الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقريظ العلّامة المحدِّث الشيخ شعيب الأرنؤوط رحمه الله وأجزل مثوبته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن كتاب الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النَّيسابوري ليُعَدُّ من مصنفات الحديث النبوي المهمة التي عوَّل عليها أئمة الإسلام، وعُنُوا تمام العناية بمطالعة الأحاديث والآثار منها، نظرًا لاشتماله على طرق عزيزة لأحاديثَ وآثارٍ يحتاج إليها طالبُ العلم، وذلك لسَعَة اطلاع الحاكم النيسابوري رحمه الله، وتفرده بالسماع من شيوخ لم يُقْضَ لغيره السماعُ منهم، لأحاديث ليست عند غير أولئك الشيوخ، خصوصًا في بلده نيسابور الذي قَطَنه علماءُ أجلّاءُ وحفاظٌ عظماءُ، ذكرهم الحاكمُ في كتابه الجليل "تاريخ نيسابور".
وكتابٌ بهذه المكانة الرفيعة جديرٌ بأن تُحقَّق نصوصُه، وتُخرج أحاديثُه، وأن يُقابل على أصوله الخطية العتيقة، وأن يُضبَط ما فيها من أسماء الرواة المشتبهة، وألفاظ الحديث المشكلِة، وأن يُبيَّن ما فيه إبهام أو إيهام من الأسماء والألفاظ.
وقد تصدّى للقيام بذلك كلّه ثُلّةٌ من أصحابي الأوفياء الأساتذة الذين تخرَّجوا على يديَّ في مكتب تحقيق التراث الإسلامي التابع لمؤسسة الرسالة العالمية، ممن لازَموني لأكثر من عشرين عامًا، وبعضهم تجاوز بصحبتي الثلاثين عامًا، وأفادوا مني كافَّة العلومِ التي لا يستغني عنها المحقِّق، من دراسةٍ للأصولِ الخَطيّة، ومقابلتها، ومعرفة خطوطها ورموزها، وضبط مشكلات الألفاظ، وتخريج الأحاديث
النبوية، والحكم عليها، وتَنقِيد ما يَقعُ للمصنِّفين من مُؤاخذاتٍ، والتنبيه عليها، مع المعرفة بعلوم اللغة العربية، والإلمام بعلوم التفسير والفقه وأصوله.
وكنتُ على اطّلاع بمُجريَات العمل الذي قامُوا به خيرَ قيام، مُتصبِّرين على ما يَعتَرِض عملَهم في هذا الكتاب من صُعوباتٍ ومَشاقَّ، نظرًا لحاجة كثيرٍ من أحاديثه إلى تَروٍّ وأناةٍ، خصوصًا في الحكم على أسانيد الحاكم نفسِه، الأمرُ الذي تطلَّب منهم أحيانًا أن يَمكثُوا الساعاتِ الطِّوال حتى يَتَسنّى لهم إعطاءُ الحُكم المناسب على الإسناد، بعد مُشاورةٍ فيما بينهم ومُدارسةٍ.
فكان عملُهم هذا بحقٍّ عملًا فريدًا متميزًا، وقد ساروا فيه وَفْقَ ذلك المنهج العلمي المعتدل الذي أفدتُهم به ودرَّبتهم عليه لسنين طويلة، حتى غدا كلُّ واحدٍ منهم أهْلًا لأن يضطلعَ بأعباء هذا العمل المبارك مُنفردًا، وأن يُفيد الطَّلبةَ في هذا الفنِّ فائدةً عظيمةً.
فالله تعالى أسألُ أن يتمم بالصالحات أعمالَهم، وأن يُلِهمَهم الخيرَ والسدادَ، وأن يستمروا على ما أَنِستُه منهم من الدِّقّة والإتقان في العمل، وأن يُخلِصوا الله دائمًا في القول والعمل، وأن لا يألوا جهدًا في التَّشاور فيما بينهم فيما هم بصَدَدِه من الأعمال، والله وليُّ التوفيق والسَّداد، لا ربَّ غيرُه.
شعيب بن محرّم الأرنؤوط
شهر أيار/ 2016 م
الموافق لشعبان/ 1437 ه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، الذي بَرَأ العبادَ وصوّرهم فأحسن صُوَرَهم، والذي أنعم عليهم بعظيم النِّعَم، وعافاهم من خَطير النِّقَم، وأجزل لهم العطاء، وامتَنَّ عليهم بمزيد السّخاء، ثم قهر العبادَ بالنقص والنسيان، والقصور عن بلوغ غاية الإتقان، ليكون هو وحدَه الربَّ المتفرِّدَ بصفات الكمال، المنزَّهَ عن صفات العيب والنقصان.
وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمد بن عبد الله، صاحبِ المقام المحمود، الذي ميَّزه به ربُّه المعبود، يوم لا يغني والدٌ عن مولود، ولا وادٌّ عن مودُود، رزقنا الله شفاعته والشربَ من حَوضِه الكوثر المورود، برحمتِه سبحانَه وفضلِه المعهود، وبعدُ:
فإن كتاب أبي عبد الله الحاكم النيسابوري هذا الموسوم بـ "المستدرك على الصحيحين" لَيُعدُّ ديوانًا مهمًا من دواوين السنة النبوية المطهرة، بما اشتمل عليه من الروايات والطرق الفرائد، التي لم يسبقه إليها أحدٌ من أئمة الحديث، ولا غرو في ذلك؛ لأنه إنما استقى تلك الروايات والطُّرق الفريدة من مَوارد لم يشاركه فيها غيرُه؛ إذ كان بنيسابور، كبرى حواضر العالم الإسلامي في شتى العلوم آنذاك، ولا سيما علم الحديث، وتنقل أبو عبد الله بصبر وجَلَدٍ عزّ نظيره بين مدنها وقُراها ونواحيها، والْتقى بجمٍّ غفيرٍ من الشيوخ النيسابوريين الذين سجَّل أسماءهم في ديوانه المشهور الموسوم بـ "تاريخ نيسابور"، وترجم لكل منهم بترجمة تُظهر منزلتَه وحالَه.
وقد كان لأبي عبد الله الحاكم مصنفات جليلة في علم الحديث، وأجلُّها هذا الكتاب العظيم الذي سماه بـ "المستدرك على الصحيحين"، ولكن بالرغم من
جلالة قدر هذا الكتاب فإنه لم يَنَل من العناية والتحقيق ما يستأهِلُه مثلُه من دواوين السُّنّة، فاستعنَّا بالله على خوض غِمار تحقيقه، ومقابلة أصوله الخطية، وتخريج نصوصه، وضبطه وشرحه.
وكنا قبل الشروع في تحقيق هذا الكتاب قد ظننّا باديَ الرأي - بنظرة عَجْلَى - أن الخطب فيه يسيرٌ، والعمل فيه هيِّن، ولا سيما أنّا قد حقَّقنا من قبله من كتب السنة ما ظنناه مُغنِيًا لنا عن الإطالة في هذا الكتاب؛ فعزمنا على أن نذكر عند كل حديثٍ في "المستدرك" نبذةً يَسيرةً نُظهر فيها الحُكم عليه وتخريجه من الكتب الستة مع "مسند أحمد" و "صحيح ابن حبان"، ثم نحيل القارئ إلى تحقيقاتنا لهذه الكتب السابقة، بحيث يجد فيها التوسعَ في الحكم على الحديث، والتخريجَ مستوفًى على الوجه الأتم الأكمل الذي يرتضيه أهل هذه الصناعة إن شاء الله.
ولكننا بعد قطع بعض مادّة هذا الكتاب تبيّن لنا أن الأمر بخلاف ما كنا نظنُّ، وأنَّ كثيرًا من أحاديثه هي بحاجة إلى مزيد من النظر والدراسة والبحث، ولا سيما وأن كثيرًا من رجاله الذين هم في طبقة متأخرة عن طبقة رجال الكتب الستة، يتطلب الأمر دراسة أحوالهم دراسة دقيقة وافية، وذلك أن كثيرًا منهم عثرنا على تراجمهم بعد التقصي والبحث الحثيث مبثوثةً في أثناء كتب التراجم والتاريخ والأنساب، ولم يُفرَد لهم تراجم واضحة تُظهر لنا حالتهم في رواية الحديث من حيث الضبط، خاصةً وأن كتاب "تاريخ نيسابور" لأبي عبد الله الحاكم مما لم يُعثَر عليه - حتى الآن - من كتب تراثنا الإسلامي الذي ربما يكون من جملة ما فُقِد أو تَلِف في بعض الكوائن السابقة المؤلمة التي عصفت ببلاد الإسلام؛ ككائنة التتار وغيرها.
وقد سَلِمَ لنا منه - بحمد الله - ما استصفاه الإمامُ أبو سعد السمعاني في كتابه الجليل الموسوم بـ "الأنساب الذي جعل كتاب "تاريخ نيسابور" للحاكم مِن أهم موارده في التراجم، فقد حرص على إيراد كثير من تراجم الرجال النيسابوريين
منه، فحفظ لنا أكثر ما نحتاجه من ذلك، ووجدنا فيه طَلِبَتَنا في كثير من الأحيان.
كما كان للإمام الخطيب البغدادي في كتابه "تاريخ بغداد" عنايةٌ بنقل عدد من تراجم البغداديين من كتاب الحاكم "تاريخ نيسابور"، ممَّن رحل إلى نيسابور أو ورد إليها، فذكرهم الحاكمُ لأجل ذلك.
ولكن عددًا من رجال الحاكم في "المستدرك" لم نعثُر لهم على تراجم في شيء من كتب التراجم والتاريخ والأنساب، فتطلَّب ذلك منا إمضاء الساعات الطِّوال في دراسة أحوالهم؛ وذلك من خلال سَبْر مرويّات الراوي، ثم مطابقتها لروايات غيره من الثقات لمعرفة مدى ضبطه، وتَقصَّينا - بقدر الطاقة - عن الرجال الذين رَوَوا عنه وسَبَرنا أحوالهم، فتكوَّن لدينا عن كل راوٍ من هؤلاء نبذةٌ عن رواياته والرواة عنه، استطعنا من خلالها الوصول إلى حكم يناسبه إن شاء الله.
وظهر لنا أيضًا أن عددًا من طرق المصنِّف ورواياته فيها عللٌ ومخالفاتٌ، فتطلَّب الأمرُ دراستَها دراسةً دقيقةً، مما دعانا إلى التوسع في بيان الطرق والروايات لتبيين ذلك، بغية الوصول إلى الحكم الأصوب على تلك الروايات والطرق.
فنرجو من المولى سبحانه وتعالى أن نكون قد وُفِّقنا في القيام بذلك، وأن نكون قد أنجزناه على أقرب وجهٍ، وأقوَم سبيلٍ، ونرجوه سبحانه أن يتقبل ذلك العملَ منا وأن يجعله في صحائف أعمالنا، فهو الكريم الذي لا يَخِيب سائلُه، ولا يُردُّ قاصدُه.
واللهَ تعالى نسألُ التوفيقَ والسدادَ دائمًا في القول والعمل، فإن كنا قد أَحسنّا الصنيعَ فمن الله وحدَه، وإن كنا قد أخلَلْنا ببعض ذلك فمن تقصيرنا وسهونا، وله الحمدُ سبحانه في الأولى والآخرة، وهو حسبُنا ونعم الوكيل.
ونقدِّم بين يدي هذا التحقيق فصولًا ومباحث مهمّة، تعرِّف بحال المصنّف أبي عبد الله الحاكم وكتابه "المستدرك"، فنقول - وبالله الاستعانة ومنه السداد والتوفيق -:
الفصل الأول الإمام الحاكم النيسابوري؛ بلدُه نيسابور، وعصرُه، وسيرتُه
وفي هذا الفصل سنبتدئُ بالحديث عن إقليم نيسابور بلد الإمام الحاكم، ثم عن عصره والظروف المحيطة به من النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية في بلده نيسابور خاصةً.
ثم نثنّي بالكلام عن شخصية الإمام الحاكم؛ عن اسمه وولادته ونشأته وأسرته، ثم عن ثقافته العلمية ورحلاته، وأبرز شيوخه الذين تلقى عنهم العلم في تلك الرحلات، ثم نذكر أبرز تلامذته الذين أفادوا منه، وبعدها نبين مكانته في أوساط علماء عصره، ونورد ثناء الأئمة عليه، ثم نُعقِب بذكر آثاره العلمية المتميزة.
وبعد ذلك نتحدّث عن مذهبه الفقهي، وعن مذهبه العقائدي.
ثم نختم بذكر وفاته رحمه الله.
المبحث الأول نيسابور بلد الإمام الحاكم، وعصره والظروف المحيطة به من النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية
المطلب الأول: التعريف بنَيسابُور:
نَيسابُورُ: بفتح النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفتح السين المهمَلة وبعد الألف باءٌ منقوطة بواحدةٍ، وفي آخرها الراء، وهي أحسن مدينةٍ وأجمعها للخيرات بخُراسان، إنما قيل لها: نَيسابور، لأن سابُور مَرَّ بها، فلما نظر إليها قال: هذه تَصلُح أن تكون مدينةً، فأمَر بها فقُطع قصبُها، ثم كُنِس، ثم بُنيت، فقيل لها: نيسابور، والنَّي: القَصَب، وكان فتحُها زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، على يد ابنِ خالته عبد الله بن عامر بن كُرَيزٍ في سنة تسع وعشرين من الهجرة
(1)
.
وقد وصفَ ياقوتُ نيسابورَ بأنها: مدينةٌ عظيمةٌ، ذات فضائلَ جسيمةٍ، معدنُ الفضلاء ومَنبَعُ العلماء. قال: لم أرَ فيما طَوَّفتُ من البلاد مدينةً كانت مثلَها
(2)
.
وتُعدُّ نيسابورُ إحدى كبرى المدن الأربعة بخُراسان، وهي نيسابور ومَرْو وهَرَاة وبَلْخ، وأعظمها نيسابور
(3)
.
وكانت دارُ الإمارة أولَ الأمر في خُراسان بمَرُو وبَلْخ، إلى أيّام الطاهريّة
(4)
،
(1)
"الأنساب" للسمعاني، نسبة (النيسابوري). وسابُور: هو سابور بن أَرْدَشِيرَ بنَ بابَك بن ساسَان، أحدُ ملوك الفرس. "المسالك والممالك" لأبي عُبيد البَكْري 1/ 280 - 286.
(2)
"معجم البلدان" 5/ 331.
(3)
"المسالك والممالك" لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الإصطخري ص 253. وخُراسان: كلمة مركبة من "خُور" أي: شمس، و "أسان"، أي: مشرق، وكانت مقاطعةً كبيرةً من الدولة الإسلامية، تتقاسمها اليومَ عدة دول، فنيسابور في إيران، وهراة وبلخ في أفغانستان، ومرو في تركمانستان. وتقع نيسابور في جمهورية إيران شرق العاصمة طهران على بعد 760 كم منها تقريبًا.
(4)
هذه النسبةُ لطاهر بن الحسين بن مصعب بن رُزَيق بن أسعد بن زاذَان، أبي طلحة الخُزاعي، =
فنقلُوها إلى نَيسابور، فعُمِرت وكَبِرت، وكثُر مالُها مِن تَوطّنهم إيَّاها
(1)
.
ولم يكن بخراسان مدينةٌ أصحَّ هواءً من نَيسابُور، وكان يرتفع منها من أصناف ثياب القُطن والإبريسم ما يُنقَل إلى سائر بلدان الإسلام وبعض بلاد الشِّرك، لكثرتها وجَوْدتها
(2)
.
= والي خُراسان، وجَّه به المأمونُ إلى بغداد لمُحاربة أخيه الأمين، فظفر به طاهرٌ وقتلَه، ولقَّبه المأمونُ ذا اليمينَين، وقد ولي أولادُه من بعده إمارةَ إقليم خراسان منهم: طلحة بن طاهر وعبد الله بن طاهر، وطاهر بن عبد الله بن طاهر ومحمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر. انظر "كتاب بغداد" لأبي الفضل بن طَيْفُور ص 35 و 74، و "تاريخ الطبري" 8/ 595، و "المنتظم" لابن الجوزي 13/ 103 - 102.
(1)
"المسالك والممالك" للإصطخري ص 258.
(2)
المصدر السابق ص 255 - 256.
المطلب الثاني: عصرُ الحاكم، والظروف المكتنفة به من النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية، في نيسابور خاصَّة:
أ - الظروف السياسية:
عاصر الإمام الحاكم منذ ولادته بنيسابور سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة المرحلةَ الثانيةَ من الخلافة العباسية، تلك المرحلة التي كان فيها حُكم خلفاء بني العباس مقتصرًا على بغداد وما حولها، دون ما سواها من بلاد الإسلام التي تعدَّدت الإمارات فيها، مع إعلان أكثر تلك الإمارات للخليفة العباسيّ بالولاء والطاعة، غير أن كل إمارةٍ كانت تنفرد بحكم ما تحتها يدها من بلادٍ.
وعند ولادة الحاكم كان الخليفة العباسي آنئذٍ القاهر بالله بن المعتضد بالله، ثم تولى الخلافة بعده الراضي بالله بن المقتدر بالله، ثم المتقي بن المقتدر، ثم المستكفي بن المكتفي، ثم المطيع بن المقتدر، ثم الطائع بن المطيع، ثم القادر بالله، الذي كان آخرَ خليفة عباسيٍّ عاصره الإمامُ الحاكم.
وكانت نيسابور لدى ولادة الحاكم تحت إمارة السامانيين، فكان أمير خراسان إذ ذاك نصرُ بن أحمد بن إسماعيل الساماني، الذي كان من بيت إمارة ورياسة، إذ سبقه إلى الإمارة أبوه أحمد، ومن قبلِه جدُّه إسماعيل بن أحمد الذي ولَّاه المأمونُ بلادَ ما وراء النهر
(1)
، ثم امتدت إمارة السامانيين لتشمل خراسان أيضًا.
وقد تعاقب بنو سامان على إمارة البلاد حتى عام 387 هـ، حين تغلَّب عليهم الغزنويون، وكان ذلك على يد سُبُكْتِكين الذي تولى الحكم في خراسان، وولَّى ابنَه
(1)
بلاد ما وراء النهر: يُراد بها ما وراء نهر جِيحُون بخُراسان، فما كان في شَرقيِّهِ يقال له: بلاد الهَياطِلَة، وفي الإسلام سمَّوهُ: ما وراء النهر. "معجم البلدان" لياقوت الحموي 5/ 45. وتُعرف الآن باسم "آسيا الوسطى" الإسلامية، وتضمُّ خمس جمهوريات إسلامية كانت خاضعة للاتحاد السوفييتي سابقًا، ثم مَنَّ الله عليهم فاستقلُّوا بعد انهياره، وهذه الجمهوريات هي الآن: أوزبكستان وطاجيسكتان وقازاخستان وتركمانستان وقرغيزيا. "موجز عن الفتوحات الإسلامية" للدكتور طه عبد المقصود أبو عُبيَّة ص 7.
محمود بن سُبُكْتِكين نيسابور، وكان محمود هذا لقَّبه القادر بالله العباسي بـ "يمين الدولة"، ثم بعد وفاة والده سُبُكْتِكين آلت إمارةُ البلاد التي كانت لوالده إليه بعد أن تَغلَّب على أخويه إسماعيل ونصر ابني سُبُكْتِكين، وصفَا له الحكم سنة 389 هـ، وسيَّر له الخليفة العباسيُّ القادر بالله خلعة السَّلْطنة، واستمر في السَّلطنة حتى وفاته سنة 421 هـ أو التي بعدها
(1)
، ثم توفي بعده بقليل الخليفة العباسي القادر بالله
(2)
.
وفي عهد الخليفة العباسي القادر بالله، وعهد سلطان خراسان وبلاد الهند وبلاد ما وراء النهر يمينِ الدولة محمود بن سُبُكْتِكين، كانت وفاة الإمام أبي عبد الله الحاكم، إذ توفي سنة 405 هـ رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
ب - الظروف الاجتماعية:
كانت بلاد خراسان - وبخاصة نيسابور - في ذلك العصر الذي عاشه الإمام الحاكم تتمتع بتمام القوة والمنعة وكثرة الأموال، وكانت الفتوحات ولا سيما في عهد السلطان محمود بن سبكتكين قد بلغت أوجها، مما أدى إلى كثرة الغنائم والأموال في الدولة
(3)
، فكان يغلب على أهل تلك البلاد الغنى والثراء، وكانت لهم أسواق عامرة، وخانات كثيرة، وبساتين وارفة الظلال، وقصور فارهة
(4)
.
وكانت حركة التجارة نشطة في تلك البلاد أيضًا، فما كانت بلدة من بلاد خراسان إلا وتشتهر بأنواع من التجارات في شتى صنوف المواد من مواد غذائية وأنواع كثيرة من الثياب، وكثير من المعادن، واشتهرت نيسابور من بين بلدان خراسان بأنواع الثياب والغزل والحديد
(5)
.
(1)
"وفيات الأعيان" لابن خَلِّكان 5/ 175 - 181.
(2)
"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي 5/ 61 - 64.
(3)
"الكامل في التاريخ" لعز الدين بن الأثير الجزري 9/ 169 و 244 و 309 - 310 و 342 - 345.
(4)
"أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" لمحمد بن أحمد المقدسي البشاري ص 293 - 322.
(5)
"المسالك والممالك" للإصطخري ص 258، و "أحسن التقاسيم" ص 323 - 352.
وأما أَلْسِنة أهل تلك البلاد فكانت مختلفةً؛ فلسان أهل نيسابور وُصِف بأنه فصيح مفهوم، غير أنهم يكسرون أوائل الكلم، ويزيدون الياء مثل "بيكو" و "بيشو"، ويزيدون السين بلا فائدة مثل "بخردستي" و "بكفتستي" و "بخفتستي" وما يجري مجراها، وفيه رَخَاوة ولَجَاج
(1)
.
وأما مجالسهم، فقد تميزت نيسابورُ من بين سائر بلاد خراسان بمجالس خاصة، منها:
1 -
مجلس المظالم في كلّ يوم أحد وأربعاء بحضرة صاحب الجيش أو وزيره، فكلّ من رَفَع قِصَّةً قدّم إليه فأنصفه، وحولَه القاضي والرئيس والعلماء والأشراف.
2 -
مجلس الحكم كل اثنين وخميس بمسجد رجاء، لا ترى في الإسلام مثلَه.
3 -
مجالس على أيّام الجمعة لوجوه البلد بالغَدَوات، يجتمع فيها القرّاء يقرؤون إلى ضحًى
(2)
.
وأما تَجمُّل أهل خراسان فكان على أوجه:
1 -
أما الفقهاء والكبراء فيتطَيلَسُون ولا يَتحنَّكون إلّا من يَستحمِق.
2 -
ولهم لِبْسَةٌ يتفرّدون بها في الشتاء؛ يتلبّس أحدهم ويجعل الطَّيلَسانَ فوق العَمائم، ثم يلبس مِن فوق ذلك دَرّاعة، ويرخي ما فوق العِمامة على طرف الدرّاعة من خَلْف.
3 -
وأهل سِجِسْتان يُكوّرون العمائم مثل التِّيجان، ولا يَتطيلَسُ بما وراء النهر إلّا كبيرٌ، إنّما هي الأقبيةُ المفتوحة.
4 -
وبمَرْو أنصاف العلماء يجعلون الطَّيالِسة على أحد أكتافهم مجتمعةً، فإذا أرادوا أن يرفعوا فقيهًا أمروه بالتَّطَيلُس
(3)
.
(1)
"أحسن التقاسيم" ص 334.
(2)
المصدر السابق ص 328.
(3)
المصدر السابق. والطيلسان، ويقال له الطالسان أيضًا: ضَربٌ من الأوشحة يُلبس على =
ج - الظروف العلمية:
لقد شهدت نيسابور في العصر الذي عاش فيه الإمام أبو عبد الله الحاكم حركةً علميةً واسعة النطاق، إذ كانت زاخرةً بأهل العلم من فقهاء ومحدثين ومفسرين وغيرهم من أرباب العلوم والمعارف، فلا تكاد تَجِد فنًّا من فنون العلم إلا وللنيسابوريين منه نَصيبٌ وافرٌ، ولا سيما في ذلك العصر.
وقد اعتنى سلاطينُ أولئك البلاد من السامانيين والغزنويين مِن بعدِهم ببناء المعاهد والمدارس ودُور العلم التي كانت تزخر دَومًا بطلبة العلم في شتى العلوم، وقرَّبوا العلماء، وأنزلوهم منازلَهم التي تَليق بهم، وعظَّموهم، وأكرموهم غاية الإكرام، وخصصوا لهم الأُعطيات، مما شجعهم على المكث في تلك البلاد، حتى قاموا بإفادة الطلبة الواردين إليهم من كل حدب وصوب، ولم يَضِنّوا بنشر علومهم، وبذل معارفهم لهم.
حتى إن أوّل من حُفظ عنه أنه بَنى مدرسةً في الإسلام هم أهلُ نَيسابور
(1)
.
ومن أهم تلك المدارس بنَيسابور: المدرسة البَيهقية، والمدرسة السعيدية التي بناها الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود لما كان واليًا بنيسابور، ومدرسة ثالثة بناها أبو سعد إسماعيل بن علي بن المثنى الإستراباذي الواعظ الصوفي شيخ الخطيب، ومدرسةٌ رابعة أيضًا بُنيت للأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني التي قال عنها أبو عبد الله الحاكم: لم يُبْنَ بنيسابور قبلها مثلُها"
(2)
. قال ابن السُّبكي: وهذا
= الكَتِف، أو يُحيط بالبدن، خالٍ عن التفصيل والخياطة، أو هو ما يُعرَف في العامَّية بالشَّال. فارسي مُعرَّب تالسان أو تالشان. والعِمامة: ما يُلَفُّ على الرأس. والدَّرّاعة: ثَوبٌ من صوف وجُبّةٌ مشقوقةُ المُقدَّم. والأقبية: جمع قَبَاء، ثوبٌ يُلبَس فوق الثياب أو القميص، ويُتمَنْطَق عليه (أي: يُشَدُّ وسطه بشيءٍ). "المعجم الوسيط" 2/ 561 مادة (طلس)، و 2/ 629 مادة (عم)، و 1/ 280 مادة (درع)، و 2/ 713 مادة (قبو).
(1)
"المواعظ والاعتبار" لتقي الدين المقريزي 4/ 199.
(2)
"طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين بن السُّبكي 4/ 314.
صريحٌ في أنه بُني قبلَها غيرُها
(1)
.
قلتُ: ومن مدارس نيسابور كذلك: مدرسة دار السُّنّة التي كان أبو عبد الله الحاكم يتولى أوقافها
(2)
، والظاهر أنها المدرسة التي عناها الحاكمُ بقوله في حديث النَّوّاس بن سِمعان في ذكر الدجال
(3)
: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً في الجامع قبل بناء الدار للشيخ الإمام في شعبان سنة ثلاثين وثلاث مئة
…
ومنها المدرسة النِّظَامية التي أنشأها الوزير نظام الملك الطُّوْسي
(4)
.
ومن مدارسها المعروفة أيضًا: مدرسة سهل الصُّعْلُوكي، ومدرسة السُّيُوري، ومدرسة أبي العباس المشطي، ومدرسة إسماعيل الصابوني، ومدرسة أحمد الثعالبي، ومدرسة الحدَّاد، والمدرسة العمادية ومدرسة أصحاب الشافعي، والمدرسة القُشيرية، ومدرسة الشَّحّامي، إلى غيرها من المدارس التي انتشرت في أنحاء نيسابور
(5)
.
وكان كثير من أهل العلم من بلاد ما وراء النهر ممن يقصد الحج والعمرة، أو مَن يريد الرحلةَ في طلب العلم إلى بعض بلاد الإسلام، كبغداد والشام ومصر والحجاز، يمرُّون في طريقهم على بلاد خراسان، فيهتَبِلُون فرصة مرورهم بها؛ فيلتقون بأهل العلم والمعرفة فيها بغية، تحصيل ما لديهم من فوائد علمية، ولا سيما نيسابور، التي كانت - كما قدّمنا - حاضرةً من كبرى حواضر العالم الإسلامي
(1)
المصدر السابق 4/ 314.
(2)
"المنتخب من كتاب السياق التاريخ نيسابور" ص 16.
(3)
"المستدرك"(8718).
(4)
المصدر السابق ص 61 و 146، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي 19/ 94. وقد أشار الحاكمُ إلى هذه المدرسة في ترجمته لأبي منصور محمد بن محمد بن سمعان الحِيْريّ المذكِّر، وفي ترجمة حاجب بن أحمد الطوسي، كما في "الأنساب" للسمعاني نسبة (السمعاني) و (الطوسي).
(5)
"المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور" ص 53 و 58 و 59 و 60 و 91 و 101 و 125 و 153 و 255 و 397 و 452 و 458 و 476 و 503 و 508 و 521.
في شتى العلوم، وبخاصة علوم الحديث، فقد قَطَنها عددٌ غير قليل من أولئك المحدِّثين الأفذاذ الذين كان يُشار إليهم بالبنان، ويُشاد بفضلهم في كل مكان.
وقد أورد الحاكم ذكرَ النيسابوريين من أهل العلم والرواية في كتابه الجليل "تاريخ نيسابور"، وهو من جُملة ما فُقد كما قدَّمنا، لكن سَلِم لنا - بحمد الله - مُلخّصه الذي صنعه أحمد بن محمد بن الحسن بن أحمد المعروف بالخليفة النَّيسابوري، حيث جاء في هذا المُلخَّص سَرْدُ أسماء أولئك النيسابوريين مُقسَّمين إلى طبقاتٍ.
وسنفرد إن شاء الله مطلبًا في ذكر أهم العلماء النيسابوريين الذين أدركهم الإمام أبو عبد الله الحاكم، ونَهَل من مَعِين مَعارفِهم، واستنزف ما لديهم من علوم، حتى بلغ تلك المكانة السامقة في أوساط علماء عصره.
المبحث الثاني التعريف بشخصية الإمام الحاكم، وثقافته العلمية، ورحلاته، وشيوخه، وتلامذته، وثناء الأئمة عليه، وآثاره العلمية، ومذهبه الفقهي، ومذهبه العقائدي، ووفاته
المطلب الأول: شخصية الإمام الحاكم: اسمه وولادته ونشأته وأُسرته:
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن حَمْدَوَيهِ بن نُعيم بن الحَكَم، الضَّبِّي الطَّهْماني، أبو عبد الله الحافظ، الحاكم، النَّيسابُوري، المعروف بابن البَيِّع
(1)
.
ولد بنيسابور صبيحة يوم الاثنين، الثالث من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة
(2)
. وكان هو نفسُه يصرِّح بولادته في تلك السنة، كما في ترجمته لأبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجَوْزَقي
(3)
.
وقد كان أبوه عبد الله بن محمد بن حَمدَويه مؤذِّنًا، أذَّن ثلاثًا وثلاثين سنة، وغزا اثنتين وعشرين غَزاة، وكان يُديم الصلاة بالليل، وأنفق على العلماء والزهاد
(1)
يقال له: الضَّبِّي، لأن جدَّ جدته: هو عيسى بن عبد الرحمن بن سليمان الضَّبِّي، وأم عيسى بن عبد الرحمن: هي متويه بنت إبراهيم بن طَهْمان الزاهد الفقيه، فلذلك يقال له: الطُّهْماني. "المنتخب من كتاب السياق التاريخ نيسابور" لأبي إسحاق الصَّرِيفيني ص 15.
ويقال له: ابن البَيِّع، بفتح الباء الموحدة وكسر الياء المشددة آخر الحروف، وفي آخرها العين المهملة، هذه اللفظة لمن يتولى البِيَاعةَ والتوسُّطَ في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للأمتعة. "الأنساب" للسمعاني رسم (البيّع).
وعُرف بالحاكم لتقلُّده القضاء بنَسَا كما في "تبيين كذب المفتري" لابن عساكر ص 229، وليس بنيسابور كما وقع في "وفيات الأعيان" لابن خلكان 4/ 281!
(2)
"تاريخ بغداد" للخطيب 3/ 509، و "كتاب الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين" لعلي بن المفضَّل المقدسي ص 406، و "تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري" لابن عساكر ص 227، و "وفيات الأعيان" لابن خلكان 4/ 281.
(3)
"الأنساب" للسمعاني نسبة (الجوزقي).
مئة ألف درهم، وقد رأى عبدَ الله بن أحمد، ومسلمَ بن الحجّاج، وروى عن ابن خُزيمة وغيره، وتوفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة
(1)
. وهذا يعني أنه توفي ولابنه أبي عبد الله من العُمر ست عشرة سنة.
وكان لأبي عبد الله الحاكم أخٌ أكبر منه اسمه محمد أيضًا، ذكره الحاكم في "تاريخه"، وذكر أنه سمع الكثير من الحافظ أبي محمد جعفر بن أحمد الحَصِيري، وأن الحَصِيري هذا هو جدُّ أخيه
(2)
. قلنا: يعني جدَّه لأمه، فهو إذًا أخوه من أبيه.
وكان لأخيه هذا ابنٌ اسمه محمد كذلك، وكنيته أبو سهل، وهو أكبر من أبي عبد الله الحاكم، قال عنه الحاكم: سمع الكثير قبلي ومعي، وكتب بخطه جملةً، وحدّث، وكان أكبرَ مني بخمس عشرة سنة. توفي سنة اثنتين وتسعين في جمادى الآخرة، وله سبع وثمانون سنة رحمه الله
(3)
. فإذا كان ابن أخي الحاكم يكبره بخمس عشرة سنة، فهذا يدل على أن أخاه محمدًا أكبر منه بكثير، وأن الحاكم من أصغر إخوته، وأن والدهما تزوَّج بأكثر من امرأةٍ.
وذكر الحاكم في "تاريخه" في الطبقة السادسة من شيوخه الذين أدركَهم ورُزق السماعَ منهم بنيسابور: عبدَ الله بنَ محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم أبا الحسن، الضَّبيِّ النَّيسابوري
(4)
. وهذا يُحتمل أن يكون أخًا آخرَ للحاكم، أو ابنًا لأخيه محمدٍ الذي قدَّمنا ذِكرَه، والله أعلم.
وكان لأبي عبد الله الحاكم خالٌ من أهل الفضل، وهو أبو علي محمد بن علي بن محمد بن نَصْرويه المقرئ المؤذِّن النَّصرويّ، ذكره الحاكم في "تاريخه" فقال:
(1)
"المنتظم" لابن الجوزي 14/ 73. وقد ذكر أبو عبد الله الحاكم والدَه في كتاب "تارخ نيسابور" كما في "تلخيصه" للخليفة النيسابوري ص 91.
(2)
"سير أعلام النبلاء" 14/ 218. وانظر "الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم" لنايف بن صلاح المنصوري 1/ 32.
(3)
"تاريخ الإسلام" 8/ 720. وانظر "الروض الباسم" 1/ 32.
(4)
"تلخيص تاريخ نيسابور" ص 92. وانظر "الروض الباسم" 1/ 32.
أبو علي المؤذِّن المقرئ، كان من العُباد الصالحين، القاعدين عن التسوُّق والتصرُّف، القانِعين بميراث الآباء، حج وغزا، وأنفق على العلماء الفاضلَ من قُوتِه، وأذَّن نيِّفًا وخمسين سنةً مُحتسِبًا، وتوفي في شعبان سنة تسع وسبعين وثلاث مئة، وصلَّى عليه ابنُه، ودُفِن في مقبرة باب معمر، وتوفي وهو ابن مئةٍ وثلاث سنين
(1)
.
ولخاله أبي علي بن نصرويه هذا ابنٌ هو عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن نصرويه، أبو محمد النيسابوري، سمع أبا العباس الأصمَّ وأحمد بن إسحاق الصِّبْغي، وحدَّث
(2)
.
ولابن خاله هذا ابنٌ اسمه علي بن عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن نصرويه المؤذِّن الورَّاق، أبو الحسن الطَّهماني النَّيسابوري، وُصف بأنه كان محدِّثًا ثقةً من كبار المحدِّثين، كثيرَ الحديث، كثيرَ الشيوخ، وأنه كان يُفيد ويُورِّق ويُسمِع
(3)
.
وللحاكم أيضًا ابن خالةٍ اسمه أبو سعد محمد بن عبد الله بن حَمْشَاذَ الحاسِب، من أهل نَيسابور، كان عارفًا بالحِساب، رحل إلى العراق والحجاز وبلاد ما وراء النهر، ذكره الحاكم في "تاريخه"، فقال: أبو سعد الحاسب، وهو ابن خالتي
(4)
، وكان أبوه من أعيان المشايخ والتجار بنيسابور، طلب أبو سعد معنا الحديثَ في صِباهُ من سنة ثلاثين وثلاث مئة إلى سنة سبع وأربعين، ثم أقام ببَلْخ وسمَرْقَند، وذُكِر بعد ذلك بالحِساب، سمع بنيسابور، ورحل معي إلى أبي النضر، ودخل بغداد قبلي، وحدَّث، وتوفي غداة يوم الخميس الثاني والعشرين من ربيع الآخر من سنة ست وثمانين وثلاث مئة، وصلَّى عليه أخوه أبو منصور، ودُفن بجنب أبيه بباب معمر
(5)
.
(1)
"الأنساب" نسبة (النصروي) 13/ 110.
(2)
"تاريخ الإسلام" 8/ 740.
(3)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 416 الترجمة (1274).
(4)
وقع في بعض نسخ "الأنساب" للسمعاني نسبة (الحاسب): ابن خالي. وهو تحريف بيقينٍ، كما يظهر من تسمية خال الحاكم الذي قدَّمنا ذكرَه.
(5)
"الأنساب" للسمعاني نسبة (الحاسب). وانظر "الروض الباسم" 1/ 33.
وجدّة أبي عبد الله الحاكم لأمِّه، كان لها أخ اسمه عيسى، وهو أبو العباس عيسى بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن سليمان الضَّبّي، وصفه الحاكم بأنه إمام في اللغة والعلم، وأحدُ الأشراف في نفسه وآبائه وأسلافِه، ووصفه السمعاني بأنه كان ثقةً صدوقًا، وقال: مات في صفر سنة ثلاث وتسعين ومئتين
(1)
. فهذا خال أمُّ أبي عبد الله الحاكم.
ولخال أمه هذا ابنٌ اسمه محمد، وكنيته أبو صالح، ذكره الحاكم في "تاريخه"، فقال: أبو صالح بن عيسى العارض، أحد مشايخ خراسان، ومعتمَد أولياء السلطان، وكان من العقلاء الأدباء، المحبِّين للعلماء والصالحين، المُفضِلين عليهم بماله وجاهِه، وكان يرشَّح للوزارة فيأبَى عليهم، قال الحاكم: وكان أبو صالح ابنَ خال أمي، ولنا به اختصاص القرابة والصحبة، كتبتُ عنه بنيسابور غيرَ مرّة، ثم كتبنا عنه بمَرْو، ونظرتُ في كتبه بها سنة ثلاث وأربعين، وتوفى بمَرْو ليلة الجمعة لخمس بقين من صفر، سنة أربع وأربعين وثلاث مئة
(2)
. فهذا ابن خال أمِّه.
إذًا فلقد كان الإمام أبو عبد الله الحاكم من بيت علم وفضل وأدب، من جهة والدَيه كليهما، فرحمهم الله جميعًا.
المطلب الثاني: طلبه للعلم، وثقافته العلمية، ورحلاته:
-
شروعه في طلب العلم، وثقافته العلمية:
طلب أبو عبد الله الحاكم العلم مِن الصغَر باعتناء أبيه وخاله - اللذَين قدَّمْنا ذِكرَهما - فشرع أولًا بسَماع الحديث، وكان أول سماعه سنة ثلاثين
(3)
، كما نبَّه على ذلك هو في "تاريخه" في ترجمته لابن خالته أبي سعد الحاسب، حيث قال: طلب أبو سعد معنا الحديثَ في صِباه من سنة ثلاثين وثلاث مئة
(4)
.
(1)
"تلخيص تاريخ نيسابور" ص 50، و "الأنساب" نسبة (الطهماني).
(2)
"الأنساب" نسبة (العارض)، و "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 71 - 72.
(3)
"تاريخ بغداد" 3/ 510، و "المنتظم" 5/ 109، و "تاريخ الإسلام" 9/ 89.
(4)
"الأنساب" نسبة (الحاسب).
وقد وقفنا على سماعٍ للحاكم من أبي العباس محمد بن يعقوب الأصمِّ مؤرَّخ بتلك السنة، في حديثٍ رواه في "المستدرك"، وهو حديث النَّوّاس بن سِمْعان في ذكر الدجّال
(1)
، حيث قال: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاءً في الجامع قبل بناء الدار للشيخ الإمام في شعبان سنة ثلاثين وثلاث مئة.
قلنا: وكان عُمر الحاكم وقتئذٍ تسع سنين.
ثم وقفنا له على سماع بعد ذلك من أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المَكتُومي باستملائه على أبي العباس الأصمّ، أرّخه لنا الحاكمُ في ترجمته للمكتومي في "تاريخه" بسنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة
(2)
.
وذكر في "تاريخه" أنه استَمْلَى على أبي حاتم بن حِبّان سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، وفي ذلك يقول: وَرَدَ نيسابورَ سنة أربع وثلاثين، وحَضَرْناهُ يومَ جمعةٍ بعد الصلاة، فلما سألْناهُ الحديثَ نظر إلى الناس، وأنا أصغرُهم سِنًّا، فقال: استَمْلِ، فقلت: نعم، فاستملَيتُ عليه
(3)
. قلنا: كان عمره وقتَها ثلاث عشرة سنة.
ثم ذكر الحاكمُ لدى ترجمته لحاجب بن أحمد الطُّوسيّ أنه سَمِع منه في مجلسٍ له في دار السُّنّة، قرئ عليه فيه ثلاثة أجزاء من سماعاته، سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة
(4)
.
وفي هذه السنة كذلك ذكر أنه كتب عن أبي محمد الحسن بن محمد بن إسحاق بن الأزهر الإسْفَراييني الأزهري، ابن أخت أبي عوانة الحافظ، لدى مَقدَمِه إلى نيسابور، وأنه كان يقدم إليها كلَّ سنة
(5)
.
وفي ترجمته لأبي حاتم أحمد بن محمد بن حاتم الفقيه الحاتِمي المزكِّي، قال:
(1)
"المستدرك"(8573).
(2)
"الأنساب" نسبة (المكتومي).
(3)
"الأنساب" نسبة (البستي).
(4)
"الأنساب" نسبة (الطوسي).
(5)
"الأنساب" نسبة (الأزهري).
كتب معنا بنيسابور من سنة خمس وثلاثين
(1)
.
ثم لم يزل أبو عبد الله الحاكم حريصًا على سماع الحديث في صغره، ولم يَتوانَ عن ذلك، كما يظهر لنا ذلك واضحًا من إلحاحه الشديد على الإمام أبي الطيب الصُّعلُوكيّ - وكان صديقًا لوالده - أن يُسمعه شيئًا من الحديث، فكان يأبى عليه، حتَّى توسَّط له والدُه عند أبي الطيب فأسمعه شيئًا يسيرًا، وفي ذلك يقول الحاكم في "تاريخه": سألت أبا الطيب غيرَ مرَّة أن يحدِّثني، فأبى، وكان صديقَ أبي، فمشى معي أبي إليه وسألَه، فأجاب، ثم قصدتُه بعد ذلك غير مرّة، فقال: أنا أستحيي من أبيك أن أرُدَّه إذا سألَني، فأما التحديثُ فليس إليه سبيلٌ
(2)
. قلنا: وكان الحاكم إذ ذاك في السادسة عشر من عُمُره أو دونها، لأن أباه وأبا الطيب قد تُوفّيا جميعًا سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة
(3)
.
وذكر الحاكم أنه في هذه السنة - أي: سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة - كتب عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد الفقيه البُخاري، بانتخاب أبي علي الحافظ
(4)
، وعن أبي الحسن عيسى بن زيد بن عيسى الطالبي العَقِيلي
(5)
، اللذَين تُوفَّيا في تلك السنة نفسها. وفي تلك السنة كذلك كتب عن أبي عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مَطَر النيسابُوري المتوفى سنة ستين وثلاث مئة
(6)
.
وكتب كذلك سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة عن أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد
(1)
"الأنساب" نسبة (الحاتمي).
(2)
"الأنساب" نسبة (الصعلوكي). ونقل السمعاني عن الحاكم قوله في أبي الطيب الصُّعلُوكي: بأنه كان مُقدَّمًا في معرفة اللغة، ودرس الفقه، وأدرك الأسانيد العالية، وصنَّف في الحديث، وأَمسك عن الرواية والتحديث بعد أن عُمِّر.
(3)
"المنتظم" لابن الجوزي 14/ 73، و "الأنساب" للسمعاني، نسبة (الصعلوكي).
(4)
"تاريخ بغداد" 7/ 102.
(5)
"الأنساب" نسبة (العقيلي).
(6)
"المستدرك"(7064).
ابن محمد الرِّيوَنْدِي المكاتب في مجلس أبي بكر بن إسحاق، كما صرّح الحاكمُ بذلك في ترجمته له في "تاريخه"، وذكر أنه بلغته وفاته سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة
(1)
.
وفي هذه السنة - أي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة - لاحَتْ على الحاكم مَخايِل النَّجابة والذَّكاء، ولم يكن وقتئذ قد تجاوز السابعة عشر من عمره، فبدأ يفتَّش في صحة سماعات الشيوخ ويحقِّق ويدقِّق، كما يُفهَم من قوله في أثناء ترجمته لأبي حامد أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان الحَسْنَوي، وقد كان يدّعي سماعَ شُيوخ لم يسمع منهم، فيقول الحاكم: كنت أغار عليه بعد أن عَقَلتُ؛ فكنت أسأله عن لُقيّ أولئك الشيوخ. ثم قال: قصدتُ أبا حامد الحسنوي للنصف من المحرم سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة، فسألته عن سنّه، فقال: أنا اليوم ابن ست وثمانين سنة، قلت: في أي سنة أُدخِلتَ الشام؟ قال: أُدِخلت الشام سنة ست وستين ومئتين، قلتُ: ابنَ كم كنت؟ قال: ابن اثنتي عشرة سنة، وقد كنت سمعتُ أبا حامد يذكر مولدَه سنة ثمان وأربعين ومئتين
(2)
.
وكان من أقدم سماعات الحاكم كذلك سماعاتُه عن شيخَيه علي بن حمشاذ المتوفى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة
(3)
، وأبي بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ المتوفى سنة أربعين وثلاث مئة
(4)
، اللذين أكثر من الرواية عنهما؛ إذ زادت رواياتُه عن الأول في المستدرك على الخمس مئة روايةٍ، وهذا يدلُّ على سماع الحاكم منه وهو دون التاسعة عشر من عمره. وزادت رواياتُه عن الثاني على المئتين وتسعين روايةً، وهذا يدلُّ على سماعه منه وهو في سن التاسعة عشر أو دونها.
(1)
"الأنساب" نسبة (المكاتب).
(2)
"الأنساب" نسبة (الحسنوي).
(3)
"سير أعلام النبلاء" 15/ 398.
(4)
"السير" 15/ 419.
وذكر الحاكم في ترجمة أبي منصور محمد بن محمد بن سمعان الحِيْريّ المُذكِّر السَّمْعاني أنه كتب عنه أحاديث قبل الأربعين
(1)
. أي: قبل سنة أربعين وثلاث مئة.
ثم بعد ذلك انصرف أبو عبد الله الحاكم إلى علومٍ أخرى:
فقرأ القرآنَ والقراءات بخراسان والعراق على قُرّاء وقته؛ فممن قرأ عليه أبو بكر أحمد بن الحسين بن مِهران الزاهد المِهراني، وأحمد بن إسماعيل الصَّرّام، وأبي بكر أحمد بن العباس ابن الإمام بخُراسان، وأبي عيسى بكّار بن أحمد ببغداد، وأبي علي الحسن بن داود النَّقّار بالكوفة، ومحمد بن الحسين بن أيوب النَّوْقاني، وأبي الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارِزِيّ
(2)
.
وقرأ الفقهَ بنيسابور على أبي سهل محمد بن سليمان الصُّعلُوكي، وأبي الوليد حسان بن محمد القرشي، ثم انتقل إلى العراق، فتَفقّه على أبي علي بن أبي هُريرة
(3)
، حتَّى صار إمامًا في معرفة الفقه على مذهب الشافعي
(4)
.
وبالرغم من تعدد العلوم التي عُني الحاكم أبو عبد الله بتحصيلها غير أنه أولى طلبَ الحديثِ العنايةَ الأكبر، حتَّى غلَبَ ذلك عليه، فاشتَهَر به، وسمِعَه مِن جماعةٍ لا يُحصَون كثرةً، فإن معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل، حتَّى روى عمن عاش بعدَه لسَعِة روايته، وكثرةِ شيوخه، وصنَّف في عُلومه ما يبلغ ألفًا وخمسَ مئة جزءٍ
(5)
.
(1)
"الأنساب" نسبة (السمعاني).
(2)
"تاريخ بغداد" للخطيب 5/ 541 و 7/ 642، و "المنتخب من كتاب السياق" ص 16، و "غاية النهاية" لابن الجَزَري 2/ 184 - 185.
(3)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 16، و "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن الصلاح 1/ 199 الترجمة (42)، و "وفيات الأعيان" 4/ 280.
(4)
"الدر الثمين في أسماء المصنفين" ص 102.
(5)
"الإرشاد في معرفة علماء الحديث" لأبي يعلى الخليلي 3/ 852، و "وفيات الأعيان" 4/ 280، و "تاريخ الإسلام" 9/ 89.
-
رحلاته في طلب العلم:
رحل أبو عبد الله الحاكم في سماع الحديث إلى أقطار شتى، وطَوَّف البلادَ، وقد كانت أولى رحلاته تلك إلى طُوْس، وهي من مُدن خراسان القريبة من نَيسابور بلد الحاكم، فقد ذكر أنه دخلها سنة أربعين وثلاث مئة، كما في ترجمته لأبي أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الكَرَابيسي، المعروف بالحاكم أيضًا
(1)
، وفيها سمع من شيخِه أبي النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه الذي كان بالطابَران إحدى بلدتَي طُوس
(2)
.
ثم رحلَ بعدها إلى العراق سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة
(3)
، وكان في تلك السنة قاصدًا الحجَّ
(4)
، بصحبة جماعةٍ من العلماء، منهم أبو بكر محمد بن المُؤمَّل بن الحسن الماسَرْجِسِي، الذي ذكر الحاكم أنه كان معه ببغداد والحرمين سنة إحدى وأربعين
(5)
، وأبو الحسن عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن السَّكَن السَّكَني الأسَدي البُخاري، الذي قال عنه الحاكم: حججتُ أنا في تلك السنة، فرأيتُ له في الطريق مُروءةً ظاهرةً، وقبولًا تامًّا في العلم، والأخذ عنه
(6)
.
وفي رحلته تلك إلى العراق مرَّ بهَمَذان، وفيها اجتمع بأبي عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سعد المَعَافِري الأندلسي، كما ذكر في ترجمته له، وأنَّ ذلك كان في شوال من تلك السنة
(7)
.
(1)
"تاريخ دمشق" 55/ 157.
(2)
"الأنساب" نسبة (الطوسي)، و "معجم البلدان" الياقوت الحموي 4/ 3 و 49. وثاني البلدتَين هي نَوْقان. وتقع طُوس اليوم في جمهورية إيران، وهي شرق نيسابور، وتبعد عنها مسافة 80 كم تقريبًا.
(3)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 16.
(4)
"الأنساب" نسبة (السكني).
(5)
"الأنساب" نسبة (الماسرجسي).
(6)
"الأنساب" نسبة (السكني).
(7)
"الأنساب" نسبة (القحطاني). ومن اللطائف أن أبا عبد الله الأندلسي هذا توفي ببُخارى، وأين =
ثم مرَّ الحاكم بعد ذلك بأسَدَاباذ، كما ذكر في ترجمته للزبير بن عبد الواحد الأَسَدَاباذي
(1)
، غير أنه ذكر التاريخ هنا على الشك، فقال: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين. قلنا: الصحيح: إحدى وأربعين، لأن أسَدَاباذ في آخر إقليم الجبال على طريق القوافل من نيسابور إلى العراق، وإنما كانت رحلته سنة اثنتين وأربعين في بلاد خراسان كما سيأتي. اللهم إلا أن يكون شكُّه في سماعه منه في طريق الذهاب إلى العراق، أو في طريق العودة منه، لأن ذهابه إلى العراق كان في سنة إحدى وأربعين، وعودته من العراق بعد الحجِّ سنة اثنتين وأربعين.
ثم دخل في تلك السنة - أي سنة إحدى وأربعين - بغداد، كما قال في ترجمته لأبي محمد عبد الصمد بن محمد بن عبد الله بن حيَّوَيهِ البخاريّ: انصرف إلى بغداد سنة أربعين، ودخلتها وهو بها سنة إحدى وأربعين
(2)
.
ولقي الحاكم ببغداد في تلك الرحلة جماعةً من كبار الحفاظ والمحدّثين، منهم: أبو عمرو بن السَّمَاك، وأحمد بن سلمان النَّجاد، وأبو سهل بن زياد، ودَعْلَج بن أحمد، ونحوهم من الشيوخ
(3)
، ومنهم كذلك أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل بن يوسف الساوِيّ
(4)
، ومنهم أيضًا أبو طاهر عبد الواحد بن علي بن محمد النجار
(5)
، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله العَدْل الأصبهاني
(6)
.
= الأندلس من بُخارى، فيا لَله على تلك الهمة!!
(1)
"تاريخ دمشق" لابن عساكر 18/ 331.
(2)
"تاريخ دمشق" لابن عساكر 36/ 256.
(3)
"تاريخ بغداد" للخطيب 3/ 509. وفي تلك السَّنة أرّخ لنا الحاكم في بغداد سماعًا له من أبي عمرو بن السَّمّاك في خبر رواه عن ابن عُمر في القادسية، أخرجه عنه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 425.
(4)
"الأنساب" نسبة (الساوي).
(5)
"ذيل تاريخ بغداد" لابن النجار 16/ 161.
(6)
"تاريخ بغداد" 7/ 45.
وفي تلك الرحلة دخل الكوفة أيضًا، وفي ذلك يقول: قد كنت دخلت الكوفة أولَ ما دخلتُها سنة إحدى وأربعين، وكان أبو الحسن بن عقبة الشَّيباني يدلُّني على مساجد الصحابة، فذهبت إلى مساجدَ كثيرةٍ منها، وهي إذ ذاك عامرةٌ، وكنا نأوي إلى مسجد جَرير بن عبد الله في بَجِيلة
(1)
. ولقي بالكوفة في تلك الرحلة أبا الأصبغ عبد العزيز بن عبد الملك بن نصر الأندلسي، كما في ترجمته له
(2)
.
ثم كان للحاكم بعد ذلك رحلةٌ ثالثةٌ إلى سائر بلدان خراسان سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة، فقد رحل في تلك السنة إلى مَرْو إحدى كبرى مدن خراسان الأربعة، كما ذكر وهو يتحدَّث عن شيخه أبي بكر بن أبي نصر - وهو محمد بن أحمد بن حاتم الدارَبردي -: رحلتُ إلى مَرْو أولَ ما دخلتُها سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة، وليس بها من يُقدَّم عليه في الصدق والعدالة، وكان من مُزَكِّيها
(3)
.
وفي هذه السنة رحل إلى طُوْس، كما في ترجمته لأبي سعد أسد بن رُستم الرُّستمي الهَرَوي
(4)
.
ثم كان له رحلةٌ أخرى إلى بلاد خراسان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة، وهي التي ذكرها عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي مقتصِرًا عليها
(5)
، ومن هذه البلاد طوس أيضًا، وقد أشار الحاكم إلى ذلك لدى ترجمته لأبي حاتم أحمد بن محمد بن حاتم الحاتمي، حيث قال: وأتانا بالطابَران سنة ثلاث وأربعين، وعُقِد له المجلسُ للنظر والتدريس
(6)
. قلنا: والطابَران إحدى بلدتي طُوسٍ كما قدَّمنا.
(1)
"معرفة علوم الحديث" ص 191 - 192.
(2)
"الأنساب" نسبة (الأندلسي). ومن لطيف الإشارة أن أبا الأصبغ الأندلسي هذا توفي ببُخارى أيضًا، وأين الأندلس من بُخارى، فتلك هِمة ما بعدها من هِمّة!
(3)
"سؤالات السجزي لأبي عبد الله الحاكم"(293).
(4)
"الأنساب" نسبة (الرستمي).
(5)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 16.
(6)
"الأنساب" نسبة (الحاتمي).
ومن بلاد خراسان التي قصدها في تلك السنة أيضًا مَرْو، نبّه على ذلك الحاكم في أثناء ترجمته لابن خالِ أمِّه أبي صالح محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى العارض، حيث قال: كتبتُ عنه بنيسابور غيرَ مرة، ثم كتبنا عنه بمَرْو، ونظرتُ في كتبه بها سنة ثلاث وأربعين
(1)
.
وقد بيَّن الحاكم لدى ترجمته لأبي علي الحسين بن سابُور المُفِيد، مدة إقامته في تلك الرحلة بمَرو سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة؛ أنها كانت سبعة أشهر
(2)
.
ومن مدن خراسان التي شدَّ إليها الحاكمُ رحالَه في تلك السنة سَرْخَسُ، فقد قال لدى ترجمته لأبي علي زاهر بن أحمد السَّرْخَسي: دخلت سَرْخَس أولَ ما دخلتها سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة، ودخلتُها بعد ذلك سبعَ مرات
(3)
.
ثم في سنة خمس وأربعين وثلاث مئة رحل الحاكم إلى العراق والحجاز رحلتَه الثانية، وذَكَر في "تاريخه" هذه الرحلة، وأنه كان إذ ذاك في طريقه للحج أيضًا، كما في ترجمته لأبي علي الحسين بن يحيى بن زكريا الإسْفِينْقاني، وترجمته لأبي محمد صالح بن محمد التِّرمذي
(4)
، وكما في ترجمته كذلك لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن بشر الفقيه المزكِّي
(5)
.
ومرَّ في تلك الرحلة بأسَدَاباذ للمرة الثانية، كما في ترجمته للزبير بن عبد الواحد الأسَدَاباذي
(6)
، غير أنه ذكر التاريخ فيها على الشك، فقال: سنة خمس أو ست وأربعين. قلنا: الصحيح سنة خمس وأربعين، اللهم إلا أن يكون شكُّه في
(1)
"الأنساب" نسبة (العارض).
(2)
"الأنساب" نسبة (المفيد).
(3)
"طبقات الشافعية" لابن السبكي 3/ 294. وسرخس هذه تقع اليوم في جمهورية تركمانستان وهي شرقيّ نيسابور، وتبعد عنها مسافة 270 كم تقريبًا؛ أي: مسيرة سبعة أيام في ذلك الزمان.
(4)
"الأنساب" نسبة (الإسفينقاني) و (الترمذيّ).
(5)
"الجواهر المضية في طبقات الحنفية" لعبد القادر بن محمد القرشي 2/ 8.
(6)
"تاريخ دمشق" لابن عساكر 18/ 331.
سماعه منه في طريق الذهاب إلى العراق، أو في طريق العودة منه، لأنَّ ذهابه إلى العراق كان في سنة خمس وأربعين، وعودته منه بعد الحج كانت سنة ست وأربعين.
وذكر أنه في رحلته الثانية تلك اجتمع ببغداد بالقاضي أبي بكر محمد بن عمر الجِعَابي الحافظ، وذاكَرَه في مجالس كثيرة
(1)
.
وفيها دخل الكوفة دخلتَه الثانيةَ، وفي ذلك يقول: ثم دخلتُها - أي: الكوفة - سنة خمس وأربعين، ومسجد ابن عُقْبة قد خرب، فكان أبو القاسم السَّكُوني يأخذ بيدي في الجامع، فيدور معي على الأسطوانات، فيقول: هذه أسطوانة جرير، وهذه أسطوانة عبد الله، وهذه أسطوانة البراء، وقد عرفتُ منها ما عَرَّفَنيهِ ذلك الشيحُ رحمه الله
(2)
.
ثم عاد الحاكم من رحلته هذه أدراجَه إلى بلده نيسابور، ليرحل في السنة التي تليها - أي: سنة ست وأربعين وثلاث مئة - إلى مَرْو، كما أشار إلى ذلك عند ترجمته لبكر بن محمد الصَّيرفي المروزي، حيث قال: أقمتُ عليه سنَة ست وأربعين وثلاث مئة، ونظرتُ في أكثر كتبه إلى أن وَرِثَ من مولّى له مات بسَمرقند
(3)
ميراثًا، وتأهَّب للخروج بنفسه في طلب ذلك الميراث، فشَيَّعتُه إلى كُشْمِيهَن، وقرأت عليه بها البقايا التي كانت بقيتُ عليَّ
(4)
. وكُشميهن: قرية كانت عظيمةً من قرى مَرْو على طرف البَرّية آخرَ عَمَل مَرُو، لمن يريدُ قَصْدَ آمَلَ جِيحُون
(5)
. يعني أن الحاكم شيَّع شيخه بكر بن محمد الصيرفي في مسيره إلى سَمَرقند، ورافقه من مرو حتَّى كُشِميهَن التي هي إحدى قُراها.
(1)
"معرفة علوم الحديث" ص 188.
(2)
"معرفة علوم الحديث" ص 192.
(3)
هي بعض بلاد ما وراء النهر؛ أي: نهر جِيحُون. وتقع اليومَ في جمهورية أوزبكستان.
(4)
"الأنساب" نسبة (الدخمسيني).
(5)
"معجم البلدان" الياقوت 4/ 463. وقد خَرِبَت كشميهن قديمًا، خرَّبها الرمل، وبينها وبين مرو خمسة فراسخ؛ أي: 29 كم تقريبًا.
ثم لم يسجَّل للحاكم بعد سنة ست وأربعين وثلاث مئة رحلةٌ إلى شيء من البلاد، حتَّى دخلت سنة خمس وخمسين وثلاث مئة، فالظاهر أنه بقي بنيسابور في تلك الفترة ولم يخرج منها.
ولما دخلت سنة خمس وخمسين وثلاث مئة استأنف أبو عبد الله الحاكم رحلاته، غير أنه في هذه المرّة آثَر الرحيلَ إلى بُخَارى وغيرها من بلاد ما وراء النهر - أي: نهر جيحون - كما أرّخ ذلك هو نفسه في ترجمته لأبي بكر محمد بن أحمد بن هارون الرِّيوَنْدِي، وأبي القاسم عبيد الله بن محمد بن أحمد الكَلَاباذي
(1)
.
وقد مكث الحاكم في تلك الرحلة ببُخارى سِنِين، كما صرّح بذلك في ترجمته لأبي بكر محمد بن خالد بن الحسن المُطَوّعي البخاريّ
(2)
.
وقال في ترجمته لأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الطُّوسي: سكن بُخارى إلى أن دفنتُه بها، وكان يسكن معنا إلى أن توفي في منزلي ببخارى ليلة الجمعة النصف من صفر سنة سبع وخمسين وثلاث مئة
(3)
.
وقال أيضًا في ترجمته لأبي حامد أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن الصوفي المعروف بالأشقر: آخر ما فارقتُه ببُخارى، فإنا اجتمعنا بها سنة خمس أو ست وخمسين، ثم خرج منها إلى الحج سنة سبع وخمسين، وأنا بها
(4)
.
ثم عاد الحاكمُ بعد مَكْثه في بخارى تلك السنين إلى وطنه نيسابور، لكن لم يتبين لنا على وجه التحديد متى عاد، غير أن الغالب أنه في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة كان فيها.
(1)
"الأنساب" نسبة (الرِّيوَنْدي) و (الكَلاباذي). وبخارى اليوم مدينة عامرة في غرب جمهورية أوزبكستان، بينها وبين نيسابور مسافة 800 كم تقريبًا، وتقع مزو في وسط الطريق بينهما في جمهورية تركمانستان.
(2)
"الأنساب" نسبة (المطوعي).
(3)
"الأنساب" نسبة (المسافري).
(4)
"الأنساب" نسبة (الأشقر).
وذلك أنه أرّخ لنا رحيلَه من نيسابور إلى بُخارى سنة تسع وخمسين، كما في ترجمته لأبي محمد عبد الله بن علي بن عبد الله القاضي الطبري، حيث قال: ورد نيسابورَ غيرَ مرة، وآخرُها أني صحِبتُه سنة تسع وخمسين وثلاث مئة من نيسابور إلى بخارى
(1)
. فتكون هذه رحلتَه الثانيةَ إلى بُخارى.
وجاء في ترجمته لأبي يعلى محمد بن طاهر بن علي الأصبهاني أنه كان ببخارى لما توفي أبو يعلى سنة تسع وخمسين
(2)
.
لكن أرّخ لنا الحاكم أنه كان في سنة تسع وخمسين وثلاث مئة في مَرُو ثم في نَسَا، يعني أنه كان في خراسان في تلك السنة، فقد قال في ترجمته لأبي عمرو عثمان بن عمران بن الحارث المقدسي: آخر عهدي به في مجلس أبي العباس المحمودي بمَرْو سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، ثم جاءنا نعيُه وأنا بنَسَا في هذه السنة
(3)
.
وثبت أيضًا أن الحاكم في هذه السَّنة قُلّد القضاء بنَسَا في أيام السامانيّة ووزارة العُتْبِي
(4)
. فكيف يجتمع أنه رحل من نيسابور إلى بخارى، ثم يكون في مرو ونَسَا، بل قاضيًا في نَسَا في تلك السنة نفسها؟!
فالظاهر أن الحاكم رحل أولَ تلك السنة قاصدًا بُخارى، ومرَّ في طريقه بنَسَا، حيث قُلِّد فيها القضاء لفترةٍ وجيزةٍ، ثم كأنه استَعْفَى من القضاء فأُعفِي، ليُكمل طريقَه مرورًا بمَرُو، حتَّى وصل إلى بخارى في تلك السنة، حيث بقي فيها حتَّى دخلت عليه سنة ستين وثلاث مئة، كما في ترجمته لأبي العباس أحمد بن محمد
(1)
"تبيين كذب المفتري" ص 182.
(2)
"تاريخ دمشق" 53/ 280.
(3)
"تاريخ دمشق" 40/ 8: قلنا: ونَسَا من مدن خراسان كذلك، وهي اليوم في جمهورية تركمانستان إلى الجنوب الغربي من عاصمتها عشق آباد على بعد 18 كم تقريبًا، وهي خَرِبة، وتقع إلى الشمال من نيسابور على مسافة 250 كم تقريبًا، وإلى الغرب من مرو على مسافة 350 كم تقريبًا.
(4)
"تبيين كذب المفتري" لابن عساكر ص 229.
ابن صالح المنصوري، حيث قال: ورد في جملة الرسُل الذين خرجوا إلى بُخارى سنة ستين وثلاث مئة، وكنتُ أنا ببخارى، فكتبتُ عنه وعن جماعة منهم ببُخاري
(1)
.
ثم رجع الحاكم في سنة ستين وثلاث مئة من بُخارى عائدًا إلى نَسَا، فقد أرّخ لنا حضورَه فيها في تلك السنة، كما في ترجمته لأبي عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر المَطَري النيسابوري، حيث ذكر أنه توفي سنة ستين وثلاث مئة، قال: جاءنا نَعيُه وأنا بِنَسَا
(2)
، وكذلك قال في ترجمته لأبي جعفر محمد بن جعفر إبراهيم بن عيسى النَّسَوي الفقيه: من أهل الرامَرَان، وهي قرية على أقلَّ من فرسخ من مدينة نَسَا، توفي في قريته وأنا بها في رجب من سنة ستين وثلاث مئة
(3)
.
ثم كأنه لا زال في نَسَا حتَّى دخل عليه شهر رمضان من تلك السنة، كما أشار إليه في ترجمته لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن موسى الخازن الرازي، حيث ذكر أنه لدى وفاة أبي عبد الله الخازن في شهر رمضان من سنة ستين وثلاث مئة كان بنَسَا
(4)
. ويحتمل هنا أن يكون بقي بعد ذلك مقيمًا بها، أو أن يكون عاد بعدها إلى نيسابور.
ثم كان له في السنة التي بعدها - أي: سنة إحدى وستين - رحلةٌ ثالثةٌ إلى بُخارى، فقد ذكر أثناء ترجمته لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَه الأصبهاني أنه التقى به ببُخارى سنة إحدى وستين وثلاث مئة
(5)
.
لكنه أرَّخ لنا حُضورَه في نَسَا في تلك السنة أيضًا، كما في ترجمته لأبي الفضل
(1)
"الأنساب" نسبة (المنصوري).
(2)
"الأنساب" نسبة (المطري).
(3)
"الأنساب" نسبة (الرامراني)، و "تاريخ دمشق" 52/ 209.
(4)
"الأنساب" نسبة (الخازن).
(5)
"تاريخ دمشق" 52/ 31.
أحمد بن محمد بن حَمدُون الشَّرْمَقَاني، حيث قال: آخر ما فارقتُه بنَسا في رجب سنة إحدى وستين وثلاث مئة
(1)
. فكيف يلتئمُ هذا وذاك؟ الظاهر أنه بعد أن مَكَث بنَسَا تلك الأشهر فارقَها في رجب تلك السنة ليعود إلى بُخارى مرةً أخرى، أو أنه رجَع إلى بلده نيسابور أولًا، إذ ليست نَسَا ببعيدة عن نيسابور نسبيًّا، ليبقى فيها مدةً، ثم انطلق منها إلى بُخارى في تلك الرحلة الثالثة.
وكان الحاكم في أثناء رحلاته إلى بُخارى يمرُّ ببِيكَنْد، وهي من أُولى بلاد ما وراء النهر للذاهب إلى بُخارى
(2)
، فقد صرّح الحاكم في بعض رواياته بسماعه في بيكند من أبي محمد أحمد بن محمد بن واصل المُطَّوِّعي. ولم يتبين لنا تاريخ حضوره فيها، لكن لكونها على طريقه إلى بُخارى لا بدّ أن يكون وردها في سائر رحلاته إلى بُخارى.
إذًا فقد تعددت رحلات الحاكم إلى بلاد خُراسان وبلاد ما وراء النهر؛ ذهابًا وإيابًا، في تلك السنوات الثلاث من سنة تسع وخمسين إلى سنة إحدى وستين.
والظاهر أن طريقه في معظم رحلاته إلى بُخارى وبلاد ما وراء النهر كان من جهة نَسَا، ثم مُرورًا بمَرُو، مجتازًا إلى بيِكَنْد، وصولًا إلى بُخارى، وربما يكون طريقُه في بعض رحلاته من نيسابور إلى بُخارى من جهة طُوس ثم سَرْخَس ثم مَرْو، مجتازًا نهر جيحون إلى بِيكند فبُخارى؛ فهما طريقان معروفتان إلى بلاد ما وراء النهر، ومما يدلُّ على خروج الحاكم أحيانًا إلى بلاد ما وراء النهر من هذه الطريق الثانية، قولُه في ترجمته لأبي علي زاهر بن أحمد السَّرْخَسِي: دخلت سَرْخَس أولَ ما دخلتها سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة، ودخلتُها بعد ذلك سبعَ مرات
(3)
. وهذا
(1)
"الأنساب" نسبة (الشرمقاني).
(2)
بينهما خمسة فراسخ؛ أي: ما يقارب 29 كم.
(3)
"طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي 3/ 294. وسرخس اليوم كما سبق تقع في جمهورية تركمانستان على مسافة 270 كم تقريبًا من نيسابور.
يحتمل أمرين: إما أن يكون قصد سَرْخَس خاصةً، أو يكون مرَّ بها وهو في طريقه إلى بُخارى، والله تعالى أعلم.
ومن بلدان خراسان التي أمَّها أبو عبد الله الحاكم كذلك، ولم يتبيّن لنا تاريخُ حضوره فيها: أَبِيوَرْد، كما في ترجمته لأبي نصر منصور بن محمد بن أحمد بن حرب الحَرْبي البُخاريّ
(1)
. والظاهر أن دخوله إليها كان في أثناء رحلاته بين نَسَا ومَرْو وبُخارى، فهي على الطريق بين نسا ومرو، والله أعلم.
ومنها بَيْهَقُ كذلك، وهي ناحية من نواحي نيسابور، فيها قرى كثيرة مجتمعة، من أشهرها خُسْرَوْجِرْد
(2)
، وقد صرّح بسماعه في بَيْهَق من أبي الطيب طاهر بن يحيى البيهقي في بعض رواياته عنه في "المستدرك"
(3)
، ومن أبي الفضل أحمد بن محمد الخَواتيمي كما في رواية للبيهقي
(4)
عن أبي عبد الله الحاكم، وذكر أنه كتب بخُسْرَوْجِرْد عن أبي حامد أحمد بن محمد بن الحسين الخُسْرَوْجِرْدي الخطيب
(5)
. والظاهر أن حضوره إلى بيهق كان في أثناء رحلاته إلى العراق والحجاز، فهي على طريق القوافل من نيسابور إلى العراق.
فهذه أهم بلدان ومدن خراسان وبلاد ما وراء النهر التي رحل إليها أبو عبد الله الحاكم، رغبةً منه في لقاء شيوخها وحُفّاظها، وتحصيل مسموعاتهم ومرويّاتهم.
لكن الغريب اللافت للنظر أنه لم يُسجَّل لنا دخولُ الحاكم لبَلْخ ولا لهَرَاة، مع كونهما من كبرى مدن خراسان، والظاهر أن ذلك يعود لسببين:
(1)
"الأنساب" نسبة (الحربي). وأبيورد قريبة من نَسَا إلى الشرق منها، فهي في جمهورية تركمانستان أيضًا.
(2)
"الأنساب" نسبة (البيهقي). وبيهق الآن مدينة في جمهورية إيران، وتسمَّى سيزوار، وهي إلى الغرب من نيسابور وتبعد عنها مسافة 110 كم تقريبًا، وخسروجرد قصبتها في غربيِّها.
(3)
"المستدرك"(129) و (3338).
(4)
في "شعب الإيمان"(9058).
(5)
"الأنساب" نسبة (الخُسْرَوْجِرْدي).
1 -
أن نيسابور بوصفها كانت كبرى مدن خراسان، فكان يؤمُّها أهلُ بَلْخ وهَرَاة، فكان يتهيأ لأبي عبد الله الحاكم اللقاءُ بهم فيها، فيستريح بذلك من عناء الرحلة إليهم.
2 -
أن نيسابور كانت على أهمِّ طريق لأهل تلك النواحي لدى ذهابهم إلى الحج، فكان لا بدَّ لهم من العُبور من خلالها، فكانت لهم محطةً يَستريحون فيها لأيام، بل كان ينطلق معهم من أهل نيسابور جماعةٌ بقصد الحج أيضًا، وبذلك كان يُتاحُ للحاكم السماعُ من الشيوخ البلخيين والهرويين وغيرهم من أهل تلك النواحي المارِّين بنيسابور، كما أشار إليه الحاكمُ في ترجمته لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد الشَّمّاخي الصَّفّار الهَرَوي
(1)
، وترجمته لأبي نصر محمد بن محمد بن حامد التِّرمِذي الزاهد
(2)
، وترجمته لأبي حامد أحمد بن محمد بن شارَك الفقيه الهَرَوي
(3)
. وربما كان يخرج بصحبتهم للحج، فيَسمع منهم في الطريق؛ فلا يحتاج بعد ذلك إلى الرحيل إليهم، ولو علم عندهم زيادةً على ما سمعه لرحل في تحصيل ذلك، ولا سيما أنه رحل إلى عددٍ من بلاد ما وراء النهر، وهي أبعدُ في المسافة من هَرَاة بمراحل طويلة، والله تعالى أعلم.
وبعد ذلك في سنة خمس وستين أرّخ لنا الحاكمُ رحلتَه الثالثة إلى الحج، كما في ترجمته لأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد عبد الله بن مِهْران البغدادي، حيث قال: وفي سنة خمس وستين في الحج طلبتُه في القوافل، فأخفَى نفسَه، فحججتُ سنة سبع وستين، وعندي أنه بمكة، فقالوا: هو ببغداد، فاستوحشتُ من ذلك وتَطلَّبتُه
(4)
. قلنا: لكن لم يُسجِّل لنا الحاكم في سنة خمس وستين حُضورَه في
(1)
"الأنساب" نسبة (الشماخي).
(2)
"تاريخ بغداد" 4/ 355. وترمذ قريبة جدًّا من بلخ.
(3)
"طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي 3/ 45.
(4)
"سير أعلام النبلاء" 16/ 336.
شيء من البلاد الواقعة بين نيسابور والعراق، ولا حتَّى في العراق الذي كان حريصًا على المرور به والمكث فيه لمدة كلما أراد الحجّ، بل ذكر الحاكمُ في حديثه عن رحلته التالية إلى الحج سنة سبع وستين أنه دخل فيها بغداد الكرةَ الثالثة، فهذا كالنص على أنه لم يدخل بغداد سنة خمس وستين، لأنَّهُ لو دخلها لكان دخوله إليها الكرة الرابعة لا الثالثة، والظاهر أن ذلك لكون رحلته في سنة خمس وستين كانت عاجلةً لم يتمكن خلالها من المكث في العراق، وذلك لأن خروجه إلى الحج كان في تلك السنة بعد شهر رجب، كما في ترجمته لأبي علي الحسين بن محمد الماسَرْجِسيّ الذي ذكر أنه توفي في العاشر من رجب في تلك السنة، وأنه شهد جنازته
(1)
، فلم تَتسنَّ للحاكم الفرصةُ للمرور بالبلاد التي كان يمرُّ بها عادةً في طريقه إلى الحج، والله أعلم.
ثم كان للحاكم رحلةٌ رابعةٌ إلى الحج، وهي الرحلةُ الثالثةُ إلى العراق، سجَّلها لنا مؤرّخةً بسنة سبع وستين وثلاث مئة، كما في ترجمته لأبي القاسم الآبَنْدُوني
(2)
، وترجمته لأبي القاسم عبد العزيز بن الحسن الدّارَكِي
(3)
، ونصَّ في ترجمة الأول منهما على أنها الكَرّةُ الثالثةُ التي دخل فيها بغداد، وذكر أنه كان قد أراد الحج في تلك الرحلة أيضًا، نَبَّه على ذلك في ترجمته لأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مِهْران البغدادي المذكورُ قريبًا، وفي ترجمته لأبي منصور محمد بن حامد بن محمد الغالي النيسابوري، حيث قال: توفي أبو منصور بن غالية سنة سبع وستين وثلاث مئة، وأنا في طريق الحج
(4)
.
وفي رحلة الحاكم هذه مرَّ بعدد من المدن والبلدان الواقعة في طريقه، ومنها:
(1)
"تاريخ دمشق" 14/ 294.
(2)
"الأنساب" نسبة (الآبندوني).
(3)
"الأنساب" نسبة (الداركي).
(4)
"الأنساب" نسبة (الغالي).
الرَّيُّ التي ذكر دخوله إليها في تلك السنة، كما في ترجمته لأبي بكر محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان
(1)
.
ومنها: أَسَدَاباذ، دخلها للمرة الثالثة، حيث أرّخ دخولَه إليها في تلك السنة أيضًا، كما في ترجمته لأبي عبد الله الزبير بن عبد الواحد الأسَدَاباذي
(2)
.
وعند مُنصَرَفِه من الحج في تلك السَّنة بقي ببغداد زيادةً على أربعة أشهر، كما صرَّح الحاكم نفسُه بذلك، وأنه أُتيح له خلالَها مُلازمةَ الإمام الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطنيِّ، ومُناظرته، حتَّى رَضِيَه الدارقطنيُّ
(3)
. وهذا يعني أنه مكث في بغداد في تلك الفترة، حتَّى دخلت عليه سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
كما أُتيح له في أثناء هذه الإقامة في بغداد سماعُ جملة "مسند الإمام أحمد" من أبي بكر بن مالك القَطِيعي، كما نصّ على ذلك أبو حازم العبدَوي - أحد تلامذة أبي عبد الله الحاكم -
(4)
، وأبو بكر القَطِيعي هذا هو راوي "المسند" عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه.
والجدير بالذِّكر هنا أن الإمام الحاكم كان في هذه الرحلة قد تقدَّمت سنُّه، وعلا في العلم كعبُه، وبلغ فيه شأوًا عظيمًا، فلم تكن رحلته للإفادة من شيوخ العراق ومحدِّثيها وحسبُ، إنما تَصدّر لمجالس السَّماع، وأصبح مَهوى أفئدة العلماء، ومَقصِدَ طلبة العلم في تلك الديار التي رَحَل إليها، فأقدموا عليه راغبين في السماع والإفادة منه، وحرَصُوا على تلقّي ما لديه من نفيس المرويات التي استفادها من
(1)
"تاريخ بغداد" 3/ 496. وتقع الري اليوم ضمن جمهورية إيران قريبًا من العاصمة طهران على بعد 6 كم في الجنوب الشرقي منها.
(2)
"الأنساب" نسبة (الأسداباذي)، و "تاريخ دمشق" 18/ 331. وهي في غربيّ هَمَذان بإيران، تبعد عنها مسافة 40 كم تقريبًا.
(3)
"الإرشاد في معرفة علماء الحديث" 2/ 852، ومقدمة محمد بن طاهر المقدسي على "الغرائب والأفراد للدارقطني" ص 21، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر 43/ 96.
(4)
"خصائص مسند الإمام أحمد" لأبي موسى المَدِيني ص 12.
شيوخه الخُراسانيين وغيرهم من شيوخ بلاد ما وراء النهر، وكان من جملة من أفاد منه في تلك الرحلة شيخُه الدارقطني نفسُه، وفي هذا الصَّدد يقول الخطيب البغدادي: قدم بغداد في شَبِيبته، فكتب بها عن أبي عمرو بن السَّمّاك، وأحمد بن سلمان النَّجّاد، وأبي سهل بن زياد، ودَعْلَج بن أحمد، ونحوهم من الشيوخ، ثم وَرَدَها وقد عَلَتْ سِنُّه، فحدَّث بها عن أبي العباس الأصمّ، وأبي عبد الله بن الأخرم، وأبي علي الحافظ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وغيرهم من شيوخ، خراسان، روى عنه: الدارقطنيُّ، وحدَّثَنا عنه محمد بن أبي الفَوَارس، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وغيرهما
(1)
.
وذكر أبو يعلى الخليلي للحاكم رحلةً إلى العراق والحجاز في سنة ثمان وستين وثلاث مئة
(2)
، وعَدَّها الرحلةَ الثانيةَ، وقد أخطأ أبو يعلى الخليلي في ذلك في أمرين:
أولهما: في ذكر رقم الرحلة، وقد قَدّمنا أن رحلة الحاكم الثانية إلى العراق والحجاز كانت سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
وثانيهما: في ذكر تاريخ الرحلة، فقد قدَّمنا أن الحاكم كان قد حج سنة سبع وستين وثلاث مئة، ثم عند مُنصَرَفه من الحج رجع إلى بغداد، ليمكث فيها مدةً تزيد على أربعة أشهر، وهذا يعني أنه دخلت عليه سنة ثمان وستين وهو في بغداد، وقد أشار إلى ذلك أبو حازم العبدَوي، حيث قال وهو يتحدث عن الحاكم: فعزم على أن يَخرُج إلى الحج في موسم سبع وستين، فلما وَرَدَ في سنة ثمان وستين أقام بعد الحجِّ ببغداد أشهُرًا
(3)
.
(1)
"تاريخ بغداد" للخطيب 3/ 509.
فائدة عزيزة: ومما كتبه الدارقطني عن الحاكم ورواه عنه حديث عبد الله بن مسعود، قال: من أحب أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافِظْ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث يُنادَى بهن. قال الحاكم: كتبه عني أبو الحسن الدارقطني، وقال: ما كتبتُه عن أحدٍ قطُّ. "التدوين في أخبار قزوين" لأبي القاسم الرافعيّ 2/ 142.
(2)
"الإرشاد في معرفة علماء الحديث" 3/ 852.
(3)
"خصائص مسند الإمام أحمد" ص 12.
وقد جاء ما يدلُّ على المدة التي بقي فيها ببغداد تحديدًا، كما في ترجمته لأبي القاسم الآبَنْدُوني الذي ذكر الحاكمُ أنه لم يُفارق بغداد من سنة خمسين وثلاث مئة حتَّى مات بها سنة تسع وستين وثلاث مئة، فذكر الحاكم أنه فارقه - أي: من بغداد - في رجب من سنة ثمان وستين وثلاث مئة
(1)
. ثم ورد ما يدلُّ على أنه لما غادر بغداد في رجب تلك السنةَ عاد إلى نيسابور، كما يظهر في ترجمته لأبي طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حَفيد الإمام محمد بن إسحاق بن خُزَيمة صاحب "الصحيح"، حيث ذكر أنه عَقَدَ له في نيسابور مجلسًا في شهر رمضان من سنة ثمان وستين وثلاث مئة
(2)
، فكان انطلاق الحاكم إذًا من بغداد في رجب من سنة ثمان وستين وثلاث مئة، عائدًا إلى نيسابور حيث عُقد مجلس أبي طاهر في شهر رمضان من تلك السنة، وقد نصَّ أبو حازم العبدوي على رجوعه إلى وطنه نيسابور بعد إقامته في بغداد تلك الأشهر
(3)
.
ولم يُسجِّل لنا الحاكم لنفسه رحلةً بعد هذا التاريخ إلى العراق والحجاز، فلا يصحُّ قول الخليلي أنه رحل إلى العراق والحجاز سنة ثمان وستين، ولعله يكون أراد لرحلةَ التي كانت سنة سبع وستين وثلاث مئة، فذكَر سنةَ ثمان وستين باعتبار أن تلك الرحلة امتدَّت إلى شهر رجب من سنة ثمان وستين، ولكن إنما يصحُّ ذلك مجازًا بذكر العراق دون الحجاز، والله أعلم.
وقد قال الحاكمُ في ترجمته لأبي منصور أحمد بن محمد بن عبد الله العَنْبَري: آخر عَهدي به ببغداد في قَطيعة الرَّبيع في داره سنة ثمان وستين وثلاث مئة
(4)
. يعني عند عودته إلى نيسابور.
(1)
"الأنساب" نسبة (الآبندوني).
(2)
"الأنساب" نسبة (الخزيمي).
(3)
"خصائص مسند الإمام أحمد" ص 12.
(4)
"تاريخ بغداد" 6/ 196.
كما سجَّل لنا سماعَه بعدد من البلدان التي تقع إلى الغرب من نيسابور في الأقاليم الواقعة بين إقليم خُراسان وإقليم العراق، مما لم يظهر لنا تاريخُ دخوله إليها، وأغلب الظن أنه دخل تلك البلاد في سائر رحلاته إلى العراق والحجاز، إذ هي في طريق القوافل الآتية من البلدان الشرقية إلى العراق، والله أعلم.
ومن هذه البلدان: الدامَغَان، وهي بلدة من إقليم قُومَس
(1)
، سمع فيها من أبي العباس أحمد بن زياد الفقيه
(2)
.
ومنها: ساوَة، وهي بلدة بين الرَّيِّ وهَمَذان
(3)
، وقد سمع فيها الحاكمُ من أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن أميّة بن مُسلم القرشي
(4)
.
ومنها كذلك: الأهواز
(5)
، وقد وقفنا على سماع للحاكم بالأهواز من أبي العباس أحمد بن زياد الفقيه في "المستدرك".
ولما وصل إلى مكةَ كان له فيها شيوخٌ صرّح بسماعه منهم فيها، أشهرهم أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزَاعي الفاكِهي، وأبو عبد الله محمَّد بن علي بن عبد الحميد الصَّنْعاني
(6)
، وغيرهما من المقيمين بمكة أو الواردين إليها للحج، وهم كثيرون، يمكن معرفتهم من خلال استعراض أسانيده في "المستدرك".
ولم يذكر لنا الحاكم رحلةً إلى مصر والشام، مع أن عددًا من أقرانه الخُراسانيين قد رحلوا إليهما، فيذكر الدكتور محمود ميرة عدة أسباب لذلك مُحتَمَلة، منها:
أ - أن يكون الحاكمُ زَهِد فيهما.
ب - أو أن تكون قصة النسائيِّ وما لقيه من أهل دمشق عندما طلبوا منه أن
(1)
"الأنساب" للسمعاني نسبة (الدامغاني). وقومس إقليم في جمهورية إيران في شرق طهران.
(2)
"المستدرك"(2378) و (5826).
(3)
"الأنساب" للسمعاني نسبة (الساوي).
(4)
"المستدرك"(4613) و (4609).
(5)
وهي من مدن خُوزستان في أقصى الشمال الشرقي من الخليج العربيّ، وتقع الآن في إيران.
(6)
"المستدرك"(1) و (131) و (229) و (284).
يحدِّثهم عن فضائل معاوية بن أبي سفيان، بعد أن حدثهم بفضائل علي بن أبي طالب، فأبى أن يفعل، فأُخرج من المسجد عَنوةً، ثم كان ذلك سببًا في وفاته بعد ذلك.
ج - وإما أن يكون بسبب فتنة القرامطة التي امتدت إلى مناطق واسعة شملت جزءًا كبيرًا من الطريق إلى دمشق حتَّى دخلت مصر تحت قبضتهم.
د - أو أنه اكتفى بما سمعه من
شيوخه
الذين رحلوا إلى الشام ومصر كالزبير بن عبد الواحد الأسَدَاباذي
(1)
الذي تقدَّم ذِكرُه غيرَ مرة.
قلنا: وكأبي عليّ النَّيسابوري أيضًا وأبي العباس الأصم والدارقطني.
المطلب الثالث: شيوخه وتلامذته:
- شيوخه:
قدمنا أن الحاكم رحمه الله كان قد شرع بطلب العلم منذ حداثة سنِّه، حين كان في سنِّ التاسعة، ثم حُببت إليه الرحلةُ في طلب العلم، فلم يَزَل يطوي البِيدَ راحلًا، غير واضعٍ عصا التَّيْسار، متنقلًا في البلاد، سعيًا منه للقاء مزيدٍ من الشيوخ، وقد أدرك جماعةً منهم وقد بَلَغُوا من الكِبَر عِتِيًّا، حتَّى إنه رحل إلى العراق والحجاز وهو في سنِّ العشرين، مما أتاح له في تلك الديار لقاءَ عدد من الشيوخ الذين لم يمكثوا بعد رحيلِه عنهم سوى زمن يسير، فتسنَّى له لِقاءُ شيوخ لم يُدركهم نُظَراؤه الذين كانوا في مثل سِنِّه في خراسان، وقد جمع لنفسه مُعجَمًا يشتمل على ألفي شيخ
(2)
، وممّن روى عنهم مَن عاش بعده
(3)
.
وسمع ببلده نيسابور وحدَها من أربعة وتسعين وتسع مئة شيخ حسب ما أورده هو في "تاريخ نيسابور"
(4)
.
(1)
"الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك" للدكتور محمود ميرة ص 37 - 38.
(2)
"تبيين كذب المُفتري" ص 228، و "الدر الثمين في أسماء المصنفين" لتاج الدين علي بن أَنجَبَ البغدادي ص 101.
(3)
"وفيات الأعيان" لابن خلكان 4/ 280.
(4)
كما في "تلخيصه" للخليفة النيسابوري، وذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/ 163 أنه =
كما كان له شيوخٌ في علوم شتى كان لديه إلمامٌ بها - كما قدّمنا عند حديثنا عن شروعه في طلب العلم - على أن شيوخه في الرواية كانوا أكثر عددًا، حيث إنه بعد تلقِّيه تلك العلومَ انصرف إلى علم الحديث بأجمَعِه، حتَّى غلبَ ذلك عليه، واشتَهَر به، وسُمِّي الحافظَ.
وقد أدرك جماعةً من المحدثين والحفّاظ بنيسابور، لو صحَّ سماعُه من أحدهم لعُدَّ ذلك من أقدم سماعاته.
- وأقدُم من أدركَه الحاكمُ من شيوخ نيسابور ولم يصحَّ سماعُه من واحدٍ منهم:
1 -
أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، قال عنه الحاكم: الإمام المقتدَى به في الفقه والكلام والوعظ والورع والعقل والدين. وقد جزم عبد الغافر الفارسي بأن الحاكم لقيَه، ولم يسمع منه شيئًا
(1)
.
2 -
أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي، المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، جزم عبد الغافر الفارسي أيضًا بأن الحاكم لَقيَه، ولم يسمع منه شيئًا
(2)
.
3 -
أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال النيسابوري، المتوفَّى سنة ثلاثين وثلاث مئة، وقد رآه الحاكم، لكن لم يسمع منه
(3)
.
4 -
أبو بكر محمد بن الحُسين بن الحَسن بن الخليل النَّيسابوري القَطّان، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة، وأُحضر الحاكمُ لمجلسه وهو صغير غيرَ مرّة، لكن لم يصحَّ له عنه شيءٌ، كما صرّح الحاكم نفسه بذلك
(4)
.
= سمع في نيسابور من ألف نفس.
(1)
"المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور" ص 16.
(2)
المصدر السابق ص 16.
(3)
"تاريخ الإسلام" للذهبي 7/ 587.
(4)
المصدر السابق 7/ 663.
5 -
أبو الحسن علي بن إبراهيم بن معاوية النيسابوري المُعدَّل، المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، وقد سمع منه الحاكمُ، لكن ذهب سماعُه منه
(1)
.
فأما شيوخه الذين أدركهم وصحَّ سماعُه وتَلقِّيه عنهم، فسنذكرهم بحسب تخصصاتهم:
-
أما شيوخه في القرآن والقراءات، فأشهرهم:
1 -
أبو بكر أحمد بن الحسين بن مِهران الزاهد المِهراني، المتوفى سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، قال الحاكم في ترجمته في "تاريخ نيسابور": إمام عصره في القراءات، وأعبدُ من رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوة، قرأْنا عليه ببُخارى كتابه المصنّف في القراءات، وهو "كتاب الشامل" سنة خمس وخمسين وثلاث مئة
(2)
.
2 -
أبو حامد أحمد بن إسماعيل بن جبريل الصَّرّام، المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، قرأ القرآن على حمدون بن أبي سهل المقرئ، وكان يقرئ في مسجد المربعة بنيسابور إلى أن ضعُف، روى كتب الفقه والتفسير ببَلْخ أو بُخارى
(3)
.
3 -
أبو بكر أحمد بن العباس البغدادي، نزيل خراسان، يعرف بابن الإمام، توفي سنة خمس وخمسين وثلاث مئة، قرأ على أحمد بن سهل الأُشْناني، وأبي بكر بن مجاهد، قرأ عليه أبو عبد الله الحاكم، وقال: كان أوحدَ عصره في أداء الحروف، دخل مَرْو وبُخارى
(4)
.
4 -
أبو عيسى بَكّار بن أحمد بن بَكّار البغدادي، المتوفى سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة، مشهور بالإقراء، أقرأ ستين سنة، قرأ على: عبد الله بن الصَّقر السُّكَّري،
(1)
المصدر السابق 7/ 670.
(2)
"الأنساب" نسبة (المهراني).
(3)
"الأنساب" نسبة (الصَّرّام)، و "تاريخ الإسلام" 7/ 667.
(4)
"تاريخ الإسلام" 8/ 79، و "معرفة القراء الكبار" للذهبي 1/ 310.
وأبي علي الحسن بن الحسين الصَّوّاف صاحب أبي حَمْدون الذُّهلي، وأحمد بن يعقوب ابن أخي العِرْق، وأبي بكر بن مُجاهد
(1)
.
5 -
أبو علي الحسن بن داود الأُموي النَّقّار الكوفي، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة، قرأ لعاصمٍ على القاسم بن أحمد الخيّاط، وأخذ قراءة حمزة عن محمد بن لاحق، وأقرأ الناسَ دَهْرًا، وكان ثقةً قيِّمًا بحرف عاصم
(2)
.
6 -
أبو عبد الله محمد بن الحسين بن أيوب النَّوْقاني، روى القراءات عن علي بن عبد العزيز المكي عن أبي عبيد القاسم بن سلّام
(3)
.
7 -
أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارِزِيّ، روى القراءات من كتاب أبي عبيد عن علي بن عبد العزيز المكي، عنه
(4)
.
وأما شيوخه في الفقه، فأشهرُهم:
1 -
أبو الوليد حسّان بن محمد بن أحمد القرشي الأُمَوي، الأستاذ الفقيه الشافعي، المتوفى سنة تسع وأربعين وثلاث مئة، تفقَّه بأبي العبّاس بن سُرَيج، وهو صاحبُ وجهٍ في مَذهَب الشافعية. قال فيه الحاكم إمام أهل الحديث بخراسان، وأزهَدُ من رأيتُ من العلماء وأعبَدُهم. وكثيرًا ما كان الحاكمُ يصِفُه في أثناء الرواية عنه بالأستاذ، وبالإمام
(5)
.
فهذا إذًا من شُيوخ الحاكم في الرواية أيضًا، وقد أكثر عنه في مصنفاته.
2 -
أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الصُّعلُوكي، الفقيه الشافعي، المتوفى سنة تسع وستين وثلاث مئة. قال عنه الحاكم: حَبْر زمانِه وبقيّة
(1)
"تاريخ الإسلام" 8/ 54، و "معرفة القراء الكبار" للذهبي 1/ 306.
(2)
"معجم الأدباء" لياقوت الحموي 2/ 860، و "تاريخ الإسلام" 7/ 706، و "معرفة القراء الكبار" 1/ 304.
(3)
"غاية النهاية" 2/ 128.
(4)
"غاية النهاية" 2/ 239.
(5)
"تاريخ الإسلام" 7/ 874، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 492.
أقرانِه
…
اختُلف إلى أبي بكر بن خُزَيمة، ثم إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثَّقَفي، وناظر وبَرَع
…
وأفتى ودرَّس بنَيسابور نيّفًا وثلاثين سنة
(1)
.
3 -
أبو علي الحَسن بن الحُسين بن أبي هُريرة البغدادي، الفقيه الشافعي القاضي، المتوفى سنة خمس وأربعين وثلاث مئة. صاحب وجهٍ في مَذْهَب الشافعية، تفقّه على أبي العباس بن سُرَيج، وعلى أبي إسحاق المَرْوَزي
(2)
.
- وأما شيوخ الرواية الذين أدركَهم الحاكمُ، وتَلقّى عنهم الروايات والأخبار، فهم على طبقاتٍ، أورد منهم أبو عبد الله الحاكم في كتابه "تاريخ نيسابور" مَن كان منهم مُقِيمًا بنيسابور، أو مَن نزلها مارًّا بها، وقد استوعبَ ذِكرَ شُيوخه من النيسابوريين وغيرهم في "معجمه" الذي أشرنا إليه، حيث بلغ عددهم ألفي شيخٍ، كما نصَّ عليه غير واحد ممن رأى ذلك "المعجم"، على أنه لم يُعثَر عليه بعدُ، ولو عُثِر عليه مع كتابه الآخَر "تاريخ نيسابور"، لحصل لنا بحضورهما فوائد جُلَّى.
- وقدَّمنا في حديثنا عن شروعه في طلب العلم كذلك ذكرَ جملةٍ من الشيوخ الذين سمع منهم الحاكم في وقت مبكِّر من حياته بنيسابور، ولم يكن بلغَ الرابعة عشر من عُمُره بعدُ، وهم:
1 -
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المَكتُومي، الذي كتب عنه الحاكم سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
2 -
أبو حاتم بن حِبّان البُسْتي، الذي استَمْلَى عليه الحاكم سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
3 -
حاجب بن أحمد الطُّوسي، الذي سَمِع منه الحاكم سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
4 -
أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق بن الأزهر الإسْفَراييني الأزهَري،
(1)
"الأنساب" نسبة (الصُّعلوكي)، و "تاريخ الإسلام" 8/ 309.
(2)
"وفيات الأعيان" لابن خَلِّكان 2/ 75 و "تاريخ الإسلام" 7/ 820.
ابن أخت أبي عوانة الحافظ، الذي سَمِع منه الحاكم أيضًا سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
- وذكرنا بعد ذلك شيوخًا لأبي عبد الله الحاكم سمع منهم بنيسابور، قُبِضُوا ولم يكن قد تجاوز التاسعة عشر من عُمُره بعدُ، وهم:
1 -
أبو الطيب الصُّعلُوكيّ، المتوفى سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة، وكان قد سمع منه الحاكمُ حديثًا في المذاكرة.
2 -
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد الفقيه البخاريّ، المتوفى سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة أيضًا، وذكر الحاكم أنه كتب عنه في تلك السنة نفسها.
3 -
أبو الحسن عيسى بن زيد بن عيسى الطالبي العَقِيلي، المتوفى في أواخر سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة، وذكر الحاكم أنه كتب عنه في تلك السنة كذلك.
4 -
أبو الحسن علي بن حَمْشَاذَ بن سَخْتَوَيْه بن نصر، النَّيسابوريُّ المُعدَّل، المتوفى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة، وقد أكثر عنه الحاكمُ، فقد روى عنه في "المستدرك" ما يزيد على الخمس مئة روايةٍ.
5 -
أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ الجَلّاب، المتوفى سنة أربعين وثلاث مئة، وأكثر عنه الحاكم أيضًا، فرواياتُه عنه في "المستدرك" تزيد على المئتين وتسعين روايةً.
- ثم كان للحاكم بعد ذلك شيوخ كبار في نيسابور وغيرها، ومن أبرزهم ممن أكثر عنهم في "المستدرك":
1 -
أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ الورّاق النَّيسابوري، المتوفَّى سنة أربعين وثلاث مئة. وصفَه الحاكمُ بالثقة المأمون
(1)
، وهو من أكثر من روى عنه الحاكم من شيوخه الذين روى لهم في "المستدرك".
(1)
"الأنساب" نسبة (الأحنف) ونسبة (الحسنوي)، و "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن الصلاح 1/ 166.
2 -
أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، المتوفى سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، قال الخليلي: كان الحاكم يُسمّيه: العَدْل الرِّضا
(1)
. وقد سمع منه الحاكم - كما قدمنا - بالطابرَان إحدى بلدتَي طُوس في خراسان.
3 -
أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد النَّيسابُوري، المعروف بالصِّبْغيّ، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة
(2)
، وقد أكثر عنه الحاكم أيضًا، وهو أكثر من روى عنه من شيوخه، وكان أكثر ما يسمِّيه بذكر كُنيته مع اسم أبيه، فيقول: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق.
4 -
أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد الله بن مهدي السَّيّاري المروزي، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة
(3)
. قال عنه الحاكم: لم أر أفضلَ منه
(4)
. وقد سمع منه بمَرْو في رحلته الأُولى إليها، إذ توفي قبل رحلته الثانية إلى هناك.
5 -
أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان بن المَرزُبان الهَمَذاني الجَلّاب، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة
(5)
. وكان لقاء الحاكم به في هَمَذان، كما كان يصرّح به في أسانيده في "المستدرك" وغيره، وقد وصفه في روايةٍ عنه في "المستدرك" بالحافظ
(6)
، وقال مرةً في إسناد خبر رواه عنه: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات
(7)
، وقال مرة في إسناد خبر رواه هذا حديث ليس في إسناده إلَّا ثقة ثبت
(8)
. وذكر
(1)
"الإرشاد" 3/ 849.
(2)
"الأنساب" نسبة (الصِّبغي)، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 483.
(3)
"الأنساب" نسبة (السياري)، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 500.
(4)
"الإرشاد" 3/ 922.
(5)
"معجم البلدان" لياقوت الحموي 5/ 384، رسم (ولِيدَاباذ)، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 477.
(6)
"المستدرك"(8792).
(7)
"المستدرك"(772).
(8)
"معرفة علوم الحديث" ص 58.
الحاكم أن عبد الرحمن بن حمدان الجَلّاب هذا سمع "المسند" من إبراهيم بن نصر الرازي، و "المسند" من هلال بن العلاء الرَّقّي
(1)
.
6 -
أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النَّيسابوري الزاهد، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة. قال أبو يعلى الخَليلي: يُكثر عنه الحاكم أبو عبد الله، ويُسمّيه الحافظ
(2)
. قلنا: وقد وصفه الحاكم بأنه ثقة مأمون
(3)
.
7 -
أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد بن السَّمّاك الدَّقاق البغدادي، المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاث مئة
(4)
. وكان لقاء الحاكم به في بغداد في رحلته الأُولى، حيث إنه توفي قبل رحلته الثانية إلى هناك، ووصفه في بعض رواياته بقوله: الثقة المأمون، وقال عنه مرةٌ: الزاهدُ حقًّا
(5)
.
8 -
أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الشَّيباني الحافظ المعروف بابن الأخْرَم النيسابوري، المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاث مئة. وصفه الحاكم بقوله: كان أبو عبد الله صَدْرَ أهل الحديث ببلدِنا بعد أبي حامد بن الشَّرْقيّ؛ كان يَحفَظ ويَفهَم
…
وله كلامٌ حسنٌ في العلل والرجال
(6)
.
9 -
أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري النَّيسابوري، المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاث مئة. قال الحاكمُ فيه: العدلُ الأديبُ المُفسِّرُ الأوحَدُ من أقرانه
(7)
.
10 -
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطّة - بضم الباء - بن إسحاق بن الوليد بن
(1)
المصدر السابق ص 229.
(2)
"الإرشاد" 3/ 857، و "تاريخ دمشق" 52/ 429، و "تاريخ الإسلام" 7/ 785.
(3)
"سؤالات السِّجْزي لأبي عبد الله الحاكم"(230).
(4)
"تاريخ بغداد" 13/ 190، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 444.
(5)
"المستدرك"(4340).
(6)
"تاريخ الإسلام" 7/ 810، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 466.
(7)
"تاريخ الإسلام" 7/ 811، و "العِقد المُذهَب في طبقات حَمَلَة المَذهَب" لابن الملِّقن ص 234.
عبد الله الأصبهاني، نزيل نيسابور، المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاث مئة. قال الحاكم: قرأ أبو عبد الله بنيسابور كُتُب الواقديّ في روايات شتّى
(1)
.
11 -
أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأُموي ولاء النيسابوري الأصمُّ، المتوفى سنة ست وأربعين وثلاث مئة. وهو راوية المذهب الشافعي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي، قال الحاكم: كان محدِّث عصره بلا مدافعة، حدَّث في الإسلام ستًا وسبعين سنة
…
وما رأيت الرَّحّالة في بلد أكثر منهم إليه، رأيت جماعة من الأندلس والقَيروان ومن أهل فارس وخُوزستان على بابه
(2)
.
12 -
أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن جَميل البغدادي، المتوفى سنة ست وأربعين وثلاث مئة. وكان لقاء الحاكم به بنيسابور، كما صرّح به في غير موضع من "المستدرك"، وقد وصفه بقوله: مُحدِّث عصره بخُراسان، وأكثر مشايخنا رحلةً، وأثبتهم أصولًا .. انتقى عليه أبو على النيسابوري أربعين جزءًا
(3)
.
13 -
أبو العباس محمد بن أحمد بن مَحبُوب بن فُضَيل المَرْوَزِي المَحبُوبي، المتوفى سنة ست وأربعين وثلاث مئة. وهو راوي كتاب "جامع أبي عيسى الترمذيّ" عنه، وقد سمعه منه الحاكم بمَرْو، وأغلب الظن أن ذلك كان في رحلته الثانية إليها حين مكث فيها سبعة أشهر، كما يُفهم من قوله في أثناء ترجمته لأبي علي الحسين بن سابُور الطَّبَري المُفيد
(4)
، ووصف الحاكمُ أبا العباس بالثقة المأمون
(5)
. ووصف سماعه بأنه صحيح
(6)
.
14 -
أبو الحسن أحمد بن محمد بن عَبْدُوس العَنَزي الطَّرائفي النيسابوري،
(1)
"الأنساب" نسبة (البُطِّي).
(2)
"تاريخ الإسلام" 7/ 842.
(3)
"تاريخ بغداد" 4/ 354 و "تاريخ الإسلام" 7/ 841.
(4)
"الأنساب" نسبة (المفيد).
(5)
"معرفة علوم الحديث" ص 121.
(6)
"تاريخ الإسلام" 7/ 838.
المتوفى سنة ست وأربعين وثلاث مئة. وصفه الحاكم بقوله: كان من أهل الصدق والمحدثين المشهورين
…
ولم يزل مقبولًا في الحديث مع ما كان يرجع إليه من السلامة
(1)
.
15 -
أبو الحسن إسماعيل بن محمَّد بن الفضل بن محمد النيسابوري، المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاث مئة. قال عنه الحاكم كان كثير السماع من جده وأبيه، وكان أحد المجتهدين في العبادة، وكنت أستخيرُ الله في إخراجه في الصحيح، فوقعت الخِيَرة على ذلك
(2)
.
16 -
أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان المروَزي الصَّيرَفي، الملقَّب بالدُّخَمْسِيني، المتوفى سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة، وصفه الحاكم بأنه محدِّث خراسان في عصره، وسمع منه بمَرْو جميع مسموعاته، كما أفاده الحاكمُ في ترجمته له
(3)
، وصرَّح بذلك في أكثر أسانيد مروياته التي أفادها منه في "المستدرك" وغيره من كتبه.
17 -
أبو علي الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري، المتوفى سنة تسع وأربعين وثلاث مئة. قال الحاكم: هو واحدُ عصره في الحفظ، والإتقان، والورع، والمُذاكَرة، والتصنيف
…
كان باقِعةً في الحفظ، لا تُطاق مذاكرتُه، ولا يَفِي بمُذاكَرتِه أحدٌ من حُفّاظنا
(4)
.
18 -
أبو محمد الحسن بن محمَّد بن حَلِيم بن إبراهيم بن ميمون المروزي الصائغ، المتوفى سنة سبع وخمسين وثلاث مئة
(5)
. وكثيرًا ما ينسبه الحاكم إلى
(1)
"الأنساب" نسبة (الطرائفي).
(2)
"الأنساب" نسبة (الشعراني).
(3)
"القَنْد في ذكر أخبار سَمَرقند" لنجم الدين النسفي ترجمة (137)، و "الأنساب" نسبة (الدخمسيني).
(4)
"تاريخ الإسلام" 7/ 875، و "سير أعلام النبلاء" 16/ 51. والباقِعةُ: الذكيّ الداهِيَة.
(5)
"الإكمال" لابن ماكولا 2/ 492، و "الأنساب" نسبة (الحليمي).
جده فيقول: الحسن بن حَليم. وقد وصفه الحاكم بأنه ثقة
(1)
، وذكر أنه سمع منه بمَرُو، كما صرَّح بذلك في عدة مواضع من "المستدرك"
(2)
، وهو راويةُ أبي المُوجِّه محمد بن عمرو الفَزَارِي المَرْوَزي
(3)
.
19 -
أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مَطَر النيسابوري، المتوفى سنة ستين وثلاث مئة. وصفه الحاكم بقوله: شيخ العدالة ببلده، ومَعدِن الورع، معروف بالسماع والرحلة والإتقان
(4)
.
20 -
أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس بن مِرْداس الإسماعيلي الجُرْجاني، صاحب كتاب "المستخرج على صحيح البخاريّ"، المتوفى سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة، قال الحاكم: قدم علينا في ذي القَعدة من سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة
…
فعُقد له المجالسُ بالعشيّات كلَّ يوم إلا يوم الجمعة: يومين للإملاء، ويومًا للنظر، ويومين للقراءة، ويومًا للكلام، وكان لا يتخلَّف عن مجلسِه كلَّ يوم من المذكورين في هذه العلوم أحدٌ إلا لعُذرٍ
(5)
.
21 -
أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النَّيسابوري الكَرابِيسي الحاكم، المتوفى سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة. قال أبو عبد الله الحاكم: كنت أدخُل عليه والمصنفاتُ بين يدَيه، فيقضي بين اثنين، فإذا تفرَّغ أقبَلَ على التصنيف .... وهو حافظُ عصرِه بهذه الديار
(6)
.
22 -
أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مَهْدي الدّارَقُطني، المتوفى سنة
(1)
"سنن البيهقي الكبرى" 2/ 160.
(2)
"المستدرك"(292) و (707).
(3)
حيث روى عنه كتابه "السنن" وغيره. "التحبير في المعجم الكبير" للسمعاني 2/ 54 و "المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 1602.
(4)
"تاريخ الإسلام" 8/ 151 و "سير أعلام النبلاء" 16/ 162.
(5)
"الأنساب" للسمعاني نسبة (الإسماعيلي).
(6)
"تاريخ دمشق" 55/ 156.
خمس وثمانين وثلاث مئة. قال الحاكم: صار الدارقطنيُّ أوحَدَ عصرِه في الحفظ والفهم، والورع، وإمامًا في القُرّاء والنحويّين، وفي سنة سبع وستين أقمت ببغداد أربعة أشهر، وكَثُرَ اجتماعُنا بالليل والنهار، فصادفتُه فوق ما وُصِف لي، وسألتُه عن العلل والشيوخ، وله مصنفات يطولُ ذكرها، وأشهد أنه لم يُخلِّف على أَدِيم الأرض مثلَه
(1)
.
فهؤلاء هم أبرز شيوخ الحاكم، وسَرْدُهم يَطُول، وقد ذكرنا جماعةً منهم عند حديثنا عن رحلاته، ممن تَرجَم لهم هو نفسُه، وذَكَرَ مواضعَ وتواريخَ لقائه بهم.
وفي غياب كتابَي الحاكم "المعجم" و "تاريخ نيسابور"، كان لا بُدّ من استفراغ الوُسع في إحصاء شيوخه وتبيين أحوالهم، وقد انبرى لذلك عدد من الباحثين المعاصرين، فكانت لهم جهودٌ طيبةٌ، لكن أجودَها ما صنَعه الأستاذ أبو الطيّب نايف بن صلاح بن علي المنصوري، حيث أفرَدَ شيوخ الحاكم في "المستدرك" وغيره، في كتاب سمّاه "الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم"، وهو في مجلدَين؛ فيُرجع إليه فهو نَفِيس في بابه.
أما نحن، فلم نألُ جهدًا في عملنا على الكتاب في التفتيش عن أحوال شيوخه، ودراسة مرويّاتهم، ولا سيما الذين لم نَعثُر لهم على تراجم، ضرورةَ الحكم على أسانيد الكتاب، فنسأل الله تعالى أن نكون قد وُفِّقَنا في ذلك.
-
تلامذته:
ما إن تمَّ للحاكم الطلبُ، وبلغ في هذا العلم الشريف شأْوًا عظيمًا، حتَّى أَوفى على الغاية فيه، وصار إليه المُنتهى، فأمَّه طلبةُ العلم وقصدوا مجلسَه، من كل حَدَب وصَوْب يَنسِلون، فيَنهَلُون من مَعِينه الذي لا يَنضُب، ويَحرِصون على تسجيل فوائده، ويكتبون بإملائه الأجزاء تلو الأجزاء، فلم يكن لهم عنه مُستغنًى، ولا سيما
(1)
"تاريخ الإسلام" 8/ 576، و "سير أعلام النبلاء" 16/ 449.
وأنه قد أدرك الأسانيد العالية التي لم تكن لغيره من الحفاظ، إذ رحل - كما تقدَّم - وهو في سنٍّ مبكّرةٍ في أصقاع متفرقة في الأقاليم الممتدة من بلاد ما وراء النهر حتَّى العراق، مما أتاح له لقاء شيوخٍ كبار لم يُقضَ لغيره من أقرانه السماعُ منهم.
فكان للحاكم تلامذة أفذاذٌ خَلَفُوه في هذا العلم، فأصبحوا ممن يُشار إليهم بالبَنان، وممن تُستحثُ المِطيُّ إليهم مِن كل مكان، فكانوا بحقٍّ خيرَ خَلَف لخير سَلَف، وقد أورد كثيرًا منهم عبدُ الغافر الفارسي في كتابه "السياق لتاريخ نيسابور"
(1)
الذي ذيّل به علي كتاب "تاريخ نيسابور" للحاكم، حيث ذكر فيه طبقة تلامذة الحاكم فمَن بعدهم، ونقتصر هنا على ذكر أشهرهم، وهم:
1 -
أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البَيهقي الخُسرَوْجِرْدي، المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربع مئة. واحدُ زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط، من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله الحافظ والمُكثرين عنه
(2)
، وقد اعتمد البيهقي في جُلِّ رواياته على ما رواه عن أبي عبد الله الحاكم، حتَّى إنه يمكن أن يكون استوفى أو كاد أن يستوفي جميع مروياته، وأودَعَها جميعًا في تصانيفه الشهيرة، حتَّى قال ابن كثير: أكثرَ البيهقي عنه، وبكتبه تفقّه وتخرّج، ومن بحره استمدّ، وعلى مِنواله مشي
(3)
.
فإذا قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، فإنه يريدُه، والجدير بالذكر أن البيهقي هو أحدُ الذين سمعُوا على الحاكم كثيرًا من كتاب "المستدرك"، حيث كان يقول: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب "المستدرك"
(4)
، وأجازَه في باقيه،
(1)
ولم يعثر على هذا الكتاب، لكن عُثر على "المنتخب من كتاب السياق" لإبراهيم بن محمد الصَّرِيفِيني. انظر "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي 1/ 325.
(2)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 108.
(3)
"طبقات الفقهاء الشافعيين" ص 358.
(4)
"سنن البيهقي الكبرى" 2/ 281 و 318 و 3/ 355 و "شعب الإيمان"(1870).
كما صرَّح به في غير موضع من كتبه، وأحيانًا يقول: أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازةً، وقرأتُه من خطِّه فيما لم يُقرأ عليه من "المستدرك"
(1)
.
2 -
أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد النَّيسابوري الصابوني المتوفى سنة تسع وأربعين وأربع مئة
(2)
. وهو ممن روى عن أبي عبد الله الحاكم كتبه، ك "تاريخ نيسابور"
(3)
، و "المدخل إلى معرفة الإكليل"
(4)
، وسائر تواليفه
(5)
وكان الحاكم يجلُّه ويُوقِّره، فقد قال البيهقي: عهدي بالحاكم الإمام أبي عبد الله مع تقدُّمه في السِّن والحفظ والإتقان أنه يقوم للأستاذ - يعني أبا عثمان - عند دخوله إليه، ويخاطبه بالأستاذ الأوحد، وينشر علمه وفضله، ويعيد كلامه في وعظه متعجِّبًا من حُسنِهِ مُعتدًّا بكونه من أصحابه
(6)
.
3 -
أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن خَلَفَ الشِّيْرازي النَّيسابوري. المتوفى سنة سبع وثمانين وأربع مئة. سمَّعه أبوه أبو الحسن بن خلف من مشايخ عصره قديمًا، وطاف به عليهم حتَّى أدرك الأسانيد العالية، فسمع من أبي عبد الله الحاكم وحَدَّث عنه بجملة من مصنَّفاته
(7)
، ومنها هذا "المستدرك"
(8)
، وانفرد بالرواية في آخر عمره عن أكثر مشايخه من غير مشاركةٍ للبركة في عمره وروايته، حتَّى خُتم بموته حديث الحاكم أبي عبد الله
(9)
.
(1)
"سنن البيهقي الكبرى" 8/ 272 و 10/ 12 و 184، و "شعب الإيمان"(6866) و (7931).
(2)
"المنتخب من كتاب السِّياق لتاريخ نيسابور" ص 138، و "الأنساب" نسبة (الصابوني).
(3)
"التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد" لابن نقطة الحنبلي ص 206، و "بغية الطلب في تاريخ حلب" لابن العَدِيم 2/ 855 و 3/ 1262 و 1486 و 6/ 2964.
(4)
"فهرسة ابن خير الإشبيلي" ص 192.
(5)
"فهرسة ابن خير" ص 390.
(6)
"طبقات الشافعية الكبرى" 4/ 276.
(7)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 116، و "التقييد" لابن نقطة الحنبلي ص 156.
(8)
انظر مثلًا "المعجم المفهرس" لابن حجر (29).
(9)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 116.
4 -
أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن أحمد السُّفياني الحِيرِي، المتوفى سنة إحدى وخمسين وأربع مئة. جمع مصنفات الحاكم وسمعها
(1)
، ومن مسموعه كتاب "تاريخ نيسابور"
(2)
، وهذا "المستدرك"
(3)
.
5 -
أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخَليلي القَزْويني، المتوفى سنة ست وأربعين وأربع مئة. وقد سأله أبو عبد الله الحاكم ممتحَنًا له لدى دخوله عليه عن مَسْألَة في بيان راوٍ في بعض الأسانيد، وأمهلَه أسبوعًا يتفكَّر فيه، وأجابه في اليوم الثاني، فتعجب الحاكمُ من إجابته وأثنى عليه
(4)
، وسأله عن حديث مختلف في تعيين صحابيِّه، فأجابه، فاستحسَن ذلك منه الحاكمُ واستجادَه
(5)
. وقد سأل أبو يعلى شيخَه الحاكمَ عن أشياء من العلل وأحوال الرجال، وأوردها في كتابه "الإرشاد" أثناء التراجم
(6)
.
6 -
أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد البَحِيري النَّيسابوري، المتوفى سنة إحدى وخمسين وأربع مئة
(7)
. وهو من رواة كتاب "تاريخ نيسابور" أيضًا
(8)
.
7 -
أبو سعيد مسعود بن علي بن معاذ السِّجْزي الوكيل النيسابوري، المتوفى سنة ثمان وثلاثين أو تسع وثلاثين وأربع مئة. كان من وجوه أصحاب أبي عبد الله الحاكم المكثرين عنه، وله عنه سؤالات مشهورة
(9)
.
(1)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 45.
(2)
"بغية الطلب في تاريخ حلب" 3/ 1262 و 6/ 2964، و "تاريخ الإسلام" 11/ 173.
(3)
كما وقع مصرحًا به بين يدي الحديث (6247) في ذكر الأرقم بن أبي الأرقم من هذا الكتاب.
(4)
"الإرشاد" لأبي يعلى الخليلي 3/ 852 - 853، و "التدوين في أخبار قزوين" 2/ 502.
(5)
"الإرشاد" 1/ 303.
(6)
انظر مثلًا "الإرشاد" 1/ 230 و 3/ 832 و 841 و 843 و 845 و 856 - 857 و 863.
(7)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 248.
(8)
"بغية الطلب في تاريخ حلب" 3/ 1262 و 6/ 2964.
(9)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 472، و "تاريخ الإسلام" 9/ 578.
المطلب الرابع: ثناء الأئمة عليه:
لقد تبوَّأ أبو عبد الله الحاكم المكانة العالية والمنزلة الرفيعة بين علماء عصره، حتَّى شهد له بالتقدُّم شيوخُه قبل تلامذتِه، ثم مِن بعدهم العلماءُ الكبارُ الذين ترجموا له، ولا عجب في ذلك؛ فرجُلٌ مثلُ أبي عبد الله له الرحلةُ الواسعةُ، والشيوخ الكُثُر المشهود لهم بالتقدُّم والمعرفة، لا شكَّ أن ذلك مما يزيد في مخزونه العلمي، وتنوُّع علومه ومعارفه، هذا بالإضافة إلى ما كان يتحلّى به من كريم الخِصال، ويتجلّى فيه من أصيل الخِلال، بما جعله بحقٍّ متميّزًا على سائر أقرانه، بل متفوّقًا على كثير من شيوخه أيضًا، ومهما قلنا في حقِّ هذا الإمام، فإننا قد لا نَقدُرُه قَدْرَه، ولكن كما يقال: ما لا يُدرَك كلُّه لا يُترَك جُلُّه، ويكفينا في هذا المقام أن نُورد ما قاله جِلَّةُ أهل العلم في حقِّه؛ مُثنِين عليه، مُنوِّهين بفضله، وأنه بلغ في علم الحديث مبلغًا لا يُجارَى، ويحسُن بنا أن نبتدئ برأي شيوخه فيه، ولا سيما الكبار منهم، بما يدلُّ على نُبُوغ الحاكم المُبكِّر قبل أن تتقدم سِنُّه ويقصده الطَّلبَة:
فمن ذلك أن شيخه إمامَ وقتِه أبا بكر محمد بن إسحاق بن أيوب الصِّبْغيّ كان يُراجعه في السؤال عن الجرح والتعديل وعلل الحديث، ويُقدِّمه على أقرانه، وكان يعتمد عليه في أمور مدرسة دار السُّنة، وفوّض إليه توليةَ أوقافه، وكان يستظلُّ برأيه في أموره؛ اعتمادًا على حُسن ديانته ووُفُور أمانتِه
(1)
.
وقال أبو حازم العَبدَوي: سمعتُ مشايخنا يقولون: كان الشيخ أبو بكر بن إسحاق وأبو الوليد يَرجِعان إلى أبي عبد الله في السؤال عن الجرح والتعديل وعلل الحديث وصحيحه وسقيمه
(2)
.
وقال أبو حازم أيضًا: أقمتُ عند الشيخ أبي عبد الله العُصْمي قريبًا من ثلاث سنين، ولم أرَ في جملة مشايخنا أتقنَ منه ولا أكثر تَنقيرًا، فكان إذا أَشكَل عليه
(1)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 16.
(2)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 229.
شيءٌ أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله، فإذا ورد جوابُ كتابِه حَكَم به، وقطع بقوله
(1)
.
قال: وسمعت أبا أحمد الحاكم يقول: إن كان رجلٌ يعقُد مكاني فهو أبو عبد الله
(2)
.
قلنا: يعني في مجلس التدريس.
وقال عبد الغفار الفارسي: سمعتُ مشايخَنا يذكرون أيامَه، ويحكُون أن مُقدَّمِي عصرِه، مثل الإمام أبي سهل الصُّعلُوكي، والإمام ابن فُورَك، وسائر الأئمة يُقدِّمونه على أنفسهم، ويُراعُون حقَّ فضلِه، ويعرفون له الحُرمةَ الأكيدة
(3)
.
وقال الحاكم في "تاريخه" في ترجمة شيخه الحافظ أبي علي النيسابوري: تَذاكَرنا يومًا ما روى سليمانُ التّيميُّ عن أنس، فمررتُ أنا في الترجمة، وكان بحضرة أبي علي وجماعةٍ من المشايخ، إلى أن ذكرتُ حديثَ "لا يزني الزاني وهو مؤمن"، فحَمَل بعضُهم عليَّ، فقال أبو علي له: لا تفعل؛ فما رأيتَ أنتَ ولا نحنُ في سنِّه مثلَه، وأنا أقول إذا رأيتُه: رأيتُ ألفَ رجلٍ من أصحاب الحديث
(4)
.
وقال أبو عبد الرحمن السُّلَميّ: كتبتُ على ظهر جُزءٍ من حديث أبي الحسين الحجَّاجي: الحافظ، فأخذ القلمَ، وضربَ على الحافظ، وقال: أيشٍ أحفَظُ أنا، أبو عبد الله بن البَيّاع أحفَظُ مني، وأنا لم أرَ من الحُفّاظ إلَّا أبا علي الحافظ وابنَ عُقْدة
(5)
.
قال السُّلميّ: سألت الدارقطني: أيُّهما أحفَظُ: ابن مَنْدَهُ أو ابن البَيِّع؟ فقال: ابن البيِّع أتقنُ حفظًا
(6)
.
(1)
المصدر السابق ص 230.
(2)
المصدر السابق ص 229.
(3)
نقله عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 95.
(4)
المصدر السابق 9/ 99.
(5)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 229 - 230.
(6)
المصدر السابق ص 230.
وذكر العبدَوي: أن الحاكم لما قُلِّد القضاء بنَسَا سنة تسع وخمسين في أيام السامانيّة ووزارة العُتْبي، دخل الخليل بن أحمد السِّجزي القاضي على ابن أبي جعفر العُتبي يومَ الثاني من مُفارَقتِه الحضرةَ، فقال: هنَأ الله الشيخَ، فقد جَهَّز إلى نَسَا ثلاثَ مئة ألف حديثٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتهلَّل وجهُه
(1)
.
وقد أثنى عليه شيوخه أيضًا بتحقيقه وتثبُّته في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك ما ذكره الحاكم، فقال: حضرتُ أبا علي الرَّفّاء سنة اثنتين وأربعين، وقرئ عليه عن علي بن عبد العزيز، عن مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، عن الزبير بن عَديّ، عن أنس قال:"لا يأتي عليكم زمانٌ إلَّا والذي بعده شرٌّ منه"، سمعنا ذلك من نبيكم. فقلتُ للقارئ عليه: من أين كتبتَ هذا الحديث؟ قال: من كتاب أحمد السَّرّاج، وكان غلامًا، كتبتُ عنه بَهراةَ الكثيرَ، فدعوتُ بالسَّرّاج، فقلت له: أين كتابُك بحديث شعبة؟ فأخرج إليَّ على ظهر جُزءٍ له.
وكان شيخُنا أبو إسحاق المُزَكّي عَزَم على أن يحجّ في تلك السنة، فسألني أن أكتب طَبَقًا من حديث أبي عليٍّ ليُقرأ عليه ببغداد، فكتبتُ بخطِّي طَبَقًا من سؤالاته، وحملها أبو إسحاق معه، فلما انصرف قال لي: قُرئ عليه هذا الطَّبقُ بحضرة أبي بكر بن الجِعابي وأبي الحسين المُظفَّر والحفاظِ فاستحسَنُوه، ثم قال أبو الحُسين: لو كان لحديث شُعبة عن الزبير بن عَديّ أصلٌ، لكان أبو عبد الله (يعني الحاكم) يكتبه في أول هذا الطَّبَق.
قال الحاكم: فدخلتُ يومًا على الحاكم أبي القاسم بشر بن محمد بن ياسين، فأخرج كتابًا من أبي عليَّ الرَّفّاء إليه يسألُه أن يَعرضَه على أبي الحسين الحَجّاجي وعليَّ، وفيه: وتُخبِرُهما أني طلبتُ حديثَ شعبة عن الزبير بن عَدِيّ، ولم أجده في كُتبي، فأنا راجعٌ عنه، فأعجَبَني هذا من أبي عليٍّ وإتقانه
(2)
.
(1)
المصدر السابق ص 229.
(2)
نقله عنه الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 44.
قلنا: بل العجب من أبي عبد الله الحاكم كيف تنبَّه لهذا الحديث من بين سائر الأحاديث، وتفطَّن إلى عدم ثبوته، مع صغر سن الحاكم إذ ذاك، فقد كان في سن الحادي والعشرين، ومع ذلك أقرَّ له شيوخه هؤلاء بالتحرُّز والتثبُّت.
وإذا كان هذا رأي شيوخه فيه، فكذلك كان رأيُ أقرانه وتلامذته، الذين كانوا يرَونه واحدَ عصرِه، وأجلّ أقرانه، وأنه إليه المَرجِع والمُنتَهى في هذا العلم، فمن ذلك ما قاله عبد الغني بن سعيد المصري؛ قال: لما رَدَدْتُ على الحاكم أبي عبد الله الأوهامَ في "مدخل الصحيح"، بعث إليَّ يشكُرُني ويدعو لي، فعلمتُ أنه رجلٌ عاقلٌ
(1)
.
وقال تلميذه أبو حازم العبدوي لدى ترجمته له: إمام أهل الحديث في عصره
(2)
.
وقال أيضًا: أول من اشتَهَر بحفظ الحديث وعلله بنيسابور بعد الإمام مسلم: إبراهيم بن أبي طالب، وكان يقابلُه النَّسائي وجعفر الفاريابي، ثم أبو حامد بن الشَّرْقي، وكان يقابلُه أبو بكر بن زياد النيسابوري وأبو العباس بن سعيد، ثم أبو علي الحافظ، وكان يقابله أبو أحمد العَسّال وإبراهيم بن حمزة، ثم الشيخان أبو الحسين - يعني الحجّاجي - وأبو أحمد - يعني الحاكم - وكان يقابلهما في عصرهما أبو أحمد بن عديّ وأبو الحسين بن المُظفّر والدارقطني، وتفرد الحاكم أبو عبد الله في عصرنا هذا من غير أن يقابله أحدٌ بالحجاز والشام والعراقَين والجبال والرَّيّ وطَبَرِستان وقُومَس وخُراسان بأسرِها وما وراء النهر
(3)
.
وأثنى عليه تلميذه أبو يعلى الخَليلي، فقال: عالم عارف، واسع العلم ذو تصانيف كثيرة، لم أرَ أوفى منه. قال: وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه الكتبَ الطوالَ والأبوابَ، وجمع الشيوخ المُكثِرين والمُقلِّين قريبًا من خمس مئة جزء، ويَستقصي في ذلك؛ يؤلِّف الغَثَّ والسَّمِينَ، ثم يتكلّم عليه فيبيِّنُ ذلك. وقال أيضًا: رأيتُه في كل
(1)
نقله عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 36/ 398.
(2)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 227.
(3)
المصدر السابق ص 230.
ما أُلقِي عليه بحرًا لا يَعجِزُ عنه. قال: وكنت أسألُه عن الضعفاء الذين نشؤوا بعد الثلاث مئة بنيسابور وغيرها مِن شُيوخ خراسان، وكان يُبيِّن من غير مُحاباة
(1)
.
وهكذا رأى فيه اللاحقون من العلماء أنه العالمُ الفذُّ الذي لا يُلحَقُ شأوُه، ولا يُشَقُّ غُبارُه، فقد قال عنه الخطيب البغدادي: كان من أهل الفضل والعلم والمعرفة والحفظ
(2)
.
وقال شِيرَويه الدَّيلَمي: كان الحاكمُ إمامَ الوقت شَرَفًا، له مصنفات حِسانٌ، ما سَبَق إليها أحدٌ
(3)
.
وقال عبد الغافر الفارسي في حقِّه: إمام أهل الحديث في عصره، والعارف به حقَّ معرفتِه
(4)
.
وقال أيضًا: من تأمل كلامَه في تصانيفه، وتصرُّفَه في أماليه، ونظَرَه في طرق الحديث، أذعَنَ بفضله، واعترف له بالمَزِيّة على مَن تَقدَّمه، وإتعابِه مَن بعدَه، وتعجيزِه اللاحقين عن بُلوغِ شأوِه، عاش حميدًا، ولم يُخلِّف في وقتِه مثلَه
(5)
.
وقال السمعاني: كان من أهل الفضل والعلم والمعرفة والحفظ والفَهم، وله في علوم الحديث وغيرها مصنفات حِسان
(6)
.
وقال مجد الدين بن الأثير: من أهل الفضل والعلم والمعرفة في العلوم المتنوّعة، كان فريدَ عصره، ووحيدَ وقته، وخاصة في علوم الحديث، وله فيها المصنفات الكثيرة الغريبة العجيبة
(7)
.
(1)
"الإرشاد" 3/ 851 - 854.
(2)
"تاريخ بغداد" 3/ 509.
(3)
نقله عنه ابن الصلاح في "طبقات الفقهاء الشافعية" 1/ 203.
(4)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 15.
(5)
نقله عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 95.
(6)
"الأنساب" نسبة (البيع).
(7)
قسم التراجم من "جامع الأصول" 12/ 883.
وقال علي بن المفضَّل المَقدِسي: الحافظ، المصنِّف في علم الحديث عدة تصانيف لم يُسبَق إليها، والمخصوص من جَوْدة الترتيب بما لم يُوفَّق لغيره عليها
(1)
.
وقال ابن الصلاح: الحافظ الذي لا يُستغنَى عن تصانيفه في الحديث وعلمه
(2)
.
وقال ابن خَلِّكان: إمام أهل الحديث في عصره، والمؤلِّفُ فيه الكتبَ التي لم يُسبَق إلى مثلها، كان عالمًا عارفًا واسع العلم
(3)
.
وقال ابن عبد الهادي: الحافظ الكبير، شيخ أهل الحديث في عصره، صاحب التصانيف
(4)
.
وقال الذهبي: الحافظ الكبير
…
بَرَع في معرفة الحديث وفُنونه، وصنّف التصانيفَ الكثيرةَ، وانتهت إليه رئاسة الفَنّ بخُراسان، لا بل في الدنيا
(5)
.
وقال أيضًا: انتخب على خَلْقٍ كثيرٍ، وجَرّح وعَدّل، وقُبِل قوله في ذلك لسَعَة علمِه ومعرفتِه بالعلل والصحيح والسقيم
(6)
.
وقال ابن السُّبْكي: كان إمامًا جليلًا، وحافظًا حَفِيلًا، اتُّفِق على إمامتِه وجلالتِه وعِظَم قَدْرِه
(7)
.
وقال ابن كثير: كان من أهل العلم والحفظ، والأمانة، والدِّيانة، والصِّيانة، والضَّبْط، والثقة، والتحرُّز، والورع
(8)
.
وقال ابن المُلقِّن: الرحَّال الإمام الحافظ الكبير .. قام الإجماع على ثقته
(9)
.
(1)
"الأربعون على طبقات الأربعين" ص 402 ترجمة (29).
(2)
"طبقات الفقهاء الشافعية" 1/ 198.
(3)
"وفيات الأعيان" 4/ 280.
(4)
"طبقات علماء الحديث" 3/ 237.
(5)
"العبر في خبر من غبر" 3/ 93 - 94.
(6)
"تاريخ الإسلام" 9/ 90.
(7)
"طبقات الشافعية الكبرى" 4/ 156.
(8)
"البداية والنهاية" 15/ 561.
(9)
"العِقد المُذهَب في طبقات حمَلة المَذهب" 70 - 71.
وقال عنه ابن تَغْرِي بَرْدِي: كان أحدَ أركان الإسلام، وسيّد المُحدِّثين وإمامَهم في وقته، والمرجوعَ إليه في هذا الشأن
(1)
.
المطلب الخامس: آثاره العلمية:
لقد كان من شأن العلماء المخلصين الصادقين أنهم كانوا يحرصون على تدوين ما تحصّل لديهم من العلوم النافعة والفوائد المهمة التي هي ثمرات جهود مباركة انضمت فيها جهود اللاحقين إلى جهود السابقين من العلماء، حتَّى تكوّن من ذلك تراثٌ علميٌّ قيِّمٌ، كان جديرًا بأن ينال العناية اللائقة به، فكان حتمًا لازمًا تقييد ذلك التراث العلمي في مصنفات مَحُوطة بالحفظ والصيانة وتمام التحقيق، بغية الحفاظ عليها من أن تفوت بوفاتهم، فلا تبقى تلك المعارف حبيسةَ عقول أولئك العلماء وقلوبهم، بل تتناقلها الأجيالُ جيلًا بعد جيلٍ، ويتعدى النفع بها إلى مَن بعدهم، ولتكون منطلقًا للاحقين للمضيّ قُدمًا في المسيرة العلمية، والبناء المعرفي الذي لا حدود له.
وعلى سُنّة أولئك العلماء المخلصين سار الإمام أبو عبد الله الحاكم رحمه الله، فلم يكن ليَضِنَّ بتلك العلوم والمعارف التي هيا الله تعالى له تحصيلها، فكانت له مصنفاتٌ مفيدة سارت بذكرها الرُّكبان، وحرص أهل العلم على تحصيلها واقتنائها، هذا فضلًا عن تلك الأجزاء التي انتخبها عن شيوخه في حياتهم، حتَّى قُرئت تلك الأجزاء بانتخابه على أولئك الشيوخ، واعتمدوها، مقرِّين له بسَعَة المعرفة وتمام القُدرة على التحقيق والتنقيح.
وكان ابتداءُ الحاكم في التصنيف من سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة
(2)
.
وكانت مصنفاته تلك في غاية التجويد، فقد قال تلميذه أبو حازم العبدَوي: سمعتُ
(1)
"النجوم الزاهرة" 4/ 238.
(2)
المصدر السابق ص 15.
الحاكم يقول: شربتُ ماءَ زمزمَ، وسألتُ الله أن يرزُقَني حُسنَ التصنيف. فوقع من تصانيفه المسموعة في أيدي الناس ما يبلغ ألفًا وخمس مئة جزء
(1)
.
وقال تلميذه أيضًا أبو يعلى الخليلي في حديثه عنه: واسع العلم ذو تصانيف كثيرة، لم أر أوفى منه
(2)
.
وقال أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزَّنْجاني وقد سئل عن أربعةٍ أئمة تعاصَروا وهم: الدارقطني ببغداد وعبد الغني بمصر، وأبو عبد الله بن مَنْدَه بأصبهان، وأبو عبد الله الحاكم بنيسابور، فقال:
…
وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفًا
(3)
.
وقال عبد الغافر الفارسي: من تأمَّل كلامَه في تصانيفه، وتصرُّفَه في أماليه، ونَظَرَه في طرق الحديث، أذعن بفضله، واعترف له بالمزيّة
(4)
.
وقال أبو سعد السمعاني: له في علوم الحديث وغيرها مصنفاتٌ حِسانٌ
(5)
.
وقال عنه علي بن المفضّل المقدسي: المصنّف في علم الحديث عدةَ تصانيفَ لم يُسبَق إليها، والمخصوص من جَوْدة الترتيب بما لم يُوفَّق لغيره عليها
(6)
.
وقال ابن الصلاح: لا يُستغنَى عن تصانيفه في الحديث وعلمه
(7)
.
وقال ابن خَلِّكان: إمام أهل الحديث في عصره، والمؤلف فيه الكتبَ التي لم يُسبَق إلى مثلها
(8)
. ومثلُه قولُ الملك المؤيَّد أبي الفِداء
(9)
.
(1)
"الأربعون على طبقات الأربعين" لعلي بن المفضل المقدسي ص 409.
(2)
"الإرشاد" 3/ 851.
(3)
"الأربعون على طبقات الأربعين" ص 419.
(4)
نقله عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/ 170.
(5)
"الأنساب" نسبة (البيّع).
(6)
"الأربعون على طبقات الأربعين" ص 402.
(7)
"طبقات الفقهاء الشافعية" 1/ 198.
(8)
"وفيات الأعيان" 4/ 280.
(9)
"المختصر في أخبار البشر" 2/ 144.
وإليكَ ذِكرُ أهمّ ما وقفنا عليه من مصنفات الإمام أبي عبد الله الحاكم، مع بيان ما استطعنا الوقوف عليه مِن رُواة تلك المصنفات عن الحاكم، لتتميم الفائدة، فمن تلك المصنفات:
1 -
"المستدرك على الصحيحين" وسنفرد للحديث عنه فصلًا سيأتي بعدُ، إن شاء الله.
2 -
"تاريخ نيسابور"، هكذا سمّاه الحاكم نفسه كما في "المدخل إلى الصحيح" له
(1)
، وهو المشهور المتداول في اسم هذا الكتاب، كما كان يسميه مَن تَرجَم للحاكم، وهو ما كان يسميه به أكثرُ من نَقَل عنه.
وسماه الحاكم مرةً أخرى "تاريخ النيسابوريين"، كما في "معرفة علوم الحديث" له
(2)
. وكذلك سماه الحاكم لتلميذه أبي يعلى الخليلي، حين حدَّثه عن سببِ تصنيفه هذا الكتاب
(3)
، وكان البيهقي تلميذ الحاكم يذكر اسم الكتاب على الاختصار فيقول:"التاريخ"
(4)
. وعلى كلٍّ فتسميته بـ "تاريخ نيسابور" هو الأشهر.
وقد أثنى العلماء على هذا الكتاب وعدُّوه مَرِجعًا مُهمًّا لمعرفة تواريخ العلماء والمحدِّثين من أهل نَيسابور والواردين إليها، فقد قال الحافظ شِيرَويه: كان ما قصَّر في استيفائه بالتراجم
(5)
.
وقال تاج الدين بن السُّبكي: عمل لنيسابور الحافظُ أبو عبد الله الحاكم تاريخًا تخضع له جهابذة الحفاظ، وهو عندي سيّد التواريخ
(6)
.
وقال ابن السبكي أيضًا: هو عندي أَعَودُ التواريخِ على الفقهاء بفائدةٍ، ومَن
(1)
"المدخل إلى الصحيح" في أول الباب الثامن من الكتاب 4/ 93.
(2)
"معرفة علوم الحديث" ص 209.
(3)
"الإرشاد" 3/ 853.
(4)
"السنن الكبرى" 2/ 170 و 3/ 33 و 154.
(5)
نقله عنه ابن الصلاح في "طبقات الفقهاء الشافعية" 1/ 203.
(6)
"طبقات الشافعية الكبرى" 1/ 324.
نَظَرَه عَرَف تَفنُّنَ الرجلِ في العلوم جميعها
(1)
.
وقد تقدَّم في تلامذة الحاكم ذكرُ جماعة سمعوا منه "تاريخ نيسابور"، وهم أبو عثمان الصابوني وأبو عثمان البَحِيري وأبو بكر الحِيْري، ومنهم كذلك أبو بكر البيهقي كما صرّح به في غير موضع من كتبه
(2)
.
وهذا الكتاب مما لم يُعثَر عليه كما قدّمنا
(3)
.
3 -
"معرفة علوم الحديث"، وقد أشار إليه الحاكمُ في موضعين من "المستدرك"، غير أنه قال: في "المعرفة"، هكذا مطلقًا غير مقيَّد، وقيَّده تلميذه البيهقيُّ بقوله:"معرفة علوم الحديث"
(4)
. وهذا هو الاسم المشهور للكتاب، وسماه أبو حازم العبدوي:"معرفة أنواع علوم الحديث"
(5)
، وكان بعضهم يختصر التسمية بقوله:"علوم الحديث".
وممن روى هذا الكتاب عن الحاكم: البيهقيُّ، كما يظهر في الخبر الذي سمَّى فيه الكتابَ، ومنهم أبو سعد محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكَنْجَرُوذِي
(6)
، ومنهم أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن البَحِيري النَّيسابوري
(7)
، ومنهم
(1)
"طبقات الشافعية الكبرى" 4/ 155.
(2)
ومن ذلك "السنن الكبرى" 2/ 170 و 3/ 33 و 15 و "شعب الإيمان"(259) و (766) و (1865) و (2221).
(3)
لكن وصل إلينا منه بحمد الله مختصره الذي صنعه الخليفة النيسابوري وطُبع، لكنه اقتصر فيه على سرد الأسماء وحسب، مع زيادات قليلة أحيانًا تتعلق بالأوصاف العلمية للرجال المترجَمين، ومع ذلك فقد أفَدْنا منه فوائد، ولا سيما في معرفة الرجال الذين لم نقف لهم على تراجم في غيره، وكذلك في معرفة المتفق والمفترق لكثير من شيوخ الحاكم.
كما أفدنا ممَّن نقل عنه كثيرًا من تراجم النيسابوريين كالسمعاني في "الأنساب" والذهبي في كتبه.
(4)
"السنن الصغير"(3422).
(5)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228.
(6)
"التحبير في المعجم الكبير" 1/ 148 ترجمة (72).
(7)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 376، و "التقييد" لابن نقطة ص 375 ترجمة (481).
كذلك أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشِّيرازي
(1)
، وهو أصغر تلامذة الحاكم الذين حملوا عنه بعض مصنفاته كما قدَّمنا.
وهذا الكتاب يُعدُّ من أقدم ما صُنّف في قواعد علوم الحديث، وهو نفيس جدًّا.
4 -
"الإكليل"، ذكره الحاكم في مقدمة كتابه "المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل"، وسماه أبو حازم العبدوي:"الإكليل في دلائل النبوة"
(2)
. وقد بيّن أبو يعلى الخليلي موضوع الكتاب، فقال: وصنف لأبي علي بن سيمجور كتابًا في أيام النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأزواجه، ومسنداته، وأحاديثه، وسماه "الإكليل"، لم أر أحدًا رتَّب ذلك الترتيب.
قلنا: وممن روى هذا الكتاب عن الحاكم: البيهقيُّ
(3)
. وهذا الكتاب مما لم يُعثَر عليه من كتب الحاكم.
5 -
"المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل"، هكذا سماه الحاكم في مقدمة كتابه هذا، وسماه عبد العزيز بن أحمد الكَتّاني "المدخل إلى الإكليل"
(4)
، وكذلك فعل القاضي عِياض وابن الجَوْزي وابن القَطّان
(5)
، وغيرهم، لكنهم قالوا:"المدخل إلى كتاب الإكليل"، وسماه ابن خَيْر الإشبيلي:"المدخل إلى معرفة الإكليل"
(6)
، وكذلك فعل جمال الدين الزَّيْلَعي
(7)
، وهذا كله على الاختصار في التسمية أيضًا، والاسم على ما سماه به صاحبه، والله أعلم.
(1)
"التحبير في المعجم الكبير" لأبي سعد السمعاني 2/ 283 ترجمة (955).
(2)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228.
(3)
كما أشار إليه في كتابه "معرفة السنن والآثار" 9/ (13112). وأشار في "دلائل النبوة" 5/ 102 إلى أنه مما أجازه به الحاكم.
(4)
"ذيل مولد العلماء ووفياتهم" ص 197.
(5)
"إكمال المُعلِم" 1/ 90، و "الموضوعات" لابن الجوزي 2/ 304، و "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 2/ 242.
(6)
"فهرسة ابن خير الإشبيلي" ص 192.
(7)
"نصب الراية" 1/ 404.
وممن روى هذا الكتاب عن الحاكم: البيهقيُّ
(1)
، وسماه كما سماه به شيخه الحاكم، ورواه عن الحاكم أيضًا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن عمر المُطَّوِّعيّ النيسابوري وأبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني
(2)
، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشِّيرازي
(3)
. وهذا الكتاب مما عُثر عليه وطُبع بحمد الله.
6 -
"المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم وتبيين ما أَشكل من أسماء الرجال في الصحيحين"، هكذا سماه ابن خير الإشبيلي
(4)
، واقتصر البيهقي وأبو علي الجَيّاني
(5)
على الشطر الأول من اسم الكتاب، فقالا:"المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم"، واختصر الحاكم تسمية كتابه في "معرفة علوم الحديث" إلى:"المدخل إلى معرفة الصحيح"
(6)
، وهو ما أطلقه عليه عبد الغني بن سعيد الأزدي في تعقباته على الحاكم
(7)
، وأما أبو حازم العبدوي فسماه "المدخل إلى علم الصحيح"
(8)
، واختصر الحاكم التسمية في مقدمة كتابه "المستدرك" إلى:"المدخل إلى الصحيح"، وربما أطلق البيهقيُّ تسمية الكتاب، لكن مع قرينة تبين لنا أنه يريد هذا الكتاب دونما سواه من كتب الحاكم التي سماها بـ "المدخل"، كقوله: في أسماء المجروحين من كتاب "المدخل"
(9)
، والظاهر أن تسمية ابن خيرٍ للكتاب
(1)
كما أشار إليه في كتابه "حديث أحمد بن عبد الله الجويباري في مسائل عبد الله بن سلّام" ص 214.
(2)
"فهرسة ابن خير الإشبيلي" ص 192.
(3)
"تاريخ إربل" 1/ 248.
(4)
"فهرسة ابن خير" ص 192.
(5)
"حديث أحمد بن عبد الله الجويباري في مسائل عبد الله بن سلّام"، للبيهقي ص 214، و "تقييد المُهمَل وتمييز المُشكِل" لأبي علي الجَيّاني 3/ 941.
(6)
"معرفة علوم الحديث" ص 52 و 61.
(7)
"الأوهام التي في مدخل الحاكم" ص 137.
(8)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409.
(9)
"الخلافيات"(216) و (646) و (740).
هي التسمية الكاملة المُعتمَدة، وتسمية غيره اختصارٌ للاسم.
وقد نقل ابن الصلاح عن خطِّ الحاكم في "المدخل إلى معرفة المستدرك"
(1)
، كذا سماه! وأغلب الظن أنه هو هذا الكتابُ نفسُه، إذ لم نقف على مَن ذكره غير ابن الصلاح، والله تعالى أعلم.
وممن روى هذا الكتابَ عنه: البيهقيُّ
(2)
، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عَلِيَّك النيسابوري
(3)
، وأبو محمد عبد الملك بن الحسن بن عبد الله الصِّقِلِّي
(4)
.
وقد اصطحب أبو سعيد عمر بن محمد بن محمد السَّجْزيّ الكتاب معه - وهو من أقران أبي عبد الله الحاكم - في بعض أسفاره حتَّى رآه معه عبد الغني بن سعيد الأزدي، وعلَّق عليه تعقُّباتٍ نَظَر فيها الحاكمُ وشَكَر لعبد الغنيِّ ذلك
(5)
. وهذا الكتاب مما عُثر عليه وطُبع بحمد الله.
7 -
"المزكِّين لرواة الأخبار"، ذكره أبو عبد الله الحاكم في كتابه "معرفة علوم الحديث"
(6)
، وكذلك سماه ابن الصلاح وأبو شامَة والنَّووي
(7)
، وسماه الذَّهبي والمَقريزي:"الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكِّين لرواة الأخبار"
(8)
، وأما أبو حازم العبدوي تلميذ الحاكم فسماه:"مزكِّي الأخبار"
(9)
، وكذلك كان يسميه ابن عساكر
(1)
"صيانة صحيح مسلم" ص 74.
(2)
كما أشار إليه في كتابه "حديث أحمد بن عبد الله الجويباري في مسائل عبد الله بن سلّام" ص 215.
(3)
كما ورد في نسخة خطية عُثِر عليها للكتاب. انظر مقدمة الدكتور ربيع المدخلي في تحقيقه 1/ 93.
(4)
"فهرسة ابن خير الإشبيلي" ص 192.
(5)
"الإلماع في معرفة أصول الرواية" للقاضي عياض ص 229، و "تاريخ دمشق" 36/ 398.
(6)
"معرفة علوم الحديث" ص 52.
(7)
"صيانة صحيح مسلم" لابن الصلاح ص 62، و "شرح الحديث المقتفى في مبعث النبيّ المصطفى" لأبي شامة ص 232، و "شرح صحيح مسلم" للنووي 1/ 11.
(8)
"سير أعلام النبلاء" للذهبي 13/ 77، و "إمتاع الأسماع" لتقي الدين المقريزي 5/ 31.
(9)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
أحيانًا
(1)
، وفي أحيان أخرى كان ابن عساكر يسميه:"مُزكِّي رواة الأخبار"
(2)
.
والظاهر أن اسم الكتاب على ما سماه به الذهبي، وما ذكره غيرُه فهو مختصر التسمية، والله أعلم. وهذا الكتاب مما لم يُعثر عليه بعدُ من كتب أبي عبد الله الحاكم.
8 -
"التفسير"، ذكره الحاكم في "المستدرك"
(3)
، وأشار إليه البيهقي كذلك
(4)
، وروى منه عن الحاكم روايات عدة، وقيَّده البيهقي أحيانًا بـ "تفسير آدم"
(5)
، يعني ابن أبي إياس العَسْقَلاني، ولآدم بن أبي إياس رواية للتفسير معظمها عن مجاهد بن جَبْر المكي التابعي المعروف، مع زيادات أخرى له عن غير مجاهد، وقد خَرّج منه السيوطي في "الدر المنثور"، كل ذلك يقول: أخرج آدم بن أبي إياس. وكأنَّ الحاكم لدى روايته لـ "تفسير آدم" هذا زاد عليه زيادات أخرى من مرويّاته عن غير آدم، فلعلَّ هذا إنما هو رواية الحاكم لـ "تفسير آدم"، وليس هو كتابًا مفردًا للحاكم، وإن كان له فيه زيادات، وهو قد أخرج في التفسير وفضائل القرآن من "مستدركه" شيئًا كثيرًا من هذا التفسير.
و "تفسير آدم" هذا قد طُبع مسمَّى خطأً باسم "تفسير مجاهد" من غير رواية الحاكم، أما روايته للكتاب فلم يُعثَر عليها بعدُ، والله تعالى أعلم.
9 -
"تخريج الصحيحين"، هكذا سماه عبد الغافر الفارسي
(6)
، وسماه أبو حازم العبدوي تلميذ الحاكم:"الصحيحين"
(7)
، هكذا مطلقًا، وهما كتابان للحاكم أشار
(1)
"تاريخ دمشق" 56/ 393.
(2)
"تاريخ دمشق" 21/ 252 و 63/ 251.
(3)
"المستدرك" بإثر (4291).
(4)
"شعب الإيمان"(135)، و "البعث والنشور"(124).
(5)
"دلائل النبوة" 4/ 55.
(6)
"المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور" ص 17.
(7)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في =
إليهما في "المدخل إلى كتاب الإكليل"، حيث قال: وقد صنّفتُ أنا على كتاب كلٍّ منهما - يعني البخاريَّ ومسلمًا - كتابًا
(1)
؛ وكأنَّ الحاكم صنفهما مفردَين ثم جمعهما في كتاب واحد، كما يفيده قوله بإثر حديثٍ ذكرَه في "المستدرك": قد ذكرت من طرق هذا الحديث أقل من النصف، فإني تتبعت من اتفق الشيخان على الحُجّة به في "الصحيحين"، وبقي في كتابي أكثر من النصف؛ ليتأمّل طالبُ هذا العلمِ
…
(2)
. وذكر البيهقيُّ تخريج الحاكم لكتاب مسلم، فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في "المُخرَّج على كتاب مسلم"
(3)
.
وقد رتب الحاكم أحاديث الكتابين على تراجم "مسند أحمد"، كما يفيده قول أبي موسى المَديني، حيث ذكر سبب تصنيف الحاكم للكتابين وقال: فلما ورد - يعني الحاكم - في سنة ثمان وستين أقام بعد الحج ببغداد أشهرًا، وسمع جملة "المسند" من أبي بكر بن مالك، وعاد إلى وطنه، ومدَّ يدَه إلى إخراج الصحيحين على تراجم المسند. قلنا: وهذان الكتابان مما لم يُعثَر عليهما بعدُ من كتبه.
10 -
"تراجم المسند على شرط الشيخين"، ذكره أبو حازم العبدوي أيضًا
(4)
، وذكره كذلك علي بن الأنجَب المعروف بابن الساعي
(5)
. ولم يُعثر على هذا الكتاب، ويغلب على ظننا أنه الكتاب السابق، والله تعالى أعلم.
11 -
"العلل"، ذكره الحاكم في "المدخل إلى الصحيح"
(6)
. ولم يُعثر عليه أيضًا.
= "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409.
(1)
"المدخل إلى كتاب الإكليل" ص 32.
(2)
"المستدرك" بإثر (8422).
(3)
"معرفة السنن والآثار" 14/ (20823)، و "الاعتقاد" ص 340.
(4)
نقله عنه علي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409.
(5)
"الدر الثمين في أسماء المصنفين" ص 101.
(6)
"المدخل إلى الصحيح" ص 110.
12 -
"التلخيص"، ذكره الحاكم في "المستدرك" و "معرفة علوم الحديث"
(1)
.
ولم يُعثر عليه بعدُ كذلك.
13 -
"الأبواب"، ذكره الحاكم كذلك في "المستدرك"
(2)
، وذكره كذلك أبو حازم العبدَوي
(3)
، وأبو يعلى الخليلي
(4)
، وعبد الغافر الفارسي
(5)
. وقد أبانَ لنا الحاكم عن مراده بالأبواب في "المدخل إلى كتاب الإكليل" حيث قال: مصنِّفُ الأبواب يقول: ذِكرُ ما صَحَّ وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبواب الطهارة أو الصلاة أو غير ذلك من العبادات
(6)
. وأشار في "المستدرك" إلى بعض موضوعات الأبواب، كقوله بعد أن ذكر بعض الأخبار الواردة في الجهر بالبسملة: وقد بقي في الباب عن أمير المؤمنين عثمان وعلي وطلحة بن عبيد الله وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر والحَكَم بن عُمير الثُّمالي والنعمان بن بَشير وسَمُرة بن جُندُب وبُريدة الأَسلمي وعائشة بنت الصِّدِّيق، كلُّها مخرَّجة عندي للباب تركتها إيثارًا للتخفيف، واختصرتُ منها ما يَلِيقُ بهذا الباب، وكذلك قد ذكرتُ في الباب مَن جَهَرَ ببِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم من الصحابة والتابعين وأتباعهم رضي الله عنهم.
ومن ذلك أيضًا قوله: وقد ذكرتُ في باب النكاح بغير وليٍّ أساميَ جماعةٍ من ثقات المحدّثين من الصحابة والتابعين وأتباعهم حدَّثوا بالحديث ثم نَسُوه.
قلنا: وهذا الكتاب مما لم يُعثر عليه أيضًا من مصنفاته.
(1)
"المستدرك" بإثر (1638)، و "معرفة علوم الحديث" ص 115.
(2)
"المستدرك" بإثر (5956).
(3)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
(4)
"الإرشاد" 3/ 906.
(5)
"المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور" ص 17.
(6)
"المدخل إلى كتاب الإكليل" ص 30.
14 -
"كتاب المناسك"، ذكره الحاكم في "المستدرك"
(1)
. ولم يُعثر عليه.
15 -
"مقتل عثمان"، ذكره الحاكم في "المستدرك" أيضًا
(2)
. ولم يُعثر عليه كذلك.
16 -
"مقتل الحُسين"، ذكره الحاكم كذلك في "المستدرك"
(3)
. ولم يُعثَر عليه أيضًا.
17 -
جزء في خطبة أمير المؤمنين عمر في أمره بعدم المغالاة في مهور النساء. ذكره الحاكم في "المستدرك"، حيث قال: تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا الباب لي مجموعٌ في جزء كبير
(4)
.
18 -
الرسالة الذابة عن حَريم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ذكرها الحاكم في "فضائل فاطمة الزهراء"
(5)
.
19 -
جزء في باب البَيعة. ذكره الحاكم في "المستدرك"، فقال: والباب عندي مجموع في جزء، فأغنى ذلك عن ذكر هذه الروايات
(6)
.
20 -
جزء في الخلاف على عبد الملك بن عُمير في حديث خطبة عمر بن الخطاب في الجابِيَة، إذ قال: فأما الخلاف في هذا الحديث عن عبد الملك بن عُمير فإنه مجموع لي في جزء
(7)
.
21 -
"مناقب سيدة النساء فاطمة"، ذكره السمعاني وسراج الدين عمر بن علي
(1)
"المستدرك" بإثر (4094).
(2)
"المستدرك" بإثر (4605).
(3)
"المستدرك" بإثر (4879).
(4)
"المستدرك" بإثر (2763).
(5)
"فضائل فاطمة الزهراء" بإثر الحديث (1).
(6)
"المستدرك" بإثر (2697).
(7)
"المستدرك" بإثر (394).
القَزْويني والذَّهبي
(1)
، وهو المطبوع باسم:"فضائل فاطمة الزهراء".
22 -
"فضائل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ذكره الحاكم في "المستدرك"، بإثر حديثٍ ذكره، فقال: قد ذكرت في مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما طرفًا في "فضائل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وبيّنتُ عِلَل هذا الحديث
(2)
.
23 -
"فضائل ابن خُزيمة"، ذكره الحاكم في "معرفة علوم الحديث"، فقال: فضائل هذا الإمام مجموعة عندي في أوراق كثيرة
(3)
. وقال ابن عبد الهادي: مناقب ابن خزيمة كثيرة قد استوعبها الحاكمُ. قلنا: ولم يُعثر على هذا الجزء.
24 -
"تراجم الشيوخ"، هكذا سماه أبو حازم العبدَوي
(4)
، وذكره كذلك عبد الغافر الفارسي، لكنه اختصر التسمية بقوله:"التراجم"، وقد أبان لنا الحاكم عن مُراده بتراجم الشيوخ في "المدخل إلى كتاب الإكليل"، حيث قال: التراجم شرطها أن يقول المصنِّفُ: ذِكرُ ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم يُترجِم على هذا المسند، فيقول: ذِكرُ ما روى قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فيلزَمُه أن يُخرِّج كلَّ ما روي عن قيس عن أبي بكر، صحيحًا كان أو سقيمًا. قلنا: ولم يُعثر على هذا الكتاب.
25 -
"الفوائد الكبير لأبي العباس"، ذكره البيهقي وروى عن الحاكم منه عدة روايات، وسماه هكذا
(5)
، وأبو العباس هذا هو محمد بن يعقوب الأصمُّ شيخ
(1)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 1102، و "مشيخة سراج الدين القزويني"(366)، و "تاريخ الإسلام" 9/ 99.
(2)
"المستدرك"(5522).
(3)
"معرفة علوم الحديث" ص 83.
(4)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
(5)
"السنن الكبرى" 2/ 58 و 333 و 3/ 355.
الحاكم، وسماه البيهقي مرةً:"فوائد أبي العباس"
(1)
، وكان يسميه أحيانًا أخرى:"الفوائد" هكذا مطلقًا، وكلها عن أبي العباس الأصمّ
(2)
. وقال الحاكم في "المستدرك" بعد أن روى حديثًا لأبي العباس الأصمّ: حدّثنا أبو العباس عن بحر في "المسند"، وعن الربيع في "الفوائد"، وأنا جمعتُ بينهما
(3)
. وقال في موضع آخر: إنما جمعتُ بين الربيع وابن عبد الحكم
(4)
. قلنا: فالظاهر أنه يشير إلى هذه "الفوائد" التي جمعَها، وأنها مجموع روايات كتبٍ رواها أبو العباس الأصم عن شيوخه المصنفين لتلك الكتب، والله أعلم.
وذكر البيهقيُّ للحاكم أيضًا في عدة روايات: "زيادات الفوائد"
(5)
، وكلها من طريق أبي العباس الأصمّ أيضًا، فكأن الحاكم ألحق بـ "فوائد الأصم" زياداتٍ عنه بعد ذلك، فكان البيهقي يُميِّز أحيانًا بين ما سمعه الحاكم من الأصمّ قديمًا، وما سمعه منه متأخرًا، والله أعلم. وعلى كلٍّ فالكتاب في جملة ما لم يُعثر عليه من كتب أبي عبد الله الحاكم.
26 -
"فوائد الطُّوسي والفاكهي"، ذكره البيهقي أيضًا، وروى منه عن الحاكم روايةً
(6)
. ولم يُعثر عليه.
27 -
"فوائد النُّسَخ" ذكره أبو حازم العبدَوي
(7)
والبيهقي، وروَى منه عن الحاكم روايةً
(8)
. وهو مما لم يُعثر عليه من كتبه.
(1)
"السنن الكبرى" 5/ 45.
(2)
"السنن الكبرى" 2/ 50 و 56 و 4/ 114.
(3)
"المستدرك"(120).
(4)
"المستدرك"(7780).
(5)
"السنن الكبرى" 1/ 184 و 2/ 192 و "الدلائل" 2/ 82.
(6)
"السنن الكبرى" 1/ 29.
(7)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وغيره.
(8)
"السنن الكبرى" 1/ 242 - 243.
28 -
"فوائد الشيوخ"، ذكره ابن خَلِّكان
(1)
، ولعله الذي أشار إليه عبد الغافر الفارسي بقوله:"الشيوخ"
(2)
، والظاهر أن الحاكم تحصَّلت لديه نُسَخ "فوائد" عن شيوخه الأصمّ والطُّوسي والفاكهي وغيرهم، فجمعها جميعًا في كتاب، وأطلق عليه اسم "فوائد الشيوخ". ولعله يكون هو نفسه كتاب "فوائد النسخ" السابق ذِكرُه، والله أعلم. وبأي حال فلم يُعثر على هذا الكتاب.
29 -
"فوائد الخُراسانيين"، ذكره أبو حازم العبدوي
(3)
. ولم يُعثر عليه، وتجدر الإشارة إلى أن للحاكم أبي أحمد شيخ أبي عبد الله الحاكم كتابًا بهذا الاسم أيضًا، ولم يُعثر عليه كذلك.
30 -
"فوائد العراقيين"، ذكره تلميذه أبو يعلى الخليلي في قصة يذكرها في ثاني أيام دخوله على أبي عبد الله الحاكم، إذ دَخَل عليه وهو يُقرأ عليه في "فوائد العراقيين"
(4)
. وهذا لم يُعثر عليه أيضًا.
31 -
"فضائل الشافعي"، ذكره أبو حازم العبدوي
(5)
، ونقل عنه مُغلطاي
(6)
، ونقل عنه السيوطي أيضًا غير أنه سماه "مناقب الشافعي"
(7)
. وهو في جملة ما لم يُعثر عليه من كتب الحاكم.
32 -
"الأمالي"، ذكره البيهقيُّ، وروى منه عن الحاكم عدةَ رواياتٍ
(8)
، وقال
(1)
"وفيات الأعيان" 4/ 280.
(2)
"المنتخب من كتاب السياق" ص 17.
(3)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
(4)
"الإرشاد" 3/ 852.
(5)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
(6)
"إكمال تهذيب الكمال" 1/ 52 و 77 و 280، 2/ 353.
(7)
"الدر المنثور" 1/ 638 و 768، و "نواهد الأبكار وشوارد الأفكار" 1/ 294 و 3/ 199.
(8)
"السنن الكبرى" 3/ 43، و "شعب الإيمان"(6516) و (9119)، و "الأسماء والصفات"(459).
البيهقي مرةً: "الأمالي القديمة"
(1)
، وخرَّج منه السيوطي خبرًا
(2)
. ولم يُعثر على هذا الكتاب.
33 -
"حديث شعبة"، ذكره البيهقي أيضًا، وروى منه روايةً عن الحاكم
(3)
، ونسب إليه السيوطي خبرًا
(4)
. وهو في جملة ما فُقد من كتب الحاكم.
34 -
"غرائب الشيوخ"، ذكره كذلك البيهقي، وروى عن الحاكم منه روايتين
(5)
.
وهذا أيضًا من جملة ما فُقد من كتبه.
35 -
"المغازي"، ذكره البيهقي
(6)
، وأشار إلى ما يدلُّ على أنه سمع من الحاكم بعضه وأنه أجازه ببعضه
(7)
. وقيَّد البيهقي الكتابَ مرةً بقوله: "مغازي ابن إسحاق"
(8)
، والظاهر أن الحاكم جمع لنفسه كتابًا في المغازي يشتمل على "مغازي ابن إسحاق"، ويشتمل أيضًا على "مغازي موسى بن عقبة"؛ وذلك أن البيهقي أورد في "سننه الكبرى" و "دلائل النبوة"، وغيرهما عن أبي عبد الله الحاكم في كتابه
(1)
"الخلافيات"(134).
(2)
"اللآلئ المصنوعة" 2/ 130.
(3)
"السنن الكبرى" 2/ 58.
(4)
"الدر المنثور" 3/ 102.
(5)
"السنن الكبرى" 6/ 140 و 10/ 84.
(6)
"دلائل النبوة" 3/ 206 و 5/ 211.
(7)
"دلائل النبوة" 5/ 309.
(8)
"السنن الكبرى" 6/ 322.
فائدة: يروي الحاكمُ "مغازي ابن إسحاق" عن شيخه أبي العباس الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، عن يونس بن بُكير، عن ابن إسحاق، كما يظهر من رواياته في المغازي والمناقب من "المستدرك"، وكذلك يظهر في روايات البيهقي في "دلائل النبوة" و "السنن الكبرى" وغيرهما عن الحاكم. ويروي "مغازي موسى بن عُقْبة" عن إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، عن جده الفضل بن محمد، عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فُليح، عن موسى بن عقبة، كما يظهر من رواياته في "المستدرك"، وكذلك من روايات البيهقي لأكثر أخبار هذه "المغازي" عنه.
"المغازي" أخبارًا من "مغازي ابن إسحاق" وأخبارًا أخرى من "مغازي موسى بن عقبة". وهذا الكتاب مما لم يُعثر عليه أيضًا.
36 -
"صلاة الضحى"، ذكره السَّمعاني بقوله: كتابٌ فيه فضائل صلاة الضحى
(1)
.
وذكره أبو القاسم الرافعيّ باسم "كيفية صلاة الضحى"
(2)
، وسماه الذهبي وابن حجر "صلاة الضحى"
(3)
، وسماه السيوطي:"فضل صلاة الضحى"
(4)
.
وقد رواه عن الحاكم جماعةٌ، منهم أبو الفضل محمد بن عبيد الله الصَّرّام
(5)
، وأبو بكر محمد بن القاسم بن حبيب الصَّفّار
(6)
، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشِّيرازي
(7)
. ولم يُعثر على هذا الكتاب أيضًا.
37 -
"الأحاديث الألف" تخريج أبي عبد الله الحاكم من أصول السيد أبي الحسن محمد بن الحسين الحَسَني، ذكره السمعاني أيضًا، وذكر أنه عنده من رواية أبي عمرو المَحميِّ عن الحاكم
(8)
، وأشار إليه أبو طاهر السِّلَفي
(9)
، وأورد منه خبرًا من طريق أبي الفضل الصرّام وأبي المظفر موسى بن عمران، كلاهما عن السيد أبي الحسن الحسني المذكور بانتقاء أبي عبد الله الحاكم. وقد ذكر الحاكم هذا الجزءَ، فقال في ترجمته لأبي الحسن المذكور: عَقدتُ له الإملاء وانتقيتُ له ألفَ
(1)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 713.
(2)
"التدوين في أخبار قزوين" 1/ 337.
(3)
"تاريخ الإسلام" للذهبي 11/ 873، و "المعجم المفهرس" - ويُسمَّى أيضًا:"تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة" - لابن حجر العسقلاني (111).
(4)
"الشمائل الشريفة" ص 319.
(5)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 713.
(6)
"المعجم المفهرس" لابن حجر (111).
(7)
"التدوين في أخبار قزوين" 1/ 337.
(8)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 713 - 714. وانظر "التحبير في المعجم الكبير" للسمعاني 1/ 171 الترجمة (91).
(9)
الجزء الخامس من "المشيخة البغدادية"(73).
حديث
(1)
. وهذا مما لم يُعثر عليه أيضًا.
38 -
"الأحاديث المئة عن مئة شيخ"، ذكره السمعاني، وذكر أنه يرويه من طريق أبي عمرو عثمان بن محمد المحمي عن الحاكم
(2)
. وهو في جملة ما لم يعثر عليه من كتبه.
39 -
"الأربعين"، ذكره السمعاني
(3)
، وذكره كذلك أبو علي الحسن بن محمد ابن عمروك البكري
(4)
، وسراج الدين عمر بن علي القزويني
(5)
، غير أن البكري سماه:"كتاب الأربعين بشعار أهل الحديث"، وأما القزويني فسماه:"الأربعين المخرَّج على شرط الصحيحين البخاري ومسلم بذكر شعار أهل الحديث"، ففي تسميته زيادة فائدة ببيان شرط الحاكم في الكتاب. وقد رووا جميعًا هذا الجزء من طريق أبي بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف الشيرازي عن الحاكم. ويرويه عن الحاكم كذلك يعقوب بن أحمد الصَّيرفي كما وقع لابن حجر
(6)
. وهذا الكتاب في جملة ما فُقد من كتب الحاكم.
40 -
"أمالي العشيات"، ذكره أبو حازم العبدوي
(7)
. ولم يُعثر عليه كذلك.
41 -
"الملاحم"، ذكره السمعاني أيضًا، وذكر أنه يرويه من طريق أبي عمرو عثمان ابن محمد المحميّ عن الحاكم
(8)
. ولم يتم العثور عليه كذلك.
(1)
"سير أعلام النبلاء" 17/ 99.
(2)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 713.
(3)
"التحبير في المعجم الكبير" 2/ 283 الترجمة (954)، و "المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 133.
(4)
"الأربعين حديثًا" لأبي علي الحسن بن محمد البكري، الحديث الثاني عشر، ص 88.
(5)
"مشيخة القزويني"(110)
(6)
"المعجم المفهرس"(911).
(7)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
(8)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 232.
42 -
"المعجم"، ذكره السمعاني وابن النجار
(1)
وغيرهما، وهو كتاب ذكر فيه الحاكم شيوخه، ويشتمل على ألفي شيخ
(2)
، وذكر السمعاني أنه عنده من رواية البيهقي عن الحاكم، ومن طريق البيهقي أيضًا كان عند ابن حجر العسقلاني
(3)
، وخرّج منه السيوطي خبرًا
(4)
. وهذا كتاب عظيم لو توفر لدينا لاستغنينا عن كثير من العناء في دراسة كثير من شيوخ الحاكم، لكن لم يُعثر عليه.
43 -
"القنوت"، ذكره ابن قيم الجوزية في خبر للحاكم في دعاء قنوت في الفجر
(5)
، وأسند الذهبي خبره ذلك من غير أن يذكر كتابه
(6)
. ولم يتم العثور عليه.
44 -
"رفع اليدين"، ذكره البيهقي في "مناقب الإمام أحمد" فيما نقله عنه ابن رجب
(7)
. ولم يُعثر عليه.
45 -
"من حديث سفيان بن عُيينة"، ذكره السمعاني
(8)
، وذكره كذلك الذهبي وابن حجر، لكنهما سمَّياه:"عوالي ابن عيينة"
(9)
. وذكر السمعاني أنه من رواية أبي بكر أحمد بن خلف الشيرازي عن الحاكم. ولم يُعثر عليه.
46 -
"الدعاء"، ذكره ابن حجر العسقلاني
(10)
، ولم يُعثر عليه أيضًا.
(1)
"التحبير في المعجم الكبير" 1/ 145 الترجمة (72)، و "ذيل تاريخ بغداد" 5/ 94.
(2)
"تبيين كذِب المفتري" ص 228، و "الدر الثمين في أسماء المصنفين" لتاج الدين علي بن أَنجَبَ البغدادي ص 101.
(3)
"المعجم المفهرس"(784).
(4)
"الزيادات على الموضوعات" - ويُسمّى ذيل اللآلئ المصنوعة - (110).
(5)
"زاد المعاد في هدي خير العباد" 1/ 274.
(6)
"تنقيح التحقيق" 1/ 240
(7)
"فتح الباري شرح صحيح البخاري" 6/ 350.
(8)
"المنتخب من معجم شيوخ السمعاني" ص 978.
(9)
"سير أعلام النبلاء" للذهبي 8/ 466، و "لسان الميزان" لابن حجر 7/ 360.
(10)
"المعجم المفهرس"(341).
47 -
"مناقب أصحاب الحديث"، ذكره أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مَنْدَه
(1)
، وهو من جملة ما فُقد أيضًا.
48 -
"حديث الطَّيْر"، ذكره محمد بن طاهر المقدسي، فقال: ورأيت أنا حديث الطير جمع الحاكم بخطه في جزء ضخم
(2)
. وهو مما فُقد من كتبه.
49 -
"علامات أهل الحقائق"، ذكره ابن النجّار البغدادي في موضعين
(3)
، ولم يُعثر عليه.
50 -
"الضعفاء"، أشار إليه الذهبي
(4)
، حيث ذكر جملةً من المصنفات في الضعفاء، وذكر منها كتابي الحاكمين
…
ويعني بهما أبا أحمد الحاكم وأبا عبد الله الحاكم، وذكره ابن حجر
(5)
. قلنا: وقد أفرد الحاكم في "المدخل إلى الصحيح" بابًا ترجمه بقوله: أسامي قوم من المجروحين ممن ظهر لي جرحُهم اجتهادًا ومعرفةً بجرحهم، لا تقليدًا فيه لأحد من الأئمة. قلنا: فالظاهر أن هذا هو المقصود بكتابه في الضعفاء، وكأنَّ الحاكم صنف ذلك الكتاب مستقلًا أولًا، ثم جمعه مع غيره في "المدخل إلى معرفة الصحيح"، والله تعالى أعلم.
51 -
"جزء الألف دينار" تخريج أبي عبد الله الحاكم من حديث أبي بكر القطيعي، ذكره ابن حجر
(6)
. وهذا أيضًا مما لم يُعثر عليه من كتبه.
52 -
"سؤالات الحاكم للدارقطني"، وتضمن سؤالاته لشيخه الدارقطني عن كثير من الرجال لدى لقائه به في بغداد، وربما سماها مُغلطاي "السؤالات الكبرى"
(7)
.
(1)
"جزء فيه ذكر أبي القاسم الطبراني" ص 336.
(2)
نقله عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 99.
(3)
"ذيل تاريخ بغداد" 2/ 28 و 3/ 45.
(4)
في مقدمة كتابه "المغني في الضعفاء" 1/ 5.
(5)
في "النكت على كتاب ابن الصلاح" 1/ 318.
(6)
"المعجم المفهرس"(990).
(7)
"إكمال تهذيب الكمال" 1/ 261 و 2/ 58 و 109.
وممن رواها عن الحاكم: البيهقيُّ
(1)
، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشِّيرازي
(2)
. وقد عُثر على هذه السؤالات، وطُبعت بحمد الله.
53 -
"سؤالات مسعود السِّجْزِي للحاكم"، وهذا تضمن سؤالات لمسعود بن علي السِّجْزي لأبي عبد الله الحاكم عن جماعة من الرجال، وفيه كذلك أسئلة البغداديين للحاكم عن أحوال الرواة، صدّر بها مسعود السِّجْزي هذا الجزء بأسئلته هو، وكأنَّ هذه السؤالات كانت منه نسخة لدى أبي عبد الله الحاكم رواها عنه بالإجازة أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشِّيرازي
(3)
. وقد عُثر على هذه السؤالات أيضًا، وطُبِعت بحمد الله تعالى.
54 -
ذكر الحاكم أنه جمع رجال "التاريخ الكبير" للبخاري، مفصِّلًا بين من احتج به منهم، ومن جُرح جرحًا ظاهرًا، فقال في "المدخل إلى معرفة الإكليل"
(4)
: نظرنا وتأملنا فوجدنا البخاري قد جمع كتابًا في "التاريخ" على أسامي من روي عنهم الحديث من زمان الصحابة إلى سنة خمسين ومئتين، فبلغ عددهم قريبًا من أربعين ألف رجل وامرأة، جمعتُ أنا أساميهم، وما اختلفا فيه فاحتج به أحدهما ولم يحتج به الآخر، فلم يبلغوا ألفي رجل وامرأة، ثم جمعتُ مَن ظهر جَرحُه من جملة الأربعين ألفًا، فبلغوا مئتين وستة وعشرين رجلًا. قلنا: وهذا غير كتابه الذي قدَّمنا ذِكرَه في الضعفاء، بدليل أن عددًا ممن أوردهم في الضعفاء ليسوا في "تاريخ البخاري الكبير".
هذا، وقد انتخب الحاكم لجماعة من مرويات شيوخه أجزاءً كان يسميها أحيانًا
(1)
كما يظهر من نقل نقله عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 51/ 38.
(2)
كما يظهر من النسخة الخطية الموجودة منه. انظر مقدمة محقق "سؤالات الحاكم النيسابوري للدارقطني" ص 55.
(3)
"المعجم المفهرس" لابن حجر (694) و (695). وانظر مقدمة مسعود السجزي على تلك السؤالات ص 52 - 53.
(4)
ص 50. ونقله ابن الأثير في "جامع الأصول في أحاديث الرسول" 1/ 172.
"الفوائد"، فكان من ذلك:
1 -
منتخب من مرويات أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني.
2 -
فوائد أبي بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحَرَشي.
3 -
فوائد أبي عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم الحليمي الفقيه الشافعي.
4 -
منتخب من مرويات أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن يزداد المُذكِّر المُطَوّعي الخباز الرازي.
هـ - فوائد أبي طاهر محمد بن الفضل حفيد الإمام المعروف محمد بن إسحاق بن خُزيمة.
6 -
فوائد أبي القاسم عبيد الله بن علي بن الحسن النَّخَعي الداوودي الظاهري.
7 -
منتخب من مرويات أبي سهل بشر بن أحمد بن بشر الدِّهْقان الإسفراييني.
8 -
فوائد أبي جعفر محمد بن أحمد بن محمد السليطي.
9 -
منتخب من مرويات أبي يعقوب إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النَّسَوِي الشَّرْمَغُولي.
10 -
منتخب من مرويات أبي الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني.
11 -
منتخب من مرويات أبي حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي. وهذا يُعدُّ من تلامذة أبي عبد الله الحاكم، ومع ذلك انتخب عليه شيخه الحاكم.
12 -
فوائد أبي الطيِّب عبد الله بن محمد القاضي الفُورُسي، المعروف بابن الفُورُس.
13 -
منتخب من مرويات أبي القاسم عُبيد الله بن محمد القاضي البُخاري الكلاباذي.
14 -
فوائد أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد عبد الله الماسَرْجِسي.
15 -
فوائد أبي حامد أحمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي ابن المزكّي.
16 -
فوائد أبي الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الأديب المُعاذِي.
17 -
منتخب من مرويات أبي عمر عبد الواحد بن أبي بكر أحمد بن محمد التّيمي المُنكَدِري
(1)
.
هذا ما استطعنا الوقوف عليه من مصنفات أبي عبد الله الحاكم رحمه الله وفوائده ومنتخباته، بحسب الجهد والطاقة.
وقد وقع من بعض العلماء وبعض المعاصرين الأفاضل ممن ترجم للحاكم أوهام في نسبة بعض الكتب إليه، وهي ليست له، وبعضها أقسامٌ من كتبٍ أخرى للحاكم، فلا يحسُن إفرادُها بالذِّكر، وبعضها اسمٌ لبعض كتب الحاكم مما تقدم ذِكرُه، غير أنه لا يشتهر بذلك الاسم، ومن ذلك:
1 -
"ما تفرد بإخراجه كل واحد من الإمامين"، ذكره أبو حازم العبدوي
(2)
، وقد عُثر على هذا الكتاب وطبع باسم "تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم"، لكن ذكر إبراهيم بن علي الكليب في تحقيقه لكتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح" أن هذا الكتاب هو جزء من كتابه "المدخل"، نظرًا للتطابق التام بين ما هو موجود في "تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم"، وما يقابله بهذا العنوان في "المدخل إلى معرفة الصحيح". فربما يكون أبو حازم العبدوي رأى هذا الجزء من الكتاب إذ لم تكن أجزاؤه مضمومةً إلى بعضها، فظنه كتابًا مستقلًا، وإنما هو قسم من جملة أقسام أخرى في كتاب "المدخل"، وربما يكون الحاكم نفسه صنف هذا الجزء أولًا
(1)
ورد ذكر جميع ذلك في "الأنساب" للسمعاني: (الإسفراييني) و (الحرشي) و (الحليمي) و (الخباز) و (الخزيمي) و (الداوودي) و (الدهقان) و (السليطي) و (الشر مغولي) و (الشعراني) و (العبدوي) و (الفورسي) و (الكلاباذي) و (الماسرجسي) و (المزكي) و (المعاذي) و (المنكدري).
(2)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228، وعلي بن المفضل المقدسي في "الأربعون على طبقات الأربعين" ص 409، وغيرهما.
ثم ضمَّه بعد ذلك إلى كتاب "المدخل"، والله تعالى أعلم. وقد أورد بعض المعاصرين للحاكم "رجال الصحيحين"، كتابًا مفردًا عن هذا الكتاب، وإنما هو هو، فلا يحسن إفراده بالذكر.
2 -
"الكنى والألقاب"، نسبه للحاكم عبد الرؤوف المناوي
(1)
وحاجي خليفة
(2)
ثم صدّيق حسن خان
(3)
ثم محمد بن جعفر الكتّاني
(4)
، ثم محمد عبد الرحمن المباركفوري
(5)
، وتبعهم غيرهم من المعاصرين ممن ترجم للحاكم. وليس لأبي عبد الله الحاكم كتاب بهذا الاسم، وإنما اشتبه على هؤلاء أن لأبي أحمد الحاكم شيخ أبي عبد الله الحاكم كتابًا بهذا الاسم، فكأنهم لما رأوا بعض المتقدمين يطلقون نسبة "الكنى" للحاكم غير مقيَّد بكنيته، ظنوه أبا عبد الله، وإنما هو شيخه أبو أحمد. وربما يكون بعض المتقدمين نسب لأبي عبد الله الحاكم قولًا في الكنى، فظنوه كتابًا مستقلًا له، وإنما يعني به ذلك المتقدّمُ قول الحاكم في باب من أبواب الكنى التي ذكرها في بعض كتبه، ككتابيه:"المدخل إلى الصحيح"، أو "معرفة علوم الحديث" مثلًا، فقد عقد في كلّ منهما بابًا في كُنى المُحدّثين، فقد قال في الكتاب الأول: أسامي المشهورين بالكُنى في الكتابين الصحيحين
(6)
. وقال في الكتاب الثاني: ذكر النوع الحادي والأربعين من معرفة أصول الحديث: معرفة الكنى
(7)
. وقال أبو الفيض الغُماري في ردِّه على المناوي: كتاب الكنى ليس هو لأبي عبد الله الحاكم وإنما هو لأبي أحمد الحاكم، وهو أكبر من أبي عبد الله بل هو
(1)
"فيض القدير" 1/ 115.
(2)
"كشف الظنون" 1/ 81.
(3)
"أبجد العلوم" ص 272، و "الحطة في ذكر الصحاح الستة" ص 90.
(4)
"الرسالة المستطرفة" ص 120.
(5)
مقدمة "تحفة الأحوذي" ص 192.
(6)
"المدخل إلى الصحيح" 4/ 55.
(7)
"معرفة علوم الحديث" ص 183.
شيخه
(1)
.
3 -
"أصحاب الصُّفّة"، نسبه للحاكم الدكتور محمود ميرة على أنه كتاب مستقل له
(2)
، معتمدًا في ذلك على قول ابن حجر: وقد اعتنى أصحاب بجمع الصُّفّة ابنُ الأعرابي والسُّلمي والحاكم وأبو نعيم، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر
(3)
. وإنما سرد الحاكم أسماءهم في "المستدرك" بإثر حديث رواه
(4)
.
4 -
"أئمة الأمصار" ذكره ابن خلِّكان في خبر نقله عن ابن الصلاح، وسمّاه كذلك
(5)
، وتبعه صدّيق حسن خان
(6)
. وهذا هو نفسه كتاب "مزكِّي رواة الأخبار" الذي قدَّمنا ذكره، والدليل على ذلك أن ابن الصلاح ذكر في "صيانة صحيح مسلم" ذلك الخبر الذي نقله عنه ابن خلكان، فسمى الكتاب:"كتاب المزكِّين لرواة الأخبار"
(7)
، وقد ذكرنا أن الذهبي والمقريزي سمياه:"الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار"، فهذا ما عَنَاهُ ابن خَلّكان، فلا يحسُن ذكره كتابًا مفردًا عن "مزكي رواة الأخبار" كما فعل الدكتور محمود ميرة.
5 -
"عوالي مالك"، ذكره محمد بن جعفر الكتاني
(8)
، ثم تبعه غيره ممن ترجم للحاكم من المعاصرين، ولم يذكر أحد من المتقدمين ممن ترجم لأبي عبد الله الحاكم أن له كتابًا بهذا الاسم، وأغلب الظن أن الكتاني وهم في ذلك، ومنشأ وهمه أن لأبي أحمد الحاكم شيخ أبي عبد الله الحاكم كتابًا بهذا الاسم، وكان بعضُ مَن
(1)
"المداوي لعلل المناوي" 1/ 133.
(2)
"الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك" ص 179.
(3)
"فتح الباري"(بتحقيقنا) 2/ 356.
(4)
"المستدرك"(4340).
(5)
"وفيات الأعيان" 5/ 195.
(6)
"التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول" ص 120.
(7)
"صيانة صحيح مسلم" ص 62.
(8)
"الرسالة المستطرفة" ص 164.
يُخرج منه يقتصر على ذكر النسبة فيقول: الحاكم في "عوالي مالك"، أو "عوالي مالك" للحاكم، فأوهم ذلك أنه يريد أبا عبد الله الحاكم، وإنما أراد شيخه أبا أحمد الحاكم، فباشتراكهما بوصف الحاكم حصل الوهم، والله تعالى أعلم. وقد عُثر على كتاب أبي أحمد الحاكم هذا وطُبع بحمد الله.
6 -
"فضائل العشرة"، ذكره إسماعيل باشا البغدادي
(1)
، ولم يذكره أحد ممن تقدّمه، وأغلب الظن أن نسبته للحاكم خطأٌ، ولعل إسماعيل البغدادي اطلع على قول لبعض المتقدمين نَسَب للحاكم شيئًا في فضائل العشرة، يريد فضائلهم في "المستدرك"؛ إذ خصص لهم في معرفة الصحابة من هذا الكتاب أقسامًا في فضائلهم، فظنّه إسماعيل كتابًا مستقلًا له، أو أنه رأى لوحة عليها اسم الحاكم لجزء مفرد من مخطوط "المستدرك" من قسم معرفة الصحابة فيه فضائل العشرة، فظنه كتابًا مستقلًا له، وإنما هو جزء من "المستدرك"، والله تعالى أعلم.
7 -
"المبتدأ من اللآلئ الكبرى"، ذكره إسماعيل باشا البغدادي أيضًا
(2)
، ولم نَرَ أحدًا ممن تقدّمه ذكر هذا الكتاب في كتب أبي عبد الله الحاكم، على أن مثل هذه التسميات للكتب مما أحدثه المتأخرون بعد عصر الحاكم بقُرون. ويحتمل أن تكون كلمة "اللآلئ" محرفة عن "الأمالي"، فإن له كتابًا اسمه "الأمالي" كما قَدَّمنا، لكن لا دليل على تقوية هذا الاحتمال.
8 -
"المعرفة في ذكر المُخضرمين"، ذكره الدكتور محمود ميرة
(3)
، ثم الدكتور موفق عبد القادر
(4)
، معتمدين في ذلك على ما قاله الحاكم في "المستدرك": وقد ذكرت في كتاب المعرفة في ذكر المخضرمين شُريح بن هانئ، فإنه أدرك الجاهلية
(1)
"هدية العارفين" 2/ 59.
(2)
"هدية العارفين" 2/ 59
(3)
"الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك" ص 193.
(4)
مقدمته في تحقيق "سؤالات مسعود السِّجْزي مع أسئلة البغداديين عن أحوال الرواة" ص 25.
والإسلام
…
، وقد وهما في ذلك، إذ لم يتقدمهما أحدٌ إلى نسبة مصنف له بهذا الاسم، وإنما أراد الحاكم أنه أورد الرجل المذكور في كتاب "المعرفة" في باب ذكر المخضرمين، والأمر كذلك، فإنه سَرَد أسماء المخضرمين في كتاب "معرفة علوم الحديث"، وذكر منهم شريح بن هانئ.
9 -
"مسند أنس"، ذكره الدكتور محمود ميرة
(1)
، معتمدًا في ذلك على ما قاله الحاكم في "المستدرك": حدثنا علي بن حمشاذ العدل في مسند أنس، وهذا دليل على أن لشيخه ابن حمشاذ كتابًا جمع فيه مسند أنس بن مالك، فكيف يُنسب هذا إليه.
10 -
"مناقب الصِّدِّيق"، نسبه إليه الدكتور محمود ميرة
(2)
، ومحققو طبعة الميمان في مقدمة تحقيق "المستدرك"
(3)
، مُعتمدين في ذلك على ما ورد في كلام الذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة محمد بن سليمان السعيدي، حيث قال: له في مناقب الصِّدِّيق، رَدَّ الحاكم خبره لجهالته. كذلك قال الذهبي، وإنما أراد أن له خبرًا في ذكر منقبة من مناقب الصِّدِّيق، وهذا الخبر أورده الحاكم في "المستدرك" من طريق عن أبي تحيى، أنه سمع عليًّا يَحلِف: لَأَنْزَل الله تعالى اسم أبي بكر من السماء صِدِّيقًا. ثم قال الحاكم بإثره: لولا مكان محمد بن سليمان السعيدي من الجهالة لحكمتُ لهذا الإسناد بالصّحة.
(4)
. قلنا: ولم يذكر أحدٌ من المتقدمين ممن ترجم للحاكم كتابًا له مفردًا في مناقب الصِّدِّيق، فتعيَّن صحة ما قلناه، والله أعلم.
11 -
"الرسالة البغدادية"، كذلك سماها محمد بن محمد المعروف بمرتضى الزّبيدي في نقلين نقلهما عن أبي عبد الله الحاكم
(5)
، قال فيهما: قرأتُ في الرسالة
(1)
"الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك" ص 193.
(2)
المصدر السابق ص 194.
(3)
المقدمة ص 108.
(4)
"المستدرك"(4453).
(5)
في "تاج العروس" 30/ 380 و 419، في مادتي (مثل) و (ميكل).
البغدادية للحاكم أبي عبد الله النيسابوري، وهي عندي. قلنا: وبالرجوع إلى ذينك النقلين، رأينا أنهما في "سؤالات مسعود السجزي لأبي عبد الله الحاكم" التي صدرها - كما قدّمنا - بأسئلة البغداديين للحاكم أبي عبد الله عن جماعة من الرواة، فكلاهما من رواية مسعود السِّجزِي نفسه عن الحاكم، جمعهما السِّجزي في مصنف واحد، فلا يحسن إفراد "أسئلة البغداديين" عن "سؤالات السجزي"، كما فعل الدكتور محمود ميرة
(1)
.
المطلب السادس: مذهب الحاكم الفقهي:
كان الإمام أبو عبد الله الحاكم شافعيّ المذهب، وقد صرّح هو نفسه بما يفيد ذلك فيما سمعه منه مسعود السِّجْزي، قال: سمعته يقول: إمامنا الشافعي المُطَّلِبي رضي الله عنه، قرشي النسب من صميمها
(2)
.
ويظهر ذلك جليًا أيضًا من صنيع العلماء المصنفين في طبقات الشافعية، حيث أوردوا له ترجمةً في كتبهم، ومن أبرزهم ابن الصلاح وابن السُّبكي وابن كثير وابن قاضي شُهْبة
(3)
، وغيرهم.
وقد قدّمنا ذكر شيوخه الذين تفقه عليهم أبو عبد الله الحاكم، وهم جميعًا من فقهاء الشافعية، حتى قال علي بن الأنجب المعروف بابن الساعي: كان إمامًا في معرفة الفقه على مذهب الشافعي
(4)
.
ومن خلال تتبع روايات البيهقي في كتبه نجده ينقل أقوال الشافعي في الفقه، بل
(1)
"الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك" ص 184.
(2)
"سؤالات السجزي للحاكم"(37).
(3)
انظر "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن الصلاح 1/ 198، و"طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي 4/ 155، و "طبقات الشافعيين" لابن كثير ص 357، و "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة 1/ 193 الترجمة (153).
(4)
"الدر الثمين في أسماء المصنفين" ص 102.
يروي كتب الشافعي عن أبي عبد الله الحاكم، من روايته عن أبي العباس الأصم عن الربيع بن سليمان المرادي عن الشافعي، وفي ذلك ما يشير إلى أنه كان لدى أبي عبد الله الحاكم جميع فقه الشافعي رواية.
وقد وقع لنا في "المستدرك" ما يشير إلى ذلك، حيث قال بإثر قصة الصحابي الذي حرس النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يوم ذات الرقاع، وأُصيب بسهم ونزف وهو يصلي فلم يقطع صلاته: وهذه سنة ضَيّقة قد اعتقد أئمتنا بهذا الحديث أن خروج الدم من غير مَخرج الحَدَث لا يوجب الوضوء. قلنا: عنى بقوله: "أئمتنا": الشافعية، فإن من المعلوم أن هذا هو رأي الشافعي، فقد نقل المزني عن الشافعي قوله: وما كان من سوى ذلك من قيء أو رُعاف أو دم خرج من غير مخرج الحدث، فلا وضوء في ذلك، كما أنه لا وضوء في الجُشاء المتغيّر ولا البصاق لخُروجهما من غير مخرج الحدث
(1)
.
ولكن ذلك لا يعني أنه كان منصرفًا إلى فقه الشافعي لا يجاوزه أو يتعداه، فإن رجلًا في موضع الحاكم من سَعَة الرواية والمعرفة بالحديث، لا عجب أن يكون له اختيارات واجتهادات، لا تُوافق مذهب الشافعي، كحال غيره من علماء الشافعية الذين كان لهم من علم الحديث نصيب وافر، وكان لهم اجتهادات واختيارات خارج المذهب، كمحمد بن نصر المروزي وابن خزيمة وابن حبان ونحوهم من الأئمة الفقهاء والحفاظ الكبار.
ومن ذلك ما قاله الحاكم رحمه الله في حديث عمر بن الخطاب لما حدث بحديث العُسْرة وما أصاب المسلمين يومئذ من القيظ الشديد، حتى إن الرجل كان ينحر بعيره، فيَعصِر فَرْثَه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده. فقال الحاكم: قد ضمَّنه سُنَّةٌ غَريبةً، وهو أن الماء إذا خالطه فَرْتُ ما يؤكل لحمه لم يُنجِّسه، فإنه لو
(1)
"مختصر المزني" بإثر "الأم" طبعة دار المعرفة 8/ 96.
كان يُنجِّسُ الماء لما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم أن يجعله على كَبِده، حتى يُنجس يَدَيه
(1)
. ومعلوم أن فرثَ ما يؤكل لحمه عند الشافعية نجس بكل حالٍ
(2)
.
المطلب السابع: مذهبه العقائدي:
تكلم بعض العلماء في الإمام الحاكم من جهة مذهبه العقائدي، وأنه كان متشيعًا أو شيعيًا، فمن ذلك:
1 -
ما ذكره أبو ذَرّ عبد بن أحمد بن عُفَير الهَرَوي أنهم كانوا في حلقة الحاكم أبي عبد الله بن البيع الحافظ بنيسابور إذا أخرج عن السُّدِّي في الصحيح يتغامَزُون عليه، وذلك أنه روى حديثَ الطَّير، ولم يتابعه أحدٌ عليه، قال: وكان يُنسَبُ إلى التشيع
(3)
.
قلنا: ذلك أن السُّدِّي - واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن - اتهم بالتشيع
(4)
. لكن حديثَ الطير هذا له طرق ولم ينفرد به السُّدِّي، كما سيأتي بيانه في موضعه من الكتاب، فلا حجة في قول أبي ذر هذا.
2 -
وكذلك ذكر الخطيب البغدادي: أن الحاكم كان يميل إلى التشيع، معتمدًا في ذلك على ما حدثه به أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأُرْموي بنيسابور -قال: وكان شيخًا صالحًا فاضلًا عالمًا- قال: جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث زعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، يلزمهما إخراجها في صحيحيهما، منها حديث الطائر، و "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه" فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا فيه إلى قوله، ولا صوبوه في فعله
(5)
.
(1)
"المستدرك"(575).
(2)
"الحاوي الكبير" لأبي الحسن الماوردي 2/ 250.
(3)
"معجم السَّفَر" لأبي طاهر السلفي (782).
(4)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي 1/ 246.
(5)
"تاريخ بغداد" 3/ 510 - 511.
قال ابن السُّبكي: الخطيب ثقة ضابط، فتأملت مع ما في النفس من الحاكم من تخريجه حديث الطير في "المستدرك"، وإن كان خَرّج أشياء غير موضوعة لا تعلّق لها بتشيع ولا غيره، فأوقع الله في نفسي أن الرجل كان عنده ميلٌ إلى عليّ رضي الله عنه يزيد على الميل الذي يُطلب شرعًا، ولا أقول: إنه ينتهي به إلى أن يضع من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولا إنه يفضل عليًا على الشيخين، بل أستبعد أن يفضّله على عثمان رضي الله عنهما، فإني رأيته في كتابه "الأربعين" عقد بابًا لتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان، واختصهم من بين الصحابة، وقدّم في "المستدرك" ذِكرَ عثمان على عليّ رضي الله عنهما. وروى فيه من حديث أحمد بن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت: أول حَجَرٍ حمله النبي صلى الله عليه وسلم لبناء المسجد، ثم حمل أبو بكر، ثم حمل عمر حجرًا، ثم حمل عثمان حجرًا، فقلت: يا رسول الله، ألا ترى إلى هؤلاء، كيف يُسعدونك؟ فقال:"يا عائشة، هؤلاء الخلفاء من بعدي". فمن يُخرِّج هذا الحديث الذي يكاد يكون نصًا في خلافة الثلاثة، مع ما في إخراجه من الاعتراض عليه، يُظن به الرفض؟!
قال: وخَرّج أيضًا في فضائل عثمان حديث: "لينهض كل رجل منكم إلى كُفئه" فنهض النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان، وقال:"أنت وليّي في الدنيا والآخرة" وصححه، مع أن في سنده مقالات، وأخرج غير ذلك من الأحاديث الدالة على أفضلية عثمان، مع ما في بعضها من الاستدراك عليه، وذكر فضائل طلحة والزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقد غَلَب على الظنّ أنه ليس فيه - ولله الحمد - شيءٌ مما يستنكر عليه، إفراطٌ في ميل لا ينتهي إلى بدعة.
ثم قال: أنا أجوِّز أن يكون الخطيب إنما يعني بالميل إلى ذلك، ولذلك حكم بأن الحاكم ثقة، ولو كان يعتقد فيه رفضًا لجَرَحه به، لا سيما على مذهب من يرى ردّ رواية المبتدع مطلقًا، فكلام الخطيب عندنا يقرب من الصواب
(1)
.
(1)
"طبقات الشافعية الكبرى" 4/ 167 - 168.
وبعد أن نقل الزركشي قول الخطيب البغدادي عقَّبه بقوله: وقد كان عند الحاكم ميل إلى علي، ونعيذه بالله من أن يبغض أبا بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم
(1)
.
قلنا: ما اعتمد عليه الخطيب من قول الأُرمَوي في نسبة الحاكم للتشيع لمجرد إخراجه حديث الطير وحديث "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه"، وزعمه بأنه لما أخرجهما في "مستدركه" لم يلتفت أصحابُ الحديث إلى قوله، فلا حجة فيه لمجرد ذلك، وسيأتي في موضعهما من الكتاب بيان عدم تفرد الحاكم بهما، وأن لهما طرقًا أخرى غير طريق الحاكم، وأنه صححهما -سوى الحاكم- غيرُ واحد من أهل المعرفة بالحديث، فبطل زعم الأرموي، ثم لم يذكر لنا الأرموي من هم أصحاب الحديث الذين أنكروا على الحاكم ذلك ولم يلتفتوا إلى قوله!
3 -
وذكر محمد بن طاهر المقدسي: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي عن الحاكم أبي عبد الله، فقال: ثقة في الحديث، رافضيٌّ خبيثٌ
(2)
.
وقد ردّ عليه الذهبي بقوله: كذا قال شيخ الإسلام الأنصاري، ولم يُصِب، فإن الحاكم ليس برافضي، بل هو شيعي مُعظِّم للشيخين بيقينٍ، ولذِي النُّورَين، وإنما تكلّم في معاويةَ رضي الله عنه فأُوذِي
(3)
.
وقد نقل في بعض كتبه بسند جيد عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: دخلتُ على أبي عبد الله الحاكم وهو في داره لا يُمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كَرّامٍ، وذلك أنهم كسروا مِنبرَه ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليتَ في فضائل هذا الرجل -يعني معاوية بن أبي سفيان- حديثًا لاسترحت من هذه المحنة! فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي
(4)
.
(1)
"النكت على مقدمة ابن الصلاح" 1/ 197.
(2)
رواه عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 98.
(3)
"معجم الشيوخ" 1/ 281.
(4)
رواه عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/ 175، و "تاريخ الإسلام" 9/ 98.
وقال في موضع آخر: ما كان الرجل رافضيًا، بل كان شيعيًا ينال من الذين حاربوا عليًا رضي الله عنه، ونحن نترضى عن الطائفتين، ونحبُّ عليًا أكثر من خُصومه
(1)
.
ولهذا اقتصر الذهبي في بعض المواضع التي ترجم فيها للحاكم على قوله: يتشيّع
(2)
. وقوله في ترجمته لأبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان بن علي الحيري: تشيُّعه خفيف كالحاكم
(3)
.
4 -
ووصف ابن طاهر المَقدِسي أيضًا أبا عبد الله الحاكم بأنه كان شديد التعصُّب للشيعة في الباطن، وكان يُظهِر التّسنن في التقديم والخلافة، وأنه كان غاليًا منحرفًا عن معاوية وآله، يتظاهر بذلك ولا يعتذر منه
(4)
.
وقد ردَّ عليه الذهبي بقوله: أما انحرافه عن خُصوم عليّ فظاهرٌ، وأما أمرُ الشَّيخَين فمُعظِّمٌ لهما بكل حال، فهو شيعيٌّ لا رافضيٌّ
(5)
.
وقال ابن السبكي في الرد عليه أيضًا: ثم أنّى له اطّلاعٌ على باطن الحاكم، حتى يقضي بأنه كان يتعصب للشيعة باطنًا
(6)
.
- ومما يجدر ذكره بصدد الردّ على اتهام الحاكم بالرفض؛ عدة أمور تدلُّ على براءته من ذلك رحمه الله، منها:
1 -
أن الحاكم تكلّم في جماعةٍ من الرافضة، وفي آخرين من غُلاة الشيعة، ولو كان الحاكم رافضيًا لما أقدم على ذلك، ومن هؤلاء:
أ - تليد بن سُليمان، وكان رجل سُوء؛ يشتم أبا بكر وعمر وعثمان
(7)
، وقد قال
(1)
"المعجم المختص بالمحدثين" ص 303.
(2)
"المغني في الضعفاء"(5700).
(3)
"سير أعلام النبلاء" 16/ 358.
(4)
رواه عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 9/ 98.
(5)
"تذكرة الحفاظ" 3/ 1045.
(6)
"طبقات الشافعية" 4/ 164.
(7)
"تهذيب الكمال" للمزي 4/ 322.
عنه الحاكم: رديء المذهب، منكر الحديث، روى عن أبي الجَحّاف أحاديث موضوعةً، كذبه جماعةٌ من أئمتنا
(1)
. كذا قال فيه الحاكم، مع أن الإمام أحمد بن حنبل قال عنه في رواية أبي بكر المَرُّوذي: كان مذهبه التشيع. ولم ير به بأسًا
(2)
، وروى أبو بكر الأثرم عن الإمام أحمد قوله: كتبتُ عنه حديثًا كثيرًا عن أبي الجحاف
(3)
. قلنا: فلو كان الحاكم رافضيًا، لتشبّث بقولي الإمام أحمد هذين في حق هذا الرجل، ولكن الحاكم ما كان ليدع قول أئمة الحديث الذين تبين لهم من حال تليد هذا ما يوجب التنكب عن حديثه، فهو بريءٌ من الرفض بلا شكٍّ.
وقد خَرّج الحاكم لتليد هذا في "المستدرك"
(4)
حديثًا من رواية الإمام أحمد بن حنبل عنه، وحسّنه؛ لأجل رواية الإمام أحمد بن حنبل له عن تليد، وقد أودعه الإمام أحمد في "مسنده"
(5)
، فكأن أحمد انتخبه له دون سائر رواياته، وكذلك فعل الحاكم، فلا اعتراض عليه، وروى له الحاكم حديثًا آخر في "فضائل فاطمة الزهراء"
(6)
فيه ذمُّ الرافضة، وقد ترجّح لدى الحاكم صحة رواية تليد لذلك الخبر، لأنه روى خبرًا يخالف مُعتقده، ولأجل ذلك خرج حديثه، ولم يُخرّج له غير ذينك الحديثين، وهذا من تمام تحقيق الحاكم وتمحيصه واحتياطه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فهو يرى رداءة مذهب تليد في الجملة كما ذكرنا عنه.
ب - أبو الصَّلْت عبد السلام بن صالح الهروي، الذي قال عنه الذهبي: شيخ الشيعة، فقد قال عنه الحاكم: روى عن حماد بن زيد وأبي معاوية وعباد بن العوام
(1)
"المدخل إلى الصحيح" 1/ 154 ترجمة (29).
(2)
"العلل ومعرفة الرجال" رواية المَرُّوذي وغيره ترجمة (189).
(3)
"تهذيب الكمال" 4/ 322.
(4)
"المستدرك"(4764).
(5)
"المسند" 15 / (9698).
(6)
"فضائل فاطمة الزهراء"(228).
وغيرهم أحاديثَ مناكير
(1)
. وبيَّن ابن عدي أن مناكيره في أحاديث يرويها في فضل أهل البيت
(2)
. هذا مع أن ابن معين كان يذهب إلى توثيقه، فلو كان أبو عبد الله الحاكم رافضيًا، لتمسّك بقول ابن معين هذا وأطلق توثيقه، لكنه لم يخرج له سوى حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أنا مدينةُ العلم وعليٌّ بابُها"
(3)
، وذلك لأنَّ يحيى بن معين قد ثبّته في هذا الحديث فيما رواه عنه الحاكم نفسه.
ج- إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، فقد روى الحاكم عن يحيى بن معين قوله فيه: كان جَهميًا رافضيًا
(4)
. ثم ذكر الحاكم أن إبراهيم هذا ليس بالقوي عندهم
(5)
.
كذلك قال فيه، مع أن الإمام الشافعي كان حسن الرأي فيه، ووثقه، فلو كان الحاكم رافضيًا لتشبث بقول الشافعي في حقِّ هذا الرجل، وذهب فيه مذهبَه، ولكن الحاكم ما كان ليذر قول أئمة الحديث الطاعنين في ابن أبي يحيى الأسلمي هذا، لما تبيَّن لهم من حاله ما لم يتبين للإمام الشافعي، فدل ذلك على إنصاف الحاكم واحتياطه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس برافضي كما انّهم بذلك.
د -أبو بكر أحمد بن محمد بن السَّرِيّ بن يحيى بن أبي دارم، وهذا شيخ الحاكم، لكن قال فيه: رافضيٌّ غير ثقة
(6)
، هكذا قدَّم وصفه بالرفض على سبيل الذّمِّ له، فدل ذلك على أن الحاكم لا يرتضي الرفض، فضلًا عن أن يكون هو رافضيًا.
وقد خرج له في "المستدرك" أحاديث صححها، وأغلبها مما لم ينفرد بها ابن أبي دارم، فكثيرًا ما يقرنه الحاكم - بحسب استقرائنا - بغيره ليؤكد على عدم تفرده
(1)
"المدخل إلى الصحيح" 1/ 197 ترجمة (139).
(2)
"الكامل في الضعفاء" 5/ 331.
(3)
"المستدرك"(4687).
(4)
"معرفة علوم الحديث" ص 107.
(5)
"سؤالات السجزي للحاكم"(262).
(6)
نقله عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 578.
برواياته تلك، وأنه لا نكارة فيها.
هـ - وروى الحاكم عن أبي مسلم البغدادي قوله: عبيد الله بن موسى من المتروكين؛ تركه أبو عبد الله أحمد بن حنبل لتشيُّعه، وقد عُوتب أحمد بن حنبل على روايته عن عبد الرزاق، فذكر أنه رَجَع عن ذلك
(1)
. قلنا: لم يرو الحاكم مثل هذا إلا وهو يرى أن الغُلوّ في التشيُّع أمر مذموم، إذ كان عُبيد الله بن موسى غاليًا في التشيع، على أن الشيخين البخاري ومسلمًا قد احتجا جميعًا بعبيد الله بن موسى هذا، إذ كان ثقة حافظًا، وتخيَّرا له من حديثه ما لا نكارة فيه، والحاكم كذلك قد احتج بعبيد الله بن موسى، ومع ذلك نقل هذا القول عن الإمام أحمد، فلو كان الحاكم رافضيًا لما نقله، بل يتجاهله ويطوي ذكره، والله تعالى أعلم.
2 -
ما خرَّجه من حديث حذيفة بن اليمان في فضل الصاحبين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكرٍ وعُمر"، وقوله بعد الحديث: هذا حديث مِن أجلَّ ما رُوي في فضائل الشيخين
(2)
. ففي تخريج الحاكم لهذا الحديث الذي يكاد يكون نصًا في خلافة الصاحبين، ثم في قوله هذا الذي ذكره بإثر الحديث، ما يدفع عنه تهمة الرفض دون أدنى شكٍّ.
وكذلك ما ذكره في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه من أخبارٍ مما يَرُدُّ به أهلُ السُّنة على من يدم عثمان من الشيعة والروافض، ومن ذلك ما رواه عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي من قوله: لما حُصِرَ عثمان بن عفان أشرف عليهم من فوق داره، ثم قال: أُذكِّرُكم الله، هل تعلمون أنَّ رُوْمَةَ لم يكن يشرب منها أحدٌ إلَّا بثمن، فابتعتها من مالي فجعلتُها للغني والفقير وابن السبيل؟ قالوا: نعم. فلا شك أن مَن يُخرج مثل هذا الخبر بريء من تلك التهمة بيقين.
3 -
وكذلك ما ذكره من مناقب الصحابة الذين كانوا يوم الجمل وصفين فيمن
(1)
نقله عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 36/ 189.
(2)
"المستدرك"(4500 - 4504).
قاتل عليًا رضوان الله تعالى عنهم أجمعين بسبب ما حصل من الفتنة، كعائشة أم المؤمنين وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو وحبيب بن مسلمة الفهري والضحاك بن قيس. ومن يذكر مناقب هؤلاء لا شكّ ببراءته ببراءته من تهمة الرفض والغلو في التشيع.
4 -
ولما ذكر الحاكم أبا هريرة الدوسي الذي تبغضه غُلاةُ الشيعة، أثنى عليه ثناء عظيمًا، ووصفه بأحسن وصف، فقال: وأنا ذاكر بمشيئة الله عز وجل في هذا رواية أكابر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين عن أبي هريرة، فقد روى عنه
…
وذكرهم، ثم قال: رضي الله عنهم أجمعين، فقد بلغ عدد من روى عن أبي هريرة من الصحابة ثمانية وعشرين رجلًا، فأما التابعون فليس فيهم أجلُّ ولا أشهر وأشرفُ وأعلمُ من أصحاب أبي هريرة، وذكرهم في هذا الموضع يَطول لكثرتهم، والله يعصِمُنا من مخالفة رسول رب العالمين، والصحابة المنتجبين، وأئمة الدين من التابعين، ومَن بَعدَهم من أئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، في أمر الحافظ علينا شرائعَ الدِّين، أبي هريرة رضي الله عنه
(1)
.
فهذا الكلام الذي قاله الحاكم في أبي هريرة في الثناء عليه وعلى أصحابه، لهو الأدلة القاطعة على براءة الحاكم من تهمة الغلو في التشيع.
5 -
على أن الرافضة يذهبون فيما يعتقدون إلى أن علي بن أبي طالب راجعٌ مرةً أخرى إلى الدنيا، كما هو معلوم من مُعتقَدِهم منذ مُبتدأ شأنهم
(2)
، وقد أخرج الحاكم في "مستدركه" عن الحسن بن علي بن أبي طالب، وقيل له: إن هذه الشيعة يزعمون أنَّ عليًّا مبعوثٌ قبل يوم القيامة، قال: كذبوا، والله ما هؤلاء بشيعة، لو علِمْنا أنه مبعوثٌ ما زَوِّجْنا نِساءَه، ولا اقتسمنا مالَه، وروى نحوه عن ابن عباس. فلو كان الحاكم رافضيًا لتنكب عن ذكر هذين الخبرين عن الحسن بن علي وابن
(1)
"المستدرك" بإثر (6300).
(2)
"مقالات الإسلاميين" لأبي الحسن الأشعري 1/ 54.
عباس، ولكن الرجل يرى هذا المذهب مذهبًا مذمومًا، وفي ذلك ما يبرئه من الرفض كما لا يخفى على كل ذي إنصاف وبصيرة.
بقي أن الحاكم رحمه الله تعالى كان ميالًا لعليّ رضي الله عنه، ويحمل في قلبه على خصومه، ومثل هذا يعدُّ تشيُّعًا خفيفًا كما وصفه به الذهبي فيما قدّمناه عنه، وليس مثل ذلك مما يؤثِّر في الحكم على الرجل، ولا ما يغُضُّ من شأنه ومقداره؛ فقد كان التشيُّع - على هذا المعنى - في تلك الحقب الأولى مذهبًا لعدد من الحفاظ والمحدثين، ولم يكن هو وحده سببًا للجرح في الرواية عند الجمهور من نقاد الحديث ورواته ممن سلك مسلك الاعتدال في الحكم على الرجال، اللهم إلا أن يظهر من صاحبه كذب متعمَّد، أو يكون صاحبه ضعف بسبب آخر متعلق بضبط الرواية، فيكون ضعفه بسبب ذلك لا بسبب التشيع؛ وهذا معنى قول البخاري لما سئل عن أبي غسان، فقال للسائل: عَمَّاذا تسأل؟ قلت: شأنه في التشيع، فقال: هو على مذهب أهل بلده، ولو رأيتُم عُبيد الله بن موسى وأبا نُعيم و وجميع مشايخنا الكوفيين لما سألتمونا عن أبي غسان
(1)
. قال الذهبي: وقد كان أبو نعيم وعبيد الله مُعظَّمين لأبي بكر وعمر، وإنما ينالان من معاوية وذويه
(2)
.
وقد كانت الكوفة في تلك الحقبة كما يقول الذهبي: تغلي بالتشيع وتفُور، والسُّني فيها طرفة
(3)
.
وهذا معنى قول أبي عبد الله بن الأخْرَم أيضًا لما سئل عن الفضل بن محمد الشَّعراني، فقال: صدوق، إلا أنه كان غاليًا في التشيع، قيل له: فقد حدّث عنه في "الصحيح"! قال: لأن كتاب مسلم ملآنٌ من حديث الشِّيعة
(4)
.
(1)
نقله عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 432 و 16/ 373.
(2)
المصدر السابق 10/ 432.
(3)
"تذكرة الحفاظ" 3/ 840
(4)
نقله عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 6/ 792.
6 -
وقد ميّز الذهبي بين الرافضة وبين غيرهم من الشيعة بقوله: كل من أحبّ الشيخين فليس بغالٍ في التشيع، ومن تكلم فيهما فهو غالٍ رافضيٌّ
(1)
. قلنا: ولا شك أن الإمام الحاكم رحمه الله من الفريق الأول الذي يعظم الشيخين رضي الله عنهما وأرضاهما، ولهذا قدّم ذكر مناقبهما في "مستدركه" على مناقب علي بن أبي طالب، كما نبّه عليه ابن السبكي فيما أوردناه عنه، ثم أورد الحاكم في "المستدرك" ما يشير إلى تقديم النبي صلى الله عليه وسلم لهما ولعثمان بن عفان من بعدهما على سائر الصحابة في عدة أخبار، مما يكاد يكون نصًا في خلافتهم - على حد تعبير ابن السُّبكي - فبطل بيقين اتهامُ الحاكم بالرفض أو الغُلُوّ في التشيع، وأنه إن كان عليه شيء من ذلك فهو ميله لعليّ رضي الله عنه، وحمله في قلبه على خصومه في زمن المحنة ولا سيما معاوية رضي الله عنه وعن سائر الصحابة، ولكن من غير إطالة اللسان فيهم وشتمهم، على نحو ما كان عليه أهل الرفض وأهل الغُلوّ في التشيُّع.
*ولعل سائلًا يقول: هل ثمة سببٌ أدّى بالحاكم إلى ذلك الميل لعلي بن أبي طالب على هذا النحو؟
والجواب عن ذلك يمكن استنتاجه من خلال ما أفصح به الحاكم رحمه الله في مقدمته لكتابه "فضائل فاطمة الزهراء"، حيث قال: إن زماننا قد خلَّفَنا في رُعاة يتقرّبُ الناسُ إليهم ببغض آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والوضع منهم، فكل من يتوسل إليهم فتوسله بذكر الآل بما قد نزَّهَهُم الله عنه، وإنكار كلِّ فضيلةٍ تذكر من فضائلهم، والله المستعان على ذلك.
ثم تحدث الحاكم عن سبب تصنيفه لتلك الرسالة، فقال: مما حملني على تحرير هذه الرسالة أن حضرت مجلسًا حضره أعيان الفقهاء والقضاة والأمناء من المُزكِّين وغيرهم، وجرى بحضرتهم ذكرُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فانتَدَب له عينٌ من أعيان الفقهاء، فقال: كان عليٌّ لا يحفظ القرآن!! وهذا
(1)
المصدر السابق 7/ 339.
الشَّعْبيّ قد نصّ عليه، فقلتُ: أوغير هذا؟! فإن الصحابة الذين هم أعلمُ بذلك من الشعبي قد شهدوا له بحفظ القرآن، وهذا أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السُّلَمي، سيد القراء من التابعين، قرأ عليه، وله عنه حرفٌ مُجوّد، قال: الشعبي أعرفُ به من غيره
…
قال: ثم جرى في المجلس ذكر بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: زينب ورقية وأم كلثوم، فقال بعضهم: إن الرواة لينكرون أنهن بنات خديجة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: هنَّ بناتها منه، إلا أن ذكر فاطمة رضي الله عنها في الأخبار أشهر، وفضائلها في الروايات أكثر
…
ثم ذكر الحاكم كلامًا آخر حصل في ذلك المجلس وغيره مما يتعلق بهذا الموضوع
(1)
.
فكأن الحاكم رحمه الله تعالى لما شاع في زمانه ذلك التحامل على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك كل الاستخفاف بشأن علي بن أبي طالب، سبب ذلك الأمر لديه رَدّة فعل قويةً، وبرزت لديه غَيرةٌ شديدة على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فانبرى للدفاع عن أهل البيت الكرام، مبينًا فضائلهم وما امتازوا به عن غيرهم من الناس، مما لا يخالفه فيه أهل السنة والجماعة، ولا سيما علي بن أبي طالب الذي يُقِرُّ أهل السُّنّة بفضائله الجليلة، ولا ينكرونها، ومع ذلك فقد كان أهل النَّصب يُوجهون إليه سهام العداوة والبغضاء، ويتهمونه بما لا تصح نسبته إليه، ولم يُراعُوا له شرف الصحبة ولا القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ميل الحاكم لعليّ إذا ردة فعل ضد ذلك التوجه الناصبي الذي ساد في زمانه، والله تعالى أعلم.
-
وفاة الإمام الحاكم:
وبعد حياة حافلة بذلك العطاء العلمي المتميز الذي طبع اسم الإمام الحاكم في
(1)
"فضائل فاطمة الزهراء" ص 30 - 31.
ذاكرة التراث الإسلامي، وقع به القدر المحتوم فدعاه ربُّه إلى جواره، وذلك في ثالث صفر سنة خمس وأربع مئة يوم الأربعاء، حيث دخل الحمام واغتسل وخَرَج، فقال: آه، فقبضت روحه وهو مُتزِرٌ لم يلبس قميصه بعد، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري، رحمه الله تعالى
(1)
.
(1)
"سير أعلام النبلاء" 17/ 173، و "طبقات الشافعية" 4/ 161.
الفصل الثاني كتاب "المستدرك على الصحيحين"، والقيمة العلمية لتصحيح الحاكم لدى العلماء، والمنهج الذي سار عليه فيه
في هذا الفصل سنتحدث عن كتاب "المستدرك على الصحيحين"، والقيمة العلمية لتصحيح الحاكم لدى العلماء، مع بيان منهج الحاكم الذي سار عليه في الكتاب، وما أُخِذ عليه فيه في الجُملة، ثم نذكر عناية العلماء بالكتاب.
ثم نتكلم بعد ذلك عن أصول "المستدرك" الخطية التي اعتمدناها في تحقيقه، خطتنا في تحقيق الكتاب، وما تميزت به طبعتنا هذه عن سائر طبعات الكتاب السابقة، والله ولي التوفيق.
المبحث الأول كتاب "المستدرك على الصحيحين"، والقيمة العلمية لتصحيح الحاكم لدى العلماء، مع بيان المنهج الذي سار عليه في الكتاب، وما أُخِذ عليه فيه في الجُملة، وعناية العلماء بالكتاب
المطلب الأول: كتاب "المستدرك على الصحيحين"، والقيمة العلمية لتصحيح الحاكم لدى العلماء:
هذا هو الاسم الذي يُعرف به الكتاب، وكذلك سماه تلميذه أبو حازم العبدوي لما سرد مؤلفات الحاكم
(1)
، وكذلك سماه البيهقي في عددٍ من أسانيده مما يرويه عن أبي عبد الله الحاكم، فيقول: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب "المستدرك"
(2)
.
يعد كتاب "المستدرك" كما قدمنا ديوانًا مهمًا من دواوين السنة النبوية المطهرة التي لا يمكن لأهل الحديث الاستغناء عنها بحال من الأحوال، لما يشتمل عليه من نفائس الروايات التي لا تكاد تجدها في غيره، وفيها من الفوائد ما لا يخفى على كل ذي بصيرة بهذا الفن، ذلك أن الأئمة الذين تقدموه ممن صنف في الصحيح لم يَستوعبوا الروايات الصحيحة، كما صرحوا بذلك هم أنفسهم.
فقد قال البخاري: ما أدخلتُ في هذا الكتاب إلا ما صح، وتركتُ من الصحاح كي لا يطول الكتاب
(3)
.
ولما اعترض على الإمام مسلم بأنه ترك باقي الصحيح، اعتذر قائلًا: إنما قلتُ: صحاحٌ، ولم أقل: ما لم أخرجه ضعيفٌ، وإنما أخرجتُ هذا من الصحيح، ليكون
(1)
نقله عنه ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص 228.
(2)
انظر مثال ذلك "السنن الكبرى" 2/ 281 و 318 و 3/ 355.
(3)
أسنده عنه ابن عدي في "أسامي من روى عنهم محمد بن إسماعيل البخاري من مشايخه" ص 62.
مجموعًا لمن يكتبُه
(1)
.
وفي هذين القولين ردٌّ على ما قاله أبو عبد الله بن الأخْرَم، حيث ذكر كلامًا معناه: قَلَّ ما يفوتُ البخاريَّ ومسلمًا مما يثبت من الحديث
(2)
.
وقد ظهر جليًّا في الواقع التطبيقي أيضًا أن في غير "الصحيحين" زيادة عليهما من الأحاديث والروايات الصحيحة الشيء الكثير، فقد صنف في الصحيح جماعة جاؤوا بعد البخاري ومسلم، كابن الجارود وابن خزيمة وابن السكن وابن حبّان وغيرهم، فزادوا على ما ذكره الشيخان أحاديث أخرى، ثم جاء الدارقطني ليلزم الشيخين إخراج أحاديث تركاها مع أنها على شرطهما في كتاب سماه "الإلزامات"، وصنيع الدارقطني هذا -وإن كان محل نظر عند علماء هذه الصناعة، لكون الشيخين قد نَصا كما تقدم على عدم استيعاب الصحيح أصلًا- يفيدنا بأنه يوجد على شرطهما أحاديثُ زيادة على ما في "صحيحيهما"، وكذلك الحال في صنيع الحاكم في "المستدرك على الشيخين" - مع كونه مُتعقّبًا عليه من هذه الحيثية بنحو ما تُعقب به على الدارقطني - يفيدنا أيضًا بوجود زيادة على ما في "الصحيحين" من الأحاديث الصحاح.
وذهب ابن الصلاح إلى تقرير هذا الأمر مبينًا إياه أحسن بيان، فقال: إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث، كأبي داود السجستاني، وأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي بكر بن خزيمة، وأبي الحسن الدارقطني، وغيرهم؛ منصوصًا على صحته فيها، ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودًا في كتاب أبي داود، وكتاب الترمذي، وكتاب النسائي، وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره.
(1)
نقله عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 12/ 571.
(2)
أسنده عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 91.
ويكفي مجرد كونه موجودًا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب ابن خزيمة، وكذلك ما يوجد في الكتب المُخرَّجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم، ككتاب أبي عوانة الإسفراييني، وكتاب أبي بكر الإسماعيلي، وكتاب أبي بكر البرقاني، وغيرها، من تتمةٍ لمحذوف، أو زيادة شرح في كثير من أحاديث "الصحيحين"
(1)
.
وينطبق مثلُ ذلك أيضًا على كتاب "المستدرك"، فقد قال ابن الصلاح:"المستدرك على الصحيحين" للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير، يشتمل مما فاتهما على شيء كثير، وإن يكن عليه في بعضه مقال، فإنه يصفو له منه صحيحٌ كثيرٌ
(2)
.
وقد أكد على ذلك ابن حجر العسقلاني، حيث قال: إن كتاب "المستدرك" للحاكم كتاب كبير جدًا، يصفو له منه صحيح كثيرٌ زائدٌ على ما في "الصحيحين"، وهو مع حرصه على جمع الصحيح الزائد على "الصحيحين" واسع الحفظ، كثير الاطلاع، غزير الرواية، فيبعد كل البعد أن يوجد حديثٌ بشرط الصحة لم يُخرّجه في "مستدركه"
(3)
.
لكن خالف في ذلك النووي، فقال: إن الحاكم اعتنى بضبط الزائد عليهما، وهو متساهل، فما صححه ولم نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحًا ولا تضعيفًا، حكمنا بأنه حسن إلَّا أن يظهر فيه علةٌ توجب ضعفه
(4)
.
وهذا الإطلاق من النووي بالاكتفاء بالحكم بحُسن ما صححه الحاكم مما لم يسبقه غيره إلى ذلك مع كونه ليس فيه علةٌ تُوجب ضعفه، فيه مجازفة وإسراف، وذلك أن جملةً لا بأس بها من الأحاديث مما صححه الحاكم يبلغ درجة الصحة
(1)
"مقدمة ابن الصلاح" ص 21.
(2)
المصدر السابق ص 20.
(3)
"النكت على ابن الصلاح" 1/ 272.
(4)
انظر "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" 1/ 111.
العليا حقيقةً.
وعلى فرض أن كثيرًا منها يبلغ درجة الحسن وحسب، فليس ذلك بمعارض لتصحيح الحاكم لها، وذلك لأن الحاكم لا يجعل الحَسنَ قَسيمًا للصحيح أصلًا، ولكنه يجعله من قسم الصحيح، قال ابن الصلاح: من أهل الحديث من لا يُفرد نوع الحسن ويجعله مندرجًا في أنواع الصحيح؛ لاندراجه في أنواع ما يُحتجُّ به، وهو الظاهر من كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في تصرُّفاته
(1)
. قلنا: وهذا ما ظهر لنا لدى عملنا في الكتاب، بخلاف النووي فإنه - كما هو معلوم - ممن يذهب إلى التفريق بين الحسن والصحيح
(2)
.
وقال محمد بن جعفر الكتّاني: ومذهب الحاكم إدراج الحسن في الصحيح، لكن هذا كله اصطلاح له ولا مشاحّة فيه
(3)
.
وأقرب بُرهان على كون الحاكم لا يفرق بين الصحيح والحسن، ويحكم على الكل بالصحة: أنه صحح أسانيد عدة أحاديث، ثم أعقبها بالحكم على بعض رواتها بوصف "صدوق"، لدفع توهُّم ما قد يُتوهّم من ضعف ذلك الراوي، مع أن الصدوق في اصطلاح المتأخرين من المُحدِّثين حديثه حَسنُ لا صَحيحُ، والمُطالع لكتاب "المستدرك" يجد مصداق هذا الذي قلناه. نعم، هو يُفرّق بين ما كان على شرطهما أو أحدهما وبين ما يصحح إسناده مطلقًا مما فيه رجلٌ صدوق، كما يشهد بذلك قوله بإثر حديث: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وفي إسناده عمر ابن الحسن، وأرجو أنه صدوق، ولولا ذلك لحكمتُ بصحته على شرط الشيخين.
(1)
"مقدمة ابن الصلاح" ص 110.
(2)
فقد فرّق في كتابه في علوم الحديث -وهو "التقريب"- بين النوعين، ثم ختم ذلك بقوله: ثم الحسن كالصحيح في الاحتجاج به، وإن كان دونه في القوة، ولهذا أدرجَتْه طائفةٌ في نوع الصحيح. انظر "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" 1/ 171.
(3)
"الرسالة المستطرفة" ص 22 - 23.
وقوله في حديث آخر: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأبو عثمان هذا هو مولى المغيرة، وليس بالنَّهدي، ولو كان النَّهديَّ لحكمتُ بصحته على شرط الشيخين.
وفي هذا حجةٌ على النووي أيضًا فيما يقتضيه كلامه من أنه ليس فيما صححه الحاكم حديث على شرطهما أو أحدهما، بل الصحيح أن في "المستدرك" أحاديثَ على شرط الشيخين، وأخرى على شرط أحدهما، فعنده من الصحيح زيادةٌ على ما في "الصحيحين" بشرطهما أو شرط أحدهما حقيقةً، كما يفيده كلام ابن الصلاح وابن حجر اللذين قدمناهما، وبنحو قولهما قول الذهبي أيضًا في مقالته الآتي ذكرها في الرد على الماليني، وكلام هؤلاء في هذا الباب أوثق وأقوم، لأنهم في هذا العلم أقعد وأكثر درايةً وتحقيقًا من النووي، كما هو معلوم لدى العارفين بهذه الصناعة.
ثم وقفنا على عبارة لابن الصلاح قريبة من عبارة النووي التي قدمناها، فكأن النووي قد أخذها منه، ثم صاغها بما يتفق مع وجهته التي ولاها، فاختصر بعض حروف عبارة ابن الصلاح، فإن ابن الصلاح قال في كلامه عن الحاكم: وهو واسعُ الخطو في شرط الصحيح، متساهل في القضاء به، فالأولى أن تتوسط في أمره، فنقول: ما حكم بصحته، ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة، إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن، يحتج به ويعمل به، إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه. انتهى، وعبارة ابن الصلاح هذه هي الأقربُ والأليق بحال تصحيح الحاكم، إذ مقتضى كلامه إثبات وجود الصحيح والحسن في أحاديث الحاكم، وهذا هو التحقيق.
وقد ذهب أبو سعد الماليني في حكمه على أحاديث "المستدرك" إلى أبعد مما ذهب إليه النووي، حيث قال: طالعتُ كتاب "المستدرك على الشيخين" الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أرَ فيه حديثًا على شرطهما
(1)
.
فردَّ عليه الذهبي بقوله: هذه مُكابَرَةٌ وغُلُوُّ، وليست رتبه أبي سعد أن يَحكُم
(1)
أسنده عنه محمد بن طاهر المقدسي في "المنثور من الحكايات والسؤالات"(8).
بهذا، بل في "المستدرك" شيءٌ كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقلُّ، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها عللٌ خَفيّة مُؤثّرة، وقطعةٌ من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مَناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردتُ منها جزءًا، وحديث الطير بالنسبة إليها سماءٌ، وبكل حالٍ فهو كتابٌ مفيدٌ قد اختصرته، ويُعوز عملًا وتحريرًا
(1)
.
وقد أورد ابن حجر كلام الذهبي هذا في الرد على الماليني، ثم قال: وهو كلام مجمل يحتاج إلى إيضاح وتبيين، من الإيضاح أنه ليس جميعه كما قال، فنقول: ينقسم "المستدرك" أقسامًا، كل قسم منها يمكن تقسيمه:
الأول: أن يكون إسنادُ الحديث الذي يُخرجه محتجًا برواته في "الصحيحين" أو أحدهما على صورة الاجتماع، سالمًا من العلل، واحترزنا بقولنا: على صورة الاجتماع، عما احتجا برواته على صورة الانفراد، كسفيان بن حسين عن الزهري، فإنهما احتجا بكل منهما، ولم يحتجا برواية سفيان بن حسين عن الزهري؛ لأنَّ سماعه من الزهري ضعيف دون بقية مشايخه، فإذا وُجِد حديث من روايته عن الزهري لا يُقال: على شرط الشيخين؛ لأنهما احتجا بكل منهما، بل لا يكون على
(1)
"سير أعلام النبلاء" 17/ 176. وعبارة الذهبي هنا أضبط من عبارته التي قالها في "تاريخ الإسلام"، 9/ 98 - 99، حيث قال: في هذا "المستدرك" جملة وافرة على شرطهما، وجملة كبيرة على شرط أحدهما، لعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب، وفيه نحو الربع مما صح سنده، وفيه بعض الشيء أو له علةٌ، وما بقي وهو نحو الربع، فهو مناكير وواهيات لا تصح، وفي بعض ذلك موضوعات، قد أعلمتُ لما اختصرت هذا "المستدرك"، ونبّهتُ على ذلك. لأنَّ كتاب "السير" من آخر مصنفات الحافظ الذهبي، أي: بعد أن خاض غمار دراسة الحديث ورجاله، وأمضى سنين طويلة من البحث والتحقيق والمراجعة، ولهذا فإن تقريراته فيه وتحقيقاته لا شك أنها أضبط مما في كتبه السابقة، والله تعالى أعلم.
شرطهما إلَّا إذا احتجا بكل منهما على صورة الاجتماع.
وكذا إذا كان الإسناد قد احتج كلٌّ منهما برجل منه، ولم يحتج بآخَرَ منه، كالحديث الذي يروى من طريق شعبة مثلًا سماك عن بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فإن مسلمًا احتج بحديث سماك إذا كان من رواية الثقات عنه، ولم يحتج بعكرمة، واحتج البخاري بعكرمة دون سماك، فلا يكون الإسناد والحالة هذه على شرطهما، فلا يجتمع فيه صورة الاجتماع، وقد صرّح بذلك الإمام أبو الفتح القشيري وغيره.
واحترزتُ بقولي: أن يكون سالمًا من العلل، بما إذا احتجا بجميع رواته على صورة الاجتماع إلا أن فيهم من وصف بالتدليس، أو اختلط في آخر عمره، فإنا نعلم في الجملة أن الشيخين لم يخرجا من رواية المدرّسين بالعنعنة إلا ما تحققا أنه مسموع لهم من جهة أخرى، وكذا لم يخرجا من حديث المختلطين عمن سمع منهم بعد الاختلاط إلا ما تحققا أنه من صحيح حديثهم قبل الاختلاط، فإذا كان كذلك لم يجز الحكم للحديث الذي فيه مدلّس قد عنعنه، أو شيخ سمع ممن اختلط بعد اختلاطه، بأنه على شرطهما، وإن كانا قد أخرجا ذلك الإسناد بعينه، إلا إذا صرّح المدلس من جهة أخرى بالسماع، وصح أن الراوي سمع من شيخه قبل اختلاطه، فهذا القسم يوصف بكونه على شرطهما أو على شرط أحدهما، ولا يوجد في "المستدرك" حديث بهذه الشروط لم يخرجا له نظيرًا أو أصلًا إلا القليل
(1)
.
نعم، وفيه جملة مُستكثَرةٌ بهذه الشروط، لكنها مما أخرجها الشيخان أو أحدهما استدركها الحاكم واهمًا في ذلك ظنًا أنهما لم يخرجاها.
القسم الثاني: أن يكون إسناد الحديث قد أخرجا لجميع رواته لا على سبيل الاحتجاج، بل في الشواهد والمتابعات والتعاليق أو مقرونًا بغيره، ويلحق بذلك ما
(1)
سيذكر الحافظ ابن حجر في آخر كلامه المنقول عنه أن الذي يَسلَم من "المستدرك" على شرطهما أو شرط أحدهما مع الاعتبار الذي حرّره دون الألف حديث. فهذا تفسير مراده هنا بالقليل.
إذا أخرجا لرجل وتجنّبا ما تفرّد به أو ما خالف فيه، كما أخرج مسلم من نسخة العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ما لم ينفرد به، فلا يَحسُن أن يقال: إن باقي النسخة على شرط مسلم؛ لأنه ما خرج بعضها إلا بعدما تبين له أن ذلك مما لم ينفرد به، فما كان بهذه المثابة لا يلحق أفراده بشرطهما، وقد عقد الحاكم في كتاب "المدخل" بابًا مستقلًا ذكر فيه من أخرج له الشيخان في المتابعات، وعدد ما أخرجا من ذلك، ثم إنه مع هذا الاطلاع يخرج أحاديث هؤلاء في "المستدرك"، زاعمًا أنها على شرطهما!
ولا شك في نزول أحاديثه عن درجة الصحيح، بل ربما كان فيها الشاذُّ والضعيف، لكن أكثرها لا ينزل عن درجة الحسن، والحاكم وإن كان ممن لا يفرّق بين الصحيح والحسن، بل يجعل الجميع صحيحًا تبعًا لمشايخه، كما قدمناه عن ابن خزيمة وابن حبان، فإنما يُناقش في دعواه أن أحاديث هؤلاء على شرط الشيخين أو أحدهما. وهذا القسم هو عُمدة الكتاب.
القسم الثالث: أن يكون الإسناد لم يخرجا له لا في الاحتجاج ولا في المتابعات، وهذا قد أكثر منه الحاكم، فيخرج أحاديث عن خلق ليسوا في الكتابين ويُصححها، لكن لا يدعي أنها على شرط واحدٍ منهما، وربما ادعى ذلك على سبيل الوهم، وكثير منها يُعلّق القول بصحتها على سلامتها من بعض رواتها، كالحديث الذي أخرجه من طريق الليث عن إسحاق بن بزرج عن الحسن بن علي، في التزيين للعيد. قال في إثره لولا جهالة إسحاق لحكمتُ بصحته
(1)
. وكثير منها لا يتعرّض للكلام عليه أصلًا، ومن هنا دخلت الآفة كثيرًا فيما صححه، وقل أن تَجِدَ في هذا القسم حديثًا يلتحق بدرجة الصحيح، فضلًا عن أن يرتفع إلى درجة الشيخين، والله أعلم.
ومن العجيب ما وقع للحاكم أنه أخرج لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال
(1)
"المستدرك"(7751).
بعد روايته: هذا صحيح الإسناد، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن
(1)
، مع أنه قال في كتابه الذي جمعه في الضعفاء
(2)
: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعةً لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه.
وقال في آخر هذا الكتاب: فهؤلاء الذين ذكرتُهم قد ظهر عندي جَرحُهم؛ لأن الجرح لا أستحِلُّه تقليدًا. انتهى، فكان هذا من عجائب ما وقع له من التساهل والغفلة، ومن هنا يتبين صحة مقالة ابن الأخرم التي قدمناها، وأن قول المؤلف (يعني به ابن الصلاح): أنه يصفُو له منه صحيح كثيرٌ، غير جيد، بل هو قليل بالنسبة إلى أحاديث الكتابين؛ لأن المكرر يقرب من ستة آلاف، والذي يسلم من "المستدرك" على شرطهما أو شرط أحدهما مع الاعتبار الذي حرّرناه دون الألف، فهو قليل بالنسبة إلى ما في الكتابين، والله أعلم
(3)
.
كذا قال الحافظ ابن حجر، وفي بعض تفاصيله التي ذكرها مناقشات:
1 -
فاعتراضه في شأن التصحيح على شرط الشيخين أو أحدهما يدور -كما هو واضح- على كون الرجال الذين يصحح الحاكم أحاديثهم على شرط الشيخين أو أحدهما، هم أعيانهم رجال الشيخين، وذلك مبنيٌّ على ما فهمه بعض العلماء، ومنهم ابن حجر، من مراد الحاكم في قوله الذي ذكره في مقدمة "المستدرك": أنه يذكر فيه أحاديث رجال احتجَّ بمثلها الشيخان، فإن ابن حجر يذهب في ذلك إلى قول ابن الصلاح والنووي وابن دقيق العيد وغيرهم في أن مراد الحاكم "بمثلها" أعيانُ الرواة، فعلى هذا يُخطّئون الحاكم بتصحيحه على شرط الشيخين أو أحدهما أحاديثَ لرجالٍ لم يُخرِّج لهم الشيخان، ولكنهم مُنازَعون في ذلك بأن مراده بالمِثْلية مَن كان نظيرًا لرواة الشيخين في الثقة، وليس أعيان رواة الشيخين،
(1)
"المستدرك"(4274).
(2)
الذي هو في "المدخل إلى الصحيح" له 1/ 180 ترجمة (97).
(3)
"النكت على ابن الصلاح" 1/ 314 - 319.
أو أنه أراد الصنفَين كليهما، كما سيأتي بيانه مفصلًا -إن شاء الله- لدى الحديث عن منهج الحاكم في "المستدرك".
2 -
ثم ما ذكره بأن مَن أخرج لهم الشيخان في المتابعات والشواهد والتعاليق فلا يكون حديثهم على شرط الشيخين أو أحدهما، فهو كلام صحيحٌ، لكن ظهر لنا أن الحاكم كان يذهب في شرط الشيخين إلى ما هو أوسع وأبعد مدى مما حَدَّده به بعض الأئمة بعد الحاكم، كما سيأتي بيانه -إن شاء الله- لدى الحديث عن منهج الحاكم في "المستدرك".
3 -
وأما دعواه: أن إخراج مسلم لبعض نسخة العلاء بن عبد الرحمن وتركه لبعضها الآخر، إنما هو انتقاء لما لم ينفرد به العلاء، فدعوى غير صحيحة؛ فقد أخرج له مسلم عددًا مما انفرد به من الروايات، مثل حديث:"اتقوا اللعانين"، وحديث:"الجرس مزامير الشيطان"، وحديث:"أتدرون ما المفلس"
(1)
، وغير ذلك.
على أنه لو فُرض صحة كون مسلم قد أخرج من هذه النسخة ما لم ينفرد به العلاء، فليُبحَث كذلك عما صححه الحاكم من رواياته، فلعله لم ينفرد به، وقد ظهر لنا من خلال عملنا في الكتاب أنه متابع في أكثر ما رواه له، أو أن له شواهد، فلا يصح بعد ذلك إطلاق القول بأنه لا شك في نزول أحاديثه التي رواها بمثل هذه الأسانيد عن درجة الصحيح، والله تعالى أعلم.
4 -
ثم ما بال الحافظ ابن حجر هنا أطلق القول بذلك مع أنه قبل ذلك بورقات
(2)
وافق ابن الصلاح على أنه يصفو للحاكم صحيح كثير زائد على ما في "الصحيحين"، وأن الحاكم مع حرصه على جمع الصحيح الزائد على "الصحيحين" واسع الحفظ، كثير الاطلاع، غزير الرواية، فيَبعُد كل البعد أن يوجد حديث بشرط الصحة لم يُخرّجه في "مستدركه"! فمقتضى ذلك أن الحافظ يعتد بالحاكم فيما يقوله من
(1)
"صحيح مسلم"(269) و (2114) و (2581).
(2)
"النكت على ابن الصلاح" 1/ 272.
تحقُّق شرط الصحة فيما يُصحِّحُه.
5 -
وقوله كذلك بأنه قلَّ أن تجد في الأحاديث التي في أسانيدها رجالٌ لم يخرج الشيخان لهم لا في الاحتجاج ولا في المتابعات، حديثًا يلتحق بدرجة الصحيح، فقول فيه مجازفة منه رحمه الله، فمن خلال عملنا في الكتاب ظهر لنا أن جملةً من تلك الأحاديث صحيحة أو حسنةٌ لذاتها، وجملةً أخرى مما ضعفها يسير ولها شواهد تقويها، وهذا مما يُلحِقُها بالصحيح عند أهل المعرفة.
6 -
ثم في تصحيحه مقالة ابن الأخرم بحجة ما ذكره من أمثلة على أوهام وقعت للحاكم في تصحيحه لأحاديث مُعَلَّة، فكلام غير متجه؛ فليس مجرد وقوع مثل ذلك من الحاكم مما يصلح دليلًا على صحة قول ابن الأخرم القائل: بأنه قَلَّ ما يفوتُ البخاري ومسلمًا مما يثبت من الحديث، فأين هذا من هذا؟! على أن في تصريح الشيخين أنفسهما بأنهما قد تركا من الصحيح فلم يُودِعاه في كتابيهما، جوابًا كافيًا في الردّ على ابن الأخرم وغيره كما تقدم في بداية هذا المطلب.
وعليه فما قاله الذهبي في شأن "المستدرك" هو أولى الأقوال فيه وأوجهها، وهو ما ظهر لنا من خلال عملنا في الكتاب، فإن في "المستدرك" نصيبًا وافرًا من الأحاديث الصحيحة على شرطهما وونصيبًا وافرًا من الأحاديث الصحيحة والجيدة والحسنة الأسانيد على غير شرطهما، ونصيبًا وافرًا مما ضعفه يسير ينجبرُ بالمتابعات والشواهد، وفيه بعض المناكير التي ضعفُها ظاهرٌ جليٌّ، والله تعالى أعلم.
وقد لخص شيخ الإسلام ابن تيميَّة حال الحاكم في ذلك، فقال: غالب ما يصححه فهو صحيح، لكن هو في المصححين بمنزلة الثقة الذي يكثر غلطه، وإن كان الصواب أغلب عليه
(1)
.
وأحسَنَ الحافظ ابن رجب الحنبلي أيضًا حين ذكر كتاب "المستدرك"، فقال: والتحقيقُ أنه يصفو منه صحيح كثير على غير شرطهما، بل على شرط أبي عيسى
(1)
"قاعدة جليلة في التوسُّل والوسيلة" ص 184.
ونحوه، وأما على شرطهما فلا
(1)
.
وقال صدّيق حسن خان: وقد استدرك الحاكم عليهما أحاديث هي على شرطهما ولم يذكراها، وقد تتبعتُ ما استدركه فوجدتُه قد أصاب من وجه ولم يُصب من وجه؛ وذلك لأنه وجد أحاديث مرويةً عن رجال الشيخين بشرطهما في الصحة والاتصال، فاتجه استدراكه عليهما من هذا الوجه، ولكن الشيخين لا يذكران إلا حديثًا قد تناظر فيه مشايخهما، وأجمعوا على القول به والتصحيح له، كما أشار مسلم حيث قال: لم أذكر هاهنا إلا ما أجمعوا عليه
(2)
.
المطلب الثاني: بيان المنهج الذي سار عليه الحاكم في "المستدرك"، ما له وما عليه:
لقد أراد الحاكم من وراء تصنيفه لهذا الكتاب أن يستدرك على الشيخين أحاديث هي على شرطهما، ومع ذلك تركاها، فلم يورداها في الصحيح، إذ هما لم يقصدا إلى استيعاب ما صحَّ من الحديث في كتابيهما، وقد أشار هو إلى ذلك في مقدمة كتابه هذا، حيث قال: ولم يحكما ولا واحدٌ منهما أنه لم يصح من الحديث غيرُ ما خَرّجه.
إلا أنه لا يُسلَّم له كثير مما زعم بأنه على شرطهما، لتوسعه في ذلك، كما سيأتي، قال الخطيب أبو بكر: أنكر الناسُ على الحاكم أبي عبد الله أحاديث جمعها وزعم أنها صحاح على شرط الشيخين.
قلنا: ولو أنه رحمه الله اكتفى بالحكم عليها بالصحة دون ذكر شرطهما، لكان الخطب أهون وأيسر.
الفرع الأول: الشرط العام للشيخين في تصحيح الحديث على رأي الحاكم:
كان الحاكم قبل تصنيفه كتاب "المستدرك" قد بيّن في كتابه الآخر "المدخل إلى معرفة الإكليل" أن اختيار الشيخين من الحديث الصحيح: أن يرويه الصحابي
(1)
"الرد على من اتّبع غير المذاهب الأربعة" ضمن "مجموع رسائل ابن رجب" 2/ 622.
(2)
"الحطة في ذكر الصحاح الستة" ص 117.
المشهور بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله راويان، ثقتان، ثم يرويه عنه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة، وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور، وله رواة ثقات من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخُ البخاري أو مسلم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة في روايته.
قلنا: فهذا إذا هو الشرط العام للشيخين في تصحيحهما للحديث على رأي الحاكم، وتبعه على ذلك بعض العلماء، كتلميذه البيهقي؛ حيث قال بإثر خبر رواه: فأما البخاري ومسلم رحمهما الله فإنهما لم يخرجاه جريًا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راوٍ واحدٌ لم يخرجا حديثه فى "الصحيحين"
(1)
.
ولا نريد أن نطيل في الردّ على الحاكم في هذا الشرط الذي ادعاه عليهما، إذ تولّى الردّ عليه في ذلك جماعةٌ من العلماء، بما يفيد أنه قد وقع في "الصحيحين" أحاديثُ عن صحابة ليس لهم إلا راءٍ واحد، وعن تابعين ليس لهم إلا راو واحد، وممن ردّ عليه في ذلك ابنُ الجَوْزي في مقدمة "الموضوعات" ومحمد بن طاهر المقدسي وأبو بكر الحازمي في كتابيهما "شروط الأئمة"، ثم جاء من بعدَهُم من العلماء موافقًا لهم في إبطال ما ادعاه الحاكم في هذا الشرط، وقد ألف الضياء المقدسي كتابًا سماه "غريب الصحيحين" ذكر فيه ما يزيد على مئتي حديث من الغرائب والأفراد المخرّجة في الصحيحين
(2)
.
الفرع الثاني: ادعاء الحاكم بأن اشتمال الحديث على ما قد يُعَلُّ به، ليس مانعًا من تصحيحه على شرط الشيخين:
ذكر الحاكم في مقدمة كتاب "المستدرك" أنه في استدراكه على الشيخين لا ينظر إلى كون الحديث يشتمل على ما قد يُعِلَّه به غيره، وهو مما ثار حوله الجدل بين العلماء، حيث قال: وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها،
(1)
"السنن الكبرى" 4/ 105.
(2)
وللمزيد في هذه المسألة انظر تعليق حسام الدين القدسي في "شروط الأئمة الخمسة" ص 31.
أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتجُّ محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له، فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما، وقد خَرَّج جماعةٌ من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها وهي معلولةٌ، وقد جهدتُ في الذَّب عنهما في "المدخل إلى الصحيح" بما رَضِيَه أهلُ الصَّنْعة، وأنا أستعينُ الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات، قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام: أنَّ الزيادة في الأسانيد والمتون من الثّقات مقبولة.
هكذا قال الحاكم في مقدمة كتاب "المستدرك"!! ولا يُسلَّم له أولًا ما ادعاه من كون الشيخين قد صححا ما له عِلّةٌ، بحجة أن علماء عصرهما ومن بعدهما قد بينوا علل بعض تلك الأحاديث التي صححاها، فكأن الحاكم جعل قول من نازع الشيخين في ذلك مُسلَّمًا، مع أن أكثر ذلك مما رُجح فيه قولهما، كما بين ذلك جماعة من العلماء، منهم ابن حجر في مقدمة شرحه على البخاري، والإمام النووي في شرحه على مقدمة "صحيح" مسلم.
ثم إنه في كتابه "المدخل إلى الصحيح" كان ذبه عن الشيخين قاصرًا على ذكر الرواة الذين عِيبَ على الشيخين إخراجُ حديثهم، فردَّ بأنهما إنما أخرجا لهم في المتابعات والشواهد ومقرونين بآخرين وفي التعاليق، لا في الأصول، ولم يذكر فيه ذبَّه عن الأحاديث التي أعلها بعض علماء عصرهما ومن بعدهما بأي من أوجه الإعلال مما ليس للجرح فيها مدخلٌ، وقد ذهب الحاكم نفسه إلى أن الحديث إنما يُعلَّ من أوجه ليس للجَرْح فيها مدخلٌ، فما باله غيّر رأيه هنا في مقدمة "المستدرك" ليجعل الجَرحَ في الرواة من أوجه العلل؟! وكأنه تغيَّر اجتهاده في ذلك الأمر، ليدخل جَرحَ الرواة في أبواب العلل.
ثم ترخَّص الحاكم أكثر بأن جعل كل ما قد يُعَلُّ به الحديث من غير جرح الرواة مما فيه تعارض بزيادة ونقصان؛ من وقفِ مرفوع أو إرسال موصول أو تفرُّدٍ
بزيادةٍ، أن الحُكمَ فيه للزائد ما دام ثقةً، ولذلك ختم كلامه في مقدمته تلك بقوله: شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام: أنَّ الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة
(1)
.
ولهذا -مثلًا- بعد أن أسند حديث أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق"، قال: لستُ أشكُ أن الشيخين تركا هذا الحديث لتوقيف بعض أصحاب الزهري إياه، هذا مما لا يُعلّل مثل هذا الحديث، والله أعلم
(2)
.
قال ابن حجر: وجزم ابن حبان والحاكم وغيرهما بقبول زيادة الثقة مطلقًا في سائر الأحوال، سواء اتحد المجلس أو تعدّد، سواء أكثر الساكتون أو تساووا، وهذا قول جماعة من أئمة الفقه والأصول، وجرى على هذا الشيخ محيي الدين النووي في مصنفاته، وفيه نظر كثير؛ لأنه يَرِدُ عليهم الحديثُ الذي يَتَّحِد مَخرَجُه، فيرويه جماعة من الحفّاظ الأثبات على وجه، ويرويه ثقة دونهم في الضبط والإتقان على وجه يشتمل على زيادةٍ تخالف ما رووه، إما في المتن وإما في الإسناد، فكيف تُقبَل زيادته، وقد خالفه من لا يَعْفُل مثلهم عنها لحفظهم أو لكثرتهم، ولا سيما إن كان شيخهم ممن يُجمع حديثه ويُعتنى بمروياته، كالزهري وأضرابه، بحيث يُقال: إنه لو رواها لسمعها منه حفاظ أصحابه، ولو سمعوها لرووها، ولما تَطابَقُوا على تركها
(3)
.
وقال صدّيق حسن خان: جُلُّ ما تفرد به "المستدرك" كالموكى عليه المخفي مكانه في زمن مشايخ الشيخين، وإن اشتهر أمره من بعد أو ما اختلف المحدثون في رجاله فالشيخان كأساتذتهما، كانا يعتنيان بالبحث عن خصوص الأحاديث في الوصل والانقطاع وغير ذلك حتى يتضح الحال، والحاكم يعتمد في الأكثر [على قواعد] مخرَّجة من صنائعهم، كقوله: زيادة الثقات مقبولة، وإذا اختلف الناس في
(1)
انظر مثال ذلك عند الحاكم في الأحاديث: (158 - 160) و (161 - 162) و (5006).
(2)
"المستدرك"(1147).
(3)
"النكت على ابن الصلاح" 2/ 687 - 688.
الوصل والإرسال والوقف والرفع وغير ذلك فالذي حفظ الزيادةَ حُجّةٌ على مَن لم يحفظ، والحق أنه كثيرًا ما يدخل الخلل في الحفاظ مِن قِبَل رفع الموقوف ووصل المنقطع، لا سيما عند رغبتهم في المتصل المرفوع وتنويههم به، فالشيخان لا يقولان بكثير مما يقوله الحاكم، والله أعلم
(1)
.
الفرع الثالث: مراد الحاكم بقوله في مقدمة "المستدرك": احتج بمثلها الشيخان:
تنازع أهل العلم في فهمهم لمراد الحاكم من شرطه في "المستدرك" بإخراج أحاديث رواة قد احتج بمثلها الشيخان:
أ- فذهب قوم إلى أنه قصد أعيانَ الرجال الذين خرج لهم الشيخان، وممن ذهب إلى ذلك:
1 -
ابن الصلاح، حيث قال في حديثه عن "المستدرك": أودعه ما ليس في واحدٍ من "الصحيحين" مما رآه على شرط الشيخين، قد أخرجا عن رواته في كتابيهما
(2)
.
2 -
النووي، حيث قال: المراد بقولهم: على شرطهما في كتابيهما، أن يكون رجال إسناده في كتابيهما، لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما ولا في غيرهما
(3)
.
3 -
ابن دقيق العيد، فإنه ينقل عن الحاكم تصحيحه لحديث على شرط البخاري مثلًا، ثم يعترض عليه بأن فيه فلانًا، ولم يُخرج له البخاري
(4)
.
4 -
الحافظ الذهبي، كما يظهر ذلك من "مختصره للمستدرك"، حيث كان يتعقب الحاكم فيما يصححه على شرط الشيخين أو أحدهما بقوله: فيه فلان، ولم يخرج له مَن صححه على شرطه.
5 -
ابن حجر العسقلاني، حيث ذكر حديثًا في "المستدرك" قال فيه الحاكم: هذا
(1)
"الحطة في ذكر الصحاح الستة" ص 117.
(2)
"مقدمة ابن الصلاح" ص 88.
(3)
نقله عنه الزركشي في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" 1/ 198.
(4)
نقله عنه الزركشي أيضًا 1/ 198.
حديث صحيح الإسناد، وأبو عثمان هذا ليس هو النَّهْدي، ولو كان هو النهدي لحكمتُ بالحديث على شرط الشيخين. قال ابن حجر: فدل هذا على أنه إذا لم يخرجا لأحد رواة الحديث لا يحكم به على شرطهما، وهو عَين ما ادْعَى ابنُ دقيق العيد وغيره، وإن كان الحاكم قد يَغفُل عن هذا في بعض الأحيان، فيصحح على شرطهما بعض ما لم يخرجا لبعض رواته، فيُحمل ذلك على السهو والنسيان، ويتوجه به حينئذ عليه الاعتراض
(1)
.
ب- وقال آخرون: إنه قصد المِثْلية في الثقة وليس أعيان الرواة، ومن هؤلاء:
1 -
بدر الدين الزركشي، حيث قال: ما ذكره ابن الصلاح في شرطه، قد تبعه عليه النووي وابن دقيق العيد وغيرهما، وكأنهم لم يَقِفُوا على شرط الحاكم، والذي في خطبة "المستدرك" ما نصه: وأنا أستعينُ الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات، قد احتج بمثلها الشيخان أو أحدهما، انتهى.
وعلى هذا عمل الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وكذلك فعل الحافظ الذهبي في "مختصر المستدرك"، وليس ذلك منهم بحَسَن، لما ذكرنا من كلام الحاكم في خطبته أنه لم يشترط نفس الرجال المخرج لهم في الصحيح، بل اشترط رواةً احتج بمثلهم الشيخان أو أحدهما، وإنما ينبغي منازعته في تحقيق المماثلة بين رجاله ورجال "الصحيحين".
نعم، القومُ مَعذُورون؛ فإنه قال عقب أحاديث أخرجها: هي صحيح على شرط مسلم فقد احتج بفلان وفلان، يعني المذكورين في سنده، فهذا منه جنوح إلى إرادة نفس رجال الصحيح، وهو يخالف ما ذكره في مقدمة كتابه، ثم إنه خالف الاصطلاحين في أثناء كتابه، وقال لما أخرج التاريخ والسير: ولا بد لنا من نقل كلام ابن إسحاق والواقدي.
(1)
"النكت على كتاب ابن الصلاح" 1/ 320 - 321. وقد نقل عنه تلميذه البقاعي الرأي الآخر كما سيأتي في آخر هذا الفرع.
واعلم أن ما اعتمده في تخريجه أن يرى رجلًا قد وثِّق وشُهد له بالصدق والعدالة أو حديثه في الصحيح، فيجعل كل ما رواه هذا الراوي على شرط الصحيح، فإنه إنما يكون على شرط الصحيح إذا انتفت عنه العلل والشُّذوذ والنكارة، وتُوبع عليه، فأما مع وجود ذلك أو بعضه، فلا يكون صحيحًا، ولا على شرط الصحيح
(1)
.
2 -
برهان الدين الأَبْناسِي، حيثُ قال: الحاكم لم يلتزم أنه لا يُخرج إلَّا عن رجال مسلم والبخاري، بل قال في الخطبة: أخرج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان أو أحدهما
(2)
.
3 -
زين الدين العراقي، حيث قال: إنَّ الحاكمَ صَرَّحَ فِي خُطبة كتابه "المستدرك" بخلاف ما فهموه عنه، فقوله: بمثلها، أي: بمثل رواتها، لا بهم أنفسهم
(3)
.
4 -
ابن المُلقن، حيث قال في "البدر المنير": هو صريحٌ في أن مراده بقوله: على شرط الشيخين أو أحدهما: أن رجال إسناده احتجا بمثلهم، لا أن نفس رجاله احتجّا بهم
(4)
.
5 -
جلال الدين السيوطي، حيث قال بعد حديث خرجه الحاكم من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب وصحح إسناده على شرط الشيخين: وهذا يدل على أن الحاكم لا يريد بكونه على شرطهما، أن يكون رجال إسناده في كتابيهما كما ذكره جماعة، لأنه لا يجهل كونَ الشيخين لم يُخرّجا للمُطلب، فدلّ على أن مراده أن يكون راويه في كتابيهما أو في طبقة من أخرجا له
(5)
.
قلنا: وقد ظهر لنا من خلال عملنا في الكتاب أن الحاكم تارة يطلق الصحة على
(1)
"النكت على مقدمة ابن الصلاح" 1/ 197 - 199.
(2)
"الشذا الفيّاح من علوم ابن الصلاح" 1/ 88.
(3)
"شرح التبصرة والتذكرة" 1/ 129.
(4)
"البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير" 1/ 312.
(5)
"حاشية السيوطي على سنن النسائي" 5/ 188.
شرط الشيخين أو أحدهما مع وجود نفس رجالهما حقيقةً، وتارةً أخرى يطلق الصحة على شرط الشيخين أو أحدهما مع وجود غير رجالهما، فلا يتوجه الاعتراض عليه فيما ذكره الزركشي، من كونه يقول عقب أحاديث أخرجها: صحيح على شرط مسلم فقد احتج بفلان وفلان؛ يعني المذكورين في سنده، ولا الاعتراض عليه في قوله في المثال الذي ذكره ابن حجر بأنه لو كان أبو عثمان الذي في إسناد الحديث المذكور هو النَّهدي لحكمتُ به على شرط الشيخين، وأن هذا جُنوحٌ منه إلى إرادة نفس رجال الصحيح، وليس ذلك بمعارِض لما قدَّمه الحاكم في المقدمة، لأن عبارة الحاكم يجوز أن تَشمَل رجال الصحيحين أنفسهم ومَن كان مِثلَهم في الثقة، ونحن وجدناه أطلق شرط الشيخين على أحاديث لرجالهما وعلى أخرى فيها غيرُ رجالهما، وهذا يدل على أنه أراد الأمرين كليهما، ولذلك فإننا نرى وجاهة ما نقله السخاوي عما أفاده شيخه ابن حجر العسقلاني - وكأنّ هذا هو ما انتهى إليه ابن حجر أخيرًا - من أن المثلية أعم من أن تكون في الأعيان أو الأوصاف، لا انحصار لها في الأوصاف، لكنها في أحدهما حقيقةً، وفي الآخر مجازٌ، فاستعمَل المَجازَ حيث قال عقب ما يكون عن نفس رواتهما: على شرطهما، والحقيقة حيث قال ذلك عقب ما هو عن أمثال رواتهما
(1)
.
وكذلك قال ابن حجر أيضًا فيما نقله عنه تلميذه برهان الدين البقاعي: إن مراده بالمثل في قوله: خَرَّج لمثلها الشيخان، أعمُّ من العين والشَّبَه، وصنيعه يوضّح ذلك؛ فإنه إذا روى حديثًا بإسناد خرّج لرواته البخاري، قال: صحيح على شرط البخاري، ولو كان مراده بالمثل معناه الحقيقي، لَزِمه في كلِّ إسنادٍ جمع شرط البخاري أن يقول: إنه على شرطهما؛ لأن شرطه أصعب من شرط مسلم
(2)
.
(1)
"فتح المغيث بشرح ألفية الحديث" 1/ 70.
(2)
"النكت الوفية بما في شرح الألفية" 1/ 142.
الفرع الرابع: توسع الحاكم في شرط الشيخين، بتصحيحه أحاديث رواة ذكرهم الشيخان في المتابعات والشواهد ومقرونين وفي التعاليق؛ فإنه يرى أن ذلك من شرطهما:
فعند تصحيحه الحديث على شرط الشيخين أو أحدهما ويكون رجال إسناده من رجالهما حقيقةً، فإنه لا يتقيّد بما إذا خرجا لأولئك الرجال احتجاجًا أو في المتابعات والشواهد، أو مقرونين أو في التعاليق، مع ضبطه لذلك ومعرفته، فإن للحاكم عنايةً خاصةً بـ "الصحيحين"، فقد قال وهو يتحدث عن "صحيح البخاري": جمعتُ هذا الكتاب أربع مرات، صنفته أولًا على الرجال من الصحابة، ثم نقلتُ الرقاع، ثم هذبتُه على الرجال، ثم رتبته وأمليته
(1)
.
ثم إن له عنايةً ببيان مَن خَرّج له الشيخان احتجاجًا ومن خرجا له في المتابعات والشواهد وغير ذلك، كما بيّن ذلك في "المدخل إلى الصحيح"، حيث عقد بابًا في ذكر مشايخ روى لهم البخاري في المتابعات والشواهد وعقد بابًا آخر في الرواة الذين عيب على مسلم إخراج أحاديثهم والإجابة عنه، مبينًا أن أكثرهم ممن أخرج لهم مسلم استشهادًا أو متابعةً لا في الأصول
(2)
، فهذا يدلّ على أن الحاكم على دراية تامة بما يقوله، والصحيح أن يقال: إنه ذهب في شرط الشيخين إلى ما هو أوسع وأبعد مما قيَّده به كثيرون ممن جاؤوا بعده.
وهذا ما ظهر لنا من خلال عملنا في هذا الكتاب واستقرائنا لأحكامه على الأحاديث بالصحة على شرط الشيخين أو أحدهما؛ حيث يُدخِلُ في شرط الشيخين كلَّ راوِ رويا له في كتابيهما، بغضّ النظر عن هيئة روايات أولئك الرواة، من حيث صيغ تحملهم وأدائهم، وبغضّ النَّظَر كذلك عمّن رويا له في المتابعات والشواهد منهم، ومما يدل على صحة ذلك قوله - مثلًا - بإثر عدد من الأحاديث التي يرويها من طريق
(1)
"مقدمة كتابه فضائل فاطمة الزهراء" ص 31.
(2)
"المدخل إلى الصحيح" 4/ 19 و 95.
الحسين بن واقد: صحيح على شرط الشيخين
(1)
، وربما اقتصر على ذكر شرط مسلم فقط
(2)
، مع أن البخاري إنما خَرج للحسين بن واقد تعليقًا، ومسلم إنما خرج له حديثًا في المتابعات والشواهد.
وكذلك قال في حديث يرويه عن عبد الله بن عمر العُمري عن أخيه عُبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنهما قد احتجا بعبد الله بن عمر العُمري في الشواهد
(3)
.
وقوله أيضًا في حديث البسملة في أول التشهد، وأسنده الحاكم بإسنادين عن أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن جابر، فقال عنه: صحيح على شرط البخاري
(4)
.
كذا قال، مع أن البخاري روى لأبي الزبير مقرونًا بغيره، كما بين ذلك الحاكم نفسه في "المدخل إلى الصحيح"
(5)
.
وقوله أيضًا بإثر حديث من رواية الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
(6)
. كذا قال، مع أنه ذكر أبا سفيان طلحة بن نافع في كتاب "المدخل إلى الصحيح" في باب من روى لهم البخاري في المتابعات والشواهد
(7)
.
ومن ذلك قوله بإثر حديث رابعٍ: هو صحيح على شرط مسلم بن الحجاج، فقد
(1)
"المستدرك"(420) و (920) و (1193).
(2)
"المستدرك"(1071) و (2213) و (2401).
(3)
"المستدرك"(4379). كذا قال بأنهما احتجا بعبد الله بن عمر العمري في الشواهد، مع أن البخاري لم يذكر لعبد الله بن عمر العمري شيئًا، وعلى كلّ فالمثال يدل على منهج الحاكم في أن من خرّج له الشيخان في الشواهد يدخل في شرطهما عنده.
(4)
"المستدرك" بين يدي الحديث (996).
(5)
"المدخل إلى الصحيح" 4/ 38.
(6)
"المستدرك"(1797).
(7)
"المدخل إلى الصحيح" 4/ 28.
استشهد بأحاديثَ للقعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة، ومحمد بن عمرو، وقد احتج بمحمد بن عجلان
(1)
.
وقوله بإثر حديثٍ خامسٍ: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد استَشهَدَ بقرة بن عبد الرحمن في موضعين من كتابه
(2)
.
وإنما فعل الحاكم ذلك - فيما يغلب على ظننا - لأنه كان يذهب إلى أن جميع أولئك الرواة ثقات ما دام الشيخان قد أوردا رواياتهم في "الصحيحين"، سواء في الأصول أو في المتابعات أو في الشواهد، بغض النظر عن مرتبتهم في الثقة، ولذلك نجده يقول في "المدخل إلى كتاب الإكليل" بعد أن ذكر أقسام الحديث الصحيح المتفق عليها والمختلف فيها: فليعلم طالبُ هذا العلم أن أكثر الرواة للأخبار ثقات، وأن الدرجة الأولى منهم محتجٌّ بهم في الكتابين الصحيحين للوجوه التي قدمنا ذكرها، لا لجرح فيهم
(3)
.
فكأنَّ الحاكم يرى أنه ليس بالضرورة أن يكون أولئك الرجال ضعفاء في نقد الشيخين، ومما يمكن أن يُحتج به للحاكم في هذا المذهب: أنه قد ثبت عن البخاري تحسينه الرأي في بعض الرواة، ومع ذلك فلم يخرج لهم في "الصحيح" إلا متابعةً أو استشهادًا، ومن ذلك قوله - مثلًا، فيما نقله عنه الترمذي - في الوليد بن رباح المدني: حسن الحديث، ومع ذلك لم يخرج له في "الصحيح"، إلا استشهادًا، وقوله أيضًا في عبد الله بن عبد القدوس التميمي: صدوق، ومع ذلك لم يرو له في "الصحيح" إلا تعليقًا.
ومن جهة أخرى فإن الشيخين قد احتجا بمن هم دون هؤلاء في الثقة، ممن حسّنا الرأي فيهم، وخالفهم الجمهور، كحال عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار
(1)
"المستدرك"(2).
(2)
"المستدرك"(938).
(3)
"المدخل إلى كتاب الإكليل" 4/ 19.
المدني وفُليح بن سليمان اللذين احتج بهما البخاري، وكإسماعيل بن أبي أويس الذي احتج به الشيخان البخاري ومسلم، فقد رويا لمثل هؤلاء احتجاجًا وليس متابعةً ولا استشهادًا، لأنهما حسّنا الرأي فيهم، وربما رويا لبعضهم احتجاجًا أحيانًا، وفي المتابعات والشواهد أحيانًا أخرى، فكأنَّ الحاكم لما رأى ذلك أدخل الفريق الأول الذين روى لهم الشيخان في المتابعات الشواهد في شرط الصحيح، ولم يَرَ إخراجهم من شرط الصحيح لمجرّد أنهما لم يخرجا لهم إلَّا في المتابعات والشواهد لأسباب رآها الشيخان، لا لجرح فيهم.
وكأنَّ الحاكم يرى أيضًا أنه لو فُرِض أن الشيخين لم يخرجا لبعض الرواة احتجاجًا، وإنما أخرجا لهم في المتابعات والشواهد والتعاليق لكونهم ضعفاء عندهما، فلا يلزم منه أن يكون إخراج أحاديثهم تلك ليس على شرطهما، فلربما كانا يريان ضعف بعض الرواة ممن أخرجا لهم في المتابعات والشواهد، ولكنهم إذا ما توبعوا أو جاء ما يشهد لرواياتهم ارتقت رواياتهم إلى درجة القبول والصحة، فالشيخان إنما انتقيا لأولئك الرواة من رواياتهم ما ثبت لديهما صحتها بقرائن نقدية معينة، ومن ذلك: متابعة غيرهم لهم، أو وجود شواهد لرواياتهم، ومن ذلك أيضًا صحة رواية بعض الرواة عن شيوخ بأعيانهم مع ضعفهم في غيرهم، إلى غير ذلك من القرائن المعتبرة، فيذهب الحاكم إلى أن إخراج حديث مثل هؤلاء على هذه الصفة، لا بد أن يكون على شرطهما أيضًا؛ يعني بالانتقاء لهم بالقرائن، فكأنَّ الحاكم لما خرّج لمثل هؤلاء مصححًا لأحاديثهم على شرط الشيخين أو أحدهما، يرى أنه مشى على شرطهما في الانتقاء بالقرائن الدالة على صحة رواياتهم تلك. فمن هاهنا كان شرط الشيخين عند الحاكم أوسع مما حدده كثيرون
(1)
، والله تعالى أعلم.
(1)
بعد كتابتنا لهذه السطور وقفنا على كلام جيد للشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني رحمه الله في "التنكيل" 2/ 691 - 692 بنحو بعض هذا الذي قلناه من سبب توسع الحاكم في شرط الشيخين، وهو كلام مفيدٌ؛ فيُرجع إليه.
الفرع الخامس: اعتماد الحاكم لتفسير الصحابي، وعده إياه في حكم المرفوع:
فقد ذكر في بداية كتاب التفسير من "مستدركه" ما نَصَّه: تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسنَدٌ
(1)
. كذا قدم بهذه المقدمة ليبين أن منهج الشيخين البخاري ومسلم هو اعتماد تفسير الصحابي، وعدهما له حديثًا مسندًا، وأنه لا يخالف الشيخين في ذلك، فمهما أورد من تفسيرات للصحابة في هذا الكتاب فإنه جارٍ في ذلك على طريقتهما، وأن استدراكه فيه عليهما استدراكٌ صحيحٌ.
وكذلك الحال عنده في تفسير الصحابي لمعنى ذكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم، يَعُدُّه من قبيل المرفوع، كما في تفسير عائشة رضي الله عنها لمعنى التميمة بقولها: ليست التميمة ما تُعلَّق به بعد البلاء، إنما التميمة ما تُعلَّق به قبل البلاء. فقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولعل متوهّمًا يتوهم أنها من الموقوفات على عائشة رضي الله عنها، وليس كذلك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر التمائم في أخبار كثيرة، فإذا فَسّرت عائشة رضي الله عنها التميمة فإنه حديثٌ مسندٌ
(2)
.
لكن تعقبه الزركشي بقوله: والتحقيق أن يقال: إن كان ذلك التفسير مما لا مجال للاجتهاد فيه، فهو في حكم المرفوع، وإن كان يمكن أن يَدخُلَه الاجتهاد، فلا يُحكم عليه بالرفع
(3)
.
ومن منهج الحاكم كذلك أنه يعتمد أقوال الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، ويَعُدُّه حُجةً، ولهذا لما أورد حديث عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: إذا لَهَوتُم فالْهُوا بالرمي، وإذا تحدثتُم فتَحدّثوا بالفرائض. قال الحاكم: هذا وإن كان موقوفًا فإنه صحيح الإسناد، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم:"اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"
(4)
.
(1)
"المستدرك"(3058).
(2)
"المستدرك"(7697).
(3)
"النكت على مقدمة ابن الصلاح" 1/ 434 - 435.
(4)
"المستدرك"(8151). =
وإذا ما أورد شيئًا من هذه الموقوفات عن الصحابة، فإنه يشترط فيها مثل ما يشترط في المرفوعات من صحة الإسناد، ولهذا وجدناه يقول بعد ذكره عدة آثارٍ موقوفةٍ في مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هذه أحاديث صحيحة الأسانيد وليست بمسنَدَةٍ، فكنت أحكُمُ عليها على ما جرى به الرَّسم
(1)
.
الفرع السادس: اعتماد الحاكم لقول الصحابي في أمرٍ ما: إنه سُنّة، وعدُّه إياه من قبيل المرفوع:
وهذا مما نص عليه في كتابه "المستدرك" أيضًا، حيث روى عن ابن عباس أنه صلى على جنازة فجهر بالحمد الله، ثم قال: إنما جهرتُ لِتَعلَمُوا أنها سُنّةٌ. ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد أجمعوا على أن قول الصحابي: سُنّة، حديث مسندٌ
(2)
.
وهو موافق لما قرَّره قبل ذلك في كتابه "معرفة علوم الحديث" حيث قال: قول الصحابي المعروف بالصحبة: أمرنا أن نفعل كذا، ونُهينا عن كذا وكذا، كنا نُؤْمَر بكذا، وكنا نُنهى عن كذا، وكنا نفعل كذا، وكنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، وكنا لا نرى بأسًا بكذا، وكان يُقال كذا وكذا، وقول الصحابي: من السنة كذا، وأشباه ما ذكرناه، وإذا قاله الصحابي المعروف بالصحبة فهو حديثٌ مسندٌ
(3)
.
الفرع السابع: زيادة في شرط الشيخين، وهي كون إسناد الحديث الذي احتجا برواته على صورة الاجتماع، لا على الانفراد:
وهناك زيادةٌ في شرط الشيخين نبه عليها ابن حجر فيما تقدّم من قوله، وهو أن
=وهذا الحديث الذي احتج به الحاكم قد خَرّجه بالأرقام (4500 - 4504) من حديث حذيفة، وبرقم (4505) من حديث ابن مسعود رضي الله عنهما.
(1)
قاله في "المستدرك" بإثر (4755).
(2)
"المستدرك"(1339).
(3)
"معرفة علوم الحديث" ص 22.
يكون إسنادُ الحديث الذي يُخرِّجه مُحتجًّا برواته في "الصحيحين" أو أحدهما، على صورة الاجتماع لا على صورة الانفراد، وهذا ما أشار إليه ابن الصلاح بقوله: مَن حَكَم لشخص بمجرّد رواية مسلم عنه في "صحيحه" بأنه من شرط الصحيح، فقد غَفَل وأخطأ، بل ذلك متوقفٌ على النظر في كيفية رواية مسلم عنه، وعلى أي وجه اعتمد عليه.
قلنا: وكذلك البخاري، بل هو أولى لأن شرطه أقوى من شرط مسلم، وإنما اشترطوا هذا الشرط لئلا يُقدَم على التصحيح على شرط الشيخين لرواية راو قد ضُعف في شيخ بعينه، لاعتبارات معيَّنة يذكرها نُقاد الحديث، كأن يكون ذلك الراوي غير ضابط لمروياته عن ذلك الشيخ بعينه، رغم ثقة الرجلين، كما قيل في رواية هشيم بن بشير وسفيان بن حسين وجعفر بن بُرقان في روايتهم عن الزهري مع ثقة الأربعة، وكرواية معمر بن راشد عن ثابت البناني، وكلاهما ثقة. وقد عقد ابن رجب الحنبلي بابًا في "شرحه على علل الترمذي" ذكر فيه ما وقف عليه من أولئك الرواة الذين ضُعفوا في شيوخ بأعيانهم.
ولا نظنُّ الحاكم كان على غَفْلة مما قيل في شأن أولئك الرواة الذين ضعفت رواياتهم في شيوخ بأعيانهم، ونحن في حكمنا على تلك الأحاديث مشينا فيها على المنهج الذي يرتضيه أهل الحديث في تصحيح حديث من تُكلّم في روايته عن شيخ معيَّن إذا ظهر لنا أنه قد أصاب في ذلك الحديث من خلال المتابعات والشواهد، لأننا نظن أن مثل تلك الأحوال ليست بمطَّرِدة في حق أولئك الرواة، فبالرغم مما قيل - مثلًا - في روايات داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، فقد صحح الإمام أحمد حديثه في ردّ زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، وضعف حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في أنها رُدّت عليه بمهر جديد ونكاح جديد
(1)
، وكذلك فعل الإمام البخاري أيضًا، حيث قدَّم حديث
(1)
"مسند أحمد" 11/ (6938).
داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، علي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
(1)
.
الفرع الثامن: رواياتُ المدلِّسين في نظر الحاكم:
أما في شأن روايات المدلسين، فيذهب الحاكم فيما ظهر لنا جليًا في عملنا إلى تصحيح ما لم يصرحوا فيه بالسماع، وذلك أنه ذكر قَبْلًا في "المدخل إلى كتاب الإكليل" في القسم الثاني من الصحيح المختلف فيه: روايات المدلسين إذا لم يذكروا أسماعهم في الرواية، فإنها صحيحة عند جماعة من ذكرناهم من أئمة أهل الكوفة، غير صحيحة عند جماعة من قدمنا ذكرهم من أئمة أهل المدينة
(2)
.
قلنا: ولم نجد الحاكم يُعِلُّ الحديث في كتاب "المستدرك" بمثل ذلك، فهو سائر فيه على مذهب الفريق الأول الذي ذكره في "المدخل" القائلين بتصحيح روايات المدلسين وإن لم يصرحوا فيها بالسماع.
على أننا في مثل تلك الأحاديث مشينا في الحكم عليها على وفق المنهج المرتضى لدى أهل الحديث بأنه إذا ما وقع تصريح المدلِّس -المشهور بذلك- بسماعه من بعض الطرق الصحيحة، فنصحح روايته المعنعنة، وإلا فلا نحكم بصحة الإسناد، إلَّا إذا وجدنا ذلك المدلّس قد تابعه غيره، أو ورد ما يشهد لروايته، فنصحح إسناد حديثه حينئذ، لأننا نظن بأن العنعنة تُغتفر في مثل تلك الحال، وعلى هذا وجدنا الحاكم قد أصاب في تصحيح كثير من تلك الأحاديث، والله تعالى أعلم.
الفرع التاسع: إعلال الحاكم الحديث بالإرسال:
المرسَلُ: هو الخبر الذي يضيفه التابعي أو من دونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً دون ذكر الصحابي، ويلحقه كل خبر يحكي فيه التابعي قصة لصحابي لم يدركه، فهذا
(1)
نقله عنه الترمذي في "علله الكبير"(289).
(2)
"المدخل إلى كتاب الإكليل" ص 45.
مما يُعِلَّه الحاكم، ولا يعده من شرط كتابه هذا وقد نصَّ الحاكم على عدم الاحتجاج به في "معرفة علوم الحديث" في النوع الثامن من أنواع علوم الحديث، حيث ردَّ على من احتج بهذه المراسيل مُطلَقًا، مُستدلًا بالكتاب والسُّنّة، ثم قال: العلمُ المُحتجّ به هو المسموع غيرُ المُرسَل
(1)
.
على أن الحاكم قد يذكره في "المستدرك" تَرخُصًا لسبب معين، ومن أمثلة ذلك:
أ- ما نبه عليه لدى تخريجه لمرسَل الحسن البصري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات العبد تلقى روحه أرواحُ المؤمنين، فتقول له: ما فعل فلان؟ فإذا قال: مات، قالوا: ذهب به إلى أُمّه الهاوية، فبئست الأم وبئست المُربّية". حيث قال الحاكم: لم أجد لهذه السورة تفسيرًا على شرط الكتاب فأخرجتُه؛ إذ لم أستجِزْ إخلاءه من حديث
(2)
.
ب -ولما ذكر مُرسل الحسن البصري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أصحابي أحدٌ إلا ولو شئتُ لأخذتُ عليه في بعض خُلُقه، غير أبي عبيدة بن الجراح"، لم يصححه الحاكم، وإنما قال: هذا مرسل، غريب، ورواته ثقاتٌ
(3)
. فلم يحكم بصحته، وإنما اكتفى بالحكم بثقة رجاله، والحاكم يترخص في التفسير والمناقب ما لا يترخص في غير ذلك من الأبواب كما سيأتي بيانه مفصلًا.
لكن إذا كان الإرسال برواية تابعيٍّ عن صحابيٍّ لم يدركه أو لم يسمع منه، فإن الحاكم يشترط صحة إسناده إلى ذلك التابعي، وينبه على إرساله؛ بأن ذلك التابعي لم يسمع أو لم يدرك ذلك الصحابي، ومن ذلك:
أ- أنه خرّج رواية الحسن البصري عن عقبة بن عامر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
(1)
"معرفة علوم الحديث" ص 27.
(2)
"المستدرك"(4012).
(3)
"المستدرك"(5238).
عُهدة الرقيق: "ثلاثُ لَيالٍ"، وذكره أيضًا بلفظ:"لا عُهدة فوق أربع". ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، غير أنه على الإرسال، فإنَّ الحسن لم يسمع من عقبة بن عامر
(1)
.
ب -ولما خرّج رواية الحسن البصري عن عثمان بن أبي العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وقت للنساء في نفاسهن أربعين يومًا". قال الحاكم: هذه سُنّة عَزيزة، فإن سَلِم هذا الإسنادُ من أبي بلال، فإنه مرسلٌ صحيح، فإن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص
(2)
.
ج - ولما خرج كذلك رواية مجاهد عن علي بن أبي طالب: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} قال: هي الزكاة المفروضة يراؤون بصلاتهم ويمنعون زكاتهم. قال الحاكم: هذا إسناد صحيحٌ مرسلٌ، فإن مجاهدًا لم يسمع من عليٍّ
(3)
.
د- وما قاله في خبر أبي عمران الجوني، قال: مرَّ عمر بن الخطاب بدير راهب، فناداه: يا راهب يا راهب، قال: فأشرف عليه، فجعل عمر ينظر إليه ويبكي، قال: فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يُبكيك من هذا؟ قال: ذكرتُ قول الله عز وجل في كتابه: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} ، فذلك الذي أبكاني. حيث قال الحاكم: هذه حكاية في وقتها، فإن أبا عمران الجوني لم يدرك زمان عمر
(4)
.
هـ- ولما خَرّج حديث جرير بن عبد الحميد عن منصور عن هلال بن يسافٍ، قال: كنا مع سالم بن عُبيد في سفر، فعَطَس رجلٌ من القوم، فقال: السلام عليكم، فقال سالم: السلام عليك وعلى أمّك، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا عَطَس أحدكم فليحمد الله، وليقُل مَن عندَه: يرحمك الله، وليَرُدَّ عليهم: يَغْفِرُ الله لنا
(1)
"المستدرك"(2229 - 2231).
(2)
"المستدرك"(634).
(3)
"المستدرك"(4021).
(4)
"المستدرك"(3969).
ولكم". قال الحاكم: الوهم في رواية جريرٍ هذه ظاهرٌ؛ فإن هلال بن يساف لم يدرك سالم بن عُبيد ولم يَرَه
(1)
.
لكنه يستثني مراسيل سعيد بن المسيب، فيذهب إلى تصحيحها، دون النص على إرسالها، لجلالة سعيد، ولذلك لما خَرّج رواية سعيد بن المسيب، قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: إذا لَهَوتُم فالْهُوا بالرّمي، وإذا تحدّثتُم فتحدّثُوا بالفرائض. قال الحاكم: هذا وإن كان موقوفًا فإنه صحيح الإسناد
(2)
.
وهذا بناءً على ما قرّره في "معرفة علوم الحديث" لدى حديثه عن المراسيل، حيث ذكر مراسيل جماعة من التابعين، ثم قال: وأصحها مراسيل سعيد بن المسيب، والدليل عليه أن سعيدًا من أولاد الصحابة، فإن أباه المسيب بن حَزْن من أصحاب الشجرة وبَيْعة الرّضوان، وقد أدرك عمر وعثمان وعليًا وطلحة والزبير إلى آخر العشرة
(3)
، وليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم، ثم مع هذا فإنه فقيه أهل الحجاز ومفتيهم، وأول فقهاء السبعة الذين يَعُدُّ مالك بن أنس إجماعهم إجماع كافة الناس
(4)
.
ويلحقُ المرسلَ عند الحاكم المنقطعُ، فيُعِلُّه ولا يَعُدُّه صحيحًا، بل هو أَولَى بالإعلال، فعندما أورد خبر عُمارة بن غَزِيّة: أن أبا أيوب الأزدي مرّ على معاوية
…
قال الحاكم: هذا حديث مرسل، فإن بين عُمارة بن غزيّة وبين أبي أيوب ومعاوية مَفازة
(5)
.
(1)
"المستدرك"(7891).
(2)
"المستدرك"(8151).
(3)
قال النووي في "التقريب والتيسير" ص 94: غلط الحاكم في ابن المسيب، فإنه ولد في خلافة عمر، ولم يسمع أكثر العشرة.
(4)
"معرفة علوم الحديث" ص 25 - 26.
(5)
"المستدرك"(6063).
الفرع العاشر: خروج الحاكم عن شرطه في "المستدرك" أحيانًا، مع بيانه الأسباب في كل ذلك:
ولا بد لنا في هذا المجال أن ننبه إلى أمرٍ غاية في الأهمية مما يتعلق بالتزام الحاكم بشرطه في كتابه، وهو أنه كان يخرج عن شرطه في الكتاب أحيانًا، غير أنه كان ينبه إلى سبب ذلك ولا يُهمله، ليبيّن لمن قد يعترض عليه بأنه ليس على غفلة وذهول من ذلك، ومن الأمثلة التي وقفنا عليها:
1 -
ترخصه في قسم التاريخ وسير الصحابة ومناقبهم بنزوله فيه إلى أخبار الواقدي ونظرائه، كما صرّح الحاكم نفسه بذلك في بداية كتاب معرفة الصحابة، فقال: أما الشيخان فإنهما لم يزيدا على المناقب، وقد بدأنا في أول ذكر الصحابي بمعرفة نسبه ووفاته، ثم بما يصحُّ على شرطهما من مناقبه مما لم يخرجاه، فلم أستغن عن ذكر محمد بن عمر الواقدي وأقرانه في المعرفة
(1)
.
ولكن إيراده لأخبار الواقدي في هذا الباب لا يغضُ من شأنه بحال، لأن معنى كلامه الذي ذكرناه عنه أنه يُسند عن الواقدي من أقواله ما يتعلق بتراجم الصحابة وأنسابهم ووفياتهم، وليس في الروايات المرفوعة في ذكر مناقبهم، التي اشترط هو نفسه فيها صحة الإسناد على شرط الشيخين، ولهذا نجده لا يَعُدُّ الواقدي من شرط كتاب "المستدرك"، كما صرّح به في قوله بين يدي حديثٍ يرويه من طريقه ذَكَرَه شاهدًا: وله شاهد آخر من حديث الواقدي، وليس من شرط هذا الكتاب
(2)
.
قلنا: وإذا كان النقل عن الواقدي دائرًا بين تراجم الصحابة وأنسابهم وتواريخ وَفَيَاتهم، فالواقدي في تلك الأمور إمام جليل القدر؛ لا يُنكر معرفته وتقدمه في هذا الميدان أحدٌ من ذوي النَّصَفة.
على أنه في الرواية كذلك ليس متهمًا بوضع أو كذب، إلا أنه لا يحتج به فيما
(1)
"المستدرك" بين يدي الخبر (4451).
(2)
"المستدرك"(695).
ينفرد به من الحديث، وأعدل الأقوال فيه ما قاله الذهبي بعد عرضه لأقوال الموثقين له والقادحين فيه: إنه يُحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، قال: ووزنه عندي أنه مع ضعفه يُكتب حديثه ويُروى، لأني لا أتهمه بالوضع، وقولُ من أَهدَرَه فيه مجازفة من بعض الوجوه
(1)
.
وقال الذهبي فيه أيضًا: جَمَعَ فأوعى، وخَلَط الغَثَّ بِالسَّمِين، والخَرَز بالثّمين، فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يُستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم
(2)
.
كما ترخص الحاكم في هذا القسم بذكر عدة روايات بإسناد فيه رجال من الأعراب لا يُعرفون بجرح ولا تعديل، وهذا الإسناد هو أبو الشكين زكريا بن يحيى الطائي، حدثنا عمُّ أبي زَحْرُ بن حِصْن، قال: حدثني جدّي حُميد بن مُنهِب. وقال الحاكم بإثر أحد رواياته مبينًا سبب إيراده هذا الإسناد مع إقراره بتفرد رواته بما فيه: هذا حديث تفرد به رواتُه الأعراب عن آبائهم، وأمثالهم من الرواة لا يُضعفون
(3)
.
2 -
تَرخُصه في الشواهد ما لا يترخص في غيرها، ومن ذلك:
أ- أورد خبرًا فيه عمرو بن ثابت بن أبي المقدام، قال الحاكم فيه: عمرو بن ثابت هذا هو ابن أبي المقدام الكوفي، وليس من شرط الشيخين، وإنما ذكرته شاهدًا، ورواية عبد الله بن المبارك عنه حتى حتّني على إخراجه، فإني قد عَلَوتُ فيه من وجه لا يُعتمد، حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن غالب، ثنا عبد الصمد بن النعمان، ثنا عمرو بن ثابت، فذكره بنحوه. وعبد الصمد بن نعمان ليس من شرط هذا الكتاب
(4)
.
ب - وأخرج خبرًا آخر فيه عمرو بن الحصين ومحمد بن علاثة، فقال: ليسا من
(1)
"سير أعلام النبلاء" 9/ 469.
(2)
المصدر السابق 9/ 454 - 455.
(3)
"المستدرك"(5504).
(4)
"المستدرك"(308 - 309).
شرط الشيخين، وإنما ذكرتُ هذا الحديث شاهدًا مُتعجبًا
(1)
.
ج- وقال في خبر ثالث: هذا حديث مُفسِّرٌ، وإنما ذكرته شاهدًا؛ لأن سليمان بن أرقم ليس من شرط هذا الكتاب، وقد اشترطنا إخراج مثله في الشواهد
(2)
. وقوله: اشترطنا، أي: تَرخَّصْنا.
د - وكذلك قال في خبر رابع: لستُ ممن يخفى عليه أن الفُرات بن السائب ليس من شرط هذا الكتاب، وإنما أخرجته شاهدًا
(3)
.
3 -
ترخُّصه في أخبار الترهيب من فعل معيَّن، كما فعل بعد إيراده عدة أخبار في التحذير من الاحتكار ورفع السعر على الناس، ثم قال بإثرها: هذه الأحاديث الستة طلبتها وخرّجتها في موضعها من هذا الكتاب؛ احتسابًا لما فيه الناسُ من الضّيق، والله يَكشِفُها، وإن لم تكن من شرط هذا الكتاب
(4)
.
4 -
ترخصه بذكر الخبر المُخرّج في "الصحيحين"، مع اعترافه أنه فيهما، وليس من شرطه تخريج ما خرّجاه، لكنه خرّجه ليبيّن أنَّ عنده في الباب زيادةً على ما عندهما، أو للتنبيه على أمر يريده من لفظ ذلك الحديث، أو لأنه لم يجد في الباب غيره وهو محتاجٌ إليه، ومن ذلك:
أ- تخريجه لحديث الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا مئة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر، هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القُدُّوس السلام المؤمن المهيمن
…
" الحديث بطوله في سرد الأسماء الحسنى. قال الحاكم: هذا حديث قد خرَّجاه في "الصحيحين" بأسانيدَ
(1)
"المستدرك"(635).
(2)
"المستدرك"(646).
(3)
"المستدرك"(1440).
(4)
"المستدرك"(2198).
صحيحة دون ذكر الأسامي فيه، والعِلَّة فيه عندهما أنَّ الوليد بن مسلم تفرد بسياقتِه بطوله وذِكْر الأسامي فيه ولم يذكرها غيره، وليس هذا بعِلَّة، فإني لا أعلمُ اختلافًا بين أئمة الحديث أنَّ الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبي اليَمَان وبِشر بن شعيب وعلي بن عياش وأقرانهم من أصحاب شُعيب
(1)
.
ب- تخريجه حديث حذيفة بن اليمان، يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني .... وفيه قول حذيفة للنبي صلى الله عليه وسلم: فما تأمرني إن أدركتُ ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".
قال الحاكم: هذا حديث مخرّج في "الصحيحين" هكذا، وقد خرَّجاه أيضًا مختصرًا من حديث الزهري عن أبي إدريس الخولاني، وإنما خرجته في كتاب العلم لأني لم أجد للشيخين حديثًا يدل على أنَّ الإجماع حجة غير هذا، وقد خرجتُ في هذه المواضع من أحاديث هذا الباب ما لم يخرجاه
(2)
.
ج- وتخريجه حديث عبد الرحمن بن قُرْط، قال: دخلت المسجد فإذا حَلْقةٌ كأنما قُطعت رؤوسهم، وإذا رجلٌ يحدثهم، فإذا هو حذيفة، قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وذكر الحديث بطوله.
قال الحاكم: متن هذا الحديث مخرَّج في الكتابين، وإنما خرَّجتُه في هذا الموضع للإصغاء إلى المحدّث وكيفية التوقير له، فإنَّ هذه اللفظة لم يخرجاها في الكتابين
(3)
.
د- تخريجه لحديث كعب بن عُجْرة قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإنَّ الله قد علَّمنا كيف نسلّم عليكم؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد"
…
الحديث. قال الحاكم: وقد روى هذا
(1)
"المستدرك"(41).
(2)
"المستدرك"(391).
(3)
"المستدرك"(422).
الحديثَ بإسناده وألفاظه حَرْفًا بعد حَرْف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن موسى بن إسماعيل في "الجامع الصحيح"، وإنما خرجتُه ليَعلَم المستفيدُ أنَّ أهلَ البيت والآل جميعًا هُم
(1)
.
هـ - تخريجه لحديث أبي سلمة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصابت أحدَكُم مصيبةٌ فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي". قال الحاكم: حديث مخرّج في "الصحيحين"، وإنما خرجته لأني لم أجد لأبي سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا مسندًا غير هذا
(2)
.
5 -
ترخصه بذكر تفسير آية أو خبرٍ من مناقب الصحابة عن التابعي من قوله، أو من مُرسَله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك من شرطه، لكنه يترخّص بذلك إذا لم يجد في الباب غيره، ومن ذلك:
أ - تخريجه لتفسير قول الله عز وجل: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} عن أبي إسحاق السبيعي وعمرو بن ميمون الأودي، وهما تابعيان، قال الحاكم: لم أجد فيه حرفًا مسندًا، ولا قولًا للصحابة، فذكرتُ فيه حرفين للتابعين
(3)
.
ب- تخريجه لتفسير قوله تعالى في سورة القارعة: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} عن الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم: هذا حديث مرسل صحيح الإسناد، لم أجد لهذه السورة تفسيرًا على شرط الكتاب، فأخرجته إذ لم أستجز إخلاءه من حديث
(4)
.
وذلك أن شرط الحاكم في التفسير أن يذكر تفسير النبي صلى الله عليه وسلم موصولًا، أو تفسير الصحابي، لأنه كان يرى أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل حديث
(1)
"المستدرك"(4761).
(2)
"المستدرك"(6787).
(3)
"المستدرك"(1991) و (3992).
(4)
"المستدرك"(4012).
مسندٌ
(1)
.
ج- ولما لم يجدِ الحاكم في مناقب سلمة بن سلامة بن وَقْش غير مرسل عروة ابن الزبير أتى به من طرق عن عروة، ثم بيّن بأنه صحيح الإسناد إلى عروة، فقال: صحيح الإسناد وإن كان مرسلًا. ثم ذكر مسوّغ ذكره له، فقال: وفيه منقبة شريفة لسلمة بن سلامة
(2)
.
6 -
ترخصه بذكر الحديث الذي فيه انقطاع أو راو ضعيف أو راو مجهول في نقده هو، وذلك ليس من شرط كتابه، لكنه خرّجه لوجود أصل لذلك الحديث من وجه آخر، أو وجود متابعات له سواء كانت تلك المتابعات تامةً أو قاصرةً، أو وجود شاهد صحيح، فمن ذلك:
أ- لما خرج حديث أبي هريرة في سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بماء البحر، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"هو الطَّهُورُ ماؤه، الحِلُّ مَيْتَتُه"، من رواية سعيد بن سلمه مولى لآل الأزرق أنَّ المغيرة بن أبي بردة -رجل من بني عبد الدار- أخبره أنه سمع أبا هريرة. ثم أورد متابعات لسعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة، ثم قال: مثل هذا الحديث لا يُعلَّل بجهالة سعيد بن سَلَمة والمغيرة بن أبي بُرْدة، على أنَّ اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات
(3)
.
ب - ولما خرّج حديث محمد بن سليمان العَيْذي عن هارون بن سعد عن عمران بن ظبيان عن أبي تَحْيى سمع عليًّا يحلفُ: لأنزَلَ اللهُ تعالى اسم أبي بكر من السماء صِدِّيقًا. قال: لولا مكان محمد بن سليمان العيذي من الجهالة لحكمتُ لهذا
(1)
"المستدرك" بإثر (3058). وقد تقدم بيانه موضحًا في الفرع العاشر.
(2)
"المستدرك" بإثر (5876).
(3)
"المستدرك"(495 - 504). ويناقش الحاكم في حكمه بجهالة الرجلين المذكورين، وقد وثقهما النسائي وغيره وروى عنهما جماعةٌ، وعلى كلّ فهو يصلح مثالًا على منهجه في ذكر الحديث الذي فيه راو مجهول نظرًا لوجود متابعات له.
الإسناد بالصحة، وله شاهدٌ مِن حديث النزال بن سَبْرة عن عليٍّ عليه السلام
(1)
.
ج- ولما خرّج حديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: حدثت عن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: بينما أنا أتجهز بمكة إلى أبي تبعتني هند بنت عتبة بن ربيعة
…
فذكرت قصة هجرتها. قال: هذا حديث فيه إرسال بين عبد الله بن أبي بكر وزينب رضي الله عنهم، ولولاه لحكمت على شرط مسلم، وقد روي بإسناد صحيح على شرط الشيخين مختصرًا، فذكر نحوه من حديث عروة بن الزبير عن عائشة
(2)
.
د- وعندما خرّج حديث إسحاق بن بَزُرْج عن زيد بن الحسن بن علي عن أبيه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نَجِد، وأن نتطيَّب بأجود ما نجد، وأن نُضحي بأسمن ما نجد، البقرة عن سبعة، والجَزُور عن عشرة، وأن تُظهِرَ التكبير، وعلينا السَّكينة والوقارُ. قال: لولا جهالة إسحاق بن بَزُرْج لحكمتُ للحديث بالصحة. وقد أتى الحاكم به بعد حديث ابن عباس الذي صححه على شرط البخاري في إجزاء البَدَنة عن عشرة في النحر
(3)
، فهذا موضع شاهده.
هـ - ولما خرج خبر عُمارة بن غَزِيّة: أن أبا أيوب الأزدي مرَّ على معاوية، فذكر الحديث الذي تقدم لأبي أيوب الأنصاري بطوله. قال: هذا حديث مرسل؛ فإن بين عمارة بن غزية وبين أبي أيوب ومعاوية مفازةً، وحديث أبي أيوب الأنصاري متصل مسند
(4)
.
وانظر أيضًا ما تقدم آنفًا من المراسيل التي أوردها في "المستدرك"، مع أنه يذهب إلى عدم الاحتجاج بالمرسل، وما ذلك إلا ترخصًا لبعض الأسباب المذكورة.
(1)
"المستدرك"(4483).
(2)
"المستدرك"(7006) و (7007).
(3)
"المستدرك"(7750) و (7751).
(4)
"المستدرك"(6063).
7 -
ترخُّصه بذكر الحديث الذي ليس على شرطه لتداول العلماء أو الفقهاء له مع وجود متابعة أو شاهد له، ومن ذلك:
أ- تخريجه لحديث أبي صالح عن ابن عباس، قال: لَعَنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زائراتِ القبور والمتَّخِذِين عليها المساجد والسُّرُج. قال الحاكم: أبو صالح هذا ليس بالسمان المُحتجّ به، إنما هو باذان، ولم يَحتج به الشيخان، لكنه حديث متداول فيما بين الأئمة، ووجدتُ له متابعًا من حديث سفيان الثوري في متن الحديث فخرجته
(1)
.
ب - ولما خرج حديث مالك عن صفوان بن سُلَيم عن سعيد بن سلمة مولى لآل الأزرق أنَّ المغيرة بن أبي بردة - رجلٌ من بني عبد الدار- أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونَحمِلُ معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله:"هو الطَّهُورُ ماؤُه، الحِلَّ مَيْتتُه" أورد الحاكم بعده متابعين لمالك ليسا على شرطه، وهما عبد الرحمن بن إسحاق وإسحاق بن إبراهيم المُزَنِي، ثم قال الحاكم: قد رَوَيتُ في متابعات الإمام مالك بن أنس في طرق هذه الحديث عن ثلاثة ليسوا من شرط هذا الكتاب: وهم عبد الرحمن بن إسحاق وإسحاق بن إبراهيم المُزَني وعبد الله بن محمد القُدَامي، وإنما حَمَلَني على ذلك أن يعرف العالم أنَّ هذه المتابعات والشواهد لهذا الأصل الذي صَدَّرَ به مالك كتاب "الموطأ"، وتداوَلَه فقهاء الإسلام رضي الله عنهم من عصره إلى وقتنا هذا، وأنَّ مثل هذا الحديث لا يُعلَّل بجهالة سعيد بن سَلَمة والمغيرة بن أبي بردة، على أنَّ اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات
(2)
.
(1)
"المستدرك"(1400). وباذان هذا متفق على ضعفه.
(2)
"المستدرك"(495 - 496) وقوله هذا الذي قاله هو بإثر (504). ويناقش الحاكم هنا في أمرين: أولهما: في إشارته إلى رواية القدامي، مع أنه لم يذكر روايته في "المستدرك"، وثانيهما: أن الحاكم كأنه ظنّ عبد الرحمن بن إسحاق هو الواسطي الضعيف، وبنى عليه أن روايته ليست على شرطه، =
ج- وعندما خرّج حديث عبد الله بن عُمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُكبِّر يومَ الفطر من حين يخرجُ من بيته حتى يأتي المصلَّى. قال بإثره: هذا حديث غريب الإسناد والمتن، غير أن الشيخين لم يحتجا بالوليد بن محمد الموقري، ولا بموسى ابن عطاء البَلْقاوي، وهذه سنة تداولها أئمة أهل الحديث، وصحت به الرواية عن عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة
(1)
.
8 -
ترخصه بتخريج الحديث الذي ليس من شرط الكتاب، استغرابًا وتعجبًا من متنه أو من زيادة فيه غريبةٍ ليبين غرابتها، ومن ذلك:
أ- تخريجه لحديث نُعيم بن حماد عن ابن لهيعة عن عبد الوهاب بن حسين عن محمد بن ثابت البناني عن أبيه عن الحارث عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خروجُ الدابَّة بعد طلوع الشمس من مغربها، فإذا خَرَجَت قَتَلَت إبليس وهو ساجدٌ" ..... قال الحاكم بين يدي هذا الحديث: حديث إسناده خارج شرط الكتب الثلاث، أخرجته تعجبًا إذ هو قريب مما نحن فيه
(2)
.
ب - تخريجه لحديث الجَرّاح بن المنهال عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنَّ عامر بن ربيعة رجلًا من بني عدي بن كعب، رأى سهل بن حنيف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالخَرّار، فقال: والله ما رأيتُ كاليوم قط، ولا جِلدَ مُخبأة، فلُبِط سهلٌ وسقط، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل بن حنيف؟ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة، فتغيظ عليه، وقال:"لِمَ يقتل أحدكم أخاه -أو صاحبه- ألا يدعو بالبركة، اغتسل له"، فاغتسل له عامر، فراح سهل وليس به بأس. والغسل أن يُؤتَى بقَدَح فيه ماءٌ فيُدخِل يديه في القدح جميعًا، ويُهريقُ على وجهه من القدح، ثم يغسل
= والصحيح أن عبد الرحمن بن إسحاق هذا هو المدني، الصدوق، وقد احتج به الحاكم في مواضع عديدة من "المستدرك".
(1)
"المستدرك"(1117).
(2)
(المستدرك" (8803).
فيه يده اليمنى، ويغتسل من فيه في القدح، ويدخل يده فيغسل ظهره، ثم يأخذ بيده اليسار فيفعل مثل ذلك، ثم يغسل صدرَه في القدح، ثم يغسل ركبته اليمنى في القدح، وأطراف أصابعه، ويفعل ذلك بالرجل اليسرى، ويُدخل داخل إزاره، ثم يغطي القدح قبل أن يضعه على الأرض فيحثو منه، ويتمضمض ويُهرِيق على وجهه، ثم يصُبُّ على رأسه، ثم يلقي القدح من ورائه.
قال الحاكم: أما الجَرّاح بن المنهال فإنه أبو العطوف الجَزَري، وليس من شرط الصحيح، وإنما أخرجتُ هذا الحديث لشرح الغسل كيف هو، وهو غريب جدًا مسندًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
الفرع الحادي عشر: اعتراضات أخرى على الحاكم غير ما تقدم ذكره:
وإذا كان ما تقدم ذكره مما ترخص فيه الحاكم لا يتوجه عليه فيه اعتراض؛ لكونه بين العِلّة في خروجه فيه عن شرطه الذي اشترطه في هذا الكتاب، فإنه قد وقع منه ما يتوجّه الاعتراض عليه فيه مما لا حجة تدفعه، بل هو داخل في حكم ما ينتاب البشر من الغفلة والسهو والنسيان، ولا سيما أنه صنف هذا الكتاب في آخر سِنِي حياته كما يظهر من تاريخ إملائه للكتاب حيث شرع فيه سنة 393 هـ، وكان عمره إذ ذاك اثنتين وسبعين سنةً، واستمر فيه إلى ما بعد الثمانين من عمره، وقد سُجِّل له آخرُ إملاء بعد منتصف الكتاب بقليل سنة ثلاث وأربع مئة (انظر الحديث: 4961)، أي: قبل وفاته بسنتين
(2)
، وترك بقيّته مسودًا، فأجاز به تلامذته.
وقد أشار إلى ذلك البيهقي الذي يُعد من أكثر تلامذة الحاكم له ملازمةً في غير موضع من كُتبه، وهو مما يُعتذر به عن الحاكم فيما وقع له في كتابه هذا من أوهام، حيث كان البيهقي يقول: أخبرنا الحاكم فيما لم يُمل من كتاب "المستدرك"، أو
(1)
"المستدرك"(5847).
(2)
وقد وقع على حاشية النسخة الأزهرية وحدها مقابل الحديث (6246) نقلًا عن أصلها المنسوخ عنه ما يفيد أنه آخر ما أملاه الحاكم من "المستدرك"، والله تعالى أعلم.
فيما أجازه من كتاب "المستدرك"
(1)
، وهذا يفيد أنه ترك منه قسمًا مُسوَّدًا لم يُراجعه ولم يُنقّحه، لأنَّ الحاكم على عادة المحدّثين في مجالس الإملاء لما كان يريد إملاء قسم من الكتاب على تلامذته كان يراجع ذلك القسم الذي ينوي إملاءه، ولكنه حال دون إتمام إملائه أمرٌ ما، فترك قسمًا منه، وأجاز به تلامذته، ومنهم البيهقي، فظهر فيه ما ظهر؛ مما عَجِل فيه الحاكم في حُكمه، أو مما نسيه من أحوال الرجال بحُكم كبر سنه، أو مما يكون قد نقله من بعض كتبه فسبَقَ قلمه بنقل خاطئ، إلى غير ذلك من الاحتمالات.
وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن حجر حين قال معتذرًا عن الحاكم فيما وقع له من أوهام: وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سَوّد الكتاب ليُنقّحه فأعجلته المَنيّةُ، قال: وقد وجدتُ في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من "المستدرك": إلى هنا انتهى إملاء الحاكم، قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخَذُ عنه إلا بطريق الإجازة، فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس له ملازمةً البيهقي، وهو إذا ساق عنه من غير المُملى شيئًا لا يذكره إلا بالإجازة، قال: والتساهل في القدر المُملَى قليل جدًا بالنسبة إلى ما بعده
(2)
.
وقد نوَّه البيهقي في مواضع من كتبه إلى بعض أخطاء شيخه الحاكم وأوهامه في كتابه "المستدرك"
(3)
.
ومن هذه الاعتراضات تصحيحه أحاديثَ قوم ضعفهم هو، بل أحاديثَ قومٍ آخرين أطلق عليهم الكذب:
فقد صحح رحمه الله لقوم تكلَّم فيهم هو في كتابه "المدخل إلى الصحيح"، مع أنه قال في مقدمة كتاب "المدخل": وأنا مبين - بعون الله وتوفيقه - أسامي قوم من
(1)
انظر "السنن الكبرى" 8/ 272 و 10/ 196، و "البعث والنشور"(465).
(2)
نقله عنه تلميذه البرهان البقاعي في "النكت الوفية بما في شرح الألفية" 1/ 142.
(3)
انظر "المدخل إلى السنن الكبرى"(423 - 424)، و "السنن الكبرى" 6/ 279 و 322.
المجروحين، ممن ظهر لي جرحهم اجتهادًا ومعرفةً بجرحهم، لا تقليدًا فيه لأحد من الأئمة، وأتوهم أن رواية أحاديث هؤلاء لا تَحِلُّ إلا بعد بيان حالهم.
قال الزركشي: صحح في "المستدرك" أحاديث جماعةٍ، وأخبر في كتاب "المدخل" أنهم لا يُحتج بهم، وأطلق الكذب على بعضهم، هذا مع أن مستند تصحيحه ظاهرُ السَّنَد، وأنَّ رواته ثقات، ولهذا يقول: صحيح الإسناد، وصحة الإسناد شرط من شروط [صحة] الحديث، وليست مُوجبةً لصحته، بل في "المستدرك" أحاديث مسكوت عنها، وأسانيدها صحيحةٌ أو حسنةٌ أو ضعيفةٌ، فيُحكم عليها بما يقتضيه حال أسانيدها
(1)
.
فهذا غريب من الحاكم حقًا، اللهم إلا أن يكون الجرح في بعضهم خاصًا بحالة التفرُّد، إما لسوء الحفظ أو لمذهب غير محمود؛ كالرفض مثلًا، ويكون تصحيحُ الحاكم لمثل هؤلاء إما لمتابعة الثقات لهم على مثل رواياتهم، بما يدل على أنهم أصابوا فيها، أو لكونهم رَوَوا ما يُخالف مذاهبهم، فيُظَنُّ عند ذلك الصدق، فمِثلُ هذا ممكن، وأما ما عداه فتصرُّفٌ غريب منه، لكن يبقى احتمال أن يكون اجتهاده قد تغيّر فيمن صحح له منهم، والله تعالى أعلم.
على أنه كان يَنصُّ على كثيرٍ منهم بأنهم ليسوا من شرط كتابه، ويروي لهم في الشواهد، كما في الأمثلة التي سبق ذكرها في الفرع العاشر من المطلب الثاني.
ونحن وإن كنا نوافقه فيمن يمكن انجبار روايته منهم بالمتابعات والشواهد، فإننا لا نوافقه الرأي فيمن أطلق عليه الكَذِب منهم، أو أنه روى نسخة موضوعةً، ومن أمثلة ذلك:
أ- ما قاله في حق حسين بن عُلوان في "المدخل": شيخ من أهل مكة، روى عن هشام بن عروة أحاديث أكثرها موضوعة
(2)
، ثم يروي له عن هشام بن عروة عن أبيه
(1)
"النكت على مقدمة ابن الصلاح" 1/ 226.
(2)
"المدخل إلى الصحيح" 1/ 158 ترجمة (38).
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا لي سيّد العرب" فقلتُ: يا رسول الله، ألستَ سيدَ العرب؟ قال:"أنا سيد ولد آدم، وعليٌّ سيد العرب"، ويَعُدُّ روايته هذه شاهدًا
(1)
، فمثل هذا لا يُقبل من الحاكم البتة، ويُستنكر عليه إخراجه أشدَّ النَّكير.
ب- وأعجبُ منه قوله في "المدخل" في حق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: روى عن أبيه أحاديث موضوعةً، لا تخفى على من تأمّلها من أهل الصنعة أن الحَمْل فيها عليه
(2)
. ثم يروي له عن أبيه عن جده عن عُمر بن الخطاب قال: قال رسول الله: "لما اقترف آدم الخطيئة، قال: يا ربِّ، أسألك بحقِّ محمدٍ لما غَفَرتَ لي، فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت محمدًا ولم أخلُقه؟ قال: يا ربِّ، لأنك لما خلقتني بيدك ونفخْتَ فِيَّ من رُوحِك رفعت رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمتُ أنك لم تُضِف إلى اسمِك إلَّا أحبَّ الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحبُّ الخلق إليَّ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرت لك، ولولا محمدٌ ما خَلَقتُك". وصحح إسناده
(3)
! فلو أنه اقتصر على إيراد روايته هذه لكان ذلك أمرًا منكرًا منه، أما أن يصحح الإسناد فهذا أشد نكارةً.
ج- وكذلك قال في حقِّ شيخه أبي أحمد علي بن محمد بن عبد الله المروزي، ونسبه مرةً: الحَمّادي
(4)
، ومرة: الأزرقي
(5)
، حيث صحح له حديثين، مع أنه قال فيه: يكذب مثل السُّكَّر
(6)
، وقال عنه مرة لما سأله تلميذه الخليلي: هو أشهر في اللين من أن تسألني عنه
(7)
.
(1)
"المستدرك"(4676).
(2)
"المدخل إلى الصحيح" 1/ 180 ترجمة (97).
(3)
"المستدرك"(4274).
(4)
"المستدرك"(4312).
(5)
"المستدرك"(8691).
(6)
"سؤالات السجزي للحاكم" ترجمة (30).
(7)
"الإرشاد" للخليلي 3/ 906.
المطلب الثالث: عنايةُ العلماء بكتاب "المستدرك" قديمًا وحديثًا:
ومع كل ما سبق مما اعترض به على الحاكم في "مستدركه"، فإنَّ لهذا الكتاب عند العلماء أهمية واضحة، فلذا أولَوْه عنايةً خاصةً؛ اختصارًا له، وبيانًا لزوائده، وتعليقًا عليه، وبيانًا لأحوال رجال أسانيده، واستنباطًا لمنهج الحاكم فيه، إلى غير ذلك من الدراسات التي يستحقها مثله من الدواوين المهمة التي اشتملت على الأحاديث النبوية الصحيحة، فكان من أبرز العلماء الذين اعتنوا به قديمًا:
1 -
الحافظ الذهبي، الذي قام بتلخيصه، والحكم على بعض أحاديثه في أثناء ذلك، ولكنه لم يستوفِ الحُكم عليها، ولذلك قال وهو يتحدث عن الكتاب: هو كتاب مفيد، قد اختصرته، ويُعوِزُ عملًا وتحريرًا. قلنا: كأن الذهبي عمل ذلك المختصر لنفسه في بداية الطلب على عادته في اختصار الكتب، إذ كان يفعل ذلك من أجل أن يسهل عليه مطالعتها واستظهارها، لكنه وجد الكتاب بحاجة إلى تحرير فأرجأ ذلك لوقت آخر، فشَغَله عنه تصنيفه لغيره من الكتب المهمة، فنبه على حاجة الكتاب للعمل والتحرير، ليتصدَّى لذلك من يأنس من نفسه الأهلية والكفاية للقيام بذلك العمل والتحرير، والله أعلم.
ويمكن النظر في أقوال الذهبي من خلال بقية كتبه حول كثير من أحاديث "المستدرك" التي سكت عنها في "التلخيص"، ولا سيما "ميزان الاعتدال"، فيمكن أن تضاف تلك الأقوال إلى "تلخيصه" إتمامًا لعمله، على أن الذهبي - كما ظهر لنا- قد يتغير اجتهاده في بعض أحكامه التي في "التلخيص"، وبخاصة في كتبه التي صنفها مؤخرًا بعد أن تقدّم سنه وعلا كعبه في العلم، وأصبح ذا ملكة راسخة في التحقيق في علمي الحديث والرجال، كـ "سير أعلام النبلاء" و "تذكرة الحفاظ".
وصنف الذهبي أيضًا جزءًا مفردًا جمع فيه "موضوعات المستدرك"، وقد أشار إليه وهو يتحدث عن الكتاب بقوله: وفي غضون ذلك أحاديثُ نحو المئة يشهد القلب
ببطلانها، كنت قد أفردت منها جزءًا، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء
(1)
. وقد طبع هذا الجزء.
2 -
الإمام سراج الدين ابن الملقن، الذي قام بجمع واختصار استدراك الذهبي على "المستدرك"، وقد سماه ابن الملقن نفسه لما سرد أسماء مصنفاته بـ "الاعتراضات على المستدرك"
(2)
، ووقع مسمّى في بعض أصوله الخطية بـ "مختصر استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك الحاكم"، وبهذا الاسم طبع. وسمي في بعض الأصول):"النُّكَت اللطاف في بيان الأحاديث الضِّعاف المُخرَّجة في مستدرك الحاكم النيسابوري"، وقد زاد ابن الملقن فيه بعض التعليقات من قوله هو، وقال في مقدمة كتابه "البدر المنير": قد أفردتُ ما ردّ به الذهبي على الحاكم أبي عبد الله في "تلخيصه لمستدركه" بزيادات ظَفِرتُ بها، فجاءت سبعة كراريس.
ثم قال: واعلم أيها الناظر في هذا الكتاب (يريد كتابه "البدر المنير") إذا رأيتنا نقلنا عن الحاكم تصحيحًا لحديث وسكتنا عليه، فشُدّ على ذلك يديك، فإنا سَبَرْنا إسناده، ويكون الأمر كما قاله، وما لم يكن كذلك، فإنا نَشفَعُه بالاعتراض عليه إن شاء الله تعالى
(3)
. قلنا: وعلى هذا فيمكن تجريد ما تكلم به ابن الملقن في "البدر المنير" عن أحاديث الحاكم ليتمم به ما لم يُعلّق عليه في "اختصاره" لـ "تلخيص الذهبي".
وقد ذكر ابن حجر لابن الملقن كتابًا في رجال أحمد وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم سماه "إكمال تهذيب الكمال"، قال السخاوي: قد رأيت منه مجلدًا وأمره فيه سهل
(4)
.
(1)
"سير أعلام النبلاء" 17/ 175 - 176.
(2)
"العقد المذهب في طبقات حملة المذهب" ص 433.
(3)
"البدر المنير" 1/ 317.
(4)
"الضوء اللامع" 6/ 102، وهو الذي نقل عن ابن حجر قوله في ذكر الكتاب.
3 -
الحافظ زين الدين العراقي، الذي أملى على "المستدرك" في سبعة مجالس استدراكات وتعقُّبات على بعض الأحاديث التي أوردها الحاكم فيه، بعد أن رواها العراقي بإسناده مُستخرجًا إياها على الكتاب، ولهذا سماه:"المُستخرج على المستدرك"
(1)
. وهو مطبوع.
4 -
برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي، المعروف بسبط ابن العَجَمي، له "تلخيص المستدرك"
(2)
، وسُمّي في أصل خطيٍّ منه ذكره الدكتور نور الدين العتر والدكتور محمود ميرة "حواشي سبط ابن العجمي"
(3)
.
5 -
الحافظ ابن حجر العسقلاني، الذي شرع بالتعليق على "المستدرك"، كما ذكر تلميذه الحافظ السخاوي في ترجمته لدى حديثه عن مصنفاته
(4)
.
وله أيضًا تجريدٌ لأطراف "المستدرك" ضمن كتابه "إتحاف المهرة بزوائد المسانيد العشرة"، وكان له تعقّباتٌ على بعض أحاديث الحاكم، لكنه لم يقصد إلى ذلك، فلم يستوف التعليق على جميع أحاديثه.
6 -
الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه "توضيح المُدرَك في تصحيح المستدرك"، ذكره السيوطي لما ترجم لنفسه، وذكر مصنفاته
(5)
.
ثم تصدى للكتابة حول الحاكم و "مستدركه" ثلّةٌ من أهل العلم والمعرفة من الفضلاء المعاصرين، فممن وقفنا عليه.
1 -
الدكتور محمود ميرة، له كتاب "الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك"، وهو رسالة علمية، ويعدُّ كتابه هذا من أوائل ما كُتب في هذا الموضوع.
(1)
كما في كتابه الآخر "ذيل ميزان الاعتدال" في ترجمة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ص 142 (507).
(2)
"الرسالة المستطرفة" لمحمد بن جعفر الكتاني ص 22.
(3)
قال ذلك الدكتور محمود ميرة في "الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك" ص 469.
(4)
"الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" 2/ 661.
(5)
"حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" 1/ 340.
2 -
صلاح الدين السنكاوي، له كتاب "الإمام الحاكم وما استدركه على الصحيحين"، وهو رسالة علمية.
3 -
مقبل بن هادي الواعي، له كتاب "رجال الحاكم في المستدرك".
4 -
عبد الله مراد علي البلوشي الباكستاني، له كتاب "تعليقات على ما صححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي".
5 -
رمضان أحمد علي، له كتاب "تنبيه الواهم على مستدرك الحاكم"، قام الباحث فيه بالتعليق على تصحيحات الحاكم، وتعقبه في كثير منها، اعتمد في أكثر تعقباته على كتب المحدّث الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله وغيره، وقد بلغت هذه التعليقات والتعقبات ألفًا وخمس مئة وواحدًا وسبعين.
6 -
الدكتور عبد السلام علوش، خرّج أحاديث "المستدرك"، وسمى تخريجه "الدرك بتخريج المستدرك"، ومعه "الاستدراك على المستدرك"، و "المدخل إلى المستدرك".
وله أيضًا كتاب "المعلم بما استدركه الحاكم وهو في البخاري ومسلم"، و "زوائد المستدرك على الكتب الستة".
7 -
الدكتور خالد بن منصور الدريس، له كتاب "الإيضاح الجلي في نقد مقولة صححه الحاكم ووافقه الذهبي".
8 -
الدكتور عادل حسن علي، له كتاب "الإمام الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك مع العناية بكتاب التفسير".
9 -
الدكتور عزيز رشيد الدايني، له كتاب "تصحيح أحاديث المستدرك بين الحاكم النيسابوري والحافظ الذهبي"، وهو رسالة علمية.
10 -
محمد محمود عطية، له كتاب "الانتباه لما قال الحاكم: ولم يخرجاه وهو في أحدهما أو روياه".
11 -
نايف بن صلاح المنصوري، له كتاب "الروض الباسم بتراجم شيوخ
الحاكم"، ولخّص أحكامه أبو الحسن المأربي السليماني.
12 -
صالح أحمد الشامي، له كتاب "زوائد ابن خزيمة وابن حبان والمستدرك على الكتب التسعة".
13 -
أحمد أبو المعاطي خشوعي، له "تحقيق ودراسة كتاب المستدرك على الصحيحين للإمام أبي عبد الله الحاكم" من كتاب معرفة الصحابة، من أول باب ذكر مناقب عبد الله بن مسعود.
14 -
عطية بن نوري الفقيه، له "المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم دراسة وتحقيقًا" من حديث "إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله" إلى نهاية حديث "مراء بالقرآن كفر".
وهناك رسائل علمية أخرى في جامعة الأزهر وجامعة أم القرى في تحقيق الكتاب.
المبحث الثاني
نسخ "المستدرك" الخطية التي اعتمدناها في تحقيقه، وخطتنا في تحقيق الكتاب، وطبعاته السابقة وما تميزت به طبعتنا عنها
المطلب الأول: النسخ الخطية التي اعتمدناها في تحقيق كتاب "المستدرك":
لقد توفر لنا بحمد الله تعالى جملة من مصورات عن الأصول الخطية الموجودة في بعض مكتبات المخطوطات العربية، وهي نسخ يعود معظمها للقرن الثامن الهجري، ولم يتيسّر لنا نسخ أقدم منها، وكأنَّ هذا الكتاب لم يُكتب له الانتشار والذيوع إلَّا بعد قرون من وفاة مصنفه رحمه الله، وربما كان له نسخ خطية قد أتى عليها ما أتى على كثير من تراثنا الإسلامي من كوائن وأحداث أدّت إلى تلف كثير منه، ولا سيما في عهد الغزو المغولي الذي شمل بلدان الخلافة الشرقية، وامتد لأجزاء واسعة بلدان الخلافة في العراق والشام، وكذلك الغزو الصليبي الذي طال كثيرًا من البلاد الإسلامية في الشام ومصر وغيرها، إضافة إلى ما تعرضت له كثير من كتب التراث للتلف بسبب عوامل الرطوبة والفيضانات والزلازل وغير ذلك.
وعلى كل حال فالذي توفر لنا من تلك الأصول الخطية قد حصل لنا فيه الكفاية، وقد كنا نجد في كتب الإمام البيهقي - الذي حفظ لنا كثيرًا من تراث شيخه الإمام أبي عبد الله الحاكم - خير مُعين لنا في تحقيق كثير من الأمور التي لم تسعفنا فيها تلك الأصول الخطية، فنحسب أن ما توفر لنا من ذلك فيه الكفاية والمقنع بإذن الله تعالى.
ومن جملة ما توفر لنا من أصول "المستدرك" الخطية:
1 - النسخة الأزهرية والمرموز لها بـ (ز):
وهي نسخة تامة سوى خرم يقترب من مئة لوحة في الجزء السابع بتقسيمنا، بالإضافة إلى سقط في لوحات متفرقة، نشير إليها أثناء التحقيق.
وهذه النسخة محفوظة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة تحت رقم (624 / رواق المغاربة)، قام بنسخها محمد بن أبي القاسم الفارقي سنة 718 هـ.
وتقع في أربعة مجلدات، وهي من أجود النسخ التي وقعت لنا، ولذلك اعتمدناها أصلًا، وهي مقسمة على النحو الآتي:
- المجلد الأول: يقع في 263 لوحة، يبدأ ببداية "المستدرك"، وهو كتاب الإيمان، وينتهي بكتاب فضائل القرآن.
- المجلد الثاني: يقع في 299 لوحة، يبدأ بكتاب البيوع، وينتهي بكتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين.
- المجلد الثالث: يقع في 314 لوحة، يبدأ بكتاب الهجرة، وينتهي بذكر مناقب ابن عباس من كتاب معرفة الصحابة.
- المجلد الرابع: يقع في 272 لوحة، يبدأ بذكر وفاة ابن عباس من كتاب معرفة الصحابة، وينتهي بكتاب الأهوال، وهو آخر كتاب في "المستدرك".
وقد جاء في آخره: آخر كتاب الأهوال، وهو آخر كتاب الجامع الصحيح المستدرك، تأليف الحاكم الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ رحمه الله تعالى، والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
فرغ من نسخه العبد الفقير محمد بن أبي القاسم الفارقي - رفق الله بهما - في سلخ ذي الحجة، سنة ثمان عشرة وسبع مئة بالقاهرة المُعزّية.
2 - نسخة الجامع الكبير بصنعاء، والمرموز لها بـ (ص):
اشتملت على معظم الكتاب من بدايته إلى الحديث رقم (7787) من كتاب الذبائح.
وهي محفوظة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء باليمن، وكانت في ملك العلامة النَّظار محمد بن إبراهيم بن الوزير اليماني صاحب كتاب "العواصم والقواصم"، وعليها خطه مؤرخًا بسنة 834 هـ.
وقد كتبت بخط نسخي، والذي عندنا منها ستة أجزاء مقسمة على النحو الآتي:
الجزء الأول: يقع في 125 لوحة.
الجزء الثاني: يقع في 134 لوحة.
الجزء الثالث: يقع في 164 لوحة.
الجزء الرابع: يقع في 133 لوحة.
الجزء الخامس: يقع في 124 لوحة.
الجزء السادس: يقع في 113 لوحة.
3 - نسخة في دار الكتب المصرية، والمرموز لها بـ (ك):
وهي محفوظة في دار الكتب المصرية تحت رقم (29249/ ب).
اشتملت على قطعة من "المستدرك"، تبدأ من كتاب الأشربة، وتنتهي بنهاية الكتاب.
كُتب في نهايتها: كان الفراغ من هذه النسخة خامس شعبان المبارك، سنة سبع وعشرين وسبع مئة على يد العبد الفقير إلى ربه مسعود بن عبد الرحيم غفر الله له ولصاحبه ولمن نظر فيه، ولجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
وتقع في 199 لوحة.
4 - نسخة الخزانة الناصرية، ولها صورة بدار الكتب المصرية، والمرموز لها بـ (م):
صورتها في دار الكتب المصرية تحت رقم (617/ حديث)، وهي مكونة من جزئين، الموجود منها فيها هو الجزء الثاني فقط، ويبدأ بكتاب الهجرة وينتهي بنهاية الكتاب.
وتقع في 89 لوحة، نسخت في سنة 811 هـ عن أصل تم نسخُه في سنة 730 هـ.
5 - نسخة في دار الكتب المصرية، والمرموز لها بـ (ع):
وهي محفوظة في دار الكتب المصرية تحت رقم (443/ حديث)، والموجود منها مجلدان، من أول الكتاب حتى مناقب سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي من كتاب معرفة الصحابة، أي حتى الحديث رقم (5173).
ويقع المجلدان في 512 لوحة، نسخت سنة 1042 هـ، وناسخها هو عبد الله بن
صلاح الحَيْميّ.
6 - نسخة مكتبة الشيخ محب الله في باكستان، والمرموز لها بـ (ب):
وهي نسخة تامة تقع في مجلدين: المجلد الأول عدد لوحاته 384 لوحة، والمجلد الثاني عدد لوحاته 381 لوحة.
وهي نسخة متأخرة كُتبت في سنة 1310 هـ.
المطلب الثاني: خُطّتنا في تحقيق الكتاب:
كانت بداية العمل في تحقيق هذا السِّفر الجليل في شهر تموز من صيف عام 2012 م، الموافق لشهر شعبان من سنة 1433 هـ، وكانت خطتنا في تحقيقه على النحو الآتي:
1 -
مقابلة الكتاب على النسخ الخطية المتوفرة لدينا، مع الإشارة إلى كل نسخة برمزها المذكور عند الاختلاف بينها، فإذا اتفقت هذه النسخ على حرف فنشير إليها بقولنا: في النسخ الخطية: كذا. ولا نشير إلا إلى الفروقات ذات الأهمية فيما نرى، لئلا نشوّش على القارئ ونشغله بما لا فائدة فيه.
2 -
ضبط المُشكِل من أسماء الرواة وألفاظ الحديث، مع إثبات علامات الترقيم وتفصيل فِقرات الكتاب، والإشارة في عدة مواضع إلى توجيه بعض اللغات الواردة في بعض الأحاديث.
3 -
الحكم على أسانيد الحاكم بعد دراسة رواتها دراسةً دقيقة، ثم الحكم على متون الأحاديث والآثار بما توافر لها من طرق وشواهد وَفْق المنهج العلمي الصحيح في الحكم على الأخبار، مع العناية ينقل تعقبات الحافظ الذهبي في "تلخيص المستدرك" على الحاكم إن وُجِدت، وربما نقلنا حكم غيره من أهل العلم بالحديث إن اقتضى الأمرُ ذلك.
4 -
أولَينا عنايةً خاصةً ببيان العلل الواردة على أحاديث الكتاب وآثاره.
5 -
تخريج الأحاديث والآثار من مظانها في مصادر الحديث، فإن كان الحديث أو
الأثر في الكتب الستة و"مسند أحمد" و"صحيح ابن حبان" أو في بعضها، اكتفينا بالعزو إليه، ويجد الباحث بُغْيته من التخريج فيما حققناه منها، وبخاصة "مسند أحمد" و"صحيح ابن حبان".
وربما كان الحديث أو الأثر في بعض هذه الكتب، إلا أننا نتوسع في تخريجه هنا إن اقتضت الحاجة ذلك.
فإن لم يكن الحديث في شيء من كتبنا المحققة ولا في "الصحيحين"، توسعنا بتخريجه من سائر مصادر الحديث والأثر، مبيِّنين طرقه بيانًا شافيًا.
6 -
بيان غريب الحديث ومُشكلِه بعبارة مُوجزة نقلًا عن مظانّه المناسبة من كتب اللغة والغريب وشروح الحديث.
7 -
تلافَينا ما وقعت فيه الطبعات السابقة من أخطاء، نتيجة اقتصارهم على ما في النسخ الخطية، مما تبيَّن لنا فيه الخطأ من خلال الرجوع إلى المصادر التي خرّجت الأخبار الواردة في "المستدرك" من طريق الحاكم، أو من أقرب طريق تلتقي معه بإسناده، وأهم هذه المصادر كتب البيهقي تلميذ الحاكم.
المطلب الثالث: الطبعات السابقة لكتاب "المستدرك":
طُبع هذا الكتاب عدة طبعات سبقت طبعتنا هذه، وهي متفاوتة في الجودة والإتقان، بحسب الأصول الخطية المعتمدة في تصويب نص الكتاب، كما تختلف تلك الطبعات فيما بينهما في الجهد المبذول في خدمة الكتاب، وفيما يلي ذكر تلك الطبعات:
1 -
طبعة مطبعة دائرة المعارف العثمانية النظامية في حيدر آباد الدَّكَن في الهند، سنة 1334 هـ.
ثم صُورت هذه الطبعة بدار المعرفة في بيروت سنة 1406 هـ/ 1986 م. وأغلب الطبعات التي تلتها اعتمدت عليها، مما أوقعها في الأخطاء نفسها كالسقوط والتحريفات وغيرها.
وقد أشرنا في عدة مواضع من حواشينا إلى بعض ما وقع فيها من السقط والتحريف والتقديم والتأخير، لكن ليس على سبيل الاستقصاء.
2 -
طبعة دار الكتب العلمية، بتحقيق مصطفى عبد القادر عطا، سنة 1400 هـ/ 1990 م.
3 -
طبعة دار الحرمين، في مصر، بتحقيق مقبل بن هادي الوادعي، سنة 1417 هـ/ 1997 م.
4 -
طبعة دار المعرفة بتحقيق أبي عبد الله عبد السلام بن محمد علوش، وقام بتخرج أحاديثه، وسمى تخريجَه "الدرك بتخريج المستدرك"، سنة 1418 هـ/ 1998 م.
5 -
طبعة مكتبة نزار مصطفى الباز، في الرياض، بتحقيق حمدي الدمرداش محمد، سنة 1420 هـ/ 2000 م.
6 -
طبعة دار الفكر في بيروت، بتحقيق الدكتور محمود مطرجي، سنة 1422 هـ/ 2002 م.
7 -
طبعة الدار العثمانية، في الأردن، بتحقيق صالح اللحام، ضمّنها تخريجات الشيخ الألباني رحمه الله، سنة 1428 هـ/ 2007 م.
8 -
طبعة دار التأصيل، تحقيق ودراسة مركز البحوث وتقنية المعلومات، في مصر، سنة 1435 هـ/ 2014 م.
9 -
طبعة دار الميمان، في الرياض، بتحقيق الفريق العلمي لمشروع موسوعة جامع السنة النبوية، سنة 1435 هـ/ 2014 م. وهي أجود هذه الطبعات، وفيها عناية ظاهرة في مقابلة بالكتاب بأصوله الخطية.
أهمّ ما تميّزت به طبعتنا:
لعلَّ أهم ما تميّزت به هذه الطبعة عن الطبعات السابقة للكتاب، هو أننا قُمنا بدراسة جميع الأحاديث والآثار والنقول الواردة فيه.
وتخريجها تخريجًا علميًا مبيَّنًا فيه طرقها.
مع الحكم عليها وعلى أسانيدها على وَفْق المنهج العلمي الذي يرتضيه أهل هذه الصَّنعة.
وقد بذلنا الطاقة واستفرغنا الوُسع في بيان المتابعات والشواهد لتلك الأخبار، بحيث يصلُ القارئ المُنصِف إلى قَناعة ورضًا بالحكم الذي انتهينا إليه إن شاء الله تعالى.
ونحن إذ أتينا على نهاية هذا العمل، فإننا نسأل الله عز وجل أن يتقبّله منا، وأن يجعله في ميزان أعمالنا حسنةً من الحسنات، ونحن إن كنا قد أحسنَّا فيه الجهد والعمل، فذلك بفضل الله تعالى ومَنّه، وإن كنا قَصّرنا في بعض ذلك، فمن جهة غفلتنا وسهونا، ونسأله سبحانه وتعالى العفو والغفران، والتوفيق والسَّداد والرَّشاد.
ولا يفوتنا في ختام هذه المقدّمة أن نتقدم بالشكر الجزيل والعرفان بالجميل، للأستاذ المفضال "محمد إقبال" رضوان دعبول - حفظه الله تعالى - على ما بذله لأجل هذا العمل، وعلى تصبُّره على مشاقّ تكاليفه، حرصًا منه على إتمامه، إيقانًا منه بأنَّ مثل هذا العمل حريٌّ بأن يخرج في هيئة علمية رصينة يرضى عنها أهل العلم، ولا سيما لكتاب قيِّم ومرجعٍ معتبَر مثل "المستدرك"، مما يتنافس فيه المتنافسون من أهل المعرفة، ويحرصون على اقتنائه ومطالعته، فجزاه الله خير الجزاء.
والحمد لله رب العالمين
د. محمد كامل قره بلي
عادل مرشد
عمّان في: 7 صفر 1438 هـ
7 تشرين ثاني 2016 م
نماذج من نسخ "المستدرك" المعتمدة في التحقيق
لوحة العنوان من ج 1 من نسخة (ز)
الصفحة الأولى من ج 1 من نسخة (ز)
الصفحة الأخيرة من ج 1 من نسخة (ز)
لوحة العنوان من ج 2 من نسخة (ز)
الصفحة الأولى من ج 2 من نسخة (ز)
الصفحة الأخيرة من ج 2 من نسخة (ز)
لوحة العنوان من ج 3 من نسخة (ز)
الصفحة الأولى من ج 3 من نسخة (ز)
الصفحة الأخيرة من ج 3 من نسخة (ز)
لوحة العنوان من ج 4 من نسخة (ز)
الصفحة الأولى من ج 4 من نسخة (ز)
الصفحة الأخيرة من ج 4 من نسخة (ز)
لوحة العنوان من ج 1 من نسخة (ص)
الصفحة الأولى من ج 1 من نسخة (ص)
الصفحة الأخيرة من ج 1 من نسخة (ص)
الصفحة الأولى من ج 2 من نسخة (ص)
الصفحة الأخيرة من ج 2 من نسخة (ص)
الصفحة الأولى من ج 3 من نسخة (ص)
الصفحة الأخيرة من ج 3 من نسخة (ص)
الصفحة الأولى من ج 4 من نسخة (ص)
الصفحة الأخيرة من ج 4 من نسخة (ص)
الصفحة الأولى من ج 5 من نسخة (ص)
الصفحة الأخيرة من ج 5 من نسخة (ص)
الصفحة الأولى من ج 6 من نسخة (ص)
الصفحة الأخيرة من ج 6 من نسخة (ص)
لوحة العنوان من نسخة (ك)
الصفحة الأولى من نسخة (ك)
اللوحة الأخيرة من نسخة (ك)
لوحة العنوان من نسخة (م)
الصفحة الأولى من نسخة (م)
الصفحة الأخيرة من نسخة (م)
لوحة العنوان من نسخة (ع)
الصفحة الأولى من نسخة (ع)
الصفحة الأخيرة من نسخة (ع)
اللوحة الأولى من ج 1 من نسخة (ب)
الصفحة الأخيرة من ج 1 من نسخة (ب)
الصفحة الأولى من ج 2 من نسخة (ب)
الصفحة الأخيرة من ج 2 من نسخة (ب)
لوحة عنوان المجلد الأول من نسخة من "تلخيص المستدرك" للذهبي
الصفحة الأولى من هذا المجلد
الصفحة الأخيرة منه، وفيها تاريخ نسخه في سنة 769 هـ
لوحة عنوان المجلد الثاني من نسخة أخرى من "تلخيص المستدرك"
الصفحة الأولى من هذا المجلد
الصفحة الأخيرة منه، وفيها تاريخ نسخه في سنة 724 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمدٍ الحافظُ إملاءً في يوم الاثنين السابع من المحرَّم سنةَ ثلاث وتسعين
(1)
وثلاث مئة:
الحمدُ لله العزيز القهّار، الصمد الجبّار، العالِم بالأسرار، الذي اصطفى سيدَ البشر محمدَ بنَ عبد الله بنبوَّته ورسالته، وحذَّر جميعَ خلقِه مخالفتَه، فقال عزَّ من قائل:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وصلواتُ الله عليه وعلى آله أجمعين، أما بعد:
فإنَّ الله تعالى ذِكرُه، أنعمَ على هذه الأُمة باصطفائه بصحبة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وعلى آلِه، أخيارَ خلقه في عصره، وهم الصحابة النُّجباء، البَرَرة الأتقياء، لَزِمُوه في الشدة والرخاء، حتى حَفِظُوا عنه ما شَرَعَ لأُمته بأمر الله تعالى ذكرُه، ثم نقلوه إلى أتباعهم، ثم كذلك عصرًا بعد عصرٍ وإلى عصرنا هذا، وهو هذه الأسانيد المنقولة إلينا بنقل العَدْل عن العَدْل، وهي كرامة من الله لهذه الأمة خصَّهم بها دون سائر الأمم، ثم قيَّض اللهُ لكل عصر جماعةً من علماء الدين وأئمة المسلمين، يزكُّون رُوَاةَ الأخبار ونَقَلةَ الآثار، ليَذُّبُّوا به الكذبَ عن وحي الملِك الجبَّار، فمن هؤلاء الأئمة: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجُعْفي وأبو الحُسين مسلم بن الحجَّاج القُشَيري رضي الله عنهما، صنَّفا في صحيح الأخبار كتابين مهذَّبَين انتَشَر ذِكرُهما في الأقطار، ولم يَحكُما ولا واحدٌ منهما أنه لم يصحَّ من الحديث غيرُ ما خرَّجه، وقد نَبَغ في عصرنا هذا جماعةٌ من المبتدِعة يَشمَتُون برواة الآثار، بأنَّ جميع ما يصحُّ
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: سبعين، بتقديم السين.
عندكم من الحديث لا يَبلُغُ عشرةَ آلافِ حديث، وهذه المسانيد المجموعة المشتمِلة على ألف جزء - أقلُّ وأكثرُ منه - كلُّها سقيمة غير صحيحة.
وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها، أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المرويّة بأسانيدَ يَحتَجُّ محمدُ بن إسماعيل ومسلمُ بن الحجَّاج بمثلها، إذ لا سبيلَ إلى إخراج ما لا علَّةَ له، فإنهما رحمهما الله لم يدَّعيا ذلك لأنفسهما.
وقد خَرَّج جماعةٌ من علماء عصرهما ومَن بعدهما عليهما أحاديثَ قد أخرجاها وهي معلولة، وقد جَهِدتُ في الذَّبِّ عنهما في "المدخل إلى الصحيح" بما رَضِيَه أهلُ الصَّنْعة، وأنا أستعينُ الله على إخراج أحاديثَ رواتُها ثقاتٌ قد احتجَّ بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافَّة فقهاء أهل الإسلام: أنَّ الزيادة في الأسانيد والمتون من الثِّقات مقبولة، والله المُعِين على ما قصدته، وهو حسبي ونعمَ الوكيل.
فمن الأحاديث التي مدخلها:
كتاب الإيمان
1 -
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزاعي بمكة، حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرَّةَ
(1)
، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني ابن عَجْلان، عن القعقاع بن حَكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنينَ إيمانًا، أحسنُهم خُلُقًا"
(2)
.
2 -
حَدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا محمد بن عَمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"أكملُ المؤمنين إيمانًا، أحسنُهم خُلُقًا"
(3)
.
هذا حديث لم يُخرَّج في "الصحيحين"، وهو صحيح على شرط مسلم بن الحجَّاج،
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: عبد الله بن محمد بن أبي مسيرة، وفي المطبوع إلى: عبد الله بن محمد بن أبي ميسرة.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - وهو محمد - فإنه صدوق لا بأس به. وصحَّحه الذهبي في "تلخيصه". أبو صالح: هو ذَكْوان السَّمّان.
وأخرجه أحمد في "المسند" 16/ (10817) عن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد أيضًا 16/ (10022) و (10066) و (10232) و (10240)، وابن حبان (91) من طريق محمد بن زياد، وأحمد 14/ (8822) من طريق عبد الله بن شقيق، كلاهما عن أبي هريرة. وانظر ما بعده.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة بن وقّاص الليثي - فإنه صدوق حسن الحديث. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري، وعبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه أحمد 12/ (7402) و 16/ (10106)، وأبو داود (4682)، والترمذي (1162)، وابن حبان (479) و (4176) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وانظر ما قبله.
فقد استشهد بأحاديثَ للقعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة، ومحمدِ بن عمرو، وقد احتَجَّ بمحمد بن عجلانَ.
وقد رُوِيَ هذا الحديث أيضًا عن محمد بن سِيرِين عن أبي هريرة، وشعيبِ بن الحَبْحاب عن أنس، ورواه ابن عُليَّة عن خالد الحَذّاء عن أبي قِلابة عن عائشة، وأنا أخشى أنَّ أبا قلابة لم يسمعه عن عائشة
(1)
.
3 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو داود، حدثنا شُعْبة، عن أبي بَلْج.
وأخبرني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا شعبة، عن يحيى بن أبي سُلَيم - وهو أبو بَلْج؛ وهذا لفظ حديث أبي داود - قال: سمعت عمرو بن ميمون يحدِّث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن سَرَّه أن يَجِدَ حلاوةَ الإيمان، فليُحِبَّ المَرْءَ لا يحبُّه إلّا لله"
(2)
.
هذا حديث لم يخرج في "الصحيحين"، وقد احتجَّا جميعًا بعمرو بن ميمون عن أبي هريرة، واحتجَّ مسلم بأبي بَلْج، وهو حديث صحيح لا يُحفَظ له عِلَّة
(3)
.
(1)
أما حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة، فقد أخرجه البزار (9895)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(19). وراويه عنه - وهو عبد الله بن عيسى أبو خلف - ضعيف.
وأما حديث شعيب بن الحبحاب عن أنس، فقد أخرجه البزار أيضًا (7445)، وأبو يعلى (4166). وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وأما حديث أبي قِلابة عن عائشة، فقد أخرجه أحمد 40/ (24204)، والترمذي (2612) من طريق إسماعيل ابن عليَّة، بهذا الإسناد. وسيأتي عند المصنف برقم (174) من طريق يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، به.
(2)
إسناده حسن من أجل أبي بَلْج يحيى بن أبي سليم. أبو داود: هو الطيالسي سليمان بن داود.
وأخرجه أحمد 16/ (10738) عن سليمان بن داود أبي داود - وهو الطيالسي - بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (7500).
(3)
أخطأ الحاكم رحمه الله هنا في أمرين: الأول: أنَّ الشيخين احتجَّا بعمرو بن ميمون عن =
4 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القِتْباني، عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه: أنَّ عمرَ خرج إلى المسجد يومًا فوَجَدَ معاذَ بنَ جبل عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي، فقال: ما يُبكيكَ يا معاذُ؟ قال: يُبكيني حديثٌ سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اليسيرُ من الرِّياءِ شِركٌ، ومَن عادى أولياءَ الله فقد بارَزَ اللهَ بالمحارَبة، إنَّ الله يحبُّ الأبرارَ الأتقياءَ الأخفياءَ، الذين إنْ غابُوا لم يُفتَقَدُوا، وإن حَضَروا لم يُعرَفُوا، قلوبهم مصابيحُ الهدى، يَخرُجون من كل غبراءَ مُظلِمة"
(1)
.
= أبي هريرة، وليس عندهما لعمرو بن ميمون عنه شيء، الثاني: أنَّ مسلمًا احتجَّ بأبي بلج، وهو لم يرو عنه شيئًا في "صحيحه".
(1)
حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ظاهره الصحة إلّا أنَّ فيه علَّة لم يتنبَّه لها الحاكم هنا، فقد خالف الليثَ بنَ سعد في إسناده نافعُ بن يزيد الكَلَاعي - وهو ثقة - فرواه عن عياش بن عباس القِتْباني عن عيسى بن عبد الرحمن - وهو ابن فروة الزُّرَقي - عن زيد بن أسلم به، فأدخل فيه بين عياشٍ وزيدٍ عيسى بنَ عبد الرحمن الزرقي، وهو متروك الحديث، أخرجه من هذا الطريق المصنف فيما سيأتي برقم (8131)، وابن أبي الدنيا في "الأولياء"(6)، وفي "التواضع والخمول"(8)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1798)، والطبراني في "الكبير" 20/ (321)، وتمّام الرازي في "فوائده"(1673)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 5، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6393).
ورواه عن عيسى بن عبد الرحمن أيضًا عبدُ الله بن لَهِيعة فيما أخرجه ابن ماجه (3989) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة. وهذا من جيِّد حديث ابن لهيعة، وذلك أنَّ ابن وهب سمع منه قديمًا قبل احتراق كتبه وتغيُّره. وفي هذا دلالة على أنَّ الحديث محفوظ من رواية عيسى بن عبد الرحمن عن زيد بن أسلم، والله أعلم.
وأما حديث الليث بن سعد فقد أخرجه الطحاوي في "شرح المشكل"(1799)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(1046) من طريق الربيع بن سليمان المرادي، والطبراني في "الكبير" 20/ (322) من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث، به.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4950)، و"الكبير" 20/ (53)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1298)، والبيهقي في "الزهد"(195) من طريق شاذِّ بن فياض، عن أبي قحذم النضر بن معبد، عن أبي قلابة، عن ابن عمر قال: مرَّ عمر بمعاذ بن جبل وهو يبكي، فذكره. وهذا إسناد ضعيف =
هذا حديث لم يُخرَّج في "الصحيحين"، وقد احتجَّا جميعًا بزيد بن أسلم عن أبيه عن الصحابة، واتفقا جميعًا على الاحتجاج بحديث الليث بن سعد عن عياش بن عباس القِتْباني، وهذا إسنادٌ مصري صحيح، ولا يُحفَظ له عِلّة
(1)
.
= بمَرَّة، أبو قحذم قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة، وأبو قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجَرْمي - لم يسمع من ابن عمر فيما قيل. وسيأتي من هذا الطريق عند المصنف برقم (5263).
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7112)، و"الصغير"(892) عن محمد بن نوح بن حرب، عن يعقوب بن إسحاق الرازي، عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن أخيه طلحة بن سليمان، عن فياض بن غزوان، عن زبيد اليامي، عن مجاهد، عن ابن عمر. وهذا إسناد ضعيف، محمد بن نوح شيخ الطبراني لم نقف على ترجمته، ويعقوب بن إسحاق وطلحة بن سليمان مجهولا الحال، ولهما ترجمة في "الجرح والتعديل" 9/ 204 و 4/ 483 - 484، وفياض بن غزوان ليَّنه البخاري قليلًا فيما نقله الذهبي في ترجمته من "الميزان"، وقال أحمد: ثقة، وذكره ابن حبان في "ثقاته" 7/ 326.
وأخرج الآجري في "الغرباء"(38) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن نافع بن مالك قال: دخل عمر بن الخطاب المسجد فوجد معاذ بن جبل جالسًا إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فقال له عمر: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ هلك أخوك - لرجل من أصحابه - هلك؟ قال: لا، ولكن حديثًا حدثنيه حِبّي صلى الله عليه وسلم وأنا في هذا المسجد، فقال: ما هو يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أخبرني "أن الله تبارك وتعالى يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء، الذين إذا غابوا لم يُفتقدوا، وإن حضروا لم يُعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل فتنة عمياء مظلمة". وابن أبي قتادة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "ثقاته"، ونافع بن مالك -وهو ابن أبي عامر الأصبحي عمّ الإمام مالك بن أنس - ثقة إلا أنه لم يدرك عمرَ بن الخطاب، فروايته مرسلة والإسناد إليه حسنٌ. فهذا الطريق والذي قبله يصلحان للاعتبار وتحسين الحديث إن شاء الله.
وروي في كون الرياء شركًا أحاديث سيأتي الكلام عليها عند المصنف (8136 - 8139).
وروي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب". أخرجه البخاري (6502). وآذنتُه: أعلمته وأخبرته.
(1)
بل له علَّة كما بيَّنّا في التعليق السابق، ثم إنَّ الشيخين لم يحتجّا بحديث الليث عن عياش بن عباس، بل إنَّ البخاري أصلًا لم يرو في "صحيحه" شيئًا لعياش بن عباس.
5 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن مَيْسَرة، عن أبي هانئ الخَوْلاني حُميد بن هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الإيمان لَيَخلَقُ في جوف أحدِكم كما يَخلَقُ الثوبُ الخَلَقُ، فَسَلُوا اللهَ أن يجدِّدَ الإيمانَ في قلوبكم"
(1)
.
هذا حديث لم يخرَّج في "الصحيحين"، ورواتُه مِصريّون ثقات.
وقد احتجَّ مسلم في "الصحيح" بالحديث الذي رواه عن ابن أبي عمر، عن المقرئ، عن حَيْوة، عن أبي هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله - تعالى ذِكرُه - كتب مقاديرَ الخلائق قبل أن يَخلُقَ السماواتِ والأرضَ" الحديث
(2)
.
6 -
أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل العَنبَري، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عَجْلان، عن القعقاع بن حَكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أذنبَ العبدُ نُكِتَ في قلبه نُكْتةٌ سوداءُ، فإن تاب صُقِلَ منها، فإن عاد زادت حتى تَعظُمَ في
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن ميسرة - وهو أبو ميسرة الحضرمي المصري - فقد روى عنه جمع، ووثقه المصنف لاحقًا، وحسَّن الإسنادَ الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 52. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن السَّرْح، وأبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(14668) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
قوله: "لَيَخلَقُ" أي: يَبْلَى.
(2)
هو في "صحيح مسلم" برقم (2653)، ورواه فيه أيضًا عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن أبي هانئ الخولاني به، ورواه أيضًا من طريق نافع بن يزيد عن ابن هانئ. وأخرجه أحمد 11/ (6579)، والترمذي (2156)، وابن حبان (6138) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، به.
قلبه، فذاكَ الرَّانُ الذي ذَكَره الله عز وجل {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المطففين: 14] "
(1)
.
هذا حديث
(2)
لم يخرج في "الصحيحين"، وقد احتجَّ مسلم بأحاديثَ للقعقاع بن حَكيم عن أبي صالح.
7 -
حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن الزُّهْري، عن عروة، عن عائشة قالت: لم يَزَلْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسأَل عن الساعة حتى نزلت: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا} [النازعات: 43، 44]
(3)
.
هذا حديث لم يخرَّج في "الصحيحين"، وهو محفوظ صحيح على شرطهما معًا، وقد احتجَّا معًا بأحاديث ابن عُيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة.
8 -
حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود،
(1)
إسناده قوي من أجل أبي خالد الأحمر - وهو سليمان بن حيان - ومحمد بن عجلان. أبو كريب: هو محمد بن العلاء، وأبو صالح: هو ذَكْوان السَّمّان.
وأخرجه ابن ماجه (4244)، والترمذي (3334)، والنسائي (10179) و (11594)، وابن حبان (930) من طرق عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وسيأتي عند المصنف برقم (3952) من طريق صفوان بن عيسى عن ابن عجلان.
قال ابن الأثير في "النهاية"(رين): أصل الرَّيْن: الطَّبْعُ والتغطية، ومنه قوله تعالى:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ، أي: طَبَعَ وخَتَم. وقال الفراء في "معاني القرآن" 3/ 246: كثرت المعاصي والذنوب منهم فأحاطت بقلوبهم، فذلك الرَّيْن عليها.
وصُقِل: أي: جُلِيَ.
(2)
في (ب): حديث صحيح.
(3)
إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعروة: هو ابن الزبير بن العوّام.
وأخرجه ابن راهويه في "مسنده"(777)، والبزار (2279 - كشف الأستار)، والطبري في "تفسيره" 30/ 49، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 314 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (3939) عن علي بن حمشاذ عن بشر بن موسى.
حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأغرِّ، عن أبي هريرة وأبي سعيد: أنهما شَهِدَا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال العبدُ: لا إله إلّا الله واللهُ أكبَرُ، صَدَّقه ربُّه، قال: صَدَقَ عبدي، لا إله إلّا أنا وأنا وحدي، وإذا قال: وحدَه
(1)
لا شريكَ له، صدَّقه ربُّه قال: صَدَقَ عبدي، لا إله إلّا أنا ولا شريكَ لي، وإذا قال: لا إله إلّا الله له المُلْك وله الحمدُ، قال: صَدَقَ عبدي، لا إله إلّا أنا ليَ الملكُ وليَ الحمدُ، وإذا قال: لا إله إلّا الله ولا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله، قال: صَدَقَ عبدي، لا حولَ ولا قوةَ إلّا بي"
(2)
.
هذا حديث
(3)
لم يخرَّج في "الصحيحين"، وقد احتجَّا جميعًا بحديث أبي إسحاق عن الأغرِّ عن أبي هريرة وأبي سعيد
(4)
، وقد اتفقا جميعًا على الحُجَّة بأحاديث إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق.
9 -
أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة،
(1)
في (ب): لا إله إلّا الله وحده.
(2)
إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السَّبيعي، والأغرّ: هو أبو مسلم المدني.
وأخرجه ابن حبان (851) من طريق يحيى بن أبي بكير، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. ولفظه: "إذا قال العبد: لا إله إلا الله، والله أكبر، صدّقه ربه، قال: صدق عبدي، لا إله إلَّا أنا، وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلَّا الله وحده، صدّقه ربه، قال: صدق عبدي، لا إله إلَّا أنا وحدي، وإذا قال: لا إله إلَّا الله لا شريك له، صدَّقه ربه، قال: صدق عبدي، لا إله إلَّا أنا لا شريك لي
…
"، وهو أصح من لفظ المصنف.
وأخرجه كذلك ابن ماجه (3794)، والترمذي (3430)، والنسائي (9774) و (10108) من طرق عن أبي إسحاق، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وأخرجه الترمذي بإثره، والنسائي (9777) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، به موقوفًا. ولا يضر وقفُه، فمثلُه لا يقال من قِبَل الرأي.
(3)
في (ب): حديث صحيح.
(4)
هذا وهمٌ من المصنف رحمه الله، فإنَّ الأغرَّ لم يخرّج له البخاري في "صحيحه" شيئًا.
حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الليث بن سعد، حدثني عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن المَعَافِري الحُبُلي قال: سمعتُ عبد الله بنَ عمرو بنِ العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله سيُخلِّصُ رجلًا من أُمتي على رؤوس الخلائق يومَ القيامة، فيَنشُرُ عليه تسعةً وتسعين سِجِلًّا، كلُّ سِجلٍّ مثلُ هذا، ثم يقول: أتنكرُ من هذا شيئًا؟ أظَلَمَكَ كَتَبَتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربِّ، فيقول: أفَلَكَ عذرٌ؟ فيقول: لا يا ربِّ، فيقول: بلى، إنَّ لك عندنا حسنةً، وإنه لا ظُلمَ عليك اليومَ، فتُخرَجُ بِطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، فيقول: يا ربِّ، ما هذه البطاقةُ مع هذه السِّجِلّات؟ فقال: إنك لا تُظلَمُ، قال: فتوضع السجلاتُ في كِفَّةٍ، والبطاقةُ في كِفَّةٍ، فطاشت السجلاتُ وثَقُلَت البطاقةُ، ولا يَثقُلُ مع اسم الله شيءٌ"
(1)
.
هذا حديث
(2)
لم يخرَّج في "الصحيحين"، وهو صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بأبي عبد الرحمن الحُبُلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعامرُ بن يحيى مِصريٌّ ثقة، والليث بن سعد إمام، ويونس المؤدِّب ثقةٌ متَّفَق على إخراجه في "الصحيحين".
10 -
أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيَّاري بمَرْو، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا
(1)
إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد.
وأخرجه أحمد 11/ (6994)، وابن ماجه (4300)، والترمذي (2639)، وابن حبان (225) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وسيأتي من طريق الليث برقم (1958).
وأخرجه الترمذي بإثره عن قتيبة بن سعيد، عن ابن لَهيعة، عن عامر بن يحيى، به.
قوله: "إنَّ الله سيخلِّص رجلًا" أي: يميّزه ويختاره.
"سِجِلًّا" أي: كتابًا كبيرًا. والبطاقة: الرُّقعة الصغيرة.
"طاشت السجلات" أي: خفَّت.
(2)
في (ب): حديث صحيح.
أبو عمّار، حدثنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تَفرَّقَت اليهودُ على إحدى وسبعين فِرقةً أو اثنتين وسبعين فِرقةً، والنصارى مثلَ ذلك، وستفترقُ أُمتي على ثلاث وسبعين فِرقةً"
(1)
.
هذا حديث كبير في الأصول، وقد رُوِيَ عن سعد بن أبي وقَّاص وعبد الله بن عَمرو وعوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِثلُه
(2)
.
وقد احتجَّ مسلم بمحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، واتفقا جميعًا على الاحتجاج بالفضل بن موسى، وهو ثقة.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة اللَّيثي. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وأبو عمار: هو الحسين بن حريث، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزُّهري.
وأخرجه الترمذي (2640) عن أبي عمار الحسين بن حريث، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن حبان (6731) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن الفضل بن موسى، به.
وأخرجه أحمد 14/ (8396)، وأبو داود (4596)، وابن ماجه (3991)، وابن حبان (6247) من طرق عن محمد بن عمرو، به. وسيأتي برقم (446) و (447).
وانظر شواهده عند حديث أنس في "مسند أحمد" 19/ (12208).
(2)
حديث سعد أخرجه محمد بن نصر المروزي في "السنة"(57)، والبزار في "مسنده"(1199)، والآجري في "الشريعة"(28)، وسنده ضعيف.
وحديث عبد الله بن عمرو سيأتي عند المصنف برقم (449)، وسنده ضعيف أيضًا.
وحديث عوف بن مالك أخرجه ابن ماجه (3992)، وسنده جيد.
وفي الباب أيضًا عن أنس بن مالك أخرجه أحمد 19/ (12208)، وابن ماجه (3993)، وسنده حسن.
وعن معاوية بن أبي سفيان، سيأتي عند المصنف برقم (448)، وسنده حسن.
وعن أبي أمامة أخرجه ابن أبي عاصم في "المسند"(68)، ومحمد بن نصر (55) وغيرهما، وسنده حسن.
والحديث بمجموع هذه الشواهد صحيح إن شاء الله تعالى.
11 -
حدثنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هلال، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحسين بن واقد.
وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذانَ، حدثنا أبو عمّار، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمن تَرَكَها فقد كفر"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولا نعرف له عِلّةً بوجه من الوجوه، فقد احتجَّا جميعًا بعبد الله بن بُرَيدة عن أبيه، واحتجَّ مسلم بالحسين بن واقد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعًا:
12 -
أخبرَناه أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا قيس بن أُنَيف، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا بشْر بن المفضَّل
(2)
، عن الجُريري، عن عبد الله بن شَقيق، عن أبي هريرة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَرَونَ شيئًا من الأعمال تَرْكَه كفرًا غيرَ الصلاة
(3)
.
(1)
إسناده قوي من أجل الحسين بن واقد. أبو عمار: هو الحسين بن حُرَيث.
وأخرجه أحمد 38/ (22937)، وابن ماجه (1079)، والترمذي (2621) من طرق عن علي بن الحسن بن شقيق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه الترمذي أيضًا، والنسائي (326)، وابن حبان (1454) من طرق عن أبي عمار الحسين بن حريث بإسناده، وقرن الترمذي به يوسفَ بن عيسى.
وأخرجه الترمذي أيضًا من طريق علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، به.
(2)
في (ز) و (ص): الفضل، وهو تحريف.
(3)
صحيح لكن من قول عبد الله بن شقيق بإسقاط أبي هريرة، فقد خُولف فيه قيس بن أُنيف - وهو صالح الحديث - خالفه الترمذي في "جامعه"(2622) عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد، فجعله من قول عبد الله بن شقيق. =
13 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا حجَّاج بن محمد، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي جُحَيفة، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أصابَ حَدًّا فَعَجَّلَ اللهُ له عقوبتَه في الدنيا، فاللهُ أعدلُ من أن يُثنِّيَ على عبده العقوبةَ في الآخرة، ومَن أصابَ حدًّا فَسَتَرَه اللهُ عليه وعَفَا عنه، فاللهُ أكرمُ من أن يعودَ في شيء قد عَفَا عنه"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا جميعًا بأبي جُحَيفة عن علي
(2)
، واتفقا على أبي إسحاق، واحتجَّا جميعًا بالحجَّاج بن محمد، واحتجَّ مسلم بيونس بن أبي إسحاق.
14 -
أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله الجَوهَري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا النَّضر بن محمد، حدثنا عِكْرمة بن عمّار، حدثنا إياس بن سَلَمة، حدثني أَبي: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلٌ بفرس له يَقُودُها عَقُوقٍ، ومعها مُهْرة لها تتبعُها، فقال: من أنتَ؟ فقال: "أنا نبيٌّ" قال: ما نبيٌّ؟ قال: "رسولُ الله" قال: متى تقومُ الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غَيبٌ، ولا يعلمُ الغيبَ إِلَّا اللهُ" قال: أَرِني، سيفَك، فأعطاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم سيفَه، فهَزَّه الرجلُ ثم ردَّه عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمَا إنك لم تكن تستطيعُ الذي أردْتَ" قال: "وقد كان قال:
= وتابع الترمذيَّ على ذلك محمدُ بن عبيد بن حِساب وحميدُ بن مَسعَدة عند محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(948).
(1)
إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو جُحيفة: هو وهب بن عبد الله السُّوَائي، وهو صحابي.
وأخرجه أحمد 2/ (775)، وابن ماجه (2604)، والترمذي (2626) من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وسيأتي عند المصنف برقم (3705) و (7871) و (8364)، وانظر (8365).
وانظر حديث عبادة بن الصامت الآتي برقم (3279).
(2)
لم يخرِّج مسلم لأبي جحيفة عن علي شيئًا.
أَذهبُ إليه فأسألُه
(1)
عن هذه الخِصَال"
(2)
.
هذا حديث صحيح ولم يُخرجاه، وقد اتفقا جميعًا على الحُجَّة بإياس بن سَلَمة عن أبيه، واحتجَّ مسلم بهذا الإسناد بعَينِه فحدَّث عن أحمد بن يوسف بغير حديثٍ.
15 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن مِهْران الأصبهاني، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا عوف بن أبي جَميلة.
وأخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، حدثنا عوف، عن خِلَاس ومحمدٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أتى عرَّافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كَفَرَ بما أُنزِلَ على محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم"
(3)
.
(1)
في (ز) و (ص): فسله، هكذا بالتسهيل، وفي (ب) فسئله، وهو أمر بالسؤال، ولعلَّ ما أثبتناه هو الصواب كما في رواية الطبراني، وزاد فيه:"ثم آخذ سيفي فأقتله" وهذا من تتمة قول الرجل الذي أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
إسناده صحيح. محمد بن إسحاق: هو الصَّغَاني، وسلمة صحابيُّ الحديث: هو ابن الأكْوع الأسلمي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6245) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود ود النَّهْدي، عن عكرمة بن عمار، به.
قوله: "بفرس له عَقُوقٍ" العَقُوق من البهائم: الحامل، وفرسٌ عَقُوقٌ: إذا انعقَّ بطنُها واتَّسع للولد، وأصله من العَقِّ: حَفْر في الأرض عميق.
(3)
إسناده صحيح متصل من جهة محمد - وهو ابن سيرين - وأما خِلاس فإنه لم يسمع من أبي هريرة.
وأخرجه البيهقي في "سننه" 8/ 135 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. وصحَّحه الحافظ العراقي في "أماليه"، وقال الذهبي في "مختصر سنن البيهقي": إسناده قوي. نقله عنهما المناوي في "فيض القدير".
وأخرجه أحمد 15/ (9536) عن يحيى بن سعيد القطان، عن عوف، عن خلاس، عن أبي هريرة.
وأخرج أبو داود (3904)، وابن ماجه (639)، والترمذي (135)، والنسائي (8967) و (8968) =
هذا حديث صحيح على شرطهما جميعًا من حديث ابن سِيرِين، ولم يُخرجاه، وحدَّث البخاريُّ
(1)
، عن إسحاق، عن روح، عن عوف، عن خِلاس ومحمد، عن أبي هريرة؛ قصةَ موسى: أنه آدَرُ.
16 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظُ إملاءً، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا قُريش بن أنس، حدثنا حَبيب بن الشَّهيد.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا ابن أبي عَدِيّ، عن حبيب بن الشَّهيد، حدثنا حُميد بن هلال، حدثنا هِصَّان بن كاهل - وفي حديث ابن أبي عدي: كاهن - قال: جلستُ مجلسًا فيه عبد الرحمن بن سَمُرة ولا أعرفه، فقال: حدثنا معاذُ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما على الأرض نفسٌ تموتُ لا تُشْرِكُ بالله شيئًا تشهدُ أني رسولُ الله، يَرجِعُ ذلك إلى قلبٍ مُوقِنٍ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لها". قال: فقلت: أأنت سمعتَ من معاذ؟ فعنَّفَني القومُ، فقال: دَعُوه، فإنه لم يُسِئ القولَ، نَعَم أنا سمعتُه من معاذ بن جبل، وزَعَمَ معاذٌ أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
= من طريق حماد بن سلمة، عن حَكيم الأثرم، عن أبي تَميمة الهُجيمي، عن أبي هريرة رفعه قال: "من أتى حائضًا، أو امرأة في دُبرها، أو كاهنًا، فصدَّقه بما يقول
…
" إلخ، وهذا سند لا بأس برجاله إلّا أنه منقطع، أبو تميمة الهجيمي لا يُعرَف له سماع من أبي هريرة.
قال الترمذي بإثر الحديث: إنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضًا فليتصدق بدينار"، فلو كان إتيان الحائض كفرًا لم يؤمر فيه بالكفارة، وضعَّف محمدٌ (يعني البخاريَّ) هذا الحديث من قِبل إسناده.
تنبيه: طريق الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" 2/ 187/ 1، ومن طريقه أخرجه أبو بكر بن خلّاد في "الفوائد" 1/ 221/ 1 - كما في "إرواء الغليل" للألباني 7/ 69 - وليس فيه عنده محمد بن سيرين، وإنما هو عن خلاس وحده عن أبي هريرة.
(1)
في "صحيحه" برقم (3404). وإسحاق: هو ابن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهَوَيه. والأُدْرة: انتفاخ الخُصْية.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين، هِصّان بن كاهل روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وتساهل الذهبي في "الكاشف" فقال: ثقة، وجهّله ابن المَديني، لكن للمرفوع =
هذا حديث صحيح وقد تداوَلَه الثقات، ولم يُخرجاه جميعًا بهذا اللفظ، والذي عندي - والله أعلم - أنهما أهمَلَاه لهِصَّان بن كاهل، ويقال: ابن كاهن، فإنَّ المعروف بالرواية عنه حُميد بن هلال العَدَوي فقط، وقد ذكر ابنُ أبي حاتم أنه روى عنه قُرَّةُ بن خالد أيضًا
(1)
، وقد أخرجا جميعًا عن جماعة من الثقات لا راويَ لهم إلّا واحد، فيَلزَمُهما بذلك إخراجُ مثله، والله أعلم.
17 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود المُنادِي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو غسان محمد بن مُطرِّف، عن حسَّان بن عطيَّة، عن أبي أُمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ والعِيُّ شُعْبتانِ من الإيمان، والبَذَاءُ والبيانُ شُعبتانِ من النِّفاق"
(2)
.
= منه طرق أخرى عن معاذ بن جبل تقوّيه وتصحّحه كما سيأتي.
والحديث في "مسند أحمد" 36/ (22001).
وأخرجه النسائي (10911) عن عمرو بن علي، عن ابن أبي عدي، به.
وأخرجه ابن ماجه (3796)، والنسائي أيضًا (10909) و (10910)، وابن حبان (203) من طريقين عن حميد بن هلال، به.
وأخرجه بنحوه البخاري (128)، ومسلم (32)، والنسائي (10907) من طريق أنس، عن معاذ بن جبل.
وأخرجه أحمد 36/ (22060) من طريق جابر بن عبد الله، عمّن شهد معاذًا حين حضرته الوفاةُ يقول، فذكره.
(1)
قال العراقي في ترجمة هصان من "ذيل ميزان الاعتدال"(724) معقِّبًا على كلام الحاكم هذا: لم أرَ ما نقله عن ابن أبي حاتم في كتاب "الجرح والتعديل" ولا في "العلل"، نعم ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: إنه روى عنه أيضًا الأسود بن عبد الرحمن العدوي. قلنا: لكن وقعت رواية الأسود هذا عنه في المصادر من رواية الحسن بن دينار عنه، والحسن بن دينار: هو الحسن بن واصل أبو سعيد التميمي، وهو متروك الحديث متَّهم، فلا عبرة بروايته عنه.
(2)
صحيح دون ذكر العيّ والبيان، وهذا إسناد - وإن كان رواته من رجال الشيخين - ضعيف لانقطاعه، فإنَّ حسان بن عطية لم يسمع من أبي أمامة كما جزم به الحافظ المِزّي في "التحفة" =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا برُواتِه عن آخرهم.
18 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن - وهو ابن مَهْدي - حدثنا زهير بن محمد، عن صالح بن أبي صالح، عن عبد الله بن أبي أُمامة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البَذَاذةُ من الإيمان، البَذَاذةُ من الإيمان"
(1)
.
قد احتجَّ مسلمٌ بصالح بن أبي صالح السَّمّان.
= 4/ 162 و"التهذيب" 3/ 159، وقال أبو زرعة العراقي في "تحفة التحصيل": ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين (6/ 223)، فدلَّ على أنه لم يصحَّ عنده سماعه من أحد من الصحابة.
وأخرجه الترمذي (2027) عن أحمد بن منيع، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وحسَّنه.
وأخرجه أحمد 36/ (22312) عن حسين بن محمد وغيره، عن محمد بن مطرِّف، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (170) وفيه هناك: "البذاء والجفاء" بدل: البيان.
وللحديث شاهدان سيأتيان عند المصنف برقم (172) و (173).
قال الترمذي: والعِيّ: قلة الكلام، والبَذاء: هو الفحش في الكلام، والبيان: هو كثرة الكلام، مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فيوسِّعون في الكلام ويتفصَّحون فيه من مدح الناس فيما لا يُرضي الله.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن أبي أُمامة. وقوله: "صالح بن أبي صالح" وهمٌ من بعض رواته، والصواب أنه صالح بن كيسان على ما جاء عند أحمد في "المسند" و"الزهد"(30)، وليس كما قال المصنف لاحقًا من أنه صالح بن أبي صالح السَّمَّان، فهذا ذهولٌ منه رحمه الله، وصالح بن كيسان احتجَّ به الشيخان، وأما عبد الله بن أبي أمامة فلم يرو له أحدٌ منهما.
والحديث في "مسند أحمد" 39/ (24009/ 58) وفيه تصريح ابن أبي أمامة بسماعه من أبيه.
وأخرجه ابن ماجه (4118) من طريق أسامة بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، به.
وأخرجه أبو داود (4161) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة. وانظر تمام الكلام على رواية ابن إسحاق هذه في "مسند أحمد".
قوله: "البذاذة من الإيمان" البذاذة: رثاثة الهيئة وترك التبجُّح في الملبس. أي: أنها من سِيما أهل الإيمان، إذ معهم الزهدُ والتواضع وتركُ التكبُّر، كما كان الأنبياءُ صلوات عليهم قبلَهم في مثل ذلك. قاله الإمام الطحاوي في "شرح المشكل" 4/ 193.
19 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى سُلَيم بن عامر، قال: سمعتُ أبا أُمامةَ الباهلي يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومَ حَجَّة الوَدَاع: "اعبُدوا ربَّكم، وصَلُّوا خَمْسَكم، وصوموا شهرَكم، وأَدُّوا زكاةَ أموالِكم، وأَطيعوا ذا أَمرِكم، تدخلوا جنَّةَ ربِّكم"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولا نعرفُ له علَّةً، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلم
(2)
بأحاديثَ لسُلَيم بن عامر، وسائرُ رواته متَّفَقٌ عليهم.
20 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وَهْب بن جَرِير، حدثنا شُعْبة.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأَسَدي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن عمرو بن مُرَّة قال: سمعتُ عبدَ الله بن سَلِمةَ يحدِّث عن صفوان بن عَسَّال المُرَادي، قال: قال يهوديٌّ لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبيِّ نسأَلْه عن هذه الآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101]، فقال: لا تقولوا له: نبيٌّ، فإنه لو سَمِعَك لصارت له أربعةُ أعيُن، قال: فسأَلاه، فقال: "لا تُشرِكوا بالله شيئًا، ولا تَسرِقوا، ولا تَزْنُوا، ولا تقتلوا النفسَ التي حَرَّمَ اللهُ إلّا بالحق،
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 36/ (22258) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا (22260) من طريق لقمان بن عامر، عن أبي أمامة.
وسيأتي برقم (1452) و (1759) من طريقين آخرَين عن معاوية بن صالح.
(2)
في المطبوع: البخاري ومسلم، وهو خطأ، فإنَّ البخاري لم يحتج بأحاديث سليم بن عامر، وكذا لم يحتج بمعاوية بن صالح، وإنما هما من رجال مسلم.
ولا تَسحَرُوا، ولا تأكلوا الرِّبا، ولا تَمشُوا بِبَريءٍ إلى ذي سلطانٍ ليقتلَه، ولا تَقذِفُوا مُحصِنةً، وأنتم يا يهودُ عليكم خاصةً ألَّا تَعْدُوا في السَّبْت"، فقبَّلا يدَه ورجلَه وقالا: نشهدُ أنك نبيٌّ، فقال: "ما مَنَعَكما أن تُسلِما؟ " قالا: إنَّ داود عليه السلام دعا أن لا يزالَ من ذُرِّيته نبيٌّ، وإنا نخشى أن تقتلَنا يهودُ
(1)
.
هذا حديث صحيح لا نعرفُ له علّةً بوجه من الوجوه، ولم يُخرجاه، ولا ذَكَرا لصفوان بن عسال حديثًا واحدًا.
20 م - سمعتُ أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ وسأله محمدُ بن عُبيدٍ
(2)
فقال: لِمَ تَرَكا حديثَ صفوان بن عسَّال أصلًا؟ فقال: لفسادِ الطريق إليه.
قال الحاكم: وإنما أراد أبو عبد الله بهذا حديثَ عاصم عن زِرٍّ، فإنهما تَرَكا عاصمَ بن بَهْدلةَ، فأمّا عبد الله بن سَلِمةَ المُرادي، ويقال: الهَمْداني، وكنيته أبو العالية، فإنه من كبار أصحاب عليٍّ وعبدِ الله، وقد روى عن سعد بن أبي وقَّاص وجابر بن عبد الله وغيرهما من الصحابة، وقد روى عنه أبو الزُّبير المكي وجماعةٌ من التابعين
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف من أجل عبد الله بن سَلِمة، وسيأتي الكلام على حاله عند التعليق على كلام المصنف لاحقًا.
وهو في "مسند أحمد" 30/ (18092) عن محمد بن جعفر ويزيد بن هارون عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (2733) و (3144)، والنسائي (3527) و (8602) من طرق عن شعبة، به.
وقال الترمذي: حسن صحيح!
وأخرج ابن ماجه (3705) منه قصة تقبيل اليهوديين يدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ورجلَه، من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة.
(2)
هكذا في النسخ الخطية، وفي المطبوع: محمد بن عبيد الله، وأُلحق لفظ الجلالة في (ب) إلحاقًا، ولم نتبيَّن محمدًا هذا، وأما أبو عبد الله محمد بن يعقوب هذا فهو الأخرم، حافظ مشهور، له "مستخرج" على "صحيح مسلم"، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 15/ 466.
(3)
عبد الله بن سلمة - في الحقيقة - راويان: عبد الله بن سلمة المرادي، وعبد الله بن سلمة الهَمْداني أبو العالية، وممن ذهب إلى التفريق بينهما ابنُ معين وابن نُمير والبخاري والنسائي =
21 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نصر الخَوْلاني، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني ابن أبي ذِئْب.
وحدثني أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، أخبرني ابن أبي ذِئب عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يؤمنُ، واللهِ لا يؤمنُ" قالوا: وما ذاكَ يا رسول الله؟ قال: "جارٌ لا يَأمَنُ جارُه بَوَائقَه" قالوا: وما بوائقُه؟ قال: "شَرُّه"
(1)
.
= وابن حبان والدارقطني وابن ماكُولَا، وذهب إلى أنهما واحد أحمدُ بن حنبل ومسلم.
وممن فرَّق بينهما وبيَّنه بيانًا شافيًا أبو أحمد الحاكم - شيخ المصنف - فقال في كتابه "الكنى"، فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب": عبد الله بن سَلِمة مراديٌّ يروي عن سعد وعليّ وابن مسعود وصفوان بن عسّال، وعنه عمرو بن مُرّة وأبو الزبير، حديثه ليس بالقائم، وعبد الله بن سلمة الهَمْداني إنما يُعرَف له قوله فقط، ولا نعرف له راويًا غير أبي إسحاق السَّبيعي. ثم قال ما معناه: إنَّ الغلط إنما وقع عند من جعلهما واحدًا بكُنية من كنَّى المراديَّ أبا العالية، وإنما هي كنية الهمداني، ولا أعلم أحدًا كنَّى المراديَّ، وقد وقع الخطأ فيه لمسلمٍ وغيره، والله أعلم.
قلنا: وعبد الله بن سلمة المرادي قال فيه الراوي عنه عمرو بن مرة - وهو أدرى الناس به -: كان عبد الله بن سلمة يحدِّثنا فنَعرِف ونُنكِر، وكذا قال أبو حاتم: تعرف وتُنكر، وقال البخاري: لا يتابع في حديثه، وقال ابن حبان: يخطئ. وقد حسَّن القول فيه العِجليُّ ويعقوب بن شيبة فوثَّقاه، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
قلنا: وخُلاصة القول فيه: أنه لا ينبغي قبولُ حديثه إلّا فيما يُتابَع فيه، وهذا الحديث الذي خرَّجه المصنف من أفراده لم يتابعه فيه أحدٌ، وقال فيه النسائي: هذا حديث منكر، وقال ابن كثير في "تفسيره": هو حديث مشكِل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة، لا تعلُّق لها بقيام الحجّة على فرعون، والله أعلم.
(1)
إسناده صحيح من جهة ابن وهب - واسمه عبد الله - وأما إسماعيل بن أبي أُويس فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد، ضعيف إذا تفرد، والراوي عنه - وهو الحسن بن علي بن زياد - =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا، إنما خرَّجا حديث أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يدخلُ الجنةَ من لا يَأمَنُ جارُه بوائقَه"
(1)
.
22 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن سلمان الفقيهان قالا: حدثنا عبُيد بن شَرِيك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، حدثني محمد بن عَجْلان، عن القعقاع بن حَكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المسلمُ مَن سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه، والمؤمنُ مَن أَمِنَه الناسُ على دمائِهم وأموالِهم"
(2)
.
= روى عنه جمع ولم يؤثر فيه جرح أو تعديل وهو متابع فيما يرويه، فهو حسن الحديث إن شاء الله.
ابن أبي ذئب: اسمه محمد بن عبد الرحمن.
وسيأتي مكررًا عند المصنف من طريق أبي العباس برقم (7486).
وأخرجه أحمد 13/ (7878) عن إسماعيل بن عمر، و 14/ (8432) عن عثمان بن عمر، و 26/ (16372) عن روح بن عُبَادة، ثلاثتهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وخالف هؤلاء جماعةٌ، فرووه عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي شُريح الكَعْبي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الطيالسي (1437)، وأحمد (16372) و (27162)، والبخاري (6016)، والطبراني في "الكبير" 22/ (487)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(9087) و"الآداب"(77). وأشار البخاري بإثر روايته إلى حديث ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة. والاختلاف في راوي الحديث إن كان صحابيًّا لا يضرُّ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ الروايتين جميعًا محفوظتان.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 18/ 371 (بتحقيقنا): فيه نفي الإيمان عمن يؤذي جارَه بالقول أو الفعل، ومراده الإيمانُ الكامل، ولا شكَّ أنَّ العاصي غير كامل الإيمان.
(1)
هذا ذهولٌ من المصنف رحمه الله، فإنهما لم يخرجا حديث أبي هريرة من هذا الطريق، وإنما أخرجه مسلم وحده برقم (46) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. ولم أقف على طريق أبي الزناد عن الأعرج التي أشار إليها.
(2)
إسناده قوي من أجل عبيد بن شريك - وهو عبيد بن عبد الواحد بن شريك - ومحمد بن عجلان. أبو صالح: هو ذكوان السَّمَّان، والليث هو ابن سعد، ويحيى بن بكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير.
وأخرجه أحمد 14/ (8931)، والترمذي (2627)، والنسائي في "المجتبى"(4995)، وابن =
قد اتفقا على إخراج طرف حديث: "المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه"
(1)
، ولم يُخرجا هذه الزيادةَ وهي صحيحةٌ على شرط مسلم.
وفي هذا الحديث زيادةٌ أخرى على شرطه ممّا لم يخرجاها:
23 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الحسن محمد بن سِنَان القَزّاز، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزُّبير، سمع جابرًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمَلُ المؤمنين مَن سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه"
(2)
.
وزيادة أخرى صحيحةٌ على شرطهما ولم يُخرجاها:
24 -
حدَّثَناه عبدُ الرحمن بن الحسن بن أحمد القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا سعيد بن أبي مريم وعبدُ الله بن صالح، قالا: حدثنا الليث، حدثني أبو هانئٍ الخَوْلاني، عن عمرو بن مالك اللَّيثي
(3)
، عن فَضَالةَ بن عُبيدٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع: "ألا أُخبِرُكم بالمؤمن، مَن أَمِنَه الناسُ على أموالِهم
= حبان (180) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وله شاهد بلفظه من حديث فَضَالة بن عبيد، وهو الآتي عند المصنف برقم (24)، وسنده صحيح.
(1)
أخرجاه من حديثَي عبد الله بن عَمْرو وأبي موسى الأشعري: البخاري (10) و (11)، ومسلم (40) و (42)، والزيادة التي أشار المصنف إلى أنهما لم يخرجاها هي قوله: "المؤمن من أمنه
…
" إلخ.
(2)
حديث صحيح بلفظ: "أسلم المسلمين إسلامًا
…
" كما في رواية محمد بن معمر عن أبي عاصم الضحاك بن مَخلَد عند ابن حبان في "صحيحه" (197)، أو "المسلم من سلم
…
" كما في رواية غير واحد عن أبي عاصم عند مسلم (41)، وابن منده في "الإيمان" (314)، والبيهقي في "السنن" 10/ 187.
وأما إسناد المصنف ففيه محمد بن سنان القزَّار، تكلّم فيه غير واحدٍ، وأحسنَ الظنَّ فيه الدارقطنيُّ فيما نقله عنه المصنف في "سؤالاته" (163) فقال: لا بأس به.
(3)
كذا في أصول "المستدرك"، وهو سبق قلم، فعمرو بن مالك ليس ليثيًّا، وإنما هو جَنْبي، فلعلَّ الحاكم أو من نسخ أولًا أراد أن يكتب الجنبي، فأخطأ فكتب: الليثي، أو أنه أراد أن يكتبها لفضالة بن عبيد - فهو ليثي - فأخطأ فكتبها لعمرو بن مالك.
وأنفُسِهم، والمسلمُ مَن سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه، والمجاهدُ مَن جَاهَدَ نفسَه في طاعةٍ، والمهاجرُ من هَجَرَ الخطايا والذُّنوبَ"
(1)
.
وزيادة أخرى على شرط مسلم، ولم يُخرجاها:
25 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا الحسن بن موسى الأَشيَبُ، حدثنا حمّاد، عن يونس بن عُبيد وحُميدٍ، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ مَنْ أَمِنَه الناسُ، والمسلمُ مَن سَلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه، والمهاجرُ من هَجَرَ السُّوءَ، والذي نفسي بيده، لا يَدخُلُ الجنةَ عبدٌ لا يَأمَنُ جارُه بَوَائقَه"
(2)
.
وزيادة أخرى صحيحة سليمة من رواية المجروحين في مَتْن هذا الحديث ولم يُخرجاها:
(1)
حديث صحيح، وإسناد المصنف ضعيف لضعف شيخه، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" للذهبي 16/ 15 - 16، وقد توبع. الليث: هو ابن سعد، وأبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ.
وأخرجه أحمد 39/ (23958) من طريق عبد الله بن المبارك، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (3934) من طريق عبد الله بن وهب، والترمذي (1621) من طريق حَيْوة بن شُريح، كلاهما عن أبي هانئ، به. ابن ماجه أخرج منه صفة المؤمن والمهاجر، والترمذي صفةَ المجاهد، وقال: حديث حسن صحيح.
(2)
إسناده صحيح من جهة حميد - وهو ابن أبي حميد الطويل - عن أنس، وأما من جهة يونس بن عبيد فهو منقطع، فإنه لا يُعرَف له سماع منه وإنما رآه رؤية. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه أحمد 20/ (12561) عن حسن بن موسى، بهذا الإسناد - وقرن بيونسَ وحميدٍ عليَّ بنَ زيد: وهو ابن جُدعان.
وأخرجه ابن حبان (510) من طريق أبي نصر التمار، عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه أحمد (12562) عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن الثلاثة السابقين، عن الحسن - وهو البصري - عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وانظر في قصة الجار ما سيأتي من طريق آخر عن أنس عند المصنف برقم (7487).
26 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان
(1)
بن حَرْب، حدثنا شُعْبة.
وأخبرني أبو عمرو محمد بن جعفرٍ العَدْل، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا عُبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرَّة قال: حدثني عبد الله بن الحارث - وأثنى عليه خيرًا - عن أبي كَثير، عن عبد الله بن عمرو قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إيّاكم والظُّلمَ، فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامة، وإيّاكم والفُحْشَ والتفحُّشَ، وإيّاكم والشُّحَّ، فإنما هَلَكَ مَن كان قَبلَكم بالشُّحِّ، أَمَرَهم بالقَطِيعة فقَطَعُوا، وبالبُخْل فبَخِلوا، وبالفجور ففَجَرُوا" فقام رجل فقال: يا رسولَ الله، أيُّ الإسلام أفضلُ؟ قال:"أن يَسلَمَ المسلمون من لسانِك ويدِك"، فقال ذلك الرجل أو غيرُه: يا رسولَ الله، أيُّ الهجرةِ أفضلُ؟ قال:"أنْ تَهجُرَ ما كَرِهَ ربُّك"، قال:"والهِجرةُ هجرتانِ: هجرةُ الحاضر، وهجرةُ البادِي، فهجرةُ البادي: أن يجيبَ إذا دُعِيَ، ويطيعَ إذا أُمِرَ، وهجرةُ الحاضر أعظَمُهما بَلِيَّةً، وأفضلُهما أجرًا"
(2)
.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: سليم.
(2)
إسناده صحيح إن شاء الله، ويحيى بن محمد: هو ابن البَخْتري أبو زكريا الحنّائي، ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" 16/ 338 وقال: كان ثقة، وأبو كثير: هو الزُّبيدي، مختلف في اسمه، انفرد بالرواية عنه عبد الله بن الحارث النَّجْراني، وقيل: روى عنه أيضًا عمرو بن مرة، ووثقه العجلي والنسائي وابن حبان، وصحَّح له المصنف كما في هذه الرواية.
وأخرجه بطوله أحمد 11/ (6487) و (6837)، وابن حبان (5176) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا أبو داود (1698) بقصة الشُّح من طريق حفص بن عمر، والنسائي (7740) و (8649) - بقصة الهجرة - من طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة، به.
وسيأتي مختصرًا بقصة الشح عند المصنف برقم (1530) من طرق عن شعبة.
والشُّح: أشدُّ البخل، وهو أبلغ في المنع من البخل، وقيل: هو البخل مع الحرص، وقيل: البخل: في أفراد الأمور وآحادها، والشحُّ عامٌّ، وقيل: البخل بالمال، والشحّ بالمال والمعروف.
وقوله: "الهجرة هجرتان
…
" قال السندي في حاشيته على "مسند أحمد": هجرة البادي، أي: =
قد خرَّجا جميعًا حديث الشَّعْبي عن عبد الله بن عمرو مختصرًا ولم يُخرجا هذا الحديث، وقد اتَّفقا على عمرو بن مُرَّة وعبد الله بن الحارث النَّجْراني
(1)
، فأما أبو كَثير زهير بن الأَقمَر الزُّبيدي فإنه سمع عليًّا وعبدَ الله فمَن بعدَهما من الصحابة.
وهذا الحديث بعَينِه عند الأعمش عن عمرو بن مُرَّة:
27 -
حدَّثَناه عليُّ بن عيسى، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا عبد الله بن عمر بن أَبَان، حدثنا حسين بن علي، عن الفُضَيل بن عِيَاض، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الأَقمَر، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقُوا الظلمَ"، فذكر الحديث بطوله
(2)
.
ولهذه الزيادات التي ذَكَرْناها عن عبد الله بن عمرو شاهدٌ صحيح على شرط مسلم من رواية أبي هريرة:
28 -
أخبرَناه أبو الحسين محمد بن أحمد القَنطَري، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو عاصم، عن ابن عَجْلان.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق - واللفظ له - أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا ابن بُكَير، حدثني الليث، عن محمد بن عَجْلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والفُحْشَ والتفحُّشَ، فإنَّ الله لا يحبُّ الفاحشَ المتفحِّشَ، وإياكم والظُّلمَ فإنه هو الظُّلُماتُ يومَ القيامة، وإياكم والشُّحَّ، فإنه دعا مَن قَبلَكم فَسَفَكُوا دماءَهم، ودعا مَن قَبلَكم فَقَطَعُوا أرحامَهم، ودعا
= أهل البدو، أي: أنه إذا سكن البدوَ مع حضوره الجهادَ ومع الطاعة لله ولرسوله فهو مهاجر، وأما من ترك الوطن وسكن المدينةَ لله ولرسوله فهو أكمل، والله تعالى أعلم.
(1)
عبد الله بن الحارث من أفراد مسلم ولم يخرج له البخاري في "صحيحه" شيئًا.
(2)
اسناده صحيح كسابقه. حسين بن علي: هو الجعفي.
وأخرجه النسائي (11519) عن عبدة بن عبد الله، عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد - إلى قوله:"وأمرهم بالقطيعة فقطعوا".
مَن قَبلَكم فاستَحلُّوا حُرُماتِهم"
(1)
.
29 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا محمد بن سابقٍ، حدثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس المؤمنُ بالطَّعَانِ ولا اللَّعّانِ، ولا الفاحشِ ولا البَذِيء"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا بهؤلاء الرواة عن آخرهم، ثم لم يخرجاه، وأكثرُ ما يمكن أن يقال فيه أنه لا يوجدُ عند أصحاب الأعمش، وإسرائيلُ بن يونس السَّبِيعي كبيرُهم وسيِّدهم، وقد شاركَ الأعمشَ في جماعة من شيوخه، فلا يُنكَرُ له التفرُّدُ عنه بهذا الحديث
(3)
.
وللحديث شاهدٌ آخرُ على شرطهما:
30 -
حَدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن الحسن بن عَمرو الفُقَيمي، عن محمد بن عبد الرحمن
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن عجلان. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مَخلَد، وابن بُكير: هو يحيى بن عبد الله بن بكير المصري.
وأخرجه أحمد 15/ (9570) عن يحيى بن سعيد القطان، وابن حبان (5177) و (6248) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن ابن عجلان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (9569) عن يحيى القطان، عن عبيد الله بن عمر العُمري، عن سعيد المقبري، به.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن سابق. إبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي، وهو ابن أخت علقمة: وهو ابن قيس النخعي، وعبد الله: هو ابن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد 6/ (3839)، والترمذي (1977) من طريق محمد بن سابق بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وانظر ما بعده.
(3)
يردُّ الحاكم بهذا على من استنكر أن يكون الحديث عند الأعمش، كابن المَدِيني وابن أبي شيبة، انظر ترجمة محمد بن سابق في "تهذيب الكمال".
ابن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمنُ بالطَّعّانِ ولا اللَّعّانِ، ولا الفاحش ولا البَذِيء"
(1)
.
وللحديث شاهدٌ ثانٍ عن إبراهيم النَّخَعي، لا بدَّ من ذِكْره وإن لم يكن إسناده من شرط الشيخين:
31 -
أخبرَناه أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن ماتَى بالكوفة، حدثنا الحسين بن الحَكَم الحِبَري، حدثنا إسماعيل بن أَبان، حدثنا صَبّاح بن يحيى، عن ابن أبي ليلى، عن الحَكَم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمنُ ليس بالطَّعّان، ولا الفاحشِ ولا البَذِيءِ"
(2)
.
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وإن كان يُنسَب إلى سوء الحِفْظ، فإنه أحد فقهاء الإسلام وقُضَاتهم، ومن أكابر أولاد الصحابة والتابعين من الأنصار، رحمة الله تعالى عليهم.
32 -
حدثنا أبو محمد دَعْلَج بن أحمد السِّجْزي ببغداد، حدثنا محمد بن علي بن زيد
(3)
الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن وعبد العزيز
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن عيّاش. محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس صاحب كتاب "فضائل القرآن"، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسب إلى جدِّه.
وأخرجه أحمد 7/ (3948)، وابن حبان (192) من طريقين عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - سيئ الحفظ كما قال المصنف، وصبّاح بن يحيى قال البخاري: فيه نظر، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، لكن نقل البرقاني في "سؤالاته" عن الدارقطني (230): أنه وثَّقه! وقال الذهبي في "الميزان": متروك بل متهم!
وأخرجه من هذا الوجه خيثمة بن سليمان في "حديثه" ص 77 - 78 عن الحسين بن الحكم الحِبَري بهذا الإسناد.
(3)
تحرَّف في (ص) إلى: يزيد.
ابن محمد، عن عمرو مولى المطَّلِب، عن المطَّلِب، عن أبي موسى الأَشعَري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَن عَمِلَ سيئةً فكَرِهَها حين يعملُ، وعَمِلَ حسنةً فسُرَّ بها، فهو مؤمنٌ"
(1)
.
قد احتجَّا برُوَاة هذا الحديث عن آخرهم
(2)
، وهو صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه، إنما خرَّجا
(3)
في خطبة عمر بن الخطاب "ومَن سَرَّته حَسَنتُه، وساءته سيِّئتُه، فهو مؤمنٌ".
وله شاهد بهذا اللفظ:
33 -
أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى بن أبي كَثير، عن زيد بن سَلّام، عن جدِّه ممطور، عن أبي أُمامة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: يا رسول الله، ما الإيمانُ؟ قال:"إذا سَرَّتكَ حَسَنتُك، وساءتكَ سيِّئتُك، فأنت مؤمنٌ" فقال: يا رسول الله، ما الإثمُ؟ قال:"إذا حَكَّ في صدرِك شيءٌ فَدَعْه"
(4)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد لا بأس برجاله إلَّا أنه منقطع، المطَّلب - وهو ابن عبد الله بن المطلب بن حَنطَب - لم يدرك أبا موسى الأشعري. وسيأتي مكررًا برقم (178).
وأخرجه أحمد 2/ (19565) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّرَاوَرْدي - بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب عند أحمد 1/ (114)، والترمذي (2165)، والنسائي (9181)، وإسناده صحيح. وسيأتي عند المصنف برقم (392).
وآخر عن عامر بن ربيعة عند أحمد 24/ (15696)، وإسناده ضعيف.
وثالث عن أبي أمامة، وهو الحديث التالي.
(2)
كذا قال، وهو ذهول، فإنَّ المطَّلب لم يرويا له شيئًا.
(3)
كذا وقع للحاكم هنا، وهو ذهول فإنَّ الشيخين لم يخرجا حديث عمر، وقد نصَّ الحاكم نفسه على ذلك فيما سيأتي عند الحديثين (178) و (392).
(4)
إسناده صحيح، وسماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلّام ثابت صحيح، وكذا سماع ممطورٍ أبي سلّام من أبي أمامة صُدَي بن عجلان. =
وهكذا رواه عليُّ بن المبارك ومَعمَر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير.
أما حديث علي بن المبارك:
34 -
فحدَّثَناه مُكرَم بن أحمد القاضي، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا يحيى بن كثير العَنبَري، حدثنا علي بن المبارَك، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سَلَّام
(1)
، عن جده أبي سَلَّام قال: سمعت أبا أُمامة يقول: سأل رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: ما الإيمانُ؟ قال: "إذا سرَّتكَ حَسَنتُك، وساءتكَ سيِّئتُكَ، فإنك مؤمنٌ"
(2)
.
وأما حديث مَعمَر:
35 -
فأخبرَناه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سَلّام، عن أبي سَلّام، عن أبي أُمَامة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ: ما الإيمانُ؟ فقال: "مَن سَرَّتْه حَسَنتُه، وساءَتْه سيِّئتُه، فهو مؤمنٌ"
(3)
.
هذه الأحاديث كلها صحيحة متَّصِلة على شرط الشيخين.
36 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان
(4)
، حدثنا
= وأخرجه أحمد 36/ (22166) و (22199) من طريقين عن هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي، بهذا الإسناد.
وسيأتي بالأرقام (34) و (35) و (2201) و (7224).
قوله: "إذا حكَّ" ويقال: "إذا حاك"، وكلٌّ جائز صحيح، ومعناه: إذا تردَّد وأثَّر.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: أسلم.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي قلابة - وهو عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي - ويحيى بن كثير العنبري. وانظر ما قبله علي بن المبارك: هو الهُنائي البصري.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 36/ (22159) من طريق رباح بن زيد الصنعاني، عن معمر، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(4)
تحرَّف في (ب) إلى: سليم.
بِشْر بن بكر، حدثني ابن جابر قال: سمعتُ سُلَيمَ بنَ عامر يقول: سمعتُ عوفَ بن مالك الأَشجعيَّ يقول: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنزِلًا، فاستيقظتُ من الليل، فإذا لا أَرى في العسكر شيئًا أطولَ من مُؤْخِرة رَحْلي، لقد لَصِقَ كلُّ إنسان وبعيرُه بالأرض، فقمت أتخلَّلُ الناسَ حتى دَفَعتُ إلى مَضجَعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ليس فيه، فوضعتُ يدي على الفِراش، فإذا هو بارد، فخرجتُ أتخلَّلُ الناسَ وأقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ذُهِبَ برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى خرجتُ من العسكر كلِّه، فنظرتُ سَوَادًا فرَمَيتُ بحجرٍ، فمَضَيتُ إلى السَّوَاد، فإذا معاذُ بن جبل وأبو عُبيدة بن الجرَّاح، وإذا بين أيدينا صوتٌ كدَوِيِّ الرَّحَى، أو كصوت القَصْباء
(1)
حين يصيبها الريح، فقال بعضنا لبعض: يا قوم، اثبُتوا حتى تُصبِحوا أو يأتيَكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلَبِثْنا ما شاء الله، ثم نادى:"أثَمَّ معاذُ بن جبل وأبو عُبيدة بن الجرَّاح وعوفُ بن مالك؟ " فقلنا: أيْ نَعَم، فأقبلَ إلينا، فخرجنا نمشي معه لا نسألُه عن شيء ولا نخبرُه بشيء، فقَعَدَ على فِراشِه، فقال:"أتدرون ما خَيَّرني به ربِّي الليلةَ؟ " فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"فإنه خيَّرني بين أن يُدخِلَ نصفَ أُمتي الجنةَ وبين الشفاعةِ، فاخترتُ الشفاعةَ" قلنا: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلَنا من أهلها، قال:"هي لكلِّ مسلمٍ"
(2)
.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: الهصباء. والقصباء: هو القَصَب اسمٌ مفرد يراد به الجمع.
(2)
إسناده صحيح متصل، ولا عبرة بقول ابن أبي حاتم في"الجرح والتعديل" 4/ 211: سليم بن عامر عن عوف بن مالك مرسل لم يلقه؛ فقد ثبت سماعُه منه في رواية بلديِّه الثقة ابن جابر: وهو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 638 - 639 عن الربيع بن سليمان المرادي، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (222) من طريق بحر بن نصر عن بشر بن بكر، وانظر ما بعده هناك.
وأخرجه بطوله الطبراني في "مسند الشاميين"(575)، وابن منده في "الإيمان"(932) من طريق صدقة بن خالد وابن منده أيضًا من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن ابن جابر، به.
وأخرجه ابنُ ماجه (4317) مختصرًا من طريق صدقة بن خالد، عن ابن جابر، به.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، ورواته كلُّهم ثقات على شرطهما جميعًا، وليس له عِلَّة، وليس في سائر أخبار الشفاعة:"هي لكلِّ مسلم".
37 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم أخبرنا ابن وهب، أخبرني سفيان الثَّوْري
وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا أحمد بن سَيّار
(1)
.
وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا يوسف بن يعقوب؛ قالا: حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نَجِيح، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما قاتلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قومًا حتى دعاهم
(2)
.
هذا حديث صحيح من حديث الثوري، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلم بأبي نَجِيح والد عبد الله واسمه يسار، وهو من الموالي المكيين، وقد رُوِيَ عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ
(3)
، واتَّفقا جميعًا على إخراج حديث عبد الله بن عَوْن: كتبتُ إلى نافع مولى ابن عمر أسألُه عن القتال قبلَ الدعاء، فكَتَبَ إليَّ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أغارَ على بني المُصطَلِق
…
الحديث، وفيه: وكان الدعوةُ قبل القتال
(4)
.
38 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا هشام بن علي السِّيرافي، حدثنا عبد الله
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: سنان.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 4/ (2105) عن بشر بن السَّرِيّ، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
(3)
لم نقف عليه عن علي بهذا اللفظ، لكن أخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 207، والطبراني في "الأوسط" (8265) من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عمه أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليًّا إلى قوم يقاتلهم
…
قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا أن لا يقاتلهم حتى يدعوهم. وهو عند عبد الرزاق (9424) من حديث يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة مرسلًا.
(4)
هو في البخاري (2541) ومسلم (1730) بنحوه، وانظر "مسند أحمد" 8/ (4857).
ابن رجاء، حدثنا سعيد بن سَلَمة بن
(1)
أبي الحُسَام، حدثنا محمد بن المنكدِر، سمع ربيعةَ بن عِبَاد الدُّؤَلي يقول: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمِنى في منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة، يقول:"يا أيُّها الناس، إنَّ الله يأمرُكم أن تَعبُدوه ولا تُشْرِكوا به شيئًا"، قال: ووراءَه رجلٌ، يقول: يا أيها الناس إنَّ هذا يأمركم أن تَترُكوا دينَ آبائكم، فسألتُ: من هذا الرجل؟ قيل: أبو لَهَب
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ورواتُه عن آخرهم ثقات أثبات، ولعلَّهما أو واحدًا منهما توهَّم أنَّ ربيعة بن عِبَاد ليس له راوٍ غيرُ محمد بن المنكدر، وقد روى عنه أبو الزِّناد عبد الله بن ذَكْوان هذا الحديث بعينِه:
39 -
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجلَّاب بهَمَذان، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا ابن أبي الزِّناد، أخبرني أَبي، حدثني ربيعة بن عِبَاد الدُّؤَلي، قال: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية بسوق ذي المَجَاز وهو يقول: "يا أيها الناس، قولوا: لا إلهَ إلّا الله، تُفلِحوا"، قال: يردِّدها مرارًا والناسُ مجتمعون عليه يتبعونه، وإذا وراءَه رجلٌ أحولُ ذو غَدِيرتَينِ، وَضِيءُ الوجه، يقول: إنه صابئٌ كاذب، فسألتُ: من هذا؟ فقالوا: عمُّه أبو لهب
(3)
.
(1)
تحرَّف لفظ "بن" في (ص)(ب) إلى: عن.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سعيد بن سلمة. عبد الله بن رجاء: هو الغُدَاني.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" 25/ (16024) عن سعيد بن أبي الربيع، عن سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن أبي الزناد: وهو عبد الرحمن.
وأخرجه عبد الله بن أحمد 25/ (16023) عن داود بن عمرو الضَّبّي، عن ابن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
وله طرق أخرى انظرها في "المسند"(16020 - 16027).
وسوق ذي المجاز: أحد أسواق العرب المشهورة في الجاهلية، وكانت قريبًا من عرفة.
والغَديرة: الجديلة من الشَّعر. =
قال: وإنما استشهدتُ بعبد الرحمن بن أبي الزِّناد اقتداءً بهما، فقد استَشهَدا جميعًا به.
40 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو عاصم، حدثنا صالح بن رُستُم، عن ابن أبي مُلَيكة، عن عائشة قالت: جاءت عجوزٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أنتِ؟ " قالت: أنا جَثّامةُ المُزَنيَّة، فقال:"بل أنتِ حَسّانةُ المُزَنية، كيف أنتم؟ كيف حالُكم؟ كيف كنتم بعدَنا؟ " قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خَرَجَت قلتُ: يا رسول الله، تُقبِلُ على هذه العجوز هذا الإقبالَ! فقال:"إنها كانت تأتينا زمنَ خديجةَ، وإِنَّ حُسْنَ العهدِ من الإيمان"
(1)
.
= والصابئ: الذي خرج من دينٍ إلى دينٍ غيره.
(1)
إسناده حسن من أجل صالح بن رستم: وهو أبو عامر الخزاز. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وابن أبي مليكة: اسمه عبد الله بن عبيد الله.
وأخرجه البيهقي في "الآداب"(182) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(774) - ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب"(971) - والبيهقي في "شعب الإيمان"(8701)، وابن عبد البر في ترجمة حسّانة من "الاستيعاب"(3277) من طريق محمد بن يونس الكُدَيمي، عن أبي عاصم، به. والكُديمي ضعيف لكنه متابع.
وأخرجه مختصرًا عبد الغني الأزدي في "الغوامض والمبهمات"(65)، والبيهقي (8702)، وقاضي المارستان في "مشيخته"(161) من طريق حفص بن غياث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه كذلك القضاعي (972)، والبيهقي (8700) من طريق عبد المؤمن بن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة - ولفظه فيهما:"كرم الوُدِّ من الإيمان". وعبد المؤمن هذا ذكره ابن حبان في "الثقات" 8/ 417، ومن فوقه ثقات مشهورون.
وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 319 تعليقًا من طريق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن زيد التيمي، عن عائشة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حسنُ العهد من الإيمان". وإسناده ضعيف. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا على الاحتجاج برُواتِه في أحاديثَ كثيرة، وليس له عِلّة.
41 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا موسى بن أيوب النَّصِيبي.
وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أحمد بن الوليد الكَرَابيسي، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي؛ قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا مئةً إلّا واحدة، مَن أحصاها دخل الجنة: إنه وِترٌ يحبُّ الوترَ: هو الله الذي لا إلهَ إلَّا هو، الرحمنُ، الرحيمُ، الملِكُ القُدُّوس، السلامُ، المؤمنُ، المهيمِنُ العزيزُ، الجبَّارُ، المتكبِّرُ، الخالقُ، البارئُ، المصوِّرُ، الغَفَّارُ، القَهَّارُ، الوهَّابُ، الرزَّاقُ، الفتَّاحُ، العليمُ، القابضُ، الباسطُ، الخافضُ، الرافعُ، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السَّميعُ، البصيرُ، الحَكَمُ، العَدْلُ، اللطيفُ، الخبيرُ، الحليمُ، العظيمُ، الغفورُ، الشَّكُورُ، العَلِيُّ، الكبيرُ، الحفيظُ، المُغيثُ - وقال صفوان في حديثه: المُقِيتُ، وإليه ذهب أبو بكر محمد بن إسحاق في "مختصر الصحيح" - الحَسِيبُ، الجليلُ، الكريمُ، الرَّقيبُ، المجيبُ، الواسعُ، الحكيمُ، الوَدُودُ، المَجِيدُ، الباعثُ الشهيدُ، الحقُّ، الوكيلُ، القويُّ، المَتينُ، الوليُّ، الحميدُ، المُحْصِي، المُبدِئُ، المُعِيدُ، المُحْيي، المُمِيتُ، الحيُّ، القَيُّومُ، الواجدُ، الماجِدُ، الواحدُ، الصمَدُ، القادرُ، المقتدِرُ، المقدِّمُ، المؤخِّرُ، الأوَّلُ، الآخِرُ، الظاهرُ، الباطنُ الوالي، المُتَعالي، البَرُّ، التوَّابُ، المنتقمُ، العَفُوُّ، الرؤُوفُ، مالكُ المُلْكِ، ذو الجلالِ والإكرامِ، المُقسِطُ، الجامعُ، الغنيُّ، المُغْني، المانعُ، الضارُّ، النافعُ، النُّورُ، الهادي، البديعُ، الباقي، الوارثُ، الرَّشيدُ، الصَّبُورُ"
(1)
.
= العهد في هذا الحديث: الحِفَاظ ورعاية الحُرمةِ والحقِّ. قاله أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/ 138.
(1)
رجاله ثقات، إلّا أنَّ ذِكرَ هذه الأسماء في الحديث مُدرَج من بعض الرواة كما قرَّره جمهورُ الأئمة الحفّاظ، انظر تفصيل ذلك في التعليق على "صحيح ابن حبان"(808). =
هذا حديث قد خرَّجاه في "الصحيحين"
(1)
بأسانيدَ صحيحة دون ذِكْر الأسامي فيه، والعِلَّة فيه عندهما أنَّ الوليد بن مسلم تفرَّد بسيَاقتِه بطوله وذِكْر الأسامي فيه ولم يَذكُرها غيره، وليس هذا بعِلَّة، فإني لا أعلمُ اختلافًا بين أئمة الحديث أنَّ الوليد بن مسلم أوثقُ وأحفظُ وأعلم وأجلُّ من أبي اليَمَان وبِشْر بن شعيب وعلي بن عياش وأقرانهم من أصحاب شعيب
(2)
.
ثم نظرنا فوَجَدْنا الحديث قد رواه عبد العزيز بن الحُصَين عن أيوب السَّختِياني وهشام بن حسّان جميعًا عن محمد بن سِيرِين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بطوله:
42 -
حدَّثَناه أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا الأمير أبو الهيثم خالد بن أحمد الذُّهْلي بهَمَذان، حدثنا أبو أَسَد عبد الله بن محمد البَلْخي، حدثنا خالد بن مَخْلَد القَطَواني.
وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ وأبو بكر بن عبد الله قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أحمد بن سفيان النَّسَوي، حدثنا خالد بن مَخْلَد، حدثنا عبد العزيز بن حُصَين بن التَّرجُمان، حدثنا أيوب السَّختِياني وهشام بن حسَّان، عن محمد بن سِيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا مَن أحصاها
= وأخرجه الترمذي (3507)، وابن حبان (808) من طرق عن إبراهيم بن يعقوب، عن صفوان بن صالح، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (3861) من طريق موسى بن عقبة، عن الأعرج، به. وإسناده ضعيف.
(1)
البخاري (2736) و (6410) و (7392)، ومسلم (2677).
(2)
يشير إلى أنَّ هؤلاء رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء، فرواية أبي اليمان عند البخاري (2736) و (7392)، ورواية بشر بن شعيب عند البيهقي في "السنن" 10/ 27، ورواية علي بن عياش عند النسائي (7612).
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 19/ 461 (بتحقيقنا): وليست العلَّةُ عند الشيخين تفرُّد الوليد فقط، بل الاختلاف عليه والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج. وانظر تمام البحث فيه فإنه نفيس.
دخلَ الجنةَ: اللهُ، الرحمنُ، الرحيمُ، الإلهُ الربُّ، الملِكُ، القُدُّوس، السلامُ، المؤمنُ، المهيمِنُ، العزيزُ، الجبّارُ، المتكبِّرُ، الخالقُ، البارئُ، المصوِّرُ، الحليمُ، العَليمُ، السميعُ، البصيرُ، الحيُّ، القَيُّومُ، الواسعُ، اللطيفُ، الخبيرُ، الحنَّانُ، المنَّانُ، البديعُ، الوَدُودُ، الغفورُ، الشَّكورُ، المَجِيدُ، المبدِئُ، المُعِيدُ، النُّورُ، البادئُ
(1)
، الأولُ، الآخِرُ، الظاهرُ، الباطنُ، الغَفَّارُ، الوهّابُ، القادرُ، الأَحَدُ، الصمَدُ، الكافي، الباقي، الوكيلُ، المَجِيدُ، المُغِيثُ، الدائمُ، المتعالِ، ذو الجلالِ والإكرام، المولى، النَّصيرُ، الحقُّ، المُبينُ، الباعثُ، المُجيبُ، المُحْيي المُميتُ، الجميلُ، الصادقُ، الحفيظُ، الكبيرُ، القريبُ، الرَّقيبُ، الفتَّاحُ، العَليمُ، التَّوابُ، القديمُ، الوِتُر، الفاطرُ، الرزّاقُ، العلّامُ، العلِيُّ، العظيمُ، الغنيُّ، المَليكُ، المقتدِرُ، الأكرمُ، الرؤُوفُ، المدبِّرُ، المالكُ، القديرُ، الهادي، الشاكرُ، الرفيعُ، الشهيدُ، الواحدُ، ذو الطَّوْلِ، ذو المَعارِجِ، ذو الفَضْل، الخلّاقُ، الكفيلُ، الجليلُ، الكريمُ"
(2)
.
هذا حديثٌ محفوظ من حديث أيوب وهشام، عن محمد بن سِيرين، عن أبي هريرة، مختصرًا دون ذِكْر الأسامي الزائدة فيها
(3)
، كلُّها في القرآن، وعبدُ العزيز بن
(1)
وقع في النسخ الخطية بالراء، وعليه فهو مكرَّر، لكن الصواب بالدال، من: بدأ، ونصَّ على أنه بالدال الحافظُ ابن حجر في "الفتح" 19/ 463، وقال الخطابي في "شأن الدعاء": معناه معنى المُبدِئ، يقال: بدأَ وأبدأَ بمعنى واحد؛ وهو الذي ابتدأ الأشياءَ مخترعًا لها من غير أصل.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد العزيز بن حصين، وأورد له العقيلي هذا الحديث في كتابه "الضعفاء" (943). وقال الذهبي في "تلخيصه": ضعَّفوه.
وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(10) عن الحاكم، بهذا الإسناد. وضعَّفه بعبد العزيز.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(1735) - وعنه الخطابي في "شأن الدعاء" ص 99 - والبيهقي في "الاعتقاد" ص 51 من طريقين عن خالد بن مخلد، به. وزادا في الأسماء بين الحفيظ والكبير: المُحيط. وضعَّفه الخطابي أيضًا بعبد العزيز.
(3)
حديث أيوب عن ابن سيرين عند أحمد 13/ (7623)، ومسلم (2677)، وحديث هشام - وهو ابن حسان - عنه عند أحمد 16/ (10481)، والترمذي (3506).
الحُصَين بن التَّرجُمان ثقةٌ وإن لم يُخرجاه! وإنما جعلتُه شاهدًا للحديث الأول.
43 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وَهْب بن جَرِير، حدثنا شُعْبة.
وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفَّان ومحمد بن كثير وأبو عمر الحَوْضي، قالوا: حدثنا شعبة، أخبرني سَلَمة بن كُهَيل قال: سمعت عيسى - رجلًا من بني أَسَد - يحدّث عن زِرٍّ، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الطِّيَرةُ شِركٌ، ولكنَّ الله عز وجل يُذهِبُه بالتوكُّل"
(1)
.
وعيسى هذا: هو ابن عاصم الأَسَدي، كوفيٌّ ثقة.
44 -
حدثنا بصِحَّة ما ذكرتُه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى.
وأخبرني أبو بكر بن عبد الله، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن خَلَّاد
(1)
إسناده صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف في أحد طرقه - وإن كان ضعيفًا - قد توبع.
وأخرجه أحمد 7/ (4171) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/ (3687) و 7/ (4194)، وأبو داود (3910)، وابن ماجه (3538)، والترمذي (1614)، وابن حبان (6122) من طريق سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والطِّيَرة: التشاؤم والاعتماد على ذلك في عمل شيءٍ ما أو تركه، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 17/ 576: وإنما جُعل ذلك شركًا لاعتقادهم أنَّ ذلك يجلب نفعًا أو يدفع ضُرًّا، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى.
وقوله: "ولكنَّ الله يُذهِبُه بالتوكل" إشارة إلى أنَّ من وقع له ذلك فسلَّم لله ولم يَعبَأ بالطِّيَرة، أنه لا يؤاخذ بما عَرَضَ له من ذلك.
الباهلي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن سلمة بن كُهَيل، عن عيسى بن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الطِّيَرةُ من الشِّرك، وما مِنّا، ولكنَّ الله يُذهِبُه بالتوكُّل"
(1)
.
هذا حديثٌ صحيحٌ سندُه، ثقاتٌ رواتُه، ولم يُخرجاه.
وعيسى بن عاصم الأسدي قد روى أيضًا عن عَدِيِّ بن ثابت وغيره، وقد روى عنه شعبة وجرير بن حازم ومعاوية بن صالح وغيرهم.
45 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب والحسين بن محمد بن زياد وأحمد بن سلمة، قالوا: حدثنا إسحاق
(2)
بن إبراهيم، أخبرنا جَرير، عن الحسن بن عبيد الله النَّخَعي، عن سعد بن عُبيدة، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن حَلَفَ بغيرِ الله فقد كَفَرَ"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح كسابقه. ونقل الترمذي بإثر الحديث عن البخاري عن سليمان بن حرب في قوله هذا الحديث: "وما منَّا، ولكن الله يذهبه بالتوكل" قال: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود!
(2)
في (ب): يحيى بن إسحاق، بزيادة "يحيى بن" وهو خطأ، وكانت هذه الزيادة في (ز) ثم رُمِّجت على الصواب. وإسحاق هذا: هو ابن راهويه.
(3)
رجاله عن آخرهم ثقات، إلّا أنَّ فيه علَّةً وهي الانقطاع بين سعد بن عبيدة وابن عمر، فقد بيَّن منصور ابن المعتمر في روايته عن سعد بن عبيدة عند أحمد 9/ (5375) و (5593) و 10/ (6073) أنَّ سعدًا إنما سمعه من رجل اسمه محمد الكندي عن ابن عمر، ومحمد هذا لا يُعرَف، ومنصور مقدَّم في الخلاف على غيره من الرواة.
وانظر الكلام على هذا الإسناد مفصَّلًا عند الحديث (4904) من "مسند أحمد".
إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وجرير: هو ابن عبد الحميد.
وحديث جرير سيأتي عند المصنف برقم (170) من طريق يحيى بن المغيرة عنه.
وأخرجه أبو داود (3251)، وابن حبان (4358) من طريقين عن الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (8008) من طريق أبي خالد الأحمر عن الحسن بن عبيد الله، وبرقم (168 - 169) من طريق سعيد بن مسروق الثوري والأعمش ومنصور عن سعد بن عبيدة.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا بمثل هذا الإسناد وخرَّجاه في الكتاب
(1)
، وليس له علَّة، ولم يُخرجاه.
وله شاهد على شرط مسلم، فقد احتجَّ بشَرِيك بن عبد الله النَّخَعي:
46 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق وعمرو بن منصور العَدْل قالا: حدثنا عمر
(2)
بن حفص السَّدُوسي، أخبرنا عاصم بن علي، حدثنا شَرِيك بن عبد الله، عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عُبيدة، عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلُّ يمينٍ يُحلَفُ بها دونَ الله شِركٌ"
(3)
.
47 -
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب النَّوْقاني، حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مَسَرَّة
(4)
المكّي.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار وأبو بكر بن إسحاق الفقيه قالا: أخبرنا بِشْر بن موسى؛ قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حُمَيد بن هلال قال: أتاني أبو العاليَةِ أنا وصاحبًا لي فقال: هَلُمَّا فأنتما
(1)
الحسن بن عبيد الله النخعي أخرج له مسلم وحده دون البخاري.
(2)
تحرَّف في (ص) إلى: عمرو.
(3)
إسناده ضعيف، شريك بن عبد الله النخعي قد اضطرب في إسناد هذا الحديث كما سيأتي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13950) عن عمر بن حفص، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني أيضًا (13952) من طريق علي بن الجعد عن شريك، عن جابر - وهو الجُعفي - عن سعد بن عبيدة، عن ابن عمر. وجابر الجعفي ضعيف.
وأخرجه الباغندي في "أماليه"(97) عن عبيد الله بن موسى، عن شريك، عن جابر، عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 1/ 355 من طريق يزيد بن هارون، عن شريك، عن جابر، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر. فهذه الأسانيد تدلُّ على اضطراب شريك النخعي فيه، وانظر ما قبله.
(4)
تحرَّف في (ب) إلى: ميسرة.
أَشبُّ وأَوعى للحديث مني، فانطلقَ بنا حتى أَتينا نصرَ بن عاصم اللَّيثي، فقال: حَدِّثْ هذَينِ حديثَك، قال نصرٌ: حدثنا عُقْبةُ
(1)
بن مالك - وكان من رَهْطه - قال: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فأَغاروا على قوم فشَذَّ رجل من القوم فأتبَعَه رجل من السَّرِيّة معه السيفُ شاهرٌ، فقال الشاذُّ من القوم: إني مسلم، فلم يَنظُرْ فيها، فضربه فقتله، فنُمِيَ الحديثُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قولًا شديدًا، فبلغ القاتلَ، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخطُبُ إذ قال القاتل: يا رسول الله، والله ما قالَ الذي قال إلّا تعوُّذًا من القتل، فأَعرَضَ عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعمَّن قِبَلَه من الناس، وأخذ في خُطْبته، ثم قال الثانيةَ: يا رسول الله، والله ما قال الذي قال إلَّا تعوُّذًا من القتل، فأعرضَ عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعمَّن قِبَلَه من الناس، وأَخذ في خُطْبته، ثم لم يَصبِرْ أن قال الثالثةَ: والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلّا تعوُّذًا من القتل، فأقبلَ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تُعرَفُ المَسَاءةُ في وجهه، ثم قال:"إنَّ الله عز وجل أَبَى عليَّ من قتلَ مؤمنًا"؛ قالها ثلاثًا
(2)
.
هذا حديث مخرَّج مثلُه في "المسند الصحيح" لمسلم، فقد احتجَّ بنصر بن عاصم الليثي وسليمان بن المغيرة، فأما عُقْبة بن مالك اللَّيثي فإنه صحابي مُخرَّج حديثه في كتب الأئمة في الوُحْدان، وقد بيَّنتُ شَرْطي في أول الكتاب بأني أُخرج حديث الصحابة عن آخرهم، إذا صحَّ الطريقُ إليهم.
وقد تابع يونسُ بنُ عُبيد سليمانَ بن المغيرة على روايته عن حُميدٍ على شرط مسلم:
(1)
تحرَّف في المطبوع إلى: عتبة.
(2)
إسناده صحيح إن كانت رواية المصنف محفوظة بذكر نصر بن عاصم.
فقد أخرجه أحمد 37/ (22490)، والنسائي (8539)، وابن حبان (5972) من طرق عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد - ووقع عندهم: بشر بن عاصم، بدل نصر بن عاصم، وهما أخوان، وكلاهما لا بأس به ونصر أوثقُهما.
قوله: "أبى عليَّ" أي: استغفرتُ للقاتل فأبى عليَّ مغفرته، وما استجاب لي فيه. قاله السندي في حاشيته على "مسند أحمد".
48 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا أبو خَليفة الفضل بن محمد بن شعيب القاضي، حدثنا أحمد بن يحيى بن حُميد، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن يونس بن عُبيد، عن حميد بن هلال، عن نصر بن عاصم، عن عُقْبة بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أمَّا بعدُ، فما بالُ الرجلِ يقتل الرجلَ وهو يقول: أنا مسلمٌ" فقال القاتل: يا رسول الله، إنما قالها متعوِّذًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، وكَرِهَ مَقالَتَه، وحوَّل وجهَه عنه، فقال:"أَبى اللهُ عليَّ مَن قتلَ مسلمًا، أَبى الله عليَّ مَن قتلَ مسلمًا"
(1)
.
49 -
حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى الأدَمي ببغداد، حدثنا أبو بكر بن أبي العوَّام، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همَّام.
وحدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا موسى بن إسماعيل.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن محمد بن حيَّان
(2)
الأنصاري، أخبرنا أبو الوليد وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا همَّام بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، قال: حدثني شَيْبة الحضرمي: أنه شهد عُروةَ بن الزُّبير يحدِّث عمرَ بن عبد العزير، عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثٌ أَحلِفُ عليهنَّ: لا يجعلُ اللهُ مَن له سهمٌ في الإسلام كمن لا سهمَ له، وسهامُ الإسلام الصومُ والصلاةُ والصدقةُ، ولا يتولَّى اللهَ عبدٌ
(3)
فيُولِّيَه غيرَه يوم القيامة، [ولا يحبُّ رجلٌ قومًا إلَّا
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن يحيى بن حميد، وقد توبع.
وأخرجه أحمد 28/ (17009) عن يونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وعنده فيه: بشر بن عاصم، وانظر ما قبله.
(2)
في (ز) و (ب): حبان، بالموحدة، وأُهمل في (ص)، وقد تكرر ذكره في "تهذيب الكمال" للمزي و"سير أعلام النبلاء" للذهبي وغيرهما منقوطًا باثنتين من تحت، وبناءً عليه أثبتناه بالياء المثناة، والله تعالى أعلم، وهو أبو جعفر التمار البصري، قال الدارقطني في "سؤالات الحاكم له" (192): لا بأس به.
(3)
هكذا في (ز) و (ص): عبدٌ، بالرفع على الفاعلية، وفي (ب): عبدًا، على المفعولية.
جاءَ معهم]
(1)
، والرابعةُ إن حلفتُ عليها رَجَوتُ أن لا آثمَ: ما يستُرُ اللهُ على عبدٍ في الدنيا، إلّا سَتَرَ عليه في الآخرة".
فقال عمر بن عبد العزيز: إذا سمعتم مثلَ هذا الحديث يحدِّث به عروةُ عن عائشة، فاحفَظُوه
(2)
.
شَيْبة الحضرمي قد خرَّجه البخاري وقال في "التاريخ": ويقال: الخُضْري
(3)
، سمع عروةَ وعمرَ بن عبد العزيز، وهذا الحديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
50 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه، حدثنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من نسخ "المستدرك" الحاضرة بين أيدينا، ولا بدَّ منه، واستدركناه من "شعب الإيمان"(9014) للبيهقي حيث رواه عن شيخه الحاكم بإسناديه.
(2)
حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، شيبة الحضرمي - ويقال: الخُضْري، نسبة إلى خُضْر، قبيلة من قيس عَيلان - ذكره البخاري في "التاريخ" 4/ 243 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 336 ولم يأثرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/ 445، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": مقبول، يعني عند المتابعة وإلّا فليِّن الحديث، وجهَّله الذهبي في "تلخيص المستدرك"، وقد جوَّد هذا الإسنادَ الحافظُ المنذري في "الترغيب والترهيب".
وأخرجه أحمد 42/ (25121) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه وشواهده فيه.
وأخرجه أيضًا أحمد 42/ (25271)، والنسائي (6316) من طريق عفان، عن همام بن يحيى، به - وهو عند النسائي مختصر.
وسيأتي عند المصنف برقم (8360).
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة كما هو مبيّن في التعليق على "مسند أحمد".
(3)
هكذا وقعت العبارة في أصول "المستدرك"، ولذلك تعقَّبه الحافظ الذهبي بقوله: ما خرَّج له - يعني شيبة - سوى النسائي هذا الحديث وفيه جهالة. قلنا: ويغلب على ظننا أنَّ العبارة قد وقع فيها خطأ قديم، وأنَّ الصواب فيها: قد خرَّجه البخاري في "التاريخ" وقال: الخضري؛ وبذلك تستقيم العبارة، وحينئذٍ فلا تعقيب عليه، والله تعالى أعلم.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا يحيى بن مَعِين.
وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا سعيد بن منصور؛ قالوا: حدثنا هُشَيم، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن فَضَالة اللَّيثي قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أريدُ الإسلامَ فعلِّمني شرائعَ من شرائعِ الإسلام، فذكر الصلاةَ وشهرَ رمضان ومواقيتَ الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إنك تَذكُر ساعاتٍ أنا فيهن مشغولٌ، ولكن علِّمني جِماعًا من الكلام، قال:"إِنْ شُغِلتَ فلا تُشغَلْ عن العصرَينِ" قلت: وما العصرانِ؟ ولم تكن لغةَ قومي، قال:"الفجرُ والعصرُ"
(1)
.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد فيه انقطاع بين أبي حرب وفضالة الليثي بينهما فيه عبدُ الله بن فضالة كما في الحديث الذي بعده، وعبد الله بن فضالة هذا روى عنه اثنان أو أكثر، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 40. وقد صحَّح هذا الحديثَ الحاكمُ هنا وابن حبان (1741 - 1742) والحافظ ابن حجر في "الأربعين المتباينة" الحديث (31)، بينما استنكره الحافظ الذهبي في ترجمة عبد الله بن فضالة من "المغني في الضعفاء" (3302).
قلنا: ويشهد لهذا الحديث ويشدُّه حديث نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم: أنَّه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أنه لا يصلي إلَّا صلاتين، فقبل منه، أخرجه أحمد 33/ (20287)، ورجاله ثقات.
وقد ذهب الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرحه على البخاري 4/ 199 إلى أنَّ هذا من باب التألّف على الإسلام قال: وقد كان - أي: النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا يتألَّف على الإسلام من يريد أن يُسامَحَ بترك بعض حقوق الإسلام فيقبل منهم الإسلام، فإذا دخلوا فيه رغبوا في الإسلام فقاموا بحقوقه وواجباته كلها، كما روى عبد الله بن فضالة الليثي
…
وذكر هذا الحديث وغيره، ثم نقل عن الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله أنه قال: إذا أسلم على أن يصلي صلاتين يُقبَل منه، فإذا دخل يُؤمر بالصلوات الخمس، وذكر - يعني الإمام أحمد - حديث نصر بن عاصم الذي تقدم.
قلنا: ويمكن أن يكون معنى هذا الحديث: أدَّ العصرين في أحسن أوقاتهما، وأدِّ البقية على الوجه المتيسِّر لك في أوقات جوازها، لا أنهما تكفيان عن الخمس، وإلى هذا ذهب الإمام البيهقي في كتابه "السنن" 1/ 466، والله تعالى أعلم.
وحديث فضالة الليثي أخرجه أحمد 31/ (19024)، وابن حبان (1741) من طريقين عن هشيم، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وفيه ألفاظٌ لم يُخرجاها بإسناد آخر، وأكثرها فائدةً ذِكرُ شرائع الإسلام، فإنه في حديث عبد العزيز بن أبي رَوَّاد
(1)
عن علقمة بن مَرثَدٍ، عن يحيى بن يَعمَرَ، عن ابن عمر
(2)
، وليس من شَرْط واحدٍ منهما.
وقد خُولِفَ هُشيم بن بَشير في هذا الإسناد عن داود بن أبي هند خلافًا لا يضرُّ الحديثَ، بل يزيده تأكيدًا:
51 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا محمد بن بِشْر بن مَطَر، حدثنا وهب بن بَقيَّة.
وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا إسحاق بن شاهين؛ قالا: حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود عن أبي حَرْب، عن عبد الله بن فَضَالة، عن أبيه قال: عَلَّمَني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان فيما عَلَّمَني أن قال:"حافِظْ على الصَّلَوات الخَمْس" فقلت: هذه ساعاتٌ لي فيها أشغالٌ، فحدِّثني بأمرٍ جامعٍ إذا أنا فعلتُه أجزأَ عني، قال:"حافِظْ على العَصْرَينِ" - قال: وما كانت من لغتنا - قلت: وما العَصرانِ؟ قال: "صلاةٌ قبلَ طلوع الشمس، وصلاةٌ قبلَ غروبِها"
(3)
.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: داود.
(2)
كذا ساق الإسناد، وأخطأ فيه، فإنَّ علقمة بن مرثد ليس له رواية عن يحيى بن يعمر، بينهما سليمان بن بريدة، هكذا أخرجه على الصواب العقيلي في "الضعفاء"(933)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 202 من طريق خلاد بن يحيى، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن يحيى بن يعمر.
وقد تابع عبدَ العزيز سفيانُ الثوري عند أحمد 1/ (374) وأبي داود (4697)، لكن قال فيه: ما الإسلام؟
وأخرجه مسلم في "صحيحه"(8) من رواية غير واحدٍ عن عبد الله بن بريدة أخي سليمان، عن يحيى بن يعمر، وقال فيه: أخبرني عن الإسلام.
(3)
إسناده حسن، وانظر ما قبله. =
أبو حرب بن أبي الأسود الدِّيلي تابعيٌّ كبير، عنده عن أكابر الصحابة لا يَقصُر سماعُه عن فَضَالة بن عبيد الليثي، فإنَّ هشيم بن بشير حافظ معروف بالحفظ، وخالد بن عبد الله الواسطي صاحبُ كتاب، وهذا في الجملة كما خرَّج مسلم في كتاب الإيمان
(1)
حديثَ شعبة عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب، وبعده عن محمد بن عثمان عن أبيه.
52 -
حدثني علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد.
وأخبرني أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي؛ قالا: حدثنا محمد بن أبي السَّرِيِّ العَسقَلَاني، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ للإسلام صُوًى
(2)
ومَنارًا كمَنارِ الطريق"
(3)
.
= وأخرجه ابن حبان (1742) عن عبد الله بن قحطبة، عن إسحاق بن شاهين بهذا الإسناد - لكن أسقط منه أبا حرب.
وأخرجه أبو داود (428) عن عمرو بن عون، خالد بن عبد الله الواسطي، به - كما عند الحاكم. وسيأتي برقم (721) و (6782).
(1)
برقم (13)(13)، قال شعبة: حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، وأبوه عثمان أنهما سمعا موسى بن طلحة
…
(2)
رُسمت هذه الكلمة في نسخنا الخطية هكذا: ضوا، بإعجام أولها، وهو تصحيف، فقد ضبط هذه الكلمة وشرحها غير واحد من أهل اللغة بالصاد المهملة، قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 4/ 183 نقلًا عن أبي عمرو بن العلاء الصُّوَى: أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي المجهولة، فيُستدلُّ بتلك الأعلام على طرقها، واحدتها: صُوَّة.
(3)
حديث صحيح إن كان خالد بن معدان سمعه من أبي هريرة، فقد قال ابن أبي حاتم عن أبيه في "المراسيل" (187): قد أدرك أبا هريرة ولا يذكر سماعًا. وقد رواه أبو عبيد في "الإيمان"(3) - ومن طريقه اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1688) وعبد الغني المقدسي في "الأمر بالمعروف"(9) - عن يحيى بن سعيد العطار عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن رجل عن أبي هريرة، فأدخل بينهما رجلًا مبهمًا، لكن يحيى بن سعيد العطار ضعيف، وقد =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري فقد روى عن محمد بن خلف العسقلاني
(1)
، واحتجَّ بثور بن يزيد الشامي، فأما سماعُ خالد بن مَعْدان عن أبي هريرة فغير مُستبدَع، فقد حكى الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عنه أنه قال: لقيتُ سبعةَ عشرَ رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولعلَّ متوهِّمًا يَتوهَّمُ أنَّ هذا متنٌ شاذٌّ، فليَنظُر في الكتابين ليجدَ من المتون الشاذَّة
(2)
التي ليس لها إلّا إسناد واحد ما يُتعجَّب منه، ثم ليَقِسْ هذا عليها.
حديث آخر بهذا الإسناد
(3)
:
53 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن أبي السَّرِيّ، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ثَوْر بن يزيد عن خالد بن مَعْدان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام أن تَعبُدَ اللهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتقيمَ الصلاةَ،
= خالفه كلُّ من روى عن ثور هذا الحديث فأسقط هذا الرجل.
وأخرج الحديث مجموعًا مع الذي يليه: الشجري في "أماليه" 1/ 38 من طريق هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، بإسناده.
وأخرجه كذلك محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(405)، والطبراني في "مسند الشاميين"(429)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(160)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(487)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 217 من طرق عن ثور بن يزيد به.
(1)
هذا ذهولٌ من المصنف رحمه الله، فإنَّ محمد بن خلف العسقلاني هذا ليس هو ابنَ أبي السَّري، ثم إنه لم يرو عنه البخاري شيئًا، إنما روى عن محمد بن خلف الحدادي البغدادي المقرئ، وأما محمد بن أبي السري - واسمه محمد بن المتوكل - فلم يرويا له شيئًا، وقد اختلفت فيه أقوال أهل الجرح والتعديل.
(2)
أراد بالشذوذ التفرُّد، وهو أن يتفرَّد الثقة بالحديث لا يرويه بإسناده غيره، ولم يُرِد الشذوذ الذي هو مخالفة الثقة في روايته من هو أوثق منه، فقد قال المصنف نفسه في تعريف الشاذِّ من كتابه "معرفة علوم الحديث" ص 119: الشاذُّ حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصلٌ متابعٌ لذلك الثقة.
(3)
بل هو قسم من الحديث السابق، هكذا وقع عند كلِّ من أخرجه سوى الحاكم.
وتُؤتيَ الزكاةَ، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيتَ، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر، وتسليمُك على أهلِك، فمن انتَقَصَ شيئًا منهنَّ فهو سهمٌ من الإسلام يَدَعُه، ومَن تركهنَّ كلَّهنَّ فقد وَلَّى الإسلامَ ظهرَه".
هذا الحديث مثلُ الأول في الاستقامة.
54 -
أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبْة.
وأخبرني الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يحيى بن أبي سُلَيم، قال: سمعت عمرَو بن ميمون يحدِّث عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ألَا أُعلمُك" أو "ألا أَدُلُّك على كلمةٍ مِن تحتِ العرش مِن كَنْز الجنة، تقول: لا حولَ ولا قوةَ إلَّا بالله، فيقول الله عز وجل: أَسلَمَ عبدي واستَسلمَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح ولا يُحفَظ له عِلَّة، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلم بيحيى بن أبي سليم
(2)
.
55 -
حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ حدثنا محمد بن غالب بن حَرْب.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أبي سليم، وهو أبو بَلْج، مشهور بكنيته، وعبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف - وإن كان ضعيفًا - قد توبع.
وأخرجه أحمد 13/ (7966) عن هاشم بن القاسم ومحمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8753)، والنسائي (9757) من طريقين عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد أيضًا 14/ (8426) و (8660) و 15/ (9233) من طريقين عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (8085) و 14/ (8406) و 16/ (10056)، والترمذي (3601) من طرق عن أبي هريرة.
(2)
كذا قال! ومسلم لم يخرج شيئًا ليحيى بن أبي سليم.
وأخبرني الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق؛ قالا: حدثنا علي بن مسلم الطُّوسِي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث.
وحدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا علي بن العباس البَجَلي قال: ذَكَرَ عبدُ الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثني أَبي، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن زيد بن وَهْب، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ رجلَينِ دَخَلا في الإسلام فاهتَجَرَا، كان أحدُهما خارجًا من الإسلام حتى يَرجِعَ الظالمُ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين جميعًا، ولم يُخرجاه، وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد ثقة مأمون، وقد خرَّجا جميعًا له غيرَ حديث تفرَّد به عن أبيه وشعبة وغيرهما.
(1)
صحيح موقوفًا، فقد اختُلف في رفعه ووقفه على عبد الله بن مسعود، والموقوف أشبه كما قال الدارقطني في "العلل" 5/ 75 (721)، ورجال إسناده ثقات.
وأخرجه مرفوعًا أبو نعيم في "الحلية" 4/ 173 عن الحسين بن علي التميمي في جماعة، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن علي بن مسلم الطوسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك البزار (1773) عن عبد الوارث بن عبد الصمد، به.
وخالف عبدَ الصمد بن عبد الوارث في رفعه يحيى بنُ سعيد القطان، فقد رواه عن شعبة بهذا الإسناد إلى عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه، وأخرجه عبد الله أحمد في "السنة"(787)، وأبو بكر الخلال في "السنة"(1474) عن أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد، به.
وتابع شعبةَ على الرواية الموقوفة هذه شريك عن الأعمش، أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(519).
كما رواه موقوفًا شعبةُ أيضًا عن محمد بن جحادة، طلحة بن مصرِّف، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود، أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة"(788) عن أبيه، عن يحيى بن سعيد القطان، عنه.
وتابع محمدَ بنَ جحادة محمدُ بنُ طلحة بن، مصرف، فرواه عن أبيه، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود موقوفًا، أخرجه الطبراني في "الكبير"(8904).
56 -
حدثنا أبو النَّضْر الفقيه وأبو الحسن العَنَزي
(1)
قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي.
وحدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب.
وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد؛ قالوا: حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثنا ابنُ الهادِ، أنَّ سعيد بن أبي سعيد حدَّثه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زنى العبدُ خرجَ منه الإيمانُ، فكان كالظُّلَّةِ، فإذا انقَلَعَ منها، رجعَ إليه الإيمان"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا برواته.
وله شاهد على شرط مسلم:
57 -
حدثنا بكر
(3)
بن محمد بن حمدان الصَّيْرفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل.
وحدثنا جعفر بن محمد بن نُصَير ببغداد، حدثنا بشر بن موسى؛ قالا: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثنا عبد الله بن الوليد، عن ابن حُجَيرةَ، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن زنى أو شرب الخمرَ، نَزَعَ اللهُ منه الإيمانَ كما يَخلَعُ الإنسانُ القميصَ من رأسه"
(4)
.
(1)
تحرَّف في (ز) و (ص) إلى: الحيري، وقد تكرر عند المصنف في بضعة عشر موضعًا على الصواب، واسمه: أحمد بن محمد.
(2)
إسناده صحيح. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن الهاد.
وأخرجه أبو داود (4690) عن إسحاق بن سويد الرَّملي، عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
(3)
في المطبوع: أبو بكر، بزيادة "أبو" وهو خطأ، وكنيته: أبو أحمد. وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 15/ 554 - 555.
(4)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن الوليد: وهو التُّجيبي المصري، وليس كما قال المصنف: إنه شاميٌّ، فهذا وهمٌ منه فيه وفي عبد الرحمن بن حجيرة، فإنهما مِصريّان، والوهم الثاني زعمُه أنَّ مسلمًا احتجَّ بعبد الله بن الوليد، ولم يخرج له مسلم شيئًا. =
قد احتجَّ مسلم بعبد الرحمن بن حُجَيرة وعبد الله بن الوليد، وهما شاميَّان.
58 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حَكِيم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ والإيمانُ قُرِنا جميعًا، فإذا رُفِعَ أحدُهما رُفِعَ الآخَرُ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرطهما، فقد احتجَّا برواتِه ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
59 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أحمد بن يحيى بن رَزِين
(2)
، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو صخر، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ المؤمن يَألَفُ، ولا خيرَ فيمن لا يَألَفُ ولا يُؤلَفُ"
(3)
.
= ويشهد له حديث مبارك بن حسان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رفعه، وفيه:"يخلع منه الإيمان كما يخلع سرباله، فإذا رجع إلى الإيمان رجع إليه"، أخرجه البزار (9287)، لكن مبارك بن حسان ضعيف منكر الحديث. والسِّربال: هو القميص.
(1)
صحيح موقوفًا من قول ابن عمر، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن اضطرب فيه موسى بن إسماعيل - وهو أبو سلمة التَّبُوذَكي - فمرةً رفعه وأخرى وقفه على ابن عمر من قوله كما قال محمد بن غالب الراوي عنه فيما نقله البيهقي في "شعب الإيمان"(7331).
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 297 من طريق عبد الله بن أحمد الدَّورقي، عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد مرفوعًا.
وخالف موسى بن إسماعيل في رفعه: عبدُ الله بن المبارك عند البخاري في "الأدب المفرد"(1313)، وأبو أسامة حماد بن أسامة عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 8/ 525 و 11/ 28، ووهب بن جرير عند المروزي في تعظيم قدر الصلاة" (884)، فرواه ثلاثتهم عن جرير بن حازم موقوفًا على ابن عمر.
وروي مثله عن ابن عباس من قوله عند المروزي (885)، وسنده محتمل للتحسين.
(2)
هكذا وقع في أصول "المستدرك": أحمد بن يحيى بن رزين، ولم نقف له على ترجمة، وفي هذه الطبقة: أحمد بن محمد بن علي بن رزين، وهو ثقة، فلعلَّه هو، والله تعالى أعلم.
(3)
إسناده ضعيف، أبو حازم هذا: هو سلمة بن دينار المدني الأعرج، وهو لم يلق أبا هريرة كما قال الذهبي في "تلخيصه"، بينهما فيه أبو صالح ذكوان السَّمّان كما عند سائر من خرَّجه، فاتصل الإسناد، لكن يبقى فيه علَّة الاضطراب، فقد خولف فيه أبو صخر - وهو حميد بن زياد - =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلمُ له عِلَّةً
(1)
، ولم يُخرجاه.
60 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا أحمد بن النَّضْر بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد بن أبي بكر المقدَّمي، حدثنا فُضَيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عُقْبة، سمع عُبيدَ الله بن سلمان
(2)
، عن أبيه، عن أبي أيوب الأنصاري قال:
= كما سيأتي لاحقًا، وأبو صخر هذا مختلَف فيه، وهو حسن الحديث إلّا عند المخالَفة، وهو من رجال مسلم دون البخاري.
وأخرجه أحمد - وابنه عبد الله - في "المسند" 15/ (9198) عن هارون بن معروف، بهذا الإسناد - بذِكر أبي صالح فيه، وانظر تتمة تخريجه من هذا الطريق هناك.
وتابع أبا صخر عليه خالدُ بن الوضّاح عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 269، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(1680)، وخالد هذا لا يُعرَف أنه روى عنه غير الزبير بن بكار، ولم يؤثر توثيقه عن أحد، فهو من جملة المجاهيل.
وخالفهما مصعب بن ثابت فرواه عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد 37/ (22840) وغيره، وإسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت، وقد تابعه على هذا عمر بن صُهبان كما ذكر ابن عدي، وهو أشدُّ ضعفًا منه.
وخالفهم أسامة بن زيد الليثي فرواه عن أبي حازم عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه تمّام في "فوائده"(944)، وأسامة حسن الحديث إلَّا عند المخالفة.
وخالفهم جميعًا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي فرواه عن أبي حازم عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود موقوفًا من قوله، أخرجه ابن أبي شيبة 13/ 293، والطبراني في "الكبير"(8976)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7768) من طرق عنه، قال الدارقطني في "العلل" 5/ 232 (842): وهذا أشبهها بالصواب، وقال في موضع آخر منه 8/ 182 (1498): هذا هو الصحيح. قلنا: وهو كما قال، والمسعودي قوي لا بأس به، وهو وإن كان قد اختلط، فبعض من روى عنه هذا الأثر سمع منه قبل اختلاطه، لكن يبقى فيه علَّة الانقطاع، فإنَّ رواية عون بن عبد الله عن ابن مسعود مرسلة.
(1)
بل فيه علَّة الاضطراب كما بيَّنّا في التعليق السابق.
(2)
تحرَّف في المطبوع إلى: سليمان، ووقع في (ز) وحدها: عَبْد الله بن سلمان، وعَبد الله وعُبيد الله أخوان، وقد رويا جميعًا عن أبيهما، وعُبيد الله أوثقهما.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن عبدٍ يَعبُدُ اللهَ ولا يُشرِكُ به شيئًا، ويقيمُ الصلاةَ، ويؤتي الزكاةَ، ويجتنبُ الكبائرَ، إلَّا دَخَلَ الجنةَ" قال: فسألوه: ما الكبائرُ؟ قال: "الإشراكُ بالله، والفِرارُ من الزَّحْف، وقتلُ النَّفْس"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
(2)
، ولا أعرفُ له عِلّةً، ولم يُخرجاه.
61 -
أخبرنا إبراهيم بن عِصْمة بن إبراهيم العَدْل، حدثني أَبي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا يزيد بن المِقْدام بن شُرَيح بن هانئ، عن المِقدام، عن أبيه شُرَيح بن هانئ، عن هانئ: أنه لمّا وَفَدَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله، أيُّ شيءٍ يُوجِبُ الجنةَ؟ قال:"عليك بحُسْنِ الكلام، وبَذْلِ الطعام"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، فضيل بن سليمان ليس بذاك القوي إلّا أنه يصلح في المتابعات والشواهد، وهو هنا قد توبع كما سيأتي، وباقي رجاله ثقات.
وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية"(2932).
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(3247) عن أحمد بن علي بن المثنى أبي يعلى، وابن منده في "الإيمان"(478) من طريق يوسف بن يعقوب، كلاهما عن محمد بن أبي بكر، بهذا الإسناد - إلَّا أنَّ ابن حبان لم يذكر السؤال عن الكبائر، ووقع عنده: عَبْد الله بن سلمان.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 5/ 43 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 22/ 177 من طريق حوراء بنت موسى بن عقبة، كلاهما عن موسى بن عقبة، به. وأحسن الطريقين طريق ابن أبي الزناد على كلام فيه.
وأخرجه أحمد 38/ (23502) و (23506)، والنسائي (3458) و (8601) و (11034) من طريق بقية بن الوليد، عن بَحير بن سعد عن خالد بن معدان، عن أبي رُهْم السَّمَعي، عن أبي أيوب. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل بقية بن الوليد.
(2)
قال الذهبي: عُبيد الله عن أبيه سلمان الأَغر خرَّج له البخاري فقط. قلنا: وإن كان الآخر - أي: عَبْد الله - فقد خرَّج له مسلم فقط.
(3)
إسناده قوي. يحيى بن يحيى: هو النيسابوري.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(504) من طريق إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - عن يحيى بن يحيى، بهذا الإسناد - مجموعًا مع الحديث التالي عند المصنف.
وأخرجه أيضًا برقم (490) مقتصرًا عليه من طريق قتيبة بن سعيد، عن يزيد بن المقدام، به.
هذا حديث مستقيم، وليس له عِلَّة ولم يُخرجاه، والعِلَّة عندهما فيه أنَّ هانئ بن يزيد ليس له راوٍ غيرُ ابنه شُريح، وقد قدَّمتُ الشرطَ في أول هذا الكتاب: أنَّ الصحابي المعروف إذا لم نَجِدْ له راويًا غيرَ تابعي واحد معروف، احتججنا به، وصحَّحنا حديثه، إذ هو صحيح على شرطهما جميعًا، فإنَّ البخاري قد احتجَّ بحديث قيس بن أبي حازم عن مِرْداس الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"يذهبُ الصالحون"
(1)
، واحتجَّ بحديث قيس عن عَدِيِّ بن عَمِيرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مَن استعملناه على عملٍ"
(2)
، وليس لهما راوٍ غير قيس بن أبي حازم، وكذلك مسلمٌ قد احتجَّ بأحاديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه، وأحاديث مَجْزَأة بن زاهر الأسلمي عن أبيه
(3)
، فلَزِمَهما جميعًا على شرطهما الاحتجاجُ بحديث شُريح بن هانئ عن أبيه، فإنَّ المقدام وأباه شُريحًا من أكابر التابعين، وقد كان هانئُ بن يزيد وَفَدَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
62 -
كما حدَّثَناه جعفر بن محمد بن
(4)
نُصَير الخُلدي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يزيد بن المقدام بن شُرَيح، عن أبيه، عن شُريح بن هانئ، قال: حدثني أبي هانئُ بن يزيد: أنه وَفَدَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَكنُونه بأبي الحَكَم، فقال:"إنَّ الله هو الحَكَمُ، لِمَ تُكنَى بأبي الحَكَم؟ " قال: إنَّ قومي إذا اختلفوا حَكَمتُ بينهم، فرَضِيَ الفريقان، قال:"هل لكَ ولدٌ؟ " قال: شُرَيحٌ وعبدُ الله ومسلمٌ بنو هانئ، قال:"فمَن أكبَرُهم؟ " قال: شريحٌ، قال:"فأنتَ أبو شُرَيح"، فدعا له ولولده
(5)
.
(1)
أخرجه البخاري برقم (6434).
(2)
الذي احتجَّ بحديث قيس - وهو ابن أبي حازم - عن عديٍّ، هو مسلم في "صحيحه" برقم (1833)، لا البخاري.
(3)
حديث مجزأة عن أبيه عند البخاري برقم (4173)، وليس عند مسلم.
(4)
تحرَّف في (ص) إلى: عن.
(5)
إسناده قوي. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين.
وأخرجه أبو داود (4955)، والنسائي (5907)، وابن حبان (504) من طرق عن يزيد بن المقدام بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. =
وقد ذكرتُ في كتاب "المعرفة" في ذِكْر المخضرَمِين شريحَ بن هانئ، فإنه أدركَ الجاهليةَ والإسلامَ، ولم يَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فصار عِدادُه في التابعين.
63 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا خُشْنام بن الصَّدِيق
(1)
، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا أبو الرَّبيع الزَّهْراني، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا حَرْملة بن عِمران التُّجِيبي، حدثنا أبو يونس سُلَيم بن جُبير مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: قرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (إنه كان سميعًا بصيرًا)
(2)
، فوضعَ إِصْبَعَه الدَّعّاءَ على عينيه، وإبهامَيهِ على أُذنيه
(3)
.
هذا حديث صحيح ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلم بحرملة بن عمران وأبي يونس، والباقون متَّفَقٌ عليهم.
ولهذا الحديث شاهد على شرط مسلم:
64 -
حدَّثَناه إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حدثني ابن أبي فُدَيك، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلَمَ، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كانت مِن فتنةٍ ولا تكونُ حتى تقومَ الساعةُ، أعظمَ من فتنة الدَّجّال، وما من نبيٍّ إلَّا وقد حَذَّرَ قومَه، ولا
= وسيأتي مختصرًا برقم (7934) من طريق قيس بن الربيع عن المقدام بن شريح.
(1)
صَدِيق كأَمير، ويقال: صِدِّيق، كسِكِّيت، ذكر ابن ماكولا الوجهين.
(2)
هكذا في نسخ "المستدرك" هنا، والتلاوة:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] كما سيأتي برقم (2962).
(3)
إسناده صحيح. محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العَتَكي.
وأخرجه أبو داود (4728)، وابن حبان (265) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
وسيأتي مختصرًا برقم (2962) موقوفًا على أبي هريرة دون قوله: فوضع إصبعه
…
إلخ.
خبَّرتُكم منه بشيء ما أَخبَرَ به نبيٌّ قبلي" فوضع يدَه على عينه ثم قال: "أشْهَدُ أنَّ الله ليس بأَعورَ"
(1)
.
65 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مَهْدي بن رُستُم، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، حدثنا شعبة.
وحدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا أبو المثنَّى ومحمد بن أيوب، قالا: حدثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوَص، عن أبيه قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قَشِفُ الهيئةِ، قال:"هل لكَ من مالٍ؟ " قلت: نعم، قال:"من أيِّ المال؟ " قلت: من كلٍّ، مِن الإبل والخيل والرَّقيق والغنم، قال:"فإذا آتاكَ الله مالًا فليُرَ عليك".
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تُنتَجُ إبلُ قومِك صِحاحٌ آذانُها فَتَعمِدَ إلى المُوسَى فتقطعَ آذانَها وتقولَ: هي بُحُرٌ، وتَشُقَّها أو تشقَّ جلودَها، أو تقول: هي صُرُمٌ
(2)
، فتحرِّمَها عليك وعلى أهلك؟ " قال: قلت: نعم، قال:"فكلُّ ما آتاكَ الله لك حِلٌّ، وساعِدُ اللهِ أشدُّ من ساعدِك، وموسى اللهِ أحدُّ من مُوسَاك"
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد، وقد تكلم بعضهم في سماع زيد بن أسلم من جابر، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 251: قال قوم: لم يسمع زيد بن أسلم من جابر بن عبد الله، وقال آخرون: سمع منه، وسماعه من جابر غير مدفوع عندي، وقد سمع من ابن عمر، وتوفي ابن عمر قبل جابر بن عبد الله بنحو أربعة أعوام. انتهى، ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك المدني.
وأخرجه أحمد 22/ (14112) من طريق زهير بن محمد التميمي، عن زيد بن أسلم، به. ورجاله ثقات، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 19/ 167 (ط هجر): إسناده جيِّد.
(2)
هكذا في (ز) كما في سائر مصادر التخريج وهي جمع صَريم: وهو الذي صُرِمت أذنه، أي: قُطِعت، والصَّرْم: القَطْع. قاله ابن الأثير في "النهاية". وتحرَّفت هذه الكلمة في (ص) والمطبوع من "المستدرك" إلى: حرم، بالحاء المهملة.
(3)
إسناده صحيح. أبو المثنَّى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري، ومحمد بن أيوب: هو =
هذا حديث صحيح الإسناد، وقد رواه جماعة من أئمَّة الكوفيين عن أبي إسحاق، وقد تابع أبو الزَّعْراء عمرُو بن عمرو أبا إسحاق السَّبِيعي في روايته عن أبي الأحوص
(1)
، ولم يُخرجاه؛ لأنَّ مالك بن نَضْلة الجُشَمي ليس له راوٍ غيرُ ابنه أبي الأحوص، وقد خرَّج مسلم عن أبي المَلِيح بن أسامة عن أبيه، وليس له راوٍ غيرُ ابنه
(2)
، وكذلك عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه، وهذا أَولى من ذلك كله.
66 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطَّيالسي، حدثنا عفَّان وأبو سلمة قالا: حدثنا حماد.
= ابن الضُّريس، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة الجُشمي.
وأخرجه ابن حبان (5416) و (5615) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 25/ (15888) و (15891) من طريقين عن شعبة، به.
وأخرج الشطر الأول منه: أحمد 25/ (15887) و (15889) و 28/ (17229) و (17231)، وأبو داود (4063)، والترمذي (2006)، والنسائي (9484 - 9486) من طرق عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه أحمد 25/ (15892) من طريق عبد الملك بن عمير، و 28/ (17228)، والنسائي (11090) من طريق أبي الزعراء عمرو بن عمرو، كلاهما عن أبي الأحوص، به. واقتصر عبد الملك على الشطر الأول.
وسيأتي بأطول مما هنا برقم (7551).
قوله: "بُحُر" جمع بَحيرة، وكانت العرب إذا ولدت إبلُهم ذكرًا بَحَرُوا أُذنه، أي: شقُّوها، وقالوا: اللهم إن عاش ففَتيّ، وإن مات فذكيّ، فإذا مات أكلوه وسمَّوه البحيرة. قاله ابن الأثير في "النهاية".
وقَشِفُ الهيئة: رثُّ الهيئة تارك للترفُّه.
(1)
تحرَّف في (ز) إلى: أبي إسحاق.
(2)
كذا قال وهو ذهولٌ منه، فإنَّ مسلمًا لم يخرج لأبي المليح شيئًا عن أبيه، وأخرج له - وكذا البخاري - عن غير أبيه، وأبوه أسامة ليس له عندهما رواية.
وأخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا هُدْبة، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] قال: "بَدَا منه قَدْرُ هذا"
(1)
.
67 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا أبو سَلَمة ومحمد بن عبد الله الخُزاعي قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] قال: "فأخرجَ من النُّور مثلَ هذا - وأشار
(2)
إلى نصف أَنمَلةِ الخِنْصِر، فضرب بها صدرَ حمَّاد - قال: فسَاخَ الجبلُ"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
68 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، حدثنا فُضَيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عُقْبة، حدثنا عُبيد الله بن سلمان الأَغرِّ، عن أبيه، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يحبُّهم اللهُ ويَضحَكُ إليهم: الذي إذا انكشفَ فِئةٌ قاتلَ وراءَها بنفسِه لله عز وجل"
(4)
.
(1)
إسناد صحيح أبو سلمة: هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكي، وهدبة: هو ابن خالد.
وأخرجه بنحوه أحمد 19/ (12260) و 20/ (13178)، والترمذي (3074) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وسيأتي برقم (67) و (3288) و (4147 - 4149).
(2)
في المطبوع: وأشار بيده.
(3)
إسناده صحيح كسابقه.
الأَنمَلة: عُقْدة الإصبع التي فيها الظُّفر.
وقوله: "فساخ الجبل" أي: غاص في الأرض.
(4)
إسناده حسن، فضيل بن سليمان ممَّن يُعتبَر بحديثه في المتابعات والشواهد فيتحسن، وهذا منها، وباقي رجاله ثقات. =
هذا حديث صحيح وقد احتجَّا بجميع رُواتِه
(1)
، ولم يُخرجاه إنما خرَّجا
(2)
في هذا الباب حديث أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يَضحَكُ اللهُ إلى رجلين" الحديثَ في الجهاد.
69 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عفّان.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عفّان ومحمد بن محمود البُنَاني، قالا: حدثنا عبد العزيز بن مُسلِم، عن الأعمش، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جَعْدة، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبِه حبةٌ من كِبْر" فقال رجل: يا رسول الله، إنه ليُعجِبُني أن يكونَ ثوبي جديدًا، ورأسي دَهِينًا، وشِراكُ نَعْلي جديدًا؛ قال: وذَكَرَ أشياءَ حتى ذكر عِلَاقةَ سوطِه، فقال:"ذاكَ جَمَالٌ، واللهُ جميلٌ يحبُّ الجمالَ، ولكنَّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحقَّ وازدَرَى الناسَ"
(3)
.
= وأخرجه الطبراني - كما في "جامع المسانيد" لابن كثير (11904) - والبيهقي في "الأسماء والصفات"(983) من طريق يوسف بن يعقوب، بهذا الإسناد - وقرن الطبراني بيوسف إبراهيمَ بنَ نائلة، وتتمة الحديث عندهما:"فإما أن يُقتَل وأما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي كيف صبَّر لي نفسه، والذي له امرأة حسناءُ وفِراشٌ ليِّن حسنٌ، فيقوم من الليل فيَذَرُ شهوته فيذكرني ويناجيني، ولو شاء لرَقَد، والذي يكون في سفر وكان معه رَكْبٌ فسهروا ونَصَبوا ثم هَجَعوا، فقام في السَّحَر في سَرّاءَ أو ضَرَّاء".
ويشهد له حديث ابن مسعود عند أحمد 7/ (3949)، وأبي داود (2536)، وابن حبان (2557). وسنده جيد.
(1)
عبيد الله بن سلمان الأغر احتجَّ به البخاري دون مسلم.
(2)
البخاري برقم (2826)، ومسلم (1890).
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد اضطرب فيه عبد العزيز بن مسلم - وهو القَسمَلي - فمرةً يرويه كما هنا، ومرة يرويه موافقًا لأصحاب الأعمش الكِبار: عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن ابن =
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا جميعًا برواته
(1)
.
وله شاهد آخر على شرط مسلم:
70 -
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا عُبَيد بن شَرِيك البزَّار، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلَمَ، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله، أمِنَ الكِبْر أن أَلبَسَ الحُلَّةَ الحسنةَ؟ قال:"إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجَمَال"
(2)
.
= مسعود، وهو المحفوظ، والمحفوظ في رواية حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة أنه مرسل ليس فيه ابن مسعود، كما رواه الثوري وغيره عنه فيما قاله الدارقطني في "العلل" 13/ (3360)، ويحيى بن جعدة لم يلق ابنَ مسعود.
وأخرجه أحمد 6/ (3789) عن عارم محمد بن الفضل، عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 7/ (3913)، وابن حبان (5680) من طريق عبد العزيز بن مسلم، وأحمد 7/ (3947)، وأبو داود (4091)، والترمذي (1998) من طريق أبي بكر بن عياش، ومسلم (91)(148)، وابن ماجه (59) و (4173)، وابن حبان (224) من طريق علي بن مسهر، وابن ماجه (59) و (4173) من طريق سعيد بن مسلمة، أربعتهم عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة عن ابن مسعود مختصرًا بلفظ:"لا يدخل الجنة رجل في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار رجل في قلبه مثقال ذرة من إيمان".
وتابع الأعمشَ على سنده هذا ومتنه فضيلُ بن عمرو، أخرجه من طريقه أحمد 7/ (4310)، ومسلم (91)(149). وسيأتي مطولًا من هذا الطريق عند المصنف برقم (7552).
وسيأتي بنحوه من طريق حميد بن عبد الرحمن الحِمْيري عن ابن مسعود برقم (7554).
شِرَاك النعل: قطعة الجِلد التي على ظهر القدم من النعل.
وبَطِرَ الحق: دفعه وأنكره ترفعًا وتَجبُّرًا.
وازدَرَى الناس: احتقرهم.
(1)
وهمَ الحاكم هنا في أمرين، فقد أخرج هذا الحديث مسلمٌ من طريق آخر عن ابن مسعود، كما سبق، ثم إنَّ يحيى بن جعدة ليس له عندهما رواية.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد. عُبيد بن شريك البزّار: هو عُبيد بن عبد الواحد بن شريك. =
71 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاءً، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا أبو الرَّبيع الزَّهْراني، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"دَعَا اللهُ جبريلَ فأرسلَه إلى الجنة، فقال: انظُرْ إليها وما أَعددتُ فيها لأهلِها، فقال: وعِزَّتِكَ لا يسمعُ بها أحدٌ إلّا دخلها، فحُفَّتْ بالمَكارِه، قال: ارجِعْ إليها فانظُرْ إليها، فرجعَ، فقال: وعزَّتِكَ لقد خَشِيتُ أن لا يدخلَها أحدٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وقد رواه حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بزيادة ألفاظ:
72 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ببغداد، حدثنا محمد بن عُبيد الله
(2)
بن مرزوق، حدثنا عفَّان، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خَلَقَ اللهُ الجنةَ قال: يا جبريلُ، اذهَبْ فانظُرْ إليها، قال: فذهب فنَظَرَ إليها، فقال: لا يَسمَعُ بها أحدٌ إِلّا دخلها،
= وأخرجه ضمن حديث طويل أبو الحسن الخِلَعي في "الخلعيات"(168)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 284 - 285 من طريق عيسى بن حماد، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 11/ (6583) من طريق الصقعب بن زهير عن زيد بن أسلم، به - لكن لم يقل فيه:"إنَّ الله جميل يحب الجمال".
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي. يوسف بن يعقوب: هو ابن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العَتَكي.
وأخرجه أحمد 14/ (8861) عن سليمان بن داود الهاشمي، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
قوله: "فحُفَّت" أي: أُحيطت وحُجِبَت.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عَبد الله مكبَّرًا، والتصويب من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (20615) ومن مصادر ترجمته كـ "تاريخ بغداد" 3/ 569 و"تاريخ الإسلام" و"ميزان الاعتدال" وغيرها.
ثم حَفَّها بالمَكارِه، ثم قال: اذهَبْ فانظُرْ إليها
(1)
، فقال: وعِزَّتِك لقد خَشِيتُ أن لا يدخلَها أحد، ثم خَلَقَ النارَ، فقال: يا جبريل، اذهبْ فانظُرْ إليها، قال: فنظرَ إليها، فقال: لا يسمعُ بها أحد فيَدخُلَها، قال: فحَفَّها بالشَّهوات، ثم قال: اذهبْ فانظُرْ إليها، قال: فذهب فنظرَ إليها، فقال: يا ربِّ، وعزِّتِك لقد خَشِيتُ أن لا يبقى أحدٌ إلَّا دخلها"
(2)
.
73 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ وإبراهيم بن عِصْمة العَدْل قالا: حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا يحيى بن يَمَانٍ، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن سليمان الأحول، عن طاووس، عن ابن عباس:{فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: 11]، قال للسماء: أَخرِجي شمسَكِ وقمرَكِ ونجومَكِ، وقال للأرض: شَقِّقي أنهارَكِ وأَخرِجي ثمارَكِ، فقالتا: أتيناكَ طائعين
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وتفسيرُ الصحابي عندهما مُسنَد
(4)
.
(1)
زاد في المطبوع: "قال: فذهب فنظر إليها"، وهي ثابتة أيضًا في مصادر التخريج.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه أحمد 14/ (8648)، وأبو داود (4744) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (8398)، والترمذي (2560)، والنسائي (4684) من طرق عن محمد بن عمرو، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرج البخاري (6487)، ومسلم (2823) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"حُجِبت النار بالشَّهوات، وحُجِبت الجنة بالمكاره".
(3)
إسناده حسن من أجل يحيى بن يمان. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(814) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(4)
قد ردَّ على الحاكم إطلاقَه هذا ابنُ الصلاح والنووي وابن حجرٍ وغيره ممن نكَّت على "مقدمة ابن الصلاح"، فقيَّدوه بما إذا كان في تفسير يتعلق بسبب نزولٍ أو نحو ذلك مما لا مجال للاجتهاد فيه، والحاكم نفسه قد قرَّر ذلك في كتابه "معرفة علوم الحديث" ص 20 - 21، وهذا رأي جمهور أهل العلم.
74 -
حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصَّيْرفي بمرو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا مالك بن أنس.
وأخبرني أبو بكر بن أبي نصر الدارَبردي
(1)
بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي.
وأخبرنا أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي؛ قالا: حدثنا القَعْنبي فيما قرأ على مالك، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب، عن مسلم بن يسار الجُهَني: أنَّ عمر بن الخطاب سُئِل عن هذه الآية {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172]، قال عمر بن الخطَّاب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله خلقَ آدمَ، ثم مَسَحَ ظهرَه بيمينه فاستَخرَجَ منه ذُرِّيَّةً، فقال: خلقتُ هؤلاء للجنَّة، وبعملِ أهل الجنة يعملون، ثم مَسَحَ ظهرَه فاستخرجَ ذُرِّيةً، فقال: خلقتُ هؤلاء للنار، وبعملِ أهل النار يعملون"
(2)
.
(1)
في النسخ الخطية والمطبوع: الدرابردي، بتقديم الراء على الألف، لكن تكررت هذه النسبة عند الحاكم والبيهقي كما أثبتنا بتقديم الألف على الراء، وكذلك نقلها الحافظ ابن حجر في كتابه "إتحاف المهرة"، ولم نقف على هذه النسبة في شيء من كتب الأنساب. وأبو بكر بن أبي نصر هذا روى عنه المصنف في مواضع أخرى باسمه: وهو محمد بن أحمد بن حاتم.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، مسلم بن يسار الجهني لم يسمع من عمر، ثم إنه لم يرو عنه غير عبد الحميد بن عبد الرحمن ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان والعجلي، فهو لا يكاد يُعرَف، وذهل الحاكم فصححه على شرطهما مع الانقطاع المشار إليه.
وأخرجه أحمد 1/ (311)، وأبو داود (4703)، والترمذي (3075)، والنسائي (11126)، وابن حبان (6166) من طرق عن مالك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه أبو داود (4704) من طريق عمر بن جُعثُم، عن زيد بن أبي أنيسة، به - لكن أدخل بين مسلم بن يسار وعمر نعيمَ بنَ ربيعة، ونعيم هذا مجهول لا يُعرَف.
وانظر تمام الكلام عليه وذِكرَ تخريجه وشواهده في "مسند أحمد" و"سنن أبي داود".
وسيأتي الحديث برقم (3295) و (4045).
هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.
75 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري بمِصر، حدثنا وهب بن جرير بن حازم، حدثنا أبي، عن كُلْثوم بن جَبْر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَخَذَ اللهُ الميثاقَ من ظَهْر آدم، فأَخرج من صُلْبه ذُرِّيةً ذَرَأَها فنَثَرَهم نَثْرًا بين يديه كالذَّرِّ، ثم كلَّمهم، فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف] "
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلم بكُلْثوم بن جَبْر.
(1)
إسناده جيد وإن كان أكثر من رواه عن كلثوم بن جبر رواه عنه موقوفًا على ابن عباس، لكن مثل هذا لا يقال بالرأي، فهو محمول على الرفع، خاصة أنه قد روي معناه في أحاديث أخرى مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي الحديث برقم (4044) من طريق حسين بن محمد المرُّوذي، عن جرير بن حازم. ومن هذا الطريق أخرجه أحمد 4/ (2455)، والنسائي (1127).
وقد رواه غير واحد عن كلثوم فوقفه، وكذا رواه غير واحد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وكل ذلك أخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 111 و 112، قال ابن كثير في "تفسيره" 3/ 502: فهذا أكثر وأثبت، والله أعلم.
وممّا يشهد لمعنى حديث ابن عباس هذا حديثُ أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيتَ لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتديًا به؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيقول: قد أردتُ منك أهون من ذلك، قد أخذتُ عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئًا، فأبيتَ إلَّا أن تشرك" أخرجه أحمد 19/ (12289)، والبخاري (3334)، ومسلم (2805).
وفي الباب غير هذا الحديث كما في "تفسير ابن كثير"، وحديث أنس هذا أصحُّها، وللشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تحقيق جيد في هذا الحديث، فارجع إلى كتابه "السلسلة الصحيحة" برقم (1623).
قوله: "من ظهر آدم" أي: من ذرّيته التي تظهر من ظهره.
76 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا خَلَف بن خَليفة، عن حُميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يومَ كَلَّمَ اللهُ موسى كان عليه جُبَّةُ صوفٍ، وسراويلُ صوفٍ، وكُمَّةُ صوفٍ، وكِساءُ صوفٍ، ونَعلانِ من جلدِ حمارٍ غيرِ ذكيٍّ"
(1)
.
قد اتفقا جميعًا على الاحتجاج بحديث سعيد بن منصور، وحُميدٌ هذا ليس بابن قيس الأعرج، قال البخاري في "التاريخ": حميد بن علي الأعرج الكوفي مُنكَر الحديث، وعبد الله بن الحارث النَّجْراني مُحتَجٌّ به
(2)
، واحتجَّ مسلم وحده بخلف بن خليفة، وهذا حديث كبير في التصوف والتكليم
(3)
، ولم يُخرجاه.
وله شاهد من حديث إسماعيل بن عيَّاش:
77 -
حدَّثناه علي بن حَمْشَاذَ وأبو بكر بن بالَوَيهِ قالا: حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عبد الله بن [داود، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان]
(4)
عن أبي أُمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بلِباسِ الصُّوف
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، حميد الأعرج متروك الحديث، والعجب من الحاكم كيف أخرجه مع أنه نقل لاحقًا عن البخاري أنه قال فيه: منكر الحديث. وسيأتي هذا الخبر عند الحاكم برقم (3472) مخرَّجًا من طريق عمر بن حفص بن غياث عن أبيه وخلف بن خليفة ووقع حميد هناك مسمًّى بحميد بن قيس، فذَهَلَ وصحَّحه على شرط البخاري، مع أنه نصَّ هنا أنه ليس بابن قيس وهو الصواب، وما وقع هناك فوهمٌ من أحد رواة الإسناد.
وأما عبد الله بن الحارث فليس له سماع من ابن مسعود فيما قاله ابن المديني وابن معين وغيرهما.
وأخرجه الترمذي (1734) عن علي بن حُجْر، عن خلف بن خليفة بهذا الإسناد.
والكُمَّة: القَلَنسُوَة الصغيرة. قاله الترمذي.
(2)
عند مسلم وحده.
(3)
في المطبوع: والتكلم.
(4)
وقع هنا مكان ما في المعقوفين بياضٌ في المطبوع ونسخنا من "المستدرك" حتى في نسخة الحافظ الذهبي كما في "تلخيصه"، وفات الحافظَ ابنَ حجر أن يذكره في كتابه "إتحاف المهرة"، =
تَجِدُون حلاوةَ الإيمان في قلوبكم"
(1)
.
78 -
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عُبيد الحافظ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شَيْبان.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن الحَرْبي، حدثنا الحسن بن موسى الأشيَبُ، حدثنا شَيْبان بن عبد الرحمن، عن قَتَادة، عن الحسن، عن عمران بن حُصَين: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في بعض أسفاره، وقد قارَبَ بين أصحابه السَّيرُ، فرفع بهاتين الآيتين صوتَه:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1 - 2]، فلما سمع أصحابُه ذلك، حَثُّوا المَطِيَّ وعرفوا أنَّه عند قولٍ يقوله، فلما تأشَّبُوا عنده حولَه، قال:"هل تدرون أيُّ يومٍ ذاكُم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"ذاك يوم يُنادَى آدمُ فيناديه ربُّه فيقول: يا آدمُ، ابعَثْ بَعْثَ النارِ، فيقول: وما بعثُ النار؟ فيقول: من كلِّ ألفٍ تسعُ مئةٍ وتسعةٌ وتسعون إلى النار وواحدٌ إلى الجنة" قال: فأُبلِسُوا حتى ما أَوضَحُوا بضاحكةٍ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك قال: "اعمَلوا وأَبشِروا، فوالذي نفسُ محمدٍ بيده، إنكم مع خَلِيقتَينِ ما كانتا مع
= واستدركناه من كتابه الآخر "الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس"(2053) حيث خرَّجه أبو منصور الديلمي من كتاب الحاكم. وهذا الإسناد على النحو الذي أثبتناه عند كل من خرَّجه كما سيأتي.
(1)
إسناده تالف، محمد بن يونس - وهو الكُديمي - واهٍ واتُّهم بالوضع، وشيخه عبد الله بن داود - وهو الواسطي التمَّار - صاحب مناكير.
وأخرجه أبو القاسم بن بِشران في "أماليه"(52)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5742)، والخطيب البغدادي في "الزهد والرقائق"(5)، وابن النقور في "فوائده"(51)، وابن عساكر في "معجم شيوخه"(1381)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1443) من طرق عن محمد بن يونس الكُديمي، بهذا الإسناد.
شيءٍ إِلَّا كَثَّرَتاهُ، يأجوجَ ومأجوجَ، ومَن هَلَكَ من بني آدم وبني إبليسَ" قال: فسَرَّى ذلك عن القوم، قال:"اعمَلوا وأَبشِروا، فوالذي نفسُ محمد بيده، ما أنتم في الناس إلَّا كالرَّقْمةِ في ذراع الدابَّة، أو كالشَّامَة في جَنْبِ البعير"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله عن آخرهم ثقات، وفي سماع الحسن - وهو البصري - من عمران بن حصين خلاف، وقد جزم الحاكم في غير موضع من كتابه هذا بسماعه منه، والجمهور على أنه لم يسمع منه، وهذا الحديث قد توبع الحسن عليه كما سيأتي.
وسيأتي عند المصنف برقم (3491) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني عن الحسن بن موسى الأشيب، بهذا الإسناد.
وسيأتي عنده أيضًا برقم (2954) و (8908 - 8910) من حديث هشام الدستوائي، وبرقم (3491) و (8910) من حديث سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة عن الحسن عن عمران.
ورواه عن قتادة كذلك أبو عوانة عند الطبراني في "الكبير" 18/ (306)، وسعيد بن بشير - وهو ضعيف يعتبر به - عند الطبراني في "الكبير" أيضًا 18/ (308) و"مسند الشاميين"(2636).
ورواه سليمان التيمي عن قتادة فقال فيه: عن صاحب له عن عمران بن حصين، أخرجه الطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 1/ 399.
وخالف هؤلاء جميعًا معمرٌ، فرواه عن قتادة عن أنس بن مالك كما سيأتي لاحقًا، وروايته هذه شاذّة، فالمحفوظ عن قتادة فيه روايته له من حديث عمران بن حصين كما قال الإمام محمد بن يحيى الذُّهلي فيما سيأتي عند المصنف برقم (8907).
وتابع قتادةَ على الوجه المحفوظ ثابتٌ البُناني عند الطبراني 18/ (340)، وعليُّ بن زيد بن جُدعان عند أحمد 33/ (19884)، والترمذي (3168)، كلاهما عن الحسن عن عمران بن حصين. وثابت ثبت ثقة، وابن جدعان ضعيف، لكنه صالح للاعتبار.
وأخرجه هنّاد في "الزهد"(197) عن عبدة بن سليمان، والطبري في "تفسيره" 17/ 111 وفي "تهذيب الآثار" 1/ 402، والطبراني في "الكبير" 18/ (546) من طريق محمد بن بشر العبدي، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن العلاء بن زياد العدوي، عن عمران بن حصين. وهذا إسناد صحيح إن شاء الله، وفيه متابعة العلاء للحسن، والعلاء هذا من ثقات التابعين في البصرة ولم يعرف بتدليس، وللحسن البصري رواية عنه كما في "سير أعلام النبلاء" 4/ 202، فلعلَّ الحسن إنما حمله عنه عن عمران.
على أنَّ سعيد بن أبي عروبة قد روي عنه الوجه المحفوظ أيضًا كما وقع في رواية روح بن =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بطوله، والذي عندي أنهما قد تَحرَّجا ذلك خَشْيةَ الإرسال، وقد سمع الحسنُ من عِمْران بن حُصَين، وهذه الزيادات التي في هذا المتن أكثرُها عند مَعمَر عن قتادة عن أنس، وهو صحيح على شرطهما جميعًا، ولم يُخرجاه ولا واحدٌ منهما:
79 -
أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قَتَادة عن أنس قال: لما نزلت {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إلى قوله: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في مَسِيرٍ له
…
فذكر الحديث بنحوه
(1)
.
قد اتفقا جميعًا على إخراج حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد بعضَ هذا المتن:
80 -
كما حدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتَّاب العَبْدي ببغداد وأبو جعفر
= عبادة عنه عند المصنف فيما سيأتي كما تقدم، فلعله عنده على الوجهين، والله تعالى أعلم.
وفي الباب عن أبي سعيد الخُدْري عند البخاري (3348)، ومسلم (2881).
وعن ابن عباس، وسيأتي عند المصنف برقم (8911)
المَطِيُّ: جمع مَطِيَّة، وهي الناقة.
فأُبلِسوا: سكتوا من الحزن والخوف.
قوله: "ما أَوضَحوا بضاحكة" أي: ما ظهر ولا بانَ لهم سِنٌّ، وسُمِّيَت ضاحكةً لأنها تظهر عند الضحك.
والرَّقْمة: العلامة والأثر الناتئ في ذراع الدابّة.
وقوله: "تأشَّبوا عليه" أي: انضمُّوا إليه والتفُّوا عليه.
وقوله: "فسَرَّى ذلك" أي: خفَّف عنهم ما وجدوه من الغمِّ.
(1)
حديث صحيح لكن من حديث عمران بن الحصين كما تقدَّم بيانه في الحديث السابق، شذَّ معمرٌ في روايته هذه.
وأخرجه ابن حبان (7354) من طريق محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (8906) و (8907) من طريق عبد الرزاق.
محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العَبْسي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخُدْري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله: يا آدمُ، فيقول: لبَّيْكَ وسَعدَيكَ، والخيرُ في يديكَ، قال: يقول: أَخرِجْ بَعْثَ النار"، فذكر الحديث مختصرًا دون ذِكْر النُّزول وغيرِه.
رواه البخاري عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش، ورواه مسلم عن أبي بكر عن وكيع
(1)
.
81 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام.
وحدثنا محمد بن صالح، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب؛ قالا: حدثنا أبو كُريب، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم بن كُلَيب، عن مُحارِب بن دِثَار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا دَعَواتِ المظلوم، فإنها تَصعَدُ إلى السماءِ كأنها شَرَارٌ"
(2)
.
قد احتجَّ مسلم بعاصم بن كُليب، والباقون من رُوَاة هذا الحديث متَفقٌ على الاحتجاج بهم، ولم يُخرجاه.
82 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدَّمي، حدثنا فُضَيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عُقْبة، حدثني إسحاق بن يحيى، عن عُبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
البخاري برقم (4741)، ومسلم برقم (222)(380). وهو في "مسند أحمد" 17/ (11284) عن وكيع، وانظر تتمة تخريجه هناك.
(2)
إسناده صحيح من جهة إبراهيم بن أبي طالب، أما إبراهيم بن عبد السلام - وهو أبو إسحاق الوشّاء - فقد ضعَّفه الدارقطني. أبو كريب: هو محمد بن العلاء الهمداني، وزائدة: هو ابن قُدامة.
وأخرجه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (128) من طريق عمرو بن مرزوق، عن زائدة بن قدامة، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، به. وفي الإسناد إلى عمرو بن مرزوق من لا يُعرَف، وما عند الحاكم أصحُّ.
"أنا سيِّدُ الناس يومَ القيامة ولا فَخْر، ما من أحدٍ إلَّا وهو تحت لِوائي يومَ القيامة ينتظرُ الفَرَج، وإنَّ معي لواءَ الحمد، أنا أَمشي ويمشي الناسُ معي حتى آتيَ بابَ الجنة فأَستفتحَ فيقال: مَن هذا؟ فأقول: محمَّدٌ، فيقال: مرحبًا بمحمَّدٍ، فإذا رأيتُ ربِّي خَرَرتُ له ساجدًا أنظُرُ إليه"
(1)
.
هذا حديث كبير في الصفات والرُّؤية، صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
83 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البيروتي، حدثني أَبي قال: سمعت الأوزاعيَّ.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن مَخلَد الجوهري ببغداد، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حدثنا محمد بن كثير المِصِّيصي، حدثنا الأوزاعي.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، حدثنا الأوزاعي - وهذا لفظ حديث أبي العباس - قال: حدثني ربيعة بن يزيد ويحيى بن أبي عمرو السَّيباني قالا: حدثنا عبد الله بن فَيرُوزَ الدَّيلَمي قال: دخلتُ على عبد الله بن عمرو بن العاص وهو في حائطٍ له بالطائف يقال له: الوَهْط، وهو يخاصرُ
(2)
فتًى من قريش، وذلك الفتى يُزَنُّ بشرب الخمر، فقلت لعبد الله بن عمرو: خِصالٌ تَبلُغني عنك تحدِّث بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه من شرب الخمرَ شَرْبةً، لم تُقبَل توبتُه أربعين صباحًا - فاختَلَجَ الفتى يدَه من يد عبد الله
(1)
إسناده ضعيف لجهالة إسحاق بن يحيى - وهو ابن الوليد بن عبادة بن الصامت - ثم إنه لم يدرك جدَّ أبيه عبادة، فهو منقطع، كما أنَّ فضيل بن سليمان ليس بذاك القوي.
وأخرجه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة"(936) من طريق الحاكم بهذا الإسناد.
وعزاه الهيثمي في "المجمع" 10/ 376 للطبراني، وهو عنده بنحوه، وقال: وإسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة.
وانظر حديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة عند البخاري (4712) ومسلم (194).
(2)
تصحف في المطبوع إلى: محاضر.
ثم ولَّى - وأنَّ الشقيَّ من شَقِيَ في بطن أُمه، وأنه من خَرَجَ من بيته لا يريد إلّا الصلاةَ ببيت المقدِس، خرج من خطيئته كيومَ وَلَدتْه أمُّه.
فقال عبد الله بن عمرو: اللهم إني لا أُحِلُّ لأحدٍ أن يقول عليَّ ما لم أقل، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن شربَ الخمرَ شَرْبةً، لم تُقبَلْ توبتُه أربعين صباحًا، فإن تابَ تابَ الله عليه، فإنْ عادَ لم تُقبَلْ توبتُه أربعين صباحًا - فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: - فإنْ عادَ كان حقًّا على الله أن يَسقِيَه من رَدْغةِ الخَبَالِ يومَ القيامة".
قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الله خلقَ خَلْقَه في ظُلْمةٍ، ثم ألقى عليهم من نُورِه، فمن أصابه من ذلك النُّورِ يومئذٍ شيءٌ فقد اهتدى، ومن أخطأَه ضَلَّ"، فلذلك أقول: جَفَّ القلمُ على عِلْم الله.
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ سليمان بن داود سألَ ربَّه ثلاثًا، فأعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن يكونَ قد أعطاه الثالثةَ: سأله حُكمًا يُصادِفُ حُكْمَه، فأعطاه إياه، وسأله مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدِه، فأعطاه إياه، وسأله أيُّما رجل يخرجُ من بيته لا يريدُ إلّا الصلاةَ في هذا المسجد، أن يخرجَ من خطيئته كيومَ وَلَدتْه أمُّه، فنحن نرجو أن يكونَ اللهُ قد أعطاه إيَّاه"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح، ومحمد بن كثير المصيصي - وإن كان فيه ضعف - تابعه هنا في روايته عن الأوزاعي اثنان. وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.
وأخرجه بطوله أحمد 11/ (6644) عن معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد - ولم يذكر يحيى بنَ أبي عمرو السيباني. وقال في المرفوع منه:"لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا"، وهو الصواب إن شاء الله الذي يتفق مع السياق.
وأخرج الحديث الأول فيمن شرب الخمر: النسائي (5160) عن القاسم بن زكريا بن دينار، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن الأوزاعي، عن ربيعة بن يزيد وحده، به.
وأخرجه ابن ماجه (3377)، وابن حبان (5357) من طريق الوليد بن مسلم، والنسائي (5160) من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن الأوزاعي، به. وقال الوليد في حديثه:"لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا". =
قال الأوزاعي: حدثني ربيعة بن يزيد بهذا الحديث فيما بين المِقسِلَّاط والباب الصغير
(1)
.
هذا حديث صحيح قد تداوَلَه الأئمة، وقد احتجَّا بجميع رواته
(2)
ثم لم يُخرجاه، ولا أعلمُ له علةً.
84 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان
(3)
، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن
= وانظر الأحاديث الآتية بالأرقام (958) و (7418) و (7419) و (7422).
وأخرج الحديث الثاني: ابن حبان (6169) من طريق ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن ربيعة بن يزيد، به.
وأخرجه أيضًا (6170) من طريق معاوية بن صالح، عن ربيعة، به.
وأخرجه الترمذي (2642) من طريق إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، به.
وأخرج الحديث الثالث: ابن حبان (1633) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ربيعة، به.
وأخرجه النسائي (774) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن ابن الديلمي، به - وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.
وأخرجه ابن ماجه (1408) من طريق أيوب بن سويد، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (3666).
يُزَنُّ: أي: يُتَّهم. واختَلَجَ يده: نزعها.
رَدْغة الخبال: هي عُصارة أهل النار كما جاء تفسيره في الحديث نفسه عند ابن ماجه وابن حبان، والرَّدغة لغةً: طين ووحل كثير، والخبال في الأصل: الفساد، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول.
(1)
قوله: "والباب الصغير" تحرَّف في النسخ الخطية والمطبوع إلى: والجاصعير، والتصويب من "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان 2/ 293 - 294 و"تاريخ دمشق" لابن عساكر 72/ 194. وهما موضعان بدمشق، والمِقسلاط موضع النحّاسين بدمشق، انظر كتاب "غوطة دمشق" لمحمد كرد علي ص 11.
(2)
عبد الله بن فيروز الديلمي لم يحتجَّ به أحد منهما.
(3)
تحرَّف في (ب) إلى: سليم.
قَتَادة السَّلَمي - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خلقَ اللهُ آدمَ ثم خلقَ الخلقَ من ظَهرِه، ثم قال: هؤلاء للجنة ولا أُبالي، وهؤلاء للنار ولا أُبالي" قال: فقيل: يا رسول الله، فعلى ماذا نعملُ؟ قال:"على مُوَافقةِ القَدَر"
(1)
.
هذا حديث صحيح قد اتفقا على الاحتجاج برُوَاته عن آخرهم إلى الصحابة
(2)
، وعبد الرحمن بن قتادة من بني سَلِمة من الصحابة، وقد احتجَّا جميعًا بزهير بن عمرو
(3)
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس له راوٍ غيرُ أبي عثمان النَّهْدي، وكذلك احتجَّ البخاريُّ بحديث أبي سعيد بن المعلَّى، وليس له راوٍ غيرُ حفص بن عاصم.
85 -
حدثنا أبو النَّضْر محمد بن
(4)
محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا علي بن المَدِيني، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا أبو مالك الأشجَعي، عن ربعي بن حِرَاش عن حُذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله يَصنَعُ
(5)
كلَّ صانعٍ وصَنْعتَه"
(6)
.
(1)
إسناده صحيح، وأعلَّه بعض أهل العلم بالاضطراب ولا يصحُّ ذلك.
وأخرجه ابن حبان (338) من طريق الحارث بن مسكين، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 29/ (17660) من طريق ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، به.
(2)
هذا ذهولٌ منه، فإنَّ راشد بن سعد - على ثقته - لم يحتجَّ به أحدٌ منهما، وإنما معاوية بن صالح فإنه من رجال مسلم وحده.
(3)
بل هو من أفراد مسلم.
(4)
قوله: "محمد بن" لم يرد في (ب) والمطبوع، والصواب إثباته كما في (ص)، فإنَّ أبا النضر اسمه محمد وكذا اسم أبيه.
(5)
هكذا في (ص)، وفي المطبوع:"خالق".
(6)
إسناده صحيح. أبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق.
وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(825)، و"الاعتقاد" ص 144 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "خلق أعمال العباد"(117)، ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات"(570)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 353 عن علي بن عبد الله - وهو ابن المديني - به. =
86 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدَّمي، حدثنا الفُضيل بن سليمان، عن أبي مالك الأشجعي، عن رِبْعيِّ بن حِرَاش، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله خالقُ كلِّ صانعٍ وصَنْعتِه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
87 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا مَعمَر، عن الزُّهْري، عن عُروة، عن حَكِيم بن حِزَام قال: قلت: يا رسول الله، رُقًى كنا نسترقي بها، وأدويةٌ كنا نتداوى بها، هل تردُّ من قَدَرِ الله؟ قال:"هو مِن قَدَرِ الله"
(2)
.
= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(187) من طريق أبي جعفر الحذّاء، عن علي بن المديني، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(358)، والبزار (2837)، وابن منده في "التوحيد"(113)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(943)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(37) من طرق عن مروان بن معاوية به.
وأخرجه المحاملي في "أماليه"(325)، واللالكائي (942) من طريق أبي خالد الأحمر، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه"(1243) من طريق يحيى بن زكريا، كلاهما عن أبي مالك الأشجعي، به.
وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(118) من طريق الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن حذيفة موقوفًا.
(1)
حديث صحيح الفضيل بن سليمان - وإن كان فيه كلام - متابَع في الذي قبله، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(357) عن محمد بن أبي بكر المقدمي، بهذا الإسناد.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد قد اختُلف فيه على الزهري كما سيذكر المصنف عقبَه وكما في "علل ابن أبي حاتم"(2537) و"علل الدارقطني" 2/ 251 (250)، وقد رواه جماعة من ثقات أصحاب الزهري عنه عن ابن أبي خِزَامة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أبي خِزامة عن أبيه كما =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ثم لم يخرجاه
(1)
، وقال مسلم في تصنيفه فيما أخطأ معمرٌ بالبصرة: إنَّ معمرًا حدَّث به مرتين، فقال مرةً: عن الزهري، عن ابن أبي خِزَامة، عن أبيه.
وقال الحاكم: وعندي أنَّ هذا لا يُعلِّله، فقد تابع صالحُ بن أبي الأخضر معمرَ بن راشد في حديثه عن الزهري عن عروة، وصالحٌ وإن كان في الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري، فقد يُستشهَد بمثله.
88 -
حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن كامل القاضي ببغداد وأبو أحمد بكر بن محمد الصَّيْرفي بمَرْو قالا: حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا إبراهيم بن حُميد، حدثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزُّهري، عن عروة، عن حَكيم بن حِزام قال: قلت: يا رسول الله، رُقًى كنا نَستَرقي بها، وأدويةٌ كنّا نتداوى بها، هل تردُّ من قَدَرِ الله؟ قال:"هو من قَدَرِ الله"
(2)
.
= سيأتي عند المصنف برقم (7620)، وهذا أصحُّ من حديث معمر وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن حكيم، وابن أبي خِزامة هذا - أو أبو خزامة - لا يُعرف وقد تفرَّد بالرواية عنه الزهري، ولم يؤثر توثيقه عن أحد. وانظر ما بعده.
لكن له شاهد من حديث كعب بن مالك عند ابن حبان في "صحيحه"(6100). وإسناده حسن إن شاء الله، فيتحسّن الحديث بالطريقين.
قوله: "هو من قدر الله" يعني أنه تعالى قدَّر الأسباب والمسبَّبات، وربط المسبَّبات بالأسباب، فحصول المسبَّبات عند حصول الأسباب من جملة القدر، والله تعالى أعلم، قاله السندي في حاشيته على "مسند أحمد "24/ (15472).
(1)
للعلّة التي ذكرناها آنفًا.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن أبي الأخضر، وللخلاف الذي وقع فيه كما بيَّنّا في الحديث السابق. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي.
وأخرجه الطبراني (3090)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1890) من طريق أبي مسلم الكشّي، عن إبراهيم بن حميد - وهو الطويل - بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (7619) و (8427).
89 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن الحسن
(1)
بن ميمون، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا حسان بن إبراهيم الكِرْماني، حدثنا سعيد بن مسروق، عن يوسف بن أبي بُرْدة بن أبي موسى، عن أبي بُرْدة قال: أتيتُ عائشةَ فقلت: يا أُمّاه، حدِّثيني بشيء سمعتِه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطَّيرُ تجري بقَدَرٍ"، وكان يعجبُه الفَأْلُ الحَسَن
(2)
.
قد احتجَّ الشيخان برُواةِ هذا الحديث عن آخرهم غير يوسف بن أبي بُردة، والذي عندي أنهما لم يُهمِلاه بجَرْحٍ ولا لضعف، بل لقِلَّة حديثه فإنه عزيز الحديث جدًّا.
90 -
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَميم الحنظلي ببغداد، حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان.
وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا أحمد بن سيَّار، حدثنا محمد بن كثير؛ قالا: حدثنا سفيان عن منصور، عن رِبْعي بن حِرَاش، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمنُ العبدُ حتى يؤمنَ بأربعٍ: حتى يشهدَ أن لا إله إلَّا الله، وأني رسولُ الله بَعَثَني بالحقِّ، ويؤمنَ بالبَعْث بعد الموت، ويؤمنَ بالقَدَر"
(3)
.
(1)
تحرَّف في (ص) و (ب) إلى: الحسين، وقد جاء في المواضع الأخرى من "المستدرك" على الصواب، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 13/ 410.
(2)
إسناده حسن من أجل حسان بن إبراهيم ويوسف بن أبي بردة.
وأخرجه أحمد 41/ (24982) عن عفان بن مسلم بهذ الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (5824) من طريق داود بن عمرو الضّبّي، عن حسان بن إبراهيم، به.
والفأل: هو الاستبشار الحسن بقول أو فعل، وهو ضدُّ التشاؤم.
(3)
إسناده صحيح وقد اختُلف فيه على منصور كما سيذكر المصنف، فبعضهم زاد فيه بين ربعيٍّ وعليٍّ رجلًا مبهمًا، وهو الذي صوَّبه الدارقطني في "العلل" 3/ 196 (357)، وأكثر الرواة على إسقاطه بينهما، وهو الذي رجَّحه الترمذي في "جامعه"(2145) والمصنف هنا. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد قصَّر بروايته بعضُ أصحاب الثَّوْري، وهو عندنا مما لا يُعبَأُ:
91 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن رِبْعي عن رجل، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوَه.
أبو حذيفة موسى بن مسعود النَّهْدي وإن كان البخاريُّ يحتجُّ به، فإنه كثير الوَهْم لا يُحكَم له على أبي عاصم النبيل ومحمد بن كثير وأقرانهم، بل يَلزَمُ الخطأُ إذا خالفهم
(1)
، والدليل على ما ذكرتُه متابعةُ جريرِ بن عبد الحميد الثوريَّ في روايته عن منصور عن رِبْعي عن علي، وجريرٌ من أعرف الناس بحديث منصور:
92 -
حدَّثَناه يحيى بن منصور القاضي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقاني، حدثنا جرير.
وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن شاذان قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير، عن منصور، عن رِبْعي، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمنُ عبدٌ حتَّى يؤمن بأربعٍ: يشهدُ أن لا إلهَ إلَّا الله وحده لا شريكَ له، وأنِّي رسول الله بَعَثَني بالحقّ، وأنه مبعوثٌ بعد الموت، ويؤمنُ بالقَدَرِ كلِّه"
(2)
.
= أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه ابن حبان (178) عن الفضل بن الحُباب، عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/ (758) عن محمد بن جعفر، والترمذي (2145) من طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عن شعبة، عن منصور، به.
وخالفهما النضر بن شميل عند الترمذي (2145 م) فرواه عن شعبة بإدخال الواسطة بين ربعيٍّ وعليّ، قال الترمذي: حديث أبي داود عن شعبة عندي أصحُّ من حديث النضر.
وأخرجه ابن ماجه (81) من طريق شريك النخعي، عن منصور، عن ربعي، عن علي.
(1)
لكن تابعه وكيع عند أحمد 2/ (1112)، وأبو نعيم الفضل بن دكين عند عبد بن حميد (75).
(2)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد. =
93 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعَث، حدثنا سليمان
(1)
بن حرب وشَيبان بن أبي شَيْبة قالا: حدثنا جَرير.
وأخبرني أبو بكر بن عبد الله، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا يزيد بن صالح ومحمد بن أَبَان قالا: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعتُ أبا رجاء العُطَارِدي يقول: سمعتُ ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ أمرُ هذه الأُمَّةِ مُوامِرًا - أو قال: مُقارِبًا - ما لم يتكلَّموا في الوِلْدانِ والقَدَر"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا نعلم له عِلّةً
(3)
، ولم يُخرجاه.
94 -
حدثنا دَعلَج بن أحمد السِّجْزي ببغداد، حدثنا موسى بن هارون وصالح بن مُقاتِل.
وحدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا أبو المثنَّى العَنبَري وأحمد بن علي الأبَّار.
وحدثنا أحمد بن سهل
(4)
بن حَمدَوَيهِ الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، قالوا: حدثنا أحمد بن جَنَابٍ المِصِّيصي، حدثنا عيسى بن يونس، عن سفيان الثَّوْري، عن زُبَيد عن مُرَّة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله
= وأخرجه أبو يعلى (583) عن أبي خيثمة زهير بن حرب عن جرير، بهذا الإسناد.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: سليم.
(2)
صحيح موقوفًا، وقد اختُلف في رفعه ووقفه على جرير بن حازم، ومن ثقات أصحابه من رواه عنه موقوفًا كوكيع بن الجراح عند عبد الله بن أحمد في "السنة"(870)، وأبي أُسامة حماد بن أسامة ويزيد بن هارون عند الفريابي في "القدر"(260)، وصحَّح وقفَه البيهقي في "القضاء والقدر" (445 - 447) وقال في المرفوع: ليس بمحفوظ، ورجَّح وقفَه أيضًا ابن القيِّم في "أحكام أهل الذمة" 2/ 190. شيبان بن أبي شيبة: هو شيبان بن فرُّوخ، وأبو عطاء العطاردي: اسمه عمران بن مِلحان، وهو مشهور بكنيته.
وأخرجه ابن حبان (6724) عن الحسن بن سفيان بهذا الإسناد. وقال: الولدان أراد به أطفال المشركين.
(3)
علَّته الخلاف على جرير بن حازم في رفعه ووقفه.
(4)
تحرَّف في المطبوع إلى: سفيان.
قَسَمَ بينكم أخلاقَكم كما قَسَمَ بينكم أرزاقَكم، وإنَّ الله يُعطي الدنيا مَن يحبُّ ومَن لا يحبُّ، ولا يُعطي الإيمانَ إلَّا من يحبُّ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، تفرَّد به أحمد بن جَنَاب المِصِّيصي وهو ثقة، ومن شَرطِنا في هذا الكتاب أنَّا نخرج أفرادَ الثقات إذا لم نَجِدْ لها عِلَّة.
وقد وَجَدْنا لعيسى بن يونس فيه متابِعَين أحدهما من شرط هذا الكتاب: وهو سفيان بن عُقْبة أخو قَبِيصة:
95 -
حدثناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا مِهْران بن هارون الرازي، حدثنا الفضل بن العباس الرازي - وهو فَضْلَكُ الرازي - حدثنا إبراهيم بن محمد بن حَمَّويهِ الرازي، حدثنا سفيان بن عُقْبة أخو قَبيصة، عن حمزة الزيَّات وسفيان الثَّوري، عن زُبَيد، عن مُرَّة، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الله قَسَمَ بينكم أخلاقَكم كما قَسَمَ بينكم أرزاقَكم، وإنَّ الله يعطي المالَ مَن يحبُّ ومن لا يحبّ، ولا
(1)
صحيح موقوفًا على عبد الله بن مسعود، أحمد بن جناب صدوق ومن فوقه ثقات، وقد اختُلف على سفيان في رفعه ووقفه، والصحيح وقفه كما قال الدارقطني في "العلل" 5/ 271.
موسى بن هارون: هو الحمّال، وزبيد: هو ابن الحارث الياميّ، ومُرَّة: هو ابن شَراحيل الهَمْداني.
وأخرجه البيهقي في "القضاء والقدر"(366 - 367) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني 5/ 271، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" 3/ 726 - 727، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 35 من طرق عن أحمد بن جناب، به.
وخالف عيسى بنَ يونس في رفعه: عبدُ الرحمن بن مهدي عند الحسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1134)، ومحمدُ بن كثير العبدي عند البخاري في "الأدب المفرد"(275)، وأبي داود في "الزهد"(147)، ومحمدُ بن طلحة بن مصرِّف عند الطبراني (8990)، وأبي نعيم في "الحلية" 4/ 165، ومالك بن مِغوَل عند أبي نعيم أيضًا 4/ 165، فرووه عن سفيان الثوري عن زبيد عن مرة عن ابن مسعود من قوله، وهؤلاء أكثر وأثبت.
وتابع سفيانَ على وقفه أيضًا زهيرُ بن معاوية عن زُبيد، أخرجه أبو داود في "الزهد"(147).
وانظر الحديث التالي وما سيأتي عند المصنف برقم (3712) و (7488).
يُعطي الإيمانَ إلَّا من يحبُّ، وإذا أَحبَّ اللهُ عبدًا أعطاه الإيمانَ"
(1)
.
وأما المتابع الذي ليس من شرط هذا الكتاب، فعبدُ العزيز بن أَبان
(2)
، والحديث معروفٌ به، فقد صحَّ بمتابعَينِ لعيسى بن يونس، ثم بمتابع للثوري عن زُبيدٍ، وهو حمزة الزيَّات.
96 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي.
وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشيّ، حدثنا يحيى بن يحيى.
وحدثنا محمد بن الحسن، حدثنا هارون بن يوسف، حدثنا ابن أبي عمر؛ قالوا: حدثنا سفيان - واللفظ للحُمَيدي - حدثنا الزُّهْري، حدثني عُروة بن الزُّبير قال: سمعت كُرْز بن علقمة يقول: سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل للإسلام من مُنتهًى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نَعَم، أيُّما أهلِ بيتٍ من العرب والعَجَم أراد اللهُ بهم خيرًا، أَدخلَ عليهم الإسلامَ، ثمَّ تقع الفتنُ كأنها الظُّلَلُ"
(3)
.
تابعه مَعمَرُ
(4)
بن راشد ويونسُ بن يزيد عن الزهري.
أما حديث مَعمَر:
97 -
فأخبرَناه القاسم بن القاسم السَّيّاري، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، عن مَعمَر، عن الزُّهري، عن عُرْوة بن الزُّبير، عن كُرْز بن علقمة قال:
(1)
صحيح موقوفًا كسابقه، وهذا إسناد فيه من لم نقف له على ترجمة ولم نعرف حاله، وهما: مهران بن هارون وإبراهيم بن محمد بن حمّويه الرازيان.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(599) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وسقط من إسناده في المطبوع الفضل بن العباس وإبراهيم بن محمد بن حمويه.
(2)
وهو متروك الحديث، ومثله لا يُعتبر به.
(3)
إسناده صحيح. الحميدي: هو عبد الله بن الزبير الحميدي، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري، وابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 25/ (15917) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
(4)
تحرَّف في (ب) إلى: محمد.
قال أعرابيٌّ: يا رسول الله، هل للإسلام من مُنتهًى؟ فقال:"نَعَم، أيُّما أهلِ بيتٍ من العرب والعَجَم أراد اللهُ بهم خيرًا، أدخلَ عليهم الإسلامَ، ثم تقعُ الفتنُ كأنها الظُّلَلُ"
(1)
.
هذا حديث صحيح وليس له عِلَّة، ولم يُخرجاه لتفرُّد عروةَ بالرواية عن كُرْز بن علقمة
(2)
، وكُرْز بن علقمة صحابيٌّ مُخرَّج حديثُه في مسانيد الأئمة.
سمعتُ عليَّ بن عمر الحافظ يقول: مما يُلزَم مسلمٌ والبخاريُّ إخراجَه حديثُ كُرز بن علقمة: هل للإسلام مُنتهًى، فقد رواه عروةُ بن الزُّبير، ورواه الزهري وعبد الواحد بن قيس عنه
(3)
.
قال الحاكم: والدليل الواضح على ما ذكره أبو الحسن أنهما جميعًا قد اتَّفقا
(4)
على حديث عِتْبان بن مالك الأنصاري الذي صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بيته، وليس له راوٍ غيرُ محمود بن الرَّبيع.
(1)
إسناده صحيح. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.
وسيأتي بأطول مما هنا برقم (8609) من طريق عبد الرزاق عن معمر. وانظر ما قبله.
(2)
قد وَهِمَ المصنف رحمه الله في نسبة هذا المذهب إلى الشيخين، بناءً على ما قرَّره هو في بعض كتبه كـ "المدخل إلى الإكليل": أنهما لا يخرجان إلَّا للصحابي الذي له راويان ثقتان فأكثر؛ وهذا مناقض لما ذكره سابقًا في "المستدرك" بإثر حديث (61) بأنهما خرَّجا للصحابي حتى وإن انفرد عنه راوٍ واحد، وهو ما ذكره لاحقًا!! وقد أشار إلى تناقضه هذا الحافظُ السَّخاوي في "فتح المغيث" 1/ 43.
وقد ردَّ على الحاكم في دعواه هذه غيرُ واحدٍ من أئمة الحديث منهم أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي وأبو بكر الحازمي في كتابيهما في شروط الأئمة محتجِّين في رد هذه الدعوى بعدّة أحاديث في "الصحيحين" مما انفرد به صحابيٌّ وعنه تابعيٌّ واحد لا يُعرف روى عنه غيرُه، وانظر "النكت على مقدمة ابن الصلاح" للزركشي 1/ 258 - 266.
(3)
ورواية عبد الواحد بن قيس عند أحمد 25/ (5919)، وابن حبان (5956).
(4)
البخاري (424)، ومسلم (33).
98 -
حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا حَيْوة بن شُرَيح، أخبرنا أبو هانئ حُمَيد بن هانئ الخَوْلاني، أنَّ أبا علي الجَنْبي أخبره، أنه سمع فَضَالةَ بن عُبيد يُخبِر أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"طُوبَى لمن هُدِيَ إلى الإسلام، وكان عيشُه كَفَافًا وقَنِعَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وبلغني أنه خرَّجه بإسناد آخر
(2)
.
99 -
حدثني أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار قالا: حدثنا الحسين بن فَضْل البَجَلي.
وأخبرنا أبو محمد جعفرُ
(3)
بن إبراهيم الحذّاء بمكة، حدثنا محمد بن سليمان
(1)
إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد، وأبو علي الجنبي: هو عمرو بن مالك.
وأخرجه أحمد 39/ (23944)، والترمذي (2349)، وابن حبان (705) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي (11793) من طريق ابن المبارك، عن حيوة بن شريح، به.
وسيأتي برقم (7321) من طريق ابن وهب عن أبي هانئ الخولاني.
(2)
يشير إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقنّعه الله بما آتاه"، أخرجه مسلم برقم (1054).
(3)
في (ع) و (ب): أبو محمد بن جعفر، وفي "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (17141): أبو محمد بن أبي جعفر. وكله خطأ والصواب ما أثبتنا كما في (ص)، وهو - والله أعلم - أبو محمد جعفر بن أحمد بن إبراهيم، نُسب هنا إلى جدّه، وله ترجمة في "تاريخ بغداد" للخطيب 8/ 152 و"غاية النهاية" لابن الجزري 1/ 190، وذكر الخطيب أنه عاش إِلى سنة خمسين وثلاث مئة ومات قريبًا من ذلك، إلَّا أنه لم يصفه بالحذّاء، ووصفه ابن الجزري بالخصّاف، والخصّاف: مَن يَخصِف النعل، أي: يخرزها، وهي مهنة الحذّاء نفسها.
ابن الحارث، حدثنا هَوْذة بن خَليفة، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن عثمان الشَّحّام، عن مسلم بن أبي بَكْرة، عن أبي بَكْرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمَّ أعوذُ بك من الكُفْر والفَقْر، وعذابِ القَبْر"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ مسلمٌ بعثمان الشَّحَّام.
100 -
حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكِّي
(2)
، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسحاق بن خُزَيمة قالا: حدثنا أبو الخطَّاب زياد بن يحيى الحَسّاني.
وحدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد وإبراهيم بن أبي طالب قالا: حدثنا زياد بن يحيى الحَسّاني، أخبرنا مالك بن سُعَير، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناسُ، إنما أنا رحمةٌ مُهداةٌ"
(3)
.
(1)
إسناده قوي.
وأخرجه ابن حبان (1028) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 34/ (20381) و (20409) و (20447)، والترمذي (3503)، والنسائي (1271) و (7841) و (7849) من طرق عن عثمان الشحام، به - وعند بعضهم: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بها في دُبُر الصلاة. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه ضمن حديثٍ: أحمد 34/ (20430)، وأبو داود (5090)، والنسائي (10332) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه.
وسيأتي من طريق مسلم بن أبي بكرة برقم (940).
(2)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: المزني.
(3)
صحيح مرسلًا، مالك، مالك بن سعير مختلف فيه، قال أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والدارقطني: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن ضعَّفه أبو داود وقال الأزدي: عنده مناكير. قلنا: وقد خولف في وصله كما سيأتي.
وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(685)، والبزار في "مسنده"(9205)، وابن الأعرابي في =
هذا حديث صحيح على شرطهما، فقد احتجَّا جميعًا بمالك بن سُعَير، والتفرُّد من الثقات مقبول
(1)
.
= "معجمه"(2450)، والرامهرمزي في "أمثال الحديث"(13)، والطبراني في "الأوسط"(2981)، و"الصغير"(264)، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلّصيات"(2989)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1160) و (1161)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 157 - 158، و"شعب الإيمان"(1340)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 5/ 400 - 401 من طرق عن زياد بن يحيى الحسّاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الرامهرمزي (13)، والآجري في "الشريعة"(1000) من طريق مؤمل بن إهاب، عن مالك بن سعير، به.
وخالف مالكَ بنَ سعير وكيعٌ فرواه عن الأعمش عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 192، وابن أبي شيبة 6/ 325، وابن الأعرابي (1088)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 157، و"الشعب" (1339) من طرق عن وكيع به قال الدارقطني في "العلل" 10/ 105 (1897): وهو الصواب.
وخالف عبدُ الله بن نصر الأصمُّ فرواه عن وكيع موصولًا بذِكْر أبي هريرة، أخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/ 230، وعبد الله بن نصر هذا منكر الحديث، وقال ابن عدي: غير محفوظ عن وكيع.
وتابع وكيعًا على إرساله عليُّ بن مُسهِر عن الأعمش عند الدارمي في "مسنده"(15).
فهذان - وكيع وعلي بن مسهر - ثقتان أرسلاه، فيقضى لهما على مالك بن سعير وهو أدنى منهما رتبة في الثقة والضبط، والله تعالى أعلم.
ويشهد له حديث معبد بن خالد الجَدَلي - أحد الأثبات من التابعين - عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا أيضًا، أخرجه ابن سعد 1/ 163، وسنده إلى معبد صحيح.
قوله: "مُهداة" بضم الميم، يعني: أُهديت لكم، كما جاء في بعض الروايات، وقال الرامهرمزي في "أمثال الحديث": اتفقت ألفاظهم في ضمِّ الميم من قوله: "مُهداة" إلَّا ابن البرتي - أحد رواة الحديث عنده - قال: "مِهْداة" بكسر الميم، من الهِداية، وكان ضابطًا فَهِمًا متصرِّفًا في الفقه واللغة، والذي قاله أجود في الاعتبار، لأنه بُعث صلى الله عليه وسلم هاديًا كما قال الله عز وجل:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، وكما قال عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [النحل: 44]، و {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 1]، وأشباه ذلك، ومن رواه بضم الميم إنما أراد أنَّ الله عز وجل أهداه إلى الناس، وهو قريب.
(1)
لكنه لم يتفرد به بل خولف فيه فأرسله من هو أوثق منه.
101 -
حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، حدثنا أَبي، حدثنا عُبيد الله بن عَمرو، عن زيد بن أبي أُنَيسة، عن القاسم بن عوف الشَّيباني قال: سمعتُ ابن عمر يقول: لقد عِشْنا بُرْهةً من دَهرِنا وإنَّ أحدَنا يُؤتَى الإيمانَ قبلَ القرآن، وتنزل السورةُ على محمد صلى الله عليه وسلم فيَتعلَّم حلالَها وحرامَها، وما ينبغي أن يُوقَفَ عنده فيها، كما تَعلَّمون أنتم القرآن، ثم قال: لقد رأيت رجالًا يُؤتَى أحدُهم القرآنَ فيقرأُ ما بينَ فاتحتِه إلى خاتمته ما يدري ما آمِرُه ولا زاجِرُه، ولا ما ينبغي أن يُوقَفَ عندَه منه، يَنثُرُه نَثْرَ الدَّقَلِ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرفُ له عِلَّةً، ولم يُخرجاه.
102 -
حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن دَرَستَوَيهِ الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان الفارسي.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد؛ قالا: حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي المَوَال القرشي.
وأخبرني محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا ابن أبي المَوَال عبدُ الرحمن، حدثنا عُبيد الله
(2)
بن مَوْهَب القرشي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
خبر حسن، العلاء بن هلال الرقي والد هلال فيه لين لكنه متابع، ومن فوقه ثقات غير القاسم ابن عوف فهو صدوق حسن الحديث إن شاء الله.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1453)، والطبراني في "الكبير"(13881)، وابن منده في "الإيمان"(207)، والبيهقي في "السنن" 3/ 120، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 160 - 161، وابن الأبّار في "معجم أصحاب أبي علي الصدفي"(77) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقِّي، بهذا الإسناد.
والدَّقَل: رديء التمر ويابسه، فتراه ليُبسه لا يجتمع ويكون منثورًا.
(2)
تحرَّف في المطبوع إلى: عبد الله. وعُبيد الله بن موهب هذا: هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب.
"ستةٌ لعنتُهم، لَعَنَهم الله وكلُّ نبيٍّ مُجابٍ: المكذَّبُ بقَدَر الله، والزائدُ في كتاب الله، والمتسلِّطُ بالجَبَرُوت، يُذِلُّ مَن أعزَّ اللهُ ويُعِزُّ من أذلَّ اللهُ، والمُستحِلُّ لحُرَم الله، والمستحِلُّ من عِتْرتي ما حرَّم الله، والتاركُ لسُنَّتي"
(1)
.
قد احتجَّ البخاري بعبد الرحمن بن أبي المَوَالِ، وهذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعرف له عِلَّةً
(2)
، ولم يُخرجاه.
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة:
103 -
أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيْرفي بمَرُو، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو النُّعمان محمد بن الفضل، حدثنا عبد الواحد بن زياد.
وأخبرني محمد بن عبد الله الجوهري - واللفظ له - حدثنا محمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن مَعمَر بن رِبْعيٍّ القَيْسي، حدثنا أبو هشام المغيرة بن سَلَمة المخزومي، حدثنا
(1)
إسناده ضعيف، عبيد الله بن موهب مختلف فيه وهو إلى الضعف أقرب، وقد اضطرب فيه، فروي عنه عن أبي بكر بن حزم عن عمرة كما عند المصنف هنا، ومرة يرويه عن عمرة بإسقاط أبي بكر بن حزم، وروي عنه عن علي بن الحسين عن أبيه عن جدِّه عليٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي عند المصنف برقم (3984)، ومرة يرويه عن علي بن الحسين مرسلًا، قال الترمذي بإثره: وهذا أصح. وسئل أبو زُرْعة الرازي عن حديث ابن أبي الموال هذا - كما في "علل الحديث" لابن أبي حاتم (1767) - فقال: هذا خطأ، والصحيح حديث عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوهَب عن علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل. وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" عند الموضع الآتي برقم (7187): الحديث منكر بمَرّة. وضعّف إسناده الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(14169).
وأخرجه الترمذي (2154)، وابن حبان (5749) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما سيأتي برقم (3984) و (3985) و (7187).
تنبيه: هذا الحديث وقع عند الترمذي في رواية ابن زوج الحُرّة عنه دون غيرها، فهو عند ابن العربي في "عارضة الأحوذي بشرح الترمذي"، وروايته من طريق ابن زوج الحُرّة.
(2)
علَّته الاضطراب كما سبق على ضعفٍ في بعض رواته.
عبد الواحد بن زياد، حدثنا عبد الله بن عبد الله بن الأصمِّ، حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمدُ، أرأيتَ جنةً عرضُها السماوات والأرض، فأين النارُ؟ قال:"أرأيتَ الليلَ الذي التَبَسَ كلَّ شيءٍ، فأين جُعِلَ النهار؟ " قال: اللهُ أعلم، قال:"كذلك اللهُ يفعلُ ما يشاءُ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلم له عِلَّةً، ولم يُخرجاه.
104 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي.
وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن رافع ومحمد بن يحيى؛ قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ابن أبي ذِئْب عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أَدري تُبَّعٌ ألَعِينًا
(2)
كان أم لا، وما أدري ذا القَرْنَينِ أنبيًّا كان أم لا، وما أدري الحدودُ كفَّاراتٌ لأهلِها أم لا؟ "
(3)
.
(1)
إسناده قوي من أجل عبد الله بن عبد الله بن الأصم. محمد بن إسحاق: هو أبو بكر بن خزيمة صاحب "الصحيح".
وأخرجه البزار في "مسنده"(9380) عن محمد بن معمر القيسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن راهويه في "مسنده"(437) عن المخزومي المغيرة بن سلمة، به.
وأخرجه البزار (9381) عن أبي كامل الجحدري، عن عبد الواحد بن زياد، به - مرسلًا بإسقاط أبي هريرة، ورواية من رواه موصولًا أصح.
(2)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: أنبيًّا.
(3)
إسناده صحيح إن شاء الله تعالى، وكذا صحَّحه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 142 (بتحقيقنا). ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن.
وأخرجه أبو داود (4674) من طريقين عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد - وذكر عُزيرًا بدلَ ذي القرنين، ولم يذكر فيه الحدود كفارات
…
".
وأخرجه بتمامه البزار (8519)، والبيهقي 8/ 329، وأبو القاسم الحنّائي في "فوائده"(27)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1553)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(657)، =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلم له علّةً، ولم يُخرجاه.
105 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا بَهْز بن أسد، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لما خَلَقَ اللهُ آدمَ صَوَّره وتَرَكَه في الجنة ما شاء اللهُ أن يتركَه، فجعل إبليسُ يُطِيفُ به، فلما رآه أجوَفَ عَرَفَ أنه خَلْقٌ لا يَتمالَكُ"
(1)
.
= وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 3 - 4 و 17/ 337 و 56/ 285 - 286 من طرق عن عبد الرزاق، به - إلّا أنَّ البزار ذكر عزيرًا أيضًا بدل ذي القرنين.
وسيأتي عند المصنف مرة أخرى برقم (2204) من طريق عبد الرزاق، وبرقم (3723) من طريق آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب.
وللحديث إسناد آخر عند البزار (8541)، وابن عبد البر (1552) من طريق سَعْد بن أبي سعيد المقبري، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، سعد هذا هو ابن سعيد بن أبي سعيد نُسِبَ إلى جدِّه، وهو ليِّن الحديث، وأخوه - وهو عبد الله - متروك الحديث.
وروي هذا الحديث عن معمر مرسلًا، أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 153 عن عبد الله بن محمد، عن هشام - وهو ابن يوسف الصنعاني - عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: وهذا أصحُّ، ولا يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحدود كفارة". قلنا: يريد حديث عبادة بن الصامت، وهو مخرَّج عنده في "الصحيح" برقم (18)، وانظر ما سيأتي برقم (3279) من حديث عبادة.
وأورد كلامَ البخاري هذا البيهقيُّ في "سننه" ثم تعقَّبه فقال: إن صحَّ - يعني حديث أبي هريرة - فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قاله في وقتٍ لم يأته فيه العلمُ عن الله تعالى ثم لما أتاه قال ما رُويناه في حديث عبادة وغيره.
وبنحو هذا الجمع بين الحديثين قال القاضي عياض، واستحسنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 1/ 142.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (2611) عن أبي بكر بن نافع، عن بهز بن أسد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 20/ (12539) و 21/ (13391) و (13516) و (13661)، ومسلم (2611)، =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد بلغني أنه أخرجه في آخر الكتاب.
106 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد السَّمّاك ببغداد، قال: قُرِئَ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع، حدثنا قُريش بن أنس، حدثنا محمد بن عمرو.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا المعتمِر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قبلَكم باعًا فباعًا، وذراعًا فذراعًا، وشِبرًا فشِبرًا، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخلتموه معهم" قال: قيل: يا رسول الله، اليهودُ والنصارى؟ قال:"فمَن إذًا؟ "
(1)
.
= وابن حبان (6163) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وسيأتي برقم (4036) من طريق عفان عن حماد بن سلمة.
قوله: "يُطِيف به" أي: يستدير حوله.
وقوله: "لا يتمالك" أي: لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفعَ الوسواس عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب، والمراد جنسُ بني آدم. قاله النووي في "شرح مسلم".
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.
وأخرجه أحمد 15/ (9819) و 16/ (10827)، وابن ماجه (3994) من طريقين عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8340) من طريق محمد بن زيد بن المهاجر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح.
وأخرجه بنحوه أحمد 14/ (8308)، والبخاري (7319) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - لكن ذكر فيه فارس والروم مكان اليهود والنصارى.
ويشهد له بذكر اليهود والنصارى حديثُ أبي سعيد الخدري عند البخاري (3456) ومسلم (2669).
وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (444) و (445) و (8470).
قال النووي في "شرح مسلم": السَّنَن بفتح السين والنون، وهو الطريق، والمراد بالشِّبر والذراع =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
107 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، حدثنا المِنهال بن عمرو عن زاذانَ أبي عمر قال: سمعت البَرَاءَ بن عازِبٍ يقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازِة رجلٍ من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولمَّا يُلحَدْ بعدُ، قال: فقَعَدْنا حولَ النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يَنظُر إلى السماء ويَنظُر إلى الأرض، وجعل يَرفَعُ بصرَه ويَخفِضُه ثلاثًا، ثم قال:"اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذابِ القبر" ثم قال: "إنَّ الرجلَ المسلمَ إذا كان في قُبُلٍ من الآخرة وانقطاعٍ من الدنيا، جاء مَلَكُ الموت فقَعَدَ عند رأسه، ويَنزِلُ ملائكةٌ من السماء كأنَّ وجوههم الشمس، معهم أكفانٌ من أكفان الجنة، وحَنُوطٌ من حَنُوط الجنة، فيقعدون منه مَدَّ البصر" قال: "فيقول مَلَكُ الموت: أيتها النفسُ الطيِّبةُ، اخرُجي إلى مَغفِرةٍ من الله ورِضْوان" قال: "فتخرجُ تَسِيلُ كما تسيلُ القَطْرةُ من السِّقاء، فلا يتركونها في يده طَرْفةَ عين، فيَصعَدُون بها إلى السماء، فلا يَمرُّون بها على جُندٍ من ملائكة إلَّا قالوا: ما هذه الريحُ
(1)
الطيِّبة؟ فيقولون: فلانٌ؛ بأحسنِ أسمائه، فإذا انتهى إلى السماء فُتِحَت له أبوابُ السماء، ثم يُشيِّعه من كل سماءٍ مُقرَّبوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهيَ إلى السماء السابعة، ثم يقال: اكتُبوا كتابَه في عِلِّيِّينَ، ثم يقال: ارجِعُوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتُهم أني منها خلقتُهم، وفيها أُعِيدُهم، ومنها أُخرِجُهم تارةً أُخرى، فتُرَدُّ روحُه إلى جسده، فتأتيه الملائكةُ فيقولون: مَن ربُّك؟ " قال: "فيقول: الله، فيقولون: ما دِينُك؟ فيقول: الإسلام، فيقولون: ما هذا الرجلُ الذي خَرَجَ فيكم؟ " قال:
= وجُحر الضبِّ التمثيل بشدَّة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر.
(1)
في (ب) والمطبوع: الروح.
"فيقول: رسولُ الله" قال: "فيقولون: وما يُدرِيكَ؟ " قال: "فيقول: قرأتُ كتابَ الله فآمنتُ به وصَدَّقتُ" قال: "فينادي منادٍ من السماء: أنْ صَدَقَ، فأَفرِشُوه من الجنة، وأَلبِسُوه من الجنة، وأَرُوه منزلَه من الجنة" قال: "ويُمَدُّ له في قبرِه، ويأتيه رَوْحُ الجنة
(1)
وريحها" قال: "فيُفعَل ذلك به، ويُمثَّل له رجلٌ حَسَنُ الوجه حسنُ الثياب طيِّبُ الريح، فيقول له: أبِشْر بالذي يسرُّك، هذا يومُك الذي كنت تُوعَد، فيقول: من أنت؟ فوجهُك وجهٌ يُبشِّر بالخير" قال: "فيقول: أنا عملُك الصالحُ" قال: "فهو يقول: ربِّ أقِمِ الساعةَ كي أرجِعَ إلى أهلي ومالي"، ثم قرأ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].
"وأما الفاجرُ، فإذا كان في قُبُلٍ من الآخرة وانقطاعٍ من الدنيا، أتاه مَلَكُ الموت، فيَقعُدُ عند رأسه، ويَنزِلُ الملائكةُ سُودُ الوجوه معهم المُسُوح
(2)
، فيقعدون منه مَدَّ البصر، فيقول مَلَكُ الموت: اخرجي أيتها النفسُ الخبيثة إلى سَخَطٍ من الله وغضب" قال: "فتَفرَّقُ في جسده فينقطعُ معها العُروقُ والعَصَبُ كما يُستخرَجُ الصوفُ لمبلول بالسَّفُّود
(3)
ذي الشُّعَب" قال: "فيقومون إليه فلا يَدَعُونها في يده طَرْفَةَ عَيْنٍ، فيصعدون بها إلى السماء فلا يَمرُّون على جُندٍ من الملائكة إلَّا قالوا: ما هذه الروحُ الخبيثة؟ " قال: "فيقولون: فلانٌ؛ بأقبحِ أسمائه" قال: "فإذا انتُهِيَ به إلى السماء غُلِّقَت دونَه أبوابُ السماوات" قال: "ويقال: اكتبوا كتابَه في سِجِّينٍ" قال: "ثم يقال: أَعِيدوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم أنِّي منها خلقتُهم، وفيها أُعِيدُهم، ومنها أُخرِجُهم تارةً أُخرى" قال:"فيُرمَى بروحه حتى تقعَ في جسده"، قال: ثم قرأ {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]، قال:"فتأتيه الملائكةُ فيقولون: مَن ربُّك؟ " قال: "فيقول: لا أدري، فينادي مُنادٍ من
(1)
روح الجنة: ما فيها من الرحمة والراحة.
(2)
المسوح: جمع مِسْح، وهو كساء غليظ من الشَّعر.
(3)
السَّفُود: عود من حديد.
السماء: أن قد كَذَبَ، فأَفرِشُوه من النار، وأَلبِسُوه من النار، وأَرُوه منزلَه من النار" قال:"ويَضِيق عليه قبرُه حتى تختلفَ فيه أضلاعُه" قال: ويأتيه ريحُها وحرُّها" قال: "فيُفعَل به ذلك، ويُمثَّلُ له رجلٌ قبيحُ الوجه، قبيح الثياب، مُنتِنُ الريح، فيقول: أبشِرْ بالذي يَسُوؤُك، هذا يومك الذي كنت تُوعَد" قال:"فيقول: من أنت؟ فوجهُك الوجهُ يُبشِّر بالشرِّ" قال: "فيقول: أنا عملُك الخبيثُ" قال: "وهو يقول: ربِّ لا تُقِمِ الساعةَ"
(1)
.
108 -
حدثني محمد بن عبد الله العُمَري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فُضيل، حدثنا الأعمش، فذكره بإسناده نحوه، وقال في آخره: وحدثنا علي بن المنذر في عَقِبِ خبره، حدثنا ابن فضيل، حدثني أَبي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة نحوًا من هذا الحديث؛ يريد حديث البراءِ، إلَّا أنه قال:"ارقُدْ رِقْدةَ المتَّقين" للمؤمن الأول، ويقال للفاجر:"ارقُدْ منهوشًا، فما من دابَّةٍ في الأرض إلَّا ولها في جسدِه نصيبٌ"
(2)
.
وقد رواه سفيان بن سعيد وشُعْبة بن الحَجَّاج وزائدة بن قُدَامة - وهم الأئمة الحفّاظ - عن الأعمش.
(1)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه أحمد 30/ (18534)، وأبو داود (4753) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد - وهو عند أبي داود بنحوه مختصر. وسيأتي عند المصنف أيضًا برقم (419) من طريق أبي معاوية، ولم يسق لفظه.
وأخرجه أبو داود (4754) عن هناد بن السري، عن عبد الله بن نمير، به - ولم يسق لفظه.
(2)
إسناده حسن من أجل علي بن المنذر.
وحديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر"(28) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه عبد الله بن أحمد في "السنة"(1446)، والبزار في "مسنده"(9760)، والطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر" 2/ 502 من طريق يزيد بن كيسان عن أبي حازم - وهو سلمان الأشجعي - به.
أما حديث الثَّوري:
109 -
فحدَّثَناه أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجَلّاب بهَمَذان - وأنا سألته - حدثنا محمد بن إبراهيم الصُّوري، حدثنا مؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المِنهال بن عمرو عن زاذانَ، عن البراء قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةٍ، فأتينا القبرَ ولمَّا يُلحَدْ
…
وذكر الحديث
(1)
.
وأما حديث شعبة:
110 -
فحدَّثَنيهِ أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان رحمهم الله وأنا سألتُه، حدثنا علي بن سَلْم
(2)
الأصبهاني بالرَّيّ، حدثنا عمّار بن رجاء، حدثنا محمد بن بكر البُرْساني، عن شعبة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو عن زاذان، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في حديث القبر
(3)
.
وأما حديث زائدة:
111 -
فحدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا معاوية بن عمرو الأزدي، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذانَ، عن البراء قال: صَلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازةِ رجلٍ من الأنصار، فذكر حديثَ القبر بطوله
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل محمد بن إبراهيم الصُّوري، لكن الحديث صحيح من طرقه الأخرى التي ذكرها المصنف.
وأخرج أوله مختصرًا أحمد 30/ (18625) عن عبد الرزاق، عن سفيان، بهذ الإسناد.
(2)
تحرَّف في المطبوع إلى: مسلم. وعلي بن سلم هذا نسبه المصنف إلى جده، وهو علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني الحافظ، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 14/ 411.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن المقرئ في "معجمه"(1255) عن عتاب بن محمد الرازي، عن علي بن سلم، بهذا الإسناد - ولم يسق لفظه كما صنع المصنف هنا.
(4)
إسناده صحيح. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا جميعًا بالمنهال بن عمرو وزاذان أبي عمر الكِنْدي
(1)
.
وفي هذا الحديث فوائدُ كثيرةٌ لأهل السُّنة وقمعٌ للمبتدِعة، ولم يُخرجاه بطوله
(2)
.
وله شواهد على شرطهما يُستدَلُّ بها على صحته:
112 -
حدَّثناه أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْوي ببغداد وأبو العباس محمد بن يعقوب من أصل كتابه، قالا: حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا وَهْب بن جَرير، حدثنا شُعْبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المؤمنَ والكافرَ؛ ثم ذكر طرفًا من حديث القبر
(3)
.
فقد بانَ بالأصل والشاهد صحَّةُ هذا الحديث، ولعل متوهِّمًا يَتوهَّم أنَّ الحديث الذي:
113 -
حدَّثَناه أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزّاز ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن كُزَال، حدثنا أبو إبراهيم التَّرْجُماني، حدثنا شعيب بن صفوان، حدثنا يونس بن خَبّاب، عن المنهال بن عمرو عن زاذانَ، عن أبي البَخْتَريّ الطائي، سمعتُ البراءَ بن عازب أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةِ رجلٍ من الأنصار،
= وأخرجه أحمد 30/ (18536) عن معاوية بن عمرو، بهذا الإسناد.
(1)
المنهال من أفراد البخاري، وزاذان من أفراد مسلم.
(2)
إنما أخرجا طرفًا منه من طريق سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أُقعِدَ المؤمن في قبره، أُتي ثم شَهِدَ أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] "، أخرجه البخاري برقم (1369) و (4699)، ومسلم برقم (2871).
(3)
إسناده قوي من أجل يحيى بن أبي طالب.
وأخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر"(4) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا عن شيخ آخر عن عثمان بن أحمد بن السمّاك، عن يحيى بن أبي طالب، به.
فأَتينا القبرَ ولمَّا يُلحَدْ، فجلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واستقبل القِبلةَ، وجلسنا حولَه
…
ثم ذكر الحديث يُعلِّل به هذا الحديثَ، وليس كذلك، فإِنَّ ذِكرَ أبي البَختَري في هذا الحديث وهمٌ من شعيب بن صفوان لإجماع الأئمة الثّقات على روايته عن يونس بن خبَّاب عن المنهال بن عمرو عن زاذان أنه سمع البراء
(1)
.
114 -
حدَّثنا بصحَّة ما ذكرتُه جعفرُ بن محمد بن نُصَير
(2)
الخُلْدي إملاءً ببغداد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم بن زياد سَبَلانُ، حدثنا عبَّاد بن عبَّاد قال: أتيتُ يونسَ بن خبَّاب بمنًى عند المنارة وهو يقصُّ، فسألته عن حديث عذاب القبر، فحدَّثني به.
115 -
وأخبرني أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد بن أحمد بن يوسف السُّلَمي، أخبرنا أبومسلم إبراهيم بن عبد الله، حدثنا أبو عمر
(3)
الضرير، حدثنا مَهْدي بن ميمون، عن يونس بن خبَّاب.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن يونس بن خبّاب، عن المِنهال بن عمرو، عن زاذانَ، عن البراء بن عازب - وفي حديث عبّاد بن عبّاد: أنه سمع البراءَ بن عازب - قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةٍ، فجلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على القبر وجلسنا حولَه
…
وذكر الحديث بطوله
(4)
.
هذا هو الصحيح المحفوظ من حديث يونس بن خبّاب، وهكذا رواه أبو خالد
(1)
ويونس بن خباب نفسه مختلف فيه، والراجح عند جمهور المحدثين تضعيف حديثه، وأبو البَختري الطائي - واسمه سعيد بن فيروز - ثقة.
(2)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: نصر.
(3)
في (ص) والمطبوع: أبو عَمرو، وهو خطأ. وأبو عُمر هذا: هو حفص بن عمر البصري.
(4)
إسناده ضعيف من أجل يونس بن خبّاب، وفي سياق حديثه بعض حروفٍ تفرَّد بها ليست في روايات الثقات لهذا الحديث.
وأخرجه أحمد بطوله 30/ (18614) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
الدَّالانيُّ، وعمرو بن قيس المُلَائي، والحسن بن عُبيد الله النَّخَعي، عن المنهال بن عمرو.
أما حديث أبي خالد الدَّالاني:
116 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا السَّرِيُّ بن يحيى التميمي، حدثنا أبو غسّان، حدثنا عبد السلام بن حَرْب، حدثنا أبو خالد الدَّالاني، عن المنهال بن عمرو
(1)
.
وأما حديث عمرو بن قيس المُلَائي:
117 -
فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أحمد بن بشر المَرثَدي، حدثنا القاسم بن محمد بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن المنهال بن عمرو
(2)
.
وأما حديث الحسن بن عبيد الله:
118 -
فحدَّثَناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، حدثنا الحسن بن عبيد الله، عن المنهال؛ كلُّهم قالوا: عن زاذانَ، عن البراءِ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوَه.
هذه الأسانيد التي ذكرتُها كلها صحيحة على شرط الشيخين!
119 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن الحسين بن الجُنيد،
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الدالاني. أبو غسان: هو مالك بن إسماعيل النهدي.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف القاسم بن محمد بن أبي شيبة، لكنه توبع. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيّان.
وأخرج طرفًا من أوله: ابن ماجه (1549) عن أبي كريب، والنسائي (2139) عن هارون بن إسحاق، كلاهما عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه بطوله الطبري في "تهذيب الآثار - مسند عمر" 2/ 497 - 500 من طريق الحكم بن بشير، عن عمرو بن قيس الملائي، به.
حدثنا المُعافى بن سليمان الحرَّاني، حدثنا فُلَيح بن سليمان، حدثني هلال بن علي - وهو ابن أبي ميمونة - عن أنس بن مالك قال: بَيْنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وبلالٌ يمشيان بالبَقيع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا بلالُ، هل تسمعُ ما أسمعُ؟ " قال: لا والله يا رسول الله، ما أَسمعُه، قال:"ألَا تسمعُ أهلَ القبور يُعذَّبون"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا على حديث شُعْبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لولا أن لا
(2)
تَدافَنُوا، لسألتُ اللهَ أن يُسمِعَكم عذابَ القبر"
(3)
.
120 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان المُرَادي وبَحْر بن نصر بن سابق الخَوْلاني؛ قال الربيع: حدثنا، وقال بحر: أخبرنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أَسلَم، عن عطاء بن يَسَار: أنَّ أبا سعيد الخُدْري دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوكٌ عليه قَطِيفة، فَوَضَعَ يدَه عليها فوَجَدَ
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل فليح بن سليمان، فهو ممَّن يتحسن حديثه في المتابعات والشواهد.
وأخرجه أحمد 21/ (13719) عن سريج بن النعمان، عن فليح بن سليمان، به - وزاد في آخره: يعني قبور الجاهلية.
وقوله في الحديث هنا: "بالبقيع" غلط من فليح، والمحفوظ في حديث بلال هذا أنَّ الحادثة كانت في نخلٍ لأبي طلحة، هكذا رواه عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس فيما أخرجه أحمد 20/ (12530)، والإسناد صحيح.
وأخرجه بنحوه بلفظ يجمع بين هذا وبين لفظ حديث قتادة الآتي: أحمد 19/ (12007)، والنسائي (2196)، وابن حبان (3126) من طريق حميد الطويل، وأحمد 20/ (12791) من طريق ثابت البناني، كلاهما عن أنس بن مالك.
(2)
لفظ "لا" سقط من المطبوع.
(3)
لم يتفقا عليه كما قال المصنف، وإنما أخرجه مسلم دون البخاري، وهو في "صحيحه" برقم (2868).
وأخرجه من هذا الطريق أيضًا أحمد 20/ (12808)، وابن حبان (3131).
حرارتَها فوق القَطِيفة، فقال أبو سعيد: ما أشدَّ حرَّ حُمّاكَ يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا كذلك يُشدَّدُ علينا البلاءُ، ويُضاعَفُ لنا الأجرُ" ثم قال: يا رسول الله، مَن أشدُّ الناسِ بلاءً؟ قال:"الأنبياءُ" قال: ثم مَن؟ قال: "العلماءُ" قال: ثمَّ مَن؟ قال: "ثمَّ الصالحون، كان أحدُهم يُبتَلى بالفقر حتى ما يَجِدُ إِلَّا العَبَاءةَ يَلبَسُها، ويُبتَلى بالقَمْل حتى يقتلَه، ولَأَحدُهم كان أشدَّ فرحًا بالبلاءِ من أحدِكم بالعطاء"
(1)
.
حدثنا أبو العباس عن بحر في "المسند"، وعن الرَّبيع في "الفوائد"، وأنا جمعتُ بينهما.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بهشام بن سعد، ثم له شواهد كثيرة، ولحديث عاصم بن بَهْدلة عن مصعب بن سعد عن أبيه طرق تُتبع ويُذاكَر بها، وقد تابع العلاءُ بن المسيَّب عاصمَ بن بَهْدَلة على روايته عن مصعب بن سعد:
121 -
أخبرَنيهِ أبو بكر بن إسحاق الفقيه - فيما قرأتُ عليه من أصل كتابه - أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا خالد بن عبد الله، عن العلاء بن المسيَّب، عن مُصعَب بن سعد، عن أبيه قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الناس أشدُّ بَلاءً؟ قال: "الأنبياءُ، ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ، فإذا كان الرجل صُلْبَ الدِّين، يُبتَلى الرجلُ على
(1)
إسناده حسن إن شاء الله، هشام بن سعد مختلف فيه إلَّا أنَّ أبا داود السجستاني جعله أثبتَ الناس في زيد بن أسلم. وهذا الإسناد، وإن كان ظاهره الإرسال إذ إنَّ عطاء بن يسار لم يشهد دخولَ أبي سعيد على النبي صلى الله عليه وسلم، إلَّا أنه من رواية عطاء عن أبي سعيد، فهو الذي أخبره بالقصة كما في الروايات الأخرى له، ومنها الرواية الآتية عند المصنف برقم (8045).
وأخرجه ابن ماجه (4024) من طريق ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.
وخالف هشامًا معمرٌ بن راشد عند أحمد 18/ (11893) فرواه عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري. فأبهم الراوي عن أبي سعيد ولم يسمِّه.
وسيذكر المصنف لاحقًا لبعضه شاهدًا من حديث سعد بن أبي وقاص.
وله شاهد آخر من حديث ابن مسعود، أخرجه البخاري (5648)، ومسلم (2571).
قَدْرٍ دينه، فمَن ثَخُنَ دينُه ثَخُنَ بلاؤُه، ومَن ضَعُفَ دينُه ضَعُفَ بلاؤُه"
(1)
.
وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وشاهده:
122 -
ما حدَّثَناه أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن إسرائيل الجَوْهري، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدةُ.
وأخبرنا [أبو]
(2)
الحسين بن تميم القَنطَري، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عفَّان، حدثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأَبَان العطَّار.
وأخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا شَرِيك بن عبد الله.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا الحسن بن موسى الأَشيَب، حدثنا شَيْبان.
وأخبرنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أحمد بن سَيَّار، حدثنا محمد بن كَثير، حدثنا سفيان.
وأخبرني أبو عمرو بن أبي سعيد النَّحْوي، حدثنا الحسين بن عبد الله بن يزيد الرَّقِّي، حدثنا عُقْبة بن مُكرَم، حدثنا سَلْم بن قُتيبة، حدثنا هشام بن أبي عبد الله.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه قد اختُلف فيه على العلاء بن المسيب، فقد رواه عنه هكذا خالد بن عبد الله الواسطي كما عند المصنف هنا وعبد الرحمن بن محمد المحاربي عند البزار (1155).
وخالفهما جرير بن عبد الحميد عند ابن حبان (2920)، والمحاملي في "أماليه"(151)، ومحمد بن فضيل عند ابن المقرئ في "معجمه"(650)، كلاهما رواه عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص، ورواية المسيَّب - وهو ابن رافع - عن سعد مرسلة.
وانظر ما بعده.
(2)
سقط لفظ "أبو" من (ص) والمطبوع. وأبو الحسين هذا: اسمه محمد بن أحمد بن تميم القنطري، وانظر ترجمته في "تاريخ بغداد" 2/ 107 - 108.
وأخبرني محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا أحمد بن يونس وأبو بكر بن أبي شَيْبة قالا: حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، كلهم عن عاصم بن أبي النَّجُود -وهذا لفظ حديث شَيْبان بن عبد الرحمن عن عاصم- عن مصعب بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: مَن أَشدُّ الناس بلاءً؟ قال: "النبيُّونَ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الرجلُ على حَسَبِ دينِه، فإن كان صُلْبَ الدِّين اشتدَّ، بلاؤُه، وإن كان في دينه رِقَّةٌ ابتُلي على حَسَبِ دينِهِ، فما يَبْرَحُ البلاء على العبد حتى يَدَعَه يمشي على الأرض ليس عليه خَطِيئةٌ"
(1)
.
123 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا القاسم بن زكريا المُطرّز المقرئ، حدثنا محمد بن يحيى القُطعي
(2)
، حدثنا عمر بن علي المُقدَّمي، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أجلُ أحدِكم بأرضٍ، أُتيَتْ له
(3)
إليها حاجةٌ، فإذا بَلَغَ أقصى أَثَرِه فتَوفَّاه فتقول الأرضُ يومَ القيامة: يا ربِّ، هذا ما استَودَعتَني"
(4)
.
(1)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 3/ (1481) و (1494) و (1555) و (1607)، وابن ماجه (4023)، والترمذي (2398)، والنسائي (7439)، وابن حبان (2900) و (2901) و (2921) من طرق عن عاصم ابن أبي النجود، بهذا الإسناد.
(2)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: القطيعي. والقُطَّعي -بضم القاف وفتح الطاء وبعدها عين-: نسبة إلى بني قُطيعة.
(3)
في المطبوع: أثبت الله له.
(4)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه قد اختُلف في رفعه ووقفه على ما هو مبيَّن في التعليق على "سنن ابن ماجه"(4263)، وفيما ذكره الدارقطني في "العلل" 5/ 238 (848) وصوَّب وقفَه، ومهما يكن من أمر فإنَّ له شواهد مرفوعة صحيحة سيذكرها المصنف.
وأخرجه ابن ماجه (4263) من طريقين عن عمر بن علي المقدَّمي، بهذا الإسناد.
وقد خالف عمرانُ بن عيينة ثقاتِ أصحاب إسماعيل بن أبي خالد، فرواه عنه عن الشعبي عن =
قد احتجَّ الشيخان برُواة هذا الحديث عن آخرهم، وعمرُ بن علي المقدَّمي متفَقٌ على إخراجه في "الصحيحين"، وقد تابعه محمدُ بن خالد الوهبي على سنده عن إسماعيل:
124 -
حدثني أبو الحسن علي بن العباس الإسكندراني العَدل بمكة، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد الواحد الحِمْصي، حدثنا أبو الحسن كَثير بن عُبيد ابن نُمير المَذْحِجي، حدثنا محمد بن خالد الوَهبي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كانت مَنِيَّةُ أحدِكم بأرضٍ، أُتيحَ له الحاجةُ فيقصدُ إليها، فيكون أقصى أثره منه فيُقبَضُ فيها، فتقول الأرضُ يومَ القيامة: ربِّ هذا ما استَودَعتني"
(1)
.
وقد أسنده هُشَيم عن إسماعيل بن أبي خالد:
125 -
حدَّثناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقفي، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، حدثنا موسى بن محمد بن حَيَّان، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن هُشَيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان أجَلُ أحدِكم بأرض، جُعِلَت له إليها حاجَةٌ فيُوفِّيه الله بها، فتقول الأرض يوم القيامة: ربِّ هذا ما استَودَعتَنى"
(2)
.
فقد أسند هذا الحديث ثلاثةٌ من الثِّقات عن إسماعيل، ووَقَفَه
(3)
عنه سفيان بن
= عروة بن مضرِّس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه المصنف فيما سيأتي برقم (1376)، والإسناد إلى عمران ليس بالقوي، وعمران صاحب أوهام.
(1)
حديث صحيح كسابقه، وسيأتي مكررًا بإسناده ومتنه برقم (1374)، وانظر الحديثين بعده هناك.
(2)
حديث صحيح كسابقيه.
وأخرجه الطبراني (10403) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، بهذا الإسناد.
(3)
في النسخ الخطية والمطبوع: ووافقه. والصواب ما أثبتنا.
فقد أخرج رواية سفيان هذه الموقوفة عبدُ الرزاق في "تفسيره" 1/ 215، وسعيد بن منصور =
عيينة، فنحن على ما شَرَطْنا في إخراج الزيادة من الثِّقة في الوصل والسَّنَد.
ثم لهذا الحديث شواهد على شرط الشيخين، فمنها:
126 -
ما حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا قبيصة بن عُقبة، حدثنا سفيان.
وأخبرني بُكير بن محمد بن الحدَّاد الصوفي بمكة، حدثنا أبو مسلم، حدثنا عبَّاد ابن موسى، حدثنا سفيان.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق - واللفظ له - أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مَطَر بن عُكامِسٍ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قَضَى الله لرجل موتًا ببلدةٍ، جَعَلَ له بها حاجةً"
(1)
.
127 -
حدَّثناه أبو العباس قاسم بن القاسم السَّيّاري بمَرُو، حدثنا محمد بن موسى ابن حاتم، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا أبو حمزة، عن أبي إسحاق، عن مَطَر بن عُكامِس العبدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جَعَلَ الله أجلٍ رجلٍ بأرضٍ إلا جُعِلَت له فيها حاجةٌ"
(2)
.
= في قسم التفسير من "سننه"(894) من طريقه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن ابن مسعود قوله.
(1)
إسناده صحيح على اختلاف في صحبة مطر بن عكامس، والأكثر على أنَّ له صحبة. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وسفيان: هو الثَّوْري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه الترمذي (2146)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 36/ (21983) من طريقين عن سفيان الثوري، به. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه عبد الله بن أحمد أيضًا (21984) من طريق حديج أبي سليمان، عن أبي إسحاق، به.
(2)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن موسى بن حاتم، ومحمد بن موسى هذا ذكره السمعاني في مادة (الفاشاني) من "الأنساب" 9/ 227 ونقل عن قاسم السيّاري أنه قال فيه: أنا بريء من عُهدته، ونقل أيضًا عن محمد بن علي الحافظ أنه كان سيّئ الرأي فيه، =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتَّفقا جميعًا على إخراج جماعةٍ من الصحابة ليس لكلِّ واحدٍ منهم إلّا راوٍ واحد.
وله شاهد آخر من رواية الثِّقات:
128 -
حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيْرفي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب.
وحدثني بُكير
(1)
بن الحدَّاد بمكة، حدثنا أبو مُسلِم، حدثنا حجَّاج بن مِنْهال؛ قالا: حدثنا حمَّاد، حدثنا أيوب.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن أبي المَلِيح، عن أبي عَزَّة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أرادَ اللهُ قبضَ عبدٍ بأرض، جَعَلَ له إليها حاجةً"
(2)
.
هذا حديث صحيح، ورواتُه عن آخرهم ثقات
(3)
.
128 م - وسمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّورِيَّ يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم أبي عَزَّة يَسَار بن عبدٍ، له صُحْبة،
= وعليه فقد ذكره الذهبي في كتابه "المغني في الضعفاء"، ولقد اعتبرنا رواياته عند الحاكم وغيره فلم نقف له على حديث منكر وقد توبع على ما وقفنا عليه منها، فأقلُّ أحواله أن يكون حسن الحديث، والله تعالى أعلم.
أبو حمزة: هو محمد بن ميمون السُّكّري. وسيأتي هذا الحديث مكررًا بإسناده ومتنه برقم (1375).
(1)
تحرَّف في المطبوع إلى: بكر.
(2)
إسناده صحيح إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُليَّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني. وهو في "مسند أحمد" 24/ (15539).
وأخرجه الترمذي (2147)، وابن حبان (6151) من طرق عن إسماعيل ابن عُليَّة، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث صحيح.
(3)
وللحديث شاهد ثالث من حديث جندب بن سفيان سيأتي عند المصنف برقم (1373)، وإسناده صحيح.
وأما أبو المَليح فإني سمعت عليَّ بن عمر الحافظ يقول: يُلزم البخاريُّ ومسلمٌ إخراجَ حديث أبي المَليح عن أبي عَزَّة، فقد احتجَّ البخاريُّ بحديث أبي المليح عن بُريدة، وحديثُ أبي عَزَّة رواه جماعة من الثِّقات الحفّاظ.
129 -
حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي
(1)
، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي.
وحدثني أبو الطيِّب طاهر بن يحيى البَيهَقي بها من أصل كتابه، حدثنا خالي الفضل بن محمد الشَّعراني؛ قالا: حدثنا أحمد بن جَنَابٍ المصِّيصي، حدثنا عيسى ابن يونس، عن سفيان الثَّوري، عن الحجّاج بن فُرافِصةً، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ غِرٌّ كريم، والفاجرُ خِبٌّ لَئيم"
(2)
.
تابعه ابن شهاب عبدُ ربِّه بن نافع الحنَّاط ويحيى بن الضُّرَيس عن الثّوري في إقامة هذا الإسناد.
فأما حديث أبي شهاب:
(1)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: العنبري.
(2)
إسناده حسن من أجل الحجاج بن فرافصة.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7763) عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي الحسن أحمد ابن محمد، بإسناده.
وأخرجه أبو يعلى (6008)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3129) من طريق أحمد بن جناب، به. وانظر ما بعده.
الخبُّ: الخدّاع الماكر.
وقوله: "المؤمن غِرٌّ كريم" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: ليس بذي نُكر، فهو ينخدع لانقياده ولينه، وهو ضدُّ الحَبِّ، يقال: فتى غِرٌّ وفتاة غِرٌّ، وقد غَرِرتَ تَغِرُّ غَرارةً، يريد أَنَّ المؤمن المحمود من طبعه الغَرارة وقلّة الفِطنة للشر، وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلًا، ولكنه كرمٌ وحسنُ خُلق.
130 -
فحدّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو بكر يعقوب بن يوسف المطوِّعي ببغداد، حدثنا أبو داود سليمان بن محمد المبارَكي، حدثنا أبو شهاب، عن سفيان الثَّوْري، عن الحجَّاج بن فُرافِصةَ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ غِرٌّ كريم، والفاجرُ حبٌّ لئيم"
(1)
.
وأما حديث يحيى بن الضُّريس فدوَّنه محمد بن حُمَيد
(2)
.
هذا حديث وَصَلَه المتقدِّمون من أصحاب الثَّوري وأفسده المتأخِّرون عنه
(3)
، وأما الحجاجُ بن فُرافِصة فإنَّ الإمامين لم يُخرجاه، لكني سمعت أبا العباس محمد ابن يعقوب يقول: سمعت العباسَ بن محمد الدُّوري يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: الحجَّاج بن فُرافِصة لا بأسَ به، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: حجاج بن فُرافِصة شيخ صالح متعبِّد.
وله شاهد عن يحيى بن أبي كثير أقام إسناده:
131 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد، حدثنا عبد الرزاق، حدثني بشّر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ
(1)
إسناده حسن. وهو عند الحاكم أيضًا في "معرفة علوم الحديث" ص 117، وعن الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7762).
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(11)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3128)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1780)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 110، والقضاعي في "مسند الشهاب"(133)، والبيهقي في "السنن" 10/ 195 من طرق عن أبي داود المباركي، بهذا الإسناد.
(2)
لم نقف عليه من هذا الوجه.
(3)
كأبي أحمد الزبيري عند أحمد 15/ (9118) وأبي داود (4790)، ومحمد بن كثير العبدي عند الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 117، كلاهما رواه عن سفيان الثوري، عن الحجاج ابن فرافصة، عن رجل، عن أبي سلمة، به - فأبهم الواسطة بين الحجاج وأبي سلمة، وهذا هو مراد المصنف بإفساده.
غرٌّ كريم، والفاجرُ خِبٌّ لئيم"
(1)
.
132 -
سمعت أبا سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان يقول: سمعت الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: سمعت أحمد بن يوسف السُّلمي يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: كنت بمكة فكلَّمني وَكِيعُ بن الجرَّاح أن أقرأ عليه وعلى ابنه كتاب الوصايا، فقلت: إذا صِرْتُ بمنًى حدَّثتُ، فلما صرتُ بمنًى حَمَلتُ كتابي فحدَّثتُه، ثم ذهبتُ إلى مكة للزيارة فلقيني أبو أسامة فقال لي: يا يماني، خَدَعَك ذاك الغلامُ الرُّؤاسِيُّ، فقلت: ما خَدَعَني؟ قال: حملت إليه كتابك فحدَّثته، فقلت: ليس بعَجَبٍ أَن يَحْدَعَني، حدثني بشرُ بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ غِرٌّ كريم، والفاجرُ خِبٌّ لئيم". قال: فأخرج ألواحه
(2)
، فقال: أمل عليَّ، فقلت: والله لا أُمليه عليك، فذهب.
132 -
سمعتُ عليَّ بن عيسى يقول: سمعت الحسين بن محمد بن زياد يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: أبو الأسباط الحارثيُّ هو بشرُ بن رافع.
قال الحاكم: بِشْرُ بن رافع إنما ذكرتُه شاهدًا، وقد ألانَ مشايخُنا القول فيه.
وقد وجدتُ له شاهدًا آخرَ من حديث خارجةَ:
133 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى ابن يحيى، أخبرنا خارجةُ، عن عبد الله بن حسين بن عطاءٍ، عن أبي الأسباط الحارثيِّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ غرٌّ كريم، والفاجرُ خب لئيم"
(3)
.
(1)
حديث حسن بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف بشر بن رافع.
وأخرجه أبو داود (4790)، والترمذي (1964) من طريقين عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
(2)
تحرَّف في المطبوع إلى: الواحد. وأبو أسامة المذكور: هو حماد بن أسامة.
(3)
إسناده ضعيف جدًا، خارجة -وهو ابن مصعب أبو الحجاج الخراساني- متروك الحديث، وعبد الله بن حسين بن عطاء فيه نظر كما قال البخاري في تاريخه 5/ 72، وأبو الأسباط الحارثي: =
هذا حديث تداوله الأئمةُ بالرواية، وأقام بعضُ الرواة إسناده، فأما الشيخان فإنهما لم يحتجَّا بالحجَّاج بن فُرافصة ولا ببِشر بن رافع.
134 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الورَّاق ولقبُه حمدان، حدثنا أبو سَلَمة موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا يونس بن عُبَيد، عن الحسن، عن أبي بَكْرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قتل نفسًا مُعاهَدة بغير حقِّها، لم يَجِدْ رائحة الجنة، وإن رائحتها لتُوجَد من مَسيرة خمس مئة عام"
(1)
.
= هو بشر بن رافع كما ذكر المصنف سابقًا، وهو ضعيف، وما قبله من الأسانيد يغني عنه. يحيى ابن يحيى: هو النيسابوري.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" 2/ 12 من طريق حمدان السلمي -وهو أحمد بن يوسف الأزدي الحافظ- عن يحيى بن يحيى النيسابوري، بهذا الإسناد.
(1)
إسناده صحيح، لكن قوله فيه:"خمس مئة عام" شاذٌّ، والمحفوظ في حديث أبي بكرة:"مئة عام". الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري.
وأخرجه النسائي (8691) من طريق حجاج بن منهال، وابن حبان مختصرًا (4881) من طريق أحمد بن يحيى الطويل، كلاهما سلمة، بهذا الإسناد ـ ولم يذكر فيه أحمد الطويل قوله: "وإنَّ رائحتها
…
" إلخ.
وأخرجه ابن حبان (7382) من طريق حماد بن زيد عن يونس بن عبيد، به - وقال فيه حماد بن زيد:"من مسيرة مئة عام"، وهو المحفوظ، فحماد بن زيد أثبت وأتقن من حماد بن سلمة، لكن تابع حماد ابن سلمة على لفظه شَريكُ بن الخطّاب في الحديث التالي عند المصنف، وشريك قد وثقه المصنف لاحقًا وذكره ابن حبان في "ثقاته" 8/ 311، ولم يؤثر توثيقه عن غيرهما، وهما معروفان بالتساهل.
وأخرجه أحمد 34 / (20469) من طريق قتادة وغير واحد، وابن حبان (7383) من طريق هشام بن حسان، جميعهم عن الحسن البصري، به ـ قال قتادة فيه:"مئة عام"، وقال هشام:"خمس مئة عام"، وفي الطريق إلى هشام مسلمُ بن أبي مسلم الجرمي، قال فيه ابن حبان في "ثقاته": ربما أخطأ. وسيأتي من طريق قتادة عند المصنف برقم (2611).
وسيأتي مختصرًا برقم (2663) من طريق عبد الرحمن بن جوشن عن أبي بكرة.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري برقم (3166) و (6914)، وقال فيه: =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وقد وَجَدْنا لحمّاد بن سلمة شاهدًا فيه:
135 -
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن حمدون ابن زياد، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القُلُوسيُّ، حدثنا شَرِيك بن الخطَّاب العنبري، حدثنا يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن أبي بَكْرة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن قَتَلَ نفسًا مُعاهَدًا بغير حِلِّها
(1)
، حرَّم الله عليه الجنةَ أَن يَشَمَّ رِيحَها، وريحُها يوجد من مَسِيرة خمس مئة عام"
(2)
.
وأما قول من قال: عن يونس بن عُبيد عن الحكم بن الأعرج:
136 -
فأخبرنا عبد الله بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا عيّاش
(3)
بن الوليد، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا يونس بن عُبيد، عن الحكم بن الأعرج، عن الأشعث بن ثرْمُلَة، عن أبي بَكْرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسًا مُعاهَدةً بغير حقِّها، حرَّم الله عليه الجنة"
(4)
.
قال الحاكم: قد كان شيخُنا أبو عليٍّ الحافظ يحكُم بحديث يونس بن عُبيد عن الحكم بن الأعرج، والذي يَسكُن إليه القلبُ أنَّ هذا إسناد وذاك إسناد آخر، لا يُعلِّل أحدُهما الآخر، فإنَّ حماد بن سلمة إمام وقد تابعه عليه أيضًا شَريكُ بن الخطّاب، وهو شيخ ثقة من أهل الأهواز، والله أعلم
(5)
.
= "من مسيرة أربعين عامًا".
(1)
في المطبوع: بغير حقها.
(2)
حديث صحيح بما قبله دون قوله: "خمس مئة عام"، وانظر الكلام عليه فيه.
(3)
تصحف في (ص) والمطبوع إلى: عباس.
(4)
إسناده صحيح. محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس صاحب كتاب "فضائل القرآن".
وأخرجه أحمد 34/ (20383) و (20397) و (20523)، والنسائي (6924) و (8690)، وابن حبان (4882) من طرق عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد.
(5)
وتابعه أيضًا حماد بن زيد كما سبق في تخريج الحديث، وهو إمام حُجَّة، وقد ذهب البخاري =
137 -
حدثنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمَرو وأبو عبد الله محمد ابن علي بن مَخلَد الجوهري ببغداد قالا: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا سعيد بن عامر الضُّبَعي، حدثنا محمد بن عمرو بن عَلقَمة، عن أبيه، عن جدِّه علقمة بن وَقَّاص قال: كان رجلٌ بَطّالٌ يدخل على الأمراء فيُضحكهم، فقال له جدِّي: وَيْحَكَ يا فلان، لِمَ تدخلُ على هؤلاء وتُضحِكُهم؟ فإني سمعتُ بلال بن الحارث المُزَني صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ العبدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكلمة من رِضْوانِ الله، ما يَظُنُّ أن تَبْلُغَ مَا بَلَغَت، فيرضى اللهُ بها عنه إلى يوم يلقاهُ
(1)
، وإنَّ العبدَ لَيَتكلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله، ما يَظُنُّ أن تبلُغَ ما بَلَغَت، فيَسخَطُ الله بها إلى يوم يلقاهُ"
(2)
.
هذا حديث صحيح، وقد احتجَّ مسلمٌ بمحمد بن عمرو، وقد أقام إسناده عنه سعيدُ بن عامر كما أوردتُه عاليًا، هكذا رواه سفيانُ الثَّوري وإسماعيل بن جعفر وعبد العزيز الدَّراوَرْدي ومحمد بن بِشر العبدي وغيرهم.
أمَّا حديث الثَّوري:
138 -
فحدَّثَناه أبو سعيدٍ أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عبد الله بن الحسن ابن أحمد بن أبي شعيب الحرَّاني، حدثنا جدِّي، حدثنا موسى بن أعيَنَ، حدثنا
= في تاريخه 1/ 428 والنسائي إلى ما ذهب إليه أبو علي الحافظ، إلّا أنَّ كلام الحاكم هنا وجيه معتبر.
(1)
في (ب) والمطبوع: إلى يوم القيامة.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عمرو بن علقمة والد محمد، فإنه لم يرو عنه غير ابنه محمد، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وابنه محمد صدوق حسن الحديث.
وأخرجه أحمد 25/ (15852)، وابن ماجه (3969)، والترمذي (2319)، والنسائي في الرقائق من "سننه الكبرى" كما في "تحفة الأشراف"(2028)، وابن حبان (280) و (281) و (287) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8411)، والبخاري (6478)
سفيان، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جدِّه، عن بلال بن الحارث المُزَني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجلَ لَيَتكلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله لا يدري أن تَبْلُغَ ما بَلَغَت، فيكتُب الله له سَخَطَه إلى يوم القيامة، وإنَّ الرجل ليتكلَّمُ بالكلمة من رِضْوان الله لا يدري أن تَبلُغَ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله له رِضاهُ إلى يومِ القيامة
(1)
"
(2)
.
وأما حديث إسماعيل بن جعفر:
139 -
فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بالويه، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا يحيى بن أيوب الزاهد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرنا محمد بن عمرو ابن علقمة، عن أبيه، عن جدِّه، عن بلال بن الحارث المُزَني، أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ أحدكم ليتكلَّمُ بالكلمة من رِضوان الله وما يظنُّ أَن تَبْلُغَ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله له بها رِضوانَه إلى يوم يلقاهُ، وإنَّ أحدكم ليتكلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله وما يظنُّ أن تَبلُغَ ما بَلَغَت، يكتبُ الله عليه بها سَخَطَه إلى يوم يلقاهُ"
(3)
.
وأما حديث عبد العزيز بن محمد، فقد أخرجه مسلم
(4)
:
140 -
فأخبرناه أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدّارمي، حدثنا سعيد ابن أبي مريم، حدثنا ابن الدَّرَاوَرْديِّ، حدثني محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جدِّه، عن بلال بن الحارث، أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ أحدكم ليتكلَّمُ بالكلمة من رِضْوانِ الله، وما يظنُّ أن تَبلُغَ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاهُ، وإن أحدكم ليتكلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله، وما يظنُّ أَن تَبْلُغَ مَا بَلَغَت،
(1)
في المطبوع: إلى يوم يلقاه.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد كسابقه.
(3)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد كسابقه.
(4)
كذا قال المصنف، وهو ذهولٌ منه رحمه الله، فإنَّ مسلمًا لم يخرجه، وهو لم يخرج أصلًا لبلال بن الحارث في "صحيحه" شيئًا.
يكتبُ الله بها سَخَطَه إلى يوم يلقاهُ"
(1)
.
وأما حديث محمد بن بشر:
141 -
فحدَّثَني عليُّ بن عيسى، حدثنا مُسدَّد بن قَطَنٍ، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا محمد بن بشْر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثني أبي، عن أبيه علقمة بن وَقَّاص قال: مرَّ به رجلٌ له شَرَفٌ وهو بسوق المدينة فسلَّمَ عليه، فقال له علقمةُ: يا فلانُ، إنَّ لك رَحِمًا ولك حقًّا، وإني رأيتُك تدخلُ على هؤلاء الأمراء فتتكلَّم عندهم بما شاء الله أن تَكلَّمَ، وإني سمعتُ بلال بن الحارث المُزَني صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أحدكم ليتكلَّم بالكلمة من رِضْوانِ الله، ما يظنُّ أن تبلُغ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاهُ، وإنَّ أحدكم ليتكلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله، ما يظنُّ أن تَبلُغَ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله عليه بها سَخَطَه إلى يوم يلقاه".
قال علقمة: وَيحَكَ، فانظُر ماذا تقول، وماذا تكلَّمُ به، فرُبَّ كلامٍ مَنَعَني ما سمعتُه من بلال بن الحارث
(2)
.
قصَّر مالك بن أنس برواية هذا الحديث عن محمد بن عمرو، ولم يَذكُر علقمة ابن وقَّاص.
142 -
أخبرني أبو بكر بن أبي نصر الداربردي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسي القاضي.
وأخبرنا أحمد بن محمد بن سَلَمة
(3)
العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي؛ قالا: حدثنا القَعنبي فيما قَرأَ على مالك.
(1)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد كسابقه.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد كما سبق عند الحديث (137).
وأخرجه ابن ماجه (3969) عن أبي بكر بن أبي شيبة -أخي عثمان- عن محمد بن بشر، بهذا الإسناد.
(3)
تحرَّف في المطبوع إلى: مسلمة، بزيادة ميم في أوله.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا ابن أبي أُويس، حدثني مالك، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المُزَنِي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة من رِضْوانِ الله ما كان يظنُّ أَن تَبْلُغَ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاهُ، وإنَّ الرجل ليتكلَّمُ بالكلمة من سَخَطِ الله ما كان يظنُّ أن تبلُغ ما بَلَغَت، فيكتبُ الله له بها سَخَطَه إلى يوم يلقاه"
(1)
.
قال الحاكم: هذا لا يُوهِنُ الإجماع الذي قدَّمنا ذكره، بل يزيده تأكيدًا بمتابعٍ مثل مالك، إلّا أنَّ القول فيه ما قالوه بالزِّيادة في إقامة إسناده.
143 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِيُّ، حدثنا أبو عاصم.
وأخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم البزَّاز ومحمد بن مسلمة الواسطي قالا: حدثنا يزيد بن هارون؛ قالا: حدثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدِّه قال: سمعتُ نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلٌ للذي يُحدِّث فيَكذِبُ ويُضحِكُ به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له"
(2)
.
(1)
صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد منقطع بين عمرو بن علقمة وبلال بن الحارث، وذكر علقمة بينهما أصح كما قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 107 وغيره.
وهو في "موطأ مالك" -برواية يحيى الليثي- 2/ 985، وأخرجه النسائي في الرقائق من "سننه" كما في "التحفة"(2028) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك، بهذا الإسناد.
وتابع مالكًا في هذا الانقطاع محمدُ بن عجلان عند النسائي أيضًا.
(2)
إسناده حسن من أجل بهز بن حكيم وأبيه. أبو عاصم: هو الضحاك مخلد.
وأخرجه أحمد 33 / (20055) و (20073) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 33 / (20021) و (20046)، وأبو داود (4990)، والترمذي (2315)، والنسائي (11061) و (11591) من طرق -غير الطرق التي ذكرها المصنف- عن بهز بن حكيم، به. وقال الترمذي: حديث حسن.
هذا حديث رواه سفيان بن سعيد والحمَّادان وعبد الوارث بن سعيد وإسرائيل ابن يونس وغيرُهم من الأئمة عن بَهْز بن حكيم، ولا أعلمُ خلافًا بين أكثر أئمة أهل النَّقْل في عَدَالة بهز بن حكيم، وأنه يُجمَع حديثه، وقد ذكره البخاريُّ في "الجامع الصحيح"
(1)
، وهذا الحديث شاهد لحديث بلال بن الحارث المُزَنِي الذي قدَّمْنا ذكرَه. وقد روى سعيدُ بن إياس الجُرَيري عن حَكِيم بن معاوية، وروى عن أبي التَّيّاح الضُّبَعِي عن معاوية بن حَيْدةَ.
144 -
حدثنا عليُّ بن حَمْشاذَ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق والعباس بن الفضل قالا: حدثنا أحمد بن يونس.
وأخبرني أحمد بن محمد العنزي - واللفظ له - حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال عمرُ: يا رسول الله، سمعتُ فلانًا يَذكُر ويُثْني خيرًا، زَعَمَ أَنك أعطيته دينارين، قال:"لكن فلانٌ ما يقول ذلك، ولقد أصابَ منِّي ما بين مئة إلى عَشَرة" قال: ثم قال: "وإنَّ أحدكم لَيَخْرُجُ من عندي بمسألته مُتأَبَّطَها - قال أحمد: أو نحوه - وما هي إلا نارٌ" قال: فقال عمر: يا رسول الله، فلِمَ تُعطيهم؟ قال:"ما أَصنَعُ؟ يسألوني ويأبى الله لى البخل"
(2)
.
(1)
ذكره في كتاب الغسل في باب من اغتسل عريانًا وحده، بين يدي الحديث (278)، قال: وقال بهز عن أبيه عن جدِّه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أحقُّ أن يُستحيا منه من الناس".
(2)
حديث صحيح مع أنه قد اختُلف فيه على الأعمش، فقد رواه عنه أبو بكر بن عياش وأبو معاوية وحِبّان بن علي العنزي - وهو ضعيف - عن أبي صالح السمان، إلّا أنَّ ابن عياش جعله من حديث أبي صالح عن أبي سعيد، وأبا معاوية جعله من حديثه عن أبي هريرة، وحبان بن علي جعله من حديثه عن جابر بن عبد الله، كما في "العلل" للدارقطني (141)، والخلاف في الصحابي لا يضر.
وخالف جريرُ بنُ عبد الحميد فرواه عن الأعمش عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد، أخرجه من هذا الطريق أحمد 17 / (11124)، وعطية العوفي ضعيف. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السِّياقة
(1)
.
وقد رواه عبد الله بن بشر الرَّقِّي عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر:
145 -
حدَّثَناه أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا الحسين بن محمد ابن زياد القَبَّاني، حدثنا داود بن رُشيد، حدثنا مُعمَّر
(2)
بن سليمان، عن عبد الله بن بشر، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن عمر قال: دَخَلَ رجلان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاهُ في شيءٍ، فدعا لهما بدينارين، فإذا هما يُثنيان خيرًا، فقال:"لكن فلانٌ ما يقول ذلك، ولقد أعطيتُه ما بين عشرةٍ إلى مئة فما يقول ذلك، فَإِنَّ أحدكم ليخرُجُ بصدقتِه من عندي متأبِّطَها، وإنما هي له نارٌ" فقلت: يا رسول الله، كيف تُعطيه وقد علمت أنه له نار؟ قال:"فما أصنَعُ؟ يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ يسألوني، ويأبى الله لي البخل"
(3)
.
= وخالف أيضًا عبدُ الله بن بشر فرواه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، وهو الطريق التالي عند المصنف، وعبد الله بن بشر لا بأس به لكن فيه كلام يؤخر روايته في المخالفة فلا يعتبر بها بخاصة في الأعمش والزهري، وقد قال الحاكم في "سؤالات السِّجزي له" (115): يحدِّث عن الأعمش بمناكير. ثم غفل فأخرج له في هذا الكتاب "المستدرك" هذا الحديث.
إذًا فالقول قول الثلاثة الأُول، في أنَّ الحديث من رواية الأعمش عن أبي صالح، مع الخلاف على اسم الصحابي الذي روى عنه أبو صالح، ولا يضر ذلك، وقد توقف الدارقطني في الترجيح هذه الروايات المختلفة فقال: والله أعلم بالصواب.
وحديث أبي بكر بن عياش أخرجه أحمد 17 / (11004) و (11123)، وابن حبان (3412) و (3414) من طرق عنه، بهذا الإسناد.
(1)
لعله يشير إلى ما أخرجه مسلم (1056) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن سلمان بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قَسَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَسْمًا، فقلت: والله يا رسول الله لغيرُ هؤلاء كان أحقَّ به منهم، قال:"إنهم خيَّروني أن يسألوني بالفُحش أو يبخّلوني، فلستُ بباخلٍ".
(2)
تحرَّف في المطبوع في الموضعين إلى: معتمر.
(3)
حديث صحيح، وانظر الكلام عليه في الحديث السابق. الأعمش: هو سليمان بن مهران، =
أما معمَّر بن سليمان الرَّقِّي فلم يخرجاه، وقد خرَّج مسلم عن عبد الله بن بشر الرَّقِّى
(1)
، إلّا أنَّ هذا الحديث ليس بعِلَّةٍ لحديث الأعمش عن أبي صالح، فإنه شاهد له بإسناد آخر.
146 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب من أصل كتابه، حدثنا محمد بن سنان القَزَّاز، حدثنا أبو عامر العَقَدي، حدثنا كَثير بن زيد قال: سمعتُ سالمًا يحدِّث عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا ينبغي للمُؤمن أن يكون لعَّانًا"
(2)
.
147 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم البزَّاز، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا كثير بن زيد، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لمسلم أن يكونَ لعَانًا". قال سالمٌ: وما سمعتُ ابن عمر لَعَنَ شيئًا قطُّ"
(3)
.
= وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع الواسطي، وجابر: هو ابن عبد الله رضي الله عنهما.
وأخرجه البزار (235) عن نهار بن عثمان، عن معمر بن سليمان، بهذا الإسناد - وتحرَّف فيه معمَّر إلى: معتمر.
(1)
هذا ذهولٌ، فإن مسلمًا لم يخرج له شيئًا.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان القزاز، وقد توبع، ومن فوقه ثقات غير كثير بن زيد فإنه صدوق حسن الحديث. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو القيسي.
وأخرجه الترمذي (2019) عن بُندار. وهو محمد بن بشار - عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.
وقال: حديث حسن. وانظر ما بعده.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود، سلف عند المصنف برقم (29) بلفظ:"ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعَّان .. ".
(3)
إسناده حسن من أجل كثير بن زيد.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4792) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الروياني في "مسنده"(1445) عن محمد بن إسحاق - وهو الصاغاني - عن عثمان بن عمر، به. وانظر ما قبله.
هذا حديث أسنده جماعةٌ من الأئمة عن كثير بن زيد، ثم أوقَفَه عنه حمَّادُ بن زيد وحده
(1)
، فأما الشيخان فإنهما لم يخرجا عن كثير بن زيد، وهو شيخٌ من أهل المدينة من أسلم كنيتُه أبو محمد، لا أعرفه يُجرَحُ في الرواية، وإنما تركاه لقلَّة حديثه، والله أعلم.
ولهذا الحديث شواهدُ بألفاظ مختلفة، عن أبي هريرة وأبي الدَّرداء وسَمُرةَ بن جُندُب يَصِحُّ بمثلها الحديثُ على شرط الشيخين.
فأما حديث أبي هريرة:
148 -
فأخبرناه أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي وصالح بن محمد بن حبيب الحافظ قالا: حدثنا سعيد ابن سليمان الواسطي، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعُ أن تكونوا لعَّانِينَ صِدِّيقِينَ"
(2)
.
تابعه إسرائيلُ بن يونس عن أبي حصين:
149 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذ العَدْل، حدثنا هشام بن علي السَّدُوسي، حدثنا عبد الله
(1)
أخرج رواية حماد هذه الطبراني في "المعجم الكبير"(13063)، ولفظه: ليس المؤمن بطعّان ولا لعّان. ورواية الوقف هذه شاذَّة لمخالفتها رواية الأكثرين عن كثير بن زيد مرفوعًا.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن عياش. أبو حصين: هو عثمان بن عاصم، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(490)، والطبراني في "الأوسط"(5495)، وفي "الدعاء"(2080) من طريق إبراهيم بن إسحاق الصيني، عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، بهذا الإسناد. وإبراهيم الصيني متروك، وقيس فيه ضعف لكن يعتبر به.
وأخرجه أحمد 14/ (8447) و (8782)، ومسلم (2597) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"لا ينبغي لصدِّيق أن يكون لعّانًا". وانظر ما بعده.
ابن رَجَاءٍ
(1)
، حدثنا إسرائيل، عن أبي حَصِين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجتمعُ
(2)
أن تكونوا العَّانينَ صِدِّيقين"
(3)
.
وأما حديث أبي الدَّرداء:
150 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمَّار، حدثنا المُعافى بن عِمْران، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلَمَ وأبي حازم، عن أم الدَّرداء قالت: سمعتُ أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يكون اللعَّانون شهداءَ ولا شفعاء"
(4)
.
(1)
في المطبوع: علي بن عبد الله بن رجاء، بزيادة "علي بن" وهو خطأ.
(2)
في النسخ الخطية لا "تجتمعوا"، والمثبت من المطبوع، وهو الجادَّة.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الله بن رجاء - وهو الغُداني - وقد خالفه عبيد الله بن موسى عند الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(19)، فرواه عن إسرائيل موقوفًا على أبي هريرة، والمحفوظ في حديث أبي هريرة الرفعُ كما في الحديث السابق.
وهشام بن علي السدوسي، هكذا يقع منسوبًا في الغالب عند المصنف إلى القبيلة، وأحيانًا ينسبه إلى بلده سيراف، وهي مدينة في محافظة بوشهر الإيرانية على ساحل الخليج العربي، تبعد عن البصرة في العراق - وهي المدينة التي نزلها هشام بن علي وسكنها - ما يقرب من 400 كم. وهشام هذا وثّقه الدارقطني كما في "سؤالات الحاكم له"(237)، وذكره ابن حبان في "الثقات" 9/ 234، وانظر "تاريخ الإسلام" 6/ 843.
(4)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هشام بن سعد، وقد توبع. أبو حازم: هو سلمة ابن دينار.
وأخرجه مسلم (2598)(86)، وأبو داود (4907) من طريقين عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 45 / (27529)، ومسلم (2598)(85) من طريق معمر، ومسلم أيضًا، وابن حبان (5746) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما عن زيد بن أسلم وحده، عن أم الدرداء، به. قال النووي في "شرح مسلم": معناه: لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار.
وقوله: "ولا شهداء" فيه ثلاثة أقوال: أصحُّها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأُمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات. والثاني: لا يكونون شهداء في الدنيا، أي: لا تُقبل شهادتهم =
وقد خرَّجه مسلم بهذا اللفظ.
وأما حديث سمُرةَ بن جندُب:
151 -
فحدَّثناه علي بن حَمْشَاذَ وعبد الله بن محمد الصَّيدلاني قالا: حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا مُسلم بن إبراهيم، حدثنا، هشام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سَمُرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَلاعَنُوا بِلَعْنةِ الله، ولا بغضب الله، ولا بالنَّارِ"
(1)
.
هذه الأحاديث التي خرَّجتُها في هذا الباب بألفاظها المختلفة كلُّها صحيحة الإسناد.
152 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا الحسن بن سفيان الشَّيباني، حدثنا محمد سَلَمة المُرادي، حدثنا حجَّاج بن سليمان بن القُمْريِّ -ومات قبل ابن وهب - حدثنا أبو غسان المدني، عن أبي حازم، عن سهل بن سعدٍ
= لفسقهم. والثالث: لا يُرزقون الشهادة، وهي القتل في سبيل الله.
(1)
إسناده صحيح، وسماع الحسن - وهو البصري - من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره فيما نقله الترمذي في "جامعه"(1237)، ومن جملة من صحَّح سماعَه البخاريُّ والمصنف فيما يأتي برقم (792)، وقال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 184: ثبت سماعُ الحسن من سمرة ولقيَه بلا ريبٍ، وقال في "تاريخ الإسلام" 2/ 502: سماعه منه ثابت، فالصحيح لزومُ الاحتجاج بروايته عنه، ولا عبرة بقول من قال من الأئمة: لم يسمع الحسن من سمرة، لأن عندهم علمًا زائدًا على ما عندهم من نفي سماعه منه. انتهى، وذهب جماعة إلى أنَّ رواية الحسن عن سمرة كتاب، قال العلائي في "جامع التحصيل": وذلك لا يقتضي الانقطاع. وانظر بيان اختلاف أهل العلم في هذه المسألة عند الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 88 - 90.
وأخرجه أبو داود (4906) عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (1976) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن هشام الدَّستوائي، به.
وأخرجه أحمد 33/ (20175) من طريق همّام بن يحيى، عن قتادة به.
قوله: "ولا بالنار" أي: أن يقول: أدخلك الله النار، أو النار مثواك، ونحوه.
الساعدي، أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ الله كريمٌ يحبُّ الكرم، ويحبُّ معالي الأخلاق ويكره سَفْسافَها"
(1)
.
153 -
حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبدي.
وحدثنا أحمد بن بن محمد بن سَلَمة، حدثنا عثمان بن سعيد؛ قالا: حدثنا أحمد ابن يونس، حدثنا فُضَيل بن عيَاض، حدثنا الصنعاني محمد بن ثَوْر، عن مَعمَر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله كريمٌ يحبُّ الكرم ومعالي الأخلاق، ويُبغِضُ سَفْسافَها"
(2)
.
(1)
حديث حسن، وفي إسناده لينٌ من جهة حجاج بن سليمان -وهو الرُّعيني المصري- وإن تساهل المصنف فيما يأتي فقال: ثقة مأمون! وذكره ابن حبان في "الثقات" أيضًا، وقال ابن عدي: يحدث عن الليث وابن لهيعة أحاديث منكرة وإذا روى حجاج هذا عن غير ابن لهيعة فهو مستقيم إن شاء الله تعالى، أما أبو زُرعة الرازي فقال: منكر الحديث، وقال ابن يونس المصري في "تاريخه": في حديثه خطأ ومناكير. قلنا: لكن الحديث بطرقه وشاهده المذكور لاحقًا من حديث جابر حسنٌ إن شاء الله، وقد اختُلف فيه على أبي حازم - وهو سلمة بن دينار - كما سيأتي في الحديث التالي. أبو غسان المدني: هو محمد بن بن مطرِّف.
(2)
حديث حسن، ورجال إسناده ثقات، لكن اختلف فيه كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(6)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(2)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 269، والطبراني في "الكبير"(5928)، و"الأوسط"(2940)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 255، والبيهقي في "الآداب"(187)، و"الأسماء والصفات"(88)، و"شعب الإيمان"(7646) من طرق عن أحمد بن عبد الله بن يونس، بهذا الإسناد.
وتابع معمرًا على هذه الرواية أبو غسان المدني كما في الحديث السابق.
وخالف عبدُ الرزاق محمد بن ثَوْر فرواه عن معمر عن أبي حازم عن أبي حازم عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(20150)، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 191، و"الشعب"(7648)، و"الأسماء والصفات"(89)، والبغوي في "شرح السنة"(3503). =
هذا حديث صحيح الإسنادين جميعًا ولم يُخرجاه، وحجَّاج بن قُمْريٍّ شيخٌ من أهل مصر ثقةٌ مأمونٌ، ولعلَّهما أعرضا عن إخراجه بأنَّ الثوريَّ أعضَلَه.
154 -
كما أخبرَناه الحسن بن حَلِيم المروَزي، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا عَبْدانُ، حدثنا عبد الله، عن سفيان قال: سمعتُ أبا حازم، عن طلحة بن عبيد الله
(1)
بن كريز الخُزاعي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله كريمٌ يحبُّ الكرم ومعالي الأمور، ويُبغِضُ - أو قال: يَكرَه - سَفْسافَها"
(2)
.
= وتابعه على روايته من حديث أبي حازم عن طلحة بن كريز مرسلًا: سفيانُ الثوري في الحديث التالي عند المصنف، وعبدُ العزيز بن أبي حازم عند ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(7)، كلاهما عن أبي حازم به. وهو الراجح، والله تعالى أعلم.
وتابع أبا حازم في روايته إياه عن طلحة بن كَريزِ مرسلًا سليمانُ بنُ سُحَيم، أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 9/ 100، وهناد في "الزهد"(828)، والشاشي في "مسنده"(20)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(628) من طريق حجّاج بن أرطاة، عن سليمان بن سحيم، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وفي أوله:"إنَّ الله جوادٌ يحب الجُود". وأخطأ الشاشي فظنَّ طلحة هذا هو الصحابي طلحة بن عبيد الله التَّيمي فأدخله في مسنده، والصواب أنه آخر من التابعين.
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله مرفوعًا، أخرجه البزار (1967 - كشف الأستار)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(10)، وابن الأعرابي في "معجمه"(2004)، والطبراني في "الأوسط"(6906)، وسنده حسن.
وله شواهد أخرى، أحدها من حديث الحسين بن علي عند ابن عدي في "الكامل" 3/ 6، والطبراني في "الكبير"(2894)، وآخر من حديث سعد بن أبي وقاص عند ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(8)، وثالث من حديث ابن عباس عند أبي نعيم في "الحلية" 5/ 28، وأسانيدها واهية لا تصلح للتقوية.
والسَّفساف: الأمر الحقير والرديء من كل شيء، وهو ضدُّ المعالي والمكارم، وأصله ما يطير من غبار الدقيق إذا نُخِل، والتراب إذا أُثير. قاله ابن الأثير في "النهاية"(سفسف).
(1)
تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: عبد، والذي في مصادر ترجمة طلحة باتفاق: عُبيد الله، مصغرًا.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد مرسل، طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز تابعيٌّ ثقة، ومن دونَه ثقات. =
وهذا لا يُوهِنُ حديث سهل بن سعد على ما قدَّمتُ ذِكرَه من قَبُول الزّيادات من الثقات، والله أعلم.
155 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا أبو الرَّبيع الزَّهْراني وأحمد بن إبراهيم قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن الصَّقْعَب بن زهير.
وحدثني محمد بن صالح بن هانئ - واللفظ له - حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو قُدَامة، حدثنا وهب بن جَرير، حدثنا أبي قال: سمعتُ الصَّقعَب بن زهير يحدِّث عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال: أتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم أعرابيٌّ عليه جُبَّة من طَيَالسةٍ مكفوفةٍ بالدِّيباج - أو مزرورة بالديباج
(1)
- فقال: إنَّ صاحبَكم هذا يريد يرفعُ كلَّ راعٍ وابنِ راعٍ، ويضعُ كلَّ فارسٍ وابن فارسٍ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا، فأخذ بمَجامِعِ ثوبه فاجتَذَبَه وقال:"ألا أَرى عليك ثيابَ مَن لا يَعقِلُ" ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فقال: "إنَّ نوحًا لما حَضَرَته الوفاةُ دعا ابنَيهِ فقال: إني قاصٌّ عليكما الوصيةَ، آمرُكما باثنين وأنهاكما عن اثنين: أنهاكما عن الشِّرك والكِبْر، وآمرُكما بلا إله إلا الله، فإنَّ السماواتِ والأرضَ وما فيهما لو وُضِعَت في كِفَّة الميزان، ووُضِعَت لا إله إلا الله في الكِفَّة الأخرى، كانت أرجحَ منهما، ولو أنَّ السماواتِ والأرضَ وما فيهما كانت حَلْقَةً فَوُضِعَت لا إله إلّا الله عليهما، لقَصَمَتهُما، وآمركما بسبحانَ الله وبحمدِه، فإنها صلاةُ كلِّ شيء، وبها يُرزَقُ كلُّ شيء"
(2)
.
= أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعَبْدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبدان لقبه، وعبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرج طرفًا منه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 347 عن بشر -وهو ابن محمد المروزي- عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في الحديث السابق.
(1)
قوله: "أو مزرورة بالديباج" سقط من المطبوع.
(2)
إسناده صحيح. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العَتَكي، وأبو قدامة: هو عبيد الله بن سعيد السرخسي.
وأخرجه أحمد 11/ (6583) عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، بإسناده. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجا للصَّعَب بن زهير، فإنه ثقةٌ قليل الحديث.
155 م - سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن عمر يقول: سمعت عبد الرحمن ابن أبي حاتم يقول: سألت أبا زُرْعة عن الصَّقْعب بن زهير، فقال: ثقة، وهو أخو العلاء بن زهير.
وهذا من الجنس الذي نقول: إنَّ الثقة إذا وَصَلَه، لم يَضُرَّه إرسالُ غيره.
156 -
فقد أخبرني علي بن عيسى الحِيرِي، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيانُ، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما رأيتُ رجلًا أعطى لراعي غنمٍ من محمدٍ، ثم ذكره بنحوٍ منه.
157 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ العدلُ، حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم الرازيُّ، حدثنا ابن نُمَير ويحيى بن أيوب وأبو موسى الأنصاري ومنصور بن أبي مُزاحِم ومحمد بن الصَّبّاح قالوا: حدثنا أبو بكر بن عيَّاش.
وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا الحسن ابن محمد الطَّنافسي
(1)
، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش.
وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا شُجَاع بن مخلد وإسماعيل بن سالم قالا: حدثنا أبو بكر، عن أبي حصين ـ وفي حديث إسماعيل بن سالم: حدثنا أبو حصين - عن أبي بُرْدةَ قال: كنت جالسًا عند عبيد الله بن زياد فأُتي برؤوس الخوارج، كلما جاء رأسٌ قلت: إلى النار، فقال لي عبد الله بن يزيد الأنصاري:
= وأخرجه أحمد أيضًا 11/ (7101) عن وهب بن جرير، بإسناده.
الطيالسة: جمعُ الطَّيلسان، وهو نوع من الأكسية. والديباج: ضرب من الثياب منسوج من الحرير.
(1)
تحرّف في المطبوع إلى: الطيالسي.
أوَلا تَعلَمُ يا ابنَ أخي أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ عَذَابَ هذه الأُمَّةِ جُعِلَ فِي دنياها"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلم له عِلَّة، ولم يُخرجاه.
وله شاهد صحيح:
(1)
حديث ضعيف لاضطرابه - وليس كما قال المصنف: لا أعلم له علة- فقد اختُلف فيه على أبي بردة اختلافًا كثيرًا في الإسناد والمتن كما أشار إلى ذلك الإمام البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 38 - 40، ومن ضمن الاختلاف في المتن قوله:"إنَّ أمتي أمة مرحومة، ليس عليها في الآخرة حساب ولا عذاب .. " وهو الآتي عند المصنف برقم (7841) و (8577)، وأعلَّه البخاري في "تاريخه" وقال: والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة وأنَّ قومًا يعذَّبون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر. وانظر التعليق على الحديث (19678) من "مسند أحمد".
ابن نمير: هو محمد بن عبد الله بن نمير، وأبو موسى الأنصاري: هو إسحاق بن موسى الأنصاري الخطمي، وأبو حصين: هو عثمان بن عاصم بن حُصين.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9341) عن أبي عبد الله الحاكم، عن علي بن عيسى، بإسناده.
وأخرجه البخاري في "تاريخه" 1/ 38، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 361، والبغوي في "معجم الصحابة"(1623)، والطحاوي في "شرح المشكل"(268)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" 1/ 66، والحلية 8/ 308، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1000)، والبيهقي في "الشعب"(9361)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 334 - 335 من طرق عن أبي بكر بن عياش، به.
وسيأتي من طريق أبي بكر بن عياش أيضًا برقم (7842)، وبرقم (7841) من حديث رباح بن الحارث عن أبي بردة عن رجل من الأنصار عن أبيه، وله صحبة، وبرقم (8577) من حديث سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند ابن ماجه (4292)، وسنده ضعيف جدًا.
وعن أبي هريرة موقوفًا عند إسحاق بن راهويه في "مسنده - قسم أبي هريرة"(227)، وأبي يعلى (6204) بلفظ: إنَّ هذه الأمة أمة مرحومة، لا عذاب عليها إلَّا ما عذَّبت هي أنفسها، قيل: وكيف تعذب أنفسها؟ قال: أما كان يوم النهروان عذابًا؟ أما كان يوم الجمل عذابًا؟ أما كان يوم صفين عذابًا؟ وسنده صحيح، وليس فيه ذكر للآخرة.
158 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا موسى بن هارون والحسن بن سفيان قالا: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن زكريا
(1)
بن إبراهيم بن سُوَيد النَّخَعي - وكان ثقةً - عن الحسن بن الحَكَم النَّخَعي، عن أبي بُردة قال: سمعتُ عبد الله بن يزيد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عذابُ أُمتي في دُنياها"
(2)
.
159 -
حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيْرفي بمَرُو، حدثنا أبو قلابة الرَّقاشي، حدثنا أزهَرُ بن سعد، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن أبي بلج، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه قال: ذُكِرَ الطاعونُ عند أبي موسى الأشعريِّ، فقال أبو موسى: سألنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "وَخْزُ إخوانكم - أو قال
(3)
: أعدائكم - من الجنِّ، وهو لكم شهادةٌ"
(4)
.
(1)
تحرّف لفظ "بن" في النسخ الخطية والمطبوع إلى: عن، فصارا راويين، وليس كذلك، ويحيى ابن زكريا بن إبراهيم ترجمه غير واحد منهم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 145 وذكر أنه روى عن الحسن بن الحكم وروى عنه عثمان بن أبي شيبة، وقال: سألت أبي عنه فقال: ليس به بأس، صالح الحديث.
(2)
حديث مضطرب كسابقه.
وأخرجه ابن حبان في ترجمة الحسن بن الحكم النخعي من "المجروحين" 1/ 233، والطبراني في "الأوسط"(7164)، و"الصغير"(893) من طريقين عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
(3)
قوله: "أو قال" ليس في نسخنا الخطية، وأشار في حاشية (ص) إلى وجوده في نسخة.
(4)
إسناده حسن. أبو قلابة الرقاشي: هو عبد الملك بن محمد البصري الضرير، وأبو بلج: هو يحيى بن أبي سليم.
وأخرجه الروياني في "مسنده"(514) عن نصر بن علي، عن أزهر بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (3901) من طريق ابن أبي عدي، عن حاتم بن أبي صغيرة، به. وانظر ما بعده.
وأخرج نحوه أحمد 32/ (19528) و (19743) من طريق زياد بن علاقة، عن رجل، عن أبي موسى. وجاء الرجل مسمّى عنده في (19744) بأسامة بن شريك.
وله طرق أخرى عن أبي موسى تقوِّيه، ولذلك ذهب الحافظ ابن حجر في "الفتح" 17/ 511 - 512 إلى تصحيحه.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وهكذا رواه أبو عَوَانة عن أبي بَلْج:
160 -
أخبرنيه أبو الطاهر عبد الله بن محمد الدِّهْقان، حدثنا أبو بكر بن رجاء ابن السِّنْدي، حدثنا عباس بن عبد العظيم العَنبَري ومحمد بن أبي عتَّاب قالا: حدثنا يحيى بن حمَّاد، حدثنا أبو عَوَانة، عن أبي بَلْج، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه عبد الله بن قيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
(1)
.
161 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهري، حدثنا محمد بن عُبيد الطَّنافسي، عن عبيد الله.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى ومحمد بن أيوب قالا: حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن عُبيد الله، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لَعِبَ بالنَّرْد، فقد عصى الله ورسوله"
(2)
.
(1)
إسناده حسن كسابقه من أجل أبي بلج. أبو بكر بن رجاء: هو محمد بن محمد بن رجاء الإسفراييني الحافظ، وأبو عوانة: هو وضَّاح اليَشْكُري.
وأخرجه أحمد 32 / (19708) عن بكر بن عيسى، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه منقطع بين سعيد بن أبي هند وأبي موسى على ما هو مبيَّن في التعليق على الحديث (19501) من "مسند أحمد"، فإنَّ سعيد بن أبي هند لم يسمع من أبي موسى، وقد روي من وجه آخر عن أبي موسى عند أحمد 32/ (19649) يتقوَّى به الحديث.
أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ويحيى: هو ابن سعيد القطّان، وعبيد الله: هو ابن عمر العُمري.
وأخرجه أحمد 32/ (19580) عن يحيى القطان، بهذا الإسناد - وتابعه عليه عنده محمد بن عبيد الطنافسي.
وأخرجه ابن ماجه (3762) من طريقين عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه أحمد (19551)، وأبو داود (4938)، وابن حبان (5872) من طريق موسى بن ميسرة، وأحمد (19521) من طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن سعيد بن أبي هند، به. وانظر ما بعده.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لوهم وَقَعَ لعبد الله بن سعيد بن أبي هند لسُوء حفظه فيه:
162 -
أخبرناه أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق قال: سمعتُ عبد الله بن سعيد بن أبي هند يحدِّث عن أبيه، عن رجل، عن أبي موسى، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن لَعِبَ بالكِعَاب -أو قال: بالكَعَبات- فقد عصى الله ورسوله"
(1)
.
وهذا مما لا يُوهِنُ حديث نافع ولا يُعلِّله، فقد تابع يزيدُ بن عبد الله بن الهادِ نافعًا على روايته عن سعيد بن أبي هند:
163 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا الليث بن سعد، عن ابن الهادِ، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعريِّ قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم وذُكِرَ عنده النَّرْدُ فقال: "عصى الله ورسوله، عصى الله ورسولَه، مَن ضَرَبَ بكِعَابها يلعبُ بها"
(2)
.
164 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذَ قالا: حدثنا بشرُ بن موسى، حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطَّار بمكة، حدثنا سفيان بن عُيَينة، عن مِسعَر، عن إبراهيم السَّكسكي، عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ خِيارَ عبادِ الله الذين يُراعُونَ الشمس والقمر والنجوم والأظلَّة لذكر الله"
(3)
.
(1)
حديث حسن، وقد اختُلف في إسناده على سعيد بن أبي هند كما هو مبيَّن في التعليق عليه في "مسند أحمد" 32/ (19501)، حيث رواه عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه منقطع كما سبق.
(3)
حديث ضعيف لاضطرابه، فقد اختُلف فيه على مسعر عن إبراهيم السكسكي، فقد انفرد سفيان بن عيينة عنه في جعله من حديث ابن أبي أوفى مرفوعًا، وخالفه جمع من أصحاب مسعر فجعلوه من رواية إبراهيم السكسكي عن بعض أصحابه عن أبي الدرداء موقوفًا عليه كما سيأتي في الحديث التالي، وهو الذي صحَّحه البزار في "مسنده" بإثر (3351) أنه موقوف، فإن كان سفيان - وهو حافظ ثقة - حفظه، فإنَّ الخلل فيه إما من مسعر بن كِدَام، وهو ثقة ثبت، أو من إبراهيم بن =
قال بشر بن موسى: ولم يكن هذا الحديث عند الحُميديِّ في "مسنده".
هذا إسناد صحيح، وعبد الجبار العطَّار ثقة، وقد احتجَّ مسلم والبخاري بإبراهيم السَّكسكي
(1)
، وإذا صحَّ مثلُ هذه الاستقامة لم يَضُرَّه توهينُ من أفسد إسناده.
165 -
أخبرَناه أبو العباس السَّيّاري بمَرُو، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، عن مسعر، عن إبراهيم السَّكسَكي قال: حدثني أصحابُنا، عن أبي الدَّرداء أنه قال: إِنَّ أَحبَّ عباد الله إلى الله الذين يحبِّبون الله إلى الناس، والذين يُراعُونَ الشمس والقمر
(2)
.
= عبد الرحمن السكسكي، وهو الراجح، فإنَّ إبراهيم هذا - وإن خرَّج له البخاري - ليس بذاك القوي في حفظه، فهو علَّته، والله تعالى أعلم.
وأخرجه البيهقي 1/ 379 عن أبي عبد الله بن الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1304)، والبزار (3351)، والطبراني في "الدعاء"(1876)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات"(3102)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 227، والبغوي في "شرح السنة"(398)، والضياء المقدسي في "المختارة" 13/ (171) و (172) من طرق عن الجبار بن العلاء به.
وأخرجه يحيى بن صاعد في زياداته على "الزهد"(1305)، والبزار (3350) من طريق يحيى ابن أبي بكير، عن سفيان بن عيينة، به.
وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعًا عند عبد بن حميد (1438)، والبيهقي 1/ 379، وهو ضعيف، في إسناد عبد بن حميد أبانُ - وهو ابن أبي عياش - وهو متروك، وفي إسناد البيهقي من لا يُعرف.
وعن أنس بن مالك مرفوعًا أيضًا عند الطبراني في "الأوسط"(4808)، وإسناده ضعيف. وذكر فيه أنَّ المراد بمن يراعي الشمس المؤذِّنون.
(1)
هذا ذهولٌ من المصنف، فإنَّ مسلمًا لم يرو له شيئًا.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة أصحاب إبراهيم السكسكي، وإبراهيم هذا في حفظه ضعفٌ. وانظر ما قبله.
أبو العباس السياري: اسمه القاسم بن القاسم السياري، وأبو الموجِّه: محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وهو في "الزهد" له برقم (1303)، ولفظه فيه من قوله: "والذين يراعون
…
" كالحديث السابق. =
هذا لا يُفسد الأولَ ولا يعلَّله، فإنَّ ابن عُيينة حافظ ثقة، وكذلك ابن المبارك، إلا أنه أتى بأسانيد أُخَرَ كمعنى الحديث الأول.
166 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني.
وأخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، وأبو الحسن العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي.
وحدثني أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن أيوب؛ قالوا: حدثنا محمد ابن الصَّباح، حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجُمحي، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أَوصني، قال: "تَعبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتقيمُ الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصومُ شهر رمضان، وتحجُّ وتعتمرُ
(1)
، وتسمعُ وتطيعُ"
(2)
.
= وأخرجه كذلك وكيع في "الزهد"(349)، وعنه ابن أبي شيبة 13/ 312، وأخرجه أبو إسحاق الخُتَّلي في "المحبة لله"(101) عن محمد بن سابق، والبيهقي 1/ 379 من طريق جعفر بن عون، ثلاثتهم (وكيع وابن سابق وابن عون) عن مسعر، بهذا الإسناد.
(1)
في (ص) والمطبوع: "وتحج البيت وتعتمر".
(2)
رجاله ثقات عن آخرهم غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فهو - وإن خرَّج له مسلم. صدوق له أوهام، وقال ابن عدي في "الكامل": يهم في الشيء بعد الشيء، فيرفع موقوفًا أو يصل مرسلًا لا عن تعمُّد. قلنا: وهذا ما وقع له في هذا الحديث، فقد خالفه من هو أوثق منه وأحفظ بدرجات، وهو محمد بن بشر العبدي في الحديث التالي عند المصنف، فرواه عن عبيد الله بن عمر عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه، وهذا الذي رجَّحه غير واحد من أهل العلم منهم البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 494، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 323 وقال في رواية الجمحي: هذا خطأ فاحش.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(3690) من طريق أبي القاسم علي بن المؤمَّل الماسَرْجِسي، عن محمد بن أيوب. وهو ابن الضُّريس.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1070)، والطحاوي في "شرح المشكل"(2658) من طرق عن محمد بن الصبَّاح -وهو الدُّولابي- به. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ رُواته عن آخرهم ثقاتٌ، ولم يُخرجاه توقِّيًا:
167 -
لِمَا سمعتُ عليَّ بن عيسى يقول: سمعت الحسين بن محمد بن زياد يقول: حدثنا محمد بن رافع، حدثنا محمد بن بشر قال: حدَّثنيه عبيد الله بن عمر العُمَري، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن قال: جاء أعرابيٌّ إلى عمر فسأله عن الدِّين، فقال: يا أمير المؤمنين، علِّمني الدِّينَ، قال: تَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وتقيمُ الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصومُ رمضان، وتحجُّ البيت، وعليك بالعَلَانيَةِ، وإياك والسِّرَّ، وإياك وكلَّ شيءٍ يُستحيا منه، قال: فإِذا لَقِيتُ اللهَ قلتُ: أَمَرني بهذا عمرُ بن الخطَّاب فقال: يا عبد الله، خُذْ بهذا، فإِذا لَقِيتَ اللهَ فقل ما بدا لك
(1)
.
قال القبَّاني
(2)
: قلت لمحمد بن يحيى: أيُّهما المحفوظُ: حديثُ يونس عن الحسن عن عمر، أو نافعٌ عن ابن عمر؟ فقال محمد بن يحيى: حديث الحسن أَشبَهُ.
قال الحاكم: فرضي الله عن محمد بن يحيى، تَورَّع عن الجواب حَذَرًا لمخالفة
= وذكره البخاري في "تاريخه" 3/ 494 معلَّقًا عن محمد بن الصباح، به.
(1)
رجاله ثقات عن آخرهم إلا أنه منقطع، الحسن - وهو بن أبي الحسن البصري - لم يدرك عمر بن الخطاب.
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(3691) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 323 عن ابن خزيمة، عن محمد بن رافع، به. ورجَّحه على الرواية السابقة عند المصنف.
وتابع يونس بن عبيد عليه جريرُ بن حازم عند ابن المبارك في "الجهاد"(164)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 358. وهو المحفوظ.
(2)
هو الحسين بن محمد بن زياد شيخ علي بن عيسى فيه، وشيخه محمد بن يحيى: هو الذُّهْلي الحافظ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "دَعْ ما يريبكُ إلى ما لا يَرِيبكُ"
(1)
، ولو تأمَّل الحديثين لظَهَرَ له أنَّ الألفاظ مختلفة، وهما حديثان مُسنَدان وحكاية، ولا يُحفَظ لعبيد الله عن يونس بن عبيد غيرُ حديث الإمارة وقد تفرَّد به الدَّرَاوَرْدي
(2)
، وسعيد بن عبد الرحمن الجُمحي ثقة مأمون، وقد رواه عنه غيرُ محمد بن الصبَّاح، على أنَّ محمد بن الصباح أيضًا ثقة مأمون.
168 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة
(3)
الغفاري، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن سعد بن عُبيدة، عن ابن عمر قال: قال عمر: لا وأبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تحلفوا بآبائكم، مَن حَلَفَ بِشيءٍ دونَ الله فقد أشرك"
(4)
.
169 -
أخبرناه أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن أبيه والأعمش ومنصور، عن سعد بن عُبيدة، ابن عمر قال: كان عمرُ يحلِفُ: وأَبي، فنهاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم،
(1)
سيأتي عند المصنف مسندًا برقم (2199) من حديث الحسن بن علي، وسنده صحيح.
(2)
يشير إلى حديث يونس بن عبيد عن الحسن البصري عن عبد الرحمن بن سمرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "لا تسأل الإمارة"، أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(5944)، وابن الأعرابي في "معجمه"(1502) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن يونس بن عبيد، به. وهو عند البخاري (6622) ومسلم (1652) من غير هذا الوجه عن الحسن.
وفي توثيق الحاكم سعيد بن عبد الرحمن الجمحي على الإطلاق تساهلٌ مفرط.
(3)
تحرَّف هذا الاسم في المطبوع إلى: أحمد بن حازم عن أبي عروة.
(4)
رجاله ثقات إلّا أنَّ فيه علَّة الانقطاع بين سعد بن عبيدة وابن عمر كما سيأتي بيانه في الحديث التالي. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
وأخرجه أحمد 1/ (329) عن أبي سعيد مولى بني هشام، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
فقال: "مَن حَلَفَ بشيءٍ من دون الله، فقد أشرك"، وقال الآخرُ:"فهو شركٌ"
(1)
.
170 -
أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة، حدثنا جرير، عن الحسن بن عُبيد الله، عن سعد بن عُبيدة، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن حَلَفَ بغير الله فقد كَفَرَ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وإنما أودعتُه كتاب الإيمان للفظ الشِّرك فيه، وفي حديث مُصعب بن المِقدام عن إسرائيل:"فقد كفر"
(3)
.
فأما الشيخان فإنما أخرجاه من حديث سالم ونافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: "إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"
(4)
فقط، وهذا غيرُ ذاك
(5)
.
(1)
رجاله ثقات إلّا أنَّ فيه علَّةً وهي الانقطاع بين سعد بن عبيدة وابن عمر، فإنَّ سعدًا لم يسمع هذا الحديث من ابن عمر، بينهما فيه راوٍ اسمه محمد الكندي كما بيَّنه منصورٌ -وهو ابن المعتمر- في رواية غير سفيان الثوري عنه كما عند أحمد 9/ (5375) و (5593)، ولعلَّ هذا أصحُّ من صنيع الأعمش وغيره حيث اختصروه فأوهموا أنه من مسموعات سعد بن عبيدة عن ابن عمر، ومحمد الكندي هذا لا يعرف، وانظر تتمة هذا البيان في التعليق على "مسند أحمد" 8/ (4904) - حيث رواه عن عبد الرزاق بهذا الإسناد - والله تعالى أعلم.
(2)
رجاله ثقات كسابقه. جرير: هو ابن عبد الحميد، وقد سلف من طريقه برقم (45).
(3)
لم نقف علي هذه الرواية مسندةً فيما بين أيدينا من المصادر، وانظر ما سبق برقم (168) من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، وقد سلف برقم (45) بلفظ:"فقد كفر" في حديث الحسن بن عبيد الله النخعي عن سعد بن عبيدة.
(4)
هو من حديث سالم -وهو ابن عبد الله بن عمر عند البخاري برقم (6647)، ومن حديث نافع - وهو مولى ابن عمر - عنده برقم (6108)، ومن حديث عبد الله بن دينار عنده برقم (3836)، وهو عند مسلم من حديث الثلاثة برقم (1646).
(5)
بل هما واحد والقصة واحدة، إذ لا يُتصوّر في عمر رضي الله عنه أن يكون سمع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلِفِ بالآباء، ثم يعود فيحلف بأبيه، وقد ثبت عنه في الحديث نفسه أنه قال - كما في حديث سالم-: والله ما حلفتُ بها منذ سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذاكرًا ولا آثرًا.
171 -
أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن سَلَمة العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري، حدثنا أبو غسَّان، عن حسَّان بن عطيَّة، عن أبي أُمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العِيُّ والحياءُ شُعبتانِ من الإيمان، والبَذَاءُ والجَفَاءُ: شُعبتانِ من النَّفاق"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهدٌ صحيح على شرطهما:
172 -
حدَّثَناه أبو النَّضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه بالطابَرَان وأبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارى قالا: حدثنا صالح بن محمد بن حبيب حدثنا الحافظ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا هُشَيم، عن منصور بن زاذانَ، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ من الإيمان، والإيمانُ في الجنَّة، والبَذَاءُ من الجَفَاء، والجفاءُ في النار"
(2)
.
وله شاهدٌ ثانٍ على شرط مسلم:
173 -
أخبرنا أحمد بن محمد بن عَبدُوس، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ من الإيمان، والإيمانُ في الجنَّة،
(1)
صحيح دون ذكر العيّ، وهذا إسناد - وإن كان رواته من رجال الشيخين - ضعيف لانقطاعه بين حسّان بن عطية وأبي أمامة كما سبق بيانه برقم (17)، فهو هناك من طريق يزيد بن هارون عن أبي غسان: وهو محمد بن مطرِّف.
(2)
إسناده صحيح، هُشيم - وإن عنعنه وهو مدلِّس - قد صرَّح بسماعه فيه في بعض المصادر.
وأخرجه ابن ماجه (4184)، وابن حبان (5704) من طريق إسماعيل بن موسى الفزاري عن هشيم، بهذا الإسناد.
البَذَاء: هو الفُحش في القول، والجفاء: هو غِلَظ الطبع وقساوة القلب، وهذا يؤدي إلى التباعد عن الناس والغلظة عليهم وترك صِلَتهم وبِرّهم.
والبَذَاءُ من الجَفَاء، والجفاءُ في النار"
(1)
.
174 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا أبو المثنى، حدثنا القعنبي، حدثنا يزيد بن زُريع.
وأخبرنا محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُريع، عن خالدٍ الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن أبي قلابة، عن عائشة قالت: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكمل المؤمنين إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا، وألطَفُهم بأهله"
(2)
.
رواةُ هذا الحديث عن آخرهم ثقاتٌ على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
175 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن سلمة بن كُهيل، عن عمران بن الحَكَم
(3)
السُّلَمي، عن ابن عباس قال: قالت قريشٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: ادعُ ربَّك أن يجعل لنا
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي، وقد توبع.
وأخرجه الترمذي (2009) عن أبي كريب، عن محمد بن بشر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 16/ (10512)، والترمذي (2009)، وابن حبان (608) من طرق عن محمد ابن عمرو، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن حبان (609) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي سلمة، به. وإسناده صحيح.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات عن آخرهم إلا أنه لا يُعرَف لأبي قلابة- وهو عبد الله بن زيد الجَرْمي - سماع من عائشة كما قال الترمذي، وقال المصنف فيما سلف بإثر حديث رقم (2) في رواية أبي قلابة هذه عن عائشة: أخشى أنَّ أبا قلابة لم يسمعه عن عائشة.
أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وأخرجه أحمد 40 / (24204) و 41 / (24677)، والترمذي (2612)، والنسائي (9109) من طرق عن خالد الحذَّاء بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
ويشهد له حديث أبي هريرة المتقدم برقم (1) و (2)، وهو حديث صحيح.
(3)
كذا وقع في هذا الموضع والذي يليه في النسخ الخطية: عمران بن الحكم، والذي في مصادر ترجمته: عمران أبو الحكم، واسمه عمران بن الحارث.
الصَّفَا ذهبًا ونؤمنَ بك، قال:"أتَفعَلونَ؟ " قالوا: نعم، فدَعَا، فأتاه جبريل فقال:"إنَّ الله يقرأُ عليك السلام ويقول: إن شئتَ أصبحَ الصَّفَا ذهبًا، فمن كَفَرَ بعد ذلك عذَّبْتُه عذابًا لا أعذِّبُه أحدًا من العالمين، وإن شئتَ فتحتُ لهم أبواب التوبة والرَّحمة" قال: "بل باب التوبةِ والرَّحمة"
(1)
.
176 -
أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم ومحمد بن كثير: قالا: حدثنا سفيان، عن سَلَمة ابن كُهيل، فذكره بإسناده نحوه
(2)
.
هذا حديث صحيح محفوظ من حديث الثَّوري عن سلمة بن كُهيل، وعِمران ابن الحَكَم السُّلَمي تابعيٌّ كبير محتجٌّ به، وإنما أهملا هذا الحديث - والله أعلم - لخلافٍ وقع من يحيى بن سلمة بن كهيل في إسناده، ويحيى كثيرُ الوهم على أبيه.
177 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عَمْرَويهِ الصَّفّار ببغداد، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا الأحوص بن جوَّاب، حدثنا يحيى بن سَلَمة بن كُهيل، عن أبيه، عن عمران بن الجَعْد، عن ابن عباس: أنَّ قريشًا قالت: يا محمدُ، ادعُ ربَّك أن يجعل الصَّفا ذهبًا ونؤمن لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتفعلون؟ " قالوا: نعم، فأتى جبريلُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"استوثق" ثم أتي جبريلُ فقال: "يا محمدُ، إِنَّ الله قد أعطاك ما سألت، إن شئتَ أصبحَ لك الصَّفا ذهبًا، ومن كَفَرَ بعد ذلك عذَّبتُه عذابًا
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 4/ (2166) عن عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا 5/ (3223) عن وكيع عن سفيان، به.
وسيأتي من طريق سفيان عند المصنف برقم (176) و (3264) و (7793).
وأخرجه بنحوه أحمد 4 / (2333)، والنسائي (11226) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
(2)
إسناده صحيح كسابقه.
لا أعذَّبه أحدًا من العالمين، وإن شئتَ فتحتُ لهم باب التوبة والإنابة" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بابُ التوبة والرَّحمة أحبُّ إليَّ"
(1)
.
هذا الوَهْمُ لا يُوهِنُ حديث الثوري، فإني لا أعرف عمران بن الجعد في التابعين، إنما روى إسماعيلُ بن أبي خالد عن عمران بن أبي الجعد، فأمّا عمران بن الجعد فإنه من أتباع التابعين.
178 -
أخبرنا دَعلَج بن أحمد السِّجْزي ببغداد، حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطَّلب، عن المطَّلب، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن عَمِلَ سيئةً فكَرِهَها حين يعملُ، وعَمِلَ حسنةً فسُرَّ بها، فهو مؤمنٌ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وقد ذكرتُ فيما تقدَّم
(3)
من خطبة عمر بالجابِيَة وأنهما لم يخرجاه، وهذا بغير ذلك اللفظ أيضًا.
179 -
حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّماك، حدثنا الحسن بن سلّام، حدثنا قبيصة.
وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد
(4)
المحبوبي بمرو، حدثنا أحمد بن سيَّار، حدثنا محمد بن كَثير؛ قالا حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شَبِيب، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرٍّ، اتَّقِ اللهَ حيثُ كنتَ،
(1)
إسناده ضعيف جدًا، يحيى بن سلمة بن كهيل متروك الحديث.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد منقطع، فإنَّ المطَّلب لم يدرك أبا موسى. وهو مكرر الحديث (32).
(3)
بإثر الحديث (32)، لكن وقع هناك ذهولًا أنهما خرّجا حديث عمر بالجابية.
والجابية: موضع قريب من نَوَى جنوب دمشق.
(4)
في (ز) و (ب) والمطبوع: أحمد بن محمد، وهو خطأ، وجاء في (ص) على الصواب.
وأتبع السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُق حسنٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
180 -
أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعراني، حدثنا جدِّي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني حَرْمَلة بن عمران التُّجِيبي، أنَّ أبا السمط
(2)
سعيد بن أبي سعيد المَهْري حدَّثه عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو
(3)
: أنَّ معاذ بن جبل أراد سفرًا، فقال: يا رسول الله، أَوصني، قال:"اعبُدِ الله ولا تُشْرِكْ به شيئًا" قال: يا رسول الله، زِدْني، قال:"إذا أسأتَ فأحسن" قال يا رسول الله، زِدْني، قال:"اسْتَقِمْ ولتُحسِّن خُلُقَك"
(4)
.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، محمد بن كثير -وهو العبدي- ومن فوقه من رجال الشيخين غير ميمون بن أبي شبيب، فهو صدوق حسن الحديث روى له مسلم في مقدمة "صحيحه"، وروايته عن أبي ذر مرسلة، فإنه لم يسمع منه كما قال أبو حاتم الرازي وغيره، وقد جعل بعضهم هذا الحديث من رواية ميمون عن معاذ بن جبل كما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد". سفيان: هو الثوري.
وحديث أبي ذر أخرجه أحمد 35 / (21354) و (21403) و (21536)، والترمذي (1987) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي، وكذا الحافظ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 131.
وأخرج بعضه أحمد 35/ (21487) من طريق الأعمش، عن شمر بن عطية، عن أشياخه، عن أبي ذر. وهذا إسناد جيد لولا جهالة الأشياخ، ومثل هذا الإسناد يعتبر به في المتابعات والشواهد. ويشهد له حديث معاذ بن جبل التالي.
(2)
كذا وقع في أصول "المستدرك"، وهو كذلك في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 4/ 32، ونصَّ على وقوعه كذلك عنده قاسم بن قطلوبغا في كتابه "الثقات"(4433)، وقد وقع في عامّة مصادر التخريج مكنّى أبا السُّميط بضم أوله مصغَّرًا، ونصَّ عليه ابن ماكولا في "الإكمال" 4/ 360 - 361.
(3)
تحرّف في (ص) والمطبوع إلى: عمر.
(4)
حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، عبد الله بن صالح -وهو كاتب الليث- وإن كان في حفظه شيء، قد توبع، وسعيد المهري روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات". =
هذا حديث حسن صحيح الإسناد من رواية المصريِّين، ولم يُخرجاه.
181 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سنان القزَّاز، حدثنا أبو عاصم، حدثنا زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس:{الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [النجم: 32]، قال: هو أن يأتي الرجلُ الفاحشة ثم يتوب منها، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اللهمَّ إِن تَغفِرْ تَغفِرْ جمّا
…
وأيُّ عبدٍ لك لا ألَمّا"
(1)
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وإنما خرَّجا حديث عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أنه قال: لم أرَ شيئًا أقربَ باللَّمَم من الذي قال أبو هريرة: "كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنى" الحديث
(2)
.
والذي عندي أنهما تَرَكا حديثَ عمرو بن دينار للحديث الذي:
182 -
حدَّثَناه عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا
= وسيأتي مرة أخرى من طريق عبد الله بن صالح برقم (7808).
وأخرجه ابن حبان (524) من طريق عبد الله بن وهب عن حرملة بن عمران، بهذا الإسناد.
وروى نحوه ميمونُ بن أبي شبيب عن معاذ كما في الحديث السابق، أخرجه من طريقه أحمد 36/ (21988) و (22059)، والترمذي بإثر (1987).
(1)
صحيح موقوفًا، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل محمد بن سنان القزاز، وقد توبع ومن فوقه ثقات، إلّا أنَّ الحافظ ابن كثير قال في "تفسيره" 7/ 436: في رفعه نظر، وقال الحافظ ابن حجر في "الأمالي الحلبية": سنده صحيح وفي رفعه نكارة، وقال البيهقي في "شعب الإيمان": المحفوظ هو الموقوف؛ وهي الرواية التالية عند المصنف، وهي أصح إسنادًا.
أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه الترمذي (3284) عن أحمد بن عثمان النوفلي - وهو ثقة - عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.
وقال: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق.
وسيأتي برقم (3792) و (7812) من طريق روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق.
(2)
أخرجه البخاري برقم (6243) و (6612)، ومسلم برقم (2657)، وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (3794) من طريق أبي صالح السمّان عن أبي هريرة مرفوعًا.
آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبة.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عفَّان بن مسلم، حدثنا شُعبة، حدثنا منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، في هذه الآية:{إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] قال: الذي يُلِمُّ بالذَّنْب ثم يَدَعُه، ألم تسمع قول الشاعر:
إنْ تَغفر اللهمَّ تَغفِرْ جَما
…
وأيُّ عبدٍ لك لا ألما
(1)
وهذا التوقيف لا يُوهِنُ سند الأوَّل، فإنَّ زكريا بن إسحاق حافظ ثقة، وقد حدَّث به روح بن عُبادة عن زكريا، وقد ذكرتُ في شرائط هذا الكتاب إخراج التفاسير عن الصحابة.
183 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا سُريج بن النعمان، حدثنا فُليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كلُّ أُمتي يدخل الجنة إلا من أبى" قالوا: ومَن يأبى يا رسول الله؟ قال: "مَن عصاني فقد أبى"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح من جهة أبي بكر بن إسحاق، وأما عبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف في الإسناد الأول فضعيف، وهو موقوف، وهو المحفوظ كما قال البيهقي، وانظر ما قبله.
منصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 185، وشعب الإيمان (6656) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد - واقتصر في "السنن" على طريق آدم بن أبي إياس، وقال بإثره في "الشعب": هذا هو المحفوظ موقوف.
والشاعر الذي أشار إليه ابن عباس، قيل: هو أبو خراش الهُذَلي، وقيل: أمية بن أبي الصلت، هكذا في كتب اللغة.
واللَّمم: صغائر الذنوب، وقيل: هو مقاربة الذنب من غير مواقعة له.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل فُليح بن سليمان. وهو في "مسند أحمد" 14 / (8728)، وقرن فيه بسريج يونس بن محمد المؤدب.
وأخرجه البخاري (7280) عن محمد بن سنان العَوَقي، عن فليح بهذا الإسناد. فاستدراكه =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
وله إسناد آخر عن أبي هريرة على شرطهما:
184 -
أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن صالح بن كَيْسان، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتدخُلُنَّ الجنةَ إِلَّا مَن أَبي وشَرَدَ على الله كشِرَادِ البعير"
(1)
.
وله شاهد أيضًا عن أبي أُمامة الباهلي:
185 -
أخبرناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، حدثنا يحيى بن بُكير، حدثني الليث، عن سعيد بن أبي هلال، عن علي بن خالد
(2)
قال: مرَّ أبو أُمامة الباهلي على خالد بن يزيد بن معاوية، فسأله عن أَليَن كلمةٍ سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم يدخلُ الجنةَ إِلَّا من شَرَدَ على الله شِرَادَ البعير على أهلِه"
(3)
.
= ذهولٌ من الحاكم هنا، ثم عاد وتنبَّه إلى تخريج البخاري له فيما سيأتي بإثر حديث الأعرج عن أبي هريرة برقم (7818).
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند ابن حبان (17)، والطبراني في "الأوسط"(808)، وإسناده حسن.
وآخر عن أبي أمامة، وهو الحديث الآتي عند المصنف برقم (185).
(1)
إسناده صحيح. وانفرد به الحاكم من هذا الطريق، ولم نقف عليه فيما بين أيدينا من كتب الإمام أحمد بن حنبل، وسيأتي برقم (7818) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن إبراهيم بن سعد، وهو مما انفرد به أيضًا.
(2)
في (ب): عن أبي خالد، وهو خطأ، ولا تعرف لعلي هذا كُنية.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن خالد.
وأخرجه أحمد 36/ (2226) عن قتيبة بن سعيد، عن ليث -وهو ابن سعد- بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (7819) من طريق عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال. ويشهد له ما قبله.
186 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا هَوْذة بن خَليفة، حدثنا عَوْف، حدثني محمد بن سيرين وخلاس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ لله مئة رحمةٍ، قَسَمَ منها رحمةً بين أهل الدنيا فوَسِعَتهم إلى آجالهم، وأخَّرَ تسعة وتسعين لأوليائه، وإنَّ الله عز وجل قابضٌ تلك الرحمة التي قَسَمَها بين أهل الدنيا إلى التسع والتسعين، فكَمَّلَها مئة رحمةٍ لأوليائه يوم القيامة"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا فيه على حديث الزُّهْري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وسليمان التَّيمي عن أبي عثمان عن سلمان مختصرًا سلمان مختصرًا
(2)
، ثم خرَّجه مسلم
(3)
من حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أكمل من الحديثين.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، وخلاس - وهو ابن عمرو - لم يسمع أبا هريرة فهو من جهته منقطع إلا أنه من جهة محمد بن سيرين متصل. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
وأخرجه أحمد 16 / (10670) عن روح بن عبادة ومحمد بن جعفر، عن عوف، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (7821) من طريق محمد بن سيرين وحده عن أبي هريرة.
وأخرجه بنحوه أحمد 14 / (8415)، ومسلم (2752)(18)، والترمذي (3541) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرّقة، وأحمد 16 / (10810) من طريق أبي صالح السمان، والبخاري (6469) من طريق سعيد المقبري، ثلاثتهم عن أبي هريرة.
(2)
وقع للحاكم هنا وهمان: الأول: أنهما لم يخرجاه من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وإنما أخرجاه من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، البخاري برقم (6000) ومسلم برقم (2752)(17)، وهو من هذا الوجه أيضًا عند ابن حبان برقم (6148). الثاني: أنهما لم يتفقا عليه من حديث سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان، وإنما انفرد به مسلم برقم (2753)(20)، وسيأتي عند المصنف برقم (7820) من طريق داود بن أبي هند عن أبي عثمان.
(3)
برقم (2752)(19)، وأخرجه أيضًا من هذا الطريق أحمد 15 (9609)، وابن ماجه (2493)، وابن حبان (6147).
وله شاهد على نَسَقِ حديث عوفٍ:
187 -
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمرو، حدثنا الحارث ابن أبي أُسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجَّاج بن أبي زينب قال: سمعتُ أبا عثمان النَّهْدي يحدِّث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ الله خَلَقَ يوم خلق السماواتِ والأرضَ مئة رحمةٍ، كلُّ رحمةٍ طِبَاقُها طباقُ السماوات والأرض، فقَسَمَ رحمةً بينَ جميع الخلائق، وأخَّرَ تسعةً وتسعين رحمةً لنفسِه، فإذا كان يوم القيامة رَدَّ هذه الرحمةَ، فصار مئةُ رحمةٍ يَرحَمُ بها عبادَه"
(1)
.
وله شاهد آخر مُفسَّر عن جُندُب بن عبد الله:
188 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي، حدثني الجُرَيري، عن أبي عبد الله الجَسْري، حدثنا جُندُب قال: جاء أعرابيٌّ فأناخَ راحلتَه ثم عَقَلَها، فصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سَلَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أتى راحلته فأطلق عِقالَها، ثم رَكِبَها، ثم نادى: اللهمَّ ارحمني ومحمدًا، ولا تُشرِك في رحمتنا أحدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما تقولون، أهو أضَلُّ أم بعيرُه؟ ألم تسمعوا ما قال؟ " قالوا: بلى، فقال:"لقد حَظَرَ رحمةً واسعةً، إِنَّ الله خلق مئةَ رحمةٍ، فَأَنزلَ رحمةً تَعَاطَفُ بها الخلائقُ جِنُّها وإنسُها وبهائمُها، وعنده تسعةٌ وتسعون، تقولون: أهو أضَلُّ أم بعيره؟ "
(2)
.
(1)
حديث صحيح لكن من حديث سلمان الفارسي، والحجاج بن أبي زينب ليس بذاك القوي وقد خولف في إسناده، وأعلَّه به الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (19087) فقال: الحجاج ضعيف، وخالفه سليمان التيمي وغيره من الثقات فرووه عن أبي عثمان عن سلمان. قلنا: وسيأتي حديث سلمان عند المصنف برقم (7820). أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.
وأما حديث أبي هريرة، فقد أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 376 - 377، والدولابي في "الكنى والأسماء"(2042)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(332) من طرق عن يزيد ابن هارون، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده فيه لين من أجل أبي عبد الله الراوي عن جندب، وأبو عبد الله هذا: هو الجسمي لا =
189 -
أخبرنا أحمد جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، عن عَدِيِّ بن ثابت وعطاءِ بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّاس؛ رَفَعَه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ جبريل كان يَدُسُّ في فم فِرعَونَ الطينَ مَخافة أن يقول: لا إله إلَّا الله"
(1)
.
= الجسري كما وقع هنا، فقد نسبه جشميًا أحمدُ بن حنبل في "مسنده" 31/ (18799) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، وتابعه على ذلك علي بن نصر الجهضمي عند أبي داود (4885)، وعبد الوارث بن عبد الصمد عند الدولابي في "الكنى والأسماء"(1443)، كلاهما عن عبد الصمد ابن عبد الوارث، بينما تابع عباسًا الدوريَّ في نسبته جَسْريًا محمود بن غيلان عند الروياني في "مسنده"(957)، ورواية الثلاثة بما فيهم الإمام أحمد بن حنبل، أوثق وأتقن وبخاصة أنَّ عبد الوارث بن عبد الصمد في رواية الدولابي سماه عباسًا، أما الجسري فاسمه حِميري بن بشير، وهو ثقة، وأما الجشمي فقد روى عنه الجُريري -وهو سعيد بن إياس- وقتادة، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 259، ولم يؤثر توثيقه عن غيره، ففي حاله جهالة. وقد صحَّ الحديث بغير هذا السِّياق.
وسيأتي عند المصنف برقم (7822) من طريق يزيد بن هارون عن الجريري، وقال فيه: عن أبي عبد الله الجسري، ويزيد روايته عن الجريري بعد الاختلاط فلا يُعتبر بها عند المخالفة، والله تعالى أعلم.
وشطره الأول له أصل من حديث أبي هريرة عند أحمد (7255) والبخاري (6010) وغيرهما.
ولشطره الثاني انظر ما قبله.
قوله: "هو أضلُّ" أي: أجهلُ، لأنه لا يقول ما قال ذلك الأعرابي إلا جاهل بالله وسعة رحمته، حيث حجَّر وضيَّق الواسع.
(1)
صحيح موقوفًا على ابن عباس، والراجح أنَّ الذي رفعه منهما هو عدي بن ثابت، وستأتي روايته منفردًا برقم (3342) من طريق النضر بن شميل عن شعبة عنه، وقد نُقل عن شعبة أنه قال فيه: كان رفاعًا. وذكر المصنف في الموضع المشار إليه أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس. ورواية شعبة عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه، فالإسناد صحيح.
والحديث في "مسند أحمد" 4/ (2144) و 5 / (3154). وانظر تتمة الكلام عليه هناك.
وأخرجه النسائي (1174)، وابن حبان (6215) من طريقين عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
وسيأتي بنحوه برقم (7827) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مرفوعًا. =
190 -
حدثنا أبو عليٍّ الحافظ، أخبرنا عَبْدانُ الأهوازي، حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، أخبرني عَدِيُّ بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر:"أَنَّ جبريل جَعَلَ يَدُسُّ في فم فرعونَ الطينَ خَشْية أن يقول: لا إله إلَّا الله، فيرحمه الله"، أو قال:"خشية أن يرحمه الله"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
191 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الواحد بن حمزة ابن
(2)
عبد الله بن الزُّبير، عن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسِبني حسابًا يسيرًا"، فلما انصرف قلت: يا رسول الله، ما الحساب اليسيرُ؟ قال: "يُنظَرُ في كتابه ويُتَجاوَزُ عنه، إنه مَن نُوقِشَ الحساب يومئذٍ يا عائشةُ هَلَكَ، وكلُّ ما يصيبُ المؤمنَ يكفِّرُ
(3)
الله عنه، حتى الشوكةُ تَشُوكُه"
(4)
.
= وعلي بن زيد -وهو ابن جُدعان- ضعيف.
(1)
صحيح موقوفًا كسابقه.
وأخرجه الترمذي (3108) عن محمد بن عبد الأعلى بهذا الإسناد. وأشار إلى أن أحد الرجلين - أي عطاء بن السائب وعدي بن ثابت - ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: مرفوعًا، والذي رفعه هو عدي بن ثابت كما تقدَّم، وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
وسيأتي برقم (7826) من طريق يحيى بن حكيم عن خالد بن الحارث.
(2)
تحرَّف لفظ "بن" في النسخ الخطية إلى: عن.
(3)
تحرّف في (ب) والمطبوع إلى: يلقي.
(4)
حديث صحيح دون قصة دعائه صلى الله عليه وسلم في الصلاة بـ "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا" فهي زيادة =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا على حديث ابن أبي مُليكة عن عائشة أنَّ رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ"
(1)
.
192 -
أخبرنا الحسن بن حَلِيم المروَزي، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا عَبْدانُ، حدثنا عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغسَّاني، عن ضَمْرة بن حبيب، عن شدَّاد بن أَوْس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكيِّسُ من دان نفسَه وعَمِلَ لما بعد الموت، والعاجزُ من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله"
(2)
.
= شاذّة، فقد انفرد بها محمد بن إسحاق -وهو صدوق حسن الحديث- وخالفه عبد الواحد بن زياد -وهو ثقة- عند أحمد 42 / (25515) فلم يذكرها، وإسناده قوي.
وأما حديث ابن إسحاق فهو عند أحمد 40 / (24215)، وصرَّح فيه بسماعه من عبد الواحد ابن حمزة.
وأخرجه ابن حبان (7372) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (949) و (7828) و (8942) من طريق ابن إسحاق، وصرَّح عنده في الموضعين الأوَّلَين بالسماع، وانظر (1294) و (1300) و (8943).
(1)
أخرجه البخاري برقم (103) و (4939) و (6536)، ومسلم برقم (2876) من طرق عن ابن أبي مليكة. وسيأتي بنحوه من طريقه عند المصنف برقم (7891).
كما أنهما اتفقا على حديث عروة بن الزبير عن عائشة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه، حتى الشوكة يُشاكها"، أخرجه البخاري برقم (5640)، ومسلم برقم (2572).
(2)
إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم، وغالى الذهبي في "تلخيص المستدرك" فوصفه بأنه واهٍ. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: لقب واسمه عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه أحمد 28 (17123)، والترمذي (2459) من طريقين عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه (4260)، والترمذي (2459) من طريقين عن أبي بكر بن أبي مريم، به. وسيأتي عند المصنف برقم (7831).
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
193 -
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمرْو، حدثنا الحارث ابن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن عَوْف، حدثني حَسَن
(1)
بن عثمان بن عبد الرحمن بن عوف وعبد الرحمن بن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن عامر بن سعد، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمنُ مُكفَّرٌ"
(2)
.
= وأحسن منه في هذا المعنى ما سيأتي برقم (8837) من حديث ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ المؤمنين أكيسُ؟ فقال: "أكثرهم للموتِ ذكرًا، وأحسنهم له استعدادًا قبل أن ينزل بهم، أولئك من الأكياس". وإسناده حسن.
قوله: "من دان نفسه" معناه -كما قال الترمذي-: من حاسب نفسه في الدنيا قبل أن يُحاسب يوم القيامة.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: حسين، مصغرًا، والصواب، حسن، كما في مصادر ترجمته، منها "التاريخ الكبير" للبخاري 2/ 300، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 13/ 25، و"الثقات" لابن حبان 4/ 123.
(2)
إسناده ضعيف جدًا، محمد بن عبد العزيز - وهو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري - قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وذكره الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين"، وليس مجهولًا كما قال الحاكم، بل المجهول جهالة حالٍ هو الحسن ابن عثمان بن عبد الرحمن، ومتابعة عبد الرحمن بن حميد -وهو ثقة- له هنا لا تفيد شيئًا، فإنَّ الراوي عنهما متروك الحديث.
وأخرجه البزار في "مسنده"(1129)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 690 من طريق سهل ابن بكار، عن محمد بن عبد العزيز، عن الحسن بن عثمان، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (7832) من طريق محمد بن سعد العوفي عن روح بن عبادة، ليس فيه قوله:"حدثني حسن بن عثمان بن عبد الرحمن بن عوف" فإن صحّ ما في النسخ الخطية، وإلَّا فإنَّ محمد بن سعد العوفي يكون قد أسقطه، فصار عبد الرحمن بن حميد قرينًا لمحمد بن عبد العزيز المتروك ومتابعًا له، والعوفي ليس بذاك القوي، ولا سيما وقد خالف الحارث بن أبي أسامة وهو حافظ ثقة.
تنبيه: وقع في "غريب الحديث" للخطابي: عن الحسن بن عثمان عن الزهري، بزيادة "عن"=
قد اتَّفقا على عبد الرحمن بن حُميد بن عبد الرحمن.
وهذا حديث غريب صحيح، ولم يُخرجاه لجهالة محمد بن عبد العزيز الزُّهري هذا.
194 -
أخبرنا أبو الحُسين
(1)
أحمد بن عثمان الأَدَمي ببغداد، حدثنا أبو قِلابةَ، حدثنا حجَّاج بن نُصَير، حدثنا شدَّاد بن سعيد.
وأخبرني أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثنا عُبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا حَرَمِيُّ بن عُمَارة، حدثنا شدَّاد بن سعيد أبو طلحة الرَّاسبي، عن غَيْلان بن جرير، عن أبي بُردة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُحشَرُ هذه الأُمة على ثلاثة أصناف: صنفٍ يدخلون الجنة بغير حساب، وصنفٍ يُحاسبون حسابًا يسيرًا ثم يدخلون الجنة، وصنفٍ يجيئون على ظُهورهم أمثالُ الجبال الراسياتِ ذنوبًا، فيَسأَلُ الله عنهم -وهو أعلمُ بهم- فيقول: ما هؤلاء؟ فيقولون: هؤلاءِ عَبيدٌ من عبادِك، فيقول: حُطُّوها عنهم واجعَلُوها على اليهود والنصارى، وأدخِلوهم برحمتي الجنة"
(2)
.
= وهو خطأ، فإنَّ الزهري هي نسبة الحسن نفسه، ووقع فيه أيضًا: سهل بن بكار ثنا الحسن بن عثمان، بإسقاط محمد بن عبد العزيز، وبناءً عليه وهم الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(2367) فجعل طريق الخطابي متابعًا لطريق الحاكم، وهما في الحقيقة طريق واحد فيهما محمد بن عبد العزيز هذا.
قوله: "المؤمن مكفَّر" قال الخطابي: معناه: أنه مرزَّأٌ (أي: مصابٌ) في نفسه وأهله، وأنه لا يزال يُنكَب وتصيبه المكاره فتكون كفارةً لذنوبه.
وفسّره الدَّيلمي في "الفردوس"(6550) بأنَّ المؤمن يصطنع المعروف فلا يُشكَر، وبنحوه فسّره الهيثمي في "كشف الأستار عن زوائد البزار" (1907) فقال: يعني: تُكفَر نعمتُه لأنَّ ابن أبي الدنيا ذكر أحاديث مثل هذا في مثل هذا الباب.
(1)
تحرَّف في (ص) و (ب) والمطبوع إلى: أبو الحسن. وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 15/ 568.
(2)
ضعيف بهذا اللفظ، وهو لحجّاج بن نصير، وهو ضعيف، وقد تابعه عليه عفان بن مسلم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن شدّاد أبي طلحة الراسبي فيما سيأتي عند المصنف برقم (9009)، لكن تبقى علته في شداد أبي طلحة، فهو - وإن كان موثَّقًا - ربما أخطأ كما قال ابن حبان، وقد خولف في لفظه كما سيأتي، وأعلَّه به البيهقي في "شعب الإيمان" بإثر الحديث (373) وقال: ليس هو ممَّن يُقبل منه ما يخالف فيه.
وأخرجه الرُّوياني في "مسنده"(506) عن محمد بن معمر عن الحجاج بن نصير، بهذا الإسناد.
وسيأتي عن عند المصنف برقم (7837) من طريقين آخرين عن الحجاج بن نصير.
وأما حَرَمِيُّ بن عمارة فقد رواه عن شدادٍ فيما سيأتي برقم (7836) مختصرًا بلفظ: "ليجيئنَّ أقوام من أُمتي بمثل الجبال ذنوبًا، فيغفرها لهم ويضعها على اليهود والنصارى".
أخرج حديث حرميٍّ مسلمٌ (2767)(51) عن محمد بن عمرو بن أبي روّاد، عن حرمي بن عمارة، به ـ وزاد فيه بعد قوله:"ويضعها على اليهود والنصارى": فيما أحسب أنا؛ قال أبو رَوْح - وهو حرميٌّ -: لا أدري ممَّن الشكُّ.
ولفظ حرميٍّ عن شدّادٍ الراسبي شاذٌ أيضًا، وقال البيهقي معقِّبًا على هذه الرواية بإثر تخريجه له في كتابه "البعث والنشور" (90): إلّا أنَّ اللفظ الذي تفرَّد به شداد أبو طلحة بروايته في هذا الحديث، وهو قوله:"ويضعها على اليهود والنصارى" مع شكٍّ الراوي فيه، لا أراه محفوظًا، والكافر لا يُعاقب بذنب غيره، قال الله عز وجل:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، وإنما لفظ الحديث على ما رواه سعيد بن أبي بردة وغيره عن أبي بردة.
قلنا: يشير إلى ما أخرجه مسلم (2767)(50) من طريق همام عن قتادة عن عون -وهو ابن عبد الله بن عتبة- وسعيد بن أبي بردة، كلاهما عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يموت رجلٌ مسلم إلّا أدخل الله مكانه النار يهوديًا أو نصرانيًا".
وأخرجه من هذا الطريق أحمد 32 (19485) و (19560)، وابن حبان (630). وهذا إسناد صحيح، ولفظه أصحُّ ما جاء في حديث أبي بردة هذا عن أبيه. وقد تابع عونًا وسعيدًا عليه طلحةُ ابن يحيى عند مسلم (2767)(49)، وهو صدوق حسن الحديث، وغيرُه كما في التعليق على الحديث (19485) من "مسند أحمد"، وزاد طلحة بن يحيى فيه:"فيقول: هذا فَكَاكُك من النار".
وقوله: "أدخل الله مكانه النار يهوديًا أو نصرانيًا" قال الإمام النووي في "شرح مسلم": معنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبي هريرة: "لكل أحدٍ منزل في الجنة ومنزل في النار" فالمؤمن إذا دخل الجنة خَلَفَه الكافر في النار لاستحقاقه ذلك بكفره، ومعنى "فكاكك النار": أنك كنت معرَّضًا لدخول النار وهذا فكاكك، لأنَّ الله تعالى قدَّر لها عددًا يملؤُها، فإذا دخلها الكفار بكفرهم =
هذا حديث صحيح من حديث حَرَميِّ بن عُمارة على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، فأما حجَّاج بن نُصَير فإني قَرَنتُه إلى حَرَمىٍّ لأني عَلَوتُ فيه.
195 -
حدثني علي بن بُندار الزاهد، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا محمد بن المثنى الزَّمِنُ، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا حُميد، عن أنس قال: كان صبيٌّ على ظهر الطريق، فمرَّ النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ناس، فلما رأت أمُّ الصبي القومَ خَشِيَت أن يُوطأ ابنُها، فسَعَتْ فحَمَلَته، فقالت: ابني ابني، قال القوم: يا رسول الله، ما كانت هذه لتُلقِيَ ابنَها في النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولا اللهُ يُلقي حبيبه في النار"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
196 -
أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد قال: قُرِئَ على محمد بن الهيثم القاضي وأنا أسمع: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عُقبة بن عامر الجُهَني: أنَّ رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أحدُنا يُذنِبُ، قال: يُكتَبُ عليه، قال: ثم يستغفر منه ويتوب، قال:"يُغفَرُ له ويُتابُ عليه"، قال: فيعودُ فيُذنب، قال:"يُكتَبُ عليه"، قال: ثم يستغفر منه ويتوب، قال:"يُغفَرُ له ويُتابُ عليه"، قال: فيعودُ فيُذنب، قال:"يُكتب عليه"، قال: ثم يستغفر منه ويتوب، قال: "يُغفَرُ له ويُتابُ عليه
(2)
، ولا يَمَلُّ الله حتى تَمَلُّوا"
(3)
.
= وذنوبهم، صاروا في معنى الفكاك للمسلمين.
وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه النووي أخرجه ابن ماجه (4341) بسند صحيح.
(1)
إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه أحمد 19 (12018) و (13467) من طريقين عن حميد الطويل، به. وسيأتي برقم (7534).
(2)
من قوله في الموضع الأول: "قال: فيعود فيذنب" إلى هنا سقط من (ب).
(3)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - وقد توبع على معنى حديثه هذا، وقد روى له البخاري في "صحيحه" تعليقًا، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
197 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن، حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا سفيان.
وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: الكبائرُ من أول سورة النساء إلى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31]، من أول السورة إلى ثلاثين آيةً
(1)
.
= أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليَزَني.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(6695) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الروياني في "مسنده"(173)، والطبراني في "الكبير"(17 (791)، و"الأوسط"(8689)، و"الدعاء"(1781) من طريقين عن عبد الله بن صالح، به. وسيأتي برقم (7851).
وأخرجه الحافظ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 134 من طريق الطبراني، ثم قال: حديث حسن صحيح. وكذا أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 200 وعزاه للطبراني وحسَّن إسناده.
ويشهد لمعناه حديث أبي هريرة الآتي عند المصنف برقم (7800) مستدركًا إياه على الشيخين وصحَّحه على شرطهما، فوهم، فقد أخرجه البخاري برقم (7507) ومسلم برقم (2758) من الطريق ذاته.
قوله: "ولا يملُّ الله حتى تملُّوا" قال البغوي في "شرح السنة" 4/ 49: معناه: لا يَمَلُّ الله وإن مللتم، لأنَّ المَلَال (وهو استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته) عليه لا يجوز.
وقيل: معناه: إنَّ الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله.
وقيل: معناه: لا يترك الله الثواب والجزاء ما لم تملوا من العمل، ومعنى الملال: الترك، وأنَّ من مل شيئًا تركه وأعرض عنه، فكنى بالملال عن الترك، لأنه سبب الترك.
وقال الإسماعيلي وجماعة من المحققين: إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازًا.
قال القرطبي المحدِّث: ووجه مجازه أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن يقطع العمل ملالًا، عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه.
(1)
إسناده صحيح. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وسفيان هو الثوري، وأبو الضحى: هو مسلم بن صُبيح. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وَجَبَ إخراجه على ما شَرَطتُ في تفسير الصحابة.
198 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي إملاء، حدثنا أبو قلابة عبد الملك ابن محمد، حدثنا معاذ بن هانئ حدثنا حرب بن شدَّاد، حدثنا حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن عبد الحميد بن سنان، عن عُبيد بن عُمَير، عن أبيه، أنه حدَّثه -وكانت له صحبة- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حَجَّة الوداع:"ألا إِنَّ أولياء الله المصلُّونَ؛ من يقيمُ الصلوات الخمسَ التي كُتبنَ عليه، ويصومُ رمضان، ويحتسبُ صومه يرى أنه عليه حقٌّ، ويعطي زكاة ماله يحتسبُها، ويجتنبُ الكبائر التي نهى الله عنها"، ثم إنَّ رجلًا سأله فقال: يا رسول الله، ما الكبائرُ؟ فقال: "هنَّ
(1)
تسعٌ: الشِّرك بالله، وقتلُ نفس مؤمنٍ بغير حقٍّ، وفرارٌ يومَ الزَّحْف، وأكلُ مال اليتيم، وأكلُ الرِّبا، وقذفُ المُحصنة، وعقوقُ الوالدين المسلمين، واستحلالُ البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتًا" ثم قال:"لا يموتُ رجل لم يَعمَل هؤلاء الكبائر، ويقيمُ الصلاة ويؤتي الزكاة، إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دارٍ أبوابُها مصاريعُ من ذهب"
(2)
.
= وأخرجه الطبري في "تفسيره" 5/ 37 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري 5/ 37، وابن المنذر في "تفسيره"(1666)، والطحاوي في "شرح المشكل" 2/ 354 من طرق عن الأعمش، به.
وللأعمش فيه إسناد آخر، فقد أخرجه البزار (1532)، والطبري 5/ 37، والطحاوي 2/ 354، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 933 من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود. وهو صحيح أيضًا.
(1)
في النسخ الخطية: هو، والمثبت من "سنن البيهقي" 3/ 408 حيث رواه عن المصنف ومن مصادر التخريج، وهو الجادّة.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الحميد بن سنان، وقال البخاري عن حديثه هذا -فيما نقله عنه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 531 - : فيه نظر. =
قد احتجَّا برواة هذا الحديث غيرَ عبد الحميد بن سِنان، فأما عُمَير بن قتادة فإنه صحابيٌّ، وابنه عُبيد متفق على إخراجه والاحتجاج به.
199 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا بشر بن حُجْر السَّامِي
(1)
، حدثنا عبد العزيز بن أبي سَلَمة، عن محمد بن المنكدر قال: التقى عبدُ الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال له عبد الله بن عباس: أيُّ آيةٍ في كتاب الله أَرجى عندك؟ قال عبد الله بن عمرو: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر:53]، فقال: لكن قول إبراهيم: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]، هذا لما في الصُّدور ويُوَسوسُ الشيطانُ، فَرَضِيَ اللهُ من قول إبراهيم بقوله:{أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} [البقرة: 260]
(2)
.
= وأخرجه أبو داود (2875)، والنسائي (3461) من طريقين عن معاذ بن هانئ بهذا الإسناد.
وهو عندهما مختصر.
وأخرجه بتمامه الطحاوي في "مشكل الآثار"(898)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 931 من طريقين آخرين عن معاذ بن هانئ به -وذكرا فيه الكبيرة التاسعة التي لم تُذكر عند الحاكم: وهي السِّحر.
وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (7859) من طريق عبد الله بن رجاء عن حرب بن شداد. وفي الباب عن ابن عمر في عدِّ هذه الكبائر التسع، وهو موقوف عليه من قوله، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(8)، وإسناده قوي.
وانظر في أحاديث الكبائر "شرح مشكل الآثار" للطحاوي 2/ 343 - 356.
(1)
تصحف في النسخ الخطية إلى: الشامي، والصواب ما أثبتنا، نسبةً إلى سامة بن لؤي بن غالب، وبشر هذا عراقيٌّ بصري.
(2)
رجاله ثقات إلا أن محمد بن المنكدر لم يدرك هذا اللقاء بين ابن عباس وعبد الله بن عمرو، فقد توفي عبد الله بن عمرو وابن المنكدر صغير لم يدرك السماع، وأعلَّه بالانقطاع الذهبي في "تلخيصه". عبد العزيز بن أبي سلمة: هو الماجشُون.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 276 - 277، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 509 من =
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
200 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا أبو النَّضر، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عمرو ابن أبي عمرو، عن المطَّلب، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرجلَ لَيُدرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه، دَرَجاتِ قائم الليل صائم النهار"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وشاهدُه صحيح على شرط مسلم:
201 -
أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد التاجرُ، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن المستَمِرَّ العُروقي، حدثنا حَبَّان بن هلال، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن بُديل، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله ليُبلغُ العبد بحُسْن
= طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن عبد العزيز أبي سلمة، به. وقرن أبو عبيد بابن المنكدر صفوان بن سليم، وصفوان لم يسمع منهما أيضًا، وعبد الله بن صالح في حفظه سوء.
وأخرجه أبو داود في "الزهد"(303)، والطبري في "تفسيره" 3/ 49 من طريق شعبة، عن زيد بن علي، عن رجل، عن سعيد بن المسيب قال: اتَّعد عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو أن يجتمعا
…
فذكر نحوه. وفي إسناده رجل مبهم، وزيد بن علي: أبوه هو زين العابدين علي بن الحسين.
وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (7863).
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه منقطع، المطلب ـ وهو ابن عبد الله بن حنطب - لم يسمع من عائشة في قول الجمهور. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم الخراساني.
وأخرجه أحمد 40/ (24355) و 41/ (24595) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. وقرن أحمد في الموضع الأول بأبي النضر يونس بن محمد المؤدِّب.
وأخرجه أحمد 41 / (25013) و 42 / (25537)، وأبو داود (4798)، وابن حبان (480) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، به.
ويشهد له حديث أبي هريرة التالي عند المصنف، وإسناده حسن.
وآخر من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 11/ (6648)، وإسناده حسن.
وثالث من حديث أبي أمامة الباهلي عند البغوي في "شرح السنة"(3499)، وإسناده ضعيف.
خُلُقِه درجة الصوم والصلاة"
(1)
.
202 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البَصري بمصر، حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليَمَامي، حدثني أبي، أنَّ عِكْرمة بن خالد ابن سعيد بن العاص المخزومي حدَّثه: أنه لَقِيَ عبد الله بن عمر بن الخطَّاب فقال له: يا أبا عبد الرحمن، إنَّا بنو المغيرة قومٌ فينا نَخْوةٌ، فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ذلك شيئًا؟ فقال عبد الله بن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجلٍ يَتعاظَمُ في نفسه ويختالُ في مشيتِه، إلّا لَقِيَ الله وهو عليه غضبانُ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
(3)
، ولم يُخرجاه.
203 -
أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني موسى بن عُلَيِّ بن رَبَاحٍ، عن أبيه، عن سُرَاقة ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبِّئُكم بأهل الجنة؟ المغلوبون الضعفاءُ، وأهلُ النار كلُّ جَعظَرِيٍّ جوَّاظٍ مستكبِرٍ"
(4)
.
(1)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد حسن من أجل إبراهيم بن المستمرّ، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. أبو يعلى: هو أحمد بن علي بن المثنَّى الموصلي صاحب "المسند"، وبديل: هو ابن ميسرة العُقيلي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(3970) عن علي بن سعيد الرازي، عن إبراهيم بن المستمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(284)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(53)، والطبراني في "الأوسط"(6283) من طريقين عن أبي صالح السمّان، عن أبي هريرة. وكلا الطريقين فيه ضعفٌ.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 10/ (5995) عن يحيى بن إسحاق السَّيلَحيني، عن يونس بن القاسم، بهذا الإسناد - بالمرفوع دون القصة.
(3)
لفظ "الشيخين" سقط من النسخ الخطية، وأثبتناه من المطبوع و"إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (10045)، وفي "تلخيص" الذهبي: شرط مسلم.
(4)
صحيح لغيره، وهذا إسناد لا بأس برجاله ظاهره الاتصال، إلا أنه في الحقيقة منقطع، فقد =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
204 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطَّيالسي، حدثنا سهل بن بكَّار، حدثنا حمَّاد سَلَمة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يَحْكي عن ربَّه عز وجل قال:"الكبرياءُ رِدَائي، فمن نازَعَني رِدائي قَصَمتُه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه مسلم من حديث الأغرِّ عن أبي هريرة بغير هذا اللفظ
(2)
.
= رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ - وهو ثقة متقن - عن موسى بن علي عن أبيه قال: بلغني عن سراقة بن مالك، أخرجه من هذا الطريق أحمد في "مسنده" 29/ (17585)، وأعلَّه الحافظ ابن حجر بهذا الانقطاع في "إتحاف المهرة"(4967) متعقبًا تصحيح الحاكم له على شرط مسلم.
وسيأتي عند المصنف برقم (6676) من طريق عبد الله بن صالح عن موسى بن عُلي، كرواية زيد بن الحباب.
وقد رواه أبو عبد الرحمن المقرئ مرة أخرى عن موسى بن عُلي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ابن العاص، أخرجه أحمد 11/ (6580)، والإسناد صحيح، وسيأتي من هذا الطريق عند المصنف برقم (3886).
وتابع المقرئ في هذه الرواية عن عبد الله بن عمرو: عبدُ الله بنُ المبارك عند أحمد أيضًا (7010).
فالحديث صحيح متصل من حديث عُلي بن رباح عن عبد الله بن عمرو، أما حديثه عن سراقة ابن مالك فالصواب أنه غير متصل، بل بلغه عنه بلاغًا، والله تعالى أعلم.
وله شواهد أخرى، انظرها في التعليق على الحديث (6580) من "مسند أحمد".
الجعظريُّ: هو الفظُّ الغليظ المتكبِّر.
والجوَّاظ: هو الجافي الغليظ، المختال في مشيته.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(122) من طريق يحيى بن محمد بن يحيى، عن سهل بن بكار، بهذا الإسناد، وقرن بقتادة عليَّ بن زيد.
(2)
هو في "صحيح مسلم"(2620) من حديث الأغر عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال =
205 -
حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو بكر محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا شيبان أبو معاوية، عن أشعث بن أبي الشَّعثاء، عن أبي بُردة، عن أبي موسى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَركَبُ الحمارَ ويَلبَسُ الصوف، ويعتقلُ الشاةَ، ويأتي مَدْعاةَ
(1)
الضيف
(2)
.
206 -
حدثنا أبو الطيِّب محمد بن أحمد الحِيرِي، حدثنا أبو بكر محمد
(3)
بن نُعيم المَدَني، حدثنا بِشر بن خالد العَسكَري، حدثنا أبو النَّضر هاشم بن القاسم، حدثنا شَيْبان أبو معاوية، عن أشعثَ بن أبي الشَّعْثاء، عن أبي بُردة، عن أبي موسى
= رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العزُّ إزارُه، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذَّبتُه". وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" 12 (7382).
(1)
هكذا في (ز) و"تلخيص الذهبي"، وفي (ص): مداعاة، وفي (ب) والمطبوع بالراء، ويغلب على ظننا أنه وقع في هذا الحرف -يعني "مدعاة الضيف"- تصحيف قديم، وأنَّ الصواب فيه:"مَدْعاة الضعيف" كما في بعض المصادر، والمعنى: أنه كان يجيب دعوة الضعيف إلى الطعام، كالعبد المملوك وضعيف الحال، والمَدعاة: المأدُبة وصنيع الطعام.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن الفرج الأزرق، وقد توبع في الحديث التالي. وأورده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 8/ 484 من هذا الوجه وقال: إسناده جيد.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 2/ 420، و"شعب الإيمان"(5744)، و"دلائل النبوة" 1/ 329 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد -وسقط من مطبوع "الدلائل" أبو موسى صحابيُّ الحديث.
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"(327)، وأبو محمد البغوي في "الأنوار في شمائل النبي المختار"(784)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 76 - 77 من طريقين عن شيبان، به.
قوله: "يعتقل الشاة" أن يضع رجلها بين ساقه وفخذه ثم يحلبها، وكل هذه الصفات المذكورة في هذا الحديث دليل على شديد تواضع النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
في (ب) والمطبوع: أبو بكر بن محمد، بزيادة "بن" وهو خطأ، والمدني: نسبةً إلى مدينة نيسابور، والأصح في هذه النسبة: المديني، بزيادة الياء فيها، وقد ذكر محمد بن نعيمٍ هذا السمعاني في كتابه "الأنساب" 11/ 203 - 204 في رسم (المديني).
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبُ الحمار، ويلبسُ الصوف، ويعتقلُ الشاةَ، ويأتي مراعاة
(1)
الضيف
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وإنما ذكرتُه في هذه المواضع لأنَّ هذه الخِلالَ من الإيمان.
وله شاهد ينفردُ به زَبَّانُ، ولم يُخرجاه:
207 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن زَبَّانَ بن فائدٍ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجُهني، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن ترك اللباس وهو قادرٌ عليه تواضعًا لله، دَعَاهُ اللهُ على رؤوس الخلائق حتى يُخيَّرَ في حُلَل الإيمان يَلبَسُ أَيُّها شاء"
(3)
.
208 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان، حدثنا أيوب بن عائذ الطائيُّ، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: خرج عمرُ بن الخطّاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجرَّاح، فأَتَوْا على مَخَاضةٍ وعمرُ على ناقة له، فنزل عنها وخَلَعَ خُفَّيهِ فوضعهما على عاتقِه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا
(1)
في (ص): مداعاة بالدال المهملة.
(2)
حديث صحيح بسابقه، وهذا إسناد حسن من أجل شيخ المصنف، ومن فوقه ثقات.
وأخرجه مختصرًا البزار في "مسنده"(3128) عن بشر بن خالد، بهذا الإسناد.
(3)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف زَبَّان بن فائد، وقد تابعه أبو مرحوم عبد الرحيم ابن ميمون ـ وهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد - فيما سيأتي عند المصنف نفسه برقم (7559)، ولم ينفرد به زبان كما زعم هنا. وسهل بن معاذ حسن الحديث.
وأخرجه أحمد 24 / (15619) من طريق ابن لهيعة، عن زبّان، بهذا الإسناد - بأطول مما هنا.
قوله: "من ترك اللباس" يعني: الفاره الفاخر منه.
وقوله: "في حُلل الإيمان" أي: حلل أهل الإيمان.
أمير المؤمنين، أأنت تفعل هذا، أتخلَعُ خُفَّيكَ وتضعُهما على عاتقك وتأخذُ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟! ما يَسرُّني أنَّ أهل البلد استَشرَفُوك، فقال عمر: أوَّه، لو يقولُ
(1)
ذا غيرُك أبا عُبيدة، جعلتُه نَكَالًا لأُمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذلَّ قومٍ فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلبُ العزَّ بغير ما أعزَّنا اللهُ به، أذلَّنا الله
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لاحتجاجهما جميعًا بأيوب بن عائذٍ الطائي وسائر رواته، ولم يُخرجاه.
وله شاهدٌ من حديث الأعمش عن قيس بن مسلم:
209 -
حدَّثناه علي بن حَمْشَاذَ العدلُ، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكن الواسطي، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن قيس بن مُسلِم، عن طارق بن شِهَاب قال: لمّا قَدِمَ عمرُ الشامَ، لَقِيَه الجنودُ وعليه إزارٌ وخُفَّانِ وعِمامة، وهو آخذٌ برأس بعيره يخوضُ الماء، فقال له -يعني قائل-: يا أمير المؤمنين، تَلْقاكَ الجنودُ وبَطارِقةُ الشام وأنت على حالك هذه؟! فقال عمر: إنا قومٌ أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغي العِزَّ بغيره
(3)
.
(1)
في النسخ الخطية: لو يَقُل، على جزم "يقل" بلَوْ، والجادَّة ما أثبتنا، والجزم بلو خلاف الراجح المشهور عند جمهور النحاة، وجَوَّز بعضهم الجزم بها عند الضرورة، انظر "مغني اللبيب" لابن هشام 1/ 271، و"خزانة الأدب" للبغدادي 11/ 298 - 301.
وقوله: "أوّهْ" بفتح الهمزة وتشديد الواو وكسرها أو فتحها وهاء ساكنة: كلمة تقال عند الشِّكاية والتوجُّع والتحزُّن. وقيل: ساكنة الواو مكسورة الهاء، وربما قلبوا الواو ألفًا فقالوا: آهِ من كذا.
(2)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه ابن المبارك (584)، وأبو داود (69)، وابن أبي الدنيا (117) - ثلاثتهم في "الزهد"- والمحاملي في "أماليه"(239)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 47، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7847)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 5/ 44 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده، وسيأتي برقم (4531) من طريق الحميدي عن سفيان.
(3)
إسناده صحيح. أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران. =
210 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نَجِيح، عن عبد الله بن عامر، عن عبد الله بن عمرو، يبلُغ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس منَّا من لم يَرحَمُ صغيرنا، ويعرف حقَّ كبيرِنا"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بعبد الله بن عامر اليَحصَبي، ولم يُخرجاه.
وشاهده الحديث المعروف من حديث محمد بن إسحاق وغيره عن عَمْرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وفي حديث عِكرمة عن ابن عباس: "ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر"، وإنما تركته لأنَّ راويَه ليث بن أبي سُلَيم
(2)
.
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 13/ 41 و 263، وهناد في "الزهد"(817) عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله، وعبد الله بن عامر ليس هو اليحصبي كما ظنَّه المصنف وصحَّحه على شرط مسلم بناءً عليه، وإنما هو عُبيد الله - مصغرًا - بن عامر المكي، غَلِطَ الحاكم باسمه ونسبه، وقد نبَّه على غلطه تلميذُه البيهقي في "شعب الإيمان" بإثر الحديث (10472)، وعبيد الله هذا -وإن لم يرو عنه غير ابن أبي نجيح- وثَّقه يحيى بن معين في رواية عثمان الدارمي عنه، وليس هو من رجال الشيخين وهو متابع.
وأخرجه أحمد 11/ (7073)، وأبو داود (4943) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (6733) و (6935)، والترمذي (1920) من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت، سيأتي عند المصنف برقم (426).
وآخر عن أبي هريرة، سيأتي أيضًا عنده برقم (7540). وانظر تتمة أحاديث الباب في "مسند أحمد" عند الحديث (6733).
(2)
ليث ضعيف لسوء حفظه واضطراب حديثه.
وحديث ابن عباس هذا أخرجه أحمد 4/ (2329)، والترمذي (1921)، وابن حبان (458).
وسقط ليث من سند ابن حبان وهو خطأ.
211 -
حدثنا أبو أحمد حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا نُعيم بن حمَّاد.
وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا أحمد بن سيَّار، حدثنا وارث
(1)
بن عبيد الله، قالا: حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا خالد بن مهران الحَذَّاء، عن عِكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البَرَكةُ مع أكابركم"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
212 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد.
وحدثنا علي بن حمشاذَ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، قالا: حدثنا يحيى - يعنيانِ ابن سعيد - حدثنا ابن عَجْلانَ، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أُحرِّجُ عليكم حقَّ الضعيفَين: اليتيم والمرأة"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
213 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزيَد البيروتي، أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعيَّ يقول: حدثني أبو كثير الزُّبيدي، عن أبيه؛ وكان يجالس أبا ذرٍّ، قال: فجمع حديثًا، فلقي أبا ذر وهو عند الجَمْرة الوسطى
(1)
كذا في النسخ الخطية، وهو مسمَّى في مصادر ترجمته عبد الوارث.
(2)
إسناده صحيح، نعيم بن حماد وعبد الوارث بن عبيد الله يشدُّ أحدهما الآخر، وقد توبعا.
وأخرجه ابن حبان (559) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.
(3)
إسناده قوي من أجل ابن عجلان: واسمه محمد يحيى بن سعيد: هو القطّان.
وهو في "مسند أحمد" 15/ (9666).
وأخرجه ابن ماجه (3678)، والنسائي (9104) من طريقين عن يحيى القطان، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (7344) من طريق الليث بن سعد عن ابن عجلان.
قوله: "إني أحرِّج" أي: أضيّق على الناس في تضييع حقوقهما وأشدّد عليهم في ذلك وأحرِّمه عليهم.
وحولَه الناس، قال: فجلستُ إليه حتى مسَّت رُكبتي ركبته، فنسيت ذلك الحديث، وتفلَّتَ مني كلُّ شيء شيء أردتُ أن أسأله عنه، فرفعتُ رأسي إلى السماء فجعلتُ أتذكَّر، فقلت: يا أبا ذر دُلَّني على عمل إذا عَمِلَ به العبدُ دخل الجنة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تؤمن بالله" قلت: يا رسول الله، إنَّ مع الإيمان عملًا؟ قال:"يَرضَخُ مما رَزَقَه الله" قلت: يا رسول الله، فإن كان مُعدِمًا لا شيء له؟ قال:"يقولُ معروفًا بلسانه" قلت: فإن كان عَيبًا لا يُبلِّغ عنه لسانُه؟ قال: "فليُعن مغلوبًا" قلت: فإن كان ضعيفًا لا قوَّةَ له؟ قال: "فليَصنَعْ لأخرَقَ" قلت: فإن كان أخرق؟ فالتفت إليَّ فقال: "ما تريد أن تَدَعَ في صاحبك خيرًا؟ " قال: "يَدَعُ الناسَ من أذاهُ" قلت: يا رسول الله، إنَّ هذا ليسيرٌ كلُّه، قال:"والذي نفسي بيده ما منهنَّ خَصْلَةٌ يَعْمَلُ بها عبدٌ يبتغي بها وجه الله، إلَّا أَخَذَت بيده يوم القيامة فلم تُفارقه حتى تُدخِلَه الجنة"
(1)
.
(1)
حديث حسن، وهذا الإسناد لم يُقِمه العباس بن الوليد -وهو صدوق لا بأس به- وأقامه عبد الرحمن بن إبراهيم الملقَّب بدُحيم -وهو أحفظ وأوثق وأتقن من العباس- فرواه عن الأوزاعي قال: حدثني أبو كثير السُّحيمي عن أبيه قال: سألت أبا ذر .. فذكره، أخرجه من هذا الطريق ابن حبان في "صحيحه"(373)، وسمَّى أبا كثير السحيمي هذا يزيد بن عبد الله بن أذينة، ويقال: يزيد بن عبد الرحمن أذينة، وهو ثقة من رجال مسلم، وأبوه لم نتبينه، لكن يُفهم من رواية الحاكم أنه كان من جلساء أبي ذر. وأما أبو كثير الزبيدي فهو راوٍ آخر كوفيٌّ ولم يخرج له مسلم شيئًا، وعليه فإنَّ كلام المصنف بإثر الحديث فيه وهمٌ وتخليط.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3055) عن أربعة مشايخ - أحدهم أبو عبد الله الحاكم - عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد - وفيه: حدثني أبو كثير عن أبيه، ولم ينسبه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 11/ 17، والطبراني في "الكبير"(1650)، والبيهقي في "الشعب"(3057) من طريق عكرمة بن عمار، عن أبي زُميل سماك بن الوليد، عن مرثد بن مرثد عبد الله الزِّماني، عن أبيه، عن أبي ذر. وهذا إسناد محتمل للتحسين، وهو يشدُّ الإسناد السابق.
وأخرج نحوه البزار (4078) من طريق العوام بن جويرية، عن الحسن البصري، عن أبي ذر. وهذا إسناد ضعيف لضعف العوّام، والحسن لم يدرك أبا ذر فهو منقطع أيضًا. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج في كتابه بأبي كثير الزُّبيدي واسمه يزيد بن عبد الرحمن بن أُذينة، وهو تابعيٌّ معروف يقال له: أبو كثير الأعمى، وهذا الحديث لم يُخرجاه.
214 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب بن حَرْب، حدثنا عفّان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن مُصعَب بن سعد، عن أبيه - قال الأعمش: ولا أعلمُه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التَّوْدَةُ في كلِّ شيء خيرٌ إلا في عمل الآخرة"
(1)
.
= وأخرج البخاري (2518)، ومسلم (84) من طريق أبي مراوح، عن أبي ذر قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله، وجهاد في سبيله" قلت: فأيُّ الرّقاب أفضل؟ قال: "أغلاها ثمنًا، وأنفسُها عند أهلها" قلت: فإن لم أفعل؟ قال: "تُعِين صانعًا أو تصنع لأخرق" قال: فإن لم أفعل؟ قال: "تدعُ الناس من الشر، فإنها صدقة تصدَّقُ بها على نفسك".
الرَّضْخ: العطيّة القليلة.
والأخرق: من ليس في يده صنعة.
(1)
ضعيف مرفوعًا، فإنَّ في رواية عبد الواحد بن زياد - وهو ثقة - عن الأعمش مقالًا وبخاصة إذا خولف، وقد خالفه هنا أثبت الناس في الأعمش وهو سفيان الثوري، فرواه عنه عن مالك بن الحارث عن عمر بن الخطاب من قوله، هكذا رواه غير واحد عن سفيان فيما أخرجه وكيع في "الزهد"(261) - ومن طريقه ابن أبي شيبة 14/ 34 - ومسدَّد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(3276)، وأحمد في "الزهد"(625)، وفي هذا الإسناد انقطاع، فإنَّ مالك بن الحارث - وهو السلمي الرقّي - لم يدرك عمر.
وتابع سفيان على كون هذا الحديث من قول عمر: إسماعيل بنُ مسلم المكي، عن أبي معشر زياد بن كليب، عن إبراهيم النخعي، عن عمر بن الخطاب. أخرجه ابن أبي الدنيا في "الزهد"(57)، و"قصر الأمل"(139)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(10120)، وإسماعيل ابن مسلم فقيه مفتٍ إلّا أنه كان ضعيفًا في الحديث.
وأما حديث سعد بن أبي وقاص، فقد أخرجه أبو داود (4810) عن الحسن بن محمد بن الصباح، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.
والتُّؤدة: التأنِّي والتمهُّل.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
215 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتيبة القاضي بمصر، حدثنا صفوان بن عيسى القاضي، حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُبَاب، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمّا خَلَقَ اللهُ آدمَ ونَفَخَ فيه الروحَ عَطَسَ، فقال: الحمدُ لله، فحَمِدَ الله بإذن الله، فقال له ربُّه: رَحِمَك ربُّك يا آدم، وقال له: يا آدمُ، اذهب إلى أولئك الملائكة -إلى ملأٍ منهم جلوس- فقل: السلامُ عليكم، فذهب فقالوا: وعليك السلامُ ورحمةُ الله وبركاتُه، ثم رجع إلى ربِّه، فقال: هذه تحيَّتُك وتحيَّةُ بَنِيك وبنيهم، فقال الله له ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت، فقال: اخترتُ يمين ربي، وكِلْنا يَدَيْ ربي يمينٌ مُباركة، ثم بَسَطَها، فإذا فيها آدمُ وذُرِّيتُه، فقال: أي ربِّ، ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذُرِّيّتُك، فإذا كلُّ إنسانٍ مكتوبٌ عمرُه بين عينيه، وإذا فيهم رجلٌ أضوَؤُهم -أو قال: من أضوئهم- لم يكتب له إلّا أربعين سنة، قال: يا ربِّ، زِدْ في عمرِه، قال: ذاك الذي كُتِبَ له، قال: فإني قد جعلتُ له من عمري ستين سنةً، قال: أنت وذاك، قال: ثم أُسكِنَ الجنةَ ما شاء الله، ثم أُهبِطَ منها آدمُ يعدُّ لنفسه، فأتاه مَلَكُ الموت، فقال له آدم: قد عَجِلتَ، قد كُتِبَ لي ألفُ سنة، قال: بلى، ولكنك جعلتَ لابنك داودَ منها ستين سنة، فَجَحَدَ فَجَحَدَت ذريتُه، ونَسِيَ فنَسِيَت ذريتُه، فيومئذٍ أُمِرَ بالكتاب والشُّهود"
(1)
.
(1)
رجاله ثقات غير الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب فهو صدوق له أوهام، وقد اختُلف في رفع قصة عرض ذرية آدم عليه ووقفها، وأما قصة العطاس والتحية فصحيحتان.
وأخرجه الترمذي (3368)، وابن حبان (6167) من طريق محمد بن بشار، والنسائي (9975) عن سوار بن عبد الله، كلاهما عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد - وحديث سوار مختصر بقصة العطاس والتحية فقط، وقال الترمذي: حديث حسن.
وسيتكرر عند المصنف بالإسناد نفسه برقم (7874) مختصرًا بقصة العطاس.
وأخرجه أبو يعلى (6580) من طريق إسماعيل بن رافع، عن سعيد المقبري، به. وإسماعيل ضعيف منكر الحديث. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بالحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُبَاب، وقد رواه عنه غيرُ صفوان
(1)
، وإنما خرَّجتُه من حديث صفوان لأني عَلَوتُ فيه.
وله شاهدٌ صحيح:
= وخالف محمد بن عجلان فرواه عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن سلام موقوفًا من قوله. أخرجه النسائي (9976)، وقال: هذا هو الصواب.
وخالفهم جميعًا أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، فرواه عن المقبري عن أبي هريرة موقوفًا عند ابن الصواف في الثاني من "أجزائه"(32)، وأبي القاسم بن بشران في "الأمالي"(633).
وأبو معشر ليّن الحديث يعتَبر به.
وأخرجه النسائي (9977) من طريق أبي خالد الأحمر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا مختصرًا بقصة العطاس والتحية. وقال عقبه: منكر؛ يعني أنه ليس محفوظًا من هذا الطريق كما بيّنّاه عند الحديث التالي.
وستأتي قصة عرض ذرية آدم عليه وحدها برقم (3296) و (4177) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة. وهشام فيه لين.
وأخرج قصة العطاس وحدها ابنُ حبان (6164) من طريق حفص بن عاصم، عن أبي هريرة. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وأخرج قصة التحية ضمن حديثٍ: أحمد 13 / (8171)، والبخاري (3326) و (6227)، ومسلم (2841)، وابن حبان (6162) من طريق همّام بن منبِّه، عن أبي هريرة.
ولقصة العطاس انظر حديث ابن عباس الآتي عند المصنف برقم (3073)، وحديث أنس الآتي برقم (7875)، وكلاهما موقوف.
وفي باب قصة عرض ذرية آدم عليه عن ابن عباس عند أحمد في "المسند"(2270). وفي سنده ابن جُدعان، وفيه ضعف. وانظر تتمة تخريجه فيه.
(1)
رواه عنه أبو خالد الأحمر، أخرجه من طريقه النسائي (9977) عن الحارث بن عبد الرحمن ابن أبي ذُباب، قال: حدثني سعيد المقبري ويزيد بن هرمز، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصرًا - قال: "خلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فجلس فعطس
…
" فذكر قصة العطاس والتحية فقط. لكنه جاء عند الطبري في "تاريخه" 1/ 155 بطوله.
216 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن علي الفقيه الشاشيُّ في آخرين، قالوا: حدثنا أبو عَرُوبة، حدثنا مَخلَد بن مالك، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن الشَّعْبي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
(1)
.
217 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا هشام بن علي السَّدوسي، حدثنا سهل بن بكَّار، حدثنا هشام بن أبي عبد الله.
قال: وأخبرنا
(2)
الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن بشّار ومحمد بن المثنَّى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال: أتعجَبُون أن تكون الخُلَّة لإبراهيم، والكلامُ لموسى، والرؤيةُ لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
رجاله لا بأس بهم، وسيأتي الكلام على رواية أبي خالد سليمان بن حيان الأحمر لاحقًا. أبو عروبة: هو الحسين بن محمد الحرّاني.
وأخرجه النسائي (9977) من طريق آدم بن أبي إياس، عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. مختصرًا بقصة العطاس والتحية، وقال عنه: منكر.
وأخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 155 من طريق أبي خالد الأحمر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، وعن الأعمش عن أبي صالح، وعن داود بن أبي هند عن الشعبي، وعن الحارث بن أبي ذباب عن سعيد المقبري ويزيد بن هرمز، خمستهم عن أبى هريرة، وساق لفظ حديث الحارث بن أبي ذباب السابق عند المصنف، فأوهَمَ أنَّ هذا اللفظ لجميع هؤلاء الرواة عن أبي هريرة، ولم يتابع أبو خالد الأحمر على هذا الجمع لهذه الأسانيد بهذا اللفظ، وفي حفظه شيء كما قال البزار وابن عدي، والظاهر أنه لأجل ذلك قال النسائي عن حديثه هذا: منكر.
(2)
القائل: "وأخبرنا" هو شيخ المصنف أبو بكر بن إسحاق.
(3)
إسناده صحيح. هشام بن أبي عبد الله: هو الدَّستُوائي.
وسيأتي عند المصنف برقم (3151) و (3789) من طريق إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه. عن معاذ بن هشام.
وسيأتي برقم (4141) من طريق عاصم الأحول عن عكرمة مرفوعًا دون ذكر الرؤية، ولا يصح رفعُه كما سنبيّنه هناك.
الخُلَّة: الصداقة والمحبّة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" 6/ 509 - 510: وأما الرؤية فالذي =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
وله شاهدٌ صحيح عن ابن عباس في الرُّؤية:
218 -
أخبرّناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه وأبو الحسن علي بن محمد الشَّرعاوَشُوني البخاريَّانِ ببُخارى، قالا: حدثنا صالح بن محمد بن حَبيب الحافظ، حدثنا محمد بن الصَّبَّاح.
= ثبت في "الصحيح"[هو في "صحيح مسلم" (176) (285)] عن ابن عباس أنه قال: "رأى محمدٌ ربه بفؤاده مرتين"، وعائشة أنكرت الرؤية، فمن الناس من جمع بينهما فقال: عائشة أنكرت رؤية العين، وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد.
والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هي مطلقة، أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: رأى محمدٌ ربه، وتارة يقول: رآه محمد، ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه.
وكذلك الإمام أحمد، تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول: رآه بفؤاده، ولم يقل أحد أنه سمع أحمد يقول: رآه بعينه، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق، ففهموا منه رؤية العين، كما سمع بعض الناس مطلق كلام ابن عباس، ففهم منه رؤية العين.
وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل، كما في "صحيح مسلم" (178) عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: "نور، أنَّى أراه".
وقد قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى. وكذلك قوله: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} ، ولو كان رآه بعينه لكان ذكر ذلك أولى.
وفي "الصحيحين" عن ابن عباس في قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} ، قال: هي رؤيا عين أُريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، وهذه رؤيا الآيات، لأنه أخبر الناس بما رآه بعينه ليلة المعراج، فكان ذلك فتنة لهم، حيث صدقه قوم وكذبه قوم، ولم يخبرهم بأنه رأى ربه بعينه وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما دونه.
وقد ثبت بالنصوص نازع فيه بعضُهم من رؤية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، خاصةً، واتفقوا على أن المؤمنين يرون الله يوم الصحيحة واتفاق سلف الأمة: أنه لا يرى الله أحدٌ في الدنيا بعينه، إلَّا ما القيامة عيانًا كما يرون الشمس والقمر.
وحدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا أحمد بن يحيى الحُلْواني، حدثنا محمد بن الصَّبَّاح الدُّولابي، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن عاصم، عن الشَّعْبي وعكرمة، عن ابن عباس، قال: رأي محمدٌ صلى الله عليه وسلم ربَّه
(1)
.
وله شاهدٌ ثالث صحيح الإسناد:
219 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس قال: قد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربَّه
(2)
.
220 -
أخبرناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن، حدثنا أبو حُذيفة، حدثنا سفيان، عن ابن جُريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: رآه مرَّتين
(3)
.
(1)
إسناده قوي. عاصم: هو ابن سليمان الأحول، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(435)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 486 و 487، وابن منده في "الإيمان"(760) من طرق عن محمد بن الصباح، بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع من ابن أبي عاصم وابن خزيمة: الشعبي عن عكرمة، وهو خطأ في هذا الإسناد.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة"(1044) عن محمد بن بكار، عن إسماعيل بن زكريا، به.
وسيأتي بنحوه برقم (3273) من طريق عكرمة عن ابن عباس.
وانظر الحديث (2580) من "مسند أحمد"، وهو من طريق عكرمة عن ابن عباس أيضًا.
(2)
إسناده حسن.
وأخرجه ابن حبان (57) من طريق أحمد بن سنان القطان، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (3280) من طريق يحيى بن سعيد الأُموي، عن محمد بن عمرو، به.
(3)
إسناده حسن من أجل أبي حذيفة: وهو موسى بن مسعود النَّهدي. إسحاق بن الحسن: هو الحَرْبي، وسفيان: هو الثوري، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه ابن منده في "الإيمان"(759)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(912) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وفي أحد الطريقين عنه: راه بفؤاده مرتين. =
قد اعتمد
(1)
الشيخان في هذا الباب أخبار عائشة بنت الصِّدّيق وأُبيِّ بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبي ذر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريلَ عليه السلام
(2)
.
وهذه الأخبار التي ذكرتها صحيحةٌ كلها، والله أعلم.
221 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي، حدثنا أبو زُرْعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازيُّ.
وحدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ إملاءً، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المُخرِّمي.
وأخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو الموجِّه محمد بن عمرو الفَزَاري، قالوا: حدثنا سعيد بن محمد الجَرْمي، حدثنا عبد الواحد بن واصل، حدثنا محمد بن ثابت البُناني، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نَوفَل، عن أبيه، عن عبد الله بن عبّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للأنبياء منابرُ من ذهبٍ" قال: "فيجلسون عليها ويبقى مِنبَري لا أجلسُ عليه -أو لا أقعدُ عليه- قائمًا بين يَدَيْ ربي مَخافة أن يَبعَثَ بي إلى الجنة وتبقى أُمتي من بعدي، فأقول: يا ربِّ، أُمَّتِي
= وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة"(1138) من طريق موسى بن طارق، عن ابن جريج، به. وصرَّح ابن جريج فيه بالسماع من عطاء.
وأخرجه أحمد 3/ (1956)، ومسلم (176) و (285) و (286) من طريق أبي العالية، عن ابن عباس - عند أحمد: بقلبه، وعند مسلم: بفؤاده.
(1)
في النسخ الخطية: اعتمده، والصواب بحذف الهاء، كذلك هو في "تلخيص المستدرك" للذهبي.
(2)
حديث عائشة عند البخاري برقم (3234) و (4855) ومسلم (177)، وحديث ابن مسعود عند البخاري برقم (3232) ومسلم (174)، وحديث أبي ذر لعلّه يريد ما أخرجه مسلم (178) عنه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: "نورٌ أنَّى أراه"، وأما حديث أُبي بن كعب فلم نقف عليه.
وفاته أن يذكر حديث أبي هريرة في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال: رأى جبريل، وهو عند مسلم برقم (175).
أُمَّتي، فيقول الله عز وجل: يا محمدُ، ما تريدُ أن أصنَعَ بِأُمُّتِك؟ فأقول: يا ربِّ، عَجِّلْ حسابهم، فيُدعى بهم فيُحاسبون، فمنهم من يدخلُ الجنةَ برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزالُ أشفَعُ حتى أُعطَى صِكَاكًا برجالٍ قد بُعِثَ بهم إلى النار، و [يأتي] مالكٌ
(1)
خازنُ النار، فيقول: يا محمدُ، ما تركت للنار لغَضَبِ ربّك في أمَّتِك من بقيَّةٍ"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، غير أنَّ الشيخين لم يحتجَّا بمحمد بن ثابت البُنَاني، وهو قليل الحديث يجمع حديثه، والحديث غريبٌ في أخبار الشفاعة، ولم يُخرجاه.
222 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخَولاني، حدثنا بشر بن بكر، حدثني ابن جابر قال: سمعت سُليم بن عامر يقول: سمعت عوف بن مالك الأشجعيَّ يقول: نَزَلْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلًا فاستيقظتُ من الليل، فإذا لا أرى شيئًا أطول من مُؤخرة رَحْلي، قد لَصِقَ كلُّ إنسان وبعيرُه بالأرض، فقمتُ أتخلَّلُ الناس حتى دفعتُ إلى مضجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو ليس فيه، فوضعتُ يدي على الفراش فإذا هو باردٌ، فخرجتُ أتخلَّلُ الناس وأقول: إنا لله وإنا إليه راجعون،
(1)
في المطبوع وآتى مالكًا، ومالك في (ز) و (ص) مرفوع لا منصوب، إلّا أنه سقط منهما لفظ "يأتي"، ومكانه في (ز) بياض، فاجتهدنا بإثباته، والله تعالى أعلم، وفي مصادر التخريج: حتى إنَّ مالكًا خازن النار ليقول
…
(2)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن ثابت البناني، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": محمد ضعَّفه غير واحد والحديث منكر.
وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد 2/ 598 - 599 عن أبي زرعة الرازي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(10771)، و"الأوسط"(2937)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 95 من طريق إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرِّمي به - وإبراهيم المخرمي هذا ليس بثقة كما قال الدارقطني، ولكنه متابع وعلّة الإسناد في غيره.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله"(61) عن سعيد بن محمد الجرمي، به.
وأخرجه أبو القاسم بن بشران في "أماليه"(504) من طريق أبي قَبيصة محمد بن عبد الرحمن، عن سعيد الجرمي، به.
ذُهِبَ برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى خرجتُ من العسكر كلِّه، فنظرتُ سَوَادًا فمضيتُ فرميتُ بحجر فمضيتُ إلى السواد، فإذا معاذُ بن جبل وأبو عُبيدة بن الجرَّاح وإذا بين أيدينا صوت كدَوِيِّ الرَّحَا أو كصوت القصباء
(1)
حين يصيبها الريح، فقال بعضنا لبعض: يا قوم اثبتُوا حتى تُصبحوا أو يأتيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَبِثْنا ما شاء الله ثم نادى:"أَثَمَّ معاذُ بن جبلٍ وأبو عُبيدة وعوفُ بن مالك؟ " فقلنا: نعم، فأقبل إلينا، فخَرَجْنا لا نسألُه عن شيء ولا يُخبِرُنا حتى قَعَدَ على فراشه فقال:"أتدري ما خيّرني به ربي الليلة؟ " فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"فإنَّه خيَّرني بين أن يُدخِلَ نصفَ أُمتي الجنةَ وبين الشفاعةِ، فاخترتُ الشفاعةَ" فقلنا: يا رسول الله، ادعُ اللهَ أن يجعلنا من أهلها، قال:"هي لكلِّ مُسلِمٍ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بسُليم بن عامر، وأما سائرُ رواته فمتَّفَقٌ عليهم، ولم يُخرجاه.
وقد رواه سعيد بن أبي عَرُوبة وهشام بن سَنبَر، عن قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك.
أما حديث سعيد:
223 -
فحدَّثَناه الحسن بن يعقوب العَدل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد.
قال
(3)
: وحدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، حدثنا عبدة بن سليمان، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، أنَّ أبا المَلِيح الهُذَلي
(1)
في النسخ الخطية: الهضباء، ولا معنى لها هنا، والصواب ما أثبتناه، وقد سلف على الصواب في الحديث رقم (36).
(2)
إسناده صحيح. وقد سلف برقم (36).
(3)
القائل هو الحسن بن يعقوب العدل شيخ المصنف، فإنَّ الحسين بن محمد بن زياد -وهو القبّاني- من شيوخه.
حدَّثهم، أنَّ عوف بن مالك قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارِه، فذكر الحديث
(1)
.
وأما حديث هشام الدَّستُوائي
(2)
:
224 -
فحدَّثَناه أبو زكريا العَنبَري وعلي بن عيسى بن إبراهيم قالا: حدثنا إبراهيم ابن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قَتَادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك قال: كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بطوله
(3)
.
حديث قتادة هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.
وقد روى هذا الحديث أبو قِلابة عبدُ الله بن زيد الجَرمي عن عوف بن مالك:
225 -
أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي، حدثنا محمد بن المسيَّب، حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن عوف بن مالك، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مَغازيه، فانتهينا ذات ليلةٍ فلم نَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكانه، وإذا أصحابُنا [كأنَّ على رؤوسهم الصخرَ]
(4)
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي مختصرًا (2441) عن هناد بن السريِّ، عن عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 39/ (24003) عن محمد بن بكر البُرساني، عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وأخرجه أحمد أيضًا (24002)، وابن حبان (211) و (6463) و (6470) من طريق أبي عوانة، وأحمد (24009) من طريق شيبان النحوي، كلاهما عن قتادة، به.
(2)
وهو هشام بن أبي عبد الله سَنبَر الدَّستوائي.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 642 عن أبي موسى - وهو محمد بن المثنى - بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(4)
ما بين المعقوفين ليس في (ص) و (ب)، وهذا الحديث وما بعده إلى حديث (227) في ورقة فقدت من النسخة (ز)، وقد أثبتنا هذه الزيادة من رواية إسحاق بن شاهين -وهو أبو بشر الواسطي- عند الروياني في "مسنده"(600)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 393 - 394، وفي المطبوع من "البعث" لابن أبي داود (43) في روايته:"كأنَّ على رؤوسهم الطير"، وهي كذلك في =
وإذا الإبلُ قد وَضَعَت جرانها، فإذا أنا بخيالٍ، فإذا معاذُ بن جبل، فتصدَّى لى وتصدَّيتُ له، فقلت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وَرَائي، وذكر الحديث
(1)
.
وهذا صحيح من حديث أبي قلابة على شرط الشيخين.
وقد رُوِيَ هذا الحديث عن أبي موسى الأشعري عن عوف بن مالك بإسنادٍ صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه:
226 -
حدَّثناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القَطَّان الرَّقّي بالرَّقّة، حدثنا عبد الرحمن بن حماد أبو بكر الواسطي، حدثنا خالد بن عبد الله بن خالد الواسطي، عن حُميد بن هلال
(2)
، عن أبي بُردة، عن أبي موسى
(3)
، عن عوف بن مالك: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، قال عوف: فسمعتُ خَلْفي هَزِيزًا كَهَزيزِ الرَّحَى، فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في أرض العدوِّ كان عليه الحرسُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتاني آتٍ من ربي يخيِّرني بين أن يُدخِلَ شَطْرَ أُمَّتي الجنة وبين الشفاعةِ، فاخترتُ الشفاعة"، فقال معاذ بن جبل:
= رواية وهب بن بقية عن خالد بن عبد الله الواسطي عند ابن حبان (7207)، وأما رواية وهب عند ابن أبي عاصم في "السنة" (819) ففيها:"كأنَّ على رؤوسهم الصخرة"، وفي رواية عمرو بن عون عن خالد الواسطي عند الطبراني في "الكبير" 18/ (133):"كأنَّ على رؤوسهم الصخور".
(1)
إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وانظر تخريج الحديث في التعليق السابق.
والجران: مقدَّم عنق البعير من مذبحه إلى منحره، فإذا برك البعير ومدَّ عنقه على الأرض قيل: ألقى جرانه بالأرض.
(2)
هكذا في نسخ "المستدرك"، وكذا هو في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (16051) معزوًّا للحاكم لكن بإسقاط "بن خالد" من اسم خالد بن عبد الله، وكل هذا خطأ، والصواب أنه من رواية خالد بن عبد الله الواسطي عن خالد الحذّاء البصري عن حميد بن هلال كما سبق في مصادر التخريج في الحديث السابق.
(3)
هكذا وقع للمصنف، وكذلك هو عند ابن خزيمة وابن حبان، وعند غيرهم: عن أبي بردة ابن أبي موسى عن عوف، أي: أنه من رواية أبي بردة عن عوف، وهو الصواب.
يا رسول الله، قد عرفتَ قِوَائي فاجعَلْني منهم، قال:"أنت منهم"، قال عوف بن مالك: يا رسول الله، قد عرفت أنا تَرَكْنا قومَنا وأموالنا رَغَبًا لله ولرسوله، فاجعَلْنا منهم، قال:"أنت منهم"، فانتهينا إلى القوم وقد ثارُوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقعُدُوا" فقعدوا، كأنه لم يَقُمْ أحد منهم، قال:"أتاني آتٍ من ربي فخيَّرني بين أن يُدخِلَ شطرَ أمَّتي الجنة وبين الشفاعةِ، فاخترتُ الشفاعة" فقالوا: يا رسول الله، اجعلنا منهم، فقال:"هي لمن مات لا يُشرِكُ بالله شيئًا"
(1)
.
227 -
حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، حدثنا عبد الجبار ابن العباس الشِّبامي
(2)
، عن عَوْن بن أبي جُحَيفة السُّوَائي، عن عبد الرحمن بن عَلْقمة الثقفي، عن عبد الرحمن بن أبي عَقِيل الثقفي قال: قَدِمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيفٍ، فعَلِقْنا طريقًا من طرق المدينة حتى أنخنا بالباب، وما في الناس رجلٌ أبغض إلينا من رجل نَلِجُ عليه منه، فدخلنا وسلَّمنا وبايعنا، فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس رجلٌ أحبَّ إلينا من رجلٍ خرجنا من عنده، فقلت: يا رسول الله، ألا سألت ربَّك مُلكًا كمُلك سليمان؟ فضحك وقال:"لعلَّ لصاحبكم عند الله أفضل من مُلك سليمان، إنَّ الله لم يبعث نبيًا إلا أعطاه دعوةٌ، فمنهم من اتخذ بها دنيا فأُعطيها، ومنهم من دعا بها على قومه فأُهلِكُوا بها، وإنَّ الله أعطاني دعوةً فاختبأتُها عند ربي شفاعةً لأمَّتي يوم القيامة"
(3)
.
(1)
حديث صحيح ورجاله ثقات.
وانظر تخريجه في الحديث السابق، فإنَّ في مصادر تخريجه الإسنادين جميعًا.
وانظر أيضًا تخريج الحديث (23977) من "مسند أحمد"، حيث رواه من طريق أبي المليح عن أبي بردة عن عوف بن مالك.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الشامي، والصواب ما أثبتنا كما في مصادر ترجمته، وشِبَام: جبل باليمن قريب من صنعاء.
(3)
إسناده حسن. علي بن عبد العزيز: هو أبو الحسن البغوي. =
وقد احتجَّ مسلم بعليِّ بن هاشم، وعبدُ الرحمن بن أبي عقيل الثقفي صحابيٌّ قد احتَجَّ به أئمتُنا في مسانيدهم، فأمّا عبد الجبار بن العباس فإنه ممَّن يُجمَع حديثُه وتُعَدُّ مسانيدُه في الكوفيين
(1)
.
228 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني. وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مهدي الأصبهاني. وأخبرني أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزني، حدثنا علي بن محمد بن عيسى، قالوا: حدثنا أبو اليَمَان الحَكَم بن نافع البَهْراني، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزُّهري، حدثنا أنس بن مالك، عن أم حَبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أُريتُ ما تلقى
= وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 649 - 650 عن محمد بن عثمان بن أبي صفوان، عن سليمان بن داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن إسماعيل الأنصاري، عن علي بن هاشم بن البريد، به.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(1134 - بغية الباحث)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4649) عن عبد العزيز بن أبان، عن عبد الجبار بن العباس، به.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/ 163، وابن أبي شيبة في "مسنده"(642) و"مصنفه" 11/ 482، وابن شبّة في "تاريخ المدينة" 2/ 512 - 513، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 288 - 289، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1600)، وفي "السنة"(824)، والبزار (3459 - كشف الأستار)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(914)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1923)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(436)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3968)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 170 - 171، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4649)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 358، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(937)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 35/ 44 من طريق أبي خالد الدالاني الأسدي، عن عون بن أبي جحيفة، به. وأبو خالد الأسدي صدوق حسن الحديث.
(1)
قال الذهبي في "تلخيصه" متعقبًا الحاكم في كلامه على عبد الجبار: قوّاه بعضهم وكذَّبه أبو نعيم الملائي، وليس الحديث بثابت. انتهى كذا قال هنا، وهو غلوٌّ منه رحمه الله، وذكر هو الحديث مرة أخرى في كتابه "إثبات الشفاعة" (64) من طريق أبي خالد الأسدي وقال فيه: إسناده مقارب؛ يعني أنه قابل للتحسين.
أمَّتي بعدي وسَفْكَ بعضهم دماءَ بعضٍ، وسَبَقَ ذلك من الله كما سَبَقَ في الأُمم قبلهم، فسألتُه أن يُولِيَني يوم القيامة شفاعةً فيهم، ففعل"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والعِلَّة عندهما فيه أنَّ أبا اليَمَان حدَّث به مرتين، فقال مرةً: عن شعيب عن الزُّهري عن أنس، وقال مرةً: عن شعيب عن ابن أبي حُسَين عن أنس. وقد قدَّمنا القولَ في مثل هذا: أنه لا يُنكر أن يكون الحديثُ عند إمام من الأئمة عن شيخين، فمرةً يحدِّث به عن هذا ومرةً عن ذاك.
وقد حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن محمد بن عمر، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعدٍ، حدثنا إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال: قال لنا أبو اليَمَان: الحديثُ حديثُ الزُّهري، والذي حدَّثتُكم عن ابن أبي حُسين غَلِطتُ فيه بورقةٍ قلبتُها.
قال الحاكم: هذا كالأخذِ باليد، فإنّ إبراهيم بن هانئ ثقةٌ مأمونٌ
(2)
.
229 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أخبرنا عبد الرزاق.
وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري وأبو بكر بن زَنجَوَيهِ وأبو بكر بن عَسكَر وإسحاق بن رُزيق، قالوا: حدثنا عبد الرزاق.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 45 / (27410) عن أبي اليمان، بهذا الإسناد.
(2)
وتابع إبراهيم بن هانئ على هذا المعنى يحيى بنُ معين، فقد روى ابن عساكر في "تاريخه" 15/ 72 - 73 بسند قوي عن جعفر بن محمد بن أبان الحرّاني أنه سأل يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال يحيى: أنا سألت أبا اليمان فقال: الحديث حديث الزهري، فمن كتبه عني من حديث الزهري فقد أصاب، ومن كتبه عني من حديث ابن أبي حسين فهو خطأ، إنما كتبته في آخر حديث ابن أبي حسين فغلطتُ فحدَّثتُ به من حديث ابن أبي حسين، وهو صحيح من حديث الزهري، هكذا قال يحيى.
وحدثنا عليٌّ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن يوسف السُّلَمي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شفاعتي لأهلِ الكبائرِ من أمَّتي"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما خرَّجا حديث قَتَادة عن أنس بطوله
(2)
، ومن تَوهَّم أنَّ هذه لفظة من الحديث
(3)
فقد وَهِم، فإنَّ هذه شفاعة فيها قَمْعُ المبتدِعة المفرِّقة بين الشفاعة لأهل الصغائر والكبائر.
وله شاهدٌ بهذا اللفظ عن قتادة وأشعثَ بن جابر الحُدَّاني.
أما حديث قتادة:
230 -
فحدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا الحسن بن سهل بن عبد العزيز المجوِّز والعباس بن الفضل الأَسفاطي، قالا: حدثنا الخليل بن عُمَر بن إبراهيم، حدثنا عمر بن سعيد الأبَحُّ، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشَّفاعةُ لأهلِ الكبائرِ من أمَّتي"
(4)
.
وأما حديث أشعث بن جابر:
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (2435)، وابن حبان (6468) من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وانظر الحديثين التاليين.
(2)
هو عند البخاري برقم (4476)، ومسلم برقم (193)(322).
(3)
أي: حديث قتادة عن أنس عندهما.
(4)
حديث صحيح بما قبله وما بعده، وهذا إسناد ضعيف، عمر بن سعيد الأبح قال البخاري في "تاريخه" 6/ 143: منكر الحديث، وقال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 6/ 111: ليس بقوي.
وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 653 عن محمد بن يحيى ويحيى بن محمد بن السكن، عن الخليل بن عُمر، بهذا الإسناد. وتحرَّف في المطبوع منه إلى: الخليل بن عَمْرو، وكلاهما صدوق من رجال "التقريب" إلّا أنَّ الذي روى عن عمر الأبح هو الخليل بن عُمَر.
231 -
فأخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي وأبو المثنَّى العَنبَري قالا: حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا بِسطامُ بن حُرَيث، عن أشعثَ الحُدَّاني، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شفاعتي لأهلِ الكبائرِ من أمَّتي"
(1)
.
وله شاهد صحيح على شرط مسلم:
232 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى التِّنِّيسي، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، حدثنا زهير بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائرِ من أمَّتي"
(2)
.
قد احتجَّا جميعًا بزهير بن محمد العَنبَري، وقد تابعه محمدُ بن ثابت البُنَاني عن جعفر:
233 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن بشَّار وإسحاق بن منصور قالا: حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن ثابت البُنَاني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شفاعتي لأهلِ الكبائرِ من أمَّتي".
قال أبو جعفر: وقال لي جابر: يا محمدُ، مَن لم يكن من أهل الكبائر، فما له وللشفاعةِ
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 20/ (13222)، وأبو داود (4739) عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.
(2)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن عيسى التنيسي، وقد توبع، وعمرو بن أبي سلمة - وإن كان في روايته عن زهير بن محمد كلام - قد توبع أيضًا.
وأخرجه ابن حبان (6467) من طريق محمد بن يحيى الذُّهْلي وأحمد بن يوسف السُّلمي - وهما ثقتان - عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.
وتابع عمرًا الوليدُ بن مسلم عن زهير بن محمد فيما سيأتي عند المصنف برقم (3483). وانظر الحديث التالي.
(3)
صحيح لغيره كما سبق، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن ثابت البُنَاني، وقد توبع كما =
حدثنا الحاكمُ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في رجب سنة ثلاث وتسعين:
234 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن سالم بن أبي سالم، عن معاوية بن مُعتِّب، عن أبي هريرة أنه سمعه يقول: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: ماذا ردَّ إليك ربُّك في الشفاعة؟ فقال: "والذي نفسي بيده، لقد ظننتُ أنك أولُ من يسألُني عن ذلك؛ لِمَا رأيتُ من حِرْصِك على العلم، والذي نفسي بيده لَمَا يُهِمُّني من انقصافِهم على باب الجنة، أهمُّ عندي من تمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شَهِدَ أن لا إله إلّا الله مخلِصًا، يُصدِّقُ قلبُه لسانَه، ولسانُه قلبَه"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، فإنَّ معاوية بن مُعتِّب مِصْري من التابعين. وقد خرَّج البخاري
(2)
حديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطَّلِب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله، مَن أسعدُ الناسِ بشفاعتك؟ الحديث، بغير هذا اللفظ والمعنى قريبٌ منه.
235 -
حدثنا يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن النَّضْر بن سَلَمة الجارودي، حدثنا محمود بن غَيْلان، حدثنا المؤمَّل، حدثنا المبارَك بن فَضَالة، حدثنا
= في الحديث السابق. أبو داود: هو الطيالسي سليمان بن داود.
وأخرجه الترمذي (2436) عن محمد بن بشار وحده، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.
(1)
إسناده قابل للتحسين من أجل معاوية بن معتِّب كما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد" 13/ (8070)، حيث أخرجه عن هاشم بن القاسم وأبي سلمة الخزاعي، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (6466) من طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وأخرجه مختصرًا أحمد 16/ (10713) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معاوية بن معتب، به - فأسقط من الإسناد سالم بن أبي سالم، والصواب إثباته.
(2)
في "صحيحه" برقم (99) و (6570).
عبيد الله بن أبي بكر، عن جدِّه أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: أَخرِجوا من النار من قال: لا إله إلّا الله وفي قلبه مِثقالُ ذَرَّةٍ من الإيمان، أَخرِجوا من النار من قال: لا إله إلّا الله، وفي قلبه مِثقالُ بُرَّة من الإيمان، أخرِجوا من النار من قال: لا إله إلّا الله، أو ذَكَرَني أو خافَني في مَقَامٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجا قوله: "من ذكرني أو خافني في مقام"
(2)
.
وقد تابع أبو داود مؤمَّلًا على روايته واختصره:
236 -
أخبرَناه أبو محمد يحيى بن منصور، حدثنا أبو بكر الجارُودي، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو داود، حدثنا مُبَارك بن فَضَالة، عن عُبيد الله بن أبي بكر، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله
(3)
: أَخرِجوا من النار مَن ذَكَرَني أو خافَني في مَقامٍ"
(4)
.
237 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا وَهْب بن جَرير، حدثنا شعبة.
وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن
(1)
إسناده حسن، مؤمَّل - وهو ابن إسماعيل - وإن كان في حفظه شيء قد توبع كما في الحديث التالي.
وله شاهد بنحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي القاسم الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة"(300)، وإسناده حسن.
(2)
يعني في حديث الشفاعة، فقد أخرجاه مطولًا: البخاري برقم (7510)، ومسلم برقم (193)(326)، كلاهما من حديث معبد بن هلال العنزي عن أنس.
(3)
قوله: "يقول الله" لم يرد في (ز) و (ص)، وأثبتناه من "تلخيص المستدرك" للذهبي.
(4)
إسناده حسن، وقد صرَّح مبارك بن فضالة بالتحديث في رواية القاسم بن بشر عن أبي داود - وهو سليمان بن داود الطيالسي - عند اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2067).
وأخرجه الترمذي (2594) عن محمد بن رافع، عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.
أبي إياس، حدثنا شعبة
(1)
، حدثنا خالد، عن عبد الله بن شَقيق، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: ابن أبي الجَدْعاء، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليَدخُلَنَّ الجنةَ بشفاعةِ رجلٍ من أمَّتي أكثرُ من بني تَميمٍ"
(2)
.
هذا عبد الله بن أبي الجَدْعاء صحابيٌّ مشهور، مخرَّجٌ ذِكرُه في المسانيد، وهو من ساكني مكة من الصحابة.
238 -
حدثنا بصحَّة ما ذكرتُه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، حدثنا خالد، عن عبد الله بن شَقيق قال: جلستُ إلى قوم أنا رابعُهم، فقال أحدهم: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليَدخُلَنَّ الجنةَ بشفاعةِ رجلٍ من أمتي أكثرُ من بني تَميمٍ" قال: قلنا: سِواكَ يا رسول الله؟ قال: "سِوايَ".
قلت: أنت سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، فلمّا قام قلتُ: مَن هذا؟ قالوا: هذا ابنُ أبي الجَدْعاء
(3)
.
هذا حديث صحيح قد احتجَّا برُواتِه، وعبدُ الله بن شقيق تابعيٌّ محتَجٌّ به، وإنما تَرَكاه لما قدَّمنا ذِكرَه من تفرُّد التابعي عن الصحابي
(4)
.
(1)
من قوله: "وأخبرنا عبد الرحمن" إلى هنا سقط من (ب). وإبراهيم بن الحسين هذا: هو المشهور بابن دِيزيل، حافظ ثقة.
(2)
إسناده صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن في أحد إسناديه - وإن كان ضعيفًا - متابَع هنا. خالد: هو ابن مِهران الحذّاء.
وأخرجه أحمد 38/ (23105) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 25/ (15857) و (15858)، وابن ماجه (4316)، والترمذي (2438) من طريقين عن خالد الحذاء، به. وانظر ما بعده.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (7376) من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله، وسيأتي برقم (5834).
(4)
تقدَّم تعقيبنا على قوله هذا عند الحديث رقم (97).
239 -
أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل وأبو عمرو محمد بن جعفر الزاهد قالا: حدثنا إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عبد الله بن قيس الأَسَدي، عن الحارث بن أُقَيْش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسلمَينِ يقدِّمانِ ثلاثةً لم يَبلُغوا الحِنْثَ، إلّا أدخَلَهما الله الجنةَ بفضلِ رحمتِه إياهما" قالوا: يا رسول الله، وذو الاثنين؟ قال:"وذو الاثنين".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أمَّتي مَن يَدخُل الجنةَ بشفاعته أكثرُ من مُضَرَ، وإنَّ من أمَّتي من سيُعظَّمُ للنار حتى يكونَ إحدى زواياها"
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل عبد الله بن قيس الأسدي، فقد ذكره ابن حبان في "ثقاته" 5/ 42 وذكر أنه هو الذي روى أيضًا عن ابن مسعود وعنه أبو حرب بن أبي الأسود، وأورد احتمالًا أن يكون هو أيضًا الذي روى عنه ابن عباس وعنه أبو إسحاق السبيعي! لكن لأبعاض هذا الحديث شواهد سيأتي ذكرها. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه أحمد 29/ (17858) و (17859) وابنه عبد الله 37/ (22665)، وابن ماجه (4323) من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد - وهو عند أحمد في الموضع الأول وابن ماجه مختصر.
وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (8967).
ولقصة ثواب تقديم الولد شاهدٌ من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عند البخاري (1249) و (1250)، ومسلم (2633) و (2634).
ويشهد لقصة الشفاعة حديث أبي أمامة عند أحمد 36/ (22215). وآخر من مرسل الحسن البصري سيأتي عند المصنف برقم (5826). وثالث بنحوه من حديث ابن أبي الجدعاء، وهو الحديث السابق عند المصنف.
وأما القصة الأخيرة ففي معناها حديث زيد بن أرقم عند أحمد 32/ (19266) بلفظ: "إنَّ الرجل من أهل النار ليعظم للنار حتى يكون الضِّرس من أضراسه كأُحد"، وإسناده صحيح. وانظر تتمة شواهده بهذا المعنى عند حديث ابن عمر من "مسند أحمد" 8/ (4800).
وأما ما وقع في حديث الحارث بن أقيش هنا من لفظ "من أمتي" وأنه أحد زوايا النار، فلم يرد إلَّا في هذا الخبر، وقد يراد بالأمّة هنا - كما قال ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 744 - مَن قد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فلم يجيبوا إلى ما دعاهم إليه من الإيمان، لا من أمته الذين أجابوه فآمنوا به، وارتكبوا بعض المعاصي.
قوله: "لم يبلغوا الحِنث" أي: لم يبلغوا الحُلُم فتكتب عليهم الآثام، والحنث: الذَّنْب.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، والحارث بن أُقيش مخرَّج حديثه في مسانيد الأئمة، وهو من النَّمَط الذي قدَّمنا ذِكرَه من تفرُّد التابعي الواحد عن رجلٍ من الصحابة.
وهكذا رواه شعبةُ عن داود بن أبي هند:
240 -
أخبرَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المَعْمَري، حدثنا المنذر بن الوليد الجارُودِي، حدثني أَبي، حدثنا شُعْبة، عن داود بن أبي هند، عن عبد الله بن قيس، عن الحارث بن أُقيش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجل من أمَّتي لَيدخُلُ الجنةَ، فيَشفَعُ لأكثرَ من مُضَرَ"
(1)
.
241 -
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطُّوسي، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحَنظَلي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن الطُّفيل بن أُبيِّ بن كعب، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان يوم القيامةِ كنتُ إمامَ النبيِّين وخطيبَهم وصاحبَ شفاعتِهم، غيرَ فَخْرٍ"
(2)
.
242 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا أبو حُذيفة النَّهْدي، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن الطفيل
(1)
إسناده محتمل للتحسين كسابقه.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل. عبيد الله بن عمرو: هو الأسدي الرَّقِّي.
وأخرجه أحمد 35/ (21258)، وابنه عبد الله في زياداته عليه (21253)، وابن ماجه (4314) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (21249)، وابنه عبد الله (21256) من طريق شريك النخعي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وانظر ما بعده.
ويشهد له غير ما حديث، انظر هذه الشواهد عند هذا الحديث في "المسند" 35/ (21245)، وعند حديث أبو هريرة فيه 15/ (9623).
ابن أُبي بن كعب، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان يومُ القيامةِ كنتُ إمامَ النبيِّينَ وخطيبَهم وصاحبَ شفاعتِهم، غيرَ فَخْرٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه لتفرُّد عبد الله بن محمد بن عَقيل بن أبي طالب، ولمَا نُسِبَ إليه من سوء الحفظ، وهو عند المتقدِّمين من أئمَّتنا ثقةٌ مأمونٌ!
(2)
.
243 -
أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادة، عن مسلم بن يَسَار، عن حُمْران بن أبَان، عن عثمان بن عفّان، عن عمر بن الخطّاب قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لَأعلمُ كلمةً لا يقولُها عبدٌ حقًّا من قلبِه فيموتُ على ذلك، إلّا حُرِّم على النار: لا إلهَ إلا اللهُ"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ ولا بهذا الإسناد، إنما اتَّفقا على حديث محمود بن الرَّبيع عن عِتْبان بن مالكٍ الحديثَ الطويلَ، في آخره:"وإنَّ الله قد حرَّم على النار من قال: لا إله إلَّا الله"
(4)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد كسابقه. أبو حذيفة النهدي: هو موسى بن مسعود، وزهير بن محمد: هو التميمي الخراساني.
وأخرجه أحمد 35/ (21245)، والترمذي بإثر (2613) من طريق أبي عامر العقدي، عن زهير بن محمد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وسيأتي عند المصنف برقم (7145) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن زهير.
(2)
كذا قال هنا! وفي "سؤالات السِّجزي له"(78) قال فيه: عُمِّر فساء حفظه فحدَّث على التخمين. وقوله هذا أقرب إلى رأي الجمهور فيه.
(3)
إسناده قوي. سعيد: هو ابن أبي عروبة.
وأخرجه ابن حبان (204) من طريق محمد بن يحيى الأزدي، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف، بهذا الإسناد.
وانظر رواية عبد الوهاب الآتية عند المصنف برقم (1314).
(4)
أخرجه البخاري برقم (425)، ومسلم برقم (657)(263).
وقد خرَّجاه أيضًا من حديث شُعْبة، وبِشْر بن المفضَّل، وخالد الحذَّاء
(1)
، عن الوليد أبي بِشْر عن حُمْرانَ عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مَن مات وهو يعلمُ أن لا إله إلا الله، دَخَلَ الجنة"، وليس فيه ذِكرُ عمر.
وله شاهدٌ بهذا الإسناد عن عثمان، ولم يُخرجاه:
244 -
حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكْرَم، حدثنا عثمان بن عمر ورَوْح بن عُبادة قالا: حدثنا عِمران بن حُدَير، عن عبد الملك بن عُبيد قال: سمعت حُمْرانَ بن أبَان قال: سمعت عثمانَ بن عفَّان - وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن عَلِمَ أنَّ الصلاةَ عليه حقٌّ واجبٌ، دَخَلَ الجنةَ"
(3)
.
245 -
حدثنا مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر بن أبي أُوَيس، عن سليمان بن بلال، عن عبد الله بن يَسَار الأعرج، أنه سمع سالمَ بن عبد الله بن عمر يحدِّث عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ثلاثةٌ لا يَدخُلون الجنةَ: العاقُّ بوالدَيهِ، والدَّيُّوثُ، ورَجِلَةُ النساءِ"
(4)
.
(1)
كذا في النسخ الخطية: وخالد، والصواب: عن خالد الحذاء، فإنَّ شعبة وبشرًا إنما يرويانه عن خالد، فرواية شعبة عند أحمد 1/ (464) والنسائي (10886) و (10887)، ورواية بشر بن المفضل عند مسلم (26) وابن حبان (201). ورواه أيضًا إسماعيل ابن عُليَّة عند مسلم (26) عن خالد الحذاء. وقول المصنف:"خرَّجاه أيضًا" يريد الشيخين، ذهولٌ منه.
(2)
قوله: "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" من (ز) وحدها.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الملك بن عبيد.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 1/ (423) عن عبيد الله بن عمر القواريري، عن عثمان بن عمر وحده، بهذا الإسناد.
وانظر في هذا الباب حديث حنظلة الكاتب عند أحمد 30/ (18345).
(4)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن يسار الأعرج. =
246 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا ابن أبي أُويس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن عبد الله بن يَسَار الأعرج، أنه سمع سالمَ بن عبد الله يحدِّث عن أبيه، عن عمر بن الخطاب: أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يدخلونَ الجنَّةَ: العاقُّ بوالدَيهِ، والدَّيُّوثُ، ورَجِلَةُ النساءِ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، والقلبُ إلى رواية أيوب بن سليمان أميَلُ حيث لم يَذكُرْ في إسناده عمرَ.
247 -
أخبرنا أبو الحُسين عُبيد الله بن أحمد التاجر ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح.
وأخبرني إبراهيم بن إسماعيل القارئ، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حَرمَلة بن يحيى، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، عن نوَّاس بن سِمْعانَ صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضَرَبَ اللهُ مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى كَنَفَيِ الصِّراطِ سُوران فيهما أبوابٌ مُفتَّحة، وعلى الأبواب سُتورٌ مُرْخاة، وعلى الصراط داعٍ يدعو يقول: يا أيها الناس، اسلُكوا
= وأخرجه أحمد 10/ (6180)، والنسائي (2354) من طريق عمر بن محمد - وهو ابن زيد العُمَري - عن عبد الله بن يسار، بهذا الإسناد - وجمعا إليه الحديث الآتي عند المصنف برقم (7421).
الديُّوث: هو الذي لا يغار على أهله.
ورَجِلةُ النساء: المترجِّلة، وهي التي تتشبَّه بالرجال في زيِّهم وهيئتهم.
(1)
هذا الحديث سقط من (ب) والمطبوع.
وفي إسناده إسماعيل بن أبي أويس، وله أخطاء في أحاديث، وهذا منها، فإنَّ الحديث من مسند عبد الله بن عمر لا من مسند أبيه عمر، وقد خالفه في هذا مَن هو أوثق منه بدرجات، وهو أيوب بن سليمان في الحديث السابق، والقول قول أيوب كما أشار المصنف.
وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 2/ 859 عن محمد بن يحيى، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه أبي بكر عبد الحميد، بهذا الإسناد.
الصراطَ جميعًا ولا تَعوَجُّوا، وداعٍ يدعو على الصراط، فإذا أراد أحدُكم فتحَ شيءٍ من تلك الأبواب قال: ويلَكَ لا تَفتَحْه، فإنك إنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْه، فالصراطُ: الإسلامُ، والسُّتورُ: حدودُ الله، والأبوابُ المفتَّحة: محارِمُ الله، والداعي الذي على رأسِ الصراط: كتابُ الله، والداعي من فوقُ: واعظُ اللهِ في كل مُسلِم"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولا أعرفُ له عِلَّةً، ولم يُخرجاه.
248 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشَاذَ العَدْل قالا: أخبرنا عُبيد بن شَرِيك البزَّار، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرني نافع بن يزيد [حدثني جعفر بن ربيعة]
(2)
عن عُبيد الله
(3)
بن عبد الرحمن بن السائب، أنَّ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أَزهَرَ، حدَّثه عن أبيه عبد الرحمن بن أَزهَر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّمَا مَثَلُ العبدِ المؤمن حين يصيبُه الوَعْكُ والحُمَّى، كَمَثَلِ حديدةٍ تَدخُلُ النارَ فيذهبُ خَبَثُها ويبقى طيِّبُها"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 29/ (17634) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وفيه:"واعظ الله في قلب كل مسلم".
وأخرجه بنحوه أحمد 29/ (17636)، والترمذي (2859)، والنسائي (11169) من طريق خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، به. وقال الترمذي: حديث حسن.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من نسخ "المستدرك" هنا، والصواب إثباته كما قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(13469)، فإنَّ الحاكم سيكرره عن علي بن حمشاذ برقم (1304) بإثباته، وهو ثابت أيضًا في الإسناد عند كل من أخرج هذا الحديث من طريق ابن أبي مريم.
(3)
في نسخنا الخطية: عبد الله، مكبرًا، والصواب أنه عبيد الله مصغرًا، وهو كذلك في "إتحاف المهرة".
(4)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، عبيد الله بن عبد الرحمن روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهر روى عنه غير واحدٍ وذكره ابن حبان في "الثقات"، وعبيد بن شريك - وهو عبيد بن عبد الواحد بن شريك - قال الدارقطني: صدوق، وباقي رجال الإسناد ثقات. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم. =
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما تَرَكاه لتفرُّد عبد الحميد عن أبيه بالرواية
(1)
.
249 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذ قالا: حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرني نافع بن يزيد، حدثني خالد بن يزيد، أنه سمع أبا الزُّبَير المكّي يحدِّث عن جابر بن عبد الله قال: دَخَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على بعض أهلِه وهو وَجِعٌ به الحُمَّى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمُّ مِلدَم؟ " قالت امرأة: نعم، فَلَعَنَها الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تَلعَنِيها، فإنها تَغسِلُ - أو تُذهِبُ - ذنوبَ بني آدم كما يُذهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحديد"
(2)
.
= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9378) عن أبي عبد الله الحاكم، عن علي بن حمشاذ وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 284 و 357، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(24)، والبزار (3456)، والرُّوياني في "مسنده"(1539)، وأبو الشيخ في "أمثال الحديث"(279)، والطبراني - كما في "إتحاف المهرة" - وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4592)، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"(922)، والبيهقي في "السنن" 3/ 374، و"الآداب"(912)، و"الشعب"(9378) من طرق عن سعيد بن أبي مريم، به. وسيأتي عند المصنف برقم (1304) و (5936).
وله شاهد من حديث عائشة عند ابن حبان (2936)، وإسناده صحيح.
وآخر من حديث أم العلاء عند أبي داود (3092)، وإسناده حسن.
وحديث جابر بن عبد الله التالي.
وفي الباب في هذا المعنى عن عبد الله بن مسعود عند البخاري (5647)، ومسلم (2571).
(1)
انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث السالف برقم (97).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، عبيد بن شريك صدوق لا بأس به. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس.
وأخرجه النسائي (10835) عن إبراهيم بن يعقوب، عن ابن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه مسلم (2575)، وابن حبان (2938) من طريق حجّاج الصوّاف، عن أبي الزبير، عن جابر. فاستدراك المصنف له على الشيخين هنا ذهولٌ منه. وسيأتي برقم (1295)، وأشار هناك إلى أنه من هذا الطريق عند مسلم. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولا أعرفُ له عِلَّةً، ولم يُخرجاه!
250 -
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو الحسن بن أبي القاسم العَدَوي قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أَبي، حدثني إبراهيم بن طَهْمانَ، عن الحَجَّاج، عن قَتَادة، عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأخِلَّاءُ ثلاثةٌ: فأما خليلٌ فيقول: لك ما أعطيتَ وما أمسكتَ فليس لك، فذلك مالُك، وأما خليلٌ فيقول: أنا معك حتى تأتيَ بابَ الملِك، ثم أرجِعُ وأترُكُك، فذلك أهلُك وعَشيرتُك، يُشيِّعونَك حتى تأتيَ قبرَك، ثم يَرجِعون فيَترُكونَك، وأمّا خليلٌ فيقول: أنا معك حيث دخلتَ وحيث خرجتَ، فذلك عملُه، فيقول: والله لقد كنتَ من أهوَنِ الثلاثةِ عليَّ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، فقد احتجَّا جميعًا بالحجَّاج بن الحجَّاج، ولا أعرفُ له عِلَّةً، ولم يُخرجاه على هذه السِّياقة، وله شاهد قد خرَّجاه:
251 -
حدَّثَناه علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيانُ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حَزْم، سمع أنسَ بن مالك يَبلُغُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَتبَعُ المؤمنَ بعد موتِه ثلاثةٌ: أهلُه، ومالُه، وعملُه، فيَرجِعُ اثنانِ ويبقى واحدٌ
(2)
، يَرجِعُ أهلُه ومالُه، ويبقى عملُه"
(3)
.
= الكِير: هو آلة النفخ التي يُنفَخ بها على النار لتتوقَّد.
(1)
إسناده صحيح. الحجاج: هو ابن الحجاج الباهلي البصري الأحول.
وهو في "مشيخة ابن طهمان"(186)، وانظر الحديثين الآتيين برقم (252) و (1391).
(2)
في نسخنا الخطية: واحدة، والمثبت من النسخة المحمودية كما في طبعة الميمان.
(3)
إسناده صحيح. ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 19/ (12080)، والبخاري (6514)، ومسلم (2960)، والترمذي (2379)، والنسائي (2075)، وابن حبان (3107) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وقد تابع عمرانُ القطَّانُ الحجَّاجَ فساق الحديثَ بطوله:
252 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا عِمرانُ القطَّانُ، عن قَتَادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِن عبدٍ إلّا وله ثلاثةُ أخلَّاءَ" فذكر الحديثَ بطوله، نحو حديث إبراهيم بن طَهْمان
(1)
.
وله شاهدٌ آخرُ على شرط مسلم:
253 -
أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا حمَّاد، عن سِمَاك، عن النُّعمان بن بَشِير، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَثَلُ المؤمنِ ومَثَلُ الأجَلِ مَثَلُ رجلٍ له ثلاثةُ أخلَّاءَ، قال له مالُه: أنا مالُك، خُذْ مني ما شئتَ ودَعْ ما شئت، وقال الآخر: أنا معك أحمِلُك وأضَعُك، فإذا متَّ تركتُك؛ قال: هذا عَشِيرَتُه، وقال الثالث: أنا معك أدخُلُ معك وأخرجُ معك، متَّ أو حَيِيتَ؛ قال: هذا عَمَلُه"
(2)
.
254 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، عن خارجةَ بن زيد بن ثابت قال: قال زيد بن ثابت: أَمَرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلَّمتُ له كتابةَ اليهود، وقال:"إني والله ما آمَنُ يهودَ على كِتابي"، فتعلَّمتُه، فلم يمُرَّ بي نصفُ شهرٍ حتى حَذَقتُه، قال أَبي: فكنت أكتبُ له إذا كَتَبَ، وأقرأُ له إذا كُتِبَ إليه
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عمران بن داوَر القطّان.
وسيأتي برقم (1391) من طريق أبي داود الطيالسي عن عمران القطان.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه البزار (3272)، والطبراني في "الأوسط"(7396) من طريق النضر بن شُميل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(2202).
وسيأتي برقم (1392) من طريق أبي سلمة التبوذكي عن حماد بن سلمة.
(3)
إسناده حسن. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.
وأخرجه أبو داود (3645) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد. =
قد استَشهَدا جميعًا بعبد الرحمن بن أبي الزِّناد.
وهذا حديث صحيح، ولا أعرفُ في الرُّخْصة لتعلُّم كتابةِ أهل الكتاب غيرَ هذا الحديث.
255 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو البَختَريّ عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو أسامة، حدثني الحسين المعلِّم.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا ابن أبي عَدِيّ، عن حسين المعلِّم، عن عبد الله بن بُرَيدة قال: ذُكِرَ لي أنَّ أبا سَبْرةَ بن سَلَمة الهُذَلي سمع ابنَ زياد يسأل عن الحوضِ، حوضِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أُراه حقًّا، بعدما سأل أبا بَرْزةَ الأسلمي والبراءَ بن عازب وعائذَ بن عمرو، فقال: ما أُصدِّق هؤلاء، فقال أبو سَبْرة: ألا أحدِّثُك بحديث شِفاءٍ، بَعَثَني أبوك بمالٍ إلى معاوية، فلَقِيتُ عبدَ الله بن عمرو، فحدَّثني بفِيهِ وكتبتُه بقلمي ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أَزِدْ حرفًا ولم أَنقُصْ، حدَّثني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله لا يحبُّ الفاحشَ ولا المتفحِّشَ، والذي نفسُ محمد بيده لا تقومُ الساعةُ حتى يَظهَرَ الفُحْشُ والتفحُّشُ وقطيعةُ الرَّحِم وسوءُ المجاوَرة، ويُخوَّنُ الأمينُ ويُؤتمنُ الخائن، ومَثَلُ المؤمن كمَثَل النَّحْلة أَكَلَت طيّبًا ووَضَعَت طيّبًا ووَقَعَت طيّبًا، فلم تُفسِدْ ولم تَكسِرْ، ومَثَلُ العبد المؤمن مَثَلُ القِطْعة الجيِّدة من الذهب، نُفِخَ عليها فخرجت طيّبةً، ووُزِنَت فلم تَنقُصْ"، وقال صلى الله عليه وسلم:"مَوعِدُكم حوضي، عَرْضُه مثلُ طولِه، وهو أبعدُ ممّا بينَ أَيْلةَ إلى مكة، وذاك مسيرةُ شهرٍ، فيه أمثالُ الكواكبِ أباريقُ، ماؤُه أشدُّ بياضًا من الفضَّة، مَن وَرَدَه وشَرِبَ منه لم يَظمَأْ بعده أبدًا".
= وأخرجه أحمد 35/ (21618)، والترمذي (2715) من طريقين عن ابن أبي الزناد، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وانظر ما سيأتي برقم (5891).
وعلَّقه البخاري في "صحيحه" برقم (7195) فقال: وقال خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت، فذكر نحوه.
فقال ابن زياد: ما حدَّثني أحدٌ بحديثٍ مثلِ هذا، أشهَدُ أنَّ الحوض حقٌّ واجبٌ. وأخذ الصحيفةَ التي جاء بها أبو سَبْرة
(1)
.
وفي حديث أبي أسامة عن عبد الله بن بُرَيدة عن أبي سَبْرة.
هذا حديث صحيح، فقد اتَّفق الشيخانِ على الاحتجاج بجميع رُوَاته غير أبي سَبْرة الهُذَلي، وهو تابعيٌّ كبير، مبيَّن ذِكرُه في المسانيد والتواريخ، غيرُ مطعونٍ فيه.
وله شاهد من حديث قَتَادة عن ابن بُرَيدة:
256 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا هشام بن علي، حدثنا عبد الله بن رَجَاء، حدثنا همَّام، عن قتادة، عن ابن بُرَيدة، عن أبي سَبْرة الهُذَلي، فذكر الحديث بطوله
(2)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد قابل للتحسين إن كان عبد الله بن بريدة سمعه من أبي سبرة الهذلي، فإنَّ عامَّة من رواه عن حسين المعلّم - وكذا غيره عن ابن بريدة - قال فيه: عبد الله بن بريدة عن أبي سبرة، وانفرد ابن أبي عدي بصيغة: ذُكر لي أنَّ أبا سبرة. وأبو سبرة هذا لم يُذكَر في الرواة عنه غير ابن بريدة، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، وهو تابعي أدرك عددًا من الصحابة، ولا يُعرف عن أحد أنه جرحه بشيء، فمثله حديثه يقبل التحسين، خاصة أنَّ لحديثه هذا شواهد تصححه كما في التعليق على "مسند أحمد" 11/ (6514) و (6872)، وباقي رجال الإسناد ثقات. أبو أُسامة: هو حماد بن أسامة، وابن أبي عدي: هو محمد، وحسين المعلِّم: هو ابن ذكوان.
وأخرجه أحمد 11/ (6514) عن يحيى بن سعيد القطان، عن حسين المعلِّم، بهذا الإسناد.
أخرجه بنحوه أحمد أيضًا 11/ (6872) من طريق مطر الورّاق، عن عبد الله بن بريدة، به.
(2)
صحيح لغيره كسابقه. هشام بن علي: هو أبو علي السِّيرافي، وعبد الله بن رجاء: هو الغُدَاني، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي.
وأخرجه البزار (2453)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(878)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 43 - 44 من طرق عن عبد الله بن رجاء، بهذا الإسناد.
وسيأتي بلفظه برقم (8779) من طريق أحمد بن محمد بن عيسى القاضي - وهو البِرْتي - عن عبد الله بن رجاء.
257 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثني محمد بن المثنَّى، حدثنا رَوْح بن أسلمَ، حدثنا شدَّاد أبو طَلْحة، حدثنا أبو الوازع جابر بن عمرو الرَّاسِبي قال: سمعت أبا بَرْزةَ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حوضي ما بينَ أَيْلةَ إلى صنعاء عَرْضُه كطولِه، فيه مِيزابانِ يَصُبّانِ من الجنة، أحدُهما وَرِقٌ والآخر ذهبٌ، أحلى من العسل، وأبردُ من الثلج، وأشدُّ بياضًا من اللبن، وألْيَنُ من الزُّبْد، فيه أباريقُ عددَ نجوم السماء، مَن شَرِبَ منه لم يَظمَأْ حتى يدخلَ الجنة"
(1)
.
قال
(2)
: وزاد فيه أيوب عن أبي الوازع عن أبي بَرْزة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تَنزُو في أيدي المؤمنين".
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بحديثين عن أبي طلحة الراسبي عن أبي الوازع عن أبي بَرْزة، وهو غريب صحيح من حديث أيوب السَّختِياني عن أبي الوازع، ولم يُخرجاه.
258 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الوهّاب، حدثنا عمَّار بن عبد الجبار، حدثنا شُعْبة.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي حمزة، عن زيد بن
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف روح بن أسلم، وقد توبع.
وأخرجه أحمد 33/ (19804) عن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، وابن حبان (6458) من طريق النضر بن شميل، كلاهما عن شداد أبي طلحة، بهذا الإسناد. وهو بهاتين المتابعتين إسناده حسن. وانظر شواهده في "مسند أحمد".
(2)
القائل هو روح بن أسلم كما جاء مصرَّحًا به عند البزار في "مسنده"(3849) و (4496)، ففيه: وزاد شداد بن سعيد - وهو أبو طلحة - عن أيوب عن أبي الوازع .. إلخ، فأدخل أيوب بين شداد وأبي الوازع، وروح ضعيف.
وتنزو: أي: تَثِب وتقفز.
أرقمَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم جزءٌ من مئة ألفِ جزءٍ ممَّن يَرِدُ عليَّ الحوضَ". فسألوه: كم كنتم؟ قال: ثمان مئة أو تسع مئة
(1)
.
أبو حمزة الأنصاريُّ هذا: هو طلحة بن يزيد، وقد احتجَّ به البخاري.
259 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية.
وحدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جَرِير وأبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن طلحة بن يزيد الأنصاري، قال: قال زيد بن أرقم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم بجُزءٍ من مئةِ ألف جزءٍ ممَّن يَرِدُ عليَّ الحوضَ يومَ القيامة". قال: فقلنا لزيدٍ: كم كنتم يومئذٍ؟ قال: ما بينَ الستِّ مئةٍ إلى السَّبع مئة
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ولكنهما تَرَكاهُ للخِلَاف الذي في متنهِ من العَدَد، والله أعلم.
وله شاهد على شرط مسلم، عن زيد بن أرقمَ في ذِكْر الحوض بغير هذا اللفظ:
260 -
أخبرَناه أبو الفضل الحَسَن بن يعقوب العَدْل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا جعفر بن عَوْن، أخبرنا أبو حيَّان يحيى بن سعيد بن حيَّان التَّيْمِيُّ، تَيْمُ الرَّبَاب،
(1)
إسناده حسن من أجل أبي حمزة - وهو طلحة بن يزيد الأنصاري مولاهم - وتضعيف هذا الإسناد به في "مسند أحمد" 32/ (19268) من أجل تفرُّد عمرو بن مرّة بالرواية عنه تعنُّت زائد، فإنه تابعي وثَّقه النسائي في "سننه الكبرى" بإثر حديث ابن مسعود في صوم ثلاثة أيام من غرّة كل شهر برقم (2689)، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو حسن الحديث إن شاء الله.
وهو في "مسند أحمد" 32/ (19321) عن محمد بن جعفر.
وأخرجه أحمد أيضًا (19291) و (19309)، وأبو داود (4746) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
(2)
إسناده حسن كسابقه. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه أحمد 32/ (19268) عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
حدثني يزيد بن حيَّان التَّيمي قال: شهدتُ زيدَ بن أرقمَ وبَعَثَ إليه عبيدُ الله بن زياد، فقال: ما أحاديثُ بَلَغَني عنك تحدِّث بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تَزعُم أنَّ له حوضًا في الجنة؟ فقال: حدثنا ذاك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ووَعَدَناه، فقال: كذبتَ، ولكنك شيخ قد خَرِفتَ، قال: أمَا إنه سَمِعَتْه أُذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني - وسمعتُه يقول: "مَن كَذَبَ علي متعمِّدًا فليَتَبوَّأْ مقعدَه من النار"، وما كذبتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
261 -
حدثني أبو منصور محمد بن القاسم العَتَكي، حدثنا أبو سهل بِشْر
(2)
بن سهل اللَّبّاد، حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن خالد بن أبي عِمْران، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من خَرَجَ من الجماعة قِيدَ شِبْرٍ، فقد خَلَعَ رِبْقةَ الإسلام من عُنُقِه حتى يُراجِعَه"، قال:"ومَن مات وليس عليه إمامُ جماعةٍ، فإنَّ مَوْتتَه مَوْتةٌ جاهليَّة".
وخَطَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس، إني فَرَطٌ لكم على الحوض، وإنَّ سَعَتَه ما بينَ الكوفةِ إلى الحَجَر الأسود، وآنيتَه كعَدَدِ النجوم، وإني رأيتُ أُناسًا من أمَّتي لمّا دَنَوْا منِّي، خرج عليهم رجلٌ فمالَ بهم عنِّي، ثم أقبَلَتْ زُمْرةٌ أخرى ففعل بهم كذلك، فلم يَفلَتْ منهم إلّا كمِثْل النَّعَم"، فقال: أبو بكر: لعلِّي منهم يا نبيَّ الله؟ قال: "لا، ولكنهم قومٌ يخرجون بعدَكم ويمشون القَهْقَرَى"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 32/ (19266) عن إسماعيل ابن عليَّة، عن أبي حيان التيمي، بهذا الإسناد، لكن لم يذكر فيه أنَّ يزيد بن حيان شهد هذه القصة عند عبيد الله بن زياد، وإنما حدَّثه بها زيد بن أرقم، وكذلك هو في حديث يحيى بن سعيد القطان عن أبي حيان التيمي عند الطحاوي في "مشكل الآثار"(409).
(2)
في النسخ الخطية: حسن، وهو خطأ فقد تكرر عند الحاكم في غير موضع: بشر، على ما أثبتنا هنا، ومهما يكن من أمر فإننا لم نقف له على ترجمة.
(3)
إسناده ضعيف بهذا السياق، بشر بن سهل اللبّاد هذا قد روى عنه جمع على ما وقع في الأسانيد، ولم يؤثر فيه جرح ولا تعديل، فهو مجهول الحال لكن يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع على بعض ألفاظه. الليث: هو ابن سعد، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد حدَّث به الحجَّاجُ بن محمد أيضًا عن الليث، ولم يُخرجاه.
262 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو المثنَّى ومحمد بن أيوب قالا: حدثنا مسدَّد، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا حُمَيد، عن أنس قال: دخلتُ على عُبيد الله بن زياد وهم يتراجعون في ذِكْر الحوض، قال: فقال: جاءكم أنسٌ، قال: يا أنسُ، ما تقولُ في الحوض؟ قال: قلت: ما حَسِبتُ أني أعيشُ حتى أَرى مِثلَكم يَمتَرُونَ في الحوض، لقد تركتُ بعدي عجائزَ ما تُصلي واحدةٌ منهن صلاةً إلّا سألت ربَّها أن يُورِدَها حوضَ محمد صلى الله عليه وسلم
(1)
.
= وسيأتي القسم الأول منه عند المصنف برقم (408) من طريق أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي عن أبي صالح، وهذا الإسناد حسن إن شاء الله، أبو صالح عبد الله بن صالح حسن الحديث في المتابعات والشواهد.
وأخرج أوله - وهو الخروج من الجماعة - الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(433) من طريق إبراهيم بن الهيثم، عن أبي صالح. وإبراهيم بن الهيثم لا بأس به.
وأخرجه أيضًا ابن حبان في "المجروحين" 2/ 13 - 14 من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، به. وهذا إسناد حسن، فرواية ابن وهب عن ابن لهيعة من صحيح حديثه.
وهذا القسم الأول أخرج مثله الدُّولابي في "الكنى والأسماء"(1134) من طريق الشعبي عن ابن عمر. وإسناده قابل للتحسين.
وأخرج نحوه مسلم (1851) وغيره من طريقي نافع وأسلم مولى عمر، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من خلع يدًا من طاعة، لقي اللهَ يوم القيامة لا حُجَّة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات مِيتةً جاهلية". وانظر "مسند أحمد" 10/ (5386) و (5897)، وابن حبان (4578).
وأخرج من القسم الثاني قصة الحوض وعدد آنيته دون ذكر سَعَته: الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(520) من طريق محمد بن إسماعيل الترمذي، عن أبي صالح. وإسناده حسن إن شاء الله.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحسين المروزي في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1609)، والآجري في "الشريعة" =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله عن حُميد شاهد صحيح على شرطهما:
263 -
أخبرَناه أبو العباس السَّيّاري بمَرْو، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا عَبْدانُ، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد
(1)
، حدثنا حميد، عن أنس قال: دخلتُ على عبيد الله بن زياد وهم يتراجعون في ذِكْر الحوض، ثم ذكره بمثله.
264 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهْمي، حدثنا حاتم بن أبي صَغِيرة، عن سِمَاك بن حَرْب، أنَّ عبد الله بن خَبَّاب أخبرهم قال: أخبرني خبَّابٌ: أنه كان قاعدًا على باب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فخرج ونحن قعودٌ، فقال:"اسمَعُوا" قلنا: سَمِعْنا يا رسول الله، قال:"إنَّه سيكون أمراءُ من بعدي، فلا تُصدِّقُوهم بكَذِبِهم ولا تُعِينُوهم على ظُلمِهم، فإنه مَن صدَّقهم بكَذِبِهم وأعانهم على ظُلمِهم، فلن يَرِدَ عليَّ الحوضَ"
(2)
.
= (838)، والبيهقي في "البعث والنشور"(158) من طريقين عن حميد الطويل، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 449، وابن أبي عاصم في "السنة"(698)، وأبو يعلى (3355) من طريق ثابت البناني، عن أنس. وانظر "مسند أحمد" 21/ (13405).
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عبد الوهاب بن عبد الحميد.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد منقطع بين سماك بن حرب وعبد الله بن خباب، وما وقع في رواية الحاكم من قول سماك: أنَّ عبد الله بن خباب أخبرهم، إن كان المراد أنه ممن أخبرهم عبد الله وأنه سمع هذا الحديث منه، فهذا وهمٌ كما قال الحافظ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 220، فإنَّ سماكًا لم يسمع من عبد الله بن خباب كما نصَّ على ذلك الإمام أحمد، لأنَّ عبد الله قتلته الخوارج في خلافة علي رضي الله عنه سنة 38 هـ، ولم يكن سماك إذ ذاك قد وُلِدَ أو كان صغيرًا جدًّا لا يميّز.
وأخرجه أحمد 34/ (21074) و 45/ (27218)، وابن حبان (284) من طريقين عن حاتم بن أبي صغيرة، بهذا الإسناد. وهو عندهما بالعنعنة وليس عندهما لفظ الإخبار.
وله شواهد تصححه، منها حديثا كعب بن عُجرة وجابر بن عبد الله الآتيان، وأحاديث أخرى انظرها عند تخريج حديث ابن عمر في "مسند أحمد" 9/ (5702).
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وشاهدُه الحديثُ المشهور عن الشَّعْبي عن كعب بن عُجْرة مع الخلاف عليه فيه:
265 -
أخبرَناه أبو بكر محمد بن إبراهيم البزَّاز ببغداد، حدثنا محمد بن مَسْلَمة الواسطي، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مِغوَل، عن أبي حَصِين، عن الشَّعْبي، عن كعب بن عُجْرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ ونحن في المسجد، خمسةٌ من العرب وأربعةٌ من العَجَم، فقال:"تَسْمَعُون؟ " قلنا: سَمِعنا، مرتين، قال:"اسْمَعُوا، إنه سيكون بعدي أمراءُ، فمَن دَخَلَ عليهم فصدَّقهم بكَذِبِهم، وأعانهم على ظُلمِهم، فليس منِّي ولستُ منه، وليس بواردٍ عليَّ الحوضَ، ومَن لم يَدخُلْ عليهم ولم يُصدِّقْهم بكذبهم، ولم يُعِنْهم على ظلمِهم، فهو منِّي وأنا منه، وسيَرِدُ عليَّ الحوضَ"
(1)
.
رواه مِسعَر بن كِدَام وسفيان الثَّوْري، عن أبي حَصِين، عن الشَّعْبي، عن عاصم العَدَوي، عن كعب بن عُجْرة.
أما حديث الثَّوري:
266 -
فأخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم وأحمد بن عبد الله بن يونس قالا: حدثنا سفيان.
وأما حديث مِسعَر:
267 -
فأخبرَناه أبو محمد الحسن بن محمد الإسفَرَاييني، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا هارون بن إسحاق الهَمْداني، حدثني محمد بن عبد الوهاب القَنّاد، حدثنا سفيان ومِسعَر، عن أبي حَصِين، عن الشَّعْبي، عن عاصم العَدَوي، عن
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، فيه محمد بن مسلمة، وفيه مقال - كما سيأتي بيانه عند الحديث (2966) - وفيه انقطاع بين الشعبي وكعب بن عجرة، بينهما في هذا الحديث عاصم العدوي كما سيذكر المصنف. وانظر ما بعده.
أبو حَصين: هو عثمان بن عاصم الأسدي، والشعبي: هو عامر بن شَرَاحيل.
كعب بن عُجْرة قال: خرجَ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعةٌ وبيننا وسائدُ من أَدَمٍ أحمرَ، فقال:"إنَّه سيكون بعدي أمراءُ فمن صدَّقهم بكَذِبِهم وأعانهم على ظُلمِهم، فليس منِّي ولست منه، ولن يَرِدَ عليَّ الحوضَ، ومن لم يُصدِّقْهم بكذبهم ولم يُعِنْهم على ظلمِهم، فهو منِّي وأنا منه، وسيَرِدُ عليَّ الحوضَ"
(1)
.
وقد شَهِدَ جابر بن عبد الله قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لكعب بن عُجْرة:
268 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن ابن خُثَيْم، عن عبد الرحمن بن سابِطٍ، عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرة: "أعاذَكَ اللهُ يا كعبَ بنَ عُجْرة من إمارة السُّفَهاء" قال: وما إمارةُ السفهاء؟ قال: "أمراءُ يكونون بعدي لا يهتَدُون بهَدْيي، ولا يَستنُّون بسُنَّتي، فمن صدَّقهم بكَذِبِهم وأعانهم على ظلمِهم، فأولئك ليسوا منّي ولستُ منهم، ولا يَرِدُون حوضي، ومَن لم يصدِّقهم بكَذِبِهم ولم يُعِنْهم على ظلمِهم، فأولئك منّي وأنا منهم وسيَرِدُون عليَّ حوضي، يا كعبَ بن عُجْرة، لا يدخلُ الجنةَ لحمٌ نَبَتَ من سُحْتٍ، النارُ أَولَى به، يا كعبَ بنَ عُجْرة، الصومُ جُنَّة، والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئة، والصلاة قُرْبان - أو قال: برهان -"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (2259)، والنسائي (7783 - 7784)، وابن حبان (279) من طريق هارون بن إسحاق، بهذا الإسناد - ولم يذكر ابن حبان في حديثه سفيانَ.
وأخرجه أحمد 30/ (18126)، والنسائي (7782) و (8705)، وابن حبان (282) و (283) و (285) من طرق عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه الترمذي (614) من طريق طارق بن شهاب، عن كعب بن عجرة. وانظر تتمة تخريجه في "مسند أحمد".
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل ابن خثيم: وهو عبد الله بن عثمان بن خثيم. والحديث في "مسند أحمد" 22/ (14441).
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أيضًا ابن حبان (4514). وسيأتي من هذا الطريق عند المصنف =
269 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عَيّاش بن الوليد الرَّقّام، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا حمَيد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلتُ الجنةَ فإذا أنا بنهرٍ يجري حافَتَاهُ خِيامُ اللؤلؤ، فضربتُ بيدي إلى مَجرَى الماءِ، فإذا مِسكٌ أَذفَرُ، فقلت لجبريل: ما هذا؟ قال: هذا الكَوْثرُ الذي أعطاكَهُ ربُّك عز وجل"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
270 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سُرَيج بن النُّعمان، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الجنةُ مئةُ درجة بين كل درجتين كما بينَ السماءِ والأرض، والفِردَوسُ من أعلاها درجةً، ومنها تَفجَّرُ أنهارُ الجنة، فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفِردوسَ"
(2)
.
= برقم (7340) و (8507)، وبرقم (6143) من طريق وهيب بن خالد عن ابن خثيم.
وأخرجه ابن حبان (1723) من طريق حماد بن سلمة، عن ابن خثيم، به - وزاد فيه:"والناس غاديانِ، فمبتاعٌ نفسَه فمعتق رقبته ومُوبقها".
وفي الباب عن عبد الرحمن بن سمرة سيرد عند المصنف برقم (7339)، وعن غير واحد من الصحابة ذكرناهم عند حديث ابن عمر في "مسند أحمد" 9/ (5702).
(1)
إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل.
وأخرجه أحمد 19/ (12008) و (12151) و 21/ (13776)، والنسائي (11642)، وابن حبان (6472) و (6473) من طرق عن حميد الطويل، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 20/ (12989) و (13156) و 21/ (13425) و (14079)، والبخاري (6581)، وأبو داود (4748)، والترمذي (3360)، والنسائي (11469)، وابن حبان (6474) من طريق قتادة، عن أنس.
الأذفر: طيِّب الرِّيح.
(2)
حديث صحيح، فليح بن سليمان ليس بذاك القوي، لكن الإمام البخاري رحمه الله قد خرَّج له في "صحيحه" أحاديث منتقاة منها هذا الحديث كما سيأتي، وباقي رجال الإسناد ثقات. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهدٌ صحيح بمثل هذا الإسناد عن أبي هريرة وأبي سعيد:
271 -
أخبرَناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجيةَ، حدثني محمد بن مَعمَر، حدثنا أبو عامر العَقَدي، حدثنا فُليح. قال: وحدثنا ابن ناجيةَ، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وَهْب، أخبرني فُلَيح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي هريرة وأبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوَه
(1)
.
وكذلك روي بإسناد صحيح عن عُبادة بن الصامت:
272 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا عفّان بن مسلم وأبو الوليد الطَّيالسي قالا: حدثنا همَّام، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يَسَار، عن عبادة بن الصامت، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الجنةُ مئةُ درجةٍ، ما بين كلِّ درجتَينِ كما بينَ السماء والأرض، والفِردَوسُ مِن أعلاها درجةً، ومنها تَفجَّرُ أنهارُ الجنة، فإذا سألتُم الله فاسألوه الفِردوسَ"
(2)
.
= وأخرجه أحمد 14/ (8421) عن سريج بن النعمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (2790) و (7423) من طريقين عن فليح بن سليمان، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وروي عن فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار أو عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة، أخرجه أحمد 14/ (8420) عن يونس بن محمد المؤدب عن فليح. وانظر تتمة تخريجه والكلام عليه فيه.
(1)
حديث صحيح كسابقه. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو، وابن وهب: هو عبد الله.
وهو في "مسند ابن وهب" برقم (98)، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره" 16/ 37، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 1044.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه قد اختُلف فيه على عطاء بن يسار، فروي عنه عن عبادة كما هنا، وروي عنه عن أبي هريرة وأبي سعيد كما في الحديث السابق، وروي عنه عن معاذ بن جبل كما عند أحمد 36/ (22087) وغيره، وهذا الخلاف لا يضر، فإنَّ الصحابة كلهم عدول. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وهمّام: هو ابن يحيى العَوْذي. =
273 -
أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أَبي، حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي، حدثنا ابن وَهْب، حدثني حُيَيّ، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ في الجنة غُرفًا [يُرَى] ظاهرُها من باطنِها، وباطنُها من ظاهرِها" فقال أبو مالك الأشعري: لمن يا رسول الله؟ قال: "لمَنْ أطابَ الكلام، وأطعمَ الطعام، وباتَ قانِتًا والناسُ نِيَام"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا جميعًا بحُيَي: وهو أبو عبد الرحمن المَذحِجِي صاحب سليمان بن عبد الملك، ويقال: مولاه
(2)
، ولم يُخرجاه.
274 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن قَتَادة، عن أنس في قوله عز وجل:
= وأخرجه أحمد 37/ (22695) عن عفان بن مسلم وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (22695) و (22738)، والترمذي (2530) من طريقين عن همام، به.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد فيه لِين من أجل حُيي - وهو ابن عبد الله المَعافِري - لكن روي هذا الحديث من وجهٍ حسنٍ عن أبي مالك الأشعري نفسه كما سيأتي، وباقي رجال هذا الإسناد ثقات. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المعافري الحُبُلي.
وأخرجه أحمد 11/ (6615) من طريق ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله، بهذا الإسناد - ووقع فيه أبو موسى الأشعري مكان أبي مالك الأشعري، وهو خطأ.
وسيأتي الحديث عند المصنف برقم (1215) من طريق أبي الطاهر عن ابن وهب.
وأخرجه أحمد 37/ (22905)، وابن حبان (509) من طريق عبد الله بن معانق، عن أبي مالك الأشعري. وإسناده حسن إن شاء الله.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب عند عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 2/ (1338)، والترمذي (1984) و (2527)، وإسناده ضعيف.
(2)
هذا وهمٌ من المصنف رحمه الله تعالى، فإنَّ حُييًّا هذا: هو ابن عبد الله المعافري وليس المذحجي، فإنَّ الثاني لم يرو عنه ابن وهب ولا ابن لهيعة، كما أنه لم يرو عن أبي عبد الرحمن الحبلي.
{عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14]، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رُفِعَت لي سِدْرةٌ مُنتهاها في السماء السابعة، نَبِقُها مثلُ قِلَال هَجَرَ، وورقُها مثلُ آذان الفِيَلة، يخرج من ساقها نهرانِ ظاهرانِ ونهرانِ باطنان، قال: قلت: يا جبريل، ما هذانِ؟ قال: أمّا الباطنان، ففي الجنة، وأما الظاهران، فالنِّيلُ والفُرات"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.
وله شاهد غريب من حديث شُعْبة عن قَتَادة عن أنس صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه:
275 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن أحمد بن أنس القُرَشي، حدثنا حفص بن عبد الله السَّلَمي، حدثني إبراهيم بن طَهْمان، عن شُعْبة بن الحجَّاج، عن قتادة، عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دُفِعتُ إلى السِّدْرة، فإذا أربعةُ أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فأمَّا الظاهران فالنِّيلُ والفُرات، وأما الباطنانِ: فنهرانِ في الجنة، وأُتِيتُ بثلاثة أقداح: قَدَحٌ فيه لبن، وقَدحٌ فيه عسل، وقدحٌ فيه خمر، فأخذتُ الذي فيه اللبنُ فشربتُ، فقيل لي: أصبتَ الفِطْرةَ أنت وأمَّتُك"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 20/ (12673).
وأخرجه بنحوه أحمد 19/ (12301) من طريق حميد الطويل، عن أنس - واقتصر على وصف سدرة المنتهى.
وأخرجه كذلك ضمن حديث المعراج الطويل: أحمد 19/ (12505)، ومسلم (162)(259) من طريق ثابت البناني، عن أنس. وانظر ما بعده.
السِّدر: نوع من أنواع الشجر ينمو في المناطق الدافئة، والنَّبق: ثمرها.
والقِلال: جمع القُلَّة، وهي الجرّة العظيمة، وهجر: قرية قريبة من المدينة كانت تُعمَل بها القِلال.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (5610) معلَّقًا عن إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد. =
قال الحاكم أبو عبد الله: قلتُ لشيخنا أبي عبد الله: لمَ لمْ يُخرجا هذا الحديث؟ فقال: لأنَّ أنس بن مالك لم يَسمَعْه من النبي صلى الله عليه وسلم، إنما سمعه من مالك بن صَعْصَعةَ.
قال الحاكم: ثم نظرتُ فإذا الأحرفُ التي سمعها من مالك بن صعصعة غيرُ هذه، وليَعلَمْ طالبُ هذا العلم: أنَّ حديث المِعْراج قد سمع أنسٌ بعضَه من النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضَه من أبي ذرٍّ الغِفاري، وبعضَه من مالك بن صَعْصعةَ، وبعضَه من أبي هريرة
(1)
.
276 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا محمد بن فُضَيل، حدثنا أبو سِنَان
(2)
ضِرَار بن مُرَّة، عن محارِب بن دِثَار، عن ابن بُرَيدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهلُ الجنة عشرون ومئةُ صَفٍّ، هذه الأُمَّة منها ثمانون صفًّا"
(3)
.
= ووصله الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 28 من طريق ابن منده في "غرائب شعبة" عن محمد بن إبراهيم بن الحارث الأنصاري، عن محمد بن أحمد بن أنس، به.
ووصله أيضًا أبو عوانة في "صحيحه"(8134)، ومن طريقه الطبراني في "المعجم الصغير"(1139)، والحافظ في "التغليق" 5/ 28 عن محمد بن عقيل الخزاعي، عن حفص بن عبد الله السلمي، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 29/ (17834) من طريق شيبان النحوي، عن قتادة، عن أنس، عن مالك بن صعصعة.
(1)
حديث أنس عن أبي ذر عند البخاري (349) و (3342) ومسلم (163)، وحديثه عن مالك بن صعصعة عند البخاري (3207) و (3887) ومسلم (164)، وأما حديثه عن أبي هريرة فلم نقف عليه.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي سليمان.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، وقد توبع. وأخرجه الترمذي (2546)، وابن حبان (7459) من طريقين عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه أحمد 38/ (22940) و (23002) و (23061) من طريق عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن ضرار أبي سنان، به. وسمَّى ابنَ بريدة في الموضع الأخير: عبد الله. وانظر ما بعده.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله شاهد من حديث سفيان الثَّوْري عن علقمة بن مَرثَد عن سليمان بن بُريدة عن أبيه:
277 -
أخبرَناه أبو عبد الله الصَّفّار، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وحدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا عَبْدانُ الأَهْوازي، حدثنا الحسن بن الحارث، حدثنا مُؤمَّل بن إسماعيل، حدثنا سفيان.
وأخبرنا بكر بن محمد الصَّيرَفي، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا عمرو بن محمد العَنقَزي، عن سفيان، عن عَلْقمة بن مَرثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهلُ الجنة عشرون ومئةُ صفٍّ، ثمانون منها من هذه الأُمَّة"
(1)
.
أرسله يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مَهْدي عن الثَّوري
(2)
.
وقد رواه الحارث بن حَصِيرة، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جدِّه:
278 -
أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحارث بن حَصِيرة، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه
(3)
، عن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن
(1)
إسناده صحيح، وإن كان في بعض وجوهه من هو متكلَّم فيه كمؤمل بن إسماعيل، فإنَّ الوجوه الأخرى تحمله وتقوِّيه. عبد الله بن عمر: هو ابن محمد بن أبان الجُعْفي.
وأخرجه ابن ماجه (4289) عن عبد الله بن إسحاق الجوهري، عن حسين بن حفص الأصبهاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (7460) من طريق أبي عبيدة بن فضيل بن عياض، عن مؤمل بن إسماعيل، به.
(2)
لم نقف على روايتيهما فيما بين أيدينا من المصادر.
(3)
من قوله: "عن جده" إلى هنا سقط من (ب) والمطبوع.
حولَه: "كيف أنتم رُبعَ أهل الجنة، لكم الربعُ ولسائر الأمم ثلاثةُ أرباعٍ" قال: قلنا: كثيرٌ يا رسول الله، قال:"كيف أنتم والثلثَ؟ " قال: قلنا: ذلك أكثرُ، قال:"كيف أنتم والشَّطْرَ؟ " قلنا: ذاك أكثرُ، قال:"أهلُ الجنة عشرون ومئةُ صفٍّ، أنتم منها ثمانون صفًّا" قال: قلنا: فذاكَ الثُّلثانِ يا رسول الله، قال:"أجَلْ"
(1)
.
عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه في أكثر الأقاويل
(2)
.
279 -
أخبرني أبو قُتيبة سَلْم بن الفضل الأَدَمي بمكة، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا سَلَمة بن شَبِيب، حدثنا الفِرْيابي، حدثنا سفيان الثَّوري، عن محمد بن المنكَدِر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخَلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، قال: يقول الله عز وجل: هل تشتهونَ شيئًا فأَزِيدَكم؟ فيقولون: ربَّنا وما فوقَ ما أعطيتَنا؟ قال: يقول: رِضْواني أكبَرُ"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وقد تابع الأشجعيُّ محمدَ بنَ يوسف الفِرْيابي على إسناده ومتنه:
(1)
إسناده فيه لِين، الحارث بن حصيرة ليس بذاك القوي.
وأخرجه أحمد 7/ (4328) عن عفان، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.
وخالف الحارثَ بنَ حصيرة أبو إسحاق السَّبيعي - وهو إمام حُجّة - فروى عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود نحوه إلّا أنه قال فيه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة"، أخرجه البخاري (6528) ومسلم (221) وغيرهما.
والجمع بين هذا وبين حديث بريدة في الثلثين: أنه قال هذا في النصف عن رجاءٍ، ثم ظهر له صلى الله عليه وسلم أنَّ الأمر فوق ما رَجَا فأخبر بما في حديث بريدة، والله أعلم. قاله السندي في حاشيته على "المسند".
(2)
قد ثبّت سماعَه منه عليُّ بن المديني وتلميذه البخاري، وروي عن ابن معين فيه قولان، وتوقّف فيه أحمد، والراجح أنه سمع منه شيئًا قليلًا، وبرأي ابن المديني والبخاري أخذنا ما لم يكن في حديثه نكارة، والله تعالى أعلم.
(3)
إسناده صحيح. الفريابي: هو محمد بن يوسف.
وأخرجه ابن حبان (7439) من طريق عباس بن الوليد الخلّال، عن محمد بن يوسف، بهذا الإسناد.
280 -
حدَّثَناه أبو علي الحافظ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة البغدادي، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا عُبيد الله بن عبد الرحمن الأشجَعي، عن سفيان، عن محمد بن المنكَدِر، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخَلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ قال الله عز وجل: ألا أنبِّئُكم بأكبرَ من هذا؟ قالوا: بلى، وما أكبرُ من هذا؟ قال: الرِّضْوانُ"
(1)
.
281 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم المعدَّل بمَرْو، حدثنا عبد الله بن رَوْح المدائني، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤتَى بالموت يومَ القيامة في هيئةِ كبشٍ أملَحَ، فيقال: يا أهلَ الجنة، فيَطَّلِعون خائفينَ وَجِلِينَ مخافةَ أن يُخرَجوا مما هم فيه، فيقال: تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموتُ، ثم يقال: يا أهلَ النار، فيَطَّلِعونَ مُستبشِرين فَرِحينَ أن يُخرَجوا ممّا هم فيه، فيقال: أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموتُ، فيأمرُ به فيُذبَح على الصِّراط، فيقال للفريقين: خلودٌ فيما تَجِدُون، لا موتَ فيها أبدًا"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد. أبو كريب: هو محمد بن العلاء.
وأخرجه ابن المقرئ في "معجمه"(1067) عن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(837) عن أبي بكر أحمد بن محمد السعدي، عن أبي كريب، به. وانظر ما قبله.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقّاص الليثي.
وأخرجه أحمد 12/ (7546) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد - وقرن بيزيد عبدَ الله بنَ نمير.
وأخرجه أحمد 14/ (8906) من طريق أبي بكر بن عياش، وهنّاد في "الزهد"(212) عن عبدة بن سليمان، وابن ماجه (4327) من طريق محمد بن بشر العبدي، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، به. فهؤلاء مع من قبلهم خمسةٌ ثقات رووه عن محمد بن عمرو مرفوعًا، وهو المحفوظ، وستأتي الإشارة إلى الموقوف لاحقًا عند المصنف.
وأخرجه أحمد 14/ (8817)، والترمذي (2557) في آخر حديث طويل من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فإنَّ يزيد بن هارون ثبتٌ وقد أسنده في جميع الروايات عنه، وأَوقَفَه
(1)
الفضلُ بن موسى السِّيناني وعبدُ الوهاب بن عبد المجيد عن محمد بن عمرو.
أما حديثُ الفضل بن موسى:
282 -
فأخبرنا الحسن بن محمد بن حَليم المروَزي، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا يوسف
(2)
بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: يُؤتَى بالموت يومَ القيامة، فذكر الحديث موقوفًا
(3)
.
وأما حديث عبد الوهاب بن عبد المجيد:
283 -
فأخبرَناه أبو محمد بن زياد العَدْل، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا بُندَارٌ، حدثنا عبد الوهاب؛ فذكره بإسناده موقوفًا عن أبي هريرة
(4)
.
= وأخرجه أحمد 14/ (8907) و 15/ (9449) من طريق عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وأخرجه مختصرًا أحمد 14/ (8535)، والبخاري (6545)، وابن حبان (7449) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - بلفظ:"إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى منادٍ: يا أهل الجنة؛ خلود فلا موت فيه، ويا أهل النار، خلود فلا موت فيه".
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ووافقه، وكانت كذلك في (ز) ثم صححت إلى: وأوقفه، وهو الصواب.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سفيان، وكذا هو في "إتحاف المهرة" 16/ 185، وقد تكرر هذا الإسناد عند المصنف في بضعة مواضع بذكر يوسف على الصواب.
(3)
إسناده حسن وقد تابع يوسفَ بنَ عيسى - وهو ثقة - في روايته هذا الحديث موقوفًا عن الفضل بن موسى: الحسينُ المروزيُّ في زياداته على "زهد ابن المبارك"(1533)، وخالفهما عليُّ بن خشرم عند ابن حبان (7450) فرواه عن الفضل مرفوعًا، وهو المحفوظ كما في الحديث السابق.
(4)
إسناده حسن كسابقه. بندار: هو محمد بن بشار. ولم نقف على رواية عبد الوهاب هذه عند غير المصنف فيما بين أيدينا من المصادر
وقد اتَّفق الشيخانِ على إخراج هذا الحديث بغير هذا اللفظ من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد
(1)
.
284 -
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكِهي بمكة، حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرَّة، حدثنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرَقي، حدثنا مُسلم بن خالد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن ابن سابِطٍ، عن عمرو بن ميمون الأَوْدي قال: قام فينا معاذُ بن جبل فقال: يا بني أَوْدٍ، إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، تعلمون! المَعَادُ إلى الله، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامةٌ لا ظَعْنَ فيها
(2)
، وخلودٌ لا موتَ، في أجسادٍ لا تموت
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري برقم (4730)، ومسلم برقم (2849).
ويشهد له أيضًا حديث ابن عمر عند البخاري (6548)، ومسلم (2850).
(2)
هكذا في (ب)، وفي بقية النسخ: فيه.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل مسلم بن خالد - وهو الزَّنجي - فإنه ضعيف يعتبر به، وقد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات. ابن سابط: هو عبد الرحمن.
وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(586) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (3688 - كشف الأستار)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 630، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 236، و"معرفة الصحابة"(5140) من طرق عن مسلم بن خالد، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (375)، و"الأوسط"(1651)، و"مسند الشاميين"(1117)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(107) من طريق بقية بن الوليد، عن حبيب بن صالح الطائي، عن ابن سابط، عن معاذ بن جبل. فأسقط عمرَو بنَ ميمون.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"(1566)، وابن أبي شيبة 13/ 236، والخلّال في "السنة"(1193)، والشاشي في "مسنده"(1403)، وابن بطة في "الإبانة" 2/ 677 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن معاذ بن جبل. ورجاله ثقات إلّا أنه منقطع بين الشعبي ومعاذ.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية" للحافظ ابن حجر (2862) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق السبيعي، عن سعيد بن وهب الهمداني، عن معاذ بن جبل. قال الحافظ: هذا إسناد صحيح.
هذا حديث صحيح الإسناد، رواتُه مكِّيُّون، ومسلم بن خالد الزَّنْجي إمام أهل مكة ومُفتِيهم، إلّا أنَّ الشيخين قد نَسَبَاه إلى أنَّ الحديث ليس من صَنْعته، والله أعلم.
285 -
حدثنا عَبْدانُ بن يزيد الدَّقَّاق، بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن ثابت البُناني وأبي عِمران الجَوْني، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، عن أبي موسى في قوله عز وجل:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46]، قال: جنَّتَانِ من ذهبٍ للسابقين، وجنَّتانِ من فِضّة للتابعين
(1)
.
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه هكذا، إنما خرَّجا من حديث الحارث بن عُبيد وعبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي عِمران الجَوْني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"جَنَّتانِ من فضَّة" الحديث، وليس فيه ذكرُ السابقين والتابعين
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي.
وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(219) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدينوري في "المجالسة"(1414) من طريق سليمان بن حرب، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(142) من طريق معاذ العنبري، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
وخالف مؤمَّل بن إسماعيل عند البيهقي في "البعث"(220) فرواه عن حماد بن سلمة بهذا اللفظ مرفوعًا، ومؤمَّل سيئ الحفظ.
وتابع حمادَ بنَ سلمة عليه موقوفًا حمادُ بن زيد عند البيهقي في "البعث"(218).
وسيأتي عند المصنف برقم (3814) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد بن سلمة.
(2)
أخرجه البخاري (4878) و (7444)، ومسلم (180) من طرق عن عبد العزيز بن عبد الصمد، بهذا الإسناد - بلفظ:"جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلّا رداء الكِبْر على وجهه في جنة عدن". ولتمام تخريجه انظر "مسند أحمد" 32/ (19682).
285 م - سمعتُ أبا الحسن عليَّ بن عمر الحافظ يقول: سمعت أبا الفضل الوزير يقول: سمعت مأمون المصري يقول: قلت لأبي عبد الرحمن النَّسَائي: لمَ تَرَكَ محمدُ بن إسماعيل حديثَ حمّاد بن سلمة؟ فقال: والله إنَّ حماد بن سلمة أخيرُ وأصدقُ من إسماعيل بن أبي أُويس؛ وذكر حكايةً طويلة شبيهة بالاستبدال بالحارث بن عبيد عن حماد.
286 -
حدثني عبد الله بن عمر بن علي
(1)
الجَوهَري بمَرْو من أصل كتابه، حدثنا يحيى بن ساسَوَيهِ بن عبد الكريم، حدثنا سُوَيد بن نصر، حدثنا ابن المبارَك، عن مَعمَر، عن قتادة، عن زُرَارة بن أَوفى، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يومُ القيامةِ كقَدْرِ ما بينَ الظُّهر والعصر"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان سويد بن نصر حَفِظَه، على أنه ثقةٌ مأمونٌ.
287 -
فقد أخبرنا الحسن بن محمد بن حَلِيم، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، حدثنا عبد الله، عن
(3)
مَعمَر، عن قَتَادة، عن زُرَارة بن أَوفى، عن أبي هريرة قال: يومُ
= أما حديث الحارث بن عبيد فهو بنحوه، أخرجه أحمد 32/ (19731)، والحارث بن عبيد ليس بذاك القوي، وحديثه هذا ليس عند أحدهما، وله عند مسلم (2838) بهذا الإسناد عن أبي موسى مرفوعًا قال:"إنَّ للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة مجوَّفة، طولها ستون ميلًا، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضًا"، وهو متابعٌ عليه عنده، وأخرجه البخاري (3243) من طريق همام عن أبي عمران الجوني، ثم ذكر الحارثَ بن عبيد في المتابعات.
(1)
كذا وقع في النسخ الخطية: علي، والمشهور: علَّك، وله ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 16/ 168.
(2)
صحيح موقوفًا، يحيى بن ساسويه أو شيخه سويد بن نصر قد رواه من هو أوثق منهما عن عبد الله بن المبارك موقوفًا كما سيأتي في الحديث التالي.
وأخرجه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الغرائب الملتقطة" لابن حجر (3554) من طريق الحاكم في "المستدرك".
(3)
تحرَّف لفظ "عن" في النسخ الخطية إلى: بن.
القيامة على المؤمنين كقَدْر ما بينَ الظُّهر والعصر
(1)
.
288 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيّ بن خُزَيمة، حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن [أبي] أيوب، أخبرني أبو صَخْر، عن نافع قال: كان لابن عمر صديقٌ من أهل الشام يكاتبُه، فكَتَبَ إليه عبدُ الله بن عُمر: أنه بَلَغَني أنك تكلَّمت في شيءٍ من القَدَر، فإياك أن تكتبَ إليَّ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّه سيكون في أمَّتي أقوامٌ يكذِّبون بالقَدَر"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بأبي صخرٍ حميد بن زياد، ولم يُخرجاه.
289 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه إملاءً، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"القَدَريَّة مَجُوسُ هذه الأُمَّة، إن مَرِضُوا فلا تَعُودُوهم، وإن ماتوا فلا تَشْهَدُوهم"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح وهو موقوف. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.
وهو في "الزهد" لابن المبارك برواية نعيم بن حماد برقم (348)، ولفظه فيه: يقصر يومئذ على المؤمن حتى يكون كوقت الصلاة.
ورواه عن عبد الله بن المبارك أيضًا أبو أسامة حماد بن أسامة عند ابن أبي حاتم في "تفسيره" 9/ 3049.
(2)
إسناده حسن إن شاء الله، وذلك من أجل أبي صخر: وهو حميد بن زياد.
والحديث في "مسند أحمد" 9/ (5639)، وعن أحمد أخرجه أيضًا أبو داود (4613).
(3)
إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو حازم - وهو سلمة بن دينار - لم يسمع من ابن عمر، وبهذا أعلَّه المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 7/ 58. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن صحَّ سماعُ أبي حازم من ابن عمر، ولم يُخرجاه.
وشاهدُه:
290 -
ما حدَّثَناه أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل البَلْخي، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثني سعيد بن أبي أيوب، حدثني عطاء بن دينار، حدثني حَكِيم بن شَرِيك الهُذَلي، عن يحيى بن ميمون الحضرمي، عن رَبِيعة الجُرَشي، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُجالِسوا أهلَ القَدَر ولا تُفاتحوهم"
(1)
.
هذا آخر كتاب الإيمان
= والحديث في "سنن أبي داود" برقم (4691). وانظر التعليق على "مسند أحمد" 9/ (5584).
(1)
إسناده ضعيف لجهالة حكيم بن شريك.
وأخرجه أحمد 1/ (206)، وأبو داود (4710)، وابن حبان (79) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (4720) من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث وسعيد بن أبي أيوب، به.
كتاب العلم
291 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم المصري، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني أبو يحيى فُلَيح بن سليمان الخُزاعي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعمَر الأنصاري، عن سعيد بن يَسَار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تعلَّم علمًا مما يُبتغَى به وجهُ الله، لا يَتعلَّمُه إلّا ليُصيبَ به عَرَضًا من الدنيا، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامة"
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لمخالفة فليح بن سليمان من هو أوثق منه في إسناده كما سيأتي، وفليح ليس بذاك القوي.
وأخرجه ابن حبان (78) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8457)، وأبو داود (3664)، وابن ماجه (252) من طريقين عن فليح بن سليمان، به.
وخالف فليحًا زائدةُ بن قدامة - وهو أحد الثقات - فرواه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن محمد بن يحيى بن حَبّان قال: حدثني رهطٌ من أهل العراق، أنهم مرُّوا على أبي ذر فسألوه، فحدَّثهم فقال لهم
…
فذكر نحو هذا الحديث موقوفًا من قول أبي ذر، أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(44) - ومن طريقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1129) - عن زائدة. وبهذا أعلَّه أبو زُرْعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "علل الحديث"(2819)، وهذا الإسناد ضعيف لجهالة الرهط العراقيين. وانظر ما بعده.
ويشهد له غير حديثي جابر بن عبد الله وكعب بن مالك الآتيين عند المصنف: حديثُ ابن عمر عند ابن ماجه (253)، وحديث حذيفة عنده أيضًا (259)، وحديث أنس عند البزار (7295)، وأسانيدها ضعيفة جدًّا، وفي إسناد حديث أنس سليمان بن زياد بن عبيد الله، قال الذهبي فيه في كتابه "المغني في الضعفاء" (2585): لا يعرف، وحديثه منكر بل باطل.
قلنا: وأحسن حديث في هذا الباب وأصحُّه حديث أبي هريرة مرفوعًا في أول من يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة، وذكر منهم: "ورجل تعلَّم العلمَ وعلَّمه وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلَّمتُ العلم وعلَّمتُه وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك =
هذا حديث صحيح سندُه، ثِقاتٌ رواتُه على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وقد أسنده ووَصَلَه عن فُليح جماعةٌ غيرُ ابن وهب:
292 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السُّرِّيّ.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري ببغداد، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي.
وأخبرنا أبو العباس السَّيّاري والحسن بن حَليم بمرو، قالا: حدثنا أبو الموجِّه؛ قالوا: حدثنا سعيد بن منصور المكي، حدثنا فُلَيح، عن أبي طُوَالةَ، عن سعيد بن يَسَار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تعلَّمَ علمًا يُبتغَى به وجهُ الله، لا يتعلَّمُه إلّا ليصيبَ به عَرَضًا من الدنيا، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنة". قال فُليح: وعَرْفُها: ريحُها
(1)
.
وقد رُوِيَ هذا الحديث بإسنادين صحيحين عن جابر بن عبد الله وكعب بن مالك.
أما حديث جابر:
293 -
فأخبرَناه أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القَنطَري ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي.
وأخبرنا أحمد بن محمد بن سلمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، قالا: حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبير، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَعلَّموا العلمَ لتُباهُوا به العلماءَ أو تمارُوا به السُّفهاء، ولا لتَحيَّزوا به المجلسَ، فمن فَعَلَ ذلك فالنارُ النارُ"
(2)
.
= تعلَّمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثمّ أمر به فسُحِب على وجهه حتى أُلقي في النار"، أخرجه مسلم (1905) وغيره، وسيأتي عند المصنف برقم (369).
(1)
إسناده ضعيف كسابقه. أبو طوالة: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري.
وأخرجه أبو الحسن بن القطان في زياداته على "سنن ابن ماجه" بإثر (252) عن أبي حاتم الرازي، عن سعيد بن منصور، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده ضعيف، فيحيى بن أيوب - وهو الغافقي المصري - ليس بذاك الضابط الثقة وقد خالف في هذا الحديث من هو أوثق منه بدرجات فأسنده، بينما أرسله عبد الله بن وهب كما =
294 -
حدَّثَناه أبو أحمد بن محمد بن الحسين الشَّيباني من أصل كتابه، حدثنا أحمد بن حماد بن زُغْبة التُّجِيبي بمصر، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، سمعتُ ابن جُرَيج يحدِّث عن أبي الزُّبير، فذكره بمثله.
هذا إسناد حَفِظَه يحيى بن أيوب المصري عن ابن جريج فوَصَله، ويحيى متَّفَق على إخراجه في "الصحيحين"، وقد أرسله عبد الله بن وَهْب، فأنا على أصلي الذي أصَّلتُه في قَبُول الزيادة من الثقة في الأسانيد والمتون.
295 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب قال: وسمعتُ ابنَ جُرَيج يحدِّث: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَعلَّموا العلمَ لتُباهُوا به العلماء، ولا لتُمارُوا به السُّفهاء، ولا لتتحدَّثوا به في المجالس، فمَن فَعَلَ ذلك فالنارُ النارُ"
(1)
.
وأما حديث كعب بن مالك:
296 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا ابن أبي أُوَيس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن ابتَغَى العلمَ ليُباهيَ
= يذكر المصنف نفسه فجعله من حديث ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم، وابن وهب ثقة حافظ، فروايته مقدَّمة راجحة، وستأتي عند المصنف برقم (295).
وأخرجه ابن ماجه (254)، وابن حبان (77) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
قوله: "تماروا" أي: تجادلوا.
وقوله: "لتحيّزوا" كذا عند المصنف، وعند غيره:"لتخيَّروا" وهو بمعناه، أي: لتختاروا به خيار المجالس وصدورها.
وقوله: "فالنار" أي: فله النارُ، أو فيستحق النارَ.
(1)
ضعيف لإعضاله، فإنَّ بين ابن جريج والنبي صلى الله عليه وسلم اثنان أو أكثر.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(479) عن أبي عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
به العلماء، أو يُمارِيَ به السُّفهاء، أو يَقبَلَ إفادةَ الناس إليه، فإلى النار"
(1)
.
لم يُخرج الشيخان لإسحاق بن يحيى شيئًا، وإنما جعلته شاهدًا لما قدَّمتُ من شرطهما، وإسحاق بن يحيى من أشراف قريش.
297 -
حدثنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العَدْل ببغداد، حدثنا أبو الأحوَص محمد بن الهيثم القاضي.
وحدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي من أصل كتابه - وسأله عنه أبو علي الحافظ - حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي؛ قالا: حدثنا نُعَيم بن حمّاد، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كَيْسان، عن الزُّهْري، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه جُبير قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخَيْف فقال: "نَضَّرَ اللهُ عبدًا سَمِعَ مَقالَتي فوَعَاها ثم أدَّاها إلى مَن لم يَسمَعْها، فرُبَّ حاملِ فقهٍ لا فقهَ له، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه.
ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمنٍ: إخلاصُ العمل لله، والطاعةُ لذَوِي الأمر، ولزومُ جماعة المسلمين، فإنَّ دعوتهم تُحِيطُ من ورائِهم"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، إسحاق بن يحيى بن طلحة متروك الحديث. ابن أبي أويس: هو إسماعيل بن عبد الله، وهو ليس بذاك القوي، وأخوه ثقة: وهو أبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس.
وأخرجه الترمذي (2654) من طريق أمية بن خالد، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، بهذا الإسناد.
وقال: حديث غريب، وضعَّف إسحاق.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد خولف فيه نعيم بن حماد، وهو ليس بذاك القوي عند المخالفة، خالفه من هو أوثق منه بدرجات وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد، فرواه - كما سيأتي في الحديث التالي - عن أبيه إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن الزهري، وابن إسحاق لم يسمعه من الزهري كما سيأتي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1544) عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن نعيم بن حماد، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث زيد بن ثابت عند أحمد 35/ (21590)، وابن ماجه (230)، وابن حبان (67) و (680)، وإسناده صحيح.
وآخر من حديث أنس بن مالك عند أحمد 21/ (13350)، وابن ماجه (236)، وإسناده حسن. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، قاعدةٌ من قواعد أصحاب الرِّوايات، ولم يُخرجاه، فأما البخاري فقد روى في "الجامع الصحيح" عن نُعَيم بن حماد، وهو أحد أئمة الإسلام.
وله أصلٌ في حديث الزُّهري من غير حديث صالح بن كَيْسان، فقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار من أوجهٍ صحيحةٍ عنه عن الزهري:
298 -
أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي.
وحدثنا أبو علي الحافظ، أخبرنا أبو يَعلى، حدثنا أبو خَيْثمة؛ قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق.
وأخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله الجَوهَري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا يعلى بن عُبيد الطَّنافِسي وأحمد بن خالد الوَهْبي قالا: حدثنا محمد بن إسحاق.
= وثالث من حديث ابن مسعود عند الترمذي (2658)، ورجاله ثقات، وهو مختصر عند أحمد 7/ (4157).
ورابع من حديث النعمان بن بشير، وسيأتي عند المصنف برقم (300)، وإسناده حسن.
وانظر تتمة شواهده عند حديثي ابن مسعود وأنس في "مسند أحمد".
قوله: "نضَّر اللهُ" أي: نعَّمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النَّضارة، وهي في الأصل: حُسْن الوجه والبريق، وإنما أراد: حسَّن خُلُقه وقَدْره، قاله ابن الأثير في "النهاية".
وقوله: "لا يُغِلُّ" قال في "النهاية": هو من الإغلال: الخيانة في كل شيء، ويروى:"يَغِلُّ" بفتح الياء، من الغِلِّ: وهو الحقد والحسد، أي: لا يدخله حقدٌ يزيله عن الحق، وروي:"يَغِلُ" بالتخفيف، من الوُغول: الدخول في الشر. والمعنى: أنَّ هذه الخِلَال الثلاث تُستَصلح بها القلوب، فمن تمسَّك بها طَهُرَ قلبُه من الخيانة والدَّغَل والشر، و"عليهنَّ" في موضع الحال، تقديره: لا يغلُّ كائنًا عليهنَّ قلبُ مؤمن.
وقوله: "تحيط من ورائهم" قال: أيضًا: أي: تحوطهم وتكنفهم وتحفظهم، يريد أهلَ السُّنة دون أهل البدعة.
وأخبرني محمد بن المظفَّر الحافظ، حدثنا محمد بن هارون، حدثنا سليمان بن عمر، حدثنا يحيى بن سعيد الأُمَوي، عن محمد بن إسحاق.
وأخبرني أبو عمرو محمد بن أحمد بن إسحاق العَدْل، حدثنا محمد بن خُرَيم الدمشقي، حدثنا هشام بن عمّار، حدثني سعيد بن يحيى اللَّخْمي، حدثنا ابن إسحاق.
وحدثني علي بن عيسى - واللفظ له - حدثنا مسدَّد بن قَطَن، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الزُّهري، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخَيْف من مِنًى فقال: "نَضَّرَ اللهُ عبدًا سمع مَقالَتي فوَعَاها ثم أدَّاها إلى مَن لم يَسمَعْها، فرُبَّ حاملِ فقهٍ لا فقهَ له، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه.
ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمن: إخلاصُ العمل لله، والنصيحةُ لأُولي الأمر، ولزومُ الجماعة، فإنَّ دعوتَهم تُكِنُّ
(1)
من ورائِهم
(2)
.
قد اتَّفق هؤلاء الثِّقات على رواية هذا الحديث عن محمد بن إسحاق عن الزُّهري، وخالفهم عبدُ الله بن نُمير وحده فقال: عن محمد بن إسحاق عن عبد السلام - وهو ابن أبي الجَنُوب - عن الزهري، وابنُ نُمير ثقة، والله أعلم
(3)
.
(1)
في المطبوع: تكون، وهي كذلك في المصادر التي خرَّجته، وفي النسخ الخطية: تكنّ، وهي صحيحة أيضًا، معناها: تحفظهم وتسترهم.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن لولا أنَّ ابن إسحاق مدلِّس ولم يصرِّح بسماعه من الزهري، وقد أدخل عبد الله بن نمير في روايته عن ابن إسحاق بينهما رجلًا كما سيأتي.
والحديث في "مسند أحمد" 27/ (16738) عن يعلى بن عبيد الطنافسي.
وأخرجه أيضًا من طريق يعلى بن عبيد ابنُ ماجه برقم (231 م).
وأخرجه أحمد 27/ (16754) عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، به.
وأخرجه ابن ماجه (231 م) من طريق سعيد بن يحيى اللخمي، عن محمد بن إسحاق، به. وانظر ما قبله.
(3)
رواية ابن نمير أخرجها ابن ماجه (231) و (3056) عن محمد بن عبد الله بن نمير، =
ثم نَظَرْناه فوجدنا للزُّهريِّ فيه متابِعًا عن محمد بن جُبير:
299 -
أخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عمرو بن أبي عمرو مولى المطَّلِب، عن عبد الرحمن بن الحُوَيرِث، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بالخَيْف من مِنًى: "رَحِمَ اللهُ عبدًا سمع مَقالَتي فوَعَاها ثم أدَّاها إلى مَن لم يَسمَعْها، فرُبَّ حاملِ فقهٍ لا فقهَ له، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه.
ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنَّ قلبُ المؤمن: إخلاصُ العمل، ومناصحةُ ذوي الأمر، ولزومُ الجماعة، فإنَّ دعوتهم تكون مِن ورائهم"
(1)
.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جَبَل وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وأنس، وغيرهم عِدَّةٌ، وحديث النُّعمان بن بَشِير من شرط الصحيح.
300 -
سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب غيرَ مرَّةٍ يقول: حدثنا إبراهيم بن بكر المروَزي ببيت المَقدِس، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهْمي، حدثنا حاتم بن أبي صَغِيرة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن النُّعمان بن بَشِير قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نَضَّرَ اللهُ وجهَ امرِئٍ سَمِعَ مَقالَتي فحَمَلَها، فرُبَّ حاملِ فقهٍ غيرُ فقيه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه.
= عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن عبد السلام بن أبي الجنوب، عن الزهري، به. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، عبد السلام هذا متفق على ضعفه، فإن كان ابن نمير حفظه عن ابن إسحاق، فإنه يكون قد دلَّسه، والله تعالى أعلم. وقد قال الدارقطني في "العلل" 13/ 419: قول ابن نمير أشبه بالصواب؛ يعني بزيادة عبد السلام هذا، ولابن إسحاق فيه إسناد آخر كما في الحديث التالي، وهو حسن.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله. عبد الرحمن بن الحويرث: هو عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث أبو الحويرث، نُسب هنا إلى جدِّه.
والحديث في "مسند أحمد" 27/ (16754).
ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمن: إخلاصُ العمل لله، ومناصحةُ وُلَاةِ الأمر، ولزومُ جماعةِ المسلمين"
(1)
.
قد احتَجَّ مسلم في "المسند الصحيح" بحديث سِمَاك بن حَرْب عن النُّعمان بن بَشِير أنه قال: لقد رأيت نبيَّنا صلى الله عليه وسلم وما يملأُ بطنَه من الدَّقَل
(2)
، وعن سِمَاك عن النعمان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوِّي صفوفَنا
…
الحديث
(3)
، وحاتم بن أبي صَغِيرة وعبد الله بن بكر السَّهْمي متَّفَق على إخراجهما.
وقد روي عن الشَّعْبي ومجاهد عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوُه.
301 -
حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر النَّحْوي ببغداد، حدثنا القاسم بن المغيرة الجوهري.
وأخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حَبِيب الحافظ؛ قالا: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا عَبّاد بن العوّام، عن الجُرَيري، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري أنه قال: مَرْحبًا بوصيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوصِينا بكم
(4)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه الرامهرمزي في "المحدّث الفاصل"(11)، والطبراني في "الكبير" 21/ (94)، وأبو نعيم في "مستخرجه على مسلم"(9) من طريق عيسى بن أبي عيسى الحناط، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير. وعند الطبراني: عن الشعبي ومجاهد. وعيسى الحناط متروك الحديث.
وأخرجه ابن حكيم المديني الأصبهاني في "جزء نضَّر الله امرأً"(43) من طريق عطاء بن عجلان الحنفي، عن نعيم بن أبي هند، عن الشعبي، به. وعطاء هذا متروك الحديث أيضًا.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 2/ (1224) من طريق محمد بن كثير الكوفي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، عن أبيه مرفوعًا. ومحمد بن كثير ضعيف الحديث.
(2)
هو عند مسلم برقم (2977)، وسيأتي عند المصنف برقم (8118).
(3)
هو عند مسلم برقم (436).
(4)
إسناده صحيح، وقد جزم الحافظ البوصيري في حاشية له على كتاب "المختلطين" للعلائي =
هذا حديث صحيح ثابت لاتفاق الشيخين على الاحتجاج بسعيد بن سليمان وعبّاد بن العوّام والجُريري، ثم احتجاج مسلم بحديث أبي نَضْرة، فقد عَدَدتُ له في "المسند الصحيح" أحدَ عشرَ أصلًا للجُريري، ولم يُخرجا هذا الحديث الذي هو أول حديث في فضل طلّاب الحديث، ولا يُعلَمُ له علَّة، ولهذا الحديث طرقٌ يجمعُها أهل الحديث عن أبي هارون العَبْدي عن أبي سعيد، وأبو هارون ممّن سَكَتوا عنه
(1)
.
= (16) بأنَّ عباد بن العوام سمع من الجريري - وهو سعيد بن إياس - قبل اختلاطه. وقد ذكرنا في تعليقنا على الحديث (247) من "سنن ابن ماجه" أنه سمع منه بعد الاختلاط، وهو تعجُّل منا لا دليل عليه، فيستدرك من هنا.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 540، و"المدخل إلى السنن الكبرى"(621) عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناديه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في مقدمة "الجرح والتعديل" 2/ 12، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(21)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(938)، وتمّام في "فوائده"(23) من طريقين عن سعيد بن سليمان الواسطي، به.
وأخرجه بنحوه الرامهرمزي (20) من طريق بشر بن معاذ العقدي، عن أبي عبد الله، جار لحماد بن زيد، عن الجريري، به - وزاد: أمرنا أن نحفّظكم الحديث ونوسِّع لكم في المجالس. وأبو عبد الله هذا لا يُعرف، وقال الذهبي في ترجمته من "ميزان الاعتدال" بعد أن ساق له هذا الحديث: غريب جدًّا، والمحفوظ عن الجريري مختصر: وهو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوصينا بكم.
وأخرج الرامهرمزي أيضًا (23) من طريق يحيى الحمّاني، عن ابن الغسيل، عن أبي خالد مولى ابن الصباح الأسدي، عن أبي سعيد أنه كان يقول: مرحبًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاؤوه في العلم. وإسناده ضعيف لضعف يحيى الحماني، وجهالة أبي خالد.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (247)، والترمذي (2650) و (2651) من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد - وزاد فيه كلامًا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأبو هارون - واسمه عُمارة بن جُوين - متروك وكذّبه بعضهم. وقد ذهب الإمام أحمد كما في "المنتخب من علل الخلّال"(66) إلى أنَّ المحفوظ في هذا الحديث حديث أبي هارون العبدي لا حديث أبي نضرة، والله تعالى أعلم.
(1)
بل وهّنوه وتكلموا فيه بعبارات شديدة.
302 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا السَّرِي بن خُزيمة، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن رجلٍ سَلَكَ طريقًا يَطلُبُ فيه علمًا، إلّا سَهَّلَ الله له به طريقَ الجنة، ومَن أبطأ به عملُه، لم يُسرعْ به نَسَبُه"
(1)
.
تابعه أبو معاوية وابن نُمَير.
أما حديث أبي معاوية:
303 -
فحدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُريب وسَلْم بن جُنادة، قالا: حدثنا أبو معاوية
(2)
(3)
.
وأمّا حديث عبد الله بن نُمير:
304 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب - واللفظ له - حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان، حدثنا ابن نُمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَلَكَ طريقًا يَلتمِسُ فيه عِلمًا، سهَّلَ اللهُ له طريقًا إلى الجنة"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان.
وأخرجه أبو داود (3643) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8316) و 15/ (9274)، ومسلم (2699)، والترمذي (2646) و (2945) من طرق عن الأعمش، به - وبعضهم يزيد فيه على بعض. وصرَّح الأعمش في بعض هذه الطرق بالسماع من أبي صالح.
(2)
من قوله: "وابن نمير" إلى هنا سقط من (ب) والمطبوع.
(3)
إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمد بن العلاء الهمداني، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه أحمد 12/ (7427)، ومسلم (2699)، وابن ماجه (225)، وابن حبان (84) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد - وهو عند مسلم عن أبي كريب محمد بن العلاء وغيره عن أبي معاوية.
(4)
إسناده صحيح. ابن نمير: هو عبد الله. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه! واللفظة التي أسندَها زائدةُ قد وَقَفَها غيرُه
(1)
، فأمّا طلب العلم فلم يختلَف على الأعمش في سنده.
305 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بَكْرة بكَّار بن قُتيبة بن بكَّار القاضي بمصر، حدثنا أبو داود الطَّيالسي، حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه قال: كنتُ عند ابن عباس فأتاه رجل فمَتَّ إليه برَحِمٍ بعيدة، فقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعرِفوا أنسابَكم تَصِلُوا أرحامَكم، فإنه لا قُرْبَ لرَحِمٍ إذا قُطِعَت وإن كانت قريبةً، ولا بُعْدَ لها إذا وُصِلَت وإن كانت بعيدةً"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجه واحدٌ منهما، وإسحاق بن سعيد: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص قد احتجَّ البخاري بأكثر رواياته عن أبيه
(3)
.
= وأخرجه أحمد 12/ (7427)، ومسلم (2699) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
(1)
الظاهر أنه يريد قوله: "من أبطأ به عمله
…
إلخ"، وهذا الحرف مرفوع عند جمهور أصحاب الأعمش ولم ينفرد برفعه زائدة.
(2)
إسناده صحيح. أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود بن الجارود. وسيأتي مكررًا برقم (7470).
والحديث في "مسند الطيالسي" برقم (2880)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 157، و"شعب الإيمان"(7569)، والسمعاني في "الأنساب" 1/ 40 - 41.
وتابع الطيالسيَّ على رفعه قُرَاد أبو نوح - واسمه عبد الرحمن بن غزوان - عن إسحاق بن سعيد عند البيهقي في "الشعب"(7570).
وخالفهما أحمد بن يعقوب عند البخاري في "الأدب المفرد"(73) فرواه عن إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عباس موقوفًا. والطيالسي وقُراد أوثق منه.
قوله: "فمتَّ إليه" أي: توصَّل إليه.
(3)
قد احتجَّ مسلم أيضًا برواية إسحاق بن سعيد عن أبيه، وقد تنبّه المصنف لذلك في مكرَّره المذكور فصحَّحه على شرطهما.
ولهذا الحديث شاهد مَخرَجُ مثلِه في الشواهد:
306 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو بكر محمد بن شاذانَ الجوهري، حدثنا يوسف بن سلمان، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا أبو الأسباط الحارثي، عن يحيى بن أبي كَثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعلَّموا أنسابَكم تَصِلوا أرحامَكم"
(1)
.
حدثنا علي بن عيسى الحِيرِي، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد قال: سمعتُ محمدَ بن يحيى يقول: أبو الأسباط الحارثي: هو بِشْر بن رافع.
307 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي. وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا موسى بن الحسن بن عبَّاد؛ قالا: حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن محمد بن جُبَير بن مُطعِم، عن أبيه: أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ البُلدان شرٌّ؟ قال:"لا أدري"، فلمَّا أتاه جبريل قال:"يا جبريل، أيُّ البلدان شرٌّ؟ قال: لا أدري، حتى أسألَ ربي، فانطلق جبريل، فمَكَثَ ما شاءَ اللهُ أن يَمكُثَ، ثم جاء فقال: يا محمد، إنك سألتَني: أيُّ البلادِ شرٌّ؟ وإني قلت: لا أدري، وإني سألتُ ربي فقلت: أيُّ البلادِ شرٌّ؟ فقال: أسواقُها"
(2)
.
(1)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي الأسباط الحارثي، لكن سيأتي الحديث بنحوه برقم (7471) بإسناد حسن.
وأخرجه السمعاني في "الأنساب" 1/ 40 من طريق أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8308)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 12 من طريقين عن يوسف بن سلمان، به.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(197) من طريق عبد الرزاق، عن بشر بن رافع أبي الأسباط، به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد روي ما يشهد لحديثه كما في حديث ابن عمر الآتي برقم (310)، وحديث أبي هريرة عند مسلم (671) بلفظ:"أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها"، وقد حسَّن الحافظ ابن =
قد احتجَّا جميعًا برواة هذا الحديث إلّا عبدَ الله بن محمد بن عَقِيل، وقد تفرَّد البخاري بالاحتجاج بأبي حُذَيفة، وهذا الحديث أصلٌ في قول العالم: لا أدري.
وله شاهد عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل:
308 -
حدَّثَناه أبو الطيِّب محمد بن أحمد بن الحسن الحِيري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الله بن مسعود السَّلَمي، حدثنا عَبْدانُ بن عثمان وسعد بن يزيد الفرَّاء: قالا: حدثنا عبد الله بن المبارَك، عن عمرو بن ثابت، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن محمد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه: أنَّ رجلًا أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ البلاد شرٌّ؟ قال:"لا أدري"، فلما أتى جبريلُ محمدًا صلى الله عليه وسلم قال:"يا جبريل، أيُّ البلاد شرٌّ؟ قال: لا أدري حتى أسألَ ربي، فانطَلَقَ جبريلُ، فمَكَثَ ما شاء الله أن يَمكُثَ، ثم جاء فقال: يا محمد، سألتَني: أيُّ البلاد شرٌّ؟ وإني قلت: لا أدري، وإني سألت ربي: أيُّ البلاد شرٌّ؟ فقال: أسواقُها"
(1)
.
عمرو بن ثابت هذا: هو ابن أبي المِقْدام الكوفي، وليس من شرط الشيخين، وإنما ذكرتُه شاهدًا، ورواية عبد الله بن المبارك عنه حثَّني على إخراجه، فإني قد عَلَوتُ فيه من وجه لا يُعتمَد.
309 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الصمد بن النُّعمان، حدثنا عمرو بن ثابت، فذكره بنحوه.
وعبد الصمد ليس من شَرْط هذا الكتاب.
ولهذا الحديث شاهد آخر من حديث ابن عمر:
= في "الفتح" 7/ 103 (بتحقيقنا) إسناد حديث جبير بن مطعم هذا، والظاهر أنه حسَّنه لشواهده، والله أعلم.
أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، وسيأتي من طريقه مرة أخرى برقم (2177).
وأخرجه أحمد 27/ (16744) عن أبي عامر العقدي، عن زهير بن محمد، بهذا الإسناد.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا من أجل عمرو بن ثابت، فالجمهور على توهينه.
310 -
حدَّثَناه أبو حفص عمر بن محمد الجُمَحي بمكة في دار أبي بكر الصِّدّيق، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا جَرِير، عن عطاء بن السائب، عن محارِب بن دِثَار، عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ البِقاع خيرٌ؟ فقال:"لا أدري" فقال: أيُّ البقاع شرٌّ؟ فقال: "لا أدري" فقال: سَلْ ربَّك، قال: فلمّا نزل جبريل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني سُئِلتُ: أيُّ البقاع خيرٌ؟ وأيُّ البقاع شرٌّ؟ فقلت: لا أدري، فقال جبريل: وأنا لا أدري حتى أسألَ ربي"، قال: فانتفَضَ جبريلُ انتفاضةً كادَ أن يَصعَقَ منها محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فقال الله:"يا جبريل يسألُك محمدٌ: أيُّ البقاع خيرٌ؟ فقلتَ: لا أدري، فسألك: أيُّ البقاع شرٌّ؟ فقلتَ: لا أدري، وإنَّ خيرَ البقاعِ المساجدُ، وشرَّ البقاعِ الأسواقُ"
(1)
.
311 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعلي بن حَمْشاذَ قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا ابن جُرَيج.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا سفيان.
وأخبرني محمد بن أحمد بن عمر، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا عبد الرحمن بن بِشْر، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبَير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الناسُ أن يَضرِبوا أكبادَ الإبل، فلا يَجِدُوا
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلّا أنَّ عطاء بن السائب اختلط بأَخرة، وسماع جرير - وهو ابن عبد الحميد - منه بعد اختلاطه، ومع ذلك فقد قال الذهبي في "العلو للعلي الغفار" (238): حديث غريب صالح الإسناد؛ فلعله قال ذلك بالنظر إلى ما يقويه من شواهد، إذ أورد قبله مباشرة (237) حديث أبي أمامة بمعناه، لكن قال: ليس إسناده بالقوي.
وسيأتي الحديث برقم (2178) من طريق علي بن الحسن الهِسِنجاني ويحيى بن المغيرة السعدي عن جرير كرواية إسحاق بن إسماعيل هنا.
وأخرجه مختصرًا ابن حبان (1599) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد - وفيه: أنَّ جبريل سأل ميكائيل، وهي رواية شاذّة.
عالِمًا أعلمَ من عالِمِ المدينة"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وقد كان ابنُ عيينة ربما يجعله روايةً
(2)
:
312 -
كما حدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الجَرَّاحي بمَرْو، حدثنا عَبْدانُ محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا عبد الجبار بن العلاء ومحمد بن ميمون قالا: حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة روايةً قال:"يُوشِكُ الناسُ أن يَضرِبوا أكبادَ الإبل" الحديث.
وليس هذا ممّا يُوهِنُ الحديث، فإنَّ الحُميدي هو الحَكَمُ في حديثه لمعرفته به
(1)
إسناده صحيح إن كان ابن جريج سمع من أبي الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي - فقد اختُلِفَ على سفيان - وهو ابن عيينة - في تصريح ابن جريج بالسماع، فقد رواه عنه جمهور أصحابه بعنعنة ابن جريج، كما هو مبيَّن في تعليقنا على الحديث في "مسند أحمد" 13/ (7980)، وخالفهم هارون بن معروف عند الطحاوي في "مشكل الآثار"(4016)، وعلي بن المديني عند ابن أبي طاهر الأزدي السلماسي في "منازل الأئمة الأربعة" ص 185، وابن مفرِّج المقدسي في كتاب "الأربعين" ص 160، ومحمد بن عمر بن صفوان عند السلماسي أيضًا، فرواه ثلاثتهم عن سفيان عن ابن جريج قال: حدثنا أبو الزبير، وذكر ابن المديني وابن صفوان تصريح أبي الزبير أيضًا بالتحديث عن أبي صالح، والله تعالى أعلم.
والحديث أخرجه أحمد 13/ (7980)، والترمذي (2680)، وابن حبان (3736) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(4277) من طريق سفيان بن عيينة، لكن قال فيه: عن أبي الزناد، مكان أبي الزبير، قال النسائي: هذا خطأ، والصواب: أبو الزبير عن أبي صالح.
(2)
يعني موقوفًا على أبي هريرة وقد خالف الحاكمَ في إطلاق هذا اللفظ هنا على الموقوف كلُّ من كتب في علوم الحديث ممن جاء بعده كالخطيب البغدادي وابن الصلاح وغيرهما، فعدُّوا هذا اللفظ من الكنايات المستعملة في رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قولهم: يَبلُغ به، أو يَنْميه.
وقد أشار إلى رواية الوقف هذه أحمد فيما رواه عن سفيان - كما في "المنتخب من علل الخلال"(67) - قال: وأوقفه سفيان مرةً فلم يَجُزْ به أبا هريرة.
وكَثْرة ملازمته له، وقد كان ابنُ عيينة يقول: نرى هذا العالمَ مالكَ بنَ أنس.
313 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو صَخْر، عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن جاءَ مسجدَنا هذا يتعلَّمُ خيرًا ويعلِّمُه، فهو كالمجاهد في سبيل الله، ومَن جاءَ بغير هذا، كان كالرجل يَرَى الشيءَ يُعجِبُه وليس له" وربما قال: "يرى المصلِّينَ وليس منهم، ويرى الذَّاكِرينَ وليس منهم"
(1)
.
314 -
حدَّثَناه عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزَاعي، حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مَسَرَّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة بن
(1)
ضعيف لما فيه من الاضطراب على سعيد المقبري كما سيأتي. أبو صخر: هو حُميد بن زياد، وكان يَهِمُ في حديثه كما وقع له هنا حيث أسنده عن المقبري.
وأخرجه أحمد 14/ (8603) و 15/ (9419)، وابن ماجه (227) من طريقين عن حميد بن زياد أبي صخر، بهذا الإسناد.
وسيأتي بعده من طريق حيوة بن شريح، عن أبي صخر، به.
وقد رواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري، واختُلف عليه فيه: فرواه عنه سفيان الثوري عن سعيد المقبري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن كعب الأحبار من قوله.
ورواه عنه سفيان بن عيينة، عن سعيد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن كعب الأحبار. وكلاهما عند أبي نعيم في "حلية الأولياء" 6/ 16.
ورواه عن سعيد أيضًا عبيدُ الله بن عمر العمري، واختلف عليه فيه: فرواه عنه عبدة بن سليمان عند هنّاد في "الزهد"(957)، وعبد الله بن نمير عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 13/ 319 - ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 16 - عن سعيد المقبري، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، عن كعب الأحبار.
وخالفهما عبد العزيز بن محمد الدراوردي عند أبي نعيم 6/ 16 فرواه عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري قال: بلغني عن كعب. وقد صوَّب الدارقطني في "العلل"(2066) رواية من رواه عن كعب الأحبار من قوله.
شُريح، أخبرني أبو صخر، أنَّ سعيد المقبُري أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن دَخَلَ مسجدَنا هذا ليتعلَّمَ خيرًا أو يُعلِّمَه، كان كالمجاهدِ في سبيلِ الله، ومَن دَخَلَه لغير ذلك، كان كالنَّاظرِ إلى ما ليسَ له"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا بجميع رواته
(2)
ثم لم يُخرجاه، ولا أعلمُ له علَّةً!
بل له شاهد ثالث على شرطهما جميعًا:
315 -
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القَنطَري ببغداد، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو عاصم، عن ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَدَا إلى المسجد لا يريدُ إلّا ليتعلَّمَ خيرًا أو يُعلِّمَه، كان له أجرُ معتمرٍ تامِّ العُمْرة، ومَن راحَ إلى المسجد لا يريدُ إلَّا ليتعلَّمَ خيرًا أو يُعلِّمَه، فله أجرُ حاجٍّ تامِّ الحَجَّة"
(3)
.
قد احتَجَّ البخاريُّ بثَوْر بن يزيد في الأصول، وخرَّجه مسلم في الشواهد
(4)
، فأما ثور بن زَيْد الدِّيلي فإنه متَّفَق عليه.
(1)
ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد 16/ (10814)، وابن حبان (87) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
(2)
أبو صخر حميد بن زياد لم يحتجَّ به البخاري، وهو من أفراد مسلم.
(3)
إسناده حسن من أجل أبي الحسين القنطري، وأبي قلابة: وهو عبد الملك بن محمد الرّقَاشي. وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وأبو أمامة: هو صُدَيّ بن عجلان.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(370) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7473)، و"مسند الشاميين"(423)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 97 من طريق هشام بن عمار، عن محمد بن شعيب، عن ثور بن يزيد، به - بلفظ:"من غدا إلى المسجد لا يريد إلّا أن يتعلم خيرًا أو يعلّمه، كان له كأجر حاجٍّ تامٍّ حجُّه". قال الحافظ العراقي في تخريجه على "إحياء علوم الدين": إسناده جيّد.
(4)
كذا قال، وهو ذهولٌ منه، فإنَّ مسلمًا لم يرو عنه شيئًا في "صحيحه".
316 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، في "مسند أنس"، حدثنا أبو سعد يحيى بن منصور الهَرَوي، حدثنا أحمد بن نصر المقرئ النَّيسابوري.
وأخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله الجَوهري، حدثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثني أحمد بن نَصْر، حدثنا سُرَيج بن النعمان، حدثنا أبو عَوَانة، عن قَتَادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منهومانِ لا يَشبَعان: منهومٌ في علمٍ لا يَشبَعُ، ومنهومٌ في دنيا لا يَشبَع"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ولم أَجِدْ له عِلَّة.
317 -
حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود المُنادِي، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا كَهمَس بن الحسن، عن عبد الله بن شَقِيق قال: جاء أبو هريرة إلى كعبٍ يَسأَل عنه وكعبٌ في القوم، فقال كعب: ما تريدُ منه؟ فقال: أمَا إني لا أعرفُ أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون أحفظَ لحديثه منِّي، فقال كعب: أمَا إنك لم تَجِدْ أحدًا يَطلُبُ شيئًا إلّا سيَشبَعُ منه يومًا من الدهر إلّا طالبَ علمٍ، وطالبَ دنيا، فقال: أنت كعب، فإني لِمثْل هذا جئتُ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضّاح بن عبد الله اليَشكُري.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(451) عن أبي عبد الله الحاكم، عن علي بن حمشاذ وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي أيضًا (450)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 286 من طريق حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس. ورجاله ثقات.
وفي الباب عن ابن مسعود وابن عباس عند الدارمي (344) و (346) موقوفًا عليهما، وفي إسنادهما ضعفٌ.
قوله: "منهومان" أي: حريصان على تحصيل أقصى غايات مطلوبَيهما، وفي "النهاية": النَّهمة: بلوغ الهِمّة في الشيء. قاله في "مرقاة المفاتيح".
(2)
رجاله عن آخرهم ثقات، وأعلَّه الذهبي في "تلخيصه" بالانقطاع، والظاهر أنه ذهب إلى أنَّ =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وقولُ الصحابي: إني لحديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحفظُ من غيري، يُخرَّج في مسانيده.
318 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان العامِري، حدثنا خالد بن مَخلَد القَطَواني، حدثنا حمزة بن حبيب الزَّيّات، عن الأعمش، عن الحَكَم، عن مُصعَب بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فَضْلُ العلم أحبُّ إليَّ من فَضْلِ العبادة، وخيرُ دِينِكم الوَرَعُ"
(1)
.
= عبد الله بن شقيق لم يحضر هذه القصة التي رواها، لكن عبد الله بن شقيق قد سمع من أبي هريرة وروى عنه، فلا يبعد أن يكون أبو هريرة قد حدَّثه بما جرى له مع كعب، والله أعلم.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 237، والدارمي في "سننه"(292)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 341 من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد.
(1)
ضعيف مرفوعًا لاضطرابه والاختلاف فيه على الأعمش، والصحيح أنه من قول مطرّف بن عبد الله بن الشِّخّير - وهو من كبار التابعين - كما قال الدارقطني في "العلل" (591) و (1935) والبيهقي في "المدخل" (456). الحكم: هو ابن عتيبة الكوفي.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(454) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1125) عن عبد الله بن أبي زياد، والبيهقي في "الآداب"(1009)، و"الزهد"(821) من طريق محمد بن عبد الوهاب الفرّاء، كلاهما عن خالد بن مخلد القطواني، به. ولم يذكرا فيه الحكم بن عتيبة كرواية ابن نمير التالية عند المصنف.
وخالف عبد الله بن عبد القدوس فرواه عن الأعمش عن مطرف بن الشخير عن حذيفة، كما سيأتي عند المصنف برقم (321).
ورواه أبو مطيع - وهو البلخي - عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا، أخرجه الدارقطني في "العلل" 10/ 146، وأبو مطيع ضعيف.
وقيل: عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، وقال المسيب بن شريك: عن الأعمش عن سالم عن جابر. قال الدارقطني في "العلل" 4/ 319: وليس يثبت من هذه الأسانيد شيء، =
319 -
وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق السَّرّاج، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير، حدثنا خالد بن مَخلَد، عن حمزة الزَّيَّات، عن الأعمش، عن مصعب بن سعد، فذكر بنحوه، ولم يَذكُر الحَكَم
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والحسن بن علي بن عفّان ثقة، وقد أقام الإسناد، وقد أبهَمَه بكرُ بن بكَّار:
320 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى بن مَندَهْ الأصبهاني، حدثنا إبراهيم بن سَعْدان وأحمد بن عبد الواحد قالا: حدثنا بكر بن بكَّار، حدثنا حمزة الزيَّات، حدثنا الأعمش، عن رجل، عن مُصعَب بن سعد،
= وإنما يروى هذا عن مطرف بن عبد الله بن الشخير من قوله.
قلنا: وخالفهم جميعًا جريرُ بن عبد الحميد - وهو ثقة ثبت - فرواه عن الأعمش قال: بلغني عن مطرِّف أنه قال .. فذكره من قوله. أخرجه أبو خيثمة في كتاب "العلم"(13)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 306.
ورواه عن مطرفٍ أيضًا من قوله: قتادة عند ابن سعد في "الطبقات" 9/ 142، وأحمد في "الزهد"(1335)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 82 - 83، والبيهقي في "المدخل"(457)، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(104) و (105)، وابن عساكر 58/ 306، وحميد بن هلال عند ابن عبد البر (102) و (212)، وابن عساكر 58/ 306، وهذا هو المحفوظ، أنه من قول مطرّف، والله تعالى أعلم.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت مرفوعًا، أخرجه أبو الشيخ في "الأمثال"(203) من طريق مكحول عنه، وروايته عنه مرسلة، فالإسناد ضعيف لانقطاعه.
قوله: "فضل العلم .. " أي: نفل العلم أفضل من نفل العمل، وفضل العلم: ما زاد على المفترَض.
قاله المناوي في "فيض القدير".
(1)
ضعيف كسابقه.
وأخرجه الشاشي في "مسنده"(75)، والدارقطني في "العلل" 4/ 319، والضياء في "المختارة"(1068) من طريقين عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وخالف أحمد بن حفص السعدي عند الإسماعيلي في "المعجم" 1/ 355 - 356 فرواه عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبي خالد الأحمر - وهو سليمان بن حيان - عن حمزة الزيات.
عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحوه
(1)
.
ثم نظرنا فوجدنا خالد بن مخلد أثبتَ وأحفظَ وأوثقَ من بكر بن بكار فحكمنا له بالزيادة.
وقد رواه عبد الله بن عبد القُدُّوس عن الأعمش بإسناد آخر:
321 -
حدَّثَناه أبو علي الحافظ، حدثنا الهيثم بن خلف الدُّوري، حدثنا عبَّاد بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن عبد القُدوس، عن الأعمش، عن مطرِّف بن الشِّخِّير، عن حُذَيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلُ العلم خيرٌ من فضلِ العبادة، وخيرُ دِينِكم الوَرَعُ"
(2)
.
322 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا العباس بن الفضل الأَسفاطي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس.
وأخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا ابن أبي أُويس، حدثني أبي، عن ثَوْر بن زيد الدِّيلي، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ الناسَ في حجَّة الوداع، فقال: "إنَّ الشيطان قد يَئِسَ بأن يُعبَدَ
(1)
ضعيف كسابقه، وبكر بن بكار ليس بذاك القوي.
وأخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(487) من طريق محمد بن النضر، عن بكر بن بكار، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عبد القدوس، وللاختلاف فيه على الأعمش كما سلف عند الحديث (318).
وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير"(633)، والبزار في "مسنده"(2969)، والطبراني في "الأوسط"(3960)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 198، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 211، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(455) من طريق عباد بن يعقوب، بهذا الإسناد. قال الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث فلم يعدَّ هذا الحديث محفوظًا، ولم يعرف هذا عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال البيهقي: هذا الحديث يروى مرفوعًا بأسانيد ضعيفة، وهو صحيح من قول مطرف بن عبد الله بن الشخير.
بأرضِكم، ولكنه رَضِيَ أن يُطَاعَ فيما سوى ذلك ممّا تَحاقَرُونَ من أعمالكم، فاحذَرُوا يا أيها الناس.
إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبدًا: كتابَ الله، وسنةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم.
إنَّ كلَّ مسلمٍ أخٌ مسلمٌ
(1)
، المسلمون إخوةٌ، ولا يحِلُّ لامرئٍ من مالِ أخيه إلّا ما أعطاه عن طِيبِ نفس.
ولا تَظلِموا ولا تَرجِعوا من بعدي كفارًا يَضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعض
(2)
.
(1)
هكذا في النسخ الخطية، وفي "تلخيص الذهبي" والمطبوع: أخ المسلم، وعند البيهقي في كتبه من طريق الحاكم: أخو المسلم.
(2)
إسناده حسن، إسماعيل بن أبي أويس وأبوه - وهو عبد الله بن عبد الله بن أُويس - حديثهما حسن في المتابعات والشواهد، وهذا منها، فلحديثهما هذا شواهد إلّا في قوله:"وسنة نبيه" ففيه وهمٌ، والوجه في هذا الحرف ما رواه جابر بن عبد الله في هذه الخطبة كما في "صحيح مسلم" برقم (1218)، فإنَّ فيه:"وقد تركتُ فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتابَ الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون"، فهذا هو وجه الحديث، فلعلَّ الراوي في حديث ابن عباس وهمَ في قوله:"وأنتم تُسألون عني .. إلخ" فجعله "وسنة نبيه"، والله تعالى أعلم.
والحديث أخرجه البيهقي في "السنن" 6/ 96 و 10/ 114، و"الدلائل" 5/ 449، و"الاعتقاد" ص 228 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(770) عن العباس بن الفضل الأسفاطي، به - مختصرًا بالقسم الثاني منه.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "السنة"(68)، والآجري في "الشريعة"(1705)، وابن المنذر في "الأوسط"(8193) و (9675) من طرق عن إسماعيل بن أبي أويس، به.
ولأوله شاهد من حديث جابر عند مسلم (2812) وغيره.
وآخر عن أبي هريرة عند أحمد 14/ (8810)، وانظر تتمة شواهده فيه.
وللقسم الثاني منه شاهد من حديث جابر عند مسلم (1218)، لكن بلفظ مغاير كما ذكرنا في أول تعليقنا على الحديث.
وروى مالك في "الموطأ" 2/ 899 أنه بلغه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه"، وهذا لا يصح لما فيه من إبهام الواسطة بين مالك والنبي صلى الله عليه وسلم. =
وقد احتجَّ البخاري بأحاديث عِكْرمة، واحتجَّ مسلم بأبي أُويس عبد الله بن أُويس، وسائرُ رواته متَّفَق عليهم، وهذا الحديث لخُطْبة النبي صلى الله عليه وسلم متفقٌ على إخراجه في "الصحيح"
(1)
: "يا أيها الناس، إني قد تركتُ فيكم ما لن تَضِلُّوا بعده إن اعتصمتُم به: كتابَ الله، وأنتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟.
وذِكرُ الاعتصام بالسُّنّة في هذه الخطبة غريب، ويُحتَاج إليها. وقد وجدتُ له شاهدًا من حديث أبي هريرة:
323 -
أخبرني أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا داود بن عمرو الضَّبِّي، حدثنا صالح بن موسى الطَّلْحي، عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد تركتُ فيكم شيئينِ لن تَضِلُّوا بعدَهما: كتابَ الله وسُنَّتي، ولن يَتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ"
(2)
.
= قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(16024): وأسنده ابن عبد البر من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، مثله سواء، فالظاهر أنَّ مالكًا أخذه عنه. قلنا: هو عند ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 331، وكثير بن عبد الله ضعيف عند الأكثرين. وانظر حديث أبي هريرة التالي.
وللثالث شاهد من حديث عمرو بن يَثرِبي عند أحمد 24/ (15488).
وآخر عن أبي حميد الساعدي عند أحمد 39/ (23605)، وابن حبان (5978).
وأما "المسلم أخو المسلم" فمشهور في عدة أحاديث.
وللرابع شاهد من حديث جرير البجلي عند البخاري (121)، ومسلم (65).
وآخر من حديث ابن عمر عند البخاري أيضًا (6166)، ومسلم (66).
وثالث من حديث حُجْر بن عدي سيأتي عند المصنف برقم (6095).
(1)
هو فقط عند مسلم برقم (1218)، ولم يُخرجه البخاري.
(2)
إسناده واهٍ، صالح بن موسى الطَّلحي متروك منكر الحديث. أبو صالح: هو ذكوان السَّمّان.
وأخرجه البزار (8993)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(632)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 69، والدارقطني في "السنن"(4606)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(89)، والخطيب =
324 -
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن الخُراساني العَدْل ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبْرقان، حدثنا أبو داود سليمان بن داود، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: كان أخَوانِ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهما يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم والآخر يَحتَرِفُ، فشَكَا المحتَرِفُ أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"لعلَّكَ تُرزَقُ به"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ورواته عن آخرهم أثبات ثِقات، ولم يُخرجاه.
325 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الدارَبردي بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو مَعمَر، حدثنا عبد الوارث، عن الحسين، عن ابن بُرَيدة: أنَّ معاوية خرج من حمَّام حِمْص، فقال لغلامه: ائتِني بسِبْتِيَّتَيَّ
(2)
، فلَبِسَهما، ثم دخل مسجدَ حِمصَ فركع ركعتين، فلما فَرَغَ إذا هو بناسٍ جلوسٍ، فقال
= البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(275)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 331 من طرق عن داود بن عمرو الضبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 250، وابن شاهين في "الترغيب"(528)، و"شرح مذاهب أهل السنة"(44)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 114، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(274)، و"الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(88) من طريقين عن صالح بن موسى الطلحي، به.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن الخراساني شيخ المصنف، فقد روى عنه الدارقطني وغيره، وقال الدارقطني: فيه لين، كما في "سؤالات السهمي له"(349)، وقال الذهبي في "الميزان": صدوق. قلنا: وهو متابع.
أخرجه الترمذي (2345) عن محمد بن بشار، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي - كما في بعض النسخ -: حديث حسن صحيح.
(2)
تحرَّف في المطبوع إلى: ائتني لبستي. والسِّبْتية: هي النعل المتخَذَة من جلود البقر المدبوغة بالقَرَظ، سمِّيت بذلك لأنَّ شعرها قد سُبِتَ عنها، أي: حُلِقَ وأُزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدِّباغ، أي: لانَتْ. قاله ابن الأثير في "النهاية".
لهم: ما يُجلِسُكم؟ قالوا: صلَّينا صلاة المكتوبة، ثمَّ قصَّ القاصُّ، فلما فرغ قعدنا نتذاكرُ سُنَّةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال معاوية: ما من رجل أدرَكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقلَّ حديثًا عنه مني، إني سأحدِّثكم بخَصْلتين حَفِظتُهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من رجلٍ يكون على الناسِ فيقومُ على رأسِه الرجالُ، يحبُّ أن تَكثُرَ الخصومُ عنده، فَيَدخُلَ الجنة".
قال: وكنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فدخل المسجد، فإذا هو بقومٍ في المسجد قعودٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يُقعِدُكم؟ " قالوا: صلَّينا الصلاةَ المكتوبة، ثم قَعَدْنا نتذاكرُ كتابَ الله وسنَّةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله إذا ذَكَرَ شيئًا تَعاظَمَ ذِكرُه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد سمع عبدُ الله بن بُرَيدة الأسلمي من معاوية غيرَ حديث.
(1)
إسناده قوي. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو المُقعَد، وعبد الوارث: هو ابن سعيد، والحسين: هو ابن ذكوان المعلِّم، وابن بريدة: هو عبد الله.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن"(418)، وأبو منصور بن الديلمي في "مسند الفردوس" - كما في "الغرائب الملتقطة" للحافظ ابن حجر (418) - من طريق أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد - وهو عند ابن الديلمي مختصر جدًّا اقتصر فيه على قوله:"إنَّ الله إذا ذكر شيئًا تعاظم ذِكرُه"، وهو عند البيهقي دون الشطر الثاني.
تنبيه: أخطأ الشيخ الألباني رحمه الله حيث ذكر هذا الحديث في "السلسلة الضعيفة"(3046)، وذكر أنَّ الحسين الراوي عن ابن بريدة هنا هو الحسين بن واقد وفي حفظه ضعف يسير، وهذا وهمٌ، فإنَّ الحسين هذا هو ابن ذكوان المعلِّم الثقة، وقد جاء منسوبًا في رواية ابن الدَّيلمي، ثم إنَّ عبد الوارث بن سعيد لا تعرف له رواية عن حسين بن واقد، أما روايته عن حسين المعلم فمشهورة في كتب السنة. ثم إنه رحمه الله أعلَّه بشيخ الحاكم أبي بكر الدرابردي، حيث لم يجد له ترجمة، وقد ذكره تلميذُه الحاكم في "سؤالات السجزي له" (320) باسم أبي بكر بن أبي نصر - وهو نفسه - فقال: رحلتُ إلى مرو وأول ما دخلتها سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة وليس بها من يُقدَّم عليه في الصدق والعدالة، وكان من مزكِّيها.
حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظُ إملاءً في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين
(1)
وثلاث مئة:
326 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدِي، عن شُعْبة، عن علي بن الحَكَم، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد قال: كان أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلسوا كان حديثُهم - يعني - الفقهَ، إلّا أن يَقرأَ رجلٌ سورةً أو يأمرَ رجلًا يقرأُ سورة
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله شاهدٌ موقوف عن أبي سعيد:
327 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد قال: تَذاكَروا الحديثَ، فإنَّ مُذاكَرةَ الحديث تَهِيجُ الحديثَ
(3)
.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سبعين، والسابق واللاحق من تاريخ الإملاء إنما هو بتقديم التاء على السين.
(2)
إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة.
وأخرجه البيهقي في "المدخل"(419) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(948)، و"الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(1207) من طريق عفان، عن شعبة، به - إلّا أنه جعله من قول أبي نضرة.
(3)
أثر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة.
وأخرجه الدارمي (620) عن أبي معمر، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 733، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(723)، والمصنف في "معرفة علوم الحديث" ص 140، والبيهقي في "المدخل إلى السنن"(422)، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(1819)، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(626) و (706) من طرق عن الأعمش، به. =
وقد رُوِيَ في الحثِّ على مُطالَبة
(1)
الحديث عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود، بأحاديثَ صحيحةٍ على شرط الشيخين.
أما حديث علي:
328 -
فأخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا كَهمَس، عن عبد الله بن بُرَيدة قال: قال علي: تَذاكَرُوا الحديثَ، فإنكم إلَّا تفعلوا يَندَرِسْ
(2)
.
وأما حديث عبد الله بن مسعود:
329 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان، حدثنا أبو يحيى الحِمَّاني، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله: تَذاكَروا الحديثَ، فإنَّ ذِكرَ الحديث حياتُه
(3)
.
= وأخرجه أحمد في "العلل ومعرفة الرجال"(20)، والدارمي (618) و (619) من طريقين عن جعفر بن إياس، به.
وأخرجه الدارمي (617)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(49 - بغية الباحث)، والرامهرمزي (722)، والطبراني في "الأوسط"(2477)، والبيهقي (725) من طريقين عن أبي نضرة، به. وسيأتي برقم (6532).
(1)
هكذا في (ز) و (ص)، وفي (ب) والمطبوع: على مذاكرة.
(2)
إسناده صحيح. كهمس: هو ابن الحسن.
وأخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(721) من طريق زيد بن سعد الواسطي، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد - وقرن بيزيد أبا عاصم النبيل.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 733، والدارمي (650)، والمصنف في "معرفة علوم الحديث" ص 60 و 141، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي"(466)، و"شرف أصول الحديث"(202) و (203)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 5/ 344 من طرق عن كهمس بن الحسن، به.
قوله: "يندرس" أي: يذهب وتختفي آثاره.
(3)
أثر صحيح لكن من قول علقمة، أخطأ الحاكم في إسناده إلى عبد الله بن مسعود فيما قال البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(423 - 424)، وقد خالف الحاكمَ عنده أبو زكريا =
330 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البَرَاء بن عازب قال: ما كلُّ الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يحدِّثنا أصحابُنا، وكنا مُشتغِلين في رعاية الإبل
(1)
.
هذا حديث له طرق عن أبي إسحاق السَّبيعي، وهو صحيح على شرط الشيخين، وليس له علَّة، ولم يُخرجاه.
331 -
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدثنا إسحاق بن عيسى بن الطَّبّاع، حدثنا فُضَيل بن عِيَاض، عن الأعمش،
= المزكّي وأبو سعيد بن أبي عمرو فوقفاه على علقمة.
وأخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في "العلم"(71)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/ 184 عن أبي يحيى الحماني - وهو عبد الحميد بن عبد الرحمن - بهذا الإسناد. فوقفه على علقمة.
وتابعه أحمد بن حرب عند الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(725)، والعباس بن محمد الدُّوري عند الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"(212)، وابن عساكر 41/ 185، كلاهما عن أبي يحيى الحماني، به.
وتابع أبا يحيى الحِمّاني على وقفه على علقمة: سفيانُ الثوري عند الدارمي (627)، وأبي نعيم في "الحلية" 2/ 101، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(1821)، فرواه عن الأعمش عن إبراهيم - وهو ابن يزيد النَّخعي - عن علقمة بن قيس النخعي.
وخالفهم أبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة فرواه عن عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود من قوله. أخرجه أحمد في "العلل ومعرفة الرجال"(2675)، والدارمي (643)، والرامهرمزي (726)، وأدخل الدارمي في روايته بين عطاء وأبي الأحوص السائبَ والد عطاء، وأبو إسرائيل فيه ضعف.
(1)
صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل معاوية بن هشام القصّار. سفيان: هو الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
وأخرجه أحمد 30/ (18493) عن معاوية بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (18498) عن أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، به. وسيأتي بنحوه برقم (443).
عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَسمَعُون ويُسمَعُ منكم، ويُسمَعُ من الذين يَسمَعُون منكم"
(1)
.
تابعه جَرير بن عبد الحميد عن الأعمش:
332 -
حدَّثَناه جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا موسى بن هارون.
وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن نُعَيم؛ قالا: حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا جَرِير، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَسمَعُون ويُسمَعُ منكم، ويُسمَعُ ممَّن يَسمَعُ منكم"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وليس له عِلَّةٌ، ولم يُخرجاه.
وفي الباب أيضًا عن عبد الله بن مسعود وثابت بن قيس بن شَمَّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث ثابت بن قيس ذِكرُ الطبقة الثالثة أيضًا
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. عبد الله بن عبد الله: هو أبو جعفر الرازي قاضي الرّي.
وأخرجه أحمد 5/ (2945)، وابن حبان (62) من طريقين عن الأعمش، بهذ الإسناد. وانظر ما بعده.
قوله: "تسمعون ويُسمَع منكم" هو خبر يعني به الأمر، أي: لتسمعوا مني الحديثَ وتبلغوه عني، وليسمعه مَن بعدي منكم، وهكذا، أداءً للأمانة وإبلاغًا للرسالة.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (3659) من طريقين عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.
(3)
كذا قال، والصواب: الطبقة الرابعة، إلّا أن يكون أراد الثالثة بعد طبقة الصحابة، وهذه الرواية وقعت عنده في "معرفة علوم الحديث" ص 60، ونصَّ هناك أنَّ في هذا الحديث أربع طبقات. وإسناد الحديث فيه لِين.
وقد أخرجه أيضًا من حديث ثابت بن قيس - لكن دون ذكر الطبقة الرابعة - بالإسناد نفسه: البزار (146 - كشف الأستار)، والروياني في "مسنده"(1005)، والطبراني في "الكبير"(1321)، و"الأوسط"(5668)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(91)، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(1931).
أما حديث ابن مسعود، فلم نقف عليه.
333 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا ثَوْر بن يزيد، حدثنا خالد بن مَعْدان، عن عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي، عن العِرْباض بن سارِيَة قال: صلَّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصبح، ثم أقبلَ علينا فوَعَظَنا مَوعِظةً وَجِلَت منها القلوب، وذَرَفَت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظةُ مُودِّعٍ، فأَوصِنا، قال: "أُوصِيكُم بتقوى الله والسمعِ والطاعةِ وإنْ أُمّرَ عليكم عبدٌ
(1)
، فإنه من يَعِشْ منكم فسيَرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدين المهديِّين، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمور، فإنَّ كلَّ بِدْعةٍ ضلالةٌ"
(2)
.
هذا حديث صحيح ليس له علَّة، وقد احتَجَّ البخاريُّ بعبد الرحمن بن عمرو وثَوْر بن يزيد، وروى هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسُّنة
(3)
، والذي عندي أنهما رحمهما الله توهما أنه ليس له راوٍ عن خالد بن مَعْدانَ غير ثور بن يزيد، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرَّج حديثُه في "الصحيحين" عن خالد بن مَعْدان:
334 -
حدَّثَناه أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم محمد
(1)
هكذا في النسخ الخطية، وفي المطبوع: عبد حبشي.
(2)
حديث صحيح بطرقه التي ذكرها المصنف، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن عمرو السلمي، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو عاصم: هو الضحاك بن مَخلَد النبيل.
وأخرجه أحمد 28/ (17144)، والترمذي بإثر (2676) من طريق أبي عاصم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (44) من طريق عبد الملك بن الصبّاح المِسمعي، عن ثور بن يزيد، به.
وأخرجه الترمذي (2676) من طريق بَحِير بن سعد، عن خالد بن معدان، به.
والنواجذ: الأضراس.
(3)
إن كان المصنف أراد بهذا الكلام أنَّ البخاري روى حديث العرباض هذا في كتاب الاعتصام من "صحيحه"، فهو ذهولٌ منه رحمه الله، فإنَّ الحديث ليس في شيء من "صحيحه".
ابن إدريس الحَنظَلي، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا الليث، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن مَعْدانَ، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن العِرْباض بن ساريةَ، من بني سُلَيم من أهل الصُّفّة، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقام فوَعَظَ الناس، ورغَّبهم وحذَّرهم، وقال ما شاء اللهُ أن يقول، ثم قال:"اعبُدوا اللهَ ولا تُشركوا به شيئًا، وأَطِيعوا مَن وَلَّاه اللهُ أمرَكم، ولا تُنازِعُوا الأمرَ أهلَه ولو كان عبدًا أسودَ، وعليكم بما تَعرِفون من سُنَّة نبيِّكم والخُلفاءِ الراشدين المهديِّين، وعَضُّوا على نَواجِذِكم بالحق"
(1)
.
هذا إسناد صحيح على شرطهما جميعًا، ولا أعرفُ له علَّةً.
وقد تابع ضَمْرةُ بنُ حبيب خالدَ بنَ مَعْدانَ على رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي:
335 -
حدَّثَناه أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد؛ قالا: حدثنا أبو صالح، عن معاوية بن صالح.
وأخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن مَهدِي - عن معاوية بن صالح، عن ضَمْرة بن حَبيب، عن عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي، أنه سمع العِرباضَ بن ساريةَ قال: وَعَظَنا
(1)
حديث صحيح. وإسناده حسن كسابقه.
وقد خالف يزيدَ بن الهاد يحيى بنُ أبي كثير عند أحمد 28/ (17147) فرواه عن خالد بن معدان عن عبد الله بن أبي بلال عن العرباض بن سارية. وابن أبي بلال هذا مجهول تفرَّد بالرواية عنه محمد بن إبراهيم.
وتابعه على هذه الرواية بَحير بن سعد في إحدى الروايتين عنه عند أحمد أيضًا (17146) فقال: عن خالد بن معدان عن ابن أبي بلال عن العرباض.
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَوعِظةً ذَرَفَت منها العيون، ووَجِلَت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله، إنَّ هذا لموعظةُ مودِّع، فماذا تَعهَدُ إلينا، قال:"قد تَركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها، لا يَزيغُ عنها بعدي إلّا هالك، ومَن يَعِشْ منكم فسَيَرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهديِّين الراشدين من بعدي، وعليكم بالطاعة وإنْ عبدًا حبشيًّا، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذ"
(1)
.
فكان أسدُ بن وَدَاعةَ يزيد في هذا الحديث: "فإنَّ المؤمن كالجَمَل الأَنِفِ، حيثما قِيدَ انقاد"
(2)
.
وقد تابع عبدَ الرحمن بنَ عمرو على روايته عن العِرْباض بن ساريةَ ثلاثةٌ من الثّقات الأثبات من أئمة أهل الشام، منهم حُجْر بن حُجر الكَلَاعي:
336 -
حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا موسى بن أيوب النَّصِيبي وصفوان بن صالح الدِّمشقي قالا: حدثنا الوليد بن مسلم الدمشقي، حدثنا ثَوْر بن يزيد، حدثني خالد بن مَعْدان، حدثني عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي وحُجْر بن حُجْر الكَلَاعي قالا: أتينا العِرباضَ بن ساريةَ، وهو ممَّن نَزَلَ فيه:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92]، فسلَّمْنا وقلنا: أتيناك زائرينَ ومُقتبسِين، فقال العرباضُ: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبحَ ذات يومٍ، ثم أقبَلَ علينا فوعَظَنا موعظةً بليغةً، ذَرَفَت منها
(1)
حديث صحيح، وإسناده حسن كسابقه. أبو صالح: هو عبد الله بن صالح كاتب الليث. والحديث في "مسند أحمد" 28/ (17142).
وأخرجه ابن ماجه (43) من طريقين عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
(2)
لم نقف على رواية أسد بن وداعة هذه، لكن الزيادة المذكورة وقعت أيضًا في حديث عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد وابن ماجه.
والأَنِف: هو مجروح الأنف، وهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به. والمعنى: أنَّ المؤمن من شأنه الطاعة في كل شيء.
العيون، ووَجِلَت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظةُ مُودِّع، فما تَعهَدُ إلينا، فقال:"أُوصِيكُم بتقوى الله والسَّمع والطاعة، وإنْ عبدًا حَبَشيًّا، فإنه مَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخُلفاء الراشدين المَهديِّين، فتمسَّكُوا بها، وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمور، فإنَّ كل محدَثةٍ بدعةً، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ"
(1)
.
ومنهم يحيى بن أبي المُطاع القرشي:
337 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد التِّنِّيسي، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة التِّنِّيسي، أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زَبْر، عن يحيى بن أبي المُطاع قال: سمعتُ العِرباضَ بن ساريةَ السُّلَمي يقول: قامَ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ غَدَاةٍ فوَعَظَنا موعظةً وَجِلَت منها القلوب، وذَرَفَت منها الأعيُن، قال: فقلنا: يا رسول الله، قد وَعَظْتَنا موعظةَ مودِّع، فاعهَدْ إلينا، قال:"عليكم بتَقوَى الله"، أظنه قال:"والسَّمعِ والطاعة، وسيَرى مَن بعدي اختلافًا شديدًا - أو كثيرًا - فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاءِ المهديِّين، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذ، وإيَّاكم والمُحدَثاتِ، فإنَّ كلَّ بِدْعةٍ ضلالةٌ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، لمتابعة اثنين من التابعين بعضهما بعضًا، وحُجْر الكلاعي وإن كان مجهولًا لتفرد خالد بن معدان بالرواية عنه، إلّا أنه في رتبة من يصلح للاعتبار في المتابعات والشواهد، وعبد الرحمن سلف الكلام عليه.
وأخرجه أحمد 28/ (17145)، وعنه أبو داود (4607)، وأخرجه ابن حبان (5) من طريق علي بن المديني، كلاهما (أحمد وابن المديني) عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
(2)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن عيسى التنيسي، لكن الحديث روي من غير طريق عن عبد الله بن العلاء بن زبر، فقد أخرجه ابن ماجه (42) عن عبد الله بن أحمد بن بشير الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء به، والإسناد من هذا الوجه جيد إن صحَّ سماع يحيى بن أبي المطاع من العرباض بن سارية، فقد تُكلِّم فيه كما هو مبيَّن في تعليقنا على "سنن ابن ماجه".
ومنهم مَعبَد بن عبد الله بن هشام القُرشي
(1)
، وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب، فتركتُه.
وقد استقصَيتُ في تصحيح هذا الحديث بعضَ الاستقصاءِ على ما أدَّى إليه اجتهادي، وكنت فيه، كما قال إمامُ أئمة الحديث شُعْبةُ في حديث عبد الله بن عطاء عن عُقْبة بن عامر لمّا طلبه بالبصرة والكوفة والمدينة ومكة، ثم عاد الحديثُ إلى شَهْر بن حَوشَب فتركه، ثم قال شعبةُ: لَأن يَصِحَّ لي مثلُ هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أحبَّ إلي من والدي ووَلَدي والناس أجمعين.
وقد صحَّ هذا الحديثُ. والحمد لله وصلَّى الله على محمدٍ وآله أجمعين.
338 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني معاوية بن صالح.
وحدثنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه - واللفظ له - حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، أخبرني رَبيعة بن يزيد، عن أبي إدريسَ الخَوْلاني، عن يزيد بن عَمِيرة: أنَّ معاذ بن جبل لما حَضَرَتْه الوفاةُ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، أَوصِنا؟ قال: أجلِسوني، ثم قال: إنَّ العلم والإيمان مكانَهما، مَن التمَسَهما وَجَدَهما - قال ذلك ثلاثَ مرات - فالتمِسُوا العلمَ عند أربعةِ رَهْطٍ: عند عُوَيمِرٍ أبي الدَّرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن سَلَام
(2)
، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه عاشرُ عَشَرةٍ في الجنَّة"
(3)
.
(1)
لم نقف عليه مسندًا في شيء من المصادر التي بين أيدينا.
(2)
كذا في النسخ الخطية و"تلخيص المستدرك"، لم يذكر الرابع، وزاده في المطبوع بين سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام بلفظ:"وعند عبد الله بن مسعود"، وهو الموافق لما في مصادر التخريج والمواضع الأخرى عند المصنف.
(3)
إسناده صحيح، وعبد الله بن صالح - على ما به من كلام - متابَع. أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ويزيد بن عَمِيرة السَّكْسَكي صاحب
(1)
معاذ بن جبل.
وقد شَهِدَ مكحولٌ الدمشقي ليزيد بذلك، وهو مما يُستشهَد لمكحول عن يزيد متابعةً لأبي إدريس الخَوْلاني:
339 -
حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البَيروتي، حدثنا محمد بن شعيب بن شابُور، حدثني النُّعمان بن المنذر، عن مكحول قال: وَجِعَ معاذُ بن جبل يومًا وعنده يزيد بن عَمِيرة الزُّبيدي، فبكى عليه يزيدُ، فقال له معاذ: ما يُبكِيكَ؟ قال: يُبكِيني ما كنتُ أسألُك كلَّ يومٍ، يَنقطِعُ عني، فقال معاذ: إنَّ العلم والإيمان بَشَاشَتان، قُمْ فالتمِسْهما، قال يزيد: وعندَ مَن أَلتمسُهما؟ فقال معاذ: عند أربعةِ نفرٍ عند عُويمِر أبي الدرداء، وعند عبد الله بن مسعود، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن سَلَام، فإنه كان يقال:"إنه عاشرُ عَشَرةٍ في الجنة"، قال يزيد: فقلت: وعند عمر بن الخَطَّاب؟ فقال: لا تَسألْه عن شيء، فإنه عنك مشغول
(2)
.
وقد روى الزُّهْريُّ عن أبي إدريسَ طَرَفًا من هذا الحديث:
340 -
حدَّثَناه علي بن حمشاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَريك، حدثنا نُعيم بن حمَّاد، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن عَجْلان، حدثني ابن شِهاب، عن أبي إدريس الخَوْلاني، عن معاذ بن جبل قال: العلمُ والإيمانُ مكانَهما، مَن ابتغاهما وَجَدَهما
(3)
.
= وأخرجه ابن حبان (7165) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وسيأتي بالأرقام (335) و (336) و (5249) و (5827) و (8506)، وانظر (8365).
(1)
في النسخ الخطية: السكسكيان صاحبا! ويزيد هذا لم يرو له الشيخان شيئًا.
(2)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد منقطع، مكحول لم يدرك معاذ بن جبل يقينًا، ويغلب على ظننا أنه لم يدرك يزيد بن عميرة أيضًا فهو تابعي كبير مخضرم.
(3)
صحيح بما قبله، أبو إدريس الخولاني إنما سمع هذا من يزيد بن عميرة عن معاذ كما سلف برقم (338). ابن عجلان: هو محمد.
341 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا عُبيد بن شَرِيكَ البزَّار، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، حدثني الليث بن سعد، عن إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جُبير بن نُفَير، أنه قال: حدثني عوفُ بن مالك الأشجعي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إلى السماء يومًا فقال: "هذا أوانُ أن يُرفَعَ العِلمُ"، فقال له رجل من الأنصار - يقال له: ابن لَبِيد -: يا رسول الله، كيف يُرفَعُ العلمُ وقد أُثبِتَ في الكتب، ووَعَتْه القلوب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن كنتُ لأحسَبُك من أفقَهِ أهل المدينة"، ثم ذكر ضلالةَ اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله.
قال: فلَقِيتُ شَدَّادَ بن أَوْس فحدَّثتُه بحديث عوف بن مالك، فقال: صَدَقَ عوفٌ، ألا أُخبرُك بأوَّل ذلك يُرفَع؟ قلت: بلى، قال: الخشوعُ، حتى لا تَرى خاشعًا
(1)
.
هذا حديث صحيح، وقد احتَجَّ الشيخان بجميع رُواتِه
(2)
، والشاهد لذلك فيه شدَّاد بن أَوْس، فقد سمع جبيرُ بنُ نُفير الحديثَ منهما جميعًا، ومن ثالثٍ من الصحابة وهو أبو الدَّرداء:
342 -
حدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئ وأبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، قالا: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه جُبير، عن أبي الدَّرداء قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشَخَصَ ببصرِه إلى السماء، ثم قال:"هذا أوانُ يُختَلَسُ العلمُ من الناس، حتى لا يَقدِرُوا منه على شيءٍ"، قال: فقال زياد بن لَبِيد
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبيد بن شريك - وهو عبيد بن عبد الواحد بن شريك - وقد توبع. وابن لبيد المذكور في الحديث: هو زياد بن لبيد الأنصاري كما سيأتي لاحقًا.
وأخرجه النسائي (5878)، وابن حبان (4572) و (6720) من طريق عبد الله بن وهب، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 39/ (23990) من طريق محمد بن حِمْير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، به.
(2)
الوليد بن عبد الرحمن - وهو الجُرَشي - لم يرو له البخاري شيئًا في "صحيحه"، وإنما روى له خارجه في كتابه "خلق أفعال العباد".
الأنصاري: يا رسول الله، وكيف يُختلَسُ منا وقد قرأْنا القرآن؟ فوالله لنَقرَأنَّه ولنُقرِئنَّه نساءَنا وأبناءَنا، فقال:"ثَكِلَتكَ أمُّك يا زياد، إني كنت لَأعدُّك من فقهاءِ أهل المدينة، هذا التوراةُ والإنجيلُ عند اليهود والنصارى، فماذا يُغْني عنهم؟! ".
قال جُبير: فَلِقيتُ عُبادةَ بن الصَّامت، فقلت له: ألا تَسمَعُ ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ وأخبرتُه بالذي قال، قال: صَدَقَ أبو الدرداء، إن شئتَ لأحدِّثُك بأول علم يُرفَعُ من الناس: الخشوعُ، يُوشِكُ أن تَدخُلَ مسجدَ الجماعة فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا
(1)
.
هذا إسناد صحيح من حديث المِصريِّين.
وفيه شاهدٌ رابع على صحة الحديث وهو عُبادة بن الصامت، ولعلَّ متوهمًا يتوهَّم أنَّ جبير بن نفير رواه مرةً عن عوف بن مالك الأشجعي، ومرةً عن أبي الدرداء، فيصيرُ به الحديث معلولًا، وليس كذلك، فإنَّ رواة الإسنادين جميعًا ثقات، وجُبير بن نُفير الحضرمي من أكابر تابعي الشام، فإذا صحَّ الحديث عنه بالإسنادين جميعًا، فقد ظَهَرَ أنه سمعه من الصحابيَّينِ جميعًا، والدليل الواضح على ما ذكرتُه أنَّ الحديث قد رُوِيَ بإسناد صحيح عن زياد بن لَبِيد الأنصاري الذي ذَكَرَ مراجعةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديثين:
343 -
أخبرني أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعْبة، عن عَمرو بن مُرَّة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ابن لَبِيد الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا أوانُ ذهابِ العِلْم" - قال شعبة: أو قال: "أوانُ انقطاع العِلْم" - قالوا: كَيفَهْ وفينا كتابُ الله نعلِّمُه
(1)
المحفوظ ما قبله من حديث عوف بن مالك، عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث - في حفظه شيء، تقع له في رواياته أخطاء وأوهام، وهذا منها.
وأخرجه الترمذي (2653) من عبد الله بن الرحمن - وهو الدارمي - عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.
أبناءَنا، ويعلِّمُه أبناؤُنا أبناءَهم؟ قال:"ثَكِلَتكَ أمُّك ابنَ لَبيدٍ، ما كنتُ أحسَبُك إلَّا من أعقلِ أهلِ المدينة، أليس اليهودُ والنصارى فيهم كتابُ الله التوراةُ والإنجيلُ لم يَنتفِعوا منه بشيءٍ"
(1)
.
قد ثَبَتَ الحديثُ بلا ريبٍ فيه برواية زياد بن لَبِيد بمثل هذا الإسناد الواضح.
344 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني معاوية بن صالح، أخبرني عبد الوهاب بن بُخْت، عن زِرِّ بن حُبَيش، عن صفوان بن عَسَّال المُرادِي: أنه جاء يسأله عن شيء، فقال: ما أعمَلَكَ إليَّ إلّا ذلك؟ قال: ما أَعمَلتُ إليك إلّا لذلك، قال: فأَبشِرْ، فإنه ما من رجلٍ يخرُج في طلبِ العلم إلّا بَسَطَت له الملائكةُ أجنحتَها، رِضًى بما يفعلُ، حتى يَرجِعَ
(2)
.
(1)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات، وسالم بن أبي الجعد قال فيه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 344: لا أُراه سمع من زياد، وجزم الحافظ ابن حجر في "الإصابة" بأنه لم يلقه.
والحديث في "مسند أحمد" 29/ (17920).
وسيأتي من طريق الأعمش برقمي (6643) و (6695/ 3).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 30/ (18093)، وابن ماجه (226)، وابن حبان (85) و (1319) و (1325) من طريق معمر، وأحمد (18095)، والترمذي (3535)، وابن حبان (1100) و (1321) من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد (18091) و (18098) من طريق حماد بن سلمة، وأحمد (18100)، والترمذي (3536) من طريق حماد بن زيد، والنسائي (131) و (145) من طريق شعبة، خمستهم عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، به - إلّا أنَّ معمرًا وحماد بن سلمة جعلا قوله في وضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال حماد بن زيد في حديثه عن صفوان: بلغني أنَّ الملائكة
…
إلخ. والظاهر أنَّ هذا مرفوع كما في روايتي معمر وحماد بن سلمة، فإنَّ مثله لا يقال من قِبَل الرأي.
وفي الباب عن أبي الدرداء عند أحمد 36/ (21715)، وأبي داود (3641)، وابن ماجه (223)، والترمذي (2682)، وابن حبان (88)، وإسناده ضعيف.
هذا إسناد صحيح، فإنَّ عبد الوهاب بن بُخْت من ثِقاتِ المصريِّين
(1)
وأثباتهم ممَّن يُجمَع حديثُه، وقد احتجَّا به، ولم يُخرجا هذا الحديث، ومَدَارُ هذا الحديث على حديث عاصم بن بَهْدلَة عن زِرٍّ، وقد أعرضا عنه بالكُلِّيّة، وله عن زر بن حُبيش شهودٌ ثقاتٌ غيرُ عاصم بن بَهْدلة.
فمنهم المِنْهال بن عمرو، وقد اتَّفقا عليه:
345 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عارِمٌ، حدثنا الصَّعْق بن حَزْن، عن علي بن الحَكَم، عن المِنهال بن عمرو، عن زِرِّ بن حُبيش قال: جاء رجل من مُراد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: صفوان بن عسَّال، وهو في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما جاء بك؟ " قال: ابتغاءُ العلم، قال:"فإنَّ الملائكة تَضَعُ أجنحتَها لطالب العلم رِضًى بما يَصنَعُ"، وذكر الحديث
(2)
.
عارِمٌ هذا: هو أبو النُّعمان محمد بن الفضل البصري، حافظٌ ثقةٌ، اعتمَدَه البخاريُّ في جملة من الحديث رواها عنه في "الصحيح"، وقد خالفه شيبانُ بن فَرُّوخَ في هذا الحديث، فرواه عن الصَّعْق بن حَزْن:
346 -
أخبرَناه أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا إسماعيل بن إسحاق والحسن بن علي المَعْمَري ومحمد بن عبد الله بن سليمان، قالوا: حدثنا شَيْبانُ، حدثنا الصَّعْق بن حَزْن، حدثنا علي بن الحَكَم، عن المِنهال بن عمرو، عن زِرِّ بن حُبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: حدَّث صفوانُ بن عسَّال المُراديُّ قال: أتيتُ
(1)
هكذا في النسخ الخطية، وفي المطبوع البصريين، وكلاهما وهمٌ، فإنَّ عبد الوهاب بن بخت شاميٌّ ثم سكن المدينة كما في مصادر ترجمته.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه ابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(162) من طريق قاسم بن أصبغ، عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث
(1)
.
وقد أوقفَه أبو جَنَابٍ الكَلْبي عن طَلْحة بن مُصرّف عن زر بن حُبيش، وأبو جناب ممَّن لا يحتَجُّ بروايته في هذا الكتاب:
347 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا يحيى بن فَصِيل
(2)
، حدثنا الحسن بن صالح، حدثني أبو جَنَابٍ، حدثني طلحةُ بن مُصرِّف: أن زِرَّ بن حُبيش أتى صفوانَ بن عسّال فقال: ما غَدَا بك إليَّ؟ قال: غَدًا بيَ الْتماسُ العلم، قال: أما إنه ليس يَصنَعُ ما صنعت أحدٌ، إِلَّا وَضَعَت له الملائكةُ أجنحتَها رِضًى بما يَصنَع، وذكر باقي الحديث
(3)
.
هذا مما لا يُوهِنُ هذا الحديث، فقد أسنَدَه جماعةٌ وأوقَفَه جماعة، والذي أسنده أحفظُ، والزِّيادة منهم مقبولة.
348 -
حدثنا جعفر بن محمد بن نُصَير إملاءً ببغداد، حدثنا القاسم بن محمد
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، إلّا أنَّ المحفوظ فيه أنه من رواية زر بن حبيش عن صفوان بن عسال بلا واسطة.
وأخرجه الطبراني (7347)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3818)، والضياء في "المختارة" 8/ (34) و (35) من طرق عن شيبان بن فروخ، بهذا الإسناد.
(2)
تصحف في (ع) والمطبوع إلى: فضيل. وقد ضبطه بالصاد المهملة المصنفُ في "سؤالات السجزي له"(82)، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" 4/ 1817، وغيرهما كالخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 246 وقال: بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة.
وانظر "تاريخ الإسلام" للذهبي 5/ 225.
(3)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي جناب: وهو يحيى بن أبي حية الكلبي.
وأما يحيى بن فصيل فقد روى عنه اثنان ثقتان على الأقل وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 181 فلم يأثر فيه جرحًا أو تعديلًا، وهو متابَع فيما يرويه، فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
وأخرجه ابن الأعرابي في "المعجم"(1402)، والطبراني في "الكبير"(7349) - وعنه أبو نعيم في "الحلية" 5/ 22 - من طريق الحسن بن علي بن عفان، بهذا الإسناد.
ابن حمَّاد، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثني محمد بن ثَوْر، حدثنا ابن جُرَيج قال: جاء الأعمشُ إلى عطاءٍ فسأله عن حديثٍ فحدَّثه، فقلنا له: تحدِّثُ هذا وهو عراقيٌّ؟ قال: لأني سمعت أبا هريرة يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن سُئِلَ عن علمٍ فكَتَمَه، جِيءَ به يومَ القيامة وقد أُلجِمَ بلِجَامٍ من نار"
(1)
.
هذا حديث تداوَلَه الناسُ بأسانيدَ كثيرة تُجمَعُ ويُذاكَرُ بها، وهذا الإسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
349 -
ذاكرتُ شيخَنا أبا علي الحافظ بهذا الباب، ثم سألته: هل يصحُّ شيءٌ من هذه الأسانيد عن عطاء؟ فقال: لا، قلت: لمَ؟ قال: لأنَّ عطاءً لم يسمعه من أبي هريرة؛ أخبرَناه محمد بن أحمد بن سعيد الواسطي، حدثنا أزهَرُ بن مروان، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا علي بن الحَكَم، عن عطاء، عن رجل، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سُئِلَ عن علمٍ فكَتَمَه، أَلْجَمَه اللهُ يومَ القيامة بلِجامٍ من نار"
(2)
.
(1)
حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف القاسم بن محمد بن حماد. عطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه أحمد 13/ (7943) و 16/ (10487) و (10597) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء، به. وأخرجه ابن ماجه (266) من طريق ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وانظر ما بعده. ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو الآتي عند المصنف، وأحاديث أخرى مذكورة في التعليق على الحديث (7571)"مسند أحمد".
(2)
حديث صحيح، وهذا الإسناد ضعيف بوجود الواسطة المبهمة بين عطاء وأبي هريرة، والجادَّة فيه إسقاط هذه الواسطة كما وقع عند حماد بن سلمة عن علي بن الحكم، وحماد أروى الناس عن علي بن الحكم فيما قاله أبو داود.
أخرجه أحمد 13/ (7571) و (8049) و 14/ (8533) و (8638)، وأبو داود (3658)، وابن حبان (95) من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن الحكم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح. =
فقلت له: قد أخطأ فيه أزهرُ بن مروان أو شيخُكم ابن أحمد الواسطي، وغيرُ مُستبدَعٍ منهما الوهمُ:
350 -
فقد حدَّثنا بالحديث أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حَمْشاذَ قالا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن علي بن الحَكَم، عن رجل، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن سُئِلَ عن علمٍ عنده فكَتَمَه، ألْجَمَه اللهُ بِلِجَامٍ من نارٍ يومَ القيامة".
فاستحسنه أبو عليٍّ واعترف لي به، ثم لمَّا جمعتُ البابَ وجدتُ جماعة ذكروا فيه سماعَ عطاء من أبي هريرة.
ووجدنا الحديث بإسناد صحيح لا غبارَ عليه عن عبد الله بن عمرو:
351 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني عبد الله بن عيّاش، عن أبيه، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن كَتَمَ علمًا ألجَمَه اللهُ يومَ القيامة بلِجَامٍ من نار"
(1)
.
هذا إسناد صحيح من حديث المصريِّين على شرط الشيخين وليس له عِلَّة، وفي الباب جماعةٌ من الصحابة غير أبي هريرة.
352 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد
= وتابع حمادًا على هذه الرواية عُمارةُ بن زاذان عند أحمد 16/ (10420)، وابن ماجه (261)، والترمذي (2649). وعمارة بن زاذان حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وذكر سماع عطاء من أبي هريرة عند ابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن عياش بن عباس.
ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري، وأبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري المصري.
وأخرجه ابن حبان (96) من طريق أبي الطاهر بن السَّرْح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
ويشهد له ما قبله.
الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب قال: سمعت سفيان بن عُيَينة يحدِّث عن بَيَانٍ، عن عامر الشَّعْبي، عن قَرَظَة بن كعب قال: خرجنا نريد العراقَ، فمشى معنا عمرُ بنُ الخطّاب إلى صَرَارٍ فتوضَّأ ثم قال: أتدرون لم مشيتُ معكم؟ قالوا: نعم، نحن أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيتَ معنا، قال: إنكم تأتون أهلَ قرية لهم دَوِيّ بالقرآن كدَوِيِّ النحل، فلا تبدؤونهم بالأحاديث فيَشغَلُونكم
(1)
، جَرَّدوا القرآنَ وأَقِلُّوا الروايةَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامضُوا وأنا شريكُكم. فلما قدم قَرَظةُ قالوا: حدِّثنا، قال: نهانا ابن الخطّاب
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد له طرقٌ تُجمَع ويُذاكَر بها، وقَرَظةُ بن كعب الأنصاري صحابيٌّ سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن شرطنا في الصحابة أن لا نَطوِيَهم، وأما سائر رواته فقد احتجَّا به.
353 -
حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا شَريك
(3)
، عن عثمان بن أبي زُرْعة، عن عامر بن سعد البَجَلي قال: دخلتُ على قَرَظة بن كعب وأبي مسعود وزيد بن ثابت، فإذا عندهم جَوَاري يُغنِّينَ، فقلت لهم: أتفعلون هذا وأنتم أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقالوا: إن كنتَ تسمعُ وإلَّا فامضِ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لنا في اللَّهو في العُرْس، وفي البكاء عند الميت
(4)
.
(1)
كذا وقعت الرواية عن ابن وهب، وهي كذلك في "مسنده" برقم (111)، بإثبات النون في الكلمتين، والجادة: فلا تبدؤوهم بالأحاديث فيشغلوكم، بحذف النون فيهما.
(2)
إسناده صحيح. بيان: هو ابن بِشْر أبو بشر الأحمسي.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (28) من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي، به.
(3)
تحرَّف في المطبوع إلى: إسرائيل.
(4)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن عبد الحميد: وهو الحِمّاني، وشريك - وهو ابن عبد الله النَّخَعي - متكلَّم في حفظه، وهو في الجملة حسن الحديث إلّا إذا خالف أو أتى بما يُنكَر. =
354 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن بكر بن عَمْرو، عن عَمرو بن أبي نُعَيمة، عن أبي عثمان مسلم بن يَسَار، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قال عليَّ ما لم أقُلْ، فليَتبَوَّأْ مَقعَدَه من النار، ومَن استشاره أخوه فأشارَ عليه بغير رَشْدةٍ، فقد خانه، ومَن أُفتيَ بفُتْيا غيرِ ثَبَتٍ، فإنما إثمُه على مَن أفتاه"
(1)
.
تابعه يحيى بن أيوب عن بكر بن عمرو:
= والمحفوظ في هذا الحديث: شريك عن أبي إسحاق السَّبيعي عن عامر بن سعد البجلي، هكذا رواه ثقات أصحاب شريك، منهم ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 192، وعلي بن حُجْر السعدي عند النسائي (5539)، وأبو غسان النَّهدي فيما سيأتي عند المصنف برقم (2787)، وقد تابعه عن أبي إسحاق فيه شعبةُ فيما سيأتي برقم (2786).
والجارية: البنت الصغيرة.
(1)
إسناده محتمل للتحسين، عمرو بن أبي نعيمة - ويقال: نِعمة - روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال فيه بكر بن عمرو الراوي عنه - كما في الحديث التالي -: كان امرأَ صدقٍ، وتشدَّد فيه الدارقطني وابن القطان الفاسي فجهّلاه.
وأخرجه أحمد 14/ (8266) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، به.
وأخرجه أحمد (8776) من طريق رِشدين بن سعد، عن بكر بن عمرو، به - مرسلًا لم يذكر فيه أبا هريرة، ورشدين بن سعد ضعيف.
وأخرجه مختصرًا بقصة الفُتيا ابن ماجه (53) عن ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي هانئ حميد بن هانئ، عن أبي عثمان مسلم بن يسار، عن أبي هريرة. وهذا إسناد - إن كان محفوظًا - حسن، لكن رواه غير ابن أبي شيبة عن المقرئ فجعله من رواية سعيد بن أبي أيوب عن بكر بن عمرو، وهو المحفوظ، والله تعالى أعلم.
وسيأتي الحديث برقم (355) و (441).
وأول الحديث، وهو قوله:"من قال عليَّ ما لم أقل، فليتبوأ مقعده من النار" روي من غير وجه صحيح عن أبي هريرة في "الصحيحين" وغيرهما، وهو متواتر، انظر "مسند أحمد" 15/ (9316) و (9350) و 16/ (10513).
قوله: "بغير رَشْده"، الرَّشْدة: ضدُّ الغَيّة.
والثَّبَت، بفتحتين: الصواب، وبتسكين الباء: ثابتة.
355 -
أخبرَناه أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن أيوب، عن بكر بن عَمْرو، عن عَمرو بن أبي نُعَيمة رَضِيع عبد الملك بن مروان - وكان امْرأَ صِدقٍ - عن مسلم بن يَسَار قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال عليَّ ما لم أَقُلْ، فليتبوَّأْ ببِناءٍ في جهنَّم، ومن أُفتيَ بغير علمٍ، كان إثمُه على مَن أفتاه، ومَن أشار على أخيه بأمرٍ يَعلَمُ أَنَّ الرُّشدَ في غيره، فقد خانه"
(1)
.
هذا حديث قد احتجَّ الشيخان برواته غير عمرٍو هذا
(2)
، وقد وثَّقه بكر بن عمرو المَعافِري، وهو أحد أئمَّة أهل مصر، والحاجةُ بنا إلى لفظة التثبّت في الفتيا شديدة.
356 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي هانئ الخَوْلاني، عن مسلم بن يَسَار، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سيكون في آخرِ الزَّمان ناسٌ من أمَّتي يحدِّثونكم بما لم تَسْمَعُوا أنتم ولا آباؤُكم، فإيَّاكم وإيَّاهم"
(3)
.
هذا حديث ذَكَرَه مسلم في خُطْبة الكتاب مع الحكايات، ولم يُخرجاه في أبواب
(1)
إسناده محتمل للتحسين كسابقه.
وأخرجه أبو داود (3657) من طريق عبد الله بن وهب، عن يحيى بن أيوب بهذا الإسناد.
(2)
وأبو عثمان مسلم بن يسار لم يخرج له البخاري في "صحيحه" شيئًا.
(3)
إسناده حسن من أجل مسلم بن يسار أبي عثمان الطُّنبذي. أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ.
وأخرجه مسلم (7)، وابن حبان (6766) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8267)، ومسلم (6) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 14/ (8596) من طريق ابن لهيعة، عن سلامان بن عامر، عن أبي عثمان الأصبحي، عن أبي هريرة وإسناده ضعيف.
الكتاب، وهو صحيح على شرطهما جميعًا، ومحتاج إليه في الجَرْح والتعديل، ولا أعلمُ له علَّة.
357 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدثنا عبد الله بن نُمَير، عن الأعمش، عن عُمَارة بن عُمير ومالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال: الاقتصادُ في السُّنة، أحسنُ من الاجتهاد في البِدْعة
(1)
.
رواه الثَّوري عن الأعمش عن مالك بن الحارث:
358 -
أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أحمد بن سيّار، حدثنا محمد بن كَثِير، حدثنا سفيان عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الله، مثلَه
(2)
.
هذا حديث مُسنَد صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه، إنما خرَّجا في هذا النوع حديثَ أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله: وإنما هما اثنتان: الهَدْي والكلام، فأفضلُ الكلام كلامُ الله، وأحسنُ الهَدْي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم
…
الحديث
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه البيهقي 3/ 380 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن بطة في "الإبانة" 1/ 337 عن إسماعيل بن محمد الصفار، عن الحسن بن علي بن عفّان، به.
وأخرجه أحمد في "الزهد"(871)، والدارمي (223)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(13 - 14)، وابن بطة 1/ 357 من طرق عن الأعمش، به.
(2)
إسناده صحيح كسابقه.
وأخرجه ابن بطة 1/ 358 من طريق ابن المبارك، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
(3)
عزو هذا الأثر إلى تخريج الشيخين من هذا الطريق ذهولٌ من المصنف رحمه الله، وهو عند ابن ماجه برقم (46) من طريق موسى بن عقبة عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - عن أبي الأحوص - وهو عوف بن مالك الأشجعي - عن ابن مسعود مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. =
359 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا شعيب بن الليث، حدثنا الليث.
وأخبرني عمرو بن محمد بن منصور العَدْل وأحمد بن يعقوب الثقفي، قالا: حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الليث بن سعد، أخبرني سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عن أخيه عبَّاد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من الأربع: من علمٍ لا يَنفَع، وقلبٍ لا يَخشَع، ونفسٍ لا تَشبَع، ودعاءٍ لا يُسمَع"
(1)
.
هذا حديث صحيح ولم يُخرجاه، فإنهما لم يُخرجا عبَّادَ بن أبي سعيد المَقْبُري، لا لجَرْح فيه بل لقِلَّة حديثه وقِلَّة الحاجة إليه.
وقد رواه محمد بن عَجْلان عن سعيد المقبُري عن أبي هريرة، ولم يذكر أخاه عبَّادًا:
360 -
حدَّثَناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا سعيد بن عمرو الأشعَثي ومحمد بن العلاء الهَمْداني وهارون بن إسحاق
= وخالف موسى بنَ عقبة في رفعه شعبةُ وإسرائيلُ وشريكٌ فرووه عن أبي إسحاق من كلام عبد الله بن مسعود، قال الدارقطني في "العلل" 5/ 323: وقول شعبة ومن تابعه أولى بالصواب. قلنا: وتابعهم على وقفه أيضًا معمر في "جامعه"(20076) عن أبي إسحاق.
وأخرجه البخاري نحوه برقم (6098) و (7277) من طريقين آخرين عن عبد الله بن مسعود من قوله.
(1)
حديث صحيح عباد بن أبي سعيد لم يرو عنه سوى أخيه سعيد هذا الحديث الواحد، وقد تابعه فيه أخوه سعيد مرة أخرى كما سيأتي في الحديث التالي، فلعلَّ سعيدًا قد سمعه على الوجهين، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أحمد 14/ (8488) و (8779) و 15/ (9829)، وأبو داود (1548)، وابن ماجه (3837)، والنسائي (7820) و (7822) و (7824) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وسيتكرر برقم (1979).
قالوا: حدثنا أبو خالد سليمان بن حيّان، عن ابن عَجْلان، عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: "اللهمَّ إني أعوذ بك من الأربع: من علمٍ لا يَنفَع، وقلبٍ لا يَخشَع، ونفسٍ لا تَشبَع، ودعاءٍ لا يُسمَع"
(1)
.
وله شاهد صحيح من رواية أنس بن مالك على شرط مسلم:
361 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن نُعَيم، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا خلف بن خَلِيفة، عن حفصٍ ابن أخي أنس، عن أنس قال: كان من دعاءِ النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من علمٍ لا يَنفَع، وقلبٍ لا يخشَع، ونفسٍ لا تَشبَع، ودعاءٍ لا يُسمَع"، ويقول في آخر ذلك:"اللهمَّ إني أعوذُ بك من هؤلاءِ الأربع"
(2)
.
وقد بلغني أنَّ مسلم بن الحَجّاج أخرجه من حديث زيد بن أرقَمَ عن النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
.
362 -
حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الضَّرير بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد.
وأخبرنا أبو قُتيبة سَلْم بن فضل الأَدَمي بمكة، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجِيَة، حدثنا عَبْدة بن عبد الله الخُزَاعي، حدثنا زيد بن حُبَاب، حدثنا ليث بن سعد المِصري، حدثني خالد بن يزيد، عن عبد الواحد بن قيس، عن عبد الله بن عمرو قال: قالت لي قريش: تكتبُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو بشرٌ يَعْضَبُ كما يَعْضَب
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.
وأخرجه ابن ماجه (250)، والنسائي (7823) من طريقين عن أبي خالد سليمان بن حيان، بهذا الإسناد.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.
وأخرجه النسائي (7821) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 21/ (14023) عن عفان بن مسلم، عن خلف بن خليفة، به.
وأخرجه أحمد 20/ (13003) و 21 / (13674)، وابن حبان (83) من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس - لكن قال فيه بدلَ "ونفس لا تشبع":"وعمل لا يُرفَع".
(3)
هو عنده في "صحيحه" برقم (2722).
البشرُ؟ فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنَّ قريشًا تقول: تكتبُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو بشرٌ يَعْضَبُ كما يَعْضَب البشر؟ قال: فأَوْمأَ إِلى شَفَتَيهِ فقال: "والذي نفسي بيده، ما يَخرُجُ مما بينهما إلّا حقٌّ، فاكتُبْ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الأسانيد أصلٌ في نَسْخ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا بجميع رُواته إلّا عبد الواحد بن قيس، وهو شيخ من أهل الشام، وابنُه عمر بن عبد الواحد الدمشقي أحد أئمة الحديث. وقد روى عبد الواحد بن قيس عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وأبو أُمامة الباهلي ووائلة بن الأسقَع، وروى عنه الأوزاعيُّ أحاديث.
ولهذا الحديث شاهدٌ قد اتَّفقا على إخراجه على سبيل الاختصار عن همَّام بن مُنبِّه عن أبي هريرة أنه قال: ليس أحدٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر حديثًا مني إلّا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يَكتُب وكنت لا أكتُب. وعن عمرو بن دينار عن وَهْب بن مُنبِّه عن أخيه همَّام عن أبي هريرة نحوه
(2)
.
فأما عبد الواحد بن قيس وحديثُه عن عبد الله بن عمرو، فقد وجدتُ له فيه شاهدًا من حديث عَمرو بن شعيب.
362 م - وقد سمعتُ أبا الوليد حسّان بن محمد الفقيه يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحَنظَلي يقول: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقةً، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر.
فأما حديث الشاهد:
363 -
فحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني عبد الرحمن بن سلمان، عن عُقَيل بن خالد، عن عَمْرو بن شعيب، أنَّ شعيبًا حدَّثه ومجاهد، أنَّ عبد الله بن عمرو حدَّثهم أنه قال:
(1)
إسناده صحيح. ولم نقف عليه من هذا الوجه عند غير المصنف، وانظر ما بعده.
(2)
أخرجه من هذا الطريق البخاري وحده في "صحيحه" برقم (113).
يا رسول الله، أكتبُ ما أسمَعُ منك؟ قال:"نعم" قلت: عند الغضب وعند الرِّضا؟ قال: "نَعَم، إنه لا يَنبَغي لي أن أقولَ إلّا حقًّا"
(1)
.
فليَعلَمْ طالبُ هذا العلم أنَّ أحدًا لم يتكلَّم قَطُّ في عمرو بن شعيب
(2)
، وإنما تكلَّم مسلم في سماع شعيب من عبد الله بن عمرو، فإذا جاء الحديث عن عمرو بن شعيب عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، فإنه صحيح، على أني إنما ذكرتُه شاهدًا لحديث عبد الواحد بن قيس.
وقد رُوِيَ هذا الحديث بعَيْنه عن يوسف بن ماهَكَ:
364 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارِثي، حدثنا يحيى بن سعيد.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن عبيد الله بن الأخنَس، عن الوليد بن عبد الله، عن يوسف بن ماهَك، عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتبُ كلَّ شيءٍ أسمعُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأريدُ حِفظَه، فنَهَتْني قريش وقالوا: تكتبُ كلَّ شيءٍ تسمعُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ يتكلَّم في الرِّضا والغضب؟! قال: فأمسكتُ، فذَكَرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اكتُبْ، فوالَّذي نفسي بيده ما خَرَج منه إلّا حقٌّ"، وأشار بيده إلى فيهِ
(3)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عمرو بن شعيب، فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(754)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 259 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/ 318، وأبو طاهر المخلِّص في "المخلصيات"(692)، والخطيب البغدادي في "تقييد العلم" ص 79 من طريقين عن عبد الله بن وهب، به.
وسيأتي برقم (6376) من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب وحده عن أبيه عن جده.
(2)
بل تكلَّم فيه غير واحد كيحيى القطان ويحيى بن معين وليَّنوا حديثه، راجع ترجمته في "تهذيب الكمال".
(3)
إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطّان، وأبو المثنى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ. =
رواةُ هذا الحديث قد احتجَّا بهم عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنُّه الوليدَ بن أبي الوليد الشامي فإنه الوليد بن عبد الله
(1)
، وقد غَلَبَ على أبيه الكُنْية، فإن كان كذلك فقد احتجَّ به مسلم.
وقد صحَّت الروايةُ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب أنه قال: قيِّدوا العلمَ بالكِتاب:
365 -
حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعْدي، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان، أنه سمع عمر بن الخطّاب يقول: قيِّدوا العلمَ بالكتاب
(2)
.
= وأخرجه أبو داود (3646) عن مسدَّد، بهذا الإسناد. وقرن بمسدَّد أبا بكر بن أبي شيبة.
وأخرجه أحمد 11/ (6510) عن يحيى بن سعيد، به.
(1)
الوليد بن عبد الله هذا راوٍ آخر غير الوليد بن أبي الوليد، وهو ابن أبي المغيث مكيٌّ، وهو راوي هذا الحديث، ولم يخرج له الشيخان أو أحدهما شيئًا، أما الوليد بن أبي الوليد الذي احتجَّ به مسلم فهو أكبر من هذا يروي عن عبد الله بن عمرو بلا واسطة، واسم أبي الوليد عثمان، وهو مدني لا شامي.
(2)
إسناده ضعيف من أجل عنعنة ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج - ثم إنَّ في الإسناد من هذا الطريق هنا سقطًا بين عبد عبد الملك الله وعمر بن الخطاب، بينهما فيه عمرو بن أبي سفيان عمُّ عبد الملك كما سيأتي وهو ثقة. أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن"(758) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 49 - ومن طريقه ابن عبد البر في بيان العلم وفضله" (396) - والدارمي (514) عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان، عن عمه عمرو بن أبي سفيان، أنه سمع عمر بن الخطاب يقول
…
فذكره.
وأخرجه كذلك الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(358)، والخطيب البغدادي في "تقييد العلم" ص 88 من طريق عمر بن حفص بن صبيح، عن أبي عاصم، عن ابن جريج قال: حدَّث عبدُ الملك؛ هكذا عند الخطيب، وفي المطبوع من الرامهرمزي: حدثني عبد الملك، فيصير الإسناد بهذا متصلًا، لكن الذي يرجح ما عند الخطيب قولُ البيهقي في "المدخل"(759) بإثر حديث إبراهيم بن عبد الله =
وكذلك الرواية عن أنس بن مالك صحيحٌ من قوله، وقد أُسنِدَ من وجهٍ غير مُعتمَد، فأما الرواية من قوله:
366 -
فحدَّثَناه أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا محمد بن إدريس الرازي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أَبي، عن ثُمَامة، عن أنس: أنه كان يقول لبَنيهِ: قيِّدوا العلمَ بالكتاب
(1)
.
= السعدي: ورواه غيره عن أبي عاصم عن ابن جريج قال: حدَّث عبد الملك بن عبد عبد الله بن أبي سفيان، وكأنه أرسله عنه.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن المثنى الأنصاري، والد محمد ثمامة: هو ابن عبد الله بن أنس بن مالك.
وأخرجه البيهقي في "المدخل"(761) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 337 و 9/ 22، وزهير بن حرب في "العلم"(120)، والخطيب في "تقييد العلم" ص 96 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، به.
وأخرجه الدارمي (508)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(326)، والطبراني في "الكبير"(700)، والخطيب ص 97، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(410)، والقاضي عياض في "الإلماع" ص 147 من طرق عن عبد الله بن المثنى، به.
وخالف عبدُ الحميد بن سليمان الخزاعي فرواه عن عبد الله بن المثنى بهذا الإسناد مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عنه لُوَين في "جزئه"(54)، ومن طريقه أخرجه الرامهرمزي (327)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(909)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(624)، وأبو طاهر في "المخلِّصيات"(556)، والخطيب في "تاريخ بعداد" 11/ 234، و "الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(440)، و"تقييد العلم" ص 69، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(395)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(94)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 37/ 352 - 353.
وعبد الحميد بن سليمان ضعيف، ووهم في رفعه كما قال الدارقطني في "العلل" 12/ 43 (2389)، قال: والصواب عن ثمامة: أنَّ أنسًا كان يقول ذلك لبنيه، ولا يرفعه. ونقل القاضي عياض في "الإلماع" عن موسى بن هارون الحافظ أنه قال: رفعه عبد الحميد، ولا يصحُّ رفعه.
ورواه مرفوعًا أيضًا إسماعيل بن أبي أويس، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمّه موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك، أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 228، =
أسنَدَه بعضُ البصريِين عن الأنصاري.
وكذلك أسنده شيخٌ من أهل مكة غيرُ مُعتمَدٍ عن ابن جُرَيج:
367 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن شاذانَ الجوهري.
وأخبرني أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب؛ قالا: حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا عبد الله بن المؤمَّل، حدثنا ابن جُرَيج، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَيِّدوا العلمَ" قلت: وما تقييدُه؟ قال: "كِتابتُه"
(1)
.
= والقضاعي في "مسند الشهاب"(637). وإسماعيل بن أبي أويس متكلَّم فيه وهو يعتبر به في المتابعات والشواهد، إلا أنَّ عبد الله بن المثنى أحسن حالًا منه، فحديثه موقوفًا مقدَّم على حديث إسماعيل مرفوعًا، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده ضعيف، عبد الله بن المؤمَّل ضعيف منكر الحديث، وقد اضطرب فيه.
أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(315)، والطبراني في "الكبير"(14330)، و "الأوسط"(548)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 321، والبيهقي في "المدخل إلى السنن"(763)، والخطيب في "تقييد العلم" ص 68، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(412) و (413)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(96) من طرق عن سعيد بن سليمان، بهذا الإسناد. وسقط ابن جريج من "الأوسط" للطبراني.
ورواه سُريج بن النعمان عن عبد الله بن المؤمَّل، عن ابن أبي مُليكة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه الخطيب في "تقييد العلم" ص 68، و"الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(439)، وابن الجوزي في "العلل"(95).
ورواه معن بن عيسى عن عبد الله بن المؤمَّل أيضًا، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه الخطيب في "التقييد" ص 69 و 75.
وتابعه على روايته عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إسماعيلُ بنُ يحيى عن ابن أبي ذئب عن عمرو بن شعيب به، أخرجه الرامهرمزي (318)، والخطيب في "التقييد" ص 69، وابن الجوزي في "العلل"(97)، وإسماعيل بن يحيى إن كان هو أبا يحيى التيمي، فإنه متَّهم بالكذب، وبه أعلَّه ابن الجوزي، فلا يفرح بهذه المتابعة.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 522 - 523 من طريق زيد بن يحيى الدمشقي، عن =
368 -
حدثني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حَكِيم، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، قال: لما قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ لرجل من الأنصار: هَلُمَّ فلنسأَلْ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليومَ كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابنَ عباس، أترى الناسَ يَفتقِرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن فيهم؟! قال: فتركتُ ذاك، وأقبلتُ أسألُ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يَبلُغُني الحديثُ عن الرجل فآتي بابَه وهو قائلٌ، فأتوسَّدُ ردائي على بابه تَسْفي الريحُ عليَّ من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابنَ عمّ رسول الله، ما جاءَ بك، هلَّا أرسلت إليَّ فآتيَك؟ فأقول: لا، أنا أحقُّ أن آتيَك، قال: فأسأله عن الحديث.
فعاش هذا الرجلُ الأنصاريُّ حتى رآني وقد اجتمع الناسُ حولي يسألونني، فيقول: هذا الفتى كان أعقلَ منِّي
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وهو أصلٌ في طلب الحديث وتوقير المحدِّث.
= عمران بن موسى عن مكحول، عن عبد الله بن عمرو وعمران بن موسى لا يعرف، ومكحول لم يسمع من عبد الله بن عمرو، فالإسناد ضعيف.
وأصحُّ ما ورد في هذا الباب عن عبد الله بن عمرو هو ما سلف عند المصنف برقم (364).
(1)
إسناده صحيح. صحيح الحارث بن محمد: هو ابن أبي أسامة.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(673) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 317، والدارمي (590)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 542، والخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(215) من طرق عن يزيد بن هارون، به.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(1925)، والطبراني (10592) من طريق وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه جرير، به.
وسيأتي برقم (6427) من طريق سعيد بن مسعود المروزي عن يزيد بن هارون، لكن ذكر فيه سعيد بن جبير مكان عكرمة، وهي رواية شاذة، فكل من رواه عن يزيد ذكر فيه عكرمة.
369 -
حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرني ابن جُرَيج، أخبرني يونس بن يوسف، عن سليمان بن يَسَار قال: تفرَّق الناسُ عن أبي هريرة، فقال له ناتِلٌ أخو أهل الشام: يا أبا هريرة، حدِّثنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ أولَ الناس يُقضَى فيه يومَ القيامة ثلاثةٌ: رجلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمَه فَعَرَفَهَا، فقال: ما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ في سبيلِك حتى استُشهِدتُ، قال: كذبتَ، إنما أردتَ أن يقال: فلانٌ جريءٌ، فقد قيل، فيُؤمَرُ به فيُسحَبُ على وجهه حتى أُلقيَ في النار.
ورجلٌ تعلَّم العلمَ وقرأ القرآنَ، فأُتيَ به فعرَّفه نِعمَه فعَرَفَها، فقال: ما عملتَ فيها؟ قال: تعلَّمتُ العلمَ وقرأتُ القرآن وعلَّمتُه فيك، قال: كذبتَ، إنما أردتَ أن يقال: فلانٌ عالمٌ، وفلانٌ قارئٌ، فقد قيل، فأُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقيَ في النار.
ورجلٌ آتاه الله من أنواع المال، فأُتيَ به فعرَّفه نِعمَه فعَرَفَها، فقال: ما عملتَ فيها؟ قال: ما تركتُ من شيء تحبُّ أن أُنفِقَ فيه إلّا أنفقتُ فيه لك، قال: كذبتَ، إنما أردتَ أن يقال: فلانٌ جَوَاد، فقد قيل، فأُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقيَ في النار"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّيَاقة، ويونس بن يوسف: هو ابن عمرو بن حِمَاس الذي يروي عنه مالك بن أنس في "الموطأ"، ومالكٌ الحَكَم في كلِّ من رَوَى عنه، وقد خرَّجه مسلم.
370 -
أخبرني أبو بكر بن إسحاق الفقيه من أصل كتابه، أخبرنا عُبيد بن محمد بن حاتم الحافظ - المعروف بالعِجْل - حدثنا إبراهيم بن زياد سَبَلان، حدثنا عبَّاد
(1)
إسناده قوي.
وأخرجه أحمد 14/ (8277)، ومسلم (1905)، والنسائي (4330) و (8029) و (11495) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه. وسيأتي برقم (2556).
وبنحوه سيأتي برقم (1541) من طريق عقبة بن مسلم عن شُفي عن أبي هريرة، وبرقم (2560) من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. وانظر الحديث التالي.
ابن عبَّاد، حدثنا يونس - وهو ابن عُبيد - عن سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ يَهلِكون عند الحساب: جوادٌ، وشجاعٌ، وعالمٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرطهما، وهو غريبٌ شاذٌّ إلّا أنه مختصر من الحديث الأول شاهدٌ له.
371 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أبي رافع قال: قال أبو هريرة: لولا ما أَخَذَ اللهُ على أهل الكتاب، ما حدَّثتُكم بشيءٍ، ثم تَلَا:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187]
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولا أعلمُ له علَّةً، ولم يُخرجاه.
(1)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه مظنّة الانقطاع بين يونس بن عبيد وسعيد المقبري، فيونس بن عبيد لا يعرف له سماع من سعيد، وقد كان يُدخل بينهما في بعض الأحاديث واسطة مجهولة، ولعلَّ النسائي لهذا رماه بالتدليس، والله تعالى أعلم.
عباد بن عباد: هو ابن حبيب بن المهلَّب الأزدي، أو الرملي الأُرسوفي، وكلاهما ثقة إلّا أنَّ المهلبي أوثق من الأرسوفي.
وأخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(798)، ومن طريقه الشجري في "الأمالي" 2/ 221 - 222 من طريق عثمان بن خُرَّزاد - وهو عثمان بن عبد الله بن محمد الأنطاكي الحافظ - عن إبراهيم بن زياد، بهذا الإسناد مطولًا بنحو الحديث السابق.
وقد أخطأ الألباني رحمه الله بإيراده هذا الحديث في "السلسلة الضعيفة"(3455) وإعلاله إياه بعبّاد بن عباد وأنه اختصره، فقد روي عنه مطولًا كما ترى عند غير الحاكم فوافق غيره ممَّن رواه مطوَّلًا، والله وليُّ التوفيق.
(2)
إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وأبو رافع: هو نُفيع الصائغ.
وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(8568)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 67/ 354 من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وسيأتي معناه من وجه آخر عن أبي هريرة برقم (3111)، لكن تلا فيه الآية (159) من سورة البقرة، وانظر تتمة تخريجه هناك.
372 -
أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه قال: كان أبو هريرة يقوم يومَ الجمعة إلى جانب المنبر فيَطرَحُ أعقابَ نعليه في ذراعَيهِ، ثم يَقبِضُ على رُمَّانة المنبر، يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم
…
، قال محمدٌ صلى الله عليه وسلم
…
، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .... قال الصادقُ المصدوق صلى الله عليه وسلم .... ثم يقول في بعض ذلك:"ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقتَرَب"، فإذا سمع حركةَ باب المقصورة بخروج الإمام جَلَس
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا، وليس الغَرَضُ في تصحيح حديث:"ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب"، فقد أخرجاه
(2)
، إنما الغرضُ فيه استحبابُ رواية الحديث على المنبر قبل خروج الإمام.
373 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثني أبو النَّضْر سالم مولى عمر بن عبيد الله بن مَعمَر،
(1)
إسناده صحيح، وأعلَّه الذهبي بالانقطاع، مع أنَّ سماع محمد بن زيد - وهو ابن عبد الله بن عمر - من أبي هريرة محتمل جدًّا، فقد روى عمَّن هو أقدم وفاةً من أبي هريرة، ومحمد بن زيد مدنيٌّ وهو بَلَديُّ أبي هريرة، وقد وقع التصريح برؤيته وسماعه لأبي هريرة وهو يفعل ذلك فيما سيأتي برقم (6297) بإسناد صحيح من طريق شبابة بن سوّار عن عاصم بن محمد. أحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نسب هنا إلى جده.
وهذا الخبر قد انفرد الحاكم بإخراجه فيما وقفنا عليه، إلّا قوله:"ويل للعرب من شر قد اقترب" فقد روي من وجوه أخرى عن أبي هريرة عند أحمد 15/ (9073) و (10926)، وأبي داود (4249)، وابن حبان (6705)، وغيرهم. وسيأتي عند المصنف برقم (8561) و (8699).
(2)
البخاري (3346) ومسلم (2880) من حديث زينب بنت جحش. أما حديث أبي هريرة فلم يخرجاه كما سبق.
عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا أُلفِيَنَّ
(1)
أحدكم متَّكِئًا على أَريكتِه، يأتيه الأمرُ من أمري ممّا أمرتُ به أو نَهيتُ عنه، فيقول: ما أدري، ما وَجَدْنا في كتاب الله اتَّبعناه"
(2)
.
قد أقام سفيانُ بن عُيينة هذا الإسنادَ وهو صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما تَرَكاه لخلافٍ للمصريين في هذا الإسناد:
374 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني مالك، عن أبي النَّضْر، عن عبيد الله بن أبي رافع، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا أعرِفنَّ الرجلَ متَّكئًا، يأتيه الأمرُ من أمري ممّا أمرت به أو نهيتُ عنه، فيقول: ما نَدْري، هذا هو كتابُ الله، وليس هذا فيه"
(3)
.
375 -
قال
(4)
: وأخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
هكذا في "تلخيص المستدرك" والمطبوع ومصادر الحديث الأخرى، وفي النسخ الخطية:"لأُلفين".
(2)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 39/ (23876)، وأبو داود (3605)، وابن ماجه (13)، والترمذي (2663) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد - وفيه عند ابن ماجه: عن سالم أبي النضر أو زيد بن أسلم، وهذا لا يضر، فكلاهما ثقة، ووقع عند الترمذي محمد بن المنكدر مقرونًا بسالم، ثم بيَّن الترمذي أن رواية محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة.
وأخرجه بنحوه أحمد (23861) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن لهيعة، عن سالم أبي النضر، به.
(3)
حديث صحيح رجاله ثقات، وقد خولف ابن وهب عن مالك في إرساله، فرواه أبو إسحاق الفزاري عن مالك موصولًا بذِكْر أبي رافع فيه أخرجه من طريقه ابن حبان في "صحيحه"(13).
(4)
القائل هو عبد الله بن وهب.
وحديث عمرو بن الحارث هذا أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" 4/ 209 عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا وقع عنده، وعند الدارقطني في "العلل" 7/ 9 و (1672) كما عند الحاكم سواءٌ.
قال: وأخبرني الليث بن سعد، عن أبي النضر، عن موسى بن عبد الله بن قيس، عن أبي رافع، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال والناسُ حولَه:"لا أعرفَنَّ أحدَكم يأتيه الأمرُ من أمري قد أمرتُ به أو نهيتُ عنه، وهو متَّكئٌ على أَريكتِه، فيقول: ما وَجَدْنا في كتاب الله عَمِلْنا به، وإلَّا فلا"
(1)
.
قال الحاكم: أنا على أصلي الذي أصَّلتُه في خُطْبة هذا الكتاب: أنَّ الزيادة من الثِّقة مقبولة، وسفيان بن عُيَينة حافظ ثقة ثبت، وقد مَيَّز وحَفِظَ واعْتَمَدْنا حفظَه بعد أن وجدنا للحديث شاهدين بإسنادين صحيحين، أمّا أحدهما:
376 -
فأخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد بن عَبْدُوس، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح، أن معاوية بن صالح أخبره.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن - وهو ابن مَهْدي - حدثنا معاوية بن صالح، حدثني الحسن بن جابر، أنه سمع المِقدامَ بن مَعْدِي كَرِبَ الكِنْدي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: حَرَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أشياءَ يومَ خَيبر منها الحمارُ الأهلي وغيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يُوشِكُ أن يَقعُدَ الرجلُ منكم على أَريكتِه يحدَّثُ بحديثي فيقول: بيني وبينَكم كتابُ الله، فما وَجَدْنا فيه حلالًا استَحَلْلناه، وما وَجَدْنا فيه حرامًا حرَّمناه، وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كما حَرَّمَ اللهُ"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة موسى بن عبد الله بن قيس.
وأخرجه الطحاوي 4/ 209 من طريق ابن وهب، والطبراني في "الكبير"(975)، و "الأوسط"(8671) من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده حسن إن شاء الله، الحسن بن جابر روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات".
والحديث في "مسند أحمد" 28/ (17194)، وقرن فيه بعبد الرحمن بن مهدي زيدَ بنَ الحُباب. وأخرجه ابن ماجه (12) من طريق زيد بن الحُباب، والترمذي (2664) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن معاوية بن صالح، به. وقال الترمذي حديث حسن.
وأخرجه أحمد (17174)، وأبو داود (4604)، وابن حبان (12) من طريق عبد الرحمن بن أبي =
وأما الحديث الثاني:
377 -
فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله بن عَتَّاب العَبْدي ببغداد، حدثنا محمد بن خَليفة العاقُولي عَنبَرٌ، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عُقْبة بن خالد الشَّنِّي، حدثنا الحسن قال: بينما عِمرانُ بن حصين يحدِّث عن سُنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، إذ قال له رجل: يا أبا نُجَيد، حدِّثنا بالقرآن، فقال له عمران: أنت وأصحابُك تقرؤون القرآن، أكنتَ محدِّثِي عن الصلاة وما فيها وحدودِها؟ أكنتَ محدِّثي عن الزكاة في الذهب والإبل والبقر وأصناف المال؟ ولكن قد شَهِدتُ وغِبتَ أنت، ثم قال: فَرَضَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة كذا وكذا، وقال الرجل: أحييتني أحْياكَ الله. قال الحسن: فما مات ذلك الرجل حتى صارَ من فقهاءِ المسلمين
(1)
.
= عوف الجرشي، عن المقدام بن معدي كرب دون قوله:"وإن ما حرَّم رسولُ الله كما حرَّم الله"، وإسناده صحيح.
(1)
حسن إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عقبة بن خالد الشَّنِّي، فقد انفرد بالرواية عنه مسلم ابن إبراهيم الفراهيدي، ومع ذلك فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه المصنف كما سيأتي لاحقًا، وهما من المتساهلين في إطلاق التوثيق، والحسن - وهو البصري - في سماعه من عمران بن حصين خلاف كما سلف عند الحديث (78)، لكن كلاهما - أي: عقبة والحسن - قد توبعا.
وأخرجه ابن حبان في "الثقات" 7/ 247 - 248، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(238) من طريق أبي خليفة الفضل بن الحباب، والطبراني في "الكبير" 18/ (369) عن علي بن عبد العزيز، وابن مخلد في "حديثه"(70) من طريق حامد بن سهل الثغري، ثلاثتهم عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد - ووقع في رواية الفضل بن الحباب وحده تصريحُ الحسن البصري أنه كان عند عمران بن حصين عندما وقعت هذه القصة.
وأخرج نحوه الخطيب (237) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن عنبسة الغَنَوي، عن الحسن البصري، به وعنبسة الغنوي - وهو ابن أبي رائطة - لا يكاد يُعرَف.
وأخرجه كذلك الخطيب (236) من طريق معمر، عن علي بن زيد بن جُدْعان، عن أبي نضرة - وهو المنذر بن مالك - عن عمران بن حصين وابن جدعان ضعيف، لكن باجتماع هذه الطرق يَحسُن الخبر إن شاء الله تعالى.
عُقْبة بن خالد الشَّنِّي من ثقات البصريين وعُبّادهم، وهو عزيز الحديث، يُجمَع حديثه فلا يَبلُغ تمام العشرة. وصلَّى الله على محمد وآله أجمعين.
378 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن هشام بن حُجَير قال: كان طاووسٌ يصلي ركعتين بعد العصر، فقال له ابن عباس: اترُكْها، فقال: إنما يُنهَى عنهما أن تُتَّخَذَ سُلَّمًا أن يُوصِلَ ذلك إلى غروب الشمس، قال ابن عباس: فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقد نهى عن صلاةٍ بعد العصر، وما أدري أيُعذَّب عليه أم يُؤجَر، لأنَّ الله يقول:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [الأحزاب: 36]
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين موافقٌ لما قدَّمنا ذِكرَه من الحثِّ على اتباع السُّنة، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.
379 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفَّان، حدثنا شُعْبة.
(1)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل هشام بن حجير سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه الدارمي (448)، والبزار (4871)، والبيهقي في "السنن" 2/ 453، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(386)، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(2339) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا النسائي (368) عن أحمد بن حرب، عن سفيان، به واقتصر على قوله: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر.
وأخرجه بنحو رواية المصنف وغيره: الشافعي في "السنن المأثورة"(393)، والبزار (4870)، والطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 305، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(113) و (5147)، والخطيب (385) من طريق عامر بن مصعب، عن طاووس، عن ابن عباس. وهذا إسناد يصلح للاعتبار به في المتابعات والشواهد.
وأما النهي عن الصلاة بعد العصر فقد صحَّ في عدة أحاديث عن غير واحدٍ من الصحابة، انظر تخريج حديث ابن عمر في "مسند أحمد" 8/ (4612)
وأخبرني أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو عمر الحَوْضي، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه: أنَّ عمر بن الخطَّاب قال لابن مسعود ولأبي الدَّرداء ولأبي ذر: ما هذا الحديثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وأحسبُه حَبَسَهم بالمدينة حتى أُصيب
(1)
.
380 -
حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بَحْر البَرِّي، حدثنا عبد الله بن جعفر البَرمَكي، حدثنا مَعْن بن عيسى.
وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري وعلي بن عيسى الحِيري قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا مالك بن أنس، حدثني عبد الله بن إدريس، عن شُعْبة، فذكر الحديث بإسناده نحوه
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وإنكارُ عمرَ أميرُ المؤمنين على الصحابة كَثْرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سُنَّة، ولم يُخرجاه.
381 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا أبو أحمد الزُّبَيري، حدثنا إسرائيل، عن أبي حَصِين، عن يحيى بن وَثَّاب، عن مسروق،
(1)
إسناده صحيح. أبو عمر الحوضي: هو حفص بن عمر، وإبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 15/ 311 - 312 من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
(2)
إسناده صحيح. ورواية مالك هنا عن عبد الله بن إدريس من باب رواية الشيخ عن تلميذه، فمالكٌ شيخ ابن إدريس.
وأخرجه الطحاوي 15/ 312، وابن الأعرابي في "معجمه"(2284) من طريقين عن أبي موسى إسحاق بن موسى الأنصاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 756 عن عبد الله بن إدريس، به.
عن عبد الله: أنه حَدَّث يومًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتعد وارتَعَدَت ثيابُه، ثم قال: أو نحو هذا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شواهدُ فيه عن عبد الله:
382 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا علي بن حَكِيم، حدثنا شَرِيك.
وأخبرنا علي بن عبد الله الحَكِيمي، حدثنا العباس الدُّوري، حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، حدثنا شَرِيك، عن أبي العُمَيس عُتْبة بن عبد الله، عن مسلم البَطِين، عن أبي عمرو الشَّيباني قال: كنت أجلِسُ إلى عبد الله بن مسعود حَوْلًا لا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، استقبَلَته الرِّعْدةُ، ثم قال: بل كذا، أو نحوُ ذا، أو قريبٌ من ذا، أو ما شاء الله
(2)
.
(1)
خبر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أبي طالب. أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وأبو حصين: هو عثمان بن عاصم، وعبد الله: هو ابن مسعود.
وأخرجه أحمد 7/ (4015) عن يحيى بن أبي بكير، عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد أيضًا (4333) من طريق عامر الشعبي، عن مسروق، به.
(2)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى من أجل شريك: وهو ابن عبد الله النخعي.
مسلم البطين: هو ابن عمران، ويقال: ابن أبي عمران، وأبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 164 من طريق أبي سعيد الصيرفي، عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني في "العلل" 13/ 265 - 266 عن إسماعيل الصفار، عن عباس بن محمد الدوري، به.
وأخرجه الطبراني (8613)، والدارقطني 13/ 266 من طريقين عن علي بن حكيم به.
وأخرجه الشاشي في "مسنده"(762)، وابن عساكر 33/ 164 من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني، عن شريك، به.
382 م - أخبرنا علي بن عبد الله الحكيمي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، حدثنا شريك
(1)
، فذَكَرَه بنحوه
(2)
.
هذا حديث من أصول التوقِّي عن كثْرة الرواية والحثِّ على الإتقان فيه، وقد اتَّفقا على إسرائيل عن أبي حَصِين، وقد احتَجَّ مسلمٌ بشَرِيك بن عبد الله، وهو أهلٌ أن يُحتَجَّ به، ولم يُخرجاه.
وله شاهد آخر على شرطهما:
383 -
حدثناه أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى العَدْل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا مُسدَّد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا ابن عَوْن، أخبرني مسلم بن أبي عِمران، عن إبراهيم التَّيْمي، عن أبيه، عن عمرو بن ميمون قال: ما أخطأَني - وقال ابن عون: قَلَّ ما أخطَّأني - عَشِيَّةُ خميس إلّا أَتيتُ فيها ابنَ مسعود، فما سمعتُه لشيءٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان ذاتَ عشيَّةٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرتُ إليه فإذا هو محلولٌ أزرارُ قميصِه، منتفِخٌ أوداجُه، مُغرَورِقةٌ عيناه، ثم قال: هكذا وفوق ذا، أو قريب من ذا، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
384 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن يونس الضَّبِّي، حدثنا محمد بن عُبيد الطَّنافِسي، عن محمد بن إسحاق.
وحدثني علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، أخبرنا علي بن عبد العزيز، أنَّ سعيد بن منصور
(1)
من قوله: "عن أبي العميس" في الإسناد السابق إلى هنا، سقط من (ب) والمطبوع.
(2)
هذا الإسناد مكرر في الذي قبله ولا ندري ما وجه إعادته هنا، فلعله غفلة من النساخ، والله تعالى أعلم.
(3)
إسناده صحيح إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُليَّة، وابن عون: هو عبد الله، وإبراهيم التيمي: هو إبراهيم بن يزيد بن شريك.
وأخرجه أحمد 7/ (4321)، وابن ماجه (23) من طريقين عن عبد الله بن عون، بهذا الإسناد.
وانظر ما سيأتي برقم (5459) من طريق مسلم بن أبي عمران - وهو البطين - عن عمرو بن ميمون بنحوه.
حدثهم، حدثنا أبو شِهَاب.
وحدثنا أبو القاسم يوسف بن يعقوب السُّوسِي، حدثنا أبو علي محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا القَعْنَبي، حدثنا أبو شهاب.
وحدثني علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد العُودِي، حدثنا أبو الرَّبيع، حدثنا أبو شهاب، عن محمد بن إسحاق، عن مَعبَد بن كعب بن مالك قال: سمعتُ أبا قَتَادة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المِنبَر: "إيَّاكم وكَثْرة الحديث عنِّي، فمن قالَ عنّي، فلا يقولَنَّ إلّا حقًّا، ومن قال عليَّ ما لم أقُلْ، فليتبَوَّأ مَقعَدَه من النار"
(1)
.
وفي حديث محمد بن عُبيد: حدثني ابن كعب وغيرُه عن أبي قتادة.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وفيه ألفاظٌ صَعْبة شديدة، ولم يُخرجاه.
وله شاهد بإسناد آخرَ عن أبي قتادة:
385 -
حدَّثَنيهِ علي بن حَمْشاذَ، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا يحيى بن موسى بن خَتٍّ ببَلْخ، حدثنا عَتّاب بن محمد بن شوذَب، حدثنا كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: قلت لأبي قَتَادة: حدِّثني بشيءٍ سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أخشى أن يَزِلَّ لساني بشيءٍ لم يَقُلْه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إيَّاكم وكثْرةَ الحديث عنّي، مَن كَذَبَ عليَّ متعمِّدًا، فليتَبوَّأْ مقعدَه من النار"
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق ومعبد بن كعب، وابنُ إسحاق صرَّح بالتحديث في رواية محمد بن عبيد الطنافسي. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الربيع: هو سليمان بن داود العَتَكي وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الحنّاط.
وأخرجه أحمد 37/ (22538) عن محمد بن عبيد الطنافسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (35) من طريق يحيى بن يعلى التيمي، عن ابن إسحاق، به.
وقوله: ومن قال عليَّ
…
" إلخ، قد روي من أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلغت حدَّ التواتر، انظر حديث عبد الله بن عمرو في "مسند أحمد" 11/ (6478).
(2)
حديث حسن بما قبله، عتاب بن محمد بن شوذب وكعب بن عبد الرحمن ليسا بالمشهورَين =
386 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن نُعيم، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا علي بن حفص المَدائني، حدثنا شُعْبة، عن خُبَيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بالمَرْءِ إثمًا أن يحدِّثَ بكلِّ ما سَمِعَ"
(1)
.
قد ذكر مسلم هذا الحديث في أوساط الحكايات التي ذكرها في خُطْبة الكتاب عن محمد بن رافع
(2)
، ولم يُخرجه محتجًّا به في موضعه من الكتاب، وعليُّ بن حفص المَدائني ثقة، وقد نبَّهنا في أول الكتاب على الاحتجاج بزيادات الثِّقات.
وقد أرسله جماعةٌ من أصحاب شعبة:
387 -
حدَّثَناه أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب.
وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا حفص بن عمر؛ قالوا: حدثنا شعبة، عن خُبَيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم قال:
= لا يكادان يُعرفان، والمحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية معبد بن كعب عن أبي قتادة كما في الحديث السابق.
وأخرجه الطبراني في "طرق حديث من كذب علي متعمدًا"(96) عن موسى بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني أيضًا (96)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 3 - وعنه ابن الجوزي في مقدمة "الموضوعات" 1/ 71 - من طريق داود بن حماد البلخي، عن عتاب بن محمد بن شوذب، به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه"(5)، وأبو داود (4992)، وابن حبان (30) من طريقين عن علي بن حفص المدائني، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم أيضًا (5) من طريق معاذ العنبري وعبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن شعبة، به.
(2)
بل عن أبي بكر بن أبي شيبة عن علي بن حفص.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بالمَرْءِ إثمًا أن يحدِّثَ بكلِّ ما سَمِع"
(1)
.
388 -
أخبرني أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيد بن أحمد بن يوسف السُّلَمي رحمه الله، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا محمد بن سِنَان العوقي، أخبرنا ابن المبارَك، عن مَعمَر، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: قرأ ابن عباس {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] فقال: كنا نَحفَظُ الحديثَ، والحديثُ يُحفَظُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى رَكِبتُم الصَّعْبَ والذُّلُول
(2)
.
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وله شاهدٌ آخرُ مثله:
389 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنَّى، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا سفيان بن عُيَينة، عن هشام بن حُجَير، عن طاووس، عن ابن عباس قال: كنَّا نُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يُكذَبُ عليه، فلما رَكِبَ الناسُ الصعبَ والذُّلُولَ، تركْنا الحديثَ عنه
(3)
.
(1)
رجاله ثقات - غير عبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف في الإسناد الأول فضعيف - وقد اختُلف على شعبة في وصله وإرساله، وصله جماعة ثقات أيضًا - كما سبق - من أصحاب شعبة، فهو زيادة ثقة مقبولة.
وأخرجه أبو داود (4992) عن حفص بن عمر - وهو أبو عمر الحوضي - بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح محمد بن أيوب: هو ابن الضُّريس صاحب كتاب "فضائل القرآن"، وابن طاووس: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه" باب رقم (4)، وابن ماجه (27)، والنسائي (5838) من طريق عبد الرزاق عن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه بمعناه مسلم أيضًا من طريق مجاهد، عن ابن عباس.
قوله: "الصعب والذَّلول" قال النووي في "شرح مسلم": أصل الصعب والذلول في الإبل، فالصعب: العَسِرُ المرغوب عنه، والذَّلول" السهل الطيب المحبوب المرغوب فيه، فالمعنى: سلك الناسُ كلَّ مسلك ممّا يُحمَد ويُذَم.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل هشام بن حجير. =
وصلَّى الله على محمد وآله.
390 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن يحيى بن ميمون الحَضْرمي أخبره عن أبي موسى الغافِقِي قال: آخرُ ما عَهِدَ إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عليكم بكتابِ الله، وستَرجِعُون إلى قومٍ يحبُّون الحديثَ عني - أو كلمةً تشبهها - فمَن حَفِظَ شيئًا فليحدِّثْ به، ومن قال عليَّ ما لم أقُلْ فليَتبوَّأْ مَقعَدَه من النار"
(1)
.
رواة هذا الحديث عن آخرهم يُحتَجُّ بهم، فأما أبو موسى مالك بن عُبادة الغافقي فإنه صحابي سكن مصر، وهذا الحديث من جُمْلة ما خرَّجناه عن الصحابي إذا صحَّ إليه الطريق، على أنَّ وَدَاعَةَ الجَنْبي قد روى أيضًا عن مالك بن عُبادة الغافقي، وهذا الحديث قد جمع لفظتين غريبتين: إحداهما قوله: "سترجعون إلى قوم يحبُّون الحديث عني"، والأخرى:"فمن حَفِظَ شيئًا فليحدِّثْ به"، وقد ذهب جماعة من أئمة الإسلام إلى أنَّ ليس للمحدِّث أن يحدِّثَ بما لا يحفظُه، ولم يُخرجاه.
391 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البَيْروتي، حدثنا محمد بن شعيب بن شابُور، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني بُسْر بن عُبيد الله الحضرمي، حدثني أبو إدريس الخَوْلاني، أنه سمع
= وأخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه" باب رقم (4) من طريقين عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(1)
إسناده ضعيف، يحيى بن ميمون الحضرمي لم يسمعه من أبي موسى الغافقي، بينهما فيه وداعة الحمدي أو الجمدي على خلاف في نسبته، وهو مجهول، وانظر تتمة بيان ذلك في التعليق على الحديث في "مسند أحمد" 36/ (18946)، فقد أخرجه من طريق الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث بأطول مما هنا.
حُذَيفةَ بن اليَمَان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسألُه عن الشرِّ مخافة أن يُدرِكَني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشرٍّ، فجاءَنا اللهُ بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شرّ؟ قال:"نعم، وفيه دَخَنٌ" قلت: وما دَخَنُهُ؟ قال: "قومٌ يَهدُون بغير هَدْيِي، يُعرَفُ منهم ويُنكَر" قلت: وهل بعد ذلك الخير من شرّ، قال:"نعم، دُعاةٌ على أبواب جهنَّم، من أجابهم إليه قَذَفُوه فيها" قلت: يا رسول الله، صِفْهم لنا، قال:"هم من جِلْدتِنا، ويتكلَّمون بألسنتِنا" قلت: فما تأمرُني إن أدركتُ ذلك؟ قال: "تَلَزَمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهم" قلت: فإن لم يكن لهم إمامٌ ولا جماعة؟ قال: "فاعتزِلْ تلك الفِرَق كلها، ولو أنْ تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ حتى يُدرِكَك الموتُ وأنت كذلك"
(1)
.
هذا حديث مخرَّج في "الصحيحين" هكذا، وقد خرَّجاه أيضًا مختصرًا من حديث الزهري عن أبي إدريس الخَوْلاني
(2)
، وإنما خرَّجتُه في كتاب العلم لأني لم أجِدْ للشيخين حديثًا يدلُّ على أنَّ الإجماع حُجَّةٌ غير هذا، وقد خرَّجتُ في هذا الموضع
(1)
إسناده صحيح. أبو إدريس الخولاني: هو عائد الله بن عبد الله.
وأخرجه البخاري (3606) و (7084)، ومسلم (1847)(51)، وابن ماجه (3979) من طرق عن الوليد بن مسلم بهذا الإسناد - ورواية ابن ماجه مختصرة. وانظر "مسند أحمد" 38/ (23282).
وانظر ما سيأتي برقم (422) و (8537) و (8535) و (8743).
قوله: "فيه دَخَنٌ" هو الدخان، والمعنى: أنَّ الخير الذي يجئ بعد الشر لا يكون خيرًا خالصًا، بل فيه كَدَرٌ. قاله الحافظ ابن حجر في "الفتح".
(2)
ليس في "الصحيحين" من هذا الطريق إلّا ما أخرجه مسلم برقم (2891) به عن حذيفة بن اليمان، قال: والله إني لأعلمُ الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلّا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرَّ إليَّ في ذلك شيئًا لم يحدِّثه غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدِّث مجلسًا أنا فيه عن الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعدُّ الفتن:"منهنَّ ثلاث لا يكدنَ يذرن شيئًا، ومنهنَّ فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار"، قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري. وسيأتي عند المصنف برقم (8661).
أحاديثَ من هذا الباب ما لم يُخرجاه.
الحديث الأول منها:
392 -
حدَّثَناه أبو أحمد بكر بن محمد بن أبو أحمد بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هلال البُوزَنْجِرْدي، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، أخبرنا عبد الله بن المبارَك.
وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد الفقيه البخاري بنَيْسابور، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله بن المبارك.
وحدثنا بُكَير بن محمد الصُّوفي بمكة، حدثنا الحسن بن علي المَعمَري، حدثنا الحسن بن عيسى، أخبرنا عبد الله بن المبارك.
وحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارئُ - واللفظ له - حدثنا عثمان بن سعيد الدَّارِمي، حدثنا نُعيَم بن حمّاد، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا محمد بن سُوقَة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: خَطَبَنا عمرُ بالجابيَةِ فقال: إني قمتُ فيكم كمَقامِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فقال:"أُوصِيكُم بأصحابي، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونهم، ثم يَفشُو الكذبُ حتى يَحلِفَ الرجلُ ولا يُستحلَف، ويَشهَدَ ولا يُستشهَد، فمن أراد منكم بحبَحةَ الجنة فليَلزَمِ الجماعةَ، فإنَّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعَدُ، ألَا لا يَخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلّا كان ثالثَهما الشيطانُ" قالها ثلاثًا "وعليكم بالجماعةِ، فإنَّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنينِ أبعَدُ، أَلَا وَمَن سَرَّتْه حَسَنتُه وساءَتْه سيِّئتُه، فهو مؤمنٌ"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي.
وأخرجه أحمد 1/ (114)، وابن حبان (7254) من طريقين عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وخالف عطاء بن مسلم - وهو الخفّاف - فرواه عن محمد بن سُوقة، عن أبي صالح قال: قدم عمر الجابية، فذكره. أخرجه النسائي (9182)، وهذا من أوهام عطاء بن مسلم فقد كان يخطئ في رواياته كثيرًا، وأبو صالح - وهو ذكوان السمان - لم يدرك عمر. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإني لا أعلم خلافًا بين أصحاب عبد الله بن المبارك في إقامة هذا الإسناد عنه. عنه، ولم يُخرجاه.
وله شاهدان عن محمد بن سُوقَة قد يُستشهَدُ بمثلهما في مثل هذا الموضع:
أما الشاهد الأول:
393 -
فحدَّثَناه أبو أحمد إسحاق بن محمد بن خالد الهاشمي بالكوفة، حدثنا جعفر بن محمد العَلَوي، حدثنا عثمان بن سعيد المُرِّي
(1)
، حدثنا الحسن بن صالح، عن محمد بن سُوقَة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أنَّ عمر بن الخطَّاب خَطَبَ بالجابيَة فقال: قام فينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَقامِي فيكم فقال: "استَوصُوا بأصحابي خيرًا" فذكر الحديث بنحوه
(2)
.
= وأخرجه النسائي (9180) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن شهاب الزهري، عن عمر. وهذا منقطع الزهري لم يدرك عمر، وقد صوَّب البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 102 والدارقطني في "العلل" 2/ 67 هذه الرواية وقدماها على رواية محمد بن سوقة، مع أنه ثقة ثبت، والطريق إليه أقوى من الطريق إلى يزيد بن الهاد، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أحمد 1/ (177)، وابن ماجه (2363)، والنسائي (9175 - 9177)، وابن حبان (5586) و (6728) من طريق عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمُرة، عن عمر.
وأخرجه النسائي (9178) و (9179) من طريق عبد الملك بن عمير أيضًا، عن عبد الله بن الزبير، عن عمر وله وجوه أخرى عن عبد الملك بن عمير ذكرها الدارقطني في "العلل" 2/ 122 (155).
وقوله: "من سرَّته حسنته
…
إلخ" سلف عند المصنف برقم (32) من حديث أبي موسى الأشعري. والجابية: موضع قريب من نَوَى جنوب دمشق.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: المزني، والتصويب من مصادر ترجمته، واسمه عثمان بن سعيد بن مُرّة القرشي مولاهم، فهو مولى سعيد بن العاص، والظاهر أنه نُسب إلى جده مرة.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، وذلك من أجل أبي أحمد شيخ المصنف وشيخه جعفر بن محمد وشيخه عثمان المري.
وأخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه"(1036)، ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب" =
وأما الشاهد الثاني:
394 -
فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، حدثنا جعفر بن أحمد بن سِنَان الواسطي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدُّورَقي وأحمد بن مَنِيع قالا: حدثنا النَّضْر بن إسماعيل البَجَلي، حدثنا محمد بن سُوقَة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: خَطَبَنا عمرُ بالجابيَة فقال: إني قمتُ فيكم كمَقامِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فذكر الحديث بنحوه
(1)
.
فأما الخلافُ في هذا الحديث عن عبد الملك بن عُمير فإنه مجموعٌ لي في جزء، والذي عندي أنَّ الإمامين تَرَكا هذا الحديث من ذلك الخلاف بين الأئمة على عبد الملك فيه، وتلك الأسانيد لا تُعلَّلُ بهذه الأسانيد الخارجة منها، وقد رُوِيناه بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقَّاص عن عمر:
395 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد.
وحدثني أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد المؤذِّن، حدثنا أحمد بن زيد بن هارون القزَّاز بمكة؛ قالا: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حدثني محمد بن مُهاجِر بن مِسْمار
(2)
، عن عامر بن سعد بن أبي وَقَّاص، عن أبيه قال: وَقَفَ عمر بن الخطّاب بالجابِيَة فقال: رَحِمَ اللهُ رجلًا سمع مقالتي فوَعَاها، إني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَفَ
= (403) عن إبراهيم بن سليمان بن حيان الهمداني، عن عثمان بن سعيد المري، بهذا الإسناد.
وإبراهيم بن سليمان مختلف فيه. وانظر ما قبله وما بعده.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف النضر بن إسماعيل، وهو متابع فيما سبق.
وأخرجه الترمذي (2165) عن أحمد بن منيع وحده، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي (9181) عن محمد بن الوليد، الفحام عن النضر بن إسماعيل، به.
(2)
كذا وقع في النسخ الخطية، ولم نقف في الرواة على من اسمه محمد بن مهاجر بن مسمار، والصواب هنا أنه من رواية إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، وهو ضعيف، وقد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 282 - 283 من طريق الحاكم فسماه إبراهيمَ على الصواب، وكذا وقع عند ابن أبي عاصم في "السنة"(86) و (896).
فينا كمَقامي فيكم ثم قال: "احفَظُوني في أصحابي، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونهم - ثلاثًا - ثم يَكثُرُ الهَرْجُ، ويظهَرُ الكَذِبُ، ويَشْهَدُ الرجلُ ولا يُستشهَد، ويَحلِفُ ولا يُستحلَف، من أحبَّ منكم بُحبُوحةَ الجنة فعليه بالجماعة، فإنَّ الشيطانَ مع الواحد، وهو من الاثنين أبعَدُ، لا يَخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ، فإنَّ الشيطان ثالثُهما، مَن سَرَّتْه حَسَنتُه وساءته سيِّئتُه، فهو مؤمن"
(1)
.
الحديث الثاني فيما احتَجَّ به العلماء أنَّ الإجماع حُجَّة، حديثٌ مُختلَف فيه عن المعتمِر بن سليمان من سبعة أوجه، فالوجه الأول منها:
396 -
ما حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الأصمّ ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا خالد بن يزيد القَرْني، حدثنا المُعتِمر بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجمَعُ اللهُ هذه الأُمَّةَ على الضلالة أبدًا" وقال: "يدُ الله على الجماعة، فاتَّبِعوا السَّوادَ الأعظمَ، فإنه مَن شَذَّ شَذَّ في النار"
(2)
.
(1)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لما مضى بيانه في التعليق السابق.
وأخرجه ابن عساكر 20/ 282 - 283 من طريق البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا ابن أبي عاصم في "السنة"(86) و (896) عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، به. واقتصر على قوله:"من أراد بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة فإنَّ الشيطان مع الفذّ"، وجعله من رواية إبراهيم بن المهاجر عن أبيه عن عامر بن سعد.
والهَرْج: القتل والاضطراب في الناس.
(2)
صحيح لغيره دون قوله: "من شذ شذ في النار"، وإسناد حديث ابن عمر قد اضطُرب فيه على معتمر في شيخه، والصواب أنه سليمان آخر غير أبيه، وما وقع هنا في رواية خالد القرني فهو وهمٌ منه، وسليمان هذا: هو ابن سفيان المَديني، ويقال: أبو سفيان، ويقال غير ذلك، وهو ضعيف.
وأخرجه اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(154)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 37 من طريقين عن جعفر بن محمد بن شاكر، بهذا الإسناد. =
خالد بن يزيد القَرْني هذا شيخ قديم للبغداديين، ولو حَفِظَ هذا الحديث لحَكَمْنا له بالصحة.
والخلاف الثاني فيه على المعتمِر:
397 -
ما حدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد حدثنا محمد بن المسيَّب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا المعتمِر بن سليمان، حدثني أبو سفيان المَدِيني، عن عبد الله بن دِينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجمَعُ اللهُ هذه الأُمَّةَ على الضلالة أبدًا، ويدُ الله على الجماعة، فمن شَذَّ شَذَّ في النار"
(1)
.
والخلاف الثالث فيه على المعتمِر:
398 -
ما حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، حدثنا أبو بكر بن نافع، حدثنا المعتمِر، حدثني سليمان المَدِيني، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجْمَعُ الله أُمَّتِي على ضلالةٍ أبدًا"
(2)
.
والخلاف الرابع على المعتمِر فيه:
399 -
ما أخبرني محمد بن عبد الله العُمَري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني
= وللحديث دون قوله: "ومن شذَّ شذَّ في النار" شواهد يتقوّى بها ويصح، منها حديث ابن عباس الآتي عند المصنف برقم (403) و (404)، وسنده صحيح. وانظر تتمة شواهده في "مسند أحمد" 35/ (21294)، و "جامع الترمذي"(2305 - طبعة الرسالة).
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي سفيان المديني - ويقال: المدني، نسبة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه سليمان بن سفيان وقيل غير ذلك في اسمه وكنيته. وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(701) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(80) من طريق المسيب بن واضح، عن المعتمر بن سليمان، به.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. أبو بكر بن نافع: هو محمد بن أحمد بن نافع.
وأخرجه الترمذي في "الجامع"(2167)، وفي "العلل الكبير"(597)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1431) من طريق أبي بكر بن نافع بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (402).
علي بن الحسين الدِّرهَمي، حدثنا المعتمِر بن سليمان، عن سفيان - أو أبي سفيان - عن عبد الله بن دِينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يَجمَعَ اللهُ أمَّتي على ضلالةٍ أبدًا، ويد الله على الجماعة هكذا - ورفع يديه - فإنه مَن شَذَّ شَذَّ في النار"
(1)
.
قال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق: لستُ أعرِفُ سفيان أو أبا سفيان هذا.
والخلاف الخامس على المعتمر فيه:
400 -
ما حدَّثَناه أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزَّاز ببغداد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا خالد بن عبد الرحمن، حدثنا المعتمِر، عن سَلْم بن أبي الذَّيّال، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجْمَعُ اللهُ هذه الأُمَّة - أو قال: أمتي - على الضَّلالة أبدًا، واتَّبعوا السَّوادَ الأعظمَ، فإنه مَن شَذَّ شَذَّ في النار"
(2)
.
قال لنا عمر بن جعفر البصري: هكذا في كتاب أبي الحسين: عن سَلْم بن أبي الذَّيّال.
قال الحاكم أبو عبد الله: وهذا لو كان محفوظًا من الراوي، لكان من شرط الصحيح.
والخلاف السادس على المعتمِر فيه:
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(420) من طريق محمد بن محمد الحجّاجي، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
(2)
صحيح لغيره، وخالد بن عبد الرحمن الراوي عن معتمر هنا لا يُعرَف إلَّا إذا كان هو خالد بن يزيد - أو ابن أبي يزيد - القَرْني، فقد أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(419) من طريق محمد بن الحسن البربهاري، عن محمد بن غالب، فقال فيه: عن خالد القرني. وله فيه طريق أخرى عنه من حديث أحمد بن الهيثم بن خالد قال: حدثنا خالد بن يزيد، فذكره.
وذكر سلم بن أبي الذيال فيه وهمٌ لعلَّة من محمد بن غالب، وهو التمتام، فلقد كان يخطئ أحيانًا في أسانيده، والحديث محفوظ عن المعتمر بن سليمان عن سليمان أبي سفيان المدني عن عبد الله بن دينار، كما في الأسانيد السابقة، وسليمان هذا ضعيف كما تقدم.
401 -
ما أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا سهل بن أحمد بن عثمان الواسطي من كتابه، حدثنا يحيى بن حبيب بن عَرَبيّ، حدثنا المعتمِر بن سليمان قال: قال أبو سفيان سليمان بن سفيان المَدِيني، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، أنَّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَجمَعُ الله أمَّتي على ضلالةٍ أبدًا، ويد الله على الجماعةِ هكذا، فاتَّبِعوا السَّوادَ الأعظمَ، فإنه مَن شَذَّ شَذَّ في النار"
(1)
.
والخلاف السابع على المعتمِر فيه:
402 -
ما حدَّثناه أبو الحسن محمد بن الحسين بن منصور، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يونس البَزَّاز، حدثنا أبو بكر بن نافع، حدثنا معتمِر بن سليمان، حدثني سليمان أبو عبد الله المدني، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله لا يَجمَعُ أمَّتي - أو قال: أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالةٍ أبدًا، ويدُ الله على الجماعة - وقال بيده يَبسُطُها - إِنَّه مَن شَذَّ شَذَّ في النار"
(2)
.
قال الحاكم: فقد استقرَّ الخلافُ في إسناد هذا الحديث على المعتمر بن سليمان - وهو أحد أركان الحديث - من سبعة أوجهٍ لا يَسَعُنا أن نَحكُم أَنَّ كلَّها محمولة على الخطأ، ولا أنَّ كلَّها محمولة على الصواب، وقد كنتُ أسمع أبا علي الحسين بن علي الحافظ يحكم بالصواب لقول من قال: عن المعتمر عن سليمان بن سفيان المديني
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف سليمان بن سفيان.
وأخرجه الطبراني (13624) عن سهل بن أبي سهل الواسطي، عن يحيى بن حبيب بن عربي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(368) من طريق محمد بن هشام بن أبي خيرة، عن المعتمر بن سليمان، به.
وأخرجه الطبراني (13623) من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي عن معتمر بن سليمان، عن مرزوق مولي آل طلحة، عن عمرو بن دينار، به - وهذا اختلاف آخر في إسناد هذا الحديث لم يذكره الحاكم، ومرزوق هذا لا يعرف، والمحفوظ سليمان المدني، وهو مولى آل طلحة بن عبيد الله.
(2)
صحيح لغيره، وانظر ما سلف برقم (398).
عن عبد الله بن دينار، ونحن إذا قلنا هذا القول نَسَبْنا الراوي إلى الجهالة فوَهَّنّا به الحديث، ولكنا نقول: إنَّ المعتمر بن سليمان أحدُ أئمَّة الحديث، وقد رُوِيَ عنه هذا الحديث بأسانيدَ يَصِحُّ بمثلها الحديث، فلا بدَّ من أن يكون له أصل بأحد هذه الأسانيد.
ثم وَجَدْنا للحديث شواهدَ من غير حديث المعتمر لا أدَّعي صحتَها ولا أحكمُ بتوهينها، بل يَلْزَمُني ذِكرُها لإجماع أهل السُّنّة على هذه القاعدة من قواعد الإسلام، فممَّن رُوِيَ عنه هذا الحديث من الصحابة عبدُ الله بن عباس:
403 -
حدثنا أبو الوليد حسَّان بن محمد الفقيه إملاءً وقراءةً، حدثنا محمد بن سليمان بن خالد، حدثنا سَلَمة بن شَبِيب، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا إبراهيم بن ميمون، أخبرني عبد الله بن طاووس، أنه سمع أباه يحدِّث، أنه سمع ابنَ عباس يحدِّث، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَجمَعُ الله أمَّتي - أو قال: هذه الأُمة - على الضلالةِ أبدًا، ويدُ الله على الجماعة"
(1)
.
404 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا العباس بن عبد العظيم، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا إبراهيم بن ميمون العَدَني - وكان يُسمَّى قُريشَ اليمن، وكان من العابدين المجتهدين - قال: قلت لأبي جعفرٍ: والله لقد حدَّثني ابن طاووس عن أبيه قال: سمعت ابنَ عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجمَعُ اللهُ أمَّتي على ضلالةٍ أبدًا، ويدُ الله على الجماعة"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، ومحمد بن سليمان بن خالد - وهو العبدي الميداني النيسابوري - ذكره الحاكم في "تاريخ نيسابور"(كما في "منتخبه" للخليفة النيسابوري ص 55) وقال شيخ مشهور، وقد توبع في الذي يليه، وباقي رجال الإسناد ثقات.
وأخرجه الترمذي (2166) عن يحيى بن موسى، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. واقتصر على قوله:"يد الله مع الجماعة"، وقال: حديث حسن. وانظر ما بعده.
(2)
إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
قال الحاكم: فإبراهيمُ بن ميمون العَدَني هذا قد عدَّله عبدُ الرزاق وأثنى عليه، وعبد الرزاق إمامُ أهل اليمن وتعديلُه حُجَّة.
وقد رُوِيَ هذا الحديث عن أنس بن مالك:
405 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا مبارَك أبو سُحَيم مولى عبد العزيز بن صهيب، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سأل ربَّه أربعًا: سأل ربَّه أن لا تموتَ أُمَّتُه
(1)
جوعًا، فأُعطيَ ذلك، وسأل ربَّه أن لا يجتمعوا على ضلالةٍ، فأُعطيَ ذلك، وسأل ربَّه أن لا يرتدُّوا كفارًا، فأُعطيَ ذلك، وسأل ربَّه أن لا يَغلِبَهم عدوٌّ لهم فيستبيحَ بَيْضتَهم، فأُعطيَ ذلك، وسأل ربَّه أن لا يكونَ بأسُهم بينهم، فلم يُعطَ ذلك
(2)
.
أما مُبارَك بن سُحَيم، فإنه ممَّن لا يُمشَّي في مثل هذا الكتاب، لكني ذكرتُه اضطرارًا.
الحديث الثالث في حُجَّة العلماء بأنَّ الإجماع حُجَّة:
406 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا عمرو بن عَوْن.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا خالد بن عبد الله، عن مُطرِّف، عن خالد بن وَهْبان، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فارقَ الجماعةَ قِيدَ شِبْرٍ، فقد خَلَعَ رِيْقةَ الإسلام من عُنقِه"
(3)
.
(1)
لفظ "أمته" سقط من (ز) و (ب) وأثبتناه من (ص) و (ع).
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، مبارك أبو سحيم - وهو ابن سحيم - متروك.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة خالد بن وهبان، ثم إنه منقطع هنا بينه وبين مطرِّف، بينهما فيه أبو الجهم كما عند غير المصنف، وأبو الجهم هو الذي تفرَّد بالرواية عن خالد بن وهبان، واسمه سليمان بن الجهم مطرف: هو ابن طريف الحارثي. =
تابعه جريرُ بن عبد الحميد الضّبي عن مطرِّف:
407 -
حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا جعفر بن سَوَّار، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جَرير، عن مُطرِّف، عن خالد بن وَهْبان، عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن خالَفَ جماعةَ المسلمين شِبرًا، فقد خَلَعَ رِبْقةَ الإسلام من عُنقِه"
(1)
.
خالد بن وَهْبان لم يُذكَر بجَرْح في رواياته، وهو تابعي معروف، إلّا أنَّ الشيخين لم يخرجاه.
وقد رُوِي هذا المتنُ عن عبد الله بن عمر بإسناد صحيح على شرطهما:
408 -
أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثني يحيى بن سعيد قال: كَتَبَ إليَّ خالدُ بن أبي عِمران قال: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من خَرَجَ من الجماعةِ قِيدَ شِبْرٍ، فقد خَلَعَ رِبْقةَ الإسلام من عُنقِه حتى يُراجِعَه"، وقال:"من مات وليس عليه إمامُ جماعةٍ، فإِنَّ مَوْتتَه مَوتةٌ جاهليَّة"
(2)
.
= وأخرجه أحمد 35/ (21560 - 21562)، وأبو داود (4758) من طرق عن مطرف، عن أبي الجهم، عن خالد بن وهبان به وانظر ما بعده.
ويشهد له بلفظه حديثا ابن عمر والحارث الأشعري التاليان وهما صحيحان.
وفي معناه في الباب غير ما حديث، انظرها عند حديث ابن عمر في "مسند أحمد" 9/ (5386).
قِيد شبر: أي: قدر شبر.
والرِّبقة، قال ابن الأثير في "النهاية": الرِّبقة في الأصل: عُرْوة في حبل تُجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني: ما يشدُّ به المسلم نفسه من عرى الإسلام، أي: حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه.
(1)
صحيح لغيره كسابقه.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، أبو صالح - وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث - حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وهذا الحديث منها، وقد سلف عند المصنف برقم (261). =
الحديث الرابع فيما يدلُّ على أنَّ إجماع العلماء حُجَّة:
409 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتيبة القاضي بمصر، حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطَّيالسي، حدثنا علي بن المبارَك، عن يحيى بن أبي كَثير، عن زيد بن سَلَّام، عن جدِّه قال: حدثني الحارث الأشعَري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمرُكم بخمس كَلِماتٍ أمرَني اللهُ بهنَّ: الجماعةِ، والسمعِ، والطاعةِ، والهجرةِ، والجهادِ في سبيل الله، فمن خَرَجَ من الجماعة قِيدَ شِبْر، فقد خَلَعَ رِبْقةَ الإسلام من رأسِه إلّا أن يَرجعَ"
(1)
.
وهكذا رواه بطوله معاويةُ بن سَلَّام وأبَانُ بن يزيد العطَّار عن يحيى بن أبي كثير.
أما حديث معاوية:
410 -
فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، أخبرنا محمد بن غالب، أنَّ حفص بن عمر العُمَري حدثهم، قال: حدثنا معاوية بن سلَّام، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني زيد بن سلَّام، أنه سمع أبا سلَّام يقول: حدثني الحارث الأشعَري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الله أمَرني بخمسٍ أعملُ بهنَّ
…
" فذكر الحديث بطوله
(2)
.
وأما حديث أبانَ بن يزيد عن يحيى:
411 -
فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا تَميم بن محمد، حدثنا هُدْبة بن خالد، حدثنا أبانُ بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير، أنَّ زيدًا حدَّثه، أنَّ أبا سلّام حدَّثه، أنَّ الحارث الأشعري حدَّثه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله أمرَ يحيى بنَ زكريا بخمسٍ
= ويشهد له ما في الحديثين السابق واللاحق.
(1)
إسناده صحيح. وانظر ما بعده.
(2)
حديث صحيح، حفص بن عمر العُمري هذا لعله هو حفص بن عمر بن سويد أبو عمر الخطّابي العدوي البغدادي، ترجمه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ 423 - 425، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 89، وذكرا أنه روى عن معاوية بن سلام، إلّا أنهما لم يأثُرا فيه جرحًا أو تعديلًا، وباقي رجاله ثقات. وانظر ما بعده.
فقال: تعملُ بهنَّ وأْمُرْ بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ" فذكر الحديث، وقال فيه: "إنَّ الله أمَرَني بخمسٍ" فذكره بطوله
(1)
.
هذا حديث صحيح على ما أصَّلْناه في الصحابة إذا لم نجد لهم إلّا راويًا واحدًا، فإنَّ الحارث الأشعريَّ صحابيٌّ معروف سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس الدُّورِيَّ يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: الحارث الأشعريُّ له صُحْبة.
ولهذه اللفظة من من الحديث شاهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
412 -
حدَّثَناه أبو بكر بن أبي دارِمٍ الحافظ بالكوفة، حدثنا عبد الله بن غنَّام بن حفص بن غِيَاث، حدثني أَبي، حدثنا أبو بكر بن عيّاش، عن عاصم، عن أبي صالح، عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن فارق الجماعةَ شِبرًا، دَخَلَ النار"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو سلّام: هو ممطور الحبشي جدُّ زيد بن سلّام.
وأخرجه ابن حبان (6233) عن عمران بن موسى بن مجاشع، عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بطوله الترمذي (2863) من طريق موسى بن إسماعيل، و (2864) من طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عن أبان بن يزيد، به. وقال: حديث حسن صحيح. وسيأتي عند المصنف برقم (1548) من طريق الطيالسي عن أبان.
وأخرجه أحمد 28/ (17170) و 29/ (17800) من طريق موسى بن خلف، عن يحيى بن أبي كثير، به.
ورواه مختصرًا معمر بن يحيى عن أبي كثير فقال فيه: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُراه أبا مالك الأشعري، أخرجه من طريقه أحمد 37/ (22910).
وروى منه قطعة مختصرةً النسائي (11286) من طريق محمد بن شعيب، عن معاوية بن سلّام، عن أخيه زيد بن سلام، به. وقطعة منه ستأتي برقم (782) من طريق الربيع بن نافع عن معاوية.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة حال غنام بن حفص، وأبو بكر بن أبي دارم متكلَّم فيه. عاصم: هو ابن أبي النّجود، وأبو صالح: هو ذكوان السَّمّان، ومعاوية: هو ابن أبي سفيان. =
الحديث الخامس فيما يدلُّ على أنَّ الإجماع حُجَّة:
413 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الدَاربردي بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي، حدثنا القَعنَبي.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا القَعنَبي، حدثنا أسامة بن زيد، عن أبيه، جدّه، عن عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من فارَقَ أُمّتَه، أو عادَ أعرابيًّا بعد هجرتِه، فلا حُجَّةَ له"
(1)
.
قد اتَّفق الشيخانٍ
(2)
على إخراج حديث غَيْلان بن جَرير عن زياد بن رِيَاح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن فارقَ الجماعةَ فمات مات مَوْتةً جاهليّة"، وهذا المتنُ غيرُ ذاك.
الحديث السادس فيما يدلُّ على أنَّ الإجماع حُجّة:
414 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا حامد بن أبي حامد
= والمحفوظ في الحديث ما أخرجه أحمد 28/ (16876) عن أسود بن عامر، وابن حبان (4573) من طريق محمد بن يزيد بن رفاعة كلاهما عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد، بلفظ:"من مات بغير إمام، مات ميتة جاهلية". وإسناده حسن.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أسامة بن زيد: وهو ابن أسلم العَدَوي مولى عمر أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 23 عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.
ونقل عن علي بن المَدِيني توثيق أسامة بن زيد، إلّا أنَّ الجمهور على تضعيفه.
والمحفوظ من حديث زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ما رواه هشام بن سعد عنه عند مسلم (1851) بلفظ: "من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات مِيتة جاهلية".
(2)
بل انفرد به مسلم في "صحيحه" برقم (1848)، وإنما اتفقا على إخراج حديث أبي رجاء العُطاردي عن ابن عباس، فهو عند البخاري برقم (7054) ومسلم برقم (1849) بنحو اللفظ المذكور.
المقرئ، حدثنا إسحاق بن سليمان القارئ، حدثنا كثير بن أبي كثير أبو النَّضْر
(1)
، عن رِبْعيِّ بن حِرَاش قال: أتيتُ حُذيفةَ بن اليَمَان لياليَ سارَ الناسُ إلى عثمان، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن فارَقَ الجماعةَ واستَذَلَّ الإمارةَ، لقيَ الله ولا حُجَّةَ له"
(2)
.
تابعه أبو عاصم عن كَثير:
415 -
أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا محمد بن معاذ، حدثنا أبو عاصم، حدثنا كَثير بن أبي كَثير، حدثني رِبْعيُّ بن حِراش: أنه أتى حذيفةَ بن اليَمَان يزورُه - وكانت أختُه تحتَ حذيفة - فقال له حذيفة: يا ربعيُّ، ما فعل قومُك؟ وذلك زمنَ خَرَجَ الناسُ إلى عثمان، قال: قد خرج منهم ناس قال: فسمَّى منهم نفرًا، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن فارقَ الجماعةَ واستَذَلَّ الإمارةَ، لقيَ الله ولا حُجَّةَ له عند الله"
(3)
.
هذا حديث صحيح، فإنَّ كثير بن أبي كثير كوفيٌّ سكن البصرةَ، روى عنه يحيى بن سعيد القطّان وعيسى بن يونس، ولم يُذكَر بجَرْح.
الحديث السابع فيما يدلُّ على أنَّ الإجماع حُجَّة:
416 -
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الفاكِهي بمكة، حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مَسَرَّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ،
(1)
في النسخ الخطية: حدثنا كثير بن النضر، وهو خطأ.
(2)
إسناده حسن من أجل كثير أبي النضر. وسيتكرر عند المصنف برقم (4610).
وأخرجه أحمد 38/ (23283) عن إسحاق بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا 38/ 23284) و (23452) عن محمد بن بكر، عن كثير بن أبي كثير، به.
(3)
إسناده حسن كسابقه. ومحمد بن معاذ في هذه الطبقة يغلب على ظننا أنه ابن يوسف أبو بكر السلمي المروزي، وهذا قد روى عنه غير واحد من الحفّاظ كمحمد بن نصر المروزي وغيره، إلا أننا لم نقف له على ترجمة، لكنه متابع فيما يرويه من الأحاديث، فأقل أحواله أن يكون حسن الحديث وأبو عاصم: هو الضحاك مخلد.
وأخرجه أحمد 38/ (23288) عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.
حدثنا حَيْوة، أخبرني أبو هانئ، أنَّ أبا علي الجَنْبي عمرو بن مالك، حدَّثه عن فَضَالة بن عُبيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ثلاثةٌ لا تَسأَل عنهم: رجل فارقَ الجماعة وعصى إمامَه فمات عاصيًا، وأَمَةٌ أو عبدٌ أَبَقَ من سيِّدِه فمات، وامرأةٌ غاب عنها زوجُها وقد كَفَاها مُوْنةَ الدنيا فتبَرَّجَت بعده؛ فلا تَسأَلْ عنهم"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا بجميع رواته
(2)
، ولم يُخرجاه، ولا أعرف له عِلَّة.
الحديث الثامن على أن الإجماع حُجَّة:
417 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوَّام بن حَوشَب، عن عبد الله بن السائب الأنصاري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاةُ المكتوبةُ إلى الصلاة المكتوبة التي بعدها كفَّارةٌ لما بينهما، والجُمُعة إلى الجمعة، والشهرُ إلى الشهر - من شهر رمضانَ إلى شهر رمضان - كفَّارةٌ لما بينهما"، ثم قال بعد ذلك:"إلّا من ثلاث"، فعرفتُ أنَّ ذلك من أمرٍ حَدَثَ، فقال:"إلّا من الإشراك بالله، ونَكْثِ الصَّفْقة، وتَرْكِ السُّنَّة" قلت: يا رسول الله، أمّا الإشراك بالله فقد عَرَفْناه، فما نَكْثُ الصَّفْقة وتركُ السُّنّة؟ قال:"أمّا نَكْثُ الصَّفْقة: أن تبايعَ رجلًا بيمينِك، ثم تُخالِفَ إليه فتقابلَه بسيفك، وأمّا تركُ السُّنّةِ: فالخروجُ من الجماعة"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. حيوة: هو ابن شريح، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ.
وأخرجه أحمد 39/ (23943)، وابن حبان (4559) من طريق عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ بهذا الإسناد.
(2)
هذا ذهول من المصنف، فإنَّ أبا هانئ من أفراد مسلم، وعمرو بن مالك الجنبي لم يخرجا له شيئًا.
(3)
رجاله ثقات، غريب بهذا السِّياق، سعيد بن مسعود: هذا هو ابن عبد الرحمن المروزي، ذكره الخليلي في "الإرشاد في معرفة علماء الحديث"(818) ووثّقه، وترجم له الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 12/ 504 وقال: أحد الثقات، وسماه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 95 سعدًا =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بعبد الله بن السائب بن أبي السائب الأنصاري
(1)
، ولا أعرفُ له علَّةً.
الحديث التاسع في أنَّ الإجماع حُجَّة:
= وقال: هو صدوق؛ أما عبد الله بن السائب فلم ينسب أنصاريًا إلّا في رواية سعيد بن مسعود هذه، وقد ذُكِر في هذه الطبقة ممن روى عن أبي هريرة أبو السائب الأنصاري، وهو من رجال مسلم، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": يقال: اسمه عبد الله بن السائب. قلنا: لكن وقع في رواية هشيم عن العوام بن حوشب عند البيهقي في "شعب الإيمان"(3348): عبد الله بن السائب الكندي، فإن كان هذا محفوظًا - وهشيم أوثق وأحفظ من سعيد بن مسعود - فإنَّ عبد الله بن السائب الكندي هذا قد ذكر له الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" رواية عن أبي هريرة أيضًا، لكن أكثر روايته عن التابعين، وسواء كان هذا أو ذاك فكلاهما ثقة.
وأخرجه أحمد 16/ (10576) عن يزيد بن هارون فخالف سعيدَ بنَ مسعود فقال: عن العوام بن حوشب، عن عبد الله بن السائب، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة. فزاد في الإسناد واسطة مبهمة.
وممّا يؤيد رواية سعيد بن مسعود بإسقاط هذه الواسطة روايةُ هشيم عند أحمد 12/ (7129)، ورواية إسحاق بن يوسف الأزرق عند المصنف فيما سيأتي برقم (7858)، كلاهما عن العوام بن حوشب، عن عبد الله بن السائب، عن أبي هريرة وهشيم وإسحاق الأزرق ثقتان مشهوران.
وذكره الدارقطني في "العلل"(2119) ولم يذكر سوى رواية هشيم ورواية يزيد بن هارون التي فيها الواسطة المبهمة، ثم قال: وقول يزيد أشبه بالصواب. كذا قال، مع أن بعض أهل العلم بالرجال كأبي حاتم الرازي قد قدَّم هشيمًا في الحفظ على يزيد بن هارون.
وأخرج أوله أحمد 15/ (9197)، ومسلم (233)(16) من طريق عمر بن إسحاق مولى زائدة، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات ما بينهنَّ إذا اجتُنبت الكبائر". وهذا هو المشهور في حديث أبي هريرة بإطلاق الكيائر دون حصرها بالثلاث، وهكذا رواه عنه جمع عند مسلم وغيره، انظر تخريج الحديث (7129) عند أحمد.
(1)
المشهور بهذا الاسم عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي المكي، وهذا له ولأبيه صحبة، وهو قرشي لا أنصاري، ومسلم روى له حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلعلَّ ما وقع للحاكم هنا وهمٌ، والله تعالى أعلم.
418 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا خَلّاد بن يحيى قال. وأخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا داود بن عمرو الضَّبِّي؛ قالا: حدثنا نافع بن عمر الجُمَحي، حدثنا أُميَّة بن صفوان، عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي، عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بالنَّبَاءَة - أو بالنَّباوَة - يقول: "يُوشِكُ أن تَعرِفوا أهلَ الجنة من أهل النار" أو قال: "خِيارَكم من شِرَارِكم" قيل يا رسول الله، بماذا؟ قال:"بالثَّناءِ الحَسَن، والثناءِ السَّيِّئ، أنتم شهداءُ بعضُكم على بعضٍ"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، وقال البخاري: أبو زهير الثقفي سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم واسمه معاذ. فأما أبو بكر بن أبي زهير فمن كبار التابعين، وإسناد الحديث صحيح ولم يُخرجاه.
فقد ذكرنا تسعةَ أحاديث بأسانيدَ صحيحةٍ يُستَدلُّ بها على الحُجَّة بالإجماع، واستقصيتُ فيه تحرِّيًا لمذاهب الأئمة المتقدِّمين رضي الله عنهم.
هذه أخبار صحيحة في الأمر بتوقير العالِم عند الاختلافِ إليه والقعودِ بين يديه، ممّا لم يُخرجاه
419 -
أخبرنا أبو الحسن ميمون بن إسحاق الهاشمي ببغداد، حدثنا أحمد بن
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن أبي زهير، فهو تابعي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأمية بن صفوان - وهو ابن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي - روى عنه جمع وذكره ابن حبان أيضًا في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 24/ (15439) و 39/ (24009/ 64) و 45/ (27645)، وابن ماجه (4221)، وابن حبان (7384) من طرق عن نافع بن عمر الجُمحي، بهذا الإسناد.
وسيأتي عند المصنف برقم (8549).
ويشهد له حديث أنس عند البخاري (1367) ومسلم (949) في قصة الجنازة التي مُرَّ عليها، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجب له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض".
عبد الجبار العُطَارِدي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن المِنْهال بن عمرو، عن زاذانَ، عن البَرَاء بن عازِب: قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةِ رجلٍ من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمَّا يُلحَدْ، فجَلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حولَه كأنَّ على رؤوسِنا الطيرَ، وذَكَرَ الحديث
(1)
.
قد ثبت صحَّةُ هذا الحديث في كتاب الإيمان، وأنهما لم يخرجاه.
420 -
أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى الخطيب بمَرْو، حدثنا إبراهيم بن هلال البُوزَنْجِرْدي، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن أبيه قال: كنَّا إذا قَعَدْنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نَرفَعْ رؤوسنا إليه، إعظامًا له
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
(3)
، ولا أحفَظُ له علَّةً، ولم يُخرجاه.
421 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا شُعْبة.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا محمد بن النَّضْر الزُّبَيري،
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أحمد بن عبد الجبار. وقد سلف الحديث في كتاب الإيمان برقم (107).
(2)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل إبراهيم بن هلال، فقد روى عنه جمع من الثقات عند المصنف وغيره، ولم يؤثر فيه جرح أو تعديل، وترجمه السمعاني في "الأنساب" وذكر وفاته سنة تسع وثمانين ومئتين ولم ينفرد بما يُنكَر.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(658) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث المسور بن مخرمة الطويل في صلح الحديبية عند البخاري (2731)، ففيه قال عروة بن مسعود في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيمًا له.
(3)
كذا قال هنا، وقد سلف عند الحديث (11) تنصيصه أنَّ الحسين بن واقد احتجَّ به مسلم فقط، وهو الصواب.
حدثنا بكر بن بَكَّار، حدثنا شعبة.
وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.
وأخبرني أبو عمرو محمد بن جعفر - واللفظ له - حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا عُبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن زياد بن عِلَاقة، سمع أسامةَ بن شَرِيك قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه عنده كأنما على رؤوسهم الطَّير، فسلَّمتُ وقعدتُ، فجاء أعرابٌ يسألونه عن أشياءَ حتى قالوا: أنتداوَى؟ قال: "تَداوَوْا، فَإِنَّ الله لم يَضَعْ داءً إلَّا وَضَعَ له دواءً"، فسألوه عن أشياءَ، فقال:"عبادَ الله، وَضَعَ اللهُ الحَرَجَ إِلَّا امْرَأً اقْتَرَضَ امرَأً ظُلمًا، فذلك حَرِجَ وهَلَكَ" قالوا: يا رسول الله، ما خيرُ ما أُعطيَ الناس؟ قال:"خُلُقٌ حَسَنٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، والعِلَّة عند مسلم فيه أن أسامة بن شَرِيك لا راوي له غير زياد بن عِلَاقة، وقد روي عن علي بن الأقمر عن أسامة بن شريك
(2)
، على
(1)
إسناده صحيح، وعبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف في الإسناد الثالث ضعيف، وكذا بكر بن بكار في الإسناد الثاني، لكنهما متابعان.
وأخرجه تامًّا ومختصرًا: أحمد 30/ (18454)، وأبو داود (3855)، والنسائي (5844) و (5850) و (7511) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك أحمد 30/ (18453) و (18455) و (18456)، وأبو داود (2015)، وابن ماجه (3436)، والترمذي (2038)، والنسائي (7512)، وابن حبان (478) و (486) و (6061) و (6064) من طرق عن زياد بن علاقة، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (7618) و (8406) و (8407) من طرق عن زياد.
قوله: "إلّا امرأً اقترض امرأً" أي إلّا من اغتاب أخاه أو سبَّه أو آذاه في نفسه، عبَّر عنها بالاقتراض لأنه يستردُّ منه في العقبى، ويحتمل أن يكون "اقترض" بمعنى: قطع، وقال السيوطي: أي: نال منه وقطعه بالغيبة. قاله السندي في حاشيته على "مسند أحمد".
(2)
رواية علي بن الأقمر عن أسامة بن شريك وقعت عند الطبراني في "الكبير"(495)، في قصة صلاته على جنازة، والسند إليه ضعيف جدًّا. =
أني قد أصَّلتُ كتابي هذا على إخراج الصحابة وإن لم يكن لهم غيرُ راوٍ واحد، ولهذا الحديث طرق سبيلُنا أن نُخرِجَها بمشيئة الله في كتاب الطب.
422 -
أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتَّاب العَبْدي ببغداد، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يزيد الرِّيَاحي، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا صالح بن رُسْتُم، عن حُمَيد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قُرْط قال: دخلتُ المسجد فإذا حَلْقةٌ كأنما قُطِعت رؤوسُهم، وإذا رجلٌ يحدِّثهم، فإذا هو حُذَيفة، قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسألُه عن الشرّ، وذكر الحديث بطوله
(1)
.
= وأما العلة التي أشار إليها المصنف في عدم إخراج مسلم له، فقد سلف التعليق عليها عند الحديث (97).
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد أخطأ فيه صالح بن رستم - وهو أبو عامر الخزّاز البصري - وهو قد اختُلف فيه بين موثِّق ومليِّن، وفي الجملة هو حسن الحديث إلّا أنَّ له أوهامًا، وقد وصفه بذلك ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" (1190) فقال: هو من الحفاظ الذين كانوا يخطئون. قلنا: وهو كذلك، فقد أخطأ في إسناد هذا الحديث فجعله من حديث حميد بن هلال عن عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة، وعبد الرحمن بن قرط هذا لا يُعرف في العراقيين إلّا في هذا الحديث من هذا الوجه والمحفوظ في هذا الحديث رواية حميد بن هلال عن نصر بن عاصم عن اليَشكُري - واختُلف في اسمه فقيل: سُبيع بن خالد، وقيل: خالد بن سُبيع، وقيل: خالد بن خالد: أنه أتى الكوفة فدخل المسجد
…
وذكر الحديث، هكذا رواه عن حميدٍ سليمانُ ابن المغيرة وهو ثقة ثقة، وأما نصر بن عاصم فثقة، وأما اليشكري فقد روى عنه غير واحدٍ وذكره العجلي وابن حبان في الثقات، فمثله حسن الحديث.
أخرجه من حديث سليمان بن المغيرة عن حميد عن نصر بن عاصم: أحمد 38/ (23282)، وأبو داود (4246)، والنسائي (7978)، وابن حبان (5963)، وغيرهم. وانظر تمام تخريجه في "المسند".
ورواه عن نصر بن عاصم أيضًا قتادةُ فيما سيأتي عند المصنف برقم (8537).
وأما حديث صالح بن رستم عن حميدٍ، فسيأتي بطوله برقم (8535) من طريق عباس الدُّوري عن سعيد بن عامر. =
مَتْن هذا الحديث مخرَّج في الكتابين، وإنما خرَّجتُه في هذا الموضع للإصغاء إلى المحدِّث وكيفية التوقير له، فإنَّ هذه اللفظة لم يُخرجاها في الكتابين.
423 -
حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا أبو داود الطَّيالسي، أخبرنا الحَكَم بن عطيَّة، عن ثابت، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجدَ لم يَرفَعْ أحدٌ منّا إليه رأسَه غير أبي بكر وعمر، فإنهما كانا يتبسَّمانِ إليه ويتبسَّمُ إليهما
(1)
.
هذا حديث تفرَّد به هذا الشيخ الحكم بن عطيّة، وليس من شرط هذا الكتاب.
424 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الخَضِرُ بن أبان الهاشمي، حدثنا سيّار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أبي عثمان، عن سلمان الفارسي قال: كان سلمانُ في عِصَابة يذكرونَ الله، فمرَّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء نحوَهم قاصدًا حتى دَنَا منهم، فكَفُّوا عن الحديث إعظامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما كنتم تقولون؟ فإني رأيتُ الرَّحمةَ تَنزَّلُ عليكم، فأحببتُ أن أشارِكَكم فيها"
(2)
.
= وأخرجه النسائي (7979) عن أحمد بن حرب، عن سعيد بن عامر، بهذا الإسناد.
وأخرج طرفًا منه ابن ماجه (3981) عن محمد بن عمر بن علي المقدَّمي، عن سعيد بن عامر، به.
وقد سلف بنحوه برقم (391) من طريق أبي إدريس الخولاني عن حذيفة وهو مخرَّج عند الشيخين.
(1)
إسناده ضعيف لضعف الحكم بن عطية.
وأخرجه أحمد 19/ (12516)، والترمذي (3668) من طريق أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده ضعيف، الخضر بن أبان ضعفه الدارقطني والحاكم فيما قاله الذهبي في "ميزان الاعتدال" و "تاريخ الإسلام". أبو عثمان هو عبد الرحمن بن ملٍّ النهدي. =
هذا حديث صحيح ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا بجعفر بن سليمان
(1)
، فأما أبو سلمة سيَّار بن حاتم الزاهد فإنه عابدُ عصره، وقد أكثر أحمدُ بن حنبلٍ الروايةَ عنه.
425 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهْري، حدثنا جعفر بن عَوْن، أخبرنا الأعمش.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا موسى بن إسحاق الأنصاري، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا أَبي، حدثنا الأعمش.
وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن النَّضْر الجارُودي، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جَرِير وأبو معاوية، عن الأعمش، عن شَقيق، عن عبد الله قال: لقد سألني اليومَ رجلٌ عن شيء ما أدري ما أقولُ له، قال: أرأيتَ رجلًا مُؤْدِيًا نشيطًا حريصًا على الجهاد، يقول: يَعزِمُ علينا أمراؤُنا أشياء لا نُحصِيها، قال: فقلت: والله ما أدري ما أقول لك، إلّا أنَّا كنَّا نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلَّه لا يأمرُ بالشيء إلّا فعلناه، وما أشبَهَ ما غَبَرَ من الدنيا إلّا كالثَّعْب شُرِبَ صَفْوُه وبقيَ كَدَرُه، وإِنَّ أحدكم لن يزالَ بخير ما اتقى الله عز وجل، وإذا حاكَ في نفسه شيءٌ أتى رجلًا فسأله فشَفَاه، وايْمُ اللهِ ليُوشِكنَّ أن لا تجدوه
(2)
.
= وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 342 من طريق أحمد بن حنبل، عن سيار - وتحرَّف في المطبوع إلى: يسار - عن جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن سلمان. فأسقط الواسطة بين ثابت وسلمان فصار الإسناد بذلك منقطعًا.
(1)
البخاري لم يرو له شيئًا في "صحيحه".
(2)
إسناده صحيح. جرير هو ابن عبد الحميد، وأبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه البخاري (2964) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن أبي وائل شقيق، به. فاستدراكه ذهولٌ من الحاكم رحمه الله.
وقوله: ما أَشبَهَ ما غَبَرَ من الدنيا إلا كالثَّغَب شُرِب صَفْرُه وبقي كَدَرُه، سيأتي عند المصنف برقم (8102) من طريق عاصم عن شقيق عن ابن مسعود مرفوعًا. =
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وأظنُّه لتوقيفٍ فيه.
426 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني مالك بن خَيْر الزَّبَادي، عن أبي قَبِيل، عن عُبادةَ بن الصامت، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس منّا مَن لم يُجِلَّ كبيرنا، ويَرحَمْ صغيرَنا، ويَعرِفْ لعالِمِنا"
(1)
.
مالك بن خيرٍ الزَّبَادي مِصريٌّ ثقة، وأبو قَبِيل تابعيٌّ كبير.
427 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وَكيع، عن علي بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قال: أُولي الفقه والخير
(2)
.
= المُؤْدي: تامُّ السلاح كاملُ أداة الحرب. "النهاية"(أدو).
والتَّغَب، بفتح الغين وتسكَّن: الغدير يكون في ظلّ جبل لا تصيبه الشمس فيبرد ماؤه.
(1)
صحيح لغيره دون قوله: "ويعرف لعالمنا"، وهذا إسناد حسن لولا انقطاعه، فإنَّ أبا قبيل - وهو حيي بن هانئ بن ناضر المعافري - لم يسمع من عبادة.
وأخرجه أحمد 37/ (22755) عن هارون بن معروف عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
ويشهد له دون قوله: و"يعرف لعالمنا" غيرُ ما حديث، منها حديث عبد الله بن عمرو السالف عند المصنف برقم (210)، وانظر تمامها عند حديثه في "مسند أحمد" 11/ (6733).
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(268) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 213 عن وكيع، به.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 988، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/ 182، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(1419) من طريق الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به.
وأخرجه البيهقي في "المدخل" أيضًا (268)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(91) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر. وفي السند إليه ضعف.
هذا حديث صحيح له شاهد، وتفسير الصحابي عندهما مُسنَد
(1)
.
428 -
أخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طَلْحة، عن ابن عباس في قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} يعني: أهلَ الفقه والدِّين، وأهلَ طاعة الله الذين يُعلِّمون الناس معانِيَ دينهم، ويأمرونهم بالمعروف ويَنهوَنَهم عن المنكَر، فأوجَبَ اللهُ طاعتَهم
(2)
.
وهذه أحاديث ناطقة بما يَلزَمُ العلماء من التواضع لمن يعلِّمونهم:
429 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري بمرو، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أخيه، عن مصعب بن سعد: أنَّ حَفْصةَ قالت لعمر: ألا تَلْبَسُ ثوبًا أليَنَ من ثوبك، وتأكلُ طعامًا أطيبَ من طعامك هذا، وقد فَتَحَ اللهُ عليك الأمرَ وأوسَعَ إليك الرّزق؟ فقال: سأخاصمُك إلى نفسك، فَذَكَرَ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان يلقى من شِدَّة العيش، فلم يَزَلْ يَذكُرُ حتى بَكَتْ، فقال: إني قد قلت لأُشارِكنَّهما في مثل عيشهما الشديد، لعلي أُدرِكُ معهما عيشَهما الرِّخِيَّ
(3)
.
(1)
انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث رقم (73).
(2)
حسن إن شاء الله، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، لكن ذهب جمهور أهل الحديث إلى أنَّ بينهما فيما يرويه عنه من التفسير مجاهدًا أو سعيد بن جبير أو عكرمة، وعليٌّ هذا صدوق حسن الحديث، وكذا عبد الله بن صالح إذا توبع أو جاء ما يشهد لحديثه.
وأخرجه البيهقي في "المدخل"(266) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري 5/ 149، وابن المنذر (1929)، وابن أبي حاتم 3/ 989 - ثلاثتهم في "التفسير" - والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/ 185 - 186 من طرق عن عبد الله بن صالح، به.
(3)
إسناده حسن إن كان مصعب بن سعد سمعه من حفصة بنت عمر، وإلّا فهو مرسل. أخو إسماعيل: هو النعمان بن أبي خالد كما جاء مسمًّى في رواية محمد بن بشر في بعض المصادر، ووثَّقه العجلي، وقال أحمد في "سؤالات المرُّوذي" (194): ليس به بأس، وذكره ابن أبي حاتم في =
هذا حديث صحيح على شرطهما، فإنَّ مصعب بن سعد كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من كبار التابعين من أولاد الصحابة.
430 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة.
وأخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه قال: قُرِئَ على عبد الملك بن محمد - هو ابن عبد الله الرَّقَاشي - حدثنا أبي قال: حدثنا مسلم بن خالد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كَرَمُ المؤمن دينُه، ومُرُوتُه عقلُه، وحَسَبُه خُلُقه"
(1)
.
= "الجرح والتعديل" 8/ 447 ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.
هو في "الزهد" لابن المبارك برواية الحسين المروزي عنه برقم (574).
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 227 - 228، وعبد بن حميد (25)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 188، والبيهقي في "شعب الإيمان"(10123)، والضياء المقدسي في "المختارة"(111) من طريق محمد بن بشر العبدي، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
وخالف سويدُ بنُ نصر عند النسائي (11806) فرواه عن عبد الله بن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مصعب بن سعد بإسقاط الواسطة بينهما.
وتابعه على ذلك يزيد بن هارون عند ابن سعد في "الطبقات" 3/ 258، وأحمد في "الزهد"(660)، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(372)، و "الجوع"(185)، وأبي نعيم في "الحلية" 1/ 48 - 49، والبيهقي في "الشعب"(10121)، وأبو أسامة حماد بن أسامة عند ابن سعد 3/ 258، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(1994)، ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(5777)، كلاهما (يزيد بن هارون وأبو أسامة) عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مصعب بن سعد. زاد يزيد بن هارون في تبيين المراد من قول عمر:"لأشاركنَّهما"؛ يعني رسولَ الله وأبا بكر.
قلنا: وإسماعيل قد سمع من أخيه ومن مصعب بن سعد، فإن كان الإسنادان محفوظين فإن ذِكرَ أخيه النعمان في الإسناد من المَزيد في متصل الأسانيد، وجعل الدارقطني في "العلل" 2/ 139 (162) رواية من ذكر النعمان في الإسناد أَولى بالصواب، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده ضعيف من أجل مسلم بن خالد - وهو الزَّنجي - وضعَّفه الذهبي في "تلخيصه". =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وله شاهد:
431 -
حدثنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد، حدثنا محمد بن حسين بن مُكرَم بالبصرة، حدثنا أحمد بن المِقْدام، حدثنا المعتمِر، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن جدِّه، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كرمُ المؤمن دينُه، ومُروءتُه عقلُه، وحَسَبُه خُلُقه"
(1)
.
432 -
حدثني أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذانَ، حدثنا أبو عمَّار، حدثنا الفضل بن موسى، عن عبد بن سعيد المَقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم لا تَسَعُون الناسَ بأموالِكم، وليَسعهم منكم بَسْطُ الوجهِ وحُسْنُ الخُلُق"
(2)
.
= وأخرجه أحمد 14/ (7884)، وابن حبان (483) من طريقين عن مسلم بن خالد بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (2724)، وانظر ما بعده.
وقد صحَّ عن عمر أنه قال: حَسَب المرء دينُه، ومروءته خُلُقه، وأصله عقلُه. أخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 195، وصحَّح إسناده.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، عبد الله بن سعيد المقبري، متروك، ووهَّاه الذهبي.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا كسابقه.
وأخرجه البزار (8544) من طريق القاسم بن مالك المزني، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو يعلى (6550) من طريق محمد بن فضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جدِّه أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة 8/ 519 عن عبد الله بن إدريس الأودي، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 25 من طريق أحمد بن أبي الحواري، عن عبد الله بن إدريس، عن عبد الله بن سعيد، عن جدّه، عن أبي هريرة.
وخالف ابنَ أبي شيبة وابنَ أبي الحواري الأسودُ بنُ سالم، فرواه عن عبد الله بن إدريس الأودي عن أبيه عن جدِّه عن أبي هريرة، أخرجه البزار (9651)، وابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول"(190)، و"ومدارة الناس"(55)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 33، والأسود بن سالم هذا لا بأس به إلّا أنه قد خالف من هو أوثق منه بدرجات فيُدفَع تفرّده بهذا الإسناد. =
رواه سفيان الثَّوري عن عبد الله بن سعيد:
433 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي، حدثنا محمد بن مُشْكان، حدثنا يزيد بن أبي حَكِيم، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن سعيد المَقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه قال:"إنكم لا تَسَعُون الناسَ بأموالكم، ولكن ليَسَعُهم منكم بَسْطُ الوجهِ وحُسْنُ الخُلُق"
(1)
.
هذا حديث معناه يَقرُب من الأول، غير أنهما لم يخرجا عن عبد الله بن سعيد.
434 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا سِمْعان بن بَحْر العسكري أبو علي، حدثنا إسحاق بن محمد بن إسحاق العمِّي، حدثنا أَبي، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائعُ المعروف إلى الناس تَقِي صاحبَها مصارعَ السُّوءِ والآفاتِ والهَلَكات، وأهلٌ المعروف في الدنيا هم أهلُ المعروف في الآخرة"
(2)
.
سمعتُ أبا علي الحافظ يقول: هذا الحديث لم أكتبه إلّا عن أبي عبد الله الصَّفّار، ومحمدُ بن إسحاق وابنه من البصريين لم نَعرِفْهما بجَرْح، وقوله:"أهل المعروف في الدنيا" قد رُوِيَ من غير وجهٍ عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر
(3)
. والمنكدرُ
= وأخرجه البزار (9319) من طريق طلحة بن عمرو، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة. وطلحة هذا متروك الحديث.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا كسابقه.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(536)، وابن أبي الدنيا في "مداراة الناس"(54)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 163، والطبراني في "مكارم الأخلاق"(18)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7695)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي والسامع"(817) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد - ووقع عند ابن عدي: عبد الله بن سعيد عن أبيه عن جده عن أبي هريرة.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة بعض رواته، وضعَّفه البيهقي في "شعب الإيمان"(7704) بعدما أخرجه عن الحاكم وغيره، وقال: والحمل فيه على العسكري والعمِّي. وقال الذهبي في "تلخيصه": بهذا وبما قبله انحطَّت رتبة هذا المصنَّف المسمَّى بالصحيح.
(3)
لم نقف عليه من هذا الوجه، والمنكدر بن محمد ليِّن الحديث، وقد روي هذا القول عن غير =
وإن لم يُخرجاه فإنه يُذكر في الشواهد.
435 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن بِشْر بن مَطَر، حدثنا عمرو بن محمد الناقد، حدثني محمد بن عبد الرحمن الطُّفَاوي، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن ابن عمر في قوله عز وجل:{خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199]، قال: أَمَرَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفوَ من أخلاق الناس
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وقد احتَجَّ بالطُّفَاوي، ولم يُخرجاه.
وقد قيل فيه: عن عروة عن عبد الله بن الزُّبير:
436 -
أخبرَناه عَبْدانُ بن يزيد الدَّقّاق، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا وكيع، عن ابن عُرْوة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزُّبير قال: ما أَنزَلَ اللهُ هذه الآية إلّا في أخلاق الناس: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]
(2)
.
= واحد من الصحابة مرفوعًا من أوجه لا يخلو أحدها من مقال، انظر "مجمع الزوائد" للهيثمي 7/ 262 - 263.
(1)
صحيح لكن من حديث عبد الله بن الزبير لا عبد الله بن عمر، فقد خولف الطفاوي فيه كما سيأتي، والطفاوي له أوهام.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1637 عن أبيه، عن عمرو بن محمد الناقد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1216) من طريق عثمان بن حفص، عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، به.
وخالف عمرًا الناقدَ وعثمانَ بن حفص فيه يعقوبُ بن إبراهيم - وهو الدَّوْرقي - عند أبي داود (4787)، فرواه عن الطفاوي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله، قال: يعني ابن الزبير. وهو المحفوظ.
ويؤيد هذا رواية وكيع عند البخاري (4643)، وأبي أسامة عنده أيضًا (4644)، وعبدة بن سليمان عند النسائي (11131)، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير.
(2)
إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وقد قيل في هذا: عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وليس من شرطه.
437 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن بهز بن حَكِيم، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حَبَسَ رجلًا من قومه في تُهْمة، فجاء رجلٌ من قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطُب فقال: يا محمد علامَ تَحبِسُ جِيرَتي؟ فَصَمَتَ النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إِنَّ أناسًا يقولون: إنك تَنَهى عن الشرَّ وتَستَخْلي به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما تقولُ؟ " فجعلتُ أعرِّضُ بينهما بالكلام مخافةَ أن يفهمَها فيَدعُوَ على قومي دعوةً لا يفلحون بعدها، فلم يَزَلِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى فَهِمَها فقال:"قد قالوا - أو قائلُها منهم -؟ والله لو فعلتُ لكان عليَّ ما كان عليهم خَلُّوا عن جيرانِه"
(1)
.
قد تقدَّم
(2)
القولُ في صحيفة بَهْز بن حَكِيم ما أغنى عن إعادته، على أن شواهد هذا الحديث مخرَّجة في "الصحيحين".
فمنها: حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله: قَسَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَسْمًا، فقال
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه أحمد 33/ (20019)، وأبو داود (3630) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. ورواية أبي داود مختصرة بلفظ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلًا في تهمة. وسيأتي بهذا اللفظ عند المصنف برقم (7240). وأخرجه كذلك مختصرًا الترمذي (1417)، والنسائي (7331) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر به. وقال الترمذي حديث حسن.
وأخرجه مطولًا أحمد 33/ (20017) و (20042)، وأبو داود (3631) من طريق إسماعيل - وهو ابن عُليَّة - عن بهز بن حكيم، به.
وسيأتي برقم (6853) من طريق أبي قزعة عن حكيم بن معاوية.
وانظر حديث أبي هريرة الآتي عند المصنف برقم (7241).
قوله: "تستخلي به" أي: تستقلّ به وتنفرد.
(2)
انظر الحديث (143).
رجل من الأنصار: إنَّ هذه قسمة ما أُريدَ بها وجهُ الله
(1)
.
ومنها: حديث مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس: كنتُ أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدٌ نجرانيٌّ غليظُ الحاشية، فجَبَذَ أعرابي بُرْدتَه
…
الحديث
(2)
.
ومنها: حديث شَريك بن عبد الله بن أبي نَمِرٍ عن أنس في قصة حُنَين: علامَ تَضطَرُّوني إلى هذه الشجرة
(3)
. وغير هذا مما يطول ذِكرُه.
438 -
حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن دَرَستَوَيه الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عمر بن راشد مولى عبد الرحمن بن أبان بن عثمان التَّيْمي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذِئْب القرشي، عن هشام بن عُرْوة، عن محمد بن علي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه، آواهُ اللهُ فِي كَنَفِه، وسَتَرَ عليه برحمتِه، وأدخَلَه في محبَّتِه"، قيل: ما هنَّ يا رسول الله؟ قال: "مَن إِذا أُعطيَ شَكَر، وإذا قَدَرَ غَفَر، وإِذا غَضِبَ فَتَر"
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري (3405)، ومسلم (1062).
(2)
أخرجه البخاري (3149)، ومسلم (1057).
(3)
عزو هذا الحديث إلى "الصحيحين" ذهولٌ من المصنف رحمه الله، وهو مخرَّج في "سنن سعيد بن منصور"(2755)، ومن طريقه أخرجه تمام في "فوائده"(630)، لكن معناه عند البخاري (2821) و (3148) من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه جبير رضي الله عنه.
(4)
إسناده تالف، ووهّاه الذهبي في "تلخيصه"، فإنَّ علَّته عمر بن راشد، وهو شيخ مجهول كما قال ابن عدي في "الكامل" 5/ 17 والبيهقي بإثر حديثه في "شعب الإيمان"(4119)، واتهمه أبو حاتم الرازي كما في "الجرح والتعديل" 6/ 108 وابن حبان في "المجروحين" 2/ 93 بالوضع، وتعجب أبو حاتم من يعقوب بن سفيان كيف يروي عنه.
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(4119) عن أبي علي بن شاذان وأبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" في ترجمة صالح بن عبد الله بن صالح ص 173 من طريق صالح بن عبد الله المصري، عن عمر بن راشد، به.
هذا حديث صحيح الإسناد! فإنَّ عمر بن راشد شيخ من أهل الجارِ
(1)
من ناحية المدينة، قد روى عنه أكابر المحدِّثين.
439 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو سهل بِشْر بن سهل، حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، حدثني يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن حَرْمَلة الأسلَمي، عن سعيد بن المسيّب قال: لمّا وَلِيَ عمرُ بن الخطَّاب خَطَبَ الناسَ على مِنبَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إني قد علمتُ أنكم تُؤنِسون مني شِدَّةً وغِلظةً، وذلك أني كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت عبدَه وخادَمه، وكان - كما قال الله - بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، فكنت بين يديهِ كالسيفِ المسلول إلّا أن يَغمِدَني أو ينهاني عن أمرٍ، فأكُفَّ، وإلّا أقدمتُ على الناس لمكان لِينِه
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، وأبو صالح فقد احتَجَّ به البخاري، فأما سماع سعيد عن عمر فمُختلَف فيه، وأكثر أئمَّتِنا على أنه قد سمع منه، وهذه ترجمة معروفة في المسانيد.
440 -
أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن شعيب الفقيه، حدثنا سَهْل بن عمَّار، حدثنا مُحاضِر بن المورِّع، حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن أبي عمرو،
(1)
تحرَّف في (ب) والمطبوع إلى: الحجاز. والجارُ مدينة كانت على ساحل البحر الأحمر غرب المدينة المنورة.
(2)
إسناده إلى سعيد بن المسيب حسن إن شاء الله، وهو عن عمر مرسل، فإنَّ سعيد بن المسيب لم يكن إذ ذاك قد وُلدَ، فإنَّ ولادته كانت لسنتين مضتا من خلافة عمر، لكن مراسيله عند جمهور أهل العلم قوية، ومع ذلك قال الذهبي في "تلخيصه": حديث منكر.
وأخرجه البيهقي في "الاعتقاد" ص 360 - 361 عن أبي عبد الله الحاكم وآخرين معه، بهذا الإسناد - بأطول ممّا هنا.
وأخرجه كذلك اللالكائي في "أصول الاعتقاد"(2526)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 264 - 265 و 265 - 266 من طرق عن عبد الله بن صالح، به.
عن المطَّلِب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن كان هيّنًا لَيّنًا قريبًا، حَرَّمه اللهُ على النار"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
441 -
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكِهي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن بكر بن عَمْرو، عن مسلم بن يَسَار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف، سهل بن عمار مختلف في عدالته كما قال الحاكم نفسه فيما نقله عنه الذهبي في "السير" 13/ 33، وضعّفه ابن منده كما في ترجمته من "لسان الميزان"، لكنه متابع، وهو منقطع، المطَّلب - وهو ابن عبد الله بن حَنطَب - لا يُعرَف له سماع من أبي هريرة.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(7770) و "الآداب"(193) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي أيضًا في "السنن الكبرى" 10/ 194 من طريق أبي الأزهر - وهو أحمد بن الأزهر - عن محاضر بن المورِّع، به - إلّا أنه لم يذكر فيه المطلب، وفي الطريق إليه ضعف.
وأخرجه كذلك دون ذكر المطَّلب: هنّادٌ في "الزهد"(1262) عن عبدة بن سليمان، عن سعد بن سعيد الأنصاري، به.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1875)، والطبراني في "الأوسط"(5725) من طريق وهب بن حكيم الأزدي، عن محمد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. ووهب بن حكيم فيه جهالة لا يكاد يُعرف.
وأخرجه ابن شاهين في جزء فيه من حديثه (40) من طريق عبد الله بن كيسان، عن محمد بن واسع، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة. وابن كيسان هذا ليس بالقوي.
وأخرجه تمّام في "فوائده"(837)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 356، والبيهقي في "الشعب"(7771) من طرق عن محمد بن واسع، به. وهذه الطرق إما ضعيفة جدًّا أو تالفة لا يُشتغَل بها.
وله شاهد بنحوه من حديث ابن مسعود عند أحمد 7/ (3938)، والترمذي (2488) وحسَّنه، وصحَّحه ابن حبان (469). والراوي فيه عن ابن مسعود فيه جهالة. وانظر تتمة شواهده في "مسند أحمد"، وكلها فيها ضعف.
"مَن أَفتى الناسَ بغير عِلْم، كان إثمُه على من أَفتاه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ولا أعرفُ له عِلَّة.
442 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا العباس بن الفضل الأَسْفاطي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا همَّام، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَكتُبوا عني شيئًا سِوَى القرآن، ومَن كَتَبَ عني شيئًا سوى القرآن فليَمْحُه"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وقد تقدّم
(3)
أخبار عبد الله بن عمرو في إجازة الكتابة.
(1)
إسناده محتمل للتحسين كما سلف عند الحديث رقم (354)، وهذا الطريق قد اختلف فيه على أبي عبد الرحمن المقرئ - وهو عبد الله بن يزيد - فمن الرواة عنه من أسقط الواسطة في هذا الإسناد بين بكر بن عمرو ومسلم بن يسار، وهو عمرو بن أبي نعيمة، ومنهم من أثبتها، والصواب - والله أعلم - في حديث المقرئ إثباتها، فهو كذلك في كتابه كما رواه عنه أحمد في "مسنده" 14/ (8266)، فلعله كان إذا روى من حفظه أسقطه، حفظه أسقطه، والكتاب أيقن وأثبت من الحفظ، وقد تابعه غيره على إثبات هذه الواسطة كما سلف.
وأخرجه كرواية المصنف هنا: أبو داود (3657) عن الحسن بن علي الحلواني، عن أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإسناد.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عباس الأسفاطي. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْدي.
وأخرجه أحمد 17/ (11085) و (11087) و (11158) و (11344) و 18/ (11536)، ومسلم (3004)، والنسائي (7954)، وابن حبان (64) من طرق عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه رحمه الله.
وأخرج الترمذي (2665) عن سفيان بن وكيع عن سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد قال: استأذنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا. وسفيان بن وكيع فيه ضعف.
وأخرج أبو داود (3648) من طريق خالد الحذاء، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد قال: ما كنا نكتب غيرَ التشهد والقرآن وإسناده صحيح.
(3)
تقدمت برقم (362 - 364).
443 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا محمد بن سالم المفلوج
(1)
، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي إسحاق
(2)
، عن البَرَاء قال: ليس كلُّنا سمع حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضَيْعَةٌ وأشغالٌ، ولكنَّ الناس كانوا لا يَكذِبون يومئذٍ، فيحدِّثُ الشاهدُ الغائبَ
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ومحمد بن سالم وابنه عبد الله محتَجٌّ بهما! فأما صحيفة إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق فقد أخرجها البخاريُّ في "الجامع الصحيح".
444 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا عَمْرو بن عَوْن، حدثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سُئِلَ عن شيءٍ فكان في كتاب الله، قال به، فإن لم يكن في كتاب الله وكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيءٌ، قال به فإن لم يكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيءٌ، قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر فيه شيء، قال برأْيةِ
(4)
.
(1)
هكذا في نسخنا الخطية، وفي "إتحاف المهرة" (2153): عبد الله بن محمد بن سالم المفلوج"، وعبد الله هذا - وينسب أيضًا إلى جده سالم - هو المعروف برواية بشر بن موسى عنه، وهو ثقة، وأما أبوه فلم نقف على رواية له.
(2)
قوله: "عن أبيه عن أبي إسحاق" سقط من (ص) و (ع) والمطبوع.
(3)
إسناده حسن من أجل إبراهيم بن يوسف. وقد سلف بنحوه برقم (330) من طريق سفيان عن أبي إسحاق.
(4)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(73) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 242، والدارمي (168)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 115، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"(542) و (543)، وابن عبد البر في "بيان العلم وفضله"(1601) و (1602) من طرق عن سفيان بن عيينة، به.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وفيه توقيف، ولم يُخرجاه.
445 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا جَرِير، عن إدريس الأَوْدي، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوَص، عن عبد الله رَفَع الحديثَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الكذبَ لا يَصلُحُ منه جِدٌّ ولا هَزْل، ولا أن يَعِدَ الرجلُ ابنه ثم لا يُنجِزَ له.
إنَّ الصدق يهدي إلى البِرَّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنة، وإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفُجور، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، إنه يقال للصادق: صَدَقَ وبَرَّ، ويقال للكاذب: كَذَبَ وفَجَرَ، وإِنَّ الرجل لَيَصدُقُ حتى يُكتبَ عند الله صِدَّيقًا، ويَكذِبُ حتى يُكتَبَ عند الله كذَّابًا"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، وإنما تواترت الرواياتُ بتوقيف أكثر هذه الكلمات، فإنْ صحَّ سندُه فإنه صحيح على شرطهما.
446 -
أخبرنا أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا عمرو بن عَوْن ووهب بن بَقِيَّة الواسطيان قالا: حدثنا خالد بن عبد الله، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افتَرَقَت
(1)
إسناده صحيح إلّا أنَّ الشطر الأول منه الصواب فيه أنه موقوف على عبد الله - وهو ابن مسعود - من قوله، هكذا رواه جمهور أصحاب أبي إسحاق السَّبيعي عنه كما هو مبيَّن في رواية شعبة عنه في "مسند أحمد" 7/ (3896) وفي التعليق عليه. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الأشجعي.
وقد تابع إدريسَ الأودي على رفعه جميعه موسى بنُ عقبة عند ابن ماجه (46).
وأخرج الشطر الثاني منه بنحوه أحمد 7/ (4022) و (4095) و (4160)، ومسلم (2606) من طريقين عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه أيضًا أحمد 6/ (3638) و (3727) و 7/ (4108) و (4187)، والبخاري (6094)، ومسلم (2607)، وأبو داود (1971)، وابن حبان (272 - 274) من طرق عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود.
اليهودُ على إحدى أو اثنتين وسبعين فِرقةً، وافتَرقَت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فِرقةً، وتَفترِقُ أُمَّتي على ثلاث وسبعين فِرقةً"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله شواهد، فمنها:
447 -
ما أخبرَناه أبو العباس قاسم بن قاسم السَّيّاري بمرو، حدثنا أبو الموجِّه محمد بن عمرو الفَزَاري، حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، حدثني أبو سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَفرَّقَت اليهودُ على إحدى وسبعين، والنصارى مثلَ ذلك، وتَفترِقُ أُمَّتي على ثلاثٍ وسبعين فِرقةً"
(2)
.
ومنها:
448 -
ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو اليَمَان الحَكَم بن نافع البَهْراني، حدثنا صفوان بن عمرو، عن الأزهَر بن عبد الله، عن أبي عامر عبد الله بن لُحَيّ قال: حَجَجْنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلمّا قَدِمْنا مكة أُخبِرَ بقاصٍّ يَقُصُّ على أهل مكة مولًى لبني فَرُّوخ، فأرسل إليه معاويةُ فقال: أُمِرتَ بهذا القَصَص؟ قال: لا، قال: فما حَمَلَك على أن تَقُصَّ بغير إذن؟ قال: نُنشئُ علمًا عَلَّمَناه اللهُ عز وجل، فقال معاوية: لو كنتُ تقدَّمتُ إليك لقَطَعتُ منك طائفة، ثم قام حين صلى الظهر بمكة فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أهل الكتاب تَفرَّقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملّةً، وتفترقُ هذه الأُمَّة على ثلاث وسبعين، كلُّها في النار إلّا واحدةً؛ وهي الجماعة، ويخرج في أُمَّني أقوامٌ تَنجَارَى
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه أبو داود (4596) عن وهب بن بقية وحده، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (10).
(2)
انظر ما قبله.
بهم تلك الأهواء كما يَتَجارَى الكلبُ بصاحبه، فلا يبقى منه عِرقٌ ولا مَفْصِلٌ إِلَّا دخله".
والله يا معشرَ العرب لئن لم تقوموا بما جاءَ به محمد صلى الله عليه وسلم، لغَيرُ ذلك أحْرى أن لا تقوموا به
(1)
.
هذه أسانيد تقوم بها الحُجَّة في تصحيح هذا الحديث.
وقد رُوِيَ هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعمرو بن عوف المُزَني بإسنادين، تفرَّد بأحدهما عبدُ الرحمن بن زياد الإفريقي، والآخر كثيرُ بن عبد الله المُزَني، ولا تقوم بهما الحُجَّة.
أما حديث عبد الله بن عمرو:
449 -
فأخبرَناه علي بن عبد الله الحَكِيمي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا ثابت بن محمد العابدُ، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتيَنَّ على أُمَّتِي ما أَتى على بني إسرائيل مِثلًا بمِثْل، حَذْوَ النعلِ بالنعل، حتى لو كان فيهم مَن نَكَحَ أمَّه علانيةً، كان في أمَّتي مثلُه.
إنَّ بني إسرائيل افتَرَقوا على إحدى وسبعين مِلَّةً، وتفترقُ أمَّتي على ثلاث وسبعين مِلَّةً، كلُّها في النار إلّا مِلَّةً واحدة" فقيل له: ما الواحدة؟ قال: "ما أنا عليه اليومَ وأصحابي"
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل الأزهر بن عبد الله: وهو الحرازي الحمصي.
وأخرجه أحمد 28/ (16937)، وأبو داود (4597) من طريقين عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد: وهو ابن أنعُم الإفريقي.
سفيان: هو الثوري، وعبد الله بن يزيد: هو أبو عبد الرحمن الحُبُلي.
وأخرجه الترمذي (2641) من طريق أبي داود الحَفَري، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. =
وأما حديث عمرو بن عوف المُزَنيّ:
450 -
فأخبرَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي والعباس بن الفضل الأسفاطي قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثني كَثِير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد عن أبيه، عن جدِّه قال: كنا قعودًا حولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده فقال: "لتَسلُكُنَّ سَنَنَ مَن قبلَكم، حَذْوَ النعلِ بالنعل، ولَتَاخُذُنَّ مثلَ أخذِهم إنْ شِبرًا فشِبرٌ، وإنْ ذراعًا فذراعٌ، وإنْ باعًا فباعٌ، حتى لو دخلوا جُحْر ضبٍّ لدخلتم فيه.
ألا إنَّ بني إسرائيل افتَرَقَت علي موسى علي سبعين
(1)
فِرقةً، كلُّها ضالَّةٌ إِلَّا فرقةً واحدة: الإسلامُ، وجماعتُهم، وإنها افتَرقَت على عيسى ابن مريم على إحدى وسبعين فرقةً، كلُّها ضالَّة إلّا فرقةً واحدة: الإسلامُ وجماعتُهم، ثم إنكم تكونون
(2)
على اثنتين وسبعين فِرقةً، كلُّها ضالَّة إلّا فرقةً واحدة: الإسلامُ وجماعتُهم"
(3)
.
آخر كتاب العلم
= ويشهد له ما بعده.
ويشهد للشطر الأول منه حديث أبي هريرة السالف برقم (106)، وحديث ابن عباس الآتي برقم (8610)، وغيرهما.
ويشهد للشطر الثاني منه الأحاديث السابقة.
(1)
في (ب): على إحدى وسبعين.
(2)
في (ب): ثم إنهم يكونون.
(3)
إسناده ضعيف بمرّة من أجل كثير بن عبد الله ابن عمرو المزني، فإنه متفق على ضعفه.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(45)، والطبراني في "الكبير" 17/ (3)، والآجريّ في "الشريعة"(33) من طريقين عن كثير بن عبد الله، بهذا الإسناد. وهو عند الآجري مختصر.
كتاب الطهارة
حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظُ إملاء في ذي الحِجَّة سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة:
451 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْرِ الخَوْلاني قال: قُرئَ على عبد الله بن وهب: أخبرك مالكُ بن أنس.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي نصر العَدْل بمَرُو، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا القَعنَبي فيما قَرأَ على مالك: عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يَسَار، عن عبد الله الصُّنَابِحي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا توضأ العبدُ فمضمضَ خرجت الخطايا من فيهِ، فإذا استَنشَر خرجت الخطايا من أنفهِ، فإذا غَسَلَ وجهَه خرجت الخطايا من وجهِه، حتى تخرُجَ من أشفارِ عينَيهِ، فإذا غَسَلَ يديهِ خرجت الخطايا من يديهِ، حتى تخرُجَ الخطايا من تحت أظفارِ يديه، فإذا مَسَحَ برأسِه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرُجَ من أُذُنيه، فإذا غَسَلَ رِجليه خرجت الخطايا من رجلَيه، حتى تخرُجَ من تحت أظفار رِجليه، ثم كان مشيُه إلى المسجد وصلاتُه نافلةً"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه وليس له عِلَّة! وإنما خرَّجا بعضَ هذا المتن من حديث حُمْران عن عثمان، وأبي صالح عن أبي هريرة، غير تَمَامٍ
(2)
، وعبد الله الصُّنابحي صحابي مشهور، ومالكٌ الإمام الحَكَمُ في حديث
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد مرسل قوي، والصواب فيه أنه من رواية أبي عبد الله الصُّنابحي، وهو تابعي لاصحابي، وانظر الكلام في تحرير ذلك في التعليق على "مسند أحمد" 21/ 409 - 412.
وأخرجه أحمد 31/ (19068)، والنسائي (107) من طرق عن مالك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 31/ (19064) و (19065)، وابن ماجه (282) من طريقين عن زيد بن أسلم، به.
(2)
خرجهما مسلم دون البخاري، أما حديث حمران عن عثمان فهو عنده برقم (245)، وأما حديث أبي صالح عن أبي هريرة فهو عنده برقم (244). ويشهد للحديث أيضًا حديث عمرو =
المدنيِّين.
451 م - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوري يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: يروي عطاءُ بن يسار عن عبد الله الصُّنابحي صحابيٍّ، ويقال: أبو عبد الله، والصُّنابحيُّ صاحب أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه عبدُ الرحمن بن عُسَيلة، والصُّنابحيُّ صاحب قيس بن أبي حازم يقال له: الصُّنابِحُ بن الأعسَر.
452 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، حدثنا شُعْبة.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو الوليد وأبو عمر ومحمد بن كَثير قالوا: حدثنا شُعبة.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شُعبة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثَوْبانَ، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"استقيموا، ولن تُحصُوا، واعلموا أَنَّ خيرَ دينِكم الصلاةُ، ولا يحافظُ على الوُضوء إلّا مؤمن"
(1)
.
453 -
[حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة]
(2)
الشيباني بالكوفة، حدثنا إبراهيم بن إسحاق القاضي الزُّهْري، حدثنا محمد بن عُبيد، حدثنا الأعمش.
= ابن عبسة، وهو عند مسلم كذلك برقم (832).
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه منقطع بين سالم بن أبي الجعد وثوبان، فإنَّ سالمًا لم يسمع منه، لكنه متابع تابعه عبد الرحمن بن ميسرة عند أحمد 37/ (22414)، وأبو كبشة السَّلولي عند أحمد أيضًا (22433)، وابن حبان (1037).
وأخرجه أحمد 37/ (22378) و (22436) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
قوله: "لن تُحصُوا" أي: لن تطيقوا.
(2)
ما بين المعقوفين مكانه في النسخ بياض، واستدركناه من "شعب الإيمان" للبيهقي (2457) حيث رواه عن المصنف بهذا الإسناد.
وأخبرنا أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثَوْبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استقيموا، ولن تُحصُوا، واعلموا أن خيرَ أعمالِكم الصلاةُ، ولن يحافظَ على الوُضوءِ إلّا مؤمنٌ".
وقد تابع منصورُ بن المعتمر الأعمشَ في هذه الرواية عن سالم:
454 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان.
وأخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا سفيان.
وأخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا وَكِيع، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثَوْبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استقيموا، ولن تُحصُوا، واعلموا أَنَّ خير أعمالِكم الصلاةُ، ولا يحافظُ على الوُضوءِ إلّا مؤمنٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
ولست أعرفُ له عِلَّةً يُعلَّل بمثلها مثلُ هذا الحديث إلّا وهمٌ من أبي بلال الأشعري وَهِمَ فيه على أبي معاوية:
455 -
حدَّثَنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسين بن بشّار الخَيَّاط
(2)
ببغداد، حدثنا أبو بلال الأشعري، حدثنا محمد بن خازِم، عن الأعمش، عن أبي
(1)
حديث صحيح كسابقه. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن ماجه (277) عن علي بن محمد، عن وكيع، بإسناده.
(2)
تصحف في بعض نسخ "المستدرك" إلى: الحسين بن يسار الحناط، والصواب ما أثبتنا، وهكذا سماه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" ص 688، كما أنَّ السمعاني ذكره في ر رسم الخياط من كتابه "الأنساب".
سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استقيموا، ولن تُحصُوا، واعلموا أنَّ خيرَ أعمالكم الصلاةُ، ولن يُواظِبَ على الوُضوءِ إلّا مؤمن"
(1)
.
456 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا أبو ثابت محمد بن عُبيد الله، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يَسَار، عن زيد بن خالد الجُهَني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضَّأ فأحسنَ وُضوءَه، ثم صلَّى ركعتين لا يَسهُو فيهما، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه"
(2)
.
457 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أبو ثابت، حدثنا عبد العزيز، عن هشام بن سعد، فذكره نحوه.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولا أحفظُ له علة تُوهِنُه، ولم يُخرجاه.
وقد وَهِمَ محمدُ بن أَبَان على زيد بن أسلمَ في إسناد هذا الحديث:
458 -
…
(3)
بن صالح، حدثنا محمد بن أَبَان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار، عن عُقْبة بن عامرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضَّأَ فأحسنَ الوُضوءَ، ثم صلَّى
(1)
إسناده ضعيف، أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني في "السنن"(857)، ثم إنه قد وهمَ فيه كما ذكر المصنف، والمحفوظ حديث ثوبان السابق.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد.
وأخرجه أحمد 28/ (17054)، وعنه أبو داود (905) عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 36/ (21691) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن زيد بن خالد الجهني. وهذا إسناد فيه انقطاع بين زيد بن أسلم وزيد بن خالد، بينهما فيه عطاء بن يسار كما في رواية هشام بن سعد.
وله شاهد من حديث عثمان بن عفان عند البخاري (1934)، ومسلم (226).
(3)
هنا بياض في الأصول لم نتبيّنه، ولم يذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "إتحاف المهرة".
ركعتين لا يَسهُو فيهما، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه"
(1)
.
هذا وهمٌ من محمد بن أبان، وهو واهي الحديث غيرُ محتَجٍّ به، وقد احتَجَّ مسلمٌ بهشام بن سعد.
459 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن عبيد الله المَدِيني، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن الضحاك بن عثمان، عن أيوب بن موسى، عن أبي عُبيد مولى سليمان بن عبد الملك، عن عمرو بن عَبَسَة: أنَّ أبا عُبيدٍ قال له: حدِّثنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرَ مرَّةٍ ولا مرتين ولا ثلاثٍ يقول: "إذا توضَّأ العبدُ المؤمنُ فمَضمَضَ واستَنثَرَ، خرجت الخطايا من أطرافِ فمِه، فإذا غَسَلَ يديه تَناثَرت الخطايا من أظفارِه، فإذا مَسَحَ برأسه تَناثَرَت الخطايا من أطرافِ رأسه، فإن قام فصلَّى ركعتين، يُقبِلُ فيهما بقلبِه وطَرْفِه إلى الله عز وجل، خرج من ذُنوبه كما ولدته أمُّه
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف من هذا الوجه من أجل محمد بن أبان وهو ابن صالح القرشي الكوفي، وله ترجمة في "ميزان الاعتدال" للذهبي.
لكن هذا الحديث قد صحَّ من غير طريق عطاء بن يسار عن عقبة بن عامر، فقد أخرج نحوه أحمد 28/ (17314) و (17393) و (17449)، ومسلم (234)، وأبو داود (169) و (170) و (906)، والنسائي (177) من طرق عن عقبة رفعه قال:"ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءَه ثم يقوم فيصلِّي ركعتين، مقبلٌ عليهما بقلبه، ووجهه، إلّا وَجَبَت له الجنة"، واللفظ لمسلم، وبعضهم يذكر فيه لعقبة قصةً مع عمر. وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (3550).
(2)
إسناده قوي. وهو قطعة من حديث عمرو بن عبسة الطويل في قصة إسلامه، وسيأتي عند المصنف برقم (593) من طريق أبي أمامة الباهلي عنه.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1320) عن العباس بن الفضل الأسفاطي، عن محمد بن عبيد الله المدني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 138 من طريق محمد بن عجلان، عن أبي عبيد، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 28/ (17026)، وابن ماجه (283) من طريق عبد الرحمن بن البيلماني، عن عمرو بن عبسة. ورواية أحمد مطولة.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرطهما، ولم يُخرجاه، وأبو عُبيد تابعيٌّ قديم لا يُنكَر سماعُه من عمرو بن عَبَسة، وفي الحديث صِحَّةُ سماعه به.
وله شاهد على شرط مسلم عن عمرو بن عَبَسة:
460 -
أخبرَناه أبو محمد جعفر بن محمد بن نُصَير الخوَّاص، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجَّاج بن مِنْهال، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة.
وأخبرني أبو بكر بن عبد الله - واللفظ له - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا هُدْبة بن خالد، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن أيوب، عن أبي قِلَابة قال: قال شُرَحبيل بن حَسَنةَ: مَن رجلٌ يحدِّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمرو بن عَبَسة: أنا، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مرَّةً ولا مرَّتين - حتى عدَّ خمس مرَّات - يقول:"إذا قرَّبَ المسلمُ وَضُوءَه فغَسَلَ كفَّيهِ، خرجت ذنوبُه من بين أصابِعه وأطرافِ أناملِه، فإذا غسل وجهَه، خرجت ذنوبُه من أطرافِ لحيتهِ، فإذا مَسَحَ برأسِه، خرجت ذنوبُه من أطرافِ شعرِه، فإذا غسل رجلَيه، خرجت ذنوبُه من بُطُونِ قَدَميهِ"
(1)
.
461 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا علي بن عبد الله المَدِيني، حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذُبَاب، عن سعيد بن المسيّب، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إسباغُ الوُضوءِ على المَكارِه، وإعمالُ الأقدامِ إلى المساجد، وانتظارُ الصلاةِ بعد الصلاة، يَغسِلُ الخطايا غَسْلًا"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه منقطع، أبو قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجرمي - لم يدرك شرحبيل بن حَسَنة، وانظر ما قبله.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين ابن أبي ذباب وسعيد بن المسيب، فإنَّ فيه بينهما أبا العيَّاس - بمثناة تحتانية كما ضبطه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 36 - وهو مجهول، هكذا رواه جمع عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب كما سيأتي.
وأما حديث صفوان بن عيسى فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2639) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
462 -
.... وحدثنا
(1)
أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو المثنَّى العنبري قالا: حدثنا أبو عُمر
(2)
الضرير، حدثنا حسَّان بن إبراهيم، عن سعيد بن مسروق الثَّوْري، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مِفتاحُ الصلاةِ الوضوءُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ"
(3)
.
= وأخرجه أبو عبيد في "الطهور"(14)، وعبد بن حميد (91)، والبزار (528)، وأبو يعلى (488)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(36)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 432 - 433، والضياء المقدسي في "المختارة"(477) من طرق عن صفوان بن عيسى، به.
وأخرجه البزار (529) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، والبَرْقاني في زياداته على "العلل" للدارقطني 3/ 223 (374) من طريق عبد العزيز الدراوردي، والبيهقي في "الشعب"(2485) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، ثلاثتهم عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن أبي العيّاس، عن سعيد بن المسيب، به.
ويشهد له حديث أبي هريرة عند مسلم (251).
وحديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 17/ (10994)، وابن ماجه (427)، وابن حبان (402).
(1)
قبل هذا في النسخ الخطية بياض، ومما يدل على وجود سقط هنا وجود حرف العطف في أول الإسناد ولفظ "قالا" بالتثنية بعد العنبري.
(2)
في النسخ الخطية: عمرو، بزيادة الواو، وهو خطأ.
(3)
هذا الإسناد فيه وهمٌ في ذكر سعيد بن مسروق الثوري، رواه حسان بن إبراهيم وكان صدوقًا إلّا أنه يهم ويغلط في بعض رواياته، وهذا منها، فقد رواه مرة عن أبي سفيان عن أبي نضرة، ومرة عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري عن أبي نضرة، وأما أبو سفيان صاحب هذا الحديث فهو طريف بن شهاب، وهو متفق على ضعفه، أما سعيد بن مسروق فإنه لم يرو عن أبي نضرة فيما قاله الدارقطني في "العلل" 11/ 323 (2312)، وقد نبَّه على هذا الوهم غير واحد من الحفاظ منهم الدارقطني وابن عدي في "الكامل" 2/ 375 وابن حبان في "المجروحين" 1/ 381 وابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 217 وغلَّط الحاكم في تصحيحه.
أما حديث أبي عمر الضرير - وهو حفص بن عمر الحوضي - فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط"(2390)، والبيهقي 2/ 379 من طريق أبي مسلم عنه، بهذا الإسناد. =
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وشواهده عن أبي سفيان عن أبي نَضْرة كثيرة، فقد رواه أبو حنيفة وحمزة الزيّات وأبو مالك النَخَعي وغيرهم عن أبي سفيان، وأشهرُ إسنادٍ فيه حديث عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن محمد ابن الحنفيَّة عن علي، والشيخان قد أَعرَضا عن حديث ابن عَقِيل أصلًا.
463 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان، حدثنا أبو أسامة.
وأخبرني عبد الله بن موسى، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شَيْبة قالا: حدثنا أبو أسامة.
= وتابعه حَبّان بن هلال عن حسان بن إبراهيم عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 375، والأزرق بن علي عند ابن حبان في "المجروحين" 1/ 381.
وخالفهم عبيد الله بن محمد العَيْشي عند ابن عدي 2/ 375، والبيهقي 2/ 380، وإسحاق بن أبي إسرائيل عند أبي يعلى (1125)، كلاهما عن حسان بن إبراهيم، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة، به. وهو المحفوظ.
فقد رواه جماعة عن أبي سفيان - وهو طريف بن شهاب - عن أبي نضرة، منهم علي بن مسهر وأبو معاوية ومحمد بن الفضيل، أخرجه من هذه الطرق: ابن ماجه (276)، والترمذي (238)، وأبو يعلى (1077)، والدارقطني في "السنن"(1356).
وأما الطرق التي ذكرها المصنف لاحقًا، فطريق أبي حنيفة أخرجها الدارقطني في "السنن"(1377)، والبيهقي 2/ 380، وطريق حمزة الزيات أخرجها العقيلي في "الضعفاء"(712)، وطريق أبي مالك النخعي أخرجها الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 231 - 232.
وأصح شيء في هذا الباب وأحسنه - كما قال الترمذي - حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، أخرجه أحمد 2/ (1006) و (1072)، وابن ماجه (275)، والترمذي (3)، وهو إسناد قابل للتحسين، وحسَّن الحديثَ الحافظ ابن حجر في "النتائج" 2/ 216.
ويشهد له أيضًا حديث عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري عند الروياني في "مسنده"(1011)، والطبراني في "الأوسط"(7175)، والدارقطني في "السنن"(1360)، وفي سنده الواقدي، وهو متكلَّم فيه.
وأخبرني أبو الوليد الفقيه، حدثنا عبد الله بن محمد بن شِيرَوَيهِ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كَثِير، عن محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون بأرض الفَلَاة وما يَنُوبُه من السِّباع والدواب، فقال:"إذا كان الماء قُلَّتَينِ، لم يُنجِّسْه شيءٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا جميعًا بجميع رُوَاته ولم يُخرجاه، وأظنُّهما - والله أعلم - لم يُخرجاه لخلافٍ فيه على أبي أسامة على الوليد بن كثير.
464 -
كما أخبرَناه دَعلَجُ بن أحمد السِّجْزي ببغداد، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي، حدثنا أبو أسامة.
وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد وإبراهيم بن أبي طالب قالا: حدثنا محمد بن عثمان بن كَرَامة، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كَثير، عن محمد بن عبَّاد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما يَنُوبُه من الدوابِّ والسِّباع، فقال:"إذا كان الماءُ قُلَّتينِ، لم يَحمِل الخَبَثَ"
(2)
.
وهكذا رواه الشافعي في "المبسوط"، عن الثِّقة، وهو أبو أسامة بلا شكٍّ فيه.
(1)
إسناده صحيح على خلاف فيمن رواه عن عبد الله بن عبد الله، هل هو محمد بن جعفر بن، الزبير أو محمد بن عباد بن جعفر، ولا يضرُّ هذا الخلاف، فكلاهما ثقة من رجال الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه أبو داود (63)، والنسائي (50)، وابن حبان (1249) و (1253) من طرق عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. ووقع الراوي مسمًّى عن بعضهم محمد بن عباد بن جعفر، وصوَّبه أبو داود.
قوله: "وما ينوبُه" أي: يأتيه وينزل به. والقُّلَّة: الجرَّة الكبيرة.
(2)
إسناده صحيح كسابقه.
465 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان.
وأخبرني أبو الحسين بن يعقوب الحافظ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سَلَامة الفقيه بمِصْر، حدثنا إسماعيل بن يحيى المُزَني؛ قالا: حدثنا الشافعي - وقال الربيع: أخبرنا الشافعي - أخبرنا الثِّقةُ، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عبَّاد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان الماءُ قُلَّتينِ، لم يَحمِلْ نَجسًا - أو قال: خَبَثًا -"
(1)
.
هذا خلافٌ لا يُوهِنُ هذا الحديثَ، فقد احتجَّ الشيخان جميعًا بالوليد بن كثير ومحمدِ بن جعفر ومحمدِ بن عبَّاد بن جعفر
(2)
، وإنما قرنه أبو أسامة إلى محمد بن جعفر ثم حدَّث به مرّةً عن هذا ومرّةً عن ذاك.
والدليل عليه:
466 -
ما حدَّثَنيهِ أبو علي محمد بن علي الإسفرايِني من أصل كتابه - وأنا سألتُه - حدثنا علي بن عبد الله بن مُبشِّر الواسطي، حدثنا شعيب بن أيوب، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزُّبير ومحمد بن عبَّاد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما يَنُوبُه من الدوابِّ والسِّباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كان الماء قُلَّتينِ، لم يَحمِل الخَبَث"
(3)
.
(1)
وهو في كتاب "الأم" للشافعي 2/ 9 - 10 بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1850) عن أبي عبد الله الحاكم وآخرين، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، بهذا الإسناد. ثم قال البيهقي: هذا الثقة هو أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي، فإنَّ الحديث مشهور به، وقد رأيت في بعض الكتب ما يدلُّ على أنَّ الشافعي أخذه عن بعض أصحابه عن أبي أسامة.
(2)
قوله: "ومحمد بن جعفر" سقط من المطبوع، ووقع مكان قوله:"ومحمد بن عباد بن جعفر" بياض في نسخنا الخطية، وأثبتناه كما المطبوعة الهندية، وبذلك يستقيم الكلام.
(3)
إسناده قوي من أجل شعيب بن أيوب.
وقد صحَّ وثَبَتَ بهذه الرواية صحةُ الحديث، وظهر أنَّ أبا أسامة ساق الحديث عن الوليد بن كثير عنهما جميعًا، فإنَّ شعيب بن أيوب الصَّرِيفيني ثقة مأمون، وكذلك الطريق إليه.
وقد تابع الوليدَ بنَ كثير على روايته عن محمد بن جعفر بن الزُّبير محمدُ بنُ إسحاق بن يَسَار القرشي:
467 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن خالد بن خَلِيٍّ الحمصي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق.
وأخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وسُئِلَ عن الماء يكون بأرض الفَلَاة وما يَنوبُه من الدوابِّ والسِّباع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا كان الماءُ قَدْرَ قُلَّتينِ، لم يَحمِل الخَبَثَ"
(1)
.
وهكذا رواه سفيان الثَّوْري وزائدةُ بن قُدَامة وحَمَّاد بن سَلَمة وإبراهيم بن سعد وعبد الله بن المبارَك ويزيد بن زُرَيع وسعيد بن زيد أخو حماد بن زيد وأبو معاوية.
وعَبْدة بن سليمان، قد حدَّث به عبدُ الله
(2)
، عن عُبيد الله بن عبد الله وعَبد الله جميعًا.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، وقد صرَّح محمد بن إسحاق بالتحديث عند الدارقطني في "السنن"(17).
وأخرجه أحمد 8/ (4803)، وابن ماجه (517) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 8/ (4605) و 9/ (4961)، والترمذي (67) من طريق عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، به.
(2)
يعني ابن المبارك، وروايته عند ابن ماجه (517 م) والطبري في مسند ابن عباس من "تهذيب الآثار" 2/ 732 عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر، به. ولم نقف على روايته عن عَبد الله مكبَّرًا.
وبصِحَّة ما ذكرتُه:
468 -
حدثنا أبو الوليد الفقيه وأبو بكر بن عبد الله قالا: أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا إبراهيم بن الحجّاج وهُدْبة بن خالد قالا: حدثنا حَمَّاد بن سَلَمة، عن عاصم بن المنذر بن الزُّبير قال: دخلتُ مع عُبيد الله بن عبد الله بن عمر بستانًا فيه مَقْرَى ماءٍ فيه جلدُ بعيرٍ ميت، فتوضأ منه، فقلت: أتتوضّأُ منه وفيه جلدُ بعيرٍ ميت؟ فحدَّثَني عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتينِ - أو ثلاثًا - لم يُنجِّسْه شيءُ"
(1)
.
هكذا حُدِّثنا عن الحسن بن سفيان، وقد رواه عفَّانُ بن مسلم وغيرُه من الحُفَّاظ عن حماد بن سلمة ولم يذكروا فيه: أو ثلاثًا.
469 -
أخبرنا دَعلَج بن أحمد السِّجْزي، حدثنا علي بن الحَسَن بن
(2)
بَيَان، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا حَرْب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير، حدثني عِيَاض قال: سألت أبا سعيد الخُدْريَّ فقلت: أحدُنا يصلّي فلا يدري كم صلَّى، قال: فقال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّى أحدُكم فلم يَدْرِ كم صلَّى، فليَسجُدْ سجدتين وهو جالسٌ، وإذا جاء أحدَكم الشيطانُ فقال: إنك أحدثتَ، فليقل: كذبتَ، إلّا ما وَجَدَ رِيحًا بأنفه، أو سمع صوتًا بأُذنه"
(3)
.
(1)
حديث صحيح دون قوله: "أو ثلاثًا"، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن المنذر.
وأخرجه أحمد 8/ (4753)، وابن ماجه (518) من طريق وكيع، وأحمد 10/ (5855) عن عفان بن مسلم وأبو داود (65) عن موسى بن إسماعيل، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وموسى بن إسماعيل لم يذكر فيه "أو ثلاثًا"، وقصة البستان ليست عند أبي داود وابن ماجه.
والمَقْرى: الحوض الذي يجتمع فيه الماء.
(2)
تحرَّف "الحسن" في النسخ الخطية إلى: الحسين، وتحرف لفظ "بن" في المطبوع إلى: ثنا.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عياض: وهو ابن هلال، وليس كما زعم المصنف من أنه ابن عبد الله بن سعد بن أبي سعد المخرَّج له عند الشيخين، فقد جاء مسمَّى بعياض بن هلال من غير طريق عن يحيى بن أبي كثير. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ عِياضًا هذا: هو ابن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح! وقد احتجَّا جميعًا به ولم يُخرجا هذا الحديث لخلافٍ من أبان بن يزيد العطَّار فيه عن يحيى بن أبي كثير، فإنه لم يحفظه فقال: عن يحيى عن هلال بن عِيَاض أو عياض بن هلال، وهذا لا يعلِّله، لإجماع يحيى بن أبي كثير على إقامة هذا الإسناد عنه، ومتابعة حرب بن شدّاد فيه، كذلك رواه هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي وعلي بن المبارَك ومَعمَر بن راشد وغيرهم عن يحيى بن أبي كثير.
أما حديث هشام:
470 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا محمد بن المِنهال، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا هشام، عن يحيى، عن عِيَاض: أنه سأل أبا سعيد الخُدْري، فذكر بنحوه
(1)
.
وأما حديث علي بن المبارك:
471 -
فأخبرَناه محمد بن أحمد بن حَمدُون، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا سَلْم
= وأخرجه أحمد 18/ (11468) من طريق شيبان النحوي، و (11500) و (11501)، وأبو داود (1029) من طريق أبان بن يزيد العطار، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير؛ قال شيبان: عن عياض بن هلال الأنصاري، وقال أبان: عن هلال بن عياض.
وأخرجه بنحوه أحمد 18/ (11912) و (11913)، وابن ماجه (514) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري. وفي الإسناد مقال.
وسيأتي برقم (1225)، وانظر تتمة تخريجه هناك.
ويشهد له حديث عبد الله بن زيد الأنصاري عند البخاري (137)، ومسلم (361).
وحديث أبي هريرة عند مسلم (362).
(1)
صحيح لغيره، وإسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن حبان (2665) عن الحسن بن سفيان، عن محمد بن المنهال بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 17/ (11082) و (11321) و 18/ (11478) و (11499)، وأبو داود (1029)، من طرق عن هشام الدستوائي، به.
ابن جُنَادة، حدثنا يزيد بن زُرَيع، عن علي بن المبارَك، عن يحيى بن أبي كَثير، عن عِيَاض، فذكر بنحوه
(1)
.
وأما حديث مَعمَر:
472 -
فأخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى، عن عِيَاض، فذكر نحوه
(2)
.
قد اتفق البخاري ومسلم على إخراج أحاديث متفرِّقة في المسندَين الصحيحين يُستدَلُّ بها على أن اللمس ما دونَ الجِماع، منها حديث أبي هريرة:"فاليد زناها اللمس"
(3)
، وحديث ابن عباس "لعلك مَسِستَ"
(4)
، وحديث ابن مسعود:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]
(5)
، وقد بقي عليهما أحاديثُ صحيحة في التفسير وغيره منها:
473 -
ما حدَّثَناه أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ وأبو عبدِ الرحمن محمد
(1)
صحيح لغيره، وإسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد 18/ (11513) عن وكيع عن علي بن المبارك، بهذا الإسناد. وسماه: عياض بن هلال.
(2)
صحيح لغيره، وإسناده ضعيف كسابقه.
وهو في "مسند أحمد" 17/ (11320) و 18/ (11501). ووقع مسمًّى عنده عياض بن هلال.
وأخرجه ابن حبان (2666) من طريق الحسن بن علي الحُلواني، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وسماه أيضًا عياض بن هلال.
(3)
هو بهذا اللفظ عند أحمد 14/ (8598)، وابن حبان (4422)، وأخرجه مسلم (2657) (21) بلفظ:"واليد زناها البطش"، أما البخاري (6243) و (6612) فلم يذكر في حديث أبي هريرة هذا الحرف.
(4)
أخرجه البخاري وحده (6824) بلفظ: "لعلك قبّلتَ أو غمزتَ أو نظرت"، والغمز: هو الجسُّ برؤوس الأصابع، وقد وقع في حديث ابن عباس عند الإسماعيلي في "مستخرجه" كما ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري":"لعلك قبَّلت أو لمستَ".
(5)
أخرجه البخاري برقم (526)، ومسلم برقم (2763).
ابن عبد الله التاجر قالا: حدثنا السَّرِيُّ بن خُزيمة، حدثنا القَعْنبي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما كان يومٌ - أو قَلَّ يومٌ - إلّا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ علينا جميعًا فيُقبِّل ويَلمَسُ ما دون الوِقَاع، فإذا جاء إلى التي هي يومُها ثَبَتَ عندها
(1)
.
474 -
ما حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأَسْفاطي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله في قوله عز وجل:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43]، قال: هو ما دونَ الجِمَاع، وفيه الوضوء
(2)
.
475 -
ما أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أنَّ عمر بن الخطاب قال: إنَّ القُبْلة من اللَّمْس، فتوضؤوا منها
(3)
.
476 -
ما أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن موسى ويحيى بن المغيرة قالا: حدثنا جَرِير، عن عبد الملك بن عُمَير،
(1)
إسناده حسن من أجل ابن أبي الزناد.
وأخرجه أحمد 41/ (24765)، وأبو داود (2135) من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وسيأتي بأطول ممّا هنا برقم (2795)
(2)
خبر صحيح، رجاله لا بأس بهم، إلّا أنه مرسل، كما قال البيهقي في "الخلافيات" بإثر (429)، فأبو عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه، ثم قال: وقد رويناه بإسناد آخر صحيح موصول، وساقه (430) من طريق شعبة عن مخارق الأحمسي عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود.
(3)
إسناده حسن.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 124 عن محمد بن عبد الله الحافظ - وهو الحاكم - بهذا الإسناد.
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جَبَل: أنه كان قاعدًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءَه رجل فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجلٍ أصابَ من امرأةٍ لا تَحِلُّ له، فلم يَدَعْ شيئًا [يصيبه الرجلُ من امرأته إلّا وقد أصابه منها، إلّا أنه لم يُجامِعْها، فقال: "توضَّأْ]
(1)
وضوءًا حَسَنًا، ثمَّ قُمْ فَصَلِّ"، قال: وأنزل الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية [هود: 114] قال: فقال: هي لي خاصةً أم للمسلمين عامةً؟ قال: "بل هي للمسلمين عامّةً"
(2)
.
هذه الأحاديث والتي ذكرتها أنَّ الشيخين اتفقا عليها غيرَ أنها مخرَّجة في الكتابين بالتفاريق وكلُّها صحيحة، دالَّةٌ على أنَّ اللَّمسَ الذي يُوجِبُ الوضوءَ دون الجِماع.
477 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب ومحمد بن الفضل عارِمٌ.
وحدثني علي بن عمر الحافظ - واللفظ له - أخبرنا عبدُ الله بن محمد
(3)
بن عبد العزيز، حدثنا خَلَف بن هشام، قالوا: حدثنا حمّاد بن زيد، عن هشام بن عُرْوة:
(1)
ما بين المعقوفين مكانه في الأصول بياض، فاستدركناه من "سنن البيهقي" 1/ 125 حيث أخرجه عن المصنف بإسناده ومتنه.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه منقطع، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذًا. جرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه أحمد 36/ (22112)، والترمذي (3113) من طريق زائدة بن قُدامة، عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد. وأعلَّه الترمذي بالانقطاع.
وأخرجه النسائي (7287) من طريق شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وفي الباب عن ابن مسعود عند البخاري (526)، ومسلم (2763)، وهو في "مسند أحمد" 6/ (3653)، وانظر تتمة شواهده هناك.
(3)
في المطبوع: أبو عبد الله محمد، وهو خطأ. وعبد الله بن محمد هذا هو البغوي الحافظ صاحب كتاب "معجم الصحابة" وكتاب "الجعديات"، وكنيته أبو القاسم، وانظر ترجمته في "السير" للذهبي 14/ 440.
أنَّ عروةَ كان عند مروان بن الحَكَم فسُئِلَ عن مسِّ الذَّكَر، فلم يَرَ به بأسًا، فقال عروةُ: إِنَّ بُسْرةَ بنت صفوان حدثتني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفضَى أحدُكم إلى ذَكَرِه، فلا يُصَلِّ حتى يتوضَّأَ"، فبَعَثَ مروانُ حَرَسيًّا إلى بُسْرة، فرجع الرسولُ، فقال: نعم؛ قد كان أبي يقول: إذا مَسَّ رُفْغَه
(1)
أو أُنثييه أو فرجَه، فلا يصلي حتى يتوضأ
(2)
.
هكذا ساق حماد بن زيد هذا الحديث وذكر فيه سماعَ عروة من بُسْرة، وخلفُ بن هشام ثقة، وهو أحد أئمة القرّاء، ومما يدلُّ على صحته روايةُ الجمهور من أصحاب هشام بن عُرْوة عن هشام عن أبيه عن بُسْرة، منهم أيوب بن أبي تَمِيمة السَّختِياني وقيس بن سعد المكِّي وابن جُرَيج وابن عُيَينة وعبد العزيز بن أبي حازم ويحيى بن سعيد وحماد بن سَلَمة ومعمر بن راشد وهشام بن حسّان وعبد الله بن محمد أبو علقمة وعاصم بن هلال البارِقي ويحيى بن ثَعْلبة المازِني وسعيد بن عبد الرحمن الجُمَحي وعلي بن المبارَك الهُنَائي وأبان بن يزيد العطَّار ومحمد بن عبد الرحمن
(1)
في المطبوع: مس ذكره! والرُّفغ: أصل الفخذ. والقائل: "قد كان أبي يقول .. " هو هشام بن عروة، كما جاء مصرحًا به عند الدارقطني في "سننه"(538).
(2)
حديث صحيح على ما وقع في إسناده من خلاف فيما بيَّنه المصنف لاحقًا ومن قبله الدارقطني في "العلل" 15/ 303 (4060)
وأخرج المرفوع منه ابن ماجه (479)، والترمذي (83)، وابن حبان (1116) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان.
وأخرجه أحمد 45/ (27293) و (27294) و (27296)، وأبو داود (181)، والنسائي (159)، وابن حبان (1112) من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم، عن عروة بن الزبير قال: دخلت على مروان - فساق نحو ما عند المصنف.
وأخرجه دون القصة أحمد (27295)، والترمذي (82) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن حبان (1115) من طريق علي بن المبارك، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة.
وأخرجه الترمذي (84) من طريق أبي الزناد، وابن حبان (1117) من طريق الزهري، كلاهما عن عروة، عن بسرة زاد الزهري:"والمرأة مثل ذلك".
الطُّفَاوي وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري ....
(1)
وعبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي ويزيد بن سِنَان الجَزَري وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد وعبد الرحمن بن عبد العزيز وجارية بن هَرِم الفُقَيمي وأبو مَعشَر وعبَّاد بن صُهيب وغيرهم.
وقد خالفهم فيه جماعةٌ فروَوْه عن هشام بن عُرْوة عن أبيه عن مروان عن بُسْرة، منهم سفيان بن سعيد الثَّوْري، وروايةٌ عن هشام بن حسّان، وروايةٌ عن حمادِ بن سَلَمة، ومالكُ بن أنس ووُهَيبُ بن خالد وسَلَّامُ بن أبي مُطِيع وعمرُ بن علي المقدَّمي وعبدُ الله بن إدريس وعليُّ بن مُسهِر وأبو أسامة وغيرُهم.
وقد ظَهَرَ الخلافُ فيه على هشام بن عُرْوة بين أصحابه، فنَظَرْنا فإذا القومُ الذين أَثبتوا سماع عروة من بسرة أكثر، وبعضهم أحفظُ من الذين جعلوه عن مروان، إلّا أنَّ جماعةً من الأئمة الحفاظ أيضًا ذكروا فيه مروانَ، منهم مالك بن أنس والثوري ونظراؤُهما، فظَنَّ جماعة ممَّن لم يُنعِمِ النظرَ في هذا الاختلاف أنَّ الخبر واهٍ لطَعْن أئمة الحديث على مروان، فنظرنا فوَجَدْنا جماعةً من الثقات الحفاظ رَوَوْا هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بُسْرة، ثم ذكروا في رواياتهم أنَّ عروة قال: ثم لقيتُ بعد ذلك بسرةَ فحدثتني بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني مروانُ عنها، فدلَّنا ذلك على صحة الحديث وثبوته على شرط الشيخين، وزال عنه الخلافُ والشُّبْهة، وثَبَتَ سماعُ عروة من بُسْرة.
فممَّن بيَّن ما ذكرنا من سماع عروة من بُسْرة شعيبُ بن إسحاق الدمشقي:
478 -
حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، حدثنا الحَكَم بن موسى، حدثنا شعيب بن إسحاق، حدثني هشام بن عُرْوة، عن أبيه، أنَّ مروان حدَّثه عن بُسْرة بنت صفوان - وكانت قد صَحِبَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا [مسَّ أحدُكم ذكرَه، فلا يصلِّ حتى يتوضَّأ"، فأنكر
(1)
في النسخ الخطية هنا بياض قدر سطرٍ.
ذلك]
(1)
عروةُ، فسأل بُسرةَ فصدَّقَته بما قال
(2)
.
ومنهم ربيعة بن عثمان التَّيْمي:
479 -
حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه في آخرين قالوا: حدثنا محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا ابن أبي فُديك، حدثنا ربيعة بن عثمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان بن الحَكَم، عن بُسْرة بنت صفوان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مَسَّ ذكرَه فليتوضَّأ"، قال عروة: فسألتُ بسرةَ فصدَّقَتْه
(3)
.
ومنهم المنذر بن عبد الله الحِزَامِي المَدِيني:
480 -
أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطَّة الأصبهاني، حدثنا محمد بن أَصبَغ بن الفَرَج، حدثنا أَبي، حدثنا المنذر بن عبد الله الحِزَامي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بُسْرة بنت صفوان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من مسَّ ذكرَه فليتوضَّأْ". فأنكر، عروةُ، فسأل بسرةَ فصدَّقَته
(4)
.
ومنهم عَنبَسة بن عبد الواحد القرشي:
481 -
حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نُصير الخوَّاص، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبَان، حدثنا عَنبَسة بن
(1)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 129 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه. ووقع مكانه في المطبوع من "المستدرك": "من مس فرجه فليتوضأ. قال عروة: فسألت بسرة
…
".
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (1113) من طريق خالد بن عبد الملك الحراني، عن شعيب بن إسحاق، بهذا الإسناد.
(3)
إسناده جيد من أجل ابن أبي فديك وربيعة. ابن أبي فُديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك.
وأخرجه ابن حبان (1114) عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، بهذا الإسناد.
(4)
إسناده حسن من أجل المنذر بن عبد الله الحزامي.
عبد الواحد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن مروان، عن بُسْرة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مسَّ فَرْجَه، فلا يُصَلِّ حتى يتوضَّأْ". قال: فأتيتُ بسرةَ فحدَّثَتني كما حدثني مروان عنها أنها سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول ذلك
(1)
.
ومنهم أبو الأسود حُمَيد بن الأسود البصري الثقة المأمون:
482 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: سمعتُ عليَّ بن المَدِيني وذَكَرَ حديث شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة الذي يذكر فيه سماعَ عروةَ من بُسْرة، فقال علي: هذا مما يدلُّك أنَّ يحيى بن سعيد القطّان قد حَفِظَ عن هشام بن عُروة عن أبيه أنه قال: أخبرتني بُسْرةُ. قال عليٌّ: فحدثني أبو الأسود حُميد بن الأسود، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بُسْرة بنت صفوان - وقد كانت صَحِبَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا مسَّ أحدُكم ذكره، فلا يُصَلِّ حتى يتوضَّأَ"، فأنكر ذلك عروةُ، فسأل بُسْرةَ فصدَّقَته
(2)
.
.......
(3)
حَزْم الأنصاري ومحمد بن مسلم الزهري وأبو الزِّناد عبد الله بن ذَكْوان القرشي ومحمد بن عبد الله بن عُروة وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نَوفَل القرشي وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري والحسن بن مسلم بن يَنَّاق، وغيرُهم من التابعين وأتباعهم.
فأما بُسْرة بنت صفوان، فإنها من سيِّدات قريش:
483 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده قوي من أجل حميد بن الأسود.
(3)
هنا بياض في النسخ الخطية قدر سطر، ويغلب على ظننا أن يكون مكان هذا البياض هنا قوله: ومنهم عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم؛ وقد سلف تخريج طريقه عند الحديث (477).
شعيب النَّسَائي، حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارَك المُخرِّمي، حدثنا منصور بن سَلَمة الخُزاعي قال: قال لنا مالك بن أنس: أتدرون مَن بُسْرةُ بنت صفوان؟ هي جَدَّة عبد الملك بن مروان أمُّ أمِّه، فاعرِفُوها.
483 م - أخبرنا محمد بن يوسف المؤذِّن، حدثنا محمد بن عِمران النَّسَوي، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا مُصعَب بن عبد الله الزُّبيري قال: وبُسْرة بنت صفوان بن نوفل بن أَسد من المبايِعات، وورقةُ بن نَوفَل عمُّها، وليس لصفوان بن نوفل عَقِبٌ إلّا من قِبَلَ بسرةَ، وهي زوجة معاوية بن مُغِيرة بن أبي العاص.
وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن جماعة من الصحابة والتابعين عن بُسْرة، منهم عبدُ الله بن عمر بن الخطّاب وعبدُ الله بن عَمْرو بن العاص وسعيدُ بن المسيّب وعَمْرةُ بنت عبد الرحمن
(1)
الأنصارية وعبدُ الله بن أبي مُلَيكة ومروانُ بن الحَكَم وسليمانُ بن موسى، وقد رُوِّينا عن بُسْرة بنت صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسةَ أحاديث غيرَ هذا الحديث، فقد ثبت بما ذكرناه اشتهارُ بسرةَ بنت صفوان وارتفع عنها اسمُ الجهالة بهذه الروايات.
وقد رُوّينا إيجابَ الوضوء من مسِّ الذَّكر عن جماعة من الصحابة والصحابيات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم: عبد الله بن عُمَر وأبو هريرة وزيد بن خالد الجُهَني وسعد بن أبي وقَّاص وجابر بن عبد الله ...... وأم حَبِيبة وأم سَلَمة وأَروى ......
(2)
.
484 -
[حدثني أبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا علي بن أحمد بن سليمان، حدثنا محمد بن أصبَغ بن الفَرَج]
(3)
حدثني أَبي [حدثنا
(1)
في النسخ الخطية: وعمرو بنت عبد الرحمن، وهو تحريف.
وقد أشار إلى رواية عمرة عن بسرة الدارقطنيُّ في "العلل" 15/ 319 ووهَّم راويها.
(2)
بياض في النسخ الخطية في الموضعين قدر نصف سطر.
(3)
ما بين المعقوفين استدركناه من "الخلافيات" للبيهقي (519) حيث ساقه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه، ومن "إتحاف المهرة" لابن حجر (18425).
عبد الرحمن بن القاسم]
(1)
حدثنا نافع بن أبي نُعَيم، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن مَسَّ فرجه فليتوضَّأْ"
(2)
.
هذا حديث صحيح، وشاهدُه الحديث المشهور عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة.
وقد صحَّت الرواية عن عائشة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنهما أنها قالت: إذا مسَّت المرأةُ فرجَها توضأَت.
485 -
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي، حدثنا عَبْد الله
(3)
بن عمر.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا القاسم بن عبد الله، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: إذا مسَّت المرأة فرجَها بيدها، فعليها الوضوءُ
(4)
.
(1)
استدركناه من "إتحاف المهرة"، ومن "البدر المنير" لابن الملقن 2/ 472.
(2)
إسناده جيد.
وأخرجه ابن حبان (1118) من طريق أحمد بن سعيد الهمداني، عن أصبغ بن الفرَج، بهذا الإسناد - وقرن بنافعٍ يزيدَ بنَ عبد الملك: وهو النوفلي، ولفظه عنده:"إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما سِتْر ولا حجاب فليتوضأ".
وأخرجه كذلك أحمد 14/ (8404) عن يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن سعيد المقبري، به. ويحيى وأبوه ضعيفان.
(3)
في المطبوع: عبيد الله، مصغَّرًا، وهو خطأ هنا في رواية الفروي، فإنه معروف بالرواية عن عبد الله مكبَّرًا وليس عن أخيه.
(4)
خبر حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر - وهو العُمري - وقد توبع في الرواية التالية، والراويان عنه هنا هما ابنه القاسم وإسحاق بن محمد الفروي، والقاسم أشدُّهما ضعفًا.
وأخرجه البيهقي في "الخلافيات"(559 - 560) عن أبي عبد الله الحاكم بالإسنادين جميعًا.
وأخرجه الدارقطني في "العلل" 14/ 100 (3448)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 207 من طريقين عن إسحاق بن محمد الفروي عن عبد الله بن عمر، به. =
486 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطَّة الأصبهاني من أصل كتابه، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبهاني، حدثنا مُحرِز بن سَلَمة العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عُبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة قالت: إذا مسَّت المرأةُ فرجَها توضَّأَت
(1)
.
وهذه مُناظَرة جَرَتْ بين أئمَّة الحُفّاظ في هذا الباب:
487 -
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجرَّاح العَدْل الحافظ بمَرْو، حدثنا عبد الله بن يحيى القاضي السَّرْخَسي، حدثنا رجاء بن مُرجَّى الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخَيْف أنا وأحمدُ بن حنبل وعليُّ بن المَدِيني ويحيى بنُ مَعِين فتناظَرُوا في مسِّ الذَّكَر، فقال يحيى بن معين: يُتوضَّأ منه، وتقلَّد عليُّ بن المَدِيني قولَ الكوفيين وقال به، فاحتجَّ يحيى بن معين بحديث بُسْرة بنت، صفوان، واحتَجَّ علي بن المديني بحديث قيس بن طَلْق عن أبيه
(2)
، وقال ليحيى بن معين: كيف تتقلَّد إسنادَ بُسْرة ومروانُ إنما أرسَلَ شُرطيًّا حتى ردَّ جوابها إليه؟ فقال يحيى: ثم لم يُقنِعْ ذلك عروةَ حتى أَتى بسرةَ فسألها وشافَهَتْه بالحديث، ثم قال يحيى: ولقد أكثَرَ الناسُ في قيس بن طَلْق وأنه لا يُحتَجُّ بحديثه، فقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: كِلا الأمرين على ما قلتما، فقال يحيى:[عن مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه توضَّأ من مسِّ الذَّكَر، فقال عليٌّ: كان ابن مسعود يقول]
(3)
: لا يُتوضَّأُ منه، وإنما هو بَضْعة من جسدك، فقال يحيى:
= وأخرجه الدارقطني 14/ 100 من طريق الوليد الزعفراني، عن الشافعي، عن القاسم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، به.
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 133 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(2)
طلق بن علي قال: سأل رجل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيتوضأ أحدنا إذا مسَّ ذكره؟ قال: "إنما هو بَضْعة منك"، أخرجه أحمد 26/ (16286)، وهو حديث حسن، وانظر تتمة تخريجه هناك.
(3)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في النسخ الخطية، واستُدرك من "السنن الكبرى" 1/ 136 و"الخلافيات"(598) كلاهما للبيهقي، حيث أخرجه فيهما عن أبي عبد الله الحاكم.
هذا عمَّن؟ فقال: عن سفيان عن أبي قيس عن هُزَيل عن عبد الله، وإذا اجتمع ابنُ مسعود وابنُ عمر واختَلفا، فابنُ مسعود أَولى أن يُتَّبَع، فقال له أحمد بن حنبل: نعم، ولكن أبو قيس الأَوْدي لا يُحتَجُّ بحديثه، فقال علي: حدثني أبو نُعيم، حدثنا مِسعَر، عن عُمَير بن سعيد [عن عمَّار قال: ما أُبالي مَسِستُه أو أنفي، فقال يحيى: بين عُمَير بن سعيد]
(1)
وعمَّار بن ياسر مَفَازةٌ.
488 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن عبَّاد المكي.
وحدثني علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر؛ قالا: حدثنا سفيان عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا نتوضَّأُ من مَوطِئٍ
(2)
.
تابعه أبو معاوية وعبد الله بن إدريس عن الأعمش.
أما حديث أبي معاوية:
489 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن مَنِيع، حدثنا أبو معاوية، فذكره بإسناده نحوَه
(3)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من كتابي البيهقي، وهو موافق لما في "سنن الدارقطني"(545) فقد أخرجه عن محمد بن الحسن النقَّاش، عن عبد الله بن يحيى السرخسي، به.
(2)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه أبو داود (204) من طريق أبي معاوية وشَريك وجَرير وعبد الله بن إدريس، وابن ماجه (1041) من طريق عبد الله بن إدريس، أربعتهم عن الأعمش، بهذا الإسناد - بلفظ: كنا لا نتوضأ من موطئٍ ولا نكفُّ شعرًا ولا ثوبًا. وعند ابن ماجه أمرنا أن لا نتوضأ
…
إلخ. وانظر ما بعده، وسيأتي برقم (619).
قوله: "لا تتوضأ من موطئ" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: ما يوطأ من الأذى في الطريق، أراد: لا نعيد الوضوء منه، لا أنهم كانوا لا يغسلونه.
(3)
إسناده صحيح أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأما حديث ابن
(1)
إدريس:
490 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن مَنِيع، حدثنا عبد الله بن إدريسَ، عن الأعمش، فذكره نحوَه
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
491 -
حدثنا محمد بن صالح وإبراهيم بن عِصْمة قالا: حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل.
وحدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا إبراهيم بن الحجَّاج؛ قالا: حدثنا عبد الله بن المثنَّى الأنصاري، عن ثُمَامة، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَخلَعْ نَعلَيه في الصلاة قطُّ إلّا مرَّةً واحدةً خلع فخَلَعَ الناسُ، فقال:"ما لكم؟ " قالوا: خلعتَ فخلعنا، فقال:"إنَّ جبريلَ أخبرني أنَّ فيهما قَذَرًا - أو أذًى -"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتجَّ بعبد الله بن المثنَّى، ولم يُخرجاه.
وشاهده الحديث المشهور عن ميمون الأعور:
492 -
حدَّثَناه محمد بن صالح وإبراهيم بن عِصْمة قالا: حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: أبي. وهو عبد الله بن إدريس وكنيته أبو محمد.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. ثمامة: هو ابن عبد الله بن أنس بن مالك.
وأخرجه البيهقي 2/ 404 عن أبي عبد الله الحاكم، بإسناده من جهة محمد بن صالح وإبراهيم بن عصمة.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4293)، والبيهقي 2/ 404 من طريقين عن إبراهيم بن الحجاج، به.
وأخرجه مختصرًا البزار (7331) من طريق حاتم بن عبّاد، وعبد الله بن المثنى الأنصاري، به.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 17/ (11153)، وأبي داود (650)، وإسناده صحيح. وسيأتي عند المصنف برقم (968).
وحدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا علي بن عبد العزيز؛ قالا: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: خَلَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم نعلَه [وهو يصلي، فخلعَ مَن خلفَه نعالَهم، فقال: "ما حَمَلَكم على خلع نعالِكم؟ " قالوا: رأيناك خلعتَ فخلعنا] فقال: "إنَّ جبريلَ أخبرني أنَّ [في أحدهما قَذَرًا، فخلعتُهما لذلك، فلا تَخلَعوا نعالَكم]
(1)
"
(2)
.
493 -
.......
(3)
حدثنا قيس بن أُنَيف، حدثنا قُتيبة بن سعيد.
وأخبرني عبد الله بن محمد الصَّيدَلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن موسى؛ قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن المغيرة بن شُعْبة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذَهَبَ المَذهبَ أبعَدَ
(4)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وشاهده حديث إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزُّبير:
(1)
مكان ما بين المعقوفين في الموضعين بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من مصادر التخريج.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(9972) عن علي بن عبد العزيز وآخر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (1570)، والطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 511، والطبراني في "الأوسط"(5017) من طرق عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، به. وانظر ما قبله.
(2)
صحيح لغيره، وإسناده ضعيف لضعف أبي حمزة ميمون الأعور.
(3)
هنا بياض في النسخ الخطية، والظاهر أن مكانه شيخه أحمد بن سهل الفقيه البخاري، فإن المصنف لا يروي عن قيس بن أنيف في كتابه هذا إلَّا من طريقه.
(4)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي.
وأخرجه أحمد 30/ (18171)، وأبو داود (1)، وابن ماجه (331)، والترمذي (20)، والنسائي (16) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ويشهد له ما بعده وغيرُ ما حديثٍ عند ابن ماجه وغيره، انظر تخريجها هناك.
والمَذهَب مَفعَل من الذَّهاب، وهو اسم للموضع الذي يُتغوَّط فيه.
494 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا يحيى بن مَعِين حدثنا عبد الحميد الحِمَّاني، حدثنا إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزُّبير، عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقضيَ حاجَتَه، أبعدَ حتى لا يراه أحدٌ
(1)
.
495 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سُرَيج بن النُّعمان، حدثنا حماد بن سَلَمة، عن أبي التَّيّاح، عن موسى بن سَلَمة، عن ابن عباس قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر، فقال:"ماءُ البحرِ طَهُورٌ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وشواهده كثيرة، ولم يُخرجاه، فأوَّلُ شواهده:
496 -
ما حدَّثَناه أبو العباس، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم وبَحْر بن نصر قالا: حدثنا ابن وهب.
وأخبرنا الحسن بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء.
وأخبرني أبو بكر بن نصر، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا القَعنَبي، كلهم عن مالك، عن صفوان بن سُلَيم، عن سعيد بن سَلَمة مولى لآل الأزرق، أنَّ المغيرة
(1)
صحيح لغيره كسابقه، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل إسماعيل بن عبد الملك: وهو ابن أبي الصُّفيراء. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي.
وأخرجه أبو داود (2)، وابن ماجه (335) من طريقين عن إسماعيل بن عبد الملك، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. أبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُّبَعي.
وأخرجه أحمد 4/ (2518) في آخر حديث طويل عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
ابن أبي بُرْدة - رجلٌ من بني عبد الدار- أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نَركَبُ البحرَ ونَحمِلُ معنا القليلَ من الماء، فإن توضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنتوضَّأُ بماءِ البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو الطَّهُورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه"
(1)
.
وقد تابع مالكَ بنَ أنس على روايته عن صفوان بن سُلَيم عبدُ الرحمن بنُ إسحاق وإسحاقُ بنُ إبراهيم المُزَني.
أما حديث عبد الرحمن بن إسحاق:
497 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن أيوب بن زاذانَ، حدثنا محمد بن المِنْهال، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن صفوان بن سُلَيم.
قال: وأخبرنا يوسف
(2)
بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا صفوان بن سُلَيم، عن سعيد بن سَلَمة، عن المغيرة بن أبي بُرْدة، عن أبي هريرة، ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوَه
(3)
.
[وأما حديث إسحاق بن إبراهيم]:
(1)
إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مَسلَمة بن قَعنَب.
وأخرجه أحمد 12/ (7233) و 14/ (8735) و 15/ (9100)، وأبو داود (83)، وابن ماجه (386) و (3246)، والترمذي (69)، والنسائي (58) و (4843)، وابن حبان (1243) و (5258) من طرق عن مالك بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
القائل: "وأخبرنا" هو أبو بكر بن إسحاق شيخ المصنف، ويوسف هذا: هو يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد الإمام الحافظ القاضي، انظر ترجمته في "السير" للذهبي 14/ 85.
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق - وهو القرشي المدني، ويقال له: عبّاد بن إسحاق - وليس هو أبا شيبة الواسطي - ويقال: الكوفي - كما يوهمه كلام المصنف الآتي بإثر الحديث (504).
498 -
[فحدَّثَناه أبو علي الحسن بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن صالح]
(1)
الكِيلِيني بالرَّيّ، حدثنا سعيد بن كَثِير بن يحيى بن حُمَيد بن نافع الأنصاري، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن صفوان بن سُلَيم، عن سعيد بن سَلَمة، عن المغيرة بن أبي بُرْدة - وهو من بني عبد الدار - عن أبي هريرة قال: أَتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ ممَّن يَركَبُ البحرَ، فقالوا: يا رسول الله، إنا نركبُ البحرَ ونتزوَّد شيئًا من الماء، فإن توضَّأْنا به عَطِشْنا، فهل يَصلُحُ لنا أن نتوضَّأَ من ماءِ البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو الطَّهُورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُه"
(2)
.
وقد تابع الجُلَاحُ أبو كَثيرٍ صفوانَ بنَ سُلَيم على رواية هذا الحديث عن سعيد بن سَلَمة:
499 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، أخبرنا عبيد بن عبد الواحد بن شَرِيك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثني الليث، عن يزيد بن أبي حَبِيب، حدثني الجُلَاح أبو كَثير، أنَّ ابن سلمة المخزومي حدَّثه، أنَّ المغيرة بن أبي بُرْدة أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فجاءه صيَّاد فقال: يا رسول الله، إنا ننطلقُ في البحر نريد الصيدَ فيَحمِلُ معه أحدُنا الإداوَةَ وهو يرجو أن يَأخُذَ الصيدَ قريبًا، فربما وَجَدَه كذلك، وربما لم يَجِدِ الصيدَ حتى يَبلُغَ من البحر مكانًا لم يَظُنَّ أن يَبلُغَه، فلعلَّه يَحتلِمُ أو يتوضَّأُ، فإن اغتسل أو توضَّأَ بهذا الماء فلعلَّ أحدَنا يُهلِكُه العطشُ، فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به أو نتوضأَ به إِذا خِفْنا ذلك؟ فَزَعَمَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اغتسِلُوا منه وتوضؤوا به، فإنه الطَّهُورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه"
(3)
.
(1)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (473) حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(2)
حديث صحيح كما سبق، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسحاق بن إبراهيم المزني.
(3)
إسناده قوي. الليث: هو ابن سعد. =
قد احتَجَّ مسلمٌ بالجُلَاح أبي كثير.
وقد تابع يحيى بنُ سعيد الأنصاريُّ ويزيدُ بنُ محمد القرشي سعيدَ بنَ سلمة المخزوميَّ على رواية هذا الحديث.
واختُلف عليه فيه
(1)
:
500 -
أخبرَنيهِ أبو محمد بن زياد العَدْل، حدثنا جدِّي، أخبرنا عمرو بن زُرَارة، حدثنا هُشَيم، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بُرْدة، عن رجل من بني مُدلِج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوَه.
501 -
أخبرَناه أبو الحسن محمد بن الحسن، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجَّاج بن مِنْهال، حدثنا حمَّاد، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوَه.
وقال سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد: عن عبد الله بن المغيرة عن أبيه.
وأما حديث يزيد بن محمد القرشي:
502 -
فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرني يحيى بن أيوب، حدثني خالد بن يزيد، أنَّ يزيد بن محمد القرشي حدثه عن المغيرة بن أبي بُرْدة، عن أبي هريرة قال: أتى نفرٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نصيد في البحر ومعنا من الماء [العَذْب، فربَّما تخوَّفْنا العطشَ، فهل يَصلُحُ أن نتوضأَ من البحر المالح؟]
(2)
فقال: "نعم، توضَّؤُوا منه".
= وأخرجه أحمد 14/ (8912) عن قتيبة بن سعيد عن الليث، عن الجلاح، عن المغيرة بن أبي بردة، به مختصرًا. فسقط من الإسناد عنده يزيد بن أبي حبيب بين الليث والجلاح، وسعيد بن سلمة بين الجلاح والمغيرة.
(1)
الخلاف فيه وقع على المغيرة بن أبي بردة، انظر تفصيل ذلك بما لا مزيد عليه عند الدارقطني في "العلل" 9/ 7 (1614)، وأضبطها ما رواه مالك كما سلف عند المصنف. ولا يخلو إسناد ممّا ساقه من مقال.
(2)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي =
وأما ......
(1)
البخاريُّ يزيدَ بن محمد القرشي هذا في "التاريخ"، وأنه قد روى عنه الليث بن أبي بردة
(2)
.
فمنهم سعيد بن المسيّب:
503 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس بمصر، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سَهْم، حدثنا عبد الله بن محمد بن رَبِيعة، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزُّهْري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر: أنتوضَّأُ منه؟ فقال: "الطَّهُورُ ماؤُه، والحِلُّ مَيْتَتُه"
(3)
.
ومنهم أبو سلمة بن عبد الرحمن:
504 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي، حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا محمد بن غَزْوان، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوءِ من ماءِ البحر، فقال:"هو الطَّهورُ ماؤه، الحِلُّ مَيْتتُه"
(4)
.
= 1/ 4 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(1)
بياض في النسخ الخطية. ولعلَّ المصنف يريد هنا أن يقول: وأما يزيد بن محمد فقد ذكر البخاري .. إلخ.
(2)
هذه العبارة فيها خطأ، ولعلَّ الصواب فيها كما يؤخذ من "التاريخ" للبخاري 8/ 357: وأنه قد روى الليث عن يزيد بن أبي حبيب عنه، وروى هو عن المغيرة بن أبي بردة، وذكر له هذا الحديث.
(3)
إسناده واهٍ من أجل عبد الله بن محمد بن ربيعة: وهو القُدَامي المصّيصي. والحديث صحيح كما سبق.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(82) عن محمد بن إسماعيل الفارسي، عن إسحاق بن سهم، بهذا الإسناد.
(4)
إسناده ضعيف من أجل محمد بن غزوان، قال أبو زرعة الرازي كما في"الجرح والتعديل" 8/ 54: منكر الحديث. والحديث صحيح كما سبق. =
قال الحاكم: قد رَوَيتُ في متابعات الإمام مالك بن أنس في طرق هذا الحديث عن ثلاثة ليسوا من شرط هذا الكتاب: وهم عبد الرحمن بن إسحاق
(1)
، وإسحاق بن إبراهيم المُزَني، وعبد الله بن محمد القُدَامي، وإنما حَمَلَني على ذلك أن يعرف العالِمُ أنَّ هذه المتابَعات والشواهد لهذا الأصل الذي صَدَّرَ به مالكٌ كتاب "الموطأ"، وتداوَلَه فقهاءُ الإسلام رضي الله عنهم من عصره إلى وقتنا هذا، وأنَّ مثل هذا الحديث لا يُعلَّل
(2)
بجهالةِ سعيد بن سَلَمة والمغيرة بن أبي بُرْدة، على أنَّ اسم الجهالة مرفوعٌ عنهما بهذه المتابَعات.
وقد رُوِيَ هذا الحديث عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عبّاس وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوُه.
أما حديث عليٍّ:
505 -
فحدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن محمد النَّسَوي، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك، حدثنا معاذ بن موسى، حدثنا محمد بن الحسين بن علي، حدثني أَبي، عن أبيه، عن جدِّه، عن علي بن أبي طالب قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر، فقال:"هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُه"
(3)
.
= وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(576)، والدارقطني (81) من طريقين عن سليمان بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.
(1)
المراد به - والله أعلم - أبو شيبة الواسطي، ويقال: الكوفي، وهو متفق على ضعفه، وليس هو الذي روى هذا الحديث، وإنما عبد الرحمن بن إسحاق المدني كما سبق، وهو صدوق حسن الحديث، وعليه فإنَّ المصنف ذهل في تعيينه هنا، على أنه روى لأبي شيبة هذا بضعة أحاديث أخرى ستأتي منثورة عنده في "مستدركه".
(2)
مكان كلمة "يعلل" بياض في النسخ الخطية.
(3)
إسناده ضعيف، فيه من لا يعرف وكذا قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 12.
وأخرجه الدارقطني (73) عن أحمد بن محمد بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأما حديث ابن عباس، فقد ذكرناه
(1)
.
وأما حديث جابر:
506 -
فحدَّثَناه عبد الباقي بن قانع
(2)
الحافظ، حدثنا محمد بن علي بن شعيب، حدثنا الحسن بن بِشْر، حدثنا المُعافى بن عِمْران، عن ابن جُريج، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر:"هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُه"
(3)
.
وأما حديث عبد الله بن عَمْرو:
507 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد
(4)
بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا الحَكَم بن موسى، حدثنا الهِقْل بن زياد، عن الأوزاعي، عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَيْتةُ البحرِ حلال، وماؤُه طَهُور"
(5)
.
(1)
سلف برقم (495).
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: نافع. وابن قانع هذا إمام حافظ له كتاب "معجم الصحابة"، وانظر ترجمته في "السير" للذهبي 15/ 526.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن كان سلم من تدليس ابن جريج.
وأخرجه الدارقطني (69) عن عبد الباقي بن قانع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1759) عن محمد بن علي بن شعيب، به.
وأخرجه الدارقطني في "السنن"(68) من طريق مبارك بن فضالة، عنه أبي الزبير، به.
وأخرجه أحمد 23/ (15012)، ومن طريقه ابن ماجه (388)، وابن حبان (1244) عن أبي القاسم بن أبي الزناد، عن إسحاق بن حازم، عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله. وهذا إسناد حسن.
(4)
في النسخ الخطية: فحدثناه العباس بن محمد، وهو خطأ صوَّبناه من "إتحاف المهرة" 9/ 473 (11701)، ومن أسانيد المصنف المتكررة في هذا الكتاب.
(5)
إسناده ضعيف، والأوزاعي فيه غير محفوظ كما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 12، وقال في "إتحاف المهرة": هو وهمٌ من الحاكم أو من شيخه. قلنا: والمحفوظ فيه مكانه هو المثنَّى - وهو ابن الصَّبّاح - هكذا أخرجه الدارقطني في "السنن"(74) عن الحسين بن إسماعيل، عن محمد بن إسحاق الصغاني. =
508 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب.
وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو الرَّبيع؛ قالا: حدثنا حمَّاد بن زيد، حدثنا أيوب، عن أبي قِلَابة: أَنَّ أَبا ثَعْلبة
(1)
الخُشَني أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرضٍ أرضِ أهل كتابٍ، يشربون الخمور ويأكلون الخنازير، فما ترى في آنيَتِهم وقُدورِهم؟ فقال:"دَعُوها ما وجدتُم عنها بُدًّا، فإذا لم تَجِدُوا عنها بُدًّا فاغسِلُوها بالماء" أو قال: "انضَحُوها بالماء"، ثم قال:"اطبُخُوا فيها وكُلُوا". قال حماد: وأحسَبُه قال: "واشرَبوا"
(2)
.
= وكذلك أخرجه أبو عبيد في "الطهور"(236) عن محمد المروزي، عن الحكم بن موسى، به.
وأخرجه الدارقطني أيضًا (83) من طريق إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، به. والمثنى بن الصباح ضعيف ليِّن الحديث.
(1)
في (ب): عن أبي قلابة عن أبي ثعلبة.
(2)
حديث صحيح، رجاله ثقات إلّا أنَّ أبا قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجرمي - في رأي الأكثرين لم يسمع من أبي ثعلبة الخشني خلافًا للمصنف حيث أثبت لاحقًا سماعَه منه، وعلى كل حالٍ فقد روي عن أبي قلابة من وجوه أخر عن أبي أسماء الرحبي عن أبي ثعلبة، كما سيأتي عند المصنف، وأبو أسماء هذا ثقة، فزال الإشكال. أبو الربيع: هو سليمان بن داود الزهراني، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(1107)، ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(566) عن حماد بن زيد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 29/ (17737) من طريق معمر، عن أيوب، به.
وأخرجه بنحوه أحمد (17733)، والترمذي (1464) من طريق مكحول الشامي، وأحمد أيضًا (17752)، والبخاري (5478) و (5488) و (5496)، ومسلم (1930)، وابن ماجه (3207)، والترمذي (1464) و (1560 م)، وابن حبان (5879) من طريق أبي إدريس الخولاني، وأبو داود (3839) من طريق مسلم بن مِشكَم وابن ماجه (2831) من طريق عروة بن رُوَيم، أربعتهم عن أبي ثعلبة الخشني.
وهكذا رواه شعبة عن أيوب:
509 -
أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا أبو المثنَّى ومحمد بن أيوب وأحمد بن عمر بن حفص قالوا: حدثنا عَمْرو بن مرزوق، أخبرنا شُعْبة، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن أبي ثَعْلبة الخُشَني: أنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنا بأرضٍ عامَّتُه أهلُ كتاب، فكيف نَصنَعُ بآنيَتِهم؟ فقال:"دَعُوا ما وجدتُم منها بُدًّا، فإذا لم تجِدُوا منها بُدًّا فاغسِلُوها بالماء ثم اطبُخوا"
(1)
.
وهكذا رواه خالد الحذَّاء عن أبي قِلابة:
510 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسين بن مُكرَم، حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن خالدٍ، عن أبي قِلَابة، عن أبي ثعلبة الخُشَني قال: سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن آنيةِ المشركين، فقال:"اغسِلُوها ثم اطبُخوا فيها"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، فإن علَّلاه بحديث حمَّاد بن سَلَمة وهُشَيم عن خالد حيث زاد أبا أسماءَ الرَّحَبي في الإسناد، فإنه أيضًا صحيح يلزم إخراجه في "الصحيح"، على أنَّ أبا قِلابةَ قد سمع من أبي ثَعْلبة.
أما حديث حمَّاد بن سَلَمة:
511 -
فأخبرَناه أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا أبو حاتم الرازي،
(1)
حديث صحيح كسابقه. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري.
وأخرجه أحمد 29/ (17731) عن محمد بن جعفر، والترمذي (1560) و (1796) من طريق سَلْم بن قتيبة، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد - ولفظه في حديث سَلْم:"سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قدور المجوس"، وهو شاذٌّ.
(2)
حديث صحيح، وهو مختصر ممّا قبله. أبو أحمد: هو الزُّبيري محمد بن عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (603) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، بهذا الإسناد.
حدثنا أبو سَلَمة وحجَّاج بن مِنْهال قالا: حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن أبي أسماءَ الرَّحَبي، عن أبي ثعلبة الخُشَني أنه قال: يا رسول الله، إنا بأرضِ أهل الكتاب، فنَطَبُخُ في قُدورِهم، ونَشرَبُ في آنيتِهم؟ قال:"فإن لم تَجِدُوا غيرَها فارحَضُوها"
(1)
.
وأما حديث هُشَيم:
512 -
فحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هُشَيم، عن خالد الحذّاء، عن أبي قِلَابة، عن أبي أسماء [عن أبي ثعلبة الخُشَني قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّا نَغزو ونسير في أرض]
(2)
المشركين، فنحتاجُ إلى آنيةٍ من آنيتهم فنطبخُ فيها، فقال:"اغسِلُوها بالماء ثم اطبُخوا فيها، وانتفِعُوا بها"
(3)
.
كلا الإسنادين صحيح على شرط الشيخين.
513 -
أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة عن قَتَادة، عن أبي المَلِيح، عن أبيه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جُلود السِّبَاع
(4)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو سلمة: هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكي.
وأخرجه أحمد 29/ (17750)، والترمذي (1797) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وقرن حماد بن سلمة بأيوب عند الترمذي، قتادةَ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قوله: "ارحضوها" أي: اغسلوها بالماء.
(2)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 33 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (581) من طريقين عن هشيم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(4)
إسناده قوي. =
514 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى ومحمد بن أيوب ويوسف بن يعقوب قالوا: حدثنا محمد بن المِنهال، حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا سعيد، فذكره بنحوه
(1)
.
رواه شيخ من أهل البصرة عن محمد بن المِنهال فقال فيه: عن شُعْبة، وهو وهمٌ منه. وهذا الإسناد صحيح، فإنَّ أبا المَلِيح اسمه عامر بن أسامة، وأبوه أسامة بن عُمَير صحابي من بني لِحْيان مخرَّجٌ حديثُه في المسانيد، ولم يُخرجاه.
515 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا الحسن بن علي بن زياد.
وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب؛ قالا: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازيُّ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثنا شُعْبة، عن حَبِيب بن زيد، عن عبَّاد بن تميم، عن عبد الله بن زيد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بثُلُثي مُدٍّ من ماء فتوضَّأَ، فجعل يَدلُك ذراعَيهِ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
516 -
أخبرنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا علي بن المَدِيني.
= وأخرجه أحمد 34/ (20706) و (20712)، وأبو داود (4132)، والترمذي (1770)، والنسائي (4565) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد - زاد الترمذي: أن تُفترش.
وروي عن أبي المليح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا كما عند الترمذي (1771) وغيره، وهو الذي رجَّحه الترمذي.
(1)
إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح. وسيأتي برقم (585).
وأخرجه ابن حبان (1083) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، عن ابن أبي زائدة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان أيضًا (1082) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، به. دون ذكر قَدْر الماء.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي؛ قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري قال: وأخبرني عُرْوة، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: "صُبُّوا عليَّ من سبعِ قِرَبٍ لم تُحلَلْ أَوكِيَتُهنَّ، لعلِّي أَعهَدُ إلى الناس" قالت عائشة: فأجلسناه في مِخضَب لحفصة من نحاس، وسَكَبْنا عليه الماءَ، فطَفِقَ يشير إلينا: أن قد فَعَلتُنَّ، ثم خرج
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لأنَّ هشام بن يوسف الصَّنعاني ومحمد بن حُميد المَعمَري لم يذكرا عَمْرة في إسناده.
أما حديث هشام:
517 -
فأخبرَناه أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي.
وأخبرني عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا ........
(2)
عن عائشة قالت: قال
(1)
إسناده صحيح على خلاف وقع فيه على عبد الرزاق لا يضر إن شاء الله. وهو في "مسند أحمد" 42/ (25179)، لكن وقع فيه: الزهري عن عروة أو عمرة عن عائشة. وانظر تفصيل تخريج طرقه فيه.
وأخرجه ابن حبان (6596) و (6600) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري؛ قال في الموضع الأول: عن عروة أو عمرة، وقال في الثاني: عن عروة وعمرة أحدهما أو كلاهما.
وأخرجه النسائي (7045) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وأخرجه النسائي أيضًا (7045) من طريق يحيى بن معين وابن حبان (6599) من طريق علي بن المديني، كلاهما عن هشام بن يوسف الصنعاني، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وأخرجه البخاري (198) و (4442) و (5714) من طرق عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة.
المِخضب: إناء واسع.
والأوكية: جمع وكاء، وهو ما يشدُّ به فم القِربة.
(2)
هنا بياض في الأصول.
رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قُبِضَ فيه: "صُبُّوا عليَّ من سبع قِرَبٍ"
(1)
.
وأما حديث أبي سفيان المَعْمري:
518 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن حُميد، عن مَعمَر، عن الزُّهري، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: "صُبُّوا عليَّ من سبع قِرَبٍ"
(2)
.
كلا الإسنادين صحيح على شرط الشيخين.
519 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.
وأخبرني محمد بن المؤمَّل بن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب؛ قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثنا سليمان بن بلال، حدثنا هشام بن عُروة، أخبرني أَبي، عن عائشة قالت: دخل عبدُ الرحمن بن أبي بكر ومعه سِواكٌ يَستَنُّ به، فقلت له: أعطني هذا السِّواكَ يا عبد الرحمن، فأعطانِيهِ، فَقَضَمتُه ثم مَضَغتُه فأعطيتُه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فاستَنَّ به وهو مُستنِدٌ إلى صدري
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
520 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد الصمد عَلَّان، حدثنا أبو الأحوص محمد بن حَيَّان، حدثنا عَثّام بن علي، عن الأعمش، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي
(1)
حديث صحيح. وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح. محمد بن حميد: هو أبو سفيان المَعمري، ويحيى بن يحيى: هو النيسابوري. وانظر ما قبله.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل: وهو ابن أبي أُويس.
وأخرجه البخاري (890) و (4450) عن إسماعيل بن أبي أويس، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد 42/ (25620) من طريق معمر، عن هشام بن عروة، به - بنحو ما سيأتي عند المصنف برقم (6868) من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة.
ركعتين من الليل، ثم ينصرفُ فيَستاكُ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
521 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي.
وأخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن يحيى؛ قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال: ذَكَرَ محمدُ بن مسلم الزُّهْري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلُ الصلاة التي يُستاكُ لها على الصلاة التي لا يُستاكُ لها سبعينَ ضعْفًا"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!
522 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عارِمُ بن الفضل.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 3/ (1881)، وابن ماجه (288)، والنسائي (404) و (1345) من طريق عثام بن علي، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده ضعيف لانقطاعه، محمد بن إسحاق لم يسمع هذا الحديث من الزهري، فقد روى ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 1/ 330 عن أبي زرعة الرازي: أنَّ ابن إسحاق سمع هذا الحديث من معاوية بن يحيى الصدفي وهو بصحبته من العراق إلى الرَّي، ومعاوية هو الذي يرويه عن الزهري، وهو ضعيف جدًّا.
وهو في "مسند أحمد" 43/ (26340) عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وقد روي نحو هذا الحديث عن غير واحدٍ متصلًا ومرسلًا، كما في "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام" لابن دقيق العيد 1/ 364 - 368، و"البدر المنير" لابن الملقِّن 2/ 13 - 20، إلّا أنه لا يخلو إسناد واحد منها من مقال. لكن قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (625): بعضها يعتضد ببعض، ولذا أورده الضياء في "المختارة" من جهة بعض هؤلاء، وقول ابن عبد البر في "التمهيد" عن ابن معين: إنه حديث باطل، هو بالنسبة لما وقع له من طرقه.
وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي؛ قالا: حدثنا حماد بن زيد حدثنا عبد الرحمن السَّرّاج، عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشُقَّ على أمَّتي، لَفَرضتُ عليهم السِّواكَ مع الوضوء، ولَأخَّرتُ صلاةَ العشاء إلى نصف الليل"
(1)
.
......
(2)
عن أبي هريرة في هذا الباب ولم يُخرجا لفظ الفَرْض فيه، وهو صحيح على شرطهما جميعًا، وليس له عِلَّة.
وله شاهد بهذا اللفظ:
523 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا خَلِيفة بن خيَّاط، حدثنا إسحاق بن إدريس البصري، حدثنا عمر بن عبد الرحمن الأبَّار، حدثني منصور، عن جعفر بن تمَّام، عن أبيه، عن العباس بن عبد المطلب، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشُقَّ على أمَّتي، لفَرَضتُ عليهم السواكَ عند كل صلاةٍ
(1)
إسناده صحيح. عارم بن الفضل: هو محمد بن الفضل أبو النعمان، وعارم لقبه.
وأخرجه النسائي (3020) عن إبراهيم بن يعقوب، عن أبي النعمان، بهذا الإسناد. ولم يذكر الشطر الثاني من الحديث.
وأخرجه بنحوه أحمد 12/ (7412)، وابن ماجه (287) و (691)، والترمذي (167)، والنسائي (3021 - 3026)، وابن حبان (1531) و (1538) و (1539) من طريق عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري به - بلفظ:"لأمرتهم بالسواك"، ولم يذكر النسائي قصة تأخير الصلاة، واقتصر عليها ابن حبان في الموضعين (1538) و (1539).
وأخرجه أحمد 12/ (7399) و 15/ (9194)، والبخاري (887) و (7240)، ومسلم (252)، وأبو داود (46)، والنسائي (6) و (3034)، وابن حبان (1068) من طريق عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة - واقتصر فيه على قصة الأمر بالسواك غير أبي داود والنسائي في الموضع الثاني فذكراه بشطريه.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة، انظر "مسند أحمد" 12/ (7513) و 16/ (9928) و (10618).
(2)
هنا بياض في الأصول.
كما فرضتُ عليهم الوضوءَ"
(1)
.
524 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن نُعَيم ومحمد بن شاذانَ، قالا: حدثنا قتيبة بن سعيد.
وأخبرني أبو بكر بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا محمد بن موسى المخزومي، حدثنا يعقوب بن أبي سَلَمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاةَ لمن لا وضوءَ له، ولا وضوءَ لمن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه"
(2)
.
رواه محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك عن محمد بن موسى المخزومي:
525 -
أخبرَناه أبو الحسن أحمد بن محمد بن عَبدُوس، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فُدَيك، حدثنا محمد بن موسى، عن يعقوب بن أبي سَلَمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاةَ لمن لا وضوءَ له، ولا وضوءَ لمن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، إسحاق بن إدريس البصري - وهو أبو يعقوب الأَسْواري - واهي الحديث لكنه متابع، ثم إنَّ هذا الحديث لم يروه منصور - وهو ابن المعتمر - عن جعفر بن تمام، بينهما فيه أبو علي الصَّيقل كما سيأتي، وهذا جهَّله ابن السكن وغيره كما في "ميزان الاعتدال" للذهبي.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(6710)، وأبو نعيم في "الطب النبوي"(210) من طريقين عن أبي حفص عمر بن عبد الرحمن الأبار، عن منصور، عن أبي علي الصيقل، عن جعفر بن تمام، به.
وأخرجه أحمد 3/ (1835) من طريق سفيان الثوري، عن أبي علي الزرّاد - وهو الصيقل - عن جعفر بن تمام بن عباس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر "المسند" أيضًا 24/ (15656).
(2)
إسناده ضعيف، يعقوب راويه: هو ابن سلمة الليثي وليس ابن أبي سلمة الماجشون كما وقع للمصنف، وقد تعقبه الحافظ الذهبي في "تلخيصه" وصوَّب أنه يعقوب بن سلمة الليثي وليَّن إسناده، ويعقوب هذا وأبوه مجهولان
وأخرجه أحمد 15/ (9418)، وأبو داود (101) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وفيه عندهما: يعقوب بن سلمة. وانظر ما بعده.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه. =
هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتجَّ مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة دينار
(1)
، ولم يُخرجاه.
وله شاهد:
526 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا كَثِير بن زيد عن رُبَيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدْري عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لا وضوءَ له، ولا وضوءَ لمن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه"
(2)
.
527 -
فأخبرني علي بن بُندارٍ الزاهد، حدثنا عمر بن محمد بن جُبير، حدثنا أبو بكر الأَثرَم قال: سمعتُ أحمد بن حنبل وسُئِلَ عمَّن يتوضَّأ ولا يُسمِّي، فقال أحمد: أحسنُ ما يُروَى في هذا الحديث كثيرُ بن زيد.
528 -
أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن عَبدُوس العَنَزي
(3)
، حدثنا معاذ بن نَجْدة القرشي.
وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حدثنا بِشْر بن موسى الأَسَدي؛ قالا:
= وأخرجه ابن ماجه (399) من طريقين عن ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. وفيه: يعقوب بن سلمة.
(1)
ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 72 - 73 - بعد أن ردَّ كلام الحاكم هذا - عن العلّامة ابن دقيق العيد قوله: لو سُلِّم للحاكم أنه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة دينار، فيُحتاج إلى معرفة حال أبي سلمة، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، فلا يكون أيضًا صحيحًا.
(2)
إسناده ضعيف لضعف ربيح بن عبد الرحمن، وفي كثير بن زيد مقال.
وأخرجه أحمد 17/ (11370)، وابن ماجه (397) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا 17/ (11371)، وابن ماجه (397) من طريقين آخرين عن كثير بن زيد، به.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: العبدي، والصواب أنه العنزي، وقد تكرر عند المصنف في مواضع عدّة على الصواب، وانظر ترجمته في "السير" للذهبي 15/ 519 - 520.
حدثنا خلَّاد بن يحيى السُّلَمي، حدثنا هشام بن سعد، حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار [قال: قال ابن عباس: ألا أُريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟]
(1)
فدعا بإناءٍ فيه ماءٌ فاغترف غُرفةً فمَضمَضَ واستنشق، ثم أخذ أخرى فجَمَعَ بها يديه فغَسَلَ وجهَه، ثم أخذ أخرى فغسل يدَه اليمنى، ثم أخذ غُرفةً أخرى فغسل يدَه اليسرى، ثم قَبَضَ قَبْضةً من الماء فنَفَضَ يدَه، فمسح بها رأسَه وأُذنيه، ثم اغترف غُرفةً أخرى فرَشَّ على رجلِه اليمنى وفيها النعلُ، واليسرى مثل ذلك، ومسح بأسفل النَّعلَينِ، ثم قال: هكذا وضوءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا
(3)
على حديث زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرةً مرةً، وهو مُجمَل، وحديث هشام بن سعد هذا مفسَّر.
529 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أحمد بن سَيّار، حدثنا محمد بن كَثير، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرَة، عن أبيه: أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أشياء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَسبغِ الوضوءَ وخَلِّلِ
(1)
ما بين المعقوفين مكانه في النسخ الخطية بياض، واستدركناه من "المعجم الكبير" للطبراني (10759) حيث رواه عن بشر بن موسى بإسناده ومتنه.
(2)
حديث صحيح دون ذكر مسح النعلين، فقد تفرَّد به هشام بن سعد وهو ضعيف في التفرُّد.
وأخرجه من طريق هشام بن سعد أبو داود (137) من رواية محمد بن بشر عنه.
وخالفه سليمان بن بلال عند أحمد 4/ (2416) والبخاري (140)، ومحمد بن عجلان عند النسائي (106) وابن حبان (1078) و (1086)، وغيرهما فرووه عن زيد بن أسلم، ولم يذكروا فيه المسح بأسفل النعلين.
(3)
هو عند البخاري (157) دون مسلم.
الأصابعَ، وإذا استنشقتَ فبالِغْ، إلّا أن تكون صائمًا"
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وهو في جُمْلة ما قلنا: إنهما أَعرضا عن الصحابي الذي لا يروي عنه غيرُ الواحد
(2)
، وقد احتجَّا جميعًا ببعض، هذا النوع، فأما أبو هاشم إسماعيل بن كثير القارئ، فإنه من كبار المكيين، روى عنه هذا الحديث بعينه غيرُ الثَّوريِّ جماعةٌ منهم ابن جُرَيج وداود بن عبد الرحمن العطَّار ويحيى بن سُلَيم وغيرهم.
أما حديث ابن جريج:
530 -
فأخبرَناه أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرو البزّاز
(3)
ببغداد، حدثنا محمد بن الفَرَج، حدثنا حجَّاج بن محمد، عن ابن جُرَيج.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - حدثنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُريج، حدثني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرَة، عن أبيه - وكان وافدَ بني المُنتفِق -: أنه أتى عائشةَ هو وصاحبٌ له يَطلُبانِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فلم يَجِدَاه، فأطعَمَتهما عائشةُ تمرًا وعَصِيدًا، فلم يَلبَثا أن جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتقلَّعُ
(4)
يَتكفَّأُ صلى الله عليه وسلم، فقال:"هل أطعَمَكما أحدٌ؟ " فقلت: نعم يا
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 26/ (16380) و (16381)، والترمذي (38)، والنسائي (99) من طريق وكيع، وأحمد 26/ (16838)، والنسائي (3035) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد - وبعضهم يزيد فيه على بعضه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وانظر ما سيأتي برقم (660) و (7271).
(2)
انظر تعليقنا على هذه المسألة عند الحديث (97).
(3)
شيخ المصنف هذا هو المشهور بأبي بكر الشافعي صاحب "الغيلانيات"، والمعروف في نسبه في مصادر ترجمته مكان عمرو: عبدويه، انفرد المصنف بذكر عمرو في نسبه. وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 16/ 39.
(4)
في نسخنا الخطية: يتطلع، بالطاء، ولا معنى لها هنا، والمثبت من مصادر التخريج، وأراد =
رسول الله، ثم قلت: يا رسول الله، أخبِرنا عن الصلاة، قال:"أَسبغِ الوضوءَ، وخَلِّلِ الأصابع، وإذا استنشقتَ فبالِغْ إلّا أن تكون صائمًا"
(1)
.
وأما حديث داود بن عبد الرحمن العطَّار:
531 -
فأخبرَناه جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا محمد بن علي بن زيد
(2)
المكِّي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطَّار، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرَة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استنشقتَ فبالِغْ إلّا أن تكون صائمًا، ولا تَضرِبْ ظَعِينتَك كما تضربُ أَمَتَك"
(3)
.
وأما حديث يحيى بن سُلَيم:
532 -
فحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا يحيى بن سُلَيم، عن إسماعيل بن كَثير قال: سمعت عاصم بن لَقِيط بن صَبِرَة، يحدِّث عن أبيه قال: كنت وافدَ بني المُنتفِق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت:
= بقوله: "يتقلَّع" قوةَ مشيه صلى الله عليه وسلم، كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعًا قويًّا، وانظر حديث أنس الآتي برقم (7943) في وصف مشيته صلى الله عليه وسلم والكلام عليه.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 29/ (17846)، وأبو داود (143) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا 26/ (16384)، وأبو داود (144)، والنسائي (6665) من طرق عن ابن جريج، به - إلا أنه وقع فيه عند أحمد: عاصم بن لقيط عن أبيه أو جدّه، على الشك، ولم يذكر النسائي قصة الوضوء. وهو عند أحمد وأبي داود مطوَّل بنحو ما سيأتي عند المصنف برقم (2950) و (7271).
والعَصيدة: دقيق يُلَتُّ (أي: يُبَلُّ، وهو أخفّ من البَسِّ) بالسمن ويُطبَخ.
(2)
تحرَّف في (ب) إلى: برديه، وفي (ز) و (ص) إلى: بررىه، وفي (ع) إلى: ىرىرىه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (1438) عن الحسن بن أبي جعفر، عن إسماعيل بن كثير، به.
يا رسول الله، أخبِرني عن الوضوء، فقال:"أَسبغِ الوُضوءَ، وخلِّلْ بين الأصابع، وبالِغْ في الاستنشاق إلّا أن تكون صائمًا"
(1)
.
ولهذا الحديث شاهد عن ابن عباس:
533 -
أخبرَناه بكر بن محمد بن حَمْدان الصَّيرفي، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا خالد بن مَخلَد، حدثنا ابن أبي ذِئْب عن قارِظ بن عبد الرحمن
(2)
، عن أبي غَطَفان المُرِّي، عن ابن عباس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"استَنثِروا مرَّتين بالِغَتين أو ثلاثًا"
(3)
.
534 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني عبد الرزاق، أخبرنا إسرائيل، عن عامر بن شَقِيق، عن شقيق بن سَلَمة قال: رأيتُ عثمانَ توضَّأ فغَسَلَ وجهَه واستنشقَ ومَضمَضَ ثلاثًا، ومسح برأسه وأُذنيه ظاهرِهما وباطنِهما، وخلَّلَ لحيته ثلاثًا حين غَسَلَ وجهَه قبل أن يَغسِلَ
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سليم: وهو الطائفي.
وأخرجه أبو داود (142) و (2366)، وابن ماجه (407) و (448)، والترمذي (788)، والنسائي (116)، وابن حبان (1054) و (1087) و (4510) من طرق عن يحيى بن سليم، بهذا الإسناد - وهو عند بعضهم مطوَّل بنحو ما سيأتي عند المصنف برقم (7271).
(2)
هكذا وقع في الأصول التي بين أيدينا، وفي "إتحاف المهرة" 8/ 166: قارظ بن شيبة، وهو الصواب كما وقع في سائر مصادر التخريج، وليس في كتب الرجال من اسمه قارظ بن عبد الرحمن، فهو وهمٌ من المصنف أو من النساخ فيما بعد.
(3)
إسناده حسن من أجل خالد بن مخلد وقارظ بن شيبة.
وأخرجه أحمد 3/ (2011) و 5/ (2887) و (3296)، وأبو داود (141)، وابن ماجه (408)، والنسائي (97) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
والاستنثار: هو نَثْر ما في الأنف بالنَّفَس.
قدميه، ثم قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعل الذي رأيتموني فعلتُ
(1)
.
قد اتَّفق الشيخان
(2)
على إخراج طرقٍ لحديث عثمان في ذِكْر وضوئه، ولم يَذكُرا في رواياتهما تخليلَ اللحية ثلاثًا، وهذا إسناد صحيح قد احتجَّا بجميع رُوَاته غيرَ عامر بن شقيق، ولا أعلمُ في عامر بن شقيق طعنًا بوجه من الوجوه.
وله في تخليل اللحية شاهدٌ صحيح عن عمَّار بن ياسر وأنس بن مالك وعائشة.
أما حديث عمَّار:
535 -
فحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُميدي.
وأخبرني محمد بن الحسين المنصوري، حدثنا هارون بن يوسف، حدثنا ابن أبي عمر؛ قالا: حدثنا سفيان، عن عبد الكريم الجَزَري
(3)
، عن حسَّان بن بلال: أنه رأَى عمَّارَ بن ياسر يتوضَّأُ فخَلَّلَ لحيتَه، فقيل له: تخلِّلُ لحيتَك؟ فقال: وما يَمنعُني وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يخلِّلُ لحيتَه.
قال سفيان: وحدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن حسَّان بن بلال، عن عمَّار، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوَه
(4)
.
(1)
حسن لغيره، عامر بن شقيق مختلف فيه، وقد حسَّن له هذا الحديث الإمام البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير"(19) بعد أن أخرجه من طريق عبد الرزاق.
وأخرجه ابن ماجه (430)، والترمذي في "سننه"(31) من طريقين عن عبد الرزاق بهذا الإسناد - واقتصرا فيه على تخليل اللحية، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن حبان (1081) من طريق عبد الله بن نمير، عن إسرائيل، به.
ويشهد له حديث عائشة عند أحمد 43/ (25970)، وانظر تتمة شواهده هناك.
(2)
انظر عند البخاري رقم (159)، وعند مسلم رقم (226).
(3)
كذا وقع عند الحاكم، وهو خطأ، فإنَّ عبد الكريم هذا: هو ابن أبي المُخارِق أبو أمية البصري، هكذا وقع في "مسند الحميدي"(146) وغيره من مصادر التخريج، وابن أبي المخارق هذا ضعيف بخلاف الجزري، فإنه ثقة.
(4)
حسن لغيره، وإسناده الأول ضعيف من أجل عبد الكريم: وهو ابن أبي المخارق، ثم إنَّ =
وأما حديث أنس بن مالك:
536 -
فحدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن وهب بن أبي كَرِيمة، حدثنا محمد بن حرب، عن الزُّبيدي، عن الزُّهري، عن أنس بن مالك، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضَّأَ وخلَّلَ لحيتَه بأصابعه من تحتها، وقال:"بهذا أَمَرني ربي"
(1)
.
537 -
وحدثنا علي بن حَمْشَاذَ، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن وهب، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا إبراهيم بن محمد الفَزَاري، عن موسى بن أبي عائشة، عن أنس بن مالك قال: رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأَ وخلَّلَ لحيتَه وقال: "بهذا أمرَني ربي"
(2)
.
= عبد الكريم لم يسمع هذا الحديث من حسان بن بلال، قاله سفيان بن عيينة فيما نقله الترمذي بإثر تخريجه للحديث. وأما الإسناد الثاني فإن كان سلم من تدليس قتادة فهو قويٌّ. محمد بن الحسين المنصوري: هو محمد بن الحسن بن الحسين أبو الحسن النيسابوري النصراباذي.
وأخرجه ابن ماجه (429)، والترمذي (29 - 30) عن ابن أبي عمر العَدَني، عن سفيان بن عيينة، بإسناديه.
(1)
إسناده حسن إن شاء الله، وتابع محمدَ بنَ وهب فيه محمدُ بنُ عبد الله بن خالد الصفّار عند محمد بن يحيى الذهلي في "علل حديث الزهري" كما في "الوهم والإيهام" لابن القطان الفاسي 5/ 220، وكثيرُ بن عبيدٍ الحذّاء عند الطبراني في "مسند الشاميين"(1691)، وهما صدوقان، فروياه عن محمد بن حرب بهذا الإسناد.
وخالفهم يزيد بن عبد ربه - فيما خرَّجه الذهلي - فرواه عن محمد بن حرب عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس بن مالك، فذكره. ويزيد ثقة، قال الذهلي: حديثه هو المحفوظ عندنا، وحديث الصفّار واهٍ. قلنا: لكن الصفار لم ينفرد به، فقد تابعه عليه اثنان.
وأخرج نحوه أبو داود (145)، وابن ماجه (431) من طريقين عن أنس، وفي كليهما مقال، وإسناد ابن ماجه أشدُّ ضعفًا.
(2)
إسناده ضعيف لإعضاله، بين موسى بن أبي عائشة وأنس فيه رجلان، فقد رواه أبو حاتم الرازي - كما في "علل الحديث" لابنه (84) -عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن الحسن بن صالح، عن =
وأما حديث عائشة:
538 -
فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن داود بن سليمان، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا هلال بن فيَّاض، حدثنا عمر بن أبي وهب، عن موسى بن ثَرْوان، عن طلحة بن عُبيد الله بن كَرِيز، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأَ خلَّلَ
(1)
.
وهذا شاهد صحيح في مسح باطن الأُذنين:
539 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، حدثنا معاوية بن عمرو
(2)
، حدثنا زائدةُ، عن سفيان بن سعيد، عن حُمَيد الطَّويل، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأَ فَمَسَحَ باطنَ أُذنيه وظاهرَهما قال: وكان ابنُ مسعود يأمر بذلك
(3)
.
= موسى بن أبي عائشة عن رجل، عن يزيد بن أبان الرقاشي، عن أنس رفعه. ويزيد الرقاشي ضعيف، وقال أبو حاتم في حديث الفزاري عن ابن أبي عائشة: غير محفوظ. قلنا: والرجل المبهم في إسناده هو زيد بن أبي أنيسة، وقع مسمًّى عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 137 في ترجمة جعفر بن الحارث أبي الأشهب.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد قوي إن كان طلحة بن عبيد الله بن كريز سمعه من عائشة، فإنه من أقران الزهري، وطبقتهما تَصغُر عن الرواية عن عائشة، ولا تروي عن أحد من الصحابة إلّا من تأخرت وفياتهم، والله تعالى أعلم، وقد حسَّن الحافظ ابن حجر هذا الإسناد في "التلخيص الحبير" 1/ 86.
وأخرجه أحمد 43/ (25970) و (25971) من طريقين عن عمر بن أبي وهب، بهذا الإسناد. وفيه عنده: خلل لحيته بالماء.
(2)
في النسخ الخطية والمطبوع: محمد بن عمرو، وهو خطأ، والتصويب من "إتحاف المهرة" 1/ 603، وقد تكرر هذا الإسناد في عشرات المواضع عند المصنف على الصواب.
(3)
إسناده صحيح إلّا أنَّ المحفوظ فيه أنَّ هذا الفعل من فعل أنس بن مالك ثم عزاه إلى عبد الله بن مسعود، هكذا رواه حسين بن حفص عن سفيان بن سعيد الثوري عند البيهقي في "السنن" 1/ 64، وهكذا رواه غير واحدٍ من الثقات عن حميد.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 18 عن أبي خالد الأحمر، وأبو عبيد في "الطهور"(357) من طريق =
زائدةُ بن قُدَامة ثقة مأمون قد أسنَدَه عن الثَّوري وأَوقَفَه [غيرُه]
(1)
.
540 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان العامِري، حدثنا زيد بن الحُبَاب.
وأخبرني محمد بن الخليل الأصبهاني، حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي ....
(2)
، حدثنا زيد بن الحُباب، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت، حدثني عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأَ مرَّتين مرَّتين
(3)
.
= هشيم ومروان بن معاوية، والطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 34، والدارقطني في "سننه"(373) من طريق هشيم، والبيهقي 1/ 64 من طريق مروان بن معاوية، ثلاثتهم عن حميد، به موقوفًا. وهو المحفوظ كما قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(731).
وقد تابع زائدةَ بنَ قدامة على روايته التي عند المصنف، عبدُ الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عند البيهقي في "المعرفة"(731)، ووهَّم البيهقي فيه عبدَ الوهاب.
ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما قد جاء من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم، انظر ما سلف برقم (534) وما سيأتي برقم (547).
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس عند الترمذي (36)، وابن ماجه (439)، والنسائي (1078)، وابن حبان (1078).
وعن المقدام بن معدي كرب عند أحمد 28/ (17188)، وأبي داود (121) و (123)، وابن ماجه (442).
وعن البراء بن عازب عند أحمد 30/ (18537).
وعن عبد الله بن عمرو عند أبي داود (135).
(1)
لفظ "غيره" سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي"
(2)
هنا بياض في أصول "المستدرك" قدر سطر، فلعله أن يكون إسنادًا ثالثًا، إلّا أنَّ الحافظ ابن حجر لم يذكر في كتابه "إتحاف المهرة" 15/ 175 للحاكم إلّا إسنادي أبي العباس محمد بن يعقوب ومحمد بن الخليل الأصبهاني.
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وشاهده الحديث المرسَل المشهور عن معاوية بن قُرَّة عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرةً مرةً، ثم قال:"هذا وظيفةُ الوضوء"، ثم توضأ مرتين مرتين فقال:"هذا الوسَطُ من الوضوء الذي يُضاعِفُ الله الأجرَ لصاحبه مرتين" الحديث بطوله
(1)
.
541 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا أبو خليفة القاضي، حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرةً مرةً، وجَمَعَ بين المضمضة والاستنشاق
(2)
.
= وأخرجه أحمد 13/ (7877) و 14/ (8762)، وأبو داود (136)، والترمذي (43)، وابن حبان (1094) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري عند البخاري (158).
(1)
أخرجه ابن ماجه (419) من طريق عبد الرحيم بن زيد العمِّي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر. وإسناده ضعيف جدًّا، عدا عن انقطاعه بين معاوية بن قرة وابن عمر فيه عبد الرحيم بن زيد وهو متروك الحديث، وأبوه ضعيف. وانظر تتمة تخريجه عند ابن ماجه بتحقيقنا.
(2)
إسناده قوي. أبو خليفة: هو الفضل بن الحُباب.
وأخرجه ابن حبان (1076) عن الفضل بن الحباب أبي خليفة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (140) مطوَّلًا من طريق سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، به. ولفظه فيه: أخذ غرفةً من ماء فمضمض بها واستنشق. وهو من هذا الطريق عند أحمد 4/ (2416)، وانظر تمام تخريجه فيه.
وأخرجه بنحوه أحمد 3/ (2072)، والبخاري (157)، وأبو داود (138)، وابن ماجه (411)، والترمذي (42)، والنسائي (85)، وابن حبان (1095) من طريق سفيان الثوري، وأحمد 5/ (3113) من طريق معمر، كلاهما عن زيد بن أسلم به - دون قوله: وجمع بين المضمضة والاستنشاق.
هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يُخرجا الجمع بين المضمضة والاستنشاق
(1)
.
542 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عيسى بن السَّكَن، حدثنا القَعنَبي، حدثنا داود بن قيس الفَرَّاء، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسار، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بغَرْفةٍ غَرْفةٍ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
543 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا علي بن الحسين بن الجُنيد، حدثنا محمد بن إسحاق المسيَّبي
(3)
بالمدينة، حدثنا عبد الله بن نافع، عن داود بن قيس ومالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد، عن بلال قال: دخلتُ الأسوافَ
(4)
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب لحاجتِه، قال: فجاء فناولتُه ماءً فتوضأ، ثم ذهب ليُخرِجَ ذراعَيهِ من جَيْبه فلم يَقدِرْ فأخرجهما من تحت الجُبَّة، فتوضأ ومَسَحَ على خُفَّيه
(5)
.
(1)
هذه الفِقْرة سقطت من (ب) والمطبوع. وقول الحاكم هذا مردود بتخريج البخاري للجمع بينهما كما سبق.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 5/ (3073) عن عبد الرزاق، عن داود بن قيس، بهذا الإسناد.
(3)
في النسخ الخطية: المعمري، وهو سبق قلمٍ، فإنَّ محمد بن إسحاق هذا مخزومي من ولد المسيَّب بن عابد، وهو مشهور بنسبته إلى المسيّب.
(4)
تصحف في النسخ الخطية في هذا الموضع وما تلاه من المواضع إلى: الأسواق، بالقاف في آخره، ولا يعرف موضع في المدينة بالقاف، والذي ذكره البكري وياقوت وغيرهما: الأسواف، بالفاء: وهو موضع بالمدينة معروف كما قالوا وهو من حرم المدينة، وقال البيهقي في "سننه" 1/ 275: هو حائط بالمدينة؛ أي: بستان.
(5)
إسناده صحيح عبد الله بن نافع هو ابن أبي نافع الصائغ المدني، وداود بن قيس: هو الفرّاء.
وأخرجه ابن حبان (1323) عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى، عن محمد بن إسحاق المسيَّبي، عن عبد الله بن نافع وحده، بهذا الإسناد. =
هذا حديث صحيح من حديث مالك بن أنس، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
وفيه فائدة كبيرة وهي: أنهما لم يخرجا حديثَ صفوان بن عسَّال في مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخُفَّين في الحَضَر وذِكْر التوقيت فيه
(1)
، إنما اتفقا على أخبار علي بن أبي طالب والمغيرة بن شُعْبة في المَسح على الخُفَّين
(2)
.....
(3)
فإنَّ الأسواف مَحَلَّة مشهورة من محَالِّ المدينة.
والحديث مشهور بداود بن قيس الفرَّاء:
544 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا أبو نُعَيم، عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلَمَ، عن عطاء بن يَسَار، عن أسامة بن زيد قال: دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأسوافَ فذهب لحاجتِه ومعه بلال، ثم خَرَجا، فسألتُ بلالًا: ماذا صنع؟ قال: توضَّأَ فغَسَلَ وجهَه ويديه ومسح برأسِه ومسح على الخُفَّين
(4)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بداود بن قيس.
545 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسين بن علي؛ ثم حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عبيد الله بمصر، حدثنا عبد العزيز بن عِمران بن مِقْلاص وحَرمَلة بن يحيى قالا: أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني
= وأخرجه النسائي (126) من طريقين عن عبد الله بن نافع وحده، به.
وقد روي من غير وجه عن بلال بن رباح: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مسح على خُفَّيه، أخرجه مسلم (275) وغيره، وانظر لتخريج هذه الطرق "مسند أحمد" 39/ (23884).
(1)
انظر تخريج حديث صفوان في "مسند أحمد" 30/ (18091).
(2)
حديث علي عند مسلم (276) ولم يخرجه البخاري، وهو في "مسند أحمد" 2/ (748). وحديث المغيرة عند البخاري (182) و (203)، ومسلم (274)، وهو في "مسند أحمد" 30/ (18157).
(3)
هنا بياض في النسخ الخطية.
(4)
إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكَين. وانظر ما قبله.
عمرو بن الحارث، عن حَبَّان بن واسع، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأُ، فأخذ ماءً لأُذنيه خلافَ الماءِ الذي مسح به رأسَه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إذا سَلِمَ من ابن أبي عُبيد الله هذا، فقد احتجَّا جميعًا بجميع رواته.
(1)
محمد بن أحمد بن أبي عبيد الله لم نتبيَّن حاله، لكنه متابع في الذي يليه، ومن فوقه بعضهم ثقات وبعضهم لا بأس بهم.
وأخرجه البيهقي في "الخلافيات"(132) عن أبي عبد الله الحاكم - وآخر معه - بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم نفسه في كتابه "معرفة علوم الحديث" ص 97 - 98 عن أبي علي الحسين بن علي الحافظ، بهذا الإسناد دون ذكر ابن مقلاص. ثم قال: هذه سُنَّة غريبة تفرَّد بها أهل مصر ولم يَشرَكهم فيها أحد؛ يريد أخذ ماءٍ جديد لمسح الأذنين.
قلنا: وقد تابع ابنَ مقلاص وحرملةَ فيه الهيثمُ بنُ خارجة عند البيهقي في "السنن" 1/ 65 وصحَّح إسناده.
وقد وقع فيه خلاف على حرملة بن يحيى، فقد رواه عبد الله بن محمد بن سَلْم عند ابن حبان (1085) عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب، بهذا الإسناد، فذكر فيه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بماءٍ غير فضل يده، ولم يذكر الأذنين.
وتابع ابنَ سَلْم عن حرملة على هذا اللفظ أيضًا ابنُ قتيبة - وهو محمد بن الحسن بن قتيبة - في رواية ابن المقرئ عنه كما ذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 90 نقلًا عن ابن دقيق العيد في "الإمام".
ورواه جماعة عن ابن وهب بذكر المسح على الرأس دون ذكر الأذنين، منهم سريج بن النعمان عند أحمد 26/ (16467)، وهارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح عند مسلم (236)، وأحمد بن عمرو بن السرح أيضًا عند أبي داود (120)، وعلي بن خشرم عند الترمذي (35). قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (42): وهو المحفوظ، وقال البيهقي في "السنن": وهذا أصحُّ من الذي قبله؛ يعني الذي فيه ذكر الأُذنين. واعتبرهما الإمام ابن الملقِّن في كتابه "البدر المنير" 2/ 214 حديثين متغايرين لا يقدح أحدُهما في صحة الآخر.
ثم ساق البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ يأخذ ماءً بإصبعيه لأذنيه.
وقد حدَّثَناه أبو الوليد عن أبي علي.
وشاهده:
546 -
ما حدَّثَناه أبو الوليد الفقيه غيرَ مرَّة، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حَرمَلة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن حَبَّان بن واسع، أنَّ أباه حدثه، أنه سمع عبدَ الله بن زيد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أُذنيه [بماءٍ]
(1)
غيرِ الماء الذي مسح به رأسَه.
وهذا يصرِّح بمعنى الأول، وهو صحيحٌ مثله.
547 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، حدثنا عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مسح أُذنيه باطنَهما وظاهرَهما
(2)
.
ولم يحتجَّا بابن عَقيلٍ، وهو مستقيم الحديث مُقدَّم في الشَّرَف.
548 -
حدثنا أبو العباس، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا وهب بن جَرِير وأبو داود.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب وحفص بن عمر وحجَّاج بن مِنْهال ومسلم بن إبراهيم، قالوا: حدثنا شُعْبة، عن عَمرو بن مُرَّة، عن عبد الله بن سَلِمة قال: دخلنا على عليٍّ أنا ورجلان:
(1)
ما بين المعقوفين استدركناه من "السنن الصغير" للبيهقي (96) حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل.
وأخرجه أبو داود (126) عن مسدَّد، بهذا الإسناد - بأطول مما هنا.
وأخرجه الترمذي (33) عن قتيبة بن سعيد، عن بشر بن المفضل، به. وقال: حديث حسن.
وأخرجه أحمد 44/ (27022)، وابن ماجه (440) من طريقين عن ابن عقيل، به.
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، انظر حديث أنس السالف برقم (539).
رجلٌ منا ورجلٌ من بني أَسد، قال: فبعثهما لحاجته وقال: إنكما عِلْجانِ فعالِجَا عن دِينِكما، قال: ثم دخل المَخرَجَ ثم خرج، فدعا بماءٍ فغسل يديه، ثم جعل يقرأُ القرآنَ، فكأنَّا أَنكَرْنا، فقال: كأنكما أنكَرتُما! كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي الحاجةَ ويقرأُ القرآنَ، ويأكلُ اللَّحمَ، ولم يكن يَحجُبُه عن قراءَتِه شيءٌ ليس الجنابةَ
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، والشيخان لم يحتجَّا بعبد الله بن سَلِمة، ومدار الحديث عليه، وعبد الله بن سَلِمة غيرُ مطعونٍ فيه.
549 -
أخبرنا جعفر بن محمد بن نُصَير وأبو عَوْن محمد بن أحمد بن ماهان الجزَّار بمكة في آخرِين، قالوا: حدثنا علي بن عبد العزيز.
وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي؛ قالا: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شُعْبة، عن عاصم الأحوَل، عن أبي
(1)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن سلمة، وهو مختلف فيه إلّا أنه في المتابعات والشواهد يُحسَّن له. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي.
وأخرجه أبو داود (229) عن حفص بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/ (627) و (639) و (840) و (1011)، وابن ماجه (594)، والنسائي (257)، وابن حبان (799) و (800) من طرق عن شعبة، به - وقرن ابن حبان بشعبة مِسعرًا، والحديث عند بعض هؤلاء مختصر ليس فيه قصة علي مع الرجلين.
وأخرجه مختصرًا أيضًا أحمد 2/ (1123)، والترمذي (146)، والنسائي (258) من طريق الأعمش وابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة، به. وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وسيأتي برقم (7260).
وأخرج أحمد (872) من طريق عامر بن السِّمط، عن أبي الغَريف، عن علي: أنه توضأ ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، توضأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجُنُب، فأما الجنب فلا ولا آيةً. وإسناده حسن.
قوله: "عِلجان" قال ابن الأثير: العِلج: الرجل القوي الضخم، وعالِجا، أي: مارِسا العملَ الذي ندبتكما إليه واعملا به.
وقوله: "ليس الجنابة" أي: غير الجنابة.
المتوكِّل، عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أَتى أحدُكم أهلَه ثم أراد أن يَعُودَ فليتوضَّأْ، فإنه أنشَطُ للعَوْدِ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما خرَّجاه إلى قوله:"فليتوضأ" فقط، ولم يذكرا فيه "فإنه أنشَطُ للعَوْد"، وهذه لفظة تفرَّد بها شعبةُ عن عاصم، والتفرُّد من مثله مقبولٌ عندهما.
550 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتَّاب [ببغداد، حدثنا]
(2)
أبو الأحوَص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا سعيد بن كثير بن عُفَير ويحيى بن عبد الله بن بُكَير قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألتُ عائشةَ قلت: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصنَعُ في الجنابة، أكان يغتسلُ قبلَ أن ينام، أو ينامُ قبل أن يغتسلَ؟ قالت: كلَّ ذلك قد كان يفعل، ربَّما اغتسل فنام، وربَّما توضأَ فنام، قلت: الحمد لله الذي جَعَلَ في الأمر سَعَةً
(3)
.
(1)
إسناده صحيح أبو المتوكل: هو علي بن داود - أو دُوَاد - الناجي.
وأخرجه ابن حبان (1211) من طريق جعفر بن هاشم العسكري، عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 17/ (11161) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به - ولم يذكر فيه "فإنه أنشط للعَود".
وأخرجه كذلك دون هذا الحرف: أحمد 17/ (11227)، ومسلم (308)، وأبو داود (220)، وابن ماجه (587)، والترمذي (141)، والنسائي (254) و (8989) و (8990)، وابن حبان (1210) من طرق عن عاصم بن سليمان الأحول، به.
(2)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 200 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 40/ (24453)، ومسلم (307)(26)، وأبو داود (1437)، والترمذي (2924) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 42/ (25160)، ومسلم (307)، والنسائي في "المجتبى"(404) من طريقين =
رواه مسلم في "الصحيح" عن قتيبة، ولم يذكر شواهدَه بألفاظها.
وقد تابعه غُضَيف بن الحارث عن عائشة:
551 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وحدثنا أبو بكر بن أبي نصر الدارَبردي، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو نُعيم وأبو حُذيفة قالا: حدثنا سفيان، عن بُرْد بن سِنان، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن غُضَيف بن الحارث قال: سألتُ عائشة عن غُسْل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فقالت: ربَّما اغتسلَ قبل أن ينامَ، وربَّما نام قبلَ أن يغتسل
(1)
.
تابعه كَهمَسُ بن الحسن عن بُرْد:
552 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن حمَّاد، حدثنا كَهمَس، عن أبي العلاء، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن غُضَيف بن الحارث قال: قلت لعائشة: أكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابه الجنابةُ اغتسل من أوله أو من آخره؟ قالت: ربما اغتسل من أولِه، وربما اغتسلَ من آخرِه، قلت: الله أكبرُ، الحمد لله الذي جَعَل في الأمر سَعَةً
(2)
.
وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
= عن معاوية بن صالح، به.
(1)
إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكَين، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 41/ (25070)، والنسائي في "الكبرى"(222) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 40/ (24202)، وأبو داود (226)، والنسائي (221)، وابن حبان (2447) من طرق عن برد بن سنان، به.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن حماد: وهو الشُّعيثي. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكَشِّي، وأبو العلاء: هو برد بن سنان. وانظر ما قبله.
553 -
وأخبرنا عبد الله بن موسى، أخبرنا علي بن الحسين بن الجُنَيد، حدثنا المُعافى بن سليمان، حدثنا زُهَير.
وحدثنا أبو محمد المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين قبل صلاة الغَدَاة، ولا أَراه يُحدثُ وُضوءًا بعد الغُسْل
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد على شرط مسلم ملخَّص مفسَّر، ولم يشكَّ فيه الراوي:
554 -
حدَّثناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأتُ على شَرِيك.
وحدثنا علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا شَرِيك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضَّأُ بعد الغُسْل
(2)
.
وله شاهد صحيح عن ابن عمر:
(1)
إسناده صحيح. محمد بن عبد الله الحضرمي: هو الحافظ المشهور بمطيَّن، وزهير: هو ابن معاوية، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، والأسود: هو ابن يزيد النَّخَعي.
وأخرجه أحمد 41/ (24878) و 42/ (25202)، وأبو داود (250) من طرق عن زهير، بهذا الإسناد. ولفظه عندهم: كان يغتسل ويصلي الركعتين وصلاةَ الغداة
…
إلخ، وانظر ما بعده.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - متكلَّم في حفظه وهو حسن الحديث إلّا إذا خالف أو أتى بما ينكر، وقد توبع.
وأخرجه أحمد 40/ (24389) و 42/ (25595) و 43/ (26213)، وابن ماجه (579)، والترمذي (107)، والنسائي (245) من طرق عن شريك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 43/ (26157)، والنسائي (245) من طريق حسن بن صالح بن حي، عن أبي إسحاق، به. وانظر ما قبله.
555 -
حدثني عمر بن جعفر البصري، حدثنا محمد بن الحسين بن مُكرَم حدثنا محمد بن عبد الله بن بَزِيع، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا عُبيد الله
(1)
بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الوضوء بعد الغسل، فقال:"وأيُّ وضوءٍ أفضلُ من الغُسْل"
(2)
.
قال الحاكم: محمد بن عبد الله بن بَزِيع ثقة، وقد أَوقَفَه غيرُه.
556 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأتُ على شَرِيك.
وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو الرَّبيع، حدثنا إسماعيل بن زكريا؛ قالا: حدثنا حُرَيث بن أبي مَطَر، عن الشَّعْبي، عن مسروق، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَستَدفئُ بها بعد الغُسْل
(3)
.
(1)
تحرَّف في (ب) إلى: عبد الله، مكبَّرًا.
(2)
صحيح موقوفًا على ابن عمر كما سيأتي، وهو الذي صوَّبه الذهبي في "تلخيصه"، وهذا الإسناد رجاله ثقات عن شيخ المصنف فقد قال فيه الذهبي في "ميزان الاعتدال": كان صدوقًا إن شاء الله. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى الساميّ.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13377) من طريقين عن محمد بن عبد الله بن بزيع، بهذا الإسناد.
وخالف ابنَ بزيع عبدُ الرزاق فرواه في "مصنفه"(1040) عن عبد الله بن عمر - هكذا وقع في المطبوع من "المصنف" مكبَّرًا - عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا عليه.
وكذلك رواه موقوفًا ابن جريج عن نافع عند عبد الرزاق أيضًا (1039).
وكذلك رواه سالم بن عبد الله بن عمر عند عبد الرزاق (1038)، والبيهقي 1/ 178، وغنيم بن قيس عند ابن أبي شيبة 1/ 68، كلاهما عن ابن عمر قولَه. وإسنادهما صحيح.
(3)
إسناده ضعيف لضعف حريث بن أبي مطر. شريك: هو ابن عبد الله النخعي، وأبو الربيع: هو سليمان بن داود العَتَكي الزَّهْراني.
وأخرجه ابن ماجه (580) عن ابن أبي شيبة، عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (123) من طريق وكيع، عن حريث، به. وقال: هذا حديث ليس بإسناده بأس.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وشواهده عن سعيد بن المسيّب وعُرْوة
(1)
عن عائشة، والطريق إليهما فاسد.
557 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني زيد بن الحُبَاب، عن أبي معاذ، عن الزُّهْري، عن عروة، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان له خِرْقةُ يُنشِّف بها بعد الوضوء
(2)
.
أبو معاذ هذا هو الفُضَيل
(3)
بن مَيسَرة بصري، روى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه، وهو حديث قد رُوِيَ عن أنس بن مالك وغيره، ولم يُخرجاه.
558 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكَّار بن قُتيبة القاضي بمصر، حدثنا صفوان بن عيسى، حدثنا الحسن بن ذَكْوان عن مروان الأصفر قال: رأيتُ ابنَ عمر أناخَ راحلتَه مُستقبِلَ القِبْلةِ، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نُهِيَ عن هذا، قال: إنما نُهِيَ عن ذلك في الفَضَاء، فإذا كان بينك وبين القِبْلة شيءٌ يَستُرُك، فلا بأسَ
(4)
.
(1)
في النسخ الخطية: وعبدة، وليس في هذه الطبقة من اسمه عبدة يروي عن عائشة، ولعلَّ الصواب ما أثبتنا. ولم نقف على هذين الطريقين فيما بين أيدينا من المصادر.
(2)
إسناده ضعيف. أبو معاذ: هو سليمان بن أرقم، هكذا سماه الترمذي والدارقطني في "سننه"(388) وكذا البيهقي 1/ 185، وهو ضعيف، وليس هو الفضل بن ميسرة كم ذهب إليه المصنف.
وأخرجه الترمذي (53) عن سفيان بن وكيع، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وضعَّفه بأبي معاذ.
وأحسن شيء في الباب حديث سلمان الفارسي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فقلب جُبَّةَ صوف كانت عليه، فمسح بها وجهه. أخرجه ابن ماجه (468) من طريق محفوظ بن عقلمة عن سلمان، وإسناده حسن إن سلم من الانقطاع بينهما.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الفضل.
(4)
قوله: "شيء يسترك فلا بأس" مكانه بياض في (ز) و (ب) و (ع)، ولم نتبينه في (ص) لطمس وقع فيها مكان هذا الحديث، وأثبتناه من "تلخيص الذهبي" ومن "سنن البيهقي" 1/ 92 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه. =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتجَّ بالحسن بن ذَكْوان
(1)
، ولم يُخرجاه.
وله شاهد عن جابر صحيح علي شرط مسلم:
559 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني أَبَانُ بن صالح، عن مجاهد، عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا أن نَستدبِرَ القِبلةَ أو نستقبلَها بفُروجِنا إذا أهرَقْنا الماءَ، ثم رأيناه قبلَ موته وهو يبولُ مستقبِلَ القِبْلةِ
(2)
.
560 -
حدثنا أبو حفص عمر بن محمد الفقيه ببُخارَى، حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، حدثنا أبو كامل، حدثنا يوسف بن خالد، عن الضَّحَاك بن عثمان، عن عِكْرمة عن ابن عباس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثمنُ الكلب خبيثٌ، وهو أخبثُ منه"
(3)
.
= والحديث إسناده ضعيف لضعف الحسن بن ذكوان، فقد اختُلف فيه، والراجح أنه ضعيف عند التفرد يعتبر به في المتابعات والشواهد.
وأخرجه أبو داود (11) عن محمد بن يحيى الذهلي، عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد.
(1)
قد أخرج له البخاري حديثًا واحدًا في الرِّقاق برقم (6566)، لكن له شواهد كثيرة.
(2)
إسناده حسن.
وأخرجه أحمد 23/ (14872)، وابن حبان (1420) من طريق يعقوب بن إبراهيم بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (13)، وابن ماجه (325)، والترمذي (9) من طريق جرير بن حازم، عن ابن إسحاق، به.
(3)
إسناده تالف، يوسف بن خالد - وهو السَّمْتي - واهٍ واتهمه بعضهم بالكذب. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجَحدري.
وأخرجه البيهقي 1/ 19 عن محمد بن عبد الله أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (178) من طريق محمد بن أبي عتاب، عن أبي كامل، به.
ويغني عنه ما أخرجه أحمد 4/ (2512) بإسناد صحيح عن قيس بن حبتر عن ابن عباس مثله =
هذا حديث رُوَاته كلُّهم ثقات، فإن سَلِمَ من يوسف بن خالد السَّمْتي فإنه صحيح على شرط البخاري! وقد خرَّجتُه لشدَّة الحاجة إليه، وقد استعمل مثلَه الشيخان في غير موضع يَطُول بشرحه الكتاب.
561 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البيروتي، حدثنا محمد بن شعيب بن شابُور، حدثني عُتْبة بن أبي حَكِيم، عن طَلْحة بن نافع، أنه حدثه قال: حدثني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك الأنصاريون، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر الأنصار، إِنَّ الله قد أَثنى عليكم خيرًا في الطُّهور، فما طُهورُكم هذا؟ " قالوا: يا رسول الله، نتوضَّأُ للصلاة، والغُسْلُ من الجنابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل مع ذلك غيرُه؟ " قالوا: لا، غيرَ أنَّ أحدنا إذا خرج من الغائط أحبَّ أن يستنجيَ بالماء، قال:"هو ذاكَ"
(1)
.
هذا حديث كبير صحيح في كتاب الطهارة، فإنَّ محمد بن شعيب بن شابور وعُتْبة بن أبي حَكيم من أئمة أهل الشام، والشيخان .....
(2)
إنما أخذا مُخَّ الروايات، ومثل هذا الحديث لا يُترَك له. قال إبراهيم بن يعقوب: محمد بن شعيب أعرف الناس بحديث الشاميين.
وله شاهد بإسناد صحيح:
562 -
أخبرَناه أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق
= مرفوعًا دون قوله: "وهو أخبث منه".
(1)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل عتبة بن أبي حكيم، وبقية رجاله لا بأس بهم.
وأخرجه ابن ماجه (355) من طريق صدقة بن خالد، عن عتبة بن أبي حكيم، به. وسيأتي من هذا الطريق برقم (3326)، وانظر (685).
وفي الباب عن ابن عباس، وسيأتي حديثه برقم (684)
(2)
هنا بياض في النسخ الخطية.
القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثنا أَبي، عن شُرَحبيل بن سعد، عن عُوَيْم بن ساعدة الأنصاري ثم العَجْلاني: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل قُباءٍ: إنَّ الله قد أحسَنَ الثَّناءَ عليكم في الطُّهور، وقال:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} " حتى انقضت الآية، فقال لهم: "ما هذا الطُّهورُ؟ " [فقالوا: ما نعلمُ شيئًا إلّا أنه كان لنا جيرانٌ من اليهود، وكانوا يَغسِلون أدبارَهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا]
(1)
.
563 -
......
(2)
أبي، عن ابن إسحاق، حدثنا محمد بن يحيى بن حَبّان الأنصاري ثم المازني، مازن بني النَّجّار، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر؛ قال: قلت له: أرأيتَ وضوءَ عبد الله بن عمر لكل صلاة طاهرًا كان أو غيرَ طاهر، عمَّن هو؟ قال: حدَّثَته أسماءُ بنت زيد بن الخطَّاب، أنَّ عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الغَسِيل حدثها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أُمِرَ بالوضوء عند كل صلاة طاهرًا كان أو غيرَ طاهر، فلما شَقَّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بالسِّواك عند كل صلاة ووُضِعَ عنهم الوضوءُ إلّا من حَدَثٍ، وكان عبد الله يرى أنَّ به قوةً على ذلك، ففَعَلَه حتى مات
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا على حديث علقمة
(1)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في الأصول، واستدركناه من "صحيح ابن خزيمة"(83) حيث رواه من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وهو كذلك في غيره من المصادر.
والحديث إسناده ضعيف بمَرّة، إسماعيل وأبوه وشرحبيل بن سعد فيهم مقال، وأضعفهم شرحبيل، وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب": في سماعه من عويم بن ساعدة نظر.
وأخرجه أحمد 24/ (15485) عن حسين بن محمد، عن أبي أويس، بهذا الإسناد.
وانظر حديث ابن عباس الآتي برقم (684).
(2)
هنا بياض في الأصول، وهذا الحديث من رواية يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن ابن إسحاق.
(3)
إسناده حسن.
وأخرجه أحمد 36/ (21960) عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (48) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن محمد بن إسحاق، به - إلّا أنه قال فيه: عبد الله بن عبد الله بن عمر، هكذا سمّاه مكبَّرًا، وهو أخو عبيد الله، وكلاهما ثقة.
ابن مَرثَد عن سليمان بن بُريدة عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأُ لكلِّ صلاةٍ، فلما كان عامُ الفتح صلى الصلواتِ كلَّها بوضوءٍ واحد
(1)
.
564 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني صَدَقةُ بن يَسَار، عن ابن جابر- وهو عَقِيل بن جابر، سماه سَلَمة الأبرش - عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذاتِ الرِّقاع من نَخْلٍ، فأصاب رجلٌ من المسلمين امرأةَ رجلٍ من المشركين، فلما انصَرَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قافلًا أَتى زوجُها وكان غائبًا، فلما أُخبِرَ الخبَرَ حَلَفَ لا ينتهي حتى يُهرِيقَ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دمًا، فخرج يَتبَعُ أثرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنَزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منزلًا فقال:"مَن رجلٌ يَكلَؤُنا ليلتَنا هذه؟ " فَانتَدَبَ رجلٌ من المهاجرين ورجلٌ من الأنصار فقالا: نحن يا رسول الله، قال:"فكُونا بفَمِ الشَّعْب" قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه قد نزلوا إلى الشِّعب من الوادي.
فلما أن خرج الرجلان إلى فَمِ الشِّعب، قال الأنصاري للمهاجري: أيُّ الليل أحبُّ إليك أن أكفيَكَه، أوّلَه أو آخره؟ قال: بل اكفِني أولَه، قال: فاضطجع المهاجريُّ فنام، وقام الأنصاريُّ يصلي، قال: وأتى زوجُ المرأة، فلما رأى شخصَ الرجل عرف أنه رَبيئةُ القوم، قال: فرماه بسهم فَوَضَعَه فيه، فنَزَعَه فوضعه وثَبَتَ قائمًا يصلِّي، ثم رماه بسهم آخر فوَضَعه فيه، قال: فنزعه فوضعه وثَبَتَ قائمًا يصلي، ثم عاد له الثالثةَ فوضعه فيه فنَزَعَه فوضعه، ثم ركع، ثم أَهَبَّ صاحبَه فقال: اجلس فقد أُثبِتُّ، فَوَثَبَ، فلما رآهما الرجلُ عرف أنه قد نُذِرَ به فهرب، فلما رأى المهاجريُّ ما بالأنصاريِّ من الدماء قال: سبحان الله، أفلا أَهْبَبْتَني أولَ ما رماك، قال: كنت في سورة أقرؤُها فلم أحبَّ أن أقطعَها حتى أُنْفِذَها، فلما تابَعَ عليَّ الرَّمْيَ ركعتُ فآذنتُك، وايْمُ اللهِ، لولا أن أُضيِّعَ ثَغْرًا أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحِفْظه، لقطعَ نفسي قبل أن أقطَعَها أو أُنفِذَها
(2)
.
(1)
حديث بريدة هذا أخرجه مسلم وحده برقم (277).
(2)
إسناده حسن إن شاء الله، عقيل بن جابر - وإن لم يرو عنه غير صدقة بن يسار - تابعي كبير =
هذا حديث صحيح الإسناد، فقد احتجَّ مسلم بأحاديث محمد بن إسحاق، فأمَّا عَقِيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري فإنه أحسنُ حالًا من أخويه محمدٍ وعبدِ الرحمن، وهذه سُنَّة ضيِّقة، قد اعتمد أئمتُنا هذا الحديثَ: أنَّ خروج الدم من غير مَخرَج الحَدَث لا يوجب الوضوء.
565 -
أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق، أخبرنا وهب بن جَرِير، حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: أخبرني صَدَقةُ بن يَسَار، عن عَقِيل بن جابر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
566 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الورَّاق - لقبُه حمدان - حدثنا أبو يحيى عبد الصمد بن حسّان المرُّوذي، حدثنا سفيان بن سعيد، عن عِكْرمة بن عمّار.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه - واللفظ له - أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمّار، حدثنا قاسم بن يزيد الجَرْمي، حدثنا سفيان، عن عِكْرمة بن عمّار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عِيَاض، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتغوِّطَينِ أن يتحدَّثا: "فإنَّ الله يَمقُتُ على ذلك"
(1)
.
= ابنُ صحابي، وهو لم يُجرَح ووثقه ابن حبان.
وأخرجه أحمد 23/ (14704)، وأبو داود (198)، وابن حبان (1096) من طريق عبد الله بن المبارك، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
ربيئة القوم: طليعتهم.
أُثبِتُّ: جُرِحتُ جروحًا أوهنتني.
نُذِرَ به: أي: عُلِم بمكانه.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه وجهالة عياض - وهو ابن هلال - كما هو مبيَّن في "مسند أحمد" 17/ (11310).
وأخرجه النسائي (36) عن أحمد بن حرب، عن قاسم بن يزيد الجرمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (342/ 2) من طريق علي بن أبي بكر، عن سفيان الثوري، به. =
567 -
حدَّثناه علي بن حَمْشاذَ، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا علي بن حَرْب، حدثنا القاسم بن يزيد الجَرْمي وزيد بن أبي الزَّرقاء، عن سفيان، عن عكرمة بن عمَّار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عِيَاض، عن أبي سعيد الخُدْري قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المتغوِّطَينِ أن يتحدَّثا وقال: "إنَّ الله يَمقُتُ على ذلك".
هذا عياض بن هلال الأنصاري، شيخٌ من التابعين مشهور من أهل المدينة وقع إلى اليمامة!
وبصحَّة ما ذكرتُه:
568 -
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الحَفِيد، حدثنا الحسين بن الفضل البَجَلي، حدثنا سَلْم بن إبراهيم الورَّاق، حدثنا عِكْرمة بن عمَّار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عِيَاض بن هلال قال: حدثني أبو سعيد الخُدْري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يخرجِ الرجلان يَضرِبانِ الغائطَ كاشفَين عن عورتهما، فإنَّ الله يَمقُتُ على ذلك"
(1)
.
هذا حديث صحيح من حديث يحيى بن أبي كثير عن عِيَاض بن هلال الأنصاري، وإنما أهملاه لخلاف بين أصحاب يحيى بن أبي كثير فيه، فقال بعضهم: هلال بن عياض، وقد حَكَمَ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل في "التاريخ" أنه عياض بن هلال الأنصاري، سمع أبا سعيد، سمع منه يحيى بن أبي كثير. قاله هشام ومَعمَر وعليُّ بن المبارَك وحرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير.
569 -
وسمعت عليَّ بن حَمْشاذ يقول: سمعت موسى بن هارون يقول: رواه الأوزاعي مرتين فقال مرة: عن يحيى عن هلال بن عياض.
= وأخرجه أحمد 17/ (11310)، وأبو داود (15)، والنسائي (37) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وابن ماجه (342) من طريق عبد الله بن رجاء، كلاهما عن عكرمة بن عمار، به.
(1)
حسن لغيره، وإسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن ماجه (342/ 1) عن محمد بن يحيى، عن سلم بن إبراهيم الوراق، بهذا الإسناد.
وقد حدَّثَناه
(1)
محمد بن الصَّبّاح، حدثنا الوليد عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وقد كان عبد الرحمن بن مَهدِيّ يحدِّث به عياض بن هلال ثم شكَّ فيه فقال: أو هلال بن عياض، رواه عن عبد الرحمن بن مهدي عليُّ بن المَدِيني وعُبيدُ الله بن عمر القواريري ومحمد بن المثنَّى، فاتفقوا على عياض بن هلال، وهو الصواب.
قال الحاكم: وقد حَكَمَ به إمامان من أئمَّتنا مثل البخاري وموسى بن هارون بالصحة لقول من أقام هذا الإسنادَ عن عياض بن هلال الأنصاري، وذكر البخاريُّ فيه شواهد فصحَّ به الحديث، وقد خرَّج مسلم معنى هذا الحديث عن أبي كُريب وأبي بكر بن أبي شَيْبة عن زيد بن الحُبَاب عن الضَّحّاك بن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَنظُرُ الرجلُ إلى عورة الرجل، ولا تَنظُرُ المرأةُ إلى عورة المرأة" الحديث
(2)
.
570 -
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا رَوْح بن عُبادة، حدثنا أبو عامر الخزَّاز، عن عطاء، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا استَجمَر أحدُكم فليُوتِرْ، فإنَّ الله وترٌ يحبُّ الوترَ، أمَا تَرى السماوات سبعًا، والأَرَضِينَ سبعًا والطوافَ" وذكر أشياءَ
(3)
.
(1)
القائل: وقد حدثناه، هو موسى بن هارون الحافظ. وهذا المرسل أخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 100 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. والوليد فيه: هو ابن مسلم.
(2)
أخرجه مسلم في "صحيحه" برقم (338). وهذا يشهد للنهي عن كشف العورات.
ويشهد للنهي عن التحدث أثناء قضاء الحاجة، حديثُ ابن عمر عند مسلم أيضًا (370): أنَّ رجلًا مرَّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلَّم، فلم يردَّ عليه. وهذا في ردّ السلام مع كونه واجبًا، فكيف في غيره.
(3)
أبو عامر الخزاز - وهو صالح بن رستم - مختلف فيه، وهو في الجملة حسن الحديث إلّا إذا خالف أو أتى بما ينكر، وقد تفرَّد في حديث أبي هريرة بهذا اللفظ.
أما الذهبي في "تلخيص المستدرك" فقد قال: منكر، والحارث ليس بعمدة. قلنا: لم ينفرد به الحارث بن أبي أسامة، فقد تابعه عليه محمدُ بن معمر عند ابن حبان في "صحيحه"(1437) =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ، إنما اتَّفقا على "من استجمر فليُوتر" فقط
(1)
.
571 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، أخبرنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بُرْدة، عن أبيه قال: دخلتُ على عائشة فسمعتُها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجَ من الغائط قال: "غُفْرانَك"
(2)
.
572 -
حدَّثَناه أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر، حدثنا معاوية بن عمرو [حدثنا يحيى بن أبي بُكَير]
(3)
حدثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بُرْدة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الغائط قال: "غُفرانَك".
هذا حديث صحيح، فإنَّ يوسف بن أبي بُرْدة من ثقاتِ آل أبي موسى، ولم نَجِدْ أحدًا يَطعُن فيه، وقد ذكر سماعَ أبيه من عائشة.
= عن روح بن عبادة بهذا الإسناد. وانظر تتمة تخريجه فيه.
وفي الباب عن جابر عند مسلم (1300) مرفوعًا: "الاستجمار توٌّ، ورمي الجمار توّ، والسعي بين الصفا والمروة توّ، والطواف توّ، وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتوٍّ". والتوُّ: الوِتر.
(1)
أخرجه البخاري (161) ومسلم (237) من طريق أبي إدريس الخولاني، والبخاري (162) من طريق الأعرج، كلاهما عن أبي هريرة.
(2)
إسناده حسن من أجل يوسف بن أبي بردة.
وأخرجه أحمد 42/ (25220)، وأبو داود (30)، وابن ماجه (300)، والترمذي (7)، والنسائي (9724)، وابن حبان (1444) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
(3)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في الأصول، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 97 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وهو من طريق يحيى بن أبي بكير عند ابن ماجه (300)، والنسائي (9724)، وابن حبان (1444).
573 -
حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا قَبِيصة، حدثنا سفيان.
وأخبرنا الحسن بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سفيان، عن سِمَاك بن حَرْب، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أنَّ امرأةً من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من جَنَابةٍ، فتوضَّأَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو اغتسل من فَضْلِها
(1)
.
تابعه شعبةُ عن سماك:
(1)
إسناده حسن، سماك بن حرب صدوق حسن الحديث لكن في بعض رواياته عن عكرمة خاصة اضطراب، فيُجتنَب ما بان فيه اضطرابُه، وحديثه هذا قد روي معناه من غير هذا الوجه كما سيأتي. أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وقبيصة: هو ابن عقبة، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 4/ (2102)، والنسائي في "المجتبى"(325)، وابن حبان (1242) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد - وزادوا في آخره: فذكرت ذلك له فقال: "إنَّ الماء لا ينجّسه شيء".
وأخرجه أحمد 4/ (2101) و (2566) و 5/ (28051)، وابن ماجه (371) من طرق عن سفيان الثوري، به - وبعضهم لم يذكر الزيادة المشار إليها.
وأخرجه أحمد 5/ (3120)، وأبو داود (68)، وابن ماجه (370)، والترمذي (65)، وابن حبان (1248) و (1261) و (1269) من طريقين عن سماك، به - بذكر الزيادة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرج معناه مسلم (323) من طريق أبي الشعثاء، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة. وهو عند البخاري بلفظ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد. وانظر "مسند أحمد" 5/ (3465).
ويشهد له حديث عائشة عند البخاري (250) ومسلم (321).
ويشهد لقوله: "إنَّ الماء لا ينجّسه شيء" حديثُ أبي سعيد الخدري في بئر بُضاعة عند أحمد 17/ (11119) وغيره، وهو حديث صحيح بطرقه.
قوله: "من فضلها" أي: مما بقي من الماء بعد غُسلها ووضعها يديها فيه.
574 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي.
وحدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن يحيى القُطَعي
(1)
.
وحدثنا أبو علي، حدثنا علي بن العباس بن الوليد البَجَلي، حدثنا أحمد بن المِقْدام؛ قالوا حدثنا محمد بن بكر، حدثنا شعبة، عن سِمَاك بن حرب، عن عِكرمة، عن ابن عباس قال: أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يتوضَّأَ من إناء، فقالت امرأة من نسائه: يا رسول الله، إني قد توضَّأتُ من هذا، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"الماءُ لا يُنجِّسُه شيءٌ"
(2)
.
قد احتجَّ البخاريُّ بأحاديث عكرمة، واحتجَّ مسلم بأحاديث سِمَاك بن حرب، وهذا حديث صحيح في الطهارة، ولم يُخرجاه، ولا يُحفَظُ له عِلَّة.
575 -
حدثنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجُرْجاني، أخبرنا محمد بن الحسن العَسقَلاني، حدثنا حَرمَلة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عُتْبة - وهو ابن أبي حَكِيم - عن نافع بن جُبير، عن عبد الله بن عباس: أنه قيل لعمر بن الخطَّاب: حدِّثنا عن شأنِ ساعة العُسْرة، فقال عمر: خرجنا إلى تبوكَ في قَيظٍ شديد، فنزلنا منزلًا أصابَنا فيه عطشٌ حتى ظننَّا أنَّ رقابنا ستنقطعُ، حتى إنَّ الرجل لَيَنحَرُ بعيرَه، فيَعصِرُ فَرْثَه فيشربُه ويجعل ما بقيَ على كَبِده، فقال أبو بكر الصِّدِّيق: يا رسول الله، إِنَّ الله قد عَوَّدَك في الدعاءِ خيرًا، فادعُ له، فقال:"أتحبُّ ذلك؟ " قال: نعم، فرفع يديه فلم يَرجِعْهما حتى قالت
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: القطيعي، بزيادة ياء. والقُطَعي - بضم القاف وفتح الطاء -: نسبة إلى بني قُطيعة.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه محمد بن إسحاق بن خزيمة في "صحيحه"(91) عن أحمد بن المقدام العجلي ومحمد بن يحيى القطعي، بهذا الإسناد.
السماءُ فأظلَّت ثم سَكَبَت فملؤوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظرُ فلم نَجِدْها جازت العسكرَ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وقد ضمَّنه سُنَّةً غريبةً: وهو أنَّ الماء إذا خالطه فَرْثُ ما يُؤكَل لحمُه لم ينجّسه، فإنه لو كان ينجِّس الماءَ لما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسلمٍ أن يجعلَه على كَبِدِه حتى يُنجِّسَ يديه.
576 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نصر قال: قرئَ على ابن وهب: أخبرك مالكُ بن أنس.
وحدثنا أبو العباس، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حُميدة بنت عُبيد بن رِفَاعة، عن كَبْشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قَتَادة -: أنَّ أبا قتادة دخل عليها فَسَكَبَت له وَضُوءًا، فجاءت هرَّةٌ لتشربَ منه فأَصغَى لها أبو قتادة الإناءَ حتى شربت، قالت كبشةُ: فرآني أنظرُ إليه، فقال: أتعجَبِينَ يا بنتَ أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنَجَسٍ، إنها من الطوَّافِين عليكم والطوَّافات"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. وقوله فيه: "عتبة وهو ابن أبي حكيم" وهمٌ من المصنف أو من بعض رواته، والصواب فيه عتبة بن أبي عتبة: وهو عتبة بن مسلم التيمي المدني، هكذا وقع في غير ما مصدر كصحيح ابن خزيمة (101) ومسند البزار (214) وغيرهما، وعتبة بن أبي عتبة هو الذي يروي عن نافع بن جبير ويروي عن سعيد بن أبي هلال وروى له الشيخان.
وأخرجه ابن حبان (1383) عن عبد الله بن محمد بن سَلْم، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد. إلّا أنه لم يذكر في إسناده عتبة بن أبي عتبة.
(2)
إسناده صحيح إن شاء الله.
وأخرجه أحمد 37/ (22580)، وأبو داود (75)، وابن ماجه (367)، والترمذي (92)، والنسائي (63)، وابن حبان (1299) من طرق عن مالك بن أنس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "مسند أحمد". =
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، على أنهما على ما أصَّلَاه في تركِه، غيرَ أنهما قد شَهِدَا جميعًا لمالك بن أنس أنه الحَكَمُ في حديث المدنيين، وهذا الحديث ممّا صحَّحه مالك واحتجَّ به في "الموطأ"
(1)
.
ومع ذلك فإنَّ له شاهدًا بإسناد صحيح:
577 -
حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي ببُخارى، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، حدثنا سليمان بن مُسافِع بن شَيْبة الحَجَبي قال: سمعت منصورَ ابنَ صفيَّة بنت شَيْبة يحدِّث عن أمِّه صفيَّة، عن عائشة: [أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرَّة: "إنها ليست بنَجَسٍ، هي كبعض أهلِ البيت
(2)
] "
(3)
.
وقد صحَّ على شرط الشيخين ضدُّ هذا، ولم يُخرجاه أيضًا:
578 -
حدَّثَناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني ببُخارَى، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة إملاءً من كتابه سنة ست وتسعين ومئتين، حدثنا أبو بَكْرة بكَّار بن قُتيبة قاضي الفُسْطاط، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مَخلَد، عن قُرَّة بن خالد، عن محمد بن سِيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "طُهورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ فيه
= أصغى: أمالَ.
(1)
"الموطأ" 1/ 22 - 23.
(2)
ما بين المعقوفين مكانه بياض في الأصول، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 246 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة سليمان بن مسافع الحجبي.
وأخرجه ابن خزيمة (102)، والعقيلي في "الضعفاء"(593)، والدارقطني (217) من طريق محمد بن عبد الله بن أبي جعفر، بهذا الإسناد.
وأحسن منه إسنادًا ما أخرجه أبو داود (76) من طريق داود بن صالح التمار، عن أمه، عن عائشة مرفوعًا بلفظ:"إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوَّافين عليكم" قالت عائشة: وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها.
الكلبُ أن يُغسَلَ سبعَ مراتٍ، الأُولى بالتراب، والهِرُّ مثلُ ذلك"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، فإنَّ أبا بكرة ثقة مأمون، ومن توهَّم أنَّ أبا بكرة ينفرد به عن أبي عاصم فهو وهمٌ، فقد حدَّث به غيرُه عن أبي عاصم، وإنما تفرَّد به أبو عاصم، وهو حُجَّة.
579 -
حدثني أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد الفقيه، حدثنا بكَّار بن قُتيبة وحماد بن الحسن بن عَنبَسة قالا: حدثنا أبو عاصم، حدثنا قُرَّة بن خالد، حدثنا محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طُهورُ الإناءِ إذا وَلَغَ الكلبُ فيه أن يُغسَلَ سبعَ مرات، الأُولى بالتراب، والهرةُ مرةً - أو مرتين -"؛ قرةُ يشكُّ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، إلّا أنَّ ذكر الهرِّ فيه مرفوعًا شاذٌّ تفرَّد به أبو عاصم عن قرة كما سيذكر المصنف، والصواب أنه موقوف من قول أبي هريرة، وقوله في هذا الحديث خاصة:"والهر مثل ذلك" شاذٌ أيضًا، فقد خالف محمدَ بنَ إسحاق فيه أبو جعفر الطحاوي في كتابه "شرح معاني الآثار" 1/ 19 فرواه عن أبي بكرة بكار بن قتيبة بهذا الإسناد بلفظ:"طهور الإناء إذا ولَغَ فيه الهرُّ أن يغسل مرة أو مرتين"، وكذلك قال أبو بكر النيسابوري عن بكار بن قتيبة كما في الرواية التالية عند المصنف.
وقال البيهقي في "السنن" 1/ 247: وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقة إلّا أنه أخطأ في إدراج قول أبي هريرة في الهرة في الحديث المرفوع في الكلب.
وقال في "معرفة السنن والآثار"(1783 - 1786): أما حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة: "إذا ولغ الهر غُسل مرة" فقد أدرجه بعض الرواة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ولوغ الكلب ووهموا فيه، والصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع وفي ولوغ الهر موقوف ميَّزه علي بن نصر الجهضمي عن قرة بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة، ووافقه عليه جماعة من الثقات.
(2)
انظر ما قبله.
وأخرجه بنحوه أبو داود (72)، والترمذي (91) من طريق أيوب بن أبي تميمة، عن محمد بن سيرين، به - موقوفًا عند أبي داود ومرفوعًا عند الترمذي، وفيه عندهما في غسله من سؤر الهر مرة دون شك.
580 -
أخبرَناه أبو محمد المُزَني، حدثنا قاسم بن زكريا المقرئ، حدثنا علي بن مُسلِم، حدثنا أبو عاصم، حدثنا قُرَّة بن خالد، حدثنا محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرَّة: "مرةً - أو مرتين -"؛ يعني: غسلَ الإناءِ إِذا وَلَغَ فيه الهرة
(1)
.
وقد شَفَى عليُّ بن نصر الجَهْضَمي عن قُرَّة في بيان هذه اللفظة:
581 -
حدَّثَناه أبو محمد المُزَني، حدثنا أبو مَعشَر الحسن بن سليمان الدارمي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبي، حدثنا قُرَّة بن خالد، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"طُهورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ فيه الكلبُ أن يُغسَلَ سبعَ مرات، أُولاهنَّ بالتُّراب". ثم ذكر أبو هريرة الهرَّ، لا أدري قال: مرةً أو مرتين. قال نصر بن علي: وجدتُه في كتاب أَبي في موضع آخر: عن قُرَّة عن ابن سِيرِين عن أبي هريرة في الكلب مُسنَدًا وفي الهرِّ موقوفًا
(2)
.
تابعه في توقيف ذِكْر الهرِّ مسلمُ بن إبراهيم عن قرة:
582 -
أخبرَناه أبو بكر أحمد بن سلمان
(3)
الفقيه، حدثنا أحمد بن محمد البِرْتي.
= وأخرجه مرفوعًا دون ذكر الهرِّ: أحمد 13/ (7604) و 16/ (10341)، ومسلم (279)(91)، وأبو داود (71) و (73)، والنسائي (68)، وابن حبان (1297) من طرق عن محمد بن سيرين، به.
وأخرجه كذلك أحمد 12/ (7346) و (7447) و 13/ (7672) و 14/ (8725) و 15/ (9169)، والبخاري (172)، ومسلم (279)، وابن ماجه (363) و (364)، والنسائي (65 - 67) و (69) و (9712)، وابن حبان (1294 - 1296) من طرق عن أبي هريرة.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الكلب.
(2)
إسناده صحيح. أبو محمد المزني شيخ المصنف: اسمه أحمد بن عبد الله بن محمد المزني الحافظ.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 247، و"الخلافيات"(922) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: سهل، والتصويب من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 247 حيث رواه عن الحاكم بهذه الأسانيد، وقد تكررت رواية أبي بكر أحمد بن سلمان عن أحمد بن =
وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب.
وحدثنا أبو محمد المزني، حدثنا أبو خليفة؛ قالوا حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا قُرَّة، حدثنا محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة في الهرِّ يَلَغُ في الإناء، قال: يُغسَل مرةً أو مرتين
(1)
.
وقد ثبت الرجوعُ في حُكْم الشريعة إلى حديث مالك بن أنس في طهارة الهرَّة، والله أعلم.
583 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مِنْجَابُ بن الحارث، حدثنا يحيى بن آدم، عن مِسعَر، عن عمرو بن مُرَّة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن أخيه، عن ابن عباس قال: أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يتوضَّأَ من سقاءٍ، فقيل له: إنه مَيْتةٌ، فقال:"دِباغُه يذهب بخَبثِه أو نَجَسِه أو رِجْسِه"
(2)
.
هذا حديث صحيح، ولا أعرف له عِلَّةً، ولم يُخرجاه.
584 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا هارون بن إسحاق الهَمْداني، حدثنا محمد بن فُضَيل، عن حُصَين، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجزئُ من الوضوء المُدُّ، ومن الجَنابةِ الصاعُ". فقال له رجل: لا يَكْفينا ذلك يا جابر، فقال: قد كَفَى
= محمد بن عيسى البرتي في غير ما موضع عند المصنف.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده حسن، أخو سالم بن أبي الجعد - واسمه عبد الله فيما ذكر البيهقي - روى عنه غير واحدٍ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح له هذا الحديث ابن خزيمة (114) والبيهقي 1/ 17 والمصنف، وروي معناه عن ابن عباس من غير طريقه.
وأخرجه أحمد 5/ (2878) عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا 4/ (2117) عن يزيد بن هارون عن مسعر، به.
وروي بإسناد صحيح عن ابن عباس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّما إهاب دُبِغَ فقد طَهُر"، أخرجه أحمد 3/ (1895)، ومسلم (366) وغيرهما.
مَن هو خيرٌ منك وأكثرُ شَعرًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
585 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن شُعْبة، عن حبيب بن زيد، عن عبَّاد بن تميم، عن عبد الله بن زيد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بثُلُثي مُدٍّ، فتوضَّأَ فجعل يَدلُك ذراعَيهِ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بحبيب بن زيد
(3)
، ولم يُخرجاه.
586 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفَّان العامِري، حدثنا محمد بن عُبيد، عن عُبيد الله.
وحدثني علي بن عيسى - واللفظ له - حدثنا الحسين بن محمد القَبَّاني، حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا أبو خالد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نتوضَّأُ رجالًا ونساءً ونَغسِلُ أيديَنا في إناءٍ واحدٍ على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
إسناده صحيح. حصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلمي.
وأخرجه أحمد 22/ (1425) و 23/ (14976)، وأبو داود (93) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، به - وهو عند أحمد في الموضع الأول وعند أبي داود مختصر.
وأخرجه بمعناه البخاري (252)، ومسلم (329) من طريق أبي جعفر الباقر، عن جابر. وانظر "مسند أحمد" 22/ (14113) و (14188).
(2)
إسناده صحيح. أبو كريب: هو محمد بن العلاء الهمداني.
وأخرجه ابن حبان (1083) عن أحمد بن يحيى بن زهير، عن أبي كريب، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (515).
(3)
هذا ذهولٌ من المصنف رحمه الله، فإنَّ حبيبًا هذا لم يرو له مسلم في "صحيحه" شيئًا.
(4)
إسناده قوي. أبو خالد: هو سليمان بن حيان الأحمر، وعبيد الله: هو ابن عمر العُمري.
وأخرجه أحمد 10/ (5799) عن محمد بن عبيد الطنافسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (80)، وابن حبان (1263) من طريقين عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 8/ (4481) و 10/ (5928)، والبخاري (193)، وأبو داود (79)، وابن =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا على حديث عائشة في هذا الباب
(1)
.
ولهذا الحديث شاهدٌ ينفرد به خارجةُ بن مصعب، وأنا أذكره محتسِبًا لما أشاهده من كَثرة وِسْواس الناس في صبِّ الماء:
587 -
حدَّثَناه علي بن عيسى، حدثنا محمد بن صالح بن جَمِيل، حدثنا عَبْدة بن عبد الله الصَّفّار ومحمد بن بشَّار قالا: حدثنا أبو داود: وحدثنا خارِجةُ بن مُصعَب، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن عُتَيّ بن ضَمْرة، عن أُبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ للوضوءِ شيطانًا يقال له: الوَلَهانُ، فاحذَرُوه واتَّقوا وِسْواسَ الماء"
(2)
.
وله شاهد بإسنادٍ آخر أصحَّ من هذا:
588 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، أخبرنا سعيد الجُرَيري، عن أبي نَعَامة: أنَّ عبد الله بن مغفَّل، سمع ابنَه يقول: اللهمَّ إني أسألك القصرَ الأبيضَ عن يمين الجنة، إذا دخلتُها، فقال: يا بنيَّ، سَلِ اللهَ الجنةَ وتعوَّذْ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه سيكونُ في هذه الأُمَّةِ قومٌ يَعتدُون في الطُّهور والدُّعاء"
(3)
.
= ماجه (381)، والنسائي (72)، وابن حبان (1265) من طريقين عن نافع، به. فاستدراك المصنف لهذا الحديث ذهولٌ، فإنه مخرَّج عند البخاري.
(1)
يريد حديث عائشة قالت: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد تختلف أيدينا فيه.
أخرجه البخاري (261) ومسلم (321)(45).
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، خارجة بن مصعب متروك الحديث.
وأخرجه أحمد 35/ (21238)، وابن ماجه (421)، والترمذي (57) من طريق أبي داود - وهو سليمان بن داود الطيالسي - بهذا الإسناد.
(3)
حديث حسن على خلاف في إسناده كما هو مبيَّن في تحقيقاتنا لمسند أحمد وغيره.
وأخرجه أبو داود (96) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. =
589 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثني الليث، عن حَيْوة بن شُرَيح، عن عُقبة بن مُسلِم، عن عبد الله بن الحارث بن جَزْءٍ الزُّبَيدي، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"وَيلٌ للأعقاب وبطونِ الأقدام من النار"
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجا ذكرَ بطونِ الأقدام
(2)
.
590 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا الحسن بن بِشْر الهَمْداني، حدثنا زهير، عن أبي الزُّبير، عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُدخَلَ الماءُ إلّا بمِئزَر
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
591 -
أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أحمد بن عبيد الله
= وأخرجه أحمد 27/ (16801) و 34/ (20554)، وابن ماجه (3864)، وابن حبان (6763) و (6764) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وسيأتي برقم (2002).
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 29/ (17710) من طريق عبد الله بن لَهِيعة، عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.
(2)
أخرجاه دون ذكر بطون الأقدام من حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري (60) ومسلم (241)، ومن حديث أبي هريرة عند البخاري (165) ومسلم (242).
(3)
إسناده ضعيف، الحسن بن بشر مختلف فيه وقد روى عن زهير - وهو ابن معاوية الجعفي - مناكير فيما قاله الإمام أحمد.
وأخرجه ابن خزيمة (249)، وابن الأعرابي في "معجمه"(391)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 320 من طرق عن الحسن بن بشر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (1807) من طريق حماد بن شعيب، عن أبي الزبير، به. وحماد بن شعيب ضعيف منكر الحديث، وعدَّ الذهبي في "الميزان" هذا الحديث من مناكيره.
وسيأتي عند المصنف برقم (7972) من رواية عطاء عن أبي الزبير عن جابر في حديث رفعه قال: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلّا بمئزر". وانظر تمام الكلام عليه هناك.
النَّرْسي، حدثنا أبو نُعيم، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب
(1)
بن شَيْبة، عن طَلْق بن حبيب، عن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة، أنها حدَّثته أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يُغتَسل من أربعٍ: من الجَنابة، ويوم الجُمُعة، ومن غَسْل الميت، والحِجَامة"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في شهر ربيع الأول سنة أربعٍ وتسعين وثلاث مئة:
592 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا يحيى بن سُلَيم، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: دَخَلَت فاطمةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال:"يا بُنيَّةُ، ما يُبكيكِ؟ " قالت: يا أبتِ، ما لي لا أبكي وهؤلاءِ الملأُ من قريش في الحِجْر يتعاقدون باللات والعزَّى ومَنَاة الثالثة الأخرى، لو قد رأَوك لقاموا إليك فيقتلونك، وليس منهم رجل إلّا وقد عَرَفَ نصيبَه من دمك، فقال:"يا بنيةُ، ائتِني بوَضُوءٍ" فتوضأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلى المسجد، فلما رأَوه قالوا: ها هو ذا، فطأطؤوا رؤوسَهم وسقطت أذقانهم تراب فحَصَبَهم بها، وقال:"شاهَتِ الوجوهُ"، فما أصاب رجلًا منهم حَصَاةٌ من بين ثُدِيِّهم فلم يرفعوا أبصارَهم، فتناوَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبضةً من
(1)
وقع في الأصول: "زكريا بن أبي زائدة ومصعب" وهو خطأ صوّبناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 299 حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه، وقد رواه غير واحد من طريق زكريا عن مصعب بن شيبة.
(2)
إسناده ضعيف لضعف مصعب بن شيبة، وقد عدَّ الذهبي هذا الحديث في "الميزان" من مناكير مصعب.
وأخرجه أبو داود (348) و (3160) من طريق محمد بن بشر، عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وضعَّفه أبو داود في الموضع الثاني.
وأخرجه أحمد 42/ (25190) من طريق عبد الله بن أبي السفر، عن مصعب بن شيبة، به.
حصاته إلّا قُتِلَ يوم بدر كافرًا
(1)
.
هذا حديث صحيح، فقد احتجَّا جميعًا بيحيى بن سُلَيم، واحتجَّ مسلم بعبد الله بن عثمان بن خُثَيم، ولم يُخرجاه، ولا أعرف له عِلةً، وأهل السُّنة من أحوج الناس لمعارَضة ما قيل: إِنَّ الوضوء لم يكن قبل نزول المائدة، ولا خلافَ بين أصحاب التواريخ أنَّ هذا الوضوءَ في ابتداء الإسلام قبلَ نزول المائدة، وإنما نزولُ المائدة في حَجَّة الوداع والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بعَرَفات.
وله شاهد صحيح ناطِقٌ بأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يتوضَّأُ ويأمر بالوضوء قبل الهِجْرة، ولم يُخرجاه:
593 -
أخبرَناه أبو محمد عبدُ الله بن جعفر بن دَرَستَوَيهِ الفارسي، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان الفارسي، حَدَّثَنَا أبو تَوْبة الرَّبيع بن نافع، حَدَّثَنَا محمد بن المهاجر، عن العباس بن سالم، عن أبي سَلَّام، عن أبي أُمامة، عن عمرو بن عَبَسة قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول ما بُعِثَ وهو بمكة وهو حينئذٍ مستخف فقلت: ما أنت؟ قال: "أنا نبيٌّ" قلت: وما نبيٌّ؟ قال: "رسولُ الله" قلت: اللهُ أرسلك؟ قال: "نعم" قلت: بما أرسلك؟ قال: "أن تعبدَ الله، وتَكسِرَ الأوثان والأديان، وتُوصِلَ الأرحام قلت: نِعمَ ما أرسلك به، قلت: فمن تَبِعَك على هذا؟ قال: "عبدٌ وحرٌّ" - يعني أبا بكر وبلالًا - فكان عمرو يقول: لقد رأيتُني وأنا رُبعُ - أو رابع - الإسلام، قال: فأسلمتُ، قلت: أتبعُك يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكن الحَقْ بقومك، فإذا أُخبِرتَ أني قد خرجتُ فاتبعني" قال: فلَحِقتُ بقومي وجعلت أتوقَّعُ خبرَه وخروجَه حتَّى أقبلت رُفْقةٌ من يثربَ فلَقِيتُهم فسألتهم عن الخبر، فقالوا: قد خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة،
(1)
حديث قوي، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سليم: وهو الطائفي.
وأخرجه أحمد 4/ (2762) عن إسحاق بن عيسى، عن يحيى بن سليم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا 5/ (3485)، وابن حبان (6502) من طريقين عن ابن خثيم، به.
وسيأتي مختصرًا برقم (4797) من طريق أبي بكر بن عياش عن ابن خثيم.
قلت: وقد أتاها؟ قالوا: نعم، قال: فارتحلتُ حتَّى أتيتُه، قلت: أتعرفُني يا رسول الله؟ قال: "نعم، أنت الرجلُ الذي أتاني بمكة".
فجعلتُ أتحيَّنُ خَلْوتَه، فلما خَلَا قلت: يا رسول الله، علِّمني مما علَّمك الله وأَجهَلُ، قال:"فسَلْ عمَّ شئتَ"، قلت: أيُّ الليل أَسمَعُ؟ قال: "جوفُ الليلِ الآخِر، فصلِّ ما شئتَ، فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ مكتوبةٌ حتَّى تصليَ الصبح، ثم أقصِرْ حتَّى تَطلُعَ الشمس فترتفعَ قِيدَ رمح أو رمحين، فإنها تَطلُع بين قَرْنَي شيطان، وتصلي لها الكفار، ثم صلِّ ما شئتَ، فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ مكتوبةٌ حتَّى يَعدِلَ الرمحُ ظِلَّه، ثم أقصِرْ فَإِنَّ جهنم تُسجر وتفتح أبوابها، فإذا زالت الشمس فصلِّ ما شئتَ، فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ مكتوبةٌ، ثم صلّ حتَّى تصلي العصرَ، ثم أقصِرْ حتَّى تَغرُب الشمس، فإنها تَغرُبَ بين قَرنَي شيطان وتصلي لها الكفار.
وإذا توضأتَ فاغسِلْ يديك، فإنك إذا غسلتَ يديك خرجَتْ خطاياك من أظفار أنامِلِك، ثم إذا غسلتَ وجهك خرجَتْ خطاياك من وجهك، ثم إذا مضمضت واستَنثرت خرجت خطاياك من مَناخِرِك، ثم إذا غسلتَ يديك خرجت خطاياك من ذِراعَيك، ثم إذا مسحتَ برأسك خرجت خطاياك من أطرافِ شعرك، ثم إذا غسلتَ رجليك خرجت خطاياك من رجليك، فإن ثَبَتَّ في مجلسك كان لك حظًّا من وضوئك، وإن قمتَ فذكرتَ ربَّك وحَمَدتَه، ورَكَعته ركعتين مُقبِلًا عليهما بقلبك، كنتَ من خطاياك كيوم وَلَدَتكَ أمُّك".
قال: قلت: يا عمرو، اعلَمْ ما تقول، فإنك تقول أمرًا عظيمًا، فقال: والله لقد كَبِرَت سنِّي ودنا أَجَلي، وإني لغنيٌّ عن الكذب، ولو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا مرةٌ أو مرتين ما حدَّثتُه، ولكن قد سمعتُه أكثرَ من ذلك.
هكذا حدَّثني أبو سَلَّام عن أبي أمامة، إلا أن أُخطئَ شيئًا أو أزِيدَه، وأستغفر الله وأتوب إليه
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. محمد بن المهاجر: هو الأنصاري الشامي، وأبو سلّام: هو ممطور الحبشي، =
قد خرَّج مسلمٌ بعض هذه الألفاظ من حديث النَّضْر بن محمد الجُرَشي عن عِكْرمة بن عمّار عن شدَّاد بن عبد الله عن أبي أُمامة قال: قال عمرو بن عَبَسة، وحديث العباس بن سالم هذا أشفى وأتمُّ من حديث عكرمة.
594 -
حَدَّثَنَا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حَدَّثَنَا عمر بن حفص بن غِيَاث، حدَّثني أبي، أخبرني الوليد بن عُبيد الله بن أبي رباح، أنَّ عطاءً حدثه عن ابن عباس: أنَّ رجلًا أَجنَبَ في شتاء فسأل فأُمِرَ بالغُسْل، فاغتسل فمات، فذُكِرَ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما لهم قَتَلُوه قتلهم الله - ثلاثًا - قد جَعَلَ اللهُ الصعيدَ - أو التيمُّمَ - طَهُورًا"
(1)
.
= وأبو أمامة: هو صُدَي بن عجلان الصحابي رضي الله عنه.
وأخرجه أبو داود (1277) عن الربيع بن نافع بهذا الإسناد. ولم يسقه بتمامه.
وأخرجه بطوله أحمد 28/ (17019)، ومسلم (832) من طريق عكرمة بن عمار، عن شداد بن عبد الله، عن أبي أمامة، به.
وأخرج أوله أحمد 28/ (17016) من طريق يحيى بن أبي عمرو، عن أبي سلّام، به.
وأخرجه مقطَّعًا الترمذيّ (3579)، والنسائي (176) و (1556) من طرق عن أبي أمامة، به.
وكذلك أخرجه أحمد 28/ (17018) و (17026) و (17028)، وابن ماجه (283) و (1251) و (1364)، والنسائي (1573) من طريق عبد الرحمن بن البيلماني، عن عمرو بن عبسة. وهو عند أحمد في الموضع الثاني مطوَّل.
وأخرجه بنحوه مطولًا أحمد 32/ (19433) من طريق سليم بن عامر، و (19435) من طريق شهر بن حوشب، كلاهما عن عمرو بن عبسة.
وورد هذا الحديث عند المصنّف مقطَّعًا بالأرقام (459) و (1175) و (4467 - 4469) و (5329) و (6729) و (459).
(1)
إسناده حسن من أجل الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، فقد روى عنه غير واحد، ووثقه يحيى بن معين كما في "الجرح والتعديل" 9/ 9، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 549، لكن ضعَّفه الدارقطني في "السنن"(3064).
وأخرجه ابن حبان (1314) من طريق محمد بن يحيى الذهلي، عن عمر بن حفص، بهذا الإسناد. =
هذا حديث صحيح، فإنَّ الوليد بن عبيد الله هذا ابن أخي عطاء بن أبي رباح، وهو قليل الحديث جدًّا، وقد رواه الأوزاعيُّ عن عطاءٍ، وهو مخرَّج بعد هذا
(1)
.
وله شاهد آخر عن ابن عباس:
595 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جَرِير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس رفعه في قوله عز وجل:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] قال: "إذا كان بالرجلِ الجراحةُ في سبيل الله أو القُروحُ أو الجُدَريُّ، فيُجنِبُ فيخافُ إِن اغتسلَ أن يموت، فليتيمَّمْ"
(2)
.
596 -
حَدَّثَنَا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حَدَّثَنَا معاذ بن هشام، حدَّثني أَبي، عن قَتَادة، عن أبي حَرْب بن أبي الأسود [عن أبيه]
(3)
عن علي بن أبي طالب، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
= وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند أبي داود (336)، وإسناده ضعيف.
(1)
سيأتي برقم (640) و (641)، وفيه انقطاع، فإنَّ الأوزاعي لم يسمعه من عطاء.
(2)
صحيح موقوفًا على ابن عباس، عطاء بن السائب كان قد اختلط، ورواية جرير - وهو عبد الحميد - عنه بعد الاختلاط.
وأخرجه البزار (5057)، وابن خزيمة (272)، وابن الجارود في "المنتقى"(129)، والدراقطني (678)، والبيهقي في "السنن" 1/ 22 و "معرفة السنن والآثار"(1648) و "الخلافيات"(829) من طريقين عن جرير، بهذا الإسناد.
وخالف جريرًا فيه أبو الأحوص سلّام بن سليم عند ابن أبي شيبة 1/ 101، وعلي بن عاصم عند البيهقي في "السنن" 1/ 224، فروياه عن عطاء بن السائب موقوفًا على ابن عباس. وكذلك رواه أبو عوانة وورقاء عن عطاء كما قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان فيما نقله ابن أبي حاتم في "العلل" (40) وقالا: هو الصحيح، وقال البيهقي: ورواه إبراهيم بن طهمان وغيره أيضًا عن عطاء موقوفًا.
(3)
قوله: "عن أبيه" سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 2/ 415 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه. وكلام الحاكم هنا بإثر الحديث يشير إلى ثبوته في الإسناد.
بول الرّضيع: "يُنضَحُ بولُ الغلام، ويُغسل بولُ الجارية"
(1)
.
هذا حديث صحيح، فإنَّ أبا الأسود الديلي صحيح سماعُه من عليٍّ، وهو على شرطهما صحيح، ولم يُخرجاه.
وله شاهدان صحيحان، أمَّا أحدهما:
597 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، حَدَّثَنَا أَسَد بن موسى، حَدَّثَنَا أبو الأحوَص، عن سِمَاك بن حرب، عن قابوس بن أبي المُخارِق، عن لُبابةَ بنت الحارث قالت: بالَ الحسينُ في حَجْرِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: هاتِ ثوبَك حتَّى أغسِلَه، فقال:"إنما يُغسَلُ بولُ الأنثى، ويُنضَحُ بولُ الذَّكر"
(2)
.
والشاهد الثاني:
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الرحمن بن محمد بن منصور، وقد توبع. هشام: هو الدَّستُوائي.
وأخرجه أحمد 2/ (757) عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (525)، والترمذيّ (610)، وابن حبان (1375) من طرق عن معاذ بن هشام، به.
وأخرجه أحمد 2/ (563) و (1149) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام، به.
وأخرجه أبو داود (377) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قَتَادة، به موقوفًا على علي بن أبو طالب.
(2)
حديث صحيح، وقد اختُلف في إسناده على سماك بن حرب كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 44/ (26875).
وأخرجه أبو داود (375)، وابن ماجه (522) من طرق عن أبي الأحوص سلّام بن سليم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (26875) من طريق إسرائيل، عن سماك بن حرب، به.
وأخرجه أحمد (26877) من طريق أبي عياض، و (26878) من طريق عبد الله بن الحارث، كلاهما عن أمُّ الفضل - وهي لبابة بنت الحارث.
وسيأتي بنحوه برقم (4889) من حديث ابن عباس عن أمِّ الفضل.
598 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أَبي، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مَهْدي، حَدَّثَنَا يحيى بن الوليد، حدَّثني مُحِلُّ بن خَليفة الطائي، حدَّثني أبو السَّمْح قال: كنت خادمَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فجيءَ بالحسن أو الحسين فبالَ على صدره، فأرادوا أن يَغسِلوه، فقال:"رُشُّوه رشًّا، فإنه يُغسَلُ بولُ الجارية، ويُرَشُّ بولُ الغلام"
(1)
.
قد خرَّج الشيخان في بول الصبي حديثَ عائشة وأم قيس بنت مِحصَن: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمرَ بماءٍ فصُبَّ على بول الصبي
(2)
، فأما ذِكرُ بول الصبيَّة فإنهما لم يُخرجاه.
599 -
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى البزَّاز وأبو عبد الله محمد بن علي بن مَخلَد الجوهري قالا: حَدَّثَنَا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حَدَّثَنَا محمد بن كثير المِصِّيصي، حَدَّثَنَا الأوزاعي، عن ابن عَجْلان، عن سعيد المَقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا وَطِئَ أحدُكم بنعليه في الأذى، فإنَّ الترابَ له طَهُور"
(3)
.
(1)
إسناده جيد من أجل يحيى بن الوليد: وهو الطائي.
وأخرجه أبو داود (376)، وابن ماجه (526)، والنسائي (289) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
(2)
حديث عائشة عند البخاريّ برقم (222) ومسلم (286)، وحديث أمّ قيس عند البخاريّ برقم (223) ومسلم (287).
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن كثير المصيصي - وهو الصَّنعاني أيضًا - ضعيف يُعتبر به، وقد خالفه من هو أوثق منه فلم يسمِّ شيخ الأوزاعي وقال فيه: أُنبئتُ عن سعيد.
وأخرجه أبو داود (386)، وابن حبان (386) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (385) من طريق أبي المغيرة والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي قال: أُنبئتُ أنَّ سعيدًا المقبري حدَّث عن أبيه عن أبي هريرة. وانظر ما بعده.
وله شاهد من حديث عائشة عند أبي داود (387)، وإسناده قوي.
600 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن الوليد بن مَزْيَد البيروتي، أخبرنا أبي قال: سمعتُ الأوزاعي قال: أُنْبِئتُ أنَّ سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري حدَّث عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا وطئَ أحدُكم بنَعلِه في الأذى، فإنَّ التراب لها طَهُورٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فإنَّ محمد بن كثير الصَّنعاني هذا صدوق، وقد حَفِظَ في إسناده ذكر ابن عَجْلان، ولم يُخرجاه.
601 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حَدَّثَنَا محمد بن غالب، حَدَّثَنَا عبد الله بن خَيْران، حَدَّثَنَا شُعبة.
قال: وحدثنا محمد بن غالب، حَدَّثَنَا عيَّاش بن الوليد الرَّقَام، حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حَدَّثَنَا شعبة، عن قَتَادة، عن الحسن، عن حُضَين بن المنذر، عن المهاجِر بن قُنفُذ: أنه أَتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يبولُ فسلَّمَ عليه، فلم يردَّ عليه حتَّى توضأَ، ثم اعتَذَر إليه وقال:"إني كرهتُ أن أذكُرَ الله إلّا على طُهْر" أو قال: "على طَهارة"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما خرَّج مسلم
(3)
حديث الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر: أَنَّ رجلًا مَرَّ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يبولُ، فسلَّم عليه فلم يردَّ عليه.
602 -
حَدَّثَنَا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّي، حَدَّثَنَا محمد بن الفَرَج الأزرق، حَدَّثَنَا حجَّاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، عن حُكَيمة بنت أُميمة بنت رُقَيقة، عن أمها أنها قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ من عَيْدانٍ تحت سريره يبولُ فيه بالليل
(4)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة شيخ الأوزاعي فيه. وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح. وسيأتي برقم (6139) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قَتَادة.
(3)
في "صحيحه" برقم (370).
(4)
إسناده محتمل للتحسين من أجل حُكيمة بنت أميمة، فقد انفرد بالرواية عنها ابن =
هذا حديث صحيح الإسناد وسُنَّة غريبة، وأُميمة بنت رُقَيقة صحابية مشهورة، مخرَّجٌ حديثها في الوُحْدان للأئمة، ولم يُخرجاه.
603 -
حَدَّثَنَا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حَدَّثَنَا جدِّي، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي مريم، أخبرني نافع بن يزيد، حدَّثني حَيْوة بن شُريح، أنَّ أبا سعيد الحِمْيَري حدثه عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقوا المَلاعِنَ الثلاثَ: البَرَازَ في الموارد، وقارعةِ الطريق، والظِّلِّ للخِراءة"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
إنما تفرَد مسلمٌ بحديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة: "اتَّقوا اللاعِنَين" قالوا: وما اللاعنان؟ قال: "الذي يَتخلى في الطريق".
604 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري، أخبرنا أبو الموجِّه محمد بن عمرو الفَزَاري، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله بن المبارَك، أخبرنا مَعمَر.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، أخبرني أشعَثُ، عن الحسن، عن ابن
= جريج، وذكرها ابن حبان في "ثقاته"، وجهَّلها الحافظان الذهبي وابن حجر.
وأخرجه أبو داود (24)، والنسائي (31)، وابن حبان (1426) من طرق عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. وصرَّح ابن جريج بسماعه عند النسائيّ.
وانظر الحديث الآتي برقم (7087).
قوله: "عَيْدان" بفتح العين وإسكان الياء، جمع عَيْدانة: وهي النخلة الطويلة المتجردة، والمراد: قدح من خشب يُنقَر ويقوَّر ليحفظ ما يجعل فيه من الماء.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي سعيد الحميري، وروايته عن معاذ منقطعة.
وأخرجه أبو داود (26) من طريقين عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (328) من طريق عبد الله بن وهب، عن نافع بن يزيد به.
ويشهد له حديث ابن عباس عند أحمد 4/ (2715)، وإسناده ضعيف.
وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه المصنّف لاحقًا، وهو عند مسلم برقم (269).
مُغفَّل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبولَنَّ أحدُكم في مُستحَمَّه ثم يغتسلُ فيه، أو يتوضأُ فيه"، فإنَّ عامَّةَ الوِسْواسِ منه
(1)
. واللفظ لحديث أحمد.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد:
605 -
حَدَّثَنَا أبو العباس السَّيّاري، حَدَّثَنَا أبو الموجّه، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا زهير، عن داود بن عبد الله، عن حُميد بن عبد الرحمن الحِميَري، أظنُّه عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشِطَ أحدُنا كلَّ يوم، أو يبولَ في مُعْتَسلِه
(2)
.
606 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن الحسين بن الجُنَيد، حَدَّثَنَا المُعافى بن سليمان، حَدَّثَنَا زهير، حَدَّثَنَا هشام بن عُرْوة، عن عُرْوة، عن عبد الله بن أَرقَمَ: أنه خرج حاجًّا، أو معتمرًا ومعه الناس وهو يؤمُّهم، فلما كان ذاتَ
(1)
إسناده صحيح، والراجح في قوله:"فإنَّ عامة الوسواس منه" أنه موقوف على عبد الله بن مغفل من قوله كما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد" 34/ (20563) من رواية ابن المبارك.
عبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وأشعث هو ابن عبد الله بن جابر الحُدَّاني.
والحديث في "مسند أحمد" 34/ (20569) عن عبد الرزاق، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود (27)، وابن ماجه (304).
وأخرجه أحمد (20563)، والترمذيّ (21)، والنسائي (33)، وابن حبان (1255) من طرق عن عبد الله بن المبارك، به.
وسيأتي من طريق ابن المبارك برقم (675)، وبنحوه برقم (676) من حديث عقبة بن صُهبان عن عبد الله بن مغفّل.
(2)
إسناده صحيح. أبو الموجَّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وزهير: هو ابن معاوية، وداود بن عبد الله: هو الأَودي.
وأخرجه أبو داود (28) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 28/ (17011) عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن زهير، به. بأطول مما هنا.
وأخرجه كذلك النسائيّ (235) من طريق أبي عوانة، عن داود الأودي، به.
يومٍ أقام الصلاةَ - صلاة الصبح - ثم قال: ليتقدَّم أحدُكم، وذهب إلى الخَلَاء ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد أحدُكم أن يذهبَ إلى الخَلَاء وقامت الصلاةُ، فليبدَأْ بالخلاء"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شهودٌ بأسانيد صحيحة:
607 -
حَدَّثَنَا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حَدَّثَنَا يوسف بن موسى المَروَالرُّوذيُّ، حَدَّثَنَا محمود بن خالد الدمشقي، حَدَّثَنَا شعيب بن إسحاق، عن ثَوْر بن يزيد، عن يزيد بن شُريح الحضرمي، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَحِلُّ لرجلٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخَر أن يصليَ وهو حَقِنٌ حتَّى يخفِّفَ"
(2)
.
608 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُسدَّد.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل المعافى، وقد توبع. زهير: هو ابن معاوية الجَعْفي.
وأخرجه أبو داود (88) عن أحمد بن يونس عن زهير بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 25/ (15959)، وابن ماجه (616)، والترمذيّ (142)، والنسائي (927)، وابن حبان (2071) من طرق عن هشام بن عروة، به. وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.
(2)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، يزيد بن شريح ليس بذاك القوي، وقد اضطرب فيه، وبينه وبين أبي هريرة فيه أبو حي المؤذن.
أخرجه أبو داود (91) من طريق أحمد بن علي، عن ثور بن يزيد، عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن - وهو شداد بن حي - عن أبي هريرة.
وروي عن يزيد بن شريح عن أبي حي المؤذن عن ثوبان كما عند أحمد 37/ (22415) وغيره، وعنه عن أبي حي عن أبي أمامة كما عند أحمد أيضًا 36/ (22152) وغيره.
وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد 15/ (9697) من طريق داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، وابن ماجه (618)، وابن حبان (2072) من طريق إدريس بن يزيد الأودي، كلاهما عن أبيهما يزيد بن عبد الرحمن الأودي، عن أبي هريرة. وهو بهذين الطريقين حسنٌ.
قوله: "حَقِنٌ" أي: حاقن، وهو الذي به حاجة شديدة إلى التبول.
وأخبرنا أحمد بن جعفر، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد، حدَّثني أبي؛ قالا: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، عن أبي حَزْرة، حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن القاسم بن محمد قال: كنا عند عائشة فجِيءَ بطعامها، فقام القاسم بن محمد يصلي، فقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُصلَّى بحَضْرة الطعام، ولا وهو يدافعُه الأخبَثانِ"
(1)
.
609 -
أخبرنا أزهَرُ بن أحمد بن حَمدُون المُنادِي ببغداد، حَدَّثَنَا عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي، حَدَّثَنَا أبو عَتَّاب سهل بن حماد، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سَلَمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد قال: جاءنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأخرَجْنا له ماءٌ في تَوْرٍ من صُفْرٍ فتوضأ
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
وله شاهد من حديث عائشة:
610 -
حدَّثَناه علي بن عيسى الحِيري، حَدَّثَنَا الحسين بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا أبو كُرَيب، حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور، عن حماد بن سَلَمة، عن هشام بن عُروة، عن أبيه،
(1)
إسناده صحيح، وقوله فيه هنا عند المصنّف: عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وهمٌ والصواب في عبد الله هذا أنه من أولاد أبي بكر الصديق كما هو مبيَّن في "مسند أحمد" 40 / (24166).
والحديث أخرجه أحمد (24449)، ومسلم (560)، وأبو داود (89)، وابن حبان (2073) من طرق عن أبي هريرة - وهو يعقوب بن مجاهد - عن عبد الله.
والأخبثان: البول والغائط.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد.
وأخرجه أبو داود (100) عن الحسن بن علي الخلال، عن أبي الوليد الطيالسي وسهل بن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاريّ (197)، وابن ماجه (471) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة - وهو الماجشون - به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
عن عائشة قالت: كنت أغتسلُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي تَوْرٍ من شَبَهٍ
(1)
.
611 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، عن ثَوْر، عن راشد بن سعد، عن ثَوْبان قال: بَعَثَض رسول الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فأصابهم البردُ، فلما قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرهم أن يمسحوا على العصائب والتَّساخين
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا على المسح على العِمامة بغير هذا اللفظ
(3)
.
ولهذا شاهد:
612 -
حدَّثَناه أبو النَّضْر الفقيه، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدارمي، حَدَّثَنَا أحمد بن صالح، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مُسلِم، عن أبي مَعقِل، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأُ وعليه عِمامةٌ قِطْريَّة، فأدخل يدَه من تحت العِمامة، فمَسَحَ مُقدَّمَ رأسِه ولم يَنقُضِ العِمامة
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وقد رواه أبو داود (99) عن أبي كريب محمد بن العلاء فأدخل بين حماد بن سلمة وهشام رجلًا لم يسمِّه، ورواه موسى بن إسماعيل عن حماد كذلك إلّا أنه أسقط منه عروة. وانظر تمام الكلام عليه وتخريجه فيه.
وأخرج البخاريّ (261) ومسلم (321) عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد تختلف أيدينا فيه.
والشَّبه: النحاس.
(2)
إسناده صحيح ثور: هو ابن يزيد الكَلَاعي.
والحديث في "مسند أحمد" 37/ (22383)، وعن أحمد أخرجه أيضًا أبو داود برقم (146).
العصائب: العمائم، والتساخين: كل ما تُسخَّن به القدم من خفٌ وجوربٍ.
(3)
أخرج المسح على العمامة البخاريّ (205) من حديث عمرو بن أمية الضمري قال: رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يمسح على عِمامته وخفيه. ومسلم (274)(81) من حديث المغيرة بن شعبة قال: .... ومسح بناصيته وعلى العِمامة وعلى خفيه.
(4)
إسناده ضعيف لجهالة عبد العزيز بن مسلم - وهو المدني - وشيخه أبي معقل. =
هذا الحديث وإن لم يكن إسنادُه من شرط الكتاب، فإنَّ فيه لفظةً غريبةً: وهي أنه مَسَحَ على بعض الرأس ولم يمسح على عِمامته.
613 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن سِنَان القزَّاز، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود.
وحدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا جعفر بن أحمد بن نصر، حَدَّثَنَا علي بن الحسين الدِّرهمي، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود، عن بُكَير بن عامر، عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جَرِير: أنَّ جريرًا بالَ ثم توضَّأ ومسح على الخفَّين، وقال: ما يَمنعُني أن أمسحَ وقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح، قالوا: إنما كان ذلك قبلَ نزول المائدة، قال: ما أسلمتُ إلّا بعدَ نزول المائدة
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ المحتاج إليه، إنما اتفقا على حديث الأعمش عن إبراهيم عن همَّام
(2)
عن جرير، وفيه: قال إبراهيم: كان يُعجبهم حديثُ جرير لأنَّهُ أسلمَ بعد نزول المائدة. وبُكَير بن عامر البَجَلي كوفي ثقة عزيزُ الحديث، يُجمَع حديثه في ثقات الكوفيين.
614 -
أخبرنا عبد الرحمن بن حسن الأَسَدي بهَمَذان حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين،
= وأخرجه أبو داود (147) عن أحمد بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (564) عن أحمد بن عمرو بن السرح، عن ابن وهب، به.
والقِطْرية، بكسر القاف: نسبة إلى: قَطَر بفتحتين.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف بكير بن عامر مختلف فيه والراجح ضعفه.
وأخرجه أبو داود (154) عن علي بن الحسين الدرهمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الترمذيّ (94) من طريق شهر بن حوشب، عن جرير وشهر يعتبر به في المتابعات والشواهد.
وأصل حديث جرير صحيح، روي في "الصحيحين" وغيرهما، كما سيأتي لاحقًا.
(2)
إبراهيم هذا: هو ابن يزيد النَّخَعي، وهمام: هو ابن الحارث النخعي. والحديث من هذا الطريق عند البخاريّ برقم (387) ومسلم (272).
حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس، حَدَّثَنَا شُعْبة.
وأخبرنا محمد بن جعفر العَدْل، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد، حَدَّثَنَا عبيد الله بن معاذ العَنبَري، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد، سمع أبا عبد الله مولى بني تَيْم بن مُرّة يحدِّث عن أبي عبد الرحمن: أنه شَهِدَ عبدَ الرحمن بن عوف يَسأَل بلالًا عن وضوءِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: كان يخرجُ يقضي حاجَتَه، فآتيهِ بالماء فيتوضأ ويمسح على عِمَامته ومُوقَيهِ
(1)
.
هذا حديث صحيح، فإنَّ أبا عبد الله مولى التيميِّين معروف بالصِّحة والقَبُول! وأما الشيخان فإنهما لم يخرجا ذكرَ المسح على المُوقَين.
615 -
حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الله بن يونس، حَدَّثَنَا الحسن بن صالح بن حيٍّ، عن بُكَير بن عامر البَجَلي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن المغيرة بن شُعبة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخُفَّين، فقلت: يا رسول الله، نَسِيتَ؟ قال:"لا، بل أنت نَسِيتَ، بهذا أَمَرني ربي عز وجل"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد الله وأبي عبد الرحمن.
وأخرجه أبو داود (153) عن عبيد الله بن معاذ العنبري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 39/ (23903) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به. بلفظ: يمسح على العمامة وعلى الخفين.
وأخرج أحمد 39/ (2388)، ومسلم (275)، وابن ماجه (561)، والترمذيّ (101)، والنسائي (122) من طريق كعب بن عُجْرة، عن بلال قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين والخِمار. والخِمار: هو العمامة، وسمِّيت خمارًا لأنّها تخمِّر الرأس، أي: تغطيه.
وأما الموق: فهو الخُفُّ، فارسيٌّ معرَّب، كما في "النهاية" لابن الأثير.
(2)
إسناده ضعيف، بكير بن عامر البجلي الجمهور على تضعيفه.
وأخرجه أبو داود (156) عن أحمد بن يونس بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد / 30 (18145) و (18220) من طريقين عن بكير بن عامر، به.
قد اتفق الشيخان على إخراج طرق حديث المغيرة بن شعبة في المسح
(1)
، ولم يُخرجا قوله صلى الله عليه وسلم:"بهذا أمرني ربي" وإسناده صحيح!
616 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حَدَّثَنَا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حَدَّثَنَا عمرو بن الرَّبيع بن طارق.
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيه، حَدَّثَنَا أبو المثنَّى العَنبَري، حَدَّثَنَا يحيى بن مَعِين، حَدَّثَنَا عمرو بن الرَّبيع بن طارق، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رَزِين، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد - قال يحيى: شيخ من أهل مصر - عن عُبَادة بن نُسَيّ، عن أُبيِّ بن عِمَارة - وقد كان صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القِبلتين - أنه قال: يا رسول الله، أمسَحُ على الخفَّين؟ قال:"نعم" قال: يومًا؟ قال: "ويومَين" قال: وثلاثةً؟ قال: "نَعَم، ما شئتَ"
(2)
.
أُبي بن عِمارة صحابيُّ معروف، وهذا إسناد مصري لم يُنسَب واحدٌ منهم إلى جَرْح، وإلى هذا ذهب مالك بن أنس، ولم يُخرجاه.
617 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حَدَّثَنَا أبو نُعيم.
وأخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حَدَّثَنَا أحمد بن سَيَّار، حَدَّثَنَا محمد بن كَثير؛ قالا: حَدَّثَنَا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن سفيان بن الحَكَم - أو
(1)
البخاريّ (182) و (203) و (206) و (363) و (388) وغيرها، ومسلم (274).
(2)
إسناده ضعيف جدًّا لجهالة عبد الرحمن بن رزين ومحمد بن يزيد، وقد اختُلف في إسناده على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا كما قال الدارقطني في "سننه"(765)، وقال النووي في "شرح مسلم": حديث أُبي بن عمارة في ترك التوقيت حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث.
وأخرجه أبو داود (158) عن يحيى بن معين بهذا الإسناد وزاد فيه بين محمد بن يزيد وعبادة بن نُسي أيوبَ بن قَطَن، وهو مجهول أيضًا، وقال أبو داود: قد اختُلف في إسناده وليس بالقوي.
وأخرجه ابن ماجه (557) من طريق عبد الله بن وهب، عن يحيى بن أيوب، به كإسناد أبي داود.
الحكم بن سفيان - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا بالَ توضَّأَ ويَنتضِحُ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وإنما تركاه للشكِّ فيه، وليس ذلك مما يُوهِنه. وقد رواه جماعة عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان. وقد تابع ابن أبي نَجِيح منصورَ بن المعتمر على روايته أيضًا بالشك:
618 -
حدَّثَناه علي بن عيسى، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب، حَدَّثَنَا ابن أبي عمر، حَدَّثَنَا سفيان، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عن رجل من ثَقِيف، عن أبيه قال: رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالَ ثم نَضَحَ فَرْجَه
(2)
.
619 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار، حَدَّثَنَا أبو معاوية.
وأخبرنا أبو يحيى السَّمَرقَندي، حَدَّثَنَا محمد بن نصر، حَدَّثَنَا هنَّاد بن السَّرِيّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن إدريس.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق - واللفظ له - أخبرنا موسى بن إسحاق الأنصاري، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حَدَّثَنَا شريك، وجَرِير كلهم عن الأعمش، عن شَقِيق قال: قال عبد الله: كنا لا نتوضأُ من مَوطِئ، ولا نَكُف شعرًا ولا ثوبًا
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لاضطرابه، وانظر تمام الكلام عليه في "مسند أحمد" 24/ (15384). أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه أبو داود (166) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 24/ (15386) و 29/ (17620) من طرق عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه أحمد 24/ (15384) و 29 / (17620)، وأبو داود (168)، وابن ماجه (460)، والنسائي (134) من طرق عن منصور، به.
(2)
ضعيف كسابقه. سفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله.
وأخرجه أبو داود (167) عن إسحاق بن إسماعيل، عن سفيان، بهذا الإسناد.
(3)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم، وشريك: هو ابن عبد الله النخعي، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، وعبد الله: هو ابن مسعود. وقد سلف برقم =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجا ذِكرَ المَوطِئ.
620 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك، حَدَّثَنَا علي بن إبراهيم الواسطي، حَدَّثَنَا وهب بن جَرِير.
وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين، حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس؛ قالا: حَدَّثَنَا شُعْبة، عن علي بن مُدرِك، عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جَرِير، عن عبد الله بن نُجَيٍّ، عن أبيه، عن علي، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَدخُلُ الملائكةُ بيتًا فيه صورةٌ ولا كلبٌ ولا جُنُب"
(1)
.
هذا حديث صحيح، فإنّ عبد الله بن نُجَيٍّ من ثِقات الكوفيين، ولم يُخرجا فيه ذكرَ الجُنُب.
621 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى؛ قالا: حَدَّثَنَا مسدَّد، حَدَّثَنَا يحيى، عن شُعبة، عن الحَكَم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقِسَم، عن ابن عباس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأتَه وهي حائض - قال: "يتصدَّقُ
= (488 - 490).
ويشهد له في عدم كف الشعر والثوب حديثُ ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولا أكفّ شعرًا ولا ثوبًا، أخرجه البخاريّ (815) و (816)، ومسلم (490).
(1)
صحيح لغيره دون ذكر الجُنُب، وهذا إسناد ضعيف، نجي - وهو الحضرمي الكوفي - لم يرو عنه غير ابنه عبد الله، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد. وابنه عبد الله مختلَف فيه.
وأخرجه أحمد 2 / (632) و (815)، وأبو داود (227) و (4152)، وابن ماجه (3650)، والنسائي (253) و (4774)، وابن حبان (1205) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
ويشهد له دون قوله: "ولا جنب" حديث أبي طلحة عند البخاريّ (3225) ومسلم (2106)، وحديث عائشة عند مسلم (2104)، وحديث ميمونة عنده أيضًا (2105).
بدينارٍ، أو بنصفِ دينار"
(1)
.
هذا حديث صحيح، فقد احتجَّا جميعًا بمِقسَم بن نَجْدة
(2)
، فأما عبد الحميد بن عبد الرحمن فإنه أبو الحسن عبد الحميد بن عبد الرحمن الجَزَري
(3)
، ثقة مأمون.
وشاهده ودليله:
622 -
ما حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا أبو ظَفَر عبد السلام بن مُطهَّر، حَدَّثَنَا جعفر بن سليمان، عن علي بن الحَكَم البُنَاني، عن أبي الحسن الجَزَري، عن مِقسَم، عن ابن عباس قال: إذا أصابها في الدم فدينارٌ، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصفُ دينار
(4)
.
قد أُرسِلَ هذا الحديث، وأُوقف أيضًا، ونحن على أصلنا الذي أصَّلْناه أَنَّ القول قولُ الذي يُسنِدُ ويَصِلُ إذا كان ثقةً.
(1)
صحيح موقوفًا، رجاله ثقات، وقد روي مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصحُّ كما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد" 3/ (2033) و "سنن ابن ماجه" (640). أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، ومسدَّد: هو ابن مسرهَد البصري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والحكم: هو ابن عتيبة.
وأخرجه أبو داود (264) عن مسدَّد، بهذا الإسناد. وانظر تتمة تخريجه فيه.
وقال الترمذيّ (137) بعد أن أخرجه من طريق عبد الكريم - وهو ابن أبي المخارق - عن مقسم: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفًا ومرفوعًا، وهو قول بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال ابن المبارك: يستغفر ربَّه ولا كفارة عليه، وقد روي مثلُ قول ابن المبارك عن بعض التابعين، منهم سعيد بن جُبير وإبراهيم النَّخَعي، وهو قول عامَّة علماء الأمصار.
(2)
ويقال: بُجْرة.
(3)
كذا قال المصنّف وكنى عبدَ الحميد هذا أبا الحسن الجزري، وقد قال الحافظ المحقِّق ابن حجر العسقلاني في "التقريب": أبو الحسن الجزري مجهول وأخطأ من سمَّاه عبد الحميد. قلنا: وعبد الحميد بن عبد الرحمن هذا: هو ابن زيد بن الخطاب القرشي العَدَوي، وهو مدني، وقيل: عداده في أهل الجزيرة، وكنيته أبو عمر.
(4)
إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن الجزري كما سبق.
وأخرجه أبو داود (265) و (2169) عن عبد السلام بن مطهَّر، بهذا الإسناد.
623 -
حدَّثني علي بن عيسى، حَدَّثَنَا مسدد بن قَطَن، عن عثمان بن أبي شَيْبة، حَدَّثَنَا جَرِير، عن الشَّيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرُنا في فَوْر حَيضتِنا أن نَتَّزِرَ ثم يباشرُنا، وأيكم يملِكُ إرْبَه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملكُ إرْبَه؟
(1)
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ! إنما خرَّجا في هذا الباب حديثَ منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضًا أن تتَّزرَ ثم يُضاجِعُها
(2)
.
624 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّورِي، حَدَّثَنَا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العَقَدي، حَدَّثَنَا زهير بن محمد، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن عَقِيل.
وأخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي، حَدَّثَنَا الحارث بن أبي أسامة، حَدَّثَنَا زكريا بن عَدِيّ، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طَلْحة، عن عمِّه عِمران بن طَلْحة، عن أمه حَمْنة بنت جَحْش قالت: كنت أُستحاضُ حيضةً كثيرة شديدة، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَستفتيهِ وأخبِرهُ، فوجدتُه في بيت
(1)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، والشيباني هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان، والأسود: هو ابن يزيد النَّخَعي.
وأخرجه أبو داود (273) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 40/ (24046) عن محمد بن فضيل، والبخاري (302)، ومسلم (293)(2)، وابن ماجه (635) من طريق علي بن مُسهِر، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، به. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه.
قوله: "فور حيضتها" أي: أولها ومعظمها.
والإرْب، بكسر الهمزة وسكون الراء: الحاجة، وقيل: العقل، وقيل: العُضْو، ويروى بفتح الهمزة والراء: وهي الحاجة.
(2)
أخرجه البخاريّ برقم (300)، ومسلم (293)(1).
أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني امرأةٌ أُستَحاضُ حيضةً كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟ قد مَنَعَتني الصلاةَ والصومَ، قال:"أَنعَتُ لك الكُرسُفَ، فإنه يُذهِب الدمَ" قالت: هو أكثر من ذلك، إنما أَثُجُّ ثَجًّا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سآمرُكِ بأمرَين، أيَّهما فعلتِ أجزأ عنكِ من الآخَر، وإن قَوِيتِ عليهما فأنتِ أعلمُ" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذه رَكْضَةٌ من رَكَضات الشيطان، فتحيَّضي ستةَ أيام، أو سبعةَ أيام في عِلْم الله عز وجل، ثم اغتسلي، حتَّى إذا رأيتِ أنك قد طَهُرتِ واستَنقَأتِ فصلِّي ثلاثًا وعشرين ليلةً أو أربعًا وعشرين ليلةً وأيامَها، وصومي، فإنَّ ذلك يجزِئُك، وكذلك فافعلي كلَّ شهر كما تحيَّضُ النساء وكما يَطهُرْن مِيقات حيضِهن وطُهرِهن، وإن قَوِيتِ على أن تؤخري الظهرَ وتعجِّلي العصرَ، فتغتسلين وتجمَعين بين الصلاتين، الظهرَ والعصرَ، وتؤخرين المغربَ وتعجِّلين العشاءَ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي وصومي إن قَدِرتِ على ذلك" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذا أعجَبُ الأمرَينِ إليَّ"
(1)
.
قد اتَّفق الشيخان على إخراج حديث المُستحاضة من حديث الزُّهْري وهشام بن عُرْوة عن عروة عن عائشة
(2)
: أنَّ فاطمة بنت أبي حُبَيش سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وليس
(1)
إسناده ضعيف، تفرَّد به عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، ولم يتابع عليه، ومثله لا يُقبل تفرُّده.
وأخرجه أحمد 45/ (27474)، وأبو داود (287)، والترمذيّ (128) من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد. وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح!
وأخرجه أحمد (27144)، وابن ماجه (622) و (627) من طريقين عن عبد الله بن عقيل، به.
والكُرسف: القُطن، والثَّجُ: السَّيَلان.
وقوله: "ركضة من ركضات الشيطان" قال ابن الأثير في "النهاية": أصل الركض: الضرب بالرِّجل والإصابة بها، أراد الإضرار بها والأذى، والمعنى: أنَّ الشيطان قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطُهرها وصلاتها حتَّى أنساها ذلك عادتها، وصار في التَّقديرُ كأنه ركضة من ركضاته.
(2)
قوله: "عن عروة" سقط من المطبوع. وهو من هذا الطريق عند البخاريّ (228) و (306) و (320) و (331)، ومسلم (333).
فيه هذه الألفاظ التي في حديث حَمْنة بنت جحش ورواية عبد الله بن محمد بن عَقِيل بن أبي طالب، وهو من أشرافِ قريش وأكثرهم روايةً، غيرَ أنهما لم يحتجَّا به.
وشواهده حديثُ الشَّعْبي عن قَمِير امرأة مسروق عن عائشة، وحديثُ أبي عَقِيل يحيى بن المتوكَّل عن بُهَيَّة عن عائشة
(1)
، وذكرها في هذا الموضع يَطُول.
625 -
وقد حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا الرَّبيع بن سليمان، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن شِهاب، عن عُرْوة بن الزُّبير وعَمْرة، عن عائشة: أنَّ أمّ حَبِيبة بنت جَحْش كانت تحت عبد الرحمن بن عَوْف، وأنها استُحِيضت سبعَ سنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ هذا ليس بالحَيْضة، ولكنها عِرقٌ، فاغتسلي"
(2)
.
626 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي، حَدَّثَنَا أبو المغيرة، عن الأوزاعيِّ، عن الزُّهْري، عن عُرْوة وعَمْرة، عن عائشة قالت: استُحيضت أمّ حَبِيبة وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبعَ سنين، فأمرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أقبَلَت الحيضةُ فدَعِي الصلاةَ، فإذا أدبَرَت فاغتسلي وصلِّي"
(3)
.
(1)
انظر حديث قمير عن عائشة والتعليق عليه عند أبي داود برقم (300)، وكذا حديث بُهيَّة عنده برقم (284).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (334)(64)، وأبو داود (285) و (288)، والنسائي (211)، وابن حبان (1352) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
(3)
إسناده صحيح. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج.
وهو في "مسند أحمد" 41/ (24538) بأطول مما هنا، لكن وقع فيه: عروة عن عمرة! وانظر تتمة تخريجه فيه.
وأخرجه ابن ماجه (626) عن محمد بن يحيى، عن أبي المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائيّ (209) و (210)، وابن حبان (1353) من طرق عن الأوزاعي، به وقُرن بالأوزاعي عند النسائيِّ النعمانُ بن المنذر وحفص بن غيلان، وعند ابن حبانَ الليثُ بن سعد، =
حديث عمرو بن الحارث والأوزاعي صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما خرَّج مسلم حديث سفيان بن عُيينة وإبراهيم بن سعد عن الزُّهْري بغير هذا اللفظ
(1)
.
وقد تابع محمدُ بنُ عمرو بن علقمة الأوزاعيَّ على روايته هذه عن الزُّهْري على هذه الألفاظ، وهو صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه:
627 -
أخبرَناه أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حَدَّثَنَا الحسين بن محمد بن زياد، حَدَّثَنَا محمد بن المثنَّى، حَدَّثَنَا ابن أبي عَدِي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو، حدَّثني ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير، عن فاطمة بنت أبي حُبيش: أنها كانت تُستَحاض، فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"إذا كان دَمُ الحَيْضة فإنه دمٌ أسودُ يُعرَف، فإذا كان ذلك فأَمسِكي عن الصلاة، وإذا كان الآخرُ فتوضَّئي وصلِّي، فإنما هو عِرقٌ"
(2)
.
628 -
وأخبرنا أبو سهل بن زياد القطّان ببغداد، حَدَّثَنَا يحيى بن جعفر، حَدَّثَنَا على
(3)
بن عاصم، حَدَّثَنَا سُهيل بن أبي صالح.
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا محمد بن بِشْر بن مَطَر، حَدَّثَنَا وهب بن بَقيَّة، حَدَّثَنَا خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح، عن الزُّهْري، عن عُروة بن الزُّبير، عن أسماء بنت عُمَيس قالت: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فاطمة بنت
= وحديث الليث عند أحمد 41 / (24523)، ومسلم (334)(63)، وأبي داود (290)، والنسائي (205) عن عروة وحده.
وأخرجه أحمد 42/ (25095)، والبخاري (327) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزُّهْري، به.
(1)
بل أخرجه مسلم أيضًا من طريق عمرو بن الحارث بإسناده ومتنه كما سبق.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي. والمحفوظ أنه من حديث عروة عن خالته عائشة: أن فاطمة
…
هكذا في "الصحيحين" وغيرهما كما تقدم قريبًا بإثر (624).
وأخرجه أبو داود (286) و (304)، والنسائي (215) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (7062).
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: عديّ.
أبي حُبَيش استُحِيضت منذُ كذا وكذا فلم تصلِّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سبحانَ الله، هذا من الشيطان، لتَجلِسْ في مِركَنٍ، فإذا رأت الصُّفَارةَ فوق الماء فلتغتَسِلْ للظُّهر والعصر غُسلًا واحدًا، وتغتسلْ للمغرب والعشاء غُسلًا واحدًا، وتغتسلْ للفجر، وتتوضَّأْ فيما بين ذلك"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ.
629 -
أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب، حَدَّثَنَا عبد الوهاب بن عطاء، حَدَّثَنَا هشام بن حسَّان.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا إسماعيل بن عُلَيَّة، عن أيوب؛ جميعًا عن محمد بن سِيرِين، عن أمُّ عطيَّة قالت: كنا لا نَعُدُّ الكُدْرةَ والصُّفْرَة شيئًا
(2)
.
630 -
أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن، حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا حجَّاج بن مِنْهال، حَدَّثَنَا حمّاد بن سَلَمة، عن قَتَادة، عن أمّ الهُذَيل، عن أمّ عطيَّة - وكانت بايعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت: كنا لا نَعُدُّ الكُدْرةَ والصُّفْرةَ بعد الطُّهْر شيئًا
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وأم الهُذَيل: هي حَفْصة بنت سِيرين، فإنَّ اسم ابنها الهُذَيل واسم زوجها
(1)
إسناده لا بأس برجاله، وعلي بن عاصم - وإن كان فيه ضعف - متابع.
وأخرجه أبو داود (296) عن وهب بن بقية، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (7062).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاريّ (326)، وأبو داود (308)، والنسائي في "المجتبى"(368) من طرق عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرجه ابن ماجه (647) من طريق معمر، عن أيوب، به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (307) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (647 م) من طريق وهيب بن خالد، عن أيوب، به.
عبد الرحمن، وقد أَسنَدَ الهذيلُ بن عبد الرحمن عن أمِّه.
631 -
أخبرنا الحسن بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله بن المبارَك، عن يونس بن نافع، عن كَثِير بن زياد أبي سَهْل قال: حدثتني مُسَّةُ الأزديَّة قالت: حَجَجْتُ فدخلتُ على أمّ سلمة فقلت: يا أمّ المؤمنين، إنَّ سَمُرةَ بن جُندب يأمر النساءَ يَقضِينَ صلاةَ المَحِيض، فقالت: لا يَقضِينَ، كانت المرأة من نساء النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقعُدُ في النِّفَاس أربعين ليلةً لا يأمُرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النِّفاس
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، ولا أعرفُ في معناه غيرَ هذا.
وشاهده:
632 -
ما حدَّثَناه أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس، حَدَّثَنَا زُهير، حَدَّثَنَا علي بن عبد الأعلى، عن أبي سَهْل، عن مُسَّة، عن أمّ سلمة قالت: كانت النُّفَساءُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تَقعُدُ بعد نِفاسِها أربعين يومًا أو أربعين ليلةً، وكنا نَطْلي على وجوهنا الوَرْسَ؛ يعني من الكَلَف
(2)
.
(1)
إسناده محتمل للتحسين إن شاء الله من أجل مسَّة الأزدية. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي.
وأخرجه أبو داود (312) من طريق محمد بن حاتم، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.
وقوله فيه: "من نساء النَّبِيّ" الظاهر أنه وهمٌ من يونس بن نافع راويه عن أبي سهل، فقد نصُّوا على أنه يخطئ، وقد وصف ابن القطان في "الوهم والإيهام" 3/ 329 هذا المتن بأنه منكر وقال: إنَّ أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما منهن من كانت نُفَساء أيام كونها معه إلّا خديجة وزوجيَّتها كانت قبل الهجرة، فإذًا لا معنى لقولها:"قد كانت المرأة من نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين يومًا" إلّا أن تريد بنسائه غيرَ أزواجه من بنات وقريبات وسُرِّيَّته مارية.
(2)
إسناده محتمل للتحسين كسابقه. زهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه أبو داود (311) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد. =
633 -
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القَنطَري ببغداد، حَدَّثَنَا أبو قِلابة الرَّقَاشي، حَدَّثَنَا أبو عاصم النَّبيل، حَدَّثَنَا عثمان بن سعد القرشي، حَدَّثَنَا ابن أبي مُلَيكة قال: جاءت خالتي فاطمةُ بنت أبي حُبَيش إلى عائشة فقالت: إني أخاف أن أقعَ في النار، إني أدَعُ الصلاةَ السنةَ والسنتين، لا أُصلي، فقالت: انتظري حتَّى يجيءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فجاء فقالت عائشة: هذه فاطمةُ تقول كذا وكذا، فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"قولي لها فلتَدعِ الصلاةَ في كل شهر أيامَ قُرونها ثم لتَعْتَسِلْ في كل يوم غُسلًا واحدًا، ثم الطُّهورُ عند كل صلاة، ولتنظِّفْ ولتَحْتشِ، فإنما هو داءٌ عَرَضَ، أو رَكْضَةٌ من الشيطان، أو عِرقُ انقَطَع"
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ
(2)
، وعثمان بن سعد الكاتب بصري ثقةٌ عزيزٌ الحديث يُجمَع حديثه.
634 -
أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، حَدَّثَنَا أحمد بن موسى التَّميمي، حَدَّثَنَا أبو بلال الأشعري، حَدَّثَنَا أبو شِهَاب، عن هشام بن حسَّان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وَقتَ للنساء في نفاسِهِنَّ أربعين يومًا
(3)
.
= وأخرجه أحمد 44/ (26561) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن زهير بن معاوية، به.
وأخرجه ابن ماجه (648)، والترمذيّ (139) من طريق شجاع بن الوليد، عن ابن عبد الأعلى، به.
(1)
إسناده ضعيف، عثمان بن سعد الراجحُ من أقوال أهل الجرح والتعديل أنه ضعيف، وقد كان يحيى القطان يتكلّم فيه من قبل حفظه. وابن أبي مليكة - وهو عبد الله - إنما سمعه من خالته فاطمة بنت أبي حبيش كما وقع في رواية إسرائيل عن عثمان بن سعد عند أحمد 45/ (27631).
وسيتكرر مختصرًا برقم (7083)، وفيه هناك: عثمان بن الأسود، بدلٌ: بن سعد، وهو غلط.
(2)
انظر حديث عروة عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش عند البخاريّ (228)، ومسلم (333)، ولتمام تخريجه انظر "مسند أحمد" 42/ (25622).
(3)
إسناده ضعيف، أبو بلال الأشعري ضعَّفه الدارقطني، والمشهور عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص موقوفًا عليه كما سيأتي، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 171، =
هذه سُنَّة عزيزة، فإن سَلِمَ هذا الإسنادُ من أبي بلال، فإنه مُرسَل صحيح، فإِنَّ الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص.
وله شاهد بإسنادٍ مثله:
635 -
أخبرَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الحَفيد
(1)
، حَدَّثَنَا موسى بن زكريا التُّستَري: وحدثنا عمرو بن الحُصَين، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن عُلَاثة، عن عَبْدة بن أبي لُبَابة، عن عبد الله بن باباهُ، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَنتَظِرُ النُّفَساءُ أربعين ليلةً، فإن رأَتِ الطُّهرَ قبلَ ذلك فهي طاهرٌ، وإن جاوزَتِ الأربعينَ فهي بمنزلة المُستَحاضَةِ تغتسلُ وتصلِّي، فإنْ غَلَبَها الدمُ توضّأت لكلِّ صلاة"
(2)
.
عمرو بن الحصين ومحمد بن عُلَاثة ليسا من شرط الشيخين، وإنما ذكرتُ هذا الحديث شاهدًا متعجبًا.
636 -
أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْوي ببغداد، حَدَّثَنَا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حَدَّثَنَا عبد السلام بن محمد الحمصي ولقبُه سُلَيم، حَدَّثَنَا بقيَّة بن الوليد، أخبرني الأسود بن ثعلبة، عن عُبَادة بن نُسَيّ، عن
= وأبو بكر بن أبي دارم متكلَّم فيه لكنه توبع.
وأخرجه البيهقي في "الخلافيات"(1055) عن الحاكم محمد بن عبد الله، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: أبو بلال الأشعري لا يحتج به.
وأخرجه الدارقطني (856) من طريق أبي شيبة، عن أبي بلال الأشعري، به.
وأصحُّ ما جاء عن عثمان بن أبي العاص في ذلك ما رواه عبد الرزاق (1201) والدارمي (990) وابن الجارود في "المنتقى"(118) من طريق سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن عثمان بن أبي العاص: أنه كان لا يقرب النفساء أربعين يومًا. ورجاله ثقات.
(1)
تحرّف في (ب) إلى: الجنيد.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، عمرو بن الحصين وابن عُلاثة قال الدارقطني: ضعيفان متروكان.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(858)، والطبراني في "الأوسط"(8311) من طريق موسى بن زكريا، بهذا الإسناد.
عبد الرحمن بن عثمان، عن معاذ بن جبل، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا مضى للنُّفَساء سبعٌ ثم رأَت الطُّهرَ، فلتغتَسِل ولتُصلِّ"
(1)
.
وقد استَشهَد مسلمٌ ببقيَّة بن الوليد، وأما الأسود بن ثعلبة فإنه شامي معروف، والحديث غريب في الباب.
637 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا خالد، عن خالد الحذَّاء، عن أبي قِلَابة، عن عمرو بن بُجْدان، عن أبي ذر قال: اجْتَمَعَت غُنَيمةٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أبا ذرٍّ، ابْدُ فيها"، فبَدَوت إلى الرَّبَذة، فكانت تصيبني الجنابةُ، فأمكُثُ الخمسةَ والستةَ، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أبو ذرٍّ! " فسكتُّ فقال: "تَكِلتك أمُّك أبا ذر، لأُمِّك الويلُ" فدعا بجارية فجاءت بعُسٍّ من ماء فستَرَتْني بثوبٍ، واستترتُ بالراحلة فاغتسلتُ، فكأني ألقيتُ عني جبلًا، فقال: "الصَّعيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدتَ الماء فأَمِسَّه جِلدَك، فإنَّ ذلك خيرٌ"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة الأسود بن ثعلبة، وبقية بن الوليد ليس بذاك القوي، ثم إنَّ بين بقية ابن الوليد والأسود بن ثعلبة في هذا الإسناد راويًا اسمه علي بن علي، فإنَّ البيهقي لما أخرج هذا الحديث في "سننه" 1/ 342 عن المصنّف بهذا الإسناد، قال: هكذا أخبرَناه أبو عبد الله - يعني الحاكم - عن أبي إسماعيل، ثم ساقه من طريق علي بن عمر الحافظ - وهو - وهو الدارقطني - عن أبي سهل بن زياد بإسناده عن بقية بن الوليد قال: حَدَّثَنَا علي بن علي عن الأسود، وفي آخره: قال سُليم: فلقيت علي بن علي فحدثني عن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. ثم قال: هذا أصح، وإسناده ليس بالقوي. قلنا: وهو - كما ساقه البيهقي - في "سنن الدارقطني"(861).
وأخرجه تمام في "فوائده"(908) من طريق عمران بن بكار الحمصي، عن عبد السلام بن محمد الحمصي، بهذا الإسناد مثل رواية الدار قطني. وعلي بن علي لم نتبيَّنه.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل عمرو بن بُجْدان. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، وخالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي، وخالد الحذّاء: هو ابن مِهران، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. =
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، إذ لم نَجِدْ لعمرو بن بُجْدان راويًا غيرَ أبي قِلابة الجَرْمي، وهذا ممّا شَرَطتُ فيه، وبيَّنتُ
(1)
أنهما قد خرَّجا مثلَ هذا في مواضع من الكتابين.
638 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم أخبرنا ابن وهب، حدَّثني عمرو بن الحارث ورجلٌ آخر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص: أنَّ عمرو بن العاص كان على سَرِيَّة، وأنهم أصابهم بردٌ شديد لم يُرَ مثلُه، فخرج لصلاة الصبح فقال: والله لقد احتلمتُ البارحةَ، ولكني والله ما رأيتُ بردًا مثلَ هذا، هل مرَّ على وجوهكم مثلُه؟ قالوا: لا، فغسل مَغابِنَه وتوضَّأَ وضوءَه للصلاة ثم صلى بهم، فلما قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كيف وجدتُم عَمْرًا وصحابتَه؟ " فأثَنْوا عليه خيرًا وقالوا: يا رسول الله، صلَّى بنا وهو جُنُبٌ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو فسأله، فأخبره بذلك وبالذي لَقِيَ من البرد،
= وأخرجه أبو داود (332) عن مسدَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود أيضًا (332)، وابن حبان (1311) من طريقين عن خالد الطحان، به.
وأخرج قوله: "الصعيد الطيب
…
إلخ" أحمد 35/ (21568)، والترمذيّ (124) من طريق سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، به. وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أيضًا النسائيّ (307) من طريق سفيان الثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، به. ورواية أيوب مطوَّلة عند أحمد 35/ (21304)، وأبي داود (333)، إلّا أنَّ فيها عندهما: عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر، ولم يسمِّه.
وأخرجه مطولًا أيضًا ابن حبان (1312) من طريق يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، به. وانظر تتمة تخريجه في هذه المصادر.
ويشهد له حديث أبي هريرة عند البزار (10068) والطبراني في "الأوسط"(1333)، وسنده قوي وصحَّحه ابن القطان في "الوهم والإيهام" 5/ 266.
والرَّبَذة: بلدة تقع على مسافة 200 كم تقريبًا شرقي المدينة المنورة، وهي الآن خَرِبة.
(1)
في (ب): وثبت، وانظر كلامه بإثر الحديث (97).
فقال: يا رسول الله، إنَّ الله قال:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء: 29] ولو اغتسلتُ مُتُّ، فضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما عَلَّلاه بحديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب الذي:
639 -
أخبرَناه أحمد بن سلمان الفقيه قال: قُرئَ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع قال: حَدَّثَنَا وهب بن جَرِير بن حازم، حَدَّثَنَا أبي قال: سمعتُ يحيى بن أيوب يحدِّث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص قال: احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غزوة ذات السَّلاسل فأشفَقتُ إن اغتسلتُ أن أهلِكَ، فتيمَّمتُ ثم صلَّيت بأصحابي الصبحَ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عمرُو، صلَّيتَ بأصحابك وأنت جُنُب؟! " فأخبرتُه بالذي مَنَعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعتُ الله يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ، فَضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا
(2)
.
حديث جرير بن حازم هذا لا يُعلِّل حديثَ عمرو بن الحارث الذي وَصَلَه بذِكْر أبي قيس، فإنَّ أهل مصر أعرفُ بحديثهم من أهل البصرة.
640 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أبو عثمان سعيد بن عثمان
(1)
حديث صحيح على خلاف في إسناده وبعض ألفاظ متنه، كما هو مبيَّن في "مسند أحمد" 29/ (17812)، وهذا إسناد رجاله ثقات عن آخرهم إلّا أنَّ صورته صورة المرسل، فإنَّ أبا قيس من التابعين ولم يشهد هذه القصة، لكن في الغالب أنه سمعه من مولاه عمرو بن العاص، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أبو داود (335)، وابن حبان (1315) من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وقرن أبو داود بابن وهبٍ ابنَ لهيعة، وحديث ابن لهيعة عند أحمد 29/ (17812) لكن من رواية عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص بإسقاط أبي قيس، وفيها ذكر التيمم مكان الوضوء كما في رواية يحيى بن أيوب التالية.
(2)
حديث صحيح، وانظر ما قبله.
وأخرجه أبو داود (334) عن محمد بن المثنى، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
التَّنُوخي، حَدَّثَنَا بِشْر بن بكر، حدَّثني الأوزاعي، حَدَّثَنَا عطاء بن أبي رَبَاح، أنه سمع عبدَ الله بن عباس يُخبِر: أنَّ رجلًا أصابه جرحٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أصابه احتلامٌ، فاغتسل فمات، فبَلَغَ ذلك النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"قَتَلوه قَتَلهم الله، ألم يكن شِفاءَ العِيِّ السؤالُ"
(1)
.
بِشْر بن بكر ثقة مأمون، وقد أقام إسنادَه، وهو صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
641 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا العباس بن الوليد بن مَزْيد، أخبرنا أبي، قال: سمعتُ الأوزاعي يقول: بلغني عن عطاء بن أبي رباح، أنه سمع ابن عباس يُخبر: أنَّ رجلًا أصابه جرحٌ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أصابه احتلام، فأُمر بالاغتسال، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"قَتَلُوه قَتَلَهم الله، ألم يكن شفاءَ العِيِّ السؤالُ"
(2)
.
فبَلَغَنا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن ذلك فقال: "لو غَسَلَ جسده وترك رأسَه حيث أصابه الجرحُ"
(3)
.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، وذكر صيغة التحديث بين الأوزاعي وعطاء وهمٌ لعلَّه من بشر بن بكر فقد قال فيه مسلمة بن قاسم: روى عن الأوزاعي أشياء انفرد بها.
وقد خالفه جمع من عطاء، الثقات فرووه عن الأوزاعي قال: بلغني عن عطاء، منهم الوليد بن مزيد كما سيأتي عند المصنّف لاحقًا، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عند أحمد 5/ (3056)، ومحمد بن شعيب بن شابور عند أبي داود (337).
وأخرجه ابن ماجه (572) من طريق عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن عطاء، به. ولم يذكر بينهما سماعًا.
وأحسن ما جاء في هذا عن عطاءٍ ما سلف عند المصنّف برقم (594).
والعِيّ: الجهل.
(2)
من قوله: "بشر بن بكر ثقة مأمون" إلى هنا سقط من (ب) والمطبوع.
(3)
حديث حسن كسابقه لكن دون البلاغ في آخره، فهو ضعيف لإرساله، فالقائل:"فبلغنا" هو عطاء بن أبي رباح كما وقع مصرَّحًا به في هذه الرواية نفسها عند البيهقي في "السنن الكبرى" =
وقد رواه الهِقْل بن زياد، وهو من أثبت أصحاب الأوزاعي، ولم يَذكُر سماعَ الأوزاعي من عطاء:
642 -
أخبرنا [أبو] عبد الله محمد
(1)
أحمد بن بن علي بن مَخلَد الجوهري ببغداد، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الهيثم البَلَدي، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح، حَدَّثَنَا هِقْل بن زياد.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن سفيان، حَدَّثَنَا الحَكَم بن موسى، حَدَّثَنَا هِقْل قال: سمعتُ الأوزاعيَّ قال: قال عطاء عن ابن عباس: إنَّ رجلًا أصابته جِراحةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابته جَنابةٌ، فاستفتى فأُمِرَ بالغُسْل، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"قَتَلُوه قَتَلهم الله، ألم يكن شِفاءَ العِيِّ السؤالُ؟! ".
قال عطاء: فبَلَغَني: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ بعد ذلك فقال: "لو غَسَلَ جسدَه وتركَ حيث أصابه الجِراحُ أجزأَه"
(2)
.
643 -
حَدَّثَنَا أبو القاسم عبد الرحمن بن حسن بن أحمد بن محمد بن عُبيد الأسَدي بهَمَذان، حَدَّثَنَا عُمير بن مِرْداس، حَدَّثَنَا عبد الله بن نافع، حَدَّثَنَا الليث بن سعد، عن بكر بن سَوَادة، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي سعيد الخُدْري قال: خَرَجَ رجلانِ في سفرٍ فحضَرت الصلاةُ وليس معهما ماءٌ، فتيمَّما صعيدًا طيبًا، فصلَّيا، ثم
= 1/ 227 حيث رواه عن أبي عبد الله الحاكم وآخرين معه عن أبي العباس محمد بن يعقوب بهذا الإسناد. وكما سيأتي في رواية هِقْل التالية عند المصنّف، وهو كذلك في رواية عبد الحميد بن أبي العشرين عند ابن ماجه (572)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(1)
في النسخ الخطية: أخبرنا عبد الله بن محمد، وقد جاء على الصواب في هذا الكتاب في غير هذا الموضع، فهو أبو عبد الله واسمه محمد، وله ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 16/ 60 - 61.
(2)
هو كسابقه. وأخرجه أبو يعلى (2420 - 2421) عن أبي صالح عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (730) و (731) من طريقين عن الحكم بن موسى، به.
وَجَدَا الماءَ في الوقت، فأعاد أحدُهما الصلاةَ والوضوءَ ولم يُعِدِ الآخرُ، ثم أتَيا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يُعِدْ:"أصبتَ السُّنةَ وأجزَأَتْك صلاتُك" وقال للذي توضأَ وعادَ: "لك الأجرُ مرَّتين"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ عبد الله بن نافع ثقة، وقد وَصَلَ هذا الإسناد عن الليث وقد أرسله غيرُه:
644 -
أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حَدَّثَنَا يحيى بن بُكَير، حَدَّثَنَا الليث، عن عَمِيرة بن أبي ناجية، عن بَكْر بن سَوَادة، عن عطاء بن يَسَار، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحوه. والله أعلم.
645 -
حَدَّثَنَا علي بن عيسى الحِيرِي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو الحَرَشي، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى، حَدَّثَنَا علي بن ظَبْيان، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"التيمُّمُ ضربتانِ: ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين إلى المِرفَقين"
(2)
.
(1)
رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن حسن فهو ضعيف لكنه متابع، وقد اختُلف في إسناده: فقد أخرجه أبو داود (338)، والنسائي في "المجتبى"(433) من طريقين عن عبد الله بن نافع، بهذا الإسناد.
وخالف ابنَ نافع عبدُ الله بنُ المبارك عند النسائيّ (434)، ويحيى بن بكير فيما يلي عند المصنّف، فروياه عن الليث بن سعد، عن عَميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار مرسلًا.
هكذا أرسلاه وأدخلا بين الليث وبكر عميرةَ بن أبي ناجية، وهو قد وثقه النسائيّ وابن حبان، على أنَّ سماع الليث من بكر ممكن جدًّا، فقد تعاصرا في بلد واحد أكثر من عشرين عامًا.
وتابع ابنَ نافع على وصله أبو الوليد الطيالسي عند ابن السكن في "صحيحه" - كما في "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 2/ 434 و "نصب الراية" للزيلعي 1/ 160 - فرواه عن الليث، عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء، عن أبي سعيد.
ورواه مرسلًا ابن لهيعة عند أبي داود (339) عن بكر بن سوادة، عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد، عن عطاء بن يسار. وابن لهيعة سيئ الحفظ، وأبو عبد الله مجهول.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، علي بن ظبيان متفق على ضعفه، ووهّاه الذهبي في "تلخيصه"، والصواب فيه عن ابن عمر موقوف كما سيأتي. =
قد اتَّفق الشيخان على حديث الحَكَم عن ذَرٍّ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبْزَى عن عن أبيه عن عمر في التيمُّم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ
(1)
، ولا أعلم أحدًا أسنده عن عُبيد الله غير علي بن ظَبْيان، وهو صدوق! وقد أَوقَفَه يحيى بن سعيد وهُشيم بن بَشِير وغيرهما، وقد أوقفه مالك بن أنس عن نافع في "الموطأ" بغير هذا اللفظ، غير أنَّ شَرْطي في سَنَد الصدوقِ الحديث إذا أَوقَفَه غيره
(2)
.
646 -
حَدَّثَنَا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم
(3)
بن منصورٍ أميرِ المؤمنين في دار المنصور ببغداد، حَدَّثَنَا الهيثم بن خالد، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا سليمان بن أَرقَمَ، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه قال: تيمَّمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضَرَبْنا بأيدينا على الصعيد الطيِّب، ثم نَفَضنا أيدينا فمَسَحْنا بها وجوهَنا، ثم ضربنا ضربةً أخرى الصعيدَ الطيِّبَ ثم نَفَضْنا أيديَنا فمسحنا بأيدينا من المِرفَقِ إلى الكفِّ
= وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13366)، وابن عديّ في "الكامل" 5/ 188، والدارقطني في "السنن"(685) من طرق عن علي بن ظبيان، بهذا الإسناد قال الدارقطني: كذا رواه علي بن ظبيان مرفوعًا، ووقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما، وهو الصواب، وكذا صوَّب وقفه أيضًا في كتابه "العلل" 12/ 306 (2838).
ثم ساقه الدارقطني في "سننه" برقم (686) موقوفًا من طريق يحيى وهشيم، عن عبيد الله بن عمر، و (687) من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر. وهو في "موطأ مالك" 1/ 56.
الله وأخرجه موقوفًا أيضًا البيهقي 207/ 12 من طريق هشيم، عن عبيد بن عمر ويونس - وهو ابن عبيد - عن نافع، عن ابن عمر. وانظر ما سيأتي برقم (647).
(1)
حديث الحكم عند البخاريّ (338) ومسلم (368)(112)، وهو من رواية عبد الرحمن بن أبزى عن عمار بن ياسر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنما كان يكفيك هكذا" فضرب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفَّيه.
(2)
كذا وقعت العبارة في النسخ الخطية، والظاهر أنها ناقصة، إذ لا بدَّ لها من تتمة لتُفهَم.
(3)
وقع في النسخ الخطية: إبراهيم بن إسماعيل، والصواب أنه إسماعيل بن إبراهيم، كما جاء في غير موضع من هذا الكتاب، وانظر ترجمته في "تاريخ بغداد" 11/ 63، و "سير أعلام النبلاء" 15/ 551.
على مَنابتِ الشَّعر من ظاهرٍ وباطن
(1)
.
هذا حديث مفسَّر، وإنما ذكرتُه شاهدًا لأنَّ سليمان بن أرقم ليس من شرط هذا الكتاب، وقد اشترطنا إخراجَ مثله في الشواهد.
647 -
أخبرنا حمزة بن العباس العَقَبي ببغداد، حَدَّثَنَا محمد بن عيسى المدائني، حَدَّثَنَا شَبَابِةُ بن سَوَّار.
وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق، حَدَّثَنَا هارون بن عبد الله، حَدَّثَنَا شَبَابة، حَدَّثَنَا سليمان بن أبي داود الحرَّاني، عن سالم ونافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في التيمم: "ضَربتين
(2)
: ضربةً للوجه، وضربةً لليدين إلى المِرفَقَينِ"
(3)
.
سليمان بن أبي داود أيضًا لم يُخرجاه، وإنما ذكرناه في الشواهد.
وقد رُوِّينا معنى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح:
648 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل وأبو بكر بن بالَوَيهِ قالا: حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا عَزْرة بن ثابت، عن أبي الزُّبير، عن
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، سليمان بن أرقم متروك الحديث. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين.
وأخرجه الدارقطني (688) عن محمد بن علي بن إسماعيل الأُبُلي، عن الهيثم بن خالد، بهذا الإسناد. وضعَّفه بسليمان بن أرقم، وكذا ضعفه البيهقي في "سننه" 1/ 207 به وقال: لا يُحتجُّ بحديثه.
(2)
هكذا في النسخ الخطية، وهو صحيح عربيةً على أنه منصوب على المصدرية على تقدير فعل يضرب أو اضرب.
(3)
إسناده ضعيف لضعف سليمان بن أبي داود، الحراني، وبه ضعَّفه الدارقطني والبيهقي وابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 152.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(690) من طريقين عن إبراهيم الحربي - وهو إبراهيم بن إسحاق - بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (6088) من طريق قرة بن سليمان، عن سليمان بن أبي داود، به. وقال: والحفّاظ يوقفونه على قول ابن عمر. وانظر ما سلف برقم (645).
جابر قال: جاء رجل فقال: أصابتني جَنابةٌ وإني تمعَّكتُ في التراب، فقال: اضرِبْ
(1)
، فضرب بيديه الأرضَ فَمَسَحَ وجهَه، ثم ضرب بيديه فمَسَحَ بهما يديه إلى المِرفقَينِ.
649 -
وحدثنا علي بن حَمْشَاذ وأبو بكر بن بالَوَيهِ قالا: حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسحاق، حَدَّثَنَا عثمان بن محمد الأَنماطي، حَدَّثَنَا حَرَميُّ بن عُمَارة، عن عَزْرة بن ثابت، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"التيمُّمُ ضربةٌ للوجه، وضربةٌ لليدينِ إلى المرفَقَينِ"
(2)
.
650 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن سِنان القَزاز، حَدَّثَنَا عمرو بن محمد بن أبي رَزِين، حَدَّثَنَا هشام بن حسَّان، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يتيمَّم بموضعٍ يقال له: مِربَدُ النَّعَم، وهو يرى بيوتَ المدينة
(3)
.
(1)
هكذا وقع في رواية إبراهيم الحربي عن أبي نعيم عند المصنّف وعنه البيهقي في "السنن" 1/ 207، وهي كذلك عند الدارقطني (692)، وهو تصحيف قديم صوابه: أصرتَ حمارًا، هكذا وقع في كتاب أبي نعيم نفسه، وهو كتاب "الصلاة" برقم (145)، ورواه من طريقه على الصواب الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 114.
وهذا الحديث موقوف على جابر بن عبد الله وصحَّح البيهقي إسناده.
وأخرجه كذلك موقوفًا ابن أبي شيبة 1/ 159 عن وكيع، وابن المنذر في "الأوسط"(536) من طريق ابن المبارك، كلاهما عن عزرة بن ثابت، به.
(2)
رفعه شاذٌّ والصواب أنه موقوف، حرمي بن عمارة صدوق لكن كانت فيه غفلة وقد خالفه الثقات أبو نعيم وغيره كما سبق فوقفوه، وعثمان الأنماطي في حاله جهالة.
وأخرجه البيهقي 1/ 207 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (691) من طرق عن إبراهيم بن إسحاق الحربي، به.
(3)
إسناده ضعيف مرفوعًا، محمد بن سنان القزاز مختلف فيه، وعمرو بن محمد بن أبي رزين صدوق ربما أخطأ، وقد خولفا في رفع هذا الحديث، والصواب وقفه على ابن عمر كما سيأتي.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 224 و "الخلافيات"(859) عن أبي عبد الله الحاكم، =
هذا حديثٌ تفرَّد به عمرو بن محمد بن أبي رَزِين، وهو صَدُوق
(1)
، ولم يُخرجاه، وقد أوقفه يحيى بن سعيد الأنصاري وغيرُه عن نافع عن ابن عمر:
651 -
أخبرَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصَّنْعاني
(2)
، حَدَّثَنَا محمد بن جعشُم، عن سفيان الثَّوري، عن يحيى بن سعيد، عن نافع قال: تيمَّمَ ابن عمر على رأس مِيلٍ أو مِيلَينِ من المدينة فصلَّى العصر، فقَدِمَ والشمسُ مرتفعةٌ ولم يُعِدِ الصلاة
(3)
.
= بهذا الإسناد. وقرن في "السنن" معه آخرين، وقال في رفعه: ليس بمحفوظ.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(716) من طرق عن محمد بن سنان القزاز، به. وقال في "العلل" 12/ 305 (2737): وغيره يرويه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وكذلك رواه أيوب السختياني ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن إسحاق - صاحب المغازي - عن نافع عن ابن عمر من فعله موقوفًا.
قلنا: أما رواية أيوب السختياني فقد أخرجها ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 158، وأما رواية يحيى بن سعيد فهي عند المصنّف في الحديث التالي، وأما رواية ابن إسحاق فلم نقف عليها.
ورواه موقوفًا أيضًا محمد بن عجلان عن نافع، أخرجه عبد الرزاق (884)، والدارقطني في "العلل" 13/ 32، والبيهقي في "السنن" 1/ 224 و "معرفة السنن والآثار"(1641)، و "الخلافيات"(860)، وقال البيهقي: هو المحفوظ؛ أي: موقوفًا.
ومِربَد النَّعَم: موضع على ميلين من المدينة، قاله ياقوت في "معجم البلدان" 5/ 98.
(1)
لكن قال ابن حبان في "ثقاته": ربما أخطأ وقال الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 185: ورفعه لهذا الحديث من جملة ما أخطأ فيه، والله أعلم.
(2)
تحرّف في النسخ الخطية إلى: الصغاني، والصواب أنَّ هذا الراوي صنعاني من صنعاء اليمن كما سيأتي تقييده عند المصنّف برقم (3655). وهو محمد بن إسحاق بن الصبّاح الصَّنعاني، وقد روى عنه أبو إسحاق الحيري عن محمد بن جعشم - وهو محمد بن شرحبيل بن جعشم - "جامعَ الثوري" فيما قاله أبو عبد الله الحاكم في "تاريخه" كما قال السمعاني في ترجمة الحيري من "الأنساب" 4/ 290.
(3)
خبر موقوف صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق الصَّنعاني وشيخه محمد بن جعشم، وباقي رجال الإسناد ثقات. =
652 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا بَحْر بن نَصْر بن سابق الخَوْلاني، حَدَّثَنَا بِشْر بن بكر، حَدَّثَنَا موسى بن عُليّ بن رَبَاحٍ، عن أبيه، عن عُقْبة بن عامر الجُهَني قال: خرجتُ من الشام إلى المدينة يومَ الجمعة، فدخلتُ المدينة يومَ الجمعة، فدخلتُ على عمر بن الخطَّاب، فقال لي: متى أَولجْتَ خُفَّيكَ في رِجلَيك؟ قلت: يومَ الجمعة، قال: فهل نَزَعتهما؟ قلت: لا، فقال: أصبتَ السُّنةَ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله شاهدٌ آخر عن عُقْبة بن عامر:
653 -
حَدَّثَنَا أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا الحسين بن إسحاق التُّستَري، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، حَدَّثَنَا المفضَّل بن فَضَالة قال: سألتُ يزيد بن أبي حَبيب عن المسح على الخفَّين، فقال
(2)
: أخبرني عبد الله بن الحَكَم البَلَوي، عن عُلي بن رَبَاح، عن عُقبة بن عامر أنه أخبره: أنه وَفَدَ إلى عمر بن الخطَّاب عامًا، قال عقبة: وعليَّ خُفَّانِ من تلك الخِفَافِ الغِلَاظ، فقال لي عمر: متى عهدُك بلباسِهما؟ فقلت: لَبِستُهما يومَ الجمعة، وهذا يومُ الجمعة، فقال لي عمر: أصبتَ السُّنةَ
(3)
.
= وأخرجه البيهقي 1/ 231 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (719) من طريق يزيد بن أبي حكيم، عن سفيان الثوري، به.
(1)
إسناده صحيح، وصحَّحه الدارقطني في "سننه" برقم (757)، وانظر ما بعده.
(2)
في (ز) و (ص): فقال المفضل، وهو خطأ، فإنَّ الذي روى هذا الحديث عن عبد الله بن الحكم البلوي هو يزيد بن أبي حبيب.
(3)
خبر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن الحكم البلوي.
وأخرجه ابن ماجه (558) من طريق حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب، بهذا الإسناد.
وفي مَسْألَة التوقيت في المسح على الخفين انظر التعليق على حديث خزيمة بن ثابت في "مسند أحمد" 36/ (21851).
وقد صحَّت الرواية عن عبد الله بن عمر أنه أَفتى به، ولم يُسنِده، وإليه ذهب مالك بن أنس الإمام.
654 -
أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حَدَّثَنَا الحارث بن أبي أُسامة، حَدَّثَنَا رَوْح بن عُبادة، حَدَّثَنَا هشام بن حسّان، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان لا يُوقِّت في المسح على الخفَّين وقتًا
(1)
.
وقد رُوِيَ هذا الحديث عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح، رواتُه عن آخرهم ثقات
(2)
إلا أنه شاد بمَرَّة:
655 -
حدَّثَناه أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حَدَّثَنَا المقدام بن داود بن تَلِيد الرُّعَيني، حَدَّثَنَا عبد الغفار بن داود الحرَّاني، حَدَّثَنَا حمَّاد بن سَلَمة، عن عُبيد الله بن أبي بكر وثابت، عن أنس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا توضَّأَ أحدُكم ولَبِسَ خُفَّيهِ، فليُصلِّ فيهما وليَمسَحْ عليها، ثم لا يخلَعُهما إن شاء إلّا من جَنَابة"
(3)
.
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم وعبد الغفار بن داود ثقةٌ غيرَ أنه ليس عند أهل البصرة عن حمّاد.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 280 عن محمد بن عبد الله الحافظ - وهو الحاكم - بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (758) من طريق أبي الأزهر، عن روح بن عبادة، به. وتابع روحًا عنده عبدُ الله بن بكر السهمي عن هشام بن حسان.
وأخرجه أيضًا بنحوه (759) و (760) من طريق عبد الله بن رجاء، عن عبيد الله بن عمر، به.
(2)
هذه مجازفة من المصنّف رحمه الله، فإنَّ في الإسناد المقدام بن داود بن تَلِيد وهو لم يؤثر توثيقه عن أحدٍ، وضعَّفه النسائيّ والدارقطني وغيرهما، وقال ابن أبي حاتم وابن يونس: تكلموا فيه، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" للذهبي 13/ 345 و "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر.
(3)
إسناده ضعيف لضعف المقدام بن داود.
وأخرجه الدارقطني (781)، والبيهقي 1/ 279 من طريق المقدام، بهذا الإسناد.
656 -
حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن علي بن بكر العَدْل وأبو منصور محمد بن القاسم العَتَكي قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن نصر، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا سفيان.
وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن سَلَمة العَنَزي، حَدَّثَنَا معاذ بن نَجْدة القرشي، حَدَّثَنَا قَبِيصة بن عُقْبة، حَدَّثَنَا سفيان.
وأخبرنا أبو النَّضر الفقيه، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدارمي، حَدَّثَنَا محمد بن كَثير، حَدَّثَنَا سفيان، عن المِقْدام بن شُريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما بالَ رسولُ الله قائمًا منذ أُنزِلَ عليه الفُرْقان
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وقد اتَّفقا على إخراج حديث الأعمش عن أبي وائل عن حُذيفة قال: أتَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سُبَاطةَ قوم فبال قائمًا
(2)
.
وقد رُوِيَ عن عُبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: عمر: ما بلتُ قائمًا منذ أسلمتُ
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 41/ (25045) و 42/ (25787) عن وكيع وعبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (672) و (673).
وأخرج ابن ماجه (307)، والترمذيّ (12)، والنسائي (25)، وابن حبان (1430) من طريق شريك - وهو ابن عبد الله بن أبي نَمِر - عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة بلفظ: من حدَّثكم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تصدِّقوه، ما كان يبول إلّا قاعدًا.
(2)
أخرجه البخاريّ برقم (224) ومسلم (273). والجمع بينه وبين حديث عائشة ما ذكره في فتح الباري 1/ 677 (بتحقيقنا): أنَّ قول عائشة هذا مستند إلى علمها، فيُحمل على ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في البيوت، وأما في غير البيوت فلم تطَّلع هي عليه، وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة، وقد بيّنا أنَّ ذلك كان بالمدينة، فتضمَّن الردَّ على ما نفته من أنَّ ذلك لم يقع بعد نزول القرآن.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 124، والبزار (149)، وابن المنذر في "الأوسط"(284)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 268 وإسناده صحيح.
وعن إبراهيم، عن عَلْقمة، عن عبد الله قال: من الجفاءِ أن تبولَ وأنت قائم
(1)
.
وقد رُوِيَ عن أبي هريرة العُذْرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بوله قائمًا:
657 -
حدَّثَناه أبو عَمران موسى بن سعيد الحنظلي بهَمَذان، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الله بن ماهانَ الكَرَابيسي، حَدَّثَنَا حماد بن غسَّان الجُعْفي، حَدَّثَنَا مَعْن بن عيسى، حَدَّثَنَا مالك بن أنس، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالَ قائمًا من جُرحٍ كان بمَأْبِضِه
(2)
.
هذا حديث تفرَّد به حماد بن غسَّان، ورواتُه كلهم ثِقات!
658 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حَدَّثَنَا إبراهيم بن موسى، حَدَّثَنَا خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد قال: رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَضمَضَ واستَنشقَ من كفّ واحدٍ، فعل ذلك ثلاثًا
(3)
.
(1)
خبر صحيح، لكن لم نقف عليه من هذا الطريق، وقد أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 124 و 2/ 61، والطبراني في "الكبير"(9503) من طريق المسيب بن رافع عن عبد الله - وهو ابن مسعود -.
وأخرجه البيهقي 2/ 285 من طريق ابن بريدة عن ابن مسعود.
(2)
إسناده ضعيف تفرد به حماد بن غسان وحماد هذا قال الذهبي في "تلخيصه": ضعّفه الدارقطني. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمُز.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "الطب النبوي"(498)، والبيهقي في "السنن" 1/ 101 من طريق يحيى بن عبد الله الهمذاني الكرابيسي، بهذا الإسناد.
وقال البيهقي فيه: حديث لا يثبت مثله، وقال في "معرفة السنن والآثار" (842): غير قوي.
والمأبِض: باطن الركبة.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسن بن علي بن زياد، وقد توبع.
وأخرجه الترمذيّ (28) عن يحيى بن موسى، عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 26/ (16445) و (16472)، والبخاري (191)، ومسلم (235)، وأبو داود (119)، وابن ماجه (405) من طرق عن خالد بن عبد الله. وهو الطحان الواسطي - به. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهول منه رحمه الله.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
659 -
وقد حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، عن الرَّبيع، عن الشافعي قال: إِنْ جَمَعَهما من كفٍّ واحدٍ فهو جائز، وإن فرَّقَهما فهو أحبُّ إلينا.
660 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أُسَيد بن عاصم، حَدَّثَنَا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا بكر بن محمد الصَّيرَفي، حَدَّثَنَا عبد الصمد بن الفضل، حَدَّثَنَا قَبِيصة، حَدَّثَنَا سفيان.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي، حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي هاشم، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرةً، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضَّأتَ فخلِّلِ الأصابع"
(1)
.
هذا حديث قد احتجَّا بأكثر رُوَاته ثم لم يُخرجاه لتفرُّد عاصم بن لَقِيط بن عامر ابن صَبِرة عن أبيه بالرواية، وقد قدَّمنا القولَ فيه.
وله شاهد:
661 -
أخبرَناه عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزَّاز، حَدَّثَنَا جعفر بن محمد بن شاكر، حَدَّثَنَا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن موسى بن عُقْبة، عن صالح، عن ابن عباس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا توضَّأتَ فخلَّلْ أصابعَ يديكَ ورِجليكَ"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو هاشم: هو إسماعيل بن كثير.
والحديث في "مسند أحمد" 26/ (16381). وقد سلف برقم (529).
(2)
إسناده حسن. صالح: هو مولى التَّوأمة.
وأخرجه ابن ماجه (447)، والترمذيّ (39) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن سعد بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وقال الترمذيّ حديث حسن. ونقل في كتاب "العلل"(21) تحسينه أيضًا عن البخاريّ. =
صالحٌ هذا أظنُّه مولى التَّوأَمة، فإن كان كذلك فليس من شرط هذا الكتاب، وإنما أخرجته شاهدًا.
662 -
أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي، حَدَّثَنَا الحارث بن أبي أسامة، حَدَّثَنَا أبو النَّضر هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا عيسى بن المسيَّب، حَدَّثَنَا أبو زُرْعة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار ودونهم دُورٌ لا يأتيها، فشَقَّ ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله، تأتي دارَ فلان ولا تأتي دارَنا؟! فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ في دارِكم كلبًا" قالوا: إنَّ في دارِهم سِنَّورًا، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"السِّنَّورُ سَبُع"
(1)
.
663 -
حدَّثَناه عمرو بن محمد بن منصور، حَدَّثَنَا محمد بن سليمان بن الحارث، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا عيسى بن المسيَّب.
وأخبرني يحيى بن منصور القاضي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد السلام، حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى، أخبرنا وكيع، عن عيسى بن المسيّب بنحوه
(2)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وعيسى بن المسيب تفرَّد عن أبي زُرْعة إلّا أنه صدوق ولم يُجرح قطُّ!
(3)
.
664 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب حَدَّثَنَا العباس بن محمد الدُّوري، حَدَّثَنَا الحسن بن الرَّبيع، حَدَّثَنَا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عَلْقمة قال: كنَّا مع سلمان الفارسي في سفر فقَضَى حاجَتَه، فقلنا له: توضَّأْ حتَّى نسألَك عن آيةٍ
= وأخرجه أحمد 4/ (2604) عن سليمان بن داود الهاشمي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عيسى بن المسيب، وبه ضعَّفه الذهبي في "تلخيصه". أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير البَجلي.
وأخرجه أحمد 14/ (8342) عن هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد 15/ (9708) عن وكيع، بهذا الإسناد مختصرًا، ولفظه:"الهرُّ سبع".
(3)
تعقبه الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة"(839) وبيَّن من ضعّفه.
من القرآن، فقال: سَلُوني، إني لستُ أَمَسُّه، فقرأ علينا ما أرَدْنا، ولم يكن بيننا وبينه ماءٌ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه لتوقيفه، وقد رواه أيضًا جماعة من الثِّقات عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان:
665 -
حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حَدَّثَنَا أحمد بن يونس الضَّبِّي، حَدَّثَنَا أبو بدر، شُجَاع، عن الأعمش.
وأخبرنا أبو الوليد الفقيه، حَدَّثَنَا الحسن بن سفيان، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نُمير، حَدَّثَنَا أبي وأبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان، فذكره بنحوه
(2)
.
666 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا محمد بن علي الورَّاق - ولقبه حَمْدان - حَدَّثَنَا عفَّان، حَدَّثَنَا أبو عوانة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثرُ عذابِ القبرِ من البول"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح على خلاف فيه على الأعمش، فقد رواه غير أبي الأحوص - وهو سلّام بن سليم - عنه عن إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي - عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان، كما سيأتي عند المصنّف، وهذا خلاف لا يضرُّ، فعلقمة. وهو ابن قيس النخعي - وعبد الرحمن بن يزيد كلاهما ثقة، وقد رويا عن سلمان.
وأخرجه البيهقي في "الخلافيات"(305) عن المصنّف محمد بن عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (442) عن علي بن عبد الله بن مبشَّر ومحمد بن مخلد، عن العباس الدوري، به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 103، والدارقطني (443 - 445)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد"(575)، والبيهقي في "السنن" 1/ 88، و "معرفة السنن والآثار"(759)، و "الخلافيات"(306 - 308) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (3824).
(3)
إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضّاح بن عبد الله اليشكري، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له عِلَّة، ولم يُخرجاه.
وله شاهد من حديث أبي يحيى القتات:
667 -
أخبرَناه علي بن عيسى، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب، حَدَّثَنَا محمد بن رافع، حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس رَفَعَه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"عامَّةُ عذاب القبر من البول"
(1)
.
668 -
أخبرنا أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حَدَّثَنَا محمد بن الفَرَج الأزرق، حَدَّثَنَا حجَّاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، أخبرني هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحدَثَ أحدُكم في صلاته، فليأخُذ بأنفِه ثم ليَنصرِفْ"
(2)
.
= وأخرجه أحمد 15/ (9033)، وابن ماجه (348) من طريق عفان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8331) عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، به.
وخالف أبا عوانة في رفعه محمد بنُ فضيل فرواه عن الأعمش فوقفه على أبي هريرة كما ذكر الدارقطني في "العلل" 8/ 208 (1518) وقال: يشبه أن يكون الموقوف أصح. وذهب إلى أنَّ الرفع فيه لا يصح أبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (1081)، وخالفه البخاريّ فصحَّح حديث أبي عوانة عن الأعمش فيما نقله عنه الترمذيّ في "العلل الكبير"(37). وأما رواية ابن فضيل فلم نقف عليها مسندة فيما بين أيدينا من المصادر.
(1)
صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي يحيى القتَّات.
وأخرجه عبد بن حميد (642)، والبزار (4907)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(5194)، والطبراني في "الكبير"(11120)، والدارقطني (466)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"(4954)، "وإثبات عذاب القبر"(121) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني أيضًا (11104) من طريق عبد الله بن خِراش، عن العوّام بن حوشب، عن مجاهد، به. وابن خراش ضعيف.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن الفرج الأزرق. وقد اختُلف على هشام بن عروة في وصله وإرساله كما هو مبيَّن في التعليق على "سنن أبي داود"(1114) حيث أخرجه عن إبراهيم بن الحسن المصِّيصي، عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. =
تابعه عمر بن علي المُقدَّمي ومحمد بن بِشْر العبدي وغيرهما عن هشام بن عروة، وهو صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.
669 -
وحدَّثَناه إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حَدَّثَنَا جدِّي، حَدَّثَنَا نُعَيم بن حمّاد، حَدَّثَنَا الفضل بن موسى، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحدَثَ أحدُكم في صلاته، فليأخُذ بأنفه وليَنصرِفْ فليتوضَّأْ"
(1)
.
669 م - سمعتُ عليَّ بن عمر الدارَقُطْني الحافظ يقول: سمعتُ أبا بكر الشافعي الصَّيرَفي يقول: كلُّ مَن أفتى من أئمَّة المسلمين من الحِيَل، إنما أخَذَه من هذا الحديث.
670 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، حَدَّثَنَا الأعمش.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا بِشْر بن موسى، حَدَّثَنَا الحُمَيدي، حَدَّثَنَا سفيان،
حَدَّثَنَا الأعمش، عن زيد بن وَهْب، عن عبد الرحمن ابن حَسَنة قال: انطلقتُ أنا وعمرُو بن العاص فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده دَرَقةٌ أو شبيه بالدَّرَقة، فاستَتَرَ بها فبالَ وهو جالس، فقلتُ لصاحبي: ألَا ترى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يبولُ كما تبول المرأة، قال: فأتانا، فقال:"أَلَا تَدرُونَ ما لَقِيَ صاحبُ بني إسرائيل، كان إذا أصاب أحدًا شيءٌ من البولِ قَرَضَه بالمِقْراض، قال: فنهاهم عن ذلك، فعُذِّبَ في قبره"
(2)
.
= وأخرجه ابن ماجه (1222) و (1222 م)، وابن حبان (2238) من طريقين عن هشام بن عروة، به. وانظر ما بعده، وسيأتي عند المصنّف برقم (971) و (972)، الموضع الثاني من طريق عمر بن علي المقدَّمي.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه ابن حبان (2239) من طريق محمود بن غيلان، عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.
وهذا إسناد صحيح. وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 29/ (17760) عن وكيع، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. =
671 -
أخبرَناه علي بن عيسى بن إبراهيم، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو الحَرَشي حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية.
وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن النضر، حَدَّثَنَا معاوية بن عمرو، حَدَّثَنَا زائدة.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حَدَّثَنَا مُسدَّد، حَدَّثَنَا عبد الواحد بن زياد كلهم عن الأعمش، عن زيد بن وَهْب، عن عبد الرحمن بن حَسَنة قال: بالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو مستتر بحَجَفَةٍ، فقالوا: تبولُ كما تبولُ المرأة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بني إسرائيل كان إذا أصاب أحدَهم البولُ قَرَضَه بالمقاريض، ونهَاهم عن ذلك، فهو يُعذَّبُ في قبره"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ومن شرط الشيخين إلى أن يَبلُغ تفرُّدَ زيد بن وهب بالرواية عن عبد الرحمن بن حَسَنة، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
672 -
حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا أُسِيد بن عاصم، حَدَّثَنَا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم العَتَكي، حَدَّثَنَا أحمد بن نصر، حَدَّثَنَا أبو نُعيم، حَدَّثَنَا سفيان.
وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد الدارِمي، حَدَّثَنَا محمد بن كَثِير، حَدَّثَنَا سفيان، عن المِقْدام بن شُرَيح، حدَّثني أبي، عن عائشة
= الدَّرَقة: التُّرس من جلد.
وقوله: "قرضه" أي: قطع ما أصاب ثوبه من البول.
(1)
إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وزائدة: هو ابن قدامة.
وأخرجه أحمد 29/ (17758)، وابن ماجه (346)، والنسائي (26)، وابن حبان (3127) من طريق أبي معاوية، بإسناده.
وأخرجه أبو داود (22) عن مسدَّد، بإسناده.
والحَجَفَة: الترس من جلد كالدَّرقة.
أنها قالت: ما بالَ رسولُ الله قائمًا منذ أُنزِلَ عليه الفُرقان
(1)
.
673 -
أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حَدَّثَنَا سعيد بن مسعود، حَدَّثَنَا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن المِقْدام بن شُريح، عن أبيه قال: سمعتُ عائشةَ تُقسِمَ بالله ما رأَى أحدٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يبول قائمًا منذ أُنزِلَ عليه الفُرقان
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما لِمَا اتَّفقا على حديث منصور عن أبي وائل عن حُذيفة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَتى سُبَاطةَ قوم فبال قائمًا
(3)
، وَجَدَا حديث المقدام عن أبيه عن عائشة معارِضًا له فترَكاه، والله أعلم.
وله شاهد من حديث المكيِّين:
674 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني محمد بن مهدي، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن ابن جُرَيج، عن عبد الكريم بن أبي المُخارِق، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبولُ قائمًا، فقال:"يا عمرُ، لا تَبُل قائمًا"، قال: فما بُلْتُ قائمًا بعدُ
(4)
.
ورُوي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في النهي عنه
(5)
.
(1)
إسناده صحيح. وقد سلف برقم (656).
(2)
إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
(3)
هو من هذا الطريق عند البخاريّ برقم (225) و (2471) ومسلم (273)(74).
(4)
إسناده ضعيف لضعف عبد الكريم بن أبي المخارق.
وأخرجه ابن ماجه (308) عن محمد بن يحيى - وهو الذُّهلي - عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وقد سلف بإثر الحديث (656) من طريق صحيح عن عمر أنه قال: ما بلتُ قائمًا منذ أسلمت.
(5)
لعله يشير إلى حديث هارون بن هارون بن عبد الله بن الهدير عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه قال: "أربع من الجفاء: يبول الرجل قائمًا
…
إلخ"، وهذا أخرجه ابن عديّ في "الكامل في الضعفاء" 7/ 125، ومن طريقه البيهقي في "السنن" 2/ 286، وهارون متفق على لِينه.
675 -
أخبرنا الحسن بن حَليم المروَزي، أخبرنا أبو الموجّه، أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا مَعمَر، عن أشعَثَ، عن الحسن، عن عبد الله بن مُغفّل، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يبولَنَّ أحدُكم في مُستحَمَّه"، فإنَّ عامَّةَ الوِسْواسِ منه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد على شرطهما:
676 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حَدَّثَنَا محمد بن المِنْهال، حَدَّثَنَا يزيد بن زُرَيع، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن عُقبة بن صُهْبان، عن عبد الله بن مغفَّل قال: نُهِىَ - أو زُجر - أن يُبال في المغتسَل
(2)
.
677 -
حَدَّثَنَا عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي أُويس، حَدَّثَنَا سليمان بن بلال.
وحدثني محمد بن صالح بن هانئٍ، حَدَّثَنَا محمد بن نُعَيم، حَدَّثَنَا قُتيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر؛ كلاهما عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اتَّقُوا اللاعِنَينِ" قالوا: وما اللاعناِن يا رسول الله؟ قال: "الذي يَتخلَّى في طريق المسلمين وفي ظِلِّهم"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح، والراجح في قوله:"فإنَّ عامة الوسواس منه" أنه موقوف على عبد الله بن مغفل من قوله كما سلف التنبيه عليه برقم (604).
أبو الموجَّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وأشعث: هو ابن عبد الله الحدّاني.
(2)
إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري.
وأخرجه البيهقي 1/ 98 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (269)، وأبو داود (25) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8853)، ومسلم (269)، وابن حبان (1415) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه عن قُتيبة.
وله شاهد عن محمد بن سيرين بإسناد صحيح ولفظه غيرُ هذه، ولم يُخرجه:
678 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبو المثنى، حَدَّثَنَا كامل بن طَلْحة، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو الأنصاري، حَدَّثَنَا محمد بن سِيرِين قال: قال رجل لأبي هريرة: أفتَيتَنا في كل شيء حتَّى يُوشِكُ أن تَفتِيَنا في الخِرَاء، قال: فقال أبو هريرة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن سَلَّ سَخِيمته على طريقٍ عامرٍ من طرق المسلمين، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناسِ أجمعين"
(1)
.
محمد بن عمرو الأنصاري ممَّن يُجمع حديثه في البصريين، وهو عزيز الحديث جدًّا.
679 -
حَدَّثَنَا علي بن حَمْشاذَ، حَدَّثَنَا محمد بن عيسى بن السكن الواسطي، حَدَّثَنَا المثنَّى بن معاذ العَنبَري، حَدَّثَنَا معاذ بن هشام.
وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي طالب، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم وعُبيد الله بن سعيد ومحمد بن المثنَّى ومحمد بن بشَّار وعباس العَنبَري وإسحاق بن منصور؛ قال إسحاق بن إبراهيم: أخبرنا، وقال الآخرون: حَدَّثَنَا معاذ بن هشام، حدَّثني أَبي، عن قَتَادة، عن عبد الله بن سَرجِس، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَبولَنَّ أحدُكم في الجُحْر، وإذا نمتُم فأَطْفِئُوا السَّراجَ، فإِنَّ الفأرةَ تأخذ الفَتِيلةَ فتَحرِقُ على أهل البيت، وأَوْكُوا الأسقيةَ، وخَمِّروا الشَّراب، وأَغلِقوا الأبوابَ".
(1)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن عمرو الأنصاري، وضعَّفه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 105.
وأخرجه البيهقي 1/ 98 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(1617)، وابن عديّ في "الكامل" 6/ 225، والطبراني في "الأوسط"(5426)، و "الصغير"(811) من طرق عن كامل بن طلحة، به.
والسَّخيمة: الغائط.
فقيل لقتادة: وما يُكرَه من البول في الجُحْر؟ فقال: إنها مساكن الجنِّ
(1)
.
سمعت أبا زكريا العَنبَري يحيى بن محمد يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خُزَيمة يقول: نُهِيَ عن البول في الأَجْحرة لخبر عبد الله بن سَرجِس أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَبولَنَّ أحدكم في الجُحْر"، وقال قتادة: إنها مساكنُ الجنِّ، ولستُ أبُتُّ القولَ: إنها مسكن الجنِّ، لأنَّ هذا من قول قتادة.
هذا حديث على شرط الشيخين، فقد احتجَّا بجميع رُواتِه، ولعلَّ متوهِّمًا يتوهَّم أنَّ قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سَرجِس، وليس هذا بمُستبدَع، فقد سمع قتادةُ من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصمً بن سليمان الأحوَل، وقد احتَجَّ مسلمٌ بحديث عاصم عن عبد الله بن سَرجِس، وهو من ساكني البصرة، والله أعلم.
680 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالوَيهِ، حدّثنا محمد بن غالب؛ قالا: حدّثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شُعْبة، عن قَتَادة، عن النَّضْر بن أنس، عن زيد بن أرقمَ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ هذه الحُشوشَ مُحتضَرَة، فإذا أحدُكم دخل الغائطَ فليقل: أعوذُ بالله من الرِّجْسِ النِّجْس الشيطانِ الرَّجِيم"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 34/ (20775) عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا بقصة النهي عن البول في الجحر فقط وقول قتادة: أبو داود (29)، والنسائي (30) من طريقين عن معاذ بن هشام، به.
أوكُوا: من أوكيتَ الإناءَ؛ إذا شددتَ رأسه بالحبل.
وخمِّروا: من التخمير، بمعنى التغطية.
(2)
إسناده صحيح، إلّا أنه شاذٌّ بهذا اللفظ.
فقد أخرجه أبو داود (6) عن عمرو بن مرزوق، بهذا الإسناد - ولفظه:"فليقل: أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث"، وهو المحفوظ. =
قد احتَجَّ مسلم بحديثٍ لقَتَادة عن النَّضْر بن أنس عن زيد بن أرقم، واحتجَّ البخاري بعمرو بن مرزوق، وهذا الحديث مختلَف فيه على قَتَادة، رواه سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة عن القاسم بن عوف الشَّيْباني عن زيد بن أرقم
(1)
:
681 -
أخبرَناه أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدّثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدّثنا محمد بن المِنهال، حدّثنا يزيد بن زُرَيع، حدّثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن القاسم بن عوف الشَّيْباني، عن زيد بن أرقمَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ هذه الحُشُوشَ محتضَرة، فإذا أحدُكم دخلها فليقل: أعوذُ بك من الخُبُثِ والخَبائث"
(2)
.
كِلا الإسنادين من شرط الصحيح، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وإنما اتَّفقا على حديث عبد العزيز بن صُهَيب عن أنس بذِكْر الاستعاذة فقط
(3)
.
682 -
حدّثنا علي بن حَمْشَاذ العَدْل، حدّثنا عبد الله بن أيوب بن زاذانَ الضرير.
= وهكذا أخرجه أحمد 32/ (19286) و (19332)، وابن ماجه (296)، والنسائي (9820)، وابن حبان (1408) من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه كذلك النسائيّ (9821) من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به. وانظر ما بعده.
الحُشوش: مواضع قضاء الحاجة، واحدها: حَشٌّ.
وقوله: "محتضَرة" أي: تحضرها الشياطين.
(1)
انظر تفصيل الخلاف عن قتادة في التعليق على الحديث في "مسند أحمد" 32/ (19286).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل القاسم بن عوف الشيباني.
وأخرجه النسائيّ (9822) عن إسماعيل بن مسعود، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 32/ (19331)، والنسائي (9823) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به. وانظر ما قبله.
والخُبُث: جمع الخبيث، والخبائث: جمع الخبيثة، والمراد: ذُكْران الشياطين وإناثهم.
(3)
أخرجه البخاريّ برقم (132) ومسلم (375).
وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قالا: حدّثنا هُدْبة بن خالد، حدّثنا همَّام، حدّثنا ابن جُرَيج، عن الزُّهْرِي؛ قال: ولا أعلمُه إلّا عن الزهري عن أنسٍ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلَ الخَلَاءَ وَضَعَ خاتمَه
(1)
.
683 -
وحدثنا علي بن حَمْشَاذ، حدّثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدّثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، حدّثنا يحيى بن المتوكِّل البصري، عن ابن جُرَيج، عن الزُّهْري، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَبِسَ خاتمًا نَقْشُه: محمدٌ رسولُ الله، فكان إذا دخل الخلاءَ وَضَعَه
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما خرَّجا حديثَ نَقْش الخاتم فقط
(3)
.
684 -
حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا محمد بن خالد بن خَلِيٍّ، حدّثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدّثنا محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَنطَهَرُوا} [التوبة: 108] قال: لما نزلت هذه الآيةُ بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى عُوَيْم بن ساعدة فقال: "ما هذا الطُّهورُ الذي أَثنى الله عليكم به؟ " فقال: يا نبيَّ الله، ما خَرَجَ منا رجلٌ ولا امرأةٌ من الغائط إِلَّا غَسَلَ دُبُرَه - أو قال: مَقعَدتَه - فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "ففِي هذا"
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف، ابن جريج مشهور بالتدليس وقد رواه بالعنعنة.
وأخرجه ابن حبان (1413) عن عمران بن موسى بن مجاشع، عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (19)، وابن ماجه (303)، والترمذيّ (1746)، والنسائي (9470) من طرق عن همّام بن يحيى، به. قال أبو داود: هذا حديث منكر، وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه. وضعَّفه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 95 بعد أن رواه عن المصنّف بهذا الإسناد. وانظر تتمة الكلام عليه في التعليق على "سنن أبي داود".
(3)
حديث نقش الخاتم فقط عند البخاريّ برقم (65)، ومسلم برقم (2092) من حديث أنس بن مالك أيضًا، لكن من غير هذا الوجه الذي عند المصنّف.
(4)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلِّس وقد عنعن. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد حدَّث به سَلَمة بن الفضل هكذا عن محمد بن إسحاق، وحديثُ أبي أيوب شاهده:
685 -
حدَّثناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب.
وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدّثنا إسماعيل بن قُتَيبة؛ قالا: حدّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن واصل بن السائب الرَّقَاشي، عن عطاء بن أبي رَبَاح وابن سَوْرة
(1)
، عن عمِّه أبي أيوب قال: قالوا: يا رسول الله، مَن هؤلاء الذين فيه {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}؟ قال:"كانوا يَستنجُون بالماء، وكانوا لا ينامون الليلَ كلَّه"
(2)
.
هذا آخر ما انتهى إلينا من كتاب الطهارة
على شرط الشيخين رضي الله عنهما ممَّا لم يُخرجاه
= وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 105، و "معرفة السنن والآثار"(872) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(11065) من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، به.
وانظر ما سلف برقم (561) و (562).
(1)
كذا وقع في النسخ الخطية: ابن سورة، والمشهور في كتب التراجم: أبو سورة.
(2)
إسناده ضعيف لضعف واصل بن السائب وهو متفق على ضعفه، وأبو سورة ضعيف كذلك إلّا أنه هنا قُرن بعطاء.
وهو في "مسند ابن أبي شيبة"(12)، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الطبراني في "الكبير"(4070).
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1883 من طريق ضرار بن صُرَد، عن عبد الرحيم بن سليمان، به. ولم يذكر فيه عطاءً.
أول كتاب الصلاة
1 - باب في مواقيت الصلاة
686 -
حدّثنا أبو عمرو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله السَّمَّاك الثقة المأمون ببغداد، حدّثنا الحسن بن مُكرَم البزَّاز.
وحدثنا علي بن عيسى، حدّثنا أبو العباس محمد بن إسحاق، حدّثنا الحسن بن مُكرَم، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا مالك بن مِغوَل، عن الوليد بن العَيْزار، عن أبي عمرو الشَّيباني، عن عبد الله قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: "الصلاةُ في أوَّل وقتِها" قلت: ثم أيّ؟ قال: "الجهادُ في سبيلِ الله" قلت: ثم أيّ؟ قال: "بِرُّ الوالدَين"
(1)
.
هذا حديث يُعرَف بهذا اللفظ بمحمد بن بشَّار بُندارٍ عن عثمان بن عمر، وبُندارٌ من الحفَّاظ المتقنين الأثبات:
687 -
حدَّثَناه علي بن عيسى في آخرين قالوا: حدّثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدّثنا بُندارٌ، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا مالك بن مِغوَل، عن الوليد بن العَيْزار، عن أبي عمرو الشَّيباني، عن عبد الله بن مسعود قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: "الصلاةُ في أوَّل وقتِها"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس، وعبد الله: هو ابن مسعود. وانظر ما بعده.
(2)
إسناده صحيح. وقد انفرد عثمان بن عمر برواية هذا الحديث بلفظ: "الصلاة في أول وقتها"، وهو لفظٌ شاذّ.
وأخرجه ابن حبان (1475) و (1479) من طرق عن بندار محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وروي من غير هذا الوجه بلفظ: "الصلاة لوقتها أو "على وقتها"، أخرجه البخاريّ (2782) من طريق محمد بن سابق، عن مالك بن مغول، به. =
فقد صحَّت هذه اللفظةُ باتفاق الثقتين بُندار بن بشَّار والحسن بن مَكرَم على روايتهما عن عثمان بن عمر، وهو صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شواهدُ في هذا الباب، منها:
688 -
ما حدَّثَناه أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجُرْجاني، حدّثنا محمد بن الحسن بن مُكرَم، حدّثنا حجَّاج بن الشاعر، حدّثنا علي بن حفص المدائني، حدّثنا شعْبة، عن الوليد بن العَيْزار قال: سمعت أبا عمرو الشَّيباني قال: حدّثنا صاحبُ هذه الدار - وأشار إلى دار عبد الله بن مسعود - ولم يُسمِّه قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال: "الصلاةُ في أوَّل وقتِها" قلت: ثم ماذا؟ قال: "الجهادُ في سبيل الله" قلت: ثم ماذا؟ قال: "بِرُّ الوالدَين"، ولو استزدتُه لزادَني
(1)
.
قد روي هذا الحديثَ جماعة عن شعبة، ولم يذكر هذه اللفظةَ غيرُ حجَّاج ابن الشاعر عن علي بن حفص، وحجَّاجٌ حافظ ثقة، وقد احتَجَّ مسلم بعلي بن حفص المدائني.
ومنها:
= وأخرجه كذلك أحمد 7/ (4313)، والبخاري (7534)، ومسلم (85)(137) و (138)، والترمذيّ (173) و (1898)، وابن حبان (1478) من طرق عن الوليد بن العيزار، به.
وأخرجه أحمد (4223)، ومسلم (85)(140)، والنسائي في "المجتبى"(611)، وابن حبان (1474) من طريقين عن أبي عمرو الشيباني، به.
وأخرجه أحمد (3973) و (3998) و (4243) و (4285)، وابن حبان (1476) من طريق أبي الأحوص وأبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود.
(1)
إسناده قوي، وقوله فيه:"الصلاة في أول وقتها" شاذٌّ، والمحفوظ:"الصلاة على وقتها"، هكذا رواه جماعة الرواة عن شعبة.
فقد أخرجه أحمد 7/ (3890) و (4186)، والبخاري (527) و (5970)، ومسلم (85)(139)، والنسائي في "الكبرى"(1593)، وابن حبان (1477) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
ولفظه عندهم: "الصلاة على وقتها".
689 -
ما حدّثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدّثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعمَري، حدّثنا محمد بن المثنَّى، حدّثنا محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، أخبرني عُبَيْدٌ المُكتِب قال: سمعت أبا عمرو الشَّيباني يحدَّث عن رجلٍ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال: "الصلاةُ في أوَّل وقتِها"
(1)
.
الرجل هو عبد الله بن مسعود، لإجماع الرُّواة فيه على أبي عمرو الشَّيباني.
ومنها:
690 -
ما أخبرَناه أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي بمِصْر، حدّثنا علي بن مَعبَد، حدّثنا يعقوب بن الوليد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الأعمال الصلاةُ في أوّل وقتِها"
(2)
.
يعقوب بن الوليد هذا شيخٌ من أهل المدينة، سكن بغدادَ، وليس من شرط هذا الكتاب، إلّا أنَّ له شاهدًا. عن عبيد الله:
691 -
حدَّثني أبو عمرو محمد بن أحمد بن إسحاق العَدْل النَّحْوي، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن الرَّقِّي، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن صَدَقة العامري في كِنْدةَ في
(1)
إسناده صحيح، وقد خولف الحسن بن علي المعمري في لفظه، فقد أخرجه الدارقطني في "سننه"(968) عن الحسين بن إسماعيل - وهو القاضي الإمام العلامة المحاملي - عن أبي موسى محمد بن المثنى، فقال فيه: الصلاة على وقتها، وهو المحفوظ.
وهكذا رواه أحمد 38/ (23120) عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده تالف، يعقوب بن الوليد كذّبه أحمد وغيره، وكذَّبه الذهبي في "تلخيصه".
وأخرجه الدارقطني (970) عن أبي طالب الحافظ، عن يحيى بن عثمان بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه الدارقطني أيضًا (971) من طريق أبي يحيى التيمي، عن أبي عقيل، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، به. وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، أبي يحيى وأبي عقيل وعبد الله بن عمر العمري.
مجلس الأشجِّ، حدّثنا محمد بن حِمْيَر الحِمصي، عن عُبيد الله بن عمر العُمَري، عن نافع، عن ابن عمر قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: "الصلاةُ في أوَّل وقتِها"
(1)
.
ومنها:
692 -
ما حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدّثنا أبو سَلَمة منصور بن سَلَمة الخُزاعي، حدّثنا عُبيد الله بن عمر العُمَري، عن القاسم بن غنَّام، عن جدَّته الدُّنيا، عن جدته أمّ فَرْوة - وكانت ممن بايعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكانت من المهاجرات الأُوَل - أنها سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وسُئِلَ عن أفضلِ الأعمال، فقال:"الصلاةُ لأوَّل وقتِها"
(2)
.
هذا حديث رواه الليث بن سعد والمعتمِر بن سليمان وقَزَعة بن سُوَيد ومحمد بن بِشْر العَبْدي عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنَّام.
أما حديث الليث بن سعد:
(1)
إسناده ضعيف، إبراهيم بن محمد بن صدقة ذكره الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين"(25).
(2)
إسناده ضعيف لاضطرابه كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 45/ (27103)، والقاسم بن غنام لم يوثقه غير ابن حبان، وذكره العقيلي في "الضعفاء" وقال: في حديثه اضطراب.
وأخرجه البيهقي 1/ 434 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد. ووقع في المطبوع منه: حدّثنا عبد الله بن عمر العمري، مكبّرًا.
وهكذا أخرجه أحمد 45/ (27104) عن أبي سلمة الخزاعي، به. وعَبْد الله بن عمر العمري - وهو أخو عبيد الله - ضعيف.
وأخرجه أبو داود (426) عن محمد بن عبد الله الخزاعي وعبد الله بن مسلمة، عن عبد الله بن عمر، عن القاسم بن غنام، عن بعض أمهاته، عن أمّ فروة.
وأخرجه الترمذيّ (170) من طريق الفضل بن موسى، عن عبد الله بن عمر، عن القاسم بن غنام، عن عمَّته أمّ فروة. وضعَّفه بعبد الله بن عمر والاضطراب.
693 -
فحدَّثَناه أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، حدّثنا أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسن المَعافِري بمصر، حدّثنا علي بن عبد الرحمن عَلَّان، حدّثنا عمرو بن الرَّبيع بن طارق، حدّثنا الليث بن سعد، عن عُبيد الله بن عمر، عن القاسم بن غنَّام الأنصاري، عن جدَّته أمّ أبيه الدنيا، عن أمّ فَرْوة جدَّتِه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوَه
(1)
.
693 م - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوري يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: قد رَوَى عبدُ الله بن عمر عن القاسم بن غنَّام ولم يروِ عنه أخوه عُبيد الله بن عمر.
694 -
حدّثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدّثنا الحسين بن الفَضْل البَجَلي، حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا الليث بن سعد، عن أبي النَّضْر، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: ما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاةَ لوقتها الآخِرِ حتى قَبَضَه الله
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وعند الليث فيه إسنادٌ آخر:
695 -
حدَّثَناه محمد بن صالح، حدّثنا أبو سعيد محمد بن شاذانَ، حدّثنا قُتيبة بن سعيد، حدّثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن إسحاق
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد 45/ (27105) عن يونس بن محمد المؤدِّب، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح إن شاء الله، وقد خولف هاشم بن القاسم في إسناده عن الليث كما سيأتي في الحديث التالي. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 435، و "معرفة السنن والآثار"(2687) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (981) من طريق معلَّى بن عبد الرحمن، عن الليث بن سعد، به. والمعلى متروك الحديث.
ابن عمر، عن عائشة قالت: ما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاة لوقتها الآخِرِ مَرَّتَين حتى قبَضَه الله
(1)
.
وله شاهد آخر من حديث الواقِديِّ، وليس من شرط هذا الكتاب:
696 -
أخبرَناه أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالرَّيّ، حدّثنا محمد بن علي
(2)
الأزرق، حدّثنا محمد بن عمر، حدّثنا رَبِيعة بن عثمان، عن عِمْران بن أبي أنس، عن أبي سَلَمة، عن عائشة قالت: ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَخَّر صلاةً إلى الوقت الآخِرِ حتى قَبَضَه الله
(3)
.
697 -
أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمَرْو، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي، حدّثنا إسماعيل - وهو ابن عُليَّة - عن محمد بن إسحاق قال: حدَّثني يزيد بن أبي حَبِيب، عن مَرثَد بن عبد الله اليَزَني قال: قَدِمَ علينا أبو أيوب غازيًا وعُقبة بن عامر يومئذٍ على مصر، فأَخَّر المغرب، فقام إلينا أبو أيوب فقال: ما هذه الصلاةُ يا عقبة؟ فقال: شُغِلْنا، فقال: أما والله ما آسَى إلّا أن يَظُنَّ الناسُ أنك رأيتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَصنَعُ هكذا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تزالُ أمَّتي بخيرٍ - أو على الفِطْرة - ما لم يُؤخِّروا المغربَ حتى تَشتبِكَ النجومُ"
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة إسحاق بن عمر، ثم إنه لم يدرك عائشة فيما ذكر الترمذيّ والبيهقي.
وأخرجه أحمد 41/ (24614)، والترمذيّ (174) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
(2)
كذا وقع اسمه هنا، وفي غيره من المواضع من هذا الكتاب: محمد بن الفرج الأزرق، وهو المعروف في كتب التراجم، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 3/ 394.
(3)
إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن عمر - وهو الواقديّ - متروك الحديث.
وأخرجه الدارقطني (982) - ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(2685) - من طريق إسحاق بن أبي إسحاق الصفّار، عن الواقديّ محمد بن عمر، بهذا الإسناد.
(4)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. وهو في "مسند أحمد" 38/ (23534). =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله شاهد صحيح الإسناد:
698 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدّثنا إبراهيم بن موسى الفرَّاء، حدّثنا عبَّاد بن العوَّام، عن عمر بن إبراهيم ومَعمَر، عن قَتَادة، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطَّلب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزالُ أمرُ أمَّتي على الفِطْرة ما لم يؤخِّروا المغربَ حتى تَشتبِكَ النجومُ"
(1)
.
699 -
حدّثنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدَّثني أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدّثنا محمد بن علي بن مُحرِز - أصله بغداديُّ - بالفُسْطاط، حدّثنا أبو أحمد الزُّبيري، حدّثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الفجرُ فَجْرانِ: فجرُ يَحرُمُ فيه الطعامُ وتَحِلُّ فيه الصلاةُ، وفجرٌ تَحرُم فيه الصلاةُ ويَحِلُّ فيه الطعامُ"
(2)
.
= وأخرجه أحمد 28/ (17329) و 38/ (23535) و (23582)، وأبو داود (418) من طرق عن محمد بن إسحاق، به.
قوله: "تشتبك النجوم" هو أن يظهر الكثير منها فيختلط بعضها ببعض من الكثرة، وهذا يدلّ على استحباب التعجيل، قاله السندي.
(1)
إسناده حسن، الحسن بن علي بن زياد حسن الحديث، وعمر بن إبراهيم ومعمر وإن كان في روايتهما عن قتادة مقال، إلّا أنهما هنا قد تابع أحدهما الآخر. ووقع في المطبوع من "سنن البيهقي" 1/ 448 المصنّف في هذا الإسناد عمر بن إبراهيم عن معمر عن قتادة!!
وأخرجه ابن ماجه (689) عن محمد بن يحيى، عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد. ولم يذكر فيه معمرًا.
(2)
صحيح موقوفًا على ابن عباس كما سيأتي، وأبو أحمد الزبيري - وهو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي - مع ثقته له أوهام وبخاصة في حديث سفيان الثوري كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل. وهذا الحديث سيأتي مكررًا برقم (1563).
والحديث في "صحيح ابن خزيمة"(356) و (1927)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن" 4/ 216، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 95 - 96. قال البيهقي: أسنده أبو أحمد الزبيري، ورواه =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين في عَدَالة الرُّواة، ولم يُخرجاه، وأظنُّ أني قد رأيته من حديث عبد الله بن الوليد عن الثَّوري موقوفًا، والله أعلم.
وله شاهد بلفظ مفسَّر وإسناده صحيح:
700 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الدارَبردي بمَرْو، حدّثنا عبد الله بن رَوْح المدائني، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا ابن أبي ذِئْب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبان، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفجرُ فجرانِ: فأما الفجرُ الذي يكون كذَنَب السَّرْحان، فلا تَحِلُّ الصلاةُ فيه ولا يَحرُمُ الطعام، وأما الذي يذهب مستطيلًا في الأُفُق، فإنه يُحِلُّ الصلاةَ ويُحرِّم الطعام"
(1)
.
= غيره عن الثوري موقوفًا على ابن عباس. وقال الخطيب: ولم يرفعه عن الثوري غير أبي أحمد الزبيري، والله أعلم.
وأخرجه الدارقطني (2185) عن أبي بكر النيسابوري، عن محمد بن علي بن محرز، به. وقال: لم يرفعه غير أبي أحمد الزبيري عن الثوري، ووقفه الفريابي وغيره عن الثوري، ووقفه أصحاب ابن جريج عنه أيضًا.
وأخرجه البيهقي 1/ 377 و 457 من طريق عمرو الناقد، عن أبي أحمد الزبيري، به. وقال: هكذا رواه أبو أحمد مسندًا، ورواه غيره موقوفًا، والموقوف أصح.
ثم أخرجه 1/ 377 من طريق الحسين بن حفص، عن سفيان الثوري، به موقوفًا. وتابع الحسينَ بن حفص على وقفه عن سفيان عبدُ الله بنُ الوليد - وهو العدني - كما سيذكر المصنّف لاحقًا.
ورواه موقوفًا أيضًا عبد الرزاق كما في "مصنفه"(4765)، وروح بن عبادة عند الطبري في "تفسيره" 2/ 173، كلاهما (عبد الرزاق وروح) عن ابن جريج، به. وهذا يؤيد رواية الحسين بن حفص عن سفيان.
(1)
إسناده جيد إلّا أنه روي موصولًا ومرسلًا، والمرسل أصحُّ كما سيأتي. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 377 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =
701 -
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا علي بن العباس البَجَلي بالكوفة، حدّثنا أبو موسى محمد بن المثنَّى، حدّثنا أبو عاصم الضحاك بن مَخَلد، حدّثنا سفيان، حدَّثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلُّكم على ما يُكفَّر الله به الخطايا ويزيد في الحَسَنات؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال:"إسباغُ الوضوء في المَكارِه، وانتظارُ الصلاة بعد الصلاة، ما منكم من رجل يخرُج من بيته فيصلي مع الإمام، ثم يجلِسُ ينتظرُ الصلاةَ الأُخرى، إلّا والملائكةُ تقول: اللهمَّ اغْفِرْ له، اللهم ارحَمْه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وهو غريب من حديث الثَّوري، فإني سمعت أبا عليٍّ الحافظ يقول: تفرَّد به أبو عاصم النَّبيل عن الثَّوري.
= وقد خالف عبدَ الله بنَ روح في وصله عن يزيد بن هارون محمدُ بنُ إسماعيل الحسَّاني عند الدارقطني في "السنن"(1053)، فرواه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، والحسّاني وثّقه الدارقطني كما في "تاريخ بغداد" 2/ 360، قال البيهقي: والمرسل أصحُّ.
وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة 3/ 27، والطبري في "تفسيره" 2/ 173، والبيهقي 1/ 377 و 4/ 215 من خمسة طرق عن ابن أبي ذئب، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلًا. ووقع في "مصنف ابن أبي شيبة": عن ثوبان بإسقاط محمد بن عبد الرحمن، وهو خطأ.
وفي الباب بنحو حديث جابر هذا: عن عبد الرحمن بن عائش عند الدارقطني (2183) وصحَّح إسناده، وعبد الرحمن بن عائش مختلف في صحبته.
وانظر الأحاديث (2346 - 2348) من "سنن أبي داود".
والسِّرحان: اسم للذئب. وإنما شُبِّه بذنبه لاستطالته ودقّته.
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه ابن حبان (402) من طريق أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. بأطول مما هنا.
وأخرجه أحمد 17/ (10994)، وابن ماجه (427) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، به. طوّله أحمد واختصره ابن ماجه.
702 -
حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالوَيهِ الجَلّاب، حدّثنا محمد بن شاذانَ الجوهري، حدّثنا المعلَّى بن منصور، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، حدّثنا أبو إسحاق الشَّيباني، عن العباس بن ذَرِيح، عن زياد بن عبد الرحمن النَّخَعي قال: كنا جلوسًا مع عليٍّ في المسجد الأعظم والكوفةُ يومئذٍ أخصاصٌ، فجاءه المؤذِّن فقال: الصلاةَ يا أمير المؤمنين - للعصر - فقال: اجلِسْ، فجلس، ثم عاد فقال ذلك، فقال علي: هذا الكلب يعلِّمنا بالسُّنَّة! فقام عليٌّ فصلى بنا العصر، ثم انصَرَفْنا فرجعنا إلى المكان الذي كنَّا فيه جلوسًا، فجَثَوْنا للرُّكَب، تَتَزوَّرُ الشمسُ للمَغِيبَ نَتراءاها
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بعد احتجاجهما بُرواته
(2)
.
703 -
حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا العباس بن الوليد بن مَزيَد البيروتي، أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعيَّ قال: حدَّثني أبو النَّجَاشي قال: حدَّثني رافع بن خَدِيج قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصرَ، ثم ننحرُ الجَزُور، فنَقسِمُ عَشرَ قِسَم، ثم نَطبخ فنأكلُ لحمًا نَضِيجًا قبل أن تغيبَ الشمس
(3)
.
قد اتفق البخاريّ ومسلم على إخراج حديث الأوزاعي عن أبي النجَّاشي عن رافع
(1)
إسناده ضعيف لجهالة زياد بن عبد الرحمن، وسمّاه الدارقطني: زياد بن عبد الله النخعي.
وأخرجه الدارقطني (988) من طريقين عن محمد بن شاذان، بهذا الإسناد. وقال: زياد بن عبد الله مجهول.
وأخرجه أيضًا (988) من طريق يحيى بن آدم، عن عبد الرحيم بن سليمان، به.
والأخصاص: البيوت من قصب، واحدها: خُصٌّ.
وتتزوَّر، أي: تميل.
(2)
بل لم يرويا شيئًا للعباس بن ذريح ولا لزياد النخعي.
(3)
إسناده صحيح. أبو النَّجاشي: هو عطاء بن صهيب مولى رافع بن خديج.
وأخرجه أحمد 28/ (17275) و (17289)، والبخاري (2485)، ومسلم (625)، وابن حبان (1515) من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهول منه.
ابن خَدِيج قال: كنا نصلي المغربَ
(1)
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تنصرفُ وأحدُنا يُبصِرُ مواقعَ نَبْلِه
(2)
.
وله شاهدان صحيحان في تعجيل الصلاة، ولم يُخرجاه.
فالشاهد الأول منهما:
704 -
أخبرناه أبو الحسن أحمد بن محمد بن عَبْدُوس العَنَزي، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدّثنا عبد الله بن صالح، حدَّثني الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن عُرْوة قال: سمعت بَشِيرَ بن أبي مسعود يحدِّث عن أبي مسعود، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي العصرَ والشمسُ بيضاءُ مرتفعةٌ، ثم يسيرُ الرجل حتى ينصرفَ منها إلى ذي الحُلَيفة - وهي ستة أميال - قبل غروب الشمس
(3)
.
قد اتفقا على حديث بشير بن أبي مسعود في آخر حديث الزهري عن عروة بغير هذا اللفظ
(4)
.
وأما الشاهد الثاني:
705 -
فأخبرنا أبو علي الحافظ
(5)
، أخبرنا الحسين بن عبد الله القطَّان، حدّثنا
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: العصر، والتصحيح من رواية "الصحيحين".
(2)
هذا عند البخاريّ برقم (559) ومسلم (637).
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن صالح - وهو كاتب الليث، وأسامة بن زيد - وهو الليثي -، وعبد الله بن صالح قد توبع.
أخرجه ضمن حديث أبو داود (394)، وابن حبان (1449) و (1494) من طريق عبد الله بن وهب، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد.
(4)
يشير إلى حديث أبي مسعود في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو عند البخاريّ برقم (521)، ومسلم برقم (610).
(5)
وقع هنا في (ب) المطبوع اضطراب وتقديم وتأخير خلت منه نسخنا الخطية الأخرى فجاءت على الصواب.
عبد السلام بن عبد الحميد، حدّثنا موسى بن أَعيَنَ، عن الأوزاعي، عن أبي النَّجاشي قال: سمعت رافعَ بن خَدِيج يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخبِرُكم بصلاة المنافق؟ أن يؤخِّرَ العصر حتى [إذا] كانت الشمسُ كثَرْبِ البقرة صلَّاها"
(1)
.
أخرج مسلم
(2)
حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "تلك صلاةُ المنافق، يجلِسُ أحدُهم حتى إذا اصفرَّت الشمس" الحديث.
706 -
حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا أبو زُرْعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، حدّثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدّثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن أنس بن مالك قال: كان أبعدَ رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دارًا أبو لُبَابة بن عبد المنذر وأهلُه بقُبَاء، وأبو عَبْس بن جَبْر ومَسكنُه في بني حارثة، فكانا يصلَّيان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم يأتيانِ قومَهما وما صَلَّوا، لتعجيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
(1)
إسناده حسن إن شاء الله، عبد السلام بن عبد الحميد ذكره ابن حبان في "ثقاته" وقال: ربما أخطأ، وذكره ابن عديّ في "الكامل" وقال: كان أبو عروبة الحرّاني يُسيءُ الرأي فيه، ولا أعلم بحديثه بأسًا ولم أرَ في حديثه منكرًا.
وأخرجه الدارقطني (993) من طريق محمد بن أبي بكر، عن عبد السلام بن عبد الحميد بهذا الإسناد.
والثَّرْب: الشَّحم الرقيق الذي يغشى الكَرِش والأمعاء. والمعنى: أنه نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالثَّرب، أي: إذا تفرَّقت وخصَّت موضعًا دون موضع عند المغيب كما في "النهاية" لابن الأثير.
(2)
في "صحيحه" برقم (622).
(3)
إسناده حسن.
وأخرجه أحمد 21/ (1382) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وصرّح ابن إسحاق بسماعه عنده. وسيأتي برقم (5590).
707 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري وأبو محمد الحسن بن حَليم المروزيَّان بمَرْو قالا: حدّثنا أبو الموجِّه محمد بن عمرو الفَزَاري، أخبرنا عَبْدان بن عثمان، حدّثنا عبد الله بن المبارَك، أخبرنا الحسين بن علي بن الحسين، حدَّثني وَهْب بن كَيْسان، حدّثنا جابر بن عبد الله الأنصاري قال: جاء جبريل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمسُ فقال: قم يا محمدُ فصلِّ الظُّهر، فقام فصلَّى الظهرَ حين زالت الشمس، ثم مَكَثَ حتى كان فَيْءُ الرجلِ مثلَه، فجاءه للعصر فقال: قم يا محمدُ فصلِّ العصر، فقام فصلَّى العصرَ، ثم مَكَثَ حتى غابت الشمس فقال: قم فصلِّ المغربَ، فقام فصلَّاها حين غابت سواءً، ثم مَكَثَ حتى ذهب الشَّفَق، فجاءه فقال: قم فصلِّ العشاءَ، فقام فصلَّاها، ثم جاءه حين صَدَعَ الفجرُ بالصبح، فقال: قم يا محمدُ فصلِّ، فقام فصلَّى الصبحَ، ثم جاءه من الغد حين كان فَيْءُ الرجل مثلَه، فقال: قم يا محمدُ فصلِّ الظهر، فقام فصلَّى الظهر، ثم جاءه حين كان فَيْءُ الرجل مِثلَيه، فقال: قم يا محمدُ فصلِّ العصر، فقام فصلَّى العصر، ثم جاءه المغربَ حين غابت الشمس وقتًا واحدًا لم يَزُل عنه، فقال: قم فصلِّ، فصلَّى المغربَ، ثم جاءه العِشاءَ حين ذهب ثلثُ الليل الأول، فقال: قم فصلِّ، فصلَّى العشاءَ، ثم جاءه الصبحَ حين أَسفَرَ جدًّا، فقال: قم فصلِّ الصبح، ثم قال: ما بين هذَينِ كلَّه وقتٌ
(1)
.
هذا حديث صحيح مشهور من حديث عبد الله بن المبارَك، والشيخان لم يُخرجاه لعِلَّة حديث الحسين بن علي الأصغر، وقد رَوَى [عنه] عبد الرحمن بن أبي المَوَال وغيره.
707 م - وقد أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العَقِيقي
(2)
، أخبرني
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 22/ (14538)، والترمذيّ (150)، والنسائي (1520)، وابن حبان (1472) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
(2)
تحرَّف في المطبوع إلى: العقيلي. وانظر ترجمته في "توضيح المشتبه" (لابن ناصر الدين =
أبي
(1)
، حدّثنا موسى بن عبد الله بن الحسن، حدَّثني أبي وغيرُ واحد من أهل بيتنا قالوا: كان الحسين بن علي بن الحسين أشبهَ ولدِ علي بن الحسين به في التألُّه والتعبُّد.
قال الحاكم: لهذا الحديث شاهدان مثلُ ألفاظِه عن جابر بن عبد الله، أما الشاهد الأول:
708 -
فحدثني أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عبدانُ الأهوازيُّ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الصَّوّاف، حدّثنا عمرو بن بِشْر الحارثي، حدّثنا بُرْد بن سِنان، عن عطاء بن أبي رَبَاح، عن جابر بن عبد الله: أنَّ جبريل أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمه الصلاة، فساق المتنَ بمثل حديث وَهْب بن كَيْسان سواءً
(2)
.
وأما الشاهد الثاني:
709 -
فأخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدّثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدّثنا سُرَيج بن النعمان، حدّثنا عبد العزيز بن الماجِشُون، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أمَّني جبريلُ بمكة مرَّتَين"، فذَكَر الحديثَ بنحوه.
عبد الكريم هذا: هو ابن أبي المُخارِق بلا شكٍّ، وإنما خرَّجتُه شاهدًا
(3)
.
710 -
حدّثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي، حدّثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدّثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدَّثني أبو بكر بن أبي أُويس، عن سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن الحارث ومحمد بن عمرو، عن حَكِيم بن
= الدمشقي) رسم (العقيقي) 6/ 297.
(1)
زاد في (ب) والمطبوع: عن جدي.
(2)
حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد ليس بذاك القوي، عمرو بن بشر تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم الصواف - وهو البصري - ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان 8/ 482، لكنه متابع، تابعه قُدامة بن شهاب عن برد بن سنان عند النسائيّ (1519).
وانظر حديث سليمان بن موسى عن عطاء عند أحمد 23/ (14790).
(3)
وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف، وقال الذهبي في "تلخيصه": واهٍ.
حَكيم، عن نافع بن جُبَير، عن ابن عباس: أنَّ جبريل أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فصلى به الصلواتِ وقتَينِ إلّا المغربَ
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، رواه سفيان الثَّوري وعبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي عن عبد الرحمن بن الحارث بطوله، واختصر سليمانُ بن بلال فائدةَ الحديث بهذه اللفظة.
فأما عبدُ الرحمن بن الحارث فإنه ابن عبد الله بن عيَّاش بن أبي رَبِيعة المخزومي، من أشراف قريش والمقبولِين في الرواية، وحَكِيم بن حكيم: هو ابن عَبَّاد بن حُنَيف الأنصاري، وكلاهما مدنيَّان.
أما حديث الثَّوري:
711 -
فحدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدّثنا يزيد بن الهيثم، حدّثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدّثنا الأشجعي، عن سفيان.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدّثنا أبو المثنَّى، حدّثنا مسدَّد، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان.
وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدّثنا محمد بن بشَّار، حدّثنا أبو أحمد الزُّبيري ومُؤمَّل بن إسماعيل قالا: حدّثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي رَبِيعة، عن حَكِيم بن حكيم بن عبَّاد بن حُنَيف، عن نافع بن جُبَير بن مُطعِم، عن ابن عباس قال: أمَّ جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عند البيت مرَّتَين، فصلّى به الظهرَ حين مالت الشمس وكانت قَدْرَ الشِّراك، ثم صلَّى به العصرَ حين كان ظلُّ كلِّ شيء بقَدْره، وصلَّى به المغربَ حين أفطَرَ الصائمُ، ثم صلَّى به العشاءَ حين غاب الشَّفَقُ، ثم صلَّى به الفجرَ حين حَرُمَ الطعامُ والشرابُ على الصائم، ثم صلَّى
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه الدارقطني (1015) من طريقين عن محمد بن إسماعيل البخاريّ - كذا وقع عنده - عن أيوب بن سليمان، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
به الظهرَ من الغد كان ظلُّ كلِّ شيء بقَدْره كوقت العصر بالأمس، ثم صلَّى به العصرَ حين كان ظلُّ كلِّ شيء مِثلَيه، ثم صلَّى به المغربَ حين أفطَرَ الصائم، ثم صلَّى به العشاءَ لثلثِ الليل الأوّل من الليل، ثم صلَّى به الفجرَ حين أسفَرَ، ثم قال: يا محمدُ، هذا وقتُ الأنبياء من قبلِك؛ ما بين هذينِ الوقتين"
(1)
.
وأما حديث عبد العزيز بن محمد:
712 -
فأخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدّثنا جدِّي، حدّثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبيري، حدّثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن حَكيم بن حَكيم، عن نافع بن جُبَير، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوَه
(2)
.
713 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدّثنا الحسن بن علي بن بَحْر البَرِّي
(3)
، حدّثنا أبو يعلى محمد بن الصَّلْت التَّوَّزِي، حدّثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن نَمِر، عن الزُّهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جاريةَ، عن عمِّه مجمِّع بن جارية: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن مواقيت الصلاة، فقدَّم ثم أخَّر، وقال:"بينهما وقتٌ"
(4)
.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن الحارث وحكيم بن حكيم.
وأخرجه أحمد 5/ (3081) و (3322)، وأبو داود (393) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذيّ (149) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، به.
وقال: حديث حسن.
قوله: "كانت قدر الشِّراك" أي: كان ظلُّها قدر الشراك، والشِّراك: أحد سُيور النعل التي تكون على وجهها.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
(3)
تحرَّف "بحر البري" في النسخ الخطية إلى: يحيى البرني. والتصويب من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (16490)، وقد تكررت رواية أبي عبد الله الزاهد عن الحسن بن علي بن بحر البري في بضعة عشر موضعًا من هذا الكتاب.
(4)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبيد الله بن عبد الله. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وعبيد الله هذا: هو ابن عبد الله بن ثَعْلبة بن أبي صُعَير العُذْري
(1)
.
714 -
حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدّثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدّثنا عمر بن عبد الرحمن بن أَسِيد، عن محمد بن عبَّاد بن جعفر المؤذن، أنه سمع أبا هريرة يخبر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثهم: أنَّ جبريل أتاه فصلى به الصلواتِ في وقتين وقتين إلّا المغربَ قال: "فجاءني فصلى بي ساعةَ غابت الشمسُ، ثم جاءني من الغدِ فصلى بي ساعةَ غابت الشمسُ لم يُغيِّره"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، فإنهما لم يخرجا عن محمد بن عبَّاد
= وأخرجه وكيع محمد بن خلف في "أخبار القضاة" 1/ 134، والدارقطني (1024) من طريق جعفر بن أبي عثمان، عن أبي يعلى محمد بن الصلت، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث بريدة الأسلمي عند مسلم (613)، وحديث أبي موسى الأشعري عنده أيضًا (614). وما تقدم من الأحاديث عند المصنّف.
(1)
قال الحافظ في ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن ثعلبة الأنصاري من "تهذيب التهذيب": زعم الحاكم أنه ابن ثعلبة بن صعير، وليس بصواب.
(2)
حديث حسن بما بعده، وهذا إسناد قابل للتحسين، عمر بن عبد الرحمن بن أسيد - وهو ابن زيد بن عمر بن الخطاب - روى عنه ثلاثة ثقات ولم يؤثر جرحه أو توثيقه عن أحد. وقوله فيه: عن محمد بن عباد بن جعفر المؤذن، وهمٌ من المصنّف أو من شيخه، والصواب أنه من رواية عمر بن عبد الرحمن عن محمد بن عمار بن سعد المؤذن.
فقد أخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 369 عن المصنّف أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد - ووقع فيه: عمر بن عبد الرحمن بن أسيد عن محمد أنه سمع أبا هريرة، ولم يسمِّه في الرواية، ثم قال البيهقي: محمد: هو ابن عمار بن سعد المؤذن.
وأخرجه الدارقطني (1028) عن القاضي أبي عمر، عن العباس بن محمد الدوري، به - وسماه فيه محمد بن عمار بن سعد المؤذن.
وذكر البخاريّ هذا الحديث في التاريخ الكبير 1/ 185 في ترجمة محمد بن عمار بن سعد المؤذن.
ابن جعفر
(1)
، وقد قدَّمتُ له شاهدين.
ووجدتُ له شاهدًا آخرَ صحيحًا على شرط مسلم:
715 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري، حدّثنا أبو الموجَّه محمد بن عمرو، حدّثنا يوسف بن عيسى، حدّثنا الفضل بن موسى، حدّثنا محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا جبريلُ يعلِّمُكم دِينَكم"، فذكر مواقيتَ الصلاة، ثم ذكر أنه صلَّى المغربَ حين غَرَبَت الشمس، ثم لمّا جاءه من الغدِ صلَّى المغرب حين غربت الشمسُ في وقتٍ واحدٍ
(2)
.
716 -
أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدّثنا جدَّي، حدّثنا عمرو بن عَوْن الواسطي، حدّثنا هُشَيم، عن أبي بِشْر، عن حَبيب بن سالم، عن النُّعمان بن بَشِير قال: إني لأعلمُ الناسِ بوقت هذه الصلاة؛ صلاةِ العشاء الآخِرة، كان رسول الله يصلِّيها لسُقوط القمر لثالثةٍ
(3)
.
تابعه رَقَبةُ بن مَسْقَلة عن أبي بِشْر، هكذا اتفق رقبةُ وهشيمٌ على رواية هذا الحديث عن أبي بِشْر عن حبيب بن سالم، وهو إسناد صحيح، وخالفهما شعبةُ وأبو عَوَانة فقالا:
(1)
بل أخرجا له، وإنما لم يخرجا لمحمد بن عمار بن سعد المؤذن الذي هو صاحب الحديث عن أبي هريرة.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة الليثي.
وأخرجه النسائيّ (1505) عن الحسين بن حريث، عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.
(3)
حديث صحيح مع ما وقع في إسناده من خلاف كما سيذكر المصنّف، فرجال إسناده ثقات. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشيّة.
وأخرجه أحمد 30/ (18377) عن هشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائيّ (1522) من طريق رقبة بن مصقلة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، به.
قوله: "لسقوط القمر الثالثة" أي: وقت مغيب القمر في الليلة الثالثة من كل شهر، وذلك يختلف باختلاف الشهور لاختلاف وقت ولادة الهلال. وانظر بسط ذلك فيما كتبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الحديث (166) من "سنن الترمذيّ"، فإنه نفيس.
عن أبي بشر عن بشر بن ثابت
(1)
عن حبيب بن سالم.
أما حديث شعبة:
717 -
فأخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدّثنا سعيد بن مسعود، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شُعْبة، عن أبي بِشْر، عن بشر بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النُّعمان بن بَشِير، قال: إني لأعلمُ الناسِ بوقتِ صلاة العشاء الآخِرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّيها لسقوطِ القمرِ لثالثةٍ أو رابعةٍ؛ شكّ شعبةُ
(2)
.
وأما حديث أبي عَوَانة:
718 -
فأخبرَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا أبو النُّعمان محمد بن الفضل، حدّثنا أبو عَوَانة، عن أبي بِشْر، عن بشر بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بَشِير قال: إني لأعلمُ الناسِ بوقتِ هذه الصلاة؛ صلاةِ العشاء الآخِرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّيها لسقوطِ القمرِ لثالثةٍ
(3)
.
719 -
حدّثنا أبو بكر بن إسحاق، حدّثنا أبو المثنَّى، حدّثنا مُسدَّد.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أَبي؛ قالا: حدّثنا عبَّاد بن عبَّاد، حدّثنا محمد بن عمرو، عن سعيد بن الحارث الأنصاري، عن جابر بن عبد الله قال: كنت أصلي الظهرَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَآخُذُ قبضةً من الحصى
(1)
هكذا وقع عند المصنّف: بشر، بغير ياء، والصواب أنه بشير بياء، وقال ابن حبان في "الثقات" 6/ 99: من زعم أنه بشر بن ثابت (أي: بغير ياء) فقد وهم.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 30/ (18396) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
(3)
إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضّاح اليشكري.
وأخرجه أحمد 30/ (18415)، وأبو داود (419)، والترمذيّ (165) و (166)، والنسائي (1523) من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وخالف أبو الوليد الطيالسي فرواه عن أبي عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر - وهو ثقة - عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. أخرجه ابن حبان (1526).
ليَبرُدَ في كفِّي أَضعُها لجَبْهتي أسجُدُ عليها، لشدَّة الحرِّ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
720 -
أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني، حدّثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة.
وحدثني علي بن عيسى الحِيري، حدّثنا مُسدَّد بن قَطَن؛ قالا: حدّثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدّثنا عَبِيدة بن حُميد، عن أبي مالك الأشجعي سَعْد بن طارق، عن كَثِير بن مُدرِك، عن الأسود بن يزيد، أنَّ عبد الله بن مسعود قال: كان قَدْرُ صلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثةَ أقدام، وفي الشتاءِ خمسةَ أقدام إلى سبعةِ أقدام
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتجَّ بأبي مالك الأشجعي وكَثير بن مُدرِك، ولم يُخرجاه.
721 -
حدّثنا علي بن عيسى، حدّثنا أبو منصور يحيى بن أحمد بن زياد، حدّثنا يحيى بن مَعِين، حدّثنا هُشَيم، أخبرنا داود بن أبي هند.
وأخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدّثنا محمد بن بِشْر بن مَطَر، حدّثنا وهب بن بَقيَّة، حدّثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه أبو داود (399) عن مسدَّد وأحمد بن حنبل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 22/ (14507) عن خلف بن الوليد، والنسائي (672) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن عباد بن عباد، به.
وأخرجه بنحوه ابن حبان (2276) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن محمد بن عمرو، به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (400) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائيّ (1504) عن أبي عبد الرحمن الأذرمي، عن عبيدة بن حميد، به.
ومعنى "قدر الصلاة ثلاثة أقدام
…
إلخ" أي: قدر تأخير صلاة الظهر عن الزوال ما يظهر فيه قدر ثلاثة أقدام لظِلِّ الإنسان. وانظر تتمة شرحه في التعليق على "سنن أبي داود".
الأسود، عن عبد الله بن فَضَالة، عن أبيه قال: علَّمني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فكان فيما علَّمني:"حافِظْ على الصلواتِ الخمس" فقلت: إنَّ هذه ساعاتٍ لي فيها أشغال، فمُرْني بأمرٍ جامع إذا أنا فعلتُه أجزأ عني، فقال:"حافِظْ على العصرَين"، وما كانت من لغتنا، فقلت: وما العَصرانِ؟ قال: "صلاةٌ قبل طلوع الشمس، وصلاةٌ قبلَ غُروبها"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وعبد الله: هو ابن فَضَالة بن عُبيد، وقد خُرِّج له في "الصحيح" حديثان.
2 - باب في فضل الصلوات الخمس
722 -
حدّثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدّثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدّثنا أبو الرَّبيع ابن أخي رِشْدِين وأبو الطاهر قالا: أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني مَخْرَمة بن بُكَير، عن أبيه، عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص قال: سمعتُ سعدًا وناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كان رجلانِ أخَوانِ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدُهما أفضلَ من الآخر، فتُوفي الذي هو أفضلُهما، ثم عُمِّرَ الآخرُ بعده أربعين يومًا، ثم تُوفيَ، فذكروا الرسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلةَ الأوَّل على الآخِر، فقال:"ألم يكن يُصلي؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأسَ به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فما يُدرِيكم ماذا بَلَغَت به صلاتُه، إنَّما مَثَلُ الصلاة كَمَثَل نهرٍ جارٍ بباب رجلٍ، عَمْرٍ عَذْبٍ، يَقتحِمُ فِيهِ كلَّ يوم خمسَ مرَّات، فماذا تَرَونَ يبقى من دَرَنِه؟ لا تدرونَ ماذا بَلَغَت به صلاتُه"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، فإنهما لم يخرجا مَخرَمةَ بن بُكير، والعِلَّة فيه أنَّ طائفة من أهل مصر ذكروا أنه لم يسمع من أبيه لصِغَر سنِّه، وأثبتَ بعضُهم سماعَه منه
(3)
.
(1)
إسناده حسن. وقد سلف برقم (50 - 51).
(2)
إسناده قوي من أجل مخرمة بن بكير.
وأخرجه أحمد 3/ (1534) عن هارون بن معروف، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
(3)
وقد خرَّج مسلم لمخرمة بن بكير عن أبيه عدة أحاديث، فقوله:"لم يخرجا مخرمة بن بكير" =
723 -
حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أنَّ ابن أبي هلال حدَّثه، أنَّ نُعيمًا المُجمِر حدَّثه
(1)
، أنَّ صهيبًا مولى العُتْوارِيِّين حدَّثه، أنه سمع أبا سعيد الخُدْري وأبا هريرة يُخبِران عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنه جَلَسَ على المِنبَر، ثم قال:"والذي نَفْسي بيده" ثلاث مراتٍ، ثم سَكَتَ، فأكَبَّ كلُّ رجل منا يبكي حزينًا ليمينِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"ما من عبدٍ يأتي الصَّلَواتِ الخمسَ، ويصومُ رمضان، ويجتنِبُ الكبائرَ السَّبْع، إلّا فُتِحَت له أبواب الجنة يومَ القيامة حتى إنها لَتَصطَفِقُ" ثم تلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما أهمَلَاه لذِكْر صهيب مولى العُتْواريِّين بين نُعيم بن عبد الله وأبي هريرة، فإنهما قد اتَّفقا على صِحَّة رواية نُعيم عن الصحابة.
724 -
حدّثنا يحيى بن منصور القاضي، حدّثنا أحمد بن سَلَمة بن عبد الله، حدّثنا نَصْر بن علي الجَهْضَمي، حدّثنا نوح بن قيس، عن أخيه خالد بن قيس، عن قَتَادة، عن
= ذهولٌ من منه رحمه الله، وإنما لم يخرجه البخاريّ وحده للخلاف المذكور، وقد ذهب أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما أنه كان يحدّث من كتب أبيه، ومثل هذا يُحتَجّ به.
(1)
قوله: "أنَّ نعيمًا المجمر حدثه" سقط من نسخنا الخطية، واستدركناه من "تلخيص الذهبي" ومن "السنن الكبرى" للبيهقي 10/ 187 حيث رواه عن المصنّف محمد بن عبد الله الحاكم بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده محتمل للتحسين، رجاله ثقات مشهورون غير صهيب مولى العتواريين فقد تفرَّد بالرواية عنه نعيم المُجمِر، وذكره ابن حبان في "الثقات" ولم يَأثُر فيه البخاريّ ولا ابن أبي حاتم جرحًا، وصحَّح له ابن خزيمة وابن حبان هذا الخبر. ابن أبي هلال: هو سعيد.
وأخرجه ابن حبان (1748) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائيّ (2230) من طريق خالد بن يزيد المصري، عن سعيد بن أبي هلال، به. وسيأتي من هذا الطريق برقم (2980).
أنس قال: قال رجل: يا رسولَ الله، كم افتَرَضَ اللهُ على عبادِه من الصلوات؟ قال:"خمسَ صَلَواتٍ"، قال: هل قبلَهنَّ أو بعدَهنَّ؟ قال: "افتَرَضَ اللهُ على عبادِه صلواتٍ خمسًا قال: هل قبلَهنَّ أو بعدَهنَّ؟ قال: "افتَرَضَ اللهُ على عبادِهِ صلواتٍ خمسًا"، فحَلَفَ الرجلُ بالله لا يزيدُ عليهنَّ ولا يَنقُص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنْ صَدَقَ، دخلَ الجنةَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه، وقد حدَّث مسلم في "الصحيح" بثلاثة أصول بهذا الإسناد.
725 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا عبد الملك بن الرَّبيع بن سَبْرة، عن أبيه، عن جدِّه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا بَلَغَ أولادكُم سبعَ سنينَ ففرِّقوا بين فُرُشِهم، وإذا بَلَغُوا عشرَ سنينَ فاضرِبُوهم على الصلاة"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بعبد الملك بن الرَّبيع بن سَبْرة عن آبائه، ثم لم يُخرج واحدٌ منهما هذا الحديث.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (1447) عن علي بن أحمد الجرجاني، عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 21 / (13815)، والنسائي في "المجتبى"(459) من طريقين عن نوح بن قيس، به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الملك بن الربيع، على شذوذ في لفظه، فقد انفرد يعقوب بن إبراهيم في قوله:"إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فُرُشهم"، وهكذا رواه من طريقه أيضًا ابن أبي الدنيا في "العيال"(294) والدارقطني في "السنن"(886)، وخالفه كلُّ من روى هذا الحديث عن عبد الملك بن الربيع فقال فيه:"إذا بلغ الغلام سبع سنين أُمر بالصلاة، فإذا بلغ عشرًا ضُرب عليها" وهو المحفوظ، أخرجه أحمد 24/ (15339)، وأبو داود (494)، والترمذي (407) وغيرهم من طرق عن عبد الملك بن الربيع به، وسيأتي عند المصنف برقم (961) من طريق حرملة بن عبد العزيز عن عبد الملك. ويشهد له ما بعده.
وشاهدُه معروفٌ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
726 -
حدَّثناه أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا سهل بن مهران الدقَّاق، حدثنا عبد الله بن بكر السَّهْمي، حدثنا سوَّار بن داود أبو حمزة، حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا الصِّبيان بالصلاةِ لسبعِ سنين، واضرِبُوهم عليها في عشرِ سنين، وفَرَّقوا بينهم في المَضاجِع"
(1)
.
726/ 1 - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّورِيَّ يقول: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: عمرو بن شعيب ثقة.
قال الحاكم: وإنما قالوا في هذه الترجمة للإرسال، فإنه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وشعيبٌ لم يسمع من جدِّه عبد الله بن عمرو
(2)
.
726/ 2 - سمعتُ الأستاذ أبا الوليد يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحَنَظَلي يقول: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقةً، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر.
3 - ومن أبواب الأذان والإقامة
727 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا محمد بن عيسى الطَّرَسُوسي، حدثنا الرَّبيع بن يحيى، حدثنا شُعْبة.
وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب بن حَرْب، حدثنا عبد الله بن خَيْرانَ، حدثنا شُعبة.
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه أحمد 11/ (6689) و (6756)، وأبو داود (495) و (496) من طرق عن سوّار أبي حمزة، بهذا الإسناد.
(2)
تابع المصنف في هذا قولَ ابن حبان في "الثقات" حيث نَفَى سماع شعيب من جدِّه عبد الله بن عمرو، وهو قول مردود - كما قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب". وقد أثبت سماعه منه شيخُ الصَّنعة الإمام البخاريُّ وأبو داود وغيرهما كما في ترجمته من "تهذيب الكمال" للحافظ المزِّي.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الدارَبردي بمَرْو، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرني أَبي، عن شعبة.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن بالَوَيهِ قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي حدثنا، محمد - وهو ابن جعفر - حدثنا شعبة، عن أبي جعفر المَدِيني، عن مسلم أبي المثنَّى القارئ قال: سمعت ابنَ عمر يقول: كان الأذانُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّتَين مرَّتَين، والإقامةُ مرةً، غيرَ أنه يقول: قد قامت الصلاةُ، مرتين، فإذا سمعنا الإقامةَ توضَّأْنا ثم خرجنا إلى الصلاة
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، فإنَّ أبا جعفر هذا عُمَير بن يزيد بن حبيب الخَطْمي
(2)
، وقد روى عن سعيد بن المسيّب وعُمارة بن خُزَيمة بن ثابت، وقد روى عنه سفيان الثَّوري وشعبة وحمَّاد بن سَلَمة وغيرهم من أئمة المسلمين، وأما أبو المثنَّى القارئ فإنه من أستاذِي نافع بن أبي نُعيم، واسمه مسلم بن المثنَّى، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وسليمان التَّيْمي وغيرهما من التابعين.
728 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا يحيى بن مَعين، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السَّخْتِياني، عن أبي قِلَابة،
(1)
إسناده. قوي. وهو في "مسند أحمد" 9/ (5569).
وأخرجه أبو داود (510)، وابن حبان (1674) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (9/ (5570) و (5602)، والنسائي (1605) و (1644)، وابن حبان (1677) من طرق عن شعبة، به.
(2)
تعقَّب الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 8/ 679 كلام الحاكم هذا فقال: قد وهمَ الحاكم في تسميته، فإنه لا يُسمَّى، وهو كوفي، وعمير بن يزيد بصري وشعبة قد روى عن عمير عدة أحاديث، وأما هذا (يعني أبا جعفر المديني) فقال النسائي في روايته لهذا الحديث: قال شعبة: لم أسمع منه غير هذا الحديث، والمشهور أنه محمد بن مِهران بن مسلم بن المثنى، ومسلم الذي روى عنه هذا الحديث هو جدُّه.
عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بلالًا أن يَشفَعَ الأذانَ ويُوترَ الإقامة
(1)
.
هذا حديث أسندَه إمامُ أهل الحديث ومزكِّي الرواة بلا مُدافَعة.
وقد تابعه عليه الثقةُ المأمون قتيبةُ بن سعيدٍ:
729 -
كما حدَّثَناه أبو الحسن أحمد بن الخَضِر الشافعي وأبو العباس محمد بن حفص الهَرَوي قالا: حدثنا أبو علي عبد الله بن محمد بن علي الحافظ البَلْخي، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا أن يَشفَعَ الأذانَ، ويُوترَ الإقامة
(2)
.
الشيخانِ لم يُخرجاه بهذه السِّياقة! وهو صحيح على شرطهما.
730 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن مِهران حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا موسى بن يعقوب الزَّمْعي، حدثنا أبو حازم، أنَّ سهل بن سعد أخبره، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثِنتانِ لا تُرَدَّانِ - أو قَلَّما تُردَّان -: الدعاءُ عند النِّداء، وعند البأْسِ حين يُلحِمُ بعضُهم بعضًا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.
وأخرجه أحمد 19 (12001)، والبخاري (606)، ومسلم (378)(3) و (5)، والترمذي (193)، والنسائي (1604) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه.
وأخرجه البخاري (605)، ومسلم (378)(5)، وأبو داود (508)، وابن حبان (1675) من طرق عن أيوب السختياني، به - وزاد بعضهم فيه: إلّا الإقامة.
وأخرجه أحمد 20 (12971)، والبخاري (603) و (607) و (3457)، ومسلم (378)(2) و (4)، وابن ماجه (729) و (730)، وابن حبان (1676) و (1678) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، به.
(2)
إسناده صحيح كسابقه. وهو من طريق قتيبة عند الترمذي (193) والنسائي (1604).
(3)
حديث صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل موسى بن يعقوب الزَّمعي، وقد توبع كما هو مبيَّن في "سنن أبي داود". أبو حازم هو سلمة بن دينار الأعرج. =
هذا حديث يتفرَّد به موسى بن يعقوب، وقد يُروَى عن مالك عن أبي حازم
(1)
، وموسى بن يعقوب ممن يُوجَد عنه التفرُّد.
وله شهود، منها حديث سليمان التَّيمي عن أنس
(2)
، وحديث معاوية بن قُرَّة، وحديث بُرَيد بن أبي مريم عن أنس.
731 -
وقد حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مُنِقذ الخَوْلاني بمصر، حدثني إدريس بن يحيى، حدثنا الفضل بن المختار، عن حُمَيد الطَّويل، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الدعاءُ مستجابٌ ما بين النِّداء"
(3)
.
= وأخرجه أبو داود (2540) عن الحسن بن علي، عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (2566).
(1)
قد روي عن مالك واختُلف عليه في وقفه ورفعه كما هو مبيَّن في التعليق على "سنن أبي داود"، ومَن وقفه أكثر عددًا ممن رفعه، وهو في "موطئه" برواية يحيى الليثي 1/ 70 موقوفًا على سهل بن سعد قال: ساعتان يفتح لهما أبواب السماء، وقلَّ داعٍ تُرَدُّ عليه دعوته: حضرة النداء للصلاة، والصف في سبيل الله. قلنا ومثل هذا لا يقال من قِبَل الرأي، ولا بدّ أن يكون عن خبرٍ.
وروي من ثلاثة طرق عن مالك مرفوعًا أصحُّها ما أخرجه ابن حبان (1720) من طريق أبي المنذر إسماعيل بن عمر عنه مرفوعًا بلفظ: ساعتان تُفتح فيهما أبواب السماء: عند حضور الصلاة، وعند الصف في سبيل الله".
(2)
وقد اختُلف على التيمي في إسناده وفي رفعه ووقفه على ما بيَّنه الدارقطني في "العلل" 12/ 91 (2460) وقال: الصحيح الموقوف. وانظر تمام تخريج حديث أنس في "مسند أحمد" 19/ (12200) حيث أخرجه في هذا الموضع من طريق معاوية بن قُرَّة عن أنس مرفوعًا.
وأما حديث بُريد بن أبي مريم عن أنس، فهو عند أحمد أيضًا 20/ (12584)، وهو مرفوع بلفظ:"إنَّ الدعاء لا يُرَدُّ بين الأذان والإقامة، فادعوا"، وإسناده صحيح، وانظر تمام تخريجه فيه.
(3)
إسناده واه الفضل بن المختار قال أبو حاتم الرازي: أحاديثه منكرة يحدِّث بالبواطيل، ووهّاه الذهبي في "تاريخ الإسلام" 4/ 707. لكن ما قبله يُغْني عنه.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 9 من طريق الحسن بن علي بن مؤمل، عن محمد بن يعقوب أبي العباس الأصم، بهذا الإسناد. وفيه:"ما بين النداء والإقامة".
732 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا علي بن الحسن الهِلالي، حدثنا عبد الله بن الوليد العَدَني، حدثنا القاسم بن مَعْن المسعودي
(1)
، عن أبي كَثير مولى أم سَلَمة، عن أم سَلَمة قالت: علَّمَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أقولَ عند آذان المغرب: "اللهمَّ هذا إقبالُ ليلِك، وإدبارُ نهارِك، وأصواتُ دُعاتِك، فاغفِرْ لي"
(2)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، والقاسم بن مَعْن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أشراف الكوفيين وثِقاتهم ممن يجمع حديثُه، ولم أكتبه عاليًا إلّا عن شيخنا أبي عبد الله رحمه الله.
733 -
أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد قال قرئ على عبد الملك بن محمد، وأنا أسمع، حدثنا سهل بن حمَّاد وأبو رَبِيعة قالا: حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن سعيد الجُرَيري.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عفَّان، حدثنا حمَّاد بن سلمة، حدثنا سعيد بن إياس الجُرَيري، عن أبي العلاء، عن مُطرِّف بن عبد الله، عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: يا رسول الله، اجعَلْني إمامَ قومي، قال:"أنت إمامُهم، واقتَدِ بأضعفِهم، واتَّخِذْ مؤذنًا لا يأخذُ على أذانِه أجرًا"
(3)
.
(1)
هكذ وقع في نسخ "المستدرك" قديمًا، فقد قال البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 410 بعد أن أخرجه عن المصنف: كذا وقع في كتابي، وقال غيره: عن القاسم بن معن قال: حدثنا المسعودي.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة أبي كثير مولى أم سلمة.
وأخرجه أبو داود (530) عن مؤمَّل بن إهاب عن عبد الله بن الوليد العَدَني بهذا الإسناد.
وقال فيه: القاسم بن معن حدثنا المسعودي. والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود والقاسم بن معن معروف بالرواية عنه.
وأخرجه الترمذي (3589) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن حفصة بنت أبي كثير، عن أبيها أبي كثير، به. وزاد فيه:"وحضور صلواتك"، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباها.
(3)
إسناده صحيح، وسماع حماد بن سلمة من الجريري قبل اختلاطه. أبو العلاء: هو يزيد =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه هكذا، وإنما خرَّج مسلم
(1)
حديث شُعْبة عن عمرو بن مُرَّة عن سعيد بن المسيّب عن عثمان بن أبي العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمَمتَ قومًا .... " الحديث.
734 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي.
وأخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا أبو غسَّان مالك بن إسماعيل؛ قالا: حدثنا إسرائيل، عن سِمَاك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرَة قال: كان بلال يؤذِّن ثم يُمهِلُ، فإذا رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقامَ الصلاة
(2)
.
= ابن عبد الله بن الشِّخّير أخي مطرِّف.
وأخرجه أحمد (26)(16271)، والنسائي (1648) من طريق عفان بن مسلم بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (16270) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو داود (531) عن موسى بن إسماعيل، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه أحمد (16272) من طريق حماد بن زيد، عن سعيد الجريري، به.
وأخرج قصة الاقتداء بالأضعف ابن ماجه (987) من طريق سعيد بن أبي هند، عن مطرف، به.
وأخرج قصة المؤذن ابن ماجه (714)، والترمذي (209) من طريق الحسن البصري، عن عثمان بن أبي العاص.
(1)
في "صحيحه" برقم (468).
(2)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. وسيأتي مكررًا بالإسناد الأول برقم (868).
وأخرجه أحمد 34/ (20804) و (20850) و (21007)، وأبو داود (537)، والترمذي (202) من طرق عن إسرائيل بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه بنحوه أحمد (20849)، ومسلم (606) من طريق زهير بن معاوية، عن سماك بن حرب، به بلفظ: كان بلال يؤذِّن إذا دَحَضَت، فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه. واللفظ لمسلم، فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه.
وأخرج ابن ماجه (713) من طريق شريك النخعي، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: كان =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، إنما ذَكَرَ مسلمٌ حديث زهير عن سِماك: كان بلال يؤذِّن إذا دَحَضَت الشمسُ.
735 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا يوسف بن موسى حدثنا محمود بن خالد الدمشقي وداود بن رُشَيد: قالا حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جُرَيج، عن موسى بن عُقْبة، عن نافع بن جُبَير، عن مسعود الزُّرَقي، عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في المسجد حين تُقام الصلاة، فإذا رآهم قليلًا جَلَسَ ثم صلَّى، وإذا رآهم جماعةً صلَّى
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ومسعود هذا أبو الحَكَم
(2)
الزُّرَقي.
= بلال لا يؤخر الأذان عن الوقت، وربما أخَّر الإقامة شيئًا.
وانظر ما سيأتي برقم (1069).
(1)
إسناده صحيح، وقد صرَّح ابن جريج بالسماع من موسى بن عقبة عند البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 20.
وأخرجه أبو داود (546) من طريق أبي عاصم - وهو الضحاك بن مخلد - عن ابن جريج، بهذا الإسناد - وقال فيه: عن أبي مسعود الزرقي عن علي، وهو وهمٌ، والصواب أنه من رواية مسعود بن الحكم الزرقي عن علي، وكنيته أبو هارون.
وهو عند البيهقي 2/ 20 من حديث عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد - وكان من أعلم الناس بحديث ابن جريج - عن ابن جريج قال: حدثني موسى بن عقبة عن نافع بن جبير.
ورواه عبد المجيد عنده أيضًا، وأبو عاصم النبيل عند أبي داود (545)، كلاهما عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره أبو عاصم بلفظٍ كلفظ الوليد بن مسلم عند المصنف، وأما عبد المجيد فرواه بلفظ: كان يخرج بعد النداء إلى المسجد فإذا رأى أهل المسجد قليلًا
…
ولم يذكر الإقامة. وهو من هذا الطريق مرسل، فإنَّ سالمًا أبا النضر تابعي.
(2)
كذا وقع في نسخ "المستدرك"، وهو خطأ، فإنَّ مسعودًا هذا هو ابن الحكم وكنيته أبو هارون، ولم يكنّه أحد بأبي الحكم.
حدثنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاءً في رجب سنة أربع وتسعين وثلاث مئة:
736 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي - واللفظ له - حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، عن سفيان، عن عَوْن بن أبي جُحَيفة، عن أبيه؛ قال: قال: رأيت بلالًا يؤذِّن ويَدُور ويُتبعُ فاهُ هاهنا وهاهنا وإصبعيه في أُذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قُبَّةٍ حمراءَ من أَدَمٍ، فخرج بلال بين يديه بالعَنَزَةِ، فَرَكَزَها بالبَطْحاء، فصلَّى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ بين يديه الكلبُ والحمارُ، وعليه حُلَّةٌ حمراءُ كأني أنظرُ إلى بَريقِ ساقَيهِ
(1)
.
737 -
أخبرَناه أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله القَطَّان ببغداد، حدثنا علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، حدثنا إبراهيم بن بشَّار، حدثنا سفيان بن عُيَينة
(2)
، عن الثَّوري ومالك بن مِغوَل، عن عَوْن بن أبي جُحَيفة، عن أبيه قال:
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
والحديث في "مسند أحمد" 31 / (18759)، وانظر تفصيل الكلام على الاستدارة في الأذان هناك. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أيضًا الترمذي (197).
وأخرجه أحمد (18751) و (18762)، والبخاري (634)، ومسلم (503)(249)، وأبو داود (520)، والنسائي (850) و (1619) و (9741)، وابن حبان (2334) و (2382) و (2394) من طرق عن سفيان الثوري بهذا الإسناد - وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وأخرجه كذلك أحمد (18743)، والبخاري (495) و (633)، ومسلم (503)(251)، وأبو داود (688)، وابن ماجه (711) من طرق عن عون بن أبي جحيفة، به - وبعضهم يزيد فيه على بعض. وانظر ما بعده.
(2)
في (ب) والمطبوع مكان "سفيان بن عيينة": إبراهيم بن عتبة، وهو خطأ، وجاء في بقية النسخ الخطية على الصواب، وهو من طريق ابن أبي الشوارب بهذا الإسناد مخرَّج أيضًا عند أبي عوانة في "صحيحه"(1409)، وليس فيه قصة الأذان.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نَزَلَ بالأبطَحِ، فذكر الحديث بنحوه
(1)
.
قد اتفق الشيخان على إخراج حديث مالك بن مِغوَل وعمر بن أبي زائدة عن عَوْن بن أبي جُحَيفة عن أبيه في ذِكْر نزوله صلى الله عليه وسلم الأبطَحَ، غيرَ أنهما لم يذكرا فيه إدخالَ الإصبَع في الأذنين والاستدارةَ في الأذان.
وهو صحيح على شرطهما جميعًا، وهما سُنَّتان مسنونتان.
738 -
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجرَّاح العَدْل بمَرْو، حدثنا يحيى بن ساسَوَيهِ، حدثنا عبد الكريم بن محمد السُّكَّري قال: سمعت عليَّ بن الحسن بن شَقيق يقول: كان عبد الله بن المبارَك إذا رأى المؤذِّنَ لا يُدخِلُ إِصْبَعَيهِ فِي أُذنيه يصيحُ به: أنفست بكوش، أنفست بكوش.
739 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله العَبْدي.
وحدثنا أبو الوليد حسان بن محمد، حدثنا الحسن بن سفيان ومحمد بن نُعيم قالوا: حدثنا قُتيبة، حدثنا الليث بن سعد، عن الحَكَم بن عبد الله بن قيس المَدِيني، عن عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقَّاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن قال حين سمع المؤذِّن: وأنا أشهدُ أن لا إله إلّا اللهُ وحدَه لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسولُه، رَضِيتُ بالله ربًّا، وبمحمدٍ نبيًّا، وبالإسلام دينًا، غُفِرَ له ذنبه"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 31/ (18746)، والبخاري (3566)، ومسلم (503)(251)، والنسائي (135) و (4189) من طرق عن مالك بن مغول، بهذا الإسناد. وهو عند بعضهم مختصر.
وأخرجه أحمد (18760)، والبخاري (5786)، ومسلم (503)(250) من طريق عمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، به. وانظر ما قبله.
وأخرجه أحمد أيضًا (1565)، ومسلم (386)، وابن ماجه (721) من طريقين عن الليث، به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 3/ (1565)، ومسلم (386)، وأبو داود (525)، والترمذي (210)، والنسائي (1655) و (9818)، وابن حبان (1693) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. ووقع عندهم: =
صحيح ولم يُخرجاه، والحكم بن عبد الله: هو أخو محمد بن عبد الله بن قيس بن مَخرَمة القرشي، وفي الثَّبَت فوقَ علي بن عيَّاش الحمصي.
740 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عفَّان.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن عمرو بن حفص، حدثنا عبد الواحد بن غِيَاث؛ قالا: حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمع أحدُكم النِّداء والإناءُ على يدِه، فلا يَضَعْه حتى يقضيَ حاجَتَه منه".
وفي حديث أبي بكر بن إسحاق: قال: وحدثنا حمَّاد، عن عمَّار بن أبي عمَّار، عن أبي هريرة بمثله
(1)
.
هذا حديث [صحيح]
(2)
على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
741 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن يونس الضَّبِّي، حدثنا عبد الله بن داود الخُرَيبي، حدثنا الوليد بن جُمَيع، عن ليلى بنت مالك
= حُكيم بن عبد الله بن قيس، وهو المشهور في اسمه أنه بالتصغير. واستدراك الحاكم لهذا الحديث ذهولٌ منه.
وأخرجه أحمد أيضًا (1565)، ومسلم (386)، وابن ماجه (721) من طريقين عن الليث، به.
(1)
حديث صحيح، وإسناده حسن من جهة محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة بن وقّاص الليثي - وقد تابعه عمار بن أبي عمار وهو أقوى وأوثق منه، فصحَّ الحديث.
وأخرجه أحمد 15 (9474) و 16 / (10629)، وأبو داود (2350) من طرق عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، به.
وأخرجه أحمد 16 / (10630) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، به - وزاد فيه: وكان المؤذِّن يؤذِّن إذا بَزَغَ الفجر.
وسيأتي مكررًا برقم (751)، وانظر (1566).
(2)
مكانه بياض في النسخ الخطية.
وعبد الرحمن بن خالد
(1)
الأنصاري، عن أم وَرَقة الأنصارية، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"انطَلِقوا بنا إلى الشَّهيدة فنَزُورَها"، وأمر أن يُؤذَّنَ لها ويُقامَ وتَؤمَّ أهلَ دارها في الفرائض
(2)
.
قد احتجَّ مسلمٌ بالوليد بن جُمَيع، وهذه سُنَّة غريبة لا أعرفُ في الباب حديثًا مسنَدًا غيرَ هذا، وقد رُوِّينا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تؤذِّن وتقيم وتؤمُّ النساء:
742 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد عبد الجبار، حدثنا بن عبد الله بن إدريس، عن ليثٍ، عن عطاء، عن عائشة: أنها كانت تؤذِّن وتُقِيم وتؤم النساء وتقوم وَسْطَهنَّ
(3)
.
(1)
هكذا وقع عند المصنف وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 406، والمشهور في اسمه: عبد الرحمن بن خلّاد.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة الراويين عن أم ورقة ولاضطرابه كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد".
فقد أخرجه بنحوه أحمد 45 / (27282) و (27283)، وأبو داود (591) و (592) من طرق عن الوليد بن عبد الله بن جميع، بهذا الإسناد.
(3)
خبر صحيح إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف أحمد بن عبد الجبار وليث - وهو ابن أبي سليم - وقد توبعا، وروي هذا عن عائشة من غير وجه، فيصح عنها.
وأخرجه البيهقي 1/ 408 و 3/ 131 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 223 عن عبد الله بن إدريس، به - دون قصة الإمامة.
وأخرجه كذلك مرة أخرى 1/ 223 عن ابن علية ومعتمر، عن ليث، عن عطاءٍ وطاووس، عن عائشة.
وأخرجه أيضًا دون قصة الإمامة: عبد الرزاق (5015) و (5016) من طريق ابن جريج وليث، وابن المنذر في "الأوسط"(1214) من طريق ليث، كلاهما عن طاووس، عن عائشة.
وأخرج قصة الإمامة ابن أبي شيبة 2/ 89 من طريق ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة.
وأخرجها أيضًا عبد الرزاق (5086)، والبيهقي 3/ 131 من طريق رائطة الحنفية، وعبد الرزاق=
743 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا علي بن حمَّاد بن أبي طالب، حدثنا عبد المنعم بن نُعيم الرِّيَاحي، حدثنا عمرو بن فائد الأُسْواري، حدثنا يحيى بن مسلم، عن الحسن وعطاء، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "إذا أذَّنتَ فترسَّلْ في أَذانك، وإذا أقمتَ فاحدُرْ، واجعل بين أَذانِك وإقامتِك قَدْرَ ما يَفْرُغُ الآكلَ من أكله، والشاربُ من شُربِه، والمعتصرُ إذا دخل لقضاءِ حاجَتِه"
(1)
.
هذا حديث ليس في إسناده مطعونٌ فيه غير عمرو بن فائد والباقون شيوخ البصرة، وهذه سُنَّة غريبة لا أعرفُ لها إسنادًا غير هذا، ولم يُخرجاه.
744 -
حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا وَهْب بن جَرِيرٍ.
وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن الأسَدي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس.
وحدثنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا أبو الوليد؛ قالوا: حدثنا شُعْبة، عن أبي بِشْر قال: سمعت أبا المَلِيح يحدِّث عن عبد الله بن عُتْبة، عن أم حَبِيبة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سَمِعَ المؤذِّنَ، قال كما يقول، حتى يَسكُتَ
(2)
.
= (5087) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن عائشة.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، عبد المنعم بن نعيم وعمرو بن فائد ضعيفان جدًّا، وقال فيهما الدارقطني: متروكان.
وأخرجه الترمذي (195) و (196) من طريقين عن عبد المنعم بن نعيم، عن يحيى بن مسلم، بإسقاط عمرو بن فائد منه، وقال: حديث جابر هذا لا نعرفه إلّا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول.
(2)
إسناده قابل للتحسين، عبد الله بن عتبة - وهو ابن أبي سفيان - وإن لم يرو عنه غير أبي المليح ولم يؤثر توثيقه عن أحد فإنه تابعيٌّ لم يجرحه أحد، وهو هنا يروي عن عمَّته أم حبيبة أم =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد بإسناد صحيح:
745 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا سهل بن عثمان العسكري، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذِّنَ قال:"وأَنا وأَنا"
(1)
.
746 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا بَحْر بن نَصْر الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بُكَير بن الأشجِّ، عن علي بن خالد الدُّؤلي، عن النضر بن سفيان الدُّؤَلي أنه حدَّثه، أنه سمع أبا هريرة، يقول: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بلالٌ ينادي، فلما سَكَتَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَن قال مثلَ هذا يقينًا، دخل الجنةَ"
(2)
.
= المؤمنين، وصحَّح له هذا الحديث ابن خزيمة في "صحيحه"(412)، ويشهد له عموم حديث "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" الذي أخرجه البخاري (611) ومسلم (383) من حديث أبي سعيد الخدري.
وأخرجه - أي: حديث عبد الله بن عتبة - أحمد 45 / (27394)، وابن ماجه (819)، والنسائي (9780) و (9781) من طريقين عن أبي بشر - وهو جعفر بن أبي وحشيّة - بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 44 / (26767)، والنسائي (9782) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به - بإسقاط عبد الله بن عتبة من إسناده، وهو غير محفوظ، والمحفوظ ما وقع عند المصنف من رواية جماعة عن شعبة بإثباته.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (1683) عن الحسن بن سفيان، عن سهل بن عثمان العسكري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (526) من طريق علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، به.
وأخرج أحمد 41 / (24933) من طريق عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المنادي، قال:"أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله".
وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين ميمون بن مهران وعائشة.
(2)
إسناده حسن من أجل علي بن خالد والنضر بن سفيان.=
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه هكذا.
747 -
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الأَدَمي ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلمَي، حدثنا عبد الله بن صالح المِصْري، حدثني يحيى بن أيوب، عن ابن جُرَيج، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أَذَّن اثنتي عشرةَ سنةً وَجَبَت له الجنة، وكُتِبَ له بتأذينِه في كل مرةٍ ستون حسنةً، وبإقامتِه ثلاثون حسنةً"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري.
وله شاهد من حديث عبد الله بن لَهِيعة، وقد استَشهَد به مسلم رحمه الله:
748 -
حدَّثناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أبو الطاهر وأبو الرَّبيع قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن أَذَّن اثنتي عشرةَ سنةً وَجَبَت له الجنةُ، وكُتِبَ له بكل أذانٍ ستون حسنةً، وبكل إقامةٍ ثلاثون حسنةً"
(2)
.
749 -
حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا نُعيم بن حمَّاد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذِّن في شيءٍ من الصلوات في السَّفر ولا يقيمُ
= وأخرجه أحمد 14 (8624)، والنسائي (1653)، وابن حبان (1667) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
(1)
حديث حسن بما بعده، وهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن جريج، فإنه مدلِّس، وقد ذكر البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 306 أنَّ يحيى بن المتوكل رواه عن ابن جريج عمَّن حدثه عن نافع، ثم قال: وهو أشبه.
وأخرجه ابن ماجه (728) من طريقين عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده حسن عبد الله بن لهيعة - وإن كان سيئ الحفظ - رواية عبد الله بن وهب عنه صالحة. وانظر ما قبله.
إلّا للصُّبح، فإنه كان يؤذِّن ويُقيم
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، فقد احتجَّ مسلمٌ بعبد العزيز بن محمد، واحتجَّ البخاري بنُعيَم بن حماد، والمشهورُ من فعل ابن عمر.
750 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطَّة الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبهاني، حدثنا مُحرِز بن سَلَمة العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع: أن ابن عمر كان لا يؤذِّن في السفر ولا يقيمُ في شيءٍ من صلواتهِ
(2)
.
751 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عفَّان.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن عمرو بن حفص، حدثنا عبد الواحد بن غِيَاث؛ قالا: حدثنا حماد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة؛ قال حماد: وحدثنا عمَّار بن أبي عمَّار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سَمِعَ أحدُكم النِّداء والإناءُ على يدِه، فلا يَضَعْه حتى يقضيَ حاجتَه منه"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
(1)
لا يصحُّ مرفوعًا، نعيم بن حماد كثير الخطأ، وفي رواية عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّرَاوَرْدي - عن عبيد الله بن عمر مناكير كما قال النسائي، وقد خولف في رفعه، والمحفوظ عن ابن عمر من فعله أنه كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلّا في الصبح فإنه كان يؤذن فيها ويقيم، هكذا روى الإمام مالك في "موطئه" 1/ 73 عن نافع، وكذلك روى الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه فيما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(1893)، وفيه أيضًا (1896) من طريق القاسم بن محمد عن ابن عمر كذلك. وانظر ما بعده.
(2)
شاذٌّ بهذا اللفظ، والمحفوظ عن ابن عمر كما سبق: أنه كان يقيم لكل صلواته في السفر ولا يؤذِّن إلّا في الصبح، وفي رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر مناكير.
(3)
حديث صحيح. وهو مكرر (740).
752 -
حدثنا أبو علي محمد بن علي الإسفَرايِيني، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن يوسف الواسطي، حدثنا شعيب بن أيوب، حدثنا عبد الله بن نُمَير، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما بينَ المشرقِ والمغربِ قِبلةٌ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنَّ شعيب بن أيوب ثقة، وقد أسنَدَه.
ورواه محمد بن عبد الرحمن بن مجبَّر - وهو ثقة
(2)
- عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مُسنَدًا:
(1)
صحيح موقوفًا، وهذا إسناد لا بأس برجاله إلّا أنَّ بعضهم قد وهمَ في رفعه، والمحفوظ فيه عن عبيد الله بن عمر وقفُه.
وأخرجه البيهقي 2/ 9 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وقال المشهور رواية الجماعة حماد بن سلمة وزائدة بن قدامة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر من قوله. قلنا: وذهب إلى أنَّ الصواب وقفه أبو زرعة الرازي كما في "علل ابن أبي حاتم"(528)، والدارقطنيُّ في كتابه "العلل" 2/ 32.
وأخرجه مرفوعًا الدارقطني في "سننه"(1060) عن أبي يوسف يعقوب بن يوسف، به.
وأخرجه موقوفًا عبد الرزاق (3633)، وابن أبي شيبة 2/ 361، والبغوي في "الجعديات"(2405)، والفاكهي في "أخبار مكة"(291)، والبيهقي 2/ 9 من طرق خمسة عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر من قوله.
وأخرجه كذلك عبد الرزاق (3636) من طريق أيوب، والبيهقي 2/ 9 من طريق نافع بن أبي نعيم، كلاهما عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، وقفه أيوب على ابن عمر، ونافع بن أبي نعيم على عمر.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 196 عن نافع: أنَّ: قال، فذكره.
وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند ابن ماجه (1011)، والترمذي (342 - 344)، وهو حديث حسن.
(2)
كذا قال المصنف، وهو ذهولٌ منه، فإنَّ الثقة إنما هو أبوه عبد الرحمن بن مجبَّر، فأما محمد فإنه متروك كما قال النسائي، وقال البخاري: سكتوا عنه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو زُرْعة: واهٍ، وضعَّفه الفلَّاس وابن عديّ.
753 -
أخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبَّر، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما بين المشرقِ والمغربِ قِبلةٌ"
(1)
.
هذا حديث قد أوقَفَه جماعةٌ عن عُبيد الله بن عمر.
754 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا أحمد بن علي الخزَّاز، حدثنا داود بن عمرو الضَّبِّي، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، حدثنا محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر قال: كنا نصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَسِيرٍ - أو سَيْر - فأظَلَّ لنا غيمٌ فتحيَّرنا، فاختلفنا في القِبْلة، فصلَّى كلُّ واحدٍ منّا على حِدَة، فجعل كلُّ واحد منا يخُطُّ بين يديه لنعلمَ أمكنتَنا، فذكرنا ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يأمرنا بالإعادة، وقال:"قد أجزَأَتْ صلاتُكم"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا لما سبق.
وأخرجه البيهقي 2/ 9 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1061) من طريق جابر بن الكرديِّ، عن يزيد بن هارون، به.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، محمد بن سالم - وهو أبو سهل الكوفي - متَّفق على ضعفه ووهَّاه الذهبي في "تلخيصه". عطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في "بغية الباحث"(136)، والدارقطني (1064)، والبيهقي 2/ 10 من طريق داود بن عمرو، بهذا الإسناد. وضعفه الدارقطني والبيهقي بمحمد بن سالم.
وخالف موسى بن مروان الرقي عند البيهقي 2/ 10 فرواه عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عطاء، به. والعرزمي هذا متروك الحديث.
وأخرجه كذلك البيهقي 2/ 11 من طريق الحارث بن نبهان، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، به. والحارث متروك أيضًا.
وأخرجه الدارقطني (1062)، والبيهقي 2/ 11 من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، قال: وجدت في كتاب أبي: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر
…
فذكر نحوه. وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال أحمد بن عبيد الله العنبري فيما قاله ابن القطان الفاسي في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 3/ 359 وأعلَّه بأشياء أخرى، وقال البيهقي: =
هذا حديث محتجٌّ برواته كلِّهم غير محمد بن سالم، فإني لا أعرفُه بعدالة ولا جرحٍ
(1)
! وقد تأمَّلتُ كتابَي الشيخين فلم يُخرِّجا في هذا الباب شيئًا.
4 - ومن كتاب الإمامة وصلاة الجماعة
755 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو مَعمَر.
وأخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا حَرَميُّ بن حفص؛ قالا: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن أُمية، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "إذا توضَّأَ أحدُكم في بيته، ثم أَتى المسجدَ، كان في صلاةٍ حتى يَرجِعَ، فلا يَقُلْ هكذا"؛ وشبَّكَ بين أصابعه
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وقد تابعه محمدُ بن عَجْلان عن المقبُري، وهو صحيح على شرط مسلم.
= لا نعلم لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا قويًا.
وفي الباب بنحوه حديث عامر بن ربيعة عند ابن ماجه (1020) والترمذي (345) و (2957)، وسنده ضعيف جدًّا. لكن قال الترمذي: قد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلَّى في الغيم لغير القبلة ثم استبان له بعدما صلَّى أنه صلَّى لغير القبلة، فإنَّ صلاته جائزة، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق.
(1)
قد ضعَّفه غير واحد كما في ترجمته من "تهذيب الكمال"، وقال الدارقطني وغيره: متروك.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة (439) و (447) عن عمران بن موسى القزاز، عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي (1446)، وابن خزيمة (446) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، به. وانظر ما بعده.
والحديث محمول على ما إذا أراد المسجدَ للصلاة، أو كان فيه في انتظار الصلاة، وما عدا هذا فقد ورد في التشبيك بين الأصابع في المسجد أحاديثُ تدلُّ على جوازه كما في حديث أبي هريرة عند البخاري (482)، وانظر "فتح الباري" 2/ 412 - 414 بتحقيقنا.
756 -
حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي؛ قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن ابن عَجْلان، حدثنا سعيد، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرة: "إذا توضَّأتَ ثم دخلتَ المسجد، فلا تُشبِّكنَّ بين أصابعِك"
(1)
.
رواه شَرِيك بن عبد الله عن محمد بن عَجْلان فوَهِمَ في إسناده:
757 -
أخبرَناه أبو جعفر محمد بن علي الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا أبو غسَّان، حدثنا شَرِيك، عن محمد بن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "إذا كنتَ في المسجد، فلا تجعَلْ أصابعَك هكذا"؛ يعني: مُشبِّكَها
(2)
.
758 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن سِنان القزَّاز، حدثنا أبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا الضحّاك بن عثمان، حدثني سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دخل أحدُكم المسجدَ، فليُسلِّمْ على النبي صلى الله عليه وسلم وليَقُل: اللهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رحمتك، وإذا خرج فليسلِّمْ على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهمَّ أجِرْني من الشيطان الرجيم"
(3)
.
(1)
إسناده قوي - يحيى بن سعيد: هو القطان.
وأخرجه ابن حبان (2149) من طريق عبد الله بن هاشم، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
(2)
شريك - وهو ابن عبد الله النَّخَعي - سيئ الحفظ، وقد وهمَ فيه كما قال المصنف. أبو غسان: هو مالك بن إسماعيل النَّهدي. وانظر ما قبله.
(3)
حسن بشواهده كما قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 277، وقد خولف الضحاك بن عثمان في رفعه كما سيأتي، ومحمد بن سنان القزاز - وإن كان مضعفًا - قد توبع.
فقد أخرجه ابن ماجه (773) والنسائي (9838)، وابن حبان (2050) من طريق محمد بن بشار، وابن حبان (2047) من طريق إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - كلاهما عن أبي=
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
759 -
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدَّبّاس بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبَيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن سهيل بن أبي صالح، عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه سعد: أنَّ رجلًا جاء إلى الصلاة والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلي بنا، فقال حين انتهى إلى الصف: اللهمَّ آتِني أفضلَ ما تُؤْتي عبادَك الصالحين، فلما قَضَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ قال:"مَن المتكلِّمُ آنفًا؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذًا يُعقَرَ جَوَادُك، وتُستشهَدَ في سبيل الله"
(1)
.
= بكر الحنفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (9839) من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، و (9840) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ كعب الأحبار قال: يا أبا هريرة، احفظ مني اثنتين، أوصيك بهما: إذا دخلت المسجد، فصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، وقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرجت
…
فجعله عن كعب الأحبار موقوفًا. وقال بإثر رواية ابن أبي ذئب: ابن أبي ذئب أثبت عندنا من محمد بن عجلان ومن الضحاك بن عثمان في سعيد المقبري، وحديثه أولى بالصواب، وبالله التوفيق.
ويشهد له حديث أبي حميد الساعدي أو أبي أُسيد مرفوعًا: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك"، أخرجه مسلم (713) وأبو داود (465) - واللفظ له - وغيرهما.
(1)
حسن لغيره، وقد سقط من إسناده هنا شيخ سهيل فيه، وهو محمد بن مسلم بن عائذ، وسيأتي مذكورًا فيه على الصواب عند المصنف برقم (2433) من طريق قتيبة بن سعيد عن الدراوردي، وهو مذكور كذلك عند كلِّ من خرَّج هذا الحديث، ومحمد بن مسلم - وإن لم يرو عنه غير سهيل بن أبي صالح وجهّله أبو حاتم - قد وثَّقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات" وصحَّح حديثَه هو وابن خزيمة والضياء المقدسي، ولحديثه هذا ما يشهد له.
وأخرجه النسائي (9841) عن محمد بن نصر، عن إبراهيم بن حمزة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (4640) من طريق أحمد بن عبدة الضبِّي، عن الدراوردي، به.
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 11/ (6792) بلفظ: يا رسول الله، أيُّ الجهاد =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.
760 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا محمد بن فُضَيل، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة، يقول:"اللهمَّ إني أعوذُ بك من الشيطان الرجيم ونفخِه وهَمْزِهِ وَنَفْثِه".
قال: فهمزُه: المُوتَة، ونفثُه الشِّعر، ونفخُه: الكبرياء
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، وقد استشهد البخاريُّ بعطاء بن السائب.
761 -
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العَدْل ببغداد، حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح الوزَّان، حدثنا عبد الله بن عمرو بن حسَّان، حدثنا شَرِيك، عن سالم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَجهَرُ بِبِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم
(2)
.
= أفضل؟ قال: "من عُقِر جوادُه، وأُهريق دمُه"، وإسناده صحيح.
ومثله حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 22/ (14210)، وابن حبان (4639)، وإسناده صحيح أيضًا.
ومثله حديث عبد الله بن حُبْشي عند أبي داود (1449)، والنسائي (2317)، وإسناده قوي.
(1)
حديث صحيح، عطاء بن السائب كان قد اختلط وسماع محمد بن فضيل منه بعد الاختلاط، لكن محمد بن فضيل قد توبع، وللحديث شواهد كما هو مبيَّن في التعليق على"مسند أحمد"، منها حديث جبير بن نفَير الآتي عند المصنف برقم (776).
وأخرجه أحمد 6 / (3830)، وابن ماجه (808) من طريقين عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (3828) من طريق عمار بن رزيق، عن عطاء بن السائب، به.
والمُوتة: نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان، فإذا أفاق عاد إليه العقل.
(2)
إسناده تالف، عبد الله بن عمرو بن حسان قال الذهبي في "تلخيصه": كذَّبه غير واحد، ومثل هذا لا يخفى على المصنف.
وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3070) من طريق إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - عن يحيى بن آدم، عن شريك، بهذا الإسناد. ثم قال: إنما رواه إسحاق عن يحيى بن آدم =
قد احتجَّ البخاري بسالم هذا: وهو ابن عَجْلان الأفطَس، واحتجَّ مسلم بشَرِيك، وهذا إسناد صحيح وليس له عِلَّة! ولم يُخرجاه.
762 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيم الشَّيباني
(1)
، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزة، حدثنا علي بن حَكِيم، أخبرنا المعتمِر بن سليمان، عن مثنَّى بن الصَّبّاح، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} عَلِمَ أنها سورةٌ
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
763 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا معلَّى بن منصور.
= مرسلًا. قلنا: هو كذلك مرسلًا في "مسند إسحاق" كما وقع في رسالة "الجهر بالبسملة" للخطيب البغدادي (49).
وأخرجه الدارقطني (1160) من طريق أبي الصلت الهروي عن عباد بن العوام، عن شريك، به. وأبو الصلت متهم بالكذب.
وأخرجه الطبراني (11442) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس. وفيه إسحاق بن محمد العرزمي، وهو متروك.
وأخرجه البزار (526 - كشف الأستار) من طريق إسماعيل بن حماد، عن أبي خالد، عن ابن عباس.
وقال: تفرد به إسماعيل، وليس بالقوي في الحديث.
وهو بهذا الإسناد عند الترمذي (245) لكن بلفظ: يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم.
وقال: ليس إسناده بذاك.
قلنا: لكن هذا ثابت من فعل ابن عباس موقوفًا عليه، فقد روي عنه من غير وجه فيما ذكره الخطيب في رسالته "الجهر بالبسملة".
(1)
وقع هنا في المطبوع تقديم وتأخير في مجموعة كبيرة من الأحاديث ممّا جعل في ترتيب الأحاديث اضطرابًا شديدًا.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، المثنى بن الصباح متفق على ضعفه، وقد توبع كما في الحديثين التاليين، لكن اختُلف في وصله وإرساله كما هو مبيَّن في التعليق على "سنن أبي داود"(788) حيث رواه من طرق عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به موصولًا ومرسلًا.
وأخبرنا أبو قُتيبة سَلْم بن الفضل الأَدَمي، حدثنا القاسم بن زكريا المقرئ، حدثنا الحسن بن الصَّبّاح البزَّار؛ قالا: حدثنا سفيان بن عُيَينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يَعلَمُ خَتْم السورة حتى تَنزِلَ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
764 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا دُحَيم بن اليَتيم.
وأخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن إسحاق العَدْل، حدثنا محمد بن الحسن بن قُتيبة، حدثنا محمد بن عمرو الضَّرير؛ قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جُرَيج، حدثنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا يَعلَمون انقضاءَ السورة حتى تَنزِلَ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فإذا نزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} عَلِمُوا أَنَّ السورة قد انقضت
(2)
.
ولم يذكر دُحيمٌ سعيدَ بن جُبير.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
765 -
حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسين الشَّيباني، حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي بمصر، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن ابن جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيكة، عن أم سَلَمة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، يُقطِّعها حرفًا حرفًا
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح. وانظر ما قبله.
(3)
رجاله ثقات عن آخرهم، إلّا أنه اختُلف فيه على ابن أبي مليكة - وهو عبد الله بن عبيد الله - كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 44 / (26451).=
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
766 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَانِي.
وأخبرني أبو محمد بن زياد العَدْل، في أول كتاب "التفسير": حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا خالد بن خِدَاش، حدثنا عمر بن هارون، عن ابن جُريج، عن ابن أبي مُلَيكة، عن أم سلمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة {بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} فَعدَّها آيةً {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} آيتين {الرَّحمنِ الرَّحيمِ} ثلاث آيات {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} أربعَ آيات، وقال هكذا:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وجَمَعَ خمسَ أصابعِه
(1)
.
عمر بن هارون أصلٌ في السُّنة، ولم يُخرجاه، وإنما أخرجتُه شاهدًا.
767 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم المِصْري، حدثنا أبي وشعيب بن الليث قالا: حدثنا الليث بن سعد.
وأخبرنا أحمد بن سلمان، حدثنا محمد بن الهيثم، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا الليث بن سعد، حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نُعَيم المُجمِر قال: كنت وراءَ أبي هريرة فقرأ {بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ} ثم قرأَ بأُمِّ القرآن حتى بَلَغَ {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين، وقال الناس، آمين، ويقول كلَّما سَجَدَ: الله أكبر،
= وأخرجه أحمد 44 / (26742) من طريق همَّام بن يحيى، عن ابن جريج، به بلفظ: حرفًا حرفًا قراءة بطيئة.
وسيأتي برقم (2945) و (2946) من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج، وفيه: كان يقطّع قراءته آية آية.
وفي الباب عن حفصة أم المؤمين قالت وكان يقرأ بالسورة فيرتّلها حتى تكون أطول من أطول منها.
أخرجه مسلم (733)(118). والترتيل: تبيين القراءة وترك العجلة فيها.
(1)
إسناده ضعيف جدًّا، عمر بن هارون قال الذهبي في "تلخيصه": أجمعوا على ضعفه وقال النسائي: متروك. وانظر ما قبله.
ويقول إذا سَلَّمَ: والذي نفسي بيده، إني لأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وشاهده:
768 -
ما حدَّثَناه أبو محمد عبد الله بن إسحاق العَدْل ببغداد، حدثنا إبراهيم بن إسحاق السَّرّاج، حدثنا عُقْبة بن مُكرَم الضَّبِّي، حدثنا يونس بن بُكَير، حدثنا مِسعرَ، عن محمد بن قيس، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَجْهَرُ بِبِسْم الله الرّحمن الرحيم
(2)
.
769 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُريَج، أخبرني عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، أنَّ أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره، أنَّ أنس بن مالك قال: صلَّى معاويةُ بالمدينة صلاةً فجَهَرَ فيها بالقراءة، فقرأ فيها "بِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم} لأُمِّ القرآن،
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (1801) عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بهذا الإسناد - وفيه: كلما سجد وإذا قام من الجلوس قال: الله أكبر.
وأخرجه النسائي في "المجتبى"(905) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب بن الليث وحده، به.
وأخرجه ابن حبان (1797) من طريق حيوة بن شريح، عن خالد بن يزيد، به.
وأخرجه أحمد 16 / (10449) من طريق عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، به.
(2)
إسناده ضعيف، وقد وقع في هذا الإسناد وهمٌ حيث قال فيه السراج: مسعر عن محمد بن قيس، والصواب فيه كما قال الدارقطني والبيهقي: أبو معشر عن محمد بن قيس، هكذا رواه الحسن بن سفيان الحافظ عن عقبة بن مكرم كما قال البيهقي، وأبو معشر هذا: هو نَجيح بن عبد الرحمن السندي، وهو ضعيف، ومحمد بن قيس: هو المدني القاصّ، وروايته عن أبي هريرة مرسلة، وهو ثقة وثقه أبو داود ويعقوب بن سفيان وابن حبان، وذهل الذهبي في "تلخيصه" فضعفه.
وأخرجه الدارقطني (1174)، والبيهقي 2/ 47 من طريقين عن إبراهيم بن إسحاق السرّاج، بهذا الإسناد.
ولم يَقرَأْ {بِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم} للسورة التي بعدها، حتى قَضَى تلك القراءة، فلما سلَّم ناداه مَن سَمِعَ ذلك من المهاجرين والأنصار من كلِّ مكان: يا معاويةُ، أسَرَقتَ الصلاةَ أم نسيتَ؟ فلما صلَّى بعد ذلك قرأَ {بِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم} للسورة التي بعد أمِّ القرآن، وكبَّر حين يَهوِي ساجدًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بعبد المجيد بن عبد العزيز، وسائرُ الرواة متفَقٌ على عدالتهم، وهو عِلَّة لحديث شعبة وغيره عن قتادة عن أنس قال: صلَّيتُ خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يَجهَروا ببِسْم الله الرحمن الرَّحيم، فإنَّ قتادةً على علوِّ قَدْره يدلِّس ويأخذ عن كل أحدٍ، وإن كان قد أُدخِلَ في الصحيح حديثُ قتادة، فإنَّ في ضدِّه شواهدَ: أحدها ما ذكرناه.
ومنها:
770 -
ما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ، حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلَابي، حدثنا همَّام، وجَرير قالا: حدثنا قَتَادة قال: سُئِلَ أنس بن مالك: كيف كانت قراءةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كانت مدًّا، ثم قرأ "بِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم" يمدُّ الرَّحمن، ويمدُّ الرَّحيم
(2)
.
(1)
ضعيف لاضطرابه سندًا ومتنًا، فصَّل ذلك وبيَّنه الحافظ الزيلعي في "نصب الراية"1/ 353 - 354.
وهو في "الأم" للشافعي 2/ 245، ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(1349)، والدارقطني (1187)، والبيهقي في "السنن" 2/ 49، و"معرفة السنن والآثار"(3086).
وهو عند الدارقطني أيضًا - ومن طريقه البيهقي في "السنن" - من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مصنف عبد الرزاق"(2618) لكن سقط منه أنس بن مالك فصار من رواية عبد الله بن أبي بكر بن حفص مرسلًا، كذا وقع في "المصنف": عبد الله بن أبي بكر بن حفص، وهذا غلط، والمحفوظ فيه - كما قال قاسم بن قطلوبغا في "ثقاته"(5746) - أنه من رواية بن عبد الله بن حفص وكنيته أبو بكر.
(2)
إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وجرير: هو ابن حازم.=
ومنها:
771 -
ما حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا علي بن أحمد بن سليمان، حدثنا سليمان بن داود المَهْري، حدثنا أَصبَغُ بن الفَرَج، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن أنس بن مالك قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَجهَرُ بِبسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
(1)
.
رواة هذا الحديث عن آخرهم ثِقاتٌ.
ومنها:
772 -
ما حدَّثناه أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلَّاب بهَمَذان، حدثنا عثمان بن خُرَّزاذ الأنطاكي، حدثنا محمد بن أبي السَّرِي العسقلاني قال: صلَّيتُ خلفَ المعتمِر بن سليمان ما لا أُحصي صلاةَ الصبح والمغرب، فكان يَجهَرُ بِبِسْم الله الرَّحمن الرّحيم قبلَ فاتحة الكتاب، وبعدها، وسمعتُ المعتمرَ يقول: ما آلُو أن أقتدِيَ بصلاة أَبي، وقال أَبي: ما آلُو أن أقتديَ بصلاة أنس بن مالك، وقال أنس بن
= وأخرجه البخاري (5046)، وابن حبان (6317) من طريق عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد.
وعند البخاري عن همام وحده.
وأخرجه أحمد 19 / (12198) و (12283) و (12341) و 20/ (13002) و (13050) و 21 / (14076)، والبخاري (5045)، وأبو داود (1465)، وابن ماجه (1353)، والنسائي (1088) و (8005)، وابن حبان (6316) من طرق عن جرير بن حازم به دون قوله ثم قرأ
…
إلخ.
(1)
ظاهر هذا الإسناد القوَّة، لكن المعروف أن حاتم بن إسماعيل إنما يروي عن شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وهذا سيئ الحفظ، ثم إنَّ شريكًا هذا رواه عن إسماعيل المكي عن قتادة عن أنس كما في "سنن الدارقطني"(1178)، وإسماعيل - وهو ابن مسلم المكي - متفق على ضعفه، وقد خولف في لفظه، رواه جماعة أصحاب قتادة كشعبة وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما عنه عن أنس بما معناه: أنه لم يسمع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، أخرجه الشيخان وغيرهما، وانظر بيان تخريجه في "مسند أحمد" 19/ (11991).
وانظر "علل الدارقطني"(12/ 205 (2623).
مالك: ما آلُو أن أقتديَ بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
رُواة هذا الحديث عن آخرهم ثِقات!
ومنها:
773 -
ما حدثني أبو بكر مكِّيُّ بن أحمد البَردَعيّ، حدثنا أبو الفضل العباس بن عِمران القاضي، حدثنا أبو جابر سَيْف بن عمرو، حدثنا محمد بن أبي السَّريّ، حدثنا إسماعيل بن أبي أُويس، حدثنا مالك، عن حميد، عن أنس، قال: صلَّيتُ خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم وخلفَ أبي بكر وخلفَ عمر وخلفَ عثمان وخلفَ علي، فكلُّهم كانوا يجهَرون بقراءة "بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، محمد بن أبي السَّرى - وهو محمد بن المتوكل - متكلَّم فيه من قِبَل حفظه، وقد روى هو نفسه ما يخالف هذا كما سيأتي، وضعَّف هذا الإسنادَ الحافظُ ابن حجر في "الدراية"(151).
وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3135) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1179) عن أبي بكر أحمد بن عمرو الرملي، عن عثمان بن خرزاذ، به.
ورواه عبد الله بن وهيب الغزي، عن محمد بن أبي السري، عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن - وهو البصري - عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسِرُّ "بسم الله الرحمن الرحيم" وأبو بكر وعمر. أخرجه الطبراني في "الكبير"(739)، وهذا أصحُّ لموافقته المحفوظ من الروايات عن أنس.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، العباس بن عمران وسيف بن عمرو لم نتبيَّن حالهما، ومحمد بن أبي السري متكلَّم فيه من جهة حفظه كما سبق، وكذا إسماعيل بن أبي أويس، وقد رواه جماعة الرواة عن مالك خلاف هذا: أنهم كانوا لا يقرؤون "بسم الله الرحمن الرحيم" إذا افتتحوا الصلاة، وقد وقفه جماعة منهم عن مالك فلم يذكروا فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأسنده آخرون بذِكْره، والجميع لم يذكروا فيه عليًّا، بيَّن ذلك كلَّه ابن عبد البر في كتابه "التمهيد" 2/ 228 - 230، والحديث في "مسند أحمد" 20/ (12714) من طريق حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد عن أنس، وانظر تمام تخريجه فيه.
وقد اشتدَّ إنكار الذهبي في "تلخيص المستدرك" على الحاكم رحمهما الله، فقال: أما استحيا المؤلف أن يورد هذا الحديث الموضوع، فأشهدُ بالله والله بأنه كذبٌ.
إنما ذكرتُ هذا الحديث شاهدًا لما تقدمه، ففي هذه الأخبار التي ذكرناها مُعارَضةٌ لحديث قتادةَ الذي يرويه أئمَّتُنا عنه.
وقد بقيَ في الباب عن أمير المؤمنين عثمان وعلي وطلحة بن عبيد الله وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر والحَكَم بن عُمير الثُّمالي والنعمان بن بَشير وسَمُرة بن جُندُب وبُريدة الأَسلمي وعائشة بنت الصِّدِّيق، كلُّها مخرَّجة عندي للباب تركتها إيثارًا للتخفيف، واختصرتُ منها ما يَلِيقُ بهذا الباب، وكذلك قد ذكرتُ في الباب مَن جَهَرَ ببِسْم الله الرَّحمن الرَّحيم من الصحابة والتابعين وأتباعهم رضي الله عنهم
(1)
.
774 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البَصْري بمصر، حدثنا أبو عامر العَقَدي، حدثنا ابن أبي ذِئْب عن سعيد بن سِمْعان قال: دخل علينا أبو هريرة مسجدَ بني زُرَيق فقال: ثلاثٌ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بهنَّ تركهنَّ الناسُ: كان إذا قامَ إلى الصلاة قال هكذا؛ وأشار أبو عامر بيده، ولم يُفرِّج بين أصابعه ولم يَضُمَّها
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
(1)
قال الإمام البيهقي في كتابه "معرفة السنن والآثار"(3140): قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنهم كانوا قد يجهرون بها وقد لا يجهرون فالرواية فيهما صحيحة من طريق الإسناد، والأمر فيه واسع، فإن شاء جهر، وإن شاء أسرَّ، إلّا أنه لا بدَّ من قراءتها، وإنما اختلافهم في الجهر دون القراءة، ومن قال: لم يقرأ، أراد: لم يجهر، والله أعلم.
(2)
إسناده صحيح أبو عامر العقدي هو عبد الملك بن عمرو.
وأخرجه بنحوه أحمد 15/ (9608) و 16/ (10492)، وأبو داود (753)، والترمذي (240)، والنسائي (959) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد - ولفظه عند أحمد والنسائي بتمامه: ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بهنَّ قد تركهنَّ الناس: كان يرفع يديه مدًّا إذا دخل في الصلاة، ويكبِّر كلما ركع ورفع، والسكوت قبل القراءة يسأل الله من فضله. وعند أبي داود والترمذي مختصر: كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدًّا. وسيأتي برقم (876) بذكر اثنتين من الثلاث.
وشاهده المفسَّر:
775 -
ما حدَّثناه أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزني، حدثنا أبو جعفر الحضرمي وعبد الله بن غنَّام، قالا: حدثنا عبد الله بن سعيد الأشَجّ، حدثنا يحيى بن اليَمَان، عن ابن أبي ذِئْب، عن سعيد بن سِمْعان، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَان يَنشُر أصابعَه في الصلاة نَشْرًا
(1)
.
سعيد بن سِمعان تابعيٌّ معروف من أهل المدينة.
776 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السَّمّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا وهب بن جَرِير، حدثنا شُعبة.
وأخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الأَسَدي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن عاصم العَنَزي، عن ابن جُبير - وفي حديث وهب بن جرير: عن نافع بن جبير - بن مُطعِم، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاةَ قال: "الله أكبرُ كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا، وسبحانَ الله بُكْرةً وأَصِيلًا - ثلاث مرَّات - اللهمَّ إني أعوذُ بك من الشيطان الرَّجيم، من هَمْزِهِ ونَفْثِه وَنَفْخِه"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، يحيى بن اليمان متكلَّم فيه من جهة حفظه وقد أخطأ في لفظ هذا الحديث كما قال الترمذي.
وأخرجه الترمذي (239)، وابن حبان (1769) من طريق عبد الله بن سعيد الأشج - وقرن به الترمذي قتيبة - بهذا الإسناد.
وقد خطّأ الترمذي رواية يحيى بن يمان هذه وصحَّح رواية غيره عن ابن أبي ذئب التي فيها: كان يرفع يديه مدًّا، وكأنه ذهب إلى أن معنى "نشر أصابعه": فرَّج بينها والله تعالى أعلم. وكذا وهَّم يحيى بن اليمان فيه أبو حاتم الرازي كما في "علل الحديث" لابنه (265) و (458).
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال عاصم العنزي.=
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
777 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّوري، حدثنا طَلْق بن غنَّام، حدثنا عبد السلام بن حرب المُلَائي، عن بُدَيل بن مَيسَرة، عن أبي الجَوْزاء، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استَفتحَ الصلاةَ قال: "سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، وتَبارَك اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إلهَ غيرُك"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد من حديث حارثة بن محمد:
= محمد: هو ابن جعفر، والحديث من طريقه في "مسند أحمد" 27/ (16784)، و"سنن ابن ماجه"(807)، و "صحيح ابن حبان"(1779) و (2601).
وأخرجه أبو داود (764)، وابن حبان (1780) من طريقين آخرين عن شعبة، بهذا الإسناد.
ورواه مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عند أحمد (16739) و (16740) وأبي داود (765) فقال: عن رجل، ولم يسمِّ عاصمًا.
ورواه حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عمرو بن مرة عند أحمد (16760) فسمّاه عباد بن عاصم.
ويشهد للتكبير والتحميد والتسبيح حديث ابن عمر عند مسلم (601)، وللاستعاذة حديث ابن مسعود السالف عند المصنف برقم (760).
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنّ عبد السلام بن حرب - وإن كان ثقة - له مناكير، وقد انفرد بذكر دعاء الاستفتاح من بين أصحاب بديل، فقد روى قصةَ الصلاة عن بديل جماعةٌ لم يذكروا فيه شيئًا من هذا كما قال أبو داود بإثر تخريجه للحديث. أبو الجوزاء: هو أوس بن عبد الله الرَّبَعي.
وأخرجه أبو داود (776) عن حسين بن عيسى عن طلق بن غنّام، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 18/ (11473) وغيره، وفي إسناده مقال.
وآخر من حديث ابن مسعود عند الطبراني (10117) و (10280) بإسنادين ضعيفين.
وثالث عن عمر موقوفًا من قوله، سيأتي عند المصنف لاحقًا، وهو في "صحيح مسلم"(399)(52).
778 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، أخبرنا حارثة بن محمد، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتَتَح الصلاةَ رفع يديه حَذْوَ مَنكِبيه، ثم يقول:"سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، وتبارَكَ اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إلهَ غيرُك"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
وكان مالك بن أنس رحمه الله لا يرضى حارثةَ بن محمد، وقد رَضِيَه أقرانُه من الأئمة
(2)
، ولا أحفظُ في قوله صلى الله عليه وسلم عند افتتاح الصلاة:"سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك" أصحَّ من هذين الحديثين.
وقد صحَّت الروايةُ فيه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أنه كان يقولُه:
779 -
حدَّثَناه محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن الأسوَد، عن عمر: أنه كان إذا افتتَحَ الصلاةَ قال: سبحانَك اللهمَّ وبحمدك، تبارَك اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إلهَ غيرك
(3)
.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف من أجل حارثة بن محمد: وهو حارثة بن أبي الرِّجال.
أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه ابن ماجه (806)، والترمذي (243) من طرق عن أبي معاوية به. وانظر ما قبله.
(2)
يعني: فروَوا عنه كأبي معاوية وسفيان الثوري ويحيى بن أبي زائدة وغيرهم، لكن مجرد الرواية عن شيخٍ ما لا تعني توثيقَه كما هو مقرَّر عند أهل الصَّنعة، ولذلك اتفقوا على ضعفه.
(3)
خبر صحيح رجاله ثقات، إلّا أنَّ يحيى بن يحيى - وهو النيسابوري - قد أسقط هنا إن كان هذا محفوظًا عنه عن أبي معاوية الواسطة بين الأعمش والأسود، فإنَّ فيه بينهما إبراهيم بن يزيد النخعي، هكذا رواه عن أبي معاوية بن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 232، والحسن بن الجنيد عند الدارقطني (1144)، وكذلك رواه عن الأعمش وكيعٌ وحفص بن غياث وعبد الله بن نمير ومحمد بن فضيل عند ابن أبي شيبة 1/ 230 و 237 وابن المنذر في "الأوسط"(1262) والدارقطني (1153).=
وقد أُسنِدَ هذا الحديث عن عمر ولا يصحُّ
(1)
.
780 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا هشام بن علي، حدثنا عيَّاش بن الوليد الرَّقّام، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن إسحاق، أخبرني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الظُّهرَ، فلما سلَّمَ نادى رجلًا كان في آخر الصفوف، فقال:"يا فلانُ، ألا تتَّقي الله، ألا تَنظُرُ كيف تصلِّي؟! إِنَّ أحدكم إذا قام يصلِّي إنما يقوم يُناجِي ربَّه، فليَنظُرْ كيف يُناجِيهِ، إِنكم تُرَونَ أني لا أَراكم، إني والله لأَرى مِن خلفِ ظَهْري كما أَرى من بين يديَّ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه على هذه السِّياقة
(3)
.
= وأخرجه مسلم (399)(52) من طريق الأوزاعي، عن عبدة - وهو ابن أبي لبابة -: أنَّ عمر كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: سبحانك
…
فذكره. وعبدة عن عمر مرسل.
(1)
أسنده عبد الرحمن بن عمر بن شيبة عن أبيه عن نافع عن ابن عمر عن عمر، أخرجه الدارقطني في "السنن" (1142) ثم قال: رفعه هذا الشيخ عن أبيه عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمحفوظ عن عمر من قوله، كذلك رواه إبراهيم عن علقمة والأسود عن عمر، وكذلك رواه يحيى بن أيوب عن عمر بن شيبة عن نافع عن ابن عمر عن عمر من قوله، وهو الصواب. ثم ساقه (1143) من طريق يحيى بن أيوب.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرجه أحمد 15/ (9796) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد. لكن جعله من رواية سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة - دون ذكر المناجاة.
وأخرجه بنحوه مسلم (423)، والنسائي (947) من طريق الوليد بن كثير، عن سعيد، عن أبيه، به.
ويشهد لقوله: "إنَّ أحدكم إذا قام يصلي إنما يقوم يناجي ربه" حديث أنس بن مالك عند البخاري (405) ومسلم (551).
(3)
أخرجاه من حديث الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هل ترون قِبلتي هاهنا، فوالله لا يخفى عليَّ خشوعُكم ولا ركوعُكم إني لأراكم من وراء ظهري"، البخاري برقم (418) و (741)، ومسلم (424).
781 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب.
وأخبرنا أبو [منصور] محمد بن القاسم العَتَكي، حدثنا الفضل بن محمد بن المسيَّب، حدثنا عبد الله بن صالح؛ قالا حدثنا الليث، حدثني يونس، عن ابن شِهاب قال: سمعت أبا الأحَوص يحدِّث
(1)
سعيدَ بن المسيّب، أنَّ أبا ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ اللهُ مُقبلًا على العبد ما لم يَلتفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وجَهَه انصَرَفَ عنه"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وأبو الأحوص هذا مولى بنى اللَّيث تابعيٌّ من أهل المدينة، وثَّقه الزُّهْري وروى عنه، وجَرَتْ بينه وبين سعد بن إبراهيم مناظرةٌ في معناه
(3)
.
782 -
أخبرنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو تَوْبة الرَّبيع بن نافع الحلبي، حدثنا معاوية بن سلَّام، عن زيد بن سلَّام، أنَّ أبا سلَّام حدَّثه قال: حدثني الحارث الأشعري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حدَّثهم قال: "إنَّ الله تبارك وتعالى أمر يحيى بنَ زكريا بخمس كلمات يعملُ بهنَّ ويأمرُ
(1)
في (ع) والمطبوع: يحدِّث عن، بزيادة "عن"، وهو خطأ، فالراوي هنا عن أبي ذر هو أبو الأحوص لا سعيد بن المسيّب.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين من أجل أبي الأحوص: وهو مولى بني ليث. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه أحمد 35 / (21508)، والنسائي (532) و (1119) من طريق عبد الله بن المبارك، وأبو داود (909) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن يونس، بهذا الإسناد. فيكون بذلك ابن وهب سمعه من الليث ومن يونس بن يزيد.
وانظر شواهده في التعليق على "سنن أبي داود".
(3)
انظر "مسند الحميدي"(128)، و"صحيح ابن خزيمة"(913)، و"سنن البيهقي" 2/ 284.
بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ، فَوَعَظَ الناسَ ثم قال: إنَّ الله يأمرُكم بالصلاة
(1)
، فإذا نَصَبتُم وجوهَكم فلا تَلتِفتُوا، فإنَّ الله تعالى يَنصِبُ وجهَه لوجه عبدِه حين يُصلي له، فلا يَصرِفُ عنه وجهَه حتى يكونَ العبدُ هو الذي ينصرفُ"
(2)
.
وقد احتجَّ الشيخانِ برُوَاة هذا الحديث عن آخرهم
(3)
، ولم نَجِدْ للحارث الأشعري راويًا غيرَ ممطورٍ أبي سلَّام فتَرَكاه
(4)
، وقد تكلَّمتُ على هذا النحو في غير موضعٍ فأَغنى عن إعادته، والحديث على شرط الأئمة صحيحٌ محفوظ.
783 -
أخبرنا أبو محمد الحسن بن حَليم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا يوسف بن عيسى وأبو عمَّار قالا: حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن ثَوْر بن زيد، عن عِكْرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلتفِتُ في صلاته يمينًا وشِمالًا، ولا يَلْوِي عنقَه خلفَ ظهره
(5)
.
(1)
من قوله: "ويأمر بني إسرائيل" إلى هنا سقط من المطبوع.
(2)
إسناده صحيح، وهو قطعة من حديث طويل سلف تخريجه عند المصنف برقم (411).
(3)
زيد بن سلام وجدُّه أبو سلّام احتجَّ بهما مسلم دون البخاري.
(4)
انظر تعليقنا على هذه المسألة فيما سلف عند الحديث (97).
(5)
رجاله ثقات إلّا أنه مُعَلٌّ بالإرسال. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وأبو عمار هو الحسين بن حريث.
وأخرجه النسائي (1125)، وابن حبان (2288) من طريق أبي عمار الحسين بن حريث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/ (2485) و 5 / (2791)، والترمذي (587)، والنسائي (534) من طرق عن الفضل بن موسى السِّيناني به وسيأتي برقم (953).
وقد أُعلَّ هذا الحديث بالإرسال، فقد رواه إبراهيم بن إسحاق الطالقاني مرةً عند أحمد (2485) عن الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد عن ثور عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وخالفه زهير بن حرب عن الفضل بن موسى عند أبي يعلى (2592) فرواه موصولًا كرواية غيره عن الفضل.
ورواه وكيع أيضًا مرسلًا عن عبد الله بن سعيد عن بعض أصحاب عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه أحمد (2486) والترمذي (588)، وهو من طريق وكيع عند أبي داود في "سننه" - برواية ابن =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
وقد اتَّفقا
(1)
على إخراج حديث أشعث بن أبي الشَّعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال:"هو اختلاسٌ يَختلِسُه الشيطانُ من صلاة العبد"، وهذا الالتفات غيرُ ذلك، فإنَّ الالتفات المباح أن يَلحَظَ بعينه يمينًا وشمالًا.
وله شاهد بإسناد صحيح:
784 -
أخبرَناه أبو جعفر أحمد بن عُبيد بن إبراهيم الحافظ بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو تَوْبة الرَّبيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلَّام، أخبرني زيد بن سلّام، أنه سمع أبا سلّام يقول: حدَّثني أبو كَبْشة السَّلُولي، أنه حدَّثه عن سهل بن الحنظليَّة قال: لمَّا سارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنَين قال: "ألَا رجلٌ يَكلَوُنا الليلةَ! " فقال أنس بن أبي مَرثَد الغَنَوي: أنا يا رسول الله، قال:"انطلِقْ" فلما كان الغدُ خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: "هل حَسَستُم فارسَكم؟ " قالوا: لا، فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي ويَلتِفتُ إلى الشِّعْب، فلما سلَّم قال:"إنَّ فارسَكم قد أقبَلَ"، فلما جاء قال:"لعلَّكَ نَزَلتَ؟ " قال: لا، إلّا مصلِّيًا أو قاضيًا حاجةً، ثم قال: إني اطَّلعتُ الشَّعبَينِ فإِذا هَوازِنُ بِظُعُنِهم وشائِهم ونَعَمِهم متوجِّهون إلى حُنَيْنٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غَنيمةٌ للمسلمين غدًا إن شاء الله"
(2)
.
= الأُشناني كما في "تحفة الأشراف"(6014) - إلّا أنَّ فيها: عبد الله بن سعيد عن رجل عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود: وهذا أصحُّ؛ يعني من الرواية الموصولة بذكر ابن عباس.
وانظر الكلام في فقه الحديث في التعليق عليه من "مسند أحمد".
(1)
بل انفرد به البخاري، وهو في "صحيحه" برقم (751) و (3291).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (916) و (2501)، والنسائي (8819) من طريق أبي توبة، بهذا الإسناد. ولفظه عندهما كلفظ رواية المصنف الآتية برقم (2464).
وسيأتي برقم (5045) مختصرًا بنحو قصة الحراسة لكن من حديث أبي كبشة السلولي عن أبي =
785 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن يونس الضَّبّي البغدادي بأصبهان، حدثنا مُحاضِر بن المورِّع، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأُ في المغرب بسورةِ الأعراف في الركعتين كِلتَيهما
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن لم يكن فيه إرسال، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا
(2)
على حديث ابن جُرَيج عن ابن أبي مُليَكة عن عُروة عن مروان عن زيد بن ثابت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب يطوِّل الركعتين. وحديث مُحاضر هذا مفسَّر ملخَّص، وقد اتفقا على الاحتجاج بمُحاضِر.
786 -
حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرُو لفظًا غيرَ مرةٍ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن سيَّار المروَزي، حدثنا محمد بن خلَّاد الإسكندراني، حدثنا أشهَبُ
= مرثد، بدل سهل ابن الحنظلية، وأنَّ الفارس الذي حرسهم كان أبا مرثد نفسه، ولكن إسناده ضعيف.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ظاهره الاتصال، إلّا أنه قد جاء من بعض الوجوه أنَّ عروة بن الزبير إنما رواه عن مروان بن الحكم عن زيد بن ثابت كما سيأتي، ولذلك أعلَّه الذهبي في "تلخيصه" بالانقطاع.
وأخرجه أحمد 35/ (21609) عن يحيى بن سعيد القطان، و 38/ (23544) عن وكيع، كلاهما عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد إلّا أنَّ وكيعًا قال فيه: عن أبي أيوب أو زيد بن ثابت.
وأخرجه النسائي (1063)، وابن حبان (1836) من طريق أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، به.
وخالف عبد الرحمن أبو الزناد عند أحمد (21633) فرواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت.
ووافقه ابن أبي مليكة عند أحمد (21641) و (21646)، والبخاري (764)، وأبي داود (812)، والنسائي (1064)، فرواه عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت.
(2)
بل هو عند البخاري وحده كما سبق.
ابن عبد العزيز، حدثني سفيان بن عُيينة، عن ابن شِهاب، عن محمود بن الرَّبيع عن عُبادة بن الصامت، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أمُّ القرآن عِوَضٌ من غيرها، وليس غيرُها منها عِوَض"
(1)
.
قد اتَّفق الشيخان على إخراج هذا الحديث عن الزُّهري من أوجهٍ مختلفة بغير هذا اللفظ، ورواة هذا الحديث أكثرُهم أئمَّة، وكلُّهم ثقات على شرطهما.
ولهذا الحديث شواهدُ بألفاظ مختلِفة لم يخرجاه، وأسانيدها مستقيمة فمنها:
787 -
ما حدَّثَناه علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا محمد بن موسى النَّهْرتِيريُّ
(2)
، حدثنا أيوب بن محمد الوزّان، حدثنا فَيْض بن إسحاق الرِّقِّي، حدثنا محمد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمير اللَّيثي، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن صلى صلاةً مكتوبةً مع الإمام، فليقرأ بفاتحة الكتابِ في سَكَتاتِه، ومَن انتَهى إلى أمِّ الكتاب فقد أجزأَه"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف، محمد بن خلّاد الإسكندراني ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" وقال: لا يدرى من هو، ونقل عن ابن يونس المصري أنه قال فيه: يروي مناكير، وساق له هذا الحديث ثم نقل عن الدارقطني قوله: تفرَّد به ابن خلاد.
وأخرجه البيهقي في "القراءة خلف الإمام"(21) عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني في "السنن"(1228) عن عمر بن أحمد الجوهري، عن أحمد بن سيّار، به.
وأما المحفوظ في حديث عبادة هذا فهو بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" أو نحوه، هكذا رواه جماعة الثقات عن سفيان بن عيينة بهذا السند، منهم أحمد بن حنبل في "مسنده" 37/ (22677)، وعلي بن المديني عند البخاري (756)، وابن أبي شيبة وعمرو الناقد وابن راهويه عند مسلم (394)(34). وانظر تتمة تخريجه في "مسند أحمد".
(2)
النَّهرتِيري: نسبة إلى قرية بنواحي الأهواز يقال لها: نهرُتِيرَى.
(3)
إسناده ضعيف بمرَّة، محمد بن عبد الله بن عبيد الليثي ضعيف جدًّا.
وأخرجه البيهقي في "القراءة خلف الإمام"(171) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1209) عن ابن صاعد، عن محمد بن موسى النهرتيري، به. وضعَّف محمد بن عبد الله بن عبيد.
ومنها:
788 -
ما حدَّثَناه أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا المؤمَّل بن هشام اليَشكُري، حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّة، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الرَّبيع الأنصاري - وكان يَسكُن إِيلِيَاءَ - عن عُبادة بن الصامت قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبحَ فثَقُلَت عليه القراءةُ، فلما انصرف قال:"إني لأراكم تَقرؤون من وراءِ إمامكم" قلنا: أجل والله يا رسول الله، هذًّا، قال:"فلا تَفعلوا إلّا بأمِّ القرآن فإنه لا صلاةَ لمن لا يَقرؤُها"
(1)
.
وقد أَدخل محمودُ بن الرَّبيع بينه وبين عبادةَ وهبَ بن كَيْسان
(2)
:
(1)
إسناده حسن، ومحمد بن إسحاق - وإن رُمي بالتدليس - قد صرَّح بسماعه من مكحول عند ابن حبان (1785) حيث رواه عن ابن خزيمة، عن مؤمَّل بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 37 / (22671) و (22694) و (22745) و (22746) و (22750)، وأبو داود (823)، والترمذي (311)، وابن حبان (1848) من طرق عن محمد بن إسحاق، به. وصرح ابن إسحاق بالسماع أيضًا عند أحمد (22745) وابن حبان. وانظر تمام تخريجه في الموضع الأول من "مسند أحمد". وقال الترمذي حديث عبادة حديث حسن.
(2)
كذا جعل المصنفُ أبا نعيم الآتي في الحديث وهبَ بنَ كيسان، وخطَّأه في ذلك الذهبيُّ في "تلخيصه"، وقال: وهب صغير قلنا: وهو كما قال، وقد قال الإمام البيهقي في "القراءة خلف الإمام" بإثر (125): أبو نعيم كان المؤذِّن (يعني الذي أذَّن للصلاة وصلَّى بهم كما وقع في رواية زيد بن واقد عنده برقم: 120) والراوي عن عبادة محمودُ بن الربيع فغلط فيه الوليد. وكذا غلَّطه فيه ابن صاعد فيما ذكره الدارقطني في "سننه"(1218).
وحديث زيد بن واقد الذي يشير إليه أخرجه أبو داود (824) من طريقه عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع، عن عبادة. وكان نافع بن محمود معه حين صلَّى أبو نعيم صلاة الصبح بهم، وحسَّن إسناده الدارقطني. (1220).
قال البيهقي في "القراءة خلف الإمام" بإثر (123): قال لنا أبو عبد الله - يعني الحاكم -: قال أبو علي الحافظ: مكحول سمع هذا الحديث من محمود بن الربيع ومن ابنه نافع بن محمود بن الربيع، ونافع بن محمود وأبوه محمود سمعاه من عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
789 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو زُرْعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، حدثنا الوليد بن عُتْبة، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني غيرُ واحد منهم سعيد بن عبد العزيز التَّنُوخي، عن مكحول، عن محمود، عن أبي نُعَيم، أنه سمع عبادةَ بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هل تَقرؤون في الصلاةِ معي؟ قلنا: نعم، قال: "فلا تَفعَلوا إلّا بفاتحةِ الكتاب"
(1)
.
ومنها:
790 -
ما أخبرَناه أبو محمد عبد الرحمن بن حَمْدان الجَلّاب، حدثنا إسحاق بن أحمد بن مِهران الخَزَّاز، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، حدثنا معاوية بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فَروة، عن عبد الله بن عمرو بن الحارث، عن محمود بن الرَّبيع الأنصاري قال: قام إلى جنبي عُبادة بن الصامت فقرأَ مع الإمام وهو يقرأُ، فلما انصرف قلت: أبا الوليد، تقرأُ وتُسمِعُ وهو يَجهَر بالقراءة؟! قال: نعم، إنَّا قرأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغَلِطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سَبَّح، فقال لنا حين انصرف:"هل قرأ معي أحدٌ؟ " قلنا: نعم، قال:"قد عَجِبتُ قلتُ: مَن هذا الذي يُنازِعُني القرآنَ؟ إذا قرأ الإمامُ فلا تقرؤوا إلّا بأمِّ القرآن، فإنه لا صلاةَ لمن لم يَقرَأْ بها"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح إن شاء الله لكن بإسقاط الواسطة بين محمود - وهو ابن الربيع - وبين عبادة، فإنها غلطٌ كما سبق، فإنَّ أبا نعيم كان المؤذن ولم يكن راويًا.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 2/ 165، والقراءة خلف "الإمام"(125) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1218) عن أبي محمد بن صاعد، عن أبي زرعة الدمشقي، به.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(296) عن عبدوس بن ديزويه الرازي، عن الوليد بن عتبة به. بإسقاط أبي نعيم من سنده.
(2)
إسناده ضعيف جدًّا، إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك، وقال الذهبي في "تلخيصه": هالك، ومعاوية بن يحيى - وهو الصَّدَفي - ضعيف.
وأخرجه البيهقي في "القراءة خلف الإمام"(118) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.=
هذا متابِعٌ لمكحول في روايته عن محمود بن الرَّبيع، وهو عزيز، وإن كان راويهِ إسحاق بن أبي فَرْوة فإني ذكرتُه شاهدًا.
791 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، حدثنا أحمد بن سَلَمة، حدثنا عبد الرحمن بن بِشْر العبدي، حدثنا يحيى بن سعيد القطَّان، حدثنا جعفر بن ميمون، حدثنا أبو عثمان النَّهْدي، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَه أن يخرُجَ ينادي في الناس: "أن لا صلاةَ إلّا بقراءة فاتحةِ الكتاب، فما زادَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح لا غُبارَ عليه، فإنَّ جعفر بن ميمون العَبْدي من ثِقات البصريين! ويحيى بن سعيد لا يحدِّث إلّا عن الثقات.
وقد صحَّت الروايةُ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب وعلي بن أبي طالب أنهما كانا يأمُرانِ بالقراءة خلفَ الإمام.
أما حديث عمر:
792 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا حفص بن غِياث.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُرَيب،
= وأخرجه الدارقطني (1222) من طريق إبراهيم بن محمد العتيق، عن إسحاق بن سليمان الرازي، به. وضعَّفه بمعاوية وإسحاق بن أبي فروة.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل جعفر بن ميمون، ففيه ضعف لكنه يعتبر به، وتوثيق الحاكم له على الإطلاق تساهلٌ منه.
وأخرجه أحمد 15 / (9529)، وأبو داود (820) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (819)، وابن حبان (1791) من طريق عيسى بن يونس، عن جعفر بن ميمون، به. ولفظه عند أبي داود:"لا صلاة إلّا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما زاد"، وهو بهذا اللفظ ضعيف.
وأما بلفظه عند المصنف وغيره فيشهد له حديث عبادة بن الصامت عند مسلم (394)(37) وأبي داود (822) وأحمد 37 (22749) وغيرهم.
وحديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 17 / (10998)، وأبي داود (818)، وغيرهما.
حدثنا حفص، عن أبي إسحاق الشَّيباني، عن جَوَّاب التَّيمي، وإبراهيم بن محمد بن المنتشِر، عن الحارث بن سُوَيد، عن يزيد بن شَرِيك: أنه سأل عمرَ عن القراءة خلفَ الإمام، فقال: اقرأْ بفاتحةٍ الكتاب، قلت: وإن كنتَ أنت؟ قال: وإن كنتُ أنا، قلت: وإن جَهَرتَ؟ قال: وإن جهرتُ
(1)
.
وأما حديث علي بن أبي طالب:
793 -
فحدّثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا شُعْبة.
وحدثني علي بن حَمْشاذ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الصمد بن النُّعمان، حدثنا شعبة، عن سفيان بن حسين قال: سمعت الزُّهْريَّ يحدِّث عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن علي: أنه كان يأمر أن يُقرَأَ خلفَ الإمام في الركعتين الأُولَيَينِ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، وفي الأخرَيَينِ بفاتحة الكتاب
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، ووجه هذا الإسناد أنه من رواية حفص بن غياث عن أبي إسحاق الشيباني وعن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، رواه أبو إسحاق عن جوَّاب التيمي عن يزيد بن شريك، ورواه إبراهيم عن الحارث بن سويد عن يزيد بن شريك، وأشار إلى نحو ذلك البيهقي في "القراءة خلف الإمام" (188 - 189) حيث رواه عن المصنف. أبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وأبو كريب: هو محمد بن العلاء الهمداني.
وأخرجه الدارقطني (1210) و (1211) من طريق حفص بن غياث، بإسناديه، وصحَّح إسناده.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 373، والبخاري في "القراءة خلف الإمام"(51)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 218، والبغوي في "الجعديات"(2480)، وابن المنذر في "الأوسط"(1317) من طريقين عن أبي إسحاق الشيباني، عن جوَّاب التيمي، عن يزيد بن شريك.
(2)
خبر صحيح، سفيان بن حسين - وإن كان مضعَّفًا في الزهري قد تابعه معمر كما سيأتي، وقوله في هذه الرواية: ابن أبي رافع عن أبيه عن علي، وهمٌ منه أو ممَّن دونه، والصواب أنه من رواية ابن أبي رافع - وهو عبيد الله - عن علي، وكان عبيد الله كاتبًا لعلي.
وأخرجه البيهقي في "القراءة خلف الإمام"(194 - 195) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام"(54)، والطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 209، =
794 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مِهْران بن خالد الأصبهاني، حدثنا عُبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن سِمَاك، عن جابر بن سَمُرة قال: كان النبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحوًا من صلاتِكم، ولكنَّه كان يخفِّفُ الصلاةَ، كان يقرأُ في صلاة الفجر بالواقعةِ ونحوِها من السُّوَر
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه، وإنما خرَّج مسلم بإسناده: كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة
(2)
!
795 -
حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُبيد القُرَشي
(3)
بالكوفة، حدثنا
= والدارقطني (1229) و (1231) من طرق عن شعبة، به - إلّا أنه سقط من رواية البخاري قوله:"عن أبيه" على الصواب.
وهكذا رواه على الصواب بإسقاط "عن أبيه" يزيدُ بن هارون عن سفيان بن حسين عند البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 168 و "القراءة خلف الإمام"(225).
وأخرجه الدارقطني (1232)، والبيهقي في "السنن" 2/ 168 من طريق معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي.
وكذلك رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 370 عن عبد الأعلى - وهو ابن عبد الأعلى الساميّ - عن عمَّه، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي كذا وقع فيه:"عمه" ويغلب على ظننا أنه تحريف عن: معمر، فلا نعرف لعبد الأعلى عن عمه رواية، وقد أشار البيهقي في "سننه" إلى رواية عبد الأعلى هذه عن معمر، وصحَّحها على رواية شعبة التي قال فيها: عن أبيه عن علي.
(1)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب وأحمد بن مهران، وأحمد متابع.
وأخرجه أحمد 34 / (20995)، وابن حبان (1823) من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد (21002)، ومسلم (643)(227) من طريق أبي عوانة، وأحمد (20843)، ومسلم (458)(169) من طريق زهير بن معاوية، ومسلم (458)(168)، وابن حبان (1816) من طريق زائدة بن قدامة، ثلاثتهم عن سماك به. ولم يذكر أبو عوانة في روايته قراءةً، وذكر الآخران: أنه كان يقرأ {ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ} . وانظر ما سيأتي برقم (1069).
(2)
كذا وقع في أصوله، ولعلَّه سبقُ قلم، فإنَّ الذي عند مسلم: كان يقرأ بقاف.
(3)
هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الأسدي القرشي المعروف بابن الكوفي، وكان من جِلّة أصحاب ثعلب، ثقة متقن، له ترجمة في "معجم الأدباء" لياقوت 4/ 1866، =
الحسن بن علي بن عفّان العامري، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير الحضرمي، عن أبيه، عن عُقْبة بن عامر قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوِّذَتين: أمِنَ القرآنِ هما؟ فَأَمَّنَا بهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وقد تفرَّد به أبو أسامة عن الثَّوري
(2)
، وأبو أسامة ثقة مُعتمَد.
وقد رواه عبد الرحمن بن مَهْدي وزيد بن الحُبَاب عن معاوية بن صالح بإسناد آخر.
أما حديث عبد الرحمن بن مَهْدي:
796 -
فأخبرَناه أحمد بن جعفر القَطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني عبد الرحمن، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن القاسم مولى معاوية، عن عُقْبة بن عامر قال: كنت أَقُودُ برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلتَه في السفر، فقال:"يا عقبةُ، ألَا أعلِّمُك خيرَ سورتين قُرِئَتا؟ " قلت: بلى، قال:"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، فلما نَزَلَ صلَّى بهما صلاةَ الغَدَاة، ثم قال: "كيف تَرَى يا عقبةُ؟ "
(3)
.
= وترجمه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 13/ 545 باسم علي بن محمد بن الزبير بإسقاط عُبيد من نسبه، وكذلك فعل الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 12/ 120.
(1)
إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه النسائي (1026) و (7802) من طريقين عن أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (1818) من طريق زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان، به. وسيأتي برقم (2110).
(2)
بل تابعه زيد بن أبي الزرقاء كما وقع عند ابن حبان، وهو ثقة أيضًا.
(3)
إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 28/ (17392).
وأما حديث زيد بن الحباب فهو عند أحمد أيضًا برقم (17350).
وأخرجه أبو داود (1462)، والنسائي (7799) من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح، به.
وأخرجه بنحوه أحمد (17296)، والنسائي (7794) من طريق ابن جابر - وهو عبد الرحمن=
وأما حديث زيد بن الحُبَاب عن معاوية بن صالح نحوُ هذا الإسناد، وهذا الإسناد لا يعلَّل الأولَ، فإنَّ هذا إسنادٌ لمتنٍ آخر، والله أعلم.
797 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا علي بن الصَّقْر السُّكَّري، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزُّبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن عبيد الله بن عمر عن ثابت البُنَاني، عن أنس: أنَّ رجلًا كان يؤمُّهم بقُباءٍ، فكان إذا أراد أن يفتتحَ سورةً يقرأُ بها، قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ثم يقرأُ بالسورة، يفعلُ ذلك في صلاته كلِّها، فقال له أصحابه إمّا تَدَعُ هذه السورة، أو تقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فتتركُها؟ فقال لهم: ما أنا بتاركِها، إن أحببتم أن أؤمَّكم بذلك فعلتُ، وإلّا فلا، وكان من أفضلهِم، وكانوا يكرهون أن يؤمَّهم غيرُه، فأتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فدَعَاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا فلانُ، ما يَمنعُك أن تفعلَ ما يأمرُك به أصحابُك، وما يَحمِلُك على لُزومِ هذه السُّورة؟ " فقال: أحبُّها يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حبُّها أدخَلَك الجنةَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّ البخاريُّ أيضًا مستشهِدًا بعبد العزيز بن محمد في مواضعَ من الكتاب.
798 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا
= ابن يزيد بن جابر - عن القاسم به. وانظر ما قبله.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد فيه ضعف علي بن الصقر قال الدارقطني: ليس بالقوي، لكنه متابع، وعبد العزيز الدراوردي في روايته عن عبيد الله بن عمر مقال، وقد توبع أيضًا.
وأخرجه الترمذي (2901) عن محمد بن إسماعيل - وهو البخاري - عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد العزيز بن محمد بهذا الإسناد وقال: حديث حسن. وهو عند البخاري في "صحيحه"(774 م) معلَّقًا عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه مختصرًا ابن حبان (794) من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري، عن الدراوردي، به.
وأخرجه كذلك أحمد 19 / (12432) و (12433) و (12512)، والترمذي (2901 م)، وابن حبان (792) من طريق مبارك بن فضالة، عن ثابت البُناني، به.
يحيى بن سعيد، حدثنا قُدَامة بن عبد الله العامري قال: حدثتني جَسْرة بنت دِجَاجة قالت: سمعت أبا ذرٍّ يقول: قام النبيُّ صلى الله عليه وسلم بآيةٍ حتى أصبحَ يردِّدها، والآية {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.
799 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشَّيباني، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفرَّاء، أخبرنا جعفر بن عَوْن، أخبرنا مِسعَر.
وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، حدثنا مِسعْر، عن إبراهيم السَّكسَكي، عن عبد الله بن أبي أَوفى، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علِّمني شيئًا يُجزِئني من القرآن، فإني لا أقرأُ، قال:"قل: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلّا الله، واللهُ أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله" قال: فضَمَّ عليها الرجلُ بيده وقال: هذا لربي، فماذا لي؟ قال:"قل: اغفِرْ لي وارحَمْني واهدِني وارزُقْني وعافِني"، قال: فضمَّ عليها بيده الأخرى وقام
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل قدامة وجسرة.
وأخرجه أحمد 35/ (21495) و (21538)، وابن ماجه (1350)، والنسائي (1084) و (11096) من طريق يحيى بن سعيد - وهو القطان - بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (21328) و (21388) من طريقين عن قدامة العامري، به.
(2)
حديث حسن بطرقه، إبراهيم السكسكي فيه مقال، وهو متابع الحميدي: هو أبو بكر بن عبد الله بن الزبير بن عيسى المكي، وسفيان هو ابن عيينة.
وأخرجه ابن حبان (1808) من طريق إبراهيم بن بشار، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وقرن بمسعرٍ يزيد أبا خالد الدالاني.
وأخرجه أحمد 31/ (19138)، والنسائي (998)، وابن حبان (1809) من طرق عن مسعر، به.
وأخرجه أحمد 31 / (19110) و 32 / (19409)، وأبو داود (832)، وابن حبان (1808) من طريقين عن إبراهيم السكسكي، به.
وأخرجه ابن حبان (1810) من طريق طلحة بن مصرّف، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 113 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، كلاهما عن عبد الله بن أبي أوفى.
زاد جعفر بن عون في حديثه قال مِسعَر: كنت عند إبراهيم وهو يحدِّث بهذا الحديث، فاستثبتُّه من غيره
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
800 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجَّاج بن مِنْهال، حدثنا همَّام، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثنا علي بن يحيى بن خلَّاد، عن أبيه، عن عمِّه رفاعة بن رافع: أنه كان جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فدخلَ المسجد فصلَّى، فلما قَضَى صلاتَه جاء فسلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وعليك، ارجِعْ فصلِّ فإنك لم تصلِّ" قال: فرجع فصلَّي، فجعلنا نَرمُقُ صلاتَه لا ندري ما يَعيبُ منها، فلما قضى صلاتَه جاء فسلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وعليك، ارجِعْ فصلِّ، فإنك لم تصلِّ"، وذكر ذلك إمَّا مرتين أو ثلاثةً، فقال الرجل: ما أدري ما عِبتَ عليَّ من صلاتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنها لا تَتِمُّ صلاةُ أحدكم حتى يُسبِغَ الوضوءَ كما أَمره الله عز وجل، يَغسِلُ وجهَه ويديه إلى المِرفقَينِ، ويمسحُ رأسَه ورِجلَيه إلى الكعبَينِ، ثُم يكبِّر ويَحمَدُ الله ويمجِّدُه ويقرأُ من القرآن ما أَذِنَ الله له فيه، ثُمَّ يكبِّرُ ويركع، ويَضَعُ كفَّيهِ على رُكْبتيه حتى تطمئنَّ مَفاصلُه ويستويَ، ثم يقول: سَمِعَ الله لمن حَمِدَه، ويستويَ قائمًا يأخذَ كلُّ عظمٍ مَأخَذَه، ثم يُقيم صُلْبَه، ثم يكبِّر فيسجد فيمكِّن جبهتَه من الأرض حتى تطمئنَّ مفاصلُه، ويستوي ثم يكبِّر فيرفع رأسَه ويستوي قاعدًا على مَقعَدتِه ويُقيم صُلْبَه" فَوَصَفَ الصلاة هكذا حتى فَرَغَ، ثم قال:"لا تَتِمُّ صلاةُ أحدِكم حتى يفعلَ ذلك"
(2)
.
(1)
كذا وقع في أصولنا من "المستدرك": "من غيره"، والذي نقله أحمد في "مسنده" (19110) عن مسعر أنه قال: وثبَّتني فيه غيري، وفي رواية أبي نعيم عند مسعر عنده (19138): استفهمت بعضه من أبي خالد الدالاني.
(2)
إسناده صحيح. وقد اختُلف فيه كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 31 / (18995). =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين بعد أن أقام همَّامُ بن يحيى إسنادَه، فإنه حافظ ثقة، وكلُّ من أفسده قولُه، فالقولُ قول همَّام، ولم يُخرجاه بهذا السِّياقة، إنما اتَّفقا فيه على حديث عُبيد الله بن عمر عن سعيد المقبُري عن أبي هريرة
(1)
، وقد روى محمدُ بن إسماعيل هذا الحديثَ في "التاريخ الكبير"
(2)
عن حجَّاج بن مِنهال وحَكَمَ له بحِفْظه، ثم قال: لم يُقِمْه حمَّاد بن سلمة.
801 -
حدثنا بصِحَّة ما ذكره البخاريُّ: أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيِه، حدثنا موسى بن الحسن بن عبَّاد، حدثنا عفَّان، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلَّاد عن أبيه: أنَّ رجلًا دخل المسجدَ وقد صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم، فصلَّى، ثم ذكر الحديث
(3)
.
وقد أقام هذا الإسناد داودُ بن قيس الفرَّاء ومحمدُ بن إسحاق بن يَسَار وإسماعيلُ بن جعفر بن أبي كثير.
= وأخرجه أبو داود (858) عن الحسن بن علي الخلال، وابن ماجه (460) عن محمد بن يحيى، كلاهما عن حجاج بن منهال بهذا الإسناد. وقرن الخلال بالحجاج هشامَ بنَ عبد الملك الطيالسي، ورواية محمد بن يحيى مختصرة.
وأخرجه النسائي (726) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن همام، به.
وأخرجه أحمد (18997)، والنسائي (1237)، وابن حبان (1787) من طريق محمد بن عجلان، و أحمد (18995)، وأبو داود (859) من طريق محمد بن عمرو، كلاهما - ومعهما داود بن قيس ومحمد بن إسحاق كما سيأتي - عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة. كرواية همّام، وهو الصحيح كما ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه في "العلل"(221).
(1)
أخرجه من هذا الطريق البخاري (6251) و (6667)، ومسلم (397)(46).
(2)
"التاريخ الكبير" 3/ 319 - 320.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد وهمَ فيه حمادٌ كما قال البخاري وأبو زرعة الرازي كما في علل ابن أبي حاتم (222).
وأخرجه أبو داود (857) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن عمه. ليس فيه "عن أبيه"، وهذا من أوجُه اضطراب حماد فيه.
أما حديث داود بن قيس:
802 -
فحدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر الخَوْلاني قال: قُرِئَ على ابن وهب: أخبرك داودُ بن قيس.
وأخبرنا الحسن بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه أخبرنا عَبْدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا داود بن قيس، حدثنا علي بن يحيى بن خلَّاد، حدثني أَبي، عن عمِّه - وكان بدريًّا - قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد، فدخل رجلٌ فصلَّى ركعتين، ثم جاء فسلَّم، وذكر الحديث بطوله
(1)
.
وأما حديث محمد بن إسحاق بن يَسَار:
803 -
فأخبرَناه أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، حدثني علي بن يحيى بن خلّاد بن رافع الأنصاري أحدُ بني زُرَيق، عن أبيه، عن عمِّه رِفاعة بن رافع قال: بَيْنا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، إذْ أقبلَ رجلٌ من الأنصار بعد أن فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة، فصلَّى ثم أقبلَ حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّم عليه، فقال:"وعليكَ، ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ" فذكر الحديث
(2)
.
وأما حديث إسماعيل بن جعفر:
804 -
فأخبرَناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى التِّرمذي، حدثنا قُتيبة بن سعيد الثقفي وعلي بن حُجْر السَّعْدي، قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلَّاد بن رافع الزُّرَقي، عن أبيه، عن جدِّه، عن رِفاعة بن رافع: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالسٌ في المسجد يومًا
(1)
إسناده صحيح أبو الموجه: هو محمد بن عمرو الفزاري وعبدان: هو عبد الله بن عثمان.
وأخرجه النسائي (1238) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرجه أبو داود (860) عن مؤمَّل بن هشام، عن إسماعيل - وهو ابن عُليّة - بهذا الإسناد.
- قال رِفاعةُ: ونحن معه - إذ جاء رجلٌ كالبَدَويِّ، فصلَّى، ثم ذكر الحديث بطوله
(1)
.
805 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْمي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، حدثنا الليث، عن جَرِير بن حازم، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أَوْس بن ضَمْعَج، عن أبي مسعود قال: قال رسول الله: "يؤمُّ القومَ أكثرُهم قرآنًا، فإن كانوا في القرآن واحدًا فأقدَمُهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرةِ واحدًا فأفقَهُهم فِقهًا، فإن كانوا في الفقه واحدًا فأكبرُهم سِنًّا"
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ليِّن علي بن يحيى بن خلاد فيه جهالة، لكنه قد توبع.
وهو في "جامع الترمذي"(302) عن علي بن حجر وحده، بهذا الإسناد. وحسّنه، لكن ليس في روايته "عن أبيه"، ونصَّ على ذلك المزي في "تحفة الأشراف"(3604)، وهو كذلك عند أبي محمد البغوي في "شرح السنة"(553) من طريق المحبوبي عن الترمذي.
وأخرجه النسائي (1643) عن علي بن حجر وحده أيضًا، وهو عنده كرواية المصنِّف.
(2)
حديث صحيح، لكنه بهذا الترتيب بتقديم الهجرة على الفقه في الدين شاذٌّ، والمحفوظ كما سيأتي تقديم العلم بالسُّنة والفقه في الدين على الهجرة، وإسناد المصنف حسن من أجل يحيى بن عثمان بن صالح، فهو وإن كان فيه لِينٌ، قد توبع.
فقد أخرجه الدارقطني (1086)، والبيهقي 2/ 119 من طريق أبي الزِّنباع رَوْح بن الفَرَج - وهو ثقة - عن يحيى بن بكير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17 / (606) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، به.
وتابع جريرًا في ترتيبه المذكور عن الأعمش الفضيلُ بن عياض عند النسائي (857)، لكن فيه عنده:"أعلمهم بالسنة" بدل قوله: "أفقههم فقهًا".
وخالفهما جمعٌ من ثقات أصحاب الأعمش منهم سفيان بن عيينة وأبو معاوية الضرير، فرووه عن الأعمش بهذا الإسناد بتقديم العِلم بالسُّنة على الهجرة، هكذا أخرجه أحمد 28/ (17097) و 37/ (22340)، ومسلم (673)، والترمذي (235)، وابن حبان (2127) و (2133). وفي رواية عند مسلم مكان "سنًّا": سِلْمًا (أي: إسلامًا)، وهي رواية شاذّة. وزاد فيه عند مسلم وغيره:"ولا يؤمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تَكرِمته إلّا بإذنه". والتكرِمة: الفِراش ونحوه مما يُبسط لصاحب المنزل ويُخَصُّ به.=
قد أخرج مسلم حديث إسماعيل بن رجاء هذا ولم يَذكُر فيه "أفقههم فقهًا"، وهذه لفظة غريبة عزيزة بهذا الإسناد الصحيح.
وله شاهد من حديث الحجاج بن أَرْطاةَ:
806 -
حدَّثَناه أبو أحمد الحسين بن علي التميمي رحمه الله، حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحَضرَمي، حدثنا المنذر بن الوليد الجارُودي، حدثنا يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري، حدثنا الحجَّاج، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن أَوْس بن ضَمْعَج، عن عُقْبة بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤمُّ القومَ أقدمُهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأفقهُهم في الدِّين، فإن كانوا في الدين سواءً فأقرؤُهم للقرآن، ولا يُؤَمُّ الرجلُ في سُلْطانِه، ولا يُقعَدُ على تَكرِمَتِهِ إِلّا بِإِذْنِهِ"
(1)
.
807 -
أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي بمَرُو، حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أُسامة، حدثنا عبد الله بن عمرو
(2)
بن أبي أُمية، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقَّاص، عن عُروة بن المغيرة بن شُعْبة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يَمُتْ نبيٌّ حتى يؤمَّه رجلٌ من قومِه"
(3)
.
= وأخرجه أحمد 28/ (17063) و (17092) و (17099)، ومسلم (673)(291)، وأبو داود (582)، والنسائي (980)، وابن حبان (2144) من طريق شعبة، عن إسماعيل بن رجاء، به - لكن أسقط منه العلم بالسُّنة.
(1)
حديث صحيح لكن وقع فيه خطأ في ترتيب الأحقيّة في الإمامة كالرواية السابقة، وهذا إسناد ليِّن، فيه يحيى بن زكريا بن دينار لم نتبيَّن حاله إذ لم نقف على ترجمة له، والحجاج بن أرطاة مدلِّس وقد عنعن.
وأخرجه الدارقطني (1085) عن محمد بن هارون الحضرمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 17 / (617) عن سهل بن أبي سهل الواسطي، عن المنذر بن الوليد، به.
(2)
في النسخ الخطية: عمر، والصواب ما أثبتناه من "إتحاف المهرة" 13/ 426، ومن ترجمته في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 5/ 120، وسيأتي مسمَّى كذلك عند المصنف برقم (5497).
(3)
إسناده ضعيف، عبد الله بن عمرو بن أبي أمية ذكره الذهبي في "الميزان" بإسقاط عمرو =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وقد اتَّفقا جميعًا على صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفَ أبي بكر الصِّديِّق رضي الله عنه
(1)
.
808 -
أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسين الشَّيباني، حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الكوفي بمصر، حدثنا محمد بن سوَّار، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حُمَيد، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة، قال هكذا وهكذا؛ عن يمينِه وعن شِمالهِ، ثم يقول:"استَوُوا وتعادَلُوا"
(2)
.
= اسمه، ونقل عن الدارقطني أنه قال فيه: ليس بقوي، وفليح بن سليمان متكلَّم فيه، وهو ضعيف يعتبر به.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(1092) من طريق عثمان بن خُرَّزاذ، عن عبد الله بن أبي أمية، بهذا الإسناد.
ويشهد له حديث أبي بكر عند أحمد (1/ (78)، وإسناده ضعيف.
وآخر من حديث عائشة أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة"(216)، والطبراني في "الأوسط"(4448)، والبيهقي في "الدلائل" 7/ 202، وإسناده ضعيف أيضًا.
وثالث من حديث ابن عمر أخرجه القطيعي في زياداته على "فضائل الصحابة"(592)، وإسناده ضعيف جدًّا.
وروي مرسلًا عن محمد بن إبراهيم التيمي ومحمد بن قيس المدني عند ابن سعد في "الطبقات" 2/ 196، وإسنادهما على إرسالهما ضعيف.
(1)
الذي جاء عند الشيخين - البخاري (664) ومسلم (418) - من حديث عائشة: أنَّ الناس كانوا يصلون بصلاة أبي بكر ويصلي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد وقع عند غيرهما في بعض الأحاديث: أنَّ أبا بكر كان هو الإمام وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى خلفه، وأشار إلى هذا الاختلاف الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 166 (بتحقيقنا) وذكر أنَّ من العلماء من سَلَكَ الترجيح فقدَّم روايةً على الأخرى، ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدُّد، وممّن حملها على التعدُّد ابن حبان في "صحيحه" بإثر الحديث (2119).
وثبت في حديث المغيرة بن شعبة عند مسلم (274): أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ائتمَّ في صلاةٍ بعبد الرحمن بن عوف، وذلك في غزوة تبوك.
(2)
إسناده قوي. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان.=
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
809 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نَصْر بن سابق الخولاني قال: قُرئَ على عبد الله بن وهب: أخبركَ مالكُ بن أنس.
وأخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الهَمَذاني بها، حدثنا إسحاق بن أحمد الخزَّاز، حدثنا إسحاق بن سليمان قال: سمعت مالك بن أنس يحدِّث عن زيد بن أسلم، عن بُسْر بن مِحجَن - رجل من بني الدِّيل - عن أبيه: أنه كان جالسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُوذِنَ بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى ثم رَجَعَ ومِحجَنٌ في مجلسه كما هو، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما مَنَعَك أن تصلِّيَ مع الناس، ألست برجلٍ مسلمٍ؟ " قال: بلى يا رسول الله، ولكني يا رسول الله كنت قد صلَّيتُ في أهلي، قال:"فإذا جئتَ فصلِّ مع الناس، وإن كنت قد صلَّيتَ"
(1)
= وأخرجه الدارقطني في "سننه"(1108)، ومن طريقه الضياء المقدسي في "المختارة"(2093) عن الحسن بن الخضِر، عن أبي العلاء محمد بن أحمد بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 19 / (12255) و 21 / (13396) عن أبي خالد الأحمر، به - بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبِل علينا بوجهه قبل أن يكبِّر فيقول: "تراضُوا واعتدلوا، فإنِّي أراكم من رواء ظهري".
وأخرجه كذلك أحمد (19 (120119) و 20 / (12884) و 21 / (13777) و (13778) و (14054)، والبخاري (719) و (725)، والنسائي (890)، وابن حبان (2173) من طرق عن حميد، به.
وقد روى الأمر بتسوية الصفوف غير واحدٍ عن أنس بألفاظ مختلفة، انظر هذه الروايات وتخريجها في "سنن أبي داود"(667 - 671).
(1)
حديث حسن، بسر بن محجن - وإن لم يرو عنه غير زيد بن أسلم قد توبع.
وأخرجه أحمد 26/ (16395)، والنسائي (932)، وابن حبان (2405) من طريق مالك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (16393) و (16394) من طريقين عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 29 / (17890) من طريق ابن إسحاق، عن عمران بن أبي أنس، عن=
810 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، فذكره بنحوه.
هذا حديث صحيح، ومالكُ بن أنس الحَكَمُ في حديث المدنيِّين، وقد احتَجَّ به في "الموطأ"
(1)
، وهو من النوع الذي قدَّمتُ ذِكرَه أنَّ الصحابي إذا لم يكن له راويان لم يخرجاه
(2)
.
وله شاهد مثلُ هذا النوع بإسناد صحيح:
811 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان.
وأخبرنا أحمد بن سَلْمان الفقيه ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا سفيان.
وحدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا يزيد بن الهيثم، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسوَد، عن أبيه قال: صلَّيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمِنى، فلمَّا سلَّمَ أبصَرَ رجلين في أواخر الناس فدَعَاهما، فقال:"ما مَنَعَكما أن تُصلِّيا مع الناس؟ " فقالا: يا رسول الله، صلَّينا في الرِّحَال، قال:"فلا تَفعَلا، إذا صلَّى أحدُكم في رَحْلِه ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليُصلِّها معه، فإنها له نافلةٌ"
(3)
.
= حنظلة بن علي الأسلمي، عن رجل من بني الدِّيل قال: صلَّيتُ الظهر في بيتي
…
إلخ، وإسناده حسن.
(1)
"الموطأ" 1/ 132.
(2)
انظر تعليقنا على هذا عند الحديث المتقدم برقم (97).
(3)
إسناده صحيح. أبو حذيفة هو موسى بن مسعود النَّهدي، والأشجعي: هو عبيد الله بن عبد الرحمن، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 29 / (17475) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا (17474)، والترمذي (219)، والنسائي (933)، وابن حبان (1565) =
هذا حديث رواه شُعْبة وهشام بن حسَّان وغَيْلان بن جامع وأبو خالد الدَّالاني وأبو عَوَانة وعبد الملك بن عُمَير ومبارَك بن فَضَالة وشَرِيك بن عبد الله وغيرهم عن يعلى بن عطاء، وقد احتَجَّ مسلم بيعلى بن عطاء.
812 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا عبد الرحمن بن غَزْوان، حدثنا شُعبة.
وحدَّثَناه علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكَن الواسطي، حدثنا عمرو بن عَوْن وعبد الحميد بن بَيَان قالا: حدثنا هُشَيم بن بَشِير، حدثنا شعبة، حدثنا عَدِيّ بن ثابت، حدثنا سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن سَمِعَ النداء فلم يُجِبْ، فلا صلاةَ له"
(1)
.
هذا حديث قد أوقَفَه غُندَرٌ وأكثرُ أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط
= و (2395) من طريق هشيم، وأحمد (17476) من طريق أبي عوانة، وأحمد (17479)، وأبو داود (575)، وابن حبان (1564) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن يعلى بن عطاء به.
(1)
صحيح موقوفًا، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن اختُلف على شعبة في رفعه ووقفه كما سيشير المصنف لاحقًا، والموقوف أصح، فإنَّ جمهور أصحاب شعبة من الثقات على وقفه، منهم وكيع عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 345، وعلي بن الجعد كما في "الجعديات" للبغوي (482)، ووهب بن جرير وحفص بن عمر أبو عمر الحوضي وسليمان بن حرب كما عند البيهقي في "سننه" 3/ 174، وعمرو بن مرزوق عند قاسم بن أصبغ في كتابه كما في "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان الفاسي 2/ 278، وأما رواية غُندر - وهو محمد بن جعفر - التي ذكرها المصنف فلم نقف عليها، وغُندر أثبت الناس في شعبة كما قال غير واحد، وقال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتابُ غندر حَكَمٌ بينهم. وقد ذهب إلى تصحيح هذا الخبر موقوفًا عبدُ الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 274 ولم يتعقَّبه في ذلك ابن القطان الفاسي في "الوهم والإيهام 2/ 278 و 3/ 96 كالمقرِّ له.
وأخرجه مرفوعًا ابن ماجه (793)، وابن حبان (2064) من طريق عبد الحميد بن بيان - وقرن به عند ابن حبان زكريا بن يحيى - بهذا الإسناد. وزادا فيه "إلّا من عذر". وانظر ما بعده من الروايات.
الشيخين، ولم يُخرجاه، وهُشَيم وقُرَاد أبو نوح
(1)
ثقتان، فإذا وَصَلَاه فالقولُ فيه قولُهما.
وله في سنده عن عَدِيٍّ بن ثابت شواهدُ، فمنها:
813 -
ما حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن يعقوب بن إسماعيل الصَّفّار بالبصرة، حدثنا سَوَّار بن سهل البصري، حدثنا سعيد بن عامر، عن شُعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَمِعَ النداءَ فلم يأتِه، فلا صلاةَ له إلّا من عُذْر"
(2)
.
ومنها:
814 -
ما حدَّثَناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا الحسن بن علي بن شَبِيب المَعْمَري، حدثنا أبو غسّان مالك بن الخليل، حدثنا أبو سليمان داود بن الحَكم حدثنا شعبة، عن عَدِي بن ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَمِعَ النداءَ فلم يأتِه، فلا صلاةَ له إلّا من عُذْر"
(3)
.
وفي الشواهد لشعبة فيه متابعاتٌ مُسنَدة، فمنها:
(1)
قُراد أبو نوح: هو عبد الرحمن بن غزوان المذكور في السند آنفًا، وهو مع ثقته له ما يُنكَر كما قال الذهبي في "الكاشف"، وترجيح المصنف روايته ورواية هشيم على روايات غيرهما من ثقات أصحاب شعبة كما سبق تساهلٌ منه رحمه الله.
(2)
صحيح موقوفًا، وهذا إسناد محتمل للتحسين على خلاف في رفعه ووقفه والموقوف أصح كما سبق، سوَّار بن سهل روى عنه أبو داود في "حديث مالك"، وقال لما سأله أبو عبيد الآجري عنه: لو لم أثق به ما رويت عنه وقال ابن حبان في "ثقاته": يُغرِب، وقال المِزّي فيما نقله عنه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (1128): لا يُعرَف، وقال الذهبي في "الكاشف": لا يدرى من هو والظاهر أنه صدوق، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق. قلنا: ومن فوقه ثقات، وسعيد ابن عامر - وهو الضُّبَعي البصري - على ثقته قال أبو حاتم الرازي: كان في حديثه بعض الغلط.
(3)
صحيح موقوفًا كسابقه، وهذا إسناد ضعيف، أبو سليمان داود بن الحكم قال المزي فيما نقله عنه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (1128): لا يُعرَف.
815 -
ما حدَّثَناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا قيس بن أُنَيف، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا جَرِير، عن أبي جَنَاب، عن مَغْراء العَبْدِي، عن عَدِيِّ بن ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَمِعَ المنادي فلم يَمنَعْه من اتِّباعه عذرٌ، فلا صلاةَ له" قالوا: وما العذرُ؟ قال: "خوف أو مرضٌ"
(1)
.
816 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن إبراهيم الصَّيدَلاني ببغداد، حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجَرَويّ، حدثنا يحيى بن حسّان، حدثنا سليمان بن قَرْم، عن أبي جَنَاب، عن عَدِيّ بن ثابت، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سَمِعَ الصلاةَ يُنادَى بها صحيحًا من غير عُذْر، فلم يأتِها، لم يَقبَلِ اللهُ له صلاةً في غيرها" قيل: وما العذرُ؟ قال: "المرضُ والخوف"
(2)
.
ومنها:
817 -
ما أخبرَناه أبو بكر إسماعيل بن محمد الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن الفَرَج الأزرق، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا سليمان بن داود اليَمَامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاةَ لجارِ المسجد إلّا في المسجد"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أبي جناب: وهو يحيى بن أبي حيَّة الكلبي. جرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه بنحو هذا اللفظ أبو داود (551) عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد. وانظر تتمة تخريجه فيه.
(2)
إسناده ضعيف لضعف أبي جناب، وسليمان بن قرم سيئ الحفظ وقد أسقط من إسناده مغراءَ العبدي. وانظر ما قبله.
(3)
إسناده واهٍ، سليمان بن داود اليمامي - وهو أبو الجمل قال ابن معين: ليس بشيء، وضعَّفه ابن حبان، وقال الدارقطني: متروك، وقال البخاري: منكر الحديث.=
وقد صحَّت الروايةُ فيه عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حَصَين عن أبي بُردة بن أبي موسى عن أبيه: "مَن سَمِعَ النداءَ فلم يُجِبْ
…
" الحديث:
818 -
حدَّثَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن أبي حَصِين، عن أبي بُرْدة بن أبي موسى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَمِعَ النِّداءَ فارغًا صحيحًا فلم يُجِبْ، فلا صلاةَ له"
(1)
.
= وأخرجه البيهقي 3/ 57 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1553)، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(693) من طريق محمد بن سعيد بن غالب العطار، عن يحيى بن إسحاق، به.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند الدارقطني (1552) ومن طريقه ابن الجوزي (694)، وإسناده ضعيف ليِّن.
وعن عائشة عند ابن حبان في "المجروحين" 2/ 94، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(695)، وإسناده ضعيف جدًّا.
وعن علي موقوفًا عند عبد الرزاق (1915)، وابن أبي شيبة 1/ 345، والبيهقي 3/ 57، وسنده ضعيف أيضًا.
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 31: حديث "لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد" مشهور بين الناس، وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت.
(1)
صحيح موقوفًا، أبو بكر بن عياش لا بأس به لكنه لما كبر ساء حفظُه، وقد تابعه على رفعه قيسُ بن الربيع، وهو ضعيف عند المخالفة، وقد خولفا في رفعه كما سيأتي، وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (5610): روي عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا وموقوفًا والموقوف أصحُّ. أبو حَصين: هو عثمان بن عاصم الأسدي.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 174 من طريق أبي جعفر الرزاز، عن إسماعيل القاضي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي الأعرابي في "معجمه"(1056) من طريق يحيى الحمّاني، عن قيس بن الربيع وأبي بكر بن عياش، والبزار (3157) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما عن أبي حصين، به.=
819 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أخبرنا العباس بن الفضل الأَسْفاطي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زائدة، حدثنا السائب بن حُبَيش
(1)
، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعمَري، عن أبي الدَّرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا في بَدْوٍ لا تقامُ فيهم الصلاةُ، إلّا قد استَحوذَ عليهم الشيطانُ"، فعليك بالجماعة
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
= وخالفهما مِسعرُ بن كِدام فيما أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 345، وابن المنذر في "الأوسط"(1889)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 3/ 342، والبيهقي 3/ 174 فرواه عن أبي حَصِين، عن أبي بُرْدة بن أبي موسى، عن أبيه موقوفًا عليه. وهذا إسناد صحيح، مسعر ثقة ثبت.
وأخرجه كذلك موقوفًا البزار (3158) من طريق حفص بن جُميع، عن سماك بن حرب، عن أبي بردة، عن أبي موسى، وحفص ضعيف.
وأخرجه موقوفًا أيضًا البيهقي 3/ 174 من طريق زائدة بن قدامة، عن أبي حصين، عند أبي بكر بن أبي بردة، عن أبي موسى. وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنَّ البيهقي قال: كذا قال: عن أبي بكر بن أبي بردة، ولا أراه إلّا وهمًا.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى جبير، وسيأتي على الصواب عند المصنف في الموضعين الآتيين للحديث.
(2)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل السائب بن حبيش. زائدة: هو ابن قدامة.
وأخرجه أبو داود (547) عن أحمد بن يونس، بهذ الإسناد.
وأخرجه أحمد 36/ (21710) و (21711) و 45 / (27514)، والنسائي (922)، وابن حبان (2101) من طرق عن زائدة بن قدامة، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (859) و (3838).
وأخرجه بنحوه أحمد (27513) من طريق عبادة بن نُسي، عن أبي الدرداء، وفيها ذكرٌ لمعدان بن أبي طلحة.
قوله: "استحوذ عليهم الشيطان" أي: استولى وغلب.
وقوله: "عليك بالجماعة" فسَّره السائب بن حبيش عند غير المصنف فقال: يعني الصلاة في الجماعة.
820 -
حدثني أحمد بن منصور بن عيسى الحافظ المزكِّي، بالطابَرَانِ، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا علي بن سهل الرَّمْلي، حدثنا زيد بن أبي الزَّرقاء، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن ابن أمِّ مكتوم قال: قلت: يا رسول الله إنَّ المدينة كثيرةُ الهَوَامِّ والسِّباع، قال:"تسمعُ: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح؟ " قال: نعم، قال:"فحيَّ هَلَا"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، إن كان ابن عابس سَمِعَ من ابن أمِّ مكتوم.
وله شاهد بإسناد صحيح:
821 -
أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد
(2)
بن يونس الضَّبِّي، حدثنا يحيى بن أبي بُكَير، حدثنا أبو جعفر الرازي، حدثنا حُصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شدَّاد، عن ابن أمِّ مكتوم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استَقبَل الناسَ في صلاة العشاء فقال: "لقد هَمَمتُ أن آتِيَ هؤلاءِ الذين يتخلَّفون عن هذه الصلاة فأُحرِّقَ عليهم بيوتَهم"، فقام ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله، لقد علمتَ ما بي، وليس لي قائد، قال:"أتسمعُ الإقامةَ؟ " قال: نعم، قال:"احضُرْها" قال: يا رسول الله، إنَّ بيني وبينها نخلًا وشجرًا، وليس لي قائد، قال:"أتسمعُ الإقامة؟ " قال:
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، عبد الرحمن بن عابس لم يسمع من ابن أم مكتوم، بينهما فيه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو الآخر لم يسمع منه. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أبو داود (553)، والنسائي (926) عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، عن أبيه، بهذا الإسناد - لكن بذكر عبد الرحمن بن أبي ليلى فيه.
وأخرجه كذلك النسائي (926) من طريق قاسم بن يزيد عن سفيان، به. وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (6818).
ويشهد له حديث أبي هريرة عند مسلم (653).
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى محمد، والتصويب من "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر 10/ 572. وأحمد بن يونس هذا له ترجمة في "تاريخ بغداد" 6/ 473، وهو من الثقات.
نعم، قال:"فاحضُرْها"، ولم يُرخِّص له
(1)
.
وله شاهد آخر من حديث عاصم بن بَهْدلة:
822 -
أخبرَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي.
وحدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا أبو خَليفة؛ قالا: حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمّاد، عن عاصم بن بَهدَلة، عن أبي رَزيِنٍ، عن ابن أمِّ مكتوم: أنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنِّي رجلٌ ضريرُ البصر، شاسعُ الدار، وليس لي قائدٌ يُلائمني، فهل لي رُخصةٌ أن أصلِّيَ في بيتي؟ قال:"هل تسمعُ النِّداء؟ " قال: نعم، قال:"لا أجدُ لك رخصةً"
(2)
.
823 -
حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار وأبو العباس عبد الله بن الحسين
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله من أجل أبي جعفر الرازي: وهو عيسى بن أبي عيسى، وقد توبع.
فقد أخرجه أحمد 24/ (15491) من طريق عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن حصين بن عبد الرحمن - وهو السُّلمي - بهذا الإسناد. وعبد العزيز من الثقات.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، أبو رزين - واسمه مسعود بن مالك الأسدي - لم يسمع من ابن أم مكتوم فيما قاله يحيى بن معين. أبو خليفة: هو الفضل بن الحباب، وحماد: هو ابن زيد.
وأخرجه أبو داود (552) عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 24/ (15490) من طريق شيبان النحوي، وابن ماجه (792) من طريق زائدة بن قدامة كلاهما عن عاصم بن أبي النجود - وهو ابن بهدلة - به. وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (6819 - 6821).
وخالف إبراهيم بن طهمان كما سيأتي عند المصنف برقم (6818) فرواه عن عاصم عن زر بن حبيش عن ابن أم مكتوم، وهو وهمٌ، والمحفوظ: عاصم عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم.
القاضي، قالا: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا سعيد بن عامر؛ قالا: حدثنا شُعْبة.
وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن الحسن بن بَيَان، حدثنا عبد الله بن رجاءٍ، حدثنا شعبة.
وأخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القارئ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا محمد بن كَثير، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي بَصِير، عن أُبَيِّ بن كعب قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصبح، فقال:"أشاهدٌ فلان؟ " - لنفرٍ من المنافقين لم يَشهَدوا الصلاة - ثمَّ قال: "إنَّ هاتين الصلاتين من أثقَلِ الصلواتِ على المنافقين، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوْهما ولو حَبْوًا"؛ يعني: صلاة العشاء والصبح. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصفِّ المقدَّمِ، فإنه مثلُ صفِّ الملائكة، ولو تعلمون ما فيه لابتَدَرتُموه". وقال: "صلاتك مع الرجل أَزْكَى من صلاتِك وحدَك، وصلاتُك مع الرجلين أَزكَى من صلاتِك مع الرجل، وما أكثرتَ فهو أحبُّ إلى الله عز وجل"
(1)
.
(1)
حديث حسن، وهذا إسناد محتمل للتحسين عبد الله بن أبي بصير تابعيٌّ انفرد بالرواية عنه أبو إسحاق، ووثقه ابن حبان والعجلي، وقد تابعه أبوه أبو بصير عن أبي بن كعب كما وقع في بعض الروايات عن شعبة الآتية برقم (828 - 830)، وصحح الحديثَ غير واحدٍ من أئمة هذا الشأن كما سيأتي عند المصنف، ونقل ابن الملقِّن في البدر المنير 4/ 383 - 384 تصحيحه عن العُقيلي وانتهى هو أيضًا إلى تصحيحه. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السَّبيعي.
وأخرجه أحمد 35 / (21265)، وأبو داود (554)، وابن حبان (2056) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
ويشهد لقوله: "أنَّ هاتين الصلاتين
…
" إلى قوله: "لابتدرتموه" حديث أبي هريرة عند البخاري (615) و (654) و (657)، ومسلم (437) و (439) و (651)(252).
ولقوله: "صلاتك مع الرجل أزكى .. إلخ" حديث قَباث بن أَشْيم الآتي عند المصنف برقم (6771).
وروي عن غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمسٍ وعشرين درجة أو "بسبع وعشرين"، انظر "صحيح البخاري" (645) و (646)، و "صحيح مسلم" (649) و (650).
هكذا رواه الطبقةُ الأولى من أصحاب شعبة: يزيد بن زُرَيع ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مَهْدي ومحمد بن جعفر وأقرانُهم، وهكذا رواه سفيان بن سعيد عن أبي إسحاق:
824 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا سفيان.
وحدثنا أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا إبراهيم بن علي التِّرمِذي، حدثنا عبد الصمد بن حسّان، حدثنا سفيان.
وحدثنا علي بن حَمْشاذَ العدل، حدثنا يزيد بن الهيثم، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدثنا الأشجَعي، عن سفيان.
وحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا أبو سفيان صالح بن مِهْران حدثنا النعمان بن عبد السلام، عن سفيان.
وأخبرنا أبو زكريا العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا وَكِيع عن سفيان.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، حدثنا أحمد بن علي بن بِشْر، حدثنا لُوَيْن، حدثنا عبد الرزاق، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي بَصِير، عن أُبيِّ بن كعب، قال صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الفجر، فلما صلَّى قال:"أشاهِدٌ فلانٌ؟ "؛ فذكروا الحديث نحو حديث شعبة
(1)
.
وهكذا رواه زهير بن معاوية ورَقَبة بن مَسْقَلة ومطرِّف بن طَريف وإبراهيم بن
(1)
حديث حسن كسابقه. أبو حذيفة هو موسى بن مسعود النَّهدي، والأشجعي: هو عبيد الله بن عبيد الرحمن، ولوين: هو محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي ولوين لقبه.
وأخرجه أحمد 35 / (21266) عن وكيع، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
طَهُمان وغيرهم عن أبي إسحاق
(1)
ورواه عبد الله بن المبارَك عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بِصِير عن أُبيِّ بن كعب:
825 -
أخبرَناه الحسن بن حَلِيم، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، فذكره
(2)
.
وهكذا قال إسرائيل بن يونس وأبو حمزة السُّكَّري وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وجَرِير بن حازم، كلهم قالوا: عن أبي إسحاق عن أبي بَصِير عن أُبيٍّ
(3)
، وقال أبو بكر بن عيَّاش وخالد بن ميمون وزيد بن أبي أُنيسة وزكريا بن أبي زائدة ويونس بن أبي إسحاق: عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بَصِير عن أُبيِّ بن كعب
(4)
، وقيل: عن سفيان الثَّوْري عن أبي إسحاق عن العَيْزار بن حُريث عن أبي بَصِير عن أُبيِّ بن كعب.
(1)
رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عند أحمد 35 / (21269)، وفيها: عن عبد الله بن أبي بصير، عن أبيه، عن أُبي بن كعب.
ورواية إبراهيم بن طهمان عند البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 61. وممَّن رواه كذلك عن أبي إسحاق الأعمشُ فيما أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" (21268).
أما روايتا رقبة ومطرف فلم نقف عليهما مسندتين فيما بين أيدينا من المصادر.
(2)
أخرجه من هذا الطريق البيهقي 3/ 68 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد وأبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي.
(3)
رواية المسعودي عند البيهقي 3/ 102، ورواية جرير بن حازم عند أحمد (21271)، ورواية إسرائيل عند يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 641، وذكرها البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 51 تعليقًا، وأما رواية أبي حمزة السكري فلم نقف عليها مسندةً.
(4)
رواية خالد بن ميمون عند الدارمي (1308)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 641، والطبراني في (الأوسط)(4774) و "مسند الشاميين"(1304)، ورواية يونس بن أبي إسحاق عند ابن خزيمة (1553)، والضياء في "الأحاديث المختارة"(1195 - 1196)، ورواية زكريا بن أبي زائدة وأبي بكر بن عياش ذكرهما البخاري في "تاريخه" 5/ 51 تعليقًا، لكن في بعض هذه المصادر: أبو إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه عن أُبي. وأما رواية زيد بن أبي أنيسة فلم نقف عليها.
أما حديث الثَّوري:
826 -
فحدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا جعفر بن موسى النَّيسابوري ببغداد، حدثنا علي بن بكَّار المِصِّيصي، حدثنا أبو إسحاق الفَزَاري، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن العَيْزار بن حريث، عن أبي بَصِير قال: قال أُبيُّ بن كعب: صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ الغَدَاةَ، فلمَّا سلَّمَ قال:"أشاهدٌ فلانٌ؟ " فذكر الحديث
(1)
.
وأما حديث أبي الأحوَص:
827 -
فأخبرَناه عبد الله بن محمد الصَّيدلاني، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو الأحوَص، عن أبي إسحاق، عن العَيْزار بن حُرَيث، عن أبي بَصِير قال: قال أُبيُّ بن كعب: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الفجر
…
ثمَّ ذكر الحديث
(2)
.
فقد اختلفوا في هذا الحديث على أبي إسحاق من أربعة أوجهٍ، والرواية فيها عن أبي بَصِير وابنه عبد الله كلُّها صحيحة، والدليل عليه روايةُ خالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ العَنبَري ويحيى بن سعيد عن شعبة.
(1)
حديث حسن كما سبق، وذكر العيزار بن حريث فيه بين أبي إسحاق وأبي بصير وهمٌ لعله من علي بن بكّار، والمحفوظ عن سفيان - وهو الثوري - عدمُ ذكره في الإسناد، والعيزار ثقة. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 321 من طريق علي بن بكار، بهذا الإسناد.
(2)
حديث حسن كسابقه، وذكر العيزار فيه شذوذ، فقد انفرد بذكره أبو الأحوص - وهو سلّام بن سُليم - من بين أصحاب أبي إسحاق السَّبيعي، وقال محمد بن يحيى الذُّهلي فيما نقله البيهقي 3/ 68: هذه الروايات محفوظة، من قال: عن أبيه، ومن لم يقل؛ خلا حديث أبي الأحوص ما أدري كيف هو.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" 35 / (21273) عن أبي بكر بن أبي شيبة - وقرن به خلفَ بن هشام البزار - بهذا الإسناد.
أما حديث خالد بن الحارث:
828 -
فحدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، أنه أخبرهم عن عبد الله بن أبي بَصِير، عن أبيه - قال شعبة: قال أبو إسحاق: وقد سمعتُه منه ومن أبيه - قال: سمعت أُبيَّ بن كعب يقول: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، وذكر الحديث
(1)
.
وأما حديث معاذ بن معاذ:
829 -
فأخبرني أبو بكر بن عبد الله بن قُريش، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا عُبيد الله بن معاذ، حدثنا أَبي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي بَصِير؛ قال شعبة: قال أبو إسحاق: قد سمعتُه منه ومن أبيه عن أُبيِّ بن كعب قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصبح، فذكر الحديث
(2)
.
وأما حديث يحيى بن سعيد:
830 -
فأخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى الخازن، حدثنا إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، حدثنا محمد بن خلَّاد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إسحاق، عن عبد الله بن أبي بَصِير؛ قال شعبة: قال أبو إسحاق: قد سمعتُه منه ومن أبيه عن أُبيِّ قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبحَ، وذكر الحديث
(3)
.
(1)
حديث حسن.
وأخرجه ابن حبان (2057) عن أبي خليفة الفضل بن الحُباب عن عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الله بن أحمد 35 / (21267)، والنسائي (919) من طريقين عن خالد بن الحارث، به.
(2)
أخرجه الشاشي في "مسنده"(1506)، والبيهقي 3/ 68 من طريقين عن عبيد الله معاذ، بهذا الإسناد.
(3)
أخرجه البيهقي 3/ 68 من طريق محمد بن أبي بكر المقدَّمي، عن يحيى بن سعيد - وقرن به خالد بن الحارث - بهذا الإسناد.=
وقد حَكَمَ أئمةُ الحديث: يحيى بنُ مَعِين وعليُّ بن المَدِيني ومحمدُ بن يحيى الذُّهْلي وغيرُهم لهذا الحديث بالصِّحة.
1/ 830 - سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّورِيَّ يقول: سمعت يحيى بنَ مَعين يقول: حديث أبي إسحاق عن أبي بَصِير عن أُبيِّ بن كعب هذا يقوله زهيرُ بن معاوية، وشعبةُ يقول: عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بَصِير وعن أبيه عن أُبيِّ بن كعب، فالقول قولُ شعبة، وهو أثبتُ من زهير.
2/ 830 - أخبرنا الحسن بن محمد المِهْرجاني، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البَرَاء، حدثنا علي بن المَدِيني، في حديث أُبيِّ بن كعب: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبحَ فقال: "أشاهدٌ فلانٌ؟ ": رواه أبو إسحاق عن شيخ لم يسمع منه غيرَ هذا، وهو عبد الله بن أبي بَصِير، وقد قال شعبة عن أبي إسحاق: إنه سمع من أبيه ومنه، وقال أبو الأحوص عن أبي إسحاق: عن العَيْزار بن حُرَيث، وما أرى الحديثَ إِلّا صحيحًا.
3/ 830 - سمعت أبا بكر بن إسحاق الفقيه يقول: سمعت إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي يقول: سمعت عليَّ بن المَدِيني يقول: قد سَمِعَ أبو إسحاق من عبد الله بن أبي بَصيِر ومن أبيه أبي بَصِير.
4/ 830 - حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال: سمعت عبد الله بن محمد المديني يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: روايةُ يحيى بن سعيد وخالد بن الحارث عن شعبة، وقولُ أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن العَيْزار بن حُريث، كلُّها محفوظة.
فقد ظَهَرَ بأقاويل أئمة الحديث صحةُ الحديث، وأما الشيخان فإنهما لم يُخرجاه لهذا الخلاف!
= وأخرجه ابن خزيمة (1477) عن بندار محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد - وقرن به محمد بن جعفر - به. إلّا أنه لم يذكر فيه قول شعبة عن أبي إسحاق.
831 -
أخبرني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْراني، حدثنا جدِّي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن إبراهيم قال: سمعت سَلَمةَ بن الأكوع يقول: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلت: أكونُ في الصيد وليس عليَّ إلّا قميصٌ واحد، أو جُبَّة واحدة، فأشُدُّه - أو قال: أزرُّه -؟ قال: "نعم، ولو بشَوْكةٍ"
(1)
.
هذا حديث مَدِيني صحيح، فإنَّ موسى هذا هو ابن إبراهيم التَّيْمي، أخو محمد
(2)
ولم يخرجاه.
832 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله المُخرِّمي
(3)
، حدثنا سعيد بن محمد الجَرْمي، حدثنا أبو تُمَيلة يحيى بن واضح، حدثنا أبو المُنِيب، عن عبد الله بن بُرَيْدَة، عن أبيه قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن يُصلَّى
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه أبو داود (632)، وابن حبان (2294) من طريقين عن عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوردي - بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 27/ (16520) و (16522) و (16547)، والنسائي (843) من طريق عطّاف بن خالد، عن موسى بن إبراهيم به.
(2)
هذا وهمٌ من المصنف رحمه الله، فإنَّ موسى بن إبراهيم هذا الذي يروي عن سلمة بن الأكوع وصرَّح بسماعه منه: هو موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي، قد جاء التصريح بنسبه في غير ما رواية، وقد ذكر محمد بن عثمان بن أبي شيبة في "سؤالاته" لابن المديني (102): أنه سأل عليَّ بن المديني عن موسى بن إبراهيم الذي كان يروي عن سلمة بن الأكوع فقال: كان صالحًا وسطًا. وأما التيمي الذي ذهب وهمُ الحاكم إليه: فهو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، فلم يدرك سلمة، وهو شيخ ضعيف الحديث، وقد فرَّق بينهما أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في ترجمة موسى بن إبراهيم المخزومي من "الجرح والتعديل" 8/ 133.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى المخزومي، والتصويب من "إتحاف المهرة" 2/ 565، ومن مصادر ترجمته، فله ترجمة في "تاريخ بغداد 7/ 40 و "سير أعلام النبلاء" 14/ 196، والمخرِّمي: نسبة إلى المخرِّم، مَحَلَّة ببغداد، وذكره في هذه النسبة السمعانيُّ في كتابه "الأنساب".
في لحافٍ لا يُتوَشَحُ به، ونهى أن يُصلِّيَ الرجلُ في سراويلَ وليس عليه رداءٌ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، واحتجَّا بأبي تُمَيلة، وأما أبو المُنِيب المروَزي فإنه عُبيد الله بن عبد الله العَتَكي
(2)
من ثِقات المَراوِزة وممَّن يُجمَع حديثه في الخُراسانيين.
833 -
أخبرنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا محمد بن نُعَيم، حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن زيد بن قُنفُذ، عن أمِّه
(3)
، عن أم سلمة: أنها سأَلَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أتصلِّي المرأة في دِرْعٍ، وخِمار ليس عليها إزار؟ قال:"إذا كان الدِّرعُ سابغًا يُغطِّي ظُهورَ قَدَميها"
(4)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
(1)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي المنيب.
وأخرجه أبو داود (636) عن محمد بن يحيى الذُّهلي عن سعيد بن محمد الجرمي، بهذا الإسناد. وسيأتي بأطول ممّا هنا برقم (7907)، وذكرنا شواهده هناك.
(2)
في (ز): عبيد الله بن عبيد العتكي، وهو خطأ، والتصويب من (ص) و "إتحاف المهرة" 2/ 564.
(3)
في النسخ الخطية عن أبيه، وهو تحريف، والتصويب من "إتحاف المهرة" 18/ 224 ومن "السنن الكبرى" للبيهقي 2/ 233 حيث رواه عن المصنف بهذا الإسناد، وكذلك وقع عند أبي داود في "سننه"(640) حيث رواه عن مجاهد بن موسى بهذا الإسناد، واسم أمِّه أم حرام وقع التصريح به في رواية إسماعيل بن جعفر كما في "أحاديثه" لعلي بن حُجْر السعدي (445) - ومن طريقه ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 739 - عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن أم حرام أنها سألت أم سلمة
…
فذكره موقوفًا، ورواه مالك بن أنس عن محمد بن زيد فقال فيه أيضًا: عن أمه، ووقفه أيضًا، أخرجه أبو داود (639).
(4)
صحيح موقوفًا، وهذا إسناد فيه ضعف، عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار فيه لِين، وقد خولف في رفع هذا الحديث، خالفه جمع من الثقات منهم مالك عند أبي داود (639) فأوقفوه على أم سلمة، وهو الصواب كما قال الدارقطني في "العلل" 15/ 251 (4000).
والمرفوع أخرجه أبو داود (640) عن مجاهد بن موسى، بهذا الإسناد.
834 -
أخبرني يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد التَّميمي، حدثنا زيد بن أسلمَ قال: رأيتُ ابنَ عمر يصلِّي محلولٌ إزارُه، فسألتُه عن ذلك فقال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعلُه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
835 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذ، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حَجَّاج بن مِنْهال، حدثنا حمّاد، عن قَتَادة، عن محمد بن سِيرِينَ، عن صفيَّة بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تُقبَلُ صلاةُ حائض إلّا بخِمَار"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وأظنُّ أنه لخلافٍ فيه على قتادةَ
(3)
.
836 -
أخبرَناه الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادة عن الحسن، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُقبلُ صلاةُ حائضٍ إلا بخِمَار"
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف، زهير بن محمد رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة وهذا منها، وقد ذكر هذا الحديث الترمذيُّ في "العلل الكبير"(713) ونقل إعلاله عن محمد - وهو البخاري -.
وأخرجه ابن حبان (5453) عن محمد بن الحسن بن قتيبة، عن صفوان بن صالح، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده قوي. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه أبو داود (641) عن محمد بن المثنى، عن حجاج بن منهال، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 42 / (25167) و 43 / (25833) و (25834) و (26226)، وابن ماجه (655)، والترمذي (377)، وابن حبان (1711) و (1712) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وتابع حمادَ بن سلمة عليه حمادُ بن زيد عند ابن حزم في "المحلى" 3/ 219.
قوله: "صلاة حائض" يريد المرأة التي بلغت سنَّ المحيض، والخِمار غطاء الرأس.
(3)
انظر تفصيل هذا الخلاف في التعليق على "مسند أحمد" 41/ (24646).
(4)
قوي بما قبله، وهذا إسناد مرسل. سعيد: هو ابن أبي عروبة، والحسن: هو ابن أبي الحسن =
837 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عمرو بن يحيى عمرو بن يحيى الأنصاري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرضُ كلُّها مسجدٌ إِلَّا الحمَّامَ والمَقبُرةَ"
(1)
.
تابعه عبدُ العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى:
838 -
أخبرَناه عبد الله بن محمد الصَّيدَلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن موسى، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا عمرو بن يحيى بن عُمَارة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلّا الحمَّامَ والمَقبُرةَ"
(2)
.
= البصري، تابعي وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة.
وأخرجه البيهقي 2/ 233 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (18/ (11919)، وأبو داود (492)، وابن حبان (1699) و (2316) و (2321) من طرق عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (11784) من طريق محمد بن إسحاق، وأحمد (11788) و (11789)، وأبو داود (492)، وابن ماجه (745) من طريق حماد بن سلمة، وأحمد (11788)، وابن ماجه (745) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن عمرو بن يحيى بن عمارة، به - إلّا أنَّ سفيان لم يذكر فيه أبا سعيد الخدري وجعله من رواية يحيى بن عمارة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وقال فيه ابن إسحاق:"مسجد وطهور" بزيادة "وطهور" وهي زيادة شاذَّة. وانظر الكلام على رواية سفيان المرسلة في التعليق على الحديث عند أحمد (11784).
(2)
إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد: وهو الدَّراوَرْدي. إبراهيم بن موسى: هو ابن يزيد التميمي أبو إسحاق الفرّاء الرازي، ومحمد بن أيوب: هو ابن الضُّرَيس.
وأخرجه الترمذي (317) من طريقين عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وأعلَّه بالاضطراب ورجَّح رواية سفيان الثوري المرسلة التي أشرنا إليها في تخريج الحديث السابق، لكن الصواب رواية غيره المتصلة، والله تعالى أعلم.
وقد تابع عُمارة بن غَزِيَّةَ عمرو بنَ يحيى على روايته عن أبيه يحيى بن عُمَارة:
839 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا بِشْر بن المفضَّل، حدثنا عُمَارة بن غَزِيَّةَ، عن يحيى بن عُمَارة الأنصاري، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرضُ كلُّها مسجدٌ إِلَّا الحمّامَ والمَقبُرةَ"
(1)
.
هذه الأسانيد كلُّها صحيحةٌ على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.
840 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا أبو بكر الحَنَفي، حدثنا الضحَّاك بن عثمان، حدثني صَدَقة بن يَسَار، سمعتُ ابنَ عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُصلُّوا إلّا إلى سُتْرة، ولا تَدَعْ أحدًا يمرُّ بين يديكَ، فإن أَبَى فقاتِلْه فإنَّ معه القرينَ"
(2)
.
هذا حديث على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
841 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا عِمْران بن موسى الجُرْجاني، حدثنا إبراهيم بن المنذِر الحِزَامي، حدثنا سفيان بن عُيَينة.
وحدثني علي بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، حدثني صفوان بن سُلَيم، عن نافع بن جُبير بن مُطعِم، عن سهل بن أبي حَثْمة
(1)
إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري.
وأخرجه البيهقي 2/ 314 عن الحاكم محمد بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (792) عن بشر بن معاذ، عن بشر بن المفضَّل، به.
(2)
إسناده قوي من أجل الضحاك بن عثمان. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد.
وأخرجه مسلم (506) عن إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه -، وابن حبان (2362) و (2369) من طريق محمد بن بشار، كلاهما عن أبي بكر الحنفي، بهذا الإسناد. ولم يسق مسلم لفظه وأحال على لفظ سابق ليس فيه "لا تصلُّوا إلّا إلى سترة".
وأخرجه أحمد (9/ 5585)، ومسلم (506)(260)، وابن ماجه (955)، وابن حبان (2370) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك، عن الضحاك بن عثمان، به - دون ذكر السُّترة.
قوله: "فقاتِلْه" المراد بالمقاتلة هنا الدَّفْع أشدَّ الدفع، وليس القتال حقيقةً.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّى أحدُكم فليصلِّ إلى سُتْرِةٍ وليَدْنُ منها، لا يَقطَعِ الشيطانُ عليه صلاته"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
842 -
حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن المنصوري، حدثنا يحيى بن محمد بن البَخَتري، حدثنا عُبيد الله بن معاذ بن معاذ، حدثنا أَبي، حدثنا الأشعَثُ، عن محمد، عن عبد الله بن شَقِيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلِّي في شُعُرِنا أو لُحُفِنا. قال عُبيد الله: شكّ أَبي
(2)
.
(1)
إسناده صحيح ابن أبي عمر: هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 26/ (16090)، وأبو داود (695)، والنسائي (826)، وابن حبان (2373) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. الأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمْراني، ومحمد: هو ابن سيرين.
وأخرجه أبو داود (367) و (645) عن عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (2336) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، عن معاذ بن معاذ، به.
وأخرجه الترمذي (600)، والنسائي (9722) و (9723) من طرق عن أشعث، به وذكر فيه اللُّحُف وليس الشُّعُر.
وأخرجه أحمد 41/ (24698) من طريق سلمة بن علقمة، وأبو داود (368) من طريق هشام - وهو ابن حسان - كلاهما عن محمد بن سيرين، عن عائشة. وقال سلمة عن ابن سيرين نُبِّئت عن عائشة، وذكر فيه الشُّعُر، وهشام ذكر فيه اللُّحُف.
والشُّعُر: جمع شِعار، وهو الثوب الذي يلي البَدَن، واللُّحُف: جمع لِحاف، وهو اسم لما يُلتحَف به.
وإنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أن يكون أصابها شيء من دم الحيض.
تنبيه: أخرج ابن حبان هذا الحديث في "صحيحه"(2330) عن أبي خليفة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن أشعث بن سوَّار، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في لحفنا. فغُيِّر في المطبوع "قال: حدثنا أبي قال: حدثنا معاذ بن معاذ" إلى: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي معاذ بن معاذ، وهو وهمٌ بحجَّة أنَّ الحُبَاب والد أبي خليفة - واسمه الفضل بن الحباب - لا تعرف له رواية، والصواب ما في أصل ابن حبان، وقد ذكر هو في "ثقاته" 8/ 217 الحباب والد أبي خليفة وقال: حدثنا عنه ابنه الفضل بن الحباب.=
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.
843 -
حدثنا
(1)
أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن القاسم الأَسَدي، حدثني ثَوْر بن يزيد، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن يزيد بن جابر
(2)
، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُجزِئُ من السُّتْرة مثلُ مُؤْخِرةِ الرَّحْل ولو بدِقَّةِ شَعرةٍ"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين! ولم يُخرجاه مفسَّرًا بذِكْر دِقَّة الشَّعر.
844 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا حَرمَلة بن عبد العزيز بن الرَّبيع بن سَبْرة بن مَعبَد، عن أبيه، عن جدِّه
(4)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليَستُرْ أحدُكم صلاتَه ولو بسَهْم"
(5)
.
= قلنا: وقد أخطأ الحباب في روايته هذه في موضعين: الأول: أنه سمَّى الراوي عن محمد بن سيرين أشعثَ بن سوَّار - وهو ضعيف - والصواب أنه أشعث بن عبد الملك الحمراني الثقة، وقد جاء مسمًّى على الصواب في رواية الترمذي. الثاني: أنه قال فيه: "يصلي" بالإثبات، والصواب: لا يصلي بالنفي كما في رواية الثقات.
(1)
زاد قبله في المطبوع: حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن المنصوري، وهو إقحام لا يصح.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: جارية، والصواب أنه جابر، فيزيد بن جابر هذا هو والد يزيد بن يزيد الراوي هنا عن مكحول، وكل من خرَّجه ذكره على الصواب، وانظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر 65/ 135 و 137.
(3)
إسناده واهٍ، محمد بن القاسم الأسدي متروك، وكذَّبه أحمد والدارقطني.
وأخرجه ابن خزيمة (808)، والطبراني في "مسند الشاميين"(496) و (3588)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 249 - 250، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 65/ 135 من طريق محمد بن معمر، عن محمد بن القاسم الأسدي، بهذا الإسناد.
وفي باب السُّترة مما يغني عن هذا الحديث حديث طلحة عند مسلم (499) رفعه: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصلِّ، ولا يبالِ مَن مَرَّ وراء ذلك". وحديث عائشة عنده أيضًا (500) قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سترة المصلِّي، فقال:"مثل مؤخرة الرحل".
(4)
هكذا وقع في النسخ الخطية، وظاهر الإسناد على هذا إما منقطع أو مرسل، فإنَّ عبد العزيز = ابن الربيع لا تعرف له رواية إلَّا عن أبيه الربيع، والربيع بن سبرة متفق على أنه تابعي ولم يذكر له أحدٌ صحبةً، لكن رواه البيهقي في "سننه" 2/ 270 عن المصنف أبي عبد الله الحاكم وآخرين معه عن محمد بن يعقوب، فقال فيه عن حرملة بن عبد العزيز: حدثني عمِّي عن أبيه عن جده، بزيادة "حدثني عمي" وهو عبد الملك بن الربيع بن سبرة، فبذلك يتصل الإسناد، والحديث معروف بروايته عن أبيه الربيع بن سبرة عن سبرة بن معبد الصحابي، فلعلَّه سقط من إسناد المصنف هنا "حدثني عمِّي"، والله تعالى أعلم. وعبد الملك هذا قد ضعَّف أحاديثه يحيى بن معين، وذكره ابن حبان في "المجروحين" 2/ 132 وقال: منكر الحديث جدًّا، يروي عن أبيه ما لم يتابع عليه. ومع ذلك وثقه العجلي والذهبي في "الكاشف"، والراجح أنه يعتبر به في المتابعات والشواهد، ضعيف عند التفرد.
(5)
إسناده فيه لِينٌ لما سبق.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(6540) من طريق عمرو بن خالد الحراني، والبيهقي 2/ 270، والبغوي في "شرح السنة"(502) من طريق محمد بن هشام بن ملّاس، كلاهما عن حرملة بن عبد العزيز، عن عمِّه عبد الملك، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحسَّنه البغوي.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُركَز له الحَرْبة فيصلي إليها، أخرجه البخاري (498) ومسلم (501) من حديث ابن عمر.
845 -
حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أحمد بن يونس.
وأخبرنا أبو العباس السَّيّاري بمَرْو وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد البخاري بنيسابور، قالا: حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عبدانُ.
وحدثنا أحمد بن الليث الكَرْمِيني، حدثنا محمد بن الضَّوْء، حدثنا محمد بن أبي رجاء ومحمد بن عثمان العُثْماني؛ قالوا: حدثنا إبراهيم بن سَعْد، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن الربيع بن سَبْرة الجُهَني
(2)
، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استَتِروا في صلاتكم ولو بسَهْم"
(3)
.
(2)
هكذا وقع في النسخ الخطية، ولا يعرف في الرواة من اسمه هكذا، وإنما هو عبد الملك بن الربيع بن سبرة، وهو أخو عبد العزيز، والحديث معروف به.
(3)
إسناده فيه لِينٌ كسابقه. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. =
هذا صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
846 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى - يعني ابن سعيد - عن ابن أبي ذِئْب، عن عبد الرحمن بن مِهْران، عن عبد الرحمن بن سعد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأبعدُ فالأبعدُ من المسجد أعظمُ أجرًا"
(1)
.
هذا حديث صحيح رواته مدنيُّون، ويحيى بن سعيد: هو الإمامُ في انتقاد الرجال، ولم يُخرجاه إذ لم يُرْوَ بغير هذا الإسناد.
847 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية، عن هلال بن ميمون
(2)
، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاةُ في الجماعةِ تَعدِلُ خمسًا وعشرين صلاةً، فإذا صلَّاها في الفَلَاةِ فأتمَّ ركوعَها وسجودَها، بَلَغَت خمسين صلاةً"
(3)
.
= وأخرجه أحمد 24/ (15340) عن زيد بن الحباب، و (15342) عن يعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة، عن أبيه، عن جده. وانظر ما قبله.
(1)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن مهران.
وأخرجه أبو داود (556) عن مسدَّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 15/ (9531) عن يحيى بن سعيد - وهو القطان - به.
وأخرجه أحمد أيضًا 14/ (8618)، وابن ماجه (782) من طريقين عن ابن أبي ذئب، به.
وفي فضل كثرة الخُطا إلى المساجد لبعد المنزل انظر حديث أنس عند البخاري (655) و (656)، وحديث جابر عند مسلم (664) و (665)، وحديث أُبي بن كعب عنده أيضًا (663).
(2)
في المطبوع: هلال بن أبي ميمونة، وهو خطأ، وهما راويان مختلفان، كما سيأتي التنبيه عليه بإثر الحديث.
(3)
حديث صحيح دون قوله: "فإذا صلَّاها في الفلاة
…
إلخ" فإنه لم يُروَ إلَّا في هذا الحديث، انفرد به هلال بن ميمون وهو صدوق كما قال الحافظان الذهبي وابن حجر، قد حسّن القولَ فيه ابنُ معين والنسائي وابن حبان، إلا أن أبا حاتم الرازي ليّنه فقال: ليس بالقوي، يُكتَب حديثه. قلنا: فهو إذًا ليس بذاك الثقة المشهور الذي يُحتَجُّ بما انفرد به، وهذا الحرف في حديثه شاذٌّ، فقد =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتَّفقا على الحُجَّة بروايات هلال بن أبي هلال، ويقال: ابن أبي ميمونة، ويقال: ابن علي، ويقال: ابن أُسامة، وكلُّه واحدٌ
(1)
.
848 -
أخبرنا أبو نَصْر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا أبو عِصْمةَ سهل بن المتوكِّل البخاري، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة القَعنَبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن طَحْلاءَ، عن مُحصِن بن علي، عن عوف بن الحارث، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن توضَّأ فأحسَنَ وُضوءَه، ثم راح فوَجَدَ الناسَ قد صَلَّوْا، أعطاه الله عز وجل مثلَ أجْرِ من صلَّاها وحَضَرَها لا يَنقُصُ ذلك من أجورِهم شيئًا"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
= روي الحديث من وجه آخر أصحّ من هذا عن أبي سعيد الخدري - من حديث عبد الله بن خبّاب الأنصاري عنه - عند أحمد 18/ (11521) والبخاري (646) وغيرهما دون هذا الحرف.
وأما حديث عطاء بن يزيد عن أبي سعيد، فقد أخرجه أبو داود (560) عن محمد بن عيسى، وابن ماجه (788) عن أبي كريب محمد بن العلاء، وابن حبان (1749) و (2055) من طريق ابن أبي شيبة، ثلاثتهم عن أبي معاوية - وهو محمد بن خازم - بهذا الإسناد. إلَّا أنَّ أبا كريب عند ابن ماجه لم يذكر فيه قوله: "فإذا صلاها في الفلاة
…
إلخ".
وقد روي نحو حديث عبد الله بن خباب عن أبي سعيد عن نحو عشرةٍ من الصحابة ذكرناها عند حديث ابن مسعود من "مسند أحمد" 6/ (3564)، وبعض هذه الأحاديث في "الصحيحين"، ولم يذكر أحدٌ في الحديث فضلَ الصلاة في الفلاة المذكور في حديث هلال بن ميمون، وهذا يدلّ على أن هذا الحرف غير محفوظ في المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.
(1)
قال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 5/ 309 متعقِّبًا الحاكم في هذا القول: هذا وهمٌ منه، فإنَّ راوي هذا الحديث لم يُختَلَف في كونه هلال بن ميمون، وهو متأخِّر الطبقة عن الذي اختُلف فيه، فإنَّ ذاك (أي: هلال بن أبي ميمونة) تابعيٌّ سمع من أنس، وهو الذي أخرج له الشيخان، وهلال بن ميمون لم يخرجا له شيئًا.
(2)
إسناده حسن من أجل محصن بن علي.
وأخرجه أبو داود (564) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 14/ (8947)، والنسائي (930) من طريقين عن عبد العزيز بن محمد الدَّراوَرْدي، به.
849 -
حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوَّام بن حَوشَب، حدثني حَبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَمنَعوا نساءَكم المساجدَ، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجَّا جميعًا بالعوَّام بن حَوشَب، وقد صحَّ سماعُ حَبيبٍ من ابن عمر
(2)
، ولم يُخرجا فيه الزيادة "وبيوتهن خير لهن".
وشاهدُه:
850 -
ما حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، أنَّ درَّاجًا أبا السَّمْح حدَّثه عن السائب مولى أم سَلَمة، عن أم سَلَمة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"خيرُ مساجدِ النساء قَعْرُ بيوتِهنَّ"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 9/ (5468)، وأبو داود (567) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (5471) عن محمد بن يزيد، عن العوام بن حوشب، به.
وقد رُوي نحوه دون قوله: "وبيوتهن خير لهن" من طرق عن ابن عمر في "الصحيحين" وغيرهما، فانظر تخريجها في "مسند أحمد" 8/ (4522) و (4556) و (4655) و (4933) و 9/ (5640).
ولقوله: "وبيوتهن خير لهن" شواهد مذكورة في التعليق على "مسند أحمد" و"سنن أبي داود"، منها الحديثان الآتيان عند المصنف.
(2)
ونصَّ على سماعه منه يحيى بن معين في "تاريخه" برواية عباس الدوري ص 373، والعجلي في "ثقاته".
(3)
حسن بشواهده، السائب مولى أم سلمة لم يرو عنه غير درَّاج أبي السمح، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، ودراج فيه ضعف لكن يُعتَبر به في المتابعات والشواهد.
وأخرجه أحمد 44/ (26542) من طريق رِشدين بن سعد - وهو ضعيف - عن عمرو بن الحارث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا (26570) من طريق ابن لَهِيعة عن دراج، به.
851 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مَهْدي بن رُسْتُم الأصبهاني، حدثنا عمرو بن عاصم الكِلَابي، حدثنا همَّام، عن قَتَادة، عن مُوَرِّق، عن أبي الأحوَص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاةُ المرأة في بيتها أفضلُ من صلاتها في حُجْرتِها، وصلاتُها في مَخدَعِها أفضلُ من صلاتها في بيتها"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وقد احتجَّا جميعًا بالمورِّق بن مُشَمرِج العِجْلي.
852 -
أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو بكر بن أبي خَيثَمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب، عن سليمان الأسود، عن أبي المتوكِّل الناجيِّ، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أبصَرَ رجلًا يصلِّي وحدَه، فقال:"ألا رجلٌ يتصدَّقُ على هذا فيصلِّيَ معه"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وسليمان الأسود هذا: هو سليمان بن سُحَيم
(3)
، قد احتَجَّ مسلم به وبأبي المتوكِّل، وهذا الحديث أصلٌ في
(1)
إسناده حسن من أجل عمرو بن عاصم: وهو أبو عثمان البصري. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، ومورِّق: هو العِجْلي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك.
وأخرجه أبو داود (570) عن محمد بن المثنى، عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد، وسليمان الأسود: هو أبو محمد الناجي، وأبو المتوكل الناجي: هو علي بن داود.
وأخرجه أبو داود (574) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 18/ (11613)، وابن حبان (2397) و (2398) من طريقين عن وهيب، به.
وأخرجه أحمد 17/ (11019) و 18/ (11408) و (11808)، والترمذي (220)، وابن حبان (2399) من طريقين عن سليمان الناجي، به. وقال الترمذي: حديث حسن.
(3)
هذا وهمٌ من الحاكم، فإنَّ سليمان بن سحيم هذا مدنيٌّ ولم يرو عنه أبي المتوكل شيئًا، فأما سليمان الأسود فإنَّ أحدًا لم يسمِّ أباه إلّا ابن حبان فقال فيه: سليمان بن الأسود، وهذا بصري بَلَديُّ أبي المتوكل.
إقامة الجماعة في المساجد مرَّتَين.
853 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبيد بن شَرِيك، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب.
وأخبرني إسماعيل بن أحمد التاجرُ - واللفظ له - حدثنا محمد بن الحسن العَسقَلاني، حدثنا حَرمَلة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن حَرمَلة، عن أبي علي الهَمْداني قال: سمعت عُقْبة بن عامر الجُهَني يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن أَمَّ قومًا فأصابَ الوقتَ، فله ولهم، ومَن انتقَصَ شيئًا، فعليه ولا عليهم"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
854 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا يعلى بن عُبيد، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همَّام: أنَّ حذيفة أَمَّ الناسَ بالمدائن على دُكّان، فأخذ أبو مسعود بقميصِه فجَذَبَه، فلما فَرَغَ من صلاته قال: ألم تَعلَمْ أنهم كانوا يَنهَونَ عن ذلك؟ - أو قال: ألم تَعلَمْ أنه كان يُنهَى عن ذلك؟ - قال: بلى، قد ذَكَرتُ حين مَدَدْتَني
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن حرملة ويحيى بن أيوب: وهو الغافقي المصري. أبو علي الهمداني: هو ثُمامة بن شُفَي.
وأخرجه أبو داود (580)، وابن حبان (2221) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 28/ (17305) و 29/ (17795)، وابن ماجه (983) من طرق عن عبد الرحمن بن حرملة، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 28/ (17401) و (17425) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي، عن أبي علي الهمداني، به. والأسلمي ضعيف.
وسيأتي الحديث برقم (867).
وانظر حديث سهل بن سعد الآتي برقم (880).
(2)
إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النَّخَعي، وهمام: =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
855 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا زياد بن عبد الله، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همَّام قال: صلَّى حذيفةُ بالناس بالمدائن فتقدَّم فوقَ دكَّانٍ، فأخذ أبو مسعود بمَجامِع ثيابِه فمَدَّه، فَرَجَعَ، فلما قَضَى الصلاةَ قال له أبو مسعود: ألم تَعلَمْ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يقومَ الإمامُ فوقُ ويبقى الناسُ خلفَه؟ قال: فلَمْ تَرَني أجبتُك حين مَدَدتَني؟
(1)
856 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّنْعاني
(2)
، حدثنا محمد بن جُعشُم، عن سفيان.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا سفيان، عن يحيى بن هانئ بن عُرْوة المُرَادي، عن عبد الحميد بن محمود قال: صلَّينا خلفَ أميرٍ من الأمراء فاضطَرَّنا الناسُ فصلَّينا ما بين سارِيتَينِ، فلما صلَّينا قال أنس بن مالك: كنا نَتَّقي هذا على عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
= هو ابن الحارث النخعي، وأبو مسعود: هو الصحابي عقبة بن عمرو.
وأخرجه أبو داود (597) من طريقين عن يعلى بن عبيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (2143) من طريق سفيان بن عيينة، عن الأعمش، به.
الدُّكَّان: الدَّكَّة، وهي المكان المرتفع يُجلَس عليه.
وقوله: "مَدَدتني" أي: مَدَدتَ قميصي وجذبته إليك.
(1)
إسناده حسن من أجل زياد بن عبد الله: وهو البكّائي. وانظر ما قبله.
(2)
تحرَّف في نسخنا الخطية غير (ز) إلى: الصغاني، والتصويب من (ز)، وقد سلف تبيان الصنعاني هذا وشيخه ابن جعشم عند الحديث المتقدم برقم (651).
(3)
إسناده بمجموع رواته عن سفيان الثوري صحيح. أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي. =
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.
857 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن الخليل الأصبهاني، حدثنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا مِنْجاب بن الحارث.
وحدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكِّي في آخرين قالوا: حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا علي بن حُجْر، قالا: حدثنا علي بن مُسهِر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله - جلَّ وعزَّ - {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، قال:"تَشْهَدُه ملائكةُ الليل، وملائكةُ النهار، تَجتمِعُ فيها"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
858 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا وُهَيب بن خالد، حدثنا يحيى بن سعيد.
= وأخرجه أحمد 19/ (12339)، وأبو داود (673)، والترمذي (229)، والنسائي (897)، وابن حبان (2218) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وسيأتي عند المصنف برقم (888).
وله شاهد من حديث قرة بن إياس المزني، سيأتي عند المصنف برقم (889).
(1)
إسناده صحيح. محمد بن إسحاق: هو ابن خزيمة الإمام.
وأخرجه الترمذي بإثر (3135) عن علي بن حُجْر، بهذا الإسناد. وتابع عليَّ بنَ مسهر بذكر أبي سعيد الخدري فيه حفصُ بن غياث والقاسم بن يحيى فيما ذكره البخاري في "القراءة خلف الإمام"(253).
وأخرجه أحمد 16/ (10133)، وابن ماجه (670)، والترمذي (3135)، والنسائي (11229) من طريق أسباط بن محمد، عن الأعمش، به. عن أبي هريرة وحده، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروي نحوه من حديث سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عند البخاري (648) و (4717) ومسلم (649)، وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" 12/ (7185).
وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَنَزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا نُعَيم بن حمّاد، حدثنا عبد الله بن المبارَك، عن يحيى بن سعيد.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن النَّضْر الجارُودي، حدثنا بكر بن خلف، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: سمعتُ يحيى بن سعيد يقول: سمعتُ نافعًا يحدِّث، أنَّ عبد الله بن عمر كان يقول: كنا إذا فَقَدْنا الإنسانَ في صلاة العشاءِ الآخِرة والصبحِ أسَأْنا به الظنَّ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
859 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزْدي، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا السائب بن حُبَيش الكَلَاعي، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعمَري قال: قال أبو الدَّرداء: أين مَسكنُك؟ قال: قريةٌ دون حِمْص، قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثةِ نَفَرٍ في قريةٍ ولا بَدْوٍ لا تُقامُ فيهم الصلاةُ إلّا استَحوَذَ عليهم الشيطان"، فعليك بالجماعة، فإنما يَأكُلُ الذئبُ
(2)
القاصيةَ
(3)
.
هذا حديث صَدُوقٌ رواتُه، شاهدٌ لما تقدَّمه، متَّفَق على الاحتجاج برواته إلَّا السائبَ بن حُبيش، وقد عُرِفَ من مذهب زائدة أنه لا يحدِّث إلَّا عن الثِّقات.
860 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي عُشَّانةَ، أنه سمع عُقْبةَ بن عامر الجُهَني يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا تَطهَّرَ الرجلُ، ثم مرَّ إلى المسجد فيَرعَى
(1)
إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري المدني.
وأخرجه ابن حبان (2099) من طريق مروان بن معاوية، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
(2)
زاد في (ب) والمطبوع هنا: من الغنم.
(3)
إسناده حسن إن شاء الله من أجل السائب بن حُبيش. زائدة هو ابن قدامة. وسيأتي مكررًا بإسناده ومتنه برقم (3838)، وقد سلف برقم (819).
الصلاةَ، كَتَبَ له كاتبُه - أو كاتباه - بكلِّ خَطْوةٍ يَخطُوها إلى المسجد عشرَ حَسَنات، والقاعدُ يَرعَى الصلاةَ كالقانت، ويُكتَبُ من المصلِّين من حينِ يخرجُ من بيتِه حتى يَرجِعَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
861 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَرِيك البزَّار، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث بن سعد، عن الحارث بن يعقوب، عن قيس بن رافع القَيْسي، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن عبد الله بن عمرو: أنه مَرَّ بمعاذ بن جَبَل وهو قاعد على بابه يشيرُ بيده كأنه يحدِّث نفسَه، فقال له عبد الله: ما شأنُك يا أبا عبد الرحمن تحدِّثُ نفسَك؟ قال: وما لي، يريد عدوُّ الله أن يُلهِيَني عن كلام سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال
(2)
: مكابدُ دَهْرِك الآن في
(3)
[بيتكَ]! ألَا تخرجُ إلى المسجد فتَحدَّثُ، وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من جاهَدَ في سبيل الله كان ضامنًا على الله، ومن جَلَسَ في بيته لا يغتابُ أحدًا بسُوءٍ كان ضامنًا على الله، ومن عادَ مريضًا كان ضامنًا على الله، ومن غَدَا إلى المسجد أو راحَ كان ضامنًا على الله، ومن دَخَلَ على إمامٍ يُعزِّرُه كان ضامنًا على الله"، فيريد عدوُّ الله أن يُخرجَني من بيتي إلى المجلس
(4)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو عُشَّانة: هو حي بن يُومن المَعَافري.
وأخرجه ابن حبان (2038) و (2045) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 28/ (17460) من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن الحارث، به.
وأخرجه أيضًا (17440) من طريق ابن لهيعة عن أبي عشانة، و (17459) من طريق ابن لهيعة، عن أبي قَبيل، عن أبي عشانة، به.
قوله: "يَرعَى الصلاةَ" أي: يريدها.
(2)
أي: الشيطان، وهذا القول يحكيه معاذ عن لسان الشيطان الذي يوسوس له بذلك.
(3)
في (ب): "قال: تكابد دهرك الادمي"، والمثبت من (ز) و (ص) ومن "سنن البيهقي" 9/ 166 حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه، ولفظة "بيتك" زيادة منه.
(4)
إسناده حسن من أجل قيس بن رافع. =
هذا حديث رواته مِصريُّون ثِقاتٌ، ولم يُخرجاه.
862 -
حدثنا [أبو] إسحاق إبراهيم
(1)
بن محمد بن يحيى، أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا إبراهيم بن محمد البَصْري، أخبرنا يحيى بن الحارث الشِّيرازي - وكان ثقةً، وكان عبد الله بن داود يُثْني عليه - قال: حدثنا زهير بن محمد التَّميمي وأبو غسَّان المدني، عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعد الساعِدِي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجد، بالنُّورِ التامِّ يومَ القيامة"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد في روايةٍ مجهولة عن ثابت عن أنس:
863 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا داود بن سليمان بن مسلم، أخبرنا أَبي، عن ثابت بن أسلَمَ البُنَاني، عن أنس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بَشِّرِ المشَّائِينَ في ظُلَمِ الليل إلى المساجد، بالنُّور التامِّ يومَ القيامة".
= وأخرجه ابن حبان (372) من طريق عبد الله بن عبد الحكم، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. بالمرفوع منه فقط.
وأخرجه كذلك أحمد 36/ (22093) من طريق عُليِّ بن رباح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به. وسيأتي برقم (2481).
وأوله في محاورة عبد الله بن عمرو لمعاذ سيأتي برقم (5261).
قوله: "يعزّره" أي: يُعِينه ويؤيّده.
(1)
في النسخ الخطية: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وهو خطأ، والتصويب من "سنن البيهقي" 3/ 63 حيث رواه عن المصنف بإسناده ومتنه. وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد هذا: هو النيسابوري المزكِّي شيخ بلده ومحدِّثه، وقد روى عنه الحاكم في "مستدركه" عشرات الأحاديث.
(2)
إسناده حسن. أبو غسان: هو محمد بن مطرِّف، وأبو حازم هو سلمة بن دينار الأعرج.
وأخرجه ابن ماجه (780) عن إبراهيم بن محمد الحلبي البصري بهذا الإسناد.
حسن بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال سليمان بن مسلم. =
864 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا بَحْر بن نَصْر قال: قُرِئَ على ابن وهب: أخبركَ عمرُو بن الحارث.
وأخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أصبَغُ بن الفَرَج، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرَّاجٍ حدَّثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرجلَ يعتادُ المساجد، فاشهَدُوا عليه بالإيمان، قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18] "
(1)
.
هذه ترجمة للمِصريِّين لم يختلفوا في صحَّتها وصِدْق رواتها غير أنَّ شَيخَي الصحيحِ لم يخرجاه، وقد سقتُ القول في صحَّته فيما تقدم
(2)
.
865 -
حدثنا عَبْدان بن يزيد الدَّقّاق بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذِئْب، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن سعيد بن يَسَار، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُوطِّنُ أحدٌ المساجدَ للصلاة
= وأخرجه ابن ماجه (781) عن مجزأة بن سفيان بن أسيد، عن سليمان بن داود الصائغ، عن ثابت البناني، به. وسليمان بن داود هو سليمان بن موسى، إلَّا أنه اختُلف في اسمه. ومجزأة بن سفيان مجهول الحال أيضًا لكنه متابَع.
(1)
إسناده ضعيف لضعف درَّاج - وهو ابن سِمعان أبو السَّمْح - في روايته عن أبي الهيثم: وهو سليمان بن عمرو العُتْواري، وقال الذهبي في "تلخيصه": درَّاج كثير المناكير.
وأخرجه أحمد 18/ (11651)، والترمذي (2617) و (3093)، وابن حبان (1721) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه ابن ماجه (802)، والترمذي (3093) من طريق رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، به.
وأخرجه أحمد (11725) من طريق ابن لهيعة، عن دراج، به.
وسيأتي الحديث بنحوه برقم (3319).
(2)
لم يتقدم شيء في هذا، ولكنه سينتقل فيما يأتي برقم (3008) و (3636) عن يحيى بن معين تصحيح إسناد حديث دراج عن أبي الهيثم. والجمهور على تضعيفه.
إلَّا تَبَشبَشَ اللهُ به من حيث يَخرُج من بيته، كما يَتبشبَشُ أهلُ الغائب بغائبِهم إذا قَدِمَ عليهم"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وقد خالف الليثُ بنُ سعدٍ ابنَ أبي ذِئْب فرواه عن المَقبُري عن أبي عُبَيدة عن سعيد بن يَسَار:
866 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي عُبَيدة، عن سعيد بن يَسَار
(2)
، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتوضَّأُ أحدُكم فيُحسِنَ وضوءَه، ويُسبِغَه، ثم يأتيَ المسجدَ لا يريدُ إلَّا الصلاةَ فيه، إلَّا تَبشبَشَ اللهُ به كما يتبشبشُ أهلُ الغائب بغائبِهم"
(3)
.
867 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عفَّانُ، حدثنا وُهَيب، حدثنا عبد الرحمن بن حَرمَلة.
وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عَبدُوس العَنَزي - واللفظُ له - حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أحمد بن صالح المِصري، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني
(1)
رجاله ثقات إلّا أنَّ فيه اضطرابًا في إسناده كما هو مبيَّن في تعليقنا على "سنن ابن ماجه"(800)، وانظر "العلل" للدارقطني 11/ 8 (2086).
وأخرجه أحمد 14/ (8350) و 15/ (9841)، وابن ماجه (800)، وابن حبان (1607) و (2278) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
قوله: "تَبشبش الله به" أي: فرح به وأقبل عليه.
(2)
من قوله: "حدثنا أبو بكر" إلى هنا سقط من المطبوع.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة أبي عبيدة راويه عن سعيد بن يسار، وجهّله الدارقطني في "العلل" 11/ 9.
وأخرجه أحمد 13/ (8065) و 14/ (8487) و 15/ (9842) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن حَرمَلة، عن أبي علي الهَمْداني، سمعتُ عُقْبةَ بن عامر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن أَمَّ الناسَ فأصاب الوقتَ، فله ولهم، ومن انتَقَصَ من ذلك شيئًا، فعليه ولا عليهم"
(1)
.
هذا حديث صحيح، فقد احتَجَّ مسلمٌ بعبد الرحمن بن حَرمَلة، واحتجَّ البخاريُّ بيحيى بن أيوب، ثم لم يُخرجاه.
868 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، أخبرنا إسرائيل، عن سِمَاك، عن جابر بن سَمُرة قال: كان مؤذِّنُ النبي صلى الله عليه وسلم يؤذِّن ثم يُمهِل، فإذا رأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أقبَلَ أخَذَ في الإقامة
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم بن الحجَّاج، ولم يُخرجاه.
869 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إبراهيم بن يوسف بن خالد
(3)
، حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْح، حدثنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهريَّة، عن كَثِير بن مُرَّة، عن عبد الله بن عمر
(4)
، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من وَصَلَ صفًّا وَصَلَه الله، ومن قَطَعَ صفًّا قَطَعَه الله"
(5)
.
(1)
إسناده حسن. وقد سلف برقم (853).
(2)
إسناده حسن. وهو مكرر (734)، وأخرجه مسلم بنحوه كما سلف.
(3)
وقع مكان "خالد" في (ز) و (ب): ملة، وفي (ص) و (ع): مكة، وفي المطبوع: حرملة، ويغلب على ظننا أنَّ ذلك كله محرَّف عن خالد، وإبراهيم بن يوسف هذا: هو ابن خالد بن سويد الرازي الهِسِنجاني الحافظ، يروي عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح كما في ترجمته من "تاريخ دمشق" لابن عساكر 7/ 282، وروى عنه أبو بكر بن إسحاق عند المصنف مرة أخرى برقم (1972)، وله ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 14/ 115 - 117.
(4)
في النسخ الخطية: عمرو، وهو خطأ، فالحديث حديث ابن عُمر كما في مصادر التخريج، وكذلك جاء على الصواب في "إتحاف المهرة" 8/ 626.
(5)
إسناده صحيح. أبو الزاهرية: هو حُدير بن كُريب. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
870 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أسامة بن زيد، عن عثمان بن عُرْوة بن الزُّبير، عن أبيه، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله وملائكتَه يُصَلُّون على الذين يَصِلُون الصفوفَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
871 -
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الأَدَمي، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا سهل بن حمّاد، أخبرنا هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى بن أبي كَثير، عن محمد بن إبراهيم التَّيْمي، عن خالد بن مَعْدان، عن العِرْباض بن سارِيَة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفرُ للصفِّ المقدَّمِ ثلاثًا وللثاني مرَّةً
(2)
.
= وأخرجه أحمد 10/ (5724)، وأبو داود (666)، والنسائي (895) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو عند أحمد وأبي داود مطوَّل.
وأخرجه أبو داود أيضًا (666) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، به.
(1)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد: وهو اللَّيثي.
وأخرجه ابن حبان (2163) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 42/ (25270) من طريق سفيان الثوري، عن أسامة بن زيد، به. واختُلف فيه على سفيان كما هو مبيَّن في التعليق على الحديث (24381) من "مسند أحمد".
وأخرجه أحمد أيضًا 41/ (24587)، وابن ماجه (995) من طريق إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه، به. وفي رواية إسماعيل بن عياش - وهو حمصي - عن غير أهل بلده مقال، وهشام مدني.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، خالد بن معدان إنما يرويه عن العرباض بواسطة جُبير بن نُفير كما سيأتي.
وأخرجه أحمد 28/ (17141) و (17148)، وابن ماجه (996) من طرق عن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (17156)، وابن حبان (2158) و (2159) من طريق شيبان النحوي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن معدان حدثه، أنَّ جبير بن نفير حدَّثه، =
هذا حديث صحيح الإسناد، وقد اتَّفقا على الاحتجاج برواية غيرِ الصحابي - على ما تقدَّم ذِكري له - من أفراد التابعين
(1)
.
872 -
أخبرني أبو الحسين
(2)
عبيد الله بن محمد البَلْخي التاجر، حدثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا سعيد بن الحَكَم بن أبي مريم، أخبرني عبد الله بن وهب، أخبرني ابن جُرَيج، عن عطاء بن أبي رَبَاح: أنه سمع عبدَ الله بن الزُّبير على المِنبَر يقول للناس: إذا دخل أحدُكم المسجدَ والناسُ ركوعٌ، فليَركَعْ حين يدخل ثم ليَدُبَّ راكعًا حتى يدخل في الصف، فإنَّ ذلك السُّنة. قال عطاء: وقد رأيتُه هو يفعل ذلك
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
= أنَّ العرباض حدَّثه. وهذا إسناد متصل صحيح.
وأخرجه كذلك متصلًا أحمد أيضًا (17157) و (17162)، والنسائي (893) من طريق بَحِير بن سعد، عن خالد بن معدان، به.
وسيأتي الحديث برقم (883).
(1)
يعني: ما تفرَّد بروايته تابعيٌّ ولم يتابعه عليه غيره، وقد تقدَّم بإثر الحديث (94) قوله: ومن شرطنا في هذا الكتاب أنا نخرِّج أفراد الثقات إذا لم نجد لها عِلَّة. قلنا: وهو يشير بقوله هنا إلى أنَّ حديث العرباض هذا تفرد بروايته خالد بن مَعْدان.
(2)
في النسخ الخطية: أبو الحسن، وقد جاء عند المصنف في غير ما موضع: أبو الحسين، وهو كذلك عند البيهقي في "السنن" 3/ 106.
(3)
صحيح، شيخ المصنف لم نقف له على ترجمة، لكنه متابع، ومن فوقه ثقات.
وأخرجه البيهقي 3/ 106 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (1571) عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن جده سعيد بن الحكم، به.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7016) من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، به - وزاد فيه: قال ابن جريج: وقد رأيت عطاءً يصنع ذلك. وقال الطبراني: انفرد به حرملة، وليس كذلك، فقد تابعه سعيد بن أبي مريم كما عند الحاكم وابن خزيمة.
873 -
حدثنا علي بن عيسى الحِيري، حدثنا الحسين بن محمد القَبَّاني، حدثنا محمد بن عمر المُقدَّمي، حدثنا يوسف بن يعقوب السَّدُوسي، حدثنا سليمان التَّيْمي، عن أبي مِجلَز، عن قيس بن عُبَاد قال: بينما أنا بالمدينة في المسجد في الصفِّ المقدَّم قائمٌ أصلِّي، فجَبَذَني رجل من خلفي جَبْذةً فنحَّاني وقام مَقامي، قال: فوالله ما عَقَلتُ صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أُبيُّ بن كعب، فقال: يا فتى، لا يَسُؤْكَ اللهُ، إِنَّ هذا عهدُ النبي صلى الله عليه وسلم إلينا: أن نَلِيَه. ثم استَقبَل القِبلةَ فقال: هَلَكَ أَهلُ العَقْد - ثلاثًا - وربِّ الكعبة، ثم قال: واللهِ ما عليهم آسَى، ولكني آسَى على ما أَضَلُّوا. قال: قلت: مَن يَعني بهذا؟ قال: الأمراء
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتجَّ بيوسف بن يعقوب السَّدُوسي، ولم يُخرجاه.
874 -
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الحَنظَلي ببغداد، حدثنا أبو قِلَابة الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الإمامُ: الله أكبرُ، فقولوا: الله أكبرُ، فإذا قال: سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه، فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. سليمان التيمي: هو ابن طَرْخان، وأبو مجلز: هو لاحق بن حميد.
وأخرجه النسائي (884)، وابن حبان (2181) من طريق محمد بن عمر المقدَّمي، بهذا الإسناد. وعند النسائي أنَّ الذي سأل "من يعني بهذا" هو المقدَّمي والمجيب هو يوسف بن يعقوب أبو يعقوب.
وسيأتي برقم (8817)، وبنحوه برقم (5407).
وفي باب من يلي الإمام في الصف الأول انظر حديث أبي مسعود الآتي برقم (891)، وحديث ابن مسعود الآتي برقم (2179).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو قلابة الرقاشي: هو عبد الملك بن محمد، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مَخلَد، وسفيان: هو الثوري. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، وفيه سُنَّة عزيزة: وهو أن يقفَ المأمومُ حتى يكبِّر الإمامُ ولا يكبِّر معه.
875 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد.
وحدثنا محمد بن صالح بن هانئ حدثنا محمد بن شاذانَ، حدثنا محمد بن عبد الله بن بَزِيعٍ؛ قالا: حدثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا سعيد، عن قَتَادة، عن الحسن: أَنَّ سَمُرَةَ بن جُندُب وعِمران بن حُصَين تَذاكَرا، فحَدَّثَ سمرةُ بن جندب: أنه حَفِظَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَكْتتَينِ: سكْتةً إذا كبَّر، وسَكْتةً إِذا فَرَغَ من قراءته عند ركوعه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا على حديث عُمَارة بن القعقاع عن أبي زُرْعة عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبَّرَ سَكَتَ بين التكبير والقراءة
(2)
.
وحديث سَمُرة لا يَتَوهَّمُ متوهِّم أنَّ الحسن لم يسمع من سَمُرة، فإنه قد سَمِعَ منه
(3)
.
= وأخرجه ابن حبان (402) من طريق أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد مطوَّلًا.
وأخرجه أحمد 17/ (10994)، وابن ماجه (877) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، به. طوّله أحمد واختصره ابن ماجه.
(1)
رجاله ثقات. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري، وسعيد: هو ابن أبي عَرُوبة، والحسن: هو ابن الحسن البصري.
وأخرجه أبو داود (779) عن مسدَّد، بهذا الإسناد - لكن جعل السكتة الثانية بعد فراغه من قراءة الفاتحة.
وأخرجه أحمد 33/ (20081)، وأبو داود (780)، وابن ماجه (844)، والترمذي (251)، وابن حبان (1807) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وأخرجه أحمد (20127) و (20166)، وأبو داود (777) و (778)، وابن ماجه (845) من طرق عن الحسن البصري، به.
(2)
أخرجه البخاري برقم (744)، ومسلم (598).
(3)
وقد جزم الحاكم في غير موضع من كتابه هذا بسماع الحسن من عمران بن حصين أيضًا، =
وله شاهد بإسناد صحيح:
876 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذِئْب، عن سعيد بن سِمْعان قال: أتانا أبو هريرة في مسجد بني زُرَيق، فقال: ثلاثٌ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَفعلُهنَّ تَرَكَهنَّ الناسُ، يرفع يديه في الصلاة مدًّا حتى جاوَزَتا أُذنَيهِ، ويَسكُتُ بعد القراءة هُنيَّةً يسألُ اللهَ من فَضْلِه
(1)
.
877 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيي، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عُمَارة بن القعقاع حدثنا أبو زُرْعة بن عَمرو بن جَرِير، حدثنا أبو هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نَهَضَ في الثانية استَفتَحَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ولم يَسكُت
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه هكذا
(3)
.
878 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، حدثني يحيى بن أبي سليمان، عن زيد أبي عَتَّاب وسعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتُم ونحن سجودٌ فاسجُدوا ولا تَعُدُّوها شيئًا، ومن أدرَكَ الركعةَ فقد أدرَكَ الصلاة"
(4)
.
= لكن الجمهور على أنه لم يسمع منه، وأما سماع الحسن من سمرة فصحيح كما قال المصنف.
(1)
إسناده صحيح. وقد سلف تخريجه عند الحديث رقم (744).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (599) تعليقًا قال: حُدِّثت عن يحيى بن حسان ويونس المؤدِّب وغيرهما، عن عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (1936) من طريق يونس بن محمد - وهو المؤدِّب - عن عبد الواحد، به.
قوله: "ولم يسكت" أي: السكتة التي قبل قراءة الفاتحة كما في الركعة الأولى.
(3)
هذا النفي ليس على إطلاقه، فقد أخرجه مسلم كما سبق لكن تعليقًا.
(4)
إسناده فيه ضعف للين يحيى بن أبي سليمان، إلَّا أنَّ قوله: "ومن أدرك
…
إلخ" صحيح =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، ويحيى بن أبي سليمان من ثِقَات المِصريِّين
(1)
.
879 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا عبد الله بن فَرُّوخ، أخبرنا ابن جُرَيج، عن عطاءٍ، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخفَّ الناس صلاةً في تمام، قال: وصلَّيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ساعةَ يُسلِّمُ يقوم، ثم صلَّيتُ مع أبي بكر فكان إذا سَلَّمَ وَثَبَ مكانَه كأنه يقوم عن رَضْفٍ
(2)
.
= من غير هذا الوجه عند أبي هريرة كما سيأتي بيانه عند الحديث رقم (1089).
وأخرجه أبو داود (893) عن محمد بن يحيى بن فارس - وهو الذُّهلي - عن سعيد بن الحكم - وهو ابن أبي مريم - بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (1025) من طريق ابن أبي مسرّة عن ابن أبي مريم، وانظر (1026) و (1027).
(1)
هذا تساهل منه رحمه الله، وكذا فعل ابن حبان فذكر يحيى هذا في "ثقاته"، وقد تكلَّم فيه أبو حاتم الرازي فقال: مضطرب الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه، وقال البخاري في كتابه "القراءة خلف الإمام" بعد أن ذكر له هذا الحديث (239): ويحيى منكر الحديث
…
ولم يتبيَّن سماعه من زيد ولا من ابن المقبري، ولا تقوم به الحجة.
(2)
إسناده ضعيف، عبد الله بن فروخ - وهو الخراساني - صاحب مناكير، حسَّن القولَ فيه بعض أهل العلم، وقال البخاري فيه: تعرف وتنكر وقال الجوزجاني: أحاديثه مناكير، وذكره ابن حبان في "ثقاته" وقال: ربما خالف. قلنا: قد خالفه في إسناد هذا الحديث عبدُ الرزاق الإمام الثقة فرواه في "مصنفه"(3231) عن ابن جريج قال: حُدِّثت عن أنس، فالإسناد فيه جهالة.
وأما حديث عبد الله بن فروخ فقد أخرجه البيهقي 2/ 232 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (1717)، والطبراني في "الكبير"(726) و (727)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 199 من طرق عن سعيد بن أبي مريم، به.
وأخرجه ابن خزيمة أيضًا (1717)، والضياء في "المختارة"(2334) من طريق عمرو بن الربيع بن طارق، عن عبد الله بن فروخ، به.
والشطر الأول منه في خفّة الصلاة وتمامها قد روي من غير وجه عن أنس عند البخاري (708)، ومسلم (469) وغيرهما، وانظر "مسند أحمد" 19/ (11967).
هذا حديث صحيحٌ رواتُه غير عبد الله بن فرُّوخ، فإنهما لم يُخرجاه لا لجرحٍ فيه.
وهذه سُنَّة مُستعمَلة لا أحفظُ لها غيرَ هذا الإسناد، وحديث هند بنت الحارث عن أم سلمة: كنَّ النساءُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى المكتوبةَ قُمْنَ، قد أخرجه البخاري
(1)
.
880 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا إسحاق بن الحسن الحَرْبي، حدثنا سُرَيج بن النُّعمان، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعد قال: كنت أَراه يقدِّم فِتيانًا من فتيانِ قومِه فيصلُّون به، فقلت: أنت صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولك من الفضل والسابقةِ، تُقدِّمُ هؤلاء الصبيانَ فيصلُّون بك، أفلا تتقدَّمُ فتصلِّيَ لقومك، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الإمامَ ضامنٌ، فإن أتَمَّ كانت له ولهم، وإن نَقَصَ كان عليه ولا عليهم"، فلا أريدُ أن أتحمَّلَ ذلك
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
881 -
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَني، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضرَمي، حدثنا أبو هشام الرِّفاعي، حدثنا أبو خالد الأحمَرُ، عن الحسن بن عُبيد الله
= الرَّضْف: الحجارة المُحْماة بالشمس أو النار.
(1)
في "صحيحه" برقم (866)، وتمامه: وثَبَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلَّى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال.
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الحميد بن سليمان. أبو حازم: هو سلمة بن دينار الأعرج.
وأخرجه ابن ماجه (981) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، عن عبد الحميد بن سليمان، بهذا الإسناد.
ويشهد لقوله: "الإمام ضامن" حديث أبي هريرة عند أحمد 12/ (7169)، وحديث أبي أمامة عنده أيضًا 36/ (22238)
ويشهد لبقيّته حديث أبي هريرة عند أحمد 14/ (8663)، والبخاري (694).
وانظر حديث عقبة بن عامر السالف برقم (853).
النَّخَعي، عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عن البَراء بن عازِبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَراصُّوا في الصفِّ لا يَتخلَّلُكم أولادُ الحَذَفِ" قلت: يا رسول الله، ما أولادُ الحَذَف؟ قال:"ضَأْنٌ جُرْدٌ سُودٌ تكون بأرضِ اليمن"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
882 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا وَكِيع، عن شُعْبة، عن قَتَادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِن حُسْن الصلاة إقامةُ الصفِّ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وإنما اتَّفقا على غير هذا اللفظ، وهو أنَّ تَسوِيةَ الصفِّ من تَمَام الصلاة.
883 -
حدثنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة،
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي هشام الرفاعي - وهو محمد بن يزيد بن محمد - لكنه لم ينفرد به فقد توبع. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان، وهو لا بأس به، وقد توبع أيضًا، تابعه حفص بن غياث عند البيهقي 3/ 101.
وأخرجه أحمد 30/ (18618) عن ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد - لكن وقع عنده: الحسن بن عمرو عن طلحة، وهو عند ابن أبي شيبة نفسه في "مصنفه" 1/ 351: الحسن بن عبيد الله النخعي عن طلحة، وهو المحفوظ.
قوله: "أولاد الحَذَف" خرج مخرج التشبيه بها، والمراد الشياطين، أي: تدخل في أوساط الصفوف كأولاد الحذف.
وجُرْد: أي: ليس على جلدها شعر.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسن بن علي بن زياد.
وأخرجه أحمد 20/ (12841) عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا 19/ (12231) من طريق همّام - وهو ابن يحيى العَوْذي - عن قتادة به.
وقد روي بغير هذا اللفظ - كما أشار المصنف لاحقًا - وهو بمعناه من طرق عن شعبة عند أحمد 20/ (12813) و 21/ (13899) و (13901) و (14096)، والبخاري (723)، ومسلم (433)، وأبو داود (668)، وابن ماجه (993)، وابن حبان (2171) و (2174).
حدثنا عبد الله بن بكر السَّهْمي، حدثنا هشام الدَّستُوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن خالد بن مَعْدان، عن العِرْباض بن سارِيَة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفرُ للصفِّ المقدَّمِ ثلاثًا، وللثاني مرَّةً
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على الوجوه كلِّها، إلّا أنَّ الشيخين لم يُخرجاه لعِلَّة الرواية عن العِرْباض، وهو مما قدَّمتُ فيه القولَ.
884 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا أبو علي عُبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا ابن أبي ذِئْب، عن الأسوَد بن العلاء بن جاريَةَ الثَّقَفي، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِن حين يَخرُج أحدُكم من منزلِه إلى مسجدِه فرِجلٌ تكتب حَسَنةً، وأخرى تَمحُو سيئةً"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بحديث الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن أبي هريرة:"البئرُ جُبَارٌ"
(3)
، ولم يُخرجاه.
885 -
حدثنا علي بن حَمْشاذ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أُوَيس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن كَثِير بن زيد، عن أبي عبد الله القَرَّاظ، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضَّأ أحدُكم فأحسَنَ
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع بين خالد بن معدان والعرباض كما سبق بيانه برقم (871).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.
وأخرجه أحمد 14/ (8257) و 15/ (9575) و 16/ (10203)، والنسائي (786)، وابن حبان (1622) من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وهو بمعناه عند البخاري (477) و (647)، ومسلم (661)(272) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، وانظر "مسند أحمد" 12/ (7430).
(3)
هو عند مسلم برقم (1710)(46)، وقد أخرجه هو أيضًا والبخاري (1499) و (6912) من طريق ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة - وقرنا به سعيد بن المسيب - عن أبي هريرة.
وضوءَه ثم خَرَجَ إلى الصلاة، لا يَنزِعُه إلى المسجد إلَّا الصلاةُ، لم تَزَلْ رِجلُه اليسرى تَمحُو عنه سيئةً، وتكتبُ له اليمنى حَسَنةً، حتى يَدخُلَ المسجدَ"
(1)
.
كثير بن زيد وأبو عبد الله القرَّاظ مدنيَّان لا نعرفُهما إلّا بالصِّدق، وهذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه.
886 -
حدثنا أبو حفص عمر بن جعفر المفيد البَصْري، حدثنا أبو خَلِيفة القاضي، حدثنا أبو الوليد الطَّيَالسي، حدثنا شدَّاد أبو طلحة قال: سمعت معاويةَ بن قُرَّة يحدِّث عن أنس بن مالك أنه كان يقول: مِن السُّنَّة إذا دخلتَ المسجدَ أن تبدأَ برِجْلِك اليمنى، وإذا خرجتَ أن تبدأ بِرجْلِك اليسرى
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بشدَّاد بن سعيد أبي طلحة الراسِبي، ولم يُخرجاه.
887 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزْدي، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدةُ، عن المختار بن فُلفُل، عن أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حَضَّهم على الصلاة، ونَهَاهم أن يَنصرِفوا قبلَ انصرافِه من الصلاة
(3)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(13328)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(40)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2624) من طريقين عن كثير بن زيد الأسلمي، بهذا الإسناد.
ويشهد له ما قبله من حديث أبي هريرة.
(2)
إسناده حسن.
وأخرجه البيهقي 2/ 442 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. ثم قال: تفرد به شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي وليس بالقوي. كذا قال، وشداد هذا قد اختُلف فيه فمنهم من وثَّقه كأحمد وابن معين، ومنهم من ليَّنه، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": صدوق يخطئ.
(3)
إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قُدَامة.
وأخرجه أحمد 19/ (12276)، وأبو داود (624) من طريقين عن زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد. وهو عند أحمد مطوَّل. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.
888 -
حدثنا أبو علي الحسن بن محمد المقرئ بالكوفة، حدثنا أبو عمر محمد بن جعفر القرشي، حدثنا أبو نُعَيم.
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا خلَّاد بن يحيى.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي نصر المروَزي، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حُذَيفة؛ قالوا: حدثنا سفيان، حدثنا يحيى بن هانئ عن عبد الحميد بن محمود قال: كنت مع أنس بن مالك أصلِّي، قال: فألقَوْنا بين السَّواري، قال: فتأخَّر أنسٌ، فلما صلَّينا قال: إنا كنا نتَّقي هذا على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
889 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عُبيد بن محمد بن خَلَف، حدثنا عُقْبة بن مُكرَم، حدثنا سَلْم بن قُتيبة، عن هارون بن مُسلِم، عن قَتَادة، عن معاوية بن قُرَّة، عن أبيه قال: كنا نُنهَى عن الصلاة بين السَّوَاري، ونُطرَدُ عنها طردًا
(2)
.
كلا الإسنادين صحيحان، ولم يُخرجا في هذا الباب شيئًا.
890 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يزيد بن زُرَيع، عن حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يَلِيَه المهاجرون والأنصارُ ليأخذوا عنه
(3)
.
= وأخرج النهي عن الانصراف قبل انصرافه ضمن حديث أحمد (11997)، ومسلم (426)، والنسائي (1288) من طريقين عن المختار بن فلفل، به.
(1)
إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي، وسفيان: هو الثوري. وقد سلف عند المصنف برقم (856).
(2)
إسناده حسن من أجل هارون بن مسلم.
وأخرجه ابن ماجه (1002)، وابن حبان (2219) من طريقين عن أبي قتيبة سَلْم بن قتيبة، بهذا الإسناد. وقرن ابن ماجه بأبي قتيبة أبا داود الطيالسي، وقرن ابن حبان به يحيى بنَ حماد.
(3)
إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد صحيح في الأَخْذ عنه:
891 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، حدثنا أبو حُذَيفة، حدثنا سفيان، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن عُمَارة بن عُمَير، عن أبي مَعمَر، عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليَلِيَنِّي منكم الذين يأخذون عنِّي"؛ يعني الصلاةَ
(1)
.
قد اتفق الشيخان
(2)
على حديث أبي مسعود: "ليليَنِّي منكم أُولُو الأحلام والنُّهَى" فقط، وهذه الزيادة بإسناد صحيح على شرطهما.
892 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، حدثنا الحسن بن مُكرَم البزَّاز، حدثنا رَوْح بن عُبَادة، حدثنا شُعْبة.
= وأخرجه أحمد 19/ (11963) و 20/ (13064) و (13135) و 21/ (13774)، وابن ماجه (977)، والنسائي (8253)، وابن حبان (7258) من طرق عن حميد الطويل، به.
(1)
إسناده صحيح إلَّا أنه قد روي بلفظ آخر عن عمارة كما سيذكر المصنف، بلفظ:"ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهى"، وهو المحفوظ.
أبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النَّهدي، وسفيان: هو الثوري، وأبو معمر: هو عبد الله بن سَخْبرة، وأبو مسعود: هو عقبة بن عمرو.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (597) عن علي بن عبد العزيز، عن أبي حذيفة، بهذا الإسناد.
(2)
لم يخرجه البخاري، وإنما أخرجه مسلم (432) من طريق الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود.
وأخرجه من هذا الطريق أيضًا أحمد 28/ (17102)، وأبو داود (674)، وابن ماجه (976)، والنسائي (883) و (888)، وابن حبان (2172) و (2178).
وفي الباب عن ابن مسعود، سيأتي عند المصنف برقم (2179).
وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن دِيزِيلَ، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبة، عن عاصم بن سليمان، أنَّ أبا عثمان النَّهْدي حدَّثه عن بلال، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَسبِقْني بآمينَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وأبو عثمان النَّهْدي مُخضرَم قد أدرك الطبقة الأُولى من الصحابة.
وهذا بخلاف مذهب أحمد بن حنبل في التأمين لحديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الإمام {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمِين"
(2)
، وفقهاء أهل المدينة قالوا بحديث سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة:"إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنوا"
(3)
.
893 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا أبو الجُمَاهِر محمد بن عثمان التَّنُوخي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن مُصعَب بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأَ عامَ الفتح سجدةً فسَجَدَ الناسُ كلُّهم، فمنهم الراكبُ
(4)
، حتى إنَّ الراكبَ ليَسجُدُ على يده
(5)
.
(1)
رجال إسناديه ثقات غير عبد الرحمن بن الحسن شيخ المصنف في الإسناد الثاني فضعيف، لكنه متابع، وقد اختُلف في هذا الحديث وصلًا وإرسالًا، وروي من غير وجه عن عاصم بن سليمان - وهو الأحول - عن أبي عثمان النهدي أنَّ بلالًا هو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبقني بآمين، وهو المحفوظ، انظر بيان ذلك في التعليق على "مسند أحمد" و"سنن أبي داود".
فقد أخرجه كذلك أحمد 39/ (23883) عن محمد بن فضيل و (23920) عن محمد بن جعفر عن شعبة، وأبو داود (937) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن عاصم الأحول، به.
(2)
أخرجه البخاري (782) و (4475)، ومسلم (415).
(3)
أخرجه البخاري (780)، ومسلم (410).
(4)
كذا في نسخنا الخطية، وفي رواية البيهقي في "السنن" 2/ 461 من طريق أحمد بن عبيد الصفار عن عبيد بن شريك زيادة: والساجد في الأرض. وهي كذلك في مصادر التخريج الأخرى.
(5)
إسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت.
وأخرجه أبو داود (1411) عن أبي الجماهر محمد بن عثمان، بهذا الإسناد.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، فإنهما لم يخرجا مصعبَ بن ثابت ولم يَذكُراه بجَرْح.
894 -
أخبرنا عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزَّاز، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا محمد بن يزيد بن خُنَيس، حدثنا حسن بن محمد بن عُبيد الله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن جُرَيج: يا حسنُ، حدَّثني جدُّك عُبَيدُ الله بن أبي يزيد قال: حدثني ابنُ عباس قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنِّي رأيتُ في هذه الليلة فيما يَرَى النائمُ كأني أُصلِّي خلفَ الشجرة، فرأيتُ كأني قرأتُ سجدةً فسجدتُ، فرأيتُ الشجرةَ كأنها تسجدُ لسجودي، فسمعتُها وهي ساجدةٌ وهي تقول: اللهمَّ اكتُبْ لي عندَك بها أجْرًا، واجعَلْها لي عندك ذُخْرًا، وضَعْ عني بها وِزْرًا، واقبَلْها مني كما قَبِلتَ من عبدِك داود. قال ابن عباس: فرأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ السجدةَ، ثم سَجَدَ، فسمعتُه وهو ساجد يقول مثلَ ما قال الرجلُ عن كلام الشجرة
(1)
.
قال محمد بن يزيد بن خُنَيس: كان الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد يصلِّي بنا في المسجد الحرام في شهر رمضان، فكان يقرأُ السجدةَ فيَسجُدُ ويُطِيل السجود، فقيل له في ذلك، فيقول: قال لي ابن جُرَيج: أخبرني جدُّك عبيد الله بن أبي يزيد، بهذا.
هذا حديث صحيح رواتُه مكيُّون لم يُذكَر واحدٌ منهم بجَرْح، وهو من شَرْط الصحيح، ولم يُخرجاه.
895 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن مُصلِح الفقيه بالرَّيّ، حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد الواسطي، حدثنا وهب بن بقيَّة، حدثنا خالد بن عبد الله، عن خالد الحذَّاء، عن أبي العاليَةِ، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجودِ القرآنِ
(1)
إسناده ضعيف لجهالة الحسن بن محمد بن عبيد الله.
وأخرجه ابن ماجه (1053)، والترمذي (579) و (3424)، وابن حبان (2768) من طرق عن محمد بن يزيد بن خنيس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب.
بالليل: "سَجَدَ وجهي للَّذي خَلَقَه، فشَقَّ سَمْعَه وبصرَه بحَولِه وقوَّتِه"
(1)
.
تابعه وُهَيب بن خالد وعبد الوهاب الثَّقَفي عن خالد بزيادة فيه.
أما حديث وُهَيب:
896 -
فأخبرَناه عبد الله بن محمد الصَّيدَلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا سهل بن بكَّار، حدثنا وُهَيب، عن خالد الحذَّاء، عن أبي العاليَة، عن عائشة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجودِ القرآن: "سَجَدَ وجهي للَّذي خَلَقَه، وشَقَّ سمعَه وبصرَه"
(2)
.
وأما حديث عبد الوهاب:
897 -
فحدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن المثنَّى، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا خالد، عن أبي العاليَة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجودِ القرآن بالليل: "سَجَدَ
(1)
صحيح لغيره دون تقييده بسجود القرآن، وهذا إسناد منقطع، فإنَّ خالدًا الحذاء لم يسمع من أبي العالية - وهو رُفيع بن مهران - فيما نقله العلائي في "تحفة التحصيل" والحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" عن الإمام أحمد، وقد رواه إسماعيل ابن عُليَّة عن خالد الحذاء عند أحمد في "المسند" 43/ (25821)، وأبي داود في "السنن"(1414)، فأدخل فيه خالد بينه وبين أبي العالية رجلًا لم يسمِّه، وهو الذي صوَّبه الدارقطني في "العلل" 14/ 395 (3750)، وإلى هذا ذهب الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 17 وعاب على من صحَّحه فقال: خفيت علَّتُه على الترمذي فصحَّحه، واغتَرَّ ابن حبان بظاهره فأخرجه في "صحيحه" عن ابن خزيمة وتبعه الحاكم في تصحيحه.
قلنا: لم نقف عليه في "صحيح ابن حبان"، ولا ذكره ابن حجر نفسه في "إتحاف المهرة"(21658) مخرَّجًا منه! وهو في "جامع الترمذي" برقم (580) و (3425).
وأخرجه أحمد 40/ (24022) عن هشيم، عن خالد الحذاء، عن أبي العالية، به. وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث علي بن أبي طالب عند مسلم (771) وأحمد (729) وغيرهما، لكن فيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في سجود الصلاة لا في سجود القرآن خاصة.
(2)
صحيح لغيره دون تقييده بسجود القرآن، وانظر ما قبله وما بعده.
وجهي للذي خَلَقَه، وشَقَّ سمعَه وبصرَه بحَولِه وقوَّتِه، فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقين"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
898 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسوَد، عن عبد الله قال: أولُ سورةٍ نزلت فيها السجدةُ (الحجُّ)، قرأها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَسَجَدَ وسجدَ الناسُ إلّا رجلٌ
(2)
أَخَذَ الترابَ فسجد عليه فرأيته قُتِلَ كافرًا
(3)
.
تابعه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق هكذا:
899 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا العباس بن الفضل الأسْفاطي، حدثنا مِنجابُ بن الحارث، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدةَ، عن أبيه، عن أبي إسحاق،
(1)
صحيح لغيره دون تقييده بسجود القرآن، وهذا إسناد منقطع كما سبق بيانه.
وأخرجه الترمذي (580) و (3425)، والنسائي (718) من طريقين عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
حق المستثنى بإلَّا من كلام تام موجب أن يُنصَب مفردًا كان أو مكمَّلًا معناه بما بعده، وقد يقع في كلام العرب المستثنى بعد إلَّا مرفوعًا على الابتداء كما وقع هنا في رواية المصنف، وعلى ذلك شواهد من القرآن والحديث، انظر "شواهد التوضيح" لابن مالك ص 41 - 44.
(3)
إسناده صحيح، إلَّا أن ذكر سورة الحج فيه شاذٌّ، والمحفوظ سورة النجم، هكذا رواه أبو أحمد الزبيري عند البخاري (4863)، ووكيع عند أبي يعلى (5218)، وإسحاق بن منصور عند ابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"(238)، ثلاثتهم عن إسرائيل بذكر النجم خلافًا لعبيد الله بن موسى.
وكذلك رواه شعبة عند أحمد 6/ (3805) والبخاري (1067) ومسلم (576) وأبي داود (1406) وابن حبان (2764) وغيرهم، وسفيان الثوري عند أحمد 6/ (3682)، وزهير بن معاوية عند ابن أبي شيبة 14/ 135، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود.
وكذلك رواه إبراهيم النخعي عن الأسود عند الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 642، لكن تحرَّف في المطبوع منه "إبراهيم عن الأسود" إلى: إبراهيم بن الأسود.
عن الأسوَد، عن عبد الله قال: أولُ سورةٍ قرأَها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس "الحجُّ"، حتى إذا قرأَها سَجَدَ فسجدَ الناسُ إلّا رجلٌ أخَذَ الترابَ فسجد عليه، فرأيتُه قُتِلَ كافرًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين بالإسنادين جميعًا، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا على حديث شُعْبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأَ "والنجم" فذكره بنحوه، وليس يُعلِّل أحدُ الحديثين الآخر، فإني لا أعلم أحدًا تابَعَ شعبةَ على ذكره "النجم" غير قيس بن الرَّبيع
(2)
، والذي يؤدِّي إليه الاجتهادُ صحةُ الحديثين، والله أعلم!
وقد رُوِيَ بإسنادٍ راويهِ عبد الله بن لَهِيعة أنَّ في سورة الحج سجدتين:
900 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا يحيى بن إسحاق السَّيلَحِيني، حدثنا ابن لَهِيعة، عن مِشرَح بن هاعانَ، عن عُقْبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُضِّلَت سورةُ الحجِّ بسجدَتَينِ، فمن لم يسجُدْهما فلا يَقرَأْهما"
(3)
.
901 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثَّقَفي، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سليمان التَّيْمي، عن أبي مِجلَزٍ،
(1)
إسناده قوي من أجل عباس الأسفاطي، والمحفوظ فيه ذِكْر النجم لا الحجِّ كما سبق، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 223 (بتحقيقنا) أنه وقع في رواية زكريا بن أبي زائدة عند ابن مردويه في "تفسيره": والنجم، على ما هو محفوظ.
(2)
بل تابعه أيضًا سفيان الثوري وزهير بن معاوية كما تقدم في التعليق على الحديث السابق، وهما ثقتان مشهوران، وأما رواية قيس بن الربيع فلم نقف عليها، وهو مع ذلك فيه ضعف.
(3)
حسن بطرقه وشواهده دون قوله: "فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما"، وفي هذا الإسناد مقال كما هو مبيَّن في التعليق على "مسند أحمد" 28/ (17364).
وأخرجه أحمد (17364) و (17412)، وأبو داود (1402)، والترمذي (578) من طرق عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي. وسيأتي برقم (3512).
عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهرَ فَسَجَدَ، فظنَّنا أنه قرأ:{تَنْزِيلُ} السجدة
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وهو سُنَّة صحيحة غريبة: أنَّ الإمام يَسجُد فيما يُسِرُّ بالقراءة مثلَ سجوده فيما يُعلِن
(2)
.
902 -
أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إيَاس، حدثنا شُعْبة.
وأخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الله بن خَيْرانَ وعمرو بن مرزوق قالا: حدثنا شعبة، عن منصور، عن هلال بن يَسَاف، عن عائشة قالت: باتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ليلةً عندي، قالت: ففَقَدتُه فظننتُه أنه ذهب إلى بعضِ نسائه، قالت: فالتَمَستُه فانتهيتُ إليه وهو ساجد، فوضعتُ يدي عليه فسمعتُه يقول:"اغفِرْ لي ما أسرَرتُ وما أعلَنتُ"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
903 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسن العَدْل بمَرْو، حدثنا يحيى بن ساسَوَيهِ الذُّهْلي، حدثنا أبو عمَّار الحسين بن حُرَيث، حدثنا عيسى بن يونس،
(1)
إسناده ضعيف لانقطاعه، سليمان التيمي لم يسمعه من أبي مجلز - وهو لاحق بن حميد - كما صرَّح هو في رواية يزيد بن هارون عنه عند أحمد 9/ (5556)، وسمَّى الواسطة بينهما في رواية ابن المعتمر عنه عند أبي داود (807)، وهو أُمية، وهذا رجل مجهول لا يُعرف.
(2)
بعد أن ثبت ضعف الإسناد، فلا يصحُّ نسبة سُنِّيته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
إسناده صحيح من جهة ابن بالويه، وعبد الرحمن بن الحسن القاضي ضعيف، ولا يضر ذلك لأنه متابع. منصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه أحمد 42/ (25140)، والنسائي في "المجتبى"(1125) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "المجتبى"(1124)، و"الكبرى"(714) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، به.
حدثنا عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نَجلِسُ عند النبي صلى الله عليه وسلم فيقرأُ القرآنَ، فربَّما مَرَّ بسجدةٍ فيَسجُدُ ونسجدُ معه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
وسجودُ الصحابة لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجَ الصلاة سُنَّة عزيزة.
حدَّثنا الحاكم أبو عبد الله محمدُ بن عبد الله الحافظُ إملاءً في ذي القَعْدة سنة أربع وتسعين وثلاث مئة:
904 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سِنَان القزَّاز، حدثنا أبو علي عُبيد الله
(2)
بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا عُبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوهَب، أخبرني إسماعيل بن عَوْن بن عُبيد الله بن أبي رافع، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدِّه، عن علي قال: لما كان يومُ بدرٍ قاتلتُ شيئًا من قتالٍ، ثم جئتُ مُسرِعًا لأنظرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مَا فَعَلَ، فجئتُ فأَجِدُه وهو ساجد يقول:"يا حيُّ يا قَيُّومُ" لا يزيد عليها، فرجعتُ إلى القتال، ثم جئتُ وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبتُ إلى القتال، ثم جئتُ وهو ساجد يقول ذلك، فلم يَزَلْ يقول ذلك حتى فَتَحَ الله عليه
(3)
.
(1)
إسناده صحيح إن شاء الله.
وأخرجه أحمد 8/ (4669) و 10/ (6285)، والبخاري (1075) و (1076) و (1079)، ومسلم (575)، وأبو داود (1412)، وابن حبان (2760) من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهول منه.
وأخرجه أحمد 10/ (6461)، وأبو داود (1413) من طريقين عن عبد الله بن عمر - وهو العمري أخو عبيد الله - عن نافع، به. زاد فيه أبو داود التكبير قبل السجود. وعبد الله العمري ضعيف يُعتبَر به، وقد تفرَّد بذكر التكبير، وذكر عبد الرزاق في روايته عند أبي داود: أنَّ سفيان الثوري كان يعجبه حديث عبد الله هذا؛ قال أبو داود: يعجبه لأنه كبَّر.
(2)
تحرَّف في (ص) و (ع) إلى: عبد الله، مكبَّرًا.
(3)
إسناده ضعيف، عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ليس بذاك القوي، وإسماعيل بن عون =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وليس في إسناده مذكورٌ بجَرْح
(1)
.
905 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَرِيك وأحمد بن إبراهيم بن مِلْحان قالا: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَير، حدثنا الليث، عن ابن الهادِ، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الرحمن بن الحُوَيرِث، عن محمد بن جُبَير، عن عبد الرحمن بن عَوْف قال: دخلتُ المسجدَ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم خارجٌ من المسجد فتَبِعْتُه أَمشي وراءَه وهو لا يَشْعُرُ، حتى دخل نخلًا فاستقبل القِبلةَ فسجد فأطال السجودَ وأنا وراءَه، حتى ظننتُ أنَّ الله قد توفَّاه، فأقبلتُ أَمشي حتى جئتُه فطَأطَاتُ رأسي أنظُرُ في وجهه، فرَفَعَ رأسَه فقال:"ما لكَ يا عبدَ الرحمن؟ " فقلت: لمَّا أطَلْتَ السجودَ يا رسول الله، خَشِيتُ أن يكون تُوفِّيَ نفسُك، فجئت أنظرُ، فقال:"إني لما دخلتُ النخلَ لَقِيتُ جبريلَ فقال: إني أبشِّرُك أنَّ الله يقول: مَن سَلَّمَ عليك سلَّمتُ عليه، ومَن صلَّى عليك صلَّيتُ عليه"
(2)
.
= انفرد بالرواية عنه ابن موهب هذا ففيه جهالة، ومحمد بن سنان القزّاز ليس بذاك القوي أيضًا لكنه متابع، ثم إنه قد اختُلف فيه هل هو من رواية محمد بن عمر بن علي عن أبيه عمر عن عليّ فمتصل، أم من روايته عن جدّه عليّ فمرسل، ومع ذلك فقد حسَّنه الحافظان الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 147 وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 77.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 49 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (662) عن محمد بن المثنى ومحمد بن معمر، عن عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، به.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 23 عن عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، به - فجعله من رواية محمد بن عمر بن علي عن جده علي.
وأخرجه كذلك النسائي (10372)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(214)، وأبو يعلى (530)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 77 من طرق عن عبيد الله الحنفي، به.
(1)
تعقبه الذهبي في "تلخيصه" فقال: القزاز كذّبه أبو داود، وأما ابن موهب فاختلف قولهم فيه، وإسماعيل فيه جهالة.
(2)
حديث حسن إن شاء الله بمجموع طرقه على خلاف في إسناده هذا على عمرو بن أبي عمرو =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
ولا أعلمُ في سجدة الشُّكر أصحَّ من هذا الحديث، وقد خرَّجتُ حديث بكَّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرة بعد هذا
(1)
.
906 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الجَوهَري ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، حدثني الحارث بن سعيد، عن عبد الله بن مُنَين، عن عمرو بن العاص: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأَه خمسَ عشرةَ سجدةً في القرآن: ثلاثةً في المفصَّل، وسورةِ الحجِّ سجدتين
(2)
.
هذا حديث رواتُه مِصريُّون قد احتَجَّ الشيخانِ بأكثرهم
(3)
، وليس في عدد سجود القرآن أتمُّ منه، ولم يُخرجاه.
907 -
أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي بمَرْو، حدثنا أبو الأحوَص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزُّبَيدي، أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سالم، عن الزُّبيدي قال: أخبرني الزُّهْري، عن أبي
= كما هو مبيَّن في التعليق على الحديث في "مسند أحمد" 3/ (1664) وفي "العلل" للدارقطني 4/ 296 (577). وعمرو بن أبي عمرو: هو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، وهو على ثقته ربما وهمَ، ومحمد بن جبير في سماعه من عبد الرحمن بن عوف نظرٌ فيما قاله الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 3/ 303.
وأخرجه أحمد 3/ (1662) و (1663) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (2042) من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف.
(1)
سيأتي عند المصنف برقم (1038) و (7983).
(2)
إسناده ضعيف لجهالة الحارث بن سعيد وعبد الله بن مُنَين.
وأخرجه أبو داود (1401)، وابن ماجه (1057) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
(3)
ليس ذلك إلَّا في سعيد بن أبي مريم ونافع بن يزيد.
سَلَمة وسعيد، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فَرَغَ من أمِّ القرآن، رَفَعَ صوتَه فقال:"آمِين"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، واتَّفقا على
(1)
حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي - وهو ابن زِبريق - مختلف فيه، وهو شيخ الذهلي وأبي حاتم الرازي والبخاري حيث روى عنه في كتابه "الأدب المفرد" عدة أحاديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحَّح له حديثه هذا هو وابن خزيمة وحسّنه الدارقطني في "سننه"، وقال أبو حاتم الرازي: شيخ، ونقل عن ابن معين أنه أثنى عليه خيرًا وقال: الفتى لا بأس به، ولكنهم يحسدونه؛ ولعله يشير إلى ما صدر عن محمد بن عوف الطائي محدّث حمص - وهو من أقران ابن زبريق - من تكذيبه فيما نقله عنه أبو داود، وتابعه أبو داود فقال: ليس هو بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة. قلنا: فهو حسن الحديث إن شاء الله إذا لم يأت بما يُنكر، وعمرو بن الحارث - وهو ابن الضحاك الحمصي - روى عنه أيضًا مولاته علوة ومحمد بن هاشم البعلبكّي وروى عنه محمد بن عوف وجادةً من كتابه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: مستقيم الحديث؛ فهو حسن الحديث.
الزبيدي: هو محمد بن الوليد، وسعيد: هو ابن المسيب، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه ابن حبان (1806)، والدارقطني (1274)، والبيهقي 2/ 58 من طريقين عن إسحاق بن إبراهيم الزبيدي، بهذا الإسناد. وحسَّن الدارقطني إسناده.
وأخرجه الدارقطني (1273) من طريق بحر بن كَنيز السَّقّاء، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده، عن أبي هريرة. وبحر السقاء ضعيف.
وأخرجه بنحوه أبو داود (934)، وابن ماجه (853) من طريق بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عمَّ أبي هريرة، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف لضعف بشر بن رافع وجهالة أبي عبد الله.
وأخرج أحمد 16/ (10449)، والنسائي في "المجتبى"(905)، وابن حبان (1797) من حديث نعيم بن عبد الله المُجمِر: أنه صلَّى وراء أبي هريرة فقرأ أم القرآن، فلما قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين، فقال الناس: آمين
…
الحديث، وفي آخره قال: إني لأشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده صحيح.
ويشهد لحديث أبي هريرة هذا في رفع النبي صلى الله عليه وسلم صوته بآمين غيرُ ما حديثٍ أصحُّها حديث وائل بن حُجر عند أحمد 31/ (18842) وأبي داود (932) وغيرهما، وهو حديث صحيح.
تأمين الإمام وعلى تأمين المأموم وإن أخفاه الإمام
(1)
.
وقد اختار أحمد بن حنبل في جماعة من أهل الحديث بأنَّ التأمين للمأمومِين لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا قال الإمامُ: ولا الضالِّين، فقولوا: آمين".
908 -
حدثنا علي بن عبد الله الحَكِيمي ببغداد، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا أبو عامر العَقَدي، حدثنا فُلَيح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث قال: اشتَكى أبو هريرة - أو غابَ - فصلَّى لنا أبو سعيد الخُدْري، فجَهَرَ بالتكبير حين افتتح الصلاة، وحين ركع، وحين قال: سَمِعَ الله لمن حَمِدَه، وحين رفع رأسَه من السجود، وحين سجد، وحين رفع، وحين قام من الركعتين، حتى قَضَى صلاتَه على ذلك، فقيل له: إنَّ الناس قد اختَلَفوا في صلاتك، فخَرَجَ فقام على المنبر فقال: أيها الناس، إني والله ما أُبالي اختَلَفَت صلاتُكم، أو لم تَختلِف، هكذا رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة، إنما اتَّفقا على حديث غَيْلان بن جَرِير عن مطرِّف عن عِمران بن حُصَين مختصرًا
(3)
، وقد
(1)
لعله يشير إلى حديث مالك عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه"، وهو عند البخاري (780) ومسلم (410)(72)، وإلى حديث أبي صالح عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين
…
"، وهو عند البخاري (782) ومسلم (410)(76).
(2)
إسناده حسن من أجل فليح بن سليمان. أبو عامر العقدي: هو عبد الملك بن عمرو البصري.
وأخرجه أحمد 17/ (11140) عن أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرًا البخاري (825) عن يحيى بن صالح، عن فليح بن سليمان، به.
(3)
هو عند البخاري برقم (786) و (826)، ومسلم برقم (393)، وهو عندهما عن مطرف قال: صلَّيتُ خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران بن حصين، فكان إذا سجد كبَّر، وإذا رفع رأسه =
تفرَّد البخاريُّ
(1)
بحديث عِكْرِمة قال: قلت لابن عباس: صلَّيتُ الظهرَ بالبطحاء خلفَ شيخٍ أحمقَ فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرةً
…
الحديث على الاختصار.
909 -
حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن صفوان الجُمَحي بمكة، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عَمرو بن عَوْن، حدثنا هُشَيم، عن عاصم بن كُلَيب، عن عَلقَمة بن وائل، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رَكَعَ فَرَّجَ بين أصابعه
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
910 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا عبد الله بن إدريسَ، حدثنا عاصم بن كُلَيب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن عَلقَمة، عن عبد الله قال: عَلَّمَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاةَ، قال: فكبَّر، فلما أراد أن يركع طَبَّقَ يديه بين رُكْبتيه فركع. قال: فبَلَغَ ذلك سعدًا فقال: صَدَقَ أخي، كنا نفعلُ هذا ثم أُمِرنا بهذا؛ يعني: الإمساكَ بالرُّكَب
(3)
.
= كبَّر، وإذا نهض من الركعتين كبَّر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكَّرني هذا صلاةَ محمد صلى الله عليه وسلم.
(1)
في "صحيحه" برقم (788).
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، هشيم لم يسمع من عاصم بن كليب فيما قاله الإمام أحمد في "العلل"(1459).
وأخرجه ابن حبان (1920) من طريق الحارث بن عبد الله الهمذاني، عن هشيم، بهذا الإسناد - وزاد فيه: وإذا سجد ضمَّ أصابعه. وهذه الزيادة ستأتي عند المصنف برقم (922).
ويشهد للتفريج بين الأصابع في الركوع حديث أبي حميد الساعدي عند أبي داود (731)، وإسناده حسن.
(3)
إسناده قوي، علقمة: هو ابن قيس النَّخَعي، وعبد الله: هو ابن مسعود.
وأخرجه أحمد 7/ (3974)، وأبو داود (747)، والنسائي (623) من طرق عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.
وأخرج مسلم (534) من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة والأسود: أنهما دخلا على عبد الله بن مسعود فصلَّى بهما فلما ركع طبَّق بين يديه ثم جعلهما بين فخذيه، فلما صلَّى قال: =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّيَاقة، إنما اتَّفقا على حديث إسماعيل بن أبي خالد عن مُصعَب بن سعد عن أبيه قال: كنا نُطبِّق ثم أُمِرْنا بالرُّكَب
(1)
.
911 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المُغِيرة.
وأخبرنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا محمد شاذانَ، حدثنا قُتَيبة؛ قالا: حدثنا جَرِير، عن عطاء بن السائب، عن سالم البَرَّاد قال: أَتَينا عُقْبَةَ بن عَمْرو أبا مسعود فقلنا: حدِّثنا عن صلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا في المسجد فكبَّر، فلما ركع كبَّر ووَضَعَ راحتَيهِ على رُكْبتيه وجعل أصابعَه أسفلَ من ذلك ثم جافَى مِرفَقَيهِ، ثم قال: هكذا رأَينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم[يَفعَل
(2)
]
(3)
.
هذا حديث صحيح الإسناد وفيه ألفاظٌ عزيزة، ولم يُخرجاه لإعراضِهما عن عطاء بن السائب
(4)
.
= هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر "مسند أحمد" 6/ (3588).
(1)
هكذا وقع عند المصنف، والصواب: إسماعيل بن أبي خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد عن أبيه، وهو من هذا الطريق عند مسلم برقم (535)(30)، أما البخاري فأخرجه (790) من طريق أبي يعفور - وهو وَقْدان العبدي الكوفي - عن مصعب بن سعد عن أبيه.
(2)
مكان لفظ "يفعل" في نسخنا الخطية بياض، وأثبتناه من "تلخيص الذهبي".
(3)
إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وهو ممَّن روى عن عطاء بن السائب بعد اختلاطه، لكن تابعه على روايته هذه غيرُ واحدٍ ممَّن روى عن عطاء في الصِّحة قبل اختلاطه، فصحَّ الحديث.
وأخرجه أبو داود (863) عن زهير بن حرب، عن جرير، بهذا الإسناد - بأطول مما هنا.
وأخرجه أحمد 28/ (17076) و (17081) و 37/ (22359)، والنسائي (628) و (629) من طرق عن عطاء بن السائب، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض.
(4)
قد روى له البخاري حديثًا واحدًا برقم (6578) مقرونًا بغيره، وهو حديث موقوف على ابن عباس.
911 م - سمعتُ أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّورِي يقول: سألتُ يحيى بن مَعِينٍ عن عطاء بن السائب، فقال: ثِقةٌ.
912 -
حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزَاعي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرَّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا موسى بن أيوب قال: سمعت عمِّي إياسَ بن عامر يقول: سمعت عُقْبةَ بن عامر الجُهَني يقول: لما نَزَلَت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعَلُوها في رُكوعِكم"
(1)
.
913 -
أخبرنا الحسن بن محمد بن حَلِيم المروَزي، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، أخبرنا موسى بن أيوب، عن عمِّه، عن عُقْبة بن عامر قال: لما نَزَلَت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوها في رُكوعِكم"، فلما نَزَلَت:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعَلُوها في سُجودِكم"
(2)
.
هذا حديث حِجازيٌّ صحيح الإسناد، وقد اتَّفقا على الاحتجاج برُواتِه غيرِ إياس بن عامر وهو عمُّ موسى بن أيوب الغافقي، ومستقيم الإسناد
(3)
، ولم يُخرجاه بهذه
(1)
إسناده حسن من أجل إياس بن عامر.
وأخرجه أحمد 28/ (17414) عن أبي عبد الرحمن - وهو عبد الله بن يزيد المقرئ - بهذا الإسناد. بمثل حديث عبد الله بن المبارك التالي.
وسيأتي كذلك عند المصنف برقم (3825) من طريق السري بن خزيمة عن المقرئ.
(2)
إسناده حسن كسابقه. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه أبو داود (869)، وابن ماجه (887)، وابن حبان (1898) من طرق عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (870) من طريق الليث بن سعد، عن أيوب بن موسى أو موسى بن أيوب، عن رجل من قومه، عن عقبة بن عامر، بمعناه وفيه زيادة.
(3)
وموسى بن أيوب أيضًا لم يحتجَّا به ولم يرويا له شيئًا.
السِّياقة، إنما اتَّفقا على حديث الأعمش عن سَعْد بن عُبيدة عن المُستَورِد بن الأحنف عن صِلَة بن زُفَر عن حُذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: "سبحانَ ربِّيَ العظيم"
(1)
.
وصلى الله على محمد وآله.
914 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المُزكِّي بمَرْو، حدثنا أحمد بن محمد البِرْتي، حدثنا القَعنبَي، فيما قَرأَ على مالك.
وأخبرني أحمد بن محمد بن سَلَمة، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا مالك.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قال: قرأتُ على عبد الرحمن بن مَهدِي، عن مالك، عن نُعَيم بن عبد الله المُجمِر، عن علي بن يحيى بن خلَّاد الزُّرَقي، عن أبيه، عن رِفاعةَ بن رافع الزُّرَقي، أنه قال: كنا يومًا نصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رَفَعَ رأسَه من الركعة قال:"سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه" قال رجل: ربَّنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيه، فلمّا انصَرَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن المتكلِّمُ آنِفًا؟ " قال الرجل: أنا يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رأيتُ بِضْعًا وثلاثين مَلَكًا يَبتدِرُونَها أَيُّهم يَكتُبُها"
(2)
.
(1)
هو عند مسلم (772) وحده دون البخاري، وهو ضمن حديث، وسيأتي عند المصنف برقم (1216) من طريق طلحة بن يزيد الأنصاري عن حذيفة.
(2)
إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 31/ (18996).
وأخرجه البخاري (799)، وأبو داود (770) عن عبد الله بن مَسلَمة القعنبي، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ.
وأخرجه النسائي (653)، وابن حبان (1910) من طريقين عن مالك، به.
وأخرجه بنحوه أبو داود (773)، والترمذي (404)، والنسائي (1005) من طريق معاذ بن رفاعة، عن أبيه رفاعة، وفيه أنه هو القائل: الحمد لله حمدًا كثيرًا
…
إلخ. وإسناده حسن، وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (5093). =
هذا حديث صحيح من حديث المدنيين، ولم يُخرجاه!
915 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا عارِمُ بن الفضل، حدثنا ثابت بن يزيد، حدثنا هلال بن خَبَّاب، عن عِكْرمة، عن ابن عباس قال: قَنَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابِعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، في دُبُر كل صلاة إذا قال:"سَمِعَ الله لمن حَمِدَه" صلَّى الركعةَ الآخِرَةَ، يدعو على حيٍّ من بني سُلَيم على رِعْل وذَكوان وعُصَيَّة، ويُؤمِّن مَن خلفَه، وكان أرسَلَ إليهم يَدعُوهم إلى الإسلام، فقتلوهم. قال عكرمة: هذا مِفتاح القُنوت
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ.
916 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بُطَّة الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، حدثنا مُحْرِز بن سَلَمة العَدَني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يَضَعُ يديه قبل رُكبتَيهِ وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلُ ذلك
(2)
.
= قوله: "يبتدرونها" أي يتسابقون أيهم يكتب هذه الكلمات أولًا، لما لها من الفضل والقَبول عند الله تعالى.
(1)
إسناده صحيح. عارم: لقب، واسمه محمد بن الفضل.
وأخرجه أحمد 4/ (2746)، وأبو داود (1443) من طرق عن ثابت بن يزيد، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده فيه مقال والراجح ضعفُه، عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراورْدي - ليس به بأس إلّا أنَّ في حفظه شيئًا، وقد تكلم في روايته عن عبيد الله بن عمر بخاصة أحمدُ وأبو داود والنسائي، فقال أحمد: ربما قلب حديث عبد الله بن عمر - يعني العمري - يرويها عن عبيد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر العمري ضعيف، وقال النسائي: حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر. قلنا: وقد خولف فيه كما سيأتي.
وأخرجه البيهقي 2/ 100 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. ووهَّم البيهقي فيه عبد العزيز الدراوردي، وذهب إلى أنَّ المشهور عن عبد الله بن عمر في هذا ما رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه - كما في الحديث الآتي عند المصنف (919) واللفظ له - قال:"إنَّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما" ثم قال: والمقصود منه وضع اليدين في السجود لا التقديم فيهما، والله تعالى أعلم. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله معارِضٌ من حديث أنس ووائل بن حُجْر.
أما حديث أنس:
917 -
فحدثنا العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدُّورِي، حدثنا العلاء بن إسماعيل العطَّار، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن عاصم الأحوَل، عن أنس قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَبَّر فحاذَى بإبهامَيهِ أُذُنيه، ثم ركع حتى استَقرَّ كلُّ مَفصِلٍ منه، وانحَطَّ بالتكبير حتى سَبَقَت رُكْبتاه يديه
(1)
.
= وأخرجه أبو داود في "سننه" برواية ابن العبد - كما في "تحفة الأشراف"(8030) - وابن خزيمة (627)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 254، وابن المنذر في "الأوسط"(1425)، والدارقطني في "سننه"(1303) من طريق أصبغ بن الفرج، والحازمي في "الاعتبار" ص 77 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن عبد العزيز الدراوردي، به. وعلقه البخاري بين يدي الحديث (803) مختصرًا. وقال أبو داود بإثر روايته الحديث: روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير.
وأخرجه على خلافه ابن أبي شيبة في "المصنف" 1/ 263 عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أبي ليلى، عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه. ولم يأثره إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - من فقهاء الكوفة صدوق إلّا أنه كان سيئ الحفظ.
(1)
إسناده حسن إن شاء الله تعالى، العلاء بن إسماعيل روى عنه ثلاثة الحفاظ وهم: عباس بن محمد الدوري وابن أبي خيثمة ومحمد بن أيوب - وهو ابن الضُّريس - ذكر الثالثَ ابنُ منده في "فتح الباب في الكنى والألقاب"(1947)، والعلاء لم يجرحه أحد، وقد جاء ما يشهد لحديثه هذا، وأما ابن القيم فقد جهَّله في "زاد المعاد" 1/ 229، وقال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 2/ 60: لا يُعرَف حاله، ولذلك قال أبو حاتم الرازي لما سأله ابنه عن حديثه هذا في كتاب "العلل" (539): هذا حديث منكر. يعني أنه تفرَّد به، وأشار إلى تفرده به الدارقطني والبيهقي.
وأخرجه البيهقي 2/ 99 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1308)، ومن طريقه الضياء المقدسي في "المختارة"(2310) عن إسماعيل الصفّار، عن العباس بن محمد، به. =
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له عِلَّةً، ولم يُخرجاه.
وأما حديث وائل بن حُجْر:
918 -
فأخبرَناه أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شَرِيك، عن عاصم بن كُلَيب، عن أبيه، عن وائل بن حُجْر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد تقعُ ركبتاه قبل يديه، وإذا رفع رفع يديه قبل رُكْبتيه
(1)
.
= وأخرجه ابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه"(81)، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 4/ 129 عن العلاء بن إسماعيل، به.
ويشهد لمحاذاة الإبهامين للأذنين حديث وائل بن حجر عند أحمد 31/ (18849)، وأبي داود (724)، والنسائي (955).
وحديث مالك بن الحُويرث عند أحمد 24/ (15600)، ومسلم (391)، وغيرهما.
ويشهد لقوله: "ركع حتى استقر كل مفصل منه" حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو عند أحمد 28/ (17076)، وأبي داود (863)، والنسائي (629)، وفيه:"حتى استقرَّ كل شيء منه". وإسناده صحيح.
ويشهد لقوله: "سبقت ركبتاه يديه" حديث وائل بن حجر التالي عند المصنف.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن شاء الله، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - متكلَّم فيه من قِبَل حفظه، لكنه لم ينفرد بحديث وائل بن حجر هذا، فقد تابعه عليه شقيق أبو ليث عند أبي داود في "السنن"(839) و"المراسيل"(42)، إلّا أنه جعله من رواية كليب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وشقيق هذا لا يُعرَف بغير رواية همام بن يحيى عنه، وقد روي الحديث من وجه آخر عن وائل بن حجر كما سيأتي، فهذا كله مما يقوي رواية شريك، والله تعالى أعلم.
وأما حديث شريك فأخرجه أبو داود (838)، وابن ماجه (882)، والترمذي (268)، والنسائي (680)، وابن حبان (1912) من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي وقال: العمل عليه عند أكثر أهل العلم.
وأخرجه أبو داود (736) و (839) من طريق حجاج بن منهال، عن همام العَوْدي، عن محمد بن جُحادة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه وائل بن حجر. وعبد الجبار بن وائل كان غلامًا لا =
قد احتَجَّ مسلمٌ بشَريك وعاصم بن كُلَيب.
ولعلَّ متوهِّمًا يتوهَّم أن لا معارضَ لحديثٍ صحيح الإسناد بإسنادٍ آخر صحيح، وهذا المتوهِّم ينبغي أن يتأمَّل كتاب "الصحيح" لمسلم حتى يَرَى من هذا النوع ما يَمَلُّ منه، فأما القلبُ في هذا فإنه إلى حديث ابن عمر أميَلُ، لرواياتٍ في ذلك كثيرةٍ عن الصحابة والتابعين
(1)
.
919 -
أخبرنا محمد بن يزيد العَدْل، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا المؤمَّل بن هشام، حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رَفَعَه قال: "إنَّ
= يعقل صلاة أبيه كما ذكر عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عند أبي داود (723) في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدَّثه بها أخوه علقمة بن وائل عن أبيه، وذكر بينهما علقمةَ همامٌ أيضًا عند مسلم (401) من رواية عفان عنه في صفة جزء من الصلاة، وقصة الوقوع على الركبتين قبل اليدين جزء من حديث الصلاة، فإن ثبت أنَّ علقمة بن وائل بين عبد الجبار وأبيه في هذه القصة - وهو ما يغلب على الظن - فإنَّ حديث وائل هذا صحيح بلا ريب، والله تعالى أعلم.
وبقي في هذا الباب مما لم يذكره المصنف حديث أبي هريرة الذي رواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يَبرُكْ كما يَبرُك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه" أخرجه أحمد 14/ (8955)، وأبو داود (840)، والنسائي (682). وعبد العزيز الدراوردي ليس بذاك في الحفظ والضبط، وقد خالفه من هو مثله أو فوقه، وهو عبد الله بن نافع الصائغ فرواه عن محمد بن عبد الله بن حسن بهذا الإسناد ولم يذكر فيه قوله:"وليضع يديه قبل ركبتيه"، أخرجه من طريقه أبو داود (841)، والترمذي (269)، والنسائي (681)، ولما ذكر البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 139 حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي هذا في ترجمة محمد بن عبد الله بن حسن قال: لا يتابع عليه.
والمسألة في الوقوع على الركبتين قبل اليدين أو العكس، فيها خلاف قديم بين أهل العلم، انظر "زاد المعاد" لابن القيم 1/ 229 - 231.
(1)
قد وقع الخلاف في هذه المسألة كما ذكرنا آنفًا، وأما حديث ابن عمر الذي مال إليه المصنف فالراجح ضعفُه كما سبق.
اليدَينِ تَسجُدانِ كما يَسجُدُ الوجهُ، فإذا وَضَعَ أحدُكم وجهَه فليَضَعْ يديه، وإذا رَفَعَه فليَرفَعهُما"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا
(2)
على حديث محمد بن إبراهيم التَّيْمي عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سجد العبد سجد معه سبعة آرابٍ
…
" الحديث.
920 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا الفضل بن عبد الجبَّار، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الحسين بن واقد، حدثني أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبِيعي قال: سمعت البَرَاءَ بن عازِبٍ يقول: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسجُدُ على أَلْيَتَيِ الكفِّ
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
921 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا القَعنَبي، حدثنا داود بن قيس، عن عبيد الله بن عبد الله بن أَقرَمَ، عن أبيه: أنه كان مع أبيه بالقاعِ
(1)
إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن عُليَّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختِياني.
وأخرجه أحمد 8/ (4501)، وأبو داود (892)، والنسائي (683) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.
(2)
بل هو عند مسلم (891) دون البخاري، وإنما اتفقا على حديث طاووس عن ابن عباس رفعه: "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظُم
…
" الحديث، وهو عند البخاري برقم (809) و (812)، ومسلم (490).
(3)
ضعيف مرفوعًا، الحسين بن واقد على ثقته له أوهام، وهذا منها، فقد خالفه سفيان الثوري وشعبة - وهو ثقتان جليلان - عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 261، فروياه عن أبي إسحاق السبيعي موقوفًا على البراء بن عازب قال: السجود على أَلْية الكفَّين، وهو الصواب.
وأما حديث حسين بن واقد فقد أخرجه أحمد 30/ (18604)، وابن حبان (1915) من طريقين عنه، به.
من نَمِرةَ، فإذا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي، فكنت أنظُرُ إلى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كلَّما سَجَدَ
(1)
.
هذا حديث صحيح على ما أصَّلتُه في تفرُّد الابن بالرواية عن أبيه.
922 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا أحمد بن علي الأبَّار، حدثنا الحارث بن عبد الله الخازن، حدثنا هُشَيم، عن عاصم بن كُلَيب، عن عَلقَمة بن وائل، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إِذا سَجَدَ ضَمَّ أصابعَه
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
923 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا عُبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزُّهْري، حدثنا عمِّي، حدثنا أَبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني مِسعَر بن كِدَام عن آدم بن علي البَكْري، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَبسُطْ ذراعَيكَ وادَّعِمْ على راحتَيكَ، وتجافَ عن ضَبْعَيكَ، فإنك إذا فعلتَ ذلك سجد كلُّ عُضوٍ معك منك"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن مثنى العنبري، والقعنبي: هو عبد الله بن مَسلَمة بن قَعنَب.
وأخرجه أحمد 26/ (16401 - 16403)، وابن ماجه (881)، والترمذي (274)، والنسائي (699) من طرق عن داود بن قيس، بهذا الإسناد.
والعُفْرة، بضم العين وتُفتَح: بياض غير خالص، وأراد منبت الشَّعر من الإبطين.
(2)
إسناده ضعيف لانقطاعه، هشيم لم يسمع من عاصم بن كليب، نصَّ عليه الإمام أحمد في "العلل"(1459).
وأخرجه ابن حبان (1920) عن الحسن بن سفيان، عن الحارث بن عبد الله الهمْذاني، بهذا الإسناد - وزاد فيه: كان إذا ركع فرَّج أصابعه. وهذه الزيادة سلفت عند المصنف برقم (909). وقد جاء عن غير واحد من السلف: أنه أمر بضم الأصابع عند السجود، انظر "مصنف ابن أبي شيبة" 1/ 260 و 264، و"الأوسط" لابن المنذر (1433).
(3)
صحيح موقوفًا على ابن عمر، وهذ إسناد حسن.
وأخرجه ابن خزيمة (645)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 227، والضياء في "المختارة"(213) =
قد احتَجَّ البخاريُّ بآدم بن علي البَكْري واحتَجَّ مسلم بمحمد بن إسحاق، وهذا صحيح، ولم يُخرجاه.
924 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا محمد بن عمرو بن النَّضْر الحَرَشي، حدثنا إبراهيم بن نَصْر السُّورِيني.
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصَّيدَلاني، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا يحيى بن المغيرة وأحمد بن منصور؛ قالوا: حدثنا النَّضْر بن شُمَيل، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن البَرَاء بن عازِب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى جَخَّ
(1)
.
سمعت أبا زكريا العَنبَري يقول: جَخَّ الرجلُ في صلاته: إذا مَدَّ ضَبْعَيه ويُجافي في الركوع والسجود.
= من طريق عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (1914)، والضياء (214) من طريق عبد الله بن سعد (أخي عبيد الله) عن أبيه وعمه، عن أبيهما (وهو إبراهيم بن سعد) عن ابن إسحاق، به.
وخالف سفيان الثوري عند عبد الرزاق في "مصنفه"(2927)، وأبو حنيفة الإمام عند أبي يوسف في "الآثار"(263)، كلاهما عن آدم بن علي: أنَّ ابن عمر رآه يصلي لا يجافي عن الأرض بذراعيه فقال له: لا تبسط بسطَ السَّبُع، وادَّعِم على راحتيك
…
إلخ. هكذا روياه موقوفًا، والقول قولهما.
قوله: "وادَّعِمْ" أي: اتَّكِئ، وأصله: ادْتَعِم، فأُدغمت التاء في الدال.
وتجافَ، أي: باعِد، والضَّبْع: العَضُد، أي: باعد عضديك عن جنبيك.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق.
وأخرجه النسائي (696) عن عبدة بن عبد الرحيم، عن النضر بن شميل، بهذا الإسناد. وصحَّحه ابن خزيمة (647).
وأخرج أحمد 30/ (18701)، وأبو داود (896)، والنسائي (695) من طريق شريك النخعي، عن أبي إسحاق، عن البراء: أنه وصف السجود قال: فبَسَط كفَّيه ورفع عَجِيزتَه وخوَّى، وقال: هكذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم. واللفظ لأحمد، وخوَّى بمعنى: جخَّ، أي: باعَدَ مرفقيه وعَضُدية عن جنبيه. وشريك حسن الحديث في المتابعات والشواهد.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، وهو أحدُ ما يُعَدُّ في أفراد النَّضْر بن شُمَيل
(1)
.
وقد حدَّث به زهيرُ بن معاوية عن أبي إسحاق عن أَزْبِدةَ التميمي عن البراء عن ابن عبَّاس:
925 -
أخبرَناه أبو بكر محمد بن المؤمَّل، حدثنا الفضل بن محمد الشَّعْراني، حدثنا النُّفَيلي، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن التَّميمي الذي يحدِّث بالتفسير عن ابن عباس قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من خلفِه فرأيت بياضَ إبْطَيهِ وهو مُجَخٍّ قد فرَّج يديه
(2)
.
926 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عَبْد الله بن عبد الله بن الأصَمِّ، عن عمِّه يزيد بن الأصمِّ، عن أبي
(1)
لم ينفرد به النضر، فقد تابعه عليه عن يونسَ هارونُ بن عمران الأنصاري عند الرُّوياني في "مسنده"(299)، والحسنُ بن قتيبة عند ابن الأعرابي في "معجمه"(464)، لكن الحسن بن قتيبة متروك، أمّا هارون بن عمران فلا بأس به كان فقيهًا مفتيًا.
(2)
صحيح لغيره وهذا إسناد محتمل للتحسين، فأربدة التميمي - وإن انفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السَّبيعي - كان يجالس ابنَ عباس والبراءَ بن عازب، وروى عن ابن عباس جملةً من التفسير كثيرة، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، واحتمل الناس حديثه كما قال ابن البَرقي، ثم إنه قد توبع، ولحديثه هذا شواهد تقوِّيه، منها الحديث السابق.
النفيلي: عبد الله ابن محمد، وزهير: هو ابن معاوية.
وأخرجه أبو داود (899) عن النفيلي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/ (2405) عن حسن بن موسى، عن زهير، به.
وأخرجه أحمد أيضًا 4/ (2662) و (2753) و (2781) و 5/ (3197) من طرق عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 3/ (2073) من طريق ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس.
وفي الباب عن عبد الله بن بُحينة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرَّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه. أخرجه البخاري (390) ومسلم (495).
هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سَجَدَ رُئِيَ وَضَحُ إِبْطَيه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يُخرجاه.
ورواه ابن عُيَينة، فخالف عبدَ الواحد فيه:
927 -
حدَّثَناه علي بن عيسى، حدثنا أحمد بن نَجْدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن ابن الأصمِّ، عن عمِّه، عن ميمونةَ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد لو شاءت بَهْمةٌ أن تمرَّ بين يديه لمرَّت
(2)
.
928 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أبو بكر محمد بن عيسى الطَّرَسُوسي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني عُمَارة بن غَزِيَّة قال: سمعت أبا النَّضْر يقول: سمعت عُرْوةَ بن الزُّبير يقول: قالت عائشة زوجُ النبي صلى الله عليه وسلم: فَقَدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وكان معي على فِراشي، فَوَجَدتُه ساجدًا راصًّا عَقِبَيهِ مستقبِلًا بأطراف أصابعه القِبلَة، فسمعته يقول:"أعوذُ برِضاكَ من سَخَطِك، وبعَفْوِك من عقوبتِك، وبك منك، أُثْني عليك لا أَبْلُغُ كل ما فيك" فلما انصرف قال: "يا عائشة، أخَذَكِ شيطانُك" فقلت: أمَا لك شيطان؟ قال: "ما من آدميٍّ إلَّا له شيطانٌ" فقلت: وأنت يا رسول الله؟ قال: "وأنا، لكنِّي دَعَوتُ اللهَ عليه فأسلَمَ"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري.
وتابع مسدَّدًا عليه موسى بنُ سلمة التبوذكي عند البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 129.
وخالف سفيانُ بن عيينة عن ابن الأصم - كما في الحديث التالي - فجعله من حديث ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه كذلك مروان بن معاوية الفزاري عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم عن يزيد بن الأصم عن ميمونة، وجعفر بن بُرقان عن يزيد بن الأصم عن ميمونة، وكلاهما عند مسلم (497)، وانظر "مسند أحمد" 44/ (26818). والخلاف في صحابي الحديث لا يضرُّ.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 44/ (26809)، ومسلم (496)، وأبو داود (898)، وابن ماجه (880)، والنسائي (701) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
(3)
إسناده حسن. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، لا أعلمُ أحدًا ذكر ضمَّ العَقِبين في السجود غيرَ ما في هذا الحديث.
929 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغاني، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أَبي، عن تَمِيم بن محمود، عن عبد الرحمن بن شِبْل قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن نَقْرة الغُراب، وافتراشِ السَّبُع، وأن يُوطِنَ الرجلُ المكانَ كما يُوطِنُه البعيرُ
(1)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه لما قدَّمتُ ذِكرَه من التفرُّد عن الصحابة بالرواية
(2)
.
930 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا شعيب بن الليث بن سعد، حدثنا أَبي، عن محمد بن عَجْلان، عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قال: شَكَا أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَشَقَّةَ
= وأخرجه ابن حبان (1933) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرج نحوه - دون قوله: فلما انصرف قال
…
- أحمد 42/ (25655)، ومسلم (486)، وأبو داود (879)، وابن ماجه (3841)، والنسائي (7701)، وابن حبان (1932) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة، عن عائشة. إلَّا أنه لم يذكر فيه رصَّ العقبين، وإنما قال فيه: وهما - أي: قدماه - منصوبتان. وهذا أصح.
وأخرج آخره - في قصة الشيطان - أحمد 41/ (24845)، ومسلم (2815) من طريق يزيد بن قسيط، عن عروة، عن عائشة.
وأخرجه بنحوه النسائي (8858) من طريق عبادة بن الوليد بن عبادة، عن عائشة.
(1)
إسناده فيه لين من أجل تميم بن محمود. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.
وأخرجه أحمد 24/ (15532) و (15667)، وابن ماجه (1429)، وابن حبان (2277) من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (15533)، وأبو داود (862)، والنسائي (700) من طريقين عن جعفر والد عبد الحميد، به.
(2)
انظر التعليق على هذه المسألة عند الحديث (97).
السجود عليهم إذا انفَرَجُوا، فقال:"استَعِينوا بالرُّكَب".
قال ابن عَجْلانَ: وذلك أن يَضَعَ مِرفَقَيهِ على رُكْبتيه إذا أطال السجودَ ودَعَا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
931 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا أبو صالح الحَكَم بن موسى القَنطَري، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كَثير، عن عبد الله بن أبي قَتَادة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسوأُ الناسِ سرقةً الذي يَسرِقُ صلاتَه" قالوا: يا رسول الله، كيف يسرقُ صلاتَه؟ قال:"لا يُتِمُّ ركوعَها ولا سجودَها"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، والذي عندي أنهما لم يخرجاه لخلافٍ فيه بين كاتب الأوزاعي والوليد بن مسلم.
932 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، حدثنا عُبيد بن عبد الواحد، حدثنا هشام بن عمّار، حدثنا عبد الحميد بن أبي العِشْرِين، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كَثير،
(1)
خولف ابن عجلان في هذا الحديث فرواه غيره مرسلًا، وهو الراجح كما سيأتي. أبو صالح: هو ذكوان السَّمّان.
وأخرجه أحمد 14/ (8477)، وأبو داود (902)، والترمذي (286)، وابن حبان (1918) من غير طريقين عن الليث بن سعد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا 15/ (9403) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، عن ابن عجلان، به.
وقد خالف ابنَ عجلان فيه سفيانُ الثوري وسفيان بن عيينة وغيرهما، فرووه عن سُميٍّ عن النعمان بن أبي عياش - وهو تابعي - عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهذا الذي صوَّبه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 203، وأبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه (546)، والدارقطني في "العلل"(1883)، والترمذي في "سننه"(286)، ورجاله على إرساله ثقات.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 37/ (22643) عن الحكم بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا (22642) عن محمد بن النُّوشجان عن الوليد بن مسلم، به.
وانظر ما بعده.
حدثني أبو سَلَمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أسوأَ الناسِ سرقةً الذي يَسرِقُ صلاتَه" قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرقُ صلاتَه؟ قال:"لا يُتِمُّ ركوعَها وسجودَها"
(1)
.
كلا الإسنادين صحيحان، ولم يُخرجاه.
933 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حَنبَل، حدثني أَبي، حدثنا عبد الرزاق.
وأخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمَر، عن إسماعيل بن أُميَّة، عن نافع، عن ابن عمر قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جَلَسَ الرجلُ في الصلاة أن يَعتمِدَ على يده اليسرى.
وفي حديث إسحاق: أن يَعتمِدَ الرجلُ على يديه في الصلاة
(2)
.
(1)
إسناده جيد.
وأخرجه ابن حبان (1888) عن القطان - وهو الحسين بن عبد الله بن يزيد عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(2)
إسناده صحيح. عبد الله بن محمد: هو ابن شيرويه الأزدي، وشيخه إسحاق: هو ابن راهويه.
وهو في "مصنف عبد الرزاق"(3054)، وفي "مسند أحمد" 10/ (6347)، وفيه عندهما: على يديه في الصلاة.
وأخرجه أبو داود (992) عن أحمد بن حنبل وآخرين، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وسيأتي برقم (1020) من طريق هشام بن يوسف الصنعاني عن معمر، وزاد فيه:"إنها صلاة اليهود". وهشام ثقة متقن.
وأخرج أبو داود (994) من طريق هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر: أنه رأى رجلًا يتَّكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة فقال له: لا تجلس هكذا، فإنَّ هكذا يجلس الذين يعذَّبون. هكذا وقفه هشام بن سعد، وهو ممّن يعتبر به على أوهامٍ له.
وانظر حديث عمرو بن الشريد عن أبيه الآتي عند المصنف برقم (7896).
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
934 -
أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببُخارَى، حدثنا سهل بن المتوكِّل البُخاري، حدثنا العلاء بن عبد الجبار العطَّار، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحسن بن عُبيد الله، عن عبد الرحمن بن الأسوَد، عن أبيه، عن عبد الله قال: من سُنَّة الصلاة أن يُخفِيَ التشهُّدَ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وله شاهد بإسناد صحيح عن عائشة:
935 -
حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا حفص بن غِيَاث، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة قالت: نزلت هذه الآيةُ في التشهُّد {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]
(2)
.
936 -
أخبرنا أبو الفضل الحسن
(3)
بن يعقوب العَدْل، حدثنا السَّريُّ بن خُزَيمة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة، عن أبي هانئ، عن أبي علي الجَنْبي، عن فَضَالة بن عُبيد الأنصاري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا صلَّى لم يَحمَدِ اللهَ ولم
(1)
إسناده صحيح. وسيأتي برقم (1000) من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود.
وأخرجه البيهقي 2/ 146 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(2)
صحيح الإسناد شاذُّ المتن، فقد انفرد حفص بن غياث في قوله: في التشهد، وخالفه جمع من ثقات أصحاب هشام بن عروة فقالوا فيه: في الدعاء، هكذا أخرجه البخاري (4723) و (6327) و (7526)، ومسلم (447)، والنسائي (11238) من طرق عن هشام بن عروة، به. وهو المحفوظ، وهو - كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" - أعمُّ من أن يكون ذلك داخل الصلاة أو خارجها.
وأما حديث حفص بن غياث فأخرجه الطبري في "تفسيره" 15/ 187، وابن خزيمة في "صحيحه"(707)، ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 195.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: الحسين، بياء، والتصويب في "إتحاف المهرة" 12/ 655، وله ترجمة في "سير أعلام النبلاء" 15/ 433.
يُمجِّدْه، ولم يُصَلِّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وانصَرَفَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عَجِلَ هذا" فَدَعَاه، فقال له ولغيره:"إذا صلَّى أحدُكم فليَبدَأْ بتمجيد ربِّه والثناءِ عليه، وليُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يَدعُو بما شاءَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
937 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى التِّنِّيسي، حدثنا عمرو بن أبي سَلَمة، حدثنا زهير بن محمد المكِّي، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسلِّم في الصلاة تسليمةً واحدةً تِلقاءَ وجهِه يميلُ إلى الشِّقِّ الأيمن قليلًا شيئًا
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. حيوة: هو ابن شُريح، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ، وأبو علي الجنبي: هو عمرو بن مالك. وسيأتي الحديث برقم (1002).
وأخرجه أحمد 39/ (23937)، وأبو داود (1481)، والترمذي (3477)، وابن حبان (1960) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي (1208) من طريق عبد الله بن وهب، عن حيوة بن شريح، به.
وأخرجه بنحوه الترمذي (3476) من طريق رِشدين بن سعد، عن أبي هانئ الخولاني، به.
(2)
إسناده فيه لِين، زهير بن محمد رواية الشاميين عنه غير مستقيمة، وعمرو بن أبي سلمة شامي، وأحمد بن عيسى ضعيف إلَّا أنه متابَع.
فقد أخرجه الترمذي (296) عن محمد بن يحيى النيسابوري، وابن حبان (1995) من طريق ابن أبي السَّري، كلاهما عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (919) من طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني - صنعاء دمشق - عن زهير بن محمد، به. وعبد الملك الصنعاني ليِّن الحديث.
ورواه بقيّ بن مخلد في "مسنده" من رواية عاصم، عن هشام بن عروة به. قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 270: وعاصم عندي هو ابن عمر، وهو ضعيف، ووهمَ من زعم أنه ابن سليمان الأحول، والله أعلم. قلنا: يعني بالزاعم شيخه ابن الملقِّن في "البدر المنير" 4/ 53، ولم يسوقا لفظه.
وقد رواه بَهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة، وبيَّن فيه أنَّ هذه التسليمة =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
وقد رواه وُهَيب بن خالد، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة: أنها كانت تُسلِّم تسليمةً واحدةً
(1)
.
وقد اتَّفق الشيخان على الاحتجاج بعمرو بن أبي سَلَمة وزهير بن محمد
(2)
.
938 -
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد العَبْدي، حدثنا يوسف بن عَدِيٍّ، حدثنا مُبشِّر بن إسماعيل الحَلَبي سنة خمس وسبعين، عن الأوزاعي.
وحدثنا أبو علي الحسين بن الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسين بن مُكرَم بالبصرة، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا الأوزاعي، عن قُرَّة بن عبد الرحمن بن حَيْوِيل، عن الزُّهْري، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حَذْفُ السلامِ سُنَّة"
(3)
.
= الواحدة كانت في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، أخرجه أحمد 43/ (25987) و (25988) وغيره، وإسناده حسن، وهذا أصح من حديث زهير بن محمد.
قال الترمذي: وقد قال به (أي: بالتسليمة الواحدة) بعضُ أهل العلم في التسليم في الصلاة، وأصحُّ الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمتان، وعليه أكثرُ أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومَن بعدهم، ورأى قومٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم تسليمةً واحدة في المكتوبة، قال الشافعي: إن شاء سلَّم تسليمةً واحدة، وإن شاء سلَّم تسليمتين.
(1)
أخرجه من هذا الطريق ابن خزيمة (730)، وابن المنذر في "الأوسط"(1541)، وإسناده صحيح. وتابع وهيبًا عليه عبد الوهاب بن عبد المجيد عند البيهقي 2/ 179، ويحيى بن سعيد عند ابن أبي شيبة 1/ 301. وهذا موقوف عليها.
(2)
إلَّا أنهما لم يخرِّجا لعمرو عن زهير حديثًا، لمَا وقع من الكلام في رواية أهل الشام عن زهير، وعمرٌو شامي.
(3)
إسناده ضعيف لضعف قرة بن عبد الرحمن.
وأخرجه أحمد 16/ (10885)، وعنه أبو داود (1004) عن محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد استَشهَد بقُرَّة بن عبد الرحمن في موضعين من كتابه، وقد أَوقَفَ عبدُ الله بن المبارَك هذا الحديث عن الأوزاعي:
939 -
أخبرَناه أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري، حدثنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، عن الأوزاعي، عن قُرَّةَ بن عبد الرحمن، عن الزُّهْري، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: حذفُ السلامِ سُنَّة
(1)
.
939 م - سألتُ أبا زكريا العَنبَري - وحدثنا به عن أبي عبد الله البُوشَنْجي - عن حذف السلام، قال: أن لا يمدَّ السلامَ ويَحذِفَه.
940 -
حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الأَصَمِّ ببغداد، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عثمان الشَّحّام، عن مُسلِم بن أبي بَكْرة، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دُبُر الصلاة: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من الكُفْر والفَقْر، وعذابِ القَبْر"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ بإسناده سواءً:"ستكون فتِنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم"
(3)
، ولم يُخرجاه.
941 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا هشام بن حسَّان، عن محمد بن سِيرِينَ، عن كَثير بن أفلَحَ، عن زيد بن ثابت أنه قال: أُمِرْنا أن نُسبِّحَ في دُبُرِ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، ونَحمَدَ ثلاثًا وثلاثين، ونكبِّر أربعًا وثلاثين. قال: فأُتِيَ رجلٌ من الأنصار في نومه فقيل له: أَمَرَكم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن
= وحذف السلام: تخفيفه وترك الإطالة فيه.
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الترمذي (297) عن علي بن حُجْر، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وقرن بابن المبارك هِقلَ بنَ زياد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
إسناده قوي. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. وسلف تخريجه برقم (99)، وانظر ما سيأتي برقم (1975).
(3)
أخرجه مسلم في "صحيحه" برقم (2887) من طرق عن عثمان الشحام عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه.
تسبِّحوا في دُبُر كل صلاة كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: فاجعَلُوها خمسًا وعشرين، واجعَلُوا فيها التهليل. فلما أصبَحَ أَتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فافعَلُوا"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتَّفقا
(2)
على حديث سُمَيٍّ عن أبي صالح عن أبي هريرة: "ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور بالأُجور"، وليس فيها الرؤيا وهذه الزيادة.
942 -
حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا عمر بن حفص السَّدُوسي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الليث بن سعد، عن حُنَين بن أبي حَكِيم، عن عُلَيِّ بن رَبَاح، عن عُقْبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرَؤوا المعوِّذاتِ في دُبُرِ كلِّ صلاة"
(3)
.
صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
943 -
أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلَّى أحدُكم في ثوبٍ واحدٍ فليَشُدَّه على حَقْوِه،
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 35/ (21600)، وابن حبان (2017) من طريق عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (21659)، والنسائي (1275) و (9911) من طريقين عن هشام بن حسان به.
(2)
هو عند البخاري برقم (843) و (6329)، ومسلم برقم (595) (142). والدُّثُور: جمع دَثْرٍ، وهو المال الكثير.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن.
وأخرجه أحمد 29/ (17792)، وأبو داود (1523)، والنسائي (1260)، وابن حبان (2004) من طريقين عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 28/ (17417)، والترمذي (2903)، والنسائي (9890) من طريقين عن علي بن رباح، به.
ولا تَشتَمِلُوا كاشتمالِ اليهود"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجا كيفيَّة الصلاة في الثوب الواحد.
944 -
أخبرنا الحسن بن حَلِيم المروَزي، أخبرنا أبو الموجِّه، أخبرنا عَبْدانُ، أخبرنا عبد الله، أخبرنا الحُسين بن ذَكْوان، عن سليمان الأحوَل، عن عطاء، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّدْل، وأن يُغطِّيَ الرجلُ فاهُ
(2)
.
(1)
إسناده قوي. أيوب: هو ابن تميمة السختياني.
وأخرجه ابن خزيمة (769) عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن عبد الوهاب بن عطاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة أيضًا (766) و (769)، والبيهقي 2/ 236 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وأخرجه بنحوه أبو داود (635) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به. وفيه شكٌّ في رفعه أو وقفه من حديث ابن عمر عن أبيه عمر من قوله.
وأخرجه كذلك أحمد 10/ (6356) من طريق ابن جريج عن نافع، به.
وروى نحوه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه فجعله عن عمر موقوفًا، أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 378 ورجَّحه.
والحَقْو: موضع شدِّ الإزار، وهو الخاصرة.
(2)
ضعيف، وما وقع في نسخ "المستدرك" هنا من جعل هذا الحديث لحسين بن ذكوان مصغَّرًا وقفة - مع أن الذهبي في "تلخيصه" وصفه بالمعلِّم، وهي صفة حسين - فقد روى هذا الحديث عن الحاكم تلميذُه البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 242 فسمّاه الحَسَن بن ذكوان مكبَّرًا، وكذا سمّاه ابن حجر في "إتحاف المهرة" 15/ 374، وهو المحفوظ، فإنه كذلك وقع مكبَّرًا عند كل من خرّجه من طريق عبد الله بن المبارك وغيره، ومع أنهما من طبقة واحدة - وليس بينهما قَرابة - فإنَّ حُسينًا ثقة مشهور، بينما الآخر الجمهورُ على تضعيفه، وغلبة الظن أنَّ الحديث حديثه، وعليه فإنَّ الحديث ضعيف، والله تعالى أعلم.
أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفزاري، وعبدان: هو عبد الله بن عثمان المروزي، وعبد الله بن المبارك، وعطاء: هو ابن أبي رباح. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجا فيه تغطيةَ الرجلِ فاهُ في الصلاة
(1)
.
945 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، حدثنا حاتم بن إسماعيل.
وحدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا أَبي، حدثنا هشام بن عمَّار، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا أبو حَزْرة يعقوب بن مجاهد، عن عُبَادة بن الوليد قال: أتَينا جابرَ بن عبد الله فقال: سِرتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ فقام يُصلِّي، وكانت عليَّ بُرْدةٌ فذهبتُ أُخالِفُ بين طَرَفَيْها، ثم تَواثَقتُ عليها لا تَسقُطُ، ثم جئت عن يَسارِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فأدارَني حتى أقامَني عن يمينه، فجاء ابنُ صَخْر حتى قام عن يسارِه فأخَذَنا بيديه جميعًا حتى أقامَنا خلفَه، قال: وجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرمُقُني وأنا لا أشعُرُ، ثم فَطَنتُ به فأشارَ إليَّ أَن أَتَّزِرَ بها، فلما فَرَغَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا جابرُ" قلت: لبَّيكَ يا رسولَ الله، قال: "إذا كان واسعًا فخالِفْ
= وأخرجه أبو داود (643) عن محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى، وابن حبان (2353) من طريق حبان بن موسى ثلاثتهم عن عبد الله بن المبارك، عن الحسن بن ذكوان، بهذا الإسناد - إلَّا أنَّ محمد بن العلاء جعله من حديث عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وأخرجه ابن ماجه (966) من طريق محمد بن راشد التميمي، عن الحسن بن ذكوان، به - ولم يذكر النهي عن السَّدل.
وأخرجه - دون النهي عن تغطية الرجل فاهُ - أحمد 13/ (7934) و 14/ (8496) و (8551) و (8582)، والترمذي (378)، وابن حبان (2289) من طريق عِسْل بن سفيان، عن عطاء، به. وعِسْل ضعيف.
وأخرجه كذلك الطبراني في "الأوسط"(1280) من طريق عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن عامر الأحول، عن عطاء، به. والبكراوي ضعيف أيضًا.
واختُلف في المراد بالسَّدل هنا على ما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد" و"سنن أبي داود"، فراجعه هناك.
(1)
وكذا لم يُخرجا النهي عن سدل الثوب في الصلاة.
بين طَرَفَيهِ، وإذا كان ضيِّقًا فاشدُدْه على حَقْوِك"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه!
946 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدَّد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُرَيج، عن كَثير بن كَثير [عن أبيه]
(2)
عن المطَّلِب بن أبي وَدَاعَة قال: رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حين فَرَغَ من طَوَافِه إلى حاشيةِ المَطَاف، فصَلَّى ركعتين وليس بينَه وبين الطَّوافِينَ أحد
(3)
.
هذا حديث صحيح، وقد ذكر البخاريُّ في "التاريخ" رؤية
(4)
المطَّلِب.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (634) عن هشام بن عمار وآخرين، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (3010)، وابن حبان (2197) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، به. فاستدراك الحاكم لهذا الحديث ذهولٌ منه رحمه الله.
وأخرج أصله البخاري (361) من طريق فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر بن عبد الله. وانظر "مسند أحمد" 22/ (14518) و (14594).
والحَقْو: موضع شدِّ الإزار، وهو الخاصرة.
(2)
قوله: "عن أبيه" سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناه من المطبوع، فإنه كذلك ثابت في سائر المصادر التي خرَّجت هذا الحديث.
(3)
رجاله موثَّقون إلّا أنه معلول كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 432، وقد بيَّن سفيان بن عيينة علَّته، فقال في روايته كما عند أحمد 45/ (27243) وعنه أبو داود (2016): كان ابن جريج أخبرنا عنه قال: حدثنا كثير عن أبيه، فسألته فقال: ليس من أبي سمعته، ولكن من بعض أهلي عن جدِّي. وجدُّه هو المطَّلب بن أبي وداعة، فالواسطة بينهما مبهَمة.
وأخرجه أحمد (27244)، والنسائي (3939)، وابن حبان (2363) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (2958)، والنسائي (836) من طريقين عن ابن جريج، به.
وأخرجه ابن حبان (2364) من طريق الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده المطلب، وزهير بن محمد رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها.
(4)
في المطبوع: رواية. وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري 8/ 7.
947 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جَرِير بن حازم، عن يعلى بن حَكِيم والزُّبير بن الخِرِّيت، عن عِكْرمة، عن ابن عبَّاس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي فمَرَّت شاةٌ بين يديه، فساعاها إلى القِبْلة حتى ألزَقَ بطنَه بالقِبلة
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
948 -
حدثنا أبو نُعَيم عبد الرحمن بن محمد
(2)
الغِفَارِي بمَرْو، حدثنا عَبْدان بن محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا محمد بن بشَّار، حدثنا عُبيد الله بن عبد المجيد الحَنَفي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّنَاد، عن أبيه، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الهِرَّةُ لا تَقطَعُ الصلاةَ، لأنها من مَتَاعِ البيت"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم لاستشهاده بعبد الرحمن بن أبي الزِّناد مقرونًا بغيره من حديث ابن وهبٍ، ولم يُخرجاه.
949 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا إسماعيل - وهو ابن إبراهيم - حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزُّبير، عن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهمَّ حاسِبْني حِسابًا يسيرًا" فلما انصرف قلت: يا رسول الله، ما الحسابُ اليسير؟ قال: "يُنظَرُ في كتابِه ويُتَجاوَزُ له عنه،
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (2371) من طريق الهيثم بن جميل، عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.
(2)
كذا وقع في هذا الموضع، وقد روى عنه المصنف في كتابه هذا عدَّة روايات عنه وسماه: محمد بن عبد الرحمن، وهكذا ذكره السمعاني مترجمًا له في "الأنساب" 9/ 167.
(3)
حسن موقوفًا على أبي هريرة، فقد خولف عبيد الله بن عبد المجيد في رفعه، خالفه عبدُ الله بن وهب عند ابن خزيمة (829) فرواه عن ابن أبي الزناد موقوفًا، وقال ابن خزيمة: ابن وهب أعلم بحديث أهل المدينة من عبيد الله بن عبد المجيد.
وأخرجه ابن ماجه (369) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
إنه مَن نُوقِشَ الحسابَ يومئذٍ يا عائشةُ هَلَكَ، فكلُّ ما يصيب المؤمنَ يُكفِّرُ الله عنه، حتى الشَّوكةُ تَشُوكُه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.
950 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن قُتَيبة، حدثنا محمد بن مُقاتِل المروَزي، حدثنا ابن المبارَك، حدثنا عِكْرمة بن عمَّار، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلْحة، عن أنس بن مالك قال: جاءت أمُّ سُلَيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، علِّمْني شيئًا أدعُو به في صلاتي، فقال:"سَبِّحي اللهَ عشرًا، واحمَدِي اللهَ عشرًا، وكبِّري اللهَ عشرًا، ثم سَلِي اللهَ ما شئتِ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
951 -
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمّاد بن زيد، حدثنا الأزرق بن قيس: أنه رأى أبا بَرْزةَ الأسلمي يصلِّي وعِنانُ دابَّته في يده، فلما ركع انفلَتَ العِنانُ من يده فانطَلَقَت الدابَّةُ، فَنَكَصَ أبو بَرْزَةَ على عَقِبه ولم يَلتفِتْ حتى لَحِقَ الدابةَ وأخذها، ثم مشى كما هو، ثم أَتى مكانَه الذي صلَّى فيه فقَضَى صلاتَه، فأتمَّها ثم سَلَّم، ثم قال: إني قد صَحِبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في غزوٍ كثيرٍ - حتى عدَّ غَزَواتٍ - فرأيت من رُخصتِه وتيسيره، فأخذتُ بذلك، فلو أني تركتُ دابَّتي حتى تَلحَقَ بالصحراء ثم
(1)
حديث صحيح دون قصة دعائه صلى الله عليه وسلم في الصلاة بـ "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا"، فهي زيادة شاذة كما سبق بيانه برقم (191).
(2)
إسناده صحيح. وسيأتي برقم (1206).
وأخرجه الترمذي (481) عن أحمد بن محمد بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وزاد: "يقول: نعم نعم". وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
وأخرجه أحمد 19/ (12207)، والنسائي (1223)، وابن حبان (2011) من طريق وكيع، عن عكرمة بن عمار، به. وبوَّب له النسائي: الذِّكر بعد التشهُّد، وبوَّب له ابن حبان: عَقِبَ الصلاة.
انطلقتُ شيخًا كبيرًا أتخبَّط الظُّلمةَ، كان أشدَّ عليَّ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه!.
952 -
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق وعلي بن حَمْشَاذَ قالا: حدثنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن مَعمَر.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كَثير، عن ضَمضَم بن جَوْس، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بقتل الأسوَدَينِ في الصلاة: الحيَّةِ والعقربِ
(2)
.
هذا حديث صحيح، ولم يُخرجاه، وضَمضَمُ بن جَوْس من ثِقات أهل اليَمَامة، سمع من جماعة من الصحابة وروى عنه يحيى بن أبي كثير، وقد وثَّقه أحمدُ بن حنبل.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه بنحوه البخاري (6127) عن أبي النعمان - وهو محمد بن الفضل عارمٌ - عن حماد بن زيد، به. فاستدراك الحاكم له ذهولٌ منه رحمه الله.
وأخرجه أحمد 33/ (19770) و (19790)، والبخاري (1211) من طريق شعبة، عن الأزرق بن قيس، به.
قوله: "فنكص على عقبه" أي: تأخر عن موضع صلاته وتركه.
(2)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه أحمد 12/ (7379)، وابن ماجه (1245)، والنسائي (525) و (1126) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 12/ (7178) و 13/ (7817) و 16/ (10357)، والنسائي (525) و (1126) و (1127)، وابن حبان (2351) من طرق عن معمر، به.
وأخرجه أحمد 12/ (7469) و 16/ (10116) و (10154)، وأبو داود (921)، والترمذي (390)، وابن حبان (2352) من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
953 -
أخبرني أبو بكر بن أبي نَصْر الدارَبردي بمَرْو، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا أبو عمَّار، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن ثَوْر بن زيد، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلتفِتُ في صلاته يمينًا وشِمالًا، ولا يَلْوِي عنقَه خلفَ ظهره
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
954 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم الأصبهاني، حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن سفيان.
وحدثني علي بن حَمْشاذ، حدثنا يزيد بن الهيثم، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، حدثنا الأشجَعي، عن سفيان، عن منصور، عن رِبْعيِّ بن حِرَاش، عن طارق بن عبد الله المُحارِبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتَ في الصلاة فلا تَبزُقْ بين يديك ولا عن يمينِك، ولكن ابصُقْ تِلقاءَ شِمالِك إن كان فارغًا، أو تحتَ قدمِك"؛ وقال برِجْله كأنه يَخُطُّه بقدمِه
(2)
.
هذا لفظ حديث أبي العباس.
هذا حديث صحيح على ما أصَّلتُه من تفرُّد التابعي عن الصحابي
(3)
، ولم يُخرجاه.
(1)
رجاله ثقات إلّا أنه معلٌّ بالإرسال كما سبق بيانه برقم (783).
(2)
إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، والأشجعي: هو عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر.
وأخرجه أحمد 45/ (7221)، والترمذي (57)، والنسائي (807) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (1021) من طريق وكيع عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه أحمد (27222) و (27223)، وأبو داود (478) من طرق عن منصور، به.
(3)
لم يتفرد ربعي بن حراش بالرواية عن طارق بن عبد الله المحاربي، فقد روى عنه أيضًا =
955 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا مسدَّد، حدثنا يزيد بن زُرَيْع، حدثنا الجُرَيري.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي، حدثنا إسماعيل، حدثنا الجُريري، عن أبي العلاء بن الشِّخِّير، عن أبيه: أنه صَلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَنخَّعَ فَدَلَكَها بنعلِه اليسرى
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه! وقد اتَّفقا على أبي العلاء، فإنه يزيدُ بن عبد الله بن الشِّخِّير، وقد أخرج مسلم عن عبد الله بن الشِّخير الصحابي، والحديث صحيح على شرطهما.
956 -
أخبرنا أبو النَّضْر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا علي بن المَدِيني، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن عَجْلان، عن عِيَاض بن عبد الله بن سعد، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تُعجِبُه العَراجِينُ أن يُمسِكَها بيده، فدخل المسجد ذاتَ يومٍ وفي يده واحدٌ منها فرأَى نُخَاماتٍ في قِبْلة المسجد، فحَتَّهنَّ حتى
= أبو صخرة جامع بن شدّاد وأبو الشعثاء سليم بن أسود المحاربيّان، ورواية جامع بن شداد عنه ستأتي عند المصنف برقم (4265).
(1)
إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُليَّة، والجريري: هو سعيد بن إياس.
وهو في "مسند أحمد" 26/ (16313) عن إسماعيل بن علية، ومن طريق إسماعيل أخرجه أيضًا ابن حبان (2272).
وأخرجه مسلم (554)(59) عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. فاستدراك الحاكم له ذهول.
وأخرجه أحمد (16309) و (16310) من طريق معمر، و (16319) من طريق علي بن عاصم، وأحمد أيضًا (16321)، وأبو داود (482) من طريق حماد بن سلمة، والنسائي (808) من طريق عبد الله بن المبارك، أربعتهم عن سعيد الجريري، به - غير أنَّ حمادًا زاد فيه بين أبي العلاء وأبيه مطرِّف بن عبد الله بن الشخير أخي أبي العلاء، وهو ثقة، ورواية حماد من المزيد في متصل الأسانيد.
وأخرجه مسلم أيضًا (554)(58) من طريق كهمس بن الحسن، عن أبي العلاء بن الشخير، به.
ألقاهُنَّ، ثم أَقبَلَ على الناس مُغضَبًا فقال:"أيحبُّ أحدُكم أن يستقبلَه رجلٌ فيَبصُقَ في وجهه، إنَّ أحدَكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يَستقبِلُ ربَّه، والمَلَكُ عن يمينِه، فلا يَبصُقْ بين يديه، ولا عن يمينِه، وليَبصُقْ تحت قدمِه اليسرى، أو عن يسارِه، وإن عَجِلَت به بادِرَةٌ فليَقُلْ هكذا في طرفِ ثوبه" ورَدَّ بعضَه على بعض
(1)
.
هذا حديث صحيح مفسَّر في هذا الباب على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
957 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بِشْر بن موسى، حدثنا الحُمَيدي، حدثنا سفيان، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقَم: أنه كان يَؤُمُّ قومَه، فجاء وقد أُقِيمَت الصلاةُ، فقال: ليصلِّ أحدُكم، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا حَضَرتِ الصلاةُ وحَضَرَ الغائطُ، فابدَؤُوا بالغائط"
(2)
.
هذا حديث صحيح من جُمْلة ما قدَّمتُ ذكرَه من تفرُّد التابعي عن الصحابي
(3)
، ولم يُخرجاه.
(1)
إسناده قوي من أجل محمد بن عجلان. يحيى بن سعيد: هو القطّان.
وأخرجه أحمد 17/ (11185)، وابن حبان (2270) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (480) من طريق خالد بن الحارث، عن محمد بن عجلان، به.
وأخرج نحوه مختصرًا البخاري (414)، ومسلم (548) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد.
وأخرجاه أيضًا البخاري (408 - 411)، ومسلم (548) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة وأبي سعيد.
(2)
إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه ابن ماجه (616) عن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 25/ (15959)، وأبو داود (88)، والترمذي (142)، والنسائي (927)، وابن حبان (2071) من طرق عن هشام بن عروة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وسيأتي برقم (5532) من طريق أيوب بن موسى عن هشام بن عروة.
(3)
كذا قال، وقد روى عن عبد الله بن أرقم ثلاثة آخرون غير عروة، كما ذكر الحافظ المزي في كتابه "تهذيب الكمال". وانظر التعليق عند الحديث (97).
958 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، حدثنا محمد بن مُهاجِر، عن عُروة بن رُوَيْم، عن ابن الدَّيلَمي الذي كان يَسكُن بيتَ المَقدِس: أنه رَكِبَ في طلب عبد الله بن عمرو بن العاص بالمدينة، فسأَل عنه فقالوا: قد سارَ إلى مكةَ، فاتّبعه فوَجَدَه قد سار إلى الطائف، فاتّبعه فوَجَدَه في زَرْعِه الذي يُسمَّى الوَهْطَ، قال ابن الدَّيلَمي: فدخلتُ عليه فوجدتُه يمشي مُخاصِرًا رجلًا من قريش، والقرشيُّ يُزَنُّ بالخمر، فلمّا لَقِيتُه سلَّمتُ عليه وسلَّم عليَّ، فقال: ما غَدَا بك، ومن أين أقبَلْتَ، فأخبرته، ثم سألتُه: هل سمعتَ يا عبد الله بن عمرٍو رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ شرابَ الخمر بشيءٍ؟ قال: نعم، فانتَزَعَ القرشيُّ يدَه، ثم ذهب، فقال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَشرَبُ الخمرَ رجلٌ من أمَّتي فتُقبَلَ له صلاةٌ أربعين صباحًا"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
959 -
حدثنا علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثني الليث، عن ابن شِهاب، عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أُميَّة بن عبد الله بن خالد، أنه قال لعبد الله بن عمر: إنا نَجِدُ صلاةَ الحَضَر وصلاةَ الخوف في القرآن، ولا نجدُ صلاةَ السَّفر في القرآن! فقال عبد الله: يا ابنَ أخي، إنَّ الله بَعَثَ إلينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ولا نَعلمُ شيئًا، فإنما نفعلُ كما رأَينا محمدًا يفعلُ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. محمد بن مهاجر: هو الأنصاري الشامي.
وأخرجه مختصرًا أحمد 11/ (6854) عن أبي المغيرة: وهو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني - عن محمد بن مهاجر، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك النسائي (5154) من طريق عثمان بن حِصْن، عن عروة بن رويم، به.
وسلف بأطول مما هنا برقم (83) من طريق ربيعة بن يزيد ويحيى بن أبي عمرو السَّيباني عن ابن الديلمي عبد الله بن فيروز.
(2)
إسناده قوي.
وأخرجه أحمد 9/ (5683)، وابن ماجه (1066)، والنسائي (1905)، وابن حبان (1451) =
هذا حديث رواتُه مدنيُّون ثِقات، ولم يُخرجاه.
960 -
أخبرني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا محمد
(1)
بن سعيد بن الأصبَهاني، حدثنا حفص بن غِيَاث عن حُمَيد بن قيس، عن عبد الله بن شَقِيق، عن عائشة قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي متربِّعًا
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
961 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، حدثنا حَرمَلة بن عبد العزيز بن الرَّبيع بن سَبْرة، عن عمِّه عبد الملك بن الرَّبيع، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلِّموا الصبيَّ الصلاةَ ابنَ سبعِ سنين، واضرِبُوه عليها ابنَ عَشْرٍ"
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
962 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه وعبد الله بن محمد بن موسى قالا: أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أحمد بن عيسى المِصْري، أخبرنا ابن وَهْب، أخبرني جَرِير بن حازم، عن سليمان بن مِهْران، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباس قال: مَرَّ عليُّ بن
= و (2735) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 9/ (5333) من طريق مالك، و 10/ (6353) من طريق معمر، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، به. غير أنَّ مالكًا لم يسمِّ أمية بن عبد الله، وإنما قال: عن رجل من آل خالد بن سعيد، وأسقط من الإسناد عبد الله بن أبي بكر.
(1)
تحرَّف "محمد" في النسخ الخطية إلى: عمر.
(2)
إسناده صحيح. وقوله في هذا الإسناد: حميد بن قيس، وهمٌ، فإنَّ المعروف بالرواية عن عبد الله بن شقيق هو حميد الطويل، وقد جاء منسوبًا على الصواب عند النسائي (1367) وابن حبان (2512)، وهو الذي صوَّبه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في ترجمة حميد بن طرخان.
وسيأتي الحديث برقم (1034) من طريق أبي داود الحفري عن حفص بن غياث.
(3)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الملك بن الربيع. وانظر ما سلف برقم (725).
أبي طالب بمجنونةِ بني فلان وقد زَنَتَ وأَمَرَ عمر بن الخطّاب برَجْمِها، فردَّها عليٌّ، وقال لعمر: يا أمير المؤمنين، أترجُمُ هذه؟ قال: نعم، قال: أوَما تَذكُرُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاث: عن المجنون المغلوب على عَقلِه، وعن النائم حتى يستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يَحتلِمَ"؟ قال: صَدَقتَ، فخَلَّى عنها
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه قد اختُلف في رفع ما رواه عليٌّ ووقفه، ومهما يكن من أمرٍ فإنه مرفوع حكمًا كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 21/ 536، على أنه قد روي عن عليٍّ من وجوه أخرى فيها التصريح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فضلًا عن شواهده. سليمان بن مهران: هو الأعمش، وأبو ظبيان: هو حُصين بن جندب.
وأخرجه أبو داود (4401)، والنسائي (7303)، والحاكم فيما سيأتي برقم (2382) من طريق أحمد بن عمرو بن السرح، وابن حبان (143) من طريق يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (4399) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بن حازم، به - وقال عن علي فيه: أما علمت أنَّ القلم قد رفع
…
ولم يصرِّح برفعه.
وكذلك رواه وكيع عند أبي داود (4400)، وجعفر بن عون وشعبة عند المصنف فيما سيأتي برقمي (8367) و (8368)، ثلاثتهم عن سليمان بن مهران الأعمش، به.
وأخرجه - وفيه مرويُّ عليٍّ مرفوع - أحمد 2/ (1328)، وأبو داود (4402)، والنسائي (7304) من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان قال: أُتي عمر
…
إلخ. هكذا رواه عطاء مرسلًا، فأبو ظبيان لم يدرك عمر، ورواية الأعمش أقوى وأصح بإثبات الواسطة وهو ابن عباس.
وأخرج المرفوع منه أحمد 2/ (940) و (956) و (1183)، والترمذي (1423)، والنسائي (7306)، والمصنف فيما سيأتي برقم (8369) من طريق الحسن البصري، وأبو داود (4403) من طريق أبي الضحى وابن ماجه (2042) من طريق القاسم بن يزيد، ثلاثتهم عن علي بن أبي طالب، ورواية هؤلاء عن عليٍّ الغالب أنها منقطعة. وحسَّنه الترمذي.
وأخرجه النسائي (7307) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن علي موقوفًا، وجعله أولى بالصواب من المرفوع!
ويشهد للمرفوع منه حديث عائشة سيأتي برقم (2381)، وإسناده صحيح.
وآخر من حديث أبي قتادة، سيأتي أيضًا برقم (8370)، وإسناده ضعيف.
963 -
حدثنا مُكرَم بن أحمد القاضي ببغداد، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزِّبرِقان، حدثنا أبو أحمد الزُّبَيري، حدثنا يونس بن الحارث، عن أبي عَوْن محمد بن عُبيد الله الثَّقَفي، عن أبيه، عن المغيرة بن شُعْبة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّي على الحَصِير والفَرْوة المدبوغة
(1)
.
هذا حديث على شرط [مسلم]
(2)
ولم يُخرجاه بذِكْر الفَرْوة، إنما خرَّجه مسلم من حديث أبي سعيد في الصلاة على الحَصِير.
964 -
حدثنا عمرو بن محمد بن منصور العَدْل، حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي، حدثنا أبو عاصم النَّبيل، حدثنا زَمْعة بن صالح، عن سَلَمة بن وَهْرام، عن عِكْرمة عن ابن عباس: أنه صلَّى على بِسَاط ثم قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بِسَاط
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة عبيد الله الثقفي والد أبي عون، ولضعف يونس بن الحارث وقد عدَّ الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" هذا الحديث من مناكيره. أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر الأسدي.
وأخرجه أبو داود (659) من طريقين عن أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 30/ (18227) عن محمد بن ربيعة، عن يونس بن الحارث، به.
أما الصلاة على الحصير، فهو صحيح، له شاهد من حديث ميمونة بنت الحارث عند البخاري (333) ومسلم (513)، وآخر من حديث أنس عند البخاري (670) و (6203) ومسلم (659)، وثالث من حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (519).
وأما الصلاة على الفروة المدبوغة، فلم يؤثر في غير هذا الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد صلَّى عليها، لكن أخرج أحمد في "مسنده" 31/ (19060) من حديث أبي ليلى بن عبد الرحمن: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أصلِّي في الفِراء؟ قال:"فأين الدِّباغ؟ "، إلّا أنَّ إسناده ليِّن، فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سيِّئ الحفظ. لكن يؤخذ منه ومن حديث ابن عباس مرفوعًا:"دباغه طهوره" عند أحمد 4/ (2117) ومسلم (366) وغيرهما جواز الصلاة على الفراء المدبوغ.
(2)
هنا بياض في النسخ الخطية، والمثبت من "تلخيص الذهبي".
(3)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف زمعة بن صالح، وأما سلمة بن وهرام فمختلف =
هذا حديث صحيح، وقد احتَجَّ البخاريُّ بعِكْرمة، واحتجَّ مسلم بزَمْعة، ولم يُخرجاه.
965 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر بن سابق الخَوْلاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عِيَاض بن عبد الله القُرشي، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلَّى أحدُكم فليَلبَسْ نَعلَيهِ أو ليَجعَلْهما بين رِجلَيه، ولا يُؤْذي بهما غيرَه"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
966 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا ابن جُرَيج، عن محمد بن عبَّاد بن جعفر، عن أبي سلمة بن سفيان، عن عبد الله بن السائب قال: حضرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفتح فصلَّى الصبحَ
= فيه، وقال أحمد: روى عنه زمعة أحاديث مناكير أخشى أن يكون حديثه ضعيفًا.
وأخرجه أحمد 3/ (2061) و 4/ (2472) من طريقين عن زمعة بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد أيضًا (2061)، وابن ماجه (1030) من طريقين عن زمعة بن صالح، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس. فهذا الخلاف اضطراب من زمعة.
وأخرجه بنحوه أحمد 4/ (2426)، والترمذي (331) وصحَّحه، وابن حبان (2310) من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي على الخُمْرة. وهذا إسناد صالح في الاعتبار. والخُمرة والبساط كلاهما نوع من الحصير.
ويشهد لهذا الحديث ما تقدَّم ذكرُه عند الحديث السابق من حديث ميمونة وأنس وأبي سعيد، فيصحُّ.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد فيه لِين من أجل عياض بن عبد الله القرشي، وهو مع لِينه يُعتبَر به في المتابعات والشواهد كما في هذا الحديث.
وأخرجه ابن حبان (2183) و (2187) من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه ابن ماجه (1432) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة. وعبد الله هذا متروك.
وللحديث طريقان آخران يصح بهما، وهما الآتيان عند المصنف برقم (967) و (970).
فخَلَعَ نَعلَيهِ فوضعهما عن يسارِه
(1)
.
هذا حديث يُعرَف بمحمد بن عبَّاد بن جعفر، أخرجتُه شاهدًا، ولم يُخرجاه.
967 -
حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا أبو عامر الخَزَّاز [عن عبد الرحمن بن قيس]
(2)
عن يوسف بن ماهَكَ، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلَّى أحدُكم فلا يَضَعْ نَعلَيهِ عن يمينِه وعن يسارِه، إلَّا أن لا يكون عن يسارِه أحدٌ، وليَضَعْهما بين رِجلَيهِ"
(3)
.
صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
968 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمَرْو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حمَّاد بن سَلَمة، عن أبي نَعَامة، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخُدْري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى فَخَلَعَ نَعلَيهِ فَخَلَعَ الناسُ نعالَهم، فلما انصرف قال:"لِمَ خلعتُم نعالَكم؟ " قالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعتَ فخَلَعْنا، قال:
(1)
إسناده صحيح، وابن جريج قد صرَّح بالسماع عند غير المصنف.
وأخرجه أحمد 24/ (15392) و (15397)، وأبو داود (648)، وابن ماجه (1431)، والنسائي (854) و (1081)، وابن حبان (2189) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقرن هوذةُ بن خليفة عند أحمد في الموضع الثاني وابن حبان بأبي سلمة بن سفيان عبدَ الله بنَ عمرو - وليس هو ابنَ العاص بل هو راوٍ آخر -.
(2)
ما بين المعقوفين لم يرد في النسخ الخطية، وقد خرَّج البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 432 بإسنادين أحدهما عن المصنف من هذا الطريق، وهو ثابت في الإسناد عنده ولم يشر إلى سقوطه من إسناد الحاكم كما أنَّ الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة"(20278) عندما عزاه إلى الحاكم لم يشر إلى سقوطه من الإسناد، وعبد الرحمن بن قيس هذا ثابت في الإسناد عند كل من خرَّج هذا الحديث من هذا الوجه، ولذلك استدركناه هنا بين معقوفين، والله تعالى أعلم.
(3)
إسناده حسن من أجل أبي عامر الخزاز: وهو صالح بن رستم.
وأخرجه أبو داود (654)، وابن حبان (2188) من طريقين عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد. وانظر (965).
"إنَّ جبريل أتاني فأخبرني أنَّ بهما خَبَثًا، فإذا جاء أحدُكم المسجدَ، فليَقلِبْ نعلَيهِ فليَنظُرْ: فيهما خبثٌ، فإن وَجَدَ خَبَثًا فليَمسَحْهما بالأرض ثم ليُصلِّ فيهما"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
969 -
حدثنا محمد بن صالح، حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذانَ، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، عن هلال بن ميمون الرَّمْلي، عن يعلى بن شدَّاد بن أوس، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالِفوا اليهودَ، فإنهم لا يُصلُّونَ في خِفافِهم ولا نِعالِهم"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
970 -
حدثنا يوسف بن يعقوب السُّوسِي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدة الحَوْطي، حدثنا شعيب بن إسحاق وبَقيَّة قالا: حدثنا الأوزاعي، حدثني محمد بن الوليد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلَّى أحدُكم فليَخلَعْ نَعلَيه
…
(3)
بين رجلَيه، وليُصَلِّ
(4)
فيهما"
(5)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة.
وأخرجه أحمد 17/ (11153) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 18/ (11877)، وأبو داود (650)، وابن حبان (2185) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
(2)
إسناده جيد.
وأخرجه أبو داود (652) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (2186) من طريق أحمد بن أبان القرشي، عن مروان بن معاوية، به.
(3)
وقع هنا بياض في النسخ الخطية، وفي "تلخيص الذهبي": "فخلع نعليه فلا يضعهما أمامه ولا عن يمينه، وليضعهما بين رجليه
…
"، وفي سائر المصادر التي خرجته من طريق الأوزاعي: "فلا يؤذ بهما أحدًا وليجعلهما
…
".
(4)
هكذا في نسخنا الخطية، وفي مصادر التخريج:"أو ليصلِّ" وهو أصح.
(5)
إسناده صحيح، وبقية - وهو ابن الوليد - متكلَّم فيه لكنه هنا متابَع. محمد بن الوليد: هو الزُّبيدي.
وأخرجه أبو داود (655) عن عبد الوهاب بن نجدة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (2182) من طريق بشر بن بكر، عن الأوزاعي، به. وانظر (965).
971 -
أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السَّيّاري، حدثنا عبد الله بن علي الغزّال
(1)
، حدثنا علي بن الحسن بن شَقِيق، حدثنا الفضل بن موسى، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحدَثَ أحدُكم وهو في الصلاة، فليَضَعْ يدَه على أنفِه ثم ليَنصرِفْ"
(2)
.
تابعه عمر
(3)
بن علي المُقدَّمي عن هشام:
972 -
حدَّثَناه علي بن عيسى الحِيري، حدثنا محمد بن عمرو الحَرَشي، حدثنا القَعْنبي، حدثنا عمر بن علي المُقدَّمي، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحدَثَ أحدُكم وهو في الصلاة، فليَقُلْ بيدِه على وجهِه وليَنصرِفْ"
(4)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، لأنَّ بعض أصحاب هشام بن عُرْوة أَوقَفَه عنه.
(1)
وقع في النسخ الخطية هنا: العدل، ويغلب على ظننا أنه تحريف عن: الغزّال، هكذا تكررت نسبته في بضعة عشر موضعًا من هذا الكتاب، وقد أُلحق في نسخة (ز) قبل اللام في آخره حرف ألف وبقيت العين والدال مهملتين، وسيأتي عند المصنف برقم (3046) نسبته قَزّازًا، نسبة إلى عمل القزّ - وهو الحرير - وبيعه، فهو على هذا غزّال أيضًا، نسبة إلى العمل في غَزْل الثياب.
(2)
حديث صحيح، رجاله عن آخرهم ثقات غير عبد الله بن علي فإنه مجهول الحال، وهو متابَع. وقد سلف برقم (669) من طريق نعيم بن حماد عن الفضل بن موسى.
(3)
تحرَّف في النسخ الخطية هنا إلى: محمد، وجاء في الإسناد على الصواب.
(4)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو الحرشي.
وأخرجه ابن ماجه (1222)، وابن حبان (2238) من طريق عمر بن شبَّة، عن عمر بن علي المقدمي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
973 -
أخبرنا أبو الحُسين أحمد بن عثمان البزَّاز ببغداد، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، حدثني أبو بكر بن أبي أُوَيس، عن سليمان بن بلال، عن عمر بن محمد بن زيد، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا صَلَّى أحدُكم فلا يَدْري كم صَلَّى، ثلاثًا أو أربعًا، فليَركَعْ ركعةً يُحسِنُ ركوعَها وسجودَها، ويَسجُدْ سجدتين"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه بهذه الزيادة من ذِكْر الركعة
(2)
.
وله شاهد لم يخرجاه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا شَكَّ أحدُكم في النُّقصان فليُصلِّ حتى يشكَّ في الزِّيادة"
(3)
.
974 -
أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن سَمَّاك ببغداد، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، حدثنا وَهْب بن جَرِير بن حازم، حدثنا أبي قال: سمعت يحيى بن أيوب
(1)
إسناده صحيح. أبو بكر بن أبي أويس: هو عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أُويس الأصبحي.
وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(4536) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن خزيمة (1026) عن محمد بن يحيى الذهلي، عن أيوب بن سليمان، به.
وأخرجه ابن خزيمة أيضًا (1026)، والطبري في "تهذيب الآثار - بتحقيق علي رضا"(27)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 333) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه أبي بكر، به.
وسيأتي عند المصنف برقم (1218) عن مكرم بن أحمد عن أبي إسماعيل السلمي.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري الآتي عند المصنف برقم (1217).
(2)
يشير إلى ما أخرجه البخاري (1231) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "
…
فإذا لم يدرِ أحدكم كم صلَّى، ثلاثًا أو أربعًا، فليسجد سجدتين وهو جالس". وإلى ما أخرجه مسلم (571) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا قال:" .... فلم يدر كم صلَّى، ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم"، وحديث أبي سعيد سيأتي برقم (1217).
(3)
أخرجه أحمد 3 / (1689) من حديث عبد الرحمن بن عوف رفعه، وإسناده ضعيف.
يُحدِّث عن يزيد بن أبي حَبِيب، عن سُوَيد بن قيس، عن معاوية بن حُدَيج قال: صلَّيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: المغربَ، فسَهَا، فسلَّمَ في ركعتين ثم انصرفَ، فقال له رجل: يا رسول الله، إنك سَهَوتَ فسلَّمتَ في ركعتين! فأمرَ بلالًا فأقامَ الصلاةَ ثم أتمَّ تلك الركعةَ، فسألتُ الناس عن الرجل الذي قال: يا رسول الله، إنك سَهَوتَ، فقيل لي: تعرفُه؟ قلت: لا، إلَّا أن أَراه، فمرَّ بي رجل فقلت: هو هذا، فقالوا: هذا طلحةُ بن عُبيد الله
(1)
.
اختصره الليثُ بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب:
975 -
حدثنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا عُبيد بن شَرِيك، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حَبيب، أنَّ سُوَيد بن قيس أخبره عن معاوية بن حُدَيج: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى يومًا فسلَّمَ وانصرفَ وقد بَقِيَ من الصلاة ركعةٌ
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، وهو من النوع الذي يَطلُبان للصحابي متابِعًا
(3)
في الرواية، على أنهما جميعًا قد خرَّجا مثلَ هذا.
976 -
حدثنا أبو بكر بن أبي نصر الدارَبردي، حدثنا أبو الموجِّه، حدثنا يوسف ابن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، عن عبد الله بن كَيْسان، عن عِكْرمة، عن ابن
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن إبراهيم الواسطي ويحيى بن أيوب المصري وسيأتي مكررًا برقم (1221).
وأخرجه ابن حبان (2674) من طريق محمد بن بشار، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه بطوله نحوه أحمد 45/ (27254) عن حجاج بن محمد وأبو داود (1023)، والنسائي (1640) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وإسناده صحيح. وانظر ما بعده.
(2)
إسناده، قوي عبيد بن شريك صدوق لا بأس به. وانظر ما قبله.
(3)
ظاهر هذه العبارة أنَّ الشيخين من شرطهما أن لا يخرجا للصحابي حديثًا إلا إذا جاء ما يشهد له من حديث صحابي آخر، وهذا ذهولٌ من الحاكم رحمه الله، فإنهما لم يشترطا هذا ولم يفعلاه، ولم يذكر أحد من أهل العلم غير الحاكم ذلك عنهما.
عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى سجدَتَي السَّهْو المُرغِمتَين
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد ومحتَجٌّ بجميع رواته، وأبو مجاهد عبد الله بن كَيْسان من ثِقات المَرَاوِزة يُجمَع حديثه
(2)
، ولم يُخرجاه.
977 -
أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أَبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، حدثني عِمرانُ بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، أنه حدَّثه عن أبيه: أنه رأَى أبا رافع مولى النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بالحسن ابن علي وهو يصلِّي قائمًا وقد غَرَزَ ضَفْرَه في قَفَاهُ، فحَلَّها أبو رافع، فالْتَفَتْ الحسنُ إليه مُغضَبًا، فقال أبو رافع: أَقبِلْ على صلاتك ولا تَغضَبْ، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ذلك كِفْلُ الشيطانِ"؛ يعني مَقعَدَ الشيطان، يعني مَغرِزَ ضَفْره
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن كيسان. أبو الموجِّه: هو محمد بن عمرو الفَزَاري. وسيأتي مكررًا برقم (1224).
وأخرجه أبو داود (1025)، وابن حبان (2655) و (2689) من طريق محمد بن عبد العزيز ابن أبي رِزْمة، عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أبي داود (1024) بإسناد قوي مرفوعًا: "وإن كانت ناقصة كانت الركعة تمامًا لصلاته، وكانت السجدتان مُرغِمتَي الشيطان"، ولفظه عند مسلم (571):"كانتا ترغيمًا للشيطان".
والترغيم: من قولهم: أرغَمَ الله أنفَ فلان، أي: ألصقه بالرَّغَام، وهو التراب، ثم استُعمل في الذل والانقياد على كرهٍ.
(2)
تابع في توثيقه عبدَ الله بن كيسان شيخَه ابنَ حبان حيث ذكره في "الثقات" 7/ 33، والجمهور على خلاف ذلك.
(3)
إسناده حسن من أجل عمران بن موسى، وهو في "مسند أحمد" 39/ (23878).
وأخرجه أبو داود (646)، والترمذي (384) من طريقين عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (2279) من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، به.
وأخرج نحوه أحمد (23873)، وابن ماجه (1042) من طريق مخوَّل بن راشد، عن أبي سعد، عن أبي رافع. وفي سنده مقال.
قوله: "غرز ضَفْرَه في قفاه" أي: لوى شعرَه وأدخل أطرافه في أصوله.
هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتَجَّا بجميع رواته غيرِ عمران، وقد قال علي ابن المَدِيني: عمرانُ بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص القرشي أخو أيوب بن موسى، روى عنه ابن جُرَيج وابن عُلَيَّة على كُلٍّ
(1)
.
978 -
أخبرنا أبو بكر بن أبي دارمٍ الحافظ بالكوفة، حدثنا عبد الله بن غنَّام، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا كامل بن العلاء، حدثني حَبِيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "اللهمَّ اغفِرْ لي وارحَمْني، واهدِني وعافِني وارزُقْني"
(2)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وكامل بن العلاء التَّميمي ممَّن يُجمع حديثُه.
979 -
أخبرني محمد بن يزيد العَدْل، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا يعقوب ابن إبراهيم الدَّورَقي، حدثنا إسماعيل ابن عُليَّة، حدثنا يونس، عن الحسن، عن أنس بن حَكِيم الضَّبِّي: أنه خاف من زيادٍ فأتى المدينةَ، فلَقِيَ أبا هريرة، فاستَنسَبَني فانتسبتُ له، فقال: يا فتى ألا أحدِّثُك حديثًا؟ قال: قلت: بلى رَحِمَك الله؛ قال يونس: أحسَبُهُ ذَكَرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أوَّلُ ما يُحاسَبُ الناسُ به يومَ القيامة من أعمالهم الصلاةُ" قال: "يقول ربُّنا عز وجل لملائكتِه وهو أعلمُ: انظُروا في صلاةِ عبدي أتمَّها أم
(1)
كذا وقع في النسخ الخطية: "على كل"، وفي "تلخيص الذهبي" مكانه: أيضًا، ويغلب على ظننا أنَّ لفظ "على" محرَّف عن لفظ "عن"، والمراد أنَّ ابن جريج وابن عليَّة رويا عن عمران بن موسى وأخيه أيوب، وهو كذلك، وقد زاد الذهبي في "تاريخ الإسلام" 3/ 937 راويًا ثالثًا عن عمران هذا وهو زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، وأفاده من "تاريخ دمشق" لابن عساكر 43/ 522.
(2)
حديث حسن، ابن أبي دارم متكلَّم فيه لكنه لم ينفرد به، ومن فوقه ثقات غير كامل بن العلاء فصدوق حسن الحديث. أبو كريب: هو محمد بن العلاء.
وأخرجه أبو داود (850)، والترمذي (284) و (285) من طرق عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/ (2895)، وابن ماجه (898) من طريقين عن كامل بن العلاء، به. وسيأتي برقم (1017).
نَقَصَها، فإن كانت تامَّةً كُتِبَت له تامَّةً، وإن كان انتَقَصَ منها شيئًا قال: انظُروا هل لعبدي من تطوُّع، فإن كان له تطوُّعٌ قال: أتِمُّوا لعبدي فَريضتَه من تطوُّعِه، ثم تُؤخَذُ الأعمالُ على ذلك"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
وله شاهد بإسناد صحيح علي شرط مسلم:
980 -
أخبرَناه أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحَرْبي ومحمد بن غالب قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن داود بن أبي هند، عن زُرَارة بن أَوفَى، عن تَمِيم الداريِّ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامة صلاتُه، فإن كان أكمَلَها كُتِبت له كاملةً، وإن لم يُكمِلْها قال الله تبارك وتعالى لملائكته: هل تَجِدُون لعبدي تطوُّعًا تُكمِلُوا به ما ضَيَّع من فريضتِه، ثم الزكاةُ مثل ذلك، ثم سائرُ الأعمال على حَسَبِ ذلك"
(2)
(1)
المرفوع منه صحيح على ما وقع فيه من خلاف على الحسن البصري على ما هو مبيَّن في تعليقنا على "مسند أحمد" 13/ (7902)، وقد ذكر الدارقطني في "العلل" 8/ 248 (1551) أنَّ أشبه الأقوال بالصواب قول من قال: عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة. وأنس بن حكيم -وإن وُصف بالجهالة- قد روى عنه اثنان الحسن وعلي بن زيد بن جدعان وذكره ابن حبان في "الثقات"، فمثله محتمل للتحسين إن شاء الله إذا لم يأت بما يُنكَر. يونس: هو ابن عبيد البصري.
وأخرجه أبو داود (864) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 15/ (9494) عن إسماعيل ابن عليّة به.
وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (7902)، وابن ماجه (1425) من طريق علي بن زيد بن جُدْعان، عن أنس بن حكيم، به. وعلي بن زيد ضعيف لكنه يُعتبَر به في المتابعات والشواهد.
وأخرجه الترمذي (413)، والنسائي في "الكبرى"(322) من طريق قتادة، عن الحسن، عن حُريث بن قبيصة، والنسائي في "المجتبى"(466) من طريق قتادة أيضًا، عن الحسن، عن أبي رافع، كلاهما عن أبي هريرة.
وانظر ما يليه من الأحاديث.
(2)
إسناده صحيح إن شاء الله، فزرارة بن أوفى قد اختُلف في سماعه من تميم الداري، فقد نقل =
قَصَّرَ به بعضُ أصحاب حماد بن سلمة، وموسى بن إسماعيل الحَكَمُ في حديثه.
981 -
حدَّثَناه علي بن حَمْشاذَ العَدْل، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا سليمان بن حَرْب، حدثنا حمّاد بن سَلَمة.
وأخبرني أبو بكر الشافعي، حدثنا حَمْدُون بن أحمد السِّمسار، حدثنا إبراهيم بن الحجَّاج، حدثنا حماد بن سلمة.
وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا الرَّبيع بن يحيى، حدثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وعن داود بن أبي هند، عن زُرَارة بن أَوفَى، عن تَميم الداريِّ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ
(1)
يومَ القيامة صلاتُه"، وذكر الحديث بنحوه
(2)
.
982 -
حدَّثَناه أبو الحسن محمد بن الحسن، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا
= مهنَّا عن أحمد -كما في "شرح علل الترمذي" لابن رجب 1/ 368 - أنه لم يسمع من تميم، قال أحمد: تميم بالشام وزرارة بصري! وذهب أبو أحمد الحاكم في كتابه "الأسامي والكنى"(1849) إلى أنه سمع منه.
وأخرجه أبو داود (866) عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 28/ (16951) و (16954)، وابن ماجه (1426) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
(1)
قوله: "به العبد" ليس في (ز) و (ص)، وأثبتناه من (ب) و (ع).
(2)
حديث صحيح، وفي بعض هذه الأسانيد لِين.
وأخرجه أحمد 27/ (16614) عن حسن بن موسى الأشيب، و 34/ (20692) عن عفان، والنسائي (321) من طريق النضر بن شميل، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يَعمَر، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسماه النضر في روايته أبا هريرة. وكل من رواه عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد عند غير الحاكم أدخل بين الأزرق والصحابي يحيى بنَ يعمر، فنخشى أن يكون هذا الراوي قد سقط من أصول "المستدرك" الخطية وليس من أصل رواية المصنف، والله تعالى أعلم.
حجَّاج بن مِنهال، حدثنا حمّاد بن سَلَمة، عن حُمَيد، عن الحسن، عن رجل، من بني سَلِيطٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوَه
(1)
.
قد ذكرتُ هذا الخلافَ فيه على حماد بن سلمة ليَعلَمَ المتأمِّلُ أنَّ الذي صحَّحناه حديثُ داود بن أبي هند ليس فيه خِلافٌ على حماد، وسائرُ الروايات فيه أسانيدُ لحمادٍ عن غير داود. وصلَّى الله على محمد وآله أجمعين.
983 -
حدثني بن محمد بن إسماعيل بن مِهْران، حدثني أَبي، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن عُمَارة بن غَزِيَّة، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "اللهمَّ اغفِرْ لي ذَنْبي كلَّه، جِلَّه ودِقَّه، أوَّلَه وآخرَه، علانِيَتَه وسِرَّه"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه! إنما أخرَجا بهذا الإسناد
(3)
: "أقربُ ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد".
984 -
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، أخبرنا أبو يَعلَى، حدثنا زهير بن حَرْب، حدثنا وَكِيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مُسلِم البَطِين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: "سبحانَ ربِّيَ الأعلى"
(4)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو داود (865)، وابن ماجه (1426) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب: وهو الغافقي المصري.
وأخرجه مسلم (483)، وأبو داود (878) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السَّرْح، بهذا الإسناد. وتابع أبا الطاهر عليه عند مسلم يونسُ بنُ عبد الأعلى وعند أبي داود أحمدُ بنُ صالح. واستدراك الحاكم له ذهول منه.
وأخرجه ابن حبان (1931) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، به.
(3)
بل أخرجه مسلم وحده برقم (482).
(4)
صحيح موقوفًا على ابن عباس من فعله، فقد خولف إسرائيل في رفعه، فقد رواه غير واحد =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
985 -
حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحسن بن مُكرَم، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سَلَمة، عن ثابت عن مُطرِّف، عن أبيه قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وفي صدرِه أَزِيزٌ كأزيزِ المِرجَلِ من البكاء
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
986 -
حدثنا أبو بكر محمد أحمد بن بن بالَوَيهِ وأبو بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن ابن مَهدِي، حدثنا سفيان، عن أبي مالك الأشجَعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا غِرَارَ في صلاةٍ ولا تسليم"
(2)
.
قال أحمد بن حنبل: فيما أرى أنه أراد أن لا تُسلِّمَ ويُسلَّمَ عليك، وتغريرُ الرجلِ بصلاته: أن يُسلِّم وهو فيها شاكٌّ
(3)
.
= عن أبي إسحاق موقوفًا كما هو مبيَّن عند أحمد 3/ (2066) وأبي داود (883)، وهو عندهما من طريق وكيع بهذا الإسناد.
(1)
إسناده صحيح ثابت: هو ابن أسلم البُناني، ومطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير.
وأخرجه أحمد 26/ (16312)، وأبو داود (904)، وابن حبان (753) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (16317) و (16326)، والنسائي (549) و (1136) و (11799)، وابن حبان (665) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه النسائي (550) من طريق عبد الكريم بن راشد -ويقال: رشيد- عن مطرف، به.
(2)
إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" 16/ (9936)، وعن أحمد أخرجه أيضًا أبو داود (928).
سفيان: هو الثوري، وأبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.
(3)
وأوضح من هذا في معنى الحديث ما قاله الإمام الخطّابي في "معالم السنن" 1/ 219، ونقله عنه البغوي في "شرح السنة" 12/ 257: أصل الغِرار: نقصان لبن الناقة، يقال: غارت الناقة غِرارًا، فهي مغار: إذا نقص لبنها، فمعنى قوله:"لا غرار"، أي: لا نقصان في التسليم، ومعناه: أن تَرُدَّ =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وقد رواه معاويةُ بن هشام عن الثوري وشكَّ في رفعه:
987 -
أخبرني محمد بن موسى بن عِمْران الفقيه، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كُرَيب، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن أبي مالك الأشجَعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة -قال: أُراه رَفَعَه- قال: "لا غِرارَ في تسليمٍ ولا صلاةٍ"
(1)
.
988 -
حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا يعقوب بن كعب الحَلَبي، حدثنا محمد بن سَلَمة، عن هشام ابن حَسَّان، عن محمد بن سَيرَين، عن أبي هريرة قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة
(2)
.
قال أبو عبد الله العَبْدي: وهو أن يَضَعَ الرجلُ يده على خاصرته.
= كما يُسلَّم عليك، وافيًا لا نقص فيه، مثل أن يقال: السلامُ عليكم ورحمة الله، فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله، ولا تقتصر على أن يقول: السلام عليكم، أو عليكم حسب، ولا ترد التحية كما سمعتَها من صاحبك، فتبخسه حقَّه من جواب الكلمة.
وأما الغرار في الصلاة، فهو على وجهين: أحدهما: أن لا يتم ركوعه وسجوده، والآخر: أن يَشُكَّ هل صلَّى ثلاثًا أو أربعًا؟ فيأخذ بالأكثر ويترك اليقين، وينصرف بالشك.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معاوية بن هشام. أبو كريب: هو محمد بن العلاء الهمداني.
وأخرجه البيهقي 2/ 261 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (947) عن يعقوب بن كعب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 12/ (7175) عن محمد بن سلمة، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 13/ (7897) و (7930) و 14/ (9181)، والبخاري (1220)، ومسلم (545)، والترمذي (383)، والنسائي (966)، وابن حبان (2285) من طرق عن هشام بن حسان، به. فاستدراك الحاكم له على الشيخين ذهولٌ منه رحمه الله.
وأخرجه البخاري أيضًا (1219) من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، به.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه!
وقد رواه جماعةٌ عن محمد بن سِيريِن عن أبي هريرة أنه قال: نُهِيَ أن يصلِّيَ الرجلُ مختصرًا.
989 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزُّهْري، حدثنا عُبيد الله بن موسى، أخبرنا شَيْبان بن عبد الرحمن، عن حُصَين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يِسَاف قال: قَدِمتُ الرَّقّةَ، فقال لي بعضُ أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: نعم، غَنِيمةٌ، فَدَفَعْنا إلى وابِصةَ بن مَعبدَ، قلت لصاحبي: نبدأُ فنَنظُرُ إلى دَلِّه، فإذا عليه قَلَنْسُوَة لاطِيَة ذاتُ أُذنين، وبُرنُسُ خَزٍّ أغبَرُ، وإذا هو معتمِدٌ على عصا في صلاته، فقلنا له بعد أن سلَّمْنا، فقال: حدثتني أمُّ قيس بنت مِحصَن: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسَنَّ وحَمَلَ اللحمَ، اتَّخَذَ عمودًا في الصلاة يَعتمِدُ عليه
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، غيرَ أنهما لم يُخرجا لوابصةَ بن مَعبَد لفساد الطريق إليه
(2)
.
990 -
حدثني علي بن عيسى، حدثنا مُسدَّد بن قَطَنٍ، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا كَهمَس بن الحسن، عن عبد الله بن شَقِيق قال: سألتُ عائشةَ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأُ السورةَ في ركعة؟ قالت: من المفصَّل، قال: فقلت: أكان يصلِّي قاعدًا؟ قالت: حين حَطَمَه السِّنُّ
(3)
.
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه أبو داود (948) عن عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي، عن أبيه، عن شيبان، بهذا الإسناد.
(2)
كذا قال المصنف! ولا ندري ما وجه الفساد الذي ذكره، فإنَّ الرواة في هذا الحديث إلى وابصه ثقات مشهورون والإسناد إليه متصل.
(3)
إسناده صحيح. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه مسلم من حديث أيوب عن عبد الله بن شَقِيق عن عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا
(1)
.
991 -
حدثنا أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق، حدثنا تَمِيم بن المنتصِر، حدثنا إسحاق بن يوسف، حدثنا شريك، حدثنا جامع بن أبي راشدٍ، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كنَّا لا ندري ما نقولُ إذا جلسنا في الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عُلِّمَ جوامعَ الكَلِمَ وخواتمَه، قال: فذَكَرَ التشهُّد.
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمُنا كلماتٍ كما يعلِّمنا التشهُّدَ: "اللهمَّ ألِّفْ بين قلوبنا، وأصلِحْ ذاتَ بينِنا واهدِنا سُبُلَ السلام، ونجِّنا من الظُّلُمات إلى النور، وجنِّبْنا الفواحشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، وبارِكْ لنا في أسماعِنا وأبصارِنا وقلوبِنا، وأزواجِنا وذُرِّياتِنا، وتُبْ علينا إنك أنت التَّوابُ الرحيمُ، واجعَلْنا شاكرينَ لنِعمتِك، مُثْنِينَ بها عليك قابِلِيها، وأَتمِمْها علينا"
(2)
.
= وأخرجه أبو داود (956) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وفيه حين حطمه الناسُ.
وأخرجه كذلك أحمد 42/ (25385)، ومسلم (732)(115) من طرق عن كهمس بن الحسن، به -وهو عند أحمد مطول وعند مسلم مختصر بقصة الصلاة قاعدًا.
وأخرجه مختصرًا بقصة الصلاة قاعدًا: مسلم (732)(115)، والنسائي في "المجتبى"(1657)، وابن حبان (2527) من طريق سعيد الجريري، عند عبد الله بن شقيق، به.
(1)
هو عند مسلم برقم (730)(106)، وسيأتي عند المصنف برقم (1035) من طريق حميد عن عبد الله بن شقيق.
(2)
حديث صحيح، والشطر الثاني منه في الدعاء الصواب أنه موقوف من دعاء عبد الله -وهو ابن مسعود- كما قال الدارقطني في "العلل" 5/ 85 (730) كما سيأتي -شريك- وهو ابن عبد الله النخعي - وإن كان في حفظه شيء قد تابعه ابن جريج عند المصنف في الحديث التالي، وباقي رجاله ثقات غير ابن أبي دارم فمتكلَّم فيه، لكنه متابع. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه أبو داود (969) عن تميم بن المنتصر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (996) من طريق يعقوب بن إبراهيم الزهري، عن شريك، به. =
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
وله شاهد من حديث ابن جُرَيج عن جامع:
992 -
حدَّثَناه أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن جَرِير الطَّبَري، حدثنا عثمان بن يحيى القَرْقَساني، حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد، حدثنا ابن جُرَيج، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمُنا، فذَكَرَه مثلَه
(1)
.
993 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بَحْر بن نَصْر قال: قُرِئَ على ابن وهب: أخبرَك مالكُ بن أنس ويونسُ بن زيد وعمرُو بن الحارث، أنَّ ابن شِهَاب حدَّثهم عن عُرْوة بن الزُّبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيِّ: أَنه سَمِعَ عمرَ بن الخطَّاب يُعلِّمُ الناسَ التشهُّدَ على المِنبَر فيقول: قولوا: التحيَّاتُ الله الزاكياتُ لله الطيباتُ لله، السلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبَرَكاتُه، السلامُ علينا وعلى عبادِ الله الصالحين، أشهَدُ أن لا إله إلَّا الله، وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه
(2)
.
= وتابع جامعًا داودُ بنُ يزيد الأودي عند الطبراني في "الأوسط"(5769)، وداود متفق على ضعفه.
وخالفهما الأعمشُ عند ابن أبي شيبة 10/ 329، والبخاري في "الأدب المفرد"(630)، ومنصورُ ابن المعتمر عند ابن أبي شيبة أيضًا 10/ 329، كلاهما عن أبي وائل عن ابن مسعود موقوفًا عليه من دعائه. وهو الذي صوَّبه الدارقطني.
(1)
حديث صحيح كسابقه.
وأخرجه من هذا الطريق البيهقي في "القضاء والقدر"(376) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي 2/ 144 عن أبي عبد الله الحاكم وآخرين، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(380)، و"معاني الآثار" 1/ 261 عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، به. إلّا أنه لم يذكر فيه يونس بن يزيد.
وهو عند مالك في "موطئه" برواية يحيى الليثي 1/ 90، وبرواية ابن وهب عنه عند الطحاوي في "المشكل"(3805)، ورواه عن مالك أيضًا الشافعي في "الرسالة"(738).=
994 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق الخُزَاعي بمكة من أصل كتابه، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن مَسلَمة القَعنَبي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه: أنَّ عمر بن الخطَّاب كان يُعلِّم الناسَ التشهُّدَ في الصلاة وهو يَخطُبُ الناسَ على مِنبَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: إِذا تَشهَّدَ أحدُكم فليقل: باسمِ الله خيرِ الأسماءِ، التحياتُ الزاكياتُ الصلواتُ الطيِّباتُ لله، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، السلام علينا وعلى عبادِ الله الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلّا الله وحده لا شريكَ له وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه. قال عمر: ابدَؤوا بأنفسِكم بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسَلِّموا على عبادِ الله الصالحين
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وإنما ذكرتُه لأن له شواهدَ على ما شَرَطْنا في الشواهد التي يُشهَد على سندها.
995 -
حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا محمد بن الحسن بن قُتيبة العَسقَلاني، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن لَهِيعة، عن جعفر بن رَبِيعة، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشجِّ، حدثني عَوْن بن عبد الله قال: أَخَذَ بيدي عبدُ الله بن عبَّاس فعَدَّ فيها التشهُّدَ فقال: أخذتُ بيدِك كما أخَذَ بيدي عمرُ ابن الخطَّاب، وقال عمر: أخذتُ بيدِك كما أخَذَ بيدي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فعَدَّ فيها التشهُّدَ:
= ورواه عن الزهري أيضًا كرواية هؤلاء معمرٌ فيما أخرجه عبد الرزاق (3067)، وابن أبي شيبة 1/ 293، والبيهقي 2/ 144.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد مرسل، عروة بن الزبير لم يدرك عمر بن الخطاب، وهو إنما رواه عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ.
وأخرجه البيهقي 2/ 142 عن أبي عبد الله الحاكم بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي أيضًا 2/ 143 من طريق محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري وهشام ابن عروة، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر إلا أن ذكر التسمية في حديث الزهري رواية شاذّة، خالف فيها ابنُ إسحاق ثقاتَ أصحاب الزهري كمالك وغيره كما في الحديث السابق.
"التحياتُ الصلواتُ الطيِّباتُ الزاكياتُ لله" وذكر الحديث بنحوه
(1)
.
فأما الزيادةُ في أول التشهُّد: باسم الله وبالله، فإنه صحيح من شرط البخاري:
996 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أَسِيد بن عاصم الأصبهاني، حدثنا بكر بن بكَّار، حدثنا أيمن بن نابِلٍ، حدثنا أبو الزُّبير، عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمُنا التشهُّدَ كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن: "باسم الله وبالله، التحيَّاتُ لله". قال أبو العباس: فذكر الحديث وفي آخره: "اللهمَّ إني أسألُك الجنةَ، وأعوذُ بك من النار"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة، قال الدارقطني في "العلل" 2/ 82 (125) وسئل عن هذا الحديث: المحفوظ ما رواه عروة عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري: أنَّ عمر كان يعلِّم الناس التشهدَ، من قوله غير مرفوع.
وأخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(633)، والدارقطني في "سننه"(1331) من طريق محمد بن وزير الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن، وابن لهيعة ليس بالقوي.
(2)
ضعيف من هذا الوجه وبهذا السياق، وبكر بن بكار ضعيف لكنه متابع، وعلّته أيمن بن نابل، فهو وإن كان صدوقًا له أوهام، وهذا الحديث من أوهامه كما سيأتي، وقد خطّأه فيه الحُفَّاظ كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والدارقطني، وجعلوا الصواب فيه رواية أبي الزبير إياه من حديث ابن عباس، لكن دون الحرفين المذكورين هنا وهما "باسم الله وبالله"، و"اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار" كما هو مبين في تعليقنا على "سنن ابن ماجه"(902) و"جامع الترمذي"(290).
أما رواية أيمن بن نابل فأخرجها ابن ماجه (902) من طريق المعتمر بن سليمان ومحمد بن بكر، والنسائي (765) من طريق المعتمر بن سليمان، و (1205) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، ثلاثتهم عن أيمن، بهذا الإسناد.
ورواه حميد بن الربيع اللخمي الخزاز عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 281 والدارقطني في "العلل" 13/ (3222) عن أبي عاصم النبيل، عن سفيان الثوري وابن جريج، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر. وحميد الخزاز متكلم فيه، وقال ابن عدي: هذا الحديث عن ابن جريج والثوري عن أبي الزبير باطلان، ليس يرويهما عن أبي عاصم غير حميد بن الربيع، وإنما يروي أبو عاصم هذا الحديث عن أيمن بن بابل عن أبي الزبير عن جابر. =
997 -
أخبرَناه أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو قِلَابة.
وحدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق في آخَرِين، قالوا: حدثنا أبو مُسلِم؛ قالا: حدثنا أبو عاصم، حدثنا أيمن بن نابِلٍ، حدثنا أبو الزُّبير عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمُنا التشهُّدَ كما يعلِّمُنا السورةَ من القرآن: "باسم الله وبالله، التحيَّاتُ لله الصلواتُ الطيِّباتُ لله، السلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبَرَكاتُه، السلام علينا وعلى عِبادِ الله الصالحين، أشهَدُ أن لا إله إلا الله وأشهَدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، نسألُ اللهَ الجنةَ ونعوذُ به من النار"
(1)
.
= وخالفه الليث بن سعد الإمام الثقة الحُجَّة في أبي الزبير، فرواه عنه عن سعيد بن جبير وطاووس عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّمنا .. فذكره دون الحرفين المذكورين، أخرجه أحمد 4/ (2665) ومسلم (403)(60) وغيرهما.
وتابعه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير عن طاووس عن ابن عباس، أخرجه مسلم أيضًا (403)(61) ولم يسق إلّا أوله.
ورواه كذلك عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن عطاء وطاووس وسعيد بن جبير عن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"(10997) و (11406) والدارقطني في "السنن"(1326)، لكن إسناده إلى عمرو مسلسل بالضعفاء.
قال الحافظ الدارقطني: حديث ابن عباس أشبه بالصواب من حديث جابر.
وقال الإمام مسلم في كتابه "التمييز"(59): فقد اتفق الليث وعبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير عن طاووس، وروى الليث فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وكل واحد من هذين عند أهل الحديث أثبت في الرواية من أيمن، ولم يذكر الليث في روايته حين وصف التشهد "باسم الله وبالله"، فلما بان الوهمُ في حفظ أيمن لإسناد الحديث بخلاف الليث وعبد الرحمن إياه، دخل الوهمُ أيضًا في زيادته في المتن، فلا يثبت ما زاد فيه، وقد روي التشهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجهٍ عدَّة صحاح، فلم يُذكَر في شيء منه ما روى أيمنُ في روايته من قوله:"باسم الله وبالله"، وما زاد في آخره من قوله:"أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار"، والزيادة في الأخبار لا تلزم إلّا عن الحفّاظ الذين لم يُعثَر عليهم الوهمُ في حفظهم.
(1)
أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، وأبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكشّي. =
قال الحاكم: أيمن بن نابل ثقةٌ، قد احتَجَّ به البخاري. وقد سمعتُ أبا الحسن أحمد ابن محمد بن سَلَمة يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارِمي يقول: سمعت يحيى بنَ مَعِين يقول، وسألتُه عن أيمن بن نابل، فقال: ثقةٌ.
فأما صِحَّتُه على شرط مسلم:
998 -
فحدَّثَناه أبو علي الحافظ، حدثنا عبد الله بن قَحْطَبة الصِّلْحي، حدثنا محمد ابن عبد الأعلى، حدثنا المُعتمِر بن سليمان، حدثنا أَبي، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوَه.
سمعت أبا علي الحافظ يُوثِّق ابنَ قَحْطَبة إلّا أنه أخطأَ فيه، فإنه عند المعتمِر عن أيمن بن نابلٍ كما تقدَّم ذِكرُنا له
(1)
، وصلَّى الله على محمد وآله أجمعين.
999 -
أخبرنا عبد الصمد بن علي بن مُكرَم البزَّاز ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد ابن شاكر، حدثنا أبو مَعمَر عبد الله بن عمرو
(2)
، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا حسين المعلِّم، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن حَنظَلة بن علي، أنَّ مِحجَنَ بن الأدرَع حدَّثه قال: دَخَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ فإذا هو برجل قد صلَّى صلاتَه وهو يتشهَّدُ ويقول: اللهمَّ إني أسألُك بالله
(3)
الأحدِ الصَّمد، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن له كُفُوًا أَحد، أن تَغفِرَ ذُنوبي، إنك أنت الغَفُورُ الرحيم، فقال:"قد غُفِرَ له، قد غُفِرَ له، قد غُفِرَ له"
(4)
.
= وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(3667) و (3668) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
(1)
وهذا هو الصواب في رواية المعتمر عن أيمن بن نابل، فقد خالف ابنَ قحطبة هذا النسائيُّ الإمام الحُجَّة فرواه في "سننه"(765) عن محمد بن عبد الأعلى عن معتمر عن أيمن بن نابل. وانظر ما سبق برقم (996).
(2)
تحرَّف "عمرو" في النسخ الخطية إلى: عمر، بإسقاط الواو، وأبو معمر هذا: هو المُقعَد البصري راوية عبد الوارث بن سعيد.
(3)
هكذا تُقرَأ في أصولنا الخطية، وفي بعض مصادر الحديث: يا اللهُ.
(4)
إسناده صحيح. =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
1000 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدِّمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوَهْبي، حدثنا محمد بن إسحاق.
وأخبرني يحيى بن منصور القاضي، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا عبد الله بن سعيد الكِنْدي، حدثنا يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله قال: من السُّنَّة أن يُخفِيَ التشهُّدَ
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
1001 -
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا أبو الأزهَر -وكتبتُه من أصله- حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد، حدثني أَبي، عن ابن إسحاق قال: وحدثني -في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا المَرْءُ المسلمُ صلَّى عليه في صلاته- محمدُ بنُ إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربَّه، عن أبي مسعود عُقْبة بن عمرو قال: أقبل رجلٌ حتى جَلَسَ بين يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ونحن عندَه، فقال: يا رسولَ الله، أمَّا السلامُ عليك، فقد عَرَفْناه، فكيف نُصلِّي عليك إذا نحن صلَّينا عليك في صلاتنا، صلَّى اللهُ عليك؟ قال: فصَمَتَ حتى أحبَبْنا أنَّ الرجل لم يسأَلْه، ثم قال: "إذا أنتم صَلَّيتم عليَّ فقولوا: اللهَّم صلِّ على محمدٍ النبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آلِ محمدٍ كما صلَّيتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم، وبارِكْ على
= وأخرجه أبو داود (985) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 31/ (18974)، والنسائي (1225) و (7618) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، عن أبيه، به.
وسيأتي بنحوه من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه برقم (1879).
(1)
حديث صحيح، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلسًا ورواه بالعنعنة- قد تابعه الحسن بن عبيد الله النخعي عند المصنف فيما سلف برقم (934).
وأخرجه أبو داود (986)، والترمذي (291) عن عبد الله بن سعيد الكندي -وهو أبو سعيد الأشجّ- بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، والعمل عليه عند أهل العلم.
محمدٍ النبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آلِ محمدٍ كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم، إنك حَميدٌ مَجِيد"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه بذِكْر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات.
1002 -
أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصَّيرَفي، حدثنا عبد الصمد بن الفَضْل
(2)
، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة، عن أبي هانئ، عن أبي علي عمرو بن مالك، عن فَضَالة بن عُبيد الأنصاري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأَى رجلًا صلَّى لم يَحمَدِ اللهَ ولم يُمجِّده، ولم يُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، وانصرف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عَجِلَ هذا" فدَعَاه، فقال له ولغيره: "إذا صلَّى أحدُكم فليَبدأْ بتحميدِ
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد انفرد إبراهيم بن سعد عنه بقوله في هذا الحديث:"إذا نحن صلَّينا عليك في صلاتنا" وإبراهيم ثقة حُجة، وكذا ابنه يعقوب. أبو الأزهر هو أحمد بن الأزهر النيسابوري، محمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التَّيمي.
وأخرجه ابن حبان (1959) عن أبي بكر محمد بن إسحاق -وهو ابن خزيمة- بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 28/ (17072) عن يعقوب بن إبراهيم، به.
وأخرجه أبو داود (981)، والنسائي (9794) من طريقين عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 28/ (17067) و 37/ (22352)، ومسلم (405)، وأبو داود (980)، والترمذي (3220)، والنسائي (9793) و (11359)، وابن حبان (1958) و (1965) من طرق عن مالك، عن نعيم بن عبد الله المُجمِر، عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، به. وليس فيه قوله:"النبي الأمي"، وهو في "الموطأ" رواية يحيى الليثي 1/ 165 - 166.
وأخرجه كذلك النسائي (1210) و (9795) من طريق محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن بشر، عن أبي مسعود.
وقد سُمِّي السائل للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق هذا الحديث، وهو بشير بن سعد.
(2)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: المفضل. وعبد الصمد بن الفضل هذا: هو البلخي، له ترجمة في "تاريخ الإسلام "للذهبي 6/ 774، وذكره قاسم بن قطلوبغا في "الثقات"(6924).
ربِّه والثناءِ عليه، ثم ليُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يَدعُو بما شاءَ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا تُعرَفُ له عِلَّةٌ، ولم يُخرجاه.
وله شاهد صحيح على شرطهما:
1003 -
أخبرناه أبو بكر بن أبي دارِم الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الكِنْدي، حدثنا عَوْن بن سلَّام [حدثنا سَلَّام]
(2)
بن سُلَيم أبو الأحوَص، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوَص وأبي عُبيدة قالا: قال عبد الله: يتشهَّدُ الرجلُ، ثم يُصلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يَدعُو لنفسه
(3)
.
قد أُسنِدَ هذا الحديثُ عن عبد الله بن مسعود بإسنادٍ صحيح مُهمَل:
1004 -
حدَّثَناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، حدثنا يحيى بن بُكَير، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن السَّبّاق، عن رجل من بني الحارث، عن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا تَشهَّدَ أحدُكم في الصلاة فليقل: اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آل محمد، وارحَمْ محمدًا وآلَ محمد، كما صلَّيتَ وبارَكْتَ وتَرحَّمتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميدٌ مَجِيد"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح. وقد سلف برقم (936).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من النسخ الخطية، واستدركناه من "السنن الكبرى" للبيهقي 2/ 153. و"السنن الصغرى" له أيضًا (458)، حيث رواه فيهما عن المصنف بإسناده ومتنه.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن أبي دارم شيخ المصنف، وشيخه الكندي لم نتبينه ولم نقف على حاله، لكن روي هذا من غير طريقهما.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 297 عن أبي الأحوص -وهو سلّام بن سليم- بهذا الإسناد. وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي وأبو عبيدة: هو ابن عبد الله بن مسعود، وقرينه أبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشمي، وعبد الله: هو ابن مسعود.
(4)
إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن السباق وإبهام شيخه. =
وأكثر الشواهد لهذه القاعدة لفروض الصلاة:
1005 -
ما حدَّثَناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا الحسن بن علي بن بَحْر البَرِّي
(1)
، حدثنا أَبي، حدثني عبد المُهيمِن بن عبّاس بن سهل الساعدي قال: سمعت، أَبي يحدِّث عن جدِّي، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:"لا صلاةَ لمن لا وُضوءَ له، ولا وضوءَ لمن لم يَذكُرِ اللهَ عليه، ولا صلاةَ لمن لم يُصلِّ على نبيِّ الله في صلاتِه"
(2)
.
لم يخرج هذا الحديث على شرطهما، فإنهما لم يُخرِّجا عبدَ المهيمن.
1006 -
حدثنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أبو قِلَابة، حدثنا بِشْر بن عمر الزَّهْراني.
وأخبرني عبد الرحمن بن الحسن الأَسَدي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس؛ قالا: حدثنا شُعْبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي عُبَيدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان في الركعتين الأُولَييَنِ كأنه على الرَّضْف. قال: قلنا
= وأخرجه البيهقي 2/ 379 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وفي الباب -بزيادة الترحُّم فيه على محمد وإبراهيم عليهما السلام وآلهما- غيرُ ما حديث، ذكرها الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 4/ 38 - 42، ولا يخلو إسناد واحد منها من مقال، لكن الحافظ رحمه الله ذهب إلى تقوية بعضها ببعض وحسَّن الحديث، خلافًا للنووي رحمه الله حيث ذكر في "الأذكار" له أنَّ ذِكْر الترحُّم فيه بدعة لا أصل له، وذكر إنكار أبي بكر بن العربي له.
(1)
تحرَّف في النسخ الخطية إلى: البرتي.
(2)
إسناده ضعيف بمرّة، عبد المهيمن بن عباس متفق على ضعفه، ووهَّاه الذهبي في "تلخيصه"، وقال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب": أخرج الحاكم حديثه في "المستدرك" فوهم.
وأخرجه ابن ماجه (400) عن عبد الرحمن بن إبراهيم -وهو الحافظ المعروف بدُحَيم- عن ابن أبي فديك، عن عبد المهيمن بن عباس، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الدعاء"(382) من طريق عبيد الله بن محمد المنكدري، عن ابن أبي فديك، عن أُبي بن عباس -أخي عبد المهيمن- عن أبيه، به. وهذا إسناد لا يصح، فأُبي ضعيف، والمنكدري لم نقف له على ترجمة، ومخالفته لدُحيم واهية لا تستقيم.
حتى يقومَ؟ قال: حتى يقومَ
(1)
.
تابعه مِسعَرٌ عن سعد بن إبراهيم:
1007 -
حدَّثَناه أبو الحُسين
(2)
علي بن عبد الرحمن السَّبيعي بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، حدثنا عثمان بن سعيد المُرِّي، حدثنا مِسعَر، عن سعد بن إبراهيم، فذكره بنحوه
(3)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وقد اتَّفقا على إخراج حديث شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله: أنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجِنِّ
(4)
.
(1)
إسناده رجاله عن آخرهم لا بأس بهم غير عبد الرحمن بن الحسن الأسدي شيخ المصنف في أحد طريقيه فإنه ضعيف، وهو متابع، وأبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يصحَّ له سماعٌ من أبيه، فهو منقطع. أبو قلابة: هو عبد الملك بن محمد الرَّقَاشي.
وأخرجه أحمد 6/ (3656) و 7/ (3895) و (4155)، وأبو داود (995)، والترمذي (366) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن، إلّا أنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.
وأخرجه أحمد 7/ (4388 - 4390)، والنسائي (766) من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، به.
الرَّضْف: الحجارة المُحْماة بالشمس أو بالنار.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم: يختارون أن لا يطيل الرجلُ القعودَ في الركعتين الأُوليين، ولا يزيد على التشهُّد شيئًا في الركعتين الأُوليين، وقالوا: إن زاد على التشهد فعليه سجدتا السهو، هكذا رُوِيَ عن الشعبي وغيره.
(2)
تحرَّف في (ص) و (ب) و (ع) إلى الحسن. وأبو الحسين هذا: هو علي بن عبد الرحمن ابن عيسى -كما جاء في غير موضع عند المصنف- السبيعي، وهو ابن مَاتَي مولى آل زيد بن علي العلوي، ترجمه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 566. والسَّبيعي في اسمه: نسبة إلى مَحلَّة بالكوفة يقال لها: السَّبِيع.
(3)
انظر ما قبله.
وأخرجه أحمد (7/ 4074) عن عبد القدوس بن بكر بن خُنيس، عن مسعر، بهذا الإسناد.
(4)
هذا ذهول من الحاكم رحمه الله، فإنهما لم يخرجاه من هذا الطريق، وهما لم يخرجا شيئًا =
1008 -
حدثنا أبو النَّضْر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارِمي، حدثنا أبو الجُمَاهِر محمد بن عثمان التَّنُوخي، حدثنا سعيد بن بَشِير، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة قال: أَمَرَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن نَرُدَّ على الإمام، وأن نَتَحَابَّ، و أن يُسلِّمَ بعضُنا على بعض
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، وسعيد بن بَشِير إمام أهل الشام في عَصْره، إلّا أنَّ الشيخين لم يُخرجاه بما وَصَفَه أبو مُسهِر من سوءِ حفظه، ومثلُه لا يُترَك بهذا القَدْر.
1009 -
أخبرنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلْدي، حدثنا أحمد بن علي الخزَّاز، حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدة، حدثنا أشعَثُ بن شُعبة، حدثنا المِنهال بن خَليفة، عن الأزرَق بن قيس قال: صلَّى بنا إمامٌ لنا يُكنَى أبا رِمْثةَ، قال: صلَّيتُ هذه الصلاةَ -أو مثلَ هذه الصلاة- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكان أبو بكر وعمرُ يقومانِ في الصفِّ المقدَّمِ
= لأبي عبيدة عن أبيه، لأنه لم يصحَّ سماعه منه، والحديث الذي أشار إليه أخرجه مسلم في "صحيحه"(450) دون البخاري، وهو عنده من طريق علقمة بن قيس النخعي عن عبد الله بن مسعود.
وأما طريق شعبة فقد أخرجها ابن أبي شيبة 13/ 91، والبغوي في "الجعديات"(106)، والدارقطني في "السنن" (246) وغيرهم عن عمرو بن مرة قال: قلت لأبي عبيدة: أكان عبد الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا.
(1)
حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد فيه لين من قِبَل سعيد بن بشير، فإنه ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وهو في هذا قد تُوبع، وأما سماع الحسن -وهو البصري- من سمرة بن جندب فقد سلف الكلام فيه عند الحديث رقم (151). وقد صحَّح هذا الحديث ابن خزيمة برقم (1710)، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 271، وجوَّده ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 232.
وأخرجه أبو داود (1001) عن محمد بن عثمان أبي الجُماهر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (922) من طريق همّام بن يحيى، عن قتادة، به -دون ذكر التحابِّ، وهمام ثقة، والطريق إليه جيد.
قوله: أن نردَّ على الإمام، أي: سلِّموا من الصلاة ناوين الردَّ على تسليم الإمام.
عن يمينه، وكان رجل قد شَهِدَ التكبيرةَ الأُولى من الصلاة، فصلَّى نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم ثم سلَّم عن يمينه وعن يساره حتى رأينا بياضَ خدِّه، ثم انفَتَلَ كانفتال أبي رِمْثة -يعني نفسَه- فقام الرجلُ الذي أدرَكَ معه التكبيرةَ الأُولى من الصلاة يَشفَعُ، فوَثَبَ إليه عمرُ فأخذ بمَنكِبِه فهزَّه، ثم قال: اجلِسْ، فإنه لم يَهلِكْ أهلُ الكتاب إلَّا أنه لم يكن بين صَلَواتهم فَصْلٌ، فرفع النبيُّ صلى الله عليه وسلم بصرَه فقال:"أصاب اللهُ بك يا ابنَ الخطَّابِ"
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه.
1010 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام الضَّرير، حدثنا الجرَّاح بن مَخلَد، حدثنا أبو قُتيبة، حدثنا سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأحوَل، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاةَ لمن لم يُمِسَّ أنفَه الأرضَ"
(2)
.
(1)
أصل الحديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف المنهال بن خليفة، وقد خولف كما سيأتي، وقال الذهبي في "تلخيصه": المنهال ضعَّفه ابن معين، وأشعث فيه لين، والحديث منكر.
وأخرجه أبو داود (1007) عن عبد الوهاب بن نجدة، بهذا الإسناد.
وخالف عبدُ الله بن سعيد بن أبي هند عند عبد الرزاق (3973)، وشعبةُ بن الحجاج عند أحمد 38/ (23121) وأبي يعلى (7166)، كلاهما عن الأزرق بن قيس، عن عبد الله بن رباح، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى العصر، فقام رجل يصلِّي، فرآه عمر فقال له: اجلس فإنما هلك أهلُ الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصلٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحسَنَ ابنُ الخطَّاب". وهذا إسناد صحيح.
(2)
روي هذا الحديث موصولًا ومرسلًا، والصواب إرساله كما قال الترمذي وغيره، وأبو قتيبة -وهو سَلْم بن قتيبة- مع ثقته له أوهام، قال أبو حاتم الرازي: ليس به بأس كثير الوهم. قلنا: وقد اختلف عليه في رفعه ووقفه كما في الرواية التالية عند المصنف، فكأنَّ الوهم منه.
وأخرجه الدارقطني (1318) و (1319)، ومن طريقه البيهقي 2/ 104 عن أبي بكر عبد الله ابن سليمان بن الأشعث، عن الجراح بن مخلد، عن أبي قتيبة، عن شعبة وسفيان، عن عاصم الأحول، به -موصولًا مرفوعًا. قال الدارقطني: قال لنا أبو بكر: لم يُسنده عن سفيان وشعبة إلّا أبو قتيبة، والصواب عن عاصم مرسلًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وتابع الجراحَ بنَ مخلد عليه هكذا موصولًا: سليمانُ بن عبيد الله الغيلاني، عن أبي قتيبة. أخرجه البيهقي أيضًا 2/ 104.
وخالف أبا قتيبة الحسينُ بنُ حفص فرواه عن سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. أخرجه البيهقي 2/ 104، والحسين بن حفص ثقة جليل وكان من المختصِّين بسفيان الثوري كما قال أبو نعيم الأصبهاني، وقال البيهقي بإثر روايته: وكذلك رواه سفيان بن عيينة وعبدة بن سليمان عن عاصم الأحول عن عكرمة مرسلًا.
قلنا: ورواية عبدة بن سليمان أخرجها الترمذي في كتابه "العلل الكبير"(101) عن هناد بن السَّري عنه، وهما ثقتان، وأما رواية سفيان بن عيينة فلم نقف عليها مسنَدة.
ثم أخرجه الترمذي (102) -وكذا أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 192 - 193 - من طريق حرب ابن ميمون، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يسجد على جبهته ولا يضع أنفه على الأرض، قال:"ضع أنفك يسجدْ معك" ثم قال الترمذي: وحديث عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم -يعني مرسلًا- أصحُّ. قلنا: وحرب بن ميمون -وهو الأصغر- متروك.
وأخرج الطبراني في "الكبير"(11917)، و"الأوسط"(4111)، وابن المقرئ في "معجمه"(427) من طريق الضحاك بن حُمرة، عن منصور -وهو ابن زاذان- عن عاصم البجلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يلزق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد لم تُجْزِ صلاته"، وعاصم البجلي قال الطبراني: هو عاصم بن سليمان الأحول. قلنا: والضحاك بن حُمرة ضعيف.
وأخرجه البيهقي 2/ 104 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: إذا سجدت فضع أنفك على الأرض مع جبهتك. وهذا إسناد حسن لولا ما قيل في رواية سماك عن عكرمة أنه وقع له فيها اضطراب.
وفي الباب عن أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال فيها: ثم سجد -يعني النبي صلى الله عليه وسلم فأمكن أنفه وجبهته. أخرجه أبو داود (734)، والترمذي (270) وقال: حسن صحيح.
وعن وائل بن حُجْر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على الأرض واضعًا جبهته وأنفه في سجوده. أخرجه أحمد 31/ (18864)، ورجاله ثقات.
وفي حديث طاووس عن ابن عباس عند البخاري (812)، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده على أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين .. ". فهذا كلُّه يدلِّل على تأكيد وضع الأنف مع الجبهة على الأرض في السجود وأنه من تمام السجود.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه، وقد أوقَفَه شعبةُ عن عاصم:
1011 -
أخبرَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إبراهيم بن عبد السلام، حدثنا الجرَّاح بن مخلد، حدثنا أبو قُتيبة، حدثنا شُعبة، عن عاصم الأحول، عن عِكرِمة، عن ابن عباس قال: لا صلاةَ لمن لم يُمِسَّ أنفَه الأرضَ.
1012 -
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى، مُعلَّى بن أَسَد، حدثنا وُهَيب، عن محمد بن عَجْلان، عن محمد بن إبراهيم التَّيْمي، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضْعِ اليدين ونَصْبِ القدمين في الصلاة
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وقد صَحَّ على شرطه بلفظٍ أشْفَى من هذا:
1013 -
حدَّثَناه أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا أبو المثنَّى، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا وُهَيب، عن محمد بن عَجْلان قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التَّيْمي،
(1)
صحيح لغيره، وهذا الحديث قد اختُلف فيه على محمد بن عجلان في وصله وإرساله، والمرسل من حديث عامر بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أصحُّ كما قال الترمذي وأبو حاتم في "العلل"(318)، والدارقطني في "العلل" أيضًا 4/ 344 - 1346 (616)، فجمهور أصحاب ابن عجلان قد رووه عنه مرسلًا.
وأخرجه الترمذي (277) عن عبد الله بن عبد الرحمن -وهو الدارمي- عن معلَّى بن أسد، بهذا الإسناد.
ثم رواه الترمذي (278) مرة أخرى عن عبد الله بن عبد الرحمن عن المعلَّى عن حماد بن مَسعَدة -وهو ثقة- عن ابن عجلان مرسلًا، لم يذكر فيه سعدًا: وهو ابن أبي وقّاص. ثم أشار إلى أنه رواه هكذا مرسلًا غيرُ واحد عن ابن عجلان، وقال: وهذا أصحُّ من حديث وُهيب، وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه. قلنا: يعني وضع اليدين ونصب القدمين.
وله شاهد من حديث أبي حميد الساعدي عند البخاري (828) في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القِبلة.
عن عامر بن سعد بن مالك، عن أبيه قال: أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضْعِ الكفَّين ونَصْبِ القدمين في الصلاة
(1)
.
1014 -
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن أحمد بن النَّضْر الأزْدي، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن أبي حمزة، عن أبي صالح قال: كنت عند أمِّ سَلَمة، فدَخَلَ عليها ذو قَرابةٍ لها شابٌّ ذو جُمَّةٍ، فقام يصلِّي فنَفَخَ، فقالت: يا بُنيَّ، لا تَنفُخْ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعبدٍ لنا أسود:"أيْ رباحُ، تَرِّبْ وجهَك"
(2)
.
(1)
صحيح لغيره كسابقه. أبو المثنى: هو معاذ بن المثنى العنبري.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(8478)، والبيهقي 2/ 107 من طريق معاذ بن المثنى، بهذا الإسناد.
(2)
حديث محتمل للتحسين، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي حمزة: وهو ميمون الأعور، إلّا أنه لم ينفرد بهذا الحديث، فقد تابعه غير واحدٍ عن أبي صالح، وأبو صالح هذا: هو مولى طلحة ابن عبيد الله، ويقال: مولى أم سلمة، يقال: اسمه زاذان، ويقال: ذكوان، وهو غير السَّمَان، وقد روى عنه هذا الحديث جماعةٌ وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يجرحه أحد، فمثله يرقى حديثه إلى التحسين، والله تعالى أعلم.
وقد اختُلف في اسم العبد، فقيل: اسمه رباح، كما هو هنا، وقيل: يسار، وقيل: أفلح، ولا يضرُّ هذا الخلاف، فالحاصل أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"ترِّب وجهك".
وأخرجه أحمد 44/ (26744)، والترمذي (381) و (382) من طرق عن ميمون أبي حمزة، بهذا الإسناد. وأعلَّه الترمذي بميمون هذا.
وأخرجه أحمد (26572) من طريق سعيد بن عثمان الورّاق، وابن حبان (1913) من طريق داود بن أبي هند، كلاهما عن أبي صالح، به.
وأخرجه أبو يعلى (6954) عن كامل بن طلحة الجَحدري، عن حماد بن سلمة، عن عاصم -وهو ابن بهدلة- عن أبي صالح، به. فإن كان الجحدري حفظه فهذا راوٍ رابع لهذا الحديث عن أبي صالح، لكن الجحدري قد خولف فيه عن حماد، فقد رواه عفان عن حمادٍ عند أحمد (26744) فقال فيه: أبو حمزة عن أبي صالح.
قوله: فنفخ، أي: في الأرض ليزول عنها التراب فيسجد. =
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.
1015 -
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر، حدثنا أبو حاتم الرازِيّ.
وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا محمد بن سليمان بن الحارث؛ قالا: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة بن جُندُب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَستوفِز الرجلُ في صلاته
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
1016 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا نَصْر بن علي، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن العلاء بن المسيِّب، عن عمرو ابن مُرَّة، عن طلحة بن يزيد عن حُذَيفة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا رفع رأسَه من السجود: "ربِّ اغفِرْ لي"
(2)
.
= وقوله: "ترِّب ووجهك" من التقريب أي: أوصِلْه إلى التراب وضعه عليه.
(1)
إسناده صحيح. وقد سلف الكلام على إثبات سماع الحسن البصري من سمرة عند الحديث رقم (151).
وأخرجه البيهقي 2/ 281 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرج أحمد 33/ (20111) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتدل في الجلوس وأن لا نستوفز. وسعيد بن بشير فيه ضعف لكن يعتبر به في المتابعات والشواهد.
وقوله "يستوفز الرجل" أي: يستعجل، وتكون العجلة سببًا في عدم الطمأنينة، ويشهد لهذا المعنى حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته حيث لم يكن يطمئن في صلاته، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له في كل مرة:"ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ"، وهو عند البخاري (757) و (793) ومسلم (397).
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع، طلحة بن يزيد -وهو أبو حمزة الأنصاري مولاهم- لم يسمع هذا الحديث من حذيفة كما قال النسائي (1382)، وبينهما فيه صلة بن زفر كما سيأتي بيانه عند الحديث المطوَّل برقم (1216). =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
1017 -
أخبرني عبد الله بن محمد بن موسي، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا عبد السلام بن عاصم، حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثنا كامل أبو العلاء، عن حَبِيب ابن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبّاس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتَينِ: "اللهمَّ اغفِرْ لي وارحَمْني، واجبُرْني وارفَعْني واهدِني وارزُقْني"
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه، وأبو العلاء كامل بن العلاء ممَّن يُجمَعُ حديثُه في الكوفيين.
1018 -
أخبرنا الحسن بن يعقوب العَدْل، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قَتَادة، عن الحسن، عن سَمُرة بن جُندُب قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الإقعاءِ في الصلاة
(2)
.
= وأخرجه هكذا مختصرًا ابن ماجه (897) من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضًا من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن سعد بن عُبيدة، عن المستورِد بن الأحنف، عن صلة بن زُفَر، عن حذيفة. وهذا إسناد صحيح. وانظر تتمة تخريجه فيما يأتي برقم (1216).
(1)
إسناده حسن من أجل عبد السلام بن عاصم وكامل أبي العلاء. وقد سلف برقم (978).
(2)
إسناده قوي. سعيد: هو ابن أبي عروبة، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وقد تقدم الكلام على إثبات سماعه من سمرة عند الحديث رقم (151).
وأخرجه البيهقي 2/ 120 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
ثم أخرجه عن أبي عبد الله أيضًا لكن من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وله شاهد من حديث عائشة عند مسلم (498) ولفظه: كان ينهى عن عُقْبة الشيطان. وفسَّره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلّام وآخرون من أهل اللغة بالإقعاء: وهو أن يُلصِق ألْيتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض، وهذا هو النوع المكروه الذي ورد فيه النهي في هذا الحديث، ونوع آخر من الإقعاء: وهو أن يجعل أَلْيتيه على عَقِبيه بين =
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرجاه.
وله رواية في إباحة الإقعاء صحيحٌ على شرط مسلم:
1019 -
حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري وعلي بن عيسى قالا: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبدي، حدثنا يعقوب بن كعب الحَلَبي، حدثنا مَخلَد بن يزيد، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبَير، أنه سمع طاووسًا يقول: قلتُ لابن عباس في الإقعاءِ، قال: هي سُنَّة، قلت: إنا نراه جَفَاءً، فقال ابن عباس: إنها السُّنّة
(1)
.
1020 -
حدثنا أبو بكر بن إسحاق وعبد الله محمد بن موسى قالا: حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام، عن مَعمَر، عن إسماعيل ابن أُمية، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى رجلًا وهو جالسٌ مُعتمِدٌ على يده اليسرى في الصلاة فقال: "إنها صلاةُ اليهودِ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
1021 -
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو عُتْبة أحمد بن الفَرَج،
= السجدتين، فهذا من السُّنة، فقد أخرج مسلم (536) -وهو التالي عند المصنف- من طريق طاووس قال: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين، فقال: السُّنّة، فقلنا له: إنا لَنراه جفاءً بالرجل، فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. انظر "شرح مسلم" للإمام النووي، و"خلاصة الأحكام" له أيضًا 1/ 418 - 419.
(1)
إسناده صحيح. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي.
وأخرجه أحمد 5/ (2853)، ومسلم (536)، وأبو داود (845)، والترمذي (283) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. هشام: هو ابن يوسف الصنعاني.
وأخرجه البيهقي 2/ 136 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وسلف عند المصنف برقم (933) من طريق عبد الرزاق عن معمر، ولم يذكر فيه قوله:"إنها صلاة اليهود".
حدثنا بَقيَّة بن الوليد، حدثنا بَحِير بن سَعْد
(1)
، عن خالد بن مَعْدانَ، عن معاذ بن جَبَل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خَطْوتانِ إحداهما أحبُّ إلى الله، والأخرى أبغضُ الخُطَا إلى الله، فأما الخَطْوةُ التي يحبُّها، فرجلٌ نَظَرَ إلى خَلَلٍ في الصف فسَدَّه، وأما التي يُبغِضُ اللهُ، فإذا أراد الرجل أن يقومَ مَدَّ رجلَه اليمنى ووَضَعَ يدَه عليها، وأثبَتَ اليسرى ثم قام"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتَجَّ ببقيَّةَ في الشواهد، ولم يُخرجاه. فأما بقيةُ بن الوليد فإنه إذا روى عن المشهورين، فإنه مأمونٌ مقبول.
1022 -
حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهَمَذان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شُعبة.
وأخبرنا أبو بكر بن بالَوَيهِ، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عفَّان وأبو عمرو مسلم بن إبراهيم وعلي بن الجَعْد، قالوا: حدثنا شعبة، عن سَلَمة بن كُهَيل وزُبَيد، عن ابن عبد الرحمن بن أَبْزَى، عن أبيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سَلَّمَ قال: "سبحانَ الملِكِ القُدُّوس" ثلاثًا، يرفع صوتَه
(3)
.
(1)
تحرَّف في المطبوع إلى: يحيى بن سعيد، وكذلك تحرف في المطبوع من "سنن البيهقي".
(2)
إسناده ضعيف، بقية بن الوليد ليس بذاك القوي، ويدلّس تدليس التسوية، وأحمد بن الفرج ليس بذاك الثقة يعتَبر به في المتابعات والشواهد، وخالد بن معدان عن معاذ منقطع كما قال الذهبي في "تلخيصه".
وأخرجه البيهقي 2/ 388 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلّا أنه قد اختُلف فيه، فمن الرواة من أدخل بين سلمة وزبيد وبين ابن عبد الرحمن بن أبزي -وهو هنا سعيد- ذرَّ بن عبد الله الهمداني، ومنهم من جعله من رواية عبد الرحمن بن أبزى عن أُبي بن كعب، وهذا كله لا يضرُّ بصحة الحديث، فإنَّ الرواية التي فيها ذرٌّ هي من المَزيد في متصل الأسانيد، وأما من جعله من رواية عبد الرحمن بن أبزى عن أُبي بن كعب فإنَّ عبد الرحمن صحابي صغير، فغاية ما فيه أن يكون يرسله أحيانًا، ومرسل الصحابي حُجَّة عند الجمهور. ثم إنَّ هذا الذِّكر كان يقوله صلى الله عليه وسلم بعد أن يوتر كما جاء في سائر روايات الحديث عند غير المصنف. زبيد: هو ابن الحارث الياميّ.
وأخرجه أحمد 24/ (15354) و (15357) و (15358)، والنسائي (1439) و (10505) =
عبد الرحمن بن أَبزَى ممن صحَّ عندنا أنه صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم، إلّا أنَّ أكثر روايته عن أُبيِّ بن كعب والصحابة، وهذا الإسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
1023 -
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطُّوسي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي مَسَرَّة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حَيْوة بن شُرَيح قال: سمعت عُقْبةَ بن مُسلِم التُّجِيبي يقول: حدثني أبو عبد الرحمن الحُبُلي، عن الصُّنَابِحي، عن معاذ بن جبل أنه قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَخَذ بيدي يومًا ثم قال: "يا معاذُ، والله إني لَأحبُّك" فقال معاذ: بأبي وأمي يا رسول الله، وأنا والله أحبُّك، فقال:"أُوصِيكَ يا معاذ، لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاة أن تقول: اللهمَّ أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكرِك وحُسْنِ عبادتِك".
قال: وأَوصَى بذلك معاذٌ الصُّنابِحيَّ، وأوصى الصُّنابحيُّ أبا عبد الرحمن الحُبُلي،
= و (10506) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وزادوا فيه ذرًّا إلّا خالد بن الحارث عن شعبة عند النسائي (10506).
وأخرجه أحمد (15361) و (15362)، والنسائي (1438) و (1452) و (10499) و (10501 - 10504) من طرق عن زبيد اليامي، به -بعضهم زاد فيه ذرًا، وبعضهم جعله من رواية عبد الرحمن بن أبزى عن أُبي بن كعب.
وأخرجه النسائي (10507) من طريق منصور بن المعتمر، عن سلمة بن كهيل، به.
وأخرجه أبو داود (1430)، وابن حبان (2450) من طريق طلحة بن مصرِّف، والنسائي (10498) من طريق عطاء بن السائب، كلاهما عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، به- وذكر فيه طلحةُ أُبيَّ بن كعب.
وأخرجه أحمد (15355) و (15357) و (15359)، والنسائي (446) و (447) و (1450)(10508 - 10511) من طريق عزرة -وهو ابن عبد الرحمن الخزاعي- عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزى، به -وبعض الرواة عن عزرة زاد فيه أُبي بن كعب.
وأخرجه أحمد (15356)، والنسائي (1451) و (10512) من طريق زرارة -وهو ابن أوفى العامري- عن عبد الرحمن بن أبزى: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر
…
إلخ.
وأَوصى أبو عبد الرحمن عُقْبةَ بن مسلم
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
1024 -
أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو مُسلِم، حدثنا حَجَّاج بن مِنهال، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا هشام بن أبي عبد الله وعلي بن المبارَك قالا: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دُبُرِ صلاته: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذابِ القبر، ومن عذابِ النار، ومن فِتْنة المَحْيا والمَمَات، ومن شرِّ المسيحِ الدَّجّال"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري، والصُّنابحي: هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عُسيلة.
وأخرجه أحمد 36/ (22119)، وأبو داود (1522)، والنسائي (9857)، وابن حبان (2020) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (22126)، والنسائي (1227) من طريقين عن حيوة بن شريح، به.
وسيأتي مكررًا برقم (5275).
وانظر حديث أبي هريرة الآتي برقم (1859).
(2)
إسناده صحيح. أبو مسلم: هو إبراهيم بن عبد الله الكَجِّي الحافظ.
وأخرجه أحمد 16/ (10768)، والبخاري (1377)، ومسلم ((588)(131)، وابن حبان (1019) من طرق عن هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي بهذا الإسناد. إلّا أنه ليس فيه عندهم تقييده بدُبُر الصلاة.
وأخرجه كذلك دون تقييدٍ: أحمد 15/ (9447)، والنسائي (2198) و (7890) من طريق أبي إسماعيل -وهو إبراهيم بن عبد الملك القنّاد- والنسائي (7904) من طريق أبي عمرو -وهو الأوزاعي- ثلاثتهم عن يحيى بن أبي كثير، به.
وأخرجه أحمد 16/ (10181)، ومسلم (588)(128) من طريق وكيع، عن الأوزاعي، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع
…
". هكذا بلفظ الأمر بالاستعاذة، لا أنه مِن دعائه صلى الله عليه وسلم.
وللأوزاعيِّ فيه إسنادٌ آخرُ بلفظ الأمر بالاستعاذة كذلك، أخرجه أحمد 12/ (7237) و 16/ (10180)، ومسلم (588) و (589)(130)، وأبو داود (983)، وابن ماجه (909)، =
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه!
1025 -
أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو يحيى بن أبي مَسَرّة، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي سليمان، عن زيدٍ أبي عَتَّاب وسعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتُم إلى الصلاة ونحن سجودٌ فاسجُدُوا ولا تَعدُّوها شيئًا، ومَن
= والنسائي (1234)، وابن حبان (1967) من طريق محمد بن أبي عائشة، والنسائي (7897) من طريق طاووس بن كَيسان، كلاهما عن أبي هريرة. بعضهم يرويه بلفظ: "إذا فرغ أحدكم من التشهُّد الآخِر، فليتعوذ بالله من أربع
…
"، وبعضهم بلفظ: "إذا تشهّد أحدُكم
…
"، هكذا بتقييده بالتشهُّد.
وأخرجه بلفظ حِكاية دُعائه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقولُه في صلاته، لكن دون تقييده بالتشهُّد: النسائي (7906) من طريق سليمان بن سنان المُزَني، وابن حبان (1002) من طريق مجاهد، كلاهما عن أبي هريرة.
وأخرجه كذلك دون تقييده بالتشهُّد ولا بالصلاة أيضًا: أحمد 13/ (7964) و 15/ (9855)، ومسلم (589)(133)، والنسائي (7903) من طريق عبد الله بن شقيق العُقيلي، وأحمد 15/ (9357)، وابن حبان (1018) من طريق أبي رافع نُفيع الصائغ، وأحمد 15/ (9387) و 16/ (10039)، والنسائي (7893) و (7895) من طريق أبي علقمة الأنصاري، وأحمد 16/ (10070) و (10249)، وابن حبان (1018) من طريق محمد بن زياد المدني ثم البصري، ومسلم (585)، والنسائي (2199) من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، خمستهم عن أبي هريرة. كلهم يرويه بلفظ حكاية دعائه صلى الله عليه وسلم، إلا أبو علقمة عند أحمد في الموضع الأول والنسائي في الموضع الثاني فرواه بلفظ الأمر بالاستعاذة، لا حكاية دعائه صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر عبد الله بن شقيق في الاستعاذة فتنةَ المحيا والممات، وأما أبو رافع ومحمد بن زياد فلم يذكرا فيه عذابَ جهنم، واقتصر حميدٌ على الاستعاذة من عذاب القبر.
وسيأتي الحديث من رواية عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة برقم (1976)، بلفظ حكاية دعائه صلى الله عليه وسلم، دون تقييده بالتشهد ولا بالصلاة أيضًا.
وفي الباب عن عائشة، وسيأتي عند المصنف برقم (1418)، وفيه تقييده بآخر التشهد. وإسناده صحيح.
أدرَكَ الركعةَ فقد أدركَ الصلاة"
(1)
.
هذا حديث صحيح، قد احتَجَّ الشيخان برُواتِه عن آخرهم غير يحيى بن أبي سليمان، وهو شيخٌ من أهل المدينة سَكَنَ مصرَ ولم يُذكَر بجرح.
1026 -
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب التاجر، حدثنا أبو النَّضْر أحمد بن عَتِيق المروزي، حدثنا محمد بن سِنَان العَوَقي، حدثنا همَّام، حدثنا قَتَادة، عن النَّضْر بن أنس، عن بَشِير بن نَهِيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن صلَّى ركعةً من الصبح، ثم طَلَعَت الشمسُ، فليُصلِّ الصبحَ"
(2)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن كان محفوظًا بهذا الإسناد، فإنَّ أحمد ابن عَتِيق المروَزي هذا ثقةٌ، إلّا أنه حدَّث به مرَّةً أُخرى بإسناد آخر:
1027 -
حدَّثَناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا عمر بن علي الجوهَري، حدثنا أبو النَّضْر أحمد بن عَتِيق العَتِيقي، حدثنا محمد بن سِنَان العَوَقي، حدثنا همَّام، عن قَتَادة، عن خِلَاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلَّى ركعةً من صلاة الصبح ثم طَلَعت الشمسُ، فليُتِمَّ صلاتَه"
(3)
.
(1)
إسناده فيه ضعف من أجل يحيى بن أبي سليمان، وقد سلف تخريجه والكلام عليه برقم (878).
(2)
إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العوذي.
وأخرجه أحمد 13/ (8056) عن بهز بن أسد، و 14/ (8570)، وابن حبان (1581) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، كلاهما عن همام، بهذا الإسناد.
وأخرج نحوه البخاري (556)، والنسائي (1516)، وابن حبان (1586) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وهو بنحوه أيضًا عند البخاري (579)، ومسلم (608)(163)، وابن ماجه (699)، والترمذي (186)، والنسائي (1514)، وابن حبان (1583) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار وبسر ابن سعيد والأعرج، عن أبي هريرة.
(3)
إسناده صحيح. وعمر بن علي الجوهري هذا أغلب الظن أنه الحافظ عمر بن أحمد بن =
كلا الإسنادين صحيحان، فقد احتَجَّا جميعًا بخِلَاس بن عمرو شاهدًا
(1)
.
1028 -
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو بَدْر عبَّاد بن الوليد الغُبَري، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همَّام، عن قَتَادة، عن النَّضْر بن أنس، عن بَشِير بن نَهِيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يُصلِّ ركعتي الفجر حتى تَطلُعَ الشمس، فليُصلِّهما
(2)
".
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه.
1029 -
حدثنا أبو أحمد الحسين بن علي التَّميمي، حدثنا محمد بن المسيَّب، حدثنا إسحاق بن شاهين، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن يونس، عن الحسن، عن عِمران بن حُصَين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَسِيرٍ له، فناموا عن صلاة الفجر، فاستيقَظوا بحَرِّ الشمس، فارتفَعوا قليلًا حتى استَعلَتْ، ثم أَمَرَ المؤذِّنَ فأذَّن، ثم صلَّى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام المؤذِّنُ فصَلَّى الفجرَ
(3)
.
= علي المروزي الجوهري المعروف بابن علّك كما في "سير أعلام النبلاء" 15/ 243، ويكون المصنف هنا نسبه إلى جدِّه. خلاس: هو ابن عمر الهَجَري، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ.
وأخرجه أحمد 16/ (10359) عن بهز بن أسد وعفان، والنسائي (464) من طريق أبي الوليد الطيالسي، ثلاثتهم عن همام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 12/ (7216) و 16/ (10339) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
(1)
يريد بذلك -والله أعلم- أنَّ روايته وقعت عند البخاري مقرونة بغيره، وأما عند مسلم فقد جاء في حديث واحد على صورة المتابعة لحديث تقدَّمه.
(2)
أي: إذا طلعت الشمس، كما في الرواية الآتية برقم (1166) من طريق أبي قلابة عن عمرو بن عاصم، وهذا الحديث عن همام بهذا اللفظ تفرَّد به عنه عمرو بن عاصم الكلابي، وهو علَّته إذ قد خولف فيه كما سيأتي بيانه عند رواية أبي قلابة عنه.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وفي سماع الحسن -وهو البصري- من عمران ابن حصين خلاف، والحاكم ممن جزم بسماعه منه، لكن الجمهور على أنه لم يسمع منه. يونس: هو ابن عبيد البصري.
وأخرجه أبو داود (443) عن وهب بن بقية، عن خالد -وهو ابن عبد الله الطحان- بهذا الإسناد. =
هذا حديث صحيح على ما قدَّمنا ذكرَه من صِحَّة سماع الحسن عن عمران، وإعادتُه الركعتين لم يُخرجاه.
وله شاهد بإسناد صحيح:
1030 -
حدَّثَناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا أَسد بن موسى، حدثنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن جدِّه: أنه جاء والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي صلاةَ الفجر فصلَّى معه، فلما سَلَّمَ قام فصلَّى ركعتي الفجر، فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هاتانِ الرَّكعتانِ؟ " فقال: لم أكن صلَّيتُهما قبلَ الفجر، فَسَكَتَ ولم يقل شيئًا
(1)
.
= وأخرجه أحمد 33/ (19872) عن عبد الأعلى السامي، عن يونس بن عبيد، به.
وأخرجه بنحوه أحمد (19964)، وابن حبان (1461) و (2650) من طريق هشام بن حسّان، عن الحسن، به.
وأخرجه بنحوه مطوّلًا أحمد (19898)، والبخاري (344)، ومسلم (682)، وابن حبان (1301) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن أبي رجاء العُطاردي، عن عمران -لكن لم يذكر فيه ركعتي سُنَّة الفجر.
ويشهد لحديث الحسن عن عمران حديثُ أبي هريرة عند مسلم (680)(310)، وإسناده حسن.
وركعتا الفجر هاتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما أبدًا كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيما أخرجه البخاري (1159) وغيره.
(1)
إسناده محتمل للتحسين، سعيد بن قيس والد يحيى روى عنه ابناه يحيى هذا وسعد بن سعيد فيما قال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 4/ 55 - 56، وذكره ابن حبان في "الثقات" 4/ 281. وأبوه قيس: هو قيس بن عمرو بن سهل الأنصاري في قول الجمهور، وليس هو قيس ابن قهد كما سيذكر المصنف، وهو قول مصعب الزبيري من القدماء خلافًا لغيره من أهل العلم، وأغربَ ابن حبان -كما قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة"- فجمع بين الاختلاف بأنه قيس ابن عمرو وقهدٌ لقب عمرو.
والحديث أخرجه ابن حبان (1563) و (2471) من طرق عن الربيع بن سليمان بهذا الإسناد.
وقد أخرج هذا الحديث ابن خزيمة في "صحيحه"(1116) من طريق أسد بن موسى واستغربه، وكذا استغربه ابن منده -فيما نقله عنه ابن حجر في "الإصابة" 5/ 373 - وقال: تفرَّد =
قيس بن قَهْد الأنصاري صحابي، والطريق إليه صحيح على شرطهما.
وقد رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن قَهْد:
1031 -
أخبرَناه عبد الله بن محمد الصَّيدَلاني، حدثنا إسماعيل بن قُتيبة السُّلَمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا عبد الله بن نُمَير، حدثنا سعد بن سعيد، حدثني محمد بن إبراهيم التَّيْمي، عن قيس بن قَهْد قال: رأَى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلِّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصلاةَ الصُّبحِ مرَّتين؟ " فقال الرجل: لم أكن صلَّيتُ الركعتين اللتين قبلَها فصليتُهما الآن، قال: فسَكَتَ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
1032 -
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عُقْبة الشَّيباني بالكوفة، حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الحسين، حدثنا الفضل بن دُكَين، حدثنا جعفر بن بُرْقانَ، عن ميمون بن مِهْران، عن ابن عمر قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة، فقال: كيف أُصلِّي في السفينة؟ قال: "صَلِّ فيها قائمًا إلّا أن تخافَ الغرقَ"
(2)
.
= به أسد موصولًا، وقال غيره عن الليث عن يحيى مرسلًا، والله أعلم. وانظر تعليقنا على "مسند أحمد" 39/ (23760). وانظر ما بعده.
وأخرجه عبد الرزاق (4016)، وعنه أحمد (23761) عن ابن جريج، عن عبد ربِّه بن سعيد أخي يحيى بن سعيد، عن جدِّه مرسلًا. ورجاله ثقات.
(1)
إسناده حسن لوما أعلَّه الترمذي والطحاوي في "مشكل الآثار" بإثر (4140) بالانقطاع بين محمد بن إبراهيم التيمي وقيسٍ، لكن روي هذا الحديث من أوجه باجتماعها لا ينزل عن رتبة الحسن، وانظر ما قبله.
وأخرجه ابن ماجه (1154) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو داود (1267) عن عثمان بن أبي شيبة، كلاهما عن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 39/ (23760) عن عبد الله بن نمير، به. وانظر تمام تخريجه فيه.
وأخرجه بنحوه الترمذي (422) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن سعد بن سعيد، به.
(2)
إسناده حسن.
وأخرجه البيهقي في "السنن" 3/ 155، و"معرفة السنن والآثار"(6165 - 6166) عن أبي =
هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وهو شاذٌ بمَرَّة
(1)
.
1033 -
حدثنا زيد بن علي بن يونس الخُزَاعي بالكوفة، حدثنا محمد بن عبد الله الحَضرَمي، حدثنا بَكْر بن خلف وسُوَيد بن سعيد قالا: حدثنا المُعتمِر بن سليمان.
وحدثنا علي بن عيسى الحِيري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا يعقوب ابن إبراهيم، حدثنا المعتَمِر بن سليمان، عن أبيه، عن حَنَش، عن عِكرِمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جَمَعَ بين الصلاتين من غير عُذْرٍ، فقد أَتى بابًا من أبوابِ الكبائر"
(2)
.
حَنَش بن قيس الرَّحَبي يقال له: أبو علي، من أهل اليمن، سكن الكوفةَ ثقةٌ! وقد احتَجَّ البخاري بعكرمة، وهذا الحديث قاعدةٌ في الزَّجْر عن الجمع بلا عذرٍ، ولم يُخرجاه.
= عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وحسَّنه في "السنن"، وتحرف "بن أبي الحسين" في المطبوع منه إلى: بن أبي الحنين، وابن أبي الحسين هذا ذكره ابن حبان في "الثقات" 9/ 136.
وأخرجه الدارقطني (1474) من طريق بشر بن فافا، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، به. وبشر هذا ذكره الذهبي في "الضعفاء". وله طرق أخرى عن جعفر بن برقان عند الدارقطني والبيهقي فيها مقال.
(1)
أراد بالشذوذ تفرُّد جعفر بن برقان به، إذ لم يروه أحدٌ غيره، وقد تقدم التعليق على مصطلح الشذوذ عند المصنف عند الحديث رقم (52).
(2)
إسناده ضعيف جدًا، حنش هذا: هو الحسين بن قيس أبو علي الرَّحَبي، وحنش لقبه، وهو متَّفقٌ على ضعفه، وتوثيق الحاكم له هنا ذهولٌ منه رحمه الله، وقد تعقَّبه الذهبي بقوله: بل ضعَّفوه.
وأخرجه الترمذي (188) عن أبي سلمة يحيى بن خلف البصري، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وضعَّفه الترمذي بحنش، ثم قال: والعمل على هذا عند أهل العلم: أن لا يُجمع بين الصلاتين إلّا في السفر أو بعرفة.
وفي الباب عن عمر موقوفًا عليه: جمع الصلاتين من غير عذر من الكبائر. أخرجه عبد الرزاق (2035)، وابن أبي شيبة 2/ 459، والبيهقي 3/ 169 من وجهين عنه يشدُّ أحدهما الآخر فيتقوّى.
1034 -
حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله، حدثنا أَبي، حدثنا أبو داود الحَفَري، حدثني حفص بن غِيَاث، عن حُمَيد، عن عبد الله بن شَقِيق، عن عائشة أنها قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي متربِّعًا
(1)
.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، إنما اتَّفقا
(2)
على إخراج حديث حُميدٍ عن عبد الله بن شَقِيق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي ليلًا طويلًا قائمًا، الحديث. وحميدٌ هذا: هو ابن تِيرَوَيهِ الطويلُ بلا شكٍّ فيه.
1035 -
فقد حدَّثَنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا، حُمَيد، عن عبد الله بن شَقِيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، فإذا صلَّى قائمًا رَكَعَ قائمًا، وإذا صلَّى قاعدًا رَكَعَ قاعدًا
(3)
.
1036 -
أخبرنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مُكرَم أخي
(4)
الحسن بن مُكرَم
(1)
إسناده صحيح. أبو داود الحفري: هو عمر بن سعد الكوفي، وحميد: هو الطويل.
وأخرجه النسائي (1367) عن هارون بن عبد الله الحمّال، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن حبان (2512) من طريق محمد بن عبد الله المخرَّمي، عن أبي داود الحفري، به. وقد سلف برقم (960).
(2)
بل هو عند مسلم وحده برقم (730)(109).
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 43/ (25992) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 41/ (24669) و 43/ (26039)، ومسلم (730)(109)، وابن ماجه (1228) من طريقين عن حميد، به.
وأخرجه أحمد 41/ (24688) و (24822) و 42/ (25329) و (25688) و 43/ (25819) و (25907)، ومسلم (730)، وأبو داود (955)، والترمذي (375)، والنسائي (1359)، وابن حبان (2475) و (2510) و (2631) من طرق عن عبد الله بن شقيق، به. وسيأتي برقم (1199).
(4)
أي: أنَّ علي بن مكرم أخو الحسن بن مكرم، فعبد الصمد ابن أخي الحسن بن مكرم، =
البزَّاز ببغداد، حدثنا الفضل بن العباس الصَّيرَفي، حدثنا يحيى بن غَيْلانَ، حدثنا عبد الله بن بَزِيع، حدثنا حُمَيد، عن أنس قال: كنا نَفتَحُ على الأئمة على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
يحيى بن غَيْلان وعبد الله بن بَزِيع التُّستَرِيّان ثقتان!
هذا حديث صحيح وله شواهد، ولم يُخرجاه.
1037 -
أخبرنا علي بن حَمْشَاذَ العَدْل، حدثنا علي بن عبد الصمد الطَّيَالسي، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا جاريَةُ بن هَرِمٍ، حدثنا حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُلقِّنُ بعضُهم بعضًا في الصلاة
(2)
.
1038 -
أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تَمِيم القَنطَري ببغداد، حدثنا
= وانظر ترجمته في "تاريخ بغداد" 12/ 307.
(1)
إسناده ضعيف، عبد الله بن بزيع قال ابن عدي: روى أحاديث لا يُتابَع عليها، وليس هو عندي ممّن يُحتجُّ به، وقال الساجي كما في "لسان الميزان": ليس بحُجَّة، وقال الدارقطني في "العلل" (2012): ليِّن الحديث. فتساهل الحاكم جدًا فوثَّقَه!
وأخرجه البيهقي 3/ 212 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني في "السنن"(1488) عن عبد الصمد بن علي، به.
وفي جواز الفتح على الإمام في الصلاة حديثا المسوَّر بن يزيد وعبد الله بن عمر عند أبي داود (907) و (907 م)، والأول إسناده فيه ضعف، والثاني في إسناده مقال، كما هو مبيَّن في التعليق عليهما في "سنن أبي داود"، لكن يتقوَّى أحدهما بالآخر.
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 3/ 159 - 160: اختلف الناس في الفتح على الإمام، فروي عن عثمان وابن عمر: أنهما كانا لا يريان به بأسًا، وهو قول عطاء والحسن وابن سيرين، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، وروي عن ابن مسعود الكراهية في الفتح على الإمام، وكرهه الشعبي وسفيان الثوري وأبو حنيفة.
(2)
إسناده ضعيف جدًا، جارية بن هرم متروك، وبه أعلَّه الذهبي في "تلخيصه".
وأخرجه البيهقي 3/ 212 عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني (1493) عن ابن منيع، عن زياد بن أيوب، به. وانظر ما قبله.
أبو قِلَابة بن الرَّقَاشي، حدثنا أبو عاصم.
وحدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السَّرِيُّ بن خُزَيمة، حدثنا أبو سَلَمة موسى بن إسماعيل.
وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالَوَيهِ، حدثنا أحمد بن علي الخزَّاز، حدثنا خالد بن خِدَاش؛ قالوا: حدثنا بكَّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرة، عن أبيه، عن أبي بَكْرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَتاه أمرٌ يَسُرُّه -أو يُسَرُّ به- خَرَّ ساجدًا شُكرًا لله عز وجل
(1)
.
هذا حديث صحيح، وإن لم يخرجاه، فإنَّ بكَّار بن عبد العزيز صدوقٌ عند الأئمة! وإنما لم يخرجاه لشرطهما في الرواية كما ذكرناه فيما تقدَّم، وليس لعبد العزيز بن أبي بَكْرة راوٍ غيرُ ابنه بَكَّار، والله أعلم.
1038 م - حدثني الحسين بن محمد الماسَرْجِسي، حدثنا محمد بن سليمان بن فارس، حدثنا إسحاق بن منصور قال: سألتُ يحيى بنَ مَعِين عن بكَّار بن عبد العزيز ابن أبي بَكْرة، فقال: صالح الحديث
(2)
.
ولهذا الحديث شواهد يَكثُر ذِكرُها:
(1)
حسن لغيره، وفي إسناده ضعف من أجل بكّار بن عبد العزيز، لكنه يُعتبَر به في المتابعات والشواهد، وحديثه هذا في سجود الشكر له ما يشهد له من حديث غير واحد من الصحابة ذكرناها في تعليقنا على "مسند أحمد" 34/ (20455) و"سنن أبي داود"(2774).
وأما حديث بكار هذا فقد أخرجه أبو داود (2774)، وابن ماجه (1394)، والترمذي (1578) من طرق عن أبي عاصم -وهو الضحاك بن مخلد- بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه من حديث بكار بن عبد العزيز، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: رأَوا سجدة الشكر، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة مقارِب الحديث.
وسيأتي بأطول ممّا هنا عند المصنف برقم (7983).
(2)
وخالف إسحاق بنَ منصور أبو بكر بنُ أبي خيثمة وعباسٌ الدُّوري فذكرا عن ابن معين أنه قال فيه: ليس حديثه بشيء.
منها: أنه صلى الله عليه وسلم رأَى القِردَ فخَرَّ ساجدًا
(1)
.
ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا به زَمَانةٌ فخرَّ ساجدًا
(2)
.
ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم أتاه جعفرُ بن أبي طالب عند فتح خيبَرَ فخَرَّ ساجدًا
(3)
.
ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم رأى نُغَاشًا فخَرَّ ساجدًا
(4)
.
(1)
أخرجه ابن حبان في "المجروحين" 3/ 136، والطبراني في "الأوسط"(4541)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 155 من حديث يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله. وإسناده ضعيف جدًا من أجل يوسف بن محمد.
(2)
أخرجه الطبراني في "الأوسط"(5272)، والبيهقي في "السنن" 2/ 371 من حديث مسعر، عن أبي عون محمد بن عبيد الله، عن عَرفجة، وعرفجة هذا قيل: هو السلمي التابعي، فعلى هذا فهو مرسل. وقد اختُلف فيه على مسعر كما ذكر الدارقطني في "العلل" 1/ 288 (78) وصحَّح أنه من حديث يحيى بن الجزّار عن أبي بكر الصديق موقوفًا عليه.
والزَّمانة: المرض الذي يدوم في صاحبه زمانًا طويلًا.
(3)
لم نقف عليه.
(4)
أخرجه عبد الرزاق (5960)، والدارقطني في "سننه"(1528)، والبيهقي 2/ 371 من حديث جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وهو على إرساله فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف، وبعضهم يقول فيه: متروك.
والنُّغَاش، ويقال: النَّغّاش، والنُّغَاشي: هو الرجل القصير الضعيف الحركة.