المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة التحقيق بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، - المبدع شرح المقنع - ط ركائز - المقدمة

[برهان الدين ابن مفلح الحفيد]

فهرس الكتاب

‌مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن الاشتغالَ بعلم الفقه من أجلِّ الأشغال، والعملَ به من أشرفِ الأعمال، وقد حثَّ اللهُ تعالى عبادَه عليه بقوله:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} ، وحضَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على الاشتغال به فقال:«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»

(1)

، ولم يزل العلماء المُخلِصون والفقهاءُ المفلِحون يَشتغِلون ويَشْغَلون أيامَهم ولياليهم بالتَّأليف والتَّصنيفِ فيما يَنفع ويُفيد، حتى أبقى اللهُ صنائِعهم، وبارك في تآليفِهم.

ومن أولئك العلماء الذين صنَّفوا فأبدعوا في التصنيف، وكتبوا فأحسنوا التأليف: قاضي الحنابلةِ، وشيخُهم في زمانه، أبو إسحاق، برهانُ الدين، إبراهيمُ بنُ محمدِ بن مفلحٍ المقدسي رحمه الله تعالى، حين صنَّف كتابَه النافعَ:«المُبْدِعَ شَرْحَ المُقْنِعِ» ، فكان من أجلِّ كتب الحنابلة تصنيفًا، وأبدعِها تأليفًا، وأعظمِها تحريرًا، وأحسنِها تقريرًا، أَتى فيه على كتابِ مُوفَّقِ الدِّين بنِ قُدامةَ المقدِسِيِّ

(1)

أخرجه البخاري (71)، ومسلم (1037)، من حديث معاوية رضي الله عنه.

ص: 5

الحنْبَليِّ الموسومِ ب «المقنِعِ» ، فَشَرَحه شرحًا مزجيًّا، بيَّن فيه حقائقَه، وأَوضح دقائقَه، وكَشَف به عما أُغلق، ونبَّه على تَرجيح ما أُطلق، وجَمَع الرواياتِ والأوجهَ مِنْ كُتب الأصحاب، وبيَّن الضعيف منها والأولى بالصواب، وكساه بحُلَلِ الأدلةِ النَّقلية، وزَيَّنه بالعِلَل والبراهينِ العقلية، متوخِّيًا في ذلك كلِّه الاختصار، فجاء شرحًا حافلًا، وكتابًا جامعًا، عوَّل عليه المحقِّقون من المتأخرين، وحَذَوْا حَذوه في شروحهم حتى صار هذا النمطُ من التأليف جادةً في المذهبِ مسلوكةً، وطريقةً معروفةً مألوفة.

ومع هذه الجَلالةِ في المِقدار وعلوِّ الكعب في التَّصنيف، إلا أن كتابَ «المبدعِ» قد ابتُلِي بجملةٍ من الأخطاءِ في نُسَخِه المخطوطة، وتابعتها في ذلك جميعُ نُسَخِه المطبوعة، فكان في مواطن ليستْ باليسيرة من الكتاب: تحريفٌ وتصحيف، ولعلَّ خطَّ المؤلِّفِ رحمه الله تعالى الذي تُشكِل في قراءته كثيرٌ من الكلمات كان سببًا في وقوع النُّسَّاخ في مثل تلك الأخطاء.

ولما كان الكتاب - على أهميته - لم يَلْقَ العنايةَ التي يَستحِقُّها في طبعاتِه السابقة، ولم تُصوَّب الأخطاء الواردة في نُسَخِه الخَطِّية بالرجوع إلى الكُتب التي اعتمد عليها ابنُ مُفلِحٍ في شرحه، ولم يَحْظَ بتحقيقٍ علميٍّ وفق الأسلوبِ المتعارَفِ عليه في تحقيقِ التراث؛ عَزَمْنا مستعينين بالله تعالى على تَحقيقِه وخِدمتِه قَدْر الإمكان.

وقد وَقَفْنا بتوفيقٍ من الله تعالى على إحدى عشرة نسخةً خطيةً، واحدةٌ منها بخطِّ المؤلف رحمه الله تعالى، وهي عبارةٌ عن الجزء الأول من الكتاب، مِنْ أوَّلِه إلى نهاية كتابِ الحج، ونُسخٍ أخرى بعضها منقولٌ عن نسخة المؤلف رحمه الله تعالى، وما من موطن في الكتاب إلا وعندنا فيه أكثر من نسخة خطية ولله الحمد.

ص: 6

وتَمثَّلت خدمتُنا لهذا الكتابِ المباركِ في أمور:

1 -

الوقوفُ على جميعِ نُسَخ الكتابِ المذكورةِ في الفهارس تقريبًا، ومقابلتُها وإثباتُ الفروق بينها في هامش الكتاب.

2 -

تقويمُ نصِّ الكتاب قَدْر المستطاع، والرجوعُ إلى كتبِ المذهبِ للترجيح بين النُّسخ الخطِّيَّة عند التردُّد.

3 -

مقارنةُ كتابِ «المبدع» بالكتب التي اعتمد المؤلِّفُ عليها في شرحه؛ ك «المغني» و «الشرح الكبير» و «الممتع» و «الفروع» و «شرح الزركشي» وغيرها؛ وذلك للتأكد من صحة العبارة، خاصة فيما يُشكِل منها، وقد صحَّحنا أكثر من (300) موطِنٍ من الكتاب، إما بِبَيان سقطٍ أو زيادةٍ، أو خطأٍ في عبارة، أو تصحيفٍ في كلمةٍ أو أكثر، وكان غالب ذلك في الأجزاء التي لم تُوجد فيها نسخةُ المؤلف، وتُمثِّلُ هذه الأجزاء ثلاثةَ أرباع الكتاب، ويتَّضِحُ ذلك أكثر بمطالعةِ ما ذكرناه في (فصل الأخطاء والأوهام في النُّسَخ الخطِّيَّة).

وأما الجزء الذي وقفنا فيه على نسخةِ المؤلِّف؛ فإن الأخطاء فيه أقل، ومع ذلك؛ فإذا أشكلتْ علينا قراءةُ كلمةٍ، ولم تُبيِّنها النُّسَخُ الأخرى، أو كانت الكلمةُ في النُّسخ الأخرى مُشكِلةً أيضًا؛ رجعنا إلى كُتُبِ المذهب وعرفنا مراده منها غالبًا.

4 -

تخريجُ الأحاديث والآثار تخريجًا متوسطًا، ببيان مصدرِ الحديثِ والأثرِ، وذكر كلامِ بعض المحقِّقين من المحدثين، مِنْ حيثُ التصحيحُ والتضعيفُ، وبيانُ العلة في بعض الأحيان، بصورةٍ مختصرةٍ.

وقد قام بتخريج الأحاديث والآثار: د. جاسم محمد جامع ود. حسين حسن علي.

ص: 7

5 -

ضَبطُ جميعِ كلماتِ متنِ المقنع بالشَّكْلِ، وضبطُ ما يحتاجُ إلى ضَبْطٍ مِنْ كلماتِ الشرحِ، صَرْفًا وإعرابًا.

6 -

العنايةُ بتفقير الكتاب بما يناسبه؛ تسهيلاً على القارئ، وتمييزًا للكلام بعضه عن بعض.

هذا ما قمنا به من جهدٍ في تحقيق الكتاب وخدمتِه، فما كان في هذا العمل من صواب فمن الله وحده، وما كان من اجتهاد خاطئ فمنَّا ومن الشيطان، ونرجو من الله العفو والغفران، ومن القارئ النصح والبيان.

والحمد لله رب العالمين.

المحققون

ص: 8

‌ترجمة المؤلف

(1)

‌اسمه ونسبه:

هو إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُفْلِح بن مُحَمَّد بن مُفرِّج، برهَان الدّين، أَبُو إِسْحَاق، الرَّاميني المقدسي الصالحي الحنبلي، ويعرف كأسلافه بِابن مُفْلِح.

(1)

مصادر الترجمة:

- خاتمة المقصد الأرشد (3/ 166)، كتبها حفيد المؤلف محمد بن إبراهيم بن عمر ابن المؤلف، وجعلها في آخر المقصد الأرشد، مكتبة الرشد - الرياض، تحقيق د/ عبد الرحمن العثيمين (3/ 166).

- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، تأليف: محمد بن عبد الرحمن السخاوي، منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت (1/ 152).

- الدارس في تاريخ المدارس، تأليف: عبد القادر بن محمد النعيمي، دار الكتب العلمية (2/ 46).

- شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تأليف: ابن العماد الحنبلي، مطبوع عن دار ابن كثير - دمشق (9/ 507).

- القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية، تأليف: محمد بن علي بن طولون، مكتب الدراسات الإسلامية - دمشق (ص 99).

- قضاة دمشق (الثغر البسام في ذكر من ولي قضاء الشام)، تأليف: ابن طولون، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق (ص 300).

- الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، تأليف: مجير الدين عبد الرحمن بن محمد العليمي، الناشر: مكتبة التوبة (2/ 681).

- المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، تأليف: مجير الدين العليمي، دار صادر، (5/ 287).

- التاريخ المعتبر في أنباء من غبر، تأليف: مجير الدين العليمي، دار النوادر - سوريا (2/ 355).

- معجم الكتب، تأليف: يوسف بن عبد الهادي، ابن المبرد الحنبلي، مكتبة ابن سينا للنشر والتوزيع - مصر (ص 115).

- تراجم الأعيان من أبناء الزمان، تأليف: الحسن بن محمد البوريني، الناشر: المجمع العلمي العربي - دمشق (1/ 48).

- مختصر طبقات الحنابلة، تأليف: محمد جميل، المعروف بابن شطي، دار الكتاب العربي - بيروت (ص 75).

- رفع النقاب عن تراجم الأصحاب، تأليف: إبراهيم ابن ضويان (ص 347).

- السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، تأليف: محمد بن عبد الله بن حميد النجدي ثم المكي، مطبوع عن مؤسسة الرسالة (1/ 60).

- منادمة الأطلال ومسامرة الخيال، تأليف: عبد القادر بن أحمد بن بدران، الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت (ص 232).

- تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة، تأليف: صالح بن عبد العزيز العثيمين، مطبوع عن مؤسسة الرسالة (3/ 1411).

- هدية العارفين، تأليف: إسماعيل بن محمد الباباني البغدادي، نشره: وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية إستانبول (1/ 21).

- الأعلام، تأليف: خير الدين بن محمود الزركلي، مطبوع عن دار العلم للملايين (1/ 65).

- معجم المؤلفين، تأليف: عمر بن رضا كحالة، مطبوع عن مكتبة المثنى في بيروت (1/ 100).

ص: 9

ورامين من أَعمال نابلس.

‌مولده، ونشأته.

وُلد بدمشق سنة (816 هـ)، قال حفيده:(رَأَيْته بِخَطِّهِ)، وحرره تلميذه النعيمي فقال: يوم الاثنين، 25 جمادى الأولى، سنة 816 هـ.

وقال السخاوي: (ولد فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة).

نَشَأ برهان الدين ابن مفلح بدِمَشق في بيت علمٍ ورئاسة، قال البوريني:(بيت مُفلحٍ، الشهير بالعلم الكثير، المعروف بالتصنيف والتأليف الكبير والصغير).

ص: 10

حفظ القرآن، وصلى به في الجامِع الأَفْرم، قُبالة دار الحَدِيث الصالحية، وحَفِظ «المقنعَ» في الفِقه، و «ألفيةَ ابن مالك» ، و «ألفيةَ العراقي» في الحديث، و «الانتصارَ» تأليف جدِّه لأمه جمال الدّين المرداوي، و «مختصرَ ابن الحَاجِب» في الأصُول، وعرضها على علماء عصرِه، وحفظ «الشاطبيةَ» و «الرائيةَ» ، وعَرَض على جماعةٍ، وتلا بالسبع على بعض القُرَّاء.

وكان رحمه الله تعالى مجتهدًا في تحصيل العلم منذ شبابه، حتى قال شيخه ابن قاضي شهبة:(شابٌّ له هِمَّةٌ عليةٌ في الطلب، وحفظٌ قوي)، فنشأ رحمه الله تعالى على الصيانة وعلو الهمة كما قال النعيمي.

كان رحمه الله تعالى متواضعًا، ذا بشاشةٍ، وكان ذا شَكْلٍ حسنٍ، عليه الأُبَّهة، وخطه في غاية الحسن.

‌مشايخه:

أخذ برهان الدين ابن مفلح رحمه الله تعالى عن جماعة من العلماء في الفقه وغيره، من هؤلاء:

1 -

شمس الدين محمد الأديب بن محمد بن أحمد بن عبد الله، المحب المقدسي الحنبلي الشيخ المحدث، عُرف بالأعرج (ت 828 هـ).

2 -

أحمد بن علي بن عبد الله بن علي بن حاتم، الإمام المحدث الرحلة، شهاب الدين، أبو العباس ابن الحبال (ت 833 هـ).

3 -

جدُّه علاَّمة الزمان شرف الدين عبد الله بن محمد بن مفلح (ت 834 هـ).

4 -

القاضي شهاب الدين الأموي الشافعي، ولعله أَحْمد بن مُحَمَّد بن الصّلاح بن محمد، أبو العباس، شهاب الدين الأموي (ت 840 هـ).

5 -

حافظ دمشق، محمد بن أبي بكر، الشهير بابن ناصر الدين الدمشقي، قيل: الشافعي، وقيل: الحنبلي (ت 842 هـ).

ص: 11

6 -

شيخ المذهب ومفتي الديار المصرية الشيخ الإمام محب الدّين أحمد بن نصر الله البغدادي (ت 844 هـ).

7 -

المسند المعمَّر المحدث زين الدين عبد الرحمن بن يوسف بن قُريج الطحان (ت 845 هـ).

8 -

عز الدين عبد العزيز بن علي البغدادي، قاضي الحنابلة، المعروف بقاضي الأقاليم، وهو أول من استناب البرهان في القضاء (ت 846 هـ).

9 -

تقي الدين أبو بكر بن أحمد بن قاضي شُهْبَة (ت 852 هـ)، قال حفيد البرهان:(وانتفع كثيرًا بابن قاضي شُهْبَة).

10 -

الحافظ شهاب الدِّين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ).

11 -

والده العالم المفتي الأصولي محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح (ت 856 هـ).

12 -

علاء الدِّين البخاري، ذكره البرهان في المقصد الأرشد وقال:(شيخنا العلامة المحقق).

13 -

الشيخ يوسف الرومي، ذكره في المقصد الأرشد فقال:(شيخنا).

14 -

عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود، الشيخ العالم الناسك (856 هـ).

وذكر حفيده ممن عرض عليهم البرهان: القطب الخيضري، وابن زيد العاتكي الموصلي، وابن الباعوني، وقال:(وعن طائفة كثيرة من العلماء الأعلام مصرًا وشامًا وحلبًا وحجازًا وغيرها).

‌سنده الفقهي:

كتب برهان الدين ابن مفلح سنده الفقهي بخطه في نسخة المبدع الخطية المودعة في أوقاف بغداد، وهي النسخة التي اعتمدناها في تحقيق هذا الكتاب - قسم العبادات -، وهو كالتالي:

ص: 12

(الحمد لله، أخذ كاتبه إبراهيم بن مفلح عفا الله عنه الفقه عن جده الشيخ العلامة شرف الدين عبد الله بن محمد بن مفلح، عن جده قاضي القضاة جمال الدين يوسف المرداوي، وأخذه عن قاضي القضاة سليمان بن حمزة، وأخذه عن قاضي القضاة شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، وأخذه عن عمه شيخ الإسلام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، وأخذه عن الشيخ القدوة سلطان المسلمين عبد القادر الجيلي، وأخذه عن الشيخ زين الدين أبي الخطاب محفوظ، وأخذه عن قاضي القضاة محمد بن الفراء أبي يعلى الكبير، وأخذه عن الشيخ الحسن بن حامد البغدادي، وأخذه عن أبي بكر عبد العزيز، وأخذه عن الشيخ أحمد بن محمد الخلال، وأخذه عن أبي بكر المروذي، وأخذه عن الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل، وأخذه عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر وابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

‌تلاميذه:

أخذ عنه العلم جماعة ممن اتسموا بالعلم والفقه، منهم:

1 -

العلامة الفقيه تقي الدين أبو بكر بن زيد الجُرَّاعي الحنبلي (ت 883 هـ)، قال النعيمي:(قرأ عليه في آخر عمره تقيُّ الدين الجُرَّاعي سنن ابن ماجه، سمعت عليه شيئًا منها وأجازني).

2 -

شيخ المذهب، علي بن سليمان بن أحمد بن محمد العلاء المرداوي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي، علاء الدين، المعروف عند الحنابلة بالمنقِّح والمصحِّح (ت 885 هـ)، قال السخاوي في ترجمة المرداوي:(وحضر دروس البرهان ابن مفلح، وناب عنه)، أي أنه ناب عنه ولاية القضاء، قال العليمي في ترجمة المرداوي: (وباشر نيابة القضاء عن بني مفلح في أيام قاضي القضاة علاء الدين علي ابن مفلح، وفي أيام قاضي القضاة برهان الدين

ص: 13

إبراهيم ابن مفلح).

3 -

العلاّمة الفقيه علاء الدّين، علي بن محمد بن البهاء البغدادي الحنبلي، صاحب كتاب «فتح الملك العزيز بشرح الوجيز» (ت 900 هـ).

4 -

القاضي شمس الدّين، محمد بن عمر الدُّورسي الحنبلي (ت 901 هـ)، كان من أصحابه، وباشر عنه نيابة الحكم مدة ولايته.

5 -

القاضي شهاب الدِّين، أحمد بن أسعد بن علي، ابن مُنجَّى التنوخي الحنبلي (908 هـ)، ولي نيابةَ الحُكم للقاضي بُرهان الدِّين بن مفلح وغيره.

6 -

جمال الدِّين، يوسف بن حسن بن عبد الهادي، الشهير بابن المبْرَد، الصَّالحي، الحنبلي (ت 909 هـ).

7 -

ابنه القاضي نجم الدين، عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح (ت 919 هـ).

8 -

الشيخ بدر الدين، حسن بن علي بن محمد الدمشقي الحنبلي، الشهير بالماتاني (923 هـ).

9 -

العلامة الرحلة، محيي الدّين، عبد القادر بن محمد بن عمر النُّعيمي الشافعي، مؤرخ دمشق (ت 927 هـ).

10 -

محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر بن حسن بن محمد المحب، أبو الفضل الحنبلي، ويعرف بابن جُنَاق (ت 872 هـ).

‌أعماله ووظائفه:

كان من أهم أعماله ووظائفه التي عُرف بها: التدريس في المدارس المشهورة في زمانه، وتولي القضاء.

أولًا: التدريس:

كان رحمه الله تعالى معتنيًا بالتدريس في المدارس الوقفية آنذاك، ويسمى بشيخ الحنابلة، وحضر دروسه جماعة من طلبة العلم والعلماء، ممن تقدم ذكرهم

ص: 14

وغيرهم، فدرَّس بمدرسة أبي عمر بالصالحية، ودار الحديث الأشرفية، والحنبلية، والمسمارية، والجوزية، والجامع المظفري، وانتهت إليه رئاسة الحنابلة.

وكان يُقرأ عليه في الفقه والحديث وغيرها من العلوم، قال النعيمي:(وقرأ عليه في آخر عمره تقيُّ الدين الجُرَّاعي سننَ ابن ماجه، سمعت عليه شيئًا منها وأجازني).

ولما تكلم عن المدرسة الصالحية قال: (ثم درس بها شيخ الحنابلة برهان الدين، إبراهيم بن محمد بن مفلح، صاحب الميعاد بالجامع الأموي، بمحراب الحنابلة، بكرة نهار السبت، يُسرَد فيه على ما يقال نحو مجلد صغير، ويحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب).

وكان رحمه الله تعالى يُدرِّس في مدرسة الشيخ أبي عمر، المدرسة الصالحية الشيخية، فكان يُدرِّس بها يوم الأحد ويوم الأربعاء، وكان القاضي علاء الدين المرداوي يدرس يوم الاثنين ويوم الخميس، والشيخ تقي الدين الجراعي يوم السبت.

وهذا مما يبين علو قدر البرهان ابن مفلح، فإن العلماء والمدرسين في زمانه كانوا يحضرون دروسه ويأخذون عنه ويقرؤون عليه.

ثانيًا: القضاء:

باشر برهان الدين ابن مفلح القضاء في الديار الشامية نيابةً واستقلالاً أكثر من أربعين سنة، كان بداية ذلك سنة 845 هـ تقريبًا، حين تولى نيابة القضاء لشيخه قاضي الأقاليم عز الدين البغدادي، ثم اشْتغل بقضاء دمشق في سنة 851 هـ خلفًا لابن عم أبيه النظام ابن مُفْلِح، ثمَّ عُزِل وأعيد مِرارًا، واسْتمرَّ آخر الأمر قاضيًا إلى أَنْ مات، قال السخاوي:(ولي قضاء دمشق غير مرَّة، فحمدت سيرته).

ص: 15

ولما توفي قاضي الحنابلة في الديار المصرية أحمد بن إبراهيم العسقلاني سنة 876 هـ، طُلب برهان الدين بن مفلح لقضاء الديار المصرية، إلا أنه تعلَّل لذلك، قال البرهان رحمه الله تعالى عن نفسه:(وطُلب إليها بمقتضى مرسومٍ شريفٍ، فلم يُقدَّر ذلك؛ لعائق صدني عنه، والله كاف).

‌ثناء العلماء عليه:

أثنى عليه جماعةُ من العلماء والمحدثين، فمن ذلك - مثلاً -:

- قال عنه شيخه تقي الدين الأسدي المشهور بابن قاضي شهبة في تاريخه: (هو شاب له همة عالية في الطلب، وحفظ قوي، وهو أفضل أهل مذهبه في عصره، ودرس بمدرسة أبي عمر، وبدار الحديث الأشرفية، وكان بها منزلة، وبمدارس كثيرة).

قال النعيمي معلقًا على كلام الأسدي: (ذكره الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه رحمه الله تعالى في سنة خمس وأربعين، وعمره حينئذ - يعني البرهان - نحو تسع وعشرين).

- وقال حفيده محمد الأكمل بن إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن مفلح: (الإمام العالم العلامة القدوة الفهامة قاضي القضاة)، وقال:(وتقدَّم وصار إليه المرجع، وسلَّم إليه العلماء من أصحاب المذاهب، وكان المعوَّل عليه)، ثم قال في آخر ترجمته:(وبالجملة؛ فكان علامة الزمان، ونادرة العصر والأوان).

- وقال السخاوي: (كان فقيهًا، أصوليًّا، طلقًا، فصيحًا، ذا رياسة ووجاهة وشكالة، فردًا بين رفقائه، ومحاسنه كثيرة).

- وقال ابن العماد: (الشيخ الإمام البحر الهمام العلاّمة القدوة الرّحلة الحافظ المجتهد الأمة، شيخ الإسلام، سيّد العلماء والحكّام، ذو الدّين المتين والورع واليقين، شيخ العصر وبركته، اشتغل وحصّل، ودأب وجمع،

ص: 16

وسلّم إليه القول والفعل من أرباب المذاهب كلّها، وصار مرجع الفقهاء والناس، والمعوّل عليه في الأمور، وباشر قضاء دمشق مرارًا، مع الدّين، والورع، ونفوذ الكلمة)، وبنحوه قال العليمي في المنهج الأحمد.

- وقال العليمي أيضًا: (باشر القضاء بالمملكة الشامية نيابة واستقلالاً أكثر من أربعين سنة، على طريقة السالفين من قضاة العدل، وانتهت إليه رئاسة المذهب، بل رئاسة عصره، ومحاسنه كثيرة).

- وقال أحد تلاميذه الذين نسخوا كتاب البرهان «المقصد الأرشد» في مقدمة الكتاب: (الشيخ الإمام الحبر الهمام العالم العلامة المحرر المدقق الفهامة، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، سيد العلماء والحكام، ذو الدين المتين، والورع واليقين، برهان الدين، حجة المصنفين، سيف المناظرين، بقية السلف الكرام الصالحين).

- قال ابن حميد في السحب الوابلة: (الحافظ، شيخ الإسلام، ورئيس الحنابلة، وقاضي قضاتهم).

‌مؤلفاته:

ذكر من ترجم لبرهان الدين ابن مفلح جملة من المصنفات، وهي كالتالي:

1 -

المبدع شرح المقنع، وهو كتابنا هذا، وسيأتي الكلام عليه في مبحث مستقل.

2 -

مرقاة الوصول إلى علم الأصول، وهو في عداد المفقود.

3 -

المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد، وقد حققه الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، وطُبع في مكتبة الرشد بالرياض سنة 1410 هـ، في ثلاث مجلدات.

4 -

كتاب الاستعاذة من الشيطان وأحكامه، هكذا اسمه في إحدى نسخه

ص: 17

الخطية، وطُبع باسم: مصائب الإنسان في مكائد الشيطان، من منشورات دار الكتب العلمية سنة 1984 م.

قال حفيده في آخر المقصد الأرشد: (وسوَّد في الفُروع والأُصول والنحو وغيرها شيئًا كثيرًا مات قبل تَبييضِها).

‌وفاته:

توفي رحمه الله تعالى رحمة واسعة في الرابع أو الخامس - على اختلاف بين المؤرخين - من شهر شعبان سنة 884 هـ، بدار الحديث الأشرفية، بصالحية دمشق، وصُلي عليه في جمعٍ حافل، حضر جنازتَه نائبُ الشَّام، والقضاةُ والحُجَّابُ والعلماءُ والنوابُ، والخاص والعام، وخلقٌ عظيم، صُلي عليه بمدرسة الشيخ أَبي عمر، ثمَّ بالجامع المظفري، ودُفن بالروضة إلى جَانب أجداده بسفح قاسيون، ورثاه جماعة، وتأسف النَّاس على فَقده.

ص: 18

‌التعريف بالكتاب

‌توثيق نسبة الكتاب للمؤلف وبيان اسمه:

غالب من ترجم للمؤلف - ومنهم تلميذاه النعيمي وابن المبرد، وحفيده محمد الأكمل - ذكروا أنه قد شرح المقنع في أربع مجلدات، وسماه «المُبدع» ، وجاء في النسخ الخطية للكتاب ما يدل على ذلك، ونسبة كتاب المبدع لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح مما لا يحتاج إلى برهان.

وأما اسمه: فقد سماه البرهان في مقدمته وبخطه فقال: (وسمَّيته ب: «المُبدع شرح المُقنع»)، وهكذا غالب من ترجم للبرهان ذكروه بهذا الاسم.

‌تاريخ كتابة «المبدع» :

جاء في آخر الموجود من نسخة المؤلف ما نصه: (وكان ذلك بمدرسة دار الحديث الأشرفية، بصالحية دمشق المحروسة، يرحم الله تعالى واقفها ونور ضريحه، في مدة آخرها يوم الأحد، خامس شهر الحجة الحرام سنة ثمانين وثمانمائة أحسن الله تعالى ختامها في خير وعافية، إنه أرحم الراحمين، والحمد لله وحده، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أستغفر الله وأتوب، إنه جواد كريم).

وليس في شيءٍ من النسخ الخطية ما يبين تاريخ انتهاء المؤلف من كتابة المبدع.

وعلى كل حال، فالظاهر أنه انتهى منه في آخر حياته، أي بعد سنة 880 هـ، وذلك قبل وفاته بأقل من أربع سنين تقريبًا.

ص: 19

ومما ينبغي التنبيه إليه: أن المؤلف رحمه الله تعالى كانت لديه مسوَّدة للكتاب، عليها بعض التعليقات، ففي نسخة الأصل (لوحة 35)، ما نصه:(كتب على هامش الأصل: من أصل مسودة المصنف: النوم غشية ثقيلة على القلب تمنع المعرفة بالأشياء، انتهى)

وتنبيه آخر: أن المؤلف رحمه الله تعالى كان معتنيًا بكتابه من حيث المراجعة والتصحيح، فإن النسخة التي بخطه فيها تصحيحات وزيادات ليست موجودة في بعض النسخ الأخرى، ومن تلك النسخ ما هو منقول عن نسخة للمؤلف قبل التصحيح، مما يدل على أن المؤلف كتب كتابه، ثم راجعه وصححه.

فمن ذلك مثلاً: جاء في باب صلاة الجمعة في نسخة منقولة عن نسخةٍ للمؤلف رمزنا لها ب (أ) عبارة: (وعنه: تَلزَمه، اختاره أبو بكر؛ لعموم الآية، وقياسًا على الظُّهر ..... )، وهذه العبارة ممسوحة من نسخة المؤلف (الأصل)، ومشطوب عليها في نسخة أخرى رمزنا لها ب (د)، منقولة عن نسخة المؤلف أيضًا، وهي عبارة مذكورة في موطن آخر في نسخة المؤلف والنسخة الأخرى.

مثال آخر: جاء في كتاب الجنائز، في النسخة (أ) المنقولة عن نسخة المؤلف، قوله:(فَرعٌ: إذا خرج بعضُ الولد ومات؛ أخرج إن أمكن، وغسِّل، فإن تعذَّر غسله؛ فلا يحتاج إلى تيمُّمٍ لما بَقِيَ؛ لأنَّه في حكم الباطن في الأشهر)، وهذه العبارة قد ضُرب عليها في نسخة المؤلف (الأصل)، وكتب فوقها: (ساقط من

إلى).

وثَمَّ أمثلة أخرى تبين ما تقدم تقريره من أن المؤلف صحح كتابة مرة أخرى بعد أن أبرزه أول مرة، والله أعلم.

ص: 20

‌مصادر المؤلف في كتاب «المبدع» :

تنوعت مصادر المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه، ونقل عن كثير من كتب الأصحاب، وكانت استفادته من تلك المصادر متنوعة:

- ففيما يتعلق بنقل الروايات والأوجه والأقوال في المذهب، ونقل أقوال المذاهب الأخرى؛ كان غالبُ استمدادِه وأصلُ مادته فيه: كتابَ جدِّه «الفروع» ، واستفاد من كتاب «المستوعب» للسامري، و «الرعايتين» لابن حمدان.

- وفيما يتعلق بالاستدلال: كان غالب استمداده من «المغني» للموفق ابن قدامة، و «الشرح الكبير» لابن أبي عمر، و «الممتع» لابن المنجى، و «شرح الزركشي على مختصر الخرقي» .

- واعتنى كثيرًا بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية، سواء مما نقله عنه صاحب «الفروع» أو صاحب «الاختيارات» أو «الزركشي» ، أو مما أخذه من كتبه الأخرى مثل «شرح العمدة» و «شرح المحرر» وغيرهما.

- ونقل عن كبار الأصحاب المتقدمين، إما مباشرة أو بواسطة: مثل الخرقي في «مختصره» ، وأبي بكر الخلال، وغلامه أبي بكر عبد العزيز في كتبه «التنبيه» و «الشافي» و «زاد المسافر» ، والحسن بن حامد، وابن أبي موسى في كتابه «الإرشاد» ، والقاضي في عامة كتبه مثل «التعليق الكبير» و «المجرد» و «الروايتين والوجهين» و «الأحكام السلطانية» ، وأبي الخطاب الكلوذاني في «رؤوس المسائل» ، و «الانتصار» ، وابن عقيل في «عيون المسائل» و «الإشارة» و «الفصول» و «الفنون» ، وكتب ابن الجوزي «المُذهب» و «مسبوك الذهب» ، وكتب الموفق ابن قدامة «المغني» و «الكافي» ، وكتب المجد ابن تيمية «المحرر» و «شرح الهداية» ، ونقل عن صاحب «التلخيص» و «الترغيب» ، و «المبهج» و «الوجيز» ، و «مختصر ابن تميم» ، وابن رزين في «مختصره» ،

ص: 21

و «منتخب الأدمي» ، و «الموجز» ، و «الواضح» وغيرها من كتب الأصحاب.

- ونقل عن كتب مسائل الإمام أحمد كذلك، ك «مسائل صالح» ، و «مسائل عبد الله» ، و «مسائل ابن هانئ» ، و «مسائل إسحاق بن منصور» ، و «مسائل حرب» ، وغيرها من كتب المسائل والروايات.

- واعتنى رحمه الله تعالى بإيراد كلام صاحب «المغني» و «الشرح الكبير» ، سواء في التصحيح أو ذكر الاحتمالات، أو إيراد الإشكالات والاعتراضات على كلام الأصحاب.

- وكانت غالب مادته اللغوية من كتاب «المطلع» لابن أبي الفتح البعلي، واستفاد من «غريب الحديث» لأبي عبيد القاسم بن سلام، و «تهذيب اللغة» للأزهري، و «الصحاح» للجوهري، وغيرها.

- واستفاد من كتب شروح الحديث، مثل كتب ابن المنذر:«الأوسط» و «الإشراف» و «الإجماع» ، وكتب ابن عبد البر:«التمهيد» و «الاستذكار» ، و «معالم السنن» للخطابي، و «مشارق الأنوار» للقاضي عياض، و «شرح النووي على صحيح مسلم» ، وغير ذلك.

‌منهج المؤلف في كتابه:

بيَّن المؤلف رحمه الله تعالى شيئًا من منهجه في كتابه في مقدمته، فقال بعد أن ذكر كتاب «المقنع» وأهميته:(فتَصدَّيْتُ لأن أشرحَه شرحًا يبيِّن حقائقه، ويوضِّح دقائقَه، ويذلِّل من اللَّفظ صعابَه، ويكشف عن وجه المعاني نقابَه، أنبِّه فيه على ترجيح ما أُطلق، وتصحيح ما أُغلق، وأجتهدُ في الاختصار؛ خوفَ الملل والإضجار).

فاتسم منهج المؤلف في كتابه بسمات عديدة، من ذلك على وجه الاختصار:

1 -

شرح معاني المقنع وتوضيح ألفاظه، وكانت طريقته في ذلك: أنْ مَزَج

ص: 22

شرحه مع المتن، وحَذَا فيه - كما قال ابن المبرد - حذو المحلِّي الشافعي في «شرح المنهاج» ، وهي طريقةٌ لا نعلم أحدًا سبقه إليها من علماء الحنابلة، وقد تبعه عليها جماعة ممن أتى بعده، من أبرزهم منصور البهوتي في شروحه.

2 -

تَعقَّب صاحب «المقنع» في بعض ألفاظه، وبين ما كان ينبغي أن يكون، فمن ذلك: ما جاء في عبارة «المقنع» : (التاسع: أن يشهدا على رجل بقتل عمد، أو ردة أو زنى)، قال في «المبدع»:(وعبارة «الوجيز» و «الفروع»: ولو شهدت بينة بما يوجب قتله. وهي أحسن).

ومن ذلك أيضًا: ما في كفارة اليمين بالنسبة للعبد المبعض، عبَّر في «المقنع» بقوله:(ومن نصفه حر)، قال في «المبدع»:(وعبارة «المحرر» و «الوجيز» و «الفروع»: ومن بعضه. وهو أولى).

3 -

اعتنى بنُسَخ «المقنع» الخطية وضَبَط ما احتاج إلى ضبطٍ من ألفاظها.

فمن ذلك: قول صاحب «المقنع» في شروط الصلاة: (وهي ست)، قال:(كذا بخط المؤلف بغير هاء، وقياسه «ستة» بالهاء، لأن واحدها شرط، وهو مذكر يلزم الهاء في جمعه).

ومن ذلك أيضًا: ما جاء في كتاب الوصايا عند قول صاحب «المقنع» : (ولو كانوا أربعةً، فأوصى بمثل نصيب خامسٍ لو كان إلا مثل نصيب سادسٍ لو كان، فقد أوصى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية)، قال البرهان في الشرح:(وفي بعض النسخ المقروءة على المؤلف: ولو كانوا أربعة، فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن خامس لو كان، فقد أوصى بالخمس إلا السدس بعد الوصية، وهذه هي الصحيحة المعتمدة في المذهب الموافقة لطريقة الأصحاب، وعلى ما ذكره هنا هي مشكلة على طريقة الأصحاب).

4 -

بيَّن الراجح من المرجوح فيما أطلقه صاحب «المقنع» ، وصحَّح ما يحتاج إلى تصحيح، فكثيرًا ما يقول فيما أطلقه المؤلف:(وأصحهما)، أو

ص: 23

يقول: (والصحيح من المذهب)، أو يقول:(والمذهب كذا)، ونحو ذلك من العبارات الدالة على التصحيح في المذهب، وقد اعتنى البرهان ببيان ما هو المذهب من الروايات والأوجه والأقوال المذكورة.

5 -

راجع شروح «المقنع» التي سبقته، ونقل عنها، وتعقبها، وانتقى منها ما يحتاج إليه.

6 -

اجتهد في اختصاره؛ خوفًا من الملل والإضجار كما قال، إلا أنه في حقيقة الحال أتى على نمط متوسط من الشروح.

وكان في بعض مواطن اختصاره يُخِلُّ بالمعنى، مما يُحتاج معه إلى التنبيه عليه.

ومثال ذلك: ما ذكره في مسألة تداخل الحدود، بعد أن ذكر قول صاحب «البلغة» وصاحب «المستوعب» ، قال في «المبدع»: (ثُمَّ قال شَيخُنا: قَولُ الفقهاء: تتداخل دليلٌ على أنَّ الثابت أحكامٌ

)، فقوله:(قال شيخنا) يوهم أنه شيخه ابن نصر الله أو غيره، وفي الواقع هو شيخ الإسلام ابن تيمية، والكلام لصاحب الفروع، إلا أنه لم يذكر ذلك.

7 -

ذَكَر أقوالَ الأصحاب في المسائل التي أوردها صاحب «المقنع» ، ونسبها في الغالب إلى أصحابها، معتمدًا في ذلك - غالبًا - على كتاب جدِّه «الفروع» ، وقد يزيد عليه أحيانًا.

واعتنى رحمه الله تعالى بأقوال الموفق ابن قدامة صاحب «المقنع» ، فيذكر ما قاله في كتبه الأخرى في نفس المسألة، ويبيِّن ما جزم به في بعضها، وما أطلقه أو رجَّحه، وما قيَّده أو استثنى منه.

كما اعتنى بأقوال أئمة المذهب السابقين، حتى إنه يوردها أحيانًا بألفاظها، فاعتنى بكلام الخرقي، والخلال، وأبي بكر عبد العزيز، والقاضي، وأبي الخطاب، وابن عقيل، والموفق، والمجد ابن تيمية،

ص: 24

والشارح، والشيخ تقي الدين ابن تيمية، وجده شمس الدين ابن مفلح صاحب «الفروع» ، وكثيرًا ما يسوق كلام صاحب «الرعاية» و «الوجيز» و «المستوعب» ، وغيرهم.

8 -

ذَكَر توجيهات الأصحاب، وخاصة ما وجَّهه جدُّه شمس الدين في «الفروع» ، وقد ينسبها لجدِّه، وقد يذكرها دون نسبة مما يدل على تأييده لذلك التوجيه.

ومثل ذلك: بعض الأقوال الواردة عن محققي المذهب كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، يورد أقوالهم أو توجيهاتهم دون أن ينسبها لهم.

9 -

دلَّل للمسائل الواردة بما تيسر من الأدلة من الكتاب والسنة والآثار والنظر.

10 -

يستدرك أحيانًا على كلام الأصحاب، إما في أقيستهم أو في فهمهم لكلام الإمام أحمد، أو لكلام صاحب «المقنع» ، أو في تخريجهم للأحاديث أو غير ذلك.

فمن ذلك مثلاً: أورد عند قول صاحب «المقنع» : (ويشترط كون العامل أمينًا) كلام صاحب الفروع فقال: (وفي «الفروع» ومرادهم بها العدالة) ثم قال: (وفيه نظر).

ومن ذلك أيضًا: ما ذكره عند قوله صاحب «المقنع» : (وليس للعبد الإحرام إلا بإذن سيده، ولا للمرأة الإحرام نفلاً إلا بإذن زوجها)، قال ابن المنجى:(قيَّده بالنفل منها دون العبد؛ لأنه لا يجب عليه حج بحال بخلافها)، فعلَّق عليه برهان الدين ابن مفلح بقوله:(وفيه نظر، فإنهم صرحوا بأن العبد لو نذره لزمه بغير خلاف نعلمه).

ومن ذلك: لما أورد في «المبدع» حديث: «لا تُبرِز فخِذَكَ، ولا تنظر إلى فخذِ حيٍّ أو ميتٍ» ، وبيَّن من خرَّجه، قال: (وقال ابن المنجَّى: رواه أحمد.

ص: 25

وفيه نظر)، وذلك أن الذي خرَّجه هو عبد الله في زوائد المسند، وليس الإمام أحمد.

11 -

اعتنى بالأحاديث والآثار، فكثيرًا ما يذكرها بأسانيدها، ويبين من خرَّجه من أصحاب الكتب، ويبين الصحيح منها والضعيف، ويتكلم في العلل، ويورد كلام أهل الحديث في نقد المتون والرجال، بما لا يوجد في كثير من كتب المذهب.

بل إن عناية المؤلف بنقد الأحاديث ظاهرة جلية في كتابه، تدل على سعة اطلاعه على علل الحديث ورجاله، وعلى كلام أهل العلم المحققين به.

فمن ذلك على سبيل المثال قوله: (قال عمر: «لو أستطيع أنْ أجعلَ العدَّةَ حَيضةً ونصفًا لَفَعَلْتُ» رواه البَيهقِيُّ، ولا يصحُّ للجهالة أو الانقطاع)، وهو يشير إلى أن البيهقي رواه بإسنادين، أحدهما فيه راوٍ مجهول وهو رجل من ثقيف الراوي عن عمر، والإسناد الآخر فيه انقطاع؛ لأنه من رواية عمرو بن أوس عن عمر، وهو منقطع.

12 -

اعتنى ببيان غريب الألفاظ، وكان عمدته في الغالب كتاب «المطلع في حل ألفاظ المقنع» ، مع اعتماده على غيره من أهل اللغة؛ كأبي عبيد والجوهري والأزهري وغيرهم.

‌مؤاخذات على كتاب «المبدع» :

وقع للمؤلف بعض الأخطاء، إما بسبب متابعته لغيره في النقل، أو بسبب سبق قلم، أو يكون بسبب سقط حصل من النساخ، فمن ذلك مثلاً:

1 -

قال المؤلف في فصل قصر الصلاة 2/ 543: (وذَكَر الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: يَجِب السَّفرُ المنذورُ إلى المشاهِدِ)، والصواب: أن شيخ الإسلام ذكر ذلك وجهًا في المذهب لا اختيارًا، كما في الفروع 5/ 156، قال: (وحكى

ص: 26

شيخنا وجهًا: يجب السفر المنذور إلى المشاهد، ومراده والله أعلم: اختيار صاحب الرعاية).

2 -

قال المؤلف في توبة ترك الصلاة 1/ 456: (فَإِنْ تَابَ؛ قُبِلَ مِنْهُ) كغيره، ويَصير مسلمًا بالصَّلاة، نقل صالح:(توبتُه أن يصلِّي)، وصوَّبه الشَّيخ تقِيُّ الدِّين؛ لأنَّ كفره بالامتناع؛ كإبليس وتارك الصلاة)، وصوابه:(كإبليس وتارك الزكاة).

3 -

قال المؤلف في بيان ما يجوز للعبد النظر إليه من مولاته 7/ 405: (وَلِلعَبْدِ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا) أي: إلى الوَجْهِ والكفَّيْنِ (مِنْ مَوْلَاتِهِ)؛ لقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6])، فاستدل بآية النور، وصوابه الاستدلال بقوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النُّور: 31]، لأن الآية الأولى في بيان ما يحل للرجل، والثانية فيما يحل للمرأة كشفه، وهو المراد هنا.

4 -

قال المؤلف في بيان من يقدم في الحضانة (9/ 37): (ثُمَّ الْخَالَةُ)؛ لأِنَّها تُدْلِي بالأُمِّ، ولأِنَّ الشَّارِعَ قَدَّمَ خالةَ ابْنةِ حَمزةَ على عَمَّتِها صَفِيَّةَ؛ لأِنَّ صَفِيَّةَ لم تَطلُبْ، وجَعفَرٌ طَلَبَ نائبًا عن خالتها؛ فَقَضَى الشَّارِعُ بها لها في غَيبَتِها).

فعلل المؤلف رحمه الله تعالى تقديم الخالة على العمة بأن صفية لم تطلب، وفي الاستدلال بذلك على المذهب نظر ظاهر، والصواب: أنه جوابُ القائلين بتقديم العمة على الخالة عن الاستدلال بقصة ابنة حمزة، كما ذكره في الفروع 7/ 182.

‌ثناء العلماء على الكتاب واهتمامهم به:

أثنى جماعة من العلماء على كتاب المبدع، فمن ذلك:

ما قاله تلميذه ابن المبرد: (عمدة في مذهب الحنابلة، أجاد فيه مؤلفه، وهو شرح حافلٌ، ممزوجٌ مع المتن حَذَا فيه حذو المحلِّي الشافعي في شرح المنهاج الفرعي، وفيه من الفوائد والنقول ما لا يوجد في غيره)، ونقل عنه

ص: 27

ذلك حفيد المؤلف محمد الأكمل في خاتمة المقصد الأرشد، وابن بدران في المدخل.

واهتم بكتاب المبدع جماعة من متأخري الحنابلة، في مقدمتهم الشيخ منصور بن يونس البهوتي، فقد جعل غالب تعويله في كتابه «كشاف القناع» على كتاب «شرح المنتهى» و «المبدع» كما ذكر في مقدمته، وجرى على طريقته في شروحه في كونها ممزوجة بالمتن، مذيلة بالدليل والتعليل.

‌طبعات الكتاب:

طُبع الكتاب أربع طبعات:

الأولى: طبعة المكتب الإسلامي في دمشق، سنة (1385 هـ) بعناية الشيخ زهير الشاويش، وبتحقيق الشيخين: عبد القادر وشعيب الأرنؤوط، وصدر في تسع مجلدات، ثم أعيدت طباعته سنة (1400 هـ)، وصدر في عشرة مجلدات.

واعتمدت هذه الطبعة على أربع نسخ خطية كما ذُكر في مقدمتها.

الثانية: طبعة دار الكتب العلمية في بيروت، سنة (1418 هـ)، بتحقيق الشيخ محمد حسن الشافعي، وصدر في ثمان مجلدات، واعتمد على نسختين خطيتين مع الاستعانة بالمطبوعة السابقة كما ذكر في مقدمة عمله.

الثالثة: طبعة دار عالم الكتب في الرياض، سنة (1423 هـ)، بتحقيق الدار نفسها، وصدر في عشرة مجلدات، والظاهر أنهم اعتمدوا على المطبوعة الأولى للكتاب.

الرابعة: طبعة دار أجيال التوحيد، سنة (1442 هـ)، بتحقيق الدكتور ذياب بن سعد الغامدي، وصدر في عشرين مجلدًا.

وقد ذكر المحقِّق وفقه الله أنه اعتمد على عشر نسخ خطية، إحدى تلك النسخ مكررة كما في وصفه للنسخ، فرجع عددها إلى (تسع نسخ خطية)،

ص: 28

وذكر أيضًا أنه اعتمد على ثلاث نسخ منها فقط، والباقي جعلها معينة ومساندة عند الحاجة.

وجميع الطبعات السابقة خَلَت مِنْ ذِكر فروق النسخ الخطية، وخلت من بيان الأوهام والأخطاء في النسخ الخطية التي سيأتي بيانه في فصل مستقل.

كما أن جميع الطبعات السابقة تتابعت على زيادة عبارات في صلب الكتاب ليست موجودة في شيء من النسخ الخطية، من ذلك مثلاً:

1 -

جاء في جميع الطبعات السابقة، في كتاب الطلاق (8/ 115)، قوله:(قال الشيخ تقي الدين: قصد إزالة العقل بلا سبب شرعي محرم)، وقوله:(قال الشيخ تقي الدين) غير موجودة في شيء من النسخ الخطية، ولم يشيروا إلى ما زادوه، ولعلهم أخذوها من قول صاحب الفروع عند هذه الجملة:(قال شيخنا).

2 -

ذكر صاحب «المبدع» (8/ 129) حديث: «أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم» ، فزادت جميع الطبعات السابقة بعده عبارة:(حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، ألا أقتله)، وهذه الجملة غير موجودة في شيء من النسخ الخطية.

3 -

ذكرت جميع الطبعات السابقة في كتاب الطهارة عبارة: (لكن الخِرَقِي شرط الكثرة في الرَّائحة دون غيرها، قال ابن حمدان: وهو أظهر؛ لسرعة سرايتها ونُفوذها)، وهذه العبارة قد ذُكرت في بعض النُسخ الخطية، إلا أن المؤلِّف في نسخته التي بخطِّه قد ضرب عليها ضربًا واضحًا.

وأما زيادة كلمة أو كلمتين في صلب الكتاب لتستقيم عبارة المؤلف، أو قيامهم بتصحيح بعض الكلمات المكتوبة خطأ، فذلك كثير في الطبعات السابقة، وهي في جميع ذلك لا تشير في الهامش إلى ما زادوه أو صححوه.

ص: 29

فمن ذلك مثلاً:

1 -

جاء في كتاب الديات (9/ 361)، ما نصه:(ولأِنَّ العَصَبةَ في تَحمُّلِ العَقْلِ [كهم] في الميراث).

فزادت جميع الطبعات كلمة (كهم) في صلب الكتاب دون إشارة إلى ذلك في الهامش، وهي غير موجودة في النسخ الخطية، وإنما أخذوها من المغني 8/ 391 والشرح الكبير 26/ 52.

2 -

جاء في كتاب الحدود (9/ 428)، ما نصه:(لأِنَّه قَتْلٌ حَصَلَ من جِهَةِ الله تعالى وعُدْوانِ الضَّارِب، فكان الضَّمان على القادر).

قوله: (القادر) كذا جاءت في النسخ الخطية، وجميع الطبعات صححتها إلى:(العادي)، اعتمادًا على ما في المغني والشرح الكبير، دون الإشارة إلى شيء في الهامش.

3 -

جاء في كتاب الحدود (9/ 472)، ما نصه:(وعَنْهُ فِيهِما: لا حَدَّ، لا بتهديدٍ ونحوِه).

جاءت العبارة في جميع الطبعات السابقة: (لا حد إلا بتهديد ونحوه)، دون الإشارة إلى فروق نسخ، وليس في شيء من النسخ (إلا)، وهي خطأ، وخلاف ما في الفروع 10/ 61 والإنصاف 26/ 291.

كما تتابعوا على بعض الأخطاء الظاهرة مع وجود الصواب في بعض النسخ الخطية، فمن ذلك:

1 -

جاء في جميع الطبعات السابقة في كتاب الديات (9/ 347)، ما نصه:(ثم الدامعة) بالعين المهملة (وهي: التي تخرق الجلدة) أي: جلدة الدماغ).

فزادوا عبارة: (بالعين المهملة)، وهي مذكورة في إحدى النسخ الخطية - نسخة الظاهرية -، وزيادتها خطأ ظاهر، فإن الدامعة من الشجاج غير المقدرة، وقد جاء في نسخة قديمة منقولة عن نسخة المؤلف على الصواب

ص: 30

بلفظ: (الدامغة)، وبدون عبارة:(بالعين المهملة).

2 -

جاء في جميع الطبعات السابقة في كتاب الديات (9/ 302)، ما نصه:(لأنه عطل نفعهما، أشبه ما لو أمسك يده، أو لسانه).

قوله: (أمسك) ذُكرت في إحدى النسخ الخطية، وصواب العبارة كما في نسخٍ أخرى: أشلَّ.

3 -

جاء في جميع الطبعات السابقة في كتاب الديات (9/ 288)، ما نصه:(وَاللِّسَانُ النَّاطِقُ) السَّليمُ إذا اسْتُوعِبَ كلُّه محطًّا من المسلم الحرِّ، إجماعًا، ذَكَرَه ابنُ حَزْمٍ).

قوله: (محطًّا) جاءت في إحدى النسخ الخطية - نسخة الظاهرية -، وصواب الكلمة:(خطأً) كما في نسخة خطية أخرى، وهي موافقة لمراتب الإجماع لابن حزم.

وعلى كل حال، فلم نقم بتَتَبُّع حال الطبعات السابقة، وإنما هي مواطن ظهرت معنا عرضًا، فأحببنا التنبيه عليها، ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد لكل من أراد نشر العلم والعناية به.

ص: 31

‌وصف النسخ الخطية

ذُكر في فهارس المخطوطات لكتاب «المبدع» جملة من النسخ الخطية، منها ما هو بخط المؤلف رحمه الله تعالى، ومنها ما هو منقول عن نسخته، وليس في شيء من تلك النسخ ما هو كامل، وقد وقفنا -بحمد الله تعالى- على جميع النسخ المذكورة لكتاب «المبدع» في الفهارس وغيرها عدا نسختين ذُكرتا في أوقاف بغداد، الأولى برقم (13707)، والثانية برقم (7467)، وبعد الوصول إلى مكتبتها تبيَّن أنهما قد فُقدتا من المكتبة!

وهذا بيان وصف النسخ التي وقفنا عليها:

‌النسخة الأولى: نسخة بخطِّ المؤلف:

ورمزنا لها ب (الأصل).

وهي نسخة مودَعة في مكتبة الأوقاف في بغداد، المسماة - كما هو مكتوب على صورة الغلاف - (مكتبة مديرية الأوقاف العامة - بغداد)، ورقمها (4045)، وعدد أوراقها:(254)، وأسطرها (31) سطرًا، وعدد كلمات السطر (18) كلمة تقريبًا.

وهي نسخة جيدة، مقابلَة، ملونةُ المتنِ بالأحمر، عليها تصحيحات وإلحاقات وبعض التعليقات والحواشي، تدل على أن المؤلف قد راجعها وصوَّب ما يحتاج منها إلى تصويب، ومحا ما لا حاجة إلى ذكره أو كان مكرَّرًا، وعلق على ما يحتاج إلى تعليق.

ومن نفاسة هذه النسخة: أن ابن البرهان ابن مفلح، وهو القاضي نجم الدين عمر بن إبراهيم (919 هـ) قرأها على والده وقابلها معه، فقد جاء في

ص: 32

هامش اللوحة (43) عند باب التيمم ما نصه: (بلغ الولد نجم الدين أيَّده الله قراءةً عليَّ من أوله إلى هنا، وأجزته. وكتبه: إبراهيم بن مفلح الحنبلي).

إلا أن المؤلف عرَّى نسخته من النقط في الغالب، فجاءت غير منقوطة في غالب كلماتها، وفي كتابتها شيء من الصعوبة قد يعسر في بعض الأحيان قراءة الكلمات، فيُحتاج إلى غيرها من النسخ تُبين ما أشكل منها.

كما كُتب على طرَّة المخطوط تملُّكات وأوقاف، كان آخرها في رمضان سنة 1291 هـ حيث أوقفت النسخة على مدرسة بقرب جامع الحيدر في بغداد.

وتبدأ هذه النسخة من أول الكتاب إذ قال: (بسم الله الرحمن الرحمن، رب يسر ربِّ يَسِّر وأعِنْ برَحمتكَ، قال العبدُ الفقير، المعترف بالعجز والتقصير، إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي الحنبلي عفا الله عنهم)، وتنتهي النسخة عند نهاية الهدي والأضاحي من كتاب المناسك.

وجاء في صفحة العنوان: (أول كتاب المبدع شرح المقنع، تأليف كاتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح بن محمد بن مفرج الراميني الأصل، المقدسي الحنبلي، عفا الله عنهم وعن جميع المسلمين [ .... ]).

وجاء في آخرها ما نصه: (تم المجلد الأول من المبدع شرح المقنع، تأليف كاتبه وأحوجهم إلى مغفرة ربه، بهاء بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرح المقدسي الحنبلي عفا الله تعالى عنه وعنهم وعن جميع المسلمين آمين، ويتلوه إن شاء الله تعالى من كتاب الجهاد، والمسؤول من كرم الله تعالى وفضله إتمامه وإكماله بخير وعافية، وأن ينفع به إنه على ما يشاء قدير، وكان ذلك في مدرسة دار الحديث الأشرفية بصالحية دمشق المحروسة، رحم الله تعالى واقفها ونوَّر ضريحه، في مدةٍ آخرها يوم الأحد

ص: 33

خامس شهر الحجة الحرام سنة ثمانين وثمانمائة أحسن الله ختامها بخير وعافية وسلامة إنه أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أستغفر الله تعالى وأتوب إليه، إنه جواد كريم)، ثم جاء بعده إسناده في الفقه، وقد سبق ذكره في ترجمته.

كما أن المؤلِّف كانت له مسوَّدة لكتابه كما جاء في هامشها، لوحة (35)، ما نصه:(من أصل مسودَّة المصنف: النوم غَشْيةٌ ثقيلةٌ على القلب تمنع المعرفة بالأشياء، انتهى. وهو - أي: النوم- رحمةٌ من الله سبحانه وتعالى على عبده؛ ليستريح بدنه عند تعبه، لما علم الله عجز الروح المدبر عن القيام بتدبير البدن دائمًا، انتهى).

‌النسخة الثانية: نسخة مكتبة أحمد الثالث:

ورمزنا لها ب (أ).

وهي من مخطوطات مكتبة أحمد الثالث في تركيا، ورقمها (1134)، وعدد أوراقها (206)، وعدد أسطرها (33)، وعدد الكلمات في السطر الواحد (18) كلمة تقريبًا.

وهي نسخة واضحة، منقوطة، ملونة، مصححة، كتبها أحد تلاميذ المؤلف، ونقلها من نسخة المؤلف، جاء في أول النسخة:(قال مولانا وسيدنا وشيخنا)، وكتب على طرَّتها: (الحمد لله، أخذ مولانا وسيدنا شيخ الإسلام مؤلف هذا الكتاب أسبغ الله ظلاله وفسح في مدته ونفعنا به وبعلومه في الدنيا والآخرة الفقه عن جده شيخ الإسلام العالم شرف الدين

)، وساق إسناد المؤلف المذكور في نسخة الأصل.

وكتب في هامشها في الأخير: (آخر الجزء الأول من أربعة أجزاء من خطِّ المصنف فسح الله في مدته).

ص: 34

ويجدر التنبيه إلى أن هذه النسخة مع كونها منسوخة في حياة المؤلف، إلا أن جملةً من إلحاقات المؤلف وتصحيحاته غير موجودة على هذه النسخة، مما يدل على أنها نُسختْ قبل أن يرجعَ برهانُ الدين ابن مفلح على نسختِه بالتصويبِ والإلحاقِ، فلعل البرهان ابن مفلح أبرز كتابه أولاً، فقام تلميذه بنسخه، ثم عاد البرهان ابن مفلح على نسخته بالتصويب والإلحاق والمحو.

وتبدأ هذه النسخة من أول الكتاب إلى آخر كتاب الجهاد، حيث جاء في آخر هذا الجزء:(آخر الجزء الأول من المبدع شرح المقنع، ويتلوه الذي يليه إن شاء الله تعالى، كتاب البيع، والحمد لله وحده)، فهي نسخة شملت القسم الموجود بخط المؤلف، وزادت عليه كتاب الجهاد، فاعتمدنا هذه النسخة أصلاً في كتاب الجهاد.

‌النسخة الثالثة: نسخةٌ أخرى من مكتبة أحمد الثالث:

ورمزنا لها ب (ق).

وهي من مخطوطات مكتبة أحمد الثالث في تركيا، ورقمها (1134)

(1)

، وعدد أوراقها (254)، وعدد أسطرها (33)، وعدد الكلمات في السطر (18) كلمة تقريبًا.

ولا يُعرف ناسخها، وتاريخ نسخها كما في آخر المخطوط: نهار يوم الخميس 12 من ذي قعدة الحرام، سنة 907 هـ.

وهي نسخة واضحة، مقابَلة، منقوطة، والمتن فيها ملوَّن بالأحمر، وتحتوي على الجزء الثاني، من كتاب البيع إلى نهاية الخلع.

(1)

هذا الرقم (1134) في فهرست مكتبة أحمد الثالث اشتمل على جملة من كتب المذهب، منها نسختين من كتاب «المبدع» ، ونسخة من «الممتع شرح المقنع» لابن المنجى، ونسخة من «الشرح الكبير» لابن أبي عمر.

ص: 35

وكُتب في هامش هذه النسخة في نهاية كتاب الوصايا وقبل الفرائض: (آخر المجلد الثاني من نسخة المصنف عفا الله عنه).

ويحتمل أن هذه النسخة تكملة للنسخة (أ).

‌النسخة الرابعة: نسخة الظاهرية:

ورمزنا لها ب (ظ).

وهي نسخة محفوظة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، وتقع في جزئين:

الجزء الأول برقم (2709)، وعدد أوراقها (266)، وأسطرها (31)، وكلماتها في السطر الواحد (18) كلمة تقريبًا، وتبدأ من كتاب البيع، إلى كتاب الصداق.

والجزء الثاني برقم (2710)، وعدد أوراقها (265)، وتبدأ من كتاب الصداق إلى نهاية الكتاب.

ناسخها: ناسخ المذهب موسى بن أحمد بن موسى الكناني المقدسي، وتاريخ الانتهاء من نسخ الجزء الأول: 10 من شهر صفر سنة 888 هـ، وتاريخ الانتهاء من نسخ الجزء الثاني: 16 من شهر صفر سنة 889 هـ.

وهي نسخة واضحة، مصحَّحة، مقابلة، وعليها حواشٍ يسيرة، ومقابلة على أصل المصنف كما كُتب على هامشها في مواطن، وعلى طُرَّتها تملكات وأوقاف.

وقد جاء في نهاية إحدى الحواشي (5/ 254)، ما نصه:(ذكر ذلك شيخنا في «التنقيح»، وقد نقله من «المغني»)، فلعل تلك الحواشي لناسخها موسى الكناني، فإنه من تلاميذ المرداوي صاحب «التنقيح» .

وكُتب في آخر الجزء الأخير: (وكان ذلك بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه بصالحية دمشق المحروسة، آمنها الله تعالى من سائر المخافات، آمين).

ص: 36

وكُتب في آخرها على الهامش: (بلغ مقابلة بأصل المؤلف رحمه الله تعالى حسب الطاقة على يد كاتبه موسى الكناني عفا الله عنه).

وفيها حواشٍ يسيرة متنوعة، بعضها منقول من كلام ابن نصر الله البغدادي وبعضها للكتاني، وحواشٍ أخرى، وقد أثبتناها في مواضعها.

‌النسخة الخامسة: نسخة مكتبة عبد الرحمن العيسى:

ورمزنا لها ب (د).

وهي نسخة محفوظة في دارة الملك عبد العزيز في الرياض برقم (1225)، من ضمن مجموعة عبد الرحمن العيسى برقم (4)، وعدد أوراقها (76)، وأسطرها (33)، وكلماتها في السطر الواحد (18) كلمة تقريبًا، وهي قطعة من الأذان إلى صلاة الكسوف، وجاء في أوائل المخطوط: وقف علي بن عبد الله بن عيسى للكتاب على طلبة العلم من آل عيسى، وجعل النظر عليه لإبراهيم بن صالح بن عيسى.

وتليها نسخة أخرى «للمبدع» برقم (4934)، من ضمن مجموعة العيسى أيضًا برقم (46)، وعدد أوراقها (95)، وأسطرها (36)، وكلماتها في السطر الواحد (18) كلمة تقريبًا، وهي قطعة من صلاة الاستسقاء إلى نهاية الأضاحي، وعلى طرتها مكتوب:(من كتب عبد الرحمن بن فوزان بن عيسى، وهو وقف).

ولا يُعرف ناسخهما، ولا تاريخ نسخهما.

وهي نسخة واضحة، مقابلة، وعليها حواشٍ منها ما هو منقول عن خطِّ المؤلف.

ص: 37

‌النسخة السادسة: نسخة مكتبة الرياض السعودية:

ورمزنا لها ب (ح).

وهي نسخة محفوظة في مكتبة الرياض السعودية برقم (344/ 86)، وعدد أوراقها (388)، وأسطرها (36)، وكلماتها في السطر الواحد (15) كلمة تقريبًا.

وهي نسخة واضحة وملونة ومقابلة، وعليها ختم وقف الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى، وتملك عثمان بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سليم، سنة 1300 هـ.

واشتملت النسخة على الجزء الثاني فقط، وتبدأ من كتاب الجهاد، وتنتهي بنهاية الوصايا، وقال في آخرها:(ويتلوه في الثالث كتاب الفرائض).

‌النسخة السابعة: نسخة أخرى من مكتبة الرياض السعودية:

ورمزنا لها ب (ز).

وهي نسخة محفوظة في مكتبة الرياض السعودية برقم (711/ 86)، وعدد صفحاتها (332)، وأسطرها (27)، وكلماتها في السطر الواحد (25) كلمة تقريبًا.

واشتملت النسخة على الجزء الأول للكتاب، من بدايته إلى نهاية الهدي والأضاحي، وفي آخرها:(ويتلوه في الجزء الثاني كتاب الجهاد).

ولا يُعرف ناسخها، ولا تاريخ نسخها.

‌النسخة الثامنة: نسخة ثالثة من مكتبة الرياض السعودية:

ورمزنا لها ب (و).

وهي نسخة محفوظة في مكتبة الرياض السعودية برقم (343/ 86)، وعدد صفحاتها (569)، وأسطرها (29)، وكلماتها في السطر الواحد (15) كلمة تقريبًا.

ص: 38

واشتملت النسخة على الجزء الأول للكتاب أيضًا، من بدايته - مع سقط في باب المياه - إلى نهاية الهدي والأضاحي.

ولا يُعرف ناسخها، ولا تاريخ نسخها.

‌النسخة التاسعة: نسخة المكتبة المحمودية:

ورمزنا لها ب (م).

وهي نسخة محفوظة في المكتبة المحمودية في المدينة النبوية، ورقمها (1446)، وعدد أوراقها (402)، وأسطرها (31)، وكلماتها في السطر الواحد (18) كلمة تقريبًا.

واشتملت النسخة على الجزء الرابع، من أوائل كتاب الصداق - وسقط من أوله شيء يسير - إلى نهاية كتاب الإقرار، وسقط منها بعض الأوراق من الآخر، فلم يُعرف ناسخها، ولا تاريخ نسخها.

‌النسخة العاشرة: نسخة وزارة الأوقاف في الكويت:

ورمزنا لها ب (ن).

وهي نسخة أصلية محفوظة في مكتبة المخطوطات والمكتبات الإسلامية بوزارة الأوقاف في الكويت، ورقمها (361 خ)، وعدد أوراقها (169)، وأسطرها (29)، وكلماتها في السطر الواحد (18) كلمة تقريبًا.

وهي نسخة واضحة مصححة ملونة منقوطة، وعليها حواشٍ يسيرة، وقد كُتبت هذه النسخة بعد وفاة المؤلف بأربعة شهور، جاء في آخرها:(وكان ذلك الفراغ في سابع شهر القعدة الحرام، من شهور أربع وثمانين وثمانمائة، غفر الله تعالى لمؤلفه ولكاتبه ولناظرٍ فيه ولجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا).

واشتملت النسخة على الجزء الرابع، من بداية الجنايات إلى آخر الكتاب.

ص: 39

وعلى طرة النسخة مكتوب: (هذا الكتاب الجليل وقف لله تعالى، وهو في نوبة الفقير عبد الله بن خلف الحنبلي لطف الله به).

‌النسخة الحادية عشرة: نسخة مكتبة عبد اللطيف العوين:

ورمزنا لها ب (ب).

وهي نسخة محفوظة في دارة الملك عبد العزيز بالرياض، ورقمها (3812)، ومصدرها مكتبة عبد اللطيف العوين برقم (16)، وعدد أوراقها (237)، وأسطرها (30)، وكلماتها في السطر الواحد (24) كلمة تقريبًا.

وهي نسخة واضحة ومقابلة، وعليها تصحيحات وحواشٍ، وفي أولها تملكات.

واشتملت النسخة على الجزء الأول، من بداية الكتاب إلى نهاية الجهاد، وفي آخرها سقط يسير لم يتبين ناسخها وتاريخ نسخها.

وكُتب على طرتها جواب الشيخ عبد الرحمن بن حسن في مسألة في المواريث، وفي بدايتها:(وسئل شيخنا عبد الرحمن بن حسن حفظه الله).

‌نسخة لم تعتمد في التحقيق:

وهي نسخة محفوظة في دارة الملك عبد العزيز برقم (524)، مصدرها مكتبة الشيخ عبد العزيز بن صالح المرشد برقم (31)، وعدد أوراقها (233)، وأسطرها (27).

وتبدأ من باب الحيض، وتنتهي بباب تصحيح المسائل، وفيها نقص وخروم وتمزيق وبلل شديد في معظم المخطوط، فهي نسخة سقيمة لا يمكن الاعتماد عليها في تحقيق الكتاب، مع وجود نسخ أجود منها ولله الحمد.

ص: 40

‌فصل في أخطاء وأوهام النُّسَخ الخطِّيَّة

تبيَّن لنا من خلال العمل على كتاب «المبدع» أن النُّساخ قد اجتهدوا في نَسْخِ نسخةِ المؤلف قدر استطاعتهم، إلا أنهم في مواطن ليست باليسيرةِ قاموا بالتصحيف من حيث لا يشعرون، فكتبوا الكلمات على غير وجهها، وفي مواطن أخرى أسقطوا - سهوًا - كلمات مؤثرة في المعنى لا يستقيم الكلام بدونها، ولعل من أسباب ذلك: كون خطِّ المؤلف رحمه الله تعالى من الخطوط التي يصعب قراءتها كما يتضح من الجزء الذي وقفنا عليه، وقد قمنا في أثناء العمل على الكتاب بمراجعة مصادر المؤلف من كتب المذهب الأخرى؛ ك «المغني» و «الكافي» و «الشرح الكبير» و «الممتع» و «الفروع» و «شرح الزركشي» وغيرها؛ للتأكد من سلامة العبارات، وإقامة الجُمَل إقامةً صحيحة.

وقد وقفنا على كثير من الزيادة والسقط والتصحيف في الأجزاء التي ليس عندنا فيها نسخة المؤلف، وهذه الأجزاء تُمثِّل ثلاثةَ أرباع الكتاب، من كتاب الجهاد إلى نهاية الكتاب، مع أن هذه النُّسَخ - كما تقدم وصفها - بعضها منقول عن نسخة المؤلف، إلا أن الخطأ والتصحيف واردٌ وحاصل.

وجميع هذه الأخطاء والأوهام التي سنذكرها مما لم تُبيِّنها الطبعات السابقة، ولم تُشر إليها.

وحتى يتضح المقصود، جعلنا هذه الأخطاء على أقسام، وتحت كل قسم جملة من الأمثلة، وإلا فإن الأخطاء الواردة في الكتاب كثيرة:

‌القسم الأول: ما يتعلق بسقط جملة:

1 -

جاء في كتاب النكاح (7/ 459)، ما نصه:(ورُوِيَ عن عليٍّ أنَّه قال: إنْ دَخَلَ بها الثَّاني، وهو لا يَعلَمُ أنَّها ذاتُ زَوجٍ، فُرِّقَ بَينَهما بغَيرِ طلاقٍ)،

ص: 41

وبعض النسخ المطبوعة قامت بتخريج الأثر.

والصواب: وجود سقطٍ كبيرٍ بعد قوله: (أنه قال)، يُبيِّنه ما في الشرح الكبير 20/ 216 قال:(ورُوي نحو ذلك عن عليٍّ، وشُريح، ولأن الثاني تزوج امرأة في عصمة زوج، فكان باطلاً كما لو علم الحال .... ) ثم بعد سطرين تقريبًا قال: (فصل: فإن دخل بها الثاني وهو لا يَعلم أنها ذات زوج، فُرِّق بينهما، وكان لها عليه مهر مثلها).

2 -

جاء في كتاب الأيمان (10/ 136)، ما نصه:(إذا حَلَفَ لا يَلبَسُ خاتَمًا، فلَبِسَه في غَيرِ خِنْصَرٍ؛ حَنِثَ؛ لأِنَّه لَابِسٌ، ولا فَرْقَ بَينَ الخِنْصَرِ وغَيرِه إلاَّ مِنْ حَيثُ الاِصْطِلاح على تخصيصه بالخِنْصَر، وكما لو حَلَفَ لَا يَلبَسُ قَلَنْسُوَةً، فَجَعَلَها في رِجْلِه. وجَوابُه: بأنَّه عَيبٌ وسفهٌ بخِلافِه هنا).

والصواب أن ههنا سقطًا، وتقديره:(وقيل: لا يحنث)، ويكون قوله: (وكما لو حلف لا يلبس قلنسوة

) تعليلاً للقول بعدم الحنث، ويدل عليه ما في المغني 9/ 580:(وإن حلف لا يلبس خاتمًا، فلبسه في غير الخنصر من أصابعه؛ حنث. وقال الشافعي: لا يحنث؛ لأن اليمين تقتضي لبسًا معينًا معتادًا، وليس هذا معتادًا، فأشبه ما لو أدخل القلنسوة في رجله)، ثم قال:(وأما إدخال القلنسوة في رجله، فهو عبث وسفه).

3 -

جاء في كتاب الوقف (6/ 462)، ما نصه:(فَلَو وَقَفَ على ولَدِه؛ فلانٍ وفُلانٍ، وعلى ولَدِ ولَدِه؛ مُنِعَ، جَزَمَ به في «المغني»).

وعبارة الفروع 7/ 373: (ولو وقف على ولده؛ فلان وفلان، وسكت عن الثالث، وعلى ولد ولده؛ مُنع الثالث).

4 -

جاء في كتاب الفرائض (7/ 191)، ما نصه:(ولا تَرِثُ أمُّه بالزَّوجيَّة، ولا ابْنَتُه بالأخُوَّة للأمِّ؛ لأِنَّ وَلَدَ الأمِّ، وهو مَوجُودٌ هنا).

وفي الممتع 3/ 413: (لأن ولد الأم يسقط بالولد).

ص: 42

5 -

جاء في كتاب النكاح (7/ 478)، ما نصه:(وتَزوَّج عبدُ الله بن عمرَ فاطمَةَ بنتَ الحُسَينِ بنِ عليٍّ).

وصوابه كما في المغني 7/ 36: (وتزوَّج عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين بن علي).

6 -

جاء في أحكام النظر من كتاب النكاح (7/ 413) ما نصه: (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ الآخَرِ، وَلَمْسُهُ)، ثم قال:(قال السَّامَرِّيُّ: حتَّى الفَرْج، إلاَّ في حال الطَّمْث، فإنَّه يُكرَهُ النَّظَرُ فيه، واعتبر ابنُ عَقِيلٍ فيه الشَّهوةَ عادةً، سأل أبو يوسفَ أبا حَنيفةَ عن مسِّ الرَّجل فَرْجَ زَوجته، وعَكسِه، فقال: لا بَأْسَ، أرجو أنْ يَعظُمَ أجْرُهما، نقل الأثرم في الرَّجل يَضَعُ الصَّغيرة في حِجْره ويُقبِّلُها: إن لم يَجِدْ شَهوةً فلا بَأْس).

والصواب أن في الكلام سقطًا وتقديمًا وتأخيرًا، وتقدير الكلام: لا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع، ولا لمسها، واعتبر ابن عقيل فيه الشَّهوة عادة، نقل الأثرم في الرَّجل يَضَعُ الصَّغيرة في حِجْره ويُقبِّلُها: إن لم يَجِدْ شَهوةً فلا بَأْس. ويتضح ذلك بمراجعة الفروع 8/ 188.

7 -

جاء في باب السلم (5/ 314)، عند الكلام على أدلة عدم صحة السلم إلى الحصاد أو الجداد:(ثمَّ لا خلاف أنَّه لا يصلح للأجل).

سقط منها عبارة يستقيم بها المعنى، ففي المغني 4/ 219، والشرح 12/ 268:(ثم إنه لا خلاف في أنه لو جعل الأجل إلى الميسرة لم يصح).

8 -

جاء في الهبة (6/ 529)، ما نصه:(ونقل أبو الحارث فِيمَنْ سأل الحاجةَ؛ فسعى معه فيها، فيهدي إليه: إنْ علم أنَّه لأِداءِ الأمانة؛ لم يَقبَلْ إلاَّ أنْ يُكافِئَه).

والصواب أن هاتين روايتان عن أحمد تداخلتا بسبب سقط كبير، قال في الفروع 7/ 424: نقل أبو الحارث فيمن سأله الحاجة؛ فسعى معه فيها،

ص: 43

فيهدي له قال: إن كان شيء من البرِّ وطلب الثواب؛ كرهته له. ونقل صالح فيمن رد الوديعة فيهدي له: إن علم أنه لأداء أمانته لم يقبل، إلا أن يكافئه.

9 -

جاء في كتاب الوصايا (6/ 713)، ما نصه:(وإنْ لم يَخَفْ ذلك؛ قَضَى دَينَ الميت بما عَلَيهِ؛ من تَبرِئَةِ ذمَّتِه وذمَّة الميت).

سقط منها عبارةٌ يستقيم بها المعنى، ففي الشرح الكبير 17/ 490:(وإن لم يخف ذلك؛ قضى دين الميت الذي عليه بدين الميت الذي له؛ لما فيه من تبرئة ذمته وذمة الميت).

10 -

جاء في الفرائض (7/ 319)، ما نصه:(إنْ بَطَلَ التَّدبيرُ في الأمِّ لِمَعْنًى اخْتَصَّ بها فَقَطْ، فإنْ لم يتبع الثُّلث لهما جميعًا؛ أُقْرِعَ بَينَهما).

فيها سقطٌ وتصحيف، يتضح من المغني 10/ 353 والشرح الكبير 19/ 163:(إن بطل التدبير في الأم لمعنًى اختص بها؛ من بيع، أو موت، أو رجوع، لم يبطل في ولدها، ويعتق بموت سيدها، كما لو كانت أمه باقية على التدبير، فإن لم يتسع الثلث لهما جميعًا، أقرع بينهما).

11 -

جاء في كتاب الطلاق (8/ 130)، ما نصه:(ولأِنَّه عليه السلام طلَّق امرأتَه البَتَّةَ فغضب، رواه الدَّارَقُطْنِيُّ).

سقطت جملة تصحح المعنى، ففي المغني 7/ 369:(سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً طلق امرأته البتة، فغضب).

‌القسم الثاني: ما يتعلق بسقط كلمة مؤثرة:

1 -

جاء في باب الخيار، خيار الغبن (5/ 140)، ما نصه:(يَثبت الخيارُ مع الغَبْن؛ لأنَّه إنَّما ثبت لدفع الضَّرر عن البائع، ولا ضرر مع الغبن).

سقط منها كلمة، وصوابها كما في الكافي 2/ 15 وغيره:(مع عدم الغبن).

2 -

جاء في الإجارة (6/ 14)، ما نصه: (فَإِنْ تَعَذَّرَ؛ أي: الاِسْتِئْجارُ،

ص: 44

بأنْ لا تَرِكَةَ له؛ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ؛ لأِنَّه اسْتِيفاءُ المعْقُودِ عليه).

والصواب كما في المغني 5/ 302، والشرح الكبير 14/ 209: لأنه تعذر استيفاء.

3 -

جاء في باب الوديعة (6/ 309)، ما نصه:(وذَكَرَ الأَزَجِيُّ: أنَّ الرَّدَّ إلى رسولِ مُوكِّلٍ ومُودِعٍ، فأنْكَرَ الموكِّلُ؛ ضَمِنَ).

صوابه كما في الإنصاف 16/ 54: (وذكر الأَزَجي: إن ادعى الرد).

4 -

جاء في إحياء الموات (6/ 329)، ما نصه: (وإنْ حَفَرَها تملُّكًا، أو بملكه الحيَّ، وفي «الأحْكام السُّلْطانيَّة»:

).

سقطت منها بيان الحكم، ففي الفروع 7/ 298:(وإن حفرها تملكًا أو بملكه الحي؛ ملكها).

5 -

جاء في باب اللقطة (6/ 386)، ما نصه:(عُلِمَ منه: صِحَّةُ الْتِقاطِهما؛ لِعُموم الأخْبار، ولأِنَّه نَوعُ كَسْبٍ، فَصَحَّ منه؛ كالاِحْتِشاش، فإنْ تَلِفَتْ بِيَدِ أحدِهم وفرَّطَ).

سقط منها بيان الحكم، ففي الفروع 7/ 317: وإن تلف بيد أحدهم وفرط؛ ضمن.

6 -

جاء في كتاب النفقات (9/ 24)، ما نصه:(ورَعْيِ جاريةِ الحَكَم في معناه).

والذي في الفروع 9/ 323: جارية معاوية بن الحكم.

7 -

جاء في كتاب الديات (9/ 334)، ما نصه:(إحداهما: في العَينِ التي اسْتَحَقَّ بها قَلْعَ عَينِ الأعْوَرِ، والأخرى في الأُخْرَى؛ عَينُ أعور).

والذي في المغني 8/ 439: لأنها عين أعور.

8 -

جاء في كتاب الحدود (9/ 470): ما نصه: (وعَنْهُ: يُحَدُّ، اخْتارَه الأكثرُ في وَطْءِ بائعٍ بشَرْطِ خِيارٍ، ولو لم يُحدْ).

ص: 45

والذي في الفروع 10/ 58: ويفرق بينهما ولو لم يحد.

‌القسم الثالث: ما يتعلق بزيادة كلمة ونحوها:

1 -

جاء في الوصية بالأنصباء (6/ 661)، ما نصه ((إِذَا أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ؛ فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ)، مِنْ غَيرِ زِيادةٍ ولا نُقْصانٍ، (مَضْمُومًا إِلَى الْمَسْأَلَةِ)؛ أيْ: يُؤخَذُ مِثلُ نصيبِ المعَيَّن، ويُزادُ على ما تَصِحُّ منه مسألةُ الورثة في قَولِ أكثرِ العلماء.

وقال مالِكٌ وزُفَر: لا يُعْطَى مِثْلَ نصيبِ المعيَّنِ، أوْ مِثْلَ نصيب أحدهم إنْ كانوا يَتَساوَوْنَ في أصْلِ المسألة، غير مَزِيدٍ).

كذا في النسخ الخطية، بإثبات (لا)، والذي في المغني 6/ 161 والشرح الكبير 17/ 403 بدونها، وهو الموافق لقول مالك وزفر.

2 -

جاء في إحياء الموات (6/ 335)، ما نصه:(أقْطَع أبو بكْرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وجَمْعٌ من الصَّحابة). كذا في النسخ الخطية، بإثبات الواو، والذي في الممتع 3/ 110 بدونها: (أقطع أبو بكر وعمرُ وعثمانُ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3 -

جاء في كتاب الوصايا (6/ 703)، (فظاهِرُه: أنَّه لا نَظَرَ، ولا ضَمَّ مع وصِيٍّ غَيرِ متَّهَمٍ).

كذا بزيادة (غير)، والذي في الفروع 7/ 487 والإنصاف 17/ 467: مع وصيٍّ متهم.

4 -

جاء في كتاب الجنايات (9/ 318)، ما نصه:(إذا جَنَى على لسانِه فاقْتُصَّ منه مِثْلُ جِنايَتِه، فَذَهَبَ مِنْ كلامِ الجاني مِثْلُ جِنايَته، وذَهَبَ مِنْ كلامِ الجاني كذلك، أوْ أكثرُ؛ لم يَجِبْ شَيءٌ).

والذي في المغني 8/ 450 والشرح الكبير 25/ 532: فذهب مِنْ كلام الجاني مثلُ ما ذهبَ مِنْ كلام المجنيِّ عليه أو أكثرُ.

ص: 46

‌القسم الرابع: ما يتعلق برسم الكلمة:

1 -

جاء في باب الحجر (5/ 512)، ما نصه:(وعنه: إن وَثَّقَ لم يَحِلَّ؛ لزوال الضرر والأجل).

صوابها كما في المحرر 1/ 346: وإلا حلَّ.

2 -

جاء في باب الحجر أيضًا (5/ 541)، ما نصه:(لأنَّه غيرُ متَّهَمٍ في نفسه، والحَجْرُ إنَّما يتعلَّق بماله، فنقل على نفسه).

صوابها كما في الشرح الكبير 13/ 398: فقُبل.

3 -

جاء في باب الوكالة (5/ 602): (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِإِنْسَانٍ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِهِ فِي قَبْضِهِ، فَصَدَّقَهُ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ؛ لأِنَّ عليه فيه منعة).

صوابها كما في الممتع 2/ 692: تَبِعة.

4 -

جاء في الهبة (6/ 550)، ما نصه:(فَرْعٌ: لَوْ حابَى في إقالةٍ في سَلَمٍ؛ كَمَنْ أسْلَفَ عَشَرةً في كُرِّ حِنطَةٍ، ثُمَّ أقالَهُ في مَرَضه وقِيمتُه ثلاثونَ؛ تَعيَّن الحُكْمُ كما ذَكَرَه؛ لِإمْضاءِ الإقالَة في السَّلَم بزيادةٍ).

صوابها كما في المحرر 1/ 380: لإفضاء.

5 -

جاء في كتاب الوصايا (6/ 577)، ما نصه:(وهو أقْوَى بدليلِ سِرايَته، ونفوذِه من المراهِق والمفلس).

صوابها كما في الشرح الكبير 17/ 227: الراهن.

6 -

جاء في كتاب الفرائض (7/ 232)، ما نصه:(وإنْ أعْتَقَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا، فَهَرَبَ إلى دار الحرب، فاسْتُرِقَّ؛ فالحكمُ فيه كما لو أعْتَقَه الحرُّ سَواءٌ).

صوابها كما في المغني 6/ 411: حربي.

7 -

جاء في كتاب النكاح (7/ 396)، ما نصه: (ولو قدَّمَ كَونَه مَجازًا في العقد؛ لكان اسْمًا عُرْفِيًّا.

ص: 47

صوابها كما في المغني 7/ 3: قُدِّرَ.

8 -

جاء في كتاب النكاح (7/ 602)، ما نصه:(وابْتِداءُ العقد من حين البَينونة).

صوابها كما في الشرح الكبير 21/ 74: العدة.

9 -

جاء في كتاب النفقات (8/ 704)، ما نصه:(إذا اعْتقلتْ؛ فالقِياسُ: أنَّه كَسَفَرِها).

صوابها كما في المغني 8/ 231: اعتكفت.

10 -

جاء في كتاب الجنايات (9/ 186)، ما نصه:(لاِشْتِراكهما في الاِسْم كالآدَمِيَّينِ).

صوابها كما في الشرح الكبير 25/ 265: كالأذنين.

‌القسم الخامس: ما يتعلق باختلاف النقط:

1 -

جاء في ميراث ذوي الأرحام (7/ 144)، ما نصه:(وهو بعيدٌ جِدًّا، حَيثُ يَجعَلُ أخْتَينِ أهل جهةٍ واحدةٍ).

صوابها كما في المحرر 1/ 405 والإنصاف 18/ 192: أجنبيَّتَين.

2 -

جاء في باب الحضانة (9/ 16)، ما نصه:(قِيلَ: الأَبَوِيَّة مع التَّساوِي، فَوَجَبَ الرُّجْحانُ).

صوابها كما في الكشاف 13/ 189: الأنوثة.

3 -

جاء في كتاب العتق (7/ 303)، ما نصه:(وهو قَولُ أكثرِ الفقهاء؛ لأِنَّه يَزولُ التَّدبير كالعِتْق بالسِّراية).

صوابها كما في الشرح الكبير 19/ 110: لأنهم يرون.

4 -

جاء في كتاب الوصايا (6/ 633)، ما نصه:(والفرسُ: للذَّكر والأنثى، والحِصانُ: للذَّكر، وعكسُه: الحجرةُ).

هكذا بإثبات التاء، الصواب بدونها كما في لسان العرب 4/ 170.

ص: 48

‌القسم السادس: ما يتعلق بالخطأ في الكتابة:

1 -

جاء في كتاب الإيلاء (8/ 378)، ما نصه:(فإنَّ ما يراد حالة وجوده تعلَّق على المستحيل).

والذي في المغني 7/ 539: ما يراد إحالة وجوده يعلق على المستحيلات.

2 -

جاء في كتاب العدد (8/ 607)، ما نصه:(والحامِلُ تَضرِبُ بأقلَّ مُدَّتِه، وإنْ رَجَعَتْ فله دُونَ الفَضْل على الغرماء، وإنْ وَضَعَتْ لأِكْثَرِها؛ رَجَعَتْ عليهم بالنَّقص).

وعبارة الكافي 3/ 208: وإن وضعت لأقل من ذلك ردَّت الفضل على الغرماء.

3 -

ما جاء في كتاب الوصايا (6/ 655)، ما نصه:(فلِصاحِبِ العَبْد تسعةٌ من العبد، وهو رُبُعُه وخُمُسُه، ولصاحِبِ الثُّلُث ثمانيةٌ من المائَتَينِ، وهو خُمُسُها).

والذي في المغني 6/ 228: ثمانيةٌ من أربعين.

4 -

ما جاء في كتاب الوصايا (6/ 688)، ما نصه:(والثَّاني: يُعطَى نَصيبَه من ثُلُثَي المالِ).

والذي في الشرح الكبير 17/ 443: ثلث المال.

5 -

جاء في كتاب الفرائض (7/ 27)، ما نصه:(لا يُقالُ: الجَدُّ يَحجُبُ وَلَدَ الأمِّ، ولا يأخُذُ شَيئًا أنَّه هو).

قوله: (شَيئًا أنَّه هو)، هو في المغني 6/ 311: ميراثهم.

6 -

جاء في باب ميراث ذوي الأرحام (7/ 134)، ما نصه:(وفي قَولِ أهلِ القرابة: لا تَرِثُ بنتُ الأخ مع بنتِ البنت، ولا مع بنتِ بنتِ البنت شيئًا).

ص: 49

والذي في المغني 6/ 320: بنت بنت الابن.

7 -

جاء في باب ميراث ذوي الأرحام (7/ 144)، ما نصه:(وإذا كان ابنُ ابنِ أخْتٍ لأِمٍّ، وبنتُ ابنِ بنتِ أخٍ لأِبٍ؛ فله السُّدسُ، ولها الباقي).

والذي في المحرر 1/ 405: بنت ابن ابن أخ لأب.

8 -

جاء في باب الإقرار بمشارك في الميراث (7/ 217)، ما نصه:(فللزَّوج أربعةٌ وعِشْرونَ في ثمانيةَ عَشَرَ: بأربعِمائةٍ واثْنَينِ وثلاثِينَ، وللأختَينِ من الأمِّ: مائَتانِ ثمانيةٌ وثلاثُونَ).

والذي في الشرح الكبير 18/ 367: مائتين وثمانية وثمانين.

9 -

جاء في كتاب النفقات (9/ 16)، ما نصه:(لأِنَّ نَفَقَتَه مع اتِّفاقِ الدِّين، فيَجِبُ مع اخْتِلافِه).

والذي في المغني 8/ 214: لأنها نفقة تجب مع اتفاق الدين.

‌القسم السابع: ما يتعلق بأسماء الرجال:

1 -

جاء في كتاب البيع (5/ 26)، ما نصه:(وَلَا الْكَلْبِ؛ لِمَا روى ابنُ مسعودٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب»).

صوابه كما في المصادر الحديثية وفي الممتع 2/ 384: أبو مسعود الأنصاري.

2 -

جاء في باب الرهن (5/ 370)، ما نصه:(مع أنَّ الدَّارَقُطْنيَّ قال: يرويه إسماعيلُ بن أميَّةَ، وكان كذَّابًا).

وصوابه كما في مصادر الحديث: إسماعيل أبو أمية.

3 -

جاء في الوصايا (6/ 471)، ما نصه:(لِمَا رُوِيَ عن سعيد بنِ المسيِّب قال: (أيَّمتْ حَنَّةُ مِنْ زَوْجها).

وصوابه كما في المصادر: حفصة.

4 -

جاء في باب قسم التركات (7/ 123)، ما نصه: (فقال خطَّاب بنُ

ص: 50

عبدِ الله: قَسَمَ لي أبو موسى بهذه الآيةِ، وفَعَلَ ذلك غَيرُه، والآيةُ مُحْكَمِةٌ).

وصوابه كما في المصادر الحديثية: حطَّان.

5 -

جاء في كتاب النكاح (7/ 504)، ما نصه:(وسَنَدُه: أنَّ الحكمَ بنَ عُيَيْنةَ قال).

صوابه كما في المصادر: ابن عتيبة.

6 -

جاء في كتاب الظهار (8/ 431)، ما نصه:(وَعَنْهُ: إِنْ كَرَّرَهُ فِي مَجَالِسَ فَكَفَّارَاتٌ)، رُوِيَ عن عليٍّ وعمرو بنِ مُرَّةَ). صوابه كما في الشرح الكبير 23/ 277: عمرو بن دينار.

7 -

جاء في كتاب الجنايات (9/ 64)، ما نصه:(فَأَكَلَ منها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وبشرُ بنُ العَلَاء).

صوابه كما في مصادر التخريج: بشر بن البراء.

والأخطاء غير هذه كثيرة، قد زادت على (300) موطنًا، وهذا طرف منها، وقد نبهنا في التحقيق على مثلها في مواطنها في الهامش، وتركنا صلب الكتاب كما جاء في النسخ الخطية.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ص: 51

‌منهج التحقيق والتخريج

1 -

اعتمدنا في الجزء الأول من الكتاب (من أوله إلى نهاية الهدي والأضاحي) على النسخة التي بخط المؤلف، فجعلناها أصلاً في التحقيق ورمزنا لها ب (الأصل)، ثم قابلنا عليها بقية النسخ، وأشرنا إلى الفروق في الهامش، إلا ما كان خطأً ظاهرًا في نسخة الأصل فإننا نثبته في الهامش، ونثبت في صلب الكتاب ما عليه النسخ الصحيحة، ونبين ذلك في الهامش، وذلك قليل جدًّا.

وفي كتاب الجهاد اعتمدنا على النسخة (أ) المتقدم وصفها، لكونها منقولة من نسخة المؤلف، وكتبها أحد تلاميذ المؤلف.

وفي كتاب البيوع إلى نهاية الكتاب: اعتمدنا في الغالب على النسخة (ظ)؛ لكونها مقابلة على أصل المؤلف، إلا إذا كان غيرها أجود منها أو أصح؛ فإننا نثبت الأجود والأصح في صلب الكتاب، ونشير إلى النسخة (ظ) في الهامش، ونقوي في الغالب ما كان صوابًا بما في كتب المذهب الأخرى؛ كالمغني والكافي والمحرر والشرح الكبير والممتع والفروع وشرح الزركشي.

2 -

صححنا في الهامش ما يحتاج إلى تصحيح من الأخطاء الواردة في النسخ الخطية، وذلك من كتب المذهب في الغالب، فإذا كانت جميع النسخ المعتمدة في ذلك الموطن متفقة على الخطأ نقول في الهامش: كذا في النسخ الخطية، وفي الفروع -مثلاً-: كذا وكذا.

3 -

أثبتنا جميع الفروق بين النسخ، إلا ما كان من نحو: عز وجل، وصلى الله عليه وسلم ونحوها، فقد أثبتنا ما في نسخة المؤلف فقط، وفي المواطن الأخرى أثبتنا أكملها، دون الإشارة إلى فروق النسخ، وكذا اختلاف النسخ في إيراد الآيات.

ص: 52

وإذا كان في بعض النسخ خطأ واضح في كتابة الكلمة بسبب سرعة الكتابة ونحو ذلك: لم نُشر إليه في الغالب.

4 -

أبقينا الرموز التي يشير بها المؤلف إلى المذاهب الأخرى على ما هي عليه في نسخة المؤلف، نحو:(هـ) للحنفية، و (م) للمالكية، و (ش) للشافعية، و (و) للاتفاق، و (ع) للإجماع، وفي غير نسخة المؤلف كذلك، إلا إذا جاء في بعضها ذكرٌ للمذهب باسمه، فإننا نذكره ولا نذكر الرمز، ولا نشير إلى اختلاف النسخ في ذلك.

5 -

أهملنا الإشارة إلى الأخطاء المتعلقة بالنحو، مثل: إثبات النون في الأفعال الخمسة أو حذفها، وما يتعلق بالرفع والنصب والجرِّ في الأسماء الستة والمثنى، وما إلى ذلك.

6 -

رجعنا إلى نسخ المقنع الخطية عند الحاجة إليها.

7 -

ميزنا متن «المقنع» باللون الأحمر وبين قوسين.

8 -

أثبتنا علامات الترقيم المهمة، واعتنينا بترتيب الكلام وفقرات الكتاب حسب الإمكان.

9 -

ضبطنا بالشكل جميع متن «المقنع» ، وضبطنا ما يحتاج إلى ضبط من كتاب «المبدع» .

10 -

شرحنا الكلمات التي نرى أنها بحاجة إلى شرح من مصادرها اللغوية المعتمدة.

11 -

ذكرنا في الهامش الحواشي الواردة في النسخ الخطية، فنقول مثلاً: جاء في هامش (ظ): كذا.

12 -

قمنا بتخريج الأحاديث والآثار التي ذكرها المؤلف، فإن كان في الصحيحين أو في أحدهما اكتفينا به، وإن لم يكن فيهما وكان في الكتب الخمسة أو أحدها؛ فإننا نذكرها وقد نزيد بعض المراجع الأخرى، وإن لم يكن في شيء من هذه الكتب خرَّجناه من باقي كتب الحديث دون استقصاء.

ص: 53

ونكتفي في تخريج الحديث بذكر رقمه إن كان الكتاب مرقمًا، أو بذكر الجزء والصفحة إن لم يكن كذلك.

كما تكلمنا عن الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب، بذكر أحكام الأئمة المعتبرين في التصحيح والتضعيف في الغالب، مع ذكر العلل الواردة في الأحاديث إن وجدت.

13 -

قمنا بتوثيق النقول الموجودة في الكتاب - عدا كتب المذهب -، إما من الكتاب المنقول منه مباشرة، أو بواسطة أقرب كتاب لعصر المؤلف.

ولم نقم بتوثيق النقول من كتب المذهب؛ طلبًا للاختصار، لكثرتها في الكتاب، ولسهولة الرجوع إليها.

14 -

وثَّقنا الإجماعات الواردة في الكتاب من المصادر المعتنية بنقل الإجماعات؛ ككتب ابن المنذر وابن حزم والمغني.

15 -

وثَّقنا نصوص الإمام أحمد من كتاب المسائل المطبوعة، أو ممن سبق المؤلف بذكرها.

16 -

وثَّقنا نسبة الأقوال إلى المذاهب الأربعة المتبوعة من كتبها المعتبرة.

17 -

وثَّقنا ما نُقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من كتبه أو كتب تلاميذه أو من سبق المؤلف في نسبته إليه، ومثل ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى.

18 -

ترجمنا للأعلام غير المشهورين، وجميع علماء المذهب الوارد ذكرهم في الكتاب.

19 -

علقنا على ما يحتاج التعليق عليه من المسائل العقدية وغيرها.

20 -

قدمنا بمقدمة اشتملت على ترجمة المؤلف والتعريف بالكتاب.

21 -

وصفنا النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق، ورمزنا لكل نسخة منها برمز.

22 -

وضعنا فهرس موضوعات مختصر في نهاية كل مجلد.

ص: 54

‌نماذج من النسخ الخطية

نماذج من النسخة الأصل

ص: 55

نماذج من النسخة أ

ص: 56

نماذج من النسخة ق

ص: 57

نماذج من النسخة ظ

ص: 58

نماذج من النسخة د

ص: 59

نماذج من النسخة ح

ص: 60

نماذج من النسخة ز

ص: 61

نماذج من النسخة و

ص: 62

نماذج من النسخة م

ص: 63

نماذج من النسخة ن

ص: 64

نماذج من النسخة ب

ص: 65