ
(وفي الباب عند البيهقي) عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت، فسكت فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا، وإنما بعثك رحمة، ولم يبعثك عذابا (ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) ثم علّمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك، ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلى ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق " قال البيهقي: هذا مرسل، وروى البيهقي أيضاً: عن عطاء عن عبيد الله بن عمير: أن عمر رضى الله عنه قنت بعد الركوع فقال: اللهم اغفر لنا، وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذى لا ترده عن القوم المجرمين، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد، ولك نصلى ونسجد، ولك نسعى ونحفد، ونخشى عذابك الجد، ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق. قال البيهقي: هذا صحيح موصول.
(قلت وفي الباب أيضاً) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول فى آخر وتره (اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) رواه أحمد والأربعة، وسيأتي في كتاب الأذكار
(وعن أبي بن كعب) رضي الله عنه عند النسائي وابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع، (وعن ابن مسعود رضي الله عنه عند أبي شيبة في المصنف والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفنت في الوتر قبل الركوع، وفي إسناده أبان بن أبي عياش ضعيف.
(الأحكام)
حديث الباب مع ما ذكر في الشرح يدل على مشروعية القنوت في الوتر، وبه قالت (الحنفية والحنابلة) من غير فرق بين رمضان وغيره، ورواه الترمذي ومحمد بن النصر عن ابن مسعود، قال العراقي: بأسانيد جيدة، ورواه محمد بن النصر أيضاً عن علي وعمر رضي الله عنهما، وحكاه
-[مذاهب العلماء فى القنوت فى الوتر وهل هو قبل الركوع أو بعده؟]-
......
ابن المنذر عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبي ثور، واختار ابن مسعود وأبو موسى وابن عباس وأنس والبراء رضي الله عنهم أن يكون قبل الركوع، وبه قال عمر بن عبد العزيز وسفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق وأبو حنيفة وأهل الكوفة.
(وذهب آخرون) إلى أنه لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن سيرين والزهري والشافعي، واختاره أبو بكر الأثرم (لما رواه) أبو داود أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب رضي الله عنه، وكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت إلا في النصف الباقي من رمضان (ولمارواه) أيضاً محمد بن النصر بإسناد صحيح أن ابن عمر كان لا يقنت في الصبح ولا في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان (وروى أيضاً) عن الزهري أنه قال: لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الأخير من رمضان.
(وذهب مالك) فيما حكاه النووي في شرح المهذب وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي، كما قال العراقي إلى مشروعية القنوت في جميع رمضان دون بقية السنة.
(وذهب الحسن وقتادة ومعمر) كما روى ذلك محمد بن نصر عنهم: أنه يقنت في جميع السنة إلا في النصف الأول من رمضان.
(وذهب طاوس) إلى أن القنوت في الوتر بدعة، وروى ذلك محمد بن نصر عن ابن عمر وأبي هريرة وعروة بن الزبير (وروي عن مالك) مثل ذلك، قال بعض أصحاب مالك سألت مالكاً عن الرجل يقوم لأهله في شهر رمضان، أترى أن يقنت بهم في النصف الباقي من الشهر؟ فقال: مالك: لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت ولا أحداً من أولئك، وما هو من الأمر القديم، وما أفعله أنا في رمضان، ولا أعرف القنوت قديماً، وقال معن بن عيسى عن مالك: لا يفنت في الوتر عندنا.
(وقال ابن العربي) اختلف قول مالك فيه في صلاة رمضان، قال: والحديث لم يصح، والصحيح عندي تركه، إذ لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولا قوله اهـ.
(قال العراقي) قلت: بل هو صحيح أو حسن.
(وروى محمد بن نصر) أنه سئل سعيد بن جبير عن بدء القنوت في الوتر، فقال: بعث عمر بن الخطاب جيشاً فتورطوا متورطاً خاف عليهم، فلما كان النصف الآخر من رمضان قنت يدعو لهم
(وقد اختلفوا أيضاً) في محل القنوت هل هو قبل الركوع أو بعده؟ قال النووي في المجموع: مذهبنا أن محله بعد رفع الرأس من الركوع، قال: وبهذا قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله عنهم حكاه ابن المنذر عنهم اهـ.
(قلت) وفي بعض طرق الحديث عند البيهقي التصريح بكونه بعد الركوع، وقال: تفرد بذلك أبو بكر بن أبي شيبة، وقد روى عنه البخارى في صحيحه، وذكره ابن حبان في الثقاة، فلا يضر تفرده، وبه قال الإمام أحمد وهو مشهور مذهب الشافعية.
(وذهب جماعة) إلى أنه قبل الركوع، منهم ابن مسعود رضي الله عنه وسفيان الثوري وابن المبارك وأبو حنيفة وغيرهم مستدلين بحديث أبي بن كعب
-[استحباب القنوت بالألفاظ المأثورة]-
....
عند النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث يقرأ في الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة (قل هو الله أحد)، ويقنت قبل الركوع (وبما رواه) ابن ماجه عن أبيّ أيضاً " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع "(وعن ابن عمر) عند الطبراني نحوه، ولا منافاة بين هذه الروايات، لأن هذا من باب المباح فيجوز القنوت قبل الركوع وبعده لورود كل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في أحكام الباب الأول.
(وفي الباب أيضاً) مشروعية القنوت بالألفاظ المتقدمة، وهل تتعين هذه الألفاظ أم لا؟ قال النووي في المجموع: الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين، بل يحصل بكل دعاء، قال أصحابنا: ولو قنت بالمنقول عن عمر رضي الله عنه كان حسناً.
(قلت) يعني الدعاء الذي رواه البيهقي وفيه " اللهم العن كفرة أهل الكتاب .. الخ " قال: وقوله: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب (هكذا قال النووي بلفظ عذِّب. وفي الحديث بلفظ: العن) إنما اقتصر على أهل الكتاب لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر، وأما الآن فالمختار أن يقال: عذب الكفرة ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، فإن الحاجة الى الدعاء على غيرهم أكثر، والله أعلم.
(قال) أصحابنا يستحب الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وبين ما سبق " يعني حديث الحسن " فإن الجمع بينهما فالأصح تأخير قنوت عمر، وفي وجه يستحب تقديمه، وإن اقتصر فليقتصر على الأول، وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفرداً أم إمام محصورين يرضون بالتطويل، والله أعلم. اهـ ج
(تتمة في حكم التكبير ورفع اليدين في أول القنوت ومسح الوجه في آخره)
من قال بالقنوت في الوتر، قال: يكبر قبله ويرفع يديه، لما روى محمد بن نصر عن علي رضي الله عنه: أنه كبر في القنوت حين فرغ من القراءة وحين ركع، وفي رواية: كان يفتتح القنوت بتكبيرة، وروى أيضاً أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يكبر في الوتر إذا فرغ من قراءته حين يقنت، وغذا فرغ من القنوت؛ وكان يرفع يديه في القنوت إلى صدره (وعن البراء) رضي الله عنه أنه كان إذا فرغ من السورة كبر ثم قنت (وعن الإمام أحمد) إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة، وكان سعيد بن جبير يقنت في رمضان في الوتر بعد الركوع، فكان إذا رفع رأسه كبر ثم قنت (وحكى النووي) رحمه الله وجهين في رفع اليدين في القنوت عند الشافعية (أحدهما) لا يستحب وهو اختيار صاحب المهذب والقفال والبغوي، وحكاه إمام الحرمين عن كثير من الأصحاب، وأشاروا إلى ترجيحه، واحتجوا بأن الدعاء في الصلاة لا ترفع له اليد كدعاء السجود والتشهد (والثاني) يستحب، قال: وهذا هو الصحيح عند الأصحاب، وفي الدليل، وهو اختيار أبي زيد المروزي إمام طريقة أصحابنا الخراسانيين والقاضي أبي الطيب في تعليقه وفي المنهاج، والشيخ أبي محمد وابن الصياغ والمتولي والغزالي
-[حكم رفع اليدين عند القنوت ومسح الوجه فى آخره]-
.......
والشيخ نصر المقدسي ي كتبه الثلاث، الانتخاب والتهذيب والكافي وآخرين (قال صاحب البيان) وهو قول أكثر أصحابنا، واختاره من أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث الأمام الحافظ أبو بكر البيهقي، واحتج له البيهقي بما رواه بإسناد له صحيح أو حسن عن أنس رضي الله عنه في قصة القراء الذين قتلوا رضي الله تعالى عنهم قال " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداءة يرفع يديه يدعو عليهم يعني على اللذين قتلوهم " قال البيهقي رحمه الله تعالى ولأن عدداً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم رفعوا أيديهم في القنوت، ثم روى عن أبي رافع قال " صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء "
(قال البيهقي) هذا عن عمر صحيح، وروى عن على بن أبي طالب رضي الله عنه بإسناد ضعيف، وروى عن أبن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهما في قنوت الوتر قال (وأما مسح الوجه) باليدين بعد الفراغ من الدعاء فإن قلنا لا يرفع اليدين لم يشرع المسح بلا خلا ف، وأن قلنا برفع فوجهان (أشهرهما) أنه يستحب، وممن قطع به القاضي أبو الطيب والشيخ أبو محمد الجويني وابن الصباغ والمتولى والشيخ نصر ي كتبه والغزالى وصاحب البيان (والثاني) لا يمسح وهذا هو الصحيح، صححه البيهقي والرافعي وآخرون من المحققين (قال البيهقي) لست أحفظ في مسح الوجه هنا عن أحد من السلف شيئاً، وأن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، فإما في الصلاة فهو عمل لم يثبت فيه خبر ولا أثر ولا قياس، فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما نقله السلف عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة، ثم روى بإسناد حديثا من سنن أبي داود عن محمد بن كعب القوظى عن ابن عباس رضى الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله ببطون كفوفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم " قال أبو داود روى هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، هذا متنها وهو ضعيف أيضاً " ثم روى البيهقي " عن على الباشاني قال سألت عبد الله (يعني ابن المبارك) عن الذي إذا دعا مسح وجهه، قال لم أجد له ثبتا، قال على ولم أره يفعل ذلك، قال وكان عبد الله يقنت بعد الركوع في الوتر، وكان يرفع يديه هذا آخر كلام البيهقي في كتاب السنن، وله رسالة مشهورة كتبها إلى الشيخ أبي محمد الجوني أنكر عليه فيها أشياء، من جملتها مسحه وجهه بعد القنوت، وبسط الكلام في ذلك (وأما حديث عمر) رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطمها حتى يمسح بهما وجهه " فرواه الترمذي وقال حديث غريب انفرد به حماد بن عيسى وحماد هذا ضعيف أهـ وذكر الشيخ عبد الحق هذا الحديث في كتاب الأحكام وقال قال الترمذي وهو حديث صحيح وغلط في قوله أن الترمذي قال هو حديث صحيح، وإنما قال غريب (والحاصل) لأصحابنا ثلاثة
-[خاتمة الجزء الثالث]-
.....
أوجه (الصحيح) يستحب رفع يديه دون مسح الوجه (والثاني) ولا يستحبان (والثالث) يستحبان، وأما غير الوجه من الصدر وغيره فاتفق أصحابنا على أنه لا يستحب بل قال ابن الصباغ وغيره هو مكروه والله أعلم أهـ ج
-----
تم الجزء الثالث
-----
من الفتح الرباني مع شرحه بلوغ الأماني
ويليه الجزء الرابع وأوله
أبواب التشهد
نسأل الله الإعانة على التمام
آمين