المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ملخص الرسالة الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا - المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي - من أول كتاب النكاح إلى نهاية كتاب الإقرار)

[حميدة الجحدلي]

فهرس الكتاب

‌ملخص الرسالة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

وبعد.

فتعتبر فتاوى الصحابة رضي الله عنهم ثروة فقهية عظيمة، وقد نُقِلَ فقههم إلى من بعدهم من التابعين. وكان للأئمة الأربعة اهتمامًا بآثارهم، ومن أبرزهم الإمام أحمد وأصحابه.

وهذا ملخص رسالة علمية لنيل درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية، وهي دراسة فقهية على المذهب الحنبلي.

عنوان الرسالة: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي، (من أول كتاب النكاح إلى نهاية كتاب الإقرار) -جمعًا ودراسة-

وقد اشتملت على: مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة، وفهارس عدة

المقدمة: وفيها: أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، ومنهجي في البحث.

التمهيد: وفيه ثلاثة مباحث:

• المبحث الأول: نبذة مختصرة عن أصول مذهب الحنابلة.

• المبحث الثاني: التعريف بمذهب الصحابي.

• المبحث الثالث: حجية مذهب الصحابي عند الأصوليين.

الفصل الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في أحكام الأسرة.

الفصل الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الجنايات والديات والحدود والأطعمة والأيمان والقضاء والفتيا والإقرار.

وقد بلغت المسائل التي تختص ببحثي 69 مسألة وتم استقرائها من كتابي «كشاف القناع» و «شرح منتهى الإرادات» .

الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.

ومن أهم النتائج: أن المذاهب الفقهية الأربعة تجعل مذهب الصحابي حجة وإن اختلف مرتبة هذا الأصل بين أصولهم الأخرى ودلالة ذلك الأخذ به في فروعهم الفقهية.

ومن أهم التوصيات: إخراج موسوعة علمية فقهية جامعة للآثار ومرتبة على الأبواب الفقهية لتكون مرجعاً للناس عامة وطلبة العلم خاصة.

الباحثة: حميدة بنت غباش الجحدلي.

ص: 3

‌الإهداء

إلى من أحمل اسمه بافتخار، إلى من زرع فيَّ العزمَ والإصرار، فتجاوزت بفضل الله الصعاب بكل اقتدار، أبي الغالي.

إلى من كانت ولازالت لي غيمة عطاء، إلى من سجاياها الوفاء، إلى من كابدت من أجلي بكل عناء، أمي الغالية.

يامن بدعائكما بلغتُ الرتب، واليوم أصبح غرسكما رَطِب، فالحمد لله على ما نلته من شرف، وحققته من غاية وهدف.

إلى من شاركوني في الحياة إخواني وأخواتي.

إلى الصديقة التي كانت دومًا تسأل وتدعو، فوزية محمد.

إلى رفيقاتي وصديقاتي في الماجستير، أمل، أفنان،، سارة، فاطمة، فردوس.

إلى طلبة العلم الشرعي.

أهدي بحثي المتواضع سائلة المولى الرفعة في الدارين وأن ينفعني به.

ص: 5

‌الشكر والتقدير

تأسيَّا بقوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}

(1)

، فإني أتوجه بالشكر لله على جميع نعمه وعلى تيسيره لي لطلب العلم الشرعي، وإتمام هذا البحث، كما أسأله أن يجعل التوفيق والنجاح حليفًا لي في حياتي.

ثم أثني بالشكر لمن قرن طاعتهما بطاعته فأشكر والديَّ الكريمين اللَّذان ربياني فأحسنا تربيتي، وبذلا كل شيء من أجلي وهيأ لي مكاناً معينًا على كتابة بحثي، وألسنتهما تلهج لي بالدعاء، رغم تقصيري معهما، فجزاهما الله خير الجزاء، وأطال في أعمارهما على طاعته وأمدهما بالصحة والعافية.

كما أشكر إخواني وأخواتي على جهودهم ووقفتهم معي خلال مرحلة البحث، أسال الله أن يبارك فيهم ويكتب لهم الأجر والمثوبة ويحقق لهم كل خير.

كما أشكر شكرًا جزيلًا لمن عاصر معي هذا البحث طوال السنوات الماضية، مشرفي الفاضل الأستاذ الدكتور: خالد بن أحمد بابطين، فلقد وجهني وأرشدني، وصبر عليَّ، ولم يتذمر مني يومًا، بل كان ناصحًا ومعينًا، رغم انشغاله وأعبائه الكثيرة، فكتب له المولى الأجر والمثوبة، وأصلح له النية والذرية.

وأشكر جامعتي أم القرى على ما أتاحت من إكمالي للدراسات العليا، والقائمين على كلية الشريعة والدراسات الإسلامية وبالأخص أعضاء هيئة التدريس في مركز الدراسات الإسلامية على جهودهم في بذل العلم وخدمته وأخص منهم من قام بتدريسي وتعليمي فجزاهم الله خيرًا.

وأشكر مناقشتَي هذه الرسالة الدكتورة: إبتسام بنت محمد الغامدي، والدكتورة: صفية بنت أحمد القحطاني، على إعطائي الملحوظات لتقويم هذا البحث فجزاهن الله كل خير.

كما أشكر المرشد، الأستاذ الدكتور: محمد بن مطر السهلي الذي كان له دورٌ بارزًا في فترة تسجيل الموضوع، فكان يجيب على أسئلتي بصدر رحب، ولا يتضجر أبدًا، فجزاه الله خيرًا.

كما أشكر كل من أعان من دكاترة، ومشايخ، وطلبة، داخل الجامعة وخارجها في كل ما يخص البحث سواء في المادة العلمية أو ما يتعلق به من تنسيقات وبرامج يسرت إنجازه وأخص منهم د: فهد القحطاني، و د: جراح الفضلي، وأدعو لهم بظهر الغيب أن يكتب لهم ما تصبو إليه أنفسهم من خيري الدنيا والأخرة.

كما أشكر الطالب ستيفن مصطفى قاسم الذي لم يبخل عليَّ بإعطائي جزءًا من موضوعه الذي تقدم به للقسم حينما وافق طرح موضوعي لموضوعه فكتب الله له الأجر.

وأشكر أيضاً كل صديقاتي على الدعم والمساعدة، وتقديم الرأي الصواب، وخاصة صديقاتي في الماجستير، وأشكر الزميلة: حسنة القرني فبارك الله فيهن ورزقهن كل خير.

(1)

[سورة إبراهيم: 7].

ص: 6

‌المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .... وبعد.

فمن فضل الله سبحانه وتعالى أن يشغل الإنسان بما فيه النفع له وللآخرين، وأفضل النفع وأعظمه هو التفقه في دين الله، فقد جاء في الحديث الصحيح ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين))

(1)

، وهذا مسلك العلماء، وطريق الفقهاء، وإنما تشرف العلوم بشرف مقصودها، وتسمو بنبل غاياتها، وإن أشرف المقاصد، وأنبل المطالب، ما فيه بلاغ إلى مرضاة الله تعالى.

ولما منَّ الله عليَّ بالالتحاق بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، للحصول على درجة العالمية (الماجستير)، فقد استشرت المتخصصين للبحث عن موضوع واستخرت الله تعالى فشمَّرت الساعد، لأقدم ما فيه إضافة علمية شرعية للصرح المعرفي الإسلامي العظيم، ووقع اختياري على موضوع [المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي (من أول كتاب النكاح إلى نهاية كتاب الإقرار). جمعًا ودراسةً.

وهذا الموضوع قد أخذ منه الطالب ستيفن مصطفى قاسم ورقمه الجامعي 43280386 (العبادات من أول كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب الحج)، والمتبقي منه من (أول كتاب البيع إلى نهاية كتاب الإقرار)، وسيكون مجال بحثي بإذن الله تعالى (من أول كتاب النكاح إلى نهاية كتاب الإقرار).

أسأل الله أن يوفقنا لكل خير، وأن يكتب لهذا المركز ولمعلمينا ومشايخنا الأجر العظيم، والتوفيق والسداد لكل ما يحبه الله ويرضاه، لما بذلوه من وقت وجهد في خدمة دين الله سبحانه وتعالى.

•‌

‌ أهمية الموضوع:

1 -

بيان أثر الصحابة وغزارة علمهم في الفقه، وأنهم كانوا ينهلون من معين عظيم، ومنهج قويم.

(1)

متفق عليه، أخرجه البخاري في «صحيحه»: كتاب العلم، باب من يرد الله خيرا يفقه في الدين، (1/ 25)، رقم (71)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم، (6/ 53)، رقم (5065)

ص: 8

2 -

دراسة المسائل الفقهية الخلافية يٌنْشِئُ مَلَكَة لدى طالب العلم الشرعي، وآمل أن أكون بهذا البحث ممن يجعل له دُربة في إنشاء هذه الملكة.

3 -

العلوم الشرعية مرتبطة ببعضها ببعض، فمنها الفقهي، ومنها الأصولي، ومنها الحديثي، وبحثي هنا: فقهي، لكننا سيتضح مدى العلاقة بين هذه العلوم تتجلى في طيات هذا البحث، مما يؤكد أن العلوم الشرعية ذات منهجية وترتيب يُكمل بعضها بعضًا.

4 -

إن سرد المسائل خلال منهجية واحدة، وطريقة منفردة، يعود لأصل واحد، هو تجميع للمشتت، وبيان لما ضاع بين طيات المسائل واندثر، فجمعه في باب واحد، خدمةً للموضوع خصوصًا، وللفقه على وجه العموم.

•‌

‌ أسباب اختيار الموضوع:

1 -

من خلال البحث والتحري - القاصر-لم أقف على من بحث هذا الموضوع، وهو المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي من أول كتاب النكاح إلى نهاية كتاب الإقرار، لذلك من الحري أن يطرق بابه، وترسى مراسيه في بحث جامع يلم شتاته.

2 -

الرغبة الصادقة في الإسهام بما يثري الفقه الإسلامي، وما يتعلق به من مسائل وأحكام.

2 -

اعتماد مذهب الحنابلة في كثير من أقوالهم على ذكر أقوال الصحابة رضي الله عنهم، وهذه الحقيقة واضحة في كتبهم الفقهية، وأصول استدلالاتهم. قال الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله: (ما أجبت في مسألة إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجدت في ذلك السبيل إليه أو عن الصحابة أو عن التابعين، فاذا وجدت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعدل إلى غيره، فاذا لم أجد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين، فاذا لم أجد عن الخلفاء فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر فالأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاذا لم أجد فعن التابعين وعن تابعي التابعين، وما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث بعمل له ثواب إلا عملت به؛

ص: 9

رجاء ذلك الثواب ولو مرة واحدة.)

(1)

3 -

أردتُ من دراسة هذا الموضوع إثراء المكتبة الحنبلية، وإظهار توسعها في أدلتها، وأخذها بأقوال صحابة نبيها صلى الله عليه وسلم؛ ففيه بيان ارتباط فروع المذهب الفقهية بآثارهم.

•‌

‌ الدراسات السابقة:

من خلال البحث وجدتُ أن موضوع البحث فيه دراسات فقهية تتعلق به، ودراسات أصولية، وأخرى حديثية. وهذا يؤكد ما أشرتُ إليه في أهمية الموضوع؛ أن العلوم الشرعية مرتبطة ببعضها البعض وذات منهجية يُكْمل بعضها بعضًا.

‌أولًا: الدراسات الفقهية.

1 -

فقه الصحابة رضي الله عنهم.

وهي مجموعة من الرسائل بكلية الشريعة قسم الفقه بجامعة أم القرى تناولت فقه كل صحابي على حدة (كفقه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان وآل الدرداء رضي الله عنهم وفقه ابن الزبير رضي الله عنه، وفقه أبي هريرة رضي الله عنه في جامعة الإمام محمد بن سعود. وقد نوقشت جميعها.

2 -

المسائل الفقهية التي حكي فيها رجوع الصحابة رضي الله عنهم جمعًا ودراسة.

وهي رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى قسم الفقه للدكتور/ خالد بن أحمد بابطين. نوقشت عام 1428 هـ. وبلغ عدد المسائل (51) مسألة وذكر في النكاح خمس مسائل، وفي الطلاق ثلاث مسائل، وفي العدد خمس مسائل، وفي الرضاع مسألة واحدة، وفي الجنايات لم يذكر شيئًا، وفي الديات ثلاث مسائل، وفي الحدود مسألتين، وفي الأطعمة مسألتين، وفي الأيمان مسألة واحدة.

3 -

المسائل الفقهية التي تغير رأي الصحابي فيها دراسة تطبيقية في الفقه الإسلامي.

وهي رسالة دكتوراه بجامعة الأزهر بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة للباحث محمد عبده شتيوي نوقشت عام 1438 هـ.

4 -

الأقوال الفقهية الخلافية بين الصحابة رضي الله عنهم.

(1)

«المسودة» ، لآل تيمة، (ص: 336)

ص: 10

وهو مشروع لطلبة الدكتوراه، بكلية الشريعة قسم الفقه بالجامعة الإسلامية، وتناول الباحثون فيها، المسائل التي اختلفت أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيها، وقد نوقشت عام 1436 هـ.

وجميع الرسائل السابقة تعتبر جزءًا من موضوع بحثي؛ فالعلاقة عمومٌ وخصوص. وهي تناقش المسائل التي دليلها مذهب الصحابي سواء مع أدلة الكتاب والسنة أم لا. وأما بحثي فهو استقراء لكل المسائل الفقهية التي كان اعتماد الحنابلة فيها على مذهب الصحابي.

5 -

الموسوعات التي أصدرها الدكتور محمد رواس قلعجي.

كموسوعة فقه أبي بكر الصديق وموسوعة فقه عمر بن الخطاب وموسوعة فقه عثمان بن عفان وموسوعة فقه عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهم وهي مرويات للصحابة رضي الله عنهم مرتبة بحسب حروف المعجم.

6 -

معجم فقه السلف عترة وصحابة وتابعين للدكتور محمد المنتصر الكتاني.

وقد جمع فيه فقه الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين.

7 -

المسائل الفقهية التي بناها الإمام أحمد بن حنبل على قول الصحابي في أبواب العبادات، (دراسة فقهية مقارنة.)

وهي رسالة ماجستير بجامعة آل البيت، بكلية الشريعة بالأردن، للطالب: محمود بن أحمد الرواي، نوقشت عام 1439 هـ.

والفرق بين بحثي وبين هذه الرسالة:

• هذه الرسالة في قسم العبادات وبحثي من أول كتاب النكاح إلى نهاية كتاب الإقرار.

• بالإضافة إلى أنها ركزت على المذهب الشخصي وبحثي يركز على المذهب الاصطلاحي.

8 -

المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في العبادات. جمعاً ودراسةً.

للطالب ستيفن مصطفى قاسم. بجامعة أم القرى وهو جزء من موضوعي سبقني به الطالب، ونوقشت عام 1439 هـ.

9 -

المسائل التي بناها الإمام أحمد على قول الصحابي جمعًا وتوثيقًا ودراسة:

وهي رسائل دكتوراه بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، ونوقشت.

ويفارق موضوعي هذا المشروع فيما يلي:

• أن المشروع يركز على مذهب الإمام أحمد نفسه (المذهب الشخصي) بينما بحثي يركز على المذهب الاصطلاحي (مذهب الحنابلة).

ص: 11

• أن المشروع يركز على ما نص الإمام أحمد بنفسه على دليله، بينما بحثي يركز على ما لم ينص الإمام أحمد على دليله، وإنما الذي استدل به الأصحاب من بعده، ولذا فإني لن أتفق معهم في أي مسألة.

وأضرب لهذا مثالاً:

ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أن الظهار يصح قبل النكاح، فلو قال رجل: كل امرأة أتزوجها هي علي كظهر أمي، ثم تزوجها، فإنها لا تحل له حتى يُكَفِر

(1)

، واحتج على ذلك قائلاً:(نذهب إلى حديث عمر بن الخطاب) ويعني به ما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال في رجل قال: إن تزوجت فلانة، فهي علي كظهر أمي، ثم تزوجها قال: عليه كفارة الظهار.

(2)

فهذه المسألة لن تكون ضمن حدود بحثي لكون الإمام ساق حجته من قول عمر رضي الله عنه، بل هي من ضمن مسائل المشروع.

وفي المقابل فقد ذهب الحنابلة -وهو قول الجمهور

(3)

-إلى أن المرأة يقام عليها الحد جالسة، واحتجوا على ذلك بوروده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

(4)

، وهذا القول وإن كان قد نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في أكثر من موضع؛ لكننا لم أقف من خلال ما بين يدي من المصادر على احتجاج الإمام أحمد رحمه الله بأثر علي رضي الله عنه، وعليه فتكون هذه المسألة ضمن حدود بحثي، ولن تكون -قطعاً-ضمن حدود المشروع.

10 -

الأقوال الفقهية المخرجة في مذهب الإمام أحمد جمعًا ودراسة.

وهو مشروع بقسم الفقه كلية الشريعة بجامعة أم القرى. وهي رسائل دكتوراه وقد نوقشت.

(1)

«الكافي» ، لابن قدامة، (3/ 165)

(2)

أخرجه الإمام مالك في «الموطأ» كتاب الطلاق، ظهار الحر (4/ 802) رقم (2057)، وسعيد بن منصور في «سننه» (1/ 290) رقم (1023)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 360) رقم (15252)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (6/ 435) رقم (11550)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 65) رقم (17843)، وصححه الزرقاني في شرحه للموطأ عن عمر (3/ 324)

(3)

الجمهور: أي الأحناف، والشافعية، والحنابلة، وانظر لهذه المسألة:«حاشية ابن عابدين» ، (3/ 171)، «تحفة المحتاج» (9/ 174)، «كشاف القناع» ، (14/ 19)

(4)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 375)، رقم (13532)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 567) رقم (17582) وضعفه ابن حجر رحمه الله في «الدارية في تخريج أحاديث الهداية» (2/ 98) والألباني في «الإرواء» (7/ 365)

ص: 12

ويفارق موضوعي هذا المشروع فيما يلي:

• موضوعي أخص من حيث أنه خاص بقول الصحابي دون باقي المسائل الأصولية.

• ويمكن أن يكون موضوعي أعم من موضوع المشروع باعتبار أنه يشمل جميع أقوال الحنابلة سواء أكانت من المفردات أم لا، وموضوع المشروع خاص بما انفرد به الحنابلة عن غيرهم من المذاهب.

• موضوع المشروع الهدف منه الحكم على الآثار والأقوال بالدرجة الأولى، وأما موضوعي فهو لبيان الاستدلال.

‌ثانيا: الدراسات الأصولية:

1 -

قول الصحابي وحجية العمل به.

للدكتور أنس محمد رضا القهوجي وهو كتاب مطبوع وأصله رسالة ماجستير في كلية الدعوة الإسلامية في بيروت قسم الفقه وأصوله عام 1431 هـ.

2 -

مذهب الصحابي وأثره في مذاهب الأئمة الأربعة تطبيقًا في فقه العبادات.

وهي رسالة ماجستير في أصول الفقه بجامعة أم القرى للدكتور: نزار معروف بنتن نوقشت عام 1414 هـ.

3 -

قول الصحابي وأثره في الأحكام الشرعية رسالة ماجستير للطالب كمال بوزيدي بجامعة الجزائر، كلية المعهد العالي الوطني لأصول الدين بالجزائر عام 1991 م.

4 -

مذهب الصحابي وأثره في الفقه الإسلامي للطالب خميس الحديدي.

وهي رسالة ماجستير في الفقه وأصوله بكلية الدراسات العليا في الجامعة الأردنية 1995 م.

ويفارق موضوعي هذه الدراسات فيما يلي:

• أن هذه الدراسات تناولت مذهب الصحابي من الناحية الأصولية، وأما بحثي فمن الناحية الفقهية

• ذُكِرت فيها المسائل كأمثلة فليست دراسة استقرائية.

• شرط المسائل المذكورة تختلف عن شرطي، فهي ذكرت للاستدلال بمذهب الصحابي فيها ولو كان تبعاً على وجه الاقتصار، وأما دراستي فهي استقراء لكل المسائل الفقهية التي كان اعتماد الحنابلة فيها على مذهب الصحابي.

‌ثالثا: الدراسات الحديثية:

الآثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم.

ص: 13

وهو مشروع لطلبة الدكتوراه بكلية الدعوة وأصول الدين قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى وفكرته، تخريج الآثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم والحكم عليها صحةً وضعفًا فقط.

•‌

‌ منهجي في بحث الموضوع:

سوف أسير على المنهج الذي تم الموافقة عليه للطالب ستيفن مصطفى قاسم حتى يكون البحث متجانسًا، وسوف يكون المنهج كالتالي:

1 -

المنهج الاستقرائي، والذي يظهر من خلال استقراء المسائل الفقهية المبنية على الاحتجاج بمذهب الصحابي عند الحنابلة من خلال كتابي «كشاف القناع» و «شرح منتهى الإرادات.» .

2 -

معنى قولي: بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي: أن الحنابلة ليس لهم دليل نقلي في هذه المسالة إلا قول الصحابي. فلن يدخل في دراستي وبحثي ما اعتمدوا فيه آيةً، أو حديثًا.

3 -

التوثيق للمسائل من خلال كتب الحنابلة المعتمدة.

4 -

أذكر الأقوال الفقهية في المسألة، مقتصرة على بيان الروايات في المذهب الحنبلي، وتوثيق نسبة هذه الأقوال من كتب المذهب المعتبرةً.

5 -

أستدل بأهم الأدلة التي استدل بها أصحاب كل رواية في المذهب الحنبلي، مع ذكر وجه الدلالة لكل رواية إن لم تكن الرواية صريحة في الحكم.

6 -

أختم كل مسألة بجمع بين الرواية إن أمكن لي ذلك، أو ترجيح ما أراه راجحاً، وبيان سبب الترجيح في نظري القاصر، أو التوقف عن الترجيح إن لم يتبين لي ترجيحاً.

7 -

أوثق الأقوال والنصوص من مراجعها الأصيلة، بقدر طاقتي واستطاعتي.

8 -

ألتزم بالموضوع، ولا أتطرق لما لا يدخل في موضوع البحث، أو الاستطراد فيه، وأرجو أن أكون قد وفقت للحق والصواب، والابتعاد عن التعصب المذموم.

9 -

أكتب الآيات القرآنية بالرسم العثماني، وأعزوها إلى سورها، مع ذكر رقم الآية.

10 -

أخرِّج الأحاديث من مظانها في كتب الحديث، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بذلك، وإن كان في غيرهما ذكرت مكانه في الكتب الحديثية المعتمدة، فأذكر الكتاب، والباب، والجزء، ورقم الحديث، أو الأثر، مع بيان ذكر أقوال العلماء فيه.

ص: 14

11 -

أقوم بالتعريف بالمصطلحات العلمية.

12 -

أشرح الكلمات الغريبة من مصادرها الأصلية.

13 -

أترجم للأعلام الواردة أسماؤهم في الرسالة، ترجمة موجزة، تاركة المشهورين منهم، كالعشرة المبشرين بالجنة ومشاهير الصحابة: كأبي هريرة رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها، والأئمة الأربعة أو من جاء بعدهم كشيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمه الله، ومشاهير المعاصرين: كابن عثيمين رحمه الله.

14 -

ألتزم بوضع الفهارس العلمية في آخر الرسالة حسب ما ذكرت في بيان الخطة.

‌خطة البحث:

تتكون خطة البحث من مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة.

والمقدمة فيها، تمهيد وفيه ثلاثة مباحث:

• المبحث الأول: نبذة مختصرة عن أصول مذهب الحنابلة.

• المبحث الثاني: التعريف بمذهب الصحابي.

• المبحث الثالث: حجية مذهب الصحابي عند الأصوليين.

* الفصل الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في أحكام الأسرة، وفيه مبحثان:

• المبحث الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب النكاح والصداق، وفيه اثنا عشر مطلباً:

• المطلب الأول: اجتماع النكاح لصاحب الشهوة مع نوافل العبادات.

• المطلب الثاني: النظر إلى الأمة المستامة.

• المطلب الثالث: القدر المجزئ من خٌطبة النكاح.

• المطلب الرابع: تزويج الأب أولاده الصغار.

• المطلب الخامس: توكيل الولي في إيجاب النكاح مطلقاً.

• المطلب السادس: تولي طرفي العقد في النكاح.

• المطلب السابع: وطء الأمة الزانية.

• المطلب الثامن: من وجدت زوجها خصيًا.

• المطلب التاسع: مقدار متعة النساء.

ص: 15

• المطلب العاشر: من دُعِيَ إلى وليمة وكان صائمًا.

• المطلب الحادي عشر: الحكم فيما لوكان الزوج كثير الجماع.

• المطلب الثاني عشر: عدد المبيت عند الحرة.

• المبحث الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الخلع والطلاق والرجعة والإيلاء والظهار واللعان والعدد والرضاع والنفقات، وفيه ثلاثة عشر مطلبًا:

• المطلب الأول: الخلع دون الحاكم.

• المطلب الثاني: طلاق الحرج.

• المطلب الثالث: قول الزوج فراشي عليَّ حرام.

• المطلب الرابع: الموهوبة لأهلها.

• المطلب الخامس: تعليق الطلاق بمشيئة الله.

• المطلب السادس: الكتمان في الإشهاد على الرجعة.

• المطلب السابع: الإيلاء في الغضب والرضا.

• المطلب الثامن: الفيئة من الإيلاء للعاجز عن الجماع.

• المطلب التاسع: ظاهر من نسائه بكلمة واحدة.

• المطلب العاشر: أقل مدة الحمل.

• المطلب الحادي عشر: بداية عدة من فارقها زوجها بطلاق أو موت.

• المطلب الثاني عشر: الرضاع من لبن الفاجرة.

• المطلب الثالث عشر: صفة قوت من يعول.

* الفصل الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الجنايات والديات والحدود والأطعمة والأيمان والقضاء والفتيا والإقرار، وفيه ثلاثة مباحث:

• المبحث الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الجنايات والديات، وفيه ثلاثة عشر مطلبًا:

• المطلب الأول: من أريد قتله فقال شخص أنا القاتل.

• المطلب الثاني: إذا اجتمع اثنان على شخص فجرحه أحدهما وقتله الأخر.

• المطلب الثالث: حبس القاتل حتى بلوغ صاحب الدم.

• المطلب الرابع: قيمة الدية إذا اصطدم حران ثم ماتا.

ص: 16

• المطلب الخامس: إذا قتل المنجنيق أحد الثلاثة الرماة.

• المطلب السادس: إذا وقع أحد على آخر فمات.

• المطلب السابع: من ادعى فقد بصر العين.

• المطلب الثامن: قيمة الغرة.

• المطلب التاسع: ما تحمله العاقلة من الجراحات.

• المطلب العاشر: دية الشعور الأربعة.

• المطلب الحادي عشر: مقدار دية الترقوة.

• المطلب الثاني عشر: حكم من أتلف شيء بالعبد.

• المطلب الثالث عشر: دية تسويد السن.

• المبحث الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الحدود، وفيه عشرون مطلبًا:

• المطلب الأول: من ارتكب حدًا جاهلًا.

• المطلب الثاني: إقامة الحد على الأمة المزوَّجة.

• المطلب الثالث: صفة إقامة الحد على الرجل.

• المطلب الرابع: عدم مد المحدود وربطه وشده.

• المطلب الخامس: اتقاء الضارب في الحد للرأسَ والوجهَ.

• المطلب السادس: صفة إقامة الحد على المرأة.

• المطلب السابع: إذا اجتمعت الحدود.

• المطلب الثامن: من سرق من بيت المال.

• المطلب التاسع: سرقة أحد الزوجين مال الآخر.

• المطلب العاشر: موضع القطع لليد اليمنى في السرقة الأولى.

• المطلب الحادي عشر: موضع القطع للرجل اليسرى في السرقة الثانية.

• المطلب الثاني عشر: ثبوت الإمامة بإجماع المسلمين.

• المطلب الثالث عشر: ثبوت الإمامة بتنصيص الخليفة قبله.

• المطلب الرابع عشر: ثبوت الإمامة بالغلبة.

• المطلب الخامس عشر: حكم مراسلة أهل البغي.

• المطلب السادس عشر: عزل الإمام لنفسه.

• المطلب السابع عشر: غنيمة أموال أهل البغي وسبي ذريتاهم.

ص: 17

• المطلب الثامن عشر: قتل مدبر وجريح أهل البغي.

• المطلب التاسع عشر: من أظهر من قول الخوارج.

• المطلب العشرون: من أتى حدًا من أهل البغي.

• المبحث الثالث: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الأطعمة والأيمان والقضاء والفتيا والإقرار، وفيه أحد عشر مطلبًا:

• المطلب الأول: شَيَّ الجراد حياً.

• المطلب الثاني: الاصطياد بالبندق.

• المطلب الثالث: الحكم في اليمين الغموس.

• المطلب الرابع: حلف الرجل لا يأوي مع امرأته في هذا العيد.

• المطلب الخامس: طلب القاضي الرزق من بيت المال.

• المطلب السادس: جواب ما لا يحتمله السائل.

• المطلب السابع: حكم القاضي لنفسه.

• المطلب الثامن: إحضار المدعى عليه.

• المطلب التاسع: وجود البينة بعد يمين المنكر.

• المطلب العاشر: أمد الحق الغائب.

• المطلب الحادي عشر: شروط قبول المزكيين.

• الخاتمة، وفيها:

• أهم النتائج.

• التوصيات.

• الفهارس وتحتوي على:

1 -

فهرس الآيات.

2 -

فهرس الأحاديث.

3 -

فهرس الآثار.

4 -

فهرس الأعلام.

5 -

فهرس الأماكن والبلدان.

ص: 18

6 -

فهرس الكلمات الغريبة.

7 -

فهرس المصطلحات الفقهية.

8 -

فهرس المصادر والمراجع.

9 -

فهرس الموضوعات.

ص: 19

‌التمهيد

وفيه ثلاث مباحث:

•‌

‌ المبحث الأول: نبذة مختصرة عن أصول مذهب الحنابلة،

وفيه ثلاثة مطالب:

* المطلب الأول: معنى الأصل لغة واصطلاحًا.

* المطلب الثاني: معنى المذهب لغة واصطلاحًا.

* المطلب الثالث: أصول مذهب الحنابلة مختصرة.

• المبحث الثاني: التعريف بمذهب الصحابي، وفيه ثلاثة مطالب:

* المطلب الأول: معنى الصحابي لغةً واصطلاحًا.

* المطلب الثاني: معنى مذهب الصحابي.

* المطلب الثالث: مكانة الصحابة رضي الله عنهم.

• المبحث الثالث: حجية مذهب الصحابي، وفيه خمسة مطالب:

* المطلب الأول: تحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي.

* المطلب الثاني: آراء الأئمة الثلاثة (أبي حنيفة ومالك والشافعي) في مذهب الصحابي إجمالًا.

* المطلب الثالث: القائلون بحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.

* المطلب الرابع: النافون لحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.

* المطلب الخامس: الترجيح.

ص: 20

نبذة مختصرة عن أصول مذهب الحنابلة، وفيه ثلاثة مطالب:

* المطلب الأول: معنى الأصل لغة واصطلاحًا.

* المطلب الثاني: معنى المذهب لغة واصطلاحًا.

* المطلب الثالث: أصول مذهب الحنابلة مختصرة.

ص: 21

التمهيد

‌المطلب الأول: معنى الأصل لغة واصطلاحًا:

‌أولًا: معنى الأصل لغة:

تطلق كلمة الأصل في اللغة على معانٍ منها:

• أساس الشيء: جاء في «معجم مقاييس اللغة»

(1)

: الهمزة والصاد واللام، ثلاثة أصول متباعد بعضها من بعض، أحدها: أساس الشيء.

• أسفل الشيء: جاء في «تاج العروس»

(2)

الأصل أسفل الشيء يقال: قعد في أصل الجبل، وأصل الحائط، وقلع أصل الشجر، ثم كثر حتى قيل: أصل كل شيء: ما يستند وجود ذلك الشيء إليه.

• القاعدة: جاء في «المفردات في غريب القران»

(3)

أصل الشيء قاعدته التي لو توهمت مرتفعة لارتفع بارتفاعه سائره لذلك.

‌ثانيًا: معنى الأصل اصطلاحًا:

1.

عبارة عما يبنى عليه غيره، ولا يبنى هو على غيره.

(4)

2.

الأصل يطلق على أربعة أشياء:

الأول: الدليل، كقولهم أصل هذه المسألة الكتاب والسنة. أي دليلها وهذا المراد هنا في علم الأصول.

الثاني: الرجحان: أي على الراجح من الأمرين. كقولهم الأصل في الكلام الحقيقة دون المجاز.

الثالث: القاعدة المستمرة، كقولهم أكل الميتة على خلاف الأصل أي على خلاف الحالة المستمرة.

(1)

لابن فارس، (1/ 109) مادة (أصل.)

(2)

للزَّبيدي، (14/ 18) مادة (أصل.)

(3)

للأصفهاني (ص: 79) مادة (أصل.)

(4)

«التعريفات» ، للجرجاني، (ص: 28)

ص: 22

الرابع: المقيس عليه: وهوما يقابل الفرع في باب القياس.

(1)

* * *

‌المطلب الثاني: معنى المذهب لغة واصطلاحًا.

‌أولاً: معنى المذهب لغة:

• جاء في «معجم مقاييس اللغة»

(2)

ذهاب الشيء: مضيه. يقال ذَهَب يَذْهَب ذَهابًا وذُهوبًا. وقد ذهب مذهبًا حسنًا.

• وفي «لسان العرب»

(3)

الذهاب: السير والمرور. والمذهب: مصدر، كالذهاب. والمذهب: المعتقد الذي يذهب إليه. وذهب فلان لذهبه: أي لمذهبه الذي يذهب فيه.

• وفي «تاج العروس»

(4)

الطريقة: يقال: ذهب فلان مذهبًا حسنًا أي طريقة حسنة.

‌ثانيًا: معنى المذهب اصطلاحًا:

هو: ما قاله بدليل ومات قائلًا به، ومذهب كل واحد عرفًا، وعادةً، ما اعتقده جزمًا أو ظنًا بدليل، ويُعْلَم ذلك من قوله، وخطه، وتأليفه، وينقل إلينا جزمًا أو ظنًا.

(5)

وعند الأصوليين هو: الطريق الذي يسلكه المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.

(6)

وبالتالي فمذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: هو: جملة الأحكام التي ذهب إليها، أو مجموع المسائل الفقهية التي قال بها، وما أُلحِق بذلك مما خرجه أصحابه على قواعده وأصوله.

(7)

(1)

«التحبير شرح التحرير» للمرداوي، (1/ 152، 153)، «شرح الكوكب المنير» ، لابن النجار (1/ 39، 40)

(2)

(2/ 362)، مادة (ذهب).

(3)

(1/ 393)، مادة (ذهب).

(4)

(1/ 506، 505)، مادة (ذهب).

(5)

«المسودة» ، (ص 533)

(6)

«معجم مصطلح الأصول» ، لهيثم هلال، (ص 286)

(7)

انظر «المذهب الحنبلي» ، للتركي، (1/ 14)

ص: 23

‌المطلب الثالث: نبذة مختصرة عن أصول مذهب الحنابلة:

مما هو معلوم أن كل إمام من الأئمة الأربعة، كانت له أصول في الاستدلال، من خلالها يتم التوصُّل إلى استنباط الأحكام الشرعية، ومن هؤلاء الأئمة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله مؤسس المذهب الحنبلي، فلقد كانت له أصول يتوصل من خلالها لمعرفة الحكم الشرعي، وكان رحمه الله أعلم بالكتاب والسنة والآثار.

قال ابن تيمية رحمه الله في ثناءه على الإمام أحمد رحمه الله: (كان أعلم من غيره بالكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ ولهذا لا يكاد يوجد له قول يخالف نصًا كما يوجد لغيره، ولا يوجد له قول ضعيف في الغالب إلا وفي مذهبه قول يوافق القول الأقوى، وأكثر مفاريده التي لم يختلف فيها مذهبه، يكون قوله فيها راجحًا).

(1)

وقد قام أصحابه من بعده بتدوين هذه الأصول في كتبهم، وكان استنباطهم لها من خلال فتاويه، وأقواله، ومسائله.

قال ابن القيم رحمه الله: (كان أحمد رحمه الله شديد الكراهة لتصنيف الكتب، وكان يحب تجريد الحديث، ويكره أن يكتب كلامه، ويشتد عليه جدًا، فعلم الله حسن نيته وقصده، فَكُتِبَ من كلامه وفتواه أكثر من ثلاثين سِفْرًا

(2)

، وَمَنَّ الله سبحانه علينا بأكثرها؛ فلم يَفُتْنَا منها إلا القليل، فقام الخلال

(3)

بجمع نصوصه في «الجامع الكبير»

(4)

فبلغ نحو عشرين سِفْرًا أو أكثر، ورويت فتاويه ومسائله وحُدِثَّ بها قرنًا بعد قرن، فصارت إمامًا وقدوةً لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم).

(1)

«مجموع الفتاوى» (20/ 229)

(2)

السِّفر: بالكسر هو: الكتاب، والجمع أسفار. انظر:«الصحاح» للجوهري (2/ 686)

(3)

هو: أحمد بن محمد الخلال، أبو بكر، أخذ عن الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر، وعنه أبو بكر عبد العزيز، ومحمد بن المظفر، من مؤلفاته، «الجامع» ، و «العلل» ، شهد له شيوخ المذهب بالفضل والتقدم، مات سنة (311 هـ)«طبقات الحنابلة» لأبي يعلى (2/ 12)«المقصد الأرشد» لابن مفلح (1/ 166)

(4)

قسم الخلال رحمه الله كتابه لعدة أبواب، ثم يجمع تحت الباب المترجم كل ما روي عن الإمام أحمد مما يراه صالحًا أن يترتب في ذلك الباب، ولا يقسم الباب إلى فصول، ولا يرتب المرويات داخل الباب الواحد، بل يسردها تباعًا على طريقة كتب الحديث الجامعة المصنفة على الموضوعات الفقهية وغيرها، ويجرد مسائل الإمام أحمد رحمه الله من جميع الأقوال الأخرى ما عدا قول أحمد، فلا يدخل مع قول الإمام ما لم يجزم أنه من كلامه. انظر:«المذهب الحنبلي دراسة في تاريخه وسماته» للتركي (1/ 427)

ص: 24

ثم شرع في تلك الأصول قائلًا: فتاوى الإمام أحمد رحمه الله مبنية على خمسة أصول:

‌1 - النصوص:

فإذا وَجَدَ النص أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه، ولا إلى مَنْ خالفه -كائنًا من كان-، فلم يلتفت إلى خلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المبتوتة

(1)

لحديث فاطمة بنت قيس

(2)

، ولا إلى خلافه في التيمم للجنب لحديث عمار بن ياسر

(3)

، إلى غير ذلك.

(4)

فإذا لم يكن في المسألة نصًا انتقل إلى الأصل الثاني وهو

‌2 - فتاوى الصحابة:

إذا وَجَدَ الإمام أحمد رحمه الله لبعضهم فتوى، لا يعرف له مخالف منهم فيها، لم يتجاوز إلى غيرها، ولم يقل: إن ذلك إجماع، بل من ورعه في العبارة يقول:(لا أعلم شيئا يدفعه، أو نحو هذا) وإذا وجد هذا النوع عن الصحابة، لم يقدم عليه عملًا، ولا رأيًا، ولا قياسًا.

(5)

وكان رحمه الله يقول (ما أجبت في مسألة إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا وجدت في ذلك السبيل

(1)

المبتوتة: هي البائن سواء كان بفسخ أو طلاق. انظر: «المطلع على أبواب المقنع» للبعلي (ص 424)

وحديثه أخرجه مسلم في «صحيحه» ، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، (2/ 1114) رقم (1480) بعد (46). فهو: يرى رضي الله عنه أن المبتوتة لها السكنى والنفقة.

(2)

هي: فاطمة بنت قيس القرشية، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنها: ابن عباس، وجابر رضي الله عنهما، كانت عند أبي بكر المخزومي فطلقها فنكحت أسامة بن زيد. واجتمع أهل الشورى في بيتها لما قُتِلَ عمر رضي الله عنه وكانت من المهاجرات الأول. «معرفة الصحابة» لأبي نعيم، (6/ 3416) و «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (8/ 277)

وحديثها: أخرجه مسلم في «صحيحه» ، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، (2/ 1114) رقم (1480)، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولانفقة.

(3)

هو: عمار بن ياسر العنسي، أبو اليقظان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنه: أبي موسى، وابن عباس رضي الله عنها، كان من السابقين الأولين، هو: وأبوه، وكانوا ممن يعذب في الله، واستعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكوفة قتل بصفين سنة (37 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» ، لابن عبد البر (3/ 1135)، و «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 474)

وحديثه متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب التيمم، باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟ (1/ 75)، رقم (338)، وباب التيمم للوجه والكفين (1/ 75)، رقم (339)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب الحيض، باب التيمم (1/ 280) رقم (368)

(4)

انظر: «إعلام الموقعين» ، لابن القيم (2/ 51، 50)

(5)

«إعلام الموقعين» ، (2/ 55، 54)

والقياس: هو: حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. «روضة الناظر» لابن قدامة (2/ 141)

ص: 25

إليه، أو عن الصحابة، أو عن التابعين، فإذا وجدت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعدل إلى غيره، فإذا لم أجد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين، فإذا لم أجد عن الخلفاء فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر فالأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم أجد فعن التابعين، وعن تابعي التابعين، وما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث بعمل له ثواب إلا عملت به، رجاء ذلك الثواب ولو مرة واحدة.)

(1)

فإذا لم يكن في المسألة نص ولا قول صحابي فإنه ينتقل إلى الأصل الثالث من أصوله وهو:

‌3 - اختيار أقوال الصحابة عند اختلافهم:

إذا اختلف الصحابة تخيَّر من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف فيها، ولم يجزم بقول.

(2)

قال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ

(3)

في «مسائله» : (قيل لأبي عبد الله: يكون الرجل في قومه فيسأل عن الشيء فيه اختلاف، قال: يُفْتي بما يوافق الكتاب والسنة، وما لم يوافق الكتاب والسنة: أمسك عنه؛ قِيل له: أفيجاب عليه؟ قال: لا.)

(4)

فإن لم يكن في المسألة نص، ولا قول صحابي، أو واحد منهم، انتقل إلى الأصل الرابع من أصوله وهو:

‌4 - الحديث المرسل

(5)

والحديث الضعيف.

(6)

:

يأخذ بهما إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، ويرجحه على القياس. وليس مراده بالضعيف

(1)

«المسودة» ، (ص: 336)

(2)

«إعلام الموقعين» ، (2/ 55)

(3)

هو: إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، أبو يعقوب، ولد سنة (218 هـ)، أخذ عن الإمام أحمد، وعنه: أبو بكر النيسابوري، وعبد الله الفامي، قال الخلال: كان أخًا دِيْنٍ، وورع، ونقل عن أحمد رحمه الله مسائل كثيرة، مات سنة (275 هـ) انظر:«طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى، (1/ 108)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي، (13/ 19)

(4)

انظر: «مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري» باب الرأي والعلم، (2/ 167) رقم (1922) و «إعلام الموقعين» ، (2/ 55)

(5)

الحديث المرسل: هو: ما سقط من آخره من بعد التابعي. انظر: «نزهة النظر» لابن حجر (ص 100)

(6)

الحديث الضعيف: هو: كل حديث لم يجتمع فيه صفات الحديث الصحيح، ولا صفات الحديث الحسن. انظر:«معرفة أنواع علوم الحديث» ، لابن الصلاح، (ص: 112)

ص: 26

عنده الباطل ولا المنكر

(1)

ولا في روايته مُتَّهم بحيث لا يَسُوغ الذهابُ إليه، والعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قَسِيم الصحيح

(2)

، وقسم من أقسام الحسن

(3)

، فلم يكن رحمه الله يرى تقسيم الحديث إلى: صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف. والضعيف عنده مراتب فإذا لم يجد في الباب أثرًا يدفعه، ولا قول صحابي، ولا إجماع على خلافه؛ كان العمل به عنده أولى من القياس. ووافقه بقية الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، على هذا الأصل جُمْلَةً. وأشير بمثالٍ يدل على أنهم يقدمون الحديث الضعيف على القياس.

• فالإمام أبو حنيفة رحمه الله قَدَّمَ حديث القهقهة في الصلاة على محض القياس

(4)

، مع إجماع أهل الحديث على ضعفه.

(5)

.

• والإمام مالك رحمه الله يُقَدِم الحديث المرسل، والمنقطع،

(6)

والبلاغات،

(7)

وقول الصحابي على القياس.

(1)

المنكر: هو: الحديث الفرد الذي لا يعرف متنه، عن غير راويه، وكذا أطلقه كثيرون من المحدثين. «تدريب الراوي» للسيوطي، (1/ 276)

(2)

الحديث الصحيح: هو: الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذًا، ولا معللًا. انظر:«معرفة أنواع علوم الحديث» ، (ص: 79)

(3)

الحديث الحسن: قال ابن حجر رحمه الله: (فإن خف الضبط، مع بقية الشروط المتقدمة في حد الصحيح فهو: الحسن لذاته). «نزهة النظر» ، (ص 78). فيكون الحديث الحسن: ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه، غير معلل ولا شاذ.

(4)

والقياس أن لا تكون حدثًا، «بدائع الصنائع» ، للكاساني، (1/ 32).

(5)

سئل جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الرجل يضحك في الصلاة قال: ((يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء))، أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (1/ 225) رقم (672)، والدارقطني في «سننه» ، (1/ 295) رقم (601)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (2/ 376) رقم (3760)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (1/ 340)، رقم (3908)، وقال البيهقي في «نصب الراية لأحاديث الهداية» للزيلعي:(روى هذا أبو شيبة وهو: إبراهيم بن عثمان، فرفعه، وهو: ضعيف، والصحيح موقوف)(1/ 53) وقال ابن الملقن في «البدر المنير» : (تلخص من كلام هؤلاء الأئمة ضعف رفع هذا الحديث وصحة وقفه.)(2/ 405)

(6)

المنقطع: هو ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه. «تدريب الراوي» ، (1/ 235)

(7)

البلاغات هي قول الإمام مالك في الموطأ: بلغني عن فلان كقوله: بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((للمملوك طعامه وكسوته)). المصدر السابق (1/ 241)

ص: 27

• والإمام الشافعي رحمه الله قَدَّمَ خبر جواز الصلاة بمكة في وقت النهي

(1)

مع ضعفه ومخالفته لقياس غيرها من البلاد.

(2)

فإذا لم يكن في المسألة نص، ولا قول للصحابة، أو لواحد منهم، ولا أثر مرسل، أو ضعيف، انتقل إلى الأصل الخامس وهو:

‌5 - القياس:

كان الإمام أحمد رحمه الله يستعمله للضرورة قال في «كتاب الخلال» : سألت الشافعي عن القياس، فقال: إنما يُصَارُ إليه عند الضرورة، أو ما هذا معناه.

(3)

ثم قال ابن القيم رحمه الله: فهذه الأصول الخمسة من أصول فتاويه وعليها مدارها، وقد يتوقف في الفتوى لأسباب إما لتعارض الأدلة عنده، أو لاختلاف الصحابة فيها، أو لعدم اطلاعه فيها على أثرٍ، أو قول أحد من الصحابة، والتابعين. وكان شديد الكراهة والمنع للإفتاء في المسألة التي ليس فيها أثر عن السلف، كما قال لبعض أصحابه:(إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام).

(4)

ولم يقصد ابن القيم رحمه الله من أن أصول الإمام أحمد رحمه الله منحصرة فيما سبق، وإنما مراده هذه الأصول العامة والغالبة التي عليها الفتوى وإلا كما هو معلوم له أصوله أخرى ذكرها العلماء ومنها:

الإجماع

(5)

، والاستصحاب

(6)

، والمصالح المرسلة

(7)

، وشرع من قبلنا

(8)

وسد الذرائع

(9)

، والاستحسان

(10)

(1)

قول النبي صلى الله عليه وسلم ((لاصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا بعد الفجر حتى تطلع الشمس، إلا بمكة، إلا بمكة))، أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، (35/ 366)، وابن خزيمة في «صحيحه» ، (2/ 1299) رقم (2747)، والدارقطني في «سننه» ، (2/ 303) رقم (1575)، و (3/ 310) رقم، (26370)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (2/ 646) رقم (4103)، وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير»:(وعبد الله بن المؤمل ضعيف.)(1/ 480) وقال ابن حزم: (حديث ساقط لا يشتغل به، ولم يورده أحد من أئمة الحديث.)«شرح الزرقاني على الموطأ» (2/ 462).

(2)

انظر: «إعلام الموقعين» ، (2/ 59، 56، 55)

(3)

«إعلام الموقعين» ، (2/ 60» و «الرسالة» للشافعي، (1/ 600)

(4)

«إعلام الموقعين» ، (2/ 60)

(5)

الإجماع: هو: اتفاق علماء العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين. انظر: «روضة الناظر» ، (1/ 376)

(6)

الاستصحاب: هو: التمسك بدليل عقلي، أو بدليل شرعي لم يظهر عنه ناقل مطلقًا. انظر:«شرح الكوكب المنير» ، (4/ 403)

(7)

المصلحة المرسلة: هي إثبات العلة بالمناسبة. انظر: «المصدر السابق» (4/ 432)

(8)

شرع من قبلنا: هو: ما ثبت في شرع من مضى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام السابقين على بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم. انظر: «االتحبير شرح التحرير» (8/ 3767)

(9)

سد الذرائع: هو: ما ظاهره مباح، ويتوصل به إلى محرم. انظر:«المصدر السابق» (4/ 434)

(10)

الاستحسان: هو: العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة. انظر: «روضة الناظر» ، (1/ 473)

ص: 28

وغيرها.

(1)

(1)

للاستزاد: «أصول مذهب الإمام أحمد» للشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي.

ص: 29

المبحث الثاني: التعريف بمذهب الصحابي

وفيه ثلاثة مطالب:

* المطلب الأول: معنى الصحابي لغةً واصطلاحًا.

* المطلب الثاني: معنى مذهب الصحابي.

* المطلب الثالث: مكانة الصحابة رضي الله عنهم.

ص: 30

‌المبحث الثاني: التعريف بمذهب الصحابي.

وفيه ثلاثة مطالب:

‌المطلب الأول: معنى الصحابي لغةً واصطلاحًا:

لما كان الصحابة رضي الله عنهم هم أول الرواة للشريعة النبوية، وعنهم تلقاها الأمة احْتِيجَ إلى بيان حقيقة الصحابي وعدالته

(1)

وهذا ما سيتم بيانه بحول الله تعالى.

‌أولًا: معنى الصحابي لغة:

يطلق الصاحب في اللغة على معانٍ عدة:

• المقارنة والمقاربة: جاء في «معجم مقاييس اللغة»

(2)

: صَحِبَ الصاد والحاء والباء أصل واحد، يدل على مقارنة شيء ومقاربته من ذلك الصاحب، والجمع الصَّحْب، كما يقال راكبٌ ورَكْبٌ.

• المعاشر: جاء في «لسان العرب»

(3)

: صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة، بالضم، وصَحابة، بالفتح، وَصَاحَبَهُ: يقال صاحبه إذا عاشره.

• الملازمة: يقال اسْتَصْحَبَ الرجل: دعاه إلى الصحبة؛ وكل ما لازم شيئا فقد اسْتَصْحَبَهُ.

• الحفظ والمنع: يقال: أَصْحَبَ الرجلَ واصْطَحَبه: حفظه. قال تعالى: {وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ}

(4)

أي يمنعون.

(5)

‌ثانيًا: معنى الصحابي اصطلاحًا:

* عرفه الإمام البخاري رحمه الله بقوله: (من صحب النبي صلى الله عليه وسلم، أو رآه من المسلمين، فهو من

(1)

«إجابة السائل شرح بغية الآمل» ، للأمير الصنعاني، (ص: 128)

(2)

انظر: (3/ 335)، مادة (صحب).

(3)

انظر: (1/ 521، 519)، مادة (صحب).

(4)

[سورة الأنبياء: 43]

(5)

قاله ابن عباس رضي الله عنه «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي، (11/ 291)

ص: 31

أصحابه).

(1)

ويظهر للباحثة أن تعريف البخاري رحمه الله للصحابي ليس جامعًا مانعًا فلم يُمْنَع من دخول من رآه مسلمًا ثم كفر ومات على كفره والعياذ بالله.

* وعرفه الإمام أحمد رحمه الله بقوله: (كل من صحبه سنةً، أو شهرًا، أو يومًا، أو ساعةً، أو رآه، فهو: من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه).

(2)

ويظهر للباحثة أن تعريف الإمام أحمد رحمه الله للصحابي ليس جامعًا مانعًا، فقوله:(كل من صحبه) وقوله أو (رآه) اختل فيه شرط الإيمان، وهو لازم للصحبة، فالكفار والمشركين كانوا يصحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويأتون إلى مجلسه، ومع ذلك ليسوا في زمرة الصحابة.

ولم يُمْنَع في التعريف هذا كسابقه من دخول من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا، ولكنه مات على الكفر والعياذ بالله. وهذان التعريفان عند اصطلاح المحدثين.

* وعرفه جمهور الأصوليون بقولهم: (من اختص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وطالت صحبته معه على طريق التتبع له، والأخذ منه).

(3)

وبعد ذكر التعريفات السابقة عند المحدثين، والأصوليين، فالذي أجدني مقتنعة به هو: ما رجحه الحافظ ابن حجر رحمه الله

(4)

بقوله: (وأصح ما وقفت عليه، أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات على الإسلام.)

(5)

(1)

صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، (2/ 625).

(2)

«الكفاية في علم الرواية» ، للخطيب البغدادي (ص 51)

(3)

«كشف الأسرار شرح أصول البزدوي» لعلاء الدين الحنفي، (2/ 384)، وانظر، «التمهيد» لأبي الخطاب (3/ 172)

(4)

هو: أحمد بن علي العسقلاني، أبو الفضل، ولد سنة (773 هـ)، أخذ عن: العراقي، والبلقيني، وعنه: السخاوي، من أشهر مؤلفاته:«الإصابة في تمييز الصحابة» و «فتح الباري» ، وهو: شيخ الإسلام أمير المؤمنين في الحديث حافظ العصر، مات سنة (852 هـ) انظر:«الضوء اللامع» ، للسخاوي (2/ 36)«طبقات الحفاظ» للسيوطي، (ص: 553)

(5)

«الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 158)

ص: 32

وهذا التعريف جامعٌ مانعٌ كما يظهر للباحثة، لأن العلاقة والرابطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، هي رابطة الدين والعقيدة، فمن صحبه في تلك العقيدة فهو صحابي، ومن صحبه على غير ذلك فلا.

شرح التعريف وبيانُ قيوده:

• قوله: (من لقي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى.

(1)

ويخرج من لم يلقَاه، وهم المؤمنون الذي كانوا في زمنه ولم يلتقوا به فلا يطلق عليهم لفظ الصحبة.

• قوله: (مؤمنًا)؛ يخرج من لقيه كافرًا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرةً أخرى.

(2)

ويخرج من لقيه مؤمنًا، لكن، بغيره من الأنبياء.

(3)

• قوله: (به)؛ يخرج من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة.

• قوله: (مؤمنًا به)؛ يدخل فيه كل مكلفٍ من الثقلين، الجن، والإنس.

• قوله: (ومات على الإسلام)؛ يخرج من لقيه مؤمنًا به ثم ارتد، ومات على ردته والعياذ بالله. ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرةً أخرى أم لا.

(4)

* * *

‌المطلب الثاني: معنى مذهب الصحابي.

مذهب الصحابي: هو: ما نُقِلَ إلينا، وثبت لدينا عن أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتوى، أو قضاء في حادثة شرعية، لم يرد فيها نص من كتابٍ، أو سنةٍ، ولم يحصل عليها إجماع.

(5)

ص: 33

ومن المهم أن يكون هناك بيانٌ وتوضيح للأقوال الصادرة عن الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه قد يكون لها حكم الرفع وتلحق به، وقد تكون لها حكم الوقف؛ وهي كالآتي:

1 -

قول الصحابي: (كنا نقول كذا)، أو، (نفعل كذا)، أو، (نرى كذا)، إذا لم يضفه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم فهو موقوفٌ عند جمهور المحدثين والأصوليين.

(1)

ومثاله: قول جابر بن عبد الله

(2)

رضي الله عنهما: ((كنا إذا صعدنا كبَّرنا، وإذا نزلنا سبَّحنا.))

(3)

وأما إذا أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالصحيح عند الجمهور من المحدثين والأصوليين أنه مرفوع.

(4)

ومثاله: قَولُ جابر رضي الله عنه ((لقد كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)

(5)

2 -

إذا كان في القصة تصريح باطلاعه صلى الله عليه وسلم فمرفوعٌ بالإجماع.

(6)

.

ومثاله قول ابن عمر رضي الله عنهما: ((كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، وعمر، وعثمان، ويسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينكره.))

(7)

3 -

قول الصحابي: (كنا لا نرى بأسًا بكذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو (وهو فينا) أو، (وهوبين أظهرنا)، أو (كانوا يقولون)، أو (يفعلون)، أو (لا يرون بأسًا بكذا في حياته صلى الله عليه وسلم. فهذا كله مرفوع.

(8)

(1)

انظر: «تدريب الراوي» ، (1/ 204)

(2)

هو: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري، أبو عبد الله، شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو: صغير، أحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه: جماعة من الصحابة، له ولأبيه صحبة. مات سنة (74 هـ)، وقيل (77 هـ) وقيل (78 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 229) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 546).

(3)

أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الجهاد والسير، باب التسبيح إذا هبط واديًا، (4/ 57) رقم (2993)

(4)

انظر «تدريب الراوي» ، (1/ 205)

(5)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب العزل، (7/ 33) رقم (5207)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب حكم العزل (2/ 1061) رقم (1438)

(6)

انظر: «تدريب الراوي» ، (1/ 204) و «تيسير التحرير» أمير بادشاه (3/ 71)

(7)

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (2/ 285) رقم (13132)، وابن حبان في «صحيحه» (16/ 236) رقم (7250). وقال الهيثمي «مجمع الزوائد» (9/ 58)(رجاله وثِقُوا وفيهم خلاف.)

(8)

انظر: «تدريب الراوي» ، (1/ 204)

ص: 34

ومثاله: قول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

(1)

: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرعون بابه بالأظافير)).

(2)

4 -

قول الصحابي: (أُمرنا بكذا) أو (نُهينا عن كذا) أو (من السنةِ كذا). فالجمهور على أنه مرفوع.

(3)

وأمثلة ذلك: قول أم عطية، رضي الله عنها

(4)

: ((أُمرنا أن نُخْرِج الحيَّض يوم العيدين، وذوات الخُدُور

(5)

فيشهدن جماعة المسلمين، ودعوتهم، ويعتزل الحيَّض عن مصلاهن.))

(6)

وقولها رضي الله عنها: ((نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يُعْزم علينا.))

(7)

وقول علي رضي الله عنه: ((من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة))

(8)

5 -

ما جاء عن الصحابي ومثله لا يقال من قبل الرأي، ولا مجال للاجتهاد فيه، فيحمل على السماع.

(9)

كقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

(10)

: ((من أتى عَرَّافًا

(11)

أو كاهنًا

(12)

يؤمن بما

(1)

هو: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود، أبو عبد الله، وقيل: أبو عيسى، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أولاده: عروة، وعقار، كان رجلًا طوالًا ذا هيبةٍ أعور، أصيبت عينه يوم اليرموك، أسلم قبل عمرة الحديبية، وشهدها، وبيعة الرضوان، مات سنة (50 هـ)«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1445)، «الإصابة في تمييز الصحابة» (6/ 156)

(2)

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» ، (38) رقم (659)، و ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (7/ 166)، وفيه محمد بن حسان قال عنه البيهقي عقب ذكره للحديث:(عزيز الحديث).

(3)

«تدريب الراوي» ، (1/ 208)

(4)

هي: نسبية بنت الحارث وقيل نسيبة بنت كعب، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها: أنس بن مالك، ومحمد بن سيرين، كانت من كبار نساء الصحابة، لها غزوات كثيرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحاديثها عليها العمل عند الفقهاء. انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1947)، و «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 437)

(5)

الخدر: هو ناحية في البيت يترك عليها ستر فتكون فيه الجارية البكر. انظر: «النهاية في غريب الحديث» (2/ 13)

(6)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الصلاة، باب وجوب الصلاة في الثياب، (1/ 80) رقم (324)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى، وشهود الخطبة مفارقات للرجال (2/ 605) رقم (890)

(7)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الجنائز، باب اتباع النساء الجنائز، (2/ 78) رقم (1278)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب الجنائز، باب نهي النساء عَنْ اتباع الجنائز، (2/ 646) رقم (938)

(8)

أخرجه أبو داود في «سننه» ، كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، (2/ 69) رقم (756)، وأحمد في «مسنده» ، (2/ 222) رقم (875). وضعفه الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (ص 62)

(9)

«تدريب الراوي» ، (1/ 212)

(10)

هو: عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، أبو عبد الرحمن، حدث عن: النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر رضي الله عنه، روى عنه: علقمة، وأبو الأسود، أسلم قديمًا وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا والمشاهد بعدها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان صاحب نعليه. مات سنة (32 هـ)«أسد الغابة في معرفة الصحابة» (3/ 381) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 199)

(11)

العراف: قال البغوي: هو: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، ونحو ذلك. انظر:«التوحيد» لابن عبد الوهاب (ص 77)

(12)

الكاهن: هو: الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل. المصدر السابق، (ص 77)

ص: 35

يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)

(1)

6 -

تفسير الصحابي له حكم الرفع (إذا كان فيما يتعلق بسبب نزول آية)

(2)

. كقول جابر رضي الله عنه: ((كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}

(3)

.

(4)

ونحو ذلك مما لا يمكن أن يؤخذ إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا مجال للرأي فيه، أما غيره فموقوف.

(5)

وضابط ما يفسره الصحابي: إذا كان مما لا مجال للاجتهاد فيه، ولا منقولًا عن لسان العرب، فحكمه الرفع وإلا فلا. كالإخبار عن الأمور الماضية

وعن الأمور الآتية، والإخبار عن عمل له ثواب مخصوص، أو عقاب.

(6)

وجدير بالذكر؛ أن هذا المصطلح (مذهب الصحابي) اختلفت مسمياته عند الأصوليين على أسماء عدةٍ وهي: قول الصحابي

(7)

أو مذهب الصحابي

(8)

أو رأي الصحابي

(9)

، أو فتوى الصحابي.

(10)

(1)

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 93) رقم (10005)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/ 42) رقم (23528)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 233) رقم (16497) وصححه الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (3/ 172).

(2)

«تدريب الراوي» ، (1/ 216)

(3)

[سورة البقرة: 223]

(4)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب تفسير القران، باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} [البقرة: 223] الآية، (6/ 29) رقم (4528)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب جواز جماعه امرأته فِي قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر، (2/ 1058) رقم (1435)

(5)

انظر «تدريب الراوي» ، (1/ 216)

(6)

انظر «النكت على كتاب ابن الصلاح» ، لابن حجر، (1/ 86)

(7)

«روضة الناظر» ، (1/ 466)

(8)

«الأحكام» ، للآمدي، (4/ 149)

(9)

«نشر البنود» ، للشنقيطي، (2/ 263)

(10)

«أصول السرخسي» (2/ 108)

ص: 36

‌المطلب الثالث: مكانة الصحابة رضي الله عنهم

-.

من المعلوم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، واختارهم الله عزوجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته، وإقامة دينه، فرضيهم له صحابة، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوةً فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عزوجل، وَوَعَوه وأتقنوه، ففقهوا في الدين وعَلِمُوا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب، وتأويله وتلقُّفهم منه، واستنباطهم عنه.

(1)

ولا يَعْرِفُ فضائل الصحابة رضي الله عنهم إلا من تدبر أحوالهم، وسيرهم وآثارهم في حياة رسولهم صلى الله عليه وسلم وبعد موته، ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع، ولا علمنا من الفرائض، والسنن سنة ولا فرضًا، ولا علمنا من الأحاديث شيئًا.

(2)

‌أولًا: مكانة الصحابة في القران:

ذكر الله تعالى في كتابه آيات توضح منزلة الصحابة والثناء عليهم، ووصفهم بعدد من الصفات، ومن ذلك:

1 -

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}

(3)

قال ابن القيم رحمه الله: (أخبر الله أنه جعلهم أمة خيارًا عدولًا، هذا حقيقة الوسط، فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم، وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم، فهم شهداؤه.)

(4)

2 -

وقال تعالى:: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)}

(5)

.

(1)

انظر: «الجرح والتعديل» ، لابن أبي حاتم، (1/ 7)

(2)

انظر: «الكبائر» ، للذهبي، (ص: 237)

(3)

[سورة البقرة: 143]

(4)

«إعلام الموقعين» ، (5/ 571)

(5)

[سورة التوبة: 100].

ص: 37

قال ابن تيمة رحمه الله: (فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان، ولم يرضَ عن التابعين، إلا أن يتبعوهم بإحسان).

(1)

3 -

وقال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)

(2)

.

في الآية مدح لأصحاب النبي، الذين غزوا معه من المهاجرين والأنصار، وإخبار بصحة بواطن ضمائرهم وطهارتهم؛ لأن الله تعالى لا يخبر بأنه قد تاب عليهم إلا وقد رضي عنهم، ورضي أفعالهم.

(3)

4 -

وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}

(4)

.

قال ابن تيمة رحمه الله: (والرضى من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدًا، فكل من أخبر الله عنه أنه رضي الله عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح، فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه و المدح له، فلو علم أنه يتعقب ذلك بما يسخط الرب لم يكن من أهل ذلك).

(5)

5 -

قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}

(6)

.

قال الإمام مالك رحمه الله: (بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين

(7)

فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(8)

(1)

«الصارم المسلول» لابن تيمية (ص: 574)

(2)

[سورة التوبة: 117].

(3)

«أحكام القران» للجصاص (4/ 71)

(4)

[سورة الفتح: 18].

(5)

«الصارم المسلول» ، (ص: 574)

(6)

[سورة الفتح: 29].

(7)

الحواريين: أصحاب عيسى بن مريم عليه السلام وسموا حواريين، لأنهم كانوا يغسلون الثياب. يحورونها، وهو التبييض.

انظر: «غريب الحديث» ، للهروي، (2/ 249)

(8)

«تفسير القران العظيم» لابن كثير (7/ 338)

ص: 38

1 -

وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}

(1)

.

(2)

.

فهذان الصنفان، الفاضلان الزكيان، هم الصحابة الكرام، والأئمة الأعلام، الذين حازوا من السوابق والفضائل والمناقب ما سبقوا به من بعدهم، وأدركوا به من قبلهم، فصاروا أعيان المؤمنين، وسادات المسلمين، وقادات المتقين.

(3)

‌ثانيًا: مكانة الصحابة في السنة النبوية:

ورد في السنة النبوية، على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، الصادق الأمين، بيان فضل أصحابه والنهي عن سبهم أو التنقص منهم؛ ومن ذلك:

1 -

عن أبي سعيد الخدري

(4)

رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد

(5)

ذهبًا ما بلغ مد

(6)

أحدهم ولا نصيفه)).

(7)

(1)

[سورة الحشر: 8].

(2)

[سورة الحشر: 9].

(3)

«تيسير الكلام المنان» للسعدي (ص: 850)

(4)

هو: سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخدري. أبو سعيد، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب. رضي الله عنه وروى عنه: ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما كان من الحفاظ المكثرين، استُصْغِر يوم أحد، واستشهد أبوه بها، وغزا ما بعدها، مات سنة (74 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» في معرفة الأصحاب» (4/ 1672) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 65)

(5)

أُحُدْ: بضم الهمزة والحاء المهملة، وآخره دال مهملة: اسم الجبل الذي كانت عنده الغزوة الشهيرة، ويتكون من صخور الجرانيتية الحمراء ويقع شمال المدينة ويبعد عن المسجد النبوي بخمسة كيلو متر، ويحفه مسايل الأودية من كل النواحي. انظر:«معجم البلدان» للحموي (1/ 109) و انظر: «المدينة بين الماضي والحاضر» للعياشي (ص: 522)

(6)

المُد: مكيال وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز، وعند أهل العراق رطلان. وبالتقديرات المعاصرة، يكون المد (510) جرامًا عند أهل الحجاز، و (5، 812) جرامًا عند أهل العراق. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» ) ص: 47)، و «المكاييل والموازيين الشرعية» ، د. علي جمعة، (ص: 20)

(7)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلًا، (5/ 8) رقم (3673)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم (4/ 1967) رقم (2540)

ص: 39

قال ابن تيمية رحمه الله: (إذا كان جبل أحد ذهبًا لا يبلغ نصف مد أحدهم كان في هذا من التفاضل ما يبين أنه لم يبلغ أحد مثل منازلهم التي أدركوها بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم.)

(1)

2 -

وعن أبي موسى الأشعري

(2)

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون.))

(3)

قال ابن القيم رحمه الله (جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النجوم إلى السماء ومن المعلوم أن هذا التشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم، ما هو: نظير اهتدائهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم.

(4)

3 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الناس قرني

(5)

، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء من بعدهم قوم تسبق شهادتهم أيمانهم، وأيمانهم شهادتهم.))

(6)

قال ابن القيم رحمه الله (أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير القرون قرنه مطلقا وذلك يقتضي تقديمهم في كل باب من أبواب الخير، وإلا لو كانوا خيرا من بعض الوجوه فلا يكونون خير القرون مطلقا)

(7)

واتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه.

(8)

(1)

«مجموع الفتاوى» (4/ 527)

(2)

هو: عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار الأشعري، أبو موسى، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الأربعة وروى عنه أولاده: موسى، وأبو بردة، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض اليمن، واختلف في سنة وفاته. قيل (42 هـ)، وقيل (44 هـ)، وقيل غير ذلك. انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1762) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 181)

(3)

أخرجه مسلم، في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة، باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، (4/ 1961) رقم (2531)

(4)

«إعلام الموقعين» (5/ 576)

(5)

القرن: أهل كل زمان، وهو: مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان. وهو: مأخوذ من الاقتران، وكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم. واختلف فيه فقيل: القرن: أربعون سنة. وقيل: ثمانون. وقيل: مائة. وقيل: هو مطلق من الزمان. وهو مصدر: قرن يقرن. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 51)، مادة (قرن).

(6)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، (5/ 3) رقم (3651)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله عنهم ثُمَّ الذين يلونهم (4/ 1962) رقم (2533)

(7)

«إعلام الموقعين» (5/ 574)

(8)

«المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج» ، للنووي (16/ 84)

ص: 40

4 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي زمان يغزو فئام

(1)

من الناس فيقال: فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال: نعم فيفتح عليه، ثم يأتي زمان فيقال: فيكم من صحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال: نعم فيفتح ثم يأتي زمان فيقال: فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال: نعم فيفتح))

(2)

قال ابن تيمة رحمه الله: (هذه الخاصية لا تثبت لأحد غير الصحابة؛ ولو كانت أعمالهم أكثر من أعمال الواحد من أصحابه صلى الله عليه وسلم.)

(3)

‌ثالثاً: نصوص السلف في الثناء على الصحابة.

1 -

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد، فاختار محمدًا، فبعثه برسالاته، وانتخبه بعلمه، ثم نظر في قلوب الناس بعده، فاختار له أصحابه، فجعلهم أنصار دينه، ووزراء نبيه صلى الله عليه وسلم، فما رآه المؤمنون حسنًا فهو: عند الله حسن، وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو: عند الله قبيح)).

(4)

2 -

وما كتبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أهل الكوفة

(5)

: ((إني قد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، من أهل بدر

(1)

الفئام: هم الجماعة من الناس. انظر: «لسان العرب» (12/ 447)

(2)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الجهاد والسير، باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، (4/ 37) رقم (2897)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، (4/ 1962) رقم (2532)

(3)

«مجموع الفتاوى» ، (4/ 465)

(4)

أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1/ 199) رقم (243) وأحمد في «مسنده» (6/ 84) رقم (3600) والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 118) رقم (8582)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 178)(رجاله موثقون.)

(5)

الكوفة: هي المدينة المعروفة بالعراق وسميت بذلك لأنّ سعدا لمّا افتتح القادسيّة نزل المسلمون الأنبار فآذاهم البقّ، فخرج، فارتاد لهم موضع الكوفة، وقال: تكوّفوا فى هذا الموضع، أى اجتمعوا. وعدد سكانها 35 ألف نسمة على شاطئ نهر الفرات وتشتهر ببساتين النخيل والزروع وبها أقدم مسجد وهو: المسجد الجامع ويعرف بمسجد الكوفة. انظر: «معجم ما استعجم» للبكري (4/ 1141) و «موسوعة المدن العربية والإسلامية» للدكتور يحيى شامي (ص 80)

ص: 41

فاسمعوا، وقد جعلت ابن مسعود على بيت مالكم فاسمعوا فتعلموا منهما، واقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي)).

(1)

3 -

وقال الشعبي رحمه الله

(2)

ما حدثوك عن أصحاب محمد فشُدَّ عليه يديك).

(3)

4 -

وقال بقية بن الوليد

(4)

: قال لي الأوزاعي

(5)

: (يا بقية، العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما لم يجئ عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس بعلم، يا بقية، لا تذكر أحدًا من أصحاب محمد نبيك صلى الله عليه وسلم إلا بخير ولا أحدًا من أمتك، وإذا سمعت أحدًا يقع في غيره فاعلم أنه إنما يقول: أنا خير منه)

(6)

5 -

وقال ابن عبد البر رحمه الله:

(7)

(ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نقل الثقات وجاء عن الصحابة وصح عنهم فهو: علم يُدَانُ به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم فبدعة

(1)

أخرجه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (3/ 475) والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 85) رقم (8478) وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.)

(2)

هو: عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي، ويقال: هو: عامر بن عبد الله، أبو عمرو، سمع من: عدة من كبار الصحابة رضي الله عنهم وحدث عن: سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد رضي الله عنهما، روى عنه: الحكم، وحماد، كان تابعي جليل القدر، وافر العلم، مات سنة (104 هـ) على الأشهر «وفيات الأعيان» ، لابن خلكان (3/ 12) و «سير أعلام النبلاء» ، (4/ 296)

(3)

«جامع بيان العلم» ، لابن عبد البر (1/ 617)

(4)

هو: بقية بن الوليد بن صائد الحميري، ولد سنة (11 هـ)، حدث عن مالك، وابن المبارك، وعنه حيوة بن شريح، وإسحاق بن راهويه، كان حافظًا، عالمًا، محدثًا في حمص، وكان من أوعية العلم، لكنه كدر ذلك بالإكثار عن الضعفاء، والعوام مات سنة (197 هـ) ـ «سير أعلام النبلاء» (8/ 518)، و «تاريخ بغداد» للبغدادي (7/ 623)

(5)

هو: عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، أبو عمرو، حدث عن: عطاء بن أبي رباح، وأبي جعفر الباقر، وعنه: يونس بن يزيد، وعبد الله بن العلاء، قال الوليد بن مسلم:(ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي) مات سنة (157 هـ) ـ «سير أعلام النبلاء» (7/ 107) و «وفيات الأعيان» (3/ 127)

(6)

«جامع بيان العلم» ، (1/ 768)

(7)

هو: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، ولد سنة (368 هـ)، وسمع من سعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، حدث عنه: أبو محمد بن حزم، وأبو العباس الدلائي، من أشهر مؤلفاته «التمهيد» و «الاستذكار» ، قال الحميدي:(فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع)، مات سنة (463 هـ). انظر:«ترتيب المدارك وتقريب المسالك» للقاضي عياض (8/ 127)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 153)

ص: 42

وضلالة).

(1)

ص: 43

حجية مذهب الصحابي، وفيه خمسة مطالب:

* المطلب الأول: تحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي.

* المطلب الثاني: آراء الأئمة الثلاثة (أبي حنيفة ومالك والشافعي) في مذهب الصحابي إجمالًا.

* المطلب الثالث: القائلون بحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.

* المطلب الرابع: النافون لحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.

* المطلب الخامس: الترجيح.

ص: 44

‌المبحث الثالث: حجية مذهب الصحابي.

وفيه خمسة مطالب:

سبق في المبحث الماضي أن مذهب الصحابي: ما قاله أو فعله في مسألة من المسائل التي لم يرد فيها نص من كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعٍ. وهذا الأصل اعتبره بعض الأصوليين، من الأصول الموهومة

(1)

، وبعضهم جعلوه تحت مُسَمَّى:(باب من يظن أنه دليل وليس كذا).

(2)

ومما يَحسُن ذكره أولًا: تحرير محل النزاع، لمعرفة قول الصحابي المختلف فيه وهل هو: حجة أم لا؟

* * *

‌المطلب الأول: تحرير محل النزاع

(3)

1 -

قول الصحابي إذا خالف غيره ليس حجة اتفاقًا

(4)

قال ابن قدامة رحمه الله

(5)

: (لا خلاف بين العلماء في أن قول الصحابي، لا يعتبر حجة على صحابي آخر؛ لاستوائهما في الصحبة والمنزلة، بالنسبة للمجتهدين منهم).

(6)

كاختلاف ابن عمر وعلي رضي الله عنهما في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها. هل بوضع حملها، أم بانقضاء آخر الأجلين من الحمل، وعدة الوفاة.

(7)

(1)

«المستصفى» (1/ 400)

(2)

«الإحكام» ، (4/ 149)

(3)

للاستزادة: يُرْجَع لرسالة ماجستير بأصول الفقه، بعنوان «تحرير محل النزاع في المسائل الأصولية المتعلقة بالأدلة المختلف فيها، والاجتهاد والتقليد، جمعًا ودراسةً» للباحثة: تركية بنت عيد المالكي، ونوقشت عام (1427 هـ)، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

(4)

للاستزادة: يُرْجَع لرسائل دكتوراه بعنوان «الأقوال الفقهية الخلافية بين الصحابة رضي الله عنهم» . لعدد من الباحثين بالجامعة الإسلامية. نوقشت عام (1436 هـ.)

(5)

هو: عبد الله بن أحمد المقدسي ابن قدامة، ولد سنة (541 هـ)، أخذ عن: والده وأبي المكارم ابن هلال، وعنه: ابن أخيه ابن أبي عمر، وإبراهيم الواسطي، من أشهر مؤلفاته «المغني» و «الكافي» كان فقهيًا زاهدًا، مات سنة (620 هـ). انظر:«ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب (3/ 281)، (4/ 255)، «المقصد الأرشد» (2/ 15).

(6)

«روضة الناظر» (1/ 466)

(7)

حديث ابن عمر رضي الله عنه أخرجه: الإمام مالك في «الموطأ» ، (4/ 849) رقم (2189) وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 230)

وأما حديث علي رضي الله عنه أخرجه: سعيد بن منصور «في سننه» ، (1/ 396) رقم (1516). وصححه ابن حجر في «الفتح» (9/ 474)

ص: 45

2 -

قول الصحابي فيما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد له حكم الرفع.

قال ابن قدامة رضي الله عنه: (قول الصحابي فيما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد، حكمه كالمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ حكم السنة في الحجية.)

(1)

كقول عائشة رضي الله عنها في مشروعية الصلاة.

(2)

3 -

قول الصحابي إذا كان للرأي فيه مجال، وانتشر وسكت الباقون، كان إجماعًا.

قال القاضي أبو يعلى رحمه الله

(3)

: (إذا قال بعض الصحابة قولاً، وظهر للباقين وسكتوا عن مخالفته والإنكار عليه حتى انقرض العصر كان إجماعًا)

(4)

وهذا معنى الإجماع السكوتي

(5)

، كفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قتل الجماعة بالواحد.

(6)

4 -

قول الصحابي إذا ثبت رجوعه عنه ليس بحجةٍ اتفاقًا.

(7)

قال ابن قدامة رحمه الله: (قول الصحابي لا يعتبر حجة بالاتفاق إذا ثبت رجوعه عنه.)

(8)

كرجوع عثمان رضي الله عنه في تحديد مدة أقل الحمل إلى قول ابن عباس رضي الله عنه.

(9)

(1)

انظر: «روضة الناظر» ، (1/ 466)

(2)

أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، (1/ 79) رقم (350). قالت عائشة رضي الله عنها:((فرض الله الصلاة حين فرضها، ركعتين ركعتين، في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وَزِيدَ في صلاة الحضر.))

(3)

هو: محمد بن الحسين بن محمد، أبو يعلي، ولد سنة (308 هـ)، أخذ عن: ابن حامد، والسكري، سمع منه: أحمد بن علي، وعبد العزيز النخشبي، من أشهر مؤلفاته «العدة في أصول الفقه» و «الأحكام السلطانية» ، كان عالم زمانه وفريد عصره، وله في الأصول والفروع القدم العالي، مات سنة (458 هـ)، «طبقات الحنابلة» ، (2/ 193 ومابعدها)، «المقصد الأرشد» ، (2/ 395)

(4)

«العدة في أصول الفقه» ، (4/ 1170)، «الواضح في أصول الفقه» (5/ 201).

(5)

الإجماع السكوتي: هو: أن يقول بعض الصحابة قولًا، ثم يظهر للباقين ويسكتوا عن مخالفته والإنكار عليه. انظر:«الواضح في أصول الفقه» (5/ 201)، وعرفه ابن بدران بقوله:(إذا قال بعض الأئمة قولًا سواء كان من الصحابة أو ممن بعدهم وسكت الباقون مع اشتهار ذلك القول فيهم وكان ذلك القول متعلقًا بأحكام التكليف كان ذلك إجماعًا على المختار.) انظر: «المدخل إلى مذهب الإمام أحمد» (ص 281)

(6)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (3/ 73) رقم (15973) وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 404)

(7)

للاستزادة: يُرْجَع لرسالة دكتوراه بعنوان «المسائل الفقهية التي حكي فيها رجوع الصحابة رضي الله عنهم جمعًا ودراسة» أ. د. خالد بابطين، بجامعة أم القرى بكلية الشريعة قسم الفقه. نوقشت عام (1428 هـ).

(8)

«روضة الناظر» ، (1/ 466)

(9)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 351) رقم (1344)، وسعيد بن منصور في «سننه» (2/ 93) رقم (2075)، والطبري في «جامع البيان في تأويل القران» (5/ 34) رقم (4950)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (7/ 291) رقم (2859)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ، (2/ 428) رقم (2265)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 336) رقم (3167) والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 727) رقم (15548) وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 133)

ص: 46

5 -

قول الصحابي إذا لم يَنْتَشِر ولم يُعْلَم له مخالف.

قال ابن قدامة رحمه الله: (قول الصحابي فيما للرأي فيه مجال، ولم يشتهر؛ لكونه مما لا تعم به البلوى، هذا هو محل الخلاف.)

(1)

كالتيمم لكل صلاة وإن لم يُحْدِث عند ابن عمر رضي الله عنه.

(2)

وتصوير المسألة هي: إذا لم يكن في الواقعة حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا اختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم، وإنما قال بعضهم فيها قولًا وأفتى بفتيًا، ولم يُعْلَم أن قوله وفتياه اشتهر في الباقين، ولا أنهم خالفوه.)

(3)

ومن خلال هذا التصوير للمسألة: يتضح أن مذهب الصحابي المختلف فيه، هل هو حجة أم لا؟ ما توافرت فيه الشروط الآتية:

• كون المسألة ليس فيها نص من كتابٍ أو سنةٍ وإنما مسألة اجتهادية.

• أن لايُعْلَم لمذهب الصحابي هذا خلاف بين بقية الصحابة رضي الله عنهم.

• أن لا ينتشر ولا يشتهر مذهب ذلك الصحابي في المسألة بين بقية الصحابة رضي الله عنهم، وإنما ينقل فيما بعدهم من التابعين.

* * *

‌المطلب الثاني: آراء الأئمة الثلاثة في مذهب الصحابي إجمالًا.

ذهب الأئمة الثلاثة رحمهم الله إلى القول بحجية مذهب الصحابي وجعلوه أصلًا من أصولهم، وإن اختلفت مرتبة هذا الأصل عند كل واحد منهم، أو قدَّموا بعض الأدلة عليه.

أولًا: رأي الإمام أبي حنيفة رحمه الله وأصحابه في مذهب الصحابي

ورد عن أبي حنيفة رحمه الله في ذلك أنه قال: (آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم

(1)

«روضة الناظر» ، (1/ 466)

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (1/ 339) رقم (1054) وصحح إسناده عقب ذكره للأثر. قال ابن عمر رضي الله عنه:((يتيمم لكل صلاة وإن لم يُحْدِث))

(3)

انظر: «إعلام الموقعين» ، (6/ 17)

ص: 47

أجد في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، آخذ بقول أصحابه، ثم آخذ بقول من شئت منهم، وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم). ثم ذكر أنه إذا انتهى الأمر إلى التابعين، (فقوم اجتهدوا وأنا أجتهد كما اجتهدوا).

(1)

وللحنفية في هذا الأصل قولان:

القول الأول: أن قول الواحد من الصحابة مقدَّم على القياس، يترك القياس بقوله.

(2)

فهو: حجة وتقليده واجب يترك به-أي بقوله -القياس، وهذا قول أبي سعيد البردعي

(3)

وأبي بكر الرازي

(4)

في بعض الروايات، وجماعة من أصحاب الحنفية.

(5)

القول الثاني: لأبي الحسن الكرخي.

(6)

وجماعة من أصحابه لا يجب تقليده، إلا فيما لا يدرك بالقياس.

(7)

والراجح عند الحنفية هو: القول بحجية مذهب الصحابي، ودلالة ذلك أخذهم به في الفروع

(1)

«مختصر المؤمل» لأبي شامة، (ص: 63)

(2)

«أصول السرخسي» ، (2/ 105)

(3)

هو: أحمد بن الحسين البردعي، أبو سعيد، أخذ عن: أبي علي الدقاق، وإسماعيل بن حماد، وعنه: أبو الحسين الكرخي وأبو طاهر الدباس، له كتاب «الحيض» ، من كبار الفقهاء المتقدمين ببغداد، خرج إلى الحج فقُتِلَ في وقعة القرامطة مع الحجاج سنة (317 هـ)، «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» لعبد القادر الحنفي (1/ 66)، و «الفوائد البهية في تراجم الحنفية» لمحمد الهندي (ص 19)

(4)

هو: أحمد بن علي الرازي المعروف بالجصاص، أبو بكر، ولد سنة (305 هـ)، أخذ عن: علي الزجاج وأبي الحسين الكرخي، وعنه: أحمد الخوارزمي، ومحمد بن يحيى، من أشهر مؤلفاته «أحكام القران» و «شرح مختصر الكرخي» ، كان إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، مات سنة (370 هـ). «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» (1/ 84)، «الفوائد البهية في تراجم الحنفية» (ص 27)

(5)

انظر: «كشف الأسرار» ، لعبد العزيز البخاري، (3/ 217)، و «شرح التلويح» ، للتفتازاني، (2/ 37، 36) و «فواتح الرحموت» ، لعبد العلي الأنصاري، (2/ 232، 231).

(6)

هو: عبيد الله بن الحسين بن دلال الكرخي، أبو الحسن، ولد سنة (260 هـ)، أخذ عن: أبي سعيد البردعي، وإسماعيل القاضي، وعنه: أبو بكر الرازي وأبو علي الشاشي، من أشهر مؤلفاته:«أصول الكرخي» و «الجامع الصغير» ، كان كثير الصيام والصلاة، مات سنة (340 هـ). انظر:«الجواهر المضية في طبقات الحنفية» ، (1/ 337) و «الفوائد البهية في تراجم الحنفية» (ص 108).

(7)

«كشف الأسرار» (3/ 217)، و «شرح التلويح» ، (2/ 36)، و «فواتح الرحموت» ، (2/ 232، 231).

ص: 48

الفقهية

(1)

ثانيًا: رأي الإمام مالك رحمه الله وأصحابه في مذهب الصحابي:

يعتبر الإمام مالك رحمه الله قول الصحابي أصلاً من الأصول التي يستند إليها في الأحكام الشرعية. والأدلة على قسمين أدلة مشروعيتها، وأدلة وقوعها ويعتبر قول الصحابي من أدلة مشروعيتها

(2)

وللمالكية في مذهب الصحابي قولان:

القول الأول: قول الصحابي حجة. اختاره القرافي رحمه الله

(3)

في «الذخيرة»

(4)

. وابن جزي رحمه الله

(5)

في «تقريب الوصول» .

(6)

القول الثاني: قول الصحابي ليس حجة. اختاره الباجي رحمه الله

(7)

في «إحكام الفصول»

(8)

وابن الحاجب رحمه الله

(9)

في «مختصر المنتهى»

(10)

(1)

كما في مسألة مقدار الضمان في الجناية على البهيمة. انظر «الهداية المرغيناني» (4/ 483).

(2)

«شرح تنقيح الفصول» ، القرافي، (ص 445).

(3)

هو: أحمد بن إدريس المصري، أبو العباس، أخذ عن: العز بن عبد السلام، وشرف الدين الفاكهاني، وعنه: ابن صدقة اللخمي ومحمد البقوري، من أشهر مؤلفاته «الذخيرة» و «نفائس الأصول» ، كان إمامًا بارعًا في الفقه والأصول، والعلوم العقلية، مات سنة (684 هـ). انظر:«الديباج المذهب» لابن فرحون (1/ 236)، و «شجرة النور الزكية» ، لمحمد مخلوف (1/ 270)

(4)

(1/ 149)

(5)

هو: محمد بن أحمد الكلبي، أبو القاسم، ولد سنة (693 هـ)، أخذ عن: أبي جعفر بن الزبير، وأبي الحسن بن سمعون، وعنه: ابناه محمد، وأبو بكر، من أشهر مؤلفاته:«تقريب الوصول إلى علم الأصول» و «النور المبين في قواعد الدين» ، كان فقيهاً حافظاً، مات سنة (741 هـ.) انظر:«الديباج المذهب» ، (2/ 274)، و «شجرة النور الزكية» (1/ 306)

(6)

(ص: 184)

(7)

هو: سليمان بن خلف الباجي، أبو الوليد، ولد سنة (403 هـ)، سمع من: أبو الطيب الطبري، وأبو إسحاق الشيرازي، وعنه روى ابن عبد البر وابنه أحمد، من أشهر مؤلفاته «الحدود» و «إحكام الفصول» قال ابن حزم رحمه الله:(لم يكن لأصحاب المذهب المالكي بعد القاضي عبد الوهاب مثل الباجي) مات سنة (494 هـ)«الديباج المذهب» ، (1/ 377) و «شجرة النور الزكية» (1/ 178)

(8)

(ص 360)

(9)

هو: عثمان بن عمر المصري، ابن الحاجب، ولد سنة 590 هـ. أخذ عن: أبي الحسن الأبياري وأبي الحسين بن جبير، وعنه: الشهاب القرافي والقاضي ناصر الدين بن المنير، له:«الجامع بين الأمهات في الفقه» و «منتهى السول والأمل» ، كان خاتمة الأئمة المبرزين الأخيار، مات سنة (646 هـ) انظر:«الديباج المذهب» ، (2/ 26)، و «شجرة النور الزكية» ، (1/ 241)

(10)

(2/ 1186)

ص: 49

والراجح عند المالكية أن قول الصحابي حجة وهو المشهور. قال الشاطبي:

(1)

(ولما بالغ مالك في هذا المعنى يقصد -قول الصحابي-بالنسبة إلى الصحابة، أو من اهتدى بهديهم، واستن بسنتهم جعله الله تعالى قدوة لغيره في ذلك، فقد كان المعاصرون لمالك يتبعون آثاره ويقتدون بأفعاله ببركة اتباعه لمن أثنى الله ورسوله عليهم وجعلهم قدوة أو من اتبعهم رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون؟)

(2)

ومما يدل على أخذ الإمام مالك رحمه الله بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وجود الآثار بوفرة كبيرة في كتابه الموطأ؛ فدل على حجية مذهب الصحابي عنده.

ثالثًا: رأي الإمام الشافعي رحمه الله وأصحابه في مذهب الصحابي

(3)

للإمام الشافعي رحمه الله عدة أقوال ذكرها أصحابه عنه، وهي كالآتي:

القول الأول: قول الصحابي حجة يقدم على القياس. وهو قوله في المذهب القديم.

(4)

قال الغزالى رحمه الله:

(5)

(واختلف قول الشافعي رحمه الله في تقليد الصحابة فقال في القديم: يجوز تقليد الصحابي

(1)

هو: إبراهيم بن موسى الشهير بالشاطبي، أبو إسحاق، أخذ عن: ابن الفخار البيري، وأبو عبد الله البلنسي، وعنه: أبو بكر بن عاصم، وعبد الله البياني، من أشهر مؤلفاته:«الموافقات» و «الاعتصام» ، كان فقهيًا أصوليًا، مفسرًا محدثًا، مات سنة (790 هـ) انظر:«نيل الابتهاج» للتنبكتي (48) و «شجرة النور الزكية» ، (1/ 332)،

(2)

انظر: «الموافقات» للشاطبي (4/ 80)

(3)

للاستزادة: يُرَجَع لرسالة ماجستير في الفقه وأصوله بعنوان «مدى انسجام آراء الإمام الشافعي، مع آراء الصحابة رضي الله عنهم في العبادات في كتاب الأم» للطالب: محمد علي الهواملة، بكلية الشريعة بجامعة مؤته في الأردن، نوقشت عام (1426 هـ -2006 م)، ورسالة دكتوراه بعنوان «حجية مذهب الصحابي عند الشافعية دراسة أصولية تطبيقية» ، للطالب محمود سند المسلم بجامعة العلوم الإسلامية العالمية بالأردن، نوقشت عام (1438 هـ - 2016 م.)

(4)

انظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (1/ 31)، و «المجموع شرح المهذب» (1/ 58) و «البحر المحيط» (4/ 359)

(5)

هو: محمد بن محمد الغزالي، أبو حامد، ولد سنة (450 هـ)، أخذ عن: الجويني، وأحمد الراذكاني، وعنه: أبو نصر البهوني، وأبو سعيد النيسابوري، من أشهر مؤلفاته «الوجيز» و «المستصفى» ، حجة الإسلام، ومحجة الدين التي يتوصل بها إلى دار السلام، مات سنة (505 هـ). انظر:«طبقات الشافعية» ، للسبكي (6/ 191)، (6/ 20)(7/ 25)، «طبقات الشافعيين» ، لابن كثير، (ص 533)

ص: 50

إذا قال قولًا وانتشر قوله ولم يخالف، وقال في موضع آخر يقلد وإن لم ينتشر).

(1)

القول الثاني: قول الصحابي ليس حجة مطلقًا، وهوقوله في المذهب الجديد.

(2)

قال الشيرازي رحمه الله

(3)

(إذا قال الصحابي قولًا، ولم ينتشر لم يكن ذلك حجة، ويقدم القياس عليه في قوله الجديد)

(4)

القول الثالث: قول الصحابي حجة إن خالف القياس.

(5)

قال الزركشي رحمه الله: (لأنه لا محمل له إلا التوقف، وذلك أن القياس والتحكم في دين الله باطل، فيعلم أنه ما قاله إلا توقيفًا.)

(6)

القول الرابع: قول الصحابي حجة إذا انضم إليه قياس.

(7)

قال الإمام الشافعي رحمه الله حينما سئل: (إلى أي شيء صرتَ من هذا؟ قال: إلى اتباع قولِ واحدٍ، إذا لم أجد كتابًا ولا سنةً، ولا إجماعًا ولا شيئاً في معناه ُيحكم له بحكمه، أو وُجد معه قياس.)

(8)

القول الخامس: قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حجة فقط

(9)

القول السادس: الحجة في قول الخلفاء الراشدين الأربعة إذا اتفقوا

(10)

(1)

«المستصفى» ، (1/ 404)

(2)

«البحر المحيط» ، (4/ 358)

(3)

هو: إبراهيم بن علي الشيرازي، ولد سنة (393 هـ)، أبو إسحاق، أخذ عن: أبي عبد الله البيضاوي وابن رامين، وعنه: الخطيب وأبي عبد الله الحميدي، من أشهر مؤلفاته «المهذب» و «اللمع» وهو شيخ الإسلام، علمًا، وعملًا، وورعًا، وزهدًا وتصنيفًا، مات سنة (476 هـ)«طبقات الشافعية» للسبكي، (4/ 215) و «طبقات الشافعية» ، لابن شهبه (1/ 283)

(4)

«التبصرة» (ص: 395)

(5)

«المستصفى» (1/ 400)

(6)

«البحر المحيط» (4/ 363)

(7)

«المصدر السابق» (4/ 361)

(8)

انظر: «الرسالة» (1/ 596)

(9)

انظر: «المستصفى» ، (1/ 400)

(10)

المستصفى (1/ 400)

ص: 51

والصحيح عند الشافعية أن قول الصحابي رضي الله عنهم حجة. قال الإمام الشافعي رحمه الله حينما سئل: (أرأيت أقاويل أصحاب رسول الله إذا تفرقوا فيها؟ فقال: نصير منها إلى ما وافق الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو كان أصحَّ في القياس).

(1)

* * *

‌المطلب الثالث: القائلون بحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.

(2)

أكثر الحنابلة يرون حجية قول الصحابة رضي الله عنهم وأنه مُقدَّم على القياس.

(3)

وقد أومأ الإمام أحمد رحمه الله إلى هذا في مواضع من مسائله: فنقل أبو الحارث

(4)

عنه: (ترك الصلاة بين التراويح، واحتج: بما روي عن عبادة

(5)

وأبي الدرداء.

(6)

فقيل له: فعن سعيد

(7)

والحسن

(8)

: أنهما كانا يريان الصلاة بين التراويح. فقال: أقول لك:

(1)

انظر: الرسالة (1/ 596)

(2)

للاستزادة حول أدلة مذهب الصحابي وحجيته انظر: «إعلام الموقعين» (5/ 556 وما بعدها)

(3)

«روضة الناظر» (1/ 466)، و «المسودة» 336)، و «الكوكب المنير،» (4/ 422)،

(4)

هو: أحمد بن محمد الصائغ، أبو الحارث، ذكره الخلال فقال: كان أبو عبدالله يأنس به وكان يقدمه ويكرمه وكان عنده بموضع جليل، وروى عنه مسائل كثيرة وجَوَّدّ الرواية عنه. «طبقات الحنابلة» ، (1/ 74) و «المقصد الأرشد» (1/ 163)

(5)

هو: عبادة بن الصامت الأنصاري، أبو الوليد، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى مرثد، وشهد بدرًا والمشاهد كلها، مات سنة (34 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (2/ 807) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 505)

(6)

هو: اسمه عويمر بن عامر بن مالك وقيل: اسمه عامر بن مالك، أبو الدرداء، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة، روى عنه ابنه بلال، وزوجته أم الدرداء، كان فقيهًا عاقلًا حكيمًا، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي، وتوفي قبل أن مقتل عثمان بسنتين، انظر:«أسد الغابة في معرفة الصحابة» (6/ 94) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 622)

(7)

هو: سعيد بن جبير الوالبي، أبو محمد وقيل أبو عبد الله، أخذ عن: ابن عباس رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها، وعنه: أبو صالح السمان، وأيوب السختياني، كان إمامًا، حافظًا، مقرئًا، مفسرًا، قال عنه ميمون بن مهران:(لقد مات و ما على ظهر الأرض رجل إلا يحتاج إليه). قُتِلَ سنة (94 هـ) وقيل (95 هـ)، «الطبقات الكبرى» ، لابن سعد (6/ 267)«سير أعلام النبلاء» (4/ 321)

(8)

هو: الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد، ولد سنة (21 هـ). أخذ عن: عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة وعنه: ثابت البناني، ومالك بن دينار، كان سيد أهل زمانه علمًا وعملًا. قال قتادة:(ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن). مات سنة (110 هـ) انظر: «سير أعلام النبلاء» (4/ 563)«الوافي بالوفيات» للصفدي (12/ 190)

ص: 52

أصحاب النبي، وتقول: التابعون).

(1)

واستدلوا على ذلك:

أولًا: الأدلة من الكتاب:

1 -

قال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}

(2)

.

وجه الدلالة: أن الله شهد لهم بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واتباع المعروف واجبٌ، فلو كانت فتاواهم للمسألة غير صواب، لم يكن معروفًا؛ فدل على أن فتاواهم صواب وحجة تقبل

(3)

2 -

قال تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}

(4)

وجه الدلالة: أن كلاً من الصحابة رضي الله عنهم منيب إلى ربه وهذا لا ريب فيه، فيجب اتباع سبيله، وأقواله واعتقاداته من أكبر سبيله، وقد هداهم الله كما قال:{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}

(5)

وهذا دليل على إنابتهم إلى ربهم.

(6)

3 -

قال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}

(7)

.

وجه الدلالة: أن الله تعالى شاهدًا لهم بأنهم أوتوا العلم، وإذا كانوا كذلك كان اتباعهم واجبًا

(8)

ثانيًا: الأدلة من السنة:

استدلوا بمثل الأدلة التي وردت في المبحث الثاني، عند المطلب الثالث، مكانة الصحابة رضي الله عنهم، فليُرَاجع.

(9)

(1)

«العدة في أصول الفقه» (4/ 1181)

(2)

[سورة آل عمران: 110].

(3)

انظر: «إعلام الموقعين» ، (5/ 569)

(4)

[سورة لقمان: 15]

(5)

[سورة الشورى: 13]

(6)

انظر: «إعلام الموقعين» ، (5/ 567)

(7)

[سورة سبأ: 6].

(8)

«إعلام الموقعين» ، (5/ 568)

(9)

(ص: 40)

ص: 53

ثالثًا: الآثار:

1 -

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيئ)).

(1)

وجه الدلالة: أنه من المحال أن يُخْطِئَ الحق في حكم الله، خير قلوب العباد، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويظفر به من بعدهم.

(2)

2 -

وعنه أيضًا قال: ((ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر)).

(3)

وجه الدلالة: أنه من المحال يكون من بعد الصحابي عمر رضي الله عنه من المتأخرين أسعد بالصواب منه في أحكام الله تعالى.

(4)

رابعًا: المعقول:

وذلك أن قول الصحابي له حالتان: إما كونه توقيفًا فيصبح واجب الاتباع، أو الحالة الثانية: كونه اجتهادًا، ولا شك أن اجتهاده أولى من اجتهاد غيره.

(5)

ونوقش من وجهين:

الوجه الأول: أنه لا يمكن أن يكون توقيفًا، أي من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان كذلك لظهر فيما بعد، ونُقلَ. ولأنه لو كان توقيفًا لكان واجبًا اتباع الصحابي، كوجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم

(6)

(1)

أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، (6/ 84) رقم (3600)، و أبو داود الطيالسي في «مسنده» ، (1/ 199) رقم (243)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 118) رقم (8582)، وأيضًا في «المعجم الأوسط» ، (4/ 58) رقم (3602)، وقال الزيلعي في «نصب الراية»:(صحيح الإسناد ولم يخرجاه)(4/ 133)

(2)

انظر: «إعلام الموقعين» (5/ 579)

(3)

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» . (9/ 184) رقم (8827)، وحَسَّنه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9/ 67)

(4)

انظر «إعلام الموقعين» (6/ 12)

(5)

انظر: «العدة في أصول الفقه» (4/ 1186)

(6)

انظر: المصدر السابق، (4/ 1187)

ص: 54

ويجاب عنه بما يأتي: قولكم غير صحيح لسببين:

أولًا: أن الصحابي غير ملزم بنقل قوله في هذه المسألة، وإنما القدر الكافي أن يفتى بالصواب، فله ذكر الرواية وعدمها، كالمفتي له ذكر الدليل، أو ذكر الحكم.

ثانيًا: احتمال ترك الصحابي للرواية بسبب الورع، كما كان كثيرًا من السلف، يتوقفون في الرواية للأحاديث خشية الوقوع في الخطأ فيُفتي بالمعنى.

(1)

الوجه الثاني: أن الاجتهاد لا يُوجب الاتباع للصحابي، بسبب طول المشاهدة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يوجب عصمته من الوقوع في الخطأ في الاجتهاد، والحاصل له حسن الظن وأنه أقرب للصواب. لكن لا يجب الاتباع، كالعالم لا يجوز له اتباع الأعلم منه، وإن كان اجتهاد الأعلم أقرب للصواب، وهذ يقتضي أن الصحابي الذي طالت صحبته أولى من غيره وكبارهم أولى من صغارهم.

(2)

ويجاب عنه بما يأتي:

1 -

قولهم: لا يجب اتباع الصحابي بسبب عدم الإخبار والرفع للرسول صلى الله عليه وسلم غير صحيح.

لأن قول الصحابي المخالف للقياس الظاهر أنه حديث موقوفُ، ففتواه تكون دليلًا على أن الخبر ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب العمل به كحال خبر الواحد. بمعنى مأمورنا بالعمل بغلبة الظن ولدينا احتمالان:

الاحتمال الأول: أن يكون قاله بلا توقيف.

الاحتمال الثاني: أن يكون قاله عن توقيف، والثاني هو الأقرب وهذا يكفي في غلبة الظن.

2 -

قولهم: كون الصحابي شاهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا تجعله معصومًا من الخطأ في الاجتهاد لأقواله، وأفعاله.

وإن كانت المشاهدة لا توجب العصمة لكن توجب مزايا أخرى، فكونهم شهدوا التنزيل وعَلمُوا التأويل، فهذه الأمور تجعل لأقوالهم اعتبارًا لا يُجعَل لأحد من بعدهم؛ فالصحابي يُلاحظ القرائن التي لا يعرفها من بعده. فيستطيع فهمَ المقصود أكثر ممن جاء بعده، وهذا كافي في ترجيح قوله فيقدم قول الصحابي كما يقدم خبر الواحد على القياس.

3 -

قولهم: العالم لا يجب اتباع من هو أعلم منه، وصغار الصحابة لا يتبعون كبارهم -أي ترجيح بعض الصحابة على بعض يختلف عن ترجيح الصحابة على غيرهم-غير صحيح.

(1)

انظر: «العدة في أصول الفقه» (4/ 1187)

(2)

انظر: المصدر السابق، (4/ 1187)

ص: 55

فهناك فرق بين الترجيح بالصحبة، والترجيح بالكِبَر، فكبار الصحابة وصغارهم متساوون في الصحبة، فهم متساوون في المشاهدة للتنزيل التي هي سبب الترجيح لهم على غيرهم.

(1)

* * *

‌المطلب الرابع: النافون لحجية مذهب الصحابي من الحنابلة وأدلتهم.

يرى الفريق الآخر: أن قول الصحابي ليس بحجة، والقياس مُقَدم عليه، وهذا قول لبعض الحنابلة كأبي الخطاب

(2)

وغيره.

(3)

وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله، في مواضع من مسائله منها: قال في رواية أبي داود: (ليس أحد إلا آخذ برأيه وأترك، ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم.

(4)

وكذلك نقل الميموني

(5)

عنه وقد سأله: (يمسح على القلنسوة

(6)

؟ فقال: ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وهوقول أبي موسى، وأنا أتوقاه).

(7)

واستدلوا على ذلك بالكتاب والمعقول:

أولًا: الأدلة من الكتاب:

1 -

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}

(8)

.

وجه الدلالة: بين الله تعالى أن الرجوع عند الاختلاف في هذه الآية يكون فقط لكتابه ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر الرجوع إلى مذهب الصحابي، وعدم ذكر ذلك عند الاختلاف دليل وبرهان على عدم

(1)

انظر «العدة في أصول الفقه» (4/ 1187)

(2)

هو: محفوظ بن أحمد الكلوذاني، أبو الخطاب، ولد سنة (432 هـ)، أخذ عن: القاضي أبي يعلى، والمباركي وعنه: ابن ناصر وأبو الفتح بن شاتيل، من أشهر مؤلفاته الهداية في الفقه» و «الخلاف الكبير» ، أحد أئمة المذهب وأعيانه وكان عدلًا رضيًا ثقةً، مات سنة (510 هـ)، انظر:«ذيل طبقات الحنابلة» ، (1/ 270)، «المقصد الأرشد» (3/ 22)

(3)

انظر: «التمهيد في أصول الفقه» (3/ 332)، «الواضح في أصول الفقه» (5/ 210)

(4)

«مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني» (ص: 368) و «العدة في أصول الفقه» (4/ 1183)

(5)

هو: عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الميموني، أبو الحسن، أخذ عن: الإمام أحمد وابن عُليَّة وعنه: النسائي وأبي عوانة الإسفراييني، كان عالم الرقة، ومُفْتِيَها في زمانه ومن كبار الأئمة. مات سنة (274 هـ) انظر:«طبقات الحنابلة» (1/ 212) و «سير أعلام النبلاء» ، (13/ 89)

(6)

القلنسوة: هي لبس يُلْبَسُ على الرأس كالعمامة. انظر «لسان العرب» مادة (قلس)(6/ 181) وكالطواقي في عصرنا الحاضر.

(7)

«العدة في أصول الفقه» (4/ 1183)

(8)

[سورة النساء: 59].

ص: 56

حجيته

(1)

ونوقش: أنه جاء في السنة المطهرة، ما يقتضي الاقتداء والاهتداء بالصحابة، كحديث ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)).

(2)

وحديث ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)).

(3)

وحديث ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.))

(4)

وهذا أمر وهو يقتضي الوجوب.

(5)

2 -

وقال تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2)}

(6)

.

وجه الدلالة: أن في هذه الآية أمر من الله بالاستنباط والاعتبار، فإذا ثبت أن المرجع أدلة الشرع التي بها يستدل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن إليها مرجع كل مجتهد، لم يكن لتقديم قولهم وجه.

(7)

ونوقش: أن من أنواع الاعتبار الرجوع إلى قول الصحابي، ومعلومٌ أن اجتهاده يُقَدمُ على اجتهاد غيره.

(8)

3 -

وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)}

(9)

.

4 -

وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)}

(10)

.

وجه الدلالة: هاتان الآيتان نصَّتا على ذم التقليد، والاتباع بشكل عام، ومن ذلك تقليد الصحابي.

(11)

(1)

انظر: «الواضح في أصول الفقه» (5/ 211)

(2)

«العدة في أصول الفقه» (4/ 1188)، والحديث في المنتخب من «مسند عبد بن حميد» (2/ 293)، رقم (784)، قال ابن حجر في «التلخيص» رواه ابن حميد في مسنده من طريق حمزة النصيبي، وهو: ضعيف جدًا. (4/ 462).

(3)

أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ، (38/ 280) رقم (23245)، وحسنه ابن الملقن في «البدر المنير» (9/ 578)

(4)

أخرجه أبو داود في «سننه» (7/ 16) رقم (4607)، وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (9/ 582)

(5)

انظر: «العدة في أصول الفقه» (4/ 1186)

(6)

[سورة الحشر: 2].

(7)

انظر: «الواضح في أصول الفقه» (5/ 211)

(8)

انظر: «العدة في أصول الفقه» (4/ 1189)

(9)

[سورة البقرة: 170].

(10)

[سورة لقمان: 21].

(11)

انظر: «العدة في أصول الفقه» (4/ 1189)

ص: 57

ونوقش: بأن هذه الآيات غير محمولة على مسألة قول الصحابي إذا لم يعلم قوله ولم ينتشر، (قول الواحد منهم منفرد).

(1)

ثانيًا: المعقول. وذلك من وجهين:

الأول: أن الصحابي غير معصوم، وجائز عليه الخطأ، ولا دليل على عصمته، وبالتالي فقوله يحتمل جانبين: جانب الصواب، وجانب الخطأ، كبقية المجتهدين فلا يقدم قوله على القياس

(2)

ونوقش: كونه غير معصوم من الخطأ لا يعتبر مانعًا في اتباع قوله، فكما تثبتون أن المجتهد واجب الاتباع وهو غير معصوم، وقوله يحتمل للصواب وللخطأ، فالواجب عليكم القول بحجية قول الصحابي من باب أولى في جعل قوله حجة

(3)

وتجويز الخطأ لا يمنع الاحتجاج به، كخبر الواحد والقياس.

(4)

الثاني: إجماع الصحابة على جواز مخالفة كل منهم ي للآخر، وهذا دليل على عدم وجوب اتباع الصحابي لرأي الصحابي الآخر.

(5)

ونوقش: أن قول الصحابي على صحابي آخر ليس حجة اتفاقًا، وهذا خارج مسألة النزاع؛ لأن النزاع في قول الصحابي إذا لم يُعْلَم له مخالف، ولم ينتشر

(6)

.

* * *

‌المطلب الخامس: الترجيح.

بعد عرض أدلة القائلين بحجية مذهب الصحابي وأدلة النافين له، يظهر للباحثة والعلم عند الله حجية مذهب الصحابي، وذلك للأدلة التي نصت على فضلهم، ومكانة علمهم، وموافقتهم للصواب، وملازمتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ التابعين عنهم واقتفائهم لأقوالهم واجتهاداتهم، كما هو معروف عند الأئمة الأربعة رحمهم الله في طيات كتبهم الفقهية وخاصة الإمام أحمد رحمه الله. كل هذا يجعل لمذهب الصحابي قوة ليكون دليلاً من أدلة التشريع الإسلامي، يستدل به في الفروع الفقهية. وقد رجحه أكثر الحنابلة رحمهم الله، ومنهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وغيرهم. قال ابن تيمية رحمه الله: (وقد تأملت من هذا الباب ما شاء الله فرأيت الصحابة أفقه الأمة وأعلمها واعتبر هذا بمسائل الأيمان بالنذر وغير ذلك، وقد بينت فيما كتبته أن المنقول

(1)

المصدر السابق (4/ 1189)

(2)

انظر: «إتحاف ذوي البصائر» ، للنملة (4/ 263)

(3)

انظر: المصدر السابق (4/ 263)

(4)

انظر: «العدة في أصول الفقه» (4/ 1190)

(5)

انظر: «إتحاف ذوي البصائر» (4/ 263)

(6)

انظر: «إتحاف ذوي البصائر» (4/ 264 - 265)

ص: 58

فيها عن الصحابة هو أصح الأقوال قضاء وقياسًا، وعليه يدل الكتاب والسنة وعليه يدل القياس الجليّ وكل قول سوى ذلك تناقض في القياس مخالف للنصوص

ولم أجد أجود الأقوال فيها إلا الأقوال المنقولة عن الصحابة).

(1)

ثمرة الخلاف في أن قول الصحابي حجة أم لا؟

الخلاف هنا معنوي له ثمرة وهي: اعتبار قول الصحابي دليلًا من الأدلة.

فمن قال: إن قول الصحابي حُجة

أضاف هذا الدليل إلى أدلتهم؛ فاستدل به على إثبات أحكامٍ شرعيةٍ لبعض الحوادث، فقالوا مثلًا بعدم وجوب الزكاة في الحلي؛ حيث إن ابن عمر رضي الله عنه كان لا يخرج على حُلي بناته وجواريه الزكاة.

(2)

وغير ذلك من الأحكام الشرعية الكثيرة.

وأما النافون لحجية قول الصحابي

فلم يجعلوا قوله أو مذهبه أو فعله من الأدلة المعتبرة. فأوجبوا الزكاة في الحلي، ولم يعملوا بما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه، واستدلوا بعموم قوله تعالى:{وَآتُوا الزَّكَاةَ}

(3)

. وبغير ذلك من الأدلة.

(4)

(1)

انظر: «مجموع الفتاوى» (20/ 582)

(2)

أخرجه الإمام مالك في «الموطأ» (2/ 352) رقم (859) من طريق عن نافع؛ ((أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب. ثم لا يخرج من حليهن الزكاة)). وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (5/ 581).

(3)

[سورة البقرة: 43]

(4)

انظر: «المهذب في علم أصول الفقه المقارن» ، (3/ 987، 986).

ص: 59

‌الفصل الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في أحكام الأسرة

• المبحث الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب النكاح والصداق.

• المبحث الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الخلع والطلاق والرجعة والإيلاء والظهار واللعان والعدد والرضاع والنفقات.

ص: 60

‌المبحث الأول

المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب النكاح والصداق،

وفيه اثنا عشر مطلبًا:

* المطلب الأول: اجتماع النكاح ونوافل العبادات لصاحب الشهوة.

* المطلب الثاني: النظر إلى الأمة المستامة.

* المطلب الثالث: القدر المجزئ من خٌطبة النكاح.

* المطلب الرابع: تزويج الأب أولاده الصغار.

* المطلب الخامس: توكيل الولي في إيجاب النكاح مطلقاً.

* المطلب السادس: تولي طرفي العقد في النكاح.

* المطلب السابع: وطء الأمة الزانية.

* المطلب الثامن: من وجدت زوجها خصيًّا.

* المطلب التاسع: صفة متعة النساء.

* المطلب العاشر: من دُعِيَ إلى وليمة وكان صائمًا.

* المطلب الحادي عشر: الحكم فيما لو كان الزوج كثير الجماع.

* المطلب الثاني عشر: عدد المبيت عند الحرة.

ص: 61

‌المطلب الأول: اجتماع النكاح ونوافل العبادات لصاحب الشهوة.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: النكاح لصاحب الشهوة أفضل من نوافل العبادات.

قال ابن قدامة رحمه الله حينما ذكر أحوال الناس في النكاح: (من يستحب له، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور، فهذا الاشتغال له به أولى من التخلي لنوافل العبادة، وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم، وفعلهم).

(1)

وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: والاشتغال به أفضل من التخلي

(2)

لنوافل العبادة. يعني حيث قلنا: يستحب. وكان له شهوة. وهذا المذهب مطلقًا. نص عليه وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم).

(3)

وقال البهوتي

(4)

رحمه الله: (واشتغاله أي ذي الشهوة به أي النكاح أفضل من نوافل العبادة قاله في المختصر

(5)

، ومن التخلي لنوافل العبادة قال ابن مسعود:(لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يومًا، ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة) وقال ابن عباس لسعيد بن جبير: (تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء).

(6)

استدلوا على هذه الرواية: بالكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والمعقول. والدليل المعتمد هو قول الصحابة.

(1)

«المغني» (9/ 341)

(2)

التخلي: هو: التفرد والخلوة بنوافل العبادة، دون النكاح، وتوابعه. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 386)

(3)

«الإنصاف» (20/ 23)

(4)

هو: منصور بن يونس البهوتي، ولد سنة (1000 هـ)، أبو السعادات، أخذ عن: الجمال يوسف البهوتي، وعبد الرحمن البهوتي، وعنه: محمد بن أبي السرور، وإبراهيم الصالحي له:«كشاف القناع» و «شرح منتهى الإرادات» ، كان عالمًا ورعًا، متبحرًا في العلوم الدينية، مات سنة (1051 هـ). انظر «السحب الوابلة» لابن حميد (ص: 1131)، «مختصر طبقات الحنابلة» للشطي، (ص 114)

(5)

يقصد به «زاد المستقنع» للحجاوي وهو: متن لاختصار كتاب «المقنع» لابن قدامة، على قول واحد، راجحٌ في المذهب، وانتفع به الناس جيلاً بعد جيل، وتدارسوه، من شروحه «الروض المربع» للبهوتي ومن حواشيه «حاشية النجدي» ، وقام بنظمه ابن قاسم في أكثر من أربعة آلاف بيت. انظر:«المذهب الحنبلي دراسة في تاريخه وسماته» للتركي (2/ 486)

(6)

«كشاف القناع» ، (11/ 140)

ص: 62

أولًا: الأدلة من الكتاب.

1 -

قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}

(1)

2 -

وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}

(2)

وجه الدلالة: هذه الآيات عامة في النكاح وتشمل جميع حالاته ومنها حال اجتماع الشهوة مع نوافل العبادات وذكر ابن القيم رحمه الله في فائدة تفضيل النكاح على نوافل العبادات أن الله تعالى عز وجل اختار النكاح لأنبيائه ورسله.

(3)

ثانيًا: الأدلة من السنة

1 -

قال ابن مسعود رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم) يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة

(4)

فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء.

(5)

(6)

وجه الدلالة: أرشد الحديث إلى النكاح ولو كانت نوافل العبادات أفضل منه لأرشدهم إليها.

2 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: في قصة الثلاثة الذين سألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالوها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))

(7)

وجه الدلالة: هذا الحديث فيه أن الرهط كانوا منصرفين لنوافل العبادات ولو كان الانصراف إليها

(1)

[سورةالنور: 32].

(2)

[سورة الرعد: 38]

(3)

«بدائع الفوائد» ، لابن القيم (3/ 679)

(4)

الباءة: هي النكاح والتزوج. يقال فيه الباءة والباء، وقد يقصر، وهو: من المباءة، المنزل؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا. وقيل لأن الرجل يتبوأ من أهله، أي يستمكن كما يتبوأ من منزله. «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (1/ 160)، مادة (بوأ).

(5)

الوجاء: بالكسر والمد: وهو: رض عروق البيضتين حتى تنفضخ فيكون شبيها بالخصاء. انظر: «مختار الصحاح» ، (ص 333)، مادة (و ج أ)

(6)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة، (3/ 26) رقم (5065)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، ووجد مؤنه، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم، (2/ 1018)، رقم (1400)

(7)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح (7/ 2) رقم (5063)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، ووجد مؤنه، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم (2/ 1020) رقم (1401).

ص: 63

أفضل من النكاح لما قال صلى الله عليه وسلم معاتبًا لهم: ((فمن رغب عن سنتي فليس مني.))

3 -

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ((رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون

(1)

التبتل

(2)

، ولو أذن له لاختصينا))

(3)

وجه الدلالة: رد النبي صلى الله عليه وسلم التبتل، وهو الانقطاع عن النكاح وما يتبعه من الملاذ إلى العبادة

(4)

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لعثمان بن مظعون الانقطاع عن النكاح إلى نوافل العبادات، ولو كانت النوافل أفضل لأذن له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

4 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر الأنبياء يوم القيامة))

(5)

وجه الدلالة: الأمر في الحديث بالنكاح والنهي عن التبتل دلالة على أن النكاح أفضل من نوافل العبادات وفيه أي النكاح المباهاة والتكاثر.

قال ابن قدامة رحمه الله بعد ذكره لهذه الأحاديث: (هذا حث على النكاح شديد، ووعيد على تركه يقربه إلى الوجوب، والتخلي منه إلى التحريم، ولو كان التخلي أفضل لانعكس الأمر)

(6)

ثالثًا: قول الصحابي:

1 -

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها يومًا لي

(1)

هو: عثمان بن مظعون القرشي. أبو السائب، قال ابن إسحاق:(أسلم بعد ثلاثة عشر رجلًا، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا) ولما غسل وكُفِنَ قَبَّلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه، فلما دُفِن قال:(نعم السلف هو لنا عثمان بن مظعون) وأول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن فيها منهم، مات سنة (2 هـ). انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1053) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 381)

(2)

التبتل: هو: الانقطاع عن النساء وترك النكاح، وامرأة بتول منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم. «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (1/ 94)، مادة (بتل).

(3)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب ما يكره من التبتل والخصاء، (7/ 4) رقم (5073) ومسلم «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، ووجد مؤنه، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم (2/ 1020) رقم (1402)

(4)

«كشف اللثام» لأبي العون الحنبلي (5/ 261)

(5)

أخرجه ابن حبان في «صحيحه» ، (9/ 338) رقم (4028)، وأحمد في «مسنده» ، (20/ 63) رقم (12613)، وسعيد بن منصور في «سننه» ، (1/ 164) رقم (490)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 131) رقم (13475)، وقال الألباني في «الإرواء» (صحيح لغيره)، (6/ 195).

(6)

«المغني» (9/ 343)

ص: 64

فيهن طول النكاح، لتزوجت مخافة الفتنة))

(1)

وجه الدلالة: لم يجعل ابن مسعود رضي الله عنه لنفسه قبل موته إلا النكاح ولم يختر شيئًا من نوافل العبادات؛ فاختياره للنكاح على نوافل العبادات دال على أنه أفضل من نوافل العبادات

2 -

وقال سعيد بن جبير رحمه الله: ((قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: فتزوج؛ فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.))

(2)

وجه الدلالة: إرشاد ابن عباس رضي الله عنه سعيد بن جبير رحمه الله إلى النكاح، ولو كانت نوافل العبادات أفضل منه لأرشد إليها، وفي حال اجتماعه مع نوافل العبادات يقدم.

رابعًا: المعقول.

وذلك أن مصالح النكاح أكثر من مصالح التخلي لنوافل العبادة، لاشتماله على تحصين الدين، وعلى تحصين فرج نفسه وزوجته وحفظها، والقيام بها، وإيجاد النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرها من المصالح الراجح أحدها على نفل العبادة.

(3)

الرواية الثانية: التخلي لنوافل العبادات أفضل من الاشتغال بالنكاح لذي الشهوة

• قال المرداوى رحمه الله:) وعنه، التخلي لنوافل العبادة أفضل، كما لو كان معدوم الشهوة.)

(4)

واستدلوا بالكتاب وقول الصحابي.

أولًا: الكتاب

1 -

قال تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)}

(5)

.

(1)

أخرجه سعيد بن منصور، في «سننه» ، (1/ 164) رقم (493)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 169) رقم (10382) وابن أبي شيبة «مصنفه» ، (3/ 453) رقم (15912)، و الطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 273) رقم (9172)، وابن حزم في «المحلى» (9/ 154)، وقال ابن حجر رحمه الله في «المطالب العالية»:(وهذا إسناد رجاله ثقات إلَّا أن المغيرة بن مقسم كان يدلس عن إبراهيم، وإبراهيم النخعي يرسل كثيرًا.)(8/ 286)

(2)

أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب كثرة النساء (7/ 3) رقم (5069)

(3)

«كشاف القناع» (11/ 141)

(4)

«الإنصاف» (20/ 24)

(5)

[سورة آل عمران: 39].

ص: 65

وجه الدلالة: الآية فيها مدح ليحيى رحمه الله بأنه حصورًا ومعناها: الذي لا يأتي النساء فلو كان النكاح أفضل من نوافل العبادات، لما مدحه الله تعالى بتركه.

(1)

ونوقش: ما ذكر عن يحيى رحمه الله هو: واردٌ في شرعه، وشرعنا واردٌ بخلافه.

(2)

وشرع من قبلنا إن ورد ناسخه في شرعنا، فليس شرعا لنا.

(3)

2 -

وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)}

(4)

.

وجه الدلالة: هذه الآيات ذُكرَ فيها الاشتغال بالنكاح في مقام الذم

(5)

، وأنه كالشهوات الباقية المذكورة في الآيات فكان الاشتغال بنوافل العبادات أفضل، ولو كان النكاح أفضل منها لما ذمه الله.

ونوقش: بأن الذّم يتوجه في هذه الأشياء المذكورة ومنها النكاح إلى سوء القصد فيها.

(6)

ثانيًا: قول الصحابي

قال ابن سيرين

(7)

: ((إن عُتبَةَ بنَ فَرقَد

(8)

عرض على ابنه

(9)

التزويج فَأَبَى، فذكر ذلك لعثمان رضي الله عنه، فقال

(1)

انظر: «فتح الملك العزيز» ، لابن البهاء الحنبلي (5/ 127)

(2)

«فتح الملك العزيز» ، (5/ 127)

(3)

«شرح مختصر الروضة» الطوفي، (3/ 169 - 170)

(4)

[سورة آل عمران: 14].

(5)

«فتح الملك العزيز» ، (5/ 127)

(6)

انظر: «زاد المسير في علم التفسير» (1/ 265)

(7)

هو: محمد بن سيرين البصري، أبو بكر أخذ عن: أبي هريرة وابن عمر، وعنه: قتادة بن دعامة وأيوب السختياني، قال عنه الطبري:(كان فقيهًا، عالمًا، ورعًا، أديبًا، كثير الحديث، صدوقًا، وشهد له أهل العلم والفضل بذلك، وهو: حجة) مات سنة (110 هـ) انظر: «وفيات الاعيان» (4/ 181) و «سير أعلام النبلاء» (4/ 406)

(8)

هو: عتبة بن فرقد السلمي، أبو عبد الله، كان أميرًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه على بعض فتوحات العراق، غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوتين. شهد خيبر، وقسم له منها، وولاه عمر رضي الله عنه في الفتوح، ففتح الموصل. قال أبو عثمان النهدي:(جاءنا كتاب عمرو نحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أخرجاه، ونزل عتبة بعد ذلك الكوفة ومات بها)«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» ، (3/ 1029)«الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 365)

(9)

هو: عمرو بن عتبة بن فرقد السلمي، أخذ عن: ابن مسعود، وسبيعة الأسلمية، وعنه: الشعبي، وحوط بن رافع، كان أبوه من الصحابة، كان يتولى الولايات ويجتهد بابنه عمرو أن يعينه على ذلك فلا يفعل زهدًا في الدنيا. استشهد في غزاة أذربيجان، في خلافة عثمان رضي الله عنه. «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» لعبد الرحمن بن الجوزي، (4/ 349)«تاريخ الإسلام» ، للذهبي (2/ 868)

ص: 66

له عثمان رضي الله عنه: «أليس قد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تزوج أبو بكر رضي الله عنه، وتزوج عمر رضي الله عنه، وعندنا منهن ما عندنا؟» . فقال: يا أمير المؤمنين، من له عمل مثل عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومثل عملك؟ فلما قال: مثل عملك - قال: «كُف؛ إن شئتَ فتزوج، وَإن شئتَ فَلَا)).

(1)

وجه الدلالة: علل عمرو بن عتبة لعثمان بن عفان رحمه الله بعدم رغبته بالنكاح بقوله ومن لي مثل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل أبي بكر، وعمل عمر، وعملك رضي الله عنهم. فلم يعاتبه عثمان على تقديم نوافل العبادات على عدم رغبته بالنكاح؛ فدل على تقديمها على النكاح.

نوقش: بأن هذا الأثر دال على عدم وجوب النكاح وهذا يقول به أصحاب القول الأول.

(2)

الترجيح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن الاشتغال بالنكاح أفضل من الاشتغال بنوافل العبادات، وهو المذهب عند الحنابلة. ورجحه ابن قدامة رحمه الله

(3)

، وابن القيم رحمه الله

(4)

وغيرهم

(5)

وتبع ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال: (النكاح إذا كان لدى الإنسان شهوة، وعنده مال يستطيع به القيام بواجبه فإنه أفضل من نوافل العبادة.)

(6)

(1)

أخرجه ابن حجر في «المطالب العالية» ، (8/ 271) رقم (1639). والبوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» ، (4/ 7) رقم (3068)، والبلاذري في «أنساب الأشراف» ، (13/ 324). وقال البوصيري في «المجردة»:(رواه إسحاق ورجاله ثقات.)(4/ 7)

(2)

انظر: «فتح الملك العزيز» (5/ 127)

(3)

«المغني» (9/ 342)

(4)

«بدائع الفوائد» (3/ 680)

(5)

الحجاوي في «الزاد» (ص 161) والبهوتي في «شرح منتهى الإرادات» (5/ 97)

(6)

«الشرح الممتع» لابن عثيمين (12/ 7)

ص: 67

‌المطلب الثاني: النظر إلى الأمة المستامة.

(1)

تصوير المسألة: وهي أن الأمة المعروضة للبيع إذا أراد الرجل شراؤها فيجوز له عند الحنابلة النظر إليها لكن اختلفوا في القدر المباح الذي ينظر إليه منها ما هو؟ أما إن كان الرجل لا يريد شراؤها، أو كانت الأمة غير مستامة؛ فليست محل البحث هنا.

اختلف فقاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: جواز النظر إلى الأمة المستامة إلى ما يظهر غالبًا كالوجه واليد والرقبة والقدم، وإلى الرأس والساقين منها.

* قال المرداوي رحمه الله: (قوله: وله النظر إلى ذلك، وإلى الرأس والساقين من الأمة المستامة. يعني له النظر إلى ما يظهر غالبًا، وإلى الرأس والساقين منها. وهوالمذهب).

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولرجل وامرأة نظر ذلك أي الوجه واليد والرقبة والقدم ورأس وساق من أمة مستامة أي معرضة للبيع يريد شراءها كما لو أراد خطبتها بل المستامة أولى، لأنها تراد للاستمتاع وغيره .... وروى أبو حفص

(3)

أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها وعلى عجزها

(4)

من فوق الثياب ويكشف عن ساقيها.)

(5)

(1)

الأمة المستامة: هي المطلوب شراؤها، يقال: سام الشيء اتسامه: طلب ابتياعه. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 387)

(2)

«الإنصاف» ، (20/ 33)

(3)

هو: عمر بن إبراهيم بن عبد اللَّه العكبري، أبو حفص، عرف بابْن المسلم، سمع من أبي علي الصواف وأبي بكر النجاد،، وأكثر من ملازمة ابن بطة له معرفة تامة بالمذهب، رحل إلى الكوفة والبصرة وغيرهما من البلدان، وله تصانيف كثيرة منها المقنع وشرح الخرقى، مات سنة (887 هـ)«طبقات الحنابلة» ، (2/ 163)، «المقصد الأرشد» ، (2/ 192)

(4)

عجزها: العجز: مؤخر الشيء والمقصود مؤخرة المرأة. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 185)

(5)

انظر: «شرح منتهى الإرادات» للبهوتي (5/ 103)

ص: 68

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن نافع

(1)

عن ابن عمر رضي الله عنه ((أنه كان إذا اشترى جارية كشف عن ساقها ووضع يده بين ثدييها وعلى عَجُزهَا. وكأنه كان يضعها عليها من وراء الثوب.))

(2)

وجه الدلالة: فعل ابن عمر رضي الله عنه عند شراء الأمة دليل على الجواز في النظر للأمة إلى ما يظهر غالبًا وإلى ساقيها.

ثانيًا: المعقول:

أن الحاجة عند شراء الأمة المستامة تدعو إلى النظر إلى ما يظهر منها غالبًا، وإلى رأسها وساقيها؛ وأن رؤية ذلك يحصل المقصود به؛ لأنها تراد للاستمتاع وغيره من التجارة، وحسنها يزيد في ثمنها.

(3)

الرواية الثانية: جواز النظر للأمة المستامة ماعدا عورتها في الصلاة.

(4)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ويجوز لمن أراد شراء جارية النظر منها إلى ما عدا عورتها).

(5)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وعنه، ينظر سوى عورة الصلاة.).

(6)

واستدلوا بالمعقول.

وذلك أن الرجل الذي يريد شراء الأمة المستامة تستدعي حاجته النظر إليها لمعرفتها ويستثنى من ذلك عورتها في الصلاة وذلك كالنظر الى الوجه ليعرف مايشتريه.

(7)

ويمكن أن يناقش: بأن المقصود الذي يحصل به للرجل في شراء الأمة غالبًا هو: النظر إلى مايظهر

(1)

هو: نافع القرشي مولى ابن عمر أبو عبد الله، أخذ عن: ابن عمر وعائشة،، وعنه: الزهري، ومالك بن أنس، أحد الأئمة الكبار بالمدينة قال أهل الحديث:(رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة.)، مات سنة (117 هـ)(120 هـ). «وفيات الأعيان» (5/ 367) و «سير أعلام النبلاء» (5/ 95)

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» للبيهقي (5/ 537) رقم (10789)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 285) رقم (13200)، وابن أبي شيبه في «مصنفه» ، (4/ 289) رقم (20241) وصححه الألباني في «الإرواء» (6/ 201)

(3)

انظر: «المبدع في شرح المقنع» لإبراهيم ابن مفلح (6/ 85)«كشاف القناع» (5/ 11)

(4)

عورة الأمة في الصلاة: هي ما بين السرة والركبة انظر: «كشاف القناع» (2/ 127)

(5)

«الكافي» (3/ 5)

(6)

«الإنصاف» ، (20/ 34)

(7)

انظر: «الكافي» (3/ 5) و «فتح الملك العزيز» ، (5/ 136)

ص: 69

غالبًا كالوجه واليد والرقبة والقدم، وإلى الرأس والساقين منها. وبما ورد في الأثر الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وجواز النظر إلى الأمة المستامة يكون إلى ما يظهر منها غالبًا، وإلى الرأس والساقين منها. وهي المذهب عند الحنابلة ورجحها أبو الخطاب

(1)

والبهوتي

(2)

وذلك لصحة الأثر عن ابن عمر رضي الله عنه.

* * *

‌المطلب الثالث: القدر المجزئ من خُطبة النكاح

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ويجزئ من ذلك أن يحمد الله تعالى، ويتشهد، ويصلي على رسول الله)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (والمجزئ منها، أن يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويجزئ عن ذلك أن يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لما روي عن ابن عمر أنه كان إذا دعي ليزوج قال: الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد إن فلانًا يخطب إليكم فلانة فإن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه فسبحان الله.)

(5)

واستدلوا بقول الصحابي:

قال أبو بكر بن حفص

(6)

رحمه الله: ((كان ابن عمر إذا دُعيَ إلى تزويج قال: لَا تُفَضضُوا

(7)

علينا الناس الحمد لله وصلى الله على محمد، إن فلانًا خطب إليكم فلانة، إن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه

(1)

«الهداية» (ص 381)

(2)

«شرح منتهى الارادات» (5/ 103)

(3)

«المغني» (9/ 465)

(4)

«الإنصاف» (20/ 84)

(5)

«كشاف القناع» (11/ 183)

(6)

هو: عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد الزهري، أبو بكر، روى عن: ابن عمر وعروة رضي الله عنهما، وروى عنه: ابن جريج وشعبة، وكان ثقة وتوفي في حدود المائة والعشرين. «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (5/ 36)«الوافي بالوفيات» ، (17/ 79)

(7)

تفضض القوم وانفضوا: يقال ذلك إذا تفرقوا. انظر: «لسان العرب» (7/ 602) مادة (فضض.)

ص: 70

فسبحان الله.))

(1)

وجه الدلالة: قول ابن عمر رضي الله عنه دل على أن المجزئ في خطبة النكاح هو: قول الحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *

‌المطلب الرابع: تزويج الأب أولاده الصغار

* قال ابن قدامة: رحمه الله (الغلام السليم من الجنون، لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن لأبيه تزويجه.)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (في تزويج الأب أولاده الصغار عشر مسائل؛ إحداها، أولاده الذكور العقلاء الذين هم دون البلوغ والكبار المجانين، فله تزويجهم؛ سواء أذنوا أو لا، وسواء رضوا أم لا، بمهر المثل أو بزيادة عليه، على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. ونص عليه في كل واحد منهما.)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (للأب خاصة تزويج بنيه الصغار وروى الأثرم

(4)

: أن ابن عمر رضي الله عنه زوج ابنه وهو صغير فاختصموا إلى زيد

(5)

فأجازاه جميعًا)

(6)

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ،، (7/ 294) رقم (14040) وصححه الألباني في «الإرواء» ، (6/ 221)

(2)

انظر: «المغني» (9/ 415)

(3)

«الإنصاف» (20/ 112)

(4)

هو: أحمد بن محمد بن هاناء ويقال الكلبى الأثرم الإسكافى، أبو بكر، سمع: عفان بن مسلم وأبا بكر بن أبي شيبة، روى عنه: النسائى وابن صاعد، كان إمامًا جليلًا حافظًا، نقل عن أحمد مسائل كثيرة، مات بعد الستين ومائتين.

انظر: «طبقات الحنابلة» ، (1/ 66)، «المقصد الأرشد» ، (1/ 661)

(5)

هو: زيد بن ثابت الأنصاري، أبو سعيد، روى عنه: ابن عمر، وأبي هريرة، كان من كتبة الوحي، واستخلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المدينة وكان أحد فقهاء الصحابة في الفرائض، وكانت معه راية بني النجار يوم تبوك. شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد اختلف في وفاته وقول الأكثر سنة (45 هـ) انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (2/ 537)«الإصابة في تمييز الصحابة» (2/ 490)

(6)

انظر: «كشاف القناع» (11/ 245)

ص: 71

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي

عن سليمان بن يسار

(1)

، ((أن ابن عمر زوج ابنًا

(2)

له ابنة أخيه

(3)

عبيد الله بن عمر

(4)

، وابنه صغير يومئذ ولم يفرض لها صداقًا، فمكث الغلام ما مكث، ثم مات، فخاصم خال الجارية

(5)

ابن عمر إلى زيد بن ثابت، فقال ابن عمر لزيد: «إني زوجت ابني، وأنا أحدث نفسي أن أصنع به خيرًا، فمات قبل ذلك، ولم يفرض للجارية صداقًا. فقال زيد: فلها الميراث إن كان للغلام مال، وعليها العدة، ولا صداق لها)).

(6)

وجه الدلالة: فعل ابن عمر رحمه الله فيه دليل على إجازة الأب في تزويج ابنه الصغير فلم يُبْطِل ذلك.

ثانيًا: المعقول:

(1)

هو: سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث أبو أيوب، ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه وهو: أخو عطاء بن يسار، روى عن: ابن عباس وأبي هريرة و روى عنه الزهري وقتادة. وهو: الفقيه، الإمام، عالم المدينة، ومفتيها، مات سنة (107 هـ)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (4/ 149) و «سير أعلام النبلاء» (4/ 444)

(2)

هو عبيد الله بن عبد الله بن عمر.

(3)

إسم البنت حفصة بنت عبيد الله بن عمر. انظر: «الطبقات الكبرى» ، (5/ 446)، وذكر ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (3/ 555) رقم (17112) أمها وهي: أسماء بنت زيد بن الخطاب

(4)

هو: عبيد الله بن عمر بن الخطاب. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عبد البر رحمه الله:(لا أحفظ له رواية عنه ولا سماعًا منه، وكان من أنجاد قريش وفرسانهم) وثبت أنه غزا في خلافة أبيه، قتل بصفين مع معاوية، وكان على الخيل يومئذ، ورثاه أبو زيد الطائي سنة (36 هـ). انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» » (3/ 1010)، «الإصابة في تمييز الصحابة» (5/ 41)

(5)

هو: عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. ذكره عبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 292) رقم (10889).

(6)

أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» ، (1/ 266) رقم (925)، ومالك في «الموطأ» ، (3/ 753) رقم (1923)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 292) رقم (10889)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (3/ 555) رقم (17112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 402) رقم (14419)، وصححه زكريا بن غلام في كتابه «ما صح من آثار الصحابة» ، (3/ 988)

ص: 72

وذلك أن الأب له حق التصرف في مال ابنه بغير تولية وله قياسًا على ذلك تزويجه كابنته الصغيرة

(1)

* * *

‌المطلب الخامس: توكيل الولي في إيجاب النكاح.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ويجوز التوكيل مطلقًا ومقيدًا، فالمقيد التوكيل في تزويج رجل بعينه والمطلق التوكيل في تزويج من يرضاه أو من يشاء.)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (يجوز التوكيل مطلقًا ومقيدًا. فالمطلق: مثل أن يوكله في تزويج من يرضاه، أو من يشاء ونحوهما. والمقيد: مثل أن يوكله في تزويج رجل بعينه ونحوه.

وهذا المذهب. نص عليه.)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويصح توكيله أي الولي في إيجاب النكاح توكيلا مطلقًا وإذنها لوليها في العقد مطلقًا كقول المرأة لوليها زوج من شئت أو من ترضاه. وقول الولي لوكيله: زوج من شئت أو من ترضاه. روي: أن رجلا من العرب ترك ابنته عند عمر وقال إذا وجدت كفؤا فزوجه ولو بشراك نعله

(4)

، فزوجها عثمان بن عفان فهي أم عمرو بن عثمان

(5)

. واشتهر ذلك فلم ينكر).

(6)

(1)

انظر: «المبدع في شرح المقنع» ، (6/ 98)، و «الممتع في شرح المقنع» (3/ 552)

(2)

«المغني» (9/ 363)

(3)

«الإنصاف» ، (20/ 205)

(4)

بشراك نعله: المقصود: أحد سيور النعل التي تكون على وجهها. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (2/ 467)، مادة (شرك).

(5)

هي: أم أبان، تزوجها عثمان وولدت له عمرو. وذكر ابن سعد أنها أم عمرو بنت جندب. وهما إخوان ذكر ابن سعد أن كلاهما أمهما أم عمرو بنت جندب. «الطبقات الكبرى» (3/ 40) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 615)

(6)

«كشاف القناع» (11/ 284)

ص: 73

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

قال خالد بن سعيد الأموي

(1)

: ((كان جندب بن عمرو بن حممة الدوسي

(2)

قدم المدينة مهاجرًا ثم أتى الشام

(3)

غازيًا وخلف ابنته

(4)

عند عمر بن الخطاب وقال: إن حدث بي حدث فزوجها كفؤا ولو بشراك نعله، فكان يدعوها ابنتي وتدعوه أبي، فلما استشهد أبوها قال عمر: من يتزوج الجميلة الحسيبة؟ فقال عثمان: أنا، فزوجه إياها على صداق بذله، فأتاها به عمر فوضعه في حجرها، فقالت: ما هذا؟ قال مهرك، فنفحت به

(5)

، فأمر حفصة

(6)

فأصلحت من شأنها، ودخل بها عثمان فولدت له. وكان يقول: ما شيء أحببته في امرأة إلا وهو فيها، وتزوج عثمان رضي الله عنه ابنة شيبة بن ربيعة

(7)

علي ثلاثين ألفا ويقال أربعين

(1)

هو: خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي، أخو إسحاق بن سعيد روى عن: بديح مولى عبد الله بن جعفر، وأبيه سعيد بن عمرو بن سعيد، وعنه: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن عمر بن أبان. روى له البخاري حديثًا واحدًا مات ما بين سنة (171 هـ-180 هـ). «تهذيب الكمال» (8/ 81)، «تاريخ الإسلام» (4/ 613)

(2)

هو: جندب بن عمرو بن حممة الدوسي، حليف بني أمية، قتل بأجنادين سنة (13 هـ)«أسد الغابة في معرفة الصحابة» (1/ 568)، و «الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 614)

(3)

الشام: بفتح أوّله، وسكون الهمز، والشأم، بفتح الهمز، وحدّها من الفرات إلى العريش المتاخم للدّيار المصريّة، وأمّا عرضها فمن جبلي طيّء من نحو القبلة إلى بحر الروم. وهي اليوم من أعمر بلاد العرب، ذات قرى متراصة يكاد بعضها يمس بعضًا، ذات أنهار جارية ومزارع خضرة نضرة. «معجم البلدان» (3/ 311)، «معجم المعالم الجغرافية» ، للبلادي (ص 167)

(4)

هي: أم أبان تزوجها عثمان وولدت له عمرو. سبقت ترجمتها قريبًا.

(5)

نفحت به: أي رمته. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» مادة نفخ، (5/ 90)

(6)

هي: حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم. روت عن: النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيها رضي الله عنها، روى عنها: أخوها عبد الله، وابنه حمزة، كانت من المهاجرات، وكانت تحت خنيس بن حذافة، وهو: ممن شهد بدرًا، وتوفي بالمدينة، اختلف في وفاتها قيل (41 هـ) وقيل (45 هـ)«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1811) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 86)

(7)

هي: رملة بنت شيبة بن ربيعة، كانت من المهاجرات، هاجرت مع زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه قال ابن حجر:(ولعله عثمان بن أبي العاص بقرينة قولها بوج، وهي الطائف، وعثمان بن أبي العاص من أهل الطائف). يقصد حينما قالت لها هند بنت عتبة: لحي الرحمن صابئة بوج .... ومكة عند أطراف الحجون، انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1846). «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 142)

ص: 74

ألفا، وتزوج ابنة خالد بن أسيد

(1)

على أربعين ألفا، وتزوج أم عبد الله بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة

(2)

على ثلاثين ألفا، وخطب فاطمة بنت عمر بن الخطاب

(3)

رضي الله عنه بعد وفاة عمر وأصدقها مائة ألف، فقال ابن عمر: إن ابن عمها أحق بها، فزوجها عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب

(4)

وتزوج ابنة عيينة

(5)

على خمسمائة دينار.

(6)

(7)

وجه الدلالة: توكيل جندب بن عمرو للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تزويج ابنته كان توكيلًا مطلقًا وقيده بالكُفء وقبول عمر رضي الله عنه لذلك دليل على صحة توكيل الولي وتزويجها لعثمان رضي الله عنه دليل لصحة هذا الفعل. واشتهر ذلك فلم يُنكَر.

(8)

ثانيًا: المعقول:

(1)

لم أقف على اسمها.

(2)

هي: فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن الوليد بن المغيرة مات أبوها شهيدًا باليمامة، وأمّها أم حكيم بنت أبي جهل وتزوجها عثمان بن عفان فولدت له سعيدًا والوليد. «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 282)

(3)

هي: فاطمة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، أمها أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة. تزوجها ابن عمها عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. فولدت له عبد الله، انظر:«الطبقات الكبرى» (5/ 37)، و «نسب قريش» للزبيري (ص 303)

(4)

هو: عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب القرشي، ولد سنة (5 هـ)، روى عن أبيه، وابن مسعود، وروى عنه: ابنه، و سالم بن عبد الله، حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسح رأسه، ودعا له بالبركة، وولاه يزيد بن معاوية إمرة مكة قال البخاريّ: مات قبل ابن عمر، يعني في ولاية عبد اللَّه بن الزبير، «الإصابة في تمييز الصحابة» (5/ 29)«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» » (2/ 833)

(5)

أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزاري «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 365)

(6)

الدينار: هو: المِثقال وهو: مقدار من الوزن، أي شيء كان من قليل أو كثير. وغلب إطلاق المثقال على الدينار، ويساوى بالجرام (4، 25) جرامًا. انظر: «المطلع على أبواب المقنع» (ص 170)«المكاييل والموازيين الشرعية» للدكتور علي جمعة (ص 9)

(7)

أخرجه البلاذري، «أنساب الأشراف» ، (5/ 497) من طريق عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن خالد بن سعيد الأموي قال

، وأخرجه ابن شبة في «أخبار المدينة» (2/ 111)، وأيضًا في «تاريخ المدينة» (3/ 982) من طريق محمد بن يحيى قال حدثنا عبد العزيز بن عمران عن محرز بن جعفر عن الوليد بن زياد

، وذكر أنه جنيدب. عباس بن هشام الكلبي= يسمى العباس، قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (كان واسع الحفظ جدا ومع ذلك ينسب إلى غفلة.)(8/ 338)، هشام بن محمد = قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (لا يوثق به.)(8/ 338)، خالد بن سعيد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق)(ص 188).

(8)

«المغني» ، (9/ 364)

ص: 75

وذلك أنه إذنٌ في النكاح، فجاز مطلقًا، كإذن المرأة، أو عقد فجاز التوكيل فيه مطلقًا كالبيع فيجوز أن يوكل فيه

(1)

.

* * *

‌المطلب السادس: تولي طرفي العقد في النكاح

صورة المسألة:

تسمى هذه المسألة بتولي طرفي العقد في النكاح وهي: إذا كانت المرأة لها إذنٌ معتبر، فهل لوليها الذي يحل له نكاحها كابن عمها مثلًا أن يتزوجها بإذنها وولايته، أو لا بد أن يوكل في أحد طرفي العقد؟

(2)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: يصح لولي المرأة التي تحل له أن يتولى طرفي العقد بنفسه.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (أن ولي المرأة التي يحل له نكاحها، وهو ابن العم، أو المولى أو الحاكم، أو السلطان، إذا أذنت له أن يتزوجها، فله ذلك، وهل له أن يلي طرفي العقد بنفسه؟ فيه روايتان؛ إحداهما، له ذلك. لما روى البخاري، قال: قال عبد الرحمن بن عوف، لأم حكيم ابنة قارظ

(3)

: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم. قال: قد تزوجتك).

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وكذلك ولي المرأة -مثل ابن العم والمولى والحاكم- إذا أذنت له في نكاحها. يعني، أنه يجوز له أن يتولى طرفي العقد. وهذا المذهب).

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وكذلك ولي المرأة العاقلة إذا كانت تحل له مثل ابن عم لأبوين، أو لأب، والمولى المعتق وعصبته المتعصب بنفسه، والحاكم، وأمينه إذا أذنت له في نكاحها فإنه يصح أن يتولى

(1)

«الشرح الكبير» ، (20/ 206)

(2)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 130)

(3)

هي: أم حكيم بنت قارظ بن خالد بن عبيد زوج عبد الرحمن بن عوف. انظر: «الطبقات الكبرى» ، (8/ 344) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 383)

(4)

«المغني» (9/ 374)

(5)

«الإنصاف» ، (20/ 229)

ص: 76

طرفي العقد لما روى البخاري قال: قال عبد الرحمن بن عوف لأم حكيم بنت قارض

(1)

: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم قال قد تزوجتك.)

(2)

استدلوا على هذه الرواية: بالقران والسنة وقول الصحابي والقياس والدليل المعتمد قول الصحابي:

أولاً: القران:

قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}

(3)

.

وجه الدلالة: ظاهر الآية أنه لولي اليتيمة إن خاف ظلمها أن يتزوج غيرها من النساء، ويُزَوِجها غيره من الرجال، والمفهوم إن لم يخف ألا يعدل فيها فله أن يتزوجها. وطالما أنه لا يخف ظلمها فله أن يتزوجها وله أن يكون هو الزوج والولي معًا لأنه هو وليها وهو زوجها وله تولي طرفي العقد.

(4)

ثانيًا: السنة:

1 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه

(5)

، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَعتَقَ صفية

(6)

وجعل عتقَهَا صَدَاقَهَا.))

(7)

(1)

ذكرت كتب التراجم أنها أم حكيم بنت قارظ وليس قارض. وسبقت ترجمتها قريبًا.

(2)

«كشاف القناع» (11/ 294)

(3)

[سورة النساء: 3].

(4)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 130)

(5)

هو: أنس بن مالك بن النضر الأنصاري، أبوحمزة، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المكثرين في الحديث ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة المال والولد. قال أنس:(فإني لمن أكثر الأنصار مالًا وولدًا). اختلف في سنة وفاته قيل (90 هـ) و قيل (91 هـ) وقيل غير ذلك. انظر: «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 109) و «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (1/ 294)

(6)

هي: صفية بنت حيي بن أخطب تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة سبع من الهجرة. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها ابن أخيها ومولاها كنانة، قال ابن شهاب:(كانت مما أفاء الله عليه، فحجبها وأولم عليها بتمر وسويق، وقسم لها، وكانت إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، ماتت سنة (50 هـ)«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (4/ 1871) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 210)

(7)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب النكاح، باب من جعل عتق الأمة صداقها (7/ 6) رقم (5086)، ومسلم في «صحيحه» كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته، ثم يتزوجها (2/ 1043) رقم (1365)

ص: 77

وجه الدلالة: في هذا الحديث اجتمع لصفية رضي الله عنها بأن كان لها الرسول رحمه الله زوجًا ووليًا؛ فدل على صحة تولي طرفي العقد في النكاح إذ كان الزوج هو: الولي فهو: رحمه الله أعتقها ثم تزوجها.

2 -

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه

(1)

: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة قال: نعم. وقال للمرأة: ترضين أن أزوجك فلانا قالت: نعم. فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية

(2)

، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر

(3)

، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقًا، ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا فباعته بمائة ألف)).

(4)

وجه الدلالة: الشاهد في قوله رحمه الله فزوج أحدهما الآخر فكان هذا الرجل هو الولي، وهو الزوج؛ فدل على صحة تولي طرفي العقد.

(1)

هو: عقبة بن عامر بن عبس الجهني، أبو عبس ويقال: أبو حماد، ويقال: غير ذلك، روى عنه: من الصحابة: جابر، وابن عباس، وكان عالًما، مقرئًا، فصيحًا، فقيهًا، فرضًيا، شاعرًا، سكن مصر، وكان واليا عليها، وتوفي بها سنة (58 هـ) انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» ، (3/ 1073)«سير أعلام النبلاء» (2/ 467)

(2)

الحُديبية: بضم الحاء، وفتح الدال، وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء اختلفوا فيها فمنهم من شددها ومنهم من خففها، وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تحتها، وقيل لشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، وبينها وبين مكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل، وتعرف اليوم بالشميسي؛ لأن رجلًا يحمل هذا الأسم حفر هناك بئرًا فأطلق على تلك المنطقة، وليست من الحرم، وتبعد عن أنصاب الحرم حوالي (1، 5) كيلًا، وعن المسجد الحرام قرابة (25) كيلًا، وفيها مسجد حديث إلى جنب مسجد قديم هو اليوم خراب، وقبل المسجد للقادم من جده نقطة تفتيش تابعة للشرطة. «معجم البلدان» ، للحموي (2/ 229)، «معجم الأمكنة» ، لجنيدل، (ص 180)

(3)

خيبر: ولاية مشتملة على حصون ومزارع ونخل كثير، ومعناها بلسان اليهود الحصن، وسميت خيابر لاشتمالها على الحصون وهي الموضع الذي وضعت فيه الغزوة وفتحها النبي، صلى الله عليه وسلم، كلها في سنة سبع للهجرة وقيل سنة ثمان، وكان يسمى ريف الحجاز ويبعد عن المدينة (165) كيلاً شمالا على طريق الشام المار بخيبر فتيماء. انظر:«معجم البلدان» ، (2/ 409)، وانظر «معجم المعالم الجغرافية» (ص 118)

(4)

أخرجه أبو داود في «سننه» ، كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات، (3/ 454) رقم (2117) وابن حبان في «صحيحه» ، (9/ 381) رقم (4072)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 379) رقم (14332)، وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» ، (1/ 591)

ص: 78

3 -

وقال أَبو موسى الأشعري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا نكاح إلا بولي))

(1)

وجه الدلالة: هذا الحديث فيه أن الولي لفظ عام، وقد يكون الزوج وهو ولي، وعليه فيصح توليه لطرفي العقد؛ لأنه قد وجد فيه الولي.

(2)

ثالثًا: قول الصحابي:

عن سعيد بن خالد

(3)

وقارظ بن شيبة

(4)

((أن أم حكيم بنت قارظ قالت لعبد الرحمن بن عوف: إنه قد خطبني غير واحد فزوجني أيهم رأيت. قال: وتجعلين ذلك إليَّ؟ فقالت: نعم. فقال: قد تزوجتك.))

(5)

وجه الدلالة: دل قوله رضي الله عنه: أتجعلين ذلك إليَّ، على جواز تولي طرفي العقد، وكانت إجابة المرأة بالقبول. ثم قال لها قد تزوجتك؛ فكان هو: الولي والزوج في آن واحد.

رابعًا: المعقول، وذلك من وجهين:

الأول: أن الولي يملك صيغتي الإيجاب والقبول فيصح له أن يتولى ذلك.

(6)

الثاني: أن عقد النكاح هذا توفر فيه صيغتي الإيجاب والقبول فالإيجاب من ولي ثبتت ولايته والقبول من زوج أهلاً لذلك.

(7)

(1)

أخرجه الترمذي في «سننه» ، أبواب النكاح، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي (3/ 399) رقم (1101) وابن ماجه في «سننه» ، (3/ 78) رقم (1880)، وأبو داود في «سننه» ، كتاب النكاح، باب في الولي، (3/ 427) رقم (2085) وصححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (1/ 558)

(2)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 130)

(3)

هو: سعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ القارظي الكناني، من أهل المدينة، حليف بني زهرة.، روى عن: عمه إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب، روى عنه: محمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.، مات في آخر ولاية بني أمية. انظر:«التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» (1/ 395)، «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (10/ 405)

(4)

هو: قارظ بن شيبة بن قارظ الليثي المدني، من حلفاء بني زهرة، روي عن: سعيد بن المسيب وأبي غطفان بن طريف المري، روى عنه: أخوه عمرو بن شيبة بن قارظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، روى له أبو داود، وابن ماجه حديثًا واحدًا، مات في خلافة سليمان بن عبد الملك. انظر:«التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» (2/ 375)، «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (23/ 333)

(5)

أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (8/ 344)، وعلقه البخاري في «صحيحه» فقال:((قال عبد الرحمن بن عوف لأم حكيم بنت قارظ: أتجعلين أمرك إليَّ قالت: نعم. فقال: قد تزوجتك.))، كتاب النكاح، باب إذا كان الولي هو الخاطب، (7/ 16) بلا رقم. وصحح سنده الألباني في «الإرواء» (6/ 256)

(6)

انظر: «المغني» (9/ 374) و «الممتع في شرح المقنع» (3/ 572) و «كشاف القناع» (11/ 294)

(7)

المصادر السابق.

ص: 79

الرواية الثانية: لا يصح لولي المرأة التي تحل له أن يتولى طرفي العقد بنفسه.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (والرواية الثانية، لا يجوز أن يتولى طرفي العقد، ولكن يوكل رجلاً يزَّوجه إياها بإذنها.)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وعنه، لا يجوز حتى يوكل غيره في أحد الطرفين بإذنها.)

(2)

واستدلوا بالسنة وقول الصحابي والمعقول:

أولًا: السنة

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بد في النكاح من أربعة: الولي، والزوج، والشاهدين))

(3)

وجه الدلالة: أن الزوج إذا تولى طرفي عقد النكاح فلا يتوفر فيه إلا ثلاثة شروط وهي الشاهدين والزوج وهذا خلاف ما اشترطه الرسول صلى الله عليه وسلم في أن للنكاح شروط أربع ومنها: الولي وإذا فُقِدَ هذا الشرط فلا عبرة بهذا النكاح.

(4)

ونوقش من وجهين:

الأول: ضعف هذا الحديث كما سبق في تخريجه.

الثاني: أنه على احتمال لو كان الحديث صحيح فالواحد يقوم مقام الاثنين. فالولي يقوم مقام الولي ومقام الزوج

(5)

ثانيًا: قول الصحابي:

قال عن عبد الملك بن عمير

(6)

: ((أراد المغيرة بن شعبة أن يتزوج امرأة

(7)

هو أقرب إليها من الذي أراد أن

(1)

«المغني» (9/ 374)

(2)

«الإنصاف» (20/ 229)

(3)

أخرجه الدارقطني في «سننه» ، (4/ 321) رقم (3529). وقال أبو الخصيب مجهول واسمه نافع بن ميسرة وضعفه أيضًا ابن الملقن في «البدر المنير» (6/ 738)

(4)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 131)

(5)

«شرح الزركشي» (3/ 131)

(6)

هو: عبد الملك بن عمير بن سويد بن جارية اللخمي الكوفي يلقب بالقبطي، أخذ عن: جندب البجلي، وجابر بن سمرة، وعنه: شعبة، والثوري، رأى: عليًا وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما، قال البخاري:(من أفصح الناس) مات سنة (136 هـ.)«سير أعلام النبلاء» (5/ 438)، «الوافي بالوفيات» (19/ 124)

(7)

وذكر سعيد بن منصور في «سننه» ((أن المغيرة بن شعبة، خطب بنت عمه عروة بن مسعود الثقفي فأرسل إلى عبيد الله بن أبي عقيل، فقال: زوجنيها. قال: ما كنت لأفعل، أنت أمير البلد وابن عمها. فأرسل إلى عثمان بن أبي العاص، فزوجها إياه)(6/ 79) رقم (549)

ص: 80

يزوجها إياه، فأمر غيره

(1)

أبعد منه، فزوجها إياه.))

(2)

وجه الدلالة: في هذا الأثر لم يتولَ المغيرة بن شعبة عقد النكاح؛ لأنه كان هو: الزوج وإنما جعل تولية العقد لغيره مع أنه هو أولى بهذه المرأة. فدل على عدم جواز تولي الزوج ذلك.

ونوقش: أن قصة المغيرة بن شعبة لا إشكال في جواز مثلها، وإنما النزاع هل يتحتم ويجب ذلك.

(3)

ثالثًا: المعقول، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن عقد النكاح ملكه الولي بإذن من المرأة التي يجوز له أن يتزوجها وبالتالي فلا يصح تولي طرفي العقد كالوكيل في البيع، فالوكيل يبيع شيئًا ليس له أن يشتريه من نفسه فيصبح يتولى طرفي العقد بأن يكون بائعًا ومشتريًا في ءان واحد.

(4)

الوجه الثانية: أن هذا الزوج وليها الأصلي فيتزوجها من وكيل يوكله ذلك ويكون وليها، كالإمام إذا أراد الزواج من امرأة لاولي لها وهو وليها فيوكل غيره ليزوجه.

(5)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأنه يصح لولي المرأة التي تحل له؛ أن يتولى طرفي عقد النكاح بنفسه، لصحة الأدلة. وهي المذهب عند الحنابلة ورجحها ابن قدامة رحمه الله

(6)

والبهوتي رحمه الله

(7)

وغيرهم

(8)

وضعف أدلة الرواية الثانية -والله أعلم-.

(1)

هو: عثمان بن أبي العاص. انظر: «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» ، القسطلاني، (8/ 51)، وسعيد في «سنن» ، (6/ 79) رقم (549)

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 201) رقم (10502)، وسعيد في «سننه» ، (6/ 79) رقم (549)، والبيهقي في «الخلافيات» (6/ 75) رقم (4085)، وعلقه البخاري في «صحيحه» ، فقال ((وخطب المغيرة بن شعبة امرأة هو: أولى الناس بها فأمر رجلاً فزوجه.))، كتاب النكاح، باب إذا كان الولي هو: الخاطب، (7/ 16) بلا رقم، وصححه الألباني في «الإرواء» (6/ 256).

(3)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 131)

(4)

انظر: «المغني» (9/ 375)

(5)

انظر: «العدة شرح العمدة» ، لبهاء الدين المقدسي (2/ 11)

(6)

«المغني» (9/ 374)

(7)

«كشاف القناع» (11/ 294)

(8)

كابن البهاء الحنبلي فى «فتح الملك العزيز» (5/ 213)

ص: 81

‌المطلب السابع: وطء الأمة الزانية

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: عدم وطء الرجل لجاريته إذا كانت فاجرة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإذا علم الرجل من جاريته الفجور، فقال أحمد: لا يطؤها؛ لعلها تلحق به ولدًا ليس منه.)

(1)

وقال البهوتي رحمه الله: ((ولا يطأ الرجل أمته إذا علم منها فجورًا، أي زنا حتى تتوب ويستبرئها خشية أن تلحق به ولدًا وليس منه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: أكره أن أطأ أمتي وقد بغت.)

(2)

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي:

عن قتادة أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((أكره أن يطأ الرجل أمته بَغيًّا))

(3)

وجه الدلالة: قول ابن مسعود رضي الله عنه نص في كراهية وطء الأمة الزانية عند العلم بفجورها والعياذ بالله.

الرواية الثانية: جواز في وطء الأمة الفاجرة.

قال ابن قدامة رحمه الله: (كان ابن عباس رضي الله عنه يرخص في وطء الأمة الفاجرة.)

(4)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن عكرمة

(5)

، عن ابن عباس رضي الله عنهما، ((أنه وقع على جارية فجرت، فقلت له: أتقع عليها وقد فجرت؟ فقال: إنها لا أم لك

(6)

ملك يميني))

(7)

(1)

«المغني» (9/ 566)

(2)

«كشاف القناع» (11/ 349)

(3)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 208) رقم (12814) من طريق معمر، عن قتادة .... ، وسعيد بن منصور في «سننه» (2/ 85) رقم (2039)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 393) رقم (9675) والإسناد رواته ثقات.

معمر بن راشد = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وعاصم بن أبي النجود وهشام ابن عروة شيئا وكذا فيما حدث به بالبصرة)(ص 541)، قتادة بن دعامة= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 453)

(4)

«المغني» (9/ 566)

(5)

هو: عكرمة مولى بن عباس، أبو عبد الله، سمع ابن عباس وأبا هريرة، روى عنه عمرو بن دينار وقتادة، من أهل الحفظ والاتقان والملازمين للورع في السر والاعلان ممن كان يرجع إلى علم القرآن مع الفقه والنسك، مات سنة (107 هـ). «الجرح والتعديل» ، لابن أبي حاتم، (7/ 7)، «مشاهير علماء الأمصار» ، (ص: 134)

(6)

لا أمَّ لك: كلمة تطلق على الذم وقد تطلق على المدح. قال ابن الأثير: (ذم وسب، أي أنت لقيط لا تعرف لك أم. وقيل قد يقع مدحًا بمعنى التعجب منه، وفيه بعد) انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (1/ 68) مادة (أمم)

(7)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 208) رقم (12811) من طريق الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس .... ، والإسناد رواته ثقات. سفيان الثوري = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ)(ص 244)، عبد الكريم الجزري = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة متقن)(ص 361)، عكرمة أبو عبد الله = ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 397)

ص: 82

وجه الدلالة: فعل ابن عباس رضي الله عنه دليل على جواز وطء الأمة الفاجرة؛ لأنها ملك يمين.

الترجيح:

يكون الترجيح في هذه المسألة بين الروايتين بالجمع لتكونا متفقتين.

ذلك بأن تُحمَل رواية ابن مسعود رضي الله عنه الكراهية على أنه لا يطأ الرجل أمته قبل الاستبراء

(1)

أو إذا لم يحصنها ويمنعها من الفجور.

وتحمل رواية ابن عباس رضي الله عنه الجواز على أنه يجوز للرجل وطء الأمة بعد الاستبراء وبعد التحصين والمنع من الفجور.

(2)

* * *

‌المطلب الثامن: من وجدت زوجها خصيًّا.

(3)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: ثبوت خيار الفسخ للمرأة في زوجها.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إن وجدت زوجها خصيًا ففيه وجهان. أحدهما، لها الخيار)

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله (الخصاء: وهو قطع الخصيتين، والسل، وهو سل البيضتين، والوجاء؛ وهو رضهما هل يثبت الخيار؟ على وجهين، أحدهما، يثبت الخيار.)

(5)

(1)

الاستبراء: براءة رحم الأمة من الحمل. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 424)

(2)

«المغني» (9/ 566)

(3)

الخَصي: هو: من سُلَّتْ خصيتاه. انظر: «الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» ، لابن المبرد (3/ 642)

(4)

انظر: «الكافي» (3/ 43)

(5)

انظر: «الإنصاف» (20/ 503)

ص: 83

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويثبت للمرأة خيار الفسخ بخصاء الرجل وهو قطع الخصيتين ويثبت لها الخيار أيضا بسل وهو سلهما أي الخصيتين، ويثبت الخيار لها أيضا بوجاء بكسر الواو والمد وهو رضهما أي رض الخصيتين، وقد روى أبو عبيد

(1)

بإسناده عن سليمان بن يسار

(2)

أن ابن سند

(3)

تزوج امرأة وهو خصي فقال له عمر: أعلمتها قال: لا قال أعلمها ثم خيرها)

(4)

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن سليمان بن يسار ((أن ابن سندر تزوج امرأة وهو خصي

(5)

، فقال له عمر: أكنت أعلمتها؟ قال: لا. قال: فأعلمها ثم خيرها))

(6)

(1)

هو: القاسم بن سلام بن عبد الله، أبو عبيد، ولد سنة (157 هـ)، وسمع: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، حدث عنه: نصر بن داود، وأبو بكر الصاغاني، له:«كتاب الغريب» و «فضائل القرآن» ، اشتغل بالحديث والأدب والفقه، وكان ذا دين وسيرة جميلة ومذهب حسن وفضل بارع، مات سنة (223 هـ) وقيل غير ذلك. «وفيات الأعيان» ، (4/ 60)، «سير أعلام النبلاء» ، (10/ 490)

(2)

هو: سليمان بن يسار المدني مولى أم المؤمنين مولى ميمونة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو أيوب وقيل: أبو عبد الرحمن، وأبو عبد الله، ولد: في خلافة عثمان رضي الله عنه، حدث عن: زيد بن ثابت، وابن عباس، حدث عنه: أخوه؛ عطاء، والزهري، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان عالماً ثقة عابداً ورعاً حجة، مات سنة (107 هـ). «وفيات الأعيان» (2/ 399)، «سير أعلام النبلاء» (4/ 444)

(3)

الصحيح الذي ورد في كتب التراجم هو: ابن سندر وليس ابن سند. انظر: «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 924)«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 160)

(4)

«كشاف القناع» (11/ 408)

(5)

اسمه عبد الله بن سندر. انظر: «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 924)«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 160)

(6)

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (8/ 454) من طريق علي قال: حدثنا عمر بن طارق، عن يحيى، عن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار .... ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 47) رقم (17646) من طريق زيد بن الحباب، قال: حدثني يحيى بن أيوب المصري، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار

وفيه ولم يعلمها ففرق بينهما. والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (10/ 189) رقم (14159) قال روينا عن سليمان بن يسار .... وفيه ولم تعلم فنزعها منه عمر بن الخطاب.

تنبيه: تفرد ابن المنذر رحمه الله بلفظ فأعلمها ثم خيرها.، وقال البيهقي في «معرفة السنن والآثار»:(إسناده منقطع)، وقال الألباني في «الإرواء» (وهذا سند صحيح على شرط مسلم لو كان سليمان سمع من عمر، فقد ولد بعد وفاته بسنة أو أكثر)(6/ 322) فهو منقطع.

ص: 84

وجه الدلالة: دل فعل عمر رضي الله عنه على أن للمرأة الخيار في الفسخ وعدمه. وبذلك يكون الخصاء عيب ينفسخ به النكاح.

ثانيًا: المعقول.

وذلك أن الرجل الخصي يعتبر هذا العيب في حقه نقصًا وعارًا مانعٌ للوطء ومثيرٌ للنفرة.

(1)

الرواية الثانية: عدم ثبوت خيار الفسخ للمرأة في زوجها.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إن وجدت زوجها خصيًا ففيه وجهان: والثاني: لا خيار لها؛ لأنه لا يمنع الاستمتاع.)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (الخصاء

هل يثبت الخيار؟ على وجهين. والوجه الثاني، لا يثبت الخيار.)

(3)

واستدلوا بالمعقول:

وذلك أن الخصاء لايعتبر مانع من الاستماع وبذلك لايثبت للمرأة الخيار في البقاء مع زوجها أو فسخ عقد النكاح.

(4)

الراجح:

والراجح والله أعلم الرواية الأولى وأن للمرأة ثبوت خيار الفسخ في زوجها إذا كان زوجها خصيَّا. وهي المذهب عند الحنابلة ورجح ذلك ابن القيم رحمه الله وقال: (كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة فيوجب الخيار بل هو: أولى من البيع.)

(5)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (الخصاء يضعف الوطء، أو يزول بالكلية، ويمنع من النسل)

(6)

ولاشك أن المطلب الأساسي من الزواج هو: وجود النسل والعيب الذي يمنع النسل يثبت فيه الخيار.

(1)

انظر: «الكافي» (3/ 43) و «الممتع في شرح المقنع» (3/ 632)

(2)

انظر: «الكافي» (3/ 43)

(3)

انظر: «الإنصاف» (20/ 503)

(4)

انظر: «الكافي» (3/ 43)

(5)

انظر: «زاد المعاد» ، لابن القيم، (5/ 166)

(6)

انظر: «الشرح الممتع» (12/ 215)

ص: 85

‌المطلب التاسع: صفة متعة النساء

(1)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين.

الرواية المعتمدة: المعتبر فيها حال الزوج؛ فإن كان موسرًا فأعلاها خادم، وإن كان فقيرًا فأدناها كسوة مجزئة في الصلاة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال: على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، فأعلاه خادم، وأدناه كسوة يجوز لها أن تصلي فيها، إلا أن يشاء هو: أن يزيدها، أو تشاء هي أن تنقصه)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن طلقها قبل الدخول، لم يكن لها عليه إلا المتعة، على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، فأعلاها خادم، وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها اعلم أن الصحيح من المذهب، اعتبار وجوب المتعة بحال الزوج. نص عليه. وعليه جماهير الأصحاب.)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (والمتعة معتبرة بحال الزوج في يساره وإعساره أعلاها أي المتعة خادم إذا

كان موسرًا وأدناها إذا كان فقيرًا كسوة تجزئها في صلاتها وهي درع وخمار أو نحو ذلك لقول ابن عباس رضي الله عنه: أعلى المتعة خادم ثم دون ذلك النفقة، ثم دون ذلك الكسوة.)

(4)

استدلوا على هذه الرواية: بالكتاب وقول الصحابي وهوالمعتمد.

أولًا: الكتاب:

قال تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}

(5)

(1)

المتعة: اسم مصدر، يقال: يُمَتِّعه تَمْتِيعاً، وتَمتَّع هو: تَمتُّعاً. ويقال للخادم والكسوة وسائر ما يتمتع به. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 398)

(2)

«المغني» (10/ 143)

(3)

«الإنصاف» (21/ 274)

(4)

«كشاف القناع» (11/ 506)

(5)

[سورة البقرة: 236]

ص: 86

وجه الدلالة: الأية نصت في أن متعة النساء معتبرة بحال الزوج وأنها تختلف بحسب غناه وفقره، ولو كان المجزئ من المتعة ما يقع عليه الاسم لسقط الاختلاف، ولو كانت معتبرة بحال المرأة لما كان على الغني قدره وعلى الفقير قدره

(1)

ثانيًا: قول الصحابي.

1 -

عن صالح بن إبراهيم

(2)

: ((أن عبد الرحمن بن عوف حَمَّمَ

(3)

امرأته

(4)

التي طَلقَ: جاريةً سوداء))

(5)

وجه الدلالة: فعل الصحابي عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه حيث جعل متعة امرأته عند طلاقها جارية وهذا أعلى المتعة.

2 -

وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((أرفع المتعة: الخادم، ثم دون ذلك: الكسوة، ثم دون ذلك: النفقة))

(6)

وجه الدلالة: جعل ابن عباس رضي الله عنهما أرفع المتعة؛ الخادم. قال ابن قدامة رحمه الله: (وهذا تفسير من الصحابي، يجب الرجوع إليه.)

(7)

الرواية الثانية: الرجوع في المتعة إلى تقدير الحاكم.

(1)

انظر: «المغني» (10/ 143)

(2)

هو: صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أخذ عن: أبيه وأخيه سعد، وعنه: ابنه سالم، وعمرو بن دينار. قال ابن سعد:(كان قليل الحديث ومات بالمدينة في ولاية إبراهيم بن هشام.) انظر: «تاريخ الإسلام» (3/ 433)، «تهذيب التهذيب» (4/ 379)

(3)

حمَّمَ امراته: أي متعها بها بعد الطلاق، وكانت تسمى التحميم. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (1/ 445) مادة (حمم).

(4)

اسمها تماضر بنت الأصبغ. انظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 56)

(5)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 141) رقم (18708) من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو عن صالح بن إبراهيم

، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 72) رقم (12254)، وسعيد بن منصور في «سننه» (2/ 26) رقم (1768) والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 398) رقم (14407)، والإسناد رواته ثقات، سفيان بن عيينه= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة وكان ربما دلس لكن عن الثقات)(ص 245)، عمرو بن دينار= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 421)، صالح بن إبراهيم= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 271)

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 141) رقم (18715) والطبري في «جامع البيان في تأويل القران» (5/ 121) رقم (5193) وصححه الألباني في «الإرواء» (6/ 361)

(7)

«الكافي» (3/ 73)

ص: 87

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه، يرجع في تقديرها إلى الحاكم)

(1)

دليلها الكتاب:

قال تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}

(2)

وجه الدلالة: جاءت لفظة المتعة في هذه الآية بلا تقدير معين والمرجع لذلك الحاكم فيجتهد فيها قياسًا على بقية اجتهاداته.

(3)

الرواية الثالثة: أن مقدار المتعة نصف مهر مثلها.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (الرواية ثالثة: أنها مقدرة بما يصادف نصف مهر المثل؛ لأنها بدل عنه، فيجب أن تتقدر به)

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وعنه، يجب لها نصف مهر المثل)

(5)

واستدلوا على هذه الرواية بالمعقول:

وذلك أن المتعة بدل عن المهر، والواجب أن تتقدر به.

(6)

ونوقش بضعف هذه الرواية من وجهين:

الأول: أن الذي يقتضيه نص القران الكريم هو: تقديرها بحال الزوج غنًى وفقرًا، وأما تقديرها بنصف مهر المثل فهو: مخالف للآية لأنه يوجب اعتبارها بحال المرأة؛ لأن مهرها معتبر بها لا بزوجها.

(7)

الثاني: أن المتعة لو قدرت بنصف المهر لكانت نصف المهر، وليس المهر معينًا في شيء ولا المتعة.

(8)

(1)

«الإنصاف» (21/ 274)

(2)

[سورة البقرة: 236]

(3)

«التمام» (145)، «المغني» (10/ 144)

(4)

«المغني» (10/ 144)

(5)

«الإنصاف» (21/ 274)

(6)

انظر: «المغني» (10/ 144) و «المبدع في شرح المقنع» (6/ 224)

(7)

انظر: «المغني» (10/ 144)

(8)

«المغني» (10/ 144)

ص: 88

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأن المتعة معتبرة بحال الزوج في غناه وفقره. ورجحها ابن قدامة

(1)

والبهوتي

(2)

وغيرهم

(3)

وهي المذهب عند الحنابلة وذلك لصحة الأدلة وأسانيد الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم. -والله أعلم-

* * *

‌المطلب العاشر: من دعي إلى وليمة

(4)

وكان صائمًا

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إن كان المدعو صائمًا صومًا واجبًا

(5)

أجاب، ولم يفطر؛ لأن الفطر غير جائز؛ فإن الصوم واجب، والأكل غير واجب

ولكن يدعو لهم، ويترك، ويخبرهم بصيامه؛ ليعلموا عذره، فتزول عنه التهمة في ترك الأكل)

(6)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وأخبرهم أنه صائم كما فعل ابن عمر رضي الله عنه لتزول عنه التهمة في ترك الأكل)

(7)

واستدلوا بقول الصحابي:

1 -

قال عبيد الله بن أبي يزيد

(8)

: ((دعا أبي عبد الله بن عمر فأتاه، فجلس ووضع الطعام، فمد عبد الله بن عمر يده وقال: خذوا باسم الله، وقبض عبد الله يده وقال: إني صائمٌ.))

(9)

(1)

«المغني» (10/ 143)

(2)

«شرح منتهى الارادات» (5/ 276)

(3)

البنا في «المقنع في شرح مختصر الخرقي» (3/ 937)

(4)

الوليمة: اسم لطعام العرس خاصة لا يقع على غيره. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 398)

(5)

الواجب: هو: ما أثيب على فعله وعوقب على تركه. انظر: «التمهيد في أصول الفقه» (1/ 64)

(6)

«المغني» (10/ 196)

(7)

«كشاف القناع» (12/ 15)

(8)

هو: عبيد الله بن أبي يزيد المكي مولى بني كنانة حلفاء بني زهرة. حدث عن ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهما، روى عنه ابن جريج، وسفيان بن عيينة وثقه ابن المديني وغيره وهو: من أكبر شيوخ ابن عيينة عاش ستا وثمانين سنة ومات سنة (126 هـ)«الوافي بالوفيات» (19/ 277) و «سير أعلام النبلاء» (5/ 242)

(9)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 430) رقم (14535)، وفي «معرفة السنن والآثار» ، (10/ 252) رقم (14414) من طريق أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس الأصم، أنبأ الربيع، أنبأ الشافعي، أنبأ سفيان بن عيينة، سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول

، أبو سعيد بن أبي عمرو= محمد بن موسى بن الفضل قال الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (أحد الثقات والمشاهير بنيسابور)(9/ 369)، أبو العباس الأصم محمد بن يعقوب = قال الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام»:(قال ابن أبي حاتم يقول: بلغنا أنه ثقة صدوق)(7/ 841)، الربيع بن سليمان = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 206)، الشافعي = قال ابن حجر رحمه الله في «التهذيب» (قال القطان ما رأيت أعقل ولا أفقه من الشافعي)(9/ 30)، سفيان بن عيينة = تقدم أنه ثقة، عبيد الله بن أبي يزيد = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة كثير الحديث) (ص: 375)

ص: 89

2 -

وعن قيس بن أبي حازم

(1)

، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:((إذا عرض على أحدكم طعام، أو شراب وهو صائم، فليقل إني صائم))

(2)

3 -

وعن أبي عثمان النهدي

(3)

((أن عبدًا للمغيرة بن شعبة تزوج فدعا نفرًا وعثمان بن عفان فلما جاء وسع له وقيل أمير المؤمنين فأخذ بسجفي الباب

(4)

وقال إني صائم ولكني أحببت أن أجيب الدعوة وأدعو بالبركة))

(5)

(1)

هو: قيس بن أبي حازم البجلي، أبو عبد الله، أسلم، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقبض صلى الله عليه وسلم وقيس في الطريق روى عنه: أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وعنه: أبو إسحاق السبيعي، والمغيرة بن شبيل، وهو: من كبار التابعين وما كان بالكوفة أروى عن الصحابة منه. مات سنة (97 هـ) وقيل (98 هـ)«الوافي بالوفيات» (24/ 218)، «سير أعلام النبلاء» (4/ 198)

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (2/ 318) رقم (9442) من طريق وكيع، عن مسعر، عن أبي إسحاق، عن قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود رضي الله عنه

، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (4/ 200) رقم (7483) والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 366) رقم (9578) وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (رجاله رجال الصحيح)(4/ 53) والاسناد رواته ثقات. وكيع بن الجراح = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ)(ص 581) مسعر بن كدام = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 528) أبو إسحاق عمرو بن عبد الله = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة مكثر و اختلط بأخره)(ص 423) قيس بن أبي حازم= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 456)

(3)

هو: عبد الرحمن بن مل النهدي، أبو عثمان، روى عنه: عمر وعلي رضي الله عنهما وعنه: قتادة، وعاصم الأحول، كان من سادة العلماء العاملين قال:(أسلمتُ على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأديت إليه ثلاث صدقات ولم ألقه وغزوت على عهد عمر رضي الله عنه وكان صوامًا قوامًا قانتًا لله. مات سنه (100 هـ) انظر: «الوافي بالوفيات» (18/ 168) و «سير أعلام النبلاء» (4/ 175)

(4)

السجف: هو: كل باب ستر بسترين مقرونين فكل شق منه يسمى سجف. انظر: «لسان العرب» (9/ 144) مادة (سجف).

(5)

أخرجه ابن شبه في «أخبار المدينة» ،، (2/ 132) من طريق عارم قال حدثنا ثابت أبو زيد عن عاصم عن أبي عثمان .... ، والاسناد رواته ثقات، عارم =هو: محمد بن الفضل قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت تغير في آخر عمره)(ص 502)، ثابت بن يزيد أبو زيد = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 133)، عاصم الأحول= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 285)، أبو عثمان=عبدالرحمن بن مل النهدي قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 351) صحابي لأنه مخضرم

ص: 90

وجه الدلالة من الآثار: دل قول كل من ابن عمر وابن مسعود وعثمان رضي الله عنهم: إني صائم. على أنه يستحب للصائم الذي يُدعي إلى الوليمة يخبر بذلك لصاحب الدعوة. والعلة في ذلك ليعلموا عذره، وبالتالي تزول عنه التهمة في سبب تركه للأكل.

(1)

* * *

‌المطلب الحادي عشر: الحكم فيما لو كان الزوج كثير الجماع

* قال المرداوي رحمه الله: (قال أبو حفص، والقاضي: إذا زاد الرجل على المرأة في الجماع. صولح على شيء منه. وذكر أثر ابن الزبير وأنس بن مالك، ثم عقب بقوله ظاهر كلام أكثر الأصحاب، خلاف ذلك، وأنه يطأ ما لم يشغلها عن الفرائض، وما لم يضرها بذلك.)

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (فإن زاد الزوج عليها في الجماع صولح على شيء منه. قاله أبو حفص والقاضي

وجعل عبد الله ابن الزبير لرجل أربعًا بالليل وأربعًا بالنهار وصالح أنس رجلا استعدى على امرأته على ستة)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

1 -

عن سهيل بن ذكوان

(4)

((أن امرأة استعدت

(5)

على زوجها عند عبد الله ابن الزبير

(6)

،

(1)

انظر: «المغني» (10/ 196)«الممتع في شرح المقنع» (3/ 707)

(2)

«الإنصاف» (21/ 386)

(3)

انظر: «كشاف القناع» (12/ 76)

(4)

هو: سهيل بن ذكوان المكي، أبو السندي، أخذ عن: عائشة، وابن الزبير رضي الله عنهما، وعنه: هشيم، ومروان بن معاوية، قال الهروي: كان بواسط، وكان كذابًا. «تاريخ الإسلام» (3/ 889) و «لسان الميزان» (4/ 210)

(5)

الاستعداء: هو: طلب المعونة في الانتقام. يقال: استعديت على فلان الأمير فأعداني: أي استعنت به عليه فأعانني عليه. فالمرأة طلبت الإعانة من القاضي بسبب اعتداء زوجها عليها بالتجاوز في الجماع. انظر: «تاج العروس» (19/ 661)«التعريفات الفقهية» لمحمد البركتي (ص 25)

(6)

هو: عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو بكر، ولد عام الهجرة، حدث وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو: صغير، وعن أبيه، روى عنه ابناه: عامر، وعباد، وهو: أحد العبادلة ومن شجعان الصحابة، ومن ولى الخلافة منهم. الجدعاني: كان عبد الله بن الزبير كثير الصلاة، كثير الصيام، قتل سنة (73 هـ) ـ، «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 78) و «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 905)

ص: 91

فقالت: إنه لا يدعها في حيض، ولا في غيره ففرض لها ابن الزبير أربع بالليل وأربع بالنهار؟ فقال: لا يكفيني يا ابن الزبير، تمنعني ما أحل الله لي قَال: إذا أسرفت))

(1)

2 -

وعن محمد بن سيرين ((أن أكارًا

(2)

لأنس بن مالك كان يعمل على زرنوق

(3)

، فاستعدت عليه امرأته أنسًا أنه لا يدعها ليلًا ولا نهارًا، فأصلح أنس بينهم في كل يوم وليلة على ستة))

(4)

وجه الدلالة منهما: قضاء الصحابيين ابن الزبير وأنس رضي الله عنهما للمرأتين واضحٌ في أن الرجل إذا زاد في الجماع فإنه يتم الصلح بينه وبين زوجته، فابن الزبير رضي الله عنه الشاهد في فعله، أنه قضى لها أربعة بالليل وأربعة بالنهار. والشاهد في فعل أنس رضي الله عنه، فرض له بسته. فقضى بست مرات كل يوم وليلة.

(1)

أخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» ، (4/ 521) من طريق محمد بن علي بن عمرو الحفار، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا هشيم، أخبرنا سهيل بن ذكوان

، وأبو بكر الخوارزمي في «مفيد العلوم» (ص 405)

محمد بن علي الحفار= لم أقف على من قال فيه جرحًا أو تعديلًا من خلال ترجمته، زياد بن أيوب= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ) (ص: 218)، هشيم بن بشير= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي)(ص 574)، سهيل بن ذكوان=. قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (كذبه يحيى ابن معين، وقال غير واحد: متروك الحديث)(2/ 242) فالإسناد ضعيف لان فيه كذاب.

(2)

الأكار: هو: الزَّراع. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 57) مادة (أكر).

(3)

الزرنوق: هي آلة معروفة يستقي بها من الآبار، وهو: أن ينصب على البئر أعواد وتعلق عليها البكرة. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (2/ 301)، مادة (زرنق).

(4)

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (1/ 246) رقم (704) من طريق أحمد بن عبد الله التستري ثنا محمد بن خالد بن خداش، حدثني أبي، ثنا حماد بن زيد، عن هشام، عن محمد بن سيرين

، والخوارزمي في «مفيد العلوم» ، (ص 405) وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»:(رجاله ثقات)، (4/ 295)

ص: 92

‌المطلب الثاني عشر: عدد المبيت عند الحرة

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: وجوب المبيت عند الحرة ليلة من أربع ليال.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ويجب قسم الابتداء، ومعناه: أنه إذا كانت له امرأة، لزمه المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال، ما لم يكن عذر، وإن كان له نساء فلكل واحدة منهن ليلة من كل أربع.)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ولها عليه أن يبيت عندها ليلة من كل أربع ليال. وهومن مفردات المذهب

(2)

.)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويجب عليه أن يبيت في المضجع ليلة من كل أربع ليال عند الحرة لما روى كعب بن سور

(4)

أنه كان جالسا عند عمر بن الخطاب فجاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين ما رأيت رجلًا قط أفضل من زوجي والله أنه ليبيت ليله قائما ويظل نهاره صائمًا.)

(5)

استدلوا على هذه الرواية: بالسنة وقول الصحابي والمعقول والمعتمد قول الصحابي.

أولًا: السنة:

قال عبد الله بن عمرو بن العاص

(6)

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله، ألم أُخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا.))

(7)

(1)

«المغني» ، (10/ 237)

(2)

مفردات المذهب: المسائل الفقهية التي انفرد فيها أحد الأئمة الأربعة بقول مشهور في مذهبه، لم يوافقه فيه أحد من الأئمة الثلاثة الباقين. «مقدمة المنح الشافيات» للبهوتي، (1/ 14)، وانظر:«مفاتيح الفقه الحنبلي» ، (2/ 239)

(3)

«الإنصاف» ، (21/ 400)

(4)

هو: كعب بن سُور ابن بكر بن عبيد بن ثعلبة الأزدي. روى عنه: يزيد بن عبد اللَّه بن الشّخّير وغيره بعثه عمر بن الخطاب بن قاضيا على البصرة كان مسلمًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. معدود في كبار التابعين مات سنة (36 هـ)، «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» ، (3/ 1321)،)، «الإصابة في تمييز الصحابة» ، (5/ 480)

(5)

«كشاف القناع» (12/ 85)

(6)

هو: عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي، أبو محمد، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا، وعن عمر رضي الله عنه وروى عنه: ابن عمر، وأبو أمامة رضي الله عنهما وله قصة مع النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن مواظبة قيام الليل وصيام النهار وأمره بصيام يوم بعد يوم، وبقراءة القرآن في كل ثلاث، واختلف في وفاته على أقوال:(65 هـ) وقيل (68 هـ) وقيل غير ذلك انظر: «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 956)«الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 165)

(7)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب النكاح، باب لزوجك عليك حق (7/ 31) رقم (5199) ومسلم في صحيحه كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقًا (2/ 812) رقم (1159)

ص: 93

وجه الدلالة: أخبر صلى الله عليه وسلم أن للزوجة على زوجها حقًا

(1)

ومنها حق المبيت فقال: ((ولزوجك عليك حقًّا)) فجعل حقها كبقية الحقوق التي فُرِضَت له في جسده وعينه.

ثالثًا: قول الصحابي:

عن الشعبي قال: ((جاءت امرأة إلى عمر رضي الله عنه فقالت: زوجي خير الناس، يقوم الليل، ويصوم النهار، فقال عمر: لقد أحسنت الثناء على زوجك. فقال كعب بن سَور: لقد اشتكت فأعرضت الشكية. فقال عمر: اخرج مما قلت. قال: أرى أن تنزله بمنزلة رجل له أربع نسوة، له ثلاثة أيام ولياليهن، ولها يوم وليلة.))

(2)

وجه الدلالة: أقر عمر رضي الله عنه قضاء كعب بن سور في المرأة بيوم وليلة من كل أربع ليال. وهذه قضية انتشرت فلم تنكر، فكانت إجماعًا.

(3)

(1)

انظر: «المغني» (10/ 237) و «شرح منتهى الإرادات» (5/ 312)

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 148) رقم (12586) من طريق الثوري، عن جابر، ومالك بن مغول، عن الشعبي قال .... ، قال أبو زرعة:(الشعبي عن عمر مرسل)«جامع التحصيل في أحكام المراسيل» (ص 204) فالشعبي وإن كان ثقة كما في التقريب (287) لكن روايته عن عمر رضي الله عنه مرسلة. سفيان الثوري =تقدم أنه ثقة، جابر بن يزيد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ضعيف)(ص 137)، مالك بن مغول = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت) (ص: 518)، الشعبي عامر بن شراحيل =قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة مشهور فقيه فاضل) (ص: 287)

(3)

«المغني» (10/ 237)

ص: 94

رابعًا: المعقول، وذلك من وجهين:

الأول: أنه لو لم يكن المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال حقًا، لم تستحق فسخ النكاح؛ لتعذره بالجبَّ

(1)

والعنَّة

(2)

، وامتناعه بالإيلاء.

(3)

الثاني: أنه لو لم يكن المبيت ليلة من كل أربع ليال حقًا للمرأة، لَمَلَكَ الزوج تخصيص إحدى زوجاته به، كالزيادة في النفقة على قدر الواجب.

(4)

الرواية الثانية: عدم لزوم المبيت إن لم يقصد الإضرار.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال القاضي: لا يجب المبيت ولا الوطء ابتداء إذا لم يقصد الإضرار بتركه)

(5)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وعنه لا يلزم المبيت إن لم يقصد بتركه ضررًا)

(6)

واستدلوا بالمعقول:

وذلك أن المبيت حق يجوز للزوج تركه كما أن الشخص يترك الدار المستأجرة فله أن يترك حق المبيت ليلة من كل أربع ليال.

(7)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى، وأن للحرة المبيت ليلة من كل أربع ليال، وهي المذهب عند الحنابلة ورجحها ابن قدامة

(8)

والبهوتي

(9)

، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال: (الظاهر ماجرت به

(1)

الجبَّ: أن يكون جميع ذكَره مقطوعا أو لم يَبْقَ منه إلا ما لا يمكن الجماع به. «الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» ، (3/ 639)

(2)

العُنة: بالضم: العجز عن الجماع. «المطلع على ألفاظ المقنع» ، (ص: 387)

(3)

انظر: «المغني» (10/ 238)

(4)

انظر: «المغني» (10/ 238)«كشاف القناع» (12/ 86)«الممتع في شرح المقنع» (3/ 724)

(5)

«الكافي» (3/ 85)

(6)

الإنصاف» (21/ 400)

(7)

«الكافي» (3/ 85)

(8)

المغني (10/ 237)

(9)

شرح منتهى الإرادات (5/ 312)

ص: 95

العادة يكون قريب مما قضاه كعب بن سور وذلك عند التنازع.)

(1)

(1)

«الشرح الممتع» (12/ 409)

ص: 96

‌المبحث الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الخلع والطلاق والرجعة والإيلاء والظهار واللعان والعدد والرضاع والنفقات

* المطلب الأول: الخلع دون الحاكم.

* المطلب الثاني: طلاق البدعة.

* المطلب الثالث: قول الزوج فراشي عليّ حرام.

* المطلب الرابع: الموهوبة لأهلها.

* المطلب الخامس: تعليق الطلاق بمشيئة الله.

* المطلب السادس: الكتمان في الإشهاد على الرجعة.

* المطلب السابع: الإيلاء في الغضب والرضا.

* المطلب الثامن: الفيئة من الإيلاء للعاجز عن الجماع.

* المطلب التاسع: ظاهر من نسائه بكلمة واحدة.

* المطلب العاشر: أقل مدة الحمل.

* المطلب الحادي عشر: بداية عدة من فارقها زوجها بطلاق أو موت.

* المطلب الثاني عشر: الرضاع من لبن الفاجرة.

* المطلب الثالث عشر: صفة قوت من يعول.

ص: 97

‌المطلب الأول: الخلع

(1)

دون الحاكم.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (لا يفتقر الخلع إلى حاكم نص عليه أحمد، فقال: يجوز الخلع دون السلطان.)

(2)

* قال البهوتي رحمه الله: (لا يفتقر الخلع إلى حاكم نصاً ورواه البخاري عن عمر وعثمان رضي الله عنهما.)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول.

أولًا: قول الصحابي:

1 -

عن عبد الله بن شهاب الخولاني

(4)

: ((أن عمر بن الخطاب رفعت إليه امرأة اختلعت من زوجها بألف درهم

(5)

، فأجاز ذلك.))

(6)

(1)

الخلع: هو: أن يفارق امرأته على عوض تبذله له. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 403)

(2)

انظر: «المغني» (10/ 268)

(3)

انظر: «كشاف القناع» (12/ 135)

(4)

هو: عبد الله بن شهاب الخَوْلاني، أبو الجَزْل، سمع: عمر بن الخطاب، وعائشة، رضي الله عنهما، روى عنه: حميد بن عبد الرحمن، وخيثمة بن عبد الرحمن. مات مابين سنة (71 ـ 80 هـ)«الكمال في أسماء الرجال» للمزي (6/ 192)، «تاريخ الإسلام» (2/ 841)

(5)

الدرهم: كلمة فارسية معربة ويساوى بالتقديرات المعاصرة (2، 975 جرامًا تقريبًا.) انظر: «لسان العرب» (12/ 199)«المكاييل والموازيين الشرعية» (ص: 9)

(6)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 494) رقم (11810) من طريق الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شهاب الخولاني ...... ، وسعيد بن منصور في «سننه» ، (1/ 377) برقم:(1423)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 120) رقم (18468)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 515) برقم:(14853)) وعلقه البخاري في «صحيحه» فقال ((وأجاز عمر الخلع دون السلطان وأجاز عثمان الخلع دون عقاص رأسها.)) كتاب الطلاق باب الخلع وكيف الطلاق فيه؟ (7/ 46) بلا رقم، الثوري= هو: سفيان تقدم أنه ثقة، ابن أبي ليلى =هو: محمد بن عبد الرحمن قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» ، (صدوق سيء الحفظ جدًا)(ص 493)، الحكم ابن عتيبة = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» ، (ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس)(ص 175)، خيثمة بن عبد الرحمن = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» ، (ثقة وكان يرسل)(ص 197)، عبد الله بن شهاب الخولاني= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» ، (مقبول)(ص 308)

ص: 98

2 -

وعن عبد الله بن محمد بن عقيل بن علي بن أبي طالب

(1)

((أن الربيع ابنة معوذ بن عفراء

(2)

، أخبرته قالت: كان لي زوج يقل الخير عليًّ إذا حضر، ويحرمني إذا غاب، قالت: فكانت مني زلة يومًا، فقلت له: أختلع منك بكل شيء أملكه، فقال: نعم، قلت: ففعلت، فخاصم عمي معاذ بن عفراء

(3)

إلى عثمان، فأجاز الخلع قالت: وأمره أن يأخذ عقاص

(4)

رأسي فما دونه، أو قالت: دون عقاص الرأس.))

(5)

وجه الدلالة: هذان الأثران لفعل الصحابيين عمر وعثمان رضي الله عنهما في أنهما أجازا الخلع دون حاكم فدل على الجواز.

ثانيًا: المعقول:

(1)

هو: عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، أمه زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حدث عن: ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعنه: حماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، كان منكر الحديث. لا يحتجون بحديثه وكان كثير العلم ومات بالمدينة قبل (145 هـ)، «الطبقات الكبرى» ، (5/ 392)، «سير أعلام النبلاء» (6/ 204)

(2)

هي: الرّبيّع بنت معوّذ بن عفراء بن حزام بن جندب الأنصارية. تزوجها إياس بن البكير الليثي، فولدت له محمدا. لها رؤية، قال ابن سعد: أمها أم يزيد بنت قيس بن زعوراء، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، روت عنها ابنتها عائشة بنت أنس بن مالك، وسليمان بن يسار، وكانت من المبايعات تحت الشجرة بيعة الرضوان. «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (7/ 108)«الإصابة في تمييز الصحابة» (8/ 132)

(3)

هو: معاذ بن الحارث بن رفاعة بن سواد، ونسب إلى أمه عفراء بنت عبيد، وهو: أنصاري خزرجي نجاري. شهد بدرًا وأخواه عوف ومعوذ ابنا عفراء، وشهد أحدا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشارك في قتل أبي جهل، مات فِي خلافة علي بن أبى طالب رضي الله عنهما. «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1408)، «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (4/ 422)

(4)

العقاص: هو: الضفيرة، وقيل الخيط الذي تعقص به أطراف الذوائب، والأول الوجه. والمعنى أن المختلعة إذا افتدت نفسها من زوجها بجميع ما تملك كان له أن يأخذ ما دون شعرها من جميع ملكها. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 276)، مادة (عقص).

(5)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 504) رقم (11850) من طريق عن معمر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن علي بن أبي طالب

، ومالك في «الموطأ» (4/ 812)(2087)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 120) رقم (18470) وورد فيه أن عمها خلعها من زوجها وكان يشرب الخمر، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 515) رقم (14856) وقال غلام زكريا في كتابه «ما صح من آثار الصحابة في الفقه» (وإسناده حسن من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل)(3/ 1040)

ص: 99

وذلك أن عقد الخلع إن قيل أنه معاوضة كان كالبيع في أن المختلعة تعطي للزوج مبلغ لتفدي نفسها منه وإن قيل أنه عقد انفسخ بالتراضي كان كالإقالة

(1)

في أنها ترد عليه المهر ويفسخ بالتراضي، والبيع والإقالة لا يفتقران إلى الحاكم.

(2)

* * *

‌المطلب الثاني: طلاق الحرج.

(3)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إن قال: أنت طالق طلاق الحرج فهو: طلاق البدعة

(4)

لأنه يأثم به).

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (إن قال أنت طالق طلاق الحرج فقال القاضي معناه طلاق البدعة لأن الحرج الضيق والإثم وحكى ابن المنذر

(6)

عن علي أنه يقع ثلاثًا لأنه الذي يمنعه الرجوع إليها).

(7)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن قتادة، أن عليًا رضي الله عنه، قال ((في قوله: أنت طالق طلاق الحرج: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره)).

(8)

(1)

الإقالة: نقض البيع وإبطاله. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 285)

(2)

انظر: «المغني» (10/ 268)، «كشاف القناع» (12/ 136)

(3)

طلاق الحرج: المراد الضيق، والذي يضيق عليه، ويمنعه الرجوع إليها، ويمنعها الرجوع إليه، هو الثلاث. «المغني» ، (10/ 344)

(4)

طلاق البدعة: هو: الطلاق الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أن يطلقها حائضا، أو في طهر أصابها فيه. انظر:«المطلع على ألفاظ المقنع» (ص: 406)، «القاموس الفقهي» ، للدكتور سعدي أبو جيب، (ص: 231)

(5)

«الكافي» (3/ 131)

(6)

هو: محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، أبو بكر، سمع من: محمد بن ميمون ومحمد بن إسماعيل الصائغ، حدث عنه: أبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن يحيى، من كتبه «الأشراف» و «الإجماع» ، كان إمامًا مجتهدًا حافظًا ورعًا، مات سنة (318 هـ). «طبقات الحفاظ» للسيوطي (330)«طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (3/ 102)

(7)

«كشاف القناع» (12/ 210)

(8)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 365) رقم (11209)، من طريق معمر، عن قتادة

، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 95) رقم (18175). وابن المنذر في «الأوسط» (9/ 187) رقم (7665) وأخرجه أيضًا في «الإشراف» ، (5/ 199) رقم (2925)، قال ابن حزم: صح عن علي رضي الله عنه أنه قال: ((إذا قال: أنت طالق طلاق الحرج فهي ثلاث.)«المحلى» (9/ 451) والإسناد رواته ثقات. معمر بن راشد = تقدم أنه ثقة، قتادة بن دعامة = تقدم أنه ثقة

ص: 100

وجه الدلالة: جعل الصحابي علي رضي الله عنه وقوع طلاق الحرج ثلاثًا طلقات، وبذلك لا تحل له زوجته إلا بعد نكاح زوج آخر.

* * *

‌المطلب الثالث: قول الزوج فراشي عليّ حرام.

* قال المرداوي رحمه الله: (لو قال فراشي علي حرام فإن نوى امرأته: فظهار. وإن نوى فراشه: فيمين.)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله (وإن قال فراشي علي حرام ونوى امرأته فظهار قال ابن عباس في الحرام: تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا وإن نوى فراشه الحقيقي فيمين عليه كفارته عند المخالفة).

(2)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه في النذر والحرام قال:((إذا لم يسم شيئا قال: أغلظ اليمين، فعليه رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا))

(3)

وجه الدلالة: جعل ابن عباس رضي الله عنه قول الرجل فراشي عليَّ حرام ونوى امرأته فيعتبر ظهار وفيه كفارته.

* * *

‌المطلب الرابع: الموهوبة لأهلها

(4)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: إن قبل أهل الزوجة هذه الهبة فتكون تطليقة واحدة رجعية وإن لم يقبلوها فلا شيء.

(1)

«الإنصاف» (22/ 273)

(2)

«كشاف القناع» (12/ 228)

(3)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 440) رقم (15834) من طريق الثوري، عن منصور، عن سعيد بن جبير .... ، وابن حزم في «المحلى» (9/ 303) وصححه.

(4)

الهبة: تمليك عين بلا عوض. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 352) والمعنى أن تكون الزوجة ملكًا لأهلها بدلًا عن الزوج.

ص: 101

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال: وإذا وهب زوجته لأهلها، فإن قبلوها فواحدة، يملك الرجعة إن كانت مدخولًا بها، وإن لم يقبلوها فلا شيء. هذا المنصوص عن أحمد. وبه قال ابن مسعود رضي الله عنه.

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن قال: وهبتك لأهلك. فإن قبلوها، فواحدة يعنى: رجعية، نص عليه وإن ردوها، فلا شاء. هذا المذهب).

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن وهبها أي وهب الزوج زوجته لأهلها بأن قال وهبتها لأبيها أو أخيها ونحوه أو لأجنبي أو وهبها لنفسها فردت بالبناء للمفعول أي رد الموهوب له من أهلها أو الأجنبي أو هي الهبة فلغو روي عن ابن مسعود رضي الله عنه.)

(3)

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي

عن مسروق، عن عبد الله في الرجل يهب امرأته لأهلها، قال:((إن قبلها أهلها فتطليقةٌ يملك رجعتها وإن لم يقبلوها فلا شيء.)).

(4)

وجه الدلالة: فتوى ابن مسعود رضي الله عنه أن الزوج إذا وهب زوجته لأهلها له حالتين: الأولى: في حال القبول لتلك الهبة تكون تطليقة واحدة ويحق له مراجعتها، والثانية: في حال عدم قبول الهبة فلا تعتبر شئ.

ثالثًا: المعقول:

وذلك أن هبة الزوجة لأهلها بلفظ وهبتك لأهلك هي كناية في الطلاق في العموم وهبته تدل على رغبته عنها وهذا يحتمل الطلاق فيقع الطلاق بهذا الاحتمال بصيغة الهبة بشرطه وهواعتبار النية كبقية

(1)

انظر: «المغني» (10/ 379)

(2)

«الإنصاف» (22/ 299)

(3)

«كشاف القناع» (12/ 240)

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 98) رقم (18210) من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود .... ، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 3071)، رقم (11241)، وسعيد بن منصور في «سننه» ، (1/ 414) رقم (1598)، وابن المنذر في «الأوسط» ، (9/ 182) رقم (7661)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 378) رقم (9625)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 567) رقم (15033) والإسناد رواته ثقات، جرير بن عبد الحميد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة صحيح الكتاب)(ص 139)، منصور بن المعتمر= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 547)، الشعبي = تقدم أنه ثقة، مسروق بن الأجدع = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فقيه عابد)(ص 528)

ص: 102

الكنايات، والهبة معلوم أنها تلزم وتتم بالقبول فإن قبل أهل الزوجة هذه الهبة فالحكم أنها تطلق طلقة واحدة أما إن ردوها فلا شيء، والرغبة عن الزوجة تحصل بالطلقة الواحد أما ما زاد عن الواحدة فمشكوك فيه لا يثبت بالشك، وإن ردوها فلا شيء لان الهبة لم تتم قبولها.

(1)

الرواية الثانية: إن قبل أهل الزوجة هذه الهبة فتكون ثلاث تطليقات وإن ردوها فتطليقة واحدة رجعية.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وعن زيد بن ثابت: إن قبلوها فثلاث، وإن لم يقبلوها فواحدة رجعية. وروي عن أحمد مثل ذلك)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وعنه، إن قبلوها، فثلاث، وإن ردوها، فواحدة. يعنى رجعية)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن الحسن

(4)

، أن زيد بن ثابت قال:((إن قبلوها فثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وإن ردوها فهي واحدة، وهوأحق بها.))

(5)

وجه الدلالة: فتوى زيد بن ثابت رضي الله عنه في هبة الزوج زوجته لأهلها يقع الطلاق لكن يختلف عدده بحسب حالتي القبول والرد.؛ ففي حالة قبول أهل الزوجة للهبة تكون ثلاث طلقات، وبذلك تكون بائنة بينونة كبرى ولايحق له إرجاعها. وفي حالة عدم القبول تكون تطليقة واحدة يحق له الرجعة.

ثانيًا: المعقول:

(1)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 362).

(2)

انظر: «المغني» (10/ 379)

(3)

«الإنصاف» (22/ 299)

(4)

هو: الحسن البصري وقد سبقت ترجمته.

(5)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 371) رقم (11243) من طريق عن معمر، عن قتادة، عن الحسن

، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 98) رقم (18214) وابن المنذر في «الأوسط» ، (9/ 183) رقم (7664) والإسناد رواته ثقات، معمر بن راشد = تقدم أنه ثقة، قتادة بن دعامة= تقدم أنه ثقة، الحسن البصري: قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيرًا ويدلس)(ص 160)

ص: 103

وذلك أن أهل الزوجة في حالة قبول هبة الزوجة تكون كناية ظاهرة كقوله الحقي بأهلك فتقع ثلاث طلقات فكذلك هنا في لفظ وهبتك لأهلك إذا قبلوها فتعتبر ثلاث طلقات.

أما إذا لم تقبل تلك الهبة فهي كناية خفية فيشترط فيها النية لإيقاع الطلاق فإن وهب بنية الطلاق فيقع على ما نواه؛ فإن نوى طلاقًا مطلقًا لاعدد له فإنه يقع واحدة، وإن نوى عدد معين فهو: على ما نواه، فإن كان واحدة فواحدة وإن كان اثنتين فاثنتين وإن كان ثلاثًا فثلاثا. أما إذا لم ينوى بتلك الهبة الطلاق فلا يقع.

(1)

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى، وأنه إذا قبل أهل الزوجة هذه الهبة فتكون تطليقة واحدة رجعية وإن لم يقبلوها فلا شيء ورجحها ابن قدامة

(2)

والبهوتي

(3)

وغيرهم

(4)

.

* * *

‌المطلب الخامس: تعليق الطلاق بمشيئة الله

إذا علق الزوج طلاق زوجته على مشيئة الله بأن قال: أنت طالق إن شاء الله. فهل يقع الطلاق بذلك أو لايقع؟

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على ثلاث روايات:

الرواية المعتمدة: وقوع الطلاق إذا تعلق بمشيئة الله.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (فإن قال: أنت طالق إن شاء الله تعالى. طلقت.، نص عليه أحمد).

(5)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن قال: أنت طالق إن شاء الله. طلقت، وكذا لو قام الشرط. وهذا المذهب، نص عليه وعليه جماهير الأصحاب).

(6)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وكذا لو قدم الشرط بأن قال إن شاء الله أو إن لم يشأ الله أو ما لم يشأ الله فأنت طالق لما روى أبو حمزة قال سمعت ابن عباس يقول: (إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن

(1)

انظر: «شرح الزركشي» (3/ 362).

(2)

«المغني» (10/ 379)

(3)

«شرح منتهى الإرادات» (5/ 399)

(4)

«شرح الزركشي» (3/ 362)

(5)

«المغني» ، (10/ 472)

(6)

انظر: «الإنصاف» (22/ 562)

ص: 104

شاء الله فهي طالق) رواه أبو حفص وعن ابن عمر وأبي سعيد قال: (كنا معشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزا في كل شيء إلا في الطلاق والعتاق) ولأنه استثناء حكم في محل فلم يرتفع بالاستثناء كالبيع والنكاح).

(1)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

1 -

قال أبو حمزة

(2)

: سمعت ابن عباس يقول: ((إذا قال لامرأته: أنت طالقٌ إن شاء الله، فهي طالقٌ.))

(3)

وجه الدلالة: دل قول ابن عباس رضي الله عنه على: أن طلاق الزوج لزوجته إذا تعلق بمشيئة الله فانه يقع ولا تأثير للاستثناء على ذلك.

2 -

وعن أبي سعيد الخدري وابن عمر رضي الله عنهما قالا: ((كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزًا في كل شيء، إلا في الطلاق و العَتَاق)).

(4)

(1)

انظر: «كشاف القناع» ، (12/ 350)

(2)

أبو حمزة، عمران بن أبي عطاء الواسطي. روى عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وروى عنه: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج. وهو: قليل الحديث، صدوق. «تهذيب الكمال» (22/ 342) و «سير أعلام النبلاء» (5/ 387)

(3)

أخرجه ابن حزم في «المحلى» (ص 485). من طريق أبي عبيد نا سعيد بن عفير حدثني الفضل بن المختار عن أبي حمزة .... ، وابن القيم في «إعلام الموقعين» ، (5/ 473)، أبو عبيد القاسم بن سلام = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فاضل)(ص 450)، سعيد بن كثير عفير =قال ابن حجر رحمه الله «التقريب» (صدوق عالم بالأنساب وغيرها)(ص 240)، الفضل بن المختار = قال ابن أبي حاتم رحمه الله في «الجرح والتعديل» (أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل)(7/ 69)، أبو حمزة عمران بن أبي عطاء=قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق له أوهام)(ص 430)

(4)

أخرجه ابن القيم في «إعلام الموقعين» ، (5/ 473) من طريق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: حدثنا خالد بن يزيد بن أسد القسري: ثنا جميع بن عبد الحميد الجعفي، عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري وابن عمر رضي الله عنهما

، إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ رمي بالنصب)(ص 95)، خالد بن يزيد بن أسد القسري= قال ابن أبي حاتم رحمه الله في «الجرح والتعديل» (ليس بقوي)(3/ 395)، جميع بن عبد الحميد الجعفي= لم أقف على ترجمته، عطية العوفي= قال ابن حجر في «التقريب»:(صدوق يخطئ كثيرا وكان شيعيًا مدلسًا)(393)

ص: 105

وجه الدلالة: أن ابن عمر وأبا سعيد نقلا الإجماع بقولهما (كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدلعلى أن الاستثناء بالمشيئة في الطلاق غير معتبر ويقع به الطلاق.

(1)

ونوقش: بأن هذا القول ليس قول كل الصحابة، وإنما قول لبعضهم كأبي سعيد وابن عمر فلا يكون إجماعًا.

(2)

وأجيب: بأنه على تقدير أنه قول لبعض الصحابة لكنه انتشر، ولايعلم له مخالف، فيعتبر إجماعًا سكوتي

(3)

ثانيًا: المعقول، وذلك من عدة أوجه:

الأول: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى يرفع الطلاق كله كما لو قال أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا والاستثناء الذي يرفع الطلاق كله لايصح.

(4)

الثاني: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى استثناء حكم في محل، فلم يرتفع بالمشيئة، كما لو قال أبيعك هذه السلعة إن شاء الله فيقع البيع أو زوجتك هذه المرأة إن شاء الله فيقع النكاح فكذلك لو قال أنت طالق إن شاء الله لأنه تعليق حكم في محل، فالمحل في البيع السلعة وفي النكاح المرأة وفي الطلاق زوجته المطلقة.

(5)

الثالث: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى إزالة ملك، فالزوج يزول ملكه عن زوجته وإزالة الملك لايصح أن تتعلق بمشيئة الله وعليه فلا يصح تعليق الطلاق بمشيئة الله لكن يقع الطلاق كما لو قال لمن عنده أبرتك إن شاء الله عن الدَّين الذي لي فهذا لايصح ويقع الإبراء

(6)

. فلم يصح تعليقه على مشيئة الله، كما لو قال: أبرأتك إن شاء الله،

الرابع: أن تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى تعليق على شيء لايُعلم إلا بعد وقوع الطلاق فكأنه علقه على أمر مستحيل وهذا لايصح.

(7)

(1)

انظر: «المغني» (10/ 473)

(2)

المصدر السابق.

(3)

المصدر السابق.

(4)

المصدر السابق.

(5)

انظر: «المغني» (10/ 473)«كشاف القناع» ، (5/ 311)

(6)

انظر: «المغني» (10/ 473)

(7)

المصدر السابق

ص: 106

الرواية الثانية: عدم وقوع الطلاق إذا تعلق بمشيئة الله

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وعن أحمد ما يدل على أن الطلاق لا يقع).

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله:) وعنه، يصح الاستثناء.)

(2)

واستدلوا بالسنة والمعقول:

أولًا: السنة:

عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف على يمين فقال إن شاء الله؛ لم يحنث))

(3)

وجه الدلالة: أن الحالف على اليمين إذا علق يمينه واستثنى فقال: إن شاء الله ثم خالف ما قاله من أمر أوترك؛ فلا يحنث. فكذلك من علق طلاق زوجته على مشيئة الله فقال أنت طالق إن شاء الله فلا يقع طلاقه؛ لأنه من الأيمان فيكون داخل في عموم من حلف على يمين فهي تشمل كل يمين.

(4)

ونوقش: أن قولكم الطلاق داخل في اليمين لا حجة فيه من وجهين:

الأول: أن الطلاق إنشاء في حقيقته وليس يمينًا وتسميته يمينًا هي تسمية مجازية لا تترك الحقيقة وهي الطلاق لأجل المجاز وهي اليمين وعليه فالطلاق غير داخل في عموم الحديث.

الثاني: أن تسمية الطلاق يمينًا مجازًا ليس على الإطلاق في جميع أحوال الطلاق وإنما يسمى مجازًا في حالة إذا كان معلقًا على شرط يمكن فعله وتركه، كما لو قال إن دخلت الدار فأنت طالق فهنا يسمى يمينًا لأنه يمكن فعله وتركه.

(5)

ثانيًا: المعقول:

(1)

المصدر السابق

(2)

الإنصاف» (22/ 562)

(3)

أخرجه الترمذي في «سننه» ، أبواب النذور والأيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين (4/ 108) رقم (1532) وابن ماجه في «سننه» ، أبواب الكفارات، باب الاستثناء في اليمين (3/ 242) رقم (2104)، والنسائي في «المجتبى من السنن» ، كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء (7/ 30) رقم (3855)، وابن حبان في «صحيحه» (10/ 183) رقم (4341) وصححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» ، (2/ 173)

(4)

انظر: «شرح الزركشي» (4/ 357)

(5)

انظر: «المغني» (10/ 473)

ص: 107

وذلك أن الطلاق عُلقَ على مشيئة الله تعالى وهي غير معلومة فلا يعلم هل شاء الله أم لا؟ فلا يقع الطلاق، كما لو قال أنت طالق إن شاء زيد، فلا يعلم هل شاء زيد أم لا؟

(1)

ونوقش: أن مشيئة الله تعالى للطلاق قد علمت بمباشرة الآدمي سبب ذلك، وهو النطق بالطلاق بقول الزوج أنت طالق إن شاء الله وبذلك قد علمت مشيئة الله.

(2)

الرواية الثالثة: التوقف.

* قال المرداوي رحمه الله: (وقال الخرقي: أكثر الروايات عن الإمام أحمد، رحمه الله، أنه توقف عن الجواب)

(3)

* وقال ابن الفراء رحمه الله

(4)

: (وفيه رواية ثانية قال: لا أقول فيه شيء)

(5)

الدليل:

توقف الإمام أحمد عن الجواب في ذلك، لاختلاف الناس فيه، مع عدم نص قاطع.

(6)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى، وأن الطلاق يقع إذا تعلق بمشيئة الله، وذلك لكونه إجماعًا سكوتيًا لايعلم له مخالف، ورجحها ابن قدامة

(7)

والبهوتي

(8)

وغيرهم

(9)

.

(1)

انظر: «المغني» (10/ 473) و «شرح الزركشي» (4/ 357)

(2)

انظر: «المغني» (10/ 473)

(3)

«الإنصاف» (22/ 564)

(4)

هو: أبو الحسين، محمد بن محمد بن الحسين، ولد سنة (451 هـ)، سمع الحديث من أبيه، وعبد الصمد بن المأمون، وعنه: معمر بن الفاخر، وابن الخشاب، وكان عارفًا بالمذهب، له «رؤوس المسائل» ، و «التمام لكتاب الروايتين والوجهين» ، قُتلَ سنة (526 هـ). «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 391) و «المقصد الارشد» (2/ 499)

(5)

«التمام لما صح في الروايتين و الثلاث و الأربع» لابن الفراء الحنبلي (2/ 164)

(6)

«شرح الزركشي» (4/ 356)

(7)

«المغني» ، (10/ 472)

(8)

«شرح منتهى الإرادات» (5/ 478)

(9)

عبد الرحمن البصري في «الواضح في شرح الخرقي» (5/ 118)

ص: 108

‌المطلب السادس: الكتمان في الإشهاد على الرجعة

(1)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: بطلان الرجعة إذا أوصى الزوج الشهود بالكتمان.

* قال المرداوي رحمه الله: (على رواية اشتراط الإشهاد في الرجعة، إن أشهد وأوصى الشهود بكتمانها، فالرجعة باطلة. نص عليه.)

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (على رواية اشتراط الإشهاد في الرجعة فتبطل الرجعة إن أوصى الزوج الشهود بكتمانها لما روى أبو بكر

(3)

في الشافي

(4)

بسنده إلى خلاس

(5)

قال: طلق رجل امرأته علانية وراجعها سرًا وأمر الشاهدين أن يكتماها الرجعة فاختصموا إلى علي فجلد الشاهدين واتهمهما ولم يجعل له عليها رجعة.).

(6)

* وقال الزركشي رحمه الله: (وهل يبطل الرجعة التواصي بالكتمان؟ نص في رواية أبي طالب

(7)

على البطلان، وخرَّج

(8)

عدمه من نصه على عدم البطلان بذلك في النكاح.)

(9)

(1)

الرجعة: ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائن إلى النكاح من غير استئناف عقد. «المطلع على ألفاظ المقنع» ، (ص 415)

(2)

انظر: «الإنصاف» (23/ 84)

(3)

هو: عبد العزيز بن جعفر بن أحمد الحنبلي، أبو بكر، المعروف بغلام الخلَّال، حدث عن: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، روى عنه: ابن شَاقْلا، وابن بطَّة، كان أحد أهل الفهم، موثوقًا به في العلم، متَسع الرواية، موصوفًا بالأمانة، مذكورًا بالعبادة، وله «الشافي» ، و «زاد المسافر» ، وله اختيارات خالف فيها شيخه الخلَّال، مات سنة (363 هـ)، انظر:«الدر المنضد في ذكر أصحاب أحمد» ، لعبد الرحمن العليمي، (ص: 176)، «تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة» ، صالح آل عثيمين، (1/ 430)

(4)

قال أبو جنة الحنبلي في تحقيقه لكتاب «زاد المسافر» : وأضفت إلى الكتاب ماوجدته وحققته من كتب،

وأجزاء للمؤلف وذكر منها: جزء من كتاب «الشافي» ، (ص: 8)، وجعله في المجلد الأول (ص: 220) وهو مطبوع ضمن «زاد المسافر» .

(5)

هو: خِلَاسٍ بن عمرو الهجري أخذ عن: علي، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وعنه: قتادة، وعوف، وثقه: أحمد، وغيره. وإنما روايته عن علي كتاب وقع به. توفي في حدود المائة. انظر:«سير أعلام النبلاء» (4/ 491) و «الوافي بالوفيات» (13/ 234)

(6)

انظر: «شرح منتهى الإرادات» (5/ 507)

(7)

هو: أحمد بن حميد أبو طالب المشكاني، روى عن: أحمد مسائل كثيرة، وكان أحمد يكرمه ويعظمه روى عنه: أبو محمد فوزان وزكريا بن يحيى وغيرهما، مات سنة (244 هـ)، «طبقات الحنابلة» ، (1/ 39)

(8)

التخريج: إذا لم يعرف للمجتهد قول في المسألة، لكن له قول في نظيرها ولم يعلم بينهما فرق فهو القول المخرج فيها. «البحر المحيط» ، للزركشي، (4/ 423)

(9)

«شرح الزركشي» (3/ 392)

ص: 109

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي:

عن خِلَاسٍ ((أن رجلاً طلق امرأته وأشهد على طلاقها، وراجعها وأشهد على رجعتها، واستكتم الشاهدين حتى انقضت عدتها، فرفع إلى علي ففرق بينهما ولم يجعل له عليها رجعة، وعزَّر الشاهدين.))

(1)

وجه الدلالة: فعل الصحابي علي رضي الله عنه في أنه فرق بين الزوجين وأبطل الرجعة التي كُتمت شهادتها وعزَّر الشاهدين ولو كان كتمان الشهود للرجعة جائز لما فعل ذلك رضي الله عنه.

الرواية الثانية: عدم البطلان للرجعة إذا كتما الشاهدين.

* قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: (نقل أبو طالب إذا طلق زوجته وراجعها واستكتم الشهودحتى انقضت العدة فرق بينهما ولا رجعة له عليها فقد نص على إبطال الرجعة وقال في النكاح إذا تواصوا بكتمانه: يصح فالمسألة على روايتين في الرجعة والنكاح جميعاً.)

(2)

* وقال الزركشي رحمه الله: (وهل يبطل الرجعة التواصي بالكتمان؟ نص في رواية أبي طالب على البطلان وخرج عدمه من نصه على عدم البطلان بذلك في النكاح.)

(3)

واستدلوا بالسنة والمعقول.

(1)

أخرجه البيهقي في «معرفة السنن والاثار» (11/ 97) رقم (14897) من طريق أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فيما بلغه، عن حماد، عن قتادة عن خلاس .... ، وابن حزم في «المحلى» (10/ 24)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (6/ 326) رقم (11038) لم يذكر خلاساً، أبو سعيد بن أبي عمرو= تقدم أنه ثقة، أبو العباس الأصم = تقدم أنه ثقة. الربيع بن سليمان = تقدم أنه ثقة. الشافعي = تقدم أنه ثقة، حماد بن سلمة= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقه عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة (ص: 178) قتادة بن دعامة= تقدم أنه ثقة. خِلَاسٍ بن عمرو= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة وكان يرسل)(ص: 197).

(2)

«المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين» للقاضي أبو يعلى، محمد بن الحسين (2/ 169)

(3)

«شرح الزركشي» (3/ 392)

ص: 110

أولًا: السنة:

عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا نكاح إلا بولي وشاهدين))

(1)

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علق صحة النكاح بالولي والشاهدين وقد وجد كل منهما في عقد النكاح فكذا الشاهدين وجدا في الرجعة

(2)

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن الرجعة عقد وليس من شروطه ترك التواصي بكتمانه دليله البيع.

(3)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى، وأن الرجعة تبطل إذا أوصى الزوج الشهود بالكتمان وإسنادها صحيح. وأما الرواية الثانية فالحديث فيها موضوع.

(4)

* * *

‌المطلب السابع: الإيلاء

(5)

في الغضب والرضا.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: أن الإيلاء يكون في حالتي الرضا والغضب.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا يشترط

(6)

في الإيلاء الغضب، ولا قصد الإضرار روي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه.)

(7)

(1)

أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» ، (7/ 85) رقم (6927)، وقال عقب ذكره للأثر:(لم يرو هذا الحديث عن جعفر بن برقان عن هشام بن عروة إلا حسين بن عياش تفرد به علي بن جميل)، وقال ابن حبان في «المجروحين»:(علي بن جميل يضع الحديث وضعًا لا يحل كتابة حديثه ولا الرواية عنه بحال.)(2/ 116).

(2)

«المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين» (2/ 85)

(3)

انظر: «المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين» (2/ 85)

(4)

«المجروحين» ، لابن حبان، (2/ 116)

(5)

الإيلاء: هو: أن يحلف الزوج القادر على الوطء بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته في قُبلها مدة زائدة على أربعة أشهر. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 416)

(6)

الشرط: هو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. انظر:«التحبير شرح التحرير» ، (3/ 1067)

(7)

«المغني» (11/ 26)

ص: 111

* وقال المرداوي رحمه الله: (الشرط الثاني من شروط الإيلاء وهو الحلف بالله أو بصفه من صفاته وسواء كان في الرضا أو الغضب.)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا يشترط في صحة الإيلاء الغضب ولا قصد الإضرار قاله ابن مسعود، كالطلاق وقال ابن عباس: إنما الإيلاء في الغضب.)

(2)

استدلوا على هذه الرواية: بالكتاب وقول الصحابي والمعقول والمعتمد قول الصحابي.

أولًا: الكتاب

قال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}

(3)

وجه الدلالة: أن الله تعالى ذكر الإيلاء في الآية عامًا فكل مولٍ سواء في الرضا أو الغضب داخل في الآية إذ لم تخصص حالًا دون آخر فيقع منه.

(4)

ثانيًا: قول الصحابي:

عن أبي عبيدة

(5)

عن عبد الله بن مسعود قال: ((الإيلاء في الرضا والغضب.))

(6)

وجه الدلالة: جعل ابن مسعود رضي الله عنه الإيلاء في جميع الأحوال سواءً ولم يفرق بين الرضا والغضب.

ثالثًا: المعقول وذلك من عدة أوجه:

الأول: أن الزوج منع نفسه عن جماع زوجته بيمينه فكان موليًا كما في حال الغضب.

(1)

انظر: «الإنصاف» (23/ 147)

(2)

«كشاف القناع» (12/ 450)

(3)

[سورة البقرة: 226].

(4)

«المغني» ، (11/ 26)

(5)

هو: عامر بن عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو عبيدة روى عن: البراء بن عازب، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، وعنه: إبراهيم النخعي، وتميم بن سلمة، مات سنة (81 هـ) وقيل 82 (82 هـ). «تهذيب الكمال» ، للمزي (14/ 61)، «تهذيب التهذيب» لابن حجر (5/ 75)

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 133) رقم (18624). من طريق حفص بن غياث عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ..... ، حفص بن غياث = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فقيه تغير حفظه قليل في الآخر) (ص: 173)، عبد الله بن عمرو بن مرة = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب»:(صدوق يخطئ)(ص: 316)، عمرو بن مرة = قال ابن حج رحمه الله في «التقريب»:(ثقة عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء)(ص 426)، أبو عبيدة = هو: عامر بن عبد الله بن مسعود قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة، والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه)(ص 656) فالأثر مرسل.

ص: 112

الثاني: أن حكم الإيلاء يثبت لحق الزوجة، فالواجب أن يثبت سواء قصد الإضرار أو لم يقصد، كما لو غضب فأتلف مالها فإنه يضمن.

(1)

الثالث: أن الطلاق والظهار وسائر الأيمان حكمها سواء لايختلف في حالتي الغضب والرضا وكذلك الإيلاء لايختلف في ذلك.

الرابع: أن حكم اليمين في الكفارة عند الحنث سواء فلا يختلف في الغضب والرضا وكذلك الإيلاء لايختلف عنها.

(2)

الرواية الثانية: الإيلاء يكون في حال الغضب فقط.

* قال البهوتي رحمه الله: (وقال ابن عباس، إنما الإيلاء في الغضب.)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن أبي فَزَارَةَ،

(4)

عن ابن عباس أنه قال: ((إنما الإيلاء في الغضب.))

(5)

وجه الدلالة: حصر ابن عباس رحمه الله الإيلاء في حالة الغضب فقط وذلك بكلمة إنما وهي أداة حصر ومفهومه أن الإيلاء لايكون في الرضا.

وقد يناقش بأن تخصيص الإيلاء في حالة الغضب فقط بلا دليل. لأن الإيلاء في الآية لم يُقَيد حالة دون أخرى وإنما أطلق فدل على أن الإيلاء لا يختص بحالة دون أخرى. كما أن أثر ابن عباس رضي الله عنه ضعيف

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأن الإيلاء لا يشترط في صحته الرضا والغضب فيقع في الحالتين ولأن قول الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه موافق لظاهر الأية وهي قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا

(1)

انظر: «المغني» (11/ 26)

(2)

المصدر السابق

(3)

«كشاف القناع» (12/ 450)

(4)

هو: راشد بن كيسان العبسي، أبو فزارة، روى عن: أنس بن مالك، وسعيد بن جبير وعنه: حماد بن زيد، وسفيان الثوري، قال الدارقطني: ثقة كيس. «تهذيب الكمال» (3/ 576) و «تاريخ الإسلام» (9/ 13)

(5)

أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (2/ 49) رقم (1876) من طريق أبو وكيع، عن أبي فزارة

، والطبري في «جامع البيان» (4/ 459)، رقم (4488)، أبو وكيع الجراح بن مليح= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق يهم.)(ص 138)، أبو فزارة راشد بن كيسان= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 204).

ص: 113

فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}

(1)

.. فهي لم تختص بحالة دون أخرى.

* * *

‌المطلب الثامن: الفيئة

(2)

من الإيلاء للعاجز عن الجماع.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إذا مضت المدة، وبالمولي عذر يمنع الوطء من مرض، أو حبس بغير حق، أو غيره، لزمه أن يفيء بلسانه، فيقول: متى قدرت جامعتها. ونحو هذا وممن قال: يفيء بلسانه إذا كان ذا عذر ابن مسعود رضي الله عنه

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن كان العذر به، وهومما يعجز به عن الوطء، أمر أن يفئ بلسانه).

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن كان العذر به أي المولي وهو: أي العذر مما يعجز به عن الوطء من مرض أو حبس يعذر فيه بأن كان ظلمًا أو على دَيْنٍ لا يمكنه أداؤه أو غيره أي الحبس كالإحرام لزمه أن يفيء بلسانه في الحال فيقول متى قدرت جامعتك هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه.)

(5)

واستدلوا بقول الصحابي.

عن الشعبي عن علي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما قالوا: ((الفيء الجماع. وقال ابن مسعود: فإن كان به علة من كبر أو مرض أو حبس يحول بينه وبين الجماع، فإن فيئه أن يفيء بقلبه ولسانه.))

(6)

(1)

[سورة البقرة: 226] ..

(2)

الفيئة: هو: الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان وباشره ومراده هنا: الرجوع إلى جماعها أو ما يقوم مقامه. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص: 417)

(3)

«المغني» (11/ 42)

(4)

«الإنصاف» (23/ 198)

(5)

«كشاف القناع» (12/ 457)

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 132) رقم (18609). من طريق يزيد بن هارون عن محمد بن سالم عن الشعبي .... يزيد بن هارون = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة متقن عابد)(ص 606)، محمد بن سالم الهمداني = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ضعيف)(ص 479)، الشعبي عامر بن شراحيل = تقدم أنه ثقة وكان يرسل.

ص: 114

وجه الدلالة: فتوى الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه في أن الفيئة من الإيلاء لمن كان عجز عن الجماع وله عذر تكون بقلبه ولسانه.

* * *

‌المطلب التاسع: من ظاهر

(1)

من نسائه بكلمة واحدة

صورة المسألة.

أن يقول الزوج لعدد من نسائه بكلمة واحدة لفظ الظهار وهو أنتن عليَّ كظهر أمي. فإذا قال ذلك فكم كفارة تجب عليه هل كفارة واحدة؟ أم عدد من الكفارات؟

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: الواجب على من ظاهر من نسائه بكلمة واحدة، كفارة واحدة (كفارة واحدة لكل نسائه).

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إذا ظاهر من نسائه الأربع بلفظ واحد، فقال: أنتن علي كظهر أمي. فليس عليه أكثر من كفارة. بغير خلاف في المذهب. وهو: قول علي، وعمر)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله وإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة، فكفارة واحدة.)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (لو ظاهر من نسائه بكلمة كقوله: أنت علي كظهر أمي فلا يلزمه إلا كفارة واحدة. رواه الأثرم عن عمر وعلي ولأنه ظهار واحد.)

(4)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

1.

عن ابن المسيب

(5)

((أن عمر رضي الله عنه قال في رجل ظاهر من ثلاث نسوة قال: عليه كفارة واحدة))

(6)

(1)

الظهار: هو: قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي، مشتق من الظهر، وخصوا الظهر دون غيره؛ لأنه موضع الركوب. انظر:«المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 418)

(2)

«المغني» (11/ 78)

(3)

انظر: «الإنصاف» (23/ 279)

(4)

«شرح منتهى الإرادات» (5/ 545)

(5)

هو: سعيد بن المسيب بن حزن القرشي، أبو محمد، روى عن: سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة رضي الله عنها، وعنه: عمرو بن شعيب، وعمرو بن دينار، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان بارزًا في العلم والعمل، مات سنة (93 هـ). وقيل (94 هـ) وسميت سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات منهم فيها. وقيل سنة (95 هـ) انظر:«وفيات الأعيان» (2/ 375)«سير أعلام النبلاء» (4/ 217)

(6)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 631) رقم (15254)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 438) رقم (11567)، وسعيد بن منصور في «سننه» (2/ 39) رقم (1831)، والدارقطني في «سننه» (4/ 494) رقم (3864)، وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 160) والبيهقي في الخلافيات (6/ 331).

ص: 115

وجه الدلالة: جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كفارة واحدة لمن ظاهر عدد من نسائه كما لو ظاهر واحدة منهن. فالأثر عام في وجوب كفارة واحده ولم يفرق بين من ظاهر عدد من نسائه وبين من ظاهر واحدة. ولا يعرف لهما في الصحابة مخالفًا، فكان إجماعًا.

(1)

2.

عن علي رضي الله عنه قال: ((إذا ظاهر مرارًا في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإن ظاهر في مقاعد شتى فكفارات شتى، والأيمان كذلك))

(2)

وجه الدلالة: جعل علي رضي الله عنه الظهار مرارا في مجلس واحد كفارة واحدة.

ثانيا: المعقول:

وذلك أن الزوج إذ ظاهر من زوجاته وقال أنتن عليَّ كظهر أمي ثم خالف هذه الكلمة بأن جامعهن فتجب عليه الكفارة وهذه الكلمة تعددت في مجموعة نسائه فيجب عليه كفارة واحدة، وذلك قياسًا على اليمين فلو أن شخصًا مثلًا حلف لا يأكل، ولا يشرب، ولا يدخل الدار، ولا ينام على الفراش، فهي أيمان أربعة إذا حنث فيها تكون الكفارة الواجبة عليه كفارة واحدة؛ لإن موجبها اليمين، فكذلك الظهار فإنه وقع على نسائه الأربع لكن الكفارة واحدة، والجامع بين الظهار واليمين كلاهما كلمة تجب بمخالفتها الكفارة.

(3)

الرواية الثانية: من ظاهر من نسائه بكلمة واحدة، فعلية كفارات (لكل امراة كفارة)

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه، عليه كفارات مطلقًا.)

(4)

* قال الزركشي رحمه الله: وحكى أبو البركات رواية أخرى أن عليه لكل واحدة كفارة.)

(5)

(1)

«المغني» (11/ 79)

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (6/ 437)، رقم (11560) ورجال الإسناد: عثمان بن مطر=ضعفه ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ص 386)، سعيد بن أبي عروبة= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ)(ص 239)، قتادة=سبق أنه ثقة ثبت، خِلاسِ بن عمرو=سبق أنه ثقة وكان يرسل.

(3)

انظر: «المغني» (11/ 79) و «العدة شرح العمدة» (2/ 69)

(4)

«الإنصاف» (23/ 279)

(5)

«شرح الزركشي» (3/ 412)

ص: 116

واستدلوا بالمعقول:

وذلك أن الظهار والعودة من الزوج لنسائه موجود في كل امرأة منهن، فيجب عليه عن كل واحدة كفارة كما لو أنه ظاهر واحدة منهن وأفردها لوحدها، وبذلك تجب عليه كفارات وليس كفارة واحدة.

(1)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى، وأن من ظاهر من نسائه بكلمة واحدة، فالواجب عليه كفارة واحدة وذلك لصحة الأثر عن الصحابي عمر رضي الله عنه، ولأنه لم يعرف له من الصحابة مخالف فكان إجماعًا،

ورجحها عدد من الحنابلة كابن قدامة

(2)

والبهوتي

(3)

وغيرهم

(4)

.

* * *

‌المطلب العاشر: أقل مدة الحمل.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ لما روى الأثرم، بإسناده عن أبي الأسود، أنه رفع إلى عمر أن امرأة ولدت لستة أشهر، فهم عمر برجمها، فقال له علي: ليس لك ذلك. قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}

(5)

وقال تعالى:: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}

(6)

فحولان وستة أشهر ثلاثون شهرا، لا رجم عليها. فخلى عمر سبيلها، وولدت مرة أخرى لذلك الحد ورواه الأثرم أيضا عن عكرمة أن ابن عباس قال ذلك)

(7)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله وأقل مدة الحمل ستة أشهر. هذا المذهب. وعليه الأصحاب. وقطع به أكثرهم.)

(8)

(1)

«شرح الزركشي» (3/ 412) و «الواضح في شرح الخرقي» لعبد الرحمن البصري (4/ 101)

(2)

«المغني» (11/ 78)

(3)

«شرح منتهى الإرادات» (5/ 545)

(4)

كأبي البركات مجد الدين في «المحرر» (2/ 90)، والبنا في «المقنع شرح مختصر الخرقي» (3/ 993)

(5)

[سورة البقرة: 233]

(6)

[سورة الأحقاف: 15]

(7)

«المغني» (11/ 231)

(8)

«الإنصاف» (24/ 22)

ص: 117

* وقال البهوتي رحمه الله: (أقل مدة الحمل ستة أشهر وفاقًا لما روى الأثرم والبيهقي عن أبي الأسود أنه رفع إلى عمر أن امرأة ولدت لستة أشهر فَهَمَّ عمر برجمها فقال له علي ليس لك ذلك قال الله تعالى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}

(1)

وقال:: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}

(2)

فحولان وستة أشهر ثلاثون شهرًا لا رجم عليها فخلى عمر سبيلها وقال ابن عباس كذلك رواه البيهقي.)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

1 -

عن أبي حرب بن الأسود الديلي

(4)

: أن عمر رضي الله عنه ليس عليها رجم، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فأرسل إليه فسأله فقال:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}

(5)

وقال:: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}

(6)

فستة أشهر حمله حولين تمام لا حد عليها أو قال لا رجم عليها قال: فخلى عنها ثم ولدت.))

(7)

2 -

وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول) (إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرين شهرًا، وإذا وضعت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرين شهرًا، وإذا وضعت ستة أشهر كفاها من الرضاع أربعة وعشرين شهرًا، كما قال الله عز وجل يعني قوله:

(1)

[سورة البقرة: 233]

(2)

[سورة الأحقاف: 15]

(3)

«كشاف القناع» (13/ 13)

(4)

هو: أبو حرب بن أبي الأسود الديلي. روى عن: عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن فضالة الليثي، روى عنه حمران بن أعين، وداود بن أبي هند، وأبو وهب سيف بن وهب مات سنة (190 هـ). «تهذيب الكمال» (33/ 231) و «الثقات لابن حبان» (5/ 576)

(5)

[سورة البقرة: 233]

(6)

[سورة الأحقاف: 15]

(7)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 727) رقم (15549) من طريق أبي عبد الله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا يحيى بن أبي طالب، نا أبو بدر شجاع بن الوليد، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن داود بن أبي القصاف، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي

، وعبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 349) رقم (13444) وجعل قتادة بين ابن أبي عروبه وأبو حرب، وسعيد بن منصور في «سننه» ، (2/ 93) رقم (2074) من طريق نا هشيم، أنا يونس، عن الحسن .. ورواته بهذا السند-أي سند سعيد ين منصور-ثقات. وابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 428) رقم (2264). أبو عبد الله الحافظ = هو: الحاكم، يحيى بن أبي طالب= قال ابن حجر رضي الله عنه في «لسان الميزان» (وثقه الدارقطني، وغيره.)(8/ 452)،، شجاع بن الوليد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق ورع له أوهام)(264)، سعيد بن أبي عروبة = سبق أنه ثقة، داود بن أبي القصاف= ذكره ابن حبان في «الثقات» ولم يذكر فيه جرحًا ولاتعديلًا (6/ 285)، أبو حرب بن الأسود = ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 632)

ص: 118

: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}

(1)

(2)

.

وجه الدلالة: جعل عليُّ وابن عباس رضي الله عنهما أقل مدة للحمل هي ستة أشهر. وذلك أنه إذا سقط حولان أي أربعة وعشرون شهرًا من ثلاثين شهرا بقي ستة أشهر هي مدة الحمل.

(3)

* * *

‌المطلب الحادي عشر: بداية عدة

(4)

من فارقها زوجها بطلاق أو موت وهو غائب.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: عدة المفارقة لزوجها وهو غائب من يوم فراقه بموت أو طلاق.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإذا طلقها زوجها، أو مات عنها، وهو ناء عنها، فعدتها من يوم مات أو طلق، إذا صح ذلك عندها، وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة هذا المشهور

(1)

[سورة الأحقاف: 15]

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 727) رقم (15548) من طريق أبي نصر بن قتادة، أنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي، نا أحمد بن نجدة، نا سعيد بن منصور، نا هشيم، أنا داود بن أبي هند عن عكرمة

، وسعيد بن منصور في «سننه» (2/ 93) رقم (2075)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 336) رقم (3167) من طريق علي بن عيسى الحيري، ثنا الحسين بن محمد بن زياد، وإبراهيم بن أبي طالب، قالا: ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، ثنا حفص بن غياث، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. أبو نصر بن قتادة = قال الشيخ الفاضل محمَّد عمرو عبد اللطيف في «أحاديث ومرويات في الميزان، حديث قلب القرآن يس» عقب حديث "من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن عشر مرات": ورجاله كلهم ثقات إلا أن أبا نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة النعماني لم أهتد إليه بعد، وهو: من شيوخ البيهقي الذين أكثر عنهم جدًا في تصانيفه. (ص 62) ووثقه الشيخ أبو الطيب المنصوري في «السلسبيل النقي في تراجم شيوخ البيهقي» وذكر أنه مكثرا ويحدث من أصل كتابه (ص 517)، العباس بن الفضل = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة مشهور)(ص 294)، أحمد بن نجدة = قال الذهبي رحمه الله «تاريخ الإسلام» (كان ثقة معمرا)(6/ 898)، سعيد بن منصور = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة مصنف)(ص 241)، هشيم بن بشير = تقدم أنه ثقة، داود بن أبي هند = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة متقن، كان يهم بآخره)(ص 200)، عكرمة أبو عبد الله= تقدم أنه ثقة.

(3)

انظر: «شرح منتهى الإرادات» (5/ 589)

(4)

العدة: ما تعده المرأة من أيام أقرائها، وأيام حملها، أو أربعة أشهر وعشر ليال للمتوفى عنها. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 422)

ص: 119

في المذهب، وأنه متى ما تزوجها أو طلقها، فعدتها من يوم موته وطلاقه وهذا قول ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود.)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ومن طلقها زوجها، أو مات عنها وهو غائب عنها، فعدتها من يوم مات أو طلق، وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة -وهذا المذهب مطلقا. وعليه الأصحاب)

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ومن طلقها زوجها وهو غائب أو مات عنها زوجها وهو غائب عنها فعدتها من يوم مات أو طلق روي عن ابن عمر وابن عباس وابن مسعود)

(3)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول.

أولًا: قول الصحابي

1 -

عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((عدتها من يوم طلقها ومن يوم يموت عنها.))

(4)

2 -

وعن الأسود

(5)

ومسروق

(6)

وعَبِيدَةَ

(7)

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((عدة المطلقة من

(1)

«المغني» (11/ 307)

(2)

«الإنصاف» (24/ 98)

(3)

«كشاف القناع» (13/ 37)

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 160) رقم (18917) من طريق أبو معاوية، عن عبيد الله، عن نافع

، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 697) رقم (15445)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (6/ 327) رقم (11042)، وسعيد بن منصور في «سننه» ، (1/ 328) رقم (1198)، وصححه الزيلعي في «نصب الراية» (3/ 259)

(5)

هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو، وهو: من المخضرمين، حدث عن: معاذ بن جبل، وابن مسعود، حدث عنه: إبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير، قال الشعبي:(كان صوامًا، قوامًا، حجاجًا). مات سنة (75 هـ). «الطبقات الكبرى» (6/ 134) و «سير أعلام النبلاء» (4/ 50)

(6)

هو: مسروق عبد الرحمن بن مالك بن أمية الهمداني، أَبو عائشة، من المخضرمين، سمع من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، روى عنه: سعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، قال ابن سعد:(كان مسروق ثقة، له أحاديث صالحة)، مات سنة 63 (63 هـ)«تاريخ بغداد،» (15/ 311) و «تاريخ الإسلام» (2/ 712)

(7)

هو: عَبِيدَةَ بن عمرو السلماني، أخذ عن: علي، وابن مسعود رضي الله عنهما، روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وكان ثبتًا في الحديث وبرع في الفقه، قال ابن سيرين:(ما رأيت رجلا كان أشد توقيًا منه). وكان من أصحاب ابن مسعود، مات سنة (72 هـ) على الأصح. انظر:«تاريخ بغداد،» (12/ 422) و «سير أعلام النبلاء» ، (4/ 40)

ص: 120

حين تطلق والمتوفى عنها زوجها من حين يتوفى.))

(1)

3 -

وعن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال:((تعتد من يوم طلقها أو مات عنها.))

(2)

وجه الدلالة منها: جعل الصحابة رضي الله عنهم ابتداء العدة للمفارقة لزوجها سواء بطلاق أو بموت من حين الفراق فإن كان طلاقًا فمن يوم طلاقها وإن كان بالوفاة فمن يوم الوفاة.

ثانيا: المعقول، وذلك من وجهين:

الأول: أن المرأة لو كانت حاملًا، فوضعت غير عالمة بفرقة زوجها؛ لانقضت عدتها، وهكذا سائر أنواع العدد كما لو كان حاضر.

الثاني: أن القصد غير معتبر في العدة بدليل الصغيرة، والمجنونة تنقضي عدتهما من غير قصد، ولم يعدم ههنا إلا القصد

(3)

الرواية الثانية: إن قامت بينة ابتدت عدتها من يوم الفراق بموت أو طلاق وإن لم تقم بينة فمن يوم يأتيها الخبر.

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 697) رقم (15446)، من طريق علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، نا يوسف بن يعقوب، نا عمرو بن مرزوق، نا زهير عن أبي إسحاق، عن الأسود ومسروق وعَبِيدَةَ

، علي بن محمد المقري= ذكر الذهبي رحمه الله ترجمته في «تاريخ الإسلام» (9/ 323) ولم يذكر فيه ولم يذكر فيه جرحًا وتعديلًا إلا أنه قال: روى عن الحسن بن محمد بن إسحاق ابن أخت أبي عوانة الإسفراييني،

وغيره. أكثر عنه أبو بكر البيهقي في كتبه، الحسن بن محمد الإسفراييني = قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (قال الحاكم: كان محدث عصره، ومن أجود الناس أصولا.) (7/ 833)، يوسف بن يعقوب = قال الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (قال الخطيب رحمه الله: كان ثقة) (6/ 1069)، عمرو بن مرزوق = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فاضل له أوهام) (ص: 426)، زهير بن معاوية = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 218) أبو إسحاق عمرو بن عبد الله = تقدم أنه ثقة، الأسود بن يزيد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (مخضرم ثقة مكثر فقيه)(ص 111)، مسروق بن الأجدع= تقدم أنه ثقة، عَبِيدَةَ بن عمرو= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (تابعي كبير مخضرم فقيه ثبت)(ص 379)

(2)

أخرجه عبد الرزاق «مصنفه» (6/ 327) رقم (11043) من طريق عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة

، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (4/ 160) رقم (18916) والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 697) رقم (15447) وصححه زكريا غلام في كتابه «ما صح من اثار الصحابة» (3/ 1058).

(3)

انظر: «المغني» (11/ 308)«المبدع في شرح المقنع» (7/ 94)

ص: 121

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وعن أحمد: إن قامت بذلك بينة، فكما ذكرنا وإلا فعدتها من يوم يأتيها الخبر ويروى عن علي رضي الله عنه.)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وعنه إن ثبت ذلك ببينة -أو كانت بوضع الحمل- فكذلك، وإلا فعدتها من يوم بلغها الخبر.)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن الحكم

(3)

أن عليًا قال: ((من يوم يأتيها الخبر))

(4)

وجه الدلالة: جعل الصحابي علي رضي الله عنه ابتداء عدة الفراق سواء بطلاق أو موت عن زوجها من حين سماعها بالخبر. (وهذه الرواية الأشهر عن علي)

(5)

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن العدة فيها اجتناب أشياء وهي الزينة، ولم تجتنبها من تعتد بمفارقة زوجها تلك الأشياء إلا من وقت إتيان الخبر لها.

(6)

(1)

«المغني» (11/ 307)

(2)

«الإنصاف» (24/ 98)

(3)

هو: الحكم بن عتيبة الكندي مولى عدي بن عدي الكندي، أبو محمد، ولد سنة (50 هـ) حدث عن: شريح القاضي، وعطاء بن أبي رباح، وعنه: منصور، والأعمش، عالم أهل الكوفة، قال يحيى بن أبي كثير:(ما بين لا بتيها أفقه منه)، وقال العجلي:(كان ثقة، ثبتًا، فقيهًا، من كبار أصحاب إبراهيم، وصاحب سنة واتباع). مات سنة (115 هـ) انظر: «سير أعلام النبلاء» (5/ 208)«طبقات الحفاظ» (52/ 100)

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 161) رقم (18927) من طريق إسماعيل ابن علية، عن ليث، عن الحكم

، وعبد الرزاق في «مصنفه» (6/ 328)(11051)، إسماعيل ابن علية= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ)(ص 105)، ليث بن أبي سليم = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك)(ص 464)، الحكم بن عتيبة= قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس)(ص 175)، ولم يدرك عليًا كما في «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» ، لابن العراقي (ص 81).

(5)

قاله البيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 698) رقم (15449)

(6)

انظر: «المبدع في شرح المقنع» (7/ 94)

ص: 122

ونوقش من ثلاث أوجه:

الأول: أنه ينتقض بما إذا ثبت ببينة

(1)

الثاني: أن الإحداد الواجب ليس بشرط في العدة، فلو تركته قصدًا، أو عن غير قصد، لانقضت عدتها.

قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}

(2)

، وقال تعالى:{إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}

(3)

، وقال تعالى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ

(4)

.

الثالث: أن القول بالاشتراط في الإحداد مخالفة لهذه الأيات السابقة، فوجب أن لا يشترط.

(5)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأن عدة المفارقة لزوجها وهو غائب من يوم فراقه بموت أو طلاق. وهي المعتمدة في المذهب لصحة الأثر فيها ورجحها ابن قدامة

(6)

والبهوتي

(7)

وغيرهم

(8)

وقد رجحها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

(9)

* * *

‌المطلب الثاني عشر: الرضاع

(10)

من لبن الفاجرة

(11)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (كره أبو عبد الله الإرتضاع بلبن الفجور والمشركات وقال عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز

(12)

رضي الله عنهما: اللبن يشتبه، فلا تستق من يهودية ولا نصرانية ولا زانية.)

(13)

(1)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 94)

(2)

[سورة البقرة: 228].

(3)

[سورة الطلاق: 4].

(4)

[سورة الطلاق: 4].

(5)

ينظر: «المغني» (11/ 307)

(6)

«المغني» (11/ 307)

(7)

«شرح منتهى الإردات» (5/ 602)

(8)

عبد الرحمن البصري في «الواضح شرح الخرقي» (2/ 878)

(9)

«الشرح الممتع» (13/ 380)

(10)

الرضاع: هو مص الثدي. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 425)، ويكون خمس رضعات في الحولين. «الروض المربع» ، للبهوتي (3/ 279)

(11)

الفاجر: هو المنبعث في المعاصي والمحارم. والمقصود هنا الزانية والعياذ بالله. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 413) مادة (فجر)

(12)

هو: عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، أبو حفص، ولد سنة (60 هـ)، روى عن: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، حدث عنه: رجاء بن حيوة، وابن المنكدر، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، كان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين وكان الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، العابد، السيد، أمير المؤمنين حقًا، مات سنة (101 هـ)، انظر:«فوات الوفيات» ، (3/ 133)، «سير أعلام النبلاء» (5/ 114)

(13)

«المغني» (8/ 194)

ص: 123

* وقال المرداوي رحمه الله: (كره الإمام أحمد، رحمه الله، أن يسترضع الرجل لولده فاجرة، أو مشركة.)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويكره لبن الفاجرة والمشركة لقول عمر وابنه.)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

1 -

عن عمر بن حبيب

(3)

، عن رجل من كنانة - أراه عُتْوَارِيًّا

(4)

، قَالَ:((جلست إلى ابن عمر، فقال: أَمِنْ بني فلان أنت؟ قلت: لا، ولكنهم أرضعوني، قال: أما إني سمعت عمر بن الخطاب يقول: ((إن اللبن يُشتبَهُ عليه.))

(5)

(1)

«الإنصاف» (24/ 285)

(2)

«كشاف القناع» (135/ 109)

(3)

هو: عمر بن حبيب القاضي من أهل مكة. انتقل إلى اليمن وسكنها، يروى عن عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، روى عنه، سفيان ابن عيينة وعبد الرزاق. كان حافظًا متقنًا. ووثقه أحمد، توفي مابين سنة (150 هـ-160 هـ.) انظر:«تاريخ الإسلام» (4/ 159)، «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» للفاسي (5/ 327)

(4)

العُتْوارى: بضم العين المهملة وسكون التاء المعجمة وراء مهملة، والنسبة إلى عتوارة، قال السمعاني: وظني أنه بطن من الأزد وعقب ابن الأثير بقوله: وليس كذلك إنما هو: بطن من كنانة وهو: عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. انظر: «الأنساب» للسمعاني (9/ 232)«اللباب في تهذيب الأنساب» لابن الأثير، (2/ 322) قلت: والأصح أنه من بني كنانة كما صرح به في الأثر، وكما ورد عند البيهقي في سننه قال عمر بن حبيب عن رجل من بني عتوارة، وربما قال: سفيان عن رجل من بني كنانة. (7/ 764) رقم (15679)

(5)

أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» ، (2/ 147) رقم (2299) من طريق سفيان، عن عمر بن حبيب، عن رجل من كنانة - أراه عُتْوَارِيًّا قال .... وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 476) رقم (13953)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (7/ 764) رقم (15679) والأثر فيه راو مبهم. سفيان بن عيينه= تقدم أنه ثقة، عمر بن حبيب = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ)(410)، رجل من كنانة = مبهم لايعرف.

ص: 124

2 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:((اللبن يُشْبِهُ عليه))

(1)

وجه الدلالة: أن الرضاع له تأثير على الطفل الرضيع، ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنه أَمِنْ بني فلان أنت؟ بسبب أنه رأى شبه له وتأثيرٌ من ذلك القوم؛ فالرضاع له آثارٌ في الطباع والأخلاق والدين.

ثانيا: المعقول:

وذلك أن لبن الفاجرة ربما يفضي إلى شبه المرضعة في الفجور، ويجعلها أُمَّا لولده، فيعتبر بها في فجورها، ويتضرر طبعًا وتعيرًا. وأيضا الارتضاع من المشركة يجعلها أُمَّا للرضيع، لها حرمة الأم مع كونها مشركة، وربما يميل إليها في محبة دينها.

(2)

* * *

‌المطلب الثالث عشر: صفة قوت من يعول

(3)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا يجب فيها الحَبُّ)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (والواجب على زوج دفع قوت من خبز وأدم ونحوه لزوجة وخادمها وكل من وجبت نفقته لا دفع بدله أي القوت من نقد أو فلوس، ولا يلزمها قبول; لأنه ضرر عليها لحاجتها إلى ما يشتريه لها وقد لا يحصل أو فيه مشقة بخروجها له أو تكليف من يمن عليها به ولا دفع حب ولا يلزمها قبول لما فيه من تكليفها طحنه وعجنه وخبزه. ولقول ابن عباس: في قوله تعالى: {مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ}

(5)

قال: الخبز والزيت، وعن ابن عمر: الخبز والسمن والخبز والزيت والخبز والتمر)

(6)

استدلوا بقول الصحابي والمعقول.

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 765)، رقم (15680) ورجال الاسناد، علي بن عبد الله= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(403)، عبد الرحمن بن مهدي= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت حافظ)(351)، سفيان الثوري= تقدم أنه ثقة، عبد الملك بن عبد العزيز= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فقيه فاضل وكان يدلس ويرسل)(363)، عثمان بن أبي سليمان= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(384)، شعيب بن خالد الخثعمي = قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (مقبول)(267)

(2)

انظر: «المغني» (8/ 194)

(3)

يعول: أي تمون وتلزمك نفقته من عيالك يقال: عال الرجل عياله يعولهم إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما. «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (3/ 321)، مادة (عول)

(4)

«المغني» (11/ 350)

(5)

[سورة المائدة: آية: 89]

(6)

«شرح منتهى الإرادات» (5/ 654)

ص: 125

أولًا: قول الصحابي:

1 -

عن سعيد بن جبير قال: ابن عباس ((كان الرجل يقوت بعض أهله دون بعضهم قوتا فيه سعة، فقال الله تعالى:{مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ}

(1)

الخبز والزيت))

(2)

2 -

وعن ابن عمر رضي الله عنه في قوله: {مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ}

(3)

قال: ((من أوسط ما يطعم أهلَه: الخبز والتمر، والخبز والسمن، والخبزَ والزيت. ومن أفضل ما تُطعمهم: الخبز واللحم.))

(4)

وجه الدلالة: فسر الصحابيان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما إطعام الأهل بالخبز مع غيره من الأدم كالتمر والسمن والزيت واللحم والله ورسوله ذكرا الإنفاق مطلقٌا من غير تحديد ولا تقدير ولا تقييد، فالواجب رده إلى العرف.

(5)

(1)

[سورة المائدة: آية: 89]

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/ 1193) رقم (6722)، من طريق يونس بن عبد الأعلى قرأه، ثنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير .... ، وابن كثير في «تفسير القران العظيم» (3/ 156) وابن ماجة في «سننه» كتاب باب (1/ 682) رقم (2113) من طريق سفيان بن عيينه عن سليمان بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه» (هذا إسناد موقوف صحيح الإسناد)(2/ 135)، يونس بن عبد الأعلى = قال ابن حجر رحمه الله «التقريب» (ثقة) (ص: 613)، سفيان بن عيينه= تقدم أنه ثقة، سليمان بن أبي المغيرة = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق)(ص 254)، سعيد بن جبير= قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (ثقة ثبت فقيه)(ص 234)

(3)

[سورة المائدة: آية: 89]

(4)

أخرجه الطبري في «جامع البيان في تأويل القران» ، (10/ 532) رقم (12380) من طريق هناد وابن وكيع قالا حدثنا أبو الأحوص، عن عاصم الأحول، عن ابن سيرين .... ، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/ 1193) رقم (6721)، هناد بن السري= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(574)، سفيان بن وكيع = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (كان صدوقًا إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه)(ص 245)، أبو الأحوص سلام بن سليم = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة متقن)(ص 261)، عاصم الأحول= تقدم أنه ثقة، ابن سيرين محمد بن أبي عمرة = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت عابد كبير القدر)(ص 483)، وصححهما ابن القيم في «زاد المعاد» ولم يذكر السند (5/ 439)

(5)

انظر: «المغني» (11/ 350)، «زاد المعاد» (5/ 439)

ص: 126

ثانيًا: المعقول وذلك من ثلاث أوجه:

الوجه الأول: أن الإنفاق ورد في الشرع مطلقًا بلا تقييد ولا تقدير معين، فالواجب فيه الرد إلى العرف، كما في القبض والإحراز فالقبض في البيع للسلعة مرجعه العرف وكذا الإحراز في حفظ الوديعة يكون بالعرف، والمتعارف عليه في الإنفاق على الأهل الخبز والأدم، دون الحبِّ، والنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا ينفقون ذلك، دون الحبِّ فكان ذلك هو: الواجب.

الوجه الثاني: أنها قُدرت بالكفاية، فكان الواجب الخبز، كنفقة العبيد فإن السيد ينفق عليهم بما يكفيهم.

الوجه الثالث: إن الحبَّ تحتاج فيه إلى الطحن والخَبز، فمتى احتاجت إلى تكلف ذلك من مالها لم تحصل الكفاية بنفقة الزوج عليها.

(1)

(1)

انظر: «المغني» (11/ 350)

ص: 127

‌الفصل الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الجنايات والديات والحدود والأطعمة والأيمان والقضاء والفتيا والإقرار

• المبحث الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الجنايات والديات.

• المبحث الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الحدود.

• المبحث الثالث: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الأطعمة والأيمان والقضاء والفتيا.

ص: 128

‌المبحث الأول: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الجنايات والديات

* المطلب الأول: من أريد قتله فقال شخص آخر: أنا القاتل.

* المطلب الثاني: إذا اجتمع اثنان على شخص فجرحه أحدهما وقتله الآخر.

* المطلب الثالث: حبس القاتل حتى بلوغ صاحب الدم.

* المطلب الرابع: قيمة الدية إذا اصطدم حران ثم ماتا.

* المطلب الخامس: إذا قتل المنجنيق أحد الثلاثة الرماة.

* المطلب السادس: إذا وقع أحد على آخر فمات.

* المطلب السابع: من ادعى فقد بصر العين.

* المطلب الثامن: قيمة الغرة.

* المطلب التاسع: ما تحمله العاقلة من الجراحات.

* المطلب العاشر: دية الشعور الأربعة.

* المطلب الحادي عشر: مقدار دية الترقوة.

* المطلب الثاني عشر: حكم من أتلف شيئًا بالعبد.

* المطلب الثالث عشر: دية تسويد السن.

ص: 129

‌المطلب الأول: من أريد قتله فقال شخص: أنا القاتل.

* قال المرداوي رحمه الله: (نقل حنبل

(1)

فيمن أريد قتله قودًا

(2)

، فقال رجل آخر: أنا القاتل، لا هذا. أنه لا قود، والدية على المقر.)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ومن أريد قتله قودًا ببينة بالقتل لا بإقراره فقال شخص: أنا القاتل لا هذا فلا قود على واحد منهما، وعلى مقر الدية لقول علي: أحيا نفسًا ولزوم الدية له لصحة بذلها منه)

(4)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

ما ذكره ابن القيم رحمه الله في أقضية علي رضي الله عنه حينما سأل علي رضي الله عنه رجلًا فقال: ((فكيف كان حديثك؟ قال: إني رجل قصاب

(5)

، خرجت إلى حانوتي

(6)

في الغلس

(7)

، فذبحت بقرة وسلختها، فبينما أنا أسلخها والسكين في يدي أخذني البول، فأتيت خَرِبة

(8)

كانت بقربي فدخلتها، فقضيت حاجتي، وعدت أريد حانوتي، فإذا أنا بهذا المقتول يتشحط

(9)

في دمه فراعني أمره، فوقفت أنظر إليه والسكين في يدي، فلم أشعر إلا بأصحابك قد وقفوا علي، فأخذوني، فقال الناس: هذا قتل هذا، ما له قاتل سواه. فأيقنت أنك لا تترك قولهم لقولي، فاعترفت بما لم أجْنِه، فقال علي للمقر الثاني: فأنت كيف كانت قصتك؟ فقال:

(1)

هو: حنبل بن إسحاق بن حنبل أبو علي الشيباني، ابن عم الامام أحمد، سمع: الإمام أحمد وأبا نعيم، حدث عنه: أبو بكر الخلال وعبدالله البغوي، جاء عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية وأغرب بغير شيء وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم، مات بواسط سنة (273 هـ)، «طبقات الحنابلة» (1/ 143)، «المقصد الارشد» ، (1/ 365)

(2)

القود: القصاص وقتل القاتل بدل القتيل. «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، مادة (قود)(4/ 119)

(3)

«الإنصاف» (25/ 137)

(4)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 17)

(5)

القصب: القطع. والمقصود: بالقصاب: الجزار وقصب الجزار الشاة أي: قطعها. انظر: «لسان العرب» (1/ 675)

(6)

الحانوت: تطلق على بيوت الخمارين الحوانيت، وأهل العراق يسمونها المواخير، واحدها حانوت وماخور. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 448)، مادة (حنت)

(7)

الغلس: هي ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 377) مادة (غلس).

(8)

الخراب: ضد العمارة. ويقال: خرب المكان خرابًا. وخراب الأرض هو: فسادها لفقد العمارة. انظر: «جمهرة اللغة» للأزدي (1/ 288)، «الفائق في غريب الحديث» للزمخشري (1/ 173)

(9)

يتشحط: يتخبط فيه، ويضطرب ويتمرغ. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (2/ 449)، مادة (شحط).

ص: 130

اعتراني فلس

(1)

، فقتلت الرجل طمعًا في ماله، ثم سمعت حس العسس

(2)

، فخرجت من الخَرِبة، واستقبلت هذا القصاب على الحال التي وصف، فاستترت منه ببعض الخربة حتى أتى العسس، فأخذوه وأتوك به. فلما أمرت بقتله علمت أني أبوء بدمه أيضا فاعترفت بالحق. فقال علي للحسن رضي الله عنهما

(3)

: ما الحكم في هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن كان قد قتل نفسًا فقد أحيا نفسًا، وقد قال تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}

(4)

، فخلى علي رضي الله عنه عنهما، وأخرج دية القتيل من بيت المال)).

(5)

وجه الدلالة: أن عليَّا رضي الله عنه أسقط القصاص عن القاتل وعن المتهم بالقتل بعد استشارة ابنه الحسن رضي الله عنه وقوله: إن كان قد قتل نفسًا فقد أحيا نفسًا، وأخرج دية القتيل من بيت المال فهو: قضاء الحسن عليه السلام بين يدي أبيه رضي الله عنهما.

قال ابن القيم رحمه الله عقب ذكره الأثر: (وهذا إن وقع صلحًا برضى الأولياء فلا إشكال، وإن كان بغير رضاهم فالمعروف من أقوال الفقهاء: أن القصاص لا يسقط بذلك؛ لأن الجاني قد اعترف بما يوجبه، ولم يوجد ما يسقطه، فيتعين استيفاؤه. وبعد فَلِحُكْم أمير المؤمنين وجه قوي، وقد وقع نظير هذه القصة في زمن رسول الله

(6)

إلا أنها ليست في القتل ثم ذكر ذلك).

(7)

(1)

فلس: أفلس الرجل أي إذا لم يبق له مال. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 470) مادة (فلس)

(2)

العسس: هو: الذي يطوف للسلطان بالليل. ومنه حديث عمر رضي الله عنه: أنه كان يعس بالمدينة، أي يطوف بالليل يحرس الناس ويكشف أهل الريبة. انظر:«معجم مقاييس اللغة» (4/ 42)«لسان العرب» (6/ 139)، مادة (عسس).

(3)

هو: الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد، ولد سنة (3 هـ) على الأثبت سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه، اختلف في وفاته قيل (44 هـ) وقيل (49 هـ) وقيل (50 هـ) وقيل غير ذلك. انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 383)«الإصابة في تمييز الصحابة» (2/ 60)

(4)

[سورة المائدة: 32].

(5)

أورده ابن القيم بلا سند في «الطرق الحكمية» ، (1/ 140) ولم أقف عليه مسندأ.

(6)

القصة ذكرها النسائي فقال: عن علقمة بن وائل، عن أبيه، زعم أن امرأة وقع عليها رجل في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد عكورة على نفسها فاستغاثت برجل مر عليها، وفر صاحبها ثم مر عليها ذوو عدد فاستغاثت بهم فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه وسبقهم الآخر فجاءوا به يقودونه إليها، فقال لها: أنا الذي أغثتك وقد ذهب الآخر قال: فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنه وقع عليها وأخبر القوم أنهم أدركوه يشتد فقال: إنما كنت أغيثها على صاحبها فأدركوني هؤلاء فأخذوني قالت: كذب هو الذي وقع علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلقوا به فارجموه» فقام الرجل من الناس فقال: لا ترجموه وارجموني فأنا الذي فعلت بها الفعل فاعترف فاجتمع ثلاثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي وقع عليها والذي أغاثها والمرأة فقال: أما أنت فقد غفر لك وقال للذي أغاثها قولًا حسنًا، فقال عمر: أرجم الذي اعترف بالزنى؟ فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا إنه قد تاب إلى الله» ، «السنن الكبرى» ، كتاب الرجم، الضرير في خلقته يصيب الحد، ذكر الاختلاف على يعقوب بن عبد الله بن الأشج فيه، (6/ 477) رقم (7270)

(7)

«الطرق الحكمية» (1/ 142)

ص: 131

ثانيًا: المعقول

وذلك أن الدعوى على الأول شبهة في درء القصاص عن الثاني؛ فتجب الدية عليه؛ لإقراره بالقتل الموجب لها.

(1)

* * *

‌المطلب الثاني: إذا اجتمع اثنان على شخص فجرحه أحدهما وقتله الآخر.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولو كان جرح الأول يفضي إلى الموت لا محالة، إلا أنه لا يخرج به من حكم الحياة، وتبقى معه الحياة المستقرة، مثل خرق المعي، أو أم الدماغ، فضرب الثاني عنقه، فالقاتل هو الثاني؛ لأنه فوت حياة مستقرة).

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولو كان جرح الأول يفضي إلى الموت لا محالة، إلا أنه لا يخرج به عن عالم الحياة وتبقى معه الحياة المستقرة كخرق الأمعاء، أو خرق أم الدماغ وضرب الثاني عنقه فالقاتل الثاني. لأن عمر لما جرح وسقي لبنًا فخرج من جوفه علم أنه ميت وعهد للناس وجعل الخلافة في أهل الشورى فقبل الصحابة عهده وعملوا به.)

(3)

.

واستدلوا بقول الصحابي:

حديث عمرو بن ميمون

(4)

في مقتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه ((أوص يا أمير المؤمنين استخلف، قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر

(5)

، أو الرهط

(6)

، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

«مطالب أولى النهى» للرحيباني (6/ 17)

(2)

«المغني» (11/ 507)

(3)

«كشاف القناع» (13/ 232)

(4)

هو: عمرو بن ميمون الأودي، أبو عبد الله أو أبو يحيى، حدث عن: عمر وعلي، رضي الله عنهما روى عنه: سعيد بن جبير و الشعبي، أدرك الجاهلية، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم على يد معاذ وصحبه. وروى أن عمرو بن ميمون حج ستين ما بين حج وعمرة، مات سنة (74 هـ) وقيل (75 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1205) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (5/ 119)

(5)

النفر: هو: اسم جمع، يقع على جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلى العشرة. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (5/ 93)

(6)

الرهط: من الرجال ما دون العشرة. وقيل إلى الأربعين. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (2/ 283)

ص: 132

وهوعنهم راض، فسمَّى عليًا وعثمان والزبير وطلحة وسعدًا وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعدًا فهو: ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة ....... فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان

(1)

، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقِدَمُ في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن وَلَتُطيعَن، ثم خلا بالآخر فقال له: مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه))

(2)

وجه الدلالة: أن الصحابي عمر رضي الله عنه عهد إلى الصحابة، وأوصى، وجعل الخلافة إلى أهل الشورى، فقبل الصحابة عهده، وأجمعوا على قبول وصاياه وعهده. فلما كان حكم الحياة باقيًا، كان الثاني مفوتًا لها، فكان هو القاتل، كما لو قتل عليلًا لا يرجى برء علته.

(3)

* * *

‌المطلب الثالث: البلوغ شرط في القصاص.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وكل موضع وجب تأخير الاستيفاء، فإن القاتل يحبس حتى يبلغ الصبي .... وقد حبس معاوية

(4)

هدبة بن خشرم

(5)

في قصاص حتى بلغ ابن القتيل

(6)

، في عصر الصحابة، فلم

(1)

المراد بالشيخين: هما علي وعثمان رضي الله عنهما. انظر: «عمدة القاري» ، للعيني (16/ 213)

(2)

أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان) (5/ 15) رقم (3700)

(3)

انظر: «المغني» ، (11/ 507)، ««العدة شرح العمدة» ، لبهاء الدين المقدسي (2/ 129)«المبدع في شرح المقنع» ، (7/ 402)

(4)

هو: معاوية بن صخر بن حرب، ولد قبل البعثة بخمس سنين وهو: الأشهر، روى عن أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وروى عنه: ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما، وهو: أحد الذين كتبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وولاه عمر رضي الله عنه على الشام عند موت أخيه يزيد. قال أبو نعيم:(كان من الكتبة الحسبة الفصحاء، حليمًا وقورًا). مات سنة (60 هـ) على الصحيح. «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1416)«الإصابة في تمييز الصحابة» (6/ 120)

(5)

هو: هدبة بن الخشرم بن كرز بن أبي حية، أبوسليمان، وهو شاعر مفلق كثير الأمثال في شعره وهو: قاتل ابن عمه زيادة بن زيد العذري في أيام معاوية فحبسه سعيد بن العاص وهو: على المدينة خمس سنين أو ستاً إلى أن بلغ المسور بن زيادة وكان صغيراً فقتله بأبيه. وقال معاويه المسور أحق بدم أبيه. «معجم الشعراء» ، للمرزباني (483)«الوافي بالوفيات» (27/ 196)

(6)

اسم الغلام المسور بن زيادة واسم المقتول زيادة ابن زيد. «تاريخ دمشق» لابن عساكر (73/ 367)

ص: 133

ينكر ذلك، وبذل الحسن

(1)

والحسين

(2)

وسعيد بن العاص

(3)

لابن القتيل سبع ديات، فلم يقبلها).

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ويشترط له ثلاثه شروط أحدها: أن يكون مستحقه مكلفا فإن كان صبيا أو مجنونا: لم يجز استيفاؤه ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون بلا نزاع في الجملة).

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويحبس القاتل حتى يبلغ الصغير وحتى يعقل المجنون لأن فيه حظًا للقاتل بتأخير قتله وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه، ولأنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالمًا عن المعارض وقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قود حتى بلغ ابن القتيل فلم ينكر ذلك وكان في عصر الصحابة.)

(6)

استدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

1 -

قال معاوية

(7)

لهدبة

(8)

حينما أقر على نفسه بقوله: رمينا فرامينا فصادف رمينا

منايا رجال في

(1)

سبقت ترجمته قريبًا

(2)

هو: الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله، ولد سنة (3 هـ) وقيل سنة (4 هـ)، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته. روى: عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه علي رضي الله عنه، روى عنه: أخوه الحسن وبنوه: علي زين العابدين، قتل سنة (61 هـ). انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 392)«الإصابة في تمييز الصحابة» (2/ 67)

(3)

هو: سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، روى عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما، وهو: أحد أشراف قريش ممن جمع السخاء والفصاحة، وهو: أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان رضي الله عنه، استعمله عثمان على الكوفة كان له يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، مات سنة (59 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (2/ 621)، «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 90)

(4)

«المغني» ((11/ 577)

(5)

«الإنصاف» (25/ 143)

(6)

«كشاف القناع» (13/ 269)

(7)

سبقت ترجمته قريبًا

(8)

سبقت ترجمته قريبًا

ص: 134

كتاب وفي قدر ((أراك قد أقررت بقتل صاحبهم ثم قال لعبد الرحمن

(1)

هل لزيادة ولد؟ قال: نعم. المسور وهو غلام صغير لم يبلغ وأنا عمه وولي دم أبيه فقال إنك لا تؤمن على أخذ الدية أو قتل الرجل بغير حق والمسور أحق بدم أبيه فرده إلى المدينة فحبس ثلاث سنين حتى بلغ المسور)).

(2)

2 -

عن ابن قتيبة

(3)

قال ((فسأل سعيد بن العاص أخا زيادة

(4)

أن يقبل الدية عنه قال أعطيك ما لم يعطه أحد من العرب أعطيك مائة ناقة حمراء ليس فيها جداء

(5)

ولا ذات داء فقال له والله لو نقبت لي قبتك هذه ثم ملأتها لي ذهبًا ما رضيت بها من دم هذا الأجدع فلم يزل سعيد يسأله ويعرض عليه فيأبى ثم قال له والله لو أردت قبول الدية لمنعني قوله: لنَجدَعَنّ بأيدينا أُنوفَكم .... ويذهبُ القتلُ فيما بيننا هَدَرا. فدفعه حينئذ ليقتله بأخيه)).

(6)

(1)

هو: عبد الرحمن بن زيد بن مالك العذري أخو زيادة بن زيد، شاعر من أهل الحجاز وفد على معاوية بن أبي سفيان وطلب بدم أخيه زيادة. انظر:«تاريخ دمشق» (34/ 373)، وزيادة بن زيد بن مالك بن ثعلبة، الذي قتله هدبة. وابنه المسور ابن زيادة، قاتل هدبة بأبيه. انظر:«جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (1/ 448)

(2)

أخرجه الأصفهاني في «الأغاني» (21/ 177) من طريق علي بن محمد بن سليمان النوفلي عن أبيه قال

)، علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني= قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (اتهم والظاهر أنه صدوق)(5/ 526)، علي بن محمد بن سليمان= لم أقف على من ذكره بجرح أو تعديل ووردت ترجمته عند ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (53/ 128)، محمد بن سليمان= لم أقف على من ذكره بجرح أو تعديل وورد أنه روى عن أبيه عند ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (53/ 128)

(3)

هو: عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد، حدث عن: إسحاق بن راهويه ومحمد بن زياد الزيادي، وروى عنه: عبيد الله السكري وعبيد الله بن أحمد ابن بكير، من مؤلفاته «مشكل القرآن» «مشكل الحديث» وقد ولي قضاء الدينور، وكان رأسا في علم اللسان العربي، والأخبار، وأيام الناس. مات سنة (276 هـ). انظر:«سير أعلام النبلاء» (13/ 296)، «الوافي بالوفيات» (17/ 326)

(4)

سبقت ترجمته قريبًا.

(5)

الجداء: هي ما لا لبن لها من كل حلوبة، وذلك لآفة أيبست ضرعها. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 245)

(6)

أخرجه الاصفهاني في «الأغاني» (21/ 177) من طريق إبراهيم بن أيوب الصائغ عن ابن قتيبة قال .... ، وذكرها غير مسندة أيضا أبو العباس المبرد في «الكامل في اللغة والأدب» (4/ 72)، الأصفهاني= تقدم قريبًا، إبراهيم بن أيوب الصائغ = قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (قال مسلمة في «الصلة»: مجهول) (1/ 341)، عبد الله بن مسلم ابن قتيبة= قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (صدوق قليل الرواية)(5/ 8)، وذكرها مختصرة ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (73/ 367)، وساقها الأصفهاني بسند اخر فقال: حدثني به محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا عيسى بن إسماعيل العتكي تينة قال حدثنا خلف بن المثنى الحداني عن أبي عمرو المديني ((فلم يزل هدبة يطلب غرة زيادة حتى أصابها فبيته فقتله وتنحى مخافة السلطان وعلى المدينة يومئذ سعيد بن العاص فأرسل إلى عم هدبة وأهله فحبسهم بالمدينة فلما بلغ هدبة ذلك أقبل حتى أمكن من نفسه وتخلص عمه وأهله فلم يزل محبوسا حتى شخص عبد الرحمن بن زيد أخو زيادة إلى معاوية فأورد كتابه إلى سعيد بأن يقيد منه إذا قامت البينة فأقامها فمشت عذرة إلى عبد الرحمن فسألوه قبول الدية فامتنع)).

ص: 135

وجه الدلالة: أن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع السكوتي.

(1)

ونوقش:

بأنه إذا قيل: لماذا لايخلى سبيل القاتل قياسًا على إخلاء سبيل الذي لايستطيع سداد دينه.

وأجيب.

أ - أن في تخلية القاتل تضييعًا للحق، فإنه لا يؤمن هربه.

ب - هناك الفرق بين القاتل وبين المعسر من وجوه:

أولًا: أن قضاء الدين لا يجب مع الإعسار، فلا يحبس بما لا يجب، والقصاص هاهنا واجب، وإنما تعذر المستوفي.

ثانيًا: أن المعسر إذا حبسناه فيتعذر الكسب لقضاء الدين، فلا يفيد، بل يضر من الجانبين، وها هنا الحق نفسه يفوت بالتخلية لا بالحبس.

ثالثًا: أن القاتل قد استحق قتله، وفيه تفويت نفسه ونفعه، فإذا تعذر تفويت النفس لمانع جاز تفويت نفعه لإمكانه، ولو كان القود لحي في طرفه لم يتعرض لمن هو: عليه، فإن أقام كفيلا بنفسه ليخلي سبيله لم يجز; لأن الكفالة لا تصح في القصاص كالحد.

(2)

ثانيا: المعقول وذلك من وجهين.

الأول: أن فيه حظًا للقاتل بتأخير قتله وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه.

الثاني: أنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته، فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالما عن المعارض

(3)

.

ص: 136

‌المطلب الرابع: قيمة الدية إذا اصطدم حران ثم ماتا.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن تصادم نفسان يمشيان، فماتا، فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر روي هذا عن علي رضي الله عنه

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله وإن اصطدم نفسان. قال في الروضة: بصيران، أو ضريران، أو أحدهما. قلت: وكذا قال المصنف والشارح. فماتا: فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر هذا المذهب).

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن اصطدم حران مكلفان بصيران أو ضريران أو أحدهما بصير والآخر ضرير وهما ماشيان أو راكبان أو راكب وماش فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر روي عن علي)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول.

أولا: قول الصحابي.

عن الحكم، عن علي:((أن رجلين صدم أحدهما صاحبه فضمن كل واحد منهما صاحبه - يعني الدية))

(4)

وجه الدلالة: أن الدية في المتصادمين في قضاء علي رضي الله عنه تجب في كل واحد منهما على عاقلة صاحبه؛ لأنه قاتل خطأ أو شبه عمد، وفيه الدية على العاقلة.

(5)

ثانيا: المعقول:

أن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه، وذلك قتل خطأ، فكانت دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر

(6)

(1)

«المغني» (12/ 547)

(2)

«الإنصاف» (25/ 325)

(3)

«كشاف القناع» (13/ 335)

(4)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 54) رقم (18328) من طريق عن أشعث، عن الحكم، عن علي .... ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 424) رقم (27634) وابن المنذر، في «الاوسط» ، وقال:(ليس يثبت ذلك عن علي رضي الله عنه (13/ 311). أشعث بن سوار= ضعفه ابن حجر رحمه الله في «التقريب» ، (ص: 113)، الحكم بن عتيبة= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس)(ص 175)

(5)

انظر: «العدة شرح العمدة» لبهاء الدين المقدسي (2/ 158)

(6)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 272)

ص: 137

‌المطلب الخامس: إذا قتل المنجنيق

(1)

أحد الثلاثة الرماة.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على ثلاث روايات.

الرواية المعتمدة: أنه يلغى فعل نفسه، وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وأما الدية، ففيها ثلاثة أوجه .... الثاني: أن ما قابل فعل المقتول ساقط، لا يضمنه أحد .... وقد روي نحوه عن علي رضي الله عنه في مسألة القارصة والقامصة والواقصة)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن قتل أحدهم: ففيه ثلاثة أوجه.، أحدها: يلغى فعل نفسه.

وعلى عاقلة

(3)

صاحبيه ثلثا الدية)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن قتل الحجر أحدهم أي أحد الثلاثة الرماة بالمنجنيق فعلى كل واحد كفارة كما لو شارك في قتل غيره وسقط فعل نفسه وما يترتب عليه من وجوب ثلث الدية وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية .... وقد روي نحوه عن علي قال الشعبي: وذلك أن ثلاث جوار اجتمعت فركبت إحداهن على عنق أخرى وقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة فوقصت عنقها فماتت فرفع ذلك إلى علي فقضى بالدية أثلاثا على عواقلهن وألقى الثلث الذي قابل فعل الواقصة لأنها أعانت على قتل نفسها)

(5)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن الشعبي، عن علي رضي الله عنه: ((أنه قضى في القارصة

(6)

والقامصة

(7)

والواقصة

(8)

بالدية أثلاثا .. قال

(1)

المنجنيق: هي التي ترمى بها الحجارة معربة وأصلها بالفارسية: من جِي نِيكْ، أي ما أجودني وهي مؤنثة وجمعها (منجنيقات) و (مجانيق) وتصغيرها (مجينيق). انظر:«مختار الصحاح» للجوهري (59)

(2)

«المغني» (12/ 82)

(3)

العاقلة: العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 278) مادة (عقل)

(4)

«الإنصاف» (25/ 331)

(5)

«كشاف القناع» (13/ 341)

(6)

القارصة: اسم فاعل وهو: من القرص بالأصابع. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 40)، مادة (قرص).

(7)

القامصة: هي النافرة الضاربة برجليها. انظر:. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 108) مادة (قمص).

(8)

الواقصة: أي الموقصة وهي التي اندقت عنقها. انظر: «غريب الحديث» لابن الجوزي

ص: 138

ابن أبي زائدة

(1)

وتفسيره: أن ثلاث جوار كن يلعبن فركبت إحداهن صاحبتها فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة فوقصت عنقها فجعل علي رضي الله عنه على القارصة ثلث الدية، وعلى القامصة الثلث، وأسقط الثلث يقول: لأنه حصة الراكبة لأنها أعانت على نفسها))

(2)

وجه الدلالة: أن الصحابي علي رضي الله عنه قضى بالدية أثلاثا على عواقلهن وألغى الثلث الذي قابل فعل الواقصة لأنها أعانت على قتل نفسها وهذه شبيهة فيما إذا قتل المنجنيق أحد الثلاثة الرماة فيلغى فعل نفسه، وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية.

(3)

ثانيًا: المعقول:

وذلك من ثلاثة أوجه:

الأول: يلغي فعل نفسه قياسًا على المتصادمين

(4)

الثاني: كما لو أنه مات من جراحتهما وجراحة نفسه وكما لو شارك في قتل بهيمة.

الثالث: أن المقتول شارك في القتل فلا تكمل الدية على شريكه كما لو قتلوا واحدا غيرهم.

(5)

(1)

هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الوادعي، أبو سعيد، حدث عن: عاصم الأحول، وهشام بن عروة، حدث عنه: أبو داود الحفري، ويحيى بن آدم، كان يعد من فقهاء المحدثين بالكوفة، مات سنة (183 هـ) وقيل (184 هـ). «سير أعلام النبلاء» (8/ 337) و «تاريخ بغداد» ، (16/ 172)

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ،، (8/ 195) رقم (16401) من طريق أبو عبد الرحمن السلمي، أنبأ أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارزي، ثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد ثنا ابن أبي زائدة، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن علي .... ، والشافعي في «مسنده» ، (5/ 707)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (9/ 422) رقم (17872)، والبيهقي، في «معرفة السنن والآثار» ، (12/ 164) رقم (16324)، أبو عبد الرحمن السلمي = قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (تكلموا فيه، وليس بعمدة)(7/ 92)، أبو الحسن الكارزي = قال الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (سمع كتابي «الأموال»، و «غريب الحديث» لأبي عبيد، من علي بن عبد العزيز)(7/ 841)، علي بن عبد العزيز = قال ابن حجر رحمه الله في «تهذيب التهذيب» (أحد الحفاظ المكثرين مع علو الإسناد)(7/ 362)، أبي عبيد القاسم بن سلام= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فاضل، مصنف)(ص 450)، ابن أبي زائدة يحيى بن زكريا= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة متقن)(ص 590)، مجالد بن سعيد = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب»:(ليس بالقوي)(ص: 520)، الشعبي = تقدم أنه كان ثقة وكان يرسل.

(3)

«المغني» ، (12/ 83)«كشاف القناع» (13/ 341)

(4)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 274)

(5)

انظر: «المبدع في شرح المقنع» (7/ 274)«كشاف القناع» (13/ 341)

ص: 139

الرواية الثانية: أنه عليهما كمال الدية.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وأما الدية، ففيها ثلاثة أوجه. الثالث: أن يلغى فعل المقتول في نفسه، وتجب ديته بكمالها على عاقلة الآخرين نصفين.)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن قتل أحدهم: ففيه ثلاثة أوجه. والثاني: عليهما كمال الدية)

(2)

واستدلوا بالمعقول.

وذلك أن قياس المذهب أن يلغي فعل المقتول وتجب الدية إلى عاقلته لباقين نصفين كما في مسألة المتصادمين

(3)

الرواية الثالثة: فيما إذا قتل المنجنيق أحد الثلاثة الرماة على عاقلته ثلث الدية لورثته، وثلثاها على عاقلة الآخرين.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وأما الدية، ففيها ثلاثة أوجه. أحدها، أن على عاقلة كل واحد منهم ثلث ديته لورثة المقتول.)

(4)

* قال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن قتل أحدهم: ففيه ثلاثة أوجه. والثالث: على عاقلته ثلث الدية لورثته، وثلثاها على عاقلة الآخرين.)

(5)

الدليل: المعقول:

وذلك أن كل واحد منهم شارك في قتل نفس معصومة مؤمنة خطأ، فلزمه ديتها كالأجانب، وهذا ينبني على أن جناية المرء على نفسه، أو أهله خطأ يتحمل عقلها العاقلة.

(6)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأنه إذا قتل المنجنيق أحد الثلاثة الرماة يلغى فعل نفسه، وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية ورجحها ابن قدامة

(7)

والبهوتي

(8)

وغيرهم

(9)

(1)

«المغني» ، (12/ 82)

(2)

«الإنصاف» ، (25/ 331)

(3)

«الهداية» لأبي الخطاب (ص 516)

(4)

«المغني» (12/ 82)

(5)

«الإنصاف» ، (25/ 331)

(6)

انظر: «المغني» ، (12/ 82)«العدة شرح العمدة» ، لبهاء الدين المقدسي، (2/ 160)، «المبدع في شرح المقنع» (7/ 274)

(7)

«المغني» (12/ 82)

(8)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 84)

(9)

القاضي في «المجرد» والأدمي في «منتخبه» انظر: «الإنصاف» (25/ 332، 331)

ص: 140

‌المطلب السادس: إذا وقع شخصُّ على آخر خطأ فمات.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إذا سقط رجل في بئر، فسقط عليه آخر فقتله، فعليه ضمانه؛ لأنه قتله فضمنه، كما لو رمى عليه حجرا .... ، فإن وقع خطأ، فالدية على عاقلته مخففة. وقد روى عُليُّ بن رباح اللخمي

(1)

، أن رجلا كان يقود أعمى، فوقعا في بئر؛ خر البصير، ووقع الأعمى فوق البصير، فقتله، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى، فكان الأعمى ينشد في الموسم: يا أيها الناس لقيت منكرا هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا خرا معا كلاهما تكسرا)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن نزل رجل بئرًا، فخر عليه آخر، فمات الأول من سقطه، فعلى عاقلته ديته ..... لا أعلم في ذلك خلافا)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن وقع الثاني على الأول خطأ فالدية على عاقلته مخففة كسائر أنواع الخطأ .... وقد روى عُليُّ بن رباح اللخمي أن رجلا كان يقود أعمى فوقعا في بئر ووقع الأعمى فوق البصير فقتله فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى فكان الأعمى ينشد في الموسم في خلافة عمر يا أيها الناس رأيت منكرا هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا خرا معًا كلاهما تكسرا رواه الدارقطني وقاله ابن الزبير).

(4)

استدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولاً: قول الصحابي:

أن موسى بن عُلَي بن رباح اللخمي، قال: سمعت أبي يقول: ((إن أعمى كان ينشد في الموسم في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقول:

أيها الناس لقيت منكرا

هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا

(1)

هو: موسى بن عُليُّ بن رباح اللخمي، أبو عبد الرحمن، ولد سنة (89 هـ)، حدث عن: أبيه علي، و محمد بن المنكدر وعنه: وكيع، والليث، قال الرازي:(كان رجلًا صالحًا، يتقن حديثه، لا يزيد ولا ينقص، صالح الحديث، كان من ثقات المصريين.) مات سنة (163) هـ. «سير أعلام النبلاء» (7/ 411)، «قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر» لابن عبدالله بامخرمة (2/ 220)

(2)

انظر: «المغني» ، (12/ 84)

(3)

انظر: «الإنصاف» (25/ 340)

(4)

انظر: «كشاف القناع» ، (13/ 343)

ص: 141

خرا معا كلاهما تكسرا

وذلك أن الأعمى كان يقوده بصير فوقعا في بئر، فوقع الأعمى على البصير، فمات البصير، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى.))

(1)

وجه الدلالة: أن الصحابي عمر رضي الله عنه قضى وأوجب بالدية للبصير على عاقلة الأعمى

ثانيًا: المعقول

وذلك أن الأول وهو: البصير كما في المسألة مات من سقوط، الثاني وهو: الأعمى فيكون هو: قاتله. فوجبت الدية على عاقلة الثاني؛ كما لو باشره بالقتل خطأ.

(2)

وعرض ابن قدامة رحمه الله مناقشتة قائلًا:

أنه لو قال قائل: ليس على الأعمى ضمان البصير؛ لأنه الذي قاده إلى المكان الذي وقعا فيه، وكان سبب وقوعه عليه، ولذلك لو فعله قصدًا لم يضمنه، بغير خلاف، وكان عليه ضمان الأعمى، ولو لم يكن سببًا لم يلزمه ضمان بقصده. لكان له وجه، إلا أن يكون مجمعًا عليه، فلا تجوز مخالفة الإجماع.

ويحتمل أنه إنما لم يجب الضمان على القائد وهو البصير لوجهين:

الأول: أنه مأذون فيه من جهة الأعمى، فلم يضمن ما تلف به، كما لو حفر له بئرًا في داره بإذنه، فتلف بها.

الثاني: أنه فعل مندوب إليه، مأمور به، فأشبه ما لو حفر بئرًا في سابلة ينتفع بها المسلمون، فإنه لا يضمن ما تلف بها.

(3)

* * *

‌المطلب السابع: من ادعى فقد بصر العين.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (إن ذكر أن إحداهما نقصت، عصبت المريضة، وأطلقت الصحيحة، ونصب له شخص فيباعد عنه، فكلما قال: رأيته. فوصف لونه، علم صدقه، حتى تنتهي، فإذا انتهت علم موضعها، ثم تشد الصحيحة، وتطلق المريضة، وينصب له شخص، ثم يذهب حتى تنتهي رؤيته، ثم يدار الشخص إلى جانب آخر، فيصنع به مثل ذلك، ثم يعلمه عند المسافتين، ويذرعان، ويقابل

(1)

أخرجه الدارقطني في «سننه» ، (4/ 91) رقم (3154)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/ 449) رقم (27878)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 195) رقم (16402) وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير»:(فيه انقطاع)، (4/ 103)

(2)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» (4/ 105)«المبدع في شرح المقنع» (7/ 276)«كشاف القناع» ، (6/ 13)

(3)

انظر: «المغني» ((12/ 84)

ص: 142

بينهما، فإن كانتا سواء، فقد صدق، وينظر كم بين مسافة رؤية العليلة والصحيحة، ويحكم له من الدية بقدر ما بينهما

وإن اختلفت المسافتان، فقد كذب، وعلم أنه قصر مسافة رؤية المريضة ليكثر الواجب له، فيردد حتى تستوي المسافة بين الجانبين والأصل في هذا، ما روي عن علي رضي الله عنه

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن ادعى المجني عليه نقص ضوء إحداهما عصبت العين العليلة وأطلقت العين الصحيحة بلا عصب ونصب له شخص ويعطى الشخص شيئا كبيضة مثلا ويتباعد عنه في جهة وفي نسخ في وجهه شيئا فشيئا فكلما قال: قد رأيته فوصف لونه علم صدقه حتى ينتهي فإن انتهت رؤيته علم موضع الانتهاء بخيط أو غيره، ثم تشد الصحيحة وتطلق العليلة وينصب له الشخص، ثم يذهب في الجهة التي ذهب فيها أولا حتى تنتهي رؤيته فيعلم موضعها كما فعل أولا ثم يرد الشخص إلى انتهاء جهة أخرى فيصنع به مثل ذلك ويعلم منه المسافتان، ثم يذرعان ويقابل بينهما. فإن كانتا سواء فقد صدق وينظر، كم بين مسافة العليلة والصحيحة؟ ويحكم له من الدية بقدر ما بينهما على الجاني رواه ابن المنذر عن عمر

(2)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن سعيد بن المسيب ((أن رجلا أصاب عين رجل، فذهب بعض بصره وبقي بعض، فرفع ذلك إلى علي فأمر بعينه الصحيحة فعصبت، وأمر رجلًا ببيضة فانطلق بها وهوينظر حتى انتهى بصره، ثم خط عند ذلك علمًا، قال: ثم نظر في ذلك فوجدوه سواء، فقال: فأعطوه بقدر ما نقص من بصره من مال الآخر.))

(4)

وجه الدلالة: أن عليَّا رضي الله عنه جعل على من جنى على شخص فأذهب بعض بصره مقدار من الدية.

(1)

«المغني» (12/ 108)

(2)

الذي ورد عن علي وليس عمر رضي الله عنهما وسيأتي.

(3)

«كشاف القناع» (13/ 391)

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 361) رقم (26909) وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (9/ 327) رقم (17412)، و ابن المنذر «الإشراف» ، (7/ 413) رقم (5009) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 152) رقم (16235) وحَسَّنه غلام زكريا في كتابه «ما صح من آثار الصحابة» (3/ 1264)،

ص: 143

‌المطلب الثامن: قيمة الغرة.

(1)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (أن الغرة قيمتها نصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل. روي ذلك عن عمر، وزيد رضي الله عنهما.

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (ظاهر قوله: قيمتها خمس من الإبل. أن ذلك يعتبر؛ سواء قلنا: إن الإبل هي الأصل خاصة، أم هي وغيرها من الأصول. وهو: ظاهر كلام كثير من الأصحاب).

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (قيمتها أي الغرة خمس من الإبل روي عن عمر وزيد لأن ذلك أقل ما قدره الشرع في الجناية وهو: أرش الموضحة فرددناه إليه)

(4)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن زيد بن أسلم

(5)

: ((أن عمر بن الخطاب قَوَّمَ الغرة خمسين دينارًا.))

(6)

وجه الدلالة: دل قول عمر رضي الله عنه نصًا على أن قيمة الغرة خمسون ديناراً.

ثانيًا: المعقول:

أن الخمس من الأبل هو أقل ما قدره الشرع في الجنايات؛ لأنه أرش الموضحة

(7)

ودية السن. فوجب

(1)

الغرة: العبد نفسه أو الأمة. «المطلع على أبواب المقنع» (ص 444)

(2)

«المغني» (12/ 66)

(3)

«الإنصاف» (25/ 414)

(4)

«كشاف القناع» (13/ 367)

(5)

هو: زيد بن أسلم العدوي، أبو عبد الله، حدث عن: عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، حدث عنه: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وله تفسير، رواه عنه ابنه عبد الرحمن، وكان من العلماء العاملين كانت له حلقة للفتوى والعلم بالمدينة وهو: الإمام، الحجة، القدوة مات سنة (136 هـ). «سير أعلام النبلاء» (5/ 316) و «شذرات الذهب في أخبار من ذهب» للعكري (1/ 194)

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 393) رقم (27285)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 203) رقم (16428) وأيضا في «معرفة السنن والآثار» ، (12/ 168) رقم (16348) وقال في «السنن الكبرى»:(إسناده منقطع)(8/ 203).

(7)

الموضحة: هي التي تبدي وضح العظم، أي، بياضه، وجمعها: المواضح. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 448)

ص: 144

الرد إليه.

(1)

ونوقش: بأنه إن قيل فقد وجب في الأنملة ثلاثة أبعرة وثلث، وذلك دون ما ذكر.

وأجيب: الذي نص الشارع عليه أرش الموضحة، ودية السن وهوخمس من الإبل، وأما الأنملة فالواجب فيها ما ذكر بالحساب من دية الإصبع لا بالصريح.

(2)

* * *

‌المطلب التاسع: ما تحمله العاقلة من الجراحات.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (فأما الجناية على ما دون النفس، فإن العاقلة تحمل منه ما بلغ الثلث فصاعدا، ولا تحمل ما دونه؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قضى في الدية: أن لا تحمل منها العاقلة شيئا حتى تبلغ الدية عقل المأمومة، ولأن الأصل وجوب الضمان على الجاني، وخولف الأصل في الثلث لإجحافه بالجاني لكثرته، فما عداه يبقى في الأصل)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ولا ما دون ثلث الدية. هذا المذهب. وعليه الأصحاب.)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا تحمل ما دون ثلث الدية الكاملة وهي دية الذكر الحر المسلم لقضاء عمر أنها لا تحمل شيئا حتى يبلغ عقل المأمومة ولأن الأصل وجوب الضمان على الجاني حالا لأنه هو: المتلف فكان عليه كسائر المتلفات).

(5)

الدليل قول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

(1)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» (4/ 127)«المبدع في شرح المقنع» (7/ 296)

(2)

انظر: المصادر السابقة

(3)

«الكافي» (4/ 38)

(4)

«الإنصاف» (26/ 75)

(5)

«كشاف القناع،» (13/ 451)

ص: 145

1 -

قال ابن سمعان

(1)

((سمعت رجالًا من علمائنا يقولون: قضى عمر بن الخطاب في الدية أن لا يحمل منها شيء على العاقلة حتى تبلغ ثلث الدية فإنها على العاقلة عقل المأمومة

(2)

والجائفة

(3)

فإذا بلغت ذلك فصاعدًا حملت على العاقلة))

(4)

وجه الدلالة: أن عمر رضي الله عنه لم يجعل تحمل الدية على العاقلة إذا كانت دون الثلث وإنما جعلها إذا بلغت الثلث فما فوقها. ولا ريب أن عمر رضي الله عنه أحد الخلفاء الذين أمرنا باتباعهم، وهذا في الغالب لا يصدر عن اجتهاد، فقد يكون فيها نص حكم به ـ رضي الله عنه ـ ولم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(5)

2 -

عن سعيد بن المسيب، أن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، قال:((لا تعقل العاقلة، ولا يَعُمُّهَا العقل إلا في ثلث الدية فصاعدًا)).

(6)

وجه الدلالة: نصَّ زيد رضي الله عنه أن العاقلة تحمل من الدية ما كان فوق الثلث. أما ما دونه فلا.

ثانيا: المعقول:

وذلك أن مقتضى الأصل وجوب الضمان على الجاني؛ لأنه موجب جنايته وبدل متلفه. فكان عليه؛ كسائر المتلفات والجنايات. تُرك العمل به في الثلث فصاعداً تخفيفاً عن الجاني لكونه كثيراً يجحف به

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الثلث والثلث كثير»

(7)

، فيبقى فيما عداه على قضية الأصل.

(8)

.

(1)

هو: عبد الله بن زياد بن سمعان المدائني مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن: الأعرج، ومجاهد، وعنه: روح بن القاسم، وعبد الله ابن وهب، وقدم بغداد فِي أيام المهدي وحدث بها.، سئل عنه مالك فقال: كذاب. مات مابين سنة (151 - 160 هـ.)«تاريخ الإسلام» (4/ 98)، «تاريخ بغداد» (11/ 123)

(2)

المأمومه: هما الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 68) مادة (أمم)

(3)

الجائفة هي: الطعنة التي تبلغ الجوف. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص: 448)

(4)

أخرجه ابن حزم في «المحلى» ، (11/ 169)، عن ابن وهب، قال: أخبرني ابن سمعان .... ، عبدالله بن وهب = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ عابد) (ص: 328) عبدالله ابن سمعان= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» : (متروك اتهمه بالكذب أبو داود وغيره). (ص: 303)

(5)

«الشرح الممتع» ، (14/ 181)

(6)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 189) رقم (16384) وقال البيهقي عقب روايته لهذا الأثر:(والمحفوظ أنه من قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار.) ثم راوه فقال: (عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما قالا: لا تحمل العاقلة إلا ثلث الدية فصاعدًا). (8/ 189) رقم (16385)

(7)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، (4/ 3) رقم (2744)، ومسلم في «صحيحه» ، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، (3/ 1250) رقم (1628)

(8)

انظر: «الواضح في شرح الخرقي» لعبد الرحمن البصري (3/ 296)«الممتع في شرح المقنع» (4/ 188)

ص: 146

‌المطلب العاشر: دية الشعور الأربعة

(1)

.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية الأولى: وجوب الدية كاملة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال وتجب في أهداب العينين بمفردها الدية، وهو الشعر الذي على الأجفان، وفي كل واحد منها ربعها)

(2)

وقال في موضع اخر (وفي قرع الرأس إذا لم ينبت الشعر الدية. وفي شعر اللحية الدية، إذا لم ينبت. وفي الحاجبين الدية إذا لم تنبت هذه الشعور الثلاثة في كل واحد منها دية وذكر أصحابنا معها شعرا رابعا، وهو أهداب العينين، وقد ذكرناه قبل هذا. ففي كل واحد منهما دية. وروي عن علي وزيد بن ثابت)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله وفي كل واحد من الشعور الأربعة: الدية. وهو شعر الرأس واللحية والحاجبين، وأهداب العينين. هذا المذهب، نص عليه. وعليه الأصحاب)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وفي كل واحد من الشعور الثلاثة الأخرى الدية وهي شعر الرأس وشعر اللحية وشعر الحاجبين كثيفة كانت تلك الشعور أو خفيفة جميلة أو قبيحة من صغير أو كبير أذهبها بحيث لا تعود روي عن علي وزيد بن ثابت في الشعر الدية ولأنه أذهب الجمال على الكمال كما تقدم.)

(5)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

1 -

عن سلمة بن تمام الشقري

(6)

قال: ((مر رجل بِقِدِر، فوقعت على رأس رجل فأحرقت شعره،

(1)

الشعور الأربعة هي: شعر الرأس، وشعر اللحية، وشعر الحاجبين، وأهداب العينين. «الروض المربع» (3/ 360)

(2)

«المغني» (12/ 114)

(3)

«المغني» (12/ 117)

(4)

«الإنصاف» (25/ 548)

(5)

«كشاف القناع» ، (6/ 37)

(6)

هو: سلمة بن تمام الشقري الكوفي، أبو عبد الله، روى عن: إبراهيم النخعي، والشعبي، روى عنه: سفيان الثوري، وحماد بن زيد، قال أبو حاتم: صدوق. مات مابين سنة (131 - 140 هـ)«تهذيب الكمال» (34/ 29)«تاريخ الإسلام» (3/ 666)

ص: 147

فرفع إلى علي فأجله سنة، فلم ينبت، فقضى فيه علي بالدية.))

(1)

وجه الدلالة: قضاء علي رضي الله عنه بالدية كاملة لشعر الرأس حينما لم ينبت للمجني عليه وذلك بعد تأجيله سنه.

2 -

عن مكحول

(2)

، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:((في الشعر إذا لم ينبت الدية.))

(3)

وجه الدلالة: قول زيد نصٌّ في أن الشعر إذا لم ينبت تكون فيه الدية كاملة.

ثانيًا: المعقول وذلك من وجهين:

الأول: وذلك أنه أذهب الجمال على الكمال، فوجب فيه دية كاملة كأذن الأصم، وأنف الأخشم.

(4)

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ،، (5/ 357) رقم (26875) من طريق وكيع قال: حدثنا المنهال بن خليفة العجلي عن سلمة بن تمام الشقري ..... ، وعبد الرزاق في «مصنفه» ،، (9/ 319) رقم (17374)، وابن المنذر في «الاوسط» ،، (13/ 206) رقم (9461). و ابن حزم في «المحلى» ، (11/ 52) وقال ابن المنذر عقب روايته للاثر:(ولا يثبت عن علي وزيد ما روي عنهما.)(13/ 207)، وكيع بن الجراح= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ عابد)(ص 581)، المنهال بن خليفة العجلي = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ضعيف)(ص 547)، سلمة بن تمام الشقري= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق)(ص 247)

(2)

هو: مكحول بن أبي مسلم واسمه شهراب ابن شاذل بن سند، أبو عبد الله، روى عن: أنس بن مالك وأبي إدريس الخولاني، وعنه: عامر الأحول، وحجاج بن أرطأة، وهو: فقيه الشام وشيخ أهل دمشق، قال الزهري: العلماء ثلاثة، فذكر منهم مكحولًا. واختلف في وفاته قيل (112 هـ) وقيل (113 هـ) وقيل غير ذلك. انظر:«تاريخ الإسلام» (3/ 320)«وفيات الأعيان» (5/ 280)

(3)

أخرجه البيهقي، في «السنن الكبرى» (8/ 172) رقم (16330)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ،، (5/ 357) رقم (26876)، وابن المنذر، في «الأوسط» ، (13/ 206) رقم (9461)، و ابن حزم في «المحلى» ،، (11/ 52). وقال ابن حزم:(جاء هاهنا عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت: ما لا يعرف عن أحد من الصحابة، ولا من التابعين مخالف)(11/ 52).: قال البيهقي: في «السنن الكبرى» (هذا منقطع. والحجاج بن أرطاة لا يحتج به)(8/ 172) رقم (16330)،، وقال ابن المنذر في «الأوسط» (ولا يثبت عن علي وزيد ما روي عنهما)(13/ 207)

(4)

انظر: «المغني» (12/ 117)، «المبدع في شرح المقنع» (7/ 324)

ص: 148

الثاني: أن فيها أي أهداب العينين جمالًا ونفعًا، فإنها تقي العينين، وترد عنهما، وتحسن العين وتجملها، فوجبت فيها الدية كالأجفان، فإن قطع الأجفان بأهدابها، لم يجب أكثر من دية؛ لأن الشعر يزول تبعًا لزوال الأجفان، فلم تفرد بضمان، كالأصابع إذا قطع اليد وهي عليها.

(1)

الرواية الثانية أن في كل شعر من ذلك فيه حكومة

(2)

.

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه في كل شعر من ذلك حكومة. كالشارب، نص عليه)

(3)

* وقال ابن مفلح رحمه الله: (وعنه: فيه حكومة كالشارب)

(4)

واستدلوا بالمعقول:

وذلك أنه إتلاف جمال من غير منفعة كاليد الشلاء والعين القائمة.

ونوقش: أنه أذهب الجمال على الكمال فوجب فيه دية كأذن الأصم وأنف الأخشم، والحاجب يرد العرق عن العين ويفرقه، وهدب العين يرد عنها ويصونها فجرى مجرى أجفانها، واليد الشلاء ليس جمالها كاملا، وظاهره لا فرق فيها بين كونها كثيفة أو خفيفة، جميلة أو قبيحة، من صغير أو كبير; لأن سائر ما فيه الدية من الأعضاء لا يفرق الحال فيه بذلك.

(5)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأن الشعور الأربعة يجب فيها الدية كاملة ورجحه ابن قدامة

(6)

والبهوتي

(7)

وغيرهم

(8)

.

(1)

انظر: «المغني» (12/ 114)

(2)

الحكومة: هي القضية المحكوم فيها. وفي الجراح عند أهل العلم: أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثم يقوم وهي به قد برئت، فما نقصته الجناية فله مثله من الدية، كأن تكون قيمته وهو عبد صحيح عشرة، وقيمته وهو عبد به الجناية تسعة، فيكون فيه عشر ديته. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص: 485) «القاموس الفقهي» ، (ص: 97)

(3)

«الإنصاف» (25/ 548)

(4)

«المبدع شرح المقنع» (7/ 324)

(5)

المصدر السابق.

(6)

«المغني» (12/ 117)

(7)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 129)

(8)

البنا في «المقنع في شرح مختصر الخرقي» (3/ 1082)، الزركشي في شرحه (3/ 613) وابن عثيمين في «الشرح الممتع» ، (14/ 153)

ص: 149

‌المطلب الحادي عشر: مقدار دية الترقوة.

(1)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: في الترقوة إذا كسرت بعير فتكون في الترقوتين بعيران.

* قال ابن قدامة رحمه الله (في كل ترقوة بعير. وهذا قول عمر بن الخطاب)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وفى الترقوتين بعيران. هذا المذهب)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وفي الترقوتين .... بعيران وفي أحدهما بعير والترقوة: العظم المستدير حول العنق من النحر إلى الكتف لكل آدمي ترقوتان روى سعيد عن عمر قال: في الضلع جمل وفي الترقوة جمل)

(4)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي:

عن أسلم مولى عمر بن الخطاب

(5)

؛ ((أن عمر بن الخطاب قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضلع بجمل))

(6)

وجه الدلالة: أن الصحابي عمر رضي الله عنه قضى في الترقوة جملًا واحدًا. وخطب به على المنبر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ولا يوجد له منهم مخالف.

(7)

(1)

الترقوة: هي: العظم الذي بين ثغرة النحر، والعاتق. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 449)

(2)

«المغني» (12/ 173)

(3)

«الإنصاف» (26/ 36)

(4)

«كشاف القناع» (13/ 439)

(5)

هو: أسلم مولى عمر بن الخطاب العدوي، أبو زيد، ويقال: أبو خالد. سمع أبا بكر، وعمر، رضي الله عنهما، روى عنه: القاسم بن محمد، ومسلم بن جندب، اشتراه عمر رضي الله عنه بمكة لما حج بالناس سنة إحدى عشرة في خلافة الصديق وكان من الأشعريين قال العجلي مدني تابعي ثقة من كبار التابعين، مات سنة (80 هـ) قاله أبو عبيد. «تاريخ الإسلام» (2/ 791)«التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» (1/ 177)

(6)

أخرجه الإمام مالك في «الموطأ» ،، (5/ 1263) رقم (3199) والشافعي في «مسنده» ، (3/ 315) رقم (1662)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (9/ 367) رقم (17607) و، (9/ 361) رقم (17578)، و ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 380) رقم (27135) و (5/ 365) رقم (26955)، وابن حزم «المحلى» ، (11/ 83) والبيهقي، «السنن الكبرى» (8/ 173) رقم (16333)، وابن عبد البر في «الإستذكار» ، (25/ 142) رقم (1604): وقال ابن حزم عقب الاثر: (هذا إسناد في غاية الصحة عن عمر بن الخطاب يخطب به على المنبر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا يوجد له منهم مخالف.)(11/ 83) وصححه الألباني في «الإرواء» ، (7/ 327)

(7)

«المحلى» لابن حزم (11/ 83)

ص: 150

الرواية الثانية: في الترقوة الواحدة إذا كسرت بعيران فتكون في الترقوتين أربعة أبعرة.

* قال ابن قدامة رحمه الله (قال وفي الترقوة بعيران. ظاهر هذا أن في كل ترقوة بعيرين، فيكون في الترقوتين أربعة أبعرة. وهذا قول زيد بن ثابت)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله (وظاهر الخرقي وجزم به في الإرشاد أن في الواحدة بعيرين فيكون فيهما أربعة أبعرة

(2)

، وروي عن زيد)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن مكحول، عن زيد بن ثابت أنه قال:((في الترقوة أربعة أبعرة))

(4)

وجه الدلالة: قضاء زيد بن ثابت رضي الله عنه أن الترقوة فيها أربعة أبعرة.

نوقش من وجهين:

الأول: أن الأثر ضعيف وبالتالي فليس بحجة.

الثاني: أن المروى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن الأربعة أبعرة في الترقوة الواحدة كما في الأثر.

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن الترقوة إذا كسرت بعير فتكون في الترقوتين بعيران. وهي رواية عمر بن الخطاب وقضاؤه في يذلك مع صحة إسنادها إليه، وهي المعتمدة في المذهب ورجحها ابن قدامة

(5)

والبهوتي

(6)

وغيرهم

(7)

(1)

«المغني» (12/ 172)

(2)

الذي نص عليه ابن أبي موسى في كتابه «الإرشاد» أن الترقوة فيها بعير وليس بعيران. انظر: (ص 450)، لكن ابن مفلح الجد في «الفروع» (9/ 468) وابن مفلح الحفيد في «المبدع» (7/ 337) نقلا عن صاحب الارشاد كنقل المرادوي في «الانصاف» (26/ 36) أن في الترقوة بعيران وهذا خطأ. والله أعلم.

(3)

«كشاف القناع» (6/ 57)

(4)

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (13/ 259) وابن حزم في «المحلى» (11/ 84) ثم عقب ابن حزم بقوله (الرواية عن زيد واهية، لأنه نقل الحجاج بن أرطاة وهو: ضعيف ثم عن مكحول عن زيد، ومكحول لم يدرك زيدًا)

(5)

«المغني» (12/ 173)

(6)

«شرح منتهى الارادات» (6/ 141)

(7)

الأدمي الحنبلي في «المنور في راجح المحرر» (ص 420)

ص: 151

‌المطلب الثاني عشر: حكم من أتلف شيئًا بالعبد.

* قال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن قطع ذكره، ثم خصاه: لزمته قيمته لقطع الذكر وقيمته مقطوع الذكر. وملك سيده باق عليه).

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن قطع ذكره ثم خصاه فعليه قيمته صحيحًا لقطع ذكره وعليه قيمته أيضا مقطوعة أي ناقصًا بقطع ذكره لقطع خصيتيه لأنه لم يقطعهما إلا وقد نقصت قيمته بقطع الذكر بخلاف ما لو قطعهما معا أو أذهب سمعه وبصره بجناية واحدة فعليه قيمته مرتين; لأن في كل من ذلك من الحر دية كاملة وإن خصاه ثم قطع ذكره فعليه قيمته كاملة لقطع الخصيتين وما نقص بقطع ذكره لأنه ذكر خصي لا دية فيه ولا مقدر وملك سيده باق عليه روي عن علي.)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

عن الحارث

(3)

، عن علي قال:((تجري جراحات العبيد على ما تجري عليه جراحات الأحرار))

(4)

وجه الدلالة: أن علي رضي الله عنه جعل جراحات العبيد كجراحات الاحرار من غير أن يفرق بينها

(1)

«الإنصاف» (25/ 409)

(2)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 102)

(3)

هو: الحارث بن عبد الله بن كعب الهمداني، حدث عن: علي وابن مسعود. رضي الله عنها حدث عنه: الشعبي، وعطاء بن أبي رباح كان فقيها، كثير العلم، على لين في حديثه.، قال ابن سيرين:(أدركت أهل الكوفة وهم يقدمون خمسة ثم ذكره) مات سنة (65 هـ) ـ. انظر: «سير أعلام النبلاء» (4/ 152)، «الوافي بالوفيات» (11/ 195)

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 388) رقم (27232) من طريق يحيى بن آدم عن حماد بن سلمة، عن حجاج، عن حصين الحارثي عن الشعبي عن الحارث .... ، والبيهقي في «معرفة السنن والاثار» ، (12/ 42) رقم (15800)، وعبد العزيز البغدادي، في «مسند الإمام زيد» ، (ص 307)، يحيى بن آدم = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ)(ص 587)، حماد بن سلمة = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بآخره)(ص 178)، حجاج بن أرطاه = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب»:(صدوق كثير الخطأ والتدليس)(ص 152)، حصين الحارثي = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (مقبول)(ص 170)، الشعبي = تقدم أنه ثقة وكان يرسل، الحارث الأعور= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف)(ص 146)

ص: 152

ثانيا: المعقول وذلك من وجهين:

الأول: أما كون من قطع ما ذكر تلزمه قيمة العبد لقطع الذكر؛ فلأن الواجب في ذلك من الحر دية كاملة.

الثاني: وأما كونه يلزمه قيمته مقطوع الذكر؛ فلأن الواجب في قطع الخصيتين من الحر بعد الذكر دية كاملة.

ونوقش: أن قيمة العبد نقصت بعد قطع الذكر له القيمة؛ القيمة كاملة وبعد قطع الخصيتين له قيمته مقطوع الذكر أي ناقصة وليست القياس والقياس تعطى كاملة قياسا على قطع خصيتي الحر.

وأجيب: أن القيمة في مقابلة الدية لكنها تزيد وتنقص بحسب الأحوال. بخلاف الدية في الحر فإنها مقدرة بقدر معلوم لا تزيد ولا تنقص فلذلك نقصت القيمة دون الدية.

(1)

* * *

‌المطلب الثالث عشر: دية تسويد السن.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على ثلاث روايات:

الرواية الأولى: دية تسود السن الدية كاملة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن جنى على سنه فسودها، فحكي عن أحمد، رحمه الله في ذلك روايتان؛ إحداهما، تجب ديتها كاملة ويروى هذا عن زيد بن ثابت)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله (إن اسود السن بحيث لا يزول سواده، فالصحيح من المذهب: أن فيه ديته)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وفي تسويد السن والظفر ديته لما روي عن زيد بن ثابت ولم يعرف له مخالف من الصحابة ولأنه أذهب جمال ذلك على الكمال فكملت ديتها كما لو قطع أذن الأصم)

(4)

واستدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

(1)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» (4/ 125)«المبدع في شرح المقنع» (7/ 293)

(2)

«المغني» (12/ 137)

(3)

«الإنصاف» (25/ 499)

(4)

«كشاف القناع» (13/ 409)

ص: 153

عن مكحول، عن زيد بن ثابت قال: ((في السن يُستَأنَى بها

(1)

سنة، فإن اسودت ففيها العقل كاملا، وإلا فما اسود منها فبحساب ذلك))

(2)

وجه الدلالة: أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قضى في تسويد السن الدية الكاملة ولم يعرف له مخالف فكان إجماعاً.

(3)

ثانيا: المعقول:

وذلك أنه ذهب جمال السن بتسويدها. فكملت ديتها على من سودها؛ كما لو سود وجهه.

(4)

الرواية الثانية: دية تسود السن ثلث الدية.

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه في تسويد السن: ثلث ديتها. كتسويد أنفه مع بقاء نفعه.)

(5)

واستدلوا بالسنة و قول الصحابي والمعقول:

أولا: السنة:

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((قضى في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها.))

(6)

(1)

يستأنى بها: أي ينتظر بها. انظر: «مختار الصحاح» ، (ص: 25).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (9/ 348)، رقم (17509)، من طريق عن الحجاج بن أرطاة، عن مكحول، عن زيد بن ثابت، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/ 372) رقم (27036) و «المحلى» ، لابن حزم، (11/ 26) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 157) رقم (16262)، حجاج بن أرطاه = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب»:(صدوق كثير الخطأ والتدليس)(ص: 152) مكحول بن أبي مسلم= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فقيه، كثير الإرسال، مشهور)(ص: 545)

(3)

انظر: «كشاف القناع» (6/ 44)

(4)

انظر: «المغني» (12/ 137) و «العدة شرح العمدة» ، لبهاء الدين المقدسي (2/ 152). و «الممتع في شرح المقنع» (4/ 146)

(5)

«الإنصاف» (25/ 499)

(6)

أخرجه النسائي في «سننه» ، كتاب القسامة والقود، باب العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست، (8/ 55) رقم (4840)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (9/ 350) رقم (17521)، و ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 373) رقم (27057)، والدارقطني في «سننه» (4/ 146) رقم (3241) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 171) رقم (16327)، وابن أبي عاصم «كتاب الديات» ، (ص: 456) وقال الألباني في «الأرواء» : (وهذا إسناد حسن إن كان العلاء حدث به قبل الاختلاط فإنه صدوق فقيه)(7/ 328)

ص: 154

وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى في السن السوداء ثلث الدية

ثانيا: قول الصحابي:

عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:((في العين القائمة والسن السوداء واليد الشلاء ثلث ديتها.))

(1)

وجه الدلالة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل مقدار السن السوداء ثلث الدية.

ثالثا: المعقول:

وذلك أن التقدير لا يثبت إلا بالتوقيف وكتسويد أنفه مع بقاء نفعه

(2)

الرواية الثالثة: أن تسويد السن فيه حكومة

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن جنى على سنه فسودها، فحكي عن أحمد، رحمه الله في ذلك روايتان؛ والرواية الثانية، عن أحمد، أنه إن أذهب منفعتها من المضغ عليها ونحوه، ففيها ديتها، وإن لم يذهب نفعها، ففيها حكومة.)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (وقال أبو بكر: في تسويد السن حكومة. وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله كما لو احمرت، أو اصفرت، أو كلت)

(4)

الدليل المعقول:

وذلك أنه لم تذهب منفعتها. أشبه ما لو تغير لون عينه وهو يبصر.

(5)

الراجح:

الراجح والله أعلم الرواية الأولى وأن دية تسود السن الدية كاملة وذلك أن قول زيد بن ثابت ولم يعرف له مخالف في الصحابة، فكان إجماعًا ورجح ذلك ابن قدامة

(6)

والبهوتي

(7)

وغيرهم

(8)

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 171) رقم (16327) وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (9/ 350) رقم (17521) و ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 373) رقم (27057)، و ابن أبي عاصم في «كتاب الديات» ، (ص: 456) قال الألباني في «الأرواء» : (هذا إسناد صحيح)(7/ 329)

(2)

«الممتع في شرح المقنع» (4/ 146)

(3)

«المغني» (12/ 137)

(4)

«الإنصاف» (25/ 499)

(5)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» (4/ 146)

(6)

«المغني» (12/ 137)

(7)

«كشاف القناع» (13/ 409)

(8)

كالدجيلي في «الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل» (ص 449) والأدمي الحنبلي في «المنور في راجح المحرر» (ص 418)

ص: 155

المبحث الثاني: المسائل الفقهية التي بناها الحنابلة في مذهبهم على الاحتجاج بمذهب الصحابي في كتاب الحدود

* المطلب الأول: من ارتكب حدًا جاهلًا.

* المطلب الثاني: إقامة الحد على الأمة المزوَّجة.

* المطلب الثالث: صفة إقامة الحد على الرجل.

* المطلب الرابع: عدم مد المحدود وربطه وشده.

* المطلب الخامس: إتقاء ضرب الرأس والوجه للمحدود.

* المطلب السادس: صفة إقامة الحد على المرأة.

* المطلب السابع: تداخل الحدود مع القتل.

* المطلب الثامن: من سرق من بيت المال.

* المطلب التاسع: سرقة أحد الزوجين من الأخر.

* المطلب العاشر: موضع القطع لليد اليمنى في السرقة الأولى.

* المطلب الحادي عشر: موضع القطع للرجل اليسرى في السرقة الثانية.

* المطلب الثاني عشر: ثبوت الإمامة بإجماع المسلمين.

* المطلب الثالث عشر: ثبوت الإمامة بتنيص الخليفة قبله.

* المطلب الرابع عشر: ثبوت الإمامة بالغلبة.

* المطلب الخامس عشر: حكم مراسلة أهل البغي.

* المطلب السادس عشر: عزل الإمام لنفسه.

* المطلب السابع عشر: غنيمة أموال أهل البغي وسبي ذريتاهم.

* المطلب الثامن عشر: قتل مدبر وجريح أهل البغي.

* المطلب التاسع عشر: من أظهر من قول الخوارج.

* المطلب العشرون: من أتى حد من أهل البغي.

ص: 157

‌المبحث الثاني: المسائل المبنية على مذهب الصحابي عند الحنابلة في كتاب الحدود،

وفيه عشرون مطلباً:

‌المطلب الأول: من ارتكب حدًا

(1)

جاهلًا

(2)

.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا حد على من لم يعلم تحريم الزنى. قال عمر، وعثمان، وعلي، لا حد إلا على من علمه. وبهذا قال عامة أهل العلم.)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: لا يجب الحد إلا على بالغ عاقل عالم بالتحريم. هكذا قال كثير من الأصحاب.)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (عالم بالتحريم لقول عمر وعثمان وعلي لا حد إلا على من علمه. فلا حد على من زنى جاهلًا بتحريمه أو عين المرأة التي زنى بها بأن اشتبهت عليه بزوجته أو أمته.)

(5)

استدلوا بالكتاب والسنة وقول الصحابي والمعتمد قول الصحابي:

أولًا: الكتاب:

1 -

قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}

(6)

..

وجه الدلالة: الأية فيها دلالة على أن من لم يبلغه العلم بالعقوبة يسقط عنه الحد لأن الجهل بالشيء مسقطا للحكم والله عزوجل لا يعاقب عبده عند جهله بالحكم.

قال ابن تيمه رحمه الله: (بين الله عزوجل أنه لا يعاقب أحدًا حتى تُبَلغه الرسل. ومن علم أن محمدًا رسول الله، فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به، لم يعذبه الله على ما لم يبلغه، فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان إلا بعد البلاغ، فأن لا يعذبه على بعض شرائعه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى)

(7)

(1)

الحدود: هي العقوبات المقدرة، ويجوز أن تكون سميت بذلك من الحد: المنع؛ لأنها تمنع من الوقوع في مثل ذلك الذنب، وأن تكون سميت بالحدود التي هي المحارم لكونها زواجر عنها، أو بالحدود التي هي المقدرات لكونها مقدرة، لا يجوز فيها الزيادة ولا النقصان. انظر:«المطلع على أبواب المقنع» (ص: 452)

(2)

الجهل: هو: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو: عليه. انظر: «التعريفات» للجرجاني (ص: 80)

(3)

«المغني» (12/ 345)

(4)

«الإنصاف» (26/ 167)

(5)

«كشاف القناع» (14/ 8)

(6)

[سورة الأنعام: 19].

(7)

انظر: «جامع المسائل» لابن تيمة (1/ 110)

ص: 158

1 -

قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}

(1)

.

وجه الدلالة: معاقبة الإنسان على ما يجهله من الأحكام الشرعية يعتبر تكليف للنفس بما لا طاقة لها به

ثانيا: السنة:

عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات وأَقيلوا الكرَامَ عثراتهم إلا في حد.))

(2)

وجه الدلالة: أن الجهل يعتبر شبهة من الشبهات فلا يقام الحد لأجل ذلك

(3)

ثالثًا: قول الصحابي:

1 -

عن ابن المسيب قال: ((ذكروا الزنا بالشام، فقال رجل: زنيت. قيل: ما تقول؟ قال: أو حرمه الله؟ قال: ما علمت أن الله حرمه. فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب: إن كان علم أن الله حرمه فحدوه، وإن كان لم يعلم فعلموه، وإن عاد فحدوه))

(4)

وجه الدلالة: اعتبر عمر رضي الله عنه جهل الرجل بالتحريم عذرًا في إقامة الحد فدرأ عنه فدل على أن من يجهل

(1)

[سورة البقرة: 286].

(2)

قال ابن حجر رحمه الله: (وقد وجدت خبر ابن عباس في موضع آخر ذكره شيخنا الحافظ أبو الفضل رحمه الله في شرح الترمذي قال: وأما حديث ابن عباس فرواه أبو أحمد بن عدي في جزء خرجه من حديث أهل مصر والجزيرة من رواية ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن عكرمة ثم ذكر الحديث عن ابن عباس وعقب بقوله وهذا الإسناد إن كان من بين ابن عدي وابن لهيعة مقبولين فهو: حسن.) انظر: «موافقة الخبر الخبر» ، (1/ 447)، وأبو سعد السمعاني في «الذيل» كما جاء في «المقاصد الحسنة» للسخاوي (ص: 74) وأبو مسلم الكجي وابن الابار في «معجم أصحاب القاضي أبي علي الصدفي» للقضاعي وقال: (وهو: مما نقد ابن عطية في أشباه له عليه واعتقد جميعها فكاهات نسبها إليه بل جعلها حكايات غثة وقال هي لغو وسقط لا يحل أن تقرأ في جوامع المسلمين على عمرة المساجد وحكى أن في آخر هذه من ترخيص عمر بن عبد العزيز ما لا يليق بدينه وفضله.)(ص: 222)، وابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 611). وأما معناه فقد جاء في «سنن الترمذي» ، أبواب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في درء الحدود (4/ 33) رقم (1424) قال ابن حجر في «التلخيص»:(في إسناده يزيد بن زياد الدمشقي، وهو: ضعيف)، (4/ 161).

(3)

انظر: «تيسير مسائل الفقه» للنملة (5/ 147)

(4)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 402) رقم (13643)، والشافعي في «مسنده» (3/ 275) رقم (1582) وابن المنذر في «الأوسط» ، (12/ 522) رقم (9201) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 415) رقم (17066) وقال ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (2/ 360). وابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 637)(وهذا إسناد صحيح إليه)

ص: 159

العلم بالتحريم لا يقام عليه الحد

2 -

وعن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب

(1)

، حدثه قال: ((توفي عبد الرحمن بن حاطب

(2)

، وأعتق من صلَّى من رقيقه وصام، وكانت له نُوبِيَّةٌ

(3)

قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه، فلم يُرَع

(4)

إلا حبلها، وكانت ثيبًا

(5)

، فذهب إلى عمر فزعًا فحدثه، فقال له عمر:" لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك "، فأرسل إليها فسألها فقال:" حبلت؟ " قالت: نعم، من مَرغُوش

(6)

بدرهمين، وإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه، فصادف عنده عليًا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فقال: أشيروا علي، وكان عثمان جالسًا فاضطجع، فقال علي، وعبد الرحمن:" قد وقع عليها الحد "، فقال: أشر علي يا عثمان. فقال: قد أشار عليك أخواك. قال: أشر علي أنت. قال عثمان: " أراها تستهل به كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه، فأمر بها فجلدت مائة، ثم غربها، ثم قال: " صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علم)).

(7)

(1)

هو: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، أبو محمد، ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه، حليف بني أسد بن عبد العزى. روى عن: أسامة بن زيد، وعائشة، وعنه: أسامة بن زيد الليثي، وبكير بن الأشج، وثقه النسائي وغيره، مات سنة (104 هـ). انظر:«تهذيب الكمال» (31/ 435) و «تاريخ الإسلام» (3/ 176)

(2)

هو: عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، أبويحيى، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم روى عن: عثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما روى عنه: عروة بن الزبير، وابنه يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. وكان فقيها ثقة، مات سنة (68 هـ). انظر:«تهذيب الكمال» (17/ 46). «تاريخ الإسلام» (2/ 672)

(3)

نوبية: النوبة بالضم جيل من السودان وبلاد واسعة للسودان بجنوب الصعيد، منها: بلال الحبشي. انظر: «القاموس المحيط» (ص 140)

(4)

فلم ترع: الروع هو: الفزع والخوف. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (2/ 277) مادة (روع) والمعنى لم يفزعه إلا حملها.

(5)

الثيب: يطلق على من ليس ببكر، ويقع على الذكر والأنثى، رجل ثيب وامرأة ثيب، وقد يطلق على المرأة المبالغة وإن كانت بكرا، مجازا واتساعًا. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 231) مادة (ثيب)

(6)

لم أقف على ترجمته. وهو: اسم طائر سمى به الرجل. انظر «المجموع شرح المهذب مع تكملة السبكي والمطيعي» (20/ 21)

(7)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 403) رقم (13644) من طريق ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، حدثه قال

، وابن المنذر في «الأوسط» ، (12/ 521) رقم (9200) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 415) رقم (17065)، قال ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (وهذا اسناد جيد). (2/ 359)

ص: 160

وجه الدلالة: أن عثمان رضي الله عنه رأى أن يدرأ حد الرجم عنها لشبهة الجهل ووافقه عمر رضي الله عنهما

(1)

فالجاهل بالتحريم لايعاقب على فعله ولا يعتبر مؤاخذ به.

3 -

وعن حُرقُوص

(2)

قال: ((أتت امرأة إلى علي فقالت: إن زوجي زنى بجاريتي؟ فقال: صدقت هي، وما لها، حِلٌّ لِي. قال: اذهب ولا تعد، كأنه درأ عنه بالجهالة.))

(3)

وجه الدلالة: أن الرجل حينما قال هي ومالها حِلٌّ لِي. فكان يعتقد أن جارية امرأته بمنزلة امرأته في أن كلاهما يحلان عليه فاعتبر علي رضي الله عنه الجهل من مسقطات الحدود.

* * *

‌المطلب الثاني: إقامة الحد على الأمة المزوَّجة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (أو كانت الأمة مزوَّجة، أو كان المملوك مكاتبًا، أو بعضه حرًا، لم يملك السيد إقامة الحد عليه)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (و (لا) يقيمه سيد على أمة (مزوَّجة) لقول ابن عمر إذا كانت الأمة مزوجة رفعت إلى السلطان، فإن لم يكن لها زوج جلدها سيدها نصف ما على المحصن ولا يعرف له مخالف من الصحابة، ولأن منفعتها مملوكة لغيره ملكًا غير مقيد بوقت أشبهت المشتركة.

(5)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

(1)

«شرح مسند الشافعي» للرافعي (3/ 73)

(2)

هو: حرقوس بن بشير ويقال بشير وقد قيل حرقوص بالصاد. أبو بشر، يروي عن علي رضي الله عنه. وروى عنه: الهيثم بن بدر. «الجرح والتعديل» ، لابن أبي حاتم (3/ 314)«الثقات» لابن حبان (4/ 193)

(3)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 405) رقم (13648) من طريق عن الثوري، عن مغيرة، عن الهيثم بن بدر، عن حرقوص

، وأبو يوسف في «الخراج» ، (ص: 194) وسعيد بن منصور في «سننه» ، (2/ 136) رقم (2259)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 517) رقم (28547)، وابن المنذر في «الأوسط» ، (12/ 522) رقم (9202)، وابن حزم في «المحلى» (12/ 108) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 419) رقم (17082)، الثوري = تقدم أنه ثقة، المغيرة بن مقسم = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم)(ص 543)، الهيثم بن بدر = قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (تكلم فيه ولم يترك.)(8/ 352)، حرقوص=ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/ 314)، وابن حبان في «الثقات» (4/ 193) ولم يذكروا فيه جرحًا أو تعديلَا.

(4)

«المغني» (12/ 337)

(5)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 167)

ص: 161

عن سالم

(1)

، عن ابن عمر قال:((في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج، فزنت جلدت نصف ما على المحصنات من العذاب يجلدها سيدها، فإن كانت من ذوات الأزواج رفع أمرها إلى السلطان))

(2)

وجه الدلالة: دل قول ابن عمر رضي الله عنه على أن الأمة إذا كانت ذات زوج وزنت فإن الحد يقام عليها من السلطان. ولا يعرف له مخالف من الصحابة فكان اجماعًا

(3)

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن منفعة الأمة المزوَّجة مملوكة لغير سيدها ملكًا غير مقيد بوقت أشبهت المشتركة.

(4)

* * *

‌المطلب الثالث: صفة إقامة الحد على الرجل.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: ضرب الرجل في الحد قائمًا

* قال ابن قدامه رحمه الله: (ويضرب الرجل قائمًا ليتمكن من تفريق الضرب على أعضائه)

(5)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ويضرب الرجل فى الحد قائمًا. هذا المذهب، وعليه الأصحاب.)

(6)

* وقال البهوتي رحمه الله (ويضرب الرجل في الحد قائما روي عن علي ولأن قيامه وسيلة إلى إعطاء كل عضو حظه من الضرب.)

(7)

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

(1)

هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي، أبو عمر، وأبو عبد الله، ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه، روى عن أبيه وعائشه رضي الله عنهما وروى عنه الزهري ونافع. أحد فقهاء المدينة كان إمامًا حافظًا زاهدّا مفتيًا، من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم، مات سنة (106 هـ) وقيل (108 هـ). انظر:«وفيات الأعيان» (2/ 349) و «سير أعلام النبلاء» (4/ 457)

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (7/ 395) رقم (13610) صححه سنده ابن حجر في «الفتح» (12/ 163)

(3)

انظر: «المغني» (12/ 337)«شرح منتهى الإرادات» (6/ 167)

(4)

انظر: «المغني» (12/ 337)«شرح منتهى الإرادات» (6/ 167)

(5)

«الكافي» (4/ 94)

(6)

«الإنصاف» ،، (26/ 184)

(7)

«كشاف القناع» ، (14/ 15)

ص: 162

أولًا: قول الصحابي:

عن يحيى

(1)

، عن علي قال:((تضرب المرأة جالسة، والرجل قائمًا في الحد)).

(2)

وجه الدلالة: هذا الأثر عن الصحابي علي رضي الله عنه بيانٌ في الهيئة التي يقام عليها الحد على الرجل وهي القيام. و قد أجمع الصحابة أن الرجل يضرب في الزنا قائمًا.

(3)

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن في قيام الرجل عند إقامة الحد وسيلة إلى إعطاء كل عضو حظه من الضرب.

(4)

الرواية الثانية: ضرب الرجل في الحد وهو قاعدٌ.

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه، قاعدا. فعليها، يضرب الظهر وما قاربه.)

(5)

واستدلوا بالمعقول وذلك من وجهين:

الأول: أن الله تعالى لم يأمر في جلد الرجل بالقيام.

(6)

ونوقش: أن الله أيضًا لم يأمر بالجلوس، ولم يذكر الكيفية، ولكنها جاءت من دليل آخر وهو قول علي رضي الله عنه

(7)

الثاني: أنه أستر له في حال إقامة الحد جالسًا

(8)

وقياسًا على المرأة فكما أن المرأة تضرب وهي جالسة فكذلك الرجل فكلاهما مجلود في حد.

(1)

هو: يحيى بن الجزار العرني، مولى بجيلة من أهل الكوفة روى عن: علي بن أبي طالب، وعائشة رضي الله عنهما، روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة، من غلاة الشيعة. وثقه أبو حاتم، وغيره. «الثقات» لابن حبان (5/ 525) و «تاريخ الإسلام» (2/ 1017)،

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 375) رقم (13532) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 567) رقم (17582)، وضعف إسناده ابن حجر في «الدارية في تخريج أحاديث الهداية» (2/ 98) والألباني في «الإرواء» (7/ 365)

(3)

«الإقناع في مسائل الإجماع» لابن القطان (2/ 254)

(4)

انظر: «المغني» (12/ 507)«كشاف القناع» ، (14/ 15)

(5)

«الإنصاف» (26/ 184)

(6)

انظر: «شرح الزركشي» (4/ 102)

(7)

انظر: «المغني» ، (12/ 507)، «تيسير مسائل الفقه» ، للنملة (5/ 151)

(8)

انظر: «المبدع في شرح المقنع» (7/ 368)

ص: 163

ونوقش: أنه لا يصح قياس الرجل على المرأة في هذا؛ لأن المرأة يقصد سترها، ويخشى هتكها.

(1)

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن إقامة الحد على الرجل يكون وهو قائم وهي الرواية المعتمدة في المذهب ورجحها ابن قدامة

(2)

والبهوتي

(3)

وغيرهم

(4)

وقد نوقشت الرواية الثانية وتم الرد عليها

* * *

‌المطلب الرابع: عدم مد المحدود وربطه وشده.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: عدم مد أو ربط أو تجريد المحدود عند إقامة الحد.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن كان الحد جلدًا لم يمد المحدود ولم يربط لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال ليس في هذه الأمة مد ولا تجريد ولا غل ولا صفد)

(5)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ولا يمد، ولا يربط، ولا يجرد، بل يكون عليه القميص والقميصان. وهوالمذهب، وعليه الأصحاب)

(6)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا يمد المحدود ولا يربط ولا تشد يده ولا يجرد) من ثيابه لقول ابن مسعود ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد بل يكون عليه غير ثياب الشتاء كالقميص والقميصين صيانة له عن التجريد مع أن ذلك لا يرد ألم الضرب ولا يضر بقاؤهما عليه)

(7)

استدلوا على هذه الرواية: بالسنة وقول الصحابي:

أولًا: السنة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الحدود ولم ينقل عنه أنه مدّ يد أحدًا ولا ربطها ولا جرّدها في الحد.

(8)

ثانيا: قول الصحابي:

(1)

انظر: «المغني» (12/ 508)

(2)

«المغني» (12/ 705)

(3)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 169)

(4)

«شرح الزركشي» (4/ 102)

(5)

«الكافي» (4/ 213)

(6)

«الإنصاف» ، (26/ 187)

(7)

«كشاف القناع» (14/ 18)

(8)

انظر «الممتع في شرح المقنع» (4/ 220)

ص: 164

عن الضحاك بن مزاحم

(1)

، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((لا يحل في هذه الأُمة تجريد، ولا مد، ولا غل، ولا صفد

(2)

.

(3)

وجه الدلالة: نهى ابن مسعود رضي الله عنه عن التجريد والمد والغل والصفد عند إقامة الحد. قال ابن قدامة رحمه الله (ولم نعلم عن أحد من الصحابة خلافه)

(4)

الرواية الثانية: تجريد المحدود.

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه، يجوز تجريده)

(5)

واستدلوا بالمعقول:

وذلك أنه أبلغ فلو كان عليه فرو أو جبة محشوة نزعت، لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب.

(6)

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن المحدود لايمد ولايربط ولا يُجرد من ثيابه وعليه عمل الصحابة رضي الله عنهم وإن كان الأثر ضعيف لكن وافق عمل النبي صلى الله عليه وسلم في أنه لم ينقل عنه أنه جرد أحدّا عند إقامة الحد. ورجحه ابن قدامة

(7)

والبهوتي

(8)

وغيرهم

(9)

(1)

هو: الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو محمد، وقيل: أبو القاسم، حدث عن: ابن عباس وابن عمر رضي الله عنها، حدث عنه: جويبر بن سعيد، وعلي بن الحكم،، كان من أوعية العلم، وليس بالمجود لحديثه، وهو: صدوق في نفسه.، مات سنة (105 هـ) وقيل سنة (106 هـ). «سير أعلام النبلاء» (4/ 598)، «الوافي بالوفيات» (16/ 207)

(2)

الصفد: هو القيد. انظر: «النهاية في غريب الحيث والأثر» (3/ 35)، مادة (صفد).

(3)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ،، (8/ 566) رقم (17577) وعبد الرزاق في «مصنفه» ،، (7/ 373) رقم (13522)، والطبراني في «المعجم الكبير» ، (9/ 396) رقم (9690) وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد»:(وهو: منقطع الإسناد، وفيه جويبر وهو: ضعيف)(6/ 253) وضعفه الألباني في «الإرواء» (7/ 364)

(4)

«المغني» (12/ 508)

(5)

«الإنصاف» 26/ 187)

(6)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 369)

(7)

«المغني» (12/ 508)

(8)

«شرح منتهى الإردات» (6/ 107)

(9)

ابن البهاء البغدادي في «فتح الملك العزيز بشرح الوجيز» (5/ 537)

ص: 165

‌المطلب الخامس: اتقاء ضرب الرأس والوجه للمحدود.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (الضرب يفرق على جميع جسده؛ ليأخذ كل عضو منه حصته، ويكثر منه في مواضع اللحم، كالأليتين والفخذين، ويتقي المقاتل، وهي الرأس والوجه والفرج، من الرجل والمرأة جميعًا.)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ويفرق الضرب على أعضائه، إلا الرأس والوجه والفرج وموضع المقتل)

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويتقي الضارب الرأس والوجه لقول علي للجلاد اضرب وأوجع واتق الرأس والوجه.)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول والمعتمد قول الصحابي:

أولًا: قول الصحابي:

عن المهاجر بن عميرة

(4)

عن علي، قال:((أُتِيَ برجل سكران - أو في حد - فقال: اضرب، وأعط كل عضو حقه، واتق الوجه والمذاكير.))

(5)

وجه الدلالة: فتوى الصحابي علي رضي الله عنه في إقامة الحد إعطاء كل عضو حقه من الضرب واجتناب الوجه والفرج.

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن الرأس والوجه أجمل ما في الإنسان، وفي إصابة الضرب لهما خطر؛ لأنه ربما يصيبه العمى، أو يذهب عقله. ولايضرب فرجه وموضع مقتله؛ لأنه قد يؤدي إلى القتل وهوغير مأمور به بل مأمور

(1)

«المغني» (12/ 508)

(2)

«الإنصاف» (26/ 188)

(3)

«كشاف القناع» ، (14/ 19)

(4)

هو: مهاجر بن عميرة يروي عن علي بن أبي طالب أنه أتى برجل في شراب، فقال: اضرب، وأوجع، وارفع عن الوجه والمذاكير، وأعط كل عضو حقه، روى عنه عدي بن ثابت. «الجرح والتعديل» ، لابن أبي حاتم (8/ 261) و «الثقات» لابن حبان، (5/ 428)

(5)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 529) رقم (28675) وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (7/ 369)

رقم (13517)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 567) رقم (17581)، وضعفه الألباني في «الإرواء» (7/ 365)

ص: 166

بعدمه.

(1)

* * *

‌المطلب السادس: صفة إقامة الحد على المرأة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال: وتضرب المرأة جالسة، وتمسك يداها، لئلا تنكشف)

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: والمرأة كذلك، إلا أنها تضرب جالسة، وتشد عليها ثيابها نص عليه وتمسك يداها؛ لئلا تنكشف)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وتضرب المرأة جالسة وتشد عليها ثيابها وتمسك يداها لئلا تنكشف لقول علي تضرب المرأة جالسة).

(4)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن يحيى، عن علي قال:((تضرب المرأة جالسة، والرجل قائما في الحد.))

(5)

وجه الدلالة: في الأثر نصَّا في كيفية إقامة الحد على المرأة وهو أن تكون جالسة.

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن المرأة عورة، وهذا أستر لها، وهو مطلوب في نظر الشرع، بدليل أنه يشرع لها في الصلاة أن تجمع نفسها في الركوع والسجود.

(6)

(1)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» (4/ 220)«المبدع في شرح المقنع» (7/ 369)

(2)

«المغني» (12/ 510)

(3)

«الإنصاف» (26/ 189)

(4)

«كشاف القناع» (14/ 19)

(5)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ،، (7/ 375) رقم (13532) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 567) رقم (17582) وضعفه ابن حجر في «الدارية في تخريج أحاديث الهداية» (2/ 98) والألباني في «الإرواء» (7/ 365)

(6)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 370)، وانظر:«العدة شرح العمدة» ، لبهاء الدين المقدسي، (2/ 166)، «شرح الزركشي» (4/ 104)

ص: 167

‌المطلب السابع تداخل الحدود مع القتل.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن كانت الحدود من أجناس، مثل الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، أقيمت كلها، إلا أن يكون فيها قتل، فإن كان فيها قتل، اكتفي به؛ لأنه لا حاجة معه إلى الزجر بغيره وقد قال ابن مسعود: ما كانت حدود فيها قتل، إلا أحاط القتل بذلك كله)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإذا اجتمعت حدود لله فيها قتل، استوفى وسقط سائرها. بلا خلاف أعلمه.)

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن اجتمعت حدود الله تعالى وفيها قتل مثل أن سرق وزنا وهومحصن وشرب الخمر وقتل في المحاربة استوفي القتل وسقط سائرها لما روى سعيد بسنده عن ابن مسعود أنه قال: " إذا اجتمع حدان أحدهما القتل أحاط القتل ذلك ولأن هذه الحدود تراد لمجرد الزجر ومع القتل لا حاجة إلى زجره لأنه لا فائدة فيه.)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولاً: قول الصحابي:

عن مسروق

(4)

قال: قال عبد الله

(5)

: ((إذا اجتمع حدان أحدهما القتل، أتى القتل على الآخر.))

(6)

وجه الدلالة: الأثر واضح في أن اجتماع الحدود وتكون في أحدها القتل فالمقدم القتل وأما بقية الحدود كالزنا والسرقة فلا يقام على صاحبها الحد اذا فعلها وقتل في ءان واحد. وقول ابن مسعود رضي الله عنه لايعرف

(1)

«المغني» (12/ 381)

(2)

«الإنصاف» (26/ 211)

(3)

«كشاف القناع» (14/ 29)

(4)

هو: مسروق بن الأجدع بن مالك الوادعي الهمداني، أبو عائشة، حدث عن: عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما، حدث عنه: عامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، قال أيوب الطائي:(ما علمت أن أحدًا كان أطلب للعلم في أفق من الآفاق منه) وعداده في كبار التابعين، وفي المخضرمين الذين أسلموا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة (62 هـ) وقيل (63 هـ). انظر:«تاريخ بغداد» (15/ 311)«سير أعلام النبلاء» (4/ 63)،

(5)

هو: ابن مسعود رضي الله عنه

(6)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ،، (5/ 478) رقم (28126) و عبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 19) رقم (18221)، وابن المنذر في «الأوسط» ، (12/ 463) رقم (9143)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 408) رقم (9736) وضعفه الألباني في «الإرواء» (7/ 368) ثم قال:(ومجالد هو: ابن سعيد وليس بالقوى).

ص: 168

له مخالف.

(1)

ثانيًا: المعقول

1 -

أنها حدود لله تعالى فيها قتل، فسقط ما دونه، كالمحارب إذا قتل وأخذ المال، فإنه يكتفى بقتله، ولا يقطع.

2 -

أن هذه الحدود تراد لمجرد الزجر، ومع القتل لا حاجة إلى زجره، ولا فائدة فيه، فلا يشرع.

(2)

* * *

‌المطلب الثامن: من سرق

(3)

من بيت المال.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا قطع على من سرق من بيت المال إذا كان مسلمًا، ويروى ذلك عن عمر، وعلي رضي الله عنهما.)

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ولا مسلم بالسرقة من بيت المال، ولا من مال له فيه شركة، أو لأحد ممن لا يقطع بالسرقة منه. لا خلاف فى ذلك، إذا كان حرًا.)

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا يقطع مسلم بسرقته من بيت المال لقول عمر وابن مسعود: " من سرق من بيت المال فلا ما من أحد إلا وله في هذا المال حق وروى سعيد عن علي " ليس على من سرق من بيت المال قطع).

(6)

واستدلوا بالسنة وقول الصحابي والمعقول والمعتمد قول الصحابي:

أولا: السنة:

عن ميمون بن مهران

(7)

، عن ابن عباس رضي الله عنه ((أن عبدًا من رقيق الخمس

(8)

سرق من الخمس، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقطعه، وقال: مال الله عز وجل سرق بعضه بعضًا))

(9)

(1)

«الممتع في شرح المقنع» ، (4/ 227)

(2)

انظر: «المغني» ، (12/ 487)، «العدة شرح العمدة» ، لبهاء الدين المقدسي (2/ 176)، «الممتع في شرح المقنع» ، (4/ 227)

(3)

السرقة: هي أخذ مال على وجه الاختفاء من مالكه أو نائبه. «الروض المربع» (3/ 402)

(4)

«المغني» (12/ 461)

(5)

«الإنصاف» (26/ 541)

(6)

«كشاف القناع» (14/ 157)

(7)

هو: ميمون بن مهران الجزري، أبو أيوب، ولد سنة (40 هـ)، أعتقته امرأة من بني نصر بن معاوية بالكوفة، فنشأ بها، ثم سكن الرقة، حدث عن: ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، روى عنه: حميد الطويل وجعفر بن برقان، الفقيه، الإمام، الحجة، عالم الجزيرة، ومفتيها، مات سنة (117 هـ)، انظر:«تاريخ دمشق» ، (61/ 336)، «سير أعلام النبلاء» ، (5/ 71)

(8)

رقيق الخمس: أي خمس الغنيمة. «مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه» ، للأثيوبيي، (15/ 186) ا

(9)

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (3/ 618) رقم (2590) والبيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 490) رقم (17307) وعبد الرزاق في «مصنفه» (10/ 212) رقم (18873) وضعف إسناده ابن حجر في «التلخيص الحبير» (4/ 194) و الزيلعي في «نصب الراية» (3/ 368)

ص: 169

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم حد السرقة على العبد وعلل بقوله مال الله عز وجل سرق بعضه بعضًا.

ثانيا: قول الصحابي:

1 -

عن محرز بن القاسم

(1)

، عن غير واحد من الثقة:((أن رجلًا عدا على بيت مال الكوفة فسرقه، فأجمع ابن مسعود لقطعه، فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: لا تقطعه؛ فإن له فيه حقًا)).

(2)

وجه الدلالة: أن من يسرق من بيت المال فلا قطع لوجود حقٍّ له في بيت المال فدرأ عنه الحد. ولذلك تراجع ابن مسعود رضي الله عنه عن القول بقطعه إلى قول عمر رضي الله عنه بعدم ذلك.

2 -

عن الشعبي، عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول:((ليس على من سرق من بيت المال قطع))

(3)

وجه الدلالة: أن عليًّا لايرى إقامة الحد على السارق من بيت المال.

ثالثا: المعقول.

(1)

لم أقف على ترجمته.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 212) رقم (18874) وأبو يوسف في «الخراج» ص (187) و ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 518) رقم (28563) وابن حزم في «المحلى» ،، (12/ 311)، وقال ابن الملقن في «البدر المنير»:(وهذا الأثر غريب عن عمر)(8/ 676)، وقال الالباني في «الارواء»:(وهذا إسناد منقطع ضعيف.)(8/ 76)

(3)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 489) رقم (17304) وأيضا في «معرفة السنن والاثار» ،،، (12/ 434) رقم (17270)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 212) رقم (18871) وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 159) رقم (28567)، وابن حزم في «المحلى» ، (12/ 311)، وضعفه الألباني في «الإرواء» (8/ 77)

ص: 170

وذلك أن السارق من بيت المال له في المال حقًا، فيكون له شبهة مانعة من وجوب القطع، كما لو سرق من مال له فيه شِركة.

(1)

* * *

‌المطلب التاسع: سرقة أحد الزوجين من الآخر

(2)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: عدم القطع.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن سرق أحد الزوجين من مال الآخر، فإن كان مما ليس محرزا عنه، فلا قطع فيه، وإن سرق مما أحرزه عنه ففيه روايتان؛ إحداهما: لا قطع عليه)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وهل يقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر المحرز عنه؟ على روايتين. إحداهما، لا يقطع. وهو المذهب. وعليه أكثر الأصحاب).

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا يقطع أحد الزوجين بسرقته من مال الآخر ولو من محرز عنه رواه سعيد عن عمر بإسناد جيد ولأن كلا منهما يرث صاحبه بغير حجب ويتبسط بماله أشبه الولد والوالد وكما لو منعها نفقتها)

(5)

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي والمعقول:

أولًا: قول الصحابي:

عن السائب بن يزيد

(6)

((أن عبد الله بن عمرو بن الحضرمي

(7)

جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب

(1)

انظر: «المغني» (12/ 461)«الممتع في شرح المقنع» (4/ 303)

(2)

محل البحث إذا كان المال في حرز.

(3)

«المغني» (12/ 461)

(4)

«الانصاف» (26/ 544)

(5)

«كشاف القناع» (14/ 159)

(6)

هو: السائب بن يزيد بن سعيد ويقال: عائذ بن الأسود الكندي، ولد سنة (2 هـ) روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه، روى عنه: الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، كان عاملًا لعمر رضي الله عنه على سوق المدينة مع عبد الله بن عتبة، قال أبو نعيم: مات سنة (82 هـ). وقيل بعد (90 هـ). وقيل غير ذلك. «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (2/ 576) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 22)

(7)

هو: عبد الله بن عمرو الحضرمي، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله الواقدي، روى عنه: السائب بن يزيد، حليف بني أمية، وهو ابن أخي العلاء بن الحضرمي.، «تهذيب الكمال» (15/ 374) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 163).

ص: 171

فقال له: اقطع يد غلامي هذا، فإنه سرق، فقال له عمر: ماذا سرق؟ فقال: سرق مرآةً لامرأتي، ثمنها ستون درهمًا، فقال عمر: أرسله، فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم))

(1)

وجه الدلالة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا لم يقطع عبد الحضرمي بسرقة مال الزوجة فالزوج هو أولى بذلك.

(2)

ثانيًا: المعقول، وذلك من وجهين:

الأول: أن كل واحد منهما يرث صاحبه بغير حجب، ولا تقبل شهادته له، ويتبسط في مال الآخر عادة، فأشبه الوالد والولد.

الثاني: قياسًا على أن الزوج إذا منع زوجته من النفقة فلها أن تأخذ بغير علمه فلا يعتبر سرقة ولايقام عليها الحد في حالة إذا علم بذلك.

(3)

الرواية الثانية: وجوب القطع

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن سرق أحد الزوجين من مال الآخر، فإن كان مما ليس محرزا عنه، فلا قطع فيه، وإن سرق مما أحرزه عنه ففيه روايتان. ثم قال والثانية يقطع؛ لعموم الآية؛ ولأنه سرق مالًا محرزًا عنه، لا شبهة له فيه، أشبه الأجنبي).

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله وهل يقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر المحرز عنه؟ على روايتين. ثم قال والرواية الثانية، يقطع).

(5)

واستدلوا بالكتاب والمعقول:

(1)

أخرجه الإمام مالك في «الموطأ» ، (5/ 1229) رقم (3105) وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 210) رقم (18866)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 519) رقم (28568) والدارقطني في «سننه» ، (4/ 251) رقم (3412)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 489) رقم (17303)، وصححه ابن الملقن «البدر المنير» (8/ 677) وابن كثير في «مسند الفاروق» (2/ 373) والألباني في «الإرواء» (8/ 75)

(2)

انظر: «السلسبيل» للبليهي (3/ 942)

(3)

انظر: «المغني» (12/ 461)، «كشاف القناع» (6/ 142)

(4)

«المغني» (12/ 461)

(5)

«الانصاف» (26/ 544)

ص: 172

أولًا: الكتاب:

قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)}

(1)

.

وجه الدلالة: أن الأية عامة في أن كل سارق تقطع يده و لم تخصص أحدًا دون أحد.

ثانيًا: المعقول.

وذلك أنه سرق مالاً محرزاً عنه، لا شبهة له فيه، أشبه الأجنبي.

(2)

الراجح:

الراجح والله هي الرواية الأولى وأن لا قطع لأحد الزوجين إذا سرق من مال الأخر وذلك لأن كلا منهما ينبسط في مال الأخر وأيضًا كلاهما يرث الأخر في حال موته. ورجحها ابن قدامة

(3)

والبهوتي

(4)

وغيرهم.

(5)

* * *

‌المطلب العاشر: موضع القطع لليد اليمنى في السرقة الأولى

* قال ابن قدامة رحمه الله: (لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى من مفصل الكف وهو الكوع.)

(6)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإذا وجب القطع، قطعت يده اليمنى من مفصل الكف).

(7)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإذا وجب القطع لاجتماع شروطه السابقة قطعت يده اليمنى من مفصل الكف قال في المبدع بلا خلاف ومعناه في الشرح. وفي قراءة

(8)

ابن مسعود: فاقطعوا أيمانهما "وروي عن أبي بكر وعمر: أنهما قالا: إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع " ولا مخالف

(1)

[سورة المائدة: 38].

(2)

انظر «الممتع في شرح المقنع» (4/ 304)«الكافي» (4/ 74)

(3)

«المغني» (12/ 461)

(4)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 252)

(5)

الدجيلي «الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد» (ص 483)

(6)

«المغني» (12/ 440)

(7)

«الإنصاف» (12/ 565)

(8)

القراءات: هي علم بكيفية أداء كلمات القرآن الكريم واختلافها بعزو الناقلة. انظر: «منجد المقرئين ومرشد الطالبين» لابن الجزري، (ص: 9)

ص: 173

لهما في الصحابة، ولأن البطش بها أقوى، فكانت البداءة بها أردع ولأنها آلة السرقة غالبا فناسب عقوبته بإعدام آلتها)

(1)

واستدلوا بالسنة و بقول الصحابي والمعقول، والمعتمد قول الصحابي:

أولًا: السنة:

قال عبد الله بن عمرو ((قطع النبي صلى الله عليه وسلم سارقًا من المفصل

(2)

(3)

وجه الدلالة: فعل النبي صلى الله عليه وسلم في أنه جعل موضع القطع في السرقة هو: المفصل.

ثانيا: قول الصحابي:

1 -

عن مجاهد

(4)

في قراءة ابن مسعود: ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما)).

(5)

وجه الدلالة: قراءة ابن مسعود بيانٌ على أن يد السارق التي تقطع هي اليد اليمنى. وهذه القراءة وإن كانت شاذة إلا أن الصحيح عند الحنابلة الاحتجاج بها في الأحكام الشرعية

(6)

2 -

وروي عن أبي بكر وعمر: أنهما قالا: ((إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع

(7)

(8)

(1)

«كشاف القناع» (14/ 169)

(2)

المفصل هو: ما بين الكف والساعد. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 439)

(3)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 470) رقم (17250)، وعقب البيهقي بقوله:(قال أبو أحمد: وهذا الحديث عن مالك بن مغول لا أعرفه إلا من رواية خالد عنه)، وقال الزيلعي في «التلخيص الحبير»:(وفي إسناده عبد الرحمن بن سلمة مجهو: ل)(4/ 86)

(4)

هو: مجاهد بن جبر المكي، أبو الحجاج، ولد سنة (21 هـ) روى عن: ابن عباس رضي الله عنه فأكثر وأطاب وأخذ القرآن، والتفسير، والفقه. وعن: أبي هريرة رضي الله عنه، حدث عنه: عكرمة، وطاووس، قال قتادة:(أعلم من بقي بالتفسير مجاهد). وكان من العباد والمتجردين في الزهاد مع الفقه والورع مات بمكة وهو: ساجد سنة (102 هـ) أو (103 هـ). انظر: «مشاهير علماء الأمصار» لابن حبان (ص 133)«سير أعلام النبلاء» (4/ 449)

(5)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 470) رقم (17247)، والطبري في «جامع البيان» (10/ 294) رقم (11907) وحكم عليه البيهقي في «السنن الكبرى» بالانقطاع، وابن الملقن في «البدر المنير» ، (8/ 684)، وابن حجر في «التلخيص» (4/ 196)، وضعفه الألباني في «الإرواء» (8/ 81)

(6)

انظر: «روضة الناظر» ، لابن قدامة (1/ 204)

(7)

الكوع: هو: رأس اليد مما يلي الإبهام. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 209) مادة (كوع)

(8)

لم أقف عليه مسندًا قال ابن الملقن في «البدر المنير» :: (وهذا غريب عنهما)(8/ 685) وقال ابن حجر في «التلخيص» : (لم أجده عنهما وفي "كتاب الحدود" لأبي الشيخ من طريق نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقطعون السارق من المفصل)(4/ 196)، وأبو الشيخ هو: عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بأبِي الشيخ الأصبهاني. «سير أعلام النبلاء» (16/ 276)، أبو الشيخ = قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (ثقة)(9/ 96)، نافع مولى ابن عمر= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت)(ص 559)، وأخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، عن عكرمة ((أن عمر قطع اليد من المفصل)، (5/ 522) رقم (28601)،، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، عن عمرو بن دينار، قال: " ((كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقطع السارق من المفصل)، (8/ 470) رقم (17251) وقال الألباني في «الارواء»:(منقطع.)(8/ 83).

ص: 174

وجه الدلالة: فتوى الخليفتين الراشديْن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في أن السارق تقطع يمينه في السرقة من الكوع. ولا مخالف لهما في الصحابة فكان إجماعاً.

(1)

.

ثالثًا: المعقول:

وذلك من ثلاثة أوجه:

الأول: أن البطش باليد اليمنى أقوى، فكانت البداءة بها أردع

الثاني: أنها آلة السرقة غالبًا فناسب عقوبته بإعدام آلتها.

(2)

الثالث: أن اليد تطلق عليها إلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب. وإرادة الكوع متيقنة وما سواها مشكوك فيه، ولا يجب القطع مع الشك.

(3)

* * *

‌المطلب الحادي عشر: موضع القطع للرجل اليسرى في السرقة الثانية.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية الأولى: تقطع الرِجل اليسرى من مفصل الكعب.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإذا سرق ثانيا، قطعت رجله اليسرى. وهو: قول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر، من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، وهو: قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (فإن عاد فسرق (قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب بترك عقبة لفعل عمر)

(5)

(1)

«معونة أولى النهى» لابن النجار (10/ 498)

(2)

انظر: «المغني» ، (12/ 440)،، «كشاف القناع» (14/ 169)

(3)

انظر: «معونة أولى النهى» لابن النجار (10/ 498)

(4)

انظر: «المغني» (12/ 440)

(5)

«كشاف القناع» (14/ 171)

ص: 175

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي والمعقول:

أولاً: قول الصحابي:

عن عمرو بن دينار

(1)

قال: ((كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقطع السارق من المفصل))

(2)

وجه الدلالة: فتوى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الموضع الذي يقطع في السرقة للمرة الثانية هو: المفصل

ثانيًا: المعقول:

وذلك أن الرِجل أحد العضوين المقطوعين في السرقة، فيقطع من المفصل كاليد.

(3)

الرواية الثانية: تقطع الرِجل اليسرى من نصف القدم عند معقد الشراك

* قال البهوتي رحمه الله: (روي عن علي: أنه كان يقطع من شطر القدم من معقد الشراك ويترك له عقبًا يمشي عليه.)

(4)

واستدلوا بقول الصحابي:

1 -

عن الشعبي) (أن عليًّا رضي الله عنه كان يقطع الرجل، ويدع العقب يعتمد عليها، فكأن عليًّا رضي الله عنه كان يفرق بين اليد والرجل، فيقطع اليد من المفصل، ويقطع الرجل من شطر القدم.))

(5)

2 -

عن عمرو بن دينار ((كان علي رضي الله عنه يقطعها من شطر القدم.))

(6)

.

(1)

هو: عمرو بن دينار الجمحي، أبو محمد، ولد: في إمرة معاوية، سنة (45 هـ)، أو (46 هـ) سمع من: ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهما، حدث عنه: الزهري، وأيوب السختياني، وكان من أوعية العلم، وأئمة الاجتهاد. قال شعبة:(ما رأيت في الحديث أثبت منه). وأفتى بمكة ثلاثين سنة. قال ابن عيينة: مات أول سنة (126 هـ) انظر: «سير أعلام النبلاء» (5/ 300)«العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» (5/ 382)

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 470) رقم (17251)، وأيضا «معرفة السنن والأثار» (12412) رقم (17203)، وأبو يوسف في «الخراج» ،، (ص: 183) و الدارقطني في «سننه» ، (4/ 297) رقم 3492، وعبد الرزاق في «مصنفه» (10/ 185) رقم (18759)، و «مصنفه» ابن أبي شيبة، (5/ 521) رقم 28598، و «المحلى» ، لابن حزم (12/ 70)، وقال الألباني في «الإرواء»:(منقطع.)(8/ 83)

(3)

ينظر «المغني» (12/ 440)

(4)

«كشاف القناع» (14/ 171)

(5)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 471) رقم (17253) والدارقطني في «سننه» (4/ 297) رقم (3492) وحَسنه الألباني في «الارواء» (8/ 89)

(6)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 470) رقم (17251) و أبو يوسف في «الخراج» ، (ص: 183) وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 185) رقم (18759)، والدارقطني، في «سننه» ، (4/ 297) رقم (3492)، وابن حزم، في «المحلى» (12/ 70)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (5/ 521) رقم (28598)، وقال الألباني في «الارواء»:(منقطع)(8/ 83)

ص: 176

وجه الدلالة منهما: فتوى عليًّا رضي الله عنه في القطع للرجل اليسرى فيما سرقا ثانيًا هي القطع من شطر القدم.

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن القطع للرجل اليسرى من مفصل الكعب. ورجحها ابن قدامة

(1)

والبهوتي

(2)

وغيرهم

(3)

* * *

‌المطلب الثاني عشر: ثبوت الإمامة

(4)

بإجماع المسلمين.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (كل من ثبتت إمامته حرم الخروج عليه و قتاله سواء ثبتت بإجماع المسلمين عليه كإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو بعهد الإمام الذي قبله إليه كعهد أبي بكر الى عمر رضي الله عنهما أو بقهره للناس حتى أذعنوا له و دعوه إمامًا).

(5)

* وقال المرداوي رحمه الله: (فمن ثبتت إمامته بإجماع، أو بنص، أو باجتهاد، أو بنص من قبله عليه. وبخبر متعين لها: حرم قتاله.)

(6)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويثبت نصب الإمام بإجماع المسلمين عليه كإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله.)

(7)

واستدلوا بقول الصحابي:

(1)

«المغني» (12/ 440)

(2)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 256)

(3)

عبد الرحمن الضريري في «الواضح في شرح مختصر الخرقي» (4/ 442)

(4)

الإمامة: هي خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة. انظر: «المواقف» للإيجي (ص: 395)

(5)

«الكافي» (4/ 146)

(6)

«الإنصاف» (27/ 55)

(7)

«كشاف القناع» (15/ 202)

ص: 177

أثر ابن عباس رضي الله عنه في السقيفة

(1)

وفيه: ((قال قائل من الأنصار

(2)

: أنا جُذَيلُهَا المُحَككُ

(3)

، وَعُذَيقُهَا

(4)

المُرَجبُ

(5)

، منا أمير، ومنكم أمير، يا معشر قريش. فكثر اللَّغط، وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار. ونزونا

(6)

على سعد بن عبادة

(7)

، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة، قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة: أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما نخالفهم فيكون فساد، فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين، فلا يتابع هو: ولا الذي بايعه، تغرة

(8)

أن يُقتلا.))

(9)

(1)

السقيفة: العريش يستظل به، ومنه سقيفة بني ساعدة. «معجم لغة الفقهاء» لمحمد قلعجي، وزميله، (ص: 246)

(2)

هو: الحباب بن المنذر. «فتح الباري» لابن حجر (12/ 153)

(3)

أي يستشفى برأيي ويبان عند الشدائد التي أحضرها وأصله العود ينصب للإبل الجربي تحتك به تخفيفا لما بها ويثبت العود لها على كثرة ترددها واعتمادها عليه. «تفسير غريب ما في الصحيحين» ، لابن حميد الأزدي (ص 40)

(4)

العَذق: بالفتح النخلة وتصغيره عذيق وأما العِذق بكسر العين الكباسة وهو: العرجون .. «تفسير غريب ما في الصحيحين» (ص 40)

(5)

الترجيب: أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تتكسر أغصانها اهتمامًا بها وشفقة على حملها وقد ترجب النخلة إذا خيف عليها لطولها أو لكثرة حملها بأن تعمد ببناء من حجارة وقد يكون ترجيبها أيضا أن يجعل حولها شوك لئلا يرقى إليها راق وقد تعمد بخشبة ذات غصون وتسمى أيضا هذه الخشبة الرجبة .. «تفسير غريب ما في الصحيحين» (ص: 41)

(6)

نزونا: أي وقعوا عليه ووطئوه. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (5/ 44)، مادة (نزا).

(7)

هو: سعد بن عبادة بن دليم الأنصاريّ، سيّد الخزرج. يكنى أبا ثابت، وأبا قيس، روى عنه بنوه: قيس، وسعيد، شهد العقبة، وكان أحد النّقباء، واختلف في شهوده بدرا، وأمه عمرة بنت مسعود لها صحبة، وماتت في زمن النّبي صلى الله عليه وسلم سنة خمس، مات بحوران سنة (15 هـ) وقيل سنة (16 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» ، (2/ 594)، «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 55)

(8)

تغرة أن يقتلا: أي حذار أن يقتلا وخوفا من وقوع الفتنة فيؤول الأمر إلى القتل إذا لم يكن عن اتفاق يؤمن معه الفتنة .. «تفسير غريب ما في الصحيحين» (ص 41)

(9)

أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب الحدود وما يحذر من الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت (8/ 168) رقم (6830)

ص: 178

وجه الدلالة: أن الصحابة أجمعوا على إمامة أبو بكر رضي الله عنه وبيعته.

(1)

* * *

‌المطلب الثالث عشر: ثبوت الإمامة بتنصيص الخليفة قبله.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (كل من ثبتت إمامته حرم الخروج عليه و قتاله سواء ثبتت بإجماع المسلمين عليه كإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو بعهد الإمام الذي قبله إليه كعهد أبي بكر إلى عمر رضي الله عنهما أو بقهره للناس حتى أذعنوا له و دعوه إمامًا).

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (فمن ثبتت إمامته بإجماع، أو بنص، أو باجتهاد، أو بنص من قبله عليه. وبخبر متعين لها: حرم قتاله)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (أو بنص من قبله عليه) بأن يعهد الإمام بالإمامة إلى إنسان ينص عليه بعده ولا يحتاج في ذلك إلى موافقة أهل الحل والعقد كما عهد أبو بكر بالإمامة إلى عمر رضي الله عنهما.)

(4)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن قيس بن أبي حازم

(5)

قال ((رأيت عمر بن الخطاب وبيده عسيب نخل

(6)

وهو يجلس الناس ويقول: اسمعوا لقول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجاء مولى لأبي بكر - يقال له شَديدٌ

(7)

- بصحيفة، فقرأها على الناس فقال: يقول أبو بكر اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة، فوالله ما ألوتكم

(8)

، قال

(1)

انظر: «شرح الزركشي» (6/ 217)

(2)

«الكافي» (4/ 146)

(3)

«الإنصاف» (27/ 55)

(4)

«كشاف القناع» (14/ 202)

(5)

هو: قيس بن أبي حازم البجلي، وقيل: عوف بن عبد الحارث بن عوف، أبو عبد الله، روى عن: أبي بكر، وعمر رضي الله عنه، وعنه: أبو إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن أبي خالد، أسلم، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقُبِضَ نبي الله وقيس في الطريق، توفي سنة (97 هـ) وقيل (98 هـ)«سير أعلام النبلاء» (4/ 198)، «الوافي بالوفيات» (24/ 218)

(6)

عسيب نخل: أي جريدة من النخل وهي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 234) مادة، (عسب).

(7)

شَديدٌ: مولى أبي بكر الصديق. له إدراك، وكان هو الذي أحضر عهد عمر رضي الله عنه بعد موت أبي بكر رضي الله عنه. انظر:«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 306)

(8)

من ألوت إذا قصرت. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 63) مادة (ألى)

ص: 179

قيس: فرأيت عمر بن الخطاب بعد ذلك على المنبر))

(1)

وجه الدلالة: أن أبا بكر رضي الله عنه عهد إلى عمر رضي الله عنه بالإمامة ولم يحتج في ذلك إلى أحد.

(2)

* * *

‌المطلب الرابع عشر: ثبوت الإمامة بالغلبة.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولو خرج رجل على الإمام، فقهره، وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وبايعوه، صار إماما يحرم قتاله، والخروج عليه؛ فإن عبد الملك بن مروان، خرج على ابن الزبير، فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، حتى بايعوه طوعًا وكرهًا، فصار إمامًا يحرم الخروج عليه؛ وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم.)).

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (فمن ثبتت إمامته بإجماع، أو بنص، أو باجتهاد، أو بنص من قبله عليه، وبخبر متعين لها، حرم قتاله. كذا لو قهر الناس بسيفه، حتى أذعنوا له ودعوه إمامًا)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (أو بقهره الناس بسيفه حتى أذعنوا له ودعوه إمامًا فثبت له الإمامة ويلزم الرعية طاعته قال أحمد في رواية عبدوس بن مالك العطار

(5)

: ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله يبيت ولا يراه إمامًا برًا كان أو فاجرًا لأن عبد الملك بن مروان

(6)

خرج عليه ابن الزبير

(7)

فقتله واستولى على البلاد وأهلها حتى بايعوه

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ،، (7/ 434) رقم (37057)، وأحمد في «مسنده» ، (1/ 369) رقم (259)، والطبري في «تاريخه» (3/ 429) و «السنة» للخلال، (1/ 276) رقم (339)، وقال ابن حجر رحمه الله في «المطالب العالية» (صحيح موقوف)، (15/ 713)

(2)

انظر: «معونة أولى النهى» لابن النجار (10/ 520)

(3)

«المغني» (12/ 243)

(4)

«الانصاف» (27/ 55)

(5)

هو: عبدوس بن مالك العطار، أبو محمد، حدَّث عن شَبابة، وأحمد، ويحيى ابن مَعين، و قال الخلال: كانت له عند أبي عَبْد اللَّه منزلة فِي هدايا وغير ذلك وله به أنس شديد وكان يقدمه وروى عنه أبي عبد اللَّه مسائل لم يروها غيره ولم تقع إلينا كلها، ومات ولم تتخرج عنه. «طبقات الحنابلة» ، (1/ 241)، انظر:«مناقب الإمام أحمد» ، لابن الجوزي (ص: 680)

(6)

هو: عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، أبو الوليد، سمع: عثمان، وأبي هريرة رضي الله عنهما، حدث عنه: الزهري و رجاء بن حيوة، بويع له بالخلافة عند موت أبيه وهو بالشام، ثم سار إلى العراق فلتقى هو ومصعب بن الزبير فقتل مصعب،، كان من رجال الدهر، ودهاة الرجال، مات سنة (86 هـ). «تاريخ بغداد» (12/ 126)«سير أعلام النبلاء» (4/ 246)

(7)

سبقت ترجمته.

ص: 180

طوعًا وكرهًا ودعوه إمامًا ولما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم.)

(1)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

عن عبد الله بن أبى بكر ابن مُحَمد

(2)

، قال: ((بعث الحجاج

(3)

برأس ابن الزبير ورأس عبد الله بن صفوان

(4)

ورأس عمارة بن عمرو بن حزم

(5)

إلى المدينة فنصبت بها، ثم ذهب بها إلى عبد الملك بن مروان

(6)

،

(1)

«كشاف القناع» (14/ 203)

(2)

هو: عبد الله بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم الأنصاري، أبو محمد، حدث عن: أنس بن مالك، وعروة بن الزبير، حدث عنه: الزهري وابن جريج، قال ابن سعد: كان ثقة، عالمًا، كثير الحديث. وقال مالك: كان رجل صدق، كثير الحديث. توفي سنة (135 هـ) وقيل (130 هـ). «تهذيب الكمال» للمزي (14/ 349)«سير أعلام النبلاء» (5/ 314).

(3)

هو: الحجاج بن يوسف الثقفي، أبو محمد، حدث عن: أنس بن مالك، وسمرة بن جندب رضي الله عنهم، روى عنه: أنس بن مالك، وثابت البناني، كان ظلومًا، جبارًا، ناصبيًا، خبيثا، سفاكًا للدماء، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، أهلكه الله: في رمضان، سنة (95 هـ). «سير أعلام النبلاء» (4/ 343)، «بغية الطلب فى تاريخ حلب» (5/ 2038)

(4)

هو: عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن عمر، روى عنه: أمية بن عبد الله بن صفوان. وعمرو بن دينار، قال ابن بكار:(كان من أشراف قريش، وكان مع ابن الزبير في خلافته يقوي أمره، ولم يزل معه حتى قتلا جميعًا)، مات سنة (73 هـ). «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 927) و «الإصابة في تمييز الصحابة» (5/ 12)

(5)

هو: عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري، أبو محمد، روى عن: عبد الله بن عمرو، وأبي بن كعب، روى عنه: أبو حازم الأعرج ويحيى بن عبد الله، مدني تابعي ثقة، قال يعقوب بن محمد: قتل مع ابن الزبير (73 هـ). «تاريخ دمشق» لابن عساكر (43/ 317)، «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» للسخاوي (2/ 313)

(6)

سبقت ترجمته قريبًا.

ص: 181

ثم دخل الحجاج مكة، فبايع من بها من قريش لعبد الملك بن مروان))

(1)

وجه الدلالة: مبايعة الناس لعبد الملك بن مروان كانت بالغلبة والقهر وهي من صور ثبوت الإمامة.

ثانيا: المعقول.

وذلك أن في الخروج على من ثبتت إمامته بالقهر من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم.

(2)

* * *

‌المطلب الخامس عشر: حكم مراسلة أهل البَغْيِ.

(3)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا يجوز قتالهم حتى يبعث إليهم من يسألهم، ويكشف لهم الصواب، إلا أن يخاف كَلَبَهُم؛ فلا يمكن ذلك في حقهم)

(4)

* قال المرداوي رحمه الله: (قوله: وعلى الإمام أن يراسلهم، ويسألهم ما ينقمون منه، ويزيل ما يذكرونه من مظلمة، ويكشف ما يدعونه من شبهة. بلا نزاع).

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويجب على الإمام أن يراسلهم أي البغاة ويسألهم ما ينقمون منه

(6)

لأن

(1)

أخرجه الطبرى في «تاريخه» (6/ 192)، من طريق الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم .... ، وابن كثير في «البداية» ، (12/ 204)، الحارث بن محمد بن أبي أسامة = قال ابن حجر رضي الله عنه في «لسان الميزان» (كان حافظًا عارفا بالحديث عالي الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا حجة)(2/ 527)، ابن سعد صاحب الطبقات = قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (صدوق فاضل)(ص 480)، محمد بن عمر الواقدي =قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (متروك مع سعة علمه)(ص 498)، عبد الجبار بن عمارة = قال ابن حجر رضي الله عنه في «لسان الميزان» (مجهول)(5/ 58)، عبد الله بن أبي بكر = قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (ثقة)(ص 297)

(2)

انظر: «معونة أولى النهى» (10/ 521)

(3)

البغي: التعدي والمقصود بهم الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام المتعدون عليه. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 461)

(4)

«المغني» (12/ 243)

(5)

«الإنصاف» (27/ 65)

(6)

ماينقمون منه: المقصود: فيما يعيبون ويكرهون من الإمام. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 461)

ص: 182

ذلك طريق إلى الصلح ووسيلة إلى الرجوع إلى الحق وقد روي أن عليًّا راسل أهل البصرة

(1)

قبل وقعة الجمل ولما اعتزلته الحرورية

(2)

بعث إليهم ابن عباس فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف)

(3)

واستدلوا بالكتاب وقول الصحابي والمعتمد قول الصحابي:

أولا: الكتاب:

1 -

قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)

(4)

.

وجه الدلالة: أن الله تعالى بدأ بالأمر بالإصلاح قبل القتال

(5)

فجعل سبحانه عند حدوث القتال بين طائفتين من المؤمنين ابتداءً الصلح فإن استجابوا كان بها، وإلا فالقتال.

ثانيا: قول الصحابي

1 -

عن يحيى بن سعيد

(6)

، قال: ((حدثني عمي

(7)

أو عم لي قال: لما تواقفنا يوم الجمل وقد كان علي رضي الله عنه حين صفنا نادى في الناس: لا يرمين رجل بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يضرب بسيف، ولا

(1)

البصرة: هي الأرض الغليظة وقد تم فتحها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقام بتمصيرها وهي معروفة في العراق، وهي مدينة مزدهرة واسعة العمران ولها شهرة بمركزها العلمي والأدبي، وتعتبر ميناء مهم للعراق وموقعها جنوب العراق ولها شهرة في هذا العهد. انظر:«معجم البلدان» (1/ 430)، «معجم الأمكنة» ، لجنيدل، (ص: 77)

(2)

الحرورية: هم الخوارج والمراد بهم كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيًا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين؛ أو كان بعدهم على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان. انظر:«الملل والنحل» للشهرستاني (1/ 113)

(3)

«كشاف القناع» (14/ 211)

(4)

[سورة الحجرات: 9].

(5)

«المغني» (12/ 243)

(6)

هو: يحيى بن سعيد بن حيان التيمي، أبو حيان، روى عن: أبيه سعيد بن حيان التيمي، والضحاك ابن المنذر خال المنذر بن جرير روى عن: إبراهيم بن عيينة، وإسماعيل بن علية. قال الخريبي: كان الثوري يعظمه، ويوثقه. تيم الرباب، وأحد ثقات الكوفيين مات سنة (145 هـ) انظر:«تهذيب الكمال» (31/ 323) و «تاريخ الإسلام» (3/ 1008)

(7)

يزيد بن حيان. انظر «تاريخ الإسلام» (3/ 1008)

ص: 183

تبدءوا القوم بالقتال، وكلموهم بألطف الكلام، وأظنه قال: فإن هذا مقام من فلج

(1)

فيه فلج يوم القيامة. فلم نزل وقوفًا حتى تعالى النهار، حتى نادى القوم بأجمعهم: يا ثارات عثمان

(2)

رضي الله عنه فنادى علي رضي الله عنه محمد ابن الحنفية

(3)

وهو أمامنا ومعه اللواء، فقال: يا ابن الحنفية ما يقولون؟ فأقبل علينا محمد ابن الحنفية، فقال: يا أمير المؤمنين، يا ثارات عثمان، فرفع علي رضي الله عنه يديه فقال: اللهم كب اليوم قتلة عثمان لوجوههم)).

(4)

وجه الدلالة: لم يأمر عليًّا رضي الله عنه البدء بالقتال.

2 -

قال أبو زميل

(5)

حدثني عبد الله بن عباس قال: ((لما خرجت الحَرُوريةُ أتيت عليًّا فقال: ائت هؤلاء القوم فلبست أحسن ما يكون من حلل اليمن. قال أبو زميل: وكان ابن عباس رجلًا جميلًا جهيرًا

(6)

، قال ابن عباس: فأتيتهم فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس ما هذه الحلة؟ قال: ما تعيبون علي؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل.))

(7)

(1)

الفلج: هو: الظفر بالشيء والغلبة عليه. «المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث» لمحمد بن عمر المديني (2/ 635)

(2)

أي يا أهل ثاراته، ويا أيها الطالبون بدمه. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 204) مادة (ثأر).

(3)

هو: محمد ابن الإمام علي بن أبي طالب القرشي، ابن الحنفية أبو القاسم، ولد: في العام الذي مات فيه أبو بكر.، روى عن: أبي هريرة، وعثمان رضي الله عنهما، حدث عنه: بنوه؛ عبد الله، والحسن، قال إبراهيم بن عبد الله:(لا نعلم أحدا أسند عن على عن النبى صلى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية. مات سنة (80 هـ) وقيل (81 هـ). «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» (2/ 275)«سير أعلام النبلاء» (4/ 110)

(4)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 313) رقم (16743) والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (3/ 455) رقم (5660) وضعفه الألباني في «الإرواء» لجهالة عم يحيى بن سعيد. (8/ 110)

(5)

هو: سماك بن الوليد الحنفي اليمامي، أبو زميل، روى عن: ابن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما روى عن: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعكرمة بن عمار اليمامي، نزيل الكوفة. قال أبو حاتم: صدوق، لا بأس به. وقال النسائي: ليس به بأس. انظر: «سير أعلام النبلاء» (5/ 294)، «تهذيب الكمال» (12/ 127)

(6)

الجهير: أي ذو منظر. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/ 320)، مادة (جهر).

(7)

أخرجه أبو داود في «سننه» ، كتاب اللباس، باب لباس الغليظ، (6/ 149) رقم (4037) وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 157) رقم (18678)، وأحمد في «مسنده» (5/ 263) رقم (3187)، والنسائي في «السنن الكبرى» ، (7/ 480) رقم (8522)، و الطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 313) رقم (10598) والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» ،، (3/ 455) رقم (5660)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ،، (8/ 309) رقم (16740) وحسنه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 505)

ص: 184

وجه الدلالة: أن عليًّا رضي الله عنه أرسل اليهم رجلًا عالمًا بليغًا حكيمًا وهوحبر الأمة وترجمان القران ابن عباس رضي الله عنه فرجع منهم أربعة الاف وأصر البقية على المخالفة فقاتلهم علي رضي الله عنه فدل على أنه يجب علية الإرسال أولًا فإن امتثلوا فنعم وإلا فيقاتلهم.

(1)

* * *

‌المطلب السادس عشر: عزل الامام لنفسه.

* قال المرداوي رحمه الله: (وهل لهم عزله؟ إن كان بسؤاله، فحكمه حكم عزل نفسه، وإن كان بغير سؤاله، لم يجز، بغير خلاف. ذكره القاضي وغيره)

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولهم أي أهل الحل والعقد عزله إن سأل العزل لقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه (أقيلوني أقيلوني) قالوا لا نقيلك)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن أبي الجحاف

(4)

قال: ((لما بويع أبو بكر، فبايعه علي وأصحابه، قام ثلاثًا يستقبل الناس يقول: أيها الناس، قد أقلتكم بيعتكم، هل من كاره؟ قال: فيقوم علي في أوائل الناس فيقول: والله لا نُقيلُكَ، ولا نَستَقيلُكَ أبدًا، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم تصلي بالناس، فمن ذا يؤخرك؟))

(5)

وجه الدلالة: أن الأمام له أن يعزل نفسه اذا شاء ومتى شاء لقول أبي بكر رضي الله عنه أقيلوني.

(1)

انظر: «السلسبيل» ، للبليهي، (3/ 951)

(2)

«الإنصاف» (27/ 58)

(3)

«كشاف القناع» (14/ 205)

(4)

هو: داود بن أبي عوف واسمه سويد التميمي البرجمي مولاهم أبو الجحاف الكوفي.، روى عن: عاصم بن بهدلة، وعامر الشعبي،، وعنه: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، قال أحمد بن حنبل:(صالح الحديث.)، توفي مابين (131 هـ -140 هـ) تهذيب الكمال» (4/ 512)«تاريخ الإسلام» (3/ 763)

(5)

أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» ، (1/ 131) رقم (101) من طريق عبد الله قال: حدثني عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن القرشي قثنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن أبي الجحاف

، وأبو بكر الخلال في «السنة» ، (2/ 304) رقم (372)، عبد الله بن عمر = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق فيه تشيع)(ص 315)، علي بن هاشم بن البريد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق يتشيع)(ص 406)، أبيه هاشم بن البريد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة إلا أنه رمي بالتشيع)(ص 570)، أبي الجحاف= قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب»:(صدوق شيعي ربما أخطأ)(ص 199)

ص: 185

‌المطلب السابع عشر: غنيمة أموال أهل البغي وسبي ذريتهم

* قال ابن قدامة رحمه الله: (أما غنيمة أموالهم، وسبي ذريتهم، فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافا

وقد روي أن عليًّا رضي الله عنه يوم الجمل، قال: من عرف شيئا من ماله مع أحد، فليأخذه)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ومتى انقضى الحرب وجب رده أي سلاح البغاة إليهم كسائر أموالهم لأن أموالهم كأموال غير المسلمين فلا يجوز اغتنامها لأن ملكهم لم يزل عنها بالبغي وقد روي أن عليًّا قال يوم الجمل من عرف شيئًا من ماله مع أحد فليأخذه فعرف بعضهم قدرًا مع أصحاب علي وهويطبخ فيها فسأله إمهاله حتى ينضج الطبخ فأبى وكبه وأخذها.)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

قال زيد بن وهب

(3)

قال علي رضي الله عنه: ((من عرف شيئا فليأخذه: مر رجل على قِدر لنا ونحن نطبخ فيها فأخذها، فقلنا: دعها حتى ينضج ما فيها، قال: فضربها برجله ثم أخذها.))

(4)

وجه الدلالة: أن أموال أهل البغي تعتبر كأموال غيرهم من المسلمين فلا يجوز اغتنامها لبقاء ملكهم عليها وعدم زوالها بالبغي.

(5)

ثانيا: المعقول:

وذلك أنه مال معصوم بالإسلام، أشبه مال غير البغاة.

(6)

* * *

(1)

«المغني» (12/ 254)

(2)

«كشاف القناع» (14/ 217)

(3)

هو: زيد بن وهب الجهني الكوفي، أبو سليمان، مخضرم قديم. سمع: عمر وعلي رضي الله عنهما، حدث عنه: حبيب بن أبي ثابت، وعبد العزيز بن رفيع، مخضرم قديم. ارتحل إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته، فقبض صلى الله عليه وسلم وزيد في الطريق، قال ابن سعد:(شهد مع علي مشاهده. وغزا في أيام عمر أذربيجان). مات بعد وقعة الجماجم في حدود سنة (83 هـ)«سيرأعلام النبلاء» (4/ 196)، «تاريخ بغداد» (9/ 444)

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (7/ 545) رقم (37833)، وسعيد بن منصور في «سننه» ، (2/ 391) رقم (2952)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ، (3/ 212) رقم (5112،) والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 316) رقم (16757) وقال ابن حجر رحمه الله في الفتح:(سنده صحيح)(13/ 58)

(5)

انظر: «شرح منتهى الإرادات» ، (6/ 280)، «كشاف القناع» (14/ 217)

(6)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 473)

ص: 186

‌المطلب الثامن عشر: قتل مدبر وجريح أهل البغي

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإذا قوتلوا لم يتبع لهم مدبر

(1)

و لم يجز على جريح ولم يقتل لهم أسير

(2)

و لم يغنم لهم مال و لم يسبَ

(3)

لهم ذرية).

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ولا يتبع لهم مدبر، ولا يجاز على جريح. اعلم أنه يحرم قتل مدبرهم وجريحهم. بلا نزاع).

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وحرم اتباع وقتل مدبرهم وقتل جريحهم لما روى مروان قال صرخ صارخ لعلي يوم الجمل لا يقتل مدبر ولا يذفف على جريح

(6)

، ومن أغلق بابه فهو: آمن ومن ألقى السلاح فهو: آمن رواه سعيد وعن عمار نحوه كالصائل.)

(7)

واستدلوا بالسنة وقول الصحابي والمعقول:

أولا: السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: ((يا ابن مسعود، أتدري ما حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟. قال ابن مسعود: الله ورسوله أعلم. قال: " فإن حكم الله فيهم أن لا يتبع مدبرهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يذفف على جريحهم))

(8)

وجه الدلالة: الحديث صرح بأن المدبر لايتبع والأسير لايقتل والجريح لايذفف.

(1)

المدبر: هو من ولى دبره وهرب. انظر: «الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» (ص 741)

(2)

الأسير: هو من أُخذ من الأعداء سالماً. انظر: «الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» (ص 742)

(3)

السبي: أخذ النساء والصبيان. «الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» (ص 742)

(4)

«الكافي» (4/ 148)

(5)

«الإنصاف» (27/ 75)

(6)

تذفيف الجريح: الإجهاز عليه وتحرير قتله. «النهاية في غريب الحديث والأثر» (2/ 162)، مادة (ذفف).

(7)

«كشاف القناع» (14/ 218)

(8)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 182) رقم (16854) وقال تفرد به كوثر بن حكيم وهو: ضعيف. والحاكم في «مستدركه» (2/ 155) رقم (2677) والبزار في «مسنده» (12/ 231) رقم (5954) وأورده ابن حجر في «المطالب العالية» (18/ 106) رقم (4395)

ص: 187

ثانيا: قول الصحابي:

1 -

عن جعفر بن محمد

(1)

، عن أبيه قال ((أمر علي رضي الله عنه مناديه فنادى يوم البصرة: لا يُتبَعُ مدبر، ولا يُذَففُ على جريح، ولا يُقتَلُ أسير، ومن أغلق بابه فهو: آمن، ومن ألقى سلاحه فهو: آمن، ولم يأخذ من متاعهم شيئا.))

(2)

وجه الدلالة: فتوى عليٍّ تحريم قتل المدبر و الجريح.

2 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه

(3)

قال: ((شهدت صفين

(4)

فكانوا لا يجهزون على جريح، ولا يقتلون مُوَلِّيًا،

(1)

هو: جعفر بن محمد بن علي القرشي، أبو عبد الله، ولد: سنة (80 هـ).، حدث عن: عروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، حدث عنه: ابنه و سفيان بن عيينة، من سادات أهل البيت وعباد أتباع التابعين وعلماء أهل المدينة، توفي سنة (148 هـ) ـ «مشاهير علماء الأمصار» لابن حبان (206). «سير أعلام النبلاء» (6/ 255)

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (8/ 314) رقم (16747)، من طريق أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو الوليد الفقيه، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 123) رقم (18590)، و سعيد بن منصور في «سننه» ، (2/ 389) رقم (2947)،، وابن أبي شيبة «مصنفه» ، (6/ 498) رقم (33277)، أبو عبد الله الحافظ هو: الحاكم = تقدم، أبو الوليد الفقيه = قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (الإمام الأوحد الحافظ المفتي)(15/ 492)، الحسن بن سفيان = قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (الإمام الحافظ الثبت)(14/ 157)، أبو بكر بن أبي شيبة = قال ابن حجر في «التقريب» (ثقة حافظ، صاحب تصانيف)(ص 320)، حفص بن غياث = قال ابن حجر في «التقريب» (ثقة فقيه تغير حفظه قليل في الآخر)(ص 173)، جعفر بن محمد = قال ابن حجر في «التقريب» (صدوق فقيه إمام)(ص 141)، أبيه هو: محمد بن علي= قال ابن حجر في «التقريب» (ثقة فاضل)(497)

(3)

هو: صُدَّيُّ بالتّصغير، ابن عجلان بن الحارث. ويقال ابن وهب، ويقال ابن عمرو بن وهب، أبو أمامة. مشهو: ر بكنيته، روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر رضي الله عنه، روى عنه: أبو سلام الأسود، ومحمد بن زياد، وكان من المكثرين في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر حديثه عند الشاميين، سكن مصر، ثم انتقل منها إلى حمص فسكنها، ومات بها سنة (86 هـ)«الاستيعاب في معرفة الاصحاب» (4/ 1602)«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 339)

(4)

صفين: قرية قديمة بناها الروم، وهي بالقرب من الرّقّة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرّقّة وبالس وبها الوقعة المعروفة والتي كانت بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما في سنة 37 هـ وقتل فيها سبعون ألفا، قد أكثرت الشعراء من وصفها في أشعارهم. انظر:«معجم البلدان» (3/ 414)«آثار البلاد وأخبار العباد» (ص 214)

ص: 188

ولا يسلبون قتيلًا))

(1)

وجه الدلالة: أن الجريح لايجهز عليه والمولي لايقتل والقتيل لايسلب كما هو صريح الأثر.

ثانيا: المعقول.

أما كونهم لا يغنم لهم مال؛ فلأنهم لم يكفروا ببغيهم وقتالهم، وعصمة الأموال تابعة لدينهم. بدليل قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك الجماعة.))

(2)

وليس القتال والبغي واحداً منها.

وأما كونهم لا يسبى لهم ذرية فلأن الذراري تبع لهم، وهم لا يجوز سبيهم لبقائهم على الإسلام. فالذين هم تبع لهم بطريق الأولى. ولأن الذراري لم يحصل منهم شيء أصلاً. بخلاف أهل البغي فإنهم وجد منهم البغي والقتال

(3)

* * *

‌المطلب التاسع عشر: من أظهر قول الخوارج

(4)

.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإذا أظهر قوم رأي الخوارج، مثل تكفير من ارتكب كبيرة، وترك الجماعة، واستحلال دماء المسلمين وأموالهم، إلا أنهم لم يخرجوا عن قبضة الإمام، ولم يسفكوا الدم الحرام، فحكى القاضي عن أبي بكر، أنه لا يحل بذلك قتلهم ولا قتالهم. فعلى هذا، حكمهم في ضمان النفس والمال حكم المسلمين.)

(5)

(1)

أخرجه الحاكم في «مستدركه» (2/ 155) رقم (2675) وقال (هذا حديث صحيح الإسناد في هذا الباب وله شاهد صحيح.) والبيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 182) رقم (16852) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (18/ 65) رقم (33953)

(2)

متفق عليه. أخرجه البخاري في «صحيحه» (9/ 5) رقم (6878)، ومسلم في «صحيحه» (5/ 106) رقم (1676)

(3)

«الممتع في شرح المقنع» (4/ 331)

(4)

الخوارج: يسمون الحرورية وقد سبق التعريف بهم.

(5)

«المغني» (12/ 247)

ص: 189

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن أظهر قوم رأي الخوارج، ولم يجتمعوا لحرب، لم يتعرض لهم. بل تجري الأحكام عليهم كأهل العدل).

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن أظهر قوم رأي الخوارج مثل تكفير من ارتكب كبيرة و مثل ترك الجماعة واستحلال دماء المسلمين وأموالهم ولم يجتمعوا لحرب لم يتعرض لهم حيث لم يخرجوا عن قبضة الإمام لما روي أن عليًّا كان يخطب فقال له رجل بباب المسجد، لا حكم إلا لله فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل ثم قال: لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدؤكم بقتال).

(2)

واستدلوا بالسنة وقول الصحابي:

أولًا: السنة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة. فلأن لا يتعرض إلى من ذكر بطريق الأولى

(3)

ثانيًا: قول الصحابي:

عن كثير بن نمر

(4)

قال: ((بينا أنا في الجمعة وعلي بن أبي طالب على المنبر إذ قام رجل فقال: لا حكم إلا لله، ثم قام آخر فقال: لا حكم إلا لله، ثم قاموا من نواحي المسجد يحكمون الله، فأشار عليهم بيده: اجلسوا، نعم، لا حكم إلا لله، كلمة حق يبتغى بها باطل، حكم الله ينتظر فيكم، الآن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا، ثم أخذ في خطبته.))

(5)

(1)

«الإنصاف» (27/ 98)

(2)

«كشاف القناع» (14/ 223)

(3)

«الممتع في شرح المقنع» (4/ 335)

(4)

هو: كثير بن نمر الحضرمي من أهل الكوفة، روى عن: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روى عنه: سلمة بن كهيل. «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (7/ 157) و «الثقات» لابن حبان (5/ 331)

(5)

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» ،، (7/ 562) رقم (37930) والطبراني في «المعجم الأوسط» ، (7/ 376) رقم (1777) و البيهقي في «السنن الكبرى» ،، (8/ 319) رقم (16763)، قال الطبراني في «المعجم الأوسط»:(لم يرو هذا الحديث عن الحارث بن حصيرة إلا محمد بن كثير الكوفي) وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» ؛ (فيه محمد بن كثير الكوفي، وهو ضعيف.)(6/ 243)

ص: 190

وجه الدلالة: أن من يظهر قول ورأي الخوراج فلا يحل قتاله بمجرد ذلك.

* * *

‌المطلب العشرون: من أتى حدًا من أهل البَغْيِ.

* قال البهوتي رحمه الله: (وإن جنوا جناية وأتوا حدّا أقامه الإمام عليهم لقول علي في ابن ملجم لما جرحه: أطعموه واسقوه واحبسوه فإن عشت فأنا ولي دمي وإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به وإنهم ليسوا ببغاة فهم كأهل العدل فيما لهم وعليهم)

(1)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول.

أولا: قول الصحابي:

عن جعفر بن محمد، عن أبيه ((أن عليًّا رضي الله عنه قال في ابن ملجم بعد ما ضربه: أطعموه واسقوه، وأحسنوا إسَارَهُ، فإن عشت فأنا ولي دمي، أعفو إن شئت، وإن شئت استقدت، وإن مت فقتلتموه، فلا تُمثلوا)).

(2)

وجه الدلالة: أن عليًّا رضي الله عنه أمر بقيام الحد على قاتله ابن ملجم فأخبر إن عاش فسيقيم عليه الحد، وإن مات فالذي يتولى ذلك من يأتي بعد عليًّا رضي الله عنه.

ثانيا: المعقول.

وذلك أنهم ليسوا ببغاة فهم كآحاد الناس وأن في إسقاط ذلك وسيلة إلى تجرئهم على فعله، وذلك مطلوب العدم.

(3)

.

(1)

«كشاف القناع» للبهو: تي (14/ 223)

(2)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 317) رقم (16759)، وعبد الرزاق في «مصنفه» ، (10/ 154) رقم (18672) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/ 443) رقم (37097)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1/ 97) رقم (168) والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (3/ 167) رقم (4754)، وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 560)

(3)

«المبدع في شرح المقنع» (7/ 477) و «الممتع في شرح المقنع» ، (4/ 335)

ص: 191

المبحث الثالث

* المطلب الأول: شَيَّ الجراد حياً.

* المطلب الثاني: الاصطياد بالبندق.

* المطلب الثالث: الحكم في اليمين الغموس.

* المطلب الرابع: حلف الرجل لايأوي مع امراته في هذا العيد.

* المطلب الخامس: طلب القاضي الرزق من بيت المال.

* المطلب السادس: جواب ما لا يحتمله السائل.

* المطلب السابع: حكم القاضي لنفسه.

* المطلب الثامن: إحضار المدعى عليه.

* المطلب التاسع: وجود البينة بعد يمين المنكر ..

* المطلب العاشر: أمد الحق الغائب.

* المطلب الحادي عشر: شروط قبول المزكيين.

ص: 192

‌المبحث الثالث

المسائل المبنية على مذهب الصحابي عند الحنابلة في كتاب الأطعمة والأيمان والقضاء والفتيا،

وفيه أحد عشر مطلبًا:

‌المطلب الأول: شَيَّ الجراد

(1)

حيًا.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وسئل أحمد عن السمك يلقى في النار؟ فقال: ما يعجبني. والجراد أسهل، فإن هذا له دم. ولم يكره أكل السمك إذا ألقي في النار، إنما كره تعذيبه بالنار وأما الجراد فسهل في إلقائه؛ لأنه لا دم له، ولأن السمك لا حاجة إلى إلقائه في النار، لإمكان تركه حتى يموت بسرعة، والجراد لا يموت في الحال، بل يبقى مدة طويلة وفي مسند الشافعي أن كعبا كان محرما، فمرت به رجل من جراد، فنسي، وأخذ جرادتين، فألقاهما في النار، وشواهما، وذكر ذلك لعمر، فلم ينكر عمر تركهما في النار).

(2)

* وقال المرداوي رحمه الله: (كره الإمام أحمد، رحمه الله، شي السمك الحي، إلا الجراد)

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وكره الإمام أحمد شي السمك الحي لأن له دما ولا حاجة إلى إلقائه في النار لإمكان تركه حتى يموت بسرعة ولم يكره أكل السمك إذا ألقي في النار إنما كره تعذيبه لا شي جراد حي لأنه لا دم له ولا يموت في الحال بل يبقى مدة وفي مسند الشافعي أن كعبا كان محرما فمرت به رجل جراد فنسي وأخذ جرادتين فألقاهما في النار وشواهما فذكر ذلك لعمر فلم ينكر عمر تركهما في النار.)

(4)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن يوسف بن ماهك

(5)

: ((أن عبد الله بن أبي عمار

(6)

أخبره: أنه أقبل مع معاذ بن جبل، وكعب

(1)

الجراد: فصيلة من الحشرات المستقيمات الأجنحة، واحده جرادة يطلق على كل من لذكر والأنثى. انظر:«موسوعة الطير والحيوان في الحديث النبوي» لعبد اللطيف عاشور (ص 129)

(2)

«المغني» (13/ 301)

(3)

«الإنصاف» (27/ 285)

(4)

«كشاف القناع» (14/ 316)

(5)

هو: يوسف بن ماهك بن بهزاد الفارسى المكى، من موالي أهل مكة. حدث عن: حكيم بن حزام، وعبد الله بن عمرو، وعنه: وأيوب السختياني، وحميد الطويل، ووثقه ابن معين، والنسائى، وغيرهما.، واختلف في وفاته على أقوال فقيل (110 هـ) وقيل (113 هـ) وقيل (114 هـ). انظر:«سيرأعلام النبلاء» (5/ 68) و «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» (6/ 258)

(6)

هو: عبد الله بن أبي عمار روى: عن عمر ومعاذ رضي الله عنهما وعنه: يوسف بن ماهك وابنه عبد الرحمن الذي يقال له القس، وكان عبد الله من بني جشم بن معاوية قدم جده مكة فحالف بني جمح وسكن مكة وقال العجلي:(عبد الله بن أبي عمار مكي تابعي ثقة). «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» (4/ 394)«تعجيل المنفعة» لابن حجر (1/ 754)

ص: 193

الأحبار

(1)

في أناس محرمين من بيت المقدس

(2)

بعمرة، حتى إذا كنا ببعض الطريق وكعب على نار يصطلي

(3)

مرت به رِجْلٌ

(4)

من جراد فأخذ جرادتين فَمَلَّهُمَا

(5)

ونسي إحرامه، ثم ذكر إحرامه فألقاهما. فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر رضي الله عنه ودخلت معه فقصَّ كعب قصة الجرادتين على عمر. فقال عمر رضي الله عنه: ومن بذلك؟ لعلك بذلك يا كعب؟ قال: نعم. قال عمر رضي الله عنه: إن حِمْيَر

(6)

تحب الجراد، قال: ما جعلت في نفسك؟ قال: درهمين قال: بخ

(7)

درهمان خير من مائة جرادة، اجعل ما جعلت في نفسك))

(8)

(1)

هو: كعب بن ماتع الحميري، أبو إسحاق، كان يهوديًا، فأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه حدث عن: عمر، وصهيب رضي الله عنهما، وحدث عنه: أبي هريرة، وابن عباس رضي الله عنهما، كان خبيرًا بكتب اليهود، له ذوق في معرفة صحيحها من باطلها في الجملة مات سنة (32 هـ) انظر:«سير أعلام النبلاء» (3/ 489)«الوافي بالوفيات» (24/ 260)

(2)

بيت المقدس: هي أصله المطهر الذي يتطهربه من الذنوب وفيها قبر عدد من الأنبياء وتعتبر الصلاة فيه خير من ألف صلاة في غيره، ولأهميتها وثقافتها شهدت أنواع الحصار والاحتلال وهي عاصمة فلسطين وبها عدد من الاثار الإسلامية كالمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، ولازالت المخاطر محدقة بالمسجد وفي المدينة مع تصاعد أطامع اليهودية حاليًا. انظر:«معجم البلدان» (5/ 166)، «موسوعة 1000 مدينة إسلامية» عبد الحكيم العفيفي (ص 366)

(3)

الاصطلاء: افتعال أي من صلا النار والتسخن بها. انظر: «لسان العرب» لابن منظور (14/ 467) مادة (صلا).

(4)

الرِجْل: هي الجماعة الكثيرة من الجراد خاصة. انظر: «غريب الحديث» للقاسم ابن سلام (5/ 252) مادة (رجل).

(5)

فَمَلَّهُمَا: أي شواهما بالملة. والملة: هو: الرماد الحار الذي يحمى ليدفن فيه الخبز لينضج. انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 361) مادة (ملل)

(6)

بنو حِمْير: بكسر الحاء وسكون الميم قبيلة من بني سبأ من القحطانية، وهم بنو حمير بن سبأ. ومن حمير كانت ملوك اليمن من التبابعة إلا من تخلل في خلال ملكهم في قليل من الزمن. «نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب» للقلقشندي (ص 237)

(7)

بخ: هي كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء، وتكرر للمبالغة. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» ، (1/ 101) مادة (بخ)

(8)

أخرجه الشافعي في «مسنده» ، (2/ 227) رقم (894) وأيضا في «الأم» ، (3/ 505)، والإمام مالك في «موطأه» (1/ 416) رقم (236)، و عبد الرزاق في «مصنفه» (4/ 410) رقم (8247) وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، كتاب المناسك، في المحرم يقتل الجرادة، (3/ 425) رقم 15625،، والبيهقي في «السنن الكبرى» (5/ 337) رقم (10011)، وأيضا في «معرفة السنن والآثار» (7/ 458) رقم (10684)، وقال الألباني في «الإرواء»:(ورجاله ثقات على خلاف يسير في بعضهم، فهو: إسناد حسن، لولا عنعنة ابن جريج فإنه مدلس.)(4/ 229)

ص: 194

وجه الدلالة: أن كعبًا رضي الله عنه ذكر فعله وهو إلقاؤه للجراد في النار وشيه لها للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم ينكر عليه ذلك.

(1)

* * *

‌المطلب الثاني: الاصطياد

(2)

بالبندق

(3)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال ولا يؤكل ما قتل بالبندق أو الحجر؛ لأنه موقوذ يعني الحجر الذي لا حد له، فأما المحدد كالصوان، فهو: كالمعراض

(4)

، إن قتل بحده أبيح، وإن قتل بعرضه أو ثقله فهو: وقيذ

(5)

لا يباح).

(6)

(1)

ينظر «شرح منتهى الإرادات» (6/ 331)

(2)

الصيد: هو: ما كان ممتنعا حلالًا لا مالك له. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص: 467)

(3)

البندق: طين يُبَنْدق ويرمى به على قوس كقوس النشاب. «الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» (2/ 783). وهناك فرق بين البندقية التي يتحدث عنها الفقهاء والبندقية التي في عصرنا الحاضر.

فالتي في كلام الفقهاء الحنابلة المراد الطين اليابس والغالب أنه من الخزف وحجمه كالحمصة أو أكبر فهذا لا يكون آلة صيد ومثاله ما يُشاهد في أيدي الأطفال (النباطة) فهذا لا يجوز الاصطياد به لقوله صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن الصيد بالخذف (وهي الحصاة والنواة) فقال: ((إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدواً ولكنها تكسر السن وتفقأ العين)). صحيح مسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد والعدو وكراهة الخذف (3/ 1548) رقم (1954)

أما البندق الذي يستعمل بالرصاص المعروفة لدينا فالصحيح جواز الاصطياد. انظر: «توجيه وتنبيه إلى هواة الصيد» للدكتور الطيار (ص 14)

(4)

المعراض: هو: شيء كالعصا يفقس به الصيد، فإن قتله بعرضه لم يؤكل وإن كان بحده أُكِل. انظر:«الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي» (ص 782)

(5)

وقيذ: فعيل بمعنى مفعول أي موقوذ والموقوذة هي المقتولة بالخشب. انظر: «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص: 468)

(6)

«المغني» (13/ 295)

ص: 195

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وأما ما ليس بمحدد، كالبندق، والحجر، والعصا، والشبكة، والفخ، فلا يباح ما قتل به، لأنه وقيذ)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وكره جماعة الصيد بمثقل كبندق وكذا كره الشيخ تقي الدين الرمي بالبندق مطلقًا

(2)

لنهي عثمان).

(3)

واستدلوا بالسنة وقول الصحابي والمعتمد قول الصحابي:

أولاً: السنة:

عن عدي بن حاتم

(4)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تأكل من البُنْدُقَةِ إلا ما ذكيت))

(5)

وجه الدلالة: الحديث فيه نهي عن الأكل مما صِيدَ بالبندق واستثنى من ذلك حالة وحدة وهي إذا تمت التذكية فيجوز الأكل.

ثانيًا: قول الصحابي:

1 -

عن عثمان بن حكيم ابن عباد بن حنيف

(6)

، عن أبيه، قال: ((أول منكر ظهر بالمدينة حين

(1)

«الإنصاف» (27/ 384)

(2)

«مختصر الفتاوى لابن تيمة» ، للبعلي (ص 520)

(3)

«كشاف القناع» (14/ 373)

(4)

هو: عدي بن حاتم بن عبد الله الطائي. ابن الجواد المشهور، أبو طريف. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه: همام بن الحارث، وعامر الشعبي. أسلم في سنة تسع. وقيل سنة عشر، وكان نصرانيًا، وثبت على إسلامه في الردة، وشهد فتح العراق، ثم سكن الكوفة، وشهد صفّين مع علي رضي الله عنه، مات بالكوفة سنة (67 هـ) فِي أيام المختار، وقيل غير ذلك. انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (3/ 1057)«الإصابة في تمييز الصحابة» (4/ 388)

(5)

أخرجه أحمد في «مسنده» (32/ 134) رقم (19392) وضعفه الألباني في «غاية المرام» (ص 50) وضعفه الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد (32/ 134).

(6)

هو: عثمان بن حكيم بن عباد الأنصاري الأوسي المدني، أبو سهل، يروي عن: عبد الله بن سرجس، وسعيد بن المسيب، وعنه: علي بن مسهر، ويحيى بن سعيد الأموي، سكن الكوفة، وكان ثقة، ثبتًا، زاهدًا، عابدًا. مات سنة (138 هـ) قاله ابن قانع. «تاريخ الإسلام» (3/ 695) و «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» للسخاوي (2/ 242)

ص: 196

فاضت الدنيا، وانتهى وسع الناس طيران الحمام والرمي على الجلاهقات

(1)

، فاستعمل عليها عثمان رجلًا من بني ليث

(2)

سنة ثمان، فقصها وكسر الجلاهقات)).

(3)

2 -

قال عمرو بن شعيب

(4)

: ((أول من منع الحمام الطيارة والجلاهقات عثمان، ظهرت بالمدينة فأمر عليها رجلًا، فمنعهم منها))

(5)

وجه الدلالة منهما: دل قول عثمان رضي الله عنه وكسر الجلاهقات وهي البندق وقوله فمنعهم منها على النهي. قال ابن تيمة رحمه الله: (أن عثمان رضي الله عنه نهى عن الرمي بالجلاهق وهي البندق والمقتول بالبندق حرام باتفاق المسلمين وإن أدرك حيا وذكى فحلال).

(6)

(1)

الجلاهق: هي البندق الذي يرمى به، وأصله بالفارسية: جله، وهي كبة غزل. انظر:«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (1/ 872)

(2)

بنو ليث: بطن من بكر من كنانة، ومن بني ليث هذا الصعب ابن خثامة الصحابي. «نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب» للقلقشندي، (ص 411)

(3)

أخرجه الطبري في «تاريخه» (4/ 398) من طريق السري، عن شعيب، عن سيف، عن عثمان بن حكيم ابن عباد بن حنيف، عن أبيه، قال .... ، وابن عساكر في «تاريخه» (39/ 228) وابن الأثير في «الكامل في التاريخ» (2/ 547) والمتقي الهندي في «كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال» (15/ 222) رقم (40675)، السري بن يحيى= قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (لم يقض لنا السماع منه، وكتب إلينا بشيء من حديثه، وكان صدوقا)(4/ 285)، شعيب بن إبراهيم= قال ابن حجر رحمه الله «لسان الميزان» (فيه جهالة)(4/ 247) سيف بن عمر= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ضعيف الحديث، عمدة في التاريخ)(ص 262)، عثمان بن حكيم ابن عباد = وثقه ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ص 383)، أبيه حكيم بن عباد= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق)(ص 176)

(4)

هو: عمرو بن شعيب بن محمد السهمي، أبو إبراهيم، وأبو عبد الله، ابن عبد الله بن عمرو بن العاص حدث عن: أبيه فأكثر. وعن: سعيد بن المسيب، حدث عنه: الزهري وعطاء بن أبي رباح، فقيه أهل الطائف، ومحدثهم، وكان يتردد كثيرًا إلى مكة، وينشر العلم، مات سنة (118 هـ). انظر:«تاريخ دمشق» (46/ 75)«سير أعلام النبلاء» (5/ 165)

(5)

أخرجه الطبري في «تاريخه» (4/ 398) من طريق السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب

، وابن عساكر في «تاريخه» (39/ 228)، السري بن يحيى= تقدم قريبًا، شعيب بن إبراهيم=تقدم قريبًا، سيف بن عمر=تقدم قريبًا، محمد بن عبد الله = قال ابن حجر في «التقريب» (متروك)(ص 494) والصحيح كما أورده ابن عساكر محمد بن عبيد الله لأنه روى عن سيف بن عمر، عمرو بن شعيب= قال ابن حجر «التقريب» (صدوق)(ص 423)

(6)

«مختصر الفتاوى لابن تيمة» ، للبعلي (ص 520)

ص: 197

‌المطلب الثالث: الحكم في اليمين الغموس

(1)

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين:

الرواية المعتمدة: أن اليمين الغموس لا كفارة فيها.

(2)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (قال: ومن حلف على شيء، وهو يعلم أنه كاذب، فلا كفارة عليه؛ لأن الذي أتى به أعظم من أن تكون فيه الكفارة. هذا ظاهر المذهب، نقله الجماعة عن أحمد. وهوقول أكثر أهل العلم، منهم؛ ابن مسعود .... وهذه اليمين تسمى يمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم. قال ابن مسعود: كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها، اليمين الغموس)

(3)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله فأما اليمين على الماضي، فليست منعقدة، وهي نوعان؛ يمين الغموس؛ وهي التي يحلف بها كاذبًا عالمًا بكذبه. يمين الغموس لا تنعقد. على الصحيح من المذهب. نقله الجماعة عن الإمام أحمد، رحمه الله. قال المصنف، والشارح: ظاهر المذهب، لا كفارة فيها)

(4)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وهي أي اليمين على الماضي نوعان غموس وهي التي يحلف بها على الماضي كاذبا عالمًا سميت غموسًا لأنها تغمسه أي الحالف بها في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها لقول ابن مسعود "كنا نعد من اليمين التي لا كفارة فيها اليمين الغموس رواه البيهقي بإسناد جيد)

(5)

(1)

اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة الفاجرة، يقتطع بها الحالف مال غيره، وسميت غموسا؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار والعياذ بالله. انظر:«المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 471)

(2)

لا كفارة فيها بناء على أنها ليست منعقدة. «المغني» (13/ 448)

(3)

انظر «المغني» (13/ 448)

(4)

الإنصاف» (27/ 469)

(5)

«كشاف القناع للبهوتي (14/ 394)

ص: 198

استدلوا على هذه الرواية بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

عن أبي التَّيَّاحِ

(1)

قال: سمعت أبا العالية

(2)

، قال: قال أبو عبد الرحمن يعني: ابن مسعود: ((كنا نعد من الذنب الذي لا كفارة له اليمين الغموس. فقيل: ما اليمين الغموس؟ قال: اقتطاع الرجل مال أخيه باليمين الكاذبة.))

(3)

وجه الدلالة: اعتبر ابن مسعود رضي الله عنه اليمين الغموس من جملة الذنوب التي لا كفارة فيها.

ثانيا: المعقول وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أنها يمين غير منعقدة، ولا توجب برًا، ولا يمكن فيها، أشبهت اللغو.

الوجه الثاني: أن الكفارة لا ترفع إثمها، فلا تشرع فيها.

(4)

الرواية الثانية: أن اليمين الغموس فيها الكفارة

(5)

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وروي عن أحمد، أن فيها الكفارة)

(6)

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه، فيها الكفارة ويأثم)

(7)

واستدلوا بالمعقول من وجهين:

(1)

هو: يزيد بن حميد الضبعي البصري، أبو التياح، حدث عن: أنس بن مالك، والحسن البصري وعنه: سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، قال أبو إسحاق: سمعت أبا إياس يقول: (ما بالبصرة أحد أحب إلي أن ألقى الله تعالى بمثل عمله من أبي التياح). مات سنة (128 هـ) وقيل (130 هـ) انظر: «سير أعلام النبلاء» (5/ 251) و «الوافي بالوفيات» (28/ 46)

(2)

هو: رفيع بن مهران البصري، أبو العالية، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو: شاب، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ودخل عليه، سمع من: عمر، وعلي رضي الله عنهما، وروى عنه: قتادة وداود بن أبي هند، قال العجلي:(تابعي ثقة من كبار التابعين)، مات سنة (90 هـ) وقيل (93 هـ) وقيل (106 هـ). «سير أعلام النبلاء» (4/ 207)، «الوافي بالوفيات» (14/ 93)

(3)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (10/ 67) رقم (19883) و وابن الجعد في «مسند» (1/ 621) رقم (1453)

والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (4/ 435) رقم (7890) وعقب بقوله: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فقد اتفقا على سند قول الصحابي) وابن حجر في «المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية» (8/ 580) رقم (1780)

(4)

انظر: «المغني» (13/ 448)«المبدع في شرح المقنع» (8/ 68)

(5)

فيها الكفارة بناء على أنها يمين منعقدة انظر: «المغني» (13/ 448)

(6)

«المغني» (13/ 448)

(7)

«الإنصاف» (27/ 469)

ص: 199

الأول: أن اليمين الغموس تجمع الحلف بالله تعالى، والمخالفة مع القصد، فوجبت فيها الكفارة كالمستقبل، وحينئذ يأثم.

(1)

ونوقش: بأن قياس اليمين الغموس على المستقبلة لا يصح؛ لأنها يمين منعقدة، يمكن حلها والبر فيها، وهذه غير منعقدة، فلا حل لها.

(2)

الثاني: أن الكفارة إذا وجبت مع اليمين غير الغموس فهي مع يمين الغموس أولى.

(3)

ونوقش: أن هذه لعظمها قصرت الكفارة عن الدخول فيها.

(4)

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن اليمين الغموس لا كفارة فيها وهي المعتمد في المذهب ورجحها ابن قدامة

(5)

والبهوتي

(6)

واختارها ابن تيمه رحمه الله فقال: (إذا كانت اليمين غموسًا وهوأن يحلف كاذبا عالما بكذب نفسه فهذه اليمين يأثم بها باتفاق المسلمين وعليه أن يستغفر الله منها وهي كبيرة من الكبائر؛ لا سيما إن كان مقصودة أن يظلم غيره)

(7)

* * *

‌المطلب الرابع: حلف الرجل لا يأوي مع امرأته في هذا العيد.

* قال البهوتي رحمه الله: (ولو حلف لا يأوي معها في هذا العيد حنث بدخوله معها قبل صلاة العيد لا بدخوله بعدها لانقضائها بصلاته لقول ابن عباس: حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا حتى يفرغوا من عيدهم أي: من صلاتهم)

(8)

واستدلوا بقول الصحابي:

(1)

انظر: «المبدع في شرح المقنع» (8/ 69) و «الممتع في شرح المقنع» 3 (4/ 432)

(2)

انظر: «المغني» (13/ 448)

(3)

«شرح الزركشي» (4/ 332).

(4)

«شرح الزركشي» (4/ 332).

(5)

«المغني» (13/ 448)

(6)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 379)

(7)

«مجموع الفتاوى» (33/ 128)

(8)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 397)

ص: 200

قال ابن زيد

(1)

: ((كان ابن عباس يقول: حقٌّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبرِّوا الله حتى يفرغوا من عيدهم، لأن الله تعالى ذكره يقول: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}))

(2)

.

(3)

وجه الدلالة: الأثر فيه الدلالة على فراغهم من العيد (الصلاة) أي تحديد وقت الإنتهاء الذي يضبط المدة فيكون الحنت قبل صلاة العيد لا بعدها.

* * *

‌المطلب الخامس: طلب القاضي الرزق من بيت المال

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين

الرواية المعتمدة الجواز للقاضي بأخذ الرزق.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (يجوز للقاضي أخذ الرِّزقِ،،

وروي عن عمر رضي الله عنه أنه استعمل زيد بن ثابت على القضاء

(4)

، وفرض له رزقا. ورزق شريحًا في كل شهر مائة درهم. وبعث إلى الكوفة عمارًا وعثمان بن حنيف وابن مسعود، ورزقهم كل يوم شاة؛ نصفها لعمار ونصفها لابن مسعود وعثمان، وكان ابن مسعود قاضيهم ومعلمهم. وكتب إلى معاذ بن جبل، وأبي عبيدة، حين بعثهما إلى الشام، أن انظرا رجالًا من صالحي من قبلكم، فاستعملوهم على القضاء، وأوسعوا عليهم، وارزقوهم، واكفوهم من مال الله).

(5)

(1)

هو: أسامة بن زيد بن أسلم القرشي العدوي، أبو زيد مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، روى عن: أبيه، وسالم بن عبد الله بن عمر، روى عنه: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه:(أخشى أن لا يكون بقوي في الحديث). مات في زمن أبي جعفر المنصور قاله ابن سعد. انظر: «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (2/ 334)، «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» (1/ 166)

(2)

[سورة البقرة: 185]

(3)

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (3/ 479) رقم (2903) من طريق يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد .. ، يونس بن عبد الأعلى = قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (ثقة)(ص 613)، عبد الله بن وهب= قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (ثقة حافظ عابد)(ص 328)، أسامة بن زيد بن أسلم= قال ابن حجر رضي الله عنه في «التقريب» (ضعيف من قبل حفظه)(ص 98)

(4)

القضاء: هو: الحكم والفصل. «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 478)

(5)

«المغني» (14/ 9)

ص: 201

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله وله طلبُ الرِّزْقِ لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة. هذا المذهب مطلقًا)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وله أي القاضي طَلَبُ الرِّزْقِ من بيت المال لنفسه وأمنائه وخلفائه لأن عمر رزق شريحًا في كل شهر مائة درهم ورزق ابن مسعود نصف شاة كل يوم وإذا جاز له الطلب لنفسه جاز لمن هو: في معناه)

(2)

استدلوا على هذه الرواية: بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

1 -

عن الحكم ((أن عمر بن الخطاب رزق شُرَيْحًا

(3)

وسلمان بن ربيعة الباهلي

(4)

على القضاء))

(5)

2 -

عَنِ اللَّاحِقِ بن حُمَيْدٍ

(6)

قال: ((لما بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة، بعث عمار بن ياسر على الصلاة وعلى الجيوش، وبعث ابن مسعود على القضاء وعلى بيت المال، وبعث عثمان بن حنيف على

(1)

«الإنصاف» (28/ 279)

(2)

«كشاف القناع» (15/ 21)

(3)

هو: شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أمية، حدث عن: عمر وعلي رضي الله عنهما حدث عنه: النخعي، وابن سيرين قال الشعبي:(كان أعلمهم بالقضاء) واستعفى مِنْ القضاء قبل موته بسنةٍ من الحجاج، وكان فقيهًا، شاعرًا، قائفًا، فيه دُعابة. مات سنة (78 هـ) وقيل سنة (80 هـ). انظر:«طبقات علماء الحديث» لابن عبد الهادي (1/ 118)«سير أعلام النبلاء» (4/ 100)

(4)

هو: سلمان بن ربيعة بن يزيد الباهلي. أبوعبد الله مختلف في صحبته، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي وائل، روى عنه: أبي ميسرة، أبي عثمان النهدي، شهد فتوح الشام، ثم سكن العراق، وولي غزو أرمينية في زمن عثمان رضي الله عنه، كان رجلًا صالحًا يحج كل سنة. فاستشهد قبل الثلاثين أو بعدها. «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (2/ 632)«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 117)

(5)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 297)، رقم (15282)، وقال ابن حجر رحمه الله في «التلخيص»:(هذا ضعيف منقطع)، (4/ 471)

(6)

هو: لاحق بن حميد البصري، أبو مجلز، سمع: أنس بن مالك، وابن عباس رضي الله عنهما وعنه: أيوب السختياني، 0 عاصم الأحول وقد دخل خراسان صحبة أميرها قتيبة بن مسلم، وكان أحد علماء زمانه. وقد وردت عنه الرواية في حروف القرآن مات سنة (100 هـ) وقيل (101 هـ). انظر:«تاريخ الإسلام» (3/ 196)«غاية النهاية في طبقات القراء» لابن الجزري (2/ 363)

ص: 202

مساحة الأرض، جعل بينهم كل يوم شاة، شطرها وسواقطها لعمار بن ياسر، والنصف بين هذين، قال سعيد: ولا أحفظ الطعام، قال: نَزَّلْتُكُمْ وَإِيَّايَ من هذا المال بمنزلة والي مال اليتيم {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة، إلا كان ذلك سريعا في خرابها))

(1)

وجه الدلالة منهما: دل فعل عمر رضي الله عنه في أنه رزق شريح وابن مسعود على جواز القاضي بأخذ الرزق من بيت المال.

ثانيا: المعقول:

وذلك أن أخذ الرزق مع الحاجة جائز وطلبُ ما أخذه جائز يجب أن يكون جائزاً.

(2)

الرواية الثانية الجواز مع الحاجه بقدر عمله.

* قال المرداوي رضي الله عنه: (وعنه، يجوز مع الحاجة بقدر عمله)

واستدلوا بقول الصحابي:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ((أنه كره لقاضي المسلمين أن يأخذ القاضي على القضاء أجرًا))

(3)

وجه الدلالة: كراهية ابن مسعود رضي الله عنه في أخذ الأجر على القضاء.

الراجح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأنه يجوز للقاضي أخذ الرزق من بيت المال ورجحها ابن قدامة

(4)

والبهوتي

(5)

وغيرهم

(6)

.

* * * * * * * * * *

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 575) رقم (13012)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (6/ 100) رقم (10128)، وقوى سنده ابن حجر في «الفتح» (13/ 121).

(2)

«الممتع في شرح المقنع» (4/ 512)،

(3)

أخرجه ابن المنذر في «الإشراف» (4/ 207) من طريقه عن ابن مسعود .. ، قال ابن حجر عنه أي عن ابن المنذر في «لسان الميزان» (عدل صادق فيما علمت إلا ما قال فيه مسلمة بن قاسم الأندلسي كان لا يحسن الحديث ونسب إلى العقيلي أنه كان يحمل عليه وينسبه إلى الكذب)(6/ 482)

(4)

«المغني» (14/ 9)

(5)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 469)

(6)

الدجيلي في «الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل» (ص 529)، وأبو الخطاب في «الهداية على مذهب الإمام أحمد» (ص: 565) والسامري في «المستوعب» (2/ 545)

ص: 203

‌المطلب السادس: جواب ما لا يحتمله السائل.

* قال المرداوي رحمه الله: (ولا يجب جواب ما لا يحتمله كلام السائل.)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا يلزم جواب ما لا يحتمله السائل قال البخاري: قال علي حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ وفي مقدمة مسلم عن ابن مسعود ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي.

1 -

وقال علي: ((حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟))

(3)

2 -

وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة

(4)

أن عبد الله بن مسعود قال: ((ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة))

(5)

وجه الدلالة: فتوى الصحابيان علي وابن مسعود رضي الله عنهما في التحديث للناس. أن لا يُحدَّث للعامة بشيء لا تبلغه عقولهم؛ لئلا تحصل الفتنة ويتضرر في عقيدته وفي عمله.

(6)

(1)

«الإنصاف» ، (28/ 318)

(2)

«كشاف القناع» (15/ 46)

(3)

أخرجه البخاري في «صحيحه» ، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، (1/ 37) رقم (127)

(4)

هو: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الهذلي، أبو عبد الله، أحد الفقهاء السبعة، حدث عن: عائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهما وعنه: الزهري، وضمرة بن سعيد المازني، قال العجلي:(كان أعمش، وكان أحد فقهاء المدينة، ثقة، رجلًا صالحًا، جامعًا للعلم). مات سنة (98 هـ) وقيل (99 هـ). انظر: «سير أعلام النبلاء» (4/ 475)«الوافي بالوفيات» (19/ 253)

(5)

أخرجه مسلم في «صحيحه» ، مقدمته، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، (1/ 11)

(6)

انظر: «الشرح الممتع على زاد المستقنع» (3/ 83)

ص: 204

‌المطلب السابع: حكم القاضي لنفسه.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وليس للحاكم أن يحكم لنفسه، كما لا يجوز أن يشهد لنفسه، فإن عرضت له حكومة مع بعض الناس، جاز أن يحاكمه إلى بعض خلفائه، أو بعض رعيته؛ فإن عمر حاكم أبيَّا

(1)

إلى زيد، وحاكم رجلًا عراقيَّا إلى شريح، وحاكم علي اليهودي إلى شريح، وحاكم عثمان طلحة

(2)

إلى جبير بن مطعم

(3)

(4)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ولا يحكم لنفسه

حكمه لنفسه لا يجوز ولا يصح، بلا نزاع)

(5)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ولا يجوز ولا يصح أن يحكم القاضي لنفسه لأنه لا يجوز أن يشهد لها، ويتحاكم هو: وخصمه إلى قاض آخر أو بعض خلفائه، لأن عمر حاكم أبيًا إلى زيد وحاكم عثمان طلحة إلى جبير.)

(6)

واستدلوا بقول الصحابي:

1 -

قال الشعبي: ((كان بين عمر، وأُبَيٍّ رضي الله عنهما خصومة فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا قال: فجعلا بينهما زيد بن ثابت قال: فأتوه قال: فقال عمر رضي الله عنه أتيناك؛ لتحكم بيننا وفي بيته يؤتى الحكم قال: فلما دخلوا عليه أجلسه معه على صدر فراشه قال: فقال: هذا أول جور جرت في

(1)

هو: أُبّيَّ بن كعب بن قيس، أبو المنذر، روى عنه: ابن عباس وأبي هريره كان من أصحاب العقبة الثانية، وشهد بدرا والمشاهد كلها. وأخرج الأئمة أحاديثه في صحاحهم، وعده مسروق في الستة من أصحاب الفتيا. قال الواقدي: وهو أول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم، واختلف في وفاته والأثبت أنها سنة (30 هـ) انظر:«الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 165)«الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 181)

(2)

هو: طلحة بن عبيد الله القرشي، أبو محمد، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه بنوه: يحيى، وموسى، من السابقين الأولين إلى الإسلام ومن العشرة المبشرين بالجنة، وأحد أصحاب الشورى لم يشهد بدرًا لأنه كان بالشام وشهد أحد ووقى النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، واتقى النبل عنه بيده حتى شلت إصبعه. قتل سنة (36 هـ) ـ. «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (3/ 84)«الإصابة في تمييز الصحابة» (3/ 430)

(3)

هو: جبير بن مطعم بن عدي القرشي، أبو محمد، روى عنه من الصحابة: سليمان بن صرد، وعبد الرحمن بن أزهر، كان من أكابر قريش وعلماء النسب، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بدر، فسمعه يقرأ سورة الطور. قال: فكان ذلك أول ما دخل الإيمان في قلبي. وأسلم بين الحديبية والفتح، وقيل في الفتح، مات سنة (57 هـ) وقيل (95 هـ)، انظر:««الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/ 232)«الإصابة في تمييز الصحابة» (1/ 570)

(4)

«المغني» (14/ 91)

(5)

«الإنصاف» (28/ 367)

(6)

«كشاف القناع» (15/ 89)

ص: 205

حكمك أجلسني، وخصمي مجلسًا قال: فقصا عليه القصة قال: فقال زيد لِأُبَيٍّ اليمين على أمير المؤمنين، فإن شئت أعفيته قال: فأقسم عمر رضي الله عنه على ذلك، ثم أقسم له لا تدرك باب القضاء حتى لا يكون لي عندك على أحد فضيلة))

(1)

2 -

وقال الشعبي: (ساوم عمر رجلًا بفرس، فحمل عليه عمر فارسا من قبله لينظر إليه، فعطب الفرس

(2)

. فقال عمر: هو: مالك، وقال الآخر: بل هو: مالك! قال: فاجعل بيني وبينك من شئت، قال: اجعل بيني وبينك شريحا العراقي! فأتياه، فقال عمر: إن هذا قد رضي بك، فقص عليه القصة، فقال شريح لعمر: خذ بما اشتريت، أو رد كما أخذت. فقال عمر: وهل القضاء إلا ذلك! فبعثه عمر قاضيًا))

(3)

3 -

وعن إبراهيم بن يزيد التيمي،

(4)

عن أبيه

(5)

، قال: ((وجد علي بن أبي طالب درعًا له

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، (10/ 243) رقم (20510) من طريق أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا علي بن الجعد، أنبأ شعبة عن سيار قال: سمعت الشعبي .... ، أبو عبد الله الحافظ هو: الحاكم = تقدم، محمد بن عبد الله الصفار = قال الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (الشيخ الإمام المحدث القدوة)(15/ 437)، أحمد بن مهران = ذكره ابن حبان رحمه الله في «الثقات» ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. (8/ 48)، علي بن الجعد، = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة ثبت، رمي بالتشيع). (ص 398)، شعبة بن الحجاج = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ، متقن)(ص 266)، سيار بن أبي سيار = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة)(ص 262)، الشعبي= تقدم أنه ثقة وكان يرسل.

(2)

العطب: هو: الهلاك. وعطب البعير والفرس: انكسر أو قام على صاحبه. انظر: «الصحاح» (1/ 184)«تاج العروس» (2/ 243)

(3)

أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 224) رقم (14979) من طريق ابن عيينة عن زكريا، عن الشعبي

، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ، (7/ 271) رقم (36006)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (5/ 450) رقم (10463)، سفيان ابن عيينة = تقدم أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة، زكريا بن أبي زائدة= تقدم قريبًا، الشعبي= تقدم أنه ثقة وكان يرسل.

(4)

هو: إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، أبو أسماء، يروي عن: عمر، وأبي ذر رضي الله عنهما. أخذ عنه: الحكم، وإبراهيم النخعي، وحديثه في الدواوين الستة.، وكان شابًا، صالحًا، قانتًا لله، عالمًا، فقيهًا، كبير القدر، عابد الكوفة وكان أبوه من أئمة الكوفة أيضا. واعظًا. مات سنة (92 هـ)، وقيل (94 هـ) انظر:«سير أعلام النبلاء» (5/ 60)«غاية النهاية في طبقات القراء» لابن الجزري (1/ 29).

(5)

هو: يزيد بن شريك بن طارق التيمي من تيم الرباب لا تيم قريش. وهو: والد إبراهيم التيمي، روى عن: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما روى عنه: ابنه إبراهيم التيمي، وإبراهيم النخعي وكان ثقة يسكن الكوفة مات ما بين سنة (71 - 80 هـ) انظر:«تاريخ بغداد» (16/ 481)«تاريخ الإسلام» (2/ 889)

ص: 206

عند يهودي التقطها فعرفها، فقال: درعي، سقطت عن جمل لي أورق

(1)

، فقال اليهودي: درعي وفي يدي. ثم قال له اليهودي: بيني وبينك قاضي المسلمين. فأتوا شريحًا، فلما رأى عليَّا قد أقبل تحرف عن موضعه وجلس على فيه، ثم قال علي: لو كان خصمي من المسلمين لساويته في المجلس، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لا تساووهم في المجلس، وألجئوهم إلى أضيق الطرق، فإن سبوكم فاضربوهم، وإن ضربوكم فاقتلوهم» . ثم قال شريح: ما تشاء يا أمير المؤمنين؟ قال: «درعي سقطت عن جمل لي أورق، والتقطها هذا اليهودي» فقال شريح: ما تقول يا يهودي؟ قال: درعي وفي يدي. فقال شريح: صدقت والله يا أمير المؤمنين، إنها لدرعك، ولكن لابد من شاهدين، فدعا قنبرا مولاه، والحسن بن علي وشهدا أنها لدرعه، فقال شريح: أما شهادة مولاك فقد أجزناها، وأما شهادة ابنك لك فلا نجيزها فقال علي: ثكلتك أمك، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» ؟. قال: اللهم نعم. قال: أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة؟ والله لأوجهنك إلى بانقيا

(2)

تقضي بين أهلها أربعين يومًا، ثم قال لليهودي: خذ الدرع. فقال اليهودي: أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين، فقضى عليه ورضي، صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك، سقطت عن جمل لك، التقطتها، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فوهبها له علي، وأجازه بتسعمائة، وقتل معه يوم صفين))

(3)

4 -

وعن ابن أبي مليكة

(4)

((أن عثمان ابتاع من طلحة بن عبيد الله أرضا بالمدينة، ناقله

(1)

الأورق: هو: الأسمر. والورقة: السمرة. يقال: جمل أورق، وناقة ورقاء. انظر:«النهاية في غريب الحديث والأثر» (5/ 175) مادة (ورق)

(2)

بانقيا: بكسر النون: ناحية من نواحى الكوفة، كانت على شاطاء الفرات. انظر:«مراصد الاطلاع على أسماء الامكنة والبقاع» لابن شمائل القطيعي (1/ 158)

(3)

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ، (4/ 140، 139)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ، (10/ 230) رقم (20465) ولكن قال:(فإذا هو: بنصراني يبيع درعًا)، قال أبو نعيم عقب ذكره للأثر:(غريب من حديث الأعمش عن إبراهيم، تفرد به حكيم)(4/ 140). وقال ابن حجر في رواية البيهقي في «التلخيص» : (فيه عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، وهما ضعيفان.)(4/ 469)

(4)

هو: زهير بن عبد الله، ابن أبي مليكة، حدث عن: عبد الله بن عباس، وعبد الله السهمي رضي الله عنهما، حدث عنه: عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، كان عالمًا، مفتيًا، صاحب حديث وإتقان. معدود في طبقة عطاء، وقد ولي القضاء لابن الزبير، والأذان أيضا. مات سنة (117 هـ)«سير أعلام النبلاء» (5/ 88) و «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» (4/ 381)

ص: 207

بأرض له بالكوفة، فلما تباينا ندم عثمان، ثم قال: بايعتك ما لم أره، فقال طلحة: إنما النظر لي، إنما ابتعت مَغِيبًا، وأما أنت فقد رأيت ما ابتعت، فجعلا بينهما حكما، فحكما جبير بن مطعم، فقضى على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة أنه ابتاع مَغِيبًا))

(1)

وجه الدلالة: هذه الآثار دلت أن القاضي إذا حصلت بينه وبين خصمه قضية فلا يقضي بينه وبين خصمه وإنما إلى غيره فعمر وأُبيّ تحاكما الى زيد وعمر ورجلُّ عراقيُّ تحاكما الى شريح وحاكم علي رجلا يهوديًا وعثمان حاكم طلحة.

* * *

‌المطلب الثامن: احضار المدعى عليه.

اختلف فقهاء الحنابلة في ذلك على روايتين

الرواية المعتمدة: وجوب إحضار المدعى عليه

* قال ابن قدامة رحمه الله: (وإذا استعدى رجل على رجل إلى الحاكم، ففيه روايتان؛ إحداهما، أنه يلزمه أن يعديه، ويستدعي خصمه، سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم، وسواء كان المستعدي ممن يعامل المستعدى عليه أو لا يعامله، كالفقير يدعي على ذي ثروة وهيئة).

(2)

(1)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» ، ((5/ 439) رقم (10424) من طريق أبو القاسم هبة الله بن الحسن، أنا عبد الله بن محمد بن أحمد، أنا عثمان بن أحمد، ثنا أبو قلابة، ثنا عبيد الله بن عبد المجيد، ثنا رباح بن أبي معروف، عن ابن أبي مليكة ..... ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» ، (4/ 10) رقم (5507)، هبة الله بن الحسن = قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (الإمام، الحافظ، المجود، المفتي)(17/ 419)، عبد الله بن محمد بن أحمد = ورد في بعض النسخ أنه عبيد الله وهو: الصحيح والله أعلم لأنه روى عن هبة الله قال عنه الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (قال الخطيب: كان ثقة ورعًا دينًا)(9/ 106)، عثمان بن أحمد =قال ابن حجر رحمه الله في «لسان الميزان» (قال الخطيب: كان ثقة) (5/ 373)، أبو قلابة = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق يخطئ، تغير حفظه لما سكن بغداد)(ص 365)، عبيد الله بن عبد المجيد = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق)(ص 373)، رباح بن أبي معروف = قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (صدوق له أوهام)(ص 205)، ابن أبي مليكة= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة فقيه)(ص 312)

(2)

«المغني» (14/ 39)

ص: 208

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإذا استعداه أحد على خصم له، أحضره. يعني، يلزمه إحضاره. وهذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب).

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (فإن استعدى الحاكم أحد على خصمه أي طلب منه إحضاره في البلد بما يتبعه الهمة لزمه أي الحاكم إحضاره ولو لم يحرر الدعوى لأن ضرر فوات الحق أعظم من حضور مجلس الحكم وقد حضر عمر وأبي عند زيد بن ثابت وحضر عمر وآخر عند شريح.)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

1 -

قال الشعبي: ((كان بين عمر، وأبي رضي الله عنهما خصومة فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلا قال: فجعلا بينهما زيد بن ثابت قال: فأتوه قال: فقال عمر رضي الله عنه أتيناك؛ لتحكم بيننا وفي بيته يؤتى الحكم قال: فلما دخلوا عليه أجلسه معه على صدر فراشه قال: فقال: هذا أول جور جرت في حكمك أجلسني، وخصمي مجلسا قال: فقصا عليه القصة قال: فقال زيد لأبي اليمين على أمير المؤمنين، فإن شئت أعفيته قال: فأقسم عمر رضي الله عنه على ذلك، ثم أقسم له لا تدرك باب القضاء حتى لا يكون لي عندك على أحد فضيلة))

(3)

2 -

وقال الشعبي (ساوم عمر رجلًا بفرس، فحمل عليه عمر فارسا من قبله لينظر إليه، فعطب الفرس. فقال عمر: هو: مالك، وقال الآخر: بل هو: مالك! قال: فاجعل بيني وبينك من شئت، قال: اجعل بيني وبينك شريحا العراقي! فأتياه، فقال عمر: إن هذا قد رضي بك، فقص عليه القصة، فقال شريح لعمر: خذ بما اشتريت، أو رد كما أخذت. فقال عمر: وهل القضاء إلا ذلك! فبعثه عمر قاضيًا))

(4)

وجه الدلالة: هذان الأثران يدلان على استدعاء الخصم إلى مجلس القضاء.

ثانيا: المعقول.

(1)

«الإنصاف» (28/ 389)

(2)

«كشاف القناع» (15/ 106)

(3)

تقدم تخريجه قريبًا.

(4)

تقدم تخريجه قريبًا.

ص: 209

أن في ترك إحضار المستعدى عليه تضييعًا للحقوق وإقرارًا للظلم، وذلك لأنه قد يكون للمستعدى عليه حق من غصب أو وديعة وغير ذلك ولا يُعلم بينهما معاملة. فإذا لم يُعد عليه سقط حقه.

(1)

الرواية الثانية لا يلزمه الحضور.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (والرواية الثانية، لا يستدعيه إلا أن يعلم بينهما معاملة، ويتبين أن لما ادعاه أصلا. روي ذلك عن علي رضي الله عنه

(2)

* قال المرداوي رحمه الله: (وعنه، لا يحضره حتى يعلم أن لما ادعاه أصلا)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولا: قول الصحابي:

قول علي رضي الله عنه: ((لا يعدى الحاكم على خصم إلا أن يعلم بينهما معاملة))

(4)

وجه الدلالة: الأثر نص على الحاكم لا يستعدي الخصم ولايحضره إلا بعد العلم بينه وبين الرجل الآخر معاملة.

ثانيا: المعقول.

وذلك أن في إحضار المستعدى عليه تبذيل أهل المروءات وإهانة ذوي الهيئات. وربما استعدى شخص على من لا حق له عليه؛ ليفتدي المدعى عليه نفسه من حضوره وشر خصمه بطائفة من ماله.

(5)

الترجيح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن على الحاكم أن يحضر المستعدى عليه ورجحها ابن قدامة

(6)

والبهوتي

(7)

وغيرهم

(8)

وذلك أن ضرر فوات الحق أعظم من حضور مجلس الحكم. فعلى كلا الروايتين

(1)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» (4/ 536)

(2)

«المغني» (14/ 39)

(3)

«الإنصاف» (28/ 389)

(4)

لم أقف عليه مسندًا وقد رواه أبو يعلى في «المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين» (3/ 60) بلا إسناد.

(5)

انظر: «المغني» (14/ 39)«الممتع في شرح المقنع» (4/ 536)

(6)

«المغني» (14/ 39)

(7)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 508)

(8)

كالدجيلي في «الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل» (ص: 535)، والتنوخي في «الممتع في شرح المقنع» (4/ 536)

ص: 210

مفسدة فالرواية الأولى إذا لم يتم العمل بها فيترتب ضرر وهو فوات الحق وعلى الرواية الثانية يترتب أيضا عند عدم العمل بها ضرر وهوحضور مجلس الحكم فندفع الضرر الأعلى وهو فوات الحقوق بالضرر الأدنى وهو حضور مجلس الحكم

(1)

* * *

‌المطلب التاسع: وجود البينة

(2)

بعد يمين المنكر.

* قال ابن قدامة رحمه الله: (أن المدعي إذا ذكر أن بينته بعيدة منه، أو لا يمكنه إحضارها، أو لا يريد إقامتها، فطلب اليمين من المدعى عليه، أحلف له، فإذا حلف، ثم أحضر المدعي ببينة، حكم له).

(3)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وإن حلف المنكر مع غيبة البينة ثم أحضر المدعي بينته حكم له بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق لقول عمر البينة الصادقة أحب إلي من اليمين الفاجرة. ولأن كل حال يجب عليه فيها الحق بإقراره يجب عليه البينة كما قبل اليمين ولأن اليمين لو أزالت الحق لاجترأ الفسقة على أموال الناس).

(4)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولاً: قول الصحابي:

1 -

((روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وشريح القاضي رحمه الله.))

(5)

2 -

من كتاب ابن سحنون

(6)

: روى ابن وهب

(7)

((أن عمر بن الخطاب، اختصم إليه يهودي

(1)

انظر: «المغني» (14/ 39)«الممتع في شرح المقنع» (4/ 536)

(2)

البينة: هي العلامة الواضحة على صدقه وهي الشاهدان والثلاثة والأربعة، ونحوها من البينات. انظر:«المطلع على ألفاظ المقنع» (ص 492).

(3)

«المغني» (14/ 220)

(4)

«كشاف القناع» (15/ 131)

(5)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (10/ 307) معلقا. وضعفه الألباني في «الإرواء» (8/ 263)

(6)

هو: محمّد بن سحنون، أبو عبد الله، ولد سنة (202 هـ)، سمع: موسى بن معاوية وعبد العزيز بن يحيى المدني، وعنه خلق كثير منهم: ابن القطان وأبو جعفر بن زياد، له «أدب المتعلمين» و «المسند في الحديث» ، كان إمامًا في الفقه ثقة عالمًا بالذب عن مذاهب أهل المدينة عالمًا بالآثار مات سنة (255 هـ.)«الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب» (2/ 169)«شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (1/ 105)

(7)

هو: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمَّد، ولد سنة (225 هـ) وقيل (224 هـ) روى عن: ابن جريج ومالك، روى عنه: سحنون وابن عبد الحكم، له «الموطأ الكبير» و «الموطأ الصغير» ، قال يوسف بن عدي:(أدركت الناس: فقيها غير محدث ومحدثًا غير فقيه خلا عبد الله بن وهب فإني رأيته فقيها محدثا زاهدًا صاحب سنةً وآثار)، مات سنة (197 هـ). «الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب» (1/ 416، 414)«شجرة النور الزكية في طبقات المالكية» (1/ 89)

ص: 211

يدعي على مسلم، فدعاه بالبينة، فقال: ما يحضرني اليوم بينة، فأحلف له المطلوب، ثم جاءه المدعي بعد ذلك بالبينة، فقضى له بها. وقال: البينة العادلة أحب إلي من اليمين الفاجرة))

(1)

وجه الدلالة: أن ظاهر هذه البينة الصدق، ويلزم من صدقها فجور اليمين المتقدمة، فتكون أولى ولذلك قضى بها عمر رضي الله عنه

(2)

ثانيًا: المعقول وذلك من وجهين:

الأول: أن كل حالة يجب عليه الحق فيها بإقراره يجب عليه بالبينة كما قبل اليمين.

الثاني: أن اليمين لو أزالت الحق لاجترأ الفسقة على أخذ أموال الناس.

(3)

.

* * *

‌المطلب العاشر: أمد الحق الغائب.

* قال ابن قدامة: (فإن سأل خصمه الإنظار ليجرحهما، أنظر ثلاثا، لما روي عن عمر رضي الله عنه، أنه قال في كتابه إلى أبي موسى: واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة، أخذت له حقه، وإلا استحللت القضية عليه، فإنه أنفى للشك، وأجلى للعمى. وإن قال: لي بينة بالقضاء أو الإبراء، أمهل ثلاثا، فإن لم يأت بها، حلف المدعي على نفي ذلك، وقضى له، وله ملازمته إلى أن يقيم بينة بالجرح أو القضاء؛ لأن الحق قد ثبت في الظاهر)

(4)

(1)

أخرجه ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات» ، (8/ 169) قال ابن حجر في «الفتح» (وذكر بن حبيب في الواضحة بإسناد له عن عمر

) (5/ 288) وابن حبيب قال عنه الداوودي في «طبقات المفسرين» (كان ثقة فقيهًا حافظًا، من الفقهاء المعدودين، والأئمة المشهو: رين)(2/ 342)، محمّد بن سحنون= قال الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام» (وكان خبيرا بمذهب مالك، عالما بالآثار. قال يحيى بن عمر: كان ابن سحنون من أكبر الناس حجة وأتقنهم لها)، (6/ 403)، عبد الله بن وهب= قال ابن حجر رحمه الله في «التقريب» (ثقة حافظ، عابد)(ص 328)

(2)

انظر: «المغني» (14/ 220)

(3)

«المبدع في شرح المقنع» (8/ 191)«كشاف القناع» (6/ 340)

(4)

«الكافي» (4/ 463)

ص: 212

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: وإن جرحهما المشهودعليه، كلف إقامة البينة بالجرح، فإن سأل الإنظار، أنظر ثلاثا. على الصحيح من المذهب)

(1)

* وقال البهوتي رحمه الله: (وينظر لجرح وإرادته ثلاثة أيام لقول عمر في كتابه إلى أبي موسى الأشعري: واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذت له حقه، وإلا استحللت القضية عليه، فإنه أنفى للشك وأجلى للفهم)

(2)

واستدلوا بقول الصحابي والمعقول:

أولاً: قول الصحابي:

عن سعيد بن أبي بردة

(3)

، وأخرج الكتاب فقال:((هذا كتاب عمر، ثم قرئ على سفيان من هاهنا إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد، ..... واجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينته وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر))

(4)

وجه الدلالة: أن الصحابي عمر رضي الله عنه جعل للمدعي مدة ينتهي إليه

ثانيا: المعقول

وذلك أن تكليفه إقامتها في أقل من ذلك يشق ويعسر.

(5)

(1)

«الإنصاف» (28/ 494)

(2)

«شرح منتهى الإرادات» (6/ 533)

(3)

هو: سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري كوفي واسم أبي بردة عامر بن عبد الله بن قيس، روى عن: أنس وأبى وائل، روى عنه: قتادة وشعبة وكان ثقة.، مات مابين سنة (111 - 120 هـ)«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (4/ 48)، «تاريخ الإسلام» (3/ 238)

(4)

أخرجه الدارقطني في «سننه» ، (5/ 370) رقم (4472)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (10/ 306) رقم (20730) وصححه الألباني في «الإرواء» ثم قال:(وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه مرسل وذلك لأن سعيد بن أبى بردة تابعى صغير وروايته عن عبد الله بن عمر مرسلة فكيف عن عمر. لكن قوله: (هذا كتاب عمر) وجادة وهى وجادة صحيحة من أصح الوجادات، وهى حجة.) انظر:(8/ 241)

(5)

انظر: «الممتع في شرح المقنع» 3 (4/ 557)«المبدع في شرح المقنع» (8/ 201)

ص: 213

‌المطلب الحادي عشر: شروط قبول المزكيين

* قال ابن قدامة رحمه الله: (ولا يقبل التعديل إلا من أهل الخبرة الباطنة ممن تقدمت معرفته وطالت صحبته لحديث عمر رضي الله عنه وأن المقصود علم عدالته في الباطن ولا يعلم ذلك إلا من تقدمت معرفته)

(1)

* وقال المرداوي رحمه الله: (قوله: ويكفى فى التزكية شاهدان يشهدان أنه عدل رضا. يشترط فى قبول المزكيين، معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة، ونحوهما. على الصحيح من المذهب).

(2)

* وقال البهوتي رحمه الله: (ويشترط في قبول المزكيين معرفة الحاكم خبرتهما الباطنة بصحبة ومعاملة ونحوه قال في الشرح يحتمل أن يريد الأصحاب بما ذكروه أن الحاكم إذا علم أن المعدل لا خبرة له لم تقبل شهادته بالتعديل كما فعل عمر ويحتمل أنهم أرادوا لا يجوز للمعدل الشهادة بالعدالة إلا أن تكون خبرة باطنة فأما الحاكم إذا شهد عنده العدل بالتعديل ولم يعرف حقيقة الحال فله أن يقبل الشهادة من غير كشف وإن استكشف الحال كما فعل عمر فحسن.)

(3)

واستدلوا بقول الصحابي:

قال خرشة بن الحر

(4)

: ((شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشهادة، فقال له: لست أعرفك، ولا يضرك أن لا أعرفك ائت بمن يعرفك. فقال رجل من القوم: أنا أعرفه، قال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل. فقال: فهو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: فمعاملك بالدينار، والدرهم اللذين بهما يستدل على الورع؟ قال: لا. قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: لست تعرفه، ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك.؟))

(5)

(1)

«الكافي» (4/ 448)

(2)

«الإنصاف» (28/ 500)

(3)

«كشاف القناع» (15/ 154)

(4)

هو: خرشة بن الحر الفزاري، روى عن: عمر، وأبي ذر رضي الله عنهما، روى عنه جماعة من التابعين منهم: ربعي بن خراش، والمسيب بن رافع، وكان يتيمًا في حجر عمر رضي الله عنه، قال خليفة: مات سنة (74 هـ). انظر: «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (1/ 604)«الإصابة في تمييز الصحابة» (2/ 234)

(5)

أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (10/ 214) رقم (20400)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» ، (3/ 454) وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير»:(صححه أبو علي بن السكن)، (4/ 474)، وصححه الألباني في «الإرواء» (8/ 260)

ص: 214

وجه الدلالة: أن عمر رضي الله عنه لم يقبل التزكية من الشاهد وذلك لعدم معرفته الحقيقة للرجل سواء بالصحبة أو السفر أو المعاملة معه بالمال.

ص: 215

الخاتمة

ص: 216

‌الخاتمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين .. وبعد ..

ففي ختام هذه الجولة التي قطعت فيها شوطاً في أميز العصور الفقهية وهو عصر فقه الصحابة رضي الله عنهم، فإنني أشكر الله على ما مَنَّ به عليَّ من إتمام هذا البحث، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله وكل عمل يعتريه النقص والعيب ولصاحبه الستر والعفو.

قال الشاطبي في منظومته «حرز الأماني» .

وإن كان خرقًا فأدركه بفضلة .... من الحلم وليصلحه من جاد مقولًا.

وها هي النتائج والتوصيات التي توصلت إليها خلال بحثي.

‌النتائج.

1 -

التعريف المختار لمصطلح الصحابي ما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله بقوله: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام.

2 -

مذهب الصحابي ما نقل إلينا وثبت لدينا عن أحد الصحابة من فتوى أو في قضاء، في حادثة شرعية، لم يرد فيها نص من كتاب أو سنة، ولم يحصل عليها إجماع.

3 -

تواتر الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وأيضا نصوص السلف على ثناء ومكانة الصحابة وعلو منزلتهم.

4 -

محل النزاع في مذهب الصحابي هو قوله أو فعله الذي لم يُعْلَم له مخالف ولم يشتهر وينتشر بين بقية الصحابة.

5 -

المذاهب الفقهية الأربعة تجعل لمذهب الصحابي حجة وإن اختلف مرتبة هذا الأصل بين أصولهم الأخرى ودلالة ذلك الأخذ به في فروعهم الفقهية.

6 -

بلغت المسائل 69 مسألة وهي على نوعين:

الأول: ما كان فيه رواية واحدة بالمذهب الحنبلي وهي 45 مسألة.

الثاني: ما كان فيها أكثر من رواية، ورجحت فيها المعتمد في المذهب الحنبلي، وهي 24 مسألة، بخلاف مسألة واحدة جمعتُ فيها بين الروايتين.

7 -

رجوع الصحابة رضي الله عنهم إلى الحق والصواب وعدم التعصب لأرائهم ومن تلك المسائل، مسألة أقل مدة الحمل ومسألة من ارتكب حدًا جاهلا.

ص: 217

8 -

عظم شأن الفتوى بين الصحابة رضي الله عنهم وشدة تورعهم في ذلك حيث أن المسألة يُستشار فيها قبل البتُ في حكمها بخلاف مانجده في زمننا هذا من الجراءة في الإفتاء على الله بغير علم بل قد يتصدَّر لذلك من ليس أهلا لها والله المستعان.

9 -

المسائل التي أفتى فيها الصحابة رضي الله عنهم كانت على أنواع عدة منها:

ما رجع فيها الصحابي إلى قول صحابي اخر، كمسألة من ارتكب حدًا جاهلاً

*ما انفرد فيها صحابي معين كانفراد ابن عمر رضي الله عنه، بمسألة النظر للأمة المستامة

*ما أجمع الصحابة عليه، كمسألة من ظاهر من نسائه بكلمة واحدة.

*ما كانت مخصصه لعموم، كمسألة سرقة أحد الزوجين من الأخر.

*ماعضده القياس كمسألة إقامة الحد على المرأة وهي جالسة.

10 -

مسائل البحث 69 مسألة أكثرهم فُتيا على الترتيب التالي:

علي رضي الله عنه 23 مسألة، ثم عمر رضي الله عنه 22 مسألة، ثم ابن مسعود رضي الله عنه 16 مسألة، ثم ابن عباس رضي الله عنه 12 مسألة، ثم ابن عمر رضي الله عنه 8 مسائل، ثم أبو بكر وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم 4 مسائل، ثم ابن الزبير رضي الله عنه مسألتين، ثم عتبة بن فرقد، وعبد الرحمن بن عوف، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك، وكعب بن سور، وكعب الأحبار، وأبو سعيد، ومعاوية، وسعيد بن العاص، وأبو أمامة، وطلحة بن عبيد الله، لكل واحد منهم رضي الله عنهم مسألة واحدة.

11 -

عدد الاثار التي لم أقف عليها مسندة بلغت (3) وهي:

*أثر علي رضي الله عنه ((فكيف كان حديثك ..... ))

(1)

*روي عن أبي بكر وعمر: أنهما قالا: ((إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع))

(2)

*قول علي رضي الله عنه: ((لا يعدى الحاكم على خصم إلا أن يعلم بينهما معاملة))

(3)

بينما الذين لم أقف على تراجمهم أو من لم أقف على من قال فيهم جرحًا أو تعديلًا بلغ عددهم (12) بينهم امرأة وهم:

(1)

مسألة من أريد قتله فقال شخص أنا القاتل، وقد أورده ابن القيم بلا سند في «الطرق الحكمية» في أقضية علي رضي الله عنه، (1/ 140)

(2)

مسألة موضع القطع لليد اليمنى في السرقة الأولى، وذكره البهوتي في «كشاف القناع» (14/ 169)

(3)

مسألة إحضار المدعى عليه.، رواه أبو يعلى في «المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين» (3/ 60) بلا إسناد.

ص: 218

*ابنة خالد بن أسيد.

*محمد علي الحفار.

*جميع عبد الحميد الجعفي.

*داوود بن أبي القصاف وقد ذكره ابن حبان في كتابه الثقات ولم يذكر جرحًا ولا تعديلًا.

*أبو نصر بن قتادة.

*رجل من كنانة.

*علي بن محمد بن سليمان.

* محمد بن سليمان.

*أبو الحسن الكارزي.

*مرغوش.

*حرقوص بن بشير، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح وابن حبان في الثقات ولم يذكروا جرحًا ولاتعديلًا.

*أحمد بن مهران، وقد ذكره ابن حبان في كتابه الثقات ولم يذكر جرحًا ولا تعديلًا.

‌التوصيات:

1 -

وجود آثار الصحابة بوفرة كبيرة متناثرة في كتب الحديث والفقه والتفسير والتاريخ والتراجم، كل هذا داعيًا إلى تخريجها ودراستها والحكم عليها صحةً وضعفًا، وأن يسند هذا الأمر إلى أهله والمتخصصين في ذلك وهم قسم السنة.

2 -

إخراج موسوعة علمية فقهية جامعة للآثار ومرتبة على الأبواب الفقهية لتكون مرجعًا للناس عامة وطلبة العلم خاصة.

3 -

الاعتناء بكتب الاثار كالمصنفات (مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهما)، بالشروح تأليفًا وصوتًا، فإنني من خلال بحثي لم أقف على من اعتنى بذلك.

4 -

تدريس فقه الصحابة في الكليات الشرعية حيث إن عصرهم هو أميز العصور الفقهية والاستدلال بفقههم في المسائل الفقهية.

ص: 219

فهرس‌

‌ المراجع والمصادر

القران الكريم

1 -

إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، للإمام أحمد بن أبي بكر البوصيري (ت: 840 هـ) تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي، ط: الأولى (1420 هـ -1999 م)، دار الوطن-الرياض.

2 -

اتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه، لعبدالكريم علي محمد النملة (ت: 1435 هـ)، ط: الأولى 1417 هـ -1996 م، دار العاصمة.

3 -

آثار البلاد وأخبار العباد، لزكريا بن محمد القزويني (ت: 682 هـ)، ط:(بدون) دار صادر - بيروت.

4 -

أثر الأدلة المختلف فيها (مصادر التشريع التبعية) في الفقه الإسلامي، لمصطفى ديب البغا، ط:(بدون)، دار الإمام البخاري -دمشق.

5 -

أحاديث ومرويات في الميزان، حديث قلب القرآن يس، لمحمد عمرو بن عبد اللطيف الشنقيطي (ت: 1429 هـ)، ط: الأولى (1426 هـ)، ملتقى أهل الحديث- مكة المكرمة.

6 -

الأحكام السلطانية لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي (ت: 450 هـ)، ط:) بدون) دار الحديث- القاهرة.

7 -

إحكام الفصول في أحكام الأصول، للإمام أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت: 474 هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله محمد الجبوري، ط: الأولى (1409 هـ-1989 م)، مؤسسة الرسالة- بيروت.

8 -

أحكام القرآن، للإمام أبي بكر أحمد بن علي الجصاص (ت: 370 هـ)، تحقيق: محمد صادق القمحاوي ط: (1405 هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

9 -

الإحكام في أصول الأحكام، للإمام علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الآمدي (ت: 631 هـ) تحقيق: عبد الرزاق عفيفي،، ط:(بدون)، المكتب الإسلامي- بيروت.

10 -

أخبار المدينة، لأبي زيد عمر بن شبَّة النميري البصري ـ (ت: 262 هـ)، تحقيق: علي محمد دندل، وزميله، طبع سنة (1417 هـ-1996 م)، دار الكتب العلمية-بيروت.

11 -

إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، لأحمد بن محمد القسطلاني (ت: 923 هـ)، ط: السابعة، (1323 هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية، مصر.

12 -

إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه، للإمام إسماعيل بن كثير (ت: 774)، تحقيق: بهجة يوسف أبو الطيب طبع سنة (1416 هـ-1996 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

ص: 220

13 -

الإرشاد إلى سبيل الرشاد، لمحمد بن أحمد بن أبي موسى (ت: 428 هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط:(بدون)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

14 -

إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، لمحمد ناصر الدين الألباني (ت: 1420)، إشراف: زهير الشاويش، ط: الثانية (1405 هـ-1985 م)، المكتب الإسلامي - بيروت.

15 -

الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (ت: 463 هـ)، تحقيق: عبدالمعطي أمين قلعجي، ط: الأولى (1414 هـ-1993 م)، دار قتيبة - دمشق.

16 -

الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (ت: 463 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، ط: الأولى (1412 هـ-1992 م)، دار الجيل- بيروت.

17 -

أُسْد الغابة في معرفة الصحابة، لأبي الحسن علي بن محمد الجزري، المعروف ابن الأثير (ت: 630 هـ) تحقيق: علي محمد معوض وزميله، ط: الأولى (1415 هـ-1994 م)، دار الكتب العلمية-بيروت.

18 -

الإشراف على مذاهب العلماء، لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر (ت: 319 هـ)، تحقيق: صغير أحمد الأنصاري، ط: الأولى (1425 - 2004 م)، مكتبة مكة الثقافية- رأس الخيمة.

19 -

الإصابة في تمييز الصحابة، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وزميله، ط: الأولى (1415 هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت

20 -

أصول السَّرخسي، لأبى بكر محمد بن أحمد بن ابى سهل السَّرخسى (ت 490 هـ) ط: الأولى (1414 - 1993 م)، دار الكتاب العلمية- بيروت.

21 -

أصول الفقه المسمى إجابة السائل شرح بغية الآمل، لمحمد بن إسماعيل الصنعاني، المعروف بالأمير (ت 1182 هـ)، تحقيق: القاضي حسين بن أحمد السياغي، وزميله، ط: الأولى، (1406 هـ-1906 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

22 -

أصول مذهب الإمام أحمد دراسة أصولية مقارنة، لعبد الله بن عبد المحسن التركي، ط: الثالثة، (1410 هـ-1990 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

23 -

إعلام الموقعين عن رب العالمين، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (ت: 751 هـ)، ط: الأولى، (1423 هـ)، دار ابن الجوزي - السعودية.

ص: 221

24 -

الأغاني، لأبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني، (ت: 356 هـ)، تحقيق د. إحسان عباس وغيره، ط: الأولى (1423 هـ-2002 م)، دار صادر- بيروت.

25 -

الإقناع في مسائل الإجماع، لعلي بن محمد أبو الحسن ابن القطان (ت: 628 هـ) تحقيق: حسن فوزي الصعيدي ط: الأولى (1424 هـ-2004 م)، دار الفاروق الحديثة-القاهرة.

26 -

الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذكر في تهذيب الكمال، لأبي المحاسن محمد بن علي بن الحسن الحسيني (ت: 765 هـ) تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، ط:(بدون)، جامعة الدراسات الإسلامية، كراتشي - باكستان.

27 -

الأم، لمحمد بن إدريس الشافعي تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب، ط: الأولى (2001 م)، دار الوفاء-المنصورة.

28 -

الأنساب، لعبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني (ت: 562 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، وغيره، ط: الأولى (1382 هـ-1962 م)، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد.

29 -

الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (المطبوع مع المقنع والشرح الكبير)، لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي (ت 885 هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وزميله، ط: الأولى (1415 هـ-1995 م)، دار هجر- القاهرة.

30 -

الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر (ت: 319 هـ)، تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الأولى (1430 هـ-2009 م)، دار الفلاح-الفيوم.

31 -

البحر المحيط في أصول الفقه، لبدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، (ت 794 هـ)، تحقيق: د. محمد محمد تامر، طبع سنة (1421 - 2000 م)، دار الكتب العلمية - بيروت.

32 -

البداية والنهاية، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774 هـ)، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط: الأولى (1418 هـ-1997 م)، دار هجر- القاهرة.

33 -

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لأبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت: 587 هـ)، ط: الثانية، (1406 هـ - 1986 م)، دار الكتب العلمية.

34 -

بدائع الفوائد، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية، تحقيق: هشام عبد العزيز عطا وغيره، ط: الأولى (1416 هـ-1996 م)، مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة.

ص: 222

35 -

البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير، لابن الملقن عمر بن علي بن أحمد الشافعي، (ت: 804 هـ)، تحقيق: مصطفى أبو الغيط وغيره، ط: الأولى (1425 هـ-2004 م) دار الهجرة - الرياض.

36 -

بغية الطلب في تاريخ حلب، لعمر بن أحمد بن هبة الله العقيلي (ت: 660 هـ)، تحقيق: د. سهيل زكار، ط:(بدون)، دار الفكر-بيروت

37 -

تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمد بن محمد الحسيني، الملقب بمرتضى الزبيدي (ت: 1205 هـ)، ط: الأولى (1414 هـ)، دار الفكر - بيروت.

38 -

تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، (ت: 748 هـ) تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، ط: الأولى، (2003 م)، دار الغرب الإسلامي.

39 -

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، لمحمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري (ت 310 هـ)، ط: الثانية (1387 هـ) دار التراث - بيروت.

40 -

تاريخ المدينة، لأبي زيد عمر بن شبَّة (ت: 262 هـ) حققه: فهيم محمد شلتوت، طبع سنة (1399 هـ)، جدة.

41 -

تاريخ بغداد، لأبي بكر أحمد بن علي بن الخطيب البغدادي (ت: 463 هـ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف ط: الأولى (1422 هـ-2002 م)، دار الغرب الإسلامي - بيروت.

42 -

تاريخ دمشق، لأبي القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر (ت: 571 هـ)، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، طبع سنة (1415 هـ-1995)، دار الفكر.

43 -

التبصرة في أصول الفقه، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (ت: 476 هـ) تحقيق: د. محمد حسن هيتو، ط: الأولى (1403 هـ)، دار الفكر - دمشق.

44 -

التحبير شرح التحرير في أصول الفقه، لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي (ت: 885 هـ)، تحقيق: د. عبد الرحمن الجبرين وغيره، ط: الأولى (1421 هـ-2000)، مكتبة الرشد - الرياض.

45 -

تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل، لأبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم المعروف بإبن العراقي (ت: 826 هـ) تحقيق: عبد الله نوارة، ط:(بدون) مكتبة الرشد - الرياض.

46 -

التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (ت: 902 هـ) ط: الأولى (1414 هـ-1993 م)، دار الكتب العلميه، بيروت.

ص: 223

47 -

تحفة المحتاج في شرح المنهاج، لأحمد بن محمد بن علي الهيتمي، (ت: 974 هـ)، ط:(بدون)، نشرته:(1357 هـ - 1983 م)، المكتبة التجارية الكبرى بمصر

48 -

التحقيق في أحاديث الخلاف، لجمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597 هـ) تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني ط: الأولى (1415 هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت.

49 -

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت: 911 هـ) حققه: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، ط:(بدون) دار طيبة.

50 -

ترتيب المدارك وتقريب المسالك، لأبي الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت: 544 هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الأولى، مطبعة فضالة - المحمدية، المغرب.

51 -

تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة ويليه «فائت التسهيل» ، لصالح بن عبد العزيز آل عثيمين (ت: 1410 هـ)، تحقيق: بكر بن عبد الله أبو زيد، ط: الأولى (1422 هـ-2001 م)، مؤسسة الرسالة، بيروت.

52 -

تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ)، تحقيق: د. إكرام الله إمداد الحق، ط: الأولى (1996 م)، دار البشائر ـ بيروت.

53 -

التعريفات الفقهية، لمحمد عميم الإحسان البركتي، ط: الأولى (1424 هـ-1003 م)، دار الكتب العلمية-بيروت.

54 -

التعريفات، لعلي بن محمد بن علي الجرجاني (ت: 816 هـ)، تحقيق: جماعة من العلماء، ط: الأولى (1403 هـ-1983 م) دار الكتب العلمية- بيروت.

55 -

تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774 هـ) تحقيق: محمد حسين شمس الدين، ط: الأولى (1419 هـ)، دار الكتب العلمية- بيروت.

56 -

تفسير القرآن العظيم، لأبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ابن أبي حاتم (ت: 327 هـ) تحقيق: أسعد محمد الطيب ط: الثالثة (1419 هـ)، مكتبة نزار مصطفى الباز - السعودية.

57 -

تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، لمحمد بن فتوح بن عبد الله الحميدي ر (ت: 488 هـ)، تحقيق: الدكتورة: زبيدة محمد سعيد عبد العزيز ط: الأولى (1415 هـ-1995 م)، مكتبة السنة - القاهرة.

ص: 224

58 -

تقريب التهذيب، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) تحقيق: محمد عوامة ط: الأولى (1416 هـ-1986 م)، دار الرشيد - سوريا.

59 -

تقريب الوصول إلي علم الأصول (مطبوع مع: الإشارة في أصول الفقه)، لأبي القاسم، محمد بن أحمد بن محمد ابن جزي (ت: 741 هـ) تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، دار الكتب العلمية، بيروت.

60 -

التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ)، ط: الأولى (1419 هـ-1989 م)، الكتب العلمية-بيروت.

61 -

التمام لما صح في الروايتين و الثلاث والأربع عن الإمام و المختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام، لمحمد بن محمد بن الفراء الحنبلي (ت: 526 هـ)، تحقيق: د. عبدالله محمد الطيار وزميله، ط: الأولى (1414 هـ)، دار العاصمة.

62 -

التمهيد في أصول الفقه، لمحفوظ بن أحمد بن الحسن أبو الخطاب الكلوذاني (ت: 510 هـ)، تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الأولى (1406 هـ-1985 م)، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - جامعة أم القرى (37).

63 -

تهذيب التهذيب، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، (ت: 852 هـ) ط: الأولى (1325 هـ)، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند - حيدر آباد الدكن.

64 -

تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ليوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي (ت: 742 هـ) تحقيق: د. بشار عواد معروف ط: الأولى (1400 هـ-1980 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

65 -

توجيه وتنبيه إلى هواة الصيد ومحبيه، لعبد الله بن محمد بن أحمد الطيار، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، دار المتعلم.

66 -

تيسير التحرير، لمحمد أمين المعروف بأمير بادشاه الحنفي (ت: 972 هـ)، ط:(بدون) نشره: مصطفى البابي الحلبي - مصر (1351 هـ - 1932 م) وصورته: دار الكتب العلمية - بيروت (1403 هـ - 1983 م)، ودار الفكر - بيروت (1417 هـ - 1996 م).

67 -

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، لعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي، (ت: 1376 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ط: الأولى (1420 هـ-2000 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

ص: 225

68 -

تيسير مسائل الفقه شرح الروض المربع وتنزيل الاحكام على قواعدها الأصولية وبيان مقاصدها ومصالحها واسرارها وأسباب الاختلاف فيها، لعبد الكريم بن على بن محمد النملة، ط: الثانية (1427 هـ-2006 م)، مكتبة الرشد.

69 -

الثقات، لأبي حاتم محمد بن حبان البستي (ت 354 هـ) تحقيق: مجموعة من العلماء، ط: الأولى، (1973 - 1983 م)، دار الفكر - بيروت، مصورا من ط: الهندية.

70 -

جامع البيان في تأويل القرآن، لمحمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري (ت: 310 هـ) تحقيق: أحمد محمد شاكر، ط: الأولى (1420 هـ-2000 م)، مؤسسة الرسالة -بيروت.

71 -

جامع المسائل، لأحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية (ت: 728 هـ) تحقيق: علي بن محمد العمران ط: الأولى (1432 هـ)، دار عالم الفوائد- مكة.

72 -

جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي (ت: 463 هـ)، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري، ط: الأولى (1414 هـ-1994 م)، دار ابن الجوزي-السعودية.

73 -

الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت: 671 هـ) تحقيق: أحمد البردوني وزميله، ط: الثانية (1384 هـ-1964 م)، دار الكتب المصرية - القاهرة.

74 -

الجرح والتعديل، لأبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ابن أبي حاتم (ت: 327 هـ) ط: الأولى (1271 هـ-1952 م)، طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند دار إحياء التراث العربي - بيروت.

75 -

جزء فيه سبعة مجالس من أمالي أبي طاهر المخلص، لمحمد بن عبد الرحمن البغدادي المخلص (ت: 393 هـ) تحقيق: محمد بن ناصر العجمي ط: الأولى (1425 هـ-2004 م)، دار البشائر الأسلامية- بيروت.

76 -

جمل من أنساب الأشراف، لأحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري (ت: 279 هـ)، تحقيق: سهيل زكار، وزميله، ط: الأولى (1417 هـ-1996 م)، دار الفكر - بيروت.

77 -

جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت: 321 هـ)، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، ط: الأولى (1987 م)، دار العلم للملايين - بيروت.

78 -

جمهرة أنساب العرب، لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي الظاهري (ت: 456 هـ) تحقيق: لجنة من العلماء، ط: الأولى (1403 هـ-1983 م)، دار الكتب العلمية - بيروت.

ص: 226

79 -

الجواهر المضية في طبقات الحنفية، لعبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي (ت: 775 هـ) ط: (بدون)، مير محمد كتب خانه - كراتشي.

80 -

الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد الشهير بالماوردي (ت: 450 هـ) تحقيق: الشيخ علي محمد معوض وزميله، ط: الأولى (1419 هـ-1999 م)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.

81 -

حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني (ت: 430 هـ)، طبع سنة (1394 هـ-1974 م) السعادة - بجوار محافظة مصر.

82 -

الخراج، لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري (ت: 182 هـ) تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، وزميله، ط: طبعة جديدة مضبوطة، المكتبة الأزهرية للتراث.

83 -

الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه، لأبي بكر البيهقي (ت: 458 هـ)، تحقيق: فريق البحث العلمي بشركة الروضة، ط: الأولى (1436 هـ-2015 م)، الروضة-القاهرة.

84 -

الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي، ليوسف بن حسن بن عبد الهادي الحنبلي المعروف بابن المبرد (ت سنة 909 هـ)، تحقيق: رضوان مختار غريبة، ط: الأولى (1411 هـ-1991 م)، دار المجتمع.

85 -

الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، لعبد الرحمن بن محمد العليمي، تحقيق: عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، ط: الأولى (1412 هـ-1992 م)، مكتبة التوبة - السعودية.

86 -

الديات، لأبي بكر أحمد بن عمرو أبي عاصم، (ت 287 هـ)، تحقيق: عبد المنعم زكريا، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م) دار الصميعي - الرياض.

87 -

الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لإبراهيم بن علي بن محمد، ابن فرحون (ت: 799 هـ)، تحقيق: محمد الأحمدي، دار التراث للطبع والنشر، القاهرة.

88 -

الذخيرة، لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس الشهير بالقرافي (ت: 684 هـ)، ط: الأولى (1994 م)، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الغرب الإسلامي- بيروت

89 -

ذيل طبقات الحنابلة، لزين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (ت: 795 هـ) تحقيق: عبد الرحمن بن سليمان العثيمين ط: الأولى (1425 هـ-2005 م)، مكتبة العبيكان - الرياض.

90 -

رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عابدين (ت: 1252 هـ)، ط: الثانية، (1412 هـ-1992 م)، دار الفكر-بيروت

ص: 227

91 -

الرسالة، لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204 هـ) تحقيق: أحمد شاكر، ط: الأولى، (1358 هـ-1940 م)، مكتبه الحلبي، مصر.

92 -

الروض المربع شرح زاد المستقنع، لمنصور بن يونس البهوتى الحنبلى (ت: 1051 هـ) تحقيق: خالد المشيقيح وغيره، ط: الأولى (1438 هـ)، دار الركائز - الكويت.

93 -

روضة الناظر وجنة المناظر، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الشهير بابن قدامة المقدسي (ت: 620 هـ)، تحقيق: شعبان محمد إسماعيل، ط: الأولى (1419 هـ-1998 م) مؤسسة الريان-بيروت.

94 -

زاد المسافر في الفقه على مذهب الإمام أحمد، لأبي بكر عبد العزيز بن جعفر المعروف بغلام الخلال (ت: 363 هـ)، تحقيق: أبي جنة مصطفي بن محمد القباني، ط: الأولى (1437 هـ)، دار الأوراق الثقافية -جدة

95 -

زاد المستقنع في اختصار المقنع، لموسى بن أحمد بن موسى الحجاوي (ت: 968 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن علي العسكر، ط:(بدون) دار الوطن- الرياض.

96 -

زاد المسير في علم التفسير، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي (ت: 597 هـ)، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، ط: الأولى (1422 هـ)، دار الكتاب العربي - بيروت.

97 -

زاد المعاد في هدي خير العباد، لمحمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (ت: 751 هـ) ط: السابعة والعشرون (1415 هـ-1994 م) مؤسسة الرسالة، بيروت - مكتبة المنار الإسلامية، الكويت.

98 -

السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، لمحمد بن عبدالله بن حميد النجدي (ت: 1295 هـ) تحقيق: بكر أبو زيد وزميله، ط: الأولى (1416 هـ - 1996 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

99 -

السلسبيل النقي في تراجم شيوخ البيهقي، لأبي الطيب نايف بن صلاح بن علي المنصوري، ط: الأولى (1432 هـ-2011 م)، دار العاصمة - السعودية.

100 -

السلسبيل في معرفة الدليل حاشية على زاد المستقنع، للشيخ صالح بن إبراهيم البليهي، ط: الرابعة (1406 هـ)، مكتبة جدة.

101 -

السنة، لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال الحنبلي (ت: 311 هـ)، تحقيق: عطية الزهراني ط: الأولى (1410 هـ-198 م)، دار الراية - الرياض.

ص: 228

102 -

سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني (ت: 273 هـ) تحقيق: شعيب الأرنؤوط وغيره، ط: الأولى (1430 هـ - 2009 م)، دار الرسالة العالمية.

103 -

سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني (ت: 275 هـ) تحقيق: شعيب الأرنؤوط، ط: الأولى (1430 هـ - 2009 م) دار الرسالة العالمية.

104 -

سنن الترمذي، لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت: 279 هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الثانية (1395 هـ-1975 م) شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر.

105 -

سنن الدارقطني، لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني (ت: 385 هـ) تحقيق: شعيب الارنؤوط وغيره، ط: الأولى (1424 هـ-2004 م) مؤسسة الرسالة- بيروت.

106 -

السنن الكبرى، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (ت: 303 هـ)، تحقيق: حسن عبد المنعم شلبي ط: الأولى (1421 هـ-2001 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

107 -

السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي (ت: 458 هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ط: الثالثة (1424 هـ-2003 م)، دار الكتب العلمية، بيروت.

108 -

سنن سعيد بن منصور، لأبي عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الجوزجاني (ت: 227 هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، ط: الأولى (1403 هـ-1982)، الدار السلفية - الهند.

109 -

سير أعلام النبلاء، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الثالثة (1405 هـ-1985 م)، مؤسسة الرسالة بيروت.

110 -

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمحمد بن محمد بن عمر مخلوف (ت: 1360 هـ)، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، دار الكتب العلمية، لبنان.

111 -

شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لأبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن العماد الحنبلي، (ت 1089 هـ) تحقيق عبد القادر الأرنؤوط وزميله، طبع سنة (1406 هـ)، دار بن كثير، دمشق.

112 -

شرح التلويح على التوضيح، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت: 793 هـ) تحقيق: زكريا عميرات ط: الأولى (1416 هـ-1996 م)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.

113 -

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة.

ص: 229

114 -

شرح الزركشي على متن الخرقي، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ط: الثالثة (1430 هـ-2009 م)، مكتبة الأسدي.

115 -

الشرح الكبير (المطبوع مع المقنع والإنصاف)، لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن قدامة (ت: 682 هـ) تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي وزميله، ط: الأولى (1415 هـ-1995 م) هجر - القاهرة.

116 -

شرح الكوكب المنير، أبي البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي المعروف بابن النجار (ت: 972 هـ)، تحقيق: محمد الزحيلي وزميله، ط: الثانية (1418 هـ-1997 م)، مكتبة العبيكان.

117 -

الشرح الممتع على زاد المستقنع، لمحمد بن صالح العثيمين (ت: 1421 هـ) ط: الأولى (1422 هـ-1428 هـ)، دار ابن الجوزي.

118 -

شرح تنقيح الفصول، لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس الشهير بالقرافي (ت: 684 هـ)، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد ط: الأولى (1393 هـ-1973 م)، شركة الطباعة الفنية المتحدة.

119 -

شرح مختصر الروضة، لسليمان بن عبد القوي بن الكريم الطوفي (ت: 716 هـ) تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي ط: الأولى (1407 هـ-1987 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

120 -

شرح مسند الشافعي، لعبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي (ت: 623 هـ) تحقيق: وائل محمد بكر زهران، ط: الأولى (1428 هـ-2007 م)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إدارة الشؤون الإسلامية، قطر.

121 -

شرح مشكل الآثار، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة المعروف بالطحاوي (ت: 321 هـ) تحقيق: شعيب الأرنؤوط ط: الأولى (1415 هـ-1994 م) مؤسسة الرسالة-بيروت.

122 -

شرح معاني الآثار، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة المعروف بالطحاوي (ت: 321 هـ)، تحقيق: محمد زهري النجار وزميله من علماء الأزهر الشريف، ط: الأولى (1414 هـ-1994 م)، الناشر: عالم الكتب-بيروت.

123 -

شرح منتهى الإرادات المسمَّى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى، لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتى، (ت: 1051 هـ) ط: الأولى (1421 هـ-2000 م)، مؤسسة الرسالة -بيروت.

124 -

الصارم المسلول على شاتم الرسول، لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني تحقيق: محمد عبد الله عمر الحلواني وزميله، ط: الأولى (1417 هـ)، دار ابن حزم - بيروت.

ص: 230

125 -

الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت: 393 هـ) تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار ط: الرابعة (1407 هـ-1987 م)، دار العلم للملايين - بيروت.

126 -

صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان البستي (ت: 354 هـ) تحقيق: شعيب الأرنؤوط، ط: الثانية (1414 هـ-1993 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

127 -

صحيح ابن خزيمة، لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري (ت: 311 هـ)، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، ط: الثالثة (1424 - 2003 م)، المكتب الإسلامي.

128 -

صحيح البخاري، لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، ط: الأولى (1422 هـ)، دار طوق النجاة.

129 -

صحيح الترغيب والترهيب، لمحمد ناصر الدين الألباني ط: الأولى (1421 هـ-2000 م)، مكتبة المعارف-الرياض.

130 -

صحيح سنن أبي داود، لمحمد ناصر الدين الألباني (ت: 1421 هـ)، ط: الأولى (1419 هـ-1998 م)، مكتبة المعارف -الرياض.

131 -

صحيح سنن الترمذي، لمحمد ناصر الدين الألباني (ت: 1421 هـ)، ط: الأولى (1430 هـ-2000 م)، مكتبة المعارف-الرياض.

132 -

صحيح مسلم،، لأبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت: 261 هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ط:(بدون) الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

133 -

الضعفاء الكبير، لأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي (ت: 322 هـ) تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي ط: الأولى (1404 هـ-1984 م)، دار المكتبة العلمية - بيروت.

134 -

ضعيف سنن أبي داود، لمحمد ناصر الدين الالباني، ط: الأولى (1419 هـ-1998 م)، مكتبة المعارف.

135 -

الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر السخاوي، (ت: 902 هـ) ط: (بدون)، دار مكتبة الحياة - بيروت

136 -

طبقات الحفاظ، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت: 911 هـ) ط: الأولى (1403 هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت.

137 -

طبقات الحنابلة، لأبي الحسين ابن أبي يعلى، محمد بن محمد (ت: 526 هـ)، تحقيق: محمد حامد الفقي، ط:(بدون)، دار المعرفة - بيروت.

ص: 231

138 -

طبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (ت: 771 هـ) تحقيق: د. محمود محمد الطناحي وزميله، ط: الثانية (1413 هـ)، هجر.

139 -

طبقات الشافعية، لأبي بكر بن أحمد بن محمد بن عمر ابن قاضي شهبة (ت: 851 هـ) تحقيق: عبد العليم خان ط: الأولى (1407 هـ)، عالم الكتب - بيروت.

140 -

طبقات الشافعيين، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774 هـ)، تحقيق: د أحمد عمر هاشم وزميله، طبع سنة (1413 هـ-1993 م)، مكتبة الثقافة الدينية.

141 -

الطبقات الكبرى، لأبي عبد الله محمد بن سعد البغدادي (ت: 230 هـ) تحقيق: محمد عبد القادر عطا ط: الأولى (1410 - 1990 م)، دار الكتب العلمية - بيروت.

142 -

طبقات المفسرين، لمحمد بن علي بن أحمد الداوودي (ت: 945 هـ)، ط (بدون)، دار الكتب العلمية - بيروت.

143 -

طبقات علماء الحديث، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي (ت: 744 هـ) تحقيق: أكرم البوشي وزميله، ط: الثانية (1417 هـ-1996 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

144 -

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت: 751 هـ) تحقيق: نايف بن أحمد الحمد، ط: الأولى (1428 هـ)، دار عالم الفوائد - مكة المكرمة.

145 -

العدة شرح العمدة، لعبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي (ت: 624 هـ) تحقيق: صلاح بن محمد عويضة، ط: الثانية (1426 هـ-2005 م)، دار الكتب العلمية.

146 -

العدة في أصول الفقه، لأبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد (ت: 458 هـ)، تحقيق: أحمد بن علي بن سير المباركي، ط: الثانية (1410 هـ-1990 م)، بدون ناشر.

147 -

العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين، لتقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسى (ت: 832 هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ط: الأولى (1998 م)، دار الكتب العلمية، بيروت.

148 -

عمدة القاري شرح صحيح البخاري، لأبي محمد محمود بن أحمد بن موسى بدر الدين العينى (ت: 855 هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

149 -

غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، لمحمد ناصر الدين الألباني (ت: 1420 هـ) ط: الثالثة (1405 هـ)، المكتب الإسلامي - بيروت.

ص: 232

150 -

غاية النهاية في طبقات القراء، لشمس الدين محمد بن محمد بن يوسف ابن الجزري (ت: 833 هـ) طبع سنة (1351 هـ)، مكتبة ابن تيمية

151 -

غريب الحديث، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597 هـ) تحقيق: عبد المعطي أمين القلعجي ط: الأولى (1405 هـ-1985 م)، دار الكتب العلمية - بيروت.

152 -

غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام البغدادي (ت: 224 هـ)، تحقيق: محمد عبد المعيد خان، ط: الأولى (1384 هـ-1964 م) مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد- الدكن.

153 -

الفائق في غريب الحديث والأثر، لأبي القاسم محمود بن عمرو الزمخشري (ت: 538 هـ) تحقيق: علي محمد البجاوي وزميله، ط:: الثانية (بدون)، دار المعرفة - لبنان.

154 -

فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، طبع سنة (1379 هـ) دار المعرفة - بيروت.

155 -

فتح الملك العزيز بشرح الوجيز، لعلي بن البهاء البغدادي الحنبلي (ت 900 هـ)، تحقيق: عبدالملك بن دهيش، ط: الأولى (1423 هـ)، دار خضر- بيروت.

156 -

الفروع ومعه تصحيح الفروع، لمحمد بن مفلح بن محمد الحنبلي (ت: 763 هـ) تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، الناشر: مؤسسة الرسالة-بيروت.

157 -

فضائل الصحابة، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت: 241 هـ) تحقيق: وصي الله محمد عباس ط: الأولى (1403 هـ-1983 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

158 -

فواتح الرحموت، للعلامة عبد العلي محمد نظام الدين محمد اللكنوي (ت: 1225 هـ)، وصححه عبد الله محمود محمد عمر، ط: الاولى 1423 هـ - 2002 م، دار الكتب العلمية بيروت.

159 -

الفوائد البهيه في تراجم الحنفية، لأبي الحسنات محمد عبدالحي اللكنوي (ت: 1304 هـ) تصحيح محمد بدر الدين النعاني، ط:(بدون)، دار الكتاب الإسلامي- القاهره.

160 -

القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، للدكتور سعدي أبو جيب، ط: الثانية (1408 هـ-1988 م)، دار الفكر-دمشق.

ص: 233

161 -

القاموس المحيط، لأبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (ت: 817 هـ)، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، ط: الثامنة (1426 - 2005 م)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

162 -

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، لأبي محمد الطيب بن عبد الله بن أحمد بامخرمة، (ت: 947 هـ) عني به: بو جمعة مكري وزميله، ط: الأولى (1428 هـ-2008 م)، دار المنهاج - جدة.

163 -

الكافي، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (ت: 620 هـ)، ط: الأولى (1414 هـ-1994 م)، دار الكتب العلمية - بيروت.

164 -

الكامل في التاريخ، لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد الجزري ابن الأثير (ت: 630 هـ)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري ط: الأولى (1417 هـ-1997 م)، دار الكتاب العربي- بيروت.

165 -

الكامل في اللغة والأدب، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت: 285 هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط: الثالثة (1417 هـ-1997 م)، ار الفكر العربي - القاهرة.

166 -

الكامل في ضعفاء الرجال، لأبي أحمد بن عدي الجرجاني (ت: 365 هـ) تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وغيره، ط: الأولى (1418 هـ-1997 م)، الكتب العلمية - بيروت.

167 -

الكبائر، تنسب لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ) ط: (بدون)، دار الندوة الجديدة - بيروت.

168 -

كتاب التوحيد، لمحمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (ت: 1206 هـ) تحقيق: عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد وغيره، جامعة الأمام محمد بن سعود، الرياض.

169 -

الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، (ت: 235 هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت ط: الأولى (1409 هـ)، مكتبة الرشد - الرياض.

170 -

كشاف القناع عن الإقناع، لمنصور بن يونس البهوتى (ت: 1051 هـ)، تحقيق: لجنة متخصصة في وزارة العدل، ط: الأولى (1429 هـ)، وزارة العدل- السعودية.

171 -

كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، لعبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري الحنفي (ت: 730 هـ)، ط:(بدون) دار الكتاب الإسلامي.

172 -

كشف اللثام شرح عمدة الأحكام، لأبي العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (ت: 1188 هـ) نحقيق: نور الدين طالب، ط: الأولى (1428 هـ-2007 م)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت، دار النوادر - سوريا.

ص: 234

173 -

الكفاية في علم الرواية، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت: 463 هـ)، تحقيق: أبو عبدالله السورقي وزميله، المكتبة العلمية - المدينة المنورة.

174 -

الكمال في أسماء الرجال، لأبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى: 600 هـ)، تحقيق: شادي بن محمد آل نعمان، ط: الأولى، 1437 هـ - 2016 م، الهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومها- الكويت - شركة غراس-الكويت.

175 -

كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، لعلاء الدين علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي (ت: 975 هـ) تحقيق: بكري حياني - صفوة السقا، ط: الخامسة (1410 هـ-1981 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

176 -

اللباب في تهذيب الأنساب، لأبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد عز الدين ابن الأثير (ت: 630 هـ) ط: (بدون) الناشر: دار صادر - بيروت.

177 -

لسان العرب، لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الرويفعى الإفريقى (ت: 711 هـ)، ط: الثالثة (1414 هـ)، دار صادر - بيروت.

178 -

لسان الميزان، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة ط: الأولى (2002 م) دار البشائر الإسلامية.

179 -

اللمع في أصول الفقه، لأبي اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (ت: 476 هـ) ط: الثانية (1424 - 2003 م)، دار الكتب العلمية-بيروت.

180 -

ما صح من آثار الصحابة في الفقه، لزكريا بن غلام قادر الباكستاني، ط: الأولى (1421 هـ-2000 م)، دار الخراز- جدة، دار ابن حزم- بيروت.

181 -

المبدع في شرح المقنع، لإبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح (ت: 884 هـ) ط:: الأولى (1418 هـ-1997 م هـ)، دار الكتب العلمية- بيروت.

182 -

المجتبى من السنن = السنن الصغرى للنسائي، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (ت: 303 هـ)، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، ط: الثانية (1406 هـ-1986 م)، مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب.

183 -

المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، لأبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد الدارمي (ت: 354 هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، ط: الأولى (1396 هـ)، دار الوعي - حلب.

ص: 235

184 -

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لأبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (ت: 807 هـ) تحقيق: حسام الدين القدسي، طبع سنة (1414 هـ-1994 م)، مكتبة القدسي، القاهرة.

185 -

مجموع الفتاوى، لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت: 728 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية.

186 -

المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، لمحمد بن عمر بن أحمد الأصبهاني، (ت: 581 هـ)، تحقيق: عبد الكريم العزباوي، ط: الأولى (1406 هـ - 1986 م، 1408 هـ - 1988 م) جامعة أم القرى، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي،، ودار المدني -جدة.

187 -

المجموع شرح المهذب مع تكملة السبكي والمطيعي، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت: 676 هـ) ط: (بدون) دار الفكر.

188 -

المحرر في الفقه، لعبد السلام بن عبد الله بن الخضر ابن تيمية الحراني، (ت: 652 هـ)، ط: الثانية (1404 - 1984 م)، مكتبة المعارف- الرياض.

189 -

المحلى بالآثار، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، (ت: 456 هـ) ط (بدون)، دار الفكر - بيروت.

190 -

مختار الصحاح، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر الحنفي الرازي (ت: 666 هـ)، تحقيق: يوسف الشيخ محمد، ط: الخامسة (1420 هـ-1999 م)، المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت - صيدا.

191 -

مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية، لمحمد بن علي بن أحمد بدر الدين البعلي (ت: 778 هـ)، تحقيق: عبد المجيد سليم وزميله، ط:(بدون) مطبعة السنة المحمدية - تصوير دار الكتب العلمية

192 -

مختصر المؤمل في الرد إلى الأمر الأول، لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي المعروف بأبي شامة (ت: 665 هـ) تحقيق: صلاح الدين مقبول أحمد طبع سنة (1403 هـ)، مكتبة الصحوة الإسلامية - الكويت.

193 -

مختصر طبقات الحنابلة، لمحمد بن جميل بن عمر البغدادي المعروف بان الشطي، تحقيق: فواز أحمد الزمر لي، ط: الأولى (1406 هـ-1968 م)، دار الكتاب العربي- بيروت.

ص: 236

194 -

مختصر منتهى السؤل والامل في علمي الأصول والجدل، لعثمان بن عمر بن أبي بكر المالكي المعروف بابن الحاجب (ت: 646 هـ) ط: الأولى (1427 هـ 02006 م)، تحقيق: نذير حمادو، ط: الأولى (1427 هـ 2006 م)، دار ابن حزم-بيروت ـ

195 -

المدخل إلى السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي (ت: 458 هـ)، تحقيق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي، ط:(بدون): دار الخلفاء للكتاب الإسلامي - الكويت.

196 -

المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، لعبد القادر بن أحمد بن مصطفى بدران (ت: 1346 هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط: الثانية (1401 هـ)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

197 -

المدينة بين الماضي والحاضر، لإبراهيم بن علي العياشي، ط:(1392 هـ-1972 م)، المكتبة العلمية- المدينة المنورة

198 -

المذهب الحنبلي «دراسة في تاريخه وسماته وأشهر أعلامه ومؤلفاته» ، لعبد الله بن عبد المحسن بن التركي، ط: الأولى (1423 هـ-2002 م)، مؤسسة الرسالة- بيروت، دار عالم الكتب-بالرياض (1432 هـ - 2011 م).

199 -

مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، لعبد المؤمن بن عبد الحق ابن شمائل القطيعي، الحنبلي (ت: 739 هـ)، ط: الأولى (1412 هـ)، دار الجيل، بيروت.

200 -

مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه والقول المكتفى على سنن المصطفى، لمحمد الأمين بن عبد الله الأثيوبي، مراجعة لجنة من العلماء، ط: الأولى (1439 هـ - 2018 م، دار المنهاج، جدة.

201 -

مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت: 275 هـ) تحقيق: أبي معاذ طارق بن عوض الله ط:: الأولى (1420 هـ-1999 م)، مكتبة ابن تيمية، مصر.

202 -

مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، (ت 275 هـ)، تحقيق: زهير الشويش ط: (1394)، المكتبة الوقفية-بيروت، المكتب الإسلامي بيروت.

ص: 237

203 -

المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، لأبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء الحنبلي، (3 ت: 458 هـ)، تحقيق: د. عبدالكريم بن محمد اللاحم، ط: الأولى (1405 هـ-1985 م)، مكتبة المعارف - الرياض.

204 -

المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الحاكم النيسابوري (ت: 405 هـ) تحقيق: أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي طبع سنة (1417 هـ-1997 م)، دار الحرمين - القاهرة.

205 -

المستصفى في علم الأصول، لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت: 505 هـ) تحقيق: محمد بن سليمان الأشقر، ط: الأولى (1417 هـ-1997 م)، مؤسسة الرسالة، بيروت.

206 -

المستوعب، لنصير الدين محمد بن عبد الله السامري الحنبلي، (ت: 616 هـ)، تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ط: الثانية (1424 هـ-2003 م)، مكة المكرمة.

207 -

مسند ابن الجعد، لأبي الحسن علي بن الجعد الجوهري (ت 230 هـ) جمعه: عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي (ت 317 هـ) ـ، تحقيق د. عبد المهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي، ط: الأولى (1405 هـ-1985 م)، مكتبة الفلاح.

208 -

مسند أبي داود الطيالسي، لسليمان بن داود بن الجارود الطيالسي (ت: 204 هـ) تحقيق: محمد بن عبد المحسن التركي ط: الأولى (1419 هـ-1999 م)، دار هجر - مصر.

209 -

مسند الإمام أحمد بن حنبل، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت: 241 هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - وآخرون، ط: الأولى (1421 هـ-2001 م)، مؤسسة الرسالة-بيروت.

210 -

مسند الإمام الشافعي، لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204 هـ)، تحقيق: ماهر ياسين فحل، ط: الأولى (1425 - 2004 م)، شركة غراس-الكويت.

211 -

مسند الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، جمعه: عبد العزيز بن إسحاق البغدادي، ط (بدون)، دار الكتب العلمية- بيروت.

212 -

مسند البزار، لأبي بكر أحمد بن عمرو العتكي المعروف بالبزار (ت: 292 هـ)، تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الأولى، (1998 م-2009 م)، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة.

ص: 238

213 -

مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774 هـ)، تحقيق: إمام بن علي بن إمام ط: الأولى (1430 هـ-2009 م)، دار الفلاح، الفيوم - مصر.

214 -

المسودة في أصول الفقه، لآل تيمية، عبد السلام (ت: 652 هـ)، عبد الحليم (ت: 682 هـ)، أحمد (728 هـ) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط:(بدون)، دار الكتاب العربي.

215 -

مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان الدارمي، (ت: 354 هـ) تحقيق: مرزوق على إبراهيم ط: الأولى (1411 هـ-1991 م)، دار الوفاء- المنصورة.

216 -

مشكاة المصابيح، لمحمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، ط: الثالثة (1405 هـ-1985 م)، المكتب الإسلامي - بيروت.

217 -

مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، لأبي العباس أحمد بن أبي بكر البوصيري (ت: 840 هـ)، تحقيق: محمد المنتقى الكشناوي، ط: الثانية (1403 هـ)، دار العربية - بيروت.

218 -

المصنف، لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211 هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي ط: الثانية، (1403 هـ)، المجلس العلمي- الهند.

219 -

المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ)، تحقيق: مجموعة من الباحثين، ط: الأولى (1419 هـ، 1420 هـ) دار العاصمة - دار الغيث.

220 -

مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، لمصطفى بن سعد بن عبده الرحيبانى الحنبلي (ت: 1243 هـ) ط: الثانية (1415 هـ-1994 م)، المكتب الإسلامي.

221 -

المطلع على ألفاظ المقنع، لمحمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي (ت: 709 هـ) تحقيق: محمود الأرناؤوط وزميله، ط: الأولى (1423 هـ-2003 م)، مكتبة السوادي.

222 -

معجم أصحاب القاضي أبي علي الصدفي، لمحمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي ابن الأبار (ت: 658 هـ) ط: الأولى (1420 هـ-2000 م)، مكتبة الثقافة الدينية - مصر.

223 -

معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري، لسعد بن عبد الله جنيدل، ط:(1419 هـ-1999 م)، دار الملك عبد العزيز بمناسبة مرور مائة عام-الرياض.

ص: 239

224 -

المعجم الأوسط، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، (ت: 360 هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد وزميله، ط:(بدون)، دار الحرمين - القاهرة.

225 -

معجم البلدان، لأبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (ت: 626 هـ)، ط: الثانية (1995 م)، دار صادر، بيروت.

226 -

معجم الشعراء، لأبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني (ت: 384 هـ) بتصحيح: كرنكو، ط: الثانية (1402 هـ-1982)، دار الكتب العلمية، بيروت.

227 -

المعجم الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت: 360 هـ)، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي ط: الثانية (1983 م)، دار إحياء التراث العربي.

228 -

معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي وزميله، ط: الثانية، (1408 هـ - 1988 م)، دار النفائس-بيروت

229 -

معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، لعاتق بن غيث بن زوير البلادي (ت: 1431 هـ)، ط: الأولى (1402 هـ-1982 م)، دار مكة - مكة المكرمة.

230 -

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، لأبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري (ت: 487 هـ)، ط: الثالثة (1403 هـ)، عالم الكتب، بيروت.

231 -

معجم مصطلح الأصول، لهيثم هلال، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، دار الجيل - بيروت.

232 -

معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء الرازي، (ت: 395 هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط:(بدون)، دار الفكر.

233 -

معرفة السنن والآثار لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت: 458 هـ) تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، ط: الأولى (1412 - 1991 م)، جامعة الدراسات الإسلامية (باكستان)، دار قتيبة (دمشق -بيروت)، دار الوعي (حلب - دمشق)، دار الوفاء (المنصورة - القاهرة).

234 -

معرفة الصحابة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني (ت: 430 هـ) تحقيق: عادل بن يوسف العزازي ط: الأولى (1419 هـ-1998 م)، دار الوطن للنشر، الرياض.

235 -

معرفة أنواع علوم الحديث، لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح (ت: 643 هـ)، تحقيق: عبد اللطيف الهميم وزميله، ط: الأولى، طبع سنة (1423 هـ-2002 م)، دار الكتب العلمية.

ص: 240

236 -

المغني، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الشهير بابن قدامة المقدسي (ت: 620 هـ) تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، وزميله، ط: الثالثة (1417 هـ-1997 م)، عالم الكتب، الرياض.

237 -

مفاتيح الفقه الحنبلي، للدكتور: سالم علي الثقفي، ط: الثانية (1402 هـ-1982 م)، دار النصر-مصر.

238 -

المفردات في غريب القران، لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت: 502 هـ) تحقيق: صفوان عدنان الداودي، ط: الأولى (1412)، دار القلم، الدار الشامية - دمشق بيروت

239 -

مفيد العلوم ومبيد الهموم، ينسب لأبي بكر الخوارزمي محمد بن العباس (ت: 383 هـ)، طبع سنة (1418 هـ)، المكتبة العنصرية، بيروت.

240 -

المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، لأبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت: 902 هـ)، تحقيق: محمد عثمان الخشت، ط: الأولى (1405 هـ-1985 م)، دار الكتاب العربي - بيروت.

241 -

المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، لإبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن مفلح (ت: 884 هـ)، تحقيق: د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، ط: الأولى (1410 هـ-1990 م)، مكتبة الرشد - الرياض.

242 -

المقنع شرح مختصر الخرقي، لأبي علي الحسن بن أحمد بن عبدالله بن البنا (471 هـ)، تحقيق: عبد العزيز بن سليمان البعيمي، ط: الأولى (1414 هـ-1993 م)، مكتبة الرشد الرياض.

243 -

المكاييل والموازيين الشرعية، للدكتور علي جمعة، ط: الثانية (1430 هـ) دار الرسالة- القاهرة.

244 -

الملل والنحل، لمحمد بن عبد الكريم بن أبي بكر الشهرستاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، طبع سنة 1404 هـ، دار المعرفة - بيروت.

245 -

الممتع في شرح المقنع، لزين الدين المنجَّى بن عثمان بن أسعد التنوخي الحنبلي (ت 695 هـ) تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ط: الثالثة (1424 هـ 2003 م)، مكتبة الأسدي - مكة المكرمة.

246 -

مناقب الإمام أحمد، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي (ت: 597 هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط: الثانية، (1409 هـ)، دار هجر-مصر.

ص: 241

247 -

المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد العراقي، الحنبلي (ت 641 هـ)، تحقيق: خالد حيدر، طبع سنة (14134 هـ)، دار الفكر.

248 -

المنتخب من مسند عبد بن حميد، لأبي محمد عبد بن حميد المعروف بالكشي، (ت 249 هـ)، تحقيق: أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين، ط: الأولى (1430 هـ-2009 م)، مكتبة دار ابن عباس - المنصورة، جمهورية مصر العربية.

249 -

المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597 هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، وزميله، ط: الأولى (1412 هـ-1992 م)، دار الكتب العلمية، بيروت.

250 -

منجد المقرئين ومرشد الطالبين، لمحمد بن محمد بن يوسف (ت: 833 هـ) ط: الأولى (1420 هـ-1999 م)، دار الكتب العلمية-بيروت.

251 -

المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد، لمنصور بن يونس البهوتى (ت: 1051 هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن محمد المطلق، ط: الأولى، (1427 هـ - 2006 م)، دار كنوز إشبيليا - السعودية

252 -

المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت: 676 هـ) ط: الثانية (1392 هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت.

253 -

المنور في راجح المحرر، لأحمد بن محمد بن علي الأدمي الحنبلي (ت: حوالي 749 هـ): تحقيق: د. وليد عبد الله المنيس، ط: الأولى (1424 هـ-2003 م)، دار البشائر الإسلامية-بيروت.

254 -

المهذب في علم أصول الفقه المقارن، لعبد الكريم بن علي بن محمد النملة (ت: 1435)، ط: الأولى (1420 هـ-1999 م)، مكتبة الرشد - الرياض.

255 -

الموافقات، لإبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي الشهير بالشاطبي (ت: 790 هـ) تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، ط: الأولى (1417 هـ-1997 م)، دار ابن عفان.

256 -

موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، وزميله، ط: الثانية (1414 هـ-1993 م)، مكتبة الرشد الرياض.

257 -

المواقف في علم الكلام، لعضد الله والدين القاضي عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، ط:(بدون)، عالم الكتب، بيروت.

ص: 242

258 -

موسوعة 1000 مدينة إسلامية، لعبد الحكيم العفيفي، ط: الأولى (1421 هـ-2000 م)، أوراق شرقية-بيروت.

259 -

موسوعة الطير والحيوان في الحديث النبوي، لعبد اللطيف عاشور، ط:(بدون)، القاهرة.

260 -

موسوعة المدن العربية الإسلامية، ليحيى شامي، ط: الأولى (1993 م)، دار الفكر العربي، بيروت.

261 -

الموطأ، لمالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي (ت: 179 هـ) تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، ط: الأولى، (1425 - 2004 م)، مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية - أبو ظبي.

262 -

ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن قايماز الذهبي (ت: 748 هـ) تحقيق: علي محمد البجاوي، ط: الأولى (1382 هـ-1963 م)، دار المعرفة-بيروت.

263 -

نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ)، تحقيق: عبد الله بن ضيف الله الرحيلي، ط: الأولى، (1422 هـ)، سفير الرياض.

264 -

نسب قريش، لأبي عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري (ت: 236 هـ) تحقيق: ليفي بروفنسال، ط: الثالثة (بدون تاريخ)، الناشر: دار المعارف، القاهرة.

265 -

نشر البنود على مراقي السعود، لعبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي، تقديم: الداي ولد سيدي بابا - وزميله، ط:(بدون)، مطبعة فضالة -المغرب.

266 -

نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، لأبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت: 762 هـ)، تحقيق: محمد عوامة، ط: الأولى (1418 هـ-1997 م)، مؤسسة الريان بيروت، دار القبلة للثقافة الإسلامية- جدة.

267 -

النكت على كتاب ابن الصلاح، لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ) تحقيق: ربيع بن هادي عمير المدخلي، ط: الأولى (1404 هـ-1984 م)، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة.

268 -

نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، لأبي العباس أحمد بن علي القلقشندي (ت: 821 هـ)، تحقيق: إبراهيم الإبياري، ط: الثانية (1400 هـ-1980 م)، دار الكتاب اللبنانين، بيروت.

ص: 243

269 -

النهاية في غريب الحديث والأثر، لأبي السعادات المبارك بن محمد بن محمد الجزري ابن الأثير (ت: 606 هـ) تحقيق: طاهر أحمد الزاوى وزميله، طبع سنة (1399 هـ-1979 م)، المكتبة العلمية - بيروت.

270 -

النوادر والزيادات، لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، المالكي (ت: 386 هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين، ط: الأولى (1999 م)، دار الغرب الإسلامي، بيروت.

271 -

نيل الابتهاج بتطريز الديباج، لأبي العباس أحمد بابا بن أحمد التكروري التنبكتي (ت: 1036 هـ)، ط: الثانية (2000 م)، دار الكاتب- طرابلس.

272 -

الهداية على مذهب الإمام أحمد، لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، تحقيق: عبد اللطيف هميم، وزميله، ط: الأولى (1425 هـ-2004 م)، مؤسسة غراس.

273 -

الواضح في أصول الفقه، لأبي الوفاء، علي بن عقيل البغدادي (ت: 513 هـ) تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط: الأولى (1420 هـ-1999 م)، مؤسسة الرسالة -بيروت.

274 -

الواضح في شرح مختصر الخرقي، لأبي طالب عبدالرحمن بن عمر بن أبي قاسم البصري الضرير (ت: 684 هـ)، تحقيق: عبد الملك بن عبدالله بن دهيش، ط: الأولى (1421 هـ-2000 م)، دار خضر -بيروت.

275 -

الوافي بالوفيات، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت: 764 هـ) تحقيق: أحمد الأرناؤوط وزميله، طبع سنة (1420 هـ-2000 م)، دار إحياء التراث - بيروت.

276 -

الوجيز في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، لأبي عبد الله، الحسين بن يوسف الدجيلي (664 هـ - 732 هـ)، تحقيق: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي ط: الأولى (1425 هـ-2004 م): مكتبة الرشد - الرياض.

277 -

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، لأبي العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم ابن خلكان (ت: 681 هـ) تحقيق: إحسان عباس، ط:(1900 - 1994 م)، دار صادر - بيروت.

ص: 244