المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جامعة الأزهر الشريف كلية أصول الدين _ الزقازيق الدراسات العليا قسم الحديث وعلومه   {بِسْمِ - القسم الثالث من المعجم الأوسط للطبراني - جـ ١

[الطبراني]

فهرس الكتاب

جامعة الأزهر الشريف

كلية أصول الدين _ الزقازيق

الدراسات العليا

قسم الحديث وعلومه

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

القسم الثالث مِنْ "المعجم الأوسط"

للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ت 360 هـ تحقيق ودراسة مع ملاحظة أحكامه على الأحاديث بالتفرد.

من حديث (651) حديث عمرو بن الحَمِق قال: قال رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِقُّ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَغْضَبَ لِلَّهِ، وَيَرْضَى لِلَّهِ

الحديث) إلي حديث رقم (900) حديث أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضى الله عنهما، قَالَا: سَمِعْنَا خَلِيلَنَا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ قَتْلَهُمْ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ

الحديث).

رسالة مُقَدَّمةٌ لنيل درجة التَّخصص (الماجستير)

في الحديث وعلومه

إعداد الباحث:

محمد فوزي محمد السعدني

تحت إشراف

فضيلة الأستاذ الدكتور/

أ. د/ محمود عمر إبراهيم هاشم

أستاذ الحديث المتفرغ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالزقازيق (مشرفًا أصليًا)

فضيلة الأستاذ الدكتور/

د/ عبد العزيز مهدي حسن السيد مدرس الحديث وعلومه بالكلية (مشرفًا مشاركًا)(رحمه الله تعالى)

ص: 1

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 2

‌الإهداء

إلى نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وآله الطاهرين، وأصحابه الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إلى عَلَمِ المُعَمَّرين، ومُحَدِّثِ الإسلام الحافظ: أبي القاسم سُلَيْمان بن أحمد الطبرانيّ.

إلى شيخيّ الكريمين المشرفين على الرسالة: أ. د/ محمود عمر إبراهيم هاشم، وأ. د/ عبد العزيز مهدي حسن السيد تغمده الله بواسع رحمته، وجعل قبره روضة من رياض الجنة.

إلى كل مَنْ ساهم في تحقيق "المعجم الأوسط"، وإخراجه مِنْ عالم المخطوط إلى عالم المطبوع.

إلى أُمي، وأبي اللذين في رعايتهما تَقَلَّبت، وفي كنفهما ارتفعت، وبسببهما تَعَلَّمت، أسأل الله عز وجل أن يُطيل في عُمر أمي على الخير والطاعة، وأن يُمتعها بالصحة والعافية، وأن يشفيها شفاء لا يغادر سقماً. كما أسأل الله تبارك وتعالي أن يغفر لأبي، وأن يرحمه ويشمله برحمته التي وسعت كل شئ، وأن يجعل مقامه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً إنَّه ولي ذلك ومولاه.

إلى زوجتي التي بَذَلَت لسعادتي كل ما تستطيع، وساعدتني على تحمل عناء الدراسة، فجزاها الله عني خير الجزاء.

إلى كل من أسدى إلىَّ معروفًا، أو تعلمت منه شيئا، أو بذل لي نصحًا، أو مد يد العون لي، مِنْ مشايخي الفضلاء، وأساتذتي الأعزاء، وإخواني مِنْ طلبة العلم.

إلى هذا الصرح الشامخ جامعة الأزهر الشريف، من أساتذة وعلماء وقائمين على العمل الدراسي.

إليهم جميعًا أُهدي هذا العمل المتواضع، وأسأل الله عز وجل أن يجعله من العلم النافع، والعمل الصالح.

والحمد لله رب العالمين

الباحث

ص: 3

‌إهداء خاص

إلي السادة العلماء خاصة علماء الدين - علماء العلم الشرعي - في شتي بقاع الأرض.

إلي منارات العالم الذين أناروا الدنيا بعلمهم وبثوا فيها علوم الوحيين - القرآن والسنة -.

إلي الذين حملوا علي أعتاقهم راية العلم، وتحملوا مسؤولية البلاغ عن الله ورسوله.

إلي رمانة الميزان الذين يصدون عن الدين كل تشويه أو تحريف ويأخذون الناس إلي ربهم أخذاً جميلاً.

إلي من رفع الله منزلتهم، وسما بدرجاتهم حتي قرن شهادة أهل العلم بشهادته، وشهادة الملائكة في الشهادة بوحدانيته، والإقرار بعدالته قال الله عز وجل {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} .

(1)

قال ابن القيم رحمه الله: اسْتشْهد بهم على أجل مشهود بِهِ وأعظمه وأكبره وَهُوَ شَهَادَة أن لَا إِلَه إِلَّا الله والعظيم الْقدر إنما يستشهد على الأمر الْعَظِيم أكابر الْخلق وساداتهم.

(2)

وقال ابن القيم أيضاً: وقد ذكرنا مائتي دليل على فضل العلم وأهله فى كتاب مفرد، فيالها من مرتبة ما أعلاها، ومنقبة ما أجلها وأسناها، أن يكون المرءُ فى حياته مشغولاً ببعض أشغاله، أو فى قبره قد صار أشلاء متمزقة وأوصالاً متفرقة، وصحف حسناته متزايدة يملى فيها الحسنات كل وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب تلك والله المكارم والغنائم، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

(3)

(1)

سورة آل عمران آية رقم 18.

(2)

يُنطر "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة" لابن القيم 1/ 49.

(3)

يُنظر "طريق الهجرتين وباب السعادتين" لابن القيم 1/ 353.

ص: 4

‌تمهيد

ص: 5

الحمد لله رب العالمين الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْمَنِّ والْإِحْسَانِ، وَالْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ، الَّذِي أَنْشَأَ الْخَلْقَ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَجَنَّسَهُمْ بِمَشِيئَتِهِ، وَاصْطَفَى مِنْهُمْ طَائِفَةً أَصْفِيَاءَ، وَجَعَلَهُمْ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، فَهُمْ خَوَاصُّ عِبَادِهِ، وَأَوْتَادُ بِلَادِهِ، يَصْرِفُ عَنْهُمُ الْبَلَايَا، وَيَخُصُّهُمْ بِالْخَيْرَاتِ وَالْعَطَايَا، فَهُمُ الْقَائِمُونَ بِإِظْهَارِ دِينِهِ، وَالْمُتَمَسِّكُونَ بِسُنَنِ نَبِيِّهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَدَّرَ وَقَضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الَّذِي زَجَرَ عَنِ اتِّخَاذِ الْأَوْلِيَاءِ دُونَ كِتَابِهِ، وَاتِّبَاعِ الْخَلْقِ دَونَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمُصْطَفَى وَرَسُولُهُ الْمُجْتَبَى، بَلَّغَ عَنْهُ رِسَالَتَهُ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ آمِرًا وَنَاهِيًا وَمُبِيحًا وَزَاجِرًا

(1)

، صلاة دائمة في كل حين تنمو وتزيد، ولا تنفد ما دامت الدنيا والآخرة ولا تبيد.

أرواحنا الفداء لمن أخلاقه شهدت بأنه خير مبعوث من البشر

عمت فضائله كل البلاد كما عمت البرية ضوء الشمس والقمر.

أما بعد: فإن السنة النبوية المطهرة هي الأصل الثاني للتشريع الإسلامي بعد كتاب الله عز وجل، وإنَّ علم الحديث مَفْخَرةٌ مِنْ مفاخر العلوم الإسلامية، فقد كان أول مَنْهجٍ عِلْمِيٍّ يُوضع في تاريخ العلوم الإنسانية لتمحيص الرِّوايات، وتدقيق الأخبار، ومعرفةِ الصحيح مِنْ الضعيف، والمقبول مِنْ المردود، بَيْنَما كان هذا الأمر غُفْلاً عند الأُمم الأُخْرَى؛ ينقلون ما هبَّ ودَبَّ مِنْ الرِّوايات والقصص والأخبار؛ دون أن يكون لديهم أي ميزانٍ أو ضابطٍ لها، حتى لو كانت تتعلَّقُ بدينهم، أو تدخل في عقائدهم؛ لذا راجت عندهم الأساطير، ودَاخَلَ مُعتقداتهم التحريفُ، وشَابت كُتُبَهم التُّرَّهاتُ والأباطيل. فكان هذا العلم - وهو علم الحديث - إعجازٌ مِنْ الله عز وجل في حفظ كتابه؛ لأنَّ السُّنة هي المُبَيِّنةُ للقرآن، وهي المُفَسِّرةُ له، وحفظ الشيء يكون بحفظ بيانه، قال الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}

(2)

.

(3)

وكما أن الله عز وجل قيض للكتاب العزيز العدد الكبير، والجم الغفير من الثقات الحفظة في كل قرن لينقلوه من السلف إلى الخلف كذلك قيض الله عز وجل للسُنة الشريفة أئمة كباراً، وجهابذة نقاداً، أوقفوا حياتهم لها، حتى ميزوا لنا صحيح الحديث من سقيمه، ونقدوا لنا الإسناد والمتن بتمحيص شديد وتوثيق بالغ لامثيل له، وبينوا لنا الغريب من الأحاديث والأفراد، بل واعتنوا بتلك الغرائب والأفراد أشد عناية واهتمام حتى أفردوا لها الكتب والمؤلفات. ومما يدل على شدة اعتناء صيارفة الحديث ونقاده بهذا النوع من أنواع علوم الحديث ألا وهو الغرائب والأفراد أنهم تكلموا عليه في شتي كتب الحديث وعلومه، ككتب المصطلح، والرجال، والجرح والتعديل، وكتب

(1)

مقتبس من مقدمة كتاب "معرفة علوم الحديث" للحاكم صـ 1.

(2)

سورة "النحل"، الآية رقم:44.

(3)

يُنظر مقدمة كتاب "التَّفرُّد في رواية الحديث ومنهج المُحَدِّثين في قبوله" د/ عبد الجَوَاد حَمَام صـ 9.

ص: 6

التواريخ والبلدان

(1)

، فنراهم يوردون في تراجم الرواة ما تفردوا به من الغرائب والأفراد. بل وأفردوا له كذلك الكتب والمؤلفات منها على سبيل المثال لا الحصر كتاب الأفراد، والفوائد المنتخبة، وغرائب مالك للعلامة الإمام الدارقطني رحمه الله، وغيرها الكثير، ولعل من أهم هذه الكتب أيضاً كتاب المعجم الأوسط للإمام الطبراني رحمه الله.

وبعد انتهائي مِنْ مرحلة الدراسات العليا بقسم الحديث وعلومه - بكلية أصول الدين، جامعة الأزهر الشريف -، وأثناء تَقَدُّمي لإعداد بحثٍ - لنيل درجة التخصص (الماجستير) -، وجدت أنَّ هناك عِدَّة دوافع وأسباب، دفعتني للتسجيل في خدمة هذا الكتاب بالتحقيق والدِّراسة، ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:

1) مكانة هذا الكتاب، وعلو كعب مؤلفه؛ فمؤلفه هو الإمام العلم المحدث الناقد البصير أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفي سنة 360 هـ عمر قرناً من الزمان، واتسعت رحلته، ودخل أغلب البلاد والأمصار، فسمع من محدثيها ومشايخها، وروى عنهم، وشارك بعض شيوخه في مشايخهم، وأتي من الروايات بما لم يأت بها غيره من الغرائب والأفراد والفوائد، فأجهد من جاء بعده، وأتعب كل من أراد أن يحقق كتاباً له فرحمه الله رحمة واسعة، هذا بالإضافة إلي أن كتابه المعجم الأوسط كتاب جليل القدر عظيم النفع حتى قال عنه صاحبه الإمام الطبراني رضي الله عنه "هذا الكتاب روحي" لأنه تعب فيه. بل قال عنه الإمام الذهبي رضي الله عنه "وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر".

2) شدة حاجة أهل العلم إلى هذا الكتاب، فعلي الرغم من أهميته وتقدم مؤلفه إلا أنه لم يخدم الخدمة التي تليق به.

3) أن الإمام الطبراني رحمه الله حكم على معظم أحاديث هذا الكتاب بالغرابة والتفرد مع الأخذ في الاعتبار بسعة روايته وعلو كعبه في هذا الفن، فأردت أن أبين هذا الأمر بعد الدراسة بالموافقة أو الرد بناءً على قواعد أهل هذا الفن.

4) كثرة النُصح من مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأفاضل إلى العناية والاهتمام بهذا الكتاب.

فلهذه الأسباب وغيرها استخرت الله عز وجل أن أقوم بخدمة جزءٍ من هذا الكتاب وفاءً لهذا الإمام ولكتابه كي أنتفع منه وينتفع منه غيرى. فأقوم بفضل الله وقوته بتخريج جزءٍ من أحاديثه وبيان حكم أسانيدها من الصحة والضعف، مع النظر في أحكام الإمام على الأحاديث بالتفرد.

وذلك من حديث رقم (651) حديث "عمرو بن الحَمق قال: قال رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِقُّ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَغْضَبَ لِلَّهِ، وَيَرْضَى لِلَّهِ

الحديث". إلي حديث رقم (900) حديث " أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضى الله عنهما قَالَا: سَمِعْنَا خَلِيلَنَا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قَتْلَهُمْ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ

الحديث".

(1)

ويُنظر في ذلك مثلاً: "التاريخ الكبير" للبخاري، "الجرح والتعديل"، "التاريخ" لابن يونس، "المجروحين" لابن حبَّان، "الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي، وهذا الكتاب أصل في غرائب الرواة وأفرادهم، "تاريخ بغداد" للخطيب، "تاريخ دمشق" لابن عساكر، "تاريخ الإسلام" للذهبي.

ص: 7

‌منهجي في البحث:

اقتضت طبيعة البحث أن يأتي في تمهيد، وقسمين، وخاتمة، ومنتهيًا بالفهارس العلمية.

(1)

وبيان ذلك على النحو التالي:

أولا: التمهيد:

بينت فيها أسباب اختياري للموضوع، وبيان أهميته، وإبراز منهجي فيه.

ثانياً: القسم الأول:

قسم الدِّراسة: ويشتمل على التعريف بالمؤلف، وكتابه، مع التعرض لبعض الجوانب النظرية التي لها علاقة أساسية بموضوع البحث، وذلك في ثلاثة فصول مُجْمَلَةً في العرض التالي:

الفصل الأول: التعريف بالمؤلف وذلك في ثلاثة بحوث:

البحث الأول: ترجمة الإمام الطبراني، وذلك في ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه، ونسبته.

المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وأسرته.

المطلب الثالث: وفاته، وعمره.

البحث الثاني: حياة الإمام الطبراني العلمية، ويشتمل على أربعة مطالب:

المطلب الأول: طلبه للعلم.

المطلب الثاني: رحلاته العلمية.

المطلب الثالث: أشهر شيوخه.

المطلب الرابع: أشهر تلاميذه.

البحث الثالث: مكانته العلمية وآثاره، ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول: مكانته العلمية.

المطلب الثاني: مؤلفاته.

الفصل الثاني: التعريف بالكتاب وما يتعلق به، وذلك في ثمانية بحوث:

البحث الأول: اسم الكتاب.

البحث الثاني: التثبت من صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه، بالوسائل العلمية المعروفة عند أهل العلم.

البحث الثالث: موضوع الكتاب.

البحث الرابع: منهج المؤلف في الجزء الخاص بالدراسة لهذه الرسالة، وتقييم ذلك المنهج.

البحث الخامس: جهود العلماء حول خدمة هذا الكتاب.

(1)

قمتُ بتعديل بعض الأشياء اليسيرة بناءً على توجيه أستاذي الكريمين - جزاهما الله خيرًا -.

ص: 8

البحث السادس: معنى المعجم عند المحدثين، وهل سُبق الطبراني إلى مثل هذا النوع من المعاجم؟

البحث السابع: المقارنة بين المعاجم الثلاثة للطبراني (الكبير، الأوسط، الصغير).

البحث الثامن: وصف النُّسخ المخطوطة، والمطبوعة للكتاب.

الفصل الثالث: التعرض لبعض الأمور النظرية التي لها علاقة أساسية ومباشرة بموضوع البحث، وذلك في خمسة بحوث:

البحث الأول: التفرد لغة واصطلاحاً.

البحث الثاني: أقسام التفرد، مع ذكر أحكام كل قسم.

البحث الثالث: موقف الأئمة تجاه الغرائب.

البحث الرابع: ذكر الأسباب التي يعود إليها وصف الحديث بالغرابة.

البحث الخامس: الكتب المؤلفة في الأفراد والغرائب.

ثالثاً: القسم الثاني:

النَّص المُحَقَّق: ويشتمل على تحقيق الجزء الخاص بهذه الرسالة، ومنهجي فيه على النحو التالي:

أولاً: منهجي في تحقيق النص:

1) قمتُ بتوثيق النَّص، وذلك بمقابلة النُّسخة الخطية علي المطبوع - طبعة دار الحرمين -، ومعالجة إشكالات النص؛ بالرجوع إلى كتب السنة، وكتب التراجم، وغيرها، وأثبتُّ الفروق في الهامش.

2) قمتُ بضبط النص ضبطاً قريباً من التمام مراعياً قواعد الإملاء الحديثة.

3) قمتُ بإعجام الأعلام والكلمات المُشكلة بالحركات.

4) قمتُ ببيان غريب الألفاظ في الهامش، وإذا تطلب الأمر للإطالة أفردت لذلك عنواناً في آخر الحديث.

5) قمتُ بعزو الآيات القرآنية المذكورة إلى المصحف الشريف في الهامش بذكر اسم السورة ورقم الآية.

6) قمتُ بعزو الأبيات الشعرية إلى مصادرها إن وُجدت.

7) قمتُ بترقيم الأحاديث ترقيماً مسلسلاً. وذكرت قبل كُلّ حديث رقمين بين معقوفتين هكذا [1/ 651]، وجعلتُ الرقم الأول خاص بترتيب الأحاديث في الجزء الخاص بالدارسة، والرقم الثاني يُشير إلى رقم الحديث في المطبوع.

ثانياً: منهجي في تخريج الأحاديث:

1) قمتُ بتخريج الحديث قيد البحث من طريق المُصَنِف إلا إذا اقتضى المقام الإسهاب لتقوية الحديث أو إثبات التفرد أو دفعه أو بيان خلاف مؤثر على الراوي فى السند أو فى المتن أو هما معاً مع بيان الراجح وعلته، وكذا الجمع. وذكرت في التخريج اسم الكتاب، واسم الباب، ورقم الحديث، ورقم الجزء، والصفحة. وذلك كل كتاب علي حسبه.

2)

قمتُ بترتيب مصادر التخريج على حسب المتابعات الأتم فالأقل، فإن تساوت رتَّبتُ المُخَرِّجين على سنة الوفاة.

ص: 9

ثالثاً: منهجي في ترجمة رواة الإسناد قيد البحث:

1) اعتمدت في الترجمة على الاختصار ما أمكن إلا إذا اقتضى المقام الإطالة.

2) أقتصر في الترجمة على ما يميز الراوي بذكر اسمه، ونسبه، وكُنيته، ولقبه، وذكر ثلاثة من شيوخه، وكذلك من تلامذته على أن يكون الشيخ أو التلميذ من المذكورين في الإسناد قيد البحث.

3) ثم أذكر حال الراوي من حيث الجرح والتعديل؛ فإن كان الراوي متفقاً علي توثيقه أو تضعيفه اكتفيت بذكر خلاصة حاله، وان اختلفت أقوال النقاد فيه حاولت الجمع بينها بناء على قواعد الجرح والتعديل؛ وإلا قمتُ بالترجيح.

4) وأما أسانيد المتابعات والشواهد التي تفيد في تقوية الأحاديث فإن كانت في "الصحيحين" أو أحدهما اكتفيت بذلك في الحكم علي صحتها، وإن كانت في غيرهما درست أسانيدها في المُسَوَّدة، واكتفيت في البحث بذكر الحكم على الإسناد فقط، مع التعليل إن كان الحديث حسناً، أو ضَعيفًا.

5) إذا كان فى الحديث خلاف ترجمت لرواة الأوجه الأخرى - إذا كانت في غير الصحيحين - مراعياً الاختصار بتمييز الرواة وبيان حالهم من حيث الجرح والتعديل مُكْتَفِيًا بأحكام الحافظ ابن حجر علي الرواة مِنْ كتابه "التقريب" إلا إذا خالفه الصواب في ذلك، أما إذا كان الحديث من هذه الأوجه الأخري فى الصحيحين أو أحدهما قلت: هذا كافٍ في إثبات صحته.

رابعاً: منهجي في الحكم على الحديث:

1) حكمت على الحديث بما يليق بحاله، مُبَيِّنًا عِلَّة الحكم إن كان الحديث حسنًا أو ضَعيفًا.

2) وإذا كان الحديث قيد البحث صحيحاً من الوجه المذكور؛ اكتفيت بذلك في الحكم عليه، وإن كان حسناً أو ضعيفاً بحثت عن ما يرفعه إلى درجة الصحيح لغيره إن كان حسناً، أو إلى الحسن لغيره إن كان ضعيفاً مع الاكتفاء بذكر ما يُفيد في التقوية من المتابعات أو الشواهد.

خامسا: منهجي في النظر في أحكام الإمام الطبراني على الأحاديث بالتفرد:

1) أقوم بملاحظة أحكام الإمام الطبراني على الأحاديث بالتفرد.

2) أذكر أقوال أهل العلم الموافقين والمخالفين له في ذلك.

3) مناقشة ما سبق ذكره من أقوال أهل العلم بناء على ما سبق ذكره من دراسة الإسناد وتخريج الحديث وفقا لقواعد أهل هذا الفن.

سادسا: منهجي في التعليق على الحديث:

أختم الكلام على الحديث بالتعليق عليه فأذكر كلام بعض شُراح الحديث من أجل أن أوضح معانيه وأجليها، وربما تدخلت لتوضيح بعض ألفاظ أهل العلم.

رابعاً: الخاتمة:

وقد ضمنتها تلخيصاً لأهم الفوائد والنتائج التي تظهر لي من خلال معايشة البحث، ودراسته، وبيان عدد الأحاديث الواردة في البحث من حيث القبول، والرد.

ص: 10

خامساً: الفهارس العلمية:

وتشتمل علي ما يلي:

1) فهرس الآيات القرآنية علي ترتيب السور.

2) فهرس الأحاديث النبوية علي نظام ألف بائي حسب مطلع الحديث.

3) فهرس الأحاديث والآثار على الكتب الفقهية.

4) فهرس للرواة جميعاً علي حروف المعجم.

5) فهرس المراجع: وفيه ذكرت اسم المرجع ومؤلفه، وطبعته، وتاريخه إن وجد وترتيبها على حسب حروف المعجم.

6) فهرس الموضوعات.

وأخيراً: الشكر والتقدير:

أشكر الله عز وجل علي ما أنعم وتفضل به عليَّ من إتمام هذا العمل فله الفضل أولاً وأخراً، وظاهراً وباطناً.

ولا يسعني كذلك إلا أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لشيخيَّ وأستاذيَّ الكريمين الذين قَبِلا - تواضعا منهما - الإشراف على هذه الرسالة، فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمود عمر إبراهيم هاشم، وفضيلة الدكتور/ عبد العزيز مهدي حسن السيد تغمده الله بواسع رحمته، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، فلقد سهلا لي طريق البحث بنصحهما وإرشادهما، وتعلمت الكثير مِنْ خُلُقهما وأدبهما وتواضعهما وكرمهما البالغ، فجزاهما الله عنى وعن إخواني من طلبة العلم خير الجزاء.

كما أتقدم بالشكر والعرفان لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد معبد عبد الكريم، والذى كان له أثرٌ كبيرٌ في الحصول على النسخة الكاملة للمخطوط، حيث صَوَّرها لنا على نفقته الخاصة. فجزاه الله خير الجزاء.

كما أتقدم بالشكر والعرفان لعميد ووكيل كلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق، ولأعضاء هيئة التدريس بالكلية عموماً ولقسم الحديث وعلومه خصوصاً، وشكري موصول إلى فضيلة الأستاذ الدكتور/ ممدوح محمد أحمد على ما قدمه لي من نصح وعون وإرشاد فجزاه الله عني وعن إخواني من طلبة العلم خير الجزاء. وشكري موصول أيضاً لأخي الفاضل د/ محمود محمد محمد عمارة السعدني الذى كان لي بمثابة الأخ الكبير والناصح الأمين، والذي كان له الأثر الأكبر في تشجيعي علي التسجيل في "كتاب "المعجم الأوسط" فقد كنت في بداية الأمر متردداً وذلك نظراً لصعوبة علم العلل فكثر نصحه لي بعبارات مفادها "أن خض هذا العلم متعلماً" إضافة إلي أنه لم يتأخر عني عن جواب عن سؤال أو استفسار فجزاه الله خير الجزاء.

كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير للسادة العلماء أعضاء لجنة المناقشة على قبولهم النظر في الرسالة وإبداء ملاحظاتهم، وإنَّي على يقين أنَّني سأستفيد من توجيهاتهم وإرشاداتهم - حفظهم الله رب العالمين -، والله أسأل أن يُنَضِّر وجوه مشايخنا وأساتذتنا الفضلاء في الدنيا والآخرة، وأن يجزيهم عنى وعن طلبة العلم خير الجزاء، وأن يجعل هذا الجهد في موازين حسناتهم في يوم تكون العاقبة فيه للمتقين.

ص: 11

وختامًا: جعلنا الله عز وجل مِمَّن تَكَلَّف الجَهْدَ في حِفْظِ السُّنَنِ ونَشْرِها، وتمييز صحيحها مِنْ سقيمها، والتفقه فيها، والذب عنها، إنَّه المَانُّ على أوليائه بمنازل المُقَرَّبين، والمُتفضِّلُ على أحبابه بدرجة الفائزين.

(1)

والأمر كما قال القاضي عبد الرحيم البيساني رضي الله عنه: إني رأيتُ أنَّه لا يكتب أحد كتاباً في يومهِ إلا قال في غَدِهِ: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يُستحَسن، ولو قُدَّم هذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل، وهذا أعظم العبر، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر، فأرجو مسامحة ناظريه فهم أهلوها، وأؤمل جميلهم فهم أحسن النَّاس وجُوهًا.

(2)

والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ونسأل الله تعالي أن يرزقنا التوفيق والسداد والإخلاص في القول والفعل والعمل. وأن يُجنبنا الخطأ والزلل والنسيان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وما كان من توفيق فمن الله وحده. وما كان من خطأ، أو زلل، أو سهو، أو نسيان، فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

(1)

مُقتبسٌ مِنْ كلام ابن حبَّان في كتابه "الثقات"9/ 297.

(2)

يُنظر: "إتحاف السادة المتقين" للزَّبيديّ (1/ 3)، وهي من رسالة البيساني إلى العماد - رحمهما الله تعالى.

ص: 12

القسم الأول: قسم‌

‌ الدراسة

ويشتمل على التعريف بالمُؤلِّف، وكتابه، ودراسة بعض الجوانب النظرية

التي لها علاقة أساسية بموضوع البحث.

وذلك في ثلاثة فصول:

‌الفصل الأول: التعريف بالمُؤلِّف

وذلك في ثلاثة بحوث:

البحث الأول: حياة الإمام الطبراني الشخصية.

وذلك في ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ونسبته.

المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وأسرته.

المطلب الثالث: وفاته وعمره.

البحث الثاني: حياة الإمام الطبراني العلمية.

ويشتمل على خمسة مطالب:

المطلب الأول: طلبه للعلم.

المطلب الثاني: رحلاته العلمية.

المطلب الثالث: أشهر شيوخه.

المطلب الرابع: أشهر تلاميذه.

المطلب الخامس: عقيدته.

البحث الثالث: مكانته العلمية.

ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول: مكانته العلمية.

المطلب الثاني: مؤلفاته.

ص: 13

‌البحث الأول: حياة الإمام الطبراني الشخصية

.

وذلك في ثلاثة مطالب:

‌المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ونسبته:

اسمه، ونسبه، وكنيته: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، الجَوَّالُ، مُحَدِّثُ الإِسلَامِ، علمُ المعمَّرينَ، أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مُطَيّرٍ

(1)

اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، الطَّبَرَانِيُّ، صَاحبُ المَعَاجِمِ الثَّلَاثَةِ.

(2)

نسبته: الطبراني: قال السمعاني: بفتح الطاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة، والراء، في آخرها النون، هذه النسبة إلى طبرية، وهي مدينة من الأردن بناحية الغور ومن المشهورين بالانتساب إليها: أبو القاسم سليمان بن أحمد بنِ أَيُّوْبَ بنِ مُطَيّرٍ اللَّخْمِيُّ، الطَّبَرَانِيُّ.

(3)

وقال ابن خلكان: الطبراني: نسبة إلى طبرية، والطبري نسبة إلى طبرستان.

(4)

وقال الدكتور شوقي أبو خليل: طبرية بحيرة ومدينة في شمال فلسطين، غربها موقع حطين، فتحت طبرية علي يد شرحبيل بن حَسَنة سنة 14 هـ صُلحاً. وهي تحت مستوي سطح البحر 209 م، يخرج منها نهر الأردن ليصب بالبحر الميت، وتبعد عن البحر المتوسط 43 كم.

(5)

وكذلك اللخمي: قال ابن خلكان: اللخمي: بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة وبعدها ميم هذه النسبة إلى لخم بن عدي، واسمه مالك، وهو أخو جذام، واسم جذام عمر بن عدي، وكانا قد تشاجرا فلخم عمرو مالكاً ــــــ أي لطمه ـــــــ فضرب مالك عمراً بمدية فجذم يده - أي قطعها - فسمي مالك لخمًا، وسمي عمرو جذاماً لهذا السبب.

(6)

والأصبهاني أيضاً: نسبة إلى مدينة أصبهان: بفتح الهمزة، وكسرها، وهي مدينة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها، وقد اختلف في سبب تسميتها على عدة أقوال، فُتحت في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 21 هـ، وهي من أخصب المدن وأكثرها مالا وخيرات وفواكه.

(7)

وتقع أصبهان اليوم في دولة إيران.

(1)

قال ابن خلكان: مطير: تصغير مطر. يُنظر وفيات الأعيان" لابن خلكان 2/ 407.

(2)

يُنظر "سير أعلام النبلاء" للذهبي 16/ 119.

(3)

يُنظر "الأنساب" للسمعاني 8/ 198.

(4)

يُنظر "وفيات الأعيان" لابن خلكان 2/ 407.

(5)

يُنظر "أطلس الحديث النبوي" للدكتور/ شوقي أبو خليل صـ 246.

(6)

يُنظر "الأنساب" 11/ 18، "وفيات الأعيان" لابن خلكان 1/ 167، 2/ 407.

(7)

يُنظر "معجم البلدان" لياقوت الحموي 1/ 206.

ص: 14

‌المطلب الثاني: مولده، ونشأته، وأسرته:

مولده: قال ابن منده رحمه الله: سَمِعت الإِمَام عمي رحمه الله وَمُحَمّد بن بديع يَقُولَانِ سمعنَا أَبَا بكر أَحْمد بن مُوسَى بن مردويه يَقُول سَمِعت الإِمَام أَبَا الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ يَقُول ولدت سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ.

(1)

قلت: والذي يظهر من كلام أهل العلم أنهم اتفقوا علي الزمان الذي ولد فيه الإمام رحمه الله، لكنهم اختلفوا في المكان الذي ولد فيه رضي الله عنه: فقال ياقوت الحموي، وابن الأثير، وابن خلكان: كان مولده بطبرية، سنة ستين ومائتين.

(2)

بينما قال أبو الحسين ابن أبي يعلى ابن الفراء، والذهبي: كان مولده بعكّا، في صفر سنة ستين ومائتين. قال الذهبي: وَكَانَتْ أُمُّهُ عَكَّاوِيَّة.

(3)

نشأته: نشأ الإمام الطبراني رحمه الله وتربي وترعرع في بيئة صالحة من أهل العلم والورع والتقوي فقد كان والده صاحب حديث. قال الذهبي رحمه الله: أوَّل سماعه في سنة ثلاث وسبعين ومائتين بطبريّة، وارتحل به أبوه، وحرص عليه، فإنَّه كان صاحب حديثٍ من أصحاب دُحيم، فبقي في الارتحال وَلقِيِّ الرِّجَال ستة عشر عامًا.

(4)

أسرته: كان والده مِنْ طبرية، وكان صاحب حديث مِنْ أصحاب دُحيم، وأمُّه عَكَّاوية مِنْ عَكَّا كما قال الذهبي. وأمَّا أولاده: فقال ابن منده رحمه الله: سمعت عمي الإِمَام رحمه الله وَمُحَمّد بن بديع الْحَاجِب يَقُولَانِ سمعنَا أَبَا بكر أَحْمد بن مُوسَى يَقُول: للطبراني رحمه الله ابن يُسمى مُحَمَّدًا ويكنى أَبَا ذَر وَله بنت تسمى فَاطِمَة أمهَا أَسمَاء بنت أَحْمد بن مُحَمَّد بن شدرة الْخَطِيب وَذكر أَنَّهَا كَانَت تَصُوم يَوْمًا وتفطر يَوْمًا وَكَانَت لَا تنام من اللَّيْل الا قَلِيلاً رَحمهَا الله وَلها عقب. وَأما مُحَمَّد ابْنه فيروي عَن أبي عَليّ الْوراق، وَأبي عَمْرو بن حَكِيم، وَعبد الله بن جَعْفَر بانتخاب وَالِده رَحْمَة الله عَلَيْهِ مَاتَ فِي رَجَب سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة وقبره بِجنب قبر وَالِده رحمهمَا الله روى عَنهُ جمَاعَة من كبار الْمُحدثين كَأبي عَليّ الرستاقي، وَأبي طَاهِر بن عُرْوَة، وَأبي أَحْمد الْعَطَّار، وَعلي بن أَحْمد بن مهْرَان، وَعلي بن الْحُسَيْن الإسكاف وَعلي بن سعيد الْبَقَّال.

(5)

(1)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" لابن منده صـ 30، "تاريخ دمشق" لابن عساكر 22/ 163.

(2)

يُنظر "معجم البلدان" 4/ 19، "اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير 2/ 273، "وفيات الأعيان" 2/ 407.

(3)

يُنظر "طبقات الحنابلة" لأبي الحسين ابن أبي يعلى الفراء 2/ 50، "تاريخ الإسلام" للذهبي 8/ 143، "السير" 16/ 119.

(4)

يُنظر "سير أعلام النبلاء" 16/ 119، "تاريخ الإسلام" 8/ 143.

(5)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" للإمام أبي زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده صـ 32.

ص: 15

‌المطلب الثالث: وفاته، وعمره

.

قال ابن مردويه: توفّي فِي ذِي الْقعدَة يَوْم السبت وَدفن يَوْم الْأَحَد لليلتين بَقِيَتَا مِنْهُ سنة سِتِّينَ وثلاثمائة وَدفن بِبَاب مَدِينَة جيّ

(1)

الْمَعْرُوف بتيره بِجنب حممة بن أبي حممة الدوسي رضي الله عنه.

(2)

وقال ابن خلكان: توفي في ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة، وعمره تقديراً مائة سنة، رحمه الله تعالى، وقيل إنه توفي في شوال، والله أعلم.

(3)

قلت: لكن قال أبو نعيم: تُوُفّي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستّين وصلّيت عليه.

وقال الذهبي: عَاشَ الطَّبَرَانِيُّ مائَةَ عَامٍ وَعشرَةَ أَشهرٍ.

(4)

(1)

جيّ بالفتح ثم التشديد، قرية من قُرى أصبهان. يُنظر "المعالم الأثرية في السنة السيرة" لمحمد بن محمد حسن شُرَّاب "معاصر" صـ/ 94.

(2)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 31.

(3)

يُنظر "وفيات الأعيان" 2/ 407.

(4)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 8/ 148.

ص: 16

‌البحث الثاني: حياة الإمام الطبراني العلمية

.

ويشتمل على خمسة مطالب:

‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

طلب الإمام رحمه الله العلم منذ الصغر وظل طالباً للعلم وقارئاً وسامعاً ومُتحدثاً حتي بلغ الأمر إلي أن وصل عد شيوخه الذين سمع مِنْهم الحديث إلي أكثر من ألف شيخ، ولما سُئل رحمه الله عن كَثْرَةِ حَدِيثه؟ قال: كنت أَنَامُ على البَوَارِي

(1)

ثلاثِينَ سنة.

(2)

وظل علي ذلك حتي الممات حتي ذهبت عَيناهُ فِي آخر عمره رضي الله عنه. قال الذهبي: أوّل سماعه بطبرية سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين، وله ثلاث عشرة سنة. سمّعه أبوه ورحل به لأنّه كان له ماسَّة - أي صلة - بالحديث.

(3)

‌المطلب الثاني: رحلاته العلمية:

لقد خرج من بلده مهاجراً إلي الله في سبيل طلب العلم بهمة عالية ونفس تواقة فطاف وجاب في الْمَدَائِن والأمصار وتردد فِي البلدان والأقطار باحثاً ومنقباً عن حديث النبي المختار صلى الله عليه وسلم دون كلل أو ملل حتي ألحق الأصاغر بالأكابر وأوصل الْأَبْنَاء بِالْآبَاءِ والأسباط بالأجداد. فرحل إلى القدس سنة أربعٍ وسبعين ومائتين، ثُمَّ إلى قيسارية وعكا سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، ورحل إلى حلب سنة ثمان وسبعين ومائتين، ودخل اليمن تقريبًا سنة ثمانين ومائتين، وطاف بالبلدان كمصر، والحجاز، وبغداد، وغيرها، قال الذهبي: وإنما وصل العراق بعد فراغه من مصر، والشام، والحجاز، واليمن، وإلا فلو قصد العراق أولاً لأدرك إسناداً عظيماً. ودخل أصبهان مرتين. قال: أبو بكر بن مردويه: سمعت أبا القاسم الطبراني يقول: أول ما قدمت أصبهان قدمة الأولى سنة تسعين ومائتين، وقدمت الثانية سنة عشر أو إحدى عشر وثلاثمائة. ثم استوطن أصبهان بعد قدمته الثانية وأقام بها مُحَدِّثًا ستين سنة.

(4)

وهذا الجزء الذي قمت بتحقيقه يشتمل علي أربعة من مشايخ الإمام الطبراني رضي الله عنه وهم: أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُسْلِم أَبُو الْعَبَّاس الأبار، وأحمد بن إبراهيم بن مِلحان أبو عبد الله. وأحمد بن بشير بن أيوب أبو أيوب الطيالسي، وأَحْمَد بْن يَحْيَى بْن إِسْحَاق أَبُو جَعْفَر البجلي الحلواني. وأربعتهم من محدثي بغداد.

(1)

البواري: الحصير المعمول مِنْ القصب. يُنظر: "لسان العرب" 1/ 386.

(2)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 37، "تاريخ دمشق" 22/ 165.

(3)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 8/ 143.

(4)

يُنظر: "العبر في خبر مَنْ غبر" 2/ 106، "تاريخ الإسلام" 8/ 143، "سير النبلاء" 16/ 119.

ص: 17

‌المطلب الثالث: أشهر شيوخه:

إن رحلات الإمام الطبراني الطويلة ونزوله في كثير من المدائن والأمصار كان لها الأثر البارز في كثرة شيوخه رحمه الله حتي قال الذهبي: سَمِعَ مِنْ نَحْوِ أَلفِ شَيْخٍ أَوْ يزيدُوْنَ.

(1)

ولما ألف الطبراني رحمه الله كتابيه "المعجم الأوسط"، و"المعجم الصغير" رتبهم علي أسماء شيوخه، حتي بلغ عدد شيوخه الذين سمع منهم في "المعجم الأوسط"(837) تقريبًا، بينما بلغ عددهم في "المعجم الصغير"(1150) تقريباً.

ومن أشهر شيوخه الذين حدث عنهم: أَبو زُرْعَة الدِّمَشْقِي، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْم الدَّبرِي، وَإِدْرِيْس بن جَعْفَر العَطَّار، وَعَلِي بن عَبْد العَزِيْز البَغَوِي المجَاورِ، وَيَحْيَى بن أَيُّوْب العلاَّف، وَعَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعِيْد بن أَبِي مَرْيَم، وَأَحْمَد بن عَبْد الوَهَّاب بن نجدة الحَوْطي، وأحمد بن علي بن مسلم الآبار، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم بن فيل البَالِسِي، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الخشَّاب، وَأَحْمَد بن خليد الحَلَبِي، وَالعَبَّاس بن الفَضْل الأَسفَاطي، وَعَبْد الله بن أَحْمَد بن حَنْبَل، وَعَبْد الله بن الحُسَيْن المَصِّيْصِي، وَأَبِي مُسْلِم الكَجِّي، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْم المِصْرِي القَطَّان، وَإِدْرِيْس بن عبد الكَرِيْم الحَدَّاد، وَزَكَرِيَّا بن حَمْدَوَيْه الصَّفَّار، وَعُثْمَان بن عُمَر الضَّبِّي.

(2)

ومن شيوخه علي سبيل الإيجاز:

1) الإمام الحافظ عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أَبُو عَبْد الرحمن البغدادي: روى عن: أبيه، والهيثم بن خارجة، وشيبان بن فروخ، وآخرين. وروى عنه: الطبراني في "معاجمه"، والنسائي، وابن صاعد، وآخرون. وهو "ثِقَةٌ ثَبْتٌ حُجَّةٌ"، ولد سنة ثَلاث عشرة ومئتين، ومات سنة تسعين ومئتين.

(3)

2) الإمامُ الحافظُ أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي الحَرْبِي: روى عن: أحمد بن حنبل، وعفَّان بن مسلم، هوذة بن خليفة، وآخرين. روى عنه: الطبراني، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر القطيعي، وآخرون. وهو:"ثِقَة حافظ"، ولد سنة ثمان وتسعين ومئة، ومات سنة خمس وثمانين ومائتين.

(4)

3) الإمام الحافظ أبو الحسن عليُّ بن عبد العزيز بن المَرْزُبَان البغويُّ: روى عن: أحمد بن يونس اليربوعي، وعلي بن الجعد، وآخرين. روى عنه: الطبراني في "معاجمه"، وأبو الحسن القطان، وآخرون. وهو:"ثِقَة حافظٌ"، ولد سنة بضع وتسعين ومائة، ومات سنة ست، وقيل سبع وثمانين ومائتين.

(5)

4) الإمام الحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسيُّ، الكوفيُّ: روى عن: علي بن المديني، وأبيه، وعميه أبي بكر والقاسم، وآخرين. وروى عنه: أبو القاسم الطبراني، والقاضي المحامليُّ، وابن

(1)

يُنظر "السير" 16/ 120.

(2)

يُنظر "السير" 16/ 120.

(3)

يُنظر "تهذيب الكمال" 14/ 285، "السير" 13/ 516.

(4)

يُنظر "السير" 13/ 356.

(5)

يُنظر "السير" 13/ 348.

ص: 18

صاعد، وآخرون. قال الذهبي: جَمَعَ وصَنَّف، وله "تاريخٌ" كبيرٌ، ولم يُرزق حظًا، بل نالوا منه، وكان من أوعية العلم، مُحَدِّثًا فَهْمًا واسع الرواية، صاحب غرائب، ومات سنة سبع وتسعين ومائتين.

(1)

5) الإمام الحافظ أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري، الكجي: روى عن: أبي عاصم النبيل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وآخرين. وروى عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وأبو بكر الآجري، وآخرون، وهو:"ثِقَةٌ ثَبتٌ". ولد سنة نيف وتسعين ومئة، ومات سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

(2)

‌المطلب الرابع: أشهر تلاميذه:

- وكما كثر شيوخ الإمام حتي وصلوا إلي أكثر من ألف شيخ فكذلك كان له تلاميذ كُثر حتي رحل إليه طلاب العلم والحديث مِنْ شتَّى البقاع، والأقطار يأخذون عَنْ علمِ المعمَّرين ما حُدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتي قال الذهبيُّ: جَمَعَ وصَنَّف وعَمَّر دهرًا طويلًا، وازدحم عليه المحدثون، ورحلوا إليه من الأقطار.

(3)

وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الأصبهاني: حَدَّث الطبرانيُّ بأصبهان ستين سنة، فسمع منه الآباء ثم الأبناء ثم الأسباط، حتى لحقوا بالأجداد، وكان واسع العلم، كثير التصانيف.

(4)

- ومن أشهر تلاميذه الذين أخذوا عنه العلم وسمعوا منه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عُقْدة، وابنُ مَنْدَه،

وَأَبُو نُعَيْم الأَصْبَهَانِي، وَأَبُو بَكْر بن مَرْدَوَيْه، وَأَبُو عُمَر مُحَمَّد بن الحُسَيْن البسطَامِي، وَأَبُو الفَضْل مُحَمَّد بن أَحْمَد الجَارُوْدِي، وَأَبُو سَعِيْد النَّقَّاش، وَأَبُو بَكْر بن أَبِي عَلِي الذَّكوَانِي، وَأَحْمد بن عَبْد الرَّحْمَن الأَزْدِي، وَالحُسَيْن بن أَحْمَد بن المَرْزُبان، وَأَبُو الحُسَيْن بن فَاذَشَاه، وَأَبُو سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بن أَحْمَد الصَّفَّار، وَمَعْمَر بن أَحْمَد بن زِيَاد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الرِّبَاطِي، وَالفَضْل بن عُبَيْد الله بن شهريَار، وَعبد الواحد بن أَحْمَد البَاطِرقَانِي، وَأَحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم الأَصْبَهَانِي، وَعَلِي بن يَحْيَى بن عَبْدُكَوَيْه، وغيرهم كثير.

(5)

ومن تلامذته علي سبيل الإيجاز:

1)

أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهانيُّ: صاحب كتاب معرفة الصحابة، وكتاب التوحيد وغيرها من المؤلفات. قال ابن عساكر: أحد المُكْثِرين، والمُحَدِّثين الجَوَّالين، توفى ابن مندة في وطنه بأصبهان في صفر من سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

(6)

2)

أبو نُعيم أحمد بن عبد الله، الأصبهاني: صاحب كتاب "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، وكتاب

(1)

يُنظر: "تاريخ بغداد"(4/ 68)، "تاريخ الإسلام"(6/ 1036)، "سير أعلام النبلاء"(14/ 21).

(2)

يُنظر: "تاريخ بغداد"(7/ 36)، "سير أعلام النبلاء"(13/ 423).

(3)

يُنظر "السير " 16/ 119.

(4)

يُنظر "جزء فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 34.

(5)

يُنظر "السير" للذهبي 16/ 122.

(6)

يُنظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 52/ 29.

ص: 19

"المستخرج"، وكتاب "معرفة الصحابة". قال الذهبي: أحد الأعلام ومَنْ جمع الله له بين العُلُوّ في الرّواية، والمعرفة التّامة، رحلَ الحفّاظ إليه من الأقطار، وأَلحقَ الصِّغار بالكبار، مات أبو نعيم الحافظ: في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربع مائة، وله أربع وتسعون سنة.

(1)

3)

أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الأصبهانيُّ: قال الذهبي: له مُصَنَّفاتٌ كثيرةٌ، منها: كتاب "المستخرج على صحيح البخاري"، يعلو في كثير من أحاديثه حتى كأنَّه لقي البخاري، وكان من فرسان الحديث، فهمًا يقظًا مُتْقِنًا، كثير الحديث جدًا. ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة، ومات سنة عشر وأربع مائة، عن سبع وثمانين سنة.

(2)

4)

أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الجاروديُّ، الهرويُّ: قَالَ أبو النَّضْر الفاميّ: كَانَ عديم النّظير في العلوم، خصوصًا في علم الحِفظ والتّحديث، وفي التَّقَلُّل مِن الدّنيا، والاكتفاء بالقوت، وحيدًا في الورع. وقال الجاروديُّ: رحلت إلى الطبراني، فقربني وأدناني، وكان يتعسر عليَّ، ويبذل لآخرين، فكلمته في هذا، فقال: لأنَّك تعرف قدر هذا الشأن. مات: في شوال سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.

(3)

5) أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه الأصبهانيُّ: سمع الكثير من أبي القاسم الطبراني، روى "المعجم الكبير" كله عنه. وقال الذهبيُّ: كان يُرمى بالاعتزال والتشيع. مات: في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة.

(4)

‌المطلب الخامس: عقيدته:

- كانت عقيدة الإمام الطبراني هي عقيدة السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان. فقال ابن منده: إنَّ الإِمام أبا القَاسِم الطَّبَرَانِيّ رضي الله عنه، قد أَقَامَ نَفسه بما قد نسبه أهل الْبدع والخلاف، اقْتِدَاءً بالأئمة السّلف وَالصَّالِحِينَ قبله بِهَذِهِ النِّسْبَة إِلَيْهِم - وهي وصفهم لأهل الحديث بالمُشبِّهة والحشوية -، مَعَ أنَّ المبتدعة والمخالفين له كانوا يموتون على علو إِسْنَاده، وَكَثْرَة أَحَادِيثه، وقد سمعُوا مِنْهُ ورووا عنه مع هذا ويطعنون عليه، ويزعمون أنَّه كان حشويًا، وهل يضر القَمَر نباح الْكَلْب؟.

(5)

وقال أيضاً: رحم الله تَعَالَى أَبَا الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ مَا أحسن سيرته وطريقته فِي هجران أهل الْبدع، فقد هجر أَبَا عَلي بن رستم بعد إنعامه عَلَيْهِ، وأياديه لَدَيْهِ؛ لمَّا ظهر مِنْهُ بعض شَيء من حال أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما لأنَّ حبهما إيمانٌ، وبغضهما نفاقٌ.

(6)

(1)

يُنظر "السير" 17/ 453.

(2)

يُنظر "السير" 17/ 308.

(3)

يُنظر: "تاريخ الإسلام"(9/ 225)، "سير أعلام النبلاء"(17/ 384).

(4)

يُنظر: "تاريخ الإسلام"(9/ 523)، "سير أعلام النبلاء"(17/ 515).

(5)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 61.

(6)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 45.

ص: 20

‌البحث الثالث: مكانته العلمية وآثاره

.

ويشتمل على مطلبين:

‌المطلب الأول: مكانته وعلو منزلته العلمية:

لقد تبوأ الإمام الطبراني رحمه الله مكانة علمية كبيرة ولا شك أن هذه المكانة التي تبوأها الإمام لم تأتي من فراغ وإنما يسر الله تبارك وتعالي له من الأسباب ما أهله لبلوغ هذه المكانة وعلي رأس هذه الأسباب: اختيار الله تبارك وتعالي له حتي يكون في مَصَافٍ العلماء والمُحِدِثِين. ومنها: نشأته منذ الصغر فلقد ولد وتربي في بيت علم وفضل فلقد كان أبوه من المحَدِثين من أصحاب دُحيم. ومنها: كثرة رحلاته العلمية حتي سمع من أكثر من ألف شيخ ففاق بذلك كثير من المحدِثِين أصحاب الحديث. ومنها: كثرة حديثه، وسعة حفظه، واتقاد قريحته حتي قال ابن منده: سمعتُ مِنْ الطبراني أربعة آلاف حديث بالشام.

(1)

وقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الشِّيرَازِيّ: كتبتُ عن الطَّبَرَانِيّ ثَلَاثمِائَة ألف حَدِيث، وَهُوَ ثِقَةٌ. وقال أبو الحُسَيْن بن فَارس اللّغَوِي: سَمِعت الأُسْتَاذ ابن العميد يَقُول: ما كنتُ أَظن أنَّ في الدُّنْيَا حلاوة ألذ مِنْ الرِّئَاسَة والوزارة الَّتِي أَنا فِيهَا، حَتَّى شهِدتُ مذاكرة سُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ وَأبي بكر الجعابي بحضرتي. فَكَانَ الطَّبَرَانِيّ يغلب الجعابي بكثرة حفظه، وكان الجعابي يغلب الطَّبَرَانِيّ بفطنته وذكاء أهل بَغْدَاد، حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما، ولا يكاد أَحدهمَا يغلب صَاحبه. فَقَالَ الجعابي: عِنْدِي حَدِيث لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إلا عِنْدِي، فَقَالَ: هاته، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو خَليفَة، ثَنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب، وَحَدَّث بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ الطَّبَرَانِيّ: أَنا سُلَيْمَان بن أَيُّوب، وَمِنِّى سمع أَبُو خَليفَة، فاسمع مِنِّي حَتَّى يَعْلُو إسنادك، فَإنَّك تروي عن أبي خَليفَة عَنِّي، فَخَجِلَ الجعابي، وغلبه الطَّبَرَانِيّ. قَالَ ابن العميد: فوددت فِي مَكَاني أَن الوزارة والرئاسة ليتها لم تكن لي، وكنتُ الطَّبَرَانِيّ، وفرحت مثل الفرح الَّذِي فرحه الطَّبَرَانِيّ لأجل الحَدِيث، أَو كَمَا قَالَ.

(2)

وهذه المكانة العلمية التي تبوأها الإمام رحمه الله من كثرة حديثه وانتشار علمه وذيوع صيته جعل ألسنة العلماء تلهج بالثناء عليه وتُقر له بهذه المنزلة العالية وبلوغ تلك المَحِلة الرفيعة وما آل إليه الإمام مما آل إليه من بلوغ منزلة أولو العلم الذين أثني الله عليهم في كتابه إلا لإخلاص كان في قلبه، عليه من الله سحائب الرحمة والرضوان.

- قال إبراهيم بن مفلح: كَان أحد الأَئِمة الحفاظ، له تصانيف مَذْكُورَة، وآثار مَشهورة.

(3)

- وقال ابن عُقدة: ما أعلمُني رأيت أحداً أعرف بالحديث، ولا أحفظ للأسانيد من الطبراني.

(4)

(1)

يُنظر "التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد" لابن نُقْطَة صـ 285.

(2)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 47، "تاريخ دمشق" 22/ 166.

(3)

يُنظر "المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد" لبرهان الدين ابن مفلح 1/ 409.

(4)

يُنظر "جزء فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 53، "الثقات مما ليس في الكتب الستة" لابن قُطْلُوْبَغَا 5/ 90.

ص: 21

- وقال الذهبي: كان ثقَة صدوقاً، واسع الحفظ، بصيراً بالعلل والرجال والأبواب، كثير التصانيف.

(1)

- وقال الذهبي أيضاً: برع في هذا الشأن، وجَمَعَ وصنَّف وعمَّر دهراً طويلاً، وازدحم عليه المحدثون، ورحلوا إليه من الأقطار.

(2)

- وقال ابن عساكر: أحد الحفَّاظ المُكْثرين والرَّحالين.

(3)

- وقال العَطَّار: أحد الحفَّاظ المُبْرزين، والعلماء المُصَنِّفين، والجَوَّالين المُكْثرين، والثِّقات المَرْضِيين.

(4)

‌المطلب الثاني: مُؤَلَّفات الإمام رحمه الله:

قال الذهبيُّ: ألَّف الإمام الطبراني كُتُباً كثيرةً في السُنن والآداب نحو مائتي مُصَنَّفٍ.

(5)

وقد سرد ابن منده مؤلفات الإمام عليه رحمة الله حتي وصل به العدد إلي ما يربو فوق المائة مؤلف فقال ابن منده: ذكر مَا وجد من تصانيفه رحمه الله:

1) كتاب المعجم الْكَبِير مِائَتَا جُزْء. 2) كتاب المُعْجم الْأَوْسَط أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ جُزْءاً. 3) كتاب المُعْجم الصَّغِير سَبْعَة أَجزَاء. 4) مُسْند الْعشْرَة ثَلَاثُونَ جُزْءاً. 5) مُسْند الشامين عشرَة أَجزَاء. 6) كتاب النَّوَادِر عشرَة أَجزَاء. 7) كتاب معرفَة الصَّحَابَة. 8) الْفَوَائِد عشرَة أَجزَاء. 9) مُسْند أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه. 10) مُسْند عَائِشَة رضي الله عنها. 11) مُسْند أبي ذَر الْغِفَارِيّ جزءان. 12) كتاب التَّفْسِير. 13) كتاب مسانيد تَفْسِير بكر بن سهل. 14) كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة عشرَة أَجزَاء. 15) كتاب الدُّعَاء عشرَة أَجزَاء. 16) كتاب السّنة عشرَة أَجزَاء. 17) كتاب الطوالات ثَلَاثَة أَجزَاء. 18) كتاب الْعلم جُزْء. 19) كتاب الرُّؤْيَا جُزْء. 20) كتاب الْجُود والسخاء جُزْء. 21) كتاب الألوية جُزْء. 22) كتاب الْأَوَائِل جُزْء. 23) كتاب الْأَبْوَاب جُزْء. 24) كتاب فَضَائِل شهر رَمَضَان. 25) كتاب الْفَرَائِض من السّنَن المسندة. 26) كتاب فَضَائِل الْعَرَب جُزْء. 27) كتاب فَضَائِل عَليّ رضي الله عنه. 28) كتاب بَيَان كفر من قَالَ بِخلق الْقُرْآن جُزْء. 29) كتاب الرَّد على الْمُعْتَزلَة جُزْء. 30) كتاب الرَّد على الْجَهْمِية. 31) كتاب مَكَارِم الْأَخْلَاق جُزْء. 32) كتاب الْعَزْل جُزْء. 33) كتاب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم جُزْء. 34) كتاب الْمَنَاسِك. 35) كتاب كتب النَّبِي صلى الله عليه وسلم جُزْء. 36) كتاب الْقِرَاءَة خلف الإِمَام جُزْء. 37) كتاب الْغسْل جُزْء. 38) كتاب فَضَائِل الْعلم وَاتِّبَاع الْأَثر وذم الرَّأْي وَأَهله. 39) مقتل الْحُسَيْن بن عَلي رضي الله عنه جُزْء. 40) حَدِيث شُعْبَة بن الْحجَّاج خَمْسَة عشر جُزْءاً. 41) حَدِيث الثَّوْريّ عشرَة أَجزَاء. 42) مُسْند الْأَعْمَش.

(1)

يُنظر "العبر في خبر مَنْ غبر" للذهبي 2/ 105.

(2)

يُنظر "السير" 16/ 119.

(3)

يُنظر "تاريخ دمشق" 22/ 163.

(4)

يُنظر "نزهة الناظر في ذكر من حدث عن أبي القاسم البغوي من الحفاظ والأكابر" للرشيد العطار صـ 75.

(5)

يُنظر "العرش" للحافظ للذهبي 2/ 317.

ص: 22

43) مُسْند الْأَوْزَاعِي. 44) من روى عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس جُزْء. 45) حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر جُزْء. 46) حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عشرَة أَجزَاء. 47) مُسْند أبي إِسْحَاق السبيعِي الْهَمدَانِي. 48) مُسْند يحيى بن أبي كثير. 49) مُسْند مَالك بن دِينَار. 50) مُسْند الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِي، عَن أنس. 51) مُسْند حَمْزَة الزيات. 52) مُسْند مسعر بن كدام. 53) مُسْند أبي سعد الْبَقَّال. 54) طرق حَدِيث من كذب عَليّ جُزْء. 55) أَحَادِيث بَيَان بن بشر جُزْء. 56) أَحَادِيث من اسْمه عباد جُزْء. 57) أَحَادِيث النَّهْي عَن النوح جُزْء. 58) مُسْند عبد الْعَزِيز بن رفيع جُزْء. 59) أَحَادِيث مُحَمَّد بن جحادة جُزْء. 60) مسانيد عمر بن عبد الْعَزِيز جُزْء. 61) فضل الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل جُزْء. 62) أَحَادِيث إِدْرِيس الأودي جُزْء. 63) أَحَادِيث من اسْمه عَطاء جُزْء. 64) أَحَادِيث أبي غياث روح بن الْقَاسِم جُزْء. 65) أَحَادِيث فِي فَضَائِل عِكْرِمَة جُزْء. 66) أَحَادِيث أُمَّهَات رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جُزْء. 67) مُسْند عمَارَة بن غزيَّة جُزْء. 68) أَحَادِيث طَلْحَة بن مصرف جُزْء. 69) غرائب حَدِيث مَالك بن أنس جُزْء. 70) أَحَادِيث ضَمْضَم بن زرْعَة جُزْء. 71) أَحَادِيث أبان بن تغلب جُزْء. 72) أَحَادِيث حُرَيْث بن أبي مطر جُزْء. 73) وَصِيَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأبي هُرَيْرَة جُزْء. 74) كتاب ذكر الْخلَافَة لأبي بكر وَعمر. 75) كتاب فَضَائِل الْعَرَب وَعُثْمَان وَعلي رضي الله عنهم. 76) كتاب جَامع صِفَات النَّبِي صلى الله عليه وسلم. 77) كتاب نسب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَصفَة الْخُلَفَاء. 78) كتاب أنسابهم وأسمائهم وَكُنَاهُمْ. 79) كتاب وَصِيَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم. 80) كتاب لأبي هُرَيْرَة. 81) غزل الْخُلَفَاء والامراء. 82) مُسْند طَلْحَة بن مصرف الإيامي. 83) وَأَبُو حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم الْأَسدي. 84) وعمار بن أبي مُعَاوِيَة البَجلِيّ الدهني. 85) وَسَعِيد بن أَشوع القَاضِي. 86) وَعبد الله بن شبْرمَة. 87) عَاصِم بن أبي بَهْدَلَة. 88) مُسْند مُحَمَّد بن عجلَان. 89) مُسْند حَمْزَة بن جُنْدُب بن الزيات. 90) مُسْند أبي سعيد الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ، عَن أنس. 91) عمرَان بن مُوسَى القبي. 92) والْحَارث بن يزِيد العكلي. 93) مُسْند مسعر بن كدام. 94) مُسْند العبادلة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم. 95) مُسْند عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده. 96) مُسْند أبي أَيُّوب عبد الله بن عَليّ الإفْرِيقِي وزافر بن سُلَيْمَان وَغَيرهمَا. 97) مسانيد أبي يحيى مَالك بن دِينَار الزَّاهِد. 98) أَحَادِيث الْأَوْزَاعِيّ وَأبي عَمْرو بن الْعَلَاء. 99) مُسْند زِيَاد بن أبي زِيَاد الْجَصَّاص. 100) وَالْحجاج بن الفرافصة. 101) وَهَارُون بن مُوسَى النَّحْوِي. 102) مُسْند يُونُس بن عبيد. 103) مُسْند مُغيرَة بن مقسم الضَّبِّيّ الْكُوفِي. 104) كتاب الْأَشْرِبَة. 105) كتاب الطَّهَارَة. 106) كتاب الإمارة.

قلت: ذكر الذهبي بعضها ثم قال: وَقَدْ سمَّاهَا عَلَى الولَاءِ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَه. وَأَكثرُهَا مَسَانِيْدُ حفَّاظٍ وَأَعِيَانٍ، وَلَمْ نَرَهَا. وَلَمْ يَزَلْ حَدِيْثُ الطَّبَرَانِيِّ رَائِجاً، نَافقاً، مرغوباً فِيْه.

(1)

وهذه أشهر مؤلفاته رحمه الله بشئ من الإيجاز:

1) "المعجم الكبير": طبعة مكتبة ابن تيمية - القاهرة -، الطبعة الأولى سنة (1397 هـ)، والثانية سنة (1404 هـ-1983 م)، بتحقيق الشيخ/ حمدي عبد المجيد السلفي، في خمسة وعشرين مُجلد عدا المجلد

(1)

يُنظر "السير" للذهبي 16/ 128.

ص: 23

(13، 14، 15، 16، 21) فقد بين أنه لم يعثر علي نسخها الخطية

(1)

، ثُمَّ طُبع جزءٌ مِنْ المجلد رقم (13) بتحقيقه هو أيضاً، طبعة دار الصميعيّ سنة (1405 هـ-1994 م)، ثُمَّ طُبع المجلد (14، 13)، بتحقيق فريق مِنْ الباحثين تحت إشراف د/ سعد بن عبد الله آل حُميد، ود/ خالد بن عبد الرحمن الجُريسي.

2) "المعجم الصغير": طبعة دار الكتب العلمية سنة (1403 هـ-1983 م)، ويقع في مجلدين.

3) "مسند الشاميين": طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت -، الطبعة الأولي سنة (1409 هـ-1989 م)، بتحقيق الشيخ/ حمدي عبد المجيد السلفي، ويقع في أربعة مجلدات.

4) "الدعاء": طبعة دار البشائر الإسلامية - بيروت - سنة (1407 هـ-1987 م)، ويقع في ثلاثة مجلدات بتحقيق د/ محمد سعيد حسن البخاري.

(1)

يُنظر: مقدمة المحقق "للمعجم الكبير" 17/ 11.

ص: 24

‌الفصل الثاني: التعريف بالكتاب وما يتعلق به

.

وذلك في ثمانية بحوث:

‌البحث الأول: اسم الكتاب، واسم مُؤلِّفه

.

* اسم الكتاب: "المعجم الأوسط".

* اسم المؤلف: الإِمَام أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مُطَيّرٍ اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، الطَّبَرَانِيُّ.

‌البحث الثاني: التثبت من صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه

.

هذا الكتاب يعد من أشهر كتب المُصَنِف رحمه الله ومما يدل علي أنَّ هذا الكتاب مِنْ مؤلَّفات الإمام الطبراني رحمه الله أمورٌ منها:

1) قال الذهبي رحمه الله: كان الطبراني - فيما بلغنا - يقول عن "الأوسط": هَذَا الكِتَابُ رُوحي.

(1)

2) أنَّ معظم من ترجم للمُصَنِف ذكر هذا الكتاب في عِدَاد مؤَلَّفاته: فقال ابن منده: وله - أي الطبراني - "المعجم الأوسط" يقع في أَرْبَعَة وَعِشْرينَ جُزْءًا.

(2)

وقال ابن عساكر: صَنَّف الطبراني "المعجم الكبير" في أسماء الصحابة، و"الأوسط" في غرائب شيوخه، و"الصغير" في أسماء شيوخه، وغير ذلك من الكتب.

(3)

3) اقتباس العلماء مِنْ الكتاب في شتى مؤلَّفاتهم ككتب المصطلح، والعلل، والتخريج، والزوائد، والتراجم، مع التصريح بعزوه إلى "المعجم الأوسط" للطبراني.

4) أنَّ الشيوخ المذكورين في الكتاب هم شيوخ الإمام الطبراني.

5) أنَّ بعض الأحاديث الواردة في الكتاب قد أخرجها الطبراني في كُتُبه الأخرى كالمعجم الكبير، ومسند الشاميين بنفس الإسناد والمتن المذكور في "الأوسط".

6) أنَّ بعض الأحاديث الواردة في "الأوسط" قد رواها غير واحدٍ مِنْ أهل العلم كأبي نُعيم، والخطيب، وابن عساكر، والضياء، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم من طريق الطبراني.

7) أنَّ الإمام الهيثمي قد روى كتاب "المعجم الأوسط" بإسناده إلى الإمام الطبراني، وقد ذكر سنده إليه في مقدمة كتابه مجمع الزوائد.

‌البحث الثالث: موضوع الكتاب

.

لقد صَنَّف الإمام الطبراني هذا المعجم لجمع غرائب المرويات من حديث شيوخه:

(1)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 8/ 143، "السير" 16/ 122.

(2)

يُنظر "جزءٌ فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" صـ 65.

(3)

يُنظر "تاريخ دمشق" 22/ 164.

ص: 25

- قال ابن عساكر: صَنَّف "الأوسط" في غرائب شيوخه.

(1)

- وقال الذهبيُّ: صَنَّف الطبراني "المعجم الأوسط" في ست مجلدات كبار، على معجم شيوخه، يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب، فهو نظير كتاب "الأفراد" للدارقطنيّ، بيَّن فيه فَضِيْلَتَه، وَسَعَةَ رِوَايَتِهِ، وكان يقول: هَذَا الكِتَابُ رُوحِي، فإنَّه تَعِبَ عليه، وفيه: كُلُّ نَفِيسٍ وَعَزِيزٍ وَمُنْكَرٍ.

(2)

‌البحث الرابع: منهج المؤلف في الجزء الخاص بالدراسة، وتقييم ذلك المنهج

.

1) رتب المُصَنِّف كتابه على أسماء شيوخه، ورتبهم على حروف الهجاء، فبدأ بالألف وانتهى بالياء.

2) أخرج المُصَنِّفُ أحاديث الكتاب بإسناده عن شيوخه إلى قائليها.

3) ساق في ترجمة كل شيخ له عددًا من الأحاديث الغرائب وذلك على حسب عدد مروياته عنده. وهذا الجزء الذي قمت بتحقيقه يشتمل علي أربعة من مشايخ الإمام الطبراني رضي الله عنه وهم: أحمد بن علي بن مسلم الآبار، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان، وأحمد بن بشير الطيالسي، وأحمد بن يحيي الحلواني.

4) ليس في الجزء الذي قُمتُ بتحقيقه إلا حديث قدسي واحد فقط وهو حديث رقم (225/ 875)، وأغلب الأحاديث التي قمت بدراستها مرفوعة إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعددها (239) حديثًا، تُقَدَّر بنسبة (95. 6%) بل واشتمل هذا الجزء أيضًا على جملة مِنْ الآثار، وعددها (10) أثار، تُقَدَّر بنسبة (4%) وأرقامها:(721 و 765 و 774 و 776 و 810 و 820 و 827 و 830 و 832 و 881) وهذه الأرقام علي حسب ترقيم المطبوع.

5) قد يُسند حديثًا مِنْ وجهٍ مُعَيَّنٍ، ويُحيل علي سنده بعض المرويات بعده، فَيذكر الحديث بإسناده ومتنه، ثُمَّ يقول: وبإسناده عن فلان، ويَذكر حديثًا آخر، أو عدة أحاديث بنفس السند وذلك كحديث رقم:(54 إلي حديث رقم 60).

6) يذكر أحيانًا جملة مِنْ الأحاديث بأسانيده، ثُمَّ يَعْقُبُها جميعًا بقوله: لم يرو هذه الأحاديث عن فلان إلا فلان، كما في الحديث رقم (4، 3)، (16 إلي حديث رقم 19)، (53، 52)

7) علق الإمام الطبراني على معظم الأحاديث بالحكم عليها بالتفرد، وغالب ذلك من نوع التفرد النسبي، وهناك أحاديث من نوع التفرد المطلق وذلك كحديث رقم (125، 111، 95، 24، 9، 7، 1).

8) بلغ عدد الأحاديث التي حكم عليها بالتَّفرُّد (229) حديثًا، تُقَدَّر بنسبة (91. 6%) - مِنْ مجموع ما درسته -، وهي بالأرقام التالية: (1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 9 و 10 و 11 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16 و 17 و 18 و 19 و 20 و 21 و 22 و 23 و 24 و 25 و 26 و 27 و 28 و 29 و 30 و 31 و 32 و 33 و 34 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50 و 51 و 52 و 53 و 61 و 62 و 63 و 68 و 69 و 70 و 71 و 72 و 73 و 74 و 81 و 82 و 83 و 84 و 85 و 86 و 87

(1)

يُنظر: "تاريخ دمشق" 22/ 164.

(2)

يُنظر: "تذكرة الحفاظ" 3/ 85.

ص: 26

و 88 و 89 و 90 و 91 و 92 و 93 و 94 و 95 و 96 و 97 و 98 و 99 و 100 و 101 و 102 و 103 و 104 و 105 و 106 و 107 و 108 و 109 و 110 و 111 و 112 و 113 و 114 و 115 و 116 و 117 و 118 و 119 و 120 و 121 و 122 و 123 و 124 و 125 و 126 و 127 و 128 و 129 و 130 و 131 و 132 و 133 و 134 و 135 و 137 و 138 و 139 و 140 و 141 و 142 و 143 و 144 و 145 و 146 و 147 و 148 و 149 و 150 و 151 و 152 و 153 و 154 و 155 و 156 و 157 و 158 و 159 و 160 و 161 و 162 و 163 و 164 و 165 و 166 و 167 و 168 و 169 و 170 و 171 و 172 و 173 و 174 و 175 و 176 و 177 و 178 و 179 و 180 و 181 و 182 و 183 و 184 و 185 و 186 و 187 و 188 و 189 و 190 و 192 و 193 و 194 و 195 و 196 و 197 و 198 و 199 و 200 و 201 و 202 و 203 و 204 و 205 و 206 و 207 و 208 و 209 و 210 و 211 و 212 و 213 و 214 و 215 و 216 و 217 و 218 و 219 و 220 و 221 و 222 و 223 و 224 و 225 و 226 و 227 و 228 و 229 و 230 و 232 و 233 و 234 و 235 و 236 و 237 و 238 و 239 و 240 و 241 و 242 و 243 و 244 و 245 و 246 و 247 و 248 و 249 و 250).

9) وأحيانًا تكون عبارة غيره في الحكم علي الحديث بالتفرد أدق وأضبط مِنْ عبارة المُصَنِّف، كما في الحديث رقم (184، 166) ونضرب علي ذلك مثالاً كما في الحديث رقم (166) قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ.

قلت: أما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ: أَحْمَد بْن عَبْدِ الصَّمَدِ. فليس الأمر كما قال عليه رضي الله عنه. فلم يتفرد به أَحْمَد بْن عَبْدِ الصَّمَدِ الْأَنْصَارِي بل تابعه: عَلِي بْن عَمْرو الأَنْصَارِي. وقد ساق ابن عدي الحديث بإسناده عَنْ أَحْمَد بْن عَبْدِ الصَّمَدِ الْأَنْصَارِي، وعَلِي بْن عَمْرو الأَنْصَارِي كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيل بْن قَيْس. ثم قال: وَهَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيى بْنِ سَعِيد بِهَذَا الإِسْنَادِ، لَيْسَ يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيى غَيْر إِسْمَاعِيل بْن قَيْس. قلت: فقيد ابن عدي التفرد بإِسْمَاعِيل بْن قَيْس.

10)

وبلغ عدد الأحاديث التي لم يحكم عليها بالتَّفرد (21) حديثًا، تُقَدَّر بنسبة (8. 4%) - مِنْ مجموع ما درسته -، وأرقامها:(8 و 54 و 55 و 56 و 57 و 58 و 59 و 60 و 64 و 65 و 66 و 67 و 75 و 76 و 77 و 78 و 79 و 80 و 136 و 191 و 231).

11) يذكر أحيانًا للراوي أنَّه لم يَرو عن شيخه إلا هذا الحديث، كما في الحديث رقم (145) قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ ثَابِتٌ الْأَعْرَجُ عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا. وأيضاً في حديث رقم (161) قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُنْدَعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا.

12) ويُراعِي أيضاً في مسألة التَّفرد السياق في المتن، كما في الحديث رقم (146) قال: لَمْ يَرْوِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَمَرَنِي جِبْرِيلُ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ. وكذلك في حديث رقم (152) قال أيضاً: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: «بِلَيْلَتَيْنِ» إِلا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ.

13) يُصَرِّحُ في بعض الأحاديث أحيانًا بإعلالها بالمخالفة أو غير ذلك من أنواع العلة الخفية، ويعبر

ص: 27

بلفظ (النَّاس، وأصحاب) ويقصد بها رواية الأكثرية، أو رواية الجماعة مِنْ الرواة. كما في الحديث رقم (37) قال: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا زَيْدٌ. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَأَصْحَابُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قلت: ويُنظر أيضاً أحاديث رقم (203، 188، 124، 96، 89)

14)

وأحياناً ما يعلق علي الحديث بالحكم عليه بالتفرد ثم يذكر أوجه الخلاف فيه ثم يرجح أحد الأوجه وذلك كحديث رقم (96) قال عقب الحديث: هَكَذَا رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ. وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيجٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ. وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الرُّصَافِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَرَّانِيُّ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَالصَّحِيحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قلت: وإن كان ما رجحه هنا متعقب عليه فيه.

وقد يذكر أوجه الخلاف ولا يرجح كما في حديث رقم (113) قال: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. وَرَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. وَرَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،. وَرَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.

15) وهناك بعض الأحاديث التي انفرد بها الطبراني، ولم أقف - على حد بحثي - على شئ من هذه الأحاديث إلا عند المُصَنِف في "الأوسط"، مِمَّا يدل على علو كعب هذا الإمام في علم الحديث، وسعة روايته، وكثرة رحلاته، فليس بغريب أن يأتي بما لم يأتي به غيره. وهذه الأحاديث مِنْها ما هو "حسن" كما في حديث رقم (212)، ومنها ما هو "ضَعيفٌ" كما في حديث رقم (226) ومِنْها ما هو "ضعيفٌ جداً"، كما في حديث رقم (225)، ومنه ما هو "موضوع" كما في حديث رقم (45).

تقييم ذلك المنهج:

إنَّ المُتأمِّل لهذا التصنيف يجد أنَّ الإمام الطبراني قد تَعِبَ في جمع هذا السفر العظيم جدًا؛ وذلك لأنَّ الحكم على الأحاديث بالتَّفرُّد أمرٌ يحتاج إلى سبر للمرويات، وجمع للطرق، والنظر فى اختلافات الرواة، وهذا لا يقوم به إلا الأفذاذ من النُّقاد، أمثال الإمام الطبراني رضي الله عنه، فقد قام بهذا الواجب أتمَّ قيام، لكن وقع عليه بعض الهنات مِمَّا لا يسلم منه بشر، فقد تعقبه مغلطاي فى جزءٍ، وتعقبه غيره، ووجدت بعض ذلك فى هذا الجزء الذى شرفني الله عز وجل بتحقيقه.

قال ابن حجر: من مظان الأحاديث الأفراد "مسند أبي بكر البزار"، فإنه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه، وتبعه أبو القاسم الطبراني في "المعجم الأوسط"، ثم الدارقطني في "كتاب الأفراد". وهو ينبئ على اطلاع بالغ ويقع عليهم التعقب فيه كثيرا بحسب اتساع الباع وضيقه أو الاستحضار وعدمه، وأعجب من ذلك أن يكون المتابع عند ذلك الحافظ نفسه!، فقد تتبع العلامة مغلطاي على الطبراني ذلك في جزء مفرد. وإنما يَحْسُنُ الجزم بالإيراد عليهم حيث لا يختلف السياق أو حيث يكون المتابع ممن يعتبر به لاحتمال أن يريدوا شيئا من

ص: 28

ذلك بإطلاقهم، والذي يرد على الطبراني ثم الدارقطني من ذلك أقوى مما يرد على البزَّار؛ لأنَّ البزَّار حيث يحكم بالتفرد، إنَّما ينفي علمه، فيقول: لا نعلمه يُروي عن فلانٍ إلا من حديث فلان، وأمَّا غيره، فيُعبِّرُ بقوله: لم يَروه عن فلانٍ إلا فلانٌ، وهو وإن كان يُلحق بعبارة البزار على تأويل، فالظاهر من الإطلاق خلافه.

(1)

‌البحث الخامس: جهود العلماء حول هذا الكتاب

.

لقد تتابعت جهود العلماء حول خدمة هذا السفر العظيم، والعناية به، ومن ذلك:

1) قام الحافظ علاء الدين مُغلطاي - المُتوفى سنة 762 هـ - بتعقب الإمام الطبراني في تعليقه علي أحاديث الكتاب بالتفرد في جزءٍ مُفْرَدٍ. قال ابن حجر: من مظان الأحاديث الأفراد "المسند" لأبي بكر البَزَّار، فإنَّه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه، وتبعه الطبراني في "الأوسط"، ثم الدارقطني في "الأفراد"، وهو يُنَبِّئ على اطلاعٍ بالغٍ، ويقع عليهم التعقب فيه كثيرًا بحسب اتساع الباع وضيقه، أو الاستحضار وعدمه، وأعجب من ذلك أن يكون المُتَابِعُ عند ذلك الحافظ نفسه، فقد تَتَبَّع العلامة مغلطاي على الطبراني ذلك في جزء مفرد.

(2)

2) وقام الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق المقدسي - المُتوفى سنة 803 هـ - بترتيب كتاب "المعجم الأوسط" على الأبواب، قال الحافظ ابن حجر: كتبه بخطٍ مُتْقنٍ حسنٍ جدًا.

(3)

3) كتاب "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي رحمه الله المُتوفى سنة 807 هـ قام فيه بجمع زوائد المعجمين "الأوسط"، "الصغير" على الكتب الستة، وقام بترتيب تلك الأحاديث على الكتب والأبواب الفقهية. فقال الهيثمي في مقدمة كتابه هذا: قد رأيتُ "المعجم الأوسط"، و"المعجم الصغير" لأبي القاسم الطبرانيّ ذي العلم الغزير، قد حويا مِنْ العلم مالم يحصل لطالبه إلا بعد كشفٍ كبير، فأردت أن أجمع مِنْهُما كل شاردة إلى بابٍ مِنْ الفقه يَحسُنُ أن تكون فيه واردة، فجمعتُ ما انفرد به عن أهل الكتب الستة مِنْ حديثٍ بتمامه، وحديثٍ شاركهم فيه بزيادة عنده.

(4)

4) كتاب "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للهيثمي أيضاً قام فيه بجمع زوائد مُسْنَد أحمد، وأبو يعلى الموصليّ، وأبو بكر البَزَّار، والمعاجم الثلاثة للطبراني، مع حذف أسانيدها، وترتيبها على الأبواب، ثم قام بالحكم على هذه الحديث مِنْ حيث القبول أو الرَّد.

5) قام الدكتور الطحان بطبع الكتاب وإخراجه للنور لأول مرة.

6) ثم قام المحققان الفاضلان: طارق عوض الله، وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني بطبع الكتاب للمرة الثانية ـــــ طبعته دار الحرمين ــــ وقد اعتَنَوا بتحقيق النص فقط والعناية به دون تخريجه أو دراسة إسناده أو الحكم عليه إلي غير ذلك من الأمور المتعلقة بتحقيق النص.

(1)

يُنظر "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر 2/ 709، 708.

(2)

يُنظر "النكت على ابن الصلاح" 2/ 708.

(3)

"لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفَّاظ" لابن فهد الهاشمي صـ 129، "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" للسخاوي 7/ 301.

(4)

يُنظر "مجمع البحرين بزوائد المعجمين" للهيثمي 1/ 45.

ص: 29

7) كتاب "تنبيه الهاجد إلى ما وقع مِنْ النَّظر في كتب الأماجد"، وكتاب "عوذ الجاني بتسديد الأوهام الواقعة في أوسط الطبراني" كلاهما للشيخ/ أبي إسحاق الحوينيّ؛ تَعَقَّب فيهما أحكام الإمام الطبراني على الأحاديث بالتَّفرُّد.

‌البحث السادس: معنى المعجم عند المحدثين، وهل سُبق الطبراني إلى تأليف مثل هذا النوع من المعاجم

؟.

تعريف المعجم في اللغة: قال ابن الأثير: حروف المُعْجَم: حُرُوفُ اب ت ث، سُمِّيت بِذَلِكَ مِنَ التَّعْجِيم، وَهُوَ إزالَة العُجْمَة بالنَّقط.

(1)

وقال زين الدين الرازي: الْعَجْمُ: النَّقْطُ بِالسَّوَادِ كَالتَّاءِ عَلَيْهَا نُقْطَتَانِ يُقَالُ: أَعْجَمَ الْحَرْفَ وَعَجَّمَهُ أَيْضًا تَعْجِيمًا وَلَا يُقَالُ: عَجَمَهُ. وَمِنْهُ حُرُوفُ الْمُعْجَمِ وَهِيَ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ الَّتِي يَخْتَصُّ أَكْثَرُهَا بِالنَّقْطِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ حُرُوفِ الِاسْمِ.

(2)

وقال الزبيدي: ذَكَر ابنُ جِنِّي فِي مُقَدِّمَة كِتابِ سِرِّ الصِّناعةِ أنّ مَادَّة ع ج م وقَعَتْ فِي لُغَةِ العَرَبِ للإبْهِامِ والإخْفَاءِ، وضِدِّ البَيَانِ. والأعْجَمُ: مَنْ لَا يُفْصِحُ وَلَا يُبِينُ كَلامَه وَإِن كانَ مِنَ العَرَب.

(3)

وقال ابن منظور: وكتابٌ مُعْجمٌ إِذَا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول النَّقْط فِيهَا عُجمةٌ لَا بيانَ لَهَا كَالْحُرُوفِ المُعْجَمة لَا بيانَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أُصولًا لِلْكَلَامِ كُلِّهِ.

(4)

وأما المعجم في الاصطلاح: فقال الكتاني: المعاجم جمع معجم وهو في الاصطلاح: ما تذكر فيه الأحاديث على ترتيب الصحابة أو الشيوخ أو البلدان أو غير ذلك والغالب أن يكونوا مرتبين على حروف الهجاء: كمعجم الطبراني الكبير المؤلف في أسماء الصحابة على حروف المعجم عدا مسند أبي هريرة فإنه أفرده في مصنف وفيه قال ابن دحية: هو أكبر معاجم الدنيا وإذا أطلق في كلامهم المعجم فهو المراد وإذا أريد غيره قيد. والأوسط ألفه في أسماء شيوخه وهم قريب من ألفي رجل

(5)

حتى إنه روى عمن عاش بعده لسعة روايته وكثرة شيوخه وأكثر من غرائب حديثهم قال الذهبي: فهو نظير كتاب الأفراد للدارقطني بين فيه فضيلته وسعة روايته وكان يقول فيه: هذا الكتاب روحي لأنه تعب فيه قال الذهبي: وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر والصغير وهو في مجلد خرج فيه عن ألف شيخ يقتصر فيه غالبا على حديث واحد عن كل واحد من

(1)

يُنظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير 3/ 187.

(2)

يُنظر "مختار الصحاح" 1/ 201.

(3)

يُنظر "تاج العروس" 33/ 59.

(4)

يُنظر "لسان العرب" لابن منظور 12/ 389.

(5)

ذكرت فيما سبق في شيوخ الإمام رحمه الله أن عدد الذين سمع منهم في "المعجم الأوسط" يبلغ عددهم حوالي (837) تقريباً.

ص: 30

شيوخه.

(1)

مَتى أطلق لفظ المعجم؟

لَا نسْتَطِيع الْجَزْم تحديداً عن أول من أطلق "المعجم" على هَذَا الِاسْتِعْمَال فذَلِك أَمر يصعب تحديده وذلك لضياع كثير من كتبنَا وآثارنا، وَأول مَا عرف كَانَ فِي الْقرن الثَّالِث على يَدى رجال الحَدِيث الَّذين سبقوا اللغويين وغيرهم فِي اسْتِخْدَام المعجم، وَأول كتاب أطلق عَلَيْهِ اسْم المعجم هُوَ: مُعْجم الصَّحَابَة لأبي يعلى أَحْمد بن الْمثنى الْموصِلِي الْحَافِظ مُحدث الجزيرة (ت 307)، والمعجم الْكَبِير، والمعجم الصَّغِير فِي أَسمَاء الصَّحَابَة لأبي الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ الْمُحدث الْمَعْرُوف بِابْن منيع (ت: 315)، ثمَّ أطلقت فِي الْقرن الرَّابِع على كثير من الْكتب وأشهرها: المعجم الْكَبِير وَالصَّغِير والأوسط فِي قراءات الْقُرْآن وأسمائه لأبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن النقاش الْموصِلِي (ت: 351)، ومعجم الشُّيُوخ لأبي الْحُسَيْن عبد الْبَاقِي بن قَانِع الْبَغْدَادِيّ (ت: 351)، والمعجم الْكَبِير والأوسط وَالصَّغِير لأبي الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد الطَّبَرَانِيّ (360)، ومعجم الشُّيُوخ لعمر بن عُثْمَان الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شاهين (ت: 385).

(2)

وعلي هذا يتبين لنا مما سبق أنّ الإمام الطبراني رحمه الله قد سُبق إلى تأليف مثل هذا النوع من المعاجم.

‌البحث السابع: المقارنة بين المعاجم الثلاثة للطبراني: (الكبير، والأوسط، والصغير)

المعاجم الثلاثة للطبراني بينها أوجه اتفاق، وكذلك أوجه اختلاف.

أما أوجه الاتفاق فمنها:

1) تعد المعاجم الثلاثة موسوعة علمية ضخمة تجمع بين طياتها كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

2) قام الإمام الطبراني بفهرسة وترتيب المعاجم الثلاثة على حروف المعجم. فرتب المعجم الكبير على أسماء الصحابة، ورتب المعجمين الأوسط، والصغير علي أسماء الشيوخ.

3) أنَّ المعاجم الثلاثة تحتوي علي أقسام الحديث باعتبار القبول أو الرد ففيها الصحيح، والحسن، والضعيف، وكذلك الموضوع.

4) تشترك المعاجم الثلاثة فى عدد غير قليل من الأحاديث النبوية.

وأما أوجه الاختلاف فمنها:

1) أنَّ الإمام الطبراني رتب المعجم الكبير على أسماء الصحابة، بينما رتب المعجمين الأوسط، والصغير علي أسماء الشيوخ.

(1)

يُنظر "الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة" للكتاني 1/ 135، "تذكرة الحفاظ" للذهبي 3/ 85.

(2)

يُنظر: "الراموز على الصحاح" للسيد محمد بن السيد حسن 1/ 9.

ص: 31

2) أكثر الطبراني فى المعجم الكبير من التبويب على موضوع الأحاديث بخلاف الأوسط والصغير فلم يذكر ذلك فيهما.

3) أول ما صنف منها الصغير ثم الأوسط ثم الكبير كما بين ذلك فى مقدمة "المعجم الصغير".

(1)

‌البحث الثامن: وصف النُّسخ المخطوطة، والمطبوعة للكتاب

.

أولاً: - وصف النُّسخ المخطوطة والتي اعتمدتُ عليها في تحقيق الكتاب:

لقد يَسَّر الله عز وجل لي الوقوف على نُسختين خطيتين للكتاب إحداهما كاملة، والأخرى ناقصة:

أ - أما النسخة الخطية الكاملة

(2)

: فهي التي اعتمدت عليها في التحقيق، وهذه النسخة خطها واضح ومقروء إلي حد كبير وورقها ملون فهي مصورة علي نظام التصوير الحديث Mikrofilm.

وأما طريقة النَّسخ فيها: فقد بدأ الناسخ كل حديثٍ بكلمة حدثنا بخطٍ كبيرٍ ممدود هكذا [حدثنا]؛ ليُمَيِّز بداية الحديث. والناسخ يَكتب على الطريقة العثمانية، فمثلًا كلمة الخلائق يكتبها "الخلايق"، وكلمة القيامة يكتبها "القيمة"، وكلمة الصلاة يكتبها الصلوة، وكلمة ذئاب يكتبها ذياب، وعائشة يكتبها "عايشة"، وهكذا. وقد كتبت ذلك في الرسالة بطرق الإملاء الحديثة. ويَكتب الناسخ أيضاً في ذيل الورقة (تقييدة، أو تعقيبة)، يكتب فيها أول كلمة في الصفحة التي تليها؛ وذلك للمحافظة على تسلسل الصفحات.

وهذه النَّسخة تقع في مجلَّدين:

* المجلد الأول: ويحتوي على (309) لوحة ـــــ ورقة ـــــ، وكل لوحة تشتمل على صفحتين أ و ب، وفي كل صفحة (33) سطر، وفي كل سطر مِنْ (17 - 19) كلمة تقريبًا.

ويبدأ المُجَلَّد الأول مِنْ حرف الألف مَنْ اسمه أحمد، وبدأ الكتاب بأحاديث شيخه: أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطيّ، وينتهي بحرف الفاء مَنْ اسمه فُضَيْل.

- وأما اللوحة الأولى مِنْ المخطوط (1/ أ): فقد كتِب الناسخ في أعلى الصفحة مِنْ جهة اليمين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وبمحاذاتها مِنْ جهة اليسار: رب يسر يا كريم. ثُمَّ كَتَبَ مِنْ أول السطر مِنْ جهة اليمين باللون الأحمر: بابـ الألف مَنْ اسمه أحمد. ثُمَّ بدأ مِنْ أول السطر يسوق أحاديث الكتاب بأسانيدها.

وينتهي المجلد الأول بحرف الفاء فقال في اللوحة رقم (306/ أ) بابـ من اسمه الفضل ثم ساق أحاديث شيخه الفضل بن هارون البغدادي. وفي اللوحة رقم (308/ ب) قال من اسمه فضيل، وفي اللوحة رقم (309/ أ) ينتهي المجلد الأول بذكر آخر حديث فيه. ثُمَّ قال عقبه: يتلوه في الجزء الثاني باب القاف من اسمه القاسم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. الحمد لله وحده.

(1)

يُنظر "المعجم الصغير" 1/ 22.

(2)

هذه النُّسخة صَوَّرها لنا شيخنا الفاضل أ. د/ أحمد معبد عبد الكريم على نفقته الخاصة - فجزاه الله عنا خير الجزاء -.

ص: 32

السماعات في نهاية المجلد الأول: قال مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله المظفري

(1)

: قرأتُ جميع هذا الجزء فى مجالس خمسة عشر، آخرها يوم الأربعاء، تاسع عشر شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة. وقرأت الجزء الثاني فى مجالس سبعة عشر، فكمل لي جميع "المعجم" قراءة على الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبى الفضل شرف الدين عبد الحق بن محمد السنباطي الشافعي

(2)

، بسماعه على شعبان بن محمد بن حجر

(3)

من أول الجزء الرابع والعشرين إلى آخر "المعجم" بقراءة شيخنا الحافظ شمس الدين السخاويّ

(4)

، وبإجازة المُسْمَع من شيخ الإسلام الحافظ أحمد بن على بن حجر

(5)

.

بسماع شعبان من (حرف الخاء) إلى آخر "المعجم" على المُسْنِدَة فاطمة ابنة محمد بن عبد الهادي

(6)

.

(1)

قال السخاوي: مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله المظفري - نِسْبَة لسويقة المظفر خَارج بَاب الشعرية -، الفاخوري أَبوهُ، الشَّافِعِيُّ، وَيُعْرَف بالمظفري وبابن الفاخوري، ولد سنة (879 هـ) بسويقة المظفر، وحفظ القُرْآن، "والحَاوِي"، و"المنهاج"، وألفية ابن مالك، وألفية العرُوض، وغير ذَلِك، قَرَأَ علىَّ بحثًا في "التَّقْرِيب" للنووي، وَسمع ثلاثيات البُخَارِيّ، والكثير مِنْ "دَلَائِل النُّبُوَّة"، وَأَشْيَاء كأماكن من "القَوْل البديع"، ومِنْ شرحي للألفية،

وكتبت لَهُ إجَازَة في كراسة،

وحرص على القِرَاءَة في السَّبع، وله همة ورغبة في الِاشْتِغَال. يُنظر الضوء اللامع" (7/ 76)،

(2)

عبد الْحق بن مُحَمَّد بن عبد الحق السنباطيُّ القاهريُّ الشَّافِعِي، ولد فِي سنة (842 هـ) بسنباط، وَنَشَأ بهَا، فحفظ الْقُرْآن، والمنهاج، ثمَّ أقدمه أَبوهُ الْقَاهِرَة فِي ذِي القعدة سنة خمس وَخمسين فقطناها، أخذ النَّاس عَنهُ طبقَة بعد أُخْرَى، وَألْحق الأحفاد بالأجداد، تُوفّي فجر لَيْلَة الْجُمُعَة مستهل شهر رَمَضَان سنة (931 هـ)، وَصُلي عَلَيْهِ عِنْد بَاب الْكَعْبَة، عقيب صَلَاة الْجُمُعَة. يُنظر "الضوء اللامع" (4/ 37). والسنباطي: إمَّا أن تكون بفتح السين، نسبة إلى سَنْبَاط، قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (3/ 261): كذا تقولها العوامّ، ويُقال لها أيضًا: سَنْبُوطيَّة وسَنْمُوطيّة: بليد حسن في جزيرة قُوسْنِيّا من نواحي مصر. وإمَّا أن تكون بضم السين، نسبة إلى سُنْباط، قال الفيروز آبادي في "القاموس المحيط" (ص/ 672): بلدٌ بأعْمالِ المَحَلَّةِ من مِصْرَ. وقال ابن الأثير في "اللباب"(1/ 141): السنباطي: بالضم وسكون النون وموحدة إلى سنباط بلد من الغربية بمصر.

(3)

شعْبَان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن محمد الْعَسْقَلَانِيُّ الأَصْل، المصْرِيّ المولد، وَيعرف بِابْن حجر، قال السخاويُّ: وَهُوَ حفيد عَم شَيخنَا الحافظ ابن حجر يجْتَمع مَعَه فِي مُحَمَّد الثَّالِث، ولد فِي شعْبَان سنة (780 هـ) بِمصْر، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن، والعمدة وعرضهما على ابن الملقن، وقد حدَّث بالكثير من الكتب، أَخذ عَنهُ القدماء، مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد عَاشر رَمَضَان سنة (859 هـ). يُنظر:"الضوء اللامع لأهل القرن التاسع"(3/ 304).

(4)

شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاويُّ صاحب كتاب "فتح المغيث بشرح ألفية الحديث"، وغيره مِنْ المؤَلَّفات، وُلد بالقاهرة ونشأ بها، ورحل كثيرًا في طلب العلم، وأخذ عن كثير من الشيوخ، من أبرزهم: شيخه الحافظ ابن حجر، وتوفي بالمدينة سنة 902 هـ. وترجم لنفسه في "الضوء اللامع"(8/ 2)، ويُنظر أيضاً:"شذرات الذهب"(10/ 23).

(5)

أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي العسقلانيُّ، الشافعيُّ، صاحب كتاب "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، رحل كثيرًا في طلب العلم، وأخذ عن كثير من الشيوخ، من أبرزهم: الحافظ أبي الفضل العراقي، ولد بالقاهرة سنة (773 هـ)، وتُوفي بها سنة (852 هـ). ترجم لنفسه في "رفع الإصر عن قُضَاة مصر"(ص/ 62 - 64)، ويُنظر أيضاً:"الضوء اللامع"(2/ 36).

(6)

فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي المقدسية، أم يوسف، ولدت سنة (719 هـ)، قال ابن حجر: قرأت عليها من الكتب والأجزاء بالصالحية، ونعم الشيخة كانت، ماتت في شعبان - سنة (803 هـ) -، وقد جاوزت الثمانين. يُنظر:"إنباء الغمر بأبناء العمر"(2/ 180).

ص: 33

وبقراءة شيخ الإسلام من أوله إلى آخر حرف "الحاء المهملة" على أبى المعالى عبد الله بن عمر الحَلَاوي

(1)

، ومن أول حرف الخاء المعجمة إلى باب من اسمه "محمود" على فاطمة المذكورة. وَقِرَاءَتَهُ عليها مِنْ ثَمَّ إلى آخر "المعجم". بإجازة الحلاوى من زينب ابنة الكمال

(2)

، بإجازتها من الحافظ أبى الحجاج يوسف بن خليل الدمشقيّ

(3)

، بسماعه لهذا القدر على أبى سعيد خليل بن أبى الرجاء بدر الرارانيّ

(4)

.

ح وبإجازة فاطمة من أبى نصر ابن الشيرازي

(5)

: أنا عبد الحميد بن عبد الرشيد بن بُنَيْمَان

(6)

: أنا جدى لأمي الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطار

(7)

. بسماعه هو والراراني مِنْ المُسْنِد أبى على الحسن بن أحمد الحَدَّاد

(8)

: أنا أبو نعيم الحافظ

(9)

: أنا الحافظ الطبراني.

وأجاز المُسْمَع مرويه. وكتب: محمد بن أحمد المظفري، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين. ا. هـ.

ثم كتب الشيخ السنباطيُّ بخط يده فقال: الحمد لله صحيحٌ ذلك، وكتبه: عبد الحق بن محمد السنباطيُّ الشافعيُّ، حامدًا مُصَلِّيًا مُسَلِّمًا.

* المجلد الثاني: ويحتوي على (310) لوحة، وكل لوحة تشتمل على صفحتين أ، ب. وفي كل صفحة (33) سطر، وفي كل سطر مِنْ (17 - 19) كلمة تقريبًا.

ويبدأ هذا المُجَلَّد مِنْ حرف القاف مَنْ اسمه القاسم، وبدأ المجلد بأحاديث شيخه: القَاسِم بن عَفَافٍ بن

(1)

ولد سنة (728 هـ)، قال ابن حجر: لم يكن في شُيُوخنَا أحسن أداءً، ولا أصغى للحَدِيث مِنْهُ. تُوفِّي في صفر سنة (807 هـ). يُنظر "إنباء الغمر بأنباء العُمر"(2/ 305)، "الضوء اللامع"(5/ 38).

(2)

زَيْنَبُ بِنْتُ الْكَمَالِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَقْدِسِيَّةُ، تُوفِّيت سنة (740 هـ) عن أربع وتسعين سنة. يُنظر "معجم الشيوخ الكبير"(1/ 248)، "شذرات الذهب"(8/ 221).

(3)

شمسُ الدّين يوسف بن خليل، أَبُو الحَجّاج الدّمشقيّ، ولد سنة (555 هـ)، قال الذهبي: إجازته موجودة لزينب بنت الكمال بدمشق، وتُوفِّي سنة (648 هـ). يُنظر "تاريخ الإسلام"(14/ 610)، "السير"(23/ 151).

(4)

أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء بدر بن ثابت بن رَوْح الإصبهانيّ، الرّارانيّ، الصُّوفيّ، ولد سنة (500 هـ)، وتُوفِّي سنة (596 هـ). يُنظر "تاريخ الإسلام"(12/ 1069)، "السير"(21/ 269).

(5)

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن يحيى، أَبُو نصر الشِّيرَازِيُّ الأَصْل، الدِّمَشْقِيُّ، ولد سنة (629 هـ)، وتُوفِّي سنة (723 هـ). يُنظر "الوافي بالوفيات"(1/ 217).

(6)

أَبُو بكرٍ عبدُ الحميدِ بن عَبْد الرشيدِ بن عَلِيّ بن بُنَيْمان، الهَمَذَانيُّ الحَدَّادُ - سِبْطُ الحافظِ أَبِي العلاء الهَمَذَانيّ-، ولد سنة (564 هـ)، تُوفِّي سنة (637 هـ)، عن أربع وسبعين سنة. يُنظر "الوافي بالوفيات"(18/ 44).

(7)

الحَسَنُ بن أحمد بن الحَسَن، الهَمَذَانِيُّ، العَطَّار، ولد سنة (488 هـ)، وتُوفِّي سنة (569 هـ). يُنظر "السير"(21/ 40).

(8)

الحسن بن أحمد بن الحسن الحَدَّاد، ولد سنة (419 هـ)، وتوفي سنة (515 هـ). يُنظر "تاريخ الإسلام"(11/ 232).

(9)

أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، أبو نُعَيْم الأصبهاني الصُّوفيّ، ولد سنة (336 هـ)، وسمع سنة (344 هـ) من الطبرانيّ وجماعةٍ، صاحب "حلية الأولياء"، تُوفِّي سنة (430 هـ). يُنظر:"تاريخ الإسلام"(9/ 468)، "السير"(17/ 453).

ص: 34

سُلَيْمٍ، وينتهي بحرف الياء مَنْ اسمه يعقوب، وينتهي هذا المجلد بأحاديث شيخه: يَعْقُوب بن مُجَاهِدٍ البَصْرِيُّ

- وفي الصفحة الأولى مِنْ المجلد الثاني: كتِب الناسخ في أعلى الصفحة مِنْ جهة اليمين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، رب يسر يا كريم. ك، ثُمَّ ترك مقدار سطرين، ثُمَّ كَتَبَ وسط السطر: بابـ - هكذا باء ممدودة - القاف مَنْ اسمه القاسم. ثُمَّ بدأ مِنْ أول السطر يسوق أحاديث الكتاب بأسانيده، وبدأ بأحاديث شيخه: القَاسِم بن عَفَافٍ بن سُلَيْمٍ الفَوْزِيُّ الحِمْصِيُّ،

وينتهي المجلد الثاني بحرف الياء فقال في اللوحة رقم (306/ ب) باب الياء من اسمه يعقوب وفي اللوحة رقم (310/ أ) ينتهي المجلد الثاني فقد ختمه بأحاديث شيخه: يَعْقُوب بن مُجَاهِدٍ البَصْرِيُّ، ثم قال إثر آخر حديث والذي به تمام أحاديث المخطوط بمجلديه قال. والله أعلم بالصواب ك

ثُمَّ كتب في وسط السطر الذي يليه: ك ك آخر "المعجم"، والحمد لله رب العالمين ك. الحمد لله وحده. ثم كتب الناسخ السماعات في نهاية المجلد الثاني للمخطوط فقال: قرأتُ جميع هذا المجلَّد على الشيخ الإمام شيخ الإسلام الشيخ عبد الحق بن محمد السنباطيّ سماعه له من اسمه إلى آخره على المُسْنِد شعبان بن محمد بن محمد بن محمد بن حجر بسماعه مِنْ حرف "الخاء المُعجمة" إلى آخر الكتاب، على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر ابن الشيرازي: أنبأنا عبد الحميد بن عبد الرشيد بن بُنَيْمَان: أنا جدي لأمي الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العَطَّار: أنا أبو عليّ الحَدَّاد: أنا الحافظ أبو نُعيم: أنا الحافظ الطبراني جامعه، فذكره. صَحَّ ذلك وثبت في مجالس سبعة عشر، آخرها يوم الجمعة، التاسع والعشرون مِنْ شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وأجاز المُسْمَع مرويه. وكتب: القارئ محمد بن أحمد المظفري، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والحمد لله رب العالمين. هـ.

ثُمَّ كتب الشيخ السنباطيُّ إجازة ذلك بخط يده: الحمد لله، صَحيحٌ ذلك كله. وكتبه: عبد الحق بن محمد السنباطيّ الشافعيّ، حامدًا مُصَلِّيًا مُسَلِّمًا. ثُمَّ كتب المظفري بخطه: يقول كاتبه محمد المظفري: أنَّه قرأ الجزء الأول - أيضًا - في خمسة عشرة مجلسًا، آخرها يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، على واضع خطه أعلاه، فتمَّ لي قراءة "المعجم" أجمع، وأجاز المُسْمع مرويَّه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين. ثُمَّ كتب الشيخ السنباطي بخطه: الحمد لله: صحيحٌ ذلك كله. وكتبه: عبد الحق بن محمد السنباطيّ الشافعيّ حامدًا مُصَلِّيًا مُسَلِّمًا.

ب - النُّسخة الناقصة: وهي مِنْ محفوظات مكتبة كوبريلي بتركيا برقم (454)، وتحتوي على (347) لوحة، كل لوحة صفحتان، وتبدأ مِنْ الجزء (38) إلى آخر الكتاب، ومقاسها: 216 x 17. 5، وتاريخ نسخها سنة (625 هـ)، ومسطرتها (21 سطر) وخطها نسخي واضح، وقام أخونا الفاضل/ محمود محمد عمارة السعدني بتصويرها مِنْ معهد المخطوطات بالقاهرة، محفوظة برقم (483)، وحصلت منه على نسخة لها.

ص: 35

نماذج مِنْ النُّسخة الخطية الكاملة للكتاب

ص: 36

ظهر الورقة الأولى للمخطوط مِنْ المجلد الأول

ص: 37

صورةٌ لبداية الجزء الذي قمت بتحقيقه (38/ ب)، وفيها يظهر الحديث الأول مِنْ رسالتي، ويقع في السطر السادس مِنْ أسفل.

ص: 38

صورةٌ لنهاية الجزء الذي قمت بتحقيقه (52/ أ)، وفيها يظهر الحديث الأخير مِنْ رسالتي، ويقع في السطر الحادي عشر.

ص: 39

الصفحة الأخيرة للمخطوط مِنْ المجلَّد الأول (309/ أ)، وفيها تظهر السماعات.

ص: 40

ظهر الورقة الأولى للمخطوط مِنْ المجلد الثاني

ص: 41

الصفحة الأخيرة للمخطوط مِنْ المجلد الثاني (310/ أ)، وتظهر فيها السماعات

ص: 42

ثانيًا: - وصف النُّسخ المطبوعة للكتاب: على الرغم مِنْ أهمية الكتاب، وعلو مكانة مُؤَلِّفه، إلا أنَّه كان في عداد الكتب المفقودة، وظل هكذا حتي يَسَّر الله عز وجل فهيَّأ له أسباب الظهور، فقام المحقق الفاضل/ صبحي البدري السامرائي بتصَوير النُّسخة الخطيّة للكتاب مِنْ تركيا، ثم قام بتوزيعها على عدد مِنْ المكتبات في المملكة العربية السعودية، وبعدها تم طبع الكتاب.

(1)

1) فطُبِعَ الكتاب للمرة الأولي بتحقيق د/ محمود الطَّحان، طبعته مكتبة المعارف - الرياض -، وهذه الطبعة تقع في (11) مُجَلَّد مع الفهارس، الطبعة الأولى سنة 1405 هـ-1985 م. وتعد هذه الطبعة هي صاحبة السبق في إخراج هذا الكتاب إلى النور، ولفت أنظار الباحثين إليه، لكنَّها جاءت مليئة بالتَّصحيف، والتحريف، والسقط والزيادة، وحسبه أنَّه اجتهد، وأخرج الكتاب إلى النُّور، فجزاه الله خير الجزاء.

2) ثُمَّ طُبع الكتاب مرة أخرى بتحقيق المحققان/ أيمن صالح شعبان، وسيد أحمد إسماعيل، طبعته دار الحديث بالقاهرة، في عشرة مُجلَّدات بالفهارس، الطبعة الأولى 1417 هـ-1996 م.

3) ثُمَّ طُبع الكتاب لمرة الثالثة بتحقيق الشيخ/ طارق بن عوض الله بن محمد، والشيخ/ عبد المحسن بن إبراهيم الحسينيّ، طبعة دار الحرمين، وهذه الطبعة تقع في (10) مجلَّدات بالفهارس، الطبعة الأولى 1415 هـ-1995 م. وهذه الطبعة هي التي اعتمدت عليها في مقابلة الأصل، وهي تمتاز عن غيرها من الطبعات السابقة بدقة إقامتها وتحقيقها للنَّص، إلا أنَّه وقع فيها بعض الهنات التي لم يسلم منها أحدٌ مِنْ البشر. فجزي الله الجميع خير الجزاء.

(1)

يُنظر مقدمة الطحان لكتاب "المعجم الأوسط" 1/ 17.

ص: 43

‌الفصل الثالث: التَّفرد والغرابة، وموقف العلماء منها

وذلك في خمسة بحوث:

‌البحث الأول: التَّفرُّد لغة واصطلاحًا

.

* التَّفرُّد لغة:

قال ابن منظور: الفَرْدُ: الَّذِي لا نَظِيرَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أَفراد، يُقَالُ: شَيْءٌ فَرْدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ وفُرُدٌ وفارِدٌ.

(1)

وقال الجوهري: الفَرْدُ: الوِتْرُ، والجمع أفْرادٌ وفُرادى على غير قياس، كأنَّه جمع فَردانَ، وثورٌ فَرْدٌ، وفارِدٌ، وفرَدٌ وفَرِدٌ، وفَرِيدٌ، كلُّه بمعنى مُنفرِدٍ.

(2)

* التَّفرُّد اصطلاحًا:

قال الميانشي: وأما الفرد: فهو ما انفرد بروايته بعض الثقات عن شيخه دون سائر الرواة عن ذلك الشيخ.

(3)

قلت: وقد خص التفرد هنا بتفرد الثقة فقط دون غيره، وقد يقول قائل: وإذا تفرد الضعيف أفلا يُعد هذا تفرداً أيضاً؟ وقد يُجاب علي هذا بأن تفرد الضعيف أو من دونه في الضعف لا عبرة به وذلك لضعفه وعدم ثبوته، والله أعلم.

قلت: ولهذا ذهب بعض العلماء المعاصرين إلي أنَّ التفرد أعم وأشمل من ذلك:

فقال الدكتور نور الدين عتر: الحديث الفرد: هو ما تفرد به راويه بأي وجه من وجوه التفرد.

(4)

وذهب بعض الباحثين وهو الباحث/ عبد الجواد حمام إلي أنَّ التَّفرُّد هو: ما يأتي من طريق راو واحد، دون أن يشاركه غيره من الرواة، سواء كان بأصل الحديث أو بجزء منه، مع المخالفة أو دونها، بزيادة فيه أو دون زيادة فى المتن أو السند، ثقةً ضابطًا كان الراوي أو دون ذلك.

(5)

‌البحث الثاني: أقسام التفرد، مع ذكر أحكام كل قسم

.

ينقسم الحديث الفرد إلي عدة أقسام باعتبارات:

* أولًا: باعتبار التفرد بأصل الحديث أو جزء منه: ينقسم الحديث بهذا الاعتبار إلى قسمين:

(1)

يُنظر "لسان العرب" 3/ 331/ مادة/ فرد.

(2)

يُنظر "الصحاح" 2/ 518/ مادة/ فرد.

(3)

"ما لا يسع المُحَدِّث جهله" صـ 271، "التَّفرُّد في رواية الحديث ومنهج المُحَدِّثين في قبوله أو رده " لعبد الجواد حمام صـ 217.

(4)

يُنظر "منهج النقد في علوم الحديث" صـ 396.

(5)

يُنظر "التَّفرُّد في رواية الحديث ومنهج المُحَدِّثين في قبوله أو رده" صـ 90.

ص: 44

1) التفرد المطلق: قال ابن الصلاح: هو ما ينفرِدُ بهِ واحدٌ عَنْ كلِّ أحدٍ.

(1)

وعلي ذلك فالتفرد المطلق: هو تفرد بأصل الحديث بحيث لا يُشارِك الراوي أحد من الرواة فى روايته للحديث.

حكمه: أنه مرتبط بحال الراوي وبقية شروط القبول، فمنه المقبول والمردود.

2) التَّفرُّد النِّسْبِيّ: وهو ما يقع التَّفرُّد فيه بالنسبة إلى جهة خاصة أيًا كانت الجهة.

أنواعه: قال ابن حجر: وأما النسبي فيتنوع أنواعًا: أحدها: تفرد شخص عن شخص. ثانيها: تفرد أهل بلد عن شخص. ثالثها: تفرد شخص عن أهل بلد. رابعها: تفرد أهل البلد عن أهل بلد أخرى.

(2)

حكمه: التَّفرُّد النِّسبي لا يُؤثر، ولكن يتأثر الحكم بحال الراوي قبولًا أوردًا.

* ثانياً: باعتبار القبول والرد:

1) تفرُّدٌ مقبولٌ: وذلك إذا توفر فى الحديث شروط القبول، وذلك يحصل إذا تفرد الراوي بأصل الحديث، وفى زيادة الثقة إذ لم يخالف من هو أرجح منه، وغير ذلك.

2) تفرُّدٌ مردودٌ: حيث لم يتوفر فيه شروط القبول، كأن يتفرَّد به راو ضعيف، ويدخل فيه الشاذ والمنكر.

* ثالثاً: باعتبار حال الراوي المُتفرِّد:

1) تفرُّد مِنْ إمامٍ ثِقَةٍ ثَبْتٍ، ولا شك فى قبول هذا النوع، بشرط عدم مخالفته لمن هو أحفظ مِنْه وأتقن، أو أكثر عدداً، مع صعوبة الجمع بينهما.

2) تفرُّد مِنْ راوٍ دون الأول فى الإتقان والحفظ.

3) تفرد راو ضعيف، ويدخل فيه المجهول والمستور والمتروك وغيرهم.

(3)

* رابعاً: باعتبار وجود المخالفة أو عدم وجودها:

قال النووي: إذا انتفت المتابعات وتمحض فرداً فله أربعة أحوال:

1) حال يكون مخالفاً لرواية من هو أحفظ منه، فهذا ضعيف، ويسمَّى شاذاً أو منكراً.

2) وحال لا يكون مخالفاً، ويكون هذا الرَّاوي حافظاً ضابطاً متقناً، فيكون صحيحاً.

3) وحال يكون قاصراً عن هذا، ولكنَّه قريب من درجته، فيكون حديثه حسناً.

4) وحال يكون بعيداً عن حاله، فيكون شاذاً منكراً مردوداً.

(4)

وقال ابن الصلاح: إذا انفرَدَ الراوي بشيءٍ نُظِرَ فِيْهِ، فإنْ كانَ ما انفَرَدَ بهِ مخالفاً لِمَا رواهُ مَنْ هو أولى منهُ بالحفظِ لذلكَ وأضبط كانَ ما انفردَ بهِ شاذّاً مردوداً، وإنْ لَمْ تكُنْ فيهِ مخالفةٌ لِمَا رواهُ غيرُهُ، وإنَّما هوَ أمرٌ رواهُ هوَ وَلَمْ يَرْوِهِ غيرُهُ، فَيُنْظَرُ في هذا الراوي المنفردِ، فإنْ كانَ عدلاً حافظاً موثوقاً بإتقانِهِ وضبطِهِ؛ قُبِلَ ما

(1)

يُنظر "معرفة علوم الحديث" لابن الصلاح صـ 184.

(2)

يُنظر "معرفة علوم الحديث" لابن الصلاح صـ 185، "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر 2/ 703.

(3)

يُنظر "التَّفرُّد في رواية الحديث ومنهج المُحَدِّثين في قبوله أو رده" صـ 117.

(4)

يُنظر "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للنووي 1/ 34.

ص: 45

انفردَ بهِ ولَمْ يَقْدَحِ الانفرادُ فيهِ، وإنْ لَمْ يكنْ ممَّنْ يُوثَقُ بحفظِهِ وإتقانِهِ لذلكَ الذي انفردَ بهِ؛ كانَ انفرادُهُ خارماً لهُ مُزَحْزِحاً لهُ عَنْ حَيِّزِ الصحيحِ، ثُمَّ هوَ بعدَ ذلكَ دائرٌ بينَ مراتبَ متفاوتَةٍ بحسبِ الحالِ فيهِ: فإنْ كانَ المنفردُ بهِ غيرَ بعيدٍ مِنْ درجَةِ الحافظِ الضابطِ المقبولِ تفرُّدُهُ اسْتَحْسَنا حديثَهُ ذلكَ ولَمْ نَحطَّهُ إلى قبيلِ الحديثِ الضعيفِ، وإنْ كانَ بعيداً مِنْ ذلكَ رَدَدْنا ما انفرَدَ بهِ، وكانَ مِنْ قبيلِ الشَّاذِّ المنكرِ.

(1)

وقال الحافظ ابن رجب: وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه أنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه.

(2)

‌البحث الثالث: موقف الأئمة تجاه الغرائب

.

لقد وردت عبارات كثيرة عن أئمة الحديث تذم طلب الأحاديث الغريبة وتتبعها، بل جعلوا ذلك سببًا لتجريح الرواة والقدح فيهم؛ وذلك لكون هذه الأحاديث مظنَّة الوهم والخطأ، وأكثرها مِمَّا لا فائدة فيه.

قال أبو داود: سمعت أحمد، وذكر له حديث بريد هذا، فقال أحمد: يطلبون حديثاً من ثلاثين وجهاً، أحاديث ضعيفة، وجعل ينكر طلب الطرق نحو هذا. قال: هذا شيء لا تنتفعون به، أو نحو هذا الكلام.

قال ابن رجب: وإنَّما كره أحمد تطلب الطرق الغريبة الشاذة المُنكرة، وأما الطرق الصحيحة المحفوظة فإنه كان يحث على طلبها.

(3)

وقَالَ إِبْرَاهِيمَ النَّخعي: كَانُوا يَكْرَهُونَ غَرِيبَ الْكَلَامِ وَغَرِيبَ الْحَدِيثِ.

(4)

وَقَالَ مَالِكٌ: شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ، وَخَيْرُهُ الظَّاهِرُ الَّذِي قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ.

(5)

وَقَالَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ الْغَرِيبَ خَيْرٌ، فَإِذَا هُوَ شَرٌّ.

(6)

وقال الخطيب: وَهَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الثَّوْرِيِّ فِي ذَمِّ شَوَاذِّ الْحَدِيثِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا سَوَاءٌ، إِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَغَيْرُهُمَا الْإِكْثَارَ مِنْ طَلَبِ الْأَسَانِيدِ الْغَرِيبَةِ وَالطُّرُقِ الْمُسْتَنْكَرَةِ كَأَسَانِيدِ: حَدِيثِ الطَّائِر، وَطُرُقِ حَدِيثِ الْمِغْفَرِ، وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَقَبْضِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَتَبَّعُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ طُرُقَهُ وُيَعْنَوْنَ بِجَمْعِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ طُرُقِهِ أَقَلُّهَا، وَأَكْثَرُ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ الْأَحْدَاثُ مِنْهُمْ، فيحفظونها وَيُذَاكِرُونَ بِهَا، وَلَعَلَّ أَحَدَهُمْ لَا يَعْرِفُ مِنَ الصِّحَاحِ حَدِيثًا، وَتَرَاهُ يَذْكُرُ مِنَ الطُّرُقِ

(1)

يُنظر "معرفة علوم الحديث" لابن الصلاح صـ 167.

(2)

يُنظر "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 352.

(3)

يُنظر "شرح علل الترمذي" 2/ 647.

(4)

يُنظر "شرف أصحاب الحديث" للخطيب صـ 126.

(5)

يُنظر "فتح المغيث" للسخاوي 4/ 10.

(6)

يُنظر "شرف أصحاب الحديث" للخطيب البغدادي صـ 129.

ص: 46

الْغَرِيبَةِ وَالْأَسَانِيدِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي أَكْثَرُهَا مَوْضُوعٌ، وَجُلُّهَا مَصْنُوعٌ، مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَقَدْ أَذْهَبَ مِنْ عُمُرِهِ جُزْءًا فِي طَلَبِهِ؛ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ، هِيَ الَّتِي اقْتَطَعَتْ أَكْثَرَ مَنْ فِي عَصْرِنَا مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ عَنِ التَّفَقُّهِ بِهِ، وَاسْتِنْبَاطِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَقَدْ فَعَلَ مُتَفَقِّهَةُ زَمَانِنَا كَفِعْلِهِمْ، وَسَلَكُوا فِي ذَلِكَ سَبِيلَهُمْ، وَرَغَّبُوا عَنْ سَمَاعِ السُّنَنِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَشَغَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَصَانِيفِ الْمُتَكَلِّمِينَ، فَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ ضَيَّعَ مَا يَعْنِيهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى مَا لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ.

(1)

وقال المعلمي اليماني: وكثرة الغرائب إنما تضر الراوي في أحد حالين: الأولى: أن تكون مع غرابتها مُنْكرة عن شيوخٍ ثِقَاتٍ بأسانيد جيدة. الثانية: أن يكون مع كثرة غرائبه غير معروف بكثرة الطلب. ففي الحال الأولى تكون تبعة النكارة على الراوي نفسه لظهور براءة من فوقه عنها، وفي الحال الثانية يقال من أين له هذه الغرائب الكثيرة مع قلة طلبه؟ فيتهم بسرقة الحديث كما قال ابن نمير في أبي هشام الرفاعي: كان أضعفنا طلباً وأكثرنا غرائب.

(2)

‌البحث الرابع: ذكر الأسباب التي يعود إليها وصف الحديث بالغرابة:

ولهذا الأمر أسباب عديدة منها:

1) كون المروى عنه غير مشهور بالرواية: قال الحاكم: تَفَرَّدَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنَ التَّابِعِينَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ، وَذِكْرُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَكْثُرُ، وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَدْ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَكَذَلِكَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَغَيْرُهُمْ.

(3)

2) الوهم والخطأ: ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه مالك فى الموطأ (ص/ 94) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ؛ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِحْدَى صَلَاتَيِ النَّهَارِ، الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْر. فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ. فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ

الحديث.

قال ابن عبد البر: وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهُرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ الزُّهُرِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدِ اضْطَرَبَ عَلَى الزُّهُرِيِّ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ خَاصَّةً.

(4)

وقال أيضا: لَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ الْمُنْصِفِينَ فِيهِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ لِاضْطِرَابِهِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيمًا فِي هَذَا الشَّأْنِ فَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ وَالْكَمَالُ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ إِنَّهُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ حُجَّةً لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ غَلَطُهُ فِي ذَلِكَ.

(5)

(1)

يُنظر "شرف أصحاب الحديث" للخطيب صـ 129.

(2)

يُنظر "التنكيل ما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" 1/ 293.

(3)

يُنظر معرفة علوم الحديث" للحاكم صـ 160.

(4)

يُنظر "التمهيد" لابن عبد البر 1/ 364.

(5)

يُنظر "التمهيد" 1/ 366.

ص: 47

4) الوضع وسرقة الأحاديث: ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه ابن عدى فى الكامل (2/ 398) من طريق جَعْفَر بن عبد الواحد الهاشمى، عن رَوْح بْن عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَة عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا: لا تَبَايَعُوا بِإِلْقَاءِ الْحَصَاةِ. قَالَ ابن عدى: وهذا الْحَدِيث معروف بروح بْن عبادة عَن شُعْبَة حدث به عَن روح أَحْمَد بْن حنبل، وَعَبد اللَّه بْن هاشم الطوسي وجعفر سرقه منهما وكذلك سرقه أَيضًا مُحَمد بْن الوليد بْن أَبَان مولى بني هاشم بغدادي وغيرهما. وقال أيضا: وهذه الأحاديث الَّتِي ذكرتها عَن جَعْفَر بْن عَبد الواحد كلها بواطيل وبعضها سرقه من قوم وله غير هذه الأحاديث من المناكير وَكَانَ يتهم بوضع الْحَدِيث وأحاديث جَعْفَر إما أن تكون تروي عَن ثقة بإسناد صَالِح ومتن منكر فلا يكون إسناده، ولَا متنه محفوظا وإما يكون سرق الْحَدِيث من ثقة يكون قد تفرد به ذلك الثقة عَن الثقة فيسرق مِنْهُ فيرويه عَن شيخ ذلك الثقة وإما أن يجازف إِذَا سمع بحديث لشعبة أو مَالِك أو لغيرهم ويكون قد تفرد عنهم رجل فلا يحفظ الشَّيْخ ذلك الرجل فيلزقه عَلَى إنسان غيره، ولَا يكون لذلك الرجل فِي ذاك الْحَدِيث ذكر، ولَا يرويه وكذلك سرقه أَيضًا مُحَمد بْن الوليد بْن أَبَان مولى بني هاشم بغدادي وغيرهما.

(1)

‌البحث الخامس: الكتب المؤلفة فى الأفراد والغرائب

.

لقد أفرد العلماء لهذا العلم بعض الكُتُب والمُصَنَّفات، والتي مِنْها على سبيل المثال:

1) "التَّفرُّد" للإمام أبي داود السجستاني المتوفي (275 هـ) - صاحب "السنن" -، وهو: ما تَفَرَّد به أهل الأمصار مِنْ السنن.

2) "المفاريد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأبى يعلى أحمد بن علي بن المثُنى الموصلي المتوفى (307 هـ).

3) "الجزء الخامس مِنْ الأفراد" للإمام أبي حفص عُمر بن أحمد - المعروف بابن شاهين -.

4) "الأفراد" للإمام أبي الحسن علي بن عُمر الدَّارقُطني. المتوفي (385 هـ).

5) "أطراف الغرائب والأفراد" للإمام أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، المعروف بابن القيسراني. وهو ترتيب لكتاب الأفراد للدارقطني.

قلت: وهناك كتب أخري كالمسانيد والسنن والتراجم اعتنى أصحابها بالتنبيه على ما يقع فى الأحاديث من تفردات وغرائب ومن هذه الكتب:

1) مسند الإمام أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصرى المشهور بالبزار، المتوفى سنة (292 هـ).

2) "السنن" للإمام أبى الحسن الدارقطني.

3) "المعجم الأوسط" للإمام الطبراني _ وهو محل البحث والدراسة _.

4) "الكامل في ضعفاء الرجال" للحافظ أبى أحمد بن عدي الجرجاني (المتوفى: 365 هـ).

(1)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 2/ 398.

ص: 48

القسم الثاني: النَّص المُحَقق:

قال الإمام الطبراني رضي الله عنه:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، رب يسر يا كريم.

باب الألف، مَنْ اسمه أحمد:

ثُمَّ ذكر جملة مِنْ الأحاديث، مِنْها:

ص: 49

[1/ 651]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: نا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ]

(1)

بْنِ الْوَلِيدِ التُّجِيبِيُّ، عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِقُّ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ [حَتَّى يَغْضَبَ لِلَّهِ، وَيَرْضَى لِلَّهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ]

(2)

، وَإِنَّ أَحِبَّائِي وأَوْلِيَائِي الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي، وَأُذْكَرُ بِذِكْرِهِمْ». * لا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: رِشْدِينُ.

(3)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره على رِشْدِين بْن سَعْد، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: رِشْدِين، عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ.

قلت: لم أقف عليه من هذا الوجه في حدود بحثي إلا عند الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، عَنْ أَحْمَد بْن علي الآبار، عَن الْهَيْثَم بْن خَارِجَة، عَن رِشْدِين بْن سَعْد به.

الوجه الثاني: رِشْدِين، عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيد، عَنْ أَبِي مَنْصُور، عَنْ عَمْرِو بْنِ الجَمُوح.

- أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 6)، ومن طريقه ــــــ الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(1/ 251)، والبُدَيْري في "الجواهر الغوالي في ذكر الأسانيد العوالي" مخطوط (1/ 44) ـــــــ عَنْ سُلَيْمَان بْن أَحْمَد الطبراني، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، عَنْ الْهَيْثَم بْن خَارِجَةَ، عَنْ رِشْدِين بْن سَعْد به لكن بجزئه الثاني: قَالَ اللهُ عز وجل: إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي وَأَحِبَّائِي مِنْ خَلْقِي الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي، وَأُذْكَرُ بِذِكْرِهِمْ.

- وأحمد في "مسنده"، وابنه عبد الله في "زوائد المسند"(24/ 316 رقم 15549)، ومن طريق عبد الله ـــــــ ابن أبي الدنيا في "الأولياء"(1/ 15 رقم 19) ـــــــ. وابن دوست العلاف في "مجلس من إملائه"(صـ 2 رقم 2)، عن أبي جعفر الحداد. ثلاثتهم: أحمد، وابنه عبد الله، وأبو جعفر الحداد، عَنْ الْهَيْثَم بْن خَارِجَة، عَنْ رِشْدِين بْن سَعْد به بنحوه كاملاً.

- والبخاري في "الضعفاء" تعليقاً كما في "السير" للذهبي (2/ 51)، عن رشدين بن سعد به.

الوجه الثالث: رِشْدِين، عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيد، عَنْ أَبِي مَنْصُور، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجَمُوح.

أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 120)، عَنْ محمد بن بشر أَخي الْخَطَّابِ، عَنْ الْهَيْثَم بْن خَارِجَةَ، عَنْ رِشْدِين بلفظ: لَا تَجِدُ عَبْدًا صَرِيحَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلَّهِ وَيُبْغِضَ لِلَّهِ، فَإِذَا أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ الْوَلَايَةَ مِنَ اللَّهِ عز وجل، ذَاكَ أَحِبَّائِي وَأَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي وَخَلْقِي، الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي، وَأُذْكَرُ بِذِكْرِهِم.

(1)

في الأصل عُبَيْدِ اللَّه، والتصويب من "مجمع البحرين"(1/ 132)، وهو كذلك في ترجمته، ومصادر تخريج الحديث.

(2)

ما بين المعقوفتين مكرر في الأصل وهذا سهو من الناسخ، والله أعلم.

(3)

هذا الحديث يقع في "المخطوط" في (ورقة/ 38/ ب).

ص: 50

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار، أَبُو الْعَبَّاس الخُيُوطِيُّ

(1)

.

روى عَنْ: الهيثم بن خارجه، وأمية بن بسطام، وعلي بن عثمان اللاحقي، وآخرين

روى عَنْه: الطبراني، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر القطيعي، وآخرون

أقوال أهل العلم فيه: قال الدارقطني، والخطيب: ثِقَة، وزاد الخطيب: حافظ متقن، حسن المذهب. وقال الذهبي: الحَافِظ، المُتْقِن. وقال مرة: له تاريخ مفيد رأيته.

وقال ابن حزم: مجهول. قال ابن حجر: وهو الأبار الحافظ وهذه عادة ابن حزم إذا لم يعرف الراوي يجهله ولو عبر بقوله: لا أعرفه لكان أنصف لكن التوفيق عزيز. وقال الذهبي: روي عن ابن مبشر الواسطي فذكر خبراً موضوعاً. قال ابن حجر: وهذا رجل من كبار الحفاظ وهو المعروف بالأبار، والذي يظهر أن الحمل في الحديث على من دونه ولم يستحضر المصنف ــــــ أي الذهبي ــــــ أنه هو وإلا فقد ذكره في تاريخ الإسلام وعظمه وفي طبقات الحفاظ. وحاصله أنه "ثقه حافظ".

(2)

2) الهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ، أَبُو أَحْمَد، وَيُقَالُ: أَبُو يَحْيَى المَرُّوْذِيُّ، البَغْدَادِيُّ.

روى عن: رشدين بن سعد، وإسماعيل بن عياش، وإبراهيم بن أدهم، وآخرين.

روى عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، والبخاري، وأحمد، وآخرون.

(1)

الخُيُوطِيُّ: بضم الخاء المعجمة وبالياء المعجمة باثنتين من تحتها المضمومة، هذه النسبة إلى الخيوط. يُنظر "الإكمال" لابن ماكولا 3/ 259، "اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير 1/ 479.

(2)

يُنظر "تاريخ بغداد" 5/ 501، "تاريخ الإسلام" 6/ 683، "سير أعلام النبلاء" 13/ 443، "لسان الميزان" 1/ 554، 543.

ص: 51

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، وابن قانع، والخليلي: ثقة، وزاد الخليلي: متفق عليه. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال عبدالله بن أحمد: كان أبى إذا رضى عن إنسان وكان عنده ثقة حدث عنه وهو حي فحدثنا عن الحكم، والهيثم بن خارجة وغيرهم وهم أحياء. وقال هشام بن عمار: كنا نسميه شعبة الصغير. وقال أبو حاتم، وابن حجر: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُفْلِحِ بْنِ هِلالٍ، أَبُو الْحَجَّاجِ الْمَهْرِيُّ

(2)

الْمِصْرِيُّ.

روى عن: عبدالله بن الوليد التجيبي، وإبراهيم بن نشيط، وجرير بن حازم، وآخرين.

روى عنه: الهَيْثَم بن خَارِجَة، وإبراهيم بن مخلد، وأحمد بن عمرو بن السرح، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد: ليس يبالي عن من روى لكنه رجل صالح، ليس به بأس في أحاديث الرقاق. وَقَال مرة: أرجو أنه صالح الحديث.

- وَقَال ابن سعد، والفلاس، وأبو زُرْعَة، وأبو داود، وابن قانع، والنسائي، والدارقطني، وابن حجر: ضعيف الحديث، وَزاد النسائي: لا يكتب حديثه. وقال يعقوب بن سفيان: أضعف وأضعف. وقال ابن عدي: أحاديثه ما أقل من يتابعه عليها وهو مع ضعفه يكتب حديثه. وَقَال حرب بْن إسماعيل: سألت أَحْمَد عنه فضعفه، وقدم ابْن لَهِيعَة عليه. وَقَال ابْنُ يُونُس: كان رجلاً صالحاً لا يشك في صلاحه وفضله، فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث. وقال الجوزجاني: هو مشاكل له لابن لهيعة. وَقَال ابْن مَعِين: لا يكتب حديثه. وَقَال مرة: رشدينين ليسا برشيدين: رشدين بْن كريب، ورشدين بْن سعد. وقال الذهبي: كان صالحاً عابداً سيئ الحفظ غير معتمد.

- وَقَال ابن معين، وأبو داود مرة، وابن الجارود: ليس بشيءٍ.

- وَقَال أبو حاتم: منكر الحديث، وفيه غفلة ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث، ما أقربه من داود بْن المحبر، وابْن لَهِيعَة أستر، ورشدين أضعف. وقال ابن حبان: كان ممن يجيب في كل ما يسأل، ويقرأ كل ما يدفع إليه، سواء أكان في أحاديثه أو من غير حديثه، فغلب المناكير في أخباره على مستقيم حديثه. وَقَال النَّسَائي مرة: متروك الحديث. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(3)

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الأَخْرَمَ التُّجِيبِيُّ

(4)

الْمِصْرِيُّ.

روى عَنْ: أبى منصور مولى الأنصار، وسعيد بن المسيب، والحارث الخولاني، وآخرين.

روى عَنْه: رِشْدِين بْن سَعْدِ، وسعيد بن أبى أيوب، وحيوة بن شريح، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني: لا يعتبر بحديثه. وقال ابن حجر: لين الحديث. وحاصله أنه "ضعيف".

(5)

5) أَبو مَنْصُوْر مَوْلَى الأَنْصَارِ.

قال البخاري، وأبو حاتم: أبُو منصور قاضي إفريقية، روى حديثاً مرسلاً. واعتمد كلامهما ابن حجر، وقال: حَدِيثه مُرْسل يعْنى أَنه لم يلق عَمْرو بن الجموح. وحاصله أنه "مجهول الحال".

(6)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 86، "الثقات" لابن حبان 9/ 236، "تاريخ بغداد" 16/ 87، "تهذيب الكمال" 30/ 374، "سير أعلام النبلاء" 10/ 477، "تهذيب التهذيب" 11/ 93، "التقريب" صـ 508.

(2)

الْمَهْرِيُّ: بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْهَاء وَفِي آخرهَا الرَّاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى مهرَة بن حيدان بن عَمْرو بن الحاف بن قضاعة قَبيلَة كَبِيرَة ينْسب إِلَيْهَا: أَبُو الْحجَّاج رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ الْمَهْرِيُّ من أهل مصر. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 3/ 275.

(3)

يُنظر "سؤالات ابن الجنيد لابن معين" 1/ 384، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 178، "الجرح والتعديل" 3/ 513، "المجروحين" لابن حبان 1/ 303، "الكامل" لابن عدي 4/ 68، "تهذيب الكمال" 9/ 191، "المغنى فى الضعفاء" 1/ 232، "ميزان الاعتدال 2/ 49، "التهذيب" 3/ 277، "التقريب" صـ 149.

(4)

التُّجِيبِيُّ: بِضَم التَّاء الْمُعْجَمَة بِاثْنَتَيْنِ من فَوْقهَا وَكسر الْجِيم وتسكين الْيَاء تحتهَا نقطتان وَفِي آخرهَا بَاء مُوَحدَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى تجيب وَهُوَ اسْم أم عدي وَسعد ابْني أَشْرَس بن شبيب نسب والدهما إِلَيْهَا وَإِلَى محلّة بِمصْر. "اللباب" 1/ 207.

(5)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 7/ 11، "تهذيب الكمال" 16/ 269، "تاريخ الإسلام" 8/ 468، "الكاشف" 1/ 606، "ذيل ميزان الاعتدال" 1/ 141، "تهذيب التهذيب" 6/ 69، "التقريب" صـ 328.

(6)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 9/ 71، "الجرح والتعديل"9/ 441، "تعجيل المنفعة" لابن حجر 2/ 547.

ص: 52

6) عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ بْنِ الْكَاهِنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْخُزَاعِيُّ.

روى عَنْ: النبيِّ صلى الله عليه وسلم. روي عَنْه: أَبو مَنْصُور مَوْلَى الْأَنْصَار، وجبير بن نفير، وعبدالله المزني، وآخرون.

بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاع، وَسَمِعَ مِنْهُ ثم صحبه بعد ذَلِكَ، وشهد مع على بن أبى طالب رضي الله عنه مشاهده كموقعه الجمل، وصفين. وقال ابن عساكر، والذهبي: لَهُ صُحْبَةٌ.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أحمد في مسنده

".

1) الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَة: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

2) رِشْدِينُ بْنُ سَعْد: "ضعيف الحديث" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ التُّجِيبِيُّ: "ضعيف الحديث" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) أَبو مَنْصُور مَوْلَى الْأَنْصَار: "مجهول" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) عَمْرِو بْنُ الْجَمُوحِ: "صحابي".

(2)

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد ابن قانع في معجم الصحابة

".

1) مُحَمَّد بن بشر بن مطر أَخُو الْخَطَّاب: قال الدارقطني: ثقة. وقال إبراهيم الحربي: صدوق لا يكذب.

(3)

2) الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَة: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) رِشْدِينُ بْنُ سَعْد: "ضعيف الحديث" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ التُّجِيبِيُّ: "ضعيف الحديث" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) أَبِي مَنْصُور مَوْلَى الْأَنْصَار: "مجهول" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجَمُوح: قلت: ذكره ابن قانع في معجم الصحابة، ولم أقف عليه إلا عنده.

(4)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره على رِشْدِين بْن سَعْد، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: رِشْدِين، عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ.

الوجه الثاني: رِشْدِين، عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيد، عَنْ أَبِي مَنْصُور، عَنْ عَمْرِو بْنِ الجَمُوح.

الوجه الثالث: رِشْدِين، عَنْ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيد، عَنْ أَبِي مَنْصُور، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجَمُوح.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ مدار هذا الحديث علي رِشْدِين بْن سَعْد. ورِشْدِين هذا ضعيف

(1)

يُنظر "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 201، "معرفه الصحابة" لأبى نعيم 4/ 2006، "الاستيعاب" لابن عبد البر 3/ 1174، "تاريخ دمشق" 45/ 490، "أسد الغابة" 3/ 714، "تهذيب الكمال" 21/ 596، "الإصابة" 7/ 363.

(2)

يُنظر "الإصابة" لابن حجر 7/ 350.

(3)

يُنظر "تاريخ بغداد" 2/ 441.

(4)

يُنظر "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 120.

ص: 53

الحديث، ورواه عنه بالأوجه الثلاثة: الْهَيْثَم بْن خَارِجَة. والهيثم ثقة. ولعل الخطأ والاضطراب في هذا الحديث من رِشْدِين بْن سَعْد أو من فوقه، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول ــــ "إسناده ضعيف" فيه:

1) رِشْدِين بْن سَعْد، وعَبْد اللَّه بْن الْوَلِيد التُّجِيبِي: ضعيفان.

2) أَبو مَنْصُورٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ: مجهول.

وكذلك الحديث بالوجه الثالث فضعيف أيضاً لأجل ما سبق.

وأما الحديث بالوجه الثاني: "فإسناده ضعيف أيضاً" ويضاف إلي ما سبق علة الانقطاع: فأَبو مَنْصُور لم يسمع من عَمْرَو بنَ الجَمُوْحِ. قال ابن حجر: قال البخاري: أَبو مَنْصُور حَدِيثه مُرْسل يعْنى أَنه لم يلق عَمْرَو بنَ الجَمُوْح. وقال الذهبي في ترجمة مُعَاذ بْن عَمْرَو بنَ الجَمُوْحِ: ليْسَ هَذَا الحَدِيْثُ لِصَاحِبِ التَّرْجَمَة ـــــــ يعني مُعَاذ ــــــ بَلْ لأَبِيْهِ ـــــــ يعني عَمْرَاً ـــــــ وَقَدْ قَالُوا: إِنَّ عَمْراً قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَكَيْفَ يَسْمَعُ مِنْهُ أَبُو مَنْصُوْر.

(1)

قلت: لكن للحديث شواهد أخرى بأجزائه: فيشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِقُّ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَغْضَبَ لِلَّهِ، وَيَرْضَى لِلَّهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ.

يشهد لهذا: حديث يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الغسانيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِمَشْقِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَة رضي الله عنه، أنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ.

(2)

قلت: إسناده حسن فيه: الْقَاسِمِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِمَشْقِيُّ قال ابن حجر: صدوق يُغرب كثيراً.

(3)

ويشهد له أيضاً: حديث: أَبي مَرْحُومٍ عَبْد الرَّحِيم بْن مَيْمُونٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنَعَ لِلَّهِ، وَأَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ.

(4)

قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَن. قلت: فيه: سَهْل بْن مُعَاذ الْجُهَنِي: قال ابن حجر: لا بأس به.

(5)

ويشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّ أَحِبَّائِي وأَوْلِيَائِي الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي، وَأُذْكَرُ بِذِكْرِهِمْ.

يشهد له حديث: يَعْقُوب الْأَشْعَرِي الْقُمِّي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى.

(6)

(1)

يُنظر "السير" 1/ 252.

(2)

أخرجه أبو دواد في "سننه" ك/ السنة ب/ الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (7/ 69 رقم 468)، والطبراني في " الكبير" 8/ 208، وفي "الشاميين" 2/ 239، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 657، والبيهقي في "الشعب" 6/ 492، وفي "الإعتقاد" 1/ 178.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 386.

(4)

أخرجه أحمد في "مسنده"(24/ 399 رقم 15638)، والترمذي في "سننه" ك/ صفة القيامة ب/ ـــــــــــــــ (4/ 670 رقم 2521)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(3/ 60 رقم 1485)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 188 رقم 412).

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 199.

(6)

أخرجه ابن المبارك في "الزهد 1/ 72 رقم 218، وابن أبي حاتم في "التفسير" 6/ 1964، والبزار في "مسنده" 11/ 251 رقم 5034، والنسائي في " الكبرى" ك/ التفسير 10/ 124 رقم 11171، والضياء في "المختارة" 10/ 109 رقم 106.

ص: 54

قلت: إسناده حسن. فيه يَعْقُوب الْأَشْعَرِي: قال فيه ابن حجر: صدوق يهم.

(1)

وجَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَة:

قال فيه ابن حجر: صدوق يهم.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله وأعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: رِشْدِينُ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا المصطفي صلى الله عليه وسلم حقيقة الإيمان في هذا الحديث وهي أن العبد لا يغضب ولا يرضي إلا لله فإذا كان ذلك من صفات العبد وعقيدته فهذا هو المؤمن الكامل الإيمان وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يغضب لنفسه قط إلا أن تنتهك محارم الله فيغضب لله. فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:«مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ»

(3)

فإذا أحب العبد لأجل الله ولوجه الله لا لميل قلبه وهوى نفسه وأبغض لله لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه فقد استكمل الإيمان يعنى أكمله. ومن جملة الحب والبغض في الله أن يحب العبد ما يحبه الله ورسوله من الأقوال والأعمال ويبغض ما يبغضه الله ورسوله كذلك.

ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم منزلة أولياء الله تعالى وأحبابه فقال: وإن أوليائي من عبادي، وأحبَّائي من خلقي الذين يُذكرون بذكري، وأُذكر بذكرهم. ومعنى الذين يُذكرون بذكري: أي أن الناس إذا رأوا من كان مواظباً علي الطاعة مقبلًا على مرضاة الله تعالي ذكروا الله تعالى، وقالوا: لا إله إلا الله، سبحان الله، وإذا ذكر الناس الله ذكروهم لورعهم وتقواهم وحُسن أخلاقهم وخوفهم من الله تعالي.

(4)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 537.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 81.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الحدود ب/ إِقَامَةِ الحُدُودِ وَالِانْتِقَامِ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ (8/ 160 رقم 6786).

(4)

يُنظر "فتح الباري" لابن رجب 1/ 54، "الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية" 1/ 42.

ص: 55

[2/ 652]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ قَالَ: نا عُمَارَةُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا، فَأَرْجَأَهَا فِيمَنْ أَرْجَأَ

(1)

، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ:«هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ، إِذَا أَنْزَلَتِ اغْتَسَلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ لَمْ تَغْتَسِلْ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَارَةَ إِلَّا عَلِيٌّ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه أحمد بن عبد الدائم المقدسيّ في "منتقى من حديث الجصاص والحنائي"(1/ 7 رقم 41)، عَن إِسْحَاق بْن إِدْرِيس الْأُسْوَارِي البَصْرِي.

كلاهما: عَلِي بْن عُثْمَان اللَّاحِقِي -كما في رواية الباب -، وإِسْحَاق بْن إِدْرِيس، عَن عُمَارَة بْن رَاشِد به.

وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الطَّهَارَات ب/ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ (1/ 149 رقم 885)، وابن راهويه في "مسنده"(5/ 44 رقم 2147)، وأحمد في "مسنده"(45/ 291 رقم 27312)، وابن ماجة في "سننه" ك/ الطهارة ب/ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ (1/ 380 رقم 602)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 59 رقم 3266)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 240 رقم 612)، (24/ 241 رقم 613)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(1/ 48 رقم 25)، عَنْ سُفْيَان الثوري.

كلاهما: عُمَارَة بْن رَاشِد، وسُفْيَان الثوري: عَنْ عَلِي بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَان.

وأحمد في "مسنده"(45/ 292 رقم 27313)، والدارمي في "سننه" ك/ الطهارة ب/ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ (1/ 589 رقم 789)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 58 رقم 3265)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 240 رقم 610)، وفي "مسند الشاميين"(3/ 323 رقم 2406، 2405)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(22/ 202)، عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِي.

كلاهما: عَلِي بْن زَيْدِ بْنِ جُدْعَان، وعَطَاء الْخُرَاسَانِي: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في "حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بنُ عُثْمَان بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ لَاحِق اللاَّحِقِيُّ

(2)

، البَصْرِيُّ.

(1)

قال ابن منظور في "لسان العرب"(1/ 83) أَرْجَأَ الأَمرَ: أَخَّرَه، وتركُ الهَمْز لُغَةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَرْجَأْت الأَمْرَ وأَرْجَيْتُه إِذَا أَخَّرْتَه. وقُرِئَ: أَرْجِهْ وأَرْجِئْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تُرْجِئُ مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا مِمَّا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّه مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ لَهُ أَن يُؤَخِّرَ مَنْ يَشاءُ مِن نِسائه، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ أُمته، وَلَهُ أَن يَرُدَّ مَنْ أَخَّر إِلَى فِراشِه. وقُرِئَ تُرْجِي، بِغَيْرِ هَمْزٍ، والهَمزُ أَجْودُ.

(2)

اللاَّحِقِيُّ: بِكَسْر الْحَاء وَفِي آخرهَا قَاف هَذِه النِّسْبَة إِلَى لَاحق وَهُوَ جد عمرَان بن سوار بن لَاحق اللاحقي بغدادي سكن نيسابور. يُنظر "اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير 3/ 398.

ص: 56

روي عَنْ: عُمَارَة بْن رَاشِد، وحماد بن سلمة، وعبد الواحد بن زياد، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَدُ بنُ علي الأبار، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، والذهبي: ثقة، وزاد الذهبي: إِمَامُ حَافِظُ. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الذهبي مرة: كان صَدُوقًا. وقال الذهبي: قال ابن خراش: فيه اختلاف. قال ابن حجر: وما كان ينبغي للمؤلف ـــــ أي الذهبي ـــــ أن يذكر قول ابن خراش فما هو بعمدة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) عُمَارَةُ بْنُ رَاشِد بْن مُسْلِم، ويُقال: ابْن كنانة الليْثِيُّ الدِمَشْقِيُّ.

روي عَنْ: عَلِي بْن زَيْدِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَة، وأبو إدريس الخولاني، وعمر بْن عَبْد العزيز، وآخرين.

روي عَنْه: عَلِي بن عُثْمَان اللاَّحِقِي، وعتبة بْن أَبِي حكيم، وعَبْد اللَّهِ بْن عيسى بْن أَبِي ليلى، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم: مجهول. قال الذهبي: بل مَعْرُوف.

وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي: ما أظن بِهِ بأساً. وقال مرة: روى عنه جماعة، ومحله الصدق.

وقال ابن أبي حاتم، والذهبي: أرسل عَن أَبِي هُرَيْرَة. وَقال البُخاري: يقال: عمار بن راشد سمع أبا هريرة.

وقال ابن حجر: ذكره أبو موسى المديني في الصحابة وعزاه إلى جعفر المستغفري، ثم قال: وهو تابعي، وَلا تثبت له صحبة وَلا رؤية. وحاصله أنه "صدوق يُحَسَّن حديثه".

(2)

4) عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ،

(3)

أَبُو الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: سَعِيد بن المُسَيَّب، وأنس بن مالك، وسالم بْن عَبْد الله بْن عُمَر، وآخرين.

روي عَنْه: عُمَارَة بْن رَاشِد، وسفيان الثوري، وسفيان بن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال يعقوب بْن شَيْبَة: ثقة، صالح الحديث، وإلى اللين ما هو. وذكره ابن خلفون في الثقات، وقال: كان عابداً ورعاً صدوقاً يرفع الشيء الذي يوقف. وَقَال العجلي: لا بأس به.

وَقَال التِّرْمِذِي: صدوق إلا أنه ربما رفع الشئ الذي يرفعه غيره. وقال الذهبي: حسن الحديث، صاحب غرائب، احتج به بعضهم. وقال أيضًا: كان من أوعية العلم، على سوء حفظ يغضه من درجة الإتقان. وقال الساجي: كان من أهل الصدق ويحتمل لرواية الجلة عنه، وليس يجري مجرى من أجمع على ثبته.

وقال ابن سعد: فيه ضعف ولا يحتج به. وَقَال أحمد، وابن معين، وابن المديني، والنسائي، وابن حزم، والنووي، وابن حجر: ضعيف الحديث. وَقَال ابْن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه.

وَقَال أَحْمَد، وابن معين مرة، وأبو زرعة، والنسائي: ليس بالقوي. وَقَال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 196، "الثقات" لابن حبان 8/ 465، "السير" 10/ 568، "لسان الميزان" 5/ 563.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 365، "الثقات" لابن حبان 5/ 244، "المغني في الضعفاء" 2/ 106، "تاريخ الإسلام" 3/ 285، "ميزان الاعتدال" 3/ 176، "لسان الميزان" 6/ 56.

(3)

جُدْعَان: بضم الجيم وإسكان الدال المهملة. قاله النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 344.

ص: 57

عندهم. وَقَال العجلي، وأَبُو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه، وزاد أبو حاتم: لا يحتج بِهِ. وَقَال ابْن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. وقال البخاري: لا يحتج به.

وَقَال أحمد، وابن معين مرة، وابن الجارود: ليس بشيءٍ. وَقَال ابْن مَعِين: ليس بذاك. ومرة: ليس بحجة. وَقَال الجوزجاني: واهي الحديث ضعيف، لا يحتج بحديثه. وقال ابن حبان: كان يهم في الأخبار ويخطئ في الآثار حتى كثر ذلك في أخباره وتبين فيها المناكير التي يرويها عن المشاهير فاستحق ترك الاحتجاج به.

وَقَال شعبة: حَدَّثَنَا علي بن زيد، وكان رفاعاً. وَقَال حماد بن زيد: كان يقلب الأحاديث. وقال مرة: كان يحَدَّثَنَا اليوم بالحديث ثم يحَدَّثَنَا غداً، فكأنه ليس ذاك. وَقَال الفلاس: كان يَحْيَى بن سَعِيد يتقي الحديث عنه.

وَقيل لابن مَعِين: علي بن زيد اختلط؟ قال: ما اختلط علي بن زيد قط. وقال ابن قانع: خلط في آخر عمره وترك حديثه. وقال الفسوي: اختلط في كبره. وَقَال شعبة: حَدَّثَنَا علي بن زيد قبل أن يختلط. وقال حماد بن سلمة: كان علي في زمن عبد الملك يحدثهم بحديث حسن، فإذا رآهم هشوا له، جاءهم بحديث مختلط، فقيل له في ذلك، فقال: هذا رمان حامض. وقال ابن القطان: رفع الكثير مما يوقفه غيره واختلط أخيراً، ولم يكذب. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(1)

5) سَعِيْدُ بْنُ المُسَيِّبِ

(2)

بنِ حَزْنٍ بْنِ أَبِي وَهْبٍ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذِ أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ.

روي عَنْ: أبي هريرة، وعَبْد اللَّهِ بْن عباس، وعثمان بْن عفان، وآخرين.

روي عَنْه: يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة، والزُّهْرِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وأحمد، وأبو زرعة، والذهبي: ثقة، وزاد العجلي: كَانَ رجلاً صَالحاً فَقِيهاً، وزاد الذهبي: حجة فقيه رفيع الذكر عَالِمُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِلا مُدَافَعَة. وقال ابن حجر: أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كَانَ مِنْ سَادَاتِ التَّابِعِينَ فِقْهًا وَدِينًا وَوَرَعًا وَعِلْمًا وَفَضْلاً. وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبل منه وهو أثبتهم في أبي هريرة. وقال ابن الْمَدِينِي: لا أَعْلم فِي التابِعِين أَوْسَع عِلْماً مِنْه، هُوَ عِنْدي أَجَل التابِعِين. وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيب: إِنْ كُنْتُ لأَسِيرُ الأَيَّام والليالي في طلب الحديث الواحد.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ أبي بكر، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى، وزيد بن ثابت، وغيرهم. قال أحمد مرسلات سعيد صحاح لا نرى أصح من مرسلاته. وقال الشافعي: إرسال ابن المسيب عندنا حسن.

(1)

يُنظر "تاريخ ابن معين" رواية الدارمي 1/ 141، "الثقات" للعجلي 2/ 154، "الجرح والتعديل" 6/ 186، "المجروحين" لابن حبان 2/ 103، "الكامل" لابن عدي 6/ 333، "تهذيب الكمال" 20/ 434، "الكاشف" 2/ 40، "المغني في الضعفاء" 2/ 85، "تاريخ الإسلام" 3/ 707، "السير" 5/ 206، "الإكمال" 9/ 323، "التقريب" صـ 340.

(2)

قال النووي: يقال: المسَيَّب بفتح الياء وكسرها، والفتح هو المشهور، وحكى عنه أنه كان يكرهه، ومذهب أهل المدينة الكسر. وقال ابن حجر: وأما المسيب بن حزن والد سعيد فقال ابن المديني: أهل العراق يفتحونها، وأهل المدينة يكسرونها، وكان سعيد بن المسيّب يكره الفتح. يُنظر "تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 219، "تبصير المنتبه" لابن حجر 4/ 1287.

ص: 58

وقال ابن معين: مرسلات ابن المسيب أحب إلي من مرسلات الحسن. وقال ابن حجر: اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل. وحاصله أنه "ثقة ثبت يُرسل واتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل".

(1)

6) خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيم الأنصارية.

روت عَنْ: النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

روي عَنْها: سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ.

ذكرها أبو نعيم، وابن حجر في الصحابة. وحاصله أنها "صحابية".

(2)

(3)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: عَلِي بْن زَيْد بْن جُدْعَان: ضعيف الحديث.

قلت: وقد تابعه عَطَاء الْخُرَاسَانِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كما سبق بيان ذلك في التخريج. وعَطَاء

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 405، "الجرح والتعديل" 4/ 59، "المراسيل" 1/ 71، "الثقات" لابن حبان 4/ 273، "المستدرك" للحاكم 1/ 215، "تهذيب الكمال" 11/ 66، "الكاشف" 1/ 444، "الإكمال" 5/ 351، "التهذيب" 4/ 84، "التقريب" صـ 181.

(2)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 6/ 3308، "الإصابة" 13/ 346.

(3)

قلت: فرق الطبراني بين خَوْلَة بِنْت حَكِيم الأنصارية، وبين خَوْلَة بِنْت حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيَّةُ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فجعل رواية الباب من حديث خَوْلَة بِنْت حَكِيم الأنصارية. بينما ذهب ابن راهويه إلي أنَّ رَاوِيْة حديث الباب هي إِحْدَى خَالَاتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وعلي ذلك فتكون رَاوِيْة حديث الباب هي السُّلَمِيَّةُ وليست الأنصارية. وفرق أبو نعيم بينهما فقال: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ السُّلَمِيَّةُ، امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، هِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر بعدها خَوْلَة بِنْت حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيَّةُ. وذكر حديث الباب. وقال ابن الأثير: خولة بنت حكيم الأنصارية فرق الطبراني بينها وبين خولة بنت حكيم السلمية امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه ثم ساق حديث الباب. وقال ابن حجر: خولة بنت حكيم الأنصارية: فرّق الطّبرانيّ بينها وبين التي قبلها، فأخرج من طريق شعبة عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيّب، عن خولة بنت حكيم، قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول اللَّه، المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل؟ قال: «إذا رأت ذلك فلتغتسل. قلت: قد وقع في بعض الأخبار أنّ أم عطية كانت تسمى خولة، وهو فيما أخرجه أبو نعيم، من طريق عباد بن العوام، عن حجاج بن أرطاة، حدثني الربيع بن مالك، عن أم عطية، وكانت تسمى خولة، قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات اللَّه التّامّة. وأم عطية إن كانت الأنصارية، فالمشهور أنّ اسمها نسيبة، بنون ومهملة وموحدة مصغر. ويحتمل أن يكون لها اسمان، أو أحدهما لقب، لكن هذا المتن ثبت من هذا الوجه. أخرجه أحمد، وفيه: عن خولة امرأة عثمان، يعني ابن مظعون، فظهر بهذا أن خولة امرأة عثمان كانت تكنى أم عطية، وليست أنصارية، بل هي سلمية كما تقدم، فالأنصارية غيرها. وقال مغلطاي: في الأوسط من حديث علي بن زيد عن سعيد عن خولة وكان النبي تزوجها فأرجاها فيمن أرجا فذكره، قال ابن موسى المديني في كتاب الصحابة: هي غير خولة بنت حكيم زوج عثمان بن مظعون. قلت: وعلي هذا فرَاوِيْة حديث الباب هي الأنصارية، وليست السُّلَمِيَّةُ زوج عثمان بن مظعون، والله أعلم. يُنظر "المعجم الكبير" للطبراني 24/ 236، "مسند إسحاق بن راهويه" 5/ 44، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 6/ 3306، 6/ 3308، "أسد الغابة" 7/ 93، "الإصابة" 13/ 346، 344.

ص: 59

الْخُرَاسَانِي هذا قال فيه ابن حجر: صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس.

(1)

قلت: وللحديث شواهد في الصحيحين: فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ أُم سُلَيْم سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ.

(2)

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ.

(3)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَارَةَ إِلَّا عَلِيٌّ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به عَلِي بْن عُثْمَان اللَّاحِقِي، عَن عُمَارَة بْن رَاشِد. بل تابعه: إِسْحَاق بْن إِدْرِيسَ الْأُسْوَارِيُّ كما سبق بيان ذلك في التخريج. وإِسْحَاق هذا قال فيه البخاري: تركه الناس. وقال أبو زرعة: واهٍ. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن معين: كذاب يضع الحديث.

(4)

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث حكماً هاماً من أحكام هذا الدين وهو حكم يتعلق بأحكام الغسل وهذا أمر هام جداً يحتاج إليه كل مسلم ومسلمة لأنه يتوقف عليه صحة العبادات من عدمها وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه في أمور دينهم أياً كانت ولا يتحرجون من ذلك حرصاً علي إرضاء ربهم وطاعة رسولهم صلى الله عليه وسلم فحينما سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: «هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ، إِذَا أَنْزَلَتِ اغْتَسَلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ لَمْ تَغْتَسِلْ» . فيبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المرأة إذا خرج منها المني وجب عليها الغسل كما يجب على الرجل بخروجه، وقد اتفق الفقهاء على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني حتي ولو كان نائماً ولم يشعر بذلك. أما ما لم يخرج منه المني فلا يجب عليه الغسل وذلك كأن يرى النائم أنه يجامع وأنه قد أنزل ثم يستيقظ فلا يرى شيئاً فلا غسل عليه بإجماع الفقهاء.

(5)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 332.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا (1/ 250 رقم 311).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الغسل ب/ إِذَا احْتَلَمَتِ المَرْأَة (1/ 64 رقم 282)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا (1/ 251 رقم 313).

(4)

يُنظر "ميزان الاعتدال" 1/ 184.

(5)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 3/ 220.

ص: 60

[3/ 653]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَيَفْتِلُهُ

(1)

بِإِصْبَعِهِ».

(2)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي حُمَيْد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: حُمَيْد، عَنْ أَنَس بلفظ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ فِي الصَّلَاة.

ورواه عَنْ حُمَيْد بهذا الوجه: شَرِيك، وسُفْيَان الثوري.

أما طريق شَرِيك: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ.

وأما طريق سُفْيَان الثوري: أخرجه البزار في "مسنده"(13/ 148 رقم 6553)، عَنْ محمد بن عبد الله بن الزبير بن درهم الأسدي أَبُو أحمد الزبيري، عَنْ الثوري، عَن حُمَيد عَن أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي الصَّلاةِ فَبَسَقَ فِي ثَوْبِهِ وَجَمَعَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْض.

قلت: وأَبُو أحمد الزبيري هذا قال فيه ابن حجر: ثقة إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري.

(3)

وأخرجه كذلك البيهقي في "السنن الكبري" ك/ الطهارة ب/ بُصَاقِ الْإِنْسَانِ وَمُخَاطِهِ (1/ 385 رقم 1200)، بسنده عَنْ زَكَرِيَّا بْن الْحَكَمِ الرَّسْعَني، عَنْ الْفِرْيَابِي، عَنْ الثوري، عَنْ حُمَيْد، عَنْ أَنَس، قَالَ: بَزَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبِهِ يَعْنِي وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ.

قلت: وزكريا بن الحَكَم الرَّسْعَني: قال ابن القطان: مجهول. قال ابن حجر: ليس بمجهول فقد روى عنه أحمد بن حماد بن عبد الله الرقي، وأبو عَرُوبَة وجماعة من أهل الجزيرة. ووثقه ابن حبان.

(4)

قلت: وقد رواه البخاري في "صحيحه" ــــــ كما سيأتي في الوجه الثاني ــــــ عَنْ شيخه الْفِرْيَابِي دون قوله: وَهُوَ فِي الصَّلَاة. ولا شك أنَّ رواية البخاري أصح وأرجح.

قلت: وقد ساق البيهقي في سننه هذا الحديث من طريقين عن الثوري أحدهما طريق الفريابي، والأخر طريق قَبِيصَة. ثم قال: وَهُوَ فِي الصَّلَاة لَفْظُ حَدِيثِ الْفِرْيَابِي ــــــ قلت وقد تبين ما فيه ـــــــ، وَفِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْفِرْيَابِي. قلت: وطريق قَبِيصَة صحيح.

الوجه الثاني: حُمَيْد، عَنْ أَنَس قال بَزَقَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبِهِ دون قوله وهو فِي الصَّلَاة.

ورواه عَنْ حُمَيْد بهذا الوجه: الثوري، وزُهَيْر بن معاوية، وإسماعيل بن جعفر، ومعتمر بْن سليمان، وحَفْص بن غياث، ويَزِيد بْن هَارُون، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى، وعَبْد الله بْنُ بَكْر بن حبيب، ومَرْوَان بن معاوية،

(1)

يَفْتِلُهُ بِكَسْرِ التَّاءِ: يُحَرِّكُهُ. يُنظر "شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك" 1/ 178.

(2)

(ق/ 39/ أ).

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 422.

(4)

يُنظر "لسان الميزان" 3/ 504.

ص: 61

وأَنَس بْن عِيَاض، ودَاوُد الطَّائِي، وجَعْفَر الْأَحْمَر، وسويد بن عبد العزيز.

أما طريق سُفْيَان الثوري: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ البُزَاقِ وَالمُخَاطِ وَنَحْوِهِ فِي الثَّوْبِ (1/ 57 رقم 241) مختصراً، والحميدي في "مسنده"(2/ 317 رقم 1253)، ومن طريق الحميدي ــــــــ عبد الخالق بن أسد الحنفي في "معجمه"(1/ 371 رقم 383) ــــــــ. ولفظ البخاري أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا.

وأما طريق زُهَيْر بن معاوية: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ (1/ 91 رقم 417).

وأما طريق إسماعيل بن جعفر: أخرجه إسماعيل في "حديثه"(1/ 172 رقم 61)، ومن طريقه ـــــــ البخاري في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ (1/ 90 رقم 405)، والنسائي في "الكبري" ك/ الطهارة ب/ الْبُصَاقُ يُصِيبُ الثَّوْبَ (1/ 188 رقم 293)، وفي "السنن الصغري" ك/ الطهارة ب/ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ (1/ 163 رقم 308)، والبيهقي في "الكبري" ك/ الصلاة ب/ مَنْ بَزَقَ وَهُوَ يُصَلِّي (2/ 415 رقم 3595) ـــــــ.

وأما طريق معتمر بْن سليمان التَّيْمِي: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ (1/ 433 رقم 1692).

وأما طريق حَفْص بن غياث: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَبْزُقَ تُجَاهَ الْمَسْجِدِ (3/ 348 رقم 7521).

وأما يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أخرجه أبو يعلي في "مسنده"(6/ 457 رقم 3853)، وأحمد في "مسنده"(20/ 355 رقم 13066)، والدارمي في "سننه"(2/ 876 رقم 1436)، وابن الجارود في "المنتقي"(1/ 26 رقم 59)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ب/ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي، (2/ 398 رقم 973)، وفي "السنن الكبري" ك/ الطهارة ب/ بُصَاقِ الْإِنْسَانِ وَمُخَاطِهِ (1/ 386 رقم 1201).

وأما طريق مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى بن عبد الله: أخرجه أحمد في "مسنده"(20/ 282 رقم 12959).

وأما طريق عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْر بن حبيب الباهلي: أخرجه البيهقي في "السنن الكبري" ك/ الصلاة ب/ مَنْ بَزَقَ وَهُوَ يُصَلِّي (2/ 414 رقم 3594).

وأما طريق مَرْوَانُ بن معاوية الفزاري: أخرجه أبي المعالي الفراوي في "سباعياته"(1/ 56 رقم 4).

وأما طريق أَنَس بْن عِيَاض: أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" جِمَاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَائِهَا وَتَعْظِيمِهَا ب/ ذِكْرُ حَكِّ النُّخَامَةِ مِنْ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ (5/ 129 رقم 2522). كلهم بنحو رواية البخاري.

ص: 62

وأما طريق دَاوُدُ الطَّائِيُّ ـــ مختصراً ـــ: أخرجه النسائي في "جزء فيه مجلسان من إملائه"(1/ 62 رقم 26)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 216 رقم 383)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 366)، والخطيب في "المتفق والمفترق"(1/ 426 رقم 215)، وابن عساكر في "تاريخه"(54/ 171)، وأبو طاهر السِّلْفِي في "المشيخة البغدادية"(48/ 3 رقم 7).

وأما طريق جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ ـــ مختصراً ـــ: أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 216 رقم 383)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 366).

وأما طريق سويد بن عبد العزيز ـــ مختصراً ـــ: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(72/ 346)، وابن الجوزي في "المسلسلات"(1/ 36).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبق ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ بن ذبيان

(1)

الأَوْدِيُّ،

(2)

أَبُو الحَسَن الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: شَرِيْك بن عَبْد الله النَّخَعِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن المبارك، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، والبخاري في "الأدب"، ومسلم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين: ليس به بأس، ثقة. وَقَال النَّسَائي، وابن قانع، والخطيب، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وَقَال أبو حاتم، وأبو داود: صدوق. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

3) شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ بْن أَبي شَرِيك النَّخَعِيُّ،

(4)

أَبُو عَبْدِ اللهِ الكُوْفِيُّ القَاضِيُّ.

روي عَنْ: حُمَيْد الطويل، وشعبة بن الحجاج، ومنصور بْن المعتمر، وآخرين.

روي عَنْه: علي بْن حكيم الأَودِي، وعَبْد الرحمن بن مهدي، وقتيبة بْن سَعِيد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن مَعِين: شَرِيك ثقة، وهو أحب إلي من أبي الأَحوص وجرير، ليس يقاس هؤلاء بشَرِيك.

(1)

قال ابن ماكولا: وأما ذبيان بكسر الدال وضمها، قال ابن الأعرابي: الكسر أفصح، فهو ذبيان بن حكيم الأودي، أخو عثمان وعلي ابني حكيم، كوفيون. يُنظر "الإكمال" 3/ 348.

(2)

الأَوْدِيُّ: بفتح الألف وسكون الواو وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة الى أود بن صعب بن سعد العشيرة من مذحج، ومن المشهورين بهذه النسبة: عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 382.

(3)

يُنظر "سؤالات ابن الجنيد لابن معين" 1/ 275، "الجرح والتعديل" 6/ 183، "الثقات" لابن حبان 8/ 467، "تهذيب الكمال" 20/ 415، "الإكمال" 9/ 312، "التقريب" صـ 339.

(4)

النَّخَعِيُّ: بفتح النون والخاء المعجمة بعدها العين المهملة، هذه النسبة إلى النخع، وهي قبيلة من العرب نزلت الكوفة، ومنها انتشر ذكرهم، وهو جَسر بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد، سمى النخع لأنه ذهب عن قومه، ومنهم: أَبُو عَبْدِ اللهِ شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ بْن أَبي شَرِيك النَّخَعِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" للسمعاني 13/ 62.

ص: 63

وقيل لابْن مَعِين: روى يحيى بْن سَعِيد القطان، عَنْ شَرِيك. قال: لم يكن شَرِيك عند يحيى بشيءٍ، وهو ثقة ثقة. وَقَال العجلي: ثقة وكَانَ حسن الحديث. وقال أبو إسحاق الحربي، وابن السكري: ثقة. وقال المنتجالي: كان صدوقاً ثبتاً صحيحاً في قضائه. وقال: الذهلي: كان نبيلاً. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وَقَال ابن المبارك: شَرِيك أعلم بحديث الكوفيين من الثوري. وَقَال علي بْن حكيم الأَودِيّ: سمعت وكيعاً يقول: لم يكن أحد أروى عَنِ الكوفيين من شَرِيك.

- وقال ابن معين مرة: شَرِيك ثقة إلا أنه لا يتقن ويغلط. وَقَال مرة: شَرِيك صدوق ثقة إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا منه. وَقَال يعقوب بْن شَيْبَة: صدوق ثقة سئ الحفظ جداً. وَقَال أبو حاتم: صدوق وقد كَانَ له أغاليط. وقال الذهبي: صَدُوق. وقال مرة: أحد الأعلام، على لين ما في حديثه توقف بعض الأئمة عن الاحتجاج بمفاريده. وقال أبو داود: ثقة، يخطئ على الأعمش. وقال ابن سعد: ثقة مأمون كثير الحديث وكان يغلط كثيراً.

- وقال ابن القطان: جملة أمره أنه صدوق ولي القضاء فتغير محفوظه. وقال ابن عدي: الغالب على حديثه الصحة والاستواء والذي يقع في حديثه من النكرة إنما أتي فيه من سوء حفظه لا أنه يتعمد في الحديث شيئاً مما يستحق أن ينسب فيه إلى شيء من الضعف. وقال ابن حجر: مشهور كان من الأثبات فلما ولي القضاء تغير حفظه. وقال في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة.

- وقيل ليحيى بْن سَعِيد: زعموا أن شَرِيكاً إنما خلط بأخرة. قال: ما زال مخلطاً. وَقَال أبو زرعة: كَانَ كثير الخطأ، صاحب وهم، وهو يغلط أحياناً، فقيل له أن شريكاً حدث بواسط بأحاديث بواطيل فقال أبو زرعة: لا تقل: بواطيل. وقال النسائي، والدارقطني: ليس بقوي. وقال الدارقطني مرة: ليس شريك بقوي فيما ينفرد به. وقال ابن المبارك: ليس حديث شريك بشئ. وقال صالح جزرة: قل ما يحتاج إلى شريك في الأحاديث التي يحتج بها، ولما ولي القضاء، اضطرب حفظه. وقال يحيى بن سعيد: لو كان شريك بين يدي ما سألته عن شيء وضعف حديثه جداً أتيته بالكوفة فأملى علي فإذا هو لا يدري. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين. وقال وكيع: ما كتبت عنه بعد قضائه فهو عندي على حدة.

- وقد وُصف بالاختلاط: قال العجلي: صدوق ثقة صحيح القضاء، ومن سمع منه قديماً فحديثه صحيح، ومن سمع منه بعد ما ولي القضاء ففي سماعه بعض الاختلاط لأن الأخذ عنه كان شديداً لم يكن يمكن من نفسه. وقال ابن حبان: كان في آخر أمره يخطئ فيما يروي تغير عليه حفظه فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا منه بواسط ليس فيه تخليط مثل يزيد بن هارون وإسحاق الأزرق وسماع المتأخرين عنه بالكوفة فيه أوهام كثيرة. ولما قال له أبو عبيد الله المورباني وزير المهدي: أردت أن أسمع منك أحاديث قال: قد اختلطت علي أحاديثي وما أدري كيف هي؟ فلما ألح عليه قال له حدثنا بما تحفظ ودع ما لا تحفط فقال: أخاف أن تؤخذ فيضرب بها وجهي. قال سبط بن العجمي: هذا قد تغير حفظه فيحتمل أن لا يذكر مع هؤلاء، وأما قول يحيى بن سعيد: ما زال مخلطاً: فيحتمل أنه لا يريد بهذه العبارة الاختلاط المعروف، والظاهر أنه لم يرده لقوله ما زال مخلطاً.

ص: 64

- وقد وُصف بالتدليس: قال الدارقطني: يدلس. وقال أحمد: أخاف عليه التدليس. ووصفه العلائي، وأبو زرعة العراقي بأنه مقل منه. وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين، وقال: كان يتبرأ منه. وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: لم يسمع من عمرو بن مرة. وحاصله أنه "صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء، فيحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة". كما هو حاصل كلام ابن معين، والدارقطني، والذهبي.

(1)

4) حُمَيْدُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ

(2)

الطَّوِيْلُ

(3)

، أَبُو عُبَيْدَةَ البَصْرِيُّ.

روى عَنْ: أَنَس بن مَالِك، وَثَابِت البُنَانِي، والحسن البصرى، وآخرين.

روى عَنْه: شريك، وإسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن علية، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، وابْن مَعِين، والعجلي، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي، وابن عبد البر، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد أَبو حاتم: لا بأس به، وزاد ابن خراش: صدوق. وقال ابن حجر في "هدي الساري": من الثقات المتفق على الاحتجاج بهم إلا أنه كان يدلس حديث أنس وكان سمع أكثره من ثابت وغيره من أصحابه عنه. وذكره ابن حبان فى الثقات. وَقَال حماد بن سلمة: لم يدع حميد لثابت علماً إلا وعاه وسمعه منه. وقال ابن عدي: وحميد له حديث كثير مستقيم فأغنى لكثرة حديثه أن أذكر له شيء من حديثه وقد حدث عنه الأئمة. وقال الذهبي مرة: الإمام الحافظ، كان صاحب حديث، ومعرفة، وصدق. روى له الجماعة.

وقد وُصف بالتدليس عَنْ أنس: قال ابن حبان: كَانَ يُدَلس سمع من أنس ثَمَانِيَة عشر حَدِيثاً وَسمع الْبَاقِي من ثَابت فدلس عَنهُ. وَقَال حماد بن سلمة: عامة ما يروي حميد عن أنس سمعه من ثابت. وَقَال يحيى بن سَعِيد: كان حميد الطويل إذا ذهبت تقفه على بعض حديث أنس يشك فيه. وَقَال شعبة: كل شيء سمع حميد عن أنس خمسة أحاديث. وَقَال شعبة مرة: لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثاً، والباقي سمعها من ثابت، أو ثبته فيها ثابت.

قلت: قَال حماد بْن سلمة: جاء شعبة إلى حميد فسأله عن حديث لأنس فحدثه به، فَقَالَ له شعبة: سمعته من أنس، قال: فيما أحسب، فَقَالَ شعبة بيده هكذا، وأشار بأصابعه: لا أريده، ثم ولي، فلما ذهب قال حميد:

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 453، "الجرح والتعديل" 4/ 365، "الثقات" 6/ 444، "الكامل" 5/ 10، "تهذيب الكمال" 12/ 462، "المغني" 1/ 468، "السير" 8/ 200، "جامع التحصيل" 1/ 196، "الإكمال" 6/ 245، "المدلسين" لابن العراقي 1/ 58، "الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط" لسبط ابن العجمي 1/ 170، "طبقات المدلسين" 1/ 33، "التقريب" صـ 207.

(2)

قلت: اختلف في اسم أبو حميد: فقيل اسمه: تير، ويُقال: تيرويه، ويُقال: زاذويه، ويُقال: داور، ويُقال: طرخان، ويُقال: مهران، ويُقال: عبد الرحمن، ويُقال: مخلد، ويُقال: غير ذلك، وهو خال حماد بن سلمة. يُنظر "تهذيب الكمال" 7/ 355.

(3)

قال النووي: قيل: إنه كان قصيرًا، طويل اليدين، فقيل: حميد الطويل، وقيل: كان يقف عند الميت فتصل إحدى يديه رأسه والأخرى رجليه. قال البخاري: قال الأصمعي: رأيت حميدًا لم يكن طويلاً، لكن طويل اليدين، وهو مولى طلحة الطلحات الخزاعي، وقيل: كان فى جيرانه رجل يقال له: حميد القصير، فقيل له: حميد الطويل؛ ليتميز. يُنظر "تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 170.

ص: 65

سمعته من أنس كذا وكذا مرة ولكني أحببت أن أفسده عليه. وفي رواية ولكنه شدد علي فأحببت أن أشدد عليه. وقال ابن حجر: رواية عيسى بن عامر أن حميداً إنما سمع من أنس خمسة أحاديث قول باطل فقد صرح حميد بسماعه من أنس بشيء كثير وفي صحيح البخاري من ذلك جملة وعيسى بن عامر ما عرفته.

وقال الذهبي: أجمعوا على الاحتجاج بحميد إذا قال: سمعت. وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين، وقال: صاحب أنس كثير التدليس عنه حتى قيل أن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة. قال العلائي: فعلى تقدير أن تكون أحاديث حُميد مُدَلَّسة، فقد تبيَّن الواسطة بينهما، وهو ثِقَة مُحتجٌّ به.

وحاصله أنه "ثقة يدلس عَن أنس وعنعنته عَنه مُحْتَمَلة لكون الواسطة بينهما ثقة" كما قال العلائي.

(1)

5) أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ بْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بنِ النَّجَّارِ الأَنْصَارِيُّ.

رَوَى عَنْ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبي بَكْر، وَعُمَر، وَعُثْمَان، وآخرين.

روي عَنْه: حُمَيْد الطويل، وَثَابِت البُنَانِي، وعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ أَبِو الْوَاصِلِ، وآخرون.

صَحِبَ أَنَسٌ رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أتمَّ الصُّحْبَةِ، وَلَازَمَهُ أَكْمَلَ المُلَازَمَةِ مُنْذُ هَاجَرَ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ، وكان خادم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأحد المكثرين من الرواية وَغَزَا مَعَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخُصُّهُ بِبَعْضِ العِلْمِ، وكانت إقامته بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم قطن البصرة ومات بها. قال الذهبي: مسنده ألفان ومائتان وستة وثمانون. اتفق له: البخاري، ومسلم على مائة وثمانين حديثًا. وانفرد البخاري: بثمانين حديثًا، ومسلم: بتسعين.

(2)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: قلت: أخرجه البخاري في "صحيحه" وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي حُمَيْد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: حُمَيْد، عَنْ أَنَس بلفظ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ فِي الصَّلَاة.

ورواه عَنْ حُمَيْد بهذا الوجه: شَرِيك، والثوري. وشريك ضعيف الحديث، وأما طريق الثوري: فرواه عنه أَبُو أحمد الزبيري كما عند البزار. وأَبُو أحمد هذا قال فيه ابن حجر: ثقة إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري. وأخرجه البيهقي في "الكبري" عَنْ زَكَرِيَّا بْن الْحَكَم، عَنْ الْفِرْيَابِي، عَنْ الثوري، عَنْ حُمَيْد به. ورواه البخاري في "صحيحه" عَنْ شيخه الْفِرْيَابِي دون قوله: وَهُوَ فِي الصَّلَاة. ولا شك أنَّ رواية البخاري أصح وأرجح.

الوجه الثاني: حُمَيْد، عَنْ أَنَس قال بَزَقَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبِهِ دون قوله وهو فِي الصَّلَاة.

ورواه عَنْ حُمَيْد بهذا الوجه: الثوري، وزُهَيْر بن معاوية، وإسماعيل بن جعفر، ومعتمر بْن سليمان،

(1)

يُنظر "الضعفاء الكبير" للعقيلي 1/ 266، "الثقات" للعجلي 1/ 325، "الجرح والتعديل" 3/ 219، "الثقات" لابن حبان 4/ 148، "الكامل" 3/ 65، "تهذيب الكمال" 7/ 355، "تاريخ الإسلام" 3/ 849، "السير" 6/ 163، "ميزان الاعتدال" 1/ 610، "جامع التحصيل" 1/ 168، "طبقات المدلسين" 1/ 38، "هدي الساري" 1/ 399، "التقريب" صـ 120.

(2)

يُنظر: "الاستيعاب" 1/ 109، "أسد الغابة" 1/ 159، "تهذيب الكمال" 3/ 353، "الإصابة" 1/ 251.

ص: 66

وحَفْص بن غياث، ويَزِيدُ بْنُ هَارُون، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى، ودَاوُدُ الطَّائِي، وجَعْفَرٌ الْأَحْمَر، وسويد بن عبد العزيز، وعَبْد الله بْنُ بَكْر بن حبيب الباهلي، ومَرْوَان بن معاوية الفزاري، وأَنَس بْن عِيَاض.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني كثرة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه جماعة من الثقات الأثبات كالثوري، وزُهَيْر، ويَزِيد بْن هَارُون. وقد بينا أنَّ الوجه الأول عن الثوري خطأ وأنَّ الراجح عنه هو الوجه الثاني.

3) إخراج البخاري لهذا الوجه في "صحيحه".

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه: شريك بن عبد الله وذلك لمخالفته لما رواه الثقات. وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فحديث صحيح أخرجه البخاري في "صحيحه" مُختصراً ومُطولا كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنْ شَرِيكٍ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ وَمِنْجَابٌ.

(1)

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. لكن لم أقف في حدود بحثي علي طريق مِنْجَاب.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قد تبين لنا مما سبق أنَّ حديث أَنَس رضي الله عنه ــــــ رواية الباب ــــــ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَبْزُقُ فِي ثَوْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَيَفْتِلُهُ بِإِصْبَعِهِ. لم يثبت عن أنس وأنه منكر كما سبق بيان ذلك. وإنما الذي ثبت عَنْ أنس أنه حكي فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا في تعليمه للصحابة وأنَّ ذلك كان خارج الصلاة فقد قال أنس أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا. فتبين من هذا أنه يجوز للمصلي أن يبزق في ثوبه في الصلاة وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أباح فعل ذلك للمصلي. قال ابن حجر: وفي الأحاديث المذكورة من الفوائد: الندب إلى إزالة ما يستقذر أو يتنزه عنه من المسجد. وتفقد الإمام أحوال المساجد وتعظيمها وصيانتها. وأن للمصلي أن يبصق وهو في الصلاة ولا تفسد صلاته. وفيها أن البصاق طاهر وكذا النخامة والمخاط خلافًا لمن يقول كل ما تستقذره النفس حرام. وفيها الحث على الاستكثار من الحسنات لكونه صلى الله عليه وسلم باشر الحك بنفسه وهو دال على عظم تواضعه زاده الله تشريفًا وتعظيمًا صلى الله عليه وسلم.

(2)

(1)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في الحديث التالي (4/ 654).

(2)

يُنظر "فتح الباري" 1/ 514.

ص: 67

[4/ 654]- وَعَنْ أَنَسٍ

(1)

قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَنَا، وَقِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ» ، فَقَامَتْ أُمِّي، فَقَطَعَتْ فَمَ الْقِرْبَةِ، وَقَالَتْ: لَا يَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

*لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ شَرِيكٍ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ وَمِنْجَابٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي شَرِيك بْن عَبْدِ اللَّه، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: شَرِيك بْن عَبْدِ اللَّه، عَنْ حُمَيْد، عَنْ أَنَس.

ورواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: عَلِي بْن حَكِيم الْأَوْدِي، ومِنْجَاب بْن الْحَارِث، وعُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة، وأَبُو غَسَّان النهدي مالك بن إسماعيل.

أما طريق عَلِي بْن حَكِيم الْأَوْدِي: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ.

وأما طريق مِنْجَاب بْن الْحَارِث: أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(6/ 59 رقم 5791).

وأما طريق عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة: أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ب/ ذِكْرُ شُرْبِهِ قَائِمًا وَقَاعِدًا صلى الله عليه وسلم (3/ 429 رقم 719) والبغوي في "شرح السنة" ب/ الرُّخْصَة فِيهِ ــــــ أي الشُّرْبِ مِنْ فمِ السِّقاء ـــــــ (11/ 379 رقم 3044).

وأما طريق أَبُو غَسَّان النهدي: أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن الشرب قائماً (5/ 353 رقم 2111)، وفي "شرح معاني الآثار" ب/ الشُّرْبِ قَائِمًا (4/ 274 رقم 6854).

الوجه الثاني: شَرِيك، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنِ الْبَرَاء، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ.

ورواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: أبو داود الطيالسي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 222 رقم 1755)، ومن طريقه ــــــ البيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْمَطَاعِمِ والْمشاربِ وَمَا يَجِبُ التَّوَرُّعُ عَنْهُ مِنْهَ (5/ 118 رقم 6026) ـــــــ.

الوجه الثالث: شَرِيك، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِي، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ بِنْتِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَس.

أ - تخريج الوجه الثالث: رواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: علي بن الجعد.

أخرجه ابن الجعد في "مسنده"(1/ 329 رقم 2255).

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع شريك علي هذا الوجه: عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الأسدي، والثوري.

أما متابعة عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو: أخرجها ابن سعد في "الطبقات"(10/ 398).

(1)

أي بإسناد الحديث السابق.

ص: 68

وأما متابعة سفيان الثوري: أخرجها ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الأشربة ب/ مَنْ رَخَّصَ فِي الشُّرْبِ مِنْ فِي الْإِدَاوَةِ (8/ 153 رقم 24489)، وأحمد في "مسنده"(19/ 225 رقم 12188).

الوجه الرابع: شَرِيك، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ ابْنَةِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ.

أ - تخريج الوجه الرابع: رواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: مَنْصُور بْن سَلَمَة الْخُزَاعِي.

أخرجه الدارمي في "سننه" ك/ الأشربة ب/ فِي الشُّرْبِ قَائِمًا (2/ 1349 رقم 2170).

أ - متابعات للوجه الربع: فقد تابع شريك علي هذا الوجه: ابْنِ جُرَيْج، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

أما متابعة ابن جريج من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجها ابن سعد في "الطبقات"(10/ 399)، وأحمد في "مسنده"(45/ 416 رقم 27428)، وابن الجارود في "المنتقي" ب/ مَا جَاءَ فِي الْأَشْرِبَةِ (1/ 220 رقم 868).

وأما متابعة زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة: أخرجها ابن الجعد في "مسنده"(1/ 393 رقم 2686)، وأحمد في "مسنده"(45/ 81 رقم 27115)، (45/ 417 رقم 27430)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" ك/ الأشربة ب/ فِي الشُّرْبِ قَائِمًا (2/ 585 رقم 542)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ب/ الشُّرْبِ قَائِمًا (4/ 274 رقم 6853)، والبغوي في "شرح السنة" ب/ الرُّخْصَة فِي الشُّرْبِ مِنْ فمِ السِّقاء (11/ 379 رقم 3043)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْمَطَاعِمِ والْمشاربِ وَمَا يَجِبُ التَّوَرُّعُ عَنْهُ مِنْه (5/ 118 رقم 6027).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

3) شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ: "ضعيف يُعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

4) حُمَيْدُ بنُ أَبِي حُمَيْد الطَّوِيْلُ: "ثقة يدلس عَن أنس وعنعنته عَنه مُحْتَمَلة لكون الواسطة بينهما ثقة" كما قال العلائي. سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

5) أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبي داود الطيالسي في مسنده

".

1) شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ: "ضعيف يُعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

2) عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِك الْجَزَرِيُّ: قال ابن حجر: ثقة متقن.

(1)

أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" ك/ الأشربة ب/ فِي الشُّرْبِ قَائِمًا (2/ 586 رقم 543)، والترمذي في "الشمائل المحمدية"(1/ 176 رقم 215)، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنِ الْبَرَاءِ ابْنِ ابْنَةِ أَنَسِ، عَنْ أَنَسِ به. والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن الشرب قائما (5/ 353 رقم 2110)، وفي "شرح معاني الآثار" ب/ الشُّرْبِ قَائِمًا (4/ 274 رقم 6852)، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْد الْكَرِيمِ، عَنْ الْبَرَاء، عَنْ أُمَّ سُلَيْم.

ص: 69

3) الْبَرَاءُ بْنُ زَيْد البَصْرِيُّ بْنِ بِنْتِ أَنَس بْن مَالِك: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي: ما روى عنه سوى عبد الكريم الجزري. وقال ابن حزم: مجهول. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه "مجهول الحال".

(1)

4) أُمُّ سُلَيْم بنت ملحان الأنصارية: "صحابية"

(2)

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد ابن الجعد في مسنده

".

1) شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ: "ضعيف يُعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

2) عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِك الْجَزَرِيُّ: قال ابن حجر: ثقة متقن.

(3)

3) الْبَرَاءُ بْنُ زَيْد البَصْرِيُّ بْنِ بِنْتِ أَنَس بْن مَالِك: "مجهول الحال" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الثاني.

4) أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌رابعاً: دراسة إسناد الوجه الرابع: "إسناد الدارمي في "سننه

".

1) مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ: قال ابن حجر: ثقة ثبت حافظ.

(4)

2) شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ: "ضعيف يُعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

3) عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِك الْجَزَرِيُّ: قال ابن حجر: ثقة متقن.

4) الْبَرَاءُ بْن زَيْد البَصْرِيُّ بْنِ بِنْتِ أَنَس بْن مَالِك: "مجهول الحال" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الثاني.

5) أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

6) أُمُّ سُلَيْم بنت ملحان الأنصارية: "صحابية".

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي شَرِيك بْن عَبْدِ اللَّه، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: شَرِيك بْن عَبْدِ اللَّه، عَنْ حُمَيْد، عَنْ أَنَس.

ورواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: عَلِي بْن حَكِيم الْأَوْدِي، ومِنْجَاب بْن الْحَارِث، وعُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة، وأَبُو غَسَّان النهدي مالك بن إسماعيل.

الوجه الثاني: شَرِيك، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنِ الْبَرَاء، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ.

ورواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: أبو داود الطيالسي.

الوجه الثالث: شَرِيك، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ بِنْتِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَس.

ورواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: علي بن الجعد. وتابع شريك: عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الأسدي، والثوري.

الوجه الرابع: شَرِيك، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ ابْنَةِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ.

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 4/ 77، "ميزان الاعتدال" 1/ 301، "التهذيب" 1/ 425، "التقريب" صـ 60.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 674.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 301.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 478.

ص: 70

ورواه عَنْ شَرِيك بهذا الوجه: مَنْصُور بْن سَلَمَة.

وتابع شريك علي هذا الوجه: ابْن جُرَيْج، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

وعلي هذا فلعل الأقرب إلي الصواب أنَّ الحديث محفوظ بالوجهين الثالث، والرابع وذلك لما يلي

1) أنَّ شريك قد تُوبع علي كلا الوجهين. فتابعه علي الوجه الثالث: عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرٍو، والثوري. وتابعه علي الوجه الرابع: ابْنِ جُرَيْج، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

2) ترجيح أبي زرعة للوجه الثالث: فقال عن الوجه الأول: وَهِمَ فيه شريك إنما رَوَاهُ شَرِيك، عن عبد الكريم، عن البَرَاء بن أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيّ: أَنَّهُ دَخَلَ فشَرِبَ مِنْ قِرْبَةٍ وهو قائم.

(1)

3) ترجيح الدارقطني للوجه الرابع: فقال يرويه عبد الكريم الجزري، واختلف عنه. فرواه ابن جريج، وعبيد الله بن عمرو، وزهير بن معاوية، عن عبد الكريم، عن البراء ابن ابنة أنس بن مالك، عن أنس بن مالك، عن أم سليم. ورواه محمد بن راشد، عن عبد الكريم، أنه حدثه من سمع أم سليم، والأول أصح.

(2)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه: شَرِيْك بن عَبْد الله: صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء فيحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة. وفي هذا الوجه تفرد ولم يتابع عليه.

وكذلك الحديث بالوجه الثاني.

وأما الحديث بالوجه الثالث، والرابع فتُوبع فيها شريك. لكن فيها: الْبَرَاءُ بْنُ زَيْد البَصْرِيُّ بْنِ بِنْتِ أَنَس بْن مَالِك: "مجهول الحال".

قلت: وللحديث بالوجهين الثالث والرابع متابعة قاصرة عن أنس:

فعن أبي يعلي الموصلي، عَنْ زُهَيْر بْن حَرْب، عَنْ وَكِيع، عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِي، عَنْ أَبِي عِصَام البصري، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ وَفِي الْبَيْتِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَتَنَاوَلَهَا فَشَرِبَ مِنْ فِيهَا وَهُوَ قَائِمٌ قَالَ فَقَطَعَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فَمَ الْقِرْبَةِ فَهِيَ عِنْدَنَا.

(3)

قلت: إسنادها حسن فيها: أَبو عِصَام البصري: ذكره ابن حبان في الثقات. وروي له مسلم حديثاً. وقال ابن حجر: مقبول. وقال الذهبي في ترجمة خالد بن عبيد، أبي عصام البصري، نزيل مرو. وهم ابن عدي، وتوهم أن هذا هو أبو عصام ذاك الثقة ــــــ محل البحث ــــــ الذي حدث عنه شعبة، وعبد الوارث، فساق في الترجمة حديث التنفس ثلاثًا الذي أخرجه مسلم.

(4)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بالوجهين الثالث والرابع بهذه المتابعة من الضعيف إلي الحسن لغيره.

(1)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 4/ 436.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 15/ 387.

(3)

أخرجه الضياء في "المختارة"(7/ 295 رقم 2750).

(4)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 569، "ميزان الاعتدال" 1/ 634، "تهذيب الكمال" 34/ 87، "التقريب" صـ 580.

ص: 71

قلت: وما فعلته أُمُّ سُلَيْم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلته صحابية أخري من نساء الصحابة رضي الله عنهم، وهي: كَبْشَة الْأَنْصَارِيَّة رضي الله عنها. فعن سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، عَنْ يَزِيد بْن يَزِيد بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَة، عَنْ جَدَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا: كَبْشَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ، فَقَطَعَتْ فَمَ الْقِرْبَةِ؛ تَبْتَغِي بَرَكَةَ مَوْضِعِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

(1)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنْ شَرِيكٍ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ وَمِنْجَابٌ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد عَلِي بْن حَكِيم، وَمِنْجَاب بْن الحَارِث برواية هذا الحديث ــــــ الوجه الأول "رواية الباب" ــــــ عَنْ شريك. بل تابعهما عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة، وأَبُو غَسَّان النهدي مالك بن إسماعيل. كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

وردت أحاديث تدل علي النهي عن الشرب قائمًا وأحاديث أخري تجيز ذلك. فذهب العلماء إلي أن الشرب قاعداً أفضل ويجوز الشرب قائماً، وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائماً فمحمول علي كراهة التنزيه، وأما شربه صلى الله عليه وسلم وهو قائم فلبيان الجواز لأمته فهو المعلم صلى الله عليه وسلم. قال النووي رحمه الله: والصواب أنها كلها صحيحة - أي الروايات التي نهت عن الشرب قائماً والأخرى التي أجازت ذلك - والنهي فيها محمول على كراهة التنزيه وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فبيان للجواز فلا إشكال ولا تعارض. فإن قيل كيف يكون الشرب قائمًا مكروهًا وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانًا للجواز لا يكون مكروهًا بل البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم فكيف يكون مكروهًا وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وطاف على بعير مع أن الإجماع على أن الوضوء ثلاثًا والطواف ماشيًا أكمل ونظائر هذا غير منحصرة فكان صلى الله عليه وسلم ينبه على جواز الشئ مرة أو مرات ويواظب على الأفضل منه وهكذا كان أكثر وضوئه صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ثلاثًا وأكثر طوافه ماشيًا وأكثر شربه جالسًا وهذا واضح لا يتشكك فيه من له أدنى نسبة إلى علم.

(2)

(1)

أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الأشربة ب/ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ ـــــ أي في اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ ــــــ (4/ 306 رقم 1892)، وابن ماجة في "سننه" ك/ الأشربة ب/ الشُّرْبُ قَائِمًا (4/ 490 رقم 3423)، وأحمد في "مسنده"(45/ 438 رقم 27448)، والبغوي في "شرح السنة" ب/ الرُّخْصَة فِيهِ ـــــ أي الشُّرْبِ مِنْ فمِ السِّقاء ــــ (11/ 378 رقم 3042).

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 13/ 195.

ص: 72

[5/ 655]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو مَسْلَمَةَ [إسْحَاقُ]

(1)

بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَرْكُونَ الْجُمَحِيُّ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مَنْ، حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَتَرَ فَاحِشَةً، فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَوْءُودَةً» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدٍ إِلَّا عَمْرٌو.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(8/ 430)، عَن إسْحَاق بْن سَعِيدِ الْجُمَحِيُّ، عَن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيز به.

وابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب"(4/ 1696)، عَن أبي عبد الله

(2)

بْن عَبْد الْعَزِيز التنوخي، عن إسماعيل بن عبيد الله به بنحوه.

والطبراني في "الأوسط"(8/ 304 رقم 8705) عن شيخه مُطَّلِب بن شعيب الأزدي، عن عَبْد اللَّهِ بْن صَالِح المصري، عن يَحْيَى بْن أَيُّوب، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر بلفظ:"منْ وَجَدَ مُسْلِمًا عَلَى عَوْرَةٍ فِيهِ فَسَتَرَهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا".

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في "حديث رقم (1).

2) إسْحَاقُ بْنُ سَعِيد بْن إبْرَاهِيْم بْن عُمَيْر بْن أَرْكُونَ، أَبُو مَسْلَمَةَ الْجُمَحِيُّ.

روي عَنْ: سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، والوليد بن مسلم، ومحمد بن شعيب، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَدُ بنُ علي الأبار، والترمذي، وأحمد بن نصر بن شاكر، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم: ليس بثقة. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(3)

3) سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي يَحْيَى التَّنُوْخِيُّ،

(4)

أبو مُحَمَّد، ويُقال: أَبُوعَبْد الْعَزِيزِ الدِّمَشْقِيُّ.

روي عن: إِسْمَاعِيل بْنِ عُبَيْدِ اللَّه، ويونس بْن ميسرة، ونافع مولى ابْن عُمَر، وآخرين.

روي عنه: إسْحَاق بْن سَعِيد بْن أَرْكُون، وعبد الله بْن المبارك، وابْن مهدي، وآخرون.

(1)

في الأصل عَمْرٌو، والتصويب من "تاريخ دمشق" لابن عساكر. وجميع مصادر ترجمته تدل علي ذلك. قلت: وذكره المُصَنِف أيضاً علي الصواب كما سيأتي في حديث رقم (93/ 743).

(2)

كذا في أصل "بغية الطلب" لابن العديم، وما وقفت عليه في ترجمة سعيد بن عبد العزيز أن كنيته أبو محمد، وقيل أبو عبد العزيز يُنظر ترجمته في دراسة إسناد الحديث.

(3)

"الجرح والتعديل" 2/ 221، "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني 1/ 146، "تاريخ دمشق" 8/ 216، "المغني" للذهبي 1/ 108.

(4)

التَّنُوْخِيُّ: بفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وضم النون المخففة وفي آخرها الخاء المعجمة، هذه النسبة إلى تَنُوْخ وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديماً بالبحرين ومن المنتسبين إليهم: سعيد بن عبد العزيز التنوخي. قاله السمعاني في "الأنساب" 3/ 90.

ص: 73

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد النَّسَائي: ثبت، وزاد الذهبي: ليس هو في الزهري بذاك. وقال أبو حاتم: لا أقدم بالشام بعد الأوزاعي على سعيد بن عبد العزيز أحداً. وقال أبو حاتم: كان أبو مسهر يقدم سعيد بن عبد العزيز علي الأوزاعي. وقال أحمد: ليس بالشام رجل أصح حديثاً منه هو والأوزاعي عندي سواء. وقال ابن حبان: كان من المتقنين في الرواية.

وقد وُصف بالاختلاط: قال أبو داود: تغير قبل موته. وقال ابن معين، وابن حجر: اختلط في آخره. وقَالَ أَبُو مسْهر: اخْتَلَط قبل مَوته وَكَانَ يُعرض عَلَيْهِ قبل أَن يَمُوت وَكَانَ يَقُول لَا أجيزها. وحاصله أنه "ثقة إلا في الزهري فليس بذاك" وأما وصفه بالاختلاط فقول أبي مسهر يدل علي أن اختلاطه لا يؤثر في روايته

فكَانَ يُعرض عَلَيْهِ قبل موته فيَقُول لَا أجيزها، وسعيد شيخ أبي مسهر، والتلميذ أعلم بحال شيخه.

(1)

4) إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنُ أَبِي المُهَاجِرِ، أَبُو عَبْدِ الحَمَيْدِ الدِّمَشْقِيُّ.

روي عَنْ: أنس بْن مالك، والسائب بْن يزيد، وعطاء بْن يزيد الليثي، وآخرين.

روي عَنْه: سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ، والأَوزاعِيّ، ومنصور بْن رجاء، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، ويعقوب بْن سفيان، وسَعِيْد بن عَبْد العَزِيْز، والدارقطني، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد سَعِيْد بن عَبْدِ العَزِيْز: صدوق. وقال ابن حبان في المشاهير: من صالحي أهل الشام وخيار الدمشقيين. وقال الأَوزاعِي: كَانَ مأموناً على ما حدث. روى له الجماعة سوى التِّرْمِذِي.

وقد وُصف بالإرسال: قال العلائي لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من السائب بن يزيد. وقال البخاري، ومسلم: سَمِعَ السائب بْن يزيد، وأُم الدرداء. وحاصله أنه "ثقة يرسل".

(2)

5) إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ، عَنْ مَنْ حَدَثَهُ: قلت هذا مبهم.

6) عُقْبَةُ بْنُ عَامِر بن عَبْسٍ بن عَمْرٍو بن عدي بن عمرو بن قيس الجُهَنِيُّ

(3)

المِصْرِيُّ.

روي عَنْ: النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعُمَر بْن الخطاب. روي عَنْه: ابن عباس، وأبو أمامة، وجبير بن نفير، وآخرون.

كان رضي الله عنه قارئاً عالماً بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعراً كاتباً، وكانت له السابقة والهجرة، وهو أحد من جمع القرآن ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه على غير التأليف الذي في مصحف عثمان وفي آخره بخطه وكتب عقبة بن عامر بيده. وكان من أصحاب معاوية بْن أَبِي سُفْيَان، وشهد معه صفين، وولي لَهُ مصر

(1)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 7/ 468، "الثقات" للعجلي 1/ 403، "الثقات" لابن حبان 6/ 369، "الجرح والتعديل"4/ 43، "تهذيب الكمال"10/ 539، "الإغتباط"1/ 136، "ميزان الإعتدال"2/ 149، "الكواكب النيرات"1/ 213، "التقريب" صـ 179.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 226، "الجرح والتعديل" 2/ 182، "الثقات" 6/ 40، "المشاهير" 1/ 210، "تاريخ دمشق" 8/ 429، "تهذيب الكمال" 3/ 143، "السير" 5/ 213، "جامع التحصيل" 1/ 146، "تحفة التحصيل" 1/ 29، "التقريب" صـ 48.

(3)

الجُهَنِىُّ: بضم الجيم وفتح الهاء وكسر النون في آخرها، هذه النسبة إلى جهينة وهي قبيلة من قضاعة واسمه زيد بن ليث بن سود نزلت الكوفة وبها محلة نسبت إليهم وبعضهم نزل البصرة ومنهم: عقبة بن عامر. يُنظر "الأنساب" للسمعاني 3/ 394.

ص: 74

وسكنها، وتوفي بها سنة ثمان وخمسين، وقبره بالمقطم. روى له الجماعة.

(1)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: إسْحَاقُ بْنُ سَعِيد الْجُمَحِيُّ: ضعيف الحديث، وفيه كذلك راوٍ مبهم.

قلت: وللحديث متابعة من حديث عَبْد اللَّهِ بْن صَالِحٍ، عَن يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ وَجَدَ مُسْلِمًا عَلَى عَوْرَةٍ فِيهِ فَسَتَرَهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَوْءُودَةً مِنْ قَبْرِهَا.

(2)

قلت: إسنادها "حسن" فيها: عَبْد اللَّهِ بْن صَالِح الجُهَنِي، أبو صَالِح المِصْرِيُّ كاتب الليث: قال أبو زرعة: لم يكن عندي ممن يتعمد الكذب، وكان حسن الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق أمين ما علمته. وقال أيضاً: الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره التي أنكروا عليه نرى أن هذه مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه، وكان سليم الناحية، وكان خالد بن نجيح يفتعل الحديث ويضعه في كتب الناس، ولم يكن وزن أبي صالح الكذب، كان صالحاً. وقال ابن القطان: صدوق ولم يثبت عليه ما يسقط له حديثه إلا أنه مختلف فيه فحديثه حسن. وقال ابن حجر: صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة، وحاصله أنه "حسن الحديث ويُتَجنب من روايته ما أنكر عليه وما خالف فيه الثقات" والله أعلم.

(3)

وعلي هذا فالحديث يرتقي بهذه المتابعة من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

قلت: وفي الصحيحين من حديث سَالِم بْن عَبْدَ اللَّه، عَن أَبِيْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.

(4)

وفي رواية عند مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ............. وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ..... "

(5)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدٍ إِلَّا عَمْرٌو.

قلت: والصواب: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدٍ إِلَّا إسْحَاقُ. كما سبق بيان ذلك.

(1)

يُنظر "الاستيعاب" 3/ 1073، "أسد الغابة" 4/ 51، "تهذيب الكمال" 20/ 202، "السير" 2/ 467، "الإصابة" 7/ 205.

(2)

أخرجه الفسوي في "المعرفة"(2/ 510)، والطبراني في "الأوسط"(8/ 304 رقم 8705)، "الكبير"(17/ 312 رقم 864).

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 5/ 86، "التقريب" صـ 250.

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ المَظَالِمِ وَالغَصْبِ ب/ لَا يَظْلِمُ المُسْلِمُ المُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ (3/ 128 رقم 2442)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ ب/ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ (4/ 1996 رقم 2580).

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ ب/ فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الذِّكْرِ (4/ 2074 رقم 2699)

ص: 75

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا المصطفي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضيلة الستر علي عورات الناس وأن من رأي إنساناً علي الذنب والمعصية فستره فكأنما أحيا موءدة من قبرها والموءدة هي التي دفنها أهلها وهي حية، ويبن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أن من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله يوم القيامة ففي هذه الأحاديث وغيرها بيان للحث علي الستر علي عورات الناس وعدم فضحيتهم والتشهير بهم فمن كان هذا دأبه مع عباد الله فجزاؤه عند الله أن يستره يوم القيامة والجزاء من جنس العمل، وأما من كان من دأبه عدم الستر علي عورات الناس والتشهير بهم وإشاعة أسرارهم فجزاؤه أن يفضح علي رؤوس الأشهاد يوم القيامة.

والستر علي الناس ليس علي عمومه بل ذلك فيمن ليس معروفًا بالأذى والفساد، وكذلك إذا نصحه وأرشده غيره رجع إلي الله وتاب إليه وقبل النصيحة. وأما إن كان الستر عليه يزيده فجوراً وعصياناً وتجرؤاً علي حرمات الله فهذا يستحب أن لا يستر عليه كما قال النووي بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يُطَمِعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت. أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ولا يحل تأخيرها فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة.

(1)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 16/ 135.

ص: 76

[6/ 656]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ الْحَافِي قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِ بِهِ.

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بِشْرٍ إِلَّا نَصْرٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سعيد بن عبد العزيز، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيدُ بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُس بْن مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا الوليد بن مسلم واختلف عنه من طريقين:

الطريق الأول: الوليد بن مسلم، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ. وراوه عن الوليد بهذا الوجه: زيد بن أبي الزرقاء، وعَلِي بْن سَهْل الرَّمْلِي.

أما طريق زيد بن أبي الزرقاء: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــــ رواية الباب ـــــــ، ومن طريقه ـــــــ أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/ 358) ــــــ. وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 146). وأبو القاسم الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" فصل فِي فضل مُعَاوِيَة رضي الله عنه (2/ 377 رقم 380)،

ثلاثتهم: الطبراني، وابن قانع، والأصبهاني، عن أَحْمَد بْن عَلِي الأبَّار.

وأبو بكر بن الخلال في "السنة" ب/ ذِكْرُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَخِلَافَتِه رضي الله عنه (2/ 451 رقم 699)، عن أَبي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ. كلاهما: الأبَّار، والمرُّوذيُّ، عن أَبي الْفَتْحِ نَصْر بْن مَنْصُورٍ، عن بِشْر بْن الْحَارِثِ، عن زَيْد بْن أَبِي الزَّرْقَاءِ عن الوليد بن مسلم به.

وأما طريق عَلِي بْن سَهْلٍ الرَّمْلِي: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 181 رقم 311)، ومن طريقه ــــــ ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(59/ 83)، والذهبي في "السير"(8/ 37) ـــــــ عن عَبْدَان بْن أَحْمَد، عن عَلِي بْن سَهْلٍ الرَّمْلِيِّ، عن الوليد بن مسلم به.

الطريق الثاني: الوليد، عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ.

ورواه عنه بهذا الوجه: عَلِي بْن بَحْر، وهشام بن عمار، وصفوان بن صالح.

أما طريق عَلِي بْن بَحْر: أخرجه أحمد في "مسنده"(29/ 426 رقم 17895)، ومن طريقه ــــــ ابن عساكر في "تاريخه" (59/ 83) ـــــــ. وابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير" السفر الثاني (1/ 349 رقم 1233). كلاهما: أحمد، وابن أبي خيثمة، عن علي بن بحر، عن الوليد بن مسلم به.

وأما طريق هشام بن عمار، وصفوان بن صالح: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(6/ 61)، بسنده عن هشام بن عمار، وصفوان بن صالح، و (59/ 81)، عن صفوان بن صالح. كلاهما: هشام، وصفوان، عن الوليد بن مسلم به ــ مقروناً في الموضع الثاني ــــ أي الوليد ــــ بمروان بن محمد.

ص: 77

قلت: والذي يظهر أن الوجه الثاني عن الوليد بن مسلم هو الأقرب إلي الصواب؛ لموافقته لما رواه الجماعة عن سعيد كما سيأتي بيان ذلك في الوجه الثاني.

الوجه الثاني: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ.

ورواه عنه بهذا الوجه: الوليد بن مسلم من أصح الأوجه عنه، ومَرْوَان بْن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي، وعَبْد الأَعْلَى بن مُسْهِر الغَسَّانِي، وعُمَر بْن عَبْدِ الْوَاحِد، ومحمد بن سليمان بن أبي داود المعروف ببومة.

أما طريق الوليد بن مسلم من أصح الأوجه عنه: سبق بيانه في الوجه الأول، - وهو الطريق الثاني من الوجه الأول -.

وأما طريق مَرْوَان بْن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي: أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 327)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(2/ 358 رقم 1129)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(1/ 180)، وابن أخي ميمي الدقاق في "فوائده"(1/ 211 رقم 452)، والمزي في "التهذيب"(17/ 321)، وابن عساكر في "تاريخه"(59/ 80)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين"(2/ 343)، من طرق عَنْ مروان، عن سعيد بن عبد العزيز به.

وأما طريق أَبي مُسْهِر عَبْد الأَعْلَى بن مُسْهِرٍ الغَسَّانِي: أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ المناقب ب/ مَنَاقِبِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَان رضي الله عنه (5/ 687 رقم 3842)، والتَّرْقُفِيُ في "جزئه"(1/ 104 رقم 46)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(2/ 358 رقم 1129)، والأجُّري في "الشريعة" ك/ فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه ب/ ذِكْرِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاوِيَةَ رضي الله عنه (5/ 2438، 2437، 2436 رقم 1917، 1916، 1915، 1914)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 190 رقم 334)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ 1836 رقم 4634)، والخطيب في "تالي تلخيص المتشابه"(2/ 539 رقم 328)، وفي "تلخيص المتشابه في الرسم"(1/ 405)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" جِمَاعِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم ب/ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي فَضَائِلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه (8/ 1527 رقم 2778)، وابن عساكر في "تاريخه"(59/ 81)، من طرق عَنْ أبي مسهر عن سعيد بن عبد العزيز به.

وأما طريق عُمَر بْن عَبْدِ الْوَاحِدِ: أخرجه أبوبكر الخلال في "السنة" ب/ ذِكْرُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَخِلَافَتِهِ رضي الله عنه (2/ 450 رقم 697)، وابن عساكر في "تاريخه"(95/ 82) بسندهما عن عمر بن عبد الواحد، عن سعيد بن عبد العزيز به.

وأما طريق محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني المعروف ببومة: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(59/ 83) بسنده عن محمد بن سليمان، عن سعيد بن عبد العزيز به.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ أبو الفتح المَرْوَزِيُّ.

ص: 78

روي عن: بشر بن الحارث، وأبي منصور محمد بن محمود المروزي.

روي عنه: أَحْمَد بن عَليّ الأبَّار، مُحَمَّد بن يُوسُف الجَوْهَرِيّ، وَجَعْفَر الطَّيَالِسِيّ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره الخطيب في تاريخه، وفي تلخيص المتشابه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ولم أقف في ترجمته علي أكثر من هذا. وحاصله أنه "مجهول الحال".

(1)

3) بِشْرُ بنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَطَاءٍ أَبُو نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المَشْهُوْرُ بِالحَافِي.

(2)

روي عن: زيد بن أَبي الزرقاء، وبشر بْن منصور السليمي، وحجاج بْن منهال، وغيرهم.

روي عنه: أَبُو الفتح نصر بْن منصور، وأَحْمَد بْن حنبل، وإبراهيم بْن إِسْحَاقَ الحربي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، والدارقطني، وابن حجر: ثقة، وزاد الدَّارَقُطْني: جبلٌ ليس يروي إلا حديثًاً صحيحًا، وربما تكونُ البليةُ ممَّن يَروي عنه. وقال الذهبي: كان عديم النّظير زُهْدًا وورعًا وصلاحًا كثير الحديث إلّا أنّه كان يكره الرواية، ويخاف من شهوة النَّفس في ذلك، حَتّى أنّه دفن كُتُبه. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

4) زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ.

روي عن: الْوَلِيد بْن مُسْلِم، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وغيرهم.

روي عنه: بِشْرُ بنُ الحَارِث، وعلي بْن حرب الطائي، وعلي بْن سهل الرملي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، وابن معين، والخليلي: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات، وَقَال: يُغرِب.

وقال الذهبي: صدوق. وقال أحمد، وابن معين مرة، وابن حجر: ليس به بأس. وَقَال أَحْمَد بْن أَبي نَافِع: كَانَ زَيْد يلقي ما فِي الحديث من غلط وشك، ويحدث بما لا شك فيه. وحاصله أنه "ثقة".

(4)

5) الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ القُرَشِيُّ، أَبُو العَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.

روي عن: سَعِيد بْن عبد العزيز، وسفيان الثوري، وسُلَيْمان بْن مُوسَى الزُّهْرِي، وغيرهم.

روي عنه: زيد بن أبي الزرقاء، وأَحْمَد بْن حَنْبَل، وإسحاق بْن راهويه، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن عدي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ حَافِظاً. وقَالَ أَبُو مُسْهِر: كَانَ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِنَا. وذكره ابن حبان في

(1)

يُنظر "تاريخ بغداد" للخطيب 13/ 287، "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 476.

(2)

الحَافِىُّ: بفتح الحاء المهملة والفاء، اشتهر بهذا أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله المروزي المعروف بالحافي، من أهل مرو، نزل بغداد، قال أبو الفضل الفلكي الحافظ: لقب بشر بن الحارث بالحافي لأنه جاء إلى حذاء يطلب منه شسعاً وكان قد انقطع أحد نعليه فقال صاحب الشسع: ما أكثر مؤنتكم على الناس! فطرح النعل من يده وقال برجله هكذا ورمى بالأخرى، وآلى أن لا يلبس نعلاً. قاله السمعاني في "الأنساب" 4/ 27.

(3)

يُنظر "سؤالات السُلَمي للدارقطني"1/ 132، "تهذيب الكمال"4/ 99، "إكمال تهذيب الكمال"2/ 391، "التقريب" صـ 61.

(4)

يُنظر "الجرح والتعديل"3/ 575، "الثقات لابن حبان"8/ 251، "الإرشاد للخليلي"2/ 617، "تهذيب الكمال"10/ 70، "الكاشف"1/ 638، "تهذيب التهذيب"3/ 413، "التقريب" صـ 163.

ص: 79

الثقات، وقال: كان ممن صنف وجمع إلا أنه ربما قلب الأسامي وغير الكنى. وقال الخليلي: مقدم على جميع أهل الشام متفق عليه. وقال الذهبي: احتجا به البخاري ومسلم، ولكنهما ينتقيان حديثه ويتجنبان ما ينكر له.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أحمد: كَثِير الخطأ. وقال ابن المديني: ما رأيت في الشاميين مثل الوليد، وقد أغرب أحاديث صحيحة، لم يشركه فيها أحد. وقال أبو مسهر: كان الوليد ممن يأخذ عن أبي السفر حديث الأوزاعي وكان أبو السفر كذاباً، وكان يحدث حديث الأوزاعي عن الكذابين ثم يدلسها عنهم.

وقد وُصف بالتدليس: قال أبو مسهر: الوليد مدلس، وربما دلس عن الكذابين. وقال الدارقطني: الوليد يروي عن الأوزاعي أحاديث هي عند الأوزاعي عن ضعفاء، عن شيوخ أدركهم الأوزاعي: كنافع، وعطاء، والزهري، فيسقط أسماء الضعفاء، مثل عبد الله بن عامر الأسلمي، وإسماعيل بن مسلم. وسمى ابن القطان هذا بتدليس التسوية. وَقال الذهبي: رَدِيْءَ التَّدْلِيْس فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ حُجَّة. وقال ابن حجر: كثير التدليس والتسوية. وذكره العلائي، وابن حجر، في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين. وحاصله أنه "ثقة لكنه يدلس تدليس التسوية فلا يُقبل شئ من حديثه إلا إذا صرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد".

(1)

6) سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّنُوْخِيُّ: ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك". تقدم في حديث رقم (5).

7) يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ بنِ حَلْبَسٍ الجُبْلَانِيُّ

(2)

أَبُو حَلْبَسٍ، ويُقال أَبُو عُبَيْدٍ، الجُبْلَانِيُّ، الأَعْمَى.

روي عن: عبد الرحمن بْن أَبي عميرة، ومعاوية بْن أَبي سُفْيَان، وعَبد اللَّهِ بْن عُمَر، وآخرين.

روي عنه: سَعِيد بْن عَبْد العزيز، معاوية بْن صالح الحضرمي، ومعاوية بْن يَحْيَى الصدفي، وآخرون. أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأبو داود، والدارقطني، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي كبير القدر. وَقَال أَبُو حاتم: كَانَ من خيار الناس. وذكره ابن حبان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

روي عن: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. روي عنه: يونس بْن ميسرة بْن حلبس، وجبير بْن نفير، وخالد بْن معدان، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: هذا الراوي مختلف في صحبته:

- فقال أبو زرعة، والعلائي، وابن حجر في "التقريب": مختلف في صحبته.

- وقال ابن عبد البر، وابن الأثير: حديثه مضطرب، لا يثبت في الصحابة.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 16، "الثقات" 9/ 222، "تاريخ دمشق" 63/ 274، "تهذيب الكمال"31/ 86، "جامع التحصيل"1/ 111، "السير" 9/ 211، "الميزان"4/ 347، "الإكمال" 12/ 250، "تهذيب التهذيب"11/ 151، "التقريب" صـ 513.

(2)

الجُبْلَانِيُّ: بِضَم الْجِيم وبالباء الساكنة الْمُوَحدَة وَفِي آخِره نون بعد لَام ألف هَذِه النِّسْبَة إِلَى جبلان وَهُوَ بطن من حمير وَهُوَ جبلان بن سهل بن عَمْرو بْن قيس بن مُعَاوِيَة بن جشم بن وَائِل بن سعد بن عَوْف بن عدي بن مَالك إِلَيْهِ ينْسب الجبلانيون وينْسب إِلَيْهِم يُونُس بن ميسرَة بن حَلبس. "يُنظر "اللباب" لابن الأثير 1/ 258.

(3)

قال المزي: عَبْد الرَّحْمَنُ بنُ أَبِي عَمِيْرَةَ المُزَنِيُّ، ويُقال: الأزدي البرقي، وهذا وهم لأنه مزني وليس بأزدي.

ص: 80

- وقال ابن سعد، والبخاري، وابن أبي حاتم، والذهبي، والمزي، وابن السّكن: له صحبة. وذكره أبو نعيم، والبغوي، وابن قانع، وابن البرقي، وابن حبان، وعبد الصمد بن سعيد، وأبو الحسن بن سميع في الصحابة،

- وقال ابن حجر في "الإصابة" بعد أن ذكر له عدة أحاديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال: وهذه الأحاديث وإن كان لا يخلو إسناد منها من مقال فمجموعها يثبت لعبد الرحمن الصحبة فعجبُ من قول ابن عبد البر: حديثه منقطع الإسناد مرسل، لا تثبت أحاديثه، ولا تصحّ صحبته. وتعقبه ابن فتحون، وقال: لا أدري ما هذا، فقد رواه ـــــ حديث الباب ــــــ مروان بن محمد الطاطري، وأبو مسهر، كلاهما عن ربيعة بن يزيد أنه سمع عبد الرحمن بن أبي عميرة أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول. وفات ابن فتحون أن يقول: هب أنّ هذا الحديث الّذي أشار إليه ابن عبد البر ظهرت له فيه علّة الانقطاع، فما يصنع في بقية الأحاديث المصرّحة بسماعه من النبيّ صلى الله عليه وسلم، فما الّذي يصحّح الصحبة زائدا على هذا؟. والراجح والله أعلم ثبوت صحبته، كما قال بذلك جمهور أهل العلم بالإضافة إلي ثبوت سماعه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما في رواية الباب.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد الترمذي في سننه

".

1) محمد بن يحيى الذُّهْلى، أبو عبد الله النَّيسَابُورِي: قال ابن حجر "ثقة حافظ جليل".

(2)

2) أبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ: قال ابن حجر "ثقة فاضل".

(3)

3) سعيد بن عبد العزيز: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (5).

4) ربيعة بن يزيد: قال ابن حجر: "ثقة عابد".

(4)

5) عبد الرحمن بن أبي عميرة: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

مما سبق يتضح لنا أنَّ هذا الحديث مداره علي سعيد بن عبد العزيز، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُس بْنِ مَيْسَرَة بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا الوليد بن مسلم واختلف عليه فيه. قال ابن حجر: وعلته الاضطراب.

(5)

الوجه الثاني: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ.

ورواه عن سعيد بهذا الوجه جماعة من الرواة هم: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وأَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، وعُمَر بن عَبد الوَاحِد، ومُحَمَد بن سُلَيمَان، والوليد بن مسلم من أصح الأوجه عنه.

(1)

"الجرح والتعديل" 5/ 273، "الاستيعاب" 2/ 843، "أسد الغابة" 3/ 474، "الإصابة" 6/ 537، "التهذيب" 17/ 321، "جامع التحصيل"1/ 225، "تحفة التحصيل" 1/ 203، "الكاشف"1/ 638، "التقريب" صـ 289.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 446.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 274.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 148.

(5)

يُنظر "الإصابة" 6/ 537.

ص: 81

وعليه فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فراوه بالوجه الثاني الجماعة، وهذا بخلاف الوجه الأول فلم يروه سوي الوليد.

2) أنَّ الوليد بن مسلم رواه بكلا الوجهين فيرجح من روايته ما وافق فيه رواية الجماعة.

3) أنَّ الوليد بن مسلم اختلف عليه في رواية الوجه الأول لذلك قال ابن حجر: علته الاضطراب.

4) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال ابن عساكر: وقول الجماعة هو الصواب.

(1)

قلت: يقصد بذلك الوجه الثاني.

- وقد رجح أبو حاتم الوجه الثاني كما رواه عنه ابنه.

(2)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ـــ "شاذ" لمخالفة الوليد بن مسلم لمن هو أوثق منه.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــ الراجح ـــ فإسناده صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

‌خامساً: النظر في كلام المُصنف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بِشْرٍ إِلَّا نَصْرٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذه الأزمان التي نعيش فيها نجد بين الفينة والأخرى من يتطاول علي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتقص من قدرهم وفي الحقيقة هؤلاء قوم من الهمج الرعاع الذين يتبعون كل ناعق ويسيرون علي خطي أسلافهم من المستشرقين الذين يريدون أن يشككوا المسلمين في دينهم وفي حملة هذا الدين ونقلته ولكن نقول لهم ولأمثالهم كما قال القائل يا ناطح الجبل الأشم لتكلمه أشفق علي الرأس لا تشفق علي الجبل. ومن هؤلاء الصحابة الذين تطاولوا عليهم سيدنا معاوية بن سفيان رضي الله عنه فكان هذا الحديث من ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ودعاءه له شوكة في حلوقهم. قال ابن تيمية رحمه الله: لم يكن من ملوك الإسلام ملك خيراً من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمن معاوية، إذا نسبت أيامه إلى من بعده. وإذا نسبت إلى أيام أبي بكر، وعمر ظهر التفاضل. وقال قتادة: لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم: هذا المهدي. وروى الأثرم: حدثنا أحمد بن جوّاس، حدثنا أبو هريرة المكتب قال: كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال الأعمش: فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: في حلمه؟ قال: لا والله، بل في عدله. وهذه الشهادة من هؤلاء الأئمة الأعلام لأمير المؤمنين معاوية صدى استجابة الله عز وجل دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم لهذا الخليفة الصالح يوم قال: صلى الله عليه وسلم اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به. وهو من أعلام النبوة.

(3)

(1)

يُنظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 59/ 84.

(2)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم" 6/ 380.

(3)

يُنظر "منهاج السنة" لابن تيمية 3/ 185.

ص: 82

[7/ 657]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: نا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ:«بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي هَذِهِ، فَقَبَّلْنَاهَا، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ» .

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سَلَمَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَطَّافٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه المزي في "تهذيب الكمال"(17/ 92) من طريق الطبراني به.

- وابن سعد في "الطبقات"(4/ 229)، ومن طريقه ــــــ ابن عساكر في "تاريخه"(22/ 99) ــــــ. وابن الأعرابي في "القبل والمعانقة والمصافحة"(1/ 64)، عن حسان المُجَاشِعي. كلاهما: ابن سعد، وحسان المُجَاشِعي: عن سعيد بن منصور، عن عطاف بن خالد به بنحوه وفيه قصة بدون ذكر قوله "ولم ينكر ذلك".

- وأحمد في "مسنده "(27/ 83 رقم 16551)، ومن طريقه ـــــ ابن عساكر في "تاريخه"(22/ 100) ــــــ. عن يونس بن محمد المؤدب، عن عطاف به بلفظ: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه وأخرج لنا كفه كفاً ضخمة قال فقمنا إليه فقبلنا كفيه جميعاً.

- وابن المقرئ في "الرخصة في تقبيل اليد"(1/ 72)، ومن طريقه ـــــ ابن عساكر في "تاريخه"(22/ 100) ــــــــ. عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، عن أبي نصر التمار، عن عطاف به.

- والبخاري في "الأدب المفرد"(1/ 350 رقم 973)، ومن طريقه ـــــ الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" ب/ تَقْبِيلُ يَدِ الْمُحَدِّثِ وَرَأْسِهِ وَعَيْنَيْهِ (1/ 190 رقم 315) ـــــــ. عن ابن أبي مريم عن عطاف به بنحوه.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد ب/ البَيْعَةِ فِي الحَرْبِ أَنْ لَا يَفِرُّوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى المَوْتِ (4/ 50 رقم 2960)، عَنْ يَزِيد بْن أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ:«يَا ابْنَ الأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ؟» قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«وَأَيْضًا» فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى المَوْت.

- والبخاري في "صحيحه " ك/ المغازي ب/ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ (5/ 125 رقم 4169)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ اسْتِحْبَابِ مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ الْجَيْشَ عِنْدَ إِرَادَةِ الْقِتَالِ، وَبَيَانِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ (3/ 1486 رقم 1860)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ. قلت: وذلك بذكر البيعة فقط دون ذكر تقبيل اليد.

‌ثانياً: دراسة الإسناد

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ القُشَيْرِيُّ، النَّسَوِيُّ، أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ

(1)

الدَّقِيْقِيُّ.

(1)

التَّمَّارُ: بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوْقهَا وَتَشْديد الْمِيم وَفِي آخرهَا الرَّاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيع التَّمْر وَكَانَ جمَاعَة يبيعونه وَالْمَشْهُور بِهِ: أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارُ. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 1/ 221.

ص: 83

روي عن: عَطَّاف بْن خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، وحماد بْن زيد، وحماد بْن سلمة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن علي الأبار، ومسلم، وأحمد بن منيع البغوي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأَبُو حاتم، وأَبُو دَاوُد، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة.

(1)

5) عطافُ بنُ خالد بْن عَبْد الله بْن العاص القرشي المَخْزُومِيُّ، أبو صفوان المَدَنِيُّ.

روي عن: عبد الرحمن بْن رزين، ونافع مولى ابْن عُمَر، وزيد بن أسلم، وآخرين.

روي عنه: أبو نصر التمار، وسَعِيد بْن منصور، وقتيبة بن سَعِيد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد: ثقة صحيح الحديث. وقال الذهبي: أَحَدُ المَشَايِخِ الثِّقَاتِ. وقال ابْن مَعِين: ليس به بأس ثقة صالح الحديث. وَقَال أبودَاوُد: ثقة. وَقَال ابْن عدي: لم أر بحديثه بأساً إذا حدث عنه ثقة.

- وقال ابن حجر: صدوق يهم. وَقَال أحمد مرة، وأبو زرعة، والنسائي: ليس به بأس.

- وَقَال أبو حاتم: صالح ليس بذاك. وَقَال النَّسَائي: ليس بالقوي. وقَالَ ابْن حبَان: يروي عَن نَافِع وَغَيره من الثِّقَات مَالا يشبه حَدِيثهمْ وَأَحْسبهُ كَانَ يُؤْتِي ذَلِك من سوء حفظه فَلَا يجوز عِنْدِي الِاحْتِجَاج بروايته إِلَّا فِيمَا وَافق الثِّقَات كَانَ مَالك بن أنس لَا يرضاه. وقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: لَيْسَ بالمتين عِنْدهم. وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَمْ يَحْمَدْهُ مَالِك. وقال الدارقطني: ضعيف. وحاصله أنه "صدوق يهم " والله أعلم.

(2)

3) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَزِينٍ، ويُقال: ابن يَزِيد الغافقي.

روي عن: سلمة بْن الأكوع، وإسحاق بْن عَبد اللَّه بْن أَبي فروة، ومحمد بْن يزيد الفلسطيني.

روي عنه: عطاف بْن خالد المخزومي، ويحيى بْن أَيُّوبَ المِصْرِي.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: وثق. وقال الحاكم بعد ذكر حديث من طريقه: هذا إسناد مصري لم ينسب واحد منهم إلى جرح. وقال الهيثمي بعد ذكره حديث الباب: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

وقال ابن حجر: صدوق.

وقال الدارقطني، وأبو الحسن القطان، والجوزقاني، وابن القيم: مجهول. وعلق أحمد بن حنبل علي إسناد هو فيه فقال: رجاله لا يعرفون. وعلق الجورقاني علي حديث هو فيه فقال: حديث منكر. وحاصله أنه "يحسن حديثه".

(3)

(1)

ينظر "تهذيب الكمال"18/ 354، "الثقات" 8/ 390، "السير" 10/ 571، "الكاشف" 1/ 666، "التقريب" صـ 304.

(2)

ينظر "الثقات" للعجلي 2/ 140، "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني 2/ 167، "المجروحين" لابن حبان 2/ 193، "تهذيب الكمال"20/ 138، "السير" 8/ 273، "التقريب" صـ 332.

(3)

ينظر "الثقات" 5/ 82، "سنن الدارقطني" 1/ 366، "شرح سنن ابن ماجة"1/ 654، "تنقيح التحقيق" 1/ 332، "الأباطيل والمناكير" للجورقاني 1/ 568، "العلل المتناهية" لابن الجوزي 1/ 360، "تهذيب الكمال" 17/ 91، "الكاشف" 1/ 627، "التقريب" صـ 282، "مجمع الزوائد" للهيثمي 8/ 44.

ص: 84

4) سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَكْوَعِ، وَاسمُ الأَكْوَعِ: سِنَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَبُو عَامِرٍ، الأَسْلَمِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر. روي عنه: ابنه إياس، والحسن بن محمد بن الحنفية، وآخرون.

كان رضي الله عنه شجاعاً رامياً سخياً خيراً فاضلًا أول مشاهده الحديبيّة، وغزا مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وكان ممن بايع تحت الشجرة مرتين، وقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي قرد: خير رجالتنا سلمة.

(1)

(2)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده حسن" فيه: عطاف بن خالد: صدوق يهم، وعبد الرحمن بن رزين: يُحَسَن حديثه.

قلت: لكن للحديث شواهد بأجزائه:

أما قوله: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه: فله متابعات في الصحيحين من حديث سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ كما سبق بيان ذلك في التخريج. فعن سَلَمَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ:«يَا ابْنَ الأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ؟» قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«وَأَيْضًا» فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى المَوْت.

وأما قوله: فقبلناها فلم ينكر ذلك: فقد تفرد بها عطاف، عن عبد الرحمن بن رزين، وعبد الرحمن يُحسن حديثه.

وأما تقبيل الصحابة ليد النبي صلى الله عليه وسلم فثابت في الجملة، في عدة أحاديث من أمثلها:

ففي حديث وفد عبد القيس من حديث هُودٌ الْعَصَرِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ ..... وفيه " فَرَمَى الْقَوْمُ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ رِحَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى سَعْيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذُوا بِيَدِهِ يُقَبِّلُونَهَا، وَقَعَدُوا إِلَيْهِ، وَبَقِيَ الْأَشَجُّ - وَهُوَ أَصْغَرُ الْقَوْمِ - فَأَنَاخَ الْإِبِلَ وَعَقَلَهَا، وَجَمَعَ مَتَاعَ الْقَوْمِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي عَلَى تُؤَدَةٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَبَّلَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فِيكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ»

".

(3)

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ.

(4)

(1)

أخرجه مسلم ك/ الجهاد والسير ب/ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ وَغَيْرِهَا (3/ 1433 رقم 1807).

(2)

يُنظر معرفة الصحابة" لأبي نعيم 3/ 1339، "أسد الغابة"2/ 271، "الإستيعاب"2/ 639، "الإصابة"3/ 120.

(3)

أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3/ 314 رقم 1690)، وأبو يعلي في " مسنده"(50/ 68 رقم 6850)، والطبراني في "الكبير"(20/ 345 رقم 812).

(4)

ينظر "مجمع البحرين" للهيثمي"9/ 388.

ص: 85

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنْ يَهُودِيًّا قَالَ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَقَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(1)

قال الترمذي: وَفِي البَابِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(2)

وعَنْ يَزِيد بن أبي زياد مولى الهاشميين، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَبَّلَ يَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(3)

قلت: إسناده ضعيف فيه: يَزِيد بن أبي زياد قال فيه ابن حجر: ضعيف.

(4)

وعلي ذلك فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الحسن إلي الصحيح لغيره.

وأما قوله: فقبلناها فلم ينكر ذلك: فقد تفرد بها عطاف، عن عبد الرحمن بن رزين، وعبد الرحمن يُحسن حديثه.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصنف:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سَلَمَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَطَّافٌ.

قلتُ: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

اختلف أهل العلم رحمهم الله في حكم تقبيل اليد فذهب الأئمة الثلاثة عدا الإمام مالك إلي إباحة تقبيل أيدي العلماء وأصحاب الزهد والورع والتقوي، ونحو ذلك من الأمور الدينية، وأما إذا كان لدنيا أو ثروة أو شوكة أو وجاهة أو سلطان فيكره كراهة شديدة. أما الإمام مالك فذهب إلي كراهة تقبيل اليد علي العموم حتي ولو كانت هذه اليد هي يد الوالدين معللاً ذلك بأن هذا من فعل الأعاجم ويدعو إلي الكِبْر ورؤية النفس.

وهذه هي مذاهب الأئمة رحمهم الله:

المذهب الشافعي: قال النووي رحمه الله: وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْيَدِ، فَإِنْ كَانَ لِزُهْدِ صَاحِبِ الْيَدِ وَصَلَاحِهِ، أَوْ عِلْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ وَصِيَانَتِهِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، فَمُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَ لِدُنْيَاهُ وَثَرْوَتِهِ وَشَوْكَتِهِ وَوَجَاهَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَمَكْرُوهٌ شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَجُوزُ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ.

(5)

(1)

أخرجه أحمد في "مسنده"(30/ 12 رقم 18092)، والترمذي في "سننه" ك/ الاستئذان ب/ مَا جَاءَ فِي قُبْلَةِ اليَدِ وَالرِّجْلِ (5/ 77 رقم 2733)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(2/ 367 رقم 880)، وابن المقرئ في "الرخصة في تقبيل اليد"(1/ 61 رقم 4).

(2)

من أراد المزيد فليراجع مشكوراً "الجامع لأخلاق الراوي" للخطيب 1/ 189، 190، "وسنن أبي دواد" 7/ 510 ــــــ 513، "والرخصة في تقبيل اليد" لابن المقرئ، ب/ الرخصة في تقبيل اليد.

(3)

أخرجه أحمد في "مسنده"(8/ 372 رقم 4750)، و ابن المقرئ في "الرخصة في تقبيل اليد" 1/ 59.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 531.

(5)

يُنظر "روضة الطالبين" للنووي 10/ 236.

ص: 86

المذهب الحنفي: قال الطحطاوي رحمه الله: بعد أن ذكر أدلة جواز تقبيل اليد: فعلم من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح

(1)

والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين، ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام، وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين.

(2)

المذهب الحنبلي: قال أبو بكر المروزي: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُبْلَةِ الْيَدِ فَقَالَ إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّدَيُّنِ فَلا بَأْسَ قَدْ قَبَّلَ أَبُو عُبَيْدَة يَد عمر بْن الْخَطَّابِ وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا فَلا إِلَّا رَجُلًا يُخَافُ سَيْفُهُ أَوْ سَوْطُهُ.

(3)

المذهب المالكي: قال أبو الحسن المالكي: كَرِهَ مَالِكٌ رحمه الله تَقْبِيلَ الْيَدِ سَوَاءٌ كَانَ الْغَيْرُ عَالِمًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ زَوْجًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْأَعَاجِمِ وَيَدْعُو إلَى الْكِبْرِ وَرُؤْيَةِ النَّفْسِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إنَّمَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ يَدِ الظَّلَمَةِ وَالْجَبَابِرَةِ، وَأَمَّا يَدُ الْأَبِ وَالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَمَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ فَجَائِزٌ.

(4)

(1)

قال ابن منظور: الكَشْحُ: مَا بَيْنَ الْخَاصِرَةِ إِلى الضِّلَعِ الخَلف، وَهُوَ مِنْ لَدُن السُّرَّةِ إِلى المَتْن. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الكَشْحان جَانِبَا الْبَطْنِ مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ وَهُمَا مِنَ الْخَيْلِ كَذَلِكَ؛ وَقِيلَ: الكَشْحُ مَا بَيْنَ الحَجَبَة إِلى الإِبط؛ وَقِيلَ: هُوَ الخَصْر. يُنظر "لسان العرب" 2/ 571.

(2)

يُنظر "حاشية الطحطاوي علي مراقي الفلاح" لأحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي الحنفي 1/ 216.

(3)

يُنظر "الورع" للإمام أحمد رواية أبو بكر المروزي 1/ 157، 158.

(4)

يُنظر "حاشية العدوي علي كفاية الطالب" لعلي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي 4/ 396، 397.

ص: 87

[8/ 658]ـــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ عَمِيَ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اخْطُطْ لِي فِي دَارِي مَسْجِدًا لَأُصَلِّيَ فِيهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ، فَتَغَيَّبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ

(1)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟» فَذَكَرَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟» قَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَلَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي حماد بن سلمة، واختلف عليه في متنه من وجهين:

الوجه الأول: علي الترجي بلفظ: لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ عَن أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار. وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ السير ب/ الْخُرُوجِ، وَكَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ: ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ ذُنُوبَ أَهْلِ بَدْرٍ الَّتِي عَمِلُوهَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ غَفَرَهَا اللَّهُ لَهُمْ بِفَضْلِهِ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ مِنْهُمْ. (11/ 123 رقم 4798)، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى. كلاهما: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، وأَحْمَد بْن عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، عن أَبي نَصْرٍ التَّمَّار.

والدارمي في "سننه" ك/ الرقاق ب/ فِي فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ (3/ 1816 رقم 2803)، عن عَمْرُو بْن عَاصِمٍ الكَلابي. وأبو داود في "سننه" ك/ السنة ب/ في الخلفاء (7/ 49 رقم 4654)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(6/ 434)، عن مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل. وابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 160)، عَنْ أَسَد بْن مُوسَى.

أربعتهم: أَبو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وعَمْرُو بْن عَاصِمٍ، ومُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، وأَسَدُ بْنُ مُوسَى، عن حماد بن سلمة به، البعض بذكر القصة التي في رواية الباب والبعض بدونها.

الوجه الثاني: علي اليقين بلفظ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الفضائل ب/ مَا جَاءَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْفَضْلِ (11/ 202 رقم 32886)، وفي ك/ المغازي ب/ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى وَمَتَى كَانَتْ وَأَمْرُهَا (13/ 286 رقم 37726)، ومن

(1)

قال الخطيب، وابن الجوزي: هَذَا الْأَنْصَارِيّ الَّذِي ذهب بصره هو: عِتْبَان بْن مَالِك بْن ثعلبة بْن العجلان بن عُمَرَ بْن العجلان بْن زَيْد بن سالم بن عوف. والرجل المغموز: مَالِك بْن الدَّخْشَن، وَيُقَال: الدخشم بالميم. يُنظر "الأسماء المبهمة"6/ 434، "تلقيح فهوم أهل الأثر"1/ 505. قلت: وقوله في الحديث فَذَكَرَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ أي غمزوه بالنفاق قال ابن الأثير: ولا يصح عَنْهُ النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه. يُنظر "أسد الغابة" 5/ 20.

ص: 88

طريقه ــــ ابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني" ب/ ذِكْرُ أَهْلِ بَدْرٍ وَفَضَائِلِهِمْ وَعَدَدِهِمْ (1/ 255 رقم 332)، وابن حبان في "الثقات" ب/ ذكر عدد تسمية من شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 182)، وفي "السيرة" ب/ ذكر عدد وتسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 185) ـــــ. وأحمد في "مسنده"(13/ 322 رقم 7940)، ومن طريقه ـــــ ابن بشران في "أماليه"(1/ 40 رقم 43) ـــــ. والحاكم في "المستدرك" ك/ معرفة الصحابة ب/ ذكر أهل بدر (4/ 88 رقم 6968)، وأبو داود في "سننه" ك/ السنة ب/ في الخلفاء (7/ 49 رقم 4654). كلهم من طرقٍ عَن يَزِيد بْن هَارُونَ، عن حماد بن سلمة به. البعض بذكر القصة التي في رواية الباب والبعض بدونها.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــــ رواية الباب

ـــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2)

أبو نصر التمار عَبد المَلِك بْن عَبْد الْعَزِيزِ القشيري: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (7).

3) حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ بنِ دِيْنَارٍ، أَبُو سَلَمَةَ البَصْرِيُّ، ابْنِ أُخْتِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.

روي عن: عاصم بن بهدلة، وثابت البناني، والأزرق بن قيس، وآخرين.

روي عنه: أَبُو نصر التمار، وعبد اللَّه بْن المبارك، وعبد الرحمن بْن مهدي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأحمد، وابْن مَعِين، والنسائي، والذهبي، والساجي، وابن حجر: ثقة، وزاد العجلي: رجل صالح حسن الحديث، وزاد الساجي: كان رجلاً حافظاً مأموناً لا يطعن عليه إلا ضال مضل، وزاد الذهبي: صدوق يغلط وليس في قوة مالك. وقال أيضاً: إمام ثقة يهم كغيره احتج به مسلم. وقال أيضاً: هُوَ صَدُوْقٌ حُجَّةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَلَمْ يَنحَطَّ حَدِيْثُه عَنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ، وَمُسْلِمٌ رَوَى لَهُ فِي الأُصُوْلِ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، لِكَوْنِهِ خَبِيْراً بِهِمَا، وزاد ابن حجر: عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة. وقال ابن القطان: هو أحد الأثبات في الحديث. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقال ابن حبان: لم ينصف من جانب حديثه واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخي الزهري وبعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار فإن كان تركه إياه لما كان يخطئ فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما وكانوا يخطؤون فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً وأنى يبلغ أبو بكر بن عياش حماد بن سلمة في إتقانه أو في جمعه أم في علمه أم في ضبطه. وقال في المشاهير: من عباد أهل البصرة ومتقنيهم. وقال ابن عدي: لحماد بن سلمة أحاديث الحسان وصحاح يرويها عن مشايخه، وهو من أئمة المسلمين، وهو كما قال ابن المديني من تكلم في حماد بن سلمة فاتهموه في الدين وهكذا قول أحمد فيه.

وقَالَ البيهقي: هو أحد أئمة المسلمين، إلا أنه لَمَّا طَعَنَ فِي السِّنِّ، سَاءَ حِفْظُه، فَلِذَلِكَ لَمْ يَحتَجَّ بِهِ البُخَارِيُّ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ، فَاجْتَهَدَ فِيْهِ وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، مِمَّا سَمِعَ مِنْهُ قَبْل تَغَيُّرِهِ، فَالاحتِيَاطُ أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِهِ فِيْمَا يُخَالِفُ الثِّقَاتِ. وقَالَ الحَاكِمُ: قَدْ قِيْلَ فِي سُوْء حِفْظِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَجَمْعِهِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي

ص: 89

الإِسْنَادِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُخرِّجْ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الأُصُوْلِ، إلا من حَدِيْثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، وَلَهُ فِي كِتَابِهِ أَحَادِيْثُ فِي الشَّوَاهِدِ عَنْ غَيْرِ ثَابِت. وحاصله أنه "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة" وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنِّ، والله أعلم.

(1)

4)

عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَة، وهو ابنُ أَبِي النَّجُوْدِ الأَسَدِيُّ الكوفي، أَبُو بَكْر المقرئ.

روي عن: ذكوان أَبي صالح السمان، ووائل بن ربيعة، وأبي بردة بْن أَبي مُوسَى الأشعري، وآخرين.

روي عنه: حماد بن سلمة، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، والعجلي، وأبو زُرعة، ويعقوب بن سفيان: ثقة، وزاد ابن سعد: إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه، وزاد يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب. وذكره ابن حبان في الثقات.

- وقال ابْن مَعِين، والنسائي: لا بأس بِه. وَقَال أَبو حَاتِم: محله عندي محل الصدق، صالح الحديث، ولم يكن بذاك الحافظ. وقال الذهبي: ثبت في القراءة، وهو في الحديث دون الثبت صدوق يهم. وقال ابن حجر: صدوق له أوهام حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون.

- وَقَال العقيلي: لم يكن فيه إلا سوء الحفظ. وَقَال الدَّارَقُطْنِي: في حفظه شيء. وقال النسائي، والبزار: ليس بحافظ. وَقَال ابن خراش: في حديثه نكرة. وحاصله أنه "صدوق يهم" والله أعلم.

(2)

5) ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَبُو صَالِحٍ السَمَّانُ الزَيَّاتُّ

(3)

المَدَنِيُّ.

روي عن: أبي هريرة، وعبد الله بْن عباس، عبد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب، وآخرين.

روي عنه: عاصم بن بهدلة، ويحيى بن سَعِيد الأَنْصارِيّ، ومحمد بْن سيرين، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد: ثقة ثقة، من أجل الناس وأوثقهم، ومن أصحاب أبى هريرة. لذلك قال أَبُو صالح عن نفسه: ما أحد يحدث عَن أبي هُرَيْرة إلا وأنا أعلم صادق هو أو كاذب. وقال ابن معين، وأبو زُرْعَة، وَابْن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، والساجي، والحربي، وابن حجر: ثقة، وزاد أبو حاتم: صالح الحديث يحتج بحديثه، وزاد ابن حجر: ثبت، وزاد أَبُو زُرْعَة: مستقيم الحديث. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(4)

(1)

"الجرح والتعديل" 3/ 140، "الثقات" 6/ 216، "المشاهير" صـ 188، "الكامل" 3/ 35، "التهذيب" 7/ 253، "الإكمال"4/ 142، "الكاشف" 1/ 349، "ميزان الإعتدال"1/ 590، "ديوان الضعفاء" 1/ 100، "السير" 7/ 444، "التقريب" صـ 117.

(2)

يُنظر "الثقات للعجلي"2/ 5، "الثقات" لابن حبان 7/ 256، "الجرح والتعديل"6/ 340، "تهذيب الكمال"13/ 473، "ميزان الإعتدال"2/ 357، "التقريب" صـ 285.

(3)

الزَيَّات: بِفَتْح الزَّاي وَتَشْديد الْيَاء وَبعد الْألف تَاء فَوْقهَا نقطتان هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيع الزَّيْت وَحمله من بلد إِلَى غَيره. والسَمَّان: بِفَتْح السِّين وَتَشْديد الْمِيم وَفِي أَخّرهَا نون هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيع السّمن وَحمله. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 2/ 135، 83.

(4)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 450، "الثقات" للعجلي 1/ 345، "الثقات" لابن حبان 4/ 221، "الكاشف" للذهبي 1/ 386، "التهذيب" 3/ 219، "التقريب" صـ 203.

ص: 90

6) أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ،

(1)

صاحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وحافظ الصحابة.

روي عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وآخرين.

روي عنه: أبو صالح السَمَّان، وابن عمر، وابن عباس، وآخرون.

قدم رضي الله عنه المدينة مهاجراً، وأسلم عام خيبر، وشهدها مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أحفظ أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وألزمهم له صحبة على شبع بطنه، فكانت يده مع يده يدور معه حيث دار إلى أن مات، ولذلك كثر حديثه. ومناقبه كثيرة جداً رضي الله عنه. قال الذهبي: مسنده: خمسة آلاف وثلاث مائة وأربعة وسبعون حديثًا. المتفق في البخاري ومسلم منها: ثلاث مائة وستة وعشرون. وانفرد البخاري: بثلاثة وتسعين حديثًا، ومسلم: بثمانية وتسعين حديثًا.

(2)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أحمد في مسنده

".

1) يزيد بن هارون: قال ابن حجر: ثقة متقن عابد.

(3)

2) حماد بن سلمة: ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنّ. تقدم في إسناد الوجه الأول.

3) عاصم بن بهدلة: "صدوق يهم" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) ذكوان أبو صالح السمان: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف في الترجيح:

مما سبق يتبين لنا أن الحديث مداره علي حماد بن سلمة، واختلف عليه في متنه من وجهين:

الوجه الأول: علي الترجي بلفظ: لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم.

وراوه عن حماد بهذا الوجه: أَبو نَصْرٍ التَّمَّارُ وهو: ثقة، وعَمْرُو بْن عَاصِمٍ قال فيه ابن حجر: صدوق في حفظه شئ

(4)

، ومُوسَى بْن إِسْمَاعِيل التَبُوذكي: قال ابن حجر: ثقة ثبت

(5)

، وأَسَدُ بْنُ مُوسَى الأُموي: قال ابن حجر: صدوق يُغرب.

(6)

أربعتهم عن حماد بن سلمة به.

(1)

قال المزي: اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: عبد الرحمن بْن صخر، وقيل: عبد الرحمن بْن غنم،

وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة. وقال الذهبي: اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ جَمَّةٍ، أَرْجَحُهَا: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ. يُنظر "السير" 2/ 578.

(2)

يُنظر "معرفة الصحابة لأبي نعيم"4/ 1885، "الإستيعاب"4/ 1768، "أسد الغابة"6/ 313، "السير" 2/ 633، "الإصابة"7/ 348.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 535.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 360.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 481.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 43.

ص: 91

الوجه الثاني: علي اليقين بلفظ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. ولم يروه عن حماد بهذا الوجه إلا يزيد بن هارون.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الراجح هو الوجه الأول وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: حيث رواه جماعة من الرواة؛ وهذا بخلاف الوجه الثاني فلم يروه إلا يزيد بن هارون.

2) أن الوجه الأول له شواهد في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه.

فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَالَ:«انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ المُشْرِكِينَ، مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى المُشْرِكِينَ» فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: الكِتَابُ، فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ، فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ أَهْوَتِ الى حُجْزَتِهَا، وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ» قَالَ حَاطِبٌ: وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لَا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ وَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا» فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ:«أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟» فَقَالَ: لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ، أَوْ: فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ" فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

(1)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده حسن لذاته" وذلك لأجل عاصم بن بهدلة فهو: صدوق. لكن الحديث بجزئه الثاني "صحيح لغيره" وذلك بشواهده التي في الصحيحين كما سبق ذلك.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضيلة أهل بدر وفضيلة من شهد غزوة بدر وذلك لما تكلموا في حق رجل منهم فقال صلى الله عليه وسلم أليس قد شهد بدراً. ومن ذلك أيضاً لما أرسل سيدنا حاطب بن بلتعة رضي الله عنه إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأراد سيدنا عمر رضي الله عنه أن يضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم. وفي هذا الحديث إشكال وهو أن قوله اعملوا ما شئتم يدل علي أنه لو وقع منهم أشياء بعد ذلك تُوجب المؤاخذة

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد، ب/ الجاسوس (4/ 59 رقم 3007)، وفي ك/ المغازي ب/ بَابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا (5/ 77 رقم 3983)، ومسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم وَقِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ (4/ 1941 رقم 2494).

ص: 92

فلا يؤاخذون عليها لكونهم قد شهدوا غزوة بدر وهذا خلاف عقد الشرع فأجاب ابن حجر علي ذلك بقوله: قوله اعملوا ما شئتم هذا إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي أَيْ كُلُّ عَمَلٍ كَانَ لَكُمْ فَهُوَ مَغْفُورٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنَ الْعَمَلِ لَمْ يَقَعْ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَلَقَالَ فَسَأَغْفِرُهُ لَكُمْ، وَقِيلَ إِنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ اعْمَلُوا لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ وَالْمُرَادُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ خُصُّوا بِذَلِكَ لِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْحَالِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ مَحْوَ ذنوبهم السَّابِقَةِ وَتَأَهَّلُوا لِأَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمُ الذُّنُوبَ اللَّاحِقَةَ إِنْ وَقَعَتْ أَيْ كُلُّ مَا عَمِلْتُمُوهُ بَعْدَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ مِنْ أَيِّ عَمَلٍ كَانَ فَهُوَ مَغْفُورٌ، وَقِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ ذُنُوبُهُمْ تَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ مَغْفُورَةً. انتهي بتصريف.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" 7/ 305.

ص: 93

[9/ 659]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ وَالِي ثَلَاثَةٍ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ مَغْلُولَةً يَمِينُهُ، فَكَّهُ عَدْلُهُ، أَوْ غَلَّهُ جَوْرُهُ» .

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: سَعِيدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي إِبْرَاهِيم بْن هِشَامِ الْغَسَّانِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ الْغَسَّانِيُّ، عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيِّ الْكِنْدِي، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ عن أحمد بْن علي الأَبَّار، عن إبراهيم الغساني به. ولم أقف عليه في حد بحثي من هذا الوجه إلا عند الطبراني.

الوجه الثاني: إبراهيم بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ، عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عن أبي الدرداء.

أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ السير ب/ فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَسْلُكَ الْولَاةُ فِي رَعِيَّتِهِمْ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم (10/ 383 رقم 4525)، عن محمد بن الحسن بن قتيبة بن زيادة بن الطفيل العسقلاني، والحسن بن سفيان.

والطبراني في "الأوسط"(7/ 110 رقم 7003)، عن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْدُوس.

وفي "مسند الشاميين"(1/ 183 رقم 316)، عن مُحَمَّد بْن عَبْدُوسِ، وَجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِي.

وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(46/ 312)، عن محمد بن الحسن بن قتيبة.

أربعتهم: محمد بن الحسن بن قتيبة، والحسن بن سفيان، ومُحَمَّد بْن عَبْدُوسِ، وَجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِي، عَنْ إبراهيم بْن هِشَامٍ الْغَسَّانِي، عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيز، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِي، عَنْ عَدِي بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِي، قَالَ: بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمًا يَسِيرُ شَاذًّا مِنَ الْجَيْشِ، إِذْ لَقِيَهُ رَجُلَانِ شَاذَانِ مِنَ الْجَيْشِ، فَقَالَ: يَا هَذَانِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَلَاثَةٌ فِي مثل هذا المكان إلا أمروا عليهم، فليأتمر أَحَدُكُمْ. قَالَا: أَنْتَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ وَالِي ثَلَاثَةٍ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ مَغْلُولَةَ يَمِينُهُ: فَكَّهُ عَدْلُهُ، أوغله جوره.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2)

إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، أبو إسحاق الغساني الدِّمشقيُّ.

روي عن: أبيه، وسعيد بْن عبد العزيز، ومعروف الخيّاط، وآخرين.

ص: 94

روي عنه: أحمد بْن عليّ الأبّار، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو زُرْعة الدِّمشقيُّ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وقَالَ أبو حَاتِم: لَيْسَ بِثِقَة. وَقال أيضاً: أظُنُّه لَم يطلب العلم وهو كذّاب. وقال ابْن الْجُنَيْد: صدق أبو حاتِم ينبغي أن لا يحدث عنه. وقال أبو زرعة: كذاب. وقال أبو الطاهر المقدسي: ضعيف، وقال الذهبي: أحد المتروكين الذين مشاهم ابن حبان فلم يصب. وحاصله أنه "متروك".

(1)

3) سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (6).

4) عَدِيُّ بْنُ عَدِيّ بْن عَمِيرة أَبُو فَرْوَةَ الْكِنْدِيُّ الوَهْبِيُّ.

(2)

روي عن: رجاء بْن حيوة، الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، وعمه العرس بْن عميرة، وآخرين.

روي عنه: عَمْرو بْن قَيْس السكوني، وأيوب السختياني، وشعبة بْن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، وابن معين، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال ابن حبان: من المتقنين في الروايات. وقال البخاري: سيد أهل الجزيرة.

وقال أَبو حاتم: روى عَن أَبِيهِ مرسل، لَمْ يسمع من أَبِيهِ. وحاصله أنه "ثقة" يرسل عَنْ أبيه.

(3)

5) أَبُو الدَّرْدَاء عُوَيْمِرُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ الخزرجيُّ.

(4)

روي عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وزيد بن ثابت، وعائشة.

روي عنه: أنس، وابْن عُمَر، وأَبُو إدريس الخولاني، وآخرون.

كان رضي الله عنه حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَسَيِّدُ القُرَّاءِ بِدِمَشْقَ. تأخر إسلامه رضي الله عنه، فلم يشهد بدرًا، وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد مَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقيل: إنه لم يشهد أحدًا، وأول مشاهده الخندق. وآخى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

(5)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد الطبراني في الأوسط

".

1) مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بْنُ عَبْدُوس، أبو عبد الملك الرَّبَعيُّ، الصُّوريُّ: ذكره ابن عساكر في تاريخه، والذهبي في تاريخ الإسلام، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وحاصله أنه "مجهول الحال".

(6)

(1)

يُنظر الضعفاء" لأبي زرعة 3/ 794، "المغني في الضعفاء"1/ 29، "تاريخ الإسلام"5/ 779، "لسان الميزان"1/ 122.

(2)

الْوَهْبِيُّ: نِسْبَة إِلَى وهب بن ربيعَة بن مُعَاوِيَة الأكرمين بطن من كِنْدَة مِنْهُم عدي بن عدي بن عميرَة بن فَرْوَة بن الأرقم بن النُّعْمَان بن عَمْرو بن وهب الْكِنْدِيّ الْوَهْبِي ولي الجزيرة. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 3/ 376.

(3)

"الجرح والتعديل"7/ 3، "الثقات" 5/ 270، "المشاهير"1/ 190، "التهذيب" 19/ 534، "الكاشف" 2/ 16، "التقريب" صـ 328.

(4)

قلت: قد اختلف في اسمه: فقيل: عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابْن ثعلبة، وقيل: ابْن عَبد اللَّه بْن قيس، وقيل: عويمر بن زَيْد بن قَيْس بن أمية بْن عامر بْن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث الأَنْصارِيّ، وَقَال عَمْرو بْن عَلِي: سألت رجلا من ولد أَبي الدَّرْدَاء، فقال: اسمه عامر بْن مالك، وعويمر لقبه. يُنظر "التهذيب" 22/ 469، "السير" 2/ 335.

(5)

ينظر "الطبقات"7/ 275، "الإستيعاب"3/ 1227، "السير"2/ 335، "أسد الغابة"3/ 306، "الإصابة"4/ 621.

(6)

يُنظر "تاريخ دمشق" 51/ 73، "تاريخ الإسلام" 6/ 1014.

ص: 95

2) إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ بن يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ: "متروك" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (6).

4) عَمْرِو بْنِ قَيْس الْكِنْدِيُّ السكوني: قال ابن حجر: ثقة.

(1)

5) عَدِيُّ بْنُ عَدِيّ الْكِنْدِيُّ: "ثقة" لم يسمع من أبيه. سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) أَبُو الدَّرْدَاء عُوَيْمِرُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي إِبْرَاهِيم بْن هِشَامِ الْغَسَّانِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: إِبْرَاهِيم الْغَسَّانِي، عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِي، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

الوجه الثاني: إِبْرَاهِيم الْغَسَّانِي، عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِي، عن أبي الدرداء.

قلت: ومدار الوجهين علي إِبْرَاهِيم الغساني، وهو متروك، وعلي هذا فالحديث بكلا الوجهين لم يصح.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول ــــ وكذلك بالوجه الثاني "إسناده ضعيفُ جداً". فالحديث بكلا الوجهين مداره علي إِبْرَاهِيم بْن هِشَام بْن يَحْيَى الْغَسَّانِي وهو متروك كما سبق بيان ذلك. والله أعلم.

قلت: لكن صح الحديث من روايات أخري: فَعَنْ يحْيَى بْن سَعِيدٍ، عَنِ ابْن عَجْلَان قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، وَسَعِيدًا يُحَدِّثَانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ أَمِيرِ عَشْرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا يَفُكُّهُ الْعَدْلُ أَوْ يُوبِقُهُ الْجَوْرُ.

(2)

قلت: إسناده صحيح وابن عجلان "ثقة إلا أنه اختلطت عليه أحديث سعيد المقبري عَن أبي هريرة".

(3)

وقد ثبت الحديث بمعناه في الصحيحين: فعن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ.

(4)

وفي راوية أخري عن معقل قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ.

(5)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 362.

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(15/ 351 رقم 9573)، وأبو يعلي في "مسنده"(11/ 492 رقم 6614).

(3)

ترجمته تأتي في حديث رقم (188).

(4)

أخرجه البخاري ك/ الأحكام ب/ مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ (9/ 64 رقم 7150).

(5)

أخرجه مسلم ك/ الإيمان ب/ اسْتِحْقَاقِ الْوَالِي الْغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ النَّارَ (1/ 125 رقم 142).

ص: 96

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: سَعِيدٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

قلت: وقد رُوي مرة أخري عن سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أبي الدَّرْدَاء وذلك بزيادة عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ بين سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وعَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خطورة من ولي أمراً من أمور المسلمين وأنه يحمل علي عاتقه مسؤولية كبيرة وأمراً جسيماً سيسأل عنه يوم القيامة أمام الله ولا ينجيه من الله أحد فيجب علي كل من ولي أمراً من أمور المسلمين صغر أو كبر قل أو كثر أن يتقي الله فيمن ولاه الله عليهم وأن يرعي شؤونهم ويعدل بينهم ولا يكون غاشاً لهم، أما إن أهمل من ولاه الله عليهم وضيع حقوقهم ولم يعدل بينهم وكان غاشاً لهم فإنه سيسأل يوم القيامة عنهم وإن الله تعالي يوم القيامة سائل كل راعٍ عما استرعاه أحفظ أم ضيع وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. قال ابن بطال: من ضيع من استرعاه الله أو خانهم أو ظلمهم فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 13/ 128.

ص: 97

[10/ 660]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ زَنَى، فَسَأَلَهُ؟ فَاعْتَرَفَ. فَأَمَرَ بِهِ، فَجُرِّدْ، فَإِذَا هُوَ حَمْشُ الْخَلْقِ

(1)

، مُقْعَدٌ، فَقَالَ:«مَا يُبْقِي الضَّرْبُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟» فَدَعَا بأُثْكُولٍ

(2)

فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً". *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زَيْدٍ إِلَّا عُبَيْدُ اللَّهِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: عن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مُرْسلاً.

وراوه عنه بهذا الوجه: أَبِو حَازِم الأَعْرَج، ويَحْيَى بْن سَعِيد القطان، وَأَبو الزِّنَاد عَبد اللَّه بْن ذكوان.

1) أَبِو حَازِم الأَعْرَج: واختلف عنه من وجهين:

أ - أَبِو حَازِم، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ مُرسلاً: أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ الرجم ب/ الضَّرِير فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ (6/ 470 رقم 7260)، عن خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رُستم أبو عبد الرحيم الحَّرانيُّ، عَنْ زَيْد بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ به.

ب - أَبِو حَازِم، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أخرجه الدارقطني في "سننه" ك/ الْحُدُودِ وَالدِّيَاتِ وَغَيْرُهُ (4/ 92 رقم 3156)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الحدود ب/ الْحُبْلَى لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَضَعَ وَيُكْفَلُ وَلَدُهَا (8/ 401 رقم 17010)، والروياني في "مسنده"(2/ 211 رقم 1050)، والمحاملي في "أماليه" رواية ابن البيع (1/ 117 رقم 77)، والذهبي في "السير"(14/ 509)، عَنْ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ به.

وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ الرجم ب/ الضَّرِيرُ فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ (6/ 470 رقم 7259)، عن عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ به.

قلت: قَالَ الدارقطني: وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ.

(3)

2) يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبو الزِّنَادِ عَبد اللَّهِ بْن ذكوان، عن أبي أمامة: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الْأَيْمَانُ وَالنُّذُورُ ب/ تَحْلِيلِ الضَّرْب (8/ 520 رقم 16134). والدولابي في "الكني والأسماء"(1/ 38 رقم 100)، عن مُحَمَّد بْن مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، والنسائي في "الكبرى" ك/ الرجم ب/ الضَّرِيرُ

(1)

حَمْشُ الْخَلْقِ أي: دقيق الخِلْقة وهي اسْتَعَارَةُ مِنَ السَّاق للبَدَن كُلِّهِ. يُنظر "النهاية" لابن الأثير 1/ 441.

(2)

قال الخطابي: الأُثْكُول والإثْكَالُ لغتان في العِثْكال والعثكول وهو الشمراخ من شماريخ العذق. ويقال: العِثْكالُ: الإهانُ ما دام رَطْبًا فإذا يَبِس فهو العُرجُون والعَيْن قد تُبَدل همزةً لقرب مخارجهما وكذلك الهَمْزَةُ تُبدَل عَيْنًا. وقال ابن الأثير: العِثْكال: العِذْق، وَكُلُّ غًصْن مِنْ أغْصانه شِمْرَاخٌ، وهو الذي عليه البُسْر. يُنظر "غريب الحديث" للخطابي 1/ 154. "النهاية" 2/ 500.

(3)

يُنظر "سنن الدارقطني" 4/ 93.

ص: 98

فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ، وَذِكْرُ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَة (6/ 471 رقم 7263)، عن مُحَمَّد بْن مَنْصُور. والبيهقي في "الكبرى" ك/ الحدود ب/ الْحُبْلَى لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَضَعَ وَيُكْفَلُ وَلَدُهَا (8/ 400 رقم 17008)، وفي "معرفة السنن" ك/ الحدود ب/ الْحُبْلَى لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَضَعَ وَيُكْفَلُ وَلَدُهَا (12/ 307 رقم 16804)، عن الشَّافِعِي.

أربعتهم: عبد الرَّزَّاق، والشَّافِعِي، ومُحَمَّد بْن مَنْصُور، وَمُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيد، عن سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ـــــــ من أصح الأوجه عنه ــــــ

(1)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ من أصح الأوجه عنه ــــ أي أبي الزناد ــــ

(2)

كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ به.

والنسائي في "الكبرى" ك/ الرجم ب/ الضَّرِيرُ فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ (6/ 471 رقم 7265، 7264، 7262)، وفي "الصغرى" ك/ آدَابِ الْقُضَاةِ ب/ تَوْجِيهُ الْحَاكِمِ إِلَى مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ زَنَى (8/ 242 رقم 5412)، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ به. والنسائي في "الكبرى" ك/ الرجم ب/ الضَّرِيرُ فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ (6/ 471 رقم 7261)، عن عَبْد اللهِ بْن الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ به.

الوجه الثاني: عن أَبى أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عن بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أَبُو دَاوُدَ في "سننه" ك/ الحدود ب/ في إقامة الحدِّ على المريض (6/ 520 رقم 4472)، ومن طريقه ـــــ البيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الأيمان ب/ مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بِهَا، لَمْ يَحْنَثْ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ عز وجل {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}

(3)

(10/ 109 رقم 20030) ـــــــ، عَنْ أَحْمَد بْن سَعِيدٍ الْهَمَذَانِي، عَنْ ابْن وَهْب، عن يُونُس، عَنِ الزُّهْرِي ـــــ من أصح الأوجه عنه ــــــ

(4)

، عن أَبى أُمَامَة به.

الوجه الثالث: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْد بْنِ عُبَادَةَ. عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَة.

أخرجه أحمد في "مسنده"(36/ 263 رقم 21935)، وابن ماجه في "سننه" ك/ الحدود ب/ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (3/ 604 رقم 2574)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 74 رقم 2024)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الرجم ب/ الضَّرِيرُ فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ (6/ 473 رقم 7268)،

(1)

يُنظر "سنن الدار قطني" حديث رقم 3157، 3158.

(2)

يُنظر "سنن الدار قطني" حديث رقم 3159.

(3)

سورة ص آية رقم: 44.

(4)

قلت: فقد رواه إِسْحَاق بْن رَاشِد، عَنِ الزُّهْرِيِّ، واختلف عنه: فرواه مرة عَن الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْف. ومرة عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْل، عَنْ أَبِيهِ. وإِسْحَاقَ بْنِ رَاشِد هذا قال فيه ابن حجر: ثقة في حديثه عَنْ الزُّهْرِيِّ بعض الوهم. يُنظر "السنن الكبرى" للنسائي ك/ الرجم ب/ الضَّرِيرُ فِي خِلْقَتِهِ يُصِيبُ الْحَدَّ (6/ 472 رقم 7266، 7267)، "المعجم الكبير" للطبراني حديث رقم (6/ 84 رقم 5587)، "التقريب" صـ 40.

ص: 99

والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 63 رقم 5522، 5521)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الحدود ب/ الْحُبْلَى لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَضَعَ وَيُكْفَلُ وَلَدُهَا (8/ 400 رقم 17009)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1296 رقم 3256)، كلهم من طرقٍ عن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدٍ به. قلت: ومحمد بن إسحاق مُدلس وقد روي بالعنعنة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بن عَليّ بن نفَيْل الحراني أَبُو أَحْمد النَّهْدِيّ.

روي عن: عبيد الله بن عَمْرو الرَّقِّيّ، ومُوسَى بن أعين، وزُهَيْر بن مُعَاوِيَة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، وأَبُو عَرُوبَة، وأبو عَقِيل أنس بْن السَّلْم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الطبراني ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3)

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بن أَبي الْوَلِيد الأسدي، أَبُو وهب الرَّقِّيّ مولى بَنِي أسد.

روي عن: زيد بن أبي أنيسة، وسُفْيَان الثَّوْرِي، ومَعْمَر بْن راشِد، وآخرين.

روي عنه: مُعَلَّل بْن نُفَيْل، وحكيم بْن سَيْف الرَّقِّي، وزَكَرِيَّا بْن عدي الكوفي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، وابن معين، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابْن سَعْد: صدوق كثير الحديث ربما أخطأ، وزاد أبو حاتم: صالح الحديث صدوق لا أعرف له حديثاً منكراً، وزاد الذهبي: حجة، وزاد ابن حجر: ربما وهم. وقال الذهبي: عالم أهل الجزيرة ومحدثها. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

4) زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، أَبُو أُسَامَةَ الجَزَرِيُّ الغَنَوِيُّ.

(3)

روي عن: أَبِي حازم سَلَمَة بْن دِينَار، وأبو الزناد عَبد اللَّهِ بْن ذكوان، ويحيى بْن سَعِيد، وآخرين.

روي عنه: عُبَيد الله بْن عَمْرو الرَّقِّيّ، ومالك بْن أَنَس، وأَبُو حنيفة النعمان بْن ثَابِت، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وابن حبان، وأبو داود، والذهبي، والحاكم، وابن نمير، وابن حجر، وابن وضاح، والذهلي، والبرقي: ثقة، وزاد الذهبي: حافظ إمام، وزاد ابن حجر: له أفراد. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس. وقَالَ أَحْمد: فِي حَدِيثه

بعض النكارة وهو علي ذاك حسن الحديث. وحاصله أنه "ثقة".

(4)

(1)

ينظر "الثقات" لابن حبان 9/ 201، "تاريخ الإسلام"5/ 943، "المعجم الصغير للطبراني"1/ 184.

(2)

يُنظر الثقات" للعجلي 2/ 113، "الجرح والتعديل" 5/ 328، "تهذيب الكمال"19/ 136، "السير" 8/ 310، "التقريب" صـ 314.

(3)

الغَنَوِيُّ: بفتح الغين المعجمة والنون وكسر الواو، هذه النسبة إلى غنى بن يعصر، وقيل أعصر، واسمه منبه بن سعد بن قيس عيلان بن مضر. قاله السمعاني في "الأنساب" 9/ 184.

(4)

ينظر "الثقات"للعجلي 1/ 376، "التهذيب"10/ 18، "الكاشف"1/ 415، "الإكمال"5/ 133، "التقريب" صـ 162.

ص: 100

5) سَلَمَةُ بنُ دِيْنَارٍ، أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ

(1)

المَخْزُوْمِيُّ المَدَنِيُّ.

روي عن: أبي أمامة سهل بْن حنيف، وعبد اللَّه بْن عُمَر، وسهل بْن سعد الساعدي، وآخرين.

روي عنه: زيد بْن أَبي أنيسة، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأَحْمَد، وأَبُو حاتم، والنَّسَائي، وابْن خزيمة، وابن عبد البر، وابن حجر: ثقة، وزاد العجلي: رجل صَالِح، وزاد ابن خزيمة: لم يكن فِي زمانه مثله، وزاد ابن عبد البر: ثبت. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

6) أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسلاً، وأنس، وزيد بْن ثابت. روي عنه: ابنه سهل، وسلمة بْن دينار والزُّهْرِي.

وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بعامين، وَأُتِيَ بِهِ فَحَنَّكَهُ، وَسَمَّاهُ أَسْعَدَ، ولم يسمع منه. وقال أبو حاتم والعلائي: ليست له صحبة، وزاد العلائي: وما روي عنه فهو مرسل، وقال أبو نعيم: أَدْرَكَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وقال الطّبرانيّ: له رؤية، وهو أحد الجلة من العلماء من كبار التابعين بالمدينة.

وقال ابن سعد، وأبو حاتم، والدارقطني، والطبراني: ثقة، وزاد أبو حاتم: لا يُسأل عن مثله هو أجل من ذاك. وذكره ابن حبان في الثقات. وحاصله أنه "تابعي ثقة".

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو داود في سننه

".

1) أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانيُّ، أبو جعفر المصري: قال ابن حجر: صدوق.

(4)

2) عبد الله بن وهب المصري: ثقة ثبت" سيأتي في حديث رقم (39).

3) يُوْنُسُ بنُ يَزِيْد الأَيْلِيُّ: "ثِقَةٌ خاصة في الزُّهْرِيِّ" سيأتي في حديث رقم (102).

4) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" سيأتي في حديث رقم (16)

5) أبو أمامَةَ بنُ سهلِ بن حُنَيْف: "تابعي ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) بعضُ أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "مبهم" لكن إبهام الصحابي لا يضر فكلهم عدول رضي الله عنهم.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد أحمد في مسنده

".

1) يَعْلَى بْنُ عُبَيْد، أبو يوسف الطنافسي: قال ابن حجر: "ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه لين".

(5)

(1)

الْأَعْرَج: بِفَتْح الْألف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَفِي آخرهَا الْجِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى العرج وَالْمَشْهُور بهَا: أَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج مولى الْأسود بن سُفْيَان المَخْزُومِي من أهل الْمَدِينَة. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 1/ 74.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 420، "تهذيب الكمال"11/ 272، "إكمال تهذيب الكمال"6/ 8، "التقريب" صـ 187.

(3)

ينظر "معجم الصحابة"للبغوي 1/ 93، "الجرح والتعديل"4/ 193، "الثقات" لابن حبان 3/ 20، "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 1/ 283، "الإستيعاب"1/ 82، "تهذيب الكمال"2/ 525، "جامع التحصيل"1/ 144، "تهذيب التهذيب"1/ 265.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 19.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 538.

ص: 101

2) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق، صاحب المغازي:"ثقة يدلس، فلا يقبل شئُ من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سيأتي في حديث رقم (24).

3) يَعْقُوب بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْأَشَج: قال ابن حجر: ثقة.

(1)

4) أبو أمامَةَ بنُ سهلِ بن حُنَيْف: "تابعي ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) سَعِيد بْن سَعْدِ بْن عُبَادَة الأنصاري: قال ابن حجر: صحابي صغير.

(2)

6) سَعْد بْن عُبَادَة الأنصاري: صحابي.

(3)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: عن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مُرْسلاً. وراوه عنه بهذا الوجه جماعة من الرواة:

1) أَبِو حَازِم الأَعْرَجُ: واختلف عنه من وجهين:

أ - أَبو حَازِم الأَعْرَج، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ مُرسلاً: ورواه عَن أَبِي حَازِمٍ بهذا الوجه: زَيْد بْنِ أَبِي أُنَيْسَة.

ب -أَبِو حَازِم، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: ورواه عَن أَبِي حَازِمٍ بهذا الوجه: فُلَيْحٍ. قَالَ الدارقطني: وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْل.

2) يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبو الزِّنَادِ عَبد اللَّهِ بْن ذكوان.

الوجه الثاني: عن أَبى أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عن بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ورواه عَن أَبى أُمَامَةَ بهذا الوجه: ابْنِ شِهَاب الزُّهْرِيِّ من أصح الأوجه عنه.

الوجه الثالث: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْد بْنِ عُبَادَة، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَة.

ورواه عَن أَبى أُمَامَةَ بهذا الوجه: يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، ورواه عَنْ يَعْقُوب: محمد بن إسحاق وهو مُدلس وقد روي بالعنعنة.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: حيث رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجهيين الأخَرَيْن.

2) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال الدارقطني: وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(4)

- وقال النسائي: أَجْوَدُهَا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ مُرْسَلٌ.

(5)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 537.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 176.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 171.

(4)

يُنظر "سنن الدارقطني" 4/ 92.

(5)

يُنظر "السنن الكبري" للنسائي 6/ 475.

ص: 102

- وقال البيهقي: هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ سُفْيَانَ مُرْسَلًا.

(1)

قلت: أي سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مرسلاً. وقال مرة أخري: وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(2)

- قال ابن حجر: فَإِنْ كَانَتْ الطُّرُقُ كُلُّهَا مَحْفُوظَةً، فَيَكُونُ أَبُو أُمَامَةَ قَدْ حَمَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأَرْسَلَهُ مَرَّةً.

(3)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ مُرسل إسناده صحيح. والله أعلم.

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

(4)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زَيْدٍ إِلَّا عُبَيْدُ اللَّهِ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. فلم يتفرد عُبَيْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو الرَّقِّي برواية هذا الحديث عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَة بل تابعه: خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رُستم أبو عبد الرحيم الحَّرانيُّ. كما سبق بيان ذلك في التخريج. وأبو عبد الرحيم الحَّراني هذا قال فيه ابن حجر: ثقة.

(5)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث الشريف عدداً من الفوائد: منها أن هذا الحديث يقرر إقامة الحد علي الزاني ومن المعلوم أن الزاني إما أن يكون محصناً فهذا حده الرجم، وإما أن يكون أن يكون غير محصن وهذا حده الجلد بأن يجلد مائة جلدة. ومن هذه الفوائد أيضاً: رحمة الإسلام حتي في إقامة الحدود وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم احتال في إقامة الحد علي هذا الرجل الذي زني وأمر أن يُؤتي بأُثْكُول فِيهِ مِائَة شِمْرَاخ فيضرب به ضربة واحدة ويكون ذلك مجزئا في إقامة الحد عليه. ومنها: أَنَّ المريضَ إذا وجب عليه الحدُّ وكان حده الجلد فيُنظر في مرضه فإن كان مَرَضُه مما يُرجَى بُرؤُه انْتُظِر به حتى يَبْرأ فيُقام عليه الحَدَّ بالضَّرب الموجِع، وإن كان مرضه ممَّا لا يُرجَى بُرؤُه أُقِيم عليه الحَدُّ بالضَّرب الخَفِيف بالإثْكالِ ونحوِه، قال الخطابي: وأمّا إذا وجب عليه الرَّجْم فلا نَظِرةَ في أمره لأنه إنما يُرادُ به التَّلفُ فلا وجه للاستِينَاءِ به والله أعلم.

(6)

(1)

يُنظر "السنن الكبري" للبيهقي 8/ 400.

(2)

يُنظر "السنن الكبري" للبيهقي 8/ 401.

(3)

يُنظر "تلخيص الحبير" 4/ 109.

(4)

يُنظر "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"6/ 252.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 133.

(6)

يُنظر "غريب الحديث" للخطابي 1/ 155.

ص: 103

[11/ 661]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ، وخَطَّابُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «يَا وَلِيَّ

(1)

الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، ثَبِّتْنِي بِهِ حَتَّى أَلْقَاكَ». *لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو الْوَاصِلِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الضياء المَقْدِسِي في "المُخْتَارة"(6/ 270 رقم 2290) من طريق الطبراني، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، عَنْ مُعَلَّل بْن نُفَيْل، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، وخَطَّاب بْن الْقَاسِمِ. بدون ذكر عَتَّاب بْن بُشَيْرٍ.

وأبو يعلي كما في "إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (6/ 492 رقم 6268)، و"المطالب العالية" لابن حجر (12/ 477 رقم 2965). والدارقطني في "المُؤْتَلِفْ والمُخْتَلِفْ"(1/ 238)، ومن طريقه ــــــ الخطيب في "تاريخه"(12/ 483) ــــــ. والبيهقي في "الدعوات الكبير" ب/ جَامِعُ مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَيَأْمُرُ أَنْ يُدْعَى بِهِ (1/ 346 رقم 254)، من طُرقٍ عَنْ عَتَّاب بْنُ بَشِيْر.

ثلاثتهم: مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، وَعَتَّاب، وخَطَّاب، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ أَنَسِ، بنحوه، وعند بعضهم بلفظ: يَا وَلِيَّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، مَسِّكْنِي بِهِ حَتَّى أَلْقَاك.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بن عَليّ بن نفَيْل الحراني: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بن عَبد اللَّه البَاهِلِيُّ، أَبُو عبد اللَّه الحَّرَانِي.

روي عن: أبي الواصل عبد الحميد بن واصل، وسُلَيْمان بن أرقم، وهشام بْن حسان، وآخرين.

روي عنه: مُعَلَّل بْن نُفَيْلٍ الحراني، وأحمد بْن حَنْبَل، والخليل بن عَمْرو البغوي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سعد، والعجلي، والنَّسَائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: كان فاضلاً عالماً له فضل ورواية. وقال أحمد: شيخ صدوق وكان أمثل من عتَّاب بن بشير ليس بحديثه بأس. وقال أبو حاتم: كان له فضل ورواية. وقال ابن حجر: قال أبو عروبة أدركنا الناس لا يختلفون في فضله وحفظه. وحاصله "ثقة".

(2)

4) عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو الْحَسَنِ، ويُقال: أَبُو سهل، الحراني مولى بَنِي أمية.

روي عن: أبي الواصل عبد الحميد بْن واصل، وعُمَر بْن حبيب الْمَكِّي، وعثمان بْن الأسود، وآخرين.

روي عنه: معلل بْن نفيل الحراني، وإسحاق بْن راهويه، وروح بْن عُبَادَة، وآخرون.

(1)

الْوَلِىُّ من أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى وهُوَ النَّاصر. وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِ العَالَم والخَلائِق القائِمُ بِهَا. يُنظر "النهاية" 5/ 227.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 276، "الثقات" 9/ 84، "التهذيب" 25/ 289، "تهذيب التهذيب"9/ 193، "التقريب" صـ 416.

ص: 104

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن معين، والدارقطني: ثقة، وزاد ابن سعد" كان صدوقًا إن شاء الله. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كَانَ مِمَّن يُخَالف.

- وقال ابن حجر: صدوق يخطئ. وقال ابن أبي حاتم: ليس به بأس. وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس روى بأخرة أحاديث منكرة وما أرى إلا أنها من قبل خصيف. وسئل أبو زرعة: عتاب بن بشير أحفظ أو محمد بن سلمة؟ قال عتَّاب أحبُ إلى.

- وقال النَّسَائي: لَيْسَ بذاك، ومرة ليس بالقوي. وقال الذهبي: قواه غير واحد وفيه شيء. وقال ابن مَعِين: ضعيف. وقال ابن المَدِينيّ: ضربنا على حديثه. وقال أحمد: تركه ابن مهدي بآخرة. وقال الساجي: عنده مناكير. وحاصله أنه "صدوق يُحسن حديثه إلا في روايته عن خُصيف".

(1)

5)

خَطَّابُ بْنُ الْقَاسِمِ الحَرَانِيُّ، أَبُو عُمَر قاضي حَرَّان.

روي عن: عبد الحميد بْن واصل، وخصيف بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الجزري، وزيد بْن أسلم، وآخرين.

روي عنه: معلل بْن نفيل الحراني، وعَمْرو بن خالد الحراني، ومحمد بْن موسى بْن أعين، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو زرعة، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون في الثقات.

- وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال أحمد: لا بأس به.

- وقال أبو زرعة مرة: منكر الحديث، يقَالَ: إنه اختلط قبل موته. وحاصله أنه "ثقة" وأما وصفه بالاختلاط فإن أبا زرعة ذكر ذلك عنه بصيغة التمريض ــــ يُقال ــــ وليس بصيغة الجزم، والله أعلم.

(2)

6) عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ وَاصِلٍ، أَبِو الْوَاصِلِ البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ.

روي عن: أنس، وأبو بكر بن عمرو الناجي، وسَعِيد الْجُرَيْرِي، وأبى أمية الحَبَطى، وابن مسعود مُرسل.

روي عنه: شعبة، ومحمد بن سلمة، وعتَّاب بن بشير، وعبد الكريم الجزري، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وذكره البخاري، وابن أبي حاتم: ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وروى عنه جمع من الثقات منهم شعبة، وهو لا يروي إلا عن ثقة. وحاصله أنه "يُحسن حديثه".

(3)

7) أَنَسُ بْنُ مَالِك رضي الله عنه: "صحابي" سبق ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده حسن لذاته" لأجل عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ أَبِو الْوَاصِلِ.

قلت: وللحديث متابعة قاصرة من حديث الأعمش، عَنْ أَبِي سُفْيَان طلحة بن نافع، عَنْ أَنَس قَالَ: كَانَ

(1)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 7/ 336، "الثقات" للعجلي 2/ 126، "الجرح والتعديل" 7/ 12، "الثقات" لابن حبان 8/ 522، "تهذيب الكمال" 19/ 286، "تاريخ الإسلام" 4/ 921، "الإكمال" 9/ 119، "التقريب" صـ 320.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 386، "الثقات" لابن حبان 8/ 232، "تهذيب الكمال" 8/ 269، "التقريب" صـ 134.

(3)

"التاريخ الكبير" 6/ 45، "الجرح والتعديل" 6/ 18، "الكني والأسماء" لمسلم 2/ 869، "الثقات" 5/ 126، "الإكمال" 6/ 256.

ص: 105

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَهْلُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: إِنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِ اللهِ يُقَلِّبُهَا.

(1)

قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَنَسٍ أَصَحُّ.

قلت: وللحديث شاهد بالمعني أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الحسن إلي الصحيح لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو الْوَاصِلِ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القلوبَ بمشيئة الله تعالى يقلبها كيف يشاء من الإيمان إلى الكفر، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الطاعة إلى العصيان، ومن العصيان إلى الطاعة؛ فلا ينبغي لأحدٍ أن يَأمَنَ زوالَ نعمة الله التي أنعمها عليه، بل ينبغي أن يخافَ ويتضرَّعَ ويسألَ الله الثبات علي نعمة الإيمان والإسلام والطاعة حتي يلقي الله تبارك وتعالي. وأنه يجب علي العبد ألا يغتر بنفسه ولا بعمله وأن يعيش بين الخوف والرجاء فيخشي عقاب الله ويرجو رحمة الله وأن يظل يدعو الله تعالي أن يميته علي الإسلام ويختم له بخاتمة أهل الإيمان. قال البيضاوي: في دعائه صلى الله عليه وسلم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم أنهم يستثنون من ذلك وخص نفسه بالذكر إعلامًا بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إلى أن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك.

(3)

(1)

أخرجه أحمد في "مسنده"(21/ 259 رقم 13696)، وابن ماجة في "سننه" ك/ الدعاء ب/ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5/ 9 رقم 3834)، والترمذي في "سننه" ك/ القدر ب/ مَا جَاءَ أَنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيِ الرَّحْمَنِ (4/ 448 رقم 2140).

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ القدر ب/ تَصْرِيفِ اللهِ تَعَالَى الْقُلُوبَ كَيْفَ شَاءَ (4/ 2045 رقم 2654).

(3)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 13/ 377.

ص: 106

[12/ 662]ـــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلٌ قَالَ: نا عَتَّابُ بْنُ بُشَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ إِلَّا عَتَّابٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الدولابي في "الكني والأسماء"(3/ 1120 رقم 1951)، عن عَتَّاب بْن بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي وَاصِلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَئِي وَعَمْدِي.

- وأحمد في "مسنده"(21/ 421 رقم 14023)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الِاسْتِعَاذَةُ ب/ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ (7/ 206 رقم 7821)، والطبراني في "الدعاء"(1/ 406 رقم 1367)، والحاكم في "المستدرك" ك/ العلم (1/ 185 رقم 356)، والبيهقي في "الشعب" ب/ في نشر العلم (2/ 285 رقم 1779)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 332 رقم 1467، 1466)، وأبو طاهر السلفي في "الرابع والعشرون من المشيخة البغدادية"(1/ 3 رقم 1)، من طرق عن خَلُفٌ بْن خَلِيفَةَ، عَنْ حَفْصٍ بن عبيد الله، عَنْ أَنَسٍ.

- ومعمر في "جامعه" ب/ الدعاء (10/ 439 رقم 19635)، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَنَس.

- وأحمد في مسنده (21/ 250 رقم 13674)، (20/ 308 رقم 13003)، والطبراني في "مسند الشاميين"(4/ 17 رقم 2603)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 498 رقم 2119)، وأبو يعلي في "مسنده"(5/ 232 رقم 2846، 2845)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ العلم ب/ ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقْرُنَ إِلَى مَا ذَكَرْنَا فِي التَّعَوُّذِ مِنْهَا أَشْيَاءَ مَعْلُومَةً (1/ 283 رقم 83)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 6 رقم 29616)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 57)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" ب/ ذِكْرِ جُمَّاعِ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ بالله عز وجل ويتعوذ من كل إثم وشر وخطيئة وحوبة (1/ 470 رقم 360)، وفي "المدخل" ب/ كَرَاهِيةِ طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا جَاءَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ (صـ 313 رقم 482)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 332 رقم 1468)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" ب/ اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَسُؤَالِهِ الْعِلْمَ النَّافِعَ (1/ 622 رقم 1073)، وزهير بن حرب في "العلم"(صـ 64 رقم 165)، من طرق عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس.

- وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الرقاق ب/ الِاسْتِعَاذَةُ: ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا تَنْفَعُ، وَمِنَ النَّفْسِ الَّتِي لَا تَشْبَعُ. (3/ 293 رقم 1015)، وأبو طاهر السلفي في "الرابع والعشرون من المشيخة البغدادية"(1/ 4 رقم 2)، عن مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عن أبيه، عن أَنَس.

- والطبراني في "الدعاء"(1/ 407 رقم 1372)، الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك.

ص: 107

- كلهم بنحوه دون قوله: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي. فهذه زيادة تفرد بها عتاب عن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ عند الطبراني ــــــ رواية الباب ـــــ، والدولابي في الكني والأسماء.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بْن عَليّ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) عَتَّابُ بْنُ بُشَيْرٍ: "صدوق يُحسن حديثه" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

4) عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ وَاصِلٍ أَبِو الْوَاصِلِ: " يُحسن حديثه" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

5) أَنَس بْن مَالِك بن النَّضر رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده حسن لذاته" لأجل عَتَّاب بْن بَشِيْرٍ، وعَبْد الْحَمِيد بْن وَاصِلٍ. فصدوقان.

قلت: لكن للحديث متابعات أخري عن أنس يرتقي بها إلي الصحة، كما سبق بيانها في التخريج.

وللحديث شاهد في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا.

(1)

وعلي ذلك فالحديث يرتقي بمتابعاته وشواهده من الحسن إلي الصحيح لغيره، دون قوله: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، فهذه زيادة تفرد بها عتَّاب، عن عَبْدِ الْحَمِيد، فهي حسنة علي أصلها. والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ إِلَّا عَتَّابٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

هذا الحديث من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ بالله مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، فهذا منطوق الحديث، ومفهومه أنه كان يسأل الله تبارك وتعالي قلباً خاشعاً، ونفساً راضية بما أعطاه الله لصاحبها، وعلماً نافعاً، ودعاء مستجاباً فهذا الدعاء فيه سؤال الغاية والنهاية الحسنة في هذه الأمور، فالقلب يكون فيه الخشوع، وإذا فقد الخشوع فإن هذا مما يتعوذ منه. وكان يستعيذ بالله من علم لا ينفع. لأن فائدة العلم في العمل، والعلم بدون العمل يكون وبالاً على الإنسان، فالإنسان إذا علم وعمل يكون عمله على بصيرة، واهتدى إلى بصيرة، وعبد الله على بصيرة، وإذا كان

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ب/ بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ مَا عُمِلَ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ يُعْمَلْ. (4/ 2088 رقم 2722).

ص: 108

بخلاف ذلك كان العلم وبالاً عليه، وكان الجاهل أحسن حالاً منه فلا يستوي من يعصي الله وهو جاهل، ومن يعص الله وهو عالم. وكان يستعيذ بالله أيضاً من نفس لا تشبع: فالنفس التي لا تشبع يكون عندها الفقر ولو امتلأت اليدان، فالغنى هو غنى النفس، وإذا وجد غنى النفس فما وراء ذلك يكون تبعاً له، وإذا فقد غنى النفس فإن اليد ولو كانت غنية فإن الفقر يكون موجوداً. ومن دعاء لا يسمع يعني: لا يستجاب.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي فقد يُستشكل هذا مع قول الله تعالي في سورة الفتح:

ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. آية رقم 2. فأجاب العلماء علي ذلك بعدة أجوبة منها: أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك على سبيل التواضع والخضوع والشكر لربه لما علم أنه قد غفر له ليقتدي به في ذلك. وقيل هو محمول على ما صدر من غفلة أو سهو. وقيل على ما مضى قبل النبوة. وقال قوم وقوع الصغيرة جائز منهم فيكون الاستغفار من ذلك.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 11/ 198.

ص: 109

[13/ 663]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّهَا، لَمْ يَرَحْ

(1)

رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ. * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَوْفٍ إِلَّا عِيسَى.

(2)

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط"(8/ 76 رقم 8011)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي شيوخه"(3/ 725 رقم 341)، والقاضي المارِسْتان في "المشيخة الكبرى"(2/ 404 رقم 12)، من طُرقٍ عن عِيسَى بْن يُونُسَ، عَنْ عَوْف الْأَعْرَابِي، عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه.

- والترمذي في "سننه" ك/ الديات ب/ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَقْتُلُ نَفْسًا مُعَاهِدَةً (4/ 20 رقم 1403)، وابن ماجه في "سننه" أبواب الديات ب/ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا (3/ 692 رقم 2687)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الجهاد (2/ 132 رقم 2581)، عن ابْن عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه. لكن بلفظ سَبْعِينَ خَرِيفًا بدل، مِائَة عَامٍ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بْن عَلي الحَرَانيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْن أَبي إسحاق السبيعي، أَبُو عَمْرو، أخو إسرائيل بن يونس.

روي عن: عَوْف الْأَعْرَابِي، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وغيرهم.

روي عنه: مُعَلَّل بْن نُفَيْل، وإسحاق بْن راهويه، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأحمد، وأبو حاتم، وابن معين، وابْن المديني، والنَّسَائي، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن حجر: ثقة. وزاد العجلي، وابن سعد: ثبت. وزاد ابن المديني، وابن حجر: مأمون. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال كان متقناً. وذكره في المشاهير، وقال: كان متيقظاً ثبتاً. وقال مُحَمَّد بْن عمار الموصلي: حجة. وقال الذهبي، وَأَبُو زُرْعَة: الحافظ. وَقَال ابْن المديني: جماعة من الأولاد أثبت عندنا من أباءهم منهم عِيسَى بْن يونس. وسُئل أحمد عنه فقال: عيسى يُسأل عنه؟. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة مأمون".

(3)

(1)

قال ابن حجر: قوله لم يرح بفتح الياء والراء وأصله يراح أي وجد الريح، وحكى ابن التين ضم أوله وكسر الراء قال والأول أجود وعليه الأكثر وحكى ابن الجوزي ثالثة وهو فتح أوله وكسر ثانيه من راح يريح. يُنظر "فتح الباري" 6/ 270.

(2)

(ق/ 39/ أ و ب).

(3)

"الثقات" للعجلي 2/ 200، "الجرح والتعديل" 6/ 291، "الثقات" 7/ 238، "تهذيب الكمال" 23/ 62، "التقريب" صـ 377.

ص: 110

4) عَوْفُ بنُ أَبِي جَمِيْلَةَ، واسم أَبِي جَمِيْلَة: رزينة، أَبُو سَهْلٍ الأَعْرَابِيُّ

(1)

البَصْرِيُّ.

روي عن: مُحَمَّد بن سِيْرِيْن، والحسن البَصْرِي، وأبي العالية الرياحي، وغيرهم.

روي عنه: عِيسَى بْن يُونُسَ، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأَحْمَد، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد أحمد: صالح الحديث،

وزاد النسائي: ثبت. وقال الذهبي: احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ الصِّحَاح. وذكره ابن حبان في الثقات.

وَقَال أَبُو حاتم: صدوق صالح الحديث. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

5) مُحَمَّدُ بْنُ سِيْرِيْن، أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ بْن أبي عمرة البَصْرِيُّ.

روي عن: أَبِي هُرَيْرَة، وَابْنَ عَبَّاس، وابن عمر، وغيرهم.

روي عنه: عَوْف الأَعْرَابِي، وقَتَادَة، وَيُوْنُس بن عُبَيْد، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأحمد، وابن أبي حاتم، وأبو زرعة، وابن معين، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: ثبت عابد كبير القدر كان لايري الرواية بالمعني. وقال ابن حبان: كان فقيهاً فاضلاً حافظاً متقناً. وقال ابن عون: كان إذا حدث كأنه يتقي شيئاً، كأنه يحذر شيئاً وكان يُحدث بالحديث على حروفه. روى له الجماعة.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عن ابن عبَّاس، ومعقل بن يسار، وعائشة، وآخرين. وقال أحمد: سمع من أبي هريرة، وابن عمر. وحاصله أنه "ثقة حافظ" لكنه يرسل.

(3)

6) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: صحابي، سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: والحديث ثابت في "صحيح البخاري" من عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا.

(4)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَوْفٍ إِلَّا عِيسَى.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

الأَعْرَابِيُّ: بفتح الألف وسكون العين والمهملة وفتح الراء وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة معروفة إلى الأعراب، والمشهور بهذه النسبة: عوف بن أبى جميلة يقال رزينة الأعرابي العبديّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 309.

(2)

"الجرح والتعديل"7/ 15، "الثقات" 7/ 296، "التهذيب"22/ 437، "تاريخ الإسلام" 3/ 947، "السير" 6/ 383، "التقريب" صـ 369.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 280، "المراسيل" 1/ 186، "الثقات" 5/ 348، "تهذيب الكمال" 25/ 344، "السير" 4/ 606، "جامع التحصيل"1/ 264، "تهذيب التهذيب"9/ 214، "مختصر تاريخ دمشق" لأبو الفضل الإفريقي 22/ 217، "التقريب" صـ 418.

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجزية والموادعة، ب/ بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ. (4/ 99 رقم 3166).

ص: 111

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حرمة الدماء، وأن الأصل فيها العصمة، وليس فقط دماء المسلمين، وإنما دماء المعاهدين وأهل الكتاب وغيرهم من الوثنين والمشركين الذين بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق، ما داموا يحافظون على هذا العهد ويعملون بمقتضى هذا الميثاق، فإن نقضوا العهد والميثاق صاروا محاربين، ووجب على إمام المسلمين أن يقاتلهم وأن يريق دماءهم. فقال عليه الصلاة والسلام مبيناً حرمة دم المعاهد: من قتل معاهداً - أي: في عهده، سواء من أهل الكتاب أو من غيرهم - لم يرح رائحة الجنة. والجنة لها رائحة طيبة كأطيب ما تكون الرائحة وقد اْختلفت الروايات في قوله صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ، بين أربعين عاماً، وسَبْعِينَ عاماً، ومِائَةِ عَامٍ، وخَمْسمِائَةِ عَامٍ، وأَلْفِ عَامٍ. والروايات كلها صحيحة، فكأن ريح الجنة يشمها من كان من أهلها كلٌ على حسب عمله، وعلى حسب درجته، فمنهم من يشم رائحة الجنة على مسيرة خمسمائة عام، ومنهم من يشم رائحتها على مسيرة مائة عام، وأربعين عاماً.

قال ابن حجر: هَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْأَرْبَعِينَ أَقَلُّ زَمَنٍ يُدْرِكُ بِهِ رِيحَ الْجَنَّةِ مَنْ فِي الْمَوْقِفِ، وَالسَّبْعِينَ فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ ذُكِرَتْ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْخَمْسُمِائَةِ ثُمَّ الْأَلْفُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَعْمَالِ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبُعْدَى أَفْضَلُ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنَ الْمَسَافَةِ الْقُرْبَى وَبَيْنَ ذَلِكَ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ بِتَفَاوُتِ مَنَازِلِهِمْ وَدَرَجَاتِهِم.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 12/ 260

ص: 112

[14/ 664]ـــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلٌ قَالَ: نا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ، وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ» قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُوسَى، تَفَرَّدَ بِهِ: مُعَلَّلٌ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سُفْيَان الثَّوْرِي واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: الثَّوْرِي، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرفوعاً.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــــ رواية الباب ـــــــ.

الوجه الثاني: الثَّوْرِي، عن لَيْث بْن أَبِي سُلَيْمٍ ــــ من أصح الأوجه عنه ــــ

(2)

، عن طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، موقوفاً.

أخرجه ابْنُ جَرِيرٍ في "تفسيره"(10/ 33)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" سورة الأنعام (5/ 1429 رقم 8151)، عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مَهْدِيٍّ، عن سُفْيَان، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ}

(3)

قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ. وفي رواية أبو حاتم قال: هُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، أَوْ فِي هَذِهِ الْأُمَّة.

وابْن جَرِير أيضاً في "تفسيره"(10/ 33)، عَن وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}

(4)

قَالَ: هُمْ أَهْلُ الضَّلَالَةِ. كلاهما: ابْن مَهْدِي، ووَكِيع، عَنْ الثَّوْرِي به.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

(1)

(ق/ 39/ ب).

(2)

أخرجه أبو عمرو الدوري في "جزء فيه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم "، عن بَكْر بْن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن عَبَّاد، عَنْ لَيْث به مرفوعاً، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(10/ 33)، عَنْ بَقِيَّة بْن الْوَلِيدِ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: ثني لَيْثٌ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مرفوعاً. قال ابن كثير في "تفسيره" (3/

377) هَذَا الْإِسْنَادَ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ عَبَّادَ بْنَ كَثِيرٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَخْتَلِقْ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَكِنَّهُ وَهَم فِي رَفْعِهِ. فَإِنَّهُ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْثٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ -عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قوله.

(3)

سورة الأنعام: آية رقم 159.

(4)

سورة الأنعام: آية رقم 159.

ص: 113

3) مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الجزري، أَبُو سَعِيد الحَرَانِيُّ مولى بني عامر بْن لؤي

روي عن: سفيان الثوري، ومالك بْن أنس، ومعمر بن راشد، وغيرهم.

روي عنه: معلل بن نفيل الحراني، ويحيى بْن أيوب المِصْرِي، ويحيى بن يَحْيَى النيسابوري، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، وأبو زرعة، والذهبي، والدارقطني، وابن حجر: ثقة. وقال ابن سعد: صدوق، وكان أحمد: يحسن الثناء عليه. روى له الجماعة سوى التِّرْمِذِي. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

4) سُفْيَانُ بْنُ سَعِيْدِ بْنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ،

(2)

أَبُو عَبْدِ اللهِ الكُوْفِيُّ.

روي عن: عَبْد اللَّهِ بن طاووس، وشعبة بْن الحجاج، ومَعْمَر بْن راشِد، وغيرهم.

روي عنه: مُوسَى بْنُ أَعْيَن الجزري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن المبارك، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْنُ سَعْد، والعجلي، ومالك، وأبو حاتم، وابن معين، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: مأمون ثبت كثير الحديث حجة، وزاد أبو حاتم: حافظ، وزاد ابن حجر: حافظ إمام حجة. وقال النسائي: أجل من أن يقال فيه ثقة. وَقَال شعبة، وابْن عُيَيْنَة، وابْن معين: أمير المؤمنين في الحديث. روى له الجماعة.

وقد وُصف بالتدليس: وصفه النسائي بالتدليس، وقال البخاري ما أقل تدليسه. وذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثانية من المدلسين وهي: من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري. وحاصله أنه "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث وقد احتمل الأئمة تدليسه".

(3)

5) عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُوْسٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ اليَمَانِيُّ.

روي عن: أبيه طَاوُوْس بن كَيْسَان، وعِكْرِمَة، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْب، وغيرهم.

روي عنه: سفيان الثوري، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، ومعمر، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، والنسائي، والدارقطني، وابن حجر: ثقة، وزاد الدارقطني: مأمون، وزاد ابن حجر: فاضل عابد. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(4)

6) طَاوُوْسُ بْنُ كَيْسَانَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَمَانِيُّ الفَارِسِيُّ.

روي عن: أبي هُرَيْرة، وجابر بن عَبدالله، وزيد بن ثابت، وغيرهم.

روي عنه: ابنه عَبد الله بن طاووس، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِيّ، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم.

(1)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 7/ 335، "الجرح والتعديل" 8/ 136، "الثقات" لابن حبان 7/ 458، "تهذيب الكمال" 29/ 27، "الكاشف" للذهبي 2/ 301، "إكمال تهذيب الكمال" 12/ 9، "التقريب" صـ 481.

(2)

الثَّوْريُّ: بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفِي آخرهَا الرَّاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى بطن من هَمدَان وبطن من بني تَمِيم، فأما ثَوْر تَمِيم فَمنهمْ أَبُو عبد الله سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ إِمَام أهل الْكُوفَة. يُنظر "اللباب" 1/ 244.

(3)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 6/ 350، "الثقات" للعجلي 1/ 407، "الجرح والتعديل" 1/ 55، "الثقات" 6/ 401، "جامع التحصيل" 1/ 113، "تهذيب الكمال" 11/ 154، "السير" 7/ 229، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 32، "التقريب" صـ 184.

(4)

يُنظر "السير" 6/ 103، "التقريب" صـ 250، "مغاني الأخيار" للعيني 2/ 94.

ص: 114

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر فقيه فاضل. وقال الذهبي: حَافِظُ حُجَّةٌ بَاتِّفَاقٍ. وقال ليث بن أَبي سليم: كان طاووس يعد الحديث حرفاً حرفاً. وقال حبيب بْن أَبي ثابت: قال لي طاووس: إذا حدثتك الحديث، فأثبته لك، فلا تسألن عنه أحداً. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

7) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: صحابي، سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن جرير الطبري في تفسيره

".

1) مُحَمَّد بن بشار، أَبُو بَكْر البَصْرِيّ بُنْدَار:

(2)

قَال ابن حجر: ثقة.

(3)

2) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي: قال ابن حجر: "ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث".

(4)

3) سُفْيَان الثَّوْرِي: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) ليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي: قال ابن حجر صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فتُركْ.

(5)

5) طَاوُوْسُ بنُ كَيْسَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَارِسِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن الحديث مداره علي سُفْيَان الثَّوْرِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنِ ابْنِ طَاوُوس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: مُوسَى بْنُ أَعْيَن.

الوجه الثاني: سُفْيَان الثَّوْرِي، عن ليث، عن طَاوُوس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، موقوفاً.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الراجح هو الوجه الثاني ـــ الموقوف ـــ وذلك لما يلي:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني راويان، وهذا بخلاف الوجه الأول فلم يروه إلا راوٍ واحد.

2) رواية الأحفظ: فرواة الوجه الثاني أحفظ من رَاوِيَة الوجه الأول. فابن مهدي، ووكيع كلاهما ثقة ثبت.

3) ترجيح الأئمة: قال الدارقطني: رواه موسى بن أعين، عن الثوري، فقال: عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ووهم في موضعين؛ في رفعه، وفي قوله عن ابن طاووس، لأن هذا من حديث ليث، ولا يصح عن ابن طاووس.

(6)

(1)

يُنظر "تهذيب الكمال" 13/ 357، "السير" 5/ 38، "التقريب" صـ 223.

(2)

لُقِّبَ بِذَلِكَ: لأَنَّهُ كَانَ بُنْدَارَ الحَدِيْثِ فِي عَصْرهِ بِبَلَدِهِ، وَالبُنْدَارُ: الحَافِظُ.

(3)

يُنظر "تهذيب الكمال" 28/ 511، "التقريب" صـ 405.

(4)

يُنظر "تهذيب الكمال" 17/ 430، "التقريب" صـ 293.

(5)

يُنظر "تهذيب الكمال" 24/ 279، "التقريب" صـ 400.

(6)

يُنظر "العلل" للدارقطني 8/ 321.

ص: 115

4) المتابعات: قال الدارقطني في "العلل": رواه شيبان بن عبد الرحمن، والثوري، عن ليث، عن طاووس، عن أبي هريرة موقوفًا.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ"، وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــــ ضعيف. لأجل ليث بن أبي سليم، ضعيف الحديث.

قلت: والحديث بالوجه الموقوف ـــــــ الراجح ــــــ له شواهد بالمعني لكنها موقوفة أيضاً وإسنادها صحيح،

ومن أمثلها: ما رُوي عن مَالِك بْن مِغْوَلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَر، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}

(1)

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ يَقُولُ: بَرِيءٌ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ.

(2)

وعَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: لِيَتَّقِ امْرُؤٌ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ، ثُمَّ قَرَأَتْ:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} .

(3)

(4)

‌خامساً: النظر في كلام المصنف:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُوسَى، تَفَرَّدَ بِهِ مُعَلَّلٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان لكن هذا من حيث الوجه المرفوع ــــ المرجوح ـــــ.

وأما من حيث الوجه الموقوف ـــــ الراجح ـــــ فراوه عن سُفْيَان: عبد الرحمن بن مهدي، ووَكِيع.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث الشريف يحذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من شر الفرقة والاختلاف والتشرذم وأنه يجب علي المسلمين في كل زمان ومكان أن يعتصموا بحبل الله المتين ويتمسكوا بكتاب الله تعالي وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألا يتبعوا أهوائهم وآرائهم فإنهم إن اتبعوا أهوائهم حدث فيهم التفرق والاختلاف كما حدث فيمن قبلنا من الأمم. فإن الله تعالي بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه تبارك وتعالي واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه وكانوا شيعا فالله قد برأ رسوله مما هم فيه. كما قال تعالي: لست منهم في شيء. ويحذرنا الله تبارك وتعالي في آية أخري من خطر وشر الفرقة والتحزب والتشرذم والاختلاف فيقول مولانا جل جلاله في سورة الروم: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32). أي: لا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم أي: بدلوه وغيروه

(1)

سورة الأنعام: آية رقم 159.

(2)

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 10/ 34.

(3)

سورة الأنعام: آية رقم 159.

(4)

أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 10/ 35.

ص: 116

وآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء وملل باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء. فحذرنا الله من اتباع سبيلهم.

قال ابن جرير رحمه الله: اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} فقرأها عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ، فعن حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ قال قَرَأَهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَارَقُوا دِينَهُمْ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَرَّقُوا دِينَهُمْ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، أَعْنِي قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ، قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ. وَكَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ تَأَوَّلَ بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ أَنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمَةُ، فَفَرَّقَ ذَلِكَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَتَهَوَّدَ قَوْمٌ، وَتَنَصَّرَ آخَرُونَ، فَجَعَلُوهُ شِيَعًا مُتَفَرِّقَةً. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، قَدْ قَرَأَتْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَئِمَّةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَهُمَا مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُخْتَلِفَتَيْهِ. وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ضَالٍّ فَلِدِينِهِ مُفَارِقٌ، وَقَدْ فَرَّقَ الْأَحْزَابُ دِينَ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ، فَتَهَوَّدَ بَعْضٌ، وَتَنَصَّرَ آخَرُونَ، وَتَمَجَّسَ بَعْضٌ، وَذَلِكَ هُوَ التَّفْرِيقُ بِعَيْنِهِ وَمَصِيرُ أَهْلِهِ شِيَعًا مُتَفَرِّقِينَ غَيْرَ مُجْتَمِعِينَ، فَهُمْ لِدِينِ اللَّهِ الْحَقِّ مُفَارِقُونَ وَلَهُ مُفَرِّقُونَ، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ لِلْحَقِّ مُصِيبٌ، غَيْرَ أَنِّي أَخْتَارُ الْقِرَاءَةَ بِالَّذِي عَلَيْهِ عِظَمُ الْقُرَّاءِ، وَذَلِكَ تَشْدِيدُ الرَّاءِ مِنْ فَرَّقُوا.

(1)

(1)

يُنظر "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" للطبري 10/ 29 ــــــــ 35.

ص: 117

[15/ 665]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَذَّاءُ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ: نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» يَعْنِي: اللُّعَبَ.

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الكبير"(23/ 177 رقم 276)، عن أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار به.

وأبو عروبة في "جزئه" رواية الأنطاكي (1/ 60 رقم 60)، ومن طريقه ـــــ ابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الحظر والإباحة ب/ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُسَمِّي لُعَبَهَا الْبَنَاتِ 13/ 175 رقم 5865) ــــــــ. عَنْ كَثِير بْن عُبَيْد، عَنْ مُحَمَّد بْن حِمْيَر، عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي به بنحوه.

والحميدي في "مسنده"(1/ 289 رقم 262)، ومن طريقه ـــــ الطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 178 رقم 278) ــــــ. والشافعي في "اختلاف الحديث" ب/ نِكَاحِ الْبِكْرِ (8/ 627)، وفي "مسنده"(2/ 29 رقم 89)، ومن طريقه ـــــ البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ النكاح ب/ نِكَاحِ الْآبَاءِ وَغَيْرِهِمْ (10/ 41 رقم 13559)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ النكاح ب/ تَزْوِيج الصَّغِيرة (9/ 34 رقم 2257) ــــــ.

كلاهما: الْحُمَيْدِي، والشافعي، عن سُفْيَان الثَّوْرِي به مطولاً بنحو: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّ يَأْتِينَ صَوَاحِبِي، وَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَرُّ بِهِنَّ يَلْعَبْنَ مَعِي.

والبخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ الِانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ (8/ 31 رقم 6130)، ومسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِلِ الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها (4/ 1890 رقم 2440)، وابن وهب في "الموطأ" ك/ النكاح (1/ 88 رقم 259)، وعفان بن مسلم في "أحاديثه"(1/ 371 رقم 126)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(2/ 275 رقم 783، 784، 785)، وأحمد في "مسنده"(40/ 340 رقم 24298)، (43/ 118 رقم 25968)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1/ 134 رقم 368)، وابن ماجة في "سننه" أبواب النكاح ب/ حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ (3/ 150 رقم 1982)، وأبو داود في "سننه" ك/ الأدب ب/ اللعبِ بالبَنات (7/ 291 رقم 4931)، وابن أبي الدنيا في "النفقة علي العيال" ب/ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ (2/ 756 رقم 559)، وابن عاصم في "الآحاد والمثاني"(5/ 397 رقم 3024)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ النكاح ب/ الْبِنَاءُ بِابْنَةِ تِسْعٍ (5/ 242 رقم 5543)، وفي ك/ عِشْرَةِ النِّسَاءِ ب/ إِبَاحَةُ الرَّجُلِ اللَّعِبَ لِزَوْجَتِهِ بِالْبَنَاتِ (8/ 179 رقم 8897، 8898، 8899)، وفي "السنن الصغرى" ك/ النكاح ب/ الْبِنَاءُ بِابْنَةِ تِسْعٍ (6/ 131 رقم 3378)، وابن أبي داود السجستاني في "مسند عائشة"(1/ 74 رقم 56)، والخطيب في "الكفاية"(1/ 207 رقم 129)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ النكاح ب/ الْإِبَاحَةِ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ وَلَا يَسْتَأْذِنَهَا وَالْإِبَاحَةِ لِزَوْجِهَا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْبِنَاءِ بِهَا نَهَارًا (3/ 78 رقم 4263، 4262، 4261)، (3/ 79 رقم 4265، 4264)، (3/ 80 رقم 4270)، والخرائطي في "اعتلال القلوب" ب/ تَجَنُّبِ الْإِفْضَاءِ إِلَى الْأَحْبَابِ مَخَافَةَ الْمَلَلِ وَالْإِعْرَاضِ (2/ 307 رقم 614)، وابن البختري في "مجموع

ص: 118

مصنفاته" (1/ 412 رقم 627)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الحظر والإباحة ب/ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ: ذِكْرُ جَوَازِ لَعِبِ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَهِيَ غَيْرُ مُدْرِكَةٍ بِاللُّعَبِ. (13/ 173 رقم 5863)، وفي ب/ ب/ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ أَنْ تَجْتَمِعَ مَعَ أَمْثَالِهَا لِلَّعِبِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ (13/ 176 رقم 5866)، والطبراني في "الكبير" (23/ 177 رقم 275)، (23/ 178 رقم 275، 277، 279)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (1/ 106 رقم 15)، وأبو نعيم في "المستخرج" ك/ النكاح ب/ فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ (4/ 87 رقم 3311)، والبيهقي في "الآداب" (1/ 254 رقم 775)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الشهادات ب/ مَا جَاءَ فِي اللَّعِبِ بِالْبَنَاتِ (10/ 370 رقم 20981)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ النكاح ب/ حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ (9/ 165 رقم 2336، 2337)، وابن عساكر في "معجم الشيوخ" (1/ 189 رقم 214)، كلهم من طرق عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ به، واللفظ مُطولاً بنحو: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي.

والنسائي في "الكبرى" ك/ عِشْرَةِ النِّسَاءِ ب/ إِبَاحَةُ الرَّجُلِ اللَّعِبَ لِزَوْجَتِهِ بِالْبَنَاتِ (8/ 180 رقم 8900)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(5/ 397 رقم 3023)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 178 رقم 280)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(9/ 46)، وفي "تالي تلخيص المتشابه"(2/ 481 رقم 290)، وابن مخلد في "منتقي حديثه"(1/ 180 رقم 179)، كلهم من طرق عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بنحو: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

والبزار في "مسنده"(18/ 245 رقم 250)، عن عمرة، عن عائشة بلفظ: كنت ألعب بالبنات فكن صواحباتي يأتينني فكن ينقمن فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يسربهن إلي. وابن أبي الدنيا في "النفقة علي العيال" ب/ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ (2/ 753 رقم 556)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، بلفظ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَلْعَبُ، بِالْبَنَاتِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: خَيْلُ سُلَيْمَان بْن داود فَضَحِكَ صلى الله عليه وسلم.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَذَّاءُ بْن نمير المَذْحِجِيُّ،

(1)

أبو الْحَسَن الحمصي.

روي عن: محمد بْن حمير السليحي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، ووكيع بْن الجراح، وآخرين.

روي عنه: أحمد بن علي الآبار، وأَبُو داود، والنَّسَائي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَبُو حاتم، ومسلمة بن قاسم، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات، وقال: كان من خيار الناس. وَقَال النَّسَائي: لا بأس به. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

(1)

الْمَذْحِجِي: بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الذَّال وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وَفِي آخرهَا جِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى مذْحج وَهُوَ قبيل كَبِير من الْيمن، وَإِنَّمَا قيل لَهُ مذْحج لِأَنَّهُ ولد على أكمة حَمْرَاء بِالْيمن يُقَال لَهَا مذْحج فَسُمي بهَا. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 3/ 186.

(2)

يُنظر الثقات" لابن حبان 9/ 27، "تهذيب الكمال" 24/ 140، "تهذيب التهذيب" 8/ 423، "التقريب صـ 396.

ص: 119

3) مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ بْن أُنَيْسٍ القُضَاعِيُّ، أبُو عَبْدِ اللهِ، وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ الحَمِيْدِ السُلَيْحِىُّ.

(1)

روي عن: سفيان الثوري، وإسماعيل بْن عياش، وبحير بن سَعْد، وآخرين.

روي عنه: كثير بن عُبَيد المذْحِجيَّ، وداود بْن رشيد، والربيع بْن روح، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، ودحيم: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال ابن حجر: صدوق. وَقَال النَّسَائي، والدارقطني: لا بأس به. وقال ابن قانع: صالح. وقال الذهبي: مَا هُوَ بِذَاكَ الحُجَّةِ، حَدِيْثُهُ يُعَدُّ فِي الحِسَان. وَقَال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال الفسوي: ليس بالقوى. روى له البخاري. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

4) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

5) هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، أَبُو المُنْذِرِ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ،

(3)

الزُّبَيْرِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: أبيه، وصالح بن أَبي صالح السمان، وأبي الزناد عَبد الله بْن ذكوان، وآخرين.

روي عنه: سُفْيَان الثَّوْرِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وشعبة بْن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعجلي، وابن معين، وأبو حاتم، وَيعقوب بن شَيْبَة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: ثبت كثير الحديث حجة، وَزاد أَبُو حاتم: إمام فِي الحديث، وزاد يعقوب: ثبت. وقال الذهبي: حُجَّةٌ مُطْلَقاً. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال ابن حبان: كان حافظاً متقناً. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(4)

6) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ قُصَيِّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: خالته عائشة أم المؤمنين، وأبيه الزبير بن العوام، وأسامة بْن زيد بن حارثة، وآخرين.

روي عنه: ابنه هشام بن عروة، وعُمَر بْن عبد العزيز، وأبو الزناد عَبْد اللَّهِ بْن ذكوان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: مأمون ثبت. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن عيينة: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة؛ منهم عروة بن الزبير. روى له الجماعة.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وغيرهم. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(5)

(1)

السُلَيْحِىُّ: بضم السين المهملة وفتح اللام بعدها ياء منقوطة بنقطتين من تحت وفي آخرها حاء مهملة، وقد قيل بفتح السين وكسر اللام، هكذا رأيت مضبوطا مقيدا بخطي في تاريخ مصر ونقلت من نسخة قديمة، هذه النسبة إلى سليح، وهي بطن من قضاعة، والمشهور بهذه النسبة: محمد بن حمير السَلِيْحيُّ من أهل حمص. قاله السمعاني في "الأنساب" 7/ 118.

(2)

يُنظر "الثقات" 7/ 441، "تهذيب الكمال" 25/ 116، "السير" 9/ 234، "تهذيب التهذيب" 9/ 134، "التقريب" صـ 411.

(3)

الْأَسَدِيُّ: بِفَتْح الْألف وَالسِّين الْمُهْملَة وَبعدهَا الدَّال الْمُهْملَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى أَسد وَهُوَ اسْم عدَّة من الْقَبَائِل فهم أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي من قُرَيْش. وَإِلَى أَسد بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر. وَإِلَى أَسد بن ربيعَة بن نزار. وَإِلَى أَسد بن دودان فَمن أَسد قُرَيْش: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ. يُنظر "اللباب" 1/ 52.

(4)

"الثقات" للعجلي 2/ 332، "الجرح والتعديل"9/ 63، "الثقات" 5/ 502، "التهذيب" 30/ 232، "السير"6/ 34، "التقريب" صـ 504.

(5)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 133، "الثقات" 5/ 194، "التهذيب" 20/ 11، "جامع التحصيل" 1/ 236، "التقريب" صـ 329.

ص: 120

7) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

روت عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبيها، وعمر، وآخرين. روي عنها: عروة بن الزبير، وعمر، وابن عمر، وآخرون.

تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست، ودخل بها وهي بنت تسع، وعن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة، وَأَحَبَّهَا النبي صلى الله عليه وسلم حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قالَ: عائشة، قالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوْهَا، وكانت تكنى أم عبد اللَّه. وقالت رضي الله عنها: لم ينكح النبي صلى الله عليه وسلم بكراً غيري ولا امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل اللَّه براءتي من السماء، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، وكان يصلّى وأنا معترضة بين يديه، وقُبض بين سحري ونحري في بيتي وفي ليلتي، ودفن في بيتي.

(1)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: والحديث ثابتُ في الصحيحين كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُحَمَّدٌ بْنُ حِمْيَرٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَان إِلَّا مُحَمَّد بْن حِمْيَرٍ لكن مختصراً. ورواه عن سُفْيَان أيضاً الْحُمَيْدِي، والشافعي، لكن مُطولاً كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فيستفاد من هذا رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالجميع بالصغار والكبار ولما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة كان عندها تسع سنوات يعني أنها ما زالت صغيرة وكانت تلعب باللعب كغيرها من بنات جنسها حتي أنها زُفَّت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعبها معها فكان صواحبها يذهبن إليها فيلعبن معها فإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجن فمن رحمته صلى الله عليه وسلم كان يُدخل صواحبها إليها مرة أخري كي يلعبن معها. وكُن يلعبن بالبنات من اللعب أي: أنهن يطلقن عليهن أن هذه اللعب بنات لهن، وكأنهن يقلدن الكبيرات ويتدربن على ذلك، ويستأنسن بذلك مشابهة لأمهاتهن، وما إلى ذلك مما تحاكي فيه البنات الصغيرات النساء الكبيرات. وقد استدل العلماء بهذا الحديث على جواز اتخاذ اللعب من أجل لِعْب البنات بهن، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات؛ لتدربيهن مع صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. وخُصَّ ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور.

(2)

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 6/ 3208، "الاستيعاب" 4/ 1881، "أسد الغابة" 6/ 188، "الإصابة" 14/ 27.

(2)

يُنظر في ذلك "فتح الباري" لابن حجر 10/ 527.

ص: 121

[16/ 666]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلٌ قَالَ: نا عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ،: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ؟ فَقَالَ: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ فَيَكُونُ حَقًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةً» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِيِّ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: الزُّهْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه إِسْحَاق بْن رَاشِد، مَعْمَر، وابْنُ جُرَيْج، ويُونُس بن يزيد، ومَعْقِل بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، وشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَةَ، وحفص بن عمر بن السائب.

أما طريق إِسْحَاق بْن رَاشِد: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ.

أما طريق معمر: أخرجه معمر في "جامعه" ب/ الْكَاهِنِ (11/ 210 رقم 20347)، ومن طريقه ــــــ البخاري في "صحيحه" ك/ الطب ب/ الكِهَانَةِ (7/ 136 رقم 5762)، ومسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ تَحْرِيمِ الْكَهَانَةِ وَإِتْيَانِ الْكُهَّانِ. (4/ 1750 رقم 2228)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي في الشهب التي أرسلت على مستمعي أخبار السماء الدنيا من الشياطين عند مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان من ذلك شيء قبل مبعثه أم لا؟ (6/ 111 رقم 2336)، وابن منده في "الإيمان" ب/ ذِكْرُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِمَا أَتَى بِهِ الْمُصْطَفَى عليه السلام عَنِ اللَّهِ عز وجل مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ (2/ 702 رقم 699)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ القسامة ب/ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْكِهَانَةِ وَإِتْيَانِ الْكَاهِنِ (8/ 238 رقم 16511)، وفي دلائل النبوة (2/ 235)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الطِّبِّ وَالرُّقَى ب/ الْكَهَانَةِ (12/ 180 رقم 3258)، وابن عساكر في "تاريخه"(34/ 24)، (64/ 332).

وأما طريق ابْنُ جُرَيْجٍ: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ. (8/ 47 رقم 6213)، وابن وهب في "الجامع" ب/ فِي التَّمَائِمِ، وَالتِّوَلِ، وَالنَّفْسِ (1/ 771 رقم 692)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي في الشهب التي أرسلت على مستمعي أخبار السماء الدنيا من الشياطين عند مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان من ذلك شيء قبل مبعثه أم لا؟ (6/ 111 رقم 2335)، والعسكري في "تصحيفات المحدثين" 1 (1/ 311).

وأما طريق يُونُس بن يزيد: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ التوحيد ب/ قِرَاءَةِ الفَاجِرِ وَالمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلَاوَتُهُمْ لَا تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ (9/ 162 رقم 7561)، وفي "الأدب المفرد" ب/ الرَّجُلِ يَقُولُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ (1/ 304 رقم 882).

ص: 122

وأما طريق مَعْقِلٌ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ تَحْرِيمِ الْكَهَانَةِ (4/ 1750 رقم 2228)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ (13/ 506 رقم 6136).

وأما طريق شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة: أخرجه أحمد في "مسنده"(41/ 117 رقم 24570)، وابن منده في "التوحيد"(1/ 148 رقم 39).

وأما طريق حفص بن عمر بن السائب: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(20/ 101).

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة.

ورواه عَنْ الزُّهْرِيُّ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْنِ عُقْبَة الْحَضْرَمِي. أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 106 رقم 163)، ومن طريقه ـــــــ الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 611) ـــــــ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بْن عَليّ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ: "صدوق يُحسن حديثه" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

4) إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ الجزري، أبو سُلَيْمان الحَرَانِيُّ، مولى بني أمية.

روي عن: محمد بْن شهاب الزُّهْرِيّ، وميمون بْن مهران، عبد الحميد بْن زيد بْن الخطاب، وغيرهم.

روي عنه: عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ، ومَعْمَر بْن راشِد، وموسى بْن أعين، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، والعجلي، والبرقي، وابن غسان الغلابي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. روى له الجماعة، سوى مسلم.

وقال الذهبي: صدوق. وقال الفسوي: حسن الحديث. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس.

وَقَال أَبو حاتم: شيخ. وقال النسائي: ليس بذاك القوي. وَقَال ابن خزيمة: لا يحتج بحديثه. وقال الذهلي: في حديثه اضطراب. وقال ابْن مَعِين: ليس في الزُّهْرِيّ بذاك، وفي غير الزُّهْرِيّ ليس به بأس. وَقَال الدارقطني: تكلموا في سماعه من الزُّهْرِي. وقال ابن حجر: في حديثه عن الزهري بعض الوهم. وحاصله أنه "ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك إلا إذا تُوبع".

(1)

5) مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ عُبَيْدِ الله بْنِ شِهَابِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ أَبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: يحيى بْن عروة بن الزبير، وأنس بن مالك، وعُمَر بْن عَبْد العزيز، وغيرهم.

روي عنه: إسحاق بن راشد الجزري، ومالك بْن أنس، وسفيان بن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ العجلي، وابْنُ المَدِيْنِيِّ، وابن سعد: ثقة، وزاد ابن سعد: كثير الحديث والعلم والرواية. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كَانَ من أحفظ أهل زَمَانه وَأَحْسَنهمْ سياقاً لمتون الْأَخْبَار. وقال

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 6/ 51، "تهذيب الكمال" 2/ 419، "الكاشف" 1/ 235، "الإكمال" 2/ 87، "التقريب" صـ 40.

ص: 123

ابن حجر: الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه وثبته. وقال أحمد: سألت يحيى بن سعيد من كان أحفظ الزهري أو قتادة؟ فقال: ما فيهما إلا حافظ. وقال ابن معين: الحفاظ المعروفون بالحفظ: الزهري، وقتادة، والأعمش، وكل واحد منهم إمام في نفسه ضابط لما هو فيه من الحفظ وتصريف الأخبار. روي له الجماعة.

وقد وُصف بالتدليس: فقال ابن حجر: وصفه الشافعي، والدارقطني وغير واحد بالتدليس، وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين، وذكره العلائي في المرتبة الثانية وقال: قبل الأئمة قوله عن.

قلت: فوصفه بالتدليس ليس قادحاً في روايته فقد قبل العلماء تدليسه كما قال العلائي والحلبي، في حين أن تدليسه كان نادراً، كما قال الذهبي، وصرح بذلك ابن حجر في الفتح بأنه كان قليل التدليس.

وقد وصف بالإرسال أيضاً: فقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّان: مُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ شَرٌّ مِنْ مُرْسَلِ غَيْرِهِ؛ لأَنَّهُ حَافِظٌ، وَكُلُّ مَا قَدِرَ أَنْ يُسَمِّيَ سَمَّى، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ مَنْ لَا يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَه، وقال الذهبي: مَرَاسِيْلُ الزُّهْرِيِّ كَالمُعْضَلِ؛ لأَنَّهُ يَكُوْنُ قَدْ سَقَطَ مِنْهُ اثْنَانِ، وَلَا يَسُوغُ أَنْ نَظُنَّ بِهِ أَنَّهُ أَسقَطَ الصَّحَابِيَّ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَه عَنْ صَحَابِيٍّ لأَوضَحَهُ، وَلَمَا عَجِزَ عَنْ وَصْلِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ يَقُوْلُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ عَدَّ مُرْسَلَ الزُّهْرِيِّ كَمُرْسَلِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَدرِ مَا يَقُوْلُ، نَعَمْ، مُرْسَلُه كَمُرْسَلِ قَتَادَةَ، وَنَحْوِه. وقال الشَّافِعِيَّ: إرسَالُ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وقال أحمد بن سنان: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا. ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه.

فوصفه بالإرسال مثله مثل غيره من العلماء الذين وقع الإرسال في رواياتهم، ولعل من أسباب ذلك عندهم أن يكونواْ سمعوا الحديث من جماعة من الثقات وصح عندهم ووقر في أنفسهم فأرسلوه مع علمهم بصحته، كما قال يحيى بن سعيد القطان: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه. مع الأخذ في الاعتبار أن الزهري معروف بحرصه علي رواية الأحاديث بأسانيدها فقد قال لإسحاق بن أبي فروة: قاتلك الله يا ابن أبي فروة، ما أجرأك علي الله، ألا تسند حديثك؟ تحدثنا بأحاديث ليس لها خُطْم ولا أزِمَّة، وعندما قال له ابن عُيينة: هاته ـــــ أي الحديث ـــــ بلا إسناد، قال: أترقي السطح بلا سلم، وتعقب أحمد بن صالح المصري ــــــ وهو العالم بحديث الزهري ــــــ يحيي بن سعيد القطان فقال: وما ليحيي ومعرفة علم الزهري، ليس كما قال يحيي. وعلي ذلك فمراسيله يمكن قبولها، والله أعلم. وحاصله أنه "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن".

(1)

6) يَحْيَى بْنُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، أبُو عُرْوَةُ المَدَنِيُّ.

روي عن: أَبِيهِ عروة بْن الزُّبَيْر. روي عنه: الزُّهْرِي، وأيوب السختياني، والضحاك بْن عُثْمَان، وغيرهم.

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 349، "تهذيب الكمال" 26/ 419، "السير" 5/ 326، "الإكمال" 10/ 341، "ميزان الاعتدال" 4/ 40، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 113، 89، "التقريب" صـ 440، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 45، "مرويات الإمام الزُهْرِيُّ المُعلةُ في كتاب العلل للدارقطني" د/ عبدالله بن محمد حسن دَمْفُو.

ص: 124

أقوال أهل العلم فيه: قال النَّسَائي، والذهبي: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وقال ابْن سَعْد: كَانَ قليل الحديث. وقَال أَبُو حاتم: يقال كَانَ أعلم من أخيه هشام. روى له الْبُخَارِيّ، ومسلم، وأَبُو داود. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

7) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

8) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ: "زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم " سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن الأعرابي في معجمه

".

1) مُحَمَّدٌ بْنُ إسماعيل بن يوسف السُّلَمِيُّ: قال ابن حجر: ثقة.

(2)

2) عبد الله بن صالح الجُهَنِيُّ المصري: قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه.

(3)

3) نَافِعُ بْنُ يَزِيد الكلاعي: قال ابن حجر: ثقة.

(4)

4) إِسْمَاعِيلَ بْنُ إبراهيم بْن عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيِّ: قال ابن حجر: ثقة تُكلم فيه بلا حجة.

(5)

5) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن". تقدم في إسناد الوجه الأول.

6) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

7) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ: "صحابية زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ". سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: الزُّهْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة.

ورواه عَنْ الزُّهْرِيُّ بهذا الوجه إِسْحَاق بْن رَاشِد، ومَعْمَر، وابْنُ جُرَيْج، ويُونُسُ بن يزيد، ومَعْقِل بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، وشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَةَ الأموي، وحفص بن عمر بن السائب.

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة.

ورواه عَنْ الزُّهْرِيُّ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيِّ وهو ثقة.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) رواية الأحفظ: فرواه بهذا الوجه جماعة من الحفاظ أمثال معمر، وشُعَيْب صاحب الزُّهْرِي.

3) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما.

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 7/ 593، "تهذيب الكمال" 31/ 466، "الكاشف" 2/ 371.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 404.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 250.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 490.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 44.

ص: 125

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول الراجح ـــ "إسناده صحيح" فيه: إِسْحَاقُ بْن رَاشِد: ثقة لكن حديثه في الزهري ليس بذاك إلا إذا تُوبع. قلت: وقد تابعه جماعة من الثقات في الصحيحين وغيرهما منهم: معمر، وابن جريج، ويونس بن يزيد.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذِا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ إِلَّا عَتَّابٌ.

(1)

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: شرح الغريب:

قال ابن الأثير: فِي حَدِيثِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ: يَأْتِي الشيطانُ فيتَسَمَّع الكلِمة فَيَأْتِي بِهَا إِلَى الْكَاهِنِ فيُقِرُّها فِي أذُنه كَمَا تُقَرُّ القَارُورة إِذَا أُفْرِغ فِيهَا. وَفِي رِوَايَةٍ: فيَقْذِفها فِي أذُن وَلِيّه كقَرِّ الدَّجَاجَةِ القَرُّ: تَرْدِيدُك الْكَلَامَ فِي أذُن المُخاطب حَتَّى يَفْهَمَهُ، تَقُولُ: قَرَرْته فِيهِ أَقُرُّه قَرّاً. وقَرُّ الدَّجَاجَةِ: صَوْتُهَا إِذَا قَطعَتْه. يُقَالُ: قَرَّتْ تَقِرُّ قَرّاً وقَرِيراً، فَإِنْ رَدَّدَتْه قُلْت: قَرْقَرَتْ قَرْقَرَة. ويُروَى كقَرِّ الزُّجاجة بِالزَّايِ: أَيْ كصَوْتها إِذَا صُبَّ فِيهَا الْمَاءُ.

(2)

‌سابعاً: التعليق علي الحديث:

يحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من الذهاب إلي الكُهان وعدم تصديقهم والاغترار بهم حتي ولو كان الذي يحدثون به صدق أوفيه شئ من الصدق وبين لنا صلى الله عليه وسلم أن صدق الكاهن أحياناً إنما هو لأجل تعامله مع الجن وأن هؤلاء الجن يسترقون السمع ثم يلقون ما يسمعونه إلي أصحابهم من الكهنة وغيرهم فيأخذ الكاهن كلام الجن ويزيد عليه ثم يخاطب به الناس فيوافق أشياء عندهم فيظن الناس أن هذا الكاهن صادق فيما يقول فحينئذ يغتر الناس بهم لما يرونه عندهم من أشياء صادقة يلقونها إليهم لذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وتصديقهم بما يقولون وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخري أن من أتي عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن صدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل علي محمد صلى الله عليه وسلم. فيجب النكير علي هؤلاء وتحذير الناس من الذهاب إليهم. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَجِبُ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُحْتَسِبٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْوَاقِ وَيُنْكِرُ عَلَيْهِمْ أَشَدَّ النَّكِيرِ وَعَلَى مَنْ يَجِيءُ إِلَيْهِمْ وَلَا يَغْتَرُّ بِصِدْقِهِمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَلَا بِكَثْرَةِ مَنْ يَجِيءُ إِلَيْهِمْ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ رَاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ بَلْ مِنَ الْجُهَّالِ بِمَا فِي إِتْيَانِهِمْ مِنَ الْمَحْذُورِ. وَالله أعلم.

(3)

(1)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في حديث رقم (19/ 669)

(2)

يُنظر "النهاية في غريب الحديث" 4/ 39.

(3)

يُنظر "فتح الباري 10/ 221.

ص: 126

[17/ 667]ـــ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ،

(1)

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَأَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِيِّ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أَبَي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: إِسْحَاق بْن رَاشِد، وعَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن مُسَافِر، وشعيب بن أبي حمزة الأموي، والزُّبَيْدِي، وعبيد الله بن أبي زياد أَبو مَنِيع.

أما طريق إِسْحَاق بْن رَاشِد: أخرجه الطبراني في "الأوسط" - رواية الباب -.

وأما طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِر: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ التفسير، ب/ بَابُ قَوْلِ الله تعالي:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}

(2)

(6/ 126 رقم 4812)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ ذِكْرِ سُنَّةٍ عَاشِرَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ وَهُوَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ قَبْضَ اللَّهِ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَطَيَّهُ جَلَّ وَعَلَا سَمَاوَاتِهِ بِيَمِينِهِ، مِثْلَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَصَاحِفِ، مَتْلُوٌّ فِي الْمَحَارِيبِ، وَالْكَتَاتِيبِ، وَالْجُدُورِ. (1/ 168 رقم 94)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ب/ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)}

(3)

(1/ 538 رقم 463)، وفي ب/ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَابِعِ (2/ 170 رقم 736).

وأما طريق شعيب بن أبي حمزة الأموي: أخرجه البخاري معلقاً ك/ التوحيد، ب/ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}

(4)

(9/ 123 رقم 7413)، والدارمي في "سننه" ك/ الرقاق ب/ فِي شَأْنِ السَّاعَةِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تَعَالَى (3/ 1744 رقم 2841)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 242 رقم 549)، والآجُّري في "الشريعة" ك/ ب/ مَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِه (3/ 1169 رقم 740)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ ذِكْرِ سُنَّةٍ عَاشِرَةٍ تُثْبِتُ يَدَ اللَّهِ وَهُوَ إِعْلَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ قَبْضَ اللَّهِ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (1/ 167 رقم 93)، وعبد الغني المقدسي في "التوحيد"(1/ 58 رقم 35)، وابن حجر في "تغليق التعليق"(5/ 343).

وأما طريق الزُّبَيْدِي: أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 168)، وابن حجر في "تغليق التعليق" (5/ 336). وأما طريق: عبيد الله بن أبي زياد: أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 241 رقم 548).

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(1)

أي بالإسناد السابق.

(2)

سورة الزمر آية رقم: 67.

(3)

سورة غافر آية رقم: 16.

(4)

سورة ص آية رقم: 75.

ص: 127

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: يُونُس بْن يَزِيد الْأَيْلِي، وشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة.

أما طريق يُونُس بْن يَزِيدَ الْأَيْلِي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ (8/ 108 رقم 6519)، وفي ك/ التوحيد، ب/ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{مَلِكِ النَّاسِ (2)}

(1)

(9/ 116 رقم 7382)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ (4/ 2148 رقم 2787)، وأحمد في "مسنده"(14/ 451 رقم 8863)، والبزار في "مسنده"(14/ 199 رقم 7751)، وابن ماجة في "سننه" أبواب السنة ب/ فِيمَا أَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّة (1/ 132 رقم 192)، وعثمان الدارمي في "الرد علي الجهمية" ب/ الْإِيمَانِ بِكَلَامِ اللَّهِ تبارك وتعالى (1/ 168 رقم 301)، والنسائي في "الكبرى" ك/ النعوت ب/ الملك (7/ 137 رقم 7645)، وفي ك/ التفسير سورة الزمر ب/ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (10/ 241 رقم 11391)، وفي "النعوت الأسماء والصفات"(1/ 271 رقم 34)، وأبو يعلي في "مسنده"(10/ 232 رقم 5850)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"(1/ 353 رقم 335)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "العظمة" ب/ ذِكْرُ شَأْنِ رَبِّنَا تبارك وتعالى وَأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ (2/ 460 رقم 142)، والآجُّري في "الشريعة" ك/ ب/ مَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِهِ، وَيَطْوِي السَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ (3/ 1170 رقم 741)، وابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 166 رقم 92)، وابن أخي ميمي الدقاق في "فوائده"(1/ 62 رقم 89)، وابن منده في "الرد علي الجهمية" 1/ 39، والبغوي في "تفسيره" 7/ 131، وفي "شرح السنة" ك/ الفتن ب/ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (15/ 110 رقم 4303)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ب/ جِمَاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْإِبْدَاعِ وَالِاخْتِرَاعِ لَهُ أَوَّلُهَا: اللَّهُ، قَالَ اللَّه عز وجل: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (1/ 82 رقم 43)، وفي ب/ ذُكِرَ فِي الْيَمِينِ وَالْكَفِّ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}

(2)

(2/ 138 رقم 704)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(2/ 247 رقم 364)، والذهبي في "السير" 11/ 391.

وأما طريق شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(4/ 168 رقم 3020).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولا": دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بن عَليّ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ: "صدوق يُحسن حديثه" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

4) إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ الجزري: "ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك" تقدم في حديث رقم (16).

(1)

سورة الناس آية رقم: 2.

(2)

سورة الزمر آية رقم: 67.

ص: 128

5) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم في حديث رقم (16).

6) أَبُو سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ عوف القرشي الزُّهْرِيّ المدني، وقِيلَ: اسمه وكنيته واحد.

روي عن: أبي هُرَيْرة، وأسامة بْن زيد، وأنس بْن مَالِك، وغيرهم.،

روي عنه: ابْن شهاب الزُّهْرِي، ونافع مولى ابن عُمَر، وهشام بْن عروة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابْن سعد، وأَبُو زُرْعَة، وابن حجر: ثقة، وَزاد أَبُو زُرْعَة: إمام، وزاد ابن حجر: مكثر. وقال الذهبي: أحد الائمة. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

7) أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه الشيخان في صحيحيهما، وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الزهري، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: الزُّهْرِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أَبَي هُرَيْرَةَ.

ورواه عنه بهذا الوجه: إسحاق بن راشد، وابْنِ مُسَافِر، والزُّبَيْدِي، وشعيب بأحد الأوجه عنه، وعبيد الله بن أبي زياد أَبو مَنِيع. وهذا الوجه أخرجه البخاري في "صحيحه".

الوجه الثاني: الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.

ورواه عنه بهذا الوجه يُونُس بْن يَزِيد الْأَيْلِي، وشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة بأحد الأوجه عنه. وهذا الوجه أخرجه البخاري، ومسلم في صحيحيهما.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الحديث محفوظ بكلا الوجهين وذلك للقرائن الأتية:

1) إخراج البخاري لكلا الوجهين كما سبق بيان ذلك في التخريج.

2) رواية شعيب لكلا الوجهين، وشعيب من أثبت الناس في الزهري كما قال ابن معين.

3) عدم انتقاد الدارقطني للبخاري في إخراج الوجهين: فقال ابن حجر: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الدارقطني فِي الْعِلَلِ

(2)

، قلت: وفي هذا إشارة ضمنية إلي أن الحديث محفوظ بكلا الوجهين.

4) أن هذا يحتمل من الزهري وخاصة أنه كان كثيرُ الرواية فيحتمل منه تعدد الأسانيد للحديث الواحد.

5) ترجيح الأئمة لكلا الوجهين:

- قال الدارقطني: وَالْقَوْلَانِ مَحْفُوظَانِ عن الزهري.

(3)

- وقال ابن خزيمة: قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: الْحَدِيثَانِ عِنْدَنَا مَحْفُوظَانِ يَعْنِي عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ.

(4)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 406، "الثقات"، "تهذيب الكمال" 33/ 370، "الكاشف" 2/ 431، "التقريب" صـ 568.

(2)

يُنظر "فتح الباري" 11/ 372.

(3)

يُنظر "العلل" للدارقطني " 8/ 83.

(4)

يُنظر "التوحيد" لابن خزيمة 1/ 169.

ص: 129

- وقال البيهقي: أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي آخَرِينَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، وَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعاً.

(1)

- وقال ابن حجر: نقل ابن خُزَيْمَةَ عَنْ الذُّهْلِيِّ أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ مَحْفُوظَانِ. وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ تَرْجِيحُ رِوَايَةِ شُعَيْب لِكَثْرَةِ مَنْ تَابَعَهُ

(2)

لَكِنَّ يُونُسَ كَانَ مِنْ خَواص الزُّهْرِيّ الملازمين لَه

(3)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح" فيه: إسحاق بن راشد: ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك إلا إذا تُوبع. قلت: وقد تابعه جماعة من الثقات في الصحيحين وغيرهما، منهم: شعيب بن أبي حمزة الأموي، ويونس بن يزيد الأيلي، وغيرهما.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذِا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ إِلَّا عَتَّابٌ.

(4)

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث إثبات صفة القبض لله، وأن الله يقبض ويطوي، وهي من الصفات الفعلية، وفيه إثبات اسم الملك لله، قال تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]. وفيه إثبات عظمة الرب عز وجل، وأن هذه المخلوقات العظيمة لا تساوي شيئاً بالنسبة لعظمة الله. وقوله: ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ أي: أنه تعالى ينفرد بالملك، فهو الملك حقاً الذي لا منازع له، ولا معاون، ولا ظهير، ولا شريك، وفي ذلك اليوم، عندما يقبض الأرض بيده، ويطوي السماوات بيمينه، ويصبح كل شيء في قبضته، ينادي الذين كانوا ينازعونه في الدنيا ملكه، ويتعدون على سلطانه، من المتكبرين، والمتجبرين، من ملوك الدنيا، وقد انفرد مالك الملك الواحد القهار، ذي السلطان - وهو منفرد به في كل آن، غير أنه في ذلك اليوم ينكشف جلياً - فيناديهم بما يتضمن توبيخهم وتهديدهم: أين ملوك الدنيا؟ فهل يستطيعون رداً؟ وهل لديهم قوة أو حيلة؟ لقد ذهب منهم كل شيء، وبقيت التبعات والحسرات.

(1)

يُنظر "الأسماء والصفات" للبيهقي 2/ 138.

(2)

قلت: يقصد ابن حجر رحمه الله: ترجيح رواية شعيب عن أبي سلمة ـــ الوجه الأول ــ.

(3)

يُنظر "فتح الباري" 13/ 367.

(4)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في حديث رقم (19/ 669).

ص: 130

[18/ 668]ــــ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الزهري، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِي، عن أَبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، واختلف عنه أيضاً من طريقين:

الطريق الأول: الزُّهْرِي، عن أَبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مرسلاً:

ورواه عَنْ الزُّهْرِي من هذا الطريق: إِسْحَاق بْنِ رَاشِد، وشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة، ومُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وصَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَرِ.

أما طريق إِسْحَاق بْنِ رَاشِد: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة ب/ تَنَاشُدُ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ (9/ 76 رقم 9929)، عَنْ عَتَّاب بْن بُشَيْر. والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة ب/ تَنَاشُدُ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ (9/ 76 رقم 9929)، عَنْ مُوسَى بْن أَعْيَن. كلاهما: عَتَّاب، ومُوسَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِي به.

وأما طريق شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ هِجَاءِ المُشْرِكِينَ (8/ 36 رقم 6152)، وفي ك/ الصلاة ب/ الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ (1/ 98 رقم 453)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الفضائل ب/ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه (4/ 1933 رقم 2485)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة ب/ تَنَاشُدُ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ (9/ 75 رقم 9928)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ تناشد الْأَشْعَار فِي الْمَسْجِد (1/ 217 رقم 172)، وأبو يعلي في "مسنده"(10/ 411 رقم 6017)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الكراهة ب/ رِوَايَةِ الشِّعْرِ، هَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ أَمْ لَا؟ (4/ 298 رقم 7010)، والطبراني في مسند الشاميين" (4/ 179 رقم 3053)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الشهادات ب/ شَهَادَةِ الشُّعَرَاءِ (10/ 402 رقم 21103)، وأبو القاسم المهرواني في "المهروانيات" (2/ 592 رقم 25)، وابن عساكر في "تاريخه" (12/ 384)، وعبد الغني المقدسي في "جزء أحاديث الشعر" (1/ 39 رقم 2)، والسبكي في "معجم الشيوخ" 1/ 65.

وأما طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ هِجَاءِ المُشْرِكِينَ (8/ 36 رقم 6152)، والطبراني في "الأوسط"(4609).

وأما طريق صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 41 رقم 3587).

الطريق الثاني: الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 850 رقم 2217)، عن صَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِي، به.

ص: 131

الوجه الثاني: الزُّهْرِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: واختلف عليه أيضاً من طريقين:

الطريق الأول: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مرسلاً:

ورواه عَنْ الزُّهْرِيِّ من هذا الطريق: سفيان بن عُيينة، ومعمر، ويُونُسُ بن يزيد، وزِيَادٌ بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، وإبراهيم بن سعد.

أما طريق سفيان بن عُيينة: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ ذِكْرِ المَلَائِكَةِ (4/ 112 رقم 3212)، والحميدي في "مسنده"(2/ 262 رقم 1136)، وأحمد في "مسنده"(36/ 267 رقم 21936)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار"(2/ 627 رقم 925)، والنسائي في "الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة ب/ تَنَاشُدُ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ (1/ 395 رقم 797)، (9/ 75 رقم 9927)، وفي "الصغرى" ك/ المساجد ب/ الرُّخْصَةُ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ الْحَسَنِ فِي الْمَسْجِدِ (2/ 48 رقم 716)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ تناشد الْأَشْعَار فِي الْمَسْجِد (1/ 217 رقم 171)، والبغوي في "معجم الصحابة"(2/ 150 رقم 512)، وابن المنذر في "الأوسط" جِمَاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَائِهَا وَتَعْظِيمِهَا ب/ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا تُرْبِحَ تِجَارَتُهُمَا (5/ 127 رقم 2517)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الصلاة ب/ المساجد (4/ 532 رقم 1653)، وفي ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ب/ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كَوْنَ جِبْرِيلَ عليه السلام مع حسان بن ثابت ما دام يهاجي الْمُشْرِكِينَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِدُعَاءِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم (16/ 98 رقم 7148)، وابن عساكر في "تاريخه"(12/ 385)، وفي "معجم الشيوخ"(1/ 365 رقم 438)، وابن الجوزي في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(1/ 169 رقم 107)، وشَرَفُ الدِّيْنِ بنِ جَعْفَرٍ المَقْدِسِيُّ في "أحاديث مقتبسة من الأربعين المسلسلة"(1/ 9 رقم 6).

وأما طريق معمر: أخرجه معمر في "جامعه" ب/ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ (11/ 276 رقم 20509)، ومن طريقه ــــــ مسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه (4/ 1932 رقم 2485)، وابن عساكر في "تاريخه"(12/ 383) ـــــــ.

وأما طريق يُونُسُ بن يزيد: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الكراهة ب/ رِوَايَةِ الشِّعْرِ هَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ أَمْ لَا؟ (4/ 298 رقم 7008).

وأما طريق زِيَادٌ بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني: أخرجه أبو محمد الفاكهي في "الفوائد"(1/ 476 رقم 243)، وابن عساكر في "تاريخه"(12/ 384).

وأما طريق إبراهيم بن سعد: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(12/ 385)

الطريق الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِيِّ من هذا الطريق: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وزَمْعَة بن صالح اليماني.

أما طريق سُفْيَان بْن عُيَيْنَة: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه (4/ 1932 رقم 2485)، وأبو يعلي في "مسنده"(10/ 290 رقم 5885)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَنَاشُدِ بَعْضِ الْأَشْعَارِ فِي

ص: 132

الْمَسَاجِدِ لَا عَنْ جَمِيعِهَا إِذِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَبَاحَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ، وَدَعَا لَهُ أَنْ يُؤَيَّدَ بِرُوحِ الْقُدُس (2/ 275 رقم 1307)، والثعلبي في "تفسيره"7/ 186، وابن عساكر في "تاريخه"(12/ 384).

وأما طريق زَمْعَة بن صالح: أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(4/ 71 رقم 2428).

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَة.

أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الكراهة ب/ رِوَايَةِ الشِّعْرِ، هَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ أَمْ لَا؟ (4/ 298 رقم 7009). عن عَبْد الْأَعْلَى، عن مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ حَسَّانَ، بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بن عَليّ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ: "صدوق يُحسن حديثه" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

4) إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ الجزري: "ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك" تقدم في حديث رقم (16).

5) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

6) أَبُو سَلَمَة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عوف: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (17).

7) حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن مالك.

روي عن: النبي صلى الله عليه وسلم.

روي عنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وآخرون.

كان رضي الله عنه شاعر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضع لحسان المنبر في المسجد يقوم عليه قائماً يهجو الذين كانوا يهجون النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنّ روح القدس مع حسّان ما دام ينافح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال أبو عبيدة: فُضِلَ حسان بن ثابت على الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في أيام النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام.

(1)

8) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه البخاري في "صحيحه" وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد الطحاوي في شرح معاني الآثار

".

1) إبراهيم بْنُ أَبِي دَاوُدَ بن سليمان الأسدي: قال ابن يونس المصري "ثقة ثبت".

(2)

2) محمد بن أبي بكر المُقَدَمِي: قال ابن حجر "ثقة".

(3)

(1)

يُنظر "الاستيعاب" 1/ 341، "أسد الغابة" لابن الأثير 2/ 6، "الإصابة" لابن حجر 2/ 525،

(2)

يُنظر "تاريخ ابن يُونس المصري" 2/ 10.

(3)

يُنظر "التقريب" لابن حجر صـ 406.

ص: 133

3) عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري: قال ابن حجر "ثقة".

(1)

4) معمر بن راشد الأزْدي: قال ابن حجر "ثقة ثبت فاضل".

(2)

5) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

6) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

7) حسان بن ثابت بن المنذر: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الزهري واختلف عليه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِي، عن أَبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن. واختلف عليه، فرواه مرة عن أبي سَلَمَةَ مرسلاً، وراوه عنه بهذا الوجه: شُعَيْبٌ بن أبي حمزة، ومُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وإِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، وصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ. ومرة عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة وراوه عنه بهذا الوجه: صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ.

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. واختلف عليه، فرواه مرة عن سَعِيدِ مرسلاً، ورواه عنه بهذا الوجه: ابن عُيينة، ويُونُس، وزِيَاد، وإبراهيم بن سعد، ومعمر. ومرة عن سعيد، عن أبي هريرة، وراوه عنه بهذا الوجه: ابن عُيينة.

الوجه الثالث: الزهري، عَنْ عُرْوَةَ. ورواه عنه بهذا الوجه معمر بإحدى الأوجه عنه.

قلت: وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ في هذا الحديث قضيتين:

القضية الأولي: قضية الوصل والإرسال في الوجه الأول، والثاني.

فبين الحافظ ابن حجر رحمه الله أن الأحاديث في سياق الوصل وليست في سياق الإرسال: فقال: إنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ فَقَالَ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ الْحَدِيثَ وَرِوَايَةُ سَعِيدٍ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ عِنْدَهُمْ مُرْسَلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زمن الْمُرُور وَلكنه يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ سَعِيدًا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدُ أَوْ مِنْ حَسَّانَ أَوْ وَقْعَ لِحَسَّانَ اسْتِشْهَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى فَحَضَرَ ذَلِكَ سَعِيدٌ وَيُقَوِّيهِ سِيَاقُ حَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَمِعَ حَسَّانَ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَلَمَةَ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ مُرُورِ عُمَرَ أَيْضًا فَإِنَّهُ أَصْغَرُ مِنْ سَعِيدٍ فَدَلَّ عَلَى تَعَدُّدِ الِاسْتِشْهَادِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْتِفَاتُ حَسَّانَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَاسْتِشْهَادُهُ بِهِ إِنَّمَا وَقَعَ مُتَأَخِّرًا لِأَنَّ ثُمَّ لَا تَدُلُّ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ سَعِيدٌ أَرْسَلَ قِصَّةَ الْمُرُورِ ثُمَّ سَمِعَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِشْهَادَ حَسَّانَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الْمَقْصُود لِأَنَّهُ الْمَرْفُوع وَهُوَ مَوْصُول بِلَا تَرَدُّدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(3)

القضية الثانية: الترجيح بين الوجوه:

(1)

يُنظر "التقريب" لابن حجر صـ 273.

(2)

يُنظر "التقريب" لابن حجر صـ 473.

(3)

يُنظر "فتح الباري" 1/ 548.

ص: 134

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الحديث محفوظ بالوجه الأول، والثاني، وذلك للقرائن الأتية:

1) إخراج البخاري، ومسلم لكلا الوجهين في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك في التخريج.

2) أن هذا يُحتمل من الزهري وخاصة أن الزهري كان كثيرُ الرواية فيحتمل منه تعدد الأسانيد للحديث الواحد.

3) رواية الأكثر عدداً لكلا الوجهين، وهذا بخلاف الوجه الثالث فلم يروه عن الزهري إلا معمر من إحدى الأوجه عنه، لذا قال الدارقطني: وَحَدِيثُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ عن الزهري عن عروة خَطَأٌ.

4) ترجيح الأئمة لكلا الوجهين:

- قال الدارقطني: وَحَدِيثُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ خَطَأٌ، وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(1)

- وقال ابن حجر: وَهَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ عِنْدَهُ عَنْهُمَا مَعًا فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا.

(2)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح" فيه: إسحاق بن راشد ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك إلا إذا تُوبع. قلت: وقد تابعه جماعة من الثقات في الصحيحين وغيرهما، منهم: ابن عُيينة، ومعمر، وشُعيب، ويونس.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ رحمه الله:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذِا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ إِلَّا عَتَّابٌ.

(3)

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد عَتَّاب بْن بَشِيْر برواية هذا الحديث عَنْ إِسْحَاق بْنِ رَاشِدٍ، بل تابعه: مُوسَى بْنِ أَعْيَن كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

كان سيدنا حسان بن ثابت من المدافعين عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة وكان من الشعراء الذين ينشدون الشعر للدفاع عن الإسلام بالكلمة، والشعر منه ما هو حسن، ومنه ما هو قبيح فأباح الإسلام الحسن منه الذي فيه دفاع عن الإسلام والمسلمين، أو ما يكون علي هيئة منظومات شعرية في شتي العلوم أوفي مكارم الأخلاق والزهد وغير ذلك، ونهي عن القبيح الذي فيه تعدي علي الحرمات وهتك للأعراض وإيذاء للمسلمين والمسلمات ووصف للنساء وذكر للخمر ومدح للظالمين وغير ذلك. ولما كان حسان بن ثابت من الذين

(1)

يُنظر "العلل" للدارقطني (11/ 111 ــ 113).

(2)

يُنظر "فتح الباري" 1/ 548.

(3)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في حديث رقم (19/ 669).

ص: 135

ينشدون الشعر الحسن أباح له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأقره بل دعا له أن يؤيد بروح القدس ما دام مدافعاً ومنافحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام والمسلمين. بل بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الشعر الحسن الذي فيه دفاع عن الإسلام والمسلمين إنما هو نوع من أنواع الجهاد وهو جهاد بالكلمة فقال كما في الحديث الآتي: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ. قال البيهقي رحمه الله: نحن لا نرى بإنشاد مثل ما كان يقول حسان في الذب عن الإسلام وأهله بأساً، لا في المسجد، ولا في غيره.

(1)

(1)

يُنظر البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 448.

ص: 136

[19/ 669]- وعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ،. أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، حِينَ أَنْزَلُ اللَّهُ فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَكَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ» . *لَمْ يَرْوِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ إِلَّا عَتَّابٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الزهري، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِيُّ، عن عَبْد اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عن كَعْب بْن مَالِكٍ.

أخرجه الطبراني في الأوسط ـــــ رواية الباب ـــــ عن إسحاق بن راشد عن الزُّهْرِي به.

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: معمر، ويونس، وشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة.

أما طريق معمر: أخرجه معمر في "الجامع" ب/ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ (11/ 263 رقم 20500)، ومن طريقه ـــــــ أحمد في "مسنده"(45/ 147 رقم 27174)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَة ب/ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ وَقِيعَةَ الْمُسْلِمِ فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ مِنَ الْإِيمَانِ (13/ 102 رقم 5786)، والطبراني في "الكبير"(19/ 75 رقم 151)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الشهادات ب/ شَهَادَةِ الشُّعَرَاءِ (10/ 404 رقم 21108)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الاستئذان ب/ الشِّعْرِ وَالرَّجَز (رقم 3409)

وأما طريق يونس من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ السير ب/ فرض الجهاد: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُهَاجِيَ الْمُشْرِكِينَ إِذْ هُوَ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ (11/ 6 رقم 4707)، والطبراني في "الكبير"(19/ 76 رقم 152)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 135 رقم 1047)،، وابن جرير الطبري في "تهذيب الاثار"(2/ 632 رقم 932)، وابن عساكر في "تاريخه"(50/ 192).

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْب، عن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: شُعَيْبٌ بْن أَبِي حَمْزَة، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَاب.

أما طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَاب: أخرجه أحمد في "مسنده"(25/ 87 رقم 15796).

وأما طريق شُعَيْبٌ بْن أَبِي حَمْزَة من أصح الأوجه

(2)

: أخرجه أحمد في "مسنده"(25/ 63 رقم 15785)، والطبراني في "مسند الشاميين"(4/ 244 رقم 3194)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الشهادات ب/ شَهَادَةِ الشُّعَرَاءِ (10/ 404 رقم 21109)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 50/ 192.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

(1)

أخرجه ابن عبد البر في "الاستيعاب"(3/ 1325) عن يونس، عَنْ الزُّهْرِي، عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللهِ، عن كَعْبَ.

(2)

أخرجه الثعلبي في "تفسيره" 7/ 186، عن شعيب، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ.

ص: 137

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ بْن عَليّ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) عَتَّابُ بْنُ بَشِيْرٍ: "صدوق يُحسن حديثه" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

4) إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ الجزري: "ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك" تقدم في حديث رقم (16).

5) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصارِيّ السلمي المدني.

روي عن: أبيه كعب بن مالك، وجَابِرِ بْنِ عَبد اللَّهِ، وأبي أيوب الأَنْصارِيُّ، وآخرين.

روي عنه: ابْن شهاب الزُّهْرِيّ، وابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وأخوه عَبْد الرحمن بْن كعب بْن مالك، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأَبُو زُرْعَة: ثقة، وزاد ابن سعد: له أحاديث. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون فِي الثقات. روى له الجماعة سوى التِّرْمِذِي. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

7) كَعْبُ بنُ مَالِكِ بنِ أَبِي كَعْبٍ عَمْرٍو بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيّ.

روي عن: النبي صلى الله عليه وسلم. روي عنه: ابناه عَبْد اللهِ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ، وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وآخرون.

كانَ رضي الله عنه مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وكان أحد شعراء الرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يردّون الأذى عَنْهُ، شَهِدَ العَقَبَةَ، وبايع بها، ولم يتخلف عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا فِي غزوة بدر وتبوك، أما بدر فلم يعاتب رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها أحدًا، تخلف للسرعة، وأمَّا تبوك، فتخلف عَنْهَا لشدة الحر، وهو أحد الثلاثة الَّذِينَ خلفوا، حتَّى إِذَا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وهم: كعب بْن مَالِك، ومرارة بْن رَبِيعة، وهلال بْن أمية، فأنزل اللَّه عز وجل فيهم:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)}

(2)

فتاب الله عليهم رضي الله عنهم.

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني" "إسناد معمر في جامعه

".

1) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

2) عبد الرحمن بْن كعب بن مالك الأنصاري: قال ابن حجر "ثقة من كبار التابعين".

(4)

3) كَعْبُ بنُ مَالِكِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد أحمد في مسنده

".

1) أَبُو اليَمَان الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ البَهْرَانِيُّ الحِمْصِيُّ: قال ابن حجر: "ثقة ثبت".

(5)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 53، "الثقات" لابن حبان 5/ 6، "تهذيب الكمال" 15/ 473، "الإكمال" 8/ 173.

(2)

سورة "التوبة" آية رقم 118.

(3)

يُنظر "الاستيعاب" لابن عبد البر 3/ 1323، "أسد الغابة" لابن الأثير 4/ 461، "الإصابة" لابن حجر 9/ 294.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 290.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 115.

ص: 138

2) شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ دِيْنَارٍ أَبُو بِشْرٍ الأُمَوِيُّ: قال ابن حجر: "ثقة عابد".

(1)

3) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

4) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبد اللَّهِ بْن كعب بن مالك الأَنْصارِيّ: قال ابن حجر: "ثقة عالم".

(2)

5) كَعْبُ بنُ مَالِكِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الزهري، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِي، عن عَبْد اللَّهِ بْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا إسحاق بن راشد.

الوجه الثاني: الزُّهْرِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عن الزهري بهذا الوجه: معمر، ويونس بن يزيد.

الوجه الثالث: الزُّهْرِي، عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ.

ورواه عن الزهري بهذا الوجه: شعيب من أصح الأوجه عنه، وابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَاب.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لرواية الأحفظ: فقد رواه عن الزهري بالوجه الثاني: معمر، ويونس، وهما من أثبت أصحاب الزهري. وهذا بخلاف الوجه الأول فقد رواه عنه إسحاق بن راشد وهو في الزهري ليس بذاك. وأما الوجه الثالث فقد رواه عنه شعيب من أصح الأوجه عنه، وابن أخي الزهري وهو صدوق له أوهام كما قال ابن حجر

(3)

، وقال المروزي: قيل لأحمد: ابن إسحاق، وابن أخي الزهري، في حديث الزهري؟ فقال: ما أدري وحرك يده كأنه ضعفهما.

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــ الوجه الأول المرجوح ــ "إسناده منكر" فيه: إسحاق بن راشد ثقة إلا في روايته عن الزهري فليس بذاك إلا إذا تُوبع ولم يتابع علي هذا الوجه. وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ الراجح ـــــ فإسناده صحيح، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ رحمه الله:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذِا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ إِلَّا عَتَّابْ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 208.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 286.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 425.

(4)

يُنظر "العلل" لأحمد رواية المرُّوزي. 1/ 171.

ص: 139

[20/ 670]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ

(1)

، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ

(2)

، وَالْحُيَّضَ، فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِإِحْدَاهُنَّ ثَوْبٌ؟ فَقَالَ:«لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِهَا» يَعْنِي: يَوْمَ الْعِيدِ.

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبٍ وَيُونُسَ إِلَّا حَمَّادٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الكبير"(25/ 50 رقم 102)، عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوب، وَحَبِيبٍ، وَيُونُس بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين به.

- وفي "الأوسط"(8/ 223 رقم 8464)، وفي "الكبير"(25/ 51 رقم 104)، عن حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ أَيُّوب، وَيُونُس، وَحَبِيب، وَهِشَامٍ، ــــــ وزاد يَحْيَى بْنِ عَتِيق ـــــــ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ به.

- والنسائي في "الكبرى" ك/ صلاة العيدين ب/ اعْتِزَالُ الْحُيَّضِ مُصَلَّى النَّاسِ (2/ 296 رقم 1771)، والطبراني في "الكبير"(25/ 50 رقم 103)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ الْأَمْرِ بِاعْتِزَالِ الْحَائِضِ إِذَا شَهِدَتِ الْعِيدَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا إِنَّمَا أُمِرَتْ بِالْخُرُوجِ لِمُشَاهَدَةِ الْخَيْرِ (2/ 361 رقم 1467)، والخطيب في "الفصل للوصل المُدرج في النقل" 1/ 526، كلهم من طُرقِ عن هِشَام، عَنِ ابْنِ سِيرِين به.

- والبخاري في ك/ العيدين ب/ خُرُوجِ النِّسَاءِ وَالحُيَّضِ إِلَى المُصَلَّى (2/ 21 رقم 974)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ب/ ذِكْرِ إِبَاحَةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى وَشُهُودِ الْخُطْبَةِ، مُفَارِقَاتٌ لِلرِّجَالِ (2/ 605 رقم 890)، وأبو نعيم في "المستخرج علي صحيح مسلم" ك/ الصلاة ب/ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدَيْنِ (2/ 473 رقم 1996)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ صلاة العيدين ب/ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدِ (3/ 428 رقم 6239)، والخطيب في "الفصل للوصل المُدرج في النقل"(1/ 529، 528، 523)، كلهم من طُرقِ عن حَمَّاد بْن زَيْدٍ، عن أَيُّوب، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ به.

- وابن ماجة في "سننه" أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا ب/ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ (2/ 341 رقم 1308)، والنسائي في "الكبرى" ك/ صلاة العيدين ب/ اعْتِزَالُ الْحُيَّضِ مُصَلَّى النَّاسِ (2/ 296 رقم 1770)، وفي "السنن الصغرى" ك/ صلاة العيدين ب/ اعْتِزَالُ الْحُيَّضِ مُصَلَّى النَّاسِ (3/ 180

(1)

قال ابن الأثير: العاتق: الشًّابَّة أَوَّلُ مَا تُدْرِكُ. وَقِيلَ: هِيَ التَّي لَمْ تّبِنْ مِنْ وَالِدَيها وَلَمْ تُزَوَّج، وَقَدْ أدْركَت وشَبَّت، وتُجْمَع عَلَى العُتَّق والعَوَاتِق. يُنظر "النهاية" 3/ 179، 178.

(2)

قال ابن الأثير: الْخِدْرُ نَاحِيَةٌ فِي الْبَيْتِ يُتْرك عَلَيْهَا سِتْرٌ فَتَكُونُ فِيهِ الْجَارِيَةُ الْبِكْرُ، خُدِّرَتْ فَهِيَ مُخَدَّرَةٌ. وَجَمْعُ الْخِدْر الْخُدُورُ. يُنظر "النهاية" 2/ 13.

ص: 140

رقم 1559)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ الطهارة ب/ الْحَيْضِ (1/ 63 رقم 105)، وأبو العباس الثقفي في "السَّرَّاج"(3/ 139 رقم 2218)، كلهم من طُرقٍ عن سُفْيَان بن عُيينة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ به.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ العيدين ب/ اعْتِزَالِ الحُيَّضِ المُصَلَّى (2/ 22 رقم 981)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ صلاة العيدين ب/ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدِ (3/ 428 رقم 6238)، عن ابْنُ عَوْن.

- والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ صلاة العيدين ب/ اعْتِزَالُ الْحُيَّضِ مُصَلَّى النَّاسِ (2/ 296 رقم 1771)، والطبراني في "المعجم الكبير"(25/ 51 رقم 105)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ الْأَمْرِ بِاعْتِزَالِ الْحَائِضِ إِذَا شَهِدَتِ الْعِيدَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا إِنَّمَا أُمِرَتْ بِالْخُرُوجِ لِمُشَاهَدَةِ الْخَيْرِ وَدَعْوَةِ الْمُسْلِمِين. (2/ 361 رقم 1467)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(1065)، عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان،

- والطبراني في "الكبير"(25/ 50 رقم 101) عن عِمْرَان الْقَطَّان، و (25/ 52 رقم 107)، عن أَشْعَث بْن عَبْدِ الْمَلِكِ، و (25/ 52 رقم 108)، عن الْحَكَم بْنُ عَطِيَّةَ، كلهم عن ابْنِ سِيرِينَ به.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ التيمم ب/ بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ العِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِين (1/ 72 رقم 324)، وفي ك/ العيدين ب/ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ فِي العِيدِ (2/ 22 رقم 980)، وفي ك/ الحج ب/ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ. (2/ 160 رقم 1652)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ب/ ذِكْرِ إِبَاحَةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى وَشُهُودِ الْخُطْبَةِ، مُفَارِقَاتٌ لِلرِّجَالِ (2/ 606 رقم 890)، من طُرقٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ، أبو يحيى البَصْرِيُّ.

روي عن: حماد بن سلمة، والليث بْن سَعْد، ومالك بن أنس، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِي الأَبَّار، وأَبُو الْقَاسِم البغوي، وأَبُو حاتم الرازي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، والدارقطني: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال أبو حاتم، وابن حجر: لا بأس بِهِ، وزاد أبو حاتم: مَا كَانَ له عيب إِلا أن يحدث في المسجد الجامع. وقال أَحْمَد مرة: كَانَ مقارب الحديث.

وقال أَبَا دَاوُد: رميت بكتبه. وقال ابْن مَعِين: ليس بشيءٍ. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث".

(1)

3) حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنِّ. تقدم حديث رقم (8).

4) أَيُّوْبُ بنُ أَبِي تَمِيْمَةَ كَيْسَانَ السِّخْتِيَانِيُّ،

(2)

أَبُو بَكْرٍ العَنَزِيُّ البَصْرِيُّ.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 172، "الثقات" لابن حبان 9/ 28، "تهذيب الكمال" 24/ 95، "التقريب" صـ 395.

(2)

السَّخْتِيَانِيُّ: بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوْقهَا وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف نون هَذِه النِّسْبَة إِلَى عمل السختيان وَبيعه وَهُوَ الْجُلُود الضانية لَيْسَ بأدم وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة: أَبُو بكر أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيُّ. يُنظر "اللباب" 2/ 108.

ص: 141

روي عن: محمد بْن سيرين، وذكوان أبي صالح السمان، وسالم بْن عَبد اللَّهِ بْن عُمَر، وغيرهم.

روي عنه: حماد بن سلمة، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن سعد، وابن معين، وأبو حاتم، وابن خيثمة، والنَّسَائي، والدارقطني، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: ثبت فِي الْحَدِيث، حجة، عدلاً، وَزاد ابن مَعِين: هُوَ أثبت من ابن عون، وإذا اختلف أَيُّوب، وابن عون فأيوب أثبت منه، وزاد أَبُو حاتم: لا يسأل عن مثله، وزاد النَّسَائي: ثبت، وزاد الدارقطني: من الحفاظ الأثبات، وزاد ابن حجر: ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد.

وقال الذهبي: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ والإِتْقَان. وقال ابن سيرين: الثبت الثبت. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال أَبُو حاتم: سئل ابْن المديني: من أثبت أصحاب نافع؟ قال: أَيُّوب وفضله، ومالك وإتقانه، وعُبَيد اللَّه وحفظه. وقال شعبة: ما رأيت مثله. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ أَلْقَ مِثْلَهُ، يَقُولُ هَذَا وَقَدْ لَقِيَ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ .. وقال ابن عبد البر: كان أحد أئمة الجماعة في الحديث والأمانة والاستقامة، ومن عباد العلماء وحفاظهم وخيارهم. وقال الجوهري: كان من عباد الناس وخيارهم وأشدهم تثبتاً. روى له الجماعة.

وصفه بالإرسال: قال أحمد، وأبو حاتم: رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه.

وصفه بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من مراتب المدلسين، وقال: أحد الائمة متفق على الاحتجاج به. وحاصله أنه "ثقة ثبت حجة" وأما تدليسه فذكره ابن حجر في المرتبة الأولي.

(1)

5) حَبِيْبُ بْنُ الشَّهِيْدِ الأَزْدِيُّ، أَبُو مُحَمَّد، وَيُقَالُ: أَبُو شَهِيْدٌ البَصْرِيُّ.

روي عن: محمد بن سيرين، وبكر بْن عَبد اللَّهِ المزني، وثابت البناني، وغيرهم.

روي عنه: حماد بْن سلمة، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وابن المديني، وأحمد، والعجلي، وابن معين، وأبو حاتم، والنَّسَائي، والدارقطني، وابن حجر: ثقة، وزاد أحمد: ثبت مأمون. وزاد ابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال الذهبي: ثبت. وروى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(2)

6) يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدِ بنِ دِيْنَارٍ العَبْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ ويُقال: أَبُو عُبَيد البَصْرِيُّ.

روي عن: محمد بن سيرين، وثابت البناني، وهشام بْن عروة، وغيرهم.

روي عنه: حماد بْن زيد، وحماد بْن سلمة، وسفيان الثوري، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، وأبو حاتم، وابن معين، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة،

(1)

"الجرح والتعديل" 2/ 255، "الثقات" 6/ 53، "الثقات" لابن شاهين 1/ 30، "تهذيب الكمال" 3/ 457، "تاريخ الإسلام" 3/ 618، "جامع التحصيل" 1/ 148، "الإكمال" 2/ 321، "طبقات المدلسين" 1/ 19، "التهذيب" 1/ 397، "التقريب" صـ 57.

(2)

"الثقات"6/ 182، "الثقات" لابن شاهين، "التهذيب"5/ 378، "الكاشف" 1/ 308، "تهذيب التهذيب" 2/ 185، "التقريب" صـ 91.

ص: 142

وزاد ابن حجر: ثبت فاضل ورع. وقال ابن حبان في الثقات: كَانَ من سَادَات أهل زَمَانه علماً، وفضلاً، وحفظاً، وإتقاناً. وقال سلمة بْن علقمة: جالست يونس فما استطعت أن آخذ عَلَيْهِ كلمة. روى له الجماعة.

وصفه بالإرسال: قال أحمد، وأبو حاتم: لم يسمع من نافع شيئاً إنما سمع من ابن نافع عن أبيه. وقال البخاري: روى عن عطاء بن أبي رباح ولا أعرف له سماعاً منه. وحاصله أنه "ثقة يرسل".

(1)

7) هِشَامُ بْنِ حَسَّانَ القُرْدُوْسِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ.

روي عن: محمد بن سيرين، وحفصة بنت سيرين، ومحمد بن واسع، وغيرهم.

روي عنه: حماد بْن سلمة، وحماد بْن زيد، وشعبة بْن الحجاج، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، والعجلي، وابن أبي شيبة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: من أثبت الناس في ابن سيرين. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال أَبُو حاتم: كان صدوقاً، وكان يتثبت فِي رفع الأحاديث عَنْ ابن سيرين، وَقَال أيضاً: يُكتب حديثه. وقال ابن معين مرة: لا بأس به. وَقَال ابن أَبي عَرُوبَة: ما رأيت أو ما كان أحد أحفظ عَنْ محمد بن سيرين من هشام. وقَالَ أَحْمَد: صَالِح. وَقَالَ أيضاً: لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا تَكَادُ تُنكِرُ عَلَيْهِ شَيْئاً، إِلاَّ وَجَدْتَ غَيْرَه قَدْ رَوَاه. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

8) مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: "ثقة حافظ": سبقت ترجمته في حديث رقم (13).

9) أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ نَسِيْبَةُ بِنْتُ الحَارِثِ، معروفة باسمها وكنيتها.

روت عن: النّبي صلى الله عليه وسلم، وعمر بن الخطاب. روي عنها: ابن سيرين، وأنس، وحفصة بنت سيرين، وغيرهم.

كانت من كبار نساء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وكانت تغزو كثيرًا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وتمرض المرضى، وتداوي الجرحى، وكانت تغسل الموتى، وشهدت غسل ابنة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وحكت ذلك فأتقنت. وحديثها أصل فِي غسل الميت، وَكَانَ جماعة من الصحابة وعلماء التابعين بالبصرة يأخذون عنها غسل الميت، ولها عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أحاديث.

(3)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده حسن لذاته" لأجل كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ: صدوق حسن الحديث.

قلت: وقد تابعه عن حماد بن سلمة "حًجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَال"، كما عند الطبراني

(4)

، وحجاج ثقة كما قال أحمد، وأبو حاتم، وابن حجر

(5)

، والحديث ثابت في الصحيحين كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 242، "الثقات" لابن حبان 7/ 647، "تهذيب الكمال" 32/ 517، "السير" 6/ 288، "جامع التحصيل" 1/ 305، "التقريب" صـ 542.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 7/ 566، "تهذيب الكمال" 30/ 181، "الإكمال" 12/ 138، "التقريب" صـ 503.

(3)

يُنظر "الاستيعاب" لابن عبد البر 4/ 1947، "أسد الغابة" 6/ 367، "الإصابة" لابن حجر 14/ 450.

(4)

يُنظر "المعجم الكبير" للطبراني 102.

(5)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 167، "التقريب" صـ 93.

ص: 143

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الحسن إلي الصحيح لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ رحمه الله:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبٍ وَيُونُسَ إِلَّا حَمَّادٌ بْنُ سَلَمَة.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث استحباب خروج النساء إلي شهود صلاة العيدين سواء كن كبيرات أم صغيرات وحتي الحُيَّض منهن وذلك ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. فإذا كانت صلاة العيد في المسجد فلا تدخل الحائض المسجد بل تكون خارج المسجد. لكن إذا كانت في الخلاء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل فلا بأس بأن تحضر الحائض فتشهد هذه الشعيرة العظيمة وتعتزل الصلاة فلا تصلي معهم بل تكون خلف النساء. وقوله في الحديث: فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِإِحْدَاهُنَّ ثَوْبٌ؟ فَقَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِهَا. في ذلك حث علي حضور العيد للجميع وفيه حث أيضاً علي المواساة والتعاون علي البر والتقوي.

قال ابن حجر رحمه الله: اسْتُدِلَّ بِهذا الحديث عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَفِيهِ: نَظَرٌ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أُمِرَ بِذَلِكَ مَنْ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إِظْهَارُ شِعَارِ الْإِسْلَامِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الِاجْتِمَاعِ وَلِتَعُمَّ الْجَمِيعَ الْبَرَكَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 2/ 470.

ص: 144

[21/ 671]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ لِأَبِي قَتَادَةَ جُمَّةٌ،

(1)

فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا؟ فَقَالَ: «أَكْرِمْهَا وادَّهِنْهَا» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى إِلَّا إِسْمَاعِيلُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: مُحَمَّدُّ بْن الْمُنْكَدِر، عن جابر.

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر بهذا الوجه: يَحْيَى بْنِ سَعِيد، وهِشَام بْن عُرْوَة.

أما طريق يَحْيَى بن سعيد: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، والبيهقي في "الشعب" ب/ فِي الْمَلَابِسِ وَالزِّيِّ وَالْأَوَانِي وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا. فَصْلٌ فِي إِكْرَامِ الشَّعْرِ وَتَدْهِينُهُ وَإِصْلَاحِهِ (5/ 225 رقم 6461)، والبغوي في "معجم الصحابة"(2/ 39 رقم 435)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 485)، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى به.

وأما طريق هِشَام بْن عُرْوَة: أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْمَلَابِسِ وَالزِّيِّ وَالْأَوَانِي وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا. (5/ 225 رقم 6460)، ومن طريقه ــــــ ابن عساكر في "تاريخه"(27/ 31) ــــــ.

الوجه الثاني: مُحَمَّدُّ بْن الْمُنْكَدِر، عن أبي قتادة:

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة، ويحيي بن سعيد.

أما طريق إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(3/ 157).

وأما طريق يحيي بن سعيد: فعزاه ابن عبد البر في "الاستذكار"(27/ 76 رقم 40287) إلي البزار، ومن طريق البزار ـــــــ أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 9) ـــــــ عَنْ عُمَر بْن عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِي، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد.

الوجه الثالث: عن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر مرسلاً:

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ بهذا الوجه: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وسُفْيَانُ الثوري.

أما طريق يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ من أصح الأوجه عنه: أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْمَلَابِسِ وَالزِّيِّ وَالْأَوَانِي وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا. فَصْلٌ فِي إِكْرَامِ الشَّعْرِ وَتَدْهِينُهُ وَإِصْلَاحِهِ (5/ 225 رقم 6458)، عن حماد بن زيد، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد.

وأما طريق سُفْيَان الثوري: أخرجه البيهقي في "الشعب" ب/ فِي الْمَلَابِسِ وَالزِّيِّ وَالْأَوَانِي وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا فَصْلٌ فِي إِكْرَامِ الشَّعْرِ وَتَدْهِينُهُ وَإِصْلَاحِهِ (5/ 225 رقم 6459).

(1)

قال ابن الأثير: الجُمَّة مِنْ شَعَر الرَّأس: ما سَقَط عَلَي المَنْكِبَين. يُنظر "النهاية" 1/ 300.

ص: 145

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2)

مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ بشير التركي، أَبُو نصر البغدادي.

روي عن: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وعبد اللَّه بْن المبارك، ومالك بْن أنس، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، ومسلم، وأَبُو داود، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال الدارقطني، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وقال ابن معين: ثبت. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو حاتم، وابن معين: صدوق. وقال ابن معين مرة: لا بأس به. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش بنِ سُلَيْمٍ العَنْسِيُّ،

(2)

أَبُو عُتْبَةَ الحِمْصِيُّ.

روي عن: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وسفيان الثوري، وهشام بن عروة، وآخرين.

روي عنه: مَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِمٍ، وعبد اللَّه بْن المبارك، ويحيى بْن مَعِين، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، ويعقوب الفسوي: ثقة، وزاد يعقوب: عدل أعلم الناس بحديث الشام، ولا يدفعه دافع. وذكره ابن شاهين في جملة الثقات. وقال يزيد بن هارون: ما رأيت شامياً ولا عراقياً أحفظ من إسماعيل بن عياش. وقال ابن معين مرة: أرجو أن لا يكون به بأس.

- وقال ابن حجر: صدوق في روايته عن أهل بلده مُخَلِّط في غيرهم. وقال أبو زرعة: صدوق إلا أنه غلط في حديث الحجازيين والعراقيين.

- وقال أبو حاتم: لين يكتب حديثه. وقال النسائي: ضعيف. وقَالَ ابن حبان: كثر الْخَطَأ فِي حَدِيثه فخرج عَن الِاحْتِجَاج بِهِ. وذكره المنتجالي، والدولابي، وأبو العرب، وأبو القاسم البلخي، في جملة الضعفاء.

- وَقَال أَحْمَد: ليس أحد أروى لحديث الشاميين من إِسْمَاعِيل بْن عياش، والوليد بْن مسلم. وقال ابن المديني: رجلان هما صاحبا حديث بلدهما: إِسْمَاعِيل بْن عياش، وعبد اللَّه بْن لَهِيعَة.

- وقال البخاري، وابن المديني، وابن معين، وأحمد، والفلاس، وأبو أحمد الحاكم، والدولابي، والبرقي: إذا حدث عن أهل بلده ــــ الشاميين ــــ فصحيح، وإذا حدث عن غيرهم ـــــ كالمدنيين، والحجازيين، والعراقيين ـــــ فليس بشيءٍ، أوفيه ضعف. وَقَال ابْن عدي: هو ممن يكتب حديثه ويحتج به فِي حديث الشاميين خاصة. وقال الذهبي: رَوَى عَن خلقٍ مِنَ الحِجَازِيِّينَ وَالعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ فِيْهِم كَثِيْرُ الغَلَطِ بِخلَافِ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ يَحفظُ

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 170، "الثقات" لابن حبان 9/ 173، "تهذيب الكمال" 28/ 542، "تاريخ الإسلام" للذهبي 5/ 944، "إكمال تهذيب الكمال" 11/ 372، "التقريب" صـ 479.

(2)

العَنْسِيُّ: بفتح العين المهملة وسكون النون وفي آخرها سين مهملة، هذه النسبة إلى عنس، وهو عنس بن مالك بن أدد بن زيد، وجماعة منهم نزلت الشام وأكثرهم بها منهم: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش. قاله السمعاني في "الأنساب" 9/ 79.

ص: 146

حَدِيْثَهُم، وَيَكَادُ أَنْ يُتْقِنَهُ. وحاصله أنه "صدوق في روايته عن أهل بلده مُخَلِّط في غيرهم".

(1)

4) يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَمْرٍو بْن مَالِك، أَبُو سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ النَجَّارِيُّ

(2)

المَدَنِيُّ.

روي عن: محمد بْن المنكدر، وأنس بن مالك، وابْن شهاب الزُّهْرِيّ، وآخرين.

روي عنه: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، والعجلي، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، وابن أبي عروبة، وابن حجر: ثقة. وزاد ابن سعد: كثير الحديث حجة ثبت. وزاد النسائي، وابن أبي عروبة: مأمون. وزاد ابن حجر: ثبت. وقال أَحْمَد: يَحْيَى بْن سَعِيد أثبت الناس. وَقَال أَبو حاتم: يَحْيَى يوازي الزُّهْرِيّ. وَقَال الثوري: حفاظ الناس أربعة: منهم يحيى بن سَعِيد. وَقَال ابْن عُيَيْنَة: كَانَ يحيى بْن سَعِيد يجيئ بالحديث على وجهه. وقال الذهبي: حافظ فقيه حجة. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(3)

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بنِ عَامِرِ بنِ سَعْدِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ.

(4)

روي عن: جابر بْن عَبد اللَّهِ، وأنس بن مالك، وذكوان أبي صالح السمان، وآخرين.

روي عنه: يحيى بْن سَعِيد الأَنْصارِيّ، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال الواقدي، والعجلي، وابْن مَعِين، وأَبُو حاتم، وابن حجر: ثقة. وقَال الذهبي، وعَبد الله بن الزبير الحميدي: حافظ. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال يعقوب بن شيبة: صحيح الحديث جداً. وقال يعقوب الفسوي، وإبراهيم بن المنذر: غاية في الحفظ والإتقان والزهد حجة. روى له الجماعة. وقد وُصف بالإرسال في روايته عَنْ أبي هريرة، وسَلْمَان، وَأَسْمَاء بِنْتِ عُمَيْس، وغيرهم. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(5)

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ بْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ، الأَنْصَارِيُّ السَّلِمِيُّ.

روي عن: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْر، وعُمَر.

روي عنه: ابن المُنْكَدِر، وأَبُو الزبير، وَعَطَاء بن أَبِي رَبَاح، وآخرون.

(1)

"الجرح والتعديل"2/ 191، "المجروحين"1/ 124، "التهذيب" 3/ 163، "السير" 8/ 312، "الإكمال"2/ 196، "التقريب" صـ 48.

(2)

النَجَّارِيُّ: بِفَتْح النُّون وَالْجِيم الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف رَاء وفي آخره يَاء النّسَب هَذِه النِّسْبَة إِلَى قَبيلَة من الْخَزْرَج يُقَال لَهُم بَنو النَجَّار وفيهَا بطُون وأفخاذ وفصائل ومحلة بِالْكُوفَةِ وَإِلَى مَذْهَب فَالْأول النِّسْبَة إِلَى النجار واسْمه تيم اللات بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج وَإِنَّمَا قيل النجار لِأَنَّهُ اختتن بقدوم وَقيل لِأَنَّهُ ضرب رجلاً بقدوم ينْسب إِلَيْهِ خلق كثير من الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ مِنْهُم أنس بن مَالك، وَأَبُو سعيد يحيى بن سعيد بن مَالك النَجَّارِيُّ الْأنْصَارِيّ. يُنظر "اللباب" 3/ 297.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 147، "الثقات" 5/ 521، "تهذيب الكمال"31/ 346، "الكاشف" 2/ 366، "التقريب" صـ 521.

(4)

التَّيْمِيُّ: بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوْقهَا وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تحتهَا وَفِي آخرهَا الْمِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى عدَّة قبائل اسْمهَا تيم فَالْأول تيم قُرَيْش وَمِنْهَا خلق كثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مِنْهُم: أَبُو بكر، وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر. يُنظر "اللباب" 1/ 233.

(5)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 255، "الثقات" لابن حبان 5/ 350، "تهذيب الكمال" 26/ 503، "السير" 5/ 353، "جامع التحصيل" 1/ 270، "تهذيب التهذيب" 9/ 473.

ص: 147

كان رضي الله عنه أحد المكثرين في الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، الحافظين للسُنَنْ، وروى عنه جماعة من الصّحابة، وله ولأبيه صحبة، وغزا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال غزوت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، ولم أشهد بدراً ولا أحداً، منعني أبي، فلما قُتل لم أتخلّف، واستغفر له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: استغفر لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمل خمساً وعشرين مرّة، وكان له حلقة في المسجد النبويّ يؤخذ عنه العلم، رَحَلَ إِلَى مِصْرَ وَدَخَلَ الشَّامَ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ أَشْهُرًا فِي أَخْوَالِهِ بَنِي سَهْمٍ، وتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وكان آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ رضي الله عنه.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: إسناد أبي نعيم في "الحلية

".

1) محمد بن أحمد بن الحسن، أبو علي ابن الصَّوَّاف: قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثله، وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة مأموناً من أهل التحرز، ما رأيت مثله في التحرز.

(2)

2) عبد الله بن أحمد بن حنبل الشَيباني: قال ابن حجر: ثقة.

(3)

3) أحمد بن محمد بن حنبل الشَّيباني: قال ابن حجر: ثقة حافظ فقيه حجة.

(4)

4) إسماعيل بن عُلَيْة: قال ابن حجر: ثقة حافظ.

(5)

5) مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) أبو قتادة الأنصاري: صحابي.

(6)

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد البيهقي في شعب الإيمان

".

1) علي بْن أَحْمَد بْن عبدان بْن مُحَمَّد بْن الفرج أَبُو الحسن الأهوازي الشيرازي: قال الخطيب: ثقة.

(7)

2) أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: قال الذهبي: الإمام، الحافظ، الثقة.

(8)

3) مُعَاذٌ بْنُ الْمُثَنَّى العنبري: قال الذهبي: ثقة جليل.

(9)

4) مُحَمَّدُ بْنُ كَثِير العبدي: قال ابن حجر: ثقة لم يصب من ضعفه".

(10)

5) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نُعيم 2/ 529، "الاستيعاب" 1/ 219، "أسد الغابة" 1/ 307، "الإصابة" 2/ 120

(2)

يُنظر "الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة" لابن قُطْلُوْبَغَا 8/ 120.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 238.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 23.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 44.

(6)

يُنظر "الإصابة" 12/ 534.

(7)

يُنظر "تاريخ بغداد" 13/ 232.

(8)

يُنظر "السير" 16/ 119.

(9)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 6/ 837.

(10)

يُنظر "التقريب" صـ 438.

ص: 148

6) مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: مُحَمَّدُّ بْن الْمُنْكَدِر، عن جابر.

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر بهذا الوجه: يَحْيَى بْنِ سَعِيد المدني من إحدي الأوجه عنه، وهِشَام بْن عُرْوَة المدني. ورواه عَنهما من هذا الوجه: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش الشامي: وهو ضعيف في غير أهل بلده.

الوجه الثاني: مُحَمَّدُّ بْن الْمُنْكَدِر، عن أبي قتادة:

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة، ويحيي بن سعيد. ورواه عن يحيي بن سعيد بهذا الوجه: عُمَر بْن عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِي.

الوجه الثالث: عن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر مرسلاً:

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ بهذا الوجه: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ من أصح الأوجه عنه، وسُفْيَانُ الثوري.

وزاد الدارقطني في "العلل": ابن جريج، وابن عيينة.

ورواه عن يحيي بن سعيد بهذا الوجه: حماد بن زيد، وحماد أوثق وأحفظ من عمر المقدمي.

وعليه فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثالث ـــ المرسل ـــ هو الأرجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه عن ابن المنكدر جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه عن ابن المنكدر جماعة من الحفاظ الثقات كالثوري، وابن عيينة.

3) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال ابن عدي: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْصُولا هَكَذَا لَمْ يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيى غَيْرُ ابْنِ عَيَّاشٍ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ رَوَوْهُ عَنْ يَحْيى، عنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَال: كَانَ لأَبِي قَتَادَةَ وَفْرَةٌ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الإِسْنَادِ جابراً.

(1)

- وقال الدارقطني: حدث به عمر بن علي المقدمي، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن المنكدر، عن أبي قتادة. ورواه حماد بن زيد، عن يحيى، عن ابن المنكدر، مرسلا. وكذلك قال ابن جريج، وابن عيينة، عن ابن المنكدر: أن أبا قتادة، وهو الصواب.

(2)

- وقال البيهقي: وَالمِرْسَلُ أَصَحُّ وَوَصْلُهُ ضَعِيفٌ.

(3)

- وقال ابن حجر: وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ. يعني الوجه المرسل.

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

(1)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 1/ 486.

(2)

يُنظر "علل الدارقطني 6/ 148.

(3)

يُنظر "شعب الإيمان" للبيهقي 5/ 225.

(4)

يُنظر "إتحاف المهرة" لابن حجر 4/ 159.

ص: 149

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" لأجل إِسْمَاعِيل بْن عياش، فروايته عن غير أهل بلده ــــــ الشاميين ـــــــ ضعيفة، وهو يروي هذا الحديث عن يحيي بن سعيد، ويحيي مدني. وقد تفرد به إسماعيل عن يحيي موصولاً، وخالف الثقات في روايتهم للحديث مرسلاً.

وأما الحديث بالوجه الثالث ــــ الراجح ــــ فمرسل إسناده صحيح.

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها: حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ.

(1)

وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ.

(2)

قلت: وحَسَّنَ ابن حجر إسنادهما فقال: وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ أَيْضًا.

(3)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ رحمه الله:

قال المُصَنِف رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى إِلَّا إِسْمَاعِيلُ.

قلت: والأمر كما قال رحمه الله، فلم يروه عن يحيي إلا إسماعيل وذلك بالوجه الموصول - الأول -.

وأما بالوجه الثاني فرواه عن يحيي: عُمَر بْن عَلِي الْمُقَدَّمِي.

وأما بالوجه المرسل - الراجح - فرواه عن يحيي بن سعيد: حَمَّاد بْن زَيْد.

(4)

قال ابن عدي: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْصُولا هَكَذَا لَمْ يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيى غَيْرُ ابْنِ عَيَّاشٍ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ رَوَوْهُ عَنْ يَحْيى، عنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَال: كَانَ لأَبِي قَتَادَةَ وَفْرَةٌ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الإِسْنَادِ جابراً.

(5)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث النَّدب إلى النّظافة وإصلاح الشعر بتمشيطه وتجميله بالدهن. فتَسْرِيح شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَدَهْنُه مِنَ النَّظَافَة التي نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهَا قَالَ اللَّهِ تَعَالَى {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}

(6)

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا قتادة بإكرام شعره فقال له: أَكرِمهَا يريدُ إصلاحَها وتجميلَها بالدُّهن، وما يجري مجراه ممّا يحسن به الشَّعر، فيكون ذلك إكرامًا وصيانة من الشَّعث والدَّواب والوَسَخ وَأَكرِمْها بِصونها من نحو وَسخ وقذر، وَبِتعاهدِها بِالتَّنْظِيف وَالِادِّهَان. فكان أَبو قتادة ربما دَهَنَهَا فِي الْيَوْم مرتين لتشعثها بعمل، أو غبار وغير ذلك.

(1)

أخرجه البيهقي في "الشعب" 6456، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"3360، وأبو بكر البَّزاز في "الغيلانيات"766.

(2)

أخرجه أبوداود في "سننه"4163، والبيهقي في "الشعب"6455، وفي "الآداب" 695، والطبراني في "الأوسط"8485.

(3)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 10/ 368.

(4)

أخرجه البيهقي في "الشعب" 6458 عن حماد بن زيد عن يحيي بن سعيد، وابن عبد البر في "التمهيد 24/ 9 عن الْمُقَدَّمِيُّ عن يحيي بن سعيد كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(5)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 1/ 486.

(6)

سورة الأعراف آية رقم: 31.

ص: 150

[22/ 672]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الْأَنْفِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا أَبُو الرَّبِيعِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه أبو يعلي في "مسنده"(7/ 332 رقم 4368)، والبغوي في "معجم الصحابة"(4/ 176 رقم 1688)، والبزار كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" للهيثمي ب/ نَبَاتِ الشَّعْرِ فِي الأَنْفِ (3/ 391 رقم 3030)، وابن عدي في "الكامل"2 (2/ 49)، والجرجاني في "تاريخ جرجان"(1/ 190 رقم 268)، وأبو نعيم الأصفهاني في "الطب النبوي" ب/ خصلة أخرى تمنع من الجذام (1/ 368 رقم 305)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 169)، عن أَبي الرَّبِيعِ السَّمَّان.

- والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 295)، وابن عدي في "الكامل"(8/ 250)، وابن الجوزي في "الموضوعات" 1/ 169، والبزار كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" للهيثمي ب/ نَبَاتِ الشَّعْرِ فِي الأَنْفِ (3/ 391 رقم 3030)، عن نُعَيْم بْن مُرَوِّع بْن تَوْبَة الْعَنْبَرِي.

- وابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 181 رقم 316)، وتمام الرازي في "الفوائد"(1/ 105 رقم 244، 245)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(14/ 439)، (15/ 180)، وابن عساكر في "تاريخه"(5/ 385)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 169)، عنَ يَحْيَى بْن هَاشِمٍ الْكُوفِي الْغَسَّانَي السِّمْسَار.

- وتمام الرازي في "الفوائد (1/ 105 رقم 246)، عن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِي.

- أربعتهم: عن هِشَام بْن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عُبَيْدُ اللهِ بْن مُحَمَّدِ بنِ حَفْصِ، أبُو عَبْد الرَحْمَن التَّيْمِيُّ العَيْشِيُّ.

(1)

روي عن: أَبي الرَّبِيعِ السَّمَّان، وحماد بْن سلمة، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، وأَبُو دَاوُد، وأَحْمَد بْن حنبل، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم: صدوق ثقة. وقال ابن قانع، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كان حَافِظًاً مُسْتَقِيم الحَدِيث. وقال أحمد، وأبو داود: صدوق. وحاصله

(1)

العَيْشِيُّ: بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْيَاء تحتهَا نقطتان وَفِي آخرهَا الشين الْمُعْجَمَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى عَائِشَة، وَالْمَشْهُور بهَا: أَبُو عبد الرَّحْمَن عبيد الله بن عمر بن حَفْص ابْن عمر بن مُوسَى بن عبيد الله بن معمر التَّيْمِيّ العيشي وَقيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ من ولد عَائِشَة بنت طَلْحَة بن عبيد الله. يُنظر "اللباب" 2/ 368.

ص: 151

أنه "ثقة".

(1)

3) أَشْعَثُ بْنُ سَعِيد البَصْرِيُّ، أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ.

روي عن: هِشَام بْن عُرْوَة، وأبي الزناد عَبد الله بْن ذكوان، وعَمْرو بْن دينار، وآخرين.

روي عنه: عُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّد بْن عَائِشَةَ التَّيْمِي، ومعتمر بْن سُلَيْمان، ووكيع بْن الجراح، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، والذهبي، وابن عبد البر، وابن عدي، ويعقوب بن سفيان: ضعيف، وزاد يعقوب: لا يسوى حديثه شيئاً. وذكره ابن شاهين في الضعفاء.

وقال البخاري: ليس بالحافظ عندهم، يُكتب حديثه. وَقَال ابْن عدي: فِي أحاديثه ما ليس بمحفوظ ومع ضعفه يكتب حديثه. وَقَال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقَال ابْن مَعِين، والنسائي: ليس بثقة، وَزاد النَّسَائي: لا يكتب حديثه. وقال أحمد، وابن عبد البر: حديثه مضطرب، وزاد أحمد: ليس بذاك.

وَقَال السعدي: واهي الحديث. وقال أبو حاتم، وابن القطان: منكر الحديث سيئ الحفظ يروى المناكير عن الثقات. وقَال الدارقطني، وابن حجر، والصيرفي: متروك الْحَدِيث، وزاد الصيرفي: كان لا يحفظ.

وقال ابن حبان: يروي عَن الْأَئِمَّة الثِّقَات الْأَحَادِيث الموضوعات وبخاصة عَن هِشَام بْن عُرْوَة كَأَنَّهُ ولع بقلب الْأَخْبَار عَلَيْهِ. وَقَال مسلم، وهشيم: كَانَ يكذب. وحاصله أنه "متروك الحديث".

(2)

4) هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

5) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

6) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ: "صحابية زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ". سبقت ترجمتها حديث رقم (15).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف جداً" فيه: أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ: متروك الحديث.

قلت: وللحديث شواهد من حديث جَابر، وَأنس، وَأبي هُرَيْرَة، وابن عباس. وكلها شواهد ضعيفة جداً، وواهية، ولا يخلو طريق منها من راوٍ متروك أو متهم، وعلي هذا فالحديث بشواهده ضعيف جداً، والله أعلم.

أقوال العلماء في الحكم علي إسناد الحديث:

- قال الهيثمي: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(3)

- وقال ابن حبان: هذا مَتْنٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ.

(4)

- وقال البغوي: هذا حديث باطل.

(5)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 335، "الثقات" 8/ 405، "تهذيب الكمال" 19/ 147، "التقريب"315.

(2)

يُنظر "الضعفاء الصغير" للبخاري 1/ 23، "الجرح والتعديل" 2/ 272، "المجروحين" 1/ 172، "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين" لابن شاهين 1/ 56، "تهذيب الكمال" 3/ 261، "الكاشف" 1/ 252، "التقريب" صـ 52.

(3)

يُنظر "مجمع البحرين" للهيثمي 5/ 118.

(4)

يُنظر "المجروحين" لابن حبان 1/ 172.

(5)

يُنظر "معجم الصحابة" للبغوي 4/ 176.

ص: 152

- وذكره الملا علي القاري في "الموضوعات الكبرى".

(1)

- وذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة".

(2)

- وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات".

(3)

- وقال ابن معين، وابن عدي: عن حديث مجاهد موقوفاً عليه: هذا حديث باطل لا أصل له.

(4)

قال الذهبي: إنما الباطل أن يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن يكون مجاهد قاله فهذا صحيح عنه.

(5)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال المُصَنِفْ رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا أَبُو الرَّبِيعِ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فقد رواه عن هشام بن عروة جماعة من الضعفاء غير أبي الربيع السَّمان، وهم: نُعَيْمُ بْنُ مُرَوِّعِ بْنِ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيُّ، ويَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ الْكُوفِيُّ الْغَسَّانَيُّ السِّمْسَارُ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيُّ. كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قال ابن عدي: وقد روى هذا الحديث عن هشام بن عروة غير أبي الربيع السمان من الضعفاء.

(6)

قلت: ولعل الطبراني رحمه الله يقصد بقوله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا أَبُو الرَّبِيعِ، ما قاله ابن عدي قال: وَهَذَا الْحَدِيث قَدْ سَرَقَهُ مِنْ أَبِي الرَّبِيعِ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ مِنْهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مُوَرَّعٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الوليد الأودي، ويحيى الْغَسَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

(7)

وقال الذهبي: وهذا يعرف بأبي الربيع السمان، وإن كان ضعيفاً سرقه منه نعيم.

(8)

(1)

يُنظر "الموضوعات الكبرى" للقاري 1/ 436.

(2)

يُنظر ""الفوائد المجموعة" للشوكاني 1/ 410.

(3)

يُنظر "الموضوعات" لابن الجوزي 1/ 169.

(4)

يُنظر "تاريخ ابن معين" رواية الدوري 3/ 132، "الكامل" لابن عدي 7/ 468.

(5)

يُنظر "ميزان الاعتدال" 4/ 71.

(6)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 2/ 49.

(7)

يُنظر "الكامل" 2/ 49.

(8)

يُنظر "ميزان الاعتدال" 4/ 271.

ص: 153

[23/ 673]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ

(1)

، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَقَالَ:«مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ» ، ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ إِلَّا شَرِيكٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه أحمد في "مسنده"(10/ 173 رقم 5959) عن حسين بن محمد بن بهرام التميمي.

- والطرطوسي في "مسند ابن عمر"(46/ 87 رقم 87)، عن مُوسَى بْن دَاوُد الضبي.

كلاهما (حسين بن بهرام، وموسي بن داود) عن شريك به مختصراً.

- وأخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد ب/ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الحَرْبِ (4/ 61 رقم 3014)، عن أَحْمَد يُونُسَ اليربوعي. ومسلم في "صحيحه" ك/ الجهاد والسير ب/ تَحْرِيمِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ (3/ 1364 رقم 1744)، عن مُحَمَّد بْن رُمْحٍ، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد. ثلاثتهم: عن اللَّيْث بن سعد عن نافع به، بلفظ: أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد ب/ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الحَرْبِ (4/ 61 رقم 3015)، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ راهويه. ومسلم في "صحيحه" ك/ الجهاد والسير ب/ تَحْرِيمِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ (3/ 1364 رقم 1744)، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، كلاهما: إِسْحَاقُ بْنُ راهويه، وأَبو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عن حماد بن أسامة بن زيد، عن عُبَيْد اللهِ بْنُ عُمَرَ عن نافع به، وغيرهما من طرق عن نافع به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُحَمَّدُ بنُ أَبَانِ بنِ عِمْرَانَ بنِ زِيَادٍ بن ناصح السُّلَمِيُّ أبو عِمْران الوَاسِطِيُّ.

روي عن: شَرِيك بْن عَبد اللَّهِ، وحماد بْن سلمة، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ الأَبَّار، وعَبد الله بْن أَحْمَد، وأَبُو زُرْعَة الرازي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال مسلمة بن القاسم: ثقة. وقال ابن حبان في الثقات: ربما أخطأ. وقال الذهبي: أَحَدُ بَقَايَا المُسْنِدِيْنَ الثِّقَاتِ. وقال ابن حجر: صدوق. وقال الأزدي: ليس بذاك. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

3) شَرِيكٌ بن عبد الله النخعي: صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء، فيحسن حديثه إلا عند التفرد

(1)

ذهب ابن حجر في "أطراف المسند المعتلي"(3/ 580)، "إتحاف المهرة" (9/ 323) إلي أنه محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر. بينما ذهب الدارقطني من قبله إلي أن هذا وهم فقال كما في "العلل" (12/ 329): رواه موسى بن داود، ومحمد بن أبان، عن شريك، عن محمد بن زيد العمري، عن نافع، عن ابن عمر وذلك وهم. والصحيح: عن شريك، عن زيد بن محمد، عن نافع.

(2)

يُنظر "الثقات" 9/ 87، "تهذيب الكمال" 24/ 293، "السير" 11/ 117، "تهذيب التهذيب" 9/ 2، "التقريب" صـ 401.

ص: 154

والمخالفة" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

4) زَيْد بن مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ، العدوي الْمَدَنِي.

روي عن: أَبِيهِ مُحَمَّد بْن زَيْد، ونافع مولى ابْن عُمَر.

روي عنه: شَرِيك النخعي، وشعبة بن الحجاج، وأخواه: عاصم بْن مُحَمَّد، وعُمَر بْن مُحَمَّد.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَبُو حاتم، وأَبُو دَاوُد، والنَّسَائي، والدارقطني، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد أبو حاتم: لا بأس بِهِ، وَزاد الدَّارَقُطْنِيُّ: مقل فاضل، وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. روى له مسلم والنَّسَائي. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

5) نافعُ مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب القرشي العدوي، أَبُو عَبد اللَّهِ المدني.

روي عن: عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب، وأبي سَعِيد الخُدْرِيّ، وأبي هُرَيْرة، وآخرين.

روي عنه: مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ بْن المهاجر، وعَبد الله بن عون، وابنه عَبد الله بن نافع، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، والنَّسَائي، وابن خراش، وابن حجر: ثقة. وزاد ابن حجر: ثبت فقيه. وزاد ابن خراش: نبيل. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: من المتقنين. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

6) عَبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بن الخطاب بن نفيل بن عَدِيّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر. روي عنه: نافع، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب.

كان رضي الله عنه من المكثرين عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأسلم مع أبيه، وهاجر، وكانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، وعُرض على النبيّ صلى الله عليه وسلم ببدر وأحد فاستصغره ثم بالخندق فأجازه، ولم يكن بلغ يومئذ، وشهد اليرموك، وفتح مصر. وقال ابن مسعود: إنّ أملك شباب قريش لنفسه في الدنيا عبد اللَّه بن عمر.

(3)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده حسن" فيه: شريك بن عبد الله النخعي: صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء، فيحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة". قلت: لكن له متابعات قاصرة في الصحيحين كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الحسن إلي الصحيح لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال المُصَنِف رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ إِلَّا شَرِيكٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 572، "الثقات" 6/ 331، "التهذيب" 10/ 106، "الكاشف" 1/ 419، "التقريب" صـ 165.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 310، "الثقات" 5/ 467، "المشاهير" صـ 104، "التهذيب" 29/ 298، "التقريب" صـ 490.

(3)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 3/ 1707، "الاستيعاب" 3/ 950، "أسد الغابة" 3/ 336، "الإصابة" 6/ 290.

ص: 155

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف رحمة الإسلام ويصور لنا الرحمة في أسمي معانيها وأجل صورها في أصعب الأوقات وهي أوقات الحروب والشدة والأزمات وقد حمي الوطيس واشتد النزال في ميدان القتال وكل فريق يريد أن يقضي علي الآخر ويبيده ولا يعينه شئ ولا يفرق بين رجل وامرأة ولا بين كبير وصغير هنا تظهر أخلاق القائد العظيم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ورحمة الإسلام فيمر صلى الله عليه وسلم علي امرأة مقتولة فيغضب ويُصدر أمراً بعدم قتل النساء والصبيان لذلك ذهب العلماء إلي عدم قتل نساء أهل الحرب وصبيانهم إلا أن يُقَاتِلوا فَيُدفعوا بالقتل. قال ابن حجر رحمه الله: قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ بِحَالٍ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَجَعَلُوا مَعَهُمُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ وَلَا تحريقهم. وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى مَنْعِ الْقَصْدِ إِلَى قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ أَمَّا النِّسَاءُ فَلِضَعْفِهِنَّ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ فَلِقُصُورِهِمْ عَنْ فِعْلِ الْكُفْرِ وَلِمَا فِي اسْتِبْقَائِهِمْ جَمِيعًا من الاتنفاع بِهِمْ إِمَّا بِالرِّقِّ أَوْ بِالْفِدَاءِ.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 6/ 148، 147.

ص: 156

[24/ 674]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«يَا عَلِيُّ، إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ كَنْزًا، وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا، فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةَ» .

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: حَمَّادٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة"(2/ 109 رقم 483) من طريق الطبراني به، بنحوه.

- وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/ 87 رقم 342)، من طريق أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الأبَّار به، بنحوه.

- وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ مَا قَالُوا فِي الرَّجُلِ تَمُرُّ بِهِ الْمَرْأَةُ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ (6/ 255 رقم 17395)، وفي ك/ الفضائل ب/ فَضَائِلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه (11/ 141 رقم 32619)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(2/ 601 رقم 1028)، (2/ 648 رقم 1101)، وفي "مسنده"(2/ 464 رقم 1369)، (2/ 466 رقم 1373)، والدارمي في "سننه" ك/ الرقاق ب/ فِي حِفْظِ السَّمْعِ (3/ 1779 رقم 2751)، والبزار في "مسنده"(3/ 121 رقم 907)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعلي رضي الله عنه: إن لك كنزا في الجنة، وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة (5/ 119 رقم 1865)، وفي "شرح معاني الآثار" ب/ الرَّجُلِ يُرِيدُ تَزَوُّجَ الْمَرْأَةِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا أَمْ لَا؟ (3/ 14 رقم 4284)، والخرائطي في "اعتلال القلوب" ب/ غَضِّ الْبَصَرِ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ (1/ 141 رقم 283)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ب/ ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ إِتْبَاعِ الْمَرْءِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، إِذِ اسْتِعْمَالُهَا يَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الْأَمَانِيَّ (12/ 381 رقم 5570)، والحاكم في "المستدرك" ك/ معرفة الصحابة (3/ 133 رقم 4623)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/ 87 رقم 342)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(42/ 325، 324)، وابن الجوزي في "ذم الهوي" ب/ فِي ذَمِّ فُضُولِ النَّظَرِ (1/ 109 رقم 271، 270)، وفي "التبصرة"(1/ 160)، والمقدسي في "الضياء المختارة"(2/ 108 رقم 482)، كلهم من طُرقٍ عن حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاق به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد بْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (22).

3) حَمَّادُ بنُ سَلَمَة: "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّن. تقدم في حديث رقم (8).

4) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ المَدَنِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، المُطَّلِبِيُّ، صاحب المغازي.

روي عن: مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التَّيْمِي، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِي، وهشام بْن عروة، وغيرهم.

ص: 157

روي عنه: حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن مَعِين، وابن المديني، والخليلي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حبان، وابن المديني: وَالدَّلِيل على صدقه أَنَّهُ مَا روى عَنْ أحد من الجلة إِلَّا وروى عَنْ رجل عَنْهُ فَهَذَا يدل على صدقه، وزاد ابن حبان: فَلَو كَانَ مِمَّن يسْتَحل الْكَذِب لم يحْتَج إِلَى الْإِنْزَال.

- قال شُعْبَة: أمير المحدثين بحفظه. وقال الزُّهْرِيّ: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إِسْحَاق، ودعا حاجبه فَقَالَ له: لا تحجبه إذا جاء. وقال ابْن عُيَيْنَة: مَا رأيت أحداً يتهم ابن إِسْحَاق. وسئل ابن المديني حديث ابن إسحاق صحيح: قال نعم صحيح. وَقَال أَبُو زُرْعَة: قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه منهم: السُفْيَانين، والحمادين، وشعبة، وابْن المبارك، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقاً وخيرًا.

- وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وشعبة، وابن المبارك، والذهبي، وابن حجر: صَدُوْقٌ. وقال أحمد، والذهبي: حسن الحديث، وزاد الذهبي: وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئاُ، وقال ابن المديني: صالح وسط. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه. وَقَال ابْن مَعِين، وابن عدي: ليس به بأس.

- وقال ابن معين: ليس بذاك. وقال النَّسَائي: ليس بالقوي. وقَالَ الدارقطني: ليس بحجة إنما يعتبر به.

- وقال ابن حبان في الثقات ونقل ذلك ابن حجر عنه في التهذيب ما ملخصه قال: تكلم في ابن إسحاق رجلان هشام بن عروة، وَمَالك: فَأَما هِشَام فأنكر أن ابن إسحاق روي عن امرأته فَاطِمَة بنت الْمُنْذر وقال عنه كذاب دخَلَتْ عَلَيَّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ. قَالَ ابن حبان: وهَذَا الَّذِي قَالَه هِشَام لَيْسَ مِمَّا يجرح بِهِ الْإِنْسَان فِي الحَدِيث فقد سمع الْأسود وعلقمة وغيرهما صوت عَائِشَة من غير أَن ينْظرُوا إِلَيْهَا وَقبل النَّاس أخبارهم وَكَذَلِكَ ابْن إِسْحَاق كَانَ يسمع من فَاطِمَة والستر بَينهمَا مُسبل فَهَذَا سَماع صَحِيح والقادح فِيهِ بِهَذَا غير منصف. وقال الذهبي: هِشَامٌ صَادِقٌ فِي يَمِيْنِه، فَمَا رَآهَا، وَلَا زَعَمَ أَنَّهُ رَآهَا، بَلْ ذَكرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْه، وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ، وَمَا رَأَيْتُهُن. وَأما مَالك: فذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا صنف مَالك الْمُوَطَّأ قَالَ ابن إِسْحَاق ائْتُونِي بِهِ فَإِنِّي بيطاره فعلم ذَلِك مَالك فَقَالَ: دجال من الدجاجلة، وَلم يكن يقْدَح فِيهِ من أجل الحَدِيث إِنَّمَا كَانَ يُنكر عَلَيْهِ تتبعه غزوات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوْلَاد الْيَهُود. ثم قال الذهبي: وكَثِيْرٌ مِنْ كَلَامِ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ مُهدَرٌ، لَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا وَثَّقَ الرَّجُلَ جَمَاعَةٌ يَلُوحُ عَلَى قَوْلِهُمُ الإِنصَافُ.

- وصفه بالتدليس: ذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الرابعة من المدلسين وهي: من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم عن الضعفاء.

- وحاصله أنه "ثقة يدلس، فلا يقبل شئُ من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع".

(1)

5) مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد بن صخر بن عامر بْن تيم القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 191، "الثقات" لابن حبان 7/ 380، "المشاهير"1/ 169، "تهذيب الكمال" 24/ 405، "ميزان الاعتدال" 3/ 468، "السير" 7/ 33، "التبيين لأسماء المدلسين" للحلبي 1/ 47، "جامع التحصيل" 1/ 261، 113، 109، "تهذيب التهذيب"9/ 38، "التقريب" صـ 403، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 51.

ص: 158

روي عن: سَلَمَة بْن أَبِي الطُّفَيْل، وأنس بْن مَالِك، وجابر بْن عَبد اللَّه، وغيرهم.

روي عنه: مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ، وابن شهاب الزُّهْرِيّ، وابنه مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو حاتم، والنَّسَائي، والذهبي، ويعقوب بن شيبة: ثقة. وقال ابن حجر: وثقة الناس واحتج به الشيخان وقفز القنطرة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقَالَ أَحْمد: فِي حَدِيثه شَيْء روى مَنَاكِير. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

6) سَلَمَةُ بْنُ أَبِي الطُّفَيْلِ عامر بن واثلة بن عَبد اللَّهِ بن عَمْرو بن جحش.

روي عن: أبيه عامر، وعلي بن أبي طالب. روي عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، وفطر بن خليفة.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وذكره البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال ابن خراش: مجهول، ورده ابن حجر في تعجيل المنفعة، فقال: وَهُوَ مَرْدُود فَإِنَّهُ روى عَنهُ أَيْضاً فطر بن خَليفَة كَمَا جزم بِهِ ابن أبي حَاتِم وَأفَاد أَن أَبَاهُ هُوَ عَامر بن وَاثِلَة الصَّحَابِيّ الْمخْرج حَدِيثه فِي الصَّحِيح. وقال العيني: روى له أبو بكر البزار ولم يتعرض إليه بشيء وسكت عنه، وروى له أبو جعفر الطحاوي. وحاصله أنه "مجهول الحال" والله أعلم.

(2)

7) عليُّ بْنُ أَبِي طَالِب بْن عَبْدِ المُطَلِب بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابْن عم رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

روي عن: النبيّ صلى الله عليه وسلم. روي عنه: سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ، وولداه الحسن، والحسين، وابن مسعود، وغيرهم.

ولد رضي الله عنه قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فرُبّي في حجر النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه، وكان من أول الناس إسلاماً. وشهد مع النبيّ صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها إلا غزوة تبوك فإن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَّفَهُ عَلَى أهله، وقال له بسبب تأخيره له بالمدينة: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وزوّجه ابنته فاطمة رضي الله عنها. وكان أحد الشورى الذين نص عليهم عمر، ومناقبة كثيرة حتى قال أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي.

(3)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: سَلَمَة بْنِ أَبِي الطُّفَيْل: مجهول الحال. وابن إسحاق: ثقة لكنه يدلس وقد روي هذا الحديث بالعنعنة ولم يصرح فيه بالسماع.

قلت: وللحديث شاهد من حديث شَرِيك، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بريدة بن الحصيب قَالَ:

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 232، "الجرح والتعديل" 7/ 184، "الثقات" لابن حبان، "تهذيب الكمال" 24/ 301، "المغني في الضعفاء" 2/ 251، "لسان الميزان" لابن حجر 6/ 470، لكنه سقط من المطبوع.

(2)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 4/ 77، "الجرح والتعديل" 4/ 166، "الثقات" لابن حبان 4/ 318، "المغني في الضعفاء" 1/ 430، "مغاني الأخيار في شرح أسامي رجال معاني الآثار" للعيني 1/ 424، "تعجيل المنفعة" لابن حجر 1/ 601.

(3)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 1/ 75، "الاستيعاب" 3/ 1089، "أسد الغابة" 4/ 87، "الإصابة" لابن حجر 7/ 275،

ص: 159

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ.

(1)

قلت: إسناده ضعيف فيه شريك: صدوق يحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة. وعمر بن ربيعة الإيادي قال فيه ابن حجر مقبول

(2)

، لكن تابعه: أبو إسحاق السبيعي عن ابن بريدة كما عند أحمد. وأبو إسحاق هذا: ثقة مكثر اختلط بآخرة.

(3)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشاهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، وذلك دون قوله لعلي: إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ كَنْزًا، وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا. فهي زيادة ضعيفة باقية علي أصلها من حيث الضعف.

قلت: وفي الباب كما عند مسلم من حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي.

(4)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: حَمَّادٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأتباعه في هذا الحديث في شخص سيدنا علي بن أبي طالب بغض البصر وألا يطلق الإنسان بصره في الحرام والنظر إلي الحرام وبما أن الأنسان قد يقع بصره علي شئ من هذا الحرام فجأة دون قصد أو تعمد منه فمن رحمة الله بعباده ألا يؤاخذهم علي هذا الشئ الذي وقع منهم سهواً أو بدون تعمد وقصد فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه النظرة الأولي وهي ما تسمي بنظرة الفجأة معفو عنها ولا يؤاخذ عليها أما إن أطلق الإنسان بصره مرة أخري وثالثة فهذا يؤاخذ عليه الإنسان لأنه يكون عن تعمد وقصد منه. قال الطحاوي رحمه الله: وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَلَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ " فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأُولَى تَفْجَؤُهُ بِلَا اخْتِيَارٍ لَهُ فِيهَا، فَلَا يَكُونُ مَأْخُوذًا بِهِ، وَلَا تَكُونُ مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ، فَهِيَ لَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ " فَإِنَّ الْآخِرَةَ تَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ لَهَا، فَهِيَ مَكْتُوبَةٌ عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ.

(5)

(1)

أخرجه أحمد في "مسنده"(22974، 22991، 23021)، وأبو داود في "سننه" 2149، والترمذي في "سننه" 2777، وابن أبي الدنيا في "الورع" 69، والحاكم في "المستدرك" 2788، والبيهقي في "الشعب"5421.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 563.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 360.

(4)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الآداب ب/ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ. رقم 2159.

(5)

يُنظر "شرح مشكِل الآثار" للطحاوي 5/ 120.

ص: 160

[25/ 675]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومَسِيُّ قَالَ: نا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:«كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِلْحَفَةٌ مَصْبُوغَةٌ بِالْوَرْسِ، وَالزَّعْفَرَانِ، يَدُورُ بِهَا عَلَى نِسَائِهِ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ هَذِهِ رَشَّتْهَا بِالْمَاءِ، وَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ هَذِهِ رَشَّتْهَا بِالْمَاءِ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا عُمَارَةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُؤَمَّلٌ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(15/ 438)، عن نُوح بْن حَبِيب، عن مُؤَمَّل، به.

- والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(2/ 160)، وابن حبان في "المجروحين"(1/ 340)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 314)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ب/ ذِكْرُ فِرَاشِهِ صلى الله عليه وسلم (2/ 512 رقم 481)، وفي ب/ ذِكْرُ طَوَافِهِ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ يَوْمٍ وَاحِدٍ صلى الله عليه وسلم (3/ 461 رقم 739)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي ذِكْرِ فِرَاشِهِ وَوِسَادِهِ وَلِحَافِهِ وَقَطِيفَتِهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 556 رقم 839، 838)، كلهم عن سَلَّام بْن أَبِي خُبْزَةَ أَبُو سَعِيدٍ، عن ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ بلفظ: كَانَتْ لِرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ، تَدُورُ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَرُبَّمَا نَضَحَتْ بِالْمَاءِ لِيَكُونَ أَذَكَى لِرِيحِهَا. وعند بعضهم مُخْتصراً بلفظ: كَانَ لِرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ تَدُورُ بَيْنَ نِسَائِهِ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومَسِيُّ، أَبُو محمد البَذَشيُّ.

(2)

روي عن: مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل، وحفص بن غياث، وسُلَيْمان بن حرب، وآخرين.

روي عنه: أحمد بن علي الآبار، وأبو حاتم الرازي، وأبو زُرْعَة الدمشقي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال الخطيب، والذهبي، ومسلمة بن قاسم، وأبو محمد بن الأخضر، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو حاتم: صدوق. وَقَال النَّسَائي: لا بأس بِهِ. وقال أَبُو بَكْر المروزي: ذكر أحمد نوح بن حبيب فقال: لم يكن يكاتبني إن الخير عليه لبين قلت اكتب عنه؟ قال نعم. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

(1)

(ق/ 40/ أ).

(2)

البَذَشيُّ: بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة وَفِي آخرهَا الشين الْمُعْجَمَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى بذش وَهِي قَرْيَة على فرسخين من بسطَام وَهِي من قرى قومس مِنْهَا الإِمَام أَبُو مُحَمَّد نوح بن حبيب. يُنظر "اللباب" 1/ 130.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 486، "الثقات" لابن حبان 9/ 211، "تهذيب الكمال" 30/ 39، "الكاشف" 2/ 327، "الإكمال" 12/ 90، "تهذيب التهذيب" 10/ 481، "التقريب" صـ 497.

ص: 161

3) مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَصْرِيُّ.

روي عن: عُمَارَة بْن زَاذَان، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرين.

روي عنه: نُوح بْن حَبِيبٍ الْقُومَسِي، وأَحمد بن حَنْبَلٍ، وإسحاق بن راهويه، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وابن معين، والدارقطني، وإسحاق بن راهويه: ثقة، وزاد ابن سعد: كثير الغلط، وزاد الدارقطني: كثير الخطأ. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.

- وقال أبو حاتم: صدوق كثير الخطأ يكتب حديثه. وقال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ. وقال الذهبي: صَدُوق. وقال مرة: يخطئ. وقال الساجي: صدوق كثير الخطأ وله أوهام. وقال أحمد: كان يخطئ. وَقَال أَبُو داود: يهم في الشيء. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: فِي حَدِيثه خطأ كثير. وقال ابن قانع: صالح يخطئ. وقال محمد بن نصر المروزي: إذا انفرد بحديث وجب أن يتوقف ويتثبت فيه لأنه كان سيء الحفظ كثير الغلط. وقال يعقوب بن سفيان: يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه فإنه يروي المناكير عن ثقات شيوخه وهذا أشد فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنا نجعل له عذراً. وقال البخاري: منكر الحديث. وحاصله أنه "ضعيف يعتبر به".

(1)

4) عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ الصَّيْدَلانِيُّ، أبو سلمة البَصْرِيُّ.

روي عن: ثابت البْناني، والحسن البَصْرِيّ، وزياد النميري، وآخرين.

روي عنه: مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل، ويزيد بْن هارون، وأَبُو الوليد الطيالسي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أحمد، والعجلي، ويعقوب بْن سفيان: ثقة. وزاد أحمد: ما بِهِ بأس. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

وقال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ. وَقَال ابْن مَعِين: صالح الحديث. وَقَال أبو زُرْعَة، وابْن عَدِي: لا بأس به، وزاد ابن عدي: يكتب حديثه. وَقَال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به ليس بالمتين. وقَال البُخارِيُّ: ربما يضطرب فِي حديثه. وَقَال أَبِو داود: ليس بذاك. وَقَال الدارقطني، والساجي، وابن عمار الموصلي: ضعيف. وزاد الساجي: ليس بشيء ولا يقوي في الحديث. وقال أحمد مرة: يروي عن أنس أحاديث مناكير. وقال الذهبي: له مناكير. وحاصله أنه "ضعيف يعتبر به".

(2)

5) ثَابِتُ بنُ أَسْلَمَ البُنَانِيُّ،

(3)

أَبُو مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل"8/ 374، "الثقات" لابن حبان 9/ 187، "تهذيب الكمال"29/ 176، "المغني في الضعفاء" للذهبي 2/ 446، "تهذيب التهذيب"10/ 380، "التقريب" صـ 487.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل"6/ 365، "الثقات" لابن حبان 7/ 263، "تهذيب الكمال"21/ 243، "المغني في الضعفاء"2/ 106، "تهذيب التهذيب" 7/ 416، "التقريب" صـ 347.

(3)

البُنَانِيُّ: بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَالنُّون الْمَفْتُوحَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى بنانة وَهُوَ بنانة بن سعد بن لؤَي بن غَالب وَصَارَت بنانة محلّة بِالْبَصْرَةِ لنزول هَذِه الْقَبِيلَة بهَا قَالَ الْخَطِيب: إِن بنانة الَّذين مِنْهُم ثَابت الْبنانِيّ هم بَنو سعد بن لؤَي بن غَالب، وَأم سعد بنانة. وَقيل: هم بَنو سعد بن ضبيعة بْن نزار. وَقَالَ الزبير بن بكار: بنانة كَانَت أمة لسعد بن لؤَي حضنت بنيه فَغلبَتْ عَلَيْهِم فسموا بهَا مِنْهَا: أَبُو مُحَمَّد ثَابت بن أسلم الْبنانِيّ صحب أنس بن مَالك. يُنظر "اللباب" 1/ 178.

ص: 162

روي عن: أنس بن مالك، وبكر بْن عَبْد اللَّهِ المزني، وعَبْد الله بن الزبير بن العوام، وآخرين.

روي عنه: عُمَارَة بْن زَاذَان الصَّيْدَلانِي، وحماد بْن زيد، وحماد بْن سلمة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن معين، وأحمد، وأبو حاتم، وابن عدي، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد أحمد: مأمون صحيح الحديث. وزاد الذهبي: بلا مدافعة كبير القدر، وثابت ثابت كاسمه. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال ابن عدي: أحاديثه مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وما وقع فِي حديثه من النكرة إنما هو من الراوي عنه، لأنه قد روى عنه جماعة مجهولون ضعفاء. وقال الذهبي: وَلَمْ يُحْسِنِ ابْنِ عَدِيٍّ بِإِيرَادِهِ فِي كَامِلِهِ، وَلَكِنَّهُ اعْتَذَرَ. وَقَال أَبُو حَاتِم: أثبت أصحاب أنس: الزُّهْرِيّ، ثم ثابت. روى له الجماعة.

قال أبو زرعة: ثابت عن أبي هريرة مرسل، وقال أبو حاتم: سمع من أنس، وابن عمر. وروى الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن مغفل فلا ندري لقيه أم لا؟. وحاصله أنه "ثقة" يُرسل عَن أبي هريرة.

(1)

6) أَنَسُ بْنُ مَالِك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل، وعُمَارَة بْن زَاذَان: ضعيفان.

قلت: وقد تابع عُمَارَة بْنُ زَاذَانَ: سَلَّامُ بْنُ أَبِي خُبْزَةَ عن ثابت عن أنس، وسلام هذا متروك الحديث.

(2)

قلت: وللحديث شواهد من حديث عَائِشَةَ، وبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وإِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّةَ وكلها شواهد ضعيفة لا يخلو طريق منها من راوٍ منكر الحديث، ومن أمثلها: حديث أَبي أُسَامَة حماد بن أسامة، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تِسْعُ نِسْوَةٍ، وَكَانَ بَيْنَهُنَّ مِلْحَفَةٌ مَصْبُوغَةٌ إِمَّا بِوَرْسٍ وَإِمَّا بِزَعْفَرَانٍ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ بَعَثُوا بِهَا إِلَيْهَا وَتُرَشُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ حَتَّى يُوجَدَ رِيحُهَا.

(3)

قلت: لكنه مرسل، وعلي هذا فالحديث يرتقي من الضعيف إلي الحسن لغيره. والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا عُمَارَةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُؤَمَّلٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، إن كان رحمه الله يقصد بذلك تفرد عُمَارَةُ، عَنْ ثَابِت بلفظه، وإلا فلا فلم يتفرد به عُمَارَة بل تابعه: سَلَّامُ بْنُ أَبِي خُبْزَةَ، عَنْ ثَابِت كما سبق بيان ذلك.

(1)

"الثقات" للعجلي 1/ 259، "الجرح والتعديل"2/ 449، "الثقات"4/ 89، "التهذيب" 4/ 342، "الإكمال" 3/ 63، "التقريب" صـ 71.

(2)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 4/ 134، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 117، "الجرح والتعديل" 4/ 260، "المغني في الضعفاء" للذهبي 1/ 420، "لسان الميزان" لابن حجر 4/ 97.

(3)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 388، وهناد السري في "الزهد" 2/ 384، والبلاذُري في "أنساب الأشراف" 1/ 507.

ص: 163

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

عن أنس رضي الله عنه قال كَانَ للنبي صلى الله عليه وسلم مِلحفة - وهي بِكَسْر الْمِيم الملاءة الَّتِي تلتحف بهَا الْمَرْأَة - مصبوغة بالوَرْس - وهو نبت أصفر يزرع بِالْيمن ويصبغ بِهِ -، والزعفران مَعْرُوف. يَدُور بهَا على نِسَائِهِ بالنوبة فَإِذا كَانَت لَيْلَة هَذِه رشتها بِالْمَاءِ وَإِذا كَانَت لَيْلَة هَذِه رشتها بِالْمَاءِ قال العلماء: الذي يظهر أن رشها بالماء كان بقصد التبريد وذلك لحرارة الجو في هذه الأماكن - بلاد الحجاز -، قالوا وَيحْتَمل أَنَّ رشها بِالماء كان ممزوجاً بطيب أو نحوه كَمَا يَفْعَله النِّسَاء الْآن. قال المناوي: وَفِيه حل لبس المزعفر والمورس ويعارضه بِالنِّسْبَةِ للمزعفر حَدِيث الشَّيْخَيْنِ نهى أَن يتزعفر الرجل وَبِه أَخذ الشَّافِعِي وَلَا فرق بَين مَا صبغ قبل النسج وَبعده وَأما المورس فَذهب جمع من صَحبه لِحلِّهِ تمسكا بِهَذَا الْخَبَر الْمُؤَيد مِمَّا صَحَّ أَنه كَانَ يصْبغ ثِيَابه بالورس حَتَّى عمَامَته لَكِن ألحقهُ جمع بالمزعفر فِي الْحُرْمَة.

(1)

(1)

يُنظر "فيض القدير للمناوي 5/ 179.

ص: 164

[26/ 676]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «احْتَجِمُوا لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- هذا الحديث لم أقف عليه في حد بحثي من طريق ابْن لَهِيعَة، عَنِ الْأَعْرَج به إلا في رواية الباب.

- وأخرجه أبو داود في "سننه" ك/ الطب ب/ متى تستحب الحجامة؟ (6/ 11 رقم 3861)، ومن طريقه ـــــ البيهقي في "الكبرى" ك/ الضحايا ب/ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الْحِجَامَةِ (9/ 572 رقم 19535) ــــــــ. والطبراني في "الأوسط"(6/ 363 رقم 6622)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الطب (4/ 233 رقم 7475).

كلهم من طُرقٍ عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بنحوه، بزيادة: كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ. ورواية الطبراني، والحاكم مقصورة علي: سَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ فقط. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

- والطبراني في "الأوسط"(4/ 367 رقم 4453)، عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْتَجِمُ لِسَبْعَ عَشْرَةَ يَمْضِينَ مِنَ الشَّهْرِ، وتِسْعَ عَشْرَةَ، وإِحْدَى وَعِشْرِينَ.

- والطبراني في "المعجم الصغير"(1/ 153 رقم 236) عنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن عُكَّاشَة بْن مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ.

(1)

روي عن: ابْنِ لَهِيعَةَ، وسفيان الثوري، ويحيى بْن سَعِيد الأَنْصارِيّ، وغيرهم.

روي عنه: مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ، وهاشم بن القاسم الحراني، ويحيى بن سَعِيد العطار الحمصي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال البُخارِيُّ، والأزدي: منكر الحديث. وقال المزي: أحد المتروكين. وقال الذهبي: متهم ساقط.

وقال ابْن مَعِين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والذهبي: كذاب. وقال ابن حجر: كذبوه. وَقَال الدارقطني: متروك يضع الحديث. وَقَال ابن حبان: كَانَ مِمَّن يضع الحَدِيث على الثِّقَات لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا الرِّوَايَة عَنْهُ

(1)

الْعُكَّاشِيُّ: بِضَم الْعين وَتَشْديد الْكَاف الْمَفْتُوحَة وَبعد الْألف شين مُعْجمَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى عكاشة بن مُحصن، وَكَانَ الْحَافِظ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل الْأَصْبَهَانِيّ يخففها وَغَيره يشددها. يُنظر "اللباب" 2/ 350.

ص: 165

إِلَّا على جِهَة التَّعَجُّب عِنْد أهل الصِّنَاعَة. وقال ابن عدي: روى عن الأوزاعي أحاديث مناكير موضوعة. وقال ابن أبي حاتم: رأى أبي معي أحاديث من حديثه، فقال: هذه الأحاديث كذب موضوعة. وحاصله أنه "كذاب".

(1)

4) عَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ بنِ عُقْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُعْدُوْلِي

(2)

الحَضْرَمِيُّ المِصْرِيُّ.

روي عن: عبد الرحمن بْن هرمز الأعرج، وعَبْد اللَّه بْن أَبي مليكة، ومحمد بن الْمُنْكَدِرِ، وغيرهم.

روي عنه: مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد بن صالح: ثقة ورفع به وقال فيما روى عنه الثقات من الأحاديث ووقع فيه تخليط: يطرح ذلك التخليط. وقال أحمد: مَنْ كَانَ مِثْلَ ابْنِ لَهِيعَة بِمِصْر فِي كَثْرَةِ حَدِيثِهِ وضَبْطِهِ وإِتْقَانِهِ. وقال قتيبة: قال لي أَحْمَد: أحاديثك عَنِ ابْنِ لَهِيعَة صحاح، قال قتيبة: لأنا كنا نكتب من كتاب عَبد اللَّهِ بن وهب ثم نسمعه من ابن لَهِيعَة. وقال مرة: ابن لَهِيعَة أجود قراءة لكتبه من ابن وهب.

- وقال ابن حجر: صدوق خَلَّطَ بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك، وابن وهب عنه أعدل من غيرهما. وقال ابن وهب: كان ابن لهيعة صادقاً.

- وقال ابن سعد، وابن معين، وأحمد مرة، والنسائي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن قتيبة، والفلاس، والساجي: ضعيف الحديث، وزاد ابن معين: قبل أن تحترق كتبه وبعد احتراقها. وزاد أبو حاتم، وأبو زرعة: أمره مضطرب، يكتب حديثه على الاعتبار، وزاد أبو زرعة: كان لا يضبط، وقال الذهبي: العمل على تضعيف حديثه.

- وقال ابن معين: ليس حديثه بذلك القوي. وقال ابن عدي: حديثه كأنه نسيان وهو من يكتب حديثه. وقال ابن معين، وأبو زرعة، وابن الجارود: لا يحتج بحديثه. وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. وقَالَ ابن مهدي: ما أعتد بشيءٍ سمعته من حديث ابن لَهِيعَة إلا سماع ابن المبارك.

- وقال الخطيب: كان سيئ الحفظ واحترقت كتبه فكان متساهلاً في الأخذ وأي كتاب جاءوه به حدث منه فمن هناك كثرت المناكير في حديثه. وقال ابن حبان: سبرت أخباره فرأيته يدلس عن أقوام ضعفاء على أقوام ثقات قد رآهم ثم كان لا يبالي ما دفع إليه قراؤه سواء كان من حديثه أو لم يكن من حديثه فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن المتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين بعد احتراق كتبه لما فيها مما ليس من حديثه.

- وقال أبو حاتم: يكتب حديثه للاعتبار. وَقَال أحمد: مَا حَدِيثُ ابْنِ لَهِيعَة بِحُجَّةٍ، وإِنِّي لأَكْتُبُ كَثِيرًا مِمَّا

(1)

يُنظر "المجروحين" 2/ 284، "تهذيب الكمال" 26/ 372، 2/ 143، "الكاشف" 2/ 214، "ديوان الضعفاء" 1/ 372، "الإكمال" 10/ 331، "التقريب" صـ 439.

(2)

الأُعْدُوْلي: بِضَم الْألف وَسُكُون الْعين وَضم الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخرهَا اللَّام هَذِه النِّسْبَة إِلَى أعدول وَهُوَ بطن من الحضارمة مِنْهَا: عبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة الْحَضْرَمِيّ الأعدولي من أنفسهم قَاضِي مصر. يُنظر "اللباب" 1/ 74.

ص: 166

أَكْتُبُ أَعْتَبِرُ بِهِ وهُوَ يُقَوِّي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وسئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه؟ فقال: آخره وأوله سواء إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ.

- وقال يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ سَأَلْتُ أَبِي: هل احْتَرَقَتْ كُتُب ابْن لَهِيعَة كَمَا تَزْعُمُ الْعَامَّةُ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، مَا كَتَبْتُ كِتَابَ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ إِلَّا مِنْ أَصْلِ كِتَابِ ابْنِ لَهِيعَةَ بَعْدَ احْتِرَاقِ دَارِهِ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ مَا كَانَ يَقْرَأُ مِنْهُ احْتَرَقَ وَبَقِيَتْ أُصُولُ كُتُبِهِ بِحَالِهَا. وقال ابْن مَعِين: قال أهل مصر ما احترق لا بن لَهِيعَة كتابُ قط، وما زال ابن وهب يكتب عَنْهُ حتى مات.

- وحاصله أنه "ضعيف يعتبر به إلا إذا كان الراوي عنه ابن المبارك، وابن وهب فحديثه صحيح فإنهما ينتقيان من أصوله كما قال بذلك: أبو زرعة، وابن مهدي، وابن حجر".

(1)

5) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ الأَعْرَجُ، أَبُو دَاوُدَ المَدَنِيُّ.

روي عن: أبي هُرَيْرة، وعبد اللَّه بْن عباس، وعبد اللَّهِ بْن كعب بْن مَالِك، وغيرهم.

روي عنه: عَبد اللَّهِ بن لَهِيعَة، وابْن شهاب الزُّهْرِي، ويحيى بن سَعِيد الأَنْصارِيّ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وابن المديني، والعجلي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: ثبت عالم. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن خلفون: من جلة التابعين، ومن الأثبات في أبي هريرة. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(2)

6) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده موضوع" فيه: مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ: كذاب. وابن لهيعة: ضعيف.

قلت: وقد ثبت الحديث كما سبق بيان ذلك في التخريج من طريق أَبي تَوْبَة الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، عن سَعِيد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، عن سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

قلت: إسناده حسن فيه: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، صدوق له أوهام كما ابن حجر.

(3)

وقال الحاكم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، ووافقه الذهبي.

(4)

(1)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 9/ 524، "العلل" لأحمد رواية المرُّوزي 1/ 71، "الجرح والتعديل" 5/ 145، "تهذيب الكمال" 15/ 487، "ميزان الاعتدال" 2/ 475، "الكاشف" 1/ 590، "الإكمال" 8/ 143، "تهذيب التهذيب" 5/ 373، "التقريب" صـ 261.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 90، "الثقات" لابن حبان، "الجرح والتعديل" 5/ 297، "تهذيب الكمال" 17/ 467، "السير" 5/ 69، "تهذيب التهذيب" 6/ 290، "التقريب" صـ 293.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 178.

(4)

يُنظر "المستدرك" للحاكم 4/ 233.

ص: 167

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله: قَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ أَحْمَدُ يَحْتَجِمُ أَيْ وَقْتَ هَاجَ بِهِ الدَّمُ وَأَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْأَطِبَّاءُ عَلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ ثُمَّ فِي الرُّبُعِ الثَّالِثِ مِنْ أَرْبَاعِهِ أَنْفَعُ مِنَ الْحِجَامَةِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، قَالَ الْمُوَفَّقُ الْبَغْدَادِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخْلَاطَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ تَهِيجُ وَفِي آخِرِهِ تَسْكُنُ فَأَوْلَى مَا يَكُونُ الِاسْتِفْرَاغُ فِي أَثْنَائِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 10/ 150.

ص: 168

[27/ 677]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلٌ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(1)

بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اتَّخِذُوا الدِّيكَ الْأَبْيَضَ، فَإِنَّ دَارًا فِيهَا دِيكٌ أَبْيَضُ لَا يَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ، وَلَا سَاحِرٌ، وَلَا الدُّوَيرَاتُ

(2)

حَوْلَهَا».

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 28 رقم 10) عن أَحْمَد بْن خَالِد الْحَرَّانِي، وَأَحْمَد بْن عَلِي الآبار، عن مُعَلَّل بْن نُفَيْل الْحَرَّانِي به بزيادة: اتَّخِذُوا الدِّيكَ الْأَبْيَضَ فَإِنَّهُ صَدِيقِي وَعَدُوُّ عَدُوِّ اللَّهِ.

- وابن الجوزي في "الموضوعات"(3/ 4)، عن يَحْيَى بْن عَنْبَسَة، عن حُمَيْد، عَنْ أَنْس بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ العُكَاشِيُّ: "كذاب" سبقت ترجمته في حديث رقم (26).

4) إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ شمر بْن يقظان، أَبُو إِسْحَاقَ، وقيل: أبو إِسْمَاعِيل الشَّامِيُّ، المَقْدِسِيُّ.

روي عن: أَنَس بْن مَالِك، وعبد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وعبد الله بْن الديلمي، وآخرين.

روي عنه: مُحَمَّد بْن مِحْصَن العُكَاشِي، وعبد الله بْن المبارك، والليث بْن سعد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو حاتم، وابن المديني، والنَّسَائي، والخطيب، وابن عبد البر، والدَّارَقُطْنِي، ودحيم، ويعقوب بن سفيان، وابن حجر: ثقة، وزاد أبو حاتم: صدوق، وزاد الدَّارَقُطْنِي: الطرقات إليه ليست بصفو، وهو لا يخالف الثقات، إذا روى عنه ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال مُحَمَّد بن يحيى الذهلي عنه: يا لك من رجل. روى له الجماعة سوى التِّرْمِذِي. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

5) أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده موضوع" فيه: مُحَمَّد بْن مِحْصَن العُكَاشِي: كذاب.

قلت: وقد تابع مُحَمَّد بْن مِحْصَنٍ: يَحْيَى بْنُ عَنْبَسَةَ، عن حُمَيْدٌ، عَنْ أَنْسٍ، ويحيي هذا دجال يضع

(1)

في الأصل إِبْرَهِمَ هكذا بدون ياء، والتصويب من المعجم الكبير.

(2)

قال المناوي في "فيض القدير"(1/ 111) الدويرات: بالتصغير جمع دار. (حولها) أي المحلات حول تلك الدار والدار اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة ذكره القاضي. وقال الراغب: الدار المنزلة اعتبارا بدورانها الذي لها بالحائط قال التوربشتي: الدار لغة العامر المسكون والعامر المنزول من الاستدارة لأنهم كانوا يخطون بطرف رمحهم قدر ما يريدون إحياءه مسكنا وقال الحراني: أصلها ما أرادته العرب من البيوت كالحلقة استحفاظًا لما حوته من أموالها.

(3)

يُنظر "الثقات" 4/ 11، "الثقات" لابن شاهين 1/ 32، "تهذيب الكمال" 2/ 140، "الإكمال" 1/ 248، "التقريب" صـ 31.

ص: 169

الحديث أيضاً كما قال الدارقطني، وابن حبان.

(1)

قلت: وللحديث شواهد من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وكلها شواهد ضعيفة جداً، ولا يخلو طريق منها من متروكٍ، أو مجهول.

‌أقوال العلماء في الحكم علي إسناد الحديث:

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ.

(2)

وذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة".

(3)

وقال العجلوني: رواه الطبراني عن أنس، وفي سنده كذاب كما قاله الهيثمي.

(4)

وقال السخاوي: في أكثر ألفاظه ركة لا رونق لها.

(5)

وذكره ابن عراق الكناني في "تنزيه الشريعة".

(6)

وقال أبو عبد الرحمن الحوت الشافعي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَفِيه كَذَّاب. وَمَا ورد في الديك الْأَبْيَض واه لم يَصح مِنْهُ شَيْء.

(7)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لم يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

(8)

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "لسان الميزان" لابن حجر 8/ 468.

(2)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 5/ 143.

(3)

يُنظر "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للسيوطي 2/ 229.

(4)

يُنظر "كشف الخفاء" للعجلوني 1/ 50.

(5)

يُنظر "المقاصد الحسنة" للسخاوي 1/ 219.

(6)

يُنظر "تنزيه الشريعة" لابن عراق 2/ 250.

(7)

يُنظر "أسني المطالب في أحاديث مختلفة المراتب" لأبو عبد الرحمن الحوت 1/ 26.

(8)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي هذا الحديث في الحديث التالي رقم (28/ 678).

ص: 170

[28/ 678] وعَنْ

(1)

إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ]

(2)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «نِعْمَ السِّوَاكُ الزَّيْتُونُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ، يُطَيِّبُ الْفَمَ، وَيُذْهِبُ بِالْحَفَرِ هُوَ سِوَاكِي، وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي» . *لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 50 رقم 46)، والثعلبي في "تفسيره"(10/ 239)، وأبو نعيم الأصفهاني في "الطب النبوي"(2/ 636 رقم 686)، عن أَحْمَد بْن عَلِي الآبار، عن مُعَلِّل بْن نُفَيْل، عن مُحَمَّد بْن مِحْصَن، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَة، عَنْ عَبْد اللَّه بْن الدَّيْلَمِي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم به.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ العُكَاشِيُّ: "كذاب" سبقت ترجمته في حديث رقم (26).

4) إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (27).

5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فيروز الدَّيْلَمِيُّ، أبُو بِشْر أخو الضحاك بن فيروز وعم العريف بن عياش.

روي عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم، وأبي بن كعب، وحذيفة بن اليمان، وآخرين.

روي عنه: إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، ووهيب بن خالد الحمصي، وأَبُو إدريس الخولاني، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، والعجلي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

6) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ الشَّاميُّ.

روي عن: عثمان بْن عفان، وعُمَر بْن الخطاب، ومعاذ بن جبل، وآخرين.

(1)

أي بالإسناد السابق.

(2)

قلت: وجدت في الأصل، وما وقفت عليه في المطبوع - نسخة دار الحرمين - عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، دون ذكر عَبْد اللَّه بْن الدَّيْلَمِيِّ، فلعله حدث سهوُ، وسقط، والصواب إثباته، والله أعلم، فلقد رواه المُصَنِفْ بسنده سواء في مسند الشاميين بذكر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، وكذلك أخرجه الثعلبي في تفسيره، وأبو نعيم الأصفهاني في الطب النبوي، كلاهما عن شيخ المُصَنِفْ أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّارُ به، قلت: وذكر الحديث الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" 4/ 242، وقال: روَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وَفِي مُعْجَمه الْوسط عَن إِبْرَاهِيم بْن أبي عبلة، عَن عبد الله بن الديلمي، عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ في تَفْسِيره، انتهي. وكذلك ذكره ابن المُلَقِنْ في البدر المنير 2/ 61، لكنه قال عبد الرحمن بدلاً من عبد الله، قلت: والصواب عبدالله كما دلت ترجمته علي ذلك. والعلم عند الله تعالي.

(3)

"الثقات" للعجلي 2/ 27، "الثقات" 5/ 38، "تهذيب الكمال" 15/ 435، "تهذيب التهذيب" 5/ 358، "التقريب" صـ 260.

ص: 171

روي عنه: إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، وإِسْمَاعِيل بْن عُبَيد الله بْن أَبي المهاجر، ورجاء بْن حيوة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال البخاريّ، واللَّيْثِ، وابن السّكن، وَابْنِ لَهِيعَةَ، وعبد الرحمن بن الحارث: له صحبة. وَذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِي الصَّحَابَةِ. وقال الذهبي: يقال له صحبة، وأخرج أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ لَهُ أَحَادِيثُ، لكنها مرسلة، وقال أيضاً: يحتمل له صحبة. وقال ابن يونس: كان ممن قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من اليمن في السفينة.

- وَقَالَ الْبَغَوِي، وأبو نعيم، وابن حجر: مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِه، قلت: لكن قال أبو نعيم في ترجمة معاذ بن جبل: وحدث عنه من التابعين عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم.

- وقال ابن سعد، والعجلي، ويعقوب بْن شَيْبَة: ثقة. وذكره ابن سعد: في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام. وقال العجلي: من كبار التابعين. وقال يعقوب بْن شَيْبَة: حدث عَنْ غير واحد من الصحابة، وقد أدرك عُمَر وسمع منه. وذكره ابْن حبان فِي التابعين من كتاب الثقات، وَقَال: زعموا أن لهُ صُحبَةٌ، وليس ذلك بصحيح عندي. وقال أيضاً: ليست له صحبة. وقال أبو حاتم: جاهلي ليست له صحبة، وروايته مرسلة. وَقَال ابْن عَبد الْبَرِّ، وتبعه ابن الأثير: كان مسلما عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولم يره ولم يفد إليه. وقال يعقوب بن شيبة: أدرك عمر وسمع منه. وقال أبو مسهر: كان رأس التابعين. وَقَال أَبُو زُرْعَة الدمشقي: ناظرت عَبْد الرَّحْمَن بْن إبراهيم قلت: أرأيت الطبقة التي أدركت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولم تره وأدركت أبا بَكْر وعُمَر ومن بعدهما من أهل الشام، من المقدم منهم الصنابحي أو عَبْد الرَّحْمَن بْن غنم؟ قال: ابن غنم المقدم عندي. وقال العلائي، وتبعه في ذلك أبو زرعة ابن العراقي: عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال أحمد: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه قلت: ـــــ العلائي ــــ ولا رؤية له أيضاً بل كان مسلماً باليمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفد عليه ولزم معاذ بن جبل وهو من كبار التابعين فحديثه مرسل، وقد قيل إن له صحبة وذلك ضعيف والله أعلم، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ويقال إنه أدرك. وحاصله أنه "تابعي ثقة وليست له صحبة"، والله أعلم

(1)

7) مُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرِو بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: النبيّ صلى الله عليه وسلم. روي عنه: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وابن عباس، وابن عمر، وآخرون.

كان رضي الله عنه أحد السبعين الَّذِينَ شهدوا بيعة العقبة من الأنصار، وشهد بدراً، وأحداً، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وآخى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينه وبين عَبْد اللَّهِ بْن مسعود، وبعثه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قاضياً إِلَى الجند من اليمن، يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إِلَيْهِ قبض الصدقات من العمّال الذين باليمن. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ.

(2)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 5/ 274، "تهذيب الكمال" 17/ 339، "الكاشف" 1/ 640، "تاريخ الإسلام" 2/ 857، "جامع التحصيل" 1/ 225، "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 5/ 2431. "الإصابة" 6/ 550، 8/ 153، "التقريب" صـ 290.

(2)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 5/ 2431، "الاستيعاب" 3/ 1402، "أسد الغابة" 5/ 187، "الإصابة" 10/ 202.

ص: 172

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده موضوع" فيه: مُحَمَّد بْن مِحْصَن العُكَاشِي: كذاب.

وقال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: مُعَلِّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ.

(1)

(2)

وذكره العجلوني في "كشف الخفاء".

(3)

قلت: ولم أقف للحديث علي شواهد، والله أعلم.

قلت: وقد ورد في فضل السواك: ما أخرجه البخاري، ومسلم في صحيحهما بسندهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ. وهذا لفظ البخاري، وأما لفظ مسلم: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أو عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.

(4)

وأخرج البخاري في "صحيحه" معلقاً بصيغة الجزم قال: وقَالَتْ عَائِشَةُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ.

(5)

قال ابن حجر: وَصَلَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيّ، وابن خُزَيْمَة، وابن حِبَّانَ.

(6)

قلت: وصله أحمد فرواه عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عُلية، عَنْ مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ به.

(7)

قلت: "إسناده حسن" فيه: محمد بن إسحاق: صدوق يدلس، لكنه صرح فيه بالتحديث، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

وقال ابن حجر: فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَة.

(8)

(1)

يُنظر "مجمع البحرين" للهيثمي 2/ 219.

(2)

قلت: قول الهيثمي فيه معلل بن محمد ولم أجد من ذكره، لعل ذلك حدث سهواً، فمعلل ليس ابن محمد، ولكنه معلل بن نفيل وهو ثقة، ومما يدل علي أن ذلك حدث سهواً، أو لعله خطأ مطبعي: أن الهيثمي علق علي الحديث السابق رقم (27) وهو بنفس سند هذا الحديث إلي إبراهيم بن أبي عبلة، فقال في "المجمع" 5/ 143، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ، قلت: وقد وقع أيضاً في بعض نسخ مجمع البحرين ثنا معلل بن محمد بن محصن، فجعل الراويين راوٍ واحد، وهو خطأ من الناسخ، ولعل ذلك هو سبب السهو الذي حدث للهيثمي عند التعليق علي الحديث في مجمع الزوائد فقال ما قال، والصواب ثنا معلل، ثنا محمد بن محصن، ومعلل: ثقة، ومحمد بن محصن: كذاب، كما قال فيه الهيثمي.

(3)

يُنظر "كشف الخفاء" 1/ 503.

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجمعة ب/ السِّوَاكِ يَوْمَ الجُمُعَةِ (2/ 4 رقم 887)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الطهارة ب/ السواك (1/ 220 رقم 252).

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه" معلقاً بصيغة الجزم في ك/ الصوم ب/ سِوَاكِ الرَّطْبِ وَاليَابِسِ لِلصَّائِمِ (3/ 31).

(6)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 4/ 185.

(7)

أخرجه أحمد في "مسنده"(40/ 240 رقم 24203).

(8)

يُنظر "تلخيص الحبير" 1/ 120.

ص: 173

[29/ 679]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: نا حُدَيْجُ

(1)

بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، إِنْ كَانَ مَظْلُومًا، فَانْصُرْهُ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا، فَرُدَّهُ عَنِ الظُّلْمِ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حُدَيْجٍ (1) إِلَّا جَعْفَر.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه ابن عدي في "الكامل"(3/ 358)، وقاضي المارِسْتان في "المشيخة الكبرى"(3/ 1405 رقم 731)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الجزء الثالث من المشيخة البغدادية"(1/ 51 رقم 37)، عن جَعْفَر بْن حُمَيْد.

- والذهبي في "معجم الشيوخ الكبير"(2/ 207)، عن محمد بن سليمان الأسدي المعروف بلُوَيْن.

كلاهما: جَعْفَر بْن حُمَيْدٍ الْقُرَشِي، ولُوَيْن، عن حُدَيْج بْن مُعَاوِيَة، عَن أَبِي الزُّبَيْر، به بنحوه.

- ومسلم في "صحيحه" ك/ البر والصلة والآداب ب/ نَصْرِ الْأَخِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (4/ 1998 رقم 2584)، وابن الجعد في "مسنده"(1/ 386 رقم 2641)، ومن طريقه ــــــ البغوي في "شرح السنة" ك/ البر والصلة ب/ نصْرَة الإخوان (13/ 97 رقم 3517) ـــــ. وأحمد في "مسنده"(22/ 357 رقم 14467)، والدارمي في "سننه" ك/ الرقاق ب/ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (3/ 1812 رقم 2795)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" ب/ مَا جَاءَ فِي نُصْرَةِ الْمَظْلُومِ مِنَ الْفَضْلِ، وَمَا جَاءَ فِي الْقُعُودِ عَنْ نُصْرَتِهِ مِنَ الْوِزْرِ (1/ 290 رقم 664)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ آداب القاضي ب/ الْقَاضِي يَكُفُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ عَنْ عِرْضِ صَاحِبِهِ (10/ 231 رقم 20467)، وأبو القاسم الأصبهاني، الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(3/ 82 رقم 2117)، وابن عساكر في "تاريخه"(13/ 345)،

- كلهم من طُرقٍ عن زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة، عن أَبي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِر قال: اقْتَتَل غُلَامَانِ غُلَامٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَنَادَى الْمُهَاجِرُ أَوِ الْمُهَاجِرُونَ، يَا لَلْمُهَاجِرِينَ وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا هَذَا دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، قَالَ: فَلَا بَأْسَ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ. كلهم هكذا بذكر هذه القصة عدا الدارمي، والخرائطي، وابن عساكر.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ القرشي، وقيل: العَبْسِيُّ، أَبُو مُحَمَّد الكوفي.

روي عن: حُدَيْج بْن مُعَاوِيَةَ، وعبد اللَّه بْن المبارك، وعبد الرحمن بْن أَبي الزناد، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، ومسلم، وأَبُو زُرْعَة الرازي، وآخرون.

(1)

في الأصل في الموضعين خديج بالخاء المعجمة، والصواب بالحاء المهملة كما في التخريج، ومصادر الترجمة.

ص: 174

أقوال أهل العلم فيه: قال مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ الحضرمي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابْن حبان فِي الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنُ حُدَيْجُ بْن زهير بن خَيْثَمَة الجُعْفِيُّ

(2)

الكُوفِيُّ، أخو زهير بْن معاوية.

روي عن: أَبِي الزُّبَيْرِ، وليث بْن أَبي سليم، وأبي إسحاق السبيعي، وآخرين.

روي عنه: جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ، ومحمد بْن سُلَيْمان لوين، وأَحْمَد بْن عَبد اللَّهِ بْن يونس، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن شاهين في الثقات. وقال ابن حجر: صدوق يخطئ. وقال أحمد: لا أعلم إِلاَّ خَيْرًا. وقال ابن عدي: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ يَنْفَرِدُ بِهِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ لأَنِّي لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا قد جاوز الحد.

- وقَال ابن سعد، وابن معين، والنَّسَائي، وأبو عَرُوبة: ضعيف. وَقَال أَبُو حاتم: محله الصدق، في بعض حديثه ضعف، يكتب حديثه. وذكره أبو العرب، والساجي في جملة الضعفاء، وذكره الدارقطني، وابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين، وذكره ابن شاهين في تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين.

- وقال ابْن مَعِين مرة: ليس بشيءٍ. وقال النسائي، وابن ماكولا: ليس بالقوي. وقَالَ الْبُخَارِي: يتكلمون فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. وقال ابن نُمَيْر: لَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يُحَدَّثُ عَنْهُ. وقال أحمد، وابن حبان: منكر الحديث، وزاد ابن حبان: كثير الوهم على قلة روايته. وقال الدارقطني: غلب عليه الوهم. وقال أحمد، وأبو داود، والحاكم: أن زهيراً أخاه كان لا يحتج به. وقال البزار: سيء الحفظ. وحاصله أنه "ضعيف يُعتبر به".

(3)

4) مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ تَدْرُسَ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، أَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، مَوْلَى حَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ.

روي عن: جابر بْن عَبد اللَّهِ، وذكوان أبي صالح السمان، وسَعِيد بن جبير، وآخرين.

روي عنه: حُدَيْج بْن مُعَاوِيَة، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، والذهبي، وابن عدي، ويعقوب بن شَيْبَة، وابن عثمان العبسي: ثقة، وزاد الذهبي: حافظ، وكان مدلساً واسع العلم. وزاد ابن عدي: إلا أن يروي عَنْهُ بعض الضعفاء فيكون الضعف من جهتهم. وزاد العبسي: ثبت. وَقَال يَعْلَى بن عطاء: كان أكمل الناس عقلاً وأحفظهم. وقال عطاء: كنا نكون عند جابر فيحدثنا، فإذا خرجنا تذاكرنا، وكان أبو الزبير أحفظنا للحديث. وذكره ابن حِبَّان في الثقات، وَقَال: وكان من الحفاظ وكان عطاء يقدمه إلى جابر ليحفظ له، ولم

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 161، "تهذيب الكمال" 5/ 20، "الكاشف" 1/ 293، "التقريب" صـ 79.

(2)

الجُعْفِيُّ: بضم الجيم وسكون العين المهملة وفي آخرها الفاء، هذه النسبة إلى القبيلة وهي جعفي بن سعد العشيرة وهو من مذحج، وكان وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد جعفة في الأيام التي توفى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نسب جماعة إلى ولائهم فمن موالي الجعفيين: زهير بْن معاوية. قاله السمعاني في "الأنساب" 3/ 268.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 310، "الضعفاء الصغير" للبخاري 1/ 41، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 1/ 194، "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني 1/ 191، "الكامل" 3/ 356، "المجروحين" 1/ 271، "تهذيب الكمال" 5/ 488، "الإكمال" 4/ 11، "تاريخ الإسلام" 4/ 599، "تهذيب التهذيب" 2/ 217، "التقريب" صـ 94.

ص: 175

ينصف من قدح فيه، لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك لأجله. وقال ابن عبد البر: تكلم فيه جماعة، ولم يأت واحد منهم بحجة توجب جرحه، وقد شهدوا له بالحفظ، وهو عندي من ثقات المحدثين، وقد كان عطاء بن أبي رباح يشهد له بالحفظ. روى له الجماعة إلا أن البخاري روى له مقروناً بغيره.

- وقال الذهبي، وأبو الحسن القطان، والساجي، وابن حجر: صَدُوق، وزاد الساجي: حجة في الأحكام، قد روى عنه أهل النقل، وقبلوه واحتجوا بحديثه. وزاد القطان: إلَّا أَنه يُدَلس، وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف من حَدِيثه فِي شَيْء ذكر فِيهِ سَمَاعه، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وَإِن كَانَ مُعَنْعنًا. وزاد ابن حجر: إلا أنه يدلس. وَقَال ابن معين مرة: صالح. وقال أحمد: قد احتمله الناس، ليس به بأس.

- وقال أَحْمَد: كان أيوب السختياني يقول: حَدَّثَنَا أَبُو الزبير، وأَبُو الزبير أَبُو الزبير! كأنه يضعفه. وَقَال نعيم بن حماد: سمعت ابن عُيَيْنَة يقول: حَدَّثَنَا أَبُو الزبير وهو أَبُو الزبير. أي كأنه يضعفه، وكان ابن جريج يضعفه. وقال الشافعي: أَبُو الزبير يحتاج إلى دعامة. وَقَال يعقوب بن شَيْبَة: إلى الضعف ما هو. وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: لا يحتج به، وزاد أبو حاتم: يكتب حديثه.

- وصفه بالتدليس: قال أبو زرعة، وابن القطان، والنسائي: مشهور بالتدليس، وقال العلائي: توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيه أبو الزبير عن جابر وليست من طريق الليث وكأن مسلماً رحمه الله اطلع على أنها مما رواه الليث عنه وإن لم يروها من طريقه والله أعلم. وذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثالثة: وهي من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. وقال ابن القطان: كل ما لم يصرح فيه بسماعه من جابر، أو لم يكن من رواية الليث عنه فهو منقطع. وحاصله أنه "ثقة يدلس، فلا يقبل ما رواه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع، أو كان من رواية الليث بن سعد عنه".

(1)

5) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه علتان:

العلة الأولي: حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ضعيف يعتبر به.

قال ابن القيسراني: رَوَاهُ حُديج بن مُعَاوِيَة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر وحُديج ضَعِيف.

(2)

وقال الذهبي: تَفَرَّدَ بِهِ حُدَيْجٌ أَخُو زُهَيْرٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِالْحُجَّةِ، لَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَلِلْحَدِيثِ أَصْلٌ.

(3)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 74، "الثقات" 5/ 351، "المدلسين" لأبو زرعة 1/ 88، "الوهم والإيهام" لأبو الحسن القطان 4/ 321 ـــ 322، "تهذيب الكمال" 26/ 402، "الإكمال" 10/ 336، "الكاشف" 2/ 216، "المغني في الضعفاء" 2/ 373، "ميزان الاعتدال" 4/ 37، "جامع التحصيل" 1/ 110، 113، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 45، "التقريب" صـ 440.

(2)

يُنظر "ذخيرة الحفاظ" 1/ 425.

(3)

يُنظر "معجم الشيوخ الكبير" للذهبي 2/ 207.

ص: 176

قلت: لكن تابع حُدَيْجٌ: أخوه زُهَيْرٌ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عن أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وزُهَيْرٌ هذا:"ثقة ثبت"

كما قال ابن حجر،

(1)

وأخرج هذه المتابعة: مسلم في "صحيحه" وغيره كما سبق بيان ذلك في التخريج.

العلة الثانية: أَبُو الزبير المكي: ثقة يدلس. فلا يقبل شئ من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع.

قلت: وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد، فزال بذلك ماكنا نخشاه من تدليسه.

قلت: وللحديث شاهد عند البخاري من حديث حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حُدَيْجٍ إِلَّا جَعْفَر.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ براوية هذا الحديث عن حُدَيْجٍ، لكن تابعه: محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي المعروف بلُوَيْن. وهو "ثقة" كما قال ابن حجر.

(3)

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

كان المجتمع الجاهلي قبل الإسلام يسود فيه مبدأ العصبية والقبلية فكانت العصبية للدم والجنس والعِرق فتري الرجل يقف مع أخيه أو قريبه أو صديقه حتي ولو كان ظالماً ويقويه علي ظلمه، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ: إِذَا أَنَا لَمْ أَنْصُرْ أَخِي وَهْوَ ظَالِمٌ عَلَى الْقَوْمِ لَمْ أَنْصُرْ أَخِي حِينَ يظلم. فلما جاء الإسلام أمر بنصرة الظالم والمظلوم لكنه عدل الميزان المقلوب وصحح الفهم المُعْوَجْ فكأن الصحابة رأوا وفهموا بالفطرة التي فطر الله الناس عليها أنَّ مبدأ النصرة هذا كان معوجاً في الجاهلية وفيه خلل فقالوا يا رسول الله ننصره إذا كان مظلوماً فكيف ننصره إذا كان ظالماً فقال صلى الله عليه وسلم تحجزه أو تكفه أو تمنعه عن هذا الظلم فذلك هو نصره. قال ابن بطال رحمه الله: النصرة عند العرب: الإعانة والتأييد، وقد فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نصر الظالم منعه من الظلم؛ لأنه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أداه ذلك إلى أن يُقتص منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدل من باب الحكم للشيء وتسميته بما يؤول إليه، وهو من عجيب الفصاحة، ووجيز البلاغة.

(4)

(1)

ينظر "التقريب" صـ 158.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ المظالم ب/ أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (3/ 128 رقم 2444).

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 416.

(4)

يُنظر "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 6/ 572.

ص: 177

[30/ 680]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النُّحَاسِ قَالَ: نا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا أَيُّوبُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سُفْيَان الثَّوْرِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِر.

ورواه عَنْ الثَّوْرِي بهذا الوجه: أَيُّوب بْن سُوَيْد.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" - رواية الباب - عن أَحْمَد بْن عَلِي بْن مُسْلِم الأَبَّار، وابن عدي في "الكامل"(2/ 27)، عَنْ مُحَمد بْن عُمَر بْن عَبد الْعَزِيزِ الْعَسْقَلانِي، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ب/ صفة خَلْقه ومعرفة خُلُقِه (3/ 298)، عن عبد الله بن أبي داود السجستاني. ثلاثتهم: الأبار، والعسقلاني، والسجستاني عَنْ أَبي عُمَيْر بْن النُّحَاسِ، عن أَيُّوب بْن سُوَيْد، عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي، به بنحوه.

الوجه الثاني: سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب.

أ ــ تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ الثَّوْرِي بهذا الوجه: وكيع بن الجراح، وسَعْد بْن سَعِيدٍ الْجُرْجَانِي.

أما طريق وَكِيع بْن الْجَرَّاح: أخرجه وَكِيع بْن الْجَرَّاحِ في "الزهد"(295)، ومن طريقه ــــــ مسلم في "صحيحه" ك/ الفضائل ب/ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، (4/ 1818 رقم 2337)، وابن سعد في "الطبقات"(1/ 387)، وأحمد في "مسنده"(30/ 529 رقم 18558)، (30/ 611 رقم 18666)، وأبو داود في "سننه" ك/ الترجل ب/ ما جاء في الشَّعْر (6/ 254 رقم 4183)، والترمذي في "سننه" ك/ اللباس ب/ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الثَّوْبِ الأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ (4/ 217 رقم 1724)، وفي ك/ المناقب ب/ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (5/ 598 رقم 3635)، وفي "الشمائل" ب/ ما جاء في خَلْق رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 30 رقم 4)، والنسائي في "السنن الكبري" ك/ الزينة ب/ اتِّخَاذُ الشَّعْرِ، وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ فِيهِ (8/ 320 رقم 9274)، والآجُرِيُّ في "الشريعة" ب/ صِفَةِ خَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا (3/ 1495 رقم 1018)، والبيهقي في "دلائل النبوة" ب/ صِفَةِ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 223)، وابن عساكر في "تاريخه"(3/ 284، 283)، وأبو بكر القضاعى البلنسى في" معجم أصحاب القاضي أبي علي الصدفي"(1/ 160) ــــــــ.

وأما طريق سَعْد بْن سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيُّ: أخرجه حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان"(1/ 216).

ب ــ متابعات للوجه الثاني: فقد توبع سُفْيَان الثَّوْرِي علي هذا الوجه فتابعه: شُعْبَة، وإِسْرَائِيل بن يونس بن إسحاق السبيعي، والْأَجْلَح بن عبد الله الكندي، وقيس بن الربيع الأسدي، وشريك النخعي.

أما متابعة شعبة: أخرجها البخاري في "صحيحه" ك/ المناقب ب/ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (4/ 188 رقم

ص: 178

3551)، وفي ك/ اللباس ب/ الثَّوْبِ الأَحْمَرِ (7/ 153 رقم 5848)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الفضائل ب/ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا (4/ 1818 رقم 2337)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 92 رقم 757)، وأحمد في "مسنده"(30/ 422 رقم 18473)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" ب/ صِفَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 612)، وأبو داود في "سننه" ك/ اللباس ب/ في الرخصة في ذلك ـــــ أي في الحمرة ــــــ (6/ 174 رقم 4072)، والترمذي في "الشمائل" ب/ ما جاء في خَلْق رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 30 رقم 3)، وفي "العلل الكبير"(1/ 344 رقم 638)، والنسائي في "السنن الكبري" ك/ الزينة ب/ اتِّخَاذُ الشَّعْرِ، وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ فِيهِ (8/ 320 رقم 9277)، وفي "الصغري" ك/ الزينة ب/ اتِّخَاذُ الْجُمَّةِ (8/ 183 رقم 5232)، وأبو يعلي في "مسنده"(3/ 262 رقم 1714)، والروياني في "مسنده"(1/ 228 رقم 320)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ التاريخ ب/ مِنْ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَارِهِ (14/ 195 رقم 6284)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ب/ ذِكْرُ بُرْدَتِهِ صلى الله عليه وسلم (2/ 176 رقم 294)، وأبو نعيم الأصفهاني في "الطب النبوي"(1/ 314 رقم 224)، والبيهقي في "دلائل النبوة" ب/ صِفَةِ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 222)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1/ 146 رقم 163)، وفي "شرح السنة" ك/ اللباس ب/ الثِّيَابِ المَصْبُوغَةِ (12/ 19 رقم 3089)، وفي ك/ الفضائل ب/ صفة النَّبِي صلى الله عليه وسلم (13/ 224 رقم 3646)، وابن عساكر في "تاريخه"(3/ 282).

وأما متابعة إسرائيل: أخرجها البخاري في ك/ اللباس ب/ الجَعْدِ (7/ 161 رقم 5901)، وأحمد في "مسنده"(30/ 575 رقم 18613)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" ب/ صِفَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 612)، والترمذي في "الشمائل" ب/ مَا جَاءَ فِي لِبَاسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 73 رقم 65)، والنسائي في "السنن الكبري" ك/ الزينة ب/ اتِّخَاذُ الشَّعْرِ (8/ 320 رقم 9275)، وفي "السنن الصغري" ك/ الزينة ب/ اتِّخَاذُ الشَّعْرِ (8/ 133 رقم 5060)، والروياني في "مسنده"(1/ 212 رقم 290)، وابن عساكر في "تاريخه"(3/ 285).

وأما متابعة الْأَجْلَحُ: أخرجها أحمد في "مسنده"(30/ 629 رقم 18700)، والروياني في "مسنده"(1/ 209 رقم 281)، وابن عساكر في "تاريخه"(4/ 203).

وأما متابعة قيس بن الربيع: أخرجها ابن المقرئ في "معجمه"(1/ 289 رقم 948).

وأما متابعة شريك: أخرجها ابن أخي ميمي الدقاق في "فوائده"(1/ 249 رقم 531)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(2/ 114 رقم 1157)، والخطيب في "المتفق والمفترق"(3/ 1815 رقم 1376)، وفي "تاريخه"(13/ 173)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(3/ 288)، وحمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان"(1/ 514).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

ص: 179

2) عيسى بْنُ مُحَمَّد بن إسحاق، أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النَحَّاس

(1)

الرَمْلِيُّ.

روي عن: أَيُّوب بْن سُوَيْد، وسفيان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، وأَبُو داود، والنَّسَائي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، وابْن مَعِين، وأَبُو زُرْعَة، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر، ومسلمة بن قاسم: ثقة، وزاد أبو حاتم، وأبو زرعة: رضى. وزاد الذهبي: حافظ. وزاد ابن حجر: فاضل. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَمْلِيُّ،

(3)

أَبُو مسعود الحِمْيَريُّ السَّيْبَانيُّ.

(4)

روي عن: سُفْيَان الثَّوْرِي، ومالك بْن أَنَس، ويونس بْن يزيد الأيلي، وآخرين.

روي عنه: أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النُّحَاسِ، ومحمد بْن إدريس الشافعي، وإبْرَاهِيم بْن زياد سبلان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال مسلمة بن قاسم: ثقة.

- وقال ابن حجر: صدوق يخطئ.

- وقال أَحْمَد، وأبو داود، وابن قانع، والساجي: ضعيف. وَقَال ابْن عدي: يكتب حديثه في جملة الضعفاء. وذكره ابن شاهين، وأبو العرب في جملة الضعفاء. وقَال البُخارِيُّ، وابن يونس: يتكلمون فيه.

- وقال ابْن مَعِين، وابن الجارود: ليس بشيءٍ يسرق الأحاديث. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وَقَال النَّسَائي: ليس بثقة. وَقَال أَبُو حاتم: لين الْحَدِيث. وقال الذهبي: كَانَ سَيِّئَ الحِفْظِ لَيِّناً. وقال أبو بكر الإسماعيلي: فيه نظر. وقال الحاكم: لا يحتج به. وقَالَ ابْن الْمُبَارك: ارْمِ بِهِ. وقال الخليلي: روى عنه الكبار ولم يرضوا حفظه، وهو غير متفق عليه. وقال الجوزجاني: واهي الحديث وهو بَعدُ متماسك.

- وذكره ابْن حبان فِي الثقات، وَقَال: كان ردئ الحفظ، يخطئ، يُتقى حديثه من رواية ابنه مُحَمَّد بْن أَيُّوب عنه، لأن أخباره إذا سُبِرَت من غير رواية ابنه عنه وُجد أكثرها مستقيمة. لكن قال ابن حجر: وقد أورد ابن عدي له في ترجمته جملة مناكير من غير رواية ابنه لا كما زعم ابن حبان. وقال الذهبي: والعجب من ابن حبان ذكره في الثقات فلم يصنع جيداً. وحاصله أنه "ضعيف يعتبر به" والله أعلم.

(5)

(1)

النَحَّاس: بفتح النون وتشديد الحاء المهملة وفي آخرها السين المهملة أيضا هذا إلى عمل النحاس، وأهل مصر يقولون لمن يعمل الأواني الصفرية ويبيعها: النحاس، والمشهور بهذا الاسم: عيسى بْنُ مُحَمَّد النُّحَاس. يُنظر "الأنساب" 13/ 45.

(2)

"الجرح والتعديل" 6/ 286، "تهذيب الكمال" 23/ 23، "الكاشف" 2/ 112، "تاريخ الإسلام" 6/ 122، "التقريب" صـ 376.

(3)

الرَمْلِيُّ: بفتح الراء وسكون الميم وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى بلدة من بلاد فلسطين وهي قصبتها يقال لها الرملة، كان بها جماعة من العلماء والصلحاء، وكان بها الرباط للمسلمين، وكان يسكنها جماعة من العلماء الصالحين للمرابطة بها. منهم: أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَمْلِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 6/ 163.

(4)

السَيْبانِيُّ: بفتح السين المهملة وسكون الياء المنقوطة بنقطتين من تحتها وبعدها باء منقوطة بواحدة وفي آخرها نون بعد الألف، هذه النسبة إلى سيبان وهو بطن من حمير. قاله السمعاني في "الأنساب" 7/ 214.

(5)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 249، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 47، "الثقات" لابن حبان 8/ 125، "تهذيب الكمال" 3/ 474، "الإكمال" 2/ 335، "التقريب" صـ 57.

ص: 180

4) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه مسلم في "صحيحه" وهذا كافٍ في إثبات صحته، كما أن له متابعات في الصحيحين أيضاً، كما سبق بيان ذلك في التخريج

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سُفْيَان الثَّوْرِي، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، عَنْ جَابِر.

ولم يروه عن سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه إلا: أَيُّوب بْن سُوَيْد. وهو ضعيف.

الوجه الثاني: سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب.

وقد رواه عن سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: وكيع بن الجراح: قال ابن حجر: ثقة حافظ. وسَعْد بْن سَعِيد الْجُرْجَانِي. وقد توبع الثَّوْرِي علي هذا الوجه فتابعه: شُعْبَة، وإِسْرَائِيل، والْأَجْلَح، وقيس بن الربيع، وشريك.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح، وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الثاني اثنان من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فَرَاوِيَة الوجه الثاني وهو وكيع بن الجراح أحفظ وأوثق من رَاوِيَة الوجه الأول.

3) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحيه.

4) المتابعات: فقد تابع سُفْيَانَ الثَّوْرِي علي هذا الوجه جماعة في الصحيحين وغيرهما وهم: شُعْبَة، وإِسْرَائِيلُ بن يونس، والْأَجْلَحُ بن عبد الله الكندي، وقيس بن الربيع الأسدي، وشريك النخعي.

5) ترجيح الأئمة:

- قال أبو حاتم: حينما سُئل عَنْ حديث أَبِي عُمَير بْنِ النَّحَّاس، عَنْ أيُّوب بْنِ سُويد، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا رأيتُ أَحَدًا أحسنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي حُلَّةٍ حَمراءَ. قَالَ: إِنَّمَا يَرْوِيهِ الثَّوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ.

(1)

- وقال ابن عدي: وهذا الحديث أخطأ أيوب بن سويد على الثوري حيث قال عن محمد بن المنكدر، وإنما روى هذا الحديث الثوري، عن أبي إسحاق عن البراء.

(2)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: أَيُّوب بْن سُوَيْد: ضعيف، تفرد،

(1)

يُنظر "علل الحديث" لابن أبي حاتم " 4/ 486.

(2)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 2/ 27.

ص: 181

وخالف الثقة، فراويته للحديث منكرة.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ الراجح ــــ صحيح وهو ثابت في الصحيحين كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا أَيُّوبُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا أَيُّوب.

‌سادساً: شرح الغريب:

قوله حُلَّةٌ حَمْرَاءَ: قال النَّوَوِيُّ: الْحُلَّةُ هِيَ ثَوْبَانِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا تَكُونُ إِلَّا ثَوْبَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَحُلُّ عَلَى الْآخَرِ وَقِيلَ لَا تَكُونُ الْحُلَّةُ إِلَّا الثَّوْبَ الْجَدِيدِ الَّذِي يُحَلُّ مِنْ طَيِّهِ.

(1)

‌سابعاً: التعليق علي الحديث:

يستفاد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس الثوب الأحمر وهذا دليل علي الجواز. لكن قد ورد في حديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس الأحمر. فذهب العلماء إلي أن النهي عن لبس الثوب الأحمر إنما هو للأحمر الخالص، وأما إن خالطه لون آخر فلا شئ فيه. قَال ابن الْقَيِّمِ: وَغَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا كَانَتْ حَمْرَاءَ بَحْتًا لَا يُخَالِطُهَا غَيْرُهَا وَإِنَّمَا الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ بُرْدَانِ يَمَانِيَانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الْأَسْوَدِ كَسَائِرِ الْبُرُودِ الْيَمَانِيَّةِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ الْخُطُوطِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ شُبْهَةٌ مِنْ لَفْظِ الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ.

(2)

وقَالَ أيضاً: كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَلْبَسُ ثَوْبًا مُشْبَعًا بِالْحُمْرَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَتْبَعُ السُّنَّةَ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ وَالْبُرْدُ لَا يُصْبَغُ أَحْمَرَ صِرْفًا. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الَّذِي أَرَاهُ جَوَازُ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ بِكُلِّ لَوْنٍ إِلَّا أَنِّي لَا أُحِبُّ لُبْسَ مَا كَانَ مُشْبَعًا بِالْحُمْرَةِ وَلَا لُبْسَ الْأَحْمَرِ مُطْلَقًا ظَاهِرًا فَوْقَ الثِّيَابِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ مُرَاعَاةَ زِيِّ الزَّمَانِ مِنَ الْمُرُوءَةِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَفِي مُخَالَفَةِ الزِّيِّ ضَرْبٌ مِنَ الشُّهْرَةِ.

(3)

(1)

يُنظر "عون المعبود" لشرف الحق العظيم آبادي 11/ 84.

(2)

يُنظر "عون المعبود" لشرف الحق العظيم آبادي 11/ 84.

(3)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 10/ 305.

ص: 182

[31/ 681]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» . *لَمْ يَرْوِهِ عَنْ شَرِيكٍ إِلَّا عَلِيٌّ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أَبي إِسْحَاق، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو إِسْحَاق، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى موصولاً.

ورواه عَنْ أَبي إِسْحَاق بهذا الوجه: شريك النخعي، وأَبُو عَوَانَة، وإسْرَائِيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، والثوري، وشعبة، وقَيْس بْن الرَّبِيع، وعَبْد الْحَمِيدِ بْن الْحَسَنِ الْهِلَالِي، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

أما طريق شريك: أخرجه الطبراني في "الأوسط" - رواية الباب -، ورقم (7900) والدارمي في "سننه" ك/ النكاح ب/ النَّهْيِ عَنِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ (3/ 1396 رقم 2228)(3/ 1396 رقم 2229)، والترمذي في "سننه" ك/ النكاح ب/ مَا جَاءَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ (3/ 398 رقم 1101)، وأبو جعفر البختري في "مجموع فيه مصنفاته"(1/ 398 رقم 589)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 738 رقم 1501)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ النكاح ب/ الولي (3/ 391 رقم 4078)، وأبو علي الصواف في "فوائده"(1/ 29 رقم 11)، وأبو القاسم الميانجي في "جزئه"(1/ 34 رقم 33)، والحربي في "الثالث من الفوائد المنتقاة"(1/ 36 رقم 35)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ النكاح ب/ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِي (3/ 16 رقم 2368)، والخطيب في "تاريخه"(6/ 538)، وابن عساكر في "تاريخه"(5/ 449) كلهم من طرق عن علي بن حجر.

والبزار في "مسنده"(8/ 112 رقم 3112)، عن طلق بن غنام. و (8/ 114 رقم 3116)، عن عبد الرحمن بن شريك.

ثلاثتهم (علي بن حجر، وطلق بن غنام، وعبد الرحمن بن شريك) عن شريك النخعي به.

وأما طريق أَبي عَوَانَة: أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(1/ 422 رقم 525)، وسعيد بن منصور في "سننه" ب/ مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيّ (1/ 174 رقم 527)، وابن ماجة في "سننه" أَبْوَابُ النِّكَاحِ ب/ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ (3/ 79 رقم 1881)، والترمذي في "سننه" ك/ النكاح ب/ مَا جَاءَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ (3/ 398 رقم 1101)، والسراج في "حديثه"(2/ 145 رقم 600)، وفي "البيتوتة"(1/ 129 رقم 40)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ (3/ 9 رقم 4263)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 173 رقم 296)، وأبو القاسم الميانجي في "جزئه"(1/ 35 رقم 34)، والحاكم في "المستدرك" ك/ النكاح (2/ 187 رقم 2714)، وابن عبد البر في "التمهيد"(19/ 88)، والبغوي في "تفسيره"(6/ 39)، وفي "شرح السنة" ك/ النكاح ب/ رَدِّ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الوَلِيِّ (9/ 38 رقم 2261)، عَنْ أَبي عَوَانَة به بنحوه.

وأما طريق إسْرَائِيلَ بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ (8/ 11 رقم 16170) وفي ك/ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ بِدون وَلِي (13/ 98 رقم 37115) وأحمد في "مسنده"(32/ 482 رقم 19710)، وأحمد في "مسنده"

ص: 183

(32/ 280 رقم 19518)، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف" ك/ النكاح مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلِيَ عَقْدَ النِّكَاحِ (8/ 276 رقم 1934)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ النِّكَاحِ (1/ 176 رقم 702)، والدارمي في "سننه" ك/ النكاح ب/ النَّهْيِ عَنِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ (3/ 1396 رقم 2228)، وأبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ في الولي (3/ 427 رقم 2085)، والترمذي في "سننه" ك/ النكاح ب/ مَا جَاءَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ (3/ 398 رقم 1101)، والبزار في "مسنده"(8/ 107 رقم 3105)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(13/ 195 رقم 7227)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ النِّكَاحِ (1/ 303 رقم 449)، (1/ 304 رقم 450)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ النكاح ب/ الولي: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَقْدَ النِّسَاءِ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ عَلَيْهِنَّ دُونَهُنَّ وَإِنَّ الْإِذْنَ لِلْأَيِّمِ مِنْهُنَّ عِنْدَ ذَلِكَ (9/ 394 رقم 4083)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح (4/ 310 رقم 3514)، والبزار في "مسنده"(8/ 108 رقم 3106)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ (3/ 8 رقم 4259، 4258)، والحاكم في "المستدرك" ك/ النكاح (2/ 184 رقم 2711)، وتمام في "فوائده"(2/ 164 رقم 1434)، (2/ 165 رقم 1436)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ النكاح ب/ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِي (3/ 17 رقم 2369)، وفي "السنن الكبري" ك/ النكاح ب/ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِي (7/ 173 رقم 13611)، (7/ 173 رقم 13612)، وفي "معرفة السنن والآثار"(10/ 33 رقم 13528)، وابن عبد البر في "التمهيد"(19/ 87).

وأما طريق سُفْيَان الثوري: أخرجه البزار في "مسنده"(8/ 110 رقم 3108)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ النِّكَاحِ (1/ 176 رقم 704)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ (3/ 9 رقم 4268)، وتمام في "فوائده"(2/ 163 رقم 1433)، والذهبي في "معجم الشيوخ الكبير"(2/ 405)، منْ طريق بِشْر بْن مَنْصُور. والبزار في "مسنده"(8/ 110 رقم 3109)، والبَدْرُ بنُ الهَيْثَمِ القاضي في "حديثه"(1/ 230 رقم 10)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي شيوخه"(2/ 609 رقم 239)، من طريق جَعْفَرُ بْنُ عَوْن. وابن الجارود في "المنتقي" ك/ النِّكَاحِ (1/ 303 رقم 448)، من طريق مُؤَمَّل بن إسماعيل. وأبو علي الصواف في "فوائده"(1/ 34 رقم 13)، من طريق عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبَان. وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي شيوخه"(2/ 609 رقم 239)، من طريق عَبْد الرَّزَّاق. وتمام في "فوائده"(2/ 163 رقم 1431)، من طريق عَبْد اللَّهِ بْن وَهْب. وأبو عثمان البحيري في "السابع من فوائده"(1/ 155 رقم 155)، من طريق عَلِيّ بْن مُسْهِرٍ، كلهم: بِشْر بْن مَنْصُور، وجَعْفَر بْن عَوْن، ومُؤَمَّل، وعَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبَان، وعَبْد اللَّهِ بْن وَهْب، وعَلِي بْن مُسْهِر، عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاق به بنحوه.

وأما طريق شعبة: أخرجه البزار في "مسنده"(8/ 111 رقم 3111)، وأبو علي الصواف في "فوائده"(1/ 33 رقم 12)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح (4/ 313 رقم 3518)، من طريق يَزِيد بْن زُرَيْع. وابن المقرئ في "معجمه"(1/ 185 رقم 584)، من طريق مَالِك بْن سُلَيْمَان. وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(54/ 237)، عَنْ عمرو بن حكام. ثلاثتهم: عَنْ شعبة، عن أبي إسحاق به بنحوه.

وأما طريق قَيْس بْن الرَّبِيع: أخرجه البزار في "مسنده"(8/ 113 رقم 3113)، والطحاوي في "شرح معاني

ص: 184

الآثار" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ (3/ 9 رقم 4266)، وأبو علي الصواف في "فوائده" (5/ 363 رقم 5565).

وأما طريق عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ: أخرجه البزار في "مسنده"(8/ 114 رقم 3115).

وأما طريق زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَة: أخرجه ابن الجارود في "المنتقي" ك/ النِّكَاحِ (1/ 176 رقم 703)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ النكاح ب/ الولي: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْوَلَايَةَ فِي الْإِنْكَاحِ إِنَّمَا هِيَ لِلْأَوْلِيَاءِ دُونَ النِّسَاءِ (9/ 388 رقم 4077)، وابن المقرئ في "معجمه"(1/ 66 رقم 123)، والحاكم في "المستدرك" ك/ النكاح (2/ 186 رقم 2713)، والبيهقي في "السنن الكبري" ك/ النكاح ب/ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِي (7/ 173 رقم 13613)، والذهبي في "طبقات الحفاظ"(3/ 33)، وفي "السير"(15/ 82).

الوجه الثاني: أَبو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُرسلاً.

ورواه عَنْ أَبِي إِسْحَاق بهذا الوجه: الثوري، وشعبة، وأَبُو الْأَحْوَص.

أما طريق الثوري: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ (6/ 196 رقم 10475). والترمذي في "العلل الكبير"(1/ 155 رقم 265)، والبزار في "مسنده"(8/ 109 رقم 3107) والروياني في "مسنده"(1/ 302 رقم 447)، عَنْ ابن مهدي. وأبو عروبة الحراني في "أحاديث برواية أبي أحمد الحاكم"(1/ 39 رقم 19)، عَنْ ابْن الْمُبَارَك. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ (3/ 9 رقم 4260)، عَنْ أَبي عَامِر. والخطيب في "الكفاية" ب/ الْقَوْلِ فِيمَا رُوِيَ مِنَ الْأَخْبَارِ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا، هَلْ يَثْبُتُ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ أَمْ لَا؟ (2/ 491 رقم 1266)، عَنْ الْحُسَيْن بْن حَفْص.

كلهم: عبد الرَّازق، وابن مهدي، وابن المبارك، وأبو عامر، والحسين بن حفص، عَن الثوري.

وأما طريق شعبة: أخرجه البزار في "مسنده"(8/ 111 رقم 3110)، عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْع. والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ (3/ 9 رقم 4260)، عَنْ وَهْب بْن جَرِير. وابن زياد النيسابوري في "الزيادات علي كتاب المزني" ك/ الوصايا ب/ مَا جَاءَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، وَأَزْوَاجِهِ فِي النِّكَاحِ (1/ 461 رقم 412)، عَنْ النَّضْر. والخطيب في "الكفاية" ب/ الْقَوْلِ فِيمَا رُوِيَ مِنَ الْأَخْبَارِ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا، هَلْ يَثْبُتُ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ أَمْ لَا؟ (2/ 499 رقم 1269)، عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ غُنْدَر. كلهم: يزيد بن زريع، ووهب بن جرير، والنضر، ومحمد بن جعفر، عَنْ شُعْبَة به بنحوه.

وأما طريق أَبي الْأَحْوَص: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ (8/ 12 رقم 16172)، وفي ك/ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ بِدون وَلِي (13/ 98 رقم 37114).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: ـــ رواية الباب

ـــ.

ص: 185

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بنُ حُجْرِ بنِ إِيَاسِ بنِ مُقَاتِلٍ بنِ مُشَمْرِجٍ بن خالد السَّعْدِيُّ

(1)

أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ.

روي عن: شريك النخعي، وَعَبْد الله بْن المُبَارَك، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بن عَلِي الأَبَّار، والبُخَارِي، وَمُسْلِم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال النَّسَائِي، والخليلي، والمزي، والحاكم، والذهبي، وأبو محمد بن الأخضر، ومسلمة بن قاسم، وابن حجر: ثِقَة، وزاد النَّسَائِي، والمزي: مَأْمُوْن، وزاد النَّسَائِي، والمزي، والذهبي، وأبو محمد بن الأخضر، ومسلمة، وابن حجر: حَافِظ، وزاد المزي: كان متيقظاً، وزاد أبو محمد بن الأخضر: متقن، وزاد الخليلي: مُتَّفَقٌ عَلَيْه. وَقَال الخَطِيْب، والسمعاني: كَانَ صَادِقاً، مُتْقِناً، حَافِظاً. وقال مُحَمَّد بن عَلِي بنِ حَمْزَة: كَانَ فَاضِلاً، حَافِظاً. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: متيقظ متقن. وحاصله أنه "ثقة حافظ".

(2)

3) شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ: "صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء فيحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

4) عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ بن عُبَيد ذِي يُحْمِد، أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ

(3)

الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.

روي عن: أبي بُرْدَة بن أَبِي مُوسَى الأشعري، والبراء بْن عازب، وسعيد بن جبير وآخرين.

روي عنه: شريك النخعي، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وأحمد، وأبو حاتم، وابْن مَعِين، والنسائي، والذهبي وابن حجر: ثقة. وَزاد أَبُو حاتم: يشبه الزُّهْرِيّ في كثرة الرواية واتساعه في الرجال. وزاد ابن حجر: مكثر عابد. وزاد الذهبي: نبيل. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. روى له الجماعة.

وصفه بالتدليس: فقد وصفه بذلك ابن حبان، والطبري، والنسائي. وذكره العلائي، وابن حجر: في المرتبة الثالثة، وهم الذين لا يحتج بحديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، قلت: ـــــ الباحث ــــ إلا إذا كان الراوي عنه شعبة، فقد قال شعبة: كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش، وأبو إسحاق، وقتادة. قال ابن حجر: فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة.

وصفه بالاختلاط: فوصفه بذلك أحمد، وابن الصلاح، وابن حجر، والفسوي، والخليلي. فقال أحمد: ثقة،

(1)

السَعْدِىُّ: بفتح السين وسكون العين وفي آخرها الدال المهملات، هذه النسبة إلى عدة قبائل، منهم إلى سعد بن بكر بن هوازن، وإلى سعد تميم، وإلى سعد بن أبى وقاص، وإلى سعد من بنى عبد شمس، وأما سعد يعنى من بنى عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن إلياس بن مضر، فمنهم: على بن حجر بن إياس السعدي. يُنظر "الأنساب" 7/ 82.

(2)

"الإرشاد" 3/ 903، "الثقات" 7/ 214، "التهذيب" 20/ 355، "السير" 11/ 507، "الإكمال" 9/ 286، "التقريب" صـ 338.

(3)

السَّبِيْعِيُّ: بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعدهَا يَاء مُعْجمَة بِاثْنَتَيْنِ من تحتهَا سَاكِنة وَفِي آخرهَا عين مُهْملَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى سبيع وَهُوَ بطن من هَمدَان وَهُوَ السبيع بن صَعب بن مُعَاوِيَة بن كثير بن مَالك بن جشم بْن حاشد وَقيل هُوَ سبيع بن سبع بن مُعَاوِيَة وبالكوفة محلّة مَعْرُوفَة يُقَال لَهَا السبيع لنزول هَذِه الْقَبِيلَة فِيهَا وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة جمَاعَة مِنْهُم: أَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السَّبِيْعِيُّ. يُنظر "اللباب" 2/ 102.

ص: 186

لكن هؤلاء الذين حملوا عنه بأخرة. وقال ابن حجر: اختلط بآخرةِ، وقال مرة: أحد الْأَعْلَام الْأَثْبَات قبل اخْتِلَاطه وَلم أر فِي البُخَارِي من الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا عَن القدماء من أَصْحَابه كالثوري وَشعْبَة لَا عَن الْمُتَأَخِّرين كَابْن عُيَيْنَة وَغَيره. وممن نفي عنه الاختلاط: العلائي، والذهبي، فقال العلائي: أحد أئمة التابعين المتفق على الاحتجاج به، ولم يعتبر أحدٌ من الأئمة ما ذُكر من اختلاط أبي إسحاق، احتجوا به مطلقاً وذلك يدل على أنه لم يختلط في شيء من حديثه، وقال الذهبي: شاخ ونسى، وَقد تغير شَيْئاً، ولم يختلط. وحاصله أنه "ثقة يدلس، اختلط بأخرةِ، فأما تدليسه: فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، إلا ذا كان الراوي عنه شعبة. وأما اختلاطه فيُنْظر إلي الراوي عنه، فإن كان روي عنه قبل اختلاطه فيقبل حديثه، وإن كان روي عنه بعد اختلاطه فيرد حديثه، والله أعلم.

(1)

5) أَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَامِرٌ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْس، وَيُقَالُ: اسْمُهُ كُنْيَتُه.

روي عَنْ: أبيه أَبو مُوسَى الأشعري، والبراء بْن عازب، وحذيفة بْن اليمان، وآخرين.

روي عَنْه: أَبُو إسحاق السبيعي، ويونس بن أَبي إسحاق السبيعي، وابن المنكدر، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سعد، والعجلي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وقال النووي: اتفقوا على توثيقه وجلالته. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وَقَال ابْن خراش مرة: صدوق. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

6) أَبو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ.

روي عَنْ: النبي صلى الله عليه وسلم، وأَبِي بْن كعب، وعَبْد اللَّهِ بن مسعود، وآخرين.

روي عَنْه: ابنه أبُو بردة بن أَبي مُوسَى، والشعبي، وأَبُو عثمان عَبْد الرَّحْمَن النهدي، وآخرون.

أسلم رضي الله عنه بمكة، وهاجر إلى الحبشة، ذو الهجرتين، هجرة الحبشة والمدينة، فبقي بالحبشة مع جعفر بن أبي طالب حتى قدم معه زمن خيبر. أحد عمال النبي صلى الله عليه وسلم وعلماء الصحابة وفقهائهم، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل على اليمن، كان قد أعطي من مزامير آل داود من حسن صوته. فتح البلدان، وولي الولايات، وبعثه علي على تحكيم الحكمين رضي الله عنه وأرضاه.

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد عَبْد الرَّزَّاق في مصنفه

".

1) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

2) أَبُو إِسْحَاق السَّبِيْعِي: "ثقة يدلس، اختلط بأخرةِ، فأما تدليسه: فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، إلا ذا كان الراوي عنه شعبة. وأما اختلاطه فيُنْظر إلي الراوي عنه، فإن كان روي عنه قبل اختلاطه فيقبل حديثه، وإن كان روي عنه بعد اختلاطه فيرد حديثه. سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

(1)

يُنظر "الثقات"، "تهذيب الكمال" 22/ 102، "ميزان الاعتدال" 3/ 270، "المختلطين" 1/ 93، "جامع التحصيل" 1/ 113، 1/ 245، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 42، 1/ 59، "هدي الساري" 1/ 431، "الإرشاد" 1/ 355، "التقريب" صـ 360.

(2)

"الثقات" للعجلي 2/ 387، "تهذيب الأسماء واللغات"2/ 178، "التهذيب"33/ 66، "تاريخ الإسلام"3/ 184، "التقريب"صـ 548.

(3)

يُنظر "معرفة الصحابة" 4/ 1749، "الاستيعاب" 3/ 979، "أسد الغابة" 3/ 364، "الإصابة" 6/ 339.

ص: 187

3) أَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي أَبي إِسْحَاق السَّبِيْعِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو إِسْحَاق، عَنْ أَبِي بُرْدَة، عَنْ أَبِي مُوسَى موصولاً.

ورواه عَنْ أَبي إِسْحَاق بهذا الوجه: أَبُو عَوَانَة، وإسْرَائِيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، شريك، سُفْيَان الثوري، وشعبة، وقَيْس بْن الرَّبِيع، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِي، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

الوجه الثاني: أَبو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُرسلاً.

ورواه عَنْ أَبِي إِسْحَاق بهذا الوجه: الثوري، وشعبة، وأَبُو الْأَحْوَص.

وعلي هذا ظهر لنا أنَّ مدار هذا الحديث علي أَبي إِسْحَاق، فرُوي عَنْه مرة، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى موصولاً. ورُوِي عنه مرة عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُرسلاً.

وقد تنازع العلماء في أي الوجهين أصح الموصول أم المرسل.

فقَال التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى عِنْدِي أَصَحُّ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ لَا يَذْكُرَانِ فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، مع أنهما أَحْفَظَ وَأَثْبَتَ مِنْ جَمِيعِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الحَدِيثَ، فَإِنَّ رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ عِنْدِي أَشْبَهُ لِأَنَّ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيَّ سَمِعَا هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى سَمِعُوا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَكان يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَدْ رَوَى هَذَا، عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ يُونُسُ بَعْضَ مَشَايِخِ أَبِيهِ، فَهُوَ قَدِيمُ السَّمَاعِ وَإِسْرَائِيلُ قَدْ رَوَاهُ وَهُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ أَبِي إِسْحَاقَ بَعْدَ شُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيِّ.

(1)

وقال البزار: والحديث لمن زاد إذا كان حافظاً، وإسرائيل حافظ عن أبي إسحاق، والحديث عندنا قد تواصلت به الأخبار في اتصاله ورفعه وإن قصر به مقصر فالخبر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

وقَال ابن حبان: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا، فَمَرَّةً كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِيهِ مُسْنِدًا، وَمَرَّةً يرسله، وسمعه أبو إسحاق من أَبِي بُرْدَةَ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا مَعًا، فَمَرَّةً كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ مَرْفُوعًا، وَتَارَةً مُرْسَلًا، فَالْخَبَرُ صَحِيحٌ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا مَعًا لَا شَكَّ، وَلَا ارْتِيَابَ في صحته.

(3)

وقال ابن عدي: والأصل في هذا الحديث مرسل، عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(4)

وروي الدارقطني بسنده عَنْ مُحَمَّد بْن مَخْلَد قال قِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن بن مهدي: إِنَّ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ يُوَقِّفَانِهِ

(1)

يُنظر "سنن الترمذي" 3/ 399.

(2)

يُنظر "مسند البزار" 8/ 115.

(3)

يُنظر "صحيح ابن حبان" 9/ 395.

(4)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 7/ 10.

ص: 188

عَلَى أَبِي بُرْدَةَ، فَقَالَ: إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ.

(1)

وروي الحاكم بسنده عَنْ محمد بن سهل بن عسكر، عَنْ قبيصة بن عقبة، عَنْ يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نكاح إلا بولي. قال ابن عسكر: قال لي قبيصة بن عقبة: جاءني ابن المديني فسألني عن هذا الحديث، فحدثته به، فقال ابن المديني: قد استرحنا من خلاف أبي إسحاق. قال الحاكم: لست أعلم بين أئمة هذا العلم خلافًا على عدالة يونس بن أبي إسحاق، وإن سماعه من أبي بردة مع أبيه صحيح، ثم لم يختلف على يونس في وصل هذا الحديث، ففيه الدليل الواضح أن الخلاف الذي وقع على أبيه فيه من جهة أصحابه، لا من جهة أبي إسحاق والله أعلم.

(2)

وسئل الْبُخَارِيَّ عَنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ مرفوعاً فَقَالَ الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ ثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ أَرْسَلَاهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْحَدِيثَ.

(3)

وقال البيهقي: وَالْمَحْفُوظُ عَنْهُمَا ـــــ أي شعبة، والثوري ـــــ غَيْرُ مَوْصُولٍ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، وَمَنْ تَابَعَهُ فِي وَصْلِ الْحَدِيثِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

(4)

وقال البغوي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرِوَايَةُ مَنْ أَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَصَحُّ.

(5)

وقال الدارقطني: إسرائيل من الحفاظ عن أبي إسحاق، قال ابن مهدي: كان إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ سورة الحمد. ويشبه أن يكون القول قوله، وأن أبا إسحاق كان ربما أرسله فإذا سئل عنه وصله.

(6)

وقال ابن فرْح: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الإِمَام: سَأَلت مُحَمَّد بن يحيى عَن هَذَا الْبَاب، فَقَالَ: حَدِيث إِسْرَائِيل صَحِيح عِنْدِي، فَقلت لَهُ رَوَاهُ شُعْبَة، وَالثَّوْري عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نعم، هَكَذَا روياه، وَلَكنهُمْ كَانُوا يحدثُونَ الحَدِيث فيرسلونه، فَإِذا قيل لَهُم: عَمَّن؟ فيسندونه.

(7)

وقال ابن الملقن: حَدِيث أبي مُوسَى فِيهِ اخْتِلَاف فروي مرة موصولاً ومرة مرسلاً فيجوز أَن يكون أرْسلهُ مرّة؛ لكَونه استفتاء، وأسنده أُخْرَى لكَونه تحديثًا.

(8)

(1)

يُنظر "سنن الدارقطني" 4/ 313.

(2)

يُنظر "المستدرك" 2/ 187.

(3)

يُنظر "السنن الكبري" للبيهقي 7/ 175.

(4)

يُنظر "السنن الكبري" 7/ 177.

(5)

يُنظر "شرح السنة" للبغوي 9/ 38.

(6)

يُنظر "العلل" للدارقطني 7/ 207.

(7)

يُنظر "مختصر خلافيات البيهقي" 4/ 99.

(8)

يُنظر "البدر المنير" 7/ 543.

ص: 189

وقال ابن حجر: الاستدلال بأن الحكم للواصل دائماً على العموم من صنيع البخاري في هذا الحديث الخاص ليس بمستقيم لأن البخاري لم يحكم فيه بالاتصال من أجل كون الوصل زيادة وإنما حكم له بالاتصال لمعان أخرى رجحت عنده حكم الموصول. منها: أن يونس بن أبي إسحاق وابنيه إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق موصولاً ولا شك أن آل الرجل أخص به من غيرهم ووافقهم على ذلك أبو عوانة، وشريك، وزهير وتمام العشرة من أصحاب أبي إسحاق، مع اختلاف مجالسهم في الأخذ عنه وسماعهم إياه من لفظه. وأما رواية من أرسله وهما شعبة وسفيان، فإنما أخذاه عن أبي إسحاق في مجلس واحد عرضاً ولا يخفى رجحان ما أخذ من لفظ المحدث في مجالس متعددة على ما أخذ عنه عرضاً في محل واحد. هذا إذا قلنا: حفظ سفيان وشعبة في مقابل عدد الآخرين مع أن الشافعي رضي الله عنه يقول: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد. فتبين أن ترجيح البخاري لوصل هذا الحديث على إرساله لم يكن لمجرد أن الواصل معه زيادة ليست مع المرسل، بل بما يظهر من قرائن الترجيح. ويزيد ذلك ظهوراً تقديمه الإرسال في مواضع أخر ــــــ وذكر ابن حجر مثالاً رجح في البخاري الإرسال ــــــ ثم قال: فصوب الإرسال هنا لقرينة ظهرت له فيه، وصوب المتصل هناك لقرينة ظهرت له فيه فتبين أنه ليس له عمل مطرد في ذلك.

(1)

وقال في الفتح: أسند الحاكم من طريق ابن المديني، والبخاري، والذهلي وغيرهم أنهم صححوا حديث إسرائيل ومن تأمل ما ذكرته عرف أن الذين صححوا وصله لم يستندوا في ذلك إلى كونه زيادة ثقة فقط بل للقرائن المذكورة المقتضية لترجيح رواية إسرائيل الذي وصله على غيره.

(2)

وقال ابن القيم: والترجيح لحديث إسرائيل في وصله من وجوه عديدة. أحدها: تصحيح من تقدم من الأئمة له وحكمهم لروايته بالصحة كالبخاري، وابن المديني، والترمذي وبعدهم الحاكم، وابن حبان، وابن خزيمة. الثاني: ترجيح إسرائيل في حفظه وإتقانه لحديث أبي إسحاق وهذا شهاده الأئمة له وإن كان شعبة والثوري أجل منه لكنه لحديث أبى إسحاق أتقن وبه أعرف. الثالث: متابعة من وافق إسرائيل على وصله كشريك ويونس بن أبي إسحاق. الرابع: ما ذكره الترمذي وهو أن سماع الذين وصلوه عن أبي إسحاق كان في أوقات مختلفة وشعبة والثوري سمعاه منه في مجلس واحد. الخامس: أن وصله زيادة من ثقة ليس دون من أرسله والزيادة إذا كان هذا حالها فهي مقبولة كما أشار إليه البخاري.

(3)

وقال الدكتور محمد أبو شُهبة: وما قاله الإمام البخاري هو الحق الذي لا محيص عنه.

(4)

وقال الدكتور أبو بكر كافي: وعلى العموم حديث لا نكاح إلا بولي أقل أحواله أن يكون حسناً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة شواهده وقد أشار إليها الترمذي بقوله: وفي الباب عن عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة،

(1)

يُنظر " النكت على كتاب ابن الصلاح" 2/ 605 ــــــ 609، "فتح المغيث" 1/ 305، "تدريب الراوي" 1/ 254.

(2)

يُنظر "فتح الباري" 9/ 184.

(3)

يُنظر "عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم. 6/ 74.

(4)

يُنظر "الوسيط في علوم ومصطلح الحديث" 1/ 294.

ص: 190

وعمران بن حصين. والجمهور على العمل به ومنهم الثوري ولم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة رحمه الله.

(1)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أنَّ الحديث محفوظ من كلا الوجهين وأن وصل من وصلوه لا يتعارض مع إرسال من أرسلوه. قال الدارقطني رحمه الله: إسرائيل من الحفاظ، عن أبي إسحاق، ويشبه أن يكون القول قوله، وأن أبا إسحاق كان ربما أرسله فإذا سئل عنه وصله.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول ــــ "إسناده حسن" فيه: شريك بن عبد الله صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء فيحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة. وقد تابع شريك: إسْرَائِيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، والثوري، وشعبة، وقَيْس بْن الرَّبِيع، وعَبْد الْحَمِيدِ بْن الْحَسَنِ الْهِلَالِي، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الحسن إلي الصحيح لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ شَرِيكٍ إِلَّا عَلِيٌّ.

قلت: وليس الأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد علي بن حجر برواية هذا الحديث عن شريك بل تابعه طلق بن غنام، وعبد الرحمن بن شريك كما عند البزار وقد سبق بيان ذلك في التخريج.

وزاد الدارقطني في "العلل": أسود بن عامر. فقال: ورواه علي بن حجر، عن شريك، عن أبي إسحاق متصلا مسندا. وتابعه أسود بن عامر. وقيل: عن عبد الرحمن بن شريك، عن شريك.

(2)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

ذهب جمهور الفقهاء إلي اعتبار الولي شرط من شروط صحة عقد النكاح، واستدلوا لذلك بحديث الباب وهو قوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. يعني: لا يعتبر النكاح ولا يصح إلا بولي. وهذا نفي للصحة، وأنه لا يعتبر ولا يعتد به إلا إذا كان من ولي، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة، وهذا من أدلة السنة على اعتبار الولي في النكاح، وأنه لا يصح إلا بولي، ولا ينعقد النكاح إلا بولي للمرأة يتولى عقد نكاحها. والولاية في النكاح اعتبرها الجمهور، وذهب بعض الفقهاء إلي القول بجواز تزويج المرأة نفسها، لكن هذا مخالف لهذه الأحاديث، ومخالف أيضاً لما جاء في القرآن في قوله تعالي: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة: 232].

(1)

يُنظر "منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها من خلال الجامع الصحيح" 1/ 274. أصل الكتاب رسالة ماجستير في الحديث وعلومه، من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر بإشراف الدكتور/ حمزة عبد الله المليباري.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 7/ 209.

ص: 191

[32/ 682]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتُلِّيُّ قَالَ: نا قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو غَيْرُ قَرَّانٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي زُبَيْد الْيَامِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: زُبَيْد الْيَامِي، عَنْ سَعِيدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عَنْ زُبَيْد الْيَامِي بهذا الوجه: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي، وعَبْد الْمَلِكِ بْن أَبِي سُلَيْمَان، ومُحَمَّد بْن جُحَادَة، ومالك بن مغول، وجَرِير بْن حَازِم.

أما طريق عَمْرِو بْنِ قَيْس الْمُلَائِي: فأخرجه الطبراني في الأوسط ـــــ رواية الباب ـــــ، عَنْ أَحْمَد بن علي الآبار. وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 149)، عَنْ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن دَاوُد السَّرَّاج.

كلاهما: عَنْ عَبَّاد بْن مُوسَى الْخُتُلِّي، عَنْ قُرَّان بْن تَمَّام، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي، عَنْ زُبَيْد به.

وأما طريق عَبْد الْمَلِكِ بْن أَبِي سُلَيْمَان: فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ في الوتر ما يقرأ فيه (3/ 240 رقم 6936)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوع (2/ 167 رقم 1437)، وفي ك/ عمل اليوم والليلة ب/ مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وِتْرِهِ (9/ 270 رقم 10503) وفي "السنن الصغرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ (3/ 245 رقم 1735)، وفي ب/ التَّسْبِيح بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوِتْر (3/ 250 رقم 1751)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ مَا يَقُول إِذا فرغ من وتره (1/ 443 رقم 735).

وأما طريق مُحَمَّد بْن جُحَادَة من أصح الأوجه عنه: فأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ (2/ 168 رقم 1438)، وفي ك/ عمل اليوم والليلة ب/ مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وِتْرِهِ (9/ 270 رقم 10501)، وفي "السنن الصغرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ (3/ 246 رقم 1736)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ مَا يَقُول إِذا فرغ من وتره (1/ 442 رقم 733).

وأما طريق مالك بن مغول من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه النسائي في "السنن الصغرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ (3/ 246 رقم 1737).

وأما طريق جَرِير بْن حَازِم: أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 149).

الوجه الثاني: زُبَيْد، عَنْ ذَر الْهَمْدَانِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ.

(1)

ينظر: النسائي في "الكبرى"(10500)، وفي "الصغرى"(1738)، وفي "عمل اليوم والليلة"(732).

ص: 192

ورواه عَنْ زُبَيْد الْيَامِي بهذا الوجه: أَبو حَنِيفَة، وشُعْبَة، والثوري، وجَرِير بْن حَازِم، ومُحَمَّد بْن طَلْحَة.

أما طريق أبي حنيفة: أخرجه أبو يوسف في "الآثار"(1/ 70 رقم 347)، ومن طريقه ــــــ الخطيب في "تاريخ بغداد (13/ 359) ـــــــ. ومحمد بن الحسن في "الآثار" ب/ الْوِتْرِ وَمَا يُقْرَأُ فِيهَا (1/ 326 رقم 122)، وأبو نعيم الأصبهاني في "مسند أبو حنيفة (1/ 108).

وأما طريق شُعْبَة من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(1/ 441 رقم 548)، وابن الجعد في "مسنده"(1/ 86 رقم 487)، وأحمد في "مسنده"(24/ 72 رقم 15354)، (24/ 76 رقم 15358)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ (2/ 168 رقم 1439)، وفي ك/ عمل اليوم والليلة ب/ مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وِتْرِهِ (9/ 271 رقم 10505)، وفي "السنن الصغرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ (3/ 245 رقم 1732)، (3/ 246 رقم 1733)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ مَا يَقُول إِذا فرغ من وتره (1/ 443 رقم 737)، وأبو علي بن شاذان في " الثامن من أجزائه"(152)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء"(7/ 181)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ مَا يَقُولُ بَعْدَ الْوِتْرِ (3/ 60 رقم 4869)، وأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِي في "الحنائيات"(95)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي قِرَاءَتِهِ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ وَقُعُودِهِ فِيهَا صلى الله عليه وسلم (1/ 429 رقم 595).

وأما طريق الثوري من أصح الأوجه عنه:

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(24/ 78 رقم 15362، 15361)، وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ مَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ، وَكَيْفَ التَّكْبِيرُ فِيهِ (3/ 32 رقم 4696)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ في الوتر ما يقرأ فيه (3/ 241 رقم 6937)، والنسائي في "السنن الصغرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ التَّسْبِيحُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوِتْرِ (3/ 250 رقم 1752)، وابن أبي غرزة في "مسند عابس الغفاري"(38)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ الوتر (1/ 292 رقم 1736)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" ب/ الْقَوْلِ وَالدُّعَاءِ عَقِيبَ الْوِتْرِ (1/ 147 رقم 384).

وأما طريق جَرِير بْن حَازِم: أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ قِيَامِ اللَّيْلِ وَتَطَوُّعِ النَّهَار ب/ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّسْبِيحِ فِي الثَّالِثَةِ (2/ 174 رقم 1452)، وفي ك/ عمل اليوم والليلة ب/ مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وِتْرِهِ (9/ 269 رقم 10499)(1452، 10499)، وفي "السنن الصغرى" ك/ قيام الليل وتطوع النهار ب/ التَّسْبِيحُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوِتْرِ (3/ 250 رقم 1753)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ مَا يَقُول إِذا فرغ من وتره (1/ 442 رقم 731)(731).

وأما طريق مُحَمَّد بْن طَلْحَة: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ الوتر (1/ 292 رقم

(1)

يُنظر: النسائي في "عمل اليوم والليلة"(738)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 149).

(2)

يُنظر "السنن الصغرى" للنَّسائي (1750، 1751، 1699)، وفي "عمل اليوم والليلة"(735، 734)، والطوسي في "مختصر الأحكام"(444)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4503)، والضياء المقدسي في "المختارة"(1221).

ص: 193

1736).

الوجه الثالث: زُبَيْد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

ورواه عَنْ زُبيد اليامي بهذا الوجه: الْأَعْمَش، ومِسْعَر بن كدام، وفِطْر بن خليفة.

أما طريق الْأَعْمَشِ من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ما يقرأ في الوتر (2/ 562 رقم 1423)، والحاكم في "المستدرك" ك/ التفسير (2/ 282 رقم 3016).

وأما طريق مِسْعَر بن كدام: أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" ك/ الوتر ب/ ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ (5/ 203 رقم 2703)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما اختلف أهل العلم فيه من القنوت في الوتر، وهل هو قبل الركوع أو بعده؟ (11/ 368 رقم 4501).

وأما طريق فِطْر بن خليفة: أخرجه الدارقطني في "سننه" ك/ الوتر ب/ ما يَقْرَأُ فِي رَكَعَاتِ الْوِتْرِ وَالْقُنُوتُ فِيهِ (2/ 355 رقم 1660).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتُلِّيُّ،

(2)

أبو محمد الأبَنَاوِيُّ.

روي عَنْ: قُرَّان بْن تَمَّام، وابن عُلية، وابن عُيَيْنَة، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن علي الأبار، وأَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي، ومسلم، والبخاري، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو زرعة، وصالح بْن مُحَمَّد البغدادي، وأبو محمد بن الأخضر، ومسلمة بن القاسم، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الدارقطني: صدوق. وَقَال ابْن مَعِين مرة: ليس به بأس. وقال ابن قانع: صالح. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

3) قُرَّانُ

(4)

بْنُ تَمَّامٍ الأسدي الوالبي، أَبُو تَمَّام الكُوفِيُّ.

روي عَنْ: عَمْرو بْن قيس الملائي، وهشام بْن حسان، وهشام بْن عروة، وآخرين.

(1)

ينظر "مسند أحمد"(20637)، و"الصغرى" للنسائي (1730)، وابن ماجة في "سننه"(1171)، وعبد بن حميد في "المنتخب"(176)، وابن حبان في "صحيحه"(2436)، والضياء المقدسي في "المختارة"(1216، 1219، 1220).

(2)

الْخُتُلِّيُّ: قال السمعاني: اختلف مشايخنا في هذه النسبة، بعضهم كان يقول هي إلى ختلان بلاد مجتمعة وراء بلخ، وبعضهم يقول هي بضم الخاء والتاء المنقوطة باثنتين مشددة حتى رأيت أن الْخُتُلِّيُّ بضم الخاء والتاء المشددة قرية على طريق خراسان إذا خرجت من بغداد بنواحي الدسكرة ومنهم: عَبَّاد بْن مُوسَى الْخُتُلِّي. يُنظر "الأنساب" للسمعاني 5/ 44.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 87، "الثقات" 8/ 436، "تهذيب الكمال" 14/ 161، "الإكمال" 7/ 186، "التقريب" صـ 234.

(4)

قُرَّان بضم القاف وتشديد الراء وآخره نون. يُنظر "الإكمال" 7/ 85، "تبصير المنتبه" لابن حجر 3/ 1124.

ص: 194

روي عَنْه: عباد بْن مُوسَى الختلي، وعلي بْن حجر، وأَحْمَد بْن حنبل، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أحمد، وابْن مَعِين، والدارقطني: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات، وقال: يخطئ. وقال ابن حجر: صدوق ربما أخطأ. وَقَال ابْن مَعِين مرة: رجل صدوق ثقة. وقال أَحْمَد مرة: ليس به بأس. وَقَال ابْن سعد: منهم من يستضعفه. وَقَال أَبو حَاتِم: شيخ لين. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

4) عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ،

(2)

أَبُو عَبْد اللَّهِ الكوفي.

روي عن: زُبَيْد بْن الْحَارِثِ الْيَامِي، وأَبي إِسْحَاق السبيعي، وسُلَيْمان الأعمش، وآخرين.

روي عنه: قُرَّان بْن تَمَّام، ومُحَمَّد بْن كَثِير الْكُوفِي، وسفيان الثوري، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابْن مَعِين، وابن حبان، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، والترمذي، والنَّسَائي، والعجلي، وابن عدي، ويعقوب بن سفيان، وابن نمير، وأحمد بن صالح، وابن خراش، وابن حجر: ثقة. وزاد أَبُو زُرْعَة: مأمون. وزاد الترمذي: حافظ. وزاد ابن حجر: متقن عابد. وذكره ابن خلفون في الثقات؟ وقال عَمْرِو بْن قَيْس عن نفسه: ما سمعت شيئاً من حديث رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلا وأنا أحفظه. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

5) زُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْيَامِيُّ

(4)

أبو عَبْد الرحمن الْكُوفِيُّ.

روي عَنْ: سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَي، وسَعِيد بْن جبير، وعامر الشعبي، وآخرين.

روي عَنْه: عَمْرو بْن قيس الملائي، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال يعقوب بن سفيان: ثقة ثقة خيار. وقال ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، وابن معين، والنسائي، والخطيب، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد العجلي، وابن معين، وابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقال يحيى بْن سَعِيد القطان: ثبت، وقال الذهبي: حجة قانت لله، وقال عمرو بن مرة: كان صدوقاً. وقال شعبة: ما رأيت بالكوفة شيخا خيرا من زبيد. روى له الجماعة.

وقال الذهبي: زُبَيْد مَعْدُودٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِينَ، وَلا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا عَنِ الصَّحَابَةِ. وقال العلائي: ذكره بن المديني فيمن لم يلق أحداً من الصحابة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(5)

(1)

"الجرح والتعديل" 7/ 144، "الثقات"7/ 346، "سؤالات البرقاني للدارقطني"1/ 80، "التهذيب" 23/ 559، "التقريب" صـ 390.

(2)

الْمُلَائِيُّ: بِضَم الْمِيم وَبعد اللَّام ألف يَاء مثناة من تحتهَا هَذِه النِّسْبَة إِلَى الملاءة الَّتِي تستتر بهَا النِّسَاء، وظني أَن هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيعهَا واشتهر بِهَذِهِ النِّسْبَة: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 12/ 510.

(3)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 7/ 221، "الجرح والتعديل"6/ 254، "تهذيب الكمال"22/ 200، "الإكمال"10/ 248، "تهذيب التهذيب"8/ 92، "التقريب" صـ 362.

(4)

اليَامِيُّ: بِفَتْح الْيَاء وَبعد الْألف مِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى يام بن أصبى بن رَافع بن مَالك بن خيران بن نوف بن هَمدَان بطن من هَمدَان ينْسب إِلَيْهِ كثير مِنْهُم: أَبُو عبد الرَّحْمَن زبيد بن الْحَارِث اْن عبد الْكَرِيم اليامي الْكُوفِي. يُنظر "اللباب" 3/ 406.

(5)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 367، "الجرح والتعديل" 3/ 623، "تهذيب الكمال" 9/ 289، "الكاشف" 1/ 401، "ميزان الاعتدال" 2/ 66، "جاع التحصيل" 1/ 176، "الإكمال" 5/ 36، "التقريب" صـ 153.

ص: 195

6) سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الْخُزَاعِيُّ الكوفيُّ.

روي عَنْ: أبيه عبد الرحمن بْن أبزى.

روي عَنْه: زبيد اليامي، وطلحة بْن مصرف، وعطاء بْن السَّائِب، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال النَّسَائي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. روى لَهُ الجماعة.

قال العلائي: قيل أنه روى عن واثلة بن الأسقع وفيه نظر. وقال أبو زرعة: سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن عثمان رضي الله عنه مرسل. وحاصله أنه "ثقة يرسل".

(1)

7) عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ أَبْزَى الْخُزَاعِيُّ الكوفيُّ.

روي عَنْ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بْن كعب، وعَبْد اللَّه بْن عباس، وآخرين.

روي عَنْه: ابنه سَعِيد بْن عَبْد الرحمن بْن أبزى، وأَبُو إسحاق السبيعي، وعامر الشعبي، وآخرون.

هُوَ مَوْلَى نَافِعِ بنِ عَبْدِ الحَارِثِ، كَانَ نَافِعٌ مَوْلَاهُ اسْتَنَابَهُ عَلَى مَكَّةَ حِيْنَ تَلَقَّى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ، فَقَالَ لَهُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الوَادِي؟ يَعْنِي: مَكَّةَ. قَالَ: ابْنَ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: إِنَّهُ عَالِمٌ بِالفَرَائِضِ، قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ. قَالَ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُم صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَرْفَعُ اللهُ بِهِ أَقْوَاماً، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِيْن.

(2)

وقد اختلف العلماء في إثبات صحبته:

فقال أبو حاتم: أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم وصلّى خلفه. وقال الحاكم: صح عندنا أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وقَال البُخارِيُّ، ومسلم، والدارقطني، وابن حجر: لهُ صُحبَة. وقال البخاري: ذكره غير واحد فِي الصحابة. وقال الذهبي: لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ، وَفِقْهٌ، وَعِلْمٌ. وقال ابن حجر: وممن جزم بأن له صحبة خليفة بن خياط، والترمذي، ويعقوب بن سفيان، وأبو عروبة، والدارقطني، والبرقي، وابن مخلد. وفي صحيح البخاري من حديث ابن أبي المجالد أنه سأل عبد الرحمن بن أبزي وابن أبي أوفى عن السلف فقالا كنا نصيب المغانم مع النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن حجر: ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين. وقرأت بخط مغلطاي: لم أر من وافقه على ذلك. وقال أبو بكر بن أبي داود: لم يحدّث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن تابعيّ إلا عن عبد الرحمن بن أبزى. قال ابن حجر: لكن العمدة على قول الجمهور. روى له الجماعة. وحاصله أنه "صحابي".

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أحمد في مسنده

"

(1)

يُنظر "الثقات" 4/ 288، "تهذيب الكمال" 10/ 524، "جامع التحصيل" 1/ 182، "الإكمال" 5/ 318، "التقريب" صـ 178.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ فَضْلِ مَنْ يَقُومُ بِالْقُرْآنِ، وَيُعَلِّمُهُ (1/ 559 رقم 817).

(3)

يُنظر "التاريخ الكبير" 5/ 245، "الجرح والتعديل" 5/ 209، "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 149، "سؤالات البرقاني للدارقطني" 1/ 33، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 4/ 1823، "الاستيعاب" 2/ 822، "أسد الغابة" 3/ 419، "تهذيب الأسماء واللغات"1/ 293، "تهذيب الكمال" 16/ 501، "تاريخ الإسلام" 2/ 854، "الإصابة" 6/ 446، "التهذيب" 6/ 132.

ص: 196

1) وَكِيع بن الجراح: قال ابن حجر: ثقة حافظ.

(1)

2) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

3) زُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْيَامِيُّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4)

ذَرُ بْنُ عبد الله المُرْهبي الْهَمْدَانِيُّ: قال ابن حجر: ثقة عابد.

(2)

5) سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الْخُزَاعِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى الْخُزَاعِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد أبي داود في سننه

".

1) إبراهيمُ بنُ موسى التميمي: قال ابن حجر: ثقة حافظ.

(3)

2) محمدُ بنُ أنس مولي آل عمر: قال ابن حجر: صدوق يغرب.

(4)

3)

الأعْمَشُ: "ثقة ثبت يدلس لكن احتمل الأئمة تدليسه" سبقت ترجمته في حديث رقم (37).

4) زُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْيَامِيُّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الْخُزَاعِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الْخُزَاعِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

7) أُبي بن كعب الأنصاري: من فضلاء الصحابة وسيد القراء.

(5)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي زُبَيْد الْيَامِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: زُبَيْد الْيَامِي، عَنْ سَعِيدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عَنْ زُبَيْد الْيَامِي بهذا الوجه: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي، وعَبْد الْمَلِكِ بْن أَبِي سُلَيْمَان، ومُحَمَّد بْن جُحَادَة، ومالك بن مغول، وجَرِير بْن حَازِم.

الوجه الثاني: زُبَيْد، عَنْ ذَرٍّ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عَنْ زُبَيْد الْيَامِي بهذا الوجه: أَبو حَنِيفَةَ، وشُعْبَةُ، والثوري، وجَرِير بْن حَازِم، ومُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَة.

الوجه الثالث: زُبَيْد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

ورواه عَنْ زُبيد اليامي بهذا الوجه: الْأَعْمَش، ومِسْعَر بن كدام، وفِطْر بن خليفة.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الحديث بالوجه الأول، والثاني محفوظين وذلك لرواية

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 511.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 143.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 34.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 405.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 36.

ص: 197

الأكثر عدداً.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح".

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو غَيْرُ قُرَّانٍ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

يتبين لنا من هذا الحديث ماذا كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الوتر فكان يقرأ بهذه الصور الثلاث فيقرأ بسورة الأعلي في الركعة الأولي، وبسورة الكافرون في الركعة الثانية، وبسورة الإخلاص في الركعة الثالثة.

فهذه السور الثلاث يؤتى بها في هذه الركعات الثلاث التي هي آخر صلاة الليل، ويأتي بها مسرودة لا يجلس بعد الثانية، أو يأتي بها بتشهدين، أي: يصلي ثنتين ثم يتشهد ويسلم، ثم واحدة ثم يتشهد ويسلم، وهذا هو الأولى، وهو الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في كثيرٍ من الروايات، وجاء عنه أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى. وجاء في بعض الروايات بأنه يقرأ في الركعة الثالثة بسورة الإخلاص والمعوذتين. لكن قال ابن الجوزي: أنكر أحمد وابن معين زيادة المعوذتين.

(1)

(1)

يُنظر "التحقيق في مسائل الخلاف" لابن الجوزي 1/ 458.

ص: 198

[33/ 683]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نِيزَكٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو إِلَّا مُحَمَّدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 57 رقم 9913) بسنده سواء.

- وسفيان الثوري في "حديثه"(38)، ومن طريقه ــــــ عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ التَّشَهُّدِ (2/ 199 رقم 3061)، وأحمد في "مسنده"(7/ 36 رقم 3921)، (7/ 116 رقم 4017)، والسرى بن يحيى في "حديثه"(1/ 39 رقم 38)، وابن ماجه في "سننه" أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ ب/ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ (2/ 66 رقم 899 م 1)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (1/ 375 رقم 755)، وفي "السنن الصغري" ك/ التطبيق ب/ كَيْفَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (2/ 239 رقم 1165)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ صِفَةِ الصَّلَاةِ: ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَتَشَهَّدُ الْمَرْءُ بِهِ فِي جُلُوسِهِ مِنْ صَلَاتِهِ (5/ 279 رقم 1950)، والشاشي في "مسنده"(2/ 33 رقم 504)، (2/ 36 رقم 509)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 56 رقم 9909)، (10/ 59 رقم 9916)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ وُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ (2/ 527 رقم 3961) ـــــــ.

- وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(1/ 241 رقم 302)، وأحمد في "مسنده"(7/ 227 رقم 4160)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (1/ 374 رقم 753)، "السنن الصغري" ك/ التطبيق ب/ كَيْفَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (2/ 239 رقم 1163)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ صِفَةِ الصَّلَاةِ: ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَتَشَهَّدُ الْمَرْءُ بِهِ فِي جُلُوسِهِ مِنْ صَلَاتِهِ (5/ 281 رقم 1951)، والطبري في "تهذيب الآثار"(1/ 233 رقم 365)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ بِمَا أَحَبَّ الْمُصَلِّي ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُدْعَى فِي الْمَكْتُوبَةِ إِلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ (1/ 356 رقم 720)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 54 رقم 204)، (2/ 176 رقم 721)، والطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 19 رقم 703)، وفي "المعجم الكبير"(10/ 56 رقم 9912)، (10/ 60 رقم 9917)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 179، 178)، عَنْ شُعْبَة.

- وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ التَّشَهُّدِ (2/ 200 رقم 3063)، وأحمد في "مسنده"(6/ 422 رقم 3877)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 56 رقم 9910)، عَنْ مَعْمَر.

- والترمذي في "سننه" ك/ النِّكَاحِ ب/ مَا جَاءَ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ (3/ 405 رقم 1105)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (1/ 375 رقم 754)، "السنن الصغري" ك/ التطبيق ب/

ص: 199

كَيْفَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ (2/ 239 رقم 1164)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ النكاح ب/ بَيَانِ تَثْبِيتِ وُجُوبِ الْخُطْبَةِ عِنْدَ التَّزْوِيجِ، وَمَا يَجِبُ أَنْ يُخْطَبَ بِهِ الْخُطْبَةَ لِلنِّكَاحِ (3/ 44 رقم 4144، 4143)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 176 رقم 720) والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 57 رقم 9913)، (10/ 59 رقم 9916)، وابن بشران في "أماليه" الجزء الأول، (1/ 56 رقم 81)، عَنِ الْأَعْمَش.

- وابن الجعد في "مسنده"(1/ 371 رقم 2550)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 280 رقم 423) والطبراني في "الكبير"(10/ 57 رقم 9913)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ التاريخ ب/ من صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَخْبَارِهِ: ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صلى الله عليه وسلم جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ (14/ 311 رقم 6402)، عَنْ زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة.

- وابن ماجة في "سننه" أَبْوَابُ النِّكَاحِ ب/ خُطْبَةِ النِّكَاحِ (3/ 87 رقم 1892)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 58 رقم 9913)، عَنْ يُونُس بْن أبي إسحاق السبيعي.

- والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 54 رقم 206)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 59 رقم 9915)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ (2/ 211 رقم 2855)، عَنْ إِسْرَائِيل بْن أبي إسحاق.

- والشاشي في "مسنده"(2/ 139 رقم 679)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 59 رقم 9914)، عَنْ يوسف بْن أبي إسحاق السبيعي.

- وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 280 رقم 422)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 176 رقم 719، 718)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 56 رقم 9911)، عَنْ فِطْر بْن خَلِيفَة.

- والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 54 رقم 205)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 57 رقم 9913)، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْعُودِي.

- والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 58 رقم 9913)، وابن المقرئ في "الأربعين" ب/ ذِكْرِ التَّشَهُّدِ (1/ 102 رقم 43)، وابن أخي ميمي في "فوائده"(1/ 258 رقم 558)، عَنْ شريك.

كلهم: الثوري، وشُعْبَة، ومَعْمَرٍ، والْأَعْمَش، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَةَ، ويُونُس بْن أبي إسحاق السبيعي، وإِسْرَائِيل بْن أبي إسحاق السبيعي، ويوسف بْن أبي إسحاق السبيعي، وفِطْر بْن خَلِيفَةَ، وعَبْد الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِي، وشريك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بعضهم بنحوه، وبعضهم بألفاظ مختلفة، وبعضهم مطولاً.

(1)

(1)

جاء الحديث من طرق عن أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وأَبِي عُبَيْدَةَ، وَالأَسْوَدِ بن يزيد، وعَمْرُو بْنُ مَيْمُون، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وقد جمع أبو إسحاق بينهم في روايات متعددة، حتي قال الدارقطني في "العلل" 5/ 312، وَكُلُّ الْأَقَاوِيلِ صِحَاحٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، إِلَّا مَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ مِنْ ذِكْرِ عَلْقَمَةَ، فَإِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلْقَمَةَ شَيْئًا، وقال الترمذي في "سننه" 3/ 405، وكِلَا الحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ لأَنَّ إِسْرَائِيلَ جَمَعَهُمَا، فَقَالَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ.

ص: 200

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نِيزَكٍ بن حبيب الْبَغْدَادِيُّ، أَبُو جَعْفَر المعروف بالطوسي.

روي عن: مُحَمَّد بْن كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ، ويزيد بْن هارون، ويونس بْن مُحَمَّد المؤدب، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، والتِّرْمِذِيّ، وإبراهيم بْن إسحاق الحربي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر: صدوق في حفظه شيء.

- وقال الذهبي: فيه كلام. وقال ابن عقدة: في أمره نظر.

- وحاصله أنه "صدوق في حفظه شيء" والله أعلم.

(1)

3) مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ.

روي عن: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي، وليث بن أبي سليم، والحارث بن حصيرة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ نِيزَك، وقتيبة بن سعيد، وعلى بن هاشم بن مرزوق، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين: لم يكن بِهِ بَأْس، وَقد سَمِعت مِنْه.

- وقال ابن أبي حاتم، والعجلي، وابن حجر: ضعيف الحديث. وقال ابن عدي: الضعف عَلَى حديثه وَرِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ. وقال الذهبي: ضعفه جمَاعَة إِلَّا ابْن معِين. وقال مرة: واهٍ. وقال ابن المديني: كتبنا عنه عن ليث عجائب، وخططت على حديثه، وضعفه جداً. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. وقال العقيلي في حديثه وهم. وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكون. وقال البخاري، وابن عدي: منكر الحديث. وقال مسلم، والساجي: متروك الحديث. وقال أحمد: مزقنا حديثه ولم نرضه، وقَالَ مرة: أحاديثه عن ليث كلها مقلوبة. وقال ابن الجنيد لابن معين: إنه رَوَى أَحَادِيثَ مُنْكَرَاتٍ، فقال ابن معين: إِنْ كَانَ الشَّيْخُ رَوَى هَذَا فَهُوَ كَذَّابٌ، وَإِلا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ حَدِيثَ الشَّيْخِ مُسْتَقِيماً. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(2)

4) عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (32).

5) أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: "ثقة يدلس، اختلط بأخرةِ، فأما تدليسه: فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، إلا ذا كان الراوي عنه شعبة. وأما اختلاطه فيُنْظر إلي الراوي عنه، فإن كان روي عنه قبل اختلاطه فيقبل حديثه، وإن كان روي عنه بعد اختلاطه فيرد حديثه. سبقت ترجمته حديث رقم (31).

(1)

يُنظر "الثقات" 8/ 47، "تهذيب الكمال" 1/ 475، "الكاشف" 1/ 203، "المغني في الضعفاء" 1/ 93، "التقريب" صـ 24.

(2)

يُنظر "تاريخ ابن معين" رواية الدوري 3/ 478، "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 217، "الكني والأسماء" لمسلم 1/ 41، "الجرح والتعديل" 8/ 68، و"تاريخ بغداد" 4/ 313، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 94، "المغني في الضعفاء" 2/ 365، "لسان الميزان" لابن حجر 4/ 450، 7/ 458، "التقريب" صـ 438.

ص: 201

6) عَوْف بْن مَالك بن نَضْلَة الْجُشَمِيُّ،

(1)

أَبُو الْأَحْوَص الكُوفِيٌ.

روي عن: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وأبي موسى الأشعري، وأبي هُرَيْرة، وآخرين.

روي عنه: أَبو إِسْحَاقَ السَبيعِي، وإبراهيم بْن مهاجر، وإبراهيم بْن ميمون، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، وابْن مَعِين، والنسائي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وقال: من جلة الكوفيين ومتقنيهم، وحاصله أنه "ثقة".

(2)

7) عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ الحَارِثِ بنِ سَعْد، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ.

روي عن: النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعمر بن الخطاب، وسعد بن معاذ، وآخرين.

روي عنه: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وآخرون.

كَانَ إسلامه رضي الله عنه قديمًا أول الْإِسْلَام، وآخى النبيّ صلى الله عليه وسلم بينه وبين الزبير، وبعد الهجرة بينه وبين سعد بن معاذ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بِمَكَّةَ، وكان يقول: أخذت من فِيِّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: من سرّه أن يقرأ القرآن غضّاً كما نزل فليقرأ على قراءة ابن أمّ عبد. وعن أبي موسى الأشعري قال: قدمت أنا وأخي من اليمن، وما نرى ابن مسعود إلا أنه رجل من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمّه على النبيّ صلى الله عليه وسلم، شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، مُهَاجِرِيُّ، ذُو الْهِجْرَتَيْنِ، وبَعَثَهُ عُمَر إِلَى الْكُوفَةِ، وَوُلَّاهُ بَيْتَ الْمَالِ، وَكَتَبَ إِلَيهم: هُوَ مِنَ النُّجَبَاءِ، وَآثَرْتُكُمْ بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي، فَاقْتَدُوا بِه.

(3)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف": فيه: مُحَمَّد بْن كَثِيرٍ الْكُوفِي: ضعيف الحديث، وأَبو إِسْحَاق السَبيعِي: ثقة، لكنه مدلس وقد روي بالعنعنة، واختلط والراوي عنه: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ ولم يتميز ما رواه عنه قبل الاختلاط مما رواه عنه بعده، وعلي هذا فالإسناد ضعيف، والله أعلم.

قلت: أما ضعف مُحَمَّد بْن كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ: فله متابعات قاصرة كما سبق بيانها في التخريج.

وأما عنعنة أَبي إِسْحَاق السَبيعِي: فقد صرح بالتحديث كما عند أبي داود الطيالسي في مسنده، وغيره. إضافة إلي رواية شعبة عنه فقد قال كفيتكم تدليس ثلاثة، وذكر منهم: أبي إسحاق.

قلت: وللحديث متابعات في الصحيحين من طرق أخري عن ابْنِ مَسْعُودٍ غير طريق أَبي إِسْحَاق.

(4)

(1)

الْجُشَمِيُّ: بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخرهَا الْمِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى قبائل مِنْهَا جشم بن الْخَزْرَج من الْأَنْصَار مِنْهُم الْحباب بْن الْمُنْذر بن الجموح، وَمِنْهَا نِسْبَة إِلَى جشم بن سعد بن بكر مِنْهُم أَبُو الْأَحْوَص. يُنظر "اللباب" 1/ 279.

(2)

"الثقات" 5/ 274، "المشاهير" 1/ 131، "تهذيب الكمال" 22/ 445، "تهذيب التهذيب" 8/ 169، "التقريب" صـ 370.

(3)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 4/ 1765، "الاستيعاب" 3/ 987، "أسد الغابة" 3/ 381، "الإصابة" 6/ 373.

(4)

أخرجها البخاري في "صحيحه" ك/ الأذان ب/ التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ (831)، وفي ك/ الأذان ب/ مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ (835)، وفي ك/ العمل في الصلاة ب/ مَنْ سَمَّى قَوْمًا، أَوْ سَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مُوَاجَهَةً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ (1202)، وفي ك/ الاستئذان ب/ السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا (6230)، وفي ك/ الاستئذان ب/ الأَخْذِ بِاليَدَيْنِ (6265)، وفي ك/ الدعوات ب/ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ (7381)، وفي ك/ التوحيد ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: السَّلَامُ المُؤْمِنُ (6328)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ التَّشهُّدِ فِي الصَّلَاةِ (402).

ص: 202

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

(1)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو إِلَّا مُحَمَّدٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

هذا الحديث يتعلق بالتشهد الأخير في الصلاة: وفي ذلك مسألتان:

المسألة الأولي: صيغة التشهد: فقال الإمام مسلم: أجمع الناس على تشهد ابن مسعود، لان أصحابه لا يخالف بعضهم بعضًا، وغيره قد اختلف أصحابه. وقال الترمذي والخطابي وابن عبد البر وابن المنذر: تشهد ابن مسعود أصح حديث في التشهد، ويلي تشهد ابن مسعود في الصحة تشهد ابن عباس. واختار الشافعي تشهد ابن عباس ولما سئل عن اختياره تشهد ابن عباس فقال: لما رأيته واسعًا وسمعته عن ابن عباس صحيحًا، وكان عندي أجمع وأكثر لفظًا من غيره أخذت به غير معنف لمن يأخذ بغيره مما صح. واختار الإمام مالك تشهد عمر بن الخطاب. قال النووي: هذه الاحاديث في التشهد كلها صحيحة، وأشدها صحة باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود ثم ابن عباس. وقال الشافعي: وبأيها تشهد أجزأه، وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها.

المسألة الثانية: حكم التشهد: التشهد الأخير والجلوس فيه ركن من أركان الصلاة تبطل الصلاة بتركه عمدًا أو سهوًا ودليل ذلك ما ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل السلام على ميكائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا: السلام على الله، لكن قولوا التحيات لله

إلى آخره» قال ابن قدامة: وهو دليل على أنه فُرض بعد أن لم يكن مفروضًا. وهذا مذهب الشافعي وأحمد، ومذهب مالك أنه سنة وليس بركن، وعند أبي حنيفة الجلوس قدر التشهد ركن، أما التشهد فلا يجب.

(2)

(1)

قال الترمذي في "سننه" 2/ 82. حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ، وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي التَّشَهُّدِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه علي هذا الأثر: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق، ولكن لا تثبت بها الأحكام. وقال النووي في "المجموع شرح المهذب" 3/ 457: الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي التَّشَهُّدِ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَأَشَدُّهَا صِحَّةً بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ.

(2)

يُنظر "المغني" لابن قدامة" 1/ 387.

ص: 203

[34/ 684]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرِ بْنِ أَبَانٍ قَالَ: نا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ وَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، حَجَبُوهُ بِإِذْنِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى إِلَّا أَبُو يَحْيَى.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي مُوسَى الْجُهَنِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً:

لم أقف عليه من هذا الوجه ــــــ في حد بحثي ــــــ إلا عند الطبراني في الأوسط ـــــ رواية الباب ـــــ.

الوجه الثاني: مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ موقوفاً:

ورواه عَنْ مُوسَى الْجُهَنِي بهذا الوجه: عَبَّاد بْن الْعَوَّامِ، ويَحْيَى بن سعيد القطان.

أما طريق عَبَّاد بْن الْعَوَّامِ: أخرجه بهذا الوجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الجنائز ب/ فِي ثَوَابِ الْوَلَدِ يُقَدِّمُهُ الرَّجُلُ (4/ 579 رقم 11994).

وأما طريق يَحْيَى بن سعيد القطان: أخرجه الدارقطني في "العلل"(14/ 340)، ومسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (5/ 229 رقم 786).

‌ثانيا: دراسة الإسناد:

أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانِ بنِ صَالِحِ بنِ عُمَيْرٍ القَرَشِيُّ مُشْكُدَانَةُ،

(1)

أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكُوفِيُّ.

روي عن: إسماعيل بن إبراهيم أبي يحيي التيمي، وعَبْد اللَّهِ بْن المبارك، وعبد اللَّه بن نمير، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ومسلم، وأَبُو دَاوُدَ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، والذهبي، والدارقطني: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون في الثقات.

وقال أَبُو حاتم، وابن حجر: صدوق، وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيْم الأَحِوَل، أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ الكُوفِيُّ.

روي عن: مُوسَى الْجُهَنِي، وعطاء بْن السائب، وعَمْرو بْن قيس الملائي، وآخرين.

روي عنه: عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرِ بْن أَبَان، والقاسم بْن خليفة الكوفي، ومحمد بْن عُبَيد المحاربي، وآخرون.

(1)

قال السمعاني: لقبه أبو نعيم الفضل بن دكين بمُشْكُدَانَةُ لأنه كان يلبس الثياب المستحسنة ويتطيب ويتبخر إذا حضر مجالس الحديث فرآه يوما أبو نعيم فقال: ما أنت إلا مُشْكُدَانَةُ، فبقي هذا الاسم عليه. يُنظر "الأنساب" 3/ 269.

(2)

"الجرح والتعديل"5/ 110، "الثقات" 8/ 358، "التهذيب" 15/ 345، "الإكمال" 8/ 87، "الكاشف"1/ 578، "التقريب"صـ 257.

ص: 204

أقوال أهل العلم فيه: قَال مسلم، وأَبو حَاتِم، والتِّرْمِذِي، والنَّسَائي، وابن المديني، والدارقطني، والخطيب، وابن نمير، وابن حجر: ضعيف الْحَدِيث، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وَقَال ابْن عدي، وابن معين: يكتب حديثه، وزاد ابن عدي: ليس فيما يرويه حديث منكر المتن. وقال الذهبي: مجمع علي ضعفه. وقال ابن حبان: يخطئ حَتَّى خرج عَن حد الِاحْتِجَاج بِهِ إِذا انْفَرد. وحاصله "ضعيف يعتبر به".

(1)

4) مُوسَى بْنُ عَبدُ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ، أَبُو سلمة الكُوفَيُّ.

روي عن: مُجَاهِد، وعَبد الله بْن مسعود، ومصعب بْن سعد بْن أَبي وقاص، وآخرين.

روي عنه: أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ الكوفي، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأحمد، وأبو حاتم، وابن مَعِين، والنَّسَائي، ويَحْيَى بن سَعِيد القطان، ويعقوب بن سفيان، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حِبَّان، وابن شاهين فِي الثقات. وَقَال أَبُو زُرْعَة: صالح. وقال الذهبي: مَا عَلِمْتُ فِيهِ لِينًا فَلِمَاذَا لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ؟. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

5) مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ أَبُو الحَجَّاجِ المَكِّيُّ.

روي عن: عَائِشَة، وعبد الله بْن عباس، وعبد الله بْن عُمَر، وآخرين.

روي عنه: مُوسَى الْجُهَنِيُّ، وإبراهيم بْن مهاجر، وأيوب السختياني، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن سَعْدٍ، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، ويحيى بن سعيد، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي: أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به. روى له الجماعة.

وقد اختلف في سماعه من عائشة: فممن أنكر سماعه من عائشة: أبو حاتم، وابن معين، وشعبة، ويحيى بن سعيد، وأحمد، وابْنُ خِرَاشٍ. فقَال أَبُو حاتم: روى عن عائشة مُرْسلاً، ولم يسمع منها، سمعت ابْن مَعِين يقول: لم يسمع مجاهد عن عائشة، وقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: أَحَادِيْثُ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ: مَرَاسِيْل.

وممن قال بسماعه من عائشة: البخاري، ومسلم، وابن حبان، وابن المديني، والنسائي، والمزي، والذهبي، والعلائي، وابن حجر، والكلاباذي. فقال ابن حجر: وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في صحيحه. وقال العلائي: حديثه عنها في الصحيحين وقد صرح في غير حديث بسماعه منها. وقال الذهبي: سَمِعَ مِنْهَا شَيْئاً يَسِيْراً، وحديثه عنها في البخاري ومسلم. وقال ابن حبان: ماتت عائشة سنة سبع وخمسين، وولد مجاهد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر، فيدلك هذا على أن من زعم أن مجاهداً لم يسمع من عائشة كان واهماً في ذلك. وقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مجاهدٌ عَائِشَةَ، قلت: وقد ذكر المزي، والذهبي، وابن حجر عائشة من

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 155، "المجروحين" لابن حبان 1/ 122 "تهذيب الكمال" 3/ 38، "الإكمال" 2/ 152، "ميزان الاعتدال" 1/ 213، "التهذيب" 1/ 281، "المغني في الضعفاء" للذهبي 1/ 116، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 1/ 108، "المتفق والمفترق" للخطيب 1/ 415، "التقريب صـ 45.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 306، "الثقات" لابن حبان" 7/ 449، "الجرح والتعديل" 8/ 149، "تهذيب الكمال" 29/ 95، "الإكمال" 12/ 24، "تاريخ الإسلام" 3/ 985، "التقريب" صـ 484.

ص: 205

شيوخ مجاهد في ترجمته. وقد صرح مجاهد بسماعه من عائشة في الصحيحين وغيرهما.

(1)

وحاصله أنه "ثقة، وقد صح سماعه من عائشة ولم يسمع من أبي ذر".

(2)

6) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْق: "أُمُّ المُؤْمِنِيْن زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم ". سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن أبي شيبة في مصنفه".

1) عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ بن عمر الكلابي، أبو سهل الواسطي: قال ابن حجر: ثقة.

(3)

2) مُوسَى الْجُهَنِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) مُجَاهِد بن جبر المَكِيُّ: "ثقة وقد صح سماعه من عائشة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عائشة بنت أبي بكر الصديق: "صحابية" سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن الحديث مداره علي مُوسَى الْجُهَنِي واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مُوسَى الْجُهَنِي، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا: أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ الكوفي، وهو ضعيف.

الوجه الثاني: مُوسَى الْجُهَنِي، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ موقوفاً.

ورواه عنه بهذا الوجه: عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ويَحْيَى بن سعيد القطان.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني ـــ الموقوف ـــ هو الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه راويان، وهذا بخلاف الوجه الأول فانفرد به راوٍ واحد.

2) رواية الأحفظ: فرواة الوجه الثاني أحفظ وأوثق من رَاوِيَة الوجه الأول لاسيما يحيي بن سعيد القطان فهو ثقة حافظ متقن، وهذا بخلاف رَاوِيَة الوجه الأول فضعيف كما سبق بيان ذلك في ترجمته.

3) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال الدارقطني: والموقوف هو الصواب.

(4)

- وقال ابن حجر في حكمه علي الحديث من وجهه الموقوف قال: وهَذَا مَوْقُوفٌ حَسَنٌ.

(5)

(1)

يُنظر علي سبيل المثال لا الحصر: البخاري في "صحيحه"(1776) ك/ العمرة ب/ كَمُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟، و (4254) ك/ المغازي ب/ عُمْرَةِ القَضَاءِ، ومسلم في "صحيحه"(1255)، ك/ الحج ب/ بَيَانِ عَدَدِ عُمَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَمَانِهِنَّ، وابن الجعد في "مسنده"(2293)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(1187)، وأحمد في "مسنده"(6126، 6295، 6430).

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 419، "تهذيب الكمال" 27/ 228، "الكاشف" 2/ 240، "السير" 4/ 449، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 273، "الإكمال" 11/ 76، "الاغتباط" لبرهان الدين الحلبي 1/ 304، "التهذيب" 10/ 42، "التقريب" صـ 453.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 233.

(4)

يُنظر "العلل" للدارقطني 14/ 340.

(5)

يُنظر "المطالب العالية" لابن حجر 5/ 229.

ص: 206

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ: ضعيف، وتفرد براوية الوجه المرفوع، وخالف الثقات في روايتهم للحديث موقوفاً.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــ الراجح ــ فموقوف إسناده صحيح، والله أعلم.

وللحديث من وجهه الراجح شواهد مرفوعة في صحيح البخاري من حديث أنس، وأبي سعيد، وأبي هريرة:

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وأبي هريرة رضي الله عنهما: أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا فَوَعَظَهُنَّ، وَقَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، كَانُوا حِجَابًا مِنَ النَّارِ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ. وفي حديث أبو هريرة: لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ.

(1)

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنَ النَّاسِ مِنْ مُسْلِمٍ، يُتَوَفَّى لَهُ ثَلَاثٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث من وجهه الراجح بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى إِلَّا أَبُو يَحْيَى.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، لكن هذا من حيث الوجه المرفوع ــــ رواية الباب ــــ أما الوجه الموقوف فقد رواه عن مُوسَى: عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ويَحْيَى بن سعيد القطان، والله أعلم.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث جزاء من فقد شيئاً من أولاده صابراً محتسباً حيث أنه ينبغي علي الإنسان أن يقابل ابتلاء الله له بالصبر والرضا ولا يجزع ولا يضجر بل عليه أن يستسلم لمقادير الله التي قدرها علي عباده فالله هو الذي خلقهم وهو الذي يُنعم عليهم وهو الذي يبتليهم ويختبرهم كما تعالي في سورة الملك: ليبلوكم أيكم أحسن عملاً. فيبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من فقد شيئاً من أولاده وصبر علي ذلك ابتغاء نيله أجر الصابرين واحتسب الأجر عند الله تعالي فإنهم سوف يكونوا حجاباً وستراً له من النار يوم القيامة. ولكن هل يكون هذا الأجر وهذا الثواب لمن مات له أولاد في الصغر أم في الصغر والكبر سواء؟ فذهب كثير من العلماء إلي أن ذلك خاص لمن مات له أولاد صغار وذلك لأن الشفقة عليهم والحب لهم والرحمة بهم أشد وأعظم من الشفقة بالكبير وذلك لأن الصغير لا يتصور منه عقوق لأبويه إذ أنه ليس بمخاطب وهذا بخلاف الكبير، ثم قالوا: وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة صغيراً كان أم كبيراً. وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: بَلْ يَدْخُلُ الْكَبِيرُ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْفَحْوَى لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الطِّفْلِ الَّذِي هُوَ كَلٌّ عَلَى أَبَوَيْهِ فَكَيْفَ لَا يَثْبُتُ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ وَوَصَلَ لَهُ مِنْهُ النَّفْعُ وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْحُقُوقِ ..... قال ابن حجر: وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ لِلصِّغَارِ أَكْثَرُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْإِثْمِ مِنْهُم.

(3)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ. (1250، 1249).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ (1284).

(3)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 3/ 121، 120.

ص: 207

[35/ 685]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَابِسٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، [يَقُولُ]

(1)

: يَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِهِ سِتَّ خِصَالٍ: «إِمْرَةَ الصِّبْيَانِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَالرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، واسْتِخْفَافٌ بِالدَّمِ، ونَشْءٌ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بأَفْقَهَهُمْ، وَلَا أَعْلَمَهُمْ، وَلَا بأَفْضَلَهُمْ، يُغَنِّيهِمْ غَنَاءً» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى إِلَّا عِيسَى.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي زَاذَان الكِنْدِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: زَاذَان، عَنْ عَابِس الْغِفَارِي.

ورواه عن زاذان بهذا الوجه موسي الجهني، وعثمان بن عمير.

أما طريق موسي الجهني: فأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 37 رقم 62) بسنده سواء.

والطبراني في "الكبير"(18/ 37 رقم 63)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" ب/ مَا جَاءَ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَالتَّغْلِيظِ (1/ 130 رقم 277)، عن مِنْدَل، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِي به بنحوه.

وأما طريق عثمان بن عمير: فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" معلقاً (7/ 80)، وابنِ أَبِي غَرَزَةَ في "مسند عابس الغفاري"(1/ 17 رقم 1)، والطبراني في "الكبير"(18/ 34 رقم 58)، والمستغفري في "فضائل القرآن" ب/ ما جاء في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نشأ يتخذون القرآن مزامير والنهي عن قراءة القرآن بهذه الألحان المبتدعة (1/ 152 رقم 41)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(2/ 269 رقم 1024)، والطبراني في "الكبير"(18/ 34 رقم 58)، (18/ 35 رقم 59)، والداني في "السنن الواردة في الفتن"(3/ 687 رقم 324)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ. فَصْلٌ فِي تَرْكِ التَّعَمُّقِ فِي الْقُرْآنِ (2/ 541 رقم 2654)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 310)، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْر، عن زاذن، وفيه قصة.

الوجه الثاني: زَاذَان، عَنْ عُلَيْمٍ، عَنْ عَابِسٍ الْغِفَارِي.

ورواه عن زاذان بهذا الوجه عثمان بن عمير.

أخرجه أحمد في "مسنده"(25/ 427 رقم 16040)، والبخاري في "التاريخ الكبير" مُعلقاً (7/ 80)، وابنِ أَبِي غَرَزَةَ في "مسند عابس الغفاري"(1/ 20 رقم 2)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" ك/ الإمارة ب/ فِي إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ وَبَيْعِ الْحُكْمِ وَكَثْرَةِ الشُّرَطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (2/ 640 رقم 613)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4/ 5 رقم 1389)، (4/ 8 رقم 1390)، وابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير"(1/ 431 رقم 1553)، والطبراني في "الكبير"(18/ 36 رقم 61)، والمستغفري في "فضائل القرآن" ب/ ما جاء في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نشأ يتخذون القرآن مزامير والنهي عن قراءة القرآن بهذه الألحان المبتدعة (1/ 151 رقم 40)، وابن أبي شيبة في

(1)

ليست في "مجمع البحرين" يُنظر "المجمع"(4/ 91 رقم 2146).

ص: 208

"مصنفه" ك/ الْفِتَنِ ب/ مَا ذُكِرَ فِي عُثْمَان (14/ 225 رقم 38732)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" ب/ عُقُوبَاتٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ (1/ 188 رقم 289)، والذهبي في "موضوعات المستدرك"(1/ 35 رقم 38)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ 2232 رقم 5550)، وفي "أحاديث مسندة في أبواب القضاء" مخطوط (1/ 11/ ق 153 ب)، والبزار كما في "كشف الأستار" للهيثمي (2/ 241 رقم 1610)، والجوزقاني في "الأباطيل والمناكير" ك/ الزينة والأدب ب/ التَّرْجِيعِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (2/ 377 رقم 724)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 404 رقم 1482)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(3/ 515)، كلمهم من طُرق عَنْ عُثْمَان بْن عُمَيْر، عَنْ زَاذَان، عَنْ عُلَيْم به بنحوه، وفيه قصة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ بن عبد الرحمن بْن عَبْد اللَّهِ المروزي، أَبُو الحسن قريب بشر الحافي.

روي عن: عِيسَى بْن يُونُس، وسفيان بن عُيَيْنَة، ووكيع بْن الجراح، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، ومسلم، والتِّرْمِذِيّ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال النَّسَائي، ومسلمة، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) عِيسَى بْنُ يُونُسَ السبيعي: "ثقة مأمون" سبقت ترجمته في حديث رقم (13).

4) مُوسَى الْجُهَنِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (34).

5) زَاذَانُ أبو عبد الله ويقال أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ الكُوْفِيُّ.

روي عن: عَابِس الْغِفَارِي، والبراء بْن عازب، وجرير بْن عَبد الله، وآخرين.

روي عنه: مُوسَى الْجُهَنِي، وأبو اليقظان عثمان بْن عُمَير، وزبيد اليامي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وابن شاهين، والخطيب، والذهبي: ثقة. وزاد ابن معين: لا يُسأل عن مثله، وزاد الذهبي: صَادِق. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، في الثقات، وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيراً. وَقَال ابْن عدي: أحاديثه لا بأس بها إذا روى عنه ثقة، وإنما رماه من رماه لكثرة كلامه. وقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَيْسَ بِالمَتِيْنِ عِنْدَهُمْ. وقال ابن حجر: صدوق يرسل. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

6) عَابِسُ الْغِفَارِيُّ، ويقال عبس الغفاري، وعابس هو الأكثر.

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 471، "تهذيب الكمال" 20/ 421، "السير" 11/ 552، "التقريب" صـ 340.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 366، "الثقات" لابن حبان 4/ 265، "الثقات" لابن شاهين 1/ 95، "تهذيب الكمال" 9/ 263، "الكاشف" 1/ 400، "التقريب" صـ 153،

ص: 209

روي عن: النبيِّ صلى الله عليه وسلم. روي عنه: زَاذَانُ أَبُو عُمَرَ، وأَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيُّ، وَعُلَيْم الْكِنْدِي، وآخرون.

ذكره ابن قانع، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر في الصحابة.

وقال البخاري، وأبو حاتم، والدارقطني، وابن ماكولا: له صحبة.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أحمد في مسنده

".

1) يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قال ابن حجر: ثقة متقن عابد.

(2)

2) شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النخعي: "صدوق تغير حفظه منذ ولي القضاء فيحسن حديثه إلا عند التفرد والمخالفة" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

3) عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ: قال ابن حجر: ضعيف، واختلط، وكان يدلس.

(3)

4) زَاذَانُ أَبِي عُمَرَ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) عُلَيْم الكندي: يروي عَنْ عَابس الغِفاري، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: شيخ يَرْوِي عَن سلمَان الْفَارِسِي. رَوَى عَنْهُ زَاذَان. قلت: ولم أقف له علي تعديل أو تجريح سوي ذكر ابن حبان له في الثقات، وحاصله أنه "مجهول الحال"، والله أعلم.

(4)

6) عَابِس الْغِفَارِي: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي زَاذَان الكِنْدِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: زَاذَان، عَنْ عَابِسٍ الْغِفَارِي.

ورواه عن زَاذَان بهذا الوجه: مُوسَى الْجُهَنِي، وعُثْمَان بْن عُمَيْرٍ.

الوجه الثاني: زَاذَان، عَنْ عُلَيْمٍ، عَنْ عَابِسٍ الْغِفَارِي.

ولم يروه عن زَاذَانَ بهذا الوجه إلا عُثْمَان بْنِ عُمَيْرٍ.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول ــ رواية الباب ــ هو الوجه الراجح وذلك لما يأتي:

1) رواية الأحفظ: وهو مُوسَى الْجُهَنِي كما في راوية الباب.

2) أن عُثْمَان بْن عُمَيْر رواه بكلا الوجهين، وهو ضعيف الحديث، واختلط.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح".

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 35، "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 310، "معرفة الصحابة" لأبي نعيم" 4/ 2231، "الاستيعاب" 3/ 1008، "الإكمال في رفع الارتياب" لابن ما كولا 6/ 16، "أسد الغابة 3/ 106، "الإصابة" لابن حجر 5/ 476.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 535.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 326.

(4)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 7/ 88، "الثقات" لابن حبان 5/ 286.

ص: 210

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى إِلَّا عِيسَى.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد عِيسَى بْن يُونُس برواية هذا الحديث عن مُوسَى الْجُهَنِي بل تابعه: مِنْدَل بْن عَلِي العَنَزي، ومِنْدَل هذا قال فيه ابن حجر: ضعيف.

(1)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعضا" من أشراط الساعة التي كان يتخوف علي أمته منها: إمارة الصبيان وفي رواية إمارة السفهاء أي ولايتهم على الرقاب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف من ذلك وذلك لما يحدث منهم من العنف والطيش والخفة وذلك لما يعتريهم من نقص العقل والسفه. ومنها أيضاً: كثرة الشُّرَط وهم أعوان الولاة والمراد كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم يكثر الظلم وسموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها والشرط هي العلامة. ومنها أيضاً: الرَّشْوَة فِي الْحُكْمِ وذلك بأخذ الرشوة عليه ودفع مبلغ من المال لأخذ حق ليس من حقه. ومنها أيضاً: الاستخفاف بالدم وعدم المبالاة وذلك بعدم القصاص من القاتل ووضع الأمور في نصابها لينزجر ويرتدع العباد. ومنه أيضاً: قطيعة الرحم أي القرابة وقطيعة الرحم لها صور عدة وذلك إما بإيذائها أو عدم الإحسان إليها أو هجرها وغير ذلك. ومنها أيضاً ظهور نَشْء يَتَّخِذُون الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بأَفْقَهَهُمْ، وَلَا أَعْلَمَهُمْ، وَلَا بأَفْضَلَهُمْ، يُغَنِّيهِمْ غَنَاءً أي يتغنون به ويتشدقون ويأتون به بنغمات مطربة وقد كثر ذلك في هذا الزمان وانتهى الأمر إلى التباهي بإخراج ألفاظ القرآن عن وضعها. ويقدم الناس أحد هؤلاء ليغنيهم بالقرآن بحيث يخرجون الحروف عن أوضاعها ويزيدون وينقصون لأجل موافاة الألحان وتوفر النغمات حتي وإن كان من يقدمونه أقلهم فقهاً إذ ليس غرضهم إلا الالتذاذ بتلك الألحان والأنغام.

(2)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 477.

(2)

يُنظر "فيض القدير" 3/ 194.

ص: 211

[36/ 686]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ قَتْلِ الْعَوَامِرِ،

(1)

ذَوَاتِ الْبُيُوتِ». *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرٍ إِلَّا فَيَّاضٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ.

ورواه عن الزُّهْرِي بهذا الوجه: جَعْفَر بْن بُرْقَانَ، واختلف علي جَعْفَر من طريقين:

الطريق الأول: جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ.

ولم أقف عليه من هذا الطريق ــــــ في حد بحثي ــــــ إلا عند الطبراني في الأوسط ـــــ رواية الباب ـــــ.

الطريق الثاني: جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبي لُبَابَةَ. بالجمع.

أ - تخريج الطريق الثاني:

أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(1/ 226)، بنفس إسناد الطبراني ــــــ عن أَحْمَد الْأَبَّار ــــــ به.

قلت: فيه جَعْفَر بْن بُرْقَان: "ثقة في روايته عن غير الزُّهْرِي، وأما روايته عن الزُّهْرِي خاصة فضعيف"

وجَعْفَرُ قد اضطرب في حديث الزُّهْرِيِّ هذا فرواه مرة عن زَيْدِ وحده، ومرة عن زَيْدِ، وَأَبي لُبَابَةَ بالجمع.

ولعل الأقرب إلي الصواب رواية الجمع، وإن كانت مرجوحة كما سيأتي بيان ذلك في النظر في الخلاف.

ب - متابعات للطريق الثاني: قلت: وتابع جَعْفَر بْن بُرْقَان علي هذا الوجه: صَالِح بْن يَزِيد بْن كَيْسَان، ويعقوب بن محمد الزهري، وإِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَمِّع، ومُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن مُسْلِم بْن أَخِي الزُّهْرِي.

أما متابعة صَالِح بْن يَزِيد بْن كَيْسَان: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1753 رقم 2233)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 234 رقم 305)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الْحَظْر وَالْإِبَاحَة ب/ قَتْلِ الْحَيَوَانِ: ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ مِنَ الْحَيَّاتِ إِنَّمَا هُوَ مُسْتَثْنًى عَنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ بِقَتْلِهِنَّ (12/ 460 رقم 5643)، والطبراني في الكبير (5/ 82 رقم 4647)، والحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ب/ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ وَتَرْكِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ (1/ 236).

وأما متابعة يعقوب بن محمد الزهري: أخرجها البغوي في "معجم الصحابة"(2/ 448 رقم 824).

(1)

قال ابن الأثير: العَوَامِر: الحيَّات الَّتِي تَكُونُ فِي البُيوت، وَاحِدُهَا: عَامِر وعَامِرَة. وَقِيلَ: سُمِّيت عَوَامِر لطُول أَعْمَارها. يُنظر "النهاية" 3/ 298.

ص: 212

وأما متابعة إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَمِّع: أخرجها ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 234 رقم 304)، والبغوي في "معجم الصحابة"(2/ 448 رقم 824)، والطبراني في "الكبير"(5/ 31 رقم 4499) 4645)، (5/ 81 رقم 4645)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(1/ 403 رقم 1205)، (2/ 1074 رقم 2719)، (3/ 1142 رقم 2867).

وأما متابعة ابْن أَخِي الزُّهْرِي: أخرجها الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ومن ترك الرخصة في ذلك، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك (7/ 375 رقم 2931)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1142 رقم 2867).

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أو أَبُو لُبَابَةَ. بالشك.

ورواه عن الزُّهْرِي بهذا الوجه: مَعْمَر، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والزُّبَيْدِي، ويُونس، وشُعَيْب.

أما طريق معمر: فأخرجه معمر بن راشد في "جامعه" ب/ قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ (10/ 434 رقم 19616)، ومن طريقه ـــــــ البخاري في "صحيحه" مُعلقاً بصيغة الجزم ك/ بدء الخلق ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}

(1)

(4/ 127 رقم 3299)، وأحمد في "مسنده"(25/ 26 رقم 15748)، وإسماعيل الصفار في "مجموع فيه مصنفات أبي العباس الأصم وإسماعيل الصفار"(1/ 340 رقم 635)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الطِّبِّ وَالرُّقَى ب/ قَتْلِ الْحَيَّاتِ (12/ 191 رقم 3263)، والطبراني في "الكبير"(5/ 81 رقم 4644)، (5/ 30 رقم 4498)، وأبو نعيم الأصبهاني في "الحلية"(1/ 367)، والحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" ب/ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ وَتَرْكِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ (1/ 236) ـــــــ.

وأما طريق سُفْيَان بْن عُيَيْنَة: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1752 رقم 2233)، والحميدي في "مسنده"(1/ 517 رقم 632)، وأحمد في "مسنده"(8/ 159 رقم 4557)، وأبو داود في "سننه" ك/ الأدب ب/ في قَتل الحيّات (7/ 531 رقم 5252)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(9/ 371 رقم 5493)، (9/ 400 رقم 5540)، والبغوي في "معجم الصحابة"(2/ 344 رقم 697)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ومن ترك الرخصة في ذلك، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك (7/ 375 رقم 2930)، والبيهقي في "الآداب"(1/ 151 رقم 453)، وابن عبد البر في "التمهيد"(16/ 29)، وأبو القاسم المهرواني في "المهروانيات"(2/ 913 رقم 124)، وابن تيمية في "الأربعون التيمية"(1/ 119 رقم 28).

وأما طريق الزُّبَيْدِي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1753 رقم 2233).

وأما طريق يُونس بن يزيد: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1753 رقم 2233)، وأبو طاهر المُخَلِّص في "المخلصيات"(2/ 343 رقم 2672).

(1)

سورة البقرة آية رقم: 164.

ص: 213

وأما طريق شعيب بن أبي حمزة الأموي: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(4/ 232 رقم 3159).

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيَّ.

أ - تخريج الوجه الثالث: ورواه عن الزُّهْرِي بهذا الوجه: مَعْمَر، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة.

أما طريق معمر: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} (4/ 127 رقم 3298).

وأما طريق ابْنُ عُيَيْنَة من أصح الأوجه عنه

(1)

: أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ب/ قَتْلِ الْحَيَوَانِ: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ قَتْلَ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ مِنَ الْحَيَّاتِ (12/ 462 رقم 5645).

ب - متابعات قاصرة للوجه الثالث: فقد توبع سالم علي هذا الوجه فتابعه ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ونافع.

فأما متابعة ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة: أخرجها البخاري في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ خَيْرُ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ (4/ 129 رقم 3311)، عَنْ أَبِي يُونُسَ القُشَيْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة به.

وأما متابعة نافع: فرواه عَن نافع جماعة من الرواة وهم: جَرِير بْن حَازِمٍ، واللَّيْث بن سعد، وعُبَيْد اللهِ بن عُمَر، وجُوَيْرِيَة بن أسماء الضُّبَعِي، وعَبْد رَبِّه بن سعيد، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق، وأَيُّوب السختياني، ومَالِك.

فأما متابعة جَرِير بْن حَازِمٍ، عَن نافع: أخرجها البخاري أيضاً في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ خَيْرُ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ (4/ 129 رقم 3313)، ومسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات (4/ 1754 رقم 2233)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ومن ترك الرخصة في ذلك، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك (7/ 376 رقم 2932).

وأما متابعة اللَّيْث بن سعد، عَن نافع: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1754 رقم 2233)، والطبراني في "الكبير"(5/ 31 رقم 4501).

وأما متابعة عُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ، عَن نافع: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1754 رقم 2233)، والطبراني في "الكبير"(5/ 31 رقم 4505، 4504، 4503)، (5/ 32 رقم 4506)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/ 403 رقم 1206).

وأما متابعة جُوَيْرِيَة بن أسماء الضُّبَعِيُّ، عَن نافع: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1754 رقم 2233)، والطبراني في "الكبير"(5/ 31 رقم 4502).

وأما متابعة عَبْدِ رَبِّهِ بن سعيد، عَن نافع: أخرجها ابن الجعد في "مسنده"(1/ 240 رقم 1580)، وابن عبد البر في "التمهيد"(16/ 28)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 719).

وأما متابعة مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ، عَن نافع: أخرجها أحمد في "مسنده"(25/ 27 رقم 15749).

(1)

يُنظر "البغوي في "معجم الصحابة" (823) عن سُفْيَان من وجهه المرجوح.

ص: 214

وأما متابعة أَيُّوب السختياني، عَن نافع: أخرجها أبو داود في "سننه" ك/ الأدب ب/ في قَتل الحيّات (7/ 533 رقم 5254)، والطبراني في "الكبير"(5/ 32 رقم 4508)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ومن ترك الرخصة في ذلك، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك (7/ 376 رقم 2933).

وأما متابعة مَالِكٌ بن أنس، عَن نافع: أخرجها الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ومن ترك الرخصة في ذلك، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك (7/ 377 رقم 2934)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 717).

الوجه الرابع: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وأَبي لُبَابَةَ. بالجمع.

ورواه عن الزُّهْرِي بهذا الوجه: جَعْفَر بْن بُرْقَان، وصَالِح بْن يَزِيد بْن كَيْسَان، ويعقوب بن محمد الزهري، وإِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَمِّع، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ ابْن أَخِي الزُّهْرِي.

أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(1/ 226) عن جَعْفَر بْن بُرْقَانَ من أصح الأوجه عنه.

ومسلم في "صحيحه" ك/ السلام ب/ قتل الحيات وغيرها (4/ 1753 رقم 2233)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 234 رقم 305)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ب/ قَتْلِ الْحَيَوَانِ: ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ مِنَ الْحَيَّاتِ إِنَّمَا هُوَ مُسْتَثْنًى عَنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ بِقَتْلِهِنَّ (12/ 460 رقم 5643)، والطبراني في الكبير (5/ 82 رقم 4647)، والحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" ب/ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ وَتَرْكِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ (1/ 236)، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَان.

والبغوي في "معجم الصحابة"(2/ 448 رقم 824) عن يعقوب بن محمد الزهري.

وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 234 رقم 304)، والبغوي في "معجم الصحابة"(2/ 448 رقم 824)، والطبراني في "الكبير"(5/ 31 رقم 4499) 4645)، (5/ 81 رقم 4645)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(1/ 403 رقم 1205)، (2/ 1074 رقم 2719)، (3/ 1142 رقم 2867) عن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَمِّع.

والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ومن ترك الرخصة في ذلك، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك (7/ 375 رقم 2931)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ 1142 رقم 2867)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِم بْن أَخِي الزُّهْرِي.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عون بن حبيب بن الريان الأسدي، أَبُو أَحْمَد الْحَرَّانِيُّ.

روي عن: فَيَّاض بْن مُحَمَّدٍ الرَّقِّي، وأحمد بْن أَبي شعيب الحراني، وعيسى بْن يونس، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، والنَّسَائي، وبقي بْن مخلد الأندلسي، وآخرون.

ص: 215

أقوال أهل العلم فيه: قال النَّسَائي، والذهبي، ومسلمة بن قاسم، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3)

فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَد بْنِ سِنَان، أبُو مُحَمَد الرَّقِّيُّ.

روي عن: جَعْفَر بْن بُرْقَان، وأبي جنَاب الكلبي، ومحمد بْن إِسْحَاق بن يسار، وآخرين.

روي عنه: الْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن الْحَرَّانِي، وأحْمَد بْن حنبل، والوليد بن صالح، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان، وَابْن خلفون في الثقات. وقال أبو المحاسن محمد بن علي الحسيني: ليس به بأس. وقال مرة: محله الصدق. وقال أحمد: ما مات بالرقة أفضل منه. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث".

(2)

4) جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ الكِلابي، أبو عَبد اللَّهِ الجزري الرَّقِّيُّ.

روي عن: الزُّهْرِي، وثابت بْن الحجاج، ونافع مولى ابْن عُمَر، وآخرين.

روي عنه: فَيَّاض بْن مُحَمَّدٍ الرَّقِّي، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، والعجلي، وابن معين، وابن عيينة، وابْن عدي، والذهبي، وابن نمير، ويعقوب بن شيبة، وأبو نعيم الفضل بن دُكين، ومروان بْن مُحَمَّد: ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وقال الثوري: ما رأيت أفضل من جعفر بْن برقان.

- وقال أبو حاتم: محله الصدق يكتب حديثه. وقال ابن حجر: صدوق يهم في حديث الزهري.

- وقال أحمد: إذا حدث عن غير الزُّهْرِيّ فلا بأس بِهِ، وفي حديث الزُّهْرِيّ يخطئ ويضطرب، ويختلف فيه. وقال ابْن مَعِين: ثقة فيما روى عن غير الزُّهْرِيّ وأما ما روى عن الزُّهْرِيّ فهو فيه ضعيف، ومرة: ليس بذاك. وقال النسائي: ليس بالقوي في الزهري، وفي غيره لا بأس به. وَقَال ابْن عدي: ضعيف في الزُّهْرِيّ خاصة. وقال أبو داود: كان يخطئ على الزهري. وقال ابن حجر: يهم في حديث الزهري. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وحاصله أنه "ثقة في روايته عن غير الزُّهْرِي، وأما روايته عن الزُّهْرِي خاصة فضعيف".

(3)

5) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن". تقدم حديث رقم (16)

6) سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن الخَطَاب القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ، أبو عُمَر المَدَنِيُ الفقيه.

روي عن: عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وعبد الله والْقَاسِم ابْنا مُحَمَّد بْن أَبي بكر الصديق، وآخرين.

روي عنه: الزُّهْرِي، ومحمد بْن واسع، ونافع مولى ابْن عُمَر، وآخرون.

(1)

يُنظر "تهذيب الكمال"28/ 390، "الكاشف"2/ 287، "التهذيب"10/ 267، "التقريب" صـ 475.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 9/ 11، "تاريخ الإسلام" للذهبي 4/ 1183، "الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال" لأبو المحاسن محمد بن علي الحسيني 1/ 344، "تعجيل المنفعة" لابن حجر 2/ 119، "التذييل علي كتب الجرح والتعديل" لطارق بن محمد آل بن ناجي 1/ 240.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 268، "الجرح والتعديل" 2/ 474، "الثقات" لابن حبان 6/ 136، "تهذيب الكمال" 5/ 11، "تاريخ الإسلام" 4/ 35، "الكامل" 2/ 371، "الثقات" لابن شاهين 1/ 54، "الإكمال" 3/ 202، "التقريب" صـ 79.

ص: 216

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن سعد، وابن خلفون: ثقة، وزاد ابْن سعد: كثير الحديث، عالياً من الرجال ورعاً. وقال ابن حجر: كان ثبتاً عابداً فاضلاً، وكان يُشَبَّه بأبيه في الهدي والسمت. وذكره ابن حبان في الثقات، والمشاهير. وَقَال أَحْمَد، وابْن راهويه: أصح الأسانيد: الزُّهْرِيّ، عَنْ سَالِم، عَن أَبِيهِ. وسُئل ابن معين: سالم أعلم بابن عُمَر أو نَافِع؟ قال: يقولون: إن نافعاً لم يحدث حَتَّى مات سَالِم. روى لَهُ الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

7) عَبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بْن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

8) زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ رِيَاحٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَدَوِيُّ، أَخُو أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ.

روي عن: النبي صلى الله عليه وسلم. رَوَى عَنْهُ: ابْن أَخِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ووَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدٍ.

هو أخو عمر بن الخطاب لأبيه، وكَانَ أَسَنَّ مِنْ عُمَرَ، وَأَسْلَمَ قَبْلَهُ، وكان رضي الله عنه من المهاجرين الأولين، شَهِدَ بَدْراً، وأحدًا، والخندق، وبيعة الرضوان يوم الحديبية وَالمَشَاهِدَ كلها مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْنِ بنِ عَدِيٍّ العَجْلَانِي. وَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَوْم بَدْرٍ: الْبِسْ دِرْعِي، فقَالَ: إِنِّي أُرِيْدُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَا تُرِيْدُ، قَالَ: فَتَرَكَاهَا جَمِيْعاً، وَكَانَتْ رَايَةُ المُسْلِمِيْنَ مَعَهُ يَوْمَ اليَمَامَةِ، فَلَمْ يَزَلْ يَقْدَمُ بِهَا فِي نَحْرِ العَدُوِّ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَوَقَعَتْ الرَّايَةُ، فَأَخَذَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، ولما قتل زيد قال عمر: رحم الله زيداً سبقني أخي إلى الحسنين، وَحَزِنَ عَلَيْهِ عُمَرُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَسْلَمَ قَبْلِي، وَاسْتُشْهِدَ قَبْلِي.

(2)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما، وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: أخرجه البخاري في "صحيحه" وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا جَعْفَر بْن بُرْقَان، واختلف عليه من طريقين:

الطريق الأول: جَعْفَر، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وهي رواية الباب.

الطريق الثاني: جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبُو لُبَابَةَ. بالجمع. وتابع جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ علي هذا الوجه: إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَمِّع: قال فيه ابن حجر: ضعيف

(3)

، ويعقوب بن محمد الزهري: قال فيه ابن حجر: صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء

(4)

،

(1)

"الثقات" 4/ 305، "المشاهير"صـ 108، "التهذيب"10/ 145، "تاريخ الإسلام" 3/ 49، "الإكمال" 5/ 184، "التقريب" صـ 166.

(2)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم 3/ 1141، "الاستيعاب" 2/ 550، "أسد الغابة" 2/ 134، "الإصابة" 4/ 89.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 27.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 538.

ص: 217

ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ بْنُ أَخِي الزُّهْرِي: قال فيه ابن حجر: صدوق له أوهام

(1)

، وصَالِحُ بْنُ يَزِيد بْنِ كَيْسَانَ: قال فيه ابن حجر: ثقة ثبت

(2)

، وروايته عند مسلم كما سبق في التخريج. وعلي هذا فهذه المتابعات ليس فيها إلا متابعة صَالِح بْن كَيْسَانَ ــــــ صرح بهذا ابن حجر كما سيأتي في ترجيح الأئمة للوجه الثالث ــــــ فصالح وإن كان ثقة إلا أن روايته لا تناهض رواية الثقات الذين راوه بالوجه الثاني، والثالث، وأما إخراج مسلم له فلعل ذلك لأجل إعلاله لا لأجل تصحيحه لاسيما وقد أخر مسلم روايته فذكرها بعد رواية الثقات الذين راوه بالأوجه الأخرى.

قلت: وعلي هذا فقد اختلف علي جَعْفَر بْن بُرْقَان، وجعفر يضطرب في حديث الزُّهْرِي خاصة، وعلي هذا فلعل الأقرب إلي الصواب من هذين الطريقين هي رواية الجمع، وإن كانت مرجوحة بالأوجه الأخرى.

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أو أَبي لُبَابَةَ. بالشك.

ورواه عنه بهذا الوجه: مَعْمَر، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والزُّبَيْدِي، ويُونس، وشُعَيْب.

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيُّ.

ورواه عنه بهذا الوجه: مَعْمَر، وسُفْيَان. وقد توبع سالم علي هذا الوجه فتابعه ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ونافع.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثالث هو الأقرب إلي الصواب وذلك للقرائن الأتية:

1) المتابعات: فقد تابع الزُّهْرِي علي هذا الوجه جماعة من الثقات في الصحيحين وغيرهما كما سبق بيانهم.

2) صنيع الإمام البخاري حيث قدم رواية أَبي لُبَابَةَ وحده، وأَخَرَ رواية الشك وذكرها معلقة.

3) ترجيح الأئمة لهذا الوجه: قال ابن حجر: مَنْ رَوَاهُ بِالْجَمْعِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُقَارِبُ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِالشَّكِّ إِلَّا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَن الَّذِي رأى ابن عُمَرَ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ بِغَيْرِ شَكٍّ وَهُوَ يُرَجِّحُ مَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ تَقْدِيمِهِ لِرِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى ذِكْرِ أَبِي لُبَابَةَ.

(3)

وقال ابن حجر: في ترجمة "زيد بن الخطاب" قال: له في الصّحيح حديث واحد في النّهي عن قتل حيات البيوت من رواية ابن عمر عنه مقرونا بأبي لبابة، ورجّح صالح جزرة أنّ الصّواب عن أبي لبابة وحده.

(4)

قلت: والوجه الثالث وإن كان هو الأقرب إلي الصواب إلا أنه لا يتعارض مع الوجه الثاني فلعل الزُّهْرِي راوه مرة بالشك ثم راوه بعد ذلك علي اليقين، وعلي هذا فيترجح الوجهين لاسيما وأن كلا الوجهين في الصحيحين، والعلم عند الله تعالي.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 424.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 214.

(3)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 6/ 349.

(4)

يُنظر "الإصابة" 4/ 89.

ص: 218

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه جَعْفَر بْن بُرْقَان: ثقة في روايته عن غير الزُّهْرِيّ، وأما روايته عن الزُّهْرِيّ خاصة فضعيف.

وأما الحديث بالوجهين الراجحين ــــ الثاني، والثالث ــــ فصحيح. والحديث في الصحيحين كما سبق ذلك.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرٍ إِلَّا فَيَّاضٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساَ: التعليق علي الحديث:

يتبين لنا من هذا الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن قتل الحيات اللاتي يُوجدن في البيوت. قال العلماء وظاهر الحديث يدل علي أنَّ ذلك عام في جميع البيوت. لكن ذهب الإمام مالك إلي أنَّ النهي خاصٌ ببيوت أهل المدينة، وذهب غيره إلي أنَّ النهي خاصٌ ببيوت المدن دون غيرها. علي أنَّ الجميع اتفق علي قتل الحيات في الصحاري والبراري من غير إنذار. قال ابن حجر: في رواية عند مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَحَرِّجُوا عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالثَّلَاثِ فَقِيلَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ حَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ: أَنْ يُقَالَ لَهُنَّ أَنْتُنَّ فِي ضِيقٍ وَحَرَجٍ إِنْ لَبِثْتِ عِنْدَنَا أَوْ ظَهَرْتِ لَنَا أَوْ عُدْتِ إِلَيْنَا.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" 6/ 349.

ص: 219

[37/ 687]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ [مُدَّ]

(1)

أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ».

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا زَيْدٌ. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَأَصْحَابُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

(2)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الْأَعْمَشِ واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ الْأَعْمَش بهذا الوجه: زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشَرِيك بن عبد الله.

أما طريق زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ، ومن طريقه ــــــ الضياء المقدسي في "النهي عن سب الأصحاب" ب/ ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (1/ 35 رقم 2) ــــــ، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيِّ الأَبَّار، عَنْ مَخْلَد بْن مَالِك، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ،

وأما طريق شَرِيك بن عبد الله: أخرجه أبو طاهر السلفي في "معجم السفر"(1/ 384 رقم 1298).

الوجه الثاني: الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي.

ورواه عَنْ الْأَعْمَش بهذا الوجه: شُعْبَة، ووَكِيع، وإِسْرَائِيلُ بن يونس السبيعي، والثَّوْرِي، والوضاح بن عبد الله اليشكري أَبُو عَوَانَةَ، وأَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ، وجَرِير بن عبد الحميد الضبي، وأَبو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، والْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وعبيد الله بن سعيد بن مُسْلِمٍ قائد الأَعْمَشِ.

أما طريق شُعْبَة: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، (5/ 8 رقم 3673)، ومسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (4/ 1968 بإثر حديث رقم 2541)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 637 رقم 2297)، وابن الجعد في "مسنده"(1/ 120 رقم 738)، (1/ 356 رقم 2460)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1/ 51 رقم 7)، وفي "مسنده"(18/ 80 رقم 11517)، (18/ 152 رقم 11608)، والترمذي في "سننه" ك/ المناقب ب/ فِيمَنْ سَبَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (5/ 695 رقم 3861)، وابن أبي عاصم في "السنة" ب/ فِي ذِكْرِ الرَّافِضَةِ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ

(1)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والتصويب من مجمع البحرين (7/ 28 رقم 3976)، وقد أخرجه الضياء في "النهي عن سب الأصحاب"(1/ 35 رقم 2) من طريق الطبراني بهذه الزيادة، وكذلك مصادر تخريج الحديث أثبتت هذه الزيادة.

(2)

(ق/ 40/ ب).

ص: 220

(2/ 478 رقم 989)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ المناقب ب/ مَنَاقِبُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّهْيُ عَنْ سَبِّهِمْ رحمهم الله أَجْمَعِينَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ (7/ 372 رقم 8250)، وفي "فضائل الصحابة" ب/ مَنَاقِب أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالنَّهْي عَن سبهم رحمهم الله أَجْمَعِينَ وَرَضي عَنْهم (1/ 62 رقم 203)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ب/ فضل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ (16/ 242 رقم 7255)، والآجري في "الشريعة" ب/ ذِكْرِ اللَّعْنَةِ عَلَى مَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5/ 2503 رقم 1996)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ لَعَنَ الصَّحَابَةَ أَوْ تَنَقَّصَهُمْ، أَوْ نَالَ مِنْهُمْ، وَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ (7/ 1320 رقم 2342)، وابن بشران في "أماليه"(1/ 285 رقم 1518)، والبيهقي في "الاعتقاد" ب/ الْقُولِ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَرَضِيَ عَنْهُمْ (1/ 444)، والبيهقي في "المدخل" ب/ أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم إِذَا تَفَرَّقُوا فِيهَا وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ (1/ 112 رقم 45)، وفي "الشعب" ب/ فِي حُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَصْلٌ فِي بَرَاءَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فِي النُّبُوَّةِ (2/ 190 رقم 1508)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي فَضِيلَةِ مَنْ لَقِيَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ (1/ 774 رقم 1239)، وفي "التفسير"(2/ 89)، وفي "شرح السنة" ك/ فضائل الصحابة ب/ فَضْلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (14/ 69 رقم 3859)، والقاضي المارستان في "المشيخة الكبرى"(2/ 616 رقم 146)، وابن عساكر في "تاريخه"(38/ 52)، والضياء المقدسي في "النهي عن سب الأصحاب" ب/ ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وما فِي مَعْنَاهُ (1/ 31 رقم 1)، والسبكي في "الفتاوي"(2/ 573).

وأما طريق جَرِيرٌ بن عبد الحميد الضبي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (4/ 1967 رقم 2541)، وابن ماجه في "سننه" ب/ فضائل الصحابة (1/ 111 رقم 161) علي الصواب كما سنبينه بعد ذلك، وابن حجر في "الأمالي المطلقة"(1/ 53).

وأما طريق وَكِيعٌ بن الجراح: أخرجه وَكِيعٌ في "نسخته عَنِ الْأَعْمَشِ"(1/ 81 رقم 24)، ومن طريقه ــــــــ مسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (4/ 1967 رقم 2541)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الفضائل ب/ مَا ذُكِرَ فِي الْكَفِّ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (11/ 215 رقم 32944)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1/ 50 رقم 5)، وفي ب/ فَضَائِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه (1/ 419 رقم 654)، وفي ب/ فَضَائِلُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 909 رقم 1735)، وفي "مسنده"(18/ 80 رقم 11516)، وابن ماجه في "سننه" ب/ فضائل الصحابة (1/ 111 رقم 161) علي الصواب كما سنبينه بعد ذلك، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ب/ فضل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم: ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ عُدُولٌ (16/ 238 رقم 7253)، والآجري في "الشريعة" ب/ ذِكْرِ اللَّعْنَةِ عَلَى مَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5/ 2504 رقم 1998)، والكلاباذي في " بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار"(1/ 376)، وتمام في "الفوائد"(1/ 106 رقم 249)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الشهادات ب/ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ (10/ 352 رقم 20907)، والواحدي في "التفسير

ص: 221

الوسيط" (2/ 520)، والبغوي في "التفسير" (7/ 328)، وفي "شرح السنة" ك/ فضائل الصحابة ب/ فَضْلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (14/ 69 رقم 3859)، وابن عساكر في "تاريخه" (5/ 204)، (15/ 199)، (54/ 67)، وفي "معجمه" (1/ 308 رقم 367)، (2/ 819 رقم 1027)، وشُهْدة بِنْت أحمد بْن الفرج في " العمدة من الفوائد والأثار الصحاح والغرائب في مشيخة شهدة" (1/ 45 رقم 13)، وابن العديم في "تاريخ حلب" (3/ 1223)، وابن حجر في "الأمالي المطلقة" (1/ 50) ــــــــ.

وأما طريق أَبي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (4/ 1967 رقم 2540)،

(1)

(1)

أخرجه مسلم في الأصل عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وكذلك ابن ماجه في "سننه"(161). والصواب ما ذكرناه عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري. قال النووي في "شرحه علي مسلم"(16/ 92) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيِّ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيِّ هَذَا وَهَمٌ وَالصَّوَابُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَالنَّاسُ. وقال المزي في "تحفة الأشراف"(3/ 343)، ونقل السيوطي ذلك عنه في "تدريب الراوي" (1/ 358). قال: رواه مسلم عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر، وأبي كريب، ثلاثتهم عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ووهم عليهم في ذلك. إنَّما رووه، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد كذلك رواه الناس عنهم، كما رواه ابن ماجة عن أبي كريب أحد شيوخ مسلم فيه. ومن أدلِّ دليل على أن ذلك وَهْم وقع منه في حال كتابته لا في حفظه: أنه ذكر أوَّلاً حديث أبي معاوية ثم ثنَّى بحديث جرير وذكر المتن وبقيَّة الإسناد عن كلِّ واحد منهما، ثم ثلَّث بحديث وكيع ثم ربَّع بحديث شعبة ولم يذكر المتن ولا بقيَّة الإسناد عنهما (أي عن وكيع وشعبة) بل قال: عن الأعمش بإسناد جرير وأبي معاوية بمثل حديثهما

إلى آخر كلامه. فلولا أنّ إسناد جرير وأبي معاوية عنده واحد لما جمعهما جميعاً في الحوالة عليهما. والوهم يكون تارة في الحفظ وتارة في القول وتارة في الكتابة، وقد وقع الوهم منه ههنا في الكتابة والله أعلم، وقد وقع في بعض نسخ ابن ماجه عن أبي هريرة وهو وهم أيضاً، وفي رواية إبراهيم بن دينار ــ الجرشيِّ الوراق أحد رواة سنن ابن ماجه ــ عن ابن ماجه: عن أبي سعيد على الصواب، لكن ابن دينار لم يذكره إلا من رواية وكيع وحده. ورواه محمد بن جُحادة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد كرواية الجماعة. وقال البيهقي في "المدخل"(1/ 113)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ. وقال ابن حجر في "الفتح"(7/ 35) بتصرف، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ لَكِنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بَدَلَ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ وَهَمٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ خَلَفٌ وَأَبُو مَسْعُودٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ والْمِزِّيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو بِكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَحَدُ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِيهِ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبِي خَيْثَمَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ جَوَّاسٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ بَعْدَهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي كُرَيْبٍ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَهَمَ وَقَعَ فِيهِ مِمَّنْ دُونَ مُسْلِمٍ إِذْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَبَيَّنَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ مَعَ جَزْمِهِ فِي الْعِلَلِ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي تَتَبُّعِهِ أَوْهَامَ الشَّيْخَيْنِ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ هَذِه، وَأخرجه بن مَاجَهْ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَحَدِ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَنَّهُ وَقع فِي بعض النّسخ عَن بن مَاجَهِ اخْتِلَافٌ فَفِي بَعْضِهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي بَعْضِهَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَالصَّوَابُ عَنْ أبي سعيد لأن بن مَاجَهْ جَمَعَ فِي سِيَاقِهِ بَيْنَ جَرِيرٍ وَوَكِيعٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَجَرِيرٍ إِنَّهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكُلُّ مَنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَالْمُخَرِّجِينَ أَوْرَدَهُ عَنْهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ وَجَدْتُهُ فِي نُسْخَة قديمَة جدا من بن مَاجَهْ قُرِئَتْ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَهِيَ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ وَفِيهَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي مُعَاوِيَةِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا مُسْتَبْعَدٌ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَمَعَهُمَا وَلَوْ مَرَّةً فَلَمَّا كَانَ غَالِبُ مَا وُجِدَ عَنْهُ ذِكْرَ أَبِي سَعِيدٍ دُونَ ذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شُذُوذًاً، وَقَدْ سبق إِلَى ذَلِك على بن الْمَدِينِيِّ فَقَالَ فِي الْعِلَلِ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَرَوَاهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَالْأَعْمَشُ أَثْبَتُ فِي أَبِي صَالِحٍ مِنْ عَاصِمٍ فَعُرِفَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَدْ شَذَّ وَكَأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ شُهْرَةُ أَبِي صَالِحٍ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَسْبِقُ إِلَيْهِ الْوَهَمُ مِمَّنْ لَيْسَ بِحَافِظٍ وَأَمَّا الْحُفَّاظُ فَيُمَيِّزُونَ ذَلِكَ انْتَهَى. قلت: وقد أفرد ابن حجر لهذه المسألة جزءً مُستقلاً سماه "جزء في طرق حديث لا تسبوا أصحابي".

ص: 222

وابن الجعد في "مسنده"(1/ 120 رقم 738)، (1/ 356 رقم 2460)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الفضائل ب/ مَا ذُكِرَ فِي الْكَفِّ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (11/ 215 رقم 32944)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1/ 51 رقم 6)، وفي "مسنده"(17/ 137 رقم 11079)، وأبو علي بن شاذان في "الثامن من أجزائه"(1/ 103 رقم 102)، وابن ماجه في "سننه" ب/ فضائل الصحابة (1/ 111 رقم 161) علي الصواب كما بيناه قبل ذلك، وأبو داود في "سننه" ك/ السنة ب/ في النهي عن سبِّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (7/ 53 رقم 4658)، وحرب بن خلف الكرماني في "مسائله"(1897)، وابن أبي عاصم في "السنة" ب/ فِي ذِكْرِ الرَّافِضَةِ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ (2/ 478 رقم 991، 990)، وأبو يعلي في "مسنده"(2/ 411 رقم 1198)، وأبو جعفر البختري في "مجموع فيه مصنفاته"(1/ 112 رقم 7)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ب/ فضل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ (16/ 242 رقم 7255)، والآجري في "الشريعة" ب/ ذِكْرِ اللَّعْنَةِ عَلَى مَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5/ 2504، 2503 رقم 1997، 1996)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ لَعَنَ الصَّحَابَةَ أَوْ تَنَقَّصَهُمْ، أَوْ نَالَ مِنْهُمْ، وَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ (7/ 1320 رقم 2344، 2343، 2342)، وأبو علي بن شاذان في "الأول من أجزائه"(1/ 25 رقم 24)، وابن بشران في "أماليه"(1/ 285 رقم 1518)، وابن حزم في "المحلي بالآثار"(1/ 28)، والبيهقي في "المدخل"(1/ 112 رقم 45)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(1/ 8)، والخطيب في "الكفاية"(1/ 183)، وطِرَاد الزَّيْنَبي في "تسعة مجالس من أماليه"(47)، وفي "مجلس يوم الجمعة"(1/ 16 رقم 15)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي فَضِيلَةِ مَنْ لَقِيَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ (1/ 774 رقم 1239)، وفي "التفسير"(2/ 89)، وفي "شرح السنة" ك/ فضائل الصحابة ب/ فَضْلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (14/ 69 رقم 3859)، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" ك/ الفضائل ب/ فِي فَضْلِ عَمْرِو

ص: 223

بْنِ الْعَاصِ (1/ 322 رقم 169)، وابن عساكر في "تاريخه"(54/ 392)، وعبد الرزاق الكيلاني في "الأربعون الكيلانية"(1/ 8 رقم 1)، وابن الجوزي في "تلقيح فهوم أهل الأثر" ب/ ذكر أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فصل فِي فَضلهمْ (1/ 71)، والضياء المقدسي في "النهي عن سب الأصحاب" ب/ ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وما فِي مَعْنَاهُ (1/ 31 رقم 1)، والسبكي في "الفتاوي"(2/ 573)، وابن حجر في "الأمالي المطلقة"(1/ 50)، وأبو القاسم القزويني في "أخبار قزوين"(2/ 397).

وأما طريق سُفْيَان الثَّوْرِي: أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" ب/ فضَائِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه (1/ 356 رقم 535)، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 478 رقم 988).

وأما طريق أَبي بَكْرِ بْن عَيَّاش: أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب"(1/ 287 رقم 918)، وابن أبي زمنين في "أصول السنة" ب/ فِي مَحَبَّةِ أَصْحَابِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (188)، وابن حجر في "الأمالي المطلقة"(1/ 52).

وأما طريق إِسْرَائِيل بن يونس السبيعي: أخرجه تمام في "الفوائد"(1/ 366 رقم 932)، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم"(2/ 661)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الرابع عشر من الخلعيات"(38).

وأما طريق عبيد الله بن سعيد بن مُسْلِم: أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(2/ 122).

وأما طريق أَبي عَوَانَة: أخرجه ابن العشاري الحنبلي في "فضائل أبي بكر الصديق"(1/ 83 رقم 59)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(8/ 17).

وأما طريق الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَة: أخرجه ابن طهمان في "مشيخته"(1/ 191 رقم 145).

الوجه الثالث: الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(534)، عن الوضاح بن عبد الله اليشكري أَبي عَوَانَةَ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مَخْلَدُ بْنُ مَالِك بن شيبان القُرَشِيُّ، أَبُو مُحَمَّد الحَرَانِيُّ السَلَمْسِيْنيُّ.

(1)

روي عن: مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ الباهلي، وإسماعيل بْن عياش، وعيسى بْن يونس، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، وبقي بْن مخلد الأندلسي، وجعفر بن مُحَمَّد الفريابي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو زُرْعَة الرازي، وابن حجر: لا بأس بِهِ. وَقَال أَبُو حاتم: شيخ. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث".

(2)

(1)

السَلَمْسِيْنيُّ: بِفَتْح السِّين وَاللَّام وَسُكُون الْمِيم وَكسر السِّين الثَّانِيَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخرهَا نون هَذِه النِّسْبَة إِلَى سلمسين قَرْيَة بِالْقربِ من حران ينْسب إِلَيْهَا: أَبُو مُحَمَّد مخلد بن مَالك. يُنظر "اللباب" 2/ 128.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 349، "الثقات" لابن حبان 9/ 186، "تهذيب الكمال" 27/ 342، "التقريب" صـ 457.

ص: 224

1) مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بن عَبد اللَّه البَاهِلِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

2) خالد بْن يزيد بن أَبي يزيد بن سَمَّاك بن رستم، القُرَشِيُّ الأُمَوِي، أَبُو عَبْد الرَحِيْم الْحَرَّانِيُّ.

روي عن: زَيْد بن أَبي أنيسة، وجهم بْن الجارود، ومكحول الشامي، وآخرين.

روي عنه: ابن أخته مُحَمَّد بْن سلمة الحراني، وعيسى بْن يونس، ووكيع بْن الجراح، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو القاسم البغوي، وابن خلفون، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان فِي الثقات، وَقَال: حسن الحديث مستقيم. وقال أَحْمَد، وأَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ الجَزَرِيُّ: ثقة سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

4)

سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ الأَسَدِيُّ الكَاهِلِيُّ،

(2)

أبو مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ الأعْمَشُ.

روي عن: ذكوان أَبي صالح السمان، وسَعِيد بْن جبير، وزبيد اليامي، وآخرين.

روي عنه: زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابْن مَعِين، وأبو حاتم، والمنتجيلي، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وزاد العجلي، والنَّسَائي، والمنتجيلي: ثبت. وزاد أبو حاتم: يحتج بحديثه. وزاد الذهبي: حافظ جبل. وزاد ابن حجر: حافظ. وذكره ابن حبان في الثقات، والمشاهير. وقال أبو زرعة: إمام. وقال ابن عُيَيْنَة: سبق الأعمش أصحابه بأربع خصال: ومنها أنه كَانَ أحفظهم للحديث. وَقَال شعبة: ما شفاني أحدٌ فِي الحديث ما شفاني الأعمش، وكان إذا ذكر الأعمش قال: المصحف!. وَقَال الفلاس: كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه. وَقَال الموصلي: ليس فِي المحدثين أثبت من الأعمش. وَقَال العجلي: كَانَ محدث أهل الكوفة فِي زمانه، وكَانَ لا يلحن حرفاً. وقال أبو بَكْر بْن عياش: كنا نسمي الأعمش سيد المحدثين. روى له الجماعة.

- وقال ابن المديني: كان كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الضعفاء. وقال أحمد: منصور أَثْبَتُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَفِي حَدِيثِ الأَعْمَشِ اضْطِرَابٌ كثير.

- وصفه بالتدليس: وصفه بذلك ابن حبان، والنسائي، والدارقطني. وقال الذهبي: ما نقموا عليه إلا التدليس، وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف، ولا يدرى به، فمتى قال حدثنا فلا كلام، ومتى قال عن تطرق إلى احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وابن أبي وائل، وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. وذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب بالتدليس وهي: من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ماروي، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة. وحاصله أنه "ثقة ثبت يدلس لكن احتمل الأئمة تدليسه".

(3)

(1)

"الجرح والتعديل" 3/ 361، "الثقات" 8/ 222، "تهذيب الكمال" 8/ 217، "تهذيب التهذيب" 3/ 132، "التقريب" صـ 132.

(2)

الْكَاهِلِيُّ: بِفَتْح أَوله وَسُكُون الْألف وَكسر الْهَاء وَاللَّام هَذِه النِّسْبَة إِلَى كَاهِل بن أَسد بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر مِنْهُم: سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش. يُنظر "اللباب" 3/ 79.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 4/ 146، "الثقات" 4/ 302، 38، "المشاهير" صـ 1، "التهذيب" 12/ 76، "ميزان الاعتدال" 2/ 224، "المغني"1/ 445، "جامع التحصيل" 1/ 113، "المدلسين" للحلبي 1/ 31، "طبقات المدلسين" 1/ 33، "التقريب" صـ 195.

ص: 225

5) ذكوان أَبُو صالح السَّمَّان الزيات المَدَنِيُّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

6) أبو هريرة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد أحمد في فضائل الصحابة

".

1) مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّد بن سليمان الباغندي: قال الدارقطني: هو مُخلِّطٌ، مُدلِّسٌ، يَكتبُ الحديث عن بعضِ مَن حضَرَهُ مِن أصحابِه، ثم يُسقِطُ بينَه وبين شيخِه ثلاثةً، وهو كثيرُ الخطأ، وقال الخطيب: لم يثبت من أمر ابن الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح، وقال ابن حجر: مشهور بالتدليس مع الصدق والأمانة.

(1)

2) شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ الْأُبُلِّيُّ: قال ابن حجر صدوق يهم، وقال أبو حاتم: اضطر الناس إليه أخيراً.

(2)

3) الوضاح بن عبد الله اليشكري أَبُو عَوَانَةَ الواسطي: قال ابن حجر: ثقة ثبت.

(3)

4) سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ الأعْمَشُ: "ثقة ثبت احتمل الأئمة تدليسه" سبقت ترجمته في الوجه الأول.

5) ذكوان أَبُو صالح السمان الزيات المدني: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

6) أبو هريرة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: قال ابن حجر: "صحابي".

(4)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الْأَعْمَش، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عنه بهذا الوجه: زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة، وشَرِيك بن عبد الله النخعي.

الوجه الثاني: الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي.

ورواه عنه بهذا الوجه جماعة وهم: سُفْيَان الثَّوْرِي، وشُعْبَة بن الحجاج، ووَكِيعٌ بن الجراح، وإِسْرَائِيل بن يونس السبيعي، والوضاح بن عبد الله اليشكري أَبُو عَوَانَة، وأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بْن خَازِم الضَّرِير، وجَرِير بن عبد الحميد الضبي، وأَبي بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، والْحَسَن بْن عُمَارَة، وعبيد الله بن سعيد بن مُسْلِمٍ قائد الأَعْمَش.

الوجه الثالث: الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي.

ورواه عنه بهذا الوجه: الوضاح بن عبد الله اليشكري أَبُو عَوَانَةَ، ولم يخرجه إلا أحمد في "فضائل

(1)

يُنظر "سؤالات السلمي للدارقطني" 1/ 284، "تاريخ بغداد" 4/ 343، "لسان الميزان" 7/ 473.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 211.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 510.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 172.

ص: 226

الصحابة" وفي السند إلي الوضاح: محمد بن محمد الباغندي، قال فيه ابن حجر: مشهور بالتدليس مع الصدق والأمانة. وشَيْبَان بْن فَرُّوخَ الْأُبُلِّي: قال ابن حجر صدوق يهم.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه كثرة من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الأخرين.

2) رواية الأحفظ: فقد راوه عدد من الثقات الأثبات مثل: الثَّوْرِي، وشُعْبَةُ، ووَكِيعٌ، وغيرهم.

3) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما: كما سبق بيان ذلك في التخريج.

4) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال ابن أبي حاتم: والصحيحُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري.

(1)

- وقال الدارقطني: رَوَاهُ مُسَدَّدٌ، وَأَبُو كَامِلٍ، وَشَيْبَانُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ فَقَالُوا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ أَبِي سعيد. وَكَذَلِكَ قَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ: عَنِ ابْنِ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَقَالَ مُسَدَّدٌ: عَنِ الْخُرَيْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ، بِغَيْرِ شَكٍّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَرَوَاهُ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَالصَّحِيحُ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

(2)

- وقال الخليلي: فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: اخْتِلَافٌ قَدْ رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَكَذَلِكَ جَرِيرُ وَيُقَدَّمَانِ عَلَى شَرِيكٍ. وَالْحَدِيثُ حَدِيثُهُمَا وَالَّذِي رَوَاهُ عَنُ أَبِي هُرَيْرَةَ خَطَأٌ.

(3)

- وقال ابن حجر: رُوي عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وهو المحفوظ.

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ـــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فصحيح فقد أخرجه الشيخان في صحيحيهما.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا زَيْدٌ. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَأَصْحَابُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قلت: أما قوله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا زَيْدٌ.

فليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ براوية هذا الحديث عَنِ

(1)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 6/ 354.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 10/ 106.

(3)

يُنظر "الإرشاد" للخليلي 2/ 562.

(4)

يُنظر "إتحاف المهرة" لابن حجر 14/ 575.

ص: 227

الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. بل تابعه: شَرِيك بن عبد الله النخعي.

وأما قوله: وَرَوَاهُ شُعْبَة، وَأَصْحَابُ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. فكما قال رضي الله عنه.

‌سادساً: غريب الحديث:

قال القاسم بن سلام رحمه الله: قَوْله صلى الله عليه وسلم: مُد أحدهم وَلَا نصيفه: أي لَو أنْفق أحدكُم مَا فِي الأَرْض مَا بلغ مثل مُد يتَصَدَّق بِهِ أحدهم أَو يُنْفِقهُ وَلَا مثل نصفه، وَالْعرب تسمي النّصْف النصيف كَمَا قَالُوا فِي الْعشْر عشير، وَفِي الْخمس خَمِيس، وَفِي السُبُع سبيع، وَفِي الثّمن ثمين.

(1)

‌سابعاً: التعليق علي الحديث:

ينهي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن سب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وذلك لأن هؤلاء الصحابة هم الذين حملوا هَمَّ هذا الدين مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وجاهدوا وصبروا وأوذوا كثيراً من أصحاب الشرك وتحملوا ألواناً من الأذى والعذاب وأنفقوا في أوقات لو أنفق غيرهم من الذهب مثل أحد ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه من تمر وسبب تفضيل نفقتهم علي نفقة غيرهم أنَّ نفقتهم كانت في وقت الضرورة وضيق الحال، ولأن نفقتهم كانت في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده. وقد ذهب العلماء إلي أنَّ سب الصحابة حرام وكبيرة من الكبائر سواء من لابس الفتنة ومن لم يلابسها وذلك لأنهم مجتهدون ومتأولون في تلك الحروب. قال أبو زرعة رحمه الله: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم إنه زنديق، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة.

(2)

(1)

يُنظر "غريب الحديث" للقاسم بن سلام 2/ 164.

(2)

يُنظر "الضعفاء" لأبو زرعة 1/ 199.

ص: 228

[38/ 688]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ أَبُو أُمَيَّةَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عُثْمَانُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ عَنْ عُثْمَان بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِي. وعلي بن عبد الواحد الحنفي في "أسني المقاصد وأعذب الموارد"(صـ 13 رقم 23)، عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ بجزئه الأول،

كلاهما: عُثْمَان الطَّرَائِفِي، وعبد الله بن عبد العزيز، عن إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِر به.

- والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الوليمة ب/ النَّهْيُ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ (6/ 257 رقم 6708)، وفي "السنن الصغرى" ك/ الغسل والتيمم ب/ الرُّخْصَةِ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ (1/ 198 رقم 401)، والطبراني في "الأوسط"(2/ 194 رقم 1694)، (8/ 141 رقم 8214)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين"(3/ 183 رقم 440)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الأدب (4/ 320 رقم 7779)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْمَطَاعِمِ والْمشاربِ وَمَا يَجِبُ التَّوَرُّعُ عَنْهُ مِنْهَا (1/ 12 رقم 5596)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(1/ 51)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1/ 76 رقم 27)، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير" ب/ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْحَمَّامِ (1/ 525 رقم 335)، عَنْ عطاء بن أبي رباح.

- وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(3/ 343 رقم 1807)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 312)، وابن المنذر في "الأوسط" ك/ الاغتسال من الجنابة ب/ ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ (2/ 119 رقم 648)، عَنْ حَمَّاد بْن شُعَيْب.

- والدارمي في "سننه" ك/ الأشربة ب/ النَّهْيِ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ (2/ 1329 رقم 2137)، وابن بشران في "أماليه الجزء الأول"(1/ 96 رقم 189)، وأبو طاهر السِّلَفي في "السادس من المشيخة البغدادية"(1/ 57)، عَنْ الْحَسَن بْن أَبِي جَعْفَر.

- وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ الزَّجْرِ عَنْ دُخُولِ الْمَاءِ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ لِلْغُسْلِ (1/ 124 رقم 249)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 220 رقم 391)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الطهارة (1/ 267 رقم 581)، عَنْ زهير بن معاوية.

- والبزار في "مسنده" كما في كشف الأستار للهيثمي ب/ فِي الْحَمَّامِ (1/ 162 رقم 320) عَنْ عَمْرُو بْن قَيْسٍ الْمُلائِي.

ص: 229

- وأحمد في "مسنده"(23/ 19 رقم 14651)، عَنْ ابن لهيعة.

- والطبراني في "الأوسط"(3/ 69 رقم 2510)، عَنْ عَبَّاد بْن كَثِيرٍ الْمَكِّي.

- وأبو نصر اليونارتي في "حديثه"(1/ 5 رقم 4)، عَنْ بَحْر السَّقَّاء.

- كلهم عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِر بنحوه بعضهم بتمامه، وبعضهم ببعض أجزائه.

- والترمذي في "سننه" ك/ الأدب ب/ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الحَمَّامِ (5/ 113 رقم 2801)، وأبو يعلي في "مسنده"(3/ 435 رقم 1925)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 154)، والطبراني في "الأوسط"(1/ 168 رقم 588)، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْم، عَنْ طَاوُوس، عَنْ جَابِر به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ بْن بُزَيْن الجَزَرِيُ، أَبُو أُمَيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، ابْن بنت عَتَّاب بْن بَشِيْر.

روي عن: عُثْمَان بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وجده عتاب بْن بشير، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، والنَّسَائي، وبقي بْن مخلد الأندلسي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال النَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُسْلِم الحَرَّانِيُّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الطَّرَائِفِيُّ.

(2)

روي عن: إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ، ومالك بْن أنس، وجَعْفَر بْن برقان، وغيرهم.

روي عنه: عَمْرُو بْن هِشَامٍ أَبُو أُمَيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، وعلي بْن ميمون الرَّقِّيّ، وقتيبة بْن سَعِيد، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن معِين، وابن شاهين وإِسْحَاق الكوسج: ثقة. وزاد ابن شاهين: إلا أنه يروي عن الأقوياء والضعاف. وقال الذهبي: وُثق. وذكره ابن خلفون في الثقات.

- وقال أَبُو حَاتِم، وابن عدي، وابن أبي عاصم النبيل، وابن حجر،: صدوق. وزاد ابن حجر: أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضُعِف بسبب ذلك حتي نسبه ابن نمير إلي الكذب. وأنكر أَبُو حَاتِم عَلَى الْبُخَارِي إدخاله فِي الضعفاء، فقال: يحول من الضُّعَفَاء للْبُخَارِي.

- وَقَالَ الذهبي، وأَبُو عَرُوْبَةَ، وابن عدي مرة: لَا بَأْسَ بِهِ، وزاد أبُو عَرُوْبَةَ: يُحَدِّثُ عَنْ قَوْمٍ مَجْهُوْلِيْنَ بِالمَنَاكِيْرِ، وزاد ابن عدي: مَا يقع فِي حَدِيثه من الإنكار فإنما يقع من جهة من يَرْوِي عَنْهُ.

- وَقَال أَبُو أَحْمَد الحاكم: يَرْوِي عَنْ قوم ضعاف، حَدِيثه لَيْسَ بالقائم، وسُئل أحمد عنه فقال: لا أخبره،

(1)

يُنظر "التاريخ الكبير" 6/ 238، "الثقات" 8/ 488، "تهذيب الكمال" 22/ 278، "الكاشف" 2/ 90، "التقريب" صـ 364.

(2)

الطَّرَائِفِيُّ: بِفَتْح الطَّاء وَالرَّاء وَكسر الْيَاء الْمُثَنَّاة من تحتهَا وَفِي آخرهَا فَاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيع الطرائف وشرائها وَهِي الْأَشْيَاء الْحَسَنَة المتخذة من الْخشب وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة جمَاعَة. وَأما أَبُو عبد الرَّحْمَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الْحَرَّانِي الْقرشِي الْمَعْرُوف بالطرايفي فَإِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ يتبع طرائف الحَدِيث ويرويها عَن قوم ضِعَاف. يُنظر "اللباب" 2/ 278.

ص: 230

- وقال ابن الجوزي: متروك. وقال ابن حبان: يروي عن أقوام ضعاف أشياء يدلسها عن الثقات حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضعها، فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به. وقال الساجي: عنده مناكير. وذكره العقيلي، وأبو العرب في جملة الضعفاء.

- وقال ابن نمير: كذاب. ورد الذهبي علي هذا فقال: لم يرو ابن حبان في ترجمته شيئاً، ولو كان عنده له شيء موضوع لأسرع بإحضاره، وما علمت أن أحداً قال فيه: إنه يدلس عن الهلكى، إنما قالوا: يأتي عنهم بمناكير، والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة تام الورع، وكذا أسرف فيه ابن نمير، فقال: كذاب.

- وذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة من المدلسين وهي: من ضعف بأمر آخر سوى التدليس فحديثهم مردود ولو صرحوا بالسماع. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث".

(1)

4) إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ بْن شعبة الخُرَاسَانِيُّ، أبو سَعِيد الهَرَوِيُّ.

(2)

روي عن: أَبي الزُّبَيْرِ مُحَمَّد بْن مسلم المكي، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وغيرهم.

روي عنه: عُثْمَان بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن المبارك، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أَحْمَد، وأبو حاتم، وأبو داود، وابْن راهويه، وابن شاهين، وعثمان بْن سَعِيد الدارمي، والدارقطني، والذهبي، وصَالِحُ جَزَرَة، وابن حجر: ثقة، وَزاد أبو حاتم: صدوق حسن الحديث، وزاد صَالِحُ جَزَرَةُ: حسن الحديث جيد الرواية، وَزاد ابْن راهويه: كان صحيح الحديث، حسن الرواية، وزاد عثمان بْن سَعِيد: لم يزل الأئمة يشتهون حديثه، ويرغبون فيه ويوثقونه. وزاد ابن حجر: يُغْرب. وقال الذهبي مرة: حجة، ولا عبرة بقول مضعفه. وقال ابن المبارك: من الحفاظ، ومرة: ثبت، ومرة: صحيح الحديث. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: أمره مشتبه لَهُ مدْخل فِي الثِّقَات ومدخل فِي الضُّعَفَاء وَقد روى أَحَادِيث مُسْتَقِيمَة تشبه أَحَادِيث الْأَثْبَات وَقد تفرد عَن الثِّقَات بأَشْيَاء معضلات. روى له الجماعة.

- وقال ابن خراش: صدوق. وقال العجلي، وابن معين، والبزار: لا بأس به، وقال ابن شاهين: صالح.

- وقال ابن عمار الموصلي: ضعيف مضطرب في الحديث. قال الذهبي: ضعفه الموصلي وحده. ورد صالح جزرة علي تضعيف الموصلي له فقال: ابن عمار من أين يعرف حديث إبراهيم إنما وقع إليه حديث إبراهيم في الجمعة والغلط فيه من غير إبراهيم لا من إبراهيم. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 157، "المجروحين" لابن حبان 2/ 96، "تهذيب الكمال" 19/ 428، "الكاشف" 2/ 10، "ميزان الاعتدال" 3/ 45، "الإكمال" 9/ 165، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 56، "التقريب" صـ 325.

(2)

الْهَرَوِيُّ: بِفَتْح الْهَاء وَالرَّاء وَبعدهَا وَاو هَذِه النِّسْبَة إِلَى هراة وَهِي إِحْدَى مدن خُرَاسَان الْمَشْهُورَة ينْسب إِلَيْهَا خلق كثير من الْعلمَاء. يُنظر "اللباب" 3/ 386.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 107، "الثقات" لابن حبان 6/ 27، "الثقات" لابن شاهين 1/ 32، "تهذيب الكمال" 2/ 108، "تاريخ الإسلام" 4/ 300، "السير" 7/ 378، "القريب" صـ 30.

ص: 231

5) أَبُو الزُّبَيْرِ المكي: "ثقة يدلس فحديثه مردود إلا إذا صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه" سبقت ترجمته في حديث رقم (29).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "ضعيف" فيه: أَبُو الزُّبَيْرِ" ثقة يدلس، وقد روي بالعنعنة ولم يُصرح بالسماع.

قلت: وقد تابعه طَاوُوسٍ بن كيسان عَنْ جَابِرٍ كما سبق بيان ذلك في التخريج، وطَاوُوسٍ ثقة إلا أن الراوي عنه: لَيْث بْن أَبِي سُلَيْمٍ، وليثٌ هذا قال فيه ابن حجر: صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك.

(1)

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها حديث ابن عباس، وأَبي سَعِيدٍ الخدري:

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَشْرَبِ الْخَمْرَ، مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ، مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ.

(2)

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ، ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

(3)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَسْعَ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِلَهْوٍ وتِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ، وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَميدٌ.

(4)

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْأَلْهَانِيُّ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ. وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ.

(5)

وعلي هذا فالحديث في أقل أحواله يرتقي بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عُثْمَانُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فقد تفرد عُثْمَان الطَّرَائِفِيُّ براوية هذا الحديث بتمامه عن إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان ـــــ وذلك في حد بحثي ــــــ. ورواه عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن إِبْرَاهِيم بْنُ طَهْمَانَ به لكن بجزئه الأول فقط كما سبق بيان ذلك في التخريج، والله أعلم.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 400.

(2)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(11/ 191 رقم 11462).

(3)

يُنظر "المجمع" للهيثمي 1/ 389.

(4)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(7/ 218 رقم 7320)، والبزار كما في كشف الأستار للهيثمي (1/ 161 رقم 318).

(5)

يُنظر "المجمع" للهيثمي 1/ 388.

ص: 232

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث الشريف بعض المنهيات التي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَر ومقصوده صلى الله عليه وسلم من قوله الحمَّام أي الحمامات العامة التي يدخلها الناس وقد تظهر فيها عورات الناس ولا يبالون بذلك فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلي هذه الحمامات إلا بإزار وهو الثوبٌ الذي يُحيط بالنصف الأسفل من البدن. ونهي النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً الزوج عن أن يأذن لزوجته في دخول هذه الحمامات فقال صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ. وحليلته يعني زوجته قال العلماء وفي معناها كريمته من أمه وبنته وأخته وغيرهم ممن يكن تحت حكمه. حتي قال بعض العلماء: يكره للرجل أن يعطيها أجرة دخول الحمام حتي لا يكون مُعِيناً لها علي المكروه. ونهي النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً الإنسان المسلم الذي يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجلس علي مائدة يدار عليها الخمر أي يُشرب عليها الخمر حتي وإن لم يشربها هو لكنه لا يجلس في أماكن المعصية فإن جلس وجب عليه نهيهم عن ذلك، فإن لم ينهاهم ولم ينكر عليهم فلا يكون مؤمناً كامل الإيمان.

ص: 233

[39/ 689]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ، ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ بِهِ، كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنِزُ الْكَنْزَ، فَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ» .

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله ب/ جَامِعٌ لِنَشْرِ الْعِلْمِ (1/ 489 رقم 774)، عن عَبْد اللَّهِ بْن وَهْب، عَنْ ابْن لَهِيعَة به.

- وأبو خيثمة زهير بن حرب في "العلم (صـ 63 رقم 162)، وابن عدي في "الكامل" (4/ 15)، والقاضي المارِسْتان في "المشيخة الكبرى" (2/ 461 رقم 44)، وأبو الحسن بن المهتدي بالله في "الأول من مشيخته" (46)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله ب/ جَامِعٌ لِنَشْرِ الْعِلْمِ (1/ 491 رقم 777)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"(1/ 324 رقم 719)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الثامن عشر من الخلعيات"(24)، وفي "الفوائد المنتقاة" للخِلَعي (2/ 200 رقم 860).

- كلهم من طُرقٍ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عن دَرَّاج بْنِ سَمْعَان، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة. بعضهم بلفظ كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنِزُ الْكَنْزَ، وبعضهم بلفظ كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنِزُ الذَّهَبَ، وبعضهم بلفظ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا.

- وأحمد في "مسنده"(16/ 288 رقم 10476)، والدارمي في "سننه" المقدمة ب/ الْبَلَاغِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 461 رقم 575)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 228)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(1/ 629 رقم 1082)، ومسدد بن مسرهد كما في "المطالب العالية" لابن حجر ك/ العلم ب/ الزَّجْرِ عَنْ كِتْمَانِ الْعِلْمِ (12/ 638 رقم 3047)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي شيوخه"(1/ 360)، وأبو القاسم الجرجاني في "تاريخ جرجان"(1/ 39)، كلهم من طُرقٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَثَلُ عِلْمٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، كَمَثَلِ كَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

- وابن خير الإشبيلي في "فهرسته"(1/ 9)، والسِّلفي كما في "ميزان الاعتدال" للذهبي (2/ 53)، كلاهما عَنْ أَبي عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد النَّبِيل، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، وفي سنده زيد بن عبد الله بن مسعود الأديب. قال الذهبي: كذاب أشر.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

ص: 234

2) يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَفْصِ بنِ حَيَّانَ الصَّدَفِيُّ،

(1)

أَبُو مُوْسَى المِصْرِيُّ.

روي عن: عَبْد اللَّهِ بْن وَهْب، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وأبي حاتم الرازي، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، ومسلم، والنَّسَائي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أبو حاتم، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال مسلمة بن قاسم: كان حافظاً. وقال الذهبي: أحد الائمة. وقال أَبُو حاتم: سمعت أَبَا الطاهر بْن السرح يحث عَلَيْهِ ويعظم شأنه. وَقَال علي بْن الحسن بْن قديد: كَانَ يحفظ الحديث. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبِ بنِ مُسْلِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي الفِهْرِيُّ

(3)

المِصْرِيُّ.

روي عن: عَبْد اللَّهِ بْن لَهِيعَة، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرين.

روي عنه: يُوْنُس بن عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِي، وعلي بْن المديني، والليث بْن سعد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو زرعة، والنسائي، وابن عدي، والذهبي، والساجي، والخليلي، وابن حجر: ثقة. وزاد أبو زرعة: لا أعلم أني رأيت لَهُ حديثاً لا أصل لَهُ، وزاد النسائي: مَا أَعْلَمُهُ رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ حَدِيْثاً مُنْكَراً، وزاد الذهبي: حافظ ثبت حُجّة باتفاق، وزاد الخليلي: متفق عليه، وزاد ابن حجر: حافظ عابد. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. روى له الجماعة.

وقال أبو حاتم، والساجي مرة: صدوق، وزاد أبو حاتم صالح الْحَدِيث.

وقد أخذ عليه العلماء كالنسائي، وابن خراش أنه كان يتساهل في السماع، والأخذ؛ لأن مذهب أهل بلده أن الإجازة عندهم جائزة ويقول فيها حدثني فلان، لكن رد علي ذلك أحمد فقال: عَبد اللَّهِ بْن وهب صحيح الحديث، يفصل السماع من العرض، والحديث من الْحَدِيث، ما أصح حديثه وأثبته. قيل له: أليس كان يسئ الأخذ؟ قال: قد يسئ الأخذ، ولكن إِذَا نظرت فِي حديثه، وما روى عن مشايخه، وجدته صحيحاً.

وصفه بالتدليس: وصفه بذلك ابن سعد. وذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من المدلسين وهي: من لم يُوصف بذلك إلا نادراً. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(4)

4) عَبدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ: "ضعيف يعتبر به إلا إذا كان الراوي عنه ابن المبارك، أو ابن وهب فحديثه

(1)

الصَّدَفِيُّ: بِفَتْح الصَّاد وَالدَّال وَفِي آخِره فَاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى الصدف بِكَسْر الدَّال وَهِي قَبيلَة من حمير نزلت مصر وَهُوَ الصدف بن سهل بن عَمْرو بن قيس بن مُعَاوِيَة بن جشم بن عبد شمس بن وَائِل بن الْغَوْث بن حيدان، وينسب إِلَيْهِ جمَاعَة كَثِيرَة من الْعلمَاء مِنْهُم: أَبُو مُوسَى يُونُس بن عبد الْأَعْلَى بن مُوسَى بن ميسرَة بن حَفْص الصَّدَفِي. يُنظر "اللباب" 2/ 236.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 243، "الثقات" لابن حبان 9/ 290، "تهذيب الكمال" 32/ 513، "الكاشف" 2/ 403، "السير" 12/ 348، "التهذيب" 11/ 440، "التقريب" صـ 542.

(3)

الفِهْرِيُّ: بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الْهَاء وَفِي آخرهَا رَاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة مِنْهُم: أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن وهب بن مُسلم الْقرشِي الفِهري روى عَن مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث. وَهُوَ إِمَام مَشْهُور. يُنظر "اللباب" 2/ 448.

(4)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 65، "الجرح والتعديل" 5/ 189، "الثقات" لابن حبان 8/ 346، "الثقات" لابن شاهين 1/ 127، "تهذيب الكمال" 16/ 277، "تاريخ الإسلام" 4/ 1143، "التهذيب" 6/ 71، "التقريب" صـ 271.

ص: 235

صحيح فإنهما ينتقيان من أصوله كما قال أبو زرعة، وابن مهدي، وابن حجر. تقدم حديث رقم (26).

5) دَرَّاجُ بْنُ سَمْعَانَ أَبُو السَّمْحِ ـــ قيل اسمه: عَبْدُ الرَّحْمَنِ ودراج لقب ــــ بْنِ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ

(1)

الْمِصْرِيُّ.

روي عن: أَبِي الْهَيْثَم سُلَيْمان بْن عَمْرو، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَة، وعيسى بْن هلال الصدفي، وآخرين.

روي عنه: عَبد اللَّه بْن لَهِيعَة، والليث بْن سعد، وعَمْرو بن الحارث، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين: ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وذكره ابن حبان في المشاهير وقال: ربما وهم. وقال عُثْمَان بْن سَعِيد الدارمي، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: في حديثه عن أبي الهيثم ضعف.

- وَقَال أحمد، وأبو دَاوُد: أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عَن أبي الهيثم، عَن أبي سَعِيد. وقال الذهبي: وثقه ابن معين بَسْ، وذُكر لفضلك الرازي قول ابْن مَعِين فِي دراج أَنَّهُ ثقة، فقَالَ فضلك: ما هو بثقة، ولا كرامة لَهُ. وَقَال أَبُو حاتم: فِي حديثه ضعف، وَقَال الدَّارَقُطنِيّ: ضعيف، وَمرة: متروك. وقال أَحْمَد، والنَّسَائي: حديثه منكر. وَقَال النَّسَائي مرة: ليس بالقوي. وذكره الساجي، والعقيلي، وأبو العرب في الضعفاء. وحاصله أنه "صدوق وفي حديثه عن أبي الهيثم ضعف" كما قال ابن حجر، والله أعلم.

(2)

6) سُلَيْمانُ بْنُ عَمْرو بن عَبْد، ويُقال: ابن عُبَيد، العُتْوَاريُّ،

(3)

أَبُو الهيثم المِصْرِيُّ.

روي عن: أَبِي هُرَيْرَة، وأبي سَعِيد الخُدْرِي، وَأَبي بَصْرَة الْغِفَارِي.

روي عنه: دَرَّاج أَبُو السَّمْح، وكعب بْن علقمة، وموسى بْن وردان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابْن مَعِين، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين، وابن خلفون، والفسوي في الثقات. وقال ابنُ حِبَّان في المشاهير: من الأثبات في الروايات. وحاصله أنه "ثقة".

(4)

7) عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ حُجَيْرَة الخولاني الأكبر، أَبُو عَبْد اللَّه المِصْرِيُّ الْقَاضِيُّ.

روي عن: أَبِي هُرَيْرَة، وعَبد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن العاص، وعبد اللَّه بْن مسعود، وآخرين.

(1)

التُّجِيْبِيُّ: بضم التاء المعجمة بنقطتين من فوق وكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحت في آخرها باء منقوطة بواحدة، هذه النسبة الى تجيب وهي قبيلة وهو اسم امرأة وهي أم عدي، وهذه القبيلة نزلت مصر وبالفسطاط محلة تنسب اليهم، يقال لها: تجيب، منها: أبو السمح دراج بن سمعان بن أسامة التُّجِيْبِيُّ من أهل مصر، ودراج لقب واسمه عبد الله وقيل اسمه عبد الرحمن. قاله السمعاني في "الأنساب" 3/ 24.

(2)

"الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 102، "الجرح والتعديل" 3/ 441، "الثقات" 5/ 114، "المشاهير" 1/ 222، "الكامل" 4/ 10، "الثقات" لابن شاهين" 1/ 83، "تهذيب الكمال" 8/ 477، "الكاشف" 1/ 383، "الإكمال" 4/ 275، "التقريب" صـ 141.

(3)

العُتْوَاريُّ: بِضَم الْعين وَسُكُون التَّاء وَفتح الْوَاو وَبعد الْألف رَاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى عتوارة قَالَ وظني أَنه بطن من الأزد وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة: أَبُو الْهَيْثَم سُلَيْمَان بن عَمْرو بن عبد العتواري من أهل مصر كَانَ مُقيما فِي حجر أبي سعيد الْخُدْرِيّ. قلت ـــــ ابن الأثير ـــــــ هَكَذَا قَالَ السَّمْعَانِيّ وَظن أَنه بطن من الأزد وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ بطن من كنَانَة وَهُوَ عتوارة بن عَامر بن لَيْث بن بكر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة بن خُزَيْمَة. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 2/ 322.

(4)

يُنظر "الثقات" 4/ 316، "المشاهير" 1/ 148، "تهذيب الكمال" 12/ 50، "الإكمال" 6/ 80، "التقريب" صـ 193.

ص: 236

روي عنه: دَرَّاج أَبُو السَّمْح، وعِمْران بْن شبيب، وابنه عَبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حجيرة الأصغر.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابنُ حِبَّان، والنَّسَائي، والذهبي، والدارقطني، وابن حجر: ثقة. وزاد ابنُ حِبَّان: مُتقن. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون في الثقات. روى له الجماعة سوى البخاري. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

8) أبو هريرة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

قلت: ومن لطائف هذا الإسناد: أن رواته كلهم مصريون غير أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار شيخ الطبراني.

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني إسناده "ضعيف" فيه: دَرَّاجُ بْنُ سَمْعَانَ أَبُو السَّمْحِ: صدوق إلا أن في حديثه عَنْ أبي الهيثم ضعف. وهو يروي هذا الحديث عَنْ أبي الهيثم.

وأما عَبد اللَّهِ بْن لَهِيعَةَ: فضعيف يُعتبر به إلا إذا كان الراوي عنه ابن المبارك، وابن وهب فحديثه صحيح فإنهما ينتقيان من أصوله، كما هو الحال في هذا الحديث، فالراوي عنه ابن وهب.

قلت: وللحديث متابعات: من طريق إِبْرَاهِيم الْهَجَرِي، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، كما سبق بيان ذلك في التخريج. وإِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ هذا قال فيه ابن حجر: لَيِّنُ الحديث رَفَعَ مَوْقُوفَات.

(2)

قلت: وللحديث شواهد أيضاً: فعن عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عِلْمٌ لَا يُقَالُ بِهِ كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ.

(3)

قلت: فيه مجهولان.

وعن عبد الله بن مسعود، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ» .

(4)

قلت: إسناده ضعيف فيه: إبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ هذا قال فيه ابن حجر: لَيِّنُ الحديث رَفَعَ مَوْقُوفَات.

وللحديث أيضاً شاهد موقوف من طريق سُفْيَان الثوري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَلْمَان الفارسي رضي الله عنه، قَالَ: عِلْمٌ لَا يُقَالُ بِهِ، كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ.

(5)

قلت: موقوف إسناده حسن. فيه: حُصَيْنِ بْنِ عُقْبَة الفزاري قال ابن حجر: صدوق.

(6)

وعلي هذا فالحديث في أقل احواله يرتقي بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 291، "الثقات" 5/ 96، "المشاهير" 1/ 147، "تهذيب الكمال" 14/ 54، "الكاشف" 1/ 625، "التهذيب" 6/ 160، "التقريب" صـ 280.

(2)

يُنظر "التقريب" لابن حجر صـ 34.

(3)

أخرجه ابن جُمَيْع الصيداوي في "معجم الشيوخ"(1/ 341)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(778)، والخلعي في "الثامن عشر من الخلعيات"(23)، وأبو القاسم الرافعي في "التدوين في أخبار قزوين"(3/ 6)، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

(4)

أخرجه القضاعى في "مسند الشهاب"(263) عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود.

(5)

أخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في العلم (12)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(34665، 34666)، والدارمي في "سننه"(574، 576)، والبيهقي في "المدخل"(576)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(779).

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 110.

ص: 237

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.

قلت: بل رواه إبْرَاهِيم الْهَجَرِي، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَثَلُ عِلْمٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، كَمَثَلِ كَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ولعل كلام الطبراني رحمه الله محمول علي أنَّ هذا الحديث لا يروي بهذا اللفظ - أي براوية الباب - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف أنه ينبغي علي كل من تعلم العلم فعليه أن يُعَلِم هذا العلم الذي تعلمه ولا يكتمه بل ينشره ويفيض به علي الناس حتي لا يكون هذا العلم الذي تعلمه ولم يُعلمه للناس وبالاً عليه يعذب عليه يوم القيامة، وكما قيل أنَّ زكاة المال إنفاق جزء منه، فكذلك زكاة العلم تعليمه للناس. وضرب النبي صلى الله عليه وسلم لنا مثلاً في ذلك فقال: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه. أي كمثل الإنسان الذي يجمع الأموال الكثيرة ولم يخرج زكاة هذا المال أو يتصدق بجزء منه علي الفقراء والمساكين ويُطَهِر ماله ويزكيه وينميه. وأيضاً فإن العلم يزيد بالإنفاق والكنز ينقص، والعلم باق والكنز فان، فإن المال يفنى عن قريب

وإن العلم باق لا يزال.

ص: 238

[40/ 690]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ: نا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَأْكُلُ عَلَى تُرْسٍ

(1)

، «فَجَلَسَ فَأَكَلَ مَعَنَا، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو إِلَّا مُوسَى.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ: ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ أَكْلِ الْفَوَاكِهِ (3/ 435 رقم 1160)، والطبراني في "الأوسط"(2/ 174 رقم 1624)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ النكاح ب/ طَعَامِ الْفَجْأَةِ (7/ 109 رقم 13414)، عَنْ سَعِيد بْن حَفْصٍ، عَنْ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ به. وفيه أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ تَمْراً.

- وأحمد في "مسنده"(23/ 415 رقم 15272) عن ابْنُ لَهِيعَةَ. وأبو داود في "سننه" ك/ الأطعمة ب/ طعام الفُجاءة (5/ 587 رقم 3762)، والطبراني في "الأوسط"(8/ 293 رقم 8674)، (9/ 36 رقم 9067)، والبيهقي في "الآداب" ب/ فِي طَعَامِ الْفَجْأَةِ (1/ 190 رقم 567)، وفي "السنن الكبرى"(13413)، عن اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عن خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ. وفي "الشعب"ب/ فِي الْمَطَاعِمِ والْمشاربِ وَمَا يَجِبُ التَّوَرُّعُ عَنْهُ مِنْهَا. فَصْلٌ فِي أَكْلِ التَّمْرِ (5/ 88 رقم 5888) عن زُهَيْر بن معاوية. كلهم عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وزاد بعضهم: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجَبَلِ وَقَدْ قَضَى حَاجَتَهُ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ تَمْرٌ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ بْن عُمَر، ويُقال: عَمْرو بْن نفيل الهذلي النُّفَيْلِيُّ،

(2)

أَبُو عَمْرو الْحَرَّانِيُّ.

روي عن: مُوسَى بْن أَعْيَنَ، وزهير بْن معاوية، وشَرِيك بْن عَبد اللَّهِ النخعي، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، وبقي بْن مخلد الأندلسي، والحسن بْن سُفْيَان الشيباني، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي، ومسلمة بن قاسم: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وقال بقي بن مخلد: لم أرو إلا عن ثقة. قلت: وقد روي عنه بقي بن مخلد. وقال ابن حجر: صدوق تغير في آخر عمره. وقال أبو عروبة الحراني: كان قد كبر ولزم البيت، وتغير في آخر عمره. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

(4)

(1)

قَالَ ابنُ عَبَّاد: التُّرْسُ، بالضَّمِّ، من جَلَدِ الأَرضِ: الغليظُ مِنْهَا، كَأَنَّهُ على التَّشبيه، وَيُقَال: هُوَ القاعُ المَستديرُ الأَملَسُ، كَمَا قَالَه الزّمخشريُّ، وَمِنْه قولُهم: واجَهْتُ تُرْساً من الأَرضِ. يُنظر "تاج العروس" 15/ 478.

(2)

النُّفَيْلِيُّ: بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء تحتهَا نقطتان وَبعدهَا لَام هَذِه النِّسْبَة إِلَى الْجد واشتهر بهَا: أَبُو عَمْرو سعيد بن حَفْص بن عَمْرو بن نفَيْل الْحَرَّانِي النُّفَيْلِي. يُنظر "اللباب" 3/ 320.

(3)

"الثقات" 8/ 269، "تهذيب الكمال" 10/ 390، "الكاشف" 1/ 433، "الإكمال" 5/ 276، "التهذيب" 4/ 17، "التقريب" صـ 174.

(4)

قال مصنفو "تحرير التقريب"(2/ 24) قول ابن حجر: تغير في آخر عمره لم يقله غير أبي عروبة، وقول أبو عروبة لا يدل علي أنه حدث في حال تغيره بل ربما دل علي أنه لزم بيته.

ص: 239

3) مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الجزري: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (664).

4) عَمْرو بْنُ الْحَارِث بْن يعقوب بن عَبد اللَّه الأَنْصارِيّ، أَبُو أمية المِصْرِي، مدني الأصل.

روي عن: أَبي الزبير المكي، وابْن شهاب الزُّهْرِي، ويحيى بْن سَعِيد الأَنْصارِي، وآخرين.

روي عنه: مُوسَى بْنُ أَعْيَن، والليث بن سعد، ومالك ابن أنس، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعِجْلِي، وابْن مَعِين، وَأَبُو زُرْعَة، وَالنَّسَائِي، والخطيب، وابن عبد البر، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: حافظ. وقال الذهبي: حَافِظ ثَّبْتُ حجة له غرائب. وقال ابن حبان: كان من الحفاظ المتقنين. وَقَال أَبُو حاتم: كَانَ أحفظ أهل زمانه ولم يكن لَهُ نظير فِي الحفظ فِي زمانه. وَقَال عبد الله بْن وهب: ما رأيت أحداً أحفظ من عَمْرو بْن الحارث. وقَال ابن الأخرم: عَمْرو بن الحارث عزيز الحديث جداً مَعَ علمه وثبته. وَقَال النَّسَائي: الَّذِي يقول مالك فِي كتابه الثقة عن بكير يشبه أن يكون عَمْرو بْن الحارث. وَقَال أحمد: ليس في أهل مصر أصح حديثاً من الليث، وعَمْرو بْن الحارث يقاربه. روى لَهُ الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

5) أَبُو الزُّبَيْرُ المكي: "ثقة يُدلس فلا يقبل ما رواه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه" سبقت ترجمته في حديث رقم (29).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَبو الزُّبَيْرِ المكي: ثقة يُدلس وقد عنعن ولم يُصرح بالسماع.

قلت: وللحديث شاهد في صحيح مُسلم من حديث عبدالله بن عباس. قال أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الْخَلَاءِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَأَكَلَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً، وفي رواية أخرى: قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ لَمْ تَوَضَّأْ؟ قَالَ: مَا أَرَدْتُ صَلَاةً فَأَتَوَضَّأَ.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشاهده من الضعيف إلي الحسن لغيره والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لم يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرٍو إِلَّا مُوسَى.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 225، "الثقات" 7/ 228، "تهذيب الكمال" 21/ 570، "الكاشف" 2/ 74، "الإكمال" 10/ 144، "التهذيب" 8/ 14، "التقريب" صـ 357.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ بَابُ جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْدِثِ الطَّعَامَ، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ (1/ 383 رقم 374).

ص: 240

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

لقد وردت رواية أخري في صحيح مسلم من حديث ابن عباس توضح رواية الباب وهي أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الْخَلَاءِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَأَكَلَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً، وفي رواية أخرى: قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ لَمْ تَوَضَّأْ؟ قَالَ: مَا أَرَدْتُ صَلَاةً فَأَتَوَضَّأَ. ويفهم من هذا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء ثم خرج وبهذا يكون النبي صلى الله عليه وسلم علي غير وضوء ثم قُرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعام فأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يتوضأ فقالوا له يا رسول الله إنك لم تتوضأ فقال ما أردت صلاة حتي أتوضأ. فاستدل العلماء بهذا الحديث علي أنه يجوز للمُحْدِث أن يأكل ويشرب دون أن يتوضأ ولا شئ في ذلك. قال النووي رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ لِلْمُحْدِثِ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَذْكُرَ اللَّهَ سبحانه وتعالى وَيَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيُجَامِعَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ عَلَى هَذَا كُلِّهِ دَلَائِلُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ مَعَ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ .... ثم قال: وَالْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ الوضوء الشَّرْعِيُّ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ وَجَعَلَ الْمُرَادَ غَسْلَ الْكَفَّيْنِ ..... وَالظَّاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوُضُوءُ الشرعي والله أعلم. انتهي بتصريف

(1)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 4/ 69.

ص: 241

[41/ 691]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ قَالَ: نا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَضْحَكُونَ، فَقَالَ:«أَكْثِرُوا ذِكْرَ هادمِ اللَّذَّاتِ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا حَمَّادٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُؤَمَّلٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة (5/ 77 رقم 1702)، من طريق الطبراني به.

- وأبو عروبة الحرَّاني في "جزئه رواية الأنطاكي"(1/ 51 رقم 51)، ومن طريقه ــــــ ابن عساكر في "تعزية المسلم عن أخيه"(1/ 46 رقم 55) ـــــــ. وأبو طاهر المخَلِّص في "المخلصيات"(2/ 261 رقم 1504)، ومن طريقه ـــــ الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(5/ 76 رقم 1710) ـــــ. والخَلَّال في "المجالس العشرة الأمالي"(1/ 84 رقم 96)، عن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَزَّة.

- والبزار في "مسنده"(13/ 352 رقم 6987)، عن جعفر بن محمد بن الفضيل.

- وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 252)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى (1/ 498 رقم 827)، وفي ب/ فِي حِفْظِ اللِّسَان عَمَّا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ (4/ 214 رقم 4833)، عن مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ،

- ثلاثتهم: ابْن أَبِي بَزَّة، وجعفر بن محمد بن الفضيل، ومُحَمَّد بْن أَسْلَم، عن مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل.

- والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى (1/ 498 رقم 826)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(13/ 543) عن عَبْد الْأَعْلَى بْن حَمَّادٍ النَّرْسِي.

- كلاهما: مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل، وعَبْد الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِي، عن حَمَّاد بْن سَلَمَة به.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي بَزَّةَ أَبُو الحَسَنِ البَزِّي

(1)

مؤذن المسجد الحرام.

روي عن: مُؤَمَّل بْنُ إِسْمَاعِيل، وابن عُيَيْنَة، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيّ الأَبَّار، وَالحَسَنُ بنُ الحُبَابِ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات.

- وقال العقيلي: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَيُوصِلُ الْأَحَادِيثَ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ولست أحدث عنه فإنه روى حديثاً منكراً. وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكون. وقال الذهبي: لين الحديث. وصحح

(1)

البَزِّيُّ: بفتح الباء المنقوطة من تحت بنقطة وكسر الزاي المشددة فهذه النسبة إلى كنية جده الأعلى وهو أبو بزَّة. قاله السمعاني في "الأنساب" 2/ 217.

ص: 242

الحاكم حديثاً هو فيه، وتعقبه الذهبي بقوله: البَزّي قد تُكلِم فيه. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(1)

3) مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: "ضعيف يُعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

4) حَمَّادُ بنُ سَلَمَة: "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنِّ. تقدم في حديث رقم (8).

5) ثَابِتُ بْنُ أَسْلَم الْبُنَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

6) أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بن أَبِي بَزَّة، ومُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل: ضعيفان.

قلت: أما أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَزَّة: فتابعه: جعفر بن محمد بن الفُضَيْل الرَّسْعَنِي قال فيه ابن حجر: "صدوق حافظ"

(2)

. ومُحَمَّد بْن أَسْلَمَ الطوسي: قال فيه أبو حاتم، وأبو زرعة: ثقة.

(3)

وأما مُؤَمَّلُ بْن إِسْمَاعِيل: فتابعه: عَبْد الْأَعْلَى بْن حَمَّاد النَّرْسِي: قال فيه أبو حاتم، والدارقطني: ثقة.

(4)

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها حديث أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ.

(5)

قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وحديث ابن عمر رضي الله عنه

(6)

، وفيه: مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ الْقَتَّات: قال فيه الخطيب: كان ضعيفاً.

(7)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا حَمَّادٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُؤَمَّلٌ بْنُ إِسْمَاعِيلَ.

قلت: أما قوله لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا حَمَّادٌ: فهو كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

وأما قوله تَفَرَّدَ بِهِ مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيل: فليس كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيلَ براوية هذا الحديث عَنْ حماد بل تابعه: عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ كما سبق بيان ذلك.

(1)

يُنظر "الضعفاء الكبير" 1/ 127، "الجرح والتعديل" 2/ 71، "الثقات" 8/ 37، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 1/ 86.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 80.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 201.

(4)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 29، "سؤالات السلمي للدارقطني" 1/ 203، "الكاشف" 1/ 610، "التقريب" صـ 273.

(5)

أخرجه أحمد في "مسنده"(13/ 301 رقم 7925)، والترمذي في "سننه" ك/ الزهد ب/ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ المَوْتِ رقم 2307.

(6)

أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(370)، وابن جميع الصيداوي في "معجم الشيوخ (1/ 244)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (671)، وابن عساكر في "تعزية المسلم" (51)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيَّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً.

(7)

يُنظر "تاريخ بغداد" للخطيب 2/ 497.

ص: 243

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يوصي النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في هذا الحديث الشريف بموعظة وجيزة جمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأبلغ في الموعظة فقال لأصحابه: أكثروا ذكر هازم اللذات. أي أنه ينبغي علي الإنسان العاقل ألا يركن إلي الدنيا ومتعها ولذاتها وشهواتها بل ينبغي أن يكون علي تَذَكُرٍ دائم بالموت هذا الذي يقطع عليه حبل الأماني والتسويف والمعاصي فكلما أكثر الإنسان من التفكير في الموت وفي حاله ومآله ومصيره فإنه سوف يُبغض المعصية ويكره أن يركن ويميل إلي الدنيا وشهواتها ويري أن الدنيا كلها لا تساوي شيئاً وأنها فانية فيُعرض عنها ويوليها ظهره ويستعد للأخرة بالعمل الذي ينفعه ويكون زاداً له يبلغه جنة رب العالمين. فلا شك أنه كلما أكثر الإنسان من ذكر الموت كلما كان استعداده للأخرة أشد وإعراضه عن الدنيا أكبر. قال القرطبي رحمه الله: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: قوله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هادم اللذات: "الموت" فهذا كلام مختصرُ وجيزُ قد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقةَ ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: أكثروا ذكر هادم اللذات، مع قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}

(1)

ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه.

(2)

(1)

سورة آل عمران آية رقم: 185.

(2)

يُنظر "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الأخرة" 1/ 122.

ص: 244

[42/ 692]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: نا أَبُو غَزِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَاضِي الْمَدِينَةِ قَالَ: نا أَبُو الْمُثَنَّى الْكَعْبِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «جَالِسًا فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا

(1)

بِيَدَيْهِ».

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى إِلَّا أَبُو الْمُثَنَّى الْكَعْبِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو غَزِيَّةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أَبي غَزِيَّة مُحَمَّد بْن مُوسَى، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: أَبُو غَزِيَّة مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عن أَبي الْمُثَنَّى الْكَعْبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر.

أخرجه الطبراني في الأوسط ـــــ رواية الباب ـــــ عن إِسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِي، عن أَبي غَزِيَّة به.

الوجه الثاني: أَبُو غَزِيَّة، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

أ - تخريج الوجه الثاني:

أخرجه أبو زرعة في "الضعفاء (2/ 386)، عن أبي بكر بن أبي شيبة الحزامي.

والفاكهي في "أخبار مكة" ب/ ذِكْرُ الْجُلُوسِ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَفَضْلِ ذَلِكَ (1/ 334 رقم 683)، عن الزُّبَيْر بْن أَبِي بَكْر.

والبيهقي في "الآداب" ب/ كيفية الجلوس (1/ 104 رقم 311)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الجمعة ب/ الِاحْتِبَاءِ الْمُبَاحِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ (3/ 333 رقم 5914)، عن أَبي حَاتِم الرَّازِي.

والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 363)، عن إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر.

وأمّ الفضل بيبي بنت عبد الصمد الهَرْثَمِيّة في "جزئها"(1/ 78 رقم 107)، وأَبُو الفَرَجِ الثَّقَفِي في "فوائده"(1/ 112 رقم 112)، عن أَبي سُلَيْمَان يحيى بن خَالِد المَخْزُومِي.

خمستهم: أبو بكر بن أبي شيبة، والزُّبَيْر بْن أَبِي بَكْرٍ، وأَبو حَاتِم، وإِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر، ويحيى بن خَالِد المَخْزُومِي، عَنْ أَبي غَزِيَّة مقروناً بمُحَمَّد بْن فُلَيْح كما عند الخطيب، عَنْ فُلَيْح، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْن عُمَر.

ب - متابعات للوجه الثاني: وقد تُوبع أَبُو غَزِيَّة، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. فتابعه: مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ.

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الاستئذان ب/ الِاحْتِبَاءِ بِاليَدِ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ (8/ 61 رقم 6272)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَةِ جُلُوسِهِ وَاتِّكَائِهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 354 رقم 467)، وفي "شرح السنة" ك/ الاستئذان ب/ كَيْفيَّة الْجُلُوس (12/ 324 رقم 3358).

(1)

قال ابن الأثير: الاحْتِبَاء: هُوَ أَنْ يَضُّمّ الْإِنْسَانُ رجْلَيْه إِلَى بَطْنه بثَوْب يَجْمَعَهُما بِهِ مَعَ ظَهْره، ويَشُدُّه عَلَيْهَا. وَقَدْ يَكُونُ الاحْتِبَاء باليَدَيْن عوَض الثَّوب. يُنظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير 1/ 335.

ص: 245

الوجه الثالث: أَبُو غَزِيَّة مُحَمَّد بْن مُوسَى، عن إِبْرَاهِيم بْن سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

أخرجه أبو زرعة في "الضعفاء (2/ 387)، والطبراني في "الأوسط" (9/ 159 رقم 9417)، عن إِسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِي، عَنْ أَبي غَزِيَّة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى بْن عَبد الله بْن يزيد الأَنْصارِيُّ الخَطْمِيُّ

(1)

أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ المَدَنِيُّ.

روي عن: أَبي غَزِيَّةَ المدني قَاضِي الْمَدِينَةِ، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن وهب، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، ومسلم، والتِّرْمِذِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال النَّسَائي، والخطيب، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: متقن. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابْن أَبي حاتم: كان أبي يطنب القول في صدقه وإتقانه. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن مسكين، أَبُو غَزِيَّةَ المَدَنِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ.

روي عن: أَبي الْمُثَنَّى الْكَعْبِيُّ، ومالك بْن أنس، وفليح بْن سليمان، وآخرين.

روي عنه: إِسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِي، والنضر بْن سَلَمَةَ، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الحاكم، والجورقاني: ثقة.

- وقال أبو حاتم، والهيثمي، وعبد الحق الإشبيلي: ضعيف. وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال البيهقي: ليس بالقوى. وقَالَ الْبُخَارِي، وأبو زرعة: منكر الحديث، وَقَالَ ابْن عدي: وَقع فِي رواياته أَشْيَاء أنْكرت عَلَيْه.

- وقال ابن حِبّان: كَانَ يسرق الحديث ويروي عَنِ الثّقات الموضوعات، واتهمه الدَّارَقُطْنِيّ بِالْوَضْعِ. وقال ابن القيسراني: يروي الموضوعات. وحاصله أنه "ضعيف الحديث" والله أعلم.

(3)

4) سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ المدني، أَبُو الْمُثَنَّى.

روي عن: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِي، وسالم بن عَبد اللَّهِ بْن عُمَر، وهشام بْن عروة، وآخرين.

(1)

الخَطْمِىُّ: بفتح الخاء المنقوطة بواحدة وسكون الطاء المهملة وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى بطن من الأنصار يقال له خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس بن حارثة. قاله السمعاني في "الأنساب" 5/ 149.

(2)

"الجرح والتعديل"2/ 235، "الثقات"8/ 116، "تهذيب الكمال"2/ 480، "السير"11/ 554، "التهذيب"1/ 251، "التقريب" صـ 42.

(3)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 238، "الضعفاء" لأبو زرعة 2/ 447، "الضعفاء" للعقيلي 4/ 138، "الجرح والتعديل" 8/ 83، "المجروحين" لابن حبان 2/ 289، "الكامل" لابن عدي 7/ 515، "التذكرة في الأحاديث الموضوعة" لابن القيسراني 1/ 195، "الأباطيل والمناكير" للجورقاني 2/ 298، "الوهم والإيهام" لابن القطان 3/ 140، "تاريخ الإسلام" 5/ 190، "الجوهر النقي علي سن البيهقي" لابن التركماني 5/ 32، "المجمع" للهيثمي 9/ 9، "لسان الميزان" 7/ 534، 538.

ص: 246

روي عنه: مُحَمَّد بْن مُوسَى أَبُو غَزِيَّة، وعبد الله بْن وهب، ويحيى بْن أيوب المِصْرِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الدارقطني، وابن حجر: ضعيف. وذكره ابنُ حِبَّان في المجروحين، وقال: يُخَالف الثِّقَات فِي الرِّوَايَات لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا الرِّوَايَة عَنْهُ إِلَّا للاعتبار

(1)

. وقال ابن القيسراني: يُخَالف الثِّقَات فِي الرِّوَايَات. وذكره الذهبي، وابن الجوزي في الضعفاء.

وقَالَ أَبُو حَاتِم، وابن عبد الهادي الحنبلي: مُنْكَر الْحَدِيث، وزاد أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوِي، وزاد ابن عبد الهادي الحنبلي: شيخ غير محتج بحديثه. وحاصله أنه "ضعيف الحديث" والله أعلم.

(2)

5) يَحْيَى بْنُ سَعِيد الْأَنْصَارِيُّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

7) عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد البيهقي

".

1) الحَاكِمُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّع النَّيْسَابُوْرِيُّ: قال الذهبي: الحَافِظُ، النَّاقِد شَيْخُ المُحَدِّثِيْن. وقال الخطيب: ثقة، وقال الدارقطني: متقن حافظ.

(3)

2) الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيُّ الأَدِيْبُ: قال الذهبي: حَافِظُ ثَّبْت.

(4)

3) مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ المُنْذِر أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: قال ابن حجر: أحد الحفاظ.

(5)

4) مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن مسكين، أَبُو غَزِيَّةَ المدني: ضعيف سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن أبي المغيرة الخُزاعيُّ: قال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ.

(6)

6) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

7) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: إسناد الطبراني في "الأوسط

".

1) هَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّوريُّ: قال الدارقطني: ثقةٌ، وقال أَبَو بَكْر الإسماعيلي: كَانَ أحد الأثبات

(7)

(1)

ذكر ابن حبان: "أبو المثني" في الثقات، والمجروحين معاً مما يُحدث لبس في هذا الراوي، وقد أزال هذا اللبس ابن عبد الهادي الحنبلي في "الصَّارِمُ المُنْكِي في الرَّدِّ عَلَى السُّبْكِي" 1/ 176، فقال: تناقض ابن حبان في ذكره "أبا المثنى" في الكتابين كتاب الثقات، وكتاب المجروحين، وكأنه توهم أنهما رجلان، وذلك خطأ، بل هو رجل واحد منكر الحديث غير محتج به.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 4/ 149، "العلل" للدار قطني 15/ 51، "التذكرة في الأحاديث الموضوعة" لابن القيسراني 1/ 195، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 2/ 25، "تهذيب الكمال" 34/ 252، "المغني في "الضعفاء" 1/ 446، "الصَّارِمُ المُنْكِي في الرَّدِّ عَلَى السُّبْكِي" لابن عبد الهادي الحنبلي 1/ 176، 175، "التقريب" لابن حجر صـ 590.

(3)

يُنظر "السير" للذهبي 17/ 162.

(4)

يُنظر "السير" للذهبي 15/ 385.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 403.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 384.

(7)

يُنظر "سُؤالات السُّلَمي للدارقطني 1/ 322، "سُؤالات حمزة بن يوسف للدارقطني "1/ 256.

ص: 247

2) إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن مسكين، أَبُو غَزِيَّةَ المدني:"ضعيف" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ بن عبد الرحمن بن عوف الزُهْريُّ: قال ابن حجر: ثقة حجة تُكُلِّم فيه بلا قادح.

(1)

5) عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب المدني: قال ابن حجر: ثقة

(2)

6) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

7) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي أَبي غَزِيَّة مُحَمَّد بْن مُوسَى، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: أَبُو غَزِيَّة مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عن أَبي الْمُثَنَّى الْكَعْبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ولم يروه عن أَبي غَزِيَّةَ بهذا الوجه إلا إِسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِي.

الوجه الثاني: أَبُو غَزِيَّة، عَنْ فُلَيْح، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَر.

ورواه عنه بهذا الوجه: أَبُو حَاتِم الرَّازِي، وإِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر، والزُّبَيْر بْن أَبِي بَكْر، وأبو بكر بن أبي شيبة الحزامي، وأَبُو سُلَيْمَان يحيى بن خَالِد المَخْزُومِي. وقد تابع أَبُو غَزِيَّة علي هذا الوجه: مُحَمَّد بْن فُلَيْح، عَنْ فُلَيْح بْن سُلَيْمَان. وهذه المتابعة أخرجها البخاري في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك.

الوجه الثالث: أَبُو غَزِيَّة، عن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، عَنْ عُمَر بْن مُحَمَّد، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

ولم يروه عن أَبي غَزِيَّةَ بهذا الوجه إلا إِسْحَاق بْن مُوسَى الْأَنْصَارِي.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الأَخَرَيْن.

2) رواية الأحفظ: فقد راوه عدد من الثقات الأثبات مثل: أَبُو حَاتِم، وإِبْرَاهِيم بْنُ الْمُنْذِر.

3) المتابعات: فلقد توبع أَبُو غَزِيَّةَ علي هذا الوجه، وأخرج هذه المتابعة: البخاري في "صحيحه" وغيره.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ إسناده "منكر" فيه: أَبُو غَزِيَّة مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن مسكين: ضعيف وتفرد برواية هذا الحديث عَنْ سُلَيْمَان بْن يَزِيد الْكَعْبِي، والْكَعْبِيُّ أيضاً: ضعيف.

وأما الحديث بالوجه الثالث ـــ المرجوح أيضاً ـــ "إسناده منكر أيضاً" فيه: أَبُو غَزِيَّةَ: ضعيف وتفرد، برواية الحديث عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ.

(3)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 29.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 354.

(3)

قال ابن ابي حاتم في العلل: 3/ 277، سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو غَزِيَّة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُمَر بْنِ مُحَمَّدٍ العُمَري، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ مُحتَبِيًا بِيَدَيه؟ قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ.

ص: 248

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن مسكين أَبُو غَزِيَّةَ:

قلت: لكن تُوبع أَبُو غَزِيَّة علي هذا الوجه فتابعه: مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وهذه المتابعة أخرجها البخاري في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فالحديث بالوجه الثاني ـــ الراجح ـــ يرتقي بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى إِلَّا أَبُو الْمُثَنَّى الْكَعْبِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو غَزِيَّةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

هذا الحديث من الأحاديث والسنن الفعلية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنَّ سيدنا عبد الله بْن عُمَر قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ مُحْتَبِيًا بِيَدَيْهِ. أي: جالسَا بحيث يكون ركبتاه منصوبتين وبطن قدميه على الأرض، ويداه موضوعتين على ساقيه. قال بعض العلماء: والمراد بهذا سنية الاحتباء في الجلوس. ورد عليهم آخرون بأنَّ الظاهر أن سنيته لا تحصل بمجرد هذا الفعل، بل هو بيان الجواز ودليل الاستحباب. قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ: يُسْتَثْنَى مِنَ الِاحْتِبَاءِ بِالْيَدَيْنِ مَا إِذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَاحْتَبَى بِيَدَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى كَمَا وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَضْعِ إِحْدَاهُمَا عَلَى رُسْغِ الْأُخْرَى وَلَا يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِك.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 11/ 65 ــ 66.

ص: 249

[43/ 693]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَيْشِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ لَيْثٍ إِلَّا عَبْدُ الْوَارِثِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذ الحديث مداره علي نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً.

أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الزكاة ب/ زَكَاةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ (2/ 35 رقم 3081)، عن عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد.

ويحيي بن آدم في "الخراج" ب/ الْأَوْسَاقِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (1/ 133 رقم 444)، ومن طريقه ـــــ البيهقي في "الكبرى" ك/ الزكاة ب/ النِّصَابِ فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ (4/ 203 رقم 7424) ــــــ عن عَبْد السَّلَام بْن حَرْب.

وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الزكاة ب/ مَنْ قَال لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَة (4/ 200 رقم 9992)، وأحمد في "مسنده"(9/ 481 رقم 5670)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الزكاة ب/ زَكَاةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ (2/ 35 رقم 3080)، عن شَيْبَان بْن عَبْد الرَّحْمَن.

ثلاثتهم: عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيدٍ، وعَبْد السَّلَام بْن حَرْبٍ، وشَيْبَان بْن عَبْد الرَّحْمَن، عن لَيْث بْن أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً، بعضهم بنحوه، وبعضهم بلفظ الوسُقٍ فقط.

الوجه الثاني: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفاً:

أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الزكاة ب/ زَكَاةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ (2/ 35 رقم 3082) عَنِ الْأَوْزَاعِي، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ به، بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ بن عَبد اللَّه الْعَيْشِيُّ الطفاوي، أَبُو بَكْر، ويُقال: أَبُو مُحَمَّد.

روي عن: عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيدٍ، وحماد بْن زيد، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، والبخاري، وأَبُو داود، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن معين، وأَبُو حَاتِم، والذهبي، وأبو بكر البزار، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 86، "الجرح والتعديل"5/ 292، "الثقات" لابن حبان 8/ 380، "تهذيب الكمال" 17/ 382، "الكاشف" 1/ 642، "التعديل والتجريح" لأبو الوليد الباجي، "التهذيب" 6/ 263، "التقريب" صـ 291.

ص: 250

3) عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ بن ذكوان الْعَنْبَرِيُّ، أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَصْرِيُّ.

روي عن: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْم، وأيوب السختياني، وبهز بن حكيم، وآخرين.

روي عنه: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْمُبَارَك الْعَيْشِي، وسفيان الثوري، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعجلي، وابن معين، وأبو زُرْعَة، وأَبُو حَاتِم، والنَّسَائي، وابن خلفون، وابن نمير، وابن حجر: ثقة. وزاد ابن سعد: حجة، وزاد أَبُو حَاتِم: صدوق، وزاد النَّسَائي، وابن حجر: ثبت.

وقال الذهبي: ثبت صالح، إِمَامٌ حُجَّةً أحد الحفاظ إليه المنتهى في التثبت. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات، وقال ابن حبان في المشاهير: مات على تيقظ شهيد وإتقان حميد. وَقَال أحمد: كان صالحاً في الحديث. وقال شعبة: تعرف الإتقان في قفاه. وقال الساجي: صدوق متقن. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

4) لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ بن زنيم القرشي اللَّيْثِيُّ.

روي عن: نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، وطاووس بن كيسان، والربيع بْن أنس، وآخرين.

روي عنه: عَبْد الْوَارِثِ بْن سَعِيد، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وزائدة بْن قُدَامَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي: جَائِز الحَدِيث، وَقَالَ مرّة: لَا بَأْس بِهِ. وقال ابن معين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال عثمان بن أبي شيبة: ثقة صدوق، ولكن ليس بحجة. وقال ابن حجر: صدوق اختلط جداً.

- وقال أحمد، وأبو حاتم، وأبو زرعة: مضطرب الحديث. وقال أبو زرعة مرة: لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث. وقال ابن معين مرة، وابن عُيَيْنَة، وابن سعد، والنسائي، والسَّعْدِيّ، والساجي، ويعقوب بن شيبة، والجورقاني: ضعيف الحديث. وزاد الساجي: كان سيء الحفظ كثير الغلط، وزاد ابن معين: إلا أنه يكتب حديثه. وَقَال ابن مَعِين أيضاً: منكر الحديث. وقال الذهبي: فيه ضعف يسير من سوء حفظه. وقال مرة: حسن الحديث، ومن ضعفه فإنما ضعفه لاختلاطه بآخرة. وذكره العقيلي، وابن عدي في الضعفاء. وقال ابن شاهين: كَلَام أَحْمد، وابن معِين فِي لَيْث مُتَقَارب لم يطلقا عَلَيْهِ الْكَذِب بل مدحه أَحْمد، وَوَثَّقَهُ بقوله: حدث عَنهُ النَّاس، وَقد وَثَّقَهُ ابن أبي شيبَة وَهُوَ بِهِ أعلم من غَيره لِأَنَّهُ من بَلَده وَلَكِن الْكل أطلق عَلَيْهِ الِاضْطِرَاب. وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره، وكان يحيى القطان بأخرة لا يحدث عنه. وقال الحاكم: مجمع على سوء حفظه. وقال ابن حجر: صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فتُرك.

- وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(2)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 107، "الجرح والتعديل" 6/ 75، "الثقات" 7/ 140، "المشاهير 1/ 191، "تهذيب الكمال" 18/ 478، "الكاشف" 1/ 673، "الإكمال" 8/ 368، "التقريب" صـ 308.

(2)

"الثقات" للعجلي 2/ 231، "الضعفاء" لأبو زرعة 2/ 824، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 209، "الجرح والتعديل" 7/ 177، "الثقات" 2/ 231، "الكامل" 7/ 233، "الثقات" لابن شاهين 1/ 65، "الضعفاء" لابن شاهين 1/ 162، "الأباطيل والمناكير" للجورقاني، 1/ 391، "تهذيب الكمال" 24/ 279، "الكاشف" 2/ 151، "المغني" 2/ 235، "التقريب" صـ 400.

ص: 251

5) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

6) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد الطحاوي

".

1) فهد بن سليمان النحاس: قال أبو سعيد بن يونس المصري: ثقة ثبت.

(1)

2) مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ بن أبي عطاء المصيصي: قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط.

(2)

3) عبد الرحمن بن عمرو الْأَوْزَاعِيِّ: قال ابن حجر: ثقة جليل.

(3)

4) أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى بن عمرو بن سعيد بن العاص المكي: قال ابن حجر: ثقة.

(4)

5) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

6) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا ما سبق أنَّ هذ الحديث مداره علي نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً.

ورواه عن نَافِع بهذا الوجه: لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم. وهو ضعيف الحديث.

الوجه الثاني: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفاً:

ورواه عن نَافِع بهذا الوجه: أَيُّوب بْن مُوسَى. وهو: ثقة.

وعلي هذا فالذي يظهر أنَّ الوجه الثاني ــــ الموقوف ــــ هو الوجه الراجح وذلك لرواية الأوثق والأحفظ: فَرَاوِيَة الوجه الثاني أحفظ وأوثق من رَاوِيَة الوجه الأول.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم: ضعيف مع تفرده ومخالفته لما رواه الثقة.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فموقوف "إسناده فيه ضعف" لأجل: مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ بن أبي عطاء المصيصي: قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط.

قلت: وللحديث من وجهه الراجح شواهد مرفوعة في الصحيحين من حديث أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِي، وجَابِر.

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ

(1)

يُنظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 48/ 459.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 438.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 289.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 58.

ص: 252

صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ.

(1)

(2)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ.

(3)

وعلي ذلك فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ لَيْثٍ إِلَّا عَبْدُ الْوَارِث.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد عَبْد الْوَارِثِ بْن سَعِيدٍ برواية هذا الحديث عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ بل تابعه: شَيْبَانُ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ فكلاهما أخرجا الحديث بتمامه.

وأما عَبْد السَّلَام بْن حَرْب ــــ ثالثهم ــــ فأخرج الحديث بجزئه الأول فقط.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قوله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس ذود صدقة يعني: ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، فإذا ملك الإنسان أربعاً من الإبل فلا زكاة فيها؛ لأنها لم تبلغ النصاب، ولكنها إذا بلغت خمساً وحال عليها الحول فإنها تزكى، وقد جاء أن مقدار الزكاة في الخمس شاة، فزكاة الخمس من الإبل من غير جنسها. وقوله صلى الله عليه وسلم: وليس فيما دون خمس أواق صدقة. هذا فيه بيان نصاب الورق وهي الفضة، والأوقية أربعون درهماً، والخمس أواق مائتا درهم، فنصاب الفضة مائتا درهم، وقد ذهب الدكتور/ يوسف القرضاوي إلي أن نصاب الفضة الآن هو ما يساوي 595 جراماً من الفضة فمن ملك هذا النصاب وجب عليه إخراج ربع العشر منه. وأن نصاب الذهب ما يساوي 85 جراماً من الذهب فمن ملك هذا النصاب وجب عليه إخراج ربع العشر منه. لكن بماذا نحدد النصاب في عصرنا .. بالذهب أم الفضة؟ فقال الدكتور القرضاوي ما ملخصه: ذهب فريق من العلماء إلي أن تقدير النصاب يجب أن يكون بالفضة، وذهب فريق آخر إلى أن تقدير النصاب يجب أن يكون بالذهب، وذلك أن الفضة تغيرت قيمتها بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده، أما الذهب فاستمرت قيمته ثابتة إلى حد بعيد، ولم تختلف قيمة النقود الذهبية باختلاف الأزمنة، لأنها وحدة التقدير في كل العصور وهذا ما اختاره الأساتذة: أبو زهرة وخلاف وحسن في بحثهم عن الزكاة. ومال الدكتور القرضاوي إلي هذا الرأي فقال:

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ زَكَاةِ الوَرِقِ (1447)، وفي ك/ الزكاة ب/ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ (1459)، وفي ك/ الزكاة ب/ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ (1484)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الزَّكَاةِ (979).

(2)

قَالَ الشَّافِعِيُّ في "الأم" 3/ 76: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَلَيْسَ يُرْوَى مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَإِذَا كَانَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبُولُ خَبَرٍ وَاحِدٍ بمَثِّلُهُ حَيْثُ كَانَ، وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 9/ 11: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تُوجَدُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ دُونَ سائر الصحابة.

(3)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الزَّكَاةِ (2/ 675 رقم 980).

ص: 253

ويبدو لي أن هذا القول سليم الوجهة، قوي الحجة، فبالمقارنة بين الأنصبة المذكورة في أموال الزكاة كخمس من الإبل، أو أربعين من الغنم، أو خمسة أوسق من الزبيب أو التمر، نجد أن الذي يقاربها في عصرنا هو نصاب الذهب لا نصاب الفضة. إن خمس إبل أو أربعين شاة تساوى قيمتها نحو أربعمائة دينار أو جنيه، أو أكثر، فكيف يعد الشارع من يملك أربعًا من الإبل أو تسعًا وثلاثين من الغنم فقيرًا، ثم يوجب الزكاة على من يملك نقدًا لا يشترى به شاة واحدة؟ وكيف يعتبر من يملك هذا القدر الضئيل من المال غنيًا؟.

وقوله صلى الله عليه وسلم: وليس فيما دون خمس أوسقٍ صدقة. والوسق ستون صاعاً، والخمسة أوسق ثلاثمائة صاع، والصاع (2176) وعلي هذا فالخمسة أوسق تساوي بالوزن 653 ك. جم. أي أربعة أرادب بالكيل المصري.

قال ابن حجر رحمه الله: اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزُّرُوعَ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ

(1)

. وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَدِيثُ لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَحْدُود.

(2)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ العُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَبِالْمَاءِ الجَارِي (2/ 126 رقم 1483) عَن ابن عمر، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» .

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 3/ 311، "فقه الزكاة" للدكتور/ يوسف القرضاوي 1/ 371، 261.

ص: 254

[44/ 694]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَمِّيَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ حَارِثُ، أَوْ مُرَّةُ، أَوْ وَلِيدٌ، أَوْ حَكَمٌ، أَوْ أَبُو الْحَكَمِ، أَوْ أَفْلَحُ، أَوْ نَجِيحٌ، أَوْ يَسَارٌ، وَقَالَ: أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ مَا تُعُبُّدَ بِهِ، وَأَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ هَمَّامٌ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 142)، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، عَنْ مُعَلِّل بْن نُفَيْل الْحَرَّانِي به بلفظ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ حَرْبٌ أَوْ مُرَّةٌ.

والطبراني في "الكبير"(10/ 89 رقم 9992)، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، عَنْ مُعَلِّل بْن نُفَيْل الْحَرَّانِي به بلفظ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ: حَارِثٌ، أَوْ وَلِيدٌ، أَوْ حَكَمٌ، أَوْ أَبُو الْحَكَمِ، أَوْ أَفْلَحُ، أَوْ نَجِيحٌ، أَوْ يَسَارٌ، وَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ عز وجل مَا تُعُبِّدَ بِهِ.

والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 360)، عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، عَنْ مُعَلِّل بْن نُفَيْل الْحَرَّانِي به بلفظ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ حَرْبًا أَوْ مُرَّةً أَوْ وَلِيدًا أَوْ حَكَمًا أَوْ أَبَا الْحَكَمِ أَوْ أَفْلَحَ أَوْ نَجِيحًا أَوْ يَسَارًا قَالَ وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّعَبُّدِ لَهُ وَأَصْدَقُ الأَسْمَاءِ هَمَّامٌ وَحَارِثٌ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ: "كذاب" سبقت ترجمته في حديث رقم (26).

4) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

5) مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ بن عَبد اللَّهِ بن ربيعة، أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ الكُوْفِيُّ.

روي عن: إِبْرَاهِيم النخعي، وسَعِيد بْن جبير، ومُحَمَّد بْن شهاب الزُّهْرِيّ، وآخرين.

روي عنه: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وشعبة بن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، وشعبة، والدارقطني، وابن حجر: ثقة. وزاد ابن سعد: كَان مَأْمُونًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ رَفِيعًا عَالِيًا، وَزاد العجلي، وابن حجر: ثبت، وزاد العجلي: كَأن حَدِيثه الْقدح لَا يخْتَلف فِيهِ أحد. وقال ابْن مَعِين، ويحيى القطان، والذهبي: ثَّبْتُ، وزاد الذهبي: كان من كبار الحفاظ. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال ابن مهدي: أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم فمن اختلف عليهم فهو يخطئ ليس هم منهم: منصور بن المعتمر. وقال الثوري: ما خلفت بعدي بالكوفة آمن على

ص: 255

الحديث من منصور. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن الأعمش، ومنصور فقال: الأعمش حافظ يخلط ويدلس، ومنصور أتقن لا يدلس ولا يخلط. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

6) إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ بن عَمْرو بْن ربيعة بن سعد بن مالك، أَبُو عِمْرَانَ النَّخَعِيُّ

(2)

الْكُوفِيُّ.

روي عن: عَلْقَمَة، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْم، وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وآخرين.

روي عنه: مَنْصُوْر بن المُعْتَمِر، وَحَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: إلا أنه يرسل كثيراً. وقَالَ أَحْمَد: كَانَ ذكياً حافظاً. وقال الذهبي: الإِمَامُ الحَافِظُ أَحَدُ الأَعْلَامِ، كَانَ بَصِيْراً بِعِلْمِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الأَعْمَشِ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ: أَسْنِدْ لِي عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ فَقَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُم عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، فَهُوَ الَّذِي سَمِعْتُ، وَإِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، فَهُوَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ.

وقد وُصف بالتدليس والإرسال: وممن وصفه بذلك: أبو حاتم، وأبو زرعة. وذكره العلائي، وابن حجر: في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين. وقال العلائي: وهو مكثر من الإرسال وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود، ولم يسمع من الصحابة رضي الله عنهم إلا اليسير جداً أو لم يسمع منهم شيئاً أصلاً فإذا أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بينه وبينه واحد بل أكثر فلهذا ينزل مراسيله وإن كانت مقبولة عن مرتبة مراسيل ابن المسيب لأنه من قدماء التابعين. وقال أحمد: مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها. وقال ابن عبد البر: مراسيل إبراهيم عندهم صحاح. وقال ابن معين: مراسيل إبراهيم أحب إلي من مراسيل الشعبي. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة وُصف بالتدليس والإرسال لكن قبل الأئمة منه ذلك".

(3)

7) عَلْقَمَةُ بنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَلْقَمَةَ بنِ سَلَامَانَ بْنِ كَهْلٍ، أَبُو شِبْلٍ النَّخَعِيُّ.

روي عن: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود، وأبو بكر الصديق، وعُمَر بن الخطاب، وآخرين.

روي عنه: إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد النَّخَعِي، وعامر الشعبي، ومحمد بن سيرين، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابْن مَعِين، وعثمان بن سَعِيد، والفضل بن دكين، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: ثبت فقيه عابد. وقال الذهبي: إِمَامُ حَافِظُ ثَبَتُ حُجَّةً وُلِدَ فِي أَيَّامِ الرِّسَالَة المُحَمَّدِيَّةِ، وَعِدَادُهُ فِي

(1)

يُنظر "الطبقات" 8/ 456، "الثقات" للعجلي 2/ 299، "الجرح والتعديل" 1/ 153، 8/ 177، "الثقات" 7/ 473، "المشاهير" 1/ 198، "تهذيب الكمال" 28/ 546، "تاريخ الإسلام" 3/ 741، "التقريب" صـ 479.

(2)

النَّخَعِيُّ: بفتح النون والخاء المعجمة بعدها العين المهملة، هذه النسبة إلى النخع، وهي قبيلة من العرب نزلت الكوفة، ومنها انتشر ذكرهم، وهو جَسر- بالفتح- بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد، سمى النخع لأنه ذهب عن قومه، ومن هذه القبيلة علقمة، والأسود، وإبراهيم. قاله السمعاني في "الأنساب" 13/ 62.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 209، "الثقات" لابن حبان 4/ 8، "المشاهير" 1/ 163، "تهذيب الكمال" 2/ 233، "الكاشف" 1/ 227، "السير" 4/ 520، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 88، 1/ 113، 1/ 141 "الإكمال" 1/ 313، "المدلسين" لأبو زرعة 1/ 34، "المدلسين" للحلبي 1/ 14، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 28، "التقريب" صـ 35.

ص: 256

المخضرمين. وذكره ابن حبان في الثقات، والمشاهير. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

8) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده موضوع" فيه: مُحَمَّد بْن مِحْصَن الْعُكَّاشِي: "كذاب".

قلت: لكن صح بعض ألفاظ الحديث من طرق أخري: ففي صحيح مسلم من حديث سَمُرَة بْن جُنْدَب رضي الله عنه قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ: أَفْلَحَ، وَرَبَاحٍ، وَيَسَارٍ، وَنَافِعٍ.

(2)

وعند مسلم أيضاً من حديث ابْن عُمَر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ.

(3)

وعند البخاري من حديث جَابِر رضي الله عنه قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقُلْنَا: لَا نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ وَلَا كَرَامَةَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.

(4)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قد بينا قبل ذلك أنَّ حديث الباب موضوع، وأنَّ الحديث صح بعض ألفاظه من طرق أخري: ففي صحيح مسلم من حديث سَمُرَة بْن جُنْدَب رضي الله عنه قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ: أَفْلَحَ، وَرَبَاحٍ، وَيَسَارٍ، وَنَافِعٍ. وذهب بعض العلماء إلي أنًّ سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التسمية بهذه الأسماء أنهم كانوا قريبي عهد بالشرك وكانوا يُسَمون هذه الأسماء ويرون الربح من رباح، والنُجْح من نجاح، واليُسر من يسار لا من الله تعالي فمن أجل هذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التسمية بهذا الأسماء. وقال النووي رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِهَا وَحْدَهَا وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لا تحريم وَالْعِلَّةُ فِي الْكَرَاهَةِ مَا بَيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ فَإِنَّكَ تَقُولُ أَثِمَ هو فيقول لا فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بَعْضَ النَّاسِ فِي شَيْءٍ مِنَ الطِّيَرَةِ.

(5)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 145، "الثقات" لابن حبان 5/ 207، "المشاهير" 1/ 125، "سؤالات السلمي للدارقطني" 1/ 213، "تهذيب الكمال" 20/ 300، "تاريخ الإسلام" 2/ 683، "الإكمال" 9/ 271، "التقريب" صـ 337.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الآداب ب/ كَرَاهَةِ التَّسْمِيَةِ بِالْأَسْمَاءِ الْقَبِيحَةِ وَبِنَافِعٍ وَنَحْوِهِ (2138، 2137، 2136).

(3)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الآداب ب/ النَّهْيِ عَنِ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ وَبَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْأَسْمَاءِ (2132).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عز وجل (6186)، و في ك/ الأدب ب/ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي (6189).

(5)

يُنظر "شرح النوي علي مسلم" 14/ 119.

ص: 257

[45/ 695]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَهَا بِوَجْهِهِ، وَقَالَ:«أَنْتِ حَرَامٌ، مَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ الْمُؤْمِنُ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

لم أقف عليه ـــــ في حد بحثي ـــــ من حديث جَابِر إلا عند الطبراني في الأوسط ــ رواية الباب ــ

وعزاه السيوطي في الدر المنثور (1/ 685)، والهيثمي في "المجمع"(1/ 107)، إلي الطبراني في "الأوسط".

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحراني: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ: "كذاب" سبقت ترجمته في حديث رقم (26).

4) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، القرشي، الأُمَوِي، الرُّومِيُّ، أَبُو الْوَلِيدِ وَأَبُو خَالِد.

روي عن: محمد بن شهاب الزُّهْرِي، وأبي الزبير مُحَمَّد بْن مسلم، ونافع مولى ابن عُمَر، وآخرين.

روي عنه: مُحَمَّد بْن مِحْصَن الْعُكَّاشِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بن المبارك، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن معين، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي: مجمعٌ على ثقته، وزاد ابن حجر فقيه فاضل. وقال أحمد: ثبت صحيح الحديث لم يحدث بشيء إلا أتقنه. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال في المشاهير: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَقُرَّائِهِمْ وَمُتْقِنِيهِمْ، وممن جمع وصنف وحفظ وذاكر. وقال يحيى بْن سَعِيد، وابن خراش: صدوق. وقال أبو حاتم صالح الحديث. روى له الجماعة.

- وصفه بالتدليس: وصفه بذلك: ابن حبان، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم. قال الدارقطني: شر التدليس تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح. وذكره العلائي في المرتبة الثانية، وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين.

وصفه بالإرسال: قَال أحمد: إذا قال ابن جُرَيْج قال فلان، وَقَال فلان، وأخبرت جاء بمناكير، وإذا قال: أخبرني وسمعت فحسبك به. وقال يحيى بْن سَعِيد: إذا قال ابن جريج: حَدَّثَنِي فهو سماع، وإذا قال: أخبرنا، أو أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح. وقال الذهلي: إذا قال ابن جريج: حدثني وسمعت فهو يحتج بحديثه. وحاصله أنه "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع.

(1)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 103، "الجرح والتعديل" 5/ 356، "المراسيل" 1/ 133، "الثقات" 7/ 93، "المشاهير" صـ 175، "تهذيب الكمال" 18/ 338، "السير" 6/ 325، "ميزان الاعتدال" 2/ 659، "جامع التحصيل" 1/ 113، 1/ 229، "الإكمال" 8/ 319، "المدلسين" لأبو زرعة العراقي 1/ 69، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 41، "التقريب" لابن حجر صـ 304.

ص: 258

5) أَبو الزُّبَيْر المَكِّيُّ: "ثقة يُدلس، فلا يقبل ما رواه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه" سبقت ترجمته في حديث رقم (29).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده موضوع" فيه: مُحَمَّد بْن مِحْصَن الْعُكَّاشِي: "كذاب".

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، وَهُوَ كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ.

(1)

قلت: لكن الذي ثبت في ذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك حينما نظر إلي الكعبة:

فعن حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ شِبْل بْن عَبَّاد، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْكَعْبَةَ قَالَ: مَرْحَبًا بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةَ عِنْدَ اللهِ مِنْكِ.

(2)

قلت: "إسناده حسن" فيه: حَفْص بْن عَبْد الرَحْمَن، أبُو عُمَر البَلْخِيُّ النَّيْسَابُّورِيُّ: صدوق.

(3)

وعَنْ الحُسَيْن بْن وَاقِد، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنُ عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَة أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ أَوْ إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللهِ مِنْكِ.

(4)

قلت: سنده "حسن" فيه: أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ العَدَويُّ: صدوق.

(5)

وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِد. قلت: والحُسَيْنِ بْنِ وَاقِد هذا قال فيه ابن حجر: ثقة له أوهام.

(6)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

(1)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 1/ 107.

(2)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" ب/ الْمَنَاسِكِ (3/ 444 رقم 4014).

(3)

ينظر "التقريب" صـ 112.

(4)

أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ البر والصلة ب/ مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ المُؤْمِنِ (4/ 378 رقم 2032)، وابن حبان في "صحيحه" ك/ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ب/ الْغِيبَةِ (13/ 75 رقم 5763)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ البر والصلة ب/ النَّهْي عَن تتبع عورات الْمُسلمين (13/ 104 رقم 3526).

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 55.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 108.

ص: 259

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قد بينت قبل ذلك علي أنَّ حديث الباب إسناده موضوع وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك عند نظره لمكة بل قال ذلك عند نظره إلي الكعبة المشرفة فعَنْ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْكَعْبَةَ قَالَ: مَرْحَبًا بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةَ عِنْدَ اللهِ مِنْكِ. يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن للكعبة المشرفة بيت الله تبارك وتعالي لها حرمة وقداسة وتعظيم لكن حرمة المسلم عند الله تبارك أعظم وأجل وأكبر من حرمة الكعبة، وفي هذا دليل علي حرمة دم المسلم وحرمة ماله وعرضه فالإنسان هو بنيان الله تعالي في الأرض خلقه الله بيده وشرفه وكرمه وفضله علي كثير ممن خلق فللإنسان في الإسلام حرمة فلا يحل لأحد أن يعتدي علي ماله أو علي عرضه أو علي دمه. فالمسلم مكرم من ناحيتين من ناحية إنسانيته ومن ناحية إسلامه، والكافر مكرم من ناحية إنسانيه فقط وذلك لأنه إنسان. مرت علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم جنازة فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنها جنازة يهودي فقال عليه السلام أليست نفساً. فحرمة المسلم أعظم عند الله تعالي من حرمة الكعبة التي يطوف حولها الحجاج والمعتمرون.

ص: 260

[46/ 696]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلٌ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ، فَشَمِّتْهُ وَلَوْ مِنْ خَلْفِ سَبْعَةِ أَبْحُرٍ، وَمَنْ شَمَّتَ عَاطِسًا، ذَهَبَ عَنْهُ ذَاتُ الْجَنْبِ، وَوَجَعَ الضِّرْسِ، وَالْأُذُنَيْنِ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "مسند الشاميين"(1/ 49 رقم 45) بسنده سواء، ولفظه في "المسند": إِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ فَشَمِّتْهُ، مَنْ شَمَّتَ عَاطِسًا ذَهَبَ عَنْهُ ذَاتُ الْجَنْبِ.

وذكره السيوطي في "جامع الأحاديث"(3/ 368) وعزاه للطبراني في "الأوسط".

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ: "كذاب" سبقت ترجمته في حديث رقم (26).

4) إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (27).

5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فيروز الدَّيْلَمِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (28).

6) حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ، وهو ابن حِسْلٌ، وَيُقَالُ: حُسَيْلٌ بْنُ جَابِرٍ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْيَمَانِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ.

روي عن: النبيّ صلى الله عليه وسلم. روي عنه: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فيروز الدَّيْلَمِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ الله.

هاجر رضي الله عنه إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخيره بين الهجرة والنصرة، فاختار النصرة، وشهد معه أحدًا، وقتل أبوه بها، ولم يشهد بدراً قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكم تُرِيْدُوْنَ مُحَمَّداً! فَقُلْنَا: مَا نُرِيْدُ إِلاَّ المَدِيْنَةَ فَأَخَذُوا العَهْدَ عَلَيْنَا: لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَخْبَرْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نَفِيْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِيْنُ اللهَ عَلَيْهِم. وكان رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَسَرَّ إِلَى حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ المُنَافِقِيْن. فنَاشَدَهُ عُمَرُ: أَأَنَا مِنَ المُنَافِقِيْنَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَا أُزَكِّي أَحَداً بَعْدَك. وكان عمر إذا مات ميت يَسأل عن حذيفة، فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر، وَإِن لم يَحضر حذيفة لم يحضر عمر.

(1)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده موضوع" فيه: مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَّاشِيُّ: "كذاب".

قال الهيثمي، والشوكاني: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعُكَاشِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.

(2)

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نُعيم 2/ 686، "أسد الغابة" 1/ 706، "السير" للذهبي 2/ 361، "الإصابة" 2/ 496.

(2)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 8/ 68، "تحفة الذاكرين" للشوكاني 1/ 310.

ص: 261

قلت: وقد جاء في باب تشميت العاطس أحاديث في الصحيحين وليس فيها هذا الوعد منها:

- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الْآخَرَ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلَانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ أَنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِي، قَالَ: إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللهَ، وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللهَ.

(1)

- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ: فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ: هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ.

(2)

- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ.

(3)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ إِلَّا مُحَمَّدٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: غريب الحديث:

قال القاسم بن عُبيد رحمه الله: قَوْله: شَمَتَ يَعْنِي دَعَا لَهُ كَقَوْلِك: يَرْحَمكُمْ اللَّه أَو يهديكم اللَّه وَيصْلح بالكم، والتشميت: هُوَ الدُّعَاء وكل دَاع لأحد بِخَير فَهُوَ مشمت لَهُ.

(4)

(1)

أخرجه البخاري ك/ الأدب ب/ الحَمْدِ لِلْعَاطِسِ (8/ 49 رقم 6221)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الزهد والرقائق ب/ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَكَرَاهَةِ التَّثَاؤُبِ (4/ 2292 رقم 2991).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ العُطَاسِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّثَاؤُبِ (8/ 49 رقم 6223).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأدب ب/ إِذَا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ (8/ 49 رقم 6224).

(4)

يُنظر "غريب الحديث" للقاسم بن عُبيد 2/ 183.

ص: 262

[47/ 697]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ قَالَ: نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أُكْلَةً، فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ كُسِيَ بِرَجُلٍ ثَوْبًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُقِيمُهُ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ إِلَّا بَقِيَّةُ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي بَقِيَّة بْن الْوَلِيدِ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: بَقِيَّةُ بْن الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّاد.

لم أقف عليه من هذا الوجه ـــــ في حد بحثي ـــــ إلا عند الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ.

الوجه الثاني: بَقِيَّة بْن الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّاد.

ورواه عَنْ بَقِيَّة بهذا الوجه: حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، ويَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ.

أما طريق حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" ب/ الْمُسْلِمُ مَرْآةُ أَخِيهِ (1/ 93 رقم 240)، وأبو داود في "سننه" ك/ الأدب ب/ في الغِيبَةِ (7/ 242 رقم 4881)، والطبراني في "الأوسط"(4/ 45 رقم 3572)، وفي "مسند الشاميين"(1/ 130 رقم 206).

وأما طريق مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(2/ 356)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي تَحْرِيمِ أَعْرَاضِ النَّاسِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْوُقُوعِ فِيهَا (5/ 300 رقم 6717).

وأما طريق يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 309 رقم 735)، وفي "مسند الشاميين"(1/ 130 رقم 206)، (4/ 373 رقم 3589)، والمزي في "تهذيب الكمال"(30/ 458).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُعَلَّلُ بْنُ نُفَيْلٍ الحَرَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

3) بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ بن صائد بن كعب بن حريز الكَلاعيّ

(2)

الحِمْيَريّ، أبو يُحْمِد الحِمْصيُّ.

(1)

(ق/ 41/ أ).

(2)

الكَلَاعِيُّ: بفتح الكاف وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى قبيلة يقال لها «كلاع» نزلت الشام، وأكثرهم نزلت حمص، ومن المشهورين بالانتساب إليها: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد. قاله السمعاني في "الأنساب" 10/ 514.

ص: 263

روي عن: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، وشعبة بْن الحجاج، ومالك بن أنس، وآخرين.

روي عنه: إسحاق بْن راهويه، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن المبارك، وآخرين.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن مَعِين: ثقة إذا حدث عَنِ الثقات، وأما إذا حدث عَنْ أولئك المجهولين فلا، وإذا كنى الرجل، ولم يسم اسم الرجل، فليس يساوي شيئاً. وَقَال أَبُو زُرْعَة: ما لَهُ عيب إلا كثرة روايته عَنِ المجهولين، فأما الصدق، فلا يؤتى من الصدق، إذا حدث عَنِ الثقات فهو ثقة. وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، فَإِذَا رَوَى عَنْ مَجْهُوْلٍ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وذكره ابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ حَسَنُ الحَدِيْث إِذَا حَدَّثَ عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، وَيُحَدِّثُ عَنْ قَوْمٍ مَتْرُوْكِي الحَدِيْثِ، وَضُعَفَاءَ، وَيَحِيْدُ عَنْ أَسْمَائِهِم إِلَى كُنَاهُم، وَعَنْ كُنَاهُم إِلَى أَسْمَائِهِم. وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةً فِي الرِّوَايَةِ عَنِ الثِّقَاتِ، ضَعِيْفاً فِي رِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ. وَقَال النَّسَائي: إذا قال: حَدَّثَنَا وأَخْبَرَنَا، فهو ثقة، وإذا قال: عَنْ فلان فلا يؤخذ عنه، لأنه لا يدرى عمن أخذه. وقال الحاكم: ثقة مأمون. وقال أبو أحمد الحاكم: ثقة إذا حدث عن الثقات، ولكنه ربما روى عن الثقات أحاديث شبيهة بالموضوعة أخذها من الضعفاء فيسقطهم من الوسط ويرويها عمن حدثوه بها عنهم.

- وقال ابن المبارك: صدوق، ولكنه كان يكتب عمن أقبل وأدبر، أعياني بقيّة، يسمّي الكَنى، ويكنّي الأسامي. وقال الخطيب: صدوق في حديثه مناكير إلا أن أكثرها عن المجاهيل. وقال ابن حجر: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء. وَقَال أَبُو مسهر الغساني: أحاديث بقية ليست نقية، فكن منها عَلَى تقية.

- وقال ابن خُزَيْمَة: لا أحتجّ ببقيّة. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحْتَجّ به. وقال البيهقي: أجمعوا على أن بقية ليس بحجة. وقال عبد الحق الإشبيلي: بقية لا يحتج به.

وصفه بالإرسال: قال أبو حاتم: لم يسمع بقية من ابن عجلان شيئاً.

وصفه بالتدليس: ذكره العلائي، وابن حجر: في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين وهي: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل. قلت: كان بقية يُدلس تدليس التسوية، وهو أفحش أنواع التدليس، وممن وصفه بذلك: العلائي، وأبو زرعة العراقي، والخطيب، والذهبي، فقال العلائي: مشهور بالتدليس مكثر له عن الضعفاء ويعاني تدليس التسوية، وهو أفحش أنواع التدليس. وقال أبو الحسن بن القطان: يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك، وهذا إن صح عنه مفسد لعدالته، قال الذهبي: نعم والله صح هذا عنه أنه يفعله. وحاصله أنه "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد، والله أعلم.

(1)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 250، "الجرح والتعديل" 2/ 434، "المراسيل" 1/ 19، "المجروحين" 1/ 200، "تهذيب الكمال" 4/ 192، "الكاشف" 1/ 273، "تاريخ الإسلام" 4/ 1082، "الإكمال" 3/ 6، "جامع التحصيل" 1/ 150، 113، 105، "المدلسين" لأبو زرعة العراقي 1/ 37، "طبقات المدلسين" 1/ 14، 49، "التهذيب" 1/ 473، "التقريب" صـ 65.

ص: 264

4) عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ العَنْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الزاهد.

روي عن: أبيه ثابت بْن ثوبان، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِيّ، وآخرين، ولم يسمع من مكحول.

روي عنه: بَقِيَّة بن الوَلِيْدِ، ومحمد بْن يوسف الفريابي، والوليد بْن مسلم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَبُو حاتم، والذهبي: ثقة، وزاد أبو حاتم: مستقيم الحديث. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين في الثقات.

- وَقَال الذهبي مرة، وصَالِحٌ جَزَرَة، وصَالِح بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، وابن حجر: صدوق.

- وقال العجلي، وابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وابْن المديني، وأبو داود، ويعقوب بْن شَيْبَة: لا بأس به، وزاد يعقوب: رجل صدق، وزاد أَبُو داود: كان فيه سلامة.

- وقال ابْن مَعِين، والذهبي مرة: صَالِحُ الحَدِيْث. وَقَال الخطيب: كان ممن يذكر بالزهد والعبادة والصدق فِي الرواية. وَقَال الفلاس: حديث الشاميين كلهم ضعيف، إلا نفراً منهم: الأَوزاعِيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن ثابت.

- وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال النَّسَائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين، وأحمد، والنَّسَائي مرة: ضعيف، وزاد ابن معين: يكتب حديثه. وَقَال ابْن عدي: له أحاديث صالحة، ويكتب حديثه على ضعفه.

وصفه بالإرسال: قال أبو حاتم فقال: قد أدْرك مَكْحُولًا وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئاً.

وصفه بالتغير: قال أبو حاتم، وابن حجر: تغير عقله فِي آخر حياته. وحاصله أنه "صدوق يرسل عَنْ مكحول، وأما وصفه بالتغير فهذا أمر طبيعي إذ هناك فرق كبير بين التغير والاختلاط كما أشار إلي ذلك الذهبي في مواضع أخري، ولم يذكر أحدُ من العلماء أنه حَدَّث بعد تغيره هذا. والله أعلم.

(1)

5) مَكْحُوْلُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ شَهْرَابَ بنِ شَاذِلَ بنِ سَنَدَ بنِ يَغُوْثَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَامِيُّ

(2)

الدِّمَشْقِيُّ.

روي عن: وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ، وسَعِيد بْن المُسَيَّب، وطاووس بْن كيسان، وآخرين.

روي عنه: محمد بْن شهاب الزُّهْرِيّ، ويحيى ابن سَعِيد الأَنْصارِيّ، وآخرون، ولم يسمع منه مكحول.

أقوال أهل العلم فيه: قَال العجلي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كَانَ من فُقَهَاء أهل الشَّام.

- وَقَال الذهبي، وابْن خراش: صدوق. وقال عثمان بْن عطاء: كَانَ مكحول رجلاً أعجمياً لا يستطيع أن يقول قل، يقول: كل، فكل ما قال بالشام قُبل منه. قال الخطيب: أراد عثمان أن مكحولا كَانَ عندهم مع عجمة لسانه بحمل الإمامة وموضع الأمانة يقبلون قوله ويعملون بخبره، ولم يرد أنهم كانوا يحكون لفظه.

(1)

"الثقات" للعجلي 2/ 74، "الجرح والتعديل" 5/ 219، "المراسيل" 1/ 129، "الثقات" 7/ 92، "المشاهير" 1/ 141، "تهذيب الكمال" 17/ 12، "الكاشف" 1/ 623، "المغني" 1/ 596، "السير" 7/ 313، "المختلطين" للعلائي 1/ 71، "التقريب" صـ 279.

(2)

الشَّامِيُّ: بتشديد الشين المعجمة وفتحها وفي آخرها ميم، هذه النسبة إلى الشأم بالهمزة فليّن وقيل: الشامي، وهي بلاد بين الجزيرة والغور إلى الساحل، وإنما سميت الشام بسام بن نوح، وسام اسمه بالسريانية شام وبالعبرانية شيم، وقيل لأنها على شمال الأرض كما أن اليمن يمين الأرض، والمشهور بالنسبة إليها: مكحول بن عبد الله الشامي، كان من سبى كابل لسعيد بن العاص فوهبه لامرأة من هذيل فأعتقته بمصر ثم تحول إلى دمشق فسكنها. قاله السمعاني في "الأنساب" 7/ 265.

ص: 265

وصفه بالإرسال: قال أبو حاتم، وأبو زرعة، والعلائي، وابن حجر: كثير الإرسال جداً، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن كثير من الصحابة مرسلاً.

وصفه بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين وهي: من أكثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. ثم قال: يقال إنه لم يسمع من الصحابة إلا عن نفر قليل ووصفه بذلك ابن حبان وأطلق الذهبي أنه كان يدلس ولم أره للمتقدمين إلا في قول ابن حبان. وحاصله أنه "ثقة يرسل ويدلس فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع".

(1)

6) وَقَّاصُ بْنُ رَبِيعَةَ العَنْسِيُّ الشَامِيُّ، أبو رشدين.

روي عن: الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، وأَبي الدَّرْدَاء.

رَوَى عَنه: مَكْحُول، وسُلَيْمان بن موسى، ومحمد بن زياد الألهاني، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وأخرج الحاكم له حديث الباب وقال: إسناده صحيح. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه "يحسن حديثه".

(2)

7) الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ بن عمرو بن حسل بن حبيب بن سفيان بن محارب بن فهر الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ.

روي عن: النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبيه شداد بْن عَمْرو القرشي.

روي عنه: وَقَّاص بْن رَبِيعَة، وقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالشَّعْبِي، وآخرون.

كَانَ رضي الله عنه غلامًا يوم قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه سمع منه سماعاً وأتقنه، ووعى عنه، وسكن الكوفة، ثُمَّ شهد فتح مصر، وسكنها. وحاصله أنه "صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ لَهُ صُحبة ورواية، ولأبيه أيضًا صُحبة".

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو داود في سننه

".

1) حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح: قال ابن حجر: ثقة.

(4)

2) بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد: "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد". سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ: "صدوق يرسل عَنْ مكحول" تقدم في إسناد الوجه الأول.

4) ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ العَنْسِيُّ: قال ابن حجر: ثقة.

(5)

5) مَكْحُوْلُ الشَامِيُّ: "ثقة يرسل ويدلس فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" تقدم في إسناد الوجه الأول.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 296، "المراسيل" 1/ 211، "الثقات" 5/ 446، "تهذيب الكمال" 28/ 464، "من تكلم فيه وهو موثق" 1/ 506، "ميزان الاعتدال" 4/ 177، "جامع التحصيل" 1/ 285، "طبقات المدلسين" 1/ 46، "التقريب" صـ 477.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 496، "تهذيب الكمال" 30/ 457، "الكاشف" 2/ 350، "التقريب" صـ 511.

(3)

يُنظر "الاستيعاب" 4/ 1471، "أسد الغابة" لابن الأثير 5/ 148، "تاريخ الإسلام" 2/ 538، "الإصابة" 10/ 135.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 124.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 71.

ص: 266

6) وَقَّاصُ بْنُ رَبِيعَةَ الشامي: "مقبول" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

7) الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ: "صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ لَهُ صُحبة ورواية" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي بَقِيَّة بْن الْوَلِيد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: بَقِيَّة بْن الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّاد. ورواه عَنْ بَقِيَّة بْن الْوَلِيدِ بهذا الوجه: مُعَلَّل بْن نُفَيْل الحَرَانِي وهو ثقة.

الوجه الثاني: بَقِيَّة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِت، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ.

ورواه عَنْ بَقِيَّة بْن الْوَلِيدِ بهذا الوجه: حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح قال ابن حجر: ثقة.

(1)

ويَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ قال ابن حجر: صدوق عابد

(2)

، ومُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى قال ابن حجر: صدوق له أوهام وكان يدلس.

(3)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لرواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الثاني جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه: مُعَلَّل بْن نُفَيْل الحَرَانِي، وذلك لمخالفته لما رواه الأكثرية. وفيه كذلك: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ: صدوق ولم يسمع منْ مَكْحُول شيئاً.

وأما الحديث بالوجه ــــ الثاني الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: ثقة إلا أنه يُدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد، وهو لم يُصرح.

ومَكْحُولٍ الدمشقي: ثقة إلا أنه يُرسل ويُدلس فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع، وهو لم يُصرح. وَوَقَّاصُ بْنُ رَبِيعَةَ: مقبول.

قلت: لكن للحديث من وجهه الراجح متابعات من طُرقٍ عن ابْن جُرَيْجٍ، عن سُلَيْمَان بْنِ مُوسَى، عن وَقَّاصُ بْنُ رَبِيعَةَ، عن الْمُسْتَوْرِدَ. حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً، وَقَالَ مَرَّةً: أُكْلَةً، فَإِنَّ اللهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ اكْتَسَى بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ثَوْبًا، فَإِنَّ اللهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ، فَإِنَّ اللهَ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

(4)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 124.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 524.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 441.

(4)

أخرجه أحمد في "مسنده"(29/ 539 رقم 18011)، والحارث في "مسنده" ك/ الأدب ب/ فِيمَنْ ذَمَّ مُسْلِمًا لِيَنَالَ بِذَلِكَ دُنْيَا (2/ 834 رقم 879)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(5/ 281 رقم 2807)، وأبو يعلي في "مسنده"(12/ 264 رقم 6858)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أكل برجل مسلم، أو اكتسى به أو قام به مقام سمعة (11/ 343 رقم 4485)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" ب/ مَا جَاءَ فِي السَّعْيِ بِالنَّمِيمَةِ مِنَ الْكَرَاهَةِ (1/ 112 رقم 233)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 750 رقم 1522)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(3/ 110)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2603 رقم 6271)، والدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(1823)، والطبراني في "الأوسط"(3/ 111 رقم 2641)، وفي "الكبير"(20/ 308 رقم 734)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الأطعمة (4/ 142 رقم 7166)، والبيهقي في "الشعب" ب/ فِي تَحْرِيمِ أَعْرَاضِ النَّاسِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْوُقُوعِ فِيها (5/ 300 رقم 6718)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(63/ 54)، (63/ 55)، (63/ 56)، والمزي في "تهذيب الكمال"(30/ 459).

ص: 267

قلت: فيها: سُلَيْمَانُ بْنِ مُوسَى: قال فيه ابن حجر: صدوق فقيه في بعض حديثه لين، وخُولط قبل موته بقليل.

(1)

وابْن جُرَيْج قال فيه ابن حجر: ثقة فقيه فاضل، وكان يُدلس ويُرسل.

(2)

قلت: وقد صرح بالتحديث كما عند ابن عساكر، وغيره لكن في الطريق إليه ـــــ أي في هذه الطرق التي فيها التصريح بالسماع ـــــ سفيان بن وكيع بن الجراح. قال ابن حجر: كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه.

(3)

قلت: وللحديث شاهد مرسل عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكَلَ بِمُسْلِمٍ أُكْلَةً، أَطْعَمَهُ اللَّهُ بِهَا أُكْلَةً مِنَ النَّارِ، وَمَنْ لَبِسَ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثَوْبًا، أَلْبَسَهُ اللَّهُ بِهِ ثَوْبًا مِنَ النَّارِ، وَمَنْ سَمَّعَ بِمُسْلِمٍ، سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ رَايَا بِمُسْلِمٍ رَايَا اللَّهُ بِه.

(4)

قلت: مرسل إسناده صحيح.

وعلي هذا فالحديث بمتابعاته وشواهده يرتقي من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ إِلَّا بَقِيَّةُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أُكْلَةً، فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّم: أي كالرجل الذي يقع في عرض أخيه عند من يعاديه وذلك بسبه أو قذفه وكلامه فيه بغير الجميل وذلك كي يتحصل من وراء ذلك علي هدية أو جائزة من طعام أو كساء أو نحو ذلك فإن الله يُطْعمه مثلها من جهنم. وهذا المعني أيضاً في مثل قوله صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كُسِيَ بِرَجُلٍ ثَوْبًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ. وقوله صلى الله عليه وسلم وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُقِيمُهُ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قال العلماء: أي من قام من أجله مقام سمعة لا لمعنيً استحق به ذلك ولكن ليفضحه ويُسَّمع به فإن الله يفضحه ويُسَّمع به علي رؤوس الأشهاد يوم القيامة. وفي هذا دليل علي أن الجزاء من جنس العمل، وأن الإنسان يعاقب ويجازي من جنس عمله.

(5)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 195.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 304.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 185.

(4)

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 246 رقم 707)، وابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة والنميمة"(1/ 40 رقم 136).

(5)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري 8/ 3158.

ص: 268

[48/ 698]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ، وَقَالَ:«طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا الرَّمَادِيُّ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَاصِمُ الْأَحْوَل، ورواه عنه ابن عُيَيْنَة، واختلف علي ابن عُيَيْنَة من طريقين:

الطريق الأول: ابن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِي.

أخرجه الطبراني في الأوسط ـــــ رواية الباب ــــــ، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 48)، عن إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار الرَّمَادِيُّ، عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ به. وفيه: فَبَايَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الرجل بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.

الطريق الثاني: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ مرسلاً.

أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ في "مصنفه" ك/ الصيام ب/ الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَلَيْسَ فِي رَقَبَتِهَا قِلَادَةٌ وَتَطَيُّبِ الرِّجَالِ (4/ 321 رقم 7938)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 49، 48)، عَنْ الْحُمَيْدِي.

كلاهما: عَبْدُ الرَّزَّاق، والْحُمَيْدِي، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَل به وفيه: فَبَايَعَهُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.

الوجه الثاني: عَاصِمُ الْأَحْوَل، عَنْ أَنَس.

أخرجه البزار في "مسنده"(13/ 111 رقم 6486)، والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 109)، والبيهقي في "الشعب" ب/ الحياء فَصْلٌ فِي حِجَابِ النِّسَاءِ وَالتَّغْلِيظِ فِي سَتْرِهِنَّ (6/ 169 رقم 7810)، والضياء في "المختارة"(6/ 294 رقم 2311)، عن إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا، عَنْ عَاصِم به، وفيه: فَجَعَلَ يُبَايِعُهُمْ وَيُؤَخِّرُهُ حَتَّى جَعَلَهُ فِي آخِرِهِمْ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: ــــ الطريق الأول ــــ "إسناد الطبراني

".

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ

(1)

، أَبُو إِسْحَاقَ البَصْرِيُّ.

روي عن: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن رجاء المكي، ومحمد بْن خازم أبي معاوية الضرير، وآخرين.

(1)

الرَّمَادِيُّ: بفتح الراء والميم وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى موضعين، أحدهما إلى رمادة اليمن قرية بها، والثاني منسوب إلى رمادة فلسطين، ومن المشهورين بالنسبة إلي رمادة اليمن: إبراهيم بن بشار الرَمَادي، من أهل البصرة. قاله السمعاني في "الأنساب" 6/ 158. وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 89. سمعت أبي يقول أصله من جرجرايا.

ص: 269

روي عنه: البخاري في غير الصحيح، وأبو داود، ويعقوب بْن سفيان الفارسي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن حجر، والعيني: حافظ له أوهام. وقال الحاكم، ويحيي بن الفضل، وأبو عوانة: ثقة. وزاد الحاكم: مأمون، وزاد الحاكم، وأبو عوانة: من الطبقة الأولى من أصحاب ابن عيينة. وَقَال ابْن حبان: كان متقناً ضابطاً، صحب ابن عُيَيْنَة سنين كثيرة، وسمع أحاديثه مراراً، وقال الذهبي: الإِمَامُ المُحَدِّثُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ بن عُيَيْنة المُكْثِرِيْنَ عَنْهُ ليس بالمتقن، وله مناكير.

- وقال البخاري، وأبو حاتم، والطيالسي، وابن الجارود: صدوق، وزاد البخاري، وابن الجارود: يهم في الشيء بعد الشيء. وقال ابن عدي: بعد أن أنكر عليه حَدِيثَاً واحداً، قال: وَبَاقِي حَدِيثِهِ عنِ ابْنِ عُيَينة، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الثِّقَاتِ مُسْتَقِيمٌ، وَهو عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وقال ابن قانع: صالح.

- وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقويّ. وَقَال أحمد: كان يحضر معنا عند ابْن عُيَيْنَة، فكان يملي على الناس ما يسمعون من سفيان، وكان ربما أملى عليهم ما لم يسمعوا، وكأنّ سُفْيان الذي يروى عنه إبراهيم بن بشّار ليس سُفْيان بن عُيَيْنة، يعني ممّا يُغْرب عنه. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث، وهذا بسبب أوهامه" والله أعلم.

(1)

3) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بن أَبي عِمْران ميمون الهلالي، أَبُو مُحَمَّد الكُوْفِيُّ المَكِّيُّ.

روي عن: عاصم بْن سُلَيْمان الأحول، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وآخرين.

روي عنه: إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار الرَّمَادِي، وأحمد بْن حَنْبَل، وإسحاق بْن راهويه، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، وابن معين، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد أحمد: هو عندنا ثقة ضابط لسماعه، وزاد ابن سعد: ثبت كثير الحديث حجة، وزاد العجلي: ثبت في الحديث يعد من حكماء أصحاب الحديث، وزاد أبو حاتم: إمام كان أعلم بحديث عَمْرو بْن دينار مِن شُعْبَة، ومن أثبت أصحاب الزُّهْرِي، وزاد الذهبي: ثبت حافظ إمام أَتقَنَ، وَجَوَّدَ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد، وقد كان طلبة العلم يحجون وما همتهم إلا لُقيّ سُفْيان، لإمامته وعُلُوّ إسناده وحِفْظه، وزاد ابن حجر: حافظ إمام فقيه حجة.

وقال أبو حاتم: الحجة على المسلمين الذين ليس فيهم لبس: الثوري، وشعبة، ومالك، وابن عيينة. وقال ابن حبان: من الْحفاظ المتقنين. وقال الخليلي: إمام متفق عليه بلا مدافعة. وقال ابن القطان: هو إمام أهل الحديث. وقال اللالكائي: هو مستغن عن التزكية لحفظه وتثبته وإتقانه. روى لَهُ الجماعة.

وصفه بالإرسال: وصفه بذلك أبو زرعة. وقال يحيى القطان: مرسلات ابن عيينة، والثوري شبه الريح.

وصفه بالتدليس: قال العلائي، وأبو زرعة، والذهبي، وابن حجر: معروف بالتدليس، لكنّه لا يدلّس إلا عَنْ ثقة. وقال أبو زرعة العراقي: اتفقوا على قبول عنعنته. وقال سبط بن العجمي: لم يدلس إلا عن ثقة

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 89، "الثقات" لابن حبان 8/ 72، "الكامل" 1/ 431، "تهذيب الكمال" 2/ 56، "ميزان الاعتدال" 1/ 23، "الإكمال" 1/ 187، "التهذيب" 1/ 108، "مغاني الأخيار" للعيني 3/ 500، التقريب" صـ 28.

ص: 270

كثقته. وذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين وهي: من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه، أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة.

وصفه بالاختلاط: قال يحيى الْقطَّان قَالَ: أشهد أَن سُفْيَان اخْتَلَط سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة فَمن سمع مِنْهُ فِيهَا فسماعه لَا شيء. وقال ابن حجر: تغير حفظه بآخرة. وقد رد الذهبي علي يحيى الْقطَّان وتبعه علي ذلك العلائي فقال: لم يسمع مِنْ ابن عيينة فِي هَذه السنة سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة إلا مُحَمَّد بن عَاصِم الثَّقَفِيّ، وأَما سنة ثَمَان وَتِسْعين فَلم يلقه أحد فِيهَا لِأَنَّهُ فِيهَا توفّي قبل مَجِيء الْحَاج بأَرْبعَة أشهر، وَهَذَا الْكَلَام مستبعد من الْقطَّان، ويُعد غلطاً من ابن عمار، ومُنْكَرٌ مِنَ القَوْلِ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا هُوَ بِمُسْتقِيْمٍ، فَإِنَّ يَحْيَى القَطَّانَ مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، مَعَ قُدُوْمِ الوَفْدِ مِنَ الحَجِّ، فَمَنِ الَّذِي أَخْبَرَهُ باخْتِلَاطِ سُفْيَانَ، وَمتَى لَحِقَ أَنْ يَقُوْلَ هَذَا القَوْلَ، وَقَدْ بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ؟ فلعله علم ذَلِك فِي وسط السّنة مَعَ أَن الْقطَّان متعنت جداً في الرجال، وابن عُيَيْنَة ثِقَة حُجّة مطلقًا بالإجماع مِن أرباب الصَّحاح، ولم يتوقف أحد من العالمين في الاحتجاج بسفيان. قال ابن حجر: قوله: فلعله بلغه ذلك في وسط السنة، هذا هو الذي لا يتجه غيره لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة واعتمد قولهم وكانوا كثيراً فشهد على استفاضتهم. قلت: وقد ذكره العلائي في القسم الأول من المختلطين وهو: من لم يوجب للراوي ضعفاً أصلاً ولم يحط من مرتبته إما لقصر مدة الاختلاط وقلته كسفيان بن عيينة

وحاصله أنه "ثقة ثبت حجة يُرسل ويُدلس لكن قبل العلماء عنعنته لكونه لا يدلس إلا عن ثقة، وأما اختلاطه فقد رده الذهبي، والعلائي، ولم يتوقف أحد من العلماء في الاحتجاج به. وعلي فرض ثبوت ذلك، فلم يرو عنه أحد بعد اختلاطه إلا مُحَمَّد بن عَاصِم الثَّقَفِيّ فينظر في حديثه عنه والله أعلم.

(1)

4) عَاصِمٌ بْنُ سُلَيْمان الْأَحْوَل،

(2)

أبو عبد الرحمن البَصْرِيُّ.

روي عن: أَبِي عُثْمَان النَّهْدِي، وأنس بن مالك، وبكر بْن عَبد اللَّه المزني، وآخرين.

روي عنه: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابن سعد، والعجلي، وابن مَعِين، وابن المديني، وأبو زُرْعَة، وابْن عمار، والبزار، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وَزاد أَحْمَد: من الحفاظ للحديث، فقيل له تكلم فيه ابن مَعِين، فعجب وَقَال: ثقة، وزاد ابن المديني: ثبت، وزاد الذهبي: قَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ وَاحْتَجُّوا بِهِ فِي صِحَاحِهِمْ، وزاد ابن حجر: لم يتكلم

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 417، "الجرح والتعديل" 4/ 225، "الثقات" 6/ 403، "تهذيب الكمال" 11/ 177، "الكاشف" 1/ 449، "تاريخ الإسلام" 4/ 1110، "السير" 8/ 454، "المختلطين" للعلائي 1/ 45، "جامع التحصيل" 1/ 89، 97، 113، 186، "الإكمال" 5/ 411، "المدلسين" لأبو زرعة 1/ 53، "طبقات المدلسين" 1/ 13، 32، "التهذيب" 4/ 117، "التقريب" صـ 184.

(2)

الأَحْوَل: بفتح الألف وسكون الحاء المهملة، هذا من الحول في العين واشتهر به جماعة، منهم: أبو عبد الرحمن عاصم بن سليمان الأحول البصري مولى بنى تميم، ويقال: مولى عثمان بن عفان. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 149.

ص: 271

فيه إلا يحيي بن سعيد القطان فكأنه بسبب دخوله في الولاية. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال عثمان بن أبي شيبة: ثبت. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال الثوري: أدركت حفاظ الناس أربعة وذكره منهم. وَقَال شعبة: عاصم أحب إلي من قتادة في أبي عثمان النهدي لأنه أحفظهما. روى له الجماعة.

- وصِفه بالإرسال: قال أحمد: لم يرو عن عبد الله بن شقيق شيئاً. وحاصله أنه "ثقة يرسل".

(1)

5) أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُلٍّ، بنِ عَمْرِو بنِ عَدِيٍّ بْن وهب بن ربيعة بن سعد البَصْرِيُّ.

روي عن: أَبي مُوسَى الْأَشْعَرِي، وأَبِي بْن كعب، وأسامة بْن زيد، وآخرين.

روي عنه: عَاصِم الْأَحْوَل، وأيوب السختياني، وثابت البناني، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، وأَبُو زُرْعَة، وابن المديني، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي: إِمَام ثَبْت حُجَّةُ، وزاد ابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال المزي: أدرك الجاهلية وأسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه. وقال الذهبي: مُخَضْرَمٌ، مُعَمَّرٌ، أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلَامَ. روى له الجماعة.

وصفه بالإرسال: قال العلائي: أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره فحديثه عنه مرسل، وكذلك عن أبي بكر رضي الله عنه. وحاصله أنه "ثقة يرسل.

(2)

6) أَبو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (31).

‌ثانياً: دراسة إسناد الطريق الثاني من الوجه الأول: "إسناد عَبْد الرَّزَّاق

".

1) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: "ثقة ثبت حجة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

2) عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمان الْأَحْوَلِ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد البزار

".

1) محمد بن عبد الرحيم بن أبي زُهير المعروف بصاعقة: قال ابن حجر: ثقة حافظ.

(3)

2) سعيد بن سليمان الضَّبِّي لقبه سعدُويه: قال ابن حجر: ثقة حافظ.

(4)

3) إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا بن مرة الخلقاني: قال ابن حجر: صدوق يُخطئ قليلاً، وقال مرة: ضعيف.

(5)

4) عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمان الْأَحْوَلِ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 8، "الجرح والتعديل" 6/ 343، "الثقات" 5/ 237، "المشاهير" صـ 123، "تهذيب الكمال" 13/ 485، "الكاشف" 1/ 519، "المغني" 1/ 506، "جامع التحصيل" 1/ 203، "الإكمال" 7/ 103، "التقريب" صـ 228.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 416، "الجرح والتعديل" 5/ 283، "الثقات" 5/ 75، "المشاهير" 1/ 125، "تهذيب الكمال" 17/ 424، "تاريخ الإسلام" 2/ 1206، "جامع التحصيل" 1/ 227، "التقريب" صـ 292.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 427.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 177.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 46، "المطالب العالية" 7/ 402.

ص: 272

5) أَنَسُ بْنُ مَالِك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا ما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عَاصِم الْأَحْوَل، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، واختلف فيه علي ابن عُيَيْنَة من طريقين:

الطريق الأول: ابن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ.

ولم يروه عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بهذا الوجه إلا: إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار الرَّمَادِيّ وهو: صدوق حسن الحديث.

الطريق الثاني: ابن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ مرسلاً.

ورواه عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بهذا الوجه: عَبْد الرَّزَّاق، والْحُمَيْدِي.

الوجه الثاني: عَاصِم الْأَحْوَل، عَنْ أَنَسٍ.

ولم يروه عنه بهذا الوجه إلا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا. وإِسْمَاعِيل هذا قال فيه ابن حجر: صدوق يُخطئ قليلاً، وقال مرة: ضعيف.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الطريق الثاني من الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه عن عَاصِم راويان، وهذا بخلاف الأوجه الأخري.

2) رواية الأحفظ: فرواة هذا الوجه أحفظ وأوثق من رواة الأوجه الأخري.

3) ترجيح الأئمة:

- قال الدارقطني: عن عاصم، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّوَابُ.

(1)

- وقال العقيلي: في حديث إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ ــــــ الوجه الثاني ـــــ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، مِنْ قَوْلِهِ.

(2)

قلت: فقوله: وَهَذَا يُرْوَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، مِنْ قَوْلِهِ. فيه إشارة إلي أنَّ ذلك هو الوجه الراجح، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني: "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث من وجهه الراجح فمرسل إسناده صحيح".

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها حديث عِمْرَان بْن حُصَيْن:

فعَنْ قَتَادَة، عَنْ الحَسَن، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ خَيْرَ طِيبِ الرَّجُلِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ.

(3)

(1)

يُنظر "العلل" للدارقطني 12/ 104.

(2)

يُنظر "الضعفاء" للعقيلي 2/ 109.

(3)

أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الأدب ب/ مَا جَاءَ فِي طِيبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (5/ 107 رقم 2788)، والروياني في "مسنده"(1/ 101 رقم 75).

ص: 273

قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْه.

قلت: الحَسَن لم يسمع منْ عِمْرَان بْن حُصَيْن كما قال أحمد، وأبو حاتم، وابن المديني، وابن معين.

(1)

وعلي هذا فالحديث من وجهه الراجح يرتقي من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا الرَّمَادِيُّ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلَمْ يَرْوهِ عَنْ سُفْيَان إِلَّا الرَّمَادِي لكن من حديث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِي مرفوعاً، ورواه عَبْدُ الرَّزَّاق، والْحُمَيْدِي، عن ابن عُيَيْنَة، عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيِّ مرسلاً.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قلت: أخرج البخاري في "صحيحه" ك/ اللباس ب/ تطييب المرأة زوجها بيديها. بسنده عَن عائشة، قالت: طيبت النبي صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه، وطيبته بمنى قبل أن يفيض.

(2)

فقال ابن حجر رحمه الله: قوله باب تطييب المرأة زوجها بيديها. كأن فقه هذه الترجمة من جهة الإشارة إلى الحديث الوارد في الفرق بين طيب الرجل والمرأة وأن طيب الرجل ما ظهر ريحه وخفي لونه والمرأة بالعكس فلو كان ذلك ثابتاً لامتنعت المرأة من تطييب زوجها بطيبه لما يعلق بيديها وبدنها منه حالة تطييبها له وكان يكفيه أن يطيب نفسه فاستدل المصنف بحديث عائشة المطابق للترجمة وهو ظاهر فيما ترجم له، والحديث الذي أشار إليه أخرجه الترمذي وصححه الحاكم من حديث عمران بن حصين وله شاهد عن أبي موسى الأشعري عند الطبراني في الأوسط. ووجه التفرقة أن المرأة مأمورة بالاستتار حالة بروزها من منزلها والطيب الذي له رائحة لو شرع لها لكانت فيه زيادة في الفتنة بها وإذا كان الخبر ثابتاً فالجمع بينه وبين حديث الباب أن لها مندوحة أن تغسل أثره إذا أرادت الخروج لأن منعها خاص بحالة الخروج، والله أعلم.

(3)

(1)

يُنظر "المراسيل" لابن أبي حاتم 1/ 38.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ اللباس ب/ تَطْيِيبِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْهَا (7/ 163 رقم 5922).

(3)

يُنظر "فتح الباري" 10/ 366.

ص: 274

[49/ 699]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو الْأصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَعْمِلْنَا، فَإِنَّ عِنْدَنَا غِنًى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا نُرِيدُ أَنْ نَسْتَعْمِلَ عَلَى عَمِلْنَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه أبو جعفر بن البختري في "مجموع فيه مصنفاته"(1/ 411 رقم 625)، عن مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ به، بنحوه.

- والبزار في "مسنده (8/ 144 رقم 3162)، ووكيع الضبي في "أخبار القضاة" ب/ القضاء والأعمال يستعان عليها بالشفاعات (1/ 67)، عن قَيْس بن الربيع الأسدي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْر به.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ الإجارة ب/ اسْتِئْجَارُ الرَّجُل الصَّالِح (3/ 88 رقم 2261)، وفي ك/ استتابة المرتدين ب/ حُكْمِ المُرْتَدِّ وَالمُرْتَدَّةِ وَاسْتِتَابَتِهِمْ (9/ 15 رقم 6923)، وفي ك/ الأحكام ب/ مَا يُكْرَهُ مِنَ الحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ (9/ 64 رقم 7149)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ النَّهْيِ عَنْ طَلَبِ الْإِمَارَةِ وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا (3/ 1456 رقم 1733)، وأحمد في "مسنده"(32/ 266 رقم 19508)، (32/ 440 رقم 19666)، (32/ 518 رقم 19741)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ السير ب/ فِي الْإِمَارَةِ (11/ 245 رقم 33081)، وأبو داود في "سننه" في ك/ الحدود ب/ الحكم فيمن ارتد (6/ 410 رقم 4354)، ك/ الأقضية ب/ طلب القضاء والتسرع إليه (5/ 432 رقم 3579)، والبزار في "مسنده"(8/ 125 رقم 3131، 3130)، (8/ 133 رقم 3141)، (8/ 143 رقم 3161)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ هَلْ يَسْتَاكُ الْإِمَامُ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ؟ (1/ 76 رقم 8)، وفي ك/ القضاء ب/ تَرْكُ اسْتِعْمَالِ مَنْ يَحْرِصُ عَلَى الْقَضَاءِ (5/ 400 رقم 5898، 5899، 5900)، وفي "الصغرى" ك/ آداب القضاة ب/ تَرْكِ اسْتِعْمَالِ مَنْ يَحْرِصُ عَلَى الْقَضَاءِ (8/ 224 رقم 5382)، ووكيع الضبي في "أخبار القضاة ب/ القضاء والأعمال يستعان عليها بالشفاعات (1/ 67)، وأبو يعلي في "مسنده" (13/ 213 رقم 7240)، (13/ 306 رقم 7320)، والروياني في "مسنده" (1/ 300 رقم 444)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الأيمان ب/ وُجُوبِ حَنْثِ الْيَمِينِ إِذَا رَأَى الْحَالِفُ خَيْرًا مِنْهَا وَكَفَّارَتُهَا، وَعَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ (4/ 30 رقم 5921)، وفي ك/ الأمراء ب/ حَظْرِ طَلَبِ الْإِمَارَةِ، والاسْتِشْرَافِ لَهَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى إِبَاحَةِ الدُّخُولِ فِيهَا إِذَا قُلِّدَهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعِهَا مَنْ يَسْأَلُهَا أَوْ يَحْرِصُ عَلَيْهَا (4/ 378 رقم 7016)، (4/ 378 رقم 17017)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن النبي عليه السلام في نهيه أبا ذر أن يتولى قضاء بين اثنين وأن يؤوي أمانة (1/ 46 رقم 58)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ السير ب/ فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سُؤَالِ الْمَرْءِ الْإِمَارَةَ لِئَلَّا يُوكَلَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ سَائِلًا لَهَا (10/ 333 رقم 4481)، والطبراني في

ص: 275

"الكبير"(20/ 42 رقم 65)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"(1/ 278 رقم 247)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 177 رقم 1134)، والدارقطني في "أربعون حديثاً من مسند بريد عن جده عن أبي موسي"(1/ 133 رقم 83، 82، 81)، وأبو طاهر المُخَلَّص في "المخلصيات"(3/ 359 رقم 2714)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ المرتد ب/ قَتْلِ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ (8/ 338 رقم 16822)، وفي ك/ آداب القاضي ب/ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَيْهِمَا وَالتَّسَرُّعِ إِلَيْهِمَا (10/ 171 رقم 20248)، وفي "دلائل النبوة"(5/ 401)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الإمارة والقضاء ب/ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ (10/ 58 رقم 2466)، كلهم من طرق عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري، بعضهم بنحوه، والبعض الآخر فيه قصة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى بن يُوسُفَ البكائي أبو الأصبغ الْحَرَّانِيُّ، مولى بني البكاء.

روي عن: مُحَمَّد بْن سَلَمَة، وسفيان بن عُيَيْنَة، وعتاب بن بشير الجزري، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، وأبو زُرْعَة الرازي، وأَبُو حَاتِم الرازي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أبو داود، والذهبي: ثقة، وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات.

- وقال أبو حاتم، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: ربما وهم.

- وَقَال ابْن عَدِيّ، وابن الحذاء: لا بأس برواياته.

- وقالَ البُخَارِيّ: لَا يُتَابع على حَدِيثه وذكر حديثاً واحداً. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث".

(1)

3) مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بن عَبد اللَّه البَاهِلِيُّ، أَبُو عبد اللَّه الحَّرَانِيُّ:"ثقة" تقدم في حديث رقم (11).

4) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق، صاحب المغازي:"ثقة يدلس، فلا يقبل شئُ من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

5) عَبْدُ الْمَلِك بْنُ عُمَيْر بْنِ سُوَيْدِ بنِ جارِيةَ القُرَشِيُّ، أَبُو عَمْرٍو الكُوْفِيُّ، وَيُعْرَفُ بِالقِبْطِيُّ.

روي عن: أَبِي بُرْدَة بن أَبِي مُوسَى الأشعري، وجُنْدُب البَجَلِي، وَجَابِر بن سَمُرَة، وغيرهم.

روي عنه: مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسار، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن معين، والذهبي، وابن نمير، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن معين: إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين، وزاد ابن نمير: متقن للحديث. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. روى له الْجَمَاعَة.

- وَقَالَ أَحْمَدَ: مُضْطَرِب الحَدِيْثِ جِدّاً، مَعَ قِلَّةِ رِوَايَتِه، ويَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الحُفَّاظُ مَا أَرَى لَهُ خَمْسَ مائَةِ

(1)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 6/ 19، "الجرح والتعديل" 5/ 399، "الثقات" لابن حبان 8/ 397، "الكامل" 6/ 510، "تهذيب الكمال" 18/ 215، "الكاشف" 1/ 659، "الإكمال" 8/ 279، "التقريب" صـ 300.

ص: 276

حَدِيْثٍ، وَقَدْ غَلِطَ فِي كَثِيْرٍ مِنْهَا. وقال ابن خراش: كان شعبة لا يرضاه.

وصفه بالتدليس: ذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب الموصوفين بالتدليس.

وصفه بالاختلاط: قَالَ أَبُو حَاتِم: تَغَيَّرَ حِفْظُه قَبْلَ مَوْتِه. وقال ابنِ مَعِيْنٍ: مُخَلِّطُ. قلت: لكن قال الذهبي: الرجل من نظراء أبو إسحاق، وسعيد المقبري لما وقعوا في هزم الشيخوخة نقص حفظهم، وساءت أذهانهم، ولم يختلطوا. وقال العلائي: ذكر بعض الحفاظ أن اختلاطه احتمل لأنه لم يأت فيه بحديث منكر فهو من القسم الأول وهو: من لم يوجب ذلك له ضعفاً أصلاً ولم يحط من مرتبته. وحاصله أنه "ثقة يُرسل ويُدلس فلا يقبل شئ من حديث إلا إذا صرح فيه بالسماع، وأما وصفه بالاختلاط فهذا تَغَيُرٌ حاصل من كبر سنه وشيخوخته، كما يفهم من كلام الذهبي، وقد ذكره العلائي في القسم الأول من المختلطين.

(1)

6) أَبو بُرْدَةَ بن أَبِي مُوسَى الأشعري: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (31).

7) أَبو مُوسَى الأشعري: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (31).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: مُحَمَّد بن إِسْحَاق: ثقة يدلس، وعَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر: ثقة يرسل، ويدلس، فلا يقبل شئُ من حديثهما إلا إذا صرحا فيه بالسماع، وكلاهما لم يصرح بالسماع.

قلت: لكن للحديث متابعات في الصحيحين وغيرهما عَنْ أَبِي بُرْدَة، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بل تابعه: قيس بن الربيع الأسدي، أبو محمد الكوفي، كما سبق بيان ذلك في التخريج. وقيس هذا قال فيه ابن حجر: صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.

(2)

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأتباعه في هذا الحديث الشريف ألا يحرصوا علي طلب الإمارة وألا يطلبوا ذلك بأنفسهم فإنها مسؤولية كبيرة وتبعة ثقيلة وقد يسفك الناس دماء بعضهم بعضاً وينتهكون أعراض بعضهم ويفسدون في الأرض كل ذلك لأجل الوصول إليها. قال العلماء: قوله صلى الله عليه وسلم: مَا نُرِيدُ أَنْ نَسْتَعْمِلَ عَلَى عَمِلْنَا

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 104، "الجرح والتعديل" 5/ 360، "المراسيل" 1/ 132، "الثقات" 5/ 116، "تهذيب الكمال" 18/ 370، "المغني" 2/ 13، "ميزان الاعتدال" 2/ 660، "المختلطين" 1/ 76، "جامع التحصيل" 1/ 230، 113، 108، "الإكمال" 8/ 329، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 41، "التقريب" صـ 305.

(2)

يُنظر "التقريب" 1/ 392.

ص: 277

مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ: ذلك لمن يطلب الإمارة وغيره فيها قائمٌ عليها فهذا لا يُعان عليها ولا تُعطي له. وأما إن رأي إنسان أن هناك أمراً ضائعاً بين المسلمين ويحتاج لمن يقوم عليه ويرعي مصالحه ولم يوجد أحد فهذا لا بأس بطلبه أن يتولى هذا الأمر. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يُؤَمَّرَ فأَخِّرْهُ.

(1)

وقال ابن بطال رحمه الله: والحرص الذى اتهم النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه ولم يوله هو أن يطلب من الإمارة ما هو قائم لغيره متواطئًا عليه، فهذا لا يجب أن يُعان عليه ويُتَهم طالبه، وأما إن حرص على القيام بأمر ضائع من أمور المسلمين أو حرص على سد خلة فيهم، وإن كان له أمثال فى الوقت والعصر لم يتحركوا لهذا، فلا بأس أن يحرص على القيام بالأمر الضائع ولا يُتَهم هذا إن شاء الله. وبين هذا المعنى حديث خالد بن الوليد حين أخذ الراية من غير إمرة فَفُتِح له.

(2)

(1)

يُنظر "شرح السنة" للبغوي 10/ 58.

(2)

يُنظر "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 8/ 218.

ص: 278

[50/ 700]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الكبير"(12/ 371 رقم 13379)، عن أَحْمَد الْأَبَّار، عن أُمَيَّة بْن بِسْطَام، به.

- وابن المُقرئ في "معجمه"(356)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(2/ 254)، عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْنِ سَعِيدٍ الْبُوشَنْجِي، عن أُمَيَّة بْن بِسْطَام به.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ الأذان ب/ الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ (1/ 127 رقم 622)، وفي ك/ الصوم ب/ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ (3/ 29 رقم 1918)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الصيام ب/ بَيَانِ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّوْمِ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّ لَهُ الْأَكْلَ وَغَيْرَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَبَيَانِ صِفَةِ الْفَجْرِ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنَ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ، وَدُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (2/ 768 رقم 1092)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(934)، وابن أبي شيبة في "مصنفه (9010)، وأحمد في "مسنده" (9/ 171 رقم 5195)، والدارمي في "سننه" ك/ الصلاة ب/ فِي وَقْتِ أَذَانِ الْفَجْرِ (2/ 761 رقم 1227)، والبزار في "مسنده" (12/ 100 رقم 5591)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ الصلاة ب/ مَا جَاءَ فِي الْأَذَانِ (1/ 50 رقم 163)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ الرُّخْصَةِ فِي أَذَانِ الْأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُعْلِمُهُ الْوَقْتَ (1/ 221 رقم 424)، وفي ك/ الصيام ب/ لدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يَمْنَعُ الصَّائِمَ طَعَامَهُ، وَلَا شَرَابَهُ، وَلَا جِمَاعًا ضِدَّ مَا يَتَوَهَّمُ الْعَامَّةُ (3/ 211 رقم 1931)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصيام ب/ بَيَانِ وَقْتِ أَكْلِ السَّحَرِ، وَإِبَاحَةِ أَكْلِهِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ، وَإِنْ سَمِعَ الْأَذَانَ قَبْلَ ذَلِكَ (2/ 181 رقم 2764، 2766)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (1/ 446 رقم 522)، وأبو القاسم تمام في "فوائده" (1/ 254 رقم 622، 621)، وأبو نعيم في "مستخرجه علي صحيح مسلم" ك/ الصيام ب/ الأَذَانِ بِاللَّيْلِ (3/ 168 رقم 2454، 2456)، وابن حزم في "المحلي" (6/ 230)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ أَذَانِ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَرِوَايَةِ مَنْ قَدَّمَ أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى أَذَانِ بِلَالٍ (1/ 561 رقم 1790)، وفي ك/ الصلاة ب/ عَدَدِ الْمُؤَذِّنِين (1/ 630 رقم 2014)، وفي ك/ الصيام ب/ منْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فِيهِ شَيْءٌ لَفَظَهُ وَأَتَمَّ صَوْمَهُ (4/ 369 رقم 8022)، وابن عساكر في "تاريخه" (36/ 256)، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف" ك/ الصلاة ب/ يؤذن لِلْفَجْرِ بليل (2/ 91 رقم 409)، كلهم من طرق عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بنحوه. وزاد بعضهم: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

ص: 279

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ بنِ المُنْتَشِرِ، أَبُو بَكْرٍ العَيْشِيُّ

(1)

البَصْرِيُّ، ابْن عم يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ.

روي عن: ابْن عمه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وبشر بْن المفضل، وعِمْران بْن عُيَيْنَة، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، والبخاري، ومسلم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي، ومسلمة الأندلسي: ثِّقَة. وذكره ابْن حبان فِي الثقات.

وقال أَبُو حاتم: محله الصدق. وقال ابن حجر: صدوق. وحاصله أنه "ثقة" والله أعلم.

(2)

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَبُو مُعَاوِيَةَ العَيْشِيُّ البَصْرِيُّ.

روي عن: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وآخرين.

روي عنه: أُمَيَّة بْن بِسْطَام، وعَبد اللَّه بْن المبارك، وعبد الرحمن بْن مهدي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وابْن مَعِين، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن معين: مأمون، وزاد أبو حاتم: إمام، وزاد ابن حجر: ثبت، وزاد ابن سعد: حجة كثير الحديث. وذكره ابْن حبان في الثقات.

وقال يحيى بْن سَعِيد القطان: لم يكن ها هنا أحد أثبت من يزيد. وَقَال أَحْمَد: ما أتقنه وما أحفظه، يَا لك من صحة حديث، صدوق متقن، إليه المنتهى فِي التثبت بالبصرة كَانَ ريحانة البصرة. وقال ابن المَدِينيّ: لم يزل مشتغلاً بإتقان الحديث. وقال إبراهيم بن محمد بن عرعرة: لم يكن أحد أثبت منه. وسمع ابن المبارك رجلاً يحدث عن يزيد فقال له: عن مثله فحدث. وقال بشر بن الحكم: كان متقناً حافظاً ما أعلم أني رأيت مثله ومثل صحة حديثه. وقال عفان كان أثبت الناس. روى لَهُ الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(3)

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، أَبُو غِيَاثٍ التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ

(4)

الْبَصْرِيُّ.

روي عن: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ومنصور بْن المعتمر، وسهيل بْن أَبي صالح، وآخرين.

روي عنه: يَزِيد بْن زُرَيْع، وإسماعيل بن علية، وسَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابن المبارك، وابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، والدارقطني، وابن نمير، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: حافظ. وَقال الذهبي: كَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظ الْمُجَوِّدِين. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كان حافظاً متقناً. وقال في المشاهير: من متقني البصريين. وقَالَ

(1)

العَيْشِيُّ: بفتح العين المهملة وسكون الياء المنقوطة بنقطتين من تحتها وفي آخرها الشين المعجمة، هذه النسبة إلي جماعة ينتسبون إلى بنى عايش ومنهم: أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ العَيْشِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 9/ 106.

(2)

"الجرح والتعديل"2/ 303، "الثقات"8/ 123، "تهذيب الكمال"3/ 329، "الكاشف"1/ 255، "الإكمال" 2/ 267، "التقريب" صـ 53.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 263، "الثقات" لابن حبان 7/ 632، "تهذيب الكمال" 32/ 124، "تاريخ الإسلام" 4/ 1005، "التهذيب" 11/ 325، "التقريب" صـ 530.

(4)

العَنْبَرِيُّ: بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء المنقوطة بواحدة والراء، هذه النسبة إلى بنى العنبر، وتخفف فيقال لهم: بلعنبر، وهم جماعة من بنى تميم ينتسبون إلى العنبر بن عمرو بن تميم بن مرة ابن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار، منهم: أبو غياث روح ابن القاسم العنبري التميمي من أنفسهم. قاله السمعاني في "الأنساب" 9/ 67.

ص: 280

سُفْيَان: لَمْ أَرَ أَحَدًا طَلَبَ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُسِنٌّ أَحْفَظُ مِنْه. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس. روى له الجماعة سوى التِّرْمِذِي. وحاصله أنه "ثقة حافظ".

(1)

5) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ بْنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، أَبُو عُثْمَانَ العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ.

(2)

روي عن: نافع مولى ابْن عُمَر، وثابت البناني، وسالم بْن عَبد اللَّه بْن عُمَر، وآخرين.

روي عنه: رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، وسُفْيَان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، والعجلي، وابن معين، وأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، والنَّسَائِيُّ، والذهبي، والخليلي، وابن الأثير، وابن نمير، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: كثير الحديث حجة، وزاد العجلي: ثبت مأمون ليس أحد أثبت في حديث نافع منه، وزاد النَّسَائِيُّ، وابن حجر: ثَبْتٌ، وزاد ابن الأثير: حافظ، وزاد الذهبي: حافظ ثبت حُجَّة بِالإِجْمَاع، وزاد الخليلي: حَافِظٌ مُتْقِنٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ روى عنه الأئمة الكبار. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كَانَ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، عِلماً، وَحِفظاً، وَاتِّفَاقاً، وَقَال أَبُو حاتم: سألت أَحْمَد عَنْ مَالِك، وعُبَيد اللَّه بْن عُمَر، وأيوب أيهم أثبت فِي نَافِع؟ فَقَالَ: عُبَيد اللَّه أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية. روى له الجماعة. وهو أحد الفقهاء السبعة. وصفه بالإرسال: في روايته عَنْ عمر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهما. وحاصله أنه "ثقة ثبت" لكنه يرسل.

(3)

6) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

7) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني إسناده "صحيح". قلت: والحديث في الصحيحين كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

قلت: أما قوله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: فالأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 495، "الثقات" لابن حبان 6/ 305، "المشاهير" 1/ 186، "الثقات" لابن شاهين 1/ 86، "العلل" للدارقطني 1/ 79، "تهذيب الكمال" 9/ 252، "تاريخ الإسلام" 3/ 863، "الإكمال" 5/ 13، "التقريب" صـ 151.

(2)

العُمَرِىُّ: بضم العين وفتح الميم وكسر الراء، هذه النسبة إلى العمرين، أحدهما عمر بن الخطاب، والثاني إلى عمر بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم، فأما المنتسب إلى عمر بن الخطاب فالمشهور بهذه النسبة هو: عبد الله، وعبيد الله ابنا عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العُمَرِيان. قاله السمعاني في "الأنساب 9/ 57.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 113، "الجرح والتعديل" 5/ 326، "الثقات" لابن حبان 7/ 149، "تهذيب الكمال" 19/ 124، "تاريخ الإسلام" 3/ 922، "السير" 6/ 304، "الإكمال" 9/ 53، "التهذيب" 7/ 38، "التقريب" صـ 314.

ص: 281

وأما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ: فليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به الْأَبَّار عن أُمَيَّة بْن بِسْطَامٍ، بل تابعه: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْبُوشَنْجِيُّ، عن أُمَيَّة بْن بِسْطَام كما سبق بيان ذلك في التخريج. والْبُوشَنْجِيُّ هذا قال فيه ابن حجر: ثقة حافظ فقيه.

(1)

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

في هذا الحديث دليل علي أن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون للفجر أذانين أذان قبله، وأذان بعد طلوعه وكان سيدنا بلال يؤذن الأذان الأول، وأما الأذان الثاني فَيُؤَذِنه ابن أم مكتوم رضي الله عنه، ومن المعلوم أن الصوم له تعلق بالفجر إذ الصيام فرضاً كان أم نفلاً يبدأ من طلوع الفجر. فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلي أن أذان الفجر الذي له تعلق بالصيام هو الأذان الثاني الذي به تجب صلاة الفرض - الفجر - ويبدأ به الصيام أيضاً فأعلمهم أن وقت الأكل والشرب ممدود إلي حين الأذان الثاني وأن أذان بلال الأول لا يتعلق به شئ من الأحكام كدخول وقت الصلاة أو ابتداء وقت الصيام ونحو ذلك. فقال عليه السلام: إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُوم. قال النووي رحمه الله: فِيهِ جَوَازُ الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِيهِ جَوَازُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ أَذَانَيْنِ لِلصُّبْحِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِهِ أَوَّلَ الطُّلُوعِ .. وَفِيهِ دَلِيلٌ لجواز الْأَكْلِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَلَا تَفْسُدُ نِيَّةُ الصَّوْمِ بِالْأَكْلِ بَعْدَهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ الْأَكْلَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَجُوزُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا سَابِقَةٌ وَأَنَّ الْأَكْلَ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ غَيْرِنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَتَى أَكَلَ بَعْدَ النِّيَّةِ أَوْ جَامَعَ فَسَدَتْ وَوَجَبَ تَجْدِيدُهَا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهَذَا غَلَطٌ صَرِيحٌ. وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ وَتَأْخِيرِهِ.

(2)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 401.

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 7/ 202 ــــــ 204.

ص: 282

[51/ 701]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} .

(1)

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وحَاتِم بْن إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِي، وإسماعيل بن جعفر، وَوُهَيْب بْن خَالِد، ويَحْيَى بْن سَعِيدٍ القطان، وابْن جُرَيْج، وابن عيينة، ومَالِك، والثَّوْرِي، ويزيد بْن الْهَادِ الليثي، وسُلَيْمَان بْن بِلَال، وفُضَيْل بْن سُلَيْمَان، وخَارِجَة بن مصعب الضبعي، والْمُفَضَّل بْن صَدَقَةَ، وعَبْد الْعَزِيز الدراوردي، وحفص بن غياث، وعَبْد اللَّه بن أويس الأصبحي.

- أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: فأخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي "المعجم الصغير"(1/ 68 رقم 83)، بسنده سواء، ومن طريقه ــــــ أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 200) ــــــ.

- وأما طريق حَاتِم بْن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِي: فأخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 886 رقم 1218)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الحج ب/ مَنْ كَانَ يَأْمُرُ بِتَعْلِيمِ الْمَنَاسِكِ (5/ 485 رقم 14908)، وفي ب/ مَنْ كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ ثُمَّ يَطُوفُ (5/ 539 رقم 15212)، وفي ب/ مَنْ قَالَ: إِذَا طفْت فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْمَقَامِ (5/ 544 رقم 15241)، وعبد بن حميد في "المنتخب"(1/ 341 رقم 1135)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(2098)، والدارمي في "سننه" ك/ المناسك ب/ فِي سُنَّةِ الْحَاجِّ (2/ 1167 رقم 1892)، وابن ماجه في "سننه" ك/ المناسك ب/ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4/ 257 رقم 3074)، وأبو داود في "سننه" ك/ المناسك ب/ صفة حَجَّة النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 282 رقم 1905)، وفي ك/ الحروف (6/ 99 رقم 3969)، والنسائي في "الكبرى" ك/ المناسك ب/ الدُّعَاءُ عَلَى الصَّفَا (4/ 142 رقم 3954)، وابن الجارود في "المنتقي"(1/ 123 رقم 469)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 528)، وابن أبي داود السجستاني في "المصاحف"(1/ 240)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(306، 1353)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ فِي حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاعْتِمَارِهِ: ذِكْرُ وَصْفِ حَجَّةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم (9/ 253 رقم 3944)، والجصاص في "أحكام القرآن"(1/ 91)، وأبو نعيم الأصبهاني في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ مَنْ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَيْنَ يُحْرِمُ (3/ 316 رقم 2827)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ المناسك ب/ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا (2/ 179 رقم 1642)، وفي "الكبرى" ك/ الحج ب/ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ

(1)

سورة البقرة آية رقم 125.

ص: 283

(5/ 148 رقم 9324)، وفي "دلائل النبوة" ب/ حَجَّةِ الْوَدَاعِ (5/ 433)، وفي "معرفة السنن والآثار"(9936)، وابن حزم في "المحلي"(7/ 119)، وفي "حجة الوداع"(1/ 152 رقم 56)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 494 رقم 714)، وابن عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير"(1/ 263)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 675).

- وأما طريق إسماعيل بن جعفر: فأخرجه هو في "أحاديثه"(1/ 393 رقم 339)، ومن طريقه ــــــ النسائي في "السنن الكبرى" ك/ المناسك ب/ اسْتِلَامُ الرُّكْنِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (4/ 136 رقم 3941)، وفي "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ الْقَوْلُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (5/ 236 رقم 2962)، وابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 414)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 498 رقم 715)، وفي "شرح السنة" ك/ الحج ب/ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (7/ 133 رقم 1918) ــــــ.

- وأما طريق وُهَيْب بْن خَالِد: فأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 246 رقم 1773)، وأبو يعلي في "مسنده"(4/ 23 رقم 2027)، (12/ 105 رقم 6739)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ فِي حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاعْتِمَارِهِ: ذِكْرُ وَصْفِ حَجَّةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم (9/ 250 رقم 3943)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 672).

- وأما طريق يَحْيَى بْن سَعِيد القطان: فأخرجه أحمد في "مسائله" رواية ابنه عبد الله (1/ 214 رقم 801)، وأحمد في "مسنده"(22/ 325 رقم 14440)، والفاكهي في "أخبار مكة" ب/ ذِكْرُ قِيَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام عَلَى الْمَقَامِ وَأَذَانِهِ عَلَيْهِ بِالْحَجِّ، وَفَضَلِ الْمَقَامِ (1/ 449 رقم 984)، وأبو داود في "سننه" ك/ المناسك ب/ صفة حَجَّة النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 292 رقم 1909)، وأبو يعلي في "مسنده"(4/ 93 رقم 2126)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ المناسك (1/ 121 رقم 465)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 524)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ المناسك ب/ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ عِنْدَ الْمَقَامِ (4/ 228 رقم 2754)، وابن أبي داود السجستاني في "المصاحف"(1/ 239)، وابن عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير"(1/ 260)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 674).

- وأما طريق ابْن جُرَيْج: فأخرجه أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة"(2/ 115)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الحج ب/ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (5/ 147 رقم 9323)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ ذِكْرِ صِفَةِ طَوَافِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ مَكَّةَ وَابْتِدَاءِ طَوَافِهِ بِاسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَالرَّمَلِ فِي طَوَافِهِ وَصِفَتِهِ، وَبَيَانِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالرَّمَلِ، وَصِفَةِ صَلَاتِهِ بَعْدَ طَوَافِهِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهَا (2/ 356 رقم 3415)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 226 رقم 1196)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 673).

- وأما طريق سُفْيَان بن عيينة: فأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" ب/ ذِكْرُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَأَيْنَ تُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَالدُّعَاءِ خَلْفَ الْمَقَامِ (1/ 459 رقم 1008)، والترمذي في "سننه" ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالصَّفَا قَبْلَ المَرْوَةِ (3/ 207 رقم 862)، وفي ك/ تفسير القرآن ب/ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ (5/ 210 رقم 2967)، وابن أبي داود السجستاني في "المصاحف"(1/ 240).

ص: 284

- وأما طريق مَالِك بْن أَنَس: فأخرجه ابن ماجه في "سننه" أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا ب/ الْقِبْلَةِ (2/ 139 رقم 1008)، وفي ك/ المناسك ب/ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الطَّوَافِ (4/ 184 رقم 2960)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ المناسك ب/ الْقِرَاءَةُ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (4/ 136 رقم 3940)، وفي "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ الْقَوْلُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (5/ 236 رقم 2963)، وابن أبي داود السجستاني في "المصاحف"(1/ 240)، وبنِ سَخْتَوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ المُزَكِّي في "المزكيات"(1/ 156 رقم 74)، وابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 413)، وابن حزم في "المحلي"(1/ 153 رقم 57).

- وأما طريق سُفْيَان الثَّوْرِي: فأخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ كَيْفَ الطَّوَافُ (3/ 202 رقم 856)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ المناسك ب/ كَيْفَ يَطُوفُ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ (4/ 129 رقم 3922)، والنسائي في "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ كَيْفَ يَطُوفُ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ وَعَلَى أَيِّ شِقَّيْهِ يَأْخُذُ إِذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ (5/ 228 رقم 2939)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ المناسك ب/ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ حِينَ عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ خَلْفَ الْمَقَامِ، جَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ، لَا أَنَّهُ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَقَامِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ (4/ 229 رقم 2755)، وابن أبي داود السجستاني في "المصاحف"(1/ 240)، والطبراني في "الأوسط"(2/ 184 رقم 1661)، وابن عبد البر في "التمهيد"(2/ 70).

- وأما طريق يزيد بْن الْهَادِ الليثي: فأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ المناسك ب/ كَمِ التَّهْلِيلُ عَلَى الصَّفَا (4/ 141 رقم 3953)، وفي "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ الْقَوْلُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (5/ 235 رقم 2961)، وفي ب/ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ عَلَى الصَّفَا (5/ 240 رقم 2974).

- وأما طريق سُلَيْمَان بْن بِلَال: فأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ ذِكْرِ صِفَةِ طَوَافِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ مَكَّةَ (2/ 356 رقم 3416) وفي ب/ بَيَانِ صِفَةِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَكَانِ مَوْضِعِ السَّعْيِ فِيهِ، وَمَوْضِعِ الْمَقَامِ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عز وجل وَالدُّعَاءِ، وَأَنَّهُ سَبْعَةُ أَطْوَافٍ يَبْدَأُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ (2/ 364 رقم 3451).

- وأما طريق فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَان: فأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ التاريخ ب/ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَارِهِ (14/ 227 رقم 6322).

- وأما طريق خَارِجَةَ بن مصعب الضبعي: فأخرجه ابن أبي داود السجستاني في "المصاحف"(1/ 239)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(1/ 198).

- وأما طريق الْمُفَضَّل بْن صَدَقَة: فأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5/ 191 رقم 5045).

- وأما طريق عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد الدراوردي: فأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ المناسك ب/ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (7/ 243 رقم 9935، 9934).

- وأما طريق حفص بن غياث: فأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 416).

- وأما طريق عَبْد اللَّه بن أويس الأصبحي: فأخرجه ابن عبد البر في "الدرر في اختصار المغازي والسير"(1/ 263)، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل"(2/ 668).

ص: 285

- كلهم عن جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مرفوعاً. بعضهم بنحوه، وبعضهم مُطولاً بذكر كيفية حجته صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثاني: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مرسلاً.

أخرجه بَحْشَل في "تاريخ واسط"(1/ 189)، عن حَاتِم بْن إِسْمَاعِيل، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَنْ أبيه مرسلاً.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد بْن علي بن الحُسَيْن بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِب، أَبُو عَبْد اللَّهِ المَدَنِيُّ الصادق

(1)

.

روي عن: أَبِيْهِ أَبي جَعْفَر البَاقِر، وَعُبَيْد الله بنِ أَبِي رَافِع، وَعُرْوَة بن الزُّبَيْر، وآخرين.

روي عنه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وإسماعيل بْن جعفر، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن مَعِين، وأبو حاتم، والشافعي، وابْن عدي، وعثمان بن أبي شيبة، والنسائي، والذهبي، والبيهقي: ثِقَةٌ. وزاد ابن مَعِين: مأمون، وزاد أبو حاتم، وعثمان: لا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ، وزاد عثمان أيضاً: إذا روي عنه الثقات، وزاد الذهبي: صَدُوْقٌ، مَا هُوَ فِي الثَّبْتِ كَشُعْبَةَ، وَهُوَ أَوْثَقُ مِنْ سُهَيْلٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ فِي وَزْنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَالِبُ رِوَايَاتِه عَنْ أَبِيْهِ مَرَاسِيْل. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وقال ابن حبان: يحتج بحديثه من غير رواية أولاده عنه وقد اعْتَبَرت حديث الثقات عنه فرأيت أحاديث مستقيمة ليس فيها شيء يخالف حديث الأثبات ومن المُحال أن يلصق به ما جناه غيره.

- وقال الساجي: صدوق مأمون إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم، وإذا حدث عنه من دونهم اضطرب حديثه. وقال ابن حجر: صدوق فقيه إمام. وقال يَحْيَى القَطَّانِ: ما كَانَ كذوباً.

- وقال ابن سعد: كثير الحديث لا يحتج به ويستضعف، سئل جعفر مرة: سمعت هذه الأحاديث التي تروي عن أبيك منه؟ فقال: نعم، وسئل مرة أخرى عن مثل ذلك فقال: إنما وجدتها في كتبه. قال ابن حجر: يحتمل أن يكون الأولان وقعا عن أحاديث مختلفة فذكر فيما سمعه أنه سمعه وفيما لم يسمعه أنه وجده وهذا يدل على تثبته. وقال يَحْيَى بْن سَعِيد: في نفسي منه شيء، مجالد أحب إلي منه. قُال الذهبي: لَمْ يُتَابَعِ

(1)

الصَّادِق: بفتح الصاد المهملة وكسر الدال أيضا المهملتين بينهما الألف وفي آخرها القاف، هذه اللفظة لقب لجعفر الصادق لصدقه في مقاله، وهو أبو عبد الله جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الهاشمي، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق رضي الله عنهم. قاله السمعاني في "الأنساب" 8/ 7،

ص: 286

الْقَطَّان عَلَى هَذَا الرَّأْيِ، فَإِنَّ جَعْفَرًا صَدُوقٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَمُجَالِدُ لَيْسَ بِعُمْدَةٍ، فهَذِهِ مِنْ زَلقَاتِ القَطَّانِ، فقد أَجْمَعَ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ عَلَى أَنَّ جَعْفَراً أَوْثَقُ مِنْ مُجَالِدٍ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِ يَحْيَى. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

6) مُحَمَّدُ بْنُ علي بْن الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ الْقُرَشِي الهاشمي، أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ.

روي عن: جابر بْن عَبد الله، وأنس بن مالك، وسَعِيد بن المُسَيَّب، وآخرين.

روي عنه: ابنه جعفر بن مُحَمَّد الصادق، وعَمْرو بن دينار، ومحمد بن شهاب الزُّهْرِيّ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: ثقة، كثير الحديث. وزاد الذهبي: اتَّفَقَ الحُفَّاظ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِأَبِي جَعْفَر، وأما قولهم الباقر، فهو مِنْ بَقَرَ الْعِلْمَ أي شَقَّة فعرف أصله وخَفِيِّه. وزاد ابن حجر: فاضل. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة.

وقد وصف بالإرسال: في روايته عَنْ الحسن، والحسين، وجده الأعلى علي، وعائشة، وأم سلمة، وأبو هريرة، وعمر. وحاصله أنه "ثقة يرسل" لكن روايته عن جابر صحيحة، والله أعلم.

(2)

7) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني:

1) أَحْمَدُ بْنُ سِنَان بن أسد بن حبان أبو جعفر القطان الواسطي: قال ابن حجر "ثقة حافظ".

(3)

2) هيم بْنُ مُعَاوِيَةَ الزمراي: روي عنه: أَحْمَد بْن سِنَانٍ القطان، وأبي العوام أحمد بن يزيد الرياحي، وري عن: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الحارثي. ولم أقف له علي ترجمة إلا ذكره في هذا الإسناد. وحاصله أنه "مجهول".

3) حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الحارثي: قال ابن حجر: صدوق يهم.

(4)

4) جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بن علي بن الحُسَيْنِ الصادق: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) مُحَمَّدُ بْن علي بن الحُسَيْنِ الباقر: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي جَعْفَر بْن مُحَمَّد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مرفوعاً.

وراوه عن جعفر بهذا الوجه: مَالِك، والثَّوْرِي، وابن عيينة، ويَحْيَى القطان، ورَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، وحفص بن غياث، وحَاتِم بْن إِسْمَاعِيل، وإسماعيل بن جعفر، ووُهَيْب بْن خَالِد، وابْن جُرَيْج، ويزيد بْنِ الْهَاد، وسُلَيْمَان بْن

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 270، "الجرح والتعديل" 2/ 487، "المشاهير" 1/ 156، "الثقات" 6/ 131، "تهذيب الكمال "5/ 74، "تاريخ الإسلام" 3/ 828، "السير 6/ 255، "الإكمال" 3/ 227، "التهذيب" 2/ 103، "التقريب" صـ 80.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 249، "الثقات" لابن حبان 5/ 348، "تهذيب الكمال" 26/ 136، "تاريخ الإسلام" 3/ 308، "السير" 4/ 401، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 266، "تحفة التحصيل" لأبو زرعة 1/ 282، "التقريب" صـ 431.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 20.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 84.

ص: 287

بِلَالٍ، والْمُفَضَّل بْن صَدَقَةَ، والدراوردي، وأَبُو أُوَيْس. كلهم عن جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مرفوعاً.

الوجه الثاني: جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ مرسلاً. ولم يروه عن جعفر بهذا الوجه إلا: حَاتِم بْن إِسْمَاعِيلَ، ولم يروه عن حَاتِم إلا هيم بْن مُعَاوِيَة الزمراي، وهيم هذا مجهول، والله أعلم.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه عن جَعْفَرِ كثرة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه عن جَعْفَر جماعة من الحفاظ كمَالِك، والسُفْيَانين، والقطان.

3) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول الراجح ـــ "إسناده صحيح".

قلت: وللحديث متابعة في صحيح مسلم كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(1)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: هَذَا دَلِيلٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ طَائِفٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُمَا واجبتان أم سنتان وَعِنْدَنَا فِيهِ خِلَافٌ حَاصِلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ وَالثَّالِثُ إِنْ كَانَ طَوَافًا وَاجِبًا فَوَاجِبَتَانِ وَإِلَّا فَسُنَّتَانِ وَسَوَاءٌ قُلْنَا وَاجِبَتَانِ أَوْ سُنَّتَانِ لَوْ تَرَكَهُمَا لَمْ يَبْطُلْ طَوَافُهُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِي الْحِجْرِ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَفِي مَكَّةَ وَسَائِرِ الْحَرَمِ وَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي وَطَنِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ جَازَ وَفَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَلَا تَفُوتُ هَذِهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ أَطْوِفَةً اسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ أَطْوِفَةً بِلَا صَلَاةٍ ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَ الْأَطْوِفَةِ لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا عَائِشَةُ وَطَاوُسٌ وابْنُ جُبَيْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَرِهَهُ ابن عُمَرَ وَالْحَسَن وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حنيفة وابن الْمُنْذِرِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاء. وقد ذكر الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ بِالْبَيْتِ فَرَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ثَلَاثًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا قُلْ يَا أَيُّهَا الكافرون وقل هو الله أحد.

(2)

(1)

قال ابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 414) هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ، وَطُرُقُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا صِحَاحٌ كُلُّهَا. وقال في "الدرر في اختصار المغازي والسير" (1/ 260): أحسن حَدِيث فِي الْحَج وأتمه حَدِيث جَابر.

(2)

يُنظر "شرح مسلم" للنووي 8/ 175.

ص: 288

[52/ 702]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي هِشَام بْن عُرْوَة، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وحَمَّاد بْن زَيْد، وحَمَّاد بْن أسامة بن زَيْدٍ القرشي، وحَمَّاد بْن سَلَمَةَ، وعَبْد اللَّهِ بْن نُمَيْرٍ، ووَكِيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن محمد الْمُحَارِبِي، وعَبْدَة بن سليمان الكوفي، وعَلي بْن مُسْهِر.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: فأخرجه الطبراني في "الأوسط ــــــ رواية الباب ــــــ.

وأما طريق حَمَّاد بْن زَيْد: فأخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ مَا يَنْدُبُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ قَتْلَهُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (2/ 857 رقم 1198)، وأحمد في "مسنده"(43/ 292 رقم 26244)، والنسائي في "الكبرى" ك/ المناسك ب/ (4/ 106 رقم 3860)، وفي "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ قَتْلُ الْغُرَابِ فِي الْحَرَمِ (5/ 211 رقم 2891)، وأبو يعلي في "مسنده"(7/ 478 رقم 4503)، وأبو نعيم الأصبهاني في "مستخرجه علي صحيح مسلم" ك/ الحج ب/ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَغَيْرَهُمَا (3/ 287 رقم 2752).

وأما طريق حَمَّاد بن أسامة بن زَيْد القرشي: فأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ بَيَانِ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْحَيَّةِ (2/ 412 رقم 3637).

وأما طريق عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر: فأخرجه مسلم في "صحيحه"(1198) ك/ الحج ب/ مَا يَنْدُبُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ قَتْلَهُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وأحمد في "مسنده"(43/ 102 رقم 25946)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ بَيَانِ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْحَيَّةِ (2/ 412 رقم 3636)، والدارقطني في "سننه" ك/ الحج (3/ 244 رقم 2475).

وأما طريق وَكِيعٌ بن الجراح: فأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2/ 289 رقم 805)، والنسائي في "الكبرى" ك/ المناسك ب/ مَا يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ مِنَ الدَّوَابِّ (4/ 103 رقم 3850)، وفي "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ مَا يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ مِنَ الدَّوَابِّ (5/ 208 رقم 2881).

وأما طريق حَمَّاد بْن سَلَمَة: فأخرجه أحمد في "مسنده"(41/ 396 رقم 24911)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ مناسك الحج ب/ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ (2/ 166 رقم 3781)، وفي "أحكام القرآن"(2/ 32 رقم 1173)، وابن عبد البر في "التمهيد"(22/ 279).

وأما طريق عبد الرحمن بن محمد الْمُحَارِبِيُّ: فأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ بَيَانِ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْحَيَّةِ (2/ 411 رقم 3635).

ص: 289

وأما طريق عَبْدَةُ بن سليمان الكوفي: فأخرجه ابن أبي داود في "مسند عائشة"(1/ 84 رقم 78).

وأما طريق عَلي بْن مُسْهِر: فأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "مستخرجه علي صحيح مسلم" ك/ الحج ب/ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَغَيْرَهُمَا (3/ 287 رقم 2752).

كلهم عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، بعضهم بنحوه، وبعضهم بلفظ يُقْتَلْنَ فِي الحل والْحَرَمِ.

ب - متابعات للوجه الأول: فقد تُوبع هشام علي هذا الوجه فتابعه: الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.

أخرجه البخاري في "صحيحه"(1829) ك/ جزاء الصيد ب/ مَا يَقْتُلُ المُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ، ومسلم في "صحيحه"(1198) ك/ الحج ب/ مَا يَنْدُبُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ قَتْلَهُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، والنسائي في "الكبرى" ك/ المناسك ب/ قَتْلُ الْفَأْرَةِ فِي الحَرَمِ (5/ 210 رقم 3857)، والنسائي في "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ قَتْلُ الْفَأْرَةِ فِي الحَرَمِ (5/ 210 رقم 2888)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَغَيْرَهُمَا (3/ 287 رقم 2754)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ بَيَانِ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْحَيَّةِ (2/ 411 رقم 3633)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الحج ب/ مَا لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِنْ دَوَابِّ الْبَرِّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (5/ 342 رقم 10032)، عن يُونُس بْن يَزِيد.

والبخاري في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ (4/ 129 رقم 3314)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ مَا يَنْدُبُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ قَتْلَهُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (2/ 857 رقم 1198)، وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ المناسك ب/ مَا يُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ وَمَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ (4/ 442 رقم 8374)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(2/ 185 رقم 688)، وأحمد في "مسنده"(40/ 57 رقم 24052)، (42/ 189 رقم 25310)،، والدارمي في "سننه" ك/ المناسك ب/ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فِي إِحْرَامِهِ (2/ 1147 رقم 1858)، والترمذي في "سننه" ك/ الحج ب/ مَا يَقْتُلُ المُحْرِمُ مِنَ الدَّوَاب (3/ 188 رقم 837)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ المناسك ب/ قَتْلُ الْحِدَأَةِ فِي الْحَرَمِ (4/ 106 رقم 3859)، وفي "الصغرى" ك/ مناسك الحج ب/ قَتْلُ الْحِدَأَةِ فِي الحَرَمِ (5/ 210 رقم 2890)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ قَتْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَغَيْرَهُمَا (3/ 287 رقم 2753)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ بَيَانِ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْحَيَّةِ (2/ 411 رقم 3634)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ب/ قَتْلِ الْحَيَوَانِ (12/ 488 رقم 5632، 5633)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الضحايا ب/ مَا يَحْرُمُ مِنْ جِهَةِ مَا لَا تَأْكُلُ الْعَرَبُ (9/ 530 رقم 19363)، عن مَعْمَر.

وأحمد في "مسنده"(41/ 117 رقم 24569)، عن شُعَيْبٍ بن أَبِي حمزة الأموي.

وأحمد في "مسنده"(42/ 189 رقم 25311)، (43/ 284 رقم 26230)، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَاب.

والنسائي في "الكبرى" ك/ المناسك ب/ قَتْلُ الْعَقْرَبِ فِي الْحَرَمِ (4/ 105 رقم 3856)، وفي "الصغري" ك/ مناسك الحج ب/ قَتْلِ الْعَقْرَبِ (5/ 209 رقم 2887)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ بَيَانِ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْحَيَّةِ (2/ 411 رقم 3632)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(9/ 192)، عن أَبَان بْن صَالِح.

والطبراني في "الأوسط"(1/ 190 رقم 602)، (5/ 337 رقم 5480) عن إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة.

ص: 290

كلهم: يُونُس بْن يَزِيدَ، ومَعْمَر، وشُعَيْب بن أَبِي حمزة، وابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، وأَبَان بْن صَالِحٍ، وإِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، عن الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة به بنحوه.

الوجه الثاني: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُرسلاً.

أخرجه مالك في الموطأ ك/ الحج ب/ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ (3/ 519 رقم 1304)، عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة، عَنْ أَبِيه بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

6) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

7) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ: زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني:

1) مَالِكٌ بن أنس: قال ابن حجر: إمام دار الهجرة رأس المُتقنين وكبير المتثبتين.

(1)

2) هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

3) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً.

ورواه عن هِشَامِ بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وحَمَّاد بْن زَيْد، وحَمَّاد بْن أسامة بن زَيْدٍ القرشي، وحَمَّاد بْن سَلَمَةَ، وعَبْد اللَّه بْن نُمَيْرٍ، ووَكِيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن محمد الْمُحَارِبِيُّ، وعَبْدَة بن سليمان، وعَلي بْن مُسْهِر. وتابع هِشَامِ علي هذا الوجه: الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ. ورواه عن الزُّهْرِي: يُونُس بْن يَزِيدَ، ومَعْمَر، وشُعَيْب بن أَبِي حمزة الأموي، وابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، وأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، وإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّة.

الوجه الثاني: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُرسلاً.

ورواه عن هِشَامِ بهذا الوجه: مالك بن أنس.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

ص: 291

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الأول جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني فلم يروه إلا مالك.

2) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

3) المتابعات: فلهذا الوجه متابعات في الصحيحين وغيرهما عن الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ، وقد رواه عن الزُّهْرِي جماعة من الرواة من أخص أصحابه كيُونُس بْن يَزِيدَ، وشُعَيْب بن أَبِي حمزة، كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح".

قلت: والحديث في صحيح مسلم من طريق هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وله متابعات أيضاً في الصحيحين من طريق الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ الْأَبَّارُ.

(1)

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ خَمْسٌ التَّقْيِيدُ بِالْخَمْسِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُهُ اخْتِصَاصَ الْمَذْكُورَاتِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ مَفْهُومُ عَدَدٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَعَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ صلى الله عليه وسلم أَوَّلًا ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الْخَمْسِ يَشْتَرِكُ مَعَهَا فِي الْحُكْمِ. وقَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَسْمِيَةُ هَذِهِ الْخَمْسِ فَوَاسِقَ تَسْمِيَة صَحِيحَة جَارِيَة على وَفْقِ اللُّغَةِ فَإِنَّ أَصْلَ الْفِسْقِ لُغَةً الْخُرُوجُ وَمِنْهُ فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ إِذَا خَرَجَتْ عَنْ قِشْرِهَا وَسُمِّيَ الرَّجُلُ فَاسِقًا لِخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَة ربه فَهُوَ خُرُوج مَخْصُوص، وَأَمَّا الْمَعْنَى فِي وَصْفِ الدَّوَابِّ الْمَذْكُورَةِ بِالْفِسْقِ فَقِيلَ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ فِي تَحْرِيمِ قَتْلِهِ، وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ غَيْرِهَا بِالْإِيذَاءِ وَالْإِفْسَادِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ. وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْفَتْوَى فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَلْحَقَ بِالْخَمْسِ كُلَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ لِلْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْحِلِّ. وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي يَخُصُّ الْإِلْحَاقَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفْسَادُ. وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى إِلْحَاقِ غَيْرِ الْخَمْسِ بِهَا فِي هَذَا الْحُكْمِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى فَقِيلَ لِكَوْنِهَا مُؤْذِيَةً فَيَجُوزُ قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ. وَأما الْحَنَفِيَّةُ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْخَمْسِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِهَا الْحَيَّةَ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ وَالذِّئْبَ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْكَلْبِ فِي الْكَلْبِيَّةِ وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ مَنِ ابْتَدَأَ بِالْعُدْوَانِ وَالْأَذَى مِنْ غَيْرِهَا وَتُعُقِّبَ بِظُهُورِ الْمَعْنَى فِي الْخَمْسِ وَهُوَ الْأَذَى الطَّبِيعِيُّ وَالْعُدْوَانُ الْمُرَكَّبُ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ مَنْ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ لِأَنَّ إِبَاحَةَ قَتْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُعَلَّلٌ بِالْفِسْقِ وَالْقَاتِلُ فَاسِقٌ فَيُقْتَلُ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ فِسْقَ الْمَذْكُورَاتِ طَبِيعِيٌّ والمكلف إِذا ارْتكب الْفسق هاتك لِحُرْمَةِ نَفْسِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِإِقَامَةِ مُقْتَضَى الْفِسْقِ عَلَيْهِ.

(2)

(1)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في الحديث التالي.

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 4/ 36 ـــ 40.

ص: 292

[53/ 703]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ [قَالَ]

(1)

: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا [يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ]

(2)

، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ. فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

* لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْن عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي هِشَامِ بْنِ عُرْوَة، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً.

رواه عَنْ هِشَام بْن عُرْوَةَ بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، ومَالِك، ويَحْيَى بْن سَعِيد، وابن عيينة، واللَّيْث بْن سَعْدٍ، ومُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ، ومُحَمَّد بْن بِشْرٍ، وشُعَيْب بْن إِسْحَاقَ، وجَعْفَر بْن عَوْنٍ، وجَرِير بن عبد الحميد، وعَبْدَة بن سليمان، وحماد بن أسامة بن زيد القرشي، وحَمَّاد بن سلمة، وأَنَس بْن عِيَاضٍ، ويَعْقُوب بْن عَوْنٍ، وعَلِيّ بْن مُسْهِرٍ، وعَبْدُ الْعَزِيز الدراوردي، وسَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْجُمَحِيُّ، ويَحْيَى بْن عَبْدِ الله بْن سَالِم.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، ومسلم في "صحيحه" ك/ الوصية ب/ بَابُ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ (3/ 1254 رقم 1004). كلاهما: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، ومسلم، عَنْ أُمَيَّة بْن بِسْطَام، عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِم به.

وأما طريق مُحَمَّد بْن جَعْفَر: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ مَوْتِ الفَجْأَةِ البَغْتَةِ (2/ 102 رقم 1388)، والبيهقي في "السنن الكبري" ك/ الجنائز ب/ مَا يُسْتَحَبُّ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مِنَ التَّصَدُّقِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ. (4/ 102 رقم 7103)، وفي ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ (6/ 454 رقم 12630)، وفي "السنن الصغير" ك/ الفرائض ب/ مَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَوْتِهِ (2/ 372 رقم 2332).

وأما طريق مالك: أخرجه هو في "الموطأ" ك/ الأقضية ب/ صَدَقَةُ الْحَيِّ عَن الْمَيِّتِ (4/ 1101 رقم 20813)، ومن طريقه ـــــــ البخاري في "صحيحه" ك/ الوصايا ب/ مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تُوُفِّيَ فُجَاءَةً أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ، وَقَضَاءِ النُّذُورِ عَنِ المَيِّتِ (4/ 8 رقم 2760)، وإسماعيل القاضي في "الجزء الخامس من مسند حديث مالك بن أنس"(24)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الوصايا ب/ إِذَا مَاتَ فُجَاءَةً هَلْ يُسْتَحَبُّ لِأَهْلِهِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ (6/ 161 رقم 6443)، وفي "الصغرى" ك/ الوصايا ب/ إِذَا مَاتَ الْفَجْأَةَ، هَلْ يُسْتَحَبُّ لِأَهْلِهِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ (6/ 250 رقم 3649)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ

(1)

ما بين المعقوفتين ليس في الأصل.

(2)

في الأصل يَزِيدُ بْنُ رزيع، والصواب ما أثبتناه، وقد ذُكر علي الصواب في الأسانيد التي قبل هذا الإسناد، وكذلك مصادر ترجمته تدل علي أنَّ اسمه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. لا ابن رزيع، والذي يظهر أنَّ ذلك حدث سهواً، والله أعلم.

ص: 293

مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَهُ وَلَدٌ يُصَدِّقُ عَنْهُ، لَتَكُونَنَّ لَهُ كَفَّارَةٌ بِتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ (3/ 494 رقم 5821)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الزكاة ب/ صدقة التطوع: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ حَمِيمِهِ وَقَرَابَتِهِ إِذَا مَاتَ (8/ 140 رقم 3353)، والبيهقي في "الكبري" ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ (6/ 454 رقم 12629)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الوصايا ب/ صَدَقَةُ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ (9/ 196 رقم 12861)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الزكاة ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْميت (6/ 199 رقم 1690) ــــــ.

وأما طريق مُحَمَّد بْن بِشْر: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ إِلَيْهِ (2/ 696 رقم 1004)، وفي ك/ الوصية ب/ بَابُ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ (3/ 1254 رقم 1004).

وأما طريق يَحْيَى بْن سَعِيد: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الوصية ب/ بَابُ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ (3/ 1254 رقم 1004)، وأحمد في "مسنده"(40/ 295 رقم 24251)، وأبو الفضل في "حديثه"(1/ 104 رقم 35)، وأبو نعيم في "مستخرجه علي صحيح مسلم" ك/ الزكاة ب/ الصَّدَقَةِ عَلَى الأَقْرِبَاءِ (3/ 84 رقم 2254)، وابن الجوزي في "البر والصلة" فِي صِلَةِ الْوَالِدَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا (1/ 134 رقم 185).

وأما طريق شُعَيْب بْن إِسْحَاق: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الوصية ب/ بَابُ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ (3/ 1254 رقم 1004)، وأبو نعيم في "المستخرج" ك/ الزكاة ب/ الصَّدَقَةِ عَلَى الأَقْرِبَاءِ (3/ 84 رقم 2254)، وأبو الحجاج الدمشقي في "جزء فيه من عوالي هشام بن عروة وغيره"(2).

وأما طريق جَعْفَر بْن عَوْن: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الوصية ب/ بَابُ وُصُولِ ثَوَابِ الصَّدَقَاتِ إِلَى الْمَيِّتِ (3/ 1254 رقم 1004)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الجنائز ب/ مَا يَتْبَعُ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَوْتِهِ (4/ 629 رقم 12193)، وابن المُقرئ في "معجمه"(1/ 96 رقم 234)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الزكاة ب/ الصَّدَقَةِ عَلَى الأَقْرِبَاءِ (3/ 84 رقم 2253)، والبيهقي في "الكبري" ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ (6/ 454 رقم 12630)، والذهبي في "تذكرة الحفاظ"(1/ 144).

وأما طريق ابن عيينة: أخرجه الحميدي في "مسنده"(1/ 279 رقم 245)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَهُ وَلَدٌ يُصَدِّقُ عَنْهُ، لَتَكُونَنَّ لَهُ كَفَّارَةٌ بِتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ (3/ 494 رقم 5822).

وأما طريق جَرِير بن عبد الحميد: أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2/ 250 رقم 751)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ ذِكْرِ كِتَابَةِ الْأَجْرِ لِلْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ (4/ 124 رقم 2499)، وابن أبي داود في "مسند عائشة"(1/ 64 رقم 33)، وأبو الفضل في "حديثه"(1/ 104 رقم 36).

وأما طريق عَبْدَة بن سليمان الكوفي: أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(2/ 250 رقم 752)، وابن أبي داود في "مسند عائشة"(1/ 75 رقم 59).

وأما طريق حماد بن أسامة بن زيد: أخرجه ابن ماجة في "سننه" ك/ الوصايا ب/ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ

ص: 294

هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ؟ (4/ 20 رقم 2717)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ ذِكْرِ كِتَابَةِ الْأَجْرِ لِلْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ (4/ 124 رقم 2499).

وأما طريق حَمَّاد بن سلمة: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ الوصايا ب/ فيمن ماتَ عن غيرِ وصيّة يُتَصدَّق عنه (4/ 507 رقم 2881).

وأما طريق أَنَس بْن عِيَاضٍ: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَهُ وَلَدٌ يُصَدِّقُ عَنْهُ، لَتَكُونَنَّ لَهُ كَفَّارَةٌ بِتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ (3/ 493 رقم 5818).

وأما طريق يَعْقُوب بْن عَوْن: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَهُ وَلَدٌ يُصَدِّقُ عَنْهُ، لَتَكُونَنَّ لَهُ كَفَّارَةٌ بِتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ (3/ 493 رقم 5819).

وأما طريق عَلِي بْن مُسْهِر: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَهُ وَلَدٌ يُصَدِّقُ عَنْهُ، لَتَكُونَنَّ لَهُ كَفَّارَةٌ بِتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ (3/ 493 رقم 5820)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة " ب/ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالتَّرَحُّمِ، وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَأَنَّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيُخَفِّفُ عَنْهُ (6/ 1225 رقم 2169).

وأما طريق الدراوردي: أخرجه أبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الزكاة ب/ الصَّدَقَةِ عَلَى الأَقْرِبَاءِ (3/ 84 رقم 2254).

وأما طريق سَعِيد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ: أخرجه البيهقي في "الكبري" ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ (6/ 454 رقم 12629).

وأما طريق يَحْيَى بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِم: أخرجه البيهقي في "الكبري" ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ (6/ 454 رقم 12629).

وأما طريق اللَّيْث: أخرجه البيهقي في "الكبري" ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ (6/ 454 رقم 12629).

كلهم: عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، بنحوه، وعند أبو داود في "سننه" بلفظ أن امرأة، وعند أبو علي الرفاء في "فوائده" بلفظ: أنَّ رجلاً مِن الأنصارِ.

الوجه الثاني: هِشَام بْن عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ مُرسلاً.

أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الوصايا ب/ الصَّدَقَةُ عَنِ الْمَيِّتِ (9/ 60 رقم 16343)، عن مَعْمَر، وَالثَّوْرِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

ص: 295

5) هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

6) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

7) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ: زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني:

1) مَعْمَر: قال ابن حجر: ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت، والأعمش، وهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ شيئاً.

(1)

2) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

3) هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

4) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ القُرَشِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (15).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن الحديث مداره علي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مرفوعاً. ورواه عن هِشَامِ بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، ومَالِك، والقطان، وحماد بن سلمة، وابن عيينة، واللَّيْث، وجَعْفَر بْن عَوْنٍ، وغيرهم كما سبق بيان ذلك.

الوجه الثاني: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُرسلاً. ورواه عن هِشَامِ بهذا الوجه: مَعْمَرٌ بن راشد، وَسفيان الثَّوْرِي، ومَعْمَرٌ في روايته عن هِشَامِ شيء كما قال ذلك ابن حجر.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الأول جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) رواية الأحفظ: فرواه بهذا الوجه جماعة من الحفاظ كمَالِكٌ، والقطان، وابن عيينة، واللَّيْثُ.

3) أن الوجه الثاني من رواية مَعْمَر، والثَّوْرِيُّ، ومَعْمَرٌ في روايته عن هِشَامِ شيء كما قال ابن حجر.

4) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح". قلت: والحديث في الصحيحين من طرق عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة. وأخرجه مسلم في صحيحه مجتمعاً مع الطبراني في شيخ شيخه.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْأَبَّارُ.

قلت: أما قوله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَوْحٍ إِلَّا يَزِيدُ، وَلَا عَنْ يَزِيدَ إِلَّا أُمَيَّةُ: فالأمر فيه كما قال رضي الله عنه.

وأما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ الْأَبَّارُ: فليس كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به الْأَبَّار، بل تابعه مسلم في "صحيحه" عن أُمَيَّة بْن بِسْطَامَ به، كما سبق بيان ذلك في التخريج، والله أعلم.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 473.

ص: 296

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ افْتَلَتَتْ: مَعْنَاهُ مَاتَتْ فَجْأَةً وَكُلُّ شَيْءٍ فُعِلَ بِلَا تَمَكُّثٍ فَقَدِ افْتُلِتَ ...... وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَنِ الْمَيِّتِ تَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَيَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا أَجْمَعُوا عَلَى وُصُولِ الدُّعَاءِ وَقَضَاءِ الدِّينِ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَمِيعِ وَيَصِحُّ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ حَجَّ الْإِسْلَامِ وَكَذَا إِذَا وَصَّى بِحَجِّ التَّطَوُّعِ عَلَى الأصح عندنا واختلف العلماء في الصوم إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ فَالرَّاجِحُ جَوَازُهُ عَنْهُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ، وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يَصِلُهُ ثَوَابُهَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَسَائِرُ الطَّاعَاتِ فَلَا تَصِلُهُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِلُهُ ثَوَابُ الْجَمِيعِ كَالْحَجِّ. انتهي بتصريف.

(1)

(1)

يُنظر "شرح مسلم" للنووي 7/ 90، 89.

ص: 297

[54/ 704]- حَدَّثَنَا [أَحْمَدُ]

(1)

قَالَ: نا أُمَيَّةُ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ [زُرَيْعٍ]

(2)

، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، إِذَا فَقُهُوا» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه البزار في "مسنده"(15/ 393 رقم 9013)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أمثال في الحديث النبوي"(1/ رقم 177)، وابن بشران في "أماليه ج 2"(1/ 261 رقم 1469)، عَن أبي حَصِين عثمان بن عاصم الأسدي.

- والبزار في "مسنده (16/ 158 رقم 9263)، عَنِ الأَعْمَش.

- والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحين الذي يقع فيه ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (8/ 420 رقم 3352)، عن عَاصِم بن أبي النَّجُّود.

- كلهم عن أَبِي صَالِحٍ السَّمَّان ذَكْوَان بن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَاسْمُ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانُ، أَبُو يَزِيْدَ المَدَنِيُّ.

روي عن: أَبِيْهِ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَان السَّمَّان، وَمحمد بْنِ المُنْكَدِرِ، وَمحمد بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ، وآخرين.

روي عنه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وَسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابن سعد، والعجلي، وابْنُ مَعِيْنٍ، والنسائي، والذهبي، وابن حجر: ثِقَةٌ، وقال ابن حجر مرة: ثقة عن أبيه. وقال ابن حبان: كان يخطئ. وقال أحمد بن صالح المصري: سهيل من المتقنين وإنما ترى غلطاً في حديثه. وقال ابن عُيَيْنَة: ثبت في الحديث. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَصْلَحَ حَدِيثَه. وَقَال ابْن عَدِيّ: حدث عَن أَبِيهِ وعن جماعة عَن أَبِيهِ، وهذا يدل على تمييز الرجل كونه ميز ما سمع من أَبِيهِ وما سمع من غير أَبِيهِ عنه، وهو عندي ثبت لا بأس به مقبول الاخبار. وقَالَ السُّلَمِي: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِي: لِمَ تَرَك البُخَارِي سُهَيْلا فِي الصَّحِيْحِ؟ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لَهُ فِيْهِ عُذراً، فَقَدْ كَانَ النَّسَائِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ لِسُهَيْل، قَالَ: سُهَيْلٌ وَاللهِ

(1)

ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، والصواب إثباته بدليل ما قبله من الأسانيد وما بعده.

(2)

في الأصل رزيع، والصواب ما أثبتناه كما سبق بيان ذلك.

ص: 298

خَيْرٌ مِنْ أَبِي اليَمَانِ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَكِتَابُ البُخَارِيِّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَلآنُ، وَخَرَّجَ لِفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهاً.

- وقال الذهبي مرة، وابن حجر: صدوق. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس. وقال العقيلي: صويلح وفيه لين.

- وَقَالَ ابْن معِين مرة: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وقال مرة: لَمْ يَزَلْ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَتَّقُوْنَ حَدِيْثَه، وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْف. وَقَال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج بِه. روى له الجماعة عدا الْبُخَارِيّ فروي له مقروناً بغيره.

- وقد وُصف بالاختلاط: قَالَ البخاري، وابن المَدِيْنِي: مَاتَ أَخٌ لِسُهَيْل، فَوَجَد عَلَيْهِ، فَنَسِيَ كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ. وقال سبط بن العجمي: ذكر الذهبي عن ابن القطان أنه هو وهشام بن عروة اختلطا وتغيرا وقد تعقبه في هشام، وأقره على سهيل. وقال الذهبي: كَانَ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ، لَكِنَّهُ مَرِضَ مَرضَةً غَيَّرَتْ مِنْ حِفْظِه، ومَا نَقَمُوا مِنْه إلا لأجل ذلك. وحاصله أنه "ثقة" وأما اختلاطه فقد ذكره العلائي في القسم الأول من المختلطين.

(1)

6) ذكوان أَبُو صالح السَّمَّان الزيات المدني: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: وللحديث متابعات في الصحيحين من طُرقٍ عن أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قال: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: «أَتْقَاهُمْ» فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:«فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ» قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:«فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِ؟ خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ، إِذَا فَقُهُوا» .

(2)

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَالَ الْعُلَمَاءُ لَمَّا سُئِلَ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ أَخْبَرَ بِأَكْمَلِ الْكَرَمِ وَأَعَمِّهِ فَقَالَ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَصْلَ الْكَرَمِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَمَنْ كَانَ مُتَّقِيًا كَانَ كَثِيرَ الْخَيْرِ وَكَثِيرَ الْفَائِدَةِ فِي الدُّنْيَا وَصَاحِبَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الْآخِرَةِ فَلَمَّا قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ يُوسُفُ الَّذِي جَمَعَ خَيْرَاتِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا وَشَرَفَهُمَا

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 440، "الجرح والتعديل" 4/ 246، "الثقات" لابن حبان 6/ 417، "الإرشاد" للخليلي 1/ 217، "تهذيب الكمال" 12/ 223، "المغني في الضعفاء" 1/ 455، "تاريخ الإسلام" 3/ 670، "السير" 5/ 458، "المختلطين" للعلائي 1/ 50، "الإكمال" 6/ 150، "الاغتباط" للحلبي 1/ 164، "التقريب" صـ 199.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأنبياء ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء: 125](4/ 140 رقم 3353)، وفي ك/ الأنبياء ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف: 7](4/ 149 رقم 3383)، وفي ك/ المناقب ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13](4/ 178 رقم 3493)، وفي ك/ المناقب ب/ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلَامِ (4/ 196 رقم 3588). ومسلم في "صحيحه" ك/ الفضائل ب/ مِنْ فَضَائِلِ يُوسُفَ عليه السلام (4/ 1846 رقم 2378)، وفي ك/ فضائل الصحابة ب/ خِيَارِ النَّاسِ (4/ 1958 رقم 2526)، وفي ك/ البر والصلة والآداب ب/ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ (4/ 2031 رقم 2638).

ص: 299

فَلَمَّا قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُ فَهِمَ عَنْهُمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ قَالَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا وَمَعْنَاهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْمُرُوءَاتِ وَمَكَارِمِ الأخلاق في الجاهلية اذا أسلموا وفقهوا فَهُمْ خِيَارُ النَّاسِ. قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ تَضَمَّنَ الْحَدِيثُ فِي الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْكَرَمَ كُلَّهُ عُمُومَهُ وَخُصُوصَهُ وَمُجْمَلَهُ وَمُبَانَهُ إِنَّمَا هُوَ الدِّينُ مِنَ التَّقْوَى وَالنُّبُوَّةِ وَالْإِعْرَاقِ فِيهَا وَالْإِسْلَامِ مَعَ الْفِقْهِ وَمَعْنَى مَعَادِنِ الْعَرَبِ أُصُولُهَا وَفَقُهُوا بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا أَيْ صَارُوا فُقَهَاءَ عَالَمِينَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفِقْهِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(1)

(1)

يُنظر "شرح مسلم" للنووي 15/ 135، 134.

ص: 300

[55/ 705]ـــ وَبِهِ:

(1)

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهَا» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه مسلم في "صحيحه"(2167) ك/ السلام ب/ النَّهْيِ عَنِ ابْتِدَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ وَكَيْفَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، ومعمر بن راشد في "جامعه" ب/ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ (10/ 391 رقم 19457)، وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ أهل الكتاب ب/ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ (6/ 10 رقم 9837)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(4/ 172 رقم 2546)، وابن الجعد في "مسنده"(1/ 391 رقم 2672)، وأحمد في مسنده" (13/ 14 رقم 7567)، (13/ 56 رقم 7617)، (14/ 232 رقم 8561)، (15/ 452 رقم 9726)، (16/ 16 رقم 9919)، (16/ 465 رقم 10797)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1/ 378 رقم 1103)، (1/ 380 رقم 1111)، وأبو داود في "سننه" ك/ الأدب ب/ السلام على أهل الذمة (7/ 497 رقم 5205)، والترمذي في "سننه" ك/ السير ب/ مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الكِتَابِ (4/ 154 رقم 1602)، وفي ك/ الاستئذان ب/ مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (5/ 60 رقم 2700)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الكراهة ب/ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ رقم 7254، 7253، 7252، 7251)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ البر والإحسان ب/ إِفْشَاءِ السَّلَامِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مُبَادَرَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ (2/ 253 رقم 501، 500)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" ب/ النَّهْيِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُشْرِكِينَ بِالسَّلَامِ (1/ 298 رقم 242)، وابن منده في "مجالس من أماليه" (1/ 330 رقم 320)، وتمام في "فوائده" (1/ 357 رقم 909)، وابن بشران في "الجزء الأول والثاني من فوائده" (1/ 228 رقم 689)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/ 140)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الجزية ب/ لَا يَأْخُذُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَرَوَاتِ الطُّرُقِ وَلَا الْمَجَالِسَ فِي الْأَسْوَاقِ (9/ 342 رقم 18725، 18726)، وفي "الآداب" ب/ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ (1/ 88 رقم 262)، وفي ب/ الْمُسْلِمِ يَجْتَمِعُ مَعَ الْمُشْرِكِ فِي طَرِيقٍ (1/ 274 رقم 835)، وفي "شعب الإيمان" ب/ فِي مُقَارِبَةِ أَهْلِ الدِّينِ وَمُوَادَّتِهِمْ، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ بَيْنَهُم. فَصْلٌ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (6/ 461 رقم 8903)، وفي ب/ فِي مُبَاعَدَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُفْسِدِينَ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ (7/ 42 رقم 9381)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/ 398 رقم 932)، وابن عساكر في "تاريخه" (41/ 246)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الفوائد المنتقاة الحسان الصحاح والغرائب" (2/ 137 رقم 793)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الاستئذان ب/ كَرَاهِيَة التَّسْلِيم عَلَى أهل الْكتاب وَكَيْفِيَّة الرَّد عَلَيْهِم إِن بدءوا (12/ 269 رقم 3310)، وعبد الغني المقدسي في " المصباح في عيون الصحاح" (1/ 44 رقم 43) وأحمد بن عبد الدائم المقدسي في "منتقى من حديث الجصاص والحنائي" (1/ 6 رقم 33). كلهم من طرق عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ،

(1)

أي بالإسناد السابق.

ص: 301

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بعضهم بلفظ: لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وبعضهم بلفظ: الْيَهُودَ، وبعضهم بلفظ: أَهْلُ الْكِتَابِ، وبعضهم بلفظ: الْمُشْرِكِينَ، وبعضهم علي الإطلاق.

(1)

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بِالسَّلَامِ وَفِي الرَّدِّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مَذْهَبِنَا قَالَه أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَعَامَّةُ السَّلَفِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى جَوَازِ ابْتِدَائِنَا لَهُمْ بِالسَّلَامِ رُوِيَ ذلك وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا حَكَاهُ الماوردي لكنه قال يقول السلام عليك ولا يقول عَلَيْكُمْ بِالْجَمْعِ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَبِإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَهِيَ حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بحديث لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بِالسَّلَامِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ ولا يحرم وَهَذَا ضَعِيفٌ أَيْضًا لِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ ابْتِدَائِهِمْ. وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُمْ بِهِ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ أَوْ سَبَبٍ وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَالنَّخَعِي. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمُ السلام ولكن لا يقول وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ عَلَى جَمْعٍ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ أَوْ مُسْلِمٌ وَكُفَّارٌ وَيَقْصِدُ الْمُسْلِمِينَ فقد سَلَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ. قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لا يترك لِلذِّمِّي صَدْرُ الطَّرِيقِ بَلْ يُضْطَرُّ إِلَى أَضْيَقِهِ إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَطْرُقُونَ فَإِنْ خَلَتِ الطَّرِيقُ عن الزحمة فلا حرج قالوا وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جِدَارٌ وَنَحْوُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(2)

(1)

قال الشيخ/ أحمد شاكر: في أكثر الروايات التصريحُ بأنهم اليهود والنصارى، وفي بعضها أيضاً أنهم المشركون، ومجموعُ الروايات يدل على أن المرادَ جميعُ أولئك، وكلهم مشركون. يُنظر "مسند أحمد" 7/ 330، بتحقيق الشيخ رحمه الله.

(2)

يُنظر "شرح مسلم" للنووي 14/ 147، 145.

ص: 302

[56/ 706]- وَبِهِ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، حَتَّى تُفْضِيَ إِلَيْهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى [قَبْرٍ]

(1)

».

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُهَيْل بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، والثوري، وجَرِير بن عبد الحميد، والدَّرَاوَرْدِي، وشَرِيك، ووُهَيْب بن خالد بن عجلان، وحَمَّاد بن سلمة، وعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِمٍ المخزومي، وخَالِد بن عبدالله الطحان، وعَبْدُ الْعَزِيز بْن مُسْلِم القسملي، وعَلِي بْن عَاصِمٍ التميمي، وعبد العزيز بن المختار، والأعمش.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار. والبغوي في "شرح السنة" ك/ الجنائز ب/ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ (5/ 409 رقم 1519)، عن أَبي جَعْفَر مُحَمَّد بْن غَالِب تَمْتَام الضَّبِّي. كلاهما: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، وأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِب، عَنْ أُمَيَّة بْن بِسْطَام، عن يَزِيد بْن زُرَيْع، عن رَوْح بْن الْقَاسِم به.

وأما طريق الثوري: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ النَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (2/ 667 رقم 971)، وأحمد في مسنده" (15/ 457 رقم 9732)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الجنائز ب/ التَّشْدِيدُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ (2/ 470 رقم 2182)، وفي "الصغرى" ك/ الجنائز ب/ التَّشْدِيدُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ (4/ 95 رقم 2044)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ب/ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ (1/ 516 رقم 2949)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الجنائز ب/ كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْر (3/ 50 رقم 2178)، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف" مَسْأَلَة يُكْرَهُ الْجُلُوسُ على الْقَبْر (4/ 299 رقم 1066).

وأما طريق جَرِيرٌ بن عبد الحميد الضَبِي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ النَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (2/ 667 رقم 971)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الجنائز ب/ كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْر (3/ 50 رقم 2177)، وابن حزم في "المحلي بالآثار"(5/ 135).

وأما طريق الدَّرَاوَرْدِي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ النَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (2/ 667 رقم 971)، والبزار في "مسنده"(16/ 27 رقم 9062)، وابن باكُوَيْه في "جزئه"(1/ 14 رقم 13)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الجنائز ب/ كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْر (3/ 50 رقم 2177)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الجنائز ب/ النَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ (4/ 133 رقم 7214).

(1)

في الأصل قبره، والصواب ما أثبته. فهو كذلك علي الصواب في جميع ما وقفت عليه من مصادر تخريج الحديث.

ص: 303

وأما طريق شَرِيك بن عبدالله النخعي: أخرجه أحمد في "مسنده"(13/ 469 رقم 8108).

وأما طريق وُهَيْب بن خالد بن عجلان الباهلي: أخرجه أحمد في مسنده" (15/ 19 رقم 9048).

وأما طريق حَمَّاد بن سلمة: أخرجه أحمد في مسنده" (16/ 486 رقم 10832)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الجنائز فَصْلٌ فِي الْقُبُورِ: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قُعُودِ الْمَرْءِ عَلَى قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ (7/ 436 رقم 3166)، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف" مَسْأَلَة يُكْرَهُ الْجُلُوسُ على الْقَبْر والاتكاء عَلَيْهِ (4/ 298 رقم 1065).

وأما طريق عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم المخزومي: أخرجه ابن ماجه في "سننه" ك/ الجنائز ب/ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا (2/ 508 رقم 1566).

وأما طريق خَالِد بن عبدالله الطحان: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ الجنائز ب/ كراهيةِ القُعود على القبْر (5/ 132 رقم 3228).

وأما طريق عَبْد الْعَزِيز بْن مُسْلِم القسملي: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ب/ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ (1/ 516 رقم 2948).

وأما طريق عَلِي بْن عَاصِم التميمي: أخرجه ابن شاذان في "الأول من حديثه"(1/ 6 رقم 5)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ الجنائز ب/ السُّنَّةِ فِي سَلِّ الْمَيِّتِ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ (2/ 28 رقم 1117)، وفي "الكبرى" ك/ الجنائز ب/ النَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ (4/ 133 رقم 7214)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الجنائز ب/ الْجُلُوسُ عَلَى الْقُبُورِ 5/ 354 رقم 7808).

وأما طريق عبد العزيز بن المختار: أخرجه القاضي المارستان في "مشيخته"(2/ 560 رقم 108).

وأما طريق الأعمش: أخرجه أبو الشيخ في "ذكر الأقران وروايتهم عن بعضهم بعضا"(1/ 19 رقم 14)

(1)

، وأبو موسى المديني في "اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف"(1/ 38 رقم 33).

كلهم عن سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بنحوه.

الوجه الثاني: سُهَيْل، عَنْ ثَابِت، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.

أخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"(16/ 239)، عن حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عن سُهَيْل به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

(1)

قلت: وجدت في الأصل عند أبي الشيخ في "ذكر الأقران" عن سُهَيْل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بدون ذكر أبيه، لكن الصواب ما ذكرناه، والله أعلم، والدليل علي ذلك: أن أبا الشيخ في "ذكر الأقران"(14)، وأبو موسى المديني في "اللطائف"(33)، الباب الأول: باب رواية رجلين كل واحد منهما عن الآخر وشيخ المروي عنه في روايتهما واحد، كلاهما أخرجاه عن عبدان بن أحمد، عن أبي موسى الأنصاريّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن سهيل بن أبي صالح، فقال أبو موسى المديني عن سهيل، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وقال أبو الشيخ عَنْ سهيل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، دون ذكر أبيه، قلت: فلعله سقط سهواً من النُساخ، ومما يدل علي ذلك: عنوان الباب الذي ذكر أبو موسي تحته الحديث فإنه ذكره في رواية الأعمش عن سهيل عن أبيه، والله أعلم.

ص: 304

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد

".

1) عَبْدُ الْوَهَّاب بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الأَهْوَازِيِّ: قال ابن النجار: كان شيخاً لابأس به.

(1)

2) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرَّبِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْكَرْخِيُّ: قال الذهبي، وابن الجوزي، والفاسي: ثقة، وقال ابن النجار، والصفدي: صدوق، وزاد الصفدي: محبّاً للرواية صبوراً على أَصْحَاب الحَدِيث

(2)

3) أَبُو الْمَعَالِي ثَابِتُ بْنُ بُنْدَارِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَقَّالُ: قال الذهبي، والسّمعاني، وابن النجار: ثقة.

(3)

4) أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْنِ بْن مُحَمَّد الْحَرَّانِيُّ: قال الخطيب: صدوق

(4)

5) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ابن مالك القطيعي: قال الْحَاكِم، والدارقطني، والبرقاني: ثقة.

(5)

6) أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَشِّيُّ: قال الخليلي، والدارقطني، والسمعاني: ثقة.

(6)

7) حجاج بن المنهال الأنماطي: قال ابن حجر: ثقة فاضل.

(7)

8) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بن دينار: "ثقة يهم" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

9) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

10) ثابت البناني: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

11) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

(1)

يُنظر "ذيل تاريخ بغداد" لابن النجار ط/ العلمية 16/ 239.

(2)

يُنظر "ذيل تاريخ بغداد" 15/ 125، "السير"20/ 473، "الوافي بالوفيات" للصفدي 8/ 121، "ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد" 2/ 194.

(3)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 10/ 802، "السير" 19/ 204.

(4)

يُنظر "تاريخ بغداد" للخطيب 3/ 52.

(5)

يُنظر "تاريخ بغداد" 5/ 116، "المغني في الضعفاء" 1/ 60، "تاريخ الإسلام" 8/ 282، "لسان الميزان" 1/ 418.

(6)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 89، "الإرشاد" للخليلي 2/ 529، "تاريخ بغداد" 7/ 36.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 93.

ص: 305

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عن سُهَيْل بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، والثوري، وجَرِير بن عبد الحميد، والدَّرَاوَرْدِي، وشَرِيك النخعي، ووُهَيْب بن خالد بن عجلان، وحَمَّاد بن سلمة، وعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم، وخَالِد بن عبدالله الطحان، وعَبْدُ الْعَزِيز بْن مُسْلِم القسملي، وعَلِي بْن عَاصِمٍ التميمي، وعبد العزيز بن المختار، والأعمش.

الوجه الثاني: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ولم يروه عن سُهَيْلِ بهذا الوجه إلا حَمَّاد بْن سَلَمَة.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الأول جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) رواية الأحفظ: فرواه بهذا الوجه جماعة من الثقات كسُفْيَان الثوري، ورَوْح بْن الْقَاسِمِ، وغيرهم.

3) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

4) أن حَمَّاد بْن سَلَمَةَ رواه بكلا الوجهين، وحماد قد تُوبع علي الوجه الأول فيرجح من روايته ما تُوبع عليه وما وافق فيه رواية الثقات.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح". قلت: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال الشيرازي رحمه الله: لا يجوز الجلوس علي القبر لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم علي جمرة فتحرق ثيابه حتي تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس علي قبر. ولا يدوسه من غير حاجة لأن الدوس كالجلوس فإذا لم يجز الجلوس لم يجز الدوس فإن لم يكن طريق إلي قبر من يزوره إلا بالدوس جاز له لأنه موضع عذر.

(1)

وقال النووي رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا تَجْصِيصُ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ وَالْقُعُودُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَكَذَا الِاسْتِنَادُ إِلَيْهِ وَالِاتِّكَاءُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْبَانِي فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ فَحَرَامٌ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ.

(2)

(1)

يُنظر "المهذب في فقه الإمام الشافعي" للشيرازي 1/ 259.

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 7/ 37.

ص: 306

[57/ 707]ــــ وَبِهِ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا واتَّبَعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» قِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أَحَدٍ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه: وُهَيْب بن خالد الباهلي، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطحان، وجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضبي.

أما طريق وُهَيْبٌ بن خالد الباهلي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الجنائز ب/ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَاتِّبَاعِهَا (2/ 653 رقم 945).

وأما طريق خَالِد بْن عَبْد اللَّه الطحان: أخرجه أبو نعيم في "مستخرجه علي صحيح مسلم"(2117).

وأما طريق جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيد الضبي: أخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"(18/ 98).

ب - متابعات للوجه الأول:

أخرجه الطائي في "الثاني من حديث سفيان بن عيينة"(1/ 26 رقم 25)، ومن طريق سُفْيَان بن عُيَيْنَة ــــــ أخرجه أحمد في "مسنده"(12/ 309 رقم 7353)، وأبو داود في "سننه" ك/ الجنائز ب/ فضل الصلاة على الجنازة وتشييعها (5/ 79 رقم 3168)، والبزار في "مسنده"(15/ 376 رقم 8972)، وأبو يعلي في "مسنده"(12/ 13 رقم 6659)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ الجنائز (1/ 138 رقم 526)، والحميدي في "مسنده" ب/ الجنائز (2/ 223 رقم 1051)، عَنْ سُمَيٍّ القرشي.

والبزار في "مسنده"(16/ 125 رقم 9209)، وأبو يعلي في "معجمه"(1/ 294 رقم 262)، والطحاوي في "شرح مشكل الأثار" ب/ يان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيراط المستحق بالصلاة على الجنازة، هل هو بالصلاة عليها خاصة، أو بما سواه معه من تشييعها من منزلها؟ (3/ 303 رقم 1268)، عن الأعمش.

وأَبو طَاهِرٍ السِّلَفِي في "الْمَشْيَخَة الْبَغْدَادِيَّة"(52/ 1 رقم 2)، عَنْ عَاصِمٍ بن أبي النجود. والطبراني في "الأوسط"(6/ 203 رقم 6191)، عن كَامِل بن العلاء. كلهم عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة به بنحوه.

الوجه الثاني: سُهَيْلٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أخرجه أبو يعلي في "معجمه"(1/ 79 رقم 26)، عَنْ مُحَمَّد بْن عَبَّادٍ الْمَكِّي، عَنْ سُفْيَان بن عيينة، عَنْ سُهَيْل، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

ص: 307

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو يعلي في معجمه

".

1) مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ بن الزِّبْرقان الْمَكِّيُّ: قال ابن حجر: صدوق يهم.

(1)

2) سُفْيَانُ بن عُيَيْنَة: "ثقة ثبت حجة يُرسل ويُدلس لكن قبل العلماء عنعنته" تقدم في حديث رقم (48).

3) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

4) سُمَيٍّ القرشي المخزومي مولي أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: قال ابن حجر: ثقة.

(2)

5) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

6) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِح، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عن سُهَيْل بهذا الوجه: وُهَيْبٌ بن خالد الباهلي، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطحان، وجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضبي. وتابع سُهَيْلِ علي هذا الوجه: سُمَي القرشي، والأعمش، وعَاصِمٍ بن أبي النجود الأسدي، وكَامِلٌ بن العلاء التميمي، ورواه عن سُمَيٍّ القرشي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة من أصح الأوجه عنه.

الوجه الثاني: سُهَيْلٌ بْنِ أَبِي صَالِح، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عن سُهَيْلٌ بهذا الوجه سُفْيَانُ بن عُيَيْنَة، ورواه عَنْ سفيان بهذا الوجه: مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ بن الزِّبْرقان الْمَكِّيُّ: وهو صدوق له أوهام.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بالوجه الأول جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

3) أن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رواه بكلا الوجهين، وسُفْيَان تُوبع علي الوجه الأول فيترجح من روايته ما تُوبع عليه، وما وافق فيه رواية الثقات.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 421.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 196.

ص: 308

4) أن الوجه الثاني من رواية مُحَمَّد بْن عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، عن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وابْنُ عَبَّادٍ: صدوق يهم كما قال ابن حجر فيحتمل أن ذلك منه، والله أعلم.

5) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال الدارقطني: يَرْوِيهِ الْأَعْمَشُ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(1)

قلت: وفي ذلك دلالة ضمنية علي أن الحديث من رواية سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيه، وليس من رواية سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح". قلت: والحديث بهذا الوجه الراجح أخرجه مسلم في "صحيحه" عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كما سبق بيان ذلك.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: فِيِ الحديث الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعِهَا وَمُصَاحَبَتِهَا حَتَّى تُدْفَنَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ: مَعْنَاهُ بِالْأَوَّلِ فَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ قِيرَاطٌ وَبِالِاتِّبَاعِ مَعَ حُضُورِ الدَّفْنِ قِيرَاطٌ آخَرُ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ قِيرَاطَيْنِ تُبَيِّنُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مَنْ شَهِدَ جِنَازَةً وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا رَجَعَ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ

(2)

. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالصَّلَاةِ وَالِاتِّبَاعِ وَحُضُورِ الدَّفْنِ قِيرَاطَانِ. وَفِي هذا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِيرَاطَ الثَّانِي لَا يَحْصُلُ إِلَّا لِمَنْ دَامَ مَعَهَا مِنْ حِينِ صَلَّى إِلَى أَنْ فَرَغَ وَقْتُهَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَحْصُلُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي إِذَا سُتِرَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ بِاللَّبِنِ وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، الْقِيرَاطُ مِقْدَارٌ مِنَ الثَّوَابِ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ مِقْدَارِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْقِيرَاطُ الْمَذْكُورُ فِيمَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ وَفِي رِوَايَاتٍ قِيرَاطَانِ بَلْ ذَلِكَ قَدْرٌ مَعْلُومٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ هَذَا وأقل وأكثر.

(3)

(1)

يُنظر "العلل" الدارقطني 10/ 98.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ (1/ 18 رقم 47) بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» .

(3)

يُنظر "شرح مسلم" للنووي 7/ 14، 13.

ص: 309

[58/ 708]- وَبِهِ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَصَدَّقُ [بِالثَّمَرَةِ]

(1)

مِنَ الْكَسْبِ الطِّيبِ، فَيَضَعُهَا فِي حَقِّهَا، فَيَقْبَلُهَا اللَّهُ تبارك وتعالى بِيَمِينِهِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يُرَبِّيهَا كَأَحْسَنِ مَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَكْثَرَ».

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ قَبُول الصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا (2/ 702 رقم 1014)، وأبو نعيم في "مستخرجه علي صحيح مسلم" ك/ الزكاة (3/ 90 رقم 2269)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الحجة في بيان المحجة"(1/ 190 رقم 74)، عن أُمَيَّة بْن بِسْطَامَ، عن يَزِيد بْن زُرَيْع به.

- ومسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ قَبُولِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا (2/ 702 رقم 1014)، وأحمد في "مسنده"(14/ 521 رقم 8961)، (15/ 255 رقم 9433)، وأَبُو إِسْحَاق العَسْكرِيُّ السِّمْسَار في "الجزء الثاني من مسند أبي هريرة رضي الله عنه "(1/ 73 رقم 74)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 276 رقم 623)، والبزار في "مسنده"(16/ 44 رقم 9080)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" ب/ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِلْمُؤْمِنِ (7/ 290 رقم 220)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الزكاة (3/ 90 رقم 2268)، (3/ 91 رقم 2270)، وابن بشران في "أماليه"(1/ 404 رقم 936)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الزكاة ب/ فَضْلِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْمَالِ الْحَلَالِ (4/ 320 رقم 7839)، وفي "شعب الإيمان" ب/ في الزكاة: التَّحْرِيضُ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (3/ 212 رقم 3346)، وابن حجر في "تغليق التعليق"(3/ 8)، كلهم من طُرقٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ (2/ 108 رقم 1410)، ومعلقاً بصيغة الجزم ك/ التوحيد ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}

(2)

(9/ 126 رقم 7430)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ قَبُولِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا (2/ 702 رقم 1014)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ ذِكْرِ سُنَّةٍ خَامِسَةٍ تُثْبِتُ أَنَّ لِمَعْبُودِنَا يَدًا يَقْبَلُ بِهَا صَدَقَةَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ كَيَدِ الْمَخْلُوقِينَ (1/ 141 رقم 75)، والبزار في "مسنده"(15/ 380 رقم 8980)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الزكاة (3/ 91 رقم 2271)، وأَبُو عُثْمَان البَحِيْرِيُّ في "السابع من فوائده"(1/ 175 رقم 175)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الحجة في بيان المحجة"(1/ 190 رقم 73)، وابن الجوزي في "البر والصلة" ب/ فِي ثَوَابِ الصَّدَقَةِ (1/ 199 رقم 321)، وابن حجر في "تغليق التعليق"(3/ 8، 7) كلهم من طرق عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه.

(1)

ما بين المعقوفتين هكذا في الأصل، وفي الصحيحين وغيرهما مما وقفت عليه من مصادر تخريج الحديث: مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ بالتاء، وليست ثمرة بالثاء، والله أعلم.

(2)

سورة المعارج آية رقم: 4.

ص: 310

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: والحديث في الصحيحين كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قِيلَ فِي تَرْبِيَتِهَا وَتَعْظِيمِهَا حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَعْظِيمُ أَجْرِهَا وَتَضْعِيفُ ثَوَابِهَا قَالَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنْ تَعْظُمَ ذَاتُهَا وَيُبَارِكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَيَزِيدَهَا مِنْ فَضْلِهِ حَتَّى تَثْقُلَ فِي الْمِيزَان. قوله صلى الله عليه وسلم: كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْفَلُوُّ الْمُهْرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ فُلِّيَ عَنْ أُمِّهِ أَيْ فُصِلَ وَعُزِلَ وَالْفَصِيلُ وَلَدُ النَّاقَةِ إِذَا فُصِلَ مِنْ إِرْضَاعِ أُمِّه. وَفِي الْفَلُوِّ لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ أَفْصَحُهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا فَتْحُ الْفَاءِ وَضَمُّ اللَّامِ وَتَشْدِيدُ الْوَاوِ وَالثَّانِيَةُ كَسْرُ الْفَاءِ وَإِسْكَانُ اللام وتخفيف الواو.

(1)

وقال ابن خزيمة رحمه الله: بَابُ ذِكْرِ سُنَّةٍ خَامِسَةٍ تُثْبِتُ أَنَّ لِمَعْبُودِنَا يَدًا يَقْبَلُ بِهَا صَدَقَةَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ كَيَدِ الْمَخْلُوقِينَ.

(2)

وقال أيضاً: بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ خَلْقِ اللَّهِ آدَمُ عليه السلام وَالْبَيَانِ الشَّافِي أَنَّهُ خَلْقَهُ بِيَدَيْهِ، لَا بِنِعْمَتَيْهِ، عَلَى مَا زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ، إِذْ قَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ بِنِعْمَتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ قَبْضَةً، فَيَخْلُقُ مِنْهَا بَشَرًا، وَهَذِهِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي إِثْبَاتِ الْيَدِ لِلْخَالِقِ الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا.

(3)

(1)

يُنظر ""شرح مسلم" للنووي 7/ 99، 98.

(2)

يُنظر "التوحيد" لابن خزيمة" 1/ 138.

(3)

يُنظر "التوحيد" لابن خزيمة" 1/ 151.

ص: 311

[59/ 709]ـــ وَبِهِ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الطهارة ب/ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِكَمَالِهِمَا (1/ 215 رقم 242)، وعبد الرَّزّاق في "مصنفه" ك/ الطهارة ب/ غَسْل الرِّجْلَيْن (1/ 21 رقم 63)، وفي "الأول من كتاب الصلاة"(26)، وأحمد في "مسنده"(13/ 203 رقم 7791)، (15/ 18 رقم 9046)، وابن ماجه في "سننه" ك/ الطهارة ب/ غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ (1/ 288 رقم 453)، والترمذي في "سننه" ك/ الطهارة ب/ مَا جَاءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ (1/ 58 رقم 41)، والطبري في "تفسيره"(8/ 202)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ التَّغْلِيظ فِي تَرْكِ غَسْلِ الْعَقِبَيْنِ فِي الْوُضُوءِ (1/ 84 رقم 162)، والطوسي في "مستخرجه علي سنن الترمذي" ب/ مَا جَاءَ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ (1/ 214 رقم 36)، والسَّرَّاج في "حديثه"(3/ 73 رقم 1921)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الطهارة ب/ بَيَانُ إِثْبَاتِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ حَتَّى تَنْقِيَا، وَإِبْطَالِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَضِّئ إِذَا تَرَكَ غَسْلَ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ رَجَعَ فِي وُضُوئِهِ فَأَعَادَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إِنْ مَسَحَهُ بِبَلَلِ وُضُوئِهِ وَالتَّشْدِيدِ فِي السَّهْوِ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْقِيَهُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ قَدْ نَقَّاه (1/ 212 رقم 688)، والطحاوي في "أحكام القرآن" ك/ الطهارات ب/ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تبارك وتعالى:{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}

(2)

(1/ 84 رقم 44)، وفي "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ فَرْضِ الرِّجْلَيْنِ فِي وُضُوءِ الصَّلَاةِ (1/ 38 رقم 192)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الطهارة ب/ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ (1/ 350 رقم 570)، وعلي بن عاصم في "مشيخته"(19)، والذهبي في "السير"(16/ 540)، وفي "معجم الشيوخ الكبير"(1/ 271)، والسبكي في "معجم الشيوخ"(1/ 226).

كلهم من طرق عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

(1)

(ق/ 41/ ب).

(2)

سورة المائدة آية رقم: 6.

ص: 312

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة. وله متابعات أيضاً في الصحيحين من حديث مُحَمَّد بْن زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمَطْهَرَةِ فَقَالَ: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، ولفظ مسلم: وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ.

(1)

وقد سبق بيان ذلك في التخريج.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال الترمذي: وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا خُفَّانِ أَوْ جَوْرَبَانِ.

(2)

وقال أبو زرعة بن زنجلة رحمه الله: قوله تعالي: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}

(3)

قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَالْكسَائِيّ وَحَفْص: وأرجلَكم بِالْفَتْح وحجتهم أَنَّهَا معطوفة على الْوُجُوه وَالْأَيْدِي فأوجبوا الْغسْل عَلَيْهِمَا وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن عبد الله بن عمر قَالَ كنت أَقرَأ أَنا وَالْحسن وَالْحُسَيْن قَرِيبًا من عَليّ رضي الله عنه وَعِنْده نَاس قد شغلوه فقرأنا وأرجلَكم فَقَالَ رجل وأرجلِكم بِالْكَسْرِ فَسمع ذَلِك عَليّ رضي الله عنه فَقَالَ لَيْسَ كَمَا قلت ثمَّ تَلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}

(4)

هَذَا من الْمُقدم والمؤخر فِي الْكَلَام. وَفِي الْقُرْآن من هَذَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كثير. قَالَ الزّجاج الدَّلِيل على أَن الْغسْل هُوَ الْوَاجِب فِي الرجل وَأَن الْمسْح لَا يجوز: تَحْدِيد قَوْله: إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا جَاءَ فِي تَحْدِيد الْيَد: إِلَى الْمرَافِق، وَلم يجِئ فِي شَيْء من الْمسْح تَحْدِيد قَالَ: وامسحوا برؤوسكم بِغَيْر تَحْدِيد فِي الْقُرْآن، وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَأَبُو بكر: وأرجلِكم خفضاً عطفاً على الرؤوس، وحجتهم فِي ذَلِك مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ الْوضُوء غسلتان ومسحتان، وَقَالَ الشّعبِيّ نزل جِبْرَائِيل بِالْمَسْحِ أَلا ترى أَنه أهمل مَا كَانَ مسحاً وَمسح مَا كَانَ غسلاً فِي التَّيَمُّم. وَالصَّوَاب من القَوْل مَا عَلَيْهِ فُقَهَاء الْأَمْصَار أَن الْغسْل هُوَ الْوَاجِب نَحْو الرجلَيْن، وَيجوز أَن يكون قَوْله: وأرجلكم بالخفض حملت على الْعَامِل الْأَقْرَب للجوار وَهِي فِي الْمَعْنى للْأولِ كَمَا يُقَال هَذَا جُحر ضَب خرب فَيحمل على الْأَقْرَب وَهُوَ فِي الْمَعْنى للْأولِ.

(5)

وقال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار: مراد مسلم رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِيرَادِهِ هُنَا الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُجْزِئُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ غَسْلِ الأَعْقَابِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ (1/ 44 رقم 165)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الطهارة ب/ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِكَمَالِهِمَا (1/ 214 رقم 242).

(2)

يُنظر "سنن الترمذي" 1/ 60.

(3)

سورة المائدة آية رقم: 6.

(4)

سورة المائدة آية رقم: 6.

(5)

يُنظر "حجة القراءات" لأبو زرعة بن زنجلة 1/ 221 ــــ 223.

ص: 313

فَذَهَبَ جَمْعٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَسْحُ مَعَ الْغَسْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ. وجَمِيعَ مَنْ وَصَفَ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَتَوَاعَدَهَا بِالنَّارِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهَا وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ كَافِيًا لَمَا تَوَاعَدَ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ عَقِبَيْهِ.

(1)

(1)

يُنظر "شرح مسلم" للنووي 3/ 128، 127.

ص: 314

[60/ 710]- وَبِهِ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 2002 رقم 2590) ك/ البر والصلة والآداب ب/ بِشَارَةِ مَنْ سَتَرَ اللهُ تَعَالَى عَيْبَهُ فِي الدُّنْيَا، بِأَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ. عَنْ أُمَيَّة بْن بِسْطَامٍ، عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْع، به بنحوه.

- وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(4/ 174 رقم 2549)، وابن منده في "التوحيد"(2/ 137 رقم 287، 288)، من طرق عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) ذَكْوَانُ أَبُو صَالِح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح". قلت: والحديث أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قوله: لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: قَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتُرُ مَعَاصِيَهُ وَعُيُوبَهُ عَنْ إِذَاعَتِهَا فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ، وَالثَّانِي: تَرْكُ مُحَاسَبَتِهِ عَلَيْهَا وَتَرْكُ ذِكْرِهَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ يَقُولُ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ.

(1)

قلت: وهذا الحديث الذي أشار إليه القاضي يشهد أيضاً لحديث الباب، والله أعلم.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ المظالم ب/ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود: 18](2441)، ومسلم في "صحيحه" ك/ التوبة ب/ قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَثُرَ قَتْلُهُ (2768)، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ المَازِنِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي، مَعَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ. واللفظ للبخاري.

ص: 315

[61/ 711]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ: نا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ إِلَّا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي إِسْمَاعِيل بْنِ أُمَيَّة، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَر، واختلف فيه علي نَافِعٍ من طريقين:

أ - الطريق الأول: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً: ورواه عَنْ نَافِعٍ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، وأَيُّوب السختياني، ويَحْيَى بْنِ سَعِيد، ومَالِك، وصَالِح بْن كَيْسَان، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وعبد الله بن عمر أخو عُبَيْد اللَّه، ومُحَمَّد بْن عَجْلَانَ، وابْن جُرَيْج، وعمر بن محمد بن زيد العمري.

أما طريق إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ.

أما طريق أَيُّوبَ السختياني: أخرجه أحمد في "مسنده"(10/ 46 رقم 5762)، والبخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 42 رقم 51)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في رفع الأيدي في التكبير لافتتاح الصلاة، وفيما سوى ذلك مما يختلف أهل العلم فيه من رفع (15/ 47 رقم 5832)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 407 رقم 3234)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ مَنْ قَالَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ (2/ 37 رقم 2302)، وفي ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 103 رقم 2510).

وأما طريق عبد الله بن عمر الصغير أخو عُبَيْدِ اللَّه: أخرجه أحمد في "مسنده"(10/ 93 رقم 5843)، وابن المقرئ في "معجمه"(1/ 238 رقم 796)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(14/ 320).

وأما طريق مُحَمَّد بْن عَجْلَان: أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 29 رقم 71).

وأما طريق ابْن جُرَيْج: أخرجه الطبراني في "الأوسط"(8/ 11 رقم 7801).

وأما طريق مَالِك بْن أَنَس: أخرجه ابن المقرئ في "معجمه"(1/ 238 رقم 796)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(1/ 233 رقم 250)، والخليلي في "الإرشاد"(3/ 976)، والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 68)، والذهبي في "السير"(15/ 488)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(14/ 320).

وأما طريق صَالِح بْن كَيْسَان: أخرجه أحمد في "مسنده"(10/ 306 رقم 6164)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْرِ ذَلِكَ وَاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ (2/ 55 رقم 1136)، وابن أخي ميمي الدقاق في "فوائده"(1/ 252 رقم 542)، وأبو طاهر السِّلفي في "المخلصيات"(2/ 121 رقم 1175)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(5/ 460).

وأما طريق يَحْيَى بْنِ سَعِيد: أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 268).

ص: 316

وأما طريق عمر بن محمد بن زيد العمري: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(8/ 382).

كلهم عن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر به. بعضهم بنحوه، وبعضهم بزيادة الرفع في الركوع، وفي الرفع من الركوع.

ب - الطريق الثاني: نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ موقوفاً: ورواه عَنْ نَافِعٍ بهذا الوجه: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ومَالِكٍ، واللَّيْثُ بن سعد، وعبد الملك بن عبد العزيز بْنُ جُرَيْجٍ، وصَالِحٌ بن كيسان، ومُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وأيوب السختياني، وعَبْدُ اللهِ بن عبد الرحمن الطائفي.

أما طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأذان ب/ رَفْعِ اليَدَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ (1/ 148 رقم 739)، وفي "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 40 رقم 48)، (1/ 57 رقم 79)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ إِلَى أَيْنَ يَبْلُغُ بِيَدَيْهِ (2/ 60 رقم 2426)، والبزار في "مسنده"(12/ 149 رقم 5742)، وابن شاهين في "جزء من حديثه عن شيوخه"(1)، وأبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ افتتاح الصلاة (2/ 60 رقم 741)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ فِي الصَّلَاةِ (1/ 142 رقم 367) والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 407 رقم 3232)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ (2/ 196 رقم 2814)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرِ الافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالارْتِفَاعِ عَنْهُ وَالْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ (3/ 21 رقم 560)، وابن حزم في "المحلي"(4/ 93، 90).

وأما طريق مالك: فأخرجه هو في "الموطأ" ك/ الصلاة ب/ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ (2/ 104 رقم 250)، ومن طريقه ـــــــ البخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 53 رقم 72)، وأبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ افتتاح الصلاة (2/ 61 رقم 742)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 406 رقم 3230، 3227)، وفي "بيان خطأ من أخطأ علي الشافعي (1/ 154، 153)، والعقيلي في "الضعفاء" (2/ 68) ـــــــ.

وأما طريق اللَّيْث بن سعد: أخرجه البخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 16 رقم 13)، (1/ 42 رقم 50).

وأما طريق ابْن جُرَيْج: أخرجه البخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 33 رقم 38).

وأما طريق صَالِح بن كيسان: أخرجه البخاري في "قرة العينين"(1/ 45 رقم 57).

وأما طريق مُوسَى بْنِ عُقْبَة: أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 408 رقم 3236)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 103 رقم 2511).

ص: 317

وأما طريق أيوب السختياني: أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 408 رقم 3236)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 103 رقم 2511).

وأما طريق عَبْد اللهِ بن عبد الرحمن الطائفي: أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 103 رقم 2509).

كلهم عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنَ عُمَر به، بعضهم بنحوه، وبعضهم بزيادة الرفع في الركوع، وفي الرفع من الركوع.

الوجه الثاني: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنَ عُمَرَ.

أ - تخريج الوجه الثاني: أخرجه ابن المقرئ في "معجمه"(1/ 346 رقم 1154)، عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة به، وزاد: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ.

ب - متابعات للوجه الثاني: وتابع إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة علي هذا الوجه: مَالِك، وابْنُ عُيَيْنَة، ومَعْمَر، والحميدي، والزُّبَيْدِي، ويُونُس، وشُعَيْب، وابْن جُرَيْج، وعُقَيْل بن خالد، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ، وهُشَيْم بن بشير، وعبد الله بن عمر العمري، وابْن أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، ومُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَةَ، وعبدالله بن أُوَيْس الأصبحي، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وقُرَّة بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بْن حَيْوِيل، والْوَلِيد بْن مُحَمَّد الْمُوَقَّرِيُّ، وسُفْيَان بْن حُسَيْن.

أما طريق مالك: أخرجه هو في "الموطأ" ك/ الصلاة ب/ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ (2/ 102 رقم 245)، ومن طريقه ـــــــ البخاري في "صحيحه" ك/ الأذان ب/ رَفْعُ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى مَعَ الِافْتِتَاحِ سَوَاءً (1/ 148 رقم 735)، وفي "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 15 رقم 11)، وأحمد في "مسنده"(8/ 301 رقم 4674)، (9/ 211 رقم 5279)، والدارمي في "سننه" ك/ الصلاة فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (2/ 795 رقم 1285)، وفي ب/ القوْلِ بَعْدِ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 827 رقم 1348، 1347)، والذهلي في "جزئه"(1/ 35 رقم 35)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفَعَ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ (1/ 331 رقم 648)، وفي ب/ مَا يَقُولُ الْإِمَامُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ (1/ 332 رقم 650)، وفي ك/ المساجد ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ (1/ 458 رقم 954)، وفي "الصغرى" ك/ الافتتاح ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ (2/ 122 رقم 878)، وفي ك/ التطبيق ب/ مَا يَقُولُ الْإِمَامُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 195 رقم 1059)، وفي ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 194 رقم 1057) وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ بَيَانُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (1/ 424 رقم 1576)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ يان مشكل ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في رفع الأيدي في التكبير لافتتاح الصلاة (15/ 41 رقم 5828)، وفي "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ وَالتَّكْبِيرِ لِلسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ هَلْ مَعَ ذَلِكَ رَفْعٌ أَمْ لَا؟ (1/ 223 رقم 1339، 1338)، وفي ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ إِلَى أَيْنَ يَبْلُغُ بِهِمَا؟ (1/ 195 رقم 1161، 1160)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ صفة الصلاة: ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ الرُّكُوعَ وَعِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْهُ (5/ 172 رقم 1861)، وأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 102 رقم 109)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 157)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 405 رقم 3221، 3219)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ

ص: 318

الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 100 رقم 2502، 2501)، وفي ب/ الْقَوْلِ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ وَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا (2/ 134 رقم 2604)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرِ الافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالارْتِفَاعِ عَنْهُ وَالْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ (3/ 20 رقم 559)، وابن المنذر في "الأوسط" ب/ ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (3/ 136 رقم 1381) ــــــــ.

وأما طريق يُونُس بن يزيد: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأذان ب/ رَفْعِ اليَدَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ (1/ 148 رقم 736)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالرُّكُوعِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ (1/ 292 رقم 390)، والبخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 39 رقم 46)، (1/ 71 رقم 100)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ المساجد ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ (1/ 458 رقم 953)، وفي "الصغرى" ك/ الافتتاح ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ (2/ 121 رقم 877)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (1/ 424 رقم 1579)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْرِ ذَلِكَ وَاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ (2/ 40 رقم 1112)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 101 رقم 2504).

وأما طريق شُعَيْب بن أبي حمزة الأموي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأذان ب/ إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ (1/ 148 رقم 738)، وفي "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 35 رقم 40)، والنسائي في "الكبرى" ك/ المساجد ب/ الْعَمَلُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ (1/ 457 رقم 952)، وفي "الصغرى" ك/ الافتتاح ب/ الْعَمَلِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ (2/ 121 رقم 876)، والطبراني في "مسند الشاميين"(4/ 229 رقم 3150)، وابن المقرئ في "معجمه"(1/ 149 رقم 437)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْرِ ذَلِكَ وَاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ (2/ 40 رقم 1116)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ فِي الصَّلَاةِ (1/ 143 رقم 362)، وفي "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِافْتِتَاحِ مَعَ التَّكْبِيرِ (2/ 40 رقم 2310)، وفي ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 102 رقم 2506).

وأما طريق سُفْيَان بْن عُيَيْنَة: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالرُّكُوعِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ (1/ 292 رقم 390)، والبخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 9 رقم 2)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ إِلَى أَيْنَ يَبْلُغُ بِيَدَيْهِ (2/ 59 رقم 2421)، وفي ب/ مَنْ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ (2/ 62 رقم 2439)، وأحمد في "مسنده"(8/ 139 رقم 4540)، وابن ماجه في "سننه" إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ (2/ 40 رقم 858)، وأبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ رفع اليدين (2/ 44 رقم 721)، والترمذي في "سننه" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ (2/ 35 رقم 255)، والبزار في "مسنده"(12/ 252 رقم 6002)، والنسائي في "الكبرى" ك/ السهو ب/ تَرْكُ ذَلِكَ بَيْنَ

ص: 319

السَّجْدَتَيْنِ ـــــ أي رفع اليدين ـــــــ (1/ 367 رقم 734)، وفي ك/ المساجد ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلرُّكُوعِ حِذَاءَ الْمَنْكِبَيْنِ (2/ 30 رقم 1099)، وفي "الصغرى" ك/ الافتتاح ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ لِلرُّكُوعِ حِذَاءَ الْمَنْكِبَيْنِ (2/ 182 رقم 1025)، وفي ك/ التطبيق ب/ تَرْكُ ذَلِكَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ـــــ أي رفع اليدين ـــــ (2/ 231 رقم 1144)، وابن الجارود في "المنتقي" ب/ صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 54 رقم 177)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمُصَلِّي الرُّكُوعَ وَبَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ (1/ 294 رقم 583)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ بَيَانُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (1/ 423 رقم 1573، 1572)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(5827)، وفي "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ إِلَى أَيْنَ يَبْلُغُ بِهِمَا؟ (1/ 195 رقم 1159)، وفي ب/ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ وَالتَّكْبِيرِ لِلسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ هَلْ مَعَ ذَلِكَ رَفْعٌ أَمْ لَا؟ (1/ 222 رقم 1337)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 633 رقم 1257)، (2/ 675 رقم 1348)، (3/ 919 رقم 1929)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ صفة الصلاة: ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَكُونَ رَفْعُهُ يَدَيْهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ (5/ 177 رقم 1864)، والطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 280 رقم 1168)، وتمام في "فوائده"(1/ 53 رقم 113)، وأبو يعلي في "مسنده"(9/ 295 رقم 5420)، (9/ 367 رقم 5481)، (9/ 399 رقم 5534)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ (2/ 334 رقم 2945)، وفي ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ (2/ 404 رقم 3218)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ (2/ 36 رقم 2301) وفي ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 101 رقم 2503)، وأبو أحمد الحاكم في "شعار أصحاب الحديث" ب/ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْأَيْدِي عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ سَنَّهَا الْمُصْطَفَى عليه السلام (1/ 47 رقم 50)، وابن المقرئ في "جزء فيه أحاديث نافع بن أبي نعيم"(1/ 66 رقم 28).

وأما طريق ابْن جُرَيْج: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالرُّكُوعِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ (1/ 292 رقم 390)، وعبد الرَّزَّاق في "مسنده" ك/ الصلاة ب/ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ (2/ 67 رقم 2518)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ الْبَدْءِ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ (1/ 232 رقم 456)، والسَّرَّاج في "مسنده" ب/ فِي الْمُصَلِّي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ مَتَى يَرْفَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ بَعْدِهِ (1/ 61 رقم 89)، وأبو عوانة في "مستخرجه"(1577)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْرِ ذَلِك (2/ 38 رقم 1110)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ (2/ 12 رقم 857)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ الِابْتِدَاءِ بِالرَّفْعِ قَبْلَ الِابْتِدَاءِ بِالتَّكْبِيرِ (2/ 41 رقم 2313، 2314)، وابن المنذر في "الأوسط" ب/ ذِكْرُ الْبَدْءِ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ (3/ 72 رقم 1253).

وأما طريق عقَيْل بن خالد: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ

ص: 320

الْمَنْكِبَيْنِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالرُّكُوعِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ (1/ 292 رقم 390)، والبخاري في "قرة العينين"(1/ 57 رقم 78)، والسَّرَّاج في "مسنده" ب/ فِي الْمُصَلِّي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ مَتَى يَرْفَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ بَعْدِهِ (1/ 63 رقم 95) وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ (1/ 424 رقم 1578)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ (2/ 12 رقم 858) والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ (2/ 102 رقم 2507).

وأما طريق عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر: أخرجه البخاري في "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة"(1/ 56 رقم 76)، والبزار في "مسنده"(12/ 252 رقم 6003)، والنسائي في "الكبرى" ك/ المساجد ب/ رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلْقِيَامِ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ حِذَاءَ الْمَنْكِبَيْنِ (2/ 33 رقم 1106)، وفي "الصغرى" ك/ السهو ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ لِلْقِيَامِ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ (3/ 3 رقم 1182)، والروياني في "مسنده"(2/ 402 رقم 1402)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْجِلْسَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لِلتَّشَهُّدِ (1/ 344 رقم 693)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ بَيَانُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (1/ 424 رقم 1579)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ك/ ب/ يان مشكل ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في رفع الأيدي في التكبير لافتتاح الصلاة، وفيما سوى ذلك مما يختلف أهل العلم فيه من رفع (15/ 42 رقم 5830، 5829)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الصلاة ب/ صفة الصلاة (5/ 185 رقم 1868)، (5/ 197 رقم 1877).

وأما طريق هُشَيْم بن بشير: أخرجه البخاري في "قرة العينين"(1/ 56 رقم 77)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 223)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ مَنْ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ (2/ 62 رقم 2440).

وأما طريق مَعْمَر: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مسنده" ك/ الصلاة ب/ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ (2/ 67 رقم 2517)، وأحمد في "مسنده"(9/ 101 رقم 5081)، (10/ 415 رقم 6345)، والنسائي في "الكبرى" ك/ السهو ب/ تَرْكُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ (1/ 344 رقم 679)، وفي "الصغرى" ك/ التطبيق ب/ تَرْكُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ (2/ 206 رقم 1088)، وأبو عوانة في "مستخرجه"" ك/ الصلاة ب/ بَيَانُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (1/ 424 رقم 1579)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْه (3/ 40 رقم 1115)، وأبو يعلي في "مسنده" (9/ 415 رقم 5564)، وابن المنذر في "الأوسط" ب/ ذِكْرُ الْبَدْءِ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ (3/ 72 رقم 1254).

وأما طريق عبد الله بن عمر العمري الصغير: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مسنده" ك/ الصلاة ب/ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ (2/ 67 رقم 2519).

وأما طريق ابْن أَخِي ابْن شِهَاب: أخرجه أحمد في "مسنده"(10/ 315 رقم 6175)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ الصلاة ب/ صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 54 رقم 178)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة

ص: 321

ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْرِ ذَلِك (2/ 40 رقم 1114)، (2/ 41 رقم 1117).

وأما طريق الحميدي: أخرجه هو في "مسنده"(1/ 515 رقم 626).

وأما طريق مُحَمَّد بْن الوليد الزُّبَيْدِي: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ رفع اليدين (2/ 45 رقم 722)، والطبراني في "مسند الشاميين"(3/ 45 رقم 1777)، والدارقطني في "سننه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْرِ ذَلِكَ (2/ 39 رقم 1111)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ السُّنَّةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ كُلَّمَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ (2/ 118 رقم 2541)، وفي ك/ صلاة العيدين ب/ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ (3/ 411 رقم 6188).

وأما طريق مُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَة: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" " ك/ الصلاة ب/ بَيَانُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ بِحِذَاءِ مَنْكِبَيْهِ، وَلِلرُّكُوعِ وَلِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوع (1/ 424 رقم 1579).

وأما طريق عبدالله بن أُوَيْس الأصبحي: أخرجه الطبراني في "الأوسط"(2/ 222 رقم 1801).

وأما طريق إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَة: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 279 رقم 13111)، وفي "مسند الشاميين"(1/ 64 رقم 69).

وأما طريق قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيل: أخرجه الطبراني في "الكبير"(12/ 279 رقم 13112).

وأما طريق الْوَلِيد بْن مُحَمَّد الْمُوَقَّرِيُّ: أخرجه ابن المقرئ في "معجمه"(1/ 61 رقم 99).

وأما طريق سُفْيَان بْن حُسَيْن: أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1713 رقم 4315).

كلهم عَنْ ابْن شِهَاب الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. بعضهم بنحوه، وبعضهم بزيادة الرفع في الركوع، وفي الرفع من الركوع.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: ـــــ رواية الباب - الطريق الأول المرفوع

-.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ الْبَلْخِيُّ،

(1)

أَبُو الحسن، ويُقال: أَبُو هلال بْن أَبي هلال الذهبي البزاز.

روي عن: مُسْلِم بْن خَالِد الزَّنْجِي، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن المبارك، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، والنَّسَائي، ومحمد بْن علي الحكيم التِّرْمِذِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال النسائي: ثقة. وذكره ابن حِبَّان فِي الثقات، وَقَال: مستقيم الحديث. وقال ابن حجر، والنسائي مرة، ومسلمة بن قاسم: لا بأس به. وحاصله أنه "صدوق" والله أعلم.

(2)

(1)

البَلْخِىُّ: بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفي آخرها الخاء المعجمة هذه النسبة إلى بلدة من بلاد خراسان يقال لها بلخ فتحها الأحنف بن قيس التميمي من جهة عبد الله بن عامر بن كريز زمن عثمان بن عفان. يُنظر "الأنساب" للسمعاني 2/ 283.

(2)

يُنظر "مشيخة النسائي 1/ 89، "الثقات" 8/ 279، "التهذيب" 12/ 75، "الإكمال" 6/ 89، "التقريب" صـ 195.

ص: 322

3) مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ بْن قرقرة القرشي المخزومي، أَبُو خالد المكي المعروف بالزَّنْجِيُّ.

(1)

روي عن: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِي، وهشام بْن عروة، وآخرين.

روي عنه: سُلَيْمَان بْن مَنْصُور الْبَلْخِي، والشافعي، وأبو نعيم الفضل بْن دكين، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن مَعِين، والدارقطني، وابن شاهين: ثقة، وزاد الدارقطني: إِلَّا أَنَّهُ سَيِّئُ الْحِفْظِ. وذكره ابن حِبَّان فِي الثقات، وقال: كان يخطئ ويهم أَحْيَانًا.

- وقال الذهبي، وابن حجر: صَدُوق، وزاد الذهبي: يهم وبَعْضُ النُّقَّادِ يُرَقِّي حَدِيْثَه إِلَى دَرَجَةِ الحَسَن، وزاد ابن حجر: كثير الأوهام.

- وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيثِ، أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِه. وقَالَ ابن مَعِين مرة: لَيْسَ بِهِ بأس.

- وقال أحمد: كذا وكذا. وَقَال ابْن مَعِين، والدارقطني مرة، وأبو داود، والنَّسَائي، ضَعِيفٌ. وذكره أبو العرب، والبلخي، والعقيلي في جملة الضعفاء. وذكره ابن البرقي في باب من نسب إلي الضعف ممن يكتب حديثه. وذكر له الذهبي عدة أحاديث في الميزان وقال: فهذه الأحاديث وأمثالها تُرد بها قوة الرجل ويُضَعَف. وَقَال النَّسَائي مرة: ليس بالقوي. وقَال ابن سعد، والساجي: كثير الغلط. وقال يعقوب بن سفيان: سمعت مشائخ مكة يقولون كان لمسلم بن خالد حلقة أيام ابن جريج وكان يطلب ويسمع ولا يكتب فلما احتيج إليه وحدث كان يأخذ سماعه الذي قد غاب عنه يعني فضعف حديثه لذلك.

- وقَال أبو حاتم، والبُخارِيُّ، وأَبُو زرْعَة، وابن المديني: منكر الحديث، وَزاد أَبُو حاتم: ليس بذاك القوي يكتب حديثه، ولا يُحْتَجُّ بِهِ، تعرف وتنكر، وزاد ابْن المديني: ليس بشيءٍ، ما كتبت عَنْهُ وما كتبت عن رجل عنه. وقال الأشبيلي: لا يحتج به. وحاصله أنه "ضعيف يُعتبر به" والله أعلم. حاديث في الميزان وقال:

(2)

4) إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بن عبد مناف القرشي الأُمَوِيُّ

(3)

الْمَكِّيُّ.

روي عن: نَافِع مولي بْنِ عُمَر، وسَعِيد بْن المُسَيَّب، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِي، وآخرين.

روي عنه: مُسْلِم بْن خَالِد الزَّنْجِي، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

(1)

الزَنْجِىُّ: بفتح الزاي، والنون الساكنة، وفي آخرها الجيم، بلاد الزنج معروفة، وهي بلاد السودان، والزنج هو ابن حام وقيل الزنج والحبش، ونوبة، وزعاوة، وفران هم أولاد رغيا ابن كوش بن حام، وقيل السودان من بنى صدقيا بن كنعان بن حام، ولا أعرف منها أحدا من أهل العلم، والمشهور بهذه النسبة: مسلم بن خالد بن مسلم بن سعيد بن قرقرة القرشي المعروف بالزنجي. قاله السمعاني في الأنساب" 6/ 309. وَقَال ابْن أَبي حاتم: الزنجي إمام في الفقه والعلم، كان أبيض مشرباً حمرة، وإنما لقب بالزنجي لمحبته التمر، قالت له جاريته: ما أنت إلا زنجي لأكل التمر، فبقي عليه هذا اللقب.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل"8/ 183، "الثقات"7/ 488، "الكامل"8/ 6، "السنن" للدارقطني 3/ 466، "تهذيب الكمال" 27/ 508، "المغني" 2/ 402، "السير" 8/ 176، "ميزان الاعتدال" 4/ 102، "الإكمال" 11/ 171، "التقريب" صـ 462.

(3)

الأُمَوِيُّ: بضم الألف وفتح الميم وكسر الواو، هذه النسبة إلى أمية، والمشهور بهذه النسبة جموع كثيرة، منهم بنو أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الذين ولوا الخلافة وهم ينتسبون إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وفيهم كثرة من الخلفاء والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 350.

ص: 323

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وَزاد ابْن سعد: كثير الحديث، وزاد أبو حاتم: صالح، وزاد ابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان في الثقات، وفي المشاهير وقال: كان ثبتاً. وقال ابْن عُيَيْنَة: لم يكن عندنا قرشيان مثل إِسْمَاعِيل بْن أمية، وأيوب بْن موسى. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

5) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

6) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

دراسة إسناد الطريق الثاني - الموقوف -.

قلت: أخرجه البخاري في "صحيحه" من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً. وإخراج البخاري له في "صحيحه كاف في إثبات صحته.

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: ابن المقرئ في "معجمه

".

1) أبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُغَبَّرِ

(2)

الْبَزَّازُ الْمَكِّيُّ: قال ابن ماكولا، والسمعاني: حدث بمكة عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وأحمد بن عمران بن سلامة اليماني، روى عنه: أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، وأبو محمد بن السقاء، قلت: وحاصله أنه "مجهول الحال".

(3)

2) أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْفَشُ

(4)

: قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات.

(5)

3) زَيْدُ بْنُ الْحُبَاب: قال ابن حجر: صدوق يخطئ في حديث الثوري.

(6)

4) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

5) إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّة: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

7) سَالِمُ بْن عبد الله بن عمر بن الخطاب: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (36).

8) عَبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بن الخطاب بن نفيل: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 224، "الجرح والتعديل" 2/ 159، "الثقات" 6/ 29، "المشاهير لابن حبان 1/ 174، "تهذيب الكمال" 3/ 45، "الكاشف" 1/ 244، "الإكمال" 2/ 154، "التقريب" صـ 45.

(2)

الْمُغَبَّرِ: بضم الميم وفتح الغين وتشديد الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى المغبر، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه والمشهور بهذه النسبة على بن الحسين بن الخالد بن المغبر. قاله السمعاني في "الأنساب" 11/ 418.

(3)

يُنظر "الإكمال" لابن ماكولا 7/ 268، "الأنساب" للسمعاني 11/ 418.

(4)

الأَخْفَش: بفتح الألف وسكون الخاء المعجمة وفتح الفاء في آخرها شين معجمة، ومعناه صغير العين مع سوء بصر فيها، والمشهور بهذه الصفة أحمد بن عمران بن سلامة المعروف بالألهاني. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 154.

(5)

يُنظر: الجرح والتعديل" 2/ 65، "الثقات" لابن حبان 8/ 34.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 162.

ص: 324

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، واختلف فيه علي نَافِعٍ من طريقين أيضاً:

أ - الطريق الأول: نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ مرفوعاً. ورواه عن نَافِعٍ بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، وأَيُّوب السختياني، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كما عند أبو نعيم وفي الطريق إليه سعيد بن عنبسة: قال ابن معين: كذاب، وقال أبو حاتم: لا يُصدق. ومَالِك بْن أَنَس، وصَالِح بْن كَيْسَانَ، وعبد الله بن عمر الصغير أخو عُبَيْدِ اللَّهِ، ومُحَمَّد بْن عَجْلَانَ، وابْن جُرَيْجٍ، وعمر بن محمد بن زيد العمري. كلهم عن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً. قلت: والطرق إلي هؤلاء الرواة كلها ضعيفة لا يخلو طريق منها من راوٍ ضعيف، أو مجهول، أو كذاب عدا طريق أَيُّوب السختياني فالطرق إليه صحيحة.

ب - الطريق الثاني: نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ موقوفاً. ورواه عن نَافِعٍ بهذا الوجه: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ومَالِك بن أنس من أصح الأوجه عنه، واللَّيْث بن سعد، وابْن جُرَيْجٍ من أصح الأوجه عنه، ومُوسَى بْن عُقْبَة، وأيوب السختياني، وصَالِحٌ بن كيسان، وعَبْد الله بن عبد الرحمن الطائفي. كلهم عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنَ عُمَرَ موقوفاً. قلت: وهذا الوجه أخرجه البخاري في "صحيحه" عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني - الموقوف - هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) أنَّ رُوَاة الوجه الأول الطرق إليهم ضعيفة، وهذا بخلاف رُوَاة الوجه الثاني.

2) إخراج البخاري لهذا الوجه في "صحيحه".

3) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، لَيْسَ بِمَرْفُوع. وقال مرة: والموقوف هُوَ الصَّحِيحُ.

(1)

الوجه الثاني: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِم بْن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ.

ورواه عن إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّةَ بهذا الوجه: الثَّوْرِي، وفي الطريق إليه: عَلِي بْن الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِد الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُغَبَّرِ: مجهول الحال. وزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: صدوق يخطئ في حديث الثوري كما قال ابن حجر. قلت: لكن تابع إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة علي هذا الوجه جماعة من الرواة في الصحيحين وغيرهما وهم: مَالِك، وابْن عُيَيْنَة، ومَعْمَر، والحميدي، ومُحَمَّد بْن الوليد الزُّبَيْدِي، ويُونُس بن يزيد، وشُعَيْب بن أبي حمزة، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ، وابْن جُرَيْج، وعُقَيْل بن خالد، وهُشَيْم بن بشير، وعبد الله بن عمر العمري الصغير، وابْن أَخِي ابْن شِهَابٍ، ومُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَةَ، وعبدالله بن أُوَيْس الأصبحي، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وقُرَّة بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بْن حَيْوِيلٍ، والْوَلِيد بْن مُحَمَّد الْمُوَقَّرِي، وسُفْيَان بْن حُسَيْن. كلهم عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ به.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الحديث محفوظ من حديث نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفاً، وذلك لإخراج البخاري له في صحيحه. ومحفوظ كذلك من حديث الزُّهْرِي، عَنْ سَالِمُ، عَنْ ابْنَ عُمَرَ، وذلك لإخراج الشيخان له في صحيحيهما، والله أعلم.

(1)

يُنظر "السنن" لأبي داود 2/ 61.

ص: 325

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الطريق الأول من الوجه الأول ــــ المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: مُسْلِم بْن خَالِد الزَّنْجِي: ضعيف وتفرد عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّة، وخالف الثقات في روايتهم للحديث موقوفاً.

وأما الحديث بالوجه الموقوف ـــ الراجح ـــ عن نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَر، فإسناده "صحيح" وقد أخرجه البخاري في "صحيحه".

وأما الحديث بالوجه الثاني: إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ سَالِم، عَنْ ابْنَ عُمَرَ، إسناده "ضعيف" فيه: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ الْمَعْرُوف بِابْنِ الْمُغَبَّرِ: مجهول الحال، وزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: صدوق يخطئ في حديث الثوري كما قال ابن حجر. قلت: لكن له متابعات في الصحيحين وغيرهما كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ إِلَّا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. فلم يروه عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ إلا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِي. ورواه الثوري، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمُ، عَنْ ابْنَ عُمَر.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال البخاري رحمه الله: لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِمَّنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَابْن مَعِين، وَأَحْمَد، وَابْن رَاهَوَيْه، هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِمْ فَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلِمْنَا فِي تَرْكِ رَفْعِ الْأَيْدِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ.

(1)

وقَالَ أيضاً: كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَهُوَ أَكْثَرُ أَهْلِ زَمَانِهِ عِلْمًا فِيمَا نَعْرَفُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْلَمُ مِنَ السَّلَفِ عِلْمٌ فَاقْتَدَى بِابْنِ الْمُبَارَكِ فِيمَا اتَّبَعَ الرَّسُولَ، وَأَصْحَابَهُ، وَالتَّابِعِينَ لَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَنْ يُثْبِتَهُ بِقَوْلِ مَنْ لَا يَعْلَمُ، وَالْعَجَبُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ صَغِيرًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ شَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى صلى الله عليه وسلم لِابْنِ عُمَرَ بِالصَّلَاحِ.

(2)

وقال أيضاً: قَالَ ابن المديني: رَفْعُ الْأَيْدِي حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ.

(3)

(1)

يُنظر "قرة العينين برفع اليدين في الصلاة" للبخاري 1/ 33.

(2)

يُنظر "قرة العينين" 1/ 35.

(3)

يُنظر "قرة العينين" 1/ 9.

ص: 326

[62/ 712]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ قَالَ: [حَدَّثتْنِي]

(1)

نَائِلَةُ، عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ، عَنِ السَّوْدَاءِ، قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُبَايِعَهُ، فَقَالَ: «اذْهَبِي، فَاخْتَضِبِي

(2)

، ثُمَّ تَعَالَيْ حَتَّى أُبَايِعَكِ».

* لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ السَّوْدَاءِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: نَائِلَةُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ عَنْ حُمَيْد بْن عَلِي الْوَرَّاق.

وابن سعد في "الطبقات"(10/ 11)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 347)، عن عَبْد الْعَزِيز بْن الْخَطَّاب، وإِسْمَاعِيل بْن أَبَان الْوَرَّاق.

وأَبُو إِسْحَاق الخُتَّلِي السُّرَّمَرَّائِي في "المحبة لله سبحانه"(1/ 45 رقم 90)، والطبراني في "الكبير"(24/ 303 رقم 770)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3364 رقم 7695)، عن عَبْد الْعَزِيز بْن الْخَطَّاب.

وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(6/ 187 رقم 3415)، وبَحْشَل في "تاريخ واسط"(1/ 74)، والطبراني في "الكبير"(24/ 303 رقم 771)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(1/ 414)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(7/ 157)، عن إِسْمَاعِيل بْن أَبَان الْوَرَّاق.

ثلاثتهم: حُمَيْد بْن عَلِي الْوَرَّاق، وعَبْد الْعَزِيز بْن الْخَطَّابِ، وإِسْمَاعِيل بْن أَبَان، عن نَائِلَة، عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ، عَنِ السَّوْدَاءِ بنحوه، وزاد: ابن سعد، وأَبُو إِسْحَاقَ الخُتَّلِيُّ، وأبو نعيم، والخطيب: فَاخْتَضَبْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَبَايَعْتُهُ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ.

روي عن: نَائِلَة، وجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الأَنْطَاكِيُّ. روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، ومُوسَى بْنُ هَارُونَ. أقوال أهل العلم فيه: لم أقف له علي ترجمة في حدود بحثي والله أعلم، وحاصله "أنه مجهول الحال".

(3)

3) نَائِلَةُ الْكُوفِيَّةُ مَوْلاةُ أَبِي الْعَيْزَارِ.

روت عن: أُمِّ عَاصِمٍ جدة المعلى بن راشد.

روي عنها: حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاق، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّاب، وإِسْمَاعِيل بْن أَبَان الْوَرَّاق.

(1)

في الأصل "حَدَّثَنِي" والتصويب من "مجمع البحرين"(7/ 196 رقم 4302)، "المعجم الكبير"(24/ 303 رقم 771).

(2)

قال ابن منظور: خضب: الخِضابُ: مَا يُخْضَبُ بِهِ مِن حِنَّاءٍ، وكَتَمٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي الصحاحِ: الخِضابُ مَا يُخْتَضَبُ بِهِ. واخْتَضَب بالحنَّاءِ وَنَحْوِهِ، وخَضَبَ الشيءَ يَخْضِبُه خَضْباً، وخَضَّبَه: غيَّر لوْنَه بحُمْرَةٍ، أَو صُفْرةٍ، أَو غيرِهما. يُنظر "لسان العرب" 1/ 357.

(3)

يُنظر "الخامس والعشرون من المشيخة البغدادية"(11) لأبي طاهر السِّلَفي.

ص: 327

حالها: لم أقف لها علي ترجمة في حدود بحثي والله أعلم، وحاصله "أنها مجهولة الحال".

(1)

4) أُمُّ عَاصِم جدة المعلى بن راشد، والعلاء بن راشد، وكانت أم ولد لسنان بن سلمة بن الْمُحَبِّق.

روت عن: السَّوْدَاءِ بنت عَاصِمٍ الأسدية، وعائشة أم المؤمنين، وسلمة بن الْمُحَبِّق، وآخرين.

روى عنها: نَائِلَة الْكُوفِيَّة، والحسن بن عمارة، والمعلى بن راشد أبو اليمان، وآخرون.

حالها: روى لها التِّرْمِذِيّ، وابن مَاجَة. وقال ابن حجر: مقبولة. وحاصله أنها "ضعيفة".

(2)

5) السَّوْدَاءُ بِنْتُ عَاصِم بْن خَالِد بْن صَدَّاد بْنِ عَبْد اللَّه بْن قُرط بْن رَزَاح بْن كَعْب القُرَشِية العَدَوِية.

روت عن: عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. روي عنها: أُم عَاصِم جدة المعلى بن راشد.

حالها: قال ابن حبان: لها صحبة، وذكرها أبو نعيم، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر في الصحابة، وقالواْ: حديثها عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم في الخضاب.

(3)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: حُمَيْد بْن عَلِيٍّ الْوَرَّاق: مجهول الحال. وأُمُّ نَائِلَة الْكُوفِيَّة: مجهولة الحال. وأُمُّ عَاصِم جدة المعلى بن راشد: ضعيفة.

قلت: أما حُمَيْد الْوَرَّاق فقد تابعه: إِسْمَاعِيل بْن أَبَان: قال فيه ابن حجر: ثقة،

(4)

وتابعه كذلك عَبْد الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ: قال فيه ابن حجر: صدوق.

(5)

، وأما نَائِلَةُ الْكُوفِيَّةُ: فتفردت به عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ كما قال الطبراني.

قلت: وللحديث شواهد من أمثلها حديث عَائِشَة، وابن عباس، ومُسْلِم بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وابْنِ عُمَر.

فعَنْ مُطِيعُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ عِصْمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: مَدَّتْ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ بِيَدِهَا كِتَابًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، وَقَالَ: مَا أَدْرِي أَيَدُ رَجُلٍ أَوْ يَدُ امْرَأَةٍ؟ فَقَالَتْ: بَلْ امْرَأَةٌ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً غَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ بِالْحِنَّاءِ.

(6)

قلت: فيه مُطِيعُ بْنُ مَيْمُونٍ قال ابن حجر: لين الحديث،

(7)

وصَفِيَّةُ بِنْتُ عِصْمَةَ: قال ابن حجر: لا تعرف.

(8)

(1)

يُنظر "الطبقات الكبرى" لابن سعد 10/ 11، "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 347.

(2)

يُنظر "تهذيب الكمال" 35/ 370، "التقريب" صـ 674.

(3)

"الثقات" 3/ 185، "معرفة الصحابة" 6/ 3364، "الاستيعاب" 4/ 1866، "أسد الغابة" 7/ 157، "الإصابة" 15/ 503.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 44.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 297.

(6)

أخرجه أحمد في "مسنده"(26258)، وأبو داود في "سننه"(4166)، والنسائي في "الكبرى"(9311)، وفي "الصغرى"(5089)، والطبراني في "الأوسط"(3765)، (6706)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6419)، وفي "الكبرى"(13500، 13499).

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 467.

(8)

يُنظر "التقريب" صـ 666.

ص: 328

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفِهْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُبَايِعُهُ، وَلَمْ تَكُنْ مُخْتَضِبَةً، فَلَمْ يُبَايِعْهَا حَتَّى اخْتَضَبَتْ.

قلت: فيه: ليث بن أبي سليم قال ابن حجر: صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك.

(1)

وقَالَ الْبَزَّارُ: لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَالْفِهْرِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ.

وعَنْ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّمْلِيُّ، عَنْ شُمَيْسَةَ بِنْتِ نَبْهَانَ، عَنْ مَوْلَاهَا مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النِّسَاءَ عَامَ الْفَتْحِ عَلَى الصَّفَا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ كَأَنَّ يَدِهَا يَدَ الرَّجُلِ، فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهَا حَتَّى ذَهَبَتْ فَغَيَّرَتْ يَدَهَا بِصُفْرَة.

(2)

قلت: عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّمْلِيُّ قال ابن حجر: ضعيف.

(3)

وشُمَيْسَةَ بِنْتِ نَبْهَان: مجهولة.

وعَن مندل بن علي، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قَالَ: دَخَلَ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نسوة من الأنصار فقال: يا نساء الأنصار اختضبن غَمْسَاً وَاخْفِضْنَ، ولَا تُنْهِكْنَ فَإِنَّهُ أَحْظَى عِنْدَ أَزْوَاجِكُنَّ وَإِيَّاكُنْ وَكُفْرَ الْمُنَعَّمِينَ قَالَ مَنْدَلٌ: يَعْنِي الأَزْوَاجَ.

(4)

قلت: فيه مندل بن علي العنزي: قال ابن حجر: ضعيف.

(5)

قلت: وكلها شواهد ضعيفة لكن كثرة الطرق يقوي بعضها بعضاً، وعلي هذا فيرتقي الحديث بمجموع طرقه من الضعيف إلي الحسن لغيره.

قال البيهقي: والآثار الضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم.

(6)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ السَّوْدَاءِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: نَائِلَةُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 400.

(2)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1114)، وفي "الكبير"(1054)، والبزار كما في "كشف الأستار" للهيثمي" (2993).

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 233.

(4)

أخرجه البزار في "مسنده"(6178)، والبيهقي في "الشعب" 8646، وإسماعيل الصفار في "مصنفاته"530.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 477.

(6)

يُنظر "نصب الراية" للزيلعي 1/ 93.

ص: 329

[63/ 713]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ قَالَ: نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ رَجُلًا يَدْعُو [بِإِصْبَعَيْهِ]

(1)

جَمِيعًا، فَنَهَاهُ، وَقَالَ:«ادْعُ بِأَحَدِهِمَا، بِالْيُمْنَى» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا حَفْصٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي حَفْص بْن غِيَاثٍ، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: حَفْص، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ حَفْص بهذا الوجه: عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن أَبَان، والوليد بن شجاع السكوني.

أما طريق عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن أَبَان: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الرقائق ب/ الأدعية: الزَّجْرِ عَنِ الْإِشَارَةِ فِي الدُّعَاءِ بِالْأُصْبُعَيْنِ (3/ 166 رقم 884).

وأما طريق الوليد بن شجاع السكوني: أخرجه أبو يعلي في "مسنده"(10/ 421 رقم 6033).

ب - متابعات للوجه الأول: فقد تابع حَفْصُ بْنُ غِيَاث علي هذا الوجه: مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ المصيصي.

أخرجه السَّرَّاج في "حديثه"(2/ 245 رقم 1014)، وفي "مسنده"(1/ 374 رقم 1214)، والطبراني في "الأوسط"(4/ 37 رقم 3550)، عن مُسْلِم بْن أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيُّ، عن مَخْلَد بْن الْحُسَيْنِ المصيصي، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ به، وفيه أن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَدْعُو بِإِصْبَعَيْهِ فَقَبَضَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ.

الوجه الثاني: حَفْص، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفاً.

ورواه عن حَفْصُ بهذا الوجه: أبو بكر بن أبي شيبة.

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِإِصْبَعٍ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ (3/ 546 رقم 8504)، وفي ك/ الدعاء ب/ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِإِصْبَعٍ وَيَدْعُو بِهَا (10/ 148 رقم 30182) عن حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ به بنحوه.

الوجه الثالث: حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

ورواه عَنْ حَفْص بْنُ غِيَاثٍ بهذا الوجه: ابن أبي شيبة، وأَبُو هِشَام الرِّفَاعِي.

(1)

في الأصل بإصبعه، والصواب ما أثبته وهو علي الصواب في جميع مصادر تخريج الحديث التي وقفت عليها. وقد أخرجه الترمذي في "سننه"(5/ 557 رقم 3557) من حديث أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَدْعُو بِإِصْبَعَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَحِّدْ أَحِّدْ» . فقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَمَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ إِذَا أَشَارَ الرَّجُلُ بِإِصْبَعَيْهِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ لَا يُشِيرُ إِلَّا بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ.

ص: 330

أما طريق ابن أبي شيبة: أخرجه هو في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِإِصْبَعٍ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ (3/ 546 رقم 8503)، وفي ك/ الدعاء ب/ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِإِصْبَعٍ وَيَدْعُو بِهَا (10/ 147 رقم 30177)، ومن طريقه ــــــ أحمد في "مسنده"(15/ 258 رقم 9439)، والطبراني في "الدعاء"(2/ 887 رقم 215)، والقطيعي في "جزء الألف دينار وهو الخامس من الفوائد المنتقاة والأفراد الغرائب الحسان"(156)، وعبد الغني المقدسي في "نهاية المراد من كلام خير العباد"(1/ 68 رقم 66) ــــــ.

وأما طريق أَبو هِشَام الرِّفَاعِي: أخرجه أَبُو بَكْرٍ القَاسِم بنُ زَكَرِيَّا المُطَرِّزِ في "فوائده وأماليه"(1/ 189 رقم 85). كلاهما: عن حَفْص بْن غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ به. بعضهم بنحوه، وبعضهم بلفظ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَدْعُو بِإِصْبَعَيْهِ، فَقَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (34).

3) حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ بنِ طَلْقِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ سَعْدِ بنِ مَالِكِ النَّخَعِيُّ، أَبُو عُمَرَ الكُوْفِيُّ.

روي عن: هِشَام بْن حَسَّان، وسفيان الثوري، ويحيى بْن سَعِيد الأَنْصارِي، وآخرين.

روي عنه: عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن أَبَان، وأَحْمَد بن حنبل، وإسحاق بْن راهويه، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابن مَعِين، والنَّسَائي، والذهبي، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد، والعجلي: مأمون، وزاد ابن معين: ثبت، وَزاد يعقوب: ثبت إذا حدث من كتابه، ويتقى بعض حفظه. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال في المشاهير: يهم في الأحايين. وَسُئل أَبو حاتم عن حفص بن غياث، وأبي خالد الأحمر فَقَالَ: حفص أتقن وأحفظ من أبي خالد. وقال أَبو داود: كان ابْن مهدي لا يقدم بعد الكبار من أصحاب الأعمش غير حفص. وقال يَحْيَى القَطَّانِ: حَفْصٌ أَوْثَقُ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ. روى لِهِ الجماعة.

- وَقَال أَبُو زُرْعَة: ساء حفظه بعد ما استقضي فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح، وإلا فهو كذا. وقال داود بن رشيد: حفص كثير الغلط. وقال ابن حجر: فقيه تغير حفظه قليلاً في الآخر.

وصفه بالتدليس: قال ابن سعد: يدلس لكن يبين تدليسه. وذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من المدلسين.

وصفه بالتغير: قال أبو زرعة: ساء حفظه بعدما استقضي فمن كتب عنه من كتابه فهو ثقة صالح. وقال صالح جزرة: حفص لما ولي القضاء جفا كتبه، وقال ابن حجر: فقيه تغير حفظه قليلاً في الآخر. لكن قال أحمد: حفص ما كان مخلطاً. وحاصله أنه "ثقة تغير حفظه قليلاً بأخرةٍ.

(1)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 185، "الثقات" 6/ 200، "المشاهير" 1/ 203، "تهذيب الكمال" 7/ 56، "السير" 9/ 22، "ميزان الاعتدال" 1/ 567، "المختلطين" 1/ 24، "التَّراجِمُ السَّاقِطَةُ مِنْ كِتَابِ الإكْمَال"1/ 251، "المدلسين" لأبو زرعة 1/ 45، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 20، "التقريب" صـ 113، "بحر الدم فيمن تكلم فيه أحمد بمدح أو ذم" لابن المِبْرَد الحنبلي 1/ 43.

ص: 331

4) هِشَامُ بْنُ حَسَّان القُرْدُوْسِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (20).

5) مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِين: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (13).

6) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن أبي شيبة في مصنفه

".

1) حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: "ثقة تغير حفظه قليلاً بأخرةٍ" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

2) هِشَامُ بْنُ حَسَّان القُرْدُوْسِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (20).

3) مُحَمَّدُ بْن سِيرِينَ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (13).

4) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد ابن أبي شيبة في مصنفه

".

1) حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: "ثقة تغير حفظه قليلاً بأخرةٍ" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

2) الأعْمَشُ: "ثقة ثبت يدلس لكن احتمل الأئمة تدليسه" سبقت ترجمته في حديث رقم (37).

3) ذَكْوَانُ أَبُو صَالح السَّمَّان: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

4) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي حَفْص بْن غِيَاث، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: حَفْصُ بْنُ غِيَاث، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

ورواه عن حَفْص بهذا الوجه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، وهو ثقة. والوليد بن شجاع السكوني قال فيه ابن حجر: ثقة.

(1)

. وتابع حَفْص: مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ المصيصي. قال فيه ابن حجر: ثقة فاضل.

(2)

الوجه الثاني: حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفاً.

ورواه عن حَفْصُ بهذا الوجه: أبو بكر بن أبي شيبة.

الوجه الثالث: حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

ورواه عن حَفْص بهذا الوجه: أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن يزيد بن كثير العجلي أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيُّ، وأبُو هِشَام قال فيه ابن حجر: ليس بالقوي، وقال البخاري: رأيتهم مجمعين علي ضعفه.

(3)

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 512.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 456.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 447.

ص: 332

1) رواية الأكثر عدداً: حيث رواه اثنان من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الآخرين.

2) المتابعات: فقد تابع حَفْص، عَنْ هِشَامِ بالوجه الأول: مَخْلَد بْن الْحُسَيْنِ، ومَخْلَد هذا ثقة.

3) ترجيح الأئمة:

- قال الدارقطني: لما سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعْدٍ رَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَدْعُو بِأُصْبُعِي، فَقَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ. فَقَالَ: يَرْوِيهِ الْأَعْمَش، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ: فَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعْدٍ، وَخَالَفَهُ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، فَرَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ، وَقَالَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَأَى سَعْدًا، وَلَمْ يُتَابِعْ حَفْصٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَوْلُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أشبه بالصواب.

- قلت: وفي قول الدارقطني: وَلَمْ يُتَابِعْ حَفْصٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَوْلُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أشبه بالصواب. في هذا دلالة علي أن طريق حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ــــــ الوجه الثالث ــــــ غير محفوظ. قلت: وأما الوجهين الآخرين: المرفوع، والموقوف. فالمرفوع منهما أصح، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح".

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا حَفْصٌ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. فلم يتفرد حفص بن غياث برواية هذا الحديث عن هشام بن حسان بل تابعه: مَخْلَد بْن الْحُسَيْن المصيصي كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حبان رحمه الله: أَضْمَرَ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ إِلَى الِاثْنَيْنِ، وَالْقَوْمُ عَهْدُهُمْ كَانَ قَرِيبًا بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ، فَمِنْ أَجْلِهِمَا أَمَرَ بِالْإِشَارَةِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدٍ.

(1)

وقال الملا علي القاري رحمه الله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا: قَالَ مِيرَكُ: هُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ. كَانَ يَدْعُو: أَيْ: يُشِيرُ. بِأُصْبُعَيْهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا الْمُسَبِّحَتَانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَحِّدْ أَحِّدْ: كُرِّرَ لِلتَّأْكِيدِ فِي التَّوْحِيدِ، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: أَشِرْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الَّذِي تَدْعُوهُ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ، وَأَصْلُهُ: وَحِّدْ أَمْرُ مُخَاطَبٍ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً، كَمَا قِيلَ: أَحَدٌ وَإِحْدَى وَأُحَادُ، فَقَدْ بَلَغْتَ بِهَا الْقَلْبَ مَضْمُومَةً وَمَكْسُورَةً أَوْ مَفْتُوحَةً، قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَأَمَّا إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ الْغَيْرِ الْمَضْمُومَةِ فَسَمَاعِيٌّ، وَالْمَعْنَى ارْفَعْ أُصْبُعًا وَاحِدَةً لِأَنَّكَ تُشِيرُ إِلَى وَحْدَانِيَّةِ مَنْ هُوَ وَاحِدٌ لَا ثَانِيَ لَهُ لَا فِي الذَّاتِ وَلَا فِي الصِّفَاتِ، وَلَعَلَّ التَّكْرَارَ لِهَذَا الْمَعْنَى.

(2)

(1)

يُنظر "صحيح ابن حبان" 3/ 167.

(2)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" 2/ 583.

ص: 333

[64/ 714]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَلَا أُرِيكُمْ كَيْفَ وَضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ؟ «فَأَخَذَ مَاءً بِيَدِهِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ الْمَاءَ بِيَدِهِ فَضَمَّ إِلَيْهَا يَدَهُ الْأُخْرَى، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ، فَغَسَلَ يَدَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِالْأُخْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا قَدَمَيْهِ، وَعَلَيْهِ النَّعْلَانِ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي زَيْدِ بْنِ أَسْلَم، واختلف عليه في متنه من وجوه:

الوجه الأول: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا قَدَمَيْهِ، وَعَلَيْهِ النَّعْلَانِ.

ورواه عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وهشام بن سعد، وعَبْد الْعَزِيز الدَّرَاوَرْدِي.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: فأخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ.

وأما طريق هشام بن سعد: فأخرجه أبو داود في "سننه" ك/ الطهارة ب/ الوضوء مرَّتين (1/ 96 رقم 137)، والبزار في "مسنده"(11/ 424 رقم 5281)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي" ب/ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَعْلاهُ وَأَسْفَلُهُ (1/ 298 رقم 80)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 783 رقم 1599)، والطبراني في "الكبير"(10/ 379 رقم 10759)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الطهارة (1/ 247 رقم 521)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ}

(1)

نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْلِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا فَإِنْمَا هُوَ لِلْمُجَاوَرَةٍ (1/ 117 رقم 341)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ الِاخْتِيَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (1/ 291 رقم 679) كلهم: بنحوه وفيه: ثمَّ قبضَ قبضةً أُخرى مِن الماء، فرشَّ على رِجلِهِ اليُمنى وفيها النَّعلُ، ثمَّ مَسَحَها بيَدَيهِ: يدٌ فوقَ القَدَمِ ويدٌ تحتَ النَّعل، ثمَّ صنعَ باليُسرى مثلَ ذلك.

وأما طريق عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِي: فأخرجه القاسم بن سلام في "الطهور" ب/ سُنَّةِ الْوُضُوءِ فِي الْوَاحِدَةِ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا (1/ 184 رقم 105)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ فَرْضِ الرِّجْلَيْنِ فِي وُضُوءِ الصَّلَاةِ (1/ 35 رقم 158)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْلِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا فَإِنْمَا هُوَ لِلْمُجَاوَرَةٍ (1/ 118 رقم 342)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ الِاخْتِيَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (1/ 291 رقم 678). بنحوه وفيه: ثُمَّ أَخَذَ مِلْءَ كَفَّيْهِ مَاءً، فَرَشَّ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ.

(1)

سورة المائدة آية رقم: 6.

ص: 334

الوجه الثاني: زَيْدُ، عَنْ عَطَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ عَلَيْهِمَا النَّعْلَانِ مَرَّةً مَرَّةً.

ورواه عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ بهذا الوجه: خَارِجَة بْن مُصْعَب، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وَهِشَام بْن سَعْد.

أما طريق خَارِجَة بْن مُصْعَب: فأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(4/ 381 رقم 2782).

وأما طريق سُفْيَان الثَّوْرِي، وَهِشَام بْن سَعْد: فأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْلِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا فَإِنْمَا هُوَ لِلْمُجَاوَرَةٍ (1/ 119 رقم 348). وعند البيهقي بلفظ: ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَعَلَيْهِ نَعْلُهُ. قال البيهقي: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي النَّعْلَيْنِ.

الوجه الثالث: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى.

ورواه عَنْ زَيْد بهذا الوجه: سُلَيْمَانَ بْنُ بِلَال، ومُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، ووَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.

أما طريق سُلَيْمَان بْن بِلَالٍ القرشي: فأخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ غَسْلِ الوَجْهِ بِاليَدَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ (1/ 40 رقم 140)، وابن أخي ميمي الدقاق في "فوائده"(1/ 229 رقم 491)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة في ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْلِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا فَإِنْمَا هُوَ لِلْمُجَاوَرَةٍ (1/ 118 رقم 343)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ الِاخْتِيَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (1/ 291 رقم 681).

وأما طريق ابْن عَجْلَان: فأخرجه القاسم بن سلام في "الطهور" ب/ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (1/ 171 رقم 86)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الطهارات ب/ فِي الْوُضُوءِ كَمْ هُوَ مَرَّةً (1/ 19 رقم 64)، وأبو يعلي في "مسنده"(4/ 367 رقم 2486)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ وَذِكْرُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ (1/ 113 رقم 106)، وفي "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ (1/ 74 رقم 102)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ إِبَاحَةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً (1/ 77 رقم 148)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الطهارة ب/ سنن الوضوء: ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْمُتَوَضِّئِ. (3/ 360 رقم 1078)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ غسل اليدين (1/ 92 رقم 253)، وفي ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْل (1/ 118 رقم 344)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ الِاخْتِيَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (1/ 291 رقم 681).

وأما طريق مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر: أخرجه البيهقي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْلِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا فَإِنْمَا هُوَ لِلْمُجَاوَرَةٍ (1/ 118 رقم 346)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ الِاخْتِيَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (1/ 291 رقم 681).

وأما طريق وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ: فأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ غسل الرجلين (1/ 111

ص: 335

رقم 317)، وفي ب/ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} نَصْبًا وَأَنَّ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَسْلِ وَأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا فَإِنْمَا هُوَ لِلْمُجَاوَرَةٍ (1/ 118 رقم 345)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ الِاخْتِيَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا جَاءَ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (1/ 291 رقم 681).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) زَيْدُ بْنُ أَسْلَم القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ،

(1)

أبو أُسَامَة الْمَدَنِيُّ، الفقيه، مولى عُمَر بْن الخطاب.

روي عن: عَطَاء بْن يَسَار، وأنس بْن مَالِك، وعبد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وغيرهم.

روي عنه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن سَعْد، وأَحْمَد، وأبو زُرْعَة، وأَبُو حاتم، والنَّسَائي، وابن عدي، والذهبي، وابن عبد البر، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن عدي: لم يمتنع أحد من الرواية عنه وقد حدث عنه الأئمة، وزاد الذهبي: إمَامُ حُجَّة، وتناكد ابن عدي بذكره في الكامل، وزاد ابن حجر: عالم. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وَرُوِي عن مالك أنه وضع أحاديث زيد في آخر الأبواب من الموطأ، فقيل له: أخرت أحاديث زيد؟ فقال: إنها كالسراج تضيء لما قبلها، وكان إذا ذكر أحاديث زيد، قال: ذاك الشذر أو الخرز المنظوم، يعني حسنها. وقال ابن عيينة: كان زيد رجلاً صالحاً، وكان في حفظه شيء. روى لَهُ الجماعة.

وصفه بالإرسال: فقد أرسل عن عدد من الصحابة منهم: أبو هريرة، وجابر، ورافع بن خديج، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو أمامة، وعلي، وأبي سعيد الخدري.

وصفه بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من مراتب الموصوفين بالتدليس. وحاصله: أنه "ثقة يُرسل" وأما وصفه بالتدليس فلا يؤثر فقد ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من مراتب المدلسين.

(2)

6) عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ الهلالي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ.

روي عن: عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاس، وأبي بن كعب، وأسامة بن زيد، وغيرهم.

(1)

العَدَوِيُّ: بفتح العين والدال المهملتين، هذه النسبة إلى خمسة رجال منهم: عدي بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر، جد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وفيهم كثرة وشهرة، ومنهم: زيد بن أسلم العدوي القرشي. قاله السمعاني في "الأنساب" 8/ 410.

(2)

يُنظر "الثقات" 4/ 246، "الجرح والتعديل" 3/ 555، "الثقات" لابن شاهين، "تهذيب الكمال" 10/ 12، "ميزان الاعتدال" 2/ 98، "جامع التحصيل" 1/ 178، "طبقات المدلسين" 1/ 20، "الإكمال" 5/ 129، "التهذيب" 3/ 395، "التقريب" صـ 162.

ص: 336

روي عنه: زَيْد بْن أَسْلَم، وصفوان بن سليم، وعَمْرو بن دينار، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي: كان ثَبْتاً حُجَّةً جَلِيلَ الْقَدْرِ، وزاد ابن حجر: فاضل. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة.

وقد وصف بالإرسال: في روايته عَنْ عمر، وأبو مَسْعُود البدري، وغيرهما. وحاصله أنه "ثقة يرسل".

(1)

7) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بْن عَبْدِ المُطَلِب بْن هَاشِم بْن عَبْد مَنَاف القُرَشِيُّ، ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

روي عن: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَعُمَر، وَعَلِي، وغيرهم.

روي عنه: عَطَاء بْن يَسَارٍ، وابْنُه عَلِي بن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخُوْه كَثِيْرُ بنُ العَبَّاسِ، وغيرهم.

ولد عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما والنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ إلي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِك. وعن ابن عباس أنه سكب للنبيّ صلى الله عليه وسلم وضوءاً عند خالته ميمونة، فلما فرغ قال: من وضع هذا؟ فقالت: ابن عباس. فقال: اللَّهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التأويل. وقال عمر: ذَاكُم فَتَى الكُهُولِ، إنَّ لَهُ لسانًا سئولًا، وقلبًا عقولًا. وعن ابن أبي نجيح قال: لقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة. وعن ابن مسعود قال: وَلَنِعْمَ تَرْجُمَانُ القُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.

(2)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبي داود الطيالسي

".

1) خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ أبو الحجاج السَّرْخَسي: قال ابن حجر: متروك، وكان يدلس عن الكذابين.

(3)

2) زَيْد بْن أَسْلَمَ القرشي: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ الهلالي: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بن عبد المطلب: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

دراسة إسناد الوجه الثالث: أخرجه البخاري في "صحيحه" وهذا كاف في إثبات صحته.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي زَيْدِ بْنِ أَسْلَم، واختلف عليه في متنه من وجوه:

الوجه الأول: زَيْد بْن أَسْلَم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا قَدَمَيْهِ، وَعَلَيْهِ النَّعْلَانِ.

ورواه عن زَيْد بْن أَسْلَمَ بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وهشام بن سعد، وعَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِي.

أما هشام بن سعد: فقد قال البيهقي: لَيْسَ بِالْحَافِظِ جِدًّا، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ فِيهِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتَ، كَيْفَ

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 138، "الثقات" 5/ 199، "المشاهير" 1/ 91، "تهذيب الكمال" 20/ 125، "تاريخ الإسلام" 3/ 104، "السير" 4/ 448، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 238، "تحفة التحصيل" لابن العراقي 1/ 230، "التقريب" صـ 332.

(2)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 3/ 1699، "الاستيعاب" 3/ 933، "أسد الغابة" 3/ 291، "الإصابة" 6/ 228.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 126.

ص: 337

وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ؟. وأما عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِي: فقال البيهقي: اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَسَلَهُمَا، وَحَدِيث الدَّرَاوَرْدِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا بِأَنْ يَكُونَ غَسَلَهُمَا فِي النَّعْلِ، قلت ـــــ الباحث ـــــ رواية رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، والدَّرَاوَرْدِيِّ لا تناهض رواية الجماعة بدون ذكر النعل، والله أعلم.

الوجه الثاني: زَيْد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ عَلَيْهِمَا النَّعْلَانِ مَرَّةً مَرَّةً.

ورواه عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بهذا الوجه: خَارِجَة بْن مُصْعَبٍ، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وَهِشَام بْن سَعْدٍ.

قلت: وخَارِجَة بْن مُصْعَبٍ: متروك الحديث كما قال ابن حجر، وأما رواية: سُفْيَان الثَّوْرِي، وَهِشَام بْن سَعْدٍ عند البيهقي في الكبرى ففي الطريق إليهما أبو العباس السراج قال فيه الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيراً.

الوجه الثالث: زَيْد بْن أَسْلَم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وفيه: ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى.

ورواه عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بهذا الوجه: سُلَيْمَان بْن بِلَالٍ القرشي، ومُحَمَّد بْن عَجْلَانَ، ووَرْقَاء بْن عُمَر، ومُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ. وأخرج هذا الوجه البخاري في صحيحه.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثالث هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الآخرين.

2) إخراج البخاري لهذا الوجه في صحيحه.

3) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال البيهقي: اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَسَلَهُمَا، وَحَدِيثُ الدَّرَاوَرْدِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا بِأَنْ يَكُونَ غَسَلَهُمَا فِي النَّعْلِ، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ لَيْسَ بِالْحَافِظِ جِدًّا، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ فِيهِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتَ، كَيْفَ وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِدٌ؟.

(1)

- وقال البيهقي مرة: رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وابْنُ عَجْلَانَ، وَوَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ أَخَذَ غُرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ غُرْفَةً أُخْرَى فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيسْرَى، أَوْ مَا فِي مَعْنَى هَذَا. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَيْسَا مِنَ الْحِفْظِ بِحَيْثُ يُقْبَلُ مِنْهُمَا مَا يَنْفَرِدَانِ بِهِ. كَيْفَ وَقَدْ خَالَفَهُمَا عَدَدُ ثِقَاتٍ. مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ حَدِيثِهِمَا أَنَّهُ رَشَّ الْمَاءَ عَلَيْهِمَا فِي النَّعْلَيْنِ وَغَسَلَهُمَا فِيهِمَا، وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ الثَّوْرِي، وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَعَلَيْهِ نَعْلُهُ.

(2)

- وقال ابن حجر: وَأَمَّا قَوْلُهُ تَحْتَ النَّعْلِ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّجَوُّزِ عَنِ الْقَدَمِ وَإِلَّا فَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ

(1)

يُنظر "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 119.

(2)

يُنظر "معرفة السنن والآثار" للبيهقي 1/ 291.

ص: 338

وَرَاوِيهَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُحْتَجُّ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ فَكَيْفَ إِذَا خَالَفَ.

(1)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح" أما قوله: وَمَسَحَ بِهِمَا قَدَمَيْهِ، وَعَلَيْهِ النَّعْلَانِ. فهي زيادة شاذة، والله أعلم. وأما الحديث بالوجه الثالث ـــــ الراجح ـــــ صحيح فقد أخرجه البخاري له في صحيحه.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ فَغَسَلَ وَجْهَه: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مِنْ جُمْلَةِ غَسْلِ الْوَجْهِ. وَفِيهِ دَلِيلُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَغَسْلِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا إِذَا كَانَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْيَدَ الْوَاحِدَةَ قَدْ لَا تَسْتَوْعِبُهُ. قَوْلُهُ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا غَرْفَةً مُسْتَقِلَّةً فَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ زيد وَأُذُنَيْهِ مرّة وَاحِدَة. قَوْلُهُ فَرَشَّ أَيْ سَكَبَ الْمَاءَ قَلِيلًا قَلِيلًا إِلَى أَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ مُسَمَّى الْغَسْلِ قَوْلُهُ حَتَّى غَسَلَهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالرَّشِّ وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْحَاكِمِ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَفِيهَا النَّعْلُ ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدَيْهِ يَدٌ فَوْقَ الْقَدَمِ وَيَدٌ تَحْتَ النَّعْلِ فَالْمُرَادُ بِالْمَسْحِ تَسْيِيلُ الْمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْعِبُ الْعُضْوَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي النَّعْلِ. وَاسْتدلَّ ابن بَطَّالٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَهُورٌ لِأَنَّ الْعُضْوَ إِذَا غُسِلَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَبْقَى فِي الْيَدِ مِنْهَا يُلَاقِي مَاءَ الْعُضْوِ الَّذِي يَلِيهِ وَأَيْضًا فَالْغَرْفَةُ تُلَاقِي أَوَّلَ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ كُلِّ عُضْوٍ فَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ.

(2)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 1/ 241.

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 1/ 241.

ص: 339

[65/ 715]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ [عَمْرو بن مُعَاذِ]،

(1)

عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ إِحْدَاكُنَّ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسَنٌ مُحْتَرِقٌ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي زَيْد بْن أَسْلَم، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ.

ورواه عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، ومالك بن أنس.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "المعجم الكبير"(24/ 221 رقم 562)، عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم، وفي الكبير بلفظ: يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ إِحْدَاكُنَّ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسَنِ شَاةٍ مُحْتَرِق.

وأما طريق مالك: أخرجه هو في "الموطأ" جَامِعُ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (5/ 1363 رقم 3437)، وفي ب/ التَّرْغِيبُ فِي الصَّدَقَةِ (5/ 1450 رقم 3654)، ومن طريقه ــــــ إسحاق بن راهويه في "مسنده"(5/ 113 رقم 2218)، وأحمد في "مسنده"(27/ 157 رقم 16611)، (38/ 251 رقم 23200،)، (45/ 440 رقم 27449)، والدارمي في "سننه" ك/ الزكاة ب/ كَرَاهِيَةِ رَدِّ السَّائِلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ (2/ 1040 رقم 1714)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1/ 56 رقم 122)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(6/ 161 رقم 3390)، والطبراني في "الكبير"(24/ 220 رقم 559)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ الزكاة. الِاخْتِيَارُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (3/ 253 رقم 3462)(3187)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الزكاة ب/ المنيحة (6/ 215 رقم 8522)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة"(1/ 418)، وابن الجوزي في "البر والصلة"(1/ 181 رقم 285)، والجَوْهَرِيُّ في "مُسْنَدَ المُوَطَّأ"(1/ 328 رقم 362) ـــــــ.

الوجه الثاني: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُرسلاً.

أخرجه معمر في "جامعه" ب/ الْهَدِيَّةِ (10/ 449 رقم 19669)، عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم مرسلاً.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

(1)

في الأصل "مُعَاذِ بْنِ أَبِي حَوَّاءَ" وذكر المزي أن هذا وهم كما هو مُبَيَنُ في ترجمته، والصواب ما أثبتناه.

ص: 340

5) زَيْدُ بْنُ أَسْلَم القرشيُّ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

6) عَمْرو بن معاذ بن سعد بن معاذ بن النعمان بْن امرئ القيس الأشْهَلِي الْأنْصَارِيّ، أَبُو مُحَمَّد المدني. ويُقال: عَمْرو بْن سعد بْن معاذ، ينسب إلى جده، وَقَيل: معاذ بْن عَمْرو، وهو وهم كما قال المزي.

روي عن: جَدَّتِهِ واسْمُهَا حَوَاءُ. روي عنه: زيد بْن أسلم، وجده سعد بْن معاذ.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه مجهول الحال.

(1)

7) حَوَّاءُ بِنْتُ يَزِيد بْن السْكَن الأنْصَارِيَة جدة عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ.

(2)

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 182، "تهذيب الكمال" 22/ 246، "التقريب" لابن حجر صـ 364.

(2)

قلت: اختلف العلماء في ترجمتها اختلافاً شديداً: هل هي: حواء بنت يَزِيد بْن السكن الأنصارية، أم هي: حواء بنت يزيد بن سنان بن كرز بن زعوراء الأنصارية، أم هي: حواء بنت رافع بن امرئ القيس، أم هي: حواء أم بجيد الأنصارية. قلت: أما ابن سعد: ففرق بينهن فجعل حَوَّاء جدة عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ، غير حواء بنت يَزِيد بْن السكن، غير حواء بنت رافع بن امرئ القيس، غير حواء أم بجيد الأنصارية. وأما ابن خليفة: فجعل حواء بنت يَزِيد بْن السكن الأنصارية، هي حواء أم بجيد الأنصارية. فقال: وأم بجاد ويقال أيضًا: أم بجيد، اسمها: حوَّاء بنت يزيد بن السكن. وقال أيضاً: وحواء بنت يزيد بن السكن بن كرز بن زعورا بن عبد الأشهل بن جشم أمها عقرب بنت معوق بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم، هي أم بجاد ويقال: مجيد. روت في الصدقة ولو بظلف تحرّق. وأما الطبراني: فساق بإسناده إلي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: حَوَّاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ السَّكَنِ وَهِيَ الَّتِي يَرْوِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ بِجَادٍ، عَنْ جَدَّتِهِ. قلت: وفي هذا دلالة علي أن حواء جدة عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ، هي حَوَّاءُ أم بجيد الأنصارية. وأما أبو نعيم: فجعل حواء بنت يَزِيد بْن السكن الأنصارية، هي حواء أم بجيد الأنصارية، وهي أيضاً حواء بنت رافع بن امرئ القيس، فقال: حَوَّاءُ أُمُّ بُجَيْدٍ كَانَتْ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ مِنَ الْأَنْصَارِ، هِيَ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ السَّكَنِ بْنِ كُرْزِ بْنِ زَعُورَاءَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَهِيَ جَدَّةُ بَنِي بُجَيْدٍ وَقِيلَ: هِيَ حَوَّاءُ بِنْتُ رَافِعِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ. وأما ابن عبد البر: فجعلهن ثلاثاً فجعل حواء بنت يَزِيد بْن السكن الأنصارية، غير حواء بنت يزيد بن سنان بن كرز بن زعوراء الأنصارية، غير حواء أم بجيد الأنصارية. قلت: ساق ابن الأثير بإسناده حديث ابن بجيد، عن جدته، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعته يقول: ردوا السائل ولو بظلف محرق. ثم قال: أخرج أبو عمرو يعني ــ ابن عبد البر ــ هذا المتن في ترجمة حواء أم بجيد، وأخرجه أيضاً في هذه الترجمة ــ يعني ترجمة حواء بنت يَزِيد بْن السكن، فيكون أبو عمر قد أخرجه في ترجمتين، وهذا يدل على أنهما واحدة، وقد جعلهما اثنتين. قلت: وهذا يدل علي أن حواء بنت يَزِيد بْن السكن، وحواء أم بجيد عند ابن عبد البر واحدة. وأما ابن ماكولا: فجعل حواء بنت يزيد بن السكن أخت أسماء بنت يزيد، هي حواء أم بجيد الأنصارية. وأما ابن بشكوال: فجعل حَوَّاء جَدَّة عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ هي حَوَّاءُ بِنْتُ رَافِعِ بْنِ امريء الْقَيْسِ. قلت: لكن نفي ابن سعد أن تكون حَوَّاء هي بنت رَافِعِ بْنِ امريء الْقَيْسِ فقال: حواء بنت رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. هكذا نسبها محمد بن عمر ــ أي الواقدي ــ وسماها في المبايعات. ولم نجد لرافع بن امرئ القيس في نسب الأنصار إلا ابنة واحدة اسمها الصعبة وأمها خزيمة بنت عدي بن عبس بْن جندب من بني عدي بن النجار. والصعبة هي أخت أبي الحيسر أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. وأما ابن الأثير: فجعل حواء بنت يزيد بن سنان بن كرز بن زعوراء الأنصارية، غير حواء بنت رافع بن امرئ القيس، وأما حواء بنت يزيد بن السكن جدة عمرو بن معاذ، وحواء أم بجيد الأنصارية فجعلهما واحدة. وقال: فقد جعل أبو عمر ابن عبد البر حواء ثلاثا: حواء الأنصارية أم بجيد، وحواء بنت زيد بن السكن، وحواء بنت يزيد بن سنان، وجعلهن ابن منده اثنتين: حواء بنت زيد بن السكن أم بجيد، وحواء بنت رافع، وجعلهن أبو نعيم واحدة: حواء بنت زيد بن السكن، وهي أم بجيد، وهي بنت رافع. وقال المزي: حواء، جدة عَمْرو بن معاذ الأشهلي، لها صحبة. قال ابْن عَبد الْبَرِّ: حواء بنت يزيد بن السكن الأَنْصارِيّة من بني عبد الأشهل مدنية، جدة عَمْرو بن معاذ الأشهلي. وأما ابن حجر: ففرق بينهم لكنه جعل حواء بنت يزيد بن السكن جدة عمرو بن معاذ، هي حواء أم بجيد الأنصارية جدة عبد الرحمن بن بُجيد. فجعلهما واحدة. فقال: حواء جدة عمرو بن معاذ الأنصارية فرق ابن سعد بينها وبين حواء أم بجيد، وهما واحدة، وقال أيضاً: حواء بنت يَزيد بن السكن الأنصارية، لها صحبة، وهي أخت أسماء، وجدة عبد الرحمن بن بُجيد، وقال أيضاً: حواء جدة عمرو بن معاذ يقال هي بنت يزيد ابن السكن أخت أسماء صحابية لها حديث. قلت: وبعد هذا الاختلاف الشديد في هذه الترجمة وتداخل التراجم بعضها في بعض فالذي يظهر والله أعلم أن حواء جدة عمرو بن معاذ ــ رَاوِيَة حديث الباب ــ هي حواء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، وهي أيضاً حواء أم بجيد الأنصارية جدة عبد الرحمن بن بُجيد ــ رَاوِيَة الحديث الذي بعد هذا، وممن ذهب إلي هذا: أحمد، وخليفة بن خياط، والطبراني، وابن عبد البر، وابن ماكولا، وابن الأثير، وأبو نعيم، وابن حجر: فقال ابن عبد البر: وَأَمَّا حَدِيثُ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابن بُجَيْدٍ فَابْنُ بُجَيْدٍ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُجَيْدِ بْنِ قَيْظِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ، وَذَكَرْنَا جَدَّتَهُ فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَهِيَ أَيْضًا جَدَّةُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ والله أعلم. قلت: وساق ابن الأثير بإسناده حديث ابن بجيد، عن جدته، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعته يقول: ردوا السائل ولو بظلف محرق. ثم قال: أخرج أحمد هذا المتن في ترجمة حواء جدة عمرو بن معاذ، فعلى هذا تكون حواء جدة ابن بجيد أيضاً. وأخرج أبو عمرو يعني ــ ابن عبد البر ــ هذا المتن في ترجمة حواء أم بجيد، وأخرجه أيضاً في هذه الترجمة ــ يعني ترجمة حواء بنت يَزِيد بْن السكن، فيكون أبو عمر قد أخرجه في ترجمتين، وهذا يدل على أنهما واحدة، وقد جعلهما اثنتين. وقال ابن حجر: حواء جدة عمرو بن معاذ الأنصارية فرق ابن سعد بينها وبين حواء أم بجيد، وهما واحدة. قلت: وعلي هذا فهي حواء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، جدة عمرو بن معاذ ــ رَاوِيَة الحديث الباب ــ وهي أيضاً حواء أم بجيد الأنصارية جدة عبد الرحمن بن بُجيد ــ رَاوِيَة الحديث الذي بعد هذا، والله أعلم.

ص: 341

روت عن: النبي صلى الله عليه وسلم. روي عنها: عَمْرو بن معاذ الأشهلي، وعبد الرحمن بن بُجيد.

وهي "صحابية" رضي الله عنها وأرضاها.

(1)

ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد معمر بن راشد في جامعه".

1)

زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ القرشي: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي زَيْدِ بْنِ أَسْلَم، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ.

ورواه عن زَيْدِ بهذا الوجه: رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، ومالك بن أنس.

الوجه الثاني: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُرسلاً.

ورواه عن زَيْدِ بهذا الوجه: معمر بن راشد.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

(1)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 10/ 427، 426، 305، 299، "الطبقات" لابن خياط 1/ 340، 339، "المعجم الكبير" للطبراني 24/ 219، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 6/ 3300، "الاستيعاب" لابن عبد البر 4/ 1814، 1813، 1792، "الاستذكار" 26/ 260، "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 186، "أسد الغابة" 7/ 73 ــــ 76، "تهذيب الكمال" 53/ 160، "الإصابة" 13/ 295 ــــ 307، 301، "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" 1/ 64، "التقريب" صـ 663.

ص: 342

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الأول اثنان من الرواة وهذا بخلاف الوجه الثاني. إضافة إلي أنَّ مالك بن أنس رأس المُتقنين وكبير المُتَثَبتين رواه بالوجه الأول.

(1)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده ضعيف" وذلك لجهالة عَمْرو بن مُعَاذ.

قلت: وللحديث شواهد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ.

(2)

وعلي هذا فالحديث يرتقي بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم

‌خامساً: غريب الحديث:

قال ابن الأثير رحمه الله: الفِرْسِن: عَظْمٌ قَليل اللَّحْم، وَهُوَ خُفُّ البَعير، كالحَافر لِلدَّابَّةِ، وَقَدْ يُسْتَعار لِلشَّاةِ فيُقال فِرْسِن شَاةٍ، وَالَّذِي للشَّاة هُوَ الظِّلْف. وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ.

(3)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: وَهَذَا النَّهْيُ عَنِ الِاحْتِقَارِ نَهْيٌ لِلْمُعْطِيَةِ الْمُهْدِيَةِ وَمَعْنَاهُ لَا تَمْتَنِعُ جَارَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ لِجَارَتِهَا لِاسْتِقْلَالِهَا وَاحْتِقَارِهَا الْمَوْجُودَ عِنْدَهَا بَلْ تَجُودُ بِمَا تَيَسَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا كَفِرْسِنِ شَاةٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)}

(4)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ

(5)

. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الظَّاهِرُ. قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهْيًا لِلْمُعْطَاةِ عَنِ الِاحْتِقَارِ.

(6)

وقال ابن حجر: وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ اخْتِصَارًا لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ يَعْرِفُونَ الْمُرَادَ مِنْهُ أَيْ لَا تَحْقِرَنَّ أَنْ تُهْدِيَ إِلَى جَارَتِهَا شَيْئًا وَلَوْ أَنَّهَا تُهْدِي لَهَا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْغَالِبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّحَابُبِ وَالتَّوَادُدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِتُوَادِدِ الْجَارَةُ جَارَتَهَا بِهَدِيَّةٍ وَلَوْ حَقِرَتْ فَيَتَسَاوَى فِي ذَلِكَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَخُصَّ النَّهْيُ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ مَوَارِدُ الْمَوَدَّةِ وَالْبَغْضَاءِ وَلِأَنَّهُنَّ أَسْرَعُ انْفِعَالًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.

(7)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا (2566)، وفي ك/ الأدب ب/ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا (6017)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلَا تَمْتَنِعُ مِنَ الْقَلِيلِ لِاحْتِقَارِهِ (1030).

(3)

يُنظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير 3/ 429.

(4)

سورة الزلزلة آية رقم: 7.

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ (2/ 109 رقم 1417)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، أَوْ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَأَنَّهَا حِجَابٌ مِنَ النَّارِ (2/ 704 رقم 1016) بسنده عن عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ، وزاد مسلم: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.

(6)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 7/ 120، 119.

(7)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 10/ 445.

ص: 343

[66/ 716]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ، وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، عَنْ جَدَّتِهِ.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، ومالك بن أنس.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "المعجم الكبير"(24/ 220 رقم 556)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث"(1/ 226، 225)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(1/ 191).

وأما طريق مالك بن أنس: أخرجه هو في "الموطأ"(3415) من أصح الأوجه عنه،

(1)

ومن طريقه ــــــ أحمد في "مسنده"(45/ 440 رقم 27450)، وابن زنجويه في "الأموال" ك/ الصدقة ب/ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ رَدِّ السَّائِلِ وَلَوْ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ (3/ 1140 رقم 2116)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 159 رقم 3387)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الزكاة ب/ رَدُّ السَّائِلِ وَلَوْ بِشَيْءٍ (3/ 64 رقم 2357)، وفي "الصغرى" ك/ الزكاة ب/ رَدِّ السَّائِلِ (5/ 81 رقم 2565)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلف أهل العلم فيه في القتيل يوجد بين ظهراني قوم ولا يعلم من قتله هل تجب بذلك ديته عليهم أم لا؟ (11/ 516 رقم 4584)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الزكاة ب/ صدقة التطوع: ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ بِأَنْ لَا يَرُدَّ السَّائِلَ إِذَا سَأَلَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ حَضَرَهُ (8/ 168 رقم 3374)، والطبراني في "الكبير"(24/ 219 رقم 555)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"(1/ 618 رقم 671)، والجَوْهَرِيُّ في "مُسْنَدَ المُوَطَّأ"(1/ 329 رقم 364)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3300 رقم 7577)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الزكاة ب/ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَإِنْ قَلَّتْ. (4/ 296 رقم 7749)، وفي "شعب الإيمان" ب/ في الزكاة: مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِمْسَاكِ الْفَضْلِ وَغَيْرُهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ (3/ 227 رقم 3399)، والبغوي في "تفسيره"(1/ 205)، وفي "شرح السنة" ك/ الزكاة ب/ حَق السَّائِل (6/ 175 رقم 1673)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(7/ 74).

ب - متابعات للوجه الأول: وقد تابع زَيْد بْن أَسْلَم علي هذا الوجه: مَنْصُور بْن حَيَّان الْأَسَدِي، وسَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِي.

أما متابعة مَنْصُور بْن حَيَّان الْأَسَدِي: أخرجها سفيان الثوري في "حديثه" رواية السري بن يحيى عن

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (7578).

ص: 344

شيوخه عن الثوري (1/ 91 رقم 132)، والسري بن يحيى في "حديثه"(1/ 126 رقم 125)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 262)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الزكاة ب/ مَا جَاءَ فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَأَمْرُهَا (4/ 178 رقم 9898)، وأحمد في "مسنده"(27/ 208 رقم 16648)، (45/ 129 رقم 27152)، (38/ 270 رقم 23233)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 160 رقم 3388)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ الْأَمْرِ بِإِعْطَاءِ السَّائِلِ وَإِنْ قَلَّتِ الْعَطِيَّةُ وَصَغُرَتْ قِيمَتُهَا، وَكَرَاهِيَةِ رَدِّ السَّائِلِ مِنْ غَيْرِ إِعْطَاءٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْئُولِ مَا يُجْزِلُ الْعَطِيَّةَ (4/ 111 رقم 2472)، والطبراني في "الكبير"(24/ 221 رقم 561).

وأما متابعة سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِي: أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(10/ 426)، والبخاري في "التاريخ الكبير" معلقاً (5/ 262)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 234 رقم 1764)، وأحمد في "مسنده"(45/ 127 رقم 27148)، (45/ 128 رقم 27150، 27149)، (45/ 129 رقم 27151)، وابن زنجويه في "الأموال" ك/ الصدقة ب/ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ رَدِّ السَّائِلِ وَلَوْ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ (3/ 1140 رقم 2115)، وأبو داود في "سننه" ك/ الزكاة ب/ حق السائل (3/ 100 رقم 1667)، والترمذي في "سننه" ك/ الزكاة ب/ مَا جَاءَ فِي حَقِّ السَّائِل (3/ 43 رقم 665)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 159 رقم 3386)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الزكاة ب/ تَفْسِيرُ الْمِسْكِينِ (3/ 68 رقم 2366)، وفي "الصغرى" ك/ الزكاة ب/ تَفْسِيرُ الْمِسْكِينِ (5/ 86 رقم 2574)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الزكاة ب/ الْأَمْرِ بِإِعْطَاءِ السَّائِلِ وَإِنْ قَلَّتِ الْعَطِيَّةُ وَصَغُرَتْ قِيمَتُهَا، وَكَرَاهِيَةِ رَدِّ السَّائِلِ مِنْ غَيْرِ إِعْطَاءٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْئُولِ مَا يُجْزِلُ الْعَطِيَّةَ (4/ 111 رقم 2473)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلف أهل العلم فيه في القتيل يوجد بين ظهراني قوم ولا يعلم من قتله هل تجب بذلك ديته عليهم أم لا؟ (11/ 517 رقم 4585)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الزكاة ب/ صدقة التطوع (8/ 166 رقم 3373)، والطبراني في "الكبير"(24/ 221 رقم 560)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الزكاة (1/ 578 رقم 1524)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3301 رقم 7579)، (6/ 3474 رقم 7579)، وفي "الحلية"(2/ 72)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الزكاة ب/ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَإِنْ قَلَّتْ. (4/ 296 رقم 7750)، وابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 299)، وفي الاستذكار (26/ 261)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الزكاة ب/ حَقِّ السَّائِلِ (6/ 174 رقم 1672).

كلاهما: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْد، عَنْ جَدَّتِهِ بعضهم بنحوه، وبعضهم فيه قصة.

الوجه الثاني: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ.

ورواه عَن زَيْد بْن أَسْلَم بهذا الوجه: حَفْص بْن مَيْسَرَة، وزُهَيْر بْن مُحَمَّدٍ التميمي، وهِشَام بْن سَعْد.

أما طريق حَفْص بْن مَيْسَرَةَ العُقَيْلِيُّ: أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(10/ 427)، وابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير"(2/ 797)، وأبو القاسم الكناني في "جزء البطاقة"(1/ 53 رقم 10)، وفي "حديثه"(1/ 11 رقم 10)، والطبراني في "الكبير"(24/ 220 رقم 558)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3300 رقم 7578)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 83 رقم 930)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ الزكاة ب/

ص: 345

صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ (2/ 71 رقم 1257)، وفي "شعب الإيمان" ب/ في الزكاة: مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِمْسَاكِ الْفَضْلِ، وَغَيْرُهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ (3/ 228 رقم 3400)، وابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 1814)، وابن عساكر في "تاريخه"(15/ 240)، والذهبي في "معجم الشيوخ الكبير"(1/ 33، 32)، والسبكي في "معجم الشيوخ"(1/ 471).

وأما طريق زُهَيْر بْن مُحَمَّد: أخرجه أحمد في "مسنده"(45/ 441 رقم 27451)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة"(1/ 443 رقم 411).

وأما طريق هِشَام بْن سَعْد: أخرجه ابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني"(6/ 152 رقم 3381)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 220 رقم 557)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(7/ 409).

ثلاثتهم: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَم، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِي، عَنْ جَدَّتِهِ بعضهم بنحوه، وبعضهم فيه قصة.

الوجه الثالث: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنِ أُمِّهِ.

أخرجه معمر في "جامعه" ب/ مَسْأَلَةِ النَّاسِ (11/ 94 رقم 20019) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ به وفيه قصة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ القرشيُّ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

6) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بجيد بن وهب بن قيظي بن قيس بن ثعلبة بن حارثة الأَنْصارِيُّ المدنيُّ.

رَوَى عَن: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن جدته أم بجيد عَن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

رَوَى عَنه: زيد بْن أسلم، وسَعِيد بْن أَبي سَعِيد الْمَقْبُرِيّ، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الحارث التَّيْمِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن حبان: يُقَال إِن لَهُ صُحْبَة وذكره في ثقات التابعين. وقال ابن أبي داود: له صحبة. وقال ابن عبد البر: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع عنه فيما أحسب، وفى صحبته نظر، إلا أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من يقول: إن حديثه مرسل، ومنهم من لا يقول ذَلِكَ. وقال البغوي: لا أدري له صحبة أم لا، وقال المزي، والذهبي: مختلف فِي صحبته. وقال ابن حجر: ذُكر عبد الرَّحْمَن فِي الصَّحَابَة وَفِيه خلاف فَذكره البُخَارِيّ وَغَيره فِي التَّابِعين. وقال أيضاً: له رؤية وذكره بعضهم في الصحابة وله حديث مرسل، وقد أخرج أبو داود وابن منده، وقاسم بن أصبغ، حديث القسامة من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن بجيد أنه حدثه قال: محمد بن إبراهيم، وما كان سهل بن أبي حثمة بأكثر منه علماً، ولكنه كان أسنّ منه، وقد تقدم في ترجمة سهل أنه كان ابن ثمان سنين في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلعله أسنّ من عبد الرحمن بسنة أو نحوها. وحاصله: أنه "مختلف في صحبته إلا أن له رؤية كما قال ابن

ص: 346

حجر، وهو ثقة فقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين" والله أعلم.

(1)

7) أم بُجَيْد جدة عبد الرحمن بن بُجيد: "صحابية" سبقت ترجمتها في حديث رقم (65).

‌ثانياً دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن سعد في الطبقات

".

1) سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور: قال ابن حجر: ثقة مُصَنِّفْ وكان لا يرجع عما في كتبه لشدة وثوقه به.

(2)

2) حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ العُقَيْلَيُّ: قال ابن حجر: ثقة ربما وهم.

(3)

3) زَيْدُ بْنُ أَسْلَم القرشي: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

4) عَمْرو بن معاذ بن سعد بن معاذ الأشْهَلِي: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (65).

5) حَوَّاءُ بنت يزيد بن السكن جدة عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ: "صحابية" سبقت ترجمتها في حديث رقم (65).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد معمر في جامعه

".

1) زَيْدُ بْنُ أَسْلَم القرشي: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

2) رَجُلُ مِنَ الْأَنْصَارِ: مبهم.

3) عَنْ أُمِّهِ: مبهمة.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، عَنْ جَدَّتِهِ.

ورواه عن زَيْدِ بهذا الوجه: رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وهو "ثقة حافظ". ومالك بن أنس قال فيه ابن حجر: رأس المُتْقِنِين وكبير المُتَثَبِتِين.

(4)

وقد تابع زَيْد بْن أَسْلَمَ علي هذا الوجه: مَنْصُور بْن حَيَّانَ الْأَسَدِي: قال ابن حجر: ثقة.

(5)

وسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ: قال ابن حجر: ثقة تغير قبل موته بأربع سنين.

(6)

الوجه الثاني: زَيْدُ بْنُ أَسْلَم، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ.

ورواه عن زَيْد بهذا الوجه: حَفْص بْن مَيْسَرَة العُقَيْلِي، وزُهَيْر بْن مُحَمَّدٍ التميمي، وهِشَام بْن سَعْد القرشي.

(1)

يُنظر "الطبقات" لابن سعد 10/ 426، "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 262، "التاريخ" لابن أبي خيثمة 2/ 795، "الجرح والتعديل" 5/ 214، "الثقات" 3/ 257، و 5/ 85، "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 1/ 191، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 4/ 1845، و 6/ 3475، "الاستيعاب" 2/ 823، "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 186، "تهذيب الكمال" 16/ 541، "الكاشف" 1/ 622، "التكميل في الجرح والتعديل" 4/ 169 لابن كثير، "تحفة التحصيل" لأبو زرعة العراقي 1/ 195، "توضيح المشتبه" لابن حجر 1/ 363، "الإصابة" 6/ 457، "التقريب" صـ 278.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 181.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 113.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 478.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 176.

ص: 347

قلت: أما حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ العُقَيْلِيُّ: قال فيه ابن حجر: ثقة ربما وهم، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ومرة: يكتب حديثه ومحله الصدق وفي حديثه بعض الأوهام.

(1)

وأما زُهَيْر بْن مُحَمَّد التميمي: قال ابن حجر: رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضُعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيراً الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه.

(2)

وأما هِشَام بْن سَعْدٍ القرشي: قال ابن حجر: صدوق له أوهام، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.

(3)

الوجه الثالث: زَيْدُ بْن أَسْلَم، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنِ أُمِّهِ.

ورواه عن زَيْدِ بهذا الوجه: معمر بن راشد. قلت: فيه مُبْهَمَان: عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنِ أُمِّهِ.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأحفظ: حيث رواه بالوجه الأول: رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، ومالك بن أنس، وهما ثقات حفاظ.

2) المتابعات: فقد تابع زَيْد بْن أَسْلَمَ علي الوجه الأول: مَنْصُور بْن حَيَّان، وابْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِي.

3) ترجيح الأئمة:

- قال البخاري: وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَوْلَى.

(4)

- وقال ابن عبد البر: روي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وتابع مالكاً عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ مَعْمَرٌ عن زيد بن أَسْلَمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ، وَخَالَفَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ فَقَلَبَهُمَا وَجَعَلَ إِسْنَادَ هَذَا فِي مَتْنِ ذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ، وَتَابَعَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ هشام بن سعد عن زيد بن أَسْلَمَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ لِابْنِ بُجَيْدٍ. ـــــ أي رواية الباب ـــــ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةِ عَنْ زيد بن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ بُجَيْدٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شاة وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ.

(5)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

(1)

يُنظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 14/ 444.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 158.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 61، و"التقريب" صـ 503.

(4)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 262.

(5)

يُنظر "الاستيعاب" لابن عبد البر 4/ 298 ــــ 301.

ص: 348

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده صحيح" والله أعلم.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حبان: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: رُدُّوا السَّائِلَ: قَصْدُ زَجْرٍ بِلَفْظِ الْأَمْرِ يُرِيدُ بِهِ لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ إِلَّا بشيء ولو بظلف محرق.

(1)

وقال الزرقاني: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ بِظِلْفٍ: بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَإِسْكَانِ اللَّامِ، وَهُوَ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ، وَلَوْ لِلتَّقْلِيلِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يُعْطَى، وَالْمَعْنَى: تَصَدَّقُوا بِمَا تَيَسَّرَ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَلَوْ بَلَغَ فِي الْقِلَّةِ الظِّلْفَ مَثَلًا، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْعَدَمِ، وَقَالَ: مُحْرَقٍ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ يُلْقِيهِ آخِذُهُ، وَقَيَّدَ بِالْإِحْرَاقِ، أَيِ الشَّيْءِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُمْ فِيهِ لِأَنَّ النَّيِّئَ قَدْ لَا يُؤْخَذُ، وَقَدْ يَرْمِيهِ آخِذُهُ فَلَا يَنْتَفِعُ به بِخِلَافِ الْمَشْوِيِّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا تَتْمِيمٌ لِإِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي ظِلْفٍ كَقَوْلِهَا: كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ. يَعْنِي: لَا تَرُدُّوهُ رَدَّ حِرْمَانٍ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ أَنَّهُ ظِلْفٌ، فَهُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُبَالِغَةِ، وَلِلذَّهَابِ إِلَى أَنَّ الظِّلْفَ إِذْ ذَاكَ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَهُمْ بَعِيدٌ عَنْ الِاتِّجَاهِ.

(2)

(1)

يُنظر "صحيح ابن حبان" 8/ 168.

(2)

يُنظر "شرح الموطأ" للزرقاني 4/ 457.

ص: 349

[67/ 717]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ عَلِيًّا، أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَذْيِ؟ فَقَالَ:«يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَطَاءٍ بن أبي رباح، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: عَطَاء، عَنْ إِيَاسِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

ورواه عَنْ عَطَاء بن أبي رباح بهذا الوجه: عَبد اللَّهِ بْن أَبِي نَجِيح.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" - رواية الباب -، والبخاري في "التاريخ الكبير" معلقاً (1/ 437)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ الْأَمْرُ بِالتْوُضُؤِ مِنَ الْمَذْيِ (1/ 133 رقم 150)، وفي "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنَ الْمَذْيِ (1/ 97 رقم 155)، وأبو يعلي في "معجمه"(1/ 115 رقم 115)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به عمارا لما سأله عن المذي بغسل مذاكيره والتوضؤ منه (7/ 127 رقم 2696)، وفي "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرِهِ الْمَذْيُ كَيْفَ يَفْعَلُ (1/ 45 رقم 246)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 33)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء (3/ 389 رقم 1105)، والطبراني في "الأوسط"(8/ 246 رقم 8534)، وفي "الكبير"(4/ 285 رقم 4440)، (4/ 286 رقم 4441)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(5/ 390)، والمزي في "تهذيب الكمال"(3/ 401)، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن عَطَاءٍ به بنحوه.

الوجه الثاني: عَطَاء، عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ، عن عَلِي بن أبي طالب.

ورواه عَنْ عَطَاء بن أبي رباح بهذا الوجه: ابْن جُرَيْج، وعَمْرِو بْنِ دِينَار.

أما طريق ابْن جُرَيْج: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الطهارة ب/ الْمَذْي (1/ 155 رقم 597)، وأحمد في "مسنده"(39/ 247 رقم 23825)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 34)، وابن المنذر في "الأوسط" ك/ الطهارة ب/ ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ نَضْحِ الْفَرَجِ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِيَدْفَعَ بِهِ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ وَيَنْزِعَ الشَّكَّ بِهِ (1/ 243 رقم 153)، وفي ك/ طَهَارَاتِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ ب/ ذِكْرُ إِيجَابِ غَسْلِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ يُصِيبُهُ الْمَذْيُ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ الْمَذْيِ مِنَ الْبَدَنِ (2/ 140 رقم 691)، وابن عبد البر في "التمهيد"(21/ 204)، والخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة"(5/ 390).

وأما طريق عَمْرِو بْنِ دِينَار: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الطهارة ب/ الْمَذْي (1/ 157 رقم 601)، والحميدي في "مسنده"(1/ 172 رقم 39)، وأحمد في "مسنده"(31/ 187 رقم 18892)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 34)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ الْأَمْرُ بِالتْوُضُؤِ مِنَ الْمَذْيِ (1/ 133 رقم 149)، وفي "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنَ الْمَذْيِ (1/ 96

ص: 350

رقم 154)، وأبو يعلي في "مسنده"(1/ 354 رقم 456)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي" ب/ فِي الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ (1/ 329 رقم 99)، وأبو طاهر المخَلِّص في "المخلصيات"(3/ 67 رقم 2006)، وابن عبد البر في "التمهيد"(21/ 203)، والخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة"(5/ 389)، وأبو طاهر السِّلَفي في "التاسع والعشرون من المشيخة البغدادية"(1/ 39 رقم 33)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة"(2/ 514)، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ من أصح الأوجه عنه،

(1)

كلاهما: عن عَطَاءٍ به بعضهم بنحوه، وبعضهم أنَّ عَلِيٌّ وَعَمَّارٌ وَالْمِقْدَادُ تَذَاكَرَا الْمَذْيَ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَحَدِهِمَا لِعَمَّارٍ أَوْ لِلْمِقْدَادِ، قَالَ عَطَاءٌ سَمَّاهُ لِي عَائِشٌ فَنَسِيتُهُ.

(2)

الوجه الثالث: عَطَاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن عَلِي.

ورواه عَنْ عَطَاء بن أبي رباح بهذا الوجه: ابْن جُرَيْج.

أخرجه النسائي في "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوء مِن الْمَذْيِ (1/ 213 رقم 435).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) عَبدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيح يسار الثَّقَفِيّ، أَبُو يسار المكي. مولى الأخنس بْن شريق الثقفي.

روي عن: عطاء بْن أَبي رباح، وسالم بْن عَبد اللَّهِ بْن عُمَر، وطاووس بْن كيسان، وغيرهم.

روي عنه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، سفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أحمد، والعجلي، والواقدي، وابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، والنَّسَائي، ويَعْقُوْب السَّدُوْسِي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وَقَال أَبو حَاتِم: صالح الْحَدِيث. وذكره ابن حبان في الثقات. رَوَى لَهُ الْجَمَاعَة.

وصفه بالإرسال: قال العلائي: ذكره ابن المديني فيمن لم يلق أحداً من الصحابة. وقال ابن معين أن

(1)

يُنظر "التمهيد" لابن عبد البر 21/ 203.

(2)

قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 204: فَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ عَلِيًّا وَالْمِقْدَادَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ تَذَاكَرُوا الْمَذْيَ فَلِذَلِكَ مَا يَجِيءُ فِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنْ عَلِيٍّ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ وَفِي بَعْضِهَا فَأَمَرْتُ عَمَّارًا وَجَائِزٌ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدَهُمَا وَجَائِزٌ أَنْ يَأْمُرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْأَلَ لَهُ فَسَأَلَ فَكَانَ الْجَوَابُ وَاحِدًا فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ عَمَّارٍ وَمَرَّةً عَنِ الْمِقْدَادِ هَذَا كُلُّهُ غير مَرْفُوعٌ لِإِمْكَانِهِ وَصِحَّتِهِ فِي الْمَعْنَى وَحَسْبُكَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَتَهُمْ قَدِ اشْتَرَكُوا فِي الْمُذَاكَرَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَعِلْمِهِ وَالْخَبَرِ عَنْهُ. وقال الخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" 5/ 390: فِي حديث عَمْرو بْن دينار عن عَطَاء نص الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ عمارًا، وهاهنا ذكر عَطَاء أَنَّهُ نسى السائل، فلعله نسى اسمه بأخرة كما حدث بِهِ ابن جريج والله أعلم.

ص: 351

يحيى بن سعيد: يزعم أن ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير من مجاهد وإنما أخذه من القاسم بن أبي بزة فقال ابن معين كذا قال ابن عيينة ولا أدري أحق ذلك أم لا.

وصفه بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب الموصوفين بالتدليس، وقال: أكثر عن مجاهد وكان يدلس عنه وصفه بذلك النسائي. وحاصله أنه "ثقة قيل كان يرسل عن مجاهد".

(1)

6) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ أَسْلَمَ القُرَشِيُّ الفهري، أَبُو مُحَمَّدٍ المكي مولى أبى خثيم الفهري.

(2)

روي عن: إِيَاسِ بْنِ خَلِيفَةَ، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بْن عباس، وغيرهم.

روي عنه: عَبد اللَّهِ بن أَبي نجيح، والليث بن سعد، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِيّ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن سعد، وابن معين، وأبو زرعة، والمنتجالي، وابن حجر: ثقة: وزاد ابن حجر: ثبت. وقال الذهبي: عطاء حُجَّة بالإجماع إذا أسند. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة.

وصفه بالإرسال: قَالَ يحيى القطّان: مُرسَلات مجاهد أحبّ إليّ مِنْ مُرسَلات عطاء بكثير، فإنّ عطاء كَانَ يأخذ عَنْ كل أحدٍ. وقَالَ أَحْمَد، وابن مَعِين: ليست مرسلات عطاء بذاك. وقال ابن حجر: كثير الإرسال. وقال أبو زرعة، وابن المديني: لم يسمع من رافع بن خديج،

وصفه بالاختلاط: قال ابن المَدِيْنِي: كَانَ عَطَاءٌ اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ، تَرَكَهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَيْسُ بنُ سَعْدٍ. قال الذهبي: لَمْ يَعْنِ عَلِيٌّ بِقَوْلِهِ: تَرَكَهُ هَاذَانِ التَّرْكَ العُرْفِيَّ، وَلَكِنَّهُ كَبُرَ وَضَعُفَتْ حَوَاسُّهُ، وَكَانَا قَدْ تَكَفَّيَا مِنْهُ، وَتَفَقَّهَا، وَأَكْثَرَا عَنْهُ، فَبَطَّلَا، فَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: تَرَكَاهُ. وقال ابن حجر: قيل إنه تغير بأخرة ولم يَكْثُر ذلك منه، بل هو ثبت رضي حجة إمام كبير الشأن. وحاصله أنه "ثقة يرسل" وأما وصفه بالاختلاط: فرده الذهبي، وابن حجر، والله أعلم.

(3)

7) إِيَاسُ بْنُ خَلِيفَة البَكْرِيُّ.

روي عن: رَافِع بْن خَدِيج. روي عنه: عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر: صدوق. وقال ابن سعد: كان قليل الحديث. وقال الذهبي: لا يُعرف. وقال العقيلي: مجهول في حديثه وهم. وحاصله أنه "مجهول" فلم يوثقه إلا ابن حبان.

(4)

8) رَافِعُ بنُ خَدِيْجِ بنِ رَافِعِ بنِ عَدِيِّ بنِ زِيْد الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ، أبو عبد اللَّه أو أبو خديج.

(1)

"الثقات" للعجلي 2/ 64، "الجرح والتعديل" 5/ 203، "الثقات" 7/ 5، "المشاهير" 1/ 174، "التهذيب" 16/ 215، "الكاشف" 1/ 603، "السير" 6/ 125، "جامع التحصيل" 1/ 218، "التهذيب" 6/ 54، "طبقات المدلسين" 1/ 39، "التقريب" صـ 268.

(2)

الخُثَيْميُّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الثاء المنقوطة بثلاث والياء المعجمة من تحتها بنقطتين وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى بنى خثيم، والمشهور بها: عطاء بن أبى رباح القرشي مولى أبى خثيم الفهري. قاله السمعاني في الأنساب 5/ 51.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 330، "الثقات" لابن حبان" 5/ 198، "تهذيب الكمال" 20/ 69، "تاريخ الإسلام" 3/ 277، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 237، "الإكمال" 9/ 241، "تحفة التحصيل" 1/ 228، "التهذيب" 7/ 199، "التقريب" صـ 331.

(4)

"الثقات"4/ 34، "الضعفاء" للعقيلي 1/ 33، "تهذيب الكمال" 3/ 400، "المغني"1/ 144، "الإكمال"2/ 302، "التقريب" صـ 55.

ص: 352

روي عن: النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وعمه ظهير بن رافع. روي عنه: إِيَاس بْن خَلِيفَةَ، وابن عمر، ومحمود بْن لبيد.

عرض نفسه رضي الله عنه على النّبيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ فاسْتُصْغِرَه، وَأُجِيزَ يَوْمَ أُحُدٍ فشهدها وشهد ما بعدها، وَكَانَ يُعَدُّ فِي الرُّمَاةِ، أُصِيبَ بِسَهْمٍ يَوْمَ أُحُدٍ فِي ثَنْدُوَتِهِ فقال له رَسُول اللَّهِ: أنا أشهد لك يَوْم القيامة، وبَقِيَتِ الْحَدِيدَةُ فِي ثَنْدُوَتِهِ تَتَحَرَّكُ فَتُرِكَ فِيهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّي، وَكَانَ لَهُ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبِبَغْدَاد.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أحمد في مسنده

".

1) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: "ثقة ثبت حجة" سبقت ترجمته في حديث رقم (48).

2) عَمْرِو بْنُ دِينَار الجُمحي: قال ابن حجر: ثقة ثبت.

(2)

3) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عَائِشُ بْنُ أَنَس البكري: قال ابن حجر: مقبول.

(3)

5) عَلِيُّ بن أبي طالب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد النسائي في السنن الصغرى

".

1) عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرِّقي العطار: قال ابن حجر: ثقة.

(4)

2) مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الحراني: قال ابن حجر: صدوق له أوهام.

(5)

3) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

4) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي عَطَاء بن أبي رباح، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: عَطَاء، عَنْ إِيَاس بْن خَلِيفَة، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

ورواه عن عَطَاءٍ بهذا الوجه: ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ.

الوجه الثاني: عَطَاء، عَنْ عَائِش بْن أَنَس، عن عَلِي بن أبي طالب.

ورواه عن عَطَاءٍ بهذا الوجه: ابْن جُرَيْج، وعَمْرِو بْن دِينَارٍ من أصح الأوجه عنه، وابن جُرَيْجٍ: ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع، وقد صرح في هذا الوجه بالسماع.

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 2/ 1044، "الاستيعاب" 2/ 479، "أسد الغابة" 2/ 232، "الإصابة" 3/ 458.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 358.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 232.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 344.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 457.

ص: 353

الوجه الثالث: عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن عَلِي.

ورواه عن عَطَاءٍ بهذا الوجه: ابْنِ جُرَيْجٍ، ولم يصرح بالسماع فلا يُقبل منه ما راوه بالعنعنة.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه اثنان من الرواة وهذا بخلاف الوجهين الأخَرَيْن.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بهذا الوجه عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وهو ثقة ثبت كما قال ابن حجر، ورواه أيضاً ابْنِ جُرَيْجٍ وهو: ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع، وقد صرح في هذا الوجه بالسماع، وهذا بخلاف الوجه الثالث فلم يُصرح فيه بالسماع.

3) المتابعات: فقد أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن عَلِي كما سيأتي بيان ذلك في الحكم علي إسناد الحديث.

4) ترجيح الأئمة:

- قال العقيلي: حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٍ أَوْلَى.

(1)

قلت: يعني حديث ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٍ عن عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ، عن عَلِي بن أبي طالب ـــــ الوجه الثاني ـــــ.

- وقال الدارقطني: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ عُمَرُ بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(2)

- وقال الذهبي: عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خديج، ورواه جماعة عن عطاء، فقال: عن عائش بن أنس.

(3)

قلت: وفي كلام الذهبي دلالة ضمنية أو إشارة إلي أن عطاء، عن عائش بن أنس هو الوجه الراجح، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ إسناده "شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــ الراجح ـــ فإسناده "ضعيف" فيه: عَائِش بْن أَنَس: قال فيه ابن حجر: مقبول. قلت: لكن للحديث شواهد في الصحيحين من حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: فِيهِ الوُضُوءُ.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشاهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

(4)

وأما الحديث بالوجه الثالث ـــــ المرجوح ـــــ فإسناده "ضعيف" فيه: ابْن جُرَيْج: لم يصرح فيه بالسماع.

‌خامساً: غريب الحديث:

(1)

يُنظر "الضعفاء الكبير" للعقيلي 1/ 34.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 4/ 81.

(3)

يُنظر "ميزان الاعتدال" للذهبي 1/ 282.

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ (132)، وفي ك/ الغسل ب/ غَسْلِ المَذْيِ وَالوُضُوءِ مِنْهُ (269)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ الْمَذْيِ (303).

ص: 354

قال الخطابي رحمه الله: حديثُهُ صلى الله عليه وسلم الذي يرويه عليٌّ رضي الله عنه، في المَذْي العامةُ يقولونَ: المَذِيُّ، مكسورةُ الذالِ مُثَقّلة الياء، وإنّما هو المَذْيُ، ساكنةُ الذّالِ، وهو ما يخرجُ من قُبُلِ الإنسانِ عندَ نشاطٍ، أو مُلاعبةِ أَهْلٍ أو نحوهما. والوَدْيُ، ساكنة الدالِ غير معجمة، ما يخرجُ عَقِبَ البَوْلِ. وأمَّا المَنِيُّ، ثقيلةُ الياءِ، فالماءُ الدافِقُ الذي يكونُ منه الولدُ، ويجبُ فيه الاغتسالُ. ويُقالُ: وَدَي الرجلُ ومَذى، بغير ألفٍ، وأمْنَى، بالألفِ. وهذا قولُ أبي عُبَيد وأكثر أهلِ اللغةِ وهو اختيارُ ابن الأنباري. وقد حُكِيَ عن بعضهم: الوَدِيّ والمَذِيّ، مُشَدَّدَيْن.

(1)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الشيرازي رحمه الله: ولا يجب الغسل من المذي وهو الماء الذي يخرج بأدنى شهوة. ولا من الودي وهو ما يقطر منه عند البول لأن الإيجاب بالشرع ولم يرد بالشرع إلا في المني فإذا خرج منه ما يشبه المني والمذي ولم يتميز له فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال يجب عليه الوضوء منه لأن وجوب غسل الأعضاء متيقن وما زاد على أعضاء الوضوء مشكوك في وجوبه فلا يجب بالشك ومنهم من قال: هو مخير بين أن يجعله منياً فيجب الغسل منه وبين أن يجعله مذياً فيجب الوضوء وغسل الثوب منه لأنه يحتمل الأمرين احتمالاً واحداً. وقال الشيخ الإمام أحسن الله توفيقه: أن الذمة قد اشتغلت بفرض الطهارة والصلاة والتخيير لا يجوز لأنه إذا جعله مذياً لم يأمن من أن يكون منياً فلم يغتسل له وإن جعله منياً لم يأمن أن يكون مذياً ولم يغسل الثوب منه ولم يرتب الوضوء منه وأُحِبُ أن يجمع بينهما ليسقط الفرض بيقين.

(2)

(1)

يُنظر "إصلاح غلط المحدثين" 1/ 23، "غريب الحديث" 3/ 222 للخطابي.

(2)

يُنظر "المهذب في فقه الإمام الشافعي" للشيرازي 1/ 63، 62.

ص: 355

[68/ 718]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ: نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُفْضِي إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ:«إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيُفْضِي فِي الْغَدَاةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا زَائِدَةُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي هِشَام بْن حسان، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: هِشَامُ بْنُ حَسَّان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" ب/ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (1/ 193 رقم 273)، والبزار في "مسنده"(17/ 311 رقم 10072)، والطبراني في "الأوسط"(5/ 263 رقم 5267)، وفي "المعجم الصغير"(2/ 68 رقم 795)، وأبو نعيم الأصبهاني في "صفة الجنة" ذِكْرُ نِكَاحِ أَهْلِهَا وَتَعَانُقِهِمْ حُورَهَا وَسُكَّانِ مَقَاصِيرِهَا (2/ 206 رقم 373)، والخطيب في "تاريخه"(2/ 243)، عَنْ حُسَيْن بْن عَلِي الْجُعْفِي، عَنْ زَائِدَة بن قُدَامَة، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّان به بنحوه.

الوجه الثاني: هِشَامُ بْنُ حَسَّان، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْحَوَارِي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

أخرجه هَنَّاد بن السَّرِي في "الزهد" ب/ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (1/ 87 رقم 88)، ومن طريقه ـــــ أبو نعيم الأصبهاني في "صفة الجنة" ذِكْرُ نِكَاحِ أَهْلِهَا وَتَعَانُقِهِمْ حُورَهَا وَسُكَّانِ مَقَاصِيرِهَا (2/ 208 رقم (374)، والبيهقي في "البعث والنشور" ب/ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ حُورِ الْعَيْنِ، وَالْوِلْدَانِ، وَالْغِلْمَانِ (1/ 221 رقم 365) ــــــ. وعبد الله بن أيوب المخرمي في "مجموع فيه مصنفات أبي الحسن بن الحمامي وأجزاء أخرى" منها جزء المخرمي (1/ 243 رقم 374)، ومن طريقه ــــــ الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 105) ـــــــ.

وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" ب/ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّة (1/ 192 رقم 272)، عن هارون بن عبد الله بن مروان البزاز.

وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"(1/ 266)، عن عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بن ميسرة الجشمي.

وأبو يعلي في "مسنده"(4/ 326 رقم 2436)، عن الصلت بن محمد الخارجي أَبُو هَمَّام.

خمستهم: هَنَّاد بن السَّرِي، وعبد الله بن أيوب المخرمي، وهارون بن عبد الله البزاز، وعُبَيْد اللَّهِ بْن عُمَرَ بن ميسرة، والصلت بن محمد أَبُو هَمَّام، عن حماد بن أسامة القرشي، عن هِشَام بْن حَسَّان به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

ص: 356

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) الوَلِيْدُ بنُ أَبِي بَدْرٍ شُجَاعِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ قَيْسٍ السَّكُوْنِيُّ،

(1)

أَبُو هَمَّامٍ الْكِنْدِيّ، الكُوْفِيُّ، البَغْدَادِيُّ.

روي عن: حُسَيْن بْن عَلِي الْجُعْفِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعَبْد الله بْن المبارك، وآخرين

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، ومسلم، وأَبُو داود، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي، وابن حجر: ثقة. وزاد الذهبي: احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَهُوَ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ قَلَّ أَنْ تَجِدَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً، وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ هُوَ ثِقَةٌ. وقال الذهبي مرة: حافظ يُغْرب، وقال مرة: صدوق. وذكره العجلي، وابن حِبَّان، وابن شاهين في الثقات.

- وَقَال أَبُو حاتم: شيخ صدوق، يُكتب حديثه، ولا يُحتج به إذا خولف. وقال أَحْمَد: اكتبوا عنه.

- وَقَال العجلي، وابن مَعِين، والنَّسَائي، ومسلمة: لا بأس بِهِ، وزاد ابن معين: ليس هُوَ ممن يكذب.

وَقَال المفضل بْن غسان الغلابي: سمعت ابْن مَعِين يَقُول: عند أبي همام مئة ألف حديث عَنِ الثقات، قال الغلابي: وما سمعته يَقُول فيه سوءاً قط، وكَانَ يَقُول: ليس له بخت.

- وَقَالَ سُرَيْج بن يُوْنُس: مَا فَعَلَ ابْن أَبِي بَدْرٍ؟ كَانُوا يُضعِّفُوْنَهُ. وَقَالَ صَالِح جَزَرَةُ: تَكَلَّمُوا فِي أَبِي هَمَّامٍ. وحاصله أنه "ثقة يُتجنب من روايته ما أُنكر عليه، وما خالف فيه الثقات" والله أعلم.

(2)

3) الحُسَيْنُ بنُ عَلِي بنِ الوَلِيْدِ الجُعْفِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيُقال أَبُو مُحَمَّدٍ، الكُوْفِيُّ المقرئ.

روي عن: زَائِدَة بْن قدامة، وسُلَيْمان الأعمش، وفضيل بْن عياض، وآخرين.

روي عنه: الوَلِيْد بن شُجَاعِ بنِ قَيْس السَّكُوْنِيُّ، وأحمد بْن صالح العجلي، وأَحْمَد بْن حنبل، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال العجلي، وابْن مَعِين، وعثمان بن أبي شيبة، وابن قانع، وابن حجر: ثقة، وزاد عثمان: صدوق. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وقال أحمد: ما رأيت أفضل منه. وَقَال مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الهروي: ما رأيت أتقن منه رأيت في مجلسه أَحْمَد، وابْن مَعِين. وَقَال موسى بْن داود: كنت عند ابْن عُيَيْنَة فجاء حسين الجعفي فقام سفيان فقبل يده. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

4) زَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ، أَبُو الصَّلْتِ الكُوْفِيُّ.

روي عن: هِشَام بْن حَسَّان، وسفيان الثوري، وَمَنْصُوْر بن المُعْتَمِر، وآخرين.

روي عنه: الحُسَيْن بن عَلِي الجُعْفِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد الله بْن المبارك، وآخرون.

(1)

السَكُونيُّ: بفتح السين وضم الكاف وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى السكون، وهو بطن من كندة، والمنتسب إليها: أبو بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكونيّ، وابنه أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد. قاله السمعاني في "الأنساب" 7/ 101.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 342، "الجرح والتعديل" 9/ 7، "الثقات" 9/ 227، "الثقات" لابن شاهين 1/ 246، "تهذيب الكمال" 31/ 22، "الكاشف" 2/ 352، "السير" 12/ 23، "ميزان الاعتدال" 4/ 339، "الإكمال" 12/ 235، "التقريب" صـ 512.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 302، "الثقات" لابن حبان 8/ 184، "تهذيب الكمال" 6/ 449، "السير" 9/ 397، "التراجم الساقطة من كتاب الإكمال" لمُغْلَطَاي 1/ 159، "التقريب" صـ 107.

ص: 357

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، والثوري، والنَّسائي، والمنتجالي، والذهلي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: مأمون، وَزاد العجلي: لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه، فإن كان صاحب سنة حدثه وإلا لم يحدثه، وزاد الذهلي: حافظ، وزاد الذهبي: ثَّبْتُ حَافِظُ حجة إِمَامُ صاحب سنة، وزاد ابن حجر: ثبت صاحب سنة. وقال أحمد: كان زائدة إذا حدث بالحديث يتقنه. وقال الدارقطني، والبيهقي، وابن القطان: زَائِدَةُ من الأثبات الأئمة. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كان من الحفاظ المتقنين، كان لا يعد السماع حتى يسمعه ثلاث مرار. وَقَال أحمد: إذا سمعت الحديث، عن زائدة وزهير فلا تبال ألا تسمعه عن غيرهما إلا حديث أبي إسحاق. وَقَال أبو زُرْعَة: صدوق. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

5) هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ القُرْدُوْسِيُّ الأَزْدِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (20).

6) مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ:"ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (13).

7) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد هَنَّاد بن السَّرِي في الزهد

".

1) حماد بن أسامة القرشي: قال ابن حجر: ثقة ثبت ربما دلس وكان بأخرة يُحدث من كتب غيره.

(2)

2) هِشَامُ بْنُ حَسَّان القُرْدُوْسِيُّ الأَزْدِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (20)

3) زَيْدُ بْنُ الْحَوَارِي، أَبو الْحَوَارِيِّ العمي البصري: قال ابن حجر: ضعيف.

(3)

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بن عبد المطلب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي هِشَام بْن حسان، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: هِشَامُ بْنُ حَسَّان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عن هِشَام بهذا الوجه: زَائِدَة بن قُدَامَةَ، ورواه عن زَائِدَة: حُسَيْن بْن عَلِي الْجُعْفِيُّ، وتفرد به.

الوجه الثاني: هِشَامُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْحَوَارِي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ورواه عن هِشَام بْن حَسَّان بهذا الوجه: حماد بن أسامة القرشي، ورواه عن حماد جماعة من الرواة وهم هَنَّاد بن السَّرِي، وعبد الله بن أيوب المخرمي، هارون بن عبد الله بن مروان البزاز، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بن ميسرة الجشمي، والصلت بن محمد الخارجي أَبُو هَمَّام، كلهم عن حماد، عن هِشَامٍ.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الراجح وذلك لترجيح الأئمة للوجه الثاني:

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 367، "الجرح والتعديل" 3/ 613، "الثقات" لابن حبان 6/ 339، "المشاهير" 1/ 202، "تهذيب الكمال" 9/ 273، "الكاشف" 1/ 400، "الإكمال" 5/ 28، "التهذيب" 3/ 306، "التقريب" صـ 153.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 117.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 163.

ص: 358

- قال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ زائدةَ، عن هشام، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رسولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُفْضِي إِلَى نِسَائِنَا فِي الجنةِ

الحديث. فَقَالا: هَذَا خطأٌ إِنَّمَا هُوَ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ زيدٍ العَمِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قُلْتُ لأبي: الوَهَمُ ممَّن هو؟ قَالَ: مِنْ حُسين.

(1)

- وقال الدارقطني: حين سُئل عن هذا الحديث فَقَالَ: يَرْوِيهِ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَخَالَفَهُ أبو أُسَامَةَ، فَرَوَاهُ عن هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ زيدٍ العَمِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.

(2)

(3)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ" في روايته للحديث عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. لما رواه الثقات عن أبي أُسَامَةَ، عن هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ زيدٍ العَمِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ "فإسناده ضعيف" فيه: زَيْد بْن الْحَوَارِي العمي: ضعيف.

قلت: وقد جاء في أحاديث صحيحة ما يدل علي إن الرجل في الجنة يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ فلعل من رواه بأنه يفضي إلى مائة عذراء رواه بالمعنى أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات كما قال بذلك ابن القيم، والله أعلم.

فعن أنس بن مالك، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الجِمَاعِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ.

(4)

وقد جاء في الصحيحين وغيرهما ما يدل علي أن المؤمن في الجنة له زوجتين، أو أكثر من ذلك.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الحُورِ العِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ العَظْمِ وَاللَّحْمِ.

(5)

(1)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 487.

(2)

قلت: وجدت في الأصل عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. والصواب والله أعلم: هِشَامُ، عَنْ زيدٍ العَمِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ولعل هذا حدث سهواً من النساخ أو سبق قلم إذ الحديث يُروي من أحدِ وجهيه عن هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، فأثبتوه من كلا الوجهين عن ابْنِ سِيرِينَ، لكن الصواب ما أثبته والله أعلم.

(3)

يُنظر "العلل" للدارقطني 10/ 30.

(4)

أخرجه أحمد في "مسنده"(19269) عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم. وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(2124)، والترمذي في "سننه"(2536) والبيهقي في "البعث والنشور"(363)، والمقدسي في "المختارة"(2505) عَنْ أنس بن مالك.

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ (3254، 3246)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا ب/ أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَصِفَاتُهُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ (2834).

ص: 359

وعن أَبي عِمْرَانَ الجَوْنِيَّ، عنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الخَيْمَةُ دُرَّةٌ، مُجَوَّفَةٌ طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لَا يَرَاهُمُ الآخَرُونَ.

(1)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا زَائِدَةُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الرحمة والرضوان. فلَمْ يَرْوِه عَنْ هِشَامٍ إِلَّا زَائِدَةُ لكن من حيث الوجه الأول ـــــ رواية الباب ـــــ، وأما من حيث الوجه الثاني وهو: هِشَامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فرواه عن هِشَامٍ: حماد بن أسامة القرشي أبو أسامة، والله أعلم.

‌سادساً: غريب الحديث:

قال ابن الأثير رحمه الله: وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ: إنَّ الرَّجُلَ ليُفضي فِي الغَدَاة الوَاحِدَة إِلَى مِائَةِ عَذْرَاء. والعَذْرَاء: هي الجَارِيةُ الَّتِي لَمْ يمسَّها رَجُلٌ، وَهِيَ البِكْر، وَالَّذِي يَفْتَضُّها أَبُو عُذْرِها وَأَبُو عُذْرَتِها. والعُذْرَة: مَا لِلبكْر مِنَ الالْتِحَام قَبْلَ الافْتِضاضِ.

(2)

‌سابعاً: التعليق علي الحديث:

قال ابن القيم رحمه الله: والأحاديث الصحيحة إنما فيها إن لكل منهم زوجتين وليس في الصحيح زيادة على ذلك فإن كانت هذه الأحاديث محفوظة فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين ويكونون في ذلك على حسب منازلهم في القلة والكثرة كالخدم والولدان وإما أن يراد أنه يعطي قوة من يجامع هذا العدد ويكون هذا هو المحفوظ فرواه بعض هؤلاء بالمعنى فقال له كذا وكذا زوجة. وقد روى الترمذي في جامعه من حديث قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يطيق ذلك قال يعطى قوة مائة

(3)

. هذا حديث صحيح فلعل من رواه يفضي إلى مائة عذراء رواه بالمعنى أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات والله أعلم. ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر عن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ مجوفة طولها ستون ميلا للعبد المؤمن فيها أهلون فيطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا.

(4)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ بدء الخلق ب/ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ (3243)، وفي ك/ التفسير ب/ "حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ" [الرحمن: 72] (4879)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا ب/ فِي صِفَةِ خِيَامِ الْجَنَّةِ وَمَا لِلْمُؤْمِنِينَ فِيهَا مِنَ الْأَهْلِينَ (2838).

(2)

يُنظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير 3/ 196.

(3)

أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ صفة الجنة ب/ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الجَنَّةِ (4/ 677 رقم 2536) وقال: فِي البَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: وهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ القَطَّانِ.

(4)

يُنظر "حاري الأرواح إلي بلاد الأفراح" لابن القيم 1/ 504 ــ 506.

ص: 360

[69/ 719]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَضُرُّ أَحَدُكُمْ بِقَلِيلٍ مِنْ مَالِهِ تَزَوَّجُ أَمْ بِكَثِيرٍ، بَعْدَ أَنْ يُشْهِدَ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بُرْدٍ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أَبِي هَارُون الْعَبْدِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو هَارُون الْعَبْدِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ أَبي هَارُون بهذا الوجه: بُرْد بْن سِنَانٍ، وشَرِيك، وأَبو حَفْص الْعَبْدِي.

أما طريق بُرْد بْن سِنَان: أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" ــــ رواية الباب ـــــ، وفي "مسند الشاميين"(1/ 226 رقم 404)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ المهر (4/ 356 رقم 3596)، وأبو القاسم تمام في "فوائده"(1/ 276 رقم 684).

وأما طريق شَرِيك النخعي: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" ك/ النكاح ب/ مَا جَاءَ فِي الصَّدَاق (1/ 544 رقم 487، 486)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ المهر (4/ 356 رقم 3597، 3598)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصداق ب/ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا (7/ 391 رقم 14381).

وأما طريق عُمَر بْن حفص أَبي حَفْصٍ الْعَبْدِي: أخرجه ابن عدي في "الكامل"(6/ 102).

ثلاثتهم: عن أَبي هَارُون به بنحوه، عدا ابن عدي فلفظه: يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَأَشْهَدُوا.

ب - متابعات للوجه الأول: أخرجه الدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ المهر (4/ 356 رقم 3599)، وابن الجوزي في "التحقيق في مسائل الخلاف" مَسْأَلَةٌ الشَّهَادَةُ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ وَعَنْهُ لَيْسَتْ شَرْطًا كَقَوْلِ مَالِك. (9/ 7 رقم 1977)، عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَضُرُّ أَحَدَكُمْ بِقَلِيل مِنْ مَالِهِ تَزَوَّجَ أَوْ بِكَثِيرٍ بَعْدَ أَنْ يُشْهِدَ.

الوجه الثاني: أَبو هَارُون الْعَبْدِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ موقوفاً.

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ مَا قَالُوا فِي مَهْرِ النِّسَاءِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِك (6/ 89 رقم 16520)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصداق ب/ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا (7/ 391 رقم 14381)، عَنْ الحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عن أَبي هَارُون الْعَبْدِي به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ خَالِدٍ، أَبُو الوَلِيْدِ الكِنْدِيُّ، الحَنَفِيُّ.

ص: 361

روي عن: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وعَبْد الرَّحْمَن بن الغَسِيْلِ، وَمَالِك بن أَنَس، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، وَأَبُو القَاسِم البَغَوِي، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الدَّارَقُطْني، ومسلمة بن القاسم: ثقة. وقال الذهبي: لَهُ هَفْوَةٌ لَا تُزِيلُ صِدقَهُ وَخَيْرَه إِنْ شَاءَ اللهُ، وكان أحمد يثني عليه. وقال أبو خازم القاضي: ما رأيت لأهل بغداد حدثاً أزكى من عيسى بن أبان، وبشر بن الوليد. وذكره ابن حبان في الثقات. وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فلم يذكر فيه جرحاً.

- وقال صالح بن محمد جَزَرَة: صدوق.

- وقال الآجري: سألت أبا داود: أبشر بن الوليد ثقة؟ قال: لا. وقال العلائي: لم يخرجوا له في الكتب الستة شيئاً ووثق وضعف. وقال البرقاني: ليس هو من شرط الصحيح. وقد وُصف بالاختلاط: قال صالح بن محمد جَزَرَة: هو صدوق ولكنه لا يعقل كان قد خرف. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

3) إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش: "صدوق في روايته عن أهل بلده ضعيفُ في غيرهم" سبقت ترجمته في (21).

4) بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ الشامي، أَبُو الْعَلاءِ الدِّمَشْقِيُّ، مولى قريش، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ.

روي عَنْ: أَبي هَارُون الْعَبْدِي، ومحمد بْن شهاب الزُّهْرِي، ونافع مولى ابْن عُمَر، وَغَيْرِهِمْ.

روي عَنْهُ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، ودحيم، والنَّسَائي، وابْن خراش: ثقة. وَقَال يزيد بْن زريع: ما رأيت شامياً أوثق من برد. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال أبو حاتم، وأبو زُرْعَة، وابن حجر: صدوق.

- وقَال أَحْمَد: صالح الحديث. وَقَال النَّسَائي، وأبو زُرْعَة، وابن معين، وابن الجنيد: ليس بحديثه بأس.

- وقال أبو حاتم مرة: ليس بالمتين. وَقَال ابن المديني: ضعيف. وقال ابن عساكر: وثّقه قوم، وضعّفه آخرون قليلون. وحاصله أنه "صدوق" والله أعلم.

(2)

5) عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ، أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ

(3)

الْبَصْرِيُّ.

رَوَى عَنْ: أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي، وعَبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن الخطاب.

روي عَنْهُ: بُرْد بْن سِنَان، وسفيان الثوري، ومعمر بْن راشد، وغيرهم.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 369، "الثقات" لابن حبان 8/ 143، "الأنساب" للسمعاني" 10/ 27، "تاريخ الإسلام" 5/ 799، "السير" 10/ 673، "ميزان الاعتدال" 1/ 326، "المختلطين" للعلائي 1/ 16، "لسان الميزان" 2/ 316.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 422، "الثقات" لابن حبان 6/ 114، "الثقات" لابن شاهين 1/ 49، "تاريخ دمشق" 71/ 371، "تهذيب الكمال" 4/ 43، "ميزان الاعتدال" 1/ 302، "التقريب" صـ 60.

(3)

العَبْدِيُّ: بفتح العين وسكون الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى عبد القيس في ربيعة بن نزار، وهو عبد القيس بن أقصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، والمنتسب إليه مخير بين أن يقول: عبدي، أو عبقسى، فأما العبديّ فممن نسب بهذه النسبة: أبو هارون العبديّ، يروى عن أبى سعيد الخدري. قاله السمعاني في "الأنساب" 8/ 355.

ص: 362

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، والنَّسَائِي، ومحمد بن عبد الرحيم التبان: ليس بثقة. وَقَال أَحْمَد، وابن معين: ليس بشيءٍ. وَقَال ابْن مَعِين: كانت عنده صحيفة يقول هَذِهِ صحيفة الوصي، وكان عندهم لا يصدق في حديثه. وَقَال شعبة: لأن أقدم فيضرب عنقي أحب إلي من أن أقول: حَدَّثَنَا أَبُو هارون. وَقَال الدَّارَقُطْنِيُّ: يتلون خارجي وشيعي، يعتبر بما يرويه عَنْهُ الثوري. وقال ابن عبد البر: لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ.

- وَقَال ابن سعد، وأبو حاتم، وابن معين، وأَبُو زُرْعَة، وشعبة، وابن قانع، وأبو محمد الإشبيلي: ضعيف الْحَدِيث. وذكره ابن شاهين، والساجي، وابن الجارود، والعقيلي، والبرقي في الضعفاء. وقال ابن البرقي: أهل البصرة يضعفونه. وقال البيهقي: غير قوي. وقال الذهبي: لين بمرة. وقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف الحديث، وقد تحامل بعضهم فنسبه إلى الكذب.

- وَقَال أحمد، والنَّسَائي، وأَبُو أَحْمَد الحاكم، وابن حجر: متروك الحديث، وزاد ابن حجر: منهم من كذبه. وقَال البُخارِيُّ: تركه يحيى القطان. وقال ابن عبد البر مرة: منكر الحديث،

- وَقَال البخاري، وحماد بْن زيد، وعثمان بن أبي شيبة، وإسماعيل بن علية، والجوزجاني، والبوصيري: كذاب، وزاد حماد، وعثمان بن أبي شيبة: يكذب بالغداة شيء وبالعشي شيء، وزاد الجوزجاني: مفتري. وقال صالح بن محمد: أكذب من فرعون. وقال ابن الجنيد: كان غير ثقة يكذب. وَقَال ابْن حبان: كَانَ يروي عَن أَبِي سَعِيد ما ليس من حديثه لا يحل كتب حَدِيثه إلا عَلَى جهة التعجب. قال ابن حجر: كيف لا ينسبونه إلى الكذب وقد روى ابن عدي في الكامل من طريق بهز بن أسد قال: أتيت إلى أبي هارون العبدي فقلت أخرج إلي ما سمعت من أبي سعيد فأخرج لي كتابًا فإذا فيه حدثنا أبو سعيد أن عثمان أدخل حفرته وأنه لكافر بالله، قال قلت: تقر بهذا قال هو كما ترى قال فدفعت الكتاب في يده وقمت فهذا كذب ظاهر على أبي سعيد. وحاصله أنه "متروك".

(1)

6) أَبو سَعِيد الْخُدْرِي

(2)

سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ.

روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر. روى عنه: أَبو هَارُونَ الْعَبْدِي، وابن عبّاس، وابن عمر، وغيرهم.

كان رضي الله عنه من أفاضل الصحابة، وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ المُجْتَهِدِيْن، وَكَانَ من الحفاظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المكثرين، مشهور بكنيته، استصغر يوم أحد فقَالَ: عُرِضْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، فَجَعَلَ أَبِي يَأْخُذُ بِيَدِي، وَيَقُوْلُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّهُ عَبْلُ العِظَامِ وَجَعَلَ نَبِيُّ اللهِ يُصَعِّدُ فِيَّ النَّظَرَ، وَيُصَوِّبُهُ، ثُمَّ قَالَ: رُدَّهُ فَرَدَّنِي. واسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ مَالِكٌ يَوْمَ أُحُدٍ أيضاً، وَشَهِدَ أَبُو سَعِيْدٍ الخَنْدَقَ، وَبَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. كَانَ رضي الله عنه يَسْكُنُ

(1)

يُنظر "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 224، "الجرح والتعديل" 6/ 363، "المجروحين" 2/ 177، "الكامل" 6/ 146، "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين" لابن شاهين 1/ 144، "القراءة خلف الإمام" للبيهقي 1/ 199، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 2/ 203، "تهذيب الكمال" 21/ 232، "الكاشف" 2/ 53، "المغني في الضعفاء" 2/ 106، "ميزان الاعتدال" 3/ 173، "الإكمال" 10/ 8، "التهذيب" 7/ 412، "إتحاف الخيرة المهرة" لابن حجر 4/ 127، "التقريب" صـ 347.

(2)

الخُدْريُّ: بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة والراء في آخرها، هذه النسبة إلى خدرة، واسمه: الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج، قبيلة من الأنصار منهم أبو سعيد الخدريّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 5/ 58.

ص: 363

الْمَدِينَةَ، وتُوُفِّيَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيع.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن أبي شيبة

".

1) حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُؤاسي: قال ابن حجر: ثقة.

(2)

2) الحسن بن صالح بن صالح بن حي بن شُفي الهْمداني: قال ابن حجر: ثقة.

(3)

3) أَبُو هَارُون الْعَبْدِي: "متروك" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) أَبو سَعِيد الْخُدْرِي رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي أَبِي هَارُون الْعَبْدِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو هَارُون الْعَبْدِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي مرفوعاً.

ورواه عن أَبي هَارُونَ الْعَبْدِي بهذا الوجه: شَرِيك بن عبد الله، وبُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، وأَبو حَفْص الْعَبْدِي.

الوجه الثاني: أَبو هَارُون، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِي موقوفاً.

ورواه عن أَبي هَارُون الْعَبْدِي بهذا الوجه: الحَسَن بْن صَالِحٍ الهْمداني.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ مدار هذا الحديث علي أَبِي هَارُون الْعَبْدِي وهو متروك الحديث وقد اضطرب في هذا الحديث.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول ــــ، وكذلك الحديث بالوجه الثاني، "إسناده ضعيف جداً" فيه: أَبو هَارُونَ الْعَبْدِيِّ: متروك الحديث فمدار الحديث عليه.

أحكام العلماء علي الحديث:

قال البوصيري: مَدَارُ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا عَلَى أَبِي هَارُونَ العبدي، وهو كذاب، كذبه ابن معين، والجوزجاني، وأبو أحمد الحاكم، وابن علية، وعثمان بن أبي شيبة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَتَلَوَّنُ، خَارِجِيٌّ شِيعِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

(4)

وقال ابن الجوزي: هَذِهِ الْحَدِيثَ مَعْلُولَ: فِيهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وقد ضَعَّفُوهُ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ خَرَجَ عَن حد الِاحْتِجَاج بِهِ، وفِيهِ أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ كَذَّابًا. وَقَالَ أَحْمَد: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: لَأَنْ أُقَدَّمَ فَيَضْرِبَ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ. وَقَالَ السَّعْدِيّ: كَذَّاب مفتر.

(5)

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 3/ 1260، "الاستيعاب" 4/ 1671، "أسد الغابة" 6/ 138، "الإصابة" 4/ 293.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 121.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 101.

(4)

يُنظر "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة" للبوصيري 4/ 127.

(5)

يُنظر "التحقيق في مسائل الخلاف" لابن الجوزي 9/ 97.

ص: 364

وقال ابن عبد الهادي: حديث أبي سعيد هذا لا يصحُّ، وقد رواه تمَّام، والبيهقيُّ من رواية أبي هارون العبديِّ عن أبي سعيدٍ، وإسناده ضعيفٌ إلى أبي هارون غير محتجٍّ به.

(1)

(2)

وقال ابن الجوزي: قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّهَادَةِ شَيْءٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الْأَحَادِيثُ فِي الشَّهَادَةِ لَا تَصِحُّ.

(3)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بُرْدٍ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق" لابن عبد الهادي 4/ 327.

(2)

يُنظر كذلك: "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" لابن حجر 2/ 63، "فتح القدير" لابن الهمام 3/ 308، 307.

(3)

يُنظر "التحقيق في مسائل الخلاف" لابن الجوزي 9/ 8.

ص: 365

[70/ 720]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: نا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي فَرَطٌ

(1)

لَكُمْ عَلَى الْحَوْضِ

(2)

، وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، وَإِنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ بِعَدَدِ النُّجُومِ».

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ إِلَّا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الفضائل ب/ إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته (4/ 1801 رقم 2305)، وأبو يعلي في "مسنده"(13/ 440 رقم 7443)، (13/ 465 رقم 7478)، والطبراني في "الأوسط"(6/ 143 رقم 6034)، وفي "الكبير"(2/ 240 رقم 2002)، وأبو عبد الله النعالي في "فوائده"(63)، والبيهقي في "البعث والنشور" ب/ ما جَاءَ فِي حَوْضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1/ 126 رقم 151)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(63/ 142)، كلهم من طُرقٍ عَنْ الْوَلِيد بْن شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّكُونِي، عن أَبِيه شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، عن زِيَاد بْن خَيْثَمَة، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة، بنحوه، وفيه كَأَن الأباريق فِيهِ النُّجُوم.

قلت: وللحديث متابعات قاصرة أيضاً عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ الفضائل ب/ إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته (4/ 1802 رقم 2305)، وأحمد في "مسنده"(34/ 421 رقم 20830)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الفضائل ب/ مَا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم (11/ 10 رقم 32189)، وبقي بن مخلد في "الحوض والكوثر"(1/ 94 رقم 27)، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 343 رقم 738)، وأبو يعلي في "مسنده"(13/ 455 رقم 7461)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الأمراء ب/ بَيَانُ عَدَدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ يُنْصَرُونَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَيُعِزُّ اللَّهُ بِهِمُ الدِّينَ، وَأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، (4/ 373 رقم 6997، 6996)، والطبراني في "الكبير"(2/ 198 رقم 1806)، كلهم من طُرقٍ عن حَاتِم بْن إِسْمَاعِيل، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ، عَشِيَّةَ رَجْمِ الْأَسْلَمِيِّ يَقُولُ: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

(1)

قال ابن الأثير: «أنَا فَرَطُكم عَلَى الحَوْض» أَيْ مُتَقَدِّمُكُمْ إِلَيْهِ. يُقَالُ: فَرَطَ يَفْرِطُ، فَهُو فَارِطٌ وفَرَطٌ إِذَا تقَدَّم وسَبَق الْقَوْمَ ليَرْتادَ لَهُمُ الْمَاءَ، وَيُهَيِّئَ لَهُمُ الدِّلاء والأَرِشيَة. يُنظر "النهاية" 3/ 434.

(2)

قال الجوهري: الحَوْضُ: واحد الحِياضِ والأَحْواضُ. وحَضْتُ أَحوضُ: اتخذت حَوْضاً. واسْتَحْوَضَ الماء: اجتمع. والمُحَوَّضُ بالتشديد: شيء كالحَوْضِ يُجعل للنخلة تَشرب منه. ومنه قولهم: أنا أُحَوِّضُ ذلك الأمر، أي أدور حوله، مثل أُحَوِّطُ. يُنظر "الصحاح" 3/ 1073.

ص: 366

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) الوَلِيْدُ بنُ شُجَاعِ أَبُو هَمَّامٍ: "ثقة يُتجنب من روايته ما أُنكر عليه" تقدم في حديث رقم (68).

3) شُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ قَيْسٍ السَّكُوْنِيُّ، أَبُو بَدْرٍ الكُوْفِيُّ، والد أبي همام الْوَلِيد بْن شجاع.

روي عن: زِيَاد بْن خَيْثَمَةَ، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وَهِشَام بن عُرْوَة، وغيرهم.

روي عنه: ابنه الْوَلِيد بْن شُجَاع أَبُو هَمَّام، وَيَحْيَى بن مَعِيْن، وَأَحْمَد بن حنبل، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن مَعِين، وابن نمير، والذهبي: ثقة، وزاد الذهبي: قَفَزَ القَنْطَرَة، وَاحْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقال أحمد لقيه ابْن مَعِين فقال له: يا كذاب، فقال له الشيخ: إن كنت كذاباً وإلا فهتكك اللَّه. قال أحمد: فأظن دعوة الشيخ أدركته. وَقَال أبو نعيم: لقيت سفيان بمكة فأول من سألني عنه قال: كيف شجاع، يعني: أبا بدر.

- وقال أحمد، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: له أوهام. وَقَال العجلي، وأبو زرعة: لا بأس به.

- وقَالَ أَبُو حَاتِم: لين الحَدِيث شيخ ليس بالمتين، لا يحتج به، إلا ان عنده عن محمد بن عمرو بن علقمة أحاديث صحاح. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

4) زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ الجعفي الْكُوفِيُّ.

روي عن: سِمَاك بْن حَرْب، وثابت البناني، وعاصم بْن بهدلة، وغيرهم.

روي عنه: شُجَاع بن الوَلِيْد بن قَيْس السَّكُوْنِي أَبُو بَدْرٍ، ووكيع بن الجراح، وهشيم بْن بشير، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وأبو داود، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال أبو حاتم: صالح الحديث. روى له الجماعة سوى البخاري. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

5) سِمَاكُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أَوْسٍ بْنِ خَالِدِ بنِ نِزَارِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ حَارِثَةَ، أَبُو المُغِيْرَةِ الذُّهْلِيُّ،

(3)

البَكْرِيُّ.

روي عن: جَابِر بن سَمُرَة، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَالنُّعْمَان بن بَشِيْر، وغيرهم.

روي عنه: زِيَاد بْن خَيْثَمَة، وَشُعْبَة بن الحجاج، وَسفيان الثَّوْرِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن مَعِين، وأبو حاتم، والذهبي، والمنتجالي: ثقة، وزاد أبو حاتم: صدوق، وزاد الذهبي: حَافِظُ، إمَامُ كَبِيْرُ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ لكن ساء حفظه، وزاد المنتجالي: لم يترك أحاديثه أحد. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: يخطئ كثيراً.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 450، "الجرح والتعديل" 4/ 378، "الثقات" لابن حبان" 6/ 451، "تهذيب الكمال" 12/ 382، "الكاشف" 1/ 480، "السير" 9/ 353، "الإكمال" 6/ 219، "التقريب" صـ 205.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 530، "الثقات" لابن حبان 6/ 319، "الثقات" لابن شاهين 1/ 92، "تهذيب الكمال" 9/ 457، "الكاشف" 1/ 409، "الإكمال" 5/ 103، "التقريب" صـ 159.

(3)

الذُّهْلىُّ: بضم الذال المعجمة وسكون الهاء وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى قبيلة معروفة وهو ذهل بن ثعلبة، وإلى ذهل بن شيبان كان منها جماعة كثيرة من العلماء والكبراء، منهم: سماك بن حرب. قاله السمعاني في "الأنساب" 6/ 30.

ص: 367

وَقَال سُفْيَان الثوري: ما سقط لسماك بن حرب حديث، وَقَال أَحْمَد: سماك أصح حديثاً من عَبد المَلِك بْن عُمَير، وذلك أن عَبد المَلِك يختلف عليه الحفاظ. وقال الذهبي: احتج به مسلم في روايته، عن جابر بن سمرة، والنعمان بن بشير، وجماعة. وقال الدارقطني: إذا حدث عنه شعبة، والثوري، وأبو الأحوص فأحاديثهم عنه سليمة، وما كان عن شريك، وحفص بن جميع، ونظرائهم ففي بعضها نكارة.

- وقال الذهبي مرة، وأبو أحمد الحاكم، وابن حجر: صدوق، وزاد الذهبي: صالح، وزاد أبو أحمد: لسماك حديث كثير مستقيم إن شاء الله، وقد حدث عنه الأئمة، وأحاديثه حسان عمن روى عنه. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس، وزاد النَّسَائي: في حديثه شيء. وقال العجلي: جائز الحديث لم يترك حديثه أحد.

- وَقَال ابن المبارك: ضعيف فِي الحديث. وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّد: يُضَعَّف، وكان شعبة يضعفه، وَكَانَ الثَّوْرِي يُضَعِّفُه بَعْضَ الضَّعفِ. قال ابن حجر: والذي قاله ابن المبارك إنما نرى أنه فيمن سمع منه بآخرةِ،

- وَقَال العجلي: جائز الحديث، إلا أنه كَانَ فِي حديث عكرمة ربما وصل الشيء عَنِ ابن عباس، وربما قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وإنما كَانَ عكرمة يحدث عَنِ ابن عباس. وَقَال ابْن المديني: رواية سماك عَنْ عكرمة: مضطربة، سُفْيَان وشعبة يجعلونها عَنْ عكرمة، وغيرهما يقول: عَنِ ابن عباس، إسرائيل وأَبُو الأَحوص. وَقَالَ يَعْقُوْب السَّدُوْسِي: رِوَايَتُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ خَاصَّةٌ مُضْطَرِبَةٌ، وَهُوَ فِي غَيْرِ عِكْرِمَةَ صَالِحٌ، وَلَيْسَ مِنَ المُتثبِّتِيْنَ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً مِثْلُ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، فَحَدِيْثُهُم عَنْهُ صَحِيْحٌ مُسْتقِيْمٌ. وقال ابن حجر: روايته عن عكرمة خاصة مضطربة. قال الذهبي: وَلِهَذَا تَجنَّبَ البُخَارِيُّ إِخرَاجَ حَدِيْثِهِ، وَقَدْ علَّقَ لَهُ البُخَارِيُّ اسْتِشهَاداً بِهِ، فَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نُسْخَةُ عِدَّةِ أَحَادِيْثَ، فَلَا هِيَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ؛ لإِعرَاضهِ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَا هِيَ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ؛ لإِعرَاضهِ عَنْ سِمَاكٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُعدَّ صَحِيْحَةً؛ لأَنَّ سِمَاكاً إِنَّمَا تُكُلِّمَ فِيْهِ مِنْ أَجلِهَا.

وصفه بالإرسال: وصفه بذلك أحمد، وشعبة، وأبو زرعة.

وصفه بالاختلاط: قَالَ النَّسَائِيُّ: إِذَا انْفردَ سِمَاك بِأصلٍ لَمْ يَكُنْ حُجّةً، لأَنَّهُ كَانَ يُلقَّنُ، فَيَتَلقَّنُ. وقال البزار: تغير قبل موته. وقال ابن حزم: كان يقبل التلقين شهد عليه بذلك شعبة وغيره وهذه جرحة ظاهرة. وقال ابن حجر: تغير بأخرة فكان ربما تلقن.

وحاصله أنه "ثقة تغير بأخرةِ فساء حفظه، وحديثه عن عكرمة فيه اضطراب" وأما تضعيف ابن المبارك له فتعقبه ابن حجر فقال: والذي قاله ابن المبارك إنما نرى أنه فيمن سمع منه بآخرةِ، وعليه يحمل كلام من أشار إلى تضعيفه إلى هذا التغير الذي وقع له في آخر عمره، والله أعلم.

(1)

6) جَابِرُ بنُ سَمُرَةَ بنِ جُنَادَةَ بنِ جُنْدُبٍ بْن صعصعة أبُو خَالِدٍ السُّوَائِيُّ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 436، "الجرح والتعديل" 4/ 279، "الثقات" لابن حبان 4/ 339، "الثقات" لابن شاهين 1/ 107، "الأنساب" للسمعاني" 6/ 30، "تهذيب الكمال" 12/ 115، "الكاشف" 1/ 465، "السير" 5/ 245، "ميزان الاعتدال" 2/ 232، "المختلطين" 1/ 49، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 191، "الإكمال" 6/ 109، "التهذيب" 4/ 232، "التقريب" صـ 196.

ص: 368

روي عن: النّبي صلى الله عليه وسلم، وعُمَرَ بن الخطاب، وَسَعْدٍ بن أبي وقاص، وغيرهم.

روي عنه: سِمَاك بن حَرْب، والشَّعْبِي، وَعَبْد المَلِك بن عُمَيْر، وغيرهم.

هو ابن أخت سعد بن أبي وقاص، وأمه خالدة بنت أبي وقاص، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، فقال رضي الله عنه: جالست النّبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مقمرة وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر، وقال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً، قال: وأما أنا، فمسح خدي، قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جؤنة عطار.

(1)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح" والله أعلم.

قلت: والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قلت: وللحديث شواهد أيضاً في "صحيح البخاري" من حديث أنس، وابن مسعود، وجُنْدَب بن عبدالله رضي الله عنهم.

فَعِنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ.

(2)

وعن جُنْدَب بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ.

(3)

وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ اليَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ.

(4)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ إِلَّا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله: أَحَادِيثُ الْحَوْضِ صَحِيحَةٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ فَرْضٌ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا يُتَأَوَّلُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي وَحَدِيثُهُ مُتَوَاتِرُ النَّقْلِ رَوَاهُ خَلَائِقُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ ابن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَعُقْبَةَ بن عامر وبن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَحَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ وَالْمُسْتَوْرِدِ وَأَبِي ذَرٍّ وَثَوْبَانَ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَرَوَاهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بن زيد وأبي برزة وسويد بن حبلة

(1)

يُنظر "معجم الصحابة" للبغوي 1/ 464، "معجم الصحابة" لابن قانع 1/ 137، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 2/ 544، "الاستيعاب" 1/ 224، "أسد الغابة" 1/ 488، "السير" 3/ 186، "الإصابة" 2/ 115.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ فِي الحَوْضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ (6575).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ فِي الحَوْضِ (6589).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ فِي الحَوْضِ (6580).

ص: 369

وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّنَابِحِيِّ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَخَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَغَيْرِهِمْ قُلْتُ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَائِذِ بْنِ عُمَرَ وَآخَرِينَ وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ الْمُتَكَاثِرَاتِ. قَالَ الْقَاضِي: وَفِي بَعْضِ هَذَا مَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْحَدِيثِ مُتَوَاتِرًا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم. وقوله: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْفَرَطُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ وَالْفَارِطُ هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْوَارِدَ لِيُصْلِحَ لَهُمْ وَالْحِيَاضُ وَالدِّلَاءُ وَنَحْوُهَا مِنْ أُمُورِ الِاسْتِقَاءِ فَمَعْنَى فرطكم علي الحوض سابقكم إليه كالمهيء لَهُ.

(1)

(1)

يُنظر "شرح النووي علي مسلم" 15/ 53.

ص: 370

[71/ 721]ـــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ: نا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَبْد الْكَرِيم بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَّاز، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَبْدُ الْكَرِيم الْخَرَّازُ، عن أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ موقوفاً.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ عَبْد الْكَرِيم بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَّازُ بهذا الوجه: عَامِر بْن سَيَّارٍ، وإِسْمَاعِيل بْن عَمْرٍو البجلي.

أما طريق عَامِر بْن سَيَّار: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي تَعْظِيمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِجْلَالِهِ وَتَوْقِيرِهِ صلى الله عليه وسلم (2/ 216 رقم 1575)، وأبو الحسين علي بن غنائم في "الأول من فوائده"(1/ 40 رقم 39)، وابن الرَّسَّام "في الأربعين من الأحاديث النبوية عن أربعين من مشائخ الإسلام مروية"(1/ 57 رقم 44).

وأما طريق إِسْمَاعِيل بْن عَمْرٍو البجلي: أخرجه أبو أحمد الحاكم في "شعار أصحاب الحديث" ب/ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ فَرْضٌ وَاجِبٌ وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَقْبَلُ مِنْ عِبَادِهِ صَلَاةً لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 64 رقم 86)، والشجري في "ترتيب الأمالي الخميسية"(1/ 293 رقم 1015)، (1/ 311 رقم 1085).

ب - متابعات للوجه الأول: فقد تابع الحَارِث الأَعْوَر علي هذا الوجه: عَاصِم بْن ضَمْرَةَ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي تَعْظِيمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 216 رقم 1575)، وعلي بن غنائم في "الأول من فوائده"(1/ 40 رقم 39)، وابن الرَّسَّام في "الأربعين من الأحاديث النبوية"(1/ 57 رقم 44).

الوجه الثاني: عَبْدُ الْكَرِيم الْخَرَّازُ،

(1)

عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنِ الْحَارِث، عَنْ عَلِي مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الثاني: ورواه عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْخَرَّازُ بهذا الوجه: نوفل بن سليمان.

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي تَعْظِيمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِجْلَالِهِ وَتَوْقِيرِهِ صلى الله عليه وسلم (2/ 216 رقم 1576)،

(1)

قلت: وجدت في الأصل ـــــ مصادر تخريج هذا الوجه ــــــ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِي، والصواب: عَنْ عَبْد الْكَرِيمِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَّازُ كما قال ذلك ابن حجر في ترجمة عَبْد الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ قال: ومن مناكيره ما أخرجه أبو القاسم البغوي في نسخة عبيد الله العيشي من رواية هذا الْخَرَّازُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِث، عَنْ عَلِيٍّ: الدعاء محجوب عن السماء حتى يُتبع بالصلاة على محمد وآله، وقد رواه نوفل بن سليمان أحد الضعفاء عن عَبْدِ الْكَرِيمِ هذا لكنه وَهِم فقال عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ والْجَزَرِيِّ ثقة لا يحتمل مثل هذا. يُنظر "لسان الميزان" لابن حجر 5/ 245، 244.

ص: 371

وعبد الله بن محمد الأنصاري في "ذم الكلام وأهله"(1/ 6 رقم 4).

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع عَبْد الْكَرِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الْخَرَّاز علي هذا الوجه: قَيْس بن الربيع الأسدي، وسَلام الخزاز.

أما متابعة قَيْسٌ بن الربيع الأسدي: أخرجها ابن مخلد في "منتقى حديثه"(1/ 41 رقم 40).

وأما متابعة سَلام الخزاز: أخرجها بيبي بنت عبد الصمد أمّ الفضل الهَرْثَمِيّة الهروية في "جزء بيبي"(1/ 45 رقم 35)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(2/ 322 رقم 1677)، وعبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري في "الأحاديث المائة الشريحية"(1/ 2 رقم 1)، وابن المستوفي في "تاريخ إربل"(1/ 239، 238)، والسبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (1/ 176). بلفظ: مَا دُعَاءٌ إِلا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ حِجَابٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ، فَإِذَا صُلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ انْخَرَقَ الْحِجَابُ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ، وَإِذَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُسْتَجَبِ الدُّعَاء.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ النِّحْلينيُّ

(1)

الشَّاميُّ.

روي عن: عَبْد الْكَرِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الْخَرَّاز، وسليمان بن أرقم، وسوّار بن مُصَعْب، وآخرين.

روي عَنْهُ: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وحازم بن يحيى الحُلْوانيّ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات وقال: رُبمَا أغرب.

وقال أبو حاتم الرَّازِي، وابن النجار، والذهبي: مَجْهُول. وقال الذهبي مرة: لا يعرف. وَقَالَ الْأَزْدِيّ ضَعِيف. وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين. وقال ابن العديم: والعجب من أبي عبد الله بن النجار حيث يقول: حدث عن عامر بن سيار شيخ مجهول، وعامر بن سيار شيخ معروف تميمي من أهل نحلين من جبل السماق، كتب عنه جماعة من العلماء. توفي 240. وحاصله أنه "مَجْهُول الحال"، والله أعلم.

(2)

3) عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البجلي الكوفي الْخَرَّازُ.

روي عن: أَبي إِسْحَاقَ السبيعي الْهَمْدَانِي، وعُبَيد اللَّه بْن عُمَر، وحماد بْن أَبي سُلَيْمان، وآخرين.

رَوَى عَنه: عَامِر بْن سَيَّار، وابنه إسحاق بن عَبْدِ الكريم البجلي، وإسماعيل بن عَمْرو البجلي، وآخرون. أقوال أهل العلم فيه: قال ابنُ حِبَّان: مستقيم الحديث. وقال الذهبي: واهٍ. وقال الأزدي: واهي الحديث جداً،

(1)

النِّحْلى: بكسر النون وسكون الحاء المهملة، هذه النسبة إلى نحلين، وهي قرية من قرى حلب إحدى بلاد الشام، والمشهور بالانتساب إليها: أبو محمد عامر بن سيار النَّحْلى. قال السمعاني في "الأنساب" 13/ 48.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 502، "الجرح والتعديل" 6/ 322، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 2/ 71، "المغني في الضعفاء" 1/ 509، "بغية الطلب في تاريخ حلب" 6/ 2793، "تاريخ الإسلام" 5/ 1152.

ص: 372

وقال ابن حجر: مقبول، قلت: وَعَدَّ ابن حجر حديث الباب من مناكيره. وحاصله أنه ضعيف.

(1)

4) أَبو إِسْحَاقَ السَبيعِي: "ثقة يدلس، اختلط بأخرةِ، فأما تدليسه: فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، إلا ذا كان الراوي عنه شعبة، وأما اختلاطه فيُنْظر إلي الراوي عنه، فإن كان روي عنه قبل اختلاطه فيقبل حديثه، وإن كان روي عنه بعد اختلاطه فيرد حديثه" تقدم حديث رقم (31).

5) الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَعْوَرُ

(2)

الهَمْدَانِيُّ الخارَفي

(3)

أَبُو زُهَيْرٍ الكوفي.

روي عن: عَلِي بن أبي طالب، وزيد بْن ثابت، وعبد اللَّه بْن مسعود، وآخرين.

روي عنه: أَبو إِسْحَاقَ السَبيعِي، والضحاك بن مزاحم، وعامر الشعبي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن مَعِيْنٍ، وابن نمير، وأحمد بن صالح المصري: ثِقَة، وزاد أحمد بن صالح: ما أحفظه، وأحسن ما روى عن علي وأثنى عليه. وقيل ليحيى: يحتج بحديث الحارث؟ فقال: ما زال المحدثون يقبلون حديثه. قَال عثمان بْن سَعِيد الدارمي: لا يتابع ابن معين علي ما قاله. وذكره العجلي، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن شاهين في موضع آخر: وأما سؤال الحسن والحسين له فيدل على صحة روايته، فقد وثقه أحمد بن صالح إمام أهل مصر.

- وَقَال ابْن مَعِين مرة، والنسائي: ليس به بأس.

- وَقَالَ ابْنُ مَعِيْن، وأبو حاتم، والدَّارقطني، وسعيد بن منصور: ضَعِيْف، وزاد سعيد: جداً. وقال ابن حجر: في حديثه ضعف. وقَالَ ابْن الْجُنَيْد: الْحَارِث عَن عَليّ ضعيف. وقال الذهبي: لِيْن فِي حَدِيْثِه.

- وَقَال أبو حاتم، وأَبُو زُرْعَة: لا يحتج بحديثه. وَقَال أَبُو حاتم، والنَّسَائي: ليس بقوي. وَقَالَ ابنُ حِبَّانَ: كَان غَالِياً فِي التَّشَيُّعِ، وَاهِياً فِي الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابنُ عَدِيٍّ: عَامَّة مَا يَرْوِيْهِ غَيْر مَحْفُوْظ.

- وقال ابن المَدِيْنِي، والشعبي، وَأَبُو خَيْثَمَة، وأَبو إِسْحَاقَ السبيعي: كذاب. وقال الشَّعْبِي: مَا كُذِب عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، مَا كُذِبَ عَلَى عَلِيٍّ. وقال أبو حصين: لم نكن نعرف الكذابين، حتى قدم علينا أبو إسحاق الهمداني فحدثنا عن الحارث. وقال علي بن الحسين بن الجنيد: الحارث عن علي كذاب.

وقال أَبُو بَكْرِ بْنُ عياش: لم يكن الحارث بأرضاهم، كَانَ غيره أرضى منه، وكانوا يقولون: إنه صاحب كتب كذاب. وقال إِبْرَاهِيمَ بن يزيد النخعي: الْحَارِثُ يتهم. وَقَال جرير: كَانَ الحارث زيفاً، وقال أيوب: كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يرويه عن علي باطل.

(1)

يُنظر "تهذيب الكمال" 18/ 251، "معجم الشيوخ الكبير" للذهبي 2/ 332، "لسان الميزان" 5/ 244، "التقريب" صـ 301.

(2)

الأَعْوَر: بفتح الألف وسكون العين المهملة وفتح الواو وفي آخرها الراء، هذه اللفظة إنما تقال للممتع بإحدى عينيه، والمشهور به: الحارث الأعور راوي أمير المؤمنين على رضي الله عنه وأرضاه. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 317.

(3)

الخَارَفيُّ: بفتح الخاء المعجمة والراء بعد الألف في آخرها فاء، هذه النسبة إلى خارف وهو بطن من همدان نزل الكوفة، والمشهور بها: أبو زهير الحارث بن عبد الله الهمدانيّ الخارفي الأعور، وقد قيل إنه الحارث بن عُبيد، فان كان فهو تصغير عبد الله، يروى عن على رضي الله عنه، روى عنه أبو إسحاق السبيعي. قاله السمعاني في "الأنساب" 5/ 14.

ص: 373

قال الذهبي: أَمَّا قَوْل الشَّعْبِي: الحَارِث كَذَّاب، فَمَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِالكَذِبِ الخَطَأَ، لَا التَّعَمُّدَ، وَإِلاَّ فَلِمَاذَا يَرْوِي عَنْهُ وَيَعْتَقِدُه بِتَعَمُّدِ الكَذِبِ فِي الدِّيْنِ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّسَائِيَّ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ قَدِ احْتَجَّ بِالْحَارِثِ، والجمهور على توهينه مع روايتهم لحديثه في الأبواب وهذا الشعبي يكذبه ثم يروي عنه والظاهر أنه يكذب حكاياته لا في الحديث، وَهُوَ مِمَّنْ عِنْدِي وِقْفَةٌ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ وَأَنَا مُتَحَيِّرٌ فِيْهِ. وقيل لأحمد بن صالح المصري: قال الشعبي كان الحارث يكذب، قال: لم يكن يكذب في الحديث، إنما كان كذبه في رأيه.

وقال ابن المديني: الحارث يحدث عن علي بحديثين، مختلف عنه في أحدهما. وقال أَبو نُعَيْمٍ: سَمِعَ الْحَارِث مِنْ عَلي أَربع أحاديث. وقال العجلي، وشعبة، وابن نمير، وأبو داود: لم يسمع أَبُو إِسْحَاقَ من الحارث إلا أربعة أحاديث، وزاد العجلي، وابن نمير: وسائر ذلك إنما هو كتاب أخذه. وزاد أبو داود: ليس فيها شيء مسند. وحاصله أنه "ضعيف يُعتبر به" وأما قول بعضهم كذاب: فلم يكن يكذب في الحديث، إنما كان كذبه في رأيه، قال ابن حجر: كذبه الشعبي في رأيه، وقال: في حديثه ضعف.

(1)

6) عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ السَّلُولِيُّ الْكُوفِيُّ.

روي عن: علي بْن أَبي طالب، وحكى عن سَعِيد بن جبير وهو أكبر منه.

رَوَى عَنه: أبو إسحاق السبيعي، وحبيب بن أَبي ثابت، والحكم بن عتيبة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعجلي، وابن المديني، وابن شاهين: ثقة. وذكره ابن شاهين في الثقات. وقال أحمد: هو أعلى من الحارث الأعور، وهو عندي حجة.

- وقال ابن حجر: صدوق. وقال الذهبي: حسن الحديث. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس. وقال البزار: صالح الحديث.

- وقال الثوري: كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الحارث. وعَن ابن مَعِين: أنه قدم عاصم على الحارث الأَعور. وَقَال مُحَمَّد بْن عمار: عاصم أثبت من الحارث. وقال أبو إسحاق السبيعي: ما حدثني بحديث قط إلا عن علي.

- وقال أبو بكر بن عياش: سمعت مغيرة يقول: لم يصدق في الحديث على علي إلا أصحاب ابن مسعود. وقَالَ ابْن عدي ينْفَرد عَن عَلي بِأَحَادِيث بَاطِلَة لَا يُتَابِعه الثِّقَات عَلَيْهَا والبلية مِنْهُ. وقال ابن حبان: كَانَ رَدِيء الْحِفْظ فَاحش الْخَطَأ يرفع عَن عَليّ قَوْله كثيراً فَلَمَّا فحش ذَلِك فِي رِوَايَته اسْتحق التّرْك على أَنه أحسن حَالا من الْحَارِث. وقال الآجري: أحاديثه بواطيل. وحاصله أنه "صدوق"، والله أعلم.

(2)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 278، "الجرح والتعديل" 3/ 78، "المجروحين" 1/ 222، "الكامل" 2/ 449، "الثقات" لابن شاهين 1/ 71، "الضعفاء والمتروكين" للدارقطني 1/ 175، "الضعفاء والمتروكين" لابن الجوزي 1/ 181، "تهذيب الكمال" 5/ 244، "الكاشف" 1/ 303، "السير" 4/ 152، "الإكمال" 3/ 298، "التهذيب" 2/ 145، "التقريب" صـ 86.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 9، "المجروحين" 2/ 125، "الكامل" 6/ 386، "الثقات" لابن شاهين 1/ 150، "تهذيب الكمال" 13/ 496، "ميزان الاعتدال" 2/ 352، "تاريخ الإسلام" 2/ 825، "الإكمال" 7/ 106، "التقريب" صـ 228.

ص: 374

7) علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد البيهقي في الشعب

".

1) أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ النَّيْسَابُوْرِيُّ: قال الذهبي: الحَافِظُ شَيْخُ المُحَدِّثِيْن. وقال الخطيب: ثقة.

(1)

2) أَحْمَدُ بْنُ كُوفِيٍّ بن أيوب بن إبراهيم الأصبهاني التاجر أبو بكر: ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور وبين أنه أدركه وسمع منه. وقال السمعاني: العدل، وكان شيخا صالحا، سمع منه الحاكم وذكره في التأريخ فقال: كان من الصالحين المقبولين عند الكافة.

(2)

3) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ: قال الذهبي: أحد الأشراف والأكابر بأصبهان. هذا ما وقفت عليه في حدود بحثي والله أعلم.

(3)

4) سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ بن فارس الكندي أبو مسعود الْعَسْكَرِيُّ: قال ابن حجر: أحد الحفاظ له غرائب.

(4)

5) نَوْفَلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: قال ابن حجر: ضعيف.

(5)

6) عَبْدُ الْكَرِيم بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَّازُ: "ضعيف" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

7) أَبو إِسْحَاق السَبيعِي: "ثقة يدلس، اختلط بأخرةِ، فأما تدليسه: فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، إلا ذا كان الراوي عنه شعبة، وأما اختلاطه فيُنْظر إلي الراوي عنه، فإن كان روي عنه قبل اختلاطه فيقبل حديثه، وإن كان روي عنه بعد اختلاطه فيرد حديثه" تقدم حديث رقم (33).

8) الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَعْوَرُ: "ضعيف يُعتبر به" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

9) عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ السَّلُولِيُّ الْكُوفِيُّ: "صدوق" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

10) علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عَبْد الْكَرِيم الْخَرَّازُ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَبْد الْكَرِيم الْخَرَّاز، عن أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِي، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ موقوفاً.

ورواه عن عَبْد الْكَرِيم بهذا الوجه: عَامِر بْن سَيَّارٍ وهو مجهول الحال. وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو البجلي قال أبو حاتم، والدارقطني: ضعيف الحديث

(6)

. وتُوبع الحَارِث الأَعْوَر علي هذا الوجه فتابعه: عَاصِم بْن ضَمْرَةَ. وعاصم صدوق كما سبق بيان ذلك في دراسة الإسناد.

(1)

يُنظر "السير" للذهبي 17/ 162.

(2)

يُنظر "تاريخ نيسابور" 1/ 78.

(3)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 6/ 808.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 198.

(5)

يُنظر "لسان الميزان" 5/ 245.

(6)

يُنظر "الجرح والتعديل" 1/ 190، "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني 1/ 140.

ص: 375

الوجه الثاني: عَبْد الْكَرِيم الْخَرَّاز، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِي، عَنِ الْحَارِث، عَنْ عَلِيٍّ مرفوعاً.

ورواه عَنْ عَبْد الْكَرِيم بهذا الوجه: نوفل بن سليمان وهو ضعيف. وتوبع عَبْد الْكَرِيمِ علي هذا الوجه فتابعه: قَيْسٌ بن الربيع الأسدي، وسَلام الخزَّاز. وأما قَيْسٌ بن الربيع الأسدي: قال ابن حجر: صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به،

(1)

وأما سَلام الخزاز:

(2)

قال ابن حجر: ثقة متقن.

(3)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الحديث مداره علي عَبْد الْكَرِيم بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَّازُ وهو ضعيف وقد اضطرب فيه، وَعَدَّ ابن حجر حديث الباب من مناكيره.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول ــــ "إسناده ضعيف" فيه:

1) عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ: "مَجْهُول الحال".

2) وعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَرَّازُ: "ضعيف".

3) وأَبو إِسْحَاقَ السَبيعِي: "ثقة يدلس، فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، ولم يصرح في هذا الحديث بالسماع".

4) والحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَعْوَرُ "ضعيف يُعتبر به"، وقد توبع فتابعه عَاصِم بْن ضَمْرَةَ. وعاصم صدوق كما سبق بيان ذلك في دراسة الإسناد.

وقال ابن القيم: للْحَدِيث ثَلَاث علل:

العلة الأولي: أَنه من رِوَايَة الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ.

الْعلَّة الثَّانِيَة: أَن شُعْبَة قَالَ لم يسمع أَبُو إِسْحَاق السبيعِي من الْحَارِث إِلَّا أَرْبَعَة أَحَادِيث فَعَدهَا وَلم يذكر هَذَا مِنْهَا وَقَالَهُ الْعجلِيّ أَيْضاً.

(4)

الْعلَّة الثَّالِثَة: أَن الثَّابِت عَن أبي إِسْحَاق وَقفه على عَليّ صلى الله عليه وسلم.

(5)

(6)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 392.

(2)

قلت: الظاهر أنه سلاَّم بن سُليم الحنفي أبو الأحوص الكوفي، فلم أقف علي حد بحثي علي رجل اسمه سلام الخزاز، وإنما سلاَّم بن سُليم الحنفي هذا هو الذي يروي عن أبي إسحاق السبيعي، وروي عنه الوليد بن بكير، كما وقفت علبه من خلال دراسة هذا الإسناد، والله أعلم.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 201.

(4)

قال السبكي: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْحَارِثُ هُوَ الأَعْوَرُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ السَّبِيعِيُّ مِنْهُ. يُنظر "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي 1/ 176.

(5)

يُنظر "جلاء الأفهام" لابن القيم 1/ 87، 86.

(6)

وكذلك رجح المنذري وقفه فقال في "الترغيب والترهيب (2/ 330): وَالْمَوْقُوف أصح، وقال المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 213): وَالْمَوْقُوف أشبه، وقال السخاوي في "القول البديع في الصلاة علي الحبيب الشفيع" (1/ 224): والموقوف أشبه. قلت: والموقوف في هذه الحالة له حكم الرفع. قال السخاوي رحمه الله في "القول البديع" (1/ 223) والظاهر أن حكمه حكم المرفوع لأن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي كما صرح به جماعة من أئمة أهل الحديث والأصول.

ص: 376

قلت: وكذلك الحديث بالوجه الثاني ــــ المرفوع ـــــ إسناده "ضعيف" أيضاً، والله أعلم.

قلت: وللحديث شواهد كثيرة مرفوعة، وموقوفة، ومن أمثلها حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود، وفَضَالَةَ بْنُ عُبَيْدٍ مرفوعاً، وعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ موقوفاً.

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ، ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ.

قال الترمذي: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(1)

وعَنْ فَضَالَةَ بْنُ عُبَيْدٍ قال: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَجِلَ هَذَا» ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاء. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(2)

وعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم.

(3)

(4)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته، وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان لكن من حيث الوجه الموقوف ـــــ رواية الباب ـــــ.

وأما من حيث الوجه المرفوع فتابع عَبْدُ الْكَرِيمِ الْخَرَّازُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: قَيْس بن الربيع، وسَلام الخزاز.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال البغوي: يَنْبَغِي لِمَنْ يُرِيدُ الدُّعَاءَ أَنْ يَبْدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَسْأَلَ حَاجَتَهُ.

(5)

(1)

أخرجه الترمذي في "سننه"(593)، والبغوي في "شرح السنة"(1401).

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(39/ 363 رقم 23937)، والترمذي في "سننه"(3476)، والنسائي في "السنن الكبرى"(1208)، وابن خزيمة في "صحيحه"(710، 709)، والطبراني في الكبير" (795، 794، 793، 792).

(3)

أخرجه الترمذي في "سننه"(486).

(4)

قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: هذا موقوف في حكم المرفوع. قال القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة (2/ 274، 273) مثل هذا إذا قاله عمر لا يكون إلا توقيفاً لأنه لا يدرك بنظر، ويعضده ما خرج مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ. قلت: أخرجه مسلم في "صحيحه"(384) ك/ الصلاة ب/ الْقَوْلِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ لِمَنْ سَمِعَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَسْأَلُ لهُ الْوَسِيلَةَ. يُنظر سنن الترمذي" تحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله 2/ 356.

(5)

يُنظر "شرح السنة" للبغوي 5/ 204.

ص: 377

[72/ 722]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ إِلَّا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِير، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بهذا الوجه: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، وأَبُو خَلْف مُوسَى بْن خَلَفٍ، وهَارُون بْن مُوسَى النَّحْوِي، وعُبَيْد اللَّه بْن الأَخْنَس.

أما طريق أَيُّوب السَّخْتِيَانِي: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ.

وأما طريق أَبُو خَلْف مُوسَى بْن خَلَف: أخرجه السَّرَّاج في "حديثه"(3/ 43 رقم 1754)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(59).

وأما طريق هَارُون بْن مُوسَى النَّحْوِي: أخرجه الطبراني في "الأوسط"(2/ 353 رقم 2209).

وأما طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَس: أخرجه السَّرَّاج في "حديثه"(3/ 33 رقم 1753).

ب - متابعات: فقد تابع يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ علي هذا الوجه: مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْن عَلْقَمَة.

أخرجه إسماعيل بن جعفر في "حديثه"(1/ 260 رقم 178)، وأحمد في "مسنده"(16/ 319 رقم 10542)، وابن ماجه في "سننه" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ (1/ 306 رقم 485)، والترمذي في "سننه"(79)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ، هَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا؟ (1/ 62 رقم 358)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 838 رقم 1726)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 160)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 384 رقم 394)، كلهم من طُرقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَة به. بعضهم بنحوه، وبعضهم فيه قصة.

الوجه الثاني: يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَان بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بهذا الوجه: عَلِي بْن الْمُبَارَك الْيَمَامِي، وأَبَان بْن يَزِيد الْعَطَّار، وحَرْب بْن شَدَّاد.

أما طريق عَلِي بْن الْمُبَارَك الْيَمَامِي: أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(4/ 243 رقم 2058)، وأحمد في "مسنده"(44/ 367 رقم 26782).

وأما طريق أَبَان بْن يَزِيد الْعَطَّار من أصح الأوجه عنه

(1)

: أخرجه أحمد في "مسنده" (44/ 359 رقم

(1)

يُنظر "شرح معاني الآثار" للطحاوي (1/ 63 رقم 364).

ص: 378

26773)، وأبو داود في "سننه" ك/ الطهارة ب/ التشديد في ذلك ــــ أي في ترك الوضوء مما مست النار ـــــ (1/ 139 رقم 195)، والطبراني في "الكبير"(23/ 239 رقم 470)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(2/ 123).

وأما طريق حَرْب بْن شَدَّاد: أخرجه أحمد في "مسنده"(45/ 396 رقم 27406)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ، هَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا؟ (1/ 62 رقم 355).

ثلاثتهم من طُرقٍ عَنْ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بعضهم بنحوه، وبعضهم فيه قصة.

ب - متابعات: فقد تابع يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ علي هذا الوجه: الزُّهْرِي من أصح الأوجه عنه.

(1)

أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الطهارة ب/ مَا جَاءَ فِيمَا مَسَّتِ النَّارُ مِنَ الشِّدَّةِ (1/ 172 رقم 666)، وأبو اليمان الحكم بن نافع في "حديثه"(1/ 38 رقم 37)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(4/ 239 رقم 2051)، (4/ 243 رقم 2057)، وأحمد في "مسنده"(44/ 365 رقم 26779)، (44/ 367 رقم 26782)، (45/ 392 رقم 27399)، والنسائي في "السنن الصغرى" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ (1/ 107 رقم 180، 181)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ، هَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا؟ (1/ 62 رقم 357، 356)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 237 رقم 462)، (23/ 238 رقم 463، 464، 465، 466)، (23/ 239 رقم 467، 468، 469)، (23/ 244 رقم 488، 489)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(2/ 123).

(2)

الوجه الثالث: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بهذا الوجه: الْحُسَيْن الْمُعَلِّم.

أخرجه أحمد في "مسنده"(16/ 493 رقم 10848)، والنسائي في "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ (1/ 105 رقم 174)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ، هَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا؟ (1/ 63 رقم 364 م).

(1)

يُنظر "شرح معاني الآثار" للطحاوي (1/ 63 رقم 360)، "الضعفاء" للعقيلي (4/ 390). وقال العقيلي: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الزُّبَيْديِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، وَعُقَيْلٌ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَشُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْلَى.

(2)

قال الخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة"(2/ 123)، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ رَجُلا دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَتْ لَهُ بِسُوَيْقٍ أَوْ بِطَعَامٍ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي تَوَضَّأْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ. قَالَ الخطيب: هَذَا الرَّجُلُ هُوَ: أَبُو سُفْيَانَ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَلَمْ يَحْفَظْ لَنَا اسْمَهُ.

ص: 379

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بنُ حُجْرِ، أَبُو الحَسَنِ السَّعْدِي:"ثقة حافظ متقن" سبقت ترجمته في حديث رقم (31).

3) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ التَّرْجُمَانَ، أَبُو سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ.

روي عن: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، والزُّهْرِي، وَثَابِت الْبُنَانِي، وآخرين.

روي عنه: عَلِي بن حُجْرِ السَّعْدِي، والْهَيْثَم بْن جَمِيل، وَمُحَمَّد بْن شُعَيْب بْن شَابُور، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، وأبو حاتم، وأبو القاسم البغوي، والبيهقي: ضعيف الحديث، وزاد أبو حاتم، والبغوي: وهو في الضعف مثل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن المديني سمعت أبي يذكر عبد العزيز، وضعفه جداً. وقال ابن عدي: الضعف عَلَى رواياته بين وقد روى عنِ الزُّهْريّ أحاديث مشاهير وأحاديث مناكير. وقال ابن عمار الموصلي: لين. وقال ابن حجر: مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ، وَهَّاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَعِينٍ. وذكر ابن حجر مرة أقوال المجرحين فيه ثم قال: وأعجب من كل ما تقدم أن الحاكم أخرج له في المستدرك وقال أنه ثقة. وذكره ابن حبان في المجروحين. وذكره ابن شاهين، وابن الجوزي في الضعفاء.

- وقال ابن معين مرة: ليس بشيء لا يسوى حديثه فلسًا. وقال أبو زرعة، والنسائي: لا يكتب حديثه. وزاد النسائي: ليس بثقة. وقال أَبُو زرعة: قلت لأبي مسهر: عبد العزيز ممن يؤخذ عنه؟ فقال: أما أهل الحزم فلا يفعلون.

- وقال البخاري، وأبو أحمد الحاكم: لَيْسَ بالقوي عِنْدهم. وقال أبو أحمد مرة: حديثه ليس بالقائم.

- وقال أبو داود، والنَّسَائِي: مَتْرُوك الحَدِيث. وقال مسلم: ذاهب الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بقوي منكر الحديث. وقال ابن حبان: كَانَ مِمَّن يروي المقلوبات عَن الْأَثْبَات والموضوعات عَن الثِّقَات وأشبه حَدِيثه مَا روى عَن الزُّهْرِيّ إِلَّا الشَّيْء بعد الشَّيْء وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِه. وحاصله "أنه ضعيف الحديث".

(1)

4) أَيُّوْبُ بنُ أَبِي تَمِيْمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ: "ثقة ثبت حجة" سبقت ترجمته في حديث رقم (20).

5) يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ الطَّائِيُّ أَبُو نَصْرٍ اليَمَامِيُّ،

(2)

وَاسْمُ أَبِي كَثِيْرٍ: صَالِحٌ، وَقِيْلَ: يَسَار.

روي عن: أَبِي سَلَمَة بن عَبْدِ الرَّحْمَن، وَعَبْد الله بن أَبِي قَتَادَة، وَأَبِي قِلَابَة الجَرْمِي، وآخرين.

(1)

يُنظر "التاريخ الكبير" للبخاري 6/ 30، "الضعفاء والمتروكون" للنَّسَائِيُّ 1/ 211، "الجرح والتعديل" 5/ 380، "المجروحين" 2/ 138، "الكامل" 6/ 500، "تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين" 1/ 136، "الأسماء والصفات" للبيهقي 1/ 33، "تاريخ بغداد" 12/ 198، "تاريخ دمشق" 36/ 275، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 2/ 109، "لسان الميزان" 5/ 202.

(2)

اليَمَاميُّ: بفتح الياء المعجمة بنقطتين من تحتها والميمين بينهما الألف، هذه النسبة إلى اليمامة، وهي بلدة من بلاد العوالي مشهورة، وأكثر من نزل بها بنو حنيفة، وكان مسيلمة الكذاب المتنبي منها خرج وبها قتل زمن أبى بكر رضي الله عنه، والمشهور بالانتساب إليها: أبو نصر يحيى بن أبى كثير، واسمه القاسم اليمامي. قاله السمعاني في "الأنساب" 13/ 522.

ص: 380

روي عنه: أَيُّوْب السِّخْتِيَانِي، وَمَعْمَر، وَالأَوْزَاعِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال العجلي، وابن حجر: ثقة، وزاد العجلي: كَانَ يعد من أَصْحَاب الحَدِيث، وزاد ابن حجر: ثبت. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين فِي الثقات. وَقَال أَبُو حاتم: إمام لا يحدث إلا عَنْ ثقة. وقال أيوب السختياني: مَا أعلم أحداً بالمدينة بعد الزُّهْرِيّ أعلم من يَحْيَى بْن أَبي كَثِير. وَقَال شُعْبَة: يَحْيَى بْن أَبي كَثِير أحسن حديثاً من الزُّهْرِي. وَقَال أحمد: من أثبت الناس، إنما يعد مع الزُّهْرِيّ ويحيى بْن سَعِيد، فإذا خالفه الزُّهْرِيّ فالقول قول يَحْيَى بْن أَبي كَثِير. وقال الذهبي: أَحَد الأثبات، كَانَ طَلاَّبَة لِلْعِلْمِ، حُجَّةً. روى له الجماعة.

وصفه بالإرسال: قال العلائي، وابن حجر: مكثر من الإرسال.

وصفه بالتدليس: ذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين. وقال ابن حبان: كَانَ يُدَلس فَكلما روى عَنْ أنس فقد دلّس عَنْهُ وَلم يسمع من أنس وَلَا من صَحَابِيّ شَيْئاً.

وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يُرسل" وأما وصفه بالتدليس فذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثانية، والظاهر والله أعلم أن المراد بالتدليس هنا هو الإرسال كما يُفهم من كلام ابن حبان.

(1)

6) أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عوف: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (17).

7) أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو داود في سننه

"

1) مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الفراهيدي: قال ابن حجر: ثقة مأمون عمي بأخرة وهو أكبر شيخ لأبي داود.

(2)

2) أَبَانُ بْنُ يَزِيد العطار البصري: قال ابن حجر: ثقة له أفراد.

(3)

3) يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ: "ثقة ثبت لكنه يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنَ عوف: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (17).

5) أَبو سُفْيَان بْن سَعِيد بْن الْأَخْنَس الثقفي: قال ابن حجر: مقبول.

(4)

6) رملة بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب تكنى أُمِّ حَبِيبَةَ: زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

(5)

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد أحمد في مسنده

"

1) عَبْدُ الصَّمَد بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بن سعيد العنبري: قال ابن حجر: صدوق ثبت في شعبة.

(6)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 357، "الجرح والتعديل" 9/ 141، "الثقات" 7/ 591، "الثقات" لابن شاهين 1/ 260، "تهذيب الكمال" 31/ 504، "السير" 6/ 27، "جامع التحصيل" 1/ 299، 113، 111، "طبقات المدلسين" 1/ 36، "التقريب" صـ 525.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 461.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 27.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 567.

(5)

يُنظر "الإصابة" 13/ 391.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 297.

ص: 381

2) عَبْدُ الْوَارِث بْنُ سعيد بن ذكوان العَنْبريُّ: قال ابن حجر: ثقة ثبت.

(1)

3) الْحُسَيْنُ بْنُ ذكوان الْمُعَلِّمَ المُكْتِب: قال ابن حجر: ثقة ربما وهم.

(2)

4) يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِير: "ثقة ثبت لكنه يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِي: قال ابن حجر: ثقة جليل.

(3)

6) الْمُطَّلِب بْنُ عَبْدِ اللَّه بْن حَنْطَب المخزومي: قال ابن حجر: صدوق كثير الإرسال والتدليس.

(4)

7) أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بهذا الوجه: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، ومُوسَى بْن خَلَفٍ، وهَارُون بْن مُوسَى النَّحْوِي، وعُبَيْد اللَّهِ بْن الأَخْنَس. وقد تابع يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير علي هذا الوجه: مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْن عَلْقَمَة.

الوجه الثاني: يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَخْنَس، عَنْ أُمِّ حَبِيبَة.

ورواه عن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بهذا الوجه: عَلِي بْن الْمُبَارَك الْيَمَامِي، وأَبَان بْن يَزِيد العطار من أصح الأوجه عنه، وحَرْب بْن شَدَّاد. وقد تابع يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ علي هذا الوجه: الزُّهْرِي من أصح الأوجه عنه.

الوجه الثالث: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ. ورواه عن يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بهذا الوجه: الْحُسَيْن بن ذكوان الْمُعَلِّم.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الحديث محفوظ بالوجه الأول، والثاني وذلك لما يلي:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجهين جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الثالث.

2) المتابعات: فالحديث بالوجهين الأول، والثاني لهما متابعات كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: عَبْد الْعَزِيز بْن الْحُصَيْن بْنِ التَّرْجُمَانَ: ضعيف الحديث.

قلت: لكن له متابعات قاصرة: فعَنْ عَبْدَ اللهِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ، أَنَّهُ وَجَدَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ عَلَى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَوَضَّأُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ أَكَلْتُهَا لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.

(5)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 308.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 106.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 289.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 467.

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(352) ك/ الحيض ب/ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.

ص: 382

وللحديث شواهد أيضاً من حديث زَيْد بْنَ ثَابِت رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ. ومنْ حديث عَائِشَةَ أيضاً قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.

(1)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

قلت: وعلي هذا فقد ورد الأمر فيه بالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ لكن جاءت أحاديث أخري تعارضه وتدل علي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أكل مما مسته النار ولم يتوضأ، فذهب أكثر أهل العلم إلي أن الأمر بالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ منسوخ ومن هذه الروايات التي تدل علي النسخ ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما من حديث ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

(2)

وعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَامَ وَطَرَحَ السِّكِّينَ، وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

(3)

وعَنْ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ عِنْدَهَا كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

(4)

وعَنْ أَبِي رَافِعٍ القبطي: قَالَ: أَشْهَدُ لَكُنْتُ أَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَطْنَ الشَّاةِ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

(5)

أقوال العلماء في أن حديث الباب منسوخ:

قال الحازمي رحمه الله: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ؛ فَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إِلَى الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ: ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو مُوسَى، وَعَائِشَةُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ. وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَرَأَوْهُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِمَّنْ لَمْ يَرَ مِنْهُ وُضُوءًا: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمَنْ مَعَهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ عَامَّتُهُمْ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَفِيمَا رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ يُقَالُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا مَنْسُوخٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِنَّمَا صَحِبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ يُرْوَى عَنْهُ: أَنَّهُ رَآهُ يَأْكُلُ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ أَبْيَنِ الدِّلَالَاتِ

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (351) عَنْ زَيْد بْن ثَابِت، و (353) عَنْ عَائِشَةَ.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، رضي الله عنهم، فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا (207)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (354).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم، فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا (208)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (355).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم، فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا (210)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (356).

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (357).

ص: 383

عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْهُ مَنْسُوخٌ، أَوْ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ بِالْغَسْلِ وَالتَّنْظِيفِ، وَالثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهُ، ثُمَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَتَكَافَأَتِ الرِّوَايَاتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَالشُّهْرَةِ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَئِمَّةُ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُ وَالْآخِرِ، وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، فَأَكْثَرُهُمْ رَوَاهُ مَنْسُوخًا، كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمَنْسُوخَ هُوَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَالنَّاسِخُ الْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ.

(1)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ إِلَّا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ إِلَّا عَبْد الْعَزِيز بْن الْحُصَيْن. وَأما الْحَسَن بْن أَبِي جَعْفَرٍ فلم أقف عليه في حدود بحثي والله أعلم، وقد أشار إليه الدارقطني في العلل فقال: رَوَاهُ الْحَسَن بْن أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَيُّوب، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(2)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: ذَكَرَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ ثُمَّ عَقَّبَهَا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مَنْسُوخٌ وَهَذِهِ عَادَةُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ يَذْكُرُونَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي يَرَوْنَهَا مَنْسُوخَةً ثُمَّ يُعَقِّبُونَهَا بِالنَّاسِخِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قوله صلى الله عليه وسلم توضؤوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ؟

فَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السلف والخلف إلى أنه لا ينتقض الْوُضُوءُ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ.

وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إِلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ وُضُوءِ الصَّلَاةِ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَن، وَالزُّهْرِيِّ، وغيرهم واحتج هؤلاء بحديث توضؤوا مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ.

وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ. وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ السُّنَنِ بِأَسَانِيدِهِمُ الصَّحِيحَةِ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْفَمِ وَالْكَفَّيْن.

قال النووي: هَذَا الْخِلَافَ الَّذِي حَكَيْنَاهُ كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ ذلك على أنه لا يجب الْوُضُوءُ بِأَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(3)

(1)

يُنظر "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" للحازمي 1/ 47 ــــ 48.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 8/ 32.

(3)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 4/ 43، 42.

ص: 384

[73/ 723]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ أَبُو الْأَصْبَغِ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ رَجُلًا مِنِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ:«يَا فُلَانَةُ، أَتُحِبِّينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا؟ يَا فُلَانُ، أَتُحِبُّ أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلَانَةً؟» .

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَبْد الْعَزِيزِ بْن يَحْيَى الْحَرَّانِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَبْدُ الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار به.

الوجه الثاني: عَبْدُ الْعَزِيزِ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَة.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن فَارِس الذُّهْلِي، ومُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى العَنَزي، وَعُمَر بْن الْخَطَّاب السجستاني القشيري، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السُّلَمِي.

أما طريق مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن فَارِس الذُّهْلِي: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ فيمن تزوَّج ولم يُسَمَّ صَدَاقاً حتى مات (3/ 454 رقم 2117)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصداق ب/ النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ مَهْرٍ (7/ 379 رقم 14333)، وابن قطلوبغا في "مسند عقبة بن عامر (1/ 177 رقم 176).

وأما طريق مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى، وَعُمَر بْن الْخَطَّاب القشيري: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ فيمن تزوَّج ولم يُسَمَّ صَدَاقاً حتى مات (3/ 454 رقم 2117).

وأما طريق مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السُّلَمِي: أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2742)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصداق ب/ النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ مَهْرٍ (7/ 379 رقم 14332).

أربعتهم: من طُرقٍ عَنْ عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِي، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ به وفيه: فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ فَدَخَلَ بِهَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَنِي فُلَانَةَ، وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سَهْمِي بِخَيْبَرَ، فَأَخَذَتْ سَهْمًا فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ.

(2)

(1)

(ق/ 42/ أ).

(2)

قَالَ أَبُو دَاوُدَ في "سننه"(3/ 455): وَزَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -القشيري-، وَحَدِيثُهُ أَتَمُّ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلِ ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مُلْزَقًا لِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ هَذَا. قال العظيم آبادي في "عون المعبود شرح سنن أبي داود"(6/ 107) مُلْزَقًا: أَيْ مُلْحَقًا. لِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ هَذَا: لِأَنَّهُ أعطاها زَائِدًا عَلَى الْمَهْرِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ إِنَّمَا تُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَكْثَرُهَا خَالِيَةٌ مِنْهَا. وقال: حسين سليم أسد في تحقيق "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" للهيثمي (4/ 183): ما خشيه أبو داود ليس بعلة يعل بها حديث.

ص: 385

ب - متابعات للوجه الثاني: وقد تابع عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِيُّ علي هذا الوجه: هَاشِم بْن الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ.

أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ النكاح ب/ الولي: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُهُ مَنْ رَضِيَتْ مِنَ الرِّجَالِ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضِ الصَّدَاقَ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ. (9/ 381 رقم 4072).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى البكائي أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ "صدوق" سبقت ترجمته في حديث رقم (49).

3) مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَة البَاهِلِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّه الحَّرَانِيُّ:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

1) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق، صاحب المغازي:"ثقة يدلس، فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

2) يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ سُوَيْدٌ الأَزْدِيُّ، أَبُو رَجَاءٍ المِصْرِيُّ.

روي عن: أَبِي الخَيْر مَرْثَد بن عَبْدِ اللهِ، وسالم بْن عَبد اللَّهِ بْن عُمَر، وَعِرَاك بْن مَالِك، وآخرين.

روي عنه: مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَزَيْد بن أَبِي أُنَيْسَة، واللَّيْث بن سعد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن سعد، والعجلي، وأبو زرعة، وابن حجر: ثقة. وَذَكَرَه ابن حبان فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ اللَّيْث بن سَعْد: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَهُمَا جَوْهَرَتَا الْبِلادِ. وقال الذهبي: مُفْتِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، مُجمَعٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ. روى لَهُ الجماعة. وصفه بالإرسال: قال الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسمع من ابن عمر، ولا من أحد من الصحابة، إلا من عبد الله بن جزء. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(1)

3) مَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ

(2)

المِصْرِيُّ.

روي عن: عُقْبَة بْن عَامِر، وأَبي أَيُّوْب الأَنْصَارِيِّ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وآخرين.

روي عنه: يَزِيْد بن أَبِي حَبِيْبٍ، وَعُبَيْد الله بن أَبِي جَعْفَر، وجَعْفَر بن رَبِيْعَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، والدَّارَقُطْنِي، وابن حجر: ثقة. وَذَكَرَه ابن حبان، وابن شاهين، ويعقوب الفسوي فِي الثِّقَاتِ. وقال ابن معين: كان عند أهل مصر مثل علقمة عند أهل الكوفة وكان رجل صدق. وقال الذهبي: عَالِمُ الدِّيَارِ المِصْرِيَةِ، وَمُفْتِيْهَا، وكان أحد الأئمة الأعلام. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

(1)

يُنظر "الثقات" 5/ 546، "تهذيب الكمال" 32/ 102، "السير" 6/ 31، "التهذيب" 11/ 318، "التقريب" صـ 530.

(2)

اليَزَنِيُّ: بفتح الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين والزاي المفتوحة بعدها نون، فهذه النسبة إلى يزن، وهو بطن من حمير، أظنه من الكلاع، والمشهور بها: أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني، من أهل مصر. قاله السمعاني في "الأنساب" 13/ 497.

(3)

يُنظر "الثقات" 2/ 269، "الثقات" لابن حبان 5/ 439، "تهذيب الكمال" 27/ 357، "تاريخ الإسلام" 2/ 1004، "الإكمال" 11/ 119، "التهذيب" 10/ 82، "التقريب" صـ 457.

ص: 386

4) عُقْبَةَ بْنُ عَامِرٍ الجهني رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (5).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو داود

".

1) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ قال ابن حجر "ثقة حافظ جليل".

(1)

2) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى بن عُبيد العَنَزي: قال ابن حجر: ثقة ثبت.

(2)

3) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السِّجِسْتاني القُشَيري: قال ابن حجر: صدوق.

(3)

4) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى البكائي أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ "صدوق" سبقت ترجمته في حديث رقم (49).

5) مُحَمَّد بن سلمة الباهلي، أَبُو عبد اللَّه الحَّرَانِي:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

6) خالد بْن يزيد بن سَمَّاك، أَبُو عبد الرحيم الْحَرَّانِي:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (37).

7) زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ الجزري: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

8) يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ أَبُو رَجَاءٍ المِصْرِيُّ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

9) مَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ المِصْرِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

10) عُقْبَةَ بْنُ عَامِرٍ الجهني: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (5).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

مما سبق يتبين لنا أنَّ هذا الحديث مداره علي عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِي، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

ورواه عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ بهذا الوجه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار شيخ الطبراني.

الوجه الثاني: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

ورواه عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِي بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، ومُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى العَنَزي، وَعُمَر بْن الْخَطَّابِ القُشيري، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السُّلَمِيُّ. وكلهم ثقات. وتابع عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ علي هذا الوجه أيضاً: هَاشِم بْن الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ قال ابن حجر: صدوق تغير.

(4)

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 446.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 439.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 350.

(4)

يُنظر "التقريب" 1/ 501.

ص: 387

2) المتابعات: فقد تُوبع عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ علي هذا الوجه كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ـــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الوجه الراجح ــــ إسناده صحيح، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ. وَلَا يُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

(1)

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الرحمة والرضوان ولكن ذلك من حيث الوجه الأول المرجوح. وأما من حيث الوجه الثاني ـــــ الراجح ــــــ فقد رواه عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن قدامة رحمه الله: يَجُوزُ الدُّخُولُ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ إعْطَائِهَا شَيْئًا، سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَوِّضَةً أَوْ مُسَمًّى لَهَا. وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ: لَا يَدْخُلُ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَخْلَعُ إحْدَى نَعْلَيْهِ، وَيُلْقِيهَا إلَيْهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ، أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَمَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَعْطِهَا دِرْعَك. فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا

(2)

. وَلَنَا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فِي الَّذِي زَوَّجَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا. وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَقِفْ جَوَازُ تَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ عَلَى قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ، كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ. وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْطِيَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ شَيْئًا، مُوَافَقَةً لِلْأَخْبَارِ، وَلِعَادَةِ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلِتَخْرُجَ الْمُفَوِّضَةُ عَنْ شَبَهِ الْمَوْهُوبَةِ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْطَعَ لِلْخُصُومَةِ. وَيُمْكِنُ حَمَلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَرْقٌ.

(3)

وقال ابن حجر: وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ الصَّدَاقَ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ وَأَنْفَعُ لِلْمَرْأَةِ فَلَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ صَحَّ وَوَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ بِالْعَقْدِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَنْفَعَ لَهَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَنْ لَوْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ.

(4)

(1)

سيأتي تعليق المُصَنِف علي الحديث في الحديث التالي رقم (74/ 724).

(2)

أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ في الرجل يدخل بامرأته قبلَ أن ينقُدَها شيئاً (3/ 464 رقم 2126).

(3)

يُنظر "المغني" لابن قدامة 10/ 148، 147.

(4)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 9/ 211.

ص: 388

[74/ 724]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ» .

(1)

*لَمْ يَرْوِ هَذَيْن الْحَدِيثَيْن عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِمًا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ. وَلَا يُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ـــــ عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار به.

الوجه الثاني: عَبْدُ الْعَزِيزِ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْر مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِي بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن فَارِس الذُّهْلِي، ومُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى العَنَزي، وَعُمَر بْن الْخَطَّاب السجستاني، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السُّلَمِيُّ، وأبو زرعة الرازي.

أما طريق مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن فَارِس الذُّهْلِي: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ فيمن تزوَّج ولم يُسَمَّ صَدَاقاً حتى مات (3/ 454 رقم 2117)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصداق ب/ النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ مَهْرٍ (7/ 379 رقم 14333)، وابن قطلوبغا في "مسند عقبة بن عامر (1/ 177 رقم 176).

وأما طريق مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى، وَعُمَر بْن الْخَطَّاب القشيري: أخرجه أبو داود في "سننه" ك/ النكاح ب/ فيمن تزوَّج ولم يُسَمَّ صَدَاقاً حتى مات (3/ 454 رقم 2117).

وأما طريق مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السُّلَمِي: أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2742)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصداق ب/ النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ مَهْرٍ (7/ 379 رقم 14332).

وأما طريق أبو زرعة الرازي: أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 220 رقم 1226).

خمستهم: من طُرقٍ عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِي، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ به أخرجه القضاعى بلفظه.

(1)

قال: برهان الدين بن حَمْزَة الحُسَيْني الحنفي في "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف"(2/ 41)"خير الصَدَاق أيسره" أخرجه الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه وقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا وَأقرهُ الذَّهَبِيّ. سَببه عَن عقبَة بن عَامِر قال: قَالَ صلى الله عليه وسلم لرجل أترضى أَن أزَوجك فُلَانَة قَالَ نعم وَقَالَ للْمَرْأَة أترضين قَالَت نعم فزوج وَلم يفْرض صَدَاقا وَلم يُعْطهَا شَيْئا وَكَانَ مِمَّن شهد خَيْبَر فأوصى لَهَا بسهمه عِنْد الْمَوْت فباعته بِمِائَة ألف فَذكره.

ص: 389

والباقون بنحوه وفيه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ رَجُلًا مِنِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ، أَتُحِبِّينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا؟ يَا فُلَانُ، أَتُحِبُّ أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلَانَةً؟ فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ فَدَخَلَ بِهَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَنِي فُلَانَةَ، وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سَهْمِي بِخَيْبَرَ، فَأَخَذَتْ سَهْمًا فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ.

ب - متابعات: فقد تابع عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِي علي هذا الوجه: الدولابي، وهَاشِم بْن الْقَاسِمِ الْحَرَّانِي.

أخرجه الدولابي في "الكني والأسماء"(599). وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ النكاح ب/ الولي: ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُهُ مَنْ رَضِيَتْ مِنَ الرِّجَالِ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضِ الصَّدَاقَ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ. (9/ 381 رقم 4072)، عن هَاشِم بْن الْقَاسِمِ الْحَرَّانِي.

كلاهما: الدولابي، وهَاشِم بْن الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ به بلفظه، وزاد ابن حبان القصة السابقة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى البكائي أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ: "صدوق" سبقت ترجمته في حديث رقم (49).

3) مُحَمَّد بن سلمة الباهلي، أَبُو عبد اللَّه الحَّرَانِي:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

4) مُحَمَّد بن إِسْحَاق، صاحب المغازي:"ثقة يدلس، فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

5) يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (73).

6) مَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الخَيْرِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (73).

7) عُقْبَةُ بْنُ عَامِر الجهنيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (5).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو داود

"

1) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: "ثقة حافظ جليل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

2) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى بن عُبيد العَنَزي: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ القُشَيري: "صدوق" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى البكائي أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ: "صدوق" سبقت ترجمته في حديث رقم (49).

5) مُحَمَّد بن سلمة الباهلي، أَبُو عبد اللَّه الحَّرَانِي:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (11).

6) خالد بْن يزيد بن سَمَّاك، أَبُو عبد الرحيم الْحَرَّانِي:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (37).

7) زَيْدُ بْنً أَبِي أُنَيْسَة الجزري: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (10).

8) يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (73).

9) مَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الخَيْرِ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (73).

ص: 390

10) عُقْبَةَ بْنُ عَامِرٍ الجهنيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (5).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عَبْد الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَنْ يَزِيد بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

ورواه عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ بهذا الوجه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار شيخ الطبراني.

الوجه الثاني: عَبْد الْعَزِيزِ بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.

ورواه عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، ومُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى العَنَزي، وَعُمَر بْن الْخَطَّابِ القُشيري، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السُّلَمِيُّ، وأبو زرعة الرازي، وكلهم ثقات. وتابع عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ علي هذا الوجه أيضاً: الدولابي، وهَاشِم بْن الْقَاسِم الْحَرَّانِي.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بالوجه الثاني جماعة من الثقات الحفاظ منهم: أبو زرعة الرازي.

3) المتابعات: فقد تابع عَبْد الْعَزِيز الْحَرَّانِيُّ علي هذا الوجه: الدولابي، وهَاشِم بْن الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الثقات.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ الوجه الراجح ـــــ إسناده صحيح، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ. وَلَا يُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه ولكن ذلك من حيث الوجه الأول المرجوح ــــــ رواية الباب ــــــ. وأما من حيث الوجه الثاني ـــــ الراجح ــــــ فقد رواه عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال المناوي: خير الصداق أيسره: أي أقله لدلالته على يمن المرأة وبركتها ولهذا كان عمر ينهى عن المغالاة في المهر ويقول: ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زوج بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية فلو كانت مكرمة

ص: 391

لكان أحقكم بها. ومراده أن ذا هو الأكثر.

(1)

وقال أيضاً: خير النكاح أيسره: أي أقله مؤونة وأسهله إجابة للخطبة بمعنى أن ذلك يكون مما أذن فيه وعلامة الإذن التيسير ويستدل بذلك على يمن المرأة وعدم شؤمها لأن النكاح مندوب إليه جملة ويجب في حالة فينبغي الدخول فيه بيسر وخفة مؤونة لأنه ألفة بين الزوجين فيقصد منه الخفة فإذا تيسر عمت بركته ومن يسره خفة صداقها وترك المغالاة فيه وكذا جميع متعلقات النكاح من وليمة ونحوها.

(2)

(1)

يُنظر "فيض القدير" للمناوي 3/ 474.

(2)

يُنظر "فيض القدير" للمناوي 3/ 482.

ص: 392

[75/ 725]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ كَبَّرَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَسَبَّحَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تَمَامَ الْمِائَةِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أَبِي عُبَيْد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو عُبَيْد الْمَذْحِجِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

ورواه عَنْ أَبِي عُبَيْد بهذا الوجه: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ واختلف عنه من طُرقٍ:

الطريق الأول: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وخَالِد بْن عَبْدِ اللهِ، وإِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا، وفُلَيْح بن سليمان، وسُليمان بن بلال، وزَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وإِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان.

أما طريق رَوْح بْن الْقَاسِم: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ، وفي "مسند الشاميين"(2/ 269 رقم 1318)، وابن عساكر في "تاريخه"(67/ 66).

وأما طريق خَالِد بْن عَبْدِ الله: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ المساجد ومواضع الصلاة ب/ اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَبَيَانِ صِفَتِهِ (1/ 418 رقم 597)، وأبو يعلي في "مسنده"(11/ 245 رقم 6362)، وأبو خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ اسْتِحْبَابِ التَّهْلِيلِ بَعْدَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ تَكْمِلَةَ الْمِائَةِ، وَمَا يُرْجَى فِي ذَلِكَ مِنْ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ السَّالِفَةِ وإن كانت كثيرة (1/ 369 رقم 750)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ القنوت: ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِ الْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ مَا وَصَفْنَا فِي عُقَيْبِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ (5/ 395 رقم 2016)، والطبراني في "الدعاء"(1/ 1128 رقم 716)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ فِي التَّسْبِيحِ دُبُرَ كُلِّ صَلاة (2/ 195 رقم 1326)، والبيهقي في "الدعوات الكبير" ب/ الْقَوْلِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ السَّلَامِ (1/ 187 رقم 120)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ التَّرْغِيبِ فِي مُكْثِ الْمُصَلِّي فِي مُصَلَّاهُ لِإِطَالَةِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ إِذَا انْحَرَفَ (2/ 266 رقم 3025)، والبغوي في "تفسيره"(7/ 366)، وفي "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ الذِّكْر بَعْدَ الصَّلاة (3/ 228 رقم 718)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1/ 434 رقم 762)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(67/ 65)، والمزي في "تهذيب الكمال"(34/ 51).

ص: 393

وأما طريق إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ المساجد ب/ اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَبَيَانِ صِفَتِهِ (1/ 419 رقم 597)، وأحمد في "مسنده"(14/ 428 رقم 8834).

وأما طريق فُلَيْح بن سليمان من أصح الأوجه عنه:

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(16/ 187 رقم 10267)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 367 رقم 1526، 1525)، وفي "مسنده"(1/ 287 رقم 873)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ التَّرْغِيبُ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ وَثَوَابِهِ (1/ 557 رقم 2083)، والطبراني في "الدعاء"(1/ 1128 رقم 718، 718)، وابن منده في "التوحيد" ب/ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عز وجل الْمُقَدِّرُ (2/ 182 رقم 328)، وابن عساكر في "تاريخه"(67/ 66).

وأما طريق سُليمان بن بلال: أخرجه البزار في "مسنده"(15/ 52 رقم 8266).

وأما طريق زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة: أخرجه النسائي" في "السنن الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة (9/ 62 رقم 9895)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد دبر الصَّلَوَات (1/ 203 رقم 143)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2/ 269 رقم 1318)، وابن عساكر في "تاريخه" (67/ 66).

وأما طريق حَمَّاد بْن سَلَمَة: أخرجه الطبراني في "الدعاء"(1/ 1127 رقم 715)، وفي "مسند الشاميين"(2/ 269 رقم 1318)، وابن عساكر في "تاريخه"(67/ 66)، وعبد الغني المقدسي في "أخبار الصلاة"(1/ 30 رقم 41).

وأما طريق إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(2/ 269 رقم 1318)، وابن عساكر في "تاريخه"(67/ 66).

الطريق الثاني: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه: ابْن عَجْلَان، وعَبْد الْعَزِيز بْن الْمُخْتَار.

أما طريق ابْنِ عَجْلَان من أصح الأوجه عنه:

(3)

أخرجه النسائي في "الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة

(1)

قال القَاضِي عِيَاض في "إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم"(2/ 548): ذكر مسلم حديث سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم: من سَبَّح في دبر كل صلاةٍ

الحديث، ثم خرجه بعد ذلك عن محمد بن الصباح: ثنا إسماعيل بن زكرياء، عن سُهيل، عن أبى عُبَيْدٍ، عن عطاءٍ، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله، فَذكر عطاء غير منسوب. قال أبو مسعود الدمشقي: يُذكر أنَّ محمد بن الصباح نسبه فقال: عطاء بن يسار، وأخطأ فيه، فإن كان هذا فإن مسلماً أسقط الخطأ من الإسناد ليقرب من الصواب، وقد روى مالك هذا الحديث عن أبى عبيد مولى سليمان، عن عطاء بن يزيد، عن أبى هريرة موقوفاً. وقال الدارقطني في "العلل"(11/ 108) رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَوَهِمَ فِي قَوْلِهِ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَهُ أَحْمَد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا.

(2)

أخرجه أبو يعلي في "مسنده"(6359)، والطبراني في "الدعاء"(717)، وأبو محمد الجوهري في "مجلسان من أماليه"(16)، وابن عساكر في "تاريخه"(67/ 67)، عَنْ فُلَيْحٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ.

(3)

أخرجه النسائي في "الكبرى"(9896)، وفي "عمل اليوم والليلة"(144)، وابن عساكر في "تاريخه"(67/ 67) عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 394

(9/ 63 رقم 9897)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد دبر الصَّلَوَات (1/ 203 رقم 145)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 326).

وأما طريق عَبْد الْعَزِيز بْن الْمُخْتَار: أخرجه الطبراني في "الدعاء"(1/ 1129 رقم 719).

الطريق الثالث: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه: إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاش.

أخرجه أَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِي في "السادس من فوائده"(2/ 901 رقم 179)، وابن العديم في "بغية الطلب في تاريخ حلب"(3/ 1192)، وابن أبي ثابت في "الثاني من حديثه" (21). وقال الحِنَّائِي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُتْبَةَ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش الْحِمْصِي الشَّامِي.

الوجه الثاني: أَبو عُبَيْد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفاً.

أخرجه مالك في "الموطأ" ك/ الصلاة ب/ مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ اللهِ تبارك وتعالى (2/ 294 رقم 714) من أصح الأوجه عنه،

(1)

ومن طريقه ــــــ النسائي في "السنن الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة (9/ 61 رقم 9894)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد دبر الصَّلَوَات (1/ 202 رقم 142)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 368 رقم 1527)، والسَّرَّاج في "مسنده" ب/ مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ بَعْدَ الصَّلاةِ (1/ 287 رقم 874)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(67/ 65)، والمزي في "تهذيب الكمال"(34/ 52) ـــــــ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

6) أَبُو عُبَيد الْمذْحِجِي حاجب سُلَيْمان بْن عَبد المَلِك. اسمه عَبد المَلِك، وقيل: حي، وقيل حيي، وقيل حوي بْن أَبي عَمْرو.

روي عن: عَطَاء بْن يَزِيد، وأنس بْن مالك، ونافع مولى ابْن عُمَر، وآخرين.

(1)

أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه"(2082)، وابن حبان في "صحيحه"(2013)، وأبو أحمد الحاكم في "شعار أصحاب الحديث"(75)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(67/ 64)، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً. وقَالَ ابن حبان في "صحيحه" (5/ 356): رَفَعَهُ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ عَنْ مَالِكٍ وحده. وقال ابن عساكر في "تاريخه"(67/ 65): رواه جماعة عن مالك ولم يرفعوه.

ص: 395

روي عنه: سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، ومالك بْن أنس، ومحمد بْن عجلان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَحْمَد، وأَبُو زُرْعَة، ويعقوب بْن سفيان، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي: وثقه مالك. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

7) عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الْجُنْدَعِيُّ

(2)

أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ، ويُقال: الشامي أيضاً لأنه سكن الشام.

روي عن: أَبي هُرَيْرَة، وَأَبي أَيُّوب الأَنْصَارِي، وَأَبي سَعِيد الْخُدْرِي، وآخرين.

روي عنه: أَبُو عُبَيْد حَاجِب سُلَيْمان بْن عَبد المَلِك، وسُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، وَالزُّهْرِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن المديني، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي: كَانَ مِنْ عُلَمَاء التَّابِعِينَ. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

8) أَبو هُرَيْرَة رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد مالك

".

1) مَالِك بْن أَنَس: قال ابن حجر: إمام دار الهجرة، رأسُ المُتْقِنِيْن، وكبِيرُ المُتَثَبِتِيْن.

(4)

2) أَبو عُبَيْد مَوْلَى سُلَيْمَان بْن عَبْد الْمَلِكِ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) عَطَاءُ بْنُ يَزِيد اللَّيِثِّي: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي أَبِي عُبَيْد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو عُبَيْد الْمَذْحِجِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً. ورواه عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ بهذا الوجه: سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ واختلف عنه من طُرقٍ:

الطريق الأول: سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي عُبَيْد، عَنْ عَطَاء بْن يَزِيد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه جماعة من الرواة: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وخَالِد بْن عَبْدِ اللهِ، وإِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا، وفُلَيْح، وسُليمان بن بلال، وزَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وإِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان.

قلت: وأخرج مسلم هذا الوجه في صحيحه.

الطريق الثاني: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 275، "الثقات" لابن حبان 6/ 236، "تهذيب الكمال" 34/ 49، "التقريب" صـ 577.

(2)

الجُنْدَعِيُّ: بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر العين المهملة، هذه النسبة إلى جُنْدَع وهو بطن من ليث، وليث من مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقال ابن حبان: جندع بن ليث، فالمنتسب إلى هذه النسبة جماعة كثيرة، منهم: عطاء بن يزيد الليثي الجندعي، كنيته أبو يزيد، أصله من المدينة سكن الشام. قاله السمعاني في "الأنساب" 3/ 315.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 138، "الثقات" 5/ 200، "التهذيب" 20/ 123، "تاريخ الإسلام" 3/ 104، "التقريب" صـ 332.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

ص: 396

ورواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه: ابْن عَجْلَان، وعَبْد الْعَزِيز بْن الْمُخْتَار.

الطريق الثالث: سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَطَاء بْن يَزِيد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.

ورواه عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش.

قلت: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش: "صدوق في روايته عن أهل بلده ضعيف في غيرهم"

(1)

وإِسْمَاعِيل شامي، وسُهَيْل مدني، وعلي ذلك فرواية إِسْمَاعِيل، عَنْ سُهَيْل ضعيفة.

وعلي هذا فيتبين لنا مما سبق أن الوجه الراجح عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ هو الطريق الأول وذلك لرواية الجماعة لهذا الوجه، ولإخراج مسلم له في صحيحه.

الوجه الثاني: أَبو عُبَيْد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفاً.

ورواه عَنْ أَبِي عُبَيْد بهذا الوجه: مَالِك بْن أَنَس من أصح الأوجه عنه.

وعلي هذا فقد رُوي الحديث من وجهين عَنْ أَبَي عُبَيْدٍ. فرواه سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ مرفوعاً، واختلف عليه وبينا الراجح عنه كما سبق. ورواه مالك، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ موقوفاً،

قلت: ومالك وإن كان حجة ويقدم في الحفظ علي سُهَيْل بْن أَبِي صَالِحٍ إلا أن رواية مالك للحديث موقوفاً لا تُعل رواية سُهَيْلِ للحديث مرفوعاً، وذلك لأن الوجه الثاني عن مالك وإن كان صورته صورة الوقف لكن حكمه حكم الرفع فمثل هذا لا يُقال من قبل الرأي والاجتهاد.

قال ابن عبد البر: هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِثْلُهُ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَغَيْرِهِمْ بِمَعَانٍ متقاربة.

(2)

قلت: وأما قول الدارقطني: وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ مَوْقُوفًاً.

(3)

وقول ابن رجب: والموقوف عن مالكٍ أصح.

(4)

فهذا لا يتعارض مع ترجيحنا لوجه الرفع، وذلك لأن الحديث قد رُوي عن مالك من وجهين: مرفوعاً، وموقوفاً لكن الموقوف عن مالك أصح. فقولهم هذا صحيح لكنه ينصرف علي ترجيح الروايات علي مالك فقط، وليس علي الوجهين، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الطريق الأول الراجح من الوجه الأول ــــ "إسناده" صحيح. والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(1)

سبقت ترجمته في حديث رقم 21.

(2)

يُنظر "التمهيد" لابن عبد البر 24/ 160.

(3)

يُنظر "العلل" للدارقطني 11/ 108.

(4)

يُنظر "فتح الباري" لابن رجب 7/ 410.

ص: 397

[76/ 726]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ كَانَ عَلَى أَبِيهِ أَوْسُقٌ

(1)

مِنْ تَمْرٍ، فَقُلْنَا لِلرَّجُلِ: خُذْ ثَمَرَةَ نَخْلِنَا، فَأَبَى، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عُمَرُ، فَدَعَا لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَذَذْنَاهَا، فَأَعْطَينَا الرَّجُلَ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ لَهُ، وَبَقِيَ خَرْصُ

(2)

نَخْلِنَا كَمَا هُوَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«أَخْبِرْ عُمَرَ» . فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ إِذَا دَعَوْتَ لَهُمْ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ أَنَّهُ سَيُبَارَكُ فِيهَا.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل القضاء بين المختلفين من أهل العلم في الصلح من الأشياء المعلومة مقاديرها على الأجزاء من أجناسها المجهولة بما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك (10/ 218 رقم 4044)، عَنْ أُمَيَّة بْن بِسْطَام، عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْع به.

- وعبد الرَّازَّق في "مصنفه" ك/ الجنائز ب/ الصَّبْرِ وَالْبُكَاءِ وَالنِّيَاحَة (3/ 560 رقم 6693)، والفريابي في "دلائل النبوة" ب/ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو أَوْ يَضَعُ يَدَهُ فِي الشَّيْءِ مِنَ الْمَاءِ فَيُرْوَى مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ (1/ 88 رقم 53)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل القضاء بين المختلفين من أهل العلم في الصلح من الأشياء المعلومة مقاديرها (10/ 218 رقم 4043)، والطبراني في "الأوسط"(2/ 5 رقم 1042)، كلهم من طُرقٍ عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِر بنحوه.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ البيوع ب/ الكَيْلِ عَلَى البَائِعِ وَالمُعْطِي لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِذَا كَالُوهُمْ

أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}.

(3)

(3/ 67 رقم 2127)، وفي ك/ الاستقراض ب/ الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ (3/ 119 رقم 2405)، وفي ك/ الوصايا ب/ قَضَاءِ الوَصِيِّ دُيُون المَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الوَرَثَة (4/ 14 رقم 2781)، وفي ك/ المناقب ب/ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلَامِ (4/ 154 رقم 3580)، وفي ك/ المغازي ب/ {إِذْ هَمَّتْ

(1)

قال ابن الأثير: الْوَسْقُ، بالفِتْح: سِتُّون صَاعًا، وَهُوَ ثلاثُمائة وعِشْرون رِطْلا عِنْدَ أهْل الحِجاز، وأربَعمائة وَثَمَانُونَ رِطْلا عنْد أهْل العِراق، عَلَى اخْتِلافِهِم فِي مِقْدار الصَّاع والمُدِّ. والأصْل فِي الْوَسْقِ: الحِمْل. وكُلُّ شيءٍ وَسَقْتَهُ فَقَدْ حَمَلْتَه. والْوَسْقُ أَيْضًا: ضَمُّ الشَّيء إِلَى الشَّيء. يُنظر "النهاية" 5/ 185.

(2)

قال الزبيدي: لخَرْصُ: الحَزْرُ، والحَدْسُ والتَّخْمِينُ، هَذَا هُوَ الأَصْلُ فِي مَعْنَاه، وقِيلَ هُوَ التَّظَنِّي فِيما لَا تَسْتَيْقِنُه، يُقَال: خَرَصَ العَدَدَ يَخْرِصُهُ ويَخْرُصُه خَرْصاً وخِرْصاً، إِذَا حَزَرَه، ومِنْهُ خَرْصُ النَّخْلِ والتَّمْرِ، لأَنَّ الخَرْصَ إِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ بِطَنٍّ لَا إِحَاطَة. وقِيلَ: الاسْمُ بالكَسْرِ، والمَصْدَرُ بالفَتْحِ يُقَالُ: كَمْ خِرْصُ أَرْضِكَ وكَمْ خِرْصُ نَخْلِكَ وفَاعِلُ ذلِكَ الخَارِصُ، والجَمْعُ الخُرّاصُ، وفِي الحَدِيثِ كانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَبْعَثُ الخُرّاصَ عَلَى نَخِيلِ خَيْبَر عنْدَ إِدْراكِ ثَمَرِهَا، فيَحْزِرُونَه رُطَباً كَذَا، وتَمْراً كَذَا. يُنظر "تاج العروس" 17/ 544.

(3)

يُنظر سورة "المطففين" آية رقم 3.

ص: 398

طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}

(1)

(5/ 96 رقم 4053)، وفي ك/ الاستقراض ب/ إِذا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ فَهُوَ جَائِزٌ (3/ 117 رقم 2395)، وفي ك/ الهبة ب/ إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُل (3/ 160 رقم 2601)، وفي ك/ الاستقراض ب/ إِذَا قَاصَّ أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (3/ 117 رقم 2396)، وفي ك/ الصلح ب/ الصُّلْحِ بَيْنَ الغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ المِيرَاثِ وَالمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ (3/ 187 رقم 2709)، وفي ك/ الأطعمة ب/ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ (7/ 79 رقم 5443). من طُرق عَنْ جَابِرِ به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) مُحَمَّدٌ بْنٌ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح".

قلت: وللحديث متابعات في صحيح البخاري عن جَابِر بْن عَبْد اللَّه كما سبق بيانها في التخريج.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث

قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ: فَأَوْفَاهُمُ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ فِي رِوَايَةِ مُغِيرَةَ وَبَقِيَ تَمْرِي وَكَأَنَّهُ لَمْ ينقص مِنْهُ شَيْء، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ فَأَوْفَاهُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا وَيُجْمَعُ بِالْحَمْلِ عَلَى تَعَدُّدِ الْغُرَمَاءِ فَكَانَ أَصْلُ الدَّيْنِ كَانَ مِنْهُ لِيَهُودِيٍّ ثَلَاثُونَ وَسْقًا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَأَوْفَاهُ وَفَضَلَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْدَرِ سَبْعَةَ عَشْرَ وَسْقًا وَكَانَ مِنْهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْيَهُودِيِّ أَشْيَاءُ أُخَرُ مِنْ أَصْنَافٍ أُخْرَى فَأَوْفَاهُمْ وَفَضَلَ مِنَ الْمَجْمُوعِ قَدْرَ الَّذِي أَوْفَاه. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ مَا قَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَعَنْهُ ثُمَّ دَعَوْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّمَا أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ أَيْ أَنَّهُمْ شَدَّدُوا عَلَيْهِ فِي الْمُطَالَبَةِ لِعَدَاوَتِهِمْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ طَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ادْعُهُمْ فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَأَنَا رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّيَهَا اللَّهُ وَلَا أَرْجِعُ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ فَسَلَّمَ اللَّهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْكَيْلَ جَمِيعَهُ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ التَّمْرَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ وَالَّذِي مَضَى ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَأَنَّ بَعْضَ التَّمْرِ نَقَصَ وَيُجْمَعُ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْكَيْلِ كَانَ بِحَضْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم ولقيته كَانَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ وَكَانَ

(1)

سورة آل عمران آية رقم: 122.

ص: 399

بَعْضُ الْبَيَادِرِ الَّتِي أَوْفَى مِنْهَا بَعْضَ أَصْحَابِ الدَّيْنِ حَيْثُ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ وَلَمَّا انْصَرَفَ بَقِيَتْ آثَارُ بَرَكَتِهِ فَلِذَلِكَ أَوْفَى مِنْ أَحَدِ الْبَيَادِرِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا وَفَضَلَ سَبْعَةَ عَشَرَ. والنُّكْتَةُ فِي اخْتِصَاصِ عُمَرَ بِإعْلَامِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَنِيًا بِقِصَّةِ جَابِرٍ مُهْتَمًّا بِشَأْنِهِ مُسَاعِدًا لَهُ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَشَى فِي النَّخْلِ وَتَحَقَّقَ أَنَّ التَّمْرَ الَّذِي فِيهِ لَا يَفِي بِبَعْضِ الدَّيْنِ فَأَرَادَ إِعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ شَاهَدَ أَوَّلَ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُشَاهِدْ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: جَوَازُ الِاسْتِنْظَارِ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ، وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْغَرِيمِ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِ الَّذِي يُوَفَّى مِنْهُ، وَفِيهِ مَشْيُ الْإِمَامِ فِي حَوَائِجِ رَعِيَّتِهِ، وَفِيهِ عَلَمٌ ظَاهِرٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِتَكْثِيرِ الْقَلِيلِ إِلَى أَنْ حَصَلَ بِهِ وَفَاءُ الْكَثِيرِ وَفَضَلَ مِنْهُ.

(1)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 6/ 593 ـــــ 595.

ص: 400

[77/ 727]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ، حَدَّثَتْ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ، «فَصَلَّى الضُّحَى أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أُمَّ هَانِئ، واختلف عليها في متنه من وجوه:

الوجه الأول: عَنْ أُمَّ هَانِئٍ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.

ورواه عَنْ أُمَّ هَانِئ بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، ويُوسُف بْن مَاهَك، ومَوْلًى لأُمِّ هَانِئٍ.

(1)

أما طريق مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر من أصح الأوجه عنه

(2)

: أخرجه الطبراني في الأوسط ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي "الكبير"(1057).

وأما طريق يُوسُف بْن مَاهَك: أخرجه أحمد في "مسنده"(45/ 382 رقم 27386)، والطبراني في "الكبير"(24/ 428 رقم 1047، 1046).

وأما طريق مَوْلًى أُم هَانِئ: أخرجه ابن المقرئ في "الثالث عشر من فوائده"(1/ 41 رقم 41).

الوجه الثاني: عَنْ أُمَّ هَانِئٍ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.

ورواه عَنْ أُمَّ هَانِئ بهذا الوجه: أَبو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى، وعَبْد الله بْن الْحَارِث بْن نَوْفَلٍ، وطَاوُس بن كيسان، والْمُطَّلِب بْن عَبْد الله بْن حَنْطَب، وعَبْد الرَّحْمَن بن محمد القاري، وأَبو صَالِحٍ بازام الكوفي، وكُرَيْب مَوْلَى ابْنِ عَبَّاس، وسَعِيد بْن أَبِي هِنْد، ومُحَمَّد بْن قَيْس قَاص عمر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وأَبُو فَاخِتَة سَعِيد بْن عَلَاقَة مَوْلَى أُم هَانِئٍ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل، وعِكْرِمَة بْن خَالِد.

أما طريق أَبي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ:

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ مُلْتَحِفًا بِهِ (1/ 80 رقم 357)، وفي ك/ الجزية والموادعة ب/ أَمَانِ النِّسَاءِ وَجِوَارِهِنَّ (4/ 100 رقم 3171)، وفي ك/ الأدب ب/ مَا جَاءَ فِي زَعَمُوا (8/ 37 رقم 6158)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ تَسَتُّرِ الْمُغْتَسِلِ بِثوْبٍ وَنَحْوِهِ (1/ 265 رقم 336)، ومالك في "الموطأ" ك/ السهو ب/ صَلَاةُ

(1)

يُنظر الطبراني في "الكبير"(24/ 430 رقم 1052).

(2)

يُنظر "الغيلانيات" لأبو بكر الشافعي (761).

(3)

قلت: اختلف في أَبي مُرَّةَ هذا فقيل هو: مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ وذهب إلي ذلك البخاري، وقيل هو: مَوْلَى عَقِيلٍ أخو أُمِّ هَانِئٍ، وقال ابن عبد البر في التمهيد" (13/ 184) أَبُو مُرَّةَ هَذَا قِيلَ اسْمُهُ يَزِيدُ وَيُقَالُ هُوَ مَوْلَى أَمِّ هَانِئٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَمُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ. قلت: لكن أَبو النَّضْرِ قال أيضاً: عَنْ أَبي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ كما عند البخاري في "صحيحه" وقال ابن سعد في "الطبقات"(7/ 175) قال مُحَمَّد بْن عُمَرُ: إنما هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب ولكنه كان يلزم عقيلاً فنسب إلى ولايته، وكان ثقة قليل الحديث. وقال السيوطي في "الديباج علي صحيح مسلم بن الحجاج"(2/ 91) مولى أم هَانِئ هُوَ الْوَاقِع وَكَانَ يلْزم أخاها عقيلاً فنسب إِلَى ولائه فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.

ص: 401

الضُّحَى (2/ 210 رقم 517)، (2/ 211 رقم 518)، وعبد الرَّازَّق في "مصنفه ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (3/ 76 رقم 4861)، والحميدي في "مسنده" (1/ 329 رقم 333)، والقاسم بن سلام في "الأموال" ك/ افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ صُلْحًا وَأَحْكَامِهَا، وَسُنَنِهَا، وَهِيَ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا تَكُونُ غَنِيمَةً ب/ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَهَلْ يَحِلُّ سِبَاؤُهُمْ، أَمْ هُمْ أَحْرَارٌ؟ (1/ 242 رقم 496، 497)، وسعيد بن منصور في "سننه" ك/ الجهاد ب/ الْمَرْأَةِ تُجِيرُ عَلَى الْقَوْمِ (2/ 275 رقم 2610)، وابن سعد في "الطبقات" (1/ 134)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ فِي الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ (2/ 197 رقم 3192)، وفي ك/ المغازي ب/ حديث فتح مكة (13/ 400 رقم 37925)، وابن راهويه في "مسنده" (5/ 16 رقم 2113)، (5/ 24 رقم 2124)، (5/ 25 رقم 2125)، وأحمد في "مسنده" (44/ 460 رقم 26892)، (44/ 466 رقم 26896)، (44/ 474 رقم 26903)، (44/ 476 رقم 26907)، (45/ 378 رقم 27379)، (45/ 384 رقم 27388)، والدارمي في "سننه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (2/ 910 رقم 1494)، والحارث في "مسنده" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (1/ 334 رقم 224)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (5/ 459 رقم 3152)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ الِاسْتِتَارُ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ (1/ 162 رقم 224)، وفي "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ ذِكْرِ الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ (1/ 126 رقم 225)، والسَّرَّاج في "حديثه" (3/ 103 رقم 2050)، (3/ 104 رقم 2052، 2051)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الطهارة ب/ إِبَاحَةِ التَّعَرِّي عِنْدَ الِاغْتِسَالِ وَغَيْرِهِ، وَبَيَانُ حَظْرِ النَّظَرِ إِلَى الْفُرُوجِ (1/ 238 رقم 806)، وفي ك/ الصلاة ب/ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَبَيَانِ وَقْتِهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَلَّاهَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَّهُ صَلَّاهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَصِفَتِهَا، وَأَنَّ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا مُتَقَارِبٌ (2/ 12 رقم 2130، 2131)، وابن المنذر في "الأوسط" ب/ ذِكْرُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ صَلَاةَ الضُّحَى (5/ 239 رقم 2777)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ (1/ 380 رقم 2235، 2236)، وفي ك/ الْحُجَّة فِي فَتْح رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً (3/ 323 رقم 5451، 5452)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الطهارة ب/ الغسل (3/ 460 رقم 1188)، وفي ك/ الصلاة ب/ فِي صَلَاةِ الضُّحَى: ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى بِثَمَانِ رَكَعَاتٍ (6/ 278 رقم 2537)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (9/ 44 رقم 9090)، وفي "الكبير" (24/ 414 رقم 1009)، والطبراني في "الكبير" (24/ 415 رقم 1012)، (24/ 416 رقم 1014)، (24/ 417 ـــــــ 419 رقم 1015 ـــــــ 1019)، (24/ 420 ـــــ 421 رقم 1021 ــــــ 1024)، والجَوْهَرِيُّ في "مسند الموطأ" (1/ 499 رقم 633)، (1/ 351 رقم 388)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الطهارة ب/ مَا ذُكِرَ فِي التَّعَرِّي وَالتَّجَرُّدِ وَاغْتَسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ (1/ 384 رقم 760)، وفي ك/ الصلاة ب/ فِي صَلاةِ الضُّحَى وَمَنْ ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا (2/ 315 رقم 1626، 1625)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/ 3419 رقم 7802)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ (1/ 12 رقم 18)، وفي ب/ السِّتْرِ فِي الْغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ (1/ 305 رقم 955)، وفي ك/ الصلاة ب/ تَطَوُّع الْمُسَافِر (3/ 224 رقم 5504)، وفي ك/ السير ب/ أَمَانِ الْمَرْأَةِ (9/ 161 رقم 18173)، وفي

ص: 402

"دلائل النبوة"(5/ 80)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ السير ب/ أَمَانُ الْمَرْأَةِ (13/ 258 رقم 18113، 18112)، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم"(2/ 759)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ السير والجهاد ب/ الأمان (11/ 88 رقم 2716).

وأما طريق عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ تقصير الصلاة ب/ مَنْ تَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ، فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وَقَبْلَهَا وَرَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: رَكْعَتَيِ الفَجْرِ فِي السَّفَرِ (2/ 45 رقم 1103)، وفي ك/ التهجد ب/ صَلَاةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ (2/ 58 رقم 1176)، وفي ك/ المغازي ب/ مَنْزِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ (5/ 149 رقم 4292)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ، وَأَكْمَلَهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَوْسَطُهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتٍّ، وَالْحَثُّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا (1/ 497 رقم 336)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 191 رقم 1725)، وابن الجعد في "مسنده"(1/ 27 رقم 72)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ كَمْ يُصَلَّى مِنْ رَكْعَةٍ؟ (3/ 419 رقم 7883)، وابن راهويه في "مسنده"(5/ 23 رقم 2122)، (5/ 24 رقم 2123)، وأحمد في "مسنده"(44/ 472 رقم 26900)، (44/ 475 رقم 26904)، والدارمي في "سننه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (2/ 910 رقم 1493)، وأبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ صلاة الضحى (2/ 463 رقم 1291)، والترمذي في "الشمائل المحمدية" ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (1/ 239 رقم 291)، وفي "سننه" ك/ الصلاة ب/ مَا جَاءَ فِي صَلَاة الضُّحَى (2/ 238 رقم 474)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ كَيْفَ صَلَاةُ الضُّحَى (1/ 269 رقم 490)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى فِي السَّفَرِ (2/ 233 رقم 1233)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 104 رقم 2055، 2054)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَبَيَانِ وَقْتِهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَلَّاهَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَّهُ صَلَّاهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَصِفَتِهَا، وَأَنَّ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا مُتَقَارِبٌ (2/ 11 رقم 2129)، والطبراني في "الكبير"(24/ 436 رقم 1066)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ مَنْ رَوَاهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ (3/ 68 رقم 4902)، وفي "دلائل النبوة"(5/ 81)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ تَطَوُّعُ الْمُسَافِرِ (4/ 285 رقم 6187)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَةِ تَطَوُّعِهِ بِالنَّهَارِ صلى الله عليه وسلم (1/ 436 رقم 606)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ صَلاةِ الضُّحَى (4/ 135 رقم 1000)، وأبو القاسم الأصبهاني، الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب" ب/ الترغيب في صلاة الضحى (3/ 6 رقم 1955)، وابن الجوزي في "ناسخ الحديث ومنسوخه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (1/ 272 رقم 217)، وفي "المنتظم في تاريخ الأمم والملوك"(3/ 328).

وأما طريق عَبْد الله بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ، وَأَكْمَلَهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَوْسَطُهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتٍّ، وَالْحَثُّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا (1/ 498 رقم 336)، وعبد الرَّازَّق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (3/ 75 رقم 4858)، والحميدي في "مسنده"(1/ 329 رقم 334)، (1/ 330 رقم 335)، وابن راهويه في

ص: 403

"مسنده"(5/ 26 رقم 2126)، وأحمد في "مسنده"(44/ 457 رقم 26889)، (44/ 470 رقم 26899)، (44/ 473 رقم 26901)، (45/ 386 رقم 27391)، وابن ماجه في "سننه" أبواب الطهارة ب/ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْغُسْلِ (1/ 387 رقم 614)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ عَدَدُ صَلَاة الضُّحَى فِي السَّفَر (1/ 267 رقم 487)، (1/ 268 رقم 488)، والطبري في "تفسيره"(20/ 44)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي صَلَاةِ الضُّحَى (2/ 234 رقم 1235)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَبَيَانِ وَقْتِهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَلَّاهَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَّهُ صَلَّاهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَصِفَتِهَا، وَأَنَّ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا مُتَقَارِبٌ (2/ 12 رقم 2132)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا أَرَادَ الِاغْتِسَالَ وَهُوَ فِي فَضَاءٍ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَسْتُرُ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ، حَتَّى لَا يَرَاهُ نَاظِرٌ (3/ 459 رقم 1187)، وفي ك/ الطهارة ب/ ذِكْرُ التَّسْوِيَةِ فِي صَلَاةِ الضُّحَى بَيْنَ قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (6/ 279 رقم 2538)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(7/ 5 رقم 6684)، وفي المعجم "الكبير"(24/ 422 ـــــ 425 رقم 1025 ـــــــ 1033)، وفي "مسند الشاميين"(4/ 124 رقم 2899)، (4/ 376 رقم 3595)، والحاكم في "المستدرك" ك/ معرفة الصحابة (4/ 59 رقم 6873)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ مَنِ اسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَيُصَلِّيَ صَلَاةَ الضُّحَى (3/ 68 رقم 4903)، (3/ 69 رقم 4904)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةُ الضُّحَى (4/ 94 رقم 5580)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخلعيات" مخطوط (2/ 180 رقم 840).

وأما طريق طَاوُس بن كيسان اليماني: أخرجه أبو عبدالله الفاكهي في "أخبار مكة"(3/ 249 رقم 2106)، وأبو محمد الفاكهي في "فوائده"(1/ 170 رقم 39).

وأما طريق الْمُطَّلِب بْن عَبْد الله بْن حَنْطَب: أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(3/ 249 رقم 2107)، وعبد الرَّازَّق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةِ الضُّحَى (3/ 76 رقم 4860)، وأحمد في "مسنده"(44/ 455 رقم 26887)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ الغسل (3/ 462 رقم 1189)، وابن حزم في "المحلي بالآثار"(1/ 200)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ (1/ 13 رقم 20).

وأما طريق عبد الرحمن بن محمد القاري: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" ك/ الجهاد ب/ الْمَرْأَةِ تُجِيرُ عَلَى الْقَوْم (2/ 275 رقم 2612).

وأما طريق أَبي صَالِحٍ بازام الكوفي مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ كَمْ يُصَلَّى مِنْ رَكْعَةٍ؟ (3/ 419 رقم 7882)، وابن راهويه في "مسنده" (5/ 18 رقم

(1)

يُنظر "مسند أبي حنيفة" رواية الحصكفي (91)، و"الآثار" لأبو يوسف (163). عَنْ أَبِي صَالِحٍ بازام الكوفي مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنْ أُمَّ هَانِئٍ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا.

ص: 404

2115)، وأحمد في "مسنده"(44/ 469 رقم 26898)، والطبراني في "الكبير"(24/ 412 رقم 1003)، (24/ 413 رقم 1004)، وابن المقرئ في "معجمه"(1/ 407 رقم 1344).

وأما طريق كُرَيْب مَوْلَى ابْن عَبَّاس: أخرجه ابن ماجه في "سننه" أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا ب/ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى (2/ 350 رقم 1323)، وأبو داود في "سننه" ك/ الصلاة ب/ صلاة الضحى (2/ 463 رقم 1290)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الثَّمَانِ رَكَعَاتِ اللَّاتِي صَلَّاهُنَّ صَلَاةَ الضُّحَى (2/ 234 رقم 1234)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ مَنْ رَوَاهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ (3/ 69 رقم 4905)، والمزي في "تهذيب الكمال"(16/ 57).

وأما طريق سَعِيد بْن أَبِي هِنْد: أخرجه الطبراني في "الكبير"(1/ 349 رقم 1056).

وأما طريق مُحَمَّد بْن قَيْسٍ، قَاص ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(24/ 435 رقم 1064).

وأما طريق أَبي فَاخِتَة سَعِيد بْن عَلَاقَةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئ: أخرجه الطبراني في "الكبير"(24/ 438 رقم 1070)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يَغْلِبَ عَلَيْهِى (1/ 13 رقم 19)

وأما طريق عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِثِ بْن نَوْفَل: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(3/ 57 رقم 1801).

وأما طريق عِكْرِمَة بْن خَالِد: أخرجه أبِو الشيخ الأصبهاني في "جزء ما رواه أبو الزبير عن غير جابر"(1/ 94 رقم 49)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(1/ 195 رقم 204)، وأبو القاسم تمام في "فوائده"(1/ 281 رقم 702)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(1/ 290).

الوجه الثالث: عَنْ أُمَّ هَانِئٍ أنها قَالَتْ: لا أَدْرِي كَمْ صَلَّى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ، رَكْعَتَيْنِ، أَمْ أَرْبَعًا، أَمْ سِتًّا، أَمْ ثَمَانِيًا.

ورواه عَنْ أُمَّ هَانِئ بهذا الوجه: عطاء بن أبي رباح.

أخرجه المحاملي في "أماليه" رواية ابن مهدي الفارسي (1/ 115 رقم 215)، والخطيب في "تاريخه"(15/ 37).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

(1)

يُنظر "المعجم الأوسط"(2727، 4410)، "المعجم الكبير"(1063)، "مسند الشاميين"(2469) للطبراني. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمَّ هَانِئٍ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ سِتَّ رَكَعَاتٍ.

ص: 405

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) فَاخِتَةُ بِنْت أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ الهَاشِمِيَّةُ المَكِّيَّةُ تُكْنَى أُمَّ هَانِئٍ.

روت عن: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. روي عنها: مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، وعَلِي بْن أبي طَالِب، وَابْن عَبَّاس، وغيرهم.

أُمَّ هَانِئٍ رضي الله عنها هي: بِنْت عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأخت علي بن أَبي طالب، وكَانَتْ أُمَّ هَانِئٍ تَحْتَ هُبَيْرَةَ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذٍ المَخْزُوْمِيِّ. تَأَخَّرَ إِسْلَامُهَا فأَسْلَمَتْ عام الفَتْحِ، وقيل يوم الفَتْح فلما أسلمت وفتح اللَّه عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مكة، هرب هُبَيْرَةَ إِلَى نجران، وَقِيْلَ: إِنَّ أُمَّ هَانِئ لَمَّا بَانَتْ عَنْ هُبَيْرَةَ بِإِسْلَامِهَا، خَطَبَهَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَكَتَ عَنْهَا، وعاشت بعد علي دهراً طويلاً، روى لها الجماعة.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه الشيخان في "صحيحيهما وهذا كاف في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: إسناد المحاملي في "أماليه

".

1) موسى بن خاقان أبو عمران النحوي: قال الخطيب، والذهبي: ثقة.

(2)

2) إسحاق بن يوسف بن مِرْداس المَخْزُومي المعروف بالأزرق: قال ابن حجر: ثقة.

(3)

3) عبد الملك بن أبي سليمان ميسرة العَزْرمي: قال ابن حجر: صدوق له أوهام.

(4)

4) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاح: "ثقة يرسل" وقال ابن المديني: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أم هَانِئ.

(5)

تقدم حديث رقم (67).

5) فَاخِتَةُ بِنْت أَبِي طَالِبٍ تُكْنَى أُمَّ هَانِئٍ: "صحابية" سبقت ترجمتها في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث مداره علي أُمَّ هَانِئ، واختلف عليها في متنه من وجوه:

الوجه الأول: عَنْ أُمَّ هَانِئٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.

ورواه عَنْ أُمَّ هَانِئٍ بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، ويُوسُف بْن مَاهَكَ، ومَوْلًى لأُمِّ هَانِئ.

الوجه الثاني: عَنْ أُمَّ هَانِئٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ.

ورواه عَنْ أُمَّ هَانِئٍ بهذا الوجه جماعة من الرواة وهم: أَبو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى، وعَبْد الله بْن الْحَارِث بْن نَوْفَلٍ، وطَاوُس بن كيسان اليماني، والْمُطَّلِب بْن عَبْد الله بْن

(1)

"معرفة الصحابة" لأبو نعيم 6/ 3419، "الاستيعاب"4/ 1963، "أسد الغابة" 7/ 393، "السير" 2/ 311، "الإصابة" 14/ 545.

(2)

يُنظر "تاريخ بغداد" 15/ 37، "تاريخ الإسلام" 6/ 217.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 43.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 304.

(5)

يُنظر "العلل" لابن المديني 1/ 66.

ص: 406

حَنْطَب، وعَبْد الرَّحْمَن بن محمد القاري، وأَبِي صَالِحٍ بازام الكوفي مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، وكُرَيْب مَوْلَى ابْنِ عَبَّاس، وسَعِيد بْن أَبِي هِنْد، ومُحَمَّد بْن قَيْس قَاص عمر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وأَبُو فَاخِتَة سَعِيد بْن عَلَاقَة مَوْلَى أُم هَانِئٍ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن نَوْفَل، وعِكْرِمَة بْن خَالِد. وأخرج الشيخان هذا الوجه في صحيحيهما.

الوجه الثالث: عَنْ أُمَّ هَانِئٍ أنها قَالَتْ: لا أَدْرِي كَمْ صَلَّى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ، رَكْعَتَيْنِ، أَمْ أَرْبَعًا، أَمْ سِتًّا، أَمْ ثَمَانِيًا.

ورواه عَنْ أُمَّ هَانِئٍ بهذا الوجه: عطاء بن أبي رباح. قال ابن المديني: عطاء لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أم هَانِئ.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجهين الأَخَرَيْن.

2) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لما رواه الأكثرية.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فقد أخرجه الشيخان في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا صَلَاةُ الضُّحَى سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ هَكَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَكْثَرُونَ. وقال الرويانى وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَكْثَرُهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَفِيهِ حَدِيثٌ فِيهِ ضَعْفٌ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ قال أصحابنا ويسلم من كل ركعتين وينوى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الضُّحَى وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ. قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ قال إذَا مَضَى رُبْعُ النَّهَارِ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. تَرْمَضُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَالرَّمْضَاءُ الرَّمْلُ الَّذِي اشْتَدَّتْ حَرَارَتُهُ مِنْ الشَّمْسِ أَيْ حِينَ يَبرك الْفُصْلَانُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي أَخْفَافِهَا.

(1)

وقال النووي أيضاً: قَوْلُهَا: وَذَلِكَ ضُحًى اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ جَعْلِ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَمَنَعُوا دَلَالَتَهُ قَالُوا لِأَنَّهَا إِنَّمَا أَخْبَرَتْ عَنْ وَقْتِ صَلَاتِهِ لَا عَنْ نِيَّتِهَا فَلَعَلَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْفَتْحِ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ فَاسِدٌ بَلِ الصَّوَابُ صِحَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أمِّ هَانِئٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

(2)

(1)

يُنظر "المجموع شرح المهذب" للنووي 4/ 36.

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 5/ 233.

ص: 407

[78/ 728]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: زَعَمَتْ أُمُّ هَانِئٍ، أَنَّهُ، تَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَكَلَ كَتِفًا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي رَوْح بْن الْقَاسِم، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: رَوْح بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ.

ورواه عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم بهذا الوجه: يَزِيد بْن زُرَيْع.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "الكبير"(24/ 432 رقم 1058) بسنده سواء.

الوجه الثاني: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم بهذا الوجه: الْهَيَّاج بْن بِسْطَام.

أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 121).

ب - متابعات للوجه الثاني: وقد تابع رَوْح بْن الْقَاسِم عَلي هذا الوجه جماعة من الرواة وهم: مالك، ومَعْمَر، وخَارِجَة بْن مُصْعَب، وعَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد الدراوردي، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَبِي كَثِير، وعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة الْمَاجِشُونِ، وحَفْص بْن مَيْسَرَةَ، وهِشَام بْن سَعْد.

أما طريق مالك: أخرجه هو في "الموطأ"(2/ 34 رقم 71)، ومن طريقه ـــــــ البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، رضي الله عنهم، فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا (1/ 52 رقم 207)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 273 رقم 354)، وأحمد في "مسنده"(3/ 446 رقم 1988)، وأبو داود في "سننه" ك/ الطهارة ب/ في ترك الوضوء مما مست النار (1/ 134 رقم 187)، والنسائي في "الكبرى" ك/ المزارعة ب/ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (4/ 425 رقم 4673)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي تَرَكَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءَ مِنْ أَكْلِهِ كَانَ لَحْمَ غَنَمٍ لَا لَحْمَ إِبِلٍ (1/ 27 رقم 41)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الطهارة ب/ إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَبَيَانُ مَا يُعَارِضُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ مَنْسُوخٌ، وَإِثْبَاتُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ (1/ 225 رقم 748)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَتِفَ الَّذِي أَكَلَهُ الْمُصْطَفَى، صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَتِفَ شَاةٍ لَا كَتِفَ إِبِلٍ (3/ 423 رقم 1144، 1143)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ب/ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ، هَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا؟ (1/ 64 رقم 368)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 378 رقم 10758)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 341)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ الطهارة ب/ مَا يُوجِبُ الْوُضُوء (1/ 28 رقم 38)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ لَا وُضُوءَ مِمَّا يَطْعَمُ أَحَدٌ (1/ 444 رقم 1287)، وفي "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ تَرْك الْوُضُوء مِمَّا مَسَّت النَّار (1/ 237 رقم 711)، وابن الغطريف الجرجاني في "جزئه"(1/ 103 رقم 62)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 343 رقم 340)، وابن المنذر

ص: 408

في "الأوسط" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 224 رقم 126)، والحازمي في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(1/ 48) ـــــــ.

وأما طريق مَعْمَر: أخرجه عبد الرَّازَّق في "مصنفه" ك/ الطهارة ب/ مَنْ قَال لَا يُتَوَضَّأ مِمَّا مَسَّت النَّار (1/ 164 رقم 635)، وأحمد في "مسنده"(5/ 415 رقم 3453)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 716 رقم 1453)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 378 رقم 10758).

وأما طريق خَارِجَة بْن مُصْعَب: أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(4/ 383 رقم 2784).

وأما طريق الدراوردي: أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء (3/ 422 رقم 1142).

وأما طريق مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَبِي كَثِير: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 378 رقم 10758)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي الْمَطَاعِمِ والْمشاربِ وَمَا يَجِبُ التَّوَرُّعُ عَنْهُ مِنْهَا: فصل فِي آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ (5/ 72 رقم 5824).

وأما طريق عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن أَبِي سَلَمَة الْمَاجِشُون: أخرجه في "المعجم الكبير"(10/ 378 رقم 10758).

وأما طريق هِشَام بْن سَعْد، وحَفْص بْن مَيْسَرَة: أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 224 رقم 126).

ت - وقد تُوبع زَيْد بْن أَسْلَم أيضاً علي هذا الوجه: فتابعه: مُحَمَّد بْن يُوسُف، ومُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بن عَطَاءِ، والزُّهْرِي.

أما طريق مُحَمَّد بْن يُوسُف بن عبد الله الأعرج: أخرجه النسائي في "السنن الصغري" ك/ الطهارة ب/ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّار (1/ 108 رقم 184).

وأما طريق مُحَمَّد بْن عَمْرٍو العامري: أخرجه الطبراني في "الكبير"(5/ 381 رقم 10762).

وأما طريق الزُّهْرِي: أخرجه ابن المظفر في "غرائب مالك بن أنس"(1/ 76 رقم 33).

الوجه الثالث: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ.

(1)

(1)

قلت: قد ذهب أهل العلم إلي أن ابْن الْمُنْكَدِرِ لم يسمع هذا الحديث علي وجه الخصوص منْ جَابِرَ وإنما سمعه عنه بواسطة، وإن كان قد ثبت سماعه من جابر في غير ذلك من الأحاديث، ولعل السبب الذي دفعهم إلي ذلك: أن سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ شك في سماع ابْن الْمُنْكَدِرِ لهذا الحديث من جابر. فقَالَ سُفْيَان: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: وَكَأَنِّي سَمِعْتُهُ مَرَّةً، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ ابْنِ عَقِيلٍ.

أقوال العلماء في عدم سماع مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر هذا الحديث علي وجه الخصوص منْ جَابِر:

قال البخاري في "الأوسط"(2/ 250) حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ إِنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْفَروِي قَالَ عَن بن الْمُنْكَدر عَن جَابر رضي الله عنه أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يتَوَضَّأ فَقَالَ أحسبني سَمِعت ابن الْمُنْكَدِرِ يقول أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا: أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعضهم: عَن بن الْمُنْكَدر سَمِعت جَابِرًا وَلَا يَصح. وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 446) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، مُخْتَصَرًا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَابِرٍ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مُحْتَمَلٌ: وَذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ لَمْ يُخَرِّجَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ، مَعَ كَوْنِ إِسْنَادِهِ مِنْ شَرْطِهِمَا، وَلِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. فَذَكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرُ السَّمَاعِ فِيهِ وَهْمًا مِنَ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقال مغلطاي في "الإكمال" (10/ 366) في ترجمة ابْنِ الْمُنْكَدِرِ: روى عن أبي هريرة، وجابر كذا ذكره المزي وهو عنده مشعر بالاتصال من غير بيان خلاف وهو غير جيد. قال البخاري: ثنا علي قال: قلت لسفيان إن أبا علقمة الفروي قال عن ابن المنكدر عن جابر أكل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتوضأ. فقال سفيان: أحسبني سمعت ابن المنكدر قال: أخبرني من سمع جابرًا، وقال بعضهم عن ابن المنكدر سمعت جابرًا ولا يصح، فإن أراد أنه لم يسمع غير هذا الحديث فهو عذر للمزي، وإن أراد أنه لم يسمع منه مطلقًا فغير جيد؛ لأن البخاري نفسه خرج حديثه عنه في صحيحه، والله أعلم. وقال مغلطاي في "شرح سنن ابن ماجه" (1/ 462) وفي الحديث علّة خفيت على من صحح ذكرها البخاري في التاريخ الأوسط فقال: ثنا علي، قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي قال عن ابن المنكدر عن جابر: أكل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتوضأ فقال: احسبني سمعت ابن المنكدر قال: أخبرني من سمع جابرًا أكل النبي وقال بعضهم عن ابن المنكدر: سمعت جابر، ولا يصح. فهذا حكم فيه بعّدم اتصالها وإن كان قد صرح في التاريخ الكبير بسماعه من جابر، ولا منافاة بين القولين لاحتمال أن يكون ظهر له أنه لم يسمع هذا منه بخصوصه، وإن كان قد سمع منه غيره كما قاله، لما سأله الترمذي عن حديث ابن عباس: الشاهد واليمين. قال: لم يسمع عمرو هذا الحديث عندي من ابن عباس مع تصريحه بسماعه من ابن عباس غير ما حديث، وما ذكره الشافعي إثر رواية له في سنن حرملة عن عبد الحميد بن عبد العزيز عن ابن جريج مختصرا، قال: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنّما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر، قال البيهقي: وهذا الذي قاله الشافعي محتمل؛ وذلك لأنّ صاحبا الصحيح لم يخرجا هذا الحديث من جهة ابن المنكدر عن جابر في الصحيح مع كون إسناده من شرطهما، ولأنّ ابن عقيل قد رواه أيضا عن جابر، ورواه عنه جماعة، إلا أنّه قد روى عن حجاج بن محمد وعبد الرزاق ومحمد بن مكثر عن ابن جريج عن ابن المنكدر، وقال: سمعت جابرا، فذكروا هذا الحديث فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهما من ابن جريج فالحديث صحيح على شرط صاحبي الصحيح والله أعلم. وفيه عدم رجوع لما قاله الشافعي وركون إلى قول من صرح بالسماع، وذهول عن قول الجعفي رحمهم الله تعالى، ويزيده وضوحا أيضا: رجوع ابن المنكدر عن هذا الرأي، إلى غيره؛ ذكر أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن شعيب بن أبي حمزة: أنّ الزهري ناظر ابن المنكدر فاحتج ابن المنكدر بحديث جابر، واحتج الزهري بحديث عمرو بن أميّة في الوضوء مما مست النار قال: فرجع ابن المنكدر عن مذهبه إلى مذهب الزهري. ولقائل أن يقول: لو أخذه ابن المنكدر عن جابر شفاهاً لما رجع عنه ولا صاغ له ذلك، ولكن لما أخذه عنه بواسطة ضعيفة رجع عنه مسرعاً. وقال أبو زرعة في "تاريخه" (1/ 615) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ أَنَّهُ سَمِعَ شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: مَشَيْتُ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فِي الْوَضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، فَرَجَعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ إِلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ.

ص: 409

أ - تخريج الوجه الثالث: رواه عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم بهذا الوجه: يَزِيد بْن زُرَيْع، وسَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَةَ، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف.

أما طريق يَزِيد بْن زُرَيْع: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ النَّارُ، هَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا؟ (1/ 65 رقم 382)، عَنْ مُحَمَّد بْن الْمِنْهَال. وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء (3/ 420 رقم 1139) عَنْ بِشْر بْن مُعَاذ الْعَقَدِي. كلاهما عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْع

ص: 410

من أصح الأوجه عنه.

(1)

وأما طريق سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة: أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 469 رقم 915).

وأما طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(36/ 274).

ب - متابعات للوجه الثالث: وقد تابع رَوْح بْن الْقَاسِمِ علي هذا الوجه جماعة من الرواة وهم: معمر، وابْن جُرَيْج، وأُسَامَة بْن زَيْد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وعَبْد الْوَارِثِ بن سعيد، وأَبُو مَعْشَر نجيح بن عبد الرحمن، وجَرِير بْن حَازِم، وسُهَيْل بْن أَبِي صَالِح.

أما طريق مَعْمَر: أخرجه عبد الرِّازَّق في "مصنفه" ك/ الطهارة ب/ مَنْ قَالَ لَا يُتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 165 رقم 640، 639)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء (3/ 415 رقم 1132)، (3/ 418 رقم 1136).

وَأما طريق ابْن جُرَيْج: أخرجه عبد الرِّازَّق في "مصنفه"" ك/ الطهارة ب/ مَنْ قَالَ لَا يُتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 165 رقم 639)، وأحمد في "مسنده" (14453)، وأبو داود في "سننه" (191)،

(2)

وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء (3/ 413 رقم 1130)، وابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 275) ـــــــ وصرح ابن جريج عند هؤلاء بالإخبار، وصرح ابن المنكدر بالسماع من جابر ــــــ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءِ هَلْ يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا؟ (1/ 42 رقم 224)، والبيهقي

(1)

يُنظر "شرح معاني الآثار" للطحاوي (369)، "المعجم الكبير" للطبراني (10758)، والطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ــــ. وفي "المعجم الكبير"(1058).

(2)

قال ابن الملقن: في "البدر المنير"(2/ 413، 412) عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار. قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا اخْتِصَار من الحَدِيث الأول؛ يَعْنِي من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر حَيْثُ قَرَّب للنَّبِي خبْزًا وَلَحْمًا فَأكل، ثمَّ دَعَا بِوضُوء فتوضَّأ ثمَّ صَلَّى الظّهْر، ثمَّ دَعَا بِفضل طَعَامه فَأكل ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي العلل (1/ 644): سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث يَعْنِي: حَدِيث: ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار. فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُضْطَرب الْمَتْن؛ إِنَّمَا هُوَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أكل كَتفًا وَلم يتَوَضَّأ. كَذَا رَوَاهُ الثِّقَات، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، وَيُمكن أَن يكون شُعَيْب حدث بِهِ من حفظه فَوَهم فِيهِ، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: إِنَّمَا هُوَ: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أكل كَتفًا ثمَّ صَلَّى وَلم يتَوَضَّأ. قال ابن الملقن: قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين الْقشيرِي فِي كِتَابه الإِمَام: الَّذِي ذكره أَبُو دَاوُد أقرب مِمَّا قَالَه أَبُو حَاتِم؛ فَإِن المتنين متباعدي اللَّفْظ ـــ أَعنِي ـــ قَوْله: آخر الْأَمريْنِ، وَقَوله: أكل كَتفًا ثمَّ صَلَّى وَلم يتَوَضَّأ. وَلَا يجوز التَّعْبِير بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر والانتقال من أَحدهمَا إِلَى الآخر إِنَّمَا يكون عَن غَفلَة شَدِيدَة، وَأما مَا ذكره أَبُو دَاوُد من أَنه اخْتِصَار من حَدِيثه الأول فأقرب لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون قد عبَّر بِهَذِهِ الْعبارَة عَن مَعْنَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى. قلت أي ابن الملقن: وَفِي التَّعْبِير أَيْضاً بذلك نظر، إِلَّا أَن تكون تِلْكَ الْحَالة آخر الْأَمر عِنْده؛ فَعبر بهَا. ونحا ابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَى مقَالَة أبي دَاوُد السالفة، فَقَالَ: هَذَا خبر مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل، اخْتَصَرَهُ شُعَيْب بن أبي حَمْزَة مُتَوَهمًا نسخ إِيجَاب الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار مُطلقًا، وَإِنَّمَا هُوَ نسخ لإِيجَاب الْوضُوء مِمَّا مست النَّار خلا لحم الْجَزُور. قلت ــــالباحث ـــــ وأمّا ابن حزم فزعم بعد تصحيحه حديث آخر الأمرين أنّ من قال إنّه مختصر من الأول قول بالظن، والظن أكذب الحديث، بل هما حديثان اثنان. يُنظر "شرح سنن ابن ماجه" لمغلطاي 1/ 461.

ص: 411

في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّار (1/ 241 رقم 725)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ لَا وُضُوءَ مِمَّا يَطْعَمُ أَحَد (1/ 445 رقم 1292).

وأما طريق أُسَامَة بْن زَيْد: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الطهارة ب/ الْوُضُوءِ هَلْ يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا؟ (1/ 42 رقم 224)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الطهارة ب/ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّار (1/ 241 رقم 725)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الطهارة ب/ لَا وُضُوءَ مِمَّا يَطْعَمُ أَحَد (1/ 445 رقم 1292).

وأما طريق سُفْيَان بْن عُيَيْنَة: أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الطهارة ب/ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 116 رقم 80)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي" ب/ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ (1/ 271 رقم 67)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّار (1/ 239 رقم 719)، وابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 277)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي ذِكْرِ طَعَامِهِ وَإِدَامِهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا كَانَ يُحِبُّ مِنْهُ (1/ 616 رقم 945)، وابن الجوزي في "إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه"(1/ 107 رقم 47).

وأما طريق عبد العزيز بن أبي سلمة: أخرجه الأَثْرَم في "سننه" ب/ في الوضوء مما مست النار (1/ 280 رقم 157)، وابن بشران في "أماليه ج 1"(1/ 403 رقم 934)، وابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 275).

وأما طريق عَبْد الْوَارِث بن سعيد: أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" ك/ الصلاة ب/ فِيمَنْ أَكَلَ لَحْمًا أَوْ شَرِبَ لَبَنًا (1/ 231 رقم 99)، وابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 276).

وأما طريق أَبي مَعْشَر نجيح بن عبد الرحمن: أخرجه أبو يعلي في "مسنده"(4/ 75 رقم 2098).

وأما طريق جَرِير بْن حَازِم: أخرجه أبو يعلي في "مسنده"(4/ 116 رقم 2160)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الطهارة ب/ نواقض الوضوء (3/ 424 رقم 1145).

وأما طريق سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح: أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" ك/ النكاح ب/ الْوَلِيمَة (10/ 258 رقم 14439).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) فَاخِتَةُ بِنْت أَبِي طَالِبٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِب أُمَّ هَانِئٍ: "صحابية" سبقت ترجمته في حديث رقم (77).

ص: 412

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني:

أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما وهذا كافٍ في إثبات صحته.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث:

1) عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ الهَمْدَانِيُّ، أَبُو حَفْصٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ: قال الذهبي: صدوق.

(1)

2) بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ: قال ابن حجر: صدوق.

(2)

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50)

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي رَوْح بْن الْقَاسِم، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: رَوْح بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ.

ورواه عَنْ رَوْحُ بهذا الوجه: يَزِيد بْن زُرَيْع.

الوجه الثاني: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ورواه عَنْ رَوْحُ بهذا الوجه: يَزِيد بْن زُرَيْع، والْهَيَّاجِ بْنِ بِسْطَامٍ.

وقد تابع رَوْح بْن الْقَاسِمِ، عَلي هذا الوجه جماعة من الرواة وهم: مالك، ومَعْمَر، وخَارِجَة بْن مُصْعَب، وعَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد الدراوردي، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَبِي كَثِيرٍ، وعَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة الْمَاجِشُونِ، وحَفْص بْن مَيْسَرَة، وهِشَام بْن سَعْد، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وتابع زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُف، ومُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بن عَطَاءِ، والزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وأخرج هذا الوجه الشيخان في صحيحيهما.

الوجه الثالث: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ.

ورواه عَنْ رَوْح بهذا الوجه: يَزِيد بْن زُرَيْعٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف.

وتابع رَوْح بْن الْقَاسِمِ علي هذا الوجه جماعة من الرواة وهم: معمر، وابْن جُرَيْجٍ، وأُسَامَة بْن زَيْد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وعَبْد الْوَارِث بن سعيد، وأَبُو مَعْشَر نجيح بن عبد الرحمن، وجَرِير بْن حَازِمٍ، وسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِح، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ.

قلت: وقد ذهب البخاري، والشافعي: إلي أن ابْن الْمُنْكَدِرِ لم يسمع هذا الحديث علي وجه الخصوص منْ جَابِرَ وإنما سمعه عنه بواسطة، وإن كان قد ثبت سماعه من جابر في غير ذلك من الأحاديث.

(1)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 7/ 241، "السير" 14/ 402.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 63.

ص: 413

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) المتابعات: فقد تابع رَوْحُ بْنُ الْقَاسِم جماعة من الثقات الحفاظ أمثال: مالك، ومَعْمَرٌ.

2) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ـــــ إسناده شاذ.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فصحيح فقد أخرجه الشيخان في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قلت: يُنظر التعليق علي الحديث رقم (72).

ص: 414

[79/ 729]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحٍ، عَنْ [مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ]،

(1)

عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَكَلَ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(1/ 329 رقم 982) بسنده سواء.

وابن عساكر في "تاريخه"(23/ 343)، عَنْ الهياج بن بسطام، عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

6) أَبُو رَافِعٍ القبطي

(2)

مَوْلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبْطِ مِصْرَ.

(3)

رَوَى عَنْ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وعبد اللَّه بن مسعود.

رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي رَافِعٍ، وَحَفِيْدُهُ: الفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ المَقْبُرِيُّ، وآخرون.

كَانَ رضي الله عنه عَبْداً لِلعَبَّاسِ، فَوَهَبَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَنْ بَشَّرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِ العَبَّاسِ أَعْتَقَهُ. شَهِدَ غَزْوَةَ أُحُدٍ، وَالخَنْدَقِ، وما بعدهما من المشاهد، ولم يشهد بدرًا، وإسلامه كان قبل غَزْوَةَ بدر إلا أنه كان مقيمًا بمكة، وَكَانَ ذَا عِلْمٍ وَفَضْلٍ. وتوفي فِي خلافة علي رضي الله عنه.

(4)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

(1)

قلت: ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ولعله سقط سهواً من الناسخ، والتصويب من "المعجم الكبير" للطبراني فقد أخرجه بنفس إسناد المعجم الأوسط عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحٍ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ.

(2)

قلت: اختلف في اسمه: فقيل: اسْمُهُ إِبْرَاهِيْمُ. وَقِيْلَ: أَسْلَمُ، وقيل غير ذلك، وقال ابن عبد البرّ: أشهر ما قيل في اسمه أسلم. وهو مشهور بكنيته.

(3)

القِبْطيُّ: بكسر القاف وسكون الباء المعجمة بواحدة والطاء المهملة، هذه النسبة إلى ثلاثة أشياء: والقبط طائفة بمصر قديمة، ويقال: بنو قبطي بن مصر، ويقال: قبط بن قوط بن حام ........ ، وجماعة نسبوا إلى قبط مصر منهم: أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ اسْمُهُ: أَسْلَمُ، ويقال: هرمز، ويقال: إِبْرَاهِيْمُ، ويقال: ثابت، وكان قبطياً. يُنظر "الأنساب" للسمعاني 10/ 50.

(4)

يُنظر "معجم الصحابة" لابن قانع 1/ 43، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 1/ 251، 207، و 5/ 2886، "الاستيعاب" 1/ 83، "أسد الغابة" 6/ 102، "السير" 2/ 16، "الإصابة" 12/ 229.

ص: 415

الحديث بإسناد الطبراني: "إسناده ضعيف" فيه انقطاع بين مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ، وأبي رَافع.

قال المزي،

(1)

وأبو زرعة العراقي:

(2)

روى مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ عَن أبي رَافع مَوْلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُرْسل. وقال الذهبي في ترجمة مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر: حَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ سَلْمَانَ، وَأَبِي رَافِعٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَطَائِفَةٍ مُرْسَلاً.

(3)

قلت: لكن للحديث متابعات أخرجها مسلم في "صحيحه" وغيره: فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: أَشْهَدُ لَكُنْتُ أَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَطْنَ الشَّاةِ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

(4)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قلت: يُنظر التعليق علي الحديث رقم (72).

(1)

يُنظر "تهذيب الكمال" للمزي 26/ 503.

(2)

يُنظر "تحفة التحصيل" لأبو زرعة العراقي 1/ 290.

(3)

يُنظر "السير" للذهبي 5/ 353.

(4)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحيض ب/ نسْخِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (1/ 274 رقم 357).

ص: 416

[80/ 730]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أُمَيَّةُ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه ابن منده في "الإيمان" ب/ ذِكْرُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل (2/ 828 رقم 857)، عَنْ أُمَيَّة بْن بِسْطَام، عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْع، عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم به.

والبخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ صِفَةِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ (8/ 115 رقم 6558)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا (1/ 178 رقم 191)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 276 رقم 1809)، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 404 رقم 841)، وأبو يعلي في "مسنده"(3/ 473 رقم 1992)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي ذُكِرَتْ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهِيَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتُهُ، وَأَنَّهَا لِمَنْ قَدْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَالَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا أَهْلُ الْخُلُودِ فِيهَا، بَلْ لِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ارْتَكَبُوا ذُنُوبًا وَخَطَايَا فَأُدْخِلُوا النَّارَ لِيُصِيبَهُمْ سَفَعًا مِنْهَا (2/ 668 رقم 412)، والآجري في "الشريعة" ب/ الْإِيمَانِ بِأَنَّ أَقْوَامًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ (3/ 1230 رقم 798)، وابن منده في "الإيمان" ب/ ذِكْرُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل (2/ 827 رقم 855)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ب/ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ (6/ 1163 رقم 2047)، والبيهقي في "الشعب" ب/ فِي حَشْرِ النَّاسِ بَعْدَ مَا يُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَى الْمَوْقِفِ: فَصْلٌ فِي أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِذَا وَافَوُا الْقِيَامَةَ بِلَا تَوْبَةٍ قَدَّمُوهَا (1/ 287 رقم 314)، وفي "الكبرى" ك/ الصلاة (10/ 321 رقم 20778)، وأبو نعيم في "المستخرج" ك/ الإيمان ب/ في الشفاعة (1/ 263 رقم 474)، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد.

ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً فِيهَا (1/ 178 رقم 191)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 277 رقم 1810)، والحميدي في "مسنده"(2/ 330 رقم 1282)، وأحمد في "مسنده"(22/ 214 رقم 14312)، وعلى بن حرب الطائي في "الثاني من حديث سفيان بن عيينة"(1/ 30 رقم 29)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(2/ 212)، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 404 رقم 740، 839)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(3/ 363 رقم 1831)، وابن خزيمة في "التوحيد"(2/ 669 رقم 414/ 413)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ب/ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا (16/ 526 رقم 7483)، والآجري في "الشريعة" ب/ الْإِيمَانِ بِأَنَّ أَقْوَامًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ (3/ 1231 رقم 799)، وابن منده في "الإيمان" ب/ ذِكْرُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل (2/ 826 رقم 853، 852)، وابن منده في "الإيمان"(2/ 827 رقم 854)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ب/ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِر (6/ 1163 رقم 2048، 2046)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ب/ فِي حَشْرِ النَّاسِ بَعْدَ مَا يُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَى الْمَوْقِفِ (1/ 294 رقم 324)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الشهادات ب/ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ لَا تَجُوزُ

ص: 417

مِنَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ الْعَاقِلِينَ الْمُسْلِمِينَ (10/ 321 رقم 20777)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الإيمان ب/ في الشفاعة (1/ 263 رقم 473)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(4/ 634)، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة.

وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي ذُكِرَتْ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ (2/ 670 رقم 415)، والطبراني في "الأوسط"(6/ 267 رقم 6374)، وابن منده في "الإيمان" ب/ ذِكْرُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل (2/ 828 رقم 856)، وابن جُمَيْع الصيداوي في "معجم الشيوخ"(1/ 166)، عَنْ عَمْرُو بْن الْحَارِث.

واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ب/ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِر (6/ 1164 رقم 2049)، عَنْ مُحَمَّد بْن مُزَاحِمٍ.

كلهم: رَوْح بْن الْقَاسِمِ، وحَمَّاد بْن زَيْد، وابْن عُيَيْنَة، وعَمْرُو بْن الْحَارِث، ومُحَمَّد بْن مُزَاحِم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. بعضهم بنحوه، وبعضهم بلفظ: إِنَّ اللهَ يُخْرِجُ قَوْمًا مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

3) يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

4) رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (50).

5) عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ المَكِّيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَثْرَمُ الجُمَحِيُّ مولى موسى بن باذام مولى بني جمح.

روي عن: جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وعبد الله بْنِ عَبَّاسٍ، وَعبد الله بْنِ عُمَرَ، وغيرهم.

روي عنه: رَوْح بن القَاسِم، وشُعْبَة، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن عُيَيْنَة: ثِقَةٌ ثِقَةٌ ثِقَةٌ وحديث أسمعه من عَمْرو أحب إلي من عشرين من غيره. وقال أبو حاتم: ثقة ثقة. وقال ابن سعد، وأَبُو زُرْعَة، والنَّسَائِي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد، والنَّسَائِي، وابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان في المشاهير: من متقني التابعين.

وقَالَ شُعْبَة: مَا رَأَيْت فِي الحَدِيْثِ أَثْبَت مِنْه. وقَالَ أَحْمَد: كَانَ شُعْبَة لَا يُقَدِّم عَلَى عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ أَحَداً، لَا الحَكَمَ، وَلَا غَيْرَهُ فِي الثَّبْتِ. وقال مِسْعَرٍ: مَا رَأَيْتَ أَشَدَّ تَثَبُّتاً فِي الحَدِيْثِ مِثْلَ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَار. وقال ابْن عُيَيْنَة: مَا كَانَ عِنْدَنَا أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَلَا أَعْلَمُ، وَلَا أَحْفَظُ مِنْهُ. وَقَالَ أيضاً: مَا كَانَ أَثْبَتَهُ. وقال الزُّهْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَنَصَّ لِلْحَدِيْثِ الجَيِّدِ مِنْ هَذَا الشَّيْخ. وقال ابن جرير الطبري: كان فقيهًا ثبتًا في الحديث صدوقًا عالمًا. روى له الجماعة.

وصفه بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من مراتب الموصوفين بالتدليس. وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يرسل" وأما وصفه بالتدليس: فلا يؤثر فقد ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي.

(1)

(1)

"الجرح والتعديل"6/ 231، "الثقات" 5/ 167، "المشاهير" 1/ 109، "تهذيب الكمال" 22/ 5، "السير" 5/ 300، "جامع التحصيل" 1/ 243، "الإكمال" 10/ 162، "تحفة التحصيل" 1/ 241، "التهذيب" 8/ 28، "طبقات المدلسين" 1/ 22، "التقريب" صـ 358.

ص: 418

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح".

قلت: وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌رابعاً: التعليق علي الحديث:

قال القَاضِى عِيَاض: مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلاً ووجوبها بصريح قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109)}

(1)

وقوله تعالي: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}

(2)

وأمثالها، وبخبر الصادق سَمْعاً، وقد جاءت الآثار التي بلغَت بمجموعها التواتُر بصحتها في الآخرة لمذنبي المؤمنين، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها، ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها، وتأولت الأحاديث الواردة فيها واعتصموا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار واحتجوا بقوله تعالي:{مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)}

(3)

{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)}

(4)

وهذه الآيات في الكفار، وتأولوا أحاديث الشفاعة في زيادة الدرجات وإجزال الثواب، وألفاظ الأحاديث التي في الكتاب وغيره تدل على خلاف ما ذهبوا إليه، وأنها في المذنبين وفى إخراج من استوجَبَ. لكن الشفاعة بمجموعها على خمسة أقسام: أولها: مختصةٌ بنبينا صلى الله عليه وسلم وهى الإراحةُ من هول الموقف وتعجيل الحساب، والثانية: في إدخال قوم الجنة دون حساب، وهذه أيضاً وردت لنبينا صلى الله عليه وسلم، والثالثة: قومٌ استوجبوا النارَ فيشفعُ فيهم نبينا ومن شاء الله له أن يشفع، والرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين، فقد جاء في مجموع هذه الأحاديث إخراجهم من النار بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم من المؤمنين، ثم يُخرج الله كل من قال: لا إله إلا الله، حتى لا يبقى فيها إلا الكافرون ومن حبسه القرآنُ ووجَب عليه الخلود، والشفاعة الخامسة: هي في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها، وهذه لا ينكرها المعتزلة، ولا تنكر شفاعة الحشر الأولى، وعُرِف بالنقل المستفيض سؤال السلف الصالح لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ورغبتهم فيها، وعلى هذا لا يُلتفَتُ لقول من قال: إنه يُكره أن تسأل الله أن يرزقك شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها لا تكونُ إلا للمذنبين، فإنها قد تكون لتخفيف الحساب وزيادة الدرجات، ثم كل عاقل معترف بالتقصير محتاج إلى العفو غيرُ معتدٍّ بعمله مشفقٌ أن يكون من الهالكين، ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة والرحمة؛ لأنها لأصحاب الذنوب، وهذا كله خلاف ما عُرِفَ من دعاء السلف والخلف.

(5)

(1)

سورة طه آية رقم: 109.

(2)

سورة الأنبياء آية رقم: 28.

(3)

سورة غافر آية رقم: 18.

(4)

سورة المدثر آية رقم: 48.

(5)

يُنظر "شَرْحُ صَحِيح مُسْلِمِ" المُسَمَّى إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم لِلقَاضِى عِيَاض 1/ 566، 565.

ص: 419

[81/ 731]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: نا ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ

(1)

، تَفَرَّدَ بِهِ: سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَطَاء بن أَبِي رَبَاح، ورواه عَنْ عَطَاء: ابْن جُرَيْج، والْأَوْزَاعِي:

فأما عَبْد الْمَلِكِ بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْج، فاختلف عليه فيه من أوجه:

الوجه الأول: ابْن جُرَيج، عَنْ عَطَاءٍ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرٍ.

ورواه عَنْ ابْن جُرَيْج بهذا الوجه: سَعِيد بْن يَزِيد بْنِ الصَّلْت.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 116)،

(2)

عَنْ أَحْمَد الْأَبَّار، عَنْ سُفْيَان بْن زِيَاد الْمُخَرِّمِي، عَنْ سَعِيد بْن يَزِيد بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ ابْن جُرَيْج، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِر بلفظه.

الوجه الثاني: ابْن جُرَيْج، عَنْ عَطَاء بن أَبِي رَبَاح، عَن ابْنِ عَبَّاس.

ورواه عَنْ ابْن جُرَيْج بهذا الوجه: عُمَيْر بْن عِمْرَان الْحَنَفِي.

أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(3/ 318)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 187 رقم 11447)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 133).

الوجه الثالث: ابْنُ جُرَيْج، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ.

أ - تخريج الوجه الثالث: رواه عَنْ ابْن جُرَيْج بهذا الوجه: عبد الرَّازَّق، ومحمد بْنُ بَكْرٍ البرساني، والحَجَّاج بن محمد المصيصي، ورَوْح بْن عُبَادَةَ، وأَبُو عَاصِمٍ النبيل.

أما طريق عبد الرَّزَّاق: فأخرجه هو في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ الصِّيَام فِي السَّفَر (2/ 562 رقم 4469)، ومن طريقه ـــــ أحمد في "مسنده"(39/ 85 رقم 23680)، والطبراني في "الكبير"(19/ 171 رقم 385) ــــــ.

وأما طريق محمد بْن بَكْرٍ البرساني: أخرجه أحمد في "مسنده"(39/ 85 رقم 23680).

وأما طريق الحَجَّاج بن محمد المصيصي: أخرجه القاسم بن سلاّم في "الناسخ والمنسوخ" ب/ ذكر الصيام وما نسخ منه (1/ 52 رقم 85).

(1)

في الأصل سَعِيد بْن جُرَيْج لكن الناسخ ضبب علي جُرَيْجٍ وكتب بعدها يَزِيد علي الصواب.

(2)

قلت: أخرج العقيلي الحديث: عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، عَنْ سُفْيَان بْن زِيَادٍ الْمُخَرِّمِيُّ، عَنْ سَعِيد بْن يَزِيد بْنِ الصَّلْتِ. والصواب عَنْ سُفْيَان بْن زِيَادٍ الْعُقَيْلِيُّ، كما سيأتي بعد ذلك في ترجمته، والله أعلم.

ص: 420

وأما طريق رَوْح بْن عُبَادَة: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصيام ب/ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ (2/ 63 رقم 3212).

وأما طريق أَبي عَاصِم النبيل: أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 376)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 171 رقم 385)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2372 رقم 5825). كلهم بلفظه، عدا الطحاوي فبلفظ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ.

ب - متابعات للوجه الثالث: فقد تابع ابْن جُرَيْج علي هذا الوجه: ابْن عُيَيْنَة، ومَعْمَر، واللَّيْث، ويُونُس بن يزيد، ومُحَمَّد بْن الْوَلِيد الزُّبَيْدِيُّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَةَ، وزِيَاد بْن سَعْد، وسُلَيْمَان بْن كَثِير، ومَالِك، وإِسْحَاق بْن رَاشِد، وإِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم، والنُّعْمَان بْن رَاشِد، ومَكْحُول الْأَزْدِي، وعُقَيْل بن خالد، وإبراهيم بن أبي عبلة.

أما طريق سُفْيَان بْن عُيَيْنَة: أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 679 رقم 1440)، والحميدي في "مسنده"(2/ 113 رقم 887)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصيام ب/ مَنْ كَرِهَ صِيَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَر (4/ 24 رقم 9044)، وأحمد في "مسنده"(39/ 86 رقم 23681)، والدارمي في "سننه" ك/ الصوم ب/ الصَّوْم فِي السَّفَر (2/ 1067 رقم 1752)، وابن ماجة في "سننه" ك/ الصيام ب/ مَا جَاءَ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ (2/ 573 رقم 1664)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 451 رقم 2506)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الصيام ب/ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ (3/ 144 رقم 2575)، وفي "الصغرى" ك/ الصيام ب/ مَا يُكْرَهُ مِنَ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ (4/ 174 رقم 2255)، وأبو بكر الفِرْيابِي في "الصيام" ب/ قوله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ (1/ 70 رقم 72، 71)، والروياني في "مسنده"(2/ 499 رقم 1531)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار مسند ابن عباس"(1/ 125 رقم 178)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الصيام ب/ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ بِلَفْظَةٍ مُخْتَصَرَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي قَالَ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يَفْهَمِ السَّبَبَ أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ غَيْرُ جَائِزٍ حَتَّى أَمَرَ بَعْضُهُمُ الصَّائِمَ فِي السَّفَرِ بِإِعَادَةِ الصَّوْمِ بَعْدُ فِي الْحَضَرِ (3/ 253 رقم 2016)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصيام ب/ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ (2/ 63 رقم 3214)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 376)، والطبراني في "الكبير"(19/ 172 رقم 388)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الصوم (1/ 598 رقم 1580)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصيام ب/ تَأْكِيدِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ إِذَا كَانَ يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ (4/ 408 رقم 8152)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الصيام ب/ الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ فِي السَّفَرِ (6/ 292 رقم 8768)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 328)، وأبو الحسن الخِلَعي في "الخلعيات"(2/ 37 رقم 676)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(67/ 191)، وفي "معجمه"(2/ 771)، والذهبي في "معجم الشيوخ"(1/ 61).

وأما طريق مَعْمَر: أخرجه عبد الرَّازَّق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ (2/ 562 رقم 4467)، وأحمد في "مسنده"(39/ 84 رقم 23679)، وأبو بكر الفِرْيابِي في "الصيام" ب/ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ (1/ 71 رقم 73)، والطبراني في "الكبير"(19/ 172 رقم 387، 386)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصيام ب/ تَأْكِيدِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ إِذَا كَانَ يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ (4/ 408

ص: 421

رقم 8151)، والخطيب في "الكفاية"(1/ 543 رقم 556)، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم"(2/ 860).

وأما طريق اللَّيْثِ بْنُ سَعْد: أخرجه القاسم بن سلاّم في "الناسخ والمنسوخ" ب/ ذكر الصيام وما نسخ منه (1/ 52 رقم 86)، وأبو بكر الفِرْيابِي في "الصيام"(1/ 69 رقم 70)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 376)، والطبراني في "الكبير"(19/ 173 رقم 389)، والحسن بن رشيق العسكري في "جزئه"(24)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(67/ 190).

وأما طريق يُونُس بن يزيد: أخرجه الدارمي في "سننه" ك/ الصوم ب/ الصَّوْم فِي السَّفَر (2/ 1066 رقم 1751).

وأما طريق مُحَمَّد بْن الْوَلِيد الزُّبَيْدِي: أخرجه أبو بكر الفِرْيابِي في "الصيام"(1/ 72 رقم 74)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 376)، والطبراني في "الأوسط"(3/ 309 رقم 3248)، والطبراني في "الكبير"(19/ 173 رقم 391)، وفي "مسند الشاميين"(3/ 65 رقم 1813).

وأما طريق مُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَة: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصيام ب/ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ (2/ 63 رقم 3213)، والطبراني في "الكبير"(19/ 175 رقم 397).

وأما طريق زِيَاد بْن سَعْد: أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(3/ 1086 رقم 2340)، والطبراني في "الأوسط"(9/ 83 رقم 9193)، والطبراني في "الكبير"(19/ 174 رقم 394).

وأما طريق مَالِك بْنُ أَنَس: أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 376)، والطبراني في "الكبير"(19/ 174 رقم 393)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 61).

وأما طريق سُلَيْمَان بْن كَثِير: أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 376)، والطبراني في "الكبير"(19/ 173 رقم 390).

وأما طريق عُقَيْل بن خالد: أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 175 رقم 399)، والخطيب في "تاريخه"(14/ 386).

وأما طريق إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِد: أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 173 رقم 392).

وأما طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِم: أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 174 رقم 395).

وأما طريق النُّعْمَان بْن رَاشِد: أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 174 رقم 396).

وأما طريق مَكْحُول الْأَزْدِي: أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 175 رقم 398).

وأما طريق إبراهيم بن أبي عبلة: أخرجه ابن مَنْدَه في "مجالس من أماليه"(1/ 16 رقم 15).

كلهم عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ مرفوعاً. بعضهم بلفظ رواية الباب. وبعضهم بلفظ: لَيْسَ مِنْ أُمِّ بِرٍّ أُمُّ صِيَامٍ فِي أُمِّ سَّفَرٍ.

(1)

(1)

قال الخطيب في "الكفاية"(1/ 543) أَرَادَ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ، وَهَذَا لُغَةُ الْأَشْعَرِيِّينَ، يَقْلِبُونَ اللَّامَ مِيمًا، فَيَقُولُونَ: رَأَيْنَا أُولَئِكَ امْرِجَالَ، يُرِيدُونَ الرِّجَالَ، وَمَرَرْنَا بِامْقَوْمِ، أَيْ بِالْقَوْمِ، وَهَى لُغَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ إِلَى الْآنَ بِالْيَمَنِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ: طَابَ امْضَرْبُ، يُرِيدُ طَابَ الضَّرْبُ.

ص: 422

وأما طريق الْأَوْزَاعِي، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 466 رقم 13618)، عَنْ رَوَّاد بْن الْجَرَّاحِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بلفظه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ بن آدم الْعُقَيْلِيُّ، أَبُو سَعِيد، ويُقال: أَبُو سهل البَصْرِيّ، ثم البلدي، المؤدب.

(1)

روي عن: سَعِيد بْن يَزِيد بْن الصَّلْتِ، وعون بْن عمارة العبدي، وعيسى بْن شعيب النحوي، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّارُ، وابن ماجه، ومحمد بْن إسحاق بْن خزيمة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات، وَقَال: مُسْتَقِيم الحَدِيث. وقال الذهبي: شيخ. وقال ابن حجر: صدوق.

وقال الدارقطني: ضعيف. وحاصله أنه "صدوق" والله أعلم.

(2)

(1)

قال المزي في "تهذيب الكمال"(11/ 148): تمييز: ويقاربه فِي طبقته: سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ البغدادي، الرصافي ثم الْمُخَرِّمِيُّ. يروي عَن: إِبْرَاهِيم بْن عُيَيْنَة، وعَبد اللَّهِ بْن ضرار الملطى، وعيسى بْن يونس. ويرَوَى عَنه: جعفر بْن أَبي عثمان الطيالسي، وعباس بْن مُحَمَّدٍ الدوري، ومحمد بْن عُبَيد اللَّهِ بْن المنادي، ومحمد بن غالب تمتام. ذكره الخطيب فِي التاريخ وَقَال: كان ثقة. وذكره فِي "المتفق والمفترق أيضا. وهو أقدم من البَصْرِيّ قليلا، ولم يخرجوا عنه شيئا، وإنما ذكرناه للفرق بينه وبين البَصْرِيّ، فإن صاحب "النبل" جعلهما واحدا فقَالَ: سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ بْن آدم، أَبُو سَعِيد، البغدادي، الْمُخَرِّمِيُّ، الرصافي، المؤدب، ويُقال: البَصْرِيّ. وقد وهم فِي ذلك فإنهما اثنان بلا شك. وممن فرق بينهما أبو بكر الخطيب، ذكرهما فِي "المتفق والمفترق"، وذكر البغدادي فِي التاريخ أيضا دون البَصْرِيّ، وما تردد فِي نسبه كما فعل صاحب "النبل"، ومن نظر من أهل الصنعة فيمن رويا عنه ومن روى عنهما عرف أنهما اثنان، وعرف أن البغدادي أقدم من البَصْرِيّ، فقد وهم صاحب "النبل" حيث جمع بين البغدادي والبَصْرِيّ وهما اثنان، ووهم أيضاً في "المتفق والمفترق" حيث فرق بين البَصْرِيّ والبلدي وهما واحد. وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب (4/ 110): قال أبو أحمد الحاكم في "الكنى" وأبو سعيد سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ بن آدم المؤدب البصري روى عن عيسى بن شعيب وغيره روى عنه ابن خزيمة. وقال أبو بكر بن خزيمة ثنا سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ بن آدم ثنا عيسى بن شعيب. وقال عبد الله الحكيمي ثنا سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ بن آدم البلدي. فالظاهر أن البصري والبلدي واحد، وقد فرق الخطيب في المتفق والمفترق بينهما فقال سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ البصري ثم قال سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ بن آدم البلدي، وكأنه وهم لما سبق، وجعل ابن عساكر هذا، وسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ البغدادي الرصافي واحداً فوهم أيضاً لأن البغدادي أقدم من البصري. قلت: وكأن العقيلي رحمه الله وقع في هذا الوهم أيضاً فأخرج حديث الباب عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، عَنْ سُفْيَان بْن زِيَاد الْمُخَرِّمِيُّ، عَنْ سَعِيد بْن يَزِيد بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ ابْن جُرَيْجٍ به. فكأنه جعل سُفْيَان بْن زِيَاد الْمُخَرِّمِيُّ هو: سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْعُقَيْلِيُّ، وكأنهما عنده واحد، والصواب أنهما اثنان كما بين ذلك المزي، وابن حجر. إضافة إلي أن الْعُقَيْلِيُّ أخرج الحديث في ترجمة: سَعِيد بْن يَزِيد بْنِ الصَّلْتِ، والذي يروي عَنْ سَعِيد بْن يَزِيدَ بْنِ الصَّلْتِ إنما هو: سُفْيَان بْن زِيَادٍ الْعُقَيْلِيُّ، وليس الْمُخَرِّمِيُّ. والله أعلم. يُنظر "الضعفاء الكبير" للعُقَيْلِي 2/ 116.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 289، "تهذيب الكمال" 11/ 148، "الكاشف" 1/ 448، "التقريب" صـ 184.

ص: 423

3) سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الصَّلْت.

روي عن: عَبْد الْمَلِك بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْج. روي عنه: سُفْيَان بْن زِيَاد بن آدم الْعُقَيْلِيُّ.

أقوال أهل العلم فيه: قال العُقَيْلِي: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وقال النسائي: فيه جهالة، وحديثه منكر. وقال الذهبي: لَا يُعرف وَحَدِيثه غَرِيب مُنكر. وقال النباتي: ليس بالمشهور. وحاصله أنه "مجهول الحال".

(1)

4) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

5) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (67).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: "إسناد ابن عدي

".

1) عبد اللَّه بن مُحَمَّد بن ناجية أبو مُحَمَّد البربري: قال الخطيب، والذهبي: ثقة ثبت.

(2)

2) مُحَمد بْنُ حَرْبٍ الواسطي النَّشَائي: قال ابن حجر: صدوق.

(3)

3) عُمَيْرُ بْنُ عِمْرَانَ الْحَنَفِيّ: قال ابن عدي: حدث بالبواطيل عَن الثقات وخاصة، عنِ ابن جريج. وَلِعُمَيْرِ بْنِ عِمْرَانَ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ وَمِقْدَارُ مَا ذَكَرْتُ مِمَّا رَوَاهُ، عنِ ابْنِ جُرَيج لا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ، عنِ ابْنِ جُرَيج وَالضَّعْفُ بَيِّنٌ عَلَى حديثه، وقال العقيلي: فِي حَدِيثِهِ وَهْمٌ وَغَلَطٌ.

(4)

4) عَبْدُ الْمَلِك بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

5) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (67).

6) عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بن عم النبي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: "إسناد عبد الرَّازَّق

".

1) عَبْدُ الْمَلِك بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

2) الزُّهْرِي: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

3) صَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بن أمية القرشي: قال ابن حجر: ثقة.

(5)

(1)

يُنظر "الضعفاء الكبير" للعُقَيْلِي 2/ 116، "المغني في الضعفاء" 1/ 416، "ديوان الضعفاء" 1/ 334، "ميزان الاعتدال" للذهبي 2/ 163، "لسان الميزان" لابن حجر 4/ 86.

(2)

يُنظر "تاريخ بغداد" 11/ 313، "تاريخ الإسلام" 7/ 36.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 409.

(4)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 6/ 134، 133، "الضعفاء الكبير" للعقيلي 3/ 318.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 218.

ص: 424

4) أُم الدَّرْدَاء زوج أبي الدرداء اسمها هجيمة وقيل جهيمة الأوصابية الدمشقية وهي الصغرى وأما الكبرى فاسمها خيرة ولا رواية لها في هذه الكتب والصغرى: قال ابن حجر: ثقة فقيهة.

(1)

5)

كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيُّ: قال ابن حجر: صحابي.

(2)

‌رابعاً: دراسة إسناد: الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. "إسناد الطبراني في الكبير

".

1) الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ الرَّمْلِيُّ: قال الخليلي: ضعيف.

(3)

2) إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ بن يُوسف بن سرج الْمَقْدِسِيُّ: قال ابن حجر: صدوق.

(4)

3) رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ أبو عصام العسقلاني: قال ابن حجر: صدوق اختلط بأخرة فتُرك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد.

(5)

4) عبد الرحمن بن عمرو الْأَوْزَاعِيِّ: قال ابن حجر: ثقة جليل.

(6)

5) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (67).

6) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب بن نفيل: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عَطَاء بن أَبِي رَبَاح، ورواه عَنْ عَطَاء: ابْنِ جُرَيْجٍ، والْأَوْزَاعِي. فأما عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، فاختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرٍ.

ولم يروه عَنْ ابْنُ جُرَيجٍ بهذا الوجه إلا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الصَّلْتِ. وسَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ هذا: مجهول الحال.

الوجه الثاني: ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ولم يروه عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بهذا الوجه إلا عُمَيْرُ بْنُ عِمْرَانَ الْحَنَفِيُّ. وعُمَيْرُ هذا فِي حَدِيثِهِ وَهْمٌ وَغَلَطٌ خاصة عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ كما قال ذلك العقيلي، وابن عدي.

الوجه الثالث: ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ.

ورواه عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بهذا الوجه جماعة من الثقات وهم: عبد الرَّازَّق، وأَبُو عَاصِمٍ النبيل، ورَوْح بْن عُبَادَةَ، ومحمد بْنُ بَكْرٍ البرساني، والحَجَّاجٌ بن محمد المصيصي. قلت: وابْنِ جُرَيْجٍ وإن كان يدلس إلا أنه صرح بالسماع في هذا الوجه خاصة فزال ماكنا نخشاه من تدليسه.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 673.

(2)

يُنظر "الإصابة" صـ 278.

(3)

يُنظر "الإرشاد" للخليلي 1/ 407.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 33.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 151.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 289.

ص: 425

وقد تابع ابْنِ جُرَيْج علي هذا الوجه: مَالِك، وابْن عُيَيْنَة، ومَعْمَر، واللَّيْث، ويُونُس بن يزيد الأيلي، ومُحَمَّد بْن الْوَلِيد الزُّبَيْدِي، ومُحَمَّد بْن أَبِي حَفْصَة، وزِيَاد بْن سَعْد، وسُلَيْمَان بْن كَثِير، وإِسْحَاق بْن رَاشِد، وإِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم، والنُّعْمَان بْن رَاشِد، ومَكْحُول الْأَزْدِي، وعُقَيْل بن خالد الأيلي، وإبراهيم بن أبي عبلة.

وأما طريق الْأَوْزَاعِي، عَنْ عَطَاء، عَنِ ابْنِ عُمَر. فلم يروه عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ بهذا الوجه إلا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ. ورَوَّادُ هذا اختلط بأخرة فتُرك كما قال ذلك ابن حجر.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الراجح هو الوجه الثالث: عَنْ ابْن جُرَيْج، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ صَفْوَان بْن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ. وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذ بخلاف الأوجه الأخرى.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الثقات، وهذا بخلاف الأوجه الأخرى.

3) المتابعات: فقد تابع ابْن جُرَيْج علي هذا الوجه جماعة من الحفاظ أيضاً كمَالِك بْن أَنَس، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومَعْمَر بن راشد، واللَّيْث بْن سَعْد، وغيرهم.

4) ترجيح الأئمة لهذا الوجه:

- قال العقيلي: هَذَا يَرْوِيهِ ابْن جُرَيْج، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام بِهَذَا.

(1)

- وقال الدارقطني: وَالْمَحْفُوظُ عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ.

(2)

- وقال ابن عساكر: هذا حديث مَحْفُوظُ من حديث صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ.

(3)

- وقال ابن حجر: في ترجمة عُمَيْر بْن عِمْرَانَ الْحَنَفِيُّ: قال العقيلي فِي حَدِيثِهِ وَهْمٌ وَغَلَطٌ ثم ساق له حديثاً مقلوب الإسناد عن ابن عباس رفعه ليس من البر الصيام في السفر. قال العقيلي رواه غيره عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنهما وهو الصواب.

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ عَنْ ابْن جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ "إسناده منكر" فيه: سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الصَّلْتِ: مجهول الحال، وخالف الثقات. وفيه ابْنِ جُرَيْجٍ أيضاً:"ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" ولم يُصرح بالسماع في هذا الوجه.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ المرجوح ـــ عَنْ ابْن جُرَيْج، عَنْ عَطَاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. "فإسناده منكر" أيضاً فيه: عُمَيْر بْن عِمْرَان: فِي حَدِيثِهِ وَهْمٌ وَغَلَطٌ خاصة عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وخالف الثقات. وفيه ابْنِ جُرَيْجٍ

(1)

يُنظر "الضعفاء" للعقيلي 2/ 116، و 3/ 318.

(2)

يُنظر ""العلل" للدارقطني 4/ 339.

(3)

يُنظر "المعجم" لابن عساكر 2/ 771.

(4)

يُنظر "لسان الميزان" لابن حجر 6/ 236.

ص: 426

أيضاً: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" ولم يُصرح في هذا الوجه.

وأما الحديث بالوجه الثالث ــــ الراجح ــــ عَنْ ابْن جُرَيْج، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ. "فإسناده صحيح" وابْنِ جُرَيْجٍ وإن كان يُدلس إلا أنه صرح بالسماع في هذا الوجه. وقد تابع ابن جريج علي هذا الوجه جماعة من الثقات الحفاظ كمَالِك بْن أَنَس، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومَعْمَر بن راشد، واللَّيْث بْن سَعْد.

وأما الحديث من حيث الطريق الثاني وهو طريق: الْأَوْزَاعِي، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. "فإسناده ضعيف" فيه: الْوَلِيد بْن حَمَّاد: ضعيف. وفيه أيضاً: رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ. اختلط بأخرة فتُرك كما قال ابن حجر.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، تَفَرَّدَ بِهِ: سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان لكن من حيث الوجه الأول ــــ رواية الباب ـــــ عَنْ ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. وأما الحديث بالوجه الثاني عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فرواه عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بهذا الوجه: عُمَيْرُ بْنُ عِمْرَانَ. وأما الحديث بالوجه الثالث عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ. فرواه عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بهذا الوجه جماعة من الرواة وهم: عبد الرَّازَّق، وأَبُو عَاصِمٍ النبيل، ورَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ومحمد بْنُ بَكْرٍ البرساني، والحَجَّاجٌ المصيصي.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: لَا يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَإِنْ صَامَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِحَدِيثِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ. وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ: يَجُوزُ صَوْمُهُ فِي السَّفَرِ وَيَنْعَقِدُ وَيُجْزِيهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ أَمِ الْفِطْرَ أَمْ هُمَا سَوَاءٌ: فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَلَا ضَرَرَ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَاحْتَجُّوا بِصَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَغَيْرِهِمَا وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِي الْحَالِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمُ الْفِطْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَاحْتَجُّوا بِمَا سَبَقَ لِأَهْلِ الظَّاهِرِ وبقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْفِطْرِ، وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَنْ يَخَافُ ضَرَرًا أَوْ يَجِدُ مَشَقَّةً كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَاعْتَمَدُوا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ مَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ تَفْضِيلُ الصَّوْمِ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ سَوَاءٌ لِتَعَادُلِ الْأَحَادِيثِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْأَكْثَرِين.

(1)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 7/ 230، 229.

ص: 427

[82/ 732]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ دَرَخْتُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ الْوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ نِسْبَةً، وَإِنَّ نِسْبَةَ اللَّهِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» .

* لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه أبو طاهر السِّلَفي في "الثاني عشر من المشيخة البغدادية"(11/ 5 رقم 20)، عَنْ النُّعْمَان بْن أَحْمَدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ شُعَيْب بْن أَيُّوب، عَنْ عُثْمَان بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الْوَازِع بْن نَافِع، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ نِسْبَةً، وَإِنَّ نِسْبَةَ اللَّهِ عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ. وَإِنَّ الصَّمَدَ لَيْسَ بِأَجْوَفَ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ نَافِعٍ، أبو زِيَادٍ الْمُخَرِّمِيُّ مولى المهدي أمير المؤمنين، ولقبه: دَرَخْتُ.

روي عن: عَلِي بْن ثَابِتٍ الجَزَرِي، ووَكِيع بن الْجراح، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، وعبد اللَّه بن أَحْمَد الدورقي، وصَالح بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال عبد اللَّه بن أَحْمَد الدورقي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال ابن معين: ليس به بأس إذا حدث عن ثقة. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

3) عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَريُّ، أبو أحمد، ويُقال أبو الحسن، مولى العباس بن محمد الهاشمي.

روي عن: الْوَازِع بْن نَافِع، وسفيان الثوري، وعبد الله بْن عون، وآخرين.

روي عنه: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن نَافِع الْمُخَرِّمِيُّ، وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ، ويحيى بن مَعِين، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وأحمد، وابن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وأَبُو دَاوُد، وابن نمير، وابن عمار: ثقة، وزاد ابن سعد، وأحمد: صدوق. وقال ابن معين مرة: ثقة إذا حدث عن ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون، وابن شاهين فِي الثقات، وَقَال ابنُ حِبَّان: ربما أخطأ. وَقَال صالح بْن مُحَمَّد الأسدي، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: ربما أخطأ. وَقَال أبو زُرْعَة، وصالح بْن مُحَمَّد مرة، والنسائي، والساجي: لا بأس به. وَقَال أبو حاتم: يُكتب حديثه، وهُوَ أحب إلي من سويد بن عبد العزيز. وقال أبو رومية النباتي: لا أعلم من قال أنه ضعيف غير الأزدي. وقال ابن حجر: ضعفه الأزدي بلا حجة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

(1)

يُنظر "تاريخ ابن معين" رواية ابن محرز 1/ 80، و 2/ 175، "الثقات" لابن حبان 8/ 381، "تاريخ بغداد" 11/ 545.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 152، "الجرح والتعديل" 6/ 177، "الثقات" لابن حبان 8/ 456، "تاريخ بغداد" 13/ 275، "تهذيب الكمال" 20/ 335، "الإكمال" 9/ 283، "التهذيب" 7/ 288، "التقريب" صـ 338.

ص: 428

4) الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ الْعُقَيْلِيُّ الجَزْرِيُّ.

روي عَنْ: أبي سَلَمَة بن عبد الرَّحْمَن، وسَالم بن عبد الله.

روي عنه: عَلِي بْن ثَابِت الْجَزَري، وَعِيسَى بْن يُونُس، وَمِسْكِين بْن بُكَيْر، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، وأبو زرعة، والبغوي: ضعيفُّ جداً. وقال أحمد، وابن معين، وأبو زرعة: ليس بشيء. وقال ابن معين مرة، وابن داود: ليس بثقة. وقال ابن أبي حاتم، والنسائي: متروك الحديث، وزاد ابن أبي حاتم: لا يعتمد على روايته. وقال أبو حاتم مرة: ذاهب الحديث. وقال البُخارِيّ: منكر الحديث. وقال ابن أبي حاتم: كان في كتابنا أحاديث فلم يقرأها أبو زرعة، وقال اضربوا عليها فإنها أحاديث منكرة بمرة. وقال ابن عدي: عَامَّة أحاديثه مناكير، وقال الذهبي: له مناكير. وقال ابن حبان: كَانَ مِمَّن يروي الموضوعات عَن الثِّقَات على قلَّة رِوَايَته وَيُشبه أَنه لم يكن الْمُتَعَمد لذَلِك بل وَقع ذَلِك فِي رِوَايَته لِكَثْرَة وهمه فَبَطل الِاحْتِجَاج بِهِ لما انْفَرد عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من أَحَادِيثهم. وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة. وحاصله أنه "متروك الحديث".

(1)

5) أَبُو سَلَمَة بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ عوف: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (17).

6)

أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني: إسناده "ضعيف جداً" فيه: الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ الْعُقَيْلِيّ: متروك الحديث.

قلت: وللحديث طرق أخري لا تخلو من ضعف من أمثلها حديث جَابِرٍ، وابن مسعود، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ:

فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لرَسُولَ اللَّهِ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .. إِلَى آخِرِهَا.

(2)

قلت: فيه: مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني قال ابن حجر: ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره.

(3)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ.

قلت: فالأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

"تاريخ ابن معين" 1/ 56، "التاريخ الكبير" لابن أبي خيثمة" 3/ 237، "معجم الصحابة" للبغوي 1/ 451، "الجرح والتعديل" 2/ 492، و 9/ 39، "المجروحين" 3/ 83، "الكامل" 8/ 383، "تاريخ الإسلام" 3/ 1004، "المغني" 2/ 490، "اللسان" 8/ 367.

(2)

أخرجه الطبري في "تفسيره"(24/ 728)، وفي "الأوسط"(5687)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 519)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1185)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 335)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(608)، وفي "الشعب"(2552)، والواحدي في "أسباب النزول"(1/ 472)، والهروي في "ذم الكلام وأهله"(637)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الثاني عشر من المشيخة البغدادية"(19).

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 453.

ص: 429

[83/ 733]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَبُو حَصِينٍ الرَّازِيُّ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو حَصِينٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عبد الله بْن عُمَر، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: عبد الله بْن عُمَرَ مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الأول: أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 192 رقم 610)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَان بْن خُثَيم.

وبقي بن مخلد في "مرويات الصحابة في الحوض والكوثر"(1/ 83 رقم 10، 9)، والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 73، 72)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة (7/ 316 رقم 2874)، والآجري في "الشريعة" ب/ ذِكْرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ (5/ 2356 رقم 1837)، وابن المقرئ في "المنتخب من غرائب أحاديث مالك بن أنس"(1/ 65 رقم 21)، وابنِ مُوْسَى الكِلَابِيُّ في "جزء من حديثه"(1/ 79 رقم 24)، وتمام في "فوائده"(1/ 78 رقم 177)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء"(9/ 324)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(14/ 55)، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق"(1/ 431)، وأبو القاسم المهرواني في "المهروانيات"(2/ 846 رقم 100)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(49/ 117، 118)، وعبد الصمد بن عبد الوهاب أبو اليمن بن عساكر الدمشقي في "إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم "(1/ 70)، عَنْ مَالِك بْن أَنَس.

والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة. (7/ 315 رقم 2873) عَنْ عُبَيْد الله بن عمر.

ثلاثتهم: عَبْد اللَّهِ بْن عُثْمَانَ بْنِ خُثَيمٍ، ومَالِك، وعُبَيْد اللهِ بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر. كلهم بلفظ مَا بَيْنَ قَبْرِي، وَمِنْبَرِي. عدا بقي بن مخلد، والعقيلي، والطحاوي، والآجري فبلفظ ما بَيْنَ بَيْتِيْ وَمِنْبَرِي.

ب - متابعات للوجه الأول: وقد تابع نَافِعاً علي هذا الوجه: سالِم بن عبد الله، عَنِ ابْنِ عُمَر.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(12/ 294 رقم 13156) عَنْ سَالِم به. بلفظ مَا بَيْنَ قَبْرِي، وَمِنْبَرِي.

الوجه الثاني: عَنْ عَبْد الله بْن عُمَر، عَنْ أَبي سَعِيد الْخُدْرِي.

أخرجه أحمد في "مسنده"(18/ 153 رقم 11610)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(2/ 496 رقم 1341)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: بين قبري

ص: 430

ومنبري روضة من رياض الجنة. (7/ 318 رقم 2879)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي"(1/ 298)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين بأصبهان"(2/ 362 رقم 290)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(1/ 92)، وابن بشران في "أماليه ج 2"(1/ 84 رقم 1115)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(6/ 77)، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق"(1/ 419)، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي، بلفظ: مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي.

الوجه الثالث: عَبد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

أخرجه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 72)، وابن الأعرابي في "معجمه"(3/ 931 رقم 1970)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الطيوريات"(1/ 123 رقم 93)، عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، عنْ ابْن عُمَر به بلفظ: مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي، عدا أبو طاهر السِّلَفي فبلفظ: ما بَيْنَ بَيْتِيْ وَمِنْبَرِي.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أَبُو حَصِينٍ بن يَحْيَى بن سُلَيْمان الرَّازِيُّ.

(1)

روي عن: يَحْيَى بْن سُلَيْم الطَائِفِي، وسفيان بن عُيَيْنَة، ووكيع بن الجراح، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، وأَبُو زُرْعَة، وأَبُو حاتم ــــــ الرازيان ــــــ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، وابن أَبي حاتم، والطَّبَرَانِيُّ، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن أَبي حاتم: صدوق، وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) يَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ القُرَشِيُّ، الطَّائِفِيُّ، أَبُو زَكَرِيَّا الخَزَّازُ.

(3)

روي عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَان بنِ خُثَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أُمَيَّة، وَعُبَيْد الله بن عُمَر، وغيرهم.

روي عَنْهُ: أَبُو حَصِين الرَّازِي، والشَّافِعِي، وَأَحْمَد، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سَعْد، والعجلي، وابن مَعِيْن، والذهبي: ثِقَة، وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين في الثقات، وَقَال ابن حبان: كان يخطئ، وقال ابن شاهين: جائز الحديث. روى له الجماعة.

- وقال الساجي، وابن حجر: صدوق، وزاد الساجي: يهم في الحديث وأخطأ في أحاديث رواها عبيد الله بن عمر، وزاد ابن حجر: سيئ الحفظ.

(1)

قال أبو حاتم: قلتُ لأبي حصين: هل لك اسم؟ فقال: اسمي وكنيتي واحد. فقلت: فأنا أسميك عَبد اللَّه. فتبسم. وقال الطَّبَرَانِيُّ: قيل: إن اسم أبي حصين يحيى بن سُلَيْمان. يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 364، "تهذيب الكمال" 33/ 249.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 364، "تهذيب الكمال" 33/ 249، "الكاشف" 2/ 420، "التقريب" 1/ 558.

(3)

الخَزَّاز: بفتح الخاء وتشديد الزاي الأولى، نسبة إلي صنع الخز وبيعه اشتهر بهذه الصنعة والحرفة جماعة من أهل العراقيين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ومنهم: يَحْيَى بن سُلَيْم القُرَشِيُّ، الطَّائِفِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 5/ 102.

ص: 431

- وَقَالَ ابنُ مَعِيْنٍ مرة، والنَّسَائي: ليس به بأس، وزاد ابن معين: يكتب حديثه. وَقَال أَبُو حاتم: شيخ صالح محله الصدق، ولم يكن بالحافظ، يكتب حديثه ولا يحتج بِه.

- وقال البخاري: ما حدث الحميدي عن يحيى بن سليم فهو صحيح. وَقَال أحمد: كَانَ قد أتقن حديث ابْنِ خُثَيْم، وكانت عنده فِي كتاب، فقلنا له: أعطنا كتابك. فَقَالَ: أعطوني مصحفاً رهناً. قلت: نحن غرباء من أين لنا مصحف؟. وقال يعقوب بن سفيان: رجل صالح وكتابه لا بأس به وإذا حدث من كتابه فحديثه حسن وإذا حدث من حفظه فتعرف وتنكر.

- وَقَالَ أَحْمَدُ: رَأَيْتُهُ يَخْلِطُ فِي الأَحَادِيْثِ، فَتَرَكْتُهُ، وَقَال مرة: يحيى بن سليم كذا وكذا، والله إن حديثه. يَعْنِي فيه شيء، وكأنه لم يحمده. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، والدولابي: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وقال النسائي مرة: منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر. وقال الدارقطني، وابن حجر: سيئ الحفظ. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالحافظ عندهم. وحاصله أنه "صدوق حسن الحديث لكن في روايته عن عبيد الله بن عمر خطأ ووهم".

(1)

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ القاري، أَبُو عثمان المكي.

روي عن: نافع مولى ابن عُمَر، وسَعِيد بن جبير، وعطاء بن أَبي رباح، وغيرهم.

روي عنه: يَحْيَى بن سُلَيْم الطَّائِفِيُّ، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، وابن خلفون: ثقة، وزاد ابن سعد: له أحاديث حسنة، وزاد ابن معين: حجة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كَانَ يخطئ، وقال في المشاهير: كان من أهل الفضل والنسك والفقه والحفظ. وقال ابن خلفون: هو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين، وخرج الحاكم حديثه في "البسملة" عن أبي بكر بن حفص وعنه ابن جريح، ثم قال: سائرهم متفق على عدالتهم، وقال الدارقطني: رجاله كلهم ثقات، وقال أبو عمرو بن دحية، وأبو شامة: رواه الثقات. وقال النسائي، وعمرو بن علي الفلاس: لم يترك يحيى ولا عبد الرحمن حديث ابن خثيم.

- وقال ابن حجر: صدوق. وَقَال أحمد، وأَبُو حاتم: ليس بِهِ بأس، وزاد أبو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن عدي: عزيز الحديث وأحاديثه أحاديث حسان مما يجب أن تكتب عنه.

- وقال ابن معين مرة: أحاديثه ليست بالقوية. وَقَال النَّسَائي مرة: ليس بالقوي. وقال ابن المديني، والنسائي مرة: منكر الحديث. استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له الباقون. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

5) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

6) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 353، "الجرح والتعديل" 9/ 156، "الثقات" 7/ 615، "الثقات" لابن شاهين 1/ 260، 261، "تهذيب الكمال" 31/ 365، "السير" 9/ 307، "الإكمال" 12/ 323، "التهذيب" 11/ 226، "التقريب" صـ 521.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 46، "الجرح والتعديل" 5/ 111، "الثقات" 5/ 34، "المشاهير" 1/ 112، "الكامل" لابن عدي 5/ 266، "تهذيب الكمال" 15/ 279، "الإكمال" 8/ 58، "التهذيب" 5/ 314، "التقريب" صـ 255.

ص: 432

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أحمد في مسنده

"

1) عَفَّانُ بن مُسلِم بن عبد الباهلي أبو عثمان الصفار: قال ابن حجر: ثقة ثبت.

(1)

2) عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنَ زِيَادٍ العبدي: قال ابن حجر: ثقة في حديثه عَنْ الأعمش وحده مقال.

(2)

3) إِسْحَاقُ بْنُ شَرْفَيْ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: قال أحمد: ثقة. وقال أبو زرعة: لابأس به.

(3)

4) أَبُو بَكْرِ بْنُ عمر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: قال ابن حجر: ثقة، وروايته عَنْ جَد أبيه منقطعة.

(4)

5) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

6) أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (69).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث:

1)

عبد الله بن مُحَمَّد بن عَمْرو الْعَدْوى أَبُو رِفَاعَة: قال الخطيب: ثقة. وقال ابن حبان: كان يُخطئ.

(5)

2) مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ: قال العقيلي، والأزدي: منكر الحديث. وقال ابن عبد البر: ضعيف.

(6)

3) مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: قال ابن حجر: رأس المُتقنين وكبير المُتثبتين.

(7)

4) رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التيمي، واسم أبيه فَرُّوخ: قال ابن حجر: ثقة فقيه مشهور.

(8)

5) سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بن حَزْن بن أبي وهب: قال ابن حجر: أحد العلماء الفقهاء الأثبات الكبار.

(9)

6) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

7) عُمَر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي رضي الله عنه: "صحابي".

(10)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عبد الله بْنِ عُمَر، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: عَنْ عبد الله بْنِ عُمَرَ مرفوعاً.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 333.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 308.

(3)

يُنظر "العلل" لأحمد رواية ابنه عبدالله 2/ 290، "الضعفاء" لأبو زرعة الرازي 3/ 844، "الثقات" لابن حبان 6/ 50.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 551، 550.

(5)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 369، "تاريخ بغداد" 11/ 283.

(6)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 9/ 75، "الضعفاء" للعقيلي 4/ 72، "لسان الميزان" لابن حجر 7/ 170.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

(8)

يُنظر "التقريب" صـ 147.

(9)

يُنظر "التقريب" صـ 181.

(10)

يُنظر "الإصابة" 7/ 312.

ص: 433

ورواه عَنْ ابْنِ عُمَرَ بهذا الوجه: نَافِع مولي ابن عمر. وتابع نَافِع علي هذا الوجه: سالِم بن عبد الله.

الوجه الثاني: عَبْد الله بْن عُمَر، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي.

ولم يروه عَنْ ابْنِ عُمَرَ بهذا الوجه إلا: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَر.

قلت: ورواية أَبُو بَكْرِ بْنُ عمر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جد أبيه ابْنِ عُمَرَ منقطعة.

الوجه الثالث: عَبد الله بْن عُمَر، عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب.

ولم يروه عَنْ ابْنِ عُمَرَ بهذا الوجه إلا: سَعِيد بْن الْمُسَيِّب. قلت: فيه: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ: قال العقيلي، والأزدي: منكر الحديث، وقال ابن عبد البر: ضعيف.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) أن نافع من أثبت الناس في ابن عمر.

2) أن سالم بن عبد الله تابع نافع علي رواية هذا الوجه عن عبدالله بن عمر.

3) أن الوجه الثاني: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي. فيه: أَبُو بَكْرِ بْنُ عمر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ لم يسمع من ابْنِ عُمَرَ فبينهما انقطاع. وكذلك الوجه الثالث: فيه: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ: ضعيف الحديث.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني: "إسناده حسن" لأجل يَحْيَى بْن سُلَيْم، وعَبْد اللَّه بْن عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ: فصدوقان.

قلت: وللحديث شواهد في الصحيحين: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ.

(1)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ رضي الله عنه قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الحسن إلي الصحيح لغيره، والله أعلم

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو حَصِينٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. ذَكَرُوا فِي مَعْنَاهُ قَوْلَيْنِ

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ب/ فَضْلِ مَا بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ (1195). ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ (1390).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة ب/ فَضْلِ مَا بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ (1196). ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ (1391).

ص: 434

أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِعَيْنِهِ يُنْقَلُ إِلَى الْجَنَّةِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهِ تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي الْمُرَادِ بِبَيْتِي هُنَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْقَبْرُ قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ كَمَا رُوِيَ مُفَسَّرًا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي وَالثَّانِي الْمُرَادُ بَيْتُ سُكْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَرُوِيَ مَا بَيْنَ حُجْرَتِي وَمِنْبَرِي. قَالَ الطبري: والقولان متفقان لِأَنَّ قَبْرَهُ فِي حُجْرَتِهِ وَهِيَ بَيْتُهُ. قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي. قَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ مِنْبَرُهُ بِعَيْنِهِ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ وَأَنْكَرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ غَيْرَهُ قَالَ وَقِيلَ إِنَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْبَرًا عَلَى حَوْضِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ قَصْدَ مِنْبَرِهِ وَالْحُضُورَ عِنْدَهُ لِمُلَازَمَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يُورِدُ صَاحِبَهُ الْحَوْضَ ويقتضي شربه منه والله أعلم.

(1)

قلت: وردت بعض روايات هذا الحديث بلفظ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي، وبعضها بلفظ: مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي.

فذهب بعض العلماء إلي أن الرواية الصحيحة هي رواية: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي. وأن رواية: مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي: إنما هي رواية بالمعني باعتبار أن النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم قد دُفِن في بيته فصار بيته هو قبره. وعلي هذا فرواية: مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي إخبار على ما كان الأمر عليه بعد ذلك. وذهب بعض العلماء إلي أن الله أَعْلَمَ نبيه بالموضع الذي يموت فيه وأنه سيدفن في بيته فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ. قلت: وفي هذا إشارة إلي صحة الروايات التي جاءت بلفظ: مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي.

فقال ابن تيمية: وَالثَّابِتُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. هَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحِ وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَقَالَ قَبْرِي، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَكُنْ قَدْ قُبِرَ بَعْدُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ لَكَانَ نَصًّا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. وَلَكِنْ دُفِنَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ.

(2)

وقال أيضاً: قَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. هَذَا لَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظُ " قَبْرِي " لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ قَبْرٌ.

(3)

وقال ابن حجر: قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ لَمَّا ذَكَرَ فَضْلَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ بِقَاعِ الْمَسْجِد أفضل من بعض وَتَرْجَمَ بِذِكْرِ الْقَبْرِ وَأَوْرَدَ الْحَدِيثَيْنِ بِلَفْظِ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْقَبْرَ صَارَ فِي الْبَيْتِ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ الْقَبْرِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بَيْتِي وَيُرْوَى قَبْرِي وَكَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ دُفِنَ فِي بَيْتِ سُكْنَاهُ.

(4)

وقال العيني: قوله: مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة. قيل الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث غير تَامَّة لِأَن الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة الْقَبْر وَفِي الحَدِيث الْبَيْت وَأجِيب بِأَن الْقَبْر فِي الْبَيْت لِأَن المُرَاد بَيت سكناهُ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دفن فِي بَيت سكناهُ. قَوْله: بَيْتِي هُوَ الصَّحِيح من الرِّوَايَة ورُوى

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 9/ 161، 162.

(2)

يُنظر "مجموع الفتاوي" 1/ 236.

(3)

يُنظر "مجموع الفتاوي" 27/ 325.

(4)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 3/ 70.

ص: 435

مَكَانَهُ قَبْرِي وَجعله بَعضهم تَفْسِير لبيتي قَالَه زيد بن أسلم.

(1)

وممن ذهب إلي القول الثاني: ابن رجب فقال: وأما علم النفس بما تكسبه غداً، وبأي أرض تموت .... فهذا على عمومه لا يعلمه إلا الله. وأما الاطلاع على بعض أفراده، فإن كان باطلاع من الله لبعض رسله، كان مخصوصاً من هذا العموم، كما أطلع النبي صلى الله عليه وسلم على كثير من الغيوب المستقبلة، وكان يخبر بها

ومن ذلك إخباره صلى الله عليه وسلم أنه مقبوض من مرضه. وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة. وهو دليل على أنه علم موضع موته ودفنه. وقد روي عنه أنه قال: لم يقبض نبي إلا دفن حيث يقبض.

(2)

وقال أبو المحاسن جمال الدين المَلَطى الحنفي: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة لأن الله تعالى اختصه بأن أعلمه ما أخفي عمن سواه من الأرض التي يموت فيها حتى أعلم بذلك أمته في قوله: ما بين قبري ومنبري روضة. إخبار عن أمر محقق مشاهد له لا عن أمر سيصير كذلك فاندفع بذلك ما يقال لا يلزم منه علم موضع قبره ولأن قوله: ما بين بيتي ومنبري. في رواية وفي رواية بين قبري ومنبري يدل على أن بيته قبره فافهم.

(3)

وقَالَ الآجُرِّيّ: اعْلَمُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْفَنُ فِي بَيْتِهِ بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يُدْفَنَانِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَا قَبَضَ اللَّهُ تبارك وتعالى نَبِيًّا إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُدْفَنُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَسَتَأْتِي مِنَ الْأَخْبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ يُدْفَنُ فِي بَيْتِهِ بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يُدْفَنَانِ مَعَهُ.

(4)

(1)

يُنظر "عمدة القارئ" للعيني 7/ 261.

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن رجب 9/ 272، 271.

(3)

يُنظر "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار" 1/ 8.

(4)

يُنظر "الشريعة" 5/ 2352.

ص: 436

[84/ 734]ــــ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى، صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ قَالَ: نا مَيْمُونُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: نا صَالِحٌ، صَاحِبُ الْقَلَانِسِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَالِحٍ إِلَّا مَيْمُونٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الحَسَن البَصْرِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: الْحَسَن البَصْرِي، عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُغَفَّلٍ مرفوعاُ.

ورواه عَنْ الْحَسَن البَصْرِي بهذا الوجه: صالِحٌ بنُ رُسْتُمَ المُزَنِي، وحُمَيْد بْن أَبِي حُمَيْد الْخَيَّاط.

أما طريق صالِح بن رُسْتُمَ المُزَنِي: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ.

وأما طريق حُمَيْد بْن أَبِي حُمَيْد الْخَيَّاط وهو حُمَيْد بْن مِهْرَان: أخرجه خليفة بن خياط في "مسنده"(1/ 62)، والروياني في "مسنده"(2/ 88 رقم 873)، والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 210)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 194)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 55).

الوجه الثاني: الْحَسَنُ البَصْرِيُّ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ موقوفاً.

أ - تخريج الوجه الثاني: ورواه عَنْ الْحَسَن البَصْرِي بهذا الوجه: حَبِيب بْن الشَّهِيد، والْمُبَارَك بْن فَضَالَة.

أما طريق حَبِيب بْن الشَّهِيد: أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة"(1/ 363 رقم 784)، وأبو عبد الله المَرْوَزِي في "تعظيم قدر الصلاة" ب/ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي أَنَّ سِبَابَ مُسْلِمٍ فُسُوقٌ وَقِتَالَهُ كُفْرٌ (2/ 1021 رقم 1095)، وأبو بكر الخلال في "السنة" ب/ مُنَاكَحَة الْمُرْجِئَة (4/ 166 رقم 1436).

وأما طريق الْمُبَارَك بْن فَضَالَة من أصح الأوجه عنه

(2)

: أخرجه أبو عبد الله المَرْوَزِي في "تعظيم قدر الصلاة" ب/ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءت فِي أَن سِبَاب مُسْلِم فُسُوق وَقِتَالَهُ كُفْر (2/ 1022 رقم 1096).

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع الْحَسَن علي هذا الوجه: أَبو إِسْحَاق السبيعي، وأَبو الزَّعْرَاء الكُوفِي.

فأما متابعة أَبو إِسْحَاقَ السبيعي من أصح الأوجه عنه:

(3)

أخرجها النسائي في "السنن الكبرى" ك/

(1)

(ق/ 42/ ب).

(2)

أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(38)، والشاشي في "مسنده"(731)، والطبراني في "الدعاء"(2041)، وفي "الكبير"(10105)، عَنْ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ مرفوعاً.

(3)

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(304)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 288)، وفي "تلخيص المتشابه في الرسم"(1/ 32). عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ مرفوعاً. قلت: وأخرجه البزار في "مسنده"(2076)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1325)، عَنْ إِدْرِيسُ بن يزيد الْأَوْدِيُّ. وابن ماجة في "سننه"(46)، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، كلاهما (إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ، ومُوسَى بْنِ عُقْبَةَ) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ ابْنَ مَسْعُودٍ مرفوعاً. قلت: وفيه أَبو إِسْحَاقَ السبيعي: ثقة يدلس ولم يصرح بالسماع. قلت: قال الدارقطني: وَالْمَوْقُوفُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ أَصَحُّ. يُنظر "العلل" 5/ 324.

ص: 437

المحاربة ب/ قِتَال الْمُسْلِم (3/ 459 رقم 3556، 3555)، وفي "الصغرى" ك/ تحريم الدم ب/ قِتَالُ الْمُسْلِمِ (7/ 121 رقم 4106، 4105)، وأبو بكر الخلال في "السنة" ب/ مُنَاكَحَة الْمُرْجِئَة (4/ 114 رقم 1295)، كلهم عَنْ شُعْبَة، عَنْ أَبي إِسْحَاق، عَنْ أَبِي الْأَحْوَص، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ موقوفاً، بنحوه.

وأما متابعة عمرو بن عمرو بن مَالك بن نَضْلَة الْجُشَمِي، أَبي الزَّعْرَاءِ الكُوفِيٌ ابن أخي أبي الْأَحْوَص:

أخرجها النسائي في "الكبرى" ك/ المحاربة ب/ قِتَال الْمُسْلِم (3/ 459 رقم 3557)، وفي "الصغرى" ك/ تحريم الدم ب/ قِتَالُ الْمُسْلِمِ (7/ 122 رقم 4107)، وأبو بكر الخلال في "السنة" ب/ مُنَاكَحَة الْمُرْجِئَة (4/ 167 رقم 1440)، كلهم عَنْ ابْن عُيَيْنَة، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ ابْنَ مَسْعُودٍ موقوفاً به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى بن كَثِير، أَبي مَالك الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: مَيْمُون بْن زَيْد، وأبو عوَانَة، ومطر بن عبد الرَّحْمَن، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، وأَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال أبو حاتم: محله الصدق وكان يتشيع.

وَقَالَ الْأَزْدِيّ عِنْده مَنَاكِير. وَكَانَ عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم ينْهَى النَّاس عَن الْأَخْذ عَنه. وحاصله "صدوق".

(1)

3) مَيْمُونُ بْنُ زَيْد، أَبُو إِبْرَاهِيم السَّقَّاء البَصْريُّ.

روي عن: ليث بن أبي سليم، والْحَسَن بْن ذَكْوَان، وغيرهم.

روي عنه: كَثِير بْن يَحْيَى، وعمرو بن علي الفَلاَّس، وسريج بن النعمان، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يُخطئ. وقال أبو بكر البزار: لَيْسَ بِهِ بَأْس.

وقال أبو حاتم: لين الحديث. وقَال الْأَزْدِيّ: كثير الْخَطَأ فِيهِ ضعف. وحاصله أنه "ضعيف يُعتبر به".

(2)

4) صالِحٌ بنُ رُسْتُمَ المُزَنِيُّ، أَبُو عَامِر البَصْرِيُّ.

(1)

"الضعفاء" لأبو زرعة 3/ 925، "الجرح والتعديل" 7/ 158، "الثقات" 9/ 26، "ميزان الاعتدال" 3/ 410، "الإكمال في ذكر من له رواية في مسند أحمد من الرجال" لأبو المحاسن بن حمزة الحسيني 1/ 359، "تعجيل المنفعة" لابن حجر 2/ 148.

(2)

يُنظر "مسند البزار" 11/ 146، "الجرح والتعديل" 8/ 239، "الثقات" 9/ 173، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 153.

ص: 438

روي عن: الحَسَن البَصْرِي، وعبد الله بْنِ أَبِي مُلَيْكَة، وَيَحْيَى بن أَبِي كَثِيْر، وغيرهم.

روي عنه: مَيْمُون بْن زَيْد أَبُو إِبْرَاهِيم السَّقَّاء، ويَحْيَى القَطَّان، وَابْن مَهْدِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أَبُو دَاوُد الطيالسي، وأَبُو داود السجزي، وأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِي، ومحمد بن وضاح، والبزار، والحاكم: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون، وابن شاهين فِي الثقات. وقال ابن خلفون: أرجو أن يكون صدوقاً في الحديث. وقال ابن حبان في المشاهير: من الحفاظ الذين كانوا يُخْطِؤن.

- وقال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ. وَقَالَ أَحْمَدَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وقال الذهبي: هو كما قال أحمد. وَقَالَ ابنُ مَعِيْنٍ: صادق الحديث. وقال العجلي: جَائِز الحَدِيث.

- وَقَالَ ابْنُ عَدِي: لَا بَأْسَ بِهِ، وَهو عزيز الحديث، وقد روى عنه يَحْيى القطان مع شدة استقصائه، ولم أر له حديثاً منكراً جداً. وقال الذهبي: احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، واستشهد به البخاري في الصحيح، وروى له الباقون.

- وَقَالَ ابنُ مَعِيْنٍ مرة، وابن المديني: ضَعِيْفٌ. وقال ابن حجر مرة: فيه ضعف. وَقَال الدَّارَقُطْنِيُّ، وأبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ يُكْتَب حَدِيْثُ، ولا يحتج به.

- وقَاَل ابنُ مَعِيْنٍ مرة، وابن المديني: ليس بشيء. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

5) الحَسَنُ البَصْرِيُّ وهو: الحَسَنُ بنُ أَبِي الحَسَنِ، واسمه يَسَارٍ البَصْرِيُّ، أَبُو سَعِيْدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ ويُقال: مولى جابر بْن عَبد اللَّه وَأُمُّه خَيْرَةُ مَوْلَاةً أُمِّ سَلَمَةَ زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

روي عن: عَبْد اللَّه بْن مُغَفَّل، وَأَنَس بْن مَالِك، وأمه أُم الحَسَن خَيْرَة، وغيرهم.

روي عنه: صالِح بن رُسْتُم، أَبُو عَامِر الْخَزَّازُ، وأَيُّوْب السختياني، وَثَابِت البُنَانِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابنُ سَعْدٍ، والعجلي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابنُ سَعْدٍ: كَانَ عَالِماً، رَفِيْعاً، حُجَّةً، مَأْمُوْناً. وزاد العجلي: رجل صالح، صاحب سنة. وزاد ابن حجر: فقيه فاضل مشهور. وذكره ابن حبان في الثقات.

وصفه بالإرسال: قال العلائي: قال أحمد: ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن، وعطاء ابن أبي رباح فإنهما كانا يأخذا عن كل أحد، وقد خالفهم أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فقال: كُلُّ شَيْءٍ قَالَ الحَسَنُ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدْتَ لَهُ أَصْلاً ثَابِتاً، مَا خَلَا أَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ. وذكر ابن أبي خيثمة عن ابن معين أنه قال: إذا روى الحسن، وابن سيرين عن رجل فسمياه فهو ثقة فيحتمل هذا أنهما كانا لا يرويان إلا عن ثقة عندهما سواء كان مسنداً أو مرسلاً ويحتمل أن ذلك فيمن ذكراه باسمه فأما من أرسلا عنه فجاز أن يكون كذلك وأن يكون ضعيفاً وهذا هو الأظهر وفيه جمع بين الأقوال كلها.

وصفه بالتدليس: قال العلائي: كثير التدليس، والإرسال، وذكره في المرتبة الثالثة من مراتب الموصوفين

(1)

"سؤالات ابن الجنيد لابن معين" 1/ 420، "الثقات" للعجلي 1/ 463، "الضعفاء" للعقيلي 2/ 203، "الجرح والتعديل" 4/ 403، "الثقات" 6/ 457، "المشاهير" 1/ 181، "الكامل" 5/ 111، "الثقات" لابن شاهين 1/ 117، "تهذيب الكمال" 13/ 47، "السير" 7/ 28، "ميزان الاعتدال" 2/ 294، "الإكمال" 6/ 330، "المطالب العالية" 2/ 330، "التقريب" صـ 213.

ص: 439

بالتدليس، وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية. وقال الذهبي: وَالحَسَنُ مَعَ جَلَالَتِهِ: فَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَمَرَاسِيْلُهُ لَيْسَتْ بِذَاكَ، قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا أَعْرَضَ أَهْلُ الصَّحِيْحِ عَنْ كَثِيْرٍ مِمَّا يَقُوْلُ فِيْهِ الحَسَنُ عَنْ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا قَدْ ثَبَتَ لُقِيُّهُ فِيْهِ لِفُلَانٍ المُعَيَّنِ، لأَنَّ الحَسَنَ مَعْرُوْفٌ بِالتَّدْلِيْسِ، وَيُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ، فَيَبْقَى فِي النَّفْسِ مِنْ ذَلِك. وحاصله أنه "ثقة كثير التدليس والإرسال فلا يُقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع.

(1)

6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ بن عبد غنم، وقيل بنِ عَبْدِ نَهْمٍ بنِ عَفِيْفٍ المُزَنِيُّ، أَبُو سَعِيْدٍ، وَقِيْلَ: أَبُو زِيَادٍ. روي عَن: النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأَبي بَكْر الصِّدِّيق، وعثمان بْن عفان، وغيرهم.

روي عنه: الحَسَن البَصْرِي، وَسَعِيْد بن جُبَيْر، وَثَابِت البُنَانِي، وَغَيْرُهُمْ.

كَانَ رضي الله عنه من أصحاب الشجرة، سكن المدينة، ثُمَّ تحول إِلَى البصرة وابتنى بها دارًا، قرب الجامع، وكان أحد البكائيين في غزوة تبوك الَّذِي أنزل اللَّه عز وجل فيهم:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)}

(2)

وشهد بيعة الشجرة، فقَالَ: كُنْتُ آخُذُ بِبَعْضِ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَنَا أَنْ لَا نَفِرَّ.

(3)

‌ثانياً: دراسة سناد الوجه الثاني: "إسناد عبد الله بن أحمد في السنة

".

1) أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني: قال ابن حجر: "ثقة حافظ فقيه حجة".

(4)

2) يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَبُو سَعِيد المدني:"ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

3) حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ الأزدي أَبُو مُحَمَّد البَصْرِيّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (20).

4) الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "ثقة كثير التدليس والإرسال فلا يُقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) عَوْف بن مَالك بن نَضْلَة الْجُشَمِي، أَبُو الْأَحْوَص:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

6) عَبْدُ اللَّه بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الحَسَن البَصْرِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: الْحَسَن البَصْرِي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُغَفَّل مرفوعاً.

ورواه عَن الْحَسَن البَصْرِي بهذا الوجه: صالِح بن رُسْتُمَ المُزَنِي، وحُمَيْد بْن مِهْرَان.

(1)

"العلل" لابن المديني 1/ 51، "الجرح والتعديل" 3/ 40، "الثقات" 4/ 122، "سؤالات السلمي للدارقطني" 1/ 365، "تهذيب الكمال" 6/ 95، "السير" 4/ 563، "جامع التحصيل" 1/ 162، 113، 89، "طبقات المدلسين" 1/ 29، "التقريب" صـ 99.

(2)

سورة التوبة آية رقم: 92.

(3)

يُنظر "معجم الصحابة" للبغوي 4/ 119، "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 123، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 4/ 1780، "الاستيعاب" 3/ 996، "أسد الغابة" 3/ 395، "السير" 2/ 483، "الإصابة" 6/ 387.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 23.

ص: 440

قلت: والطريق إلي صالِح بن رُسْتُم المُزَنِي، وحُمَيْد بْن مِهْرَان، عَنْ الْحَسَنِ بهذا الوجه: ضعيف.

الوجه الثاني: الْحَسَنُ البَصْرِيُّ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ موقوفاً.

ورواه عَنْ الْحَسَن بهذا الوجه: حَبِيب بْن الشَّهِيد، والْمُبَارَك بْن فَضَالَة، وتابع الْحَسَن البَصْرِي علي هذا الوجه: أَبو إِسْحَاق السبيعي من أصح الأوجه عنه، قلت: وأَبو إِسْحَاق: ثقة يُدلس لكنه صرح بالسماع في هذا الوجه. وتابع الْحَسَن أيضاً: أَبو الزَّعْرَاءِ الكُوفِي ابن أخي أبي الْأَحْوَص.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) المتابعات: فقد تابع الْحَسَن علي هذا الوجه: أَبو إِسْحَاقَ السبيعي، وأَبو الزَّعْرَاءِ الكُوفِي.

2) ترجيح الأئمة:

- قال العقيلي بعد إخراجه للوجهين مرفوعاً، وموقوفاً، فقال عن الوجه الموقوف: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْلَى.

(1)

- وقال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ نَصْر بْنُ علي، عن مَرْزُوقِ بْنِ مَيْمون النَّاجي، عَنْ حُمَيد بْنِ مِهْران، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عبد الله بن مُغَفَّل، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سِبَابُ المُسْلِم فُسُوقٌ، وقِتَالُه كُفْرٌ؟ فقَالَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: الحَسَنُ، عَنْ أَبِي الأَحْوَص، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفٌ.

(2)

- وقال الدارقطني: وَالْمَوْقُوفُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ أَصَحُّ.

(3)

- وقال ابن منده: وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ، وَأَبُو الزَّعْرَاءِ، وَالْأَسْوَدُ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا، وَفِي رَفْعِ مَنْ رَفَعَهُ شَيْءٌ.

(4)

- وقال ابن تيمية: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَهَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.

(5)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: مَيْمُون بْن زَيْد السَّقَّاء: ضعيف.

وأما الحديث من حيث الوجه الثاني ــــ الراجح ـــــ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفَاً: إسناده "صحيح" والله أعلم.

قلت: وللحديث بالوجه الراجح متابعات في الصحيحين وغيرهما عَنْ ابْنِ مَسْعُود مرفوعاً.

(1)

يُنظر "الضعفاء" للعقيلي 4/ 210.

(2)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 554.

(3)

يُنظر "العلل" للدارقطني 5/ 324.

(4)

يُنظر "الإيمان" لابن منده 2/ 672.

(5)

يُنظر "الفتاوي" لابن تيمية 6/ 78.

ص: 441

فعَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقٌ بن سلمة، عَنْ ابْنِ مَسْعُود، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ.

(1)

وعلي هذا فيرتقي الحديث من وجهه الراجح بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَالِحٍ إِلَّا مَيْمُونٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْله صلى الله عليه وسلم: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. السَّبُّ فِي اللُّغَةِ الشَّتْمُ وَالتَّكَلُّمُ فِي عِرْضِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَعِيبُهُ وَالْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الشَّرْعِ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَسَبُّ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّا قِتَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ كُفْرًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الْمِلَّةِ إِلَّا إِذَا اسْتَحَلَّهُ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا: أَنَّهُ فِي الْمُسْتَحِلِّ. وَالثَّانِي: أَنَّ المراد كفر الاحسان والنعمة وأخوة الاسلام لا كفر الجحود. والثالث: أنه يؤول إِلَى الْكُفْرِ بِشُؤْمِهِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ كَفِعْلِ الْكُفَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ إِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قِتَالِهِ الْمُقَاتَلَةُ الْمَعْرُوفَةُ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُشَارَّةُ وَالْمُدَافَعَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(2)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ (48). وفي ك/ الأدب ب/ مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ (6044)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ بَيَانِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ (64).

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 2/ 53.

ص: 442

[85/ 735]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى التِّنِّيسِيُّ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مَاهَانَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا ابْنُ آدَمَ» ، وَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ ذَقْنِهِ، ثُمَّ بَسْطَ يَدَهُ، فَقَالَ:«هَذَا أَمَلُهُ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ، وَلَا عَنْ مُصْعَبٍ إِلَّا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه أبو القاسم الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترغيب" ب/ في الترهيب من طول الأمل (1/ 149 رقم 171)، عَنْ أَحْمَد بْن عِيسَى التِّنِّيسِي، عَنْ عَمْرُو بْن أَبِي سَلَمَة، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مَاهَانَ، عَنْ الثَّوْرِيِّ به، وفيه: ووضع يده عند قفاه بدلاً من: وَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ ذَقْنِهِ.

وابن المبارك في "الزهد" ب/ النَّهْيِ عَنْ طُولِ الْأَمَل (1/ 85 رقم 252)، ومن طريقه ـــــ الترمذي في "سننه" ك/ الزهد ب/ مَا جَاءَ فِي قِصَرِ الأَمَل (4/ 568 رقم 2334)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الرَّقَائِق (10/ 377 رقم 11763)، وابن حبان في "صحيحه" ك/ الجنائز فصل في الأمل: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَقْرِيبِ أَجَلِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَتَبْعِيدِ أَمَلِهِ عَنْهَا (7/ 263 رقم 2998)، والبغوي في "سننه" ك/ الرقاق ب/ طُولِ الأَمَلِ وَالْحِرْصِ (14/ 285 رقم 4092) ــــــ.

وعفان بن مسلم في "أحاديثه"(1/ 129 رقم 178)، ومن طريقه ــــــ أحمد في "مسنده"(19/ 431 رقم 12444)، (21/ 260 رقم 13697) ــــــ.

وأحمد في "مسنده"(19/ 267 رقم 12238) عَنْ يَزِيد بن هارون.

وفي "مسنده"(19/ 381 رقم 12387) عَنْ بَهْز بن أسد.

وابن ماجة في "سننه" ك/ الزهد ب/ الْأَمَلِ وَالْأَجَل (5/ 309 رقم 4232) عَنْ النَّضْر بْن شُمَيْل.

وابن أبي الدنيا في "قصر الأمل"(1/ 31 رقم 9) عَنْ مُحَمَّد بْن سَلَّام الْجُمَحِي.

كلهم: الثَّوْرِي، وعَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك، وعَفَان بْن مُسْلِم، ويَزِيد بن هَارُون، وبَهْز بن أسد، والنَّضْر بْن شُمَيْل، ومُحَمَّد بْن سَلَّام الْجُمَحِي، عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر، عَنْ أَنَس به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن البَخْتَرِيّ الْحَسَّانِيُّ،

(1)

أَبُو عَبْد اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ الضرير.

(1)

الْحَسَّانِيُّ: بفتح الحاء والسين المشددة المهملتين وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى حسان وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه، ومن المشهورين بهذه النسبة: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن البَخْتَرِيّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 4/ 135.

ص: 443

روي عَنْ: أَحْمَد بْن عِيسَى التِّنِّيسِي، ووكيع بْن الجراح، ويزيد بْن هارون، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيّ الْأَبَّار، والتِّرْمِذِي، وابن ماجه، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الدّارَقُطْني، والذهبي: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

وقال أبو حاتم، وأَحْمَد بْن سنان، ومحمد بْن محمد الباغَنْدي، وابن حجر: صدوق، وزاد أَحْمَد بْن سنان: ليس به بأس. وزاد الباغَنْديّ: كَانَ خيراً مرضياً. وحاصله أنه "ثقة" والله أعلم.

(1)

3) أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بن زيد اللّخميُّ الخشّاب التِّنِّيسِيُّ

(2)

المصري.

روي عن: عُمَرُو بْن أَبِي سَلمَة، وَعبد اللَّه بن يُوسُف، وأبي حَفْص التِّنِّيسِيُّ، وغيرهم.

روي عنه: مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْوَاسِطِي، وعيسى بْن أَحْمَد الصُوفي، وموسى بْن الْعَبَّاس، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الدّارَقُطْنيّ، وابن حجر: ليس بالقوي.

وقال ابن يونس المصري: كان مضطرب الحديث جداً. وَقَالَ ابْن عدي: له مناكير حدث بِأَحَادِيث لَا يحدث بهَا غَيره. وقال ابن حبان: يروي عَن المجاهيل الْأَشْيَاء الْمَنَاكِير وَعَن الْمَشَاهِير الْأَشْيَاء المقلوبة لَا يَجُوز عِنْدِي الِاحْتِجَاج بِمَا انْفَرد بِه. قلت: وذكر له حديثان وحكم عليهما بالوضع.

وَقَالَ مُحَمَّد بن طَاهِر، ومسلمة بن قاسم: كَذَّاب يضع الحَدِيث. قلت: ومن أحاديثه التي حكم العلماء عليه بالوضع: حديث: الأُمَنَاءُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلاثَةٌ: جِبْرِيلُ وَأَنَا وَمُعَاوِيَةُ. قَالَ ابن عدي: هَذَا الْحَدِيثُ بَاطِلٌ بِهَذَا الإسناد وبغير هذا الإسناد، وقال النَّسَائِي، والذهبي: مَوْضُوعٌ، وكذلك حديث: إِنَّ لِلْقَلْبِ فَرْحَةً عِنْد أكل اللَّحْم ومادام الْفَرَحُ بِأَحَدٍ إِلا أَشَرَّ وَبَطَرَ فَمَرَّةً وَمَرَّةً. قال ابن حبان: مَوْضُوع. وحاصله أنه "متهم بالوضع".

(3)

4) عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ، أَبُو حَفْصٍ الدِّمشقيُّ.

روي عن: الْأَوْزَاعِي، وَمَالِك بن أَنَسٍ، ومُصْعَب بْن مَاهَان، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عِيسَى التِّنِّيسِيُّ، وأَحْمَد بْن صالح المِصْرِي، ومحمد بْن يحيى الذهلي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن يونس المصري، وابن منده، والذهبي: ثِقَة. وذكره ابن حبان في الثقات. وَقَال الوليد بن بكر الأندلسي: أحد أصحاب الحديث. روى له الجماعة.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل"7/ 190، "الثقات"9/ 118، "تهذيب الكمال"24/ 471، "الكاشف"2/ 157، "تاريخ الإسلام"6/ 164، "التقريب" صـ 404.

(2)

تِنِّيس: بكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوق وكسر النون المشددة والياء المنقوطة باثنتين من تحتها والسين غير المعجمة، بلدة من بلاد ديار مصر في وسط البحر والماء بها محيط، وهي من كور الخليج، وسميت بتِنِّيس بن حام بن نوح، وهي من كور الريف، كان منها جماعة من المحدثين والعلماء، منهم: أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الخشّاب التِّنِّيسِيُّ. "الأنساب" 3/ 96.

(3)

يُنظر "تاريخ ابن يونس" 1/ 19، "المجروحين" 1/ 146، "الكامل" 1/ 314، "الضعفاء والمتروكون" للدّارَقُطْنيّ 1/ 131، "تذكرة الحفاظ" لابن طاهر المقدسي 1/ 125، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 1/ 83، "تاريخ الإسلام" 6/ 490، "التقريب" 1/ 23، "لسان الميزان" 1/ 568، "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي 1/ 381.

ص: 444

- وقال الذهبي مرة، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: له أوهام.

- وقال ابن معين، والسَّاجِي: ضعيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكتب حديثه ولَا يحْتَج بِهِ. وقال العقيلي: فِي حَدِيثِهِ وَهْمٌ.

- وَقَال حميد بن زنجويه: لما رجعنا من مصر دخلنا على أحمد، فقال: مررتم بأبي حفص عَمْرو بن أَبي سلمة؟ قال: فقلنا له: وما كان عنده، إنما كان عنده خمسون حديثًاً والباقي مناولة. فقال: والمناولة كنتم تأخذون منها وتنظرون فيها. وقال أَحْمَد بْن صَالِح المِصْرِي: كَانَ حسن المذهب، وكان عنده شيء سمعه من الأَوزاعِيّ، وشيء عرضه عليه، وشيء أجازه له فكان يقول فيما سمع: حَدَّثَنَا الأَوزاعِيّ ويقول في الباقي عن الأَوزاعِيّ. وحاصله أنه "صدوق له أوهام" والله أعلم.

(1)

5) مُصْعَبُ بْنُ مَاهَان المَرْوَزِيُّ العسْقلانيُّ.

روي عن: سُفْيَان الثَّوْرِي، وداود بْن نصير الطائي، وعباد بْن كثير البَصْرِي، وغيرهم.

روي عنه: عَمْرُو بْن أَبِي سَلَمَة التِّنِّيسِي، وزهير بْن عباد الرؤاسي، وسَعِيد بن نصير، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، وابن وضاح: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الذهبي، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: كثير الخطأ.

وقال أحمد: كَانَ رجلا صالحا، وأثنى عليه خيراً. وَقَالَ جَاءَنِي إِنْسَانٌ مَرَّةً بِكِتَابٍ عَنْهُ، فَإِذَا كَثِير الْخَطَأ، فَإِذَا أَخَالُ مِنَ الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ، فَلَمَّا نَظَرْتُ بَعْدُ فِي حَدِيثِهِ، فَإِذَا أَحَادِيثُهُ مُتَقَارِبَةٌ، وَفِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْخَطَأِ. وقال أَبو حَاتِم مرة: شيخ.

وقال العقيلي: له أحاديث لَا يُتَابِعُه عَلَيْهِ أَحَد، وَلَهُ عَنِ الثَّوْرِي غَيْرُ حَدِيث لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. وقال ابن عدي: حدث عن الثَّوْري وغيره بأسانيد ومتون لا تُعرف، ولَا يرويها غيره، قَالَ وروى عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة التنيسي، عن مصعب بْن ماهان، عن الثَّوْريّ أحاديث غير محفوظة منكرة، وهذه الأحاديث مناكير لا تحفظ عن الثَّوْري إلاَّ أَنَّهُ رواه مصعب، عَنْهُ، وعن مصعب، عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

6) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

7) حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنِّ. تقدم في حديث رقم (8).

8) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَبُو مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ.

روي عن: جَدِّه أَنَس بْن مَالِك، وأبيه أَبو بَكْرِ بْنِ أَنَس.

(1)

يُنظر "الضعفاء" للعقيلي 3/ 272، "الجرح والتعديل" 6/ 235، "الثقات" لابن حبان 8/ 284، "تاريخ دمشق" 46/ 60، "تهذيب الكمال" 22/ 51، "المغني في الضعفاء" للذهبي 2/ 145، "الإكمال" 10/ 183، "التقريب" صـ 359.

(2)

يُنظر "الضعفاء" للعقيلي 4/ 198، "الجرح والتعديل" 8/ 308، "الثقات" لابن حبان 9/ 175، "الكامل" لابن عدي 8/ 85، "تهذيب الكمال" 28/ 39، "المغني في الضعفاء" للذهبي 2/ 409، "الإكمال" 11/ 218، "التقريب" صـ 466.

ص: 445

روي عنه: حَمَّاد بْن سَلَمَة، وحَمَّاد بْن زيد، وشُعْبَة بن الحجاج، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَحْمَد، وابْن مَعِين، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن خلفون، وابن شاهين فِي الثقات. وقَال أَبُو حاتم: صَالِح. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

9) أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف جداً" فيه: أَحْمَد بْن عِيسَى الخشّاب التِّنِّيسِي: متهم بالوضع.

قلت: وقد صح الحديث من طرقٍ أخري عن أنس:

أخرجها أحمد، والترمذي وغيرهما عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ عُبَيْد الله بْن أَبِي بَكْر، عَنْ أَنَس بْن مَالِك. كما سبق بيان ذلك في التخريج. وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي البَاب عَنْ أَبِي سَعِيد.

(2)

قلت: وأخرجه البخاري في "صحيحه" عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُطُوطًا، فَقَالَ: هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الخَطُّ الأَقْرَبُ.

(3)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ، وَلَا عَنْ مُصْعَبٍ إِلَّا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله: قوله: هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا هَذَا مَثَلُ ابن آدَمَ وَمَثَلُ التَّمَنِّي وَذَلِكَ الْخَطُّ الْأَمَلُ بَيْنَمَا يَأْمُلُ إِذْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَإِنَّمَا جَمَعَ الْخُطُوطَ ثُمَّ اقْتَصَرَ فِي التَّفْصِيلِ عَلَى اثْنَيْنِ اخْتِصَارًا وَالثَّالِثُ الْإِنْسَانُ وَالرَّابِعُ الْآفَاتُ. وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَن أنس بِلَفْظ هَذَا ابن آدَمَ وَهَذَا أَجَلُهُ وَوَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ قَفَاهُ ثُمَّ بَسَطَهَا فَقَالَ وَثَمَّ أَمَلُهُ وَثَمَّ أَجَلُهُ أَي إِنَّ أَجَلَهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ أَمَلِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قُلْتُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَرَزَ عُودًا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ غَرَزَ إِلَى جَنْبِهِ آخَرَ ثُمَّ غَرْزَ الثَّالِثَ فَأَبْعَدَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ وَهَذَا أَمَلُهُ وَالْأَحَادِيثُ مُتَوَافِقَةٌ عَلَى أن الأجل أقرب من الأمل.

(4)

(1)

"الجرح والتعديل"5/ 309، "الثقات"5/ 65، "الثقات" لابن شاهين 1/ 165، "التهذيب"19/ 15، "الإكمال"9/ 6، "التقريب"صـ 311.

(2)

يُنظر "سنن الترمذي" 4/ 568.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ فِي الأَمَلِ وَطُولِهِ (6418).

(4)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 11/ 238.

ص: 446

[86/ 736]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْعَلَّافُ قَالَ: نا سَهْلُ بْنُ سَعِيدٍ

(1)

قَالَ: نا زِيَادٌ الْجَصَّاصُ قَالَ: نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، هُمْ ذئابٌ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذِئْبًا أَكَلَهُ الذِّئَابُ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زِيَادٍ الْجَصَّاصِ إِلَّا سَهْلُ بْنُ سَعِيدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ عن أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار.

والدَّارَقُطْنِي كما في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للسيوطي (2/ 245)، ومن طريقه ــــــ ابن الجوزي في "الموضوعات"(3/ 80) ـــــــ، عَنْ أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَعْدَان الصَّيْدَلانِي،

كلاهما: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، وأَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْدَلانِي، عَنْ إِسْحَاق بْن وَهْب الْعَلاف به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ بْن زياد الْعَلَّافُ، أبو يعقوب الواسطيُّ.

روي عَنْ: سَهْل بْن شُعَيْب، وابن عُيَيْنَة، وأبي داود الطيالسي، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، والبخاري، وأبو حاتم، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو حاتم، وابن حبان، وابن حجر: صدوق. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

3) سَهْلُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ.

روي عن: زِيَاد الْجَصَّاص، والشَّعْبِي، وَبُرَيْدَة بْن سُفْيَان، وغيرهم.

روي عنه: أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِي، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي: مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا.

(3)

4) زِيَادُ بْنُ أَبِي زياد الْجَصَّاص،

(4)

أَبُو مُحَمَّد الْوَاسِطِيُّ.

روي عَنْ: أَنَس بْن مَالِك، وَمحمد بن سيرين، وَمُعَاوِيَة بْن قُرَّة، وغيرهم.

روي عنه: سَهْل بْن شُعَيْب، وَيَزِيد بْن هَارُون، وَعَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره العجلي، وابْن حِبَّان فِي الثِّقَاتِ، وقال ابن حبان: رُبما وهم. وقال العجلي،

(1)

قال المزي في "تهذيب الكمال"(9/ 470) في ترجمة "زِيَادُ الْجَصَّاصِ" روي عنه: سَهْلُ بْنُ سَعِيدٍ أو ابْنُ شُعَيْبٍ.

(2)

"الجرح والتعديل" 2/ 236، "الثقات" 8/ 118، "تهذيب الكمال" 2/ 487، "ميزان الاعتدال" 1/ 203، "التقريب" صـ 43.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 4/ 199، "تاريخ دمشق" لابن عساكر 73/ 10، "تاريخ الإسلام" 4/ 69،

(4)

الْجَصَّاص: بِفَتْح الْجِيم وَالصَّاد الْمُشَدّدَة وَفِي آخرهَا صَاد أُخْرَى، هَذِه النِّسْبَة إِلَى الْعَمَل بالجص وتبييض الجدران وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة: زِيَاد بن أبي زِيَاد الْجَصَّاص. يُنظر "اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير 1/ 281.

ص: 447

والبزار، وأبو الحسن الكوفي: لا بأس به، وزاد البزار: ليس بالحافظ.

- وقال النَّسَائي، وابن ناصر الدين الدمشقي، وابن حجر: ضعيف. وقال الذهبي: مجمع على ضعفه. وذكره العقيلي، وابن عدي، والنسائي، والدارقطني، والذهبي، والساجي، في جملة الضعفاء، وقَالَ ابن الجوزي: زِيَاد بن أبي زِيَاد سَبْعَة لَيْسَ فيهم مَجْرُوح سوى الْجَصَّاص. وقال ابن عدي: لم نجد له حديثاً منكراً جداً وهو في جملة من يُجمع ويكتب حديثه. وَقَال ابْن مَعِين، وابن المديني، وابن الجارود: ليس بشيءٍ. وَقَال النَّسَائي: ليس بثقة. وَقَال الغلابي: مذموم. وقال أبو بكر الأثرم: سُئل أحمد عن زياد الجصاص فكأنه لم يثبته.

- وقَالَ أَبُو زُرْعَة: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَال أبو حاتم: منكر الحديث. وَقَالَ ابن عدي، والنَّسَائي، والأزدي، والدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ الْحَدِيثِ. وقال الذهبي: تَرَكُوهُ. وحاصله أنه "مَتْرُوكٌ".

(1)

5) أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيفُّ جداً" فيه: زِيَادُ بْنُ أَبِي زياد الْجَصَّاصِ: مَتْرُوكٌ الحديث.

أحكام العلماء علي الحديث:

- قال ابن الجوزي: قَالَ الدَّارقطني: تفرد بِهِ زِيَاد وَهُوَ مَتْرُوك. وَقَالَ ابن معين: زِيَاد لَيْسَ بشيء.

(2)

- وقال الذهبي: رَوَاهُ سَهْل بْن شُعَيْبٍ، عَنْ زِيَاد الْجَصَّاص ـــــــ واهٍ ـــــــ عَن أنس.

(3)

- وقال ابن عراق: تفرد بِهِ زِيَاد وَهُوَ مَتْرُوك، وتعقب: بِأَن زياداً ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ: رُبمَا يهم، والْحَدِيث أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط، قلت ـــــ أي ابن عراق ــــــ إِخْرَاج الطَّبَرَانِيّ لَهُ لَا يمْنَع الحكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَلما ذكره الهيثمي فِي الْمجمع قَالَ فِيهِ من لم أعرفهم.

(4)

- وقال الشوكاني: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَقَاصِدِ. وَفِي إِسْنَادِهِ: مَتْرُوكٌ.

(5)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِه عَنْ زِيَادٍ إِلَّا سَهْلُ بْنُ سَعِيدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. قال ابن طاهر المقدسي: غَرِيب من حَدِيث زِيَاد عَنهُ، تفرد بِهِ إِسْحَاق بْن وَهْب الْعَلَّاف، عَن سَهْل بْن سَعِيدٍ عَنهُ.

(6)

(1)

"الجرح والتعديل" 3/ 532، "الثقات" 6/ 320، "الكامل" 4/ 130، "تهذيب الكمال" 9/ 470، "المغني" للذهبي 1/ 373، "ميزان الاعتدال" 2/ 89، "الإكمال" 5/ 107، "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين 2/ 365، "التهذيب" 3/ 368، "التقريب" صـ 159.

(2)

يُنظر "الموضوعات" لابن الجوزي 3/ 80.

(3)

يُنظر "تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي" للذهبي 1/ 277.

(4)

يُنظر "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" لابن عراق 2/ 294.

(5)

يُنظر "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" 1/ 198.

(6)

يُنظر "أطراف الغرائب والأفراد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للدارقطني" لابن طاهر المقدسي 2/ 94.

ص: 448

[87/ 737]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: نا ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ بِمَالِهِ، أَوْ فِي نَفْسِهِ، وَكَتَمَهَا، وَلَمْ يَشْكُهَا إِلَى النَّاسِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ» .

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 184 رقم 11438)، ومن طريقه ــــــ الشجري في "ترتيب الأمالي"(3/ 387 رقم 2860)، (2/ 394 رقم 2889)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(1/ 225 رقم 220)، (1/ 226 رقم 221) ــــــ عَنْ أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار.

وابن حبان في "المجروحين"(1/ 202)، عَنْ محمد بن الحسن بن قتيبة.

كلاهما: أَحْمَد بن علي الْأَبَّار، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، عَنْ هِشَام بْن خَالِد، عَنْ بَقِيَّة به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ بْن زَيْد بْن مَرَوَان الْأَزْرَقُ، أبُو مَرَوَان الدِّمَشْقِيُّ.

روي عن: بَقِيَّة بْن الْوَلِيد، وَسُوَيْد بْن عَبْدِ الْعَزِيز، وعَبْد الأَعْلَى بْن مِسْهِر، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، وأبو داود، وابن ماجه، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الذهبي، ومسلمة بن القاسم، وأبو علي الجياني: ثقة. وقال الذهبي مرة: من ثقات الدماشقة، لكنه يُروج عليه. وذكره ابْن حبان فِي الثقات.

وقال أبو حاتم، وابن عساكر، وابن حجر: صدوق. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد: "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد، سبقت ترجمته في حديث رقم (47).

4) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع، سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

5) عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (67).

6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بن عم النَبِي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني إسناده "ضعيف" فيه علتان:

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 57، "الثقات" لابن حبان 9/ 233، "تاريخ دمشق" لابن عساكر 74/ 8، "تهذيب الكمال" 30/ 198، "الكاشف" 2/ 336، "ميزان الاعتدال" 4/ 298، "الإكمال" 12/ 140، "التقريب" صـ 503.

ص: 449

الأولي: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد: "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد" ولم يصرح بالسماع في كل طبقات الإسناد.

الثانية: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" ولم يصرح بالسماع أيضاً.

‌أحكام العلماء علي الحديث:

قَالَ أَبو حاتم: هَذَا حديثٌ موضوعٌ لا أَصْلَ له، وكان بَقِيَّةُ يدلِّسُ؛ فظنُّوا هؤلاءِ أَنَّهُ يقولُ فِي كلِّ حديثٍ: حدَّثنا، ولا يَفْتَقِدُونَ الخبَرَ منه.

(1)

وقال في موضع آخر: هذا حديثٌ باطلٌ.

(2)

وقال ابن حبان: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ ثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ ثَنَا بَقِيَّةُ عَن ابن جُرَيْجٍ فِي نُسْخَةٍ كَتَبْنَاهَا بِهَذَا الْإِسْنَاد كلهَا مَوْضُوع يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ سَمِعَهُ من إِنْسَان ضَعِيف عَن ابن جُرَيْجٍ فَدَلَّسَ عَلَيْهِ فَالْتَزَقَ كُلُّ ذَلِك بِهِ وَمِنْهَا: عَن ابن جريج عَن عَطاء عَن ابن عَبَّاسٍ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَة

(3)

وقال ابن طاهر: من أُصِيب بمصيبة من سقم أَو ذهَاب: فِيهِ بَقِيَّة قد تقدم أَنه يُدَلس على الضُّعَفَاء.

(4)

وقال الذهبي: هذا حديثٌ باطلٌ.

(5)

وقال الذهبي أيضاً: قال أبو حاتم: هَذَا حديثٌ موضوعٌ لا أَصْلَ له، وكان بَقِيَّةُ يدلِّسُ؛ فظنُّوا هؤلاءِ أَنَّهُ يقولُ فِي كلِّ حديثٍ: حدَّثنا، ولا يَفْتَقِدُونَ الخبَرَ منه. قلت ـــ أي الذهبي ـــ هذا القول ينقله إلى حديث حفظ القرآن فهو باطل، وقد قال فيه حدثنا.

(6)

وذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة".

(7)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا بَقِيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ.

(8)

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 144، و 6/ 140.

(2)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 341.

(3)

يُنظر "المجروحين" لابن حبان 1/ 200.

(4)

يُنظر "معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة" لابن طاهر المقدسي 1/ 201.

(5)

يُنظر "السير" للذهبي 8/ 518.

(6)

يُنظر "ميزان الاعتدال" للذهبي 4/ 298.

(7)

يُنظر "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للسيوطي 2/ 330.

(8)

سيأتي كلام المُصَنِف في التعليق علي الحديث التالي حديث رقم 88.

ص: 450

[88/ 738]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: نا بَقِيَّةُ قَالَ: نا ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ جَنَّةَ عَدْنٍ، خَلَقَ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بِشْرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}

(1)

»

* لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنِ

(2)

ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا بَقِيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِمَا: هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي "المعجم الكبير"(11/ 184 رقم 11439) بسنده سواء. ومن طريقه ـــــ أبو نعيم الأصبهاني في "صفة الجنة"(1/ 41 رقم 16)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(11/ 226 رقم 222) ـــــ.

وتمام في "فوائده"(1/ 109 رقم 258، 259)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(52/ 150) عَنْ مُحَمَّد بْن بِشْر مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان.

وأبو نعيم الأصبهاني في "صفة الجنة"(1/ 41 رقم 16) عَنْ الْحَسَن بْن سُفْيَان، وعَبْدَان بْن أَحْمَد، وعُمَر بْن سَعِيد الْمَنْبِجِيُّ.

وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(17/ 37)، (52/ 150) عَنْ الخليل بن عبد القهار الصيداوي.

وأبو القاسم القزويني في "التدوين في أخبار قزوين"(1/ 497)، عَنْ يُوسُف بْن مُوسَى الْمَرْوَزِيِّ.

كلهم: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، ومُحَمَّد بْن بِشْر، مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وعَبْدَان بْن أَحْمَد، وعُمَر بْن سَعِيد الْمَنْبِجِي، والخليل بن عبد القهار الصيداوي، ويُوسُف بْن مُوسَى الْمَرْوَزِي، عَنْ هِشَام بْن خَالِد الأزرَق، عَنْ بَقِيَّة، عَنْ ابْن جُرَيج، عَنْ عَطَاء بْن رَبَاح، عَن ابْن عَبَّاس بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

3) بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد: "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد، سبقت ترجمته في حديث رقم (47).

4) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع، سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

5) عَطَاءٍ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (67).

(1)

سورة المؤمنون آية رقم 1.

(2)

في الأصل "إلا" بدل "عَنْ" وهو غير مستقيم والصواب ما أثبته، والله أعلم.

ص: 451

6) عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بن عم النَبِي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني إسناده "ضعيف" فيه علتان:

الأولي: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد: "ثقة يرسل ويدلس تدليس التسوية فلا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع في كل طبقات الإسناد" ولم يصرح بالسماع في كل طبقات الإسناد.

الثانية: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" ولم يصرح بالسماع أيضاً.

قلت لكن للحديث شواهد من أمثلها حديث أنس بْن مَالِك:

فعَن أَنَس رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَقَ اللَّهُ عز وجل جَنَّةَ عَدْنٍ وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ وَقَالَ لَهَا تَكَلَّمِي قَالَتْ قد أفلح المؤمنون.

(1)

قلت وله شاهد آخر من حديث أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِي عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ وَبَنَاهَا بِيَدِهِ، لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ، وَجَعَلَ مِلَاطَهَا الْمِسْكَ، وَتُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ، وَحَصْبَاءَهَا اللُّؤْلُؤَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: طُوبَى لَكِ مَنْزِلُ الْمُلُوكِ.

(2)

(1)

أخرجه بن عدي في "الكامل"(6/ 329)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 335)، عَنْ العَلَاءُ بنُ مَسْلَمَةَ. والحاكم في "المستدرك"(3480)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(691)، عَنْ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ. وابن بطة في "الإبانة"(231)، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ، ثلاثتهم (العَلَاءُ بنُ مَسْلَمَةَ، والْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ) عَنْ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عن حُمَيْدٌ، عَن أَنَس بنحوه. قلت ـــ الباحث ــــ قال الذهبي في "السير" (9/ 260): وَهَذَا بَاطِل، وابْنُ عَاصِمٍ بَرِيْءٌ مِنْهُ، وَالعَلَاءُ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ. وقال في "الميزان"(3/ 137) وهذا باطل، ولقد أساء ابن عدي في إيراده هذه البواطيل في ترجمة عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، والعَلَاءُ بنُ مَسْلَمَةَ: متهم بالكذب. قلت ــــ الباحث ــــ والعَلَاء وإن كان متهماً بالكذب لكنه قد تُوبع فقد تابعه: الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، والْعَبَّاسُ ثقة حافظ كما قال ابن حجر في "التقريب (1/ 237)، وتابعه كذلك: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُخَرِّمِيُّ: والْمُخَرِّمِيُّ هذا صدوق كما قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 11). قلت: قال الحاكم في "المستدرك" هذا حديث صحيح الإسناد. لكن تعقبه الذهبي بقوله: ضعيف. مع أن إسناد الحاكم رجاله ثقات عدا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ فقال فيه ابن حجر في "التقريب" (1/ 341) صدوق يُخْطئ ويُصِر. وقال يَعْقُوب بْن شَيْبَة: سمعت علي بن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه منهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه في ذلك وتركه الرجوع عما يخالفه الناس فيه، ومنهم من تكلم في سوء حفظه واشتباه الأمر عليه في بعض ما حدث به من سوء ضبطه وتوانيه عن تصحيح ما كتب الوارقون له، وقال وكيع: خذوا من حديثه ما صح ودعوا ما غلط أو ما أخطأ فيه، وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يحتج به، ويقول: كان يغلط ويخطئ وكان فيه لجاج، ولم يكن متهما بالكذب. قلت ــــ الباحث ــــ وحاصله أنه "صدوق سيء الحفظ" يُنظر "تهذيب الكمال" (20/ 504) قلت: فلعل الذهبي ضعف إسناد الحاكم لأجل عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ هذا مع أنه قد برأه منه في موضع آخر كما سبق بيان ذلك، والله أعلم.

(2)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(3701)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 204)، وفي "صفة الجنة"(140)، وابن الجوزي في "التبصرة"(1/ 384)، وعبد الغني الجماعيلي في "أحاديثه"(33)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2005)، والبيهقي في "البعث والنشور"(214)، كلهم عَنْ عَدِي بْن الْفَضْلِ التيمي أبو حاتم البصري، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قلت ــــ الباحث ــــ وعَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ: متروك الحديث كما قال ابن حجر في "التقريب"(1/ 328). قلت: لكن تابعه: وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ بن عجلان الباهلي كما عند البيهقي في "البعث والنشور"(261): ووُهَيْبُ هذا قال فيه ابن حجر في "التقريب"(1/ 515): ثقة ثبت لكنه تغير قليلاً بأخرةِ. قلت: قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 282) أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وَلَكِن وَقفه هُوَ الْأَصَح الْمَشْهُور. وقال الهيثمي في "المجمع"(10/ 528) رَوَاهُ الْبَزَّارُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ. وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَرِجَالُ الْمَوْقُوفِ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَأَبُو سَعِيدٍ لَا يَقُولُ هَذَا إِلَّا بِتَوْقِيفٍ.

ص: 452

قلت: وللحديث شاهد بالمعني أخرجه مسلم في "صحيحه" عَنْ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ قال: شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا

يَعْمَلُونَ (17)}.

(1)

(2)

قلت: وعلي هذا فالحديث يرتقي بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيث عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا بَقِيَّةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال العيني رحمه الله: وَهَذَا يدل على وجود الْجنَّة لِأَن الإعداد غَالِباً لَا يكون إِلَّا لشَيْء حَاصِل. قَوْله: مَا لَا عين رَأَتْ: مَا هُنَا إِمَّا مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة وَعين وَقعت فِي سِيَاق النَّفْي فَأفَاد الِاسْتِغْرَاق وَالْمعْنَى مَا رَأَتْ الْعُيُون كُلهنَّ وَلَا عين وَاحِدَة مِنْهُنَّ. فَيحمل على نفي الرُّؤْيَة وَالْعين مَعًا أَو نفي الرُّؤْيَة فَحسب أَي لَا رُؤْيَة وَلَا عين أَو لَا رُؤْيَة وعَلى الأول الْغَرَض مِنْهُ نفي الْعين وَإِنَّمَا ضمت إِلَيْهِ الرُّؤْيَة ليؤذن بِأَن انْتِفَاء الْمَوْصُوف أَمر مُحَقّق لَا نزاع فِيهِ وَبلغ فِي تحَققه إِلَى أَن صَار كالشاهد على نفي الصّفة وَعَكسه. قَوْله: وَلَا خطر على قلب بشر، أَي لَا قلب وَلَا خطر أَو لَا خطور فعلى الأول لَيْسَ لَهُم خطر فَجعل انْتِفَاء الصّفة دَلِيلاً على انْتِفَاء الذَّات أَي إِذا لم يحصل ثَمَرَة الْقلب وَهُوَ الاخطار فَلَا قلب. فَإِن قلت: لم خص الْبشر هُنَا دون القرينتين السابقتين قلت: لأَنهم هم الَّذين يَنْتَفِعُونَ بِمَا أعد لَهُم ويهتمون بِشَأْنِهِ ويخطرونه ببالهم بِخِلَاف الْمَلَائِكَة.

(3)

(1)

سورة السجدة آية رقم 17، 16.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا (2825).

(3)

يُنظر "عمدة القارئ" للعيني 15/ 153.

ص: 453

[89/ 739]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ» ، وَكَانَ يَأْتِينَا إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا وَصُدُورَنَا، وَيَقُولُ:«لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ نَفْسِهِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

ورواه عَنْ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر بهذا الوجه: إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(3/ 28 رقم 2003) ـــــ بجزئه الأول ـــــ، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان، عَنْ مَنْصُور به.

(1)

الوجه الثاني: مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

أ - تخريج الوجه الثاني: ورواه عَنْ مَنْصُور بهذا الوجه: مَعْمَر، والثوري، وجَرِيرٌ الضبي، وسلام بن سليم.

أما طريق معمر: أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ الصُّفُوف (2/ 45 رقم 2431).

وأما طريق الثوري: أخرجه أحمد في "مسنده"(30/ 580 رقم 18616)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(3/ 177)، والروياني في "مسنده"(1/ 242 رقم 351)، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(5/ 73 رقم 1876)،

(2)

والحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 762 رقم 2099).

وأما طريق جَرِير بن عبد الحميد الضبي: أخرجه الروياني في "مسنده"(1/ 245 رقم 359)، وابن خزيمة

(1)

قلت: وأخرجه السَّرَّاج في "حديثه"(2/ 20 رقم 51)، وفي "مسنده"(1/ 251 رقم 760)، وابن فندق البيهقي في "تاريخ بيهق/ تعريب"(1/ 398)، عَنْ أَحْمَد بْن مُوسَى الْعَسْكَرِي، عَنْ مُحَمَّد بْن سَابِق، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان، عَنِ الْحَكَم وَطَلْحَة بْن مُصَرِّف، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْسَجَة، عَنِ الْبَرَاء به. قلت: فيه أَحْمَد بْن مُوسَى الْعَسْكَرِيُّ: مجهول الحال. ويُحتمل أنَّ هذا خطأ من الناسخ فوضع "و" بدل "عن" وعليه فيكون الصواب عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّف.

(2)

قلت: أخرجه أبو بكر الدينوري في "المجالسة" عَنْ سُفْيَان الثوري، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ. قلت: وهذا خطأ، ولعله وهم وقع فيه النُسَّاخ، والصواب عَنْ مَنْصُورٍ، والْأَعْمَشِ. معاً، هكذا وجدته في كل الطرق التي وقفت عليها سواء من طريق سُفْيَان، أو من غير طريق سُفْيَان، والله أعلم.

ص: 454

في "صحيحه" ك/ الإمامة في الصلاة ب/ ذِكْرِ صَلَوَاتِ الرَّبِّ وَمَلَائِكَتِهِ عَلَى وَاصِلِي الصُّفُوفِ الْأُوَل (3/ 26 رقم 1556)، والسَّرَّاج في "مسنده" ب/ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 250 رقم 756)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الشهادات ب/ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ وَالذِّكْر (10/ 387 رقم 21045).

وأما طريق أَبو الأَحْوَص سلام بن سليم الحنفي: أخرجه السَّرَّاج في "مسنده" ب/ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 250 رقم 757)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّل (3/ 373 رقم 818)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 116).

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر علي هذا الوجه: الْأَعْمَش، وشُعْبَة، وزُبَيْد الأَيَامِي، وأَبو إِسْحَاق السَبِيعِي، ومَالِك بْن مِغْوَل، وعَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ زُبَيْد الأَيَامِي، وفِطْر بْن خَلِيفَة، وحَمَّاد بن أبي سليمان الأشعري، وعَبْد الْغَفَّار بْن الْقَاسِم، ومُحَمَّد بْن طَلْحَة، وزَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة، وأَبو هَاشِم الرُّمَّانِي، ومحمد بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري.

أما طريق الأعمش: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ في فضل الصف المُقَدَم (2/ 313 رقم 3820)، وأحمد في "مسنده"(30/ 580 رقم 18616)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(3/ 177)، والروياني في "مسنده"(1/ 246 رقم 362)، والسَّرَّاج في "مسنده"(1/ 249 رقم 753)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّل (3/ 372 رقم 817)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 116).

وأما طريق شُعْبَة: أخرجه أحمد في "مسنده"(30/ 482 رقم 18518)، (30/ 632 رقم 18704)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 105 رقم 777) والدارمي في "سننه" ك/ الصلاة ب/ فَضْلِ مَنْ يَصِلُ الصَّفِّ فِي الصَّلَاة (2/ 804 رقم 1299)، وابن ماجه في "سننه" أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا ب/ فَضْلِ الصَّفِّ الْمُقَدَّم (2/ 132 رقم 997)، وقاسم السرقسطي في "الدلائل في غريب الحديث"(1/ 317 رقم 160)، وابن الجارود في "المنتقي"(1/ 87 رقم 316)، والروياني في "مسنده"(1/ 242 رقم 353)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة ب/ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ تَخَوُّفًا لِمُخَالَفَةِ الرَّبِّ عز وجل بَيْنَ الْقُلُوبِ (3/ 24 رقم 1551)، والطُّوْسِي في "مستخرجه علي جامع الترمذي" ب/ مَا جَاءَ فِي إِقَامَةِ الصَّف (2/ 55 رقم 209)، والسَّرَّاج في "مسنده" ب/ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 249 رقم 754)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ (3/ 146 رقم 5196).

وأما طريق زُبَيْد الأَيَامِي: أخرجه يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(3/ 177)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ فَرْضِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ: ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَعَ اسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُصَلِّي فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ (5/ 530 رقم 2157).

وأما طريق أَبو إِسْحَاق السَبِيعِي

(1)

: أخرجه السَّرَّاج في "مسنده" ب/ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 249

(1)

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 313 رقم 3821)، وأحمد في "مسنده"(18621)، وابن خزيمة في "صحيحه"(1552)، عَنْ أَبي إِسْحَاقَ السبيعي، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ. بدون ذكر طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قال أبو حاتم: هَذَا خطأٌ إِنَّمَا يَرْوُونَهُ عَنْ أَبِي إسْحَاق، عن طَلْحَة، عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 2/ 238، و 2/ 327، 326.

ص: 455

رقم 752)، وأَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ في "حديثه"(1/ 396 رقم 397)، والحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 763 رقم 2105).

وأما طريق مَالِك بْن مِغْوَل: أخرجه السَّرَّاج في "مسنده" ب/ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 248 رقم 750)، والحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 766 رقم 2114)، وتمام في "فوائده"(2/ 108 رقم 1273)، (2/ 267 رقم 1707)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ مَيْمَنَةِ الصَّفِّ (3/ 146 رقم (5196).

وأما طريق عَبْد الرَّحْمَن بْن زُبَيْد الأَيَامِي: أخرجه السَّرَّاج في "مسنده" ب/ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 248 رقم 751)، والطبراني في "الأوسط"(7/ 177 رقم 7206)، والحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 765 رقم 2112).

وأما طريق فِطْر بْن خَلِيفَة: أخرجه السَّرَّاج في "مسنده" ب/ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلاةِ (1/ 249 رقم 755)، والحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 766 رقم 2114).

وأما طريق حَمَّاد بن أبي سليمان الأشعري: أخرجه أبو جعفر بن البختري في "مجموع فيه مصنفاته"(1/ 289 رقم 333)، وأبو العباس الأصم في "مجموع فيه مصنفات أبي العباس الأصم وإسماعيل الصفار"(1/ 131 رقم 224)، والحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 765 رقم 2113)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 176).

وأما طريق عَبْدِ الْغَفَّار بْن الْقَاسِم: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 435 رقم 767).

وأما طريق مُحَمَّد بْن طَلْحَة: أخرجه الحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 766 رقم 2115).

وأما طريق زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة: أخرجه الحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 766 رقم 2116).

وأما طريق أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِي: أخرجه الحاكم في "المستدرك" ك/ فضائل القرآن (1/ 766 رقم 2117).

وأما طريق محمد بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري: أخرجه أبو سعيد النقاش في "فوائد العراقيين" ب/ فَضْل الصَّف الْأَوَّل (1/ 37 رقم 22).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ بن عَبد اللَّهِ بن راشد السُّلَمِيُّ، أَبُو علي بن أَبي عَمْرو النَّيْسَابُورِيُّ.

روي عَنْ: أبيه حَفْص بْن عَبد اللَّهِ، وأَحْمَد بْن أَبي رجاء الهروي، ويحيى بْن يحيى النَّيْسَابُورِي، وغيرهم.

ص: 456

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِيٍّ الْأَبَّار، والبخاري، وأَبُو داود، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال النسائي، والذهبي، ومسلمة بن قاسم: ثقة، وزاد الذهبي: مشهور كبير القدْر، وأمر مسلم بالكتابة عنه. وقال أحمد: هذا رسم مسلم في الثقات الأثبات الأدب في الكتابة عنهم. وقال النَّسَائي مرة، وابن حجر: صدوق، وزاد النسائي: لا بأس به. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) حَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رَاشِدٍ السُّلَمِيُّ، أَبُو عَمْرٍو، وَيُقال أَبُو سَهْلٍ السُّلَمِيُّ، والد أَحْمَد بن حفص.

روي عن: إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وَيُوْنُس بن أَبِي إِسْحَاق السَّبِيْعِي، وغيرهم.

روي عنه: ولده أَحْمَد بْن حَفْص، وَمُحَمَّد بن يَزِيْد مَحْمِش، وَمُحَمَّد بن عَقِيْل الخُزَاعِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الحاكم: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي، وابن حجر: صدوق. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس. وقال: أحمد بن سلمة النيسابوري: كان كاتباً لإبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ كاتب الحديث. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

4) إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَان، أبو سَعِيد الهروي:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (38).

5) مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ الكُوْفِيُّ:"ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (44).

6) الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، أَبُو مُحَمَّدٍ ويُقال: أبو عَبْد اللَّهِ، الكِنْدِيُّ الكُوْفِيُّ الفقيه المشهور.

(3)

روي عن: طَلْحَة بن مُصَرِّف، وَشُرَيْح القَاضِي، وَسَعِيْد بن جُبَيْر، وغيرهم.

روي عنه: مَنْصُوْر بن المُعْتَمِر، وَشُعْبَة، وَأَبُو عَوَانَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد: ثقة ثقة ثقة كان فقيهاً عالماً عالياً رفيعاً كثير الحديث. وقال العجلي، وابن معين، وابن مهدي، والفسوي، وأَبُو حاتم، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد العجلي، وابن مهدي، والنَّسَائي، وابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كان يدلس. روى له الجماعة.

(1)

يُنظر "تهذيب الكمال" 1/ 294، "تاريخ الإسلام" 6/ 24، "الإكمال" 1/ 36، "التقريب" صـ 18.

(2)

"الثقات" 8/ 199، "سؤالات السجزي للحاكم" 1/ 101، "تهذيب الكمال" 7/ 18، "الكاشف" 1/ 341، "التقريب" صـ 112.

(3)

قال المزي في ترجمة الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ الكِنْدِيُّ: وليس هو بالحكم بن عتيبة بن النهاس العجلي الذي كان قاضياً بالكوفة فإن ذاك لم يُرو عنه شيء من الحديث. قال ابن حجر في "التهذيب"(2/ 434) تمييز- الحكم بن عتيبة بن النهاس بن حنطب بن يسار العجلي قاضي الكوفة. قال البخاري في ترجمة الحكم بن عتيبة الفقيه المذكور قال بعض أهل النسب الحكم بن عتيبة بن النهاس واسمه عبدل من بني سعد بن عجل بن لجيم قال فلا أدري حفظه أم لا. قال الدارقطني هذا عندي وهم، وقال ابن ماكولا: الأمر على ما قاله الدارقطني والنسابة الذي أشار إليه البخاري هو هشام بن الكلبي وتبعه جماعة من أهل النسب، وكذا خلطهما ابن حبان في الثقات وأبو أحمد الحاكم وقال ابن أبي حاتم عن أبيه الحكم بن عتيبة بن النهاس كوفي وبيض له مجهول. قال ابن الجوزي إنما قال أبو حاتم مجهول لأنه ليس يروي الحديث وإنما كان قاضيا بالكوفة وجَعْل البخاري هذا والحكم بن عتيبة الإمام المشهور واحداً من أوهامه. قلت ــ ابن حجر ــ: لم يجزم البخاري بذلك والحق أنهما اثنان والله أعلم. قلت: وإلي ذلك ذهب المزي أيضاً في تهذيب الكمال يُنظر "التهذيب" 2/ 434.

ص: 457

وصفه بالتدليس: وصفه بذلك: النسائي، والدارقطني، وابن حبان. وذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب الموصوفين بالتدليس.

وصفه بالإرسال: قَالَ شُعْبَةُ: أَحَادِيْثُ الحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ كِتَابٌ سِوَى خَمْسَةِ أَحَادِيْثَ. ثُمَّ قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: هِيَ حَدِيْثُ الوَتْرِ، والقُنُوْت، وعَزِيْمَة الطَّلَاق، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَإِتْيَانِ الحَائِضِ. ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَالحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ لَيْسَ بِصَحِيْحٍ ــــ أي ليس منها ـــــ. وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يُرسل" أما تدليسه فقد احتمله الأئمة.

(1)

7) طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفِ بنِ عَمْرٍو بْنِ كَعْبٍ بن معاوية، أَبُو مُحَمَّدٍ اليَامِيُّ، الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.

روي عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْسَجَةَ، وسَعِيد بن جبير، وَعَبْد الله بن أَبِي أَوْفَى، وغيرهم.

روي عنه: ابْنُه مُحَمَّد بن طَلْحَة، وَمَنْصُوْر بْن الْمُعْتَمِر، وَشُعْبَة، وزبيد اليامي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو حاتم، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: قارئ فاضل. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة. وقال ابن معين، وأبو حاتم: لم يسمع من أنس بن مالك بل يروي عَنْ خَيْثَمَة عَن أنس. وحاصله أنه "ثقة" لكنه لم يسمع من أنس كما قال ابن معين، وأبو حاتم.

(2)

8)

عَبْدُ الرَّحْمَن بْن عَوْسَجَةَ الْهَمْدَانِيُّ النَّهْمِيُّ الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: الْبَرَاء بْن عَازِب، والضحاك بْن مزاحم، وعلقمة بْن قيس، وغيرهم.

روي عنه: طَلْحَة بن مُصَرِّف، وقنان النَّهْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ العجلي، والنَّسَائِيُّ، والذهبي، وابن حجر: ثِقَةٌ. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات.

وقال الذهبي مرة: صدوق. وقال يحيى بن سعيد: سألت عنه بالمدينة فلم أرهم يحمدونه.

وقال أبو زرعة: روى عَن عَليّ بن أبي طَالب يُقَال مُرْسل. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

9) البَرَاءُ بنُ عَازِبِ بْن الحارث بنِ عديّ بن جُشْم، أَبُو عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ، الحَارِثِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عن: النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وغيرهم.

روي عنه: عَبْدُ الرَّحْمَن بْن عَوْسَجَةَ، وعَبْد الله بن يَزِيْد الخَطْمِيُّ، وَأَبُو جُحَيْفَة السُّوَائِيُّ، وغيرهم.

شَهِدَ رضي الله عنه غَزَوَاتٍ كَثِيْرَةً مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُصْغِرَه النبيّ صلى الله عليه وسلم هو وابن عمر يَوْمَ بَدْرٍ فردهما، قَالَ البَرَاءُ: كُنْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ لِدَةً أي أقراناً، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ الْخَنْدَقُ، وَقِيلَ أُحُدٌ، وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وشهد غزوة تُستر مع أبي موسى، وشهد مع علي الجمَل وصِّفّين، وقتال الخوارج، نزل بِالْكُوفَةِ وابتنى بها داراً، ثُمَّ

(1)

"الثقات" للعجلي 1/ 312، "الجرح والتعديل" 3/ 123، "تهذيب الكمال" 7/ 114، "الكاشف" 1/ 344، "السير" 5/ 208، "جامع التحصيل" 1/ 167، 113، 106، "الإكمال" 4/ 99، "طبقات المدلسين" 1/ 30، "التهذيب" 2/ 432، "التقريب" صـ 115.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 479، "الجرح والتعديل" 4/ 473، "تهذيب الكمال" 13/ 433، "الإكمال" 7/ 82، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 201، "تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل" لأبو زرعة 1/ 159، "التقريب" صـ 225.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 84، "الثقات" لابن حبان 5/ 99، "تهذيب الكمال" 17/ 322، "الكاشف" 1/ 638، "ميزان الاعتدال" 2/ 580، "تحفة التحصيل" لأبو زرعة 1/ 203، "التهذيب" 6/ 244، "التقريب" صـ 289.

ص: 458

رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ ومات في إمارة مُصْعَبٍ بن الزبير سنة اثنتين وسبعين من الهجرة.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد عبد الرَّزَّاق في مُصنفه

".

1) مَعْمَر بن راشد الأزدي: قال ابن حجر: ثقة ثبت فاضل.

(2)

2) مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ الكُوْفِيُّ:"ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (44).

3) طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّف، أَبُو مُحَمَّدٍ اليَامِيُّ:"ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ عَوْسَجَةَ الْهَمْدَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) البَرَاءُ بنُ عَازِبِ الأَنْصَارِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن الحديث مداره علي مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِر، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. ولم يروه عَنْ مَنْصُورِ بهذا الوجه إلا: إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان.

الوجه الثاني: مَنْصُور، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.

ورواه عَنْ مَنْصُورِ بهذا الوجه: مَعْمَر، والثوري، وجَرِيرٌ بن عبد الحميد الضبي، وسلام بن سليم الحنفي.

وقد تابع مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ علي هذا الوجه: الْأَعْمَش، وشُعْبَة، وزُبَيْد الأَيَامِي، وأَبو إِسْحَاق السَبِيعِي، ومَالِك بْن مِغْوَل، وعَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ زُبَيْد، وفِطْر بْن خَلِيفَة، وحَمَّاد بن أبي سليمان الأشعري، وعَبْد الْغَفَّار بْن الْقَاسِم، ومُحَمَّد بْن طَلْحَة، وزَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة، وأَبو هَاشِم الرُّمَّانِي، ومحمد بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بهذا الوجه بعض الحفاظ أمثال مَعْمَر، والثوري.

3) المتابعات: فقد تابع مَنْصُور علي هذا الوجه جماعة من الثقات كالأعمش، وشُعْبَة، وغيرهم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لرواية الأكثر عدداً والأحفظية. وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فإسناده صحيح. والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ نَفْسِهِ.

(1)

يُنظر "معجم الصحابة "للبغوي 1/ 251، "معجم الصحابة" لابن قانع 1/ 86، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 1/ 384، "الاستيعاب" 1/ 155، "أسد الغابة" 1/ 362، "السير" 3/ 194، "الإصابة" صـ 519.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 473.

ص: 459

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. وقد تُوبع الثَّوْرِي أيضاً في روايته للحديث عَنْ مَنْصُور، عَنْ طَلْحَةَ فتابعه: مَعْمَر، وجَرِيرٌ بن عبد الحميد الضبي، وأبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي: مُخَالَفَتَهُمْ فِي الصُّفُوفِ مُخَالَفَةٌ فِي ظَوَاهِرِهِمْ وَاخْتِلَافُ الظَّوَاهِرِ سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِنِ.

(1)

وقال الملا علي القاري رحمه الله: قوله: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا: أَيْ: يَضَعُ يَدَهُ عَلَى أَعْطَافِنَا حَتَّى لَا نَتَقَدَّمَ وَلَا نَتَأَخَّرَ. وَيَقُولُ أَيْ: حَالَ تَسْوِيَةِ الْمَنَاكِبِ اسْتَوُوا أَيْ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَلَا تَخْتَلِفُوا أَيْ: بِالْأَبْدَانِ. قُلُوبُكُمْ أَيْ: أَهْوِيَتُهَا وَإِرَادَتُهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: فَيَخْتَلِفَ بِالنَّصْبِ، أَيْ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ، وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ الْقَلْبَ تَابِعٌ لِلْأَعْضَاءِ، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ اخْتَلَفَ، وَإِذَا اخْتَلَفَ فَسَدَ فَفَسَدَتِ الْأَعْضَاءُ لِأَنَّهُ رَئِيسُهَا. قُلْتُ: الْقَلْبُ مَلَكٌ مُطَاعٌ وَرَئِيسٌ مُتَّبَعٌ، وَالْأَعْضَاءُ كُلُّهَا تَبَعٌ لَهُ، فَإِذَا صَلَحَ الْمَتْبُوعُ صَلَحَ التَّبَعُ، وَإِذَا اسْتَقَامَ الْمَلِكُ اسْتَقَامَتِ الرَّعِيَّةُ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ: أَلَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ. فَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ بَيْنَ الْقَلْبِ وَالْأَعْضَاءِ تَعَلُّقًا عَجِيبًا، وَتَأْثِيرًا غَرِيبًا بِحَيْثُ أَنَّهُ يَسْرِي مُخَالَفَةُ كُلٍّ إِلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ مَدَارَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ.

(2)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 4/ 157.

(2)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"(3/ 153) للملا علي القاري.

ص: 460

[90/ 740]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا الْعَلَاءُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَطِيَّةَ أَبُو الْجَهْمِ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«خَيْرُ مَا رُكِبَتْ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ مَسْجِدِي هَذَا، وَالْبَيْتُ الْعَتِيقُ»

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ اللَّيْثِ إِلَّا الْعَلَاءُ بْنُ مُوسَى.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه أَبُو الْجَهْم الْبَاهِلِي في "جزئه"(1/ 31 رقم 10) ومن طريقه ــــــ الطبراني في "المعجم الأوسط"(4/ 359 رقم 4430)، وابن طاهر الشحّامي في "الأحاديث السباعيات الألف"(1/ 19 رقم 58)، وابن رشيد الفهري السبتي في "ملء العيبة بما جُمع بطول الغَيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطَيبة"(1/ 24 و 1/ 67)، وابن حجر العسقلاني في "المرحمة الغيثية بالترجمة الليثية"(1/ 88 رقم 55)، وفي "نظم اللآلي بالمائة العوالي"(1/ 127 رقم 92)، وابن قطلوبغا في "عوالي الليث بن سعد"(1/ 86 رقم 35)، وعمر بن أحمد بن علي الشماع في "جزء فيه أحاديث أَبي الْجَهْمِ عن شيوخه"(257) ـــــــ.

- وأحمد في "مسنده"(23/ 96 رقم 14782)، عَنْ حُجَيْن بن المثني، وَيُونُس بن محمد المؤدب.

- وعبد بن حُميد في "المنتخب من مسند"(1/ 320 رقم 1049)، وأبو طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية"(4/ 15 رقم 15)، عَنْ أَحْمَد بْن عبدالله بن يُونُس التميمي.

- والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ التفسير ب/ سورة الحج قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}

(1)

(10/ 192 رقم 11284)، عَنْ قُتَيْبَة بْن سَعِيد الثقفي.

- وأبو يعلي في "مسنده"(4/ 182 رقم 2266)، عَنْ كَامِل بن طلحة الجحدري.

- وأبو محمد الفاكهي في "فوائده"(1/ 242 رقم 80)، وابن بشران في "أماليه ج 1"(1/ 147 رقم 330)، عَنْ عبد الله بن يزيد العدوي أَبُو عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُقْرِئ.

- وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الصلاة ب/ المساجد: ذِكْرُ الْمَسَاجِدِ الْمُسْتَحَبِّ لِلْمَرْءِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهَا (4/ 495 رقم 1616)، عَنْ عِيسَى بْن حَمَّاد التجيبي.

- وأبو القاسم القزويني في "التدوين في أخبار قزوين"(3/ 195)، عَنْ عَبْد اللَّه بْن صَالِح الجهني كاتب الليث بن سعد.

- كلهم عَنْ اللَّيْث بْن سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِر. بعضهم بنحوه، وبعضهم بلفظ مَسْجِد إبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَمَسْجِدُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.

- وأحمد في "مسنده"(22/ 458 رقم 14612)، عَنْ ابْن لَهِيعَة.

- والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في المساجد التي لا تشد الرحال

(1)

سورة الحج آية رقم: 29.

ص: 461

إلا إليها، ومن فضل الصلاة فيها على غيرها من المساجد (2/ 52 رقم 576)، والبزار كما في "كشف الأستار" ب/ لا تُشَدُّ الرِّحَالِ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِد (2/ 4 رقم 1075)، وطاهر بن محمد المقدسي في "صفوة التصوف"(536) عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة القرشي.

- كلاهما: ابْنُ لَهِيعَةَ، ومُوسَى بْنِ عُقْبَة، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) الْعَلَاءُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَطِيَّةَ، أَبُو الْجَهْمِ الْبَاهِلِيُّ.

روي عَنْ: اللَّيْث بْن سَعْد، وَسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَالهَيْثَم بن عَدِي، وَغَيْرِهِم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، وَأَبُو القَاسِم البَغَوِي، وإِسْحَاق بن سُنَيْن الخُتَّلِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: وقال الذهبي: ثِّقَة. وقال الخطيب: صدوق. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) اللَّيْثُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَهْمِيُّ،

(2)

أَبُو الحَارِثِ الْمِصْرِيُّ.

روي عَنْ: أَبي الزُّبَيْر المَكِّي، وَابْن شِهَاب الزُّهْرِي، وَيَحْيَى بن سَعِيْد الأَنْصَارِي، وغيرهم.

روي عنه: أَبُو الجَهْم العَلَاء بن مُوْسَى، وَعَبْد الله بْن وَهْبٍ، وَعَبْد الله بْن المُبَارَك، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سعد، والعجلي، وأحمد، وابْن المديني، وابن مَعِين، والنَّسَائي، والدارقطني، والذهبي، ويَعْقُوْب بن شَيْبَة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: كَثِير الحديث صحيحه، وزاد أَحْمَد، وابن المديني، وابن حجر: ثبت، وزاد ابن حجر أيضاً: فقيه مشهور، وزاد الدارقطني: متقن، وزاد الذهبي: أحد الأعلام والأئمة الاثبات، حجة بلا نزاع، وَزاد يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: وهُوَ دونهم في الزُّهْرِي يَعْنِي دون مَالِك، ومعمر، وابْن عُيَيْنَة، وفِي حَدِيْثِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بَعْضُ الاضْطِرَابِ. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبو يعلى الخليلي كان إمام وقته بلا مدافعة. وقال أحمد مرة: هُوَ ثَبْتٌ فِي حَدِيْثِهِ جِدّاً. وقال مرة: ليس في أهل مصر، أصح حديثاً منه. وقال مرة: مَا أصح حديثه، وجعل يثني عَلَيْهِ فَقَالَ إنسان له: إن إنساناً ضعفه فَقَالَ: لا يدري. وقال مرة: ثقة، ولكن في أخذه سهولة. وقال ابن معين: كان يتساهل في الشيوخ والسماع، وكان من أهل المعرفة.

- وَقَال أَبو زرعة، وابْن وهْب، وعَمْرو بْن علي، وابْنُ خِرَاش، والأزدي: صَدُوْق، وزاد أبو زرعة: يحتج بحديثه، وَزاد ابْن خراش: صَحِيْحُ الحَدِيْثِ. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(3)

(1)

يُنظر "تاريخ بغداد" 14/ 160، "السير" 10/ 525.

(2)

الفَهْمِيُّ: بفتح الفاء وسكون الهاء وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى فهم، وهو بطن من قيس عيلان، منهم أَبُو الحَارِثِ اللَّيْثُ بنُ سَعْدِ الفَهْمِيُّ، إمام أهل مصر في الفقه والحديث معاً. قاله السمعاني في "الأنساب" 9/ 353.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 179، "الثقات" 7/ 360، "الثقات" لابن شاهين 1/ 196، "الإلتزامات والتتبع" للدارقطني 1/ 355، "تهذيب الكمال" 24/ 255، "السير" 8/ 136، "ميزان الاعتدال" 3/ 423، "التهذيب" 8/ 459، "التقريب" صـ 400.

ص: 462

4) أَبو الزُّبَيْر المَكِّيُّ: "ثقة يُدلس، فلا يقبل ما رواه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه" سبقت ترجمته في حديث رقم (29).

5) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده صحيح".

قلت: وأَبو الزُّبَيْر المَكِّي وإن كان ثقة يُدلس، ولا يقبل ما رواه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه، إلا أنه قد تحقق الأمرين معاً في هذا الحديث فهو من رواية اللَّيْث بن سَعْدِ، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ، وقد صرح أَبو الزُّبَيْرِ أيضاً بالسماع من جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ كما عند أبو محمد الفاكهي في "فوائده"، وابن بشران في "أماليه"، فزال علي هذا ما كنا نخشاه من تدليس أَبي الزُّبَيْر. والله أعلم.

أحكام العلماء علي الحديث:

قال الهيثمي رحمه الله: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

(1)

وقال ابن حجر رحمه الله: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنِ اللَّيْثِ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الأَبَّارِ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ الْعَلاءِ بْنِ مُوسَى.

(2)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ اللَّيْثِ إِلَّا الْعَلَاءُ بْنُ مُوسَى.

قلت: وليس الأمر كما قال، فلم يتفرد الْعَلَاء بْن مُوسَى بروايته عَنْ اللَّيْث، بل قد رواه ثمانية من الرواة غير الْعَلَاء بْن مُوسَى، عَنْ اللَّيْث بن سَعْدِ وهم: حُجَيْن بن المثني اليمامي، وَيُونُس بن محمد المؤدب، وأَحْمَد بْن عبدالله بن يُونُسَ التميمي، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد الثقفي، وكَامِل بن طلحة الجحدري، وعبد الله بن يزيد العدوي أَبُو عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُقْرِئِ، وعِيسَى بْن حَمَّاد التجيبي، وعَبْد اللَّه بْن صَالِح الجهني كاتب الليث بن سعد.

قلت: فلا أدري علام ذهب الطبراني إلي القول بالتفرد في هذا الحديث رغم وجود هذه الكثرة من الرواة التي ينتفي معها القول بالتفرد. فإن كان يقصد التفرد باللفظ فلا، وإن كان يقصد شيئاً آخر فالله أعلم بمراده.

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنِ اللَّيْثِ إِلا الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى، قُلْتُ ــــ أي ابن حجر ــــ: وَرِوَايَةُ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَارِدَةٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئ، عَنِ اللَّيْثِ، رَوَيْنَاهُ فِي الْجُزْءِ الأَوَّلِ مِنْ فَوَائِدِ ابْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي مُرَّةَ، فَهَؤُلاءِ أَرْبَعَةٌ رَوَوْهُ عَنِ اللَّيْثِ، غَيْر أَبِي الْجَهْمِ.

(3)

قلت: وقد رواه أربعة آخرين عَنِ اللَّيْث، زيادة علي ما ذكرهم ابن حجر كما سبق بيان ذلك، والله أعلم.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

(1)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 3/ 501.

(2)

يُنظر "المرحمة الغيثية بالترجمة الليثية"(1/ 88) لابن حجر.

(3)

يُنظر "المرحمة الغيثية بالترجمة الليثية"(1/ 88) لابن حجر.

ص: 463

قال الصنعاني رحمه الله: قوله: خَيْرُ مَا رُكِبَتْ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ: أي من المساجد أو من كل مرتحل إليه والأول المراد. مَسْجِدِي هذا: أي مسجد المدينة النبوية. وَالْبَيْتُ الْعَتِيقُ: أي الكعبة فإنها البيت العتيق كما قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}

(1)

والواو لا تقتضي الترتيب فلا تقتضي أفضلية مسجده على البيت فإنه خلاف ما اتفقت عليه الروايات ولا تقديمه يقتضي ذلك فإنه إنما قدمه لأنه المشاهد الحاضر للمخاطبين. ورواه عنه أحمد بلفظ: خَيْرُ مَا رُكِبَتْ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ مَسْجِدُ إِبْرَاهِيمَ، وَمَسْجِدِي.

(2)

(1)

سورة الحج آية رقم: 29.

(2)

يُنظر "التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ" للصنعاني 6/ 22.

ص: 464

[91/ 741]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: نا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» .

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مرفوعاً.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ــــ عَنْ عِكْرِمَة بْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود به.

الوجه الثاني: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ موقوفاً.

ورواه عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود بهذا الوجه: سَلَّام بْن أَبِي مُطِيع، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وحَمَّاد بن زيد، وزَائِدَة بن قُدامة، وأَبُو عَوَانَة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وشيبان التميمي.

أما طريق سَلَّام بْن أَبِي مُطِيع: أخرجه الدارمي في "سننه" ك/ فضائل القرآن ب/ فِي فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (4/ 2159 رقم 3476).

وأما طريق حَمَّاد بْن سَلَمَة: أخرجه الدارمي في "سننه" ك/ فضائل القرآن ب/ فِي فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (4/ 2159 رقم 3477)، وابن الضريس في "فضائل القرآن" ب/ فِي فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1/ 114 رقم 262).

وأما طريق حَمَّاد بن زيد من أصح الأوجه عنه

(1)

: أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ عمل اليوم والليلة ب/ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقْرَأَ كُلَّ لَيْلَة (9/ 251 رقم 10441)، وفي "عمل اليوم والليلة" ب/ مَا يسْتَحبّ للإِنسان أَن يقْرَأ كل لَيْلَة (1/ 422 رقم 673).

وأما طريق أَبُو عَوَانَة الوضاح بن عبد الله: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(9/ 146 رقم 8669).

وأما طريق زَائِدَة بن قُدامة: أخرجه الشجري في "الأمالي الخميسية"(1/ 160 رقم 599).

وأما طريق شيبان بن عبد الرحمن التميمي: أخرجه القاسم بن سلام في "فضائل القرآن"(1/ 268).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ بنِ عُبَيْد الجَوْهَرِيُّ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ.

روي عَنْ: عِكْرِمَة بْن إِبْرَاهِيم، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وَمَالِك بن أَنَس، وغيرهم.

(1)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(10245)، وفي "جزء فيه ما انتقى ابن مردويه على الطبراني من حديثه لأهل البصرة"(90)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 102)، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود، عَنْ زِرٍّ، عَنْ ابْنِ مَسْعُود مرفوعاً.

ص: 465

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الْأَبَّار، والبُخَارِي، وَأَبُو دَاوُد، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن مَعِين، ومُسْلِم، وابن قانع، والخليلي، والدارقطني، وصالح بْن مُحَمَّد الأسدي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، ومطين، وابن حجر: ثقة، وزاد ابْن مَعِين: صدوق، وزاد ابن قانع، وابن حجر: ثبت، وزاد الدارقطني: مأمون. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كَانَ ابن معِين شَدِيدُ الْميل إِلَيْهِ سُئِلَ أَيّمَا أفضل وأوثق أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم أَو عَليّ بن الْجَعْد فَقَالَ عَليّ بن الْجَعْد. وقَالَ أَبُو حَاتِم: مَا كَانَ أَحْفَظَ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ لِحَدِيْثِه، وكان متقناً. وقال الذهبي: إِمَامٌ حَافِظُ، كَبِيْرٌ، حُجَّةٌ. وَقال ابْنَ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ فِي رِوَايَاتِه حَدِيْثاً مُنْكَراً إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ، والبخاري مع شدة استقصائه يروي عنه في صحاحه.

- وَقَال أَبُو حَاتِمٍ مرة، وأَبُو زُرْعَة، وَالنَّسَائي: صَدُوْق.

- وقال أبو جعفر النُّفَيْلي: لا يُكْتَب عن عليّ بن الْجَعْد، وضعّف أمره جدًا. وَقَال أبو جعفر العقيلي: قلت لعَبد الله بن أحمد: لم لم تكتب عن علي بن الجعد؟ فقال نهاني أبي أن أذهب إليه، وكان يبلغه عنه أنه يتناول أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

3) عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوِفيُّ الْقَاضِي.

روي عَنْ: عَاصِم بن أَبي النَّجُّود، وعَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر، وَإِدْرِيس الأَوْدِي، وغيرهم.

روي عنه: عَلِي بْن الْجَعْد، وعَلِي بْن مُحَمَّد الْمَدَائِنِي، وَأَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال النسائي: ليس بثقة. وقَالَ النَّسَائِيّ مرة، والفلاس: ضَعِيف. وقال الذهبي: مجمع علي ضعفه. وقَالَ ابن معين، وَأَبُو دَاوُد لَيْسَ بِشَيْء. وقال البزار: لين الحديث. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي.

- وقَالَ يعقوب بْن سفيان، والفلاس مرة: منكر الحديث. وَقَالَ الْعقيلِي: فِي حفظه اضْطِرَاب. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ يقلب الْأَخْبَار وَيرْفَع الْمَرَاسِيل لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِه. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(2)

4) عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، بن أَبي النَّجُّود الأسدي:"صدوق يهم" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

5) زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ بْنِ حُبَاشَةَ

(3)

بْنِ أَوْسٍ بن بلال، أَبُو مَرْيَمَ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ. وَيُقَالُ: أَبُو مُطَرِّفٍ.

روي عَنْ: عبد الله بْنِ مَسْعُود، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف، وَعَمَّار بْن يَاسِر، وغيرهم.

روي عنه: عَاصِم بْن بَهْدَلَة، وَعَدِي بْن ثَابِت، وَالْمِنْهَال بْن عَمْرو، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سَعْد، والعجلي، وابن معين، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابن حجر: جليل. وذكره

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 178، "الثقات" لابن حبان 8/ 466، "الإرشاد" للخليلي 1/ 244، "تهذيب الكمال" 20/ 341، "السير" 10/ 459، "الإكمال" 9/ 284، "التهذيب" 7/ 289، "التقريب" صـ 338.

(2)

يُنظر "المجروحين" 2/ 188، "تاريخ بغداد" 14/ 191، "المغني في الضعفاء" 2/ 66، "لسان الميزان" 5/ 460.

(3)

الحُبَاشِىُّ: بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا ألف وَفِي آخرهَا شين مُعْجمَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى حُبَاشَة وَهُوَ جد زر بن حُبَيْش بن حُبَاشَة الْأَسدي الحُباشي من زهاد التَّابِعين. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 1/ 334.

ص: 466

ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقال أبو جعفر البغدادي: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل فزر، وعلقمة، والأسود؟ قال: هؤلاء أصحاب ابن مسعود وهم الثبت فيه. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد النسائي في سننه

".

1) قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البَغْلاني: قال ابن حجر: ثقة ثبت.

(2)

2) حَمَّادٌ بن زيد بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري: قال ابن حجر: ثقة ثبت فقيه.

(3)

3) عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، بن أَبي النَّجُّود الأسدي:"صدوق يهم" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

4) زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَاصِم بْن أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود مرفوعاً.

ورواه عَنْه بهذا الوجه: عِكْرِمَة بْن إِبْرَاهِيم. وعِكْرِمَة هذا: ضعيف الحديث.

الوجه الثاني: عَاصِم بْن أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود موقوفاً.

ورواه عنه بهذا الوجه: سَلَّام بْن أَبِي مُطِيع، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وحَمَّاد بن زيد، وزَائِدَة بن قُدامة، وأَبُو عَوَانَة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وشيبان التميمي.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا بالوجه الثاني جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الثقات، وهذا بخلاف الوجه الأول فَرَاوِيْهِ ضعيف.

3) ترجيح الأئمة:

- قال الدارقطني: وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ.

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" وذلك لتفرد الضعيف ومخالفته لما رواه الثقات. وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فموقوف إسناده صحيح.

قلت: وللحديث شواهد مرفوعة في الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيد الخُدْرِي، وأَبو الدَّرْدَاء رضي الله عنهما.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 622، "الثقات" 4/ 269، "تهذيب الكمال" 9/ 353، "الإكمال" 5/ 53، "التقريب" صـ 155.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 389.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 117.

(4)

يُنظر "العلل" للدارقطني 5/ 73.

ص: 467

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآن.

(1)

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.

(2)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ اللَّهَ جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَجَعَلَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ. قَالَ الْقَاضِي: قَالَ الْمَازَريُّ: قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أنحاء قصص وأحكام وصفات لله تعالى وقل هو الله أحد متمحضة لِلصِّفَاتِ فَهِيَ ثُلُثٌ وَجُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ قِرَاءَتِهَا يُضَاعَفُ بِقَدْرِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ تَضْعِيفٍ.

(3)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضائل القرآن ب/ فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (5013)، وفي ك/ الأيمان والنذور ب/ كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (6643)، ك/ التَّوْحِيدِ ب/ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تبارك وتعالى (7374).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضائل القرآن ب/ فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (5015)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ فَضْلِ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (811).

(3)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 6/ 94.

ص: 468

[92/ 742]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ النُّعْمَانِ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: نا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حُضِرَ، أَتَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِحَرِيرَةٍ فيها مِسْكٍ، وَمِنْ ضَبَائِرَ الرَّيْحَانِ، وتُسَلُّ رُوحُهُ كَمَا تُسَلُ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ، وَيُقَالُ: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، مَرْضِيًّا عَنْكِ، وطُوِيَتْ عَلَيْهِ الْحَرِيرَةُ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى عِلِّيِّينَ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ أَتَتِ الْمَلَائِكَةُ بِمِسْحٍ فِيه جَمْرَةٌ، فَتُنْزَعُ رُوحُهُ انْتِزَاعًا شَدِيدًا، وَيُقَالُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى هَوَانٍ وَعَذَابٍ، وَإِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ، وَوُضِعَتْ عَلَى تِلْكَ الْجَمْرَةِ، فَإِنَّ لَهَا نَشِيشًا، فَيُطْوَى عَلَيْهَا الْمَسْحُ، وَيُذْهَبُ بِهَا إِلَى سِجِّينٍ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ إِلَّا سُلَيْمَانُ بْنُ النُّعْمَانِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي قَتَادَة بْن دِعَامة السَّدُوْسِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: قَتَادَة، عَنْ قَسَامَة بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ قَتَادَة بهذا الوجه: الْقَاسِم بْن الْفَضْلِ الْحُدَّانِي، وهِشَام بْن عَبْدِ اللَّه الدَّسْتُوَائِي، ومَعْمَر.

أما طريق الْقَاسِم بْن الْفَضْل الْحُدَّانِيُّ: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ــــ، ومن طريقه ـــــ أبو نعيم في "الحلية"(3/ 104)، والمزي في "تهذيب الكمال"(23/ 604) ــــــ. والبزار في "مسنده"(17/ 29 رقم 9541)، وأبو الليث السمرقَنْدي في "تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين"(1/ 48 رقم 33)، عَنْ سُلَيْمَان بْن النُّعْمَان الشَّيْبَانِي، عَنْ الْقَاسِم بْن الْفَضْل الْحُدَّانِيُّ.

وأما طريق هِشَام بْن عَبْد اللَّه الدَّسْتُوَائِي: أخرجه البزار في "مسنده"(17/ 30 رقم 9542)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الجنائز ب/ مَا يُلْقَى بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَرَامَةِ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِه (2/ 383 رقم 1972)، وفي ك/ الْمَلَائِكَةِ (10/ 424 رقم 11927، 11926)، وفي "السنن الصغرى" ك/ الجنائز ب/ مَا يُلْقَى بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَرَامَةِ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِه (4/ 8 رقم 1833)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الجنائز فَصْلٌ فِي الْمَوْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ رَاحَةِ الْمُؤْمِنِ وَبُشْرَاهُ وَرُوحِهِ وَعَمَلِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْأَرْوَاحَ يَعْرِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا بَعْدَ مَوْتِ أَجْسَامِهَا (7/ 284 رقم 3014)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الجنائز (1/ 504 رقم 1303)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" ب/ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِبُشْرَى الْمُؤْمِنِ وَوَعِيدِ الْكَافِر (1/ 46 رقم 36).

وأما طريق مَعْمَر بْن رَاشِد: أخرجه الحاكم في "المستدرك" ك/ الجنائز (1/ 504 رقم 1302).

الوجه الثاني: قَتَادَة بْن دِعَامة السَّدُوْسِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ قَتَادَة بهذا الوجه: هَمَّام بْن يَحْيَى بن دينار.

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(4/ 142 رقم 2511)، وابن أبي عاصم في "الزهد" (1/ 70 رقم

ص: 469

145)، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(6/ 40 رقم 2349)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الملائكة (10/ 423 رقم 11924)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الجنائز فَصْلٌ فِي الْمَوْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ رَاحَةِ الْمُؤْمِنِ وَبُشْرَاهُ وَرُوحِهِ وَعَمَلِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ (7/ 283 رقم 3013)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الجنائز (1/ 505 رقم 1304).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) سُلَيْمَانُ بْنُ النُّعْمَانِ الشَّيْبَانِيُّ، أَبُو أَيُّوب.

روي عَنْ: القَاسِم بن الفَضْل الحُدَّانِي، والْحسن بن أَبُو جَعْفَر، ويحيى بن العلاء الرازي، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي الأَبَّار، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن حبان في الثقات. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

3) القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ بن معدان بن قريظ، أَبُو المُغِيْرَةِ الحُدَّانِيُّ

(2)

أَبُو المُغِيْرَةِ الأَزْدِيُّ.

روي عَنْ: قَتَادة بْن دِعَامة السَّدُوْسِيُّ، ومُحَمَّد بن سِيْرِيْن، وَمُعَاوِيَة بن قُرَّة، وغيرهم.

روي عنه: سُلَيْمَان بْن النُّعْمَان الشَّيْبَانِيُّ، وعبد الله بْن المُبَارَك، وَعَبْد الرَّحْمَن بن مَهْدِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سعد، وأحمد، والعجلي، وابْن مَعِين، وابْن مَهْدِي، وابن المديني، والتِّرْمِذِي، والنَّسَائي، وابن عمار، وابن حجر: ثِّقَة. وذكره ابن حِبَّان، وابن شاهين في الثقات.

- وقال الذهبي: صدوق. ثم قال: أوردهُ الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء فَمَا تكلم فِيهِ بِمَا يُضعفهُ قط.

- وَقَال ابْن مَعِين مرة: صالح. وَقَال مرة أيضاً: ليس به بأس. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

4) قَتَادةُ بْن دِعَامة بْن عزيز بن عَمْرو بن ربيعة بن الحارث، أَبُو الْخَطَّاب السَّدُوْسِيُّ

(4)

البَصْرِيُّ.

روي عن: قَسَامَة بْن زُهَيْر، وأَنَس بن مَالِك، وَسَعِيْد بن المُسَيِّب، وآخرين.

روي عنه: القَاسِم بن الفَضْل الحُدَّانِيُّ، وَمَعْمَر بن رَاشِد، وَشُعْبَة بن الحَجَّاج، وآخرون.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 4/ 147، "الثقات" 8/ 276.

(2)

الْحُدَّانِيُّ: بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخرهَا نون هَذِه النِّسْبَة إِلَى حدان وهم بطن من الأزد، وَقد ينْسب إِلَى محلّة بِالْبَصْرَةِ يُقَال لَهَا حدان نزلها هَذَا الْبَطن فنسبت إِلَيْهِم وَمِمَّنْ ينْسب إِلَى هَذِه الْمحلة الْقَاسِم بن الْفضل أَبُو الْمُغيرَة الْحدانِي. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 1/ 347.

(3)

يُنظر "سؤالات ابن أبي شيبة" لابن المديني 1/ 61، "الثقات" للعجلي 2/ 211، "الثقات" لابن حبان 7/ 338، "الثقات" لابن شاهين 1/ 190، "تهذيب الكمال" 23/ 410، "ميزان الاعتدال" 3/ 377، "التهذيب" 8/ 329، "التقريب" صـ 387.

(4)

السَدُوْسِيُّ: بِفَتْح السِّين وَضم الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخرهَا سين أُخْرَى هَذِه النِّسْبَة إِلَى سدوس بن شَيبَان بن ذهل بن ثَعْلَبَة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل ينْسب إِلَيْهِ خلق كثير من الْعلمَاء مِنْهُم: أَبُو الْخطاب قَتَادَة بْن دعامة السدُوسِي تَابِعِيّ يروي عَن أنس وَابْن الْمسيب، وَكَانَ ثِقَة مدلساً. يُنظر" اللباب" لابن الأثير 2/ 109.

ص: 470

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعجلي، وابن مَعِين، والدارقطني، وابن الأثير، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: مأمون حجة في الحديث، وزاد ابن معين، وابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان من حفاظ أهل زمانه. وقَالَ أَحْمَد: كَانَ قتادة أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئًا إلا حفِظَه قُرِئت عَلَيْهِ صحيفةُ جَابِر مرَّة واحدةً فحفِظَها، وكان سُلَيْمان التَّيْمِيّ، وأيوب يحتاجون إلى حفظه ويسألونه. وقَالَ ابن سِيرِين: قَتَادةُ أحفظ النَّاس. وقال الذهبي: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِمَّنْ يُضرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي قُوَّةِ الحِفظِ. وَقَال مطر الوراق: كان إذا سمع الحديث يأخذه العويل والزويل حتى يحفظه. وقال بكير بن عبد الله المزني: ما رأيت الذي هو أحفظ منه ولا أجدر أن يؤدي الحديث كما سمعه. وقال ابن المسيب: ما أتانا عراقي أحفظ من قتادة. روى له الجماعة.

وصفه بالتدليس: ذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب الموصفين بالتدليس. وقال الذهبي: وَهُوَ حُجّةٌ بِالإِجْمَاعِ إِذَا بَيَّنَ السَّمَاعَ، فَإِنَّهُ مُدَلِّسٌ مَعْرُوْفٌ بِذَلِك. وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يرسل ويدلس فلا يُقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع.

(1)

5) قَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ الْمَازِنِيُّ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَة، وأَبو مُوسَى الأَشْعَرِي.

روي عنه: قَتَادَة بْن دِعَامة السَّدُوْسِيُّ، وَهِشَام بْن حَسَّان، وَعَوْف الأَعْرَابِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سَعْد، والْعجلِي، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابْنُ سَعْدٍ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

قلت: قال ابن الأثير: أورده ابْن شاهين فِي الصحابة. رَوَى يَزِيد الرَّقَاشِي، عَنْ مُوسَى بْنِ سَيَّار، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبَى اللَّهُ عَلَيَّ قَاتِلَ الْمُؤْمِنِ. أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى، وقَالَ: لعل هَذَا مرسل، لأن قَسَامَةُ يروي عَنْ أَبِي مُوسَى، ونحوه. وقال ابن حجر: وذكر أبو موسى المديني في الذيل أن ابن شاهين أورده في الصحابة وساق له حديثاً لكن في إسناده يزيد بن أبان الرقاشي ولا تقوم به حجة وقد ذكره الهيثم بن عدي وخليفة بن خياط في تابعي أهل البصرة. وحاصله أنه "تابعي ثقة".

(2)

6) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "أبو داود الطيالسي في مسنده

".

1) هَمَّامٌ بْنُ يَحْيَى بن دينار العَوْذي: قال ابن حجر: ثقة ربما وهم.

(3)

(1)

"الثقات" للعجلي 2/ 215، "الجرح والتعديل" 7/ 133، "المراسيل" 1/ 168، "الثقات" 5/ 321، "الإلزامات والتتبع" للدارقطني 1/ 370، "تهذيب الكمال" 23/ 498، "تاريخ الإسلام" 3/ 301، "ميزان الاعتدال" 3/ 385، "جامع التحصيل" 1/ 254، "التبيين لأسماء المدلسين" لبرهان الدين الحلبي 1/ 46، "التهذيب" 8/ 351، "طبقات المدلسين" 1/ 43، "التقريب" صـ 389.

(2)

يُنظر "الثقات" 5/ 328، "أسد الغابة" 4/ 384، "تهذيب الكمال" 23/ 602، "التهذيب" 8/ 378، "التقريب" صـ 391.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 505.

ص: 471

2) قَتَادَة السَّدُوْسِيُّ: "ثقة ثبت لكنه يرسل ويدلس فلا يُقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع. سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) أوس بن عبد الله الرَّبَعيُّ أَبو الْجَوْزَاءِ: قال ابن حجر: ثقة يرسل كثيراً.

(1)

4) أَبو هُرَيْرَةَ صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ الحديث مداره علي قَتَادَة بْن دِعَامة السَّدُوْسِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: قَتَادَة، عَنْ قَسَامَة بْن زُهَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.

ورواه عنه بهذا الوجه: الْقَاسِم بْن الْفَضْل الْحُدَّانِيُّ، وهِشَام بْن عَبْد اللَّه الدَّسْتُوَائِي، ومَعْمَر بْن رَاشِد.

الوجه الثاني: قَتَادَة بْن دِعَامة السَّدُوْسِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ قَتَادَةَ بهذا الوجه: هَمَّام بْن يَحْيَى بن دِيْنَار.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الأول جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه أيضاً جماعة من الحفاظ الثقات كهِشَام الدَّسْتُوَائِي، ومَعْمَر بْنَ رَاشِد.

قلت: وهِشَام الدَّسْتُوَائِي من أثبت الناس في قَتَادَة. قال شُعْبَة: كَانَ هِشَام الدَّسْتُوَائِيُّ أَحْفَظ مِنِّي عَنْ قَتَادَة، وقَالَ مرة: هِشَامٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ قَتَادَةَ مِنِّي، وَأَكْثَرُ مُجَالَسَةً لَهُ مِنِّي.

(2)

3) ترجيح الأئمة: قال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هَمَّام، عَنْ قَتادة، عَنْ أَبِي الجَوْزاء، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا حَضَرَ المُؤْمِنَ المَوْتُ، حَضَرَهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ

، الْحَدِيثَ؟ قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ مُعَاذ بن هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتادة، عَنْ قَسامَة بْنِ زُهَير، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وَتَابَعَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّواية القاسمُ بْنُ الفَضل. قَالَ أَبِي: هَذَا أشبهُ؛ لأنَّ هِشَام أحفَظُ مِنْ هَمَّام.

(3)

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول الراجح ـــ "إسناده ضعيف" فيه: سُلَيْمَان بْن النُّعْمَان الشَّيْبَانِيُّ: قال أبو حاتم: شيخ. وفيه أيضاً: قَتَادَةَ بْن دِعَامة السَّدُوْسِيُّ، وقَتَادَةَ: ثقة ثبت لكنه يرسل ويدلس فلا يُقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع. وهو لم يصرح بالسماع في شيء من طرق هذا الحديث.

قلت: وقد تابع سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيُّ: مُعَاذ بن هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ. ومُعَاذُ قال فيه ابن حجر: صدوق ربما

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 55.

(2)

يُنظر "السير" للذهبي 7/ 149.

(3)

يُنظر ""العلل" لابن أبي حاتم 3/ 513.

(4)

قلت: وقد توقف الدارقطني في "العلل" فَقَالَ: يَرْوِيهِ قَتَادَةُ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَخَالَفَهُمُ الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، فَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قِسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. يُنظر "العلل" 11/ 223.

ص: 472

وهم.

(1)

قلت: وللحديث شاهد بطوله من حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، عليه السلام، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ، يَعْنِي بِهَا، عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ ...... ثم قَالَ: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ ". قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَة عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ، فَلَا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}

(2)

فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا .....

(3)

قلت: وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 469.

(2)

سورة الأعراف آية رقم: 40.

(3)

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(1219)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(789)، وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه"(6737، 6324)، وأحمد في "مسنده"(18614، 18534)، وهناد بن السري في "الزهد"(339)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(1442، 1441، 1438)، والروياني في "مسنده"(392)، والطبري في "تهذيب الاثار"(723، 722، 720، 718)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(8465، 7385)، وابن الأعرابي في "معجمه"(788)، والآجري في "الشريعة"(864)، والطبراني في "الأوسط"(7417، 3499)، وابن منده في "الإيمان"(1064)، والحاكم في "المستدرك"(414، 107)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(2140)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 56)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر"44، 20).

ص: 473

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــ المرجوح ـــ "فإسناده شاذ" وذلك لمخافة الثقة لما رواه الثقات.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ إِلَّا سُلَيْمَانُ بْنُ النُّعْمَانِ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الملا علي القاري رحمه الله: قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فِي عِلِّيِّينَ، وَأَرْوَاحُ الْكُفَّارِ فِي سِجِّينٍ، وَلِكُلِّ رُوحٍ بِجَسَدِهَا اتِّصَالٌ مَعْنَوِيٌّ لَا يُشْبِهُ الِاتِّصَالَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، بَلْ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِهِ حَالُ النَّائِمِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَشَدَّ مِنْ حَالِ النَّائِمِ اتِّصَالًا، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا وَرَدَ أَنَّ مَقَرَّهَا فِي عِلِّيِّينَ أَوْ سِجِّينٍ وَبَيْنَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا عِنْدَ أَفَنِيَةِ قُبُورِهَا. قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ فَهِيَ مَأْذُونٌ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ، وَتَأْوِي إِلَى مَحَلِّهَا مِنْ عِلِّيِّينَ أَوْ سِجِّينٍ. قَالَ: وَإِذَا نُقِلَ الْمَيِّتُ مِنْ قَبْرٍ إِلَى قَبْرٍ فَالِاتِّصَالُ الْمَذْكُورُ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَا لَوْ تَفَرَّقَتِ الْأَجْزَاءُ اهـ.

(1)

(1)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري 4/ 90.

ص: 474

[93/ 743]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَرْكُونِ أَبُو مَسْلَمَةَ

(1)

الْجُمَحِيُّ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: نا خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ أَبُو عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَانُ أَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُوَالِاةُ لِقُرَيْشٍ، قُرَيْشٌ أَهْلُ اللَّهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا خَالَفَتْهَا قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ صَارُوا حِزْبَ إِبْلِيسَ» . * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءٍ إِلَّا خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ.

(2)

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "الكبير"(11/ 196 رقم 11479) بسنده سواء، ومن طريقه ـــــ أبو نعيم في "الحلية"(9/ 65) ــــــ.

- ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 538)، والطبراني في "الأوسط"(7/ 12 رقم 6709)، والحاكم في "المستدرك" ك/ معرفة الصحابة (3/ 162 رقم 4715)، (4/ 85 رقم 6959)، وتمام في "فوائده"(1/ 124 رقم 283، 284)، وابن عساكر في "تاريخه"(8/ 217)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 143)، كلهم من طُرقٍ عَنْ إِسْحَاق بْن سَعِيد بْن الْأَرْكُون، عَنْ خُلَيْد بْن دَعْلَج، عَنْ عَطَاءِ به بنحوه، وعند الحاكم بلفظ: وَأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الِاخْتِلَافِ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَرْكُونِ أَبُو سَلَمَةَ الْجُمَحِيُّ: "منكر الحديث" تقدم حديث رقم (5).

3) خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ أَبُو عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ، أبو حلبس، ويُقال: أَبُو عُبَيد.

روي عن: عَطَاء بن أَبِي رَبَاح، وَابْن سِيرِين، وَثَابِت البُنَانِي، وغيرهم.

روي عنه: إِسْحَاق بْن سَعِيد بْن الْأَرْكُون، وبَقِيَّة بن الوليد، وَأَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ أَحْمَد، وابْن مَعِين، والساجي، وأبو داود، وابن حبان، والذهبي، وابن حجر: ضَعِيف. وقال الساجي، وابن الجوزي: مجمع على تضعيفه. وذكره العقيلي، والبرقي في الضعفاء.

وَقَالَ ابن معين مرة، والنَّسَائِي، والدارقطني: لَيْسَ بِثِقَة. وَقَال الدَّارَقُطْنِي مرة: مَتْرُوك.

وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالِح، لَيْسَ بِالْمَتِينِ فِي الحديث حدث عَنْ قتادة أحاديث بعضها منكرة. وقال الذهبي

(1)

في الأصل "أبو سلمة"، والصواب ما أثبته، وهو علي الصواب في حديث رقم (5) وبين ابن عساكر في "تاريخه" أن "أبو سلمة" هذا وهم والصواب "أبو مسلمة" فروي بسنده عن أبي الحسن عبد الواحد بن أحمد بن الحسين العكبري أنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد الجعابي قال أبو سلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون حدث عن سعيد بن بشير وغيره. قال ابن عساكر: كذا قال في باب من يكنى بأبي سلمة ووهم فيه إنما هو أبو مسلمة. يُنظر "تاريخ دمشق" 8/ 217.

(2)

(ق/ 43/ أ).

ص: 475

مرة: لَيْسَ بِقَوي. وَقَال ابْن مَعِين، وابن الجارود: ليس بشيءٍ. وَقَال ابْن عدي: عامة حديثه تابعه عليه غيره، وفي بعض حديثه إنكار، وليس بالمنكر الحديث جداً. وَقَالَ ابْن حِبَّان: كَانَ كَثِيْرَ الخَطَأ. وحاصله أنه "ضعيف".

(1)

4) عَطَاءٍ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (67).

5) عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بن عم النَبِي: صلى الله عليه وسلم "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني: "إسناده ضعيف" فيه علتان:

الأولي: إِسْحَاق بْن سَعِيد بْن الْأَرْكُون: قال الدارقطني: منكر الحديث.

والثانية: خُلَيْد بْنُ دَعْلَج، أَبُو عَمْرٍو السَّدُوسِي: قال ابن حجر: ضعيف.

أحكام العلماء علي الحديث:

قال الحاكم: صحيح. قال الذهبي: بل موضوع، وفيه إِسْحَاق بْن سَعِيدِ بْن الْأَرْكُون، ضعفوه، وخُلَيْد بن دَعْلَج، ضعفه أحمد، وغيره.

(2)

وقال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ: وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(3)

قلت: وذكره ابن الجوزي، والسيوطي،

(4)

وابن عراق،

(5)

والشوكاني

(6)

في كتب الموضوعات من طريق وهب بْن حَفْص الْحَرَّانِي، عَنْ مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْحَرَّانِي، عَنْ خُلَيْد بْن دعْلج عَن عَطاء به.

وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع فقال: وَهَذَا مَوْضُوعٌ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ يحيى: لَيْسَ بشيء، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: مُنكر الْحَدِيثِ، وَفِيهِ وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ أَبُو عَرُوبَةَ: كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ يَكْذِبُ كَذِبًا فَاحِشًا. قَالَ الْمصنف: قلت وَهُوَ الْمُتَّهم بِهِ.

(7)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءٍ إِلَّا خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

"الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 173، "الجرح والتعديل" 3/ 384، "المجروحين" 1/ 285، "الكامل" 3/ 485، "تهذيب الكمال" 8/ 307، "المغني في الضعفاء" 1/ 322، "السير" 7/ 195، "الإكمال" 4/ 213، "التهذيب" 3/ 158، "التقريب" صـ 135.

(2)

يُنظر "مختصر تلخيص الذهبي" 3/ 1546.

(3)

يُنظر "مجمع الزوائد" 5/ 253.

(4)

يُنظر "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للسيوطي 1/ 79.

(5)

يُنظر "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" لابن عراق 1/ 191.

(6)

يُنظر "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للشوكاني 1/ 400.

(7)

يُنظر "الموضوعات" لابن الجوزي 1/ 143.

ص: 476

[94/ 744]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْغَضِيضِيُّ قَالَ: نا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ بْنِ [مُصْبح]

(1)

بْنِ هِلَالٍ الْمَهْرِيُّ أَبُو الْحَجَّاجِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَيَّرَ رِيحَهُ أَوْ طَعْمَهُ.

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ إِلَّا رِشْدِينُ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي رَاشِدِ بْنِ سَعْد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: رَاشِد بْن سَعْد، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ مرفوعاً.

ورواه عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْد بهذا الوجه: مُعَاوِيَة بْن صَالِح، وثَوْر بْن يَزِيد.

أما طريق مُعَاوِيَة بْن صَالِح: أخرجه الطبراني في "الأوسط" - رواية الباب -، وابن عدي في "الكامل"(4/ 84)، والدارقطني في "سننه" ك/ الطهارة ب/ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّر (1/ 31 رقم 47)، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" ك/ الطهارة مسألة القلتين (1/ 22 رقم 14). عَنْ مُحَمَّد بْن يُوسُف الْغَضِيضِي.

وابن ماجة في "سننه" أبواب الطهارة وسننها ب/ الْحِيَاض (1/ 327 رقم 521)، والطبري في "تهذيب الاثار"(2/ 716 رقم 1076)، والطبراني في "الكبير"(8/ 123 رقم 7503)، والبيهقي في "معرفة السنن والاثار" ك/ الطهارة ب/ الْمَاءِ الْكَثِيرِ طَهُورٌ مَا لَمْ تُغَيِّرْهُ النَّجَاسَةُ (2/ 82 رقم 1846)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ إِذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ (1/ 392 رقم 1227، 1226)، عَنْ مَرْوَان بْن مُحَمَّد الطَّاطَرِي، من أصح الأوجه عَنْه.

(2)

والطبري في "تهذيب الاثار"(2/ 717 رقم 1077)، عَنْ مُحَمَّد بْن يَزِيد الحزامي البزاز.

ثلاثتهم: مُحَمَّد بْن يُوسُف الْغَضِيضِيُّ، ومَرْوَان بْن مُحَمَّد الطَّاطَرِي، ومُحَمَّد بْن يَزِيد الحزامي البزاز، عَنْ رِشْدِين بْن سَعْد، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِح.

وأما طريق ثَوْر بْن يَزِيد: أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الطهارة ب/ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ إِذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ (1/ 392 رقم 1228)، (1/ 393 رقم 1229).

كلاهما: مُعَاوِيَة بْن صَالِح، وثَوْر بْن يَزِيد، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنحوه. وزاد بعضهم إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى لَوْنِهِ.

الوجه الثاني: عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مُرسلاً.

(1)

ما بين المعقوفتين هكذا في الأصل، والصواب مُفْلِح كما وقفت عليه في كتب التراجم.

(2)

قلت: فقد أخرجه الدارقطني في "سننه"(45)، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف"(13)، عَنْ مَرْوَان بْن مُحَمَّد، عَنْ رِشْدِين بْن سَعْد، عَنْ مُعَاوِيَة بْن صَالِح، عَنْ رَاشِد بْن سَعْد، عَنْ ثَوْبَان مرفوعاً.

ص: 477

أخرجه أبو مسهر عبد الأعلى الغساني في "نسخته"(1/ 26 رقم 6)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 84)، والطحاوي في "شرح معاني الاثار" ك/ الطهارة ب/ الْمَاءِ يَقَعُ فِيهِ النَّجَاسَة (1/ 16 رقم 30)، والدارقطني في "سننه" ك/ الطهارة ب/ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّر (1/ 30 رقم 46)، (1/ 32 رقم 50/ 49)، عَنْ الأَحْوَص بْن حَكِيمٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْد مُرسلاً.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بن مُسْلِم الأَبَّار: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

2) مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْن الصبَّاح الْغَضِيْضِيُّ.

(1)

روي عَنْ: رشدين بن سعد، وابن عُيَيْنَة، وعَبْدُ الله بن وَهْبْ.

روي عنه: أَحْمَد بْن عَلِي بن مُسْلِم الأَبَّار، وأبُو زُرْعَة، وَأَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال الخطيب، والذهبي: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ أَبُو الْحَجَّاجِ: ضعيف: سبقت ترجمته في حديث رقم (1).

4) مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحِ بنِ سَعِيْدٍ بنِ فِهْرٍ الحَضْرَمِيُّ، أَبُو عَمْرٍو، وقيل أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْصِيُّ.

(3)

روي عَنْ: رَاشِد بن سَعْد، وَيَحْيَى بن سَعِيْد الأَنْصَارِي، وَعَبْدِ الرَّحْمَن بن جُبَيْر بن نُفَيْر، وغيرهم.

روي عنه: رِشْدِيْن بن سَعْد، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وَاللَّيْث بن سعد، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابن سَعْد، وأَحْمَد، والعِجْلِي، والترمذي، وأَبُو زُرْعَة، وابن مَعِيْن، وابْن مَهْدِي، والبزار، وَالنَّسَائِي، والذهبي: ثِقَة، وزاد أَبُو زُرْعَة: مُحَدِّث. وَذَكَرَه ابْن حِبَّان، وابن شاهين فِي الثِّقَات.

- وَقَالَ ابْن خِرَاش، والذهبي مرة، وابْنُ عَدِي، وابن حجر: صَدُوْق، وزاد الذهبي: إمام، وَزاد ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَاتُ النَّاسِ، وَمَا أَرَى بِحَدِيْثِهِ بَأْساً، إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ فِي حَدِيْثِهِ إِفْرَادَاتٌ، وزاد ابن حجر: له أوهام. وقال البزار، والنسائي: ليس به بأس، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالِح الحَدِيْثِ، حَسَن الحَدِيْث، وَلَا يُحْتَج بِه.

- وَقال ابن معين مرة: لَيْسَ بِرَضِي، كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْد لَا يَرضَاه. وَقَالَ يَحْيَى بن سَعِيْد: مَا كُنَّا نَأخُذُ عَنْهُ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَلَا حَرفاً. وقَالَ يَعْقُوْب بن شَيْبَة: مِنْهُم مَنْ يَقُوْل: مُعَاوِيَة بن صَالِح وَسَط، لَيْس بِالثَّبْت، وَلَا بِالضَّعِيْف، وَمِنْهُم مَنْ يُضَعِّفُه. وقال أبو الفتح الأزدي: ضعيف. وقال ابن القطان: مختلف فيه، ومن ضعفه

(1)

الْغَضِيْضِيُّ: بِفَتْح الْغَيْن وَكسر الضَّاد وَسُكُون الْيَاء تحتهَا نقطتان وَفِي آخرهَا ضاد ثَانِيَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى غضيض واشتهر بهَا: مُحَمَّد بن يُوسُف بن الصَّباح الْغَضِيْضِيُّ كَانَ يتَوَلَّى حَمْدَوَيْه بنت غضيض أم ولد الرشيد. يُنظر "اللباب" 2/ 384.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 9/ 84، "تاريخ بغداد" للخطيب 4/ 620، "تاريخ الإسلام" للذهبي 5/ 936.

(3)

الْحِمْصِي: بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون الْمِيم وبالصاد الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى حمص وَهُوَ بلد بِالشَّام مَشْهُور ينْسب إِلَيْهَا كثير من الْعلمَاء مِنْهُم: مُعَاوِيَة بن صَالح كَانَ من حِمْص الشَّام وانتقل إِلَى الأندلس فَنزل حِمْص الأندلس وَهِي مَدِينَة إشبيلية سَمَّاهَا بَنو أُميَّة لما انتقلوا إِلَى الأندلس حِمْص وَتُوفِّي بإشبيلية إِلَّا أَن هَذِه النِّسْبَة لَا تطلق إِلَّا على حِمْص الشَّام. يُنظر "اللباب" 1/ 389.

ص: 478

ضعفه بسوء حفظه. وقال ابن معين مرة، والساجي: ليس بالقوي، وزاد ابن معين: ولا جاء بمنكر.

- وحاصله أنه "ثقة" قال الترمذي: وَمُعَاوِيَة بْن صَالِحٍ ثِقَة عِنْد أَهْلِ الحَدِيث، وَلَا نَعْلَم أَحَدًا تَكَلَّم فِيه غَيْرَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّان.

(1)

5) رَاشِدُ بنُ سَعْدٍ المَقْرَئِيُّ

(2)

ويُقال: الحُبْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ.

روي عَنْ: أَبِي أُمَامَة الْبَاهِلِي، وَأَنَس بْن مَالِك، وَمُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَان، وَغَيْرِهِم.

روي عنه: مُعَاوِيَة بْن صَالِح، وثَوْر بْن يَزِيد، وَالزُّبَيْدِي، وَغَيْرِهِم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سَعْد، والعِجْلِي، وابْنُ مَعِيْن، وَأَبُو حَاتِم، وَالنَّسَائِي، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابن حجر: كثير الإرسال. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وَقَال ابن المديني: قلت ليحيى بْن سَعِيد: تروي عن راشد؟ قال: ما شأنه هو أحب إلي من مكحول،.

وَقَالَ أَحْمَد، والدَّارَقُطْنِي: لَا بَأْسَ بِه، وَزاد الدَّارَقُطْنِي: يُعْتَبَرُ بِهِ إذا لم يحدث عنه متروك.

وَقَالَ ابْنُ حَزْم: ضَعِيْفٌ. قال الذهبي: فَهَذَا مِنْ أَقْوَالِهِ المَرْدُوْدَةِ. وقال ابن معين مرة: لا يُكتب حديثه.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ ثوبان، وسعد بن أبي وقاص. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(3)

6) أَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ صُدَيُّ بْنُ عَجْلانَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَرِيب بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ عَيْلانُ. مشهور بكنيته.

رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعُمَر، وَعُثْمَان، وَغَيْرهِم.

روي عنه: رَاشِد بن سَعْد المَقْرَئِي، وخَالِد بن مَعْدَان، وَالقَاسِم أَبُو عَبْد الرَّحْمَن، وَغَيْرهِم.

كَان أَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه وأرضاه صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عنه عِلْماً كَثِيْراً، وشهد مع النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَهُ ثَلاثُونَ سَنَةً. سكن أَبو أُمَامَةَ مصر، ثُمَّ انتقل منها فسكن حمص من الشام، ومات بِهَا، وأكثر حديثه عند الشاميين. وعَنْ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي غَزْوًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشِّهَادَةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ، فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، وَقَالَ لِي النَّبِيُّ

(1)

يُنظر "سنن الترمذي" 5/ 32، "الجرح والتعديل" 8/ 382، "الثقات" لابن حبان 7/ 470، "تهذيب الكمال" 28/ 186، "الكاشف" 2/ 276، "السير" 7/ 158، "الإكمال" 11/ 269، "التقريب" صـ 470.

(2)

المُقْرَئي: بضم الميم، وقيل بفتحها وسكون القاف وفتح الراء بعدها همزة، هذه النسبة إلى مقرا قرية بدمشق، ومنها: راشد بن سعد. قاله السمعاني في "الأنساب" 11/ 445. وقال ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" (8/ 245) قال: والمُقْرَئي من مقرأ بن سبيع، بطن من بني جشم، وَهُوَ بِضَم الْمِيم وَفتحهَا، وَآخره همزَة مَقْصُورَة. قلت: مَعَ سُكُون الْقَاف، وَفتح الرَّاء، وَقَالَهُ ابْن الْجَوْزِيّ بِفَتْح الْمِيم، وَقَالَ: هَكَذَا ضبط الْمُحَقِّقُونَ، مِنْهُم عَليّ بن عبيد الْكُوفِي، صَاحب ثَعْلَب، وَأَصْحَاب الحَدِيث يضمون الْمِيم، وَهُوَ خطأ، قَالَه فِي الْمُحْتَسب، وَسَبقه شَيْخه ابْن نَاصِر إِلَى ذَلِك، فَذكر عَن ابْن الْكَلْبِيّ أَنه بِفَتْح الْمِيم، وَكَذَلِكَ رَآهُ بِخَط عَليّ بن عبيد الْكُوفِي، وَقَالَ: وَكَانَ ضابطاً، وَأَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: مُقرائي، بِضَم الْمِيم، وَهُوَ خطأ. انْتهى.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 347، "الجرح والتعديل" 3/ 483، "المراسيل" 1/ 59، "الثقات" 4/ 233، "تهذيب الكمال" 9/ 8، "السير" 4/ 490، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 174، "الإكمال" 4/ 305، "التهذيب" 3/ 225، "التقريب" صـ 144.

ص: 479

-صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ لا يُلْفَوْنَ إِلا صِيَامًا. روى له الجماعة.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد الدارقطني في "سننه

".

1) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدُوَيْه أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: قال الدارقطني: ثقة مأمون لم يتغير بحال. وقال الخطيب: ثقة ثبت.

(2)

2)

مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ أَبُو بَكْرٍ الجوهري: قال ابن حجر: ثقة.

(3)

3) مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرازي أبو يعلي: قال ابن حجر: ثقة.

(4)

4) عِيسَى بْن يُونُس بْن أبي إسحاق السبيعي: قال ابن حجر: ثقة مأمون.

(5)

5) الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ بْن عُمَيْر العَنْسِيُّ: قال ابن حجر: ضعيف الحِفظ.

(6)

6) رَاشِدُ بْنُ سَعْد: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

هذا الحديث مداره علي رَاشِد بْن سَعْد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: رَاشِد بْن سَعْد، عَنْ أَبِي أُمَامَة الْبَاهِلِي مرفوعاً.

ورواه عَنْ رَاشِد بْن سَعْد بهذا الوجه: مُعَاوِيَة بْن صَالِح، وثَوْر بْن يَزِيد.

الوجه الثاني: عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مُرسلاً.

ولم يروه عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ بهذا الوجه إلا: الأَحْوَص بْن حَكِيم. قال ابن حجر: ضعيف.

وعلي هذ فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الأول راويان، وهذا بخلاف الوجه الثاني فلم يروه إلا راوٍ واحد.

2) رواية الأحفظ: فرواة الوجه الأول ثقات خاصة ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ قال فيه ابن حجر: ثقة ثبت، وقال مرة: اتفقوا علي تثبته في الحديث.

(7)

وهذا بخلاف راوية الوجه الثاني فضعيف كما قال ابن حجر.

قلت: وقد رجح أبو حاتم، والدارقطني الوجه الثاني عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مُرسلاً. فَقَالَ أَبِو حاتم: يوصِّله رِشْدِينُ بنُ سَعْدٍ؛ يقول: عن أبي أُمَامَة، عن النبيِّ، ورِشْدِين لَيْسَ بقَويٍّ، والصَّحيحُ مرسَلٌ.

(8)

وقال الدارقطني:

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 3/ 1526، "الاستيعاب" 4/ 1602، "أسد الغابة" 3/ 15، و 6/ 14، "الإصابة" 5/ 241.

(2)

يُنظر "سؤالات السلمي للدارقطني" لأبو عبد الرحمن السلمي 1/ 279، "تاريخ بغداد" للخطيب 3/ 483.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 418.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 473.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 377.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 36.

(7)

يُنظر "التقريب" 1/ 74، "هدي الساري" 1/ 394.

(8)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 547.

ص: 480

لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَالصَّوَابُ من قَوْلِ رَاشِدٍ.

(1)

قلت: فلعلهما والله أعلم رجحا الوجه المُرسل علي اعتبار أنه لم يروه عَنْ رَاشِد بْن سَعْد بالوجه المرفوع إلا مُعَاوِيَة بْن صَالِحٍ. في حين أن مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ لم يتفرد براوية الوجه المرفوع عَنْ رَاشِدِ، بل تابعه ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَة مَوْصُولاً، كما أخرجه البيهقي في سننه كما سبق بيان ذلك.

قَالَ ابن عدي: وَهَذَا الْحَدِيث أَسْنَدَه رِشْدِين وَرُوِي عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِي أُمَامَةَ مَوْصُولا أَيضًا رَوَاهُ عَنْ ثَوْرٍ حَفْصُ بْنُ عُمَر الأَبُلِّيُّ وَرَوَاهُ الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ مَعَ ضَعْفٍ فِيهِ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلا.

(2)

وقال الزيلعي: قَال الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، انْتَهَى. وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ، فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ رُفِعَ مِنْ وَجْهَيْنِ، غَيْرِ طَرِيقِ رِشْدِينَ أَخْرَجَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ: أَحَدُهُمَا: عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ إلَّا إنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ. أَوْ طَعْمُهُ. أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهَا، انْتَهَى. الثَّانِي: عَنْ حَفْصِ بن عُمَرُ ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا الْمَاءُ لَا يَنْجُسُ إلَّا مَا غُيِّرَ طَعْمُهُ. أَوْ رِيحُهُ انْتَهَى.

(3)

وقال ابن الملقن: قَالَ ابْن عدي: وَهَذَا الحَدِيث لَيْس يرويهِ عَن ثَوْر إلاَّ حَفْص بن عمر. قلت: قد رَوَاهُ بَقِيَّة أَيْضا عَنهُ، أخرج ذَلِك الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه.

(4)

وقال ابن حجر: وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: إنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ إلَّا إنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فيه. أورده مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وَفِيهِ تَعَقَّبَ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ رِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ.

(5)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: رِشْدِين بْن سَعْد: ضعيف.

قلت: لكن للحديث بجزئه الأول ــــ وهو قوله "لَا يُنَجِّس الْمَاءَ شَيْءٌ" ــــ شواهد من أمثلها حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وابْنِ عَبَّاسٍ.

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الحِيَضُ، وَلُحُومُ الكِلَابِ، وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ المَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. وهذا لفظ الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ جَوَّدَ أَبُو أُسَامَةَ هَذَا الحَدِيثَ، فَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ أَحْسَنَ مِمَّا

(1)

يُنظر "السنن" للدارقطني 1/ 31

(2)

يُنظر "الكامل" لابن عدي 4/ 84.

(3)

يُنظر "نصب الراية" للزيلعي 1/ 94.

(4)

يُنظر "البدر المنير" لابن الملقن 1/ 400.

(5)

يُنظر "تلخيص الحبير" لابن حجر 1/ 23.

ص: 481

رَوَى أَبُو أُسَامَةَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَفِي البَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ.

(1)

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

(2)

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ.

(3)

وعلي هذا فالحديث بجزئه الأول يرتقي بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

وأما الحديث بجزئه الثاني: وهو الاستثناء الوارد في الحديث في قوله "إِلَّا مَا غَيَّرَ رِيحَهُ أَوْ طَعْمَهُ" فضعيف، وقد ذهب العلماء إلي أن هذا الاستثناء الوارد في هذا الحديث غير ثابت من الناحية الحديثية إلا أن الإجماع دَلَ عليه، أي دَلَ علي أن الماء يصير نجساً إذا تغير بالنجاسة.

فقال البيهقي: وَالْحَدِيثُ غَيْرُ قَوِيٍّ إِلَّا أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ إِذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا وَاللهُ أَعْلَمُ. وقال الشَّافِعِيُّ: وَمَا قُلْتُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَ طَعْمُ الْمَاءِ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ كَانَ نَجِسًا، يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجْهٍ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ خِلَافًا.

(4)

وقال الزيلعي: وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ رِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ جَرَحَهُ النَّسَائِيّ. وَابْنُ حِبَّانَ. وَأَبُو حَاتِمٍ. وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ والدارقطني فِي سُنَنِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ اللَّوْنَ.

(5)

وقال ابن الملقن: الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور ضعيفٌ، لَا يحلّ الِاحْتِجَاج بِهِ، لِأَنَّهُ مَا بَين مُرْسل وَضَعِيف. وَنقل النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب اتِّفَاق الْمُحدثين عَلَى تَضْعِيفه. وَقد أَشَارَ إمامنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي إِلَى ضعفه، وَتَابعه عَلَى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ. وقال ابْن الْجَوْزِي: هَذَا حَدِيث لَا يَصح. فَإِذا عُلم ضعف

(1)

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(2269، 2313)، والقاسم بن سلام في "الطهور"(145، 146، 147)، وأحمد في "مسنده"(11119، 11257، 11818)، وابن شبة في "تاريخ المدينة"(1/ 156)، وأبو بكر الأثرم في "سننه"(49)، وأبو داود في "سننه"(66، 67)، والترمذي في "سننه"(66)، والنسائي في "السنن الصغرى"(326، 327)، وأبو يعلي في "مسنده"(1304)، وابن الجارود في "المنتقي"(47)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي"(55)، والطحاوي في "أحكام القرآن"(67، 66)، وفي "شرح معاني الآثار"(3، 2)، وابن حبان في "الثقات"(7/ 548)، وابن بشران في "أماليه"(38)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1214، 1215، 1216، 1218، 1219)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1815، 1817).

(2)

قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 542. سألتُ أَبا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه سُفْيان، عن سِمَاك بن حَرْب، عَنْ عِكرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ بعضَ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلَتْ مِنْ جَنابَة، فَجَاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لَهُ، فتوضَّأَ بِفَضْلِها، وَقَالَ: المَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. وَرَوَاهُ شَرِيكٌ، عَن سِماك، عَنْ عِكرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن مَيمُونة؟ فَقَالَ: الصَّحيحُ: عَنِ ابْنِ عباس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ بلا مَيْمُونة.

(3)

أخرجه أحمد في "مسنده"(2100، 2102، 2566، 2807، 2806، 2805)، والنسائي في "السنن الصغرى"(325)، وأبو يعلي في "مسنده"(2411)، وابن خزيمة في "صحيحه"(91)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(106)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(15240)، وابن حبان في "صحيحه"(1241)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11714)، والحاكم في "المستدرك"(565)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(12/ 172).

(4)

يُنظر "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 393.

(5)

يُنظر "نصب الراية" للزيلعي 1/ 94.

ص: 482

الحَدِيث، تعيَّن الِاحْتِجَاج بالإِجماع، كَمَا قَالَه الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ، وَغَيرهمَا. قَالَ ابْن الْمُنْذر: أَجمع الْعلمَاء عَلَى أنَّ المَاء الْقَلِيل أَو الْكثير، إِذا وَقعت فِيهِ نَجَاسَة، فغيَّرت طعمًا أَو لونًا أَو ريحًا فَهُوَ نجس. وَنقل الإِجماع كَذَلِك جمع غَيره.

(1)

قلت: وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ المرجوح ــــ إسناده منكر فيه: الأَحْوَص بْن حَكِيمٍ: ضعيف، وخالف الثقات.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ إِلَّا رِشْدِينُ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ.

قلت: أما قوله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُعَاوِيَة بْن صَالِحٍ إِلَّا رِشْدِين: فهو كما قال عليه رضي الله عنه.

وأما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ. فليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد مُحَمَّد بْن يُوسُف الْغَضِيضِيُّ برواية هذا الحديث عَنْ رِشْدِين بل تابعه: مَرْوَان بْن مُحَمَّد الطَّاطَرِي، ومُحَمَّد بْن يَزِيد الحزامي البزاز. كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قال ابن الملقن: قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يَرْوِ هَذَا الحَدِيث عَن مُعَاوِيَة بن صَالح إلاَّ رشدين، تَفرَّد بِهِ مُحَمَّد بن يُوسُف. قلت ــــ ابن الملقن ــــ: لَا، فقد تَابعه مَرْوَان بن مُحَمَّد، كَمَا أخرجه ابْن مَاجَه، وَالْبَيْهَقِي.

(2)

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن قتيبة الدينوري رحمه الله: قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ فِيمَا يَنْجُسُ مِنَ الْمَاءِ: قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ: الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. ثُمَّ رُوِّيتُمْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ حَمَلَ النَّجَسَ، وَهَذَا خِلَافُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِلْأَوَّلِ. وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ عَلَى الْأَغْلَبِ وَالْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَى الْآبَارِ وَالْغُدْرَانِ أَنْ يَكْثُرَ مَاؤُهَا، فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْخُصُوصِ. وَهَذَا كَمَا يَقُولُ: السَّيْلُ لَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ، وَمِنْهُ مَا يَرُدُّهُ الْجِدَارُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْكَثِيرَ مِنْهُ لَا الْقَلِيلَ. وَكَمَا يَقُولُ: النَّارُ لَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ نَارَ الْمِصْبَاحِ الَّذِي يُطْفِئُهُ النَّفْخُ وَلَا الشَّرَارَةَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ نَارَ الْحَرِيقِ. ثُمَّ بَيَّنَ لَنَا بَعْدَ هَذَا بِالْقُلَّتَيْنِ، مِقْدَارَ مَا تَقْوَى عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ مِنَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ، الَّذِي لَا يُنَجِّسُهُ شَيْء.

(3)

وقال ابن قدامة رحمه الله: إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، وَهُوَ خَمْسُ قِرَبٍ، فَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رَائِحَةٌ، فَهُوَ طَاهِرٌ. وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِصَرِيحِهَا عَلَى أَنَّ مَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِمَا وَقَعَ فِيهِ لَا يَنْجُسُ، وَبِمَفْهُومِهَا عَلَى أَنَّ مَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ نَجِسٌ وَإِنْ كَثُرَ، وَأَنَّ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْجُسُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ

(1)

يُنظر "البدر المنير" لابن الملقن 1/ 401.

(2)

يُنظر "البدر المنير" لابن الملقن 1/ 400، 399.

(3)

يُنظر "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة 1/ 470.

ص: 483

النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. فَأَمَّا نَجَاسَةُ مَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتْ لِلْمَاءِ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رَائِحَةً، أَنَّهُ نَجِسٌ مَا دَامَ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ إذَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْجُسُ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ؟ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ، وَالنَّتِنُ فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ صَحِيحٌ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: سُئِلَ عَنْ الْحِيَاضِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، تَرِدُهَا السِّبَاعُ وَالْكِلَابُ وَالْحُمُرُ، وَعَنْ الطَّهَارَةِ بِهَا، فَقَالَ: لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا غَبَرَ طَهُورٌ. وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ إحْدَى صِفَاتُ النَّجَاسَةِ، فَلَمْ يَنْجُسْ بِهَا كَالزَّائِدِ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ. وَفِي لَفْظٍ: إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ. وَتَحْدِيدُهُ بِالْقُلَّتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا دُونَهُمَا يَنْجُسُ، إذْ لَوْ اسْتَوَى حُكْمُ الْقُلَّتَيْنِ وَمَا دُونَهُمَا لَمْ يَكُنْ التَّحْدِيدُ مُفِيدًا.

(1)

(1)

يُنظر "المغني" لابن قدامة 1/ 36.

ص: 484

[95/ 745]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ» . * لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ جَرِيرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُ لَهِيعَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وفي "المعجم الصغير"(1/ 87 رقم 115) بسنده سواء.

- والطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 313 رقم 2304)، عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرِو الْحَرَّانِي، عَنْ أَبِيه.

- وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(13/ 493 رقم 7505)، وابن جعفر الجرجاني في "أماليه"(376)، والخطيب في "المتفق والمفترق"(3/ 1583 رقم 1029)، وأحمد بن عيسي بن قدامة المقدسي في "الثاني من فضائل جرير بن عبد الله"(79)، عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَهْب، عَنْ ابْن لَهِيعَة به.

- وأبو بكر النجاد في "أماليه"(1/ 33 رقم 32)، وابن بشران في "أماليه" ج/ 1 (1/ 229 رقم 682)، و ج/ 2 (1/ 256 رقم 1457)، عَنْ ابْن بُكَيْر، عَنْ ابْن لَهِيعَة به.

- والطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 313 رقم 2305)، عَنْ عَبْد الْغَفَّارِ بْن الْقَاسِم، عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل، عَنْ شَقِيق، عَنْ جَرِير به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَلْخيُّ الْبَغْدَادِيُّ.

روي عَنْ: عَمْرُو بْن خَالِد الْحَرَّانِي، ويَحْيَى بن عبد الله بن بُكَيْر، ووثيمة بْن مُوسَى بْن الفرات، وآخرين.

روي عنه: الطَّبَرَانِي، وَابْن قَانع، وَأَبُو بَكْر بْن خَلاَّد النَّصِيْبِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الدارقطني، والحاكم: ثِقَة. وقال الذهبي: المُحَدِّثُ المُتْقِنُ. وحاصله أنه "ثِقَة".

(1)

2) عَمْرُو بنُ خَالِدِ بنِ فَرُّوْخٍ بْنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيُّ، أَبُو الحَسَنِ الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ.

روي عَنْ: عَبْد الله بن لَهِيْعَة، وحَمَّاد بن سَلَمَة، وَاللَّيْث بن سَعْد، وآخرين.

روي عنه: أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن مِلْحَان البَلْخي، والبُخَارِي، وَأَبُو حَاتِم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ العِجْلِي، وابن معين، والدارقطني، والذهبي، ومسلمة بن قاسم، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابن معين: صدوق، وزاد العِجْلِي: ثَبْتٌ، وزاد الدارقطني، والذهبي: حجة. وذكره بن حبان في الثقات، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَدُوْق. وحاصله أنه "ثِقَة ثبت".

(2)

(1)

يُنظر "سؤالات الحاكم" للدارقطني 1/ 90، "سؤالات السجزي" للحاكم 1/ 102، "السير" للذهبي 13/ 533.

(2)

يُنظر "سؤالات ابن الجنيد" لابن معين 1/ 397، "الثقات" للعجلي 2/ 174، "الجرح والتعديل" 6/ 230، "الثقات" 8/ 485، "تهذيب الكمال" 21/ 601، "المغني" للذهبي 2/ 143، "السير" 10/ 427، "الإكمال" 10/ 160، "التقريب" صـ 358.

ص: 485

3) عَبدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَة: "ضعيف يعتبر به إلا إذا كان الراوي عنه ابن المبارك، أو ابن وهب فحديثه صحيح فإنهما ينتقيان من أصوله كما قال أبو زرعة، وابن مهدي، وابن حجر" تقدم في حديث رقم (26).

4) عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَخُو يَحْيَى بْن سَعِيد.

روي عَنْ: سَلَمَة بْن كُهَيْل، وأَبو أُمَامَة بنِ سَهْل، وَأَبو سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمَن، وغيرهم.

روي عنه: عَبد اللَّه بْن لَهِيعَة، وَسُفْيَان الثَوْرِي، وَسُفْيَان بْنُ عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، والعجلي، وأَبو حَاتِم، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابْن مَعِين: مأمون. وقال الذهبي: حجة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال ابن أبي حاتم: قال أبي: لا بأس به، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: هُوَ حسن الْحَدِيث ثقة. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثِقَة".

(1)

5) سَلَمَةُ بنُ كُهَيْل بن حُصَيْنٍ الحَضْرَمِيُّ، أَبُو يَحْيَى، الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: شَقِيق بْن سَلَمَة، وَسَعِيْد بن جُبَيْر، وَالشَّعْبِي، وغيرهم.

روي عنه: عَبْد رَبِّه بْن سَعِيد، وَشُعْبَة، وَالثَّوْرِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابن سعد، وأحمد، وابن معين، والعِجْلِي، وشُعْبَة، وأبو زرعة، وأَبُو حَاتِم، ويَعْقُوْب بن شَيْبَة، والنَّسَائِي، والذهبي، وابن حجر: ثِقَة، وزاد العِجْلِي، ويَعْقُوْب، والذهبي، والنَّسَائِي: ثَبْت، وزاد أبو زرعة: مأمون ذكي، وَزاد أَبُو حَاتِم: مُتْقِنٌ. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال في المشاهير: من جلة مشايخ الكوفيين. وقَالَ أَحْمَد: كَانَ مُتْقِناً لِلْحَدِيْثِ. وَقَال الثوري: كَانَ رُكناً مِنَ الأَركَانِ، وَشَدَّ قَبضَتَهُ. وقَال ابنُ مَهْدِيٍّ: أربعة في الكوفة لا يختلف في حديثهم فمن اختلف عليهم فهو خاطئ وذكره منهم. وحاصله أنه "ثِقَة ثبت".

(2)

6)

شَقِيْقُ

(3)

بنُ سَلَمَةَ، أَبُو وَائِلٍ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: جَرِير بْن عَبْد اللَّه، وعُمَر، وَعُثْمَان، وَعَلِي، وآخرين.

روي عنه: سَلَمَة بن كُهَيْل، وَالحَكَم بن عُتَيْبَة، وَعَاصِم بن بَهْدَلَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سَعْد، وابْنِ مَعِيْن، والعجلي، ووكيع بن الجراح، وابن عبد البر، وأبو نعيم

(1)

يُنظر "سؤالات أبي داود" لأحمد 1/ 211، "الثقات" للعجلي 2/ 71، "الثقات" لابن حبان 7/ 153، "الثقات" لابن شاهين 1/ 161، "تهذيب الكمال" 16/ 476، "الكاشف" 1/ 619، "التهذيب" 6/ 126، "التقريب" صـ 277.

(2)

"الثقات" للعجلي 1/ 421، "الجرح والتعديل" 4/ 170، "الثقات" 4/ 317، "المشاهير" 1/ 137، "الثقات" لابن شاهين 1/ 102، "الكاشف"1/ 454، "تاريخ الإسلام" 3/ 425، "السير"5/ 298، "الإكمال" 6/ 21، "التهذيب"4/ 155، "التقريب" صـ 188.

(3)

الشَقِيقِي: بفتح الشين المعجمة والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين القافين المكسورتين، هذه النسبة إلى الجد وهو شقيق، وإلى الاسم. أما الجد فالمشهور بها أبو الحسن على بن الحسن بن شقيق المروزي الشَقِيقِي، صاحب عبد الله بن المبارك، وأما الاسم فالمشهور بها: أَبُو وَائِلٍ شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ الأَسَدِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 7/ 368.

ص: 486

الفضل بن دكين، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابْن مَعِيْن: لَا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ، وزاد ابن عبد البر: أجمعوا على أنه حجة، وزاد ابن حجر: مُخَضْرَم. وذكره ابن حبان في الثقات، وابن شاهين في الثقات. وقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: عَلَيْكَ بِشَقِيْقٍ، فَإِنِّي أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ مُتَوَافِرُوْنَ، وَإِنَّهُم لَيَعُدُّوْنَهُ مِنْ خِيَارِهِم. وهو مُخَضْرَمٌ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَا رَآهُ. قال الذهبي: مُخَضْرَمٌ من العلماء العاملين، وكَانَ مِنَ الْأَذْكِيَاءِ الْحُفَّاظِ. روى له الجماعة.

وقد وُصِفَ بالإرسال: فوصفه بذلك أحمد، وابن معين، وأبو حاتم. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(1)

7) جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَابِرِ بنِ مَالِكٍ البَجَلِيُّ بْنِ نَصْرِ بنِ عَوْفٍ، أَبُو عَمْرٍو، وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ.

روي عَنْ: النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعُمَر بْن الخطاب، ومعاوية بْن أَبي سفيان، وآخرين.

روي عنه: شَقِيْق بن سَلَمَة، وأَنَس بْن مَالِك، وَقَيْس بن أَبِي حَازِمٍ، وآخرون.

كَانَ رضي الله عنه وأرضاه مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ. وفَاقَ النَّاسَ فِي الْجَمَالِ وَالْقَامَةِ. ففي الصحيح عنه أنه قال: ما حجبني رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رَآنِي إِلا تَبَسَّمَ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صلى الله عليه وسلم يُسَمِّيهِ يُوسُفَ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لِجَمَالِهِ، وَكَان سَيِّدُ بَجِيلَةَ. أَسْلَمَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَكْفَاهُ طَاغِيَةَ ذِي الْخَلَصَةِ بَيْتًا لِخَثْعَمٍ يُسَمَّى الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةَ، فَنَفَرَ إِلَيْهَا، فَأَحْرَقَهَا، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالثَّبَاتِ وَالْهِدَايَةِ، بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يُنَاصِحَ الْمُسْلِمَ، وَيُفَارِقَ الْمُشْرِك.

(2)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني إسناده "ضعيف" فيه: عَبد اللَّهِ بْن لَهِيعَة: ضعيف يعتبر به إلا إذا كان الراوي عنه ابن المبارك، أو ابن وهب فحديثه صحيح فإنهما ينتقيان من أصوله.

قال الهيثمي: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ.

(3)

وقال البوصيري: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ.

(4)

قلت: ابْن لَهِيعَة ضعيف إلا إذا كان الراوي عنه ابن المبارك، أو ابن وهب، وقد روي عَبْد اللَّه بْن وَهْبٍ عنه هذا الحديث كما سبق بيان ذلك في التخريج، وعلي هذا فالحديث إسناده ظاهره الصحة.

لكن قال أبو حاتم: لَيْسَ لِهَذَا الحديثِ أصلٌ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ حديثٌ مُنكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ.

(5)

(1)

"الثقات" للعجلي 1/ 459، "المراسيل" 1/ 88، "الثقات" 4/ 354، "تهذيب الكمال" 12/ 548، "السير" 4/ 161، "جامع التحصيل" 1/ 197، "الإكمال" 6/ 288، "تحفة التحصيل" لأبو زرعة العراقي 1/ 148، "التهذيب" 4/ 361، "التقريب" صـ 209.

(2)

يُنظر "معجم الصحابة" للبغوي 1/ 558، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 2/ 591، "الاستيعاب" لابن عبد البر 1/ 236، "أسد الغابة" لابن الأثير 1/ 529، "السير" للذهبي 2/ 530، "الإصابة" لابن حجر 2/ 190.

(3)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 5/ 408.

(4)

يُنظر "إتحاف الخيرة" للبوصيري 5/ 116.

(5)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 3/ 393 و 5/ 240.

ص: 487

قلت: لعل ذلك والله أعلم لأجل أن سَلَمَة بن كُهَيْلِ كوفي من أهل العراق، والراوي عنه مدني وهو: عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ، وعنه عَبْد اللَّهِ بْن لَهِيعَة المِصري، وكان يلزم أن يكون الحديث مخرجه بهذا الإسناد من العراق، فيرويه أهل العراق عَنْ سَلَمَة بن كُهَيْلِ. أما وأن الحديث غاير مخرجه الأصلي فخرج من المدينة ومصر مع انفراد ابن لهيعة به دون أن يتابعه أحد من العراقيين عليه فلعل ذلك هو السبب في ما قاله أبو حاتم مِنْ أنَّ هَذَا الحديثِ لَيْسَ له أصلٌ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ مُنكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، والله أعلم.

قلت: ومع هذا فللحديث شواهد صحيحة من حديث بُرَيْدَةَ بْنِ الحصيب، وصَفْوَانَ بْنِ عَسَّال.

ومنها ما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث بُرَيْدَة بْن الحصيب قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ....

(1)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ جَرِيرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: ابْنُ لَهِيعَةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن الجوزي رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "لَا تغلوا، وَلَا تغدروا، وَلَا تمثلوا ". الْغلُول أَخذ شَيْء من الْمغنم قبل قسمته فِي خُفْيَة، والغدر: نقض الْعَهْد. والمثلة: تَشْوِيه الْخلقَة. وَقَوله: وَلَا تقتلُوا وليدًا. الْوَلِيد: الصَّغِير، وَذَلِكَ لِأَن الصّبيان وَالنِّسَاء يصيرون رَقِيقا بِنَفس السَّبي، وَلَا يجوز إِضَاعَة المَال.

(2)

وقال النووي رحمه الله: أَمَّا السَّرِيَّةُ فَهِيَ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ تَخْرُجُ مِنْهُ تُغِيرُ وَتَرْجِعُ إِلَيْهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: هِيَ الْخَيْلُ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَنَحْوَهَا قَالُوا سُمِّيَتْ سَرِيَّةً لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي اللَّيْلِ وَيَخْفَى ذَهَابُهَا وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ يُقَالُ سَرَى وَأَسْرَى إِذَا ذَهَبَ لَيْلًا.

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَغْدِرُوا: بِكَسْرِ الدَّالِ. وَالْوَلِيدُ الصَّبِيُّ.

وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَهِيَ: تَحْرِيمُ الْغَدْرِ، وَتَحْرِيمُ الْغُلُولِ، وَتَحْرِيمُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا، وَكَرَاهَةُ الْمُثْلَةِ، وَاسْتِحْبَابُ وَصِيَّةِ الْإِمَامِ أُمَرَاءَهُ وَجُيُوشَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَالرِّفْقِ بِأَتْبَاعِهِمْ وَتَعْرِيفِهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ فِي غَزْوِهِمْ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَمَا يَحِلُّ لَهُمْ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ وَمَا يُكْرَهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ.

(3)

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ ب/ تَأْمِيرِ الْإِمَامِ الْأُمَرَاءَ عَلَى الْبُعُوثِ، وَوَصِيَّتِهِ إِيَّاهُمْ بِآدَابِ الْغَزْوِ وَغَيْرِهَا (1731)، وأبو حنيفة في "مسنده" رواية الحصكفي (2)، وأبو يوسف في "الآثار"(874، 873)، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ في "مصنفه"(9428)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(33599، 33467)، وأحمد في "مسنده"(23030)، وابن زنجويه في "الأموال"(758، 757، 102)، والدارمي في "سننه"(2483)، وابن ماجة في "سننه"(2858)، وأبو داود في "سننه"(2613)، والترمذي في "سننه"(1617، 1408)، والبزار في "مسنده"(4355)، والنسائي في "الكبرى"(8532).

(2)

يُنظر "كشف المشكل من حديث الصحيحين" لابن الجوزي 2/ 28.

(3)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 12/ 37.

ص: 488

[96/ 746]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: نا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ.

* هَكَذَا رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ. وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيجٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ. وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الرُّصَافِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَرَّانِيُّ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَالصَّحِيحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِيِّ، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(13/ 382 رقم 14200)، والبزار في "مسنده"(6/ 399 رقم 2420).

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة.

أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" ك/ قِيَام اللَّيْل وَتَطَوُّع النَّهَار ب/ كَيْفَ صَلَاةُ الْقَاعِد (2/ 146 رقم 1376)، وأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 114 رقم 121)، وأَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ في "حديثه"(1/ 530 رقم 562)، وأَبُو عُثْمَان البَحِيْرِي في "السابع من فوائده"(1/ 163 رقم 163)، وعبد الرحمن بن بشر العبدي في "أحاديثه"(17)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 183 رقم 269)، وابن عبد البر في "التمهيد" (12/ 49). قَال النسائي: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مُرْسَل.

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: مَالِك بْن أَنَس، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر.

أما طريق مَالِك: أخرجه هو في "الموطأ" ك/ السهو ب/ فَضْلُ صَلَاةِ الْقَائِمِ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِد (2/ 188 رقم 451)، ومن طريقه ــــــ أبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 113 رقم 120)، والجَوْهَرِيُّ المالكي في "مسند الموطأ"(1/ 221 رقم 230)، وعمر بن الحاجب في "عوالي مالك"(1/ 399 رقم 520) ـــــــ.

وأما طريق عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى

ص: 489

النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِم (2/ 458 رقم 4666).

الوجه الرابع: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: يَزِيد بْن عِيَاض.

أخرجه ابن مخلد في "منتقى حديثه"(1/ 220 رقم 219)، والطبراني في "الكبير"(13/ 369 رقم 14186)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1722 رقم 4364)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(16/ 482).

الوجه الخامس: الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: ابْن جُرَيْج، وصَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَر.

أما طريق ابْن جُرَيْج: أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ فَضْلِ صَلَاةِ الْقَائِمِ عَلَى الْقَاعِد (2/ 471 رقم 4121)، وأحمد في "مسنده"(19/ 387 رقم 12395)، والبزار في "مسنده"(13/ 40 رقم 6352، 6353)، وأبو عبد الله بن نصر المَرْوَزِي في "مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر"(1/ 198)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(6/ 275 رقم 3583)، وابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 48)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(7/ 195 رقم 2631)، (7/ 196 رقم 2632).

وأما طريق صَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَر من أصح الأوجه عنه

(1)

: أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 48).

الوجه السادس: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه: عَبْد الرَّزَّاق بْن عُمَر، وإِبْرَاهِيم بْن مُرَّة.

أما طريق عَبْد الرَّزَّاق بْن عُمَر: أخرجه الطبراني في "الكبير"(12/ 282 رقم 13122).

وأما طريق إِبْرَاهِيم بْن مُرَّة: أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 370 رقم 641).

الوجه السابع: الزُّهْريُّ يحدِّث عن مولي لعبد الله بن عَمرو، عن عبد الله بن عَمرو.

ورواه عَنْ الزُّهْرِي بهذا الوجه بَكْر بْن وَائِل.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(13/ 420 رقم 14261).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ، أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ.

روي عن: يَحْيَى بْن مَعِين، وعبد الله بن معاذ، ونوح بن حبيب، وغيرهم.

(1)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(688)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6182)، وابن عبد البر في "التمهيد"(12/ 49)، عَنْ صَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنْ الزُّهْرِي، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ. قلت: وأشار الطبراني رحمه الله إلي هذا الوجه المرجوح في التعليق علي الحديث ــــ رواية الباب ــــ.

ص: 490

روي عنه: الطَبَرَانِي، وعلي بن إبراهيم بن حماد، وأحمد بن جعفر بن سلمة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن حجر: لينه الدارقطني، وروى عن محمد بن جعفر الوركاني حديثاً خولف في إسناده. وقال ابن المنادى كتب الناس عنه. وقال أحمد بن كامل: كان قليل العلم بالحديث ولم يطعن عليه في السماع. قلت: وحكم المناوي علي إسناد هو فيه فقال: ضَعِيف لضعف أَحْمد بن بشير. وحاصله أنه "فيه لين".

(1)

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن بنِ عَوْنِ بنِ زِيَادِ بنِ بِسْطَامَ بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أَبُو زَكَرِيَّا البَغْدَادِيُّ الغَطَفَانِيُّ.

روي عَنْ: ابْن المُبَارَك، وَهُشَيْم، وَيَحْيَى القَطَّان، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن بَشِيْر أَبُو أَيُّوب الطَّيَالِسِي، وَالبُخَارِي، وَمُسْلِم، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ أَبو حَاتِم: إِمَام. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَال الخطيب: كَانَ إماماً ربانياً عالماً حافظاً ثبتاً متقناً. وقال المزي: حَافِظ، إمام أهل الحديث فِي زمانه. وقال ابن حجر: ثقة حافظ مشهور إمام الجرح والتعديل. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كَثُرت عنايته بالسنن وَجمعه لَهَا وَحفظه إِيَّاهَا حَتَّى صَار علماً يقْتَدى بِهِ فِي الْأَخْبَار وإماماً يرجع إِلَيْهِ فِي الْآثَار. وقال أَحْمَدَ: كُلُّ حَدِيْثٍ لَا يَعْرِفُه ابن مَعِيْن، فَلَيْسَ هُوَ بِحَدِيْثٍ. وقال أيضاً: هَا هُنَا رَجُلٌ خَلَقَهُ اللهُ لِهَذَا الشَّأْنِ، يُظهِرُ كَذِبَ الكَذَّابِيْنَ يَعْنِي: ابْنَ مَعِيْنٍ. وقال العجلي: ما خلق الله تعالى أحداً كان أعرف بالحديث من ابن مَعِيْن ولقد كان يجتمع مع أحمد، وابن المديني ونظرائهم فكان هو الذي ينتخب لهم الأحاديث لا يتقدمه منهم أحد. وقال ابنَ المَدِيْنِيِّ: مَا رَأَيْتُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُ. وقال عمرو الناقد: ما كان في أصحابنا أعلم بالإسناد منه ما قدر أحد يقلب عليه إسناداً قط. وحاصله أنه "ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل".

(2)

3) وَهْبُ بنُ جَرِيْر بن حَازِم بنِ زَيْدٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شُجَاعٍ الأَزْدِيُّ، أَبُو العَبَّاسِ، البَصْرِيُّ.

روي عَن: وَالِدِهِ جَرِيْر بن حَازِم، وَشُعْبَة بْن الحجاج، وَهِشَام بن حَسَّان، وغيرهم.

روي عنه: يَحْيَى بن مَعِيْن، وَأَحْمَد، وابن المَدِيني، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سعد، والعِجْلِي، وابْن مَعِيْن، وابن حجر: ثِقَة، وزاد العِجْلِي: كَانَ عَفَّان يَتَكَلَّم فِيْهِ. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. روى له الجماعة.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ. فَقِيْلَ لَهُ: وَهْبٌ، وَرَوْحٌ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ؟ فَقَالَ: وَهْبٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمَا، وَهُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس، وأَمَرَ أَحْمَدُ بِالكِتَابَةِ عَنْهُ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ فِي مُسْنَدِه.

قلت: أما قول العِجْلِيُّ: كَانَ عَفَّانُ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ، فقد قال أَبُو عُبَيد الآجري قلت لأبي داود بلغك عن عفان أنه يُكَذِب وهب بن جرير فقال حدثني عباس العنبري سمعت علياً يقول أبو نعيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما

(1)

يُنظر "لسان الميزان" 1/ 410، "التيسير بشرح الجامع الصغير" للمناوي 1/ 196.

(2)

"الثقات" 9/ 262، "تهذيب الكمال" 31/ 543، "السير" 11/ 71، "تهذيب التهذيب" 11/ 280، "التقريب" صـ 527.

ص: 491

في الرجال هؤلاء لا يدعون أحداً إلا وقعوا فيه. وحاصله أنه "ثِقَة".

(1)

4) جَرِيْرُ بنُ حَازِمِ بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شُجَاعٍ الأَزْدِيُّ، أَبُو النَّضْرِ البَصْرِيُّ.

روي عَنْ: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، وَشُعْبَة بْن الحجاج، وَابْن سِيْرِيْن، وغيرهم.

روي عنه: وَهْب بن جَرِيْر، وَأَيُّوْب السِّخْتِيَانِي، وَالثَّوْرِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابن سعد، والعِجْلِي، وابن مَعِيْن، ويَحْيَى بن سعيد الْقطَّان، والساجي، وابن عدي، وأحمد بن صالح المصري، والبزار، والذهبي، وابن حجر: ثِقَة. وقال الذهبي في الميزان: أحد الأئمة الكبار الثقات، ولولا ذكر ابن عدي له لما أوردته. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: كان يخطئ لأن أكثر ما كان يحدث من حفظه. وقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: جَرِيْرٌ مِنْ أَجِلَّةِ أَهْلِ البَصْرَةِ وَرُفَعَائِهِم، وَحَدَّث عَنه مِنَ الكِبَارِ: أَيُّوْب، وَاللَّيْث، وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ المُسْلِمِيْنَ. روى لهِ الجماعة.

- وَقَالَ البخاري، وأَبُو حَاتِمٍ، والساجي مرة، وأبو الفتح الأزدي: صَدُوْق، وزاد البخاري: ربما يهم في الشيء، وزاد أَبُو حَاتِمٍ: صَالِح. وَقَالَ ابنَ مَعِيْنٍ مرة، والنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس.

- وَقَالَ أحمد: كَانَ حَدِيثُه عَنْ قَتَادَةَ غَيْر حَدِيثِ النَّاسِ يُوقِف أَشْيَاء وَيُسْنِد أَشْيَاء. وَقَالَ ابنَ مَعِيْن: هُوَ عَنْ قَتَادَةَ ضَعِيْفٌ. وَقَال ابن عدي مرة: جرير بْن حازم لَهُ أحاديث كثيرة عَنْ مشايخه، وهو مستقيم الحديث، صالح فيه، إلا روايته عَنْ قتادة، فإنه يروي عَنْ قتادة أشياء لا تتابع، يرويها غيره، وجرير من ثقات الناس.

- وقال أحمد: حدث بالوهم بمصر لم يكن يحفظ. قال الذهبي: اغْتُفِرَتْ أَوهَامُهُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى.

- وقد وُصف بالاختلاط: قال ابن سعد: كان ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره. وقَالَ أَبُو حَاتِم: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَة. وقَال الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ ذَكَرَ قَوْلَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: كَانَ جَرِيْرٌ أَحْفَظَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللهِ، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: وَلَكِنَّهُ بِأَخَرَةٍ.

- قال ابن مَهْدِي: اخْتُلِطَ جَرِيْر، وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ أَصْحَابُ حَدِيْثٍ، فَلَمَّا أَحسُّوا ذَلِكَ مِنْهُ، حَجَبُوْهُ، فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَحَدٌ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِ شَيْئاً. وقال أَبُو دَاوُدَ: جَرِير، وَعَبْدُالْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ تَغَيَّرَا، فَحُجِبَ النَّاسُ عَنْهُمَا. قال الذهبي: قَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ، وَلَكِنَّهُ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَحَجَبَهُ ابْنُهُ وَهْبٌ، فَمَا سَمِعَ مِنْهُ أَحَدٌ فِي اخْتِلاطِه.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ أبي الزناد، وأبو الطُّفَيْل، وغيرهما.

وقد وُصف بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من مراتب الموصوفين بالتدليس.

وحاصله أنه "ثقة يرسل وراويته عَنْ قَتَادَةَ فَيها ضعف" وأما اختلاطه فلا يقدح في حديثه، فقد كان أولاده أصحاب حديث فحجبوه، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَحَدٌ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِ شَيْئاً، وأما تدليسه فلا يضر أيضاً فقد ذكره ابن حجر في المرتبة الأولي من مراتب الموصوفين بالتدليس وهي: من لم يوصف بذلك إلا نادراً.

(2)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 344، "الجرح والتعديل" 9/ 28، "الثقات" لابن حبان 9/ 228، "الكامل" لابن عدي 8/ 342، "تهذيب الكمال" 31/ 121، "الكاشف" 2/ 356، "السير" 9/ 442، "الإكمال" 12/ 257، "التقريب" صـ 514.

(2)

"الثقات" للعجلي 1/ 267، "الجرح والتعديل" 2/ 504، "الثقات" 6/ 144، "الثقات" لابن شاهين" 1/ 56، "تهذيب الكمال" 4/ 524، "الكاشف" 1/ 291، "تاريخ الإسلام" 4/ 320، "السير" 7/ 98، "ميزان الاعتدال" 1/ 392، "المختلطين" للعلائي 1/ 16، "الإكمال" 3/ 180، "تحفة التحصيل" 1/ 48، "تهذيب التهذيب" 2/ 69، "طبقات المدلسين" 1/ 20، "التقريب" صـ 77.

ص: 492

5)

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق صاحب المغازي: "ثقة يدلس، فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

6) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

7) أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنَ عوف: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (17).

8) عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ بنِ وَائِلٍ بْنِ هَاشِمِ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ السَّهْمِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ.

روي عَنْ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأَبو بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وغيرهم.

روي عنه: أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وغيرهم.

كان رضي الله عنه صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنُ صَاحِبِهِ، وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيْهِ وَلَيْسَ أَبُوْهُ أَكْبَرَ مِنْهُ إِلاَّ بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ هَاجَرَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعٍ، وَشَهِدَ بَعْضَ المَغَازِي، وكان فاضلًا عالمًا قَرَأَ القرآن والكتب المتقدمة. استأذن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي أن يكتب عَنْهُ، فأذن لَهُ، فَقَالَ: يا رَسُول اللَّه، أكتب ما أسمع فِي الرضا والغضب؟ قَالَ: نعم، فإني لا أقول إلا حقًا. كَانَ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَرْغَبُ عَنْ غَشَيَانِ النِّسَاءِ، حتي نهاه النبيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلك ودَعَاهُ إِلَى الِائْتِسَاءِ بِهِ فِي الْإِفْطَارِ وَالنَّوْمِ وَإِتْيَانِ النِّسَاء.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد النسائي في السنن الكبرى

"

1) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، أبو يحيي المكي: قال ابن حجر: ثقة.

(2)

2) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: "ثقة ثبت حجة يُرسل ويُدلس لكن قبل العلماء عنعنته لكونه لا يدلس إلا عن ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (48).

3) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

4) عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بن عبيد الله التيمي، أبو محمد المدني: قال ابن حجر: ثقة فاضل.

(3)

5) عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو بنِ العَاصِ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد مالك في الموطأ

".

1) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

2) عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو بنِ العَاصِ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌رابعاً: دراسة إسناد الوجه الرابع: "إسناد الطبراني في الكبير

".

1) عَبْدَانُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ زِيَادٍ الأَهْوَازِيُّ: قال الخطيب: أحد الحفاظ الأثبات، وقال

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 3/ 1720، "الاستيعاب" 3/ 956، "أسد الغابة" 3/ 345، "الإصابة" 6/ 308.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 425.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 375.

ص: 493

الذهبي: الحَافِظُ، الحُجَّةُ، وقال مرة: عَبْدَانُ حَافِظٌ صَدُوْقٌ، وَمَنِ الَّذِي يَسْلَمُ مِنَ الوَهمِ.

(1)

2) شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ الحَبَطِيُّ: قال ابن حجر: صدوق يهم، وقال أبو حاتم اضطر الناس إليه أخيراً.

(2)

3) يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ بْنُ جُعْدُبَةَ الليثي: سُئل مالك بن أنس: عَن ابن سمعان، قَالَ: كَذَّاب، قيل له: فيزيد بْن عياض؟ قَالَ: أكذب وأكذب. وقال ابن حجر: مَتْرُوكُ.

(3)

4) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس، والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم في حديث رقم (16).

5) سعيدُ بْنُ المُسَيَّب: أحد العلماء الأثبات، ومراسيله من أصح المراسيل. تقدم في حديث رقم (2).

6) عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو بنِ العَاصِ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌خامساً: دراسة إسناد الوجه الخامس: "إسناد عبد الرَّزَّاق في مُصَنَفِه

".

1) ابْنُ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح بالسماع" تقدم في حديث رقم (45).

2)

الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

3) أَنَسُ بْنُ مَالِك: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌سادساً: دراسة إسناد الوجه السادس: "إسناد الطبراني في الكبير

".

1) يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السهمي: قال ابن حجر: صدوق ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله.

(4)

2) عبد الغفار بن داود بن مهران أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ: قال ابن حجر: ثقة فقيه.

(5)

3) عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عُمَرَ الدمشقي أبو بكر: قال ابن حجر: متروك الحديث عن الزُّهْرِيِّ لين في غيره.

(6)

4) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم في حديث رقم (16).

5) سَالِم بْنُ عَبد اللَّهِ بن عُمَر بن الخطاب: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (36).

6) عَبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بن الخطاب بن نفيل: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌سابعاً: دراسة إسناد الوجه السابع: "إسناد الطبراني في الكبير

".

1) يوسف بن يزيد بن كامل القَراطيسيُّ أبو يزيدَ: قال ابن حجر: ثقة.

(7)

2) يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن أبي عباد القلزمي: قال أبو حاتم: محله الصدق لا بأس به.

(8)

(1)

يُنظر "تاريخ بغداد" 11/ 16، و"السير" 14/ 168.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 211.

(3)

يُنظر "تاريخ بغداد" 16/ 482، و"المطالب العالية" لابن حجر 14/ 170.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 524.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 301.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 296.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 541.

(8)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 203.

ص: 494

3) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ أَبُو جَعْفَر مُطَيَّنٌ: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ جَبَلٌ، وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظ.

(1)

4) أحمدُ بن عبد الله بن يونس بن قيس التميمي اليربوعي: قال ابن حجر: ثقة حافظ.

(2)

5) يَعْلَى بن الحارث المُحارِبي: قال ابْن مهدي، وابن مَعِين، وابن المديني، والنَّسَائي: ثقة.

(3)

6) بكر بن وائل بن داود التَّيْمِيّ: قال أَبُو حاتم: صالح. وقال ابن حجر: صدوق.

(4)

7) الزُّهْرِيُّ: "ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

8) مولًى لعبد الله بن عَمرو: قلت: مهمل.

9) عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو بنِ العَاصِ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الزُّهْرِيِّ، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

ولم يروه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه إلا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. قلت: وابْنِ إِسْحَاقَ ثقة يدلس، فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، ولم يُصرح بالسماع في هذا الوجه.

الوجه الثاني: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو.

ولم يروه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه إلا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. قلت: قال النسائي: هَذَا خَطَأٌ.

(5)

الوجه الثالث: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه: مَالِك بْن أَنَسٍ، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر. وزاد الدارقطني: معمر. وزاد مُحَمَّدُ بْنُ يُحْيِي الذهلي: شُعَيْبٍ، وَبَكْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ دَاوُد.

الوجه الرابع: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو.

ولم يروه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه إلا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ. قلت: ويَزِيد هذا قال فيه ابن حجر: مَتْرُوك.

الوجه الخامس: الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

ورواه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه ابْنُ جُرَيْجٍ، وصَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَر. قلت: قال أبو حاتم في حديث ابْنُ جُرَيْج، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ. هَذَا خَطَأ.

(6)

الوجه السادس: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.

(1)

يُنظر "السير" 14/ 41.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 21.

(3)

يُنظر "تهذيب الكمال" 32/ 381.

(4)

يُنظر "تهذيب الكمال" 4/ 230، "التقريب" صـ 66.

(5)

يُنظر "السنن الكبرى" للنسائي 2/ 146.

(6)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 2/ 378.

ص: 495

ورواه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه عَبْدُ الرَّزَّاق بْن عُمَر، وإِبْرَاهِيم بْن مُرَّة. قلت: وأما عَبْدُ الرَّزَّاق بْن عُمَر قال فيه ابن حجر: متروك الحديث عن الزُّهْرِيِّ لَيِنُّ في غَيْرِه،

الوجه السابع: الزُّهْريُّ يحدِّث عن مولًى لعبد الله بن عَمرو، عن عبد الله بن عَمرو.

ولم يروه عَنْ الزُّهْرِيِّ بهذا الوجه إلا بَكْر بْن وَائِل.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثالث هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الرواة وهذا بخلاف الأوجه الأخرى.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بهذا الوجه جماعة من الحفاظ كمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الذي يُعد جبلاً في الحفظ.

3) ترجيح الأئمة:

- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُحْيِي الذهلي: وَالْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا أَحَادِيثَ مَعْمَرٍ، وَشُعَيْبٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَبَكْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

(1)

- وقال النسائي: وَالصَّوَابُ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مُرْسَلٌ.

(2)

- وقال أبو أحمد الحاكم: قد اختلفوا على زُّهْرِيِّ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوهٍ شَتَّى لَكِنْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ أَقْرَبُهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالصَّحِيحُ مِنْ بَاقِيهَا الْمَرَاسِيلُ مِثْلُ رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسَائِرُهَا وَاهِيَةٌ وَبِصِحَّةِ مَا ذَكَرْتُهُ.

(3)

- وقال الدارقطني: رَوَاهُ مَالِكٌ، ومعمر، عن الزُّهْرِيِّ؛ أن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، لم يذكر بينهما أحداً، وهو المحفوظ.

(4)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ـــ الوجه الأول المرجوح ـــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لمن هو أوثق منه. وأما الحديث بالوجه الثالث ــــ الراجح ــــ "فإسناده ضعيف" لإرساله حيث رواه الزُّهْرِي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، مُرسلاً، ليس بينهما أحد، والزُّهْرِي لم يسمع من عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو.

قلت: وللحديث من وجهه الراجح متابعة قاصرة أخرجها مسلم في "صحيحه" من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ قُلْتَ: صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ.

(5)

(1)

يُنظر "مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر" لأبي عبد الله بن نصر المَرْوَزِي 1/ 198.

(2)

يُنظر "السنن الكبرى" للنسائي 2/ 146.

(3)

يُنظر "عوالي مالك" رواية أبي أحمد الحاكم 1/ 113.

(4)

يُنظر "العلل" للدارقطني 12/ 202.

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ جَوَازِ النَّافِلَةِ قَائِمًا وَقَاعِدًا، وَفِعْلِ بَعْضِ الرَّكْعَةِ قَائِمًا وَبَعْضِهَا قَاعِدًا (735).

ص: 496

قلت: وللحديث شاهد أيضاً من حديث عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا، فَقَالَ: إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ.

(1)

وعلي هذا فيرتقي الحديث من وجهه الراجح بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: وَالصَّحِيحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فقد بينا فيما سبق أن الراجح من جميع هذه الوجوه السابقة هو الوجه الثالث: وهو ما رواه مَالِك بْن أَنَس، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ومعمر، وغيرهما عَنْ الزُّهْرِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ مُرسلاً، وهذا هو ما رجحه: الذهلي، والنسائي، وأبو أحمد الحاكم، والدارقطني، والله أعلم.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: مَعْنَاهُ أَنَّ صَلَاةَ الْقَاعِدِ فِيهَا نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ فَيَتَضَمَّنُ صِحَّتَهَا وَنُقْصَانَ أَجْرِهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ فَهَذَا لَهُ نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ وَأَمَّا إِذَا صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ فَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ بَلْ يَكُونُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَأَمَّا الْفَرْضُ فَإِنَّ الصَّلَاةَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ يَصِحَّ فَلَا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ بَلْ يَأْثَمُ بِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنْ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ وَجَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ كما لو استحل الزنى والربا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الشَّائِعَةِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ صلى الْفَرْضَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ أَوْ مُضْطَجِعًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا لَمْ يَنْقُصْ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا فَيَتَعَيَّنُ حَمْلَ الْحَدِيثِ فِي تَنْصِيفِ الثَّوَابِ عَلَى مَنْ صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ.

(2)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ تقصير الصلاة ب/ صَلَاةِ القَاعِدِ (1115)، وفي ك/ تقصير الصلاة ب/ صَلَاةِ القَاعِدِ بِالإِيمَاءِ (1116).

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 6/ 14.

ص: 497

[97/ 747]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ حَبِيبٍ السِّرَاجُ قَالَ: نا حَيَّانُ بْنُ [عُبَيْدِ اللَّهِ]

(1)

أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمْرًا، فَأُتِيَ بِصَاعٍ مِنْ عَجْوَةٍ، فَلَمَّا جَاءُوا بِهِ، أَنْكَرَهُ، وَقَالَ:«مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟» قَالُوا: بَعَثْنَا بِصَاعَيْنِ، فَأَتَيْنَا بِصَاعٍ قَالَ:«رُدُّوهُ، رُدُّوهُ، لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ» . * لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ بُرَيْدَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي حَيَّان بْن عُبَيْدِ اللَّهِ، أَبُو زُهَيْرٍ البصري، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

ورواه عَنْ حَيَّان بْن عُبَيْد اللَّه بهذا الوجه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي، وعَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَن.

أما طريق أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ.

وأما طريق عَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَن المخزومي المعروف بعلان: أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ب/ الرِّبَا (4/ 66 رقم 5761). بلفظ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَهَى تَمْرًا فَأَرْسَلَ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا أُمَّ سَلَمَةَ

الوجه الثاني: حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبي مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ حَيَّان: رَوْح بْن عُبَادَة، وإِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج، ويُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب.

أما طريق رَوْح بْن عُبَادَة: أخرجه أبو عبد الله المَرْوَزِي في "السنة"(1/ 55 رقم 177)، وابن بشران في "أماليه" ج/ 2 (1/ 250 رقم 1442)، والحاكم في "المستدرك" ك/ البيوع (2/ 49 رقم 2282).

وأما طريق إِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج: أخرجه ابن عدي في "الكامل"(3/ 346)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ البيوع ب/ مَنْ قَالَ بِجَرَيَانِ الرِّبَا فِي كُلِّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ (5/ 469 رقم 10520).

وأما طريق يُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب: أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ك/ البيوع ب/ مَنْ قَالَ بِجَرَيَانِ الرِّبَا فِي كُلِّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ (5/ 468 رقم 10519)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 372 رقم 372).

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع أَبو مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْد علي هذا الوجه: أَبو نَضْرَةَ المنذر بن مالك، وسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ.

أما متابعة أَبو نَضْرَةَ المنذر بن مالك: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ بَيْعِ الطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْل (3/ 1216 رقم 1594)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(3/ 623 رقم 2284)، وأحمد في "مسنده"(18/ 128 رقم 11582)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(2/ 426 رقم 1226)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ البيوع ب/ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُبِيحَةِ التَّفَاضُلَ فِي الصَّرْفِ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (3/ 389 رقم 5430)،

(1)

في الأصل عبد الله والصواب ما أثبته كما دلت علي ذلك ترجمته في كتب التراجم.

ص: 498

وفي ب/ حَظْرِ مُبَادَلِةِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ، وَجَوَازِ بَيْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ بِالدِّرْهَمِ، وَاشْتِرَاءِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِثَمَنِهِ، أَوْ يُبَاعُ بِسِلْعَةٍ وَيُشْتَرَى بِهَا تَمْرٌ (3/ 394 رقم 5452)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ البيوع ب/ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى رُجُوعِ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ: لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ عَنْ قَوْلِهِ وَنُزُوعِهِ عَنْهُ (5/ 462 رقم 10499)، وفي ب/ أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا (5/ 483 رقم 10567).

ولفظ مسلم: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا سَعِيدٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: أَيَدًا بِيَدٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟ إِنَّا سَنَكْتُبُ إِلَيْهِ فَلَا يُفْتِيكُمُوهُ، قَالَ: فَوَاللهِ لَقَدْ جَاءَ بَعْضُ فِتْيَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ، فَأَنْكَرَهُ، فَقَالَ:«كَأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ تَمْرِ أَرْضِنَا» قَالَ: كَانَ فِي تَمْرِ أَرْضِنَا، أَوْ فِي تَمْرِنَا الْعَامَ بَعْضُ الشَّيْءِ، فَأَخَذْتُ هَذَا وَزِدْتُ بَعْضَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: أَضْعَفْتَ، أَرْبَيْتَ، لَا تَقْرَبَنَّ هَذَا، إِذَا رَابَكَ مِنْ تَمْرِكَ شَيْءٌ فَبِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ الَّذِي تُرِيدُ مِنَ التَّمْرِ.

وأما متابعة سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب: أخرجها ابن ماسي البغدادي في "فوائده"(1/ 90 رقم 17).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ، أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: فيه لين. سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن: ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل. سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) الْفَضْلُ بْنُ حَبِيبٍ المَدَائِنِيُّ السِّرَاجُ.

روي عَنْ: حَيَّان بْن عَبْد اللَّه أَبُو زُهَيْر، وعَبْد اللَّه بْن الْعَلاء بْن زِبْر، والمُغِيْرة بْن مُسْلِم السِّرَاج، وآخرين.

روي عنه: يَحْيَى بْن مَعِين، ويزيد بْن عُمَر المَدَائِنِي.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لم يكن به بأس.

(1)

4) حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَبُو زُهَيْرٍ البصري.

روي عَنْ: أبي مِجْلَز لاحِقِ بْنِ حُمَيْد، وَالضَّحَّاك بْن مُزَاحِم، وَأَبِيهِ عُبَيْد اللَّه بْن حَيَّان، وآخرين.

روي عنه: الْفَضْل بْن حَبِيب المَدَائِنِي، ومُوسَى بْن إِسْمَاعِيل التبوذكي، ومُسْلِم بن إبراهيم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات. وقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق. وقَال بْن رَاهَوَيْه: كَانَ رجل صدق. وقَالَ الْبَزَّار: مَشْهُور لَيْسَ بِهِ بَأْس. وقال الطحاوي: رَجُلٌ مَحْمُودٌ فِي رِوَايَتِهِ.

- وقال ابن عدي: عَامَّة مَا يرويه إفرادات ينفرد بها. وقال الدارقطني: لَيْسَ بِقَوِي. وقال الذهبي: لَيْسَ بِحجَّة. وقال مرة: لَهُ مَنَاكِيرُ وَغَرَائِب، وَمَا رَأَيْتُ أحدا وهاه. وقال البيهقي تكلموا فيه. وقَالَ ابْن حزم مَجْهُول. قال ابن حجر: لم يصب ابن حزم فيما قاله.

- وقد وصف بالاختلاط: قال البخاري: ذكر الصلت منه الاختلاط، وقال برهان الدين الحلبي: وقد ذكر

(1)

يُنظر "سؤالات ابن الجنيد" ليَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ 1/ 310، "تاريخ بغداد" 14/ 297.

ص: 499

هذا الرجل ابن حبان في ثقاته ولم يذكره بالاختلاط. وحاصله أنه "صدوق" والله أعلم.

(1)

5) عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ الأَسْلَمِيُّ، أَبُو سَهْلٍ المَرْوَزِيُّ أَخُو سُلَيْمَانَ بنِ بُرَيْدَةَ.

روي عَنْ: أَبِيْهِ، وَعِمْرَان بن الحُصَيْن، وَعَبْد الله بن مُغَفَّل المُزَنِي، وآخرين.

روي عنه: حَيَّان بْن عُبَيْد اللَّه، وَالشَّعْبِي، وَقَتَادَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العِجْلِي، وأَبُو حَاتِم، وابنِ مَعِيْن، والحاكم، والذهبي، وابن حجر: ثِقَة. وقال الذهبي أيضاً: متفق على الاحتجاج به. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقَالَ ابن خِراش: صَدُوق. روى له الجماعة.

وسُئل أحمد فقيل له: ابْنَا بُرَيْدَةَ: سُلَيْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَّا سُلَيْمَانُ فَلَيْسَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ وَكِيْعٌ يَقُوْلُ: كَانُوا لِسُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ أَحْمَدَ مِنْهُمْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَوْ شَيْئًا هَذَا مَعْنَاهُ. وقَالَ أحمد أيضاً: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ أَحَادِيثَ مَا أَنْكَرَهَا.

وقد وُصِف بالإرسال: قال أبو زرعة: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، عن عمر رضي الله عنه مرسل. وقال الدارقطني، والبيهقي: لم يسمع من عائشة. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(2)

6) بُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ بنِ الأَعْرَجِ بنِ سَعْد، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسْلَمِيُّ.

روي عَنْ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. روي عنه: ابْنَاهُ؛ سُلَيْمَانُ، وَعَبْدُ اللهِ، وابْنُ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وغيرهم.

أَسْلَمَ رضي الله عنه عَامَ الهِجْرَةِ حين مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِراً هو ومن معه، وكانوا نحو ثمانين بيتًا، فصلى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، فصلوا خلفه، وأقام بأرض قوم، ثم قدم عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعد أحد، فشهد معه مشاهده، وشهد الحديبية، وبيعة الرضوان تحت الشجرة، وَغَزْوَةَ خَيْبَرَ، وَالفَتْحَ، وَكَانَ مَعَهُ اللِّوَاءُ، وَكَانَ يَحْمِلُ لِوَاءَ الأَمِيْرِ أُسَامَةَ حِيْنَ غَزَا أَرْضَ البَلْقَاءِ، إِثْرَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفي الصّحيحين عنه أنه غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ست عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَدَقَةِ قَوْمِهِ.

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو عبد الله المَرْوَزِي في "السنة

".

1) إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن راهويه المروزي: قال ابن حجر: ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد.

(4)

2) رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ بن العلاء بن حسان القَيْسِي: قال ابن حجر: ثقة فاضل له تصانيف.

(5)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 246، "الثقات" لابن حبان 6/ 230، "الكامل" لابن عدي 3/ 345، "سنن الدارقطني" 1/ 499، "المغني في الضعفاء" 1/ 299، "تاريخ الإسلام" 4/ 347، "ميزان الاعتدال" 1/ 623، "ديوان الضعفاء" 1/ 242، "الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط" لبرهان الدين الحلبي 1/ 101، "لسان الميزان" 3/ 309.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 22، "الجرح والتعديل" 5/ 13، "الثقات" لابن حبان 5/ 16، "تهذيب الكمال" 14/ 328، "الكاشف" 1/ 540، "تذكرة الحفاظ" للذهبي 1/ 87، "جامع التحصيل" 1/ 207، "الإكمال" 7/ 256، "التقريب" صـ 239.

(3)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 1/ 430، "الاستيعاب" 1/ 185، "أسد الغابة" 1/ 367، "الإصابة" 1/ 533.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 39.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 151.

ص: 500

3) حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ: "صدوق" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) أَبو مِجْلَز لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ بن سعيد السدُوسي: قال ابن حجر: ثقة.

(1)

5) أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (69).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي حَيَّان بْن عُبَيْد اللَّه، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: حَيَّان بْن عُبَيْد اللَّه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

ولم يروه عَنْ حَيَّان بهذا الوجه إلا: الْفَضْل بْن حَبِيب السِّرَاج.

الوجه الثاني: حَيَّان بْن عُبَيْد اللَّه، عَنْ أَبي مِجْلَزٍ لَاحِق بْن حُمَيْد، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ.

ورواه عَنْ حَيَّان بهذا الوجه: رَوْح بْن عُبَادَة، وإِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج، ويُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب.

وقد تابع أَبا مِجْلَز لَاحِق بْن حُمَيْد علي هذا الوجه: أَبو نَضْرَةَ المنذر بن مالك، وسَعِيد بْن الْمُسَيِّب، ثلاثتهم: أَبو مِجْلَز، وأَبو نَضْرَة، وابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. قلت: ومتابعة أَبو نَضْرَةَ المنذر بن مالك أخرجها مسلم في "صحيحيه" وغيره، كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني جماعة من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فقد رواه بالوجه الثاني جماعة من الثقات الأثبات كرَوْح بْن عُبَادَة، ويُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب، وهذا بخلاف راوية الوجه الأول.

3) المتابعات: فقد تابع أَبا مِجْلَز بالوجه الثاني عَنْ أَبي سَعِيد: المنذر بن مالك، وسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي: لين الحديث. وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ إسناده "حسن" وذلك لأجل: حَيَّان بْن عُبَيْد اللَّه أَبُو زُهَيْر فصدوق يُحسنُ حديثه.

قلت: وللحديث متابعات أخرجها مسلم في "صحيحه" وغيره كما سبق بيانها في التخريج يرتقي بها الحديث من الحسن لذاته إلي الصحيح لغيره، والله أعلم.

قلت وأخرجه البخاري ومسلم أيضاً في صحيحيهما من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي، وَأَبِي هُرَيْرَة.

(2)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 516.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ البيوع ب/ إِذَا أَرَادَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْرٍ مِنْهُ (2201)، وفي ك/ الوَكَالَةِ ب/ الوَكَالَةِ فِي الصَّرْفِ وَالمِيزَانِ (2302)، وفي ك/ المغازي ب/ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ (4244)، وفي ك/ الاعتصام ب/ إِذَا اجْتَهَدَ العَامِلُ أَوِ الحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ (7350)، ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ بَيْعِ الطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ (1593) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي، وَأَبِي هُرَيْرَة. وأخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوَكَالَةِ ب/ إِذَا بَاعَ الوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا، فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ (2312)، ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ بَيْعِ الطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ (1594).

ص: 501

فعَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلَالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ بُرَيْدَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا ابْنُ مَعِينٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لِمَنِ اشْتَرَى صَاعًا بِصَاعَيْنِ: هَذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِذَا رَدَّهُ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ فَإِنْ قِيلَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِرَدِّهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَرَ فِيهَا بِرَدِّهِ فَبَعْضُ الرُّوَاةِ حَفِظَ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَحْفَظْهُ فَقَبِلْنَا زِيَادَةَ الثِّقَةِ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ لَحُمِلَتِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا أَمَرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْنَا ذَلِكَ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ مَعَ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ لَحَمَلْنَاهَا عَلَى أَنَّهُ جَهِلَ بَائِعَهُ وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ فَصَارَ مَالًا ضَائِعًا لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقِيمَتِهِ وَهُوَ التَّمْرُ الَّذِي قَبَضَهُ عِوَضًا فَحَصَلَ أَنَّهُ لَا إِشْكَالَ فِي الْحَدِيثِ.

(1)

وقال ابن حجر رحمه الله: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَسَوَاءٌ فِيهِ الطَّيِّبُ وَالدُّونُ وَأَنَّهُ كُلَّهُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَ وَأَمَّا سُكُوتُ مَنْ سَكَتَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ فَسْخِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ إِمَّا ذُهُولًا وَإِمَّا اكْتِفَاءً بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ وَقَدْ وَرَدَ الْفَسْخُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وهو مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَفِيهِ فَقَالَ هَذَا الرِّبَا فَرَدُّوهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ وَأَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي لَمْ يَقَعْ فِيهَا الرَّدُّ كَانَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْل. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْعَيِّنَةِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مِنْ رَجُلٍ بِنَقْدٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا غَيْرَ الَّذِي بَاعَ لَهُ الْجَمْعُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ لَا يَشْمَلُ وَلَكِنْ يَشِيعُ فَإِذَا عُمِلَ بِهِ فِي صُورَةٍ سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ مِمَّنْ بَاعَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ بِعَيْنِهَا وَقِيلَ إِنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيه. وَفِيهِ أَنَّ الْبُيُوعَ الْفَاسِدَةَ تُرَدُّ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ بَيْعَ الرِّبَا جَائِزٌ بِأَصْلِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بَيْعٌ مَمْنُوعٌ بِوَصْفِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رِبًا فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ الرِّبَا وَيَصِحُّ الْبَيْعُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا رَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الصَّفْقَةَ وَلَأَمَرَهُ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ عَلَى الصَّاعِ.

(2)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 11/ 22.

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 4/ 400.

ص: 502

[98/ 748]- حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ [قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ]

(1)

قَالَ: نا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَلْقَمَةَ، حَلِيفٌ فِي بَنِي هَاشِمٍ، وَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا أَن قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَظْهَرَ الشُّحُّ، وَالْفُحْشُ، وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ الْأَمِينُ، وَيَظْهَرُ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، ويَعْلُو التُّحوتُ [الْوُعُولَ]

(2)

». أَكَذَاكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ سَمِعْتَهُ مِنْ حِبِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قُلْنَا: وَمَا التُّحوتُ؟ قَالَ: فُسُولُ الرِّجَالِ، وَأَهْلُ الْبُيُوتِ الْغامِضَةِ، يُرْفَعُونَ فَوْقَ صَالِحِيهِمْ. [وَالْوُعُولُ] (2): أَهْلُ الْبُيُوتِ الصَّالِحَةِ. * لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا حَجَّاجٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي يَحْيَى بْن مَعِينٍ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: يَحْيَى بْن مَعِين، عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَارِثِ، عَنْ أَبي عَلْقَمَة المصري، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ موقوفاً.

ورواه عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين بهذا الوجه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِيُّ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ.

الوجه الثاني: يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَارِثِ، عَنْ أَبي عَلْقَمَةَ المصري، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الثاني:

(1)

ما بين المعقوفتين مكرر في الأصل وقد وقع هذا سهواً من الناسخ.

(2)

في الأصل الوعور في الموضعين وهذا تصحيف والصواب ما أثبته كما دل علي ذلك جميع مصادر تخريج الحديث. وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3767)، والحاكم في "المستدرك"(8644)، من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً بلفظ الوعول وفيه: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوُعُولُ وَمَا التُّحُوتُ؟ قَالَ:«الْوُعُولُ: وُجُوهُ النَّاسِ وَأَشْرَافُهُمْ، وَالتُّحُوتُ: الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ لَا يُعْلَمُ بِهِمْ. وهو هكذا في أصل الطبراني، وفي "مجمع البحرين" (4479). وقال الحاكم: هذا حديث رواته كلهم مدنيون ممن لم ينسبوا إلى نوع من الجرح، ووافقه الذهبي. وقال ابن الأثير: في "النهاية" 1/ 182. التُّحُوت: الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ لَا يُعْلَمُ بِهِمْ لحقَارَتِهِم. وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ- وَذِكْرُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ- فَقَالَ: «وإنَّ مِنْهَا أَنْ تَعْلُوَ التُّحُوت الْوُعُولَ» أَيْ يَغْلب الضُّعفاء مِنَ النَّاسِ أقْويَاءَهم، شبَّه الأشْراف بالوُعول لِارْتِفَاعِ مَسَاكِنِهَا. وقال 5/ 207. فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا تَقُومُ الساعةُ حَتَّى تَعْلُوَ التُّحوتُ وتَهْلِكَ الْوُعُول» أَرَادَ بالوُعُول الأشرافَ والرُّءُوس. شَبَّهَهُم بِالْوُعُولِ، وَهُمْ تُيوسُ الجَبَل، واحِدُها: وَعِلٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ. وضَرَب المَثَل بِهَا لِأَنَّهَا تأوِي شَعَفَ الْجِبَالِ. وَقَدْ رُوي مَرْفُوعًا مِثْلُهُ. ويُنظر أيضاً "لسان العرب" 11/ 731. و"فتح الباري" لابن حجر 13/ 15. ولم أجد لفظة الوعور لا في كتب السنة ولا في كتب اللغة بهذا الجمع - أي مجموعة -، والله أعلم.

ص: 503

أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقضي بين المختلفين من أصحابه في المرادات بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}

(1)

(10/ 79 رقم 3933)، عَنْ عَلِي بْن عَبْد الرَّحْمَن بن المغيرة بن نشيط، عَنْ ابْن مَعِين به.

ب - متابعات للوجه الثاني:

أخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(1/ 218 رقم 343)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ التاريخ ب/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يكون في أمته من الفتن والحوادث: ذِكْرُ أَمَارَةٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى قِيَامِ السَّاعَةِ (15/ 258 رقم 6844)، والطبراني في "الأوسط"(4/ 121 رقم 3767)، والحاكم في "المستدرك" ك/ الفتن والملاحم (4/ 590 رقم 8644)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 306)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الترغيب والترهيب"(1/ 320 رقم 539)، وأبو طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية"(5/ 10)، كلهم من طُرق عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مرفوعاً بلفظ: وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِه، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالْبُخْلُ، وَيُخَوَّنُ الْأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ، وَيَهْلِكُ الْوُعُولُ وَيَظْهَرُ التُّحُوتُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوُعُولُ وَمَا التُّحُوتُ؟ قَالَ: الْوُعُولُ: وُجُوهُ النَّاسِ وَأَشْرَافُهُمْ، وَالتُّحُوتُ: الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ لَا يُعْلَمُ بِهِمْ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن: ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل. سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) حَجَّاجٌ بْن مُحَمَّد المصِّيصِي، أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَعْوَر مَوْلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُجَالِدٍ مَوْلَى أبي جَعْفَر المنصور.

روي عَنْ: ابْن جُرَيْج فَأَكْثَرَ وَأَتْقَنَ، وَشُعْبَة، وَيُوْنُس بن أَبِي إِسْحَاق، وغيرهم.

روي عنه: يَحْيَى بن مَعِيْن، وأَحْمَد بن حَنْبَل، وَيُوْسُف بن سَعِيْد بن مُسَلَّم، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سَعْد، والعجلي، وابن المديني، ومسلم، والنَّسَائي، وابن قانع، ومسلمة بن قاسم، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابن حجر: ثبت وأجمعوا على توثيقه. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات.

- وقال أحمد: مَا كَانَ أَضبَطَه، وَأَصَح حَدِيْثَه، وَأَشَد تَعَاهُدَه لِلْحُرُوْف وَرَفَع أمرَه جدًّا. وَقَالَ ابن مَعِيْن: كَانَ أَثْبَت أَصْحَاب ابْن جُرَيْج. وقال المعلى الرازي: قد رأيت أصحاب ابن جُرَيْج بالبصرة، ما رأيت فيهم أثبت من حجاج. وقال إبراهيم بْن عَبْد اللَّه السُّلَمي: حَجّاج بْن محمد نائماً، أوثق من عبد الرَّزَّاق يَقْظَان. وقال الذهبي: أحد الأثبات. وقال الحاكم: قد احتجا جميعاً به. روى له الجماعة. وقال أبو حاتم: صدوق.

- وقد رُمي بالاختلاط: قَالَ ابنُ سَعْدٍ: تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ حِيْنَ رَجَعَ إِلَى بَغْدَاد. قال الذهبي: مَا هُوَ تَغَيُّراً يَضُرُّ، فقد قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: أَخْبَرَنِي صَدِيْقٌ لِي، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ حَجَّاجٌ بَغْدَادَ فِي آخِرِ مَرَّةٍ، خَلَّطَ، فَرَآهُ يَحْيَى

(1)

سورة النساء آية رقم: 24.

ص: 504

يُخِلِّطُ، فَقَالَ لابْنِهِ: لَا تُدْخِلْ عَلَى الشَّيْخِ أَحَداً. قُلْتُ ــــ الذهبي ــــ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، وَحَدِيْثُهُ فِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلَامِ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئاً أُنْكِرَ عَلَيْهِ، مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ. وذكره العلائي في القسم الأول من أنواع المختلطين، وقال: من رجال الصحيحين المتفق عليهم.

- وقال ابن حجر: اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته. وبين في ترجمة سنيد بن داود عن الخلال ما يدل على أن حجاجاً حدث في حال اختلاطه، فقال في ترجمة سنيد: قال أحمد: رأيت سنيداً عند حجاج بن محمد وهو يسمع منه كتاب الجامع لابن جريج أخبرت عن الزهري وأخبرت عن صفوان بن سليم وغير ذلك قال فجعل سنيد يقول لحجاج يا أبا محمد قال ابن جريج عن الزهري وابن جريج عن صفوان بن سليم قال فكان يقول له هكذا قال ولم يحمده أبي فيما رآه يصنع بحجاج وذمه على ذلك قال أبي وبعض تلك الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة كان ابن جريج لا يبالي عن من أخذها وحكى الخلال عن الأثرم نحو ذلك ثم قال الخلال وروى أن حجاجاً كان هذا منه في وقت تغيره ويرى أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد.

- وقال ابن حجر في هدي الساري: أحد الأثبات، أجمعوا على توثيقه، وَاخْتَلَطَ لَكِن مَا ضره الِاخْتِلَاط فَإِن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ حكى أَن ابن معِين منع ابْنه أَن يدْخل عَلَيْهِ بعد اخْتِلَاطه أحداً.

- وحاصله أنه "ثقة ثبت اختلط في آخر عمره لكن اختلاطه لا يضر إلا ما كان من رواية سنيد بن داود عنه" كما قال الخلال أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد.

(1)

4) ابْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

5)

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ بن عبد الأسد القُرَشِيُّ المَخْزُومِيُّ المَكِيُّ.

روي عَن: أَبي عَلْقَمَة مولي بَنِي هَاشِم، وعروة بن عياض، وعلي الأزدي، وغيرهم.

روي عنه: ابْن جُرَيْج، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والسَّائِب بْن عُمَر الْمَخْزُومِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذَكَرَهُ ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه "صدوق" فقد روي عنه جمع من الثقات كسُفْيَان بْن عُيَيْنَة.

(2)

6) أَبُو عَلْقَمَةَ المِصْرِي، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ويُقال: مولى عَبد اللَّه بْن عباس، ويُقال: حليف الأنصار.

روي عَنْ: أبِي هُرَيْرة، وعَبد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وأبو سَعِيد الخُدْرِي، وغيرهم.

روي عنه: مُحَمَّد بْن الْحَارِث بْن سُفْيَان، وأَبُو الْخَلِيل صَالِح بْن أَبِي مَرْيَم، وَأَبُو الزُّبَيْر الْمَكِّي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

(1)

"الجرح والتعديل" 3/ 166، "الثقات"8/ 201، "تهذيب الكمال" 5/ 451، "تاريخ الإسلام" 5/ 46، "السير" 9/ 447، "المختلطين" 1/ 19، "الإكمال" 3/ 401، "فتح الباري" 1/ 396، "التهذيب" 2/ 205، "التقريب" صـ 93، "الكواكب النيرات" 1/ 456.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 7/ 407، "تهذيب الكمال" 25/ 32، "التقريب" صـ 408، "تحرير التقريب" 3/ 225.

ص: 505

وقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِي: أَحَادِيثُه صِحَاح. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني:

1) عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المغيرة بن نشيط القرشي ولقبه علاَّن قال ابن حجر: صدوق.

(2)

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن: "ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) حَجَّاجٌ بْن مُحَمَّد المصِّيصِي: "ثقة ثبت اختلط في آخر عمره لكن اختلاطه لا يضر إلا ما كان من رواية سنيد بن داود عنه" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) ابْنِ جُرَيْجٍ: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (45).

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ: "صدوق" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) أَبُو عَلْقَمَة المِصْرِي: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

7) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

مما سبق يتبين لنا أنَّ هذا الحديث مداره علي يَحْيَى بْن مَعِين، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد، عَنِ ابْن جُرَيج، عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَارِث، عَنْ أَبي عَلْقَمَة المصري، عَنْ أَبي هُرَيْرَة موقوفاً.

ولم يروه عَنْ ابْن مَعِين بهذا الوجه إلا أَحْمَد بْن بُشَيْرٍ الطَّيَالِسِي. وأَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر لين الحديث.

الوجه الثاني: يَحْيَى بْنُ مَعِين، عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد، عَنِ ابْن جُرَيج، عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَارِث، عَنْ أَبي عَلْقَمَة المصري، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ مرفوعاً.

ولم يروه عَنْ ابْن مَعِينٍ بهذا الوجه إلا عَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المغيرة بن نشيط القرشي. وعَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَن صدوق كما قال ابن حجر. ولهذا الوجه متابعات سبق بيانها في التخريج. من طرق عَن سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مرفوعاً.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) رواية الأحفظ: فعَلِي بْن عَبْد الرَّحْمَن أحفظ وأوثق من أَحْمَد بْن بُشَيْر الطَّيَالِسِي.

2) المتابعات: فالحديث بهذا الوجه الثاني له متابعات من طرقٍ عَن سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 418، "الثقات" لابن حبان 5/ 576، "الجرح والتعديل" 9/ 419، "تهذيب الكمال" 24/ 101، "الكاشف" 2/ 444، "التهذيب" 12/ 173، "التقريب" صـ 581.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 342.

ص: 506

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي: لين الحديث. وأما الحديث بالوجه الثاني الراجح ــــ المرفوع ــــ "إسناده حسن" وذلك لأجل: عَلِي بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بن المغيرة، ومُحَمَّد بْن الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ فصدوقان. قال الهيثمي: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ.

(1)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا حَجَّاجٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ بالوجهين ــــ المرفوع والموقوف ــــ عَنِ ابْن جُرَيج إِلَّا حَجَّاج بن محمد.

(1)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 7/ 446.

ص: 507

[99/ 749]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَنَا فَرَطُكُمْ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُونِي، فَأَنَا عَلَى الْحَوْضِ، وَالْحَوْضُ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ، وَسَيَأْتِي رِجَالٌ وَنِسَاءٌ بِآنِيَةٍ وَقِرَبٍ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا حَجَّاجُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ـــــ عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد المصِّيصِي.

- والبزار في "مسنده"(7/ 376 رقم 2975)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ التاريخ ب/ الحوض والشفاعة (14/ 359 رقم 6449)، والآجري في "الشريعة" ك/ الْإِيمَانِ بِالْحَوْضِ الَّذِي أُعْطِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (3/ 1266 رقم 836)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ب/ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ (6/ 1194 رقم 2115، 2114)، وعبد الغني المقدسي في "العاشر من المصباح في عيون الصحاح"(36)، عَنْ أَبي عَاصِم النَبِيْل.

- وابن عبد البر في "التمهيد"(2/ 309)، عَنْ أَبي قُرَّة مُوسَى بْن طَارِق.

- ثلاثتهم: حَجَّاج المصِّيصِي، وأَبُو عَاصِمٍ النَبِيْل، وأَبُو قُرَّة مُوسَى بْن طَارِق، عَن ابْن جُرَيج.

- وأحمد في "مسنده"(23/ 62 رقم 14719)، والطبراني في "الأوسط"(9/ 37 رقم 9070)، والآجري في "الشريعة"(3/ 1267 رقم 837) عَنِ ابْن لَهِيعَة.

- وابن أبي عاصم في "السنة" ب/ مَا ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُصَدُّ عَنْ حَوْضِهِ قَوْمٌ بَعْدَ أَنْ يَرِدُوهُ (2/ 358 رقم 771)، عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة.

- ثلاثتهم: ابْن جُرَيج، وابْن لَهِيعَة، ومُوسَى بْن عُقْبَة، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، بعضهم بنحوه، وزاد بعضهم: سَيَأْتِي رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلَا يَطْعَمُونَ مِنْهُ شَيْئًا.

- قلت: وأخرجه أحمد في "مسنده"(23/ 332 رقم 15120)، عَنْ رَوْح بْن عبادة، عَنْ ابْن جُرَيْج، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، موقوفاً. قلت: وإن كانت صورته صورة الوقف إلا أنه مما له حكم الرفع فمثل هذا لا يقوله إلا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذ هذا خاص به.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر، أَبُو أَيُّوب الطَّيَالِسِيُّ:"فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن: ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل. سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) حَجَّاجٌ بْن مُحَمَّد المصِّيصِي: "ثقة ثبت اختلط في آخر عمره لكن اختلاطه لا يضر إلا ما كان من رواية سنيد بن داود عنه". سبقت ترجمته في حديث رقم (98).

4) ابْن جُرَيْج: "ثقة يرسل ويُدلس فلا يُقبل ما راوه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع، سبقت ترجمته

ص: 508

في حديث رقم (45).

5) أَبو الزُّبَيْر المَكِّي: "ثقة يُدلس، فلا يقبل ما رواه بالعنعنة إلا إذا صرح فيه بالسماع أو كان من رواية الليث بن سعد عنه" سبقت ترجمته في حديث رقم (29).

6) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث. وأما ابْنِ جُرَيج، وأبو الزُّبَيْر: فقد صرحا بالتحديث كما في رواية الباب وفي غيرها من الروايات.

قلت: لكن للحديث متابعات قاصرة صحيحة سبق بيانها في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ إِلَّا الْحَجَّاجُ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد الحَجَّاج براوية هذا الحديث عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، بل تابعه: أَبُو عَاصِمٍ النَبِيْل، وأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حبان رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَسَيَأْتِي رِجَالٌ وَنِسَاءٌ بِآنِيَةٍ وَقِرَبٍ ثُمَّ لَا يَذُوقُونَ مِنْهُ شَيْئًا: أُرِيدَ بِهِ: مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ الَّذِينَ قَدْ غُفِرَ لَهُمْ، يَجِيئُونَ بِأَوَانِي لِيَسْتَقُوا بِهَا مِنَ الْحَوْضِ، فَلَا يُسْقَوْنَ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَوْضَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصٌّ دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَقْدِرَ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ عَلَى حَمْلِ الْأَوَانِي وَالْقِرَبِ فِي الْقِيَامَةِ، لِأَنَّهُمْ يُسَاقُونَ إِلَى النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.

(1)

وقال ابن عبد البر رحمه الله: تَوَاتُرُ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَوْضِ حَمَلَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَتَصْدِيقِهِ.

(2)

وقال النووي رحمه الله: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله أَحَادِيثُ الْحَوْضِ صَحِيحَةٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ فَرْضٌ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا يُتَأَوَّلُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي وَحَدِيثُهُ مُتَوَاتِرُ النَّقْلِ رَوَاهُ خَلَائِقُ مِنَ الصَّحَابَة. وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ بِأَسَانِيدِهِ وَطُرُقِهِ الْمُتَكَاثِرَاتِ قَالَ الْقَاضِي وَفِي بَعْضِ هَذَا مَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْحَدِيثِ مُتَوَاتِراً.

(3)

(1)

يُنظر "صحيح ابن حبان" 14/ 360.

(2)

يُنظر "التمهيد" لابن عبد البر 2/ 309.

(3)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 15/ 53.

ص: 509

[100/ 750]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: نا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا مَعْمَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي مَعْمَر بن راشد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مَعْمَر، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك.

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ، ومن طريقه ـــــــ الضياء المقدسي في "المختارة"(5/ 169 رقم 1790) ـــــــ.

- وعبد الرازق في "الأمالي في آثار الصحابة" ب/ مِنْ أَحْكَامِ الْخِطْبَة (1/ 81 رقم 114)، ومن طريقه ـــــــ عبد بن حميد في "المنتخب"(1/ 375 رقم 1254)، وابن ماجة في "سننه" أبواب النكاح ب/ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (3/ 67 رقم 1865)، وأبو يعلي في "مسنده"(6/ 158 رقم 3438)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ النكاح (1/ 170 رقم 676)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ الْمَهْرِ (4/ 372 رقم 3622)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ النكاح ب/ ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ إِذَا أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا قَبْلَ الْعَقْدِ (9/ 351 رقم 4043)، والحاكم في "المستدرك" ك/ النكاح (2/ 179 رقم 2697)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ النكاح ب/ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (7/ 135 رقم 13488)، وفي "السنن الصغير" ك/ النكاح ب/ النَّظَرِ إِلَى امْرَأَةٍ يُرِيدُ نِكَاحِهَا (3/ 10 رقم 2353)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ النكاح ب/ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ (10/ 22 رقم 13476) ــــــــ، عَنْ مَعْمَر به بنحوه.

الوجه الثاني: مَعْمَر، عَنْ ثَابِت، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة.

أ - تخريج الوجه الثاني:

أخرجه عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ إِبْرَازِ الْجَوَارِي وَالنَّظَرِ عِنْدَ النِّكَاح (6/ 156 رقم 10335)، ومن طريقه ـــــــ ابن ماجه في "سننه" أبواب النكاح ب/ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (3/ 68 رقم 1866)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 433 رقم 1052)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ الْمَهْرِ (4/ 372 رقم 3623) ــــــــ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا قَالَ: فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا وَخَبَّرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَأَنَّمَا كَرِهَا ذَلِكَ، فَسَمِعْتُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَهِيَ تَقُولُ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَنْشُدَكَ، كَأَنَّهَا

(1)

(ق/ 43/ أ و ب).

ص: 510

أَعْظَمَتْ ذَلِكَ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا، فَذَكَرَ مِنْ مُوافَقَتِهَا.

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع ثَابِت الْبُنَانِي علي هذا الوجه: عَاصِم بن سُليمان الْأَحْوَل.

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" ب/ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (1/ 171 رقم 516)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ الْمَهْرِ (4/ 371 رقم 3621)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ النكاح ب/ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (7/ 136 رقم 13490)، عَنْ عبد ربه بن نافع الكناني أَبُو شِهَاب الحناط.

وسعيد بن منصور في "سننه" ب/ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (1/ 171 رقم 517)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ النكاح ب/ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا (6/ 284 رقم 17560)، وأحمد في "مسنده"(30/ 88 رقم 18154)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ النكاح (1/ 170 رقم 675)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ النكاح ب/ إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَخْطُبَهَا، وَالْإِبَاحَةِ لِمَنْ يُسْتَشَارُ فِيهَا أَنْ يُخْبِرَ بِعَيْبِهَا (3/ 18 رقم 4036)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ الرَّجُلِ يُرِيدُ تَزَوُّجَ الْمَرْأَةِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا أَمْ لَا؟ (3/ 14 رقم 4283)، والدارقطني في "سننه" ك/ النكاح ب/ الْمَهْرِ (4/ 371 رقم 3621)، والبيهقي في "الكبري" ك/ النكاح ب/ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (7/ 136 رقم 13489)، عَنْ أَبي مُعَاوِيَة محمد بن خازم الضرير.

وسعيد بن منصور في "سننه" ب/ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (1/ 171 رقم 518)، وأحمد في "مسنده"(30/ 66 رقم 18137)، والدارمي في "سننه" ك/ النكاح ب/ الرُّخْصَةِ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ (3/ 1389 رقم 2218)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ النكاح ب/ الرَّجُلِ يُرِيدُ تَزَوُّجَ الْمَرْأَةِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا أَمْ لَا؟ (3/ 14 رقم 4282)، عَنْ سُفْيَان الثوري.

والترمذي في "سننه" ك/ النكاح ب/ مَا جَاءَ فِي النَّظَرِ إِلَى المَخْطُوبَةِ (3/ 389 رقم 1087)، عَنْ يحيي بن زكريا بْن أَبِي زَائِدَة.

والحربي في "غريب الحديث"(3/ 1138)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 434 رقم 1056)، عَنْ عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد.

والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ النكاح ب/ إِبَاحَةُ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا (5/ 162 رقم 5328)، وفي "السنن الصغرى" ك/ النكاح ب/ إِبَاحَةُ النَّظَرِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ (6/ 69 رقم 3235)، عَنْ حَفْص بْن غِيَاث. كلهم: عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَل، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي، عَنِ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن: "ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

ص: 511

3) عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامِ بْن نَافِعٍ الحِمْيَرِيُّ اليماني، أَبُو بَكْر الصَّنْعَانِيُّ.

(1)

روي عَنْ: مَعْمَر بن رَاشِد، ومَالِك بن أَنَس، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وغيرهم.

روي عنه: يَحْيَى بن مَعِيْن، وَأَحْمَد بن حَنْبَل، وَعَلِي بن المَدِيْنِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال العِجْلِي، وابْنَ مَعِين، وأبو داود، والبزار، والدارقطني، والذهبي، ويَعْقُوْب بن شَيْبَة، وابن خلفون، وابن حجر: ثقة، وزاد يَعْقُوْب بن شَيْبَة: ثَبْت، وزاد ابن خلفون: مشهور حجة، وزاد ابن حجر: حافظ ثبت مصنف شهير. وقال ابن حبان في الثقات: كَانَ مِمَّن يخطئ إِذا حدث من حفظه. روى له الجماعة.

وقال أحمد: إِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَاب مَعْمَر، فَالحَدِيْث لِعَبْد الرَّزَّاق. وَقَالَ ابن مَعِيْن: مَا كَانَ أَعْلَم عَبْدَ الرَّزَّاقِ بِمَعْمَر وَأَحْفَظَهُ عَنْهُ. وقال أبو زرعة، والذهلي: ابن ثور، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق: عبد الرزاق أحفظهم. وقَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ: كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَعْلَمنا، وَأَحْفَظنا. قال الذهبي: هَكَذَا كَانَ النُّظَرَاءُ يَعتَرِفُوْنَ لأَقْرَانِهِم بِالحِفْظ. وقال ابن حجر: وَثَّقَهُ الْأَئِمَّة كلهم إِلَّا الْعَبَّاس الْعَنْبَري وَحده فَتكلم بِكَلَام أفرط فِيهِ وَلم يُوَافقهُ عَلَيْهِ أحد. وقَالَ ابنَ مَعِيْنٍ: لَوِ ارْتَدَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الإِسْلَامِ، مَا تَرَكْنَا حَدِيْثَهُ.

وقال ابن عدي: رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عَنْهُ ولم يروا بحديثه بأساً، وقد روى أحاديث فِي الفضائل مما لا يوافقه عَلَيْهَا أحد من الثقات فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، وأما فِي باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال البُخَارِي: مَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، فَهُوَ أَصَحُّ. وقال الدارقطني: يخطئ على معمر في أحاديث.

وصفه بالتدليس: ذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب الموصوفين بالتدليس، وقال: نسبه بعضهم إلى التدليس وقد جاء عن عبد الرزاق التبري من التدليس قال حججت فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث فتعلقت بالكعبة فقلت يا رب ما لي أكذب أنا أمدلس أنا، أبقية بن الوليد أنا فرجعت إلى البيت فجاؤني ويحتمل أن يكون نفي الإكثار من التدليس بقرينة ذكره بقية.

وصفه بالاختلاط: قال أَحْمد: عمي في آخر عمره فمن سمع مِنْهُ بعد مَا عمي فَلَيْسَ بِشَيْء وَمَا كَانَ فِي كتبه فَهُوَ صَحِيح وَمَا لَيْسَ فِي كتبه فَإِنَّهُ كَانَ يلقن فيتلقن. قال ابن الصلاح عقيب قول أحمد هذا: وجدت أحاديث رواها الطبراني، عن الدبري، عن عبد الرزاق استنكرتها، فأحلت أمرها على ذلك فإن سماع الدبري منه متأخر جداً. قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: مَاتَ عبد الرَّزَّاق وللدبري سبع سِنِين. قَالَ الذَّهَبِيّ إِنَّمَا النكرَة فِي تِلْكَ الْأَخْبَار من الدبرِي، وَبِكُل حَال لعبد الرَّزَّاق أَحَادِيث ينْفَرد بهَا قد أنْكرت عَلَيْهِ من ذَلِك الزَّمَان، فهو صدوق في نفسه، وحديثه محتجٌ بِهِ في الصِّحاح، ولكن ما هُوَ ممّن إذا تفرّد بشيء عُدّ صحيحًا غريبًا بل إذا تفرّد بشيء عُدّ مُنْكَراً. وَقَالَ النَّسَائِيّ: فِيهِ نظر لمن كتب عَنهُ بِآخِرهِ كتبُوا عَنهُ أَحَادِيث مَنَاكِير. وَقَالَ العراقي:

(1)

الصَّنْعَانِيُّ: بِفَتْح الصَّاد وَسُكُون النُّون وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخرهَا نون هَذِه النِّسْبَة إِلَى صنعاء وَهِي مَدِينَة بِالْيمن مَشْهُورَة ينْسب إِلَيْهَا خلق كثير لَا يُحصونَ مِنْهُم: عبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِي. يُنظر "اللباب" 2/ 248.

ص: 512

الْمَنَاكِيرُ الْوَاقِعَةُ فِي حَدِيثِ الدَّبَرِيِّ إِنَّمَا سَبَبُهَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، فَمَا يُوجَدُ مِنْ حَدِيثِ الدَّبَرِي عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَاتِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَلَا يَلْحَقُ الدَّبَرِيَّ مِنْهُ تَبِعَةٌ إِلَّا إِنْ صَحَّفَ وَحَرَّفَ، إِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي عِنْدَ الدَّبَرِيِّ فِي غَيْرِ التَّصَانِيفِ، فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْمَنَاكِيرُ وَذَلِكَ لِأَجْلِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِ. وقال ابن حجر: احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ فِي جملَة من حَدِيث من سمع مِنْهُ قبل الِاخْتِلَاط وَضَابِط ذَلِك من سمع مِنْهُ قبل الْمِائَتَيْنِ فَأَما بعْدهَا فَكَانَ قد تغير وفيهَا سمع مِنْهُ أَحْمد بن شبويه فِيمَا حكى الْأَثْرَم عَن أَحْمد وَإِسْحَاق الدبري وَطَائِفَة من شُيُوخ أبي عوَانَة وَالطَّبَرَانِيّ مِمَّن تَأَخّر إِلَى قرب الثَّمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ. وحاصله أنه "ثقة ثبت" لكنه عمي في آخر عمره فتغير بسبب العمي وذلك في حدود سنة مِائَتَيْنِ فمن سمع منه قبل ذلك فحديثه صحيح، وأما من سمع منه بعد ذلك كإِبْرَاهِيم بْن مَنْصُور الرَّمَادِي، وَأَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ، وَإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِي، وَمُحَمَّد بْن حَمَّاد الطَّهْرَانِي فضعيف، وأما ما كان في كتبه فصحيح.

(1)

4) مَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ الأَزْدِيُّ الحداني، أَبُو عُرْوَةَ ابن أَبي عَمْرو البَصْرِيُّ.

روي عَنْ: ثَابِت البُنَانِي، ومَنْصُوْر بن المُعْتَمِر، وَأَيُّوْب السِّخْتِيَانِي، وغيرهم.

روي عنه: عَبْد الرَّزَّاق بن هَمَّام الصَّنْعَانِي، وسفيان الثَّوْرِي، وَابْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ العِجْلِي، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، والحاكم، والذهبي، ويعقوب بْن شَيْبَة، وابن حجر: ثِقَة، وَزاد النَّسَائي، والحاكم: مَأْمُون، وذكره الحاكم في الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، وزاد الذهبي، وابن حجر: ثبت، وزاد ابن حجر: فاضل، وزاد يعقوب، صالح التثبت عَن الزُّهْرِي. وقال البيهقي: حافظ. وقال ابن حِبَّان في الثقات: كَانَ فقيهاً مُتقناً حافظاً ورعاً. وقال في المشاهير: من الفُقَهاء المُتْقِنِيْن والحُفَاظ المُتَوَرِعِين.

وقال أَحْمَد: مَا أَضُمُّ أَحَداً إِلَى مَعْمَرٍ، إِلاَّ وَجَدْتُ مَعْمَراً أَطْلَبَ لِلْحَدِيْثِ مِنْه. وقال الذهبي: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، مَعَ الصِّدْقِ، وَالتَّحَرِّي، وَالوَرَعِ، وَالجَلَالَة، وَحُسْن التَّصْنِيْف. وقال الدارقطني: لا أعلم أحداً أنبل رجالاً من معمر. وقَال الفَلاَّس: مَعْمَر مِنْ أَصْدَق النَّاس. وقال معمر عن نفسه: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه ينقش في صدري. روى له الجماعة.

وَقَالَ مَالِكٌ: نِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ مَعْمَرٌ، لَوْلَا رِوَايَتُهُ التَّفْسِيْرَ عَنْ قَتَادَةَ. قال الذهبي: يَظْهَرُ عَلَى مَالِكٍ الإِمَامِ إِعرَاضٌ عَنِ التَّفْسِيْرِ؛ لانْقِطَاعِ أَسَانِيْدِ ذَلِكَ، فَقَلَّمَا رَوَى مِنْهُ. وقال أبو حاتم: ما حدث بالبصرة ففيه أغاليط وهو صالح الحديث. وقال ابْن مَعِيْن: إِذَا حَدَّثَك مَعْمَر عَنِ العِرَاقِيِّيْن، فَخَافَه، إِلاَّ عَن ابْن طَاوُوْس، وَالزُّهْرِي، فَإِنَّ حَدِيْثَه عَنْهُمَا مُسْتقِيْم، فَأَمَّا أَهْل الكُوْفَة وَالبَصْرَة، فَلَه وَمَا عَمِل فِي حَدِيْث الأَعْمَش شَيْئاً، وَحَدِيْثُه عَنْ

(1)

"الثقات" للعجلي 2/ 93، "الجرح والتعديل" 6/ 38، "الثقات" 8/ 412، "الكامل" 6/ 538، "تهذيب الكمال" 18/ 52، "السير" 9/ 563، "المغني" 1/ 622، "تاريخ الإسلام" 5/ 374، "ميزان الاعتدال" 2/ 609، "المختلطين" 1/ 74، "الإكمال" 8/ 266، "طبقات المدلسين" 1/ 34، "التقريب" صـ 296، "هدي الساري" 1/ 419، "فتح المغيث" 4/ 382، "الكواكب النيرات" 1/ 266.

ص: 513

ثَابِت، وَعَاصِم، وَهِشَام بن عُرْوَة مُضْطَرِب، كَثِيْرُ الأَوهَامِ. وَقَال ابْن مَعِين مرة: معمر عَن ثابت ضعيف. قال الذهبي: وَمَعَ كَوْنِ مَعْمَرٍ ثِقَةً، ثَبْتاً، فَلَهُ أَوهَامٌ، لَا سِيَّمَا لَمَّا قَدِمَ البَصْرَةَ لِزِيَارَةِ أُمِّهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُبُه، فَحَدَّثَ مِنْ حِفْظِه، فَوَقَعَ لِلْبَصْرِيِّيْنَ عَنْهُ أَغَالِيْطُ وَحَدِيْثُ هِشَامٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَصَحُّ؛ لأَنَّهُم أَخَذُوا عَنْهُ مِنْ كُتُبِهِ. وقال الذهبي مرة: أحد الاعلام الثقات له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن. وقال ابن حجر: في روايته عن ثَابِتٍ، والأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ شَيْئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأنصاري، وسِمَاكِ بْنِ حَرْب، والْحَسَن، وغيرهم.

وصفه بالتدليس: قال السيوطي: قال ابن العطار: إنه يدلس. وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يُرسل" وَحَدِيْثُه عَنْ ثَابِتٍ، والأَعْمَشِ، وَعَاصِمٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مُضْطَرِبٌ، كَثِيْرُ الأَوهَامِ.

(1)

5) ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمْ البُنَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

6) أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد عبد الرَّزَّاق في مصنفه

".

1) مَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ "ثقة ثبت لكنه يُرسل" وَحَدِيْثُه عَنْ ثَابِتٍ، والأَعْمَشِ، وَعَاصِمٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مُضْطَرِبٌ، كَثِيْرُ الأَوهَامِ. سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

2) ثَابِتُ بْنُ أَسْلَم الْبُنَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

3) بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ: قال ابن حجر: ثقة ثبت جليل.

(2)

4) الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: "صحابي".

(3)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي مَعْمَر بن راشد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مَعْمَر، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك.

الوجه الثاني: مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة.

ورواه عَنْ مَعْمَر بكلا الوجهين عبد الرزاق. وتابع ثَابِت علي الوجه الثاني: عَاصِم الْأَحْوَل.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الأقرب إلي الصواب هو الوجه الثاني وذلك لما يلي:

1) ترجيح الأئمة:

- قال الدارقطني: الصَّوَابَ عَنْ ثَابِت، عَنْ بَكْر الْمُزَنِي.

(4)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 290، "الجرح والتعديل" 8/ 255، "المراسيل" 1/ 219، "الثقات" 7/ 484، "المشاهير" 1/ 225، "معرفة علوم الحديث" للحاكم 1/ 18، "معرفة السنن والآثار" للبيهقي 12/ 59، "تهذيب الكمال" 28/ 303، "السير" 7/ 5، "جامع التحصيل" 1/ 283، "الإكمال" 11/ 300، "التهذيب" 10/ 243، "التقريب" صـ 473، "أسماء المدلسين" للسيوطي 1/ 94.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 65.

(3)

يُنظر "الإصابة" 10/ 300.

(4)

يُنظر "سنن الدارقطني" 4/ 372.

ص: 514

- وقال أيضاً: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَهَذَا وَهْمٌ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ ثَابِتٌ، عَنْ بَكْر بْن عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي.

(1)

2) المتابعات: فقد تُوبع معمر علي الوجه الثاني متابعات قاصرة فتابعه: سُفْيَان الثوري، ويحيي ين زكريا بْن أَبِي زَائِدَة، وعَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد، وحَفْص بْن غِيَاث، وأَبُو مُعَاوِيَة محمد بن خازم الضرير، وأَبُو شِهَاب الحناط. كلهم: عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَل، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي به.

3) لعل معمر سلك في رواية الوجه الأول طريق الجادة فقال: عَنْ ثَابِت، عَنْ أَنَس، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" قال الدارقطني: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَس، وَهَذَا وَهْمٌ.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ "إسناده صحيح إن شاء الله".

وَأما قول ابْن مَعِين: معمر عَن ثابت ضعيف. وقول ابن حجر: في روايته عن ثَابِت شَيْئاً. قال الذهبي: وَمَعَ كَوْنِ مَعْمَرٍ ثِقَةً، ثَبْتاً، فَلَهُ أَوهَامٌ، وَحَدِيْثُ هِشَام وَعَبْد الرَّزَّاق عَنْهُ أَصَحُّ؛ لأَنَّهُم أَخَذُوا عَنْهُ مِنْ كُتُبِهِ. ـــــــ قلت: ورواه عنه بهذا الوجه عبد الرَّزَّاق ـــــــ. وقال مرة: أحد الاعلام الثقات له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن.

وأما سماع بَكْر بْن عَبْدِ اللَّه الْمُزَنِي مِنَ الْمُغِيرَة. فقال ابن معين: لم يسمع بكر من المغيرة.

(2)

قلت: لكن قيل للدارقطني كما في "العلل" بَكْر بْن عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي، سَمِعَ مِنَ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: نَعَمْ. وقال ابن حجر في ترجمة المغيرة: روي عَنْه من المخضرمين: بكر بن عبد اللَّه المزني. وقال في "تلخيص الحبير" حَدِيث الْمُغِيرَة ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَثْبَتَ سَمَاعَ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِي مِنْ الْمُغِيرَةِ.

(3)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا مَعْمَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "العلل" للدارقطني 7/ 139.

(2)

يُنظر "التهذيب" 1/ 484.

(3)

يُنظر "تلخيص الحبير"5/ 2243.

ص: 515

[101/ 751]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرِيزٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ، يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ:«كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ» .

(1)

* لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلَّا أَبُو حَرِيزٍ.

(2)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سَعِيد بْن جُبَيْر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مرفوعاً بلفظ: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَة.

- أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وفي "الكبير"(13/ 85 رقم 13723) بسنده سواء.

- والفاكهي في "أخبار مكة" ب/ ذِكْرُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَفَضْلِ صِيَامِه (4/ 323 رقم 2765)، وأبو يعلي في "مسنده"(10/ 17 رقم 5648)، والنسائي في "الكبرى" ك/ الصيام ب/ إِفْطَارُ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ، (3/ 228 رقم 2841)، والطبري في "تهذيب الآثار"(557)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصيام ب/ صَوْم يَوْم عَرَفَة (2/ 72 رقم 3269)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 263)، من طرق عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، عَنْ الْفُضَيْل بْن مَيْسَرَة، عَنْ أَبي حَرِيز، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر به.

الوجه الثاني: عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْرٍ من قوله بلفظ: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَتَيْنِ.

أخرجه أبو يوسف في "الآثار" ب/ في الصيام (1/ 177 رقم 804)، عَنْ أَبِي حَنِيفَة، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، أَنَّهُ قَال: صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاء يَعْدِلُ صَوْمَ سَنَةٍ، وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يَعْدِلُ صَوْمَ سَنَتَيْنِ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر، أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ:"فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْن: ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل. سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ،

(3)

أَبُو مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ.

(1)

قلت: في الأصل: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَتَيْنِ، وهو كذلك في المطبوع، والصواب ما أثبته، والتصويب من المعجم الكبير للطبراني فقد أخرجه بنفس السند بلفظ: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ، وكذلك جميع الطرق عَنْ المُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان بلفظ: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ، والله أعلم.

(2)

(ق/ 43/ ب).

(3)

التَّيْمِيُّ: هذه النسبة الى قبائل اسمها تيم، وهم: تيم اللات بن ثعلبة، وتيم الرباب وهم من بنى عبد مناة بن ادّ بن طابخة، وتيم ربيعة، وتيم بن مرّة، والمنتسب إلى تيم ولاء: مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ. قاله السمعاني في "الأنساب" 3/ 116.

ص: 516

روي عَنْ: الْفُضَيْل بْن مَيْسَرَة، وَمَنْصُوْر بن المُعْتَمِر، وَأَيُّوْب السِّخْتِيَانِي، وآخرين.

روي عنه: يَحْيَى بْن مَعِين، وابْن المُبَارَك، وَأَحْمَد بن حنبل، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سَعْد، والعجلي، وأَبُو حَاتِم، وابْن مَعِيْن، وابن حجر: ثِقَة، وزاد أَبُو حَاتِم: صَدُوْق. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير: كان مُتَيَقِظَاً.

وقال أحمد: ما كان أحفظ مُعْتَمِرٌ قل ما كنا نسأله عن شيء إلا عنده فيه شيء. وقال الذهبي: كان إمامًا حَافِظُاً حُجّةً، زاهدًا عابدًا، كبير القدْر. وَقَالَ قُرَّة بن خَالِد: مَا مُعْتَمِر عِنْدَنَا بِدُوْن سُلَيْمَان التَّيْمِي.

وقال يحيى بن سعيد: إذا حدثكم المُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان بشيء فأعرضوه؛ فإنه سيئ الحفظ. وقال ابن خراش: صدوق يخطئ من حفظه وإذا حدث من كتابه فهو ثقة. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

4) الْفُضَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الأَزْدِيُّ، الْعُقَيْلِيُّ، أَبُو مُعَاذٍ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: أَبِي حُرَيْز عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَاضِي سِجِسْتَانَ، والشَّعْبِيِّ، وَطَاوُسٍ بْن كيسان، وآخرين.

روي عنه: مُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، وَشُعْبَة، وَيَحْيَى الْقَطَّان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن مَعِين: ثقة. وذكره ابن حِبَّان في الثقات، وَقَال: مستقيم الحديث.

وقَال أحمد، والنَّسَائي: ليس به بأس. وَقَال أَبُو حاتم: شيخ صالح الْحَدِيث. وقال ابن حجر: صدوق. وقال يَحْيَى بْن سَعِيد: قلت للْفُضَيْل بْن مَيْسَرَة أحاديث أَبِي حُرَيْز؟ قال: سمعتها فذهب كتابي فأخذته بعد ذلك من إنسان. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

5) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْن الأَزْدِيُّ، أَبُو حَرِيزٍ الْبَصْرِيُّ، قَاضِي سِجِسْتَانَ.

روي عَنْ: سَعِيد بْن جُبَيْر، وَالشَّعْبِي، وَأَبِي بُرْدَة بْن أَبِي مُوسَى الأشعري، وآخرين.

روي عنه: الْفُضَيْل بْن مَيْسَرَة، وَسَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وَعُثْمَان بْن مَطَر، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن مَعِين، وأَبُو زُرْعَة: ثقة. وذكره ابن خلفون فِي الثقات.

- وقال أبو حاتم، والساجي: حسن الحديث، وَزاد أبو حاتم: لَيْسَ بمنكر الحَدِيث، يُكتب حَدِيثه. وقال ابنُ حِبَّان، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: يُخطئ. وقال الذهبي: صَالِح الْحَدِيث.

- وَقَال ابْن مَعِين مرة، والنَّسَائي: ضعيف. وقال النسائي مرة: لَيْسَ بِالْقَوِي. وقال الدارقطني: يُعتبر به. وقال الجوزجاني: غير محمود في الحديث.

- وَقَالَ أَبُو دَاوُد، وسعيد بن أبي مريم: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وقال أَحْمَد: منكر الحديث. وقال أيضاً: أبو حريز حديثه حديث منكر، رُوى عن معتمر عن فضيل عنه أحاديث مناكير. وَقَال أَحْمَد أيضاً: كان يَحْيَى بْن سَعِيد يحمل عَلَيْهِ، ولا أراه إلا كما قال. وَقَال ابْن عَدِيّ: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 286، "الجرح والتعديل" 8/ 402، "الثقات" 7/ 521، "المشاهير" 1/ 191، "تهذيب الكمال" 28/ 250، "تاريخ الإسلام" 4/ 979، "السير" 8/ 477، "الإكمال" 11/ 284، "التهذيب" 10/ 227، "التقريب" صـ 471.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 75، "الثقات" لابن حبان 9/ 9، "تهذيب الكمال" 23/ 310، "التقريب" صـ 384.

ص: 517

- وقال الذهبي مرة: مختلف فيه، استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له الباقون سِوَى مُسْلِم. وحاصله أنه "ضعيف يُعتبر به" والله أعلم.

(1)

6) سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرِ بنِ هِشَامٍ الأَسَدِيُّ الوَالِبِيُّ

(2)

أَبُو مُحَمَّد، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ.

روي عَنْ: ابْن عُمَر، وابْن عَبَّاس، وَأَنَس بن مالك، وآخرين.

روي عنه: أَبُو حَرِيْز عَبْد الله بن حُسَيْن، وَالزُّهْرِي، وَأَيُّوْب السِّخْتِيَانِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن معين، وأبو زرعة، وابن حجر: ثقة، وزاد أَبُو القاسم الطبري: إمام حجة على المسلمين، وزاد ابن حجر: ثبت فقيه. وذكره ابن حبان في الثقات. وقَالَ أَشْعَث بن إِسْحَاق: كَانَ يُقَالُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذ العُلَمَاء. وقَالَ مَيْمُوْن بن مهران: لَقَدْ مَات سَعِيْد بن جُبَيْر وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ، وكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْتَفْتُوْنَهُ يَقُوْلُ: أَلَيْسَ فِيْكُمُ ابْنُ أُمِّ الدَّهْمَاءِ؟ يَعْنِي: سَعِيْدَ بنَ جُبَيْر. وقال الثوري: أعلم التابعين سعيد بن جبير. روى لَهُ الجماعة.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ علي، وعائشة، وأبو موسي. وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يرسل".

(3)

7) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو يوسف في الآثار

".

1) النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتِ، أَبُو حَنِيْفَةَ: قال ابنَ مَعِيْنٍ: ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ، لَا يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُه، وَلَا يُحَدِّثُ بِمَا لَا يَحْفَظُ. وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وَلَمْ يُتَّهَمْ بِالكَذِبِ. وقال ابن حجر: فقيه مشهور.

(4)

2) سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرِ: "ثقة ثبت لكنه يرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سَعِيد بْن جُبَيْر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر مرفوعاً بلفظ: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ.

ولم يروه عَنْ ابْنَ جُبَيْرٍ بهذا الوجه إلا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ أَبُو حَرِيزٍ. وأَبُو حَرِيز هذا ضعيف.

الوجه الثاني: عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر من قوله بلفظ: نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَتَيْنِ.

ورواه عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر بهذا الوجه: أَبو حَنِيفَةَ النعمان، وأَبو حَنِيفَةَ ثقة.

(1)

"الجرح والتعديل"5/ 34، "الثقات" 7/ 24، "التهذيب"14/ 420، "تاريخ الإسلام"3/ 676، "الإكمال"7/ 307، "التقريب" صـ 243.

(2)

الْوَالِبِيُّ: بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْألف وَكسر اللَّام وَالْبَاء الْمُوَحدَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى والب بن الْحَارِث بن ثَعْلَبَة بن دودان بن أَسد بن خُزَيْمَة وَهُوَ بطن من بني أَسد ينْسب إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم سعيد بن جُبَير الْوَالِبِي مولى والبة. يُنظر "اللباب" 3/ 350.

(3)

يُنظر "الثقات" 1/ 395، "الجرح والتعديل" 4/ 9، "الثقات" لابن حبان 4/ 275، "تهذيب الكمال" 10/ 358، "السير" 4/ 321، "الكاشف" 1/ 433، "جامع التحصيل" 1/ 182، "الإكمال" 5/ 267، "التقريب" صـ 174.

(4)

يُنظر "السير" 6/ 390، "التقريب" صـ 494.

ص: 518

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأحفظ: فَرَاوِيَة الوجه الثاني وهو: أَبو حَنِيفَةَ أحفظ وأوثق من رَاوِيَة الوجه الأول.

2) ترجيح الأئمة: قَالَ النسائي: أَبُو حَرِيزٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَحَدِيثُهُ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

(1)

قلت ــــــ الباحث ـــــ وفي قول النسائي هذا تصريح ضمني بعدم صحة الوجه الأول.

3)

نكارة المتن: قلت: فالحديث بالوجه الأول متنه منكر حيث دل علي أن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَة يعْدِل صَوْمِ سَنَة، وهذا خلاف المحفوظ عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم وغيره كما سيأتي أن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ أَبُو حَرِيزٍ: ضعيف وخالف رواية الثقة. وقَالَ النسائي: أَبُو حَرِيزٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَحَدِيثُهُ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وفيه أيضاً: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر الطَّيَالِسِيُّ: فيه لين.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ صحيح من قول سَعِيد بْن جُبَيْر.

قلت: وقد جاء الحديث من طريق مُجَاهِد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر مرفوعاً

(2)

لكن في سنده: قُطْبَة بْن الْعَلَاءِ: قال البخاري: ليس بالقوي، وقال النسائي، والعجلي: ضعيف، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به.

(3)

قلت: وقد صح الحديث مرفوعاً إلي النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره من حديث أَبِي قَتَادَةَ قال: رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ....... ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ...... وفي رواية: قَالَ: وَسُئِل عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ.

(4)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

(1)

يُنظر "السنن الكبرى" للنسائي 3/ 228.

(2)

أخرجه تمام في "فوائده"(1584)، وابن جُمَيْع الصيداوي في "معجم الشيوخ"(1/ 238)، عَنْ قُطْبَة بْن الْعَلَاءِ الْغَنَوِي، عَنْ عُمَر بْن ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يَعْدِلُ سَنَتَيْنِ: سَنَةً مُتَقَبَّلَةً، وَسَنَةً مُتَأَخِّرَةً.

(3)

يُنظر "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 228، "الجرح والتعديل" 7/ 141، "لسان الميزان" 6/ 396.

(4)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الصيام ب/ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ (1162).

ص: 519

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلَّا أَبُو حَرِيزٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، لكن من حيث الوجه الأول ــــــ المرفوع ـــــ. وأما من حيث الوجه الثاني فرواه أَبو حَنِيفَة النعمان، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قوله.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يكفر السنة الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. مَعْنَاهُ: يُكَفِّرُ ذُنُوبَ صَائِمِهِ فِي السَّنَتَيْنِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِهَا الصَّغَائِرُ وَسَبَقَ بَيَانُ مِثْلِ هَذَا فِي تَكْفِيرِ الْخَطَايَا بِالْوُضُوءِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرُ يُرْجَى التَّخْفِيفُ مِنَ الْكَبَائِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُفِعْتَ دَرَجَاتٍ.

(1)

وقال الملا علي القاري رحمه الله: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ: أَيِ اللَّهُ أَوِ الصِّيَامُ. السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ: أَيْ ذُنُوبَهُمَا. وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ، قَالَ الْقَاضِيَ عِيَاضٌ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا إِلَّا التَّوْبَةُ، أَوْ رَحْمَةُ اللَّهِ، قَلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمُكَفِّرٍ وَبِغَيْرِهِ.

(2)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 8/ 50.

(2)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" 4/ 474.

ص: 520

[102/ 752]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ، يُحَدِّثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ رَدَفَهُ الْفَضْلُ، مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، فَكِلَاهُمَا حَدَّثَ قَالَ:«لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، تَفَرَّدَ بِهِ: جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَلَا رَوَاهُ عَنْ جَرِيرٍ إِلَّا ابْنُهُ وَهْبٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ مناسك الحج ب/ التَّلْبِيَةِ مَتَى يَقْطَعُهَا الْحَاجُّ (2/ 225 رقم 4018)، وفي "أحكام القرآن" ك/ الحج والمناسك ب/ تَأْوِيلُ قَوْلِ الله:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

(1)

(2/ 183 رقم 1516)، عَنْ عَلِي بْن عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ ابْن مَعِين، عَنْ وَهْب بْن جَرِير به.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ الحج ب/ الرُّكُوبِ وَالِارْتِدَافِ فِي الحَجِّ (2/ 137 رقم 1544)، وفي ب/ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ، حِينَ يَرْمِي الجَمْرَةَ، وَالِارْتِدَافِ فِي السَّيْرِ (2/ 166 رقم 1686)، وأبو القاسم البغوي في "مسند الحب بن الحب أسامة بن زيد"(1/ 107 رقم 37)، وابن حزم في "حجة الوداع"(1/ 191 رقم 138)، وأبو محمد بن الفراء البغوي محيي السنة في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 506 رقم 730)، من طُرق عَنْ وَهْب بْن جَرِير به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: "ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) وَهْبُ بنُ جَرِيْرِ بنِ حَازِمِ بنِ زَيْدٍ: "ثِقَةٌ" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

4) جَرِيْرُ بنُ حَازِمِ بنِ زَيْدِ: "ثقة إلا في راويته عَنْ قَتَادَةَ فَضَعِيْفٌ لكنه يرسل" أما اختلاطه فلا يقدح في حديثه، فلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَحَدٌ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِ شَيْئاً، سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

5) يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي النِّجَادِ مُشْكَانَ الأَيْلِيُّ، أَبُو يَزِيْدَ القرشي.

روي عَنْ: ابْن شِهَاب، وَنَافِع مَوْلَى ابْن عُمَر، وَهِشَام بن عُرْوَة، وآخرين.

روي عنه: جَرِيْر بن حَازِم، واللَّيْث بن سَعْد، وَابْن المُبَارَك، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَحْمَد، والعِجْلِي، وابْن مَعِيْن، وَالنَّسَائِي، والذهبي، وابن حجر: ثِقَة، وزاد الذهبي: حجة قَدِ احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ أَصلاً وَتَبَعاً. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير: من مُتقني

(1)

سورة البقرة آية رقم: 199.

ص: 521

أصحاب الزهري.

- وَقَالَ ابْن خِرَاش: صَدُوْق. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوْب بن شَيْبَة: صَالِح الحَدِيْث، عَالِمٌ بِالزُّهْرِي.

- وَقال ابْن المُبَارَك، وابْن مَهْدِي: كِتَابُه صَحِيْح. وقال ابْنِ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَرْوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْمَرٍ، إِلاَّ أَنَّ يُوْنُسَ أَحْفَظُ لِلْمُسْنَدِ، وَفِي لَفظٍ: إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ يُوْنُسَ، فَإِنَّهُ كَتَبَ الكُتُبَ عَلَى الوَجْهِ. وَقَالَ أحمد، وابْنِ المُبَارَكِ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْمَرٍ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ يُوْنُسَ الأَيْلِي، فَإِنَّهُ كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ هُنَاكَ. وقال ابْنِ مَعِيْنٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ: مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَيُوْنُسُ، وَعُقَيْلٌ، وَشُعَيْبٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وقَالَ ابْنِ مَعِيْنٍ: مَعْمَرٌ، وَيُوْنُسُ: عَالِمَانِ بِالزُّهْرِي. وَقَال ابن المديني: أَثْبَت النَّاس فِي الزُّهْرِي: ابن عُيَيْنَة، وَزِيَاد بن سَعْد، ثُمَّ مَالِك، وَمَعْمَر، وَيُوْنُس مِنْ كِتَابِه. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: نَحْنُ لَا نُقَدِّمُ عَلَى يُوْنُسَ فِي الزُّهْرِيِّ أَحَداً، كَانَ الزُّهْرِيُّ يَنْزِلُ إِذَا قَدِمَ أَيْلَةَ عَلَيْهِ، وَإِذَا سَارَ إِلَى المَدِيْنَةِ، زَامَلَه يُوْنُسُ.

- وقَالَ وَكِيْعٌ: رَأَيْتُ يُوْنُس بن يَزِيْد، وَكَانَ سَيِّئَ الحِفْظِ. وقَالَ أَحمد: يُوْنُسُ يَرْوِي أَحَادِيْثَ مِنْ رَأْيِ الزُّهْرِيِّ، يَجْعَلُهَا عَنْ سَعِيْدٍ، يُوْنُسُ كَثِيْرُ الخَطَأِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعُقَيْلٌ أَقَلُّ خَطَأً. وقال ابن حجر: ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً وفي غير الزهري خطأ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حُلوُ الحَدِيْثِ، كَثِيْرُه، وَلَيْسَ بِحُجَّة، رُبَّمَا جَاءَ بِالشَّيءِ المُنْكَرِ، قال الذهبي: شذ ابْنُ سَعْدٍ في قوله: ليس بحجة، وشذ وَكِيْعٌ فقال: سيئ الحفظ. وقال الذهبي في قول ابن سعد: رُبَّمَا جَاءَ بِالشَّيءِ المُنْكَرِ قال: لَيْسَ ذَاكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الحُفَّاظِ مُنْكَراً، بَلْ غَرِيْب. وحاصله أنه "ثِقَةٌ خاصة في الزُّهْرِيِّ" كما قَالَ أحمد، وابْنِ المُبَارَكِ، وابن المديني.

(1)

6) الزُّهْرِيُّ: ثقة حافظ اشتهر بالتدليس والإرسال، لكن قبل الأئمة قوله عن" تقدم حديث رقم (16).

7) عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بنِ مَسْعُوْدٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الهُذَلِيُّ، المَدَنِيُّ.

روي عَنْ: ابْن عَبَّاس، وَلَازَمَهُ طَوِيْلاً، وَعَائِشَة، وَأَبِي هُرَيْرَة، وآخرين.

روي عنه: الزُّهْرِي، وَأَبُو الزِّنَاد، وَصَالِح بن كَيْسَان، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال العِجْلِي، وأَبُو زُرْعَة، وابن حجر: ثِقَة، وَزاد أَبُو زُرْعَةَ: مَأْمُوْنٌ، وزاد ابن حجر: ثبت. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِّيُّ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ حَدِيْثاً قَطُّ فَأَشَاءُ أَنْ أَعِيَهُ إِلاَّ وَعَيْتُه. وقال الذهبي: كان إماماً حجة حافظاً مجتهداً. روى له الجماعة. وقال الزُهْرِيِّ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً مِنَ العُلَمَاءِ إِلاَّ وَأَرَى أَنِّي قَدْ أَتَيْتُ عَلَى مَا عِنْدَهُ، وَقَدْ كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عُرْوَة، حَتَّى مَا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْهُ إِلاَّ مُعَاداً، مَا خَلَا عُبَيْدَ اللهِ، فَإِنَّهُ لَمْ آتِهِ إِلاَّ وَجَدْتُ عِنْدَهُ عِلْماً طَرِيْفاً.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ عمر، وابن مسعود، وغيرهما. وحاصله أنه "ثقة ثبت لكنه يُرسل"

(2)

(1)

"الثقات" للعجلي 2/ 379، "الجرح والتعديل" 9/ 247، "الثقات" لابن حبان 7/ 648، "المشاهير" 1/ 214، "تهذيب الكمال" 32/ 551، "الكاشف" 2/ 404، "السير" 6/ 297، "ميزان الاعتدال" 4/ 484، "التهذيب" 11/ 450، "التقريب" صـ 543.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 111، "الثقات" 5/ 63، "تهذيب الكمال" 19/ 73، "تاريخ الإسلام" 2/ 1137، "السير" 4/ 475، "جامع التحصيل" 1/ 232، "الإكمال" 9/ 33، "تحفة التحصيل" 1/ 217، "التهذيب" 7/ 23، "التقريب" صـ 313.

ص: 522

8) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بن عم النَّبِي صلى الله عليه وسلم "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْر أَبُو أَيُّوب الطَّيَالِسِي: فيه لين.

قلت: لكن تابعه عَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بن المغيرة بن نشيط القرشي. وعَلِي بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ هذا قال فيه ابن حجر: صدوق.

(1)

قلت: وللحديث متابعات قاصرة أيضاً أخرجها البخاري في "صحيحه" وغيره كما سبق بيان ذلك في التخريج. وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، تَفَرَّدَ بِهِ: جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَلَا رَوَاهُ عَنْ جَرِيرٍ إِلَّا ابْنُهُ وَهْبٌ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ: لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَدِيمُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَشْرَعَ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِي وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُلَبِّي حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ يَوْمَ عَرَفَةَ ثُمَّ يَقْطَعُ وَحُكِيَ عَنْ علي وبن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَمَالِكٍ وَجُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يُلَبِّي حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَلَا يُلَبِّي بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْوُقُوفِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ السَّلَفِ يُلَبِّي حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ مَعَ الْأَحَادِيثِ بَعْدَهُ وَلَا حُجَّةَ لِلْآخَرِينَ فِي مُخَالَفَتِهَا فَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ ......

وقال ابن حجر رحمه الله: اخْتَلَفُوا هَلْ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ رَمْيِ أَوَّلِ حَصَاةٍ أَوْ عِنْدَ تَمَامِ الرَّمْيِ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ وَإِلَى الثَّانِي أَحْمَدُ وَبَعْضُ أَصْحَاب الشَّافِعِي وَيدل لَهُم مَا روى ابن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ بن الْحُسَيْن عَن ابن عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ قَالَ أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَاتٍ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخر حَصَاة. قَالَ ابن خُزَيْمَةَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُفَسِّرٌ لِمَا أُبْهِمَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة أَي أتم رميها.

(2)

قال النووي: وَأَمَّا قوله في الرواية الأخرى: لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ: فَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِمَذْهَبِهِمَا وَيُجِيبُ الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ حَتَّى شَرَعَ فِي الرَّمْيِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.

(3)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 342.

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 3/ 533.

(3)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 9/ 26.

ص: 523

[103/ 753]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: نا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ، وَيُسْمِعُنَاهَا» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ إِلَّا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره عَلي نَافِعٍ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعاً.

ورواه عَنْ نافع بهذا الوجه: إِبْرَاهِيم الصَّائِغ.

أخرجه أحمد في "مسنده"(9/ 332 رقم 5461)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ الوتر: ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّسْلِيمِ بَيْنَ شَفْعِهِ وَوِتْرِهِ مِنْ صَلَاتِهِ (6/ 191 رقم 2435)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(14/ 263). عَنْ عَتَّاب بْن زِيَاد. وابن الأعرابي في "معجمه"(2/ 817 رقم 1674)، عَنْ هَمَّام بْن مُسْلِم. وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ الصلاة ب/ الوتر (6/ 190 رقم 2433)، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق ثلاثتهم: عَتَّاب بْن زِيَاد، وهَمَّام بْن مُسْلِم، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق، عَنْ أَبي حَمْزَة السُّكَّرِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بنحوه.

الوجه الثاني: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفاً.

أخرجه مالك في "الموطأ" ك/ السهو ب/ الْأَمْر بِالْوِتْرِ (2/ 172 رقم 406) ومن طريقه ـــــــ البخاري في "صحيحه" ك/ الوِتْرِ ب/ مَا جَاءَ فِي الوِتْرِ (2/ 24 رقم 991)، والشافعي في "مسنده" ك/ الصلاة ب/ أَنْوَاع الْوِتْر (1/ 346 رقم 393)، وابن المنذر في "الأوسط" ك/ الوتر ب/ ذِكْرُ الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْر (5/ 186 رقم 2663)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ الوتر (1/ 279 رقم 1665)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ الصلاة ب/ جَوَازِ الْوِتْرِ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَمَنِ اسْتَحَبَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا (1/ 279 رقم 769)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْ أَجَازَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً تَطَوُّعًا (3/ 38 رقم 4789) وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ الصلاة ب/ الوتر (4/ 57 رقم 5452) ـــــــ. عَنْ نَافِع، أَنَّ ابْن عُمَر كَانَ يُسَلِّم بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: "ثقة حافظ إمام أهل الجرح والتعديل" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

3) عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ الخُرَاسَانِيُّ، أَبُو عَمْرو المَرْوَزِيُّ.

روي عَنْ: أَبي حَمْزَةَ السكري، وعبد اللَّهِ بْن الْمُبَارَك، وخارجة بْن مُصْعَب الخراساني، وغيرهم.

روي عَنْه: يَحْيَى بْن مَعِين، وأَحْمَد بْن حنبل، وأَبُو حَاتِم الرازي، وغيرهم.

ص: 524

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأبو حاتم: ثقة. وقال ابن حجر: صدوق. وقال أحمد: ليس بِهِ بأس. فهو "ثقة".

(1)

4) مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْن المَرْوَزِيُّ، أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ.

(2)

روي عَنْ: إِبْرَاهِيم الصَّائِغ، وَيَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِي، وَمَنْصُوْر بن المُعْتَمِر، وآخرين.

روي عَنْه: عَتَّاب بن زِيَاد، وابْن المُبَارَك، وَنُعَيْم بْن حَمَّاد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن مَعِين، والترمذي، والنَّسَائِي، والدارقطني، والخليلي، وابن القطان، وابن حجر: ثِقَة، وزاد الخليلي: مَأْمُونٌ، مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وزاد ابن حجر: فاضل. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وقال ابن حبان في المشاهير: من جلة المحدثين بمرو. روى له الجماعة.

وقال الذهبي: صدوق إمام مشهور. وقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِحَدِيْثِهِ عِنْدِي بَأْس. وقال ابْن المُبَارَك: أَبُو حَمْزَةَ صَاحِبُ حَدِيْث. وقال أيضاً: السُّكَّرِيُّ صَحِيْح الكِتَاب. وقال ابن عبد البر في التمهيد: ليس بقوي.

وقد وُصف بالاختلاط: قال النسائي: لابأس به، إلا أنه كان قد ذهب بصره في آخر عمره فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه جيد. وقال ابن حجر: ذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

5) إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائِغُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ.

روي عَنْ: نَافِع مولى بْن عُمَر، وعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح، وأبي إسحاق السبيعي، وآخرين.

روي عنه: أَبُو حَمْزَة السُّكَّرِي، وإِبْرَاهِيم بْن أدهم، وحَسَّان بْن إِبْرَاهِيم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، والنَّسَائِي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال المنتجالي: كان يقال ليس بخراسان مثله. وقال ابن حجر مرة: صدوق. وَقَال أَبُو زُرْعَة، والنَّسَائِيُّ مرة: لا بأس به، وقال أحمد: ما أقرب حديثه. وقَالَ أبو حَاتِم يكتب حديثه ولَا يحْتَج بِه. وحاصله أنه "صدوق".

(4)

6) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

7) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد مالك في الموطأ

".

1) نافع مولى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الخطاب: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

2) عَبد اللَّهِ بْن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 13، "الثقات" 8/ 522، "تهذيب الكمال" 19/ 291، "الإكمال" 9/ 120، "التقريب" صـ 320.

(2)

السُّكَّرِيُّ: بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْكَاف الْمُشَدّدَة وَفِي آخرهَا الرَّاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيع السكر وَعَمله وَعرف بِهِ جمَاعَة مِنْهُم بشر بن مُحَمَّد السكرِي، وَأما أَبُو حَمْزَة السكرِي فَإِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لحلاوة مَنْطِقه. "اللباب" 2/ 123.

(3)

يُنظر "سنن الترمذي" 3/ 646، "المراسيل" 1/ 196، "الثقات" 7/ 420، "المشاهير" صـ 229، "الثقات" لابن شاهين 1/ 203، "سؤالات السلمي للدارقطني" 1/ 300، "الإرشاد" 3/ 884، "تهذيب الكمال" 26/ 544، "السير" 7/ 385، "ميزان الاعتدال" 4/ 53، "المختلطين" 1/ 122 للعلائي، "الإكمال" 10/ 373، "التهذيب" 9/ 487، "التقريب" صـ 444.

(4)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 134، "الثقات" 6/ 19، "تهذيب الكمال" 2/ 223، "هدي الساري" 1/ 456، "التقريب" صـ 34.

ص: 525

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره عَلى نَافِع، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَر مرفوعاً. ورواه عَنْ نَافِعٍ: إِبْرَاهِيم بْن مَيْمُون الصَّائِغ. وهو صدوق.

الوجه الثاني: نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَر موقوفاً. ورواه عَنْ نَافِعٍ بهذا الوجه مالك. ومالك جبل في الحفظ.

وعلي هذا فالذي يظهر والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) رواية الأحفظ: فَرَاوِيَة الوجه الثاني مالك بن أنس أحفظ من رَاوِيَة الوجه الأول. قال ابن حجر: مالك رأس المُتْقِنِيْن وكبير المُتَثَبِتِيْن، وقال البخاري: أصح الأسانيد كلها مالك عَنْ نافع عَن ابن عُمَر.

(1)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي: فيه لين. وأما الحديث بالوجه الثاني الموقوف ـــ الراجح ــــ "فموقوف إسناده صحيح ".

قلت: وإن كان موقوفاً إلا أنه له حكم الرفع لأن ذلك من الأمور التعبدية التي لا تُفعل بالرأي أو الاجتهاد.

قال ابن حجر: ومِثالُ المَرفوعِ مِن الفِعْلِ حُكماً: أَنْ يَفْعل ما لا مَجالَ للاجْتِهادِ فيهِ، فَيُنَزَّلُ على أَنَّ ذلك عندَه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما قال الشافعي في صلاة عَلِيٍّ في الكُسوفِ في كلِّ ركعةٍ أكثرَ مِن رُكوعَيْنِ.

(2)

قلت: ويؤيد ذلك ثبوته عَنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـــــ بالمعني ــــــ من طريق مَالِك، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى.

(3)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ إِلَّا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الخطابي رحمه الله: ذهب جماعة من السلف إلى أن الوتر ركعة منهم عثمان وابن عباس وعائشة وابن الزبير وهو مذهب مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق غير أن الاختيار عند مالك والشافعي وأحمد أن يصلي ركعتين ثم يوتر بركعة فإن أفرد الركعة كان جائزًا عند الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وكرهه مالك. وقال أصحاب الرأي الوتر ثلاث لا يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة. وقال الثوري الوتر ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة. وقال الأوزاعي إن فصل بين الركعتين والثالثة فحسن وإن لم يفصل فحسن. وقال مالك يفصل بينهما فإن لم يفعل ونسي إلى أن قام في الثالثة سجد سجدتي السهو.

(4)

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

(2)

يُنظر "نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" لابن حجر 1/ 134.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوِتْرِ ب/ مَا جَاءَ فِي الوِتْرِ (990).

(4)

يُنظر "معالم السنن" للخطابي 1/ 287.

ص: 526

[104/ 754]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَوْرٍ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 318 رقم 515)، بسنده عَنْ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، عَنْ ثَوْر بْن زَيْد، عَنْ أَبِي الْغَيْث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) إِسْمَاعِيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْن مَعْمَرِ بْن الحَسَنِ الهُذَلِيُّ، أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ

(1)

الهَرَوِيُّ.

روي عَنْ: عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، وَعَبْد الله بن المُبَارَك، وَسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وغيرهم.

روي عنه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِي، والبُخَارِي، وَمُسْلِم، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سَعْد، وابن معين، وابن قانع، والسمعاني، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابن سَعْد، وابن قانع: ثَبْت، وزاد ابن معين، وابن حجر: مأمون. وقال الذهبي: ثَّبْت. وذكره ابن حبان في الثقات. وسُئل ابْن مَعِين عنه فَقَالَ: مثل أبي معمر لا يُسأل عنه، أنا أعرفه يكتب الْحَدِيث وهُوَ غلام. وسئل ابْن مَعِين أيضاً عن: أَبي مَعْمَرٍ، وهارون بن معروف فقال: أبو معمر أكيس. وقال أبو حاتم: صدوق. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(2)

3) عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ نَجِيْحِ بنِ بَكْرِ بنِ سَعْدٍ السَّعْدِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، وَالِدُ عَلِي بْنِ الْمَدِينِي.

روي عَنْ: ثَوْر بْن زَيْد، ومَالِك بْن أَنَس، وعَبْد اللَّه بْن دِينَار، وآخرين.

روي عَنْه: أَبُو مَعْمَر الْقَطِيعِي، وَعَلِي بْن حُجْر، وَإِسْحَاق بْن أَبِي إِسْرَائِيل، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن الْمَدِينِي: أبي صدوق وهو أحب إلي من الدراوردي. وقال ابن معين: كان من أهل الحديث ولكنه بلي في آخر عمره. وقال سعيد بن منصور: قدم عبد الله بن جعفر البصرة وكان حافظاً قل ما رأيت من أهل المعرفة أحفظ منه وكان ابن مهدي يتكلم فيه.

- وَقَالَ ابن الْمَدِينِي مرة، والْفَلاس، والعقيلي، وابن عدي، والهيثمي، وابن حجر: ضَعِيفٌ، وزاد ابن حجر:

(1)

الْقَطِيْعِيُّ: بِفَتْح الْقَاف وَكسر الطَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا عين مُهْملَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى القطيعة وَهُوَ اسْم لعدة محَال بِبَغْدَاد مِنْهَا: قطيعة الرّبيع مولى الْمَنْصُور نسبت إِلَيْهِ لِأَن الْمَنْصُور أقطعه إِيَّاهَا وَمِنْهَا أَبُو معمر إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن معمر بن الْحسن الهروي الْقَطِيعِيُّ. يُنظر "اللباب" 3/ 48.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 157، "الثقات" لابن حبان 8/ 102، "تهذيب الكمال" 3/ 19، "الكاشف" 1/ 243، "السير" 11/ 69، "التهذيب" 1/ 273، "التقريب" صـ 44.

ص: 527

تغير حفظه بأخرة. وقال الذهبي: مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. وسُئل علي بن الْمَدِينِي عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ: سَلُوا غَيْرِي. فَقَالُوا: سَأَلْنَاكَ. فَأَطْرَقَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: هَذَا هُوَ الدِّينُ، أَبِي ضَعِيفٌ. وذكره البخاري، والبرقي، والنسائي، والدارقطني، وابن الجوزي في الضعفاء. وذكره ابن خلفون استطراداً في كتاب الثقات وقال: هو عندهم ضعيف وعند بعضهم متروك، وَحدث عَليّ عَن أَبِيه ثمَّ قَالَ: وَفِي حَدِيث الشَّيْخ مَا فِيهِ. وَقَالَ ابْن حِبَّان: وَكَانَ مِمَّن يهم فِي الْأَخْبَار حَتَّى يَأْتِي بهَا مَقْلُوبَة ويخطئ فِي الْآثَار حَتَّى كَأَنَّهَا معمولة. وَقَالَ ابْنُ عَدِي: عَامَّة مَا يَرْوِيه لا يُتابَع عَلَيْه وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه. وسُئل يَزِيد بْن هَارُون عَنْهُ، فَقَالَ: لا تسألوا عَنْ أشياء إن تبد لكم تسؤكم. وقال ابن مهدي: لو صح لنا عبد الله لم نحتج إلى حديث مالك، وقال ابن الجوزي: كَثِير الْغَلَط.

- وقَالَ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْء. وقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوك الْحَدِيث. وَقَال في موضع آخر: لَيْسَ بثقة. وَقَال أَبُو حاتم: مُنكر الحَدِيث جداً، يُحدث عَنِ الثقات بالمناكير، يُكتب حَدِيثه، ولا يحتج بِهِ، وكَانَ عَلِي لا يحَدَّثَنَا عَن أَبِيهِ، وكَانَ قوم يقولون: عَلِي يعق أباه، لا يحدث عَنْهُ، فلما كان بأخرة، حدث عنه. وقال الدارقطني: هو كثير المناكير. وقال أبو أحمد الحاكم: في حديثه بعض المناكير. وحاصله أنه "ضعيف".

(1)

4) ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ الْمَدِينِيُّ مولى بني الديل بن بكر.

روي عَنْ: سَالِم أَبو الْغَيْث، وأبو الزناد عَبْد الله بْن ذكوان، ومحمد بْن إبراهيم التَّيْمِي، وآخرين.

روي عنه: عَبْد الله بن جَعْفَرِ بنِ نَجِيْح، وَمَالِك بن أنس، والدَّرَاوَرْدِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، ويحيى بن سعيد القطان، والنَّسَائِي، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابْن مَعِين: يروي عنه مَالِك، ويرضاه. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. روى له الجماعة.

وقال ابن عبد البر: صدوق لم يتهمه أحد بالكذب. وسُئل مالك: كيف رويت عن داود بن الحصين، وثَوْر بْن زَيْد وذكر غيرهم، وكانوا يرمون بالقدر؟ فقال: إنهم كانوا لأن يخرواْ من السماء إلى الأرض أسهل عليهم من أن يكذبوا كذبة. وقال أحمد، وأَبُو حاتم: صالح الحديث. وَقَالَ أَحْمد بن صَالح: لَهُ شَأْن.

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ ابْن عَبَّاس، وعمر. وحاصله أنه "ثقة لكنه يُرسل".

(2)

5) سَالِمٌ أَبُو الْغَيْثِ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ الْعَدَوِيُّ، مشهور باسمه وكنيته.

روي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَطْ. روي عَنْه: ثَوْر بْن زَيْد، وسَعِيد الْمَقْبُرِي، وصفوان بن سليم، وآخرون.

(1)

يُنظر "الضعفاء الصغير" للبخاري 1/ 78، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 200، "الجرح والتعديل" 5/ 22، "المجروحين" 2/ 14، "الكامل" 5/ 289، "الضعفاء والمتروكون" 2/ 160، "تهذيب الكمال" 14/ 379، "تاريخ الإسلام" 4/ 659، "العلل المتناهية" لابن الجوزي 1/ 324، "مجمع الزوائد" 4/ 70، "الإكمال" 7/ 286، "التهذيب" 5/ 174، "التقريب" صـ 241.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 468، "الثقات" لابن حبان 6/ 128، "الثقات" لابن شاهين 1/ 53، "تهذيب الكمال" 4/ 416، "الكاشف" 1/ 285، "جامع التحصيل" 1/ 153، "الإكمال" 3/ 114، "التقريب" صـ 74.

ص: 528

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابْن مَعِيْن: يكتب حديثه، وزاد ابن سعد: حسن الحديث. وقال الذهبي: حجة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات.

وقال أَحْمَد: أحاديثه متقاربة. وقال ابن شاهين: اختلف قول أحمد فيه فقال مرة: ثقة، وقال مرة أخرى: ليس بثقة. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

6) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِي: فيه لين. وعَبْد الله بن جَعْفَر وَالِد عَلِي بنِ الْمَدِينِي: ضعيف الحديث.

قلت: وللحديث شواهد كثيرة حتي بَلَغ عَدَد مَنْ جَاءَ ذلك الحديث عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الْعشْرون نفساً، وكلها ضعيفة لا يخلو أيُّ منها من مقال لكن من أمثلها حديث علي بن أبي طالب، وصخر الْغَامِدِي.

أما حديث علي رضي الله عنه فقال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا.

(2)

وأما حديث صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ: فعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا. قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً بَعَثَهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا كَانَ يُرْسِلُ غِلْمَانَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَكَثُرَ مَالُهُ حَتَّى كَانَ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَضَعُهُ.

(3)

قلت: وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده وطرقه المتعددة من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

أقوال العلماء في الحكم علي إسناد الحديث:

قَالَ أَبو حاتم: لا أعلمُ فِي: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا حديث صحيحً.

(4)

وقال ابن الجوزي: هَذِهِ الأَحَادِيثُ كُلُّهَا لا تَثْبُتُ.

(5)

(1)

يُنظر "الثقات" 4/ 306، "تهذيب الكمال" 10/ 179، "الكاشف" 1/ 424، "الإكمال" 5/ 197، "التقريب" صـ 167.

(2)

أخرجه عفان بن مسلم في "أحاديثه"(186)، و"ابن أبي شيبة في "مصنفه" (34183)، وأحمد في "مسنده" (1320)، والترمذي في "العلل الكبير" (311)، والبزار في "مسنده" (696)، وأبو يعلي في "مسنده" (425)، والعقيلي في "الضعفاء" (2/ 322)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (832)، وابن عدي في "الكامل" (5/ 497)،

(3)

أخرجه أبو يوسف في "الخراج" 1/ 192، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(1342)، وسعيد بن منصور في "سننه"(2382)، وابن الجعد في "مسنده"(1696، 2464)، و"ابن أبي شيبة في "مصنفه" (34181)، وأحمد في "مسنده" (15557، 15558، 19430، 19479، 19480، 19481)، والدارمي في "سننه" (2479)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2941)، وابن ماجة في "سننه" (2236)، وأبو داود في "سننه" (2606)، والترمذي في "سننه" (1212)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2402)، والنسائي في "الكبرى" (8782)، والبغوي في "معجم الصحابة" (1292)، والعقيلي في "الضعفاء" (4/ 447)، و والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (838)، وابن حبان في "صحيحه" (4755)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6883)، وفي "الكبير" (7275، 7276، 7277)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (18456)، وفي "دلائل النبوة" (6/ 222).

(4)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 6/ 40.

(5)

يُنظر "العلل المتناهية" لابن الجوزي 1/ 324.

ص: 529

وقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الشِّهَابِ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الصَّحِيحِ، وَأَقْرَبُهَا إلَى الصِّحَّةِ وَالشُّهْرَةِ هَذَا الْحَدِيثُ. يعني حديث صَخْرِ بْنِ وَدَاعَةَ الْغَامِدِي.

(1)

وقال السخاوي: حَدِيث: اللَّهم بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا. طرقه ضعيفة ما عدا حديث صَخْرِ الْغَامِدِيِّ، وفي الباب عن بريدة، وجابر، وعبد اللَّه بن سلام، وابن عمر، وعلي، وعمران بن حصين، ونبَيط بن شريط، وأبي بكرة. وقال شيخنا ـــــ أي ابن حجر ـــــ ومنها ما يصح، ومنها ما لا يصح، وفيها الحسن والضعيف.

(2)

وقال المناوي: وطرقه معلولة لَكِن تقوّى بانضمامها.

(3)

وقال ابن حجر: وَقَدِ اعْتَنَى بَعْضُ الْحُفَّاظِ بِجَمْعِ طُرُقِهِ فَبَلَغَ عَدَدُ مَنْ جَاءَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الْعشْرين نفساً.

(4)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَوْرٍ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله: قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْبُكُورِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبُكُورَ بِالْبَرَكَةِ لِكَوْنِهِ وَقْتَ النَّشَاطِ وَحَدِيثُ بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السّنَن وَصَححهُ ابن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ بَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدِ اعْتَنَى بَعْضُ الْحُفَّاظِ بِجَمْعِ طُرُقِهِ فَبَلَغَ عَدَدُ مَنْ جَاءَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الْعشْرين نفساً.

(5)

وقال الملا علي القاري رحمه الله: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ بَارِكْ: أَيْ: أَكْثَرِ الْخَيْرَ. لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا: أَيْ: صَبَاحِهَا وَأَوَّلِ نَهَارِهَا، وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَهُوَ يَشْمَلُ طَلَبَ الْعِلْمِ وَالْكَسْبِ وَالسَّفَرِ وَغَيْرِهَا. وَكَانَ: أَيِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً، أَوْ جَيْشًا: أَوْ لِلتَّنْوِيعِ، بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ: أَيْ: مُطَابَقَةً لِدُعَائِهِ، وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِراً: فِيهِ تَجْرِيدٌ، أَوِ الْتِفَاتٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَنْهُ. فَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ: أَيْ: مَالَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ. فَأَثْرَى: أَيْ: صَارَ ذَا ثَرْوَةٍ أَيْ: مَالٍ كَثِيرٍ. وَكَثُرَ مَالُهُ: عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ: أَثْرَى. قَالَ الْمُظْهِرُ: الْمُسَافَرَةُ سُنَّةٌ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ هَذَا يُرَاعِي هَذِهِ السُّنَّةَ، وَكَانَ تَاجِرًا يَبْعَثُ مَالَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ فَكَثُرَ مَالُهُ بِبَرَكَةِ مُرَاعَاةِ السُّنَّةِ لِأَنَّ دُعَاءَهُ صلى الله عليه وسلم مَقْبُولٌ لَا مَحَالَةَ.

(6)

(1)

يُنظر "البدر المنير" لابن المُلقن 9/ 60، "التلخيص الحبير" لابن حجر 4/ 259.

(2)

يُنظر "المقاصد الحسنة" للسخاوي 1/ 89.

(3)

يُنظر "التيسير بشرح الجامع الصغير" للمناوي 1/ 208.

(4)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 6/ 114.

(5)

يُنظر "فتح الباري" 6/ 114.

(6)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري 7/ 418.

ص: 530

[105/ 755]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ، وَشَبَابٌ الْعُصْفُرِيُّ، قَالَا: نا هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُقَالُ لَهُ: مَيْمُونُ بْنُ سِنْبَاذَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَوَامُ أُمَّتِي بِشِرَارِهَا» .

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِنْبَاذَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث له مداران:

المدار الأول: علي سُلَيْمَان بْن أَيُّوب، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ دِينَارٍ بن المُغِيْرَة العِجْلي، عَنْ مَيْمُونُ بْنُ سِنْبَاذَ.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ سُلَيْمَان بْن أَيُّوب بهذا الوجه: أَحْمَد بْن بَشِير الطَّيَالِسِي، وعبد اللَّه بن أحمد، وابن أبي خيثمة، والْحَسَن بْن عَلِي بْن شَبِيب، ومُوسَى بْن هَارُون، وعبد الرحمن بن عمر بن يزيد الزهري.

أما طريق أحْمَد بْن بَشِير الطَّيَالِسِي: أخرجه الطبراني في الأوسط ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي "المعجم الصغير"(1/ 70 رقم 86)، عَنْ أَحْمَد بْن بَشِير، عَن سُلَيْمَان بْن أَيُّوب مقروناً في الأوسط بخَلِيفَة بْن خَيَّاط.

وأما طريق عبد اللَّه بن أحمد: فأخرجه هو في "زيادات المسند"(36/ 310 رقم 21985)، ومن طريقه ــــــ أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2574 رقم 6209)، وابن الجوزي في "العلل"(2/ 262 رقم 1249) ـــــــ.

وأما طريق ابن أبي خيثمة: أخرجه هو في "تاريخه"(1/ 552 رقم 2275).

وأما طريق الْحَسَن بْن عَلِي بْن شَبِيب: أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"(3/ 62).

وأما طريق مُوسَى بْن هَارُون: أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(8/ 69 رقم 7988)، وفي "المعجم الكبير"(20/ 353 رقم 835).

ب - متابعات للوجه الأول: فقد تابع سُلَيْمَان بْن أَيُّوب علي هذا الوجه: أَحْمَد بْن عُبَيْد اللهِ الْغُدَانِي، ويَحْيَى بْن رَاشِد، وإِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان، والنَّضْر بْن أَبِي النَّضْر الْجَحْدَرِي.

أما متابعة أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْغُدَانِيُّ: أخرجها أبو بكر الدينوري المالكي في "المجالسة وجواهر العلم"(6/ 334 رقم 2729).

وأما متابعة يَحْيَى بْنُ رَاشِد: أخرجها تمام في "فوائده"(2/ 232 رقم 1600).

وأما متابعة إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان: أخرجها الجورقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير"(2/ 393 رقم 739)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 262 رقم 1250).

وأما متابعة النَّضْرُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ الْجَحْدَرِيُّ: أخرجها البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" ك/

ص: 531

الجهاد ب/ قِوَام هَذِه الأُمَّة بِشِرَارِهَا (2/ 287 رقم 1724).

الوجه الثاني: سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبد الْخَالِقِ بْنُ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذَ.

ورواه عَنْ سُلَيْمَان بْن أَيُّوب بهذا الوجه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ.

أخرجه ابن عدي في "الكامل"(7/ 50).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، أَبُو أَيُّوْبَ صَاحِبُ البَصْرِيِّ.

روي عَنْ: هَارُوْن بن دِيْنَار، وحَمَّاد بن زَيْد، وَعَبْد الرَّحْمَن بن مَهْدِي، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِي، وَصَالِح جَزَرَة، وَأَبُو القَاسِم البَغَوِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابن مَعِيْن، والذهبي: ثِقَةٌ حَافِظٌ، وزاد ابنُ مَعِيْنٍ: صدوق معروف، وزاد الذهبي: إِمَامُ، مُجَوِّدُ. وذكره ابن حبان في الثقات. وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ الرَّازِيُّ: كَانَ أَبُو أَيُّوْبَ مِنَ الحُفَّاظِ، لَمْ أَرَ بِالبَصْرَةِ أَنْبَلَ مِنْهُ. وقال ابن حجر: صدوق. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطِ العُصْفُرِيُّ،

(2)

أَبُو عَمْرٍو البَصْرِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِشَبَاب. صَاحِبُ الطَّبَقَاتِ.

روي عَنْ: هَارُوْن بن دِيْنَار، وَسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَيَحْيَى القَطَّان، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، والبُخَارِي، وَبَقِي بن مَخْلَد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات، وَقَال: كان متقناً عالماً بأيام الناس وأنسابهم.

وقال ابْن عَدِي، والذهبي، وابن حجر: صدوق، وَزاد ابْنُ عَدِي: له حديث كثير، وتاريخ حسن، وهُوَ مستقيم الحديث ومِنْ مُتَيَقِّظِي الرُّوَاةِ، وزاد الذهبي: الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِيُّ، كَانَ نَسَّابَةً، عَالِماً بِالسِّيَرِ وَالأَيَّامِ وَالرِّجَالِ، لَيَّنَهُ بَعْضُهُم بِلَا حُجَّةٍ، وزاد ابن حجر: ربما أخطأ وكان أخبارياً علامة. وقال أبو محمد بن الأخضر: كان حافظاً عالماً بالآداب والسير.

وقال مسلمة: لا بأس به. وقال البخاري: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وقال ابن المديني: شباب شجر يحمل الحديث.

وَقَال ابْن أَبي حاتم: انتهى أَبُو زُرْعَة إِلَى أحاديث كان أخرجها فِي فوائده عَنْ شباب العصفري، فلم يقرأها علينا، فضربنا عليها وتركنا الراوي عنه. وَقَال أَبُو حاتم: لا أحدث عنه، هو غير قوي، كتبت من مسنده

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 279، "السير" 11/ 453، "الإكمال" 6/ 44، "التقريب" صـ 190.

(2)

الْعُصْفُرِيُّ: بِضَم الْعين وَسُكُون الصَّاد وَضم الْفَاء وَفِي آخرهَا رَاء هَذِه النِّسْبَة إلي العُصفر وَبيعه وشرائه وَهُوَ مَا تصبغ بِهِ الثِّيَاب حمراً وينْسب إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم: خَليفَة بن خياط بن خَليفَة بن خياط الْعُصْفُرِي الْبَصْرِي. يُنظر "اللباب" 2/ 344.

ص: 532

أحاديث ثلاثة عَن أبي الْوَلِيد، فأتيت أبا الْوَلِيد وسألته عنها فأنكرها، وَقَال: ما هذه من حديثي، فقلت: كتبتها من كتاب شباب العصفري فعرفه وسكن غضبه. وسُئل الدارقطني عنه فقال: ما أعرفه. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

4) هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ بن أَبي المُغِيْرَة العِجْليُّ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: أبيه. روي عَنْه: سُلَيْمَان بن أَيُّوْب، ويحيى بن راشد، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ أَحْمَد بن عُبَيد اللهِ الغُدانِي: حدَّثنا هَارُونُ بْنُ دِينار، وأَثنَى عَلَيْهِ خَيْراً، وقال أبو داود، والدارقطني، والساجي، وأبو العرب، وابن حزم: ضعيف. وقال أبو حاتم: شيخ ليس بمشهور. وحاصله "ضعيف يُعتبر به".

(2)

5) دِينَارُ بْنُ المُغِيْرَة العِجْليُّ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: مَيْمُون بْن سِنْبَاذ. روي عَنْه: هَارُون بْن دِينَار.

أقوال أهل العلم فيه: قال أبو حاتم، والذهبي: لا يُعرف. وقال الذهبي مرة: لا يُدْرَى مَنْ هو. وحاصله أنه "مجهول".

(3)

6) مَيْمُونُ بْنُ سِنْبَاذَ العقيليّ، الأسلع أَبُو الْمُغيرَة الْيَمَانِيُّ.

روي عَنْ: النَبِي صلى الله عليه وسلم. روي عَنْه: دِينَارٍ بن المُغِيْرَة.

ذكره ابن قانع، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وابن حجر في الصحابة. وقال البخاري، وابن حبان، وابن نقطة، وابن حجر: لَهُ صُحْبَة. وقال أبو حاتم، وأبو أحمد العسكري: ليست له صحبة. وقال ابن عبد البر: ليس إسناد حديثه بالقائم، وقد أنكر بعضهم أن تكون له صحبة. وحاصله أنه "صحابي".

(4)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن عدي في الكامل

".

1) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ: قال الخطيب: أحد الحفاظ الأثبات.

(5)

2)

أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: قال الخطيب: ثقة ثبت، وقال الدارقطني: ثقة جبل إمام من الأئمة ثبت.

(6)

3) سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ البصريُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

(1)

يُنظر "العلل الكبير" للترمذي 1/ 393، "الجرح والتعديل" 3/ 378، "الثقات" لابن حبان 8/ 233، "الكامل" لابن عدي 3/ 517، "تهذيب الكمال" 8/ 314، "الكاشف" 1/ 375، "السير" 11/ 472، "الإكمال" 4/ 215، "التقريب" صـ 135.

(2)

يُنظر "سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني" 1/ 250، "الجرح والتعديل" 9/ 89، "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني 3/ 135، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 169، "لسان الميزان" 8/ 305.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 433، "المغني في الضعفاء" 1/ 340، "ميزان الاعتدال" 2/ 31.

(4)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 232، "معجم الصحابة" لابن قانع 3/ 62، "الثقات" 3/ 382، "معرفة الصحابة" لأبو نُعيم 5/ 2574، "الاستيعاب" 4/ 1488، "إكمال الإكمال" 3/ 476، "الإصابة" 10/ 363، "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" 3/ 696.

(5)

يُنظر "تاريخ بغداد" 11/ 16، "السير" 14/ 168.

(6)

يُنظر "تاريخ بغداد" 11/ 325، و"السير" 14/ 440.

(7)

يُنظر "لسان الميزان" لابن حجر 5/ 78.

(8)

يُنظر "التقريب" صـ 165.

(9)

يُنظر "تاريخ بغداد" 5/ 113.

(10)

يُنظر "تاريخ بغداد" 4/ 625.

ص: 533

4) عَبدُ الْخَالِق بْنُ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ: قال البخاري منكر الحديث. وقال أبو زرعة: شيخ. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال مرة: منكر الحديث ليس بقوي. وقال النسائي ليس بثقة، وقال الذهبي: لين.

(7)

5) زَيْدُ بْنِ وَاقِدٍ القرشي: قال ابن حجر: ثقة.

(8)

6) مَيْمُونُ بْنُ سِنْبَاذٍ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

المدار الثاني علي خَلِيفَة بْن خَيَّاط، واختلف عنه من وجهين أيضاً:

الوجه الأول: خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ مقروناً بسُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ دِينَارٍ بن المُغِيْرَة العِجْليِّ، عَنْ مَيْمُونُ بْنُ سِنْبَاذَ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ عَنْ أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي.

الوجه الثاني: خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، عَنْ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بن طرخان التيمي، عَنْ مَيْمُونُ بْنُ سِنْبَاذَ.

ورواه عَنْ خَلِيفَة بْن خَيَّاط بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن يُوسُف التُّرْكِي.

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2575 رقم 6210) بلفظ: مِلَاكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِشِرَارِهَا.

ثانياً: دراسة الإسناد:

أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب ــــ.

سبقت دراسته في دراسة إسناد المدار الأول.

ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو نعيم".

1) أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ بْن راشد أَبُو بَكْر الْخُتُلِّيّ: قال الخطيب: ثِقَة ثبت.

(9)

2) مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ التُّرْكِيُّ مولى بني ضبة: قال الخطيب: ثقة.

(10)

3) خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: "صدوق" سبقت ترجمته في دراسة إسناد المدار الأول.

4) مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التيمي أبو محمد البصري: قال ابن حجر: ثقة.

(1)

5) سُلَيْمَانَ بْنُ طَرْخَان التيمي، أبو المعتمر البصري: قال ابن حجر: ثقة عابد.

(2)

6) مَيْمُونِ بْنِ سِنْبَاذٍ: "صحابي" سبقت ترجمته في دراسة إسناد المدار الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

(1)

يُنظر "التقريب" 1/ 471.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 192.

ص: 534

يتبين لنا مما سبق أن هذا الحديث له مداران:

المدار الأول: علي سُلَيْمَان بْن أَيُّوب. والمدار الثاني: علي خَلِيفَة بْن خَيَّاط.

أما المدار الأول: عَنْ سُلَيْمَان بْن أَيُّوب، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سُلَيْمَان، عَنْ هَارُون بْن دِينَار، عَنْ دِينَارٍ بن المُغِيْرَة العِجْلي، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ.

ورواه عَنْ سُلَيْمَان بهذا الوجه: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرِ الطَّيَالِسِي، وعبد اللَّه بن أحمد، وابن أبي خيثمة، والْحَسَن بْن عَلِي بْن شَبِيب، ومُوسَى بْنُ هَارُونَ، وعبد الرحمن بن عمر بن يزيد الزهري المعروف برُسْتَةَ. قلت: وكلهم من الثقات الأثبات عدا أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي.

قلت: وقد تابع سُلَيْمَان بْن أَيُّوب علي هذا الوجه: أَحْمَد بْن عُبَيْد الله الْغُدَانِيُّ، ويَحْيَى بْن رَاشِدٍ، وإِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَانَ، والنَّضْر بْن أَبِي النَّضْر الْجَحْدَرِيُّ. قلت: وأَحْمَد بْن عُبَيْد الله الْغُدَانِي، ويَحْيَى بْن رَاشِد: صدوقان.

الوجه الثاني: سُلَيْمَان، عَنْ عَبد الْخَالِقِ بْنُ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ.

ورواه عَنْ سُلَيْمَان بهذا الوجه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ. قلت: وكلاهما ثقة ثبت.

وأما المدار الثاني: عَنْ خَلِيفَة بْن خَيَّاط، واختلف عنه من وجهين أيضاً:

الوجه الأول: خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ مقروناً بسُلَيْمَان بْن أَيُّوب، عَنْ هَارُون بْن دِينَار، عَنْ دِينَارٍ بن المُغِيْرَة العِجْليِّ، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذَ.

ولم يروه عَنْ خَلِيفَةُ بهذا الوجه إلا: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي، وأَحْمَدُ بْنُ بَشِيْر هذا: لين الحديث.

الوجه الثاني: خَلِيفَة، عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، عَنْ سُلَيْمَان بن طرخان التيمي، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ.

ورواه عَنْ خَلِيفَةُ بهذا الوجه: مُحَمَّد بْن يُوسُف التُّرْكِي، ومُحَمَّد بْن يُوسُف هذا: ثقة.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أن الوجه الراجح عَنْ سُلَيْمَان بْن أَيُّوبَ هو الوجه الأول وذلك لما يلي:

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الأول جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الثاني.

2) المتابعات: فقد تُوبع سُلَيْمَان بْن أَيُّوبَ علي هذا الوجه كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وأما الوجه الراجح عَنْ خَلِيفَة بْن خَيَّاط هو الوجه الثاني وذلك لرواية الأحفظ.

قلت: فبهذا تبين أيضاً أن أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ ـــ شيخ الطبراني ـــ قد أخطأ حين جمع في رواية هذا الحديث بين سُلَيْمَان بْن أَيُّوب، وخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ. وأن الراجح عَنْه أنه رواه عَنْ سُلَيْمَان بْن أَيُّوب فقط.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح عَنْ سُلَيْمَان بْن أَيُّوب ــــ "إسناده ضعيف" فيه:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث.

2) هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ بن أَبي المُغِيْرَة: ضعيف الحديث.

3) دِينَار بن المُغِيْرَة العِجْليُّ الْبَصْرِي: مجهول. قال أبو حاتم، والذهبي: لا يُعرف.

ص: 535

قلت: وللحديث متابعة عَنْ خَلِيفَة بْن خَيَّاط، عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، عَنْ سُلَيْمَان بن طرخان التيمي، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ. وهذه المتابعة أخرجها أبو نعيم في "معرفة الصحابة" بإسناد حسن، فرجال إسناده ثقات عدا خَلِيفَة بْن خَيَّاط فصدوق، قلت: وهذه المتابعة هي الوجه الراجح عَنْ خَلِيفَة بْنُ خَيَّاطٍ. كما سبق بيان ذلك.

قلت: وللحديث شاهد بالمعني أخرجه الشيخان في صحيحيهما عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلَامَ: هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ اليَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِلَى النَّارِ، قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ. وهذا لفظ البخاري.

(1)

وللحديث أيضاً شاهد بسند صحيح عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِأَقْوَامٍ لَا خَلَاقَ لَهُمْ.

(2)

قال الفَتَّنِي في "تذكرة الموضوعات" قِوَامُ أُمَّتِي بِشِرَارِهَا: فِي سَنَدِهِ مَجْهُولَانِ وَله تَابع ويتأيد بِحَدِيث: إِن الله يُؤَيّد هَذَا الدَّين بِالرجلِ الْفَاجِر.

(3)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى عَنْ مَيْمُونِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: هَارُونُ بْنُ دِينَارٍ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان:

فقد رواه سُلَيْمَان بْن أَيُّوب، عَنْ هَارُون بْن دِينَار، عَنْ دِينَارٍ بن المُغِيْرَة، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ. كما قال.

ورواه أيضاَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبد الْخَالِقِ بْنُ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ.

ورواه خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، عَنْ مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَان بن طرخان التيمي، عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ.

قلت: فهذه ثلاث طُرق عَنْ مَيْمُون بْن سِنْبَاذ كما أشار ابن حجر في الإصابة في ترجمة مَيْمُون.

(4)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد ب/ إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِر (3062)، وفي ك/ المغازي ب/ غَزْوَةِ خَيْبَرَ (4203)، وفي ك/ القدر ب/ العَمَلُ بِالخَوَاتِيمِ (6606)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ غِلَظِ تَحْرِيمِ قَتْلِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ، وَأَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي النَّارِ، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ (111).

(2)

أخرجه النسائي في "الكبرى"(8834)، والدولابي في "الكني والأسماء"(509)، وابن حبان في "صحيحه"(4517)، والطبراني في "الأوسط"(1948، 2737)، وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 387)، وابن بشران في "أماليه"(238).

(3)

يُنظر "تذكرة الموضوعات" للفَتَّنِي 1/ 184.

(4)

يُنظر "الإصابة" 10/ 363.

ص: 536

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال المناوي رحمه الله: قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: قَوَامُ أُمَّتِي بِشِرَارِهَا: أَي استقامة أمتِي وانتظام أحوالها إِنَّمَا يكون بِوُجُود الأشرار فِيهَا فَإِن هَذَا الْعَالم لَا يتم نظامه إِلَّا بِوُجُود الشرور فِيهِ كَمَا ذكره الْحُكَمَاء وَفِي نسخ قَوَامُ أُمَّتِي شِرَارهَا بِإِسْقَاط الْمُوَحدَة من شرار وَضم الْقَاف وَشد الْوَاو أَي القائمون بأمورها وهم الْأُمَرَاء شرار النَّاس غَالِباً.

(1)

وقال ابن حجر رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ: قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ لَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ لِأَنَّهُ إِمَّا خَاصٌّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْفَاجِرَ غَيْرَ الْمُشْرِكِ ..... وقَالَ ابن الْمُنِيرِ مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا يُتَخَيَّلَ فِي الْإِمَامِ إِذَا حَمَى حَوْزَةَ الْإِسْلَامِ وَكَانَ غَيْرَ عَادِلٍ أَنَّهُ يَطْرَحُ النَّفْعَ فِي الدِّينِ لِفُجُورِهِ فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنَّ هَذَا التَّخَيُّلَ مُنْدَفِعٌ بِهَذَا النَّصِّ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ يُؤَيِّدُ دِينَهُ بِالْفَاجِرِ وَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ.

(2)

(1)

يُنظر "التيسير بشرح الجامع الصغير" 2/ 200.

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 6/ 179.

ص: 537

[106/ 756]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}

(1)

قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ: وَمَا هُوَ؟ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا، أَلَمْ يُزَحْزِحْنَا عَنِ النَّارِ وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ؟ فَيُكْشَفُ لَهُمْ عَنِ الْحِجَابِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَمَا شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي ثَابِتٍ الْبُنَانِي، واختلف عنه من وجوه:

الوجه الأول: ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ ثَابِت الْبُنَانِي بهذا الوجه: حَمَّاد بْن سَلَمَة

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ـــــ، وفي "الكبير"(8/ 39 رقم 7314) بسنده سواء.

ومسلم في "صحيحه" ك/ الإيمان ب/ إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ رَبَّهُمْ سبحانه وتعالى (1/ 163 رقم 181)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 652 رقم 1411)، وهَنَّاد بن السَّرِي في "الزهد" ب/ قَوْلِهِ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (1/ 131 رقم 171)، وأحمد في "مسنده"(31/ 265 رقم 18935)، (31/ 266 رقم 18936)، (31/ 270 رقم 18941)، (39/ 347 رقم 23925)، وابن عرفة في "جزئه"(1/ 54 رقم 24)، وابن ماجة في "سننه" أبواب السنة ب/ فِيمَا أَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّةُ (1/ 129 رقم 187)، والترمذي في "سننه" ك/ صفة الجنة ب/ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تبارك وتعالى (4/ 687 رقم 2552)، وفي ك/ التفسير ب/ من سورة يونس (5/ 286 رقم 3105)، والدارمي في "الرد علي الجهمية" ب/ الرُّؤْيَةِ (1/ 104 رقم 175)، وابن أبي عاصم في "السنة" ب/ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُسْنَى (1/ 205 رقم 472) وعبد الله بن أحمد في "السنة"(443، 444، 446، 449، 459)، والبزار في "مسنده"(6/ 13 رقم 2087)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ النعوت ب/ الْمُعَافَاةُ وَالْعُقُوبَةُ (7/ 166 رقم 7718)، وفي ك/ التفسير ب/ قَوْلِهِ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (10/ 123 رقم 11170)، وفي "النعوت والأسماء والصفات" ب/ الْمُعَافَاةُ وَالْعُقُوبَةُ (1/ 393 رقم 107)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ رُؤْيَةَ اللَّهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا أَوْلِيَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2/ 443 رقم 258)، (2/ 445 رقم 259)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الإيمان ب/ بَيَانُ نَظَرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى وَجْهِ رَبِّهِمْ

(1)

سورة "يونس" آية رقم: 26.

ص: 538

تَبَارَكَ وَتَعَالَى (1/ 136 رقم 411)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(10340)، والشاشي في "مسنده"(2/ 387 رقم 988)، (2/ 388 رقم 989)، (2/ 389 رقم 991، 990)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(2/ 816 رقم 1128)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصحابة ب/ وصف الجنة وأهلها (16/ 471 رقم 7441)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 47)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي شيوخه"(155)، والآجري في "الشريعة" ك/ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عز وجل (2/ 1009 رقم 602)، (2/ 1011 رقم 603)، (2/ 1012 رقم 604)، والدارقطني في "رؤية الله"(1/ 251 ــــــ 254 رقم 153، 154، 155، 156)، وابن سمعون الواعظ في "أماليه"(1/ 91 رقم 10)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" ب/ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَبْصَارِ رُءُوسِهِمْ فَيُكَلِّمُهُمْ وَيُكَلِّمُونَهُ لَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَلَا تُرْجُمَانَ (7/ 3 رقم 1)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(2/ 91 رقم 1098)، (4/ 146 رقم 3136)، وابن منده في "الإيمان"(2/ 772 ـــــ 774 رقم 782، 783، 784، 785، 786)، وفي "الرد علي الجهمية"(1/ 51)، وابن أبي زَمَنِين المالكي في "أصول السنة"(53)، وابن النحاس في "رؤية الله تبارك وتعالى"(1/ 13 رقم 5)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(3/ 504 رقم 778)، (3/ 532 رقم 833)، والعيسوي في "فوائده"(497)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 155)، وأبو القاسم الجرجاني في "تاريخ جرجان"(1/ 396)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ب/ فِي الرُّؤْيَة (1/ 245 رقم 453)، (1/ 246 رقم 454)، وابْن الآبَنُوْسِي البَغْدَادِي في "مشيخته"(1/ 84 رقم 25)، وأبو يعلي الفراء في "أماليه"(1/ 3 رقم 2)، والجوهري في "مجلسان من أماليه"(26)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ب/ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ (2/ 98 رقم 665)، وفي "الاعتقاد"(1/ 128)، وفي "البعث والنشور" ب/ قَوْلِهِ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (1/ 261 رقم 446)، والحنائي في "فوائده"(2/ 1061 رقم 215)، وابن عبد البر في "التمهيد"(7/ 156)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 293)، وأبو القاسم المهرواني في "المهروانيات"(2/ 598 بإثر حديث رقم 27)، وأبو إسماعيل الأنصاري الهروي في "الأربعون في دلائل التوحيد" ب/ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ عز وجل فِي الْجَنَّة (1/ 85 رقم 34)، وأبو محمد رزق الله التميمي في "مسموعاته"(1/ 14 رقم 12)، وطِرَاد بن محمد الزَّيْنَبي، أبو الفوارس في "تسعة مجالس من أماليه"(75، 4)، وابْنِ الخُص في "الفوائد المنتقاة على شرط الإمامين"(8)، وابن الفراء البغوي في "شرح السنة" ك/ الفتن ب/ رُؤْيَةِ اللَّهِ عز وجل فِي الْجَنَّةِ وَرِضَاهُ عَنْهُمْ (15/ 230 رقم 4393)، وأبو القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السنة في "الحجة في بيان المحجة"(1/ 187 رقم 59)، (2/ 256 رقم 215)، وقاضي المارِسْتان في "المشيخة الكبرى"(2/ 470 رقم 49)، (3/ 1091 رقم 500)، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير"(2/ 369 رقم 717)، وابن عساكر في "الأربعون الأبدال العوالي"(1/ 57 رقم 17)، وفي "معجمه"(1/ 51 رقم 47)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الطيوريات"(2/ 393 رقم 341)، وفي "المشيخة البغدادية"(38/ 3 رقم 10)، وعبد الرزاق بن عبد القادر الكيلاني في "الأربعون الكيلانية"(1/ 34 رقم 17)، وابن الجوزي في "مشيخته"(1/ 119 رقم 37)، وابن الأثير" في "أسد الغابة" (3/ 40)، والقشيري في "الأربعون من مسانيد المشايخ العشرين" (1/ 294 رقم 32)، وأَبُو الحَسَن المُؤَيَّد بن

ص: 539

مُحَمَّد الطُّوْسِي في "الأربعين عن المشايخ الأربعين والأربعين صحابيا وصحابية رضي الله عنهم "(1/ 97 رقم 13)، وابن قدامة المقدسي في "بلغة الطالب الحثيث في صحيح عوالي الحديث"(1/ 45 رقم 34)، والقرطبي في "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة"(1/ 1010)، وابن جماعة في "مشيخته"(1/ 349)، والذهبي في "السير"(20/ 549)، وتاج الدين السبكي في "معجم الشيوخ"(1/ 260)، وابن حجر في "تغليق التعليق"(4/ 222)، وابن خمارويه بن طولون في "الأحاديث المائة المشتملة على مائة نسبة إلى الصنائع"(1/ 86 رقم 96).

كلهم من طرق عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْب. بعضهم بنحوه، وبعضهم مختصراً.

الوجه الثاني: ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قوله.

ورواه عَنْ ثَابِت الْبُنَانِي بهذا الوجه: حَمَّاد بْن زَيْد، ومَعْمَر، وسُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة.

أما طريق حَمَّاد بْن زَيْد: أخرجه الدارمي في "الرد علي الجهمية" ب/ الرؤية (1/ 118 رقم 192)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" ب/ صِفَةِ الْحُورِ الْعِين (1/ 226 رقم 340)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ رُؤْيَةَ اللَّهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا أَوْلِيَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2/ 447 رقم 260)، (2/ 448 رقم 261)، والدارقطني في "رؤية الله"(1/ 298 رقم 210)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(3/ 510 رقم 792).

وأما طريق مَعْمَر: أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ب/ رُؤْيَةَ اللَّهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا أَوْلِيَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2/ 449 رقم 262)، والدارقطني في "رؤية الله"(1/ 299 رقم 212).

وأما طريق سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة: أخرجه ابن المبارك في "الزهد والرقائق"(2/ 79)، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(96)، وابن خزيمة في "التوحيد" ب/ رُؤْيَةَ اللَّهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا أَوْلِيَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2/ 449 رقم 263)، والدارقطني في "رؤية الله"(1/ 299 رقم 211).

الوجه الثالث: ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ ثَابِت الْبُنَانِي بهذا الوجه: نُوح بْن أَبِي مَرْيَم.

أخرجه ابن عرفة في "جزئه"(1/ 54 رقم 23)، والدارقطني في "رؤية الله"(1/ 171 رقم 57)، وابن منده في "الرد علي الجهمية"(1/ 51)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(3/ 505 رقم 779)، وأبو القاسم المهرواني في "المهروانيات"(2/ 596 رقم 27)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(10/ 202)، وفي "تلخيص المتشابه في الرسم"(2/ 634)، وقاضي المارِسْتان في "المشيخة الكبرى"(3/ 1066 رقم 479)، والبديري الحسيني في "الجواهر الغوالي في ذكر الأسانيد العوالي"(1/ 53).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

ص: 540

2) هُدْبَةُ بنُ خَالِدِ بنِ الأسْوَدَ بنِ هُدْبَةَ القَيْسِيُّ

(1)

الثَّوْبَانِيُّ، أَبُو خَالِدٍ البَصْرِيُّ، ويُقال له: هداب.

روي عَنْ: حَمَّاد بن سَلَمَة، وَسُلَيْمَان بن المُغِيْرَة، وجَرِيْر بن حَازِم، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، والبُخَارِي، وَمُسْلم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن مَعِيْن، وأبو يعلي، ومسلمة بن قاسم، والذهبي، وابن حجر: ثِقَة، وزاد الذهبي: عالم صاحب حديث ومعرفة وعلو إسناد، وَذَكَرَهُ ابْن حِبَّان، وابن شاهين فِي الثِّقَات. وَسُئِلَ أَبو يَعْلَى عَنْ هُدْبَةَ وَشَيْبَان: أَيُّهُمَا أَفضَلُ؟ فَقَالَ: هُدْبَةُ أَفضَلُهُمَا، وَأَوْثَقُهُمَا، وَأَكْثَرُهُمَا حَدِيْثاً، كَانَ حَدِيْثُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ عِنْدَهُ نُسخَتَيْنِ: وَاحِدَةٍ عَلَى الشُّيُوْخِ، وَأُخْرَى عَلَى التَّصْنِيْف. وقال الآجري: سألت أبا داود عن هُدْبَة، وَشَيْبَان، فقال: هُدْبَة أعلى عندنا، قيل له في سماعه مع أخيه من الشيوخ، قال: لا ينكر السماع.

- وَقَالَ أَبُو حَاتِم، وابْن عَدِي، والذهبي مرة: صَدُوْق.

- وَقَال النَّسَائي: ضعيف، قال الذهبي: وَمَا أَدرِي مُستَنَد قَوْل النَّسَائِي: هُوَ ضَعِيْفٌ. وقال ابن حجر: تفرد النسائي بتليينه. وقال الذهبي: قواه النَّسَائِي مرة أخرى. وقال أيضاً: وَتَبَارَدَ ابْن عَدِيٍّ فِي ذِكْرِهِ فِي الكَامِلِ، ثُمَّ اعتَذَرَ، وَقَالَ: اسْتَغنَيتُ أَنْ أُخْرِجَ لَهُ حَدِيْثاً؛ لأَنِّي لَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً فَيَمَا يَرْوِيْهِ، وَهُوَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ، وَهُوَ صَدُوْقٌ، لَا بَأْسَ بِهِ. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) حَمَّادُ بنُ سَلَمَة: "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنِّ. تقدم في حديث رقم (8).

4) ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

5) عَبْدُ الرَّحْمَنُ بنُ أَبِي لَيْلَى، واسْمُ أَبِي لَيْلَى: يَسَارٌ، وَقِيْلَ: بِلَالٌ، وَقِيْلَ: دَاوُدُ بنُ أَبِي أُحَيْحَةَ بنِ الجُلَاحِ بن عوف بْن مَالِك بْن الأوس الأَنْصَارِيُّ، أَبُو عِيْسَى الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: صُهَيْب، وعَلِي، وَابْن مَسْعُوْد، وآخرين.

روي عَنْه: ثَابِت الْبُنَانِي، وعَمْرُو بن مُرَّة، وَالحَكَم بن عُتَيْبَة، وأخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابْن مَعِين، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّان فِي الثِّقَات. وقال الذهبي: ذكره الْعقيلِي فِي كِتَابه فأورد قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِي: كَانَ صَاحب أُمَرَاء. قال الذهبي: وبمثل هذا لا يلين الثقة.

وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال أحمد: كان سيئ الحفظ. روى له الجماعة.

(1)

القَيْسِيُّ: بفتح القاف وسكون الياء وكسر السين، هذه النسبة إلى جماعة اسمهم قيس، ومن المشهورين بها: أبو خالد هدبة بن خالد القيسي، من أهل البصرة. قاله السمعاني في "الأنساب" 10/ 291.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 3/ 325، "الجرح والتعديل" 9/ 114، "الثقات" 9/ 246، "الكامل" 8/ 456، "تهذيب الكمال" 30/ 152، "الكاشف" 2/ 334، "السير" 11/ 97، "الميزان" 4/ 294، "الإكمال" 12/ 129، "التقريب" صـ 501.

ص: 541

وقد وُصف بالإرسال: في روايته عَنْ أبي بكر، وعمر، ومعاذ، وغيرهم. وحاصله أنه "ثقة يُرسل".

(1)

6) صُهَيْبُ بنُ سِنَانِ بنِ مَالِكِ بنِ عَبْدِ عَمْرٍو بنِ عُقَيْلِ بنِ عَامِرٍ، أَبُو يَحْيَى الرُّوْمِيُّ، البَدْرِيُّ.

روي عَنْ: النبي صلى الله عليه وسلم، وعُمَر بْن الخطاب، وعلي بْن أَبي طالب، وآخرين.

روي عَنْه: عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي لَيْلَى، وَابْن عُمَر، وَجَابِر، وَآخَرُوْنَ.

كان أَبُوْهُ، وَعَمُّهُ عاملين لكسرى عَلَى الأبلة، وكانت منازلهم عَلَى دجلة عند الموصل، فأغارت الروم عليهم، فأخذت صهيباً وهو صغير، فنشأ بالروم، فصار ألكن، فابتاعته منهم كلب، ثم قدموا به مكة فاشتراه عَبْدُ اللهِ بنُ جُدْعَانَ القُرَشِيُّ من كلب بمكة فأعتقه وأقام معه حتى هلك عَبْد اللَّهِ بْن جدعان، وأسلم صهيب ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بعد بضعة وثلاثين رجلًا، وكان من المستضعفين بمكة المعذبين في اللَّه عز وجل، ولما أَرَادَ الهِجْرَةَ، قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ: أَتَيْتَنَا صُعْلُوْكاً حَقِيْراً، فَتَغَيَّرَ حَالُكَ قَالَ: أَرَأَيْتُم إِنْ تَرَكْتُ مَالِي، أَمُخَلُّوْنَ أَنْتُم سَبِيْلِي؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَخَلَعَ لَهُمْ مَالَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: رَبِحَ صُهَيْبٌ رَبِحَ صُهَيْبٌ فأنزل اللَّه عز وجل:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)}

(2)

ولما هاجر آخى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينه وبين الحارث بْن الصمة، وشهد بدرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن خزيمة

".

1) أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ: قال ابن حجر: ثقة.

(4)

2) حَمَّادٌ بْنَ زَيْدٍ: قال ابن حجر: ثقة ثبت فقيه.

(5)

3) ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

4) عَبْد الرَّحْمَن بْنُ أَبِي لَيْلَى: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد الحسن بن عرفة

".

1) سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ: قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وقَالَ ابن سعد، والنَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ، وقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، كَانَ لَا يَحْفَظُ، وقال أبو زرعة: لا يكتب حديثه، وقال ابن المبارك: اتق حيات سلم لا تلسعك.

(6)

2) نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَبُو عِصْمَةَ: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ جَمَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلا الصِّدْقَ، وقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَكُنْ فِي

(1)

يُنظر "العلل" لأحمد 1/ 369، "الثقات" للعجلي 2/ 86، "الضعفاء" للعقيلي 2/ 337، "الجرح والتعديل" 5/ 301، "المراسيل" لابن أبي حاتم 1/ 125، "الثقات" لابن حبان 5/ 100، "تهذيب الكمال" 17/ 372، "المغني في الضعفاء"1/ 610، "ميزان الاعتدال" 2/ 584، "جامع التحصيل" 1/ 226، "تحفة التحصيل" لأبو زرعة ابن العراقي 1/ 204، "التقريب" صـ 291.

(2)

سورة البقرة آية رقم: 207.

(3)

يُنظر "معجم الصحابة" للبغوي 3/ 343، "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 17، "معرفة الصحابة" 3/ 1496، "الاستيعاب" 2/ 726، "أسد الغابة" 3/ 38، "السير" 2/ 17، "الإصابة" 5/ 293.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 22.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 117.

(6)

يُنظر "الجرح والتعديل" 4/ 266، "ميزان الاعتدال" للذهبي 2/ 185.

ص: 542

الْحَدِيثِ بذاك. وَقَال أَبُو زُرْعَة: ضعيف الْحَدِيث، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ جِدًّا، وقال مرة: منكر الحديث. وَقَال أَبُو حاتم، ومُسْلِم بْن الْحَجَّاج، وأَبُو بشر الدولابي، والدَّارَقُطنِي: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

(1)

3)

ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (25).

4) أَنَسُ بْنُ مَالِك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي ثَابِت الْبُنَانِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ ثَابِت بهذا الوجه: حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، وحَمَّاد من أَثْبَت النَّاس فِي ثَابِتٍ.

الوجه الثاني: ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قوله.

ورواه عَنْ ثَابِت بهذا الوجه: حَمَّاد بْن زَيْد، ومَعْمَر، وسُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَةِ.

قلت: قال ابن معين: معمر عَن ثابت ضعيف.

الوجه الثالث: ثَابِت الْبُنَانِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ ثَابِت بهذا الوجه: نُوح بْن أَبِي مَرْيَم، قلت: ونُوح بْن أَبِي مَرْيَم: مَتْرُوك الْحَدِيث، والراوي عنه وهو سَلْم بْن سَالِم الْبَلْخِي: ضعيف الحديث. قلت: وذهب العلماء إلي عدم صحة هذا الوجه:

فقال الدارقطني: يرويه أَبو عِصْمَة نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ ووهم فيه.

(2)

وقال الخطيب: هَكَذَا رَوَاهُ سَلْمٌ عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(3)

وقال أبو القاسم المهرواني: قَالَ الْخَطِيبُ: كَذَا رَوَى أَبو عِصْمَة نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتِ البُنانيّ عَنْ أَنس بْنِ مَالِكٍ، وَوَهِمَ فِي ذَلِكَ وَهْمًا قَبِيحًا.

(4)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الأول هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) أنَّ حَمَّاد بن سَلَمَةَ من أَثْبَت النَّاس فِي ثَابِت: قَالَ أَحْمَدُ: أَعْلَم النَّاس بِثَابِت البُنَانِي حَمَّاد بن سَلَمَة. وَقَال ابنُ المَدِيْنِي: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ فِي رِجَالٍ، وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَابِت البُنَانِي. وَقَالَ مرة: لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ ثَابِتٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَة. وقال ابْنَ مَعِيْنٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ: حَمَّاد بن سَلَمَة.

2) إخراج مسلم لهذا الوجه في صحيحه.

3) ترجيح الأئمة:

- قال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(1)

يُنظر "تاريخ الإسلام" 4/ 757.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 12/ 34.

(3)

يُنظر "تاريخ بغداد" للخطيب 10/ 202.

(4)

يُنظر "المهروانيات" لأبو القاسم المهرواني 2/ 598.

ص: 543

بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ حَمَّادٌ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صُهَيْبٍ وَالْحَدِيثُ إِذَا رَوَاهُ الثِّقَةُ كَانَ الْحَدِيثُ لَهُ إِذَا زَادَ، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ رضي الله عنه مِنْ خِيَارِ النَّاسِ وَأُمَنَائِهِمْ.

(1)

- وقال الدارقطني: نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ ووهم فيه، والصواب عن ثابت مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، وروي هذا الحديث عن مقاتل بن سليمان، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، عَنْ كعب بن عجرة، والصحيح حديث حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.

(2)

- وقال الخطيب: هَكَذَا رَوَاهُ سَلْمٌ عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَكَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ.

(3)

- وقال النووي: هَذَا الْحَدِيثُ هكذا رواه الترمذي والنسائي وابن مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عن ثابت عن بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَمْ يَرْوِهِ هَكَذَا مَرْفُوعًا عَنْ ثَابِتٍ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنِ بن أَبِي لَيْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا ذِكْرُ صُهَيْبٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِقَادِحٍ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُولِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَصَحَّحَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مُتَّصِلًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا أَوْ بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا وَبَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا حُكِمَ بِالْمُتَّصِلِ وَبِالْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُمَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مِنْ كُلِّ الطَّوَائِفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(4)

- وقال ابن تيمية: قد رواه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَمَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ لكن رواية حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أتم إسناداً ومتناً وذلك معروف في أحاديثه عن ثَابِتٍ البُنَانِي لأنه كان بينهما من الصلة ما لم يكن بينه وبين غيره وكان ثابت يقول ولا أن يصنعوا بي كما صنعوا بأبي سعيد يعني الحسن البصري لحدثتهم أحاديث موثقة فلهذا كان يختصر لبعض الناس ويختصر عنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أشياء لاختصاصه به.

(5)

قلت: وإن كان الوجه الثاني هو رواية الأكثرية إلا أن هذا لا يقدح في صحة الوجه الأول فقد ينشط الراوي مرة فيرفع الحديث، وقد لا ينشط مرة أخري فيوقفه، ويُحتمل أن يكون عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى رفع الحديث مرة، وحكاه مرة أخري من قوله عند تفسير الآية، وعلي هذا فقد يترجح الوجهين فراوه ابْنِ أَبِي لَيْلَى مرة

(1)

يُنظر "مسند البزار" 6/ 14.

(2)

يُنظر "العلل" للدارقطني 12/ 34.

(3)

يُنظر "تاريخ بغداد" للخطيب 10/ 202.

(4)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 3/ 17.

(5)

يُنظر "بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية" لابن تيمية 8/ 89.

ص: 544

مرفوعاً، ومرة أخري من قوله، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث.

قلت: لكن للحديث متابعات أخرجها مسلم وغيره كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، لكن ذلك من حيث الوجه الأول المرفوع. وأما من حيث الوجه الثاني عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قوله. فرواه عَنْ ثَابِت: حَمَّاد بْن زَيْد، ومَعْمَر، وسُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ عَقْلًا وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى وُقُوعِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ الْكَافِرِين. وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُسْتَحِيلَةٌ عَقْلًا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَجَهْلٌ قَبِيحٌ وَقَدْ تَظَاهَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنَيْنِ وَرَوَاهَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ صَحَابِيًّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَآيَاتُ الْقُرْآنِ فِيهَا مَشْهُورَةٌ وَاعْتِرَاضَاتُ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَيْهَا لَهَا أَجْوِبَةٌ مَشْهُورَةٌ. ومَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ قُوَّةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ الْأَشِعَّةِ وَلَا مُقَابَلَةُ الْمَرْئِيِّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ لَكِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي رُؤْيَةِ بَعْضِنَا بَعْضًا بِوُجُودِ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاتِّفَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ وَقَدْ قَرَّرَ أَئِمَّتُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ الْجَلِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِثْبَاتُ جِهَةٍ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بَلْ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ لَا فِي جِهَةٍ كَمَا يَعْلَمُونَهُ لَا فِي جِهَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(1)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 3/ 15.

ص: 545

[107/ 757]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ قَالَ: نا الْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ أَبُو الْبُهْلُولِ قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْأَذَانَ لَنَا وَلِمَوَالِينَا، وَالسِّقَايَةَ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَالْحِجَابَةَ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ إِلَّا الْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه البغوي في "معجم الصحابة"(1/ 216 رقم 144)، (3/ 212 رقم 1141)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(1/ 307)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(16/ 118)، وأبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي في "صفوة التصوف"(117)، عَنْ مَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِم.

وأحمد في "مسنده"(45/ 225 رقم 27253)، وأبو عبد الفاكهي في "أخبار مكة"(2/ 130 رقم 1308)، عَنْ خَلَف بْن الْوَلِيد الجوهري.

وأبو عبد الفاكهي في "أخبار مكة"(2/ 130 رقم 1308)، عَنْ سَعِيد بْن سُلَيْمَان الضبي.

والطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 208 رقم 6737)، والحاكم في "المستدرك" ك/ معرفة الصحابة (3/ 589 رقم 6182)، عَنْ مُحَمَّد بْن مُعَاوِيَة النيسابوري.

وابن عدي في "الكامل"(8/ 433)، عَنْ حُسَيْن بْن مُحَمد.

كلهم: مَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِمٍ، وخَلَف بْن الْوَلِيد الجوهري، وسَعِيد بْن سُلَيْمَان الضبي، ومُحَمَّد بْن مُعَاوِيَة النيسابوري، وحُسَيْن بْن مُحَمد، عَنْ الْهُذَيْل بْن بِلَال، عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي مَحْذُورَة، عَنْ أَبِيهِ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: فيه لين. سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

3) الْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ الْفَزَارِيُّ، أَبُو الْبُهْلُولِ الْمَدَائِنِيُّ.

روي عَنْ: عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي مَحْذُورَة، ونافع مولى بْن عُمَر، وهشام بْن خَالِد بْن الوليد، وغيرهم.

روي عَنْه: مَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِم، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَحْمَد: ثقة. وقَال مرة: ما أرى بِهِ بأسًا. وقَالَ ابن عَمَّار: صالِح.

- وقال أبو حاتم: محله الصدق يكتب حديثه. وقال ابن عدي: ليس فِي حديثه حديثاً منكراً.

- وَقَالَ ابن سعد، والنَّسَائِي، وَالدَّارَقُطْنِي: ضَعِيف. وذكره الساجي، والعقيلي، وابن الجارود في الضعفاء،

- وقال ابن معين: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وقال أبو زرعة، والبيهقي: ليس بالقوى. وزاد أبو زرعة: لين.

- وقال ابن حبان: كَانَ مِمَّن يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل على قلَّة رِوَايَته فَلَمَّا كثر مُخَالفَته الثِّقَات فِيمَا يرويهِ عَن الْأَثْبَات خرج عَن حد الْعَدَالَة إِلَى الْجرْح وَصَارَ فِي عداد المتروكين مِمَّن لَا يحْتَج بِهِ. وحاصله

ص: 546

أنه "ضعيف يعتبر به".

(1)

4) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ القرشي الْجُمَحِي الْمَكَّي.

روي عَنْ: أَبِيهِ رضي الله عنه، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَيْرِيْزٍ.

روي عَنْه: الْهُذَيْل بْن بِلَال الْفَزَارِيُّ، والنُّعْمان بْن راشد، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات. وقال الذهبي: ثقة. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه "صدوق".

(2)

5) أَبُو مَحْذُوْرَةَ القرشيُّ الْجُمَحِيُّ الْمَكَّيُّ مُؤَذِّنُ المَسْجَدِ الحَرَامِ.

(3)

روي عَنْ: النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. روي عَنْه: ابْنُه عَبْد المَلِك، وَالأَسْوَد بن يَزِيْد، وَابْن أَبِي مُلَيْكَة، وَآخَرُوْن.

لهُ صُحْبة ورواية رضي الله عنه، وَكان من مسلمة الفتح، وَكَانَ مُؤَذِّنُ المَسْجَدِ الحَرَامِ علمه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الأذان، وكَانَ مِنْ أَنْدَى النَّاسِ صَوْتاً وَأَطْيَبِهِ، وقد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه يحكي الأذان، فأعجبه صوته، فأمر أن يؤتى به، فأسلم يومئذ وأمره بالأذان بمكة منصرفه من حنين، فلم يزل يؤذن فيها، وسمعه عمر يوماً يؤذن فقال له مَا أَنْدَى صَوْتَكَ! أَمَا تَخْشَى أَنْ يَنْشَقَّ مُرَيْطَاؤُكَ

(4)

مِنْ شِدَّةِ صَوْتِك. وقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ أَبُو مَحْذُوْرَةَ يُؤَذِّنُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَبَقِيَ الأَذَانُ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ إِلَى اليَوْمِ بِمَكَّةَ.

(5)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث. والْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ الْفَزَارِيُّ: ضعيف يعتبر به.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 113، "المجروحين" لابن حبان 3/ 95، "الكامل" 8/ 432، "دلائل النبوة" للبيهقي 6/ 416، "تاريخ بغداد" 16/ 118، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 173، "لسان الميزان" 8/ 330.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 117، "تهذيب الكمال" 18/ 397، "الكاشف" 1/ 668، "التقريب" صـ 305.

(3)

قلت: اختلف فِي اسم أَبِي مَحْذُورَةَ واسم أبيه ونسبه اختلافاً كثيراً، فقيل: اسمه أوس، وقيل: سَمُرَة، وقيل: سلمة، وقيل: سلمان، واسم أبيه مِعْيَرِ، وقيل: عُمَيْرِ بْن لَوْذَانَ بنِ وَهْبِ بنِ سَعْدِ بنِ جُمَحٍ، وقيل: ابنِ لَوْذَانَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ سَعْدِ بنِ جُمَحٍ، وقيل: ابن لوذان ابن عريج بْن سَعْدِ بنِ جُمَحٍ، وقيل: ابنِ لَوْذَانَ بنِ رَبِيْعَةَ بن عريج بن سَعْدِ بنِ جُمَحٍ. وقال ابن حجر: اسمه أوس، ويقال سمرة بن معير، بكسر أوله وسكون المهملة وفتح التحتانية المثناة، وهذا هو المشهور، وحكى ابن عبد البرّ أنّ بعضهم ضبطه بفتح العين وتشديد التحتانية المثناة بعدها نون. قال البلاذري، الأثبت أنه أوس، وجزم ابن حزم في كتاب النسب بأن سمرة أخوه، وخالف أبو اليقظان في ذلك، فجزم بأن أوس بن معير قتل يوم بدر كافرًا، وأن اسم أبي محذورة سلمان بن سمرة. وقيل سلمة بن معير، وقيل اسم أبي محذورة معير بن محيريز، وحكى الطّبريّ أن اسم أخيه الّذي قتل ببدر أنيس، وقال أبو عمر: اتفق الزبير وعمه وابن إسحاق والمسيبي على أن اسم أبي محذورة أوس، وهم أعلم بأنساب قريش. ومن قال: إن اسمه سلمة فقد أخطأ.

(4)

المُرَيْطَاء: أسفل البطن ما بين السرة والعانة.

(5)

"معرفة الصحابة" 2/ 1411، "الاستيعاب" 4/ 1751، "أسد الغابة" 6/ 273، "السير" 3/ 117، "الإصابة" 12/ 594.

ص: 547

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ إِلَّا الْهُذَيْلُ بْنُ بِلَالٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

الْحِجَابَةُ: اسْمٌ مِنَ الْحَجْبِ مَصْدَرُ حَجَبَ يَحْجُبُ، وَمِنْهُ قِيل لِلسِّتْرِ: حِجَابٌ، لأِنَّهُ يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ، وَقِيل لِلْبَوَّابِ حَاجِبٌ، لأِنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الدُّخُول، وَمِنْهُ حِجَابَةُ الْكَعْبَةِ، وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ.

والسِّقَايَةُ: هِيَ مَوْضِعٌ يُتَّخَذُ لِسَقْيِ النَّاسِ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْوَضْعُ الْمُتَّخَذُ لِسِقَايَةِ الْحَاجِّ فِي الْمَوْسِمِ.

والرِّفَادَةُ، وَالسِّقَايَةُ، وَالْعِمَارَةُ، وَالْحِجَابَةُ: مِنَ الأْمُورِ الَّتِي كَانَتْ تَفْتَخِرُ بِهَا قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَعْتَبِرُونَهَا مِنَ الأْعْمَال الَّتِي يَمْتَازُونَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ، فَهُمْ حَمَاةُ الْبَيْتِ يَصُدُّونَ الأْذَى عَنْهُ، وَيُطْعِمُونَ وَيَسْقُونَ مَنْ جَاءَهُ حَاجًّا أَوْ زَائِرًا، وَقَدْ بَلَغَ بِهِمُ الأْمْرُ أَنْ جَعَلُوا هَذِهِ الأْعْمَال كَعَمَل مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ

آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)}.

(1)

(2)

(1)

سورة التوبة آية رقم: 19.

(2)

يُنظر "الموسوعة الفقهية الكويتية" 22/ 274.

ص: 548

[108/ 758]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الْمَرُّوذِيُّ مُحْمُوَيْهِ قَالَ: نا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ، عَنِ الْمُثَنَّى الْعَطَّارِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ أَنْ يُرْهِقَكَ الصُّبْحُ، فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ.

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُثَنَّى الْعَطَّارِ إِلَّا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(4/ 249 رقم 4110)، عَنْ مُحَمَّد بْن شُجَاع الْمَرُّوذِي مُحْمُوَيْه، عَنْ أَبي عُبَيْدَة الْحَدَّاد عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِل به بنحوه.

- والحسين بن إسماعيل المحاملي في "جزئه"(37)، ومن طريقه ـــــــ أَبُو الحَسَن بن ثَرْثَال التَّيْمِي في "جزئه"(1/ 78 رقم 190) ـــــــ. عّنْ عُثْمَان بْن عُمَر بن فارس بن لقيط العبدي، عّنْ مُثَنَّى بْن حَبِيب الْعَطَّار، عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه مقروناً بالْقَاسِم بْن مُحَمَّد به.

- والبخاري في "صحيحه" ك/ التهجد ب/ كَيْفَ كَانَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ وَكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ؟ (2/ 51 رقم 1137)، ومسلم في "صحيحه" ك/ صَلَاة الْمُسَافِرِين وَقَصْرِهَا ب/ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ (1/ 516 رقم 749)، والشافعي في "مسنده"(1/ 388)، وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ آخِرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ (3/ 28 رقم 4678)، (3/ 29 رقم 4681)، والحميدي في "مسنده"(1/ 521 رقم 641)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الصلاة ب/ من قال صلاة الليل مثني مثني (3/ 197 رقم 6683)، وفي ب/ من كان يوتر بركعة (3/ 228 رقم 6864)، وفي ك/ الرد علي أبي حنيفة ب/ مسألة صلاة الليل مثني مثني أوصلها (13/ 164 رقم 37393) وفي ب/ مسألة الوتر بركعة (13/ 166 رقم 37402)، وأحمد في "مسنده"(10/ 423 رقم 6355)، ومحمد بن يحي الذُّهلي في "جزئه"(36)، وفي "أحاديثه" رواية المعقلي عنه (36)، وعبد الرحمن بن بشر العبدي في "الجزء الخامس والسادس والسابع والثامن من أحاديثه"(127)، وابن ماجة في "سننه" أَبْوَابُ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا ب/ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ (2/ 348 رقم 1320)، والبزار في "مسنده"(12/ 263 رقم 6031)، وأبو عبد الله المَرْوَزِي في "مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر"(1/ 126)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ الصلاة ب/ عَدَدُ الْوِتْرِ (1/ 249 رقم 439)، وفي ب/ كَمْ صَلَاةُ النَّهَارِ (1/ 263 رقم 475)، وفي ب/ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ (2/ 149 رقم 1384)، وفي "السنن الصغرى" ب/ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ (3/ 227 رقم 1668)، (3/ 228 رقم 1674، 1672)، وأبو يعلي في "مسنده"(9/ 317 رقم 5431)، (9/ 371 رقم 5494)، وابن الجارود في "المنتقي" ك/ الصلاة ب/ الوتر (1/ 77 رقم 267)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمَنْصُوصَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ (2/ 139 رقم 1072)، والسَّرَّاج في "حديثه"(3/ 80 رقم 1938)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ

ص: 549

الْمُصَلِّي بِاللَّيْلِ أَنْ يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُسَلِّمَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ، وَيَجْعَلَهَا آخِرَ صَلَاتِهِ، مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ، وَمُبَادَرِةِ الصُّبْحِ بِالْوِتْرِ (2/ 62، 61 رقم 2318، 2317، 2316، 2315)، وابن المنذر في "الأوسط"(2631)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الصلاة ب/ الوتر (1/ 278 رقم 1663)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة فصل في قيام الليل: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ صَلَاةِ الْمَرْءِ بِاللَّيْلِ وَكَيْفِيَّةِ وِتْرِهِ فِي آخِرِ تَهَجُّدِهِ (6/ 350 رقم 2620)، والطبراني في "الأوسط"(1/ 288 رقم 940)، (5/ 63 رقم 4674)، وفي "مسند الشاميين"(3/ 44 رقم 1775)، (4/ 121 رقم 2891)، (4/ 230 رقم 3151)، والدارقطني في "الخامس من الفوائد المنتقاة الحسان"(1/ 11 رقم 10)، وأبو نعيم في "مستخرجه" ك/ الصلاة ب/ صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى (2/ 343 رقم 1698)، (2/ 345 رقم 1700)، وأبو الفتح بن أبي الفوارس في "الجزء التاسع من الفوائد المنتقاة"(147)، وابن حزم في "المحلي"(3/ 43)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الصلاة ب/ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْ أَجَازَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً تَطَوُّعًا (3/ 32 رقم 4767، 4766)، وابن عبد البر في "التمهيد"(13/ 256)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(10/ 152)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الصلاة ب/ صَلاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ (4/ 73 رقم 955)، كلهم من طُرق عَنِ الزُّهْرِي.

- وابن أبي شيبة في "مصنفه" وفي ك/ الرد علي أبي حنيفة ب/ مسألة صلاة الليل مثني مثني أوصلها (13/ 164 رقم 37394)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَار.

- وأحمد في "مسنده"(10/ 312، 311 رقم 6169، 6170)، وأبو زرعة الدمشقي في "الفوائد المعللة"(1/ 170 رقم 141)، والطبراني في "الأوسط"(5/ 63 رقم 4674)، وفي "الكبير"(12/ 313 رقم 13215)، وفي "مسند الشاميين"(1/ 437 رقم 770)، وأبو طاهر المخَلِّص في "المخلصيات"(2/ 358 رقم 1748)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 14)، كلهم من طُرق عَنْ عَبْد اللهِ بْن الْعَلَاءِ يَعْنِي ابْنَ زَبْر.

- والطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 370 رقم 642)، وأَبُو الْفَضْل الزُّهْرِي في "حديثه"(1/ 206 رقم 164)، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُرَّة،

- كلهم: الزُّهْرِي، وعَبْد اللَّه بْن دِينَار، وعَبْد اللهِ بْن الْعَلَاء بْنَ زَبْر، وإِبْرَاهِيم بْن مُرَّة، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر، عَنْ أَبِيهِ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الْمَرُّوذِيُّ، أَبُو عبد اللَّه الباكندي نزيل بغداد.

روي عَنْ: أَبي عُبَيْدَة الْحَدَّاد عَبْد الْوَاحِد بْن وَاصِل، وإسماعيل بن علية، وابْن عُيَيْنَة، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِيُّ، والتِّرْمِذِيّ، والنَّسَائي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن أَبي خيثمة، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وحاصله أنه

ص: 550

"ثقة".

(1)

3) عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ السدوسي، أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ البَصْرِيّ.

روي عَنْ: الْمُثَنَّى الْعَطَّار، وشعبة بن الحجاج، وعوف الأعرابي، وغيرهم.

روي عَنْه: مُحَمَّد بْن شُجَاع الْمَرُّوذِيُّ، وأحمد بْن حنبل، ويحيي بن معين، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابن معين، وأبو داود، ويعقوب بن شَيْبَة، ويعقوب بْن سفيان، والدارقطني، والخطيب، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن شَيْبَة: صالح الحديث. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وقال ابن مَعِين: كان متثبتاً، ما أعلم أنّا أخذنا عليه خطأً البَتّة، جيد القراءة لكتابه. وقال الساجي: يحتمل لصدقه، وقد روى عنه الناس. روى له البخاري، وأبو داود، والتِّرْمِذِيّ، والنَّسَائي.

- وقال أحمد: أخشى أن يكون أَبُو عُبَيْدَةَ ضعيفاً، كان صاحب شيوخ لم يكن صاحب حِفْظ إلا أنّ كتابه كان صحيحاً. وقال الأزدي: ما أقرب ما قال أحمد لأن له أحاديث غير مرضية عن شعبة، وغيره إلا أنه في الجملة قد حمل الناس عنه ويحتمل لصدقه. قال ابن حجر: تكلم فيه الأزدي بغير حجة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

4) الْمُثَنَّى بن حبيب الْعَطَّارِ.

روي عَنْ: سَالِم بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، والقاسم بن محمد.

روي عَنْه: عَبْد الْوَاحِد بْن وَاصِل، وعُثْمَان بْن عُمَر.

أقوال أهل العلم فيه: قال عُثْمَانُ بْنُ عُمَر العبدي: صدوق.

(3)

5) سَالِمُ بْنُ عَبْد اللَّه بْن عُمَر: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (36).

6) عَبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث.

قلت: وللحديث متابعات أخرجها الشيخان في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُثَنَّى الْعَطَّارِ إِلَّا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ.

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 9/ 110، "تهذيب الكمال" 25/ 358، "التقريب" صـ 418.

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 426، "الثقات" لابن شاهين 1/ 161، "تاريخ بغداد" 12/ 247، "تهذيب الكمال" 18/ 473، "الكاشف" 1/ 673، "الإكمال" 8/ 367، "التهذيب" 6/ 440، "التقريب" صـ 308.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 325.

ص: 551

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّاد براوية هذا الحديث عَنْ الْمُثَنَّى الْعَطَّارِ بل تابعه: عُثْمَان بْن عُمَرَ بن فارس بن لقيط العبدي كما سبق بيان ذلك في التخريج، والله أعلم.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي رحمه الله: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى هَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى. هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ وَهُوَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَسَوَاءٌ نَوَافِلُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَلَوْ جَمَعَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ تَطَوُّعَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ عِنْدَنَا. قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَوْتِرُوا قَبْلَ الصُّبْحِ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ جَعْلُ الْوِتْرِ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَعَلَى أَنَّ وَقْتَهُ يَخْرُجُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ من مذهبنا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ يَمْتَدُّ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَرْضَ.

(1)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 6/ 30.

ص: 552

[109/ 759]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا عُبَيْدُ بْنُ جَنَادٍ الْحَلَبِيُّ قَالَ: نا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ عِندَ امْرَأَةٍ، فَأَخْرَجَتْ صَبِيًّا بِيَدِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ:«نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يُوسُفَ إِلَّا عُبَيْدُ بْنُ جَنَادٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ موصولاً.

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر بهذا الوجه: يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، وقَزَعَة بْن سُوَيْد، وإِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم، وعُمَارَة الْمِعْوَلِي.

- أما طريق يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ، وابن جميع الصيداوي في "معجم الشيوخ"(1/ 224)، عَنْ عُبَيْد الْحَلَبِي، عَنْ يُوسُف به.

- وأما طريق قَزَعَة بْن سُوَيْد: أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ فِي حَجِّ الصَّبِي (3/ 256 رقم 926)، وابن أبي الدنيا في "النفقة علي العيال" ب/ الحج بالصبيان (2/ 847 رقم 643)، ومحمد بن أيوب بن يحيي الرازي في "الثالث من أحاديثه"(119)، وأبو الفتح بن أبي الفوارس في "السادس من الفوائد المنتقاة"(99)، وابن عساكر في "تاريخه"(38/ 98).

- وأما طريق إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم: أخرجه ابن أبي الدنيا في "النفقة علي العيال" ب/ الحج بالصبيان (2/ 848 رقم 644)، والطبراني في "الأوسط"(2/ 63 رقم 1257)، وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 295).

- وأما طريق عُمَارَةُ الْمِعْوَلِيُّ: أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(2/ 18).

الوجه الثاني: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مُرسلاً:

ورواه عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر بهذا الوجه: أيوب السختياني، ومُحَمَّد بْن سُوقَة.

أما طريق أيوبُ السختياني: أخرجه ابْنِ أَخِي مِيْمِي الدَّقَّاقُ في "فوائده"(427).

وأما طريق مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (2/ 661 رقم

(1)

أخرجه ابن ماجة في "سننه"(2910)، والترمذي في "سننه"(924)، وابن أبي الدنيا في "النفقة علي العيال"(641)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي"(846)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1320، 1319)، والعيسوي في "فوائده"(503)، وأبو علي بن شاذان في "الأول من حديثه"(116)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 120)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9709)، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف"(6/ 35)، (1207)، عَنْ أَبي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ. والزيات بن بكير في "مترجم من حديثه"(11)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1923)، عَنْ الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ، كلاهما: أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ، والْقَاسِمُ بْنُ غُصْن، عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة. قلت: أما أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ فقال أحمد: أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي غَيْر حَدِيْثِ الأَعْمَشِ مُضْطَرِبٌ، لَا يَحفَظُهَا حِفْظاً جَيِّداً، وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ، وَهُوَ فِي الأَعْمَش ثِقَةٌ، وَفِي غَيْرِهِ فِيْهِ اضْطِرَابٌ. يُنظر "تهذيب الكمال" (25/ 123). وأما الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ: فقال أحمد: يحدث أَحَادِيث مَنَاكِير، وقال أبو زرعة ليس بقوى، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. يُنظر "الجرح والتعديل"(7/ 116).

ص: 553

1321). كلاهما: عَنْ محمدِ بنِ المنكدرِ: أنَّ امْرَأَةً رَفعتْ صَبِيًّاً لَهَا إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن هَودجٍ فقالتْ: هَل لِهَذَا حجٌّ؟ قالَ: نَعم، ولكِ أجرٌ.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) عُبَيْدُ بْنُ جَنَادٍ الْحَلَبِيُّ مولى بنى جَعْفَر بن كلاب من أهل حلب.

روي عَنْ: يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، وابن المبارك، وابن عيينة، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ، وأَبُو زُرْعَةَ، وأَحْمَد بْن يحيى الحلواني، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: صدوق لم أكتب عنه. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

3) يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ القُرَشِيُّ التَّيْمِيّ.

روي عَنْ: أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ.

روي عَنْه: عُبَيْدُ بْنُ جَنَادٍ الْحَلَبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وَسُنَيْدُ بْنُ داود الْمِصِّيصِيُّ، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن عَدِي: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وقال أبو زُرْعَة: صالح.

- وقال أَبُو داود، والدارقطني، والذهبي، وابن حجر: ضعيف.

- وَقَال أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي يكتب حديثه. وَقَال النَّسَائي: ليس بثقة. وقال العقيلي لا يُتابع على حديثه. وقال ابن حبان: يروي عَن أَبِيه مَا لَيْسَ من حَدِيثه من الْمَنَاكِير الَّتِي لَا يشك عوام أَصْحَاب الحَدِيث أَنَّهَا مَقْلُوبَة وَكَانَ يُوسُف شَيخاً صَالحاً مِمَّن غلب عَلَيْهِ الصّلاح حَتَّى غفل عَن الْحِفْظ والإتقان فَكَانَ يَأْتِي بالشَّيْء على التَّوَهُّم فَبَطل الِاحْتِجَاج بِهِ على الْأَحْوَال كلهَا.

- وقال أبو زرعة مرة: واهي الحديث. وَقَال النَّسَائِيّ مرة، وأَبُو بشر الدولابي، والأزدي: مَتْرُوك الحَدِيث. قال الذهبي: وَمَا هُوَ بِمَتْرُوك. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(2)

4) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

5) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 5/ 404، "الثقات" لابن حبان 8/ 432.

(2)

يُنظر "الضعفاء" لأبو زرعة 2/ 399، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 247، "الضعفاء" للعقيلي 4/ 456، "الجرح والتعديل" 9/ 229، "المجروحين" 3/ 135، "الكامل" 8/ 483، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 221، "تهذيب الكمال" 32/ 456، "الكاشف" 2/ 401، "تاريخ الإسلام" 4/ 768، "تهذيب التهذيب" 11/ 422، "التقريب" صـ 541.

ص: 554

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابْن أَخِي مِيْمِي الدَّقَّاق في فوائده

".

1)

أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: قال الخطيب: ثقة ثبت. وقال الدارقطني: ثقة جبل إمام من الأئمة ثبت.

(1)

2) سُلَيْمَان بْن دَاود العَتْكْي أبُو الرَبِيْع الزَهْرَانِي: قال ابن حجر: ثقة لم يتكلم فيه أحد بحجة.

(2)

3) حمادُ بنُ زيدٍ: قال ابن حجر: ثقة ثبت فقيه.

(3)

4) أيُوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: قال ابن حجر: ثِقَةُ ثَبْتُ حُجَة من كبار الفقهاء العُّبَاد.

(4)

5) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِر: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أن الحديث مداره علي مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ موصولاً.

ورواه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بهذا الوجه: يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، وقَزَعَة بْن سُوَيْد، وإِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم، وعُمَارَة الْمِعْوَلِيُّ. قلت: أما يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر فضعيف الحديث كما سبق بيان ذلك. وأما قَزَعَة بْن سُوَيْد بن حُجَيْر: فقال ابن حجر: ضعيف.

(5)

وأما إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم المَكِيّ: فقال ابن حجر: ضعيف الحديث.

(6)

وأما عُمَارَة بْن مِهْرَان الْمِعْوَلِيُّ: فقال ابن حجر: لابأس به عابد.

(7)

قلت: وعلي ذلك فكلهم ضعاف غير عُمَارَةُ الْمِعْوَلِيُّ لابأس به كما قال ذلك ابن حجر.

الوجه الثاني: عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر مُرسلاً:

ورواه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بهذا الوجه: أيُوب السَّخْتِيَانِي، ومُحَمَّد بْن سُوقَة.

قلت: وكلاهما من الثقات خاصة أيُوبُ السَّخْتِيَانِيُّ فثِقَةُ ثَبْتُ حُجَة.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) رواية الأكثر عدداً من الثقات: فرواه بهذا الوجه ثقتان، وذلك بخلاف الوجه الأول فرواته كلهم ضعاف عدا عُمَارَةُ الْمِعْوَلِيُّ وهو لابأس به كما قال ابن حجر.

2) رواية الأحفظ: فرواة الوجه الثاني أحفظ وأوثق من رواة الوجه الأول.

3) قال الترمذي: حَدِيثُ جَابِرٍ ـــــ موصولاً ـــــ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

(8)

(1)

يُنظر "تاريخ بغداد" 11/ 325، "السير" 14/ 440.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 191.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 117.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 57.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 391.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 49.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 348.

(8)

يُنظر "سنن الترمذي" 3/ 256.

ص: 555

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر: ضعيف الحديث. وفيه أيضاً أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي: لين الحديث.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فمرسل إسناده صحيح.

قلت: لكن للحديث من وجهه الراجح شواهد في الصحيحين:

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللهِ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ.

(1)

وعن ابْنَ عَبَّاسٍ أيضاً قال: بَعَثَنِي أَوْ قَدَّمَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.

(2)

قال ابن حجر: وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ هُنَا أَن ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ دُونَ الْبُلُوغِ.

(3)

وعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ.

(4)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يُوسُفَ إِلَّا عُبَيْدُ بْنُ جَنَادٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَرَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ: فِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَجَّ الصَّبِيِّ مُنْعَقِدٌ صَحِيحٌ يُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَقَعُ تَطَوُّعًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ حَجُّهُ قَالَ أَصْحَابُهُ وَإِنَّمَا فَعَلُوهُ تَمْرِينًا لَهُ لِيَعْتَادَهُ فيفعله إِذَا بَلَغَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَالَ الْقَاضِي لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الْحَجِّ بِالصِّبْيَانِ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِمْ بَلْ هُوَ مَرْدُودٌ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَإِنَّمَا خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَنْعَقِدُ حَجُّهُ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَجِّ وَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَدَمُ الْجُبْرَانِ وَسَائِرُ أَحْكَامِ الْبَالِغِ فَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَقُولُ إِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ تَمْرِينًا عَلَى التَّعْلِيمِ وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَجِّ في ذلك ويقولون حجه منعقد يقع نفلاً لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لَهُ حَجًّا. قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَلَكِ أَجْرٌ: مَعْنَاهُ بِسَبَبِ حَمْلِهَا وَتَجْنِيبِهَا إِيَّاهُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَفِعْلِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُحْرِمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(5)

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ صِحَّةِ حَجِّ الصَّبِيِّ وَأَجْرِ مَنْ حَجَّ بِهِ (1336).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ جزاء الصيد ب/ حَجِّ الصِّبْيَانِ (1856).

(3)

يُنظر "فتح الباري" 4/ 71.

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ جزاء الصيد ب/ حَجِّ الصِّبْيَانِ (1858).

(5)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 9/ 99.

ص: 556

[110/ 760]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ أَرْقَمَ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ «إِذَا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً اشْتَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ: لَا يَسْلُكُ بِهِ بَحْرًا، وَلَا يَنْزِلُ بِهِ وَادِيًا، وَلَا يَشْتَرِي بِهِ ذَاتَ كَبِدٍ رَطْبَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ، فَرَفَعَ شَرْطَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجَازَهُ» . *لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، والدارقطني في "سننه" ك/ البيوع (4/ 52 رقم 3081)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ القراض (6/ 184 رقم 11611)، عَنْ مُحَمَّد بْن عُقْبَة السَّدُوسِي.

- وأبو يعلي كما في "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية" لابن حجر ك/ البيوع ب/ القراض (7/ 391 رقم 1459)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 134)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ القراض (6/ 184 رقم 11612)، عَنْ أبي الحكم مسجع بْن مُصْعَب العبدي.

- كلاهما: مُحَمَّد بْن عُقْبَة السَّدُوسِي، وأبو الحكم مسجع بْن مُصْعَب العبدي، عَنْ يُونُس بْن أَرْقَم، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْن هَرِم السَّدُوسِيُّ البَصْريُّ.

روي عَنْ: يُونُس بْن أَرْقَم، وسفيان بن عُيَيْنَة، وحمّاد بن زيد، وآخرين.

روي عَنْه: أحْمَد بْن بَشيْر الطَّيَالِسِيُّ، والبخاري في "الأدب"، وعَبْدان بن أحمد الأهوازي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان في الثقات، وقال ابن حجر: صدوق يخطئ كثيراً.

وقال أَبو حَاتِم: ضعيف الحديث، كتبت عَنْهُ، ثم تركت حديثه، فليس أحدث عَنْه، وترك أَبُو زُرْعَة حَدِيثه ولَمْ يقرأه علينا، وَقَال: لا أحدث عنه. وحاصله أنه "ضعيف الحديث" فقد ترك أبو حَاتِم، وأَبُو زُرْعَة حديثه.

(2)

3) يُونُسُ بْنُ أَرْقَمَ، أَبُو أَرقم الْكِنْدِيّ الْبَصْرِيُّ.

روي عَنْ: أَبي الْجَارُود، ومُحَمَّد بْن سِيرِين، وَيَزِيد بْن أَبِي زياد، وآخرين.

روي عَنْه: مُحَمَّد بْن عُقْبَة السَّدُوسِي، وعبيد اللَّه الْقَوَارِيرِي، وَحُمَيْد بْن مَسْعَدَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال البزار: كَانَ صَدُوقًا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَاحْتَمَلُوا حَدِيثَهُ عَلَى أَنَّ فِيهِ شِيعِيَّةً شَدِيدَة. وقال البخاري: معروف الحديث. وقال الذهبي: لَمْ أَرَهُ فِي الثِّقَاتِ، وَلا

(1)

(ق/ 44/ أ).

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 36، "تهذيب الكمال" 26/ 124، "التقريب" صـ 431.

ص: 557

الضُّعَفَاءِ، نَعَمْ لَيَّنَهُ ابْنُ خِرَاشٍ. وقال الذهبي مرة: لا أعرفه. وحاصله أنه "صدوق يحسن حديثه".

(1)

4) زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، أَبُو الْجَارُودِ الثَّقَفِيُّ الأعمى رأس الجارودية.

(2)

روي عَنْ: حَبِيب بْن يَسَار الْكِنْدِي، وَمُحَمَّد بْن كَعْب، وَعَطِيَّة الْعَوْفِي، وآخرين.

روي عَنْه: يُونُس بْن أَرْقَم الْكِنْدِي، وَعَبْدُ الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان، وَمَرْوَان بْن مُعَاوِيَة، وَآخَرُون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أبو حاتم، والدارقطني، والبيهقي: ضعيف. وَقَال النسائي مرة: ليس بثقة. وقَال البُخارِي: يتكلمون فيه. وقال ابن عبد البر: اتفقوا على أنه ضعيف الحديث منكره، ونسبه بعضهم إلى الكذب. وذكره العقيلي، والبلخي، والساجي، في الضعفاء. وَقَال ابْنُ عَدِي: عامة أحاديثه غير محفوظة، وعامة ما يرويه في فضائل أهل البيت، وهو من المعدودين من أهل الكوفة المغالين، ويحيى بْن مَعِين إنما تكلم فيه وضعفه لأنه يروي في فضائل أهل البيت، ويروي ثلب غيرهم ويفرط، مع أن أبا الجارود هذا أحاديثه عمن يروي عنهم فيها نظر. وَقَال يزيد بْن زريع لأبي عوانة: لا تحدث عَن أبي الجارود فإنه أخذ كتابه فأحرقه.

- وَقَالَ أَبُو زُرْعَة: وَاهِي الْحَدِيث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جداً.

- وقَالَ أَحَمْدُ، والدارقطني مرة، والذهبي: مَتْرُوك.

- وَقَال ابْن مَعِين: كَذَّاب عدو الله، ليس يسوى فلساً. وقال يحيى بن يحيى: يضع الحديث، وَقَال ابْن حبان: كَانَ رَافِضِيًّا يضع الْحَدِيث فِي مثالب أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم ويروي عَن فَضَائِل أهل الْبَيْت أَشْيَاء مَاله أصُول لَا تحل كِتَابَة حَدِيثه. وقال ابن الجارود: كذاب. وقال الذهبي: رافضي متهم. وقال المنذري: متروك متهم بالوضع. وقال الهيثمي: مَتْرُوكٌ كَذَّابٌ، وقال ابن حجر: رافضي كذبه ابن معين. وحاصله أنه "مَتْرُوكٌ الحديث".

(3)

5) حَبِيبُ بْنُ يَسَار الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ.

روي عَنْ: ابْن عَبَّاس، وَزَيْد بْن أَرْقَم، وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي أَوْفَى، وآخرين.

روي عَنْه: أَبُو الْجَارُودِ زِيَاد بْن الْمُنْذِر، وزَكَرِيَّا بْن يَحْيَى الْكِنْدِي، وَيُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، وَآخَرُون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، وأبو زُرْعَة، وأبو داود، والذهبي، وابن حجر: ثِقَة. وذكره ابن حِبَّان،

(1)

"التاريخ الكبير" للبخاري 8/ 410، "مسند البزار" 2/ 146، "الثقات" 9/ 287، "المغني" 2/ 562، "تاريخ الإسلام" 4/ 768.

(2)

الجارودية فرقة من فرق الشيعية وهم أصحاب أَبُو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ رأس الجارودية، وهؤلاء يُسمون أيضاً بالسرحوبية، يعتقدون أن علي بْن أَبي طالب رضي الله عنه أفضل الخلق بعد رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأولادهم بالأمر من جميع الناس، وتبرؤوا من أبي بكر وعُمَر رضي الله عنهما وزعموا أن الإمامة مقصورة في ولد فاطمة رضي الله عنها وأنها لمن خرج منهم يدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه، وعلينا نصرته ومعونته. يُنظر "فرق الشيعة" للحسن بن موسي النوبختي 1/ 70.

(3)

"الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 181، "الجرح والتعديل" 3/ 545، "المجروحين" 1/ 306، "الكامل 4/ 132، "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 184، "ذخيرة الحفاظ" لابن طاهر 3/ 1732، "تهذيب الكمال" 9/ 517، "الكاشف" 1/ 413، "تاريخ الإسلام" 3/ 868، "الإكمال" 5/ 122، "مجمع الزوائد" للهيثمي 4/ 205، "إتحاف الخيرة" للبوصيري 6/ 68، "التقريب" صـ 161.

ص: 558

وابن خلفون في الثقات. وحاصله أنه "ثِقَة".

(1)

6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بن عم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف جداً" فيه:

1) مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ: ضعيف الحديث.

2) وأَبِو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ: مَتْرُوكٌ الحديث.

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ أَبُو الْجَارُودِ الْأَعْمَى، وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَذَّابٌ.

(2)

قلت: قال ابن المنذر: لم نجد للقراض في كتاب الله عز وجل ذكرًا، ولا في سنة نبي الله صلى الله عليه وسلم، ووجدنا أهل العلم قد أجمعوا على إجازة القراض بالدنانير والدراهم، فوجب إذ كان الأمر كذلك أن نجيز منه ما أجمعوا عليه، ونقف عن إجازة ما اختلفوا فيه.

(3)

وقال ابن حزم: كل أَبْوَاب الْفِقْه لَيْسَ مِنْهَا بَاب إلا وَله أصل فِي الْقُرْآن وَالسّنة نعلمهُ وَللَّه الْحَمد حاشا الْقراض فَمَا وجدنَا لَهُ أصلاً فيهمَا الْبَتَّةَ وَلكنه إجماع صَحِيح مُجَرّد وَالَّذِي نقطع عَلَيْهِ أَنه كَانَ فِي عصر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعلمه فأقره وَلَوْلَا ذَلِك مَا جَازَ.

(4)

قلت: وقد اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُضَارَبَةِ وَجِوَازِهَا، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرُّخْصَةِ أَوِ الاِسْتِحْسَانِ، وأن مَشْرُوعِيَّتها مستندة إلى السنة التقريرية والإجماع والمصلحة الحاجية أو الضرورية، وبينوا أن ذلك كان مما يتعامل به أهل الجاهلية فجاء الإسلام وأقر ذلك، وأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَارَبَ لِخَدِيجَة بِأَمْوَالِهَا إِلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدًا لَهَا يُقَالُ لَهُ مَيْسَرَةُ، وَكَذَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَتَعَاقَدُونَ الْمُضَارَبَةَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ تَقْرِيرٌ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّقْرِيرُ أَحَدُ وُجُوهِ السُّنَّةِ.

قلت: ووردت آثار عَنْ بعض الصحابة تدل علي جواز المُضَارَبَةً وأنهم كانوا يتعاملون بها ومن أمثل هذه الآثار وأصحها: عَنْ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللهِ وَعُبَيْدُ اللهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ. فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ. فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: بَلَى، هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللهِ أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَأُسْلِفُكُمَاهُ. فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعاً مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ. ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ. فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ لَكُمَا الرِّبْحُ. فَقَالَا: وَدِدْنَا. فَفَعَلَ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ. فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا. فَلَمَّا دَفَعَا ذلِكَ إِلَى عُمَرَ، قَالَ: أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا؟ قَالَا: لَا.

(1)

"الثقات" 4/ 143، "تهذيب الكمال" 5/ 405، "الكاشف" 1/ 310، "الإكمال" 3/ 381، "التهذيب" 2/ 192، "التقريب" صـ 92.

(2)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 4/ 205.

(3)

يُنظر "الإشراف علي مذاهب العلماء" 6/ 207.

(4)

يُنظر "مراتب الإجماع" لابن حزم 1/ 106.

ص: 559

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكُمَا. أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ. فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَسَكَتَ وَأَمَّا عُبَيْدُ اللهِ، فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لَكَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هذَا. لَوْ نَقَصَ الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ. فَقَالَ عُمَرُ: أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللهِ. وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضاً. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضاً. فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ. وَأَخَذَ عَبْدُ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ.

(1)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به مُحَمَّد بْن عُقْبَةَ بل تابعه: أبو الحكم مسجع بْنُ مُصْعَبٍ العبدي،

(2)

كلاهما: عَنْ يُونُس بْن أَرْقَمَ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَار به.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْقراضَ وَالْمُضَارَبَةَ اسْمَانِ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ، فَالْقراضُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْمُضَارَبَةُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَفِي تَسْمِيَتِهِ قِرَاضًا تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ تَأْوِيلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ قَطَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَالْقَطْعُ يُسَمَّى قِرَاضًا. وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي وَهُوَ تَأْوِيلُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ سُمِّيَ قِرَاضًا لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صُنْعًا كَصُنْعِ صَاحِبِهِ فِي بَذْلِ الْمَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَوُجُودِ الْعَمَلِ مِنَ الْآخَر. وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَفِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِسَهْمٍ، وَالثَّانِي أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِه وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}

(3)

أَيْ تَفَرَّقْتُمْ فِيهَا بِالسَّفَرِ. وَالْأَصْلُ فِي إِحْلَالِ الْقِرَاضِ وَإِبَاحَتِهِ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}

(4)

وَفِي الْقِرَاضِ ابْتِغَاءُ فَضْلٍ وَطَلَبِ نَمَاءٍ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ بِأَمْوَالِهَا إِلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ خَدِيجَةُ عَبْدًا لَهَا يُقَالُ لَهُ مَيْسَرَةُ، وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عبد الله وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهم قَدِمَا فِي جَيْشِ الْعِرَاقِ وَقَدْ تَسَلَّفَا مِنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مَالًا اشْتَرَيَا بِهِ مَتَاعًا فَرَبِحَا فِيهِ بِالْمَدِينَةِ رِبْحًا كَثِيرًا فَقَالَ لَهُمَا عُمَرُ: أَكُلُّ الْجَيْشِ تَسَلَّفَ مِثْلَ هذا؟ فقال: لَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَأَنِّي بِكُمَا وَقَدْ قَالَ أَبُو مُوسَى إِنَّكُمَا ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكُمَا بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ، رُدَّا

(1)

أخرجه مالك في "الموطأ"(2534)، والشافعي في "مسنده"(1/ 252)، والبيهقي في "السنن الصغير"(2148)، وفي "السنن الكبرى"(11605)، وفي "معرفة السنن والآثار"(12065)، والحنائي في "فوائده"(12065).

(2)

قال أبو حاتم: ليس به بأس، يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 442. وقال ابن حبان: مُسْتَقِيم الحَدِيث، يُنظر "الثقات" 9/ 205.

(3)

سورة النساء آية رقم: 101.

(4)

سورة البقرة آية رقم: 198.

ص: 560

الْمَالَ وَالرِّبْحَ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ أَكُنَّا نُضَّمَنُهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَرِبْحُهُ لَنَا إِذَنْ، فَتَوَقَّفَ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ: لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي فِي مُشَاطَرَتِهِمَا عَلَى الرِّبْحِ كَمُشَاطَرَتِهِ فِي الْقِرَاضِ فَفَعَلَ. وَعَلَى هَذَا الْأَثَرِ اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ لِاشْتِهَارِهِ وَانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ لَهُ. ثُمَّ دَلِيلُ جَوَازِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا جَاءَتِ السُّنَّةُ بِالْمُسَاقَاةِ وَهِيَ عَمَلٌ فِي مَحَلٍّ يَسْتَوْجِبُ بِهِ شَطْرَ ثَمَرِهَا اقْتَضَى جواز القرض بِالْمَالِ لِيَعْمَلَ فِيهِ بِهِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ، فَكَانَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْقِرَاضِ، وَكَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ الْقِرَاضِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ، وَلِأَنَّ فِيهِمَا رِفْقًا بَيْنَ عَجْزٍ عَنِ التَّصَرُّفِ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَمَعُونَةٍ لِمَنْ عُدِمَ الْمَالَ مِنْ ذَوِي الْأَعْمَالِ لِمَا يَعُودُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ رِبْحِهِمَا. فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْقَرْضِ فَهُوَ عَقْدُ مَعُونَةٍ وَإِرْفَاقٍ يَجُوزُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا أَقَامَا عَلَيْهِ مُخْتَارَيْنِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُمَا وَيَجُوزُ فَسْخُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. وَصِحَّةُ عَقْدِهِ مُعْتَبَرَةٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: اخْتِصَاصُ أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ. وَالثَّانِي: انْفِرَادُ الْآخَرِ بِالْعَمَلِ. وَالثَّالِثُ: الْعِلْمُ بِنَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الرِّبْح.

(1)

(1)

يُنظر "الحاوي الكبير" للماوردي 7/ 305.

ص: 561

[111/ 761]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ قَالَ: نا مِسْكِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو فَاطِمَةَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَطِيَّةَ الْبَكْرِيَّ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ يَقُولُ: انْطَلَقَ بِي أَهْلِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، «فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي». قَالَ: فَرَأَيْتُ أَبَا عَطِيَّةَ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَتْ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةُ سَنَةٍ.

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ عَنْ مُحَمَّد بْن عُقْبَة السَّدُوسِي، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2973 رقم 6928)، عَنْ يَحْيَى بْن عُمَر الْمُفْتِي.

كلاهما: مُحَمَّد بْن عُقْبَة السَّدُوسِيُّ، ويَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْمُفْتِي، عَنْ مِسْكِين بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبي عَطِيَّةَ الْبَكْرِي. وعند أبو نعيم بلفظ: انْطَلَقَ بِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا غُلَامٌ، شَابٌّ، قَالَ: وَرَأَيْتُ أَبَا عَطِيَّةَ يَجْمَعُ بِالْمَدِينَةِ مَدِينَةِ سِجِسْتَانَ، وَكَانَ يَنْزِلُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْو مِنْ مِيلٍ، وَرَأَيْتُ أَبَا عَطِيَّةَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَرَأَيْتُهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ. وليس فيه: فَمَسَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِي.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْن هَرِم السَّدُوسِيُّ: ضعيف الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (110).

3) مِسْكِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو فَاطِمَةَ الْحَرَّانِيُّ الْأَزْدِيُّ.

روي عَنْ: بَكْر بْن وَائِل أَبو عَطِيَّة الْبَكْرِي، ومنصور بن زاذان، وغالب القطان، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي، وأحمد بن عبد الله بن صخر، وعباس العنبري، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الحاكم: ثِقَة، وحكم علي إسناد هو فيه بالصحة ووافقه الذهبي.

(1)

وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال أَبُو دَاوُدَ: صَالِح الْحَدِيث. وقال أبو حاتم: وَهَنَ أَمْرُ مِسْكينٍ عِنْدِي بِهَذَا الْحَدِيثَ حَدِيْث أبى أُمَامة في الغُسْل يَوْمَ الجُمُعَة. وقال الدارقطني: ضعيف الحديث. وحاصله أنه "صدوق يحسن حديثه".

(2)

4) بَكْرُ بْنُ وَائِل، أَبو عَطِيَّةَ الْبَكْرِيُّ.

روي عَنْ: النبي صلى الله عليه وسلم. روي عَنْه: مِسْكِينُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو فَاطِمَةَ الْحَرَّانِيُّ الْأَزْدِيُّ.

(1)

يُنظر "المستدرك" للحاكم حديث رقم 6404.

(2)

يُنظر "سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني" 1/ 230، "الجرح والتعديل" 8/ 329، "الثقات" لابن حبان 5/ 449، "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 2/ 667، "المستدرك" للحاكم 3/ 654.

ص: 562

ذكره أبو نعيم، وابن الأثير، وابن حجر في الصحابة، وحاصله أنه "صحابي".

(1)

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي: "لين الحديث". ومُحَمَّد بْن عُقْبَةَ السَّدُوسِي: "ضعيف الحديث".

قلت: وقد ثبت فعل ذلك عَنْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فعَنْ عَزْرَة بْن ثَابِت الْأَنْصَارِي، عَنْ عِلْبَاء بْن أَحْمَرَ، عَنْ أَبي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْنُ مِنِّي، قَالَ: فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ، وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ، وَأَدِمْ جَمَالَهُ، قَالَ: فَلَقَدْ بَلَغَ بِضْعًا، وَمِائَةَ سَنَةٍ وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَيَاضٌ، إِلَّا نَبْذٌ يَسِيرٌ، وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ، وَلَمْ يَنْقَبِضْ وَجْهُهُ حَتَّى مَاتَ.

(2)

قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وقال البيهقي: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَوْصُولٌ.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد به مُحَمَّد بْن عُقْبَة بل تابعه: يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْمُفْتِي، ويَحْيَى بْنُ عُمَرَ هذا لم أقف له علي ترجمة في حد بحثي والله أعلم.

قلت: وإن كان مقصد الطبراني رحمه الله أنَّ مُحَمَّد بْن عُقْبَة تفرد بقول أَبو عَطِيَّةَ الْبَكْرِيَّ: فَمَسَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِي. فكما قال، وإلا فلا.

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" 5/ 2973، "أسد الغابة" 6/ 211، "الإصابة" 12/ 449.

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(22890، 20733)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 211)، والترمذي في "سننه"(3629)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2182).

ص: 563

[112/ 762]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ: نا الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَشَيْبَةُ وَعُقْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَأْتِي جَزُورَ بَنِي فُلَانٍ، فَيَأْتِينَا بِفَرْثِهَا، فَيُلْقِيَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ؟ فَانْطَلَقَ أَشْقَاهُمْ، وأَسْفَهُهُمْ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَتَى بِهِ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ لَمْ يَهْتَمَّ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَأَنَا قَائِمٌ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، لَيْسَ عِنْدِي عَشِيرَةٌ تَمْنَعُنِي. إِذْ سَمِعَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَأَقْبَلَتْ حَتَّى أَلْقَتْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهَا، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ قُرَيْشًا تَسُبُّهُمْ، فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا شَيْئًا. وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَرْفَعُهُ عِنْدَ [تَمَامِ سُجُودِهِ]

(1)

، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ:«اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بعُقْبَةَ، وَعُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَشَيْبَةَ» . وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَقِيَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَمَعَ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ سَوْطٌ بِخِنْصَرَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ وَجْهَهُ، فَأَخَذَهُ، فَقَالَ: تَعَالَ، مَا لَكَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خَلِّ عَنِّي» . فَقَالَ: عَلِمَ اللَّهُ، لَا أُخَلِّي عَنْكَ أَوْ تُخْبِرَنِي مَا شَأْنُكَ، وَلَقَدْ أَصَابَكَ سَوْءٌ. فَلَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ غَيْرُ مُخَلٍّ عَنْهُ أَخْبَرَهُ، فَقَالَ:«إِنَّ أَبَا جَهْلٍ أَمَرَ فَطُرِحَ عَلَيَّ فَرْثٌ» . فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: هَلُمَّ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَأَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ فَأَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى أَبِي جَهْلٍ، فَقَالَ:[يَا أَبَا الْحَكَمِ]

(2)

، أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَ بِمُحَمَّدٍ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ الْفَرْثُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَرَفَعَ السَّوْطَ، فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَهُ، فَتَأَخَّرَتِ الرِّجَالُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَيْحَكُمْ هِيَ لَهُ، إِنَّمَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ أَنْ يُلْقِيَ بَيْنَنَا الْعَدَاوَةَ [وَيَنْجُوَ]

(3)

هُوَ وَأَصْحَابُهُ.

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَجْلَحِ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

(1)

في الأصل " تَمَامِ وسُجُودِهِ" بزيادة واو والصواب حذفها حتي يستقيم السياق، والله أعلم.

(2)

في الأصل "يَا بَا الْحَكَمِ".

(3)

في الأصل "وَيَنْجُوا". بزيادة ألف في آخرها.

ص: 564

هذا الحديث مداره علي أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو إِسْحَاقَ السَّبِيعِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُون، عَنْ ابْنِ مَسْعُود. بنفس سياق القصة التي ساقها الطبراني مع ذكر زِيَادَة أَبِي الْبَخْتَرِي مِنْ ضَرْبِ أَبِي جَهْلٍ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، والبزار في "مسنده"(5/ 240 رقم 1853)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(1/ 266 رقم 200)، والحنائي في "فوائده"(1/ 403 رقم 63)، كلهم من طُرق عَنْ دَاوُد بْن عَمْرو الضَّبِّي، عَنْ الْمُثَنَّى بْن زُرْعَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَجْلَح بْن عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِي، عَنْ عَمْرِو بْن مَيْمُون الْأَوْدِي، عَنْ ابْنِ مَسْعُود بنحوه.

الوجه الثاني: أَبو إِسْحَاقَ السَّبِيعِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. به دون ذكر زِيَادَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ مِنْ ضَرْبِ أَبِي جَهْلٍ.

ورواه عَنْ أَبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِي بهذا الوجه: شُعْبَة، ويُوسُف بْن إِسْحَاق بْن أَبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِي، وإِسْرَائِيل بْن يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِي، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة الجَعْفِي، وزَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة الوادعي، وزَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة، وعَلِي بْن صَالِح بْن حَيٍّ.

أما طريق شعبة: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ (1/ 57 رقم 240)، وفي ك/ الجزية والموادعة ب/ طَرْحِ جِيَفِ المُشْرِكِينَ فِي البِئْرِ، وَلَا يُؤْخَذُ لَهمْ ثَمَنٌ (4/ 104 رقم 3185)، وفي ك/ مناقب الأنصار ب/ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ بِمكَّةَ (5/ 45 رقم 3854)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الجهاد والسير ب/ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (3/ 1419 رقم 1794)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(1/ 254 رقم 323)، وأحمد في "مسنده"(6/ 265 رقم 3722)، (7/ 73 رقم 3962)، والبزار في "مسنده"(5/ 238 رقم 1852)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ السير ب/ سَحْبُ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْقَلِيب (8/ 49 رقم 8615)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَعْلَمُ بِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ (1/ 383 رقم 785)، وأبو عوانة في مستخرجه" ك/ الجهاد ب/ مُحَارَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ، وانْصِرَافُهُ عَنْهُمْ قَبْلَ فَتْحِهَا (4/ 286، 285 رقم 6772، 6773)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ب/ بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرواث الأنعام المأكولة لحومها أنها لا تنجس ما تصيبه من الثياب، وأن الصلاة في الثياب التي أصابتها جائزة (10/ 107، 106 رقم 3953، 3952)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ التاريخ ب/ كتب النبي صلى الله عليه وسلم: ذِكْرُ طَرْحِ الْمُشْرِكِينَ سَلَى الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم (14/ 530 رقم 6570)، والبيهقي في "دلائل النبوة" ب/ ذِكْرِ مَا لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِين (2/ 278)، والخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" (4/ 240).

وأما طريق يُوسُفَ بْن إِسْحَاق بْن أَبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الوضوء ب/ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ (1/ 57 رقم 240).

وأما طريق إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بْن أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الصلاة ب/

ص: 565

المَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنِ المُصَلِّي شَيْئًا مِنَ الأَذَى (1/ 110 رقم 520)، وأبو عوانة في مستخرجه" ك/ الجهاد ب/ مُحَارَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ، وانْصِرَافُهُ عَنْهُمْ قَبْلَ فَتْحِه (4/ 287 رقم 6776)، وابن المنذر في "الأوسط" ب/ ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالنَّجَاسَةِ (5/ 65 رقم 2397)، والشاشي في "مسنده" (2/ 135 رقم 675)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ السير ب/ مُبْتَدَأِ الْفَرْضِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَلَى النَّاسِ، وَمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَذَى قَوْمِهِ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَة (9/ 13 رقم 17729)، وفي "دلائل النبوة" ب/ إِجَابَةِ اللهِ عز وجل دَعْوَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ حَتَّى قُتِلُوا مَعَ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكَفَرَةِ بِبَدْرٍ (3/ 82)، وابن الفراء البغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ صِفَةِ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُشْرِكِينَ وَصَبْرِهِ عَلَى أَذَاهُمْ (1/ 25 رقم 29)، وفي "شرح السنة" ك/ الفضائل ب/ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُشْركين وَصَبره على أذاهم (13/ 329 رقم 3745)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الطيوريات" (3/ 1023 رقم 955)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (2/ 826).

وأما طريق سُفْيَان الثَّوْرِي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد ب/ الدُّعَاءِ عَلَى المُشْرِكِينَ بِالهَزِيمَةِ وَالزَّلْزَلَةِ (4/ 44 رقم 2934)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الجهاد والسير ب/ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (3/ 1419 رقم 1794)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 201 رقم 298)، وفي "مصنفه" ك/ المغازي ب/ فِي أَذَى قُرَيْشٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا لَقِيَ مِنْهُمْ (13/ 211 رقم 37560)، وفي ب/ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى وَمَتَى كَانَتْ وَأَمْرُهَا (13/ 265 رقم 37674)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ السير ب/ طَرْحُ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبِئْرِ (8/ 49 رقم 8616)، وأبو يعلي في "مسنده"(9/ 211 رقم 5312)، وأبو عوانة في مستخرجه" ك/ الجهاد ب/ بَيَانُ مُحَارَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ، وانْصِرَافُهُ عَنْهُمْ قَبْلَ فَتْحِهَا (4/ 285 رقم 6770)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" ب/ سِيَاقُ مَا رَوَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ، وَصِفَتِهِ، وَأَنَّهُ بُعِثَ وَأُنْزِلَ إِلَيْهِ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً (4/ 841 رقم 1419، 1418)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 278)، وابن بشكوال" في "غوامض الأسماء المبهمة"(2/ 825).

وأما طريق زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الجعْفِي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ المغازي ب/ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ، وَعُتْبَةَ، وَالوَلِيدِ، وَأَبِي جَهْلِ، وَهَلَاكِهِمْ (5/ 74 رقم 3960)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الجهاد والسير ب/ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (3/ 1420 رقم 1794)، وأحمد في "مسنده"(6/ 316 رقم 3775)، وأبو عوانة في مستخرجه" (4/ 286 رقم 6774)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 335).

وأما طريق زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَةَ الوادعي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الجهاد والسير ب/ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (3/ 1418 رقم 1794)، وأبو عوانة في مستخرجه" (4/ 287 رقم 6775)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (10/ 104 رقم 3951)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 279)، والخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" (4/ 239).

وأما طريق زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَة: أخرجه البزار في "مسنده"(5/ 242 رقم 1854).

وأما طريق عَلِي بْن صَالِحٍ بْن حَي: أخرجه البزار في "مسنده"(5/ 247 رقم 1860)، والنسائي في

ص: 566

"الكبرى" ك/ الطهارة ب/ فَرْثُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُصِيبُ الثَّوْب (1/ 188 رقم 292)، وفي "الصغرى" ك/ الطهارة ب/ فَرْثُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يُصِيبُ الثَّوْب (1/ 161 رقم 307)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(10/ 102 رقم 3950).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2)

دَاوُدُ بنُ عَمْرِو بنِ زُهَيْرِ بْنِ جَمِيْلِ بنِ الأَعْرَجِ بنِ عَاصِمٍ، أَبُو سُلَيْمَانَ الضَّبِّيُّ، البَغْدَادِيُّ.

روي عَنْ: الْمُثَنَّى بْن زُرْعَة، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وَحَمَّاد بن زَيْد، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، وأَحْمَد بن حَنْبَل، وَمُسْلِم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن قانع، والذهبي، وأَبُو الْقَاسِم البَغَوِي، وابن حجر: ثِقَة، وزاد ابن قانع: ثبت، وزاد الذهبي: حَافِظُ، وزاد البَغَوِيُّ: مَأْمُوْنُ، وزاد ابن حجر: من كبار شيوخ مسلم. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقَالَ أَبُو الحَسَن بن العَطَّار: رَأَيْتُ أَحْمَد يَأْخُذُ لِدَاوُد بن عَمْرٍو بِالرِّكَابِ. وَقَال ابن مَعِيْن: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وحاصله أنه "ثِقَة".

(1)

(2)

3) الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ، أبو راشد صاحب المغازي.

روي عَنْ: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. روي عَنْه: دَاوُ بْن عَمْرو الضَّبِّي.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن أبي حَاتِم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وحاصله أنه "مجهول".

(3)

4) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق، صاحب المغازي:"ثقة يدلس، فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (24).

5) أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجَيَّةَ الْكِنْدِيُّ، أَبُو حُجَيَّةَ الْكُوفِيُّ، والد عَبد الله بن الْأَجْلَحُ.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 420، "الثقات" لابن حبان 8/ 236، "تهذيب الكمال" 8/ 405، "الكاشف" 1/ 381، "السير" 11/ 130، "الإكمال" 4/ 260، "التقريب" صـ 139.

(2)

قال ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكون"(1/ 266) في ترجمة دَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ: قَالَ أَحْمد لَا يحدث عَنهُ لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ أَبُو زرْعَة، وَأَبُو حَاتِم الرازيان مُنكر الحَدِيث. قلت ــــ الباحث ــــ: إنما قالوا ذلك في ترجمة دَاوُد بن عطاء المدني، وهي الترجمة الواقعة عقب ترجمة دَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ في كتاب ابن أبى حَاتِم، وهذا الذي وقع فيه ابن الجوزي إما لحدوث سقط من نسخته لكتاب ابن أبي حَاتِم، وإما أنه سبق عين فوقعت عينه علي أول ترجمة دَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ ثم سبقته عينه عند القراءة فوقعت علي آخر ترجمة دَاوُد بن عطاء المدني فتداخلت الترجمتان عنده. قلت: وقد تنبه لذلك ابن حجر فشك فيما نقله ابن الجوزي عَنْ أَبي زرْعَة وَأَبي حَاتِم فقال: حكي ابن الجوزي في "الضعفاء" أن أَبا زرْعَة، وَأَبا حَاتِم قالا: إنه مُنكر الحَدِيث فيحرر هذا. انتهي. يُنظر "التهذيب" 3/ 195.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 327.

ص: 567

روي عَنْ: أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِي، والشَّعْبِي، وَعَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَة، وآخرين.

روي عَنْه: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار، وَشُعْبَة، وشَيْبَان النَّحْوِي، وَآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ العجلي، وابْن مَعِين: ثقة. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة حديثه لين. وَقَال أحمد: ما أقرب الأجلح من فطر بْن خليفة. قلت: وفطر هذا قَالَ فيه أحمد: ثِقَة صَالح الحَدِيث حَدِيثه حَدِيث رجل كيس. وقال أحمد مرة: روى الأجلح غير حديث منكر.

- وَقَال الفلاس، والذهبي، وابن حجر: صَدُوق، وزاد الفلاس: مُسْتَقِيم الْحَدِيث. وقال ابن عدي: صَدُوق مُسْتَقِيم الْحَدِيثِ لَهُ أَحَادِيث صَالِحَة، وَلَمْ أجد له شيئاً منكراً مجاوز لِلْحَدِّ لا إِسْنَادًا، ولَا مَتْنًا، وأرجو أنه لا بَأْسَ بِهِ. وقَالَ ابْنُ مَعِين، والذهبي مرة: لا بَأْسَ بِه.

- وَقَال ابن سعد، وأبو دَاوُد، والنَّسَائي: ضعيف. وزاد ابن سعد: جداً، وزاد النَّسَائي: ليس بذاك. وذكره ابن حبان في المجروحين وقال: كَانَ لا يدرك مَا يَقُول. وَقَال أبو حاتم: لين ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال يحيى القطان: في نفسي منه شيء. وقال العقيلي: روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع عليها. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

6) أَبو إِسْحَاق السَّبِيعِيُّ: "ثقة يدلس، اختلط بأخرةِ، فأما تدليسه: فلا يقبل شيء من حديثه إلا إذا صرح فيه بالسماع، إلا ذا كان الراوي عنه شعبة، وأما اختلاطه فيُنْظر إلي الراوي عنه، فإن كان روي عنه قبل اختلاطه فيقبل حديثه، وإن كان روي عنه بعد اختلاطه فيرد حديثه" تقدم في حديث رقم (33).

7) عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ المَذْحِجِيُّ الكُوْفِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ. أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ، وَأَسْلَمَ فِي الأَيَّامِ النَّبَوِيَّةِ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

روي عَنْ: ابْن مَسْعُود، وعُمَر، وَعَلِي، وآخرين.

روي عَنْه: أَبو إِسْحَاق، والشَّعْبِي، وَسَعِيْد بن جُبَيْر، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العِجْلِي، وابن مَعِيْن، والنسائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن حجر: عابد. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي: الإِمَامُ، الحُجَّةُ. وَقَال أَبو إسحاق: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرضون بعَمْرو بْن ميمون. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

8) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه البخاري، ومسلم في صحيحهما وهذا كاف في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

(1)

يُنظر "العلل" لأحمد 1/ 433، و 2/ 413، "سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود" 1/ 179، "الجرح والتعديل" 2/ 346، "الثقات" للعجلي 1/ 212، "المجروحين" لابن حبان 1/ 175، "الكامل" 2/ 136، "تهذيب الكمال" 2/ 275، "المغني في الضعفاء" 1/ 56، "ذكر أسماء من تكلم فيه" 1/ 34، "التهذيب" 1/ 189، "التقريب" صـ 36.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 186، "الثقات" 5/ 166، "تهذيب الكمال" 22/ 261، "السير" 4/ 158، "التقريب" 1/ 364.

ص: 568

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَبو إِسْحَاق السَّبِيعِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُون، عَنْ ابْنِ مَسْعُود. بنفس سياق القصة التي ساقها الطبراني، مع ذكر زِيَادَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ مِنْ ضَرْبِ أَبِي جَهْلٍ.

ولم يروه عَنْ أَبي إِسْحَاق السَّبِيعِي بهذا الوجه إلا: الْأَجْلَح بْن عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِي.

الوجه الثاني: أَبو إِسْحَاق السَّبِيعِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ به دون ذكر زِيَادَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ مِنْ ضَرْبِ أَبِي جَهْلٍ.

ورواه عَنْ أَبي إِسْحَاق السَّبِيعِي بهذا الوجه: شُعْبَة، ويُوسُف بْن إِسْحَاق بْن أَبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِي، وإِسْرَائِيل بْن يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِي، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة الجَعْفِي، وزَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة الوادعي، وزَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة، وعَلِي بْن صَالِح بْن حَيٍّ.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: فرواه بهذا الوجه جماعة من الرواة، وهذا بخلاف الوجه الأول فلم يروه إلا راوٍ واحد.

2) رواية الأحفظ: فرواه بهذا الوجه جماعة من الثقات الحفاظ كالثَّوْرِي، وشُعْبَة، وغيرهم.

3) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما.

4) ترجيح الأئمة:

- قال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ ـــــ الوجه الأول ــــــ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا الْأَجْلَحُ. وَقَدْ رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ، وَشُعْبَةُ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.

(1)

- وقال الحنائي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ـــــ الوجه الأول ــــــ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبِ الْمَغَازِي، عَنِ أبي حجية الأجلح بن حجية الْكِنْدِيِّ.

(2)

- وقال الهيثمي: حَدِيثُ ابْن مَسْعُود فِي الصَّحِيحِ، وَزِيَادَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ مِنْ ضَرْبِ أَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ أَرَهَا.

(3)

- قلت: وفي كلام هؤلاء العلماء إشارة أو تصريح ضمني إلي ترجيح الوجه الثاني، وعدم صحة الوجه الأول، والله أعلم.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــ الوجه الأول المرجوح ــ إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث. والْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَة: مجهول.

(1)

يُنظر "مسند البزار" 5/ 242.

(2)

يُنظر "فوائد الحنائي" 1/ 403.

(3)

يُنظر "كشف الأستار عن زوائد البزار" للهيثمي 3/ 127.

ص: 569

وأما الحديث بالوجه الثاني ــ الراجح ــ فحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَجْلَحِ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال النووي: قَوْلُهُ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ إِلَى آخِرِهِ: السَّلَا بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ مَقْصُورٌ وَهُوَ اللِّفَافَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَلَدُ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وَهِيَ مِنَ الْآدَمِيَّةِ الْمَشِيمَةُ. قَوْلُهُ: فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ: هُوَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ كَيْفَ اسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى ظَهْرِهِ؟

قال الْقَاضِي عِيَاض: هَذَا لَيْسَ بِنَجِسٍ لِأَنَّ الْفَرْثَ وَرُطُوبَةَ الْبَدَنِ طَاهِرَانِ وَالسَّلَا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّجِسُ الدَّمُ. قال النووي: وَهَذَا الْجَوَابُ يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ رَوْثَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ نَجَاسَتُهُ وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ لِأَنَّ هَذَا السَّلَا يَتَضَمَّنُ النَّجَاسَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ مِنَ الدَّمِ فِي الْعَادَةِ وَلِأَنَّهُ ذَبِيحَةُ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ فَهُوَ نَجِسٌ وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَجَمِيعُ أَجْزَاءِ هَذَا الْجَزُورِ.

قال النووي: وَأَمَّا الْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْلَمْ مَا وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَمَرَّ فِي سُجُودِهِ اسْتِصْحَابًا لِلطَّهَارَةِ وَمَا نَدْرِي هَلْ كَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ فَرِيضَةً فَتَجِبُ إِعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا أَمْ غَيْرَهَا فَلَا تَجِبُ فَإِنْ وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ فالوقت موسع لها فإن قيل يبعد أن لا يُحِسُّ بِمَا وَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ قُلْنَا وَإِنْ أَحَسَّ بِهِ فَمَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ نَجَاسَةٌ وَاللَّهُ أعلم.

ص: 570

[113/ 763]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ ولَذَّتَهُ، وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ، فَلْيُسْرِعِ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ.

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. وَرَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. وَرَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. وَرَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي مَالِك بْن أَنَس، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر الْوَرْكَانِي، عَنْ مَالِك به.

الوجه الثاني: مَالِكٌ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيٍّ القُرَشِيُّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ بن عَبْد الرَحْمَن بْن الحَارِث بْن هِشَام، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ مَالِك بْن أَنَس بهذا الوجه: عَبْد اللَّه بْن يُوسُف التنيسي، وأَبُو نُعَيْم الفضل بن دُكين، وإِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، وأَبُو مُصْعَب أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الزُّهْرِي، ومَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِم، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد، ويَحْيَى بْن يَحْيَى التَّمِيمِي أبو زكريا النيسابوري، وعَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، ووَكِيع، وهِشَام بْن عَمَّار الدِّمَشْقِي، وخَالِد بْن مَخْلَد، وعَبْد اللَّه بْن مَسْلَمَة بْن قَعْنَب، وسُوَيْد بْن سَعِيد، ويَحْيَى بْن سعيد القطان، وعبدالله بْن وَهْب، ومُطَرِّف بن عبد الله اليساري الهلالي، وعَبْد الْكَرِيم بْن هَارُون، وكَامِل بْن طَلْحَة أَبُو يَحْيَى الْجَحْدَرِي، وجَرِير بن عبد الحميد، وجَعْفَر بْن عَوْن، والْهَيْثَم بْن خَارِجَة.

أخرجه مالك في "الموطأ" ك/ الاستئذان ب/ مَا يُؤْمَر مِن الْعَمَل فِي السَّفَر (5/ 1427 رقم 3591).

أما طريق عَبْد اللَّه بْن مَسْلَمَة بْن قَعْنَب: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ العمرة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَاب (3/ 8 رقم 1804)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْمُسَافِرِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ (3/ 1526 رقم 1927)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أمثال الحديث"(1/ 243 رقم 205)، والجوهري في "مسند الموطأ"(1/ 365 رقم 406)، والبيهقي في "الآداب" ب/ الِاخْتِيَار فِي الْقُفُول (1/ 270 رقم 820)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الحج ب/ الِاخْتِيَارِ فِي التَّعْجِيلِ فِي الْقُفُولِ إِذَا فَرَغ (5/ 424 رقم 10362)، وأبو الحسن الخلعي في "الخلعيات"(2/ 185 رقم 845).

وأما طريق عَبْد اللَّه بْن يُوسُف التنيسي: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الجهاد ب/ السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ (4/ 58 رقم 3001).

ص: 571

وأما طريق أَبُو نُعَيْم الفضل بن دُكين: أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الأطعمة ب/ ذِكْرِ الطَّعَامِ (7/ 77 رقم 5429).

وأما طريق إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْمُسَافِرِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ (3/ 1526 رقم 1927).

وَأما طريق أَبُو مُصْعَب أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الزُّهْرِيُّ من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَاب (3/ 1526 رقم 1927)، وابن ماجة في "سننه" أبواب المناسك ب/ الْخُرُوج إِلَى الْحَج (4/ 133 رقم 2882)، وأبو إسحاق البغدادي في "الجزء الأول من أماليه"(1/ 32 رقم 11)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الصلاة ب/ المسافر: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ لِلْمَرْءِ عِنْدَ طُولِ سَفْرَتِهِ سُرْعَةُ الْأَوْبَةِ إِلَى وَطَنِه (6/ 425 رقم 2708)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي شيوخه"(1/ 446)، وتمام في "فوائده"(2/ 58 رقم 1136)، وأَبُو الحَسَن الأَزْدِيُّ في "حديث مالك"(1/ 5 رقم 8)، وسليم الرازيّ في "عوالي مالك"(1/ 276 رقم 306)، وأبو عثمان البحيري في "الثاني من فوائده"(1/ 18 رقم 17)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ السير والجهاد ب/ مشقةِ السّفر (11/ 36 رقم 2687)، وزاهر بن طاهر الشحّامي في "عوالي مالك"(1/ 252 رقم 274)، والقاضي المارستان في "مشيخته"(2/ 806 رقم 276)، وابن الجوزي في "مشيخته"(1/ 124 رقم 41)، والعلائي في "إثارة الفوائد المجموعة في الإشارة إلى الفرائد المسموعة"(1/ 172 رقم 40)، وفي "بُغْيَةِ الْمُلْتَمِس فِي سُبَاعِيَّاتِ حَدِيثِ الإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَس"(1/ 202 رقم 18)، وابن رجب الحنبلي في "ذيل طبقات الحنابلة"(2/ 5)، وأبو بكر المراغي في "مشيخته"(1/ 417).

وَأما طريق مَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِم: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْمُسَافِرِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ (3/ 1526 رقم 1927)، والعلائي في "إثارة الفوائد المجموعة"(1/ 172 رقم 40).

وَأما طريق قُتَيْبَة بْن سَعِيد: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْمُسَافِرِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ (3/ 1526 رقم 1927)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ السير ب/ السفر (8/ 98 رقم 8732)، والسَّرَّاج في "حديثه"(2/ 35 رقم 119)، (2/ 198 رقم 823)، وفي "البيتوتة"(1/ 74 رقم 20)، وأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 205 رقم 225)، وأبو عثمان البحيري في "الثاني من فوائده"(1/ 18 رقم 17)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 159 رقم 225)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(5/ 582)، وابن البغوي في "شرح السنة" ك/ السير والجهاد ب/ مشقةِ السّفر

(1)

أخرجه تمام في "فوائده"(1136)، وابن عساكر في "تاريخه"(51/ 199) و (51/ 200)، عَنْ أَبي مُصْعَب أَحْمَد بْن أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِك، عَنْ سُهَيْلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة. وقال ابن عساكر في "تاريخه" (51/ 199) قال عبد الله محمد بن إبراهيم الرازي هكذا روى هذا الحديث أبو مصعب عن مالك. قال ابن عساكر: قد أخطأ الرازي على أبي مصعب فإنه إنما رواه عن مالك على ما رواه عنه غيره من الثقات عن سمي عن أبي صالح.

ص: 572

(11/ 36 رقم 2688)، وأبو بكر المراغي في "مشيخته"(1/ 417).

وأما طريق يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أبو زكريا النيسابوري: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الإمارة ب/ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْمُسَافِرِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ (3/ 1526 رقم 1927)، والبيهقي في "الكبرى" ك/ الحج ب/ الِاخْتِيَارِ فِي التَّعْجِيلِ فِي الْقُفُولِ إِذَا فَرَغ (5/ 424 رقم 10361)، وابن عساكر في "معجمه"(1/ 344)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الجزء الثاني من المشيخة البغدادية"(1/ 33 رقم 25).

وأما طريق عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي: أخرجه أحمد في "مسنده"(12/ 161 رقم 7225)، والبزار في "مسنده"(15/ 371 رقم 8961).

وأما طريق وَكِيع: أخرجه أحمد في "مسنده"(15/ 462 رقم 9740)، وابن المقرئ في "المنتخب من غرائب مالك"(1/ 51 رقم 14)، وابن جميع الصيداوي في "معجم الشيوخ"(1/ 225).

وأما طريق هِشَام بْن عَمَّار الدِّمَشْقِي: فأخرجه هو في "عوالي مالك"(1/ 12 رقم 9)، ومن طريقه ـــــــ ابن ماجة في "سننه" أبواب المناسك ب/ الْخُرُوج إِلَى الْحَج (4/ 133 رقم 2882)، وأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 54 رقم 53)، (1/ 87 رقم 86)، وأَبُو الحُسَيْن الكِلَابِي في "جزء من حديثه"(1/ 47 رقم 7)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 159 رقم 225)، والحنائي في "فوائده"(1/ 703 رقم 134)، وابن عساكر في "تاريخه"(14/ 305)، وابن عساكر في "تاريخه"(43/ 61)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الطيوريات"(1/ 168 رقم 123)، وابن الظَّاهِري في "مشيخة ابن البخاري"(3/ 1605 رقم 955)، وابن خمارويه بن طولون الدمشقي الصالحي في "الأحاديث المائة المشتملة على مائة نسبة إلى الصنائع"(1/ 14 رقم 4) ـــــــ.

وأما طريق خَالِد بْن مَخْلَد من أصح الأوجه عنه:

(1)

أخرجه الدارمي في "سننه" ك/ الاستئذان ب/ السَّفَر قِطْعَة مِنَ الْعَذَاب (3/ 1746 رقم 2712).

وأما طريق سُوَيْدُ بْنُ سَعِيد: أخرجه ابن ماجة في "سننه" أبواب المناسك ب/ الْخُرُوج إِلَى الْحَج (4/ 133 رقم 2882)، وَأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 54 رقم 53).

وأما طريق يَحْيَى بْن سعيد القطان: أخرجه النسائي في "الكبرى" ك/ السير ب/ السفر (8/ 98 رقم 8733).

وأما طريق عبدالله بْنُ وَهْبٍ المصري: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج ب/ ..... وَحَظْرِ إِتْيَانِ الْمُنْصَرِفِ مِنْ حَجِّهِ مِنْ ظَهْرِ بَيْتِهِ، وَوُجُوبِ إِتْيَانِهِ مِنْ بَابِهِ وَتَعْجِيْلِهِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ حَجِّهِ

(1)

أخرجه ابن عدي في "الكامل"(3/ 462) عَنْ خَالِد بْن مَخْلَد، عَنْ مَالِك، عَنْ سُهَيْلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال ابن حجر: وَشَذَّ خَالِد بْن مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ: عَن سُهَيْل بدل سمي أخرجه ابن عدي وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن ابن الْمَاجِشُونِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ أَيْضًا فَتَابَعَ خَالِدَ بْنَ مَخْلَدٍ لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْقَرَوِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ ابن الْمَاجِشُونِ وَأَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ. يُنظر "فتح الباري" 3/ 623.

ص: 573

(2/ 400 رقم 3587)، وفي ك/ الجهاد ب/ بَيَانِ إِبَاحَةِ سُرْعَةِ السَّيْرِ فِي اليُبُوسَةِ، وَالسُّنَّةِ، وَفِي الْجَدْبَةِ، وَوُجُوبِ سُرْعَةِ الرُّجُوعِ إِلَى الْأَهْلِ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّنَة. (4/ 510 رقم 7518).

وَأما طريق مُطَرِّفٌ بن عبد الله اليساري الهلالي: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الحج (2/ 400 رقم 3588)، وفي ك/ الجهاد (4/ 510 رقم 7519).

وأما طريق عَبْد الْكَرِيم بْن هَارُون: أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في " طبقات المحدثين بأصبهان"(2/ 246 رقم 221)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(2/ 131).

وأما طريق كَامِل بْن طَلْحَة أَبُو يَحْيَى الْجَحْدَرِي: أخرجه أبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك"(1/ 185 رقم 204)، وعمر بن الحاجب في "عوالي مالك"(1/ 396 رقم 505)، وابن الظَّاهِري في "مشيخة ابن البخاري"(3/ 1604 رقم 952).

وأما طريق جَرِير بن عبد الحميد: أخرجه ابن المقرئ في "المنتخب من غرائب مالك"(1/ 51 رقم 14).

وأما طريق جَعْفَر بْن عَوْن: أخرجه ابن جميع الصيداوي في "معجم الشيوخ"(1/ 225).

وأما طريق الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَة: أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(2/ 104)، وابن عبد البر في "التمهيد"(22/ 33)، وأبو طاهر السِّلَفي في "الطيوريات"(3/ 49 رقم 869).

الوجه الثالث: مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.

ورواه عَنْ مَالِك بْن أَنَس بهذا الوجه: رَوَّاد بْن الْجَرَّاح.

أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الجهاد ب/ بَيَانِ إِبَاحَةِ سُرْعَةِ السَّيْرِ فِي اليُبُوسَةِ، وَالسُّنَّةِ، وَفِي الْجَدْبَةِ، وَوُجُوبِ سُرْعَةِ الرُّجُوعِ إِلَى الْأَهْلِ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّنَة. (4/ 510 رقم 7520)، والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 69)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1/ 599 رقم 785)، والطبراني في "الأوسط"(4/ 366 رقم 4451)، وفي "المعجم الصغير"(1/ 366 رقم 613)، وابن عبد البر في "التمهيد"(22/ 33)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 300)، وأبو الحسن الخلعي في "الخلعيات"(2/ 182 رقم 842)، وابن عساكر في "تاريخه"(32/ 372).

قلت: وبنفس هذه الأسانيد أيضاً عَنْ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ، عَنْ مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

الوجه الرابع: مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ مَالِك بْن أَنَس بهذا الوجه: عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوب.

أخرجه تمام في "فوائده"(2/ 58 رقم 1135)، وَعَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ في "فوائد ابن أبي العقب"(87)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 344).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

ص: 574

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2) مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ بن زِيَاد بن أَبي هاشم الْوَرَكَانِيُّ، أبو عِمْران الخراساني.

روي عَنْ: مَالِك بْن أَنَس، ومعتمر بن سُلَيْمان، وعبد الرحمن بْن زَيْد بْن أسلم، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، ومسلم، وأَبُو داود، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، وابْن مَعِين، وابن قانع، وابن حجر: ثِقَة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

وقال أَبُو زُرْعَة، والذهبي: صدوق، وَزاد أَبُو زُرْعَة: كَانَ جار أَحْمَد وكان يرضاه. وقال أَبُو دَاوُد: رأيت أَحْمَد يكتب عنه. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ أَبِي عَامِرٍ بنِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ الأَصْبَحِيُّ

(2)

الحِمْيَرِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَدَنِيُّ.

روي عَنْ: سُهَيْل بن أَبِي صَالِح، ونَافِعٍ مولى بْن عُمَر، ويَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وآخرين.

روي عَنْه: مُحَمَّد بن جَعْفَر الوَرْكَانِي، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وَسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابْن سَعْد: كَانَ ثِقَة، ثَبْتًا، حُجَّةً، فَقِيهًا، عالماً، ورعاً. وَقَال ابْن مَعِين: ثقة. وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: مَنْ أَثْبَت أَصْحَابِ الزُّهْرِي؟ قَالَ: مَالِك أَثْبَت فِي كُل شَيْء. وَقَالَ الشَّافِعِي: إِذَا ذُكر العُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْم. وَقال أيضاً: كَانَ مَالِك إِذَا شَكّ فِي حَدِيْث طَرَحَهُ كُلَّه. وقال أبو حاتم: مَالِك ثقة إمام أهل الحجاز وهو أثبت أصحاب الزهري وابن عيينة، وإذا خالفوا مالكاً من أهل الحجاز حُكم لمالك، ومالك نقي الرجال نقي الحديث، وهو أنقى حديثاً من الثوري والأوزاعي وأقوى في الزهري من ابن عيينة، وأقل خطأ منه. وقال الذهبي: هُوَ شَيْخ الإِسْلَام، حُجَّة الأُمَّة إِمَاماً فِي نَقْدِ الرِّجَالِ، حَافِظاً، مُجَوِّداً، مُتْقِناً. وقال ابْنِ عُيَيْنَة: حُجَّةُ زَمَانِه. وقَال ابن مهدي: لَا أُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ فِي صِحَّةِ الحَدِيْثِ أَحَداً. وقال النسائي: ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك ولا أجل منه ولا أوثق ولا آمن على الحديث منه ولا أقل رواية عن الضعفاء ما علمناه حدث عن متروك إلا عبد الكريم. وقال ابن حبان في الثقات: كَانَ مَالك أول من انتقى الرِّجَال من الْفُقَهَاء بِالْمَدِينَةِ وَأعْرض عَمَّن لَيْسَ بِثِقَة فِي الحَدِيث وَلم يكن يروي إِلَّا مَا صَحَّ وَلَا يحدث إِلَّا عَنْ ثِقَة. وقال ابن حجر: رأس المُتْقِنِينَ، وكَبِيرُ المُتَثَبِتِيْن. روى له الجماعة. وحاصله أنه" إِمَامُ دَارِ الهِجْرَةِ رأس المُتْقِنِينَ، وكَبِيرُ المُتَثَبِتِيْن".

(3)

4) سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (54).

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 222، "تهذيب الكمال" 24/ 580، "الكاشف" 2/ 162، "التقريب" صـ 407.

(2)

الأَصْبَحيُّ: بفتح الألف وسكون الصاد المهملة وفتح الباء المنقوطة بنقطة في آخرها حاء مهملة، هذه النسبة الى أَصْبَح واسمه الحارث بن عوف بن مالك بن زيد بن سداد بن زرعة، وهو من يعرب بن قحطان وأَصْبَح صارت قبيلة، والمشهور بهذه النسبة: إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 287.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 8/ 204، "الثقات" لابن حبان 7/ 459، "المشاهير" 1/ 169، "تهذيب الكمال" 27/ 91، "تاريخ الإسلام" 4/ 719، "السير" 8/ 48، "التهذيب" 10/ 5، "التقريب" صـ 449.

ص: 575

5) ذكوانُ أَبُو صالح السَّمَّان المَدَنِيُّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

6) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: قلت: أخرجه الشيخان في صحيحيهما وهذا كاف في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد أبو عوانة في مستخرجه

".

1) عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: صدوق.

(1)

2)

رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ أبو عِصَامُ العسقلاني: قال أبو حاتم: مضطرب الحديث تغير حفظه في آخر عمره وكان محله الصدق، وقال ابن حجر: صدوق اختلط بأخرة فتُرك.

(2)

3) مَالِكُ بنُ أَنَسِ: "رأس المُتْقِنِينَ، وكَبِيرُ المُتَثَبِتِيْن" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المعروف برَبِيعَةَ الرأي: قال ابن حجر: ثقة فقيه مشهور.

(3)

5)

الْقَاسِمُ بن محمد بن أبو بَكْر الصِدِيْق: قال ابن حجر: ثقة أحد الفقهاء بالمدينة.

(4)

6) عَائِشَةُ بِنْتُ أبِي بَكْر الصِدِيْق: "صحابية" سبقت ترجمتها في حديث رقم (15).

‌رابعاً: دراسة إسناد الوجه الرابع: "إسناد أبو نعيم في "الحلية

".

1) خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ أَبُو الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ: قال الخَطِيْبُ، والذهبي: ثِقَة.

(5)

2) عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ شَاكِرِ بنِ زَامِلٍ أَبُو القَاسِمِ الهَمْدَانِيُّ المعروف بابْنُ أَبِي العَقَبِ: قال ابن عساكر: أحد الثقات، وقال أبو الوليد الباجي: محدث مشهور ثقة.

(6)

3) أَبُو عَلِي الْحَسَنُ بْنُ جَرِيرٍ الْبَزَّازُ الصُّورِيُّ: قال الذهبي: الإِمَامُ، المُحَدِّثُ.

(7)

4) عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوب الزُّبَيْرِيُّ: قال الدارقطني: ثِقَة. وذكره ابن حبان في الثقات.

(8)

5) مَالِكُ بنُ أَنَسِ: "رأس المُتْقِنِينَ، وكَبِيرُ المُتَثَبِتِيْن" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

6) سالم بن أبي أمية أَبو النَّضْر: قال ابن حجر: ثقة ثبت، وكان يرسل.

(9)

7) ذكوان أَبُو صالح السمان المدني: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

8) أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 26، "الثقات" لابن حبان 8/ 521.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 524، "التقريب" صـ 151.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 147.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 387.

(5)

يُنظر "السير" 15/ 412.

(6)

يُنظر "تاريخ دمشق" 43/ 286.

(7)

يُنظر "السير" 13/ 442.

(8)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 527، "تاريخ الإسلام" 5/ 630، "لسان الميزان" 5/ 372.

(9)

يُنظر "التقريب" صـ 166.

ص: 576

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي مَالِك بْن أَنَس، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: مَالِكُ بْنُ أَنَس، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ولم يروه عَنْ مَالِك بهذا الوجه إلا: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ.

(1)

الوجه الثاني: مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ مالك بهذا الوجه: عَبْد اللَّه بْن يُوسُف التنيسي، وأَبُو نُعَيْم الفضل بن دُكين، وإِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، وأَبُو مُصْعَب أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الزُّهْرِي، ومَنْصُور بْن أَبِي مُزَاحِم، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد، ويَحْيَى بْن يَحْيَى التَّمِيمِي النيسابوري، وابن مهدي، ووَكِيع، وهِشَام بْن عَمَّار، وخَالِد بْن مَخْلَد، وعَبْد اللَّه بْن مَسْلَمَة بْن قَعْنَب، وسُوَيْد بْن سَعِيد، ويَحْيَى بْن سعيد القطان، وعبدالله بْن وَهْب، ومُطَرِّف بن عبد الله اليساري الهلالي، وعَبْد الْكَرِيم بْن هَارُون، وكَامِل بْن طَلْحَة الْجَحْدَرِي، وجَرِير بن عبد الحميد، وجَعْفَر بْن عَوْن، والْهَيْثَم بْن خَارِجَة.

الوجه الثالث: مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَة، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.

ولم يروه عَنْه بهذا الوجه إلا: رَوَّاد بْن الْجَرَّاح.

(2)

الوجه الرابع: مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ولم يروه عَنْه بهذا الوجه إلا: عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ.

(3)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الآتية:

1) رواية الأكثر عدداً: حيث رواه بهذا الوجه كثرة من الرواة وهذا بخلاف الأوجه الأخرى.

2) رواية الأحفظ: حيث رواه بهذا الوجه جماعة من الحفاظ كالثوري، وابن مهدي، ووَكِيع، والقطان.

3) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما.

4) ترجيح الأئمة:

(1)

قال ابن حجر في "فتح الباري"(3/ 623) وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْن بَشِيرٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، وَخَالَفَهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ فَرَوَاهُ عَنِ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ حَدَّثَنَا بِهِ دَعْلَجٌ عَنْ مُوسَى قَالَ وَالْوَهْمُ فِي هَذَا مِنَ الطَّبَرَانِيِّ أَوْ مِنْ شَيْخِهِ وَسُمَيٌّ هُوَ الْمَحْفُوظ فِي رِوَايَة مَالك قَالَه بن عَدِيٍّ.

(2)

قال العقيلي في "الضعفاء"(2/ 69) وَلَا يَصِحُّ رَبِيعَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، لَيْسَ لِحَدِيثِ رَبِيعَةَ أَصْلٌ وَلَا يُتَابَعُ رَوَّادٌ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ. وَأَمَّا حَدِيثُ سُمَيٍّ فَمَعْرُوفٌ. وقال الطبراني في "الأوسط"(1/ 367) لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ إِلَّا رَوَّادٌ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ. وقال ابن عبد البر في "التمهيد"(22/ 33) الإسناد الأول لمالك عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَ رُوَّادٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ خَطَأٌ وَلَيْسَ رُوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْإِسْنَادُ الثَّانِي صَحِيحٌ. وقال ابن حجر في "الفتح"(3/ 623) رَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مَالِكٍ فَزَادَ فِيهِ إِسْنَادًا آخَرَ فَقَالَ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ سُمَيٍّ بِإِسْنَادِهِ فَذَكَرَهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَخطَأ فِيهِ رَوَّاد.

(3)

قال ابن حجر في "فتح الباري"(3/ 623): رَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَوَهَمَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى مَالِكٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

ص: 577

- قال الدارقطني: حينما سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ،

الْحَدِيثَ. فَقَالَ: يَرْوِيهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، واختلف عنه: فرواه أصحاب الموطأ عن مالك، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْر، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالصَّحِيحُ: حَدِيثُ سُمَيٍّ.

(1)

- وقال أبو نعيم: صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِك اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ الْمَشْهُورُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ سُمَيٌّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(2)

- وقال ابن عبد البر: هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ لَا يَصِحُّ لِغَيْرِهِ عَنْهُ وَانْفَرَدَ بِهِ سُمَيٌّ أَيْضًا فَلَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِ .... وَقَدْ رَوَاهُ رُوَّاد بْن الْجَرَّاحِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وهذا غَيْرُ مَحْفُوظٍ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَ رُوَّادٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ خَطَأٌ وَلَيْسَ رُوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَصِحُّ لِمَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ لَا عَنْ سُهَيْلٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَنْ سُهَيْلٍ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ، وَرُوِيَ عَنْ عَتِيقِ بْنِ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أبي النضر مولى عمر بن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِسْنَادُ أَيْضًا عِنْدِي وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ لَا عَنْ سُهَيْلٍ وَلَا عَنْ رَبِيعَةَ وَلَا عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(3)

- وقال الهيثمي: وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ ...... قُلْتُ ـــــ الهيثمي ـــــ: هَكَذَا رَوَاهُ مُرْسَلًا. وَفِي الصَّحِيحِ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ حَدِيثٍ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ.

(4)

- وقال السخاوي: حَدِيث: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَاب لَمْ يَصِحَّ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِيمَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ.

(5)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك لمخالفة الثقة لِمَا رواه الثقات عَنْ مَالِك. وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فحديثُ صحيح أخرجه الشيخان في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(1)

يُنظر "العلل" للدارقطني 10/ 118.

(2)

يُنظر "الحلية" لأبو نعيم 6/ 344.

(3)

يُنظر "التمهيد" لابن عبد البر 22/ 33.

(4)

يُنظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 3/ 361.

(5)

يُنظر "فتح المغيث" للسخاوي 4/ 2.

ص: 578

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. وَرَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. وَرَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،. وَرَوَاهُ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

قلت: لكن رواية: مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ، عَنْ مَالِك، عَنْ سُهَيْلٍ فلم أقف عليها في حد بحثي، والله أعلم.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَصَفِهِ السَّفَرَ وَمَا زَالَ صَادِقًا مَصْدُوقًا فَإِنَّ الْمُسَافِرَ يُقَاسِي مِنَ الْأَهْوَالِ وَمَشَقَّةِ الْحِلِّ وَالتِّرْحَالِ وَمُعَانَاةِ النَّصَبِ وَشِدَّةِ التَّعَبِ وَالسِّيَرِ مَعَ الْخَوْفِ فِي اللَّيْلِ الْبَهِيمِ مَا يَسْتَحِقُّ وَصْفَهُ بِأَنَّهُ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ.

(1)

وقال النووي: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ: مَعْنَاهُ يَمْنَعُهُ كَمَالَهَا وَلَذِيذَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَمُقَاسَاةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالسُّرَى وَالْخَوْفِ وَمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ. وقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ: النَّهْمَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ هِيَ الْحَاجَةُ وَالْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ الرُّجُوعِ إِلَى الْأَهْلِ بَعْدَ قَضَاءِ شُغْلِهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِمُهِمٍّ.

(2)

وقال ابن حجر رحمه الله: فِي الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ التَّغَرُّبِ عَنِ الْأَهْلِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَاسْتِحْبَابُ اسْتِعْجَالِ الرُّجُوعِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ يُخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةُ بِالْغَيْبَةِ وَلِمَا فِي الْإِقَامَةِ فِي الْأَهْلِ مِنَ الرَّاحَةِ الْمُعِينَةِ عَلَى صَلَاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَلِمَا فِي الْإِقَامَةِ من تَحْصِيل الْجَمَاعَات وَالْقُوَّة على الْعِبَادَة. وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْخَطَّابِيُّ تَغْرِيبَ الزَّانِي لِأَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِتَعْذِيبِهِ وَالسَّفَرُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَذَابِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. لَطِيفَةٌ سُئِلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ حِينَ جَلَسَ مَوْضِعَ أَبِيهِ لِمَ كَانَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ فَأَجَابَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَن فِيهِ فِرَاق الأحباب.

(3)

(1)

يُنظر "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" للخطيب البغدادي 2/ 247.

(2)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 13/ 70.

(3)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 3/ 623.

ص: 579

[114/ 764]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ: نا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ، فَقَالَ:«مِنْ هَاهُنَا؟ هَلْ تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ مَنْ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَعْمَلُونَ بِغَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل، فَمَنْ شَارَكَهُمْ فِي عَمَلِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي عَمَلِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ إِلَّا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي شَيْبَان بْن فَرُّوخ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، عَنْ أَبي هِلَالٍ الرَّاسِبِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبي مُوسَى الْهِلَالِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ــــ عَنْ أَحْمَد بْن بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِي، عَنْ شَيْبَان به.

الوجه الثاني: شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخ، عَنْ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبي مُوسَى الْهِلَالِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخ بهذا الوجه: ابن أبي عاصم، وعَبْد الله بْن أَحْمَد.

أما طريق ابن أبي عاصم: أخرجه هو في "الأحاد والمثاني"(4/ 94 رقم 2064)،

وأما طريق عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 159 رقم 354).

ب - متابعات للوجه الثاني: وقد تابع شَيْبَان بْن فَرُّوخ علي هذا الوجه: أبو دَاوُد الطَيَالِسي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 391 رقم 1160)، ومن طريقه ـــــ ابن حجر في "الأمالي المطلقة"(1/ 217) ــــــ عَنْ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة به.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة الإسناد الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2)

شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ وَهُوَ شَيْبَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ الحَبَطِيُّ،

(2)

أَبُو مُحَمَّدٍ الأُبُلِّيُّ.

(3)

(1)

(ق/ 44/ أ و ب).

(2)

الحَبَطِيُّ: بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخرهَا الطَّاء الْمُهْملَة: هَذِه النِّسْبَة إِلَى الحَبَطات وَهُوَ بطن من تَمِيم وَهُوَ الْحَرْث بن عَمْرو بن تَمِيم والحرث هُوَ الحبِط بِكَسْر الْبَاء وَمِمَّنْ ينْسب إِلَيْهِم: أَبُو مُحَمَّد شَيبَان بن أبي شيبَة واسْمه فروخ الأبلي الحَبطي مَوْلَاهُم روى عَنهُ مُسلم فَأكْثر. يُنظر "اللباب" 1/ 337.

(3)

الأُبُلِّيُّ: هذه النسبة الى الأُبُلِّة بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة وهي أقدم من البصرة، ومن المشهورين بها: أَبُو مُحَمَّد شَيبَان بن أبي شيبَة الأبلي الحَبطي واسم أبى شيبة فروخ من ثقات أهل الأبلة. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 120.

ص: 580

روي عَنْ: أَبي هِلَال الرَّاسِبِي مُحَمَّد بْن سُلَيْم، وحَمَّاد بن سَلَمَة، وَجَرِيْر بن حَازِم، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِيُّ، ومُسْلِم، وَأَبُو دَاوُد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، ومسلمة، والسمعاني: ثقة. وقال الذهبي: كان ثقةً صدوقًا مكثرًا. وقال مرة: مَا عَلِمتُ بِهِ بَأْساً، وَلَا اسْتَنكَرُوا شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّرْوَةِ، وكان صاحب حديث ومعرفة وعلو إسناد. وذكره ابن حبان في الثقات. وقَالَ عَبْدَان الأهوازي: كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُوْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ، وَكَانَ أَثبَتَ عِنْدَهُم مِنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ.

وَقال أَبُو زُرْعَة، وابن حجر: صَدُوْق، وزاد ابن حجر: يهم. وَقال أَبُو حَاتِم: كَانَ يَرَى القَدَرَ، وَاضْطَرَّ النَّاسُ إِلَيْهِ بِأَخَرَة ــــــ يَعْنِي ـــــ أَنَّه تَفَرَّدَ بِالأَسَانِيْدِ العَالِيَة. وقال ابن قانع: صالح. وقال الساجي: قدري إلا أنه كان صادقاً. وحاصله أنه "صدوق".

(1)

3) مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ

(2)

الْبَصْرِيُّ.

روي عَنَ: أَبي مُوسَى الْهِلَالِي، والْحَسَن البصري، وَابْن سِيرِين، وآخرين.

روي عَنْه: شَيْبَان بْن فَرُّوخ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِي، وأَسَد بْن مُوسَى، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَبُو دَاوُدَ، وأبو نعيم الأصبهاني: ثقة.

- وقَالَ ابْن مَعِين، وابن حبان، والذهبي، وابن حجر: صدوق، وزاد ابن حجر: فيه لين. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدْق. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ مرة: ليس به بأس. وقال ابن عدي: في بعض رِوَايَاتِهِ مَا لا يُوَافِقُهُ الثِّقَاتُ عَلَيْهِ، وَهو مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُه.

- وقال ابن سعد: فيه ضعف. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ مرة: لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيث. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِي. وقَال ابْن أَبي حاتم: أدخله البخاري فِي الضعفاء، وسمعت أبي يقول: يحول منه. وقال أحمد: يحتمل في حديثه إلا أنه يخالف في قتادة وهو مضطرب الحديث. وقال أبو زرعة: لين. وقال يزيد بن زريع: لا شيء. وقال الساجي: رُوى عنه حديث منكر. وقال البزار: احتمل الناس حديثه وهو غير حافظ.

- وقال ابن حبان: كَانَ شَيخا صَدُوقًا إِلَّا أَنه كَانَ يخطئ كثيراً من غير تعمد حَتَّى صَار يرفع الْمَرَاسِيل وَلَا يعلم وَأكْثر مَا كَانَ يحدث من حفظه فَوَقع الْمَنَاكِير فِي حَدِيثه من سوء حفظه، وَالَّذِي أميل إِلَيْهِ فِيه ترك مَا انْفَرد من الْأَخْبَار الَّتِي خَالف فِيهَا الثِّقَات والاحتجاج بِمَا وَافق الثِّقَات وَقبُول مَا انْفَرد من الرِّوَايَات الَّتِي لم

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 4/ 357، "الثقات" لابن حبان 8/ 315، "الأنساب" 1/ 120، "تهذيب الكمال" 12/ 598، "تاريخ الإسلام" 5/ 839، "السير" 11/ 101، "الإكمال" 6/ 308، "التقريب" صـ 211.

(2)

الرَّاسِبِيُّ: بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْألف وَكسر السِّين الْمُهْملَة وَفِي آخرهَا بَاء مُوَحدَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى بني راسب وَهِي قَبيلَة نزلت الْبَصْرَة ينْسب إِلَيْهَا: أَبُو هِلَال مُحَمَّد بن سليم السَّامِي وإِنَّمَا قيل له راسبي لِأَنَّهُ نزل فِي بني راسب، وراسب وَهُوَ راسب بن ميدغان بن مَالك بن نصر بْن الأزد بطن من الأزد. يُنظر "اللباب" 2/ 6.

ص: 581

يُخَالف فِيهَا الأثبات الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَنَاكِير. وحاصله أنه "صدوق لكنه لا يحتج به عند المخالفة".

(1)

4) أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ.

روي عَنْ: أبيه، وأنس بن مالك. روي عَنْه: مُحَمَّد بْن سُلَيْم أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، وَسُلَيْمَان بن الْمُغيرَة.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقال ابْن المديني: لا أعلم روى عنه غير سُلَيْمان بْن المغيرة. وقَال أَبُو حاتم: مجهول، وأبوه مَجْهُول. وقال الذهبي: مجهول. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه "مجهول الحال".

(2)

5) والد أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ.

روي عَنْ: كَعْب بْن عُجْرَة، وعَبْد الله بن مَسْعُوْد. روي عَنْه: ابنه أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أَبُو حاتم: مجهول.

(3)

6) كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ بن أمية بن عديّ بن خالد بن عوف بن غنم بن سواد الأَنْصَارِيُّ السَّالِمِيُّ المَدَنِيُّ.

روي عَنْ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. روي عَنْه: والد أَبُو مُوسَى الْهِلَالِي، وابْنُ عَبَّاسٍ، وابْنُ عُمَر، وآخرون.

تَأْخَرَ إِسْلَامُ كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه، ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كلها مع رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم، وكَان مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فهُوَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ الرُّخْصَةُ فِي فِدْيَةِ الْمُحْرِمِ إِذَا مَسَّهُ الْأَذَى. فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيِّ هَذَا بَدَأَ. وفي رواية: قَالَ: وَكَانَتْ لِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ

مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

(4)

(5)

فقال كَعْبِ وَنَزَلَتْ فِيَّ آيَةُ الفِدْيَةِ.

(6)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو داود الطيالسي

".

1) سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ القيسي أبو سعيد البصري: قال ابن معين: ثِقَة ثِقَة.

(7)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 273، "المجروحين" 2/ 283، "الكامل" 7/ 437، "حلية الأولياء" لأبو نعيم 2/ 345، "تهذيب الكمال" 25/ 292، "ميزان الاعتدال" 3/ 574، "التهذيب" لابن حجر 9/ 195، "التقريب" صـ 416.

(2)

"الجرح والتعديل" 9/ 438، الثقات" 7/ 663، "تهذيب الكمال" 34/ 334، "ميزان الاعتدال" 4/ 578، "التقريب" صـ 597.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 438.

(4)

سورة البقرة آية رقم: 196.

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ المغازي ب/ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ (4190)، ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ بِهِ أَذًى، وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ لِحَلْقِهِ، وَبَيَانِ قَدْرِهَا (1201).

(6)

يُنظر "معجم الصحابة" للبغوي 5/ 100، "معرفة الصحابة" 5/ 2370، "الاستيعاب" 3/ 1321، "أسد الغابة" 4/ 454، "السير" 3/ 52، "الإصابة" 9/ 279.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 194.

ص: 582

2) أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ: "مجهول" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

3) والد أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ: "مجهول" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ: "صحابي" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي شَيْبَان بْن فَرُّوخ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: شَيْبَان، عَنْ أَبي هِلَالٍ الرَّاسِبِي، عَنْ أَبي مُوسَى الْهِلَالِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.

ولم يروه عَنْ شَيْبَان بهذا الوجه إلا: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي، وأَحْمَد بْن بَشِيْر هذا: لين الحديث.

الوجه الثاني: شَيْبَان، عَنْ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبي مُوسَى الْهِلَالِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.

ورواه عَنْ شَيْبَان بْن فَرُّوخ بهذا الوجه: سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة. وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَة هذا: ثقة ثقة كما قال ابن معين. وقد تابع شَيْبَان بْنُ فَرُّوخ علي هذا الوجه: أبو دَاوُد الطَيَالِسي وهو من هو.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) رواية الأحفظ: فَرَاوِيَة الوجه الثاني أحفظ وأوثق من رَاوِيَة الوجه الأول.

2) المتابعات: فقد تابع شَيْبَان بْن فَرُّوخ علي هذا الوجه: أبو دَاوُد الطَيَالِسي كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث. وأَبُو مُوسَى الْهِلَالِي، وأبيه مجهولان كما قال أبو حاتم.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ الراجح ـــــ ضعيف أيضاً فيه: أَبُو مُوسَى الْهِلَالِيُّ، وأبيه مجهولان.

قلت: لكن للحديث من وجهه الراجح متابعات صحيحة عَنْ سُفْيَان الثَوْرِي عَنْ أَبِي حُصَيْن، عَنِ الشَّعْبِي، عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِي، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: خَرَجَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ أُمَرَاءُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ يُصَدِّقُهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَيُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ.

(1)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(32215)، وفي "مسنده"(508)، وأحمد في "مسنده"(18126)، وعبد بن حميد في "مسنده"(370)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2065)، وابن أبي عاصم في "السنة"(756، 7782)، والنسائي في "الكبرى"(7784)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1344)، وابن حبان في "صحيحه"(283، 282)، والطبراني في "الكبير"(294)، والحاكم في "المستدرك"(264)، والبيهقي في "الكبرى"(16668)، عَنْ الثوري. والترمذي في "سننه"(2259)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2066)، والنسائي في "الكبرى"(7783)، وابن حبان في "صحيحه"(279)، والطبراني في "الكبير"(296)، عَنْ مِسْعَر بْن كِدَام، كلاهما: الثوري، ومِسْعَر، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ الشَّعْبِي، عَنْ عَاصِم العَدَوِي، عَنْ كَعْب بْن عُجْرَة.

ص: 583

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ إِلَّا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان، فلم يتفرد أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ برواية هذا الحديث بل رواه كذلك سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِي كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

قال الملا علي القاري رحمه الله: مَنْ دَخَلَ علي الأمراء مِنَ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ أَيْ بِالْإِفْتَاءِ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسُوا مِنَّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ: أَيْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ بَرَاءَةٌ وَنَقْضُ ذِمَّةٍ، وَلَنْ يَرِدُوا أَيْ: لَمْ يَمُرُّوا عَلَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِتَضْمِينِ مَعْنَى الْعَرْضِ أَيْ لَنْ يَرِدُوا عَلَيَّ مَعْرُوضِينَ، الْحَوْضَ أَيْ: حَوْضَ الْكَوْثَرِ فِي الْقِيَامَةِ، أَوْ فِي الْجَنَّةِ. وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ، وَأُولَئِكَ يَرِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ. قَال الثَّوْرِي: لَا نُخَالِطُ السُّلْطَانَ وَلَا مَنْ يُخَالِطُهُ، وَقَالَ: صَاحِبُ الْقَلَمِ، وَصَاحِبُ الدَّوَاةِ، وَصَاحِبُ الْقِرْطَاسِ، وَصَاحِبُ اللِّيطَةِ بَعْضُهُمْ شُرَكَاءُ بَعْضُ. وَرُوِيَ أَنَّ خَيَّاطًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ خِيَاطَتِهِ لِلْحُكَّامِ هَلْ أَنَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}

(1)

؟ قَالَ: بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ يَبِيعُكَ الْإِبْرَة. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ رَضِيَ بِأَمْرِ الظَّالِمِ وَإِنْ غَابَ عَنْهُ; كَانَ كَمَنْ شَهِدَهُ وَتَلَا الْآيَةَ.

(2)

(1)

سورة هود آية رقم: 113.

(2)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" للملا علي القاري 7/ 254.

ص: 584

[115/ 765]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ قَالَ: نا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو طَالِبٍ قَالَ: نا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«أَوَّلُ خَبَرٍ جَاءَنَا بِالْمَدِينَةِ مَبْعَثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ، جَاءَ فِي صُورَةِ طَيْرٍ، حَتَّى وَقَعَ عَلَى جِذْعٍ لَهُمْ، فَقَالَتْ لَهُ: أَلَا تَنْزِلُ إِلَيْنَا فَتُحَدِّثُنَا، ونُحَدِّثُكَ، وتُحَذِّرُنَا ونُحَذِّرُكَ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ بِمَكَّةَ نَبِيٌّ حَرَّمَ الزِّنَى، وَمَنَعَ مِنَّا الْقَرَارَ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ إِلَّا أَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ.

(1)

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ـــــ، وفي "الأوائل" ب/ أَوَّلِ خَبَرٍ جَاءَ الْمَدِينَةَ بِمَبْعَثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 83 رقم 56)، عَنْ أَحْمَد بْن بَشِيرٍ الطَّيَالِسِي.

- وأبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة" ب/ ذِكْرُ مَا سُمِعَ مِنَ الْجِنِّ وَأَجْوَافِ الْأَصْنَامِ وَالْكُهَّانِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 107 رقم 56) عَنْ أحمد بْن بَشِيرٍ الطَّيَالِسِي مقروناً بمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْحَضْرَمِي.

- وأبو القاسم القزويني في "أخبار قزوين"(4/ 126) عَنْ ابْن بَشِيرٍ الطَّيَالِسِي مقروناً بخازم بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي. ثلاثتهم: الطَّيَالِسِي، والْحَضْرَمِي، والْحُلْوَانِي، عَنْ عَبْد الْجَبَّار بْن عَاصِم.

- وأحمد في "مسنده"(23/ 132 رقم 14835)، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْعَبَّاس.

- كلاهما: عَبْد الْجَبَّار بْن عَاصِم، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْعَبَّاس، عَنْ أَبي الْمَلِيحِ الرَّقِّي.

- وأَبُو يَعْلَى كما في "إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري ك/ علامات النبوة ب/ في إعلام الجن بظهوره صلى الله عليه وسلم وغيرهم (7/ 29 رقم 6334)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 261)، والخطيب في "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة"(4/ 259)، وفي "تاريخ بغداد"(12/ 217) من طُرق عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو الرقي.

- كلاهما: أَبُو الْمَلِيحِ الْحسن بْن عُمَر، وعُبَيْد اللَّه بْن عَمْرٍو الرقي، عَنْ ابْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ بَشِيْرٍ أَبُو أَيُّوبَ الطَّيَالِسِيُّ: "فيه لين" سبقت ترجمته في حديث رقم (96).

2)

عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ الخراساني، أَبُو طَالِبٍ النَّسَائيُّ.

روي عَنْ: أَبي الْمَلِيحِ الحسن بن عمر الرَّقِّي، وعبيد الله بن عمرو الرقي، وإسماعيل بن عياش، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن بَشِيْر الطَّيَالِسِي، وأبو زرعة، وأبو القاسم البغوي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَالَ ابن معين، والدّارَقُطْني: ثقة. وقال ابن معين: صدوق. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

(1)

(ق/ 44/ ب).

(2)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 8/ 418، "تاريخ بغداد" 12/ 411، "تاريخ الإسلام" 5/ 860، "التهذيب" 6/ 102.

ص: 585

3) الحَسَنُ بنُ عُمَرَ بن يحيى الفزاري، أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ.

روي عَنْ: عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيْل، وَابْن شِهَاب الزُّهْرِي، ومَيْمُوْن بن مِهْرَان، وغيرهم.

روي عَنْه: عَبْد الْجَبَّار بْن عَاصِم، وعَبْد اللهِ بن جَعْفَر الرَّقِّي، وَعَمْرُو بن خَالِد الحَرَّانِي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال أَحْمَد، وَابن معين، وَأَبُو زُرْعَة، والدّارَقُطْني، وابن حجر: ثقة، وزاد أَحْمَدُ: ضابط لحديثه، صدوق. وقال ابن خلفون: كَانَ من أهل الثقة والصدق والأمانة. وَقَال أبو حاتم: يُكتب حديثه. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلُ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ القرشي الْمَدَنِيُّ وَأُمُّه زَيْنَبُ بِنْتُ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم.

روي عَنْ: جَابِر بن عَبْد الله، وابْن عُمَر، وَأَنَس بن مَالِك، وغيرهم.

روي عَنْه: أَبُو المَلِيْح الرَّقِّي، وَسُفْيَان الثَّوْرِي، وابن عُيَيْنَة، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قَال العجلي: ثقة جائز الْحَدِيث. وذكره ابن خلفون في الثقات وقال: كان رجلاً صالحاً موصوفاً بالعبادة والفضل والصدق. وقال ابن عبد البر: هو أوثق من كل من تكلم فيه. قال ابن حجر: وهذا إفراط.

- وقَال التِّرْمِذِيّ: صدوق، وقد تكلم فِيهِ بعض أهل العلم من قبل حفظه. وَقَالَ الفَسَوِيُّ: صَدُوْقٌ، فِي حَدِيْثِهِ ضَعْف. وقال ابن حجر: صدوق في حديثه لين. وقال مرة: سيء الْحِفْظِ يَصْلُحُ حَدِيثُهُ لِلْمُتَابَعَات فَأَمَّا إذَا انْفَرَدَ فيحسن وَأَمَّا إذَا خَالَفَ فَلَا يُقْبَل. وقال الذهبي: لَا يَرتَقِي خَبَرُه إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ وَالاحْتِجَاجِ. وقال أيضاً: حديثه في مرتبة الحسن. وقال الساجي: كان من أهل الصدق ولم يكن بمتقن في الحديث. وقال الحاكم: مستقيم الحديث. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً يَقُوْل: كَانَ أَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَالحُمَيْدِيّ يَحْتَجُّوْنَ بِحَدِيْثِهِ. قلت: وصحح له السيوطي حديثاً وتعقبه المناوي بقوله: هذا غير صواب كيف وقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه ابن عقيل سيء الحفظ وإن كان صدوقاً فالحديث حسن لا صحيح. وحسن له السيوطي حديثاً آخر له فقال المناوي: رمز المؤلف لحسنه تبعاً للنووي، قال اليعمري: فيه ابن عقيل ضعفه الأكثر لسوء حفظه لكن ينبغي أن يكون حديثه حسناً.

- وَقَالَ ابْن مَعِيْن، وابن المديني، والنَّسَائي: ضَعِيْف. وقَالَ أَبُو حَاتِم، والذهبي مرة: لَيِّن الحَدِيْث، وَزاد أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بالقوي، ولا بمن يحتج بحديثه، يكتب حديثه. وَقَال أَبُو أَحْمَد الحاكم: لَيْسَ بذاك المتين المعتمد. وَقال البُخَارِيِّ: مُقَارَب الحَدِيْث. وَقَال ابْن مَعِين مرة، والخطابي: ليس بذاك. وَقَال ابْن عَدِيّ: يكتب حديثه، روى عنه جماعة من المعروفين الثقات. وَقَال ابْن عُيَيْنَة: كان ابْن عقيل فِي حفظه شيء، فكرهت أن ألقه. وقال العقيلي: في حفظه شيء، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لَا أَحتَجُّ بِهِ؛ لِسُوْءِ حِفْظِهِ. وقال الخطيب: سيئ الحفظ.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 24، "الثقات" لابن حبان 6/ 166، "سؤالات البرقاني للدارقطني" 1/ 22، "تهذيب الكمال" 6/ 280، "التَّراجِمُ السَّاقِطَةُ مِنْ كِتَابِ إِكْمَال تَهْذِيبَ الكَمَال" 1/ 180، "التقريب" صـ 102.

ص: 586

وقال ابن حبان: رَدِيء الْحِفْظ كَانَ يحدث عَن التَّوَهُّم فَيَجِيء بالْخبر على غير سنَنه فَلَمَّا كثر ذَلِك فِي أخباره وَجب مجانبتها والاحتجاج بضدها. وقال ابْن سعد: كَانَ منكر الْحَدِيث، لا يحتجون بحديثه. وَقَال أحمد: منكر الْحَدِيث. وقال مرة: مضطرب الحديث ليس حديثه حجة. وَقَال ابْن مَعِين مرة: لا يحتج بحديثه.

- وَقَال ابْن عُيَيْنَة: رأيته يحدث نفسه، فحملته عَلَى أنه قد تغير. وقال الحاكم: عمر فساء حفظه فحدث على التخمين. وقال ابن حجر: يقال تغير بأخرة. وحاصله أنه "يُحَّسَّنٌ حديثه" وإلي هذا ذهب الذهبي، وابن حجر.

(1)

5) جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (21).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: أَحْمَد بْن بَشِيرٍ الطَّيَالِسِيُّ: لين الحديث.

قلت: وقد تابعه كلاً من: مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِي: قال فيه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ جَبَلٌ، وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ، وقال الذهبي: كَانَ مُتْقِناً.

(2)

وخازم بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: قال فيه الخليلي: كَان حَافِظًا يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ.

(3)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

قلت: ولهذا الأثر شاهد مرسل من حديث عَلِي بْن الحُسَيْن قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ خَبَرٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ تُدْعَى فَطِيمَة، كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ، فَجَاءَهَا يَوْمًا فَوَقَعَ على جدارها، فقالت: مالك لا تَدْخُلُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ يُحَرِّمُ الزِّنَا فَحَدَّثَتْ بِذَلِكَ الْمَرْأَةُ عَنْ تَابِعِهَا مِنَ الْجِنِّ، فَكَانَ أَوَّلَ خَبَرٍ تُحُدِّثَ بِالْمَدِينَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قلت: لكنه مرسل من حديث عَلِي بْن الحُسَيْنٍ ورجاله ثقات.

(4)

قلت: وله شاهد أيضاً بالمعني يدل علي إِعْلَامِ الْجِنِّ بِظُهُورِهِ وَمَبْعَثِه صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البخاري في "صحيحه" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ، لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، أَوْ: لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 58، "الجرح والتعديل" 5/ 153، "المجروحين" لابن حبان 2/ 3، "تهذيب الكمال" 16/ 78، "السير" 6/ 204، "ميزان الاعتدال" 2/ 484، "المغني في الضعفاء" 1/ 564، "المختلطين" للعلائي 1/ 67، "الإكمال" 8/ 178، "التهذيب" 6/ 13، "تلخيص الحبير" 2/ 255، "التقريب" 1/ 264، "فيض القدير" للمناوي 1/ 564، 5/ 527.

(2)

يُنظر "السير" 14/ 41.

(3)

يُنظر "الإرشاد" للخليلي 2/ 623.

(4)

أخرجه عبد الغني بن سعيد الأزدي في "الغوامض والمبهمات في الحديث النبوي"(32)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 261)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"(4/ 259)، من طُرق عَنْ عَبْد الرَّزَّاق، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ عَلِي بْن الحُسَيْن.

ص: 587

رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ، جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الفَزَعَ، فَقَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا؟ وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالقِلَاصِ، وَأَحْلَاسِهَا، قَالَ: عُمَرُ صَدَقَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ، لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَوَثَبَ القَوْمُ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقُمْتُ، فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ: هَذَا نَبِيٌّ.

(1)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِفْ:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ إِلَّا أَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. فلم يتفرد أَبُو الْمَلِيح الْحَسَن بْن عُمَر براوية هذا الحديث بل تابعه: عُبَيْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو الرقي كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قلت: وعُبَيْد اللَّه بْن عَمْرٍو هذا قال فيه ابن حجر: ثقة فقيه ربما وهم.

(2)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ مناقب الأنصار ب/ إِسْلَام عُمَر بْن الخَطَّاب رضي الله عنه (3866).

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 314.

ص: 588

[116/ 766]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا عِكْرِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ آخِذًا قَاتِلَهُ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا عِنْدَ ذِي الْعِزَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟ فَيَقُولُ: فِيمَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: قَتَلْتُهُ [لِتَكُونَ]

(1)

الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ. قِيلَ: هِيَ لِلَّهِ».

*لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَاصِمٍ إِلَّا عِكْرِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِيُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود مرفوعاً.

ورواه عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة بهذا الوجه: عِكْرِمَة بْن عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِي.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "المعجم الكبير"(10/ 230 رقم 10407)، بسنده ومتنه سواء. ومن طريقه: عبد الغني المقدسي في "تحريم القتل وتعظيمه"(1/ 168 رقم 68).

الوجه الثاني: عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود موقوفاً.

ورواه عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة بهذا الوجه: حَمَّاد بْن سَلَمَة، وعَمْرٌو بْنَ أَبِي قَيْس.

أما طريق حَمَّاد بْن سَلَمَة: أخرجه ابن المبارك في "الزهد والرقائق" ب/ صِفَةِ النَّارِ (2/ 115)، عَنْ حَمَّاد، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ بِأَرْضٍ بَيْضَاءَ، كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ، لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهَا قَطُّ، وَلَمْ يُخْطَأْ فِيهَا، فَأَوَّلُ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ أَنَّهُ يُنَادِي: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، ثُمَّ يَكُونُ أَوَّلُ مَا يَبْدَءُونَ مِنَ الْخُصُومَاتِ فِي الدُّنْيَا، فَيُؤْتَى بِالْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، فَيُقَالُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَ؟ فَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ؛ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِلَّهِ، قَالَ: فَإِنَّهَا لِي، فَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ؛ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، قَالَ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ، فَيَقْتُلُهُ بِمَنْ كَانَ قَتَلَ، بَالِغِينَ مَا بَلَغُوا، وَيَذُوقُ الْمَوْتَ عِدَّةَ مَا ذَاقُوا.

- وأما طريق عَمْرٌو بْنَ أَبِي قَيْس، عَنْ عَاصِم به بنحوه: أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1094 رقم 6134).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْن إِسْحَاق، أَبُو جَعْفَر البَجَلِي الْحُلْوَانِيُّ.

(1)

في الأصل "لِيَكُونَ" يُنظر "مجمع البحرين"(7/ 228 رقم 4361).

ص: 589

روي عَنْ: الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي، وأَحْمَد بْن حَنْبَل، ويحيى بْن معين، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطَبَرَانَي، ومُحَمَّد بْن مخلد، وعبد الباقي بْن قانع، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال عَبْد الرحمن بْن يُوسُف بْن خراش، وَالحسين بْن مُحَمَّد بْن حاتم، وأَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي الفرائضي: ثقة. وقال الخَطِيب: كَانَ يُذكر عنه زهد ونسك، وكثرة حَدِيث. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

2) الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ.

روي عَنْ: عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِي، وحماد بْن زيد، وأبي عوانة، وغيرهم.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي، وأَبُو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات.

- وقَالَ ابْن معين، وابن الجوزي: كذاب خبيث. قلت: ولعل ابن الجوزي نقل هذا عن ابن معين فإنه حكم علي حديث فيه الْفَيْض فقَالَ: فِيهِ الْفَيْض قَالَ ابْنُ مَعِين: كَذَّاب خَبِيث.

- وقال الذهبي: رماه ابن معين بالكذب، ومشاه غيره، وذكره ابن أبي حاتم فما ضعفه، ولم أره في الكامل لابن عدي، والظاهر أنه صالح في الحديث. وقال مرة: روى عنه أبو زرعة، وأبو حاتم، وهو مقارب الحال إن شاء الله.

- وقال ابن حجر: ذكره ابن أبي حاتم ولم يخرجه، وأخرج له الحاكم في المستدرك محتجاً به، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر له العقيلي حديثاً عَنْ سفيان بن عيينة فقال: هذا لا أصل له من ابن عيينة.

- وذكره ابن قُطْلُوْبَغَا في الثقات وقال: نقل ابن الجوزي عن يحيى: كذابٌ خبيث. وفي النفس من هذا شيء. وذكره أبو زرعة في الضعفاء. وحاصله أنه "ضعيف يعتبر به".

(2)

3) عَبْدُ الوَهَّاب بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ الصَّلْتِ بْن الحكم بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَبُو مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ.

(3)

روي عَنْ: عِكْرِمَة بْن عَبْد اللَّه الْبُنَانِي، وأَيُّوْب السّخْتياني، وَيَحْيَى بن سَعِيْد، وغيرهم.

روي عَنْه: الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي، وأَحْمَد، والشافعي، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال العِجْلي، وابن مَعين، وابن المَدِيني، وأبو جعفر السبتي، والسمعاني، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد الذهبي: هُوَ الإِمَام الأَنبَل، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، وزاد ابن الكيال: احتج به الشيخان. وقَالَ ابن سَعْد: كَانَ ثِقَة، وَفِيْهِ ضَعْف. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقال ابن حبان في المشاهير:

(1)

يُنظر "الضعفاء" لأبو زرعة 1/ 126، "تاريخ بغداد" 6/ 457، "تاريخ الإسلام" 6/ 905.

(2)

يُنظر "سؤالات ابن الجنيد لابن معين" 1/ 432، "الثقات" لابن حبان 9/ 12، "تاريخ بغداد" 14/ 383، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 11، "العلل المتناهية" 1/ 244، "تاريخ الإسلام" 5/ 654، "ميزان الاعتدال" 3/ 366، "لسان الميزان" 6/ 364، "الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة" لابن قُطْلُوْبَغَا 7/ 540.

(3)

قال مغلطاي: قال ابن أبي حاتم: عَبْد الوَهَّاب بن عَبْد المَجِيْد بن الصَّلْت بن عُبَيد الله بْن الحكم بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ أبو محمد، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو مجهول، ثم ذكر بعد سبعة تراجم عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ، فذكر ترجمة طويلة كذا فرق بينهما، وتبعه على التفرقة أبو الفرج ابن الجوزي، والصواب أنهما ترجمة واحدة. يُنظر "الإكمال" 8/ 375.

ص: 590

من أهل الاتقان في الأخبار والضبط للآثار. وقال أبو الفرج الأموي: كان محدثاً جليلاً وقد روى عنه وجوه المحدثين وكبراء الرواة. وقال ابن المَدِينيّ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا كِتَابٌ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد أَصَحَّ مِنْ كِتَابِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَكُلُّ كِتَابٍ عَنْ يَحْيَى، فَهُوَ عَلَيْهِ كَلٌّ يَعْنِي: كِتَابَ عَبْدِ الوَهَّابِ. روى له الجماعة.

وقد وُصف بالاختلاط: قَالَ ابْن مَعِيْن: اخْتُلِطَ بِأَخَرَةٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد، والعقيلي، وابن حجر: تَغَيَّر، وزاد ابن حجر: قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ سِنِيْنَ. قلت: لَكِن قَالَ أَبُو دَاوُدَ: تَغَيَّرَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، فَحُجِبَ النَّاسُ عَنْهُم. وقال الذهبي: مَا ضَرَّهُ تَغَيُّرُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ زَمَنَ التَّغَيُّرِ بِشَيْءٍ. وقال مرة: وَأَمَّا اخْتِلاطُهُ فَمَا ضَرَّ حديثه؛ لأنه حُجب فبقي بمنزله حتي مات. ولهذا ذكره العلائي في القسم الأول من المختلطين. وقال السخاوي: وَيَخْدِشُ فِيهِ قَوْلُ الْفَلَّاسِ: إِنَّهُ اخْتَلَطَ حَتَّى كَانَ لَا يَعْقِلُ، وَسَمِعْتُهُ وَهُوَ مُخْتَلِطٌ يَقُولُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ بِاخْتِلَاطٍ شَدِيدٍ، قال السخاوي: وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ حَجْبِه. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

4) عِكْرِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِيُّ: قلت: لم أقف له علي ترجمة في حدود بحثي، وحاصله أنه "مجهول".

5) عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ: صدوق يهم" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

6) شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ الأَسَدِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (95).

7) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد ابن المبارك في الزهد والرقائق

"

1) حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: "ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة " وهذا التَّغير ليس المراد به التَّغير الاصطلاحي، وإنَّما هو التَّغير مِنْ قِبَل حفظه بسبب طَعَنه فِي السِّنِّ. تقدم في حديث رقم (8).

2) عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ: صدوق يهم" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

3) شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ الأَسَدِيُّ: "ثقة يُرسل" سبقت ترجمته في إسناد الوجه الأول.

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

هذا الحديث مداره علي عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود مرفوعاً.

ورواه عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة بهذا الوجه: عِكْرِمَة بْن عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِي وهو "مجهول".

الوجه الثاني: عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود موقوفاً.

ورواه عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة بهذا الوجه: حَمَّاد بْن سَلَمَة. وعَمْرٌو بْنَ أَبِي قَيْس: صدوق له أوهام.

(2)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك للقرائن الأتية:

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 6/ 69، و 6/ 71، "الثقات" 7/ 132، "المشاهير" 1/ 191، "تهذيب الكمال" 18/ 503، "السير" 9/ 237، "المختلطين" 1/ 78، "الإكمال" 8/ 375، "التقريب" صـ 309، "فتح المُغِيث" 4/ 381، "الكواكب النيرات" 1/ 314.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 362.

ص: 591

1) رواية الأكثر عدداً: فقد رواه بالوجه الثاني اثنان من الرواة وهذا بخلاف الوجه الأول.

2) رواية الأحفظ: فَرَاوِيَا الوجه الثاني أحفظ وأوثق من رَاوِيَة الوجه الأول لاسيما حماد بن سلمة.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ـــــ "إسناده منكر" فيه: عِكْرِمَة بْن عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِي: وذلك لجهالته وتفرده ومخالفته لما رواه الثقات. وفيه أيضاً: الْفَيْض بْن وَثِيقٍ الثَّقَفِي: ضعيف يُعتبر به.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فموقوف إسناده صحيح. وهذا مما له حكم الرفع فمثل هذا لا يُقال من قبل الرأي والاجتهاد.

قلت: وللحديث من وجهه الراجح متابعات في الصحيحين وغيرهما

(1)

عَنْ حَفْص بن غياث، وعُبَيْد اللهِ بْن مُوسَى، وعَبْدَة بْن سُلَيْمَان، وغيرهم عَنِ الْأَعْمَش من أصح الأوجه عنه،

(2)

عَنْ أَبِي وَائِل شَقِيْق بن سَلَمَة، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ.

وعَنْ وَكِيع بن الجراح، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ، يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ يَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ: فِيمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ، بُؤْ بِعَمَلِكَ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ: فِيمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِلَّهِ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِي.

(3)

وعلي هذا فيرتقي الحديث من وجهه الراجح بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَاصِمٍ إِلَّا عِكْرِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِيُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يروه عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة بالوجه الموقوف إلا عِكْرِمَة بْن عَبْدِ اللَّهِ الْبُنَانِي. ورواه عَنْ عَاصِمِ بالوجه المرفوع: حَمَّاد بْن سَلَمَة. وعَمْرٌو بْنَ أَبِي قَيْس.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الرقاق ب/ القِصَاصِ يَوْمَ القِيَامَة (8/ 111 رقم 6533)، عَنْ حَفْص بن غياث. وفي ك/ الديات ب/ ـــــــــ (9/ 2 رقم 6864)، عَنْ عُبَيْد اللهِ بْن مُوسَى. ومسلم في "صحيحه" ك/ الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ ب/ الْمُجَازَاةِ بِالدِّمَاءِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّهَا أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3/ 1304 رقم 1678)، عَنْ عَبْدَة بْن سُلَيْمَان.

(2)

فقد رُوي مرة عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُود مرفوعاً. ورُوي مرة أخري عَنْ الْأَعْمَش، عَنْ شَقِيق، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيل عن النبي صلى الله عليه وسلم. يُنظر "العلل" للدارقطني 5/ 90.

(3)

أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" ب/ الْعِصْمَةُ مِنَ الْفِتَنِ، وَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا مِنَ الْكَفِّ وَالْإِمْسَاكِ عَنِ الْقِتَالِ، وَالْعُزْلَةِ فِيهَا، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الِاسْتِشْرَافِ لَهَا (1/ 175 رقم 464).

ص: 592

[117/ 767]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا تَكَلَّمَ رُئِيَ كَالنُّورِ بَيْنِ ثَنَايَاهُ» . *لَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ، وابن عساكر في "تاريخه" ب/ ما رُوي في فصاحة لسانه وحُسن منطقه صلى الله عليه وسلم (4/ 11)، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِرِ الْحِزَامِي، عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي ثَابِت، عَنِ إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، به بنحوه.

- والدارمي في "سننه" ب/ فِي حُسْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1/ 203 رقم 59)، والترمذي في "الشمائل" ب/ مَا جَاءَ فِي خَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1/ 41 رقم 15)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" ب/ صِفَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم (2/ 610)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" ب/ صفاته الخَلقية صلى الله عليه وسلم (3/ 360)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 416 رقم 12181)، والبيهقي في "دلائل النبوة" ب/ صِفَة جَبِين رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَاجِبَيْهِ وَأَنْفِهِ وَفَمِهِ وَأَسْنَانِهِ (1/ 215)، والبغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار" ب/ فِي صِفَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم (1/ 146 رقم 162)، وفي "شرح السنة" ب/ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (13/ 223 رقم 3644)، وابن عساكر في "تاريخه" ب/ ما رُوي في فصاحة لسانه وحُسن منطقه صلى الله عليه وسلم (4/ 11)، والضياء المقدسي في "المختارة"(13/ 41 رقم 71، 70)، والذهبي في "تذكرة الحفاظ"(2/ 44)، وفي "السير"(10/ 691)، وفي "معجم الشيوخ الكبير"(2/ 219)، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِرِ، عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي ثَابِتٍ الزُّهْرِي، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن أَخِي مُوسَى، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَة به بنحوه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) إِبْرَاهِيْمُ بْنُ المُنْذِر بْن عَبْدِ اللهِ بنِ المُغِيْرَة بنِ خُوَيْلِدِ، أَبُو إِسْحَاق القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ، الحِزَامِيُّ

(1)

.

روي عَنْ: عبد العزيز بْن أَبي ثابت الزُّهْرِي، وابْن عُيَيْنَة، وعبد الله بن وهب، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِي، والبُخَارِي، وَابْن مَاجَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين، والدارقطني، وابن وضاح، والخطيب، والذهبي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الذهبي: كان من أئمّة الحديث بالمدينة. وقال الزبير بن بكار: كان له علم بالحديث ومروءة وقدر.

(1)

الحِزامِيُّ: بكسر الحاء المهملة والزاي والميم بعد الألف، هذه النسبة إلى الجد الأعلى، والمشهور بها: أبو إسحاق إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المغيرة بن خالد بن خويلد بن أسد بن عبد العزى الحزامي القرشي. "الأنساب" للسمعاني 1/ 129.

ص: 593

وقَال أَبُو حَاتِم، وصَالِح جَزَرَة، والذهبي مرة، وابن حجر: صَدُوْق، وزاد ابن حجر: تكلم فيه أحمد لأجل القرآن. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس.

وَقَال الساجي: عنده مناكير، وبلغني أن أحمد كان يتكلم فيه ويذمه، وقصد إليه ببغداد ليسلم عليه فلم يأذن له. قال الْخَطِيب: أما المناكير فقل ما توجد في حديثه إلا أن تكون عَن المجهولين، ومن ليس بمشهور عند المحدثين، ومع هذا فإن ابْن مَعِين وغيره من الحفاظ كانوا يرضونه ويوثقونه. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

3) عَبْدُ العزيزُ بْنُ عِمران بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عوف القرشي الزُّهْرِي الأعرج. المعروف بابن أَبي ثابت.

روي عَنْ: ابْن أَبي حبيبة، وإسماعيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عقبة، وداود بن الْحُصَيْن، وآخرين.

روي عَنْه: إِبْرَاهِيم بن المنذر، وأَحْمَد بْن أَبي بكر الزُّهْرِي، وابنه سُلَيْمان بن عبد العزيز، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال الترمذي والدارقطني: ضعيف. وقال الذهبي: اتّفقوا عَلَى تضعيفه. وَقَال محمد بن يحيى النيسابوري: عَلَيَّ بَدَنَة إن حدثتُ عن عبد العزيز بن عِمْران حديثاً، وضعفه جداً. وَقَال ابْن مَعِين: ليس بثقة، لم يكن من أصحاب الحديث، إنما كان صاحب شعر. وَقَال مرة: ليس حديثه بشيءٍ. وقال ابن حبان: مِمَّن يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير فَلَمَّا أَكثر مِمَّا لَا يشبه حَدِيث الْأَثْبَات لم يسْتَحق الدُّخُول فِي جملَة الثِّقَات فَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الشّعْر وَالْأَدب دون الْعلم. وقال عمر بن شبة: كان كثير الغلط في حديثه لأنه احترقت كتبه فكان يحدث من حفظه.

وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث، لا يُكْتب حديثه. وَقَال النَّسَائي: متروك الحديث. وَقَال مرة: لا يُكْتَب حَدِيثُه. وقال أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف الحديث، منكر الحديث جداً، قيل له يكتب حديثه قال على الاعتبار. وقال الذهبي: تركوه. وقال ابن حجر: متروك احترقت كتبه فحدث من حفظه فاشتد غلطه. وقال ابن أبي حاتم: امتنع أبو زرعة من قراءة حديثه وترك الرواية عنه. وحاصله أنه "متروك الحديث".

(2)

4) إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي حَبِيبَة الأَنْصَارِي الأَشْهَلِي،

(3)

أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ.

روي عَنْ: موسى بْن عقبة، وإِبْرَاهِيم بْن أَبي أمية، وداود بْن الحصين، وغيرهم.

روي عَنْه: عبد العزيز بْن عِمْران الزُّهْرِيّ، ومحمد بْن عُمَر الواقدي، وأبو عُمَر الصنعاني، وآخرين.

أقوال أهل العلم فيه: قال أحمد، والعجلي: ثقة.

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 139، "الثقات" لابن حبان 8/ 73، "سؤالات السلمي للدارقطني"1/ 87، "تاريخ بغداد" 7/ 122، "تهذيب الكمال" 2/ 207، "السير" 10/ 689، "الكاشف" 1/ 225، "التهذيب" 1/ 166، "التقريب" صـ 34.

(2)

يُنظر "الضعفاء الصغير" للبخاري 1/ 88، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 211، "الضعفاء الكبير" للعقيلي 3/ 13، "الجرح والتعديل" 5/ 390، "المجروحين" 2/ 139، "الكامل" 6/ 500، "تهذيب الكمال" 18/ 178، "الكاشف" 1/ 657، "تاريخ الإسلام" 4/ 1158، "التهذيب" 6/ 350، "التقريب" صـ 299.

(3)

الأَشْهَلِيُّ: بفتح الألف وسكون الشين المعجمة وفتح الهاء وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى بنى عبد الأشهل من الأنصار أسلم منهم جماعة كثيرة، من جملتهم أسيد بن حضير وكان نقيبا قد شهد العقبة وصلى عليه عمر رضي الله عنهم ودفن بالبقيع، والمنتسب إليها ولاءً: إبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة الأشهلي مولى بنى عبد الأشهل. قاله السمعاني في "الأنساب" 1/ 283.

ص: 594

- وَقَالَ النَّسَائِي، وابن حجر: ضَعِيف. وقال الترمذي: يضعف في الحديث.

- وقال ابْن مَعِين: صالح، يكتب حديثه ولا يحتج به. وَقَال ابْن عَدِي: صالح في باب الرواية، كما حكي ابْن مَعِين، ويكتب حديثه مع ضعفه. وقال الحربي: شيخ مدني صالح له فضل ولا أحسبه حافظاً.

- وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم. وقال العقيلي: له غير حديث لا يتابع على شيء منها. وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل.

- وَقَال بْن مَعِين: ليس بشيء. وقال الذهبي: وَاهِي الْحَدِيثِ.

- وقالَ الْبُخَارِي: مُنْكَر الْحَدِيث. وَقَال أبو حاتم: شيخ ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به منكر الحديث. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِي: مَتْرُوك. وحاصله أنه "ضعيف".

(1)

5) مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بن العوام.

روي عَنْ: كُرَيْب، وَسَالِم بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُز الأَعْرَجِ، وآخرين.

روي عَنْه: إِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم بن عُقْبَة، وإِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي حَبِيبَة، وَشُعْبَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، ومالك، وأَحْمَد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأَبُو حاتم، والنَّسَائي، وإبراهيم بن طهمان، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: ثبت، وزاد أَبُو حاتم: صالح، وزاد ابن حجر: فقيه إمام في المغازي لم يصح أن ابن معين لينه. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وعَنْ معَنْ بْن عيسى قال: كان مالك إِذَا قيل لَهُ مغازي من نكتب؟ قال: عليكم بمغازي مُوسَى بن عقبة، فإنه ثقة. وقال ابن مَعِين: كتاب مُوسَى بن عقبة، عَنِ الزُّهْرِيّ من أصح هَذِهِ الكتب. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

6) كُرَيْبُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو رِشْدِيْنَ القرشي، الهَاشِمِيُّ، الحِجَازِيُّ مولى عَبد اللَّهِ بْن عَبَّاس.

روي عَنْ: مَوْلَاه ابْن عَبَّاس، وَأُمّ الفَضْل أُمِّه، وَابْن عُمَر، وآخرين.

روي عَنْه: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَالزُّهْرِي، وأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن سَعْد، وابن معين، والنَّسَائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: حسن الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

7) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بْن عم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيفُ جداً" فيه: عَبْد العزيز بْن عِمران الزُّهْرِي بن أَبي ثابت: متروك الحديث. وإِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي حَبِيبَة: ضعيف.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 200، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 145، "الضعفاء" للعقيلي 1/ 43، "الجرح والتعديل" 2/ 83، "المجروحين" 1/ 109، "الكامل" 1/ 379، "تهذيب الكمال" 2/ 42، "التهذيب" 1/ 104، "التقريب" صـ 27.

(2)

يُنظر "الثقات" 5/ 404، "تهذيب الكمال" 29/ 115، "تاريخ الإسلام" 2/ 986، "الإكمال" 12/ 29، "التقريب" صـ 484.

(3)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 5/ 339، "تهذيب الكمال" 24/ 172، "السير" 4/ 479، "التقريب" صـ 397.

ص: 595

قلت: وقد أخرج الطبراني بسنده عَنْ أَبي قِرْصَافَة قال: لَمَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأُمِّي وَخَالَتِي وَرَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ مُنْصَرِفِينَ، قَالَتْ لِي أُمِّي وَخَالَتِي: يَا بُنَيَّ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ أَحْسَن مِنْهُ وَجْهًا، وَلَا أَنْقَى ثَوْبًا، وَلَا أَلْيَنَ كَلَامًا، وَرَأَيْنَا كَأَنَّ النُّورَ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ.

(1)

قلت: لكن إسناده ضعيف. قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.

(2)

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هذا الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ.

قلت: أما قوله: تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر: فالأمر في ذلك كما قال رحمه الله.

وأما قوله: لَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: فليس كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان. فقد رواه إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِرِ الْحِزَامِي، مرة عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي ثَابِت الزُّهْرِي، عَنِ إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي حَبِيبَة، عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة، عَنْ كُرَيْب، عَنِ ابْنِ عَبَّاس.

ومرة أخري عَنْ عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي ثَابِت، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن أَخِي مُوسَى، عَنْ عَمِّه مُوسَى بْن عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْب، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ. كما سبق بيان ذلك في التخريج.

(1)

أخرجه الطبراني في "الكبير"2518.

(2)

يُنظر "مجمع الزوائد" 8/ 356.

ص: 596

[118/ 768]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، «فَأَقْرَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي أَيُّوب، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْن.

أ - تخريج الوجه الأول: رواه عَنْ أَيُّوب بهذا الوجه: حَمَّاد بْن زَيْد، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وجَرِير بْن حَازِم.

أما طريق حَمَّاد بْن زَيْد: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ـــــ، وفي "المعجم الكبير"(18/ 183 رقم 430)، عَنْ أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي. وابن حبان في "الثقات"(9/ 12) من طريق مُحَمَّد بْن نَصْر الْبَغْدَادِي. كلاهما الْحُلْوَانِي، ومُحَمَّد بْن نَصْر، عَنْ الْفَيْض بْن وَثِيق، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيق، وَأَيُّوب، عَنْ ابْنِ سِيرِين به.

- وأبو داود في "سننه" ك/ العتاق ب/ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ (6/ 92 رقم 3961)، والطبراني في "الأوسط"(8/ 257 رقم 8564)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ العتق ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ (4/ 207 رقم 4386)، وفي ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ (10/ 482 رقم 21394)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ (14/ 402 رقم 20460)، وابن عبد البر في "التمهيد"(23/ 416)، من طريق مُسَدَّد بن مسرهد، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ أَيُّوب مقروناً بيَحْيَى بْنِ عَتِيق، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين.

- والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ (10/ 482 رقم 21394)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ (14/ 402 رقم 20461)، من طَريق أبو الرَّبِيع الزهراني سليمان بن داود، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ أَيُّوب مقروناً بيَحْيَى بْن عَتِيق، وَهِشَام، عَنْ ابْنِ سِيرِين به.

- وابن عبد البر في "التمهيد"(23/ 418)، من طريق سليمان بْن حَرْب، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ أَيُّوب، عَنْ ابْنِ سِيرِين به.

- وأحمد في "مسنده"(33/ 158 رقم 19932)، من طريق يَحْيَى بْن إِسْحَاق البجلي، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيق ـــــــ مفرداً ــــــ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين به.

أربعتهم: الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي، ومُسَدَّد، وأبو الرَّبِيع الزهراني، وسليمان بْن حَرْب. عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد به بنحوه كما سبق بيانه.

ص: 597

وأما طريق حَمَّاد بْن سَلَمَة: أخرجها أحمد في "مسنده"(33/ 205 رقم 20001)، من طريق عَفَّان، عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ أَيُّوب مقروناً بهِشَام، وَحَبِيب الشهيد، عَنْ ابن سيرين به.

والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ العتق ب/ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ (5/ 36 رقم 4958)، من طريق الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال، عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ أَيُّوب، عَنْ بْنِ سِيرِينَ،

والروياني في "مسنده"(1/ 126 رقم 122)، من طريق هِشَام أَبُو الْوَلِيد، عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عَنْ أيوب مقروناً بحَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ ابْنِ سِيرِين به.

وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ القضاء ب/ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ اسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِي الْأَحْكَامِ (11/ 465 رقم 5075)، وابن عبد البر في "التمهيد"(23/ 415)، والدارقطني في "سننه"(4561 - 5/ 418)، عَنْ عَبْد الْأَعْلَى بْن حَمَّاد، عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة، عَنْ أَيُّوب، عَنْ ابْنِ سِيرِين به.

وأما طريق جَرِير بْن حَازِم: أخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 184 رقم 431)، (18/ 184 رقم 431)، والدارقطني في "سننه"(5/ 419 رقم 4562)، من طريق اللَّيْث، عَنْ جَرِير، عَنْ أَيُّوب، عَنْ ابْنِ سِيرِين.

ب - متابعات للوجه الأول: فقد تابع أَيُّوب السَّخْتِيَانِي علي هذا الوجه: هِشَام بْن حَسَّان.

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الأيمان ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْد (3/ 1289 رقم 1668)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ العتق ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ (4/ 207 رقم 4386)، وفي "السنن الكبرى" ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ (10/ 482 رقم 21394)، وابن عبد البر في "التمهيد"(23/ 416)، من طريق يَزِيد بْن زُرَيْع، عَنْ هِشَام، عَنْ ابْنِ سِيرِين به بنحوه.

الوجه الثاني: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ أَيُّوب السَّخْتِيَانِي بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة، وحَمَّاد بْن زَيْدٍ، وعبد الوهاب الثَّقَفِي، وقُتَيْبَة بن سعيد، وسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْب، وجَرِير بْن حَازِم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّة.

أما طريق إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الأيمان ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْد (3/ 1288 رقم 1668)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ البيوع والأقضية" ب/ مَا جَاءَ فِي الْقُرْعَةِ (23727)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ك/ الرد علي أبي حنيفة مسألة القرعة (37081)، وأحمد في "مسنده" (33/ 59 رقم 19826)، والمروزي في "السنة" (1/ 75 رقم 262)، وابن الجارود في "المنتقي" ب/ مَا جَاءَ فِي الْوَصَايَا (1/ 238 رقم 948)، وابن الأعرابي في "معجمه" (1/ 277 رقم 518)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ العتق ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُعْسِر (10/ 473 رقم 21364)، وفي ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُث (10/ 482 رقم 21392)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُثِ. (14/ 401 رقم 20455).

وأما طريق حَمَّاد بْن زَيْد: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الأيمان ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْد (3/ 1288 رقم 1668)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 180 رقم 884)، وأبو داود في "سننه" ك/ العتاق ب/ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ (6/ 90 رقم 3958)، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"

ص: 598

(2/ 1018)، والنسائي في "السنن الكبرى" ك/ العتق ب/ الْعِتْقُ فِي الْمَرَض (5/ 35 رقم 4955)، وأبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ حَظْرِ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِجَازَتِهَا بِالثُّلُثِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَهُوَ مَرْدُودٌ (3/ 487 رقم 5792)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الوصايا ب/ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْوَصَايَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ مِنَ الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ (4/ 381 رقم 5792)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ السير ب/ الخلافة والإمارة. ذكر ما يستحب للإمام تعلم رَعِيَّتِهِ دِينَهُمْ بِالْأَفْعَالِ إِذَا جَهَلُوا (10/ 407 رقم 4542)، والطبراني في "الكبير"(18/ 192 رقم 457)، والبيهقي في "السنن الصغير" ك/ العتق ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْد (4/ 207 رقم 4385)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الوصايا ب/ الْوَصِيَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (6/ 445 رقم 12592)، وأبو موسي المديني في "اللطائف من دقائق المعارف"(1/ 294 رقم 584)، وفي "اللطائف من علوم المعارف"(1/ 641 رقم 427).

وأما طريق عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِي: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الأيمان ب/ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْد (3/ 1288 رقم 1668)، والروياني في "مسنده"(1/ 111 رقم 95)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ الوصايا ب/ مَنْ قَالَ بِنَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وَجَوَازِهَا لِلْأَجْنَبِيِّين (6/ 434 رقم 12549)، وفي ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُث (10/ 481 رقم 21390)، وفي "معرفة السنن والآثار" ك/ العتق ب/ عِتْقُ الشَّرِيك (14/ 392 رقم 20399)، (14/ 401 رقم 20454).

وأما طريق قُتَيْبَة: أخرجه الترمذي في "سننه" ك/ الْأَحْكَامِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ب/ مَا جَاءَ فِيمَنْ يُعْتِقُ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ (3/ 636 رقم 1364)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ك/ العتق ب/ عِتْقُ الْعَبِيدِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الثُّلُث (10/ 482 رقم 21393).

وأما طريق سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْب: أخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" ك/ الوصايا ب/ حَظْرِ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِجَازَتِهَا بِالثُّلُثِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ فَهُوَ مَرْدُودٌ (3/ 486 رقم 5791)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ يَعْنِي: الْمُعْتِقَ لِعَبِيدِهِ السِّتَّةِ الَّذِينَ هُمْ جَمِيعُ مَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَمِنْ غَضَبِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِك (2/ 209 رقم 743).

وأما طريق جَرِيرُ بْنُ حَازِم: أخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 192 رقم 458).

وأما طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّة: أخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 193 رقم 459)

ب - متابعات للوجه الثاني: فقد تابع أيوب علي هذا الوجه: خَالِد الْحَذَّاء.

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 181 رقم 885)، وابن ماجه في "سننه" ك/ الأحكام ب/ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ (2/ 786 رقم 2345)، والطبراني في "الكبير"(18/ 226 رقم 561).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: ــــ رواية الباب

ــــ.

ص: 599

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ: "ضعيف يعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

3) حَمَّادُ بنُ زَيْدِ بنِ دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ الجهضمي، أَبُو إِسْمَاعِيْلَ البَصْرِيِّ الأَزْرَقُ، مَوْلَى آلِ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ.

روي عَنْ: أَيُّوب السختياني، ويَحْيَي بْن عَتِيق، ويحيى بن سَعِيد الأَنْصارِي، وآخرين.

روي عَنْه: الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي، وسفيان الثوري، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، والعجلي، والخليلي، ويعقوب بن شيبة، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد، والعجلي، وابن حجر: ثبت، وزاد ابن سعد: حجة كثير الحديث، وزاد الخليلي: متفق عليه، رضيه الأئمة، وَالْمُعْتَمَد فِي حَدِيث يَرْوِيه حَمَّاد وَيُخَالِفُه غَيْرُه الرُّجُوع إِلَيْه. وذكره ابن شاهين، وابن خلفون في الثقات.

وَقَال أَحْمَد: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث، وحماد بن سلمة. وَقَال ابن مَعِين: حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث، وابن علية، وعبد الوهاب الثقفي، وابن عُيَيْنَة. وَسئل أبو زُرْعَة عن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة فَقَالَ: حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة بكثير، وأصح حديثاً، وأتقن. وقال ابن حبان: كَانَ ضريرا يحفظ حَدِيثه كُله، وَمَا كَانَ يحدث إِلَّا من حفظه، وكَانَ أحفظ وأتقن وأضبط من حَمَّاد بن سَلمَة. وقال في المشاهير: كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظاً وهو أعمى. وقال الذهبي: لَا أَعْلَم بَيْنَ العُلَمَاء نِزَاعاً، فِي أَنَّ حَمَّاد بنَ زَيْد مِنْ أَتقَنِ الحُفَّاظ وَأَعْدَلِهِم، وَأَعْدَمِهِم غَلَطاً، عَلَى سَعَةِ مَا رَوَى رحمه الله، ومن خَاصِيَّةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ لا يُدَلِّسُ أَبَدًا. وَقَالَ ابنُ خِرَاشٍ: لَمْ يُخطِئْ حَمَّاد بن زَيْد فِي حَدِيْثِ قَطُّ. وقال ابن عيينة: لربما رأيت الثوري جاثياً بين يدي حماد بن زيد طالما رأيت ذلك. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(1)

4) يَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ الطُّفَاويُّ البَصْرِيُّ.

روي عَنْ: محمد بْن سيرين، والْحَسَن البَصْرِيّ، ومجاهد بْن جبر المكي، وآخرين.

روي عَنْه: حماد بْن زيد، وحماد بْن سلمة، وإسماعيل بن علية، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأحمد، وابْن مَعِين، وأبو حاتم، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان فِي الثقات، وقال: كَانَ متقناً ورعاً. وَقَال أيوب السّخْتِيَانِيّ: لقد هدني موت يحيى بن عتيق. وقال أبو داود: هو في عداد أيوب، وابن عون. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

5) أَيُّوبُ السّخْتِيَانِيُّ: "ثقة ثبت" سبقت ترجمته في حديث رقم (20).

6) مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْن: "ثقة حافظ" سبقت ترجمته في حديث رقم (13).

7) عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنِ بنِ عُبَيْدِ بنِ خَلَف بن حذيفة بن كعب بن عمرو، أَبُو نُجَيْدٍ الخُزَاعِيُّ.

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 319، "الثقات" 6/ 217، "المشاهير" 1/ 188، "الإرشاد" للخليلي 2/ 497، "تهذيب الكمال" 7/ 239، "تاريخ الإسلام" 4/ 608، "السير" 7/ 456، "الإكمال" 4/ 139، "التهذيب" 3/ 9، "التقريب" صـ 117.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 9/ 176، الثقات" 7/ 594، "تهذيب الكمال" 31/ 456، "الكاشف" 2/ 371، "التقريب" صـ 524.

ص: 600

روي عَنْ: النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومعقل بْن يسار.

روي عَنْه: مُحَمَّد بْن سيرين، والحسن البَصْرِيّ، وعَبْد اللَّه بْن بريدة، وآخرون.

أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم عام خيبر سَنَةَ سَبْع، وغزا مَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم عدة غزوات، وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح، بعثه عُمَر بْن الخطاب إِلَى البصرة، ليفقه أهلها، وكان من فضلاء الصحابة، واستقضاه عَبْد اللَّه بْن عَامِر عَلَى البصرة، فأقام قاضيًا يسيرًا، ثُمَّ استعفي فأعفاه، قَالَ ابْن سِيرِينَ: لم نر فِي البصرة أحدًا من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُفَضَّلُ عَلَى عِمْرَانَ بْن حصين، وكان مجاب الدعوة، ولم يشهد الفتنة فلم يقاتل فيها، وكَانَت الْمَلَائِكَة تُسَلِّم عَلَيْه مِنْ جَوَانِب بَيْتِه فِي عِلَّتِه، فَلَمَّا اكْتَوَى فقده، ثُمَّ عَادَت إِلَيْهِ.

(1)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: قلت: أخرجه مسلم في "صحيحه" وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي أَيُّوب، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْن.

ورواه عَنْ أَيُّوب السَّخْتِيَانِي بهذا الوجه: حَمَّاد بْن زَيْد، وحَمَّاد بْن سَلَمَة، وجَرِير بْن حَازِم. وقد تابع أَيُّوب السَّخْتِيَانِي علي هذا الوجه: هِشَام بْن حَسَّان. وأخرج مسلم في "صحيحه" متابعة هِشَام بْن حَسَّان.

الوجه الثاني: أَيُّوب السَّخْتِيَانِي، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن.

ورواه عَنْ أَيُّوب السَّخْتِيَانِي بهذا الوجه: إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة، وحَمَّاد بْن زَيْد، وعبد الوهاب الثَّقَفِي، وقُتَيْبَة، وسُلَيْمَان بْن حَرْب، وجَرِير بْن حَازِم، وإِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة. وأخرج مسلم هذا الوجه في "صحيحه". وقد تابع أيوب علي هذا الوجه: خَالِد الْحَذَّاء.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الحديث محفوظ بكلا الوجهين وذلك للقرائن الأتية:

1) رواية حَمَّاد بْن زَيْد، وجَرِير بْن حَازِم للحديث بكلا الوجهين.

2) أنَّ الوجه الأول له متابعة تامة أخرجها مسلم في "صحيحه". وكذلك الوجه الثاني أخرجه مسلم أيضاً في "صحيحه".

3) قال البيهقي: هَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ أَبِي الْمُهَلَّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَان.

(2)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ: ضعيف يعتبر به.

قلت: لكن تابعه: مُسَدَّد بن مسرهد، وأبو الرَّبِيع الزهراني، وسليمان بْن حَرْب، ويَحْيَى بْن إِسْحَاق. والحديث له متابعات قاصرة أخرجها مسلم في "صحيحه" وغيره كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

(1)

يُنظر "معرفة الصحابة" 4/ 2108، "الاستيعاب" 3/ 1208، "أسد الغابة" 4/ 269، "السير" 2/ 508، "الإصابة" 7/ 495.

(2)

يُنظر "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 434.

ص: 601

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْض.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد به الْفَيْض بن وثيق بل تابعه: مُسَدَّد بن مسرهد، وأبو الرَّبِيع الزهراني كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قلت: وقد رواه الطبراني في "الأوسط"(8/ 257 رقم 8564)، من طريق مُسَدَّد، عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين به. وقال: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ إِلَّا حَمَّاد بْنُ زَيْد. فقوله هنا أولي مما قاله في رواية الباب والله أعلم.

‌سادساً: التعليق علي الحديث

.

قال البزار: فِي الحديث مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ كَانَ مَرْدُودًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ الْجَمِيعَ إِلَى الثُّلُثِ، وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْمَرِيضَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ إِذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَخِيفَ عَلَيْهِ إِلَّا الثُّلُثُ، فَإِنْ أَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ يُرَدُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّتُهٌ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّة.

(1)

وقال الترمذي: حَدِيث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ القُرْعَةِ فِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، وَغَيْرِهِمْ، فَلَمْ يَرَوْا القُرْعَةَ، وَقَالُوا: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ الثُّلُثُ، وَيُسْتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ.

(2)

(1)

يُنظر "مسند البزار" 9/ 25.

(2)

يُنظر "سنن الترمذي" 3/ 636.

ص: 602

[119/ 769]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا عَنْبَسَةُ الْأَعْوَرُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، لَمْ يَكُنٍ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، «فَأَقْرَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي رَائِطَةَ الْأَعْوَرِ الْغَنَوِيِّ إِلَّا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِمَّا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ: عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ إِلَّا عَنْبَسَةُ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي الْحَسَن، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الْحَسَن، عَنْ عِمْرَان بْن الْحُصَيْنِ، وَسَمُرَة بْن جُنْدُب.

ورواه عَنْ الحَسَن بهذا الوجه: عَنْبَسَة الْأَعْوَر.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ والطبراني في "الكبير"(6943 - 7/ 226)، عَنْ أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي. والخطيب في "تاريخ بغداد"(6/ 290)، عَنْ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْبَغْدَادِي. كلاهما عَنْ الْفَيْض بْن وثيق، عَنْ عَبْد الْوَهَّابِ بْن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَنْبَسَة الأَعْوَرُ، عَنِ الْحَسَن به.

والطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 165 رقم 365)، عَنْ الْحُلْوَانِي، عَنْ الْفَيْض بْن وثيق، عَنْ عَبْد الْوَهَّابِ بْن عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ عَنْبَسَة، عَنِ الْحَسَن، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن به دون ذكر وسَمُرَة بْن جُنْدُب.

الوجه الثاني: الْحَسَن، عَنْ عِمْرَان بْن الْحُصَيْن.

- أخرجه البزار في "مسنده"(9/ 24 رقم 3528)، والنسائي في "الكبرى" ك/ العتق ب/ الْعِتْق فِي الْمَرَضِ (5/ 36 رقم 4957)، والطبراني في "الكبير"(18/ 153 رقم 334)، من طريق يَزِيد بْن زُرَيْع، عَنْ يُونُس بن عبيد الله.

- والبزار في "مسنده"(9/ 24 رقم 3529)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الْوَصَايَا ب/ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْوَصَايَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ مِنَ الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْعَتَاقِ (4/ 381 رقم 7384)، والطبراني في "الكبير"(18/ 143 رقم 303)، من طريق سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة، عَنْ قَتَادَة.

- والبزار في "مسنده"(9/ 25 رقم 3530)، والروياني في "مسنده"(1/ 102 رقم 78)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 435 رقم 12550)، من طريق أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاك.

- والنسائي في "الكبرى" ك/ العتق ب/ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ (2/ 436 رقم 2096)، (5/ 36 رقم 4956) وفي "الصغري" ك/ الجنائز ب/ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ يَحِيفُ فِي وَصِيَّتِهِ (4/ 64 رقم 1958)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2/ 209 رقم 741)، وفي "شرح معاني الآثار" ك/ الْوَصَايَا ب/ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْوَصَايَا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَمَا يَفْعَلُهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ، مِنَ الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ (4/ 381 رقم

ص: 603

7383)، وسعيد بن منصور في "سننه" ب/ الرَّجُلِ يُعْتِقُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ. (1/ 145 رقم 408)، وأحمد في "مسنده"(33/ 101 رقم 19866)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 60)، من طريق هُشَيْم، عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان.

- والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ك/ الْوَصَايَا ب/ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْوَصَايَا مِنَ الْأَمْوَالِ (4/ 381 رقم 7385)، وابن حبان في "صحيحه"(11/ 465 رقم 5075)، والطبراني في "الكبير"(18/ 143 رقم 302)، والدارقطني في "سننه"(5/ 418 رقم 4561)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(14/ 402 رقم 20458)، وابن عبد البر في "التمهيد"(23/ 415)، من طريق حَمَّاد بن سلمة، عَنْ قَتَادَة، وَحُمَيْد، وَسِمَاك بْن حَرْب.

- وابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 386 رقم 736)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4/ 2110)، من طريق أَسْبَاط بْنَ نَصْرٍ، عَنْ سِمَاك.

- وأبو بكر الزبيري في "فوائده"(114 ــ 1/ 115)، من طريق الْحَسَن بْن صَالِح، عَنْ سِمَاك.

- والطبراني في "الأوسط"(7861 - 8/ 28)، من طريق يَزِيد بْن إِبْرَاهِيم.

- وابن الجعد في "مسنده"(1/ 462)، وأحمد في "مسنده"(33/ 171 رقم 19951)، عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة.

- وأحمد في "مسنده"(33/ 80 رقم 19845)، من طريق شُعْبَة، عَنْ قَتَادَة.

- وعبد الرَّزَّاق في "مصنفه" ك/ المدبر ب/ الرَّجُلِ يُعْتِقُ رَقِيقَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ (9/ 163 رقم 16763)، ومن طريقه ـــــــ أحمد في "مسنده"(33/ 164 رقم 19938) والطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 156 رقم 342) ـــــــ عَنْ الثَّوْرِي، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاء.

- وأحمد في "مسنده"(33/ 205 رقم 20001)، من طريق ابْن سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْد، وَيُونُسَ، وَقَتَادَةَ وسِمَاك.

- والطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 162 رقم 357)، عَنْ أَبي حَمْزَة الْعَطَّار.

- كلهم: عَنْ الْحَسَن، عَنْ عِمْرَان بْن الْحُصَيْن به بنحوه.

الوجه الثالث: عَنْ الْحَسَن مرسلاً.

ورواه عَنْ الحَسَن بهذا الوجه: حُمَيْد الطويل.

أخرجه إسماعيل بن جعفر في "أحاديثه"(1/ 216 رقم 121). وأبو بكر النجاد في "أماليه"(1/ 32 رقم 33).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ: "ضعيف يعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

3) عَبْدُ الوَهَّاب بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ الثَّقَفِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

ص: 604

4) عَنْبَسَة بْنُ أَبِي رَائِطَة الْغَنَوِيُّ الْأَعْوَرِ.

روي عَنْ: الحَسَن البَصْرِي. روي عَنْه: وهيب بن خالد وعبد الوهاب الثقفي

أقوال أهل العلم فيه: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن المديني: ضعيف. وقال ابن حجر: مقبول. وحاصله أنه "ضعيف.

(1)

5) الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "ثقة كثير التدليس والإرسال فلا يُقبل شيء من حديث إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (84). قال الذهبي: وبَيْنَ العُلَمَاء ـــــــ فِيْمَا رَوَى الحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ ـــــــ اخْتِلَافٌ فِي الاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ سَمَاعُ الحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ، وَلَقِيَهُ بِلَا رَيْبٍ، صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيْثَيْنِ.

(2)

6) عِمْرَانُ بنُ حُصَيْن الخُزَاعِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (118).

7) سَمُرَةُ بنُ جُنْدُبِ بنِ هِلَالٍ الفَزَارِيُّ.

روي عَنْ: النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وأبو عُبَيدة بْن الجراح.

روي عَنْه: الحسن البَصْرِيّ، والشّعبي، وابن أبي ليلى، وغيرهم.

كان رضي الله عنه من حلفاء الأنصار قدمت به أمه المدينة بعد موت أبيه، فتزوجها رجل من الأنصار، وكان في حجره إلى أن صارع غلاماً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه، فأجازه في البعث، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير غزوة، ولم يكن يتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث، وعن سمرة رضي الله عنه قال: كنت غلاما على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكنت أحفظ عنه وما يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالًا هم أسن مني.

(3)

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد عَبْد الرَّزَّاق في مصنفه

".

1) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

2) خَالِد بن مهران الْحَذَّاء: قال ابن حجر: ثقة يرسل.

(4)

3) الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "ثقة كثير التدليس والإرسال فلا يُقبل شيء من حديث إلا إذا صرح فيه بالسماع" سبقت ترجمته في حديث رقم (84).

4) عِمْرَانُ بنُ حُصَيْن الخُزَاعِيُّ: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (118).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد إسماعيل بن جعفر في أحاديثه

".

1) حُمَيْدُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيْل: "ثقة يدلس عَن أنس وعنعنته عَنه مُحْتَمَلة لكون الواسطة بينهما ثقة" كما قال العلائي. سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

2) الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "ثقة كثير التدليس والإرسال فلا يُقبل شيء من حديث إلا إذا صرح فيه بالسماع"

(1)

يُنظر "الثقات" لابن حبان 7/ 290، "التهذيب" 8/ 157، "التقريب" صـ 369.

(2)

يُنظر "السير" 3/ 183.

(3)

يُنظر "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 3/ 1415، "الاستيعاب" 2/ 653، "أسد الغابة" 2/ 554، "الإصابة" 4/ 464.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 131.

ص: 605

سبقت ترجمته في حديث رقم (84).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي الْحَسَن البصري، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: الْحَسَن، عَنْ عِمْرَان بْن الْحُصَيْنِ، وَسَمُرَة بْن جُنْدُب.

ورواه عَنْ الحَسَن بهذا الوجه: عَنْبَسَة الْأَعْوَر. وهو ضعيف.

الوجه الثاني: الْحَسَن، عَنْ عِمْرَان بْن الْحُصَيْن.

ورواه عَنْ الحَسَن بهذا الوجه: يُونُس بن عبيد الله، وقَتَادَة، ومَنْصُور بْن زَاذَان، وَحُمَيْد الطويل، وَسِمَاك بْن حَرْب، ويَزِيد بْن إِبْرَاهِيم، ومُبَارَك بْن فَضَالَة، وخَالِد الْحَذَّاء، وأَبو حَمْزَة الْعَطَّار.

الوجه الثالث: عَنْ الْحَسَن مرسلاً. ورواه عَنْ الحَسَن بهذا الوجه: حُمَيْد الطويل.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الثاني هو الأقرب إلي الصواب وذلك لما يلي:

- فالوجه الأول تفرد به الْفَيْضُ بْنُ وَثِيق، عَنْ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِي، عَنْ عَنْبَسَة الْأَعْوَر، ولم يقل أحد عَنْ الْحَسَن، عَنْ عِمْرَان بْن الْحُصَيْنِ، وَسَمُرَة بْن جُنْدُب إلا الْفَيْضُ بْنُ وَثِيق وهو ضعيف.

- وأما الحديث بالوجه الثالث فلم أقف علي أحد رواه عَنْ الحسن غير حميد.

- بينما رواه الجماعة بالوجه الثاني كما سبق بيان ذلك.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده منكر" فيه: عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي رَائِطَةَ الْأَعْوَرِ الْغَنَوِيُّ ضعيف الحديث مع تفرده ومخالفته لما رواه الثقات. وكذلك الحديث بالوجه الثالث ـــــ المرجوح ـــــ "إسناد شاذ" فيه: حُمَيْد الطويل ثقة لكنه خالف رواية الجماعة.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ الراجح ــــ "إسناده صحيح". قال البزار: قَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وجُوهٍ وَعَنْ غَيْرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَإِسْنَادُهُ حَسَن.

(1)

وقال الترمذي: حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.

(2)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي رَائِطَةَ الْأَعْوَرِ إِلَّا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِمَّا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ: عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ إِلَّا عَنْبَسَةُ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "مسند البزار" 9/ 25.

(2)

يُنظر "سنن الترمذي" 3/ 636.

ص: 606

[120/ 770]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ إِلَّا جَرِيرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر بهذا الوجه: حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي "المعجم الصغير"(1/ 69 رقم 85)، عَنْ أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي.

وفي "المعجم الكبير"(12/ 29 رقم 12378)، عَنْ الْحُلْوَانِي مقروناً بالْحَسَن بْن عَلِيٍّ الْفَسَوِي.

كلاهما: الْحُلْوَانِي، والْفَسَوِي، عَنْ الْفَيْض بن وثيق، عَنْ جَرِير، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَة، به بلفظه.

الوجه الثاني: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مرفوعاً.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر بهذا الوجه: حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت.

أخرجه يعقوب بن شيبة في "مسند عمر"(1/ 47)، والبزار في "مسنده"(1/ 295 رقم 190)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1/ 619 رقم 821)، وأبو بكر القطيعي في "الجزء الرابع من الفوائد المنتقاة العوالي من حديثه"(1/ 18 رقم 49)، وفي "جزء الألف دينار وهو الخامس من الفوائد المنتقاة والأفراد الغرائب الحسان"(1/ 400 رقم 262)، وابن بشران في "أماليه" ج/ 2 (1/ 127 رقم 1193)، وابن عساكر في "تاريخه"(44/ 4).

ب - متابعات للوجه الثاني: وقد تابع سَعِيد بْن جُبَيْرٍ علي هذا الوجه: طَاوُس بن كيسان.

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ البيوع ب/ لَا يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ وَلَا يُبَاعُ وَدَكُهُ (3/ 82 رقم 2223)، وفي ك/ الأنبياء ب/ مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ (4/ 170 رقم 3460)، ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ (3/ 1207 رقم 1582)، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، عَنْ عَمْرُو بْن دِينَارٍ، عَنْ طاوس بن كيسان، عَنْ ابْن عَبَّاس، عَنْ عُمَر.

ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ (3/ 1207 رقم 1582)، عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُس، عَنْ ابْن عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَر.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

ص: 607

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ: "ضعيف يعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

3) جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ يَزِيْدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ

(1)

الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: حبيب بْن أَبي عَمْرة، ومالك بْن أنس، وسفيان الثوري، وآخرين.

روي عَنْه: أحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وإسحاق بْن راهويه، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابْن سعد، والعجلي، وأبو حاتم، والنَّسَائي، والذهبي، وأبو أحمد الحاكم، وابن حجر: ثقة، وزاد أبو حاتم: يُحتج بحديثه، وزاد الذهبي: نَحْتَجُّ بِهِ فِي كُتُبِ الإِسْلامِ كُلِّهَا، كَانَ النَّاسُ يَرْحَلُونَ إِلَيْهِ لِعِلْمِهِ وَإِتْقَانِهِ، وزاد ابن حجر: صحيح الكتاب وقيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه. وقال الخليلي: ثِقَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ يُقَالُ مَنْ فَاتَهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ يَسْتَدْرِكُ بِجَرِيرٍ. وَقَال اللالكائي: مجمع عَلَى ثقته. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات، وَقَال ابْن عمار: حجة، كانت كتبه صحاحاً، وإن لم يكن، كنت إذا نظرت إليه فِي بزته، ما كنت ترى أنه محدث، ولكنه كان إذا حدث كان يشبه العلماء، وَقَال أبو زرعة، وابْن خراش: صدوق.

وسئل أَحمد: من أحب إليك جرير أو شَرِيك؟ فقَالَ: جرير أقل سقطاً من شَرِيك، شَرِيك كان يخطئ، وقال ابن معين: ومثل جرير يتهم في الحديث؟ قال لي: اختلطت علي أحاديث عاصم الأحول فلم أفصل بينها وبين حديث أشعث حتى قدم علينا بهز فخلصها لي، قيل ليحيى: فكيف تكتب هذه عن جرير إذا كان هكذا؟ قال: ألا تراه قد بين لهم أمرها، كأنه لو لم يبين لهم أمرها لم يحدثهم بها. وقال ابن حجر: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: نُسِبَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى سُوءِ الْحِفْظِ وَلم أر ذَلِك لغيره بل احْتج بِهِ الْجَمَاعَة. روى لِهِ الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

(3)

(1)

الضَّبِّيُّ: بِفَتْح الضَّاد وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى: ضبة بن أد بن طابخة بن إلْيَاس بن مُضر عَم تَمِيم بن مر بن أد وينسب إِلَيْهِم خلق كثير مِنْهُم: جرير بن عبد الحميد بن جرير بن قرط الضَّبِّيّ الرَّازِي. يُنظر "اللباب" 2/ 261.

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 267، "الثقات" لابن حبان 6/ 145، "الإرشاد" للخليلي 2/ 568، "تهذيب الكمال" 4/ 540، "تاريخ الإسلام" 4/ 820، "الإكمال" 3/ 187، "هدي الساري" 1/ 395، "التقريب" صـ 78.

(3)

قال أبو العباس البَنَائي في ترجمة جرير بن عبد الحميد قال أبو حاتم: صدوق تغير قبل موته فحجبه أولاده. فقال الذهبي، وبرهان الدين الحلبي: وإنما هذا هو المعروف عن جرير بن حازم، لكن البيهقي في سننه في ثلاثين حديثاً لجرير بن عبد الحميد قال قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ، وقال ابن حجر: وذكر صاحب الحافل عن أبي حاتم أنه ــــ أي جرير بن عبد الحميد ــــ تغير قبل موته بسنة فحجبه أولاده. وهذا ليس بمستقيم فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم فكأنه اشتبه على صاحب الحافل. قلت ــــ الباحث ـــــ: وإنما وقع ذلك عند ابن أبي حاتم في ترجمة جرير بن حازم فهو الذي قال فيه أبو حاتم: تغير قبل موته بسنة. وأما جرير بن عبد الحميد فلم يقل أبو حاتم فيه ذلك. يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 504، "ميزان الاعتدال" 1/ 394، "الاغتباط" لبرهان الدين الحلبي 1/ 76، "التهذيب" 2/ 75.

ص: 608

4) حَبِيبُ بن أبي عمرة القَصَّاب،

(1)

أَبُو عَبد اللَّهِ الحماني الكوفي.

روي عَنْ: سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَائِشَة بِنْت طَلْحَة، وَمُجَاهِد، وآخرين.

روي عَنْه: جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّي، وسفيان الثوري، وشعبة بْن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال ابن سعد، وأحمد، وابْن مَعِين، والنَّسَائي، وجرير بن عبد الحميد، والذهبي، وابن نمير، وابن وضاح، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. وقال يعقوب الفسوي: لا بأس به. وَقَال أَبُو حاتم: صالح. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

5) سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "ثقة ثبت لكنه يرسل" روي عَنْ ابْنِ عَبَّاس سبقت ترجمته حديث رقم (101).

6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس بن عم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد البزار في مسنده

".

1) مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ: قال ابن حجر: ثقة.

(3)

2) الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ بن إبراهيم الأعرج: قال ابن حجر: صدوق.

(4)

3) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بن باذام العبسي الكوفي: قال ابن حجر: ثقة.

(5)

4) شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التميمي أبو معاوية: قال ابن حجر: ثقة صاحب كتاب.

(6)

5) الأعْمَشُ: "ثقة ثبت يدلس لكن احتمل الأئمة تدليسه" سبقت ترجمته في حديث رقم (37).

6) حَبِيبُ بن أبي ثابت الأسدي أبو يحيي الكوفي: قال ابن حجر: ثقة فقيه جليل كثير الإرسال والتدليس.

(7)

7) سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "ثقة ثبت لكنه يرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (101).

8) عَبْد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بن عم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

9)

عُمَرَ بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه: "صحابي".

(8)

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

(1)

القَصَّاب: بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى ذبح الْغنم وَغَيرهَا وَبيع لَحْمه واشتهر بذلك جمَاعَة مِنْهُم: أَبُو عبد الله حبيب بن أبي عمْرَة القصاب. يُنظر "اللباب" 3/ 39.

(2)

يُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 106، "الثقات" لابن حبان 6/ 177، "الثقات" لابن شاهين 1/ 65، "تهذيب الكمال" 5/ 386، "الكاشف" 1/ 309، "الإكمال" 3/ 372، "التقريب" 1/ 91.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 430.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 382.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 315.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 201.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 90.

(8)

يُنظر "الإصابة" 7/ 312.

ص: 609

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سَعِيد بْن جُبَيْر، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعاً.

ورواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بهذا الوجه: حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ.

الوجه الثاني: سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مرفوعاً.

ورواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بهذا الوجه: حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الأسدي.

وقد تابع سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ علي هذا الوجه: طَاوُس بن كيسان عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ. وهذه المتابعة أخرجها الشيخان في صحيحيهما كما سبق بيان ذلك.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الثاني هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) المتابعات: فقد تابع سَعِيد بْن جُبَيْر علي الوجه الثاني: طَاوُس بن كيسان، عَنِ ابْنِ عَبَّاس.

2) إخراج الشيخان لهذا الوجه في صحيحيهما: فقد أخرجاه بسنديهما عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّاب، وليس عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ فقط كما هو الحال في الوجه الأول.

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" وذلك: لمخالفة الثقة ـــــ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ـــــ في روايته للحديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. في حين أن الوجه الراجح هو ثبوت الحديث عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قلت: وفيه أيضاً: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ: ضعيف.

وأما الحديث بالوجه الثاني ــــ الراجح ــــ فإسناده صحيح: وله متابعات أخرجها الشيخان في صحيحيهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كما سبق بيان ذلك في التخريج.

قلت: وللحديث شاهد أيضاً في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا.

(1)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ إِلَّا جَرِيرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: شرح الغريب:

قال البغوي رحمه الله: قَوْلُهُ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ: أَيْ: عَادَاهُمُ اللَّهُ، وَقِيلَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ.

(2)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ البيوع ب/ لَا يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ وَلَا يُبَاعُ وَدَكُهُ (3/ 82 رقم 2224)، ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ. (3/ 1208 رقم 1583) من طُرق، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَن سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(2)

يُنظر "شرح السنة" للبغوي 8/ 30.

ص: 610

وقال ابن منظور رحمه الله: في مادة شحم: قال ابْنُ سِيدَهْ: الشَّحْمُ جَوْهَرُ السِّمَنِ، وَالْجَمْعُ شُحُوم، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ شَحْمةٌ، وشَحُمَ الإِنسانُ وغيرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: لعنَ اللهُ اليهودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وأَكلوا أَثمانَها. والشَّحْمُ الْمُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ: هُوَ شَحْمُ الكُلى وَالْكَرِشِ والأَمعاء، وأَما شَحْم الأَلْيَةِ والظُّهور فَلَا. وشَحُمَ فَهُوَ شَحِيمٌ: صَارَ ذَا شَحْم فِي بَدَنِهِ. وَقَدْ شَحُم، بِالضَّمِّ، وشَحِمَ شَحَماً، فَهُوَ شَحِمٌ: اشْتَهى الشَّحْم، وَقِيلَ: أَكل مِنْهُ كَثِيرًا. وأَشْحَمَ: كَثُرَ عِنْدَهُ الشَّحْمُ.

(1)

‌سابعاً: التعليق علي الحديث:

قلت: قد جاء تفسير ذلك الحديث في رواية أخري في الصحيحين عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ فَقَالَ لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ.

(2)

فقوله: أَجْمَلُوهُ أَيْ أَذَابَوه حتي يَزُولَ عَنْهَا اسْمُ الشَّحْمِ، وهذه حيلة من الحيل التي يحتالون بها علي أوامر الله تعالي، وَفِي هذا الحديث دَلِيلٌ عَلَى بُطْلانِ كُلِّ حِيلَةٍ يُحْتَالُ بِهَا لِلتَّوَصُّلِ إِلَى مُحَرَّمٍ، وَأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِتَغْيِيرِ هَيْأَتِهِ، وَتَبْدِيلِ اسْمِهِ، وفي الحديث أيضاً أن الصحابة طلبوا من النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم استثناء شحوم الميتة فإنه وإن كانت الميتة محرمة، ولا يجوز أكلها، ولا الانتفاع بها، لكن في شحومها منفعة، فيُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وغير ذلك من المنافع لكن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: لا، هو حرام. واختلف العلماء هنا في عود الضمير ــــ هو ــــ هل هو عائد إلى النهى عن البيع؟ أم هو عائد إلي تحريم الشحوم؟ فقيل: الضمير راجع إلى البيع فقوله: هو حرام يعني: البيع حرام، فلا يجوز بيعه، ولا أخذ ثمنه، أما الانتفاع به لصاحبه في غير البيع فجائز؛ لأن التحريم عائد على البيع، وليس هناك نهي عن الانتفاع، وهذا هو مذهب الشَّافِعِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ فِي طَلْيِ السُّفُنِ وَالِاسْتِصْبَاحِ بِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِأَكْلٍ وَلَا فِي بَدَنِ الْآدَمِيِّ وَبِهَذَا قَالَ أَيْضًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالطَّبَرِيُّ. وقيل أن الضمير راجع إلى الشحم، فيكون النهي عن الانتفاع عموماً، ومنه البيع لأن البيع انتفاع، وهذا هو مذهب الْجُمْهُورُ أنه لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي شَيْءٍ أَصْلًا لِعُمُومِ النهي عن الانتفاع بالميتة الا ما خص بالدليل وَهُوَ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ.

(3)

(1)

يُنظر "لسان العرب" لابن منظور 12/ 319.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ البيوع ب/ بَيْعِ المَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ (3/ 84 رقم 2236)، ومسلم في "صحيحه" ك/ المساقاة ب/ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ. (3/ 1207 رقم 1581) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما.

(3)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 11/ 6.

ص: 611

[121/ 771]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا خَلَفٌ قَالَ: نا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ» .

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَّا عَبْثَرٌ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

- أخرجه أحمد في "مسنده"(4/ 152 رقم 2306)، عَنْ أَبي زُبَيْد عَبْثَر بْن الْقَاسِم، عَنِ الْأَعْمَشِ به بلفظ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ الظُّهْر.

- وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"(2/ 779)، وابن أخي الدقاق في "فوائده"(1/ 192 رقم 396)، عَنْ عَبْثَر بْن الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَش به بلفظ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ وَالْفَجْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى.

- والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 399 رقم 12125) عَنْ عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود، عَنِ الْأَعْمَش به بلفظ: صَلِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَة.

- وأحمد في "مسنده"(4/ 433 رقم 2700)، والدارمي في "سننه" ك/ المناسك ب/ كَمْ صَلَاةً يُصَلَّى بِمِنًى حَتَّى يَغْدُوَ إِلَى عَرَفَات (2/ 1190 رقم 1913)، وابن خزيمة في "صحيحه" ك/ الْمَنَاسِكِ ب/ ذِكْرِ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُصَلِّي الْإِمَامُ وَالنَّاسُ بِمِنًى قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى عَرَفَةَ (2/ 1321 رقم 2799)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 399 رقم 12126)، والحاكم في "المستدرك" ك/ المناسك (1/ 632 رقم 1694)، عَنْ أَبي كُدَيْنَةَ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ، عَنِ الْأَعْمَش به بلفظ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى خَمْسَ صَلَوَات.

- وأحمد في "مسنده"(4/ 433 رقم 2701)، عَنْ يَحْيَى بْن يَعْلَى التَّيْمِي. وأبو داود في "سننه" ك/ المناسك ب/ الخروجِ إلى مِنى (3/ 294 رقم 1911)، وأبو يعلي في "مسنده"(5/ 112 رقم 2725)، عَنْ عَمَّار بْن زُرَيْق. والترمذي في "سننه" ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ فِي الخُرُوجِ إِلَى مِنًى وَالمُقَامِ بِهَا (3/ 218 رقم 880)، والطوسي في "مستخرجه علي جامع الترمذي" ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى وَالْمُقَامِ بِهَا (4/ 114 رقم 805)، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن الأَجْلَحِ. ثلاثتهم: عَنْ الْأَعْمَش به بلفظ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى.

- وأبو يعلي في "مسنده"(4/ 315 رقم 2426)، وابن شاذان في "الثالث من الفوائد المنتقاة"(1/ 54 رقم 53)، عَنْ أَبي إِسْحَاق الْفَزَارِي، عَنِ الْأَعْمَشِ به بلفظ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ. وفي رواية ابن شاذان: والمغرب.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

ص: 612

2) خَلَفُ بن هِشَامِ بنِ ثَعْلَب، وَيُقال خَلَف بن هِشَامِ بْن طالب بْن غراب البَزَّار

(1)

أَبُو مُحَمَّد المُقْرِئ.

روي عَنْ: عَبْثَر بْن الْقَاسِم، ومالك بْن أنس، وأبي عوانة، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي، ومسلم، وأَبُو داود، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أحمد، وابن معين، والنَّسَائي، وابن قانع، والخليلي، ومسلمة الأندلسي، وأبو عمرو الداني، وابن حجر: ثقة، وزاد أحمد، والداني: مأمون، وزاد الخليلي: متفق عليه رَضِيَهُ الْأَئِمَّة وَحُفَّاظ بَغْدَاد. وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات. وقال ابن حبان: كَانَ من الْحفاظ المتقنين. وقال الذهبي: من نبلاء الائمة. وَقَال الدَّارَقُطنِيّ: كان عابداً فاضلاً. وحاصله أنه "ثقة".

(2)

3) عَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ الزُّبَيْدِيُّ، أَبُو زُبَيْدٍ الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: سُلَيْمان الأَعْمَش، وسُفْيَان الثَّوْرِي، وسُلَيْمان التَّيْمِي، وآخرين.

روي عَنْه: خَلَف بن هِشَامِ البَزَّار، وأَبُو نعيم الفضل بْن دكين، وقتيبة بْن سَعِيد، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال أَبُو داود: ثقة ثقة. وقال أحمد: ثقة صدوق. وقال ابن سعد، وابْن مَعِين، وابن المديني، والنَّسَائي، وابْن نمير، ويعقوب بن سفيان، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وَقَال أَبُو حاتم: صدوق. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

4) الأعْمَشُ: "ثقة ثبت يدلس لكن احتمل الأئمة تدليسه" سبقت ترجمته في حديث رقم (37).

5) الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ الكِنْدِيُّ: "ثقة ثبت لكنه يُرسل" سبقت ترجمته في حديث رقم (89).

6) مِقْسَمُ بْنُ بُجْرة، ويُقال: ابْن نَجْدة، أَبُو القاسم، ويُقال: أَبُو العباس، مولى عَبد اللَّهِ بْن الحارث بْن نوفل، ويُقال لَهُ: مولى ابْن عباس للزومه لَهُ.

روي عَنْ: عَبد الله بْن الحارث بْن نوفل، وابْن عباس، ومعاوية بن أَبي سفيان، وآخرين.

روي عَنْه: الحَكَم بن عُتَيْبَة، وعبد الكريم بْن مالك الجزري، وميمون بْن مهران، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، والفسوي، وأحمد بن صالح المصري، والدارقطني: ثقة، وزاد ابن صالح: ثبت لا شك فيه. وذكره ابن شاهين في الثقات. روى له الجماعة سوى مسلم.

- وقال ابن حجر: صدوق وكان يرسل. وقال الذهبي: صدوق فيه شيء. وَقَال أَبُو حاتم: صالح الحديث، لا بأس بِهِ. وقال ابن حجر مرة: ذكره البخاري في الضعفاء ولم يذكر فيه قدحاً. وقَال مهنا بْن يحيى: سألت أَحْمَد، من أصحاب ابْن عباس؟ قال: ستة. قُلْتُ: من هم؟ قال: مجاهد، وطاووس، وابْن أَبي رباح. وجابر بْن

(1)

البَزَّار: بفتح الباء المنقوطة بواحدة والزاي المشددة وفي آخرها الراء، هذا اسم لمن يُخرج الدهن من البزر أو يبيعه، واشتهر به جماعة من الأئمة والعلماء قديماً وحديثاً، منهم: خلف بن هشام البزار المقرئ، قاله السمعاني في "الأنساب" 2/ 182.

(2)

"الثقات" 8/ 228، "تاريخ بغداد"9/ 270، "تهذيب الكمال"8/ 299، "الكاشف"1/ 374، "الإكمال"4/ 206، "التقريب" صـ 135.

(3)

يُنظر "الجرح والتعديل" 7/ 43، "الثقات" لابن حبان 7/ 307، "تاريخ بغداد" 14/ 258، "تهذيب الكمال" 14/ 269، "السير" 8/ 227، "الإكمال" 7/ 226، "التقريب" صـ 237.

ص: 613

زيد، وعكرمة، وابْن جبير، قُلْتُ: مِقْسَمٍ؟ قال: مِقْسَمٍ دون هؤلاء.

- وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفاً. وقال الساجي: تكلم الناس في بعض روايته. وقال ابن حزم: ليس بالقوي، سقط الاحتجاج به.

- وقد وُصف بالإرسال: قال البخاري: لا يعرف لمقسم سماع من أم سلمة، ولا ميمونة، ولا عائشة. وقال ابن حجر: كان يرسل. وحاصله أنه "صدوق يرسل".

(1)

7) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بْن عم النَّبِي صلى الله عليه وسلم "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (64).

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ الكِنْدِيُّ، قَالَ ابْنُ المَدِينِيِّ: قَالَ يَحْيَى: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعِ الحَكَمُ مِنْ مِقْسَمٍ إِلَّا خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، وَعَدَّهَا، وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيثُ فِيمَا عَدَّ شُعْبَة.

قلت: وللحديث متابعة قاصرة أخرجها الترمذي، وابن ماجة من طريقين عَنْ إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بمني يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، ثُمَّ غَدَا إِلَى عَرَفَةَ.

(2)

قلت لكن فيها: إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم المكي. قال فيه الترمذي: قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، وقال ابن حجر: ضعيف الحديث.

(3)

قلت: وللحديث شاهد في الصحيحين: منْ حديث الثَّوْرِي، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى، قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ.

(4)

وللحديث شاهد أيضاً عند مسلم من حديث جابر الطويل في حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وفيه: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ .....

(5)

(1)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 296، "الجرح والتعديل" 8/ 414، "تهذيب الكمال" 28/ 461، "من تكلم فيه وهو موثق" للذهبي 1/ 505، "الإكمال" 11/ 348، "التهذيب" 10/ 288، "التقريب" صـ 477.

(2)

أخرجه ابن ماجة في "سننه" ك/ المناسك ب/ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى (2/ 999 رقم 3004)، عَنْ محمد بن خازم أَبُو مُعَاوِيَةَ الضرير، والترمذي في "سننه" ك/ الحج ب/ مَا جَاءَ فِي الخُرُوجِ إِلَى مِنًى وَالمُقَامِ بِهَا (3/ 218 رقم 879) عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(3)

يُنظر "سنن الترمذي" 3/ 218، "التقريب" صـ 49.

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ الحج ب/ أَيْنَ يُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ (2/ 161 رقم 1653) وفي ك/ الحج ب/ مَنْ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بِالأَبْطَحِ. (2/ 180 رقم 1763) ومسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ اسْتِحْبَابِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. (2/ 950 رقم 1309) من طرق عَنْ إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَقُ، عّنْ الثَّوْرِي، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَس بْن مَالِك.

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 886 رقم 1218).

ص: 614

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته وشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَّا عَبْثَرٌ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الرحمة والرضوان فلم يتفرد عَبْثَر بْن الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَش براوية هذا الحديث بل تابعه: عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن المسعودي، عَنِ الْأَعْمَش به بمثله وأخرجه الطبراني نفسه في "المعجم الكبير". ورواه غيرهما عَنِ الْأَعْمَش به لكن بألفاظ مختلفة كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر: التَرْوِيَة: بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ، وهو يَوْمَ الثَّامِنِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَسُمِّيَ بالتَّرْوِيَةَ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْوُونَ فِيهَا إِبِلَهُمْ وَيَتَرَوُّونَ مِنَ الْمَاءِ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَمَاكِنَ لَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ فِيهَا آبَارٌ وَلَا عُيُونٌ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ كَثُرَتْ جِدًّا وَاسْتَغْنَوْا عَنْ حَمْلِ الْمَاءِ. وَقِيلَ فِي تَسْمِيَتِهِ التَّرْوِيَةَ أَقْوَالٌ أُخْرى شَاذَّةٌ مِنْهَا: أَنَّ آدَمَ رَأَى فِيهِ حَوَّاءَ وَاجْتَمَعَ بِهَا، وَمِنْهَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ رَأَى فِي لَيْلَتِهِ أَنَّهُ يَذْبَحُ ابْنَهُ فَأَصْبَحَ مُتَفَكِّرًا يَتَرَوَّى، وَمِنْهَا أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَرَى فِيهِ إِبْرَاهِيمَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَمِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهِ مَنَاسِكَ الْحَجِّ. وَوَجْهُ شُذُوذِهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْأَوَّلِ لَكَانَ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ، أَوِ الثَّانِي لَكَانَ يَوْمَ التَّرَوِّي بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، أَوْ مِنَ الثَّالِثِ لَكَانَ مِنَ الرُّؤْيَا، أَوْ مِنَ الرَّابِعِ لَكَانَ مِنَ الرِّوَايَةِ.

(1)

وقال ابن قدامة: ويستحب أن يخرج الحاج محرمًا من مكة يوم التروية، فيصلي الظهر بمنى، ثم يقيم حتى يصلي بها الصلوات الخمس، ويبيت بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. كما جاء في حديث جابر، وهذا قول سفيان، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفاً. وليس ذلك واجباً في قولهم جميعاً.

قال ابن المنذر: ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم. وتخلفت عائشة ليلة التروية حتى ذهب ثلثا الليل، وصلى ابن الزبير بمكة. فإن صادف يوم التروية يوم جمعة، فمن أقام بمكة حتى تزول الشمس، ممن تجب عليه الجمعة، لم يخرج حتى يصليها؛ لأن الجمعة فرض، والخروج إلى منى في ذلك الوقت غير فرض. فأما قبل الزوال، فإن شاء خرج، وإن شاء أقام حتى يصلي، فقد روي أن ذلك وافق أيام عمر بن عبد العزيز، فخرج إلى منى. وقال عطاء: كل من أدركت يصنعونه، أدركتهم يجمع بمكة إمامهم ويخطب، ومرة لا يجمع ولا يخطب. فعلى هذا إذا خرج الإمام، أمر بعض من تخلف أن يصلي بالناس الجمعة. وقال أحمد: إذا كان والي مكة بمكة يوم الجمعة، يجمع بهم. قيل له: يركب من منى، فيجيء إلى مكة، فيجمع بهم؟ قال: لا، إذا كان هو بعد بمكة.

(2)

(1)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 3/ 507.

(2)

يُنظر "المغني" لابن قدامة 5/ 262.

ص: 615

[122/ 772]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ قَالَ: نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ جَائِعَانِ، بَاتَا فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ أَغْفَلَهَا أَهْلُهَا، يَفْتَرِسَانِ ويَأْكُلَانِ بِأَسْرَعَ فِيهَا فَسَادًا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَالشَّرَفِ فِي دِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ» . *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا عَبْدُ الْمَلِكِ الذِّمَارِيُّ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي سُفْيَان الثَّوْرِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: عَبْد الْمَلِكِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِي، وسُفْيَان بْن عُيَينة.

أما طريق عَبْد الْمَلِكِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِي: أخرجه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" ب/ أخذ المال من حقه (1/ 21 رقم 15)، وابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف"(1/ 297 رقم 411)، والطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 151 رقم 945)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 89)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 25 رقم 811)، (2/ 26 رقم 813)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 267 رقم 10266)، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَة، عَنْ عَبْد الْمَلِكِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِي.

أما طريق ابْن عُيَينة: أخرجه ابن عدي في "الكامل"(4/ 298)، والخطيب في "تلخيص المتشابه" (1/ 113). قال ابن عدي: وهذا وإن كان قد روي عن الثَّوْري فإنه من حديث ابن عُيَينة عن الثَّوْري غير محفوظ.

الوجه الثاني: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: قُطْبَة بْن الْعَلَاء بْن الْمِنْهَالِ الْغَنَوِي.

أخرجه يعقوب بن سفيان في "مشيخته"(1/ 109 رقم 141)، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" ب/ أخذ المال من حقه (1/ 23 رقم 17)، والبزار في "مسنده"(12/ 295 رقم 6129)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 487)، والطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 150 رقم 944)، وابن طرار النهرواني في "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي"(1/ 428)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 89)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(2/ 26 رقم 812)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 267 رقم 10265)، والضياء المقدسي في "المنتقي من مسموعات مرو"(1/ 33 رقم 49).

قال البزار: هَذَا الْحَدِيثُ لَا نعلمُهُ يُرْوَى عَن ابْنِ عُمَر إلاَّ مِن هَذَا الْوَجْهِ، ولَا نَعلم رَوَاهُ عَن عَبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ إلاَّ الثَّوْرِيّ، ولَا رَواه عَن الثَّوْرِيّ إلاَّ قُطْبَةُ بْنُ الْعَلاءِ.

وقال العُقيلي: لَمْ يُتَابِعْ قُطْبَةَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَحَدٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الذمَارِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُتَابِعِ الذمَارِيَّ عَلَيْهَا أَحَدٌ. وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ

ص: 616

بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَهَذَا يُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِأَسَانِيدَ صَالِحَةٍ.

وقال أبو نعيم، والبيهقي: تَفَرَّدَ بِهِ قُطْبَةُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الثَّوْرِيِّ مِنْ غَيْرِ وَجْه.

الوجه الثالث: الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: أَبُو قُرَّة مُوسَى بْنُ طَارِق.

أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 149 رقم 943)، والطبراني في "جزء فيه ما انتقى أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه على أبي القاسم الطبراني من حديثه لأهل البصرة"(1/ 258 رقم 123)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 89)، وابن نقطة في "الإكمال"(3/ 74)، وفي "التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد"(1/ 460)، والضياء المقدسي في "المختارة" (4/ 112 رقم 1323). وقال أبو نعيم: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو قُرَّةَ.

الوجه الرابع: عَنِ الثَّوريِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: عبد الصَّمد بْنِ حسَّان، وقَبِيصَة.

قَالَ أَبو حاتم: لَمْ أزَلْ أطلُبُ أَثَرَ هَذَا الحديثِ حَتَّى رأيتُ في كتاب عبد الصَّمد بْنِ حسَّان، عَنِ الثَّوري؛ قَالَ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ أَيْضًا قَبِيصَةُ عَنِ الثَّوري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو إِسْحَاقَ القُرَشِيُّ، السَّامِيُّ،

(2)

البَصْرِيُّ.

روي عَنْ: عَبْد الْمَلِك الذِّمَارِي، وابْن مهدي، ويحيى بْن سَعِيد القطان، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي، ومسلم، وأَبُو حَاتِم الرازي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين: ثقة معروف بالحديث مشهور بالطلب، كيس الكتاب، ولكنه يفسد نفسه يدخل في كل شيء. وقال الذهبي: ثقة حافظ يغرب. وقال الخليلي: حافظ كبير ثقة متفق عليه مخرج في الصحيحين. وقال ابن قانع، وابن نقطة: ثقة. وقال السمعاني: كان ثقة معروفا بالطلب حافظاً. وقال ابن حجر: ثقة حافظ تكلم أحمد في بعض سماعه. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحاكم: إمام من حفاظ الحديث. وقال صالح جزرة: ما رأيت أعلم بحديث أهل البصرة من القواريري، وابن المديني، وإبراهيم بن عرعرة. وقال عثمان بْن خرزاذ: أحفظ من رأيت أربعة، وذكر منهم إِبْرَاهِيْم بن عَرْعَرَة.

وقال أَبو حاتم، وعبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر: صدوق.

وقال إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَّزَاذَ لأحْمَد: يَا أَبَا عَبد اللَّهِ إِنَّ ابْنَ عَرْعَرَةَ يُحَدِّثُ! فَقَالَ: أُفٍّ لا يُبَالُونَ عَمَّنْ كَتَبُوا،

(1)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 56.

(2)

السَّامِيُّ: بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْألف وَفِي آخرهَا الْمِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى سامة بن لؤَي بن غَالب، ومن المشهورين بها: أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة. قاله السمعاني في "الأنساب" 7/ 16.

ص: 617

يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَرْعَرَة. وحاصله أنه "ثقة حافظ".

(1)

3) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو هشام الذِّمَارِيُّ.

(2)

(3)

روي عَنْ: سُفْيَان الثَّوْرِي، والقاسم بْن معن المسعودي، وأمية بن شبل الصنعاني، وآخرين.

روي عَنْه: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدِ بْن عَرْعَرَةَ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قَال الفلاس: ثقة، وَقَال فِي موضع آخر: كان صدوقاً. وذكره ابن حِبَّان في الثقات.

وقال ابن حجر: صدوق كان يُصحف.

وَقَال أَبُو حاتم، والدارقطني: ليس بالقوي. وَقَال أَبُو حاتم مرة: شيخ. وقال أبو زُرْعَة: منكر الحديث، وقال أحمد: كان يصحف ولا يحسن يقرأ كتابه. وقال الأثرم: سَمِعتُ أبا عَبد الله ذكره فقال: أتيناه قبل أن يدخل

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 2/ 130، "الثقات" 8/ 77، "سؤالات السجزي للحاكم" 1/ 99، "إكمال الإكمال" لابن نقطة 1/ 362، "تهذيب الكمال" 2/ 178، "الكاشف" 1/ 222، "الإكمال" 1/ 282، "التهذيب" 1/ 155، "التقريب" صـ 33.

(2)

الذِمَارِيُّ: بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم وَبعد الْألف رَاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى قَرْيَة بِالْيمن قريب صنعاء وَالْمَشْهُور بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا: عبد الْملك بن عبد الرَّحْمَن الذمارِي. يُنظر "اللباب" 1/ 531.

(3)

قلت: وقد وقع خلط بين ترجمة عَبْد الْمَلِك بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو هشام الذِّمَارِيُّ، وعَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن أَبُو الْعَبَّاس الشامي، فقال ابن حجر: وقد فرق أبو حاتم، والبخاري بين الشامي والذماري وكلاهما يروي عنه عمرو بن علي الفلاس قلت ــــ ابن حجر ــــ والصواب التفريق بينهما فأما الشامي: فهو المكنى بأبي العباس وهو الذي يروي عن الأوزاعي وإبراهيم بن أبي عبلة وهو الذي قال فيه البخاري: منكر الحديث وتبعه أبو زرعة وقال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي وضعفه عمرو بن علي. وأما الذماري فهو المكنى بأبي هشام واسم جده أيضاً هشام وهو الذي قال فيه أبو حاتم شيخ ولم يذكر فيه البخاري في التاريخ جرحاً ولا تعديلاً وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه عمرو بن علي وقال فيه أحمد: كان يصحف ولا يحسن يقرأ كتابه وعلق البخاري في أول الجنائز أثرا ذكره فيه ضمنًا قال وقيل لوهب بن منبه أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله الحديث وقد ذكرت سنده في ترجمة محمد بن سعيد بن رمانة شيخ عبد الملك وذكرت من وصله في تعليق التعليق. قلت: وأما ما ذكره ابن حجر عن البخاري في التفريق بينهما وبيان حالهما فصحيح، لكن ما ذكره عن أبي حاتم، وأبي زرعة في بيان حالهما فليس بصحيح، فقد قال ابن حجر: فأما الشامي: فهو المكنى بأبي العباس وهو الذي يروي عن الأوزاعي وإبراهيم بن أبي عبلة وهو الذي قال فيه أبو زرعة منكر الحديث، وقال فيه أبو حاتم ليس بالقوي، قلت ــــ الباحث ـــــ: وبالرجوع إلي كتاب ابن أبي حاتم يتبين أنهما لم يقولا ذلك في حق أَبُو الْعَبَّاس الشامي، وإنما قالا ذلك في حق أَبُو هشام الذماري، وأما قول ابن حجر: وأما الذماري فهو المكنى بأبي هشام واسم جده أيضاً هشام وهو الذي قال فيه أبو حاتم شيخ. قلت: بالرجوع إلي كتاب ابن أبي حاتم أيضاً يتبين أن ابن أبي حاتم ذكر الذماري هذا مرة أخري بعد ثلاث وستين ترجمة من الترجمة الأولي 5/ 374. وقال: سألت أبي عنه فقال: شيخ، قلت: وعلي هذا فيحمل الكلام علي أن أبو حاتم قال في الذماري هذا مرة: ليس بالقوي، ومرة أخري قال: شيخ. وصنيع الحافظ المزي يدل علي ذلك فإنه قال: قال فيه أبو زُرْعَة: منكر الحديث، وَقَال أَبُو حاتم: ليس بالقوي، وَقَال فِي موضع آخر: شيخ. قلت: وذلك جمعاً بين أقوال العلماء عليهم رحمة الله. قلت: وقد خلط الذهبي بينهما، ونبه ابن حجر علي ذلك في اللسان فقال خلطهما المؤلف ــ أي الذهبي ــ وليس كذلك. وقال ابن حجر في التقريب: عبد الملك بن عبد الرحمن أبو هشام الذماري: صدوق كان يصحف، وعبد الملك بن عبد الرحمن الشامي أبو العباس ضعيف، ووهم من خلطه بالذي قبله. يُنظر "التاريخ الكبير" 5/ 422، "المغني في الضعفاء" 2/ 12، "لسان الميزان" 5/ 267، "التهذيب" 6/ 400.

ص: 618

صنعاء فإذا عنده عن سفيان، وإذا فيها خطأ كثير، وإذا هو يصحف يقول: الحارث بن خُضَيْرة، ومثل هذا. وحاصله أنه "صدوق يخطئ".

(1)

4) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

5) دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، واسمه سويد التميمي البرجمي، أَبُو الْجَحَّافِ الْكُوفِيُّ.

روي عَنْ: أبي حَازِم الْأَشْجَعِي، وعاصم بْن بهدلة، وعامر الشعبي، وآخرين.

روي عَنْه: سُفْيَان الثَّوْرِي، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وشَرِيك بْن عَبد اللَّهِ النخعي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قالَ أحمد، وابن معين: ثِقَة. وذكره ابنُ حِبَّان، وابن شاهين في الثقات، وَقَال ابن حبان: يخطئ.

وقال عَبد اللَّهِ بْن دَاوُدَ: كان سُفْيَان الثَّوْرِي يوثقه ويعظمه. وَقَال سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مرة: كان مرضياً.

وقال الذهبي، وابن حجر: صدوق، وزاد الذهبي: يُغرب، وزاد ابن حجر: ربما أخطأ. وقال الذهبي مرة: صويلح. وَقَال أبو حاتم: صالح الحديث. وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس.

وقال الأزدي: ضعيف. وذكره العقيلي في الضعفاء. وَقَال ابْن عدي: لم أر لمن تكلم فِي الرجال فيه كلاماً، وهو عندي ليس بالقوي، ولا ممن يحتج بِهِ فِي الحديث. وحاصله أنه "صدوق ربما أخطأ".

(2)

6) سَلْمَانُ أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ الكُوْفِيُّ. مَوْلَى عَزَّةَ الأَشْجَعِيَّةِ.

روي عَنْ: أبي هُرَيْرة، والحسن، والْحُسَيْن، ومَوْلَاته عَزَّةَ الأَشْجَعِيَّة، وآخرين.

روي عَنْه: أَبُو الْجَحَّاف دَاوُد بْن أَبِي عَوْف، والأعمش، ومنصور بْن المعتمر، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وأَحْمَد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأبو دَاوُد، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن سعد: له أحاديث صالحة، وقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة. وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة".

(3)

7) أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (8).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد يعقوب بن سفيان في مشيخته

"

1) أَبُو سُفْيَانَ قُطْبَةُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْغَنَوِيُّ: قال العقيلي: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وقال الْبُخَارِي: عَنْ أَبِيهِ، وَسُفْيَان، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أبو زرعة: يحدث عن

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 5/ 355، "الثقات" لابن حبان 8/ 386، "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 2/ 559، "تهذيب الكمال" 18/ 335، "الإكمال" 8/ 318، "التهذيب" 6/ 400، "التقريب" صـ 304.

(2)

يُنظر "العلل" لأحمد 1/ 487، "الضعفاء" للعقيلي 2/ 37، "الجرح والتعديل" 3/ 421، "الثقات" 6/ 280، "الكامل"3/ 544، "تهذيب الكمال" 8/ 434، "المغني" 1/ 334، "تاريخ الإسلام" 3/ 858، "الإكمال" 4/ 261، "التقريب" صـ 139.

(3)

يُنظر "الثقات" للعجلي 1/ 423، "الثقات" لابن حبان 4/ 333، "الثقات" لابن شاهين 1/ 102، "تهذيب الكمال" 11/ 259، "السير" 5/ 7، "الإكمال" 5/ 441، "التهذيب" 4/ 140، "التقريب" صـ 186.

ص: 619

سفيان بأحاديث منكرة.

(1)

2) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته في حديث رقم (14).

3) عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَار القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ: "ثقة" ستأتي ترجمته في حديث رقم (215).

4) عَبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (23).

‌ثالثاً: دراسة إسناد الوجه الثالث: "إسناد الطبراني في المعجم الصغير

"

1) مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَجَّاجِ الزُّبَيْدِيُّ: مجهول.

2) أَبُو حُمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُف الزُّبَيْدِيُّ: قال ابن حجر: صدوق.

(2)

3) أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِق اليماني: قال ابن حجر: ثقة يُغرب.

(3)

4) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته حديث رقم (14).

5) سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ: قال ابن حجر: ثقة عابد.

(4)

6) أَبو عُثْمَان النَّهْدِيُّ: "ثقة يرسل" سبقت ترجمته حديث رقم (48).

7) أُسَامَةُ بْنُ زَيْد بن حارثة: "صحابي".

(5)

‌رابعاً: دراسة إسناد الوجه الرابع:

1) عبد الصَّمد بْنِ حسَّان المروزي: قال الذهبي: صدوق إن شاء الله.

(6)

2) قَبِيصَة بن عقبة بن محمد بن سفيان السوائي، أبو عامر الكُوفيُّ: قال ابن حجر: صدوق ربما خالف.

(7)

3) سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: "ثقة حافظ أمير المؤمنين في الحديث" سبقت ترجمته حديث رقم (14).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي سُفْيَان الثَّوْرِي، واختلف عنه من أوجه:

الوجه الأول: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِي، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَينة.

قال أبو نعيم: تَفَرَّدَ بِهِ الذِّمَارِيُّ وَلَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ. قلت والذِّمَارِي هذا صدوق يخطئ.

(1)

يُنظر "الضعفاء الكبير" للعقيلي 3/ 486، "الجرح والتعديل" 7/ 142.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 449.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 483.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 192.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 38.

(6)

يُنظر "ميزان الاعتدال" 2/ 620.

(7)

يُنظر "التقريب" صـ 389.

ص: 620

وقال الأثرم: سَمِعتُ أبا عَبد الله ذكره فقال: أتيناه قبل أن يدخل صنعاء فإذا عنده عن سفيان، وإذا فيها خطأ كثير. وأما سُفْيَان بْن عُيَينة فثقة ثبت حجة لكن قال ابن عدي: وهذا وإن كان قد روي عن الثَّوْريّ فإنه من حديث ابن عُيَينة عن الثَّوْريّ غير محفوظ.

الوجه الثاني: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.

ورواه عَنْ الثَّوْرِي بهذا الوجه: قُطْبَة بْن الْعَلَاءِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْغَنَوِيُّ. وقُطْبَة هذا قال فيه أبو زرعة: يحدث عن سفيان بأحاديث منكرة. قال البزار: هَذَا الْحَدِيثُ لَا نعلمُهُ يُرْوَى عَن ابْنِ عُمَر إلاَّ مِن هَذَا الْوَجْهِ، ولَا نَعلم رَوَاهُ عَن عَبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ إلاَّ الثَّوْرِي، ولَا رَواه عَن الثَّوْرِي إلاَّ قُطْبَة بْن الْعَلاءِ. وقال العُقيلي: لَمْ يُتَابِعْ قُطْبَة عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَحَدٌ عَنِ الثَّوْرِي. وَقَالَ الذمَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُتَابِعِ الذمَارِيَّ عَلَيْهَا أَحَدٌ. وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَهَذَا يُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِأَسَانِيدَ صَالِحَةٍ. وقال أبو نعيم، والبيهقي: تَفَرَّدَ بِهِ قُطْبَةُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الثَّوْرِيِّ مِنْ غَيْرِ وَجْه.

الوجه الثالث: الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِي، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِي، عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: أَبُو قُرَّة مُوسَى بْنُ طَارِق وهو ثقة يُغرب كما قال ابن حجر لكن في الطريق إليه مُحَمَّد بْن شُعَيْب بْن الْحَجَّاج الزُّبَيْدِي: مجهول.

الوجه الرابع: عَنِ الثَّوري، أَنَّهُ بَلَغَهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ورواه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِي بهذا الوجه: عبد الصَّمد بْنِ حسَّان، وقَبِيصَة. وهما صدوقان.

قَالَ أَبو حاتم: لَمْ أزَلْ أطلُبُ أَثَرَ هَذَا الحديثِ حَتَّى رأيتُ في كتاب عبد الصَّمد بْنِ حسَّان، عَنِ الثَّوري؛ قَالَ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ أَيْضًا قَبِيصَةُ عَنِ الثَّوري: قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ الوجه الرابع هو الوجه الراجح وذلك لما يلي:

1) ضعف الأوجه الثلاثة الأولي وأنها غير محفوظة كما سبق بيان ذلك. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا أَصلَ لحديثِ قُطْبَة، ولا لحديث عبد الملك الذِّمَاري.

2) وقال ابن أبي حاتم قلت لأبِي وَأَبَا زُرْعَةَ أيهما أصح حديث قُطْبَة بن العلاء، عن الثَّوري، أم حديث عبد المَلِكِ الذِّمَارِي، عن الثَّوري؟ فَقَالا: جَمِيعًا واهِيَانِ، والصَّحيحُ: عَنِ الثَّوريِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

(1)

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَرَى أَنْ يكونَ أخَذَ الثَّوريُّ هَذَا الحديثَ عن زكريَّا بْن أَبِي زائدة، عَنْ محمد بن عبد الرحمن بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرارَة، عَنْ ابْنِ كَعْب بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبيه كَعْبِ بْنِ مَالِك رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

قلت: وحديث كَعْبِ بْنِ مَالِك هذا أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ.

(2)

قال فيه الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وقال البغوي: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

(1)

يُنظر "العلل" لابن أبي حاتم 5/ 56.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 338 رقم 498)، وأحمد في "مسنده"(25/ 61 رقم 15784)، والدارمي في "سننه" ك/ الرقاق ب/ مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ (3/ 1795 رقم 2772)، والترمذي في "سننه" ك/ الزهد (4/ 588 رقم 2376)، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" ب/ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ (1/ 20 رقم 14)، والنسائي في "الكبري" ك/ الرَّقَائِقِ (10/ 386 رقم 11796)، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان ك/ الزكاة ب/ مَا جَاءَ فِي الْحِرْصِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْحِرْصِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ، إِذْ هُمَا مُفْسِدَانِ لِدِينِهِ. (8/ 24 رقم 3228)، والطبراني في "الكبير"(19/ 96 رقم 189)، والبيهقي في "الآداب"(1/ 322 رقم 974)، والبغوي في "شرح السنة" ك/ الرقاق ب/ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ (14/ 257 رقم 4054)

ص: 621

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول المرجوح ــــ "إسناده شاذ" فيه: عبد الملك الذِّمَارِي: صدوق يخطئ. قال أحمد عنده عن سفيان خطأ كثير.

وأما الحديث بالوجه الثاني ـــــ المرجوح ـــــ إسناده منكر" فيه: قُطْبَة بْن الْعَلَاءِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْغَنَوِيُّ. قال فيه أبو زرعة: يحدث عن سفيان بأحاديث منكرة. وأما الحديث بالوجه الثالث ـــــ المرجوح ـــــ "إسناده شاذ" فيه: أَبُو قُرَّة مُوسَى بْنُ طَارِق ثقة يُغرب.

وأما الحديث بالوجه الرابع ـــــ الراجح ــــــ إسناده ضعيف لانقطاعه.

قلت: وللحديث من وجهه الراجح شواهد من أمثلها حديث كعب بن مالك الذي سبق بيانه.

وكذلك حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى عَقِيلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ جَائِعَانِ فِي غَنَمٍ، تَفَرَّقَتْ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِهَا وَالْآخَرُ فِي آخِرِهَا، بِأَسْرَعَ فِيهَا فَسَادًا مِنِ امْرِئٍ إِلَى دِينِهِ يَبْغِي شَرَفَ الدُّنْيَا وَمَالَهَا.

(1)

قلت: إسناده حسن لأجل: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْن عَقِيلِ بْن أَبِي طَالِب: فهو حسن الحديث.

(2)

وعلي هذا فيرتقي الحديث من وجهه ــــ الراجح ــــ بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا عَبْدُ الْمَلِكِ الذِّمَارِيُّ.

قلت: وليس الأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان فلم يتفرد عَبْد الْمَلِك الذِّمَارِي برواية هذا الحديث عَنْ سُفْيَان الثوري بل تابعه ابن عُيَينة. قلت: لكن قال ابن عدي: وهذا وإن كان قد روي عن الثَّوْري فإنه من حديث ابن عُيَينة عن الثَّوْري غير محفوظ. قلت: وهذا من حيث الوجه الأول عن الثوري ـــ رواية الباب ـــ وإلا فقد رواه عن الثوري آخرين وذلك بالأوجه الأخري كما سبق بيان ذلك في التخريج.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" ب/ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ (1/ 22 رقم 16)، وفي "الزهد"(1/ 155 رقم 374)، وأبو يعلي الموصلي في "مسنده"(11/ 331 رقم 6449)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(3/ 197 رقم 2314).

(2)

يُنظر ترجمته في حديث رقم 115.

ص: 622

قال الطيبي رحمه الله تعالى: معناه ليس ذئبان جائعان أرسلا في جماعة من جنس الغنم بأشد إفساداً لتلك الغنم من حرص المرء على المال والجاه، فإن إفساده لدين المرء أشد من إفساد الذئبين الجائعين لجماعة من الغنم إذا أرسلا فيها، أما المال فإفساده أنه نوع من القدرة يحرك داعية الشهوات، ويجر إلى التنعيم في المباحات، فيصير التنعم مألوفاً، وربما يشتد أنسه بالمال، ويعجز عن كسب الحلال، فيقتحم في الشبهات مع أنها ملهية عن ذكر الله تعالى، وهذه لا ينفك عنها أحد، وأما الجاه فكفى به إفساداً أن المال يُبذل للجاه، ولا يُبذل الجاه للمال وهو الشرك الخفي، فيخوض في المراءاة والمداهنة والنفاق، وسائر الأخلاق الذميمة، فهو أفسد وأفسد.

(1)

(1)

يُنظر "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" لعلي القاري 9/ 376.

ص: 623

[123/ 773]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا [لَاتَّخَذْتُ]

(1)

أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ. وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ». *لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُغِيرَةَ إِلَّا جَرِيرٌ.

(2)

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود.

ورواه عَنْ جرير بهذا الوجه: الْفَيْض بْن وَثِيقٍ الثَّقَفِي، وعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْر بْن حَرْب، وَإِسْحَاق بْن راهويه، ويوسف بن موسى القطان.

أما طريق الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي: أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــــ رواية الباب ــــــ، وفي "المعجم الكبير"(10/ 129 رقم 10107) بسنده ومتنه سواء.

وأما طريق عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (4/ 1855 رقم 2383)،

وَأما طريق زُهَيْرُ بْنُ حَرْب: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (4/ 1855 رقم 2383)، وأبو يعلي في "مسنده"(9/ 80 رقم 5149)، وابن عساكر في "تاريخه"(30/ 236).

وَأما طريق إِسْحَاقُ بْنُ راهويه: أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (4/ 1855 رقم 2383)، وابن عساكر في "تاريخه"(30/ 235).

وأما طريق يوسف بن موسى القطان: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(30/ 235)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(7/ 1349 رقم 2409).

خمستهم: الْفَيْض بْن وثيق، وعُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْر، وَابن راهويه، ويوسف بن موسى القطان، عَنْ جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَة، عَنْ وَاصِل به بنحوه عدا قوله: وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ. فهذا الزيادة رواها الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ والْفَيْض ضعيف. لكن تابعه علي هذه الزيادة: زُهَيْرُ بْنُ حَرْب كما عند أبو يعلي، وابن عساكر.

(1)

في الأصل "لَا اتَّخَذْتُ" بزيادة ألف.

(2)

(ق/ 45/ أ).

ص: 624

الوجه الثاني: جَرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّه.

أ - تخريج الوجه الثاني: رواه عَنْ جرير بهذا الوجه: إِسْحَاق بْن راهويه.

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْر رضي الله عنه (4/ 1856 رقم 2383).

ب - متابعات للوجه الثاني: وقد تابع جرير علي هذا الوجه: سُفْيَان الثوري، وَوَكِيع بن الجراح، وأَبُو مُعَاوِيَة الضرير، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، وأَبُو عَوَانَة، وزائدة، وإِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا.

أما متابعة سُفْيَان الثوري: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (4/ 1856 رقم 2383)، والحميدي في "مسنده"(1/ 216 رقم 113)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1/ 166 رقم 157)، (1/ 388 رقم 587)، وفي "مسنده"(3/ 497 رقم 3580)، (6/ 424 رقم 3880)، والنسائي في "فضائل الصحابة"(1/ 4 رقم 4)، وفي "السنن الكبرى" ك/ الْمَنَاقِبِ مَنَاقِبُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالنِّسَاءِ ب/ فَضْل أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (7/ 294 رقم 8051)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بَيَان مُشْكِل حَدِيث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الله (3/ 40 رقم 1008)، وابن حبان في "صحيحه"(الإحسان ك/ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَة ب/ ذِكْرُ إِرَادَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَّخِذَ الصِّدِّيقَ خَلِيلًا (15/ 270 رقم 6855)، وابن عساكر في "تاريخه"(30/ 237)، وأبو طاهر السلفي في "الجزء الثاني من المشيخة البغدادية"(1/ 9 رقم 7).

وأما متابعة وَكِيع بن الجراح: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (4/ 1856 رقم 2383)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 172 رقم 248)، وفي "مصنفه" ك/ الفضائل ب/ ما أعطي الله تعالي محمداً صلى الله عليه وسلم (11/ 34 رقم 32253)، وفي ك/ الفضائل ب/ ما ذكر في أبي بكر الصديق (11/ 100 رقم 32459)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1/ 165 رقم 155)، (1/ 426 رقم 671)، وفي "مسنده"(3/ 546 رقم 3689)، (7/ 192 رقم 4121)، وابن ماجة في "سننه"(1/ 36 رقم 93)، والبزار في "مسنده"(5/ 420 رقم 2053)، وابن ثرثال في "جزئه"(1/ 86 رقم 225)"ضمن مجموع مطبوع باسم الفوائد لابن منده"، وابن عساكر في "تاريخه"(30/ 237).

وأما متابعة أَبُو مُعَاوِيَة الضرير: أخرجها مسلم في "صحيحه" ك/ فَضَائِل الصَّحَابَة رضي الله عنهم ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (4/ 1856 رقم 2383)، وابن أبي شيبة في "مسنده"(1/ 172 رقم 248) في "مصنفه" ك/ الفضائل ب/ ما أعطي الله تعالي محمداً صلى الله عليه وسلم (11/ 34 رقم 32253)، وفي ك/ الفضائل ب/ ما ذكر في أبي بكر الصديق (11/ 100 رقم 32459)، وابن أبي عاصم في "السنة" ب/ مَا ذُكِر مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (2/ 576 رقم 1226)، وأبو القاسم المهرواني في "الفوائد المنتخبة"(2/ 789 رقم 85)، وابن الفراء البغوي في "شرح السنة"(14/ 78 رقم 3867)، وابن عساكر في "معجمه"(1/ 172 رقم 195)

وأما متابعة أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش: أخرجها أحمد في "فضائل الصحابة"(1/ 421 رقم 658)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بَيَان مُشْكِل حَدِيث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ. (3/ 38 رقم 1004)، وأَبُو الْفَضْل الزُّهْرِي (1/ 563 رقم 609)، وابن عساكر في

ص: 625

"معجمه"(1/ 465 رقم 562)، والذهبي في "تذكرة الحفاظ"(1/ 293).

وأما متابعة زُهَيْرُ بْنُ حَرْب: أخرجها أبو يعلي في "مسنده"(9/ 111 رقم 5180).

وأما متابعة أَبُو عَوَانَة: أخرجها الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ب/ بَيَان مُشْكِل حَدِيث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الله (3/ 38 رقم 1005).

وأما متابعة زائدة: أخرجها ابن عساكر في "معجمه"(1/ 61 رقم 58).

وأما متابعة إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا: أخرجها أبو طاهر السلفي في "الجزء الثاني والعشرون من المشيخة البغدادية"(1/ 76 رقم 81).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ـــ رواية الباب

ـــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الثَّقَفِيُّ: "ضعيف يعتبر به" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

3) جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الضَّبِّيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (120).

4) المُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضَّبِّيُّ، أَبُو هِشَامٍ الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، الأَعْمَى.

روي عَنْ: وَاصِل بْن حَيَّانَ، وعامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، وآخرين.

روي عَنْه: جَرِيْر بن عَبْد الحَمِيْد الضَّبِّي، وسفيان الثوري، وزهير بْن معاوية، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، والعجلي، وابْن مَعِين، وأَبو حَاتِم، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثِّقَة، وزاد ابْن مَعِين: مأمون، وزاد ابن حجر: متقن. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال مغيرة عن نفسه: ما وقع فِي مسامعي شيء فنسيته. روى له الجماعة.

وقد وصف بالتدليس: قال ابن فضيل: كان يدلس فلا نكتب إلا ما قال ثنا إبراهيم. وقال إسماعيل القاضي: ليس بقوي فيمن لقي لأنه يدلس فكيف إذا أرسل. وقَالَ أحْمَد: عَامَّة حَدِيثه عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مَدْخُول عامته سَمعه من حَمَّاد وَمن يزِيد بن الْوَلِيد وَمن الْحَارِث الْعجلِيّ وَجعل أحْمَد يضعف حَدِيثه عَن إِبْرَاهِيم. وقَالَ مرة: مُغِيرَةُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، ذَكِيٌّ، حَافِظٌ، فِي رِوَايَتِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ضَعْفٌ. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عمار إِنَّمَا سمع من إِبْرَاهِيم ثَلَاث مائَة وَسبعين حَدِيثاً يَعْنِي وَيُدَلس الْبَاقِي. وَقَالَ أبو دَاوُد: سمع من إِبْرَاهِيم مائَة وَثَمَانِينَ حَدِيثاً. قال العجلي: كَانَ يُرْسل الحَدِيث عَن إِبْرَاهِيم وَإِذا أُوقف أخْبرهُم عَمَّن سَمعه، وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب الموصوفين بالتدليس، وقال: كان يدلس لاسيما عن إبراهيم.

قلت: وأقوال هؤلاء العلماء تدل علي تدليس المغيرة عن إبراهيم النخعي فقط،

لكن قَالَ ابن المديني: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِي في المسند عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا رَوَى الْأَعْمَش، وَمُغِيرَة بن مقسم كَانَ أَعْلَم النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ مَا سَمِعَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَسْمَعْ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِهِ مِنْهُ حَمَلَ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ. وقال أبو داود: كان لا يدلس. قال ابن حجر: وكأنه أراد ما حكاه العجلي أنه كان يرسل عن إبراهيم فإذا وقف أخبرهم ممن سمعه. وقال الذهبي: مُغِيرَة إمام ثقة، لكن لين أحمد روايته عن ابراهيم النخعي فقط، مع أنها في

ص: 626

الصحيحين، قلت ــــ الباحث ـــــ: فكما قال الذهبي فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن مُغِيرَة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي بالعنعنة دون صيغة التحديث

(1)

فحاصله أنه "ثقة" والله أعلم.

(2)

5) وَاصِلُ بْنُ حَيَّانَ الأحدب الأسديُّ الكوفيُّ بياع السَابَري.

(3)

روي عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْل، وزر بن حبيش الأسدي، وشقيق بن سلمة، وآخرين

روي عَنْه: مُغِيرَة بْن مِقْسَم الضَّبِّي، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، وابْن مَعِين، والبزار، ويعقوب بن سفيان، وأَبُو دَاوُد، والنَّسَائي، وابن حجر: ثقة، وزاد ابن مَعِين، وابن حجر: ثبت. وذكره ابن حِبَّان فِي الثقات. وَقَال أبو حاتم: صدوق، صَالِح الحَدِيث. روى له الجماعة. وحاصله أنه "ثقة ثبت".

(4)

6) عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الهُذَيْلِ العَنَزِيُّ، أَبُو المُغِيْرَة الكُوْفِيُّ.

روي عَنْ: عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود، وعُمَر بْن الخطاب، وعلي بْن أَبي طالب، وآخرين.

روي عَنْه: وَاصِل بْن حَيَّان، والأجلح بْن عَبد اللَّهِ الكندي، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال العجلي، والنَّسَائي، والذهبي، وابن حجر: ثقة. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات. وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ أَبِي بَكْر رضي الله عنه مُرْسَل. وحاصله أنه "ثقة" يرسل عَنْ أَبِي بَكْر رضي الله عنه.

(5)

7) عَوْف بن مَالك بن نَضْلَة الْجُشَمِي، أَبُو الْأَحْوَص الكُوفِيٌ:"ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

8) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُود رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (33).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: أخرجه مسلم في "صحيحه" وهذا كافٍ في إثبات صحته

.

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيد، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: جَرِير بْن عَبْدِ الْحَمِيد، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ الضَّبِّي، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود.

(1)

أخرج له البخاري في "صحيحه" أحاديث برقم (4/ 125 رقم 3287)، (5/ 25 رقم 3743، 3742)، (5/ 28 رقم 3761). وعند مسلم في "صحيحه" أحاديث برقم (1/ 119 رقم 133)، (1/ 239 رقم 288)، (1/ 566 رقم 824)، (2/ 976 رقم 827).

(2)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 293، "سؤالات الآجري أبا داود السجستاني" 1/ 173، "الجرح والتعديل" 8/ 228، "المعرفة والتاريخ" للفسوي 3/ 14، "الثقات" 7/ 464، "الثقات" لابن شاهين 1/ 219، "تهذيب الكمال" 28/ 397، "ميزان الاعتدال" 4/ 165، "جامع التحصيل" للعلائي 1/ 284، 110، "التهذيب" 10/ 269، "طبقات المدلسين" 1/ 46، "التقريب" صـ 475.

(3)

السَاْبَريُّ: بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْألف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخرهَا الرَّاء هَذِه النِّسْبَة إِلَى نوع من الثِّيَاب يُقَال لَهُ السَاْبَري. يُنظر "اللباب" لابن الأثير 2/ 89.

(4)

يُنظر "الثقات" للعجلي 2/ 338، "سؤالات الآجري أبا داود السجستاني" 1/ 101، "الجرح والتعديل" 9/ 29، "الثقات" لابن حبان 7/ 558، "تهذيب الكمال" 30/ 400، "الإكمال" 12/ 199، "التقريب" صـ 509.

(5)

"الثقات" للعجلي 2/ 65، "المراسيل" 1/ 112، "الثقات" 5/ 49، "التهذيب" 16/ 244، "الكاشف" 1/ 605، "التقريب" صـ 270.

ص: 627

ورواه عَنْ جرير بهذا الوجه: الْفَيْض بْن وَثِيق، وعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وابْن راهويه، ويوسف بن موسى القطان. وأخرج مسلم هذا الوجه في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك في التخريج.

الوجه الثاني: جَرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّه.

ورواه عَنْ جرير بهذا الوجه: إِسْحَاق بْن راهويه. وقد تابع جرير علي هذا الوجه: سُفْيَان الثوري، وَوَكِيع بن الجراح، وأَبُو مُعَاوِيَة الضرير، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، وأَبُو عَوَانَة، وزائدة، وإِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا. وأخرج مسلم هذا الوجه في "صحيحه" أيضاً كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق أنَّ هذا الحديث محفوظ بكلا الوجهين وذلك لما يلي:

1) رواية الأكثر عدداً في الوجه الأول، وإخراج مسلم له في "صحيحه".

2) المتابعات في الوجه الثاني وإخراج مسلم لبعض هذه المتابعات في "صحيحه".

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: الْفَيْض بْن وَثِيق الثَّقَفِي: ضعيف يُعتبر به.

قلت: لكن تابعه عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْر بْن حَرْب، وَإِسْحَاق بْن راهويه. وأخرج مسلم هذه المتابعات في "صحيحه" كما سبق بيان ذلك في التخريج.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ. فهذا الزيادة رواها الْفَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ والْفَيْض ضعيف. قلت: لكن تابعه علي هذه الزيادة: زُهَيْر بْن حَرْب كما في رواية أبو يعلي، وابن عساكر. وعلي هذا فيرتقي الحديث بمتابعاته من الضعيف إلي الحسن لغيره.

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُغِيرَةَ إِلَّا جَرِيرٌ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌سادساً: التعليق علي الحديث:

فِي هذا الحديث فضيلة ظَاهِرَةٌ لِأَبِي بَكْر رضي الله عنه إذ لو اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خليلاً لا تخذ من علي رأس صحابته أبو بكر رضي الله عنه. قالَ الْقَاضِي عياض: أَصْلُ الْخُلَّةِ الافتقار وَالِانْقِطَاعُ فَخَلِيلُ اللَّهِ الْمُنْقَطِعُ إِلَيْهِ وَقِيلَ لِقَصْرِهِ حَاجَتَهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ الْخُلَّة الِاصْطِفَاء وَسُمِّيَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلًا لِأَنَّهُ وَالَى فِي اللَّهِ تَعَالَى وَعَادَى فِيهِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ بِخِلَالٍ حَسَنَةٍ وَأَخْلَاقٍ كَرِيمَةٍ وَخُلَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ نَصْرُهُ وَجَعْلُهُ إِمَامًا لمن بعده وَقِيلَ الْخَلِيلُ مَنْ لَا يَتَّسِعُ قَلْبُهُ لِغَيْرِ خَلِيلِهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ حُبَّ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُبْقِ فِي قَلْبِهِ مَوْضِعًا لِغَيْرِهِ. وَقَدْ ثَبَتَتْ خُلَّةُ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِلَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خَلِيلٌ غَيْرُهُ. قال النووي: وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم فَلَا يُخَالِفُ هَذَا لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ يَحْسُنُ فِي حَقِّهِ الِانْقِطَاعُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

(1)

(1)

يُنظر "شرح صحيح مسلم" للنووي 15/ 150.

ص: 628

[124/ 774]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «بُعِثَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ثَمَانِيَةِ آلَافِ نَبِيٍّ، مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ [آلَافٍ]

(1)

مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

*لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ. وَرَوَاهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

هذا الحديث مداره علي يَزِيد الرَّقَاشِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: يَزِيد الرَّقَاشِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك موقوفاً.

ورواه عَنْ يَزِيد الرَّقَاشِي بهذا الوجه: صَفْوَان بْن سُلَيْم.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ـــــ رواية الباب ــــــ عَنْ أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْم به.

والحاكم في "المستدرك" ك/ تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين ب/ ذكر نبي الله وروحه عيسي بن مريم صلوات الله وسلامه عليهم (2/ 653 رقم 4167)، من طريق إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر به بنحوه.

الوجه الثاني: يَزِيد الرَّقَاشِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك مرفوعاً.

ورواه عَنْ يَزِيد بهذا الوجه: مَعْبَد بْن خَالِدٍ الْأَنْصَارِي، ومُوسَى بْن عُبَيْدَة الرَّبَذِي، وابْن الْمُنْكَدِر.

أما طريق مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْصَارِي: أخرجه أبو يعلي الموصلي في "مسنده"(7/ 131 رقم 4092)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 309)، والحاكم في "المستدرك" ك/ تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين ب/ ذكر نبي الله وروحه عيس ابن مريم صلوات الله وسلامه عليهم (2/ 653 رقم 4170).

وأما طريق مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ: أخرجه أبو يعلي الموصلي في "مسنده"(7/ 159 رقم 4132)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 53)، وأبو القاسم القزويني في "التدوين في أخبار قزوين"(1/ 270).

وأما مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر فاختلف عنه من طريقين:

الطريق الأول: مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ يَزِيد الرقاشي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك. ورواه عَنْ ابْن الْمُنْكَدِر بهذا الطريق: سَعِيد بْن سَلَمَة بْن أَبِي الْحُسَام.

أخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد الشهير بالغيلانيات"(1/ 583 رقم 756)، وابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الأمم والملوك"(2/ 143).

(1)

في الأصل "ألف"

ص: 629

الطريق الثاني: مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر، عَنْ صَفْوَان بْن سُلَيْم، عَنْ أَنَس بْن مَالِك.

ورواه عَنْ ابْن الْمُنْكَدِر بهذا الطريق: زِيَاد بْن سَعْد. وعن زِيَاد مُسْلِم بْن خَالِد الزَّنْجِي.

أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1/ 173 رقم 295)، وأبو علي بن شاذان في "الثامن من أجزائه"(1/ 49 رقم 48)، وفي "الأول من حديثه"(1/ 112 رقم 111)، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(7/ 301 رقم 3205)، وابن بشران في "الجزء الأول والثاني من فوائده عن شيوخه"(1/ 192 رقم 580)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 162)، وابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الأمم والملوك" ب/ عدد الأنبياء والمرسلين (2/ 144)، والضياء المقدسي في "المنتقي من مسموعات مرو"(1/ 150 رقم 247)، والبخاري في "الضعفاء" كما في "تهذيب الكمال" للمزي (4/ 103)، والسبكي في "طبقات الشافعية"(4/ 258)، وأبو بكر الإسماعيلي كما في "البداية والنهاية" لابن كثير (3/ 91)، وابن كثير في "تفسيره" تفسير سورة النساء (2/ 471).

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

‌أولاً: دراسة إسناد الوجه الأول: "إسناد الطبراني" ــــ رواية الباب

ــــ.

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) إِبْرَاهِيْم بن المُنْذِر الحِزَامِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (117).

3) إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ الْمَدَنِيُّ مَولَى سعد بْن أَبي وقاص، الزُّهرِي، القُرَشِيّ.

روي عَنْ: أبيه، وَصَفْوَان بْن سُلَيْم، وعُمَر بْن حَفْص بْن ذَكْوَان، وغيرهم.

روي عَنْه: إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر الْحِزَامِيُّ، ومعن بن عيسى الأشجعي.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن مَعِين: صالح، ليس به بأس.

- وقال النسائي، والذهبي، وابن حجر: ضعيف. وقال الدارقطني: يعتبر به. وذكره أبو زرعة، والعقيلي في الضعفاء. وقال ابن عدي: لم أجد له أنكر من حديث: "قَرَأَ طَهَ وَيَاسِينَ"، وَبَاقِي أَحَادِيثِهِ صَالِحَة.

- وقَال الْبُخَارِي، وابن طاهر المقدسي: مُنْكَر الْحَدِيث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث وليس بالمتروك. وقال مرة: شيخ. وقال ابن حبان: مُنكر الْحَدِيث جداً لَا يُعجبنِي الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا انْفَرد وَكَانَ ابْن معِين يمرض القَوْل فِيهِ. وقال ابن طاهر مرة: كذاب. وحاصله أنه "ضعيف يُعتبر به".

(1)

4) صَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ المَدَنِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ.

روي عَنْ: يَزِيد الرَّقَاشِي، وذكوان أبي صالح السمان، وسَعِيد بن المُسَيّب، وغيرهم.

روي عَنْه: إِبْرَاهِيم بْن الْمُهَاجِر بْن مِسْمَار، وسفيان الثوري، ومحمد بن المنكدر، وغيرهم.

(1)

يُنظر "التاريخ الأوسط" للبخاري" 2/ 204، "الضعفاء" لأبو زرعة 2/ 598، "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 146، "الضعفاء الكبير" 1/ 66، "الجرح والتعديل" 2/ 133، "المجروحين" 1/ 108، "الكامل" 1/ 352، "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني 1/ 107، "تذكرة الحفاظ" لابن طاهر المقدسي 1/ 81، "السير" 10/ 691، "التقريب" صـ 34.

ص: 630

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد، وَأَحْمَد، والعجلي، وأَبُو حاتم، وابْن عُيَيْنَة، وابْن المَدِيْنِي، والنَّسَائي، والمنتجالي، ويعقوب بن شَيْبَة، والذهبي، وابن حجر: ثقة، وَزاد يعقوب بن شَيْبَة: ثبت، وزاد الذهبي: إمام حافظ حجة فَقِيْهُ. وذكره ابن حبان، وابن شاهين في الثقات. وَقَال يَحْيَى بْن سَعِيد: صفوان أحب إلي من زيد بن أسلم. روى له الجماعة.

وقد وُصف بالإرسال: قال أبو داود السجستاني لم ير أحداً من الصحابة إلا أبا إمامة وعبد الله بن بسر. وحاصله أنه "ثقة لكنه يرسل".

(1)

5) يَزِيدُ بْنُ أَبَانٍ الرَّقَاشِيُّ

(2)

أَبُو عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ القاص الزَّاهِد.

روي عَنْ: أَنَس بْن مَالِك، وأبيه أبان الرقاشي، والحسن البَصْرِي، وغيرهم.

روي عَنْه: صَفْوَان بن سُلَيْم، وحماد بْن سلمة، ومعتمر بْن سُلَيْمان، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابْن مَعِين: رجل صدق. وَقَال ابْن عدي: له أحاديث صالحة عَن أَنَس وغيره، وأرجو أنه لا بأس به لرواية الثقات عنه من البَصْرِيّين والكوفيين وغيرهم.

- وقَال ابن سعد، وابْن مَعِين، وأبو حاتم، والنَّسَائي، والدارقطني، والذهبي، وابن حجر: ضعيف.

- وقال الفلاس: ليس بالقوى. وَقَال ابْن مَعِين مرة: رجل صالح وليس حديثه بشيءٍ. وَقَال النَّسَائي مرة، وأَبُو أحمد الحاكم: متروك الحديث. وَقَال أحمد: لا يكتب حديثه فقيل له: فلم تُرك حديثه، لهوى كَانَ فيه؟ قال: لا، ولكن كَانَ منكر الحديث. وقال ابن حبان: كَان مِمَّن غفل عَن صناعَة الْحَدِيث وحفظها واشتغل بِالْعبَادَة حَتَّى كَانَ يقلب كَلَام الْحسن فَيَجْعَلهُ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يعلم فَلَمَّا كثر فِي رِوَايَته مَا لَيْسَ من حَدِيث أنس وَغَيره من الثِّقَات بَطل الِاحْتِجَاج بِهِ فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا على سَبِيل التَّعَجُّب.

- وَقَال الفلاس: كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد لا يحدث عنه، وكَانَ ابْن مهدي يحدث عنه. وَقَال شعبة: لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عَن يزيد الرقاشي. وَقَال مرة: لأن أزني أحب إلي من أن أروي عَن يزيد الرقاشي. وحاصله أنه "ضعيف الحديث".

(3)

6) أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثانياً: دراسة إسناد الوجه الثاني: "إسناد أبو يعلي الموصلي في مسنده

".

(1)

"الثقات" للعجلي 1/ 467، "الجرح والتعديل" 4/ 423، "الثقات" 6/ 468، "الثقات" لابن شاهين 1/ 118، "تاريخ دمشق" 24/ 121، "تهذيب الكمال" 13/ 184، "الكاشف" 1/ 503، "الإكمال" 6/ 381، "التهذيب" 4/ 425، "التقريب" صـ 218.

(2)

الرَقَاشِيُّ: بِفَتْح الرَّاء وَالْقَاف المخففة وَفِي آخرهَا شين مُعْجمَة هَذِه النِّسْبَة إِلَى امْرَأَة اسْمهَا رقاش بنت قيس كثر أَوْلَادهَا فنسبوا إِلَيْهَا وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة جمَاعَة مِنْهُم: يزِيد بن أبان بن عبد الله الرقاشِي. يُنظر "اللباب" 2/ 33.

(3)

يُنظر "الضعفاء والمتروكون" للنسائي 1/ 251، "الجرح والتعديل" 9/ 251، "المجروحين" لابن حبان 3/ 98، "الكامل" 9/ 130، "تهذيب الكمال" 32/ 64، "الكاشف" 2/ 380، "التقريب" صـ 529.

ص: 631

1) سليمان بن داود العتكي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ: قال ابن حجر: ثقة لم يتكلم فيه أحد بحجة.

(1)

2) مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ: قال ابن حجر" صدوق لين الحديث.

(2)

3) مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيُّ: قال ابن حجر: "مجهول".

(3)

4) يَزِيدُ بْنُ أَبَانٍ الرَّقَاشِيُّ: "ضعيف الحديث" سبقت في "إسناد الوجه الأول.

5) أنس بن مالك رضي الله عنه: "صحابي" سبقت ترجمته في حديث رقم (3).

‌ثالثاً: النظر في الخلاف والترجيح:

يتبين لنا مما سبق أنَّ هذا الحديث مداره علي يَزِيد الرَّقَاشِي، واختلف عنه من وجهين:

الوجه الأول: يَزِيد الرَّقَاشِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك موقوفاً.

ورواه عَنْ يَزِيد الرَّقَاشِي بهذا الوجه: صَفْوَان بْن سُلَيْم وهو ثقة.

الوجه الثاني: يَزِيد الرَّقَاشِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك مرفوعاً.

ورواه عَنْ يَزِيد بهذا الوجه: مَعْبَد بْن خَالِدٍ الْأَنْصَارِي وهو: مجهول. ومُوسَى بْن عُبَيْدَة الرَّبَذِي قال فيه ابن حجر: ضعيف.

(4)

وابْن الْمُنْكَدِر: ثقة لكن اختلف عنه من طريقين:

الطريق الأول: ابْن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ يَزِيد الرقاشي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك. ورواه عَنْه بهذا الطريق: سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَام. قال فيه ابن حجر: صدوق صحيح الكتاب يخطئ من حفظه.

(5)

الطريق الثاني: ابْن الْمُنْكَدِر، عَنْ صَفْوَان بْن سُلَيْم، عَنْ أَنَس بْن مَالِك. ورواه عَنْه بهذا الطريق: زِيَادُ بْنُ سَعْد الخراساني قال فيه ابن حجر: ثقة ثبت.

(6)

قلت: لكن رواه عَنْ زِيَاد هذا: مُسْلِم بْن خَالِد الزَّنْجِي. ومسلم هذا "ضعيف يُعتبر به"

(7)

وعلي هذا فالذي يظهر مما سبق والله أعلم أن الوجه الأول هو الأقرب إلي الصواب وذلك لما يلي:

1) أنَّ رَاوِيَة الوجه الأول وهو صَفْوَان بْن سُلَيْم: ثقة. وهذا بخلاف الوجه الثاني فرواه مَعْبَد بْن خَالِدٍ الْأَنْصَارِي وهو: مجهول. ومُوسَى بْن عُبَيْدَة الرَّبَذِي: ضعيف. وابْن الْمُنْكَدِر: ثقة لكن اختلف عنه من طريقين والطريقان إليه فيهما ضعف.

2) قال ابن حبان: كَانَ يَزِيد الرَّقَاشِي يقلب كَلَام الْحسن فَيَجْعَلهُ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يعلم.

(1)

يُنظر "التقريب" صـ 191.

(2)

يُنظر "التقريب" صـ 406.

(3)

يُنظر "التقريب" صـ 471.

(4)

يُنظر "التقريب" صـ 484.

(5)

يُنظر "التقريب" صـ 177.

(6)

يُنظر "التقريب" صـ 159.

(7)

سبقت ترجمته في حديث رقم (61/ 711).

ص: 632

3) قال الدارقطني: وسئل عن حديث يزيد بن أبان الرقاشي، عن أنس، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بعد ثمانية آلاف من الأنبياء، أربعة آلاف من بني إسرائيل والباقي من سائر الناس. فقال: يرويه محمد بن المنكدر، عن يزيد الرقاشي. وخالفهما زياد بن سعد؛ فرواه عن ابن المنكدر، عن صفوان بن سليم، عن أنس غير أن حديث إبراهيم بن مهاجر من قول أنس.

(1)

‌رابعاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني ــــ الوجه الأول الراجح ــــ "إسناده ضعيف" فيه: إِبْرَاهِيم بْن الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، ويَزِيد الرَّقَاشِي ضعيفان. وقال الذهبي: فيه إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِرِ، ويَزِيد الرَّقَاشِي وهما واهيان.

(2)

‌خامساً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ. وَرَوَاهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدِ عَن صَفْوَان، عَنْ أَنَسٍ.

قلت: والأمر في ذلك كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

(1)

يُنظر "العلل" للدارقطني 12/ 226.

(2)

يُنظر "مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم" لابن الملقن 2/ 1045.

ص: 633

[125/ 775]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه نَائِمٌ فِي التُّرَابِ، فَقَالَ:«إِنَّ أَحَقَّ أَسْمَائِكَ أَبُو تُرَابٍ، أَنْتَ أَبُو تُرَابٍ» .

*لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ.

‌أولاً: تخريج الحديث:

أخرجه الطبراني في "الأوسط" ــــ رواية الباب ـــــ عَنْ أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي. وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(42/ 18)، عَنْ أبي القاسم البغوي. كلاهما: الْحُلْوَانِي، والبغوي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح الْأَزْدِي، عَنْ عَمْرُو بْنُ هَاشِم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاء به.

وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 84) للطبراني في "المعجم الكبير".

قلت: ولم أقف عليه في المعجم الكبير للطبراني إلا من حديث سهل بن سعد الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" والذي سنذكره بعد ذلك كشواهد لهذا الحديث عند الحكم عليه.

‌ثانياً: دراسة الإسناد:

1) أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ: "ثقة" سبقت ترجمته في حديث رقم (116).

2) عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ صَالِح الْأَزْدِيُّ العَتَكيّ، أَبُو صالِح، ويُقالُ: أَبُو محمد الكوفي.

روي عَنْ: عَمْرُو بْن هَاشِم أَبُو مَالِك الْجَنْبِي، وابْن المبارك، وعفان بْن مسلم، وآخرين.

روي عَنْه: أَحْمَد بْن يَحْيَى الْحُلْوَانِي، وأَبُو زُرْعَة الرازي، وأبو حاتم، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال يعقوب بْن يوسف المطوعي: كان رافضياً وكان يغشى أَحْمَد، فيقربه ويدنيه، فقيل له: يا أبا عَبد اللَّه، عَبْد الرَّحْمَن هذا رافضي. فقال: سبحان اللَّه، رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم نقول له لا تحبهم، هو ثقة. وقال ابْن مَعِينٍ: ثقة صدوق شيعي، لأن يخر من السماء، أحبَ إليه من أن يكذب فِي نصف حرف. وقال مُوسَى بْن هارون: ثقة فِي الحديث، وكان يحدث بمثالب أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ. وقال البغوي: سمعته يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر وعمر. وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

وقال أبو حاتم، وصالح بْن مُحَمَّد الحافظ، والذهبي، وابن حجر: صدوق. وقال الذهبي مرة: كان أحدُ مَنْ عُنِيَ بالأثَر. وَقَال ابن مَعِين مرة: لا بأس به. وَقَال ابْن عدي: معروف مشهور في الكوفيين لم يذكر بالضعف في الحديث، ولَا اتهم فيه إلا أنه كان محترقاً فيما كان فيه من التشيع.

وقال أَبُو داود: كَانَ رَجُل سَوْء لم أر أن أكتب عنه، وضع كتاب مثالب فِي الصّحابة. وقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: خُولِفَ فِي بعض حَدِيثه. وحاصله أنه "ثقة".

(1)

(1)

يُنظر "الجرح والتعديل" 5/ 246، "الثقات" لابن حبان 8/ 380، "الكامل" لابن عدي 5/ 515، "تهذيب الكمال" 17/ 177، "تاريخ الإسلام" 5/ 863، "المغني في الضعفاء" 1/ 604، "التقريب" صـ 284.

ص: 634

3) عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ الكوفي.

(1)

روي عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عَطَاءٍ الْمَكِّي، ويحيى بن سَعِيد الأَنْصارِي، وهشام بن عروة، وآخرين.

روي عَنْه: عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح الْأَزْدِي، وابْن مَعِين، وعلي بْن حَكِيم الأَودِي، وآخرون.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن سعد: كان صدوقاً ولكنه كان يخطئ كثيراً. وقال أَحْمَد: صدوق، ولم يكن صاحب حديث. وَقَال ابْن عدي: لَهُ أَحَادِيث غَرَائِب حِسَان، وَإذا حَدَّثَ عَنْ ثِقَة فَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيث، وَإذا حَدَّثَ عَن ضَعِيف كَانَ يَكُونُ فِيهِ بَعْضُ الإِنْكَارِ، وَهو صَدُوقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وقال ابن معين: لم يكن به بأس.

وقَال البُخارِيُّ: فيه نظر، وقال مرة: مُقَارِبُ الْحَدِيث. وقال مسلم: ضعيف. وَقَال أَبُو حاتم: لين الحديث، يكتب حديثه. وقال ابن حجر: لين الحديث أفرط فيه ابن حبان. وَقَال أبو أحمد الحاكم، والنَّسَائي: ليس بالقوي. وقال ابن حبان: كَانَ مِمَّن يقلب الْأَسَانِيد ويروي عَن الثِّقَات مَالا يشبه حَدِيثه الْأَثْبَات لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِه. وقال ابن طاهر المقدسي: منكر الحديث. وحاصله أنه "لين الحديث".

(2)

4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ الطَّائِفِيُّ الْمَكِّيُّ، أَبُو عطاء مولى المطلب بن عَبد اللَّه بْن قيس بْن مخرمة.

روي عَنْ: أَبِي الطُّفَيْل عامر بن واثلة الليثي، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، ونافع مولى ابْن عُمَر، وغيرهم.

روي عَنْه: عَمْرُو بْن هَاشِمٍ الْجَنْبِي، وشُعْبَة، وَسُفْيَان الثوري، وغيرهم.

أقوال أهل العلم فيه: قال ابن معين، والتِّرْمِذِي، والذهبي: ثِقَة. وذكره ابن حِبَّان، وابن شاهين، وابن خلفون فِي الثقات. وقال الذهبي مرة: صدوق. وقال ابن حجر: صدوق يخطئ. وقال الدارقطني: ليس به بأس. روى له الجماعة سوى البخاري.

وَقَال النَّسَائي: ضعيف. وَقَال مرة: لَيْسَ بِالْقَوِي. وقد وُصف بالتدليس: قال ابن حجر: يدلس. وذكره في المرتبة الأولي من مراتب الموصوفين بالتدليس. وحاصله أنه "صدوق".

(3)

5) أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ الكِنَانِيُّ.

روي عَنْ: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعلي، وآخرين.

روي عَنْه: عَبْدُ اللَّه بْن عَطَاء الْمَكِّي، وأبو الزبير، وقتادة، وآخرون.

ولِدُ أَبُو الطُّفَيْلِ رضي الله عنه بَعْدَ الهِجْرَةِ عام أُحد، وهو خَاتَمُ مَنْ رَأَى رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا، وَاسْتمَرَّ الحَالُ عَلَى

(1)

الجَنْبِىُّ: بفتح الجيم وسكون النون وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى جنب قبيلة من اليمن، ينتسب إليها جماعة من حملة العلم منهم: أَبُو مَالِكٍ عَمْرُو بْنُ هَاشِم. قاله السمعاني في "الأنساب" 3/ 312.

(2)

يُنظر "التاريخ الكبير" 6/ 381، "الكني والأسماء" لمسلم بن الحجاج 2/ 755، "العلل الكبير" للترمذي 1/ 395، "الجرح والتعديل" 6/ 267، "المجروحين" لابن حبان 2/ 77، "الكامل" 6/ 245، "ذخيرة الحفاظ" لابن طاهر المقدسي 2/ 1008، "تهذيب الكمال" 22/ 272، "التهذيب" 8/ 111، "التقريب" صـ 364.

(3)

يُنظر "الثقات" 7/ 41، "تهذيب الكمال" 15/ 311، "سؤالات البرقاني للدارقطني" 1/ 39، "تاريخ الإسلام" 3/ 681، "الكاشف" 1/ 574، "الإكمال" 8/ 70، "طبقات المدلسين" لابن حجر 1/ 22، "التقريب" صـ 256.

ص: 635

ذَلِكَ فِي عَصْرِ التَّابِعِيْنَ وَتَابِعِيْهِم.

قلت: وقد اتفق العلماء علي ثبوت رؤية أَبو الطُّفَيْلِ للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنهم اختلفوا في سماعه من رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ومما يدل علي ثبوت رؤية أَبو الطُّفَيْلِ للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ.

(1)

وقال أَبو الطُّفَيْلِ: أَدْرَكْتُ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِ سِنِيْن.

وأما سماعه من رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فمن العلماء من أثبت له السماع، ومنهم من توقف.

فقال ابن معين: سهل بن سعد، وعبد الرحمن بن أَزْهَر، والسائب، ومحمود بن الرّبيع، وَأنس بن مَالك، وَابْن أبي صعير، وَأَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة: هَؤُلَاءِ رووا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وروى عَنْهُم الزُّهْرِيّ سَبْعَة أنفس. وقال ابن عدي: له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قريباً من عشرين حديثاً ولو ذكرت لأبي الطفيل ما رواه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لطال الكتاب. وقال ابن حجر: رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو شابّ، وحفظ عنه أحاديث. وقال ابن عبد البر: روي عن النبي أربعة أحاديث. وقال الحاكم: وسئل محمد بن يعقوب الأخرم: لم ترك البخاري حديث أبي الطفيل؟ قال: لأنه كان يُفرط في التشيع. قلت ـــــ الباحث ـــــ: وهذا يدل علي أن البخاري لم يترك إخراج حديثه لعدم سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما لسبب آخر كما ذكره. وقال ابن خراش: هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال مسلم: له صحبة، وهو آخر من مات من الصحابة. وذكره ابن قانع، وأبو نعيم، وابن عبد البر في الصحابة. وقد ذكره ابْن أبي خيثمة فِي شعراء الصحابة. وقال ابْنَ مَعِينٍ: رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وقال أبو بكر بن هلال: وقد أدرك أبو حنيفة من الصحابة أيضاً عبد الله بن أبي أوفى، وأبا الطفيل عامر بن واثلة وهما صحابيان. وقال أبو إسحاق الشيرازي: قد كان في أيام أبي حنيفة أربعة من الصحابة، أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو الطفيل، وسهل بن سعد.

وقال ابن السكن: رُوي عنه رؤيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة، ولم يُرو عنه من وجه ثابت سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لصغره. وقال العلائي: آخر الصحابة موتا له رؤية مجردة وفي معجم الطبراني الكبير روايته عن زيد بن حارثة وهو مرسل لم يدركه. وقال الدارقطني: أَبُو الطُّفَيْلِ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَحْبَهُ، فَأَمَّا السَّمَاعُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال أحمد: ثقة، وقال العجلي: ثِقَة، وَكَانَ من كبار التَّابِعين وَقد رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر: كان ثقة مأموناً. وَقال الذهبي: كَانَ ثِقَة فِيمَا يَنْقُلُه، صَادِقاً، عَالِماً، شَاعِراً، فَارِساً، عُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ حُرُوْبَهُ. وحاصله أنه "صحابي".

(2)

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَى بَعِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِمِحْجَنٍ وَنَحْوِهِ لِلرَّاكِبِ (1275).

(2)

يُنظر "كلام ابن معين في الرجال" رواية ابن طهمان 1/ 75، "الثقات" للعجلي 2/ 15، "معجم الصحابة" لابن قانع 2/ 241، "الثقات" 3/ 291، "الكامل" 6/ 161، "العلل" للدارقطني 7/ 41، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم 4/ 2067، "الاستيعاب" 4/ 1696، "منازل الأئمة الأربعة" لأبو زكريا يحيى بن إبراهيم السلماسي 1/ 167، "أسد الغابة" 4/ 143، "السير" 3/ 467، "جامع التحصيل" 1/ 205، "الإكمال" 7/ 152، "الإصابة" 12/ 383.

ص: 636

‌ثالثاً: الحكم علي إسناد الحديث:

الحديث بإسناد الطبراني "إسناده ضعيف" فيه: عَمْرُو بْن هَاشِم أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِي: لين الحديث.

قلت: وللحديث شواهد في الصحيحين من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي قَالَ: إِنْ كَانَتْ أَحَبَّ أَسْمَاءِ عَلِيٍّ رضي الله عنه إِلَيْهِ لَأَبُو تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ أَنْ يُدْعَى بِهَا، وَمَا سَمَّاهُ أَبُو تُرَابٍ إِلَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، غَاضَبَ يَوْمًا فَاطِمَةَ فَخَرَجَ، فَاضْطَجَعَ إِلَى الجِدَارِ إِلَى المَسْجِدِ، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتْبَعُهُ، فَقَالَ: هُوَ ذَا مُضْطَجِعٌ فِي الجِدَارِ، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَامْتَلَأَ ظَهْرُهُ تُرَابًا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ وَيَقُولُ: اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ.

(1)

وعلي هذا فيرتقي الحديث بشواهده من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

‌رابعاً: النظر في كلام المُصَنِف:

قال الطبراني رحمه الله: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ.

قلت: والأمر كما قال عليه من الله الرحمة والرضوان.

‌خامساً: التعليق علي الحديث:

قال ابن حجر رحمه الله معلقاً علي حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي الذي في الصحيحين:

يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ: جَوَازُ تَكْنِيَةِ الشَّخْصِ بِأَكْثَرَ مِنْ كُنْيَةٍ وَالتَّلْقِيبُ بِلَفْظِ الْكُنْيَةِ وَبِمَا يُشْتَقُّ مِنْ حَالِ الشَّخْصِ وَأَنَّ اللَّقَبَ إِذَا صَدَرَ مِنَ الْكَبِيرِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُهُ لَفْظَ مَدْحٍ وَأَنَّ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى التَّنْقِيصِ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَهُوَ كَمَا كَانَ أهل الشَّام ينتقصون ابن الزبير بزعمهم حَيْثُ يَقُولُونَ لَهُ ابن ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ فَيَقُولُ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عارها. قَالَ ابن بَطَّالٍ وَفِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ مِنَ الْغَضَبِ وَقَدْ يَدْعُوهُ ذَلِكَ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ وَلَا يُعَابُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ خُرُوجِ عَلِيٍّ خَشْيَةَ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهُ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَنَابِ فَاطِمَةَ رضي الله عنهما فَحَسَمَ مَادَّةَ الْكَلَامِ بِذَلِكَ إِلَى أَنْ تَسْكُنَ فَوْرَةُ الْغَضَبِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَفِيهِ: كَرَمُ خُلُقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ عَلِيٍّ لِيَتَرَضَّاهُ وَمَسَحَ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ لِيُبْسِطَهُ وَدَاعَبَهُ بِالْكُنْيَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ حَالَتِهِ وَلَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَى مُغَاضَبَتِهِ لِابْنَتِهِ مَعَ رَفِيعِ مَنْزِلَتِهَا عِنْدَهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ الرِّفْقِ بِالْأَصْهَارِ وَتَرْكُ مُعَاتَبَتِهِمْ إِبْقَاءً لِمَوَدَّتِهِمْ لِأَنَّ الْعِتَابَ إِنَّمَا يُخْشَى مِمَّنْ يُخْشَى مِنْهُ الْحِقْدُ لَا مِمَّنْ هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَالله أعلم.

(2)

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب رضي الله عنه (3703)، وفي ك/ الأدب ب/ التَّكَنِّي بِأَبِي تُرَابٍ (6204)، ومسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه (2409).

(2)

يُنظر "فتح الباري" لابن حجر 10/ 588.

ص: 637