المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   قال الشيخ الإمام العلامة، الزاهد الناسك، شمس - المحرر في الحديث - ت المرعشلي - جـ ١

[ابن عبد الهادي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الإمام العلامة، الزاهد الناسك، شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن الشيخ الصالح عماد الدين أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن قدامة المقدسي الحنبلي، تغمده الله برحمته.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فهذا مختصر يشتمل على جملة من الأحاديث النبوية في الأحكام الشرعية، انتخبته من كتب الأئمة المشهورين والحفاظ المعتمدين " كمسند " الإمام أحمد بن حنبل، و " صحيحيّ " البخاري ومسلم، و " سنن " أبي داود، وابن ماجه، والنسائي، و " جامع " أبي عيسى الترمذي، و " صحيح " أبي بكر بن خزيمة، و " كتاب الأنواع والتقاسيم " لأبي حاتم بن حيان، وكتاب: المستدرك " للحاكم أبي عبد الله النيسابوري، و " السنن الكبير " للبيهقي وغيرهم من الكتب المشهورة.

وذكرت بعض من صحيح الحديث أو ضعفه، والكلام على بعض رواته من جرح أو تعديل، واجتهدت في اختصاره وتحرير ألفاظه، ورتبته على ترتيب بعض

ص: 79

فقهاء زماننا ليسهل الكشف منه، وما كان فيه متفقا عليه فهو ما اجتمع البخاري ومسلم على روايته وربما ذكر فيه شيئا من آثار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

والله المسئول أن ينفعنا بذلك ومن قرأه أو حفظه أو نظر فيه، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، موجبا لرضاه، إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ص: 80

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الإمام العلامة، الزاهد الناسك، شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن الشيخ الصالح عماد الدين أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن قدامة المقدسي الحنبلي، تغمده الله برحمته: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا مختصر يشتمل على جملة من الأحاديث النبوية في الأحكام الشرعية، انتخبته من كتب الأئمة المشهورين والحفاظ المعتمدين " كمسند " الإمام أحمد بن حنبل، " و " صحيحي " البخاري ومسلم، و " سنن " أبي داود، وابن ماجه، والنسائي، و " جامع " أبي عيسى الترمذي، و " صحيح " أبي بكر بن خزيمة، و " كتاب الأنواع والتقاسيم " لأبي حاتم بن حبان، وكتاب " المستدرك " للحاكم أبي عبد الله النيسابوري، و " السنن الكبير " للبيهقي وغيرهم من الكتب المشهورة. وذكرت بعض من صحح الحديث أو ضعفه، والكلام على بعض رواته من جرح أو تعديل، واجتهدت في اختصاره وتحرير ألفاظه، ورتبته على ترتيب بعض

ص: 79

فقهاء زماننا ليسهل الكشف منه. وما كان فيه متفقا عليه فهو ما اجتمع البخاري ومسلم على روايته، وربما أذكر فيه شيئا من آثار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. والله المسئول أن ينفعنا بذلك ومن قرأه أو حفظه أو نظر فيه، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، موجبا لرضاه، إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ص: 80

‌1 - كتاب الطهارة

[1 - باب المياه]

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحل ميتته " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، (وصححه البخاري، والترمذي وابن

ص: 81

خزيمة، وابن حبان، وابن عبد البر وغيرهم) وقال الحاكم:(هو أصل صدّر به مالك كتاب الموطأ وتداوله فقهاء الإسلام رضي الله عنهم من عصره إلى وقتنا هذا).

2 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يُلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب؟ قال: إن الماء طهور لا ينجسه شيء ". رواه أحمد وأبو داود والنسائي (والترمذي وحسنه). وفي لفظ لأحمد وأبي داود والدارقطني: " يطرح فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذر الناس " (وفي إسناد هذا الحديث اختلاف،

ص: 82

لكن صححه أحمد) وروي من حديث أبي هريرة، وسهل بن سعد، وجابر.

3 -

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال: إذا كان الماء قُلّتين لم يحمل الخبث " وفي لفظ " لم ينجسه شيء ". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والترمذي (وصححه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني وغير واحد من الأئمة. وتكلم فيه ابن عبد البر وغيره. وقيل: الصواب وقفه، وقال الحاكم: (هو صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا جميعاً بجميع رواته ولم

ص: 83

يخرجاه، وأظنهما - والله أعلم - لم يخرّجاه لخلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير)).

4 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ". وقال مسلم: " ثم يغتسل منه " متفق عليه.

5 -

وروى محمد بن عجلان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة " رواه أبو داود عن مسدد عن القطان عنه. (وابن عجلان وأبوه روى لهما مسلم)

6 -

وروى مسلم من حديث بكير بن الأشج أن أبا السائب مولى هشام بن

ص: 84

زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب "، فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولاً. (وأبو السائب لا يعرف اسمه).

7 -

وعن عمرو بن دينار قال: علمي والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة " رواه مسلم.

8 -

وروي عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ منها - أو يغتسل - فقالت له: يا رسول الله إني كنت جنبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا يجنب " رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، والترمذي والنسائي وابن ماجه، (وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم،

ص: 85

وقال أحمد: " أتقيه لحال " سماك "، ليس أحد يرويه غيره). وقد احتج مسلم بسماك، والبخاري بعكرمة) والله أعلم.

9 -

وعن حميد الحميري قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، وليغترفا جميعاً " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي، (وصححه الحميدي، وقال البيهقي (رواته ثقات). والرجل المبهم: قيل هو الحكم بن عمرو، وقيل: عبد الله بن سرجس، وقيل: ابن مغفل).

10 -

وعن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه

ص: 86

قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب " رواه مسلم. ورواه من حديث همام بن منبه عن أبي هريرة، وليس فيه " أولاهن بالتراب "، وذكر أبو داود أن جماعة رووه عن أبي هريرة رضي الله عنه فلم يذكروا " التراب ". وفي لفظ:" إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " متفق عليه.

11 -

وروى مسلم والنسائي وابن حبان من رواية علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات " ورواه

ص: 87

مسلم من رواية إسماعيل بن زكريا عن الأعمش وقال: (ولم يقل فليرقه)، وقال الدارقطني:(إسناد حسن ورواته كلهم ثقات).

12 -

وروى الترمذي عن سوار بن عبد الله العنبري عن المعتمر بن سليمان قال: سمعت أيوب يحدث عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يُغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أخراهن - أو قال أولاهن - بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة " وقال: (هذا حديث حسن صحيح).

13 -

وروى أبو داود قوله " إذا ولغ الهر "(موقوفاً، وهو الصواب).

14 -

وعن كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة - " أن أبا قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وضوءاً قالت فجاءت هرة تشرب فأصغى لها الإناء حتى شربت قالت كبشة فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ فقلت نعم. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم - أو الطوافات ". لفظ الترمذي، وغيره يقول: " والطوافات " رواه

ص: 88

الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، (وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم، وقال الدارقطني (رواته ثقات معروفون) وقال الحاكم: (وهذا الحديث مما صححه مالك واحتج به في الموطأ، ومع ذلك فإن له شاهداً بإسناد صحيح))

15 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب

ص: 89

من ماء فأهريق عليه " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

‌2 - باب الآنية

16 -

عن البراء قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس، ونهانا عن آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق " ولم يذكر السابع. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وفي لفظ مسلم " وعن شرب بالفضة ".

17 -

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " متفق عليه.

ص: 90

18 -

وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " متفق عليه أيضا.

19 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيما إهاب دبغ فقد طهر ". أخرجوه إلا البخاري. ولفظ مسلم: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر "(وقد تكلم فيه الإمام أحمد)، ورواه الدارقطني من حديث ابن عمر،

ص: 91

(وحسن إسناده)

20 -

وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: " قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها " متفق عليه.

21 -

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة " متفق عليه، وهو مختصر من حديث طويل.

22 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حديث له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أوك سقاك، واذكر اسم الله، وخمر إناءك، واذكر اسم الله، ولو أن تعرض عليه عودا " متفق عليه.

ص: 92

23 -

ولمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " غطوا الإناء وأوكوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء ".

‌3 - باب السواك

24 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب " رواه أحمد، والبخاري تعليقا مجزوما به، والنسائي، وابن حبان، وأخرجه ابن خزيمة بطريق أخرى في صحيحه، ورواه أحمد من حديث أبي بكر الصديق، وابن عمر رضي الله عنهم، ورواه ابن حبان من حديث أبي هريرة.

25 -

وعن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: " أن

ص: 93

النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته يبدأ بالسواك " رواه مسلم.

26 -

وقال الإمام أحمد في المسند: قرأت على عبد الرحمن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء "(رواته كلهم أئمة أثبات. ورواه أحمد عن روح عن مالك، مرفوعا أيضا، ومن رواية روح رواه ابن خزيمة في صحيحه)

27 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " متفق عليه.

28 -

وعن حذيفة بن اليمان قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك " متفق عليه ويشوص بمعنى يدلك، وقيل: يغسل، وقيل: ينقي.

ص: 94

29 -

وللنسائي عن حذيفة قال: " كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل ".

30 -

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول: أع أع، والسواك في فيه كأنه يتهوع " لفظ البخاري، ولفظ مسلم، " دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه " فحسب.

31 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".

32 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء - قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة "، قال وكيع: انتقاص الماء

ص: 95

يعني الاستنجاء، رواه مسلم، (وذكر له النسائي والدارقطني علة مؤثرة، ومصعب: هو ابن شيبة تُكُلِّمَ فيه، قال النسائي: (منكر الحديث))

ص: 96

33 -

وعن جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال: " وُقِّت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة " رواه مسلم وقال ابن عبد البر: (لم يروه إلا جعفر بن سليمان (وليس حجة لسوء حفظه). وقد وثّق جعفر: ابن معين وغيره. وقال ابن عدي: (هو ممن يجب أن يقبل حديثه). وقد روى هذا الحديث أحمد وأبو داود من رواية ابن موسى الدقيقي - وفيه ضعف - عن

ص: 97

أبي عمران، وفيه:) " وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

34 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: " اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدوم " متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.

35 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع " متفق عليه.

36 -

وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال: احلقوه كله أو اتركوه كله "، (وهذا إسناد صحيح، ورواته كلهم أئمة ثقات)، والله أعلم.

ص: 98

‌4 - باب صفة الوضوء وفروضه وسننه

37 -

عن يونس عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن حمران مولى [عثمان بن عفان رضي الله عنه أخبره: " أن]" عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ فغسله كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم غسل رجله اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه ". قال ابن شهاب: وكان علماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة - متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وقال البخاري:" ثم تمضمض واستنشق واستنثر ".

38 -

وعن فطر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " رأيت عليا توضأ فغسل وجهه ثلاثاً، وغسل ذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه واحدة، ثم قال: هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود عن زياد بن أيوب عن عبيد الله

ص: 99

موسى عن فطر، (ورواته صادقون مخرّج لهم في " الصحيح "، وأبو فروة: اسمه مسلم بن سالم الجهني).

39 -

وعن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال: " شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم فكفأه على يديه فغسلهما ثلاثاً ثم أدخل يده في الإناء، فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات من ماء، ثم أدخل يده في الإناء فغسل يديه إلى المرفقين مرتين، ثم أدخل يده في الإناء فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر بهما، ثم أدخل يده في الإناء فغسل رجليه إلى الكعبين، فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ " وفي رواية " فمضمض واستنثر ثلاث مرات من غرفة واحدة " وفي رواية: " بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ". متفق عليه.

40 -

وعن حبان بن واسع أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم يذكر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ - وفيه: ومسح رأسه بماء غير [فضل يده] فغسل يديه وغسل رجليه حتى أنقاهما " - رواه مسلم.

41 -

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل

ص: 100

وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مسح برأسه، وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم - أو ظلم وأساء ". رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه والنسائي، (وصححه ابن خزيمة، وإسناده ثابت إلى عمرو، فمن احتج بنسخته عن أبيه عن جده فهو عنده صحيح) وفي رواية أحمد والنسائي: " فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا ثم قال هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم "، وليس في رواية أحد منهم: " أو نقص " غير أبي داود. وقد تكلم

ص: 101

فيه مسلم وغيره، والله أعلم.

42 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر ".

43 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشياطين تبيت على خياشيمه " - متفق عليه.

44 -

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده " لفظ مسلم، وعند البخاري: " وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في

ص: 102

وضوءه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده " وروى ابن ماجه والترمذي وصححه: " إذا استيقظ أحدكم من نوم الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليه مرتين أو ثلاثاً ".

45 -

وعن لقيط بن صبرة قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: " أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، (وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم وغيرهم).

46 -

وزاد أبو داود في رواية: " إذا توضأت فمضمض "، ورواه

ص: 103

الدولابي فيما جمعه من حديث الثوري، ولفظه:" إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائما "، (وصححه ابن القطان).

47 -

وعن ابن عباس قال: " توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة ".

48 -

وعن عبد الله بن زيد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين ". رواهما البخاري.

49 -

وعن عامر بن شقيق بن جمزة عن أبي وائل عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه كان يخلل لحيته " رواه ابن ماجه، والترمذي (وصححه، وابن خزيمة، وابن حبان. وقال البخاري: (هو أصح شيء

ص: 104

في هذا الباب)، (وعامر ضعفه ابن معين. وقال النسائي:(ليس به بأس)، وقال أبو حاتم:(لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية حديث))

50 -

وعن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الأذنان من الرأس، وكان يمسح رأسه مرة ويمسح المأقين " رواه ابن ماجه وسنان: روى له البخاري حديثا مقروناً بغيره، (وقال النسائي:(ليس بالقوي)، وشهر: وثّقه أحمد، وابن معين وغيرهما، وتكلم فيه غير واحد من الأئمة، ورواه مسلم مقروناً بغيره. والصواب أن قوله:" الأذنان من الرأس " موقوف على أبي أمامة، كذلك رواه أبو داود، وقاله

ص: 105

الدارقطني والله أعلم).

51 -

وعن شعبة عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي بثلثي مد فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه " رواه أحمد، وأبو يعلى، وابن خزيمة في صحيحه واللفظ له، وابن حبان. وحبيب:(وثقه النسائي وغيره، وقال أبو حاتم: (هو صالح)).

52 -

وعن نعيم المجمر قال: " رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم

ص: 106

قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم الغرّ المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله " رواه مسلم.

53 -

وروى أيضا من حديث نُعَيْم: " أنه رأى أبا هريرة رضي الله عنه يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أمتي يأتون يوم القيامة غُرّاً محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ".

54 -

وروى الإمام أحمد حديث نُعيم وزاد فيه: وقال نعيم لا أدري قوله: " من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة.

55 -

وروى مسلم عن قتيبة عن خلف بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم قال: " كنت خلف أبي هريرة رضي الله عنه وهو يتوضأ للصلاة فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه فقلت له يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ قال يا بني فروخ أنتم هاهنا!! لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ".

56 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في

ص: 107

تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله " متفق عليه.

57 -

وعن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة الخفين " رواه مسلم.

58 -

وعن عبد الله بن زيد: " أنه رأى رسول الله يتوضأ فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه " رواه البيهقي من رواية الهيثم بن خارجة عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد، قال:(هذا إسناد صحيح).

59 -

ورواه مسلم عن غير واحد عن وهب، ولفظه:" أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ " فذكر وضوءه، قال:" ومسح برأسه بماء غير فضل يده " ولم يذكر الأذنين (قال البيهقي. (هذا أصح من الذي قبله)).

60 -

وعن عمرو بن عبسة قال: قلت يا نبي الله حدثني عن الوضوء؟ قال: " ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل

ص: 108

قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل وفرّغ قلبه لله عز وجل إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه " رواه مسلم هكذا، ورواه الإمام أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه، وفيه " كما أمره الله تعالى " بعد غسل الرجلين.

61 -

وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه، فذكر الحديث في حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه:" فلما دنا من الصفا قال {إن الصفا والمروة من شعائر الله} فابدؤا بما بدأ الله به " هكذا رواه النسائي بإسناد صحيح بصيغة الأمر، ورواه مسلم والنسائي أيضاً من غير وجه عن جعفر بصيغة الخبر " نبدأ " و " أبدأ "، (وهو صحيح)

62 -

وعن بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم

ص: 109

يصبها الماء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة " رواه أحمد وأبو داود، وليس عند أحمد ذكر الصلاة. (قال الأثرم: قلت لأحمد هذا إسناد جيد؟ قال نعم)

63 -

وعن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد " متفق عليه.

64 -

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو يسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " رواه مسلم، وزاد الترمذي فيه: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " وفي رواية لأحمد وأبي داود: " فأحسن

ص: 110

الوضوء ثم رفع رأسه إلى السماء ".

65 -

وروى أبو محمد الدارمي عن قبيصة عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ونضح ". وهؤلاء رجال الصحيح. ورواه عن أبي عاصم عن سفيان ولم يقل: ونضح.

66 -

وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالاً فقال، " يا بلال بم سبقتني إلى الجنة، فما دخلت الجنة قط إلا وسمعت خشخشتك أمامي، دخلت البارحة فسمعت خشخشتك أمامي فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا لرجل عربي، فقلت: أنا عربي لمن هذا القصر؟ قالوا لرجل من قريش، فقلت: أنا قرشي لمن هذا القصر؟ قالوا لرجل من أمة محمد، فقلت: أنا محمد لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال بلال: يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها ورأيت أن لله علي ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بهما " رواه أحمد، (والترمذي وهذا لفظه وقال:(حديث حسن صحيح غريب)).

ص: 111

‌5 - باب المسح على الخفين

67 -

عن صفوان بن عسال قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم " رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وهذا لفظه، (وقال:(حديث حسن صحيح))، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في " صحيحيهما ".

68 -

وعن المغيرة بن شعبة قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما " متفق عليه واللفظ للبخاري.

ص: 112

69 -

وعن جرير بن عبد الله قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه " قال إبراهيم: (كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة)، واللفظ لمسلم.

70 -

وعن شريح بن هانئ قال: " أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم " رواه مسلم (وقال أبو عمر بن عبد البر: (واختلفت الرواة في رفع هذا الحديث، ووقفه على علي رضي الله عنه. قال: (ومن رفعه أحفظ وأضبط))

71 -

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين " رواه أحمد، وأبو داود، وأبو يعلى الموصلي، والروياني، والحاكم (وقال:(على شرط مسلم) وفي قوله نظر، فإنه من رواية ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن ثوبان، و " ثور " لم يرو له مسلم بل انفرد به البخاري،

ص: 113

وراشد بن سعد لم يحتج به الشيخان وقال الإمام أحمد: (لا ينبغي أن يكون راشد سمع من ثوبان) لأنه مات قديماً، وفي هذا القول نظر: فإنهم قالوا: إن راشداً شهد مع معاوية صفين، وثوبان مات سنة أربع وخمسين، ومات راشد سنة ثمان ومائة، ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي، وخالفهم ابن حزم - والحق معهم) والعصائب: العمائم والنساخين: الخفاف.

72 -

وعن زبيد بن الصلت قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليها وليصل فيهما ولا يخلعهما إن

ص: 114

شاء إلا من جنابة " رواه الدارقطني من رواية أسد بن موسى وفيه: (قال حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر وثابت، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله)، (و " أسد بن موسى ": وثقه العجلي، والنسائي، والبزار، وخالفهم ابن حزم فقال: (هو منكر الحديث)، والصواب مع الجماعة. وقال الحاكم في " المستدرك " بعد ذكر حديث عقبة بن عامر " خرجت من الشام ": (وقد روي عن أنس مرفوعاً بإسناد صحيح رواته عن آخرهم ثقات، إلا أنه شاذ بمرة) ثم أخرج حديث أنس المتقدم وقال فيه: (على شرط مسلم))

‌6 - باب نواقض الوضوء وما اختلف فيه من ذلك

73 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " أقيمت صلاة العشاء فقال رجل: لي حاجة؟ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يناجيه حتى نام القوم - أو بعض القوم - ثم صلوا " رواه مسلم. وفي لفظ له: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون ".

ص: 115

74 -

ورواه أبو داود ولفظه: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون "(ورواه الدارقطني وصححه).

75 -

وفي رواية عند البيهقي: " لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطاً ثم يقومون فيصلون ولا يتوضوؤن ". قال ابن المبارك: هذا عندنا وهم جلوس. وقد روى في الحديث زيادة تمنع ما قاله ابن المبارك، إن ثبتت، رواها يحيى القطان عن شعبة عن قتادة عن أنس قال:" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة " قال قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا شعبة - فذكره. قال ابن القطان: (وهو كما ترى صحيح من رواية إمام عن شعبة) فاعلمه. وقد سئل أحمد بن حنبل رحمه الله عن حديث أنس أنهم كانوا يضطجعون؟ قال: (ما قال هذا شعبة قط. وقال: حديث شعبة: كانوا ينامون، وليس فيه يضطجعون. وقال هشام: كانوا ينعسون) وقد اختلفوا في حديث أنس وقد رواه أبو يعلى

ص: 116

الموصلي من رواية سعيد عن قتادة، ولفظه:" يضعون جنوبهم فينامون، منهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ ".

76 -

وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: " جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ". متفق عليه. وزاد البخاري وقال أبي - يعني عروة -: " ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ". وروى النسائي الأمر بالوضوء مرفوعاً من رواية حماد بن زيد، عن هشام وقال:(لا أعلم أحداً ذكر في هذا الحديث: ثم توضئي، غير حماد بن زيد). وقال مسلم: (في حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره). وقد تابع حماد أبو معاوية وغيره. (وقد روى أبو داود وغيره ذكر الوضوء من طرق ضعيفة).

77 -

وعن علي قال: " كنت رجلا مذاء فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فيه الوضوء " متفق عليه واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم:

ص: 117

" توضأ وانضح فرجك ".

78 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تصلي المستحاضة ولو قطر الدم على الحصير " رواه الإمام أحمد والإسماعيلي، (ورجاله رجال الصحيح).

79 -

وعن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ " كذا رواه الإمام أحمد، ورجاله (مخرج لهم في الصحيح، وقد ضعفه البخاري وغيره)

80 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " رواه مسلم.

81 -

وعن بسرة بنت صفوان أن رسول الله قال: " من مس ذكره فليتوضأ " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي،

ص: 118

والترمذي وابن حبان في " صحيحه "، (وقال البخاري:(أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة))

82 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه الوضوء " رواه أحمد، والطبراني وهذا لفظه، والدارقطني، وابن حبان، (والحاكم وصححه)

83 -

وعن قيس بن طلق الحنفي عن أبيه قال: " كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 119

فقال رجل مسست ذكري، أو قال: الرجل يمس ذكره في الصلاة عليه وضوء؟ قال: لا، إنما هو بضعة منك " رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والنسائي والترمذي (وقال:(هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب). وقال الطحاوي: (هو مستقيم الإسناد)، وجعله ابن المديني أحسن من حديث بسرة. وقد تكلم فيه الشافعي وأبو زرعة، وأبو حاتم وغيرهم، وأخطأ من حكى الاتفاق على ضعفه).

ص: 120

84 -

وقد روى الطبراني بإسناده (وصححه عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من مس فرجه فليتوضأ " وإسناده لا يثبت).

85 -

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم " رواه ابن ماجه، (وضعفه الشافعي، وأحمد، والدارقطني وغيرهم).

86 -

وعن جابر بن سمرة: " أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل. قال أصلي في مرابض الغنم؟

ص: 121

قال: نعم، قال أصلي في مَبارك الإبل؟ قال: لا " رواه مسلم.

87 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من غسَّل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، (والترمذي وحسنه، ولم يذكر ابن ماجه الوضوء. وقال أبو داود: (هذا منسوخ) وقال الإمام أحمد (هو موقوف على أبي هريرة)، وقال البخاري:(قال ابن حنبل: وعلى هذا لا يصح في هذا الباب شيء)).

‌7 - باب حكم الحدث

88 -

عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما

ص: 122

قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى أحل فيه النطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير " رواه الترمذي ورواه الحكم في سعة من حديث سفر اليوم وسموا به وهذا لفظه، وابن حبان، والحاكم، (وقال الترمذي:(وقد روي عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً ولا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء)، وقال الإمام أحمد:(عطاء ثقة رجل صالح) وقال ابن معين: (اختلط: فمن سمع منه قديماً فهو صحيح) وقد رواه غير عطاء عن طاوس فرفعه أيضاً، ورواه عبد الله بن طاوس وغيره من الأثبات عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً وهو أشبه).

89 -

وروى مالك عن عبد الله بن أبي بكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: أن لا يمس القرآن إلا طاهر "، (وهذا مرسل وقد رواه أحمد، وأبو داود في " المراسيل "،

ص: 123

والنسائي، والدارقطني، وابن حبان من رواية الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده وراويه عن الزهري سليمان بن داود الخولاني، وقيل: الصحيح أنه سليمان بن أرقم وهو متروك).

90 -

وفي " الصحيحين " في حديث هرقل " أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، وفيه {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} .

91 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه " رواه مسلم.

ص: 124

‌8 - باب آداب قضاء الحاجة

92 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي (وصححه، والنسائي وقال: (هذا الحديث غير محفوظ)، والحاكم على شرطهما. وقال أبو داود:(وهذا الحديث منكر والوهم فيه من همام، وقد روي من غير طريقه)).

93 -

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: يا مغيرة خذ الإداوة، فأخذتها، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عني

ص: 125

فقضى حاجته " متفق عليه.

94 -

وعن عبد الله بن جعفر قال: " أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه [فأسرَّ إليّ حديثا لا أحدث به أحداً من الناس] وكان أحب ما استتر به لحاجته هدف أو حائش نخل " رواه مسلم.

95 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " متفق عليه. وقال البخاري: (وقال سعيد بن زيد: حدثنا عبد العزيز " إذا أراد أن يدخل الخلاء ". ولسعيد بن منصور في سننه كان يقول: " بسم الله ".

96 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في

ص: 126

ظلهم " رواه مسلم.

97 -

وعن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله أن يمتشط أحدنا كل يوم أو يبول في مغتسله " رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم، وهذا الرجل المبهم هو الحكم بن عمرو الغفاري، قاله ابن السكن.

98 -

وعن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدثان على طوفيهما فإن الله يمقت على ذلك " أخرجه ابن السكن (وقال ابن القطان: (هو حديث صحيح)، ومحمد بن عبد الرحمن ثقة)، والطوف: الغائط - قاله الجوهري.

99 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أنزل عليه القرآن قائماً " رواه أحمد، وأبو عوانة في " مسنده الصحيح " بهذا

ص: 127

اللفظ. وعند الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم نحوه. (وقال الترمذي:(هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح)).

100 -

وعن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تبل قائما " رواه ابن حبان وقال: (أخاف أن ابن جريج لم يسمع من نافع هذا الخبر) وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه بال قائماً.

101 -

وعن حذيفة بن اليمان قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضأ " متفق عليه، ولفظه للبخاري. وليس في

ص: 128

مسلم: " فدعا بماء فجئته بماء ".

102 -

وعن عاصم بن بهدلة، وحماد بن أبي سليمان عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على سباطة قوم فبال قائماً " قال حماد: " ففحّج رجليه " رواه أحمد وهذا لفظه، وابن خزيمة في " صحيحه "، (وأعله أحمد برواية منصور والأعمش عن أبي وائل عن حذيفة).

103 -

وعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء " متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.

104 -

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قيل له قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة! قال: فقال أجل: لقد " نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم " رواه مسلم.

ص: 129

105 -

وعن عبد الله بن عمر قال: " ارتقيت فوق بيت حفصة لبعض حاجتي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

106 -

وعن جابر بن عبد الله قال: " نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، (والترمذي، وقال: (حسن غريب)، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وصححه البخاري. وقال ابن عبد البر: (وليس

ص: 130

حديث جابر مما يحتج به عند أهل العلم بالنقل)).

107 -

وعن أبي بردة قال: حدثتني عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والنسائي، (والترمذي وقال:(حديث حسن غريب). وعنده: " إذا خرج من الخلاء "، والحاكم وصححه. وقال أبو حاتم:(هو أصح حديث في هذا الباب)).

‌9 - باب الاستجمار والاستنجاء

108 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت

ص: 131

روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: هذا رِكس ". رواه البخاري، (والترمذي وعلله ثم قال: (هذا حديث فيه اضطراب)، ورواه الإمام أحمد والدارقطني) وفي آخره: " ائتني بحجر "، وفي لفظ للدارقطني: " ائتني بغيرها ".

109 -

وعن يعقوب بن كاسب، عن سلمة بن رجاء، عن الحسن بن فرات، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُستنجى بعظم أو روث، وقال: إنهما لا يُطهران " رواه أبو أحمد بن عدي، والدارقطني، فكل إسناد صحيح. (وقال ابن عدي:(لا أعلم من رواه عن فرات القزاز غير ابنه الحسن، وعن الحسن سلمة بن رجاء، وعن سلمة بن كاسب. وسلمة أحاديثه أحاديث أفراد وغرائب ويحدث عن قوم بأحاديث لا يتابع عليها)).

110 -

وروى شعبة عن أبي معاذ - واسمه عطاء بن أبي ميمونة - قال: سمعت

ص: 132

أنس بن مالك يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي، إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء " متفق عليه.

‌10 - باب أسباب الغسل

111 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: " خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلى قباء حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان فصرخ به فخرج يجر إزاره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعجلنا الرجل، فقال عتبان يا رسول الله أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الماء من الماء "، وفي لفظ آخر:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر، فقال: لعلنا أعجلناك؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء ". متفق عليه لكن لم يذكر البخاري قوله: " إنما الماء من الماء "، ولا قال:" فلا غسل عليك ".

112 -

وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن أم سليم حدثت: " أنها

ص: 133

سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل، فقالت أم سليم: واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: نعم فمن أين يكون الشبه؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه " رواه مسلم.

113 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل " متفق عليه. زاد مسلم: " وإن لم ينزل ".

114 -

وعن عبد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه:" أن ثمامة بن أثال أسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل " رواه أحمد. وعبد الله بن عمر العمري: تكلم فيه من قبل حفظه. وقد رواه البيهقي من رواية عبد الرازق عن عبيد الله وعبد الله ابنا عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة وفيه: " وأمره أن يغتسل، فاغتسل "، وقال الطبراني:(هذا الحديث عند سفيان عن عبد الله وعبيد الله)،

ص: 134

ورواه ابن خزيمة في صحيحه. وفي الصحيحين: أنه اغتسل، وليس فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك.

115 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " غُسْل [يوم] الجمعة واجب على كل محتلم " متفق عليه.

116 -

وعن الحسن عن سمرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، (والترمذي وقال:(حديث حسن، وروى بعضهم: قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث مرسلا)).

ص: 135

117 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت " رواه أبو داود وهذا لفظه، والدارقطني، وابن خزيمة، والحاكم (وإسناده على شرط مسلم، ورواه الإمام أحمد ولفظه: " قال يغتسل من أربع "، وقال البخاري: (رواة هذا الحديث كلهم ثقات)(وتركه مسلم فلم يخرجه، ولا أراه تركه إلا لطعن بعض الحفاظ فيه). وقال الإمام أحمد في رواية: (مصعب بن شيبة: روى أحاديث مناكير)).

‌11 - باب أحكام الحدث الأكبر

118 -

عن عبد الله بن سلمة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن

ص: 136

يحجبه - أو قال: يحجزه - عن القرآن شيء، ليس الجنابة " رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه والنسائي، والترمذي ولفظه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن [على كل حال] ما لم يكن جُنُباً) (وقال: (حديث حسن صحيح)، ورواه ابن حبان، والحاكم وصححه، وذكر الخطابي (أن أحمد كان يوهن حديث علي هذا ويضعف أمر عبد الله بن سلمة)، وقال شعبة بن الحجاج:(ما أحدث بحديث أحسن منه))

119 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواه ابن ماجة، (والترمذي وقال:

ص: 137

(لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش)، وقد رواه الدارقطني من غير طريقه، وضعفه الإمام أحمد، والبخاري، وغيرهما، وصوب أبو حاتم وقفه، وقال:(إنما هو عن ابن عمر قوله)).

120 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا " رواه مسلم، (وقد اعتل، وزاد الحاكم بإسناد صحيح: " فإنه أنشط للعود ". وقال الشافعي: (قد روي فيه حديث، وإن كان مما لا يثبت مثله) وأراد حديث أبي

ص: 138

سعيد هذا. وقال البيهقي: (لعله أراد حديث ابن عمر في ذلك)).

121 -

وعن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد ". متفق عليه

122 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة " رواه البخاري. ولمسلم: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة ".

123 -

وعن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، (وقال: (يرون أن هذا

ص: 139

غلط من أبي إسحاق). وقال يزيد بن هارون: (هذا الحديث وهم). وقال أحمد: (ليس صحيحاً)، وصححه البيهقي وغيره. وقال بعض الحذاق من المتأخرين (أجمع من تقدم من المحدثين ومن تأخر منهم أن هذا الحديث غلط منذ زمان أبي إسحاق إلى اليوم، وعلى ذلك تلقوه منه وحملوه عنه وهو أول حديث أو ثان مما ذكره مسلم في كتاب التمييز له مما حمل من الحديث على الخطأ)) وروى أحمد من حديث شريك عن محمد عن عبد الرحمن عن كريب عن عائشة قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يجنب ثم ينام ثم ينتبه ثم ينام ولا يمس ماء ". (وإسناده غير قوي)

‌12 - باب صفة الغسل

124 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه " متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وفي لفظ: " أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة فبدأ

ص: 140

فغسل كفيه ثلاثاً ". وفي لفظ لهما: " ثم يخلل بيده شعره "، وفي لفظ للبخاري: " حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ".

125 -

وعن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً ثم أدخل يده في الإناء ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه ثم غسل سائر جسده ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه ثم أتيته بالمنديل فرده. وفي رواية: وجعل يقول بالماء هكذا ينفضه " متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وفي رواية للبخاري:" وجعل ينفض الماء "، وفي رواية للبخاري أيضاً: " ثم غسل فرجه ثم قال بيده على الأرض فمسحها بالتراب ثم غسلها ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه وأفاض

ص: 141

على رأسه، ثم تنحى فغسل قدميه ". وفي رواية له:" ثم أفاض الماء على جسده ثم تحول من مكانه فغسل قدميه ".

126 -

وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ". وفي رواية: " أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ فقال لا ". رواه مسلم.

127 -

وعن عائشة رضي الله عنها " أن أسماء - وهي بنت شكل - سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل الحيض فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها، فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: سبحان الله تطهرين بها!!

فقالت عائشة - كأنها تخفي ذلك: تتبعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال: تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور - أو تبلغ الطهور - ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تفيض عليها الماء. فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين " رواه مسلم، وذكر

ص: 142

البخاري منه ذكر الفرصة والتطهر بها.

‌13 - باب التيمم

128 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة - وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " متفق عليه. وروى الإمام أحمد من حديث علي: " وجعل التراب لي طهوراً ".

129 -

وعن عمار بن ياسر قال: " بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه " متفق عليه. واللفظ

ص: 143

لمسلم، وفي رواية للبخاري:" وضرب صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجه وكفيه ".

130 -

وعن هشام بن حسان، عن محمد [بن] سيرين، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته فإن ذلك خير له " رواه البزار، (وقال ابن القطان: إسناده صحيح، وأرى الدارقطني قال:(الصواب أنه مرسل)، وقال ابن القطان في حديث أبي ذر:(ضعيف)، (وهو غريب من حديث أبي هريرة وله علة، والمشهور في الباب حديث أبي ذر الذي صححه الترمذي وغيره)).

131 -

وعن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: " خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيباً فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا

ص: 144

ذلك له، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك، وقال للذي توضأ وأعاد: لك الأجر مرتين ". رواه أبو داود، والنسائي، والدارقطني وتكلم عليه، والحاكم (وقال:(على شرطهما) وفي قوله تساهل، وقال أبو داود (وذكر أبي سعيد هذا الحديث ليس بمحفوظ)).

132 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " متفق عليه.

‌14 - باب الحيض

133 -

روى ابن أبي عدي عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: " أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن دم الحيض دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن

ص: 145

الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي " رواه أبو داود، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني (وقال رواته كلهم ثقات، والحاكم وقال: (على شرط مسلم)، وقال النسائي:(قد روى هذا الحديث غير واحد فلم يذكر أحد منهم ما ذكر ابن أبي عدي)، وقال أبو حاتم:(لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر)).

134 -

وعن أسماء بنت عميس قالت: " قلت يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله هذا من الشيطان، لتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر غسلا وتتوضأ فيما بين ذلك " رواه أبو داود والدارقطني

ص: 146

والحاكم (وقال: (على شرط مسلم)، وقد أعله بعضهم)

135 -

وعن حمنة بنت جحش قالت: " كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله! إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما تأمرني فيها، قد منعتني الصيام والصلاة؟ قال: أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم، قالت: هو أكثر من ذلك؟ قال: فتلجمي، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فاتخذي ثوباً، قالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمرك بأمرين أيهما صنعت أجزأ عنك فإن قويت عليهما فأنت أعلم، فقال: إنما هي ركضة من الشيطان، فتحيضي ستة [أيام] أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي، فإذا رأيت أنك طهرت واستنقأت فصلي أربعاً وعشرين ليلة [أو ثلاثاً وعشرين ليلة] وأيامها، وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرن، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر [فتغتسلين حين تطهرين وتصلين الظهر والعصر] جميعاً ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي،

ص: 147

وتغتسلين مع الصبح وتصلين، وكذلك فافعلي وصومي إن قويت على ذلك، فقال، رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو أعجب الأمرين إلي " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، (والترمذي وهذا لفظه، وصححه، وكذلك صححه أحمد بن حنبل، وحسنه البخاري، وقال الدارقطني: (تفرد به ابن عقيل وليس بقوي)، ووهنه أبو حاتم. وقال البيهقي (تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج)).

136 -

وعن عائشة: " أن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف: شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم، فقال لها: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة " رواه مسلم.

ص: 148

137 -

وعن عائشة قالت: " اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه وهي مستحاضة، فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي " رواه البخاري، وأبو داود.

138 -

[وعن أم عطية قالت: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً " رواه البخاري، وأبو داود]. وليس في رواية البخاري: " بعد الطهر "، ورواه الحاكم مثل رواية أبي داود وقال:(على شرطهما).

139 -

وعن أنس بن مالك: " أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} إلى آخر الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح " رواه مسلم.

140 -

وعن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا

ص: 149

جنب، وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج إليّ رأسه [وهو معتكف] فأغسله وأنا حائض " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

141 -

وعن ابن عباس " عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: يتصدق بدينار أو نصف دينار " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، (والحاكم وصححه. وقال أبو داود:(وهكذا الرواية الصحيحة، قال: دينار أو نصف دينار. وربما لم يرفعه شعبة). وقال ابن السكن: (هذا حديث مختلف في إسناده ولفظه، ولا يصح مرفوعاً). وخالفه ابن القطان وصحح الحديث، وقد وهم من حكى الاتفاق

ص: 150

على ضعفه. وقال ابن مهدي: (قيل لشعبة إنك كنت ترفعه؟ قال: إني كنت مجنوناً فصححت)).

‌15 - باب إزالة النجاسة وذكر بعض الأعيان النجسة

142 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلاً؟ فقال: لا " رواه مسلم.

143 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم ليس بنجس حياً ولا ميتاً " رواه الدارقطني، والحاكم (وقال:(صحيح على شرطهما ولم يخرجاه)). وقال البخاري: " وقال ابن عباس: المسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً ".

144 -

وعن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره " هكذا رواه البخاري، ورواه مسلم ولفظه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم ناول

ص: 151

الحالق شقة الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: احلق فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: اقسمه بين الناس ".

145 -

وعن أنس بن مالك قال: " لما كان يوم خيبر جاءَ جاءٍ فقال: يا رسول الله أكلت الحمر، ثم جاءَ جاءٍ فقال يا رسول الله أُفنيت الحمر، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس - أو نجس - قال فأُكفئت القدور بما فيها " متفق عليه. ولفظه لمسلم. وفي " الصحيح " في حديث سلمة: " أنهم أخبروه أنهم يوقدون على لحم الحمر الإنسية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهريقوها واكسروها، فقال رجل: يا رسول الله أو نهريقها ونغسلها؟ قال: أو ذاك ".

146 -

وعن عمرو بن خارجة قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على راحلته وهي تقصع بجرتها ولعابها يسيل بين كتفي " - الحديث رواه أحمد، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي.

ص: 152

147 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير! أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة. قالوا يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " متفق عليه، ولفظه للبخاري، وقد روي بثلاثة ألفاظ: يستتر، ويتنزه، ويستبرئ، فالأولان: متفق عليهما، والأخير: انفرد به البخاري.

148 -

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المنيّ ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

149 -

وفي رواية له عن عائشة: " لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركاً فيصلي فيه ".

150 -

وله أيضا عنها: " لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابساً بظفري ".

ص: 153

151 -

وعن أبي السمح قال: " كنت أخدم النبي فأتي بحسَن - أو حُسين - فبال على صدره صلى الله عليه وسلم فجئت أغسله فقال: يُغسل من بول الجارية ويُرش من بول الغلام " رواه أبو داود، وابن ماجه، والنسائي، والدارقطني، (والحاكم وصححه، وقال أبو زرعة الرازي: (لا أعرف اسم أبي السمح هذا)).

ص: 154

‌2 - كتاب الصلاة

[1 - باب فرض الصلاة]

152 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم.

153 -

وعن بريدة بن الحصيب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه أحمد، وابن ماجه، والنسائي، وابن حبان، (والترمذي والحاكم، وصححاه. وقال

ص: 155

هبة الله الطبري: (هو صحيح على شرط مسلم)).

154 -

وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب:" شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً، ثم صلاها بين العشاءين، بين المغرب والعشاء " رواه مسلم.

155 -

وعن جابر بن عبد الله: " أن عمر جاءه يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش وقال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما صليتها، قال فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب " متفق عليه.

156 -

وعن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول: {أقم الصلاة لذكري} " رواه مسلم.

157 -

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها ".

ص: 156

(رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد لا يثبت)

158 -

وعن عمران بن حصين قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له فأدلجنا ليلتنا حتى إذا كان وجه الصبح عرّسنا فغلبتنا أعيننا حتى بزغت الشمس قال: فكان أول من استيقظ منا أبو بكر، وكنا لا نوقظ نبي الله صلى الله عليه وسلم من منامه إذا نام حتى يستيقظ، ثم استيقظ عمر فقام عند نبي الله صلى الله عليه وسلم فجعل يكبر ويرفع صوته [بالتكبير] حتى استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه ورأى الشمس قد بزغت قال: ارتحلوا، فسار بنا حتى إذا ابيضت الشمس نزل فصلى بنا الغداة " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

159 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلة حتى إذا أدركنا الكرى عرَّس - فذكر حديث النوم عن الصلاة، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه

ص: 157

الغفلة. قال: فأمر بلالاً فأذن وأقام وصلى " رواه أبو داود، وقال: (ولم يذكر أحد الأذان في حديث الزهري إلا الأوزاعي، وأبان العطار عن معمر)، وقد ذكر مسلم الحديث من رواية يونس عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة، وقال فيه: " وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح " ولم يذكر الأذان.

‌2 - باب مواقيت الصلاة

160 -

عن عبد الله بن عمرو أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر: ما لم تصفر الشمس، ووقت [صلاة] المغرب: ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح: من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان ". وفي لفظ: " وقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق " رواه مسلم.

161 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا

ص: 158

يعرفهن أحد من الغلس ". متفق عليه.

162 -

وعن رافع بن خديج قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم، أو أعظم للأجر " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وصححه، والنسائي، وأبو حاتم، وابن حبان، ورواه الطحاوي ولفظه:" أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم فهو أعظم للأجر - أو قال - لأجوركم ".

163 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اشتد الحر

ص: 159

فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم، واشتكت النار إلى ربها فقالت:[يا رب] أكل بعضي بعضاً! فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير " متفق عليه.

164 -

وعن أنس بن مالك قال: " كان رسول صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس مرتفعة حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتي والشمس مرتفعة، وفي رواية: إلى قباء " متفق عليه. وفي رواية البخاري: وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه.

165 -

وعن رافع بن خديج قال: " كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله " متفق عليه.

166 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال: إنه لوقتها

ص: 160

لولا أن أشق على أمتي ". وفي رواية: لولا أن يشق، رواه مسلم.

167 -

وعن سيّار بن سلامة قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فقال له أبي: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة؟ فقال: " كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب، وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة. وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ويقرأ بالستين إلى المائة ".

168 -

وعن جابر بن عبد الله قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحياناً، وأحيانا إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطأوا أخر. والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس " متفق عليهما.

ص: 161

169 -

وعن عبد الله بن عمر قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل " رواه مسلم.

170 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " متفق عليه.

171 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدركها. والسجدة إنما هي الركعة " رواه مسلم.

172 -

وعن عقبة بن عامر قال: " ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تضيَّف: أي تميل الشمس للغروب " رواه مسلم.

173 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى

ص: 162

تغيب الشمس " متفق عليه. ولمسلم: " لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ".

174 -

وعن أبي سلمة: " أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر؟ فقالت: كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها ". قال إسماعيل بن جعفر: تعني داوم عليها - رواه مسلم.

175 -

وعن جُبير بن مطعم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة من الليل والنهار " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والنسائي، والترمذي وصححه. وقال بعض المصنفين الحذاق:(رواه مسلم) وهو وهم.

ص: 163

‌3 - باب الأذان

176 -

عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة " رواه مسلم.

177 -

وعن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم " متفق عليه.

178 -

وعن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: " لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت: بلى! قال: فقال تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: تقول إذا قمت إلى الصلاة: ألله أكبر ألله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله

ص: 164

فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتاً منك، فقمت مع بلال فجعلت أُلقيه عليه ويؤذّن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، (وروى الترمذي بعضه وصححه) وزاد أحمد: " فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة. قال: فجاءه فدعاه ذات يوم إلى الفجر فقيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم، فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم. قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين لصلاة الفجر ". قال البخاري: (لا يعرف لعبد الله بن زيد إلا حديث الأذان).

179 -

وعن أبي محذورة: " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علّمه الأذان: الله أكبر الله

ص: 165

أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، [زاد إسحاق] ألله أكبر ألله أكبر لا إله إلا الله ". كذا رواه مسلم، وقد رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي وذكروا التكبير في أوله أربعاً، وفي رواية أحمد: " والإقامة مثنى مثنى: لا يرجع " (وروى الترمذي: " أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة " وقال:(هذا حديث حسن صحيح)).

180 -

وعن محمد بن سيرين عن أنس قال: " من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم " رواه ابن خزيمة في " صحيحه "، والدارقطني.

ص: 166

181 -

وعن أنس قال: " لما كثر الناس ذكروا أن يُعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يوروا ناراً أو يضربوا ناقوساً فأُمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة " متفق عليه، زاد البخاري:" إلا الإقامة ".

182 -

وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه: " أنه رأى بلالاً يؤذن فجعلت أتتبع فاه هاهنا، وهاهنا يميناً وشمالاً يقول حي على الصلاة حي على الفلاح " متفق عليه. ورواه أبو داود وفيه: " فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر " وفي رواية أحمد والترمذي: " رأيت بلالاً يؤذن [ويدور] وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه "(قال الترمذي: (حديث حسن صحيح)) ولابن ماجه: " فاستدار في أذانه وجعل إصبعيه في أذنيه ".

ص: 167

183 -

وعن أبي محذورة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر نحواً من عشرين رجلاً فأذنوا فأعجبه صوت أبي محذورة فعلمه الأذان " رواه الدارمي في " مسنده "، وابن خزيمة في " صحيحه ".

184 -

وعن عبد الله بن عمر قال: " كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم الأعمى " متفق عليه.

185 -

وعن ابن عباس وجابر قالا: " لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى " متفق عليه.

186 -

وعن جابر بن سمرة قال: " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " رواه مسلم.

187 -

وعن أبي قتادة في حديث طويل فيه النوم عن الصلاة، وفيه:" ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم " رواه مسلم.

ص: 168

188 -

وروي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ".

189 -

وعن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع: صلى المغرب ثلاثاً، والعشاء ركعتين بإقامة واحدة " رواه مسلم. وفي رواية لأبي داود: " بإقامة واحدة لكل صلاة ولم يناد في الأولى ولم يسبح على إثر واحدة منهما "، وفي رواية:" ولم يناد في واحدة منهما ".

190 -

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. قال: وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال: أصبحت أصبحت " متفق عليه.

191 -

وعنه: " أن بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام فرجع، فنادى: ألا إن العبد نام " (رواه أبو داود وذكر

ص: 169

علته، وقال ابن المديني والترمذي:(هو غير محفوظ)، وقال الذهبي:(هو شاذ مخالف لما رواه الناس عن ابن عمر)، وقال مالك:(لم تزل الصبح ينادى بها قبل الفجر فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نر من ينادي بها إلا بعد أن يحل وقتها)).

192 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن " متفق عليه.

193 -

وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة " رواه البخاري. ورواه النسائي، وابن حبان، والبيهقي: " المقام

ص: 170

المحمود " بلفظ التعريف.

194 -

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله من قلبه، دخل الجنة " رواه مسلم.

195 -

وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ".

196 -

وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال: " يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والنسائي، والحاكم، وقال: (على

ص: 171

شرط مسلم)، وفي رواية:" أن آخر ما عهد إلىّ النبي صلى الله عليه وسلم أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا " رواه ابن ماجة، (والترمذي حسنه).

‌4 - باب شروط الصلاة

197 -

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

198 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ".

ص: 172

رواه مسلم.

199 -

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: " قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها، قلت: فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيى منه من الناس " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والنسائي، (والترمذي وحسنه، وإسناده ثابت إلى بهز، وهو ثقة عند الجمهور).

200 -

وعن أبي الدرداء قال: " كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما صاحبكم فقد غامر " الحديث، رواه البخاري.

ص: 173

201 -

وروى عن أبي موسى: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته - فلما دخل عثمان غطاها ".

202 -

وعن صفية بنت الحارث عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي وحسنه، والحاكم وقال:(على شرط مسلم)، وصفية (وثقها ابن حبان، وقد روي موقوفا ومرسلا)، ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ولفظه:" لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار ".

203 -

وعن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرا، قالت: إذا تنكشف أقدامهن؟ قال: فيرخينه

ص: 174

ذراعا لا يزدن عليه " رواه النسائي، (والترمذي وقال:(حديث حسن صحيح)). وقد روي عن نافع عن أم سلمة، وعنه عن صفية عن أم سلمة، وعنه عن سليمان عن أم سلمة. والله أعلم.

204 -

وعن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وفخذه خارجة فقال: غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته " رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو يعلى، (والترمذي ولفظه:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفخذ عورة ". وقال: (هذا حديث حسن غريب) وصححه الطحاوي. وأبو يحيى: مختلف فيه، وثقه ابن معين في رواية، وقال النسائي:(ليس بالقوي)، وقال البخاري: (وروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الفخذ عورة "، وقال أنس: " وحسر

ص: 175

النبي صلى الله عليه وسلم عن فخذه " وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم)). وقد روي حديث ابن عباس من وجه آخر عن طاوس عنه.

205 -

وعن أنس بن مالك: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى النبي صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر [وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم] ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل القرية قال: الله أكبر خربت خيبر!! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين، قالها ثلاثا ". رواه البخاري، وفي رواية لمسلم:" وانحسر الإزار عن فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم "(فلفظ مسلم لا حجة فيه على أن الفخذ ليس بعورة، ولفظ البخاري محتمل والله أعلم).

206 -

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " رواه البخاري، ومسلم، وعنده:" عاتقيه " و " عاتقه " أيضا.

207 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في

ص: 176

بعض أسفاره فجئت ليلة لبعض أمري فوجدته يصلي وعلي ثوب [واحد] فاشتملت به وصليت إلى جانبه، فلما انصرف قال: ما السرى يا جابر؟ فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال: ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ قلت كان ثوب - يعني ضاق - قال: فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به ". رواه البخاري بهذا اللفظ، ورواه مسلم ولفظه: " إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقا فاشدده على حقوك ".

208 -

وعن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: " قلت لأنس بن مالك. أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في النعلين؟ قال: نعم " متفق عليه.

209 -

وعن أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} فمر رجل من بني مسلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو القبلة " رواه مسلم.

ص: 177

210 -

وعن عثمان الأخنسي عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بين المشرق والمغرب قبلة " رواه الترمذي (وقال (هذا حديث حسن صحيح)، وتكلم فيه أحمد، وقواه).

211 -

وعن عامر بن ربيعة قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به " متفق عليه، وفي رواية للبخاري:" يوميء برأسه قبل أي وجه توجه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة ".

212 -

وعن زيد بن أرقم قال: " إنا كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه بحاجته حتى نزلت {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام " متفق عليه وليس في البخاري: " ونهينا عن الكلام ".

ص: 178

213 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" التسبيح للرجال والتصفيق للنساء في الصلاة " قال ابن شهاب: (وقد رأيت رجالا من أهل العلم يسبحون ويشيرون) متفق عليه. ولم يقل البخاري: " في الصلاة " ولا ذكر قول ابن شهاب.

214 -

وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء " رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي في " الشمائل "، وابن حبان، والنسائي وعنده:" وقال يعني: يبكي " وقد وهم في هذا الحديث من قال: أخرجه مسلم.

‌5 - باب صفة الصلاة

215 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم

ص: 179

تصل - ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا ما أحسن غيره فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.

216 -

وعن محمد بن عمرو بن عطاء: " أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته " رواه البخاري.

ص: 180

217 -

وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا، [إنه] لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك، أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك. وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، وإذا رفع قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات و [ملء] الأرض و [ملء] ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين، ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت " رواه مسلم.

218 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيرا، ثم يقول: أعوذ بالله

ص: 181

السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والنسائي والترمذي - وهذا لفظه - من رواية جعفر بن سليمان، (وقد احتج به مسلم عن علي بن علي الرفاعي، وقد وثقه ابن معين، وأبو زرعة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد. وقال الترمذي: (وقد تكلم في إسناده، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث) وقال أبو داود: (هذا الحديث يقولون هو عن علي بن علي عن الحسن - رحمه الله تعالى - الوهم من جعفر))

219 -

وعن عبدة: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " ذكره مسلم في صحيحه لأنه سمعه مع غيره وليس هو على شرطه، فإن

ص: 182

عبدة بن أبي لبابة لم يدرك عمر بل ولم يسمع من ابنه إنما رواه رواية. وقد روى الدارقطني بإسناده عن الأسود عن عمر أنه كان يقول هؤلاء الكلمات. وقال المروزي: (سألت أبا عبد الله عن استفتاح الصلاة فقال: نذهب فيه إلى حديث عمر). وقد روى فيه من وجوه ليست بذاك.

220 -

وعن عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب {الحمد لله رب العالمين} وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه

ص: 183

ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وكان ينهى عن عقبة الشيطان وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم " رواه مسلم.

221 -

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون " متفق عليه، ولفظه لمسلم.

222 -

وعن عبد الله بن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. وكان لا يفعل ذلك في السجود " متفق عليه. وللبخاري عن نافع: " أن ابن عمر كان إذا دخل في

ص: 184

الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه " ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

223 -

وعن مالك بن الحويرث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده، فعل مثل ذلك " رواه مسلم وفي رواية له: " حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ".

224 -

وروى عن وائل بن حجر: " أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر حيال أذنيه ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلما سجد سجد بين كفيه ".

225 -

وروى ابن خزيمة في صحيحه عن وائل بن حجر قال: " صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره ".

226 -

وعن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير و [بين] القراءة إسكاتة، قال: أحسبه قال: هنية، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد

ص: 185

بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد " متفق عليه واللفظ للبخاري.

227 -

وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ". وفي رواية: بفاتحة الكتاب - متفق عليه.

228 -

وروى ابن حبان من حديث أبي هريرة: " لا تجزيء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب "(وقد أعل).

229 -

وعن أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين " رواه البخاري.

230 -

وروى مسلم: " صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان

ص: 186

فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين. لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة، ولا في آخرها "، (وقد ضعف الخطيب وغيره رواية مسلم بلا حجة)، وفي لفظ لأحمد والنسائي، وابن خزيمة، والدارقطني: " فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " وفي لفظ لابن خزيمة والطبراني، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر ". زاد ابن خزيمة: " في الصلاة ".

231 -

وعن نعيم المجمر قال: " صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ ولا الضالين قال: آمين، وقال الناس آمين، ويقول كلما سجد: الله أكبر وإذا قام من الجلوس من الاثنتين قال: الله أكبر، ثم يقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة - لعله بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه النسائي، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان،

ص: 187

والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب (وصححوه، وقد أعل ذكر البسملة).

232 -

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: " كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم يا رسول الله قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها " رواه أحمد، وأبو داود، (والترمذي، وحسنه، وابن حبان، والدارقطني وقال: (إسناد حسن)، وصححه البخاري، وتكلم فيه أحمد، وابن عبد البر وغيرهما). وهو من رواية ابن

ص: 188

إسحاق.

233 -

وعن أبي موسى: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم: فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فانصتوا " رواه مسلم، (وصححه الإمام أحمد، وتكلم في قوله: " فإذا قرأ فأنصتوا " أبو داود والدارقطني وأبو علي النيسابوري وغيرهم. وقد روي من حديث أبي هريرة وصححه مسلم، وتكلم فيه غير واحد).

234 -

وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزيني، قال: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال: يا رسول الله هذا لله فمالي؟ قال: قل اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني. فلما قام قال:

ص: 189

هكذا بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد ملأ يده من الخير " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان والدارقطني والحاكم وقال:((على شرط البخاري)). وقد قصر من عزاه إلى ابن الجارود فقط.

235 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أمّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه.

236 -

وعن أبي قتادة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحياناً،

ص: 190

وكان يطوِّل الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب " متفق عليه. واللفظ لمسلم، وفي رواية البخاري: " وكان يطول الأولى من صلاة الفجر ويقصر في الثانية ".

237 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة: الم تنزيل السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك ". وفي رواية: " بدل تنزيل السجدة قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية [أو قال نصف ذاك]، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر [قراءة] خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر النصف من ذلك " رواه مسلم.

238 -

وعن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: " ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان. قال سليمان: كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ويخفف العصر ويقرأ في المغرب بقصار المفصل ويقرأ في العشاء بوسط المفصل ويقرأ في الصبح بطول المفصل " رواه ابن ماجه والنسائي (وهذا

ص: 191

لفظه، وهو أتم، وإسناده صحيح).

239 -

وعن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: " ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة " رواه أبو داود.

240 -

وعن جبير بن مطعم قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بالطور في المغرب " متفق عليه.

241 -

وعن فليح قال: حدثني عباس بن سهل قال: " اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه: ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتّر يديه فتجافى عن جنبيه، قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحّى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه حتى فرغ ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه " رواه أبو داود. (وروى الترمذي بعضه وصححه).

ص: 192

242 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال: أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو تُرى له. ألا وإني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً. فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " رواه مسلم.

243 -

وعن عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " متفق عليه.

244 -

وعن ثابت عن أنس قال: " إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا. قال: فكان أنس يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه: كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول القائل قد نسي. وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي " متفق عليه.

245 -

وعن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين

ص: 193

يقوم ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجداً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل [مثل] ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس " متفق عليه وهذا لفظ مسلم، غير أنه قال: " من المثنى بعد الجلوس ". وفي المتفق عليه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ".

246 -

وعن أبي سعيد الخدري قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " رواه مسلم

ص: 194

وله من حديث ابن عباس نحوه.

247 -

وعن شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حُجْر قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه " رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني، (والحاكم وقال:(على شرط مسلم)، وقال الترمذي:(حسن غريب. وروى همام عن عاصم هذا مرسلا)، وشريك كثير الغلط والوهم. وقال

ص: 195

الدارقطني: (تفرد به يزيد بن هارون عن شريك ولم يحدث به عن عاصم غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به) وقال الخطابي: (حديث وائل أصح من حديث أبي هريرة)).

248 -

وعن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه " رواه أحمد، وأبو داود، والبخاري في " تاريخه "، والنسائي، والترمذي ولفظه " يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل " (وقال:(حديث غريب)، ومحمد وثقه النسائي، وقال البخاري:(لا يتابع عليه. ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا). وقال

ص: 196

البخاري. (وقال نافع: كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه)، وقد رواه ابن خزيمة في " صحيحه " مرفوعاً).

249 -

وعن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم من الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب والشعر " متفق عليه، ولفظه للبخاري.

250 -

وعن عبد الله بن مالك بن بحينة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرّج [بين] يديه حتى يبدو بياض إبطيه " متفق عليه.

251 -

وعن البراء بن عازب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك " رواه مسلم.

252 -

وعن وائل: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع فرّج بين أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه " رواه البيهقي والحاكم وقال: ((على شرط مسلم)).

ص: 197

253 -

وعن كامل أبي العلاء، عن حبيب بن [أبي] ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني " رواه أبو داود، وابن ماجه والترمذي، (والحاكم وصححه) وهذا لفظ أبي داود والحاكم. وعند الترمذي وابن ماجه:" واجبرني " بدل " وعافني ". وعند ابن ماجه أيضاً: " وارفعني " بدل " واهدني ". (وقال الترمذي: (غريب، ورواه بعضهم عن كامل أبي العلاء مرسلاً). وقد وثق كاملاً ابن معين، وقال النسائي:(ليس بالقوي)، وقال ابن عدي:(أرجو أنه لا بأس به)). وروى هذا

ص: 198

الحديث، ولفظه:" اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني، وارزقني واهدني ".

254 -

وعن مالك بن الحويرث الليثي: " أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر [من] صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً " رواه البخاري.

255 -

وعن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك قال:" ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " رواه أحمد، والدارقطني، (وصححه الحاكم، وأبو جعفر وثقه غير واحد، وقال أبو زرعة: (شيخ يهم كثيرا)، وقال الغلاة: (فيه ضعف وهو من أهل الصدق

ص: 199

سيء الحفظ). وقال النسائي: (ليس بالقوي)، وقال ابن حبان:(ينفرد بالمناكير عن المشاهير)).

256 -

وعن سعد بن طارق الأشجعي قال: " قلت لأبي يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة نحوا من خمس سنين فكانوا يقنتون بالفجر؟ قال: أي بني محدث " رواه أحمد، وابن ماجه، والنسائي (والترمذي وصححه، وسعد: روى له مسلم، وطارق: صحابي معروف، ولا وجه لقول الخطيب: (في صحبة طارق نظر)).

ص: 200

257 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه " متفق عليه.

258 -

وعنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم " رواه الخطيب في " القنوت " بإسناد صحيح، وروى ابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة.

259 -

وعن الحسن بن علي قال: " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تبارك ربنا وتعاليت " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، (والترمذي وحسنه، وهو مما ألزم الشيخان تخريجه)،

ص: 201

ورواه البيهقي وزاد فيه في بعض رواياته بعد واليت: " ولا يعز من عاديت ".

260 -

وعن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على ركبته [اليمنى] وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة " وفي رواية: " وضع كفه اليمنى [على فخذه اليمنى] وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام " رواه مسلم.

261 -

وروى عن عبد الله بن الزبير قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه [اليمنى] ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه السبابة ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى ".

262 -

وعن عبد الله بن مسعود قال: " كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله

ص: 202

والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو " متفق عليه واللفظ للبخاري.

263 -

وله أيضاً قال: " كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ".

264 -

وعن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وعن طاوس عن ابن عباس أنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ". رواه مسلم.

265 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " كنا نقول في الصلاة، قبل أن يفرض التشهد: السلام على الله " الحديث، رواه النسائي، (والدارقطني

ص: 203

وصحح إسناده). وقال عمر رضي الله عنه: " لا تجزئ صلاة إلا بتشهد " رواه سعيد وغيره.

266 -

وعن فضالة بن عبيد قال: " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله [تعالى] ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له - أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي، (والترمذي وصححه)، وابن حبان، (والحاكم وقال:(صحيح - على شرط مسلم))، وفي موضع

ص: 204

(على شرطهما))، وفي لفظ بعضهم:" إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ".

267 -

وعن أبي مسعود الأنصاري قال: " أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم " رواه أحمد، ومسلم، ورواه أحمد والدارقطني والحاكم بنحوه، وعندهم:" فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا " وهذه الزيادة تفرد بها (ابن إسحاق، وهو صدوق، وقد صرح بالتحديث فزال ما يخاف من تدليسه، وقد صححها ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي وغيرهم).

ص: 205

268 -

وعن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " متفق عليه.

269 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن [شر] فتنة المسيح الدجال " متفق عليه، واللفظ لمسلم. وفي لفظ له:" إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع ".

270 -

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في

ص: 206

الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا و [فتنة] الممات. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

271 -

وعن وائل بن حجر قال: " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " رواه أبو داود بإسناد صحيح.

272 -

وعن وراد كاتب المغيرة قال: " أملى علي المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " متفق عليه.

ص: 207

273 -

وعن أبي الزبير قال: " كان ابن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله. لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة " رواه مسلم.

274 -

وعن سعد بن أبي وقاص: " أنه كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة: اللهم إني أعوذ بك من البخل ومن عذاب القبر " رواه البخاري.

275 -

وعن ثوبان قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام - قال الوليد بن مسلم: فقلت للأوزاعي كيف الاستغفار؟ قال تقول: أستغفر الله " رواه مسلم.

276 -

وروى عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من سبح [الله في] دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين [وحمد الله ثلاثاً وثلاثين] وكبر الله ثلاثاً

ص: 208

وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ".

277 -

وعن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: " يا معاذ [والله] إني لأحبك! أوصيك يا معاذ لا تدَعَنّ في دبر [كل] صلاة تقول: اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي.

278 -

وعن أبي أمامة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قرأ آية الكرسي وقل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت " رواه النسائي، والروياني، وابن حبان، والدارقطني في الأفراد، (والطبراني وهذا لفظه، ولم يصب في ذكره في " الموضوعات " فإنه حديث صحيح).

ص: 209

‌6 - باب أمور مستحبة وأمور مكروهة في الصلاة سوى ما تقدم

279 -

عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي، فأدركت النبي صلى الله عليه وسلم قائماً يحدث الناس فأدركت من قوله:" ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلا عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة " رواه مسلم، وقصر من عزاه إلى أبي داود وحده.

280 -

وعن أبي جهيم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه - قال أبو النضر - لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراً أو سنّة " متفق عليه. وفي بعض روايات البخاري: " ماذا عليه من الإثم ".

ص: 210

281 -

وعن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر فمِن ثَمّ اتخذها الأمراء " متفق عليه.

282 -

وعن عائشة أنها قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عن سترة المصلي؟ فقال: مثل مؤخرة الرحل " رواه مسلم.

283 -

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصاً، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ثم لا يضره ما مر أمامه " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، (وهو حديث مضطرب الإسناد، وكذلك ضعفه الشافعي وغيره، وصححه ابن المديني وغيره. وقال ابن عيينة: (لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث)

ص: 211

وقال البيهقي: (لا بأس بهذا الحديث في هذا الحكم)).

284 -

وعن أبي سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع [الشيطان] عليه صلاته " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان. (وهو حديث مختلف في إسناده، وروي مرسلا.

285 -

وعن أبي هريرة قال: " نهي أن يصلي الرجل مختصراً " رواه

ص: 212

البخاري هكذا، ورواه مسلم:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

286 -

وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قُدم العشاء فابدأوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم " متفق عليه.

287 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه عز وجل، فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه " متفق عليه أيضاً. وفي لفظ للبخاري: " عن يساره أو تحت قدمه ".

288 -

وعن معيقيب - وهو ابن [أبي] فاطمة الدوسي - قال: " ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المسح في المسجد - يعني الحصى - قال: إن كنت لا بد فاعلا،

ص: 213

فواحدة " متفق عليه.

289 -

وعن أبي ذر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصا فإن الرحمة تواجهه " رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي، وفي لفظ لأحمد:" سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مس الحصى، فقال: واحدة أو دع ".

290 -

وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار " متفق عليه.

ص: 214

291 -

وعن عائشة قالت: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ". رواه البخاري.

292 -

وعن أنس قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" [يا بني] إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة " رواه الترمذي وصححه.

293 -

وعن سهل بن الحنظلية قال: " ثُوِّب بالصلاة - يعني صلاة الصبح - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويلتفت إلى الشعب " رواه أبو داود، (والحاكم وصححه).

294 -

وعن أنس قال: كان قِرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي "

ص: 215

رواه البخاري.

295 -

وعن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان " رواه مسلم.

296 -

وروى عن جابر بن سمرة قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً رافعي أبصارهم إلى السماء وهم في الصلاة فقال: " لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم ".

297 -

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع "(رواه الترمذي وصححه)، ورواه مسلم، ولم يقل:" في الصلاة ".

‌7 - باب سجود السهو

298 -

عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي

ص: 216

العشي - قال محمد: وأكثر ظني [أنها] العصر - ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها، وفيهم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه وخرج سرعان الناس، فقالوا: أقصرت الصلاة؟ ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم: ذا اليدين فقال: أنسيت أم قصرت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر. قال: بلى! قد نسيت. فصلى ركعتين، ثم سلم، ثم كبّر فسجد مثل سجوده، أو أطول، ثم رفع رأسه فكبّر [ثم وضع رأسه فكبّر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبّر]" متفق عليه وهذا لفظ البخاري. وفي لفظ له في آخره: " فربما سألوه: ثم سلم؟ فيقول نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم "، وفي بعض روايات مسلم: " صلاة العصر " بغير شك. ورواه أبو داود وفيه: " فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم فقال: أصدق ذو اليدين؟ فأومأوا: أي نعم ". قال أبو داود: (ولم يذكر فأومأوا إلا حماد بن زيد)، وفي

ص: 217

رواية لأبي داود: " كبر ثم كبر وسجد " وانفرد بها حماد بن زيد أيضاً. وفي لفظ له قال: " ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقّنه الله ذلك ".

299 -

وعن عمران بن حصين: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول فقال: يا رسول الله، فذكر له صنيعه وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم " رواه مسلم.

300 -

وعن أشعث بن عبد الملك، عن ابن سيرين، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين:" أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها، فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم " رواه أبو داود، (والترمذي وحسنه، والحاكم وقال ([على] شرطهما). وقال البيهقي: (تفرد بهذا الحديث أشعث الحمراني)، ثم تكلم عليه وخطأه).

301 -

وعن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شك أحدكم

ص: 218

في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً! فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيماً للشيطان " رواه مسلم.

302 -

وعن ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى سجدتي السهو المرغمتين " رواه أبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان، (والحاكم وصححه، وفي إسناده ضعف).

303 -

وعن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم: زاد أو نقص - فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا. قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لأنبأتكم به [ولكن] إنما أنا بشر أنسى كما

ص: 219

تنسون. فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين " متفق عليه. وفي لفظ للبخاري:" فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين "، وفي لفظ لمسلم:" فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ". وله عن عبد الله: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام ".

304 -

وعن عبد الله بن بحينة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر، وعليه جلوس، فلما أتم الصلاة سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس، قبل أن يسلم وسجد الناس، مكان ما نسي من الجلوس " متفق عليه.

305 -

وعن ابن مسعود: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً. فسجد سجدتين بعد ما سلم " متفق عليه. ولم يقل مسلم: " بعد ما سلم ".

ص: 220

306 -

وعن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نسي في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن خزيمة في " صحيحه " من رواية مصعب بن شيبة، وهو متكلم فيه. وقد روى له مسلم، (وقال البيهقي:(إسناد هذا الحديث لا بأس به)).

‌8 - باب صلاة التطوع

307 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت " رواه مسلم: وفي رواية لأحمد، أبي

ص: 221

داود، من رواية عبد الله بن حبشي الخثعمي قال:" طول القيام ".

308 -

وعن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: " كنت أبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته فقال: سل! فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود " رواه مسلم.

309 -

وعن ابن عمر قال: " حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها. حدثتني حفصة: أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين " متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، وفي لفظ لمسلم، قالت:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين "، وفي رواية لهما:" وركعتين بعد الجمعة في بيته ".

310 -

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها، " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا

ص: 222

قبل الظهر وركعتين قبل الغداة " رواه البخاري.

311 -

وعنها قالت: " لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهدا على ركعتي الفجر " متفق عليه واللفظ للبخاري. ولمسلم: " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ".

312 -

وعن أم حبيبة قالت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيت في الجنة " وفي رواية: " تطوعاً " رواه مسلم. (وقد رواه الترمذي وصححه)، والنسائي وفيه:" أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر ". قال النسائي: " قبل الصبح " وذكر ركعتين قبل العصر بدل ركعتين بعد العشاء.

313 -

وعن أم حبيبة قالت، قال رسول الله: " من حافظ على أربع

ص: 223

ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، (والترمذي وقال:(حديث حسن صحيح غريب)).

314 -

وعن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله تعالى عنه قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين " رواه أحمد، (والترمذي وحسنه، و " عاصم " وثقه أحمد وابن المديني وابن خزيمة وغيرهم، وتكلم فيه غير واحد من الأئمة).

315 -

وعن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله امرأ صلى أربعاً

ص: 224

قبل العصر " رواه أحمد، وأبو داود، وابن خزيمة في " صحيحه " ([والترمذي] وقال: (حسن غريب)، ووهّى أبو زرعة رواته).

316 -

وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: " كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب! فقلت له: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا " رواه مسلم.

317 -

وعن عبد الله بن مغفل المزني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" صلوا قبل صلاة المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة " رواه البخاري، وابن حبان، وزاد " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين ".

318 -

وعن زرارة بن أبي أوفى: " أن عائشة سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 225

في جوف الليل؟ فقالت: كان يصلي العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام " رواه أبو داود، (وفي سماع " زرارة " عن " عائشة " نظر).

319 -

وعنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني أقول: هل قرأ بأم الكتاب أم لا " متفق عليه.

320 -

وعن أبي هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} ".

321 -

وعن ابن عباس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية التي في البقرة. وفي الآخرة منهما: {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} " رواهما مسلم.

322 -

وعن عائشة قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع

ص: 226

على شقه الأيمن " رواه البخاري.

323 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن " رواه أحمد، وأبو داود، (والترمذي وقال:(حديث حسن غريب صحيح). وقد تكلم أحمد والبيهقي وغيرهما في هذا الحديث وصححوا فعله الاضطجاع لا أمره به).

324 -

وعن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى " متفق عليه.

325 -

وعنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" صلاة الليل والنهار مثنى مثنى "

ص: 227

رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي، وابن حبان، (وصححه البخاري وقال أحمد في رواية الميموني وغيره عنه:(إسناده جيد). وقال النسائي: (وهذا الحديث عندي خطأ). وقال الترمذي: (اختلف أصحاب شعبة في حديث ابن عمر فرفعه بعضهم ووقفه بعضهم)، وقال الدارقطني:(الصحيح ذكر صلاة الليل دون ذكر النهار)).

326 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصيام بعد رمضان

ص: 228

شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم، (ورواه النسائي من رواية شعبة مرسلاً).

327 -

وعن زيد بن خالد الجهني أنه قال: " لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين، طويلتين، طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون الركعتين اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر. فذلك ثلاث عشرة ركعة " رواه مسلم.

328 -

وعن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، لك ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد، أنت ملك السموات ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق. اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما

ص: 229

قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك. قال سفيان: وزاد عبد الكريم أبو أمية: ولا حول ولا قوة إلا بالله " متفق عليه. ولفظه للبخاري. وفي لفظ لهما: " أنت رب السموات والأرض " بدل " لك ملك السموات والأرض "، وفي آخره: " ولا حول ولا قوة إلا بالله " وعند ابن ماجه: " ولا حول ولا قوة إلا بك ".

329 -

وعن أم سلمة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل من الخزائن! من يوقظ صواحب الحجرات يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " رواه البخاري.

330 -

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا عبد الله لا تكن مثل فلان! كان يقوم من الليل فترك قيام الليل " متفق عليه.

ص: 230

331 -

وعن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أهل القرآن! أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة في " صحيحه "، (والترمذي وقال:(حديث حسن غريب) و " عاصم " مختلف فيه، ولقد أبعد من قوى هذا، والمتروك والمتهم).

332 -

وعن الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله قد زادكم صلاة وهي الوتر " رواه أحمد و " حجاج " غير محتج به، ولم يسمعه من عمرو.

333 -

وعن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل

ص: 231

زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حمر النعم، [ألا] وهي الركعتان قبل صلاة الفجر " (رواه البيهقي بإسناد صحيح).

334 -

وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " متفق عليه.

335 -

وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: " كان يصلي ثلاث عشرة ركعة: يصلي ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح " رواه مسلم.

336 -

وعن مسروق قال: " سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت: سبع، وتسع، وإحدى عشرة، سوى ركعتي الفجر " رواه البخاري.

337 -

وعن طلق بن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا وتران في ليلة " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان،

ص: 232

(والترمذي وقال: (حديث حسن غريب)).

338 -

وعن أبي بن كعب قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر ب {سبح اسم ربك الأعلى}، و {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والنسائي وزاد:" ولا يسلم إلا في آخرها ".

339 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها " رواه مسلم.

340 -

وعنها قالت: " من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل

ص: 233

وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

341 -

وعن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أوتروا قبل أن تصبحوا " رواه مسلم.

342 -

وروى عن جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل مشهودة. وذلك أفضل ".

343 -

وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر " رواه الترمذي وقال: (سليمان بن موسى تفرد به على هذا اللفظ)، ولم نر أحدا من المتقدمين تكلم فيه، (وهو ثقة عند أهل الحديث، وقال البخاري: (عنده مناكير)، وقال النسائي:(ليس بالقوي في الحديث)، وقال ابن عدي:(هو عندي ثبت صدوق)).

ص: 234

344 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكر " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي، (وقد ضعفه بعض الأئمة، وروي مرسلا. وإسناد أبي داود لا بأس به). وقد روى ابن حبان من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك الصبح ولم يوتر، فلا وتر له ".

345 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر " متفق عليه. ولفظه للبخاري، وروى مسلم نحوه من حديث أبي الدرداء، وأحمد والنسائي نحوه من حديث أبي ذر.

ص: 235

346 -

وعن أم هانيء بنت أبي طالب قالت: " ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب، قالت: فسلمت عليه، فقال: من هذه؟ فقلت: أم هانيء بنت أبي طالب، فقال: مرحبا بأم هانيء. فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول الله! زعم ابن أمي علي بن أبي طالب أنه قاتل رجلا أجرته: فلان ابن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجرت من أجرت يا أم هانيء، وذلك ضحى " متفق عليه.

347 -

وعن زيد بن أرقم: " أنه رأى قوما يصلون من الضحى في مسجد قباء، فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " رواه مسلم.

348 -

وروى عن عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء [الله] ".

349 -

وله عن عبد الله بن شقيق قال: " قلت لعائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه ".

ص: 236

350 -

وعن عائشة أنها قالت: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم " رواه مسلم.

351 -

وعن مورق قال: " قلت لابن عمر: أتصلي الضحى؟ قال: لا، قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر قال: لا. قلت فالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا إخاله " رواه البخاري.

352 -

وعن جابر بن عبد الله قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري، وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري - وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به قال: ويسمي حاجته " رواه البخاري، ورواه الترمذي - عن الشيخ الذي رواه عنه البخاري - وعنده:" ثم أرضني به " وعند أبي داود، وهو رواية

ص: 237

للبخاري: " ثم رضِّني به ".

‌9 - باب سجود التلاوة والشكر

353 -

عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله! أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأُمرت بالسجود فأبيت، فلي النار " رواه مسلم.

354 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " {ص} ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها " رواه البخاري.

355 -

وعن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر {الم تنزيل} السجدة، و {هل أتى على الإنسان} " متفق عليه. واللفظ للبخاري أيضاً.

356 -

وعن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد ب {النجم} وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس " رواه البخاري وقال: " كان ابن

ص: 238

عمر يسجد على غير وضوء ".

357 -

وعن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين "(رواه أبو داود في " المراسيل ". وقال: (وقد أسند هذا ولا يصح)).

358 -

وعن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة قال: " سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في {إذا السماء انشقت} و {اقرأ باسم ربك} ". رواه مسلم.

359 -

وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: " أنا أتعجب من حدبي لا يسجد في المفصل " رواه الحاكم بإسناد صحيح.

360 -

وعن البراء رضي الله عنه قال: " بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالداً ومن كان معه، إلا رجل ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي فليعقب معه، قال: فكنت ممن عقب معه، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، فصلى بنا علي، وصفنا صفا واحداً، ثم تقدم بين أيدينا، فقرأ

ص: 239

عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعاً، فكتب علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجداً، ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان، السلام على همدان " رواه البيهقي وقال:(أخرج البخاري صدر هذا الحديث ولم يسقه بتمامه، (وسجود الشكر في تمام الحديث [صحيح] على شرطه)).

361 -

وعن أبي عون الثقفي، عن رجل لم يسمه:" أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتاه فتح اليمامة سجد " رواه ابن أبي شيبة في " كتاب الفتوح ".

‌10 - باب صلاة الجماعة

362 -

عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " متفق عليه.

363 -

وفي حديث أبي سعيد: " بخمس وعشرين درجة " رواه البخاري.

364 -

وفي حديث أبي هريرة: " بخمس وعشرين درجة " متفق عليه.

365 -

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي

ص: 240

نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء " رواه البخاري وهذا لفظه، ومسلم وليس عنده: " أو مرماتين حسنتين ".

366 -

وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " متفق عليه. ولأحمد وأبي داود والحاكم وقال: (على شرطهما): " لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهن ".

367 -

وعن زينب الثقفية إمرأة عبد الله قالت، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً " رواه مسلم.

ص: 241

368 -

وعن أبي موسى قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام " وفي رواية: " حتى يصليها مع الإمام في جماعة " متفق عليه.

369 -

وعن هشيم، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له، إلا من عذر " رواه ابن ماجه، والدارقطني، (وإسناده على شرط مسلم، وقد أعله بالوقف)

370 -

وعن نافع قال: " أذّن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان ثم قال: صلوا في رحالكم، فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " متفق

ص: 242

عليه وهذا لفظ البخاري.

371 -

وروى أبو داود من حديث ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال:" نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في المدينة في الليلة المطيرة والغداة القرة ".

372 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن الثوم؟ فقال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلي معنا " متفق عليه. واللفظ لمسلم.

373 -

وعن يزيد بن الأسود " أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح [بمنى] وهو غلام شاب فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو برجلين لم يصليا، فدعا بهما، فجيء بهما تُرْعَد فرائصهما، فقال لهما: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا قد صلينا في رحالنا. قال: فلا تفعلا، إذا صليتم في رحالكم ثم أدركتم الإمام لم يصل فصليا معه فإنه لكم نافلة " رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو

ص: 243

داود، والنسائي، والترمذي وصححه.

374 -

وعن أبي هريرة قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله [إنه] ليس لي قائد يقودني إلى المسجد؟ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب " رواه مسلم.

375 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبّروا ولا تكبّروا حتى يكبّر، وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده: فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه.

376 -

وعن البراء: " انهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا ركع ركعوا، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده، لم نزل قياماً حتى نراه قد

ص: 244

وضع وجهه بالأرض، ثم نتبعه " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

377 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم: تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل " رواه مسلم.

378 -

وعن زيد بن ثابت قال: " احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاءوا ليلة فحضروا، وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، قال: فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا، فقال لهم: ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

ص: 245

379 -

وعن جابر رضي الله عنه، قال:" صلى معاذ لأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا، فصلى، فأخبر معاذ عنه، فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال معاذ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتريد أن تكون فتانا يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ ب {الشمس وضحاها} و {سبح اسم ربك}، و {اقرأ باسم ربك} و {الليل إذا يغشى} " متفق عليه، واللفظ لمسلم أيضا: وفي لفظ له: " فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف ".

380 -

وعن عائشة قالت: " لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت، فقلت: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر؟ فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت: [فقلت لحفصة: قولي له: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يُسمع الناس فلو أمرت عمر، فقالت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس

ص: 246

قالت:] فأمروا أبا بكر يصلي بالناس، قالت: فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم مكانك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر " متفق عليه.

381 -

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء " وفي لفظ: " وذا الحاجة " وفي آخر: " الضعيف والسقيم " متفق عليه، واللفظ لمسلم. ولم يقل البخاري:" والصغير ".

382 -

وعن عمرو بن سلمة الجرمي قال: " كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس؟ ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله عز وجل أرسله، أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنما يقر في صدري. وكانت العرب تلوّم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه، فإن ظهر

ص: 247

عليهم فهو نبي صادق. فلما كانت وقعة [أهل] الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم. فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي حقا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة وكنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم!؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص " رواه البخاري وعند أبي داود:" وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين " وعند النسائي: " وأنا ابن ثمان سنين ".

383 -

وعن عكرمة عن ابن عباس قال: " يكره أن يؤم الغلام حتى يحتلم " رواه الأثرم والبيهقي، ولفظه:" لا يؤم الغلام حتى يحتلم ".

384 -

وعن أبي مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة، سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما، ولا يؤمّنّ

ص: 248

الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه " وفي رواية:" سنا " بدل سلما. رواه مسلم.

385 -

وعن ابن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لِيَلني منكم أولو الأحلام والنُّهى ثم الذين يلونهم ثلاثاً، وإياكم وهيشات الأسواق " رواه مسلم أيضاً.

386 -

وعن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصف كأنها الحذف " رواه أحمد، وأبو داود، النسائي وابن حبان البستي. والحذف بالتحريك: غنم سود صغار من غنم الحجاز الواحدة حذفة، قاله الجوهري.

387 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها. وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " رواه مسلم.

ص: 249

388 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه " متفق عليه.

389 -

وعن أنس قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم سليم، فقمت ويتيم خلفه وأم سليم خلفنا " متفق عليه، واللفظ للبخاري. ولمسلم:" أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به وبامرأة فجعله عن يمينه والمرأة خلفه ".

390 -

وعن أبي بكرة: " أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: زادك الله حرصا، ولا تعد " رواه البخاري، وفي رواية لأحمد وأبي داود: " أنا أبا بكرة جاء

ص: 250

ورسول الله راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم قال: زادك الله حرصاً ولا تعد ".

391 -

وعن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة بن معبد:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف [وحده] فأمره أن يعيد الصلاة " رواه أحمد وحسنه، وأبو داود وهذا لفظه، وابن حبان في " صحيحه "، (والترمذي وقال:(حديث حسن). وقال ابن المنذر: (ثبّت الحديث أحمد وإسحاق). وقال ابن عبد البر: (في إسناده اضطراب)).

392 -

وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " متفق عليه، واللفظ للبخاري. وفي لفظ لمسلم: " صل ما أدركت واقض

ص: 251

ما سبقك " ورواه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة: " وما فاتكم فاقضوا ". وقد وهم بعض المصنفين في قوله: (إن لفظ القضاء مخرج في الصحيحين). وقال أبو داود: (قال يونس الزبيدي، وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن سعد، ومعمر، وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري: " وما فاتكم فأتموا " وقال ابن عيينة: عن الزهري وحده: " فاقضوا "). وقال مسلم: (أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة، ولا أعلم من رواها عن الزهري غيره). وفي قول أبي داود ومسلم نظر! فإن أحمد رواها عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، وقد رويت من غير وجه عن أبي هريرة. وقال البيهقي:

ص: 252

(والذين قالوا " فأتموا " أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة فهو أولى) والتحقيق أنه ليس بين اللفظين فرق فإن القضاء هو الإتمام لغة وشرعاً.

‌11 - باب صلاة المريض

393 -

عن عمران بن حصين قال: " كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب " رواه البخاري.

394 -

وروى أبو بكر الحنفي، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضاً فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها، فأخذ عوداً ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال: صل على الأرض إن استطعت، وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك " رواه البيهقي، والحافظ محمد بن عبد الواحد في مختاره (وقال أبو حاتم في رفعه:(هذا خطأ، إنما هو عن جابر قوله: إنه دخل على مريض))

395 -

وعن الحسن، عن أمه قالت:" رأيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسجد على وسادة أدم من رمد بها " رواه الشافعي.

ص: 253

396 -

وعن عائشة قالت: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً " رواه النسائي، والدارقطني، والحاكم وقال:(على شرطهما)، وقال النسائي:(لا أعلم أحداً روى هذا الحديث غير أبي داود الخفري وهو ثقة ولا أحسبه إلا خطأ). كذا قال، وقد تابع الخفري محمد بن سعيد الأصبهاني وهو ثقة). والله أعلم.

‌12 - باب صلاة المسافر

397 -

عن عائشة قالت: " الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر ". قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان، متفق عليه.

398 -

وللبخاري عنها قالت: " فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعاً وتركت صلاة السفر على الأولى ".

399 -

وعن عطاء عن عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم

ص: 254

ويفطر ويصوم " رواه الدارقطني، (وقال: (إسناده صحيح) وكلهم ثقاة. والصحيح: أن عائشة هي التي كانت تتم، كما رواه البيهقي بإسناد صحيح) عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه " عن عائشة أنها كانت تصلي في السفر أربعاً، فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي ".

400 -

وعن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته " رواه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان في " صحيحيهما "، وأبو يعلى الموصلي ولفظه:" إن الله عز وجل يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزيمته ".

401 -

وروى شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائي قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة؟ فقال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ (شعبة الشاك) صلى ركعتين " رواه مسلم. (وقال ابن عبد البر في يحيى: (ليس هو ممن يوثق به في ضبط مثل هذا الأصل)).

ص: 255

402 -

وعن العلاء بن الحضرمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مُكْث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثاً " متفق عليه.

403 -

وعن يحيى بن إسحاق سمعت أنس بن مالك يقول: " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: أقمتم بها شيئاً؟ قال: أقمنا بها عشراً " متفق عليه. واللفظ للبخاري.

404 -

وعن ابن عباس قال: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يقصر، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا " وفي لفظ: " أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوماً " رواه البخاري. وعند أبي داود: " سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة " قال: (وقال عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس: " أقام تسع عشرة "). وعنده من رواية ابن إسحق: " أقام بمكة عام الفتح خمس

ص: 256

عشرة يقصر الصلاة ". وقال البيهقي: (اختلفت الروايات في " تسع عشرة " و " سبع عشرة " وأصحها عندي رواية من روى " تسع عشرة ").

405 -

وعن جابر قال: " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة " رواه أحمد، (وأبو داود وقال:(غير معمر لا يسنده)).

406 -

وعن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل [أن] تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب " متفق عليه.

407 -

وعنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل " رواه الحافظ أبو نعيم في " المستخرج على مسلم ". ثم قال: (رواه مسلم ولم يورده بهذا اللفظ، وإنما لفظه: " كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما ").

408 -

وعن نافع أن ابن عمر كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء

ص: 257

بعد أن يغيب الشفق، ويقول:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء " متفق عليه. ورواه أبو داود من رواية محمد بن فضيل عن أبيه عن نافع وعبد الله بن واقد: " أن مؤذن ابن عمر قال: الصلاة!! قال: سر [سر] حتى إذا كان قبل غيوب الشفق نزل وصلى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق فصلى العشاء، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به أمر صنع مثل الذي صنعت فسار في ذلك اليوم والليلة مسيرة ثلاث ". قال أبو داود: (رواه [ابن] جابر عن نافع نحو هذا بإسناده

ورواه عبد الله بن العلاء بن زبر عن نافع قال: " حتى إذا كان عند ذهاب الشفق نزل فجمع بينهما ").

409 -

وعن معاذ قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً " رواه مسلم.

410 -

وعن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء " [رواه مسلم، وفي لفظ له " جمع رسول

ص: 258

الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء] بالمدينة في غير خوف ولا مطر، قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته " وفي لفظ له: " في غير خوف ولا سفر ". وقد تكلم ابن سريج في قوله: " ولا مطر ".

411 -

وروى الطحاوي من رواية الربيع بن يحيى الأشناني، عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر قال:" جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بن المدينة للرخص من غير خوف ولا علة ". والربيع روى عنه البخاري، وقد تكلم فيه بسبب هذا الحديث.

412 -

وعن معاذ: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زريع

ص: 259

الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس [صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار. وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء. وكان إذا] ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب " رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، (وقال:(حديث حسن غريب). وقال أبو داود والترمذي والطبراني وابن يونس والسليماني والبيهقي والخطيب وغيرهم: (تفرد به قتيبة) قال الخطيب (وهو منكر جداً). وقال الحاكم: (هو حديث موضوع. وقتيبة ثقة مأمون)). وقد تقدم جمع المستحاضة بين الصلاتين في باب الحيض.

‌13 - باب صلاة الخوف

413 -

عن صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات

ص: 260

الرقاع صلاة الخوف: " أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم " متفق عليه. واللفظ لمسلم.

414 -

وعن عبد الله بن عمر قال: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فوازينا العدو فصاففناهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه، وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعة و [سجد] سجدتين ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. ولمسلم: قال نافع، قال ابن عمر:" فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصل راكبا أو قائما توميء إيماء ".

ص: 261

415 -

وعن ابن عباس قال: " فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة " رواه مسلم. وتكلم فيه أبو عمر بن عبد البر.

416 -

وعن جابر بن عبد الله قال: " شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فصفنا صفين: صف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعا، ثم ركع وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود، وقام الصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود، وقاموا. ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحور العدو. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا

ص: 262

جميعا. قال جابر: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم " رواه مسلم.

417 -

وعن ثعلبة بن زهدم قال: " كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيكم صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا. فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي، وأبو حاتم بن حبان.

‌14 - باب المساجد

418 -

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من بنى مسجدا - قال بكير: حسبت أنه قال - يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة " متفق عليه.

419 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد

ص: 263

في الدور وأن تنظف وتطيب " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة (وإسناد بعضهم على شرط الصحيحين. ورواه الترمذي مرسلا ومتصلا، وقال في المرسل: (هذا أصح)). والدور القبائل والمحال.

420 -

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قاتل الله اليهود اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد " متفق عليه. ولمسلم: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".

ص: 264

421 -

وعن ابن عمر: " أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كذا رواه البخاري. ورواه مسلم بنحوه.

422 -

وعن أبي هريرة قال: " بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أطلقوا ثمامة. فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " متفق عليه.

423 -

وعن أبي هريرة: " أن عمر مر بحسان وهو ينشد الشعر في المسجد، فلحظ إليه فقال: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك [الله] أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني، اللهم أيده بروح القدس؟ قال: [اللهم] نعم " متفق عليه أيضا.

424 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سمع رجلا ينشد ضالة في

ص: 265

المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا " رواه مسلم.

425 -

وعن بريدة: " أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وجدت! إنما بنيت المساجد لما بنيت له " رواه مسلم. ورواه النسائي متصلا ومرسلا.

426 -

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة، فقولوا: لا رد الله عليك " رواه النسائي في " اليوم والليلة "، والترمذي (وقال:(حديث حسن غريب)).

427 -

وعن حكيم بن حزام قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقام الحدود في المساجد ولا يستقاد فيها " رواه أحمد، وأبو داود، (وفي إسناده انقطاع).

428 -

وعن مبارك بن فضالة، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي

ص: 266

ليلى، عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد، فإذا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز بين يدي عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه " رواه أبو داود، و " مبارك "(وثقه ابن معين في رواية، وقال النسائي: (ضعيف)).

429 -

وعن عائشة قالت: " أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلم يرعهم، وفي المسجد خيمة من بني غفار، إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغدو جرحه دما، فمات فيها، رضي الله عنه " متفق عليه. واللفظ لمسلم.

430 -

وعنها قالت: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهم، أمنا بني أرفدة " يعني:

ص: 267

من الأمن، متفق عليه، واللفظ للبخاري.

431 -

وعنها: " أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم، قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، قالت: فوضعته - أو وقع منها - فمرت به حدياة وهو ملقى، فحسبته لحما فخطفته، قالت: فالتمسوه فلم يجدوه، قالت: فاتهموني به، قالت: فطفقوا يفتشوني حتى فتشوا قبلها!! قالت: والله أني لقائمة معهم إذ مرت الحديات فألقته! قالت: فوقع بينهم، قالت: فقلت هذا الذي اتهمتموني به، زعمتم وأنا منه بريئة [وهو ذا هو] قالت: فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت. قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد أو حفش، قالت: فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: فلا تجلس عندي مجلسا إلا قالت:

(ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا

ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني)

قالت عائشة فقلت لها: ما شأنك لا تقعدين معي مقعدا إلا قلت هذا؟ قالت: فحدثتني بهذا الحديث " رواه البخاري.

ص: 268

432 -

وعن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها " متفق عليه.

433 -

وعن أبي هريرة قال، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها " رواه مسلم.

434 -

وعن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والنسائي.

435 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أمرت بتشييد المساجد " وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. رواه أبو داود، وابن حبان.

ص: 269

436 -

وعن السائب بن يزيد قال: " كنت في المسجد فحصبني رجل، فنظرت، فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أنتما ومن أين أنتما؟؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربا، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري.

437 -

وعن أبي قتادة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " متفق عليه.

438 -

وعن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن - أو آية - أوتيها رجل ثم نسيها " رواه أبو داود، وابن خزيمة، والترمذي (وقال: (غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به

ص: 270

محمد بن إسماعيل فلم يعرفه واستغربه)).

‌15 - باب صلاة الجمعة

439 -

عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره:" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين " رواه مسلم.

440 -

وعن قدامة بن وبرة، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من ترك الجمعة في غير عذر فليتصدق بدرهم، أو نصف درهم، أو صاع حنطة، أو نصف صاع ". (وقال البخاري: (قدامة بن وبرة عن سمرة لم يصح) ووهم من رواه عن الحسن عن سمرة).

441 -

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به " رواه البخاري، وهذا لفظه. ومسلم، ولفظه:" فنرجع وما نجد للحيطان فيئا نستظل به ". وفي

ص: 271

لفظ له قال: " كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء ".

442 -

وعن عبد الله بن سيدان السلمي قال: " شهدت الجمعة مع أبي بكر رضي الله عنه وكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر رضي الله عنه فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول. . انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان رضي الله عنه فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره " رواه الدارقطني، واحتج به أحمد. وقال البخاري في عبد الله بن سيدان (لا يتابع على حديثه).

443 -

وعن سهل بن سعد قال: " ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة " وفي رواية: " في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " متفق عليه. واللفظ لمسلم.

444 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب وهو قائم يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا، فنزلت هذه الآية التي في الجمعة (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا

ص: 272

إليها وتركوك قائما} متفق عليه. زاد مسلم: " حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فيهم أبو بكر وعمر ". وفي رواية له أيضا: " أنا فيهم ".

445 -

وعن بقية قال: حدثني يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته " وفي رواية: " فقد أدرك الصلاة " رواه النسائي، وابن ماجة، والدارقطني وهذا لفظه، (وإسناده جيد، لكن تكلم فيه أبو حاتم وقال: (هذا خطأ) المتن والإسناد. وقال ابن أبي داود: (لم يروه عن يونس إلا بقية). وقد رواه

ص: 273

النسائي أيضا من حديث سليمان بن بلال، عن يونس عن ابن شهاب عن سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها إلا أنه يقضي ما فاته، وهو مرسل).

446 -

وعن جابر بن سمرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما [ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائما]، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب. فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة " رواه مسلم.

447 -

وعن جابر بن عبد الله قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم!! ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين!! ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي " رواه مسلم، وفي لفظ له:" كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته "، وفي لفظ:" يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله - ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. وخير الهدى كتاب الله " رواه النسائي، وزاد فيه - بعد ضلالة -

ص: 274

" وكل ضلالة في النار ".

448 -

وعن أبي وائل قال: خطبنا عمار، فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان! لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا " رواه مسلم.

449 -

وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي بين الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة " رواه النسائي، وابن حبان.

450 -

وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: " لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم [واحدا] سنتين أو سنة وبعض سنة، وما أخذت {ق والقرآن المجيد} إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كل [يوم] جمعة على المنبر إذا خطب الناس " رواه مسلم.

ص: 275

451 -

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت " متفق عليه.

452 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا " رواه مسلم. وفي لفظ له: " من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه، غفر له ما بينه و [بين] الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام ".

453 -

وعن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له: أنصت، ليس له جمعة " رواه أحمد من رواية " مجالد "(وليس بالقوي).

454 -

وعن جابر بن عبد الله قال: " دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم

ص: 276

يخطب، فقال: أصليت؟ قال: لا! قال: قم فصل ركعتين " متفق عليه.

455 -

وعن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: {الم تنزيل} السجدة، و {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة: سورة الجمعة، والمنافقين " رواه مسلم.

456 -

وله عن النعمان بن بشير قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة: ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية} قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، يقرأ بهما أيضا في الصلاتين ".

457 -

وعن إياس بن أبي رملة الشامي قال: " شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم: هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم. قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة،

ص: 277

فقال: من شاء أن يصلي فليصل " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة، والحاكم وصححه.

458 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا " رواه مسلم.

459 -

وعن عمر بن عطاء بن الخوار: " أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة؟ فقال: نعم، صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا توصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج " رواه مسلم.

460 -

وعن عبد الله بن عمر " أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند

ص: 278

باب المسجد، فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة. ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة. فقال عمر: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في [حلة] عطارد ما قلت؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أكسكها لتلبسها! فكساها عمر بن الخطاب أخا له بمكة مشركا ". متفق عليه. واللفظ للبخاري.

461 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا كان يوم الجمعة كان [على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا] الصحف وجاءوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة " رواه مسلم.

ص: 279

462 -

وعنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها " متفق عليه وزاد مسلم " يزهدها ". وفي رواية له: " وهي ساعة خفيفة ".

463 -

وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال، قال لي عبد الله بن عمر، أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [في شأن ساعة الجمعة قال: قلت نعم، سمعته] يقول:" هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة " رواه مسلم. (وقال الدارقطني: (لم يسنده غير مخرمة عن أبيه عن أبي بردة، ورواه جماعة عن أبي بردة من قوله: ومنهم من بلغ به أبا موسى فلم يرفعه، والصواب أنه من قول أبي بردة رضي الله تعالى عنه)).

‌16 - باب صلاة العيدين

464 -

عن يزيد بن خمير الرحبي قال: " خرج عبد الله بن بسر،

ص: 280

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم عيد فطر، أو أضحى، فأنكر إبطاء الإمام، وقال: إنا كنا [قد] فرغنا ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح ". رواه أبو داود، وابن ماجة، وعند البيهقي: " إنا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ". و " يزيد " روى له مسلم، ووثقه شعبة وابن معين، وغيرهما. (وقال أحمد:(حديثه حسن)).

465 -

عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:" أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم " رواه أحمد، وأبو داود، وهذا

ص: 281

لفظه، وابن ماجه، والنسائي، (وصححه الخطابي، وقال ابن المنذر: (هو حديث ثابت يجب العمل به). وصحح البيهقي وابن حزم إسناده. ولا وجه لتوقف ابن القطان فيه).

466 -

وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس "(رواه الترمذي وصححه).

467 -

وعن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. وقال مرجأ بن رجاء: حدثني عبيد الله [قال: حدثني أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: ويأكلهن وترا " رواه البخاري.

468 -

وعن عبد الله] بن بريدة عن أبيه: " كان رسول

ص: 282

الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي " رواه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، والترمذي وهذا لفظه (وقال: (حديث غريب. وقال محمد: لا أعرف لثواب غير هذا الحديث). وقد وثق " ثواب " ابن عيينة، وابن معين في رواية ابن عباس وغيره، وأنكر أبو حاتم وأبو زرعة ذلك. وقال ابن عدي:(وثواب يعرف بهذا الحديث وحديث آخر، وهذا الحديث قد رواه غيره عن بريدة، منهم عقبة بن عبد الله الأصم، ولا يلحقه بهذين ضعف)).

469 -

وعن أم عطية قالت: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، والحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها " متفق عليه. واللفظ لمسلم.

ص: 283

470 -

وعن ابن عمر قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة " متفق عليه.

471 -

وعن ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفطر ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعلن يلقين، تلقي المرأة خرصها وسخابها " رواه البخاري، ومسلم، وعنده:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحى - أو فطر - فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي خرصها و [تلقي] سخابها ".

472 -

وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين ". رواه ابن ماجه: و " ابن عقيل " مختلف فيه.

ص: 284

473 -

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبّر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى، وخمسا في الأخيرة، ولم يصل قبلها ولا بعدها " رواه أحمد. وهذا لفظه. وقال: (أنا أذهب إلى هذا). ورواه أبو داود ولفظه: قال، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:" التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الأخيرة، والقراءة بعدهما كليتهما ". (ونقل الترمذي عن البخاري أنه صحح هذا الحديث).

474 -

وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي:" ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهما ب {ق والقرآن المجيد}، و {اقتربت الساعة وانشق القمر} " رواه مسلم و " أبو واقد " اسمه الحارث بن عوف.

ص: 285

475 -

وعن جابر قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " رواه البخاري.

476 -

وعن عائشة قالت: " دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما، فلما غفل غمزتها [فخرجتا]. وكان يوم عيد يلعب السودان بالدَّرق والحِراب، فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، قال: فاذهبي " متفق عليه.

‌17 - باب ما يمنع لبسه أو يكره وما ليس كذلك

477 -

عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال، حدثني أبو عامر - أو أبو مالك - الأشعري، والله ما كذبني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليكونن من أمتي

ص: 286

أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم رجل لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويمسح آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ". (رواه البخاري تعليقا مجزوماً به)، فقال: قال هشام [بن عمار]، حدثنا صدقة ابن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عطية بن قيس، عن عبد الرحمن بن غنم. ولا التفات إلى ابن حزم في رده له وزعمه أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام. (وقد رواه الإسماعيلي، والبرقاني، في صحيحهما بهذا الإسناد)،

ص: 287

ولفظهما: " ويأتيهم رجل لحاجته ". وفي رواية: " فيأتيهم طالب حاجة "، وفي رواية:" ثنى أبو عامر ولم يشك "، ورواه الطبراني عن موسى بن سهل الجوني البصري عن هشام. ورواه أبو داود، ولفظه " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير - وذكر كلاماً قال: يمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة " والخز هنا: نوع من الحرير.

478 -

وعن حذيفة قال: " نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه " رواه البخاري.

479 -

عن أبي عثمان النهدي قال: " أتانا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير، إلا هكذا (وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى) فيما علمنا أنه يعني الأعلام " متفق عليه.

ص: 290

480 -

ولمسلم عن عمر قال: " نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع ". (وقال الدارقطني فيما تفرد به مسلم: (لم يرفعه عن الشعبي غير قتادة وهو مدلس لعله بلغه عنه). وقد رواه شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبي عن سويد عن عمر قوله، وكذلك رواه بيان وداود بن أبي هند عن الشعبي عن سويد عن عمر قوله).

481 -

وعن أنس بن مالك: " أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير رضي الله عنهما في القمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما " متفق عليه. وفي البخاري: " شكيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني القمل - فأرخص لهما في الحرير فرأيته عليهما في غزاة ".

482 -

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فخرجت فيها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

ص: 291

483 -

وعن أبي موسى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها " رواه أحمد، والنسائي، (والترمذي وصححه، وقيل: (إنه منقطع).

484 -

وعن شعبة، عن الفضيل بن فضالة، عن أبي رجاء العطاردي قال: خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف خز، فقلنا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبس هذا!! فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يحب إذا أنعم على عبد [نعمة] أن يرى أثر نعمته عليه " رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الشكر "، والبيهقي واللفظ له. (وقال إسحق بن منصور عن يحيى بن معين:(فضيل بن فضالة الذي روى عنه شعبة ثقة). وقال أبو حاتم: (هو شيخ)).

485 -

وعن عبد الله بن عمرو قال: " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين

ص: 292

فقال: أأمك أمرتك بهذا؟! قلت أغسلهما؟ قال: بل احرقهما ".

486 -

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي والمعصفر " رواهما مسلم.

487 -

وروى من حديث مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت: " خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود " والمرحل: الذي قد نقش فيه تصاوير الرجال.

‌18 - باب صلاة الكسوف

488 -

عن المغيرة بن شعبة قال: " انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف ما بكم " متفق عليه. وعند

ص: 293

البخاري: " وصلوا حتى ينجلي "، وليس عند مسلم:" انكسفت الشمس لموت إبراهيم ".

489 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف بقراءته فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

490 -

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: " انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام قياماً طويلاً، [نحوا من قراءة سورة البقرة] ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، [ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول: ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد] ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله، قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك ثم رأيناك

ص: 294

تكعكعت؟ قال صلى الله عليه وسلم: إني رأيت الجنة فتناولت عنقوداً ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، وأريت النار فلم أر منظراً [كاليوم] قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن! قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

491 -

وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه صلى في كسوف قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع [ثم قرأ ثم ركع] ثم سجد، قال: والأخرى مثلها " رواه مسلم. وفي لفظ له: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات وعن علي مثل ذلك ". وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال: (أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف: " أربع ركعات في أربع سجدات ").

492 -

وعن عائشة: " أن الشمس خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مناديا: الصلاة جامعة! فاجتمعوا، وتقدم فكبر، وصلى أربع ركعات [في

ص: 295

ركعتين و] أربع سجدات " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

‌19 - باب صلاة الاستسقاء

493 -

عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس يسأله عن الصلاة في الاستسقاء؟ فقال ابن عباس: ما منعه أن يسألني؟ " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متخشعاً مترسلاً متضرعا فصلى ركعتين كما يصلي في العيد لم يخطب خطبكم هذه " رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، (والترمذي وصححه)، وأبو عوانة في " صحيحه "، وابن حبان، والحاكم.

ص: 296

494 -

وعن عائشة قالت: " شكت الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر وكبّر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم! [ثم] قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، (أنت) الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث (ولا تجعلنا من القانطين)، واجعل ما أنزلته لنا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدى بياض إبطيه، ثم حوّل إلى الناس ظهره وقلب - أو حوّل - رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبد الله ورسوله "(رواه أبو داود وقال: (هذا حديث غريب، إسناده جيد)).

ص: 297

495 -

وعن أنس بن مالك قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

496 -

وعنه " أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب نحو دار القضاء - ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب - فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا! فرفع يديه، ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، قال أنس: ولا والله ولا نرى في السماء من سحابة ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل يمسكها عنا! قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا،

ص: 298

اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، قال فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: فسألت أنساً أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري " متفق عليه.

497 -

وعن عبد الله بن زيد المازني قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحوّل رداءه حين استقبل القبلة وصلى ركعتين، وفي لفظ: وقلب رداءه، وفي لفظ: وجعل إلى الناس ظهره يدعو الله " متفق عليه واللفظ لمسلم. وفي البخاري: " ثم صلى لنا ركعتين، جهر فيهما بالقراءة ". وله " فقام فدعا الله قائماً ثم توجه قِبَل القبلة وحوّل رداءه فأسقوا ". ولأحمد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فثقلت عليه فقلبها عليه: الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ". ولأبي داود والنسائي نحوه.

ص: 299

498 -

وعن أنس: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون " رواه البخاري: وقال (الدارقطني: (لم يروه غير الأنصاري عن أبيه، وأبو عبد الله بن المثنى ليس بالقوي)).

499 -

وعن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُطر - قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه " رواه مسلم.

500 -

وعن عائشة بنت سعد أن أباها حدثها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل وادياً

ص: 300

دهشاً لا ماء فيه وسبقه المشركون إلى القلات فنزلوا عليها، وأصاب العطش المسلمين فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونجم النفاق فقال بعض المنافقين: لو كان نبياً، كما يزعم، لاستسقى لقومه كما استسقى موسى لقومه! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أو قالوها؟! عسى ربكم أن يسقيكم، ثم بسط يديه وقال: اللهم جللنا سحاباً كثيفاً قصيفاً دلوقاً مخلوفاً ضحوكاً زبرجاً تمطرنا منه رذاذاً قِطقطاً سجلاً بغاقاً يا ذا الجلال والإكرام. فما رد يديه من دعائه حتى ظللتنا السحاب التي وصف، تتلون في كل صفة وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمطرنا كالضروب التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعم السيل الوادي وشرب الناس فارتووا " رواه أبو عوانة الإسفرايني في " صحيحه ").

ص: 301

‌3 - كتاب الجنائز

[1 - باب في الموت]

501 -

عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي " متفق عليه. وفي البخاري: " أحد منكم الموت ".

502 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن " رواه مسلم.

503 -

وعن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المؤمن يموت بعرق الجبين "

ص: 303

رواه النسائي، وابن ماجه، والترمذي وحسنه.

504 -

وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله " رواه مسلم.

505 -

وعن أم سلمة قالت: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذ قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال: [لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته] اللهم اجعل درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه ". وفي لفظة: " واخلفه في تركته " رواه مسلم.

506 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي سُجّي ببرد حبرة " متفق عليه

ص: 304

507 -

وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما: " أن أبا بكر قبّل النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته] " رواه البخاري.

508 -

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نفس المؤمن معلقة بديْنه حتى يُقضى عنه " رواه أحمد، وابن ماجه، وأبو يعلى، (والترمذي، وحسنه).

‌2 - باب غسل الميت

509 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع من راحلته فأقصعته - أو قال فأقعصته - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً " وفي لفظ: " وهو يلبي "، وفي لفظ: " ولا تمسوه

ص: 305

طيباً فإن الله عز وجل يبعثه يوم القيامة ملبياً " متفق عليه. واللفظ للبخاري.

510 -

وعن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تقول:" لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عز وجل عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون [من هو]: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه. فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم. وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه " رواه الإمام أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، (ورواته ثقات)، ومنهم " ابن إسحاق " وهو الإمام الصدوق.

ص: 306

511 -

وعن أم عطية قالت: " دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً - أو أكثر من ذلك، إن رأيتن ذلك - بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً - أو شيئاً من كافور - فإذا فرغتن فأذنني. فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه فقال: أشعرنها إياه "" وفي لفظ، " ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " متفق عليه، وعند البخاري: " فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها "، وعنده: " ثلاثة أو خمسة أو سبعة أو أكثر من ذلك ".

512 -

وعن أسماء بنت عميس " أن فاطمة عليها السلام أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء فغسلاها " رواه الدارقطني.

‌3 - باب في الكفن

513 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة " متفق عليه.

ص: 307

514 -

وعن ابن عمر " أن عبد الله بن أُبَيّ لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له، فأعطاه قميصه " متفق عليه أيضاً.

515 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، (والترمذي وصححه).

516 -

وعن جابر قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه " رواه مسلم.

ص: 308

‌4 - باب في الصلاة على الميت

517 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة. وأمر بدفنهم في دمائهم فلم يغسلوا ولم يصل عليهم " رواه البخاري.

518 -

وعن عقبة بن عامر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم " الحديث متفق عليه. واللفظ للبخاري. وله: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودِّع للأحياء والأموات ".

519 -

وعن جابر: " أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبك جنون؟! قال: لا! قال: آحصنت؟ قال: نعم. فأمر برجمه بالمصلى، فلما

ص: 309

أذلقته الحجارة فر فأدرك، فرُجم حتى مات. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً، وصلى عليه " هكذا رواه البخاري من رواية معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال:(ولم يقل يونس وابن جريج عن الزهري: " فصلى عليه "). ورواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وقالوا:" ولم يصل عليه "(وصححه الترمذي وهو الصواب - والصحيح عن معمر - كرواية خبره عن الزهري) والله أعلم.

520 -

وروى مسلم في حديث الغامدية من رواية بريدة: " ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت ".

521 -

وعن جابر بن سمرة قال: " أُتي النبي برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه " رواه مسلم.

ص: 310

522 -

وعن أبي هريرة: " أن امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد - أو شابا - ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنها - أو عنه - فقالوا: مات؟ فقال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: فكأنهم صغّروا أمرها - أو أمره - فقال: دلوني على قبره؟ فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم " متفق عليه، واللفظ لمسلم. وآخر حديث البخاري:" فصلى عليها ".

523 -

وعن بلال العبسي عن حذيفة: " أنه كان إذا مات له ميت قال لا تؤذنوا [به] أحداً إني أخاف أن يكون نعياً! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي " رواه أحمد، وهذا لفظه، وابن ماجه، (والترمذي وحسنه).

524 -

وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل

ص: 311

مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله تعالى فيه ".

525 -

وعن أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن:" أن عائشة لما توفي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر ذلك عليها، فقالت: والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد: سهيل وأخيه " رواهما مسلم، وقال: سهيل بن دعد هو ابن البيضاء، أمه بيضاء).

526 -

وعن سمرة بن جندب قال: " صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها: وسطها " متفق عليه. واللفظ للبخاري.

527 -

وعن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصفّ بهم وكبّر عليه أربع تكبيرات " متفق عليه.

ص: 312

528 -

ولمسلم: عن عمران بن حصين قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه "، يعني النجاشي.

529 -

وله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " كان زيد يكبّر على جنائزنا أربعاً وأنه كبّر على جنازة خمساً! فسألته؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبّرها " و (زيد) هو ابن أرقم.

530 -

وعن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: " صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ فاتحة الكتاب، فقالوا: ليتعلموا أنها سنة " رواه البخاري.

531 -

وعن عوف بن مالك قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه [وهو يقول] اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا

ص: 313

كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر أو من عذاب النار. قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت ". وفي لفظ: " وقه فتنة القبر وعذاب النار " رواه مسلم.

532 -

وعن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه واللفظ له، والترمذي، والنسائي في " اليوم

ص: 314

والليلة ". (وقال البخاري في حديث أبي هريرة: (هذا غير محفوظ، وأصح شيء - في هذا الباب - حديث عوف بن مالك). وقد روي هذا الحديث موقوفاً على عبد الله بن سلام) والله أعلم.

‌5 - باب في حمل الجنازة والدفن

533 -

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم " متفق عليه، واللفظ للبخاري، وعند مسلم:" تقدمونها عليه " وفي لفظ له: " قربتموها إلى الخير ".

ص: 315

534 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين " متفق عليه. ولمسلم: " أصغرهما مثل أحد " وله: " حتى توضع في اللحد ". وللبخاري: " من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً، وكان معه حتى يُصلّى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط ".

535 -

وعن جابر بن سمرة قال: " أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بفرس معرورى فركبه حين انصرف من جنازة ابن الدحداح ونحن نمشي حوله " رواه مسلم.

536 -

وعن الزهري عن سالم عن أبيه: " أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر

ص: 316

يمشون أمام الجنازة " رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم البستي، وقد روي عن الزهري قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم

. " (فذكره مرسلاً - قال الترمذي: (وأهل الحديث يرون أن المرسل أصح)، وقال النسائي:(الصواب أنه مرسل)، وقال الخليل في هذا الحديث:(وهو من الصحاح المعلومات)، وقال البيهقي: (ومن وصله واستقر على وصله ولم يختلف عليه فيه - وهو

ص: 317

سفيان بن عيينة - حجة ثقة). وقال الإمام أحمد بن حنبل: (حديث ابن عيينة كأنه وهم). ورواه ابن حبان، من رواية شعيب عن الزهري عن سالم عن أبيه، وفيه ذكر عثمان)، والله أعلم.

537 -

وعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع " متفق عليه. وقال أبو داود: (روى الثوري هذا الحديث عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، قال فيه: " حتى توضع بالأرض "، ورواه أبو معاوية عن سهيل، قال: " حتى توضع في اللحد "، (وسفيان أحفظ من أبي معاوية))

538 -

وعن علي بن أبي طالب، قال:" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد. وفي لفظ: قام فقمنا، وقعد فقعدنا، يعني في الجنازة " رواه مسلم.

539 -

وروى الإمام أحمد (بإسناد غير قوي) عن علي قال: " ما فعلها

ص: 318

رسول الله قط غير مرة برجل من اليهود - وكانوا أهل كتاب - وكان يتشبه بهم فإذا نهي انتهى فما عاد لها بعد ".

540 -

وعن شعبة عن أبي إسحاق قال: " أوصى الحارث عبد الله بن يزيد فصلى عليه ثم أدخله القبر من قِبَل رجلي القبر، وقال: هذا من السنة " رواه أبو داود. (وقال البيهقي: (هذا إسناد صحيح - وقد قال - هذا من السنة فصار كالمسند - ورواه مسنداً) وزاد - ثم قال: " انشطوا الثوب فإنما يُصنع هذا بالنساء ".

ص: 319

541 -

وعن همام عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: بسم الله وعلى ملة رسول الله، وفي لفظ: وعلى سنة رسول الله " رواه أحمد وهذا لفظه، والنسائي: في " اليوم والليلة ". (وقال البيهقي: (والحديث ينفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الإسناد، وهو ثقة إلا أن شعبة وهشاماً الدستوائي روياه عن قتادة موقوفاً على ابن عمر). وقال الدارقطني في الموقوف: (هو المحفوظ)).

542 -

وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص، وقال في مرضه الذي هلك فيه:" ألحدوا لي لحداً وانصبوا على اللبن نصباً كما صُنع برسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد.

543 -

[وعن معمر، عن ثابت عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا إسعاد

ص: 320

في الإسلام، ولا شغار، ولا عقر في الإسلام ولا جلب في الإسلام، ولا جنب ومن انتهب فليس منا " رواه أحمد]، وإسحاق عن عبد الرزاق عنه؛ وأبو داود، وابن حبان. (وقال أبو حاتم:(هذا الحديث منكر جداً)، وقال الدارقطني:(تفرد به معمر عن ثابت)). وعند أبي داود (قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة).

544 -

وعن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كسر

ص: 321

عظم الميت ككسره حياً " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، (وحسنه ابن القطان، ووهم من عزاه إلى مسلم. وقد روي موقوفاً. وحسنه ابن أبي عاصم) من رواية حارثة، عن عمرة. ورواه البيهقي من رواية سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، ورواه ابن ماجه من حديث [أم] سلمة، وزاد: " في الإثم ".

545 -

وعن جابر قال: " دُفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة " وفي لفظ: " فأخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته [هنية] غير أذنه " رواه البخاري.

ص: 322

ولأبي داود: " فما أنكرت منه شيئاً إلا شعيرات كن في لحيته مما يلي الأرض ".

546 -

وعن القاسم قال: " دخلت على عائشة فقلت يا أمه! اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه؟ فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء رواه أبو داود، والبيهقي، والحاكم في " مستدركه " بزيادة: " فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقدماً وأبو بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم ". (وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). وقال البيهقي (وحديث القاسم بن محمد في هذا الباب أصح، وأولى أن يكون محفوظاً)).

547 -

وعن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجصص القبر وأن يُقعد عليه وأن يُبنى عليه " رواه مسلم. وروى أبو داود والحاكم: " وأن يُكتب

ص: 323

عليه ". وقال الحاكم: (هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذه الخلف عن السلف).

548 -

وعن الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمرة، عن بشير بن نهيك، عن بشير [مولى] رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اسمه في الجاهلية، زحم بن معبد، فهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" ما اسمك؟ قال: زحم، قال: بل أنت بشير - قال: بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبور المشركين فقال: لقد سبق هؤلاء خيراً كثيراً - ثلاثاً - ثم مر بقبور المسلمين فقال: لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً، وحانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال: يا صاحب السِّبْتِيَّتَيْن ويحك ألق سِبْتِيَّتَيْك! فنظر الرجل فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما " رواه أحمد، وقال: (إسناده

ص: 324

جيد)، وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم وصححه. والبيهقي وقال:(هذا حديث قد رواه جماعة عن الأسود بن شيبان، ولا يعرف إلا بهذا الإسناد). وخالد: وثقه النسائي وابن حبان، ولم يرو عنه غير الأسود، والأسود: روى له مسلم، ووثقه ابن معين.

549 -

وعن أم عطية قالت: " نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا " متفق عليه.

‌6 - باب في البكاء على الميت والتعزية وغير ذلك

550 -

عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: " شهدنا بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ورسول

ص: 325

الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها، قال ابن المبارك: قال فليح: أُراه - يعني - الذنب " رواه البخاري. وفي تفسير فليح نظر! فقد روى أحمد عن أنس: " أن رقية لما ماتت قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل القبر رجل قارف الليلة أهله، فلم يدخل عثمان القبر ".

551 -

وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب - وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان - ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له " رواه البخاري.

552 -

وعن ابن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية " متفق عليه.

553 -

وعن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء

ص: 326

بالنجوم، والنياحة على الميت. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة عليها سربال من قطران ودرع من جرب " رواه مسلم.

554 -

وعن عبد الله بن جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، (والترمذي وحسنه)

555 -

وعن ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال:" بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بصر بامرأة لا تظن أنه عرفها، فلما توسط الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لها: " من أخرجك من بيتك يا فاطمة؟ قالت: أتيت أهل هذا الميت فترحمت إليهم وعزيتهم [بميتهم]، قال: لعلك بلغت معهم الكُدى "!! - قال

ص: 327

الحافظ: هو بالضم وتخفيف الدال المقصورة وهي المقابر، ولم ينكر عليها التعزية - قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر، فقال [لها]: لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي وهذا لفظه، وابن حبان. في " صحيحه "، والحاكم (وقال: (صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه). وليس كما قال، فإن ربيعة لم يخرِّج له صاحبا " الصحيحين " شيئاً، بل هذا حديث منكر

و (ربيعة) قال البخاري: (عنده مناكير)، وضعفه النسائي في السنن. وقال الدارقطني:(صالح). ووثقه ابن حبان، قال:(كان يخطيء كثيراً)، وقال ابن الجوزي في " الواهيات ":(هذا حديث لا يثبت)، وضعفه عبد الحق، وحسنه ابن القطان وقد تابع ربيعة عليه

ص: 328

شرحبيل بن شريك - وهو من رجال مسلم).

‌7 - باب في زيارة القبور

556 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوّارات القبور " رواه أحمد، وابن حبان، وابن ماجه، (والترمذي وصححه، وضعفه عبد الحق، وحسنه ابن القطان. وقد روي من حديث حسان وابن عباس).

557 -

وعن بريدة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكراً ".

ص: 329

رواه مسلم ولأحمد والنسائي: " ونهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر، ولا تقولوا هجراً ".

558 -

وعن عائشة أنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد " رواه مسلم.

559 -

وعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار - وفي لفظ - السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية " رواه مسلم.

560 -

وعن ابن عباس قال: " مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه

ص: 330

فقال: [السلام عليكم] يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنت سلفنا ونحن بالأثر " رواه أحمد والترمذي، وهذا لفظه، (وقال:(حديث حسن غريب)).

561 -

وعن عائشة قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدموا، فتؤذوا الأحياء "(وفي إسناده اختلاف) - والله الموفق للصواب.

ص: 331

‌4 - كتاب الزكاة

[1 - باب فرض الزكاة ومقاديرها]

562 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم [خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم] صدقة [في أموالهم] تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

563 -

وعن أنس بن مالك: " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنهما كتب له حين وجهه إلى البحرين هذا الكتاب - وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر:

ص: 333

" محمد " سطر و " رسول " سطر، و " الله " سطر -: بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها [من] الغنم في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسا وعشرين [إلى خمس وثلاثين] ففيها بنت مخاض أنثى فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنة لبون أنثى، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين فيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان، طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة، وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان. فإذا زادت على مائتين

ص: 334

إلى ثلاث مائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق، وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة وعنده حقة، فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهما، أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وعنده

ص: 335

حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده، وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه، وليس معه شيء " رواه البخاري.

564 -

وعن مسروق: " عن معاذ بن جبل قال: بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا - أو تبيعة - ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارا أو عدله معا فريا ". رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو داود والترمذي (وحسنه، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم وقال:

ص: 336

(صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)).

565 -

وعن أبي إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: " لا جلب ولا جنب ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم " رواه أبو داود.

566 -

وللإمام أحمد عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم ".

567 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " متفق عليه. ولمسلم: " ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر ". ولأبي داود: " ليس في الخيل والرقيق [زكاة]، إلا زكاة الفطر في الرقيق ".

ص: 337

568 -

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " في كل سائمة إبل في كل أربعين بنت لبون لا تفرق إبل عن حسابها: من أعطاها مؤتجرا بها فله أجرها، ومن منعها فأنا آخذها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا [عز وجل] ليس لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء " رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي. وعند أحمد، والنسائي:" وشطر إبله "، والحاكم (وقال:(صحيح الإسناد ولم يخرجاه). وقال أحمد:

ص: 338

(هو عندي صالح الإسناد). وقال الشافعي: (لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولو ثبت لقلت به). وذكر ابن حبان: (أن بهزا كان يخطيء كثيرا، ولولا رواية هذا الحديث لأدخلته في الثقات. قال: وهو ممن أستخير الله فيه) وفي قوله نظر! بل هذا الحديث صحيح و (بهز) ثقة عند أحمد، وإسحاق، وابن المديني، وأبي داود، والترمذي والنسائي وغيرهم) والله أعلم.

569 -

وقال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود المهري، [أخبرنا ابن] وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم - وسمى آخر -[عن أبي إسحاق] عن عاصم بن ضمرة، والحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون لك عشرون

ص: 339

دينارا، فإذا كان لك عشرون دينارا، وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك [- قال: فلا أدري أعلي يقول: فبحساب ذلك] أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس في مال زكاة حق حتى يحول عليه الحول ". قال أبو داود: (رواه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي، ولم يرفعوه). و (عاصم بن ضمرة)(وثقه أحمد، وابن معين، وابن المديني، والعجلي وغيرهم، وتكلم فيه السعدي، وابن حبان، وابن عدي، والبيهقي، وغيرهم. وقال النسائي: (ليس به بأس)، وقال الثوري:(كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الأعور)).

‌2 - باب زكاة المعشرات

570 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة " رواه مسلم.

ص: 340

وفي لفظ له من حديث أبي سعيد: " ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة ". وفي لفظ له بدل التمر، " ثمر " بالثاء المثلثة.

571 -

وعن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر " رواه البخاري. ولأبي داود: " فيما سقت السماء، والأنهار، والعيون، أو كان بعلا، العشر. وفيما سقي بالسواني، أو النضح، نصف العشر ". وإسناده على رسم مسلم.

572 -

وعن سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم، وقال: " لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة،

ص: 341

والزبيب، والتمر " رواه الطبراني، والحاكم، و (طلحة): روى له مسلم.

573 -

وعن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، عن عمه موسى بن طلحة، عن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" فيما سقت السماء، والبعل، والسيل العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر، وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب، وأما القثاء، والبطيخ والرمان، والقصب. فقد عفى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الدارقطني، (والحاكم واللفظ له وقال:(صحيح الإسناد، ولم يخرجاه). وزعم أن (موسى بن طلحة) تابعي كبير، لا ينكر أن يدرك أيام معاذ. كذا قال. و (إسحاق بن يحيى): تركه أحمد، والنسائي وغيرهما. وقال أبو زرعة: (موسى بن طلحة بن عبيد الله عن

ص: 342

عمر مرسلا). ومعاذ توفي في خلافة عمر، فرواية موسى عنه أولى بالإرسال، وقد قيل: إن موسى ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسماه، ولم يثبت). قيل: إنه صحب عثمان مدة، والمشهور في هذا ما رواه الثوري عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال: عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة، والشعير، والزبيب، والتمر).

574 -

وعن عبد الرحمن بن مسعود قال: جاء سهل بن أبي حثمة مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعو الثلث فدعوا الربع " رواه أحمد، وأبو داود،

ص: 343

والنسائي، وأبو حاتم البستي، والحاكم (وقال:(هذا حديث صحيح الإسناد). وقال البزار: (لم يروه عن سهل إلا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار وهو معروف). وقال ابن القطان: (هذا غير كاف فيما ينبغي من عدالته، فكم من معروف غير ثقة، والرجل يعرف له حاله، ولا يعرف بغير هذا). كذا قال، وفيه نظر).

575 -

وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لونين من التمر الجعرور و [لون] الحبيق وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم فيخرجونها في صدقاتهم فنزلت {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} ". رواه أبو داود، والطبراني، وهذا لفظه، والحاكم (وقال: (صحيح على

ص: 344

شرط البخاري، ولم يخرجاه). وقد روي مرسلا. قال الدارقطني:(وهو الأولى بالصواب)).

576 -

وعن سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي قال: " قلت يا رسول الله إن لي نخلا؟ قال: أد العشر، قلت: يا رسول الله احمها لي، فحماها " رواه أحمد، وابن ماجة وهذا لفظه. (وقال البيهقي (هذا أصح، ما روى في وجوب العشر فيه، وهو منقطع)) وقال البخاري وغيره: (ليس في زكاة العسل شيء).

‌3 - باب في الحلي والعروض إذا كانت للتجارة

577 -

عن ثابت بن عجلان عن عطاء عن أم سلمة: " انها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فسألت عن ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أكنز هو؟ فقال: إذا

ص: 345

أديت زكاته فليس بكنز " رواه أبو داود، والدارقطني وهذا لفظه، والحاكم (وقال:(صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه). وقال البيهقي: (يتفرد به ثابت بن عجلان) ولا يضر، فإن ثابتا وثقه ابن معين وروى له البخاري). والله أعلم.

578 -

وعن سمرة ابن جندب قال: " أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع " رواه أبو داود.

579 -

وروى البيهقي بإسناده عن أحمد بن حنبل، حدثنا حفص بن غياث حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال:" ليس في العروض زكاة ".

ص: 346

‌4 - باب زكاة المعدن والركاز

580 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس " متفق عليه.

581 -

وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث رضي الله عنه:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه العقيق أجمع، فلما كان عمر بن الخطاب قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل! قال: فأقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق " رواه البيهقي، وشيخه الحاكم، من حديث نعيم بن حماد عن الدراوردي عنه، (وقال الحاكم. (احتج البخاري بنعيم بن حماد، ومسلم بالدراوردي. وهذا حديث صحيح ولم يخرجاه)). كذا قال. والمشهور ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم " أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع. فتلك المعادن

ص: 347

لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم ". قال الشافعي: " ليس هذا مما يثبت أهل الحديث ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه).

‌5 - باب صدقة الفطر

582 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وفي لفظ آخر:" فعدل الناس به نصف صاع من بر ".

583 -

وعن أبي سعيد الخدري قال: " كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، [أو صاعا من شعير] أو صاعا من زبيب. فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: أرى مدا من هذا يعدل مدين " - متفق عليه، واللفظ للبخاري. وفي لفظ:" أو صاعا من أقط ". وقال أبو

ص: 348

داود: (حدثنا حامد بن يحيى حدثنا سفيان [ح] حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن ابن عجلان سمع عياضا قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: " لا أخرج أبدا إلا صاعا! إنا كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو شعير أو أقط أو زبيب ". هذا حديث يحيى. زاد سفيان بن عيينة فيه: " أو صاعا من دقيق ". (قال حامد: فأنكروا عليه فتركه سفيان. قال أبو داود: (فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة) وقال النسائي: (لا أعلم أحدا قال في هذا الحديث غير ابن عيينة). قال البيهقي: (ورواه جماعة عن ابن عجلان، منهم حاتم بن إسماعيل، ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح ويحيى القطان، وأبو خالد الأحمر، وحماد بن مسعدة، وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم: " الدقيق "، غير سفيان، وقد أنكر عليه فتركه)).

584 -

وعن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة

ص: 349

فهي صدقة من الصدقات " رواه أبو داود، وابن ماجة، والحاكم (وقال: (صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه). وليس كما قال، فإن سيارا وأبا يزيد لم يخرج لهما الشيخان، وأبو يزيد الخولاني - هو الصغير - قال فيه مروان بن محمد (شيخ صدق). وسيار، قال أبو زرعة: (لا بأس به). وقال أبو حاتم: (شيخ) وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال الدراقطني: (رواة هذا الحديث ليس فيهم مجروح). وقال أبو محمد المقدسي: (هذا إسناد حسن)). والله أعلم.

‌6 - باب قسم الصدقات

585 -

عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى

ص: 350

منها لغني " رواه الإمام أحمد وهذا لفظه، وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم (وقال:(على شرطهما). وقد روي مرسلا. وهو الصحيح، قاله الدارقطني. وقال البزار:(رواه غير واحد عن زيد عن عطاء بن يسار مرسلا، وأسنده عبد الرزاق عن معمر والثوري، وإذا حدث بالحديث ثقة فأسنده كان عندي الصواب، وعبد الرزاق عندي ثقة، ومعمر ثقة)).

586 -

وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار: " أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر فرآهما جلدين! فقال: إن شئتما أعطيتكما! ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب " رواه الإمام أحمد، (وقال:(ما أجوده من حديث!!)) وأبو داود والنسائي، وهذا لفظه.

587 -

وعن قبيصة بن المخارق الهلالي قال: " تحملت حمالة فأتيت رسول الله

ص: 351

صلى الله عليه وسلم أسأله فيها؟ فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال ثم قال: يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا " رواه مسلم، وأبو داود، وقال: " حتى يقول " باللام.

588 -

وعن [عبد] المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: " اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين - قالا لي، وللفضل بن عباس - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه، فأمّرهما على هذه الصدقة فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس، قال: فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما، فذكرا له ذلك، فقال علي: لا تفعلا!. . فوالله ما هو بفاعل!! فانتحاه ربيعة بن الحارث، فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا! فوالله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك.

ص: 352

فقال علي: أرسلوهما، فانطلقا واضطجع قال: فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقناه إلى الحجرة فقمنا عنها حتى جاء فأخذ بآذاننا، ثم قال: أخرجا ما تصرران، ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش، قال: فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح وجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك ما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون؟ قال: فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه، قال: وجعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب: أن لا تكلماه، ثم قال: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس!!! أدعوا لي محمية - وكان على الخمس - ونوفل بن الحارث بن عبد [المطلب قال] فجاءاه فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك، - للفضل بن عباس - فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث أنكح - قال - الغلام ابنتك - لي - فأنكحني، وقال لمحمية: أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " قال الزهري: ولم يسمه لي. وفي طريق آخر: " فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه وقال: أنا أبو حسن القرم، والله لا أريم مكاني حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به إلى

ص: 353

رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وقال في الحديث " ثم قال لنا: إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس!!! وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد " رواه مسلم.

589 -

وعن جبير بن مطعم قال: " مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم، منك بمنزلة واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بنو المطلب وبنو هاشم، شيء واحد " رواه البخاري.

590 -

وعن رافع بن خديج قال: " أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس: كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بن مرداس:

(أتجعل نهبي ونهب العبيد

بين عيينة والأقرع!!!)

(فما كان بدر ولا حابس

يفوقان مرداس في المجمع)

(وما كنت دون امريء منهما

ومن تخفض اليوم لا يرفع)

قال: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل، وأعطى علقمة بن علاثة مائة " رواه مسلم.

591 -

وعن أبي رافع: " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على الصدقة " رواه الإمام

ص: 354

أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي، والترمذي وقال:((حديث حسن صحيح)).

592 -

وعن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر العطاء فيقول له عمر: أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك ". قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحداً شيئاً ولا يرد شيئاً أعطيه رواه مسلم.

‌7 - باب في المسألة

593 -

عن عبد الله بن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم " - متفق عليه.

594 -

عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل الناس أموالهم تكثراً

ص: 355

فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر " رواه مسلم.

595 -

عن الزبير بن العوام عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لأن يأخذ أحدكم حبلة فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " رواه البخاري.

596 -

وعن سمرة بن جندب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطاناً، أو في أمر لا بد منه " رواه (الترمذي وصححه).

597 -

وعن ابن الفراسي، " أن الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أسأل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا! وإن كنت سائلاً لا بد، فاسأل الصالحين " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.

‌8 - باب صدقة الفضل

598 -

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد،

ص: 356

ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " متفق عليه.

599 -

وعن يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير حدثه، أنه سمع عقبة بن عامر يقول، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس - أو قال - حتى يحكم بين الناس " قال يزيد: وكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه بشيء ولو كعكعة أو بصلة " رواه الحاكم (وقال: (صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه))

600 -

وعن أبي خالد - الذي كان ينزل في بني دالان - عن نبيح، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلماً - على جوع - أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلماً، على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم " رواه أبو داود: و (نبيح العتري): (وثقه أبو زرعة، وابن حبان. و (أبو خالد)، واسمه يزيد: وثقه أبو حاتم الرازي، وقال ابن معين والنسائي:(ليس به بأس)،

ص: 357

وقال الحاكم أبو أحمد: (لا يتابع في بعض حديثه)).

601 -

وعن ابن عباس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس [بالخير]، وكان أجود ما يكون في [شهر] رمضان، حين يلقاه جبريل [وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان] أجود بالخير من الريح المرسلة " متفق عليه.

602 -

وعن حكيم بن حزام، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله " رواه البخاري بهذا اللفظ وروى مسلم أكثره.

603 -

وعن أبي الزبير، عن يحيى بن جعدة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" قالوا يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، وابدأ بمن تعول " رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو داود، والحاكم. (وقال:(على شرط مسلم) وليس كذلك فإن " يحيى " لم يرو له مسلم، ولكن وثقه أبو حاتم

ص: 358

وغيره)).

604 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تصدقوا! فقال رجل يا رسول الله عندي دينار؟ قال: تصدق به على نفسك، قال عندي آخر؟ قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي آخر؟ قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر؟ قال: تصدق به على خادمك، قال عندي آخر؟ قال: أنت أبصر به " رواه أبو داود والنسائي، وهذا لفظه، (وصححه الحاكم).

605 -

وعن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر - إن سبقته يوماً - فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر بكل مال عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك؟ قلت: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت لا أسابقك إلى شيء أبداً " رواه عبد بن حميد في " مسنده ")، وأبو داود

ص: 359

وهذا لفظه، (والترمذي وقال:(حديث صحيح). وقد أخطأ من تكلم فيه لأجل هشام فإن مسلماً روى له) وقال أبو داود: (هشام بن سعد من أثبت الناس في زيد بن أسلم).

606 -

وعن عائشة قالت، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها، غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً " متفق عليه.

607 -

وعن أبي سعيد الخدري قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى - أو فطر - إلى المصلى [ثم انصرف] فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة، فقال: أيها الناس تصدقوا! فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار!! فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير! ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء ثم انصرف، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة عبد الله

ص: 360

ابن مسعود تستأذن عليه، فقيل يا رسول الله هذه زينب؟ فقال: أي الزيانب؟ فقيل امرأة ابن مسعود قال: نعم ائذنوا لها [فأُذن لها] فقالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم [فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم] " رواه البخاري.

ص: 361

‌5 - كتاب الصيام

[1 - باب فرض الصوم]

608 -

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

609 -

عن ابن عمر قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُم عليكم فاقدروا له " متفق عليه ولمسلم - " فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين " - وللبخاري: " فإن غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ". وله من حديث أبي هريرة: " فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ".

610 -

وعن أبي مالك الأشجعي، عن حسين بن الحارث الجدلي، أن أمير

ص: 363

مكة خطب ثم قال، قال علي:" عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما. فسألت الحسين بن الحارث، من أمير مكة؟ قال [لا أدري، ثم لقيني بعد فقال: هو] الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب، ثم قال الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأومأ بيده إلى رجل، قال الحسين: فقلت لشيخ إلى جنبي: من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر وصدق، وهو أعلم بالله منه. فقال: بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود وهذا لفظه، والدارقطني وقال:(هذا إسناد صحيح متصل).

611 -

وعن أبي بكر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال:" تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه " رواه أبو داود، وابن حبان والحاكم، (وقال:(على شرط مسلم)).

612 -

وعن ابن عمر، عن حفصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت

ص: 364

الصيام، قبل الفجر، فلا صيام له " رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، (وقال:(لا نعرفه [مرفوعاً] إلا من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح). وقال النسائي (والصواب عندنا أنه موقوف)، وقال البيهقي:(قد اختلف على الزهري في إسناده وفي رفعه، وعبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه، وهو من الثقات الأثبات)).

613 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا لا، قال: فإني إذاً صائم، ثم أتانا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله أُهدي لنا حيس فقال: أرنيه، فلقد أصبحت صائماً فأكل ". وفي لفظ: " قال طلحة - وهو ابن يحيى -: فحدثت مجاهداً بهذا الحديث، فقال: ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله، فإن شاء أمضاها وإن شاء

ص: 365

أمسكها " رواه مسلم.

614 -

وعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ".

615 -

وعن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تسحروا فإن في السحور بركة " متفق عليهما.

616 -

وعن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي وهذا لفظه، (وصححه

ص: 366

ابن حبان والحاكم وقال: (على شرط البخاري)).

617 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقال رجل من المسلمين فإنك يا رسول الله تواصل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً، ثم يوماً، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم! كالمنكل لهم - حين أبوا أن ينتهوا " متفق عليه واللفظ لمسلم.

618 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله تعالى حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري.

619 -

وعن زيد بن خالد الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من فطّر صائماً كتب الله له أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء " رواه الإمام أحمد وهذا لفظه، وابن ماجه، وابن حبان، والنسائي،

ص: 367

والترمذي، (وصححه).

620 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

621 -

وله عنها رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله يقبل في رمضان وهو صائم ".

622 -

وعن ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم " رواه البخاري.

ص: 368

623 -

وعن شداد بن أوس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على رجل في البقيع وهو يحتجم - وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان - فقال: أفطر الحاجم والمحجوم " رواه الإمام أحمد وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان والحاكم (وقال:(هذا حديث ظاهرة صحته) وصححه أيضاً أحمد، وإسحاق، وابن المديني، وعثمان الدارمي وغيرهم)، وقال ابن خزيمة:(ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أفطر الحاجم والمحجوم ")).

624 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " أول ما كُرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان!! ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم. وكان أنس يحتجم وهو

ص: 369

صائم " رواه الدارقطني (وقال: (كلهم ثقات ولا أعلم له علة)، وفي قوله نظر من غير وجه). والله أعلم.

625 -

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وللبخاري:" فأكل وشرب " والدارقطني (والحاكم وصححه): " من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة ".

626 -

وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة [ومن استقاء فعليه القضاء] " رواه أحمد، وأبو داود قال:(سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء)!!! والنسائي، وابن ماجه،

ص: 370

وهذا لفظه، والترمذي (وقال:(حديث حسن غريب، وقال قال محمد - يعني البخاري - لا أراه محفوظاً)، والدارقطني وقال في رواته:(كلهم ثقات). والحاكم وقال: (صحيح على شرطهما)، ورواه النسائي أيضاً موقوفاً)، وقد روي عن أبي هريرة أنه قال في القيء:" لا يفطر ".

627 -

وعنه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كُراع الغميم فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت؟؟. فدعا بقدح من ماء بعد العصر " رواه مسلم.

628 -

وروى أيضاً عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: " يا رسول الله

ص: 371

أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ".

629 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " رُخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه " رواه الدارقطني. وقال: ((هذا إسناد صحيح) والحاكم وقال: (صحيح على شرط البخاري)).

630 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكتُ يا رسول الله! قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: تصدق بهذا، فقال: على أفقر منا؟! فما بين لابتيها [أهل] بيت أفقر إليه منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك ". متفق عليه، واللفظ لمسلم. وقد

ص: 372

روي الأمر بالقضاء من غير وجه، وهو مختلف في صحته.

631 -

وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من مات وعليه صيام صام عنه وليه " متفق عليه. وقد تكلم فيه الإمام أحمد بن حنبل.

‌2 - باب في قيام شهر رمضان

632 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه.

ص: 373

633 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: أما بعد فإنه لم يخف عليّ مكانكم ولكني خشيت أن تُفرض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك " متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.

634 -

وعنها قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره [وأحيا ليله] وأيقظ أهله " متفق عليه.

‌3 - باب في صيام التطوع

635 -

عن أبي قتادة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الصيام يوم عرفة؟ فقال: يكفِّر السنة كلها الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفِّر السنة الماضية، وسئل عن صوم يوم الإثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه

ص: 374

ويوم بُعثت - أو أُنزل علي - فيه " رواه مسلم.

636 -

وعن أم الفضل بنت الحارث: " أن ناساً تماروا عندها [يوم عرفة] في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم فأرسلت أم الفضل بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

637 -

وعن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " رواه مسلم، (وقد روي موقوفاً).

638 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً " متفق عليه، ولفظه لمسلم.

639 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى

ص: 375

نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان " متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.

640 -

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه " متفق عليه، واللفظ للبخاري، ولأبي داود:" غير رمضان ".

‌4 - باب في الأيام المنهي عن صيامها

641 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم النحر " متفق عليه.

642 -

وعن نبيشة الهذلي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيام التشريق أيام أكل

ص: 376

وشرب وذكر لله " رواه مسلم.

643 -

وروى البخاري عن الزهري عن عروة عن عائشة، وعن سالم عن ابن عمر قالا:" لم يرخص في أيام التشريق أن يُصمن إلا لمن لم يجد الهدي ".

644 -

وعن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم " رواه مسلم. (وصحح أبو زرعة وأبو حاتم إرساله).

645 -

وعن صلة بن زفر قال: " كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم، فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود، وابن ماجه، والنسائي، (والترمذي واللفظ له وصححه. وقد أُعل).

ص: 377

646 -

وعن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي (وصححه، وقال أحمد: (هو حديث منكر، وكان ابن مهدي لا يحدث به - قال - والعلاء ثقة لا يُنكر من حديثه إلا هذا)).

647 -

وعن عبد الله بن بسر، عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة [أو عود شجرة] فليمضغه " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، وابن

ص: 378

ماجه، (والنسائي وحسنه، والحاكم وحسنه، وزعم أبو داود أنه منسوخ، وقال مالك: (هو كذب) وفي ذلك نظر). والله أعلم.

‌5 - باب الاعتكاف

648 -

عن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده " متفق عليه.

649 -

وعنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه " الحديث متفق عليه، واللفظ لمسلم.

650 -

وعنها قالت: " [وإن] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل عليَّ رأسه

ص: 379

وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً " رواه البخاري.

651 -

وعنها رضي الله عنها أنها قالت: " السُّنّة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه، [ولا اعتكاف إلا بصوم] ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع " رواه أبو داود وقال: (غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه: " قالت السُّنة " جعله قول عائشة).

652 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه " رواه الدارقطني والحاكم، والصحيح أنه موقوف، ورفعه وهم. والله أعلم.

‌6 - باب في ليلة القدر

653 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما: " أن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم! أرى رؤياكم

ص: 380

قد تواطأت في السبع الأواخر! فمن كان متحريا فليتحرها في السبع الأواخر " متفق عليه.

654 -

وعن أبي سعيد الخدري قال: " اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال: إني رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها - أو قال: نسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع! فرجعنا وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد - وكان من جريد النخل - وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته " متفق عليه واللفظ للبخاري.

655 -

وعن معاوية بن أبي سفيان: " عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر - قال: ليلة سبع وعشرين " رواه أبو داود (وقد روي موقوفا).

656 -

وعن عائشة قالت: " قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت - أي ليلة [ليلة] القدر - ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب

ص: 381

العفو فاعف عني " رواه الإمام أحمد، وابن ماجة، والنسائي، (والترمذي، وصححه واللفظ له، والحاكم وقال: (صحيح على شرط الشيخين). وفي قوله نظر)، والله أعلم.

ص: 382

‌6 - كتاب الحج

‌1 - باب فرض الحج

657 -

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة " متفق عليه.

658 -

وعن عائشة قالت: " قلت يا رسول الله على النساء جهاد؟ قال: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج، والعمرة " رواه أحمد، وابن ماجة وهذا لفظه، (ورواته ثقات).

659 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي

ص: 383

فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا! وأن تعتمر خير لك " (رواه الإمام أحمد وضعفه، والترمذي وصححه، وقد روي موقوفا وهو أصح).

660 -

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه لقي ركبا بالروحاء، فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر " رواه مسلم.

661 -

وعنه قال: " كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه. [وجعل النبي صلى الله عليه وسلم] يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر! فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده [في الحج] أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع " متفق عليه، واللفظ للبخاري.

ص: 384

662 -

وعنه: " أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء " رواه البخاري.

663 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق، فعليه حجة أخرى " رواه البيهقي وغيره، (ولم يرفعه إلا " يزيد بن زريع " عن شعبة وهو ثقة، وكذلك صححه ابن حزم لكن زعم أنه منسوخ، والصحيح أنه موقوف. وقد رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " شبه المرفوع).

664 -

وعنه قال، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا

ص: 385

رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: انطلق فحج مع امرأتك " متفق عليه واللفظ لمسلم.

665 -

وعنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة! قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي - أو قريب لي - قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة " رواه أبو داود وهذا لفظه، وابن ماجة، وابن حبان، (وصحح البيهقي إسناده، والإمام أحمد وقفه).

‌2 - باب المواقيت

666 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن. ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان

ص: 386

دون ذلك، فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة " متفق عليه.

‌3 - باب القران والإفراد والتمتع

667 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج [وعمرة، ومنا من أهل بالحج]، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج. فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا، حتى كان يوم النحر ".

668 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى، فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، قال للناس: من كان منكم أهدى فلا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد [الهدي] فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة

ص: 387

فاستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا، فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف، ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حل من كل شيء حرم منه. وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس " متفق عليهما. واللفظ لمسلم.

‌4 - باب الإحرام وما يحرم فيه

669 -

عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه سمع أباه يقول: " بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها!! ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد، يعني ذا الحليفة " متفق عليه. ولم يذكر البخاري: " البيداء ".

670 -

وعن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال - أو قال بالتلبية - يريد أحدهما " رواه أحمد، وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان، (والترمذي وصححه).

ص: 388

671 -

وعن ابن عمر: " أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلبسوا القمص [ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس] ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعها أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئا من الثياب مسه الزعفران، ولا الورس " متفق عليه. واللفظ لمسلم، وفي لفظ البخاري:" ولا تنتقب المرأة [المحرمة]. ولا تلبس القفازين ".

672 -

وعن عائشة أنها قالت: " كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضح طيبا ".

673 -

وعن صفوان بن يعلى بن أمية: " أن يعلى كان يقول لعمر بن

ص: 389

الخطاب: ليتني أرى نبي الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه! فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب قد أظل به عليه، معه ناس من أصحابه فيهم عمر، إذ جاء رجل عليه جبة [صوف] متضمخ بطيب فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم [ساعة] ثم سكت فجاءه الوحي فأشار عمر بيده إلى يعلى بن أمية [تعال] فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم محمر الوجه يغط ساعة، ثم سري عنه فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟ فالتمس الرجل فجيء به فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك " متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

674 -

وعن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب " رواه مسلم.

675 -

وعن أبي قتادة قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالقاحة فمنا المحرم ومنا غير المحرم، إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئا فنظرت فإذا حمار وحش فأسرجت فرسي وأخذت رمحي ثم ركبت فسقط مني

ص: 390

سوطي، فقلت لأصحابي - وكانوا محرمين - ناولوني السوط؟ فقالوا والله لا نعينك عليه بشيء، [فنزلت] فتناولته ثم ركبت فأدركت الحمار من خلفه وهو وراء أكمة فطعنته برمحي فعقرته فأتيت به أصحابي، فقال: بعضهم كلوه! وقال بعضهم: لا تأكلوه! وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا فحركت فرسي فأدركته، فقال: هو حلال فكلوه " متفق عليه واللفظ لمسلم، وفي لفظ: " هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟ قالوا: لا، قال: فكلوا ما بقي من لحمها ".

676 -

وعن الصعب بن جثامة الليثي: " أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء - أو بودان - فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما [أن] رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم " متفق عليه.

677 -

وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة والكلب العقور " متفق عليه، وفي لفظ:" في الحل والحرم ". ولمسلم: " والغراب الأبقع ".

ص: 391

678 -

وعن أبي هريرة قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه " متفق عليه.

679 -

وعن عبد الله بن حنين: " أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة، اختلفا بالأبواء فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور بن مخرمة: لا يغسل المحرم رأسه! فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، [ثم] قال لإنسان يصب: اصبب! فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

ص: 392

680 -

وعن عبد الله بن معقل بن يسار قال: " جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية؟ فقال: نزلت في خاصة وهي لكم عامة - حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى - تجد شاة؟ فقلت: لا، فقال: فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع " متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.

‌5 - باب حرمة مكة والمدينة

681 -

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: " لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لن تحل لأحد [كان] قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي فلا ينفَّر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى وإما أن يقتل! فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا الإذخر، فقام أبو شاه - رجل من أهل اليمن - فقال اكتبوا لي يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبي شاه " قال

ص: 393

الوليد: (فقلت للأوزاعي ما قوله: اكتبوا لي يا رسول الله؟ قال هي الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

682 -

وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا [به] إبراهيم لأهل مكة " متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

683 -

وعن علي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ".

684 -

وعن عامر بن سعد: " أن سعدا جاء راكبا إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا - أو يخبطه - فسلبه. فلما رجع جاء أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم - أو عليهم ما أخذ من غلامهم - فقال: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه

ص: 394

رسول الله صلى الله عليه وسلم! وأبى أن يرد عليهم " رواهما مسلم. وروى أبو داود حديث سعد، وزاد: " ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه ".

‌6 - باب صفة الحج

685 -

عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: " دخلنا على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فسأل عن القوم حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع [زري الأعلى، ثم نزع] زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي، وأنا يومئذ غلام شاب! فقال: مرحبا بك يا ابن أخي! سل عما شئت؟ فسألته - وهو أعمى - وحضر وقت الصلاة! فقام في ساجة متلحفا بها كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده - فعقد تسعا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس

ص: 395

أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن [هو] يعرف تأويله وما عمل [به] من شيء عملنا به فأهلّ بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، [لبيك] لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك، وأهلّ الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم [شيئا منه] ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته، قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} فجعل [المقام] بينه وبين البيت، فكان أبي يقول: - ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين {قل هو الله أحد} {قل يا أيها الكافرون} ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ:{إن الصفا والمروة من شعائر الله} أبدأ بما بدأ الله به! فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك مثل هذا - ثلاث مرات - ثم نزل إلى المروة حتى [إذا] انصبت قدماه في بطن الوادي، [سعى]، حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة

ص: 396

كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، [فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة] فقام سراقة بن [مالك بن] جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج - مرتين - لا! بل للأبد. وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها! فقالت: [إن] أبي أمرني بهذا! قال - فكان علي يقول بالعراق - فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة للذي صنعت - مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه - فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها! فقال: صدقت! صدقت! ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن معي الهدي فلا تحل. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة، قال: فحل الناس كلهم وقصّروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا إنه واقف على المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرهلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام

ص: 397

عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم [ابن] ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أضع [ربانا] ربا عباس بن [عبد] المطلب [فإنه] موضوع كله، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن: أن لا يوطئن في فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح - ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده - إن اعتصمتم به - كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون! قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت، فقال: بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد [اللهم اشهد]- ثلاث مرات - ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته - القصواء - إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا، حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه

ص: 398

ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة!! وكلما أتى حبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر [وصلى الفجر]- حين تبين له الصبح - بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقف حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس - وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما - فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت [به] ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر، حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات - يكبر مع كل حصاة منها - مثل حصا الخذف، رمى من بطن

ص: 399

الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليا رضي الله عنه فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة [ببضعة] فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم!! فناولوه دلوا فشرب منه ". رواه مسلم.

686 -

وله عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحرت ها هنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف ".

687 -

وعن أبي ذر قال: " كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

ص: 400

خاصة " رواه مسلم.

688 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " أن رسول الله لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها ".

689 -

وعن نافع: " أن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح، ويغتسل ثم يدخل مكة نهاراً، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله " متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

690 -

وعن ابن عباس قال: " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه [مكة] وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم غداً قوم [قد] وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم: أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا، قال ابن عباس: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم "

ص: 401

متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.

691 -

وعنه قال: " لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين " رواه مسلم.

692 -

وعن عابس بن ربيعة عن عمر، أنه جاء إلى الحجر فقبّله فقال:" إني [لأقبلك و] أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

693 -

وعن [أبي] الطفيل قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويتسلم الركن بمحجن [معه ويقبل المحجن] ". رواه مسلم.

ص: 402

694 -

وعن يعلى - وهو ابن أمية - قال: " طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً ببرد أخضر " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه، (والترمذي وصححه).

695 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " رواه أحمد، وأبو داود وهذا لفظه، (والترمذي وصححه).

696 -

وعن محمد بن أبي بكر الثقفي، أنه سأل أنس بن مالك - وهما غاديان من منى إلى عرفة - كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:" كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر [منا] فلا ينكر عليه ".

697 -

وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه سئل أسامة - وأنا جالس - كيف كان رسول

ص: 403

الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: " كان يسير العنق، فإذا رأى فجوة نص ". متفق عليهما.

698 -

وعن القاسم عن عائشة قال: " استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله وقبل حَطْمة الناس، وكانت امرأة ثبطة [يقول القاسم] والثبطة الثقيلة، قالت: فأذن لها، فخرجت قبل دفعه، وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما استأذنته سودة، فأكون أدفع بإذنه أحب إليّ من مفروح به ".

699 -

وعن ابن عباس قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل - أو قال في الضعفة - من جمع بليل " متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

ص: 404

700 -

وعنه قال: " قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات لنا فجعل يلطح أفخاذنا ويقول: أُبَيْنيّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، (وفي إسناده انقطاع).

701 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم [اليوم] الذي يكون رسول الله - تعني - عندها " رواه أبو داود، ورجاله رجال

ص: 405

مسلم (وقال البيهقي: (إسناده صحيح لا غبار عليه)).

702 -

وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء، بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها " وفي لفظ: " قبل وقتها بغلس " متفق عليه، واللفظ لمسلم.

703 -

وعن عروة بن مضرس بن حارثة بن لام الطائي قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبلي طيء أكْللتُ راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا، [حتى يدفع] وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه " رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه،

ص: 406

([والترمذي] وهذا لفظه وصححه، والحاكم وقال: (هذا حديث صحيح على شرط كافة أئمة الحديث)).

704 -

وعن عمرو بن ميمون قال: " شهدت عمر رضي الله عنه صلى بجمع [الصبح] ثم وقف فقال: إن المشركين لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير وإن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس " رواه البخاري، وزاد أحمد وابن ماجه:" أشرق ثبير كيما نغير ".

ص: 407

705 -

وعن ابن عباس أن أسامة بن زيد كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، قال: فكلاهما قالا: " لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة " رواه البخاري.

706 -

عن أم الحصين قالت: " حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة " رواه مسلم.

707 -

وعن أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر [ويقول] لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ".

708 -

وعنه قال: " رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد فإذا زالت الشمس " رواهما مسلم.

ص: 408

709 -

وعن سالم: " عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات [يكبّر] على أثر كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيستهل، ويقوم مستقبل القبلة، [فيقوم طويلاً] ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله " رواه البخاري.

710 -

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم ارحم المحلقين! قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: اللهم ارحم المحلقين! قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: والمقصرين ".

711 -

وعن عبد الله بن عمرو: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح! قال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي! قال: ارم ولا حرج، فما

ص: 409

سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج " متفق عليهما.

712 -

وعن المسور: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك " رواه البخاري.

713 -

وعن ابن عمر: " أن العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له " متفق عليه.

714 -

وروى مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره عن أبيه:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في البيتوتة عن منى [يرمون] يوم النحر ثم يرمون الغد، أو من بعد الغد، اليومين ثم يرمون يوم النفر " رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث مالك، وصححه الترمذي.

ص: 410

715 -

وعن أبي بكر قال: " خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر " الحديث - متفق عليه.

716 -

وعن سرّاء بنت النبهان قالت: " خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الرؤوس فقال: أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم! قال أليس أوسط أيام التشريق؟! ". رواه أبو داود.

717 -

[

.] والنسائي، وابن ماجه، (والحاكم وصححه. وقد أعل بالإرسال).

ص: 411

718 -

وعن أنس بن مالك: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصّب ثم ركب إلى البيت فطاف به " رواه البخاري.

719 -

وعن الزهري عن سالم: " أنا أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح، قال الزهري: وأخبرني عروة عن عائشة أنها لم تكن تفعل ذلك، وقالت: إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان [منزلا] أسمح لخروجه " رواه مسلم.

720 -

وعن ابن عباس قال: " أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " متفق عليه.

721 -

وعن عبد الله بن الزبير قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في

ص: 412

مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه [من المساجد]- إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي بمائة صلاة " رواه الإمام أحمد وهذا لفظه، وابن حبان، (وإسناده على شرط الصحيحين).

‌7 - باب الفوات والإحصار

722 -

عن سالم قال كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: " أليس حسبكم سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حُبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عاماً قابلاً فيُهدي، أو يصوم إن لم يجد هدياً ".

723 -

وعن ابن عباس قال: " أُحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عاماً قابلاً " رواهما البخاري.

724 -

وعن عائشة قالت: " دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني "، وفي رواية:" وكانت تحت المقداد " - متفق

ص: 413

عليه، واللفظ لمسلم.

725 -

وعن سالم عن أبيه: " أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ويقول: أليس حسبكم سنة نبيكم "؟ رواه النسائي والترمذي (وصححه).

726 -

وعنه أنه قال: " من حُبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت [وبين الصفا] " رواه مالك في " الموطأ ".

727 -

وعن عكرمة، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كُسر أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل، قال: فسألت ابن عباس وأبا هريرة؟ فقالا: صدق " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، (والترمذي وحسنه، وقد روي عن عكرمة، عن عبد الله بن

ص: 414

رافع، عن الحجاج، وهو أصح، قاله البخاري).

‌8 - باب الهدي والأضاحي

728 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: " فتلتُ قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم أشعرها [وقلدها] ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلا ".

729 -

وعن علي بن أبي طالب: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه، وأمره أن يقسم بدنه كلها: لحومها، وجلودها، وجلالها في المساكين، ولا يعطي في جزارتها منها شيئاً ". متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

730 -

وعن أبي الزبير قال: " سمعت جابر بن عبد الله سئل عن رُكوب

ص: 415

الهدي؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اركبها [بالمعروف] إذا أُلجئت إليها حتى تجد ظهراً ".

731 -

وعن ابن عباس، أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: إن عطب منها شيء فخشيت عليه الموت فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعمها أنت ولا أحد من رفقتك " رواهما مسلم.

732 -

وعن عائشة قالت: " أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مرة غنماً " متفق عليه.

733 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم بيده " وفي لفظ: " بأصبعه ".

ص: 416

734 -

وعن جابر قال: " نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة " رواه مسلم.

735 -

وعن جندب بن سفيان قال: " شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت فقال: من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله " متفق عليه.

736 -

وعن جابر قال: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا - وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر - فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم ".

737 -

وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " رواهما مسلم.

738 -

وعن أنس قال: " ضحّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما " متفق عليه.

739 -

وعن أم سلمة قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان له ذبح يذبحه! فإذا أُهلّ هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئاً حتى

ص: 417

يضحى " رواه مسلم. (وقد روي موقوفاً).

740 -

وعن عبيد بن فيروز قال، سألت البراء بن عازب رضي الله عنه قلت: حدثني ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضاحي، أو ما يكره؟ فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدي أقصر من يده - فقال: " أربع لا تجزئ: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التي لا تنقي قلت: إني أكره أن يكون في السن نقص، وفي الأذن نقص؟ [وفي القرن نقص] فقال: ما كرهت فدعه، ولا تحرِّمه على أحد " رواه الإمام أحمد وهذا لفظه، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان،

ص: 418

والنسائي، (والترمذي، وصححه).

741 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا " رواه أحمد واللفظ له، وابن ماجه، وصحح الترمذي وغيره وقفه.

‌9 - باب العقيقة

742 -

عن الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى " رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي (وصححه، والنسائي وقال: (لم يسمع الحسن

ص: 419

من سمرة إلا حديث العقيقة)).

743 -

وعن أيوب عن عكرمة، عن ابن عباس:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا " رواه أبو داود، والطبراني (وإسناده على شرط البخاري، ورواه غير واحد عن عكرمة مرسلاً. قال أبو حاتم: (وهو أصح)).

744 -

وعن أم كرز الكعبية قالت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة " رواه أحمد، وأبو داود وهذا

ص: 420

لفظه، وابن ماجه، والنسائي، والترمذي، (وصححه).

ص: 421

‌7 - كتاب الصيد والذبائح

745 -

عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من اتخذ كلباً - إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع - انتقص من أجره كل يوم قيراط: قال الزهري: فذُكر لابن عمر قول أبي هريرة، فقال: يرحم الله أبا هريرة، كان صاحب زرع ".

746 -

وعن عدي بن حاتم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه، وإن أدركته قد قَتَل ولم يأكل منه شيئاً فكله، وإن وجدت مع كلبك كلباً غيره - وقد قَتَل - فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله، وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله، فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدت غريقاً في الماء فلا تأكل " متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

ص: 423

747 -

وعن أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكله، ما لم ينتن ".

748 -

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن أعرابياً - يقال له أبو ثعلبة - قال: يا رسول الله إن لي كلاباً مكلبة فأفتني في صيدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك، قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: ذكي وغير ذكي وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه! قال يا رسول الله أفتني في قوسي؟ قال: كل ما ردت عليك قوسك، قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: ذكي وغير ذكي. قال: وإن تغيب عني؟ قال: وإن غاب عنك - ما لم يصل - أو تجد فيه أثر غير سهمك " رواه أبو داود، والدارقطني. (وإسناده صحيح إلى عمرو، وقد أُعل).

ص: 424

749 -

وعن عائشة رضي الله عنها: " أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قوماً يأتوننا بلحم لا ندري أذُكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سموا عليه [أنتم وكلوه] قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر " رواه البخاري.

750 -

وعن سعيد بن جبير: " أن قريباً لعبد الله بن مغفل خذف قال: فنهاه وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين، قال: فعاد، فقال أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم تخذف؟! لا أكلمك أبداً " متفق عليه وهذا لفظ مسلم.

ص: 425

751 -

وعن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً ".

752 -

وعن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقتل شيء من الدواب صبراً " رواهما مسلم.

753 -

وعن رافع بن خديج قال: " قلت يا رسول الله إنا لاقو العدو غداً وليس معنا مدىً؟ قال: [أعجل أو أرني] ما أنهر الدم وذُكر اسم الله فكل - ليس السن والظفر - وسأحدثك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمُدَى الحبشة. قال: وأصبنا نهب إبل وغنم فندَّ منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا " متفق عليه، واللفظ لمسلم. قال

ص: 426

زائدة: (يرون ما في الدنيا حديث في هذا الباب أحسن منه).

754 -

وعن كعب بن مالك: " أن امرأة ذبحت شاة بحجر، فسُئل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأمر بأكله " رواه البخاري.

755 -

وعن شداد بن أوس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته " رواه مسلم.

756 -

وعن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ذكاة الجنين ذكاة أمه " رواه الإمام أحمد، وأبو حاتم، وابن حبان.

ص: 427