الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهذا مختصر في علم أصول الفقه، جمعت فيه مسائله وقواعده؛ تقريبًا وتسهيلًا لهذا العلم المبارك، واختصارًا لأهم مسائله، فمن ضعفت همته، وخارت قوته قد يكتفي به، ومن علت همته، وقويت عزيمته قد ينطلق منه إن شاء الله تعالى.
ولا يفوتني الشكر لأخي في الله / إبراهيم زكريا على ما قدم من جهد ونصح فيه، فجزاه الله خيرًا.
واللهَ أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه، وأن ينفع به، ويكتب له القبول.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.
كتبه
عبد الفتاح بن محمد بن مصيلحي
بسم الله الرحمن الرحيم
مبادئ مهمة لعلم أصول الفقه
* الأول: الحد أي التعريف:
الأصولُ: جمعُ أصلٍ، وهو لُغةً: الأساس.
واصطلاحًا: يُطلقُ الأصلُ على أمورٍ، منها: الدليل، والقاعدة، وغير ذلك.
الفقهُ لغةً: الفهم.
واصطلاحًا: معرفة الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية.
* ثانيًا: تعريف أصول الفقه باعتباره لقبًا لهذا العلم:
هو العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية.
* الثاني: الموضوع:
الأدلة الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وبيان حال المستفيد، وقيل بيان طرق الاستنباط.
* الثالث: الثمرة، وهى الفائدة:
1 -
معرفة مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة.
2 -
التمكن من حصول قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أسس سليمة.
3 -
يثبت أن أحكام الإسلام صالحة لكل زمان ومكان.
4 -
يمكن من تعليم الأحكام وبيانها أحسن بيان.
* الرابع: الواضع:
علم أصول الفقه كان موجودًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، لكنَّ أوَّل من جمعه في كتاب مستقل هو الإمام الشافعي رحمه الله وذلك في كتابه (الرسالة).
* الخامس: الاستمداد:
يُستمَد علم أصول الفقه من الكتاب والسنة، وما يرجع إليهما.
* السادس: حكم تعلمه:
فرض كفاية.
* السابع: مسائله:
هي تدوين المسالك التي يلتزمها المجتهد، ويسترشد بها، ويجتهد على ضوئها.
|
الأحكام الشرعية
الأحكام: جمع حُكم، وهو لغةً: القضاء.
واصطلاحًا: خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من طلب، أو تخيير، أو وضع.
وتنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين: تكليفية، ووضعية.
*
النوع الأول: الحكم التكليفي:
التكليف هو طلب ما فيه مشقة.
والحكم التكليفي هو خطاب اللَّه تعالى المتعلق بفعل المكلف طلبًا أو تخييرًا، ويشمل الأحكام الخمسة، وهي الإيجاب والندب والإباحة والكراهة والتحريم.
*
المطلب الأول: الواجب.
الضابط الأول: تعريف الواجب:
لغة: الثابت اللازم، وقيل: الساقط اللازم.
وفي الاصطلاح:
هو ما طلب الشرع فعله من المكلف طلبًا جازمًا، ويثاب فاعله امتثالًا، وتاركه مطلقًا متوعد بالعقاب.
الضابط الثاني: قواعد الواجب:
1 -
ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
2 -
ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب.
3 -
إذا تزاحمت الواجبات قدم الأعلى منها.
4 -
إذا تزاحم الواجب مع السنة قدم الواجب.
تنبيه: الواجب منه معين ومخير، وعيني وكفائي، ومضيق وموسع.
*
المطلب الثاني: المندوب:
الضابط الأول: تعريف المندوب:
لغة: المدعو إليه والمستحب، والندب: الدعاء إلى أمر مهم.
وفي الاصطلاح:
هو ما طلب الشرع فعله طلبًا غير جازم، ويثاب فاعله امتثالًا، وتاركه غير معاقب.
الضابط الثاني: قواعد المندوب:
1 -
ما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.
2 -
المندوب لا يلزم بالشروع فيه إلا في الحج والعمرة.
3 -
المندوب ليس جنسًا واحدًا بالنسبة لكل الناس.
4 -
المندوب مأمور به على أنه مطلق الأمر، وليس على أنه الأمر المطلق.
5 -
المندُوباتُ ليست على درجَةٍ واحدَةٍ من جهةِ النَّدبِ إليهَا، منها سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، وسُنَّةٌ غيرُ مؤكَّدةٍ، وفضيلةٌ وأدَبٌ.
*
المطلب الثالث: الحرام:
الضابط الأول: تعريف الحرام:
لُغةً: المنعُ، والمُحرَّمُ: الممنوعُ منه، وهوَ ضدُّ الحلالِ.
وفي الاصطلاح:
ما طلَبَ الشَّرِعُ تركه على وجهِ الحَتْمِ والإلزامِ، ويثاب تاركه امتثالًا، وفاعله متوعد بالعقاب.
الضابط الثاني: قواعد المحرم:
1 -
إذا تزاحمت المحرمات التزم الأدنى منها.
2 -
ما لا يتم ترك الحرام إلا بتركه فتركه واجب.
3 -
ما كان وسيلة للمحرم فهو محرم.
*
المطلب الرابع: المكروه.
الضابط الأول: تعريف المكروه:
المكروه لغة: المبغوض.
وفي الاصطلاح:
هو ما طلب الشرع تركه طلبًا غير جازم، ويثاب تاركه امتثالًا، ولا يعاقب فاعله.
الضابط الثاني: مسائل تتعلق بالمكروه:
1 -
قد يطلق المكروه على الحرام.
2 -
لا فرق بين الحرام والمكروه كراهة تحريم عند الجمهور.
3 -
المكروه منهي عنه حقيقة؛ لأن لفظ النهي يطلق على ما نهي عنه لحرمته، ويطلق على ما نهي عنه لكراهته، ولا فرق بينهما في الاستعمال إلا في العقاب على فعل الحرام، دون المكروه.
4 -
النهى يصرف بالقول والفعل.
*
المطلب الخامس: المباح.
الضابط الأول: تعريف المباح:
المباح لغة: المأذون فيه والمعلن.
وفي الاصطلاح:
هو ما لا أمر فيه ولا نهي، ولا يثاب عليه فاعله، ولا يعاقب تاركه لذاته.
الضابط الثاني: قواعد المباح:
1 -
الإباحة مُنْصَبَّةٌ على الجزئيات لا على الكليات.
2 -
الأصل في الأشياء الإباحة إذا انعدم الدليل.
3 -
انقلاب المباح مستحبًا أو واجبًا أو محرمًا أو مكروهًا باختلاف النية والأحوال.
3 -
الإباحة إما شرعية أو عقلية.
* **
شروط التكليف
الضابط الأول: شروط معلقة بالفاعل:
وهي: العقل، البلوغ، فهم الخطاب، القصد، الاختيار.
الضابط الثاني: شروط التكليف المتعلقة بالفعل:
وهي: العلم، القدرة والاستطاعة، أن يكون الفعل معدومًا.
النوع الثاني: الأحكام الوضعية
الأحكام الوضعية: هي ما وضعه الشرع من أمارات، لثبوت أو انتفاء، أو نفوذ أو إلغاء.
والبحثُ فيه يعودُ إلى أنواعٍ ثلاثةٍ:
السَّبب، والشَّرط، والمانع، ووجودُ كلٍّ منها أو تخلُّفُه (عدَمُ وجودِهِ) يتفرَّعُ عنه صحّةُ العملِ أو فسادُهُ.
فهذه خمسةُ أقسامٍ:
السَّببُ، الشَّرطُ، المانعُ، الصِّحَّةُ، البُطلانُ (أو الفَساد)، وهذا بيانُهَا:
*
المطلب الأول: السَّببُ.
لُغَةً: كُلُّ شيءٍ يُتوصلُ بهِ إلى غيرِهِ.
اصطلاحًا: ما يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم.
تنبيه: قيل إنَّ السبب هو العلة، وقيل بينهما فرق، فإذا كانَ الوصفُ معقولَ المعنى يُدرِكُ العقلُ مناسبَتَهُ للحُكمِ سُمِّي ب (العلَّة) كما يُسمَّى ب (السَّبب).
وإذا كانَ الوصفُ غيرَ معقولِ المعنى، بأنْ خفِيَ علَى العقلِ أنْ يُدرِكَ مُناسبَتَهُ للحُكمِ، فيُقتصرُ على تسميتهِ (سببًا)، ولا يُسمَّى (علَّةً).
*
المطلب الثاني: الشَّرط.
لغة: العلامة.
اصطلاحًا: هو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود.
الفرق بين الشَّرط والرُّكن:
يشتركُ الشَّرطُ والركن في أنَّ كُلًّا منهما يتوقَّفُ عليهِ وجودُ الشَّيءِ، لكنْ يُلاحظُ الفرقُ بينهمَا في أنَّ: الشَّرطَ خارجٌ عن ماهية الشيء ليس جُزءًا منه، والرُّكنَ جزءٌ من الماهية.
أنواع الشرط الشرعي:
شرط الصحة، شرط الوجوب، شرط القبول.
فائدة: الشرط لا يعمل إلا متقدمًا، إلا شرط القبول؛ فإنه قد يعمل متقدمًا ومتأخرًا.
*
المطلب الثالث: المانع.
لغة: الحائل بين شيئين.
واصطلاحًا: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم.
المانع باعتبار تأثيره في الحكم ثلاثة أنواع:
1 -
مانع من الابتداء دون الدوام.
2 -
مانع من الدوام دون الابتداء.
3 -
مانع من الدوام والابتداء.
تنبيه: قد يجتمع في الأمر الواحد أن يكون سببًا وشرطًا ومانعًا.
*
المطلب الرابع: الصحة والبطلان.
المقصود بهما:
أفعال المكلَّفين إذا استوفتْ شروطُها، وانتفتْ موانِعُها، ووقعتْ على أسبابهَا؛ فقد حكمَ الشَّرعُ بأنَّها صحيحةٌ، وإذا اختلَّ ذلك أو بعضُهُ؛ فقد حكمَ الشَّرعُ بأنَّها باطلةٌ.
*
المطلب الخامس: الصَّحيحُ.
لغة: السليم من المرض.
واصطلاحًا: ما ترتب آثار فعله عليه عبادة كان أم عقدًا.
فائدة: يكون الشيء صحيحًا إذا تمت أركانه وشروطه، و انتفت موانعه.
تنبيه: لا تلازم بين الصحة والثواب.
*
المطلب السادس: الباطِلُ.
لغة: الذاهب ضياعًا وخسرانًا.
واصطلاحًا: ما لا يترتب آثار فعله عليه عبادة كان أم عقدًا.
فائدة: الباطل والفاسد بمعني واحد عند الجمهور إلا في الحج والنكاح فقد فرق بعضهم.
*
المطلب السابع: العزيمة.
لغة: هو القصد المؤكد.
واصطلاحًا: هي الحكم الثابت بدليل شرعي خالٍ عن معارضة راجحة.
*
المطلب الثامن: الرخصة.
لغةً: هي اليُسرُ والسهولَةُ.
واصطلاحًا: هي تخفيف الحكم الأصلي دون إبطال العمل به، ولو أبطلته لصار نسخًا.
تنبيهات:
1 -
العزيمة سميت عزيمة بالنسبة للرخصة ليس في ذاتها.
2 -
الفرق بين الرخصة والاضطرار، أن الرخصة تُفعل مع القدرة على فعل العزيمة، وإن كان مع المشقة.
3 -
الضرورة: هي التي توجد حيث يمكن فعل الحكم المخفف، ولا يمكن فعل الحكم المثقل.
تنبيه: يتَّصلُ بالحُكمِ الوَضْعِيِّ مسمَّياتٌ شرعيَّةٌ هي أوصَافٌ للعبادَةِ باعتبارِ الوقتِ الَّذي تُؤَدَّى فيهِ، وهي:
1 -
الأَداء: هو تحصيل العمل في الوقت المقدر له مرة على وجهه الشرعي.
2 -
التعجيل: هو تحصيل العمل قبل الوقت المقدر له مرة واحدة لدليل شرعي.
3 -
القضاء: هو تحصيل العمل بعد الوقت المقدر له مرة واحدة لدليل شرعي.
4 -
الإعادة: هي تحصيل العمل في الوقت المقدر له مرة ثانية لدليل شرعي.
* * *
أدلة الأحكام
الدليل لغة: هو المرشد إلى المطلوب.
واصطلاحًا: هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
الدليل الأول: الكتاب الكريم
الضابط الأول: تعريف الكتاب:
الكتاب لغة: يطلق على المكتوب وعلى الكتابة.
واصطلاحًا: هو كلام الله تعالى المُنَزَّل على محمَّد صلى الله عليه وسلم، باللفظ العربي، المنقول إلينا بالتواتر، المكتوب في المصاحف، المتعبد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس.
الضابط الثاني: وجوه إعجاز القرآن الكريم:
1 -
اتساق ألفاظه وعباراته ومعانيه وأحكامه.
2 -
الإعجاز العلمي وموافقة العلم الصحيح لما ورد فيه.
3 -
إخباره عن وقائع لا يعلمها إلا علام الغيوب.
4 -
فصاحة ألفاظه وبلاغة عباراته وقوة تأثيره.
5 -
ما تضمنه القرآن الكريم من الأحكام الشرعية التي أقامت شريعة الله في الأرض.
فائدة: يحمل المتشابه علي المحكم، ويرجع في المنسوخ إلى حكم الناسخ.
فائدة: القراءات الشاذة ليست قرآنًا، ولكن تصح تفسيرًا.
* * *
الدليل الثاني: السنة النبوية
الضابط الأول: تعريف السنة:
لغة: هي الطريقة والسيرة.
واصطلاحًا: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ.
والسنة حجة يجب قَبولها والعمل بها، كما يجب قَبول القرآن والعمل به.
والسنة توافق القرآن، وتفصل وتبين مجمله، وتخصص عمومه، وتقيد مطلقه، وتضيف حكمًا جديدًا.
تنبيه: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التشريع وليس خاصًّا به فالمشروع فعله، وما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي وانتفاء المانع فالمشروع تركه.
فائدة: الحديث الصحيح حجة في العقائد والأحكام وإن لم يكن متواترًا.
الضابط الثاني: تعريف الحديث الصحيح:
هو ما اتصل سنده، برواية العدل الضابط، عن مثله إلي منتهاه، من غير شذوذ، ولا علة.
الضابط الثالث: تعريف الحديث الحسن:
هو الحديث الصحيح إلا أنَّ فيه راويًا قد خف ضبطه.
الضابط الرابع: تعريف الحديث الضعيف:
هو ما لم تتوافر فيه شروط الصحة أوالحسن.
الدليل الثالث: الإجماع
الضابط الأول:
تعريف الإجماع:
لغة: العزم والاتفاق.
واصطلاحًا: اتِّفاقُ مجتهدِي أُمَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بعد وفاتِه في عصرٍ من العصُورِ على حكمٍ شرعيٍّ.
تنبيه: الإجماع في عصر من العصور يُلزَم به كل من أتى بعده، ولا يشترط فيه انقراض العصر على الصحيح.
فائدة: الإجماع ممكن في عصر الصحابة متعذر بعدهم.
فائدة: لابد للإجماع من مستند ودليل، لكن لا يلزم إبراز الدليل طالما أن الإجماع صحيح.
فائدة: الإجماع القطعي حجة عند الجميع، أما السكوتي أو الظني فحجة عند بعضهم.
مسألة: اتفاق الخلفاء الأربعة ليس إجماعًا، وكذلك اتفاق الأئمة الأربعة ليس إجماعًا، واتفاق أهل المدينة ليس إجماعًا أيضًا.
مسألة: إذا اختُلِف في مسألة علي قولين لم يجز إحداث قول ثالث.
الدليل الرابع: القياس
الضابط الأول: تعريف القياس:
لغة: التقدير والمساواة.
واصطلاحًا: إلحاق فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما.
الضابط الثاني: أركان القياس:
1 -
أصل مقاس عليه.
2 -
حكم ثابت للأصل.
3 -
فرع يراد إلحاقه بالأصل.
4 -
علة تجمع بين الأصل والفرع.
الضابط الثالث: شروط القياس:
1 -
أن لا يصادم دليلًا أقوى منه.
2 -
أن يكون حكم الأصل ثابتًا بنص أو بإجماع.
3 -
أن يكون لحكم الأصل علة معلومة؛ ليمكن الجمع بين الأصل والفرع فيها.
4 -
أن تكون العلة وصفًا ظاهرًا منضبطًا مشتملة على معنى مناسب للحكم.
5 -
أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل.
والقياس منه الجلي ومنه الخفي، وينقسم إلى: قياس العلة، وقياس الدلالة، وقياس الشبه، وقياس العكس.
فائدة: القياس لا يثبت حكمًا جديدًا، وإنما يكشف عن حكم قديم.
فائدة: الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
تنبيه: العلة إنما هي لإلحاق غير المنصوص عليه بالمنصوص عليه لا لإخراج المنصوص.
* * *
الدليل الخامس: قول الصحابي
الضابط الأول: تعريف الصحابي:
هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك.
الضابط الثاني: قول الصحابي الذى حصل عليه الاتفاق أو لم يعلم له مخالف حجة لأنه إجماع سكوتي.
الضابط الثالث: قول الصحابي الذى لا مجال للاجتهاد فيه حجة؛ لأنَّ له حكم الرفع.
الضابط الرابع: قول الصحابي الذى ورد عن اجتهاد ووجد له مخالف من الصحابة؛ فقوله ليس حجة على غيره من الصحابة.
أما التابعون: فالمجتهد منهم يلزمه اجتهاد نفسه، ولا يلزم بقول صحابي.
الضابط الخامس: قول الصحابي لا يخصص النص إلا إذا كان له حكم الرفع.
الضابط السادس: تفسير الصحابة للنُّصوصِ من الكتابِ والسُّنَّة من جهةِ ما تدلُّ عليه ألفاظُها في استعمالِ اللِّسانِ حُجَّةٌ.
الدليل السادس: الاستصحاب
الضابط الأول:
تعريف الاستصحاب:
لغة: هو طلب المصاحبة واستمرارها.
واصطلاحًا: هو الحكم بثبوت أمر في الزمان الثاني، بناءً على ثبوته في الزمان الأول؛ لفقدان ما يصلح للتغيير.
تنبيهات:
- الاستصحاب لا يثبت حكمًا جديدًا، ولكن يثبت استمرار الحكم الثابت في الزمان الأول.
- الاستصحاب قد يكون للإباحة، وقد يكون للمنع، وذلك بحسب الأصل؛ فقد يكون الأصل الإباحة، وقد يكون الأصل المنع.
- على الفقيه أن يستصحب الأصل في الأحكام حتى يثبت ناقل صحيح.
- النافي للحكم يلزمه الدليل ويطالب به؛ لأن نفي الحكم دعوى، والدعوى لا تثبت إلا بدليل.
الدليل السابع: شرع من قبلنا
الضابط الأول: المراد بشرع من قبلنا:
هو ما نقل إلينا من أحكام تلك الشرائع التي كانت الأمم السابقة قد كلفت بها على أنها شرع لله تعالى.
وخلاصة القول فيه أنَّ له صورًا:
الصورة الأولى: يكون فيها شرعًا لنا بالإجماع، وهو ما أقره شرعنا.
الصورة الثانية: لا يكون شرعًا لنا بالإجماع: وذلك في حالتين:
الحال الأولى: شرع من قبلنا الذى لم يثبت بشرعنا.
الحال الثانية: شرع من قبلنا الذى ثبت بشرعنا، وثبت نسخه في شرعنا.
الصورة الثالثة: ثبت بشرعنا، ولم يرد نص من الشرع بالاعتبار أو النسخ: فالصحيح أنه شرع لنا.
الدليل الثامن: المصالح المرسلة
الضابط الأول: تعريف المصالح المرسلة:
المصلحة لغة: هي المنفعة، والمرسلة: أي المطلقة.
واصطلاحًا: هي المصلحة التي لم ينص الشرع على حكم لتحقيقها، ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها.
الضابط الثاني: شروط الاحتجاج بالمصالح المرسلة:
1 -
أن تكون مصلحة حقيقية، ولا عبرة للمصالح الظاهرية أو الوهمية.
2 -
أن تكون مصلحة عامة لمجموع الأمة، أو للأكثرية الغالبة، ولا عبرة للمصالح الشخصية والفردية.
3 -
أن لا تعارض الأحكام المبنية على المصلحة حكمًا شرعيًّا ثابتًا بالنص أو الإجماع.
أنواع المصالح ثلاثة: مصالح معتبرة، ومصالح ملغاة، مصالح مرسلة.
ملحوظة: لا يوجد مصلحة حقيقية إلا وهى تتوافق مع النص.
الدليل التاسع: سد الذرائع
الضابط الأول: تعريف الذريعة:
الذريعة لغة: الوسيلة.
واصطلاحًا: هي ما ظاهره مباح ويتوصل به إلى محرم.
الضابط الثاني: أنواع الوسائل المؤدية إلى المفاسد:
1 -
ما كان فاسدًا محرمًا بذاته ويؤدى للضرر؛ فلا خلاف في منعه.
2 -
ما كان مباحًا في ذاته، وكان إفضاؤه إلى المفسدة نادرًا، وتكون مصلحته راجحة؛ فهذا لا يمنع منه.
3 -
ما كان مباحًا في ذاته، وكان إفضاؤه إلى المفسدة كثيرًا، أي أنَّ مفسدته أرجح من مصلحته؛ فتمنع الوسيلة من باب سد الذرائع.
4 -
ما يؤدى للمفسدة لاستعمال المكلف له في غير ما وضع له؛ فهذا يمنع قطعًا في حق هذا المكلف.
الدليل العاشر: العرف
الضابط الأول: تعريف العرف:
هو ما ألفه المجتمع من أمور الدنيا، من غير حظر من الشرع، سواء كان قولًا أو فعلًا أو تركًا.
الضابط الثاني: العرف يكون حجة بشروط:
1 -
ألا يخالف دليلًا.
2 -
أن يكون العرف عامًّا أو غالبًا.
3 -
أن يكون مطَّردًا أو أكثريًّا.
4 -
ألا يكون معارَضًا بعرف آخر.
5 -
أن يفضي إلى مصلحة ولا يفضي إلى مفسدة.
6 -
أن يكون العرف موجودًا عند إنشاء التصرف.
طرق الاستنباط
*
الأمر والنهى.
الضابط الأول: تعريف الأمر:
لغة: يأتي بمعنى الشأن، والقضاء، والطلب.
واصطلاحًا: طلب الفعل على جهة الاستعلاء.
*
ضوابط في الأمر:
1 -
الأمر له صيغ معينة يعرف من خلالها كفعل الأمر، والفعل المضارع المقترن ب (لام الأمر).
2 -
صيغةُ الأمرِ المطلقة -المجرَّدة عن القرائنِ- تقتضي الوجوب، ولا يصارُ إلى سواه إلَّا بقرينةٍ.
3 -
صيغةُ الأمرِ تقتضي الفورية، وتخرج عن الفورية إلى التراخي بدليلٍ.
4 -
صيغة الأمر لا تقتضي التكرار إلا بدليل.
5 -
الأمرُ إذا ورَدَ بعدَ النَّهيِ رجعَ بالمأمُورِ به إلى حالِه قبلَ النَّهيِ.
6 -
إذا ورد الأمر مقيدًا بوقت، أو صفة، أو شرط، أو عدد، فإن دلالته تتحدد بهذا القيد.
7 -
يخرج الأمر عن الوجوب إلى أمور منها: الندب، الإباحة، التهديد، الإرشاد، وغير ذلك.
8 -
ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به.
الضابط الثاني: تعريف النهي:
لغةً: المنعُ.
واصطلاحًا: هو طلب الكف على جهة الاستعلاء.
ضوابط في النهي:
1 -
النهي له صيغ معينة يعرف من خلالها كالمضارع المقترن ب (لا) الناهية.
2 -
صيغة النهي المطلقة تقتضي التَّحريم، ولا يصارُ إلى سواه إلَّا بقرينةٍ.
3 -
صيغة النهى تقتضى الفورية.
4 -
صيغة النهى تقتضى التكرار.
5 -
النهى يقتضى الفساد والإثم، إذا كان النهى عن ذات الشيء.
6 -
إذا كان النهى عن شيء يختص بركن في العبادة أو شرط لها، فيكون متحد الجهة، ويكون حكمه الفساد والإثم.
7 -
إذا كان النهى عن شيء لا يتعلق بالركن أو الشرط، فيكون منفك الجهة ويكون حكمه الصحة، مع إثم المخالفة.
8 -
الكفار مخاطبون بأصول الدين إجماعًا، وبالفروع ترجيحًا.
9 -
الأمر بالشيء أمر بجميعه، والنهى عن الشيء نهي عن بعضه.
*
العام والخاص
الضابط الأول: تعريف العام:
لغة: الشَّاملُ.
واصطلاحًا: اللَّفظُ المستغرقُ لجميعِ ما يصلُحُ له بحسب وضعٍ واحدٍ، دُفعةً واحدةً من غير حصرٍ.
الضابط الثاني: تعريف الخاص:
لغة: ضد العام.
واصطلاحًا: اللفظ الدال على محصور بشخص أو عدد، كأسماء الأعلام والإشارة والعدد.
وقيل: هو قصر العام على بعض أفراده بدليل يدل على ذلك.
ضوابط في العام والخاص:
1 -
العُمومُ له صيغ مخصوصة يعرف من خلالها: كالمعَرَّف ب (ال) التعريفية، والمعَرَّف بالإضافة، والأسماء الموصولة، وأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، والنكرات في سياق النفي ونحوه، وبعض الألفاظ مثل (كل وجميع ونحوها).
2 -
كلُّ لفظٍ عامٍّ باقٍ على عمُومِه حتَّى يردَ التَّخصيصُ.
3 -
الخِطابُ الموجَّهُ للنَّبي صلى الله عليه وسلم عامٌّ في حقِّ أُمَّتهِ، ما لمْ يرِدْ دليلُ التَّخصيصِ.
4 -
اللَّفظُ العامُّ بعد التَّخصيصِ يبقى عامًّا فيما لم يُخَصَّ.
5 -
لا يُشترطُ في المُخصِّصِ أن يأتي مُقارنًا للعُمومِ، فقد يكون متصلًا، وقد يكون منفصلًا، فالمتصل كالاستثناء والشرط والصفة، والمنفصل كتخصيص القرآن بالقرآن وبالسنة، وتخصيص السنة بالقرآن و بالسنة.
العام الوارد على سبب خاص:
1 -
أن ينزل الحكم العام على سبب خاص، وهناك دليل على أنه يخصص؛ فهذا يخصص إجماعًا.
2 -
قد يكون الحكم عامًّا وينزل على سبب خاص، وتوجد قرينة
تدل على أنه للعموم؛ فهذا يعم إجماعًا.
3 -
إذا جاء اللفظ عامًّا واردًا على سبب خاص، وليس هناك دليل يدل على العموم أو الخصوص؛ فالعبرة بعموم الفظ لا بخصوص السبب.
فوائد:
1 -
الاستثناء بعد جمل متعاطفة يرجع لجميع ما يصلح منها.
2 -
دلالة العام ظنية قبل التخصيص وبعده.
3 -
أكثر العمومات دخلها التخصيص.
4 -
إذا ورد الخاص قبل العمل بالعام، فهو تخصيص وإلا كان نسخًا.
5 -
إذا ورد الخاص قبل العام كان نسخًا.
6 -
الاستثناء معيار العموم.
7 -
ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يجري مجرى العموم في المقال.
*
المُطلَق والمُقَيَّد.
الضابط الأول: تعريف المطلق:
لغة: ضد المقيد.
واصطلاحًا: ما دل على الحقيقة بلا قيد في جنسها غير المحصور.
الضابط الثاني: تعريف المقيد:
لغة: ما جعل فيه قيد.
واصطلاحًا: ما دل على الحقيقة بقيد.
ضوابط في المطلق والمقيد:
1 -
يجب العمل بالمطلق على إطلاقه إلا بدليل يدل على تقييده.
2 -
إذا اتفق حكم المطلق والمقيد، وجاء المطلق قبل المقيد، ولم يُعمَل بالمطلق حُمِل المطلق على المقيد.
3 -
إذا تقدم المقيد على المطلق، أو تقدم المطلق لكنه عمل به كان نسخًا وليس تقييدًا.
4 -
السياق من المقيدات وترجيح أحد المحتملات.
5 -
الاستغراق في باب العام استغراق شمولي، والاستغراق في باب المطلق استغراق بدلي.
*
الظاهر والمؤَوَّل.
الضابط الأول: تعريف الظَّاهِر:
لغة: الواضح والبين.
واصطلاحًا: المعنى الراجح من لفظ يحتمل أكثر من معنى، أو هو المتبادر إلى الذهن عند سماع اللفظ.
الضابط الثاني: تعريف المؤَوَّل:
لغة: من الأَول وهو الرجوع.
واصطلاحًا: المعنى المرجوح من لفظ يحتمل أكثر من معنى.
ضوابط في الظاهر والمؤول:
1 -
لا يحتاج الظاهر إلى دليل لترجيحه؛ لأن الإجماع منعقد على العمل بظواهر الألفاظ.
2 -
العمل بالظاهر واجب إلا بدليل صحيح صالح يصرفه عن ظاهره.
3 -
العمل بالظاهر يشمل العمل باللفظ وما يتضمنه من المعنى، بدون تجوز وزيادة عن المعنى المراد، وبدون قصور عنه.
*
المُجْمَلُ والمُبَيَّن
الضابط الأول: تعريف المجمل:
لغة: المبهم أوالمجموع.
واصطلاحًا: ما يتوقف فهم المراد منه على غيره، إما في تعيينه أو بيان صفته أو مقداره.
الضابط الثاني: تعريف المبيَّن:
لغة: المُظهَر والمُوضَّح.
واصطلاحًا: ما يفهم المراد منه، إما بأصل الوضع أو بعد البيان.
ضوابط في المجمل والمبين:
1 -
كل مجمل في القرآن قد بُيِّن.
2 -
لا يجوز العمل بالمجمل إلا بعد البيان، ولكن يجب على المكلف عقد العزم على العمل بالمجمل متى حصل بيانه.
3 -
يحصل البيان بكل ما يزيل الإشكال ويفض الإجمال.
4 -
لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
*
المنطوق والمفهوم
الضابط الأول: تعريف المنطوق:
هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق به.
الضابط الثاني: تعريف المفهوم:
هو المعنى المستفاد من اللفظ في غير محل النطق.
مفهوم الموافقة: هو دلالة اللفظ على ثبوت حكم المنطوق به للمسكوت عنه، وموافقته له نفيًا أو إثباتًا.
مفهوم المخالفة (دليل الخطاب): هو دلالة اللفظ على ثبوت حكم للمسكوت عنه مخالف لحكم المنطوق.
دلالة الاقتضاء: هو دلالة اللفظ على معنى لازم مقصود للمتكلم يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته شرعًا.
دلالة الإيماء: هي اقتران الحكم بوصفٍ فيدلُّ على أنَّ ذلك الوصف هو العلة.
دلالة الإشارة: هي المعنى اللازم والمصاحب للحكم المستفاد من اللفظ.
*
النَّسْخ
الضابط الأول: تعريف النسخ:
لغة: هو الإزالة والنقل.
واصطلاحًا: رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة.
ضوابط في النسخ:
1 -
النسخ جائز عقلًا وواقع شرعًا، وهو يقع في نصوص الكتاب والسنة.
2 -
الإجماع لا ينسخ نصًّا من الكتاب والسنة، لكن بمستنده.
3 -
القياس لا ينسخ نصًّا ولا إجماعًا.
4 -
النسخ لا يكون إلا بعد العجز عن الجمع، ويعلم المتقدم والمتأخر.
5 -
الأخبار لا يدخلها النسخ.
6 -
الأحكام التي تكون مصلحة في كل زمان ومكان لا تُنسَخ.
7 -
الأحكام الكلية في الشريعة لا تُنسَخ.
8 -
النسخ والتخصيص يشتركان في أن كلَّا منهما قصر للحكم على بعض مشتملاته، إلا أن النسخ قصر للحكم على بعض الأزمان، والتخصيص قصر للحكم على بعض أفراده.
9 -
يجوز نسخ لفظ الآية دون حكمها، ويجوز العكس، ويجوز نسخهما معًا.
10 -
القرآن ينسخ القرآن والسنة، والسنة تنسخ السنة، وتنسخ القرآن على الراجح.
11 -
يجوز النسخ إلى بدل أخف وأثقل ومساوٍ، وإلى غير بدل.
*
ترتيب الأدلة والترجيح
الضابط الأول: تعريف الترجيح:
هو تقديم أحد الدليلين المتعارضين على الآخر، على أساس الضوابط والقواعد الأصولية.
الضابط الثاني: تعريف التعارض:
هو تقابل الدليلين بحيث يخالف أحدهما الآخر، أي في نظر المجتهد، حيث إنَّ إثبات أحدهما يقتضى نفي الآخر.
فائدة: لا تعارض بين نصوص الشريعة في الحقيقة، وإنما التعارض في ذهن المجتهد.
المسالك العامة عند إيهام التعارض:
المسلك الأول: الجمع، بحيث يحمل كل من الأدلة على حال لا يناقض الآخر فيها.
المسلك الثاني: فإن لم يمكن الجمع، فالمتأخر ناسخ إن علم التاريخ فيعمل به دون الأول المنسوخ.
المسلك الثالث: فإن لم يعلم التاريخ عمل بالراجح إن كان هناك مرجح.
المسلك الرابع: فإن لم يوجد لديه مرجح وجب التوقف.
حالات تعارض العام مع العام:
الحال الأولى: أن يقوم دليل يدل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر فيخصص به.
الحال الثانية: إن لم يقم دليل على التخصيص، أي تخصيص عموم أحدهما بالآخر عمل بالراجح وذلك بتقديم المحفوظ على غير المحفوظ.
صور الترجيح:
1 -
يرجح النص على الظاهر.
2 -
يقدم المنطوق على المفهوم.
3 -
يقدم المثبت على النافي.
4 -
ويقدم الناقل عن الأصل على المبقى عليه.
5 -
يقدم العام المحفوظ الذى لم يخصص على غير المحفوظ.
6 -
يقدم ما كانت صفات القبول فيه أكثر على ما دونه.
7 -
ويقدم صاحب القصة على غيره.
8 -
يقدم المباشر للقصة على غيره.
9 -
يقدم من الإجماع القطعي على الظني.
10 -
يقدم القياس الجلي على الخفي.
11 -
يقدم القول على الفعل.
12 -
يقدم الحاظر على المبيح.
* * *
الاجتهاد
الضابط الأول: تعريف الاجتهاد:
لغة: بذل الجهد لإدراك أمر شاق.
واصطلاحًا: بذل المجتهد وسعه في استنباط حكم شرعي.
ضوابط في الاجتهاد:
1 -
الاجتهاد نوعان: اجتهاد كلي، واجتهاد جزئي.
2 -
ليس كلُّ مجتهد مصيبًا.
3 -
لا يجوز للمجتهد التقليد.
4 -
لا يمكن خلو العصر من مجتهد.
5 -
الاجتهاد لا يُنقَض باجتهاد آخر.
6 -
يشترط في المجتهد أن يكون كامل الآلة، وذلك بعلمه بالأدلة، والناسخ والمنسوخ منها، ومواضع الإجماع، ومعرفة باللغة، وأصول الفقه، وأن تكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام.
التقليد
الضابط الأول: تعريف التقليد:
لغةً: وضع الشيء في العنق محيطًا به كالقلادة.
واصطلاحًا: قبول قول القائل بدون معرفة دليله.
ضوابط في التقليد:
1 -
لا يجوز للمقلد الفتوى.
2 -
التقليد على خلاف النص تقليد محرم.
3 -
الإلزام بتقليد شخص أو مذهب معين لا يجوز.
* * *
الفتوى
الضابط الأول: تعريف المفتي:
هو المخبر عن حكم شرعي.
الضابط الثاني: تعريف المستفتي:
هو السائل عن حكم شرعي.
فائدة: مجهول الحال في العلم لا يجوز تقليده، ولا العمل بفتواه.
ويشترط في المفتي ما يشترط في المجتهد، بالإضاقة إلى أمور أخرى منها:
أن تكون له نية، والحلم والوقار والسكينة، والكفاية، ومعرفة أعراف الناس، وأن يكون قويا فيما هو عليه.
*
كيفية الوصول إلى الحكم الشرعي
1 -
تصور المسألة تصورًا صحيحًا.
2 -
إذا كان في المسألة إجماع فلا يخالفه.
3 -
الاطلاع على أقوال أهل العلم في المسألة، ومعرفة أدلة كل فريق.
4 -
دراسة أدلة المسألة من وجهين: الثبوت، والدلالة.
5 -
البحث عن أدلة أخري توضح حكم الشرع في المسألة.
*
الوسائل العلمية لصحة فهم النصوص الشرعية
1 -
الاعتماد على منهج الصحابة في فهم النصوص.
2 -
الجمع بين النصوص الشرعية الواردة في الباب الواحد، ويكون ذلك بطرق متعددة منها:
رد المطلق إلى المقيد، والعام إلى الخاص، والمجمل إلى المبين، والمتشابه إلى المحكم، فإن لم يستطع فالنظر في الناسخ والمنسوخ، وإلا فالترجيح بين النصوص.
3 -
معرفة اللغة العربية.
4 -
معرفة مقاصد الشريعة.
علم المقاصد
حدُّ المقاصد: هي المصالحُ والحِكَمُ والغاياتُ التي جاءتْ الشريعةُ لتحقيقها، والتي ترجعُ إلى تحقيقِ المصالحِ، ودرءِ المفاسدِ في الدين والدنيا ..
الموضوع: المصالحُ من حيث جلبها، والمفاسدُ من حيث درءها، والأحكامُ الشرعيةُ.
الواضع: يُعَد واضع علم المقاصد هو الإمام الشاطبي رحمه الله.
الاستمداد: من الكتاب، والسنة.
حكم تعلمه: فرضُ كفايةٍ على جماعة المسلمين، وفرضُ عينٍ على المجتهدين.
مسائله: ما يتعلقُ بالأدلة، والأحكام، والمكلَّفِ بهذه الأحكام.
*
نشأةُ علمِ المقاصدِ
كانت أصوله ممتزجةً مع التشريع منذ صدر الإسلام، فهو كغيره من العلوم الشرعية نزلَ يومَ نزلَ الوحيُ من السماء.
وراعاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في كثير من الأمور، وذلك كتركِه للمنافقين فلم يقتلهم أو يخرجهم من المدينة، وتركِه البيتَ على غيرِ قواعده، ومِن بعده المهاجرون والأنصارُ كالاجتماع على إِمامٍ لهم، وكذا الشيخان وعثمانُ رضي الله عنهم في جمع المصحف وغير ذلك.
وجاء القرن الرابع الهجري وكانت سمتُه الغالبةُ الاهتمامَ بالعللِ الجزئيةِ، والتنصيص عليها.
وفي القرن الخامس الهجري انتُقل فيه من طور الاهتمام بالتعليلات الجزئية إلى طور التأصيل والتنظير والتقعيد للمقاصد.
وفي القرن الثامن الهجري جاء الشاطبي فأبرز المقاصد وألف كتابه (الموافقات)، وأفرد للمقاصد جزءًا فيه وجعله كيانًا مستقلًّا، وأظهره وبيَّنه ونظَّر وقعَّد له وأضاف وفتح الباب لِمَنْ بعده.
ثم جاء الطاهر بن عاشور فتابع الشاطبيَّ وأعاد النظر والبحث في المقاصد وألف كتابه (مقاصد الشريعة)، ثم تابعه العلماء على ذلك.
*
أقسامُ المقاصدِ باعتبارِ النظرِ للأحكامِ
تنقسم إلى: عامة، وخاصة، وجزئية.
أقسامُ المقاصدِ باعتبارِ الحاجةِ إليها:
تنقسم إلى ثلاثة أقسام: مقاصد ضرورية _ مقاصد حاجية _ مقاصد تحسينية.
1 -
الضروريات: وهي التي تتوقف عليها حياةُ الناس ودينُهم، بحيث إذا فُقدت اختل نظامُ الحياة في الدنيا، وحَلَّ العقابُ في الآخرة.
وتجتمع في كلياتٍ خمسٍ: وهي حفظُ الدينِ، والنفسِ، والعقلِ، والمالِ، والنسلِ.
والمقصود بحفظ الضروريات: هو إيجادها، وصيانتها في حدها الأدنى الذي لا تقوم ولا تدوم إلا به.
وذلك بأمرين: الأول: ما يقيم أصل وجودها.
والثاني: ما يدفع عنها الاختلال الذي يعرض لها.
2 -
الحاجيات: هي التي يحتاج الناس إليها احتياجًا لا يبلغ حد الضرورة، ولكن فقدها ينشأ عنه ضيقٌ وحرجٌ.
3 -
التحسينيات: هي ما كان بها كمالُ حالِ الأمة، وهي المتمماتُ للأشياء.
ويدخل في التحسينات كلُّ مصلحةٍ ومنفعةٍ لا تصل إلى حد الضرورة أو الحاجة.
تنبيه مهم: ليس المراد بالتحسينيات المستحبات فقط، بل قد تكون مستحبات أو واجبات.
*
حاجةُ الناسٍ إلى مقاصدِ الشريعة:
علمُ المقاصدِ تعمُّ فائدتُه المسلمين أفرادًا وجماعاتٍ على تفاوتهم، فيستفيد منه عامةُ المسلمين، وطالبُ العلم، والمجتهدُ.
تنبيه: ليس معنى أنَّ الشريعةَ صالحة لكل زمانٍ ومكانٍ أن تُلوى أعناقُ النصوصِ لتوافقَ هوى الناسِ ورغباتِهم بحجة مقاصد الشريعة، فهذ المنزلقُ كان سببًا في انحرافِ بعض الناس.
وهذا أيضًا لا يعني أن نهملَ مقاصدَ الشريعةِ مخافةَ انحرافِ الناس، بل ننظر في المقاصد ونسعى لتحقيقها، لكن على وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.
* * *