الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الطبع محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
1423 هـ - 2002 م
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
حقوق الطبع محفوظة © 2002 م. لا يُسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إلكتروني يمكن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه. ولا يُسمح باقتباس أي جزء من الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخرى
دون الحصول على إذن خطي مسبق من الناشر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا وشكرًا على ما هدى وألهم، وأنعم وعلم، ووهب وفهم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ولا نعلم إلا ما علَّمناه، فسبحانه المبتدئ بالنعم، تفضلًا منه على العباد، الهادي من يشاء منهم ممن اختصه برحمته إلى سبيل الرشاد، بعث الرسل، وبيَّنَ السبل، وختم أنبياءه صلوات الله عليهم وسلامه بأكرمهم عليه وأحبهم إليه محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه القرآن بالحجة والبرهان؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينه.
وبعدُ: فإن أولى الأمور بمن نصح نفسه وأُلهم رشده، أن يصرف خالص أوقاته، ويستعمل حرّ جهوده وطاقاته لخدمة الشريعة وعلومها، فإن الله عز وجل أنزل کتابه العزيز على نبيه الکريم، ليبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، وإن ما انبثق من القرآن وما يتعلق به ويرجع إليه من علوم ومعارف، سواء منها المقاصد والوسائل، ما ذلك كله إلا جهود متنوعة متناسقة تندرج في معنى قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
فكان تبيين معاني الكتاب العزيز متمثلًا بالسنن النبوية القولية والفعلية وما في معناهما، وما استنبط منهما مما أُثر عن فقهاء الصحابة وعلمائهم من اجتهادات مختلفة، وهكذا حتى انتهى الأمر إلى أئمة الفقه الإسلامي الذين عنوا بوضع ضوابط للاجتهاد وقواعد للاستنباط، ثم اجتهدوا على ضوء تلك الضوابط والقواعد، فأخرجوا للناس فقهًا خالصًا سائغًا للطالبين، قائمًا على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكان من أبرز هؤلاء الأئمة الأعلام الإمام المبجل أبو عبد الله أحمد ابن حنبل الشيباني المروزي البغدادي رحمه الله تعالى.
ولما كان القسم الأول من الدراسة التي سبق جمعها حول مذهب هذا الإمام،
مقسومة أبحاثه إلى ثلاثة محاور، تنتظم تاريخه وخصائصه ومؤلفاته، وخُتم بدراسة عامة عن مؤلفات الحنابلة في الأصول والفروع، فقد سنحت بالبال فكرة جرد أهم المكتبة الحنبلية إتمامًا للفائدة وتكميلًا لما سبق من التأليف في هذا المضمار، واقتضى ذلك اختيار منهج في الشكل والموضوع ينبني على مراعاة تلك الجهود ويكون مكملًا لما عسى أن يكون فيها من نقص، مبرزًا لبعض الجوانب المغفلة، وكاشفًا لبعض الفوائد الدفينة المهملة.
ووقع الاختيار على سلوك الترتيب الزمني التاريخي للمؤلفين على غرار ما صنع ابن حميد في كتابه «الدر المنضد» ، وذلك لجعل القارئ المستفيد يلمح المسار العام، الذي كان يتنامى فيه التأليف عبر الزمن لدى فقهاء الحنابلة، ويلاحظ موقع كبار الشيوخ الذين ضربوا بحظ وافر وحازوا القدح المعلّى في تدوين المذهب وترتيبه والاحتجاج له، ثم تحريره وتنقيحه، ثم تصحيحه وتقريره، في الأصول والفروع، وذلك من أمثال أحمد بن هارون الخلال، وتلميذه أبي بكر عبد العزيز بن جعفر، والقاضي أبي يعلى بن الفراء وتلامذته؛ كأبي الخطاب وابن عقيل وابن الزاغوني، وكأبي محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي وقرينه المجد ابن تيمية، ومحمد بن مفلح، والعلاء المرداوي، وابن النجار الفتوحي، والشيخ منصور البهوتي.
فَعُرِّف کل مؤلف بشهرته وتاريخ وفاته، وخُصَّ بعنوان بارز يکون كالترجمة لما تحته، ليكون ذلك مفتاحًا سهلًا للوصول إلى ما له من مؤلفات، وبجانبه تاريخ وفاته، وتحت هذا العنوان تقع التسمية للمؤلف من: الاسم والنسبة والكنية واللقب والنسبة القبلية أو البلدية أو المهنية أو غير ذلك، مع ذكر المصدر الأساسي الذي ترجم له.
ثم تُسرد أهم ما لديه من مصنفات في الفقه والأصول، سواء في ذلك ما هو صحيح النسبة إليه وما هو مغلوط عليه أو مشكوك في صحته أو في كون موضوعه داخلًا في الفقه أو الأصول وما يتعلق بهما. ثم توثيق وجود الكتاب ومدى صحة نسبته إلى المؤلّف، وكشف ما قد يوجد في هذا من
التباس أو أوهام أو تداخلات. يليه ذكر ما أمكن التعرف عليه من مخطوطات الكتاب من خلال ما أفادت المصادر المعنية بهذا الجانب، ورُؤي ذِكرُ المخطوطات ولو كان الكتاب خارجًا إلى حيز الطباعة، لأن الغرض ليس قاصرًا على الاكتفاء بمعرفة كون الكتاب مخطوطًا أو مطبوعًا، ولا منتهيًا عند حدّ جرائد الفهارس، بل هو بالغٌ إلى إعطاء لمحة عن مدى وفرة مخطوطات الكتاب وموقعها من النسخة أو النسخ المطبوعة، وإن مما هو واقع مشهود أن كثيرًا من الطبعات القديمة لم تكن تعنى باستقصاء نسخ الكتاب وتحقيقه تحقيقًا سليمًا، بقدر ما كانت العناية مشدودة إلى نشره وإيصاله للطلاب والقراء لتعميم فائدته، الأمر الذي يلفت النظر إلى أهمية إعادة تحقيق كثير من تلك الكتب وفق الأصول والمناهج المتبعة، وقد حققت التجربة في هذا المضمار قدرًا لا بأس به من تصحيح بعض أمهات المذهب الحنبلي من مثل «المغني» و «الشرح الكبير» و «الإنصاف» و «منتهى الإرادات» وغير ذلك.
وبعد الفراغ من وصف المخطوطات، تُذكر طباعة الكتاب زمانًا ومكانًا وعددًا، ومن قام بتحقيق الكتاب أو عمل دراسة عنه أو عن المؤلف أو تصحيح أو إشراف على الطباعة، أو غير ذلك من الجوانب المتعلقة بهذا الشأن، وذلك بالقدر المستطاع.
ثم وصف الكتاب وصفًا موجزًا يعطي القارئ فكرة عامة عن موضوع الكتاب ومنهج المؤلِّف فيه، وبيان خصائصه وأهميته وما قد قيل فيه من كلمات التقريظ أو النقد أو غير ذلك.
وفي الأخير يُذكر ما تَمَّ على الكتاب من أعمال علمية متنوعة، كالشروح والحواشي والاختصارات والمنظومات والتصحيحات وغير ذلك؛ إتمامًا للفائدة ومزيدًا من الكشف والبيان لما يحتله الكتاب من منزلة، بالإضافة إلى إبداء ما بين التصانيف من الترابط والتناسق.
وسيجد القارئ في هذا الجزء شيئًا من التكرار مع ما سبق في الجزء الأول، ولكنه تكرار تدعو إليه الحاجة؛ لأن ما سبق من معلومات عن بعض المؤلفين ومؤلفاتهم اقتضاه السياق الموضوعي.
وبإتمام هذا القسم من «المذهب الحنبلي» يكون قد تقرب هذا المذهب إلى الأفهام تقريبًا يوضح تطوره الزمني، ويبرز بعض خصائص علمائه وسماتهم العامة، كما يوضح الجوانب التي تفرد الحنابلة بالعناية بها، وفي الأخير يضع بين أيدينا مكتبة في الفقه والأصول والقواعد والآداب وما يتعلق بذلك مرتبة ترتيبًا زمنيًا من أجل ردّ العَجز إلى الصدر وربط أول البحث بآخره.
ولو كُتب لكل مذهب من بقية المذاهب أن يقوم أهله بالتعريف به وبمصنفاته بصورة مفصلة، بعيدة عن أساليب العصبية المذهبية، متجانفة عن الدندنة حول المفاضلة بين الأئمة والترجيح بين المذاهب، فإن مستقبل الفقه الإسلامي سيكون بإذن الله زاهرًا مشرقًا، وقد أخذت بوادر الاهتمام في هذا المسعى تتزايد في المذهب المالكي بعد أن كادت جذوته أن تنطفئ على إثر الهجمات الصليبية التي تعرض لها التراث الإسلامي في الأندلس والمغرب التي تعتبر معاقل لهذا المذهب في القرون المتأخرة، ولكن أبى الله إلا أن يُتم نوره ولو کره الکافرون. والله الموفق لکل خير وهو الهادي إلى سواء السبيل.
د. عبد الله بن عبد المحسن التركي